الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام كنا نتدارس الآثار الثابتة عن نبينا المختار على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فى بيان فضل التفقه فى الدين وقلت سنتدارس أربعة آثار وقفنا عند الثالث منها
أولها حديث سيدنا معاوية ومن معه من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين عن نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام أنه قال من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين
والحديث الثانى حديث سيدنا إبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه عن سيدنا النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا إلى آخر الحديث
وتقدم معنا كل من الحديثين فى الصحيحين وغيرهما
والحديث الثالث حديث عبد الله ابن عمر وحديث سيدنا سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنهم أجمعين وقلت رُوى الحديث عن اثنى عشر صحابيا ورُوى عن أربعة من التابعين مرسلا إلى نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ورواياتهم كلها متقاربة ولفظها أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع، فضل العلم أحب إلى نبينا عليه الصلاة والسلام من فضل العبادة وأفضل الدين الورع
تقدم معنا إخوتى الكرام هذا وإنما كان العلم له تلك الرتبة والفقه فى الدين له تلك المنزلة لأمرين معتبرين كما ختمت بذلك الموعظة:
الأمر الأول قلت جميع أمور الدين يشترط لها العلم والتفقه فى دين الله عز وجل فعمل من غير علم لا يقبل
الأمر الثانى صاحب الفقه فى الدين على بصيرة فى هذه الحياة وعليه إذا أراد بعلمه وجه رب الأرض والسماوات هو مصون بعون الله وتوفيقه من الشهوات والشبهات
وأما العابد الذى لم يأسس أموره على هدى وبينات فهو عرضة للمسومات ممكن شهوة تغويه أو شبهة أيضا تغويه شهوة تطغيه شبهة تغويه وأما من أراد بعلمه وجه الله وهو على بينة فهو لا يتزحزح عن مبدأ الحق لو وضعوا الشمس فى يمينه والقمر فى يساره
إخوتى الكرام ولأجل ذلك كان المقرر فى شريعة رب العالمين أنه لا يُعبد رب العالمين بمثل الفقه فى الدين ، لا يوجد عبادة يتقرب بها الناس إلى الله بمثل التفقه فى دين الله عز وجل
ثبت هذا الأثر عن الإمام الزهرى رحمة الله ورضوانه عليه وهو من أئمة التابعين الكرام توفى سنة خمس وعشرين ومائة وحديثه فى الكتب الستة محمد ابن مسلم ابن شهاب الزهرى أبو بكر الحافظ الفقيه متفق على جلالته وإمامته وإتقانه رضى الله عنه وأرضاه قال هذا العبد الصالح
(ما عُبد الله بمثل الفقه فى الدين)
وهذا الأثر مروى عنه فى كتاب جامع بيان العلم وفضله فى عدة أماكن فى الجزء الأول صفحة أربع وعشرين وصفحة ست وعشرين وصفحة واحدة وخمسين ورواه عنه الخطيب فى كتابه الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة ثلاث وعشرين وانظروه فى المدخل إلى السنن للإمام البيهقى فى صفحة ثمان وثلاثمائة وهو فى حلية الأولياء فى ترجمة محمد ابن شهاب الزهرى
(ما عُبد الله بمثل التفقه فى الدين)
قال الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى مفتاح السعادة فى الجزء الأول صفحة تسعة عشر ومائتين وهذا الكلام يحتمل معنيين
ما عُبد الله بمثل التفقه فى الدين يحتمل معنيين اثنين كل منهما صحيح
المعنى الأول الفقه عبادة عظيمة جليلة فخيمة لا يوجد عبادة تعدلها فهى أعنى عبادة التفقه فى الدين أفضل من الصلاة وأفضل من الصدقة وأفضل من الجهاد وأفضل من سائر العبادات ما عُبد الله بمثل التفقه فى الدين
أن هذه العبادة لايعدلها عبادة يتقرب بها المتقربون إلى الحى القيوم
والمعنى الثانى الذى يحتمله هذا الأثر العبادة بالفقه هى المعتبرة عند الله ولها أثر عظيم وهى التى تُتَقبل فكأنه يقول ما عبد الله بعبادة فيها فقه وعليه سائر العبادات ينبغى أن يكون فيها فقه لأن العبادة من غير فقه لا تقبل عند الله عز وجل ما عبد الله بعبادة كالعبادة التى فيها فقه وعلى بينة وبصيرة
والذى يظهر من كلام الإمام الزهرى أن المعنى الأول أظهر يريد أن يبين منزلة التفقه فى الدين على سائر العبادات ما عبد الله بمثل التفقه فى الدين
قال الإمام البيهقى بعد أن روى هذا الأثر كما قلت فى المدخل إلى السنن وقد رُوى هذا بإسناد آخر ضعيف مرفوعا إلى نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه يعنى هذه الجملة ما عبد الله بمثل التفقه فى الدين ثابتة عن الإمام الزهرى لكن رُويت أيضا مرفوعة إلى نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام بإسناد ضعيف والحديث الذى أشار إليه الإمام البيهقى رواه البيهقى فى المدخل إلى السنن وفى شعب الإيمان وانظروه فى سنن الدار قطنى أيضا فى الجزء الثالث صفحة تسع وسبعين ورواه الطبرانى فى معجمه الأوسط كما فى المجمع فى الجزء الأول صفحة واحدة وعشرين ومائة وهو فى كتاب جامع بيان العلم وفضله وكتاب الفقيه والمتفقه ورواه الإمام الآجروى فى كتاب أخلاق العلماء والإمام السمعانى فى كتاب أدب السماع والاستماع فى صفحة ستين وهو فى حلية الأولياء لإبى نعيم وفى كتاب رياضة المتعلمين له أيضا ورواه الإمام احمد ابن منيع فى مسنده وهكذا القُضاعى فى مسنده
ولفظ الحديث إخوتى الكرام من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أنه قال لكل شىء عماد وفى رواية لكل شىء دِعامة وفى رواية لكل شىء قِوام ،عماد دعامة قوام وهى بمعنى واحد أى لكل شىء أساس يقوم عليه (لكل شىء عماد دعامة قوام وعماد الدين الفقه وما عبد الله بشىء مثل الفقه ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)
وتقدم معنا الشيطان يلعب بالعباد كما يلعب الصبيان بالكرة كما أن العالم يلعب بالشيطان كما يلعب الصبيان بالكرة وكما يوجد فى الجن من يصرع الإنس يوجد فى الإنس من يصرع الجن وكما يوجد فى الجن من يتلاعب بالإنس يوجد فى الإنس من يتلاعب بالجن
ومن مناقب سيدنا عمر رضى الله عنه الفاروق رضى الله عنه وأرضاه كما فى الصحيحين وغيرهما أنه ما سلك فجا إلا سلك الشيطان فجا غير فجه
فإذا سلك سيدنا عمر رضى الله عنه طريقا الشيطان لا يستطيع أن يسلك هذا الطريق مادام فيه هذا الفاروق رضى الله عنه وأرضاه كما يوجد فى الجن من يخيف الإنس يوجد فى الإنس من يخيف الجن وإذا رآه الجنى أدبر وهرب وله ضُراط ويقول جاء الموحد الفقيه البصير الذى يحرقنى نوره ولا أستطيع أن أقف أمامه ولا أن أكون فى مكان معه وهنا لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد
والأثر إخوتى الكرام قال عنه الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء فى الجزء الأول صفحة ثلاث عشرة إسناده ضعيف وكذلك عمل الإمام الزبيدى فى شرح الإحياء فى الجزء الأول صفحة واحدة وثمانين ورواه الحكيم الترمذى أيضا فى نوادر الأصول صفحة سبع وعشرين من غير إسناد رُوى عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه قال
(لكل شىء دعامة عماد قوام وعماد الدين الفقه وما عبد الله بمثل الفقه فى الدين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)
هذه رواية أولى لهذا الحديث الذى أشار إليه الإمام البيهقى فى المدخل قال رُوى مرفوعا بإسناد ضعيف هذه رواية أولى من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه
ورُوى الحديث أيضا من رواية سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين روايته رواها البيهقى فى شعب الإيمان والخطيب فى الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة واحدة وعشرين ورواها الإمام العدنى فى مسنده كما فى شرح الإحياء فى المكان المشار إليه آنفا
ولفظ الحديث كما تقدم معنا (ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين ولكل شىء عماد ولكل شى ءدعامة ولكل شىء قوام وعماد الدين الفقه فى الدين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)
الحديث أيضا ضعيف الإسناد
وجملة إخوتى الكرام ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين وهى التى بدأت بها الموعظة من كلام الإمام الزهرى هذه الجملة رُويت أيضا مرسلة عن مكحول إلى نبينا المبرور على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، أثر العبد الصالح مكحول رواه الخطيب فى الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة ثلاث وعشرين ورواه وكيع فى كتاب الزهد فى الجزء الثانى صفحة ثمانين وأربعمائة والإمام مكحول من أئمة التابعين وهو ثقة فقيه إمام مبارك توفى سنة بضع عشرة ومائة روى له الإمام البخارى فى جزء القراءة خلف الإمام ومسلم فى صحيحه وأهل السنن الأربعة
(ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين) من كلام مكحول مرفوعا إلى نبينا المبرور من رواية مكحول مرفوعا إلى نبينا عليه صلوات الله وسلامه
ومن حديث ابن عمر ومن حديث أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين ورُوى من كلام الزهرى موقوفا عليه بإسناد صحيح ثابت من كلام الزهرى لكن هذه الروايات فيها ضعف تتقوى ببعضها كما سيأتينا من كلام أئمتنا بعون الله وتوفيقه
قال الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء للإمام الغزالى إسناد الحديث ضعيف كما بينت إخوتى الكرام لكن سيأتينا هذه الروايات تعتضدد ببعضها
إذاً جملة ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين مروية أيضا من طريق مكحول مرسلة من روايتين متصلتين
وآخر الحديث لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد رُويت هذه الجملة على استقلال هى كما تقدم معنا ضمن حديث إبى هريرة وابن عمر رضى الله عنهم أجمعين
جملة ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين فى مرسل مكحول
لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد رُويت أيضا هذه الجملة عن عدة من الصحابة الكرام مرفوعة إلى نبينا عليه الصلاة والسلام منهم عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وحديثه فى سنن الترمذى فى كتاب العلم باب ما جاء فى فضل الفقه على العبادة وقال الترمذى هذا حديث غريب يشير إلى أنه ضعيف وهو ضعيف كما سيأتينا ورواه الإمام ابن ماجة أيضا فى السنن ورواه الإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله والخطيب فى الفقيه والمتفقه والإمام ابن حبان فى كتابه المجروحين فى الجزء الأول صفحة ثلاثمائة وذكره الإمام الذهبى فى الميزان فى الجزء الثانى صفحة اثنتين وثمانين فى ترجمة من ضُعِّف الحديث بسببه وهو رَوْح ابن جناح كما سيأتينا والحديث رواه بسنده الإمام ابن الجوزى فى كتابه العلل المتناهية فى الأخبار الواهية فى الجزء الأول صفحة ست وعشرين ومائة
ولفظ الحديث من رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما عن نبينا خير الناس عليه صلوات الله وسلامه أنه قال (لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)
الحديث إخوتى الكرام أيضا إسناده ضعيف وقد أشار إلى ذلك الإمام الترمذى وبعده الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء فى الجزء الأول صفحة ثلاث عشرة وقال الإمام ابن الجوزى فى العلل قلت هذا من كلام عبد الله الن عباس يعنى ثابت من كلام الصحابى المبارك ورفعه رَوح ابن جناح قصدا أو غلطا، يعنى هو موقوف على عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين رفعه الرواوى وهو روح ابن جناح إما تعمدا أو وهما وغلطا
وروح ابن جناح ضعيف كما حكم عليه بذلك الحافظ فى التقريب وهو من رجال الترمذى وسنن ابن ماجة القزوينى (ت ق) روح ابن جناح
لكن إخوتى الكرام هذا الحديث هنا من رواية ابن عباس وتقدم معنا من رواية أبى هريرة وتقدم معنا من رواية ابن عمر فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد رواية مكحول ما فيها هذا إنما الجملة فقط ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين
قال الإمام السخاوى فى المقاصد الحسنة صفحة واحدة وثلاثين وثلاثمائة يتأكد أحد الحديثين بالآخر مشيرا إلى حديث أبى هريرة وحديث عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين يتأكد أحدهما بالآخر
والحديث إخوتى الكرام معناه صحيح ثابت فإذا يعنى لم يرتقِ بكثرة طرقه إلى درجة القبول فمعناه حق وهو ثابت عن عبد الله ابن عباس رضى الله عنه كما تقدم معنا من كلامه ولذلك قال الإمام ابن القيم فى مفتاح السعادة فى الجزء الأول صفحة ثمان وستين وصفحة ثمانى عشرة ومائة الظاهر أن هذا من كلام الصحابة أو من دونهم يعنى هو كلام حق مأثور إما قاله صحابى مبرور أو تابعى عليهم جميعا رضوان العزيز الغفور لكن رفعه إلى نبينا عليه الصلاة والسلام ما ثبت هذا بسند صحيح من كلام الصحابة أو من دونهم
والإمام ابن الجوزى جزم بأنه من كلام سيدنا عبد الله ابن عباس ورفعه إما عمدا أو وهما وغلطا روح ابن جناح والعلم عند الله جل وعلا
ويُفهم كما قلت لكم من كلام السخاوى أنه يميل إلى تقوية طرق الحديث فقال يتقوى أحدهما بالآخر ثم ذكر له بعد ذلك شواهد فى قَرابة صفحة كاملة من المقاصد الحسنة من المكان الذى أشرت إليه
وهذ الكلام إخوتى الكرام حق وتتابع على قوله ونقله سلفنا روضوان الله عليهم أجمعين
فسيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه يقول كما فى الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة ست وعشرين (فقيه واحد أفضل من ألف ورع وألف مجتهد وألف متعبد)
والأثر إخوتى الكرام رُوى عن سيدنا عمر رضى الله عنه أيضا مرفوعا إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لكن فيه من لا يُحتج به ورواه الخطيب فى الفقيه والمتفقه وقال الإمام ابن القيم فى مفتاح السعادة فى الجزء الأول صفحة تسع وستين فى سنده من لا يحتج به لكن كله كما قلت مع الروايات المتقدمة تقرر أن الفقيه الواحد أشد على الشيطان من ألف عابد
فعندنا رواية أبى هريرة رواية ابن عمر رواية عبد الله ابن عباس هنا رواية عمر فيها هذا المعنى أوليس كذلك؟
ورُوى الحديث أيضا من طريق سيدنا أنس رضى الله عنه وأرضاه رواه الخطيب كما فى مفتاح السعادة فى الجزء الأول صفحة ثمانى عشرة ومائة يرفعه سيدنا أنس إلى نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال (فقيه واحد أفضل عند الله من ألف عابد)
هذه الآثار إخوتى الكرام كلها كما قلت يعتضد بعضها ببعض فتفيد ثبوت هذا المعنى وأن الفقه له شأن عظيم فى الدين فهو عماد الدين وأن الفقيه له شأن عظيم عند رب العالمين فهو خليفة النبى الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وهو الذى يخرج شبهات وسواوس الشيطان الرجيم عن عباد الله الموحدين، هو الى يقوم على حفظ الدين فإذاً الفقيه الواحد أفضل من ألف عابد وأشد على الشيطان من ألف عابد
إخوتى الكرام بل أُثر عن سلفنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ما يزيد على هذا نُقل عن العبدين الصالحين عن الإمام الباقر محمد ابن على ابن الحسين أوليس كذلك محمد ابن على ابن الحسين ابن سيدنا على رضى الله عنهم أجمعين الإمام الباقر محمد ابن زين العابدين وعن ولده جعفر الصادق ،جعفر ابن محمد ابن على ابن الحسين ابن على رضى الله عنهم أجمعين
أُثر عن هذين العبدين الصالحين كما فى جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة سبع وعشرين أنهما قالا:
(عالم ينتفع بعلمه أفضل عند الله من سبعين ألف عابد هناك هنا سبعون ألفا)
حقيقة عالم ينتفع بعلمه وتقدم معنا مثله كمثل الأرض الطيبة التى قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وحقيقة انتفع الناس وانتعت مواشيهم ودوابهم بواسطة الأرض الطيبة
وهكذا العالم حقيقة يعنى هو إذا كان يعنى بين الناس فهم فى نور وهدى وإذا ذهب فهم فى ضلالة وردى فهو أعظم عند الله من سبعين ألف عابد هذا ينقل كما قلت عن هذين العبدين الصالحين عن الإمام الباقر ووله جعفر الصادق رضى الله عنهم أجمعين
ولذلك إخوتى الكرام كان سلفنا الكرام يوصون ويتواصون بتحصيل العلم والتفقه فى دين الله عز وجل
روى الإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة خمس وأربعين عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وقال إسناده صالح
والأثر رواه البيهقى فى المدخل إلى السنن صفحة سبع وثلاثمائة عن عبد الله ابن مسعود أيضا ورواه الخطيب فى الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة ثمانى عشرة عن عبد الله اب عمر فالأثر عن صحابيين اثنين موقوفا عليهما عن ابن مسعود وعن ابن عمر
خلاصة الأثرين أن رجلا جاء إلى كل من هذين العبدين الصالحين إلى ابن عمر وإلى ابن مسعود كل واحد قال لواحد من هذين علمنى دلنى على شىء أتقرب إلى الله أخبرنى عن عمل أتقرب به إلى الله أى الأعمال أحب إلى الله لأقوم بها فكل واحد من ابن مسعود وابن عمر رضى الله عنهم أجمعين قال للسائل (تفقه فى الدين) اذهب وتفقه فى الدين تريد عملا يقربك إلى رب العالمين وتنال عليه أجرا عظيما عند مالك يوم الدين اذهب تفقه فى الدين وتعلم واحضر حلق الذكر ومجالس العلم فأعاد السائل سؤاله وقال ما أُراه عرف ما أريد أنا أسأله عن أفضل الأعمال دلنى على أفضل الأعمال وهو يقول تعلم العمل غير العلم نريد عملا نتقرب به إلى الله فأعاد السؤال قال دلنى على أحب الأعمال على أفضلها على عمل أتقرب به إلى الله عمل فقال ابن مسعود فى أثره ويح الآخر ولا يريد أن يجابهه ويحك ويح الآخر يعنى الذى لا يفهم ويح الآخر
(إنك إذا تفقهت فى الدين قبل منك العمل قليله وكثيره وإذا لم تتفقه فى الدين لم يقبل منتك العمل لا قليله ولا كثيره)
أنت تعبد الله على جهل فلا يقبل العمل عند الله عز وجل ويحك هذا أحب الأعمال إلى الله
وفى رواية ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين قال للسائل
(إن أناس لزموا بيوتهم فصاموا وصلوا حتى يبست جلودهم على عظامهم وما زادهم ذلك من الله إلا بعدا)
لأنهم على غير بصيرة وغير علم وغير هدى ونور وقد يعنى يصلى على غير يعنى الصفات والشروط المطلوبة فلا تقيبل الصلاة كم من إنسان يفعل هذا
أخبرنى مرة بعض الناس إخوتى الكرام مثل هذا ما أكثره وهو أيضا طالب علم لكن العلم التجارى الذى ابتلينا به فى هذه الأيام وهو يعنى يخبر عن نفسه عندما يسألنى هذا فى السنة الرابعة من كلية الشريعة يستفتينى يعلم رب العالمين فاستمعوا لهذه الفتيا التى تفرى يعنى كبد المؤمنين
يقول: هو يباشر أهله فى رمضان على الدوام دائما يباشرها يقول فى يوم من الأيام باشرها وما ملك نفسه فخرج منه الماء
قلت: ماذا تقصد بالمباشرة
قال: أجامع دائما يقول لى فى نهار رمضان دائما أجامع زوجتى ما مر علىَّ يقول يوم فى رمضان إلا أجامعها لكن هذا اليوم ضاقت علىَّ الأرض بما رحبت
لمَ؟ جامعتها ما ملكت نفسى خرج الماء ،خرج الماء أفطرت
قلت: والجماع لا يفطر
قال: لا يفطر إلا إذا أمنى الإنسان إذا خرج المنى أفطر أما مجرد الإيلاج هذا لا يفطر الصائم
قلت: أين درست ونحن فى كلية الشريعة ويسألنى هو فى كلية الشريعة أين درست أما مر معك هذا فى مقرر السنة الأولى
قال: أنا فى غالب ظنى وعلمى أن الجماع يفطر بشرط الإنزال فأنا يعنى أولج ولا أنزل ثم فى هذا اليوم ما ملكت نفسى فخرج الماء بغير اختيارى
قلت: والأيام الماضية ما تسأل عنها فلما علم حقيقة يعنى كما يقال عليه الأرض بما رحبت
وقال: هذا حالى
قلت: هذا حالك هذا ضلالك وهذه هى عبادة الجهل التى يتعبد بها الناس ربهم فى هذه الأيام
وكم من إنسان يفعل هذا ولا يدرى كم كم يعنى كم هذا الذى سيوجه نفسه بنفسه وسيعبد ربه على عقله
فانتبه صيامه من أوله إلى آخره باطل وعليه الإثم عليه الكفارة وهو يرى أنه صائم ولما يجلس عند الإفطار اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت!! وأى صيام صمت وأنت فى هذه الحالة
هذا ومثله كثير إخوتى الكرام يعنى هذه حادثة من واحد والذى يدخل بعد ذلك مع الناس ويسمع الحوادث يسمع ما يشيب منه الولدان فى الجهل الذى يفعله الناس وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
ويح الآخر ويح الأبعد إنك إذا تفقهت فى الدين قبل منك العمل قليله وكثيره وإذا لم تتفقه لم يقبل منك العمل قليله ولا كثيره وعملك لن يزيدك من الله إلا بعدا ولذلك تسألنى عن أفضل الأعمال تفقه فى دين الله عز وجل تفقه
وهذا إخوتى الكرام لا بد منه وتقدم معنا قصة العابد الأحمق لو كان حمار لرعيته لك وعابد آخر هل يقدر الله أن يجعل الدنيا فى جوف فى داخل بيضة قال لا يقدر فهذا كفر وذاك لا يعرف ما يتصف به الله عز وجل سبحانه وتعالى وكل واحد منهم بعد ذلك يرى أنه أيضا على شىء
فلا بد إخوتى الكرام من التفقه فى دين الله عز وجل والله أرسل رسله وخيرهم نبينا عليه الصلاة والسلام وأنزل كتبه وأفضل الكتب الكتاب الذى أنزل علينا وهو القرآن طيب لمَ؟ لنتبع النبى عليه الصلاة والسلام ونهتدى بهديه ولنتعلم هذا القرآن
أمَّا أننا لا نفقه فى دين الله عز وجل وما عندنا بعد ذلك إلا عبادة على حسب ما نختار نحن لا على حسب ما يريد الله لا ثم لا
ولذلك كما قلت إخوتى الكرام مرارا كلمة التوحيد التى تخبر عن استسلامنا لربنا وعن عبوديتنا له لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام إياك أريد بما تريد فإذا لم تتفقه فى دين الله المجيد كيف ستعبد الله عز وجل، لا بد إخوتى الكرام من وعى هذا
إذاً كانوا يوصون بهذا ويتواصون به
وهذا الأثر إخوتى الكرام الذى رُوى عن هذه الصحابيين المباركين ابن مسعود وابن عمر رضى الله عنهم أجمعين أن أفضل الأعمال وأحبها إلى ذى العزة والجلال التفقه فى دين الله عز وجل
رُوى هذا مرفوعا إلى نبينا عليه الصلاة والسلام بسندن ضعيفين عن صحابيين اثنين عن سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه كما فى جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة خمس وأربعين وفى كتاب الفقيه والمتفقه عن سيدنا على فى الجزء الأول صفحة اثنتين وعشرين عن سيدنا أنس فى جامع بيان العلم وفضله وعن سيدنا على فى كتاب الفقيه والمتفقه، عن سيدنا على وأنس رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين أيضا أن رجلا جاء إلى نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام وقال أخبرنى بأحب الأعمال إلى الله بأفضل الأعمال إلى الله لأتقرب بهذا العمل إليه قال له تفقه فى الدين تعلم كما ورد فى الأثرين المتقدمين
إخوتى الكرام كما قلت الأثران ضعيفان والمعنى صحيح فيهما والأثران الموقوفان المتقدمان يغنيان عنهما أى عن هذين الأثرين المرفوعين فإن يعنى لم يقويا بالأثرين الموقوفين فالأثران الموقوفان فيهما دلالة كما قلت على هذا على أن أحاديث الفضائل كما قرر أئمتنا يُتسامح فيها وما كان أئمتنا يتشددون فى ذلك كما تقدم معنا مرارا وانظروا كلام حافظ الدنيا فى زمانه الإمام ابن عبد البر فى ذلك فى جامع بيان العلم وفضله فى عدة أماكن فى صفحة اثنتين وعشرين وواحدة وثلاثين وخمس وأربعين يقول:
أهل العلم بجملتهم يتسامحون فى أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب وإنما يشددون فى أحاديث الأحكام والحلال والحرام
وتقدم معنا مرارا أن الحديث الضعيف يجوز أن يُذكر فى أمر الترغيب والترهيب دون بيان حتى ضعفه فكيف إذا بُيِّن ضعفه فمن باب أولى قال شيخ الإسلام الإمام العراقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى ألفيته الشهيرة
وسهلوا فى غير موضوع رووا من غير تبيين لضعف ورأوا
بيانه فى الحكم والعقائد عن ابن مهدى وغير واحد
إذاًُ إخوتى الكرام لا بد من التفقه فى دين الرحمن وإذا ما تفقه الإنسان يعرض نفسه للمخاطر والآثام فى العاجل والآجل
استمعوا لهذه القصة التى أخبرنا عنها نبينا عليه الصلاة والسلام وانظروا لأثر الجهل فى دين الرحمن، عابد متعبد صالح قانت عندما أخطأ فى أمر من الأمور كيف تعرض للبلايا والشرور
والحديث فى المسند والصحيحين وهو فى صحيح ابن حبان أيضا من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه وانظروا الحديث إخوتى الكرام فى جامع الأصول فى الجزء العاشر صفحة عشر وثلاثمائة والحديث إخوتى الكرام فيه بيان الذين تكلموا فى المهد وسأذكر الحديث إن شاء الله ثم من باب جمع من تكلموا فى المهد سأتكلم عليهم فى هذه الموعظة بعون الله وتوفيقه لأننى فى بعض المواعظ ذكرت هذا بعضهم وكأن بعضهم استنكر بعض من حضر، اليوم ما أراه بيننا الأخ الذى قال، قال الذى أعرف أنهم ثلاثة وأنت تضيف إليهم قلت ورد ما هو أكثر من ثلاثة يعنى ورد ستة أو سبعة هذا فى أخبار ثابتة لكن أوصلها بعض أئمتنا إلى العشرة كما ستسمعون عشرة تكلموا فى المهد فسأذكر الثلاثة الذين هم فى هذا الحديث كما فى المسند والصحيحين وصحيح ابن حبان ثم أذكر الأصناف السبعة الآخرين الذين تكلموا فى المهد وواحد من هؤلاء الثلاثة سيأتينا يعنى جرى له قصة ليس هو تكلم فى المهد جرى له قصة نتج عنها فى نهاية الأمر يعنى لصلاحه ولتدارك الله له بالرحمة أن أنطق من فى المهد ليبرأه لكن ما وقع فيما وقع فيه إلا بسبب جهله وعدم فقهه مع عظيم جده واجتهاده فى طاعة ربه فاستمعوا للحديث إخوتى الكرام
الحديث كما قلت من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال لم يتكلم فى المهد إلا ثلاثة وهذا إخوتى الكرام يحمل على أنه يعنى هؤلاء تكلموا فى المهد كلاما لهم ميزة على الأصناف الآخرين يعنى كلامهم يعنى حقيقة له شأن على كلام أولئك أو أن هؤلاء من جملة من تكلموا فى المهد فأخبرنا النبى عليه الصلاة والسلام عن عدد ثم أضاف إليه ما أوحى إليه به ربنا الصمد سبحانه وتعالى فهؤلاء وأولئك كلهم تكلموا فى المهد
عيسى ابن مريم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه عندما أتت به الصديقة المباركة مريم عليها وعلى سائر الصديقين والصديقات رحمة ورضوان رب الأرض والسموات {فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا *يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا *فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا *قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا *وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا *وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا *والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا* ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} [مريم/27-34]
على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه هذا النوع الأول أو الفرد الأول نبى الله المبارك عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه
وصاحب جريج فاستمعوا إليه جريج عابد لكن ليس بفقيه فعرض نفسه إلى محنة فى هذه الحياة ولطف الله به فما يعنى زادت أمه فى الدعاء عليه ولو زادت لهلك بسبب تقصيره فى بره بأمه فدعت عليه فاستجاب الله دعاء الوالدة فعرضه لمحنة شديدة فظيعة ثم بعد ذلك لطف به لأن أمه ما زادت فى الدعاء عليه فحصل ما طلبته الأم ثم بُرىء بعد ذلك نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
قال (وكان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة فكان فيها فأتته أمه وهو يصلى فقالت يا جريج فقال يا رب أمى وصلاتى فأقبل على صلاته) وهذا الكلام إما أنه قاله فى نفسه معتذرا إلى ربه أو نطق به وكان الكلام عندهم لا بيطل الصلاة، يعنى تحدث يا رب أمى وصلاتى ماذا أعمل أنا فى حيرة وهو جاهل لا يعلم الحكم
فبالحكم يا عبد الله اقطع الصلاة والصلاة نافلة وإجابة الأم واجب وسيأتينا يعنى لو كان عالما فقيها لعلم أن إجابته لأمه أن بِرَّه بأمه أفضل من طاعته لربه أى فيما لم يتعين عليه واضح هذا
هذه من باب النوافل اقطع الصلاة وقل لبيك
وتقدم معنا ذكر يعنى ما يتعلق بهذه المسألة فى فضائل سورة الفاتحة تقدم معنا عندما خاطب نبينا عليه الصلاة والسلام أبا سعيد ابن المعلى وأبى ابن كعب تقدم معنا وكل منهما كان يصلى وما أجاب النبى عليه الصلاة والسلام فقال له ألم يقل الله (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)
تقدم معنا الأثران إخوتى الكرام فى فضل سورة الفاتحة ضمن مواعظ التفسير وقلت يجب على الإنسان إذا دعاه النبى عليه الصلاة والسلام وهو يصلى نافلة أن يقطع الصلاة كما هو الحال فى الأبوين، نعم إذا لاح عنده بقرينة يعنى أن الطلب ليس بعاجل وأمكنه أن يتجوز فى الصلاة وأن يتخفف وأن يأتى بالأركان والواجبات فقط ثم يجيب فيجمع بين الحسنيين لكن إذا دعت ودعت ودعت ما سيأتينا هنا ثلاثة وهو مستغرق كما يقال فى صلاته ولا يبالى بهذا النداء الذى يوجه إليه من أمه من أبيه حقيقة عرض نفسه الآن يعنى لعقوبة تنزل عليه إذا طلب صاحب الحق ذلك وهو الأب أو الأم
إذاً يا جريج قال يا رب أمى وصلاتى فأقبل على صلاته فانصرفت فما كان من الغد أتته وهو يصلى فقالت يا جريج فقال يا رب أمى وصلاتى فأقبل على صلاته فانصرفت فلما كان من الغد أتته وهو يصلى فقالت يا جريج قال يا رب أمى وصلاتى فأقبل على صلاته الرجل مستغرق فى العبادة يعنى متفرغ وهو اتخذ صومعة يتعبد فيها وكما تقدم معنا فى أثر ابن عمر رضى الله عنه وأرضاه يبس جلده والتصق جلده بعظمه وهذا كذلك
فقالت اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات وفى البخارى إلى وجوه المياميس يعنى الزانيات نسأل الله العافية تقول هذا العابد هذا ولدى الذى عقنى وما أجابنى لا يموت حتى يرى وجوه الزانيات وهو فى صومعته كيف سيرى وجوه المومسات؟ هو ما يرى وجوه المخلوقات فهذه سألت أن يرى وجوه الزانيات ونعمة ما دعت عليه يعنى بما هو أشد من ذلك
قال فتذاكر بنى اسرائيل جريجا وعبادته وكان امرأة بغى يُتمثل بحسنها يعنى تفتن الناس وكل واحد يتمنى أن يتصل بها نسأل الله أن يحفظنا من سخطه
فقالت إن شئتم لأفتننه أنا باستطاعتى أن أفتنه وأن أفتن غيره كل واحد يتمنانى وأنا أتمنع فمن جريج إذا ذهبت إليه
قال فتعرضت له فلم يلتف إليها الرجل يعنى حقيقة مجد فى العبادة ومجتهد فأتت راعيا كان يأوى إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت هو من جريج هذا فعل جريج فأتوه فاسنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه
فقال ما شأنكم قال زنيت بهذه البغى فولدت منك فقال أين الصبى فجاؤوا به فقال دعونى أصلى فصلى فلما انصرف أتى الصبى فطعن فى بطنه
فقال يا غلام وفى رواية البخارى يا با بوس يعنى البوبو الولد الصغير يا غلام من أبوك قال فلان الراعى قال فأقبلوا على جريج يقبلونه استمع ويتمسحون به أى تبركا لما ثبت عندهم صلاحه وولايته واستقامته وأنه ليس يعنى بصاحب فجور
والحديث هذا لفظ صحيح مسلم فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به وقالوا نبنى صومعتك من ذهب قال لا وفى رواية قالوا لبنة من ذهب ولبنة من فضة قال لا أعيدوها من لبن من طين كما كانت ففعلوا
هذا الثانى الذى تكلم فى المهد صاحب جريج والأول نبى الله عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه
والثالث قال وبينا صبى يرضع من أمه هذا الذى تكلم فى المهد أيضا فمر رجل راكب على دابة فارهة سمينة جميلة عظيمة من الدواب التى لها قيمة وشأن على دابة فارهة وشارة حسنة يعنى عنده علامة حسنة فى ثيابه أبها وفخامة ولعله يعنى له رتبة من المسؤلين أحيانا فى الجيش فى الشرطة فى الكذا يعنى ترى عليه هذه الأوسمة وهذه العلامات وهذه النجوم ودابته يعنى لها شأن فيملأ العين
لذلك يقول الله جل وعلا عن مثل هذا الصنف قال الملأ قال لأنهم يملأون العين وأما بعد ذلك قد ترى إنسانا يعنى أشعث أغبر لا يؤبه به يُدفع عند الأبواب ويضرب لو أقسم على الله لأبر قسمه وأما ذاك من الملأ يملأ العين وهنا مر رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة فقالت أمه اللهم اجعل ابنى مثل هذا كما هو الحال فيمن يريدون الحياة الدنيا عندما رأوا الهالك قارون (قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم)
يا عباد الله الدنيا من أولها لآخرها لا تسوى قشرة بصلة وأنتم تتنافسون بعد ذلك عليها وتحرصون تتمنونها
إذاً اللهم اجعل ابنى مثل هذا يركب على الدواب السمينة الجميلة الغالية وله هذه العلامات والأوسمة عندما يمشى يجلب النظر
فترك الثدى وأقبل إليه إلى هذا الراكب على هذه الدابة فنظر إليه وهو فى المهد يرضع فقال اللهم لا تجعلنى مثله الأم استغربت ولكن ما يعنى ظنت أن هذا الولد يمكن أن يحاور ويتكلم فقط سكتت الآن بعد ذلك ستجاوبه الكلام قالت فى المهد لكن بما أنه يتكلم أدخل معه فى حوار ونرى النتيجة لماذا يقول هذا ثم أقبل على ثديه فجعل يرتضع
قال فكأنى يقول سيدنا أبو هريرة رضى الله عنه انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكى ارتضاعه بإصبعه السبابة فى فيه كيف يرضع هذا الغلام الذى فى المهد فجعل يمصها قال ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت وهى تقول حسبى الله ونعم الوكيل فقالت أمه اللهم لا تجعل ابنى مثلها فترك الرضاع ونظر إليها إلى هذه الجارية المسكينة التى تُضرب ويقولون لها زانية سارقة فقال اللهم اجعلنى مثلها فهناك تراجعا الحديث
من؟ الأم وغلامها الذى فى المهد فقالت حلقا أى أصابك الله بداء فى حلقك لا تستطيع أن تتكلم ولا يعنى تأكل حلقا مر رجل حسن الهيئة فقلتُ اللهم اجعل ابن مثله
فقلتُ اللهم لا تجعلنى مثله ومروا بهذه وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت
فقلتُ اللهم لا تجعل ابنى مثلها
فقلتَ اللهم اجعلنى مثلها
فقال إن ذلك الرجل كان جبارا فقلت اللهم لا تجعلنى مثله
وإن هذه يقولون لها زنيت ولم تزن سرقت ولم تسرق فقلت اللهم اجعلنى مثلها
هؤلاء إخوتى الكرام ثلاثة أصناف تكلموا فى المهد واحد منهم صاحب العبد الصالح جريج الذى أوقعه فيما أوقعه فيه جهله وعدم فقهه كما سيأتينا
أصناف آخرون زيادة على هؤلاء الثلاثة
ثبت فى مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم والحديث صححه الحاكم وأقره عليه الذهبى ورواه الإمام البزار فى مسنده والطبرانى فى معجميه الكبير والأوسط ورواه النسائى فى السنن الكبرى والإمام ابن مردويه فى تفسيره وإسناد الحديث صحيح كالشمس
ولفظ الحديث من رواية سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما عن نبينا عليه الصلاة والسلام قال لما كانت ليلة أُسرى بى عليه صلوات الله وسلامه أتيت على رائحة طيبة فقلت ما هذا يا جبريل هنا رائحة طيبة فى مكان فى وادى من الوديان والنبى عليه الصلاة والسلام أسرى به إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السماوات العلى ما هذه الرائحة الطيبة يا جبريل قال هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون قال وما خبرها
ما شأنها هذه الرائحة الطيبة من هذه الماشطة ما شأنها فذكر له شأنها وأخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام بقصتها ماشطة ابنة فرعون كانت تمشطها تسرحها فوقع المشط وقع المجرى من يدها فقالت بسم الله فقالت ابنة فرعون أبى يعنى الله أبى بسم فرعون تقولين
قالت لا الله ربى وربك ورب أبيك هذا رب العالمين الله
قالت أخبر والدى بذلك وهو اللعين فرعون أخبره أن لك ربا غيره وهو كان يقول أنا ربكم الأعلى الحقير المهين
قالت لها أخبريه فأخبرته فدعاها قال ألك رب غيرى قالت نعم ربى وربك الله ورب كل شىء فتهددها إذا لم ترجع عن ذلك ليقتلنها
قالت افعل ما بدا لك فجمعها هى وأسرتها وأولادها وأتى بنُقرة والنقرة يعنى حلة وقدر كبير من نحاس
وفى بعض الروايات بدل يعنى النقرة ببقرة أيضا بقرة من نحاس على شكل البقرة نقرة ببقرة بالنون أو بالباء من نحاس على شكل البقرة أو حلة واسعة وأحماها ثم أتى بأولادها يلقيهم واحدا تلو الآخر فيها وإذا وُضع الإنسان فى هذا القدر المحمى يعنى ما يمكث لحظة إلا ويموت ويحترق ثم ما بقيت إلا هى وصبى لها ترضعه فى المهد فلما اقتربت من هذه النقرة من هذه البقرة من النحاس لتلقى هى وابنها فيها كأنها تقاصعت وتباطأت من أجل الشفقة على ولدها لا يعنى من أجل نفسها هى لا تبالى بنفسها فى ذات الله
فقال لها هذا الغلام الذى يرتضع وهو فى المهد يا أماه إنك على الحق فاصبرى
هذا كما جرى كما سيأتينا أيضا فى أصحاب الأخدود إنك على الحق فاصبرى ولا تبالى وعذاب الدنيا يسير وطرحته فى هذا القدر ثم ألقيت هى أيضا فيه فاحترقت الأسرة بكاملها
طلبت من فرعون قبل أن يلقوا فى القدر قالت إن أبيت إلا إحراقنا فأطلب منك شيئا واحدا بعد إحراقنا تجمع عظامنا وأن تدفننا فى هذا المكان فى مكان واحد أسرة نجتمع يعنى حرقتنا فى الحياة نجتمع بعد الممات عظام تجتمع
فقال لكِ ذلك علينا لما لكِ من الحق يعنى أنت تعملين عندنا هذا الطلب أنفذه لكِ لا بد من إحراق الأسرة بكاملها بعد الإحراق أجمع عظامكم جميعها ثم أدفنكِ فى هذا المكان فهذه الرائحة الطيبة تنبعث من ذلك المكان شمها نبينا عليه الصلاة والسلام فى حادث الإسراء والمعراج
والحديث إسناده صحيح كالشمس قال عبد الله ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فى رواية المستدرك وفى بقية الروايات قال ابن عباس وأثره له حكم الرفع لكن فى المستدرك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى مُصرح برفع آخر الحديث إلى نبينا عليه الصلاة والسلام
تكلم فى المهد أربعة صغار هناك ثلاثة هنا أربعة هنا يوجد معنا من الأربعة اثنان من الثلاثة واثنان من غير الثلاثة ضم اثنين إلى الثلاثة يصبح معنا خمسة استمعوا للأربعة
أولهم عيسى ابن مريم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه
وثانيهم شاهد يوسف هذا ما تقدم معنا عندما شهد شاهد من أهلها (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) أوليس كذلك لأن قميصه إذا تمزق من الأمام دل على أنه يهجم عليها ويريدها وهى تدفعه وإذا تمزق قميصه من الخلف كيف هو يراودها ويهجم عليها وقميصه يمزق من الوراء دل على أنه هارب شارد وهى التى تطارده وواقع الأمر كذلك (فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم)
هذا من الذى قاله هذا الحكم من (وشهد شاهد من أهلها) غلام كان فى المهد يرضع من اجل إظهار براءة نبى الله يوسف على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه شاهد يوسف هذا الثانى
والثالث وصاحب جريج تقدم معنا
والرابع وابن ماشطة بنت فرعون
وعليه إخوتى الكرام الذى تقدم معنا ولدها الصغير ابن ذكر يعنى الذى بقى معها يرتضع ثم قال لها يا أماه إنك على الحق فاصبرى ابن وليس ببنت، ابن ماشطة ابنة فرعون هذا أيضا تكلم فى المهد عندما قال لأمه إنك على الحق
إذاً هناك ثلاثة نبى الله عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه وصاحب جريج والغلام الصغير الذى مُر به على يعنى مر به إنسان يركب على دابة فارهة كما تقدم معنا أوليس كذلك هؤلاء ثلاثة زيدوا اثنين هنا شاهد يوسف على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه وابن ماشطة بنت فرعون صار خمسة أوليس كذلك
قال الحافظ فى الفتح إخوتى الكرام قبل أن أذكر كلامه هذا الحديث الذى من رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما رواه الحاكم فى المستدرك أيضا فى الجزء الثانى صفحة خمس وتسعين وخمسمائة بسند صحيح على شرط الشيخين من رواية سيدنا أبى هريرة يعنى الرواية الثانية الذى تكلم فيه أربعة فى المهد من رواية عبد الله ابن عباس ومن رواية أبى هريرة انظروا المستدرك كما قلت فى الجزء الثانى صفحة خمس وتسعين وخمسمائة بسند صحيح على شرط الشيخين أقره عليه الذهبى أما رواية ابن عباس فهى فى المستدرك أيضا كما تقدم معنا فى الجزء الثانى صفحة سبع وتسعين وأربعمائة يعنى بين المكانين قرابة مائة صفحة هناك أربعمائة وسبع تسعين وهنا خمسمائة وخمس وتسعين من نفس الجزء
هؤلاء الأربعة كما قلت ورد ذكرهم فى حديث عبد الله ابن عباس وحديث أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين
قال الحافظ فى الفتح إخوتى الكرام اجتمع من هذين الحديثين أن الذى تكلم فى المهد خمسة صغار أوليس كذلك خمسة أولاد
وهكذا قال الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية فى الجزء السادس صفحة ست وثلاثين ومائة فأورد الثلاثة فى حديث أبى هريرة الذى تقدم معنا وقال وورد أيضا شاهد نبى الله يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام وابن ماشطة بنت فرعون كما تقدم فى الآثار سابقا هؤلاء خمسة
وأما السادس ورد أيضا فيه حديث صحيح فى المسند وصحيح مسلم وسنن الترمذى فى حديث سيدنا صهيب الرومى رضى الله عنه وأرضاه فى قصة أيضا الملك الذى كان عنده ساحر ولما كبِر الساحر وقال أريد شابا فتيا يتعلم السحر فيعنى أخشى أن أموت وهذه المهنة تضيع ثم اختاروا بعد ذلك أنشط وأجلد وأحسن فتى من الرعية وأخذوه ليتعلم السحر فكان إذا جاء عند الساحر لتيعلم بينه وبين الساحر راهب فإذا مر بالراهب دخل وتعلم منه ثم ذهب إلى الساحر ثم رأى أن دين الراهب أحسن مما عليه الساحر فكان إذا ذهب إلى الساحر ضربه لأنه يتأخر عند الراهب وإذا ذهب إلى أهله أيضا ضربوه لأنه يتأخر عند الراهب فى الذهاب والإياب فعلى كل حال فى نهاية الأمر يعنى ظهر كرامة لهذا الإنسان فى نهاية الأمر مروا يعنى فى طريق وقد حبستهم دابة لا يستطيع أحد أن يتقدم دابة مفترسة فأخذ حجرا وقال اللهم إن كان دين الراهب أحب إليك من دين الساحر فاقتل هذه الدابة فضربها فقتلها وصار له شأن فصار بعد ذلك يعنى أكرمه الله عندما يقرأ يبرىء الأكمه والأبرص بإذن الله جل وعلا ويقرأ على المرضى فيشفون بإذن الله
فقال له الراهب سيكون لك شأن فإذا ابتليت فلا تدل علىَّ ولا تخبر عنى ثم بعد ذلك تطور الأمر فعمى جليس الملك وزير الملك فدُل على هذا الشاب الصالح الناسك فقرأ عليه فشُفى بإذن الله وعاد إليه بصره فلما ذهب إلى الملك
قال من رد عليك بصرك
قال الله
قال أنا
أنت كيف سترد عليه بصره هو أعمى عندك من فترة وترى ما استطعت أن تنفعه
قال ربى وربك الله فعذبه حتى دل على الشاب والشاب عُذب حتى دل على الراهب واجتمع هؤلاء الثلاثة
فقيل للوزير ترجع عن هذا الدين الذى دخلت فيه وإلا تُقتل
قال ربى وربكم الله فأتوا بالمنشار فنشروه فلقتين وقعت شقه الأيمن فى جهة وشقه الأسر فى جهة وما رجع ثم أُتى بهذا الراهب أيضا شق يعنى فلقتين قسم أيمن وقسم أيسر ثم بقى الشاب قال ترجع أيضا عن دينك قال لا أرجع ويرى هذه الحوادث أمامه نسأل الله أن يثبت الإيمان فى قلوبنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
فقال خذوه إلى جبل واصعدوا به فإذا رقيتم الجبل وصرتم فى ذروته اطرحوه حتى يموت شر ميتة ويقتل شر قتلة فلما رقوا الجبل
قال اللهم اكفينهم بما شئت فاضطرب الجبل فاهتز بهم فسقط أولئك ماتوا وسلم هو بإذن الله فعاد إلى الملك
قال ما شأنك
قال كفانيهم الله هذا الذى بيده كل شىء فأرسله مرة ثانية مع أيضا جنده وجيشه ووضعه فى قرقور سفينة قال توسطوا به فى البحر حتى كنتم فى لجته ووسطه اطرحوه حتى يغرق وبالفعل وضعوه فى قرقور وصلوا إلى وسط البحر
قال اللهم اكفينهم بما شئت فاضطرب بهم البحر وارتجفت بهم السفينة فسقطوا ماتوا وعاد هو إلى الملك
قال استمع لا يمكن أن تقتلنى إلا بشىء واحد فقط ما عدا هذا لا سلطان لك على
فقال ما هو قال أن تأخذ سهما من سهامى ثم توجه تضعه فى كبد القوس وتصلبنى على جزع شجرة وتقول باسم الله رب الغلام واضرب هذا السهم ينطلق يقتلنى بإذن الله جل وعلا بهذا يمكن أن تقتلنى وسيضحى بنفسه من أجل هداية الأمة وإنقاذها من الضلال فاجتمع الناس وصلب على شجرة وأخذ الملك سهما من كنانة هذا الغلام وسدده
وقال باسم الله رب الغلام فضربه فأصابه فى صِدغه فوضع ذات يده على هذا المكان ومات بإذن الله جل وعلا فلما مات بسبب باسم الله رب الغلام
كل من حضر قالوا آمنا بالله رب الغلام فقيل للملك وقع ما كنت تحذر وتخاف أنت تخشى فتنة الرعية وإيمانهم كلهم آمنوا بالله فخدَّ الأخاديد واضرم فيها النار وجمعهم وكل من لم يرجع عن دينه ألقاه فى هذه النار التى تضطرم {قتل أصحاب الأخدود *النار ذات الوقود *إذ هم عليها قعود *وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود} [البروج/4-7]
من جملة من ألقى فى هذه النار امراة جاءت ومعها صبى لها يرتضع أيضا من ثديها فتقاعصت من أجله كما حصل فى ماشطة ابنة فرعون وقال يا أماه إنك على الحق فاصبرى فطرحته فى النار وألقت نفسها فى النار فتكلم فى المهد هذا أيضا ثابت
وحديثه ثابت كما قلت فى صحيح مسلم وغيره
السابع ،عندنا الآن السابع والثامن والتاسع والعاشر يعنى الأخبار دون ما تقدم لكن ذكرها الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا انظروا إخوتى الكرام الفتح الجزء السادس صفحة ثمانين وأربعمائة
السابع قيل إنه نبى الله يحيى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه يحيى ابن النبى المبارك زكريا على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه ذكر هذا الضحاك كما رواه عنه الثعلبى فى تفسيره كما فى فتح البارى الضحاك يحيى يقول من جملة من تكلم فى المهد عند ولادته نبى الله يحيى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه الأمر لا يعنى بُعد فيه والله على كل شىء قدير كما ثبت هذا لمن مثله ودونه لا مانع أن يثبت له لكن يحتاج إلى نص صحيح فينقل ويقال رُوى عن الضحاك وانتهى منقول عن أخبار أهل الكتاب يحتاج إلى إسناد وإثبات هذا سابع
الثامن رواه البغوى فى تفسيره أن الذى تكلم فى المهد أيضا خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
التاسع خير خلق الله أجمعين نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام روى ذلك الواقدى فى المغازى أن نبينا عليه الصلاة والسلام تكلم عند ولادته فى المهد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
العاشر مبارك اليمامة بذلك نعته الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين أما اسمه لا يُعلم إنما لما شهد لنبينا عليه الصلاة والسلام بالرسالة فى حجة الوداع وهو من أهل اليمامة قيل له مبارك اليمامة حديثه إخوتى الكرام راوه البيهقى فى دلائل النبوة فى الجزء السادس صفحة ستين ورواه الخطيب والإمام ابن قانع كما فى الإصابة فى الجزء الثالث صفحة خمس وأربعين وأربعمائة وعزاه إلى الدلائل فقط فى الفتح فى المكان المتقدم وقلت لكم إنه فى الدلائل فى الجزء الثالث صفحة ستين ودلائل النبوة مطبوعة فى سبع مجلدات فى الجزء الثالث
والأثر إخوتى الكرام من رواية معَرِّض بالضاد ابن مُعَيْقيب اليمانى قال دخلت على النبى عليه الصلاة والسلام فى حجة الوداع وهو فى مكة المكرمة صانها الله وشرفها فرأيت وجهه يبرق سرورا أضوأ من القمر عليه صلوات الله وسلامه ودخل رجل من أهل اليمامة عنده ولد صغير فى المهد لفه بخرقة أتى به إلى نبينا عليه الصلاة والسلام وُلد فى ذلك الوقت فى تلك الحجة أتى به إلى نبينا عليه الصلاة والسلام ليُبرِّك عليه وليدعو له فنظر إليه النبى عليه الصلاة والسلام
وقال له يا غلام من أنا قال أنت محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام فسمى بمبارك اليمامة
الحديث إخوتى الكرام يعنى فى إسناده ضعف والضعف شديد قال الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية معلقا على هذا الأثر هذا حديث غريب جدا انظروا البداية فى الجزء السادس صفحة ثمان وخمسين ومائة هذا حديث غريب جدا
استمع وليس هذا مما يُنكر عقلا ولا شرعا ليس بمستحيل فى العقل ولا بمحذور فى الشرع ،الشرع ورد بنظيره والعقل يسمح بوقوعه وليس مما ينكر عقلا ولا شرعا
فقد ثبت فى الصحيح قصة صاحب جريج وثبت أيضا لغيره ليس هذا ببعيد وما ذلك على الله بعزيز لكن الحديث كما قلت فى إسناده ضعف مروى فى دلائل النبوة للإمام البيهقى وفى غير ذلك من الكتب كما ذكرت إسناده ضعيف وقال عنه الإمام ابن كثير غريب جدا وليس هذا مما ينكر عقلا ولا شرعا
وعليه صار معنا عشرة أفراد كلهم تكلموا فى المهد جمعهم الحافظ ابن حجر أيضا فى الفتح كما قلت فى الجزء السادس صفحة ثمانين وأربعمائة إن شئتم إخوتى الكرام يعنى أن تنظروا كلامه فى ذلك فى قرابة صفحتين حول هذه المسألة
الشاهد إخوتى الكرام معنا من الحديث الذى ذكرته العبد الصالح جريج عابد مجتهد لكن ما عنده فقه
روى الحسن ابن سفيان فى مسنده كما فى الفتح فى الجزء الثانى صفحة ثمان وسبعين عن يزيد ابن حوشب عن أبيه وأبوه صحابى حوشب لكن يزيد مجهول كما قال الحافظ فى الفتح عن يزيد ابن حوشب عن أبيه عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه قال
(لو كان جريج عالما لعلم أن إجابته لأمه أولى من عبادته لربه عز وجل
والأثر كما قلت رواه الحسن ابن سفيان فى مسنده من طريق يزيد ابن حوشب ورواه الحكيم الترمذى فى نوابغ الأصول أيضا
وحديث جريج بوَّب عليه الإمام البخارى فى صحيحه فى كتاب الصلاة كما رواه فى كتاب أحاديث الأنبياء فى الجزء السادس من شرح الحافظ ابن حجر ورواه فى كتاب الصلاة فى الجزء الثانى صفحة ثمان وسبعين انظروا لهذه الترجمة ولهذا الإستنباط قال باب إذا دعت الأم ولدها فى الصلاة يعنى ما الحكم ثم أورد حديث جريج يستنبط منه أنه يجب عليه أن يجيب لأن جريجا لو ما وقع فى زلة وما أخطأ فى فعله لما أثر فيه دعاء أمه لكن هذا بسبب تقصيره دعت عليه فاستحق أن يرى وجوه المياميس فرأى وجوههن
ونعمة ما دعت عليه بالفتنة فى الدين والوقوع فى معصية رب العالمين هو عرَّض نفسه الآن للخطأ فلو كان عالما وفقيها لما وقع فيما وقع فيه انتهى قطع الصلاة وقال لبيك ماذا تريدين يا أمى سمعا وطاعة تدعو له بعد ذلك بدل من أن تدعو عليه لكن هو الذى أوقع نفسه بنفسه فى هذه الورطة بسبب عدم فقهه وعلمه بشريعة ربه
وكم إخوتى الكرام يقع مثل هذا كم!!
أخبرنى مرة بعض السفهاء ممن يدَّعون الالتزام فى هذه الأوقات سفيه قابلته سابقا فى الإمارات فى رأس الخيمة يقول كأن والده يعنى على شىء من المعصية وأحيانا يقصر فى الجماعة وأحيانا وأحيانا فكل بنى آدم خطَّاء
ويقول إن الولد يقر الوالد لكن لا بد من أن ترفق به وأنت تقول له قولا كريما
فيقول أنا عندما أكلمه ألكمه أضربه على وجهه فيقول أبى حتى يجلس يبكى
قلت يا رجل ما تستحى من الله وأنت تدَّعى الالتزام وإذا لك لحية تزيد على الشبر ما تستحى من الله ما تخشى أن يمسخك الله قردا أو خنزيرا يا رجل افرض قصر حتى فى الصلاة من أولها لآخرها لا فى الجماعة ما الذى جعلك أنت تتطاول عليه ما يقول لك اتركه يعنى واجب الجماعة مطلوبة وصل مع المسلمين أما بعد ذلك تجلس ويستضعف الولد يعنى قوى شاب وذاك ضعيف مسكين يضاف إلى ذلك يعنى الحنو الذى فى قلب الأب يمنعه أن يطور الأمر ولا يريد يعنى أن يجعل الأمر يزداد يضرب أباه ويعلم ربى يكلمنى بهذا وكأنه يضرب يعنى كما يقال سخلة أو حمارة رجل والدك تضربه
قلت والدك ضربته ما تخشى أن تيبس يدك وأن يمسخك الله يقول ألكمه أكلمه ألكمه وكأنه يضرب يهوديا أو كافرا يا عبد الله إذا كان مشركا أمرك الله بمصاحبته فى هذه الحياة بالمعروف
(وصاحبهما فى الدنيا معروفا)
قال أئمتنا فى الدنيا فيها إشارة إلى أمرين معتبرين:
أولها الوالدان وإن كانا على شرك بالرحمن ومعصية لذى الجلال والإكرام فصحبتهما يسيرة فتحمل هذا ما أوجبه الله عليك هى فى الدنيا فقط وفى الآخرة أنت فى جنة وهما فى جهنم هذا إذا كان كافرين وصاحبهما فى الدنيا فأنت ابتليت بلية دنيوية تحمل أما تأتى تلكمه وصاحبهما فى الدنيا
الأمر الثانى كما قال أئمتنا الصحبة قاصرة على الأمور الدنيوية فلا طاعة لهما فى الأمور الشرعية يعنى لم لو أمرك ألا تصلى وأمرت الأم البنت ألا تتحجب يقول يا أمى لا طاعة لكِ فى هذا أنت أمى وأفديك بروحى ومع ذلك الكلام الطيب لكن لا طاعة لكِ فى هذا وأنت إذا يعنى غضبت عليه لأننى ما أطعتك فى معصية الله أنتِ المخطئة وأنا إن شاء الله لست بعاقة ولست بعاق من ولد أو بنت عندما يخاطب الأبوين أو أحدهما أما مباشرة تأتى تلكمه هذه سفاهة هذه العبادة التى على الجهل طيب هذا كيف سيلقى الله أنا أريد أن أعلم كيق سيلقى الله والله يقول إما يبلغ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف وهى أقل ما يقال مما يدل على التضجر أف لا يجوز أن يصدر هذا منك تضجر بتأفف باللسان فكيف بعد ذلك لكم باليد وهو يظن أنه بعد ذلك يعنى ينصر دين الله يا عبد الله أنت مخذول وكيف ستلقى بعد ذلك العزيز الغفور تظن هذه سهلة هو مخطىء بعد ذلك مقصر أنت أديت ما عليك انصح تكلم وأظهر بين يديه يعنى والتعلق به والحرص عليه وابكى بين يديه يا والدى أخشى عليك من النار من غضب الجبار أفديك بروحى ماذا تريد خذ منى واستقم على طاعة الله أما تأخر عن الجماعة جاء ولكمه وبعد يدعى أنه مطيع لله من هذا الشباب الهابط الذى يعبد ربه فى هذه الأيام على عقله لا على حسب شرع ربه
إخوتى الكرام لا بد من وعى هذا وكم من إنسان حقيقة هذا انتشر عقوق الوالدين ما أكثره فاستمع الآن لجريج يا عباد الله ما جرى منه تأفف ولا تضجر ولا كلم أمه ولا أباه كما يقال بكلمة قاسية أمى وصلاتى مع ذلك انظر لهذه العقوبة اللهم لا يموت جريج حتى يرى وجوه المياميس ما النتيجة إخوتى الكرام يعنى لولا لطف الله به لضربوه بساحيهم وعصيهم وقطعوا رقبته يهدمون الصومعة وهو فيها حتى خرج وهرب ما القصة؟ ما القصة!! تزنى بهذه المرأة وهى تلد ولدا وتقول ما القصة التجأ إلى الله وهو منكسر بين يديه ليبرأه وعلم الله صدقه وهو ما جرى كما قلت منه عقوق من ناحية لفظ قاس ومع ذلك انظر ماذا حصل له من سب وشتم وإهانة وضرب كما تقدم معنا فقط الرقبة لم تقطع ولو يعنى لم يلطف به رب العالمين لقطعت رقبته بسبب دعوت أمه اللهم لا يموت جريج حتى يرى وجوه المياميس ولوكان كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام فى أثر يزيد ابن حوشب لو كان جريج عالما فقيها لعلم أن إجابته لأمه أولى من عبادة ربه إخوتى الكرام هؤلاء كما قلت الأصناف العشرة كلهم يدخلون فيمن تكلموا فى المهد وكما ترون بعضهم تكلم فى المهد وصار نبيا بعد ذلك وبعضهم لم يثبت له وصف النبوة فتقدم معنا عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ويحيى فى جملة ما قيل والخليل ونبينا عليه الصلاة والسلام هؤلاء الأربعة أنبياء وتكلموا فى المهد هذا الخارق للعادة يقال له ضمن التعريف الدقيق خوارق العادات ماذا نسميه إرهاصا تقدم معنا خارق العادة إذا جرى على يد من سيكون نبيا قبل نبوته يسمى إرهاصا وأشرت إليه فى مباحث النبوة وقلت يأتينا الكلام عليه بعد ذلك تفصيلا إرهاص من الرهص وهو أساس الجدار إن هذا مقدمة للنبوة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وتكلمت على هذا عندما ولد مسرورا مختونا وما حصل من آيات عند ولادته عليه الصلاة والسلام مع تحقيق كلامى فى هذه القضايا ضمن مباحث النبوة وقلت هذا يقال له
إرهاص على يد من سيكون نبيا وأما على يد هذه الخوارق التى جرت على يعنى أيدى وصدرت ممن ليسوا بأنبياء ممن لم يصبحوا أنبياء فى المستقبل تدخل إخوتى الكرام فى دائرة الكرامة وتقدم معنا أن الخارق للعادة له ستة أنواع إرهاص أولها معجزة ثانيها كرامة ثالثها معونة رابعها إستدراج خامسها إهانة سادسها ستة أنواع ويأتينا الكلام عليها مفصلا بأبيات من الشعر محكمة كل نوع قيل فى بيت من الشعر
إذا رأيت الأمر يخرق عادة فمعجزة إن من نبى لنا ظهر
وإن بان منه قبل وصف نبوة فالإرهاص سمه تتبع القوم فى الأثر
وإن جاء يوما من ولى فإنه الكرامة فى التحقيق عند ذوى النظر
وإن كان من بعض العوام صدوره فكنوه حقا بالمعونة واشتهر
ومن فاسق إن كان وفق مراده يسمى بالاستدراج فيما قد استقر
وإلا إذا كان على عكس مراده
وإلا فالإهانة عندهم وقد تمت الأقسام عند الذى اختبر
هذه ستة أنواع لخوارق العادات هنا كما قلت ما بين إرهاص وما بين كرامات
إخوتى الكرام هذا فيما يتعلق بالدليل الثالث من الأدلة الأربعة التى سأذكرها تدل على منزلة الفقه
أما الدليل الرابع حقيقة أنا أجلت الكلام عليه لأتكلم عليه فى موعظة تناسب مكانة صاحبه وهى قول نبينا عليه الصلاة والسلام لابن عمه سيدنا الحبر البحر ترجمان القرآن (اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل)
هذا مما يدل على منزلة الفقه فى الدين سأتكلم هذا فى الموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه
وعلى أثر هذه الدعوة فى هذا الغلام المبارك الذكى الزكى النبيه المُجد سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنه وعن الصحابة أجمعين وكيف كان فقيه الصحابة فى زمنه أترك هذا كما قلت للموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه0
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا
اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا
اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك
اللهم اغفر لمن عبد الله فيه
اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته