الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلق النبي مع أهله (2)
(لقاء ديني)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
بسم الله الرحمن الرحيم
خلق النبي مع أهله (2)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: إخوتى الكرام..
لازلنا نتدارس المبحث الثالث من مباحث النبوة على نبينا وعلى جميع أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه وعنوان هذا المبحث كما تقدم معنا بيان الأمور التى يعرف بها صدق النبى والرسول على نبينا وعلى أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه وقلت إن هذه الأمور على كثرتها وتعددها وتنوعها يمكن أن تضبط فى أربعة أمور.
أولها: النظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى نفسه فى خَلقه وخُلقه.
وثانيها: النظر فى دعوته ورسالته.
وثالثها: النظر إلى المعجزات فى المعجزات وخوارق العادات التى أيده بها رب الأرض والسماوات.
ورابعها: تأمل حال أصحابه الكرام على نبينا وآله وصحبه أفضل الصلاة ووأزكى السلام.
وكنا نتدارس الأمر الأول من هذه الأمور الأربعة النظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى نفسه فى خلقه وخلقه وقد تقدم معنا ما يتعلق بخَلق نبينا عليه الصلاة والسلام ووجه دلالة ذلك على أنه رسول ذى الجلال والإكرام على نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
ثم شرعنا إخوتى الكرام فى مدارسة الشق الثانى من الأمر الأول ألا وهو النظر إلى خلق النبى عليه الصلاة والسلام فالله أعطى رسله على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه الكمال فى خلقهم وفى أخلاقهم فمنحهم الجمال والجلال فى الأمرين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه.
وخلق نبينا عليه الصلاة والسلام تقدم معنا ينقسم إلى قسمين اثنين بارزين خلق مع الخلق وخلق مع الحق فهو أعبد الخلق للحق جل وعلا وهو أحسن الخلق خلقا مع الخلق على نبينا صلوات الله وسلامه وقلت إن خلق نبينا عليه الصلاة والسلام مع الخلق إذا أردنا أن نقف عليه بصورة مجملة ينبغى أن نبحث فيه ضمن سبعة أمور خلق نبينا عليه الصلاة والسلام مع أمهاتنا أزواجه الطيبات الطاهرات وآل بيته على نبينا وآل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله وسلامه خلقه عليه الصلاة والسلام مع أصحابه والمؤمنين به خلقه عليه الصلاة والسلام مع الملائكة الكرام على نبينا وعليهم الصلاة والسلام خلقه عليه الصلاة والسلام مع أعدائه من شياطين الإنس خلقه عليه الصلاة والسلام مع أعدائه من شياطين الجن خلقه عليه الصلاة والسلام مع الحيوانات العجماوات خلقه عليه الصلاة والسلام مع الجمادات الصامتات.
وكنا نتدارس الأمر الأول من الأمور السبعة ألا وهو خلق نبينا عليه الصلاة والسلام مع أهل بيته الطيبين الكرام وقلت إن هذا الأمر أيضا يقوم على أربعة أمور مضى الكلام على ثلاثة منها.
وشرعنا فى مدارسة الأمر الرابع منها فى الموعظة الماضية.
أول هذه الأمور الأربعة: كما تقدم معنا مسكن النبى عليه الصلاة والسلام.
ثانيها: أثاث ذلك المسكن.
ثالثها: ما يقدم فى ذلك المسكن من طعام وشراب على نبينا صلوات الله وسلامه.
رابعها: بعد ذلك معاملة النبى عليه الصلاة والسلام لأمهاتنا زوجاته الطيبات الطاهرات عليه وعليهن جميعا صلوات الله وسلامه.
وقلت هذا الأمر الرابع أيضا سنتدارسه أيضا ضمن أربعة أمور أوليس كذلك أولها أن نبينا عليه الصلاة والسلام هو أكمل الخلق عشرة لنسائه وآل بيته عليه صلوات الله وسلامه وثانيها تقرير هذا كما تقدم معنا بشهادة أعلم الخلق به ألا وهى زوجه أمنا الطيبة المباركة خديجة رضى الله عنها وأرضاها ثالثا كما ذكرت سابقا معاملته عليه الصلاة والسلام لنسائه ولآل بيته ومعاملة آل بيته له على نبينا وآل بيته صلوات الله وسلامه رابعها كما قلت أستعرض على وجه الإجمال ذرية نبينا الطيبة الطاهرة من نسائه وأولاده وأحفاده على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه.
أما الأمر الأول: فقد تقدم معنا إخوتى الكرام أن نبينا عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقا مع الحق ومع الخلق وتقدم معنا أن المؤمنين هم خير البرية وخير المؤمنين خيرهم لنسائهم وعليه نبينا عليه الصلاة والسلام هو خير المخلوقات للنساء وللذرية وللأهل ولا يمكن أن يوجد بيت وما وجد فيه عشرة تعدل عشرة نبينا عليه الصلاة والسلام لنسائه ولآل بيته الطيبين الطاهرين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخيرهم خيرهم لأهله ونبينا عليه الصلاة والسلام خير الخليقة لأهله على نبينا وعلى آله الطيبين الطاهرين صلوات الله وسلامه وقبل أن أنتقل إلى ما يتعلق بشهادة أمنا خديجة رضى الله عنها وكما قلت هى أعلم الخلق به عليه صلوات الله وسلامه فقد عاشرته عشرة لم تحصل لأحد من الخلق غيرها على نبيناو عليها وعلى سائر آل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله وسلامه قبل أن أنتقل إلى بيان تقرير هذا بشهادة أمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها قلت إخوتى الكرام إن من عناية الله برسله وأنبيائه عليهم جميعا صلوات الله وسلامه أن وفقهم ويسر عليهم وقدر لهم رعاية الغنم قبل بعثتهم وهذا ليحصل فيهم التواضع لربهم جل وعلا وليحصل بعد ذلك فيهم حسن الرعاية لأممهم فنقلهم الله من رعاية الغنم إلى سياسة وتعهد والرفق بالشعوب والأمم على نبينا صلوات الله وسلامه وقررت هذا فى الموعظة الماضية وأنه ما من نبى إلا وقد رعى الغنم واختار الله لأنبيائه هذا لما فى الغنم من خلق السكينة والليونة ولما فيها من الخير والبركة كما تقدم معنا ولذلك السكينة والخير والبركة فى أهل الغنم والغلظ والجفاء والفخر فى الفدادين فى أهل الإبل كما تقدم معنا هذا من كلام نبينا صلى الله عليه وسلم ووضحت هذا إخوتى الكرام لأن من يعنى رعى الإبل وانصرف إليها يحتاج أن يقضى وقتا طويلا فى البادية.
وختمت بعد ذلك الكلام على الموعظة الماضية بحديث عبد الله ابن عباس وأبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين وحديث عبد الله ابن عباس أنه فى المسند والسنن الثلاثة فى سنن أبى داود والترمذى والنسائى أوليس كذلك وقلت رواه أيضا البيهقى وابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله ورواه أبو نعيم فى الحلية وتقدم معنا أن الحديث صحيح كما قال الإمام الترمذى هذا حديث حسن صحيح غريب ولفظ الحديث من رواية عبد الله عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتَتَن ومن أتى السلطان افتُتِن ورواية أبى هريرة رضى الله عنه تقدم معنا تخريجها وقلت بمعنى حديث عبد الله ابن عباس رضى الله عنه.
حول ما تقدم عندنا تنبيهان:
الأول: نتبيه يتعلق بهذا الحديث.
الثانى: تنبيه يتعلق بأمر الإبل التى جرى حالها وذكرها.
أما ما يتعلق بهذا الحديث إخوتى الكرام يقول نبينا عليه الصلاة والسلام فى هذا الحديث من رواية ابن عباس وأبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين من أتى السلطان افتتن من أتى السلطان افتُتن ولا شك أن الذهاب إلى السلاطين إذا لم يكن الإنسان قويا يريد وجه رب العالمين فتنة له ولهم وإذا أراد النصح لهم ولعباد الله فلا حرج عليه وقد قرر هذا أئمتنا لكن ينبغى للإنسان أن يراقب نبيته وأن يضبظ نفسه وأن يتقى ربه يقول الإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله وما ينبغى فى روايته وجمله فى الجزء الأول صفحة ست وثمانين ومائة بعد أن ذكر هذا الحديث وما يشبهه وتقدم معنا أنه من جملة من روى هذا الحديث وخرجه يقول الإمام ابن عبد البر إذا حضر العالم عند السلطان غِبا غبا يعنى الإمام ما بين الحين والحين لم يعنى يلازم المجلس فى كل وقت إذا حضر العالم عند السلطان غبا فيما فيه الحاجة وقال خيرا ونطق بعلم كان حسنا وكان فى ذلك رضوان الله إلى يوم يلقاه ولكنها مجالس الفتنة فيها أغلب والسلامة منها ترك ما فيها ولذلك إذا ضمن الإنسان نفسه فليس عليه حرج أن يداخل السلطان وأن ينصحه وأن يرشده على ما فيه خير البلاد والعباد ثم استدل الإمام ابن عبد البر بحوادث كثيرة جرت لسلفنا الطيبين منها ما وقع للإمام دار الهجرة الإمام مالك ابن أنس عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أنه قيل له إنك تبخل على السلاطين وهم يظلمون ويجورون فقال للسائل يرحمك الله فأين الكلام بالحق يعنى أين واجب النصح الذى ينبغى أن نقدمه للمسؤولين والمسلمين أجمعين فأين الكلام بالحق فإذا اعتزل الإمام مالك وغيره وغره فمن الذى سيوجه بعد ذلك السلطان ومن الذى سينصحه ولذلك إخوتى الكرام إذا قصد الإنسان بالاقتراب من السلطان اعزاز الإسلام وتقوية المسلمين وقصد دحر أولياء الشياطين والقضاء على الفساد والمفسدين فهنيئا له ومن المعلوم أن شريعة الله جل وعلا جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها وبالقضاء
على المفاسد وتقليلها فمن راقب هذين الأمرين وقصد من مداخلته النصح أن يحصل المصالح وأن يكمل المصالح الموجودة على وجه التمام وأن يقضى على المفاسد أو أن قلل منها من قصد بدخوله هذين الأمرين فهو على هدى والأمر كما قال الإمام ابن عبد البر كان فى ذلك رضوان الله إلى يوم يلقاه.
نعم من دخل وداهن واشتعل بالمدح والملق وما بصر السلطان بعيوبه ولا وجهه إلى ما فيه صلاحه وسعادته فى هذه الحياة وبعد الممات فهو أول غاش للسلطان ومن باب بعد ذلك هو غاش لعباد الرحمن وهو أيضا مفسد فى الإسلام هذا إذا دخل وما اتقى الله وإذا دخل بالشروط المتقدمة فلا حرج عليه لكن بما أن أكثر النفوس ضعيفة هزيلة تميل إلى العاجل وإذا اقتربت من السطان غاية ما تريده من اقترابها أن تحصل حظوظا نفسها ولا تسأل بعد ذلك عن دين ربها ولا عن الأمة ولا عن أولياء الله ولا عن دحض الباطل ودحر أعداء الله لما كان الأمر هو هذا الغالب على أكثر الناس حقيقة مجالس فتنة الابتعاد عنها أسلم لك فإذا كنت قويا فتقدم وإذا كنت ضعيفا فتأخر والإنسان على نفسه بصيرة يضاف إلى هذا ما حصل بعد ذلك من فساد كثير من السلاطين فلا يقبلون النصح إلا ما رحم ربك وقليل ما هم.
ولذلك قال شيخ الإسلام الإمام الخطابى فى كتابه العزلة والخطابى توفى سنة ثمان وثمانين ثلاثمائة للهجرة والإمام ابن عبد البر توفى سنة ثلاث وستين وأربعمائة للهجرة أوليس كذلك أربعمائة وثلاث وستين الإمام ابن عبد البر أربعمائة وثلاث وستون يعنى بعد الخطيب البغدادى بعد الإمام الخطابى لأن الخطيب البغدادى وابن عبد البر توفيا فى سنة واحدة حافظ المشرق وحافظ المغرب سنة أربعمائة وثلاث وستون حافظ المشرق وحافظ المغرب أما الإمام الخطابى فتوفى قبلهما سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة للهجرة يقول فى صفحة ست ثمانين باب فى فساد الأئمة وما جاء فى الإقلال من صحبة السلاطين ثم بعد أن أورد آثارا كثيرة فى ذلك قال أبو سليمان يعنى هو الإمام الخطابى مؤلف الكتاب ليت شعرى من الذى يدخل إليهم اليوم فلا يصدقهم على كذبهم ومن الذى يتكلم بالعدل إذا شهد مجالسهم ومن الذى ينصح ومن الذى ينتصح منهم إن أسلم لك يا أخى فى هذا الزمان وأحوط لدينك أن تقل من مخالطتهم وغشيان أبوابهم ونسأل الله الغنى عنهم والتوفيق لهم حقيقة هذا بالنسبة لأكثر الخلق إذا ابتعدوا فهذا أسلم لدينهم لأنه يدخل لا يريد من دخوله إلا أن يحصل مصالح نفسه وإذا دخل ما قلت بصفة شرعية فله من الأجر ما لا يخطر بالبال وكما قهر الله ضالين مبتدعين بواسطة صالح يقترب من السلاطين وكما عز الله مؤمنين مستضعفين بواسطة صالح يقترب من السلاطين إذا اتقى الله والله جل وعلا هو العلم بما فى قلوب عباده.
إخوتى الكرام هذا ما يتعلق بالأمر الأول الذى ختمت به المجلس فى الموعظة الماضية.
أما الأمر الثانى: ما يتعلق بالإبل وقد سألنى عدد من الإخوة الكرام بعضهم عن طريق التليفون عن موضوع نقض الوضوء من أكل لحم الجزور وتقدم معنا إشارة نبينا عليه الصلاة والسلام إلى أنها خلقت من الشياطين ما تقدم معنا فى الأحاديث وأشرت إلى أن من أكل لحم جزور فعليه أن يتوضأ وما ينبغى للإنسان أن يصلى فى أعطان الإبل إنما يصلى فى مرابض الغنم أما فى أعطان الإبل مباركها فلا يصلى ولا يتوضأ إذا أكل لحم الغنم ويتوضأ إذا أكل لحم الجزور فاتصل بى بعض الإخوة وقال هذه مسألة غريبة وهو يزيد على الخمسين سنة قال ما سمعتها فى حياتى وهو معذور لأن منهج الجمهور عليهم جميعا رحمة العزيز الغفور أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء وهو يعنى نشأ فى بلاد ليس فيها مذهب الإمام المبجل أحمد ابن حنبل عليهم جميعا رحمة الله يقول هذه أول مرة أسمعها أن من أكل لحم جزور يتوضأ يعنى هل هذا ثابت قلت له ثابت عن النبى عليه الصلاة والسلام والحديث فى صحيح مسلم كما ستسمعون ورود فى ذلك حديثان صحيحان كما سأورد عليكم وقلت هذا الذى رجحه شيخ الإسلام الإمام النووى نعم مذهب إبى حنيفة ومالك والشافعى أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء ومذهب الإمام أحمد فقط ينقض الوضوء ووردت فى ذلك كما قلت إخوتى الكرام أحاديث فانتبهوا لذلك لا بد من الكلام على هذه المسألة على وجه الاختصار وهى وإن كانت مسألة فرعية تتعلق بأمر الطهارة ونقض الوضوء فلتكن يعنى من باب الاستطراد فى مبحث النبوة حول هذا الأمر الذى ذكرناه.
إخوتى الكرام: الجمهور كما قلت وهم الأئمة الثلاثة وقبلهم الخلفاء الراشدون الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم أجمعين لا يرون نقض الوضوء من أكل لحم الإبل وهذا قول جماهير الأمة وتعلقوا يعنى بعدة أدلة وتوجيهات على قولهم معتبرة سديدة وأبين بعد ذلك منزلة القول الثانى إن شاء الله.
أول هذه الأدلة قالوا حديث جابر وهو فى سنن أبى داود والنسائى بأسانيد صحيحة كالشمس فى سنن أبى داود والنسائى من رواية جابر ابن عبد الله رضى الله عنهما كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار فى أول الأمر كل ما طبخ من بالنار ينقض الوضوء إذا أكلته وعليك أن تتوضأ ولذلك ثبت فى صحيح مسلم وغيره توضؤوا مما مست النار من كلام نبينا المختار عليه الصلاة والسلام والأحاديث فى ذلك كثيرة ثم تواتر عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه أكل لحم شاة وكتف شاة وصلى ولم يتوضأ عليه الصلاة والسلام والأحاديث فى الصحيحين وغيرها فيقول هؤلاء الأئمة الكرام هذا الحديث يدل على نسخ الوضوء مما مست النار دخل فى هذا لحم الضأن والبقر والإبل وغيره الحديث عام فما يوجد من أحاديث تأمر بالوضوء من لحم الإبل هذا كالأحاديث التى كانت تأمر بالوضوء من لحم الضأن ومما مسته النار حتى من السمك وعليه بعد ذلك حصل النسخ هذا كما قلت قول الجمهور قالوا تقوى هذا بأمرين معتبرين.
الأمر الأول: هو المنقول عن الخلفاء الراشدين الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء قالوا ويتقوى بأمر ثالث لو أكل الإنسان لحم الخنزير وقد عصى الجليل وما انتقض وضوءه وليس الخنزير بأقل من الجزور وليس الجزور بأشنع من الخنزير فقالوا هذه أمور تبين على أن الأمر بالوضوء من لحم الجزور إما منسوخ وإما للاستحباب لا للوجوب هذا قول من قول الجمهور كما قلت الأئمة الثلاثة من أربعة وهو قول الخلفاء الراشدين الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين وهذه أظهر أدلتهم كما وضحت إخوتى الكرام.
القول الثانى: وهو الذى لم يسمع به الأخ الكريم وسأل عنه أن لحم الجزور ناقض للوضوء وهو قول الإمام أحمد عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه ونقل عن بعض الصحابة نقل عن ابن عمر وأبى طلحة وأبى موسى الأشعرى وزيد ابن ثابت وأبى هريرة وعائشة رضى الله عنهم أجمعين وهؤلاء الذين نقلت عنهم هذا القول انتبهوا إخوتى الكرام هؤلاء يقولون بأن كل ما مسته النار ينقض الوضوء حتى لحم الضأن هذا القول يخالف القول الذى تقدم معنا والقول الثالث هذا قول ثان بأن الإمام النووى أورد ثلاثة أقوال ما كان فى نيتى أن أورد القول الثانى إنما يرون أن كل ما مسته النار يتوضأ الإنسان منه ولو من لحم الضانى وقالت طائفة يجب من أكل لحم الجزور خاصة وهو قول أحمد ابن حنبل إسحاق ابن راهويه ويحيى ابن يحيى وحكاه الماوردى عن جماعة من الصحابة منهم زيد ابن ثابت لأنه إذا كان يقول بالوضوء مما مسته النار من غير لحم الإبل فمن الإبل كذلك منهم زيد ابن ثابت وابن عمر وتقدم معنا أيضا يقول بأن كل ما مسته النار نتوضأ منه وأبى موسى وأبى طلحة وأبى هريرة وعائشة يعنى من تقدم ذكرهم يقولون أيضا بهذا القول وحكاه ابن المنذر عن جابر ابن سمرة الصحابى ومحمد ابن إسحاق وأبى ثور وأبى خيثمة واختاره من أصحابنا أبو بكر ابن خزيمة وابن المنذر وأشار إليه البيهقى كما سنرى هذا القول منقول أيضا عن الإمام الشافعى فى المذهب القديم لكن الجديد من قوليه على أنه لا ينقض الوضوء وهو المعمول به عند الشافعية انظر لقول الإمام النووى يقول والقديم من مذهب الشافعى أنه ينتقض الوضوء وهو ضعيف عند الأصحاب لكنه هو القوى أو الصحيح من حيث الدليل هذا كلام من النووى الشافعى وهو الذى أعتقد رجحانه وقد أشار البيهقى إلى ترجيحه واختياره والذب عنه وسترى دليله إن شاء الله هذا القول رجحه النووى وهو شافعى والبيهقى وهو شافعى وابن خزيمة وهو شافعى وابن المنذر وهو شافعى رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين.
يقول هنا الإمام النووى واحتج القائلون بوجوب الوضوء بأكل لحم الجزور بحديث جابر ابن سمرة رضى الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ قال أتوضأ من لحوم الإبل قال نعم فتوضأ من لحوم الإبل رواه مسلم من طرق والحديث ثابت أيضا فى السنن الكبرى للإمام البيهقى وغيره وفيه أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم فقال أتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت فتوضأ قال أتوضأ من لحوم الإبل قال نعم فتوضأ قال أصلى فى مرابض الغنم قال نعم صلِ قال أصلى فى مبارك الإبل قال لا يقول الإمام النووى عليهم جميعا رحمة الله وعن البراء وهذا الحديث الثانى الأول حديث جابر ابن سمرة وهذا الحديث الثانى كما قلت فى المسألة حديثان وعن البراء ابن عازب قال سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل فأمر به وحديث البراء رواه الإمام أحمد فى المسند وأبو داود فى السنن والترمذى فى السنن ورواه ابن الجارود قى المنتقى وإسناده صحيح كالشمس وضوحا عن البراء ابن عازب رضى الله عنه قال سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل قال توضؤوا منها وسأل عن الوضوء من لحوم الغنم قال لا تتوضؤوا منها وسأل عن الصلاة فى مبارك الإبل قال لا تصلوا فيها فإنها من الشياطين وسأل عن الصلاة فى مرابض الغنم قال صلوا فيها فإنها بركة يقول الإمام النووى فى المجموع قال أحمد ابن حنبل وإسحاق ابن راهويه صح عن النبى عليه الصلاة والسلام فى هذا حديثان حديث جابر يعنى جابر ابن سمرة والبراء ابن عازب وقال إمام الأئمة محمد ابن إسحاق ابن خزيمة لم نر خلافا بين علماء الحديث فى صحة هذا الحديث وانتصر البيهقى لهذا المذهب ثم ذكر أن الجمهور أولوا هذين الحديثين بعدة تأويلات.
أولها: قالوا إن الوضوء هنا يحمل على غسل اليد والمضمضة وليس المراد منه الوضوء الشرعى لما فى لحم الإبل من زيادة سهوكة والسهوكة هى الرائحة الشديدة الكريهة يقال سهك سهكا إذا عرق فانتشرت منه رائحة كريهة فلحم الإبل فيه زهومة شديدة فلذلك أمر الناس بغسل الكفين والمضمضة منه بعد أكله وليس المراد الوضوء الشرعى قال الإمام النووى فى المجموع يقول هذا ضعيف لأن الحمل على الوضوء الشرعى مقدم على اللغوى كما هو معروف فى كتب الأصول.
القول الثانى: قالوا هذا منسوخ بحديث جابر المتقدم ابن عبد الله كان آخر الأمرين من رسول الله عليه الصلاة والسلام ترك الوضوء مما مست النار قال النووى وأما النسخ فضعيف أو باطل لأن حديث ترك الوضوء مما مست النار عام وحديث الوضوء من لحم الإبل خاص والخاص يقدم على العام سواء وقع قبله أو بعده ثم قال النووى وأقرب ما يُستروح إليه يعنى يميل إليه الإنسان قول الخلفاء الراشدين وجماهير الصحابة يعنى أقرب ما يمكن أن يلتمس لهذا القول من دليل قول الخلفاء الراشدين الأربعة وجماهير الصحابة بأن لحم الجزور لا ينقض الوضوء.
خلاصة الكلام:
عندنا قولان معتمدان أما القول الثالث الذى هو وسط بينهما بأن الوضوء من كل ما مسته النار فالإمام النووى فى شرحه لصحيح مسلم حكى الإجماع بعد عصر الصحابة على أنه لا يجب الوضوء مما مست النار إنما الكلام فقط فى لحم الجزور خاصة انتقاض الوضوء من لحم الجزور رجحه النووى فى المجموع ورجحه فى شرح صحيح مسلم فى الجزء الرابع صفحة تسع وأربعين قال هذا المذهب أقوى دليلا وإن كان الجمهور على خلافه.
وحقيقة المسألة تحتملها الأدلة فمن قال بالنقض فهو على هدى ومن قال بعدم النقض فهو على هدى ومن قال أحد القولين ضلال وردى فهو أضل من حمار أهله ومن أراد أن يبدع أحدا القولين فهو المبتدع الضال وحذارى حذارى أن يأتيك ملبس فى هذه الأيام ويقول هذا حديث البنى عليه الصلاة والسلام ماذا تفعلون به على العين والرأس لكن عندنا كما قلت نصوص تعارضت فى الظاهر هذا حديث وحديث جابر ابن عبد الله كان آخر الأمرين من رسول الله عليه الصلاة والسلام ترك الوضوء مما مست النار دخل لحم الجزور فيه واضح هذا وإذا ما علم التاريخ فما ينبغى أن نقول يعنى قولك أقوى من قولنا بأن لحم الجزور يستثنى ولا قولنا أقوى من قولك تبقى المسألة تحتملها الأدلة ثم عندنا الخلفاء الراشدون الأربعة أبو بكر وعثمان وعلى يقلون بعدم النقض رضوان الله عليهم اجمعين وحقيقة يستبعد غاية البعد أن تخفى هذه السنة الثابتة عنهم وإن رجح الإمام النووى قول الإمام أحمد ابن حنبل رحمة الله ورضوانه عليهم جميعا.
وعليه فمن رأى أن يتوضأ من لحم الجزور وأن الوضوء ينتقض فهو على هدى ومن قال أنا تنشرح نفسى للقول الثانى وقال أنا شافعى المذهب أو حنفى المذهب أو مالكى المذهب وعندنا لا ينتقض الوضوء فإياك أن تقول لا هذا حديث ثابت وأنت تتركه فأنت ضال والله ما يضلله إلا من كان ضالا هو ما ترك حديث النبى عليه الصلاة والسلام عنادا وطرحا للحديث وإهمالا إنما يقول عندنا أدلة فى هذا الموضوع ظاهرها متعارض لا بد من الجمع بينها فأنت جمعت بينها فرجحت النقض أنت على هدى وأنا جمعت بينها فرجحت عدم النقض فأنا على هدى يعنى أنت ستلزمنا بقول لم َ لا يوجد الآن يعنى شىء قطعى يبن أن هذا متقدم وهذا متأخر أوليس كذلك بل عندنا فعل الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين مما يوقع فى القلب قوة وقبولا لقول الجمهور لأنهم هؤلاء عملوا بذلك بعد النبى عليه الصلاة والسلام فما كانوا يرون انتقاض الوضوء من أكل لحم الجزور وعليه المسألة كما قلت فيها سعة ورحمة الله واسعة وأقول ما قاله الإمام ابن قدامة وبعده الإمام ابن تيمية عليهم جميعا رحمة الله إجماع أئمتنا حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة وكما ترون ما أحد قال إن لحم الجزور ينقض الوضوء أو لا ينقض بناء على دليل عقلى أو عرف أبدا أدلة شرعية ونصوص ثابتة عن خير البرية عليه الصلاة والسلام لكن هؤلاء قالوا هذه النصوص نراه هى التى حكمت على تلك وقضت عليها ونسختها وهؤلاء قالوا لا هذا خاص لا يشمله النسخ فى حديث جابى أولئك قالوا عندنا فعل الخلفاء الراشدين بقى مسألة كما قلت المصيب أجران والمخطىء أجر ولعل كلا من القولين يكون صوابا فلكل من القولين أجران ورحمة الله واسعة ولا تحجر رحمة أرحم الراحمين سبحانه وتعالى.
لكن انظر لإنصاف أئمتنا هذا الإمام النووى الذى هو شافعى ماذا يقول يقول هذا قول الجمهور ضعيف وقول الإمام أحمد هو أقوى الأقوال دليلا وإن لم يأخذ به الجمهور هذا فيما ظهر له حقيقة هذه فريضة الله فى حقه ظهر له أن قول الإمام أحمد هو أقوى الأقوال فانظر لديانته وإنصافه وأمانته واهتدائه قال أنا فيما يظهر لى أن هذا أقوى الأقوال ثم قال هذا الذى أعتقده أوليس كذلك يقول هذا الذى أعتقده وهذا الذى آخذ به وإليه ذهب البيهقى وابن خزيمة وابن المنذر وكلهم من أئمة الشافعية رضوان الله عليهم أجمعين.
وما يثيره بعض السفهاء فى هذه الأيام من نغمة التعصب المذهبى فلينظر لإنصاف أئمتنا فى كتبهم هذا كتاب المجموع هو أحسن وأعظم وأصح كتب الشافعية فانظر ماذا يقرر فيه الإمام النووى خلاف مذهبه هو رأى هذا أليست مسألة تعصب من باب يعنى التعصب بالباطل لكن إن ظهر له أن مذهبه الدليل معه أخذ به وإلا فالتمس لتلك الأقوال التمس لها وجها حسنا وقال القائل بها على هدى لكن أنا أعتقد قول الإمام أحمد فى هذه المسألة والله هذا هو الإنصاف وهذه هى الديانة وهذا هو الهدى لا من يثيرون اللغط فى هذه الأيام فيرجح قولا ثم يحصر دين الله فيما رجحه إن أخذت به فأنت مهتد وإلا فأنت ضال يا عبد الله أنت جعلت نفسك الآن منزلة النبى عليه الصلاة والسلام عندك قطع فى أن ما فعلته هو هو المتعين أو غاية ما فعلت ترجيح وهذا الترجيح يحتمل أنك أخطأت فيه وأن القول الآخر الذى جعلته مرجوحا هو الراجح وأقول لكم بالنسبة فيما يظهر لى وإن كنت أتوضأ من لحم الجزور ومرة أكلت لحم جزور وأنا فى طريقى إلى المسجد عدت وتوضأت الذى أراه فى قرارة نفسى أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء وهذا قول الجمهور وما يمكن أن تغيب هذه السنة الثابتة عن الخلفاء الراشدين الأربعة لكن يبقى كما قلت الأحوط وهذا الذى أفعله إن أكلت لحم جزور لا أستجيز الصلاة إلا بوضوء لكن ليس معنى هذا أننى أقول القول الثانى باطل لا أبدا بل أراه أرجح من هذا لكن دائما أمور الاحتياط مطلوبة فى العبادة يعنى إذا كان لا ينتقض وتوضأت ماذا جرى ولا شىء على الإطلاق عندما توضأت زيادة خير وزيادة بركة لكن لو قدر تركت الوضوء ليس عندى فى ذلك أى حرج ولا خطأ والخلفاء الراشدون الأربعة هم بعد النبى عليه الصلاة والسلام ويرون أن لحم الجزور لا ينقض ولذل هذا الأخ الذى حضر وسمع يقول هذه ما سمعت بها فى حياتى أن لحم الجزور ينقض قلت أنت على هدى لا تشكك نفسك أنت على هدى لكن القول الثانى لا تنكره أيضا قال ما أنكره لكن إذا
ما أخذت به يعنى على حرج قلت لا أبدا ابقى على ما أنت عليه ابقى على أن لحم الجزور لا ينقض وأنت على هدى لكن القول الثانى إذا سمعته لا تقل لقائله أنت على ضلال فى ذلك إخوتى الكرام تعيش الأمة متآلفة متحاببة وأما هذا رأى أنه ينقض وقال من لم يتوضأ صلاته باطلة وذاك قال لا ينقض يقول من يتوضأ فهو متنطع وبقيت الأمة يضلل بعضها بعضا ويخاصم بعضها بعضا هذا كله ضلال والله جل وعلا لن يحصل له تعظيم إلا بنيتنا {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} وهى النيات الخالصة هى التى نعظم بها ربنا فأنت عندما تأكل جزور ولا تتوضا تعظم الله لأنك ترى أن لحم الجزور لا ينقض وهذا عندما يأكل لحم الجزور ويتوضأ يعظم الله لأنه يرى أن لحم الجزور ناقض فكلنا عظمنا الله وهذا مقصودنا عبادة الله إذن لم َيضلل بعضنا بعضا لم. َ
فانظر لهذه السعة وهذا النور عند الصحابة وانظر لهذه الظلمة والضيق الذى نعيشه فى هذه الأيام يتبنى قولا ثم يحصر دين الله فيه إن خرجت عنه نبذك بالضلال والله هو الضال الذى يضلل عباد الله الأخيار فانتبهوا لهذا إخوتى الكرام وهذه الكلمة لا تغيبن عنكم ول من أنكرها لا شك فى ضلاله إجماع أئمتنا حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة هذا يقوله شيخ الإسلام الإمام ابن قدامة فى المغنى وهو توفى سنة ستمائة وعشرون انظروه فى مقدمة المغنى ويقوله الإمام ابن تيمية كما ذكرت هذا ونسبت إليه مرارا فى مجموع الفتاوى فى الجزء الثلاثين صفحة ثمانين فى محاضرات سنن الترمذى مرت معنا يقول إجماع العلماء حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة حقيقة هذه هى الرحمة، الرحمة جئنا نعتبرها فى هذه الأيام نقمة يأتيك أعمى القلب فى هذه الأيام فيقول إذا كان اختلافهم رحمة يعنى أن اتفاقهم نقمة طيب أنت لم َتتلاعب بالكلام نحن ماذا قلنا قلنا إجماعهم حجة قاطعة قلنا إن إجماعهم نقمة قلنا هذا أعوذ بالله إذ يتلاعبون فى الكلام ويفصلون آخره عن أوله قلنا إذا أجمعت الأمة على أمر فالخروج عنه ضلال هذا لا خلاف فيه لكن إذا اختلف علماؤنا فى مسألة حسب تعارض الأدلة فى الظاهر يبقى الأمة على هدى وإن أخذت بهذا فأنت على خير وإن أخذت بهذا فأنت على خير وانتهى الأمر ما أحد قال إن الاتفاق نقمة لكن نحن أمام أمر واقع فلا بد من النظر إليه بمنظار الشرع وهذا الذى كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين إجماع أئمتنا حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة.
إخوتى الكرام:
ما يتلعق بأكل لحم الجزور وأنها خلقت من الشياطين هذا ورد فى عدة أحاديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام منها أيضا ما ثبت فى المسند ومعجم الطبرانى الكبير والحديث رواه البيهقى وإسناده ثقات كما قال الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء الثانى صفحة ست وعشرين ورواه الإمام النسائى والسنن مختصران من رواية عبد الله ابن مغفل رضى الله عنه وهو من الصحابة الكرام قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول لا تصلوا فى أعطان الإبل فإنها من الجن خلقت ألا ترون إلى عيونها وهدابها يعنى هيجانها وثورانها إذا ندت وشردت ونفرت وهبابها إذا نفرت وصلوا فى مرابد الغنم مرابد مرابض كله واحد مراح كما تقدم معنا وصلوا فى مرابض الغنم فإنها أقرب من الرحمة وتقدم معنا أنها بركة ومباركة وفى بعض روايات المسند فإنها يعنى الإبل خلقت من الشياطين وفى بعض روايات سنن البيهقى إذا أدركتم الصلاة وأنتم فى مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة وإذا أدركتم الصلاة وأنتم فى أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا يعنى فى غير أعطان الإبل فإنها جن من جن خلقت ألا ترى إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها.
قول النبى عليه الصلاة والسلام جن من جن خلقت وقوله فيما تقدم معنا من حديث البراء فإنها من الشياطين ذكر الإمام ابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث قولين لمعنى هذه الجملة الشريفة من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام الإبل من الشياطين جن خلقت من جن، جن من جن خلقت.
المعنى الأول يقول خلقت من جنس ما خلقت منه الشياطين ففيها النفور والإباء وفيها الكبر والاستعلاء فيها هذه الصفة صفة العظمة صفة الخيلاء ولذلك الفخر كما تقدم معنا والخيلاء فى أهل الإبل فى فدادين كما تقدم معنا وهنا يقول خلقت من جنس ما خلقت منه الشياطين فيها نفور وإباء فيها كبر واستعلاء وكأن نبينا عليه الصلاة والسلام أشار إلى هذا عندما قال ألا ترون إلى عيونها وهبابها إذا نفرت والرواية الأخرى التى فى سنن البيهقى ألا ترى إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها والله جل وعلا لولا أنه ذلل الإبل لما استطاع أحد أن يقترب منها فهى أقوى من الأسد ولذلك {أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون *وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون *ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون} لولا أن الله ذللها بحيث يقودها الولد الصغير لما استطاع أحد أن يقترب منها فهى أقوى من الأسد ولذلك هى تحفظ نفسها بنفسها فى البادية ولو اقترب منها الحيوان المفترس لضربته بيدها وقطعته قطعا الإبل بخلاف الغنم السكينة المسكينة فتلك فى زريبة الغنم لو جاء ذئب واحد لقضى عليها من أولها لآخرها فهذه التى تشمخ بأنفها وألا ترى إلى هبابها إذا نفرت ذللها الله جل وعلا لكن فيها كما قلت هذه الصفة فيها كبر إباء فيها فخر خيلاء فيها نفور إباء هذه الصفات موجودة فيها لكن الله ذللها لنا وعليه خلقت من جنس ما خلقت منه الشياطين فيها صفة النفور فيها صفة الخيلاء فيها صفة الكبر فيها صفة التعالى كما هو الحال فى الشياطين ولذلك الكبر ممن من الشيطان والغضب من الشيطان وإذا الإنسان غضب الدم ينتفخ فى أوداجه ووجنتاه تحمران وأمره نبينا عليه الصلاة والسلام بأن يتوضأ لمَ لأن الغضب من الشيطان والشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء.
وهذا ثابت عن خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام ففى سنن أبى داود ومسند الإمام أحمد والحديث رواه الإمام البخارى فى التاريخ الكبير وإسناد الحديث حسن وقد ذكره الحافظ فى الفتح فتح البارى فى الجزء العاشر صفحة سبع وستين وأربعمائة وذكره شيخ الإسلام الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء فى الجزء الثالث صفحة ثلاث وستين ومائة وصفحة مائة سبعين فى الإحياء من حديث أبى وائل القاص وهو عبد الله ابن بحير الصنعانى حديثه مخرج فى السنن الأربعة إلا سنن النسائى قال دخلنا على عروة ابن محمد السعدى فكلمه رجل فأغضبه فقام فتوضأ وقال سمعت أبى يحدث عن جدى يعنى عروة يحدث عن من عن محمد السعدى جده عطية السعدى من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يقول عروة ابن محمد السعدى سمعت أبى يحدث عن جدى عن عطية السعدى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ.
وهنا كذلك هذه فيها الإبل صفة الخيلاء صفة الكبر صفة النفور والإباء ولذلك أمرت إذا أكلت أن تتوضأ ليزول ذلك الأثر الذى يغرس فيك عند أكل لحمها فإذن جن من جن خلقت أى من جنس ما خلقت منه الجن فيها النفور الموجود فى الجن والخيلاء الموجودة فى الجن والكبر الموجود فى الجن ولذلك إذا أكلت منها فتوضأ كما هو الحال إذا غضبت تتوضأ من أجل أن تلزم نفسك السكينة والليونة وقد أمرنا نبينا عليه الصلاة والسلام إذا غضبنا أيضا إذا كنا قائمين أن نقعد والحديث ثابت فى المسند وسنن أبى داود وصحيح ابن حبان من رواية أبى ذر رضى الله عنه وأرضاه قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول إذا غضب أحدكم وهو نائم فليجلس فإن ذهب عنه ما به وإلا فليتضجع يغير هذه الهيئة التى وسوس له الشيطان فيها فإن كنت قائما اجلس ذهب عنك الغضب وإلا فاضجع وهناك توضأ واجمع بين الأمرين فإن أمكنك أن تتوضأ هذا أحسن علاج الماء بعيد عنك فدار نفسك مباشرة إن كنت قائما فاجلس وإن كنت جالسا فاضجع وإذا جلست وما ذهب عنك الأثر اضجع مباشرة وقد ورد الأمر بالاغتسال مع الوضوء.
أيضا رواه أبو نعيم فى الحلية فى الجزء الثانى صفحة ثلاثين مائة من رواية معاوية ابن أبى سفيان رضى الله عنهم أجمعين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليغتسل لكن الحديث فى سنده مجهول يشهد لمعناه ما تقدم معنا من حديث عطية السعدى بأن الإنسان يتوضا إذا غضب إذن هذا المعنى الأول من المعنيين اللذين ذكرهما ابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث فى صفحة تسعين تأويل مختلف الحديث وابن قتيبة توفى سنة ست وسبعين ومائتين للهجرة وقد أثنى عليه أئمتنا عليهم جميعا رحمة الله يقول الإمام ابن تيمية فى مجموع الفتاوى فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وأربعمائة رد فى هذا الكتاب يعنى فى تأويل مختلف الحديث على أهل الكلام الذين يطعنون فى الحديث ويقول الإمام الذهبى فى ترجمته فى سير أعلام النبلاء فى الجزء الثالث عشر صفحة تسع وتسعين ومائتين بعد أن حكى كلام سبط ابن الجوزى فى مرآة الزمان أن الإمام ابن قتيبة كان يقول بالتمثيل وحاشاه من ذلك أى بتمثيل الخالق بمخلوقاته وأنه يفهم من صفات الله ما يفهمه من صفات العباد يقول الإمام الذهبى ما رأيت فى كتابه يعنى كتاب مشكل الحديث ما رأيت فى كتابه مشكل الحديث ما يخالف طريقة المثبتة والحنابلة ومن أن أخبار الصفات تمر ولا تتأول يقول ما رأيت خلاف هذا فمن أين ينسب إليه سبط ابن الجوزى هذا ثم قال إن صح عنه التشبيه فسحقا له فما فى الدين محاباه ولكن لم يصح إن صح لكن يقول أنا قرأت كتبه واطلعت عليها فما فيها تشبيه إنما يمر أخبار الصفات ولا يأولها كما هو طريقة أهل السنة الكرام طريقة المثبتة كما هو قول الإمام المبجل أحمد ابن حنبل رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين ثم مع ذلك لا تظنن أننا عندما ندافع عنه من أجل يعنى هكذا هوى شخصى لا إن صح عنه التشبه فسحقا له وبعدا إن صح عنه وعن غيره من يقول بتشبيه الخالق بخلوقاته فلا شك فى ضلاله من شبه الله
بخلقه فقد كفر والله ليس كمثله شىء سبحانه وتعالى وتقدم معنا مرارا أن طريقة أهل السنة فى صفات الله جل وعلا إقرار وإمرار إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل ليس كمثله شىء وهو السميع البصير هذا المعنى الأول الذى ذكره الإمام ابن قتيبة هو فيما يظهر أقوى المعنيين وأولاهما بالقبول.
المعنى الثانى: قال ابن قتيبة لا مانع أن تكون الإبل من نتاج نَعم الجن فى الأصل نعم الجن يعنى من إبل الجن وما عندنا شك أن الجن عندهم إبل وعندهم غنم كما عندنا نحن إبل وغنم وعندهم ما عندنا ولا نبحث فيما عندهم إلا بما أطلعنا الله جل وعلا وأعلمنا لكن حالهم كحالنا لكن هى أجسام فقط يعنى قادرة على التشكل ونحن منعنا من ذلك لكن يأكلون ويشربون ويقضون الحاجة ويتناكحون يتناسلون فيقول لا مانع أن أصل الإبل من نتاج الجن من نتاج نعم الجن لا أنها هى مولودة من الجن الذين هم مكلفون مثلنا هم أحد الثقلين لا إنما من نَعمهم فقوله جن خلقت من جن يعنى من نعم الجن فى الأصل ثم قال بعد أن ذكر هذا كما قلت فى صفحة تسعين يقول وقد يجوز على هذا المذهب أن تكون فى الأصل من نتاج نعم الجن لا من الجن أنفسها ولذلك قال من أعنان الشياطين أى من نواحيها وهذا شىء لا ينكره إلا من أنكر الجن أنفسها والشياطين ولم يؤمن إلا بما رأته عينه وأدركته حواسه وهو من عقد أى من اعتقاد وعقيدة وهو من عقد قوم من الزنادقة والفلاسفة يقال لهم الدهرية وليس من عقد المسلمين يعنى يقول هذا المعنى أيضا لا مانع من قبوله وهى أنها جن من جن خلقت يعنى من نعم الجن خلقت فى الأصل ففيها ما فى صفات الجن وما فى الأشياء التى يستعملونها من النفور والإباء والكبر والاستعلاء وما شاكل هذا فهذا هو المراد خلقت من جن يعنى من نعم الجن فى الأصل ثم قال وهذا لا ينكره إلا من أنكر الجن والشياطين ولم يؤمن لا بما رأته عينه وحواسه كما هو حال كثير من السفهاء ينكر وجود الجن ينكر وجود الملائكة على نبيناو عليهم
جميعا صلوات الله وسلامه يجحد المغيبات بحجة أنه ما رآها ولا لمسها وكأنه رأى عقله أو لمسه فينبغى أن يقول إنه ليس عنده عقل لأنه إذا كان لا يؤمن إلا بمحسوس فهل رأى عقله وهل لمس عقله لا كان مرة بعض الأساتذة السفهاء فى بعض البلاد التى تسمى أنفسها عربية ونسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يردنا إليه ردا جميلا يقرر وهذا فى بلاد المسلمين على أنه لا إله والحياة مادة وأن الله خرافة يقول لهم لأنه ديننا الآن يقول نحن الآن حياتنا الآن مبنية على الإثباتات والتجارب أنا موجود رأيتمونى إذن أنا موجود فلان موجود رأيتموه التفاحة البرتقالة كذا ثم الشىء الذى ما رأيناه إذن هو غير موجود طالب ذكى فى المرحلة يعنى الإبتدائية المتوسطة ما أدرى فى المراحل الأولى رفع أصبعه قال عندى سؤال قال تفضل قال للطلاب ترون الأستاذ قالوا نراه الأستاذ موجود ترون عقله قالوا لا قال الأستاذ مجنون انتهى هذا عقل ولد قال إننا لا ترى عقلك أنت الآن مجنون اخرج من الفصل يعنى إذا ما رأينا الله لا وجود له تعالى الله عما يقول الظالون علوا كبيرا والله إن وجوده أظهر من وجودنا ومن لم ير وجود الله أظهر أوضح من وجوده فليتهم عقله وفطرته وليس يصح فى الأذهان شىء إذا احتاج النهار إلى دليل قالت رسلهم أفى الله شك سبحانه وتعالى وهل يعقل وجود هذا الخلق بلا خالق يا من أنت لا تصدق بوجود عمارة بلا بان وكرسى بلا نجار يعنى كيف بعد ذلك هذا الكون من عرشه إلى فرشه ليس له خالق بهذا النظام المحكم البديع {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} .
وهنا لذلك يقول هذا القول وهو أن الإبل جن خلقت من جن يعنى من نعم الجن يقول هذا لا ينكره إلا من ينكر الجن ولا يؤمن إلا بما رأته عينه وأدركته حواسه وليس المراد على القولين أن الإبل خلقت من ذات الجن ولذلك انظر ماذا يقول الإمام ابن قتيبة وأن الجن ولدت الإبل ليس المراد هذا عنى ليس المراد أن الإبل من نسل الجن لا إما كما قلنا فيها صفات الجن وإما من نعم الجن فى الأصل والله على كل شىء قدير والله أعلم بمراده من كلامه ورسول الله عليه الصلاة والسلام أعلم بمراده من كلامه وما أشكل علينا نقول فيه آمنا بالله وما جاء عن الله على مراد الله وآمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك يقول ابن قتيبة وكما قلنا أورد فى هذا الأحاديث يرد على المتكلمين وعلى الفلاسفة الذين قالوا يوجد أحاديث متناقضة يقول قال ابن قتيبة قالوا حديث يفسد أولُه آخره ويمكن أن تقول يفسد أولَه آخره يعنى ما يوجد فى الأول الآخر ينقضه قالوا رويتم أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة فى أعطان الإبل لأنها خلقت من الشياطين ونهيه عن الصلاة عليه الصلاة والسلام فى أعطان الإبل لا ينكر وهو جائز فى التعبد فلما وصلتم ذلك بأنها خلقت من الشياطين علمنا أن النبى صلى الله عليه وسلم يعلم أن الإبل خلقت من الإبل كما أن البقر خلقت من البقر والخيل خلقت من الخيل والأسد خلقت من الأسد والذباب من الذباب قال أبو محمد يعنى ابن قتيبة ونحن نقول إن النبى عليه الصلاة والسلام وغير النبى عليه الصلاة والسلام يعلم أن البعير تلده الناقة وأنه لا يجوز أن تكون شيطانة تلد جملا ولا أن ناقة تلد شيطانا وإنما أعلمنا أنها فى أصل الخلقة خلقت من جنس خلقت منه الشياطين يعنى هذا على المعنى الأول من الجنس الذى خلقت منه الشياطين وهو الذى قلته أنها فيها نفور وإباء وكبر واستعلاء والعلم عند الله جل
وعلا.
إخوتى الكرام: هذا فيما يتعلق بهذا الأمر وهذه القضية وأما ما يتعلق بأكل لحم الجزور كما فصلت إن أردتم زيادة إيضاح فى المسألة انظروا إخوتى الكرام أيضا زاد المعاد وانتصر لقول الإمام أحمد لكن دون رد للقول الثانى وتسفيه لمن قال به فى الجزء الرابع صفحة سبع وسبعين وثلاثمائة وانظروه كما قلت فى شرح صحيح مسلم وانظروه فى مجمع الزوائد الآثار التى وردت فى ذلك فى الجزء الأول صفحة خمسين ومائتين وفى الجزء الثانى صفحة ست وعشرين والعلم عند رب العالمين.
إخوتى الكرام..
تقدم معنا أن نبينا عليه الصلاة والسلام رعى الغنم كما هو حال جميع الأنبياء على نبينا وعليهم صلوات الله وسلامه لكن الله أضاف إلى نبينا عليه الصلاة والسلام شيئا آخر ألا وهو رعاية الإبل عند رعاية الإبل سأتكلم على ما يتعلق بهذا لأنه مع رعايته للإبل ننتقل إلى الأمر الثانى زواجه بأمنا خديجة وشهادة خديجة فيه بعد أن رغبت فيه ثم عندما جاءه الوحى ماذا قالت فهذا يعتبر ممتد ما سأذكره بين الأمر الأول وبين الأمر الثانى فى شهادة أمنا خديجة من الأمور الأربعة رضى الله عنها وعن أمهاتنا أجمعين نبينا عليه الصلاة والسلام رعى الغنم ورعى الإبل وامتاز على الأنبياء بذلك وقلت فى ذلك إشارة إلى ما سيحصل لنبينا عليه الصلاة والسلام من العلو ورفعة القدر والسؤدد الذى سيناله فى هذه الحياة مع عظيم قدره عند ربه على نبينا وآله صلوات الله وسلامه فلذلك حصل له السكينة وتواضع لله عندما رعى الغنم ثم كما قلت صفة السيادة صفة العز صفة النخوة صفة الكبر تحصل أيضا عند رعاية الإبل حصلت فى نبينا عليه الصلاة والسلام لكن ضمن الضوابط الشرعية ولذلك قلت يغلظ على المنافقين ويرفق ويشفق ويرحم المؤمنين وهو الضحوك القتال عليه صلوات الله وسلامه ويضع كل شىء فى موضعه وهو كما قلت مرارا مظهر للكمال الإلهى والكمال الإلهى يجمع أمرين جلال وجمالا فمظهر الكمال الإلهى نبينا عليه الصلاة والسلام أما نبى الله موسى مظهر للجلال الإلهى ونبى الله نوح مظهر للجلال الإلهى ونبى الله عيسى مظهر للجمال الإلهى ونبى الله إبراهيم على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه مظهر الجمال الإلهى هنا صفة رقة وليونة ورأفة ورحمة هناك صفات شدة وغلظة لكن كلها فى الموضع الشرعى يعنى ما فى نبى الله موسى على نبيناو عليه الصلاة والسلام من شدة فى الحق {ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا
حتى يروا العذاب الأليم} ولما جرى من العاتى اللعين قارون ما جرى قال يا أرض خذيه وذاك يناشده الله والرحم يقول يا أرضى خذيه وما ظلمه ولا اعتدى عليه والظالم إذا أخذت على يديه فقد عاملته بما يستحق.
الحال فى نبى الله عيسى على نبيناو عليه الصلاة والسلام على العكس من ذلك رأفة ورحمة وليونة ومن سبه وضربه يستغفر له هذا جائز وذاك جائز الحال فى نبينا عليه الصلاة والسلام يضع الأمر فى موضعه إن رأى حكمة من اللليونة والرحمة سيترتب عليها أثر فى العاجل والآجل رحم وعفا وصفح ولذلك فى وقعة مكة بإمكانه عليه الصلاة والسلام أن يعمل السيوف فى أهل مكة وبإمكانه عندما جاءه ملك الجبال أن يطبق عليهم الأخشبين لكن رجى أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وقد حقق الله دعوته لوما حصل فى موقعة بدر ما حصل كان رأى جمهور الصحابة إعمال السيف فى الأسرى ورأى أبى بكر مع نبينا عليه الصلاة والسلام إنهم أبناء العم والعشيرة ولعل الله يشرح صدورهم للإسلام وكان كذلك لكن ليس هذا رأى عمر وليس رأى الصحابة الآخرين رضوان الله عليهم أجمعين وبعضهم اقترح أن يملأ النبى عليه الصلاة والسلام الوادى حطبا ثم يؤجج فيه نارا ثم أن يلقى فيه المشركين الذين أسروا فى أول موقعة فصل الله بها بين الموحدين والمشركين لكن النبى عليه الصلاة والسلام اختار ما هو أرفق بخلق الله وأنفع لعباد الله فعفا وأخذ الفدية ثم بعد ذلك آمنوا هؤلاء الأسرى آمنوا ودخلوا بعد ذلك فى دين الله.
وإذا رأى أنه لا فائدة من العفو والصفح حقيقة هو أشد خلق الله جل وعلا ويحزم الأمور ويحسمها فهذا مظهر للكمال الإلهى ولذلك من كمال نبينا عليه الصلاة والسلام أن قدر الله له هاتين المهنتين رعاية الغنم ثم رعاية الإبل فعز مع تواضع تواضع فى عز وهذا هو حال نبينا عليه الصلاة والسلام أكمل خلق الرحمن وليس فى هذا تعريض لأحد من أنبياء الله الكرام على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه فانتبهوا ومقام النبوة من يعرض بشىء منه فلا شك فى ردته لكن من باب قول الله جل وعلا تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض يعنى هنا كما قلت جلال وهنا جمال وهنا جلال وجمال وليس الجلال بمنقصة وليس الجمال بمنقصة لكن من جمع بينهما فحقيقة هذا أكمل ممن انفرد بوصف منهما فنبى الله عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام مظهر للجمال الإلهى وهذا يقرره الإمام ابن تيمية وينقله عنه تلميذه ابن القيم فى مدارج السالكين بكثرة ونبى الله موسى مظهر للجلال والقهر الإلهى ونبى الله محمد على نبيناو عليهم جميعا صلوات الله وسلامه مظهر للكمال الإلهى الذى جمع الجلال والجمال ووضع كل شىء فى موضعه عليه الصلاة والسلام ولذلك رعى الإبل بعد أن رعى الغنم وقلت لكم إن الحديث بذبك صحيح فاستمعوا له ويتعلق برعيه للإبل بعد ذلك مناسبة حصلت ألا وهى زواجه بأمنا خديجة ثم توقفت عليها ترتب عليها شهادة منها لنبينا عليه الصلاة والسلام عندما جاءه جبريل على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه أكمل هذا بعد آذان العشاء إن شاء الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
إخوتى الكرام: أما الحديث الذى يقرر أن نبينا عليه الصلاة والسلام رعى الإبل وفى ذلك إشارة إلى ما سيحصل له من العز والفخر والسيادة مع ما حصل فيه عليه الصلاة والسلام من الليونة والرحمة والرأفة والمسكنة والتواضع وقد جمع الجلال والجمال عليه صلوات الله وسلامه الحديث كما قلت صحيح رواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير والبزار فى مسنده قال الإمام الهيثمى فى المجمع رجال الإسناد رجال الصحيح غير شيخيهما يعنى شيخ الطبرانى وشيخ البزار وغير أبى خالد الوالدى إذن ثلاثة وهم ثقات يعنى ما عدا هؤلاء الثلاثة كلهم من رجال الصحيح من رجال البخارى ومسلم إلا شيخ البزار وشيخ الطبرانى وأبى خالد الوالدى هؤلاء ليسوا من رجال الصحيحين لكن هم ثقات فالحديث صحيح صحيح انظروا كلام الهيثمى فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة اثنتين وعشرين ومائتين وانظروا الحديث فى كشف الأستار عن زوائد مسند البزار فى الجزء الثالث صفحة سبع وثلاثين ومائتين وأبو خالد الوالدى توفى سنة مائة للهجرة وحديثه مخرج فى الكتب الأربعة السنن إلا سنن النسائى روى الحديث عن جابر ابن سمرة أو عن رجل من أصحاب النبى عليه الصلاة والسلام وعدم معرفة عين الصحابى لا تضر بعد أن علم أنه صحابى سواء جابر ابن سمرة أو غيره رضى الله عنهم أجمعين قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يرعى غنما ثم كان يرعى الإبل مع شريك له يرعى الغنم ثم كان يرعى الإبل مع شريك له ولعل الله وفق نبيه عليه الصلاة والسلام لهذا جبرا لخاطر أهل الغنم والإبل فى هذه الأمة المباركة المرحومة يعنى حتى لا يجد أهل الإبل فى أنفسهم يعنى هكذا منقصة فمهنتهم باشرها نبينا عليه الصلاة والسلام وتقدم معنا افتخر أهل الإبل وأهل الغنم عند النبى عليه الصلاة والسلام وأخبرهم أنه هو أنبياء الله رعوا الغنم وهنا أيضا رعى الإبل عليه الصلاة والسلام لكن يعنى عادته الغالبة هى رعى الغنم عليه صلوات الله وسلامه يقول ثم كان يرعى
الإبل مع شريك له فأكريا أخت خديجة رضى الله عنهم أجمعين أى أكريا أنفسهما عند خديجة فى رعاية لها وعمل من أعمالها وبقى لهما عليها شىء يعنى من الأجرة والكراء فجعل شريكه يأتيها فيتقاضاه يعنى يأخذ ما بقى له على أخت خديجة من أهل خديجة ويقول للنبى عليه الصلاة والسلام انطلق معى لنأخذ ما بقى لنا من الكراء والأجرة فيقول له النبى عليه الصلاة والسلام اذهب أنت فإنى استحى يعنى لا أريد أن أقابل امرأة وكان عليه الصلاة والسلام أشد حياء من العذراء فى خدرها كما تقدم معنا عليه صلوات الله وسلامه اذهب فإنى استحى أنت خذ الأجرة وأنت شريكى وبعدها تعطينى نصيبى أما أنا أذهب أقابل امرأة ما بين الحين والحين يعنى أطلب أجرتى أنا استحى أنا فقالت مرة أخت خديجة لهذا الشريك أين محمد عليه الصلاة والسلام قبل نبوته قطعا وجزما لا يأتى معك فقال شريك نبينا عليه الصلاة والسلام لأخت خديجة قد قلت له أن يأتى معى لما آتى فزعم أنه يستحى فقالت أخت خديجة ما رأيت رجلا أشد حياء ولا أعف ولا ولا ولا من محمد عليه الصلاة والسلام يعنى تعدد صفات الكمال ما رأيت أنا يعنى ما رأيت من يصل إلى درجته عليه صلوات الله وسلامه هو أشد الناس حياء أعف الناس أكرم الناس أفضل الناس عليه صلوات الله وسلامه فوقع فى نفس أختها خديجة لما سمعت خديجة هذا الكلام وقع هذا الكلام فى نفسها كما وقع فيها كلام ميسرة عندما أرسلته مع النبى عليه الصلاة والسلام وهو غلامها فى تجارة إلى بلاد الشام وأخبرها ما رأى من نبينا عليه الصلاة والسلام فوقع فى نفسها كلام ميسرة وهنا وقع كلام أختها وهذه تجمعها حتى بعد ذلك نفذت رغبتها ووصلت إلى مرادها وليتنا كنا مكانها رضى الله عنها وأرضاها.
بعض السفهاء فى هذه الأيام لما ذكرت عن الحسن ابن على رضى الله عنهما أنه حصن تسعين على أقل ما قيل قلت هنيئا لمن اقترن بالحسن ومن التى تحظى بريق الحسن ليتنا كنا نساء ونقترن بالحسن فقال هذا السفيه يعلق يقول انظر كيف يعنى للحقارة والنذالة إنسان يريد أن يتنازل عن رجولته من أجل أن يقترن برجل ويعنى أنت تعد نفسك من الرجال.
ذهب الرجال وحال دون مجالهم
…
زمر من الأوباش والأنذال
والله نحن عار على بنى آدم لا على الإسلام أنت تعد حالك أيضا من الرجال وإذا أكرمك الله بالحسن أو بالحسين من باب أولى بسيد الكونين عليه الصلاة والسلام ليتك كنت دابة يركبك الحسن خير لك من رجولتك التى تزعم أنك رجل وأى منقصة فى ذلك وسيأتينا حديث امنا خديجة وقول ورقة رضى الله عنه وأرضاه عندما قال يا ليتنى فيها جذعا ليتنى أكون حيا إذ يخرجك قومك يقول أئمتنا شراح كلام نبينا عليه الصلاة والسلام عند شرح هذا الحديث فى هذا الحديث تمنى المستحيل طلبا لرضوان الله الجليل ورقة ماذا يقول ليتنى فيها جذعا ليتنى أكون حيا إذ يخرجك قومك مضى سن الشباب من فترة هو شيخ قد عمى وماذا يقول ليتنى كنت جذعا فتيا قويا عندما يخرجك قومك فى المستقبل هذا تمنى أمور الخير وإن كانت لن تحصل ولذلك عدد من سلفنا وعلى رأسهم نبينا عليه الصلاة والسلام كان يقولون من شدة خوفهم كما بينت فى بعض مواعظ الجمعة يا ليتنى كنت شجرة تعضد هل معنى هذا أن نبينا عليه الصلاة والسلام تنازل عن رجولته وعن شهامته وعن نبوته هذا من أجل خوفه من ربه عليه الصلاة والسلام ونحن لنعبر عن حبنا لآل بيت نبينا عليه الصلاة والسلام ولنبينا عليه الصلاة والسلام نقول هذا وإن كنا نعلم أنه لن يقع فإن قيل لو كان سيقع تختارونه نقول والله نختار أن نكون دابة يركبنا النبى عليه الصلاة والسلام وهنيئا لنا إذا فزنا بهذا لكن إذا كان هذا لا يمكن فلا أقل من نية نعبر بها عن تعلقنا بخير البرية عليه الصلاة والسلام.
يعلق بعبارات سافلة سافهة يقول انظروا ماذا يقول وأى حرج فى ذلك والله إن أمنا خديجة حصلت مفخرة ما أعلم الرجال هل يحصلوا واحد يعنى من بلايين مما حصلته من المفخرة باقترانها بخير الأولين والآخرين على نبيناوآله صلوات الله وسلامه ثم يقول بعد ذلك يعنى تتنازل عن رجولتك لا خير فى هذه الرجولة التى نحن عليها ليتنا كنا دابة ليس امرأة ثم بعد ذلك نحظى بخير خلق الله عليه الصلاة والسلام فقلت من الذى يحظى بريق الحسن هنيئا لها يعنى امرأة عرضت نفسها على الحسن وكان يحصن من أجل رغبة النساء به تبركا بجسده الشريف رضى الله عنه وأرضاه فهو ابن بضعة النبى عليه الصلاة والسلام وجده خير خلق الله من الذى يحظى بالحسن من الذى يحظى وذكرت عند ذلك الكلام أن أبا هريرة رضى الله عنه وأرضاه لما كان فى جنازة ورأى الحسين رضى الله عنهم أجمعين وقد أصاب نعلهم غبار مسحه بأى شىء بثوبه وهذا فخر لأبى هريرة عندما يمسح غبار نعلى الحسين بثوبه إجلالا لجده خير خلق الله عليه الصلاة والسلام سبحان ربى العظيم كيف انطمست القلوب فى هذه الأيام تحت أيضا ستار الالتزام وأن ما خالف هذا تخريف وهذيان من المخرف ومن الذى يهذى.
فأمنا خديجة وقر ذلك الكلام فى نفسها أختها تقول ما رأيت رجلا أشد حياء ولا أعف ولا ولا ولا من محمد عليه الصلاة والسلام فوقع فى نفس أختها خديجة فأرسلت إلى محمد عليه الصلاة والسلام فقالت له ائت أبى فاخطبنى وسيأتينا أيضا وسطت أيضا امرأة نفيسة ووسطت أختها وعرضت عليه بعد ذلك مباشرة ثم هو تقدم عليه الصلاة والسلام إلى أبيها فقال محمد على نبينا صلوات الله وسلامه أبوك رجل كثير المال وهو لا يفعل على حسب مفاهيم الجاهلية نبينا عليه الصلاة والسلام يتيم أبى طالب يقال له عليه صلوات الله وسلامه لأنه نشأ فى كنفه ورعايته فحرم حنان الأب وحنان الجد وهو صغير عليه صلوات الله وسلامه فالعم مهما جاد لن يجود كما يجود الأب والجد مهما جاد فيبقى يعنى ما عنده قل كما سيقول أبو طالب قل قليل فقال أبوك كثير المال وأنت من أغنياء قريش وأسرة غنية ثرية وعلى مفاهيم الجاهلية كيف سيزوجنى قال أبوك كثير المال وهو لا يفعل قالت انطلق فكلمه فأنا أكفيك أنت فقط تقدم للطلب وما عدا ذلك على تدبير الأمر يتم عن طريقى ووالله الذى لا إله إلا هو عندها عقل أوسع من السماوات والأرض وقد فازت بمفخرة تحسدها وتغبطها عليها ملائكة السماء على نبيناو عليهم جميعا صلوات الله وسلامه ثم قالت لنبينا عليه الصلاة والسلام وائته عند سكره عندما يسكر كما هو حالة الجاهلية ويشربون الخمر على أنها أمارة النخوة والفتوة لا على أنها جريمة كما قال حسان رضى الله عنه وأرضاه:
ونشربها فتتركنا ملوكا
…
وأسدا لا ينهنهنا اللقاء
فمن علامة الكرم شرب الخمر فى الجاهلية وائته عند سكره ففعل فأتاه فزوجه وأمنا خديجة هى التى تولت الأمر فلما أصبح جلس فى المجلس فجاء الناس إليه وأهله وأسرته وقالوا له أحسنت زوجت محمدا عليه الصلاة والسلام قال أنا زوجته لا علم لى ولم أزوجه لأنه جرى منه وهو سكران فقالت أمنا خديجة بلى إنك قد زوجتنى منه فلا تسفهن رأيك انتبه الآن أنت الآن تعترض على نفسك أنت زوجته وجرى منك هذا أمام الناس فلا تسفهن رأيك فإن محمدا عليه الصلاة والسلام كذا وكذا ما تظن هذا رجل عادى وتذكر ما فيه من الصفات النبيلة الكريمة فإن محمدا عليه الصلاة والسلام كذا وكذا فلم تزل به حتى رضى ثم بعثت بأوقيتين إلى نبينا عليه الصلاة والسلام من فضة أو من ذهب وقالت اشترى حلة فاهدها إليه أى إلى أبى وفى بعض الروايات فاهدها إلى أمام الناس ليقال أهدى إلى عروسه وإلى زوجه هدية لكن من مالها أربعين أوقية، والأوقية أربعون درهما والدرهم تقدم معنا وزنه قلت عند الحنفية ثلاث غرامات ونصف وعند الجمهور غرامين وفاصلة اثنين وخمسين أوليس كذلك وعليه احسب الآن كما قلنا أوقيتان أوليس كذلك الأوقية إذا أردت أن تحسبها بالغرامات اضربها بثلاثة بأربعين أوليس كذلك الأوقية ستكون أربعون درهما اضربها فى ثلاثة ونصف يصبح مائة وعشرون وضف عليها عشرون مائة وأربعون ومائة وأربعون غرام من الذهب أو الفضة ضف إليها أوقيتان يعنى مائتان وثمانون غراما على مذهب أبى حنيفة وعند الجمهور قلنا الدرهم غرامان واثنان وخمسين فاصلة يعنى غرامين ونصف وزيادة من مائة اثنين احسبها غرامين ونصف فالأوقية مائة غرام وعليه مائتا غرام من ذهب خذها واشترى حلة لوالدى ولى من أجل أنك أهديت لوالد الزوجة وللزوجة هدية ثم قالت اشترى حلة فاهدها إلى وكذا وكذا يعنى أيضا من الأشياء ففعل على نبيناو عليه صلوات الله وسلامه.
الشاهد فى الحديث: أنه رعى الإبل وأما كيفية الزواج وكيف تم يحتاج إلى شىء من التفصيل قبل أن أختم الموعظة أريد أن أبين أن أمنا خديجة رضى الله عنها بذلك حقيقة صاحبة عقل يتضائل بجانب عقلها عقل عقلاء الرجال أمنا خديجة رضى الله عن وأرضاها وعبد الله ابن مسعود رضى الله عنه ليته أضاف أمنا خديجة إلى الأصناف الثلاثة الذين نعتهم بالفراسة الصادقة ثبت الأثر عن عبد الله ابن مسعود فى المستدرك بسند صحيح انظروه فى الجزء الثانى صفحة خمس وأربعين وثلاثمائة وفى الجزء الثالث صفحة تسعين من المستدرك.
ورواه الإمام الطبرانى كما قلت بسند صحيح انظروه فى مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة ثمان وستين ومائتين قال عبد الله ابن مسعود أفرس الناس ثلاثة أنا أقول ينبغى أن يضاف إليهم لا بد وما تكتمل يعنى النسبة إلا بإضافة هذه العاقلة الحصيفة الطاهرة المباركة ولذلك بشرت حقيقة بما لم يحصل لغيرها كما سيأتينا إن شاء الله عند أخبارها رضى الله عنها وأرضاها أفرس الناس ثلاثة صاحبة موسى وهى دون خديجة بكثير عندما قالت {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} وفهم مرادها و {قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} الحرص على نبى الله موسى على نبيناو عليه الصلاة والسلام مفخرة فكيف الحرص على نبينا عليه الصلاة والسلام هى صاحبة فراسة ما عندنا شك لكن من هى فراستها أعلى من هذه لما ما ذكرت فى أثر عبد الله ابن مسعود يعنى حقيقة ما أعلم.
الصنف الثانى يقول وصاحب يوسف وهو عزيز مصر وسيد مصر عندما قال لامرأته أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وحقيقة فراسته فى محلها
والصنف الثالث قال وأبو بكر حين استخلف عمر ابن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين يقول هؤلاء أفرس الخلق وأنا أقول لا نزاع فى فراسة هؤلاء وأنهم أفرس الناس لكن النسبة تبقى ناقصة لا بد من إضافة خديجة إليهم ليكتمل أفرس الخلق على الإطلاق خديجة رضى الله عنها عندما اختارت نبينا عليه الصلاة والسلام ووسطت نفيسة ووسطت أختها ثم شافهته بنفسها وقالت كل شىء يتم إذا تقدمت فقط أنت تقدم من أجل العرف أمام والدى وأنا أرتب كل شىء والدى إذا سكر الترتيب على بعد ذلك وسيأتينا فى بعض الآثار وهى ثابتة كيف بعد ذلك خلقته وطيبته وزعفرته بطيب الخلوق وهو طيب أصفر وألبسته الحلة وجلس فى المجلس وقال ما هذا قال هذا من ختنك من عند زوج ابنتك محمد عليه الصلاة والسلام إنك زوجتنى إياه وتم لها ما أرادت وحظيت بنبينا عليه الصلاة والسلام خمسا وعشرين سنة أوليس كذلك من خمس وعشرين إلى سن الخمسين وحصلت منه خمسا وعشرين سنة من حياته الزوجية يعنى نساؤه عداها وهن التسع مع السريات كلهن حصلن بعد ذلك ثلث مدة زواج نبينا عليه الصلاة والسلام يعنى الثلثان لأمنا خديجة والثلث الباقى لتسع نسوة مع السريات فكم لها من شرف الاتصال بخير خلق الله عليه الصلاة والسلام ولا يزاحمها مزاحم أمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها يقول الحاكم بعد أن روى الأثر المتقدم رضى الله عن ابن مسعود فلقد أحسن فى الجمع بينهم بهذا وأنا أقول كما قلت ضيفوا أمنا خديجة وأسأل الله أن ينيلنا رضوانه كما دعا الحاكم بذلك لعبد الله ابن مسعود إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
إخوتى الكرام..
حول ما يتعلق بزواج نبينا عليه الصلاة والسلام بأمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها سيأتى شىء من الكلام إن شاء الله فى أول الموعظة الآتية ثم أبين شهادة امنا خديجة فى نبينا عليه الصلاة والسلام عند مجىء الوحى وبأى شىء اختبرته وامتحنته مما يدل على رجاحة عقلها رجحانا كما قلت يتضائل عند عقلها عقول الرجال فرضى الله عنها وأرضاها وأسأل الله برحمته التى وسعت كل شىء أن يشفعها فينا وأن يشفع نبينا عليه الصلاة والسلام فينا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، اللهم إنا نسألك من كل خير أحاط به علمك فى الدنيا والآخرة ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك فى الدنيا والآخرة، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا، اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.
والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.