المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

زواج المؤمنين في جنات النعيم (بحث)   للشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان زواج المؤمنين في جنات النعيم   السلام - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ١٥٣

[عبد الرحيم الطحان]

فهرس الكتاب

زواج المؤمنين

في جنات النعيم

(بحث)

للشيخ الدكتور

عبد الرحيم الطحان

زواج المؤمنين

في جنات النعيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.

سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد إخوتى الكرام..

ص: 1

لازلنا نتدارس وصف القاصرات فى أحاديث نبينا خير البريات عليه صلوات الله وسلامه وتقدم معنا أن هذا المبحث ساقنا إليه بحث استطرادى ضمن مباحث النبوة ألا وهو مقاصد النكاح وتقدم معنا من مقاصد النكاح حكمه تذكر لذة الآخرة وعند هذه الحكمة بحثت فى أحوال الحوريات الحسان اللائى يكن فى غرف الجنان فذكرت ما وصفهن به ربنا الرحمن فى آيات القرآن وما ورد من وصفهن فى أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام وباختصار أعطاهن الله الكمال فى خلقهن وفى أخلاقهن فهن مطهرات من كل آفة حسية أو معنوية إخوتى الكرام وعند المبحث فى ذلك تقدم معنا أن الله يمن على عباده الموحدين فى جنات النعيم بعدد كثير عظيم من الحور العين وما ورد من أن الواحد يتزوج زوجتين أو سبعين أو ثنتين وسبعين أو أن له كما تقدم معنا خيمة من لؤلؤة مجوفة له فيها أهلون يطوف عليهن فلا يرى بعضهم بعضا أو أن السحابة تمر كما تقدم معنا فى كلام كثير ابن مرة فتقول يا أهل الجنة ماذا تريدون أن أمطركم فما طلبوا شيئا إلا أمطرتهم إياه قال كثير ابن مرة كما تقدم معنا لئن أشهدنى الله ذلك لأقولن لها أمطرى علينا جوارى مزينات وخلاصة ما قلته حول هذه الأحاديث الثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام أن ذكر القليل لا يتنافى مع الكثير والله يغدق على عباده ما شاؤوا وما أرادوا وما أحبوا لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد وقلت هذا الجواب هو فيما يظهر أسد الأجوبة فى هذا الموطن وفيما يشبهه عندما يرد معنا أعداد مختلفة فالجمع بينها أنه لا تعرض بينها لدخول القليل فى الكثير والعلم عند ربنا الجليل وهذا الجواب هو الذى يميل إليه شيخ الإسلام الإمام النووى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى مثل هذه المباحث وقلت إن هذا الجواب أولى من جواب الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا عندما قرر فى الفتح فى الجزء السادس صفحة خمس وعشرين وثلاثمائة فذهب إلى أن الزوجتين يكونا للموحد المؤمن فى الجنة من أهل

ص: 2

الدنيا زوجتان من أهل الدنيا وما زاد على ذلك فهذا من الحوريات وعليه له اثنتان وسبعون له أكثر من ذلك أربعة آلاف له ما يشاء هذا كله من الحوريات الحسان لكن لكل واحد زوجتان من نساء الدنيا هذا ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر فى الفتح ثم ذكر جوابين آخرين فقال يمكن أن تكون أيضا التثنية من باب التنظير والمشاكلة لقول الله ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم قال ذواتا أفنان فيهما عينان تجريان فيهما عينان نضاختان هذه التثنية يقول هنا التثنية أيضا لكل واحد منهم زوجتان لا يراد منها حقيقة العدد إنما يراد المشاكلة بين هذه الصيغة وصيغة عينان تجريان وهناك عيون كثيرة جارية فجاءت التثنية من باب المشاكلة اللفظية ثم استبعد الحافظ ابن حجر هذا ثم ذكر جوابا ثالثا فقال يمكن أن تكون التثنية للتكثير والتعظيم ولا يراد منها حقيقة العدد الذى هو بين الواحد والثلاثة قال وهذا كقولهم لبيك وسعديك لا يريد أننى أطيعك مرة بعد مرة فقط إنما لبيك وسعديك صيغة تثنية والمراد طاعة لك بعد طاعة إلى ما لا نهاية له وإسعادا لك بعد إسعاد إلى ما لا نهاية له من ألب بالمكان إذا أقام على ما يريد الآمر فإذا أنا يعنى طوع أمرك أنفذ ما تريد وأنا عبد لك لبيك فأتى بصيغة التثنية ولا يراد من ذلك العدد المحصور بين الواحد والثلاثة أى طاعة لك بعد طاعة فقط لا طاعة بعد طاعة إلى ما لانهاية له فأنا مطيع لك فى جميع أحوالى فالصيغة صيغة تثنية والمراد منها التكثير والتعظيم هذه ثلاثة أجوبة ذكرها الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا واختار الأول وهو أن ما ورد من زوجتين فهذا من نساء أهل الدنيا والزائد على ذلك من الحور العين وسيأتينا فيما يظهر لى والعلم عند ربى أن هذا القول فيه بعد مع جلالة من قال به لأنه ورد لكل واحد زوجتان من نساء أهل الدنيا وورد له زوجتان من الحور العين وورد ما هو أكثر من ذلك فلابد إذن من أن نجمع لأن هذا كما قلت عددا ولا مفهوم له لا يعنى

ص: 3

أنه إذا حصل له هذا العدد لا يحصل له ما زاد عليه لا ثم لا.

وأما الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتابه حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح فى صفحة ستين ومائة فقد يعنى أبعد كثيرا فى القول فذكر ثلاثة احتمالات لهذه الأعداد المختلفة فى عدد النساء اللائى يتزوج بهن الموحد فى جنات النعيم فقال وهو الاحتمال الأول الذى أورده يقول الأحاديث الصحيحة صرحت بأن لكل منهم زوجتين وليس فى الصحيح زيادة على ذلك هذا الوارد فى الصحيحين مع أنه سيأتينا فى آخر كلامه.

وتقدم معنا خبر الصحيحين وهو آخر ما ذكرته حديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه وهو فى المسند وسنن الترمذى أيضا وغير ذلك وإن للمؤمن لخيمة مجوفة من لؤلؤة للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم فلا يرى بعضهم بعضا إذن ليس زوجتان أهلون فهو يقول أحاديث الصحيحة مصرحة بأن لكل منهم زوجتان ثم قال وأما الأحاديث الزائدة فإن كانت محفوظة نجمع بينها وبين ما فى الصحيح فنقول ما فى الصحيح لكل منهم زوجتان أى الزوجة التى هى زوجة حقيقة سواء من نساء أهل الدنيا أو من الحوريات وما زاد على ذلك فهو من السرارى والإماء والخدم ولسن من باب الزوجات هذا الجواب الأول يقول إن ثبت هذا فى الأحاديث وصحت فهذا الزيادة على الزوجتين على الثنتين هن من باب السريات من باب الإماء من باب الخدم لا أنه زوجات.

ثم أورد احتمالا ثانيا أبعد من الأول بكثير فقال لعل النبى عليه الصلاة والسلام ذكر أن كل واحد له زوجتان ويعطى قوة سبعين أو أكثر فى الجماع مع إنه ليس له إلا زوجتان فتصرف بعض الرواة فى حديث نبينا خير البريات عليه الصلاة والسلام فبدل من يقول أنه يعطى قوة سبعين قال يزوج بسبعين فقال هذا لعله من باب تصرف الرواة.

ص: 4

ثم الاحتمال الثالث الذى ذكره قال لعل هذا التفاوت فيما بينهم إن ثبتت به الأحاديث وهى ثابتة لتفاوتهم فى الدرجات فبعضهم له زوجتان وبعضهم له اثنتان وسبعون وبعضهم له سبعون وبعضهم أربعة آلاف على حسب درجاته ومنزلته عند ربه جل وعلا وختم الكلام بقوله ولا ريب بأن للمؤمن أكثر من اثنتين لحديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه.

وأنا أقول معلقا على كلام شيخ الإسلام الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أما الاحتمال الأول الذى ذكره وهو أن الأحاديث الصحيحة صرحت بأن لكل واحد زوجتين والزائد كما قلت إن ثبت فنقول هذا من باب السريات والإماء فأقول لا فارق بين أحاديث الصحيحين وغيرهما إذا صحت فإذا صحت الكل كلام النبى عليه الصلاة والسلام ينبغى أن نأخذ به والأحاديث الصحيحة سواء كانت فى المسند أو فى الصحيحين إذا صحت فلا داعى بعد ذلك أن نقول ما فى الصحيحين يحمل على أنه زوجة وما فى المسند يحمل على أنه سرية تقدم معنا أحاديث صحيحة متعددة بأن للمؤمن أكثر من زوجتين فى جنات النعيم فهذا الاحتمال بعيد.

وأبعد منه فتح باب توهيم الرواة وتخطئتهم بدون بينة ولا برهان لا يعول عليه ولا يجوز أن نفتح هذا الباب قطعا ولا يحل لنا أن نقول به يقول لعل الرواة أخطأوا وتصرفوا بدل من أن يقولوا يعطى الواحد قوة سبعين قالوا يعطى سبعين زوجة هذا فى الحقيقة كما قلت فتح باب تخطئة الرواة بدون مبرر خطأ.

ص: 5

الأمر الثالث قوله يتفاوتون فى المنزلة نعم يتفاوتون وإذا تفاوتوا فلكل واحد على حسب منزلته لكن لا يعنى أن واحد منهم يقتقر على زوجتين لا يتفاوتون الجواب المعتمد أن نقول ذكر القليل لا يتنافى مع الكثير ثم هم يتفاوتون فى ذلك لا مانع أن يكون عند بعضهم عشرة آلاف وعند بعضهم ألف لكن ليس الواحد واحد منهم له زوجتان فقط لا الأحاديث صرحت بأنه كما تقدم معنا أدنى أهل الجنة له اثنتان وسبعون كما تقدم معنا ويوجد أعداد زائدة فلا يجوز إذن نقول يتفاوتون فبعضهم زوجتان بعضهم اثنتان وسبعون بعضهم مائة بعضهم ألف لا ثم لا نقول ذكر القليل لا يتنافى مع الكثير ثم هم يتفاوتون حتما فيما بينهم على حسب رغبتهم فإذا كان الواحد منهم ككثير ابن مرة رضى الله عنه وأرضاه يريد أن تمطره السحاب جوارى مزينات يعطيه الله من الحوريات ما شاء وإذا كان الواحد منهم لا يريد عددا كثيرا على حسب ما يطلب لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد.

إخوتى الكرام: والأحاديث الصريحة الصحيحة فى ذلك كثيرة فيأتينا بعد حديث عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه أننى ذكرته وقلت الذى ذكرته فى آخر الموعظة المتقدمة وقلت سأقرأه من الكتاب يأخذ معنا صفحتين بعده سأذكر عدة أحاديث منها ما يتعلق بالشهداء بأن الواحد منهم له أكثر من زوجتين وهذا ثابت عن نبينا سيد الكونين على نبيناوآله وصحبه صلواته الله وسلامه.

ص: 6

إخوتى الكرام: الحديث كما قلت فى مجمع الزوائد وقلت لكم انظروه فى الجزء العاشر فى صفحة أربعين وثلاثمائة إلى صفحة ثلاث وأربعين وثلاثمائة الحديث أورده فى قرابة الصفحتين ونصف والحديث كما سيأتينا إخوتى الكرام حديث صحيح ثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم رواه الإمام الطبرانى من طرق فى معجمه الكبير ورجال أحدها رجال الصحيح كما قال الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء العاشر صفحة ثلاث وأربعين وثلاثمائة قال غير أبى خالد الدالانى وهوثقة جميع رجال الإسناد رجال الصحيح غير أبى خالد الدالانى وهو ثقة وسأتينا ذكر أبى خالد الدالانى وترجمته إن شاء الله وقد نص شيخ الإسلام الإمام الهيثمى على تصحيح هذا الحديث فى مكانين فى هذا المكان الذى ذكرته لكم فى باب جامع فى البعث وذكره بعد ذلك أيضا فى باب أدنى أهل الجنة منزلا وآخر من يدخلها ثم قال تقدم حديث صحيح طويل رواه ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه ذكرته فى جامع فى البعث أى فى باب فيما يتعلق بأمر البعث.

ص: 7

والحديث صححه شيخ الإسلام الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة ست وخمسمائة وعزاه إلى الطبرانى فى معجمه الكبير كما هنا وإلى ابن أبى الدنيا وإلى مستدرك الحاكم ثم قال الإمام المنذرى هكذا رىو عن ابن مسعود رضى الله عنه مرفوعا يعنى إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وأحد طرق الطبرانى رجاله رجال الصحيح إسناده صحيح واللفظ له اللفظ الذى ساقه فى الترغيب والترهيب ثم نقل عن الحاكم فى المستدرك قال وقال الحاكم صحيح الإسناد قال الإمام المنذرى وهو فى صحيح مسلم بنحوه باختصار عنه يعنى هذا الحديث مروى فى صحيح مسلم مختصرا ورواية الحاكم انظروها فى المستدرك فى الجزء الرابع صفحة تسع وثمانين وخمسمائة إلى اثنتين وتسعين وخمسمائة قال الإمام الحاكم فى المستدرك رواة هذا الحديث ثقات عن آخرهم غير أنهما يعنى الشيخين البخارى ومسلم لم يخرجا لأبى خالد وهو أبو خالد الدالانى وسيأتينا ترجمته يقول لم يخرجا لأبى خالد لما ذكرته من انحرافه عن السنة فى ذكر الصحابة كان أحيانا يعنى عندما يذكرهم لا يقف موقف أهل السنة الكرام نحو الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين قال الإمام الحاكم فأما الأئمة المتقدمون فكلهم شهدوا له بالصدق والإتقان والحديث صحيح والحديث رواه مع من تقدم ذكرهم الطبرانى فى معجمه الكبير وابن أبى الدنيا والحاكم ورواه اسحاق ابن راهويه فى مسنده كما فى المطالب العالية لشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر فى الجزء الرابع صفحة سبع وستين وثلاثمائة وقال هذا إسناد صحيح متصل رجاله ثقات هذا كلام الحافظ ابن حجر فى المطالب العالية عزاه لاسحاق ابن راهويه والحديث أيضا رواه الإمام عبد الله ولد سيدنا الإمام أحمد ابن حنبل عليهم جميعا رحمة الله فى كتاب السنة فى الجزء الثانى صفحة عشرين وخمسمائة ورواه الإمام الدارقطنى فى كتاب الرؤيا انظروه فى خمس صفحات برواياته وأسانيده من صفحة خمس وثلاثين ومائة إلى صفحة أربعين ومائة ورواه

ص: 8

الإمام الآجورى فى كتاب الشريعة صفحة أربع وستين ومائتين ورواه البيهقى فى البعث والنشور صفحة اثنتين وخمسين ومائتين ورواه عبد ابن حميد فى مسنده وابن مردويه فى تفسيره كما فى الدر المنثور فى الجزء السادس صفحة ست وخمسين ومائتين.

فإذن رواه جم غفير الطبرانى فى المعجم الكبير ابن أبى الدنيا الحاكم فى المستدرك إسحاق ابن راهويه عبد الله ابن الإمام أحمد فى كتاب السنة الدارقطنى فى الرؤيا البيهقى فى البعث والنشور الآجورى فى الشريعة أوليس كذلك عبد ابن حميد فى مسنده ابن مردويه فى تفسيره وصححه جم غفير من أئمتنا الحاكم والمنذرى والهيثمى وشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر عليهم جميعا رحمة الله جل وعلا ولفظ الحديث إخوتى الكرام أذكره بطوله وإن كان يعنى محل الشاهد منه مختصر لكن لا أريد أن أفصل هذا المختصر الذى هو محل الشاهد عن هذا الحديث وهذا الحديث يذكرنا بما سنقابله عند بعثنا وحشرنا ونشرنا ونسأل الله أن يحسن ختامنا وأن يجعل خير أيامنا يوم لقاه أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين ونحن إخوتى الكرام لا زلنا كما قلت فيما يشوق فى الجنة وفيما يكون فيها وهذا كذلك يبين لنا ما لله من فضل على عباده المؤمنين وما يظهر منه من عدل بين الخلق أجمعين عندما يجمعهم ليوم تشخص فيه الأبصار وأئمتنا كانت الآخرة دائما نصب أعينهم وتقدم معنا عددا من الصالحين عندما شوقوا اشتاقوا فرأوا الحور العين تقدم معنا هذا عدد من الصالحين وكان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين قلوبهم متعلقة بالآخرة يعنى الواحد منهم إذا نام تراه بعد ذلك فى عرصات الموقف وفى غرف الجنان وهذا كان يقع بكثرة يعنى للرجال وللنساء أيضا فى العصر الأول لطهارة القلوب يتذكرون الدار التى سيأولون إليها وهى الدار الثالثة التى سيمكثون فيها ولا ينتقلون.

ص: 9

والإنسان يسكن فى ثلاثة دور فى دار الدنيا وهى عاجلة زائلة فى دار البرزخ وهى حاجز بين الدنيا والآخرة ثم فى دار البقاء إما فى جنة وإما فى نار نسأل الله حسن الخاتمة الصحابة هممهم تتعلق بذلك.

فهذا الحديث يذكرنا بما يستقبلنا فلعلنا بعد ذلك نشغل أنفسنا بما سنؤول إليه فيصبح حالنا كحال سلفنا رضوان الله عليهم أجمعين يروى الإمام أحمد فى كتاب المسند عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وانظروه إن شئتم فى المسند إخوتى الكرام فى الجزء الثالث صفحة خمس وثلاثين ومائة وصفحة سبع وخمسين ومائتين أورده فى مكانين من مسند سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه والأثر رواه الإمام النسائى فى السنن الكبرى وأبو يعلى فى مسنده ورواه البيهقى فى دلائل النبوة إن شئتم انظروه فى الدلائل فى الجزء السابع صفحة سبع وعشرين ورواه الإمام الضياء المقدسى فى كتاب صفة الجنة وصحح إسناده كما رواه عبد ابن حميد فى مسنده وقد حكم على إسناده شيخ الإسلام الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء السابع صفحة خمس وسبعين ومائة فقال رجال إسناده رجال الصحيح والحديث كما قلت يعنى يحرك هممنا لأن نشتاق إلى ما عند ربنا يقول أنس رضى الله عنه وأرضاه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الصالحة فكان أحيانا يقول لأصحابه عليه صلوات الله وسلامه ورضى الله عن الصحابة أجمعين أيكم رأى رؤيا فإذا عرض أحدهم عليه رؤياه سأل عنه فإن قالوا لا بأس به يعنى هو من الصالحين كان رسولنا صلى الله عليه وسلم أعجب لرؤياه يعنى يعجب بها ويطمئن إليها فمرة سأل أصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وعلى نبينا وآله وصحبه صلواته وسلامه عن رؤيا رأوها فقالت امرأة رضى الله عنها وأرضاها رأت كأنها دخلت الجنة انظر لهذه الهمة العالية العلية قالت دخلت الجنة فسمعت وجبة فيها ارتجت منها الجنة بأثرها دخلت ووقع فيها وجبة يعنى صيحة ووقعة مثل صاعقة فالجنة ارتجت يقول فجىء باثنين عشر رجلا من

ص: 10

أصحابك يا رسول الله عليه الصلاة والسلام وسمتهم واحدا واحدا وكان هؤلاء قد أرسلهم نبينا عليه الصلاة والسلام ضمن بعث للغزو فى سبيل الله فسمت اثنى عشر من هذا البعث أنهم جىء بهم إلى الجنة تقول عليهم ثياب طلس أى مخضرة بالية قديمة تشخب أوداجهم تسيل الدماء منهم فلما جىء بهم إلى الجنة حصلت هذه الوجبة هذه الرجفة ارتجت الجنة أمر بهم فأخذوا إلى نهر فى الجنة فغسلوا فيه فخرجوا أضوء من القمر ليلة البدر ووضعت لهم كراسى من ذهب فجلسوا عليها وقدمت لهم صحفة إناء وقصعة تقول فيها بسرة والبسر هو التمر قبل أن يصبح رطبا بسرة فيها بسرة واحدة يقول فأكلوا منها من فاكهة ما أرادوا أى فاكهة يريدون من هذه البسرة يأكلون تفاحا موزا برتقالا أى فاكهة يقلبون البسرة تتشكل بأشكال الفاكهة ويأكلون قالت وأكلت معهم يا رسول الله عليه الصلاة والسلام هذه المرأة والحديث كما قلت إسناده صحيح فى هذه الكتب فنبينا عليه الصلاة والسلام يعنى علم ما أريد بالرؤيا ولم يتكلم عليه صلوات الله وسلامه فلم يلبث إلا قليلا حتى جاء البشير فأخبر نبينا عليه الصلاة والسلام بحصول النصر واستشهاد اثنى عشر رجلا من أصحابه سماهم كما سمتهم المرأة فدعا النيى عليه الصلاة والسلام المرأة وقال قصى على هذا رؤياك فقصت عليه الرؤيا ومن قتل وكيف تشخب أوداجهم فقال هذا الرجل الذى كان فى البعث والله يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ما أخطأت مما وقع شيئا كأنها ترى الأمر رؤيا عيان ونقلوا بعد ذلك إلى غرف الجنان.

ص: 11

حقيقة المنام ينبغى أن يكون مطية لنا إلى ذى الجلال والإكرام إذا نام الإنسان يجتمع مع أحباب الله مع أولياء الله مع الملائكة الكرام مع الأنبياء العظام على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه مع الحور الحسان كما هو حال السلف الكرام عندما ينام ينتقل من روضة إلى روضة كان فى خير فى الدنيا فانتقل إلى خير بعد ذلك فى عالم الرؤى فهذا الحديث كما قلت الطويل يذكرنا بما يقع أمامنا وهو حديث صحيح استمعوا إليه إخوتى الكرام وعن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم بارزة لا تتحرك ولا تغمض شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء يقفون أربعين سنة فى عرصات الموقف وساحة الحساب عند البعث أربعين سنة أبصارهم بارزة شاخصة ينتظرون فصل القضاء قال وينزل الله عز وجل فى ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسى ثم ينادى مناد أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذى خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا أن يولى كل إنسان منكم ما كان يعبد فى الدنيا أليس ذلك عدلا من ربكم من كان يعبد شيئا يتولاه ويكون معه فى الآخرة أليس ذلك عدلا من ربكم خلقكم ورزقكم وأمركم بعبادته أنت وما اخترتم فمن عبد شيئا فى الدنيا يكون معه فى الآخرة أليس هذا عدلا من الله بلى فيقول أهل الموقف قالوا بلى هذا عدل من الله كل واحد يكون مع من عبده ويتولاه فى الآخرة كما عبده فى الدنيا قالوا بلى قال فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويقولون فى الدنيا يعنى ويعتقدون فى الدنيا ماذا كانوا يعبدون يقولون يعتقدون فى الدنيا ينطلقون إليه قال فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون فمنهم من ينطلق إلى الشمس ومنهم من ينطلق إلى القمر والأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون قال ويمثل لمن كان يعبد عيسى على نبيناو عليه الصلاة والسلام شيطان عيسى حتما لن يكونوا معه وهو ما

ص: 12

أمرهم بعبادته وهو برىء منهم ومن عبادتهم ويمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير ويبقى سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ويبقى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته قال فيتمثل الرب تبارك وتعالى فيأتيهم فيقول ما لكم لا تنطلقون كانطلاق وفى رواية كما انطلق الناس لم َ لم تذهبوا كما ذهب الناس إلى أوثان وشمس وقمر وشيطان فى صورة شيطان عيسى وشيطان عزير على نبينا وعلى أنبياء الله ورسله جميعا صلوات الله وسلامه لم َ لم تنطلقون كانطلاق الناس فيقولون إن لنا لإلها ما رأيناه نحن عبدنا إلها ما رأيناه لنذهب إليه لنكون معه فيقول هل تعرفونه إن رأيتموه فيقولون إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناه قال فيقول ما هى فنقول فيقول المسلمون الموحدون يكشف عن ساقه قال فعند ذلك يكشف عن ساقه فيخر كل من كان نظره يعنى نظر إليه ورآه وشاهده من رأى الله عندما كشف عن ساقه سجد له ويبقى قوم ظهورهم كصياصى البقر يعنى كقرون البقر صلبة لا تستطيع أن تنحنى ولا تميل ولا تسجد يريدون السجود فلا يستطيعون وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون وهذا كما قال الله جل وعلا فى آخر سورة ن والقلم: {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون* خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون} .

ص: 13

وقد ثبت فى مسند الإمام أحمد والصحيحين وغيرهما من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن الله يكشف عن ساقه يوم القيامة فمن كان يعبد الله عرف الله بهذه العلامة وخر له ساجدا نسأل الله أن يمن علينا بذلك أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين ومن كان يعبد الله نفاقا ورياء يريد أن يسجد فيصبح ظهره طبقا كالجدار إذا أراد أن يسجد خر إلى قفاه فى الجهة المقابلة ويصبح كما معنا هنا قوم ظهورهم كصياصى البقر كقرون البقر لا تميل ولا تنحنى ولا تسجد وهذا كما ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام نقره ونمره كما تقدم معنا الكلام فى هذا مرارا إخوتى الكرام قلت صفات الله إقرار وإمرار ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ولا ندخل عقولنا فى صفات ربنا سبحانه وتعالى العقل ما ينبغى أن يدخل فى هذه الأمور إنما ندرك أصل المعنى ونفوض كيفيته وحقيقته إلى المتصف به آمنا بالله وبما جاء على الله على مراد الله وآمنا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام على مراد سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا لا بد من أن يرسخ فى أذهاننا إخوتى الكرام إقرار وإمرار ليس كمثله شىء هذا رد للتمثيل والتشبيه وهو السميع البصير رد للتحريف والنفى والتعطيل فمن عطل عبد عدما ومن مثل عبد صنما فإياك أن تنفى وإياك أن تفهم من صفات الله ما تفهمه من صفاتك فالله ليس كمثله شىء فى ذاته وصفاته وأفعاله ليس كثله شىء وهو السميع البصير سبحانه وتعالى وإذن هذا هو المعنى يوم يكشف عن ساق يكشف ربنا عن ساقه وما ورد فى تفسير الطبرى ومسند إبى يعلى من رواية أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال فى تفسير هذه الآية يوم يكشف عن ساق قال يكشف ربنا عن نور عظيم فيسجد له المؤمنون الحديث إخوتى الكرام كما قال الحافظ ابن حجر إسناده ضعيف وقال الإمام ابن كثير فى تفسيره فى

ص: 14

الجزء الرابع صفحة ثمان وأربعمائة قال فى إسناده رجل مبهم وانظروا كلام الحافظ فى الفتح فى الجزء الثامن صفحة أربع وستين وستمائة الحديث مع ضعف إسناده لا يتنافى ويتعارض مع ما ثبت فى الصحيحين وغيرهما من كشف ربنا عن ساقه بكيفية يعلمها ولا نعلمها سبحانه وتعالى لأننا نقول إذا كشف الله عن ساقه ظهر نور عظيم فسجد المؤمنون الموحدون وما ثبت عن حبر الأمة وبحرها سيدنا عبد الله ابن عباس سيدنا عبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما ونقل هذا عن جم غفير من التابعين رضوان الله عليهم أجمعين أن المراد من تفسير قول الله يوم يكشف عن ساق قال يوم كرب وشدة يعنى تحصل الكروب والشدائد والأهوال وشدة الامتحان لا يتنافى أيضا مع الأمرين المتقدمين وعليه اجمع بين الأمور الثلاثة إذا كشف ربنا عن ساقه ظهر نور عظيم فحصل كرب وشدة لأهل الموقف أما المؤمن الموحد يسجد لله كما كان يسجد فى هذه الحياة وأما من عداه يصبح ظهره كما تقدم معنا كقرون البقر كصياصى البقر طبقا كأنه جدار لا يستطيع أن يسجد والعلم عند الله جل وعلا إذن ثم يقول ربنا جل وعلا ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده ومنهم من يعطى أصغر من ذلك إذن جبل أصغر من جبل كالنخلة أصغر من النخلة حتى يكون آخرهم رجلا يعطى نوره على إبهام قدميه يضىء مرة ويطفىء مرة يعطى نور على إبهام قدميه والإبهام معروفة الأصبع الأولى العريضة فى الرجل إبهام يعطى نور على إبهام قدميه فقط فليس فى جسمه نور من رأسه إلى رجليه إلا على إبهاميه فإذا أضاء قدم قدمه استطاع أن يمشى فى تلك الظلمات وإذا طفىء قام وقف مبهوتا مشدوها لا يدرى ماذا يعمل قال والرب تبارك وتعالى أمامهم لأن هذه نار جهنم وهذا هو الموقف والصراط فوق نار جهنم سينتهون إلى الجنة إلى لقاء الله جل وعلا

ص: 15

قال فيقول مروا على هذا الصراط الذى هو فوق نار جهنم فيمرون على قدر نورهم منهم من يمر كطرفة العين ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالسحاب ومنهم يمر كانقباض الكوكب ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كشد الفرس الفرس المسرعة ومنهم من يمر كشد الرجل الرجل الذى يركض وهو قوى حتى يمر الذى يعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه هذا ما يستطيع أن يركض كشد الرجل ومن باب أولى كشد الفرس والريح والصفات التى سبقت ذلك نور على إبهامى قدميه فهذا يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر يد وتعلق يد وتخر رجل وتعلق رجل وتصيب جوانبه النار فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها فقال الحمد لله الذى أعطانى فقد أعطانى الله ما يعط أحدا إذ نجانى منها بعد إذ رأيتها قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتس فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانه فيرى ما فى الجنة من خلل الباب أولئك سبقوه ودخلوا وتنعموا فيقول رب أدخلنى الجنة فيقول الله أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار فيقول رب اجعل بينى وبينها حجابا لا أسمع حسيسها قال فيدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأنه ما هو فيه إليه حل فيقول رب أعطنى ذلك المنزل فيقول له لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره وأنى منزل أحسن منه وأى منزل أحسن منه فيعطاه فينزله ويرى أمام ذلك منزلا آخر كأن ما هو فيه إليه حلم ذاك أيضا فيه من الزينة والنعيم أعظم مما أخذه قال رب أعطنى ذلك المنزل فيقول الله تبارك وتعالى له فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك يا رب حلف سابقا والآن يحلف وأنى منزل يكون أحسن منه فيعطاه وينزله ث يسكت فيبتدأه الآن أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين فيقول الله جل ذكره مالك لا تسأل يعنى سألت مرتين والآن انقطعت عن السؤال لم َ فيقول رب قد سألتك حتى استحييتك وأقسمت حتى استحييتك قلت وعزتك لا أسأل مرتين ثم سألت فيقول الله جل ذكره ألم ترض أن أعطيك مثل

ص: 16

الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه فيقول أتهزأ بى وأنت رب العزة فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله قال فكان عبد الله ابن مسعود إذا بلغ هذا المكان من الحديث ضحك فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان ضحكت قال إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه عليه صلوات الله وسلامه قال فيقول الرب جل ذكره لا أستهزأ بك والله سبحانه وتعالى حكم عدل لا أستهزأ بك ولكنى على ذلك قادر يعنى إذا أعطيتك الدنيا منذ أن خلقتها إلى أن أفنيتها وعشرة أضعافها يعجزنى ذلك يصعب على يمتنع على لا أستهزأ بك ولكنى على ذلك قادر سل فيقول رب ألحقنى بالناس من سبقونى وحطوا رحالهم فى جنات النعيم وأن لا زلت بعيدا عنهم ألحقنى بهم فيقول الله له ألحق بالناس قال فينطلق يرمل فى الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا فيقال له ارفع رأسك مالك فيقول رأيت ربى أو تراءى لى ربى فيقال له إنما هو منزل من منازلك قال ثم يلقى رجلا فيتهيأ للسجود له فيقال له مه فيقول رأيت انه ملك من الملائكة فيقوا إنما أنا خادم من خدامك وعبد من عبيدك تحت يدى ألف كهرمان وهو الخادم والأجير على مثل ما أنا عليه قال فينطلق أمامهم حتى يفتح له القصر قال وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون بابا كل باب يفضى إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضى إلى جوهرة على غير لون الأخرى فى كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف وهن الإماء والخدم أدناهن هذه أقلهن شأنا من أزواجه حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها يرى هذا الإنسان يرى مخ ساقها من رواء حللها كبدها مرآته إذا أعرض عنها إعراضة ازدات فى عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك فيقول لها والله لقد ازددت فى عينى

ص: 17

سبعين ضعفا وتقول له وأنت ازددت فى عينى سبعين ضعفا فيقال له أشرف تطلع إلى غير هذا المكان الذى أنت فيه وفى هذه البهجة فيشرف وينظر ويتطلع يمد عينيه فيقال له ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك فقال عمر رضى الله عنه وأرضاه سيدنا أبو حفص الفاروق ثالث الخلفاء الراشدين ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب وهو كعب الأحبار ألم تسمع إلى هذا الحديث الذى يحدثنا به عبد الله ابن مسعود عن نبينا المحمود عليه الصلاة والسلام ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا هذا أدنى أهل الجنة له بمقدار الدنيا منذ أن خلقت إلى أن تفنى وعشرة أمثالها وله بعد ذلك زيادة ملك مائة عام ينفذه بصره ويحيط بجميع أطرافه جهاته فقال عمر ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم فقال كعب يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت إن الله جل ذكره خلق دارا جعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة.

ص: 18

ثم قرأ كعب على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} قال كعب وخلق الله دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه ثم قال من كتابه فى عليين نزل فى تلك الدار التى لم يرها أحد حتى إن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير فى ملكه فلا تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون بريحه فيقولون واه لهذا الريح هذا ريح رجل من أهل عليين وقد خرج يسير فى ملكه قال سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت أى انبسطت بالأمل والرجاء فلا بد أيضا من تقاد بسياط الخوف فاقبضها فقال كعب رضى الله عنهم أجمعين يا أمير المؤمنين إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبى مرسل إلا خر لركبتيه حتى إن إبراهيم خليل الله ليقول رب نفسى نفسى حتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت إلا تنجو وفى رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الناس لرب العالمين ألف سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء رواه كله الإمام الطبرانى من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح غير إبى خالد الدالانى وهو ثقة.

الشاهد فيه إخوتى الكرام: إن هذا الذى هو أقل أهل الجنة منزلا وهو آخرهم دخولا كما تقدم معنا عندما يدخل قصره من درة مجوفة سقائفها وأبوابها ومغاليقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون بابا كل باب يفضى إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضى إلى جوهرة غير لون الأخرى فى كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها هذا أدنى أهل الجنة منزلا فما هو جزاء الأعلى والأكثر.

ص: 19

إخوتى الكرام: هذا الحديث كما قلا صححه عدد من أئمتنا كما تقدم معنا الإمام الهيثمى والمنذرى والحافظ ابن حجر عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه الإمام الذهبى علق فى تلخيص المستدرك على هذا الحديث فقال ما أنكره حديثا على جودة إسناده ثم قال وأبو خالد هو الدالانى شيعى منحرف.

إخوتى الكرام: هذا الكلام الذى قاله الإمام الذهبى عليه رحمة الله ينبغى أن ننظر فيه ضمن ثلاثة أمور.

أولها: أما أبو خالد فهو يزيد ابن عبد الرحمن الدالانى قال الحافظ ابن حجر فى ترجمته فى التقريب صدوق يخطىء كثيرا وكان يدلس وقد أخرج حديثه أهل السنن الأربعة وقال الذهبى فى ترجمته فى الكاشف فى الجزء الثالث صفحة تسعين ومائتين وثقه أبو حاتم وقال ابن عدى فى حديثه لين وتقدم معنا أن الإمام الهيثمى قال رجال الإسناد كلهم رجال الصحيح غير أبى خالد الدالانى وهو ثقة وأبو حاتم الهيثمى وثقه ابن عدى يقول فى حديثه لين ولذلك حكم الحافظ ابن حجر عليه حكا وسطا فقال صدوق يعنى حديثه فى درجة الحسن قال الإمام ابن حجر فى تهذيب التهذيب فى الجزء الثانى عشر صفحة اثنتين وثمانين فى تراجم الكنى وأسماء الرجال من تراجم الرجال قلت قال الإمام أحمد لا بأس به إذن هذا العبد وهو أبو خالد الدالانى نقم عليه التشيع وقلت لكم إخوتى الكرام مرارا التشيع الذى يوصف به من يوصف من المتقدمين من رواة الحديث تقديم على على غيره من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين وقلت هذا مع شناعته وعدم قبوله لكن ليس فى ذلك يعنى ما يوجب بعد ذلك رد رواية هذا الإنسان لأنه ما انتقص أحدا من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فما وقع فى عرض أحد إنما قال هذا القول المبتدع فى تقديم على وتفضيله رضى الله عنه وعن سائر الصحابة أجمعين.

ص: 20

الأمر الثانى: لم ينفرد أبو خالد الدالانى فى هذه الرواية وعليه زال المحذور الذى نخشاه من يعنى مما قيل فيه من كلام فإذا قال ابن عدى فى حديثه لين هذا المحذور زال مطلقا ولا عبرة بهذا المحذور على الإطلاق لوجود متابع له زيد ابن أبى أنيسة تابع أبا خالد الدالانى وهو يزيد ابن عبد الرحمن تابعه فى الرواية عن المنهال ابن عمرو، المنهال ابن عمرو روى عنه أبو خالد الدالانى وزيد ابن أبى أنيسة هذا الحديث ورواية زيد ابن أبى أنيسة عن المنهال من دون طريق أبى خالد الدالانى هى التى رواها عبد الله فى كتاب السنة ولد الإمام أحمد والإمام البيهقى فى كتاب البعث إذن الحديث روى من طريقين من طريق زيد ابن أبى أنيسة ومن طريق أبى خالد الدالانى فى طريق الحاكم أبو خالد الدالانى فى طريق الحاكم وفى أحدى طرق الطبرانى أبو خالد الدالانى لكن عندنا طريق آخر فيه زيد ابن أبى أنيسة عن المنهال ابن عمرو عن أبى عبيدة عن مسروق عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين فالشيخ وهو المنهال ابن عمرو روى عنه هذان التلميذان أبو خالد الدالانى وزيد ابن أبى أنيسة وزيد ابن أبى أنيسة ثقة من رجال الكتب الستة توفى سنة تسعة عشرة ومائة وقيل سنة أربع وعشرين ومائة وإذا حذفت هذا خالد الدالانى ووضعت مكانه زيد ابن أبى أنيسة فرجال الإسناد كلهم على شرط الصحيح لأنه تقدم معنا رجاله رجال الصحيح غير أبى خالد الدالانى فاحذف أبا خالد وضع بدله زيد ابن أبى أنيسة وهو من رجال الكتب الستة وثقة وليس حوله كلام وعليه المحذور الذى يخشى من تفرد أبى خالد الدالانى بالرواية لو تفرد زال لوجود هذا المتابع على أن الحديث له طرق أخرى من غير زيد ابن أبى أنيسة ومن غير أبى خالد الدالانى عند الدارقطنى فى كتاب الرؤيا وعند الآجورى فى الشريعة انظروا المكانين المتقدمين فى الشريعة للآجورى وفى الرؤيا للإمام الدار قطنى حددت مكان وجود الحديث.

ص: 21

الأمر الثالث: ليس فى الحديث ما يستنكر إسناده ثابت ومتنه ثابت فى أحاديث صحيحة كثيرة فما الداعى للقول ما أنكره حديثا على جودة إسناده ما الداعى لكل فقرة من فقراته شواهد ثابتة فى الأحاديث الصحيحة الثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك أشار المنذرى إلى هذا فبعد أن رواه قال وقد روى هذا الحديث أيضا مختصرا عن عبد الله ابن مسعود فى صحيح مسلم وروى ما يشهد لفقراته فى الصحيحين وغيرهما من رواية أبى هريرة وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهم أجمعين انظروا بعض هذه الروايات وفيها شواهد لهذا الحديث فى جامع الأصول فى الجزء العاشر صفحة ثمان وثلاثين وأربعمائة وست وأربعين وأربعمائة وثلاث وخمسين وخمسمائة وهى روايات فى الصحيحين منها رواية هذين الصحابيين أبى هريرة وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهم أجمعين فما هو الذى يستنكر يعنى ما الذى يستنكر ما أعلم ما الذى يستنكر منه ما يوجد فقرة من فقراته إلا ولها شواهد ثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم ولذلك إخوتى الكرام الحديث لا ينزل عن درجة الحسن بل هو صحيح كما نص على ذلك شيخ الإسلام الهيثمى وقبله المنذرى وبعدهما الحافظ ابن حجر عندما قال رواه إسحاق ابن راهويه وإسناده صحيح فالحديث صحيح إن شاء الله والعلم عند الله جل وعلا.

ص: 22

هذا حديث كما قلت إخوتى الكرام يقرر معنى ما تقدم أن للمؤمن أكثر من زوجتين فهذا أقل أهل الجنة منزلا له سرر وعليها أزواج فى هذه الدرة المجوفة وهو يطوف عليهن ولا يرى بعضهم بعضا وهذا وارد فى أحاديث كثيرة بأنه من يدخل الجنة يتمتع بأكثر من زوجتين ولا داعى أن نقول كما تقدم معنا زوجتان من نساء أهل الدنيا والزائد من الحور العين ولا داعى أن نقول له زوجتان وما زاد إما من باب الخدم والإماء وإما من باب خطأ الرواة وإما وإما فى التصرف معنا لا داعى لهذا الجواب المعتمد كما قلت هذا مفهوم عدد ولا يتعارض ولا منافاة بن ذكر القليل والكثير والعلم عند الله الجليل فاستمع للروايات التى سأذكرها وكما صرحت روايات صحيحة بأن للواحد زوجتان من نساء الدنيا صرحت أيضا له زوجتان من الحور العين إذن ما زاد من الحور العين لا يتعارض مع هذا وما زاد من نساء الدنيا لا يتعارض أيضا مع ذاك ولا داعى أن نقول زوجتان من نساء أهل الدنيا والزيادات من الحور العين لا ثم لا لأنه ورد التصريح بأن الزوجتين من نساء الدنيا ومن الحور العين من كلام نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام وعليها الزائد نقول لا يتعارض لدخول القليل فى الكثير أما إذا قلت أحد العددين من نساء أهل الدنيا عندما تأتيك الرواية بأن الزوجتين من الحور العين وقعت فى معارضة أوليس كذلك.

ص: 23

وقلت هذا ثابت فى أحاديث كثيرة منها إخوتى الكرام ما ثبت فى مسند الإمام أحمد والحديث فى الجزء الثانى صفحة خمس وأربعين وثلاثمائة وأعاده فى صفحة سبع وخمسمائة من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين هناك زوجتان من نساء الدنيا وهنا زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب زوجتان من الحور العين زوجتان من نساء الدنيا اثنتان وسبعون أربعة آلاف بعد ذلك خيمة من لؤلؤة مجوفة له فيها أهلون يطوف عليهم فلا يرى بعضهم بعضا كل هذا لا معارضة كما قلت بينه لا تعارض فيه لدخول القليل فى الكثير ومفهوم الأعداد لا يتعارض ولا يختلف كما تقدم معنا لا منافاة بين هذه الأعداد إذن هنا صرح بأن الزوجتين من الحور العين وثبت فى مسند الإمام أحمد وسنن الترمذى وابن ماجة.

ص: 24

والحديث رواه أبو يعلى والطبرانى فى معجمه الكبير ورواه البيهقى فى شعب الإيمان ورواه ابن زنجويا وعبد الرزاق وسعيد ابن منصور فى سننه انظروا سنن سعيد ابن منصور فى الجزء الثانى صفحة سبع عشرة ومائتين وانظروا المصنف لعبد الرزاق عليهم جميعا رحمة الله الجزء الخامس صفحة خمس وستين ومائتين والحديث إسناده صحيح كالشمس من رواية المقدام ابن معديكرب رضى الله عنه وأرضاه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للشهيد عند الله ست خصال أول هذه الخصال يغفر الله له فى أول دفعة دفقة من دمه أول دفعة تخرج من دمه أول دفقة تخرج من دمه وتقطر على الأرض أول قطرة يغفر الله له ذنوبه هذه الكرامة الأولى والثانية يرى مقعده من الجنة عندما تأتيه الضربة وهو فى ساعة الاحتضار والنزع وفراق أنفاسه الأخيرة يكشف له عن مقعده فى الجنة فيطير فرحا والأمر الثالث والتحفة الثالثة يجار من عذاب القبر والرابعة ويأمن الفزع الأكبر والخامسة ويوضع على رأسه تاج الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها وفى رواية بدل التاج ويحلى حلة الإيمان وهى رواية الإمام ابن ماجة والإمام أحمد فى روايته جمع بينهما يوضع على رأسه تاج الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويحلى حلة الإيمان إذن الآن لو جعلنا الثنتين واحدة صار خمس خصال أوليس كذلك ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين تقدم معنا لكل واحد زوجتان من الحور العين كما تقدم معنا زوجتان من نساء أهل الدنيا والحديث قلت إسناده صحيح كالشمس ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين هذه الستة انتهت على جعل الخامسة كما قلت واحدة تاج الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويحلى حلة الإيمان كأن هذه الحلة والتاج شىء واحد أو أن نقول كما فى رواية معجم الطبرانى سبع خصال أنها رواها برواية سبع إن للشهيد عند الله سبع خصال وهنا ست خصال أو أن نقول كما ورد فى رواية سعيد ابن منصور إن للشهيد عند الله خصالا لأنه سيأتينا على

ص: 25

الاتفاق فى الرواية ست أو سبعة عندنا خصلة زائدة وهى الثامنة ويشفع فى سبعين من أهل بيته وفى رواية فى سبعين إنسانا من أهل بيته هذه زائدة سواء عددت ما تقدم ستة أو سبعة واضح هذا إن كانت ستة فهذه سابعة وإن كانت تلك فصلت الخامسة إلى اثنتين صارت سبعة فهذه ثامنة حتى على رواية الطبرانى سبع خصال ويشفع فى سبعين من أهل بيته فى سبعين إنسانا من أهل بيته كأن النبى عليه الصلاة والسلام والعلم عند ذى الجلال والإكرام بعد أن عد ما يحصله من الكرامة فى حق نفسه ذكر أن الله يكرمه أيضا فى حق غيره وكرامته تصل إلى غيره لأن هذه الشفاعة منه إلى غيره هو ما حصل منها على نفع فى حق نفسه تلك له ست خصال سبع خصال له يكرم بها فى نفسه.

ص: 26

كما تقدم معنا يغفر الله له يرى مقعده من الجنة يجار من عذاب القبر يأمن الفزع الأكبر يوضع على رأسه التاج يحلى حلة الإيمان يزوج ثنتين وسبعين زوجة هذه كلها له ثم أراد الله أن يبين فضله أن هذا الفضل أيضا ينتشر منه إلى غيره لكن ما يكون يعنى نفع لنفسه لذاته وإن كان يدل على كرامته أنه يشفع فى سبعين منه أهل بيته فى سبعين إنسانا من أهل بيته والحديث كما قلت إسناده صحيح كالشمس من رواية المقدام ابن معديكرب الشاهد فيه يزوج اثنتين وسبعين زوجة هذا الحديث فى رواية مصنف عبد الرزاق كما قلت فى الجزء الخامس صفحة خمس وستين ومائتين وهذه تزيل الإشكال الذى مر معنا يقول للشهيد عند الله تسع خصال قال الراوى وأنا أشك يعنى هل هذه اللفظة ثابتة أو لا تسع سبع ست أنا أشك لكن إن ثبت حقيقة فرقت هذه الخصال تصبح بعد ذلك تسع خصال للشهيد عند الله تسع خصال أنا أشك وكما قلت الإمام أحمد جمع بين أنه يوضع على رأسه تاج ويحلى حلة الإيمان ورواية الطبرانى سبع خصال والعلم عند الله والذى يظهر والعلم عند الله لو عددت على التفصيل تصبح ثمانية فالتسع فيها زيادة والست فيها نقصان والسبع يمكن أن تقبل على أن يقال سبع فى حق نفسه ويزاد واحدة ثامنة فى حق غيره والعلم عند الله جل وعلا والحديث الصحيح من رواية المقدام ابن معديكرب ورواه الإمام أحمد فى المسند انظروه فى الجزء الرابع صفحة واحدة وثلاثين ومائة والبزار انظروا كشف الأستار فى الجزء الثانى واحدة وثمانين ومائتين والطبرانى فى معجمه الكبير بسند رجاله ثقات كما فى المجمع فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وتسعين ومائتين.

ص: 27

وقال الحافظ ابن حجر فى الفتح فى الجزء السادس صفحة ست عشرة إسناده حسن نفس الحديث المتقدم لكن من رواية عبادة ابن الصامت للشهيد عند الله ست خصال من رواية المقدام ومن رواية عبادة ابن الصامت رضى الله عنهم أجمعين وروى الحديث أيضا من رواية قيس الجذامى وهو من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فهو مروى عن ثلاثة من الصحابة المقدام ابن معديكرب وعبادة ابن الصامت وقيس الجذامى عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه رواية قيس فى المسند فى الجزء الرابع صفحة مائتين ورواها الإمام البخارى فى التاريخ الكبير فى ترجمة قيس فى الجزء السابع صفحة أربع وأربعين ومائة ورواها البغوى فى تراجم الصحابة كما فى الإصابة فى الجزء الثالث صفحة سبع وأربعين ومائتين لكن لم يقل ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين إنما قال ويزوج من الحور العين هنا أطلق العدد فى رواية عبادة وفى رواية المقدام اثنتان وسبعون هنا يزوج من الحور العين والحديث كما قلت إخوتى الكرام حديث صحيح بطرقه الثلاثة من رواية قيس وعبادة والمقدام رضى الله عنهم أجمعين وروى أيضا هذا الحديث من رواية عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضى الله عنهم أجمعين فى معجم الطبرانى الكبير كما فى المجمع فى المكان المتقدم وانظروه فى جمع الجوامع للإمام السيوطى لكن فى الإسناد عبد الرحمن ابن زياد ابن أنعم الإفريقى وكان قاضيا صالحا وتقدمت معنا ترجمته وقلت هو من رجال البخارى فى الأدب المفرد تقدم معنا إخوتى الكرام وأخرج له أهل السنن الأربعة إلا الإمام النسائى وهو من الأئمة الربانين لكنه ضعيف الحفظ وتوفى سنة ست وخمسين ومائة للهجرة ولفظ الحديث للشهيد عند الله ست خصال أيضا ويزوج من الحور العين كمثل رواية قيس ورواية عبادة والمقدام اثنتان وسبعون وهنا عند العد ذكر خمسة فأسقط يوضع على رأسه التاج هذه لم تذكر ولا حلة الإيمان ولا أنه يشفع لسبعين من أهل بيته وأقاربه هذه حذفت من رواية عبد الله ابن

ص: 28

عمرو ابن العاص رضى الله عنهم أجمعين وهذه الرواية يشهد لها ما تقدم فإن شاء الله تصل إلى درجة الحسن بعون الله إذن من رواية أربعة من الصحابة من رواية المقدام ابن معديكرب وعبادة ابن الصامت وقيس وعبد الله ابن عمرو ابن العاص رضى الله عنهم أجمعين.

إخوتى الكرام: رواية كما قلت قيس رواية صحيحة الإسناد لكن مع ذلك فى رجال إسناد عبد الرحمن ابن ثابت ابن ثوبان وثقه أبو حاتم وجماعة وضعفه جماعة هذا كلام الهيثمى وحديثه لا ينزل عن درجة الحسن فقد حكم عليه الحافظ ابن حجر فى التقريب بأنه صدوق يخطىء ثم قال تغير بآخر توفى سنة خمس وستين مائة للهجرة وحديثه مخرج فى كتاب الأدب المفرد للإمام البخارى وأهل السنن الأربعة

الشاهد من هذه الروايات أنه له كما تقد معنا فى رواية أبى هريرة المتقدمة رضى الله عنه وأرضاه يزوج اثنتان من الحور العين وهنا اثنتان وسبعون وكل هذا كما قلت لا تعارض بينه والعلم عند الله جل وعلا.

ص: 29

إخوتى الكرام: هذا وارد فى أحاديث كثيرة فهنا الآن اثنتان وسبعون أيضا ورد للشهيد تبتدره زوجتاه وهنا اثنتان وسبعون والروايات كلها صحيحة يعنى لا تقولن فى حديث أبى هريرة هناك للرجل من أهل الجنة لغير الشهيد خذ حتى للشهيد روايات ثابتة عن النبى عليه الصلاة والسلام عندما يستشهد تبتدره زوجتاه وله كما تقدم معنا اثنتان وسبعون كما تقدم معنا لا مخالفة ولا معارضة بين القليل والكثير والعلم عند الله الجليل ثبت فى مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجة من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال ذكر الشهيد عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال نبينا صلى الله عليه وسلم لا تجف الأرض حتى تبتدره زوجتاه يعنى لا تجف الأرض من دمه إذا نزل دم الشهيد على الأرض قبل أن يجف هذا الدم قبل أن يجف تبتدره زوجتاه كأنهما ظئران أظلتا فصيليهما بالظاء المعجمة وبالضاد المعجمة أضلتا أظلتا كما سيأتينا توجيه الضبطين إن شاء الله أظلتا فصيليهما فى براح من الأرض وفى يد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما فيها أظلتا من الظلة أى تخيمان عليه كما أن المرأة تخيم على فصيلها إذا كانت فى براح من الأرض فى متسع من الأرض وليس هناك ظل يقيه حر الشمس ورأت فصيلها ولدها الذى فقد منها كيف تحنو عليه وتظلله وتضمه إليها وتستره من حر الشمس تكون له كالمظلة كأنهما ظئران أضلتا فصيليهما أضلتا الآن بمهنى من الضلال الذى هو بمعنى الفقدان والذهاب كأن يعنى الفصيل فقد وضاع وذهب عن الظئر عن المرضعة عن الأم الحنون ثم وجدته كيف تقبل عليه وتحتضنه وتلتزمه وهنا تبتدره زوجتاه كأنهما ظئران أضلتا فصيليهما فى براح من الأرض تبتدره الزوجتان وتتعلقان به وتقبلان عليه كحال الأم عندما تقبل على ولدها إذا ضاع منها فى براح من الأرض ثم وجدته.

إذن أظلتا أضلتا كلاهما منقول فى ضبط هذا الحديث كما بين ذلك شيخ الإسلام الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب.

ص: 30

إخوتى الكرام: فى إسناد هذا الحديث شهر ابن حوشب وتقدم معنا حاله قلت إن شاء الله إن حديثه فى درجة الحسن فهو من رجال الأدب المفرد للإمام البخارى ومن رجال مسلم وأهل السنن الأربعة وهو صدوق كما تقدم معنا وتوفى سنة اثنتى عشرة ومائة للهجرة لكن فى إسناده هلال ابن أبى زينب لم يخرج له الإمام ابن ماجة القزوينى وحكم عليه الحافظ ابن حجر بأنه مجهول لكن الحديث له شواهد كثيرة من جملتها ما تقدم معنا.

ص: 31

إذن هنا له زوجتان تبتدرانه عندما يسقط على الأرض قبل أن يجف دمه وثبت فى معجم الطبرانى الأوسط كما فى مجمع الزوائد فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وتسعين ومائتين الحديث من رواية أبى هريرة إخوتى الكرام فى معجم الطبرانى الأوسط من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهيد يغفر له فى أول دفقة من دمه ويزوج حوراوين وهناك تبتدره زوجتان وهنا حوراوين تثنية حوراء ويزوج حوراوين ويشفع فى سبعين من أهل بيته والمرابط إذا مات فى رباطه كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة وأتى عليه وريح برزقه يعنى فى الغداة وفى العشى فى الصباح وفى المساء ويزوج سبعين حوراء وقيل له قف فاشفع إلى أن يفرغ من الحساب قال الإمام الهيثمى فى المجمع قلت روى ابن ماجة بعضه رواه الطبرانى فى الأوسط عن شيخه بكر ابن سهل الدمياطى قال الذهبى مقارِب الحديث مقارَب بصيغة اسم الفاعل والمفعول كما تقدم معنا يقاربه غيره فى الضبط فهو مقارَب يقارب غيره فى الضبط والإتقان فهو مقارِب، مقارِب الحديث مقارَب الحديث وضعفه النسائى الرواية كما قلت من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه الإمام الذهبى فى المغنى حكم على بكر ابن سهل الدمياطى وهو شيخ الطبرانى فى معجمه الأوسط حكم عليه بأنه متوسط فى المغنى فى الضعفاء فى الجزء الأول صفحة واحدة وثلاثين ومائة قال متوسط وضعفه الإمام النسائى وحكم عليه فى اللسان فقال حمل عنه الناس مقارِب الحال كما نقل عنه الإمام الهيثمى قال الذهبى مقارِب الحديث يقول الذهبى فى الميزان حمل عنه الناس يعنى رووا عنه ثم قال مقارِب الحال وتوفى سنة تسع وثمانين ومائتين للهجرة وقد ترجمه فى سير أعلام النبلاء فى الجزء الثالث عشر صفحة خمس وعشرين وأربعمائة وأورد فى آخر ترجمته كرامة علق عليها المعلق بما ينبغى ألا يؤبه له وألا ينظر إلى هذا التعليق يقول بكر ابن سهل ابن إسماعيل ابن نافع الإمام المحدث أبو محمد

ص: 32

الهاشمى مولاهم الدمياطى المفسر المقرىء ثم بعد أن ترجمه يقول هنا قال أبو بكر القبان سمعت أبا الحسن ابن شنَبوذ ويقال شنّبوذ وهو الإمام المقرىء سمعت بكر ابن سهل الدمياطى وهو الذى معنا شيخ الطبرانى يقول هجرت أى بكرت وذهبت فى الصباح يوم الجمعة فقرأت إلى العصر ثمانى ختمات حكاه يحيى ابن منده فى تاريخه وهذه القصة أيضا فى اللسان للحافظ ابن حجر فى ترجمته بكر فى الجزء الأول صفحة اثنتين وخمسين ثم نقل قال أبو بكر القتات فى مسند أصبهان أنه سمع أبا الحسن ابن شنَبوذ ابن شنّبوذ يحكى عن سهل ابن بكر الدمياطى أنه ذهب فى الغدو يوم الجمعة إلى المسجد وبقى إلى العصر فختم القرآن ثمانى مرات.

ص: 33

يقول المعلق هذا غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز انظر للكلام الذى لا يوزن بميزان العقل يقول غير معقول وكلامه غير معقول لأن قوله ولا هو داخل فى نطاق الجائز يعنى هذا مستحيل يعنى ليس فى وسع الله أن يمكن عبدا من ذلك هذا معنى غير جائز هذا كلام باطل لا بد من أن نفرق بين الجائز الممكن وبين المستحيل الممتنع وبين الواجب الذى لا يتصور عدمه فالجائز ما يتصور وجوده وعدمه فهل فى وسع الله أن يمكن هذا من قراءة القرآن فى يوم واحد مائة مرة فى وسع الله أم لا الله على كل شىء قدير وهل فى وسع الله أن ينقل هذا من هنا إلى أى بلد كان بأقل من لمح البصر الله على كل شىء قدير هذا جائز أوليس كذلك إن وقع نقول كرامة فهنا انظر للكلام الذى لا يوزن بالميزان العلمى يقول هذا غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز يعنى لو ما راقت له القصة لو قال هذا بعيد يحتاج إلى تحقق من ثبوته لا شك أما غير معقول يعنى هذا خارق للعقل يعنى مستحيل ولا هو داخل فى نطاق الجائز هذا كلام باطل لا وزن له ولا اعتبار فإن الحافظ مهما كان قوى الحفظ لا يتيسر له أن يختم القرآن مرة واحدة بأقل من عشر ساعات هذه طامة ثانية الحافظ الذى هو متقن الحفظ يحتاج لعشر ساعات لختم القرآن لا يختمه بخمس ساعات أو ست بسهولة إذا كان حافظا متقن الحفظ هذا إذا ما حصلت له معونات بعد ذلك خاصة ليختمه بساعة أو ساعتين ويوجد فى بلدان المسلمين فى كل مكان من يختمون القرآن فى ليلة من ليالى رمضان إما فى ليلة معينة أو حسبما يتسير يختم القرآن فى ركعتين كان موجود عندنا فى بلاد الشام بعض الشيوخ فى حلب يختم القرآن فى ركعتين هذا موجود بكثرة ويوجد أيضا فى الأمكنة الأخرى يعنى موجود فى مكان من يختم القرآن فى ركعتين يختمه فقوله يحتاج إلى عشر ساعات لم َ يعنى هذا ثم يقول هذا أقل شىء كما معلوم أو مشاهد فكيف يقرأ فى هذه الفترة ثمانى ختمات يا عبد الله إذا كانت كرامة فهى خارق للعادة لا

ص: 34

من العادة ما جرت أن يختم الإنسان هذا المقدار فى وقت قصير ما جرت لكن لو وقع لا نقول هذا خارق للعقل نقول خارق للعادة شتان بين خارق للعقل وخارق للعادة خارق للعادة يعنى مستحيل لا يمكن أن يقبل وهذا ما عنون عليه هو فقال هذا غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز هذا كلام لا يوزن بالميزان العلمى هو لو استبعد لو قال هذا بعيد ويحتاج الأمر إلى التحقق من الثبوت فإن ثبت الله على كل شىء قدير لا حرج لو قال أنا لا أصدق إلا بإسناد ثابت لا حرج أما أن يقول هذا غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز إلى غير ذلك من الكلام هذا إخوتى الكرام كما قلت كلام باطل فالقصة كما قلت مروية.

ومثل هذه الأمور كما يقول أئمتنا يعنى لا تحتاج إلى أن يحقق الإنسان حتى فى إسنادها يعنى هى لن يثبت بها حكم شرعى أوليس كذلك انتهى لا تحليل ولا تحريم الشى حصل لإنسان لو قيل الإنسان طار فى الهواء نقول إن شاء الله يمشى على الماء ما الحرج الله على كل شىء قدير إن كان صالحا فهذه كرامة وإلا استدراج وليس يعنى لهذا الفعل فى الأصل أى مكانة بحد ذاته إلا إذا كان الإنسان على صلاح وديانة انتهى الأمر يعنى لم َ بعد ذلك نحمل الأمر أكثر مما يحتمل كلمة يوردها الإمام الذهبى يوردها أئمتنا كما قلت فى ترجمة هذا العبد الصالح يعنى ما راقت للمعلق فى هذه الأيام فقال غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز يعنى يريد أن يجعلها كأنها صار هناك ند لله مستحيل لا يتصور هذا، هذا باطل ليس كذلك أما أنها بعيدة حتما بعيدة فإن وقعت الله على كل شىء قدير وتقدم مرارا أنه يمكن أن يقع ما تحار فيه العقول لا ما تحيله العقول فشرائع الله تأتى بما تحار فيه عقول المخلوقات من أجل أن يسلموا بعجزهم لربهم أما أن تأتى بما تحيله عقول المخلوقات فلا ثم لا وقلت مرارا لا يتعارض نقل صحيح مع عقل صريح والعلم عند الله جل وعلا.

ص: 35

إخوتى الكرام: كما قلت الأحاديث فى ذلك كثيرة وفيرة عن نبينا عليه الصلاة والسلام فيها كما قلت أنه يحصل لكل واحد زوجتان من نساء من نساء الدنيا زوجتان من الحور العين اثنتان وسبعون من الحور العين اثنتان وسبعون من نساء الدنيا سبعون من نساء الدنيا أكثر أقل كل ما ورد نقول لا تعارض بين هذه الروايات فلا تعارض بين القليل والكثير لدخول القليل فى الكثير والعلم عند الله الجليل سبحانه وتعالى.

ص: 36

إخوتى الكرام: مما يدخل أيضا فى هذه الرواية وأختم به الموعظة ما رواه الإمام البزار فى مسنده والطبرانى فى معجمه الكبير ورواه عبد الرزاق فى مصنفه والإمام الحاكم فى مستركه فىة الجزء الثالث صفحة أربع وتسعين وأربعمائة ورواه شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك فى كتاب الزهد والرقائق صفحة ثلاث وأربعين وخمس وتسعين ورواه أيضا فى كتاب الجهاد له ورواه ابن أبى الدنيا كما قى كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذرى فى الجزء الثاثى صفحة واحدة وعشرين وثلاثمائة وانظروا الأثر فى كتاب البعث للإمام البيهقى صفحة اثنتى عشرة وثلاثمائة وهو فى مصنف ابن أبى شيبة وانظروا أيضا فى سنن سعيد ابن منصور وانظروا الأثر فى مجمع الزوائد فى الجزء الخامس صفحة أربع وتسعين ومائتين من رواية يزيد ابن شجرة ويزيد ابن شجرة مختلف فى صحبته وقد رجح الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى المكان الذى أشرته أن صحبته لا تثبت إنما هو من التابعين رحمة الله ورضوانه عليه وعلى المسلمين أجمعين وانظروا كلام الحافظ على صحبته فى الإصابة فى الجزء الثالث صفحة ثمان وخمسين وستمائة وعزى الأثر أيضا إلى كتاب مكارم الأخلاق للإمام الخرائطى وإلى الغيلانيات وقال رواه البغوى وأبو نعيم وابن منده ثم حكم الإمام المنذرى على إسناده إذا كان من كلام يزيد ابن شجرة من كلامه موقوفا عليه فإسناده صحيح وإذا كان مرفوعا إلى النبى عليه الصلاة والسلام أنه روى موقوفا عليه ومرفوعا فيصبح مرسلا ورجح كما قلت رواية الوقف على يزيد ابن شجرة وهو من أئمة التابعين كما تقدم معنا انظروا مثل رواية سعيد ابن منصور فى الجزء الثانى صفحة مائتين وتسع عشرة يقول عن الأعمش عن مجاهد عن يزيد ابن شجرة قال كان يقص يعنى يزيد ابن شجرة كان يقص ويحدث ويعظ وكان يصدق قوله فعله أى هو من العلماء الربانيين القانتين الذين يعملون بعلمهم وكان يقول يزيد ابن شجرة السيوف مفاتيح الجنة وكان يقول إذا التقى الصفان

ص: 37

فى سبيل الله وأقيمت الصلاة يقول نزلن الحور العين فاطلعن فإذا أقبل الرجل قلن اللهم ثبته اللهم انصره اللهم أعنه فإذا أدبر احتجبن عنه وقلن اللهم اغفر له وإذا قتل غفر له بأول قطرة تخرج من دمه كل ذنب له وتنزل عليه ثنتان من الحور العين وتقدم معنا اثنتان وسبعون وتقدم معنا تبتره زوجتاه وكل هذا لا تعارض فيما بينه وتنزل عليه ثنتان من الحور العين تمسحان عن وجهه الغبار تقولان قد آن لك يعنى أن تتصل بنا وأن تتمتع بنا وقد فارقت الحياة ويقول قد آن لكما أن أتصل بكما فقد فارقت الحياة الدنيا قد آن لك قد آن لكما كما قلت روى الأثر مرفوعا وروى موقوفا عليه وهذا الذى صححه رجحه شيخ الإسلام الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب والعلم عند الله جل وعلا

إخوتى الكرام بقى علينا من مباحث الحور العين أمران لعلنى أكمل الكلام عليهما فى الموعظة الآتية إن شاء الله وإما فى الموعظة الآتية أو فيما بعدها ننتقل إلى الحكمة الخامسة بإذن الله.

ص: 38