المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

نماذج من بيت النبي (1) (لقاء ديني)   للشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان نماذج من - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ١٤٣

[عبد الرحيم الطحان]

فهرس الكتاب

نماذج من بيت النبي (1)

(لقاء ديني)

للشيخ الدكتور

عبد الرحيم الطحان

نماذج من بيت النبي (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.

سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد إخوتى الكرام..

ص: 1

كنا نتدارس معاملة نبينا عليه الصلاة والسلام مع زوجاته أمهاتنا الطاهرات المباركات على نبينا وعليهن صلوات الله وسلامه وقد تقدم معنا إخوتى الكرام أن خير الناس خيرهم لأهله وبما أن نبينا عليه صلوات الله وسلامه هو خير المخلوقات قطعا وجزما فهو خيرهم للزوجات عليه الصلاة والسلام وقد تقدم معنا أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان يطوف على نسائه أمهاتنا الطاهرات فى جميع الأوقات فيتفقدهن فى كل لك يوم كما مر معنا هذا وتقدم معنا أيضا أن نبينا عليه صلوات الله وسلامه كان يحنو عليهن ويحفظ ودهن فى حياتهن وبعد مماتهن كما تقدم معنا على نبينا وعليهن صلوات الله وسلامه وتقدم معنا أيضا أنه كان يحسن عشرتهن ومعاشرتهن وقررت هذا بالأحاديث الصحيحة الصريحة فى الدلالة على هذا الأمر ووصلنا عند الأمر الرابع ألا وهو أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان يصبر عليهن ويتحمل منهن قصورهن وتقصيرهن على نبينا وعليهن صلوات الله وسلامه وقلت هذا الأمر الرابع به يتجلى حسن الخلق على وجه التمام والكمال فحسن الخلق أن تبذل الندى وهو الخير والمعروف والبر والإحسان وأن تتحمل الأذى أحسنت إلى عباد الله ثم بعد ذلك تتحمل الأذى منهم وتصبر عليهم وهنا أحسنت إلى زوجتك وزوجاتك فلو قدر أنه جرى منهن قصور نحو فينبغى أن تصبر وأن تحتسب وأن تحلم وأن ترفق وهذا هو خلق الكرام الذين يتصفون بالأخلاق الحسنة ولنبينا عليه الصلاة والسلام من ذلك النصيب الأوفى الذى لا يمكن لبشر أن يصل إلى درجته فى ذلك كيف لا والله يقول فى حقه وإنك لعلى خلق عظيم اللهم صل على نبينا وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الكرام المباركين.

ص: 2

إخوتى الكرام: حسن الخلق يتجلى كما قلت عند هذا الأمر الرابع فلا بد من الرفق وتحمل الأذى من الزوجات عندما يصدر منهن نحو أزواجهن وقد ثبت فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم من رواية أمنا عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن الرفق لا يكون فى شىء إلا زانه ولا ينزع من شىء إلا شانه فعليك بالرفق فى جميع حياتك لا سيما مع أهلك وزوجاتك واضبط أعصابك فإذا أحسنت ما أحسنت وجرى منها ما جرى من النساء حذارى أن تقابل هذه الإساءة بغضب وانفعال لئلا تحبط عملك الذى عملته ولئلا يضيع إحسانك الذى بذلته ولذلك كان نبينا عليه الصلاة والسلام يوصينا بأن نضبط أنفسنا فى جميع أحوالنا.

ص: 3

ففى مسند الإما أحمد وموطأ الإمام مالك والحديث رواه الإمام البخارى فى صحيحه والإمام الترمذى فى سننه عن أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه أن رجلا جاء إلى نبينا عليه صلوات الله وسلامه فقال أوصنى قال لا تغضب فردد مرارا أوصنى أوصنى يقول لا تغضب لا تغضب كلما يكرر طلب الوصية يجيبه نبينا عليه الصلاة والسلام بهذه القضية لا تغضب فإن الغضب يجمع شر الدنيا والآخرة وسوء الدارين العاجلة والآجلة لا تغضب وهنا جرى من أهلك نحوك ما جرى لا تغضب وأنت حقيقة إذا ضبطت نفسك ولم تضيع إحسانك فأنت الرجل الشهم وأنت الكريم وأنت صاحب الخلق الحسن وقد ثبت فى المسند وموطأ الإمام مالك والصحيحين من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب ليس الشديد بمن يصرع الرجال فهو مصارع قوى ماهر يضجعهم على الأرض ويلقيهم على التراب ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب فأنت قيم وأنت سيد بكتاب الله وألفيا سيدها لدى الباب وأنت ترعى البيت ومن فيه لكن ليس معنى هذا ينبغى أن تتصف بالجبروت والغلظة والفظاظة والغضب والحماقة لا ثم لا فإذا جرى من هذه المسكينة ما جرى نحو إحسانك ومعروفك وفضلك قابله بصدر رحب وصرف الأمور على حسب شرع العزيز الغفور.

نعم أمران لا ينبغى أن تتهاون فيهما إذا صدرا من الأهل والزوجات.

الأول: معصية فى حق الله جل وعلا فلا بد من أن تثأر لله كما يثأر الليث الحرب وأن توقف الأمور عند حدها وألا تتساهل فى حقوق الله جل وعلا أما فى حقوقك كلما صفحت فهذا خير لك والناس عكسوا القضية يغضبون لحقوق أنفسهم ويحلمون عند ضياع حقوق ربهم وهذا هو الضلال المبين.

ص: 4

الأمر الثانى: إذا جرى من زوجة اعتداء على زوجة أخرى حقيقة لا يصلح الحلم أيضا والصفح فى هذا الأمر فهذا ليس حقك ينبغى أن تعطى كل زوجة حقها وألا تميل مع واحدة على حساب الأخرى هذا ليس الآن حق لك تتنازل عنه ما عدا هذين الحقين كلما عفوت وصفحت فأنت أحسن فإذا أطالت لسانها بل مدت يدها ودفعت يعنى بك فى صدرك وأحيانا جرى منها ما جرى من هجران ونفور فكل هذا تحمله وطيب خاطرها بكلام طيب لعل الله جل وعلا يعفو عنك ويستر الزلات التى تصدر منى ومنك يوم القيامة فهو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

إخوتى الكرام: هذا الأمر الرابع قلت سأستعرض نماذج منه مما جرى من بيت نبينا عليه الصلاة والسلام من أمهاتنا نحو نبينا عليه صلوات الله وسلامه وهو بلا شك كما تقدم معنا قصور منهن وتقصير نحو نبينا عليه الصلاة والسلام ولا نقصد بذلك أن نعيرهن كما تقدم معنا فهن أكمل النساء وأطهر النساء بلا شك لكن هذه هى الحياة الدنيا كما سيأتينا وقلت هذه السلبيات التى جرت فى بيوت خير البريات عليه الصلاة والسلام إن أحصيت واستوعبت لقلت سأحصيها لا تصل إلى عدد أصابع اليدين ثم هى كما سيأتينا سلبيات ظاهرة ما دخلت إلى القلب ولا عشعشت فيه ونحن عندما ندرس هذا نستفيد فوائد عظيمة أبرزها فائدتان.

الفائدة الأولى: لنعلم أن الدنيا دار كدر مهما صفت فلا تخلو من عكر وكدر.

والأمر الثانى: لنستفيد معالجة هذا الكدر من بيوت نبينا خير البشر عليه صلوات الله وسلامه فقد جرى هذا فى بيته وهو عليه صلوات الله وسلامه أسوتنا وقدوتنا وأمامنا فى جميع شؤوننا فيما نحب وفيما نكره فإذا طرأ فى بيوتنا شىء مما نكرهه نعالجه كما كان نبينا عليه الصلاة والسلام يعالجه حقيقة هذا يدل على حال الدنيا ثم ما سلم من هذا بيت النبى عليه الصلاة والسلام وإن كانت الحوادث كما قلت بمقدار وعولجت معالجة حسنة فلنقتدى بنبينا عليه الصلاة والسلام فى هذا الأمر.

ص: 5

إخوتى الكرام: الناس فى هذه الحياة لا ينفك عنهم وصف البشرية لا يخرجون عن وصف الإنسانية وفيهم الخطأ والنسيان والذهول والتقصير هذا لا يمكن أن ينفك عنه بشر ما دام فى هذه الحياة وهذه الحياة لا يمكن أن تكون دار صفاء ووفاء إنما الصفاء والوفاء على وجه التمام هذا فى غرف الجنان هناك {لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين} هناك {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} هناك {لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد} .

أما هنا ما يحصل لك مما تشاؤه أقل بأضعاف مضاعفة مما لا يحصل لك فأنت تريد أشياء كثيرة ولا يحصل لك منها إلا القليل فانتبه لهذا الأمر هذا حال الدنيا والأمر كما قال بعض الأكياس:

طبعت على كدر وأنت تريدها

صفوا من الأقذاء والأكدار

ومكلف الأيام ضد طباعها

متطلب فى الماء جذوة نار

ص: 6

لا يمكن أن تحصل يعنى جذوة نار قطعة نار من جوف الماء لا يمكن هذا وهذا حال الدنيا إذا أردت الصفاء والراحة والطمأنينة فيها فهذا خيال ووهم هذا لا يحصل إلا فى الدار التى لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام وهو خير عباد الرحمن وهو خير المخلوقات مع ذلك جرى فى بيته عليه صلوات الله وسلامه ما جرى وتحمل وعفا وصفح لحياة كدر حياة عناء حياة يقع فيها شىء من الشدة والبلاء فلا بد من أن تصبر ولا تقل للزوجة يعنى أن أفعل وأحسن وأقدم وأنت تقابلين بعد ذلك هذا بهذه المعالمة يا عبد الله هذا حال الحياة لا راحة إلا بلقاء الله جل وعلا ثم كما قلت هذه الحوادث من أولها لآخرها إذا كنت القلوب طاهرة تبقى انفعالات ظاهرية تزول بعد ذلك مباشرة إنما حصل انفعال {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} ذكرت الحادثة الأولى إخوتى الكرام فى تآمر من تآمر من أمهاتنا على نبيناو عليهن صلوات الله وسلامه على نبينا عليه صلوات الله وسلامه وكيف تسبب عن هذه المؤامرة أن يحرم نبينا عليه الصلاة والسلام على نفسه سريته وأن يحرم على نفسه شرب العسل فعوتب من قبل الله عز وجل ثم بعد ذلك هجر نساءه شهرا فكل واحدة تتمنى لو قطعت فى ذلك الشهر قطعا بعدد ذراتها ولم يحصل هذا الهجر من نبينا عليه الصلاة والسلام لها ثم عندما نزلت آية التخيير وبدأ بأصغرهن بأمنا عائشة رضى الله عنهن جميعا قال سأعرض عليك أمرا لا تستعجلى حتى تستشيرى أبويك ثم تلا الآية قالت أفيك أستشير بل اختار الله ورسولهعلى نبينا وآل بيته جميعا صلوات الله وسلامه ثم استقرأ نساءه التسع كل واحدة تقول هذا بل اختار الله ورسوله.

{يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا* وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما} .

ص: 7

وسأذكر إخوتى الكرام حوادث كما قلت لو جمعت دون أصابع اليدين يعنى ما تزيد ولا تصل دون أصابع اليدين وإذا كانت هذه الحوادث مع نبينا عليه الصلاة والسلام كان يتحمل ويعفو ويحلم ويصفح عليه صلوات الله وسلامه بلغ الأمر بأمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها أن قالت لنبينا عليه الصلاة والسلام أنت تزعم أنك رسول الله عليه صلوات الله وسلامه فتحمل النبى عليه الصلاة والسلام هذا منها قالت أو فى ذلك شك يا عائشة أنت تشكين قالت أقول أنت تزعم إنك رسول الله اعدل عليه صلوات الله وسلامه فتحمل هذا لكن أبا بكر رضى الله عنه عندما سمع هذه المقالة ما تحمل من ابنته فلطمها على وجهها وما أقره نبينا عليه صلوات الله وسلامه على هذا الأمر والحديث رواه أبو يعلى ورواه أبو الشيخ ابن حيان وهو فى مجمع الزوائد فى الجزء الرابع صفحة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وأتكلم على درجة إسناده بعد روايته إن شاء الله تقول أمنا عائشة رضى الله عنها قالت وهذا حصل فى حجة الوداع تقول كان متاعى فيه خف المتاع الذى يحمل على الراحلة على البعير على الناقة وكان على جمل ناج أى عندها أمتعة خفيفة وجملها قوى مسرع نشيط سريع وكان متاع صفية فيه ثقل وكان على جمل ثفال أى بطىء ضعيف فى المشى ولو ضبط ثقال لكن من حيث اللغة صحيحا لكن الرواية الواردة بالفاء على جمل ثفال ثقال أى ثقيل فى المشى ثفال أى ضعيف لا يسرع ولا يلحق بالركب أمتعتها كثيرة وعلى جمل ثفال وتلك أمتعتها خفيفة وعلى جمل ناج وكان إذن متاع صفية فيه ثقل وكان على جمل ثفال بطىء يبطىء بالركب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حولى متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة يعنى هذه الأمتعة غيروا بينها بحيث يكون متاع صفية على جمل أمنا عائشة رضى الله عنها الذى هو ناج مسرع حتى يمضى الركب ولا يتأخر والركب كلهم تبع للنبى عليه الصلاة والسلام قالت عائشة فلما رأيت ذلك قلت يال عباد الله غلبتنا هذه

ص: 8

اليهودية على رسول الله عليه الصلاة والسلام والله كلمة كبيرة وسيأتينا يعنى جرى هذا من حفصة أيضا ومن أمنا عائشة وجرى من زينب هذه اللفظة ثم هجر النبى عليه الصلاة والسلام زينب قرابة ثلاثة أشهر من أجل هذه الكلمة لما تطورت القضية يال عباد الله غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله عليه الصلاة والسلام قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم عبد الله عندكم فى المجمع هنا يا أم سلمة وهذا غلط إنما أمنا عائشة تكنى بأم عبد الله كنيت إما بابن أختها عبد الله ابن الزبير وقيل بسقط لها وهذا لم يثبت يقال لها أم عبد الله عليها وعلى سائر أمهاتنا رحمة الله ورضوانه يا أم عبد الله إن متاعك كان فيه خف وكان متاع صفية فيه ثقل فأبطأ بالركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها يعنى ماذا جرى قالت فقلت ألست تزعم أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولست تزعم ويتبسم نبينا عليه الصلاة والسلام.

ص: 9

وكلمة الزعم إخوتى الكرام تأتى غالبا فى القول المشكوك فيه الذى لا يثبت وقد تأتى فى القول الحق الصدق الذى لا شك فيه فى وقوعه وفى حقيقته وهنا كذلك قد ثبت فى صحيح مسلم فى حديث أنس رضى الله عنه عندما جاء ضمام ابن ثعلبة إلى نبينا عليه الصلاة والسلام فقال له أتانا رسولك فزعم أن الله أرسلك قال صدق زعم قال صدق فهنا أطلق الزعم والنبى عليه الصلاة والسلام أقره عليه وقال هذا كلام حق ثم إلى آخر الحديث قال من خلق السماء قال الله فمن خلق الأرض قال الله قال فمن خلق هذه الجبال وجعل فيها ما جعل قال الله قال أسألك بالذى خلق السماء والأرض والجبال وجعل فيها ما جعل آلله أرسلك قال نعم قال صدقت ثم سأله بعد ذلك عن الصلاة وعن غيرها ثم قال وزعم رسولك إن الله افترض علينا خمس وصلوات فى اليوم والليلة قال صدق قال الإمام النووى عند شرح هذا الحديث فى شرح صحيح مسلم فى الجزء الأول صفحة سبعين ومائة نبينا عليه الصلاة والسلام قال صدقت مع ضمام مع قوله زعم يقول فى ذلك دليل على أن لفظ الزعم ليس مخصوصا بالكذب والقول المشكوك فيه بل يطلق أيضا على القول المحقق والصدق الذى لا شك فيه قال وقد أكثر سيبويه إمام العربية فى كتابه فى الكتاب الذى سمى بهذا الاسم الكتاب ولم يسمه باسم إنما أطلق عليه لفظ الكتاب للإمام سيبويه كان يقول زعم الخليل زعم الخليل بمعنى قال الخليل وقرر الخليل وذكر الخليل وهنا ألست تزعم يعنى ليس المراد أنك تتدعى زورا وكذبا هذا لا يمكن أبدا يعنى ألست تقول إنك رسول الله عليه الصلاة والسلام كيف أنت رسول الله عليه الصلاة والسلام وخير خلق الله وتأمر بالعدل ثم تأخذ المتاع الثقيل لصفية تضعه على جملى ومتاعى الخفيف تحوله إلى جمل صفية ألست تزعم أنك رسول الله عليه صلوات الله وسلامه قالت فتبسم فقال أفى شك أنت يا أم عبد الله انتبه ما تريد أن لست فى شك أيضا تعيد الكلام من غضبها وانفعالها والغيرة التى تلبستها قالت قلت

ص: 10

ألست تزعم أنك رسول الله عليه الصلاة والسلام أنا ما أقول أننى فى شك أنا أخاطبك أنت، أنت ما تخبرنا أنك رسول الله عليه صلوات الله وسلامه فهلا عدلت قالت وسمعنى أبو بكر وكان فيه غرب أى شدة فأقبل على ولطم وجهى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلا يا أبا بكر فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى ابنته عائشة أما سمعت ما قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الغير أى التى تعتريها الغيرة لا تبصر أسفل الوادى من أعلاه هذه ما تميز أين السفل وأين العلو هذه اختلط عقلها الآن عند حصول الغيرة فيها فاعذرها هى الآن فى ثورة غضب وانفعال اصبر عليها بعد ذلك ستندم على مقالها ما نستعمل اليد مباشرة مهلا يا أبا بكر إن الغير لا تبصر أسفل الوادى من أعلاه رواه أبو يعلى وفيه محمد ابن إسحاق وهو مدلس وتقدم معنا ترجمته فى محاضرة سنن الترمذى وقلت إنه من رجال مسلم والسنن الأربعة وهو صدوق كما تقدم معنا لكنه يدلس وإذا عنعن يتوقف فى رواته حتى يثبت السماع وفيه أيضا سلمة ابن الفضل، سلمة ابن الفضل أمره يسير قال عنه الحافظ صدوق كثير الخطأ توفى بعد سنة تسعين ومائة للهجرة حديثه فى سنن أبى داود والترمذى وأخرج له ابن ماجة لكن فى التفسير قال الإمام الهيثمى وفيه سلمة ابن الفضل وقد وثقه جماعة ابن معين وابن حبان وأبو حاتم وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح وقد رواه أبو الشيخ ابن حيان فى كتاب الأمثال وليس فيه غير أسامة ابن زيد الليثى هذا فى رواية أبى الشيخ وأسامة ابن زيد الليثى صدوق يهم توفى سنة ثلاث وخمسين ومائة وحديثه فى صحيح مسلم والسنن الأربعة وأخرج له البخارى فى صحيحه معلقا إذن وليس فيه غير أسامة ابن زيد الليثى وهو من رجال الصحيح وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات والحديث ذكره الإمام الغزالى فى الإحياء وخرجه شيخ الإسلام الإمام أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم الأثرى فى المغنى عن حمل الأسفار فى الأسفار انظروه فى الجزء

ص: 11

الثانى صفحة أربع وأربعين قال فيه ابن إسحاق وقد عنعنه ألست تزعم أنك رسول الله عليه صلوات الله وسلامه وهذا الكلام يقابل بالتبسم يعنى هذا انفعال من حبيبك خلص يتسع صدرك له يزول عما قريب وهى تأتى بعد ذلك تقول أنا يعنى أخطأت فى هذه الكلمة أنا لا أشك فى أنك رسول الله عليه الصلاة والسلام وأجزم بذلك وأنك رسول الله أكثر مما أجزم أننى أنا عائشة وسيأتينا إخوتى الكرام هذه الانفعالات التى ستجرى ستأختمها بحادثة كل واحدة منهن تتمنى لو اقترن معها أقرب الناس إليها بالنسب مع نبينا عليه الصلاة والسلام لتنال أعلى الرتب سيأتينا أن كل واحدة سيأتينا كانت تعرض قريباتها وأخواتها على نبينا عليه الصلاة والسلام سيأتينا هذا وثابت فى الصحيح تقول رملة أم حبيبة أمنا رضى الله عنها وأرضاها كما سيأتينا هل لك فى أختى وهل هى عزة أو درة كما سيأتينا اسمها قال أعمل فيها ماذا تنكحها أختها تعرضها على نبينا عليه الصلاة والسلام قال وتحبين ذلك قال خير من شاركنى فى خير أختى هذه تأتى أختى وأنا ما عندى شك أن صحبتك هذا خير لا يعدله خير وأنا أريد الخير لأختى فأريد أن تتزوج أختى معى قال إنها لا تحل لى لا يجوز أن نجمع بين الأختين هذه من المحرمات لكن انظر مع انفعالهن أيضا عندما تروق وهذه الانفعالات كما قلنا ليست هى الخط العام لحياتهم هذه يعنى فى تسع سنوات تسع انفعلات من تسع زوجات طيب ماذا جرى ولا شىء على الإطلاق.

ص: 12

ولذلك قلت ما يقف عند هذه السلبيات ويضخمها ويجعلها صورة لبيت نبينا عليه الصلاة والسلام ألا من لعنه الله وغضب عليه إنه يريد أن يجعل هذا الأمر الذى هو فى حكم الشذوذ والنادر يريد أن يجعل هو المسلك العام الذى يخيم على بيت نبينا عليه الصلاة والسلام ليس كذلك المسلك العام هل لك فى عزة أعمل فيها ماذا قالت تنكحها أو تحبين ذلك يعنى يتعجب امرأة فى الأصل ركز فيها الغيرة وهى تعرض على زوجها أن يتزوج عليها قالت خير من شاركنى بخير أختى يعنى ما الحرج وصحبتك يعنى خير لا يعدلها خير فأريد أن تتزوج أختى معى لتنال ما نلت هذه لو لم تعلم أن صحبتها لنبينا عليه الصلاة والسلام أعظم صحبة وأنها تفدى نبينا عليه الصلاة والسلام بروحها وترى هذا قليلا فى حقه لما عرضت عليه أختها ورغبت فى ذلك.

ص: 13

وعليه ما يجرى من انفعالات كما قلت انفعالات طفيفة يعنى تلقى فى مكانها ولا بعد ذلك يطورها الإنسان ويجعلها منهجا لحياة الزوجية ومثل هذا إخوتى الكرام كان يقع وكان نبينا عليه الصلاة والسلام يتحمل كما قلت ويعفو ويصفح وقد روى الإمام الطبرانى فى معجمه الأوسط والأثر فى تاريخ بغداد للخطيب البغدادى كما ذكر ذلك شيخ الإسلام الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء فى المكان المتقدم فى الجزء الثانى صفحة أربع وأربعين والإمام الزبيدى فى إتحاف السادة المتقين فى الجزء الرابع صفحة اثنتين وخمسين وثلاثمائة نقل كلام العراقى على هذا الحديث ولم يزد عليه شيئا ولفظ الحديث عن أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها قالت جرى بينى وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما حتى أدخل النبى عليه الصلاة والسلام بيننا أبا بكر حكما وشاهدا قال تعال احكم بينى وبين ابنتك بين أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها فاستشهده النبى عليه الصلاة والسلام فلما جاء أبو بكر رضى الله عنهم أجمعين قال نبينا عليه الصلاة والسلام لأمنا عائشة رضى الله عنها تتكلمين أو أتكلم من الذى يبدأ فى عرض الأمر على أبى بكر قالت بل تكلم أنت ولا تقل إلا حقا تكلم ولا تقل إلا حقا فلطمها أبو بكر رضى الله عنه حتى خرج الدم من فمها فقامت مستجيرة برسول الله صلى الله عليه وسلم واحتمت وراء ظهره أنت الآن تخاصمينه إلى أبيك بدأت تلوذين به ووالله هو أرحم بها وأرأف بها من نفسها لا من أبيها وأمها فاستجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم ولما لطمها أبو بكر قال يا عدية نفسها يعنى تصغير عدوة يعنى يا عدوة نفسها أنت تعادين نفسك بهذا الكلام ولا تدرين وهل يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الحق تكلم ولا تقل إلا حقا وعلى كل حال كلام ليس فيه يعنى محذور والنبى عليه الصلاة والسلام لا يتكلم إلا بالحق لكن انفعال يعنى قل الحق وتكلم وليس معناها يعنى هذا الاستثناء يفهم منه أنه يتكلم

ص: 14

بالباطل حاشاه من ذلك عليه صلوات الله وسلامه لكن انفعال فى نفسها الكلمة شرعية لكن وإن كان التعبير يعنى فيه شىء من الخشونة تكلم ولا تقل إلا حقا فلما استجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدت خلف ظهره قال نبينا عليه الصلاة والسلام لأبى بكر يا أبا بكر لم ندعك لهذا ولا أردنا منك هذا ما أردناك أن تدخل فى خصومة نحن جئنا فقط لتصلح أتينا بك لتصلح بينى وبين هذه الزوجة الحبيبة شىء من يعنى الكلام وأنت تأتى يعنى تصلح بيننا ويعنى تقول لى أنت تجاوز ولها تجاوزى أما يعنى تستعمل اليد ما أردنا منك هذا وما جئنا بك لهذا لا لتضرب ابنتك الأثر قال عنه الإمام العراقى كما قلت رواه الطبرانى والخطيب البغدادى فى تاريخ بغداد قال بسند ضعيف عن أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها لكن مثل وقع كثيرا فى بيت نبينا عليه الصلاة والسلام والكثرة دون العشرة أيضا فاستمعوا لبعض الحوادث عدا عما ذكرت.

ص: 15

الحادثة الأولى رواها الإمام أحمد فى المسند والترمذى فى السنن وقال حسن صحيح غريب ورواه هذا الأثر الإمام النسائى فى السنن الكبرى والأثر فى صحيح ابن حبان وإسناده صحيح عن أنس رضى الله عنه وأرضاه قال بلغ صفية رضى الله عنها وأرضاها وهى أمنا الطيبة الطاهرة المباركة بلغ صفية أن حفصة وهى أمنا حفصة رضى الله عنها وأرضاها قالت عنها إنها بنت يهودى حفصة تقول عن صفية هذه بنت يهودى هى نعم بنت يهودى طيب وكان ماذا أسلمت وصارت زوجة لخير خلق الله عليه الصلاة والسلام كان ماذا ابنة يهودى يعنى تعير لأن أباها يعنى كان يهوديا فإذن يعنى هى هذا يلحقها تعيير به هذا لا يجوز هذا منطق غير سليم فى شريعة الله المستقيمة إنها بنت يهودى بلغ صفية كلام حفصة رضى الله عنها وأرضاها فبكت يقول أنس لما بلغ صفية هذا الكلام من حفصة بكت فدخل عليها النبى عليه الصلاة والسلام وهى تبكى قال ما يبكيك وفى رواية فى المسند ما شأنك تبكين لماذا قالت قالت لى حفصة أنت ابنة يهودى فانظر لحل المشكلة والقضاء عليها فقال عليه الصلاة والسلام يا صفية إنك لابنة نبى أنت نسبك ينتهى إلى هارون وإن عمك لنبى وإنك تحت نبى فما تفخر حفصة عليك يعنى قولى لها والدى هارون أنتمى إليه وهو نبى وعمى موسى وهو نبى وأنا زوجة نبى تفتخرين على بأى شىء يعنى تفتخرين بمن بنت نبى عمها نبى هى تحت نبى تفتخرين بأى شىء ما قيل كلام فارغ خلص كفى عنه وانتهى الأمر وأنت لم َتنفعلين أيضا قولى لها من قالت لك إنك ابنة يهودى قولى أنال بنت نبى وعمى نبى وأنا تحت نبى من ثبت منكن لها يعنى لها هذه الفضيلة خلص يسكتن ثم التفت نبينا عليه الصلاة والسلام إلى حفصة وقال يا حفصة اتق الله كلام الجاهلية لا داعى له يا حفصة اتق الله فاستمع الآن لهذا التوجيه من نبينا عليه الصلاة والسلام أصلح بين الزوجتين وأعطى حفصة حقها من النصح والزجر اتق الله وهذا كلام خروج عن التقوى وتلك طيب خاطرها لا تتأثرين

ص: 16

بنت بنى أنت عمك نبى وأنت تحت نبى.

من جملة اللطائف حول هذه القصة كان بعض إخواننا عندما كنا فى أيام الدراسة يقول لى35:16 هذه يعنى تلقفها من بعض الشيوخ وهى فى الحقيقة نكتة لكن كانت فى منتهى الغرابة ننكرها عليه ثم تبين صحتها أنا ولى ابن نبى نقول اتق الله يا رجل اتق الله قال أنا ما أشك أننى ولى ابن نبى قلت يا عبد الله كيف هذا قال أنا مؤمن والمؤمنون إن شاء الله أولياء الله وأبونا آدم على نبيناو عليه صلوات الله وسلامه كلنا ننتمى لآدم وآدم من تراب وهو نبى الله فأنا ولى ابن نبى وهنا كذلك من باب تطييب خاطر أمنا صفية أنت ابنة نبى حتما ليس هو الأب الأقرب إنما بينها وبين هارون مسافة وعمك نبى وأفضل الفضائل أنت تحت نبى خير خلق الله عليه صلوات الله وسلامه فبم َ تفخر حفصة عليك يا حفصة اتق الله.

ص: 17

وهذا الكلام كما قلت الذى صدر من حفصة صدر أيضا من أمنا عائشة رضى الله عنها وتقدم معنا أيضا قالته أمنا عائشة كما فى رواية أبى يعلى التى فيها عنعنة محمد ابن إسحاق كما تقدم معنا لكن هذا الكلام ثابت عن أمهاتنا أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام فى حق صفية فى أحاديث أخر منها هذا الحديث ومنها ما فى الترمذى ومستدرك الحاكم عن أمنا صفية رضى الله عنها وأرضاها قالت دخل على النبى صلى الله عليه وسلم وانظروا الحديث فى مستدرك الحاكم فى الجزء الرابع صفحة تسع وعشرين وقد بلغنى كلام عن عائشة وحفصة إذن المتكلم الآن زوجتان من أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام وقد بلغنى كلام عن عائشة وحفصة وأنا أبكى فقال النبى عليه الصلاة والسلام ما شأنك ما يبكيك فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة وعائشة ينالان منى ويقولان نحن خير منها نحن بنات عمه وأزواجه يعنى نحن لنا مزية على هذه اليهودية على زعمهما نحن بنات عمه فى النسب ونحن أزواجه طيب هى زوجة لكن هى ليس لها صفة بنت العمومة نحن بنات عمه ونحن أزواجه فقال نبينا عليه الصلاة والسلام يا صفية ألا قلت كيف تكونان خيرا منى وأبى هرون وعمى موسى وزوجى محمد عليه الصلاة والسلام قولى لهما هذا وخلص لا داعى للبكاء والكلام ينقطع ولا داعى بعد ذلك للتشويش بغير حق أبى هارون وعمى موسى وزوجى محمد عليه صلوات الله وسلامه نعم إخوتى الكرام الغيرة إذا جاوزت حدها لا بد من ردعها فهذه تكررت كما قلت من أمنا عائشة من أمنا حفصة نحو أمنا صفية على نبينا وعليهن جميعا صلوات الله وسلامه ثم تكررت من زينب لكن فى وقت حقيقة يعنى صدور هذا من زينب يعنى ينبغى أن يعنى يحصل عليه شىء كما قلت من الحسم والتوجيه لئلا يتطور الأمر يعنى أكثر مما يسمح به فاستمع لهذا الذى حصل من زينب مع أمنا صفية فى حجة الوداع بعد أن حصل من أمنا عائشة مع صفية ما حصل.

ص: 18

تقدم معنا أخذ المتاع الثقيل لصفية ووضع على جمل أمنا عائشة لكن جملها مع ذلك الجمل الثفال ما استطاع أن يمشى مع خفة متاع أمنا عائشة فبرك فى النهاية فلا بد الآن من تغييره فاستمع ماذا جرى يعنى عند طلب تغيير الجمل الحديث رواه الإمام أحمد فى المسند والطبرانى فى معجمه الأوسط وانظروه فى مجمع الزوائد فى الجزء الرابع صفحة واحدة وعشرين وثلاثمائة إلى ثلاث وعشرين وثلاثمائة وهو فى المسند فى بلوغ الأمانى فى ترتيب مسند الإمام أحمد الشيبانى ومعه الفتح الربانى فى الجزء الثانى والعشرين صفحة أربع وأربعين ومائة عن سمية وقيل شميسة سمية شميسة وهما بصريتان مقبولتان كما قال الحافظ ابن حجر فى التقريب قال الإمام الهيثمى كل منهما لم يجرحها أحد يعنى سمية البصرية لم يجرحها أحد وشميسة لم يجرحها أحد أما الأولى وهى سمية فحديثها فى السنن الثلاثة فى سنن أبى داود والنسائى وابن ماجة وأما شميسة فقد روى لها البخارى فى الأدب المفرد إذن إما عن سمية أو شميسة كما قلت كلاهما من البصرة بصريتان من التابعين تابعيتان كريمتان رضى الله عنهما وعن سائر المسلمين عن سمية أو عن شميسة عن عائشة وصفية رضى الله عنهم أجمعين لتنقل سمية أو شميسة عن أمنا عائشة وأمنا صفية ما جرى فى حجة الوداع مع نبينا عليه الصلاة والسلام مع نسائه فى السفر والطريق قالت حج النبى صلى الله عليه وسلم بنسائه فلما كان ببعض الطريق نزل رجل فساق بهن فأسرع والرجل الذى يسوق هو الذى يحدو بالإبل من أجل أن يعنى تمشى وتسرع وتلحق بالركب فأسرع فقال النبى عليه الصلاة والسلام كذاك سوقك بالقوارير يعنى هكذا تسوق القوارير وهذا الذى كان يسوق هو أنجشة وهو الذى كان يسوق النساء والضعفة عندما يسافرون مع النبى عليه الصلاة والسلام وورد التصريح باسمه فى الصحيحين وغيرهما فى المسند والصحيحين وسنن النسائى عن أنس رضى الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير وحاد يحدو بنسائه

ص: 19

فضحك النبى صلى الله عليه وسلم فإذا هو قد تنحى بهن يعنى سبقن الركب من كثرة يعنى سير أنجشة بالضعفة والنساء فقال النبى عليه الصلاة والسلام يا أنجشة ويحك ارفق بالقوارير القارورة فى الأصل هى الزجاجة الرقيقة اللطيفة شبهت النساء هنا بالقوارير لأمرين اثنين.

الأول: هى تشبه النساء فى الرقة هى تشبه القوارير الزجاجة فى الرقة واللطافة وضعف البنية هذه ضعيفة لا تتحمل كما أن الزجاجة لا تتحمل الخض وشبهت أيضا بالزجاجة والقوارير أى المرأة من وجه ثانى لسرعة انقلابهن عن الرضا وقلة دوامهن على الوفاء ولذلك يسرع إليهن الكسر وقد لا يقبل الجبر لذلك هذه الزجاجة التى عندك حافظ عليها وإذا أردت يعنى أن تخضها انكسرت والقارورة إذا انكسرت لا تجبر وكسرها بالنسبة للمرأة طلاقها يا أنجشة ارفق بالقوارير هذا المعنى الأول يعنى ارفق بالنساء اللاتى هن كالقوارير فى الرقة واللطافة وضعف البنية هذا على التشبيه الأول وهن كالقوارير كما قلت لا يتحملن يعنى شدة وعناء ينكسرن بسرعة وإذا انكسرن لا ينجبرن فارفق بهن.

ص: 20

ويمكن أن يكون المراد يا أنجشة ارفق بالقوارير أى سقهن كما تسوق الإبل لو كان على ظهرها القوارير من الزجاج كيف لا تسرع بالسير من أجل ألا تتكسر القوارير ارفق أيضا بالنساء لما فيهن من ضعف وهنا كذاك سوقك بالقوارير فلما كانوا يسيرون وأنجشة يحدو قال برك لصفية جملها هذا الذى وضع عليه المتاع الخفيف هو جمل ثفال فى حجة الوداع برك وكانت من أحسنهن ظهرا لكن قدر الله على ظهرها ما قدر يعنى هو فى الأصل فيه نشاط لكن فى هذه السفرة وفى هذا الطريق تعب فبكت وهى تقول فبكيت قالت فجاء النبى صلى الله عليه وسلم حين أخبر بذلك فجعل يمسح دموعها بيده عليه صلوات الله وسلامه وجعلت تزداد بكاء وبكاؤها من أجل أنها ستأخر الركب ستأخر خير خلق الله عليه الصلاة والسلام عن السفر فلا يمكن أن يسير الصحابة ومعهم النبى عليه الصلاة والسلام ويتركوا أمنا صفية هذا لا يمكن على الإطلاق وبدأت تبكى يعنى أنها تتسبب الآن فى مشكلة للنبى عليه الصلاة والسلام لصحبه الكرام وقد ينظر الناس إليها بعد ذلك نظرة تشاؤم فبدأت تبكى والنبى عليه الصلاة والسلام يمسح دموعها المباركة وهى تزاد بكاء وهو ينهاها فلما أكثرت زبرها وانتهرها يعنى زجر لتقف عند حدها طيب قدر الله وما شاء فعل الجمل يعنى عطب وهلك ووقع طيب خلص لا داعى لكثرة البكاء ونحصل غيره إن شاء الله قال وأمر النبى صلى الله عليه وسلم الناس بالنزول فنزلوا ولم يكن يريد أن ينزلوا إنما نزلوا من أجل جمل صفية رضى الله عنها وأرضاها فنزلوا وكان يومى وهذه الليلة هى ليلة صفية بالنسبة للسفر لا يوجد قسم فى ليل أو فى نهار إنما القسم يكون للزوجة عند النزول يعنى صاحبة الليلة عندما ينزل المسافر ليستريح..

ص: 21

ليلة أمنا صفية رضى الله عنها وأرضاها وهى كما قلت تسببت فيما تسببت والنبى عليه الصلاة والسلام فى نهاية الأمر زجرها وانتهرها لكثرة بكائها قالت فلما نزلوا ضرب خباب النبى عليه الصلاة والسلام ودخل فيه فلم أدر علام أهجم عليه أى أدخل عليه بأى شىء وأنا الآن هذه ليلتى ونساؤه التسع معه على نبيناو عليهن صلوات الله وسلامه لكن هذه ستكون معه فى خبائه عندما ضرب له فهذا حقها قالت فلم أدر علام أهجم أى أدخل من النبى عليه الصلاة والسلام وخشيت أن يكون فى نفسه شىء منى أنه تأثر لما حصل قال فانطلقت إلى عائشة وقلت لها يا عائشة تعلمين أنى لم أكن أبيع يومى من رسول الله عليه الصلاة والسلام بشىء أبدا اليوم لا أتنازل عنه مهما بذل لى وإنى قد وهبت يومى لك على أن ترضى عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخشى أن يكون قد تأثر فهذا اليوم لك وأنت ادخلى معه إلى الخباء وطيبى خاطره ليرضى النبى عليه الصلاة والسلام عنى اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد على آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا قالت نعم تقول فأخذت خمارا لها قد سردته بزعفران فرشته بالماء ليزكى أى ليفوح ريحه ثم لبست ثيابها ثم انطلقت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فرفعت طرف الخباب فقال يا عائشة مالك هذا ليس يومك قلت ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فقال النبى صلى الله عليه وسلم مع أهله فلما كان عند الرواح قال لزينب أفقرى أختك جملا أى أعيريها جملا لتركب عليه مأخوذ من ركوب فقار الظهر أفقرى أختك جملا وكانت من أكثرهن ظهرا فقالت أنا أفقر يهوديتك أنا أعطيها جملا لتركبه وفيها هذه الصفة فغضب نبينا عليه الصلاة والسلام حين سمع ذلك منها الآن تتابعت ونحن الآن كما قلت فى موقف حرج وصفية حالتها كما تقدم معنا وهبت يومها لأمنا عائشة وبعد ذلك يعنى تقابل من قبل زينب بهذه المقابلة فغضب النبى عليه الصلاة والسلام عليها حين سمع ذلك منها فهجرها فلم يكلمها حتى قدم مكة وأيام منى فى سفره حتى رجع

ص: 22

إلى المدينة والمحرم وصفر يعنى ذا الحجة والمحرم وصفر وهو يهجر أمنا زينب رضى الله عنها وأرضاها من أجل هذا الكلام الشديد فى هذه السفرة وهذا الموقف الذى يحتاج إلى مساعدة فلم يأتها ولم يقسم لها ويأست منه على نبينا وآل بيته جميعا صلوات الله وسلامه قال فلما كان ربيع دخل على شهر ربيع نبينا عليه الصلاة والسلام فلما رأت غله.

قالت إن هذا لغل رجل وما يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن دخل بيتى فى هذا الوقت فمن هذا فلما نظرت إليه وعرفته وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ما أدرى ما أصنع يا رسول الله عليه الصلاة والسلام يعنى ماذا أكافؤك الآن ماذا أعمل يعنى لأرضيك وأطيب خاطرك لترضى عنى قال وكان لها جارية تخبؤها من رسول الله عليه الصلاة والسلام فوهبتها له فمشى النبى عليه الصلاة والسلام إلى سريرها وكانت قد رفعته فوضعه بيده ثم بقى عند أهله وأصاب أهله ورضى عنها على نبينا وآل بيته صلوات الله وسلامه.

ص: 23

قصة جرت وكما قلت إخوتى الكرام سلبية من السلبيات لكن هذه السلبيات انفعال ظاهرى يعالج عندما يحصل فى ذلك اعتداء على حق الغير ويكفى أنها هجرت ثلاثة أشهر يعنى ماذا تريد أكثر من ذلك وهذا الهجر حقيقة يمزق الكبد عند أمنا زينب رضى الله عنها وأرضاها وعفا الله عما سلف رحمة الله واسعة بعد ذلك والله غفور رحيم كما قلت حوادث معدودة هذه من ضمنها جرت فى بيت النبى عليه الصلاة والسلام وعولجت بهذه المعالجة الكلام الأول الذى جرى من حفصة ما تطور عالجه نبينا عليه الصلاة والسلام بما تقدم يا صفية قولى لها أنا ابنة نبى وعمى نبى وأنا تحت نبى فاتق الله يا حفصة جرى الكرم من أمنا عائشة عولج بذلك زاد الكلام من أمنا عائشة فى السفر وقالت غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله عليه الصلاة والسلام وكيف وضع متاعها على جملى وأخذ متاعى ووضع على جملها وهذا خلاف العدل على حسب زعمها ومع ذلك كل هذا تجاوز بعد ذلك يعنى بعد كل هذه المواقف وفى النهاية التى وصلنا إلى موقف محرج والجمل برك ولا بد من مواصلة السير أفقريها جملا قالت أنا أفقر يهوديتك طيب هذا لابد الآن من زجر لوضع حد لهذا الكلام الذى تكرر وكثر فزجرن بما زجرن به من قبل نبينا عليه الصلاة والسلام فكان ماذا وهذا وضع الحياة ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم سبحانه وتعالى لكن كما قلت شتان بين أن يكون هذا الخطأ دافعه التعمد وهو مستأصل ثابت فى القلب وبين أن يكون دافعه الخطأ والانفعال وهو طارىء يطرأ على الإنسان فيزول شتان ما بين هذا وذاك فهذه الحوادث كلها من باب الأمور الطارئة التى كانت تزول عند المعالجة وتستقر الحياة بعد ذلك.

ص: 24

ومثل هذا كان يقع وكما قلت سأحصى جميع هذه الحوادث وحتى لو جاء متكلم يتكلم قل هل عندك زيادة على هذه الحوادث حتى جئت تتكلم وكما قلت يجرى بين الإنسان وأبيه بين الإنسان وأمه بين الإنسان وأخيه فضلا عن بينه وبين زوجته الوحيدة التى يحبها وتحبه لا أقول كما قلت فى العمر مشكلة أو فى الشهر أو فى السنة مشكلة أو فى الأسبوع مشكلة مشاكل كثيرة لكن إذا لم تكن هذه المشاكل من قلب خبيث سرعان ما تزول وهنا كذلك تسع نسوة يعشن فى حياة تقدم معنا وصف بيوت النبى عليه الصلاة والسلام ووصف أثاثه ووصف طعامه ولو جاءت الفأرة ما تحصل طعاما فى بيت نبينا عليه الصلاة والسلام ما عندهن ما يأكله ذو كبد كما تقدم معنا والحجر فى تلك الحالة والحياة وهن صابرات محتسبات ولما فتح على نبينا عليه الصلاة والسلام ما فتح من المغانم قلت كل هذا صرف إلى المسلمين ولم ينل بيت النبوة منه شيئا كما تقدم معنا لا شبع البطن ولا عمر البيت كما هو فإذا جرى منهن وهن تسع تسع حوادث فى حياتهن مع نبينا عليه الصلاة والسلام كان ماذا ولا شىء على الإطلاق وكما قلت هذه هى طبيعة الحياة نحن لا نعيش فى جنة فى الجنة حقيقة هناك لا يمكن أن يصدر شائبة أما ما دمت فى هذه الحياة لا بد من عكر وكدر يزال بعد ذلك وإذا لم يكن هذا العكر والكدر من قبل كما قلت وهو مستأصل فيه فى لا حرج وهذا طبيعة بنى آدم.

ص: 25

استمع لمثل هذه الحوادث أيضا ولمعالجة النبى عليه الصلاة والسلام لها ثبت فى صحيح مسلم والحديث رواه الإمام أحمد فى المسند وصاحب كتاب بلوغ الأمانى فى ترتيب مسند الإمام أحمد الشيبانى فى الجزء الثانى والعشرين صفحة ثلاث وخمسين ومائة يقول لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو فى صحيح مسلم كما قلت لكم يعنى هو يظن أن هذه الرواية انفرد بها الإمام أحمد لكنها فى صحيح مسلم نعم هى فى المسند أيضا عن أنس رضى الله عنه قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسع نسوة وكان إذا قسم بينهن لا يتنهى إلى المرأة الأولى إلا فى تسع طيب يعنى ثمانية أيام ولا يجتمع بزوجاته هذا لا يمكن تقدم معنا بعض الروايات عند الأمر الأول أن نبينا عليه الصلاة والسلام ما من يوم يمر عليه إلا ويطوف عليهن جميعا كان عليه الصلاة والسلام إذا قسم بينهن لا ينتهى إلى المرأة الأولى إلا فى تسع فكن يجتمعن فى كل ليلة على هذا الود والحب والوئام فى كل ليلة يجتمعن فى بيت من هى ليلتها مع نبينا خير خلق الله عليه وعلى آله وصحبه صلوات الله وسلامه فكن يجتمعن فى كل ليلة فى بيت التى يأتيها طيب إذا حصل فى هذه الاجتماعات فى تسع سنوات هذا اجتماع فى كل ليلة يجتمعن إذا حصلت حادثة أو حادثتان يعنى هذه تعكر أو تكدر لا ثم لا فاستمع لما جرى فكن يجتمعن فى كل ليلة فى بيت التى يأتيها فكان فى بيت عائشة فى إحدى الأيام ليلة عائشة وأمهاتنا فى بيتها قال فجاءت زينب فمد النبى صلى الله عليه وسلم إليها يده زوجته ومد يده إليها يلاعبها يداعبها عليه صلوات الله وسلامه أمنا عائشة ما تحملت يعنى هذه ليلتها وفى بيتها تمد يدك إلى زينب استمع ماذا جرى فقالت يا رسول الله عليه الصلاة والسلام هذه زينب انتبه هذه ليست عائشة لم َتمد يدك إليها عليه صلوات الله وسلامه قالت فكف يده مباشرة امتنع لكن زينب لن تسكت الآن فتقاولتا كل واحدة بدأت تكلم الأخرى ولا تظن أن هذه مقاولة يعنى شتيمة كما يجرى

ص: 26

فى نساء الناس الهابطين سب أب وأم وبذاءة لا يعنى تلك تقول هذه ليلتى ليس لك حق فى أن يستمتع رسول الله عليه الصلاة والسلام هذه الليلة بك قفى عند حدك وأنت ينبغى أن تقولين له إذا مد يده هذه ليلة عائشة اتق الله يا زينب فزينب تقول وأنت لم َتمنعين رسول الله عليه الصلاة والسلام من حظه والمؤمنون إخوة وإذا مد النبى عليه الصلاة والسلام كان ماذا ولم َ يعنى أنت ضيق العطن يعنى من هذا الكلام يعنى لا تظن أن المقاولة كما سيأتى فى بعض الروايات المساببة يعنى فيها شتم وكلام بذىء هذا لا يمكن أن تتفوه به أمهاتنا على نبينا وعليهن صلوات الله وسلامه فتقاولتا حتى استحثتا وهو استفعال من الحث وهو أخذ التراب ونسفه فى الوجه كل واحدة أخذت ترابا ترش على الأخرى طيب ما الحرج لكن لا كلام بذىء وأقيمت الصلاة يعنى صلاة العشاء ستقام وحجر النبى عليه الصلاة والسلام كما لا يخفى عليكم هى ملاصقة للمسجد وتقدم معنا قلنا جريد نخل طين ما أكثر يعنى هذا يسمع ما يجرى فى بيت النبى عليه الصلاة والسلام يسمعه الصحابة الكرام فى المسجد لو أن الإنسان مضغ الطعام يسمع فى المسجد ونساء الآن يعنى فى رفع صوت ثم نسف بالتراب كل واحدة ترش على الأخرى ترابا والحديث فى صحيح مسلم وأقيمت الصلاة فمر أبو بكر رضى الله عنه فسمع أصواتهن فقال يا رسول الله عليه الصلاة والسلام اخرج إلى الصلاة واحثوا فى أفواههن التراب يعنى أنت لو زلت مع ذلك عليه صلوات الله وسلامه تطول بالك وتوسع صدرك وأنت حليم جالس زينب وعائشة كل واحدة تتكلم على الأخرى ثم تأخذ التراب وتنسفه وأنت جالس يعنى مع كل هذا اتركهن واحثوا فى أفواههن التراب فخرج النبى عليه الصلاة والسلام لصلاة العشاء سكن النسوة أمهاتنا رضى الله عنهن فقالت عائشة الآن يقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فيجىء أبو بكر فيفعل بى ويفعل يعنى هى ما تخاف من النبى عليه الصلاة والسلام كما تقدم معنا إنما تخاف من أبيها

ص: 27

قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أتاها أبو بكر وقال لها قولا شديدا أتصنعين هذا برسول الله عليه الصلاة والسلام من أنت ومن أبوك ومن أهل الأرض وتصنعون هذا أنتن برسول الله عليه الصلاة والسلام والحديث كما قلت فى صحيح مسلم كان ماذا يعنى كان ماذا إذا حصل هذا فى بيت النبى عليه الصلاة والسلام أى حرج تسع نسوة يجتمعن فى تسع سنوات فى جميع الليالى على الترتيب فى كل ليلة فى بيت التى هى ليلتها طيب إذا جرى يعنى فى هذه الليالى المتعددة المتكررة حادثة أو حادثتان هذا يقال فى بيت النبى عليه الصلاة والسلام خصومة والله من قال هذا فخصمه الله هذا لا يقال خصومة هذا يدل على نبلهن وشرفهن ومحبتهن وودهن لبعضهن لكن أحيانا انفعال مد يده هى نبهت هذه زينب انتبه فكف النبى عليه الصلاة والسلام يده تلك حرمت خيرا فتريد أن تجيب هذه لن تسكت كلام بين كما قلت المحاورة الشرعية لكن فيه رفع صوت تطور الأمر أخذ تراب ورش على الصاحب وبعد ذلك هدأت الأمور وانتهى الأمر ولا يوجد يعنى أن واحدة تضمر لأختها عداوة أو بغضا وفى الليلة الثانية سيجتمعن فى بيت زينب وزال كل شىء على نبينا وعلى آل بيته صلوات الله وسلامه كما قلت إخوتى الكرام هذا فى صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد.

ص: 28

وورد نظير هذه القصة مع أمنا عائشة وأمنا أم سلمة على نبيناو عليهن جميعا صلوات الله وسلامه والحديث رواه الإمام أحمد فى المسند وانظروه فى المكان المتقدم أو فى مكان آخر فى الجزء الثانى والعشرين صفحة ثلاث عشرة ومائة هناك تقدم معنا ثلاثا وخمسين أوليس كذلك وانظروه فى مجمع الزوائد أيضا فى الجزء الرابع صفحة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وجميع رجال الإسناد ثقات أثبات وفيهم على ابن زيد ابن جدعان قال الإمام الهيثمى وفيه ضعف وحديثه حسن وعلى ابن زيد ابن جدعان أخرج له البخارى فى الأدب المفرد ومسلم فى صحيحه وأهل السنن الأربعة وتوفى سنة واحدة وثلاثين ومائة للهجرة ولفظ الحديث فى المسند عن أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها قالت كانت عندنا أم سلمة فى بيت أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها قالت فجاء النبى صلى الله عليه وسلم فى جنح الليل فذكرت شيئا صنعه بيده ذكر النبى عليه الصلاة والسلام ذكرت شيئا صنعه النبى عليه الصلاة والسلام بيده مع أمنا عائشة وما ذكرت هذا الشىء حتما كما حصل من مد يده إلى زينب لكن هنا إلى عائشة فى بيتها وفى ليلتها لكن أمام أم سلمة على نبيناو عليهن جميعا صلوات الله وسلامه قال وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطن لأم سلمة ما انتبه لها دخل فى الليل ولم يكن فى البيوت مصابيح على نبينا صلوات الله وسلامه وهى ليلة أمنا عائشة فلما دخل تقول ذكرت شيئا بدأ يفعله مع أمنا عائشة ولم ينتبه لأمنا أم سلمة قال وجعلت أومأ إليه حتى فطن يعنى انبهه أم سلمة موجودة يعنى لا داعى الآن لمعاتبة أخرى فلما فطن وقف النبى عليه الصلاة والسلام عن فعله فقالت أم سلمة أهكذا الآن يعنى بعد ما كنت تفعل وتفعل مع أمنا عائشة رضى الله عنه أهكذا الآن أما كانت واحدة منا عندك إلا فى خلابة أى فى خداع كأنك تخادعنا وعائشة هى المقدمة علينا ونحن كلنا كأننا نخادع عائشة تقدم وإذا فطنت لنا يعنى تقف عما أنت عليه وحتما كلمة فى غير

ص: 29

محلها تقدم معنا فعل هذا مع زينب فى بيت أمنا عائشة لا يخادع واحدة إنما نفس البشر أحيانا تمتد إلى بعض اليد إلى بعض زوجاته فليس معنى هذا أنه يخادع البقيات لا ثم لا قالت أما كانت واحدة منا عندك إلا فى خلابة كما أرى وسبت عائشة والسب كما قلت كلام شديد ليس فيه بذاءة ولا سفالة وجعل النبى عليه الصلاة والسلام ينهاها لأم سلمة كفى عن قولك فتأبى فقال لأمنا عائشة سبيها يا عائشة أبدئى أنت خذى حقك وهو جالس عليه صلوات الله وسلامه قالت فسببتها حتى غلبتها عندها سكت بعد ذلك أمنا أم سلمة فذهبت إلى على وفاطمة رضى الله عنهم أجمعين فقالت إن عائشة سبتها يعنى سبت أم سلمة وقالت لكم وقالت يعنى هى تفضل نفسها حتى عليكم يا على وفاطمة هذه عائشة رضى الله عنها وأرضاها فقال على لسيدتنا فاطمة على نبينا وآله جميعا صلوات الله وسلامه اذهبى إلى نبينا عليه الصلاة والسلام وقولى له إن عائشة قالت لنا وقالت فجاءت فاطمة وقالت للنبى عليه الصلاة والسلام إن عائشة قالت لنا وقالت قال يا بنيتى إنها حبة أبيك ورب الكعبة أى هذه حبيبتى وزوجتى وهكذا أم سلمة وهكذا حفصة وهكذا صفية هذه حبتى يعنى أنت تتكلمين عليها ما تحبين ما أحب فسكتت فاطمة رضى الله عنها وأرضاها وعادت إلى على فلما ذكرت لعلى ما قاله لها النبى عليه الصلاة والسلام جاء على وقال يا رسول الله عليه الصلاة والسلام أما كفاك إلا أن قالت لناعائشة وقالت فلما أتتك فاطمة قلت لها إنها حبة أبيك ورب الكعبة يعنى أيضا هذا ولا تعاتب عائشة لكن هذا هو خلق النبى عليه الصلاة والسلام أم سلمة بدأت نهاها ما انتهت قال تلك دونك انتصرى سبيها كما تسبك لكن كما قلت لا تفهم من هذا سب بكلام سافل بذىء يتنزه عنه الإنسان ويتنزه عنه أهل الإسلام إنما معاتبات شرعية فيها كما قلت شىء من الشدة والغلظة فى الصوت فلما غلبت حجة عائشة حجة أمنا أم سلمة تلك سكتت وسيأتينا أن أمنا عائشة أحيانا كانت ترد على بعض

ص: 30

أمهاتنا كما سأتينا ضمن الحوادث على أمنا زينب تقول فردت عليها حتى جف ريقها بفمها وسكتت ما استطاعت أن تتكلم فبدأ وجه النبى عليه الصلاة والسلام يتهلل وقال إنها ابنة أبيها هذه يعنى وليس إذن مرتب عنى إذن تعرف كيف تسكت.

الخصم وتأتى بحجج شرعية على ما تقول أنها على حق وأن تلك عندما تكلمت يعنى انفعال ينبغى أن تتركه ولا يجوز أن تثبت عليه هذه حوادث إخوتى الكرام تجرى فى بيت نبينا عليه الصلاة والسلام وصدره أوسع من السماوات والأرض عليه صلوات الله وسلامه يتسع ويقول لهذه انتصرى وبعد ذلك بعد هذه المقاولة ذهب كل شىء ومضى وما بقى فى القلب شىء.

أكمل هذا بعد آذان العشاء.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.

ص: 31

إخوتى الكرام: قبل أن أكمل هذا المبحث شىء خطر ببالى ليتنى نبهت عليه عند ذكر القصة عندما حج النبى عليه الصلاة والسلام بنسائه وبرك جمل أمنا صفية رضى الله عنها وأرضاها ووهبت بعد ذلك كما قلنا لأمنا عائشة هذا يتعين أن يكون فى عودة نبينا عليه الصلاة والسلام من حجته واضح هذا أنه فى الذهاب هم محرمون ولا يمكن لأمنا عائشة أن تأخذ هذا الثوب الذى فيه زعفران وبعدها نبينا عليه الصلاة والسلام يعنى يباشرها فى خبائه هذا كله بعد عودتهم فيما يظهر والعلم عند الله عز وجل يعنى هذا ما حصل فى حالة الإحرام قطعا وجزما أو ممكن أن يقال إذا كان فى البداية قبل أن يصلوا إلى الميقات لعله لكن المسافة قصيرة من المدينة المنورة إلى الميقات الذى والعلم عند الله أن هذا فى حالة العودة ما فصل الأمر لكن هذا يتعين قطعا يعنى ما حصل ليس فى حال الإحرام والذى يظهر والعلم عند الله يظهر لى أن هذا فى العودة ولذلك وصف جملها بأنه كان يعنى من أحسنهن ظهرا هذا فى حال الذهاب ثم لعله فى الإياب أصابه ما أصابه فلما برك وطلب النبى عليه الصلاة والسلام من أمنا زينب أن تفقرها أى أن تعطيها أن تعيرها جملا من جمالها قالت ما قالت والعلم عند الله.

هذه حوادث كما قلت تجرى فى بيت نبينا عليه الصلاة والسلام والذى دعانا إليها كما قلت الأمر الرابع بعد أن يحسن الإنسان إلى أهله ينبغى أن يتحمل منهن ما يتحمل وإذا ابتلاك أو أقول أكرمك يعنى الابتلاء يحصل بالإكرام والخصام ونسأل الله أن يجعل هذا إكراما لنا لا خصاما إذا ابتلاك بزوجة أو زوجات وهذا إن شاء الله من باب الكرامة والإكرام لا من باب مشقة وشدة وخصام.

ص: 32

اعلم هذه الأخلاق التى كان يتخلق بها وهى خلق خير الله عليه صلوات الله وسلامه اعلم هذا لتعرف كيف تعيش فى بيتك مع زوجك أو مع زوجتك وهذا كما يلزمك مع الزوجة يلزمك من باب أولى مع الزوجات إذا حصل ما حصل لا داعى للانفعال ولا لصراخ ولا لمشاتمة ولا لضرب ولا لسب ولا طلقات أحيانا تطلقها فتطلق الثلاثة أو الأربعة بألفاظ يعنى أكثر مما تملك فاتق الله فينا واقتدى بنبيك عليه الصلاة والسلام وقلت سابقا يعنى هذه الحوادث جرت فى بيت النبى عليه الصلاة والسلام لحكم منها كثيرا.

أولها للدلالة على أن هذه الحياة حياة كدر مهما صارت والثانى لنقتدى بنبينا خير البشر عليه الصلاة والسلام فى جميع أحوالنا فلو لم يوجد هذا فى بيتى يعنى كيف سنعالجه أمورنا فانتبه هذا خير خلق الله عليه الصلاة والسلام يجرى بين نسائه ما يجرى وليس هو يعنى يسكت ويقر لا بل يقول دونك قومى فانتصرى وسبيها كما تسبك وهو جالس عليه الصلاة والسلام يستمع حتى تنتهى هذه الخصومة يعود الود والوئام والحب بين هذه القلوب الطاهرة بعد أن يعنى فرغ كل واحد كما يقال انفعاله خلص يعود لطبيعته وإلى رشده وإلى عقله ووعيه كان ماذا.

ص: 33

واستمع لهذه الحادثة أيضا وهى فى مسند الإمام أحمد والصحيحين وسنن الترمذى والنسائى وغالب ظنى كنت ذكرتها فى محااضرات مسجد الدفنة أول ما جئت فى ترجمة أمنا عائشة رضى الله عنها وفى ترجمتها أيضا فلا مانع من ذكرها لأنها تتعلق الآن هذه الحادثة بمبحثنا فى موضوع ما كان يجرى بين أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام وانتبه كيف بعد ذلك عندما الواحدة تكلم من قبل النبى عليه الصلاة والسلام تقف عند حدها كما قلت الحديث فى المسند والصحيحين وسنن الترمذى والنسائى عن أمنا عائشة رضى الله عنها قالت إن الناس كانوا يتحرون هداياهم يوم عائشة يبتغون بها أو يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شك علموا أنه يميل لأمنا عائشة قلبه أكثر من ميله إلى غيره وقلنا هذا الميل كله بإرشاد ربانى ووحى إلهى فما نزل عليه الوحى كما سيأتينا فى لحاف امرأة من نسائه إلا فى لحاف أمنا عائشة وهذا للإشارة إلى تقديمها وكما قلنا هذا تقديم قلبى أما المعاملة الظاهرة تقدم معنا هذا قسمى فيما أملك فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك كما تقدم معنا هذا.

ص: 34

وفى رواية عن أمنا عائشة رضى الله عنها قالت إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كنا حزبين التسع ينقسمن إلى قسمين حزبين حزب رئيسه أمنا عائشة وحزب آخر رئيسه أم سلمة فاستمع لهذين الحزبين المباركين وأحسن ما عرفته البشرية من أحزاب للمنافسة على الخير والحرص على خير خلق الله عليه صلوات الله وسلامه قالت أمنا عائشة فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة والرئيس عائشة والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواج النبى عليه الصلاة والسلام وهن أربع مع أم سلمة زينب وميمونة وجويرية ورملة أم حبيبة هذه خمسة مع أم سلمة أربعة وهى وأما عائشة ثلاثة وهى أربعة تسع كنا حزبين قال وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام أخرها إلى حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيت عائشة رضى الله عنها وأرضاها ذهب صاحب الهدية بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فى بيت عائشة فكلم حزب أم سلمة أم سلمة الأربعة فقلن لها كلمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس فيقول من أراد أن يهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فليهدى إليه حيث كان من نسائه وهذه الهدية ما تستأثر بها أمنا عائشة لا ثم لا لكن يحصل لها الفضيلة فى بيتها جاءت الهدية إليها ثم قسمها النبى عليه الصلاة والسلام بين نسائه فكأن تلك البيوت مفضولة وهذه بيت فاضل يعنى هذا هو الذى يجود ويخرج منه الجود وتلك البيوت تأخذ فقط فقالت يعنى أمهاتنا الأخريات لم َيعنى بيت عائشة هو منبع الجود تأتى الهدية إلى البيت الذى يكون فيه النبى عليه الصلاة والسلام ثم تقسم لسائر بيوته فهذا الحزب الثانى قال للمسؤول أمنا أم سلمة رضى الله عنهن جميعا كلمى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك فكلمته أم سلمة بما قلن فلم يقل لها شيئا سكت فما أجابها بشىء فسألنها فقالت ما قالت لى شيئا فقلن لها

ص: 35

كلميه مرة ثانية قالت فكلمته حين دار إليها إذن قالت فكلمته حين دار إليها يعنى حين جاءتها ليلتها ونوبتها فلم يقل لها شيئا فسألنها فقالت ما قال لى شيئا قلن الثالثة فقلن كلميه حتى يكلمك يعنى لا تقبلى منه السكوت قولى له النساء يطلبن أن تقول للصحابة كل واحد يهدى إليك حيث كنت ولا يتحرون بهداياهم ليلة عائشة ولا تسكتى أعيدى عليه حتى يجيبك ننظر ماذا سيقول النبى عليه الصلاة والسلام فدار إليها فكلمته فقال لها لا تؤذينى فى عائشة فإن الوحى لم يأتنى وأنا فى ثوب امرأة إلا عائشة وتقدم معنا الحكمة من ذلك قلنا لمكان أبيها فأبوها لم يفارق النبى عليه الصلاة والسلام فى سفر ولا حضر فسرى سره إليها فكان الوحى ينزل على نبينا عليه الصلاة والسلام وهو فى لحاف ابنة أبى بكر على نبينا وآله وصحبه جميعا صلوات الله وسلامه وقيل لحكمة ثانية أوردها الحافظ ابن حجر ذكرتها وهى أنها كانت تبالغ فى نظافة ثيابها وجسمها وطهارتها فكان الملك يخصها بذلك من قبل الله جل وعلا فينزل على النبى عليه الصلاة والسلام فى لحافها قالت فقلت انتبه للإنصاف والوقوف عند الحد أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا كان هذا الكلام يؤذيك أنا أتوب إلى الله منه ولا أعود إليه انظر لهذا الإنصاف وكما قلنا إذن يعنى غيرة ظاهرية تزول بعد ذلك ثم إنهن بيقة الحزب دعون فاطمة بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام فأرسلنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول إن نساءك يسألنك العدل فى بنت أبى بكر فكلمته يعنى فاطمة فقال يا بنية ألا تحبين ما أحبه فقالت بى وفى رواية المسند إنها حبة أبيك ورب الكعبة فأحبى هذه أتحبيننى فى بعض الروايات قالت نعم قال فأحبيها فرجعت إليهن فأخبرتهن فقلن لها ارجعى إليه يعنى مرة ثانية فأبت أن ترجع فأرسلن زينب بنت جحش هذا المبعوث الثالث وهى لا زالت من الحزب الثانى زينب فأتته فأغلظته وقالت إن نساءك ينشدنك الله العدل فى

ص: 36

بنت أبى قحافة فرفعت صوتها ثلاثا حتى تناولت عائشة وهى قاعدة يعنى ما ذنبها الآن هى لا دخل لها فى ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام يأتى إليها والمسلمون يهدون إليها فى بيتها طيب هى ما دخلها تناولت عائشة وهى قاعدة فسبتها افهم معنى السب لا تفهمه على اصطلاحنا سبته كأنها تقول أنت لم َ ما تقولين للنبى عليه الصلاة والسلام كما نقول له نحن قل للصحابة ليهدوا إليك حيث كنت لم َ أنت تستأثرين بالخير تتميزين علينا ومن هذا الكلام كله يعنى محاسبات يعنى شرعية حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تلكم يعنى تتكلم قال فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها فنظر النبى صلى الله عليه وسلم إلى عائشة فقال إنها ابنة بى بكر.

وفى أخرى كان الناس يتحرون بهدياهم يوم عائشة يعنى رواية أخرى قالت فاجتمع صواحبى إلى أم سلمة فقلن يا أم سلمة إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريد عائشة فأمرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان أو حيث ما دار قالت فذكرت ذلك أم سلمة للنبى صلى الله عليه وسلم قالت فأعرض عنى قالت فلما عاد إلى ذكرت ذلك له فأعرض عنى فلما كان فى الثالثة ذكرت ذلك له فقال يا أم سلمة لا تؤذينى فى عائشة فإنه والله ما نزل على الوحى وأنا فى لحاف امرأة منكن غيرها.

ص: 37

وفى رواية أخرى قالت أرسل أزواج النبى عليه الصلاة والسلام فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنت عليه وهو مضطجع فى مرطى وهو كساء كان يتغطى به نبينا عليه الصلاة والسلام فى بيت أمنا عائشة فأذن لها فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أزواجك أرسلننى يسألنك العدل فى ابنة أبى قحافة وأنا ساكتة وهى أمنا عائشة رضى الله عنها قالت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أى بنية ألست تحبين ما أحب فقالت بلى قال فأحبى هذه قالت فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت إلى أزواج النبى على نبينا وعليهن جميعا صلوات الله وسلامه فأخبرتهن بالذى قالت والذى قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن لها ما نراك أغنيت عنا من شىء ما حصل فائدة فارجعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولى له إن أزواجك ينشدنك العدل فى ابنة أبى قحافة فقالت فاطمة لا والله لا أكلمه فيها أبدا قالت عائشة فأرسل أزواج النبى عليه الصلاة والسلام زينب بنت جحش زوج النبى عليه الصلاة والسلام وهى التى كانت تسامينى منهن فى المنزلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أى تضاهينى وتناظرنى من السمو وهى العلو فهى لها مكانة كمكانتى وقريبة من مكانتى عند النبى عليه الصلاة والسلام وهى ابنة عمته زينب بنت جحش على نبينا وعلى آله جميعا صلوات الله وسلامه انتبه لكلام أمنا عائشة ولم أر امرأة قط خيرا فى الدين من زينب واتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالا يعنى امتهانا وتحميلا لنفسها الصعاب والشداد وأشد ابتذالا لنفسها فى العمل الذى تصدق به وتتقرب به إلى الله عز وجل انظر لهذه الصفات الت تقولها أمنا عائشة فى أمنا زينب فيها هذه الصفات انتبه ما عدا فيه بس خصلة واحدة ما عدا ثورة وهى الوثوب والثوران والغضب والانفعال ما عدا ثورة من حد غضب وشدة كانت فيها هل هذه لازمة كانت تسرع

ص: 38

منها الفيئة فيها تلك الصفات وفيها غضب بمجرد ما تغضب تعود إلى الرشد والصواب قالت فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة فى مرطها على الحال التى دخلت فاطمة عليها وهو بها فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله على نبينا وآله وصحبه جميعا صلوات الله وسلامه إن أزواجك أرسلننى يسألنك العدل فى ابنة أبى قحافة قالت ثم قعت بى هذه هى ثورة الحد الشدة والغضب والانفعال مع أنها ما رأت مثلها أتقى لله وأصدق حديثا وأصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالا لنفسها فى العمل الذى تتقرب به إلى ربها ثم وقعت بى فاستطالت على وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرقب طرفا هل يأذن لى فيه يسمح لى أن أرد قالت فلم تبرح زينب لم تفارق المكان حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر إذا انتصرت لا يغضب قالت فلما وقعت بها لم أنشها يعنى لم أهملها ولم أتركها لم أنشبها حتى أثخنت عليها.

وفى رواية لم أنشبها أى أهملها وأتركها حتى أثخنتها غلبة أى كأنها قطعتها وأسكتتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم إنها ابنة أبى بكر.

وفى رواية المسند قال فأقبلت عليها أمنا عائشة على أمنا زينب حتى رأيتها قد يبس ريقها فى فمها ما ترد على شيئا فرأيت وجه النبى عليه الصلاة والسلام يتهلل.

طيب ماذا يعنى حصل من هذا ولا شىء معاتبات كما قلت ظاهرية جرت فى بيوت خير البرية عليه الصلاة والسلام عولجت فى وقتها وانتهى الأمر ثم هذه الثورة من حد غضب فيها زالت بعد ذلك وهذا الانفعال انطفى وفى الليل اجتمعن كما كن يجتمعن فى بيت التى هى ليلتها يتحادثن مع نبينا خير خلق الله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.

ص: 39

فلا بد إخوتى الكرام من وعى هذا الأمر لكن لا بد من تقدير موقف نبينا عليه الصلاة والسلام وهو الذى ينبغى أن يقتدى به الأزواج الكرام مع الزوجات فى هذه الحياة فالمرأة إذا حصل منها ما حصل من غضب من انفعال من تقصير من قصور نحوك أنت الرجل وإذا أنت ستقصر كما تقصر هى الدنيا خربت أنت القيم وأنت السيد فيعنى أدخل هذا فى واسع صدرك وبعد ذلك عامله بمعاملة الرفق والحنو والشفقة والصفح وتطييب الخاطر بحيث تندم على ما جرى منها وتعود الأمور إلى طبيعتها بما أنه لا يوجد كما قلت مرارا فى القلب خبث متأصل ثابت لازم العلاج سهل أما إذا كانت القلوب نسأل الله العافية فيها الفساد وفيها الخبث هذا كلما أصلحت فى الظاهر تنفجر الأمور لأن الداء كامن لكن انتبه هنا امرأة صالحة تقية نقية وهذا وصف جميع أمهاتنا أزواج نبينا على نبينا وعليهن جميعا صلوات الله وسلامه ما بقى إلا انفعال ظاهرى هذا سيقع ليس بين الضرائر هذا سيقع بين أخلص الأصحاب مع بعضهم كان يجرى بين أبى بكر وعمر ما يجرى من هذه الحوادث هذا بشر وقلنا نحن نعيش فى هذه الحياة ولا تخلو من شوائب وكدر فهذه الحوادث القليلة التى جرت فى بيت نبينا عليه الصلاة والسلام عولجت بالحلم والصفح وظهرت كما تقدم معنا معالمة نبينا عليه الصلاة والسلام لأمهاتنا أحسن إليهن وصبر عليهن وتحمل منهن هو خلق عظيم فداه أنفسنا وآباؤنا وأمهاتنا.

ص: 40

بقية الحوادث لعله بقى معنا حادثتان أذكرهما إن شاء الله وهذا مجموع الحوادث لعله تقدم معنا فى حدود خمسة أو ست حوادث نضيف إليها حادثتان وهذا مجموع ما حصل كما قلت فى بيوت نبينا عليه وعلى أمهاتنا وآل بيته وأصحابه صلوات الله وسلامه بعد الانتهاء من ذلك سأختم كما قلت الكلام على هذا الأمر بترجمة عطرة موجزة لأمهاتنا لأنه إذا ختمنا هذا المبحث بما يجرى منهن من قصور فى الحقيقة نقصر معهن لا بد بعد ذلك من ترجمة طيبة موجزة لكل أم من أمهاتنا مع نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.

اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.

ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا.

اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا.

اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.

والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 41