الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم مع نسائه
(حديث ديني)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم مع نسائه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد إخوتى الكرام..
كنا نتدارس خلق نبينا عليه الصلاة والسلام مع أهل بيته الكرام على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وكنت أقدم لهذا الكلام مقدمة فيما جرنا إلى الكلام على هذا الموضوع من المبحث الثالث فى الأمور التى يعرف بها صدق نبينا الرسول عليه الصلاة والسلام ورأيت أن الأمر يطول فى كل موعظة فى تكرار تلك المقدمة لذلك أرى أن ندخل فى هذه الموعظة وفى المواعظ التى بعدها فى الموضوع مباشرة ونكمل ما وقفنا عنده إن شاء الله.
إخوتى الكرام: تقدم معنا الكلام على خلق نبينا عليه الصلاة والسلام مع أزواجه أمهاتنا الطيبات الطاهرات على نبينا وآل بيته وصحبه صلوات الله وسلامه وقد قدمت إخوتى الكرام أن أكمل الناس وأفضل المؤمنين أحسنهم خلقا وخير الناس خيرهم لنسائهم ونبينا عليه الصلاة والسلام هو خير المخلوقات وهو أحسن الناس أخلاقا مع الزوجات على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وقد قدمت إخوتى الكرام ما يتعلق بطواف نبينا عليه الصلاة والسلام على جميع زوجاته وتفقدهن لأحوالهن فى جميع الأوقات فما من يوم إلا ويطوف على نسائه عليه الصلاة والسلام ويتفقد أحوالهن كما تقدم معنا هذا وكان يقسم عليه الصلاة والسلام فيعدل مع أن الله جل وعلا ما أوجب عليه القسم كما تقدم معنا هذا بل كان عليه الصلاة والسلام يعدل فى القسم فى الحضر والسفر كما بينت هذا ثم انتقلت إلى أمر آخر ألا وهو رعاية نبينا عليه الصلاة والسلام لأمهاتنا زوجاته الطيبات الطاهرات المباركات على نبينا وأزواجه وصحبه صلوات الله وسلامه وكيف كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقوم على وجه التمام للوفاء نحوهن ويحفظ ودهن فى حال حياتهن وبعد مماتهن كما تقدم معنا تقرير هذا بالأدلة فيما مضى ثم انتقلت إلى الأمر الثالث وكنا نتدارسه وما أكملته ألا وهو حسن عشرة نبينا عليه الصلاة والسلام وكرم معاشرته لزوجاته وملاطفته لهن على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ذكرت حديثا يتعلق بهذا الأمر الثالث فى معاملة نبينا عليه الصلاة والسلام لأزواجه وكيف كان يعطيها العرق العظم للتعرقه فإذا تعرقته أخذه النبى عليه الصلاة والسلام فوضع فاه عليه الصلاة والسلام فمه وضع فيها..
وثقه البزار وبقية رجاله ثقات والبزار فى كشف الأستار كما نقل ذلك عنه الهيثمى لكن ذكر هناك إسناد البزار وكلام البزار فى الجزء الثانى صفحة واحدة وتسعين قال ليس به بأس وهذا ما أشار إليه الهيثمى وثقه البزار وضعفه أبو حاتم ليس به بأس والحديث ذكره الحافظ فى الفتح فى الجزء التاسع صفحة خمس وعشرين وثلاثمائة عند غيرة النساء من كتاب النكاح فى صحيح البخارى أيضا فقال رواه البزار ولم ينسب الحديث إلى معجم الطبرانى وقال الإمام ابن حجر رواه البزار وأشار إلى صحته لكن اختلف فى عبيد منه وهو أبوعبيد ابن الصباح اختلف فيه هل هو ثقة أو لا فوثقه كما قلت البزار وضعفه أبو حاتم وأبو حاتم فى العلل فى الجزء الأول صفحة ثلاث عشرة وثلاثمائة يقول الحديث منكر عندما يقول ابن أبى حاتم سألت أبى عنه فقال إنه منكر وقال مرة إنه موضوع بهذا الإسناد وحكم ابن أبى حاتم فى كتاب الجرح والتعديل فى الجزء الخامس صفحة ثمان وأربعمائة على عبيد بأنه ضعيف وهذا الذى يفهم من كلام الإمام الذهبى فى الميزان ومن كلام الحافظ ابن حجر فى اللسان فى الجزء الرابع صفحة تسع عشرة ومائة فذكرا إن من مناكير عبيد ابن الصباح من مناكيره هذا الحديث إن الله كتب الغيرة على النساء وكتب الجهاد على الرجال والإمام العقيلى فى كتابه الضعفاء فى الجزء الثالث صفحة سبع عشرة ومائة فى ترجمة عبيد ابن الصباح يقول لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به وقد ذكر خلاصة ما تقدم الإمام السخاوى فى المقاصد الحسنة فى صفحة ثمان عشرة ومائة والإمام المناوى فى فيض القدير فى الجزء الثانى صفحة خمسين ومائتين وقد ذهب الإمام ابن حبان فى كتابه المجروحين فى الجزء الثانى صفحة سبع وعشرين ومائتين إلى أنه فى رجال هذا الحديث فى رجال إسناده رجل آخر من أجله يرد الحديث لا من أجل عبيد ألا وهو كامل ابن العلاء السعدى التميمى وهو شيخ عبيد ابن الصباح يقول كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل فلما فحش غلطه
بطل الاحتجاج به لكن هذا الحكم من ابن حبان على كامل ابن العلاء السعدى التميمى فيما يظهر لم يوافق عليه من قبل أئمتنا ولذلك حكم الحافظ فى التقريب فى تقريب التهذيب بأن كامل ابن العلاء صدوق يخطىء وحديثه فى السن الثلاثة فى سنن أبى داود والترمذى وسنن ابن ماجة.
نعم حول عبيد ابن الصباح كما قلت كلام وقد ذهب شيخ الإسلام الشيخ مصطفى صبرى عليه رحمة الله وهو آخر شيوخ الإسلام لآخر دولة إسلامية وهى الدولة العثمانية ذهب فى كتابه قولى فى المرأة فى صفحة أربع وعشرين وهو أحسن ما كتب فى ذلك فى هذا الكتاب ذكر مقالتين اثنتين المقالة الأولى فى تعدد الزوجات والمقالة الثانية فى الحجاب ويريد بالحجاب تغطية الوجه فى تقرير تغطية الوجه وأن هذا هو عنوان التزام المرأة وهذا هو الدليل على حيائها وعفتها وفى المقالة الأولى فى تعدد الزوجات وبيان الحكم من ذلك فى صفحة أربع وعشرين من كتابه هذا يقول إسناد الحديث لا بأس به وكما قلت ليس فيه إلا عبيد ابن الصباح والحكم على كلامه على روايته بأنها منكرة أو موضوعة فى الحقيقة فى ذلك شىء من التشدد والغلو نعم غاية ما يمكن أن يقال أنه ضعيف لكن المعنى ثابت وقد كما تقدم معنا مشى حاله عدد من أئمتنا منهم البزار فقال لا بأس به وهذا توثيق ولذلك يقول شيخ الإسلام إسناد الحديث لا بأس به فهو مما اختلف أئمتنا فى تصحيحه فى قبوله والذى يظهر كما قلت والعلم عند الله يعنى أن عبيد ابن الصباح حوله كلام لكن لا يصل إلى درة النكارة ومن باب أولى لا يصل إلى درجة الوضع.
ومعنى الحديث ثابت فى شريعة الله فهذا مما ركز فى طبيعة المرأة كما أن الله فرض الجهاد على الرجل وعليه معنى الحديث صحيح أما الحكم على إسناده فقد اختلف أئمتنا نحوه والعلم عند الله جل وعلا ففيما يتعلق بهذا الأثر الذى كثر السؤال عنه فى ذلك الوقت وأما النماذج التى سأذكرها مما كان يجرى فى بيت نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وكيف كان يتحمل القصور والتقصير الذى يجرى من نسائه على نبينا وعليهن صلوات الله وسلامه فكما قلت سأحصى ما جرى فى بيته مما يعد بأنه سلبيات لكن كما قلت حوادث فرديات لا تصل إلى العشرات كلها بعد ذلك تعالج على حسب شريعة الله المطهرة وهذا هو حال البشر وقد ان يجرى بين أجلة الصحابة الكرام ما كان يجرى ثم بعد ذلك كل هذا يحسم على حسب شريعة الله والقلوب لا تتأثر وتقدم معنا كان يجرى بين النبى عليه الصلاة والسلام وبين زوجته دع بعد ذلك عما يجرى بين النساء فيقول أعلم إذا كنت عنى راضية وإذا كنت على غضبى ثم قالت أجل لكن قلبى يخفق بحبك وهنا كذلك عندما يختصم النساء أحيانا مع بعضهن ويدبرن أحيانا شيئا من المؤامرات والمنازعات يحسم بعد ذلك على حسب شريعة الله ويوضع كل شىء فى موضعه ويصغى الإنسان إلى الحق ويؤوب إليه وكل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
ثبت فى المسند والحديث فى الصحيحين وسنن الترمذى والنسائى من رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما قال لم أزل حريصا على أن أسأل عمر ابن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين عن المرأتين من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله عز وجل إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وتقد معنا إخوتى الكرام عند المبحث الثانى من مباحث النبوة عند تعريف النبى والرسول وتقد معنا النبى هل هو مشتق من النبأ كما تقدم معنا وهو بمعنى الخبر أو من نبا ينبو نبوا على قراءة الهمز وعلى ترك الهمز وقلنا قرأ بالهمز نافع من العشرة يا أيها النبىء كما تقدم معنا وقلت إنه مأخوذ من النبأ والخبر فهو مخبر ومنبىء عن الله وهو مخبَر ومنبَأ من قبل الله وأما النبى بترك الهمز أما أن يكون من باب التسهيل فمعناه بمعنى الخبر وأما كما قلت من نبا ينبو نبوا إذا علا وارتفع قدره وقلت المعنيان حاصلان فى رتبة النبوة فهو منبأ من قبل الله ومنبىء عن الله وهو صاحب مقام عظيم فرتبة النبوة هى أشرف الرتب عند ربنا الكريم سبحانه وتعالى والنبى هو أفضل أمته بلا نزاع ولا يصل ولى إلى رتبة نبى مهما علت رتبة الولى على أنبياء الله ورسله جميعا صلوات الله وسلامه تقد معنا إخوتى الكرام عند تعريف النبى ذكر هذه الآية التى هى من سورة التحريم {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم*قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم *وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير} فهو منبىء عن الله ومنبأ من قبل الله جل وعلا.
وتقدم معنا ثلاثة أسباب لنزول هذه الآية الكريمة من كلام ربنا الوهاب قلنا السبب الأول وبينت الآثار وتخريجها عند المبحث الثانى.
السبب الأول: فى تحريم نبينا عليه الصلاة والسلام على نفسه سريته جاريته وهى سيدتنا الطيبة الطاهرة مارية أم سيدنا إبراهيم على نبينا وعلى آل بيته صلوات الله وسلامه وسبب هذا التحريم تظاهر أيضا زوجتين من أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام عائشة وحفصة رضى الله عنهم أجمعين ثم نفذت بعد ذلك هذه القضية من قبل حفصة فى نهاية الأمر عندما باشر نبينا عليه الصلاة والسلام سريته فى بيت حفصة وعلى فراشها وفى ليلتها فلما علمت بذلك قالت يا رسول الله عليه الصلاة والسلام فعلت معى ما لم تفعله مع نسائك فى بيتى وعلى فراشى وفى ليلتى وهى كان بينها فى الأصل وبين أمنا عائشة رضى الله عنهم أجمعين كما قلت تظاهر من أجل أن يفارق النبى عليه الصلاة والسلام سريته وهى ليست زوجة وألا يعاشرها معاشرة الأزواج ليتفرغ لعشرتهن على نبينا وعليهن جميعا صلوات الله وسلامه فلما قالت حفصة ما قالت أراد نبينا عليه الصلاة والسلام أن يطيب خاطرها يعنى هى رأت أنه انكسر خاطرها وأنه كأنه اعتدى على حقها على فراشها وفى بيتها وفى ليلتها قال إننى سأحرم مارية على سريتى لكن اكتمى ذلك ولا تخبرى أحدا لكن هى بينها وبين أمنا عائشة فى الأصل كما قلت اتفاق على ذلك فطارت فرحا وما كتمت السر وذهبت إلى أمنا عائشة وقالت حصل المراد والنبى عليه الصلاة والسلام حرم على نفسه سريته وصلنا إلى ما نريد على نبينا وآل بيته صلوات الله وسلامه هذا السبب الأول.
والسبب الثانى: أيضا تقدم معنا أن النبى عليه الصلاة والسلام هو الذى سيذكر هنا كان إذا صلى العصر يدخل على نسائه وسيأتينا أحيانا كن يجتمعن أيضا فى الليلة التى تكون ليلتها ثم ينصرفن ويبقى عند التى سيبيت عندها على نبينا وآل بيته صلوات الله وسلامه فكان يطوف على نسائه بعد العصر كانت زينب رضى الله عنها وأرضاها تتحف النبى عليه الصلاة والسلام بشراب يحبه وهو العسل فمن أجل هذا الشراب كان يمكث عندها أكثر مما يمكث عند الأخريات الفضليات على نبينا وعليهن جميعا صلوات الله وسلامه فتآمرت أيضا عائشة مع حفصة على مكيدة من أجل ألا يستقر النبى عليه الصلاة والسلام كثيرا فى بيت زينب دون يعنى أيضا الآن طلاق ومضرة أما تلك يعنى سرية ابتعد عنها وأما هذه لا تطلقها لكن يعنى لا داعى أن تمكث عندها أكثر مما تمكث عندنا المكيدة هى اتفقتا على أن النبى عليه الصلاة والسلام إذا جاء إلى نسائه كل واحدة تقول له أجد منك ريح مغافير وتقدم معنا المغافير قلنا شراب يسيل كالناطف كالعسل وقلنا هذا يخرج من شجر العضاة وهى قلنا التى تسميه الجرسة العرفط من شجر العرفط وهو شجر عضاه معروف فى البادية يسيل منه مادة صمغية حلوة إذا أكلها الإنسان يتلذذ لكن تتغير راحئة فمه فقالت له نجد منك رائحة مغافير يعنى رائحة كريهة وكان نبينا عليه الصلاة والسلام يتأذى غاية الأذى أن يوجد منه ريح كريهة فقال عليه الصلاة والسلام يعنى ما يوجد شىء يعنى قالت يعنى ماذا عملت شربت عسلا قال زينب فقط سقتنى العسل قالت لعل نحله جرست العرفط جرست أى أكلت أى عملت فى العرفط بشجر العرفط الذى يخرج المغافير فالنحل أكلت من شجر العرفط من هذا المادة من هذه المادة الصمغية الحلوة التى لها رائحة كريهة فخرج فى العسل رائحة كريهة فجاء لحفصة قالت له ذلك فجاء لأمنا عائشة قالت له ذلك تدبير فقال لن أشرب عسلا عند زينب بعد ذلك هذا الذى حرمه أيضا على نفسه عليه الصلاة والسلام لكن كما
كانت حفصة تدبر هذا مع عائشة.
كانت أيضا عائشة تدبر هذا مع النساء البقيات نحو حفصة وهذا سبب ثالث أيضا ورد أيضا أن النبى عليه الصلاة والسلام أحيانا كان يدخل على حفصة ويطيل المكث عندها وتسقيه العسل فكما هى دبرت ما دبرته نحو زينب أمنا عائشة رضى الله عنها اتفقت مع سودة وصفية قالت لهن إذا دخل النبى عليه الصلاة والسلام بعد مجيئه من حفصة كل واحدة تقول له أجد منك ريح مغافير سيقول أكلت عسلا نقول له لعل نحله جرست العرفط لا تشرب عند حفصة عسلا فجاء إلى سودة قالت له ذلك جاء لصفية قالت له ذلك جاء لأمنا عائشة عليهن جميعا رضوان الله وعلى نبينا وآل بيته صلوات الله وسلامه قالت له ذلك قال لن أشرب عسلا عند حفصة يعنى كما هى تدبر يدبر لها أيضا لكن كما قلت كل ذلك يعنى يبقى عند يعنى عند حدود معينة وقصور حتما هذا يوقف بعد ذلك عند حده ويوجهن إلى الأكمل فيلتزمن.
يقول عبد الله عباس رضى الله عنهم هذه الآثار كما قلت إخوتى الكرام تقدم ذكرها وتخريجها عند المبحث الثانى يقول كنت حريصا لم أزل حريصا على أن أسأل عمر ابن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله عز وجل (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) حتى حج عمر وحججت معه فلما كان ببعض الطريق عدل عمر أى عن الطريق من أجل حاجة له وعدلت معه بالإداوة وهى الوعاء الذى يحمل فيه ماء وهذا من باب خدمة عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين لأمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضوان الله عليهم أجمعين يقول فتبرز ثم أتانى فسكبت على يديه وتقدم معنا فعل الصحابة هذا مع النبى عليه الصلاة والسلام واشتقوا منه واستنبطوا منه كما تقدم معنا خدمة المفضول للفاضل وأن هذا ليس خاصا بالنبى عليه الصلاة والسلام فسكبت على يديه فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله عز وجل (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) يعنى مالت للحق ولانت وانقادت له وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ثم نزل التهديد الذى يخلع القلوب وكل واحدة منها تتمنى لو ضربت رقبتها ما عوتبت بهذا العتاب عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن إلى آخر الآية الكريمة وكان كثير من أئمتنا يقولون هذه الآية أخوف آية عندنا فى القرآن الكريم (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن) نساء صالحات طاهرات كريمات مكرمات جرى منهن ما جرى حول تحريم العسل حول عدم المكث مع زوجاته يخاطبن بهذا الخطاب وأنه يعنى إذا انفصلتن عن النبى صلى الله عليه وسلم يعوضه من هو خير منكن فقال عمر وا عجبا لك يا ابن العباس وإنما قال وا عجبا لك تعجبا يعنى كيف خفى عليك هذا وأنت حبر الأمة وبحرها وترجمان القرآن أو وا عجبا لك تعجب عمر من ابن عباس سببه حرص ابن عباس رضى الله عنهما على الفهم
والبحث عن دقيق العلم ومعرفة المبهم لأن الله أبهم هنا المرأتين وما عينهما إن تتوبا إلى الله فكأنه يقول لله درك كم تبحث عن هذه الخفايا وتريد أن تقف على حقيقة الأمر ويمكن وهو الذى استنبطه الزهرى وهو الذى معنا الآن فى الرواية أنه قال هذا كراهة لقوله لأن فى ذلك شىء من المنقصة على ابنته وهى حفصة كأنه كره يعنى سؤاله من أجل أن هذه فيه منقصة على ابنته التى هى بضعة منه قال الزهرى كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه يعنى كره سؤاله لكن ما كتم الجواب أخبره بأنها هى حفصة وعائشة رضى الله عنهن أجمعين فقال هما عائشة وحفصة ثم أخذ يسوق الحديث يعنى عمر رضى الله عنه وأرضاه يبين له ما جرى فى تلك القصة قال كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم قوله نغلب يعنى نحكم على النساء ولا واحدة تتحكم فى شأننا ولا تصدر رأيا فى أمرنا ثم جئنا إلى المدينة وإذ بنساء الأنصار يتحكمن بالرجال وكل واحد تعطيه آراء وهو ينفذ يقول فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم قال وكان منزلى فى بنى امية ابن زيد بالعوالى فتغضبت يوما على امرأتى يعنى اشتد غضبه عليها فإذا هى تراجعنى لما انفعل وكلمها وهو مغضب ردت عليه الكلام ويعنى لما تغضب كل هذا وقف عند حدك واتق الله يا عمر من هذا الكلام قال فأنكرت أن تراجعنى يعنى أنت امرأة تراجعينى وأنا الآن قريشى ونحن نغلب النساء وأنت تردين فى وجهى أمر عجيب فأنكرت أن تراجعنى فقالت وهذا كنت ذكرته فى أول مبحثنا هذا فقالت ما تنكر أن أراجعك لم َ أنت تستنكر هذا فوالله إن أزواج النبى صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره أحداهن اليوم إلى الليل على نبينا وآله صلوات الله وسلامه.
وفى رواية مسند أبى داود الطيالسى قال عمر رضى الله عنه لامرأته متى كنت تدخلين فى أمورنا قالت يا ابن الخطاب ما يستطيع أحد أن يكلمك وابنتك تكلم النبى صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان يعنى أنت إذا كلمناك تغضب وانظر إلى ابنتك تكلم من هو أفضل منك ومن الخليقة كلها حتى يبقى اليوم غضبان وأنت تستنكر كلامنا.
وفى رواية يزيد ابن رومان لما كلمته قال فقمت إليها بقضيب فضربتها به فقالت يا عجبا لك يا ابن الخطاب ابنتك تؤذى رسول الله عليه الصلاة والسلام وأنت تستنكر أن نكلمك وأن نراجعك يعنى عجيب لأمرك فانتبه لحال عمر قال فانطلقت حتى دخلت إلى حفصة ليتحقق هذا يوجد فى بيت النبى عليه الصلاة والسلام ابنتى حفصة تراجع النبى عليه الصلاة والسلام وتؤذيه وتهجره إلى الليل فقلت أتراجعين رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالت نعم قلت أتهجره أحداكن اليوم إلى الليل قالت نعم قلت قد خاب من فعل ذلك منكن وخسرت أنتن تفعلن هذا مع خير خلق الله عليه الصلاة والسلام التى تفعل هذا فى خسران وخيبة أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله عليه الصلاة والسلام فإذا هى هلكت لا تراجعى رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا تسأليه شيئا وسلينى ما بدا لك ولا يغرنك أن كنت جارتك وهى أمنا عائشة رضى الله عنهن أجمعين هى أوسم يعنى أجمل وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك يريد عائشة قال وكان لى جار من الأنصار فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فينزل يوما وأنزل يوما فيأتينى بخبر الوحى وغيره وآتيه بمثل ذلك وكنا نتحدث أن غسان على حدود الشام تنعل الخيل لتعزونا أى تجعل لها نعالا بمعنى أنها تحدوها وتتهيأ لتجهيز الخيل من أجل غزونا وقتالنا فى المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه قال فنزل صاحبى يعنى إلى من العوالى إلى المدينة المنورة إلى مسجد النبى عليه الصلاة والسلام ليتعلم ثم يأتينى بالخبر وأنا إذا نزلت هو يبقى وأتعلم وآتيه بالخبر ثم أتانى عشاء فضرب دارى ثم نادانى فخرجت إليه فقال حدث أمر عظيم فقلت ماذا جاءت غسان هذا الأمر العظيم الذى ننتظره جاءت هذه الجحافل من جهة الروم تريد أن تغزو المدينة بل أعظم من ذلك وأهون ووالله أنه أعظم فراق نبينا عليه الصلاة والسلام لأمهاتنا أعظم من مجىء جحافل الكفر لقتال الموحدين
طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه هذا أعظم من مجىء الكفار قلت قد خابت حفصة وخسرت وقد كنت أظن هذا يوشك أن يكون حتى إذا صليت الصبح شددت على ثيابى ثم نزلت فدخلت على حفصة وهى تبكى فقلت أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لا أدرى هو هذا معتزل فى هذه المشربة وهى الغرفة التى يجلس فيها النبى عليه الصلاة والسلام فأتيت غلاما له أسود فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلى قال قد ذكرتك له فصمت عليه الصلاة والسلام فانطلقت حتى إذا أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكى بعضهم فإذا عنده عند المنبر فجلست قليلا ثم غلبنى ما أجد فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلى فقال قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبنى ما أجد فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج فقال قد ذكرتك له فصمت هذه الثالثة فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعونى فقال ادخل فقد أذن لك فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكىء على رمال حصير قد أثر فى جنبه رملت الحصير إذا ضرفته ونسجته ويقصد بذلك أنه لم يكن على سرير النبى عليه الصلاة والسلام غطاء غير الحصير حصير فقط فوق سريره الخشبى قد أثر هذا الحصير فى جنبه فقلت أطلقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءك رفع رأسه إلى فقال لا فقلت الله أكبر لو رأيتنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فتغضبت على امرأتى يوما فإذا هى تراجعنى فأنكرت أن تراجعنى فقالت ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فقلت قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هى قد هلكت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قد دخلت على حفصة فقلت لا يغرنك أن كنت جارتك
هى أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فتبسم أخرى فقلت استأنس يا رسول الله عليه الصلاة والسلام يتمدمد رضى الله عنه وأرضاه ليزيل الغضب عن نبينا عليه الصلاة والسلام وهو استأذان فى الأنس والمحادثة يعنى أتأذن لى أن أتوسع فى الكلام الآن أنا جالس وتكلمت فى قضيتين تغضبت على زوجتى فقالت كذا وقلت لها كذا وقالت كذا ثم جئت إلى حفصة وقلت لها ما قلت استأنس أواصل حديثى وأنت تسمح استأنس يا رسول الله عليه الصلاة والسلام قال نعم قال فجلست الآن مطمئن فرفعت رأسى فى البيت فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إلا أهبا ثلاثة جمع إهاب وتقدم معنا هو الجلد الذى لم يدبغ أو الجلد مطلقا ما يوجد إلا ثلاثة جلود لم تدبغ فى بيت النبى عليه الصلاة والسلام فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالسا ثم قال أفى شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى هذه الحياة فقلت استغفر لى يا رسول الله عليه الصلاة والسلام وكان أقسم ألا يدخل عليهن شهرا من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله قال الزهرى فأخبرنى عروة عن عائشة قالت لما مضت تسع وعشرون ليلة دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بى فقلت يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إنك أقسمت ألا تدخل علينا شهرا وإنك دخلت من تسع وعشرين أعدهن كل يوم هذا نحسبه كأنه يقطع منا عضو من أعضائنا فقال إن الشهر تسع وعشرون زاد فى رواية وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة ثم قال يا عائشة إنى ذاكر لك أمرا فلا عليك ألا تعجلى حتى تستأمرى أبويك ثم قرأ {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما} قالت عائشة رضى الله عنها قد علم والله
أن أبوى لم يكونا ليأمرانى بفرقاه فقلت أفى هذا أستأمر أبوى فإنى أريد الله ورسوله والدار الآخرة.
وفى رواية أن عائشة قالت لا تخبر نساءك أنى اخترتك فقال لها النبى عليه الصلاة والسلام إن الله أرسلنى مبلغا ولم يرسلنى متعنتا.
ستأذن العشاء أكمل هذا بعد الآذان إن شاء الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
إخوتى الكرام: هذه الحادثة كانت قبل فرض الحجاب والحجاب فرض فى العام الخامس من هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام فهذه قبل هذا التاريخ حصلت ودخل عمر رضى الله عنه على أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام أمهاتنا وكلمهن ثم بعد ذلك وجه الله أمهاتنا أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام هذا التوجيه فاستقمن ورجعن إلى الله جل وعلا فكان ماذا طبيعة البشر أن يخطىء ونبينا عليه الصلاة والسلام عندما قابل ذلك الخطأ بأن حرم ما حرمه على نفسه من شرب العسل أو سريته عاتبه الله جل وعلا وأمره أن يكفر عما صدر منه وأن يعود إلى ما كان عليه عليه صلوات الله وسلامه وهذا الحديث إخوتى الكرام تقدم معنا ذكره لكن من رواية مسلم غالب ظنى عند بيان معيشة النبى عليه الصلاة والسلام وماذا يوجد فى بيته من أمتعة وتقدم معنا ضمن تلك الرواية أن عمر رضى الله عنه عندما استأذن كان ذلك الغلام الأسود اسمه رباح تقدم معنا وقال له يا رباح استأذن لى فإنى أظن أن رسول الله عليه الصلاة والسلام ظن أنى جئت من أجل حفصة والله لئن أمرنى أن أضرب عنقها لأضربن عنقها فإذا يأمر نبينا عليه الصلاة والسلام بذلك الآن أنا أذهب وأقطع رقبة حفصة رضى الله عنها وأرضاها.
انظر لهذا الإيمان انظر لهذه الشدة التى ظهرت مع ما فيها من كره كيف تظهر معادن المؤمنين وحقائقه والله لئن أمرنى أن أضرب عنقها لأضربن عنقها وهذا فى صحيح مسلم قال ورفعت صوتى وأنه أُذن له لعمر عند ذلك عندما قال عمر هذا وسمعه النبى عليه الصلاة والسلام فإذن الله وأنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أن يخبر الناس انه لم يطلق نساءه أيضا فأذن له وأنه قام على باب المسجد فنادى بأعلى صوته لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وأنه قال له وهو يرى الغضب فى وجهه يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكال وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك قال وكلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولى الذى أقول فنزلت هذه الآية آية التخيير {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا} وفيه أى فى تلك الرواية التى تقدمت معنا فى صحيح مسلم أنه قال فلم أزل أحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كشر فضحك عليه صلوات الله وسلامه وكان من أحسن الناس ثغرا قال ونزلت أتشبث بالجزع وهو الجزع الذى يرقى كما تقدم معنا عليه إلى المشربة إلى الغرفة وهو جزع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشى على الأرض ما يمسه بيده فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كنت فى الغرفة تسعا وعشرين فقال إن الشهر يكون تسعا وعشرين قال ونزلت هذه الآية {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال فكنت أنا الذى استنبطت ذلك الأمر فأنزل الله عز وجل آية التخيير {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا} إلى آخر الآيات.
وفى رواية للبخارى ومسلم قال مكثت سنة أريد أن أسأل عمر ابن الخطاب عن آية وهذا هو ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين فما أستطيع أن أسأله هيبة له وهذا حقيقة هو إجلال طلبة العلم للعلماء عندما كانت القلوب طاهرة نقية والسؤال مطلوب لكن لا بد أيضا من الوقوف عند الحد والإكثار من الأسئلة لا سيما إذا كنت أحيانا أسئلة من باب التعنت فهذا كله مذموم شنيع مكثت سنة أريد أن أسأل عمر ابن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجا قال فخرجت معه فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له فوقفت له حتى فرغ ثم سرت معه فقلت يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبى عليه الصلاة والسلام من أزواجه فقال تلك حفصة وعائشة فقلت والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك قال فلا تفعل ما ظننت أن عندى من علم فسلنى فإن كان لى به علم خبرتك به ثم قال عمر رضى الله عنه والله إن كنا فى الجاهلية ما نعد للنساء أمرا فى رواية ما نعد النساء شيئا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم قال فبينا أنا فى أمر أتأمره يريد يعنى أن يخطط له أمر من أموره إذ قالت امرأتى لو صنعت كذا وكذا فقلت لها مالك ولما هاهنا فيما تكلفك فى أمر أريده لم َتتكلمين فقالت لى عجبا لك يا ابن الخطاب ما تريد أن تراجع أنت وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان فقام عمر فأخذ رداءه مكانه حتى دخل على حفصة فقال لها يا بنية إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان فقالت حفصة والله إنا لنراجعه فقلت تعلمين أنى أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله عليه الصلاة والسلام يا بنية لا يغرنك هذه التى أعجبها حسنها وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها يريد عائشة قال ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتى منها فكلمتها انظر لجواب أمنا أم سلمة فقالت أم سلمة عجبا لك يا ابن الخطاب دخلت فى كل شىء حتى
تبتغى أن تدخل بين رسول الله عليه الصلاة والسلام وبين أزواجه قال فأخذتنى والله أخذا كسرتنى به عن بعض ما كنت أجد فخرجت من عندها وكان لى صاحب من الأنصار إذا غبت أتانى بالخبر وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر ونحن نتخوف ملكا من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا فقد امتلأت صدورنا منه فإذا صاحبى الأنصارى يدق الباب فقال افتح افتح فقلت جاء الغسانى قال بل أشد من ذلك اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه فقلت رغم أنف حفصة وعائشة فأخذت ثوبى فخرجت حتى جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مشربة له وهى الغرفة كما تقدم معنا يرتقى عليها بعجلة وهى الدرج من جزع النخيل وغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس الدرجة فقلت قل هذا عمر ابن الخطاب فأذن لى بعد أن استأذن ثلاثا كما تقدم قال عمر فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تريد أن تدخل بين رسول الله عليه الصلاة والسلام وبين أزواجه ما كفاك أنك تدخل نفسك بكل شىء حتى فى هذه القضية الخاصة فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه على حصير ما بينه وبينه شىء وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف وإن عند رجليه قرظا مصبورا وروى مضبورا يعنى جلدا مجموعا مجتمعا على بعضه وعند رأسه أُهب أَهب جمع إهاب معلقة فرأيت أثر الحصير فى جنبه الشريف عليه صلوات الله وسلامه فبكيت فقال ما يبكيك فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قلت بلى.
كما تقدم معنا إخوتى الكرام فى الحادثة الأولى مما كان يجرى من أمهاتنا من قصور وتقصير نحو نبينا عليه الصلاة والسلام فتحمل ذلك ثم بعد ذلك يفأن ويرجعن إلى الحق فكان ماذا وكل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون وهو كما قلت قصور بشرى يعترى البشر فى هذه الحياة ولذلك امر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعفو عن المؤمنين وأن يستغفر لهم وأن يشاورهم فى الأمر {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} اعف عنهم فيما يتعلق بحقك استغفر لهم فيما يتعلق بحق ربك فإذا طهروا فأنت قلبك راض عليهم والله قد غفر لهم لاستغفارك تأهلوا الآن لمناجاتك ولمشورتك وشاورهم فى الأمر تطييبا لخواطرهم هذا حال البشر لا ينفك عن قصور وتقصير لكن كما قلت هذا القصور لا بد من علاجه والاعتراف بالخطأ فضيلة والاصرار على الخطأ جريمة ورزيلة فكان يجرى من أمهاتنا أزواج نبينا على نبينا وآله صلوات الله وسلامه ما يجرى من قصور وتقصير لكن كما قلت حوادث دون أصابع اليدين فى تلك العشرة الطويلة الطيبة الكريمة يجرى حوادث هذه الحوادث بعد ذلك توجه إلى الصواب وبعد ذلك ينبن إلى الله الكريم الوهاب إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وكل واحدة تعد كل يوم عدا ولما نزلت آية التخيير كلهن قلن ما قالته أمنا الأولى عائشة رضى الله عنها وأرضاها التى بدىء بها أفيك أستشير بل اختار الله ورسوله إذن مما يدل على أن ما جرى دافعه انفعال ظاهرى لا لفساد قلبى هذا الانفعال هذا القصور هذا التقصير يعالج وبعد ذلك زال وانتهى الأمر وهذا القصور كما قلت ليس هو ديدن للإنسان إنما يقع فيه على اختلاف الزمان عند تكرر الأيام هذا حال الإنسان فيقلع ويتوب إلى ذى الجلال والإكرام.
هذه الحادثة الأولى إخوتى الكرام وبينت التوجيه نحوها وكما قلت هناك عدة حوادث ستأتينا وكلها يعالجها نبينا عليه الصلاة والسلام وبعد ذلك تعود الأمور إلى أحسن مما كانت عليه فى الظاهر أما فى الباطن فالأصل إن شاء الله لا يوجد انحراف ولا تغير ولا يعنى تكدر إنما شىء من الانفعال الظاهرى عولج وزال ونسأل الله أن يحسن ختامنا وأن يجعل سرنا خيرا من علانيتنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا.
اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا.
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك واغفر لمن عبد الله فيه.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.