المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ٤٣

[عبد الرحيم الطحان]

فهرس الكتاب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

أما بعد إخوتى الكرام كنا نتدارس الآثار المروية عن نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فى فضل التفقه فى الدين وقلت سنتدارس أربعة آثار فى ذلك

أولها حديث سيدنا معاوية رضي الله عنه ومن معه (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين)

وثانيها حديث سيدنا أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه (مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا)

والحديث الثالث تقدم معنا عن سيدنا عبد الله ابن عمر وعن سيدنا سعد ابن أبى وقاص وقلت رُوى عن اثنى عشر صحابيا وعن أربعة من التابعين مرفوعا إلى نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه (أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع فضل العلم أحب إلى نبينا عليه الصلاة والسلام من فضل العبادة وأحب الدين الورع وأفضل الدين الورع)

ص: 1

والحديث الرابع إخوتى الكرام تدارسناه فى الموعظة الماضية وأكمل ما يتعلق به فى هذه الموعظة بعون الله وتوفيقه دعوة نبينا عليه الصلاة والسلام لابن عمه سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أن يفقهه فى الدين وأن يعلمه التأويل وقلت هذا يدل على منزلة الفقه فى الدين وعلى منزلة تفسير وفهم كلام رب العالمين وهذه المنزلة تقدم معنا أهَّلت سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أهلته إلى أن يُقدَّم على البدريين من المهاجرين والأنصاريين رضى الله عنهم وأرضاهم قُدم عليهم بسبب التفقه فى الدين وكان ثانى الخلفاء الراشدين سيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه يستشيره ويأخذ بقوله ويقدم قوله على من عداه كما تقدم معنا ختمت الموعظة إخوتى الكرام بنماذج من فقهه وتأويله وحسن فهمه واستنباطه رضى الله عنه وأرضاه وصلنا إلى أمر سأتكلم عليه فى هذه الموعظة وعلى ما بعده وأنهى الكلام كما قلت على هذا الأمر فى هذه الموعظة بعون الله وتوفيقه

ثناء الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين على سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما واعترافهم بفضله وتقدم معنا هو شاب حدَث السن لما توفى نبينا عليه الصلاة والسلام كان عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما قد ناهز الاحتلام وانظر لهذه المنزلة التى له عند الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين

روى الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير والحاكم فى المستدرك وأبو نعيم فى كتاب الحلية عن سيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه أنه كان يقول فى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين (ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول)

وإذا منَّ الله على العبد بهاتين النعمتين فقد اكتملت عليه النعمة، يسأل عما ينفعه بلسانه ثم يقيده ويضبطه بقلبه وجنانه اكتملت النعم وهذا الذى حصل من سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما سأل وقيد وضبط ثم زاد كما تقدم معنا فحص وغاص واستنبط فهو له لسان سؤول وقلب عقول

ص: 2

فهو فتى الكهول هو ليس بكهل توفى سيدنا عمر واستُشهد رضى الله عنه وأرضاه وشفعه فينا يوم نلقاه وسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما ما بلغ سن الكهولة والإنسان

يمر إخوتى الكرام فى حياته بأربع مراحل

المرحلة الأولى مرحلة الصِبا مرحل يعنى الطفولة وهى من ولادته إلى أن يبلغ إلى سن خمس عشرة هذا كله يقال له غلام طفل صبى

ثم بعد ذلك مرحلة الشباب من البلوغ إلى الثلاثين إلى الأربعين وقلت مرارا ما بين الثلاثين والأربعين من مرحلة الشباب لكن مرحلة يعنى يقف الإنسان عندها لا يزداد ولا يتأخر

ثم من الأربعين إلى الستين دخلت سن الكهولة استشهد سيدنا عمر رضى الله عنه وعبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين دون الأربعين وأما بعد الستين دخلت الشيخوخة نسأل الله حسن الخاتمة هذه المراحل الأربعة التى يمر الإنسان فيها كما قلت يكون غلاما طفلا صبيا شابا كهلا شيخا

ذاكم فتى الكهول أى هو له فى القدر والمنزلة والاعتبار كأنه كهل واضح هذا لكن هذا فتى الكهول يعنى يدخل مع الكبار مع كبار لسن فى المجالس لكن هو ذكر هو شاب رضى الله عنه وأرضاه وكان يحضر مع شيوخ المهاجرين والأنصار كما تقدم معنا فى مجلس الشورى (ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول)

وقد كان سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه كما تقدم معنا يقربه ويدنيه فلما رأى سيدنا العباس رضى الله عنه وعن الصحابة الأكياس منزلة ابنه عند سيدنا عمر نصحه بثلاثة أمور ينبغى أن يحافظ عليها من أجل أن لا يتكدر قلب عمر على هذا الصحابى المعتبر رضى الله عنه وأرضاه سيدنا عبد الله ابن عباس

ص: 3

الأثر رواه الإمام ابن سعد فى الطبقات ورواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير وأبو نعيم فى الحلية والإمام الفسوى فى المعرفة والتاريخ قال سيدنا العباس لولده عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين يا بنى إنى أرى لك منزلة عند أمير المؤمنين سيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه فاحفظ منى ثلاثا حافظ عليها وانتبه لها

(لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولا يجربن عليك كذبا) وهو صادق اللهجة رضى الله عنه وأرضاه إنما من باب يعنى التأكيد على هذه الأمور إياك أن تفشى له سرا أو تغتاب عنده أحدا أو أن يجرب عليك كذبا

قال الإمام الشعبى لسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين كل واحدة تعدل ألفا يعنى ألف درهم قال كل واحدة تعدل عشرة آلاف ليس تعدل ألفا كل نصيحة من هذه النصائح ما تُقوَّم بعشرة آلاف درهم من أجل أن يعنى يحافظ الإنسان على مكانته ومنزلته عند ثانى الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولا يجربن عليك كذبا

نعم إخوتى الكرام له منزلة عظيمة بلغ من قدره عند سيدنا عمر رضى الله عنهم أجمعين أنه عندما حُمَّ سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أصيب بمرض الحمى رضى الله عنه وأرضاه دخل سيدنا عمر زائرا له وعائدا كما فى طبقات ابن سعد فى الجزء الثانى صفحة واحدة وسبعين وثلاثمائة من رواية أبى الزناد وهو عبد الله ابن ذكوان ثقة فقيه حديثه فى الكتب الستة توفى سنة ثلاين ومائة دخل عليه يعوده وقد حم سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين

فقال له كم أخل بنا مرضك

أى كم أثر فينا وأخرنا وكنا نستشيرك وتصاحبنا وتشير علينا بما فيه السداد فى ديننا ودنيانا كم أخل بنا مرضك أنت مرضت لكن نحن تضررنا من هذا المرض كم أخل بنا مرضك

وكان يقول كما فى طبقات ابن سعد أيضا

ص: 4

(كيف تلوموننى على حب هذا كيف تلوموننى فى هذا) ، هذا الذى تلوموننى فيه يعنى أنتم تلوموننى يا معشر المهاجرين والأنصار من الصحابة الكبار كيف أُدخل هذا الحدث الشاب النشيط بينكم كيف تلوموننى وهو من هو هذا عندما مرض كم أخل بنا مرضك وأخر بنا عن درجات الكمال كنا نستضىء برأيه ونقتبس من فقهه وحسن تأويله فمنعنا ذلك عندما نزل به المرض كم أخل بنا مرضك

هذا يقوله سيدنا عمر وعمر عمر هو سيد المحدَّثين والملهمين وثانى الخلفاء الراشدين يقول هذا لسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين

فكم له من منزلة وأثر وحقيقة هو فقيه الإسلام كما تقدم معنا لدعوة النبى عليه الصلاة والسلام اللهم فقهه فى الدين

نعم إخوتى الكرام هذا منزلته وقد شهد له بذلك كبار الصحابة رضوان الله أجمعين

روى الإمام ابن سعد فى الطبقات فى المكان المشار إليه آنفا صفحة سبعين وثلاثمائة من المجلد الثانى

عن سيدنا سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنهم أجمعين أنه قال

ما رأيت أحضر فهما ولا ألب لبا ولا أكثر علما ولا أوسع صدرا من عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين رأيت عمر ابن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين يدعوه للمعضلات أى المسائل المُشكلة العويصة للمعضلات ثم لا يعدو رأيه ولا يجاوز قوله وحوله مشايخ الصحابة الكبار من المهاجرين والأنصار يدعوه للمعضلات ويأخذ بقوله رضى الله عنه وأرضاه وإذا أشكلت مشكلة كان يقول له غص يا غواص النصوص التى فى صدرك تفاعل معها وائتنا بالحكم الشرعى للحوادث التى وقعت لنا غص يا غواص

هذا يقوله سيدنا سعد ابن أبى وقاص الذى بقى فترة ربع الإسلام رابع من أسلم رضي الله عنه وأرضاه ما رأى أحضر فها ولا ألب لبا ولا أكثر علما ولا أوسع صدرا من سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين

ويقول الصحابى الجليل طلحة ابن عبيد الله هو أيضا أحد العشرة المبشرين بالجنة رضوان الله عليهم أجمعين كما فى طبقات ابن سعد فى المكان المشار إليه آنفا

ص: 5

(ما كنت أرى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقدم على عبد الله ابن عباس أحدا) رضى الله عنهم أجمعين لا يقدم على قوله قول غيره مهما كان شأنه ما كنت أرى عمر ابن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين يقدم على قول عبد الله ابن عباس أحدا

ويقول الصحابى الجليل عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه كما فى المستدرك وحلية الأولياء وكتاب المعرفة والتاريخ للإمام الفسوى قال لو أدرك عبد الله ابن عباس زماننا يعنى كبيرا مثلنا وصحب النبى عليه الصلاة والسلام كما صحبناه وتقدم معنا صحبه ثلاثين شهرا فقط عبد الله ابن عباس وأما الصحابة الأكياس منهم من صحبه عشرين سنة ومنهم من صحبه ثلاث وعشرين ونمهم من صحبه عشر سنين يقول

لو أدرك زماننا انتبه لما عاشره منا أحد وضبط كما الذهبى فى السير عشره عشَّره منا أحد

والمعلق على تاريخ بغداد للخطيب البغدادى والأثر فيه أيضا إخوتى الكرام فى تاريخ بغداد يقول فى المخطوطة بحذف الألف عشَره وهذا خطأ وتصحيف ليس بخطأ ولا بتصحيف

عاشره ليس من العِشرة إخوتى الكرام إنما هو من التعشير أى لما وصل أحد إلى عُشره منا لو أدرك زماننا وصحب البنى عليه الصلاة والسلام كما صحبناه لما وصل أحد منا إلى عُشر ما وصل إليه ابن عباس

عاشره وصل إلى عشره يعنى إذا جئنا نقتسم العشرة هو له تسعة ولنا عُشر ولا نحصل هذا العشر ما نحصل عشرا من عشرة التى حصلها ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين عشَره عشَّره كما قلت بالتخفيف بالتثقيل بالمفاعلة صفة عاشره أى لجئنا لنتعاشر ونقتسم أجزاء العشرة هو يفوز بالتسعة وزيادة ونحن لا نحصل واحدا منها فليس فيها من العِشرة ما عاشره أحد منا يعنى ما صاحبه لا وكما قلت لكم قول المعلق تصحيف ليس بتصحيف والذهبى نص فى السير على أنه نُقل عن سيدنا عبد الله ابن مسعود عاشره وعشَره عشَّره أى ما نال عُشره مهما بلغ جهده وهذا يقوله عبد الله ابن مسعود رضي الله عنهم وأرضاهم فماذا يقول من عداه

ص: 6

حقيقة هذه منزلة سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما

ثم قال عبد الله ابن مسعود تكملة الأثر الأول تكملة أثره

قال ونعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس

قال الإمام ابن كثير فى تفسيره فى أوائل تفسيره فى المقدمة فى التفسير فى الجزء الأول صفحة أربعة وهذا إسناد صحيح إلى سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه وقد توفى هذا الصحابى الجليل سنة اثنتين وثلاثين ثم قال هذه المقولة فى هذا الصحابى الكريم عبد الله ابن عباس نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس ولو أدرك أسناننا وزماننا ما عاشره عشَره عشَّره منا أحد

قال فما ظنك بما كسبه عبد الله ابن عباس من العلوم بعد ذلك فقد عاش بعد عبد الله ابن مسعود ستا ثلاثين وسنة لأنه توفى سنة ثمان وستين وإذا كان عبد الله ابن مسعود يقول هذه المقولة ووفاته سنة اثنتين وثلاثين نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس فكيف بما كسبه وحصله من العلوم بعد وفاة هذا الصحابى المبارك الميمون عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم وأرضاهم

حقيقة لو امتدت حياة عبد الله ابن مسعود لزاد فى الثناء على هذا الصحابى المبارك المحمود رضوان الله عليهم أجمعين

وهذا الأثر إخوتى الكرام نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس قاله أيضا سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه فى سيدنا عبد الله ابن عباس كما فى تاريخ بغداد فى ترجمته فى الجزء الأول صفحة ثلاث وسبعين ومائة نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس

بل رُوى ذلك مرفوعا إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لكن بإسناد فيه ضعف رواه أبو نعيم فى الحلية فى ترجمته أيضا فى الجزء الأول صفحة ست عشرة ثلاثمائة والطبرانى فى معجمه الكبير كما فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة ست وسبعين ومائتين عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما (قال دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح رأسى ودعا لى بالحكمة وقال نعم ترجمان القرآن أنت)

ص: 7

قال عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وقد دعا لى جبريل مرتين أيضا كما دعا لى النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه

الأثر كما قلت فى الطبرانى فى معجمه الكبير والحلية وهو فى الكتابين من طريق عبد الله ابن خراش قال عنه الهيثمى فى المجمع ضعيف وبذلك حكم عليه الحافظ فى التقريب فقال ضعيف (ق) أى أنه من رجال سنن ابن ماجة القزوينى فقط عبد الله ابن خراش نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس قاله عبد الله ابن مسعود بسند صحيح وقاله سيدنا عمر ورُوى مرفوعا لكن بسند ضعيف يتقوى هذا السند بدعوات نبينا عليه الصلاة والسلام المتقدمة له قلت مروية من وجوه صحاح اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل آته الحكمة علمه تأويل الكتاب كما تقدم معنا

وهذه الآثار الموقوفة تشهد لهذا الأثر المرفوع الذى فى إسناده عبد الله ابن خراش كما قلت وفيه ضعف يعنى يتقوى الأثر بما تقدم نعم ترجمان القرآن أنت نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين

ولذلك تقدم معنا هو فقيه الإسلام وأكثر الصحابة يعنى فتوى كما أنه هو المفسر الأول لكلام الله عز وجل رضى الله عنه وأرضاه

نعم إخوتى الكرام هذا شأنه وقد كان يُعهد إليه فى زمن الخليفتين الراشدين سيدنا عثمان وسيدنا على رضى الله عنهم أجمعين بأن يلى أمر المسلمين فى موسم الحج فهو أمير الحج فيخطب خطبة الحج خطبة طويلة فصيحة بليغة يقول الحاضرون لو سمعها الترك وفارس والروم لآمنوا أجمعون هذا يقوله الحاضرون عندما يخطب خطبة الحج فى عرفات فى مسجد نمرة

ص: 8

روى الحاكم فى المستدرك وأبو نعيم فى الحلية عن أبى وائل من تلاميذ سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين ومن الرواة عنه وهو شقيق ابن سلمة أبو وائل اسمه شقيق ابن سلمة ثقة مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ولم تكتحل عيناه برؤية نبينا خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام حديثه فى الكتب الستة أبو وائل شقيق ابن سلمة رضى الله عنهم أجمعين قال

كان عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما على الموسم فى الحج فخطب خطبة الحج فقرأ سورة النور وكان هذا فى خلافة سيدنا عثمان ففسرها تفسيرا لو سمعه الترك والديلم والروم لأسلموا وآمنوا أجمعون

وقال أيضا ذاك فى خلافة سيدنا على أيضا

كان أميرا على الموسم فقرأ سورة البقرة بكاملها فى خلافة سيدنا عثمان قرأ سورة النور فلما كُثر المسلمون أكثر والجهل انتشر أطال الخطبة فقرأ سورة البقرة وفسرها تفسيرا لو سمعه الترك والديلم والروم لآمنوا أجمعون

خطبة الحاج تُقرأ فيها سورة البقرة تُفسر يعنى أقل تقدير إخوتى الكرام ستأخذ ثلاث ساعات إن لم يكن أكثر ويجمع تفسيرها ويوضح الأحكام التى فيها فى خطبة الحج فى هذا الحشد الكبير هنيئا لمن حضر تلك الخطبة المباركة ورأى ترجمان القرآن يخرج النور من شفتيه رضى الله عنهم وأرضاه عندما يفسر كلام الله عز وجل

وهذا إخوتى الكرام حقيقة لا بد من وعيه وضبطه فى هذه الأيام والناس يستثقلون يعنى حِلق الذكر وهكذا خطب الجمعة فى هذه الأيام سينصرفون إلى أى شىء؟ يعنى هو لو كان سينصرفون إلى مصلحة دينية أو دنيوية لربما قال الإنسان لهم عذر، لن ينصرفوا إلا إلى آفات ردية حقيقة ضعف الهمم وخور العزائم الذى أصبنا به فى هذه الأيام نشكو أمرنا إلى ذى الجلال والإكرام

وإذا أطال الخطيب شيئا يعنى قليلا وهكذا الصلاة حصل الاعتراض والتذمر من قِبل الأخيار الذين يعتادون مساجد العزيز القهار دعِ الأشرار، الأشرار كفونا مؤنتهم وأراحوا أنفسهم وأراحونا

ص: 9

يا إخوتى الكرام لا بد من وعى هذا وكنت ذكرت ضمن مباحث النبوة حديثا يبنغى أن ننتبه له وقد كثر يعنى أيضا الكلام حوله،

عدد من إخواننا فى بعض الديار قال هذا ما سمعناه قلت يا عبد الله فى نفس الشريط عُد إلى الحديث على أنه رواه عبد الله ابن سيدنا الإمام أحمد فى الزوائد على المسند بسند رجاله رجال الصحيح ما قال الهيثمى فى المجمع انظروه إن شئتم فى الجزء الثانى صفحة تسعين ومائة فى كتاب الصلاة باب ما يقرأ ويقال فى خطبة الجمعة فى مجمع الزوائد والحديث كما قلت فى مسند الإمام أحمد فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وأربعين ومائة وهو من زوائد ولده على المسند ورجاله رجال الصحيح عن أبى ابن كعب رضي الله عنه وأرضاه

قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة التوبة براءة يوم الجمعة على المنبر وهو قائم يذكِّر بأيام الله)

سورة التوبة سورة براءة إذا أراد الإنسان أن يرتلها ترتيلا وأن يقرأها قراءة دون أن يشرح منها كلمة ما انتهت بأقل من نصف ساعة أوليس كذلك؟ لا تزيد على الجزء والنصف ساعة هذه تلاوة فقط دع بعد الحمدلة والسلام والدعاء والصلاة على النبى عليه الصلاة والسلام وتفسيرها ولو تفسيرا مختصرا يعنى ما أظن تلك الخطبة التى سيُقرأ فيها سورة التوبة تنتهى بأقل من ساعة حقيقة فما أعلم بعد ذلك الاستثقال الذى ابتلينا به فى هذه الأيام مع وضعنا كما قلت مرارا يختلف عن وضع سلفنا يعنى هناك الكلمات واضحة وأكثر العبارات لا تحتاج إلى إيضاح وأما الآن عندما تقول (تبت) إذا ما شرحت له معنى تبت فى اللغة لا يفهمها وأما ذاك لا يحتاج أن تشرح له تبت

ص: 10

حقيقة (فى جيدها) لا داعى أن تقول للعربى فى جيدها فى عنقها هذا واضح الآن كل كلمة يعنى تخاطب الآن من يجهلون اللغة العربية والأحكام الشرعية فستشرح هذه من ناحية اللغة وتبين هذه من ناحية الشرع هذا يتضاعف فى الوقت يضاف إلى هذا يعنى ما اقتضته الضرورة عندما وجدنا فى آخر هذه الأمة من باب التصحيح والتضعيف ستعزو الحديث إلى كتب وتصحح وتضعف هذا ما كان يوجد فى العصر الأول

يعنى يقوم سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما ولا داعى أن يقول لا رواه البخارى ولا مسلم ولا هو فى كتاب الحلية أو فى الكتب الستة هذا لا داعى هذا كم يوجد له من اختصار حقيقة إخوتى الكرام يعنى يأخذ أحيانا من المحاضرة يأخذ يعنى التنبيه على هذه الأمور حجما كبيرا منها هذا أحيانا بمقدار الربع بمقدار الثلث بمقدار النصف على حسب التخريجات التى تذكر من أجل توثيق هذه المعلومات

هذا كله ينبغى أن يراعى أيضا وأما خطبة بعد ذلك يعنى بدقائق معدودة وانتهى الأمر حقيقة ليس هذا كما قلت من الحكمة لا سيما فى هذه الأيام عندما يعنى عم الجهل وانتشر الضلال والغفلة ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين

ففسر سورة النور وفسر سورة البقرة تفسيرا لو سمعه المشركون لآمنوا بالحى القيوم وهو أمير الموسم فى عهد الخليفتين الراشدين سيدنا عثمان وسيدنا على رضى الله عنهم أجمعين

ولذلك إخوتى الكرام كان يُنعت سيدنا عبد الله ابن عباس بين الصحابة الأكياس رضوان الله عليهم أجمعين بالحَبْر هو حبر الأمة كما هو بحرها كما هو فقيهها كما هو مفسرها رضى الله عنه وأرضاه

روى الإمام ابن سعد فى الطبقات فى الجزء الثانى صفحة واحدة وسبعين وثلاثمائة عن محمد ابن أُبَىِّ ابن كعب رضى الله عنهم أجمعين

قال كان عبد الله ابن عباس عند أبى أُبى ابن كعب أبى المنذر سيد القراء فلما قام قال أبى ابن كعب رضى الله عنهم أجمعين

ص: 11

(هذا يكون حبر هذه الأمة) هذا نهاية أمره هوحبر الأمة هو شيخها هو عالمها هو فقيهها ستلجأ إليه وترجع إليه هذا يكون حبر هذه الأمة أرى عقلا وفهما وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يفقهه فى الدين والعلامة الذكاء والنجابة والألمعية لا تخفى فى هذا العبد الصالح كل ذرة من ذراته تشير إلى إشراق مستقبله أرى ذكاء فهما أرى عقلا وفهما وقد دعا له رسول الله عليه الصلاة والسلام بأن يفقهه فى الدين هذا سيكون حبر هذه الأمة

وقال محمد ابن على رضى الله عنه وأرضاه وهو انتبهوا له بعض الناس قد يخطىء فيظن أنه الإمام الباقر أيضا محمد ابن على لكن يراد هنا ابن سيدنا أى الإمام ابن الحنفية ولذلك فى المستدرك ذكر الأثر فى موطنين مرة قال محمد ابن على ومرة قال محمد ابن الحنفية وهذا هو هذا وبعض الكتب محمد ابن الحنفية وهو ابن سيدنا على رضى الله عنهم أجمعين ويضاف فقط إلى أمه من باب التفريق بينه وبين أولاد سيدتنا فاطمة رضى الله عنهم أجمعين محمد ابن على وليس هو الإمام الباقر أيضا محمد ابن على ابن الحسين ابن على رضى الله عنهم أجمعين فالمراد هنا محمد ابن سيدنا على رضى الله عنهم أجمعين

قال محمد ابن على لما توفى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وهو الذى صلى عليه فى الطائف

كان عبد الله ابن عباس حبر هذه الأمة الحبر مات رضى الله عنه وأرضاه كان حبر هذه الأمة

وأثره إخوتى الكرام فى حلية الأولياء فى الجزء الأول صفحة تسع عشرة وثلاثمائة وهو أيضا فى مستدرك الحاكم كما ذكرت لكم كان حبر هذه الأمة

وبذلك نعته تلميذه مجاهد ابن جبر رضى الله عنهم أجمعين كما فى المستدرك فى الجزء الثالث صفحة خمس وثلاثين وثلاثمائة

قال مجاهد ابن جبر ما رأيت مثل عبد الله ابن عباس قط رضى الله عنهم أجمعين ولقد مات يوم مات وهو حبر هذه الأمة

ص: 12

وهذه الجملة بأنه حبر هذه الأمة رُويت أيضا مرفوعة إلى نبينا عليه الصلاة والسلام كما تقدم معنا أن يفقهه فى الدين وأن يعلمه التأويل وجملة نعم ترجمان القرآن أيضا رُويت عن نبينا عليه الصلاة والسلام وتناقلها الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان وهكذا هذه الجملة حبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس

(لكل أمة حبر وحبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس)

(حبر هذه الأمة أنت)

هذا رُوى أيضا عن نبينا عليه الصلاة والسلام من طريقين اثنين فى أحد الطريقين كلام والآخر فيما يبدو لى لا كلام فيه يعنى اعترض فيه على رواو والإمام أبو نعيم كما ستسمعون قال عنه ثقة مأمون وعليه ظاهر الإسناد سليم نظيف والعلم عند الله جل وعلا

أما الأثر الأول

رواه الحاكم فى المستدرك فى الجزء الثالث صفحة خمس وثلاثين وخمسمائة عند المكان المشار إليه آنفا عند أثر سيدنا مجاهد ولفظ الحديث من وراية عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم

أرأف أمتى بأمتى أبو بكر أرأف أمتى بها أبو بكر رضى الله عنه وأرضاه وأصلبها فى أمر الله عمر وأشدها حياء عثمان وأقرؤها أبى ابن كعب وأفرضها زيد ابن ثابت وأقضاها على ابن أبى طالب وأعلمها بالحلال والحرام معاذ ابن جبل وأصدقها لهجة أبو ذر وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر ابن الجراح والعاشر وهو سيدنا عبد الله ابن عباس وحبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس

والحديث كما قلت من رواية سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما

ص: 13

قال الحاكم فى مستدركه هذا حديث صحيح الإسناد تعقبه الإمام الذهبى والحق معه فقال قلت فيه كوثر ابن حكيم الراوى عن عطاء عن سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين فيه كوثر ابن حكيم ساقط هذا فى تلخيص المستدرك وقال فى السير فى الجزء الثالث صفحة تسع وسبعين وثلاثمائة كوثر ابن حكيم واهٍ فى المستدرك ساقط هنا واهٍ وقال فى المغنى فى الضعفاء صفحة أربع ثلاثين وخمسمائة من المجلد الثانى تركوا حديثه وله عجائب

وأصل الحديث إخوتى الكرام ثابت صحيح دون العاشر وهو سيدنا عبد الله ابن عباس الذى هو محل الشاهد أما أصل الحديث ثابت صحيح تقدم معنا فى دروس الفرائض لكن من رواية سيدنا أنس رضى الله عنه وأرضاه هنا من رواية ابن عمر وأصل الحديث تقدم معنا وفيه هؤلاء التسعة لكن من رواية سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنهم أجمعين الحديث تقدم معنا فى المسند وسنن الترمذى قال هذا حديث حسن صحيح ورواه الإمام ابن ماجة فى سننه وابن حبان فى صحيحه والحاكم فى مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين وأقره عليه الذهبى والحديث رواه الإمام أبو داود والطيالسى والطحاوى فى مشكل الآثار كما رواه البيهقى فى السنن الكبرى وأبو نعيم فى الحلية وكما قلت صححه الترمذى والحاكم وأقره الذهبى وقال الذهبى فى السير فى الجزءالرابع صفحة أربع وسبعين وأربعمائة أيضا هذا حديث حسن صحيح

ص: 14

ولفظ الحديث كما تقدم معنا من رواية سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه أرحم أمتى هنا أرأف أمتى أرحم أمتى بأمتى أبو بكر وأشدهم فى أمر الله عمر وهنا ماذا عندنا أصلبها وأشدهم فى أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم على رضى الله عنهم أجمعين اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا هؤلاء أربعة وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن جبل وأفرضهم زيد ابن ثابت وأقرأهم أبى ابن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر ابن الجراح والتاسع وما أظلت الغبراء ولا أقلت الخضراء أصدق لهجة من أبى ذر أشبه عيسى ابن مريم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه فى زهده وورعه

فقال سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه أنعرف ذلك له يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه قال نعم يعرفونه بها هؤلاء تسعة وما ذكر معهم حبر هذه الأمة سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وبالنسبة لعلى أقضاهم على هذا ورد فى رواية صحيح ابن حبان فقط ولم يرد فى رواية سنن الترمذى وغير ذلك من الروايات إنما هو فى صحيح ابن حبان أقضاهم على وتقدم معنا كلام الإمام ابن تيمية عليه وعلى أئمتنا رحمات ربنا

قال فى مجموع الفتاوى فى الجزء الرابع صفحة ثمان وأربعمائة قال لم يروِ هذه الجملة أقضاهم على أحد من الكتب الستة نعم إلى هنا الكلام مقبول ما رُوى فى الكتب الستة ولا أحد من أهل المسانيد المشهورة لا الإمام أحمد ولا غيره ما رُوى أيضا فى المسند لا بأس بإسناد صحيح ولا ضعيف إنما يُروى من طريق من هو معروف بالكذب هذا الكلام مردود آخره كما تقدم معنا وقلت إن الحديث صحيح فى صحيح ابن حبان وأقضاهم على رضى الله عنه وأرضاه

ص: 15

وقال فى مجموع الفتاوى أيضا فى الجزء الحادى والثلاثين صفحة اثنتين وأربعين وثلاثمائة عن الحديث بكامله ضعيف لا أصل له فيما يتعلق بزيد ابن ثابت أيضا أفرضهم زيد ولم يكن معروفا على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام بالفرائض أما وجود زيد فى سائر الروايات وأنه أفرض هذه الأمة فهذا صحيح ثابت ثبوت الشمس فى رابعة النهار والإمام ابن تيمية عليه وعلى أئمتنا رحمات رب البرية أخطأ فى حكمه على هذا الحديث كما قلت بالضعف فى حق سيدنا زيد ابن ثابت أن هذا ضعيف وما كان معروفا بالفرائض إذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول أفرضهم زيد كيف تقول لم يكن معروفا بالفرائض والحديث يرد فى فضله فى هذه يعنى المسألة وهذا العلم

وأما فيما يتعلق بسيدنا على رضى الله عنهم أجمعين فقلت إن الحديث أيضا صحيح ثابت فى صحيح ابن حبان الحديث أصله ثابت من رواية سيدنا أنس رضى الله عنه وأرضاه ورُوى أيضا إخوتى الكرام الحديث من رواية ابن عمر كما معنا فى المستدرك وليس فيه أيضا حبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس رواه الإمام أبو يعلى وابن عساكر فى تاريخه كما فى جمع الجوامع فى الجزء الأول صفحة ست وتسعين باللفظ المتقدم أرأف أمتى بأمتى أبو بكر كما فى رواية ابن عمر المتقدمة التى رواها الحاكم لكن ليس فيه العاشر حبر هذه الأمة ابن عباس ورواه ابن النجار أيضا فى تاريخه عن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين دون ذكر سيدنا عبد الله ابن عباس

رُوى كما قلت فى المستدرك بسند حوله كلام لوجود كوثر ابن حكيم

الرواية الثانية رواها الإمام أبو نعيم فى الحلية فى الجزء الأول صفحة ست عشرة وثلاثمائة

عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما قال انتهيت إلى النبى صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل على نبينا وأنبياء الله وملائكته صلوات الله وسلامه

فقال جبريل لنبينا الجليل عليهما صلوات الله وسلامه من هذا

قال ابن عمى عبد الله ابن عباس

ص: 16

قال إنه كائن هذا حبر هذه الأمة فاستوصى به خيرا يعنى اعتنى به ووجهه توجيها سديدا

وتقدم معنا عندما دعا له نبينا عليه الصلاة والسلام بأن يفقهه فى الدين وأن يعلمه التأويل وواصل نصحه وإرشاده ووصيته له

فقال يا غلام إنى اعلمك كلمات كما تقدم معنا احفظ الله يحفظك وهنا كذلك إنه كائن هذا حبر هذه الأمة فاستوصى به خيرا

الحديث كما قلت فى الحلية قال الإمام الذهبى فى السير فى الجزء الثالث صفحة تسع وثلاثين وثلاثمائة هذا حديث منكر تفرد سَعدان ابن جعفر طيب لمَ؟ سعدان ابن جعفر قال عنه الإمام أبو نعيم فى الحلية ثقة أمين طيب لمَ تحكم عليه بالنكارة يعنى ما وجه النكارة؟ لتفرد سعدان ابن جعفر، سعدان ابن جعفر ثقة أمين وليس هو من الرواة المجروحين والعلم عند رب العالمين وعليه كما قلت الرواية الثانية أمثل من الأولى إنه كائن هذا حبر هذه الأمة

وفى الرواية المتقدمة من رواية سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين حبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين

وكيفما كان حال الروايتين فتقدم معنا هذا ثابت من كلام الصحابة وكلام التابعين رضوان الله عليهم أجمعين على التسليم بوجود ضعف وأن الرواية الأولى لا تتقوى بالثانية وأن الثاينة كما قال الإمام الذهبى فيها نكارة وما أعلم وجه النكارة كما قلت مع أن سعدان ابن جعفر ثقة أمين كما قال أبو نعيم فى الحلية عندما روى الحديث من طريقه قال وسعدان ابن جعفر ثقة أمين قد انتهى

فالحديث يثبت بنفسه إن لم يثبت بوجود كما قلت سعدان ابن جعفر وكوثر ابن حكيم فالآثار عن الصحابة الأبرار تشهد لمعناه فتقويه وترفعه والعلم عند الله جل وعلا

إذاً فترجمان القرآن وهو حبر هذه الأمة المباركة

ص: 17

لفظ الحَبر يقال بالكسر حِبر ويقال بالفتح حَبر أما حِبر فيقال له حبر نسبة إلى الحِبر الذى يكتب به فبما أن الحَبر لا يستغنى عن الحِبر فيقال له حِبر نسبة إلى يعنى الحبر الذى يكتب به باستمرار حِبر وتقدم معنا فى بعض المواعظ قلت هذا الحِبر فى الحقيقة يعنى من شيم الرجال وإذا تلطخت أيديهم به وهكذا ثيابهم فلا لوم عليهم فى ذلك

إنما الزعفران عطر العذارى ومداد الدواة عطر الرجال

إلا رجال هذا الزمان فتراه كأنه أيضا بنت عذراء مخدرة يعنى يعتدى على لحيته ينتفها وبعد ذلك يريد أن يضمخ نفسه بالطيب والليونة ولا يريد يعنى أن يكون فيه شىء من الخشونة ولا يريد يعنى لو ظهرت نقطة سوداء من القلم فى يده أو فى ثيابه يعنى لأقام الدنيا وما أقعدها يا عبد الله ماذا جرى هذا شرف لك إذا كان أثر القلم فى يدك أو فى ثيابك وحقيقة كان الطلبة فى الزمن القديم قلَّ أن ترى طالبا ليس أثر قلمه فى ثيابه قلَّ إلا فى هذا الحين كما قلت صار حكمنا حكم العذارى

إنما الزعفران عطر العذارى ومداد الدواة عطر الرجال

فيقال للعالم حِبر لأنه يكتب بالحِبر باستمرار حِبر

ويقال له حَبر بالفتح من التحبير لأنه يحبر الكلام ينمقه يزينه يرتبه

وقال الراغب فى المفردات يقال له حَبر أيضا لما يبقى من أثر علومه فيه تبقى له أثر العلوم التى تدل على منزلته ولسان صدق له فى هذه الأمة ويُذكر فإذاً هذا حَبر ،حِبر

ص: 18

وهذا اللفظ إخوتى الكرام أطلق على عدد من الصحابة الكرام منهم من تقدم معنا ذكره الذى أثنى على سيدنا عبد الله ابن عباس وهو عبد الله ابن مسعود الذى قال نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس وقال الإمام ابن كثير فماذا يقول عبد الله ابن مسعود لو عاش ستا وثلاثين سنة التى عاشها عبد الله ابن عباس بعده ،عبد الله ابن مسعود قيل عنه إنه حَبر أيضا حَبر ثبت هذا إخوتى الكرام كما ذكرت أيضا فى دروس الفرائض فى المسند وصحيح البخارى والحديث فى السنن الأربعة إلا سنن النسائى ورواه الحاكم فى المستدرك والبيهقى فى السنن الكبرى والإمام الدارقطنى فى سننه وأبو داود الطيالسى فى مسنده والحديث رواه الإمام ابن الجاروس فى المنتقى عن هذيل ابن شرحبيل

قال سُئل سيدنا أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه عن رجل مات وترك ابنتا وابنة ابن وأختا شقيقة ترك بنتا وبنت ابن وأختا شقيقة

فقال أبو موسى رضي الله عنه للبنت النصف وللأخت النصف وأتوا ابن مسعود فسيتابعنى يعنى اذهبوا إليه سيوافقنى على هذا القضاء فذهبوا إلى سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين

فقالوا هلك هالك عن بنت وبنت ابن وأخت شقيقة فكيف توزع التركة قال والله لأقضين بها بقضاء رسول الله عليه الصلاة والسلام لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين إذا لم أقضِ بهذا القضاء الحق الأمين للبنت النصف ولبنت الإبن السدس تكملة للثلثين وما بقى فهو للأخت لأن الأخوات مع البنات عصبا مع الغير فذهبوا إلى أبى موسى الأشعرى وعرضوا عليه القضاء

قال لا تسألونى ما دام هذا الحبر فيكم انظروا كلام الحافظ فى شرح هذا الحديث فى الجزء الثانى عشر صفحة سبع عشرة من فتح البارى

لا تسألونى ما دام هذا الحبر فيكم

نعم كان أبو موسى الأشعرى يجل سيدنا عبد الله ابن مسعود كثيرا وهو القائل كما فى المعرفة والتاريخ للإمام الفسوى فى الحزء الثانى صفحة خمس وأربعين وخمسمائة

ص: 19

(لمجلس كنت أجالس فيه عبد الله ابن مسعود أوثق فى نفسى من عمل) سنة طيب الآن هذا المجلس الذى هو سؤال عابر كما يقال صحح لك الخطأ وبعد ذلك يعنى كنت ستقضى بخطأ والأمة ستسير على خطأ وانظر لذاك حقيقة هذه هى صحبة العالم الفقيه المحقق المتقن مجلس أجالسه فيه أوثق فى نفسى وأضمن لى عند ربى من أن أعبد الله سنة كاملة هذا يقوله أبو موسى الأشعرى فى حق عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم وأرضاهم

إذاً هو ترجمان القرآن وهو أيضا حبر الأمة وهو البحر يقال له البحر أيضا ثبت تسميته بذلك عن عدد من سلفنا منهم العبد الصالح مجاهد ابن جبر كما فى المستدرك والحلية وتاريخ بغداد للخطيب البغدادى عن مجاهد ابن جبر قال كان عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما يسمى بالبحر لكثرة علمه وعليه التسمية منه ومن غيره يعنى يسمى بين الصحابة وبين المسلمين المتقدمين بالبحر لكثرة علمه كان يسمى بالبحر لكثرة علمه

وفى طبقات ابن سعد فى الجزء الثانى صفحة ست وستين ومائتين عن عطاء أنه قال كان يُقال لعبد الله ابن عباس البحر فكان عطاء إذا حدث عن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين قال البحر وفعل البحر ينعته ويلقبه بهذا الذى اشتهر به ولا يسميه قال البحر فعل البحر وهو معلوم لقب لهذا الصحابى المبارك الميمون

وحقيقة لا يطلق على غيره عندما تقول بحر الأمة عبد الله ابن عباس رضى الله عنه وأرضاه البحر كما يقال له الحبر ولا غرو فى ذلك أن يطلق عليه هذا اللفظ لفظ البحر لأنه حقيقة بحر لا ساحل له فانظر لكلام أئمتنا رضى الله عنهم فى علمه روى الخطيب فى تاريخ بغداد صفحة ثلاث وسبعين ومائة من المجلد الأول والإمام ابن الجوزى بسنده فى كتاب المصباح المضىء فى أخبار الخليفة المستضىء كما تقدم معنا فى الجزء الأول صفحة عشرين ومائة عن سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما

ص: 20

قال كان عبد الله ابن عباس أعلم الناس بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم فيستحق أن يقال له البحر رضى الله عنه وأرضاه

وروى الإمام ابن سعد فى الطبقات عن عكرمة قال عبد الله ابن عمرو ابن العاص هناك الأثر من عبد الله ابن عمر هنا عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضى الله عنهم أجمعين كان ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين أعلمنا بما مضى وأفقهنا فيما نزل مما لم يأتِ فيه شىء

كان أعلمنا بما مضى وأفقهنا انتبه فيما نزل يعنى فيما نزل من وقائع وحوادث ووقع من مشكلات تحتاج إلى فهم واستنباط وأفقهنا فيما نزل مما لم يأتِ فيه شىء يعنى ما ورد فيه نص تراه يغوص ويستنبط له حكما من النصوص الثابتة كان أعلمنا بما مضى وأفقهنا فيما نزل مما لم يأتِ فيه شىء

قال عكرمة فأخبرت بذلك ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين هكذا يقول فيك عبد الله ابن عمرو رضى الله عنهم أجمعين

فقال ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين إن عنده لعلما أى عند عبد الله ابن عمرو كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلال والحرام يعنى هو يثنى علىَّ لأننى أعلم الناس بما مضى وأننى أفقههم فيما يأتى مما لم ينزل فيه شىء، أيضا اعرفوا أيضا لعبد الله ابن عمرو قدره هو عنده علم كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلال والحرام يسأل ويقيد ويكتب لكن شتان شتان ما بين الرتبتين والدرجتين فعبد الله ابن عمرو من المكثرين أيضا وهو يعنى من حفاظ الحديث لكن يدخل فى دائرة التحديث لا فى دائرة الفقه والفهم والاستنباط فأين هو من سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فى هذا الأمر لكن من باب أيضا يعنى الإنصاف ووضع الشىء فى موضعه قال أيضا عنده علم وهو كان يسأل النبى عليه الصلاة والسلام عن الحلال والحرام

وثبت فى طبقات ابن سعد عن سيدنا جابر ابن عبد الله رضى الله عنهما أنه قال لما مات سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين

ص: 21

(مات أعلم الناس وأحلم الناس ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق)

وتقدم معنا الرتق يعنى كانتا رتقا ففتقناهما يعنى هذه المصيبة لا تعوض لا تسد لا يأتى يعنى ما ينوب عنها ويسد مسدها أصيبت هذه الأمة مصيبة عظيمة بموت سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنه وأرضاه وروى الإمام ابن سعد فى الطبقات عن رافع ابن خديج أيضا رضى الله عنه وأرضاه قال لما مات سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين

(مات اليوم من يَحتاج إليه من بين المشرق والمغرب فى العلم)

يعنى أهل الأرض قاطبة بحاجة إلى علمه

إخوتى الكرام فى طبقات ابن سعد صفحة اثنتين وسبعين وثلاثمائة ضبط من يَحتاج بضم الياء يعنى مات اليوم من يُحتاج إليه إذاً لازم تقول بدل مَن مِن أوليس كذلك مات اليوم من يُحتاج إليه مِن بين المشرق والمغرب فى العلم يعنى من يُحتاج إليه من الحاضرين بين المشرق والمغرب هو عبد الله ابن عباس ومات

لكن ما الداعى لهذا التكلف مات من يُحتاج إليه من بين المشرق والمغرب يعنى هو الذى يُحتاج إليه من الحاضرين بين المشرق والمغرب فما أعلم لمَ قيدها بالضم ولو قُرئت كما قلت لكم مات من يَحتاج إليه مَن بين المشرق والمغرب يعنى أهل المشرق والمغرب أهل الأرض قاطبة بحاجة إلى علمه فهذا لو كان يعنى حقيقة أيسر البناء للمعلوم من البناء للمجهول ثم التكلف من يُحتاج إليه مِن بين المشرق والمغرب فى العلم على كل حال قيدت بضم يُحتاج فى طبقات ابن سعد من قِبل الناشرين والعلم عند رب العالمين

وقال العبد الصالح سعيد ابن المسيب كما فى طبقات ابن سعد أيضا كان ابن عباس رضى الله عنهما أعلم الناس

وقال العبد الصالح طاووس وهو من تلاميذه رضوان الله عليهم أجمعين كان ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين من الراسخين ولا شك فى ذلك رضى الله عنه وأرضاه

إذاً ترجمان القرآن حبر الأمة بحرها أعلمها وأيضا هو ربانى أطلق أيضا عليه هذا اللقب من قبل أئمتنا عندما أثنوا عليه بذلك

ص: 22

والربانى إخوتى الكرام هو العالم الفقيه الحكيم الذى يتعهد الناس بالتربية والتوجيه ويربيهم حسب استعدادهم هذا يقال له ربانى

وقيل أنه منسوب إلى الرب والنون للمبالغة، الأصل ربى منسوب إلى الرب فقيل ربانى يعنى للمبالغة فى حصول التربية فيه بالمعنى المتقدم يتخلق بأخلاق الله جل وعلا فيربى الناس شيئا فشيئا سواء فيما يتعلق بالتربية الخَلقية أو بالتربية الخُلقية الدينية الشرعية فى التربية الخَلقية يتعهدهم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم بعد ذلك يعنى عظام تكسى بلحم ثم يخرجون طفلا ثم ثم هذا كله تعهد بتربية الله جل وعلا فهو رب العالمين وهكذا تربيته الشرعية يتعهدهم يعنى على مهل لأول الأمر (اقرأ باسم ربك الذى خلق) ثم سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار يرغبهم يعنى فى طاعة ربهم ثم تنزل الأحكام على فترة ثلاث وعشرين سنة

وهكذا العالم يتخلق بهذا الخلق يربى الناس بصغار العلم قبل كباره فما لا يهضمونه لا يذكره أمامهم وكان عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما كذلك

والله جل وعلا يقول فى كتابه

{ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} [آل عمران/79]

يعنى ولكن يقول لكم كونوا ربانيين واتصفوا بهذا النعت الكريم والربانى كما قلت عالم فقيه حكيم فقهاء علماء حكماء كما اتفق على ذلك أئمتنا فى كتب التفسير

فسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أيضا ربانى نعته بذلك أيضا سيدنا محمد ابن على الذى يقال له ابن الحنفية رضى الله عنهم أجمعين كما فى المستدرك وتاريخ بغداد وطبقات ابن سعد قال محمد ابن الحنفية عندما مات سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما تقدم معنا

قال مات حبر هذه الأمة

وقال أيضا مات ربانى هذه الأمة

حبر هذه الأمة وربانى هذه الأمة

ص: 23

ونعته بذلك أيضا العبد الصالح كعب الأحبار وهو من التابعين الأبرار كما فى طبقات ابن سعد قال كعب لعكرمة مولى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين مولاك ربانى هذه الأمة هو أعلم من مات وأعلم من عاش

إخوتى الكرام وقد جمع سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما إلى علمه العمل به والخشية من ربه سبحانه وتعالى ولا أريد أن أفيض فى هذا فهذا نعت سلفنا كلما زاد علمهم زادت خشيتهم فإذا كان عبد الله ابن عباس أعلم الأمة أفقه الأمة أعلم الأمة بتأويل كلام الله جل وعلا حقيقة خشيته يعنى ستتناسب مع علمه رضى الله عنه وأرضاه فانظر ماذا كان يفعله فى سفره لتقيس بعد ذلك يعنى الحضر على السفر إذا كان هذا يفعله فى السفر فماذا سيفعل فى الحضر رضى الله عنه وأرضاه

روى الإمام أبو نعيم فى الحلية صفحة سبع وعشرين وثلاثمائة من المجلد الأول عن أبى مُليكة وهو تابعى كريم عبد الله ابن عبيد الله ابن أبى مليكة أدرك ثلاثين من أصحاب نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه منهم سيدنا عبد الله ابن عباس وعبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين وحديثه فى الكتب الستة وتوفى سنة سبع عشرة ومائة إمام ثقة فقيه مبارك عبد الله ابن أبى مليكة

قال صحبت عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه فى سفر وسفرهما لا يخفى عليكم فى العصر الأول إما مشيا على الأقدام أو ركوبا على بهيمة الحيوان على الدواب هذا حقيقة يحتاج إلى كلفة وجهد والطريق يحتاج إلى وقت، يعنى ما بين والمدينة ستأخذ سبعة أيام على الدواب هذا إذا واصل ،سبعة أيام حقيقة سيظهر حال الإنسان ليست هى سفرة ساعات وتنتهى

ص: 24

قال فكان ينزل فى وسط السير عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما ويمتنع من مواصلة السير ينزل يعنى ليستريح فإذا نزلنا يقول قام وبدأ يناجى الله ويقرأ كلام الله جل وعلا ويكثر فى ذلك نشيجه ويقول نحن نسمع نزلنا يعنى ونزلوا ليستريحوا ليناموا متى ما انتصف الليل انتهى ما بقى شىء يجعل الآن من منتصف الليل إلى السحر هذه مناجاة لله عز وجل هذا فى سفره فماذا كان يفعل فى حضره حقيقة كما قلت قِس الحضر على السفر واعلم ماذا سيكون حاله من جد واجتهاد فى طاعة رب العباد هذا فى السفر إذا صار نصف الليل نزل ثم بعد ذلك قام يناجى الله عز وجل وقال نحن نسمع نشيجه أى حرقته وشدة بكائه عندما يناجى ربه ويتلو كلام الله جل وعلا

حقيقة هذا حاله ولذلك إخوتى الكرام علم مع عمل نتج من ذلك حكمة

وكان يقول رضى الله عنه وأرضاه كما فى الحلية أيضا فى المكان المتقدم صفحة ثمان وعشرين وثلاثمائة مخاطبا نفسه عندما يمسك لسانه يا لسان قل خيرا تغنم واسكت عن شر تسلم))

ومن حكمته وبصيرته كان يتحدث عن أحوالنا ويصف زماننا فاستمعوا لهذه الكلمة التى قالها وكأنه كان ينظر إلينا إلى الغيب الذى وقع فينا فى هذه الأيام من ستر رقيق يقول كما فى الحلية أيضا فى المكان المتقدم (يأتى على الناس زمان يُعرج فيه بعقول الناس حتى لا تجد أحدا ذا عقل) كأنه يعيش بيننا وعرف أحوالنا يأتى على الناس زمان يُعرج فيه بعقول الناس حتى لا تجد أحدا ذا عقل العقول ذهبت وهذا الكلام إخوتى الكرام الذى قاله هذا الصحابى المبارك الهمام أخذه حقيقة من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام

روى الإمام أحمد فى المسند والحديث رواه الطبرانى فى معجمه الأوسط من رواية سيدنا النعمان ابن بشير رضى الله عنهما

ص: 25

قال صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا معه فسمعناه يقول (إن بين يدى الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام أخلاقهم بعرض من الدنيا قليل)

قال الحسن البصرى

(لقد رأيناهم والله صورا ولا عقول أجساما ولا أحلام فراش نار وذبان طمع يغدو أحدهم بدرهمين ويروح بدرهمين يبيع دينه بثمن العنز) نسأل العافية والسلامة من سخطه ونسأله أن يثبتنا على طاعته بفضله ورحمته

لقد رأيناهم والله صورا ولا عقول أجساما ولا أحلام فراش نار يتهافتون على الدنيا ويتهالكون عليها وذبان طمع كيف يعنى تقع فى المربى والدبس والعسل عندما تراه وفى ذلك حتفها وموتها فراش نار وذبان طمع لقد رأيناهم والله صورا ولا عقول أجساما ولا أحلام فراش نار يبيع أحدهم دينه بثمن العنز

والحديث إخوتى الكرام فى إسناده مبارك ابن فضالة قال الهيثمى فى المجمع وثقه جماعة وفيه لين وبقية رجاله رجال الصحيح ومبارك حكم عليه الحاكم فى التقريب بأنه صدوق فحديثه لا ينزل عن درجة الحسن وروى له البخارى فى صحيحه تعليقا وحديثه فى السنن الأربعة إلا سنن النسائى وقد جزم الإمام الذهبى فى السير فى الجزء السابع صفحة أربع وثمانين مائتين فقال وهو حسن الحديث فالحديث لا ينزل عن درجة الحسن والعلم عند الله جل وعلا

وهذا الحديث إخوتى الكرام حقيقة يعنى له شواهد كثيرة ويتحدث كما قلت عن واقعنا أن العقول ذهبت كما قال سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما تعرج فيه العقول عقول الناس فى ذلك الوقت حتى لا ترى أحدا ذا عقل

وهنا كذاك كما أشار نبينا صلى الله عليه وسلم روى الإمام أحمد فى السند أيضا والإمام ابن ماجة فى السنن وإسناد الحديث صحيح من رواية سيدنا أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن بين يدى الساعة لهرجا وقال رجل يا رسول الله عليه الصلاة والسلام وما الهرج

قال القتل

ص: 26

فقال بعض الصحابة الحاضرين رضوان الله عليهم أجمعين يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إنا نقتل من المشركين فى العام الواحد كذا وكذا يعنى يقع قتل كثير لكن من أعداء الله الجليل نقتلهم وبين يدى الساعة هرج قتل يقع القتل فى هذه الأيام

قال ليس بقتل المشركين ولكن يقتل بعضكم بعضا حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته

استمع لكلام الصحابة الكرام حقيقة هذا أمر يستدعى الاستغراب والعجب

قالوا يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعنا عقولنا يعنى فى ذلك الزمان من يكون ويقتل جاره وابن عمه وذا قرابته عنده عقل ما عنده عقل كما قال ابن عباس رضى الله عنهما تعرج بعقول الناس فى ذلك الزمان فلا ترى أحدا ذا عقل ومعنا عقولنا

فقال نبينا عليه الصلاة والسلام لا تنزع عقول أهل ذلك الزمان ويخلفهم هباء من الناس لا عقول لهم

كما قال سيدنا عبد الله ابن عباس (يأتى على الناس زمان يُعرج فيه بعقول الناس حتى لا تجد أحدا ذا عقل)

وهذه حقيقة كما قلت أحوالنا وأوضاعنا التى نعيش فيها وإلى الله نشكوا أحوالنا

الحديث كما قلت إخوتى الكرام له شواهد كثيرة حديث النعمان ابن بشير منها ما ثبت فى السند وصحيح مسلم وسنن الترمذى من وراية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه قال

(بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم هذا بناء على حديث النعمان ابن بشير تماما بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل)

هناك يبيع أقوام خلاقهم يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل

نعم إخوتى الكرام هذه أحوال عرجت فى هذه الأيام بعقول الأنام فلا ترى ذا عقل وحقيقة حالنا كما أشار إلى ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام كما فى السند والصحيحين وسنن الترمذى وغير ذلك من رواية سيدنا حذيفة ابن اليمان فى الحديث الطويل

ص: 27

(حتى يقال للرجل ما أظرفه وماأجلده وما أعقله وما فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان)

هذا زماننا ما أظرفه ما أجلده ما أعقله وما فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان وإن أردت أن تتحقق هذا فافتح وسائل الإعلام واسمع الثناء الذى يكال لأعداء الرحمن ما أظرفه ما أجلده ما أعقله وما فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان

هذا كلام النبى عليه الصلاة والسلام ولذلك تعرج بعقول الناس فى ذلك الزمان يأتى عليهم زمان تعرج فيه بعقول الناس حتى لا ترى ذا عقل حقيقة هذه أحوالنا التى نعيش فيها وإلى الله نشكو أمورنا

إخوتى الكرام ختام الكلام وفاة سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وما حصل له من كرامة عند موته رضى الله عنه وأرضاه توفى كما قلت سنة ثمان وستين ودفن فى الطائف رضى الله عنه وأرضاه وفداه أنفسنا وآباؤنا وأمهاتنا وهو فى المكان الملاصق للمسجد الكبير أكبر مساجد الطائف مسجد سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وما أعلم أحدا إذا ذهب منكم إلى حج أو عمرة يمر بهذا الصحابى المبارك وبغيره من الصحابة الكرام الذين دفنوا فى أمصار المسلمين يزورهم ويدعو لهم ويقوم بما يجب لهم على المسلمين أم لا هذا حقيقة ما أعلمه يعنى كم من إنسان يمر فى الطائف ولا يخطر بباله أن يذهب ليؤدى الحق الواجب نحو هذا الصحابى الجليل ولا أقول نذهب لنتمسح بقبر لا لا، لكن يا عبد الله زيارة مشروعة وأنت إذا دخلت إلى ذلك المكان فمن حق هذا الصحابى عليك أن تزوره وأن تدعو له هذا من حقه عليك كما لو كان حيا من حقه عليك أن تسلم عليه وهكذا هو فى هذه البقعة المباركة التى دفن فيها تذهب تسلم عليه تدعو له تسأل الله جل وعلا أن يجعل قبره نورا ووأن يجزيه عن هذه الأمة خير الجزاء لما نشر فيها من علم نافع من تفسير كلام الله عز جل ومن فقه تقدم معنا جمع فى عشرين مجلدا رضى الله عنه وأرضاه هذا حقيقة له حق على الأمة

ص: 28

لكن بلغنى أن كثيرا من الناس فى هذه البلاد يذهب ويحج ولا يزو المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه وقال لى بعضهم إنه حج مرارا وما يعرف المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه وما وصلها قلت يا أخى يعنى بينك وبين النبى عليه الصلاة والسلام جفوة أو خصومة أو ما هو الخبر أريد أن أعلم يعنى أمَا للنبى عليه الصلاة والسلام حق على أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام أما له حق علينا يا عبد الله أمرنا أن نشد الرحل إلى الصلاة فى المسجد عليه الصلاة والسلام ثم بعد ذلك تصلى وتسلم عليه عندما تذهب إلى ذلك المسجد المبارك أما طول حياتك ما رأيت المدينة المنورة التى شاع منها الإسلام وانتشر يعنى فى أرجاء المعمورة أمر عجيب حقيقة أمر عجيب ولعل بعضهم يذهب فى السنة مرات يعنى كما يقال هنا وهناك ثم فى حياته ما زار المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه وهكذا عندما يمر بالطائف يعنى يذهب إلى عمرة أو حج يا عبد الله اذهب صلِّ فى هذا المسجد ثم بعد ذلك زر هذا الصحابى المبارك وادعُ له وقم بما يجب عليك نحوه وهكذا يعنى الصحابة الآخرون رضوان الله عليهم أجمعين

هذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه دفن فى الطائف رضى الله عنه وأرضاه سنة ثمان وستين من هجرة نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه

وثبت عند موته له كرامة متواترة كما نص على ذلك الإمام الذهبى وهذه الكرامة رواها الحاكم فى المستدرك انظروها فى الجزء الثالث صفحة أربع وأربعين وخمسمائة وأبو نعيم فى الحلية ورواها الطبرانى فى معجمه الكبير كما فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة خمس وثمانين ومائتين بسند رجاله رجال الصحيح والأثر رواه الفسوى فى المعرفة والتاريخ ورواه الإمام الحسن ابن عرفة فى جزئه المشهور وهو غير ذلك من كتب الأثر

ص: 29

عن سعيد ابن جبير وغيره رضى الله عنهم أجمعين قال لما مات سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما جاء طائر أبيض لم يرَ على خلقته طائر

يقول ما رأينا طائرا على خلقته وما رأينا بشكله من الطيور

جاء طائر أبيض لم يرَ على خلقته فدخل فى أكفانه أكفان سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين دخل فى نعشه وفى أكفانه

يقول ثم ما رأيناه ولا خرج دخل وما خرج

يقول فلما وضع رضى الله عنه وأرضاه فى القبر فى لحده سمعوا من يتلو قول الله عز وجل دون أن يروا أحدا يعنى من الحاضرين يتكلم

{يا أيتها النفس المطمئنة* ارجعي إلى ربك راضية مرضية *فادخلي في عبادي*وادخلي جنتي} [الفجر/27-30]

سمع هذا من شفير القبر كل من حضر دفنه ورأوا ذلك الطائر الأبيض جاء ودخل فى نعشه بين أكفانه وهو ينظرون ثم ما طار ولا خرج

وذلك هو عمله الصالح الذى سيكون معه وهكذا نور عينيه الذى ذهب من بصره عندما عمى فى آخر حياته

وسبب ما حدث له من العمى لرؤيته جبريل على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه مرتين والآثار واردة إخوتى الكرام بذلك فى معجم الطبرانى الكبير بسند رجاله ثقات انظروها فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة سبع وسبعين ومائتين وكما قلت إسناد الأثر رجاله ثقات فأخبره نبينا عليه الصلاة والسلام عندما رأى جبريل يناجى نبينا الجليل عليه الصلاة والسلام لأن بصره سيذهب وأنه سيؤتى علما

والأثر وراه الحاكم فى المستدرك لكن طريق الحاكم إسناد الحاكم فيه ضعف وانظروا الكلام على ذلك إخوتى الكرام فى البداية والنهاية فى الجزء الثانى صفحة ثمان وتسعين مائتين فرجى نبينا عليه الصلاة والسلام أن يكون ما سيحل به فى آخر حياته وأن يعود إليه ذلك عند وفاته

وواقع الأمر طرأ عليه العمى قبل وفاته بقليل ثم قيل هذا الطائر عمله وقيل نور عينيه عاد إليه ودخل فيه والعلم عند الله جل وعلا

ص: 30

والأثر كما قلت ثابت قال الذهبى فى السير فى الجزء الثالث صفحة ثمان وخمسن ثلاثمائة هذه قضية متواترة ولما طرأ عليه ما طرأ من العمى فى عينيه رضى الله عنه وأرضاه جاءه من يعالجون ويداوون بإخراج يعنى هذا الماء الذى نزل فى عينيه ثم قالوا له تمكث خمسة أيام لا تصلى وفى رواية سبعة أيام لا تصلى إلا إيماء

فقال والله لا اترك صلاة واحدة

وفى رواية كما فى المستدرك أرسل إلى أمنا عائشة وأبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين وغيرهما من الصحابة فقالوا له كيف تفعل إذا جاء أجلك فى هذه الأيام وأنت لا تصلى مع أنه معذور لكن إخوتى الكرام كما قلت مرارا نأخذ بعزائم الأمور والعلاج رخصة فآثر فقد البصر على ترك الصلوات فى هذه الأيام بالكيفية السليمة لأنه سيصليها فيصليها إيماء لو عولج فى عينيه

لو نحن لعل الواحد منا أحيانا يعنى من أجل يسير ليس يترك الصلاة يعنى كما يقال إيماء نسأل الله العافية كم من إنسان يسألنى أحيانا دخل المستشفى يقول ما صليت لمَ؟ ما صليت أبدا يقول يشق علىَّ يجلس شهرا وشهرين ما صلى صلاة لله طول حياته فى المستشفى وما فيه شىء جالس على سرير ويقدم إليه كما يقال الخير الوفير وما صلى ركعة لله عز وجل يا عبد الله هل سقط عنك هذا، هذا ما يسقط لكن هذا جهلنا وهذا ضلالنا وهنا عذر ومع ذلك امتنع عن ذلك رضى الله عنه وأرضاه

انظروا أيضا ذلك فى المستدرك وفى المصباح المضىء فى الجزء الأول صفحة خمس وعشرين مائة ولما أُخذ نور عينيه له أجر كبير عند الله كما ثبت فى صحيح البخارى والحديث فى سنن الترمذى وغير ذلك من دوايين السنة من رواية سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أن الله قال جل وعلا إذا ابتليت عبدى بحبيبتيه بكريمتيه ثم صبر عضوته منهما الجنة)

لما ذهب بصره قال بيتين محكمين من الشعر

إن يأخذ الله من عينى نورهما ففى فؤادى وقلبى منهما نور

قلبى ذكى وعقلى غير ذى دخن وفى فمى صارم كالسيف مأثور

ص: 31

كنت أحفظ البيت سابقا منشور لكن الآن الكتب بين يدى مأثور وفى فمى صارم كالسيف مأثور يقصد لسانه كأنه سيف يقول الكلام الجزم الفصل رضى الله عنه وأرضاه

إن يأخذ الله من عينى نورهما ففى فؤادى وقلبى منهما نور

قلبى ذكى وعقلى غير ذى دخن وفى فمى صارم كالسيف مأثور

ص: 32