الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة التفسير (8)
(دروس تفسير)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التفسير 8
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
الحمد لله رب العالمين شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطا مستقيما وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير.
اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله أنت رب الطيبين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولى الصالحين وخالق الخلق أجمعين ورازقهم فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين.
{ياأيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} [الأنعام/102] .
وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبيا عن أمته ورضى الله عن أصحابه الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}
[آل عمران/102] .
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا صلى الله عليه وسلم * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} [الأحزاب/70-71]
أما بعد: معشر الإخوة الكرام..
كنا نتدارس فى الدرس الماضى الأسباب التى دعتنا لاختيار تفيسر سورة لقمان قبل غيرها وقلت إن الذى دعانى لذلك ثلاثة أسباب كنا نتكلم على السبب الثالث أن هذه السورة مكية وإذا كانت مكية فينبغى أن نبحث فى طبيعة القرآن الكريم لأن حال الناس فى هذه الأيام يشبه حال الناس فى الجاهلية فبل بعثة خير البرية عليه صلوات الله وسلامه فالقرآن المكى نقلهم من السفاهة والضلالة إلى الهدى والرشاد فلعلنا نحذو حذوهم عندما نتعرف على طبيعة القرآن المكى وكيف ربى الله عباده فى العصر الأول.
إخوتى الكرام: قلت أن القرآن المكى دار محور حديثه على ثلاثة أمور.
الأمر الأول: ربط القلوب بعلام الغيوب عن طريقين اثنين عن طريق ما لله جل وعلا من صفات فهو رب العالمين له الأسماء الحسنى يتصف بكل كمال يتنزه عن كل نقصان ينبغى أن نفرده بالعبادة وحده لا شريك له فهذا حقه علينا سنؤول إليه بعد ذلك ليحاسبنا على أعمالنا {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} .
وأما الجانب الثانى: فى بناء القلوب فكان الإشارة إلى حال هذا الإنسان فهو ضعيف فقير قسرا واضطرارا فينبغى أن يتذلل لربه جل وعلا طوعا واختيارا لهذين الأمرين تبنى القلوب ويحصل فيها الخشية من علام الغيوب.
والأمر الثانى: الذى تحدث عنه القرآن المكى الإشارة إلى أمهات الفضائل ومكارم الأخلاق وقلت لا نسخ فيها بين الشرائع فهذه الأخلاق الفاضلة وصى بها الله النبيين ليبلغوها إلى أممهم على نبينا وعلى جميع الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه ولا تختلف من شريعة إلى شريعة.
والأمر الثالث: القصص والإشارة إلى أحوال الأمم الغابرة والقرون البائدة وذكرت العبر من ذلك.
إخوتى الكرام: بهذه الأمور الثلاثة من تربية القلوب وربطها بعلام الغيوب وبالأخلاق الفاضلة وبالإشارة إلى قصص الأمم البائدة وما فى ذلك من عبر حسبما تقدم معنا ووعدت بمزيد من التفصيل عند مدارسة قصة العبد الصالح لقمان عليه رضوان الله ورحمة الله عليه وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات فى جميع العصور والدهور لهذه الأمور الثلاثة غير الله جل وعلا فكر الإنسان فى العصر المكى وغير طريقة التفكير عند الإنسان أما الفكر فقلت كان الإنسان يلهث وراء الشهوة والمنفعة العاجلة فجعله الإسلام بهذه القيم والموازين الثابتة يطلب رضوان الله جل وعلا فصار مقياس عمله والذى يحركه ويسكنه رضوان الله فيفعله سخط الله وغضبه فيتركه حلال يفعله حرام فيتركه إذن هذا صار مقياس عمل الإنسان فى العصر المكى عند المؤمنين بالله جل وعلا وهذا ينبغى أن يكون هو المقياس عند المؤمنين فى جميع العصور الدافع لأفعالنا ولحركاتنا وسكناتنا وحبنا وبغضنا رضوان الله جل وعلا وسخظه فما يرضيه نفعله وما يغضبه نتركه ولا نبحث بعد ذلك فى شىء آخر على الإطلاق.
فالصحابة الكرام رضوان الله عليهم عكفوا على هذا وهذا صار وصفا لهم ولذلك عندما رسخ هذا الأمر فى ذهنهم وفى قلوبهم نزلت بعد ذلك آيات الأحكام والحلال والحرام فنهوا عن الزنا وعن شرب الخمر وعن الربا وعن وعن بعد أن تطهرت القلوب ولو نهوا عن هذه القاذورات من أول الأمر كما قالت أمنا عائشة رضي الله عنها لو قيل لهم فى أول الأمر لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو قيل لهم لا تزنوا لقالوا لا نترك الزنا أبدا أنزل على النبى عليه الصلاة والسلام وأن جارية ألعب بل السعة موعدهم والساعة أدهى وأمر من سورة القمر وما نزلت عليه البقرة والنساء إلا وأن عنده فى المدينة رضوان الله عليها وصلوات الله وسلامه على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين والحديث كما قلت فى صحيح البخارى.
فإذن لابد من غرس هذه الأمور فى قلوب الناس أن يكون الحلال والحرام رضوان الله وسخطه وغضبه مقياسا لأعمالهم ولأفعالهم فى هذه الحياة.
قلنا والشريعة الإسلامية وما نزل من قرآن فى مكة عن طريق تلك الأمور أزال العقدة الكبرى عند الإنسان فأخبره بمن أوجده ولما وجد وإلى أى شىء سيصير ولذلك عندما وعى المسلمون هذه المعانى قلنا أقبلوا على كتاب الله جل وعلا وعلى شريعته المطهرة فكانوا يتلونه ويحفظونه ويفهمونه ويعملون بما فيه ويحترسون من خصال الجاهلية كما تقدم معنا فى أول درس عند أحوال الصحابة الكرام وأثر القرآن فيهم.
إخوتى الكرام: فتغيرت أفكار الناس كانوا يبحثون عن دريهمات وعن متاع زائل فبدأوا يبحثون عن رضوان الله جل وعلا فطهر القلب فاستقامت بعد ذلك سائر الجوارح هذا التفكير كما تغير طريقة التفكير غيرها الله فى العصر المكى فالقرآن ما نزل جملة واحدة إنما نزل كما قلت شىء منه فى أول الأمر فيه ذكر الجنة والنار وربط القلوب بعلام الغيوب ثم بعد ذلك نزل الحلال والحرام طريقة التفكير تغيرت ليس من الحكمة أن تنزل آيات ومعلومات كثيرة ليطبقها الناس بعد عشر سنين لا فهذا ليس بكتاب ثقافة ولا ترف فكرى إنما هذه عقيدة وهذا منهاج حياة ينبغى أن يبنى هذا الدين فى الجماعة وينبغى أن تقوم الجماعة بهذا الدين ولذلك كان يأخذ الله جل وعلا بأيدى المؤمنين فى العصر المكى رويدا رويدا ليأسس الإيمان فى قلوبهم حتى إذا أمروا بأمر أو نهوا عن شىء بعد ذلك يستجيبون.
أما أن تنزل الأوامر والنواهى وليس فى الإمكان تطبيقها فى أول الأمر لا على أنفسهم ولا على مجتمعهم فهذا بعيد من الحكمة فطريقة التفكير أيضا تغيرت لا يلزمهم فى ذلك الوقت كان الوحى ينزل على نبينا صلى الله عليه وسلم به فيتدارسونه ويفهمونه ويعملون به هم عباد والله جل وعلا ربهم إذن ينبغى أن يطيعوه وأن يفردوه بالعبادة وأن يخلعوا عبادة ما دونه هذا ينبغى أن تأسس عليه القلوب فى العصر الأول فهذا الدين دين الأمة ليس بدين فردى إذن ينبغى أن يبنى الدين فى الجماعة وأن تقوم الجماعة على الدين وهذا الذى حصل فى العصر المكى.
ثبت فى المستدرك فى الجزء الأول فى صفحة خمس وثلاثين بسند صحيح على شرط الشيخين أقره عليه الذهبى والإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء ذكر أن الحديث صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن بنيت القلوب على علام الغيوب وما نزل قرآن كثير ليعملوا به فى المستقبل وكانت السورة تنزل على النبى عليه الصلاة والسلام فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغى أن يوقف عندها كما تتعلمون أنتم القرآن نحن رسخ الإيمان فى قلوبنا فعندما تنزل السورة نتعلم ماذا يريد الله منا بهذه السورة فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغى أن يوقف عندها كما تتعلمون أنتم القرآن ولقد رأيت رجالا بعد أن لنتشر الإسلام وتوسع يؤتى أحدهم القرآن فيقرأه من فاتحته إلى خاتمته لا يدرى أمره ولازجره ولاما ينبغى أن يوقف عنده ينثره نثر الدقل أى ردىء التمر، فالله جل وعلا غير تفكير الناس فى مكة وغير طريقة التفكير.
إخوتى الكرام: يقول كثير من عتاة هذا العصر فى هذا الوقت من شياطين الإنس ماذا عندكم فى دينكم من حلول لهذه البنوك وماذا عندكم من حلول لمشاكل الناس كأنهم آمنوا بالله جل وعلا ودانوا له بالعبودية وعبدوه حقا وما بقى عندهم فى الحياة إلا مشكلة البنوك لتزال وتحل أو المشاكل الإقتصادية.
إن مجاراة هؤلاء فى البحث فى هذه الأمور سفاهة خروج عن الطريق المستقيم أنت قبل أن تبحث فى الأمور الاقتصادية وفى مشاكل الإنسانية فى هذا الوقت هل أحكمت أصل الأصول لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام وأنت عبد له ينبغى أن تفرده بالعبادة حسبما جاء عنده إذا كان هذا فى دينك وهو مسلم الحلول يسيرة وهى بين أيدينا لكن إذا ضيعت هذا وفرطت فى الواضحات الجليات ثم جئت لتلبس الأمر على المؤمنين والمؤمنات ماذا عندكم من حلول لتشغل المسلمين عن الأمر الحقيقى الذى ينبغى أن يصرفوا أذهانهم وجهدهم إليه وهو تعبيد الخلق لخلقهم وأن يكون الدين كله لله وحده لا شريك له المشاكل الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية كلها تزول عندما يعلم الإنسان أنه عبد لله جل وعلا وأن الله جل وعلا له عليه حق الطاعة والعبادة فى جميع شئون حياته لكن إذا كان الإنسان على ربه ظهيرا ويظاهر الشيطان فى العداوة ثم يريد أن يجرنا بعد ذلك إلى بنيات الطريق ماذا عندكم من حلول فى أمور الاقتصاد أو فى مسائل الاجتماع نحن أعلى من نخوض معك فى هذه الطرق المعوجة لا بد من إحكام أصل الأصول وهو أنك عبد لخالق إن كنت تقر بهذا وأن شريعته ينبغى أن تحكم فى شؤون الحياة فالحلول سهلة يسيرة موجودة هى فى متناول أيدينا لكن إذا كنت تضيع هذا فكل حل بعد ذلك لن تأخذ به ولن ترضاه.
إذن كانوا يؤتون الإيمان قبل القرآن فإذا نزلت السورة تعلموا حلالها وحرامها كما يتعلم من بعدهم القرآن ثم ما الذى حصل؟ لما دخل فى الإسلام من لم يدرك العصر المكى صار يقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته لا يعرف أمره ولا زجره ولا ما ينبغى أن يوقف عنده ينثره نثر الدقل أى ردىء التمر.
وثبت فى سنن ابن ماجة بسند صحيح عن جندب ابن عبد الله رضي الله عنه قال كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاور [جمع حزور وهو الشباب الممتلىء شبابا وقوة ونشاطا] ونحن فتيان حزاور فتعلمنا الإيمان قبل القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا.
ففى القرآن المكى فى أول الأمر نزلت الآيات لتربط القلوب بعلام الغيوب فإذا ربطت وينزل القرآن بعد ذلك افعلوا واتركوا واجتنبوا يتعلمون هذا فيزدادون إيمانا لكن الأصل إذا ضاع من القلوب وإذا ذكرت حكما للناس يؤلهون أنفسهم ويعترضون عليه بعقولهم فإذن ليس من الحكمة أن تذكر لهم الأحكام لا بد من أن يبحث معهم فى القضية الأولى وهى لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه صلوات الله وسلامه {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} .
إخوتى الكرام: العصر المكى قام على هذه المعانى الإنسان عبد خلقه الله ينبغى أن يسعى لإرضائه فى هذه الحياة لينال رضوانه بعد الممات هذه غايتنا ما أشرفها من غاية إذا لم تكن هذه الغاية غاية الإنسان والله إن الانتحار أهنأ له فى هذه الحياة من أن يعيش عيشة العجماوات ولذلك ثبت فى تفسير ابن جرير وطبقات الإمام ابن سعد عن كعب القرظى رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم عندما بايع الأنصار بيعة العقبة على أن يهاجر إلى المدينة المنورة وحضر العباس رضي الله عنه وكان لا زال على شركه مع نبينا عليه الصلاة والسلام ليستوثق لابن أخيه وتسلل الأنصار من مضاجعهم فى ثلث الليل وفى وسط الليل إلى المكان الذى وعدوا فيه النبى عليه الصلاة والسلام ثم تم الاتفاق بعد ذلك على أن يهاجر النبى عليه الصلاة والسلام إلى المدينة ليقيم دولة الإسلام فى طيبة وطابا فقال عبد الله ابن رواحة يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترط لنفسك ولربك ماذا تريد من حقوق لك ولله لنلتزم بالوفاء بها قال اشترط لربى أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واشترط لنفسى أن تمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم وأولادكم لا تخزلونى وأنا سأكون غريبا بينكم فإذا جئت إليكم تنصرونى ولا يصل الأعداء إلى وأما الله فله عليكم حق العبادة والطاعة لا إله إلا الله وحده لا شريك له فقال عبد الله ابن رواحة فما لنا إذا وفينا عبدنا الله وحده لا شريك له ونصرناك وما وصل إليك مكروه فما لنا قال الجنة والجنة ليست عاجلة ليست فى الدنيا هذه بعد الموت ما لكم على هذا إلا رضوان الله والجنة رحمته يرحم بها الله من يشاء الجنة فقالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل ربح البيع هذه غاية عظيمة {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو
الفوز العظيم} الجنة فقط وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام عندما يلقى الأذى من قومه يعرض نفسه على القبائل لينصروه فكان كثير من القبائل تعرض نفسها على النبى عليه الصلاة والسلام ويقولون ننصرك ونمكن لك وتقوم دولة الإسلام لكن بشرط واحد على أن يكون لنا الأمر من بعدك فيقول لا الأمر لله يضعه حيث يشاء فما لنا إذن آمنا بك ونصرناك وعرضنا أموالنا ودماءنا وأولادنا للبلاء والعناء ما لنا يقول الجنة ما لكم على هذا إلا رضوان الله جل وعلا أما أن يكون بيى وبينكم شرط على تحصيل مغنم دنيوى لا وهذا الطريق حقيقة شاق ومكلف لكن عاقبته هنيئة مريئة لأنه لا يدخل معك فى هذا الطريق إلا من كان صادقا يريد الله والدار الآخرة وأما إذا أعلنتها وطنية فسيتجمع حولك الوطنيون ثم سرعان ما يتفرقون وإذا أعلتنها قومية فسيجتمع إليك أهل العرق ثم سرعان ما يتفرقون إذا أعلنتها دعوة للإصلاح ولمطالبة حقوق المستضعفين والفقراء فسينضمون إليك لكن الدعوة بعد ذلك سيقضى عليها كما هو حال الدعوات الهدامة التى قامت قبل بعثة نبينا عليه الصلاة والسلام وبعد بعثته دعوات هدامة كثيرة كانت تقوم حول وطنية مزيفة وقومية منتنة وحول إصلاحية جزئية كلها تتلاشى ولا يبقى لها خبر والحق بعد ذلك ثابت ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون فهذا الطريق شاق لكن عاقبته هنيئة مريئة مثمرة نافعة الأمر لله يضعه حيث يشاء وما أظن أنه يخطر ببال أحد أنه سيلى أمر المؤمنين بعد نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام رجل من بنى تيم وبعده رجل من بنى عدى وبعده رجل من بنى شمس وبعده رجل من آل النبى عليه الصلاة والسلام على ما أظن هذا كان يخطر ببال أحد من المسلمين الأمر لله يضعه حيث يشاء.
إخوتى الكرام: فلابد ربط القلوب بعلام الغيوب فى سورة لقمان التى سنتدارسها أنزل الله فيها فى العصر المكى قبل أن ينزل تحريم الخمر والزنا أنزل تحريم الغناء سبحان الله الغناء حرم فى مكة قبل الخمر نعم لأن ضرر الغناء أعظم من ضرر الخمر فالغناء قرآن الشيطان إذا عشعش فى القلب وفسد هذا القلب فلن يدخله نور القرآن بعد ذلك ولا يجتمع قرآن الرحمن وقرآن الشيطان فى قلب أبدا القلب لا بد من أن يطهر من الساعة الأولى كما لو أردت أن تزرع أرضا لا بد من من تنقيتها من الشوك ومن الحجارة والبلاء ثم بعد ذلك تبذر فيها البذر ليؤتى ثماره وأكله.
الغناء محرم فى العصر المكى والخمر متى حرمت حرمت بعد فتح مكة فى العام الثامن بعد بعثة نبينا عليه الصلاة والسلام بواحدة وعشرين سنة بقى المسلمون يشربون الخمر ومحمد عليه صلوات الله وسلامه رسول الله واحدة وعشرين سنة بعد بعثته ثم نزل التحريم قبل وفاته بسنتين عليه صلوات الله وسلامه فلما نزل قول الله {فهل أنتم منتهون} قالوا انتهينا ولا تردد فى ذلك على الإطلاق القلوب طاهرة.
فالغناء فى العصر المكى يحرم لأنه يفسد القلب وهو أعظم سوقا إلى الفواحش والمنكرات من الخمر أما الخمر فذاك داؤه عارض عندما يشرب يفقد عقله وإذا فقد عقله غاب عن وعيه فإذا رجع إلى صحوه صار بعد ذلك فى حال الكمال والرشد بخلاف الغناء متى ما عشعش فى القلب فسد القلب فصار الإنسان شيطانا مريدا.
ورضى الله عن عمر ابن عبد العزيز عندما يقول لمؤدب أولاده ومعلمهم ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الغناء الذى بدايته من الشيطان ومآله إلى سخط الرحمن أول شىء تغرس فى قلوب النشء فى قلوب هذه الأولاد هؤلاء الأولاد عندما تعلمهم علمهم بغض الغناء والنفور منه بدايته من الشيطان ومآله سخط الرحمن.
وحقيقة إذا ألف القلب الغناء والموسيقى فقد ضرب الران عليه فلا يعى بعد ذلك كلام الله ولاينتفع به وعندما يقرؤه ينثره نثر الدقل كما هو حال المسلمين فى هذا الحين وصل الانحطاط والبلاء والضلال أن مادة الموسيقى تقرر على أولاد المسلمين فى السنة الأولى الابتدائية فما بعدها سبحان الله وقد أجمع الفقهاء عن بكرة أبيهم أنه لا يجوز استئجار المغنى ولا يجوز أن يعطى أجرة ليعلم النشء الغناء والموسيقى فهذا حرام وسيأتينا البحث فى أمر الغناء عند قول الله جل وعلا: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} إذا اشترى لهو الحديث وعكف على الغناء ماذا يكون حاله {وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم} وهذا الآن هذا الحال ليس هو حال النضر ابن الحارث الذى كان يعكف على الغناء ويحضر المغنيات ليغنين لا هذا حال الدعاة الذين يستمعون الغناء فى هذه الأيام كم من رقيع يحسب على الأمة الإسلامية أنه من الدعاة وأنه من المصلحين المجددين يقول بكل وقاحة وبذاءة إنه يسمع الموسيقى لكن المويسقى الهادئة سبحان الله العظيم قرآن الشيطان وسخط الرحمن فيه هدوء الموسيقى الهادئة ماذا كان أثر السلوك فيه إن أردت أن ترى قول الله جل وعلا جليا واضحا فانظر إليه {وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها} تراه يتلبث بخصلة من خصال الجاهلية هو من الدعاة الكبار تقول له يا عبد الله لما لا تعفى لحيتك دعنا من القشور دعنا من القشور الأمة الإسلامية فى مشاكل والرقاب تضرب وأنت لا زلت تبحث فى هذا {وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم} .
حجب نسائك وبناتك العبرة بالقلب لا بالظاهر سبحان الله كأن قلوبكم أطهر من قلوب الصحابة حتى أبحتم لأنفسكم التحلل الظاهرى بحجة أن قلوبكم طاهرة هذا يقوله الداعى فليست خاصة فى النضر عموم لفظها يشمل كل من عرض عليه أمر من أمور الشرع فأعرض عنه بحجة أن قلبه طاهر، وذاك {وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم} .
وماذا يرتجى من إنسان لا يعرف فى حياته إلا الغناء وقلة الحياء حقيقة لا يتوقع منه إلا هذه الأجوبة الفارغة والاعتراض على دين الله جل وعلا.
إذن الغناء يحرم فى العصر المكى والخمر لا تحرم إلا قبل وفاة نبينا عليه الصلاة والسلام بسنتين ثمانى سنين الصحابة يشربون الخمر فى المدينة وحمزة أسد الله وأسد رسوله عليه صلوات الله وسلامه ومعه كبار الصحابة يستشهدون فى أحد والخمر فى بطونهم ولا يضيرهم ذلك ولا يضرهم عند الله جل وعلا فكانت فى حكم الإباحة وما نزل تحريمها ولو شهدوا قول الله {فهل أنتم منتهون} لقالوا انتهينا أما أنه يوجد عكوف على غناء وبذاء بحيث تتربى القلوب على الخنا والفحش ويصبح فيها ظلما فلا ثم لا.
إذن القرآن المكى كان يدور على هذا المحور هذا الخالق رب العالمين وهذا المخلوق هذا مخلوق ضعيف فقير وذاك إله قوى كريم جليل ينبغى لهذا الفقير أن يلتجأ إلى هذا الغنى وينبغى لهذا الضعيف أن يعبد ذلك القوى وأن يفرده بالعبادة وحده لا شريك له وأن يحكم شرعه فى جميع شؤون حياته.
القرآن المكى كان كله يدور حول هذا فالعبد سيؤول إلى ربه بعد ذلك ليحاسبه على أعماله.
عباد الله القرآن المكى كله دار حول هذا إعلام الناس بحقيقة أنفسهم وإخبارهم بصفات ربهم جل وعلا ومن عرف نفسه عرف ربه ومن عرف ربه عرف نفسه وإذا التبس الأمر على الإنسان فجهل نفسه فهو لربه أجهل وإذا جهل ربه فهو جاهل أيضا فى أمر نفسه {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون} وهذه الجملة وهذه الحكمة من عرف نفسه عرف ربه ليست من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام إنما هى من الحكم المأثورة عن العلماء الصالحين وقد نص الإمام النووى فى فتاويه فى صفحة ثلاث وسبعين ومائة أن هذه اللفظة لا تعرف عن نبينا عليه الصلاة والسلام وهكذا الإمام ابن تيمية فى مجموع الفتاوى فى الجزء السادس عشر صفحة تسع وأربعين وثلاثمائة والإمام الزركشى فى الدرر المنثرة فى الأحاديث المشتهرة نعم هذا من كلام يحيى الرازى كما قال الإمام الزركشى وورد الأثر فى الحلية من كلام سهل ابن عبد الله التسترى وورد الكلام عنه فى الحلية فى الجزء العاشر صفحة مائتين ثمانية كان يقول من عرف نفسه لربه عرف ربه لنفسه من عرف نفسه لربه وأنه مخلوق لله عرف نفسه لربه أى أن الله ربه ورب كل شىء سبحانه وتعالى من عرف نفسه عرف ربه والإمام ابن القيم عليه رحمة الله فى كتابه مدارج السالكين فى الجزء الأول صفحة سبع وعشرين وأربعمائة بحث فى هذه الجملة بحثا طيبا بعد أن أخبر أنها ليست من كلام النبى عليه الصلاة والسلام وقال تروى أيضا فى الكتب السابقة أن الله يقول لابن آدم: اعرف نفسك تعرف ربك وبحث الإمام ابن القيم عليه رحمة الله فى معنى هذه الجملة وقال معناها صحيح وتحمل على ثلاثة أمور.
إما أن تكون من باب الضدية أو الأولوية أو من باب النفى فى مدارج السالكين فى المكان الذى أشرت إليه فى الجزء الأول صفحة سبع وعشرين وأربعمائة فإذا كان من باب الضدية ما تقدم معنا فأنت فقير يقابل هذه ويضاده غنى الرب الجليل {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} أنت جاهل والله عالم أنت عاجز ضعيف والله جل وعلا قوى قدير إذن بالضدية إذن صفات النقص يقابلها صفات الكمال فى الله جل وعلا من عرف نفسه بأنه فقير ضعيف عاجز سيموت عرف الله بضد ذلك.
والمعنى الثانى: لهذه الجملة المباركة يقول معناها بالأولوية من عرف نفسه عرف ربه أى إذا كنت ترى أنك قابل لصفات الكمال وتتصف بالعلم والرحمة والحكمة والقدرة والغنى على حسب ما يناسبك وما يليق بك فالله أولى بالاتصاف بهذه الأمور منك على حسب ما يناسبه ويليق به سبحانه وتعالى فإذا كان العلم كمالا فيك فالله جل وعلا يتصف بهذه الصفة من باب أولى وله المثل الأعلى فى السماوات
والأرض سبحانه وتعالى وإذا كان الغنى كمالا فيك فالغنى فى الله جل وعلا كمال ويتصف به من باب أولى وهكذا القوة من باب الأولوية ما ثبت لك من كمال فالخالق أولى به.
والثالث: أن معنى هذه الجملة محمول على النفى من عرف نفسه عرف ربه أنت لا يمكن أن تعرف نفسك وما فيك من أسرار وعجائب لا يمكن أن تقف عليها والروح التى فيك أنت وأهل الأرض وجميع المخلوقات عاجزة عن إدراك كنهها وحقيقتها {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} فإذا كنت عن معرفة نفسك وعن إدراك نفسك وعن إدراك الأسرار التى فيك عاجز فأنت أعجز وأعجز عن إدراك حقيقة الذات الإلهية وحقيقة صفات رب البرية {ليس كمثله شىء وهو السميع البصير} .
وقد ألف الإمام السيوطى عليه رحمة الله حول هذه الجملة كتابا سماه القول الأشبه فى بيان من عرف نفسه عرف ربه والرسالة مطبوعة فى ضمن الحاوى للفتاوى للإمام السيوطى فى الجزء الثانى صفحة ثمان وثلاثين ومائتين.
إذن القرآن المكى كان يعرف الناس بحقيقة أنفسهم كما يخبرهم بما يتصف به ربهم جل وعلا وهذه الجملة من عرف نفسه عرف ربه لا تثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام لكن منقولة عن يحيى ابن معاذ الرازى وعن سهل ابن عبد الله التسترى سهل من أئمة هذه الأمة الصالحين توفى سنة ثلاث وثمانين ومائتين قال الإمام الذهبى فى سير أعلام النبلاء فى ترجمته فى الجزء الثالث عشر صفغحة سبعين وثلاثمائة شيخ العارفين له كلمات نافعة ومواعظ حسنة ومن مواعظه وكلماته النافعة أنه كان يقول أمسى مات وغدا لم يولد واليوم فى النزع هذا حال الدنيا أمسى ما هو قبل اليوم وهو يوم السبت مات وغدا الإثنين لم يولد وهل تدركه أم لا العلم عند الله واليوم فى النزع يلفظ أنفاسه دقيقة بعد دقيقة وثانية بعد ثانية ليخرج هذا اليوم كما خرج أمسه أمسى مات وغدا لم يولد واليوم فى النزع ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التى أنت فيها.
ومن تواضعه وإجلاله لحديث النبى عليه الصلاة والسلام أنه ذهب إلى الإمام أبى داود صاحب السنن سنن أبى داود ذهب إليه وقال أريد أن تخرج لسانك الذى تحدث به عن البنى عليه الصلاة والسلام قال وعلام قال حتى أقبله فأخرج له أبو داود لسانه فقبله إجلالا لحديث النبى عليه الصلاة والسلام سهل ابن عبد الله التستترى كان يقول للمسلمين إذا استطعتم أن تلقوا الله بالمحابر أى بطلب الحديث فافعلوا هذه الأقلام لا تفارقوها حتى تلقوا الله وهى معكم لا تفارقوا هذه المحابر وكان يقول لا معين إلا الله ودليل إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه صلوات الله وسلامه ومن جميل حكمه كان يقول أمور البر يفعلها الصالح والطالح لكن المعاصى لا يتركها إلا صديقا أمور البر يفعلها الصالح والطالح لكن المعاصى والمخالفات لا يتركها إلا صديقا [وإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشىء فأتوا منه ما استطعتم] فالنهى ينبغى أن يترك يصلى الإنسان فى جماعة ثم يذهب إلى الغناء فماذا استفاد من صلاته إذا لم تنهاه عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا، أمور البر يفعلها الصالح والطالح وأما المعاصى فلا يتركها إلا صديق.
وكان يقول من سره أن ينظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء، ومن كلامه أول الحجاب الدعوى فإذا أخذوا فى الدعوى هلكوا أى أن يدعى الإنسان أنه وأنه وأنه وأنه أول الحجاب الدعوى فإذا أخذوا الدعوى هلكوا هذا العبد الصالح هو الذى يقول من عرف نفسه لربه عرف ربه لنفسه.
إخوتى الكرام: وحقيقة إذا علم الإنسان أن القرآن كلام الله وأن محمدا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه وأنه هو عبد الله فعليه إذن أن يعبد الله حسبما جاء عن رسوله عليه صلوات الله وسلامه لا يتصور من هذا الإنسان إذن خروج عن منهج الله وعن شريعة الله فلا يؤله عقله ولا يقلد ويتبع غيره ليفلسف الضلال ويجعله من شريعة ذى العزة والجلال لا ولا أقول إنه معصوم لن يقع فى معصية لا ثم لا لكن شتان شتان بين معصية تنقله إلى حظيرة الكفر عندما يؤله عقله ويجادل ربه أو يستحسن النظم الوضعية ويبررها بالحيل الشيطانية شتان شتان بين أن تغلبه نفسه فيقع فى نظرة محرمة أو فى شهوة محرمة فى بعض الأوقات شتان شتان ليس المؤمن بمعصوم لكن لا يمكن للمؤمن أن ينحرف عن منهج الله بحيث يفضل غير شريعة الإسلام على الإسلام أو يرى أن الإسلام لا يصلح لكل زمان ومكان لا كيف يصلح ويتأتى من المؤمن هذا إذا علم أن الله خالقه وخالق كل شىء وهذا كلامه وهو عبد الله وهذا المخلوق لا يصلحه إلا شريعة خالقه لكن إذا وقع فى هفوات وزلات هذا على حسب ما تقتضيه الجبلة الإنسانية والطبيعة البشرية فلا يخرج من دائرة الإيمان إيمانه يجذبه عندما يخرج عنه بمعصية غلبته فيها نفسه.
ثبت فى مسند الإمام أحمد بسند صحيح عن أبى سعيد الخدرى والحديث رواه أبو يعلى أيضا فى مسنده والحديث فى المسند كما قلت فى الجزء الثالث صفحة خمس وخمسين وثمان وثلاثين وقد نص الإمام الهيثمى على أن إسناد الحديث صحيح ورجاله ثقات عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس فى آخيته يجول ثم يرجع وهكذا المؤمن يسهو ثم يرجع فأطعموا طعامكم الأتقياء وأولوا معروفكم المؤمنين مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس فى آخيته والآخية هى الحلقة التى تدق فى الجدار ويربط بها الفرس لئلا يشرد ولئلا يفلت ولئلا يهرب فالفرس ما دام مربوطا فى الآخية لا يستطيع الشرود ولا الهرب لكنه يجول هنا وهناك وهناك ثم بعد ذلك الآخية تجره إذا أراد أن يخرج عن الإطار المحدد له لا يستطيع الآخية تمسكه وهكذا المؤمن لا يخرج عن شريعة ربه بحيث يتعالى على الله ويستحسن غير شرع الله لا يتصور هذه من المؤمن قطعا ليس منع هذا أنه معصوم لا يجول أحيانا هنا وهناك لكن الإيمان يجره بعد ذلك كمثل الفرس فى آخيته يجول ثم يرجع وهكذا المؤمن يسهو ثم يرجع {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} .
طائف يطيف عليهم ولا يسكن فى قلوبهم يتذكرون فإذا هم مبصرون وهكذا المسلم يسهو ثم يرجع فأطعموا طعامكم الأتقياء وأولوا معروفكم المؤمنين هذا المعنى رسخ فى القلوب فى قلوب المؤمنين فى العصر المكى فما كان يتصور من مؤمن شهد العصر المكى أن يستقبح شيئا من شريعة الله ولا أن يستحسن شيئا من أعراف الناس وأوضاعهم وعاداتهم إذا لم ينزل بها إلى شرع ووحى ويقرها وما كان أحد يعرض دين الله على رأيه ولا على عرفه ولا على أوضاع الناس ليرى هل هذا يتفق أم لا فإن اتفق أخذنا به وإلا طرحناه هذا ما كان يخطر ببال [فلا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به]{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} وكان أحدهم إذا دعا إلى دعوة جاهلية أراد أن يخرج بها عن إطار الشريعة الإسلامية قالول له لفظل فى منتهى الخشونة ليقف عند حده كما تقدم معنا أن واحدا منهم كانت إذا نفسه خرجت إلى شىء من خصال الجاهلية كما حصل فى أبى ذر رضي الله عنه يطهر نفسه بمطهر شديد لئلا تفكر نفسه بالعودة إلى ذلك الفعل القبيح هذا أبو سفيان عندما عرض النبى عليه الصلاة والسلام الإسلام فى فتح مكة وأقر أبو سفيان أن اللات والعزى وهبل ما أغنت عنهم شيئا وأن الإله الحق هو الله الذى لا إله غيره قال له أما آن لك أن تؤمن قال كيف أفعل باللات والعزى ورثتها عن آبائى وأنا أعظمها ليس منها فائدة لكن كيف أفعل بها فقال له عمر اخرأ عليها لا زلت تنتظر اللات والعزى اخرأ عليها لا زلت تتحدث عن اللات والعزى.
ودعا مرة كما فى المسند بسند صحيح بعض الناس إلى شىء من خصال الجاهلية والافتخار بالأنساب والتفرقة بين المؤمنين الذين آخى الله بينهم فجعلهم إخوة متحابين {إنما المؤمنون إخوة} فدعا ذاك إلى قومية وهذا إلى وطنية كما هو الحال فى هذه الأيام فبعض الناس ذكر نسبه وأراد أن يفتخر فقال له أبى ابن كعب كما فى المسند اعضد أير أبيك لا زلت تتحدث بخصال الجاهلية المؤمن إذا وقع فى زلة يقع فى زلة لكن لا يصل به الأمر إلى أنه يخرج عن منهج الإسلام فيفرق بين المسلمين أو يستحسن غير شريعة رب العالمين شهوة غلبتك أحيانا فنظرت نظرة محرمة بشر تتوب إلى الله أما تأتى لتدعونا إلى خصال الجاهلية والتفاخر بالأحساب والأنساب قال عليه الصلاة والسلام من تعزى بعزاء الجاهلية هذا قاله أبى ابن كعب فى المسند فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا أى لا تكنى أى لا تقل كناية اللفظ الصريح كما قاله ابى ابن كعب اعضد كذا إلى كناية أنت تدعوا إلى جاهلية فى حال وجود الشريعة الإسلامية وطواغيت الأمة العربية ينبغى أن يقال لهم فى هذه الأيام اعضدوا أمتعة آبائكم الذين يدعون إلى وطنية ما أنزل الله بها من سلطان وفرقوا بين المؤمنين اعضد ولا تكنى.
إذن لا يتصور لمسلم أن يخرج عن ذلك المنهج بحيث يعرضه على عقله أو يستحسن غير شرع ربه هذا لا يمكن أبدا لكن ماذا حصل بعد ذلك فى الناس الذين لم تربى قلوبهم تربية مكية لنرى أحوال الأمة الإسلامية فى هذا الوقت:
صنف: يدعوا إلى اتباع الغرب إلى اتباع الملحدين اتباعا أعمى ويقول الأمة لا يمكن أن تنهض ولا أن تتقدم إلا إذا اتبعناهم فحن عالة عليهم من هذا الجنس السافل الساقط الذين ينتسبون إلى الإسلام ويعدون من الأمة الإسلامية الخبيث طه حسين الذى هلك سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وألف يعنى من قرابة عشرين سنة أوليس كذلك أو سبع عشرة سنة طه حسين ولو قلنا طه الشين لكان أولى هذا الخبيث يقول فى كتابه مستقبل الثقافة فى مصر ينبغى أن نأخذ بالحضارة الغربية بخيرها وشرها حلوها ومرها ما يحمد منها وما يذم وما يحب وما لا يحب، نحن تبع فقط ولا يمكن للأمة أن تتقدم إلا بهذا أن تكون تبعا لهؤلاء.
صنف آخر: فى هذه الأمة شيخ أزهرى ذهب مع بعثة أرسلت إلى باريس ليعظهم وليوجههم وليربط قلوبهم بالله لئلا يذبوا فى الحضارة الغربية فذاب المربى قبل أن يذوب من سيربون ذاب المربى يا معشر القراء يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد رفاعة الطهطاوى توفى سنة ألف ومائتين وتسعين لما ذهب إلى هناك له عمة وجبة لعل كمها يسع إنسانا لو دخل فيها محافظة على زيه القديم فتن فى الحضارة الغربية ومراقصة النساء ثم جاء بعد ذلك لينقل تلك القاذورات إلى مصر ألف كتابا سماه الإبريز فى تلخيص باريس هذا ذهب خالص نلخص به المدنية الغربية هناك وألف كتابه المرشد الخائن الذى سماه المرشد الأمين لتعليم البنات والبنين وقرر فى هذا الكتاب أنه لا بد من تبعية الغرب لنرتقى ولنتقدم وعليه فلا ينبغى أن نعد الخلطة بين الذكور والإناث حراما ولا المراقصة بين الطلاب والطالبات عشقا إنما هذا نوع من التقدم والتطور فى هذه الحياة ينبغى أن نسلكه.
شقى آخر القوصى فى كتابه أسس الصحة النفسية ودراسات سيكلوجية نشرها أن الأمة لا تنهض ولا تتقدم إلا إذا تبعت الغرب ثم قال لقد بدأ يفشو فى هذه الأيام وينتشر بين الناس فى مصر أن الأبوين عندما يدخلون الحمام يستحمون ويغتسلون يتركون باب الحمام مفتوحا يراهم أبنائهم يراهم الجيل لئلا يحصل عند الجيل كبت ولا عقد نفسية ولا تساؤل واستفسار عن أمور مغيبة وقال هذا ينبغى أن يشيع بين الناس وهى خطوة تدل على رقى ووعى لا يعيش الجيل فى تساؤل ماذا يوجد تحت الثياب الأبوان يغتسلان والأولاد ينظرون إليهما لا بد إذن من التبعية المطلقة.
ووصل الأمر بمحمد إحسان المحامى أنه يقول مخاطبا لفرنسا لولاك ما عرف الإنسان قيمته لولاك ما أصبح الإنسان إنسانا.
تقليد أعمى هذا لا يمكن أن يصدر من قلب ليس أقول فيه ذرة إيمان كان فيه فى يوم من الأيام ذرة إيمان والله لا شك فى كفر وردة وزندقة وإلحاد من باح وتلفظ بشىء من ذلك دين الله يطرح وهذا المخلوق لا يتقدم إلا إذا صار ذنبا لجورج بوشت فقط إذا صرنا أذنابا لهؤلاء نتقدم وإذا أخذنا بنظام خالقنا نتأخر ونشقى والأمة لا تتقدم إلا بالتبعية المطلقة إن التقليد من صفات القرود ليس من صفات بشر فلو كان لنا شأن لأنفنا أن نقلد أولئك فى هذه الرزيلة {ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك كتابا يتلى عليهم} سبحان الله عندما أدرك العرب ما فى القرآن وربوا تربية مكية تقدم معنا لبيد الذى هو أشعر الشعراء بعد أن أكرمه الله بالإسلام ما قال شيئا من الشعر فكيف يكون الهذيان مع كلام الرحمن إلا بيتا واحدا:
الحمد لله إذا لم يأتنى أجلى
…
حتى اكتسيت من الإسم سربالا
وهو أشعر شعراء العرب ونحن فى هذه العصر لا نتقدم إلا إذا تبعنا أولئك أنا أقول لهؤلاء الذين لعنهم الله ومسخ قلوبهم إن الأمة الإسلامية فى تبعية الآن وتقليد أعمى من سنين وشريعة الله نحيت فى مجال الحكم وفى نظام الحياة بين الناس فما الذى جناه الناس ما جنوا إلا الذل والعار ومال لهم عند الله من الدمار أعظم وأعظم لا يتقدم الناس إلا بهذا التقليد الأعمى هذا صنف.
صنف آخر ظاهره أخف وطأة من هؤلاء لكن حقيقته أخبث وأشنع أتوا إلى مبادىء الكفر وإلى أنظمة الكفر فخلعوا عليها ثوب الإسلام أولئك استعلوا بعقولهم على ربهم وقالوا نظامك لا يصلح إنما نظام جورج ولينين وغيرهما من الملعونين هو الذى يصلح لهذه الحياة استعلوا بعقولهم على الله وكان الكافر على ربه ظهيرا أما هذا الصنف الذى ما ربى تربية مكية لا ما استعلى فى الظاهر بعقله على ربه لكنه أتى إلى تلك القاذورات وخلع عليها لباسا شرعيا فأدخل الكفر فى الإسلام وجعل الكفر ضلالا وقام بهذا أناس كثيرون فى هذه الأيام من جملتهم الباقورى الذى كان له شأن وولى وزارة الأوقاف فى فترة من الفترات همه أن يؤلف بين شرع الشيطان وشرع الرحمن على حساب شريعة الرحمن فالمراة تخرج للبحر تسبح بالملابس القصيرة إذن لا بد لها من فتوى بأن ما هى عليه يوافق الشرع المسألة سهلة وهذه الحالة الغربية المتهتكة بدلا من أن نقول الحالة متحضرة ولا داعى لأن نقول حرام وحلال دعونا من الإسلام لا نقول هذه الحالة من الإسلام يفتى كما فى مجلة الاعتصام بأن خروج النساء إلى البحر بهذه الحالة ليسبحن مع الرجال والنساء يجوز لهن فى هذه الحالة أن يقصرن وأن يجمعن ولا مانع أن تصلى بالمايوه على شاطىء البحر قصرا وجمعا الأفخاذ مكشوفة والصدر مكشوف والعورات المغلظة بادية ليته قال تصبح إمامة أيضا لتكتمل الصلاة الشيطانية هذه ليس صلاة رحمانية هذا حال شيخ يدعوا إلى هذا يأتى لقاذورات الكفرة فيخلع عليها ثوب الإسلام.
أيها الشيخ الذى أفضيت إلى ما قدمت هل المرأة التى ستذهب إلى شاطىء البحر وتسبح بالمايوه مع الهمج الخليط هل هذه الآن بحاجة لفتوى شيطانية هل ستصلى وتجمع وتقصر وهل هى الآن تعرف الصلاة والجمع والقصر ولما هذا التلاعب بدين الله وصل به الشطط أن الاختلاط بين الذكور والإناث بين الرجال والنساء بين الجيران بين الأصدقاء والصديقات كان نبينا عليه الصلاة والسلام يفعله وكان لا يذهب لوليمة إلا بعد أن يأخذ أمنا عائشة لأجل أن تصبح السهرات مختلطة ضلال لكن باسم الشرع وقد اجتمع مرة بذكور وإناث فى مكان يجتمعون فيه من أجل المحاضرات والدعايات فقام شيخ أزهرى شيطان وألقى خطبته على عادة الطراز الغربى سيداتى آنساتى سادتى ثم بعد ذلك قال لا أريد أحدا أن يستنكر على فعلى وأننى كيف بدأت بالنساء قبل الرجال لا هذا أسلوب شرعى والله أمرنا به فى كتابه أن نبدأ بالنساء قبل الرجال سبحان الله هذا أسلوب شرعى هذا مأخوذ من الحضارة الغربية الغوية عندما عبدوا المرأة من دون رب البرية.
سيداتى آنساتى سادتى هذا من كتاب الله قال نعم يقول الله فى سورة الشورى لله ملك السماوات والأرض هو يقول هذا مأخوذ من القرآن الدليل على هذا {يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} فقدم الإناث على الذكور أكمل الآية يا أعمى البصيرة {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم خبير} ثم هذه الآية لفتت نظرك ومئات الآيات ما لفتت نظرك {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات} عشرين وصفا عشرة للذكوروالإناث يبدأ بالذكور ثم ختم الآية فقال أعد الله لهم ما قال لهن أيضا لهم فأدخل ضمير الإناث فى ضمير الذكور تبعا لا بالتغيير {أعد الله لهم مغفرة وأجرا كبيرا} ما لفت نظرك هذه الآية وغيرها من الآيات الكثيرة الله جل وعلا يقول فى كتابه {وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} لم يقل تلبسها نساؤكم مع أن حلية البحر وهى اللؤلؤ لا يجوز أن يلبسها الرجال وهذا من زينة النساء.
فالذى يلبسها النساء لما أضافها إلى الرجال تلبسونها هذا أسلوب قرآنى يعلمنا ربنا جل وعلا عفة اللسان عندما نتحدث عن أمر النساء فالمرأة كما أنها تخفى حليها عندما تلبسه فنحن لا نضيف لبس الحلى إليها إنما نضيفه لزوجها تلبسونها أضيف اللبس إلى الرجال مع أن الذى يلبسه النساء سترا لهن كما أمرت هى بستره عندما تلبسه نحن نسترها فلا نضيف هذا اللبس إليها.
وهذا الرقيع فى هذه الاجتماعات الغوية سيداتى آنساتى سادتى كيف هذا الأسلوب الغربى الشيطانى يقول هذا مأخوذ من القرآن.
الذين أسسوا المدرسة العقلية فى هذا الوقت وأفسدوا دين الله عندما أفسدوا الأزهر وغيره الطاغوت الأول جمال الدين الأفغانى وربيبه الذى كان يستقى من لبنه الخبيث النجس محمد عبده لبن نجس يستقى منه هذا الإنسان وأسسوا المدرسة العقلية قوامها أن شريعة الله تعرض على عقول البشر لنؤلف بين العقل البشرى وبين شريعة الله فإذا كانت شريعة الله لا يقرها العقل ينبغى أن يضرب العقل هذه الشريعة حتى يطوعها لعقله سبحان الله الحياة تعرض على الشريعة لتصلحها الشريعة عكسنا الأمر نعم أحاديث نزول المسيح متواترة زادت على خمسين حديثا ووصلت إلى سبعين حديثا وقرر الله نزوله فى كتابه فقال: {وإن من أهل الكتاب ليؤمنن به قبل موته} وأخبر الله أنه ما قتله اليهود عندما قال: {بل رفعه الله إليه} هذا لا يتناسب مع عقل أصحاب المدرسة العقلية وعلى رأسهم المخرف محمد عبده.
إذن شريعة وعقل نضرب الشريعة لتدخل بعد ذلك تحت إطار العقل كيف يفعل؟ يقول أما الأحاديث فهى أحاديث آحاد لا يؤخذ بها فى الاعتقاد اضربها برجلك كما يضرب الصبيان الكرة بأقدامهم كيف ولو سلمنا بصحتها فالمراد من المسيح يقول هذا إشارة إلى النور والخير الذى حصل بالإسلام ومن بعثة نبينا عليه الصلاة والسلام وليس مسيح وهو عيسى ابن مريم ينزل فى آخر الزمان والمسيح الدجال هذا رمز للخرافات والدجل كما أنه عند السافل الرقيع مصطفى محمود تقدم معنا المسيح الدجال رمز لأى شىء؟ للتكنولوجيا والاختراعات العصرية وهذا شيخ ثانى من أصحاب المدرسة العقلية كل واحد يلعب بدين الله كما يريد لأن الإله الأول هو العقل والحضارة الغربية فلا بد إذن من تطويع الإسلام لعقل الإنسان إذن المراد من الدجال هذا رمز للدجل والخرافات التى زالت بمجىء الإسلام طيب آيات القرآن ماذا تفعل بها بل رفعه الله إليه وأنه سينزل قال الأمر سهل سهل بل رفعه الله إليه هذا رفع مكانة لا رفع مكان أى رفع الله مكانة عيسى فجعله من المقربين عنده ولم يرفع بدنه إلى السماء عندما أراد اليهود قتله طيب وماذا فعل إذن بعيسى والله يقول وما قتلوه وما صلبوه يقول ما قتل لكنه خرج متنكرا إلى بلاد الهند ومات هناك وقبره معروف فى الهند أم أنه رفع إلى السماء وسينزل فى آخر الزمان هذا خرافة سبعون حديثا ووصلت لدرجة التواتر إذا لم تكن أحاديث المسيح متواترة فلا متواتر فى حديث نبينا عليه الصلاة والسلام آيات القرآن تلعب بها إلى هذا الحد إذا صح النص ما استطاع أن يرده يتلاعب فيه ويأوله وإذا أمكنه أن يرده ضربه برجله هذا دين هذا دين هذا أركان المدرسة العقلية.
من هذه المدرسة ومن مستنقعها الآسن يستقى محمد الغزالى الذى له شأن ويطنطن بأمره فى هذه الأيام هو من أتباع المدرسة العقلية ويستقون منها انظروا لهذا الإنسان إلى شىء من هوسه من جملة هوسه الكثير الوفير موضوع المرأة لو بحث هذا الإنسان فى المرأة على حسب نصوص الإسلام والله إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر إذا لك يقصد الهوى والضلال لكن البحث مشى على هذه الشاكلة أما فى كتابه من هنا نعلم فى صفحة مائة وواحد وستين عندما بحث فى طبيعة المرأة وأن الإسلام ما أباح أن تكون المرأة قاضية ولا وزيرة هذا هو مطابق الحكمة يقول ولذلك إذا أردنا أن نكلف الإسلام بأن يعين النساء قاضيات ووزيرات فهذا ظلم للطبيعة وافتيات على المصلحة ثم قرر هذين الأمرين.
الأمر الأول: يقول المرأة لاتقبل شهادتها فى الحدود وهى على مثل شهادة الرجل فى غير ذلك فكيف يصلح قضاؤها فيما لا تقبل فيه شهادتها إذن لا يصلح أن تكون قاضية
الأمر الثانى: الرجل قوام وله صفة القوامة على المرأة فى المجتمع الصغير وهو البيت فكيف تكون المرأة قوامة على الرجل فى القضاء وفى المحكمة.
هذا بحث طيب وهذا حكم الله لا يجوز للمرأة أن تلى القضاء ولا أن تكون وزيرة ثم قرر هذا بكلام كثير لبعض المتطورات من جملتهن عزيزة عباس عصفور التى اشتغلت فى النيابة فترة وعلق على كلام وزير الداخلية عندما جعل عددا من النساء مسؤلات فى محاكم الاستئناف نائبات علق على هذا بكلام العصريين وأن ما جاء به الإسلام حسن لأن العصريين والعصريات يقولون هذا ينافى طبيعى المرأة.
إذن حسن لأن العصريين والعصريات يقرونه طيب عرف سيتغير ضغط الواقع بعد ذلك يقول المرأة ينبغى أن تزاول القضاء إذن نحك بعد ذلك هذه النصوص وننحتها ونضربها لتخضع لطوعنا ولتلاعبنا يقول فى كتابه سر تأخر العرب والمسلمين أنا أجيبك عن السر يا أخى الكريم سر تأخر العرب والمسلمين أمران وهما إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء هذا هو تأخر العرب والمسلمين علماء مهوسون يريدون أن يخضعوا شرع الحى القيوم لعقلهم المجنون هذا سر تأخر العرب والمسلمين حكام يبيعون دين الله بأقل من ثمن العنز ويستنجدون بمن غضب الله عليه ولا يلجأون إلى الله القوى العزيز الذى إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون نحوا شريعة الله من الحياة وأتوا بقوانين مستوردة من هنا وهناك سبب تأخرنا هذين الأمرين وسبب فساد الحكام فساد العلماء فو صلحنا لصلحت الحياة لكن لما وجد فى الأمة أمثال هؤلاء من أصحاب المدرسة العقلية وغيرهم حصل فى هذه الحياة ما حصل هذا هو تأخرنا.
يقول فى هذا الكتاب يجوز للمرأة أن تلى أى منصب من قضاء وغيره ما عدا الخلافة تصبح قاضية ووزيرة نائبة وكل شىء لكن لا تكون خليفة فقط أى رئيسة دولة طيب أين ما ذكرته فى الكتاب السابق من هنا نعلم بأنه لا يجوز أن تكون قاضية وقررت هذا بأمرين وبكلام عصرية عزيزة عباس عصفور.
جاء بعد ذلك إلى مرحلة أخرى فى كتابه السنة النبوية بين المحدثين والفقهاء صفحة سبع وخمسين فقال يجوز أن يتولى السلطة أكفأ واحد فى الأمة رئاسة الدولة ذكر أو أنثى وليس فى الشريعة ما يمنع أن يكون خليفة المسلمين امرأة لا حرج فى ذلك على الإطلاق فما جاء لحديث النبى عليه الصلاة والسلام [لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] وهو فى صحيح البخارى ضربه بالرجل الآن ما أيسره وما أسهله ما دام الإله هو العقل وتطويع الدين للحضارة الغربية فماذا ستقول فى هذا الحديث قال هذا له معنى عندى ما سبقه إلى هذا المعنى إنس ولا جان ما هو معنى الحديث عندك؟ قال هذا سيق فى مناسبة خاصة وهى أن عروش كسرى عندما كانت تتهاوى وتسقط وبلاد كسرى تفتح والفتح الإسلامى يدخلها ونور الله يشع فيها ولى أسرة كسرى بنت كسرى عليهم حاكما فبلغ هذا للنبى عليه الصلاة والسلام كيف قال لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة أهذا فى مناسبة خاصة وأن هذا لا يغنى عنهم والفتح الإسلامى سيزيل هذه الحواجز وهذه المرأة لا يستطيع أن تقف أمام قوة الإسلام أما لو كان بدل ابنة كسرى جولد مائير أو تاتشر كما يقول هو أو أنديرا غاندى عليهن لعنة الله أو فكتوريا أو ما شاكل هذا لما قال النبى عليه الصلاة والسلام هذا لو كانت جولد مائير بدل ابنة كسرى خليفة لما قال لا يفلح قوما ولوا أمرهم امرأة لما كل هذا الانهزام يقول لنصون ديننا أمام الحضارة الغربية ولا نقول إن الإسلام امتهن المرأة وأى امتهان للمرأة عندما جعل ربنا جل وعلا لكل من الذكر والأنثى وظيفة {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} لا تسعد المرأة إلا بوظيفتها ولا يسعد الرجل إلا بوظيفته هذا صنف.
إخوتى الكرام: هؤلاء صنف أتوا إلى الجاهلية فألبسوها لباس الإسلام حالهم كحال إنسان أتى بعدو للمسلمين فألبسه لباس المسلمين جعل له عمة ولحية هو عدو لكنه جعله فى الظاهر مسلما.
هذه الأمور ينبغى أن نحذرها لأن خطر هذه فى هذه الأيام أكثر من تلك وأخطر تلك قد ينبذها من عنده ذرة إيمان يقول نحن نتبع الغرب ونتخلى عن ديننا هذا ردة سافرة مكشوفة لا نقبل بها أما هنا قال دين عصرى على حسب تعبير الضال صاحب كتاب خالد محمد خالد رجال حول الرسول عليه الصلاة والسلام نريد دينا عصريا يوافق روح العصر روح العصر أو روح الحضارة الغربية نريد دينا يوافق روح الحضارة الغربية نلغى أحكام الشريعة ونقول نحن على الإسلام كيف نقول لأننا نحقق المصلحة والدين الغرض منه تحقيق المصلحة فإذا ألغينا الشريعة الإسلامية لنحقق المصلحة نحن مسلمون هذا يسهل على النفوس أن تقبله إذا لم تكن طاهرة أما الدعوة الأولى فلا يمكن أن تقبل بحال من الأحوال ردة مكشوفة لا بد إخوتى الكرام من نعى الأمر تماما الوعى أنت عبد والله خالق اعرف قدرك وقف عند حدك وإياك أن تأله عقلك أو أن تتعالى على ربك هذا هو الكفر المبين.
ولذلك من استحسن شيئا غير شريعة الإسلام فهو كافر مرتد وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم فهذا الأمر لا بد من أن نعيه.
القلوب عندما طهرت فى العصر المكى لا يوجد قلب يأله عقله أو يستحسن غير شرع ربه لا.
إخوتى الكرام: تمييع الإسلام الذى حصل فى هذا الزمان ينبغى أن نحذره ومن كان لاعبا فلا يلعب بدينه يقول هذا حرام وفعلته نفسى خبيثة أرجو رحمة الله أما أنه حرام ويفعله ويقول لى عليه أجر وهذا ليس بحرام والنصوص الشرعية تحتمله.
وأشربها وأعلمها حراما
…
وأرجو عفو ربى ذى امتنان
ويشربها ويزعمها حلالا
…
وتلك على المسىء خطيئتان
النكاح المدنى الذى حصل فى تركيا كما يشير إلى هذا شيخ الإسلام فى الجزء الرابع صفحة ست وعشرين وثلاثمائة الشيخ مصطفى صبرى تسمعون به إخوتى الكرام من العجيب أننى ذكرت هذا لطلاب فى الكلية الشيخ مصطفى صبرى عندكم خبر عنه قالوا لا ما سمعنا به الضال محمد عبده عندكم خبر عنه قالوا يا شيخ آذاننا صكت فى جميع المناهج مصلح مصلح مصلح محمد عبده مصطفى صبرى ما عندكم خبر عنه آخر شيخ للإسلام لآخر خلافة إسلامية كتابه موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين ما عندكم خبر عنه قالوا لا خبر لنا عن هذا الإنسان هذا الرجل عليه رحمة الله قضى حياته حتى توفى بعد ذلك شهيدا فى سبيل خدمة الإسلام فى محاربة هذه الضلالات ومحاربة تمييع الإسلام والاحتكام إلى قوانين الشيطان باسم الإسلام الشيخ مصطفى صبرى عليه رحمة الله عندما قضى على الخلافة الإسلامية على يد اللعين الملعون مصطفى كمال أتاتورك وهاجر هذا إلى بلاد بيروت ثم إلى بلاد مصر مات هناك غريبا غريبا بحيث عندما توفى عليه رحمة الله ما عنده طعام يأكله جاءه بعض أصحابه فى بيروت فى آخر يوم من رمضان فى ليلة عيد الفطر عندما جاء لبنان وأراد أن يذهب منها إلى مصر عندما حصل الإلحاد والكفر البواح وقضى على شعائر الإسلام فى تركيا على يد ربيب الغرب مصطفى كمال أتاتورك جاءه وقال أريد منك أن تعطينى خمس ليرات ذهبية فأنا لى شأن باشا يقول له بعض الأتراك الذين هم فى لبنان وغدا عيد الفطر وما عندى شىء أضيف الناس وهذا لا يريد أن يطلب قرضا من شيخ الإسلام حقيقة لكن جاء لينظر هل هذا الشيخ عنده شىء يأكله صباح العيد أم لا يقول فاحمرت عيناه وبدأت الدموع تذرف من عينيه كالمطر وانتفخ وجهه فقال ما لك قال حسبى الله ونعم الوكيل فقال عرفت ماذا تقصد ما أريد منك قرضا أنا عندى عشر ليرات ذهبية هذه هى لكن جئت فقط لأسأل عن حالك هل عندك أم لا هذه خمسة لى وخمسة لك قال ما آخذها قال أنت شيخ
الإسلام سيدخل عليك عيد الفطر ما عندك طعام تأكله ولا تأخذ هذه الليرات والله إن لم تأخذها هذا مسدس أطلق على نفسى الرصاصة فى رأسى لأموت أمامك وتتحمل وزرى أنت شيخ الإسلام ولا تأخذ هذه الليرات لأجل أن تنفق على نفسك فى يوم العيد فلما رأى الأمر هكذا قال أقبلها قال مع ذلك إذا يسر الله عليك تردها خذ لك من هذه لأجل أن توسع على نفسك فى هذا اليوم عيد الفطر سيدخل عليك وما عندك شىء تأكله يقول هذا العبد الصالح عندما كان هناك وألغيت أحكام الشريعة وألغى النكاح الشرعى إلى نكاح مدنى بدل من أن كان يعقد الإيجاب والقبول بين الطرفين شيخ مأذون شرعى صار يعقد فى البلدية من قبل المحاكم المدنية محاكم مدنية هذا يوجد فى الأمة الإسلامية كلية الشريعة والقانون محكمة شرعية ومحكمة مدنية ينبغى أن تهدم الشرعية قبل المدنية كيف يوجد هذا فى بلاد الإسلام شرع الرحمن وشرع الشيطان {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا} نعوذ بالله من هذا الضلال ما لله لله وما لقيصر لقيصر عندنا شىء يحكم به جورج وشىء يحكم به رب العالمين {ولا يشرك فى حكمه أحدا} .
لما حصل النكاح المدنى يقول هذا العبد الصالح فى الجزء الرابع صفحة ست وعشرين وثلاثمائة يقول أفتيت بأن هذا النكاح لا يحل النكاح ولا يستحل الزوج به الزوجة ومن فعله طائعا مختارا فهو كافر وهذا يعتبر سفاحا يقول فناقشى بعض المشايخ وهو مفتى كوم الجناه فى بلاد تركيا اسمه الشيخ لوزادا لوزاد أفندى يقول فلما قلت هذا يا شيخ الإسلام وفقهائنا ما اشترطوا فى النكاح إلا الإيجاب والقبول وحضور شاهدين ولى الأمر حضر وإيجاب وقبول وحضر شاهدان هذا الذى يحصل فى المحاكم المدنية شاهدان إيجاب وقبول وولى فلما أنت تقول هذا كفر ولا يعتبر نكاحا إنما هو سفاح قال ذهبت منه المراسم الشرعية لما غير من الصبغة الشرعية إلى الصفة المدنية أنتم لا ينبغى أن تقولوا ما المانع من هذا لا هذا كفر إنما قولوا ما السبب لهذا التحويل إذا كان النكاح فى المحكمة المدنية فى البلدية بحضور المحاكم القانونية يتم بإيجاب وقبول وشاهدين وولى وفى شرعنا فيه كذلك لما حول من الشرعية إلى المدنية لا تقل ما المانع من هذا النكاح أخبرونى ما السبب ثم قال له قلت لا هذا النكاح عندما يقع فى المحكمة الشرعية يفعله المسلمون على أنه شعيرة من شعائر الله التى أباحها الله لعباده لمصلحة الإنجاب والنسل وحفظا لعفة الصنفين لئلا يصبح هناك فساد بين الذكور والإناث والإنسان يفعل هذا طائعا مختارا لأن هذا هو شرع الحكيم الخبير عندما يفعل بالصفة الشرعية يهون على الإنسان امتثال هذا لأن من عنده أنفة وحرية ومعانى الإنسانية يأنف من يعطى ابنته أو أخته لرجل ليفترشها ولتكون له فراشا لكن عندما يفعل هذا لأن هذا هو شرع الله والله أمر به ونحن عباده يفعل هذا بلا غضاضة، لله الحكم ونحن عباده نفعله بلا غضاضة.
فإذن هناك مراسم شرعية موجودة يقال بسم الله تقال خطبة النكاح بعد ذلك يذكر هذا العقد حصلت صفة شرعية أما هنا فجرد من جميع هذه الاعتبارات ولذلك أول نكاح مدنى عقد فى المحاكم المدنية فى تركيا قال العاقد لا دخل للسماء فى شؤون الأرض هو وإن كان إذن على صفة النكاح الشرعى من حيث الشروط لكن الصبغة زالت الصبغة الشرعية زالت ما الفارق قال له بين السفاح وبين النكاح المدنى هنا رجل يختلى بامرأة وهناك رجل يختلى بامرأة لكن بالنكاح المدنى حصل بواسطة شاهدين وعقد إيجاب وقبول وفى السفاح ما حصل لكن الغاية واحدة فكما أنكم تقولون هذا سفاح وهذا نكاح مدنى نحن نقول هذا النكاح المدنى سفاحا وهذا نكاح شرعى لأنه ما حصل على الصفة الشرعية قال عليه الصلاة والسلام [من تشبه بقوم فهو منهم] والحديث فى سنن أبى داود عن عبد الله ابن عمر بسند جيد كما قال الإمام ابن تيمية فى اقتضاء الصراط المستقيم ورواه الإمام أحمد فى المسند عن حذيفة بسند حسن مطولة للنبى عليه الصلاة والسلام قال [بعثت بالسيف بين يدى الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقى تحت ظل رمحى وجعل الذل والصغار على من خالف أمرى ومن تشبه بقوم فهو منهم] .
انتبهوا إخوتى الكرام: تشبه وشاب تشبه تكلف التشبه فى خصالهم استحسانا لذلك فهذا كافر مرتد شابههم فى خصلة من خصالهم وأمور حياتهم دون تكلف ودون قصد فركب كما يركبون وأكل كما يأكلون ولبس كما يلبسون مما ليس هو خاص بهم لكن صار بهم شابها لكن فعل هذا إما ارتفاقا أن هذا أيسر عليه إما له فيه مصلحة أسهل عليه بدون قصد التشبه والاقتداء بهؤلاء فلا حرج من تشبه إذن فعل هذا قاصدا التبعية لأولئك فهو منهم وأما إذا شابههم دون أن يكون فى ذلك قصد أكل مثلا بالشوكة لا أقول إن هذه محمود وسنة لكن إذا أكل فهو مباح أكل بهذه الشوكة قلنا لما قال لأن الغرب يأكلون هذا أيسر على أنت تفعل هذا تشبها لا قال هذا موجود عندهم هذا أيسر على فعلت لطلب اليسر والسهولة حتى يعنى لا يحصل فى ذلك شىء من التوسيخ لليدين وغير ذلك من أمور أراها أيسر على فعلت هذا لأنه أيسر لا حرج لكنه إذا تكلف هذا وقصده بقلبه فهو منهم كما قال نبينا عليه صلوات الله وسلامه.
إذن تمييع الدين بحيث يوافق ما عليه الغربيون هذا ما كان يخطر ببال أحد ممن شهد العصر المكى لا يأله عقله ولا يستحسن شيئا غير دين ربه أما بعد ذلك صنف ثالث بدأوا يلتمسون الأعذار لأحكام العزيز الغفار فهم لا يخضعونها للواقع الغربى لكن يظهرون الإسلام كأنه متهم وأن أحكامه مهزهزة وتحتاج إلى دفاع عنها وكأن أنظمة الغرب قوية صامدة هاجمتنا فينبغى إذن أن ندفع عن ديننا العار.
أتكلم على هذا الصنف بشىء من التفصيل ثم ندخل بعد ذلك فى مدارسة السورة إن شاء الله وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.