المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تفسير (16ج)   فعندنا إشكالان يتعلقان بهذا المبحث: الإشكال الأول: حديث ثبت فى - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ٢٦

[عبد الرحيم الطحان]

فهرس الكتاب

تفسير (16ج)

فعندنا إشكالان يتعلقان بهذا المبحث:

الإشكال الأول: حديث ثبت فى صحيح مسلم وسنن ابى داود والنسائى وقد يفهم منه بعض من لا وعى له أنه يدل على إستنباط حوادث مستقبلة ستقع بواسطة حروف الجُمّل أو بواسطة علم الرمل أو ما يتعلق بهذه الأمور أنه يستطيع أن يعلم ما سيقع فى المستقبل بسب من الأسباب فلنذكر الحديث وكما قلت هو فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن ابى داود والنسائى ولفظ الحديث عن معاوية السلمى رضي الله عنه رواه فى كتا ب المساجد ومواضع الصلاة ورقم الحديث 33 فى الجزء الأول صفحة 382 وكرره الإمام مسلم فى كتاب السلام فى باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان رقم الحديث هناك 121 ولفظ الحديث عن معاوية بن الحكم السلمى قال: بين أنا أصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرمانى القوم بأبصارهم، فقلت وسكل أمىَ (أى سكلتنى أمى وفقدتنى) ما شأنكم تنظرون إلىّوهو يصلى وحديث عهد بإسلام رضي الله عنه وأرضاه فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخادهم فلما رأيتهم يصمتوننى لكنى سكت (أى سكت من أجل أنهم يشيرون إليه بأن يسكت) فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبى هو وأمى مارأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه فو الله ما كهرنى ولا ضربنى ولا شتمنى فقال:{إن هذه الصلاة لايصلح فيها شىء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقرأة القران} أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى حديث عهدٍ بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالاً يأتون الكهان، قال: فلا تأتهم، قال: ومنا رجال يتطيرون (يتشائمون ببعض مايرونه فيدفعهم ذلك إلى الإحجام عما يريدون فعله) فقال: ذاك شىء يجدونه فى صدورهم فلا يصدنهم، قال ابن الصباح فلا يصدنكم فى روايته، قال قلت: ومنا رجال يخطون (الخط: هو علم الرمل أن يخط فى الرمل خطوطًا، يقول العلماء كيفية علم الرمل أن

ص: 1

يخط خطوطًا متتابعة بسرعة ثم يمحو خطين خطين فإن بقى بعد ذلك خط واحد فهذا علامة النجح والفوز والسعادة ---وإن بقى خطان فهذا علامة الفشل والخيبة والخسران، لذلك الأمر هذا علم الرمل، قلت: ومنا رجال يخطون.

هذا محل الشاهد الذى قد يفهم يفهم بعض الناس منه خلاف المراد، قال صلى الله عليه وسلم: كان نبى من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك، قال وكانت لى جارية ترعى غنم لى قِبل أحد والجوانيه مكانان فى المدينة المنورة فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بنى أدم آسف كما يأسفون لكنى صقكتها صقتاًفأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علىّ قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفلا أعتقها؟ قال أتنى بها، فقال لها: أين الله، قالت: فى السماء، قال: من أنا، قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أعتقها فإنها مؤمنة.

ص: 2

الشاهد إخوتى الكرام: منا رجال يخطون، قال له النبى صلى الله عليه وسلم: كان نبى من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك، وهذا النبى هو إدريس على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، كان يستدل على معرفة حسن الأمر أو سوءه على معرفة مآل الأمر أنه سيكون خيراً أوشراً بواسطة الخطوط فى الرمل، ثم يمحو كما قلت بعض الخطوط فما بقى بعد ذلك يستنبط منها ما سيكون فى المستقبل لكن لايخفى على أحد من المسلمين أن النبى معصوم وأنه يسدد ويوفق من قبل الوحى الذى ينزل عليه فالله جلّ وعلا جعل لنبيه ادريس على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، تلك العلامة معجزة له فكان يخط فى الرمل ثم بعد ذلك يمسح الخطوط فما بقى يستنبط منه ماسيقع فى المستقبل عن طريق إعلام الله له، كما أعلم نبينا صلى الله عليه وسلم والأنبياء الأخرين بكثير من أمور الغيب التى تقع فى المستقبل لكن لا عن طريق الرمل ولا عن طريق الخطوط فى الأرض، لكن إدريس على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه علمه الله ما سيقع فى المستقبل بواسطة الخطوط التى يخطها فى الأرض، فمن وافق خطه فذاك، وهل يمكن لإنسان أن يافق خط إدريس، لا يمكن قطعاً فذاك معصوم علمه كما قلنا ربنا عن طريق الوحى ونحن ليس لنا ذلك، ولذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم: إن علم الخط والرمل حرام خشية أن يفهم أن نبى الله إدريس على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه كان يفعله حراما فنهانا عنه بهذا الأسلوب، فقال: من وافق خطه فذاك، أى فهو صحيح معتمد، لكن من لم يوافق خطُّه خطََّ إدريس فإذا هو كاهن عراف مشعوذ جدال وليس عندنا بينة بأننا سنوافق خطه بالتالى لا يحل لنا ذلك.

ص: 3

فذاك كان يحل له لأن الله علمه من لدنه ذلك العلم وأمانحن فلم يعلمنا ذلك ربنا ولا أذن لنا فيه نبينا صلى الله عليه وسلم،فلا يجوز لنا أن نعول عليه، ذاك نبى كان يخط فمن وافقه فذاك، والحديث رواه الإمام أحمد فى المسند فى الجزء الثانى صفحة 294، قال الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء الخامس صفحة 116 بإسناد صحيح لكن من رواية ابى هريرة رحمه الله رضي الله عنه والحديث المتقدم من رواية معاوية بن الحكم السلمى، ولفظ حديث ابلى هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{فمن وافق عِلّمه عَلِمَهُ، ذاك نبى كان يخط} فمن وافق علمه أى علم ذلك النبي، وعَلِمه علم تلك الخطوط على أى شىء تدل، لكن من أين لنا تلك الموافقة، فإذاً قلنا هذا الحديث يدل على النهى عن إستنباط شىء من أمور المستقبل بعلامة من العلامات لأن ذلك كله ظن وتخمين لا يستند الى يقين فهو نوع من الكهانة، فإذاً هذا الحديث لا ينبغى أن يستدل به إنسان على جواز معرفة أمور الغيب ببعض العلامات كحروف الجُمّل، أو علم الرمل أو النجوم وما يستنبط منها من سعود ونحوس وغير ذلك.

الإشكال الثانى: ورد فى ترجمة قاضى دمشق وهو العبد الصالح المنتجب أبو المعالى محمد ابن القاضى يحيى وهو المعروف بابن الذكى ويقال له ابن الصادق وكل من ترجمه اثنى عليه وذكر بأنه كان من الصالحين وانظروا ترجمته فى سير أعلام النبلاء فى الجزء العشرين صفحة 137 يخاطب صلاح الدين الأيوبى عليهم جميعاً رحمه الله بعد أن فتح حلب وأستولى على قلعة الشهباء وطرد الفرنج منها، يقول له وكان فتح حلب فى صفر، يقول له.. وفتحك الشهباء فى صفر مبشر بفتوح القدس فى رجب.

ص: 4