المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

خلق النبي مع السيدة خديجة (1-2) (لقاء ديني)   للشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان بسم الله - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ١٤٧

[عبد الرحيم الطحان]

فهرس الكتاب

خلق النبي

مع السيدة خديجة (1-2)

(لقاء ديني)

للشيخ الدكتور

عبد الرحيم الطحان

بسم الله الرحمن الرحيم

خلق النبي مع السيدة خديجة (1-2)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..

أما بعد: إخوتى الكرام..

كنا نتدارس خلق نبينا عليه الصلاة والسلام مع أهله الطيبين الطاهرين المباركين وهذا المبحث قدمت له بثلاثة أمور.

أولها: فى بيان مسكن النبى عليه الصلاة والسلام.

وثانيها: فى بيان أثاث ذلك المسكن.

وثالثها: فى بيان الطعام والقوت الذى كان يقدم فى تلك الحجر المباركة الشريفة الفاضلة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام.

وبعد ذلك الأمر الرابع الذى شرعنا فى مدارسته فى معاملة نبينا عليه الصلاة والسلام لأهله هذا الأمر الرابع الذى ما تقدم من الأمور الثلاثة تمهيدا له كما قلت وقلت إن هذا الأمر الرابع أيضا سيقوم على أربعة أمور أيضا.

أولها: الإثبات الإجمالى بأن نبينا عليه الصلاة والسلام هو خير الناس لأهله الكرام عليه الصلاة والسلام فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخيرهم خيرهم لأهله ونبينا عليه الصلاة والسلام هو خير الخليقة لأهله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.

ص: 1

وقلت هذا الأمر سأقرره بأمر ثان: ألا وهو شهادة أعلم الخلق بنبينا عليه الصلاة والسلام وهى أمنا خديجة الطيبة الطاهرة المباركة رضى الله عنها وأرضاها فقد علمت حال نبينا عليه الصلاة والسلام قبل بعثته وقبل أن تتزوجه ثم علمت حاله بعد بعثته وقبل بعثته وبعد أن تزوجته ثم علمت حاله بعد بعثته عندما كانت أيضا زوجة له على نبينا وآله صلوات الله وسلامه.

والأمر الثالث: فى بيان المعاملة التفصيلية لمعاملة خير البرية مع أهله وأسرته على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.

ص: 2

والأمر الرابع: إخوتى الكرام كما تقدم معنا فى استعراض موجز لأحوال أمهاتنا أزواج نبينا وذريته الطيبة المباركة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وقد كنا نتدارس الأمر الثانى من هذه الأمور الأربعة بعد أن بينت أن نبينا عليه الصلاة والسلام هو أكمل الخلق خلقا مع الحق ومع الخلق وبناء على ذلك فهو أحسن الناس والخليقة معاملة لأهله عليه صلوات الله وسلامه قلت وقد شاءت حكمة العليم الحكيم سبحانه وتعالى شاءت حكمة الله لأنبيائه أجمعين أن يقوموا برعاية الغنم لينتقلوا بعد ذلك إلى سياسة الشعوب والأمم وقد جمع الله لنبينا عليه الصلاة والسلام رعاية الغنم مع رعاية الإبل قبل بعثته عليه صلوات الله وسلامه ليجمع بين السكينة والسيادة عليه صلوات الله وسلامه فهو المتواضع وهو السيد سيد ولد آدم ولا فخر على نبينا وعلى جميع أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه واستعرضت إخوتى الكرام عند هذا المبحث بعد ذلك بداية المبحث الثانى الذى يتضمن شهادة أمنا خديجة لنبينا عليه الصلاة والسلام ضمن مراحل أولها فى بيان اختيارها لنبينا عليه الصلاة والسلام زوجا لها قبل أن يبعثه الله نبيا لهذه الأمة المباركة المرحومة وقد تقدم معنا أنها هى التى فاتحته بذلك وعرضت نفسها عليه كما ثبت هذا فى معجم الطبرانى والبزار بسند صحيح كما تقدم معنا وورد أيضا أن النبى عليه الصلاة والسلام هو الذى تقدم لخطبتها وأن أختها أيضا توسطت أيضا فى خطبتها وأن نفيسة أيضا توسطت أيضا فى خطبتها وهذه الأمور الأربعة كلها حاصلة أذكرها وأدلل عليها ثم أجمع بينها وأنتقل بعد ذلك إلى شهادة أمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها فى نبينا عليه صلوات الله وسلامه.

ص: 3

تقدم معنا إخوتى الكرام فى آخر الموعظة الماضية أنها عرضت نفسها على النبى عليه الصلاة والسلام فقبل وورد فى بعض الروايات أنه هو الذى تقدم ولا معارضة بين الأمر تقدم بناء على عرضها وهى وفت بعد ذلك بوعدها فقامت بإقناع والدها وتم لها ما أكرمها الله به فى الدنيا والآخرة.

ثبت فى مسند الإمام أحمد ومعجم الطبرانى الكبير والحديث فى مجمع الزوائد فى الجزء التاسع صفحة عشرين ومائتين وإسناده صحيح رجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمى فى المجمع والأثر رواه الإمام البيهقى فى دلائل النبوة مختصرا فى الجزء الثانى صفحة ثلاث وسبعين عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر خديجة أى فى الخطبة ويريد أن يقترن بها وأن يتزوجها عليه صلوات الله وسلامه وكان أبوها يرغب عنه أن يزوجه يعنى لا يريد أن يزوجه وتقدم معنا الدافع لذلك هو الدافع المادى فقط فهو فقير عليه صلوات الله وسلامه وهى أبوها أسرة غنية ثرية جدا يرغب عن أن يزوجه فصنعت أمنا خديجة رضى الله عنها طعاما وشرابا كما تقدم معنا فى الرواية الأولى وتلك من رواية جابر ابن سمرة رضى الله عنهم أجمعين فدعت أباها وزمرا من الناس يعنى نفرا وجماعات من الناس وزمرا من الناس من قريش فطعموا وشربوا حتى ثملوا يعنى سكروا وفقدوا عقولهم من رؤوسهم فطعموا وشربوا حتى ثملوا فقالت أمنا خديجة رضى الله عنها لأبيها إن محمدا ابن عبد الله على نبينا صلوات الله وسلامه يخطبنى وهو كما قلنا أكل من اللحم وشرب فثمل إن محمدا يخطبى فزوجنى إياه فزوجها إياه وهو سكران قال فخلقته أى جعلت له الخلوق وطيبته به والخلوق بفتح الخاء وضم اللام خلوق طيب يصنع من زعفران وغيره ويميل لونه إلى حمرة أو إلى صفرة الخلوق ونحن نهينا أن نتطيب بهذا الطيب بالخلوق أى بالطيب الذى يظهر له أثر على الجلد.

ص: 4

فقد ثبت فى الكتب الستة إلا سنن ابن ماجة من رواية أنس ابن مالك رضى الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل أى أن يتطيب من طيب له أثر من صفرة أو حمرة كما هو الحال فى الزغفران نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل.

وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفى ريحه وخير طيب الرجال ما خفى لونه وظهر ريحه نهى عليه الصلاة والسلام أن يتزعفر الرجل فهى خلقته يعنى طيبته بالخلوق بالطيب الذى يظهر له أثر فى بشرته على وجهه وعلى يديه وعلى أعضائه وألبسته حلة وهى ثياب من قطعتين من لون واحد وكذلك كانوا يفعلون بالآباء يعنى إذا زوجت البنات يفعل بالأب هكذا يخلق ثم يلبس حلة من قبل ختنه الذى هو زوج ابنته فلما سرى عنه سكره نظر فإذا هو مخلق وعليه حلة فقال ما شأنى ما هذا الذى حصل فقالت أمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها إنك زوجتنى محمد ابن عبد الله عليه صلوات الله وسلامه ولذلك خلقك وألبسك الحلة وعملنا هذه الوليمة فقال أبوها وهو خويلد أنا أزوج يتيم أبى طالب لا لعمرى أنا أزوج يتيم أبى طالب يعنى هذا الفقير أزوجه وأنت تملكين ما يطمع أثرياء قريش ثم أزوجك ليتيم أبى طالب هذه الثروة الطائلة كلها تذهب عند هذا اليتيم على نبينا عليه صلوات الله وسلامه أنا أزوج يتيم أبى طالب لا لعمرى فقالت خديجة رضى الله عنه أما تستحى تريد أن تسفه نفسك عند قريش يقولون أنت زوجت ثم نكست فلم تزل به حتى رضى رضى الله عنها وأرضاها إذن هو تقدم لكن كما قلت يجمع بين هذا وبين ما تقدم، تقدم بناء على عرضها ورغبتها فتقدم وهى وفت بما وعدت فدبرت هذه الحيلة الشرعية المباركة بحيث اقترنت بخير البرية عليه صلوات الله وسلامه بموافقة والدها عن طريق ما عملته من هذه الحيلة التى لا حرج فى استعمالها من أجل أن تنال موافقة ورضى والدها وقد حصل لها ما تريد وهكذا إخوتى الكرام توسطت أختها وكما قلت توسطت نفيسة وبعدما أقرر هذا نجمع بين هذه

ص: 5

الآثار أرسلت نفيسة أن تعرض على النبى عليه الصلاة والسلام فلما قبل لتتحقق وليزداد يعنى الوثوق من موافقة النبى عليه الصلاة والسلام كلمت أختها فكلمته فقبل ثم فاتحته بنفسها ثم هو تقدم عليه صلوات الله وسلامه.

أما عرض أخت خديجة خديجة على نبينا عليه الصلاة والسلام فقد رواه الطبرانى أيضا والبزار وانظروا الأثر فى المجمع فى المكان المتقدم فى الجزء التاسع صفحة عشرين ومائتين كما قلت ورواه أيضا البيهقى فى دلائل النبوة لكن الأثر الأول تقدم معنا أن إسناده صحيح وأما هذا ففيه عمر ابن أبى بكر المؤملى وكان قاضيا فى بلاد الأردن وهو ضعيف متروك ضعفه أبو زرعة وغيره وقال أبو حاتم متروك انظروا ترجمته فى الميزان وفى المغنى فى الضعفاء كلاهما للإمام الذهبى وقد نص الحافظ ابن حجر فى التقريب على أنه متروك وذكره ليميز بينه وبين من يشابهه فى الإسم وليس لهذا رواية فى الكتب الستة وإذا رأيتم ترجمة فى التقريب فى نهايتها تمييز يورده من أجل أن يميز بين هذا الراوى وبين من يشاركه فى الإسم من رجال الكتب الستة ويترجمه عندما يذكره لكن ليس له رواية فى الكتب الستة مترجم فى التقريب وليس له رواية فى الكتب الستة والحديث عن عمار ابن ياسر رضى الله عنهم أجمعين الأول تقدم معنا عن جابر ابن سمرة والثانى عن ابن عباس وهذا عمار ابن ياسر رضى الله عنهم أجمعين ومعناه صحيح يشهد له ما تقدم قال عمار إذا سمع ما يتحدث به الناس من تزوج نبينا عليه الصلاة والسلام بأمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها يقول أنا أعلم الناس بذلك أى بتزوج النبى عليه الصلاة والسلام من أمنا خديجة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه كنت له خدنا وإلفا فى الجاهلية أى بمعنى صاحبا مقاربا له فى العمر والسن خدنا بمعنى تربا يعنى أنا وهو فى سنن واحدة وأنا صاحب له قبل أن يبعث عليه صلوات الله وسلامه قال عمار ابن ياسر فخرجت معه حتى مررنا على أخت خديجة رضى الله عنها وأرضاها وهى

ص: 6

جالسة على أدم على جلد مدبوغ وهى جالسة على أدم فنادتنى نادت عمار ابن ياسر رضى الله عنه وأرضاه فانصرفت إليها ووقف النبى صلى الله عليه وسلم بعيدا كما هى حالته كما تقدم معنا فى الرواية الأولى من رواية جابر ابن سمرة عندما كان شريكه يذهب ليتقاضى الأجرة وهو لا يذهب لأنه يستحى أن يقابل النساء عليه صلوات الله وسلامه وهذا قبل أن يبعث والله جل وعلا رباه فأحسن تربيته ونشأه فأحسن تنشأته وإنك لعلى خلق عظيم عليه صلوات الله وسلامه فقالت أخت خديجة لعمار أما لصاحبك فى تزويج خديجة من حاجة ما له رغبة فى تزوجها وأن تكونه خديجة زوجة له فجاء عمار إلى نبينا المختار عليه الصلاة والسلام حتما قبل أن يبعث فعرض عليه الأمر فقال بلى أريد أن أتزوجها إذا تيسر فأخبر عمار أخت خديجة بذلك فى نفس المجلس فقالت أخت خديجة الأمر مرتب كما قلنا سبقت أيضا بالعرض نفيسة ثم هذه ثم بعد ذلك خديجة الأمر كله مرتب والموافقة حاصلة لكن ما بقى إلا إقناع الولى فقالت أخت حديجة اغد علينا إذا أصبحنا فى اليوم التالى مباشرة تعالى فلا تتأخر يقول عمار فغدوت أنا والنبى عليه الصلاة والسلام أنا ومحمد عليه صلوات الله وسلامه وقد ذبحوا بقرة وألبسوا أباها حلة وضربوا عليه قبة فلما أكلوا من اللحم وشربوا من الخمر وسكروا كلمت خديجة أخاها بأن يزوجها بواسطة أبيها وأن يعرض على أبيها الأمر فى تزويجها من محمد عليه الصلاة والسلام فرضى أخوها بذلك فكلم والده فأجاب فعقد لنبينا عليه الصلاة والسلام ووالدها كما قلت سكران ثم نام بعد أن أكل من الطعام وشرب من الخمر فلما استيقظ وجد فى نفسه الخلوق وهذه القبة ويلبس الحلة قال ما هذه فقالت أمنا خديجة رضى الله عنها وأختها هذه حلة كساكها محمد ختنك عليه الصلاة والسلام والختن هو الصهر ويقال له ختن لأن قرابته بسبب التقاء الختانين كما قال أئمتنا ليس عن طريق النسب إنما عن طريق المصاهرة والزواج يقال له ختن كساكها محمد ختنك

ص: 7

عليه الصلاة والسلام فأنكر ذلك وخرج من بيته يصيح فى شوارع مكة مستنكرا لهذا الأمر حتى أتى الحجر فى الكعبة المشرفة وهو يصيح وأنا ما زوجت محمدا عليه الصلاة والسلام من خديجة فخرجت بنو هاشم فكلموه فقال ما زوجت محمدا عليه الصلاة والسلام من خديجة ثم قال أين صاحبكم الذى تزعمون أننى زوجته فبرز إليه النبى عليه الصلاة والسلام وقالوا هذا هو فلما نظر إليه قال إن كنت زوجته فذاك تم الأمر وإن لم أزوجه فقد فعلت وزوجته الآن لما نظر إليه عليه صلوات الله وسلامه وهذه الرواية تفيدنا فائدة ثانية وهى أن والد خديجة اقتنع بعد أن صحا سكره بنبينا عليه الصلاة والسلام على وجه التمام وعندما نظر إليه فقال إن كنت زوجته فذاك الأمر تم وانتهينا وإن لم أزوجه فقد زوجته الآن فقد فعلت هو زوج لابنتى وليس عندى اعتراض على ذلك وكما قلت تقدم من نفيسة وهى بنت أمية التميمى العرض على النبى عليه الصلاة والسلام.

والجمع بين هذه الأمور عرضت أمنا خديجة على نفيسة أن تكلم النبى عليه الصلاة والسلام فقبل ثم عرضت على أختها أن تباشر الكلام بنفسها فقبل ثم فاتحته بنفسها فقبل عليه الصلاة والسلام ثم تقدم ودبرت أمنا خديجة رضى الله عنها ما تقدمت الإشار إليه من أجل إقناع والدها رضى الله عنها وأرضاها يجمع بين هذه الأمور الأربعة بهذه الشاكلة عرض من نفيسة ثم من أخت خديجة ثم من أخت خديجة ثم موافقة النبى عليه الصلاة والسلام وتقدم.

ص: 8

نعم إن أمنا خديجة رضى الله عنها عرضت نفسها على نبينا عليه الصلاة والسلام وتقدم معنا ينبغى أن تدرج مع الأصناف الثلاثة لتكون رابع الأصناف وهى أشد الأصناف فراسة عندما اختارت خير خلق الله عليه صلوات الله وسلامه وقد ثبت فى سيرة ابن هشام فى الجزء الأول صفحة تسعين مائة أن أمنا خديجة رضى الله عنها قالت لنبينا صلى الله عليه وسلم رغبت فيك لقرابتك وسطتك فى قومك سطة يعنى الشرف والعز والمكانة النبيلة وسطتك فى قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت نفسه عليه على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وكما قلت إخوتى الكرام الأمور الأربعة حصلت لكن آخرها عرض من أمنا خديجة ثم باشر النبى صلى الله عليه وسلم الخطبة من والدها ودبرت أمنا ما دبرته من أجل إتمام الأمر وقد تم فلله الحمد والمنة.

ص: 9

وفيما فعلته أمنا خديجة رضى الله عنها يستنبط حكم شرعى منه ومن أمثاله قرره أئمتنا ألا وهو جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح وهذه المسألة من فترة قريبة جرى بحث حولها وكنت مع بعض الإخوة والشيوخ الكرام فى هذه القضية وكأنه كتب عنها فكأن بعض الناس استنكر وقال هل المرأة يجوز أن تعرض نفسها على إنسان من أجل أن يتزوجها قلت وما الحرج لكن لا بد من الضوابط الشرعية يعنى هى تعرض نفسها من أجل صلاح فيه ثم بعد ذلك هو يأتى الأمر من بابه عن طريق الولى لكن هو علم رغبتها وأقنعته أنها تقنع أهلها فليتقدم وهى عليها تدبير الباقى فلا حرج كأن بعض الإخوة يعنى استنكر هذا غاية الاستنكار وقال كيف هذا وكان معنا بعض أيضا الإخوة من الشيوخ ولما بحثنا القضية وذكرت له الأحاديث فى ذلك وأنه حصل هذا كأن بعض الناس سبحان الله يعنى هذا الذى عرضت عليه يعنى يريد أن يجادل حتى لو قلت له الشمس طالعة يقول إذا غمضنا لا نراها طيب أنت لم َ تغمض يعنى أنت لم َ تغمض حتى تقول إذا غمضنا لا نراها إذن ليست طالعة يا عبد الله طالعة ذكرت له بعض الآثار الثابتة فى صحيح البخارى وغيره كما سأقرأ عليكم إن شاء الله وأذكر لكم فقال نعم يعنى هذا عرض لكن هذا العرض بُين يعنى هى تعرض بواسطة وليها هذا معنى الأثر يعنى وليها يأتى يعرض ويتكلم قلت يا أخى لا يوجد دلالى فى الأثر على ذلك أبدا وأنس رضى الله عنه عقب على كلام ابنته كما ستسمعون فى صحيح البخارى عندما قالت وا سوأتاه ما أقل حيائها امرأة تعرض نفسها فقال لها أنس هى خير منك رغبت فى رسول الله عليه الصلاة والسلام فعرضت نفسها عليه فهنا ليس موضوع ولى عرض هى جاءت وعرضت وقد بوب أئمتنا على هذا بابا يشير إلى الجواز وهذا ثابت فى صحيح البخارى أصر هو على رأيه وانفض المجلس على هذا ورأيه باطل قطعا وجزما وأنا لا أعلم خلافا بين أئمتنا الكرام فى هذه المسألة وأن المرأة يجوز أن تعرض نفسها على الرجل الصالح حتما

ص: 10

كما قلت بالصفات الشرعية هو قال كيف ستعرض نفسها عليه قلت يا أخى المسألة سهلة يعنى افرض أنها قابلته فى مسجد قابلته فى شارع افرض أنها أرسلت مع يعنى قريب لها قريبة لها كلمت أخته وقالت كلمى فلانا أخاك أننى راغبة فيه يعنى المسألة قلت له سهلة أنت يعنى لازم يحصل خلوة ويحصل ما حرم الله حتى تعرض نفسها عليه لا يلزم هذا على الإطلاق يعنى ودع الناس قلت بعد ذلك فى ستر الله لكن هذا وارد فى السنة الصحيحة وقد وبو عليه أمير المؤمنين فى الحديث الإمام البخارى فى كتاب النكاح بابا فقال باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح هذا فى صحيح البخارى باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح.

ص: 11

والحديث فى سنن النسائى وبوب عليه باب عرض المرأة نفسها على من ترضاه أى من ترضاه زوجا لها وكفأ لها وهو صالح طيب مستقيم يقول ثابت البنانى كنت عند أنس رضى الله عنه وأرضاه وعنده ابنة له قيل هى أميمة والعلم عند الله ما ورد تسميتها فقال أنس جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها قالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألك بى حاجة فقالت بنت أنس ما أقل حيائها وأى قلة حياء فيها ليتنا مكانها يعنى أى قلة حياء فيها أريد أن أعلم امرأة تأتى لخير خلق الله عليه الصلاة والسلام وتقول ألك بى حاجة فغفر الله لك يعنى ما هذا التعبير ما أقل حيائها وا سوأتاه يعنى كأنها تقول هذه فعلة قبيحة امرأة تعرض نفسها على الرجل طيب ما الحرج هى تعرض نفسها فى حرام أو فيما أحله الرحمن والمرأة إذا كانت زوجة للإنسان كلما عرضت نفسها عليه وتجملت له وكانت عروبا تتصنع له فهذا أعظم لأجرها أما تقول أنا ما أعرض نفسى إذا كان له حاجة يأتى يتعرض لى وإلا لا أريده لا خير فى هذه المرأة ما أقل حيائها وا سوأتاه فقال أنس هى والله خير منك رغبت فى النبى صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها يعنى أنت تعترضين عليها أنت المفضولة وهى الفاضلة والبلاء أن يعترض المفضول على الفاضل هذا البلاء يعنى27:40 رغبت فى النبى عليه الصلاة والسلام فعرضت نفسها عليه ثم أورد بعد ذلك حديثا آخر وهو حديث سهل ابن سعد عندما جاءت امرأة أيضا إلى النبى عليه الصلاة والسلام ووهبت نفسها له وقالت إن كان لك بى حاجة فصوب إليها النظر عليه الصلاة والسلام ثم صرفه فقام بعض الصحابة وقال إن لم يكن لك بك حاجة فزوجنيها إلى آخر الحديث.

ص: 12

يقول الحافظ ابن حجر وفى الحديثين جواز عرض المرأة نفسها على الرجل وتعريفه رغبتها فيه وأنه لا غضاضة عليها فى ذلك وأنا الذى تعرض المرأة نفسها عليه بالاختيار يعنى أنت لست بملزم قد امرأة تعرض نفسها عليك لكن ما عندك استعداد للزواج لكن لا ينبغى أن يصرح لها بالرد يعنى ألا يكسر خاطرها بل يكتفى بالسكوت هى إن عرضت لا غضاضة عليها والحديثان يدلان على ذلك وأنت إن كان لك رغبة صرحت وقلت أنا أرغب منك فيما تقولين وتعرضين وإذا ما لك رغبة اسكت فقط فسكوتك يعلم أنك لا تريد فلا تكسر خاطرها وتقول ما أريد هذا فحقيقة يعنى كسر القلوب من العيوب فلا تكسر خاطرها إذا رغبت فيك فاسكت وهى تعرف المراد فلعل الله يهيأ لها من خير منك وخزائن الله ملأى كما قلت إخوتى الكرام هذا فى فتح البارى انظروا فى الجزء التاسع صفحة خمس وسبعين ومائة وهنا أمنا خديجة رضى الله عنها فعلت هذا.

إخوتى الكرام..

فيمن زوجة خديجة من نبينا عليه الصلاة والسلام ورد فى الآثار ثلاثة أقوال نجمع بينها كما جمعنا فى كيفية عرض خديجة على نبينا على نبينا وآله صلوات الله وسلامه الذى عرض نفيسة وأختها وهى ثم هو تقد وهنا قيل زوجها عمها وقيل أبوها وقيل أخوها ونجمع بين الأمور الثلاثة والأشخاص الثلاثة فلا تعارض وأما ما ذهب إليه ابن هشام وابن سعد من ترجيح وتصويب كون الولى فى تزوجيها عمها وهو عمرو ابن أسد فبعيد وقيل إن الذى زوجها أخوها وهو عمرو ابن خويلد أيضا بعيد ولا داعى لهذا إنما هؤلاء هم العصبات وهم الأولياء فوالدها هو الذى أبرم عقد النكاح بحضور عمها وبعرض أخيها وموافقته كما تقدم معنا فى بعض الروايات وهؤلاء الثلاثة اشتركوا فى ذلك فلا داعى أن نثبت يعنى وأن نقصر العقد على واحد وأن نقول بقية الروايات يعنى إذن ترد هؤلاء كلهم حضروا العقد فنسب لكل منهم بأنه شارك فى شىء من العقد أنه هو الذى تولى تزويج أمنا خديجة من نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.

ص: 13

وهذا كما أن الذى رغب أمنا خديجة فى نبينا عليه الصلاة والسلام متعدد أيضا يعنى الذى عرض متعدد والذى حضر العقد متعدد والدافع فى نبينا عليه الصلاة والسلام رغبات متعددة من جملة ذلك ميسرة رغب أمنا خديجة رضى الله عنها فى نبينا عليه الصلاة والسلام عندما أخبرها أنه صادق أمين وهذا غلامها وقد ذهب معه فى التجارة إلى بلاد الشام وأن الغمام يظلله من الشمس عليه صلوات الله وسلامه وأنه يقل الكلام ويقل اللغو وهذا لا نظير له فى البشر عليه صلوات الله وسلامه حقيقة عندما يعرض هذا الغلام أوصاف هذا الإنسان وهو خير إنسان على نبينا صلوات الله وسلامه يكون فى ذلك دافع فى قلب أمنا خديجة من ميل إليه ميسرة من جملة من رغب خديجة فى نبينا عليه الصلاة والسلام.

وأختها تقدم معنا قالت ما رأيت رجلا أشد حياء ولا ولا ولا من محمد عليه الصلاة والسلام فرغبت خديجة فى ذلك.

منها الثناء العام الذى كان يتميز به نبينا عليه الصلاة والسلام فكان يعرف قبل بعثته بالصادق الأمين عليه صلوات الله وسلامه كما تقدم معنا هذا بأدلته.

ص: 14

ومنها أيضا أمر رابع وهو أمر غريب حقا وهذا من البشائر التى فى الكتب السابقة بنبينا عليه الصلاة والسلام لكن النساء استنكرنه وأمنا خديجة رضى الله عنها فى ذلك الوقت فرحت به وسألت ربها أن يكون من نصيبها روى الإمام ابن إسحاق فى المغازى قال كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه فى المسجد فى المسجد الحرام حول الكعبة المشرفة فاجتمعن يوما في يوم العيد فيه فجاء يهودى فقال أيا معشر نساء قريش إنه يوشك فيكن نبى قرب وجوده يوشك يقرب أن يخرج فيكم نبى فيكن يا معشر قريش فأيتكن استطاعت أن تكون فراشا له فلتفعل هذا اليهودى نساء قريش يجتمعن فى المسجد الحرام وجاء ووقف على رؤوسهن وقال يا معشر نساء قريش اقترب خروج نبى منك من قريش وبشر بنينا عليه الصلاة والسلام فى الكتب السابقة وتقدم معنا سابقا عند خاتم النبوة فيما حصل لسلمان رضى الله عنه وأرضاه وأن آخر الأساقفة والقسس قال له لا يوجد أحد على الدين الحق دين النصرانية إنما قد أظل زمان خروج نبى عليه الصلاة والسلام ووصف له نبينا عليه الصلاة والسلام.

ص: 15

وهنا هذا اليهودى جاء إلى مكة وألهمه الله هذا الكلام قال يا معشر نساء قريش سيبعث عما قريب فيكم نبى من استطاعت منكن أن تكون فراشا له فلتفعل فلتغتنم هذا قال فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له أنت الآن يهودى وتريد منا يعنى أن نعرض أنفسنا على الرجال وأن نكون فراشا لرجل سيبعث ما يعنى استرحن إلى هذا الكلام قال وأغضت خديجة رضى الله عنه على قوله رضى الله عنها وأرضاها على قول اليهودى ووقع ذلك فى نفسها فلما أرسلت معه غلامها ميسرة وعاد من التجارة وذكر لها صفات النبى عليه الصلاة والسلام ولم يكن نبينا عليه الصلاة والسلام نبأ قالت إن كان ما قاله اليهودى حقا ما ذاك إلا هذا ليس يبعث فينا معشر قريش إلا هذا فتعلقت به وما ملكت نفسها وحقيقة طينة طيبة وقلب طاهر وما تظن أنها ترغب يعنى فى الاقتران به من أجل أنه بشر من أجل شهوة بشرية إنسانية لا ثم لا إنما هذا المعنى لما فى قلبها من طهارة رسخ فى ذهنا نبى سيبعث هنيئا لمن تقترن به اليهودى يقول من استطاعت منكن أن تكون فراشا له فلتفعل فالنساء استنكرن وهى كتمت هذا وسألت ربها أن يكون هذا النبى زوجا لها وما تعلم من هو عليه صلوات الله وسلامه لكن لما ذهب غلامها معه وحكى لها صفاته عليه الصلاة والسلام قالت إن كان ما قاله اليهودى حقا ما ذاك الذى بشرنا به اليهودى إلا هذا إلا محمد عليه صلوات الله وسلامه وفراستها فى محلها رضى الله عنها وأرضاها.

إخوتى الكرام..

كما تعدد من عرض وتعدد الدافع وتعدد العاقد تعدد أيضا من ذهب من قبل النبى عليه الصلاة والسلام معه لإجراء العقد من أعمامه وما قيل إنه ذهب حمزة وذهب أبو طالب رضى الله عن حمزة وعن آل بيت نبينا وصحبه الكرام وعلى نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وأما أبو طالب فقد شاء قدر الله جل وعلا ألا يؤمن {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} سبحانه وتعالى وهو أعلم بالمهتدين.

ص: 16

وتقدم معنا أن أعمام النبى عليه الصلاة والسلام أربعة آمن اثنان حمزة والعباس وكفر اثنان أبو لهب وأبو طالب أما أبو لهب فهذا العاتى الشرير الذى كان يبذل ما فى وسعه لإيذاء ابن أخيه نبينا الجليل عليه الصلاة والسلام وأما أبو طالب فعلى العكس كان يبذل ما فى وسعه لنصرته لكن ما آمن حتى لا يعير من قبل قريش أنه ترك ملة الآباء والأجداد عبادة الأصنام ونسأل الله حسن الختام فذهب حمزة رضى الله عنه وأرضاه وأبو طالب مع النبى عليه الصلاة والسلام نعم إن الذى عقد العقد هو أبو طالب لأنه كما تقدم معنا نشأ فى كنفه وهو بمثابة الوالد له وألقى أبو طالب خطبته الشهيرة فى عقد ذلك الزواج المبارك الميمون فقال الحمد له الذى جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضئ معد ضئضىء بمعنى الأصل والمعدن يعنى نحن من أصل معد وعنصر مضر وجعلنا حضنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا ثم إن ابن أخى هذا محمد ابن عبد الله على نبينا صلوات الله وسلامه لا يوزن برجل ألا رجح به شرفا وفضلا ونبلا وعقلا وهو وإن كان فى المال قُلٌ أى قليل لا يملك منه كثيرا فإن المال ظل زائل وأمر حائل ومحمد عليه الصلاة والسلام من قد عرفتم قرابته وقد خطب خديجة وبذل لها ما آجله وعاجله من مال كذا وكذا ومقدار المهر اثنتا عشرة أوقية ونشا وهذه هى مهور أمهاتنا أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام وتقدم معنا الأوقية قلنا أربعون درهما اثنتا عشرة أوقية تصبح أربعمائة وثمانين درهم والنش نصف الأوقية يعنى عشرون المجموع خمسمائة درهم مهر أمهاتنا جميعا أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام وهذا تحمله أبو طالب فبعد أن تم العقد أرسلت أمنا خديجة وهى مستعجلة لتنال الخير والبركة ممن سيكون نبى هذه الأمة حسب فراستها على نبينا صلوات الله وسلامه فقالت له مر عمك فلينحر بكرا وهى الفتية من الإبل ما يؤخر الأمر وأطعم الناس فى هذا اليوم تم العقد فلا تؤخر البناء والاتصال وهلم فقِل

ص: 17

مع أهلك يعنى نم القيلولة وصرت زوجتا لك عمك ينحر بكرا وأطعم الناس وهلم فقل مع أهلك فقال النبى صلى الله عليه وسلم معها فقر الله عينه وفرح عمه فرحا شديدا على نبينا صلوات الله وسلامه.

هذه المرأة الطيبة المباركة الطاهرة العاقلة الفاضلة صاحبت نبينا عليه الصلاة والسلام خمسا وعشرين سنة خمس عشرة سنة قبل بعثته فانظر عند بعثته من سنة خمس وعشرين إلى أربعين وهذا السن فى الإنسان يعنى يظهر ما عنده يعنى قد بعد الأربعين إنسان يتطلع لكن يعنى من خمس وعشرين إلى أربعين هذا سن الشباب وما فى النفس سيظهر وهى صاحبته فى هذه الفترة وهذا كله قبل أن يكون نبيا فتعرف سره وعلنه مدخله ومخرجه كما كانت تعرف أخباره قبل أن تتزوجه بعد ذلك صاحبته فى جميع أحواله وهذا كله قبل بعثته لما نبأ انتبه ماذا جرى اختبرته باختبار كما سيأتينا وقالت هذا ليس بشيطان ثم قالت له أيضا عندما قال لها خشيت على نفسى قالت والله ما يخزيك الله أبدا فيك وفيك وفيك من الصفات النبيلة الطيبة الطاهرة فكيف ينزل عليك شيطان ويقترب منك الشيطان يأتى إلى شياطين الإنس أمثاله {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين *تنزل على كل أفاك أثيم *يلقون السمع وأكثرهم كاذبون} أما شيطان يأتى لأولياء الرحمن لا يمكن هذا أبدا فانظر لكلامها فى نبينا عليه الصلاة والسلام ثم انظر لاختبارها وهذا كما قلت هو الأمر الثانى فى مبحثنا فى شهادة أمنا خديجة فى نبينا على نبينا وآله صلوات الله وسلامه.

ص: 18

أما كلامها فيه رواه الإمام أحمد فى المسند والشيخان فى الصحيحين ورواه البيهقى فى دلائل النبوة والترمذى فى السنن ورواه عبد الرزاق فى مصنفه وابن حبان فى صحيحه وأبو نعيم فى دلائل النبوة ورواه الإمام أبو بشر الدولابى وقد توفى سنة عشر وثلاثمائة للهجرة فى كتابه الذرية النبوية الطاهرة على نبينا صلوات الله وسلامه وسيأتينا تلخيص ما فى هذا الكتاب عند المبحث الرابع من هذه الأمور فى استعراض أسرة نبينا عليه الصلاة والسلام عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه.

ص: 19

ولفظ الحديث عن أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها وكما قلت هو فى الصحيحين وغيرهما أعلى الأحاديث صحة ودرجة عن أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها قالت أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصالحة وفى رواية الرؤيا الصادقة فى النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح هذه هى أول مراتب الوحى وقد استمرت مع نبينا عليه الصلاة والسلام ستة أشهر توطأة لنزول الملك عليه رؤيا صالحة صادقة ما يراه فى نومه إذا استيقظ يراه واضحا جليا واقعا من باب تأنيسه بما سيحصل له عليه الصلاة والسلام ولذلك الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة لأن فترة نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام ثلاثا وعشرون سنة وستة أشهر منها أوحى إليه عن طريق المنام وستة أشهر نسبتها إلى ثلاث وعشرين سنة ست وأربعين شهرا أوليس كذلك يعنى واحد من ستة وأربعين هذا أظهر ما قيل بأن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة يعنى أنت شابهت النبى عليه الصلاة والسلام فى هذا الأمر الذى هو حصل له قبل نزول الوحى عليه جبريلعلى نبينا وعليه الصلاة والسلام رؤيا صالحة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح مثل الفجر الصادق الذى لا لبس فيه ولا إشكال ثم حبب إليه الخلاء عليه صلوات الله وسلامه وهذا حاله وحال الأنبياء وحال الأتقياء فى كل وقت يأخذون بحظهم من الخلوة والعزلة بينهم وبين ربهم جل وعلا وينبغى للإنسان أن يكون له دائما وقت يخلو فيه بربه جل وعلا لا يكون معه فيه لا زوجة ولا ولد ولا أحد من خلق الله ولذلك شرع لنا الاعتكاف والاعتكاف من أفضل العبادات وإذا كنت معتكفا أعظم عبادة تقوم بها الفكر والذكر حتى فى المدارسة العلم والتعلم اتركه وتركه فى وقت الاعتكاف أعظم لك وأنفع لأجرك وأصفى لقلبك هذا الآن وقت

ص: 20