الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفروق بين
مشتهيات الدنيا ولذات الآخرة
(لقاء ديني)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
الفروق بين
مشتهيات الدنيا ولذات الآخرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد إخوتى الكرام..
كنا نتدارس مقاصد النكاح والحكم العامة من مشروعيته وقلت له حكم كثيرة غزيرة يمكن أن نجملها فى خمس حكم.
أولها: تحصين النفس البشرية من كل آفة ردية حسية أو معنوية.
الحكمة الثانية والفائدة الثانية: إنجاب الذرية التى تعبد وتوحد رب البرية.
والحكمة الثالثة: تحصيل الأجر للزوجين عن طريقين اثنين حسن عشرة كل منهما لصاحبه ومساعدته بعد ذلك فى النفقة.
الحكمة الرابعة: تذكر لذة الآخرة وهى التى كنا نتدارسها وما قبلها فقد تقدم الكلام عليها.
وآخر الحكم: ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه وبأهل صاحبه وعشيرته.
إخوتى الكرام: كما قلت كنا نتدارس الحكمة الرابعة من مقاصد النكاح وحكمه العامة تذكر لذة الآخرة وتقدم معنا أن شهوة النكاح هى ألذ شهوات الجسد وهى أعظم الشهوات الحسية والنفس البشرية تتعلق بها وإذا كان الأمر كذلك فهذه اللذة كما تقدم معنا التى يقدمها الإنسان على غيرها من المشتهيات المحسوسة فيها كما تقدم نقائص وآفات فإذا كانت النفس تتعلق بها مع ما فيها من نقص وآفات فمن باب أولى ستتعلق بهذه اللذة فى الدار الآخرة إذا لم يكن فيها آفة مكدرة.
وكنا نتدارس إخوتى الكرام العيوب والنقائص والآفات التى تكون فى الشهوة الجنسية فى هذه الحياة وقلت لذلك آفات كثيرة سنتدارس عشر آفات منها تقدم الكلام غالب ظنى على ثمان آفات ووقفنا عند الآفة الثامنة أسرد الآفات باختصار وأتكلم على ما لم نتكلم عليه فيما مضى الآفة الأولى تقدمت معنا إخوتى الكرام قلت صورة قضاء هذه الشهوة صورة ممتهنة الآفة الثانية لا يحصلها الإنسان إلا بتعب وكلفة الآفة الثالثة يترتب عليها تعب وكلفة عليه وعلى زوجه عند قضاء تلك الشهوة كما تقدم معنا يجهدها ويجهد نفسه ويجتهد فى ذلك الفعل الآفة الرابعة قلت إن هذه الشهوة لا تطيب إلا عند الحاجة وهذا من علامات النقص فيها فليست إذن شهوة حقيقية الآفة الخامسة قلت هذه الشهوة وسائر مشتهيات الدنيا حقيقتها تخلص من ألم بألم ودفع تعب بتعب وتخلص من حاجة بحاجة فليست هذه اللذة أيضا كاملة الآفة السادسة قلت مع ما فيها من هذه الآفات النفس لا يقنعها ما يكفيها وهذه هى دار الفقر ودار النقص ولذلك لو حصل منها ما حصل يتطلع ولا يشبع لكن فى الآخرة يوجد ما يشبعه ولا يتطلع إلى غير ما عنده الآفة الثامنة وهى التى كنا نتدارسها قلت يشارك الإنسان فيها الأشرار من بنى الإنسان كما يشاركه فيها البهيم من الحيوان والآفة التاسعة إنها زائلة والآفة العاشرة إذا وضعت فى غير محلها جرت الشقاء عليه وعلى الأمة والناس بأسرهم.
الآفة الثامنة: وهى آخر ما تدارسنه إخوتى الكرام قلت هذه الشهوة مما يدل على نقصها ووجود الآفات فيها أنه يشاركك فيها الغواة من العصاة يشاركك فيها المشركون والمشركات يشاركك فيها البهائم والعجماوات بل ربما كان نصيب تلك البهائم منها أكثر من نصيبك بكثير وواقع الأمر كذلك وقلت لكم إن حيوانا صغيرا وهو العصفور أكثر سفادا ووطأ من بنى آدم وهو أكثر الحيوانات على الإطلاق وأكثر المخلوقات على الإطلاق مباشرة وقضاء شهوة وهو صغير الحجم بمقدار ملىء الكف وهذا كما قلت مما يدل على نقص هذه الشهوة وهكذا كما قلت بقية الأمور التى فينا إذا افتخر الإنسان بقوته فالسباع أقوى منه وإذا افتخر يعنى تحمله وحمله فالبغال تتحمل أكثر منه وخلق الإنسان ضعيفا كما قال الله جل وعلا فإذن هذه الشهوة يشاركك فيها شرار الخلق ويشاركك فيها البهائم والمشاركة فى اللذة كما تقدم معنا من علامات النقص فيها وتضعف التلذذ بها لأنها ليست خالصة لك يشاركك فيها الأراذل يشاركك فيها الحيوانات العجماوات نعم إن مشاركة الأضداد لك فى المعنى فى أمر من الأمور يضغف قيمة ذلك الأمر عندك والكفار هم أضداد لنا فهم نجس بص القرآن إنما المشركون نجس والمؤمن طيب طاهر مطيب هذه اللذة اشتركنا معهم فيها هذا مما يضعف قيمتها عندنا مما يضعف القيمة عند الطيبين إن هذه اللذة شاركك فيها هؤلاء الأراذل وهكذا يشاركك فيها أضادك الذين هم فى الصورة والمعنى أيضا وهم الحيوانات أولئك أضداد لنا فى المعنى وصرتهم كصورتنا لكن حقيقتهم تخلف عن حقيقتنا فهم معادن نجسة وهنا معادن طيبة طاهرة وبعد ذلك يشاركك فيها من يخالفك فى الصورة والمعنى من الحيوانات العجماوات كما قلت هذا كله يضعف قيمة اللذة عندك أما هذه اللذة فى الآخرة لا يشاركك فيها حيوان بهيم ولايشاركك فيها كافر لئيم {قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك
نفصل الآيات لقوم يعلمون} ولذلك عندما يطلب أهل النار من الأبرار أن يفيضوا عليهم من الماء أو مما رزقهم الله فيقولوا إن الله حرمهما على الكافرين وحقيقة هناك لذة لا تنغيص فيها بوجه من الوجوه ثم ليس عند غيرك ما ليس عندك هناك {إنا أنشأناهن إنشاء فجعلاهن أبكارا} كما سيأتى فى وصفهن عربا أترابا فى ترب واحد فى سن واحدة متماثلات فلا تتطلع إلى ما عند غيرك الكل يعنى عنده ما يساوى ما عند غيره وعليه يستوون فى ذلك فلا تتطلع النفس إلى ما ليس عندها فعندها كما عند غيرها إذن لذة خالصة فى الحياة وأما هنا فليست خالصة وكما قلت هذا من علامات النقص فى هذه الشهوة.
الآفة التاسعة: هذه اللذة مهما طالت وصفت فهى زائلة فانية إذا طالت وصفت لك فلا منغص فيها ولا مكدر وهيهات هيهات فالمكدرات تحيط بها من جميع الجهات مع هذا أيضا لا تدوم زائلة ومنتهية وهذا هو حال الدنيا من أولها إلى آخرها وقد فضحها الموت فلم يترك لذى لب فيها فرحا حقيقة إنه هادم وهازم اللذات وكل لذة تتمتع بها يأتى الموت ويستأصلها ويذهبك عنها ويحول بينك وبينها إذن هذه اللذة مع ما فيها من نقص ليست دائمة وأما فى الآخرة فالأمر ليس كذلك وكما قلت هذه الشهوة تناسب حال هذه الدنيا التى هى دار الذل والعناء والبلاء والفقر والتعب والنكد هذه الدنيا تساق إليك عفوا أليس مصير ذلك إلى زوال بلى وما دنياك إلا مثل فىء أظلك ثم آذن بالزوال ثم آذن بالارتحال حال الدنيا من أولها لآخرها ذاك فىء تستظل به ثم يزول كظل تستظل به ثم يزول وهنا كذلك فهذه الشهوة إذن زائلة وأما شهوات الآخرة نعيم الآخرة هناك يا عبد الله تصح فلا تسقم وهناك يا عبد الله تشب فلا تهرم وهناك يا عبد الله تنعم فلا تبأس كما سيأتينا وهناك تتمتع فلا تتكدر وهناك تحيا فلا تموت فشتان شتان ما بين النعم واللذائذ والمشتهيات فى هذه الحياة وما بين ما يكون فى نعيم الجنات نسأل الله أن يجعل دار كرامته دار لنا بفضله ورحمته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
آخر المكدرات فى هذه الشهوة إن وضعت فى غير محلها فلا شىء من الضر يعدلها هذه لووضعت فى غير المكان الذى أمر الله أن توضع فيه يترتب عليها من البلاء ما هو عظيم فظيع لا شىء من الضر يعدل ضر وفساد وبلاء هذه الشهوة إن وضعت فى غير محلها تورث الأسقام أمراض فيك وفى من يضع الإنسان شهوته فيها مما لم يؤذن له أن يضع تلك الشهوة فيها أمراض وأسقام تحدث الشقاق والخصام تملأ الدنيا بأولاد الحرام توصل إلى النيران توجب مقت الرحمن وحقيقة إذا وضعت فى غير محلها فهى الفاحشة كما أخبر بذلك ذو الجلال والإكرام والفاحشة هى المعصية التى تناهت فى القبح عقلا وشرعا العقل يذمها والشرع يحرمها ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا أراد أن يتلذذ عن طريق ما حرم الله فابتلاه الله بالأمراض والأسقام بحيث إذا أراد بعد ذلك أن يتناول هذه الشهوة من طريق حلال لما استطاع هذه كله من علامات النقص فى هذه الشهوة وفى هذه اللذة وقد أشار نبينا صلى الله عليه وسلم إلى هذا الأمر وأخبرنا أن الفواحش إذا نتشرت فى الأمة يحصل بها الطاعون والأمراض الفتاكة التى لم تكن فى أسلافهم والحديث مروى عن عدة من الصحابة الكرام ثبت ذلك عن عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما فى سنن ابن ماجة ومستدرك الحاكم والحديث رواه البزار فى مسنده والبيهقى فى السنن الكبرى والإمام أبو نعيم فى حلية الأولياء وإسناده صحيح كما قلت من رواية عبد الله رضى الله عنهم أجمعين أن النبى صلى الله عليه وسلم أقبل عليه بوجهه الكريم المنور عليه صلوات الله وسلامه فقال يا معشر المهاجرين خصال خمس إذا ابتليتم بهن أعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة فى قوم إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم وهذا ما تعيشه الأمة فى هذه الأيام أرادوا أن يتعجلوا اللذة عن طريق ما حرم الله فسلط الله عليهم ما ينكد حياتهم من الإيدز والهربس والزهرى والسيلان وغير ذلك من الأمراض والأسقام لم تظهر
الفاحشة فى قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم فإذا أحدثوا معصية وعملوا فاحشة وتجاوزوا حدود الله نغص الله عليهم الحياة فى العاجل قبل الآجل والخصلة الثانية ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدو من غيرهم فيأخذ بعض ما فى أيديهم والخصلة الثالثة وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم والخصلة الرابعة لم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان والخصلة الخامسة لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا والشاهد معنا أول هذه الأمور الخمسة فلم تظهر الفاحشة فى قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم.
والحديث إسناده صحيح إخوتى الكرام كما قلت فى المستدرك وغيره صححه الحاكم وأقره عليه الذهبى والحديث روى من رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين فى معجم الطبرانى الكبير والسنن الكبرى للإمام البيهقى والحديث كما قال عنه الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الأول صفحة خمس وأربعين وخمسمائة قريب من الحسن وله شواهد قريب من الحسن هذه رواية عبد الله ابن عباس وله شواهد يشهد له رواية كما قلت عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين ولفظه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال خمس بخمس فقال الصحابة الكرام ما خمس بخمس يا رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال النبى عليه الصلاة والسلام ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم ولا فشت فيه الفاحشة إلا فشا فيهم الموت والموت بسبب الطواعين والأمراض والأسقام التى تنتشر فيهم ولا فشت فيهم الفاحشة الفواحش إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا الميزان إلا أخذوا بالسنين جمع سنة وهى القحط والجدب وما منع قوم الزكاة إلا منع القطر من السماء والخامسة ولا جار قوم فى الحكم إلا جعل الله بأسهم بينهم تصبح الخصومات بين الأمة والهرج والمرج والقتل ونسأل الله العافية من سخطه.
إذن روى أيضا من حديث عبد الله ابن عباس وروى من حديث بريدة رضى الله عنهم أجمعين رواه الإمام الحاكم أيضا فى مستدركه والبيهقى فى السنن الكبرى لكنه ذكر ثلاثة أمور فى رواية بريدة أولها عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال ما نقض قوم العهد إلا فشا القتل بينهم وهناك تقدم معنا إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم سلط الله عليهم عدوهم وهنا القتل ينتشر بينهم واجمع هذا مع الروايات التى تقدمت ويسلط الله عليهم أيضا عدوهم والخصلة الثانية وما ظهرت الفاحشة إلا سلط الله عليهم الموت هذا كرواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وراية ابن عمر كما تقدم معنا إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم والخصلة الثالثة وما منع قوم الزكاة إلا منعوا القطر من السماء ورواية بريدة صحيحة الإسناد كرواية عبد الله ابن عمر ورواية عبد الله ابن عباس كما قال الإمام المنذرى قريبة من الحسن يشهد لها رواية عبد الله عمر وبريدة رضى الله عنهم أجمعين.
هذه الشهوة إن وضعت فى غير محلها لا شىء من الضر يعدلها.
إخوتى الكرام: هذه الشهوة مع ما فيها من هذه النقائص والآفات النفس تتعلق بها آفات يعنى من بدايتها صورتها ممتنة إلى نهايتها إن وضعت فى غير محلها نشرت البلاء والأمراض والأسقام مع ذلك النفس تتعلق بها إذا كانت النفس تتعلق بهذه الشهوة مع ما فيها من آفات فحقيقة ينبغى أن تتعلق بهذه الشهوة التى تكون فى نعيم الجنات وليس هناك فيها آفة من الآفات فهذه الشهوة تذكرك بما يكون فى الدار الآخرة من لذة كاملة لا تنغيص فيها بوجه من الوجوه فإذا تعلقت بهذه اللذة الناقصة فإذا كنت عاقلا ينبغى أن تتعلق بها إذا كانت كاملة وهذا ما يكون فى الدار الآخرة إذن هذه اللذة تذكرنا باللذات التى تكون فى نعيم الجنات نعم هناك نكاح وهنا نكاح كما أن هناك مطاعم ومشارب وهنا مطاعم ومشارب لكن لا يوجد اتفاق بين ما فى الآخرة مما هو موجود فى الدنيا إلا فى الأسماء فقط أما المسميات والحقائق مختلفة كما ثبت هذا عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما والأثر ثابت عنه بإسناد صحيح رواه الإمام هناد ابن الثرى فى كتاب الزهد انظروا فى الجزء الأول صفحة تسع وأربعين وصفحة واحدة وخمسين ورواه الإمام الطبرى فى تفسيره فى الجزء الأول صفحة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ورواه الإمام أبو نعيم فى كتابه صفة الجنة وهو كتاب عظيم للإمام أبى نعيم صاحب كتاب حلية الأولياء وقد طبع الجزء الأول من كتاب صفة الجنة فى قرابة مائتى صفحة وهو عندى وما عندى علم عن بقية الأجزاء وقد ذكر الإمام أبو نعيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا هذا الأثر فى كتاب صفة الجنة فى صفحة ستين ومائة ورواه الإمام البيهقى فى كتاب البعث والنشور فى صفحة واحدة وعشرين ورواه الإمام المسدد فى مسنده كما نقل ذلك وعزا إليه الإمام ابن حجر فى المطالب العالية فى الجزء الرابع صفحة أربع وأربعمائة والأثر رواه مع هؤلاء الإمام ابن المنذر فى تفسيره وابن أبى حاتم فى تفسيره كما فى الدر المنثور فى الجزء الأول صفحة
ثمان وثلاثين.
ورواه أيضا الإمام الضياء المقدسى فى الأحاديث الجياد المختارة كما فى فيض القدير فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وإسناد الأثر إلى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما صحيح ولفظه قال ليس فى الدنيا مما فى الجنة إلا الأسماء والأثر روى عنه بلفظ ليس فى الجنة شىء مما فى الدنيا إلا الأسماء ليس فى الدنيا مما فى الجنة إلا الأسماء أى هناك نعم وهنا نعم هناك فاكهة ونخل ورمان وهنا فاكهة ونخل ورمان لكن الحقائق تختلف هناك طعام طيب إذا أكلته لا يتحول إلى فضلات رشح أطيب من المسك وهنا بعد ذلك كما سيأتينا فى صفة التمتع بنساء أهل الجنة من المؤمنات الصالحات ومن الحور الطيبات تمتع لا يعدله تمتع كما سأذكر وصف نساء أهل الجنة وكيفية التمتع بهن حقيقة تمتع وتمتع لكن البون بينهما كالبون بين الدنيا والآخرة تماما ولذلك لا يوجد شىء مما فى الجنة يشبه ما فى الدنيا إلا فى الأسماء فقط الأسماء واحدة هنا زوجة وهنا زوجة هنا وطء وهنا وطء وهنا فاكهة وهنا فاكهة لكن الحقائق مختلفة تمام الاختلاف إخوتى الكرام فهذه الشهوة مع ما فيها من نقص كما قلت النفس تتلعق بها وحقيقة هى أيضا أعظم اللذات والمشتهيات الحسية فإذا كان العاقل يتعلق بها مع ما فيها من نقص فإذا كان عاقلا كاملا ينبغى أن يصرف همته للتعلق بهذه الشهوة التى تكون فى دار كرامة الله ورضوانه فلا نقص هناك فيها بوجه من الوجوه.
إخوتى الكرام: هذه الآفات التى توجد فى هذه الشهوة الجنسية فى هذه الحياة حقيقة هى آفات ونقائص وهى مغارم وإذا استحضرها الإنسان قد يعرض عن النكاح الذى أحله الرحمن يقول يعنى تعب ونكد ويترتب عليها ما يترتب وقد زوجة تذبحه وقد ولد يقتله كما تقدم معنا فى هذه الشهوة كل هذا2652 نعرض عنه وأصرف همتى إلى ما عند ربى ولا أريد أن أتزوج فى هذه الحياة حقيقة إذا استحضر الإنسان المغارم قد يعرض عن ما فى الزواج من مغانم لكن الله حكيم وحقيقة قد يعرض بعض الناس عن هذه الشهوة فمن حكمة الله أن جعل الله هذه الشهوة فى النفس البشرية بماثبة سياط ملهبة تلسعه وتدفعه لإخرجها وإشباعها عن طريق ما أحل الله وإلا لم يكن فى النفس شهوة تنبعث من أجل إروائها وقضائها لربما يعنى إذا قلت يعنى أعرض أكثر الناس عن قضاء هذه الشهوة لما بالغت يقول أتحمل كل هذا النكد من أجل يعنى شهوة زائلة ومتعة قليلة وترتب عليها ما ترتب لكن جعل الله كما قلت هذه الشهوة سياط ملهبة تتلغه كما يلدغ العقرب الإنسان وتؤذيه إذا لم يخرجها فإن أخرجها عن طريق ما أحل الله سعد وحصل الخير مع ما فيها من نكد وهذه الحياة لا تخلو من نكد اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة هذه الحياة لا تخلو من نكد فإذن جعل الله الشهوة ليحث العباد بها إلى قضاء هذه الشهوة وإنجاب الذرية التى تعبد رب البرية ثم رتب الله أيضا أجورا عظيمة على قضاء هذه الشهوة ليتنافس الأكياس أيضا فى قضاء هذه الشهوة وتحصيل ما يترتب عليها من خيرات فالإنسان عندما يباشر أهله له أجر عند رب الأرض والسموات كما سيأتينا هذا من كلام نبينا خير البريات عليه صلوات الله وسلامه إذن سياكا ملهبة تدفعنا لإشباع هذه الشهوة ثم أجر من الله يحثنا أيضا لتحمل ما فى هذه الشهوة من آفات ومن نقائص ومن مكدرات إيثارا لمرضات الله على ما تهواه نفوسنا وعلى ما قد تعرض عنه بعض العقول ولذلك يقدم الإنسان رغبة الشرع على رغبته فقد هو يريد الإعراض
عن النكاح وقد يقاوم تلك السياط الملهبة قد لكن إذا استحضر الأجر العظيم الذى يحصله عند عشرته لزوجه يهون عليه أن يتحمل الكدر الذى فى هذه الشهوة.
ولذلك إخوتى الكرام بين لنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن فى قضاء هذه الشهوة أجرا عظيما عند الله جل وعلا ثبت فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم من رواية أصدق هذه الأمة لهجة سيدنا أبى ذر رضى الله عنه وأرضاه قال جاء ناس من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وهم الفقراء فى زمن النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فقالوا يا رسول الله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ذهب أهل الدثور بالأجور والدثور جمع دثر وهو المال الكثير أى ذهب أهل الأموال بالأجور العظيمة عند ذى العزة والجلال لم انتبه لهذه المنافسة الشريفة الطيبة يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم عندهم أموال شاركونا فى العبادة التى لا تحتاج إلى مال من صلاة وصيام لكن عندهم مال يتصدقون يعتقون وليس عندنا مال نتصدق فقال النبى عليه الصلاة والسلام: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ليست الصدقة قاصرة على الصدقة المالية هناك أمور كثيرة لكم فى فعلها ثواب الصدقة أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون إن لكم بكل تسبيحة صدقة سبحان الله تعدل صدقة عند الله جل وعلا وبكل تكبيرة صدقة وبكل تحميدة صدقة وبكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن المنكر صدقة ثم قال النبى عليه الصلاة والسلام وهذا آخر حديثه وفى بضع أحدكم صدقة وهى مباضعته لزوجه أى جماعه لزوجه وفى بضع أحدكم صدقة فاستغرب الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين هذه الشهوة يفعلها الإنسان ويؤجر عليها عند الرحمن فقالوا يارسول الله صلى الله عليه وسلم أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر هذه الشهوة والنفس تطلبها وتلذذ بها أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر فقال النبى عليه الصلاة والسلام أرأيتم لو وضعها فى حرام أكان عليه وزر لو وضع هذه
الشهوة فى الزنا فى اللواط نسأل الله العافية ما يأثم ويرتكب وزرا قالوا بلى فكذلك لو وضعها فى حلال كان له أجر إذن وفى بضع أحدكم صدقة فالمغانم التى فى النكاح والآفات التى فى النكاح قد يعرض الإنسان عن النكاح من أجلها وسلط الله عليه الشهوة من أجل أن يتزوج ورغبه بعد ذلك فى هذا الأجر الكثير الذى يحصله عند قضاء شهوته عن طريق ما أحل ما أحل الله.
وفى بعض روايات الإمام أحمد فى المسند قال نبينا عليه الصلاة والسلام وفى جماعك لزوجتك أجر وبعض الروايات فى المسند ومباضعتك امرأتك صدقة فقال الصحابة الكرام يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نأتى شهوتنا ونؤجر فقال عليه الصلاة والسلام أرأيتم لو وضعت هذه الشهوة وجعلت فى حرام أكان يأثم أى الذى يضعها فى حرام قالوا نعم فعلام تحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير يعنى إذا وضعت فى الحرام يأثم الإنسان وإذا وضعت فى الحلال يثاب عند ذى الجلال والإكرام.
قال الإمام ابن حبان فى صحيحه بعد رواية هذا الخبر انظروا فى الإحسان فى الجزء السادس صفحة خمس وثمانين ومائة يقول هذا أصل فى المقايسات فى الدين يعنى فى القياس السوى كما أن هذه الشهوة إذا وضعت فى الحرام تأثم فإذا وضعت فى الحلال تثاب وهذا من باب قياس العكس كما يسميه أئمتنا فإن وضعت فى الحرام أثمت وإن وضعت فى الحلال أثبت إذن وفى بضع أحدكم صدقة والحديث إخوتى الكرام يدل بظاهره.
كما قال الإمام ابن رجب الحنبلى فى جامع العلوم والحكم صفحة أربع وعشرين ومائتين يدل بظاهره على أن الإنسان يؤجر فى إتيان أهله من غير نية يعنى لو لم ينوى نية حسنة ومن باب أولى لا يجوز أن ينوى نية سيئة هذا لا إشكال فيه لكن ما له نية يعنى لو قدر أنه باشر أهله دون أن يكون له نية فى إنجاب ذرية تعبد الله أو فى تذكر لذة الآخرة وما أيضا قصد نية سيئة أراد أن يأتى ولد ليكون شريرا يقال يعلمه على الفساد لا ما نوى خيرا ولا شرا يقول ظاهر الحديث يثاب ويؤجر الإنسان عند قضاء هذه الشهوة وإن لم يكن له نية وفى بضع أحدكم صدقة يدل بظاهره على أنه يؤجر الإنسان عند إتيان أهله من غير نية ثم قال وإلى هذا ذهب طائفة من المسلمين ثم نقل عن أبى سليمان الدارانى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أنه قال من عمل عمل خير من غير نية كفاه نية اختياره الإسلام لأن أمر المسلم محمول دائما على السداد والكمال والخير والفضيلة فمن عمل عملا من غير نية وما أراد به شرا يثاب عليه وتكفيه نية العامة وهى اختياره الإسلام دينا فهو إذا ذهل عن النية وفعل ما أبيح له وما رغب فيه وما رتب عليه أجر يحصل ذلك الأجر نعم إذا نوى تتضاعف أجوره عند الله جل وعلا إذن إذا حصلت هذه المباضعة حتى من غير من نية يثاب الإنسان عند فعلها فسبحان الكريم الذى أغدق علينا الثواب العظيم.
إخوتى الكرام: وكما قلت هذه صدقة تعدل الصدقات المالية وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن كل واحد من بنى آدم إذا أصبح ينبغى أن يتصدق على كل عضو سليم منه بصدقة شكرا لله جل وعلا على هذه النعم التى منحه إياها وجعلها تعيش معه فى كل يوم كل عضو سليم ينبغى أن تتصدق عنه كل يوم بصدقة والإنسان فيه كما ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام فى مسند الإمام أحمد والحديث فى سنن أبى داود وصحيح ابن حبان وإسناده صحيح من رواية بريدة رضى الله عنه فيه ثلاثمائة وستون مفصلا إذن ينبغى أن يتصدق بثلاثمائة وستين صدقة كل يوم وحقيقة هذا يعنى إذا المراد منه الصدقات المالية صعبة فانظر لتوسعة النبى عليه الصلاة والسلام على أمته.
ثبت فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن أبى داود والحديث رواه الإمام البيهقى فى السنن الكبرى وأبو عوانة فى مستخرجه من رواية أبى ذر أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة كل عضو سليم إذا أصبح عندك وفى بدنك ينبغى أن تشكر الله عليه بصدقة يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ثم بين النبى عليه الصلاة والسلام هذه الصدقات التى هى شكر لهذه الأعضاء فى الجسد فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونى عن المنكر صدقة ثم قال النبى عليه الصلاة والسلام ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما الإنسان عند الضحى ركعتا الضحى تجزءان عن هذه الصدقات وفى رواية أبى داود فى هذا الحديث وهذه ليست ثابتة فى صحيح مسلم إنما فى رواية أبى داود بعد أن ذكر ما تقدم فى كل تسبيحة وتحميدة قال النبى عليه الصلاة والسلام وفى بضعة أهله صدقة أى مباضعته لأهله جماعه لأهله وفى بضعة أهله صدقة فقال الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين يقضى أحدنا شهوته ويكون له عليها أجر فقال النبى عليه الصلاة والسلام إذا وضعها فى حرام كان عليه وزر فكذلك لو وضعها فى حلال كان له أجر.
هذه الرواية كما قلت فى سنن أبى داود الحديث كما قلت فى صحيح مسلم وغيره وليس فيه هذه الزيادة التى فى رواية أبى داود ولفظ رواية أبى داود يصبح على كل سلامى من بنى آدم صدقة تسليمه على من لقى صدقة وأمره بالمعروف صدقة ونهيه عن المنكر صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة وبضعة أهله صدقة ويجزىء من ذلك ركعتان من الضحى قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدنا يقضى شهوته فتكون له صدقة قال أرأيت لو وضعها فى غير حلها ألم يكن يأثم.
وفى رواية فى أبى داود أكان يأثم نعم يأثم وعليه إذا وضعها فى حلها يؤجر كما قلت لفظ الحديث فى المسند وصحيح مسلم ومن خرج الحديث ليس فيه هذه الزيادة هذه ثابتة فى سنن أبى داود بإسناد صحيح نعم إخوتى الكرام إن الوطء الحلال من خلق كرام الرجال ويحصلون عليه أجرا كبيرا عند ذى العزة والجلال وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يوجه الأمة إلى ذلك ويخبرهم أن من أماثل أعمالهم من أفاضلها وطء النساء عن طريق ما أحل الله جل وعلا ثبت الحديث بذلك فى مسند الإمام أحمد ومعجم الطبرانى الكبير والحديث إثباته إسناده ثقات من رواية أبى كبشة الأنمارى رضى الله عنه وأرضاه قال كان النبى صلى الله عليه وسلم بين أصحابه معنا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فدخل إلى بيته ثم خرج وقد اغتسل عليه صلوات الله وسلامه فقال له الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه قد كان شىء حصل شىء دخلت وخرجت وعليك أثر الغسل قد كان شىء ما الذى طرأ فقال عليه الصلاة والسلام نعم مرت بى فلانة فوقع فى قلبى شهوة النساء مرت بى فلانة امرأة من النساء فوقع فى قلبى شهوة النساء فأتيت بعض أزواجى فأصبتها ثم قال النبى عليه الصلاة والسلام فكذلك فافعلوا فإن من أماثل أعمالكم إتيان الحلال فإن الحلال هذا من أماثل وأفاضل وخير وأحسن أعمالكم تعف نفسك وتحصل أجرك وتعف زوجك ويترتب على ذلك مغانم كثيرة نعم هناك آفات هذه الحياة لا تخلو من آفات فإن من أماثل أعمالكم إتيان الحلال وهذا فعله نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث كما قلت فى المسند ومعجم الطبرانى من رواية أبى كبشة رضى الله عنه وأرضاه قد تكرر هذا مع النبى عليه الصلاة والسلام مرارا وكان يوجه أصحابه الكرام إلى هذا الأمر.
ثبت الحديث أيضا بذلك فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم والحديث فى سنن أبى داود والترمذى والسنن الكبرى للإمام البيهقى من رواية جابر ابن عبد الله رضى الله عنهما ولفظ حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهى تمعس منيئة له تمعس أى تدلك بمعنى تدبغ جلدا للنبى عليه الصلاة والسلام جلد تمعسه أى تدبغه وتصلحه بالقرر وغيره وهى تمعس منيئة له فقضى حاجته منها يعنى تركت الجلد ثم أصاب النبى عليه الصلاة والسلام زوجه وقضى حاجته وتقدم معنا أن الإنسان إذا طلب زوجته وهى على التنور وإن كانت على ظهر قتب ينبغى أن تجيبه فقضى حاجته ثم خرج عليه صلوات الله وسلامه إلى أصحابه فقال إن المرأة تقبل فى صورة شيطان وتدبر فى صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما فى نفسه هذا فعله نبينا صلى الله عليه وسلم.
وفى رواية الترمذى فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن معها مثل الذى معها فنفسك لا تتعلق بالحرام فعند زوجتك ما عند تلك.
وفى رواية أبى داود أن نبينا المحمود عليه صلوات الله وسلامه رأى امرأة فدخل على زينب بنت جحش فقضى حاجته منها ثم خرج إلى أصحابه فقال لهم إن المرأة تقبل فى صورة شيطان فمن وجد ذلك فليأت أهله فإنه يضمر ما فى نفسه يضمر ما فى نفسه يعنى يضعفه ويذهبه.
وفى رواية لمسلم أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحدكم إذا أعجبته المرأة فوقعت فى قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما فى نفسه وقد بوب على هذا الحديث أئمتنا أبوابا يشيرون بها إلى المعنى الذى يؤخذ من الحديث الإمام النووى بوب على هذا فى تبويبه لصحيح مسلم وقلت لكم فى بعض المواعظ السابقة الإمام مسلم له عناوين الكتب يعنى كتاب النكاح كتاب الإيمان أما ما يوجد فى داخل الكتاب من تراجم الأبواب هذه ليست من وضع الإمام مسلم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا من وضع الشراح ومنهم الإمام النووى ،الإمام النووى بوب على هذا الحديث فى كتاب النكاح من صحيح مسلم فقال باب ندب من رأى امرأة فوقعت فى نفسه إلى أن يأتى امرأته أو جاريته فيواقعها وبوب عليه أبو داود هذا من تبويبه فى كتاب النكاح فقال باب ما يؤمر من غض البصر وبوب عليه الترمذى فى النكاح فقال باب ما جاء فى الرجل يرى المرأة تعجبه يعنى ماذا يفعل يذهب إلى أهله فإن ذلك يرد ما فى نفسه وبوب عليه الإمام البيهقى فى السنن الكبرى فى الجزء السابع صفحة تسعين فقال ما يفعل إذا رأى من أجنبية ما يعجبه وقول النبى عليه الصلاة والسلام فى الحديث المرأة تقبل فى صورة شيطان وتدبر فى صورة شيطان أى أن هذه المرأة إذا أقبلت إليك النفس تشتهيها وتميل إليها وتغريك للفاحشة إقبالها يغريك وهكذا إدبارها عنك يغريك فإذا رأيتها من أى الجهات تعلقت بها والإغواء والإغراء بالفاحشة هذا من صنع الشيطان فإذا أدبرت هذا الشيطان يعنى يغريك بالفاحشة عند إقبالها وعند إدبارها ولذلك انتبه وحصن نفسك.
قال الإمام النووى يستنبط من هذا الحديث أنه ينبغى للمرأة ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة انتبهوا لهذا الحكم إخوتى الكرام وهذه واقعة تقع فى العصر الأول ونبينا عليه الصلاة والسلام قلبه أطهر القلوب سن لنا هذا إذا حصل لنا ومع ذلك ينبغى أن نعى هذا الأمر يستنبط من هذا أنه ينبغى للمرأة ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة وحقيقة من قلة حياء النساء ومن قلة مروءة الرجال أن تتجول النساء بين الرجال فى الأسواق والشوارع كما هو الحال فى هذه الأيام نعجب لهذه الأمة ما بقيت تغار على أعراضها ألا تستحيون ألا تغارون النساء يخالطن الرجال فى الشوارع والأسواق ويخالطن الصالح والطالح إلى الله نشكو أحوالنا وأمورنا.
وأخبرنى مرة بعض الأخوة الكرام يقول أحيانا يكون الإنسان مع زوجه فى السيارة ويقف أمام باب المطعم هى التى تملى على صاحب المطعم ما تريد ليحضر لهذه السيارة لزوجها وزوجها فقط جالس ينتظر ماذا تطلب سبحان ربى العظيم يستنبط من هذا أنه ينبغى لها ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة وأنه ينبغى للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقا نعم لا يجوز أن تنظر إلى ملاءة وجلباب المرأة وإن كانت متحجبة إذا رأيت امرأة غض البصر غض البصر وما يقوله بعض السفهاء فى هذه الأيام من أن المرأة يباح لها أن تكشف الوجه لأن الله يقول قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم فلو لك يكن الوجه مكشوفا عن أى شىء نغض أبصارنا سبحان ربى العظيم على هذا الفهم المعكوس المنكوس يعنى هو فقط المرأة إذا أظهرت وجهها ينبغى أن تغض النظر عنها هذا لا ثم لا امرأة تمشى لا تنظر إليها لعبت الرياح بثوبها إياك أن تتأمل بعد ذلك ما يبدو من بدنها يعنى لازم يعنى الوجه يبدو حتى الرجل يغض البصر من قال هذا فإذن هنا ينبغى للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقا هذا ما ما يستنبط من هذا الحديث إخوتى الكرام وهذه الواقعة تكررت أيضا مع نبينا عليه الصلاة والسلام كما فى رواية أبى كبشة ورواية جابر ابن عبد الله ثبت أيضا معنى ذلك مع زوجة أخرى من أمهاتنا أزواج نبينا على نبينا وعليهن صلوات الله وسلامه روى ذلك الإمام الدارمى فى سننه فى الجزء الثانى صفحة ست وأربعين ومائة من رواية عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه قال رأى النبى صلى الله عليه وسلم امرأة فأعجبته فأتى أمنا سودة وهناك زينب رضى الله عنهن أجمعين فأتى أمنا سودة وهى تصنع طيبا تصنع يعنى سيئا تتطيب به وعندها نساء معها نسوة فأخلينه أى النساء انصرفن خرجن وجعلن النبى عليه الصلاة والسلام يخلو بزوجه بأمنا سودة فقضى حاجته ثم قال أيما رجل رأى امرأة تعجبه فليقم إلى أهله فإن معه مثل الذى معها.
إذن لأخوتى الكرام النكاح شهوة النكاح مع ما فيها من آفات كما قلت جعل الله الشهوة فينا من أجل إرواء تلك الشهوة ومن أجل تحصيل الخيرات فى تلك الشهوة ومن استحضر المغانم والآفات التى فى تلك الشهوة قد يعرض عنها فسلط الله عليه الشهوة ثم مع ذلك جعل الله أجرا عظيما عندما يباشر تلك الشهوة فإذن لك أجر الصدقة وشهوة بعد ذلك تستحثك وتدفعك إلى إشباعها وإروائها لكن من استحضر تلك الآفات كما قلت بدون هذين الأمرين حقيقة قد يعرض عن شهوة النكاح وشهوة الجنس قد يعرض فجعل الله هذه الشهوة تدفعه إلى إروائها وإشباعها وجعل الله له بعد ذلك أجرا عظيما على قضائها ومن أماثل أعمال الرجال قضاء الشهوة عن طريق الحلال ولذلك إخوتى الكرام هذه الشهوة عبى تحتها حياتان كما قال أئمتنا الكرام حياة حاضرة وحياة مستقبلة أما الحياة الحاضرة فالذرية والأولاد لا يمكن أن توجدإلا بواسطة قضاء الشهوة وعندما تقضى هذه الشهوة تتذكر لذة الآخرة فهذا يدفعك إلى فعل الطاعات وترك المنكرات إلى أن تنعم فى نعيم الجنات وسبحان من جعل حياتين حياة عاجلة وحياة آجلة تحت هذه الشهوة المنقضية الزائلة وقد أشار أئمتنا إلى هذا يقول الإمام الغزالى عليه رحمة الله فى إحياء علوم الدنيا فى الجزء الثالث صفحة ست وتسعين يقول اعلم أن شهوة الوقاع سلطت على الإنسان لفائدتين.
الفائدة الأولى أن يدرك لذته لذة الوقاع فيقيس به لذات