الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة التفسير (5)
(دروس تفسير)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التفسير 5
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
الحمد لله رب العالمين شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطا مستقيما وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير.
اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله أنت رب الطيبين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولى الصالحين وخالق الخلق أجمعين ورازقهم فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين.
{ياأيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} [الأنعام/102] .
وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبيا عن أمته ورضى الله عن أصحابه الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}
[آل عمران/102] .
أما بعد: معشر الإخوة الكرام..
لازلنا فى مدارسة المقدمة التى نتدارسها بين يدى كلام ربنا جل وعلا وقلت إن هذه المقدمة تقوم على أمرين اثنين تدور حولهما.
الأمر الأول: فى منزلة كلام الرحمن جل وعلا وأثره فى الناس
الأمر الثانى: فى الطريقة المثلى لتفسير كلام الله جل وعلا وكنا نتدارس الأمر الثانى وقلت إن تفسير القرآن العظيم إما أن يكون عن طريق المأثور المنقول عن طريق تفسير كلام الله بكلام الله أو عن طريق تفسير كلام الله بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام أو عن تفسير كلام الله جل وعلا بأقوال الصحابة الطيبين رضي الله عنهم أجمعين أو عن طريق تفسير كلام الله جل وعلا بأقوال التابعين المباركين عليهم جميعا رحمة الله وتعرضت لإخبار أهل الكتاب عند التفسير بالمأثور ثم انتقلنا إلى الطريقة الثانية وهى تفسير القرآن بالرأى.
وقلت يقصد بتفسير القرآن بالرأى الاجتهاد وإعمال الرأى فى تفسير كلام الله جل وعلا بحيث يدل على ذلك التفسير لغة العرب ونصوص الشرع ويتمشى ذلك التفسير مع سياق الآيات الكريمة فيدل عليه السباق واللحاق فيشهد له ما تقدم وما تأخر وإذا كان التفسير بهذه الشاكلة فهو تفسير بالرأى المحمود وهو جائز باتفاق أهل السنة دل على هذا كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وقرره العقل دفعا لثلاثة محاذير انتهينا من هذا فى غالب ظنى وعرجت على ما يتعلق بالتفسير العلمى بالإعجاز العلمى الذى يطنطن حوله فى هذه الأيام وبينت ما فيه من شطط وغلو وإسراف فى التأويل وفى تحميل كلام الله جل وعلا ما لا يحتمل.
وصلنا إلى نقطة مهمة وهى قد يقول قائل إنكم تقولون إن تفسير القرآن بالرأى بالصفة المتقدمة لا خلاف فى جوازه بين أهل السنة الكرام وقد وردت آثار تنهى عن التافسير بالرأى وتحرم التفسير بالرأى فكيف التوفيق إذن بين الأمرين، فلنستعرض تلك الآثار ولنبين القول الحق فيها وفيما تدل عليه.
الأثر الأول: روع ابن جرير فى تفسيره فى أوائل تفسيره فى الجزء الأول صفحة تسع وعشرين فى المقدمة والحديث رواه أبو يعلى البزار كما فى مجمع الزوائد فى الجزء السادس صفحة ثلاثمائة وثلاثة عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد علمهن إياهن جبريل على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه ما كان يفسر شيئا من القرآن إلا آيا تعد علمهن إياهن جبريل فهذا فيه ما يشير إلى أن النبى عليه الصلاة والسلام كان لا يفسر كلام الله جل وعلا إلا حسبما يوقفه جبريل على ذلك التفسير فكيف أنتم تتوسعون وتقولون أن التفسير بالرأى جائز إذا وافق سياق الكلام ونصوص الشرع وقواعد اللغة العربية والنبى عليه الصلاة والسلام كان لا يتكلم فى تفسير القرآن إلا حسبما يعلمه جبريل على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه.
والجواب عن هذا:
أولا: من ناحية قيمة هذا الأثر فهذا أثر شديد الضعف منكر لا يثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك بعد أن أورده قال الإمام ابن جرير فى تفسيره وفى إسناده علة لا يجوز الاحتجاج بهذا الأثر من أجل هذه العلة وهذه العلة هى أن فى بعض رواته من لا يعرف فى حملة الآثار هذا كلام الإمام ابن جرير عليه رحمة الله وهذا الذى لا يعرف فى حملة الآثار وليس مشهورا فى حملة حديث النبى عليه الصلاة والسلام هو جعفر ابن محمد الزبيرى قال البخارى لا يتابع على حديثه وقال الأسدى إنه منكر ولذلك بعد أن ذكر الإمام ابن كثير هذا الحديث فى مقدمة تفسيره فى الجزء الأول صفحة ستة قال هذا حديث منكر غريب وإذا كان الحديث ضعيفا فلا يحتج به ولا يستشهد به ولا يعول عليه على أنه لو ثبت فلا دلالة فيه على منع التفسير بالرأى كما قال الإمام ابن كثير عليه رحمة الله فى مقدمة تفسيره لأن معناه يكون لو كان ثابتا والاستلال دائما إخوتى الكرام فرع الثبوت أى إذا ثبت الحديث نستدل به ونستشهد به وأما إذا لم يثبت فقد استرحنا من هذا الأثر الذى فى الأصل ليس بثابت فلا داعى إذن أن نبذل ما فى وسعنا لنؤلف بينه وبين ما هو ثابت فى شريعة الله المحكمة المطهرة.
إنما لو ثبت على فرض ثبوته يقول الإمام ابن كثير فلا دلالة فيه على منع التفسير بالرأى لأنه لو ثبت لكان معناه ما كان يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد إلا آيا تعد هذه الآيات هى ما لايمكن معرفة تفسيره عن طريق الاستنباط والاجتهاد وإعمال الرأى والفكر هذا فيما لا يمكن معرفة تفسيره إلا عن طريق الوحى فهى مسائل توقيفية كان يتوقف فيها النبى عليه الصلاة والسلام حتى ينزل عليه الوحى فى بيانها وقد سئل عليه الصلاة والسلام عن الروح فنزل قول الله جل وعلا: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} فإذن هذا فيما يتعلق بالمغيبات فلو سئل مثلا عليه الصلاة والسلام عن وقت قيام الساعة ما المسؤل عنها بأعلم من السائل فإذا ثبت الأثر فمعناه فيما لا يمكن أن يدخل الإنسان عقله واجتهاده فيه يتوقف حتى ينزل عليه الوحى فى بيان ذلك المعنى فى أمور المغيبات أما فيما عدا ذلك فالأثر لا يدل على ذلك على أن الأثر كما قلت لم يثبت عن أمنا عائشة رضي الله عنها.
الأثر الثانى: رواه الإمام الترمذى فى سننه أبو داود فى سننه والإمام الطبرى فى تفسيره رواه البغوى بسنده فى معالم التنزيل فى التفسير ورواه أيضا بسنده فى شرح السنة عن جندب ابن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول [من قال فى القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ] .
وهذا الحديث نقول فيه ما قلناه فى الحديث الذى تقدمه حديث أمنا عائشة رضي الله عنها لايثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام ففيه سهيل ابن أبى حزم قال عنه البخارى إنه منكر الحديث وقد حكم الإمام ابن حجر فى تقريب التهذيب على سهيل ابن أبى حزم بأنه ضعيف إذا كان ضعيفا فلا يعول عليه [من قال فى القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ] على أنه لو ثبت أيضا اما كان فيه دلالة على منع جواز التفسير بالرأى وكان معنى الحديث لو كان ثابتا من قال فى القرآن برأيه ما قاله الإمام ابن عطية عليه رحمة الله فى مقدمة تفسيره المحرر الوجيز والمقدمة طبعت على انفراد مقدمتان فى علوم القرآن للإمام ابن عطية عليه رحمة الله يقول معنى الأثر أى لو ثبت أن يسأل إنسان عن آية من كتاب الله فيتسور عليها بعقله ورأيه فيتكلم فى كلام الله على حسب عقله ورأيه وعلى حسب هواه ولا يدخل فى هذا أن يفسر اللغويون لغته والعلماء مراده لأنه يتكلمون بعلم ولا يتكلمون عن طريق الرأى والظن والتخرس والتخمين.
قال الإمام القرطبى بعد أن نقل أيضا كلامه فى تفسيره قال وهذا صحيح وهو الذى ذهب إليه غير واحد من العلماء أى أن معنى الحديث لو ثبت من قال فى القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ إذا سئل عن آية من كلام الله فتسور عليها بعقله ورأيه وليس عنده عدة البحث ولا عدة العلماء فبدأ يهذى ويخرف ويفسر كلام الله جل وعلا على حسب ظنه ووهمه دون أن يكون عنده عدة يفسر بها كلام الله فلو ثبت الحديث لكان معناه هذا.
وحقيقة إذا كان عند الإنسان وسائل العلم وعنده عدة العلماء وتكلم فإذا أصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر وإذا لم يكن عند الإنسان عدة العلم ولا وسائل العلماء ثم تكلم فى دين الله عن طريق رأيه وهواه فهو ضال فى النار سواء أصاب أو أخطأ لأنه أتى الأمر من غير بابه وإذا أصاب فهذه الإصابة ليست مقصودة إنما هى رمية من غير رامى وإذا أصاب مرة فسيخطأ مرات.
ولذلك ثبت فى سنن أبى داود والترمذى وابن ماجة بسند صحيح من حديث بريدة رضي الله عنه والحديث رواه الطبرانى فى معجمه الأوسط والكبير ومسند أبى يعلى والحديث فى مسند أبى يعلى كما فى مجمع الزوائد فى الجزء الرابع ثلاث وتسعين ومائة عن ابن عمر بسند رجاله ثقات عن جندب وعن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال [القضاة ثلاثة قاضيان فى النار وقاض فى الجنة] وهذا ليس من باب النسبة يعنى الثلث ثلث القضاة عند الله فى الجنة والثلثان فى النار لا لعله بالمائة تسعين على أقل تقدير من القضاة لجهنم حطبا إنما هذا لبيان الأصناف فقط أى من كان من هذا الصنف فهو فى الجنة وقد لا يوجد فى القضاة من هو واحد من ألف لبيان النسبة لبيان الأصناف لا لبيان النسبة اثنان وواحد لا ثم لا.
الصنف الأول: علم الحق وقضى بخلافه فهو فى النار.
والصنف الثانى: قضى على جهل فهو فى النار أصاب أو أخطأ.
من الذى فى الجنة علم الحق وقضى به هذا فى الجنة؟
ولذلك إذا لم يكن عنده وسائل العلم وعدة العلماء وتكلم فى شريعة الله الغراء فهو ضال إلى جهنم أصاب أو أخطأ أنه ما أتى الأمر من بابه {وأتوا البيوت من أبوابها} إذا حصل عدة العلماء ثم بحث حسبما تجيز له شريعة الله المطهرة فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر وخطأه مغفور له وأما إذا تكلم فى دين الله برأيه فهو ضال على جميع الأحوال وعليه فهذا الحديث هنا من قال فى القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ أى برأيه المجرد الذى لا يستند إلى أدلة شرعية فليس هو من العلماء المحققين المتضلعين فجاء ليتسور على كلام اله وليتكلم فى كلام الله على حسب رأيه وعلى حسب هواه فمن قال برأيه فأصاب فقد أخطأ هذا إذا أصاب وإذا أخطأ فالأمر واضح فهو خطأ والطريق الذى بحث فيه أيضا طريق خطأ فلا يحل له أن يبحث ولما بحث أخطأ فتعثر فى الناحيتين فى الطريق وفى الغاية وإذا أصاب فى الغاية فنقول هذا الطريق لا يوصلك إلى المقصود ووصولك إليه بغير قصد فأنت تعاقب أيضا فى الحالتين [من قال فى القرآن برأيه فاصاب فقد أخطأ] .
الأثر الثالث: الذى يدل ويفهم منه منع تفسير القرآن بالرأى على حسب الظاهر ما رواه الإمام أحمد فى مسنده والترمذى فى سننه والحديث فى تفسير الطبرى ورواه البغوى فى معالم التنزيل وفى شرح السنة وقد حسن الإمام الترمذى إسناد الحديث وصححه فقال حسن صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول [من قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار] والحديث رواه الترمذى والطبرى أيضا والبغوى فى الكتابين المتقدمين فى معالم التنزيل وشرح السنة بسند حسن حسنه الترمذى عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا عن نبينا عليه الصلاة والسلام بلفظ [من قال فى القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار] ، [من قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار] و [من قال فى القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار] .
والحديث على المعتمد حديث مقبول فى درجة الحسن وقد صححه الإمام الترمذى كما ذكرت لكم وفى إسناد الحديثين الروايتين عبد الأعلى ابن عامر الثعلبى حاصل كلام العلماء فيه ما قاله الحافظ ابن حجر وهو من رجال السنن الأربع صدوق يهم أى يخطأ أحيانا وإذا أطلق الحافظ لفظ الصدوق على راو فيريد به فى اصطلاحه فى تقريب التهذيب أن هذا الراوى حديثه فى درجة الحسن فإذن قوله صدوق أى حديثه حسن إن شاء الله صدوق لكن أحيانا يهم ويخطأ صدوق يهم والحديث مع تحسين وتصحيح الإمام الترمذى له ضعفه الشيخ شعيب الأرناؤوط وهكذا عبد القادر الأرناؤوط والشيخ أحمد شاكر عليهم جميعا رحمة الله وعلينا وعلى المسلمين والمسلمات أحياء وأمواتا رحمة الله جل وعلا ضعفه هؤلاء الأئمة والذى يبدو والعلم عند الله أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن والقبول.
[من قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار] ، [من قال فى القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار] فإن قيل هذان الحديثان والروايتان مقبولتان كما ذكرت وفيهما دلالة على منع تفسير القرآن بالرأى [من قال فى القرآن برأيه] .
فأقول المراد من الرأى هنا ما دل عليه منطوق الحديث الأول وهو من قال فى القرآن بغير علم أى تكلم عن جهل وإذن إذا تكلم عن جهل إذا أصاب وإذا أخطأ فهو فى النار فلا يجوز لك أن تتكلم عن جهل فمن قال فى القرآن برأيه أى بغير علم أى تكلم عن طريق الظن والتخرس وعدم البينة فإذا تكلم فى تفسير كلام الله جل وعلا بهذا الطريق وعن هذا الطريق فليتبوأ مقعده من نار لأننى كما قلت إذا لم يعد العدة ولم يكن أهلا لتفسير القرآن بالرأى عن طريق الاجتهاد والاستنباط فإذا أصاب مرة سيخطأ ألف مرة فلا بد من إعداد العدة فمن قال فى القرآن بغير علم ولذلك هنا فيصل الطريق ونقطة الافتراق بين العلماء وغيرهم فالعالم مأجور محمود على جميع أحواله إن أصاب وإن أخطأ فإن أصاب فله أجران وصوابه مشكور وإن أخطأ فله أجر وخطأه مغفور وغير العالم عندما يتكلم هو فى النار ومخطأ وضال سواء أصاب المطلوب أم لا، الله لا يكلف نفسا إلا وسعها فإذا كان عالما وتكلم فإن أصاب فهذا فضل من الله وله أجران وإلا فإذا تعين عليه الأمر فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وسيأتينا ما ثبت فى تفسير ابن جرير بإسناد صحيح عن صديق هذه الأمة أبى بكر رضي الله عنه أنه سئل عن الكلالة ويتعين عليه الجواب وأمره يرتبط بها حكم دنيوى وهو خليفة المسلمين {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو اخت فلكل واحد منهما السدس} قال أقول فيها برأيى فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله من ذلك بريئان.
الكلالة هم الورثة الذين ليس فيهم والد ولا ولد أى يرثه الأطراف والحواشى الإخوة وقد أجمع العلماء على هذا التفسيرولذلك يقول عمر رضي الله عنه الذى جاء بعد أبى بكر رضي الله عنهم أجمعين الكلالة ما قلت وما قلت وما قلت الورثة الذين ليس فيهم والد ولا ولد لا أصل ولا فرع وهى مأخوذة من الإكليل وهى الإحاطة أى يحيطون بالميت من أطرافه لا من أصوله ولا من فروعه وقيل مأخوذة الكلال وهى الإعياء والتعب والذى يموت وليس له أصل ولا فرع ورثته ضعاف الحواشى مهما قوى سبب إرثهم لوكان هناك أصل أو فرع لحجبهم فهؤلاء يرثون بسبب ضعيف ولذلك الأخ لأم الذى هو وارث عن طريق الكلالة وعن طريق الحاشية والطرف يحجبه ولد ميت وأبوه وجده، أقول فى هذا رأيى فإن كان صوابا فمن الله وإن كان غير ذلك فمنى ومن الشيطان والله ورسوله عليه الصلاة والسلام من ذلك بريئان فتعين عليه الجواب فأجاب وهذا الذى قاله هو عين الحق ويسألونك عن الكلالة هى انقطاع النسل لا محالة.
لا ولد يبقى ولا مولود
…
فانقطع الأبناء والجدود
ليس هناك ابن وليس هناك أب ليس هناك فرع وليس هناك أصل، إذن الذى يتكلم بعد وجود العدة وهو أهل لأن يتكلم فهذا على خير فى جميع أحواله إن أخطأ فخطأه مغفور وله أجر ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وإن أصاب فقد حصل الحسنيين وأما الذى يتكلم دون وجود عدة عنده وليس هو من العلماء فهذا على خطأ إن أصاب وإن أخطأ.
فقول النبى عليه الصلاة والسلام من قال فى القرآن برآيه فليتبوأ مقعده من النار يفسر هذا ويوضحه الرواية الأولى من قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار والعلماء عندما يتكلمون فى تفسير كلام الله جل وعلا يتكلمون على حسب علمه ولذلك ضبطنا تفسير القرآن بالرأى الجائز والمتفق على جوازه بين أهل السنة الكرام كنا نعمل الإنسان رأيه وأن يجتهد فى تفسير كلام الله جل وعلا بحيث يوافق ذلك التفسير نصوص الشرع وقواعد اللغة ويتمشى مع السياق فيدل عليه السباق ويشهد له اللحاق يشهد له ما تقدم وما تأخر فلا يأتين بتفسير يحشره فى كلام الله جل وعلا حشرا ويضعه وضعا دون أن يشهد له السياق ولا اللغة ولا التركيب كما سيأتينا إن شاء الله فى بيان تفسير المحرم فإذا قيل لنا هذه الآثار إذن تدل على أن هناك تفسير مذموم محرم بالرأى فما هو وأنتم تقولون أن تفسير القرآن بالرأى جائز فنقول الرأى ينقسم إلى قسمين كما سيأتى رأى يستند إلى أدلة ثابتة من لغة عربية ونصوص شرعية فلا خلاف فى جواز تفسير القرآن عن هذا الطريق ومن هذا الطريق ورأيى هو الهوى والظن والتخمين والتخرس فتفسير القرآن بالرأى هو هذا وقد حقق الإمام الغزالى عليه رحمة الله فى الإحياء فى الجزء الأول صفحة سبع وتسعين ومائتين ونقل خلاصة كلامه الإمام ابن الأثير فى جامع الأصول فى الجزء الثانى من الصفحة أربعة إلى الصفحة ست والإمام ابن تيمية عليه رحمة الله جاء بعد هذين العالمين فأخذ كلامهما وحققه ونقحه وصاغه بعبارة محكمة فى مقدمة التفسير التى كتبها وهى موجودة فى مجموع الفتاوى فى الجزء الثالث عشر وهى ضمن دقائق التفسير فى الجزء الأول من صفحة سبع وستين إلى صفحة خمس وسبعين قرابة عشر صفحات فى بيان المراد بالتفسير بالرأى المحرم.
يقول الإمام الغزالى عليه رحمة الله النهى عن تفسير القرآن بالرأى له حالتان:
الحالة الأولى أن يكون فى المفسر رأى واعتقاد وميل إلى قول من الأقوال فيخضع كلام الله جل وعلا لميله لاعتقاده لرأيه الذى يرتأيه ويعتقده هذه الحالة الأولى وهذه الحالة الأولى يدخل تحتها ثلاثة أنواع:
النوع الأول: تارة مع العلم أن يفسر وعنده رأى واعتقاد وعنده قول يقول به فيأتى ليتلاعب بكلام الله جل وعلا ليصطاد من كلام الله ما يؤيد به قوله واعتقاده وبدعته وهو يعلم أن هذه الآية لا تدل على ما يقول لكن يريد أن يلبس الأمر على الناس فهذا تفسير بالرأى المحرم مع العلم كحال المبتدعة يقول القمرى فى تفسيره فى الجزء الثانى صفحة مائة وثلاث عشرة وهو من أئمة الشيعة الإمامية فى تفسير قول الله جل وعلا: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا} يروى بالسند المزور إلى الإمام الباقر رضى الله عنه وعن سائر آل البيت الطيبين الطاهرين أنه قال يأتى أناس يوم القيامة بنور بين أيديهم فيجعله الله هباء منثورا أما والله ما كانوا يجهلون كانوا يعرفون لكن إذا عرض عليهم شىء من فضائل على رضي الله عنه أنكروه ثم يقول ويوم يعض الظالم على يديه أبو بكر يقول ياليتنى اتخذت مع الرسول عليا سبيلا ودليلا يا ويلتى ليتنى لم اتخذ فلانا عمر خليلا لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولا، ووالله الذى لاإله إلا هو إن القمرى والشيعة بأسرهم يعلمون كذب هذا التفسير لكن أرادوا أن يخدعوا السذج والدهماء وأن يروج الأمر عليهم وهذا الأمر موجود فى تفسير القرآن للقمرى ذكره شيوخنا أهل السنة الكرام من القرن الرابع للهجرة وأن هذا يتناقله الشيعة ويذكرونه بينهم ففى نكت الانتصار فى نقل القرآن إلى الأنصار للإمام الباقلانى عليه رحمة الله متوفى سنة أربعمائة غالب ظنى وست أو ثلاث أربعمائة وثلاثة وأربعمائة وستة توفى عليه
رحمة الله يقول فى صفحة أربع وعشرين ومائة وقالت الشيعة الظالم هو أبو بكر والخليل هو عمر والسبيل {يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا} طريقا والذكر الذى يوصله إليه هو على
يقول فقلنا لهم هذا تفسير الباطنية أى الذين يتلاعبون بنصوص القرآن ويحملون نصوص القرآن على معان لا تدل عليها لغة العرب بوجه من الوجوه هذا هو تفسير الباطنية وقد سلك هذا المسلك غلاة الصوفية والباطنية {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف}
يأتى غلاة الصوفية فيقول ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم لا تتمنوا المراتب التى وصل إليها شيوخكم لأن المراد من الأب هنا هو الروحى وهو الشيخ ومنكوحه رتبته أى لا تتمنوا أن تصبحوا طواغيتا كما أن شيخكم طاغوت اتركوا هذا الطغيان له يتصرف بكم كما يريد ولا تتمنوا المراتب التى وصل إليها شيوخكم.
ما علاقة هذا التفسير بكلام الله الجليل ولا تنكحوا النكاح معروف ما نكح آباؤكم الأب معروف ومنكوحته معروفة إما من أم ولدت وخرجت من بطنها أو من زوجة للأب فيحرم عليك هذا وهذا ،هذا أمر واضح فهذا تلاعب وهنا كذلك الشيعة فنقول ما الفارق بين تفسيركم وبين تفسير الباطنية.
{ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا*يا ويلتى ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا *لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولا} وهذا فى الكتب المتقدمة وجاءت كتب الشيعة المتأخرة وزادت بعد ذلك هذيان فى تفسير هذه الآية، والله إن البهائم تستحى من تسطير ذلك الكفر البواح فى تفسير كلام الله جل وعلا.
يقول ميرزا الذى يسمى محمد حسين نور الطبرسى الذى توفى سنة ألف وثلاثمائة وعشرين من أقل من مائة سنة وكان له شأن كبير فى بلاد إيران ولما توفى دفن فى بناء المشهد المرتضوى فى النجف الأشرف وهى أشرف بقعة عند الشيعة يقول هذا الرجل فى كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج الذى فى أول الأمر كتابا سماه فصل الخطاب فى اثبات تحريف كلام رب الأرباب ولما قامت ضجة فى العالم الإسلامى واعترض عليه حتى بعض الشيعة ألف كتابا آخر رد الشبهات على كتاب فصل الخطاب فى اثبات تحريف كتاب رب الأرباب ثم ألف كتابه الاحتجاج على أهل اللجاج يقول فيه إن النبى عليه الصلاة والسلام لما توفى جلس علي فى بيته ستة أشهر طيب العدة أربعة أشهر لو كان امرأة لانتهت العدة أربعة أشهر وعشرا ستة أشهر يجلس عليا فى بيته جلس ستة أشهر رضي الله عنه وأرضاه لم يخرج من البيت لا لجمعة ولا لجماعة فبعد انقضاء الأشهر خرج فلقيه أبو بكر وقال أين كنت يا أبا الحسن قال رأيت كل شىء يزيد إلا كتاب الله فرأيته ينقص فعكفت على جمعه قال أحسنت يا أبا الحسن إذا انتهيت منه ايتنا به لننشره بين الناس يقول فأتاهم على بهذا المصحف الذى جمعه بعد موت النبى عليه الصلاة والسلام يقول فكان عمر حاضرا الذى هو وأبو بكر يعتبرهما الشيعة صنمى قريش وكان عمر حاضرا يقول فوثب وفتح المصحف فإذا أول صفحة فيه فيها فضائح المهاجرين والأنصار فهذا القرآن نزل ليفضح لا إله إلا الله فيها فضائح المهاجرين والأنصار فقال عمر أردده لا حاجة لنا فيه، هذا توفى سنة ألف وثلاثمائة وعشرين يقول هذا فى هذا الكتاب أردده لا حاجة لنا فيه فأخذ على كتابه الذى جمعه القرآن وانصرف يقول فبعد أن ذهب فكر عمر بعد ذلك بأن هذه الطريقة طريقة فاشلة وأن عليا إذا احتفظ بهذه النسخة كما يزعم الشيعة أن هذا القرآن يتداولونه فيما بينهم وليس هو القرآن الذى عند العامة الشيعة الضالون ففكر عمر بأن هذه الطريقة التى فعلها طريقة فاشلة
فعرض الأمر على أبى بكر وقال إذن لا بد نحن من أن نجمع القرآن وأن نقضى وأن نمحو هذا القرآن الذى فعله وجمعه على رضي الله عنهم أجمعين.
حقيقة كما قلت لكم هراء تستحى منه البهائم لكن هذا سطر وطبع وانتشر فى الأمصار والبلدان.
فقال أبو بكر إذا جمعنا القرآن ونشر على مصحفه يبطل مصحفنا المزور وزيد ابن ثابت شاركهم فى هذا الرأى ثم ما الحيلة قال نستدعى علي مرة ثانية ونأخذ منه مصحفه ونحرقه ثم نحن ننشر مصحفا آخر فلما استدعى على وطلب منه المصحف أبى أن يعطيه إياه وقال إنما أتيتكم لئلا تقولوا إن كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم فقال له عمر هل له يوم معلوم قال نعم إذا خرج القائم من ولدى وهو الذى يسمونه بالمهدى المنتظر الذى دخل السرداب على زعمهم سنة مائتين وستين ومائتين وخمس وستين يقول سيخرج فى آخر الزمان مضى عليه ما يزيد الآن على إحدى عشر قرنا ودخل القرن الثانى عشر أوالثالث عشر ويقول ما زال هذا المهدى دخل فى السرداب عمره أربع سنين أو خمسة وسيخرج فى آخر الزمان والذى لا يؤمن به كافر الإيمان به كالإيمان بأنبياء الله ورسله هذا من أركان الاعتقاد إذا خرج القائم من ولدى يخرج هذا المصحف وينشره بين الناس ثم يقول احتال عمر رضي الله عنه مع خالد لأجل أن يقتلوا عليا رضي الله عنه ففشلت أيضا المؤامرة يقول وهذه الحالة كلها يفسرها قول الله ويراد بقول الله ما جرى بين الصحابة هؤلاء.
ويوم يعض الظالم على يديه أبو بكر والذى هو خليفة المسلمين بعد النبى عليه الصلاة والسلام يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتنى لم أتخذ فلانا عمر خليلا لقد أضلنى عن الذكر الذى أتى به على وهو القرآن الحق بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولا فإذن هنا له اعتقاد وعنده قول وله ميل إلى رأى من الآراء فيخضع كلام الله جل وعلا لما يريده هذا تفسير بالرأى النهى ينصب على هذا {مرج البحرين يلتقيان} على وفاطمة أى البحر الأول على والبحر الثانى فاطمة {بينهما برزخ لا يبغيان} كل واحد يقدر الثانى ولا يعتدى عليه {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} الحسن والحسين، طيب هذا تفسير يعرف المبتدع أن كلام الله لا يراد به هذا مع العلم لكن أراد أن يلبس على الناس.
فإذن هذا النهى ينصب على هذا مع العلم هو لا يقصد بالقرآن هذا وهو يعلم لكن يريد أن يحمل القرآن هذه المعانى من أجل أن يؤيد قوله وهواه ورأيه وميله فالنهى ينصب على هذا [فمن قال فى القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار] ، [من قال بالقرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار] تفاسير الباطنية كلها على هذه الشاكلة.
أحد الناس كان يسمى بحيدر جوادى عنده كتاب المعجزة فى رسالة إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه وسيأتينا شىء من هذا بتوسع إن شاء الله عند تفسير آيات القرآن هذا لا يثبت فى القرآن شيئا على ظاهره كل شىء يتلاعب فيه ضمن كتاب المعجزة فيأتى يقول {يا نار كونى بردا وسلاما} يقول يا نار أى الحسد الذى فى قلوبهم أطفأه الله وأبطل مفعوله وأما هناك نار أوقدت وتأججت وأطفأها الله كل هذا خرافة ووهم وهكذا ما يقول بعد ذلك المفسرون المعاصرون الذين أسسوا المدرسة على تعبيرهم العقلى من دون أن يخضعوا القرآن لعقلهم قالوا لانثبت شيئا فى القرآن اسمه خارق عادة والله يعلمون أنهم يكذبون لكن على مسلكهم إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا وهذه المدرسة الضالة التى أسسها محمد عبده يريد أن يوفق على زعمه بين القرآن وبين العقل أى أن يخضع القرآن للعقل.
{اقتربت الساعة وانشق القمر} مامعنى انشق القمر القمر معروف يقول ظهر الحق أما قمر ينشق فلا دخل للقرآن بهذا لا تدخلوا القرآن فى هذه الغرائب وتأفف منه بعد ذلك علماء الجولوجيا والتكنولوجيا فى زمانها ظهر الحق، عصى موسى عندما ضرب فانفلق البحر يقول لا غرابة فى هذا عن طريق المد والجزر مد وجزر يعنى عندما ينحسر البحر يصبح فيه اثنا عشر طريقا يبسا ما وصل جزر البحر وانحساره لهذه الحالة فى يوم من الأيام.
{وأرسل عليهم طيرا أبابيل} ما ورد أنها طيور ترميهم بحجارة من سجيل وأن معها ثلاثة حصاة واحدة بمنقارها وثنتان فى رجليها كل هذا خرافة الطير هى جراثيم الحصبة والكوليرا التى انتشرت فى هذه الأيام طيرا أبابيل، هذا مع العلم هو يعلم أن هذا لا يراد بكلام الله وكلام الله لا يراد منه هذا لكن يقول نريد أن نوفق بين القرآن وبين عقول بنى الزمان فى هذه الأيام فنتلاعب فعنده اعتقاد عنده رأى عنده نحلة عنده هوى يخضع القرآن لهواه ويتلاعب فيه كما يريد.
فحقيقة هذا منهى عنه ومذموم لكنه يجهل يجهل المعنى الحق للآية ذاك مع العلم يعلم أن ما يريد أن يفسر به كلام الله لا يراد وهو غير مقصود لكن هنا يجهل كما يفعل كثير من المبتدعة كثيرا من الناس الذين ينظرون إلى الأمور لا بقصد تحريف كلام الله عن مواضعه إنما يريد أن يستدل بما لا دليل فيه على ما يريد أن يقوله والذى أداه إلى هذا جهله لا أن يحرف الكلام عن مواضعه يتلاعب فى معناه.
{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} هذه الآية منذ أن نشأت للآن الناس يستدلون بها استدلالا باطلا مع الجهل إذا نصحت إنسانا يقول عليك نفسك {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم} وإذا سمعك إنسان تنصح يقول أنت ستزل فى قبره الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} كل واحد يهتم بنفسه ولا علاقة له بشؤون غيره، هذا التفسير باطل والآية لا تدل عليه ولا يراد بالآية هذا المعنى قطعا وجزما لكنهم فعلوا هذا بناء عن جهل.
الآية تحتمل أمرين:
أحدهما: حق وهو ما فهمه صديق هذه الأمة ودلت عليه النصوص الشرعية.
والثانى: هذا الاحتمال الباطل الذى يتعلق به الجهلة.
المعنى الحق {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم} أى قوموا بما أوجب الله عليكم نحو أنفسكم ونحو غيركم ومن جملة ذلك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر {لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} إذا قمتم نحوه بما أوجب الله عليكم من نصح وأخذ على يديه وأطره على الحق أطرا وبعد ذلك اتصف بضلال فى نفسه فهل عليكم ضير وحرج لا ليس معنى هذا لا يضركم من ضل إذا اهتديتم النساء سافرات فى بلدان المسلمين ولا يضركم من ضل إذا اهتديتم الأمة كلها ملعونة وسينزل عليها عذاب الله وغضبه.
إنما هذه امرأة سفرت أخذنا على يديها فاستترت فى الظاهر وزاولت العهر فى الباطن هل علينا حرج ليس علينا حرج فالله لا يعاقب الأمة عقوبة عامة الآن لأن المعصية ما ظهرت وهذه بعد ذلك أثمها فى رقبتها أما أن تخرج متهتكة ومعاصى الله تنتشر تنشر وتنتشر فى قارعات الطرق ثم نقول لا يضركم من ضل إذا اهتديتم أنت مهتدى وأنت صالح لا علاقة لك بهذا لا البلاء سينزل بعد ذلك على الجميع.
{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} إذن تحتمل وهو المعنى الحق {لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} متى أنت تهتدى إذا تركت الأمر بالمعروف والنهى عن النكر مهتدى أو ضال مفرط؟ ضال مفرط {لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض وليسلطن عليكم شراركم ويدعو الخيار فلا يستجاب لهم} فإذن متى تهتدى عندما تقوم بما أوجب الله عليك فلا يضرك بعد ذلك ضلال هذا الإنسان إذا بقى فى قلبه ضلال حسابه عند الله جل وعلا.
لو أن الإنسان أظهر الإيمان وأبطن الكفر لا يضرنا من ضل إذا اهتدينا ولا يحصل الاهتداء إلا أن تقام شعائر الله وشريعة الإسلام فى الظاهر وأما الباطن فهذا كل إنسان مسؤول عن نفسه والله يحاسب العباد على ما فى أنفسهم أما الظاهر لابد من ضبطه.
فالمعنى الحق {لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} إذا قمتم بهذه الشريعة المطهرة وبما أوجبه الله عليكم ومن جملة ذلك نصح الذى يخرج عن شريعة الله والأخذ على يديه فلا يضركم بعد ذلك ضلاله.
والثانى: المعنى الذى يفهمه الجهلة من زمن لا يضركم من ضل إذا اهتديتم أى إذا كنت مهتديا ليس عليك حرج لا حرج أن يكون بجوار المسجد خمارة ولا حرج أن يكون بجوار المسجد مرقص لا حرج أنت مهتدى فى المسجد وأولئك يشربون الخمور فى المرقص هذا لا يجوز أبدا وعندما ينزل البلاء سينزل على أهل المسجد وعلى أهل المرقص تماما ليس المراد بهذه الآية هذا المعنى لكن الناس لجهلهم يستدلون بهذه الآية على جبنهم وخورهم وعجزهم وانحرافهم وتفريطهم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم.
ثبت فى المسند وهو أول حديث فى مسند الإمام أحمد والترمذى وسنن أبى داود وابن ماجة وصحيح ابن حبان عن قيس ابن حازم رضي الله عنه قال قام فينا أبو بكر رضي الله عنه خطيبا فقال يا أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} وإنكم تضعونها فى غير موضعها أى تقولون لا حرج علينا إذا اهتدينا من ترك الناس وإنكم تضعونها فى غير موضعها وإنى سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده فإذن لا يجوز أن تستدلوا بهذه الآية على أنه يباح لكم أن تتركوا شؤون غيركم وأن الناس يفعلون كما يريدون لا ،شريعة الله لا بد من تنفيذها فلا تقرؤا هذه الآية وتضعونها فى غير موضعها أى تستدلون بها على جواز ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وعلى جواز ترك الظالم وعدم الأخذ على يديه لا هذا وضع للشىء فى غير موضعه والذى دعا إلى هذا كما قلت الجهل جهل ووافق هواه وجبنه وعجزه وخوره ولا يريد أن يتحمل جهدا فى تبليغ دعوة الله والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
أكون أنا فى بيتى صالح مستقيم لا يضرنى ضلال الناس أجمعين لا إنما فإذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده.
فإذن هنا الحالة الثانية: له فى الشىء رأى وإليه ميل ويوافق هواه فمال إليه عن جهل لاعن علم الحالة الأولى عن علم مسلك المبتدعة الثانية عن جهل مسلك العامة وأكثر الخلق.
الحالة الثالثة: أن يكون للإنسان غرض صحيح فيستدل عليه بما يعلم أنه لا يراد به هناك مبتدع استدل عليه بما لا يراد به من أجل تحريف كلام الله عن مواضعه لكن له الآن هنا غرض صحيح فقال استدل بهذا النص على هذا الغرض الصحيح وأنا أعلم أن هذا النص لا يدل على هذا لكن من باب يعنى إقناع الناس بهذا الأمر غرضه صحيح هذا كما يفعله الصوفية فى تفسير كلام رب البرية {اذهب إلى فرعون إنه طغى} فيقول اذهب إلى فرعون ويشير إلى نفسه هذا له غرض صحيح وهى مجاهدة النفس والمجاهد من جاهد نفسه فى ذات الله فى الله اذهب إلى فرعون إلى نفسك هو يعلم أن الآية لا تدل على هذا لكن له غرض صحيح وهو مجاهدة النفس فيريد أن يستدل على هذا الأمر بما لا يدل عليه فى الحقيقة.
{يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} يقول نفوسكم التى بين جنباتكم قاتلوها وجاهدوها، مجاهدة النفس مطلوبة لكن استدل بما لا دليل عليه وقد ذكر الشيخ أحمد الرفاعى فى كتابه البرهان المؤيد رحمه الله وموتى المسلمين جميعا فى صفحة سبع وثمانين فى تفسير قول الله {اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى} خطابا لنبى الله موسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه أما جاء لمناجاة الله اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى نعليك أى نفسك وزوجتك إياك أن تفكر الآن فى النفس أو فى الزوجة التى تركتها ورائك أنت فى مكان مبارك فى مناجاة الله.
وحقيقة هذا استدلال على شىء بما لا يدل عليه اخلع نعليك النعل معروف ليس النعل معناها فى اللغة الزوجة وليس النعل معناها فى اللغة النفس، استدلال بما لا يدل على المطلوب مع أنه كما قلنا له غرض صحيح.
إذن هذه الحالة الأولى: التى يتنزل عليها النهى عن تفسير القرآن بالرأى فى المفسر رأى وله رأى وعنده ميل إلى قول إلى اعتقاد إلى نحلة إلى مذهب فإذن يريد بعد ذلك أن يخضع هذا القرآن لهذا الاعتقاد الذى فى نفسه إما مع العلم يريد أن يتلاعب بكلام الله كحال المبتدعة عندما حرفوا كلام الله عن علم وإما مع الجهل كحالة العامة يستدلون بما لا دليل عليه وإما أن يكون له غرض صحيح ليس كالمبتدعة الذين غرضهم فى الأصل غرضهم باطل واستدلوا عليه بباطل بما لا يدل عليه فهو باطل الاستدلال فأخطأوا فى الدليل والمدلول أما هنا له غرض صحيح هو لو التمس أدلة شرعية على مجاهدة النفس لأصاب فالذى يريده مجاهدة النفس هذا حق لكن يأتى الأمر من بابه ولذكر الأدلة التى تدل على مجاهدة النفس {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى} ، {قد أفح من زكاها وقد خاب من دساها} فليأتى بهذه النصوص التى بها مجاهدة النفس والإنسان يعتنى بمجاهدة نفسه أما أن يستدل بما لا دليل عليه هذا يدخل فى أنه فسر القرآن برأيه وهواه فليتبوأ مقعده من النار سواء كان له غرض صحيح أو غرض قبيح أو عن جهل هؤلاء الأحوال الثلاثة يتنزل عليهم حديث النبى عليه الصلاة والسلام [من قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار] هذه الحالة الأولى إذن فى المفسر كما قلنا ميل وعنده رأى فيريد أن يخضع القرآن له فى هذه الأحوال الثلاثة.
الحالة الثانية: التى يتنزل عليها تفسير القرآن بالرأى أن يتسارع إلى تفسير القرآن برأيه حسب مدلولات لغة العرب دون تعويل على النصوص الشرعية فيفسر القرآن بلغة العرب دون أن يعول على النصوص الشرعية على ما ورد فى سبب نزول هذه الآيات وكثير من الآيات لا يمكن أن تفسرها على حسب لغة العرب فقط فلا بد من معرفة سبب النزول ولذلك نحن قلنا فى ضابط تفسير القرآن بالرأى أنه يوافق نصوص الشرع وقواعد اللغة فيدل عليه سياق الكلام ويشهد له السباق واللحاق أم أن تأتى فقط لتفسر هذا اللفظ على حسب اللغة فقط كأن هذه اللفظة ليست فى القرآن ثم تتناسى ورودها فى كلام الله جل وعلا بالهوى إنه فسر هذا عن طريق اللغة دون تعويل على السماع وعلى النصوص
وكنت ذكرت إخوتى الكرام: شيئا يوضح هذا فى أوائل دروسنا فى مقدمة التفسير فى قول الله جل وعلا: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم} .
ذكرت هناك فهم عروة ابن الزبير رضي الله عنهما أجمعين وكيف ردت عليه أمنا عائشة رضي الله عنه فهمه لهذه الآية هو فهم على حسب ظاهر اللغة العربية وأغفل سبب النزول فحذرته أمنا عائشة رضي الله عنها من هذا المسلك [فيكم من يستحضر ما سبق ويذكرنى وأن الأنصار تحرجوا من السعى بين الصفا والمروة لأمرين:
الأمر الأول: الأنصار..كانوا.. إذن الأنصار يهلون لمناة الطاغية التى قلنا هى عند المشلل حذو قديد عند البحر الأحمر يهلون لمناة الطاغية فإذا أهلوا لمناة وحجوا لا يطوفون بين الصفا والمروة تعظيما لمناة فلا يطوفون بين الصفا والمروة عليهما إساف ونائلة تعظيما لمناة.
وصنف ثان: كانوا يعظمون هذين الصنمين فيطوفون بينهما ويتمسحون بهما وأولئك كأنهم قالوا نحن كنا فى الجاهلية ما نفعل هذا لأنه من شعائر الجاهلية السعى تعظيما للصنمين فنحن كنا تعظيما لمناة لا نعظم إسافا ونائلة فمن باب أولى تعظيما لله لا نطوف بين الصفا والمروة ومن كان يطوف يقول كنا نفعل هذا فى الجاهلية فكيف نفعله فى الإسلام.
إذن تحرج الفريقان من السعى بين الصفا والمروة تحرجوا من السعى بينهما لكن العلة فى هؤلاء غير العلة فى هؤلاء فنزلت الآية: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح} الشاهد هنا فلا جناح عليه أن يطوف بهما قلنا رفع الجناح والإثم والحرج لا يلزم منه اثبات الفرضية أى لا جناح عليك أن تطوف بينهما أى يباح لك أن تطوف بينهما.
إذن السعى بين الصفا والمروة ليس بركن من أركان الحج، طيب هذا لا يفهم إذن من الآية أن السعى بين الصفا والمروة فى الحج لا يفهم إذن منه أنه مشروع وأنه لا بد منه وأنه ركن لأن الله نفى الإثم والجناح والحرج عمن سعى بينهما فإذا سعى لا حرج عليه وإذا لم يسع فلا حرج عليه على حسب مفهوم اللغة من باب أولى.
قلنا هنا لو لم يعرف الإنسان سبب النزول لما استطاع أن يفسر هذه الآية فهنا لا جناح عليك لا لأن السعى فى الأصل فرض أو لا المراد من نفى الجناح الذى وقر فى أذهانهم هم ظنوا أنهم إذا طافوا بينهما وسعوا بينهما فى ذلك إعادة لخصال الجاهلية فالله يقول لا حرج وإن كانت صورة الفعل وافقت صورة الجاهلية فلا حرج
وقد سن النبى عليه الصلاة والسلام الطواف بينهما أى فرضه فى السنة فلا بد من ذلك فإذن هذا مشروع على سبيل الإلزام والوجوب كيف عبر عنه بلا حرج هذا دفعا فيما وقر فى أذهانهم.
هذا كما لو استيقظ إنسان بعد صلاة الفجر وقد فاتته الصلاة وطلعت الشمس فقال لك ماذا أفعل طلعت الشمس أصلى الفجر تقول صلى ولا حرج ما معنى ولا حرج أى لا أثم عليك أنت تتحرج من الصلاة لا حرج عليك لابد لكن هنا أنه ليس معنى ولا حرج يعنى يباح لك أن تصلى الفجر التى فاتتك ولا يباح لك لا صلى ولا حرج أى أنت تتحرج من الصلاة فى هذا الوقت وأنت معذور والقلم مرفوع عنك وإذا لم يحصل هناك تفريط منك فلا إثم عليك إن شاء الله فصلى ولا حرج فهنا نفى الحرج لنفى ما وقر فى ذهنك لا أنه لاحرج عليه فى أن يصلى وألا يصلى وهكذا وقر فى أذهانهم إرتياب نحو السعى بين الصفا والمروة فقيل فلا جناح عليه أن يطوف بهما ولذلك قالت أمنا عائشة فلو كان السعى بينهما ليس بواجب لقال فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما أى ينفى الإثم والجناح والحرج والذنب على من لم يسع بينهما وأما هنا رفع الحرج والأثم والذنب عمن طاف بينهما لما وقر فى أذهانهم من أن الطواف بينهما فيه مشابه لخصال الجاهلية أما هو فرض فإذن هذا إذا لم يعلم الإنسان سبب نزول هذه الآية ما يستطيع أن يفسرها ويأتى ويقول السعى بين الصفا والمروة مباح وما قرره الفقهاء واستنبطه العلماء من أن السعى بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج هذا باطل لما لأن اللغة العربية التى نزل بها القرآن تقول فلا جناح ونفى الجناح والآثم والحرج لا يفيد أن السعى واجب وعليه إذن هو مباح إذا طاف فلا حرج وإذا لم يطف فلا حرج هذا كلام باطل فإذا تسارع إلى تفسير القرآن بالعربية دون تعويل على السماع فقد فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
مثال على هذا ما ثبت فى الصحيحين فى حديث سهل بن سعد رضى الله عنه قال لما نزلت هذه الآية {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ولم ينزل من الفجر يقول كان أناس إذا أراد أحدهم أن يصوم ربط فى رجله خيطين أسود وأبيض ثم ينظر إليهما فلا يزال يأكل حتى يتبين له رئيهما أى منظرهما ومشاهدتهما وورد زيهما أى لونهما ورد رأيهما مرئيهما يأكل حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود كما هو ظاهر القرآن على حسب اللغة العربية على حسب فهم ذلك الإنسان فلما نزل من الفجر علموا أن المراد بذلك بياض النهار وسواد الليل {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} .
وثبت أيضا فى الصحيحين والحديث فى الكتب الستة باستثناء سنن ابن ماجة وهو فى المسند عن عدى بن حاتم قال لما نزلت هذه الآية وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر عمدت إلى عقالين فوضعتهما تحت وسادتى وبدأت آكل وأنظر إليهما ثم ذهبت إلى النبى عليه الصلاة والسلام وأخبرته فقال إن وسادك إذن لعريض المراد من ذلك سواد الليل وبياض النهار ألم تسمع إلى قوله تعالى من الفجر هنا حصل تفسير من هؤلاء الآن فى الظاهر أنهم عولوا على بيان المعنى على حسب اللغة العربية لكن ما عرفوا المراد وهو أن المراد فى حقيقة الأمر سواد الليل بياض النهار فلو جاء إنسان الآن يأخذ بهذه الآية فقط على حسب مدلول اللغة الذى يفهمه هو فقط وقال لا يحرم الأكل والشرب على الصائم والمفطرات حتى يظهر له الخيط الأبيض من الخيط الأسود يعنى لا أقول عند طلوع الفجر بعد طلوع الشمس لأن عند طلوع الشمس لايظهر أيضا فى بداية طلوعها الخيط الأبيض من الخيط الأسود لابد من أن يصبح الوقت ضحى حتى يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود وإذا كان فى نظره ضعف لعل الخيط الأبيض من الخيط الأسود ما يظهران إلا عند الظهر إذن لا حرج عليه أن يستمر فى الأكل نقول لا يا عبد الله.
لابد من أن ترجع إلى سبب نزول هذه الآية وإلى ما لبسها لتعلم أن المراد سواد الليل بياض النهار وأولئك الصحابة رضوان الله عليهم الذين جرى منهم ما جرى حتما هم واهمون فى ذلك لكن هذا الذى فى وسعهم فى ذلك الوقت وعرضوا الأمر على النبى عليه الصلاة والسلام فصحح الأمر لهم وقصة ما ورد فى حديث سهل بن سعد من أن أناسا أرادوا أن يصوموا هذا هو سبب نزول قول الله من الفجر فنزل وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم ينزل من الفجر وورد أنه بين نزول من الفجر وما قبلها عام كامل فالتبس عليهم الأمر لا لأن الأمر فيه التباس لا الأمر حتى من ناحية اللغة لا التباس فيه لأن المراد بالخيط الأسود سواد الليل وبالخيط الأبيض بياض النهار لكن هؤلاء حملو ها على شىء آخر فالبيان حصل بذاك لكن هؤلاء صار عندهم نحو ذلك البيان إشكال فمن الفجر هذه ليست لبيان ما كان مشكلا فى الحقيقة إنما لبيان ما أشكل على بعض الناس وإلا أكثر الصحابة فهموا أن المراد بذلك سواد الليل وبياض النهار ولذلك ليس فى ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة إنما فيه إزالة للبس والإشكال حصل عند بعض الناس وهذا هو المعنى المعتمد.
وأما ما زعمه الزمخشرى بأن هذا فيه تأخير للبيان عن الحاجة وعليه فالحديث لا يثبت وهو فى الصحيحين فهذه والله إحدى الكبر إنسان يقول عن حديث فى الصحيحين إنه لا يثبت قل إن فى تأخيره بيان عن وقت الحاجة أى تأخير عن وقت الحاجة هنا حصل البيان بقوله: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} والمراد سواد الليل وبياض النهار هذا معروف لكن هؤلاء إلتبس عليهم فكما أن الخيط الأبيض يطلق على الخيط المحسوس يطلق أيضا على سواد الليل خيط أسود وعلى بياض النهار خيط أبيض وهذا معروف فى اللغة.
ولذلك لما سأل سائل فى مسائل نافع ابن الأزرق ابن عباس رضي الله عنهما عن الخيط الأسود والخيط الأبيض فقال له الخيط الأسود ظلام الليل والأبيض ضوء النهار ألم تسمع إلى قول أمية ابن أبى الصلت:
الخيط الأبيض ضوء الصبح منفلق
…
والخيط الأسود لون الليل مكموم
فالبيان كان حاصلا لكن كما قلنا لرفع إشكال حصل عند بعض الناس فنزل من الفجر وبينهما عام كامل.
وأما قصة عدى فهى متأخرة لأن عدى أسلم فى العام التاسع أو العاشر للهجرة وفرضية الصيام نزلت فى العام الثانى للهجرة فإذن عدى ابن حاتم قصته متأخرة وتكررت بعد هذه الموقعة بثمانى سنين أو سبع فهو لما قرأ هذه الآية حسبما يفهم أيضا على ظاهر العربية ولعله ليس فى لغة قومه أن الخيط الأسود ظلام الليل والأبيض ضوء النهار أو هذا فى لغة قومه ونسى وحمل الأمر على الخيطين المعروفين فوضع عقالين فى رجله ثم بدا يأكل وينظر إليها حتى يتبن له شكل الخيطين ثم ذكر بعد هذا للنبى عليه الصلاة والسلام فقال إن وسادك إذن لعريض إنما ذلك سواد الليل وببياض النهار وأنما قال له وسادك عريض أى نومك كثير وليك طويل إذا كنت ستبقى تأكل حتى يتبن لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
وقيل عرض النبى عليه الصلاة والسلام بما يشير إلى غفلته إلى حصول شىء من الغباء عنده لأن الوساد العريض يحتاج إلى قفا عريض وعرض القفا فى الإنسان مما يستدل به على قلة انتباهه وعدم يقظته وحصول شىء من الغفلة والغباء فيه إن وسادك لعريض أى إذا عندك وسادة عريضة ستغطى فلق الصبح تحتاج إلى قفا عريض وبالتالى سيصبح عند الإنسان شىء من الغفلة.
إذن إما أن الليل طويل وإما فيه تعريض بحال عدى فقصة عدى تأخرت هذا لو جاء إنسان وفسر هذه الآية على حسب ما يفهم من ظاهرها دون الرجوع إلى نصوص الشرع وإلى ما لابسها فهو مفسر للقرآن برأيه من ذلك قول الله جل وعلا: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون} آية تسع وثمانين من سورة البقرة {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها} لو جاء إنسان ليفسر هذه الآية على حسب الظاهر وما يفهم من لغة العرب يقال ليس الطاعة لله أن تأتى البيت من ظهره أنما الطاعة لله هو تنفيذ شرع الله أن تأتى البيت من الباب الذى يدخل الناس منه.
طيب وربما يقول لك قائل وهل أحد يأتى البيت من ظهره ويتسلق عليه من الجدران وخلفه من يفعل هذا القرآن إذن يتكلم فى شىء غير واقع ويحضنا على أمر هو الذى يفعله كل الناس مؤمنهم وكافرهم {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها} كل واحد يأتى الدار من بابها وما واحد يأتى إلى بيته يتسلق على الجدران من خلف، فهذه إذا ما فهم ما لابس نزولها وسبب نزولها يستطيع أن يتكلم فى تفسيرها عن طريق لغة العرب على الإطلاق.
ثبت فى الصحيحين عن البراء ابن عازب قال هذه الآية نزلت فينا معشر الأنصار ماذا كنتم تعملون كانوا إذا أحرموا بحج أو عمرة وأهلوا لله جل وعلا بأحد هذين النسكين لا يدخل واحدا منهم بيته من بابه إذا عرضت له حاجة ماذا يفعل يأتى إلى بيته من الخلف ويتسلق الجدران وينزل بعد ذلك من السطح البيت من بابه لا يدخله تعظيما لله على حسب ما توارثوه فى الجاهلية.
فالله جل وعلا يقول: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها} هذا ليس فيه طاعة لله وليس فيه تعظيم لله والله ما أمركم بذلك {ولكن البر من اتقى} إذا أحرمتم فاتقوا المحذورات والمحرم عليكم {وأتوا البيوت من أبوابها} واتقوا الله لعلكم تفلحون.
وورد أيضا أن الأنصار كانوا إذا رجعوا من سفر سفر حج أو غيره تعظيما لله لا يدخلون البيوت من أبوابها إنما يتسلقون الجدران ويأتونها من خلفها فنهاهم الله عن ذلك.
وورد أيضا أن الأنصار إذا أرادوا سفرا وعدلوا عنه لا يدخوا البيت بعد ذلك من بابه إنما يأتيه من خلفه ويتسلق فنهاهم الله عن ذلك.
وورد أيضا أنهم إذا اعتكفوا وعرضت لهم حاجة وخرج من معتكفه لا يدخل البيت من بابه إنما يتسلق عليه من خلفه.
وورد أيضا أن الأنصار إذا انفضوا من عيدهم لا يدخلون البيوت من أبوابها إنما يدخلون من خلفها ويتسلقون الجدران.
{وأتوا البيوت من أبوابها وأتقوا الله لعلكم تفلحون} هنا لا يمكن أن يفسر الإنسان هذه الآية إلا على حسب نصوص الشرع ولذلك العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب ولو فسرت هذه الآية على حسب ظاهر اللغة لقلت أن هذه الآية تعالج قصة لا واقع لها الإنسان يدخل البيت من بابه ولا يتسلق عليه من خلفه يقال لك ما أحد يفعل هذا ثم لو أراد أن يتسلق أحيانا من الخلف لحاجة لاعتبارلأمر لأن الباب مغلق تقول منهى عنه ابحث ما فى وسعك للدخول من هذا الباب ولو أدى إلى كسره ولا يجوز لك أن تتسلق هذا البيت وأن تأتيه من خلفه وإن كان لعذر لا أبدا ما تتكلم عن هذا تعالج واقعا معينا كانوا يتدينون لله ويتقربون إليه بأن يأتوا البيوت من ظهورها فنهوا عن هذا.
أما إذا عرضت لك حاجة وتعسر عليك أن تدخل البيت من بابه لوجود مثلا قاطع طريق أو لوجود مفسد عاتى وتسلقت جدران البيت وأتيت البيت من خلفه ليس فى ذلك حرج فلا يقال أنت منهى عن هذا فالآية تعالج واقعا معينا فافهم هذا {وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون} مثال هذا أيضا قول الله جل وعلا فى سورة الأعلى {فذكر إن نفعت الذكرى} .
حرف إن هنا أورد المفسرون فيه ثلاثة معان:
المعنى الأول: {فذكر إن نفعت الذكرى} على أنها شرطية فإذا كانت الذكرى نافعة فذكر وإلا فلا داعى للتذكير فضياع الوقت لا فائدة فيه وهنا كل ذكرى سيترتب عليها نفع فأنت تذكر المؤمن إن الذكرى تنفع المؤمن وتذكر الكافر لتقيم عليه الحجة لكن من علمت أنه لن ينتفع كحال أبى لهب وأنه سيصلى نارا يخلد فيها أبدا هل هناك فائدة فى تذكيره بعد نزول سورة المسد حقيقة ضياعا للوقت بلا فائدة.
إنسان نصحته ونصحته وقامت عليه الحجة وكل ما تنصحه يزداد عتوا وعنادا وليس عندك وسيلة لأن تأخذ على يديه فهل يلزمك أن تذكره بعد ذلك لا الله لا يأمر إلا بذكرى نافعة لكن ليس معنى هذا تقول هذا لا ينتفع فلا أذكره لا بد من قيام الحجة فإن اهتدى وحصل الأثر وإلا فقد قامت عليه الحجة وهذه نافعة لأنه عندما قامت عليه الحجة فأنت إذن حصلت المطلوب من هذا التذكير عندما يعذب فى الآخرة يعذب بعد قيام الحجة عليه وأن المطلوب حصل من هذا التذكير إنما كما قلنا ذكرى ليست نافعة لا يأمر الإسلام بها هذا معنى الآية {فذكر إن نفعت الذكرى} .
وقيل بمعنى قد فذكر إن نفعت قد نفعت الذكرى والذكرى تنفع المؤمن ينتفع بها والكافر تقوم عليه الحجة.
وقيل وهو ما يقوله أهل العربية قاطبة إلا من رحم ربك يقول الكلام هنا ذكر إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع وهذا من باب الاكتفاء بأحد المتقابلين لأنه يدل على ما يقابله فذكر إن نفعت إن لم تنفع هذا الذى قاله الفراء والواحدى تبعه ورجحه الشوكانى وهذا من العجيب فى تفسيره لم يذكر سوى هذا المعنى الإمام البغوى والخازن قال فذكر إن نفعت وإن لم تنفع فى الحقيقة هذا من باب تفسير القرآن على حسب ظاهر العربية والاحتمالات التى تحتملها لغة العرب لكن دون دلالة النصوص الشرعية على هذا فكلام العرب احتمل هذا المعنى لكن النصوص الشرعية لا تحتمل هذا المعنى على الإطلاق فقالوا إن نفعت وإن لم تنفع قالوا وشاهدنا على هذا تفسير باطن أيضا استدلوا به لتأييد تفسير باطل سرابيل تقيكم الحر أى والبرد وهذا من باب الاكتفاء بأحد المتقابلين عن الآخر سرابيل تقيكم الحر وتقيكم البرد فذكر الحر ولم يذكر البرد لأنه يقابل الحر هذا من باب الاكتفاء وهنا إن نفعت وإن لم تنفع.
يقول الإمام ابن تيمية عليه رحمة الله وما قالوه باطل وقولهم بأنه يجب أن نذكر الكافر هذا معلوم بالاضرار من دين الإسلام لكن الذكرى إذا لم تكن نافعة لا نأمر بها كحال من نزل فيه نص بأنه يجلد فى نار جهنم فلا نذكره وكحال من ذكرته وأصر على العناد وقامت عليه الحجة وما اهتدى فلا داعى أن تضيع الجهد والوقت معه أما إننا نذكر الكافر هذا معلوم بالاضرار من دين الإسلام وتفسيرهم لآية الأعلى بآية النحل سرابيل تقيكم الحر أى وتقيكم بأسكم وهنا فذكر إن نفعت وإن لم تنفع يقول هذا التمثيل باطل.
أولا: لا يوجد حرف شرط فى آية النحل فقال هناك سرابيل تقيكم الحر وأما هنا قال قذكر إن نفعت الذكرى فهناك لا يوجد حرف شرط وإذا علق الحكم بحرف الشرط وكان الأمر المعلق على هذا الشرط لا بد منه سواء وجد الشرط أم لم يوجد فذكر الشرط من باب العبس ومن باب تطويل الكلام بلا طائل إذا كان المراد ذكر إن نفعت وإن لم تنفع لماذا يقول فذكر إن نفعت الذكرى يقول فذكر وانتهى أما فذكر إن نفعت تقول وإن لم تنفع إذن هذا الشرط ذكره وعدمه سواء إذن هو لغو وحشو فى الكلام وكلام الله يصان عن هذا.
الأمر الثانى: يقول ما ذكروه هو حجة عليهم ليس فى قوله {سرابيل تقيكم الحر} دلالة على البرد لا وهذا لتفسيرهم هذا من باب تفسيرهم لكلام الله حسبما تدل اللغة دون النظر إلى سياق الكلام ومراد المتكلم سرابيل تقيكم الحر الحر فقط وأما البرد هذا تقدم ذكره ودفعه فى أول السورة بسورة النحل التى تسمى بسورة النعم كما ثبت هذا عن قتادة فى تفسير ابن أبى حاتم والله عدد نعمه على عباده فى هذه السورة فذكر فى أولها أصول النعم وذكر فى أثنائها ونهاياتها متممات النعم دفع البرد من أصول النعم أو من متمماتها؟ من الأصول ودفع الحر من المتممات.
الإنسان يموت بالبرد لكن لا يموت من الحر مهما كان الحر شديدا إذا كان تحت أى ظل ولو ظل الشجر لا يموت لكن البرد إذا لم يجد ما يدفعه من ملابس واقية يموت فاللع ذكر ما يدفع البرد فى أول سورة النحل فقال والأنعام خلقها لكم فيها دفء فدفع البرد عنا هذا من أصول النعم ولذلك يقول العرب البرد بؤس قاتل والحر أذى أنت من الحر تتأذى لا تموت لكن من البرد تموت {سرابيل تقيكم الحر} الحر فقط أما دفع البرد تقدم {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} فالبرد بؤس وقاتل فالله امتن علينا بدفعه فى أول السورة ثم ذكر أنه خلق لنا من الملابس ما ندفع به عنا أذى الحر من الملابس القطنية الرفيعة التى تجلب للجسم برودة فقال {سرابيل تقيكم الحر} فتدفع عنا أذى الحر وأما البرد فقد تقدم دفعه فقال وهذا من باب تفسير القرآن أيضا بالرأى فأرادوا أن يستدلوا على باطل بباطل فالآية {فذكر إن نفعت الذكرى} لا يجوز أن نقول وإن لم تنفع وإذا كانت اللغة العربية تحتمل هذا فالنصوص الشرعية لا تساعد على هذا المعنى.
وقوله سرابيل تقيكم الحر لا يجوز أن نقول وتقيكم البرد فإذا كانت اللغة العربية تحتمل هذا التقدير فالنصوص الشرعية تدفع هذا.
ولذلك قال الإمام أحمد عليه رحمة الله كما فى مجموع الفتاوى فى الجزء السادس عشر صفحة خمس وخمسين ومائة كنت أحسب الفراء رجلا صالحا حتى رأيت كتابه التفسير معانى القرآن والإمام الفراء من أئمة العربية الكبار وهو أمير المؤمنين فى النحو ولولاه لما استقامت العربية كما يقول أئمتنا وألف كتابه التفسير معانى القرآن للفراء وهو من المتقدمين توفى سنة مائتين وثمانية للهجرة عليه رحمة الله يقول الإمام أحمد كنت أحسبه رجلا صالحا حتى رأيت كتابه التفسير معانى القرآن للفراء ليس فى تفسير معانى القرآن للفراء ضلال وبدع لكن فيه أنه يفسر كلام الله على حسب اللغة العربية دون نظر إلى مراد المتكلم وسياق الكلام والسباق واللحاق والمتقدم والمتأخر ينظر إلى ملول هذا اللفظ على حسب اللغة وهذا فى الحقيقة خطأ وهذا خطأ فلنتجنب هذا الأمر فى تفاسير اللغويين ولا بد من يقترن هذا كما قلنا بالنصوص الشرعية.
إخوتى الكرام: أقتصر على هذا المقدار وفى أول المحاضرة الآتية إن أحيانا الله جل وعلا أذكر كلام الإمام ابن تيمية فى تلخيص ما تقدم ثم ندخل إن شاء الله فى تفسير كلام الله وصلى الله عليى نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كريما والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما هى عدة العلم ووسائل العلماء؟
معروفة لابد من أن يتقن اللغة العربية وأن يلم بالأحاديث الشرعية وأن يعرف بعد ذلك ما يتعلق بتفسير كلام الله جل وعلا من أسباب النزول وأن ينظر فى المنقول الوارد فى تفسير هذه الآية فإذا أتقن هذا هل يتكلم بعد ذلك يعنى كل واحد يعلم هل هو عالم أم لا؟ وأما إذا كان يأتى ليسأل يا شيخ اطلب العلم من المهد إلى اللحد دى آية ولا حديث لا يسألنى أستاذ التربية أستاذ تربية دى آية ولا حديث ثم بعد ذلك يأتى يفسر كلام الله فى المحاضرات ويستشهد بها هذا ضال إذا كان اطلب العلم من المهد إلى اللحد آية ولا حديث ما يعرف وبعد يقول هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون هذه حكمة ولا أثر ما يعلم، إذن الإنسان يعلم هذا..واضح.
حتى رأيت كتابه معانى القرآن فقط يقول كنت أحسبه رجلا صالحا حتى رأيت كتابه معانى القرآن أى كأنه نزل من نفسه ونحن قلنا ليس فيه شىء إلا أنه يفسر كلام الله على حسب مدلولات اللغة دون النظر إلى النصوص الشرعية فليطرح هذا الأمر من تفسيره ولنحترص منه وما عداه فلا حرج فيه.
بالنسبة لآية {لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} كيف نرد على من قال يعنى يخضعون اللفظ نفسه لسبب خاص.. ما ذكرنا سببا خاصا نقول هنا معناها {لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} .
هل يحصل لك اهتداء عندما تترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أخبرنى يحصل الله أعلم
إذن ما عندنا خصوص سبب لتقول عموم لفظ ولا خصوص سبب لا أبدا عندنا لا يضركم من ضلل إذا اهتديتم متى يحصل لنا الاهتداء إذا قمنا نحونا ونحو غيرنا بما أوجبه الله علينا وأما إذا قمت نحو نفسك بما يجب عليك ولم تقم نحوها بما يجب عليك نحو الآخرين هذا أيضا بما يجب لله عليك فأنت الآن لست بمهتدى ولذلك قال أبو بكر رضي الله عنه تقرأونها وتضعونها فى غير موضعها تظنون أن الاهتداء يحصل لكم لو جلستم فى بيوتكم وتركتم المنكرات بعد ذلك تسرح هنا وهناك هذا ليس بصحيح، والأمة إذا رأت المنكر فلم تغيره أصابها الله بعذاب عام
…
سيأتينا إن شاء الله عند كلام ابن عباس بعد كلام الإمام ابن تيمية أن التفسير على أربعة أوجه:
تفسير تعرفه العرب من كلامها: فلا يشترط له سبب نزول مثل تبت يدا أبى لهب سيأتى العرب يقول التباب معناه الهلاك والخسران لا بأس.
تفسير يعرفه العلماء: فيما يتعلق بسب نزول وناسخ ومنسوخ وما شاكل هذا.
تفسير لا يعلمه إلا الله: ومن ادعى علم رسول الله فهو كاذب فيما يتعلق بالمغيبات.
تفسير لايعذر أحد بجهالته: هذا الذى لايعذر أحد بجهالته إما حلال وحرام ينبغى أن يتعلمه وإما واضح كقول الله "والليل إذا يغشى الليل".
تقول أنت ما معنى الليل؟
نقول الليل معروف ضد النهار لا يحتاج أن نقول قال أبو بكر أو عمر الليل هو الليل المعروف الذى يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر لا يحتاج إلى هذا
…