الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير (16 ب)
(تفسير)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
تفسير (16 ب)
وليس ذلك ببعيد فإنه لا أصل له فى الشريعة، أى كلا م الحا فظ ابن حجر ليس ببعيد وأن تلك الأحرف الزعم بأنها تدل على مدة بقاء هذه الأمة ومعرفة الحوادث فى المستقبل على حسب حروف أبيجاد هذا زعم باطل والقول بأن هذا باطل ليس ببعيد ولا أصل لذلك فى الشريعة، ولذلك قال الإمام أبو بكر ابن العربى عليه رحمه الله فى فوائد رحلته:"ومن الباطل علم الحروف المقطعة وإستنباط ما تدل عليه من حوادث فى المستقبل هذا باطل لاتدل الحروف المقطعة على هذا بحال ".
وقد روى الإمام الهيثمى وذكر فى مجمع الزوائد فى الجزء الحامس صفحة 116، فى باب ما جاء فى النجوم والحروف حديثاً مرفوعاًعن نبينا عليه الصلاة والسلام، فى التحذير من تعلم أبيجاد وأستنباط الحوادث فى المستقبل من تلك الأحرف، لكن الحديث شديد الضعف، الحديث رواه الطبرانى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:{رُبّ معلمٍ أبيجاد دارس النجوم ليس له يوم القيامة عند الله خلاق} ، قال الحافظ الهيثمى فى خالد ابن يزيد العمرى وهو كذاب، لكن كما قلت ثبت هذا عن ابن عباس كما قال الحافظ ابن حجر ووهذا نوع من الكهانة وإن لم هذا فإدعاء معرفة أمور الغيب ومدة بقاء هذه الأمة ومعرفة الحوادث فى المستقبل من الحروف المقطعة فى أوائل سور القران نوع من الكهانة ونوع من السحر وهذا محرم لايجوز للإنسان أن يتعاطه ولا أن يقول به.
وقد ذكر أئمتنا عليهم رحمة الله أن الشرك ينقسم إلى قسمين: شرك الخاصة: وهوالنظر فى النجوم وإستنباط ما سيقع فى المستقبل من الحروف المقطعة من حساب الجُمّل وتحديد ماسيقع فى المسقبل من أمور الغيب هذا شرك الخاصة وهو الذى كان يقع فيه الفلا سفة والكهان ويقع فيه العرافون وأرباب النظر، ويقولون هذه النجوم لها سعود ولها نحوس. وشرك العامة: وهو العكوف على القبور وعبادتها وعليه إستنباط أمور الغيب من هذه الأحرف المقطعة والزعم بأنها تدل على حوادث فى المستقبل هذا من الشرك الذى كان يقع فيه خواص الفلا سفة خواص المشريكين فى هذه الأمة من فلاسفة ومن أهل نظر بواسطة النظر فى النجوم أو بواسطة ما يسنبط من هذه الحروف المقطعة على حسب حروف الجُمّل.
قال ابن القيم عليه رحمه الله فى كتاب مفتاح السعادة ومنشور ولايتى العلم والإرادة فى الجزء الثانى صفحة 97: وقد يجتمع النوعان فى كثير من بنى الإنسان، شرك الخاصة وشرك العامة، فيعول على هوسه ونظره وعلى السعد والنحوس بواسطة النظر الى الكواكب وإستنباط حوادث فى المستقبل ستقع بواسطة حساب الجُمّل، ويعكف على القبور ويسغيث بها فيكون قبورياً نجومياً وقع فى الشرك الذى وقع فيه العامة والشرك الذى وقع فيه الخاصة، ومما وضعه الخاصة من أحاديث تدل على شركهم وهى أحاديث موضوعة (إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور) والحديث موضوع بإتفاق أهل العلم.
قال الإمام ابن تيمية فى مجموع الفتاوى فى الجزء الأول صفحة 356 وتعرض للحديث فى الجزء الحادى عشر صفحة 293. "ومما وضعوا فى هذا المقام لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه، مادام هو يحسن الظن يتمسح بقبر أو يطوف بصنم فإ ذلك سينفعه" لو أحدكم ظنه بحجر لنفعه، وهذا كلام باطل مفترى، كلام الزنادقة والملحدين. كما قرر ذلك أيضاً الإمام ابن تيميةعليه رحمه الله فى مجموع الفتاوى فى الجزء الرابع والعشرين صفحة 335.
واذكر أننى لما كنت فى مصر وتعسرت معى بعض الأمور جأنى بعض طلبة العلم زائراً وقال أنا أرشدك لإلى أمر إذا قلته يفرج الله عنك ويقضى حاجتك، قلت: وما هو، قال: تذهب إلى قبر الحسين فتطوف هناك أقل شىء سبعة أشواط وإذا توسط إحدى وعشرين شوطة فى الشوط ثلاث مرات وإذا أكملت تسعاً وأربعين شوطاً سبعة فى سبعة، ثم تقول وأنت تطوف "من أمكم فى حاجة فيكم جبر، ومن تكونوا ناصريه ينتصر "، قلت: أما تستحى أيها الإنسان وأنت تدعى طلب العلم؟، فاعتراه الغضب والغيظ والخسط، وقال: أنت تنكر كرامات الأولياء، قلت: ما دخل الشرك فى كرامات الأولياء أما تستحى من الله، حق أنه يوجد فى ذلك المكان الحسين أو أنه يوجد نبينا صلى الله عليه وسلم، هل يجوز أن أطوف بقبره وأن أقول هذا الشرك وهذا الكفر البواح من امكم فى حاجة فيكم جبر ومن تكونوا ناصريه ينتصر، ثم أكمل الأشواط تسعاًوأربعين شوطاً ما أكملها حتى تنتهى حاجتى؟ أما تستحى من الله؟ هل قال الله إرجعوا والجئوا إلى القبور والموتى أم قال أمن يجيب المضطر إذا دعاه؟ ألجأ إليه فإذاعلم صلاحاً لى فيما تعسر علىّ لعله يذلّله ويسره سبحانه وتعالى وبيده مقاليد الأمور وهو على كل شىء قدير، وإذا كان يعلم أن فى تيسير ذلك العسير تلفاً لى فى دنياى وأخرتى يصرفه عنى وقد اختار لى ربى جلّ وعلا {وربك يخلق مايشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} أما أننى أقع فى الشرك أما تستحى من الله. فإذاّ إذا أعتكم الأمور فعليكم بأهل القبور لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه، هذا شرك العامة، وشرك الخاصة التعويل على النظر فى النجوم وإستنباط السعود والنحوس منها الخيرات والشرور وهكذا استنباط مايقع من حوادث فى المستقبل عن طريق حساب الجُمّل، كل هذا كما قلت نوع من الكهانة وشعبة من الشرك وإدعاء الإنسان علم الغيب الذى ما جعل الله للعباد وسيلة إليه.
إخوتى الكرام: هذه الأحرف لا تدل إذاّ على مدة بقاء هذه الأمة ولاتدل على حوادث ستقع يمكن أن تستنبط تلك الحوادث من هذه الأحرف على طريقة حساب الجُمّل، ومن عولّ على ذلك منشىء فهو مخرف كاهن موسوس مشعوذ ضال لايجوز أن نأخذ بقوله ولا ان نعتبر قوله، ولذلك لما اجتمع أبو الحسين النورى مع مانيا المنجم قال أبو الحسين النورى عليه رحمه الله وهو من العلماء الصالحين ترجمه الإمام الذهبى فى سير أعلام النبلاء فى الجزء الرابع عشر صفحة 70 توفى سنة 295، قال شيخ الطائفة فى بلاد العراق: له عبارات دقيقة يتعلق بها من إنحرف من الصوفية، وكان يقول: مَن إدعى حالة مع الله جلّ وعلا وتلك الحالة منكرة فى الشرع فاحذر منه وابتعد عنه، قال أبو الحسين النورى لمانيا المنجم الذى يستنبط السعود والنحوس والخير والشر ور وما يقع فى المستقبل من النجوم ومن الحروف المقطعة فيما سيكون فى المستقبل من حوادث، قال له: أنت تخاف زحل وأنا أخاف رب زحل، أنت ترجو المشترى وأنا أرجو رب المشترى..كواكب فى السماء، وأنت تأخذ بالإشارة وأنا أُعوِّل على الإستخارة فكم ما بيننا..انت تخاف من زحل وأما أنا أخاف رب زحل وترجو المشترى وأنا أرجو رب المشترى وانت تأخذ بالإشارة مما يكون فى هذه الأبراج والأفلاك والحروف المقطعة واما أنا فأعول على الإستخارة..فكم إذاً ما بيننا، وكل من كان يعول على معرفة السعود والنحوس وعلى ما سيقع فى المستقبل بواسطة النظر فى الأفلاك السماوية أو بواسطة استخلاص هذا من الحروف المقطعة على حسب حروف الجُمّل فهو مفترى مهوس.
وقد رد الإمام ابن القيم عليه رحمه الله قولهم فى كتابه مفتاح السعادة، فقال فى الجزء الثانى فى صفحة 135، الوجه الثامن عشر: فى بيان الرد على الذين يستنبطون السعود والنحوس والخيرات والشرور ويحددون ما يقع فى المستقبل بواسطة حروف أبيجاد وبواسطة الأبراج والكواكب، يقول الوجه الثامن عشر: ثبوت كذبهم هذا يدل على أن هذا العلم لا حقيقة له ولا صحة له، ثم ذكر حوادث كثيرة زادت على العشر فى أنهم حددوا أوقتاً معينة لوقوع حوادث معينة ثم جاءت تلك الأوقات وما وقع فيها تلك الحوادث ثبوت كذبهم فقال فى سنة 223 اتفق المنجمون على أن المعتصم إذا خرج لفتح عامّورية سيبؤ بالفشل وسيخذل وسينكسر وسيكون النصر للروم فما بال وذهب وفتح الله على يديه عامّورية، فقال أبو تمام الشاعر المشهور بعد الموقعة:
السيف أصدق إنباءً من الكتب
…
فى حده الحد بين الجد واللعب
والعلم فى شهب الأرماح لامعة
…
بين الخميسين لا فى السبعة الشهب
أين الرواية أم أين النجوم وما
…
صاغوه من زخرف منها ومن كذب
إلي سبعين بيتاً أجازه الخليفة المعتصم علي كل بيت بألف درهم.
أين الرواية أم أين النجوم وما
…
صاغوه من زخرف منها ومن كذب
إذاً سنة مئتين وثلاث وعشرين أجمعوا على أن المعتصم إذا خرج سيفشل فكتب الله له النصر والظفر....
حادثة أخري من الحوادث التي ذكرها يقول: ٍ"أجمع المنجمون الذين يعولون علي معرفة السعود والنفوس بواسطة النظر في الأبراج والكواكب وبواسطة النظر في حروف الجمل وما سيقع في المستقبل أجمعوا على أنه سيكون في سنة 582 سيكون فى هذا العام ريح شديدة لاينجو منها إلا من كان فى مغى وستزيد قوة هذه الريح فى العالم على الريح التي أرسلها الله على قوم عاد وستستمر ثلاثة أيام وكل من لم يكن فى مغارة سيهلك وسيموت..يقول قد أجمعوا على هذا وأعتري الناس زعر ورعب وإنما أجمعوا على هذا لأن الكواكب فى هذا التاريخ ستكون فى برج الميزان وهو برج هوائي إذا إجتمعت الكواكب فيه سيكون فى العالم رياح شديدة كما حصل في عهد عاد.
قال المنجمون:والطوفان الذي حصل على عهد نبي الله نوح على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه إجتمعت الكواكب في برج الحوت فصار إذاً طوفان في العالم وإذا إجتمعت في برج الميزان سيكون هناك هواء يهلك الناس كما أهلكهم الطوفان، يقول الإمام ابن القيم: فارتاع الناس فى ذلك الوقت وعملوا لإنفسهم مغارات وافترى الأفاكون بعد ذلك خرافات كثيرة ونسبوها إلى على رضي الله عنه وأنه قال ما ينقله المنجمون عنى بأنه سيقع سنة 582 ريح شديدة تدمر الناس إلا من كان فى مغارة فهو صحيح فصدقوه يقول اعترى زعر رعب فلما جاء ذلك التاريخ خفت الرياح والهواء بحيث صعب على الناس التنفس من قلة الهواء الموجود فى العالم فصار الإنسان يتنفس بكلفة من أجل أن يحصل الهواء والأكسجين من أجل أن يعيش وما حصل شىء من ذلك مما قالوه من أنه سيقع دمار للعالم بواسطة الرياح الشديدة التى زادت على الرياح التى أرسلها الله على قوم نبى الله هود على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه وعلى قوم عاد....إذاًمما يدلعلى كذبهم وعلى أن هذا العلم لا صحة له ثبوت خلاف ما يقولون ثبوت كذبهم وما حددوه لم يقع فى أوقات مختلفة، وعليه فالقول بأن هذه الأحرف المقطعة تدل على حوادث فى المستقبل هذا نوع من الكهانة نوع من ادعاء علم الغيب وهذا محرم لايجوز للإنسان أن يقول به.