المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تفسير (19) (تفسير)   للشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان   تفسير (19)   وتؤمن بعصمته صلى الله عليه - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ٢٩

[عبد الرحيم الطحان]

فهرس الكتاب

تفسير (19)

(تفسير)

للشيخ الدكتور

عبد الرحيم الطحان

تفسير (19)

وتؤمن بعصمته صلى الله عليه وسلم كما حصل إيانا منا بنبوته فاختلف الأمر، ذاك فيما يتعلق بجانب المحرم حال الله بينه وبين ذلك صلى الله عليه وسلم، فيما يتعلق بجانب الحرام ليس له نفس بشرية صلى الله عليه وسلم، إنما هناك {ولتصنع على عينى} عناية ربانية فكونه على أم حرام بنت ملحان لا إشكال فى ذلك، هو آمن عليها من أنس بن مالك إذا كان أنس يدخل على خالته، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم، فقال لى هذا الأخ: يا شيخ نحن لو قلنا بهذا سنفتح باباً للمستشرقين، قلت: أف وتف لعقلك، نحن نستحى من إظهار ديننا ونخشى من المستشرقين، وأننا إذا قلنا هذا سنفتح الباب للمستشرقين يقولون: كيف إذا يحصل ويحصل، يا عبد الله أنت ما تعرف حقيقة النبوة، وعندما سنقرر هذا سنفتح باباً للشبهة وللمستشرقين، نعوذ بالله من هذا الضلال المبين، هذا رسول صلى الله عليه وسلم، فإذاً كان يدخل على أم حرام بنت ملحان وعلى أم سليم رضي الله عنهما وهما فى بيت واحد، وهذا هو وجه الجمع بين هذين الحديثين، فقال: أرحمها قتل أخوها معى.

ص: 1

إخوتى الكرام: إذاً الشاهد هنا يركبون ثبج هذا البحر، يركبون ثبج ذلك البحر، للغزو فى سبيل الله، كيف عبر عنه بإسم الإشارة التى هى للقريب الحاضر؟ قلنا لنكتة، فيكم من يستنبط هذه النكتة؟ هناك نكتة تنزيل البعد الرتبى فى المنزلة منزلة البعد الحقيقى الحسى، يشار لكن البحر غير موجوديشير إليه يركبون ثبج هذا البحر، أين هو؟ إذاً كأنه حاضر، واضح هذا، أى إشارة الى أن هذه الرؤية ليست رؤيا أضغاث أحلام، خلينا نجعل البعيد قريب، ورؤيا الأنبياء حق، هذا متحقق لا خلاف فيه، هذا متحقق وسيقع، وكأنه حصل وكأن البحر هذا هو أشير لك إليه وهم عليه يركبون ثبج هذا البحر، قوله:(ملوكاً على الأسرة أو كالملوك على الأسرة) فى ذلك إشارتان كما قال الحافظ بن حجر، الأول إشارة غلى أنه من أهل الجنة..فهذا وصفهم فى الآخرة يركبون البحر ولهم بعد ذلك المنزلة فى الآخرة إخواناً على سرر متقابلين كالملوك على الأسرة، وفى ذلك إشارة أخرى.. وهما متلازمتان.. إشارة إلى عظم حالهم وشدة قوتهم وإندفاعهم فى سبيل الله، فهم يركبون البحر وهم فى هذا التمكن وفى هذا الإعتداد يجاهدون فى سبيل الله، على هذا البحر الذى يميد وكأنهم ملوك على الأسرة فى حال الأمن والرخاء، وأنا أقول الأمران متلازمان حالهم الثانى ينتج عنه حالهم الأول

فعندما يجاهدون فى سبيل الله بهذه النفوس الطيبة القوية هم على البحر كالملوك على الأسرة، هذا سينقلهم إلى سرر الآخرة المرفوعة بعد موتهم بفضل الله وكرمه.

ص: 2

الشاهد يركبون ثبج هذا البحر هذا القول الأول إخوتى الكرام فى بيان معنى إسم الإشارة تلك، هذه إسم الإشارة للبعيد عبر به عن مشار إليه حاضر قريب، ثم يتعاقبان ويتناوبان

وإما ينزل البعد الرتبى منزلة البعد الحقيقى، وإم أن إسم الإشارة فى الأصل موضوع للمشار إليه بعيداً أوقريباً، لكن الإستعمال العرفى خصص القريب بإدخال الهاء عليه، والبعيد بإدخال اللام عليه، فجاء القرآن على أصل الوضع لا على حسب عرف الإستعمال

ثلاثة أقوال كما قلت أظهرها وأقواها أوسطها والعلم عند الله جل وعلا.

هذا القول الأول، القول الثانى فى بيان المراد بإسم الإشارة..أما قلنا قولان فى أول الموعظة..إما أنه إسم إشارة لبعيد يشار به إلى قريب، إنتهينا وهؤلاء قلنا إختلفوا وعللوا قولهم بثلاثة أمور.

القول الثانى.. إسم الإشارة هنا تلك للبعيد والمشار إليه بعيد، وأختلف فى تعيين ذلك البعيد كما قال القرطبى على عشرة أقوال، وتلك الأقوال ذكرها الإمام الرازى وزاد عليها، أنا سأجملها بحيث تصل على التفصيل أحد عشر قولاً إن شاء الله فى بيان المراد بإسم الإشارة تلك على أن المشار إليه بعيد غائب ليس بحاضر قريب

يعنى البحث عندما يكون فى المفردات اللغوية قد يكون فيه شئ من الجفاف، ولذلك ندخل من حديث إلى حديث ونربط هذا ببحثنا، لأجل أن يصبح فى البحث شئ كما يعنى يقال على تعبير الأخوة المصريين من الطراوة، على القول بأن المراد هنا إذاً مشار إليه غائب بعيد..ما المراد بذلك المشار؟ وأن إسم الإشارة الآن على ظاهرين، صيغة بعيدة يشار بها إلى بعيد، لا تناوب ولا تعارض ولا وضع ولا نكتة عندما عبر بالبعيد عن القريب..ما هى هذه الأقوال؟

ص: 3

القول الأول: قيل إن الله وعد نبيه صلى الله عليه وسلم بأن ينزل عليه كتاباً عندما بعثه، فأشار ربنا جل وعلا فى هذه الأية وفى نظائرها الى الوفاء بذلك الوعد الذى وعده به عندما بعثه {تلك آيات الكتاب} ذلك الكتاب الذى وعدناك بإنزاله، هذا هو، إذاً تلك يشار الى ذلك الوعد الغائب البعيد، هل الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأن ينزل عليه كتاب؟ نعم، ورد هذا فى الحديث وورد فى القرآن، وهذان القولان إعتبرتهما واحد، والقرطبى جعلهما قولين، لذلك قلت: ستكون تسعة، لكن بعد ذلك أزيد قولاً من الرازى فتصبح أحدى عشر قولاً.

ص: 4

حدث فى السنة ما يشير الى هذا الوعد ففى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم، وإذا ذكرت كما قلت أخوتى الكرام الحديث فى الصحيحين أو فى أحدهما فلا داعى أن نقول إنه صحيح لأن هذا مقطوع به فكونوا على علم بذلك، إذا لم يكن الحديث فى أحد الصحيحين نشير الى درجته إن شاء الله، فى صحيح مسلم والحديث فى المسند عن عياض بن شمار النجاشعى قال: قام فينا النبى صلى الله عليه وسلم خطيباً ذات يوم، فقال إن ربى أمرنى أن أعلمكم ما علمنى فى يومى هذا مما جهلتم، أى أعلمكم فى يومى هذاما جهلتموه وما علمنى ربى وأنزل على [كل مال نحلته عبداً فهو حلال] هذا حديث قدسى ولم يصرح النبى صلى الله عليه وسلم بإضافته الى ربه كأن يقول، قال الله تعالى:[كل مال نحلته عبداً فهو حلال] الله سخر لنا ما فى السماوات والأرض والناس هم الذين أحلوا وحرموا كما فعل المشركون عندما جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً، فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركئنا، كما فعلوا بالوصيلة والسائبة والحام والبحيرة، الشرائه الشيطانية التى كانوا يشرعونها، إذاً الأصل فى الأشياء الحل، ولا يثبت التحريم إلا بنص، الأصل فى الأشياء الحل عندما يأكل الإنسان البندورة أيلزم أن يستدل على ذلك بنص جزئى فى حل البندورة، كلوا البندورة فإنها حلال، عندما يأكلها يقول: كيف تأكل، قل: سخر لكم ما فى السماوات والأرض، بين لنا ما حرم علينا وما سكت عنه فهو داخل فى دائرة الإباحة، الأصل فى الأشياء الإباحة والحل [كل مال نحلته عبد فهو حلال] أى يقول الله كما قلت، وإنى خلقت عبادى حنفاء كلهم على الإسلام وعلى الفطرة فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بى ما لم ينزل به سلطانا.

ص: 5

هذا الحديث القدسى [وإن الله نظر الى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب] والمقت هو أشد الغضب وأعظم انواع السخظ {كبر مقتا عند الله أن تقولوا على الله مالا تفعلون} ، ولذلك نكاح المقت ماهو: أن يتزوج الإنسان منكوحة أبيه، هذا ليس فاحشة هذا أيضا مقت، {ولاتنكحوا مانكح آبائكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وسآء سبيلا} وأما هنا نكاح امرأة الأب، والمعتمد عند الحنابلة وهذا أظهر أقوال الإسلام: أن من وطء إحدى محارمه من منكوحة أبيه أوغيره ممن تحرم عليه على التأبيد يقتل كيف ماكان حاله، سواء بعقد أو بعهر بغير عقد، إذا وطء إحدى محارمه حده القتل، لأنه فرج محرم قطعى التحريم لا يباح بحال ليس للإنسان فى ذلك شبهة، وقد ثبت فى المستدرك وغيره من حديث البراء بن عازب، أنه رأى عمه يحمل راية، فقال: الى أين، قال: الى ذاك الذى تزوج زوجة أبيه، فقد أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب رقبته وأن آخذ ماله ألفى ألف فى بيت المال، وأن أخذ ماله، يقتل ويؤخذ هذا المال بعد ذلك فىء، إذاً مقت [إن الله نظر الى أهل الأرض فمقتهم (غضب عليهم أعظم أنواع الغضب) عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب] .

ص: 6

والسبب فى المقت الظلام الذى خيم على البشرية قبل بعثة خير البرية صلى الله عليه وسلم، إلا بقايا من أهل الكتاب الذين يتمسكون بالدين الحق الذى كان عليه عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال الله، أى لى للنبى صلى الله عليه وسلم: إنى بعثتك لابتليك وأبتلى بك وأنزلت عليك كتابا (أى سأنزل عليك كتابا، وأخبر عنه بصيغة الماضى لتحقق حصوله) ، لا يغسله الماء تقرأه نائما ويقذانا (إذا وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم عند بعثته بأن ينزل عليه كتابا لايغسله الماء أنجيلهم صدورهم ليست هذه الصحف {بل هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بأياتنا إلا الظالمون} ولو أحرقت المصاحف عن بكرة أبيها فلا يحصل تغير فى هذا القرآن، والمصاحف التى فى القلوب تساوى لعله المصاحف التى فى السطور، أناجيلهم صدورهم {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} ، وقال الله (تكملة الحديث، هذا محل الشاهد إنما من باب كما قلت إستعراض كمال الحديث للننظر الى أحكامه ولنخرج من هذا البحث الذى هو بحث لغوى محض فى بدء هذه الصورة) وقال الله لى: حرق قريشا (أى قاتلهم وحرقهم) فقلت ربى: إذا يثلهوا رأسى حتى يدعوه خبزتا، (اى يقطعوه ويشقوه كما يقطع الخبز ويقطّع ويشق) وأمرنى ربى، وقال لى ربى: حرق قريشا (أى قاتلهم وأصدع بالحق فيهم ولا تبالى) فقلت ربى: إذا يثلهوا رأسى حتى يدعوه خبزا، فقال الله لى: إستخرجهم كما استخرجوك واغزهم نغزك (أى نمكنك منهم ونعينك عليهم) وأنفق ينفق عليك، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، (تكملة الحديث كما قلت) .

ص: 7

وأهل الجنة ثلاثة، إمام مقسط متصدق موفق (إذا لم يكن الإمام من هذا الصنف فهو من أهل النار أمير مقسط يتصدق ويتفقد الرعية ويواسى الفقراء والمحتاجين ومجالسه يحضرها أهل الحاجة والمسكنة لاأهل الكبرياء والغطرسة، إمام مقسط متصدق موفق، هذا من أهل الجنة) ورجل رحيم القلب على كل ذى قربى ومسلم من أهل الجنة، وعفيف متعفف ذو عيال (عفيف فى نفسه عندما تعطيه يتعفف ويقول: أنا فى نعمة وستر وعافية، وعنده عيال، هؤلاء من أهل الجنة) .

ص: 8

وأهل النار خمسة كلام النبى صلى الله عليه وسلم، الضعيف الذى لا زَبر له الذين هم فيكم تبعا، لايتبعون أهلاً ولا مالا (الذى لا زبر له: أى لاعقل له، ولا يقصد بالعقل هنا، العقل الغريزى أى المجنون، لا، إنما يقصد به هنا الأحمق السفيه الذى هو عالة على غيره همه أن يأخذ من هذا وذاك، ولذلك ليس له زوجة وليس له عمل، عاطل باطل لافى دين ولا فى دنيا، لازبر له، لايتبع شيئا ليس عنده أهل ولا مال، يحتال على هذا وينصب على هذا ويتطفل على هذا يعيش على عالة على الناس، كما هو الموجود فى كثير من الناس عندما تصل بهم الدنائة والخسة الى هذا كما قال بعض الكسالى معبارا عن هذا: والله ما فقرنا إضطرار إنما فقرنا إختيار، أى فنحن مضطرين للفقر يعنى مانحصل الغنى لا نحن إخترناه، لما؟ جماعة كلنا كسالى، وأكله ماله عيار، (هذا هو الضعيف الذى لا زبر له) أو لا تدرون من هم، أول ما ينطبق هذا الوصف على قسس النصارى عليهم لعائن الله المتتابعة الى يوم القيامة ليس له عمل لافى دين ولا فى دنيا، أما فى الدين أكذب خلق الله، أكذب من الشيطان الرجيم، الشيطان إذا رأى القسيس يبتعد عنه خشية أن يزيده خبثا وفسادا، ولذلك يقال عندنا فى بلاد الشام إذا أراد أن يخبر عن حقارة إنسان يقال (أكذب من الخورى والقسيس على الله يوم الأحد) لما يجلس يوم الأحد يكذب على الله، اسمع من الكذب الذى ابليس ماسمع به، هذا قسيس إذا الدين لا ليس عنده عبادة، وأما الدنيا جالس تراه مثل الثوب فى جسمه، طيب أنت فى الأصل زاهد إعتكفت فى هذه الصومعة فى هذه الكنيسة ينبغى أن تكون بمثل العود، رقبته فقط أغلظ من رقبة الثور يأكل حقيقة والله مالا تأكله عشرة ثيران ويحرم عليه النكاح، إذ لايجوز أن يتزوج هذا قسيس لكن يجوز أن يزنى الزواج حرام والزنا حلال، يزنى فى اليوم أحيانا بعشر نسوة، هذا قسيس زنا حلال أما النكاح.، هذا هو الضعيف الذى لازبر له.،

ص: 9

الذين هم فيكم تبعا لا يتبعون أهلا ولامالا، وهذا حال القسس، وانظر للنصارى مع قسسهم لو أن قسيسا لعينا يقول فى أمريكا سيجمع مائة ألف دولار، مليون دولار، عشرة ملاين دولار فى يوم كذا قبل أن تشرق الشمس، لوضعت أمامه على الطاولة فى الكنيسة قبل أن تشرق الشمس، هذا حاله، وانظر بعد ذلك لعلماء هذه الأمة فى هذه الأمة إذا سلموا من أذى الناس هم فى نعمة، إذا سلموا من الأذى، أما الإكرام فلا يخطر هذا على بال علماء الإسلام الصالحين ولا يريدونه من أحد، لكن إذا سلموا من الأذى هذه نعمة حقيقة.

ص: 10

رأى مرة بعض الناس رجلاً معه ثعلب قبض عليه، قيل: ماذا ستفعل بهذا الثعلب، قال: سأعذبه عذابا شديدا، قال: ولما؟، قال: كل فترة يأتى ويأكل لى الدجاج وأنا أطارده من جهة الى جهة وأمكننى الله منه، سأخذه الآن أمثل به تمثيل ما رأه يعنى مخلوق على وجه الأرض، قال: أتريد أن تعذبه، قال: نعم، والذى يكلمه طالب علم، قال: خذ هذه العمة وضعها على رأسه واتركه، فتركه يعانى من هذه الأمة ما يعانى، لا يطارد فى الحياة إلا علماء الإسلام، والله إن طالب العلم الصادق فى هذه الأيام ما تمر عليه لا أقول ليلة، لحظة، إلا ويتوقع فيها إما القتل وإما الإعتقال، لما هذا؟ القسيس، سمعتم عن قسيس فى بلاد النصارى يعقتل، لا إله إلا الله، لما زج بالعلماء فى بعض البلدان على التعبير اللعين حاكم تلك البلاد، بأنه مرمى الشيخ فى السجن كالكلب، يقول: زى الكلب، الكلب الذى يرقص زوجته مع كافر، ليس الذى يوضع وراء القضبان فى سبيل الرحمن، ماذا عمل مع القسيس سبب الفتنة وسبب كل بلاء، ماذا عمل يستطيع أن يضعه وأن يحبسه وراء الحديد والقضبان، غاية ما حصل صفق له وأعتبروا هذا نصر، أنه أقاله من المسئولية عن النصارى، وقال: إختاروا غيره ليحل محله، ثم أعيد بعد ذلك الى رتبته، فقط، وقيل له إلزم الإقامة فى بيتك، قسيس يقيم فى بيته، ثم ترسل له الدولة تتدس به بعد ذلك مكافآت يقولون: خاطرك لا يبقى علينا إلا الطيب لأجل ننتهى من المسلمين، نحن بعد ذلك نكرمك أكثر مما كنت تحصل، يلتمس لنا عذراً، وأما ذاك يقال عنه بكل قلة حياء هذا الشيخ فى السجن زى الكلب، العلماء صاروا زى الكلاب هذا حلنا، على من يصب أليم العذاب فى بلدان المسلمين، الزانى واللوطى والسكير والعربيد والمرابى كل هؤلاء كما يقال: يتمتعون بأقصى أنواع الحريات فى حالهم، فى حال محاربة رب الأرض والسماء، وأما هذا لا يوجد أحد يضيق عليه له، أجهزة المخابرات فى بلاد المسلمين بمن تطارد، تطارد الزناة، تطارد اللوطيين،

ص: 11

تطارد البنوك تطارد السينمات، من تطارد؟

تطارد الذين لايصلون أم تطارد من هم فى المسجد وعلى الخصوص خطيب الجمعة فقط، خطيب الجمعة هذا هو الذى تسجل خطبته، وبعد ذلك يحقق معه وصل الإنحطاط فى بعض بلدان المسلمين، إن الزنا حرام، فاستودعى بعد الخطبة مباشرة، قيل له: لما تتدخل فى الشئون الإجتماعية، قال: يا جماعة هذا مقرر فى كتاب الله {ولا تقربوا الزنا} ، قال: الدين شىء والحياة الحاضرة شىء أخر، مرة ثانية تقول الزنا حرام أو السفور حرام أو الخمر حرام نقطع رقبتك لالسانك، أنت فقط تقول للناس، أصدقوا الحديث أدوا الأمانة، وصلوا وصوموا وما شكل هذا، أما تعالج شئون الحياة، الزنا حرام وهذا زنا.،

ص: 12

مع أنه ماقال: يعنى ينبغى أن يجلد وأن يرجم والحكومة مقصرة، لا يحذرهم فقط من الزنا، يقوا: أمور إجتماعية لادخل لك فيها، هذا يعالجه القانون، هذا وصل الإنحطاط فى بلدان المسلمين، لايجوز أن يقال على المنبر الزنا حرام طيب، ماذا يوجد فى الكنائس بعد ذلك كل كذب وخيانة، وكل بعد ذلك غدر، ومكر بالمسلمين، وجدت فى بعض الكنائس دبابات توضع فى القبو فى البدروم، لإجل ما يخططونه للمسلمين فى المستقبل، دبابات، وهذه كلها يستر عليها وتمشى بسلام، و‘ذا وجدوا معك أنت، لا أقول مسدس، إذا وجدوا مسدساً أعانك الله، أردت مرة أن أدخل بعض الى بعض الدوائر فكان على الباب مسئول كأنه يعرفنى، قبل رأسى، ثم قال: أنا عبد مأمور، قلت: ماذا تريد، قال: أريد أن أفتش فتش ماذا عندك، أليس هذا من الذل أخوتى الكرام، مسلم فى بلدان المسلمين، بغض النظر عن كونه عالماً أم لا، يفتش على الباب، الذى يريد أن يغتال القاضى أو غيره، عندما يدخل لمحكمة شرعية، يعنى لايمكن أن يغتاله فى الخارج، لما هذه السفاهة، يعنى لا بى ولابىّ، مجرد حماقة وإذلال العباد، قال: عبد مأمور، قلت: فتش، مد يده الى جيبى من الخارج، قال: هذا إيش هو إيش هذا يا شيخ، قلت: كما ترى مسلم مصدى لإجل قطع يعنى أحيانا أمور لهذه الحياة إما من فاكهة إما من خيط أوكذا، قال: هذا ممنوع تدخل به فى هذه الدائرة، قلت: ماذا تريد، قال: أتركه عندى، يعنى لايريد يعمل معى تحقيق لا ملف لاتحويل للقضاء، أتركه عندى، عندما تخرج تأخذه، قلت: طيب، لاإله إلا الله، فلما خرجت ذاك بتقدير الله، ذهب وجاء واحد آخر، لكن أعطى المسئول الذى كان يفتش هذه القطعة لذاك، فلما جئت، قلت: أين المسئول، كان هنا، قال: ماذا تريد، قلت: أخذ منى حاجة وكذا، قال: أنت صاحب السكين، حاجة، لم أريد أن أقول سكين وأصبح أمام الناس يعنى، قلت: يا عبد الله، يعنى المسئلة الآن فى ستر الله، قال: أنتم مطاوعة يا أخوى كيف تحمل السكاكين فى جيبك،

ص: 13

يقول المطاوعة لازم يحملوا السكاكين والرشاشات، من الذى يحملها، الله جل وعلا يعنى رخص لنا ترخيصاً فقط {ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم} ، وإلا حمل السلاح حتى فى الصلاة مشروع، وهذا يعنى لاسيما إذا الأمة فى أحوال يعنى يخشى منها، قال: لا ياشيخ المطاوعة يعنى هؤلاء ما لازم يحملوا السلاح وهذا، قلت: لازم المطاوعة يكونوا مثل الأنعام كل واحد يذبحه ويركب على ظهره لا يقول له ماذا تفعل، لا إله إلا الله، هذا الوصف إخوتى الكرام: الضعيف الذى لازبر له الذين هم فيكم تبعا.، لا أحد يظن الضعيف أنه ضعيف مسكين يعنى لاقدرة له فى العمل أو أنه مثلا مسكين ضعيف فى المال لا ضعيف فى عقله، سخيف فى رأيه، وينطبق هذا قلت إنطباقا أولياً على القسس، وبعد ذلك فى المسلمين البطالين حدث ولا حرج، مشايخ الصوفية المخرفين كلهم يشملهم هذا الوصف، الضعيف الذى لازبر له، مخرف صوفى يخلو بالنساء ويأكل الأموال وليسأى عمل بطال، إنما هذا تنكة سمن وهذا علبة لبن وهذا فلوس وهذا وهذا، ضعيف لازبر له الذين هم فيكم تبعا لا يتبعون أهلا ولا مالا لا يقوم لا برعاية أهل وأسرة ويكدح ويتعب ويعمل من أجلهم وليس عنده مال ينميه، كما قلنا لادين ولا دنيا عالة على غيره، والخائن الذى لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه (كلمة يخفى بمعنى يظهر، وأخفى بمعنى كتم وأسر، وقيل كل من الصيغتين يستعمل فى الإظهار وفى الإخفاء فهذا من الألفاظ المتضادة.

ص: 14

يقال: أخفى وخفى، أخفى بمعنى أسر، أخفى بمعنى أظهر، خفى الشىء بمعنى أظهره، خفى الشىء بمعنى كتمه، من الألفاظ المتضادة، هذا مثل أسر {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخفى بالليل وسارب بالنهار} أسروا قولكم: هنا بمعنى أخفوه واضح هذا، أسروا النجوى أخفوها الله جل وعلا يقول {وأسروا الندامة} يوم القيامة بمعنى أظهروها وأعلنوها فالإسرار بمعنى الإظهار وبمعنى الكتمان، فمثل الخوف يأتى بمعنى الوجل وبمعنى الأمل، وهذا الذى ألف فيه كتب الأضداد فى اللغة، وهنا الخائن الذى لايخفى له طمع، معنى لا يخفى: أى لا يظهر له طمع وإن دق إلا خانه، هذا صنفان من أهل النار خائن، والثالث رجل لا يصبح ولا يمسى إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، يريد أن يعتدى على عرضك، أو أن يأخذ منك المال، خداع، والصنف الرابع: البخيل أو الكذاب، شك الراوى، والخامس: هو الشنظير، قيل وما الشنظير، قال: الفحاش أى سىء الخلق، الشاهد إخوتى الكرام من هذا الحديث، هو إنى منزل عليك كتابا لايغسله الماء تقرأه نائما ويقظان فإذا قول الله {تلك آيات الكتاب الحكيم} ذلك الكتاب الذى وعدت بغنزاله عليك هو المشار اليه، فالمشار إذا الى شىء غائب بعيد سبق ذكره فى أول بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم وإرساله، ورد فى القرآن ما يشير الى هذا، فيكم من يستحضر أية لعلكم تحفظون سورتها لكن يغيب عنكم إستحضارها، سورة المزمل تحفظونها، هات الآية التى فيها {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} هذا القول الثقيل هو القرآن أشير إليه فى هذه الآيات فى سورة المزمل هى من جملة ما قيل إنها أول ما نزل على الإطلاق من أقوال ستة أرجحها خمسة آيات من سورة العلق هذا الأرجح وويليها بعد ذلك فى القوة ويمكن يجمع به وبين القول الأول: سورة المدثر كما ثبت فى صحيح مسلم عن جابر والحديث الأول عن أمنا عائشة فى الصحيحين، وأقوال الأربعة بعد ذلك كلها لا تخلوا من ضعف ويمكن أن يتكلف للتأليف بينها وبين ما

ص: 15

تقدم، قيل الفاتحة وقيل البسملة وقيل ن والقلم ونقل هذا عن مجاهد وقيل المزمل، ثبت ونقل هذا عن عطاء الخورسانى وهو مع ضعفه لم يثبت له رواية عن الصحابة فروايته معضلة وضعيف فى نفسه، والرواية لم تنقل عن صحابى يؤخذ منه هذا الحكم، فإجتمع فيه آفتان، ضعف فى نفسه، والإعضال فى روايته، إنما المزمل هى من أوائل ما نزل قطعاً لكن ليست أول ما نزل على الإطلاق لعلها بعد المدثر لعلها، لأن الله يقول {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا} ويعده فى هذه السورة {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} ، هذا القول الثقيل هو القرآن، وثقله وشدته على العموم أو على الخصوص، على العموم (النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين والكافرين والمنافقين) أو على الخصوص (على الكافرين والمنافقين) قولان لأئمتنا الكرام القول بأن الثقل للعموم وعلى العموم أولى، وفى توجيه ذلك أربعة أقوال معتبرة.

أولها: {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} هو ثقيل من حيث التلقى والعمل به، وحقيقة تلقيه وتعلمه ثقيل على النبى صلى الله عليه وسلم وعلى الأمة.، قد ثبت فى صحيح البخارى عن أمنا عائشة رضي الله عنها، قالت: سأل الحارث بن هشام النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحى؟ فقال: أحياناً يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده على، وأحياناً يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول، قالت أمنا عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه جبريل فى الليلة الشديدة البرد وإن جبينه ليتفصد عرقا صلى الله عليه وسلم.

هذا ثقيل أم لا، ثقيل حتى على النبى صلى الله عليه وسلم، فى التلقى ثقيل {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} .

قد ثبت فى صحيح البخارى أيضاعن بن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة فكان يحرك شفتيه من أجل أن يتابع مع جبريل، حتى لاينسى على نبينا وعلى جبريل صلوات الله وسلامه.،

ص: 16

قال سعيد بن جبير: فأنا أحركهما (أى شفتيه) كما رلأيت بن عباس يحركهما، وقال بن عباس: أنا أحركهما كما كان (لم يقل كما رأيت) كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما، لما لأن ابن عباس ما أدرك تحريك النبى عليه الصلاة والسلام لشفتيه فى أول الأمر، لأنه ولد فى سنة ثلاث للبعثة، وكان صغيرا لا يدرك هذا، ولما قبض النبى عليه الصلاة والسلام كان ناهز الإحتلام وبعد ذلك التحريك إنقطع نبينا عليه الصلاة والسلام عن تحريك شفتيه، فما رأى ابن عباس كيفية تحريك النبى عليه الصلاة والسلام لشفتيه، لكن سعيد بن جبير رأى كيفية تحريك بن عباس لشفتيه لذلك قال سعيد بن جبير أنا أحركهما كما رأيت بن عباس يحركهما، وقال ابن عباس: أنا أحركهما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما، فأنزل الله على نبيه عليه الصلاة والسلام {لاتحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرأنه} أن نجمعه فى صدرك وأن تقرأه على الناس، ثم إن علينا بيانه، أن تبينه للناس فكان النبى عليه الصلاة والسلام، إذا أتاه جبريل بعد ذلك أنصت لايحرك شفتيه فإذا ذهب جبريل تلا النبى صلى الله عليه وسلم ما نزل به جبريل عليه على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، إذاً فى ذلك شدة على النبى عليه الصلاة والسلام، وشدة أيضا على من يتعلم القرآن.

ص: 17

ثبت فى الكتب الستة عن أمنا عائشة رضي الله عنهاقالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة (هذا حكمه حكم الملائكة وفى درجتهم ماهر، يقرأ بيسر وسهولة وليس عنده شدة ولا مشقة.، والذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهوعليه شاق له أجران، أجر القرأة وأجر التعلم، وهل يمكن ويتصور أن يكون الإنسان ماهرأ من غير تعتعة، يمكن يستحيل، لايمكن أن يكون ماهرا بالقرآن إلا بعد متعتة كثيرة.، والآن كيفية التلاوة ضبط قواعد التجويد، لايمكن للإنسان أن ينطقها إلا بعد تعتعة وشدة وكلفة، ولذلك إذا لم يتعلم هذا من الصغر وكان كبيراً معه أعلى الشهادات لما يأتى ليقرأ يسحى الإنسان من سماع قرأته مما فيها من نكارة وشدة وفظاعة وغلط، فإذاً الماهر بالقرآنمع السفرة الكرام البررة الذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران، الشاهد إخوتى الكرام يتتعتع، إذاً قولاً ثقيلا.

هذا الحديث من باب التنبيه والفائدة إخوتى الكرام.

ص: 18

سئل بعض المشايخ عنه فى حادثة معينة، وهى أن إنساناً يقرأ فى المسجد ويقرأ قرأة ملحونة وهذه قدرته وهذا الذى فى وسعه فنهاه بعض الناس وقال له لايجوز أن تقرأ بهذه السورة، فقال: كيف ستمنعنى من كتاب ربى، قال: تعلم ثم إقرأ أما أن تقرأ هذا القرآن بهذه الصورة هذا حرام وأنت آثم، فرفع هذا السؤال لبعض المشايخ، فأجاب جواباً غاطاً خطأ، إستدللاً بهذا الحديث من غير فهم له، فقال: ليس من حق هذا المعترض أن يمنعك من القرأة لأن النبى عليه الصلاة والسلام، قال الذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران، نعوذ بالله من هذا الفهم المعكوس المنكوس، المراد يتتعتع فيه بين يدى شيخه وأستاذه ومعلمه عند تعلمه لا أنه يريد أن يعلم نفسه ويقول: هو الذى أنزل السِّكينة فى قلوب المؤمنين ثم يقول هذا غلط، ويقول هذا الذى فى وسعى، يا عبد الله لما لا تتعلم، عندما تريد أن تبنى بيت دجاج تتعلم، وعندما تريد أن تبنى كوخاً لتسكنه تسأل مهندس، المهندسين الذين فى هذه البلدة وغيرها وتبحث عن أنواع الأسمنت والحديد وأى يعنى المواصفات أحسن للبيت الذى ستسكنه كوخ فى هذه الحياة سيزول هو وأنت، طيب تريد قصور فى عليين بجوار ربالعالمين، يعنى من غير كلفة ولا تعب.،.، فالإستدلال بهذا الحديث على هذه القضية، هذا باطل.،

ص: 19

وإستلال آخر أشد نكارة من عيب على بعض الناس أنه يجهر فى المساجد ولا يجوز للإنسان أن يجهر بالقرأة فى المساجد إذا كان هناك مصلى أو قارىء أو ذاكر أو نائم، إذا كان بمفرده فليجهر ما عدا هذا لايجوز لأنه يشوش على هؤلاء، أما ما يفعلونه فى الإجتماعات كصلوات الجمعة وغيرها، كل واحد يفتح المصحف ويريد أن يصيح أكثر من الآخر كأنه فى سوق (حراج)، يا عباد الله:{ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} ، وهذا يؤذى هذا، هذا يشوش على هذا، وفى الغالب أحياناً تجلس بجوار من يقرأ قراة ملحونة، وأنا أقول عن نفسى مراراً أضع يدى فى أذنى، عندما أنتظر صلاة الجمعة من أجل من يؤذينى عن يمينى وعن شمالى بهذه القرأة الملحونة، وعندما أحياناً تنصحه يعمل لك كهذا ما يريد يرد عليك، أسكت هكذا، يا عبد الله هذه القرأة غلط، سمعت من يقرأ الذين يلمزمون المُطَوعين، يعلم الله بإذنى، المُطَّوعين، المُطَوعين، أعوذ بالله ومثل هذا كثير، فكيف هذا سيقرأ، فهذا لو قرأ فى نفسه لأثم، فعندما يؤذى غيره إزدادت جداً.

ص: 20

ولقد ثبت فى صحيح ابن خزيمة وسنن ابى داود بسند صحيح كالشمس، عن نبنا عليه الصلاة والسلام أنه إعتكف فى المسجد وإعتكف معه بعض الصحابة فجهروا بالقرأة، فرفع الستر فقال عليه الصلاة والسلام:[كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولايجهر بعضكم على بعض فى القرأة]، وقد بوب الإمام ابن خزيمة على هذا الحديث فقال: باب الزجر عن الجهر فى القرأة إذا تأذى بعض الحاضرين فكان يشوش على الحاضرين، فهى لو كانت قرأة صحيحة لأثم عندما يشوش على الناس فكيف وهى ملحونة، إقرأ فى نفسك ولا داعى أن تشوش على غيرك، لو كانت القرأة سديدة، الشاهد هذا أنه عيب على بعض الناس هذا فقيل لبعض المشايخ: يقول: لايجوز القرأة عندما يجتمع الناس فى المسجد، والبلاء أعظم طاغوت فى هذا الوقت وفى الزمن الماضى طاغوت العرف والعادة، لكن إذا سار العامة وراء هذا فالبلية تزداد عندما يصير العلماء وراء هذا الطاغوت، ما ألفوه عندما تغيره كأنك غيرت السنة، هذا نعتاد عليه وورثناه كابرا عن كابر، فإذا كابرا عن كابر كيف ستعترض علينا به، إذاً سنتمحل لتأويله، قال: الذى يقول هذا، هذا على باطل، لما ما الدليل؟ {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} .

ص: 21

على مشروعية رفع الصوت بالتلاوة أين هى {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} يعنى يجلس الواحد يطيح فى القرآن هذه هى القوة، هذا هو الفهم المعكوس المنكوس وهذا من التفسير بالرأى تقدم معنا، قلنا أن يكون له فى الشىء هوى وله إليه ميل فينزل الأية عليه وهى لاتدل عليه، فيكون قد فسر القرآن برأيه، كما هو الحال {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} ، لا مانع أن تجهر بالقرأة وأن تؤذى الناس وتشوش عليهم صلاتهم وقرأتهم عندما يكون يقرأ من حفظه بجوارك وتقرأ أنت من مصحف ترفع صوتك، متى ماضيعت عنه محل الأية إنتهى، وأحياناً يعيد الإنسان السورة من أولها عدة مرات، كسورة الكهف مثلاً، ويقطعها عليه من هو بجواره، وهذا أذى ولايجوز، فإنتبهوا لهذا إخوتى الكرام وانصحوا المسلمين وحذروهم من هذا، الشاهد قولا ثقيلا على العموم على النبى عليه الصلاة والسلام وعلى المؤمنين وعلى غيرهم فقيل فى تعلمه فى العمل به يحتاج الى جهد والى حزم وعزم {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} ثقيل أيضا.

المعنى الثانى: فى العموم ثقيل فى الميزان لمن قرأه وعمل به، فله بكل حرف عشر حسنات، ثقيل {سنلقى عليك قولا ثقيلا} ، أجره ثقيل عند الله الجليل، فلك بكل حرف عشر حسنات، إذا كلمة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، هذه جملة كلمتان حبيبتان للرحمن ثقيلتان فى الميزان، فالقرآن أفضل وأعظم أجراً من هاتين الكلمتين، {سنلقى عليك قولاً ثقيلا} ، ثقيلا فى الأجر عند الله جل وعلا، {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} فى حق العموم مهيبا كريما، يقال للرجل العاقل الرزين الراجح الرأى الثاقب النظر: إنه ثقيل، يقول: فلان خفيف وفلان ثقيل، ما يقصد ثقل الوزن، أن هذا يأتى مائة كيلو وذاك سبعين يقصد هذا الثقيل رزين مهيب وقور، ليس بخفيف ولا طائش.

ص: 22

ولذلك فى صحيح مسلم، عندما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أخر الزمان، قال:[يكونون فى خفة الطير وأحلام السباع] خفيف طائش مثل الطائر من كثرة حركاته كماترى الناس فى هذا الوقت تنظر إليه كأنه رقاص من كثرة حركاته، وعندما تبحث عن عقله، عقل سخلة أوفأرة العلم عند الله، إذاً ثقيل: ثقيل مهيب كريم راجح الرأى ثاقب النظر متزن {سنلقى عليك قولا ثقيلا} كريما مهيبا لا يعادله شىء ولايزنه شىء هو أثقل من كل كلام فهذا كلام الرحمن {سنلقى عليك قولا ثقيلا} الثقيل هو: الثابت الحق وفى ذلك إشارة الى إعجاز القرآن: أى هذا هو الحق الذى لاباطل فيه ولا يمكن أن يعارض وكل ما عداه كلام من الكلام، إذاً ثقيل فى تعلمه والعمل به، ثقيل فى الأجر، ثقيل فى معنى المهيب الكريم الراجح، الثقيل بمعنى: الحق الثابت، هذا فى حق العموم، ثقيل بالنسبة لكل أحد.

ص: 23

وقيل ثقيل بالنسبة للكافرين والمنافقين، فهوثقيل عليهم كما قال الله فى حق الصلاة {وإذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى} ، قاموا كسالى، {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} قاموا كسالى ثقيل عليهم هذا.، فأما المؤمنون فهم وإن ثقل عليهم العمل به من حيث الظاهر فله فى قلوبهم حلاوة ولهم فى نفوسهم نحوه إبتهاجا ولذة وسرور، والقول الأول أولى: أن الثقل هنا فى حق العموم، الشاهد إذاً، عندنا دليلان من القرآن والسنة، الى أن نبينا عليه الصلاة والسلام وعد بأن ينزل الله عليه شيئا ثقيلا، بأن ينزل عليه كتابا جليلا، ما هو هذا الكتاب؟ أشار اليه ربنا فى هذه السورة {تلك آيات الكتاب الحكيم} هذا الكتاب الحق الثابت الثقيل الراجح الذى له أجر كبير عند الله، الذى يحتاج الى كلفة وجهد وعناية فى تلقيه والعمل به هو الذى وعدت به سابقاً، فلإشارة الى غائب وعد به نبينا صلى الله عليه وسلم، فالكلام على ظاهره، تلك: إشارة الى غائب بعيد ليس الى حاضر قريب، هذا القول الأول، وبقية الأقوال نحن عندنا أربع كلمات وكان فى نيتى أن أنهى الكلام عليها، {تلك آيات الكتاب الحكيم} وما إنتهينا من الأولى ماذا نعمل، لا إله إلا الله، فلا أريد أن أطيل أكثر من هذا، يعنى أخشى أن يحصل ملل وسئامة، إذا بحدود الساعتين، يعنى وكان بين ذلك قواما، مع أن عادتى عندى صرصرة فى الكلام، نسأل الله حسن الختام، لكن أرى طلاب المعهد حقيقة يعنى أمرهم يندى له الجبين، ولذلك أخشى البقية الباقية أن تشرد، فيكفى شرود من شرد، لا إله إلا الله، فى سير أعلام النبلاء، لا الإمتحان عندنا مثل، يقولون: رأيناك فوق، رأيناك تحت هى هى عاطل باطل.

ص: 24

عندنا فى سير أعلام النبلاء فى الجزء التاسع عشر، ويعنى غريب الموافقات فى الصفحة أيضا التى برقم هذا الجزء فى صفحة19، عن هبة الله بن عبد الوارث الشرازى توفى سنة 485 عليه رحمه الله، ينطبق على حال المعهد، كان هذا الرجل من شيوخ الحديث ويسكن فى رباط من أربطة الصوفية، فكان إذا جاءه طالب علم ليتلقى عنه علم الحديث، يأخذه الى الصحراء ويعلمه الحديث يقول: علامه فى الرباط نجلس فى المسجد، يقول له: إن الصوفية يتبرمون من العلم ولا يتحملون الحديث ويرون أن ذلك يشوش عليهم وأكثر، إذا جلسنا نتعلم، يقولون: شغلتمونا عن الله دعهم هم على تعبيرهم قلبى عن ربى، والعبارة الدقيقة: قلبى عن شيطانى، ليس عن ربى، إنما هو زين له سوء عمله فصده عن السبيل فهو غير مهتد، يقول: الصوفية، وأنا أقول حقيقة، هذا الوصف ينطبق تمام الإنطباق فى المائة المائة وزيادة فوق حبة مسك كما يقولون على طلبة هذا المعهد، إنهم يتبرمون من العلم، وتضيق صدورهم من حلق الذكر، ويقولون: هذا يضيع وقتنا، وقتنا أى شىء، إما فى دروس نظامية على تعبير سيأخذون به شهادة ويأكلون بعد ذلك بها عيشاً ويملئون الكريش، الله عليم، وإما فى لعب الكرة وغير ذلك تشوش عليهم وقتهم، أليس من العار إخوتى الكرام طالب علم محاضرات نظامية لا تفوته من أجل شهادة وريقة، يقول: هناك يوجد عار الدنيا طيب نحضر عندك، ماذا يوجد؟ سألت مرة بعض إخواننا الذين يصلون معنا فى المسجد قلت: أين فلان، ما يحضر الجماعة، قال: يا شيخ إنه مريض يشتكى المرض، أنا ظننت حقيقة مريض، يعنى مطروح فى الفراش، طريح الفراش.

ص: 25

قلت: إذاً ينبغى أن نزوره يا عبد الله، قال: هو فى الوظيفة، قلت: وهذا الذى كنت أكلمه ليس له وظيفة ويصلى معنا كان فى القرية، لا إله إلا الله، فى صلاة الظهر، قات: كيف فى الوظيفة ومريض.، كيف يذهب الى العمل ويتحمل، ولا يحضر صلاة الجماعة، وكان الصحابى إذا كان مريضا يهادى بين الرجلين حتى يوضع فى الصف، كما ثبت فى صحيح البخارى عن ابن مسعود رضي الله عنه.، فكان لايشهد العمل لكن يشهد الجماعة، نحن نعكس يشهد العمل ولا يشهد الجماعة، كيف هذا فانظروا ماذا أجابنى، قال: يا شيخ هناك فى فلوس، قلت: والصلاة فيها فلوس، يعنى الصلاة فيها فلوس، يعنى أنت ستصلى إذا تأخذ أجراً، واله لو ملئت الدنيا ذهباً لكان أقل من ذلك الأجر الذى ستحصله على تلك الطاعة، هنا فى فلوس، لكن قل إيمان الناس بربهم، هناك فلوس حاضرة فى الوظيفة، وأما فى الصلاة فلوس غائبة، فلذلك يزهد فى الغائب {بل تؤثرون الحياة الدنيا والأخرة خير وأبقى} .

وأنا أقول حقيقة: طلبة المعهد يتبرمون بالعلم وتضيق صدورهم ولا تتسع نفوسهم لحديث النبى عليه الصلاة والسلام فأخشى أن يشرد من بقى، فلذلك نقتصر على هذا المقدار ونسأل الله جل وعلا أن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شح نفوسنا وأن يثبتنا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الأخرة وأن يحعل خير أيامنا يوم لقائه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 26