المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ٥٣

[عبد الرحيم الطحان]

فهرس الكتاب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

أما بعد إخوتى الكرام

شرعنا فى مدارسة الأمر الثانى من المقدمة التى سنتدارسها قبل البدء بدروس الفقه وقلت هذه المقدمة ستدور على أمرين اثنين:

الأمر الأول مر الكلام عليه فى تعريف علم الفقه ومنزلته وفى وجوب الاحتكام إلى شريعة ذى الجلال والإكرام

والأمر الثانى كما قلت فى ترجمة موجزة لأئمتنا الفقهاء الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين ،قدمت للإمر الثانى إخوتى الكرام بمقدمة فى الموعظة الماضية وهى فى منزلة ذكر الصالحين فى الدين فقلت هذا لون من ألوان الدعوة إلى رب العالمين وهذا البحث كما قلت ليس من باب النافلة والاستطراد إنما ينبغى أن يعتنى به أهل الرشاد فعدا عن حق أئمتنا علينا وعدا عن تقربنا بذلك إلى ربنا عدا عن هذين الأمرين كما قلت أن النفس البشرية تستروح إلى القصة والخبر ثم بعد ذلك عندما تسمع تسرى فيها أمور الخير التى تحتويها هذه القصة من حيث لا تشعر النفس البشرية وعليه كما قلت نحن بذلك نحصل فائدة عندما نسمع أخبار أئمتنا وهذا كما قلت نشبع به الشعور النفسى الشعور الفطرى فى نفوسنا ثم بعد ذلك نهذب أنفسنا يعنى من حيث لا نشعر عندما نعلم أحوال أئمتنا وهذا يدعونا للابتداء بهم رضوان الله عليهم

ص: 1

إخوتى الكرام آخر ما ذكرته فى الموعظة الماضية أنه عند ذكر الصالحين تنزل رحمات رب العالمين سبحانه وتعالى وقلت إن هذا الأثر ثابت عن أئمتنا الكرام الطيبين قاله سفيان بن عيينة وقاله سفيان الثورى وأيضا استشهد به أئمة الإسلام الإمام أحمد ومن بعده رضوان الله عليهم أجمعين

وقلت أنه كلام حق ومعتبر عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة وبينت معناه ووجهت هذا القول ونقلته كلام الإمام الغزالى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى توجيهه وبيان معناه وقلت إخوتى الكرام سنبدأ فى أول الموعظة بأمر يسير تكلمة للأمر الذى تدارسناه فى الموعظة الماضية ثم ندخل فى ترجمة سيدنا إبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه

هذا الأمر إخوتى الكرام الذى بقى علينا قلت كما أنه عند ذكر الصالحين تنزل رحمات رب العالمين أيضا عند ذكرهم يذكر رب العالمين سبحانه وتعالى

كما أنه عند ذكر الله يُذكر أولياء الله وقد أشار إلى ذلك نبينا رسول الله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه

ثبت فى مسند الإمام أحمد والأثر رواه أبو نعيم فى الحلية والحكيم الترمذى من رواية سيدنا عمرو بن الجموح الأنصارى رضى الله عنه وأرضاه والأثر رواه الطبرانى فى معجمه الكبير عن عمرو بن الحنق فهو عن صحابين عن عمرو بن الجموح وعن عمرو بن الحنق رضى الله عنهم أجمعين

وفى إسناد الحديثين رِشدين بن سعد الإمام الصالح من بلاد مصر قال عنه الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء الأول صفحة تسع وثمانين ضعيف فيه رشدين بن سعد ضعيف وإطلاق الضعف فيه يحتاج إلى شىء من التفصيل كما قال الحافظ فى التقريب قال ضعيف ورجح أبو حاتم بن لهيعة عليه رجح ابن لهيعة عليه قال وكان أى ابن رشدين وكان رجلا صالحا فى دينه لكن فأدركته غفلة الصالحين فكان يهِم ويخطىء وقد أخرج حديثه الترمذى فى السنن والإمام ابن ماجة وتوفى سنة ثمان وثمانين بعد المائة عليه رحمة الله ورضوانه

ومعنى الحديث إخوتى الكرام ثابت صحيح فى آثار كثيرة

ص: 2

ولفظ الحديث عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أنه قال:

لا يجد العبد صريح الإيمان حتى يحب لله ويبغض فى الله فإذا أحب فى الله وأبغض فى الله استحق الولاية من الله صار وليا لله عز وجل استحق الولاية من الله، قال الله عز وجل وإن أوليائى من عبادى وأحبائى من خلقى الذين يذكرون بذكرى وأذكر بذكرهم فإذا ذكرت ذكروا فهم أوليائى وهم أحبابى وإذا ذكروا ذكرت وأنا سيدهم ومالكهم سبحانه وتعالى

إذن يذكرون بذكرى وأذكر بذكرهم والحديث كما قلت ما فى إسناده من تُكُلم فيه إلا هذا العبد الصالح الذى أخذته غفوة الصالحين رشدين بن سعد عليه رضوان رب العالمين

وهذا النعت إخوتى الكرام لأولياء الله المتقين هو المذكور أيضا فى ما أنزل على أنبياء الله السابقين على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه روى شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك فى كتاب الزهد والرقائق صفحة واحدة وسبعين والأثر فى المسند والأثر رواه الإمام أحمد فى كتاب الزهد فى صفحة أربع وسبعين وهو من أخبار أهل الكتاب السابق من أخبار نبى الله موسى على نبينا وعليه وصحبه صلوات الله وسلامه

قال نبى الله على نبينا وعليه وصحبه صلوات الله وسلامه مخاطبا ربه جل وعلا:

رب أخبرنى عن أهل الذين هم أهلك فقال المتحابون فىَّ الذين يعمُرون مساجدى بذكرى ويستغفرونى بالأسحار الذين إذا ذكرت ذكروا وإذا ذكروا ذكرت هم الذين يُنِيبون إلى طاعتى كما تنيب النسور إلى وكورها

ص: 3

يرجعون إلى طاعة الله ويلازمونها كما تلازم النسور أوكارها أو بيوتها ويَكلفَون بحبى أى يتعلقون يكلفون بحبى كما يكلف الصبى بأمه ويغضبون لمحارمى إذا انتُهكت كما يغضب الليث الحَرِب أى إذا غضب وأراد أن ينتقم يغضبون لمحارمى إذا انتهكت كما يغضب الليث الحرب يُنِيبون إلى طاعتى كما تنيب النسور إلى وكورها يكلفون بحبى كما يكلف الصبى بأمه يغضبون لمحارمى إذا انتُهكت كما يغض الليث الحَرِب الأسد إذا غضب وأراد أن ينتقم حقيقة يذكر الله إذا ذكر أولياء الله ويذكر الصالحون إذا ذكر الحى القيوم ولذلك عند ذكرهم تنزل رحمة الله جل وعلا

وكما قلت إخوتى الكرام لذكرهم أثر كبير على نفوس العباد فالسعيد السعيد من وُفق لذكرهم ومحبتهم وتعلق بهم رضوان الله عليهم أجمعين

ذكر الإمام ابن الجوزى فى أول كتابه صفة الصفوة فى الجزء الأول صفحة خمس وأربعين بعد الأثر المتقدم عن سيدنا سفيان بن عيينة نقل هذا الأثر عن محمد بن يونس أنه قال:

ما رأيت للقلب أنفع من ذكر الصالحين

وقال العبد الصالح خلف بن حوشب وهو من العلماء الربانيين روى له البخارى فى صحيحه تعليقا والإمام النسائى فى خصائص سيدنا على رضى الله عنه وأرضاه قال:

ما رأيت للقلب أنفع من أخلاق القوم

أى ذكر أخلاق القوم أخلاق الصالحين فإذا ذكرها الإنسان كما قلت يعنى تسرى معانيها فى ذراته من حيث لا يشعر

إخوتى الكرام هذا كما قلت فى المقدمة للأمر الثانى من مقدمتنا فى دروس الفقه عندما نتدارس أخبار أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين كما قلت لذلك فوائد كثيرة أبدأ إخوتى الكرام بعد ذلك بمدارسة أول الفقهاء الأربعة سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين

ص: 4

إخوتى الكرام كما وعدت فى الموعظة الماضية أن مدارستنا لكل واحد من أئمتنا ستكون فى موعظة ويعلم ربى جلست اليوم وقتا طويلا لأضغط ما يتعلق بترجمة سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه يعنى ليتم الكلام عليه فى موعظة ما أظن أن الأمر سيحصل فعلى كل حال يعنى لعلنا نضاعف الأمر لتكون ترجمة كل إمام فى موعظتين لنأخذ كما يقال فكرة واضحة عن الإمام واصبروا وما صبركم إلا بالرحمن

إخوتى الكرام يعنى دراستنا للفقيه الأول رضى الله عنه وأرضاه ستقوم على أربعة أمور

سنتدارس أمرين فى هذه الموعظة فيما يتعلق بنسبه وطلبه هذا الأمر الأول والثانى فيما يتعلق بثناء العلماء عليه رضوان الله عليهم أجمعين ، بقى بعد ذلك طريقته فى التفقه فى الدين وما اعتُرض على هذه الطريقة من قِبل الواهمين يأتينا الكلام على هذا فى الأمر الثالث والأمر الرابع أختم به ترجمته حاله مع الله عز وجل فى عبادته وزهده وورعه ومحاسبته لنفسه رضى الله عنه وعن أئمتنا أجمعين

فلنأخذ الأمرين كما قلت الأُوليين فى ترجمة سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه

إخوتى الكرام أما فيما يتعلق بفقيه الملة وأول الأئمة وهو الإمام الأعظم فقيه العراق والمعظم فى الآفاق أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زُوطى على وزن موسى أو على وزن سَلمى زَوطى أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زُوطى بن زَوطى

وزَوطى قيل لقب واسم زَوطى زُوطى اسمه النعمان وعليه أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزوبان وهو فارسى الأصل رضى الله عنه وأرضاه من الفرس رضى الله عنه وأرضاه أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن النعمان والجد النعمان أو زُوطى زَوطى قيل لقب وقيل اسم ثان له والعلم عند الله جل وعلا،

ص: 5

على كل حال أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزوبان وُلد سنة ثمانين وتوفى سنة خمسين بعد المائة من هجرة نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أسلم جد وهو النعمان زُوطى زَوطى أوليس كذلك؟ أسلم جده ووُلد له ثابت وهو والد سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين ووُلد له ثابت فى عهد سيدنا على رضى الله عنه وأرضاه فحمل النعمان زُوطى زَوطى ولده ثابتا إلى سيدنا على ليُبرِّك عليه ليدعو له بالبركة فقرأ عليه ودعا له ومسح عليه فنالته البركة ولذلك كان حماد ولد سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين يقول إنا لنرجو البركة التى دعا لنا بها علِى رضى الله عنهم وأرضاهم لأن والد سيدنا أبى حنيفة دعا له سيدنا علِى قرأ عليه مسح عليه وزُوطى زَوطى الذى هو النعمان أسلم ووالد سيدنا أبى حنيفة أسلم ووُلد فى الإسلام والد سيدنا أبى حنيفة وهو ثابت

والإمام أبو حنيفة رضى الله عنه وأرضاه وُلد فى عصر النور والإسلام أيضا وقد رأى سيدنا أنس بن مالك باتفاق أئمتنا لكن اختُلف فى رؤية غيره من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فقيل رأى ستة وقيل أكثر وقيل أقل وفى ذلك نزاع الذى يهمنا أنه رأى سيدنا أنس بن مالك بلا شك هذا باتفاق أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين

وسيدنا أنس رضى الله عنه وأرضاه كان يسكن البصرة وبها توفى، وتوفى سنة اثنتين وتسعين أو ثلاث وتسعين من هجرة نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وعليه كان عُمْر سيدنا أبى حنيفة اثنتى عشرة أو ثلاث عشرة سنة وكان سيدنا أنس كثيرا ما يأتى إلى الكوفة فرآه سيدنا أبو حنيفة رضى الله عنه وأرضاه قيل سمع منه وروى عنه وقيل رآه دون سماع

أما الرؤيا ثابتة بيقين وعليه أبو حنيفة من التابعين وهذه منقبة عظيمة جليلة لهذا الإمام الكريم العظيم لم تثبت لغيره من الأئمة الأربعة الكرام الطيبين رضوان الله عليهم أجمعين

ص: 6

والتابعون لهم فضل عظيم إخوتى الكرام لهم فضل عظيم فى الدين روى الإمام الترمذى فى سننه وقال هذا حديث حسن غريب والحديث رواه الإمام ابن أبى عاصم فى كتاب السنة ورواه أبو نعيم فى كتاب المعرفة معرفة الصحابة ورواه الإمام الضياء المقدسى فى الأحاديث الجياد المختارة والحديث تقدم معنا ضمن مواعظ الجمعة وقلت إنه صحيح صحيح صحيح وقد حسنه الإمام الترمذى وصححه الضياء المقدسى وصححه جم غفير من أئمتنا

ولفظ الحديث عن سيدنا جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:

لا تمسوا النار مسلما رآنى ولا رأى من رآنى

لا تمسوا النار مسلما رآنى وهو الصحابى

ولا رأى من رآنى وهو التابعى رضوان الله عليهم أجمعين

وتقدم معنا إخوتى الكرام ما يتعلق بهذا الحديث وقلت لا ينزل عن درجة الحسن وتقدم أنه فى إسناده موسى بن إبراهيم الأنصارى رضى الله عنه وأرضاه وقلت إنه من أهل السنن الأربعة إلا سنن أبى داود فلم يروِ له الإمام أبو داود وتقدم معنا أنه صدوق مبارك ووُثق من قِبل جم غفير من أئمتنا وما ضعفه أحد

وتقدم معنا أن تشويش المشوشين على هذا الحديث قلت إخوتى الكرام تشويش باطل ويكفى فى بطلانه أنهم هم حسنوا الحديث الذى من طريق موسى بن إبراهيم الأنصارى فى رواية أخرى وهى (فيكم من يستحضرها)

أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله

فالحديث مروى بنفس الإسناد من طريق موسى بن إبراهيم الأنصارى رواه الترمذى وقال هذا حديث حسن غريب كما قال عن هذا وقال لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم الأنصارى حسن غريب والحديث رواه الإمام ابن ماجة وابن حبان فى صحيحه والحاكم فى مستدركه أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله

أيضا من رواية سيدنا جابر بن عبد الله رضى الله عنهم أجمعين

الحديث الثانى وافقوا الترمذى فى تحسينه والحديث الأول خالفوا الترمذى فى تحسينه لمَ؟

ص: 7

ما عندهم نهج مستقيم يسيرون عليه فى الدين فالإسنادان فيهما موسى بن إبراهيم وهو صدوق لا ينزل حديثه عن درجة الحسن وُثق من قِبل جم غفير من أئمتنا وما ضعفه أحد، هناك يضعف الحديث من أجل موسى بن إبراهيم لا من أجل علة أخرى وهنا انفرد بالرواية يحسن الحديث كما قلت هذا حال المعاصرين ولما كلمت بعض الإخوة الذين فعلوا هذا قال لا علم لى بذلك يحتاج الأمر إلى مراجعة مرة ثانية قلت الحديثان من طريق هذا العبد الصالح والترمذى يقول غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم وأنت هناك تحسن وهنا تضعف لمَ؟ هنا فى الحديث استغربته بعقلك بناء عليه تقول إنه ضعيف لا تمسوا النار مسلما رآنى ولا رأى من رآنى يعنى هكذا عقلك ما راق له الحديث قلت إنه ضعيف!!!

يا عبد الله ما هكذا تورد الإبل حديث صحيح كما قلت والحديثان ثابتان حسنهما الإمام الترمذى والإمام الترمذى إمام هُمام يدرى ما يخرج من رأسه

فإذا حسن لموسى بن إبراهيم سيلزم هذا التحسين وأما انظر لحال المتناقضين هنا يحسن له وهنا يضعفه وتقدم معنا مَن وقعوا فى هذا من المعاصرين وقلت إن كلامهم مردود عليهم كما يرد عليهم سائر شذوذهم الذى يقعون فيه فى هذا الحين وهذا مما يلزمنا باتباع أئمتنا المتقدمين وترك ما أحدثه من أحدثه من المتأخرين فى هذا الحين،

الحديث صحيح وهذه كما قلت منقبة عظيمة لسيدنا أبى حنيفة فهو مسلم وهوشيخ المسلمين فى زمنه وقد رأى بعض الصحابة الكرام الطيبين فهنيئا له عند رب العالمين،

لا تمسوا النار مسلما رآنى ولا رأى من رآنى

إذاً هو تابعى وأبوه كما قلت وُلد فى الإسلام وجده النعمان زُوطى زَوطى أسلم ولما أيضا وُلد له ثابت كما تقدم معنا أتى به إلى سيدنا على وكان سيدنا على يداعب النعمان زَوطى زُوطى فأهدى له مرة فالوزجا وهى نوع من الحلوى فسأله ما هذا

قال هذا يعنى كنا نأكله أيام النيروز والمِهرجان يعنى عند الفرس

ص: 8

فقال نيرزون كل يوم مَهرِجون كل يوم إذا عندكم هذا الطعام الطيب هاتوا منه بكثرة سيدنا على يقول لجد سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين نيرزون كل يوم ما دام هذا الطعام كنتم تأكلونه أيام النيروز ووقت معين يحتفلون فيه يعنى عند الفرس وهكذا المِهرجان فمَهرِجون ونيرزون وهاتوا الفالوزج يعنى على الدوام باستمرار فأحضر له كما قلت ولده ثابتا فدعا له الجد أسلم والأب ولد فى الإسلام وسيدنا أبو حنيفة رضى الله عنه وأرضاه من التابعين الكرام كما قلت رأى سيدنا أنس بن مالك رضى الله عنهم أجمعين

تحصيله للعلم وجده اجتهاده

فى ذلك لا زلنا ضمن الأمر الأول فى نسبه وتحصيله ثم فى الأمر الثانى فى ثناء العلماء عليه رضوان الله عليهم أجمعين

حقيقة إخوتى الكرام جَدَّ جدا واجتهد اجتهادا فى طلب العلم لا نظير أحصى أئمتنا شيوخ سيدنا أبى حنيفة فبلغوا أربعة آلاف شيخ تلقى العلم عن أربعة آلاف شيخ ممن؟

ص: 9

من كبار التابعين رضوان الله عليهم أجمعين يعنى كما قلت الطبقة التى هو فيها هو الآن من صغار التابعين أدرك سيدنا أنس بن مالك لكن الذين تلقى العلم عنهم هؤلاء من كبار التابعين رضوان الله عليهم أجمعين عن أربعة آلاف شيخ يتلقى العلم كما فى سائر الكتب التى ترجمت ولا أريد أن أحدد يعنى كما يقال أجزاء وصفحات فى ذلك يعنى فى الخيرات الحسان فى مناقب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان للحافظ ابن حجر الهيثمى وهو شافعى يترجم لسيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين وقد ألف كتابا قبل هذا فى تراجم سيدنا أبى حنيفة عندما جاء بعض المشايخ الكرام من القسطنطينية وأعطاه نسخة واحتفظ بنسخة ثم استعار منه بعض مَن يغفر الله لنا ولهم وأحيانا بعض الناس يعنى يستعير ولا يبالى فاستعار هذه النسخة وأهملها حتى ضاعت فحَزِن عليها الحافظ ابن حجر وما عنده إلا هى فى مناقب سيدنا أبى حنيفة فأراد أن يكتب كتابا آخر ثم عثر على كتاب سيدنا أبى حنيفة وهو عقود الجمان فى ترجمة الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمحمد بن يوسف الصالحى صاحب كتاب سبل الرشاد فى سيرة نبينا خير العباد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فاختصر المجلد الكبير وهو مطبوع أيضا فى هذا الكتاب الصغير سماه الخيرات الحسان فى مناقب الأعظم أبى حنيفة النعمان وهكذا فى الانتقاء وهكذا فى السير وهكذا فى كتب كثيرة لا تحصى فى تراجم هذا الإمام المبارك فقيه الملة رضى الله عنه وأرضاه شيوخه أربعة آلاف شيخ

وقد حلت له بشارة فى بدء طلبه فَزِع منها لكنها تبشره بكل خير حاصلها كما قلت فى سائر الكتب التى ترجمته يقول:

رأيت رؤيا أفزعتنى فى بدء طلبى رأيت كأنى أنبش قبر النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فأخرجت عظامه الطيبة المباركة الطاهرة عليه صلوات الله وسلامه

ص: 10

قال فاحتنضنتها نبشت قبره عليه صلوات الله وسلامه وأخرجت العظام واحتضنتها قال فهالنى ذلك وأفزعنى فذهبت إلى محمد بن سيرين أين هو؟ فى البصرة شد رحله من أجل أن يسأله

وفى رواية عندما وصل ما استطاع أن يشافهه بالرؤيا خشية أن تكون مفزعة ومنذرة ومخيفة فلما وصل إلى البصرة كلَّف بعض إخوانه من طلبة العلم أن يسأل

فقال من صاحب الرؤيا محمد بن سيرين

قال يعنى سائل يسأل قال من هو قال أبو حنيفة فلان هذا طالب علم المبتدىء الذى سيكون له شأن إن شاء الله

قال بشره أنه يجمع أخبار النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه يجمع أخبار النبى عليه الصلاة والسلام وينشرها

قال له لتنبُشن أخبار النبى عليه الصلاة والسلام ولتحيين سنته على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.

أربعة آلاف شيخ ليس فى الإمكان أن نترجم يعنى لكلهم ولا لعشرهم ولا لعشر من عشارهم سآخذ واحدا منهم فقط وهو أبرز شيوخه الذى لازمه ثمانى عشرة سنة حتى قُبض وهو سيدنا حماد بن أبى سليمان وأبو سليمان اسمه مسلم وعليه حماد بن مسلم أبو إسماعيل الكوفى فقيه صدوق إمام مبارك روى له البخارى فى الأدب المفرد والإمام مسلم فى صحيحه ورورى له أهل السنن الأربعة وتوفى سنة عشرين ومائة للهجرة يعنى قبل وفاة سيدنا أبى حنيفة بثلاثين سنة أوليس كذلك؟ لازمه ثمانى عشرة سنة احسب عشرين وعليه لازمه من سنة مائة إلى سنة مائة وعشرين أوليس كذلك يعنى لازمه الإمام أبو حنيفة عندما كان عمر أبى حنيفة عشرين سنة بقى ملازما له عشرين سنة إلى أن أكمل الأربعين عليه رضوان رب العالمين عشرين سنة يلازم شيخه حماد وما فارق حلقة حماد بن أبى سليمان له شأن عظيم

انظروا ترجمته فى السير فى الجزء الخامس صفحة واحدة وثلاثين ومائتين قال عنه الذهبى هو أحد الأذكياء كان من الكرام الأسخياء هو العلامة الإمام فقيه العراق حماد بن أبى سليمان وأبو سليمان اسمه مسلم كما قلت

من سخائه وجوده

ص: 11

كان يطعم كل يوم فى رمضان خمسمائة إنسان يفطرون عنده خمسمائة فإذا صارت ليلة العيد كسى كل واحد منهم ثوبا وأعطاه مائة درهم فمائة اضربها فى خمسمائة يعنى خمسون ألفا أوليس كذلك؟

خمسون ألفا فى ذلك الوقت خمسون ألف درهم يعنى حقيقة تشترى سوقا يعطى لك واحد ثوبا ثوب العيد كسوة العيد يعطيه إياها وبعد ذلك مصاريف العيد مهما يريد أن يتوسع مائة درهم وأيام رمضان يفطرون عنده خمسمائة وحتما الذى يفطر عنده سيرسل إلى أهله يعنى ليس هو يأتى الرجل يأكل والأسرة تبقى يعنى تتشهى فهذا حال هذا العبد الصالح من الأسخياء شيخ سيدنا أبى حنيفة وأبو حنيفة تلقى العلم والجود والسخاء والنبل والفضيلة عن هذا الإمام المبارك حماد بن أبى سليمان رضى الله عنه وعن أئمة الإسلام

قال الذهبى فى السير فى ترجمة حماد وختم ترجمته بهذا الكلام صفحة ست وثلاثين ومائتين قال:

أفقه الكوفة سيدنا على وابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين وما حل الكوفة أفقه منهما أفقه الكوفة علَى وابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين قال وأفقه أصحابهما أصحاب على وابن مسعود أفقه أصحابهما علقمة بن الأسود رضى الله عنهم أجمعين وأفقه أصحاب علقمة إبراهيم النَخَعى وأفقه أصحاب إبراهيم حماد بن أبى سليمان وأفقه أصحاب حماد سيدنا أبو حنيفة النعمان وأفقه أصحاب أبى حنيفة الإمام أبو يوسف قال وفى عهد أبى يوسف انتشر أصحابه فى الآفاق وتفرقوا فى الأمصار وأفقه أصحاب أبى يوسف محمد بن الحسن وأفقه أصحاب محمد بن الحسن الإمام الشافعى رضوان الله عليهم أجمعين

خذ هذه السلسلة الإمام الشافعى عن محمد بن الحسن عن أبى يوسف عن سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين عن شيخ حماد بن أبى سليمان عن شيخ إبراهيم النخعى عن شيخ علقمة بن الأسود عن عبد الله بن مسعود وسيدنا على

إذاً ماذا تريد أعلى من هذا الإسناد

ص: 12

لما اجتمع سيدنا أبو حنيفة رضى الله عنه وأرضاه بأبى جعفر المنصور ونسأل الله الرحمة للمسلمين أجمعين لكن شتان بين سيدنا أبى حنيفة وأبى حعفر المنصور شتان شتان قال:

عمن أخذت يا أبا حنيفة

قال عن أصحاب علَى وأصحاب عبد الله بن مسعود وأصحاب عمر الذين أرسلهم أيضا إلى الكوفة ليفقهوا

قال لقد تَثَبَّتَ

حقيقة إذا أخذت العلم عن التابعين الذين تلقوا عن خليفتين راشدين سيدنا عمر وسيدنا على وعن عبد الله بن مسعود إذاً ما بعد هذا التثبت تَثَبَّتَ فعلى بينة وهدى إذا كان هو إسنادك وهؤلاء هم شيوخك رضى الله عنهم وأرضاهم

إخوتى الكرام لزمه كما قلت ثمانى عشرة سنة وقد كان36:13بوالديه فى الحب والمنزلة وحفظ الود والحقوق فكان سيدنا أبو حنيفة رضى الله عنه وأرضاه يقول كما فى الكتب التى ترجمته كما قلت وأريد أن أحدث جزءا وصفحة يعنى انظروا مثلا الخيرات الحسان صفحة اثنتين وسبعين وغير ذلك،

كان يقول رضى الله عنه وأرضاه:

لا صليت صلاة إلا استغفرت لوالدى وليشخى حماد بن أبى سليمان لا أصلى صلاة إلا أدعوا لوالدى ولشيخى وحقيقة وأُمرنا أن ندعو للوالدين والشيخ له حق الذى رباك وعلمك،

(إن اشكر لى ولوالديك إلى المصير)

قال سيدنا سفيان بن عيينة رضى الله عنه:

(من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ومن دعا لوالديه عقيب كل صلاة فقد شكر لوالديه إن اشكر لى ولوالديك إلى المصير)

فما صلى سيدنا أبو حنيفة رضى الله عنه وأرضاه صلاة إلا دعا لوالديه ولشيخه حماد وكان يقول:

ما مددت رجلى نحو بيتى شيخى حماد بن أبى سليمان وبينى وبينه سبع سكك سبعة طرق بينى وبينه لا أمد رجلى جهة بيت شيخى احتراما واجلالا له

ص: 13

وتقدم معنا مثل هذا الأدب عن سيدنا الإمام أحمد مع الإمام الشافعى رضوان الله عليهم أجمعين وهذا هو الأدب إخوتى الكرام وقلت ينبغى أن نجعل علمنا ملحا وأدبا دقيقا والآن انعكست بل ضيعنا العلم والملح ما بقى عندنا إلا نخالة وتراب وزجاج تأتى تقول له، يقول ما الدليل على هذا!! ، هذا تنطع!!

أبو حنيفة رضى الله عنه يمتنع من مد رجليه إلى جهة بيت شيخه هذا تنطع!! هاتى دليلا من الكتاب والسنة

البعيد يا قليل الأدب ،الأدب يحتاج إلى دليل؟

من مشى أمام والده فقد عقه هل هذا يحتاج إلى دليل هاتى دليلا على أنه هذا من العقوق يا عبد الله ومن نادى أباه باسمه فقط عقه هذا هو القول الكريم!!

ينبغى أن تخاطب والديك بقول كريم وقل لهما قولا كريما هذا هو القول الكريم أن تنادى أباك باسمه!!! أم هذه قلة أدب يا إخوتى الكرام هذا الأدب يحتاج إلى دليل!!

والآن كما قلت قلة أدب نعيش فيه فى هذه الأيام حقيقة لا مثيل لقلة الأدب التى نعيشها فى هذه الأيام لا مثيل لها، تراه يأخذ المصحف يطرحه على الأرض يطرح المصحف فوق الأحذية يا عبد الله اتق الله يقول هاتى دليلا!! الأدب يحتاج إلى دليل هل هذا الآن تعظيم لكلام رب العالمين والله يقول (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وهنا حقيقة إكرام لشيخه يدعو له عقيب كل صلاة ثم هذا الشيخ الذى لازمه ثمانى عشرة سنة لله حقيقة ينبغى أن تكون هذه الملازمة لها أثر، ما يمد رجليه إلى جهة شيخ بيته وبينهما سبع سكك كما هو فى ترجمة هذا الإمام المبارك رضوان الله عليهم أجمعين

إخوتى الكرام كما قلت الإفاضة فى أحوال شيوخه الذين تلقى عنهم يعنى يحتاج بعد ذلك إلى مواعظ كثيرة فلنقتصر عند هذا المقدار

ص: 14

وعليه وُلد سنة ثمانين وهو من التابعين الطيبين وأبوه ولد فى الإسلام وجده أدرك سيدنا عليا رضى الله عنهم اجمعين وآمن وأسرة طيبة مباركة رضى الله عنهم وأرضاهم تلقى العلم عن شيوخ كثيرين وصلوا إلى أربعة آلاف أبرزهم شيخه حماد بن مسلم أبو إسماعيل رضى الله عنهم أجمعين الذى توفى سنة عشرين ومائة

ثناء العلماء عليه

عن سيدنا أبى حنيفة فقيه الملة إمام الأئمة وهو الذى يُنعت بالإمام الأعظم رضى الله عنه وأرضاه،

نقل الإمام ابن عبد البر فى كتاب جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الثانى صفحة ثلاث وستين ومائة وهكذا فى الانتقاء فى ترجمة الإمام الأول سيدنا الإمام مالك رضى الله عنهم وأرضاهم حسب ترتيب الانتقاء نقل عن سيدنا أبى داود رضى الله عنه وأرضاه أنه قال:

رحم الله أبا حنيفة كان إماما رحم الله مالكا كان إماما رحم الله الشافعى كان إماما

هذا يقوله أبو داود صاحب السنن رضى الله عنه وأرضاه رحم الله هؤلاء الأئمة كانوا أئمة والإمام إخوتى الكرام هو الفقيه المحدث الورع التقى الذى يطلق عليه إمام عند سلفنا الكرام كل واحد من هؤلاء أئمة هدى هذا يقوله سيدنا أبو داود رضى الله عنه وأرضاه

وفى الانتقاء عن العبد مِسْعر بن كدام صفحة خمس وعشرين ومائة وهو ثقة ثبت فاضل فقيه إمام مسعر بن كدام حديثه فى الكتب الستة توفى سنة ثلاث وخمسين وقيل خمس وخمسين بعد المائة يعنى بعد سيدنا أبى حنيفة بثلاث سنين أو خمس سنين مسعر بن كِدام كان يقول:

رحم الله أبا حنيفة كان فقيها عالما وهو من أقرانه وأصحابه ومن المعاصرين له وهو فى الكوفة مسعر بن كدام رحم الله أبا حنيفة كان فقيها عالما

ومسعر بن كدام كان يسميه شعبة بالمصحف كان ينعت مسعر بأنه مصحف قالوا لأنه لا يخطىء كما أن المصحف لا خطأ فيه ما عُثر على خطأ لمسعر بن كدام يسميه شعبة وشعبة شعبه يقول مسعر هذا هو المصحف مسعر بن كدام

يقول شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك رضى الله عنه وأرضاه:

ص: 15

من كان ملتمسا جليسا صالحا فليأت حلقة مسعر بن كدام

هذا كلام أئمة الإسلام فى أئمتنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وعليه تشويش المتأخرين صرير باب أو طنين ذباب، الأئمة الجهابذة أولو الألباب يقولون هذا عمن عاصروه ورأوه وعرفوا حاله وسبروا شأنه رحم الله أبا حنيفة كان فقيها عالما

انظروا ترجمة مسعر فى تهذيب التهذيب فى الجزء العاشر صفحة أربع عشرة ومائة وكلام شعبة فيه

ومع ذلك من باب التعليق كلمة على الهامش لأنها ستأتينا فى ترجمة سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم وأرضاهم لما مات، غفر الله للثورى ورضى عنه غفر الله له ورضى عنه ما شهد جنازته لمَ؟ لمَ لمْ تشهد جنازته يغفر الله لنا ولك لمَ؟ يقول الصلاة ليست من الإيمان يعنى هو من المرجئة،

يا عبد الله يعنى وسعوا الصدر ما بينكم وبينه خلاف إلا فض لا داعى بعد ذلك ليعنى للشدة فى غير محلها لا داعى للشدة فى غير محلها ما شهد جنازته قال:

لأنه يقول الصلاة ليست من الإيمان

قال الإمام الذهبى فى السير فى الميزان فى الجزء الرابع صفحة تسع وتسعين قلت:

الإرجاء مذهب لجُلة من العلماء لا ينبغى التحامل على قائله

وتقدم معنا ما يتعلق بالإرجاء ضمن مواعظ سنن سيدنا الإمام الترمذى الإرجاء مذهب لجلة من العلماء لا ينبغى التحامل على قائله وعندكم فى التقريب الرواة الذين هم فى الصحيحين رُوى بإرجاء

يعنى إخوتى الكرام باختصار يقول:

(الإيمان اعتقاد بالجنان ونطق باللسان فإن أطعت الرحمن صرت من المتقين وإن عصيته فأنت من العاصين الفاسقين)

هذا حق أو باطل؟ حق

ص: 16

جمهور أهل السنة يجدون يقولون الإيمان اعتقاد بالجنان ونطق باللسان انتبه وعمل بالأركان طيب نأتى للتفصيل من عمل صار من المتقين ومن لم يعمل فهو من العاصين أوليس كذلك؟ هو هو التفصيل يعنى إذا لم يعمل هو من الكافرين قالوا: لا يكفر إذا لم يعمل لا يكفر إذا ما بينكم وبين القول الأول خلاف إلا فى اللفظ ولا ينبغى دائما مشاحات اصطلاحات يقع فيها مشاحات وخصومات ونزاعات فمسعر بن كدام المصحف لا يحضر الإنسان جنازته هذا حال الثورى

إخوتى الكرام يعنى حقيقة غضب للرحمن لكن يعنى ينبغى للإنسان أن يتثبت وأن يضع الأمور فى مواضعها والله يغفر لنا وله بفضله ورحمته

مسعر بن كدام يقول عن سيدنا أبى حنيفة النعمان:

رحم الله أبا حنيفة كان فقيها عالما هذا ينقله شيخ الإسلام الإمام ابن عبد البر وغيره فى ترجمة سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين

أما الإمام الأعمش سليمان بن مهران وهو إمام الدنيا فى زمانه انتبه وهو شيخ سيدنا أبا حنيفة كما سيأتينا فى القراءة لأنه تلقى القراءة سيدنا أبى حنيفة عن الأعمش وعن عاصم الذى نقرأ بقراءته رضى الله عنهم أجمعين، أخذ القراءة عَرْضا عن عاصم وعن الإمام الأعمش ،الأعمش من شيوخه ومع ذلك من شيوخه وهو شيخ الدنيا فى زمانه فى الحديث عندما أراد أن يحج أرسل بعض تلاميذه لسيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين ليكتب له المناسك أبا حنيفة اكتب لى المناسك لأحج حقيقة هذا محدث لكن كيفية الحج وتركيبها هذه لا بد لها من فقيه، اكتب لى المناسك وهذا كما قلت فى سائر الكتب التى تترجم لسيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم وأرضاهم وكان إذا سُأل عن مسألة الإمام الأعمش يقول:

يحسن الجواب عليها أبو حنيفة اذهبوا إليه فذاك إنسان بُورك له فى علمه

يعنى عنده علم لكن رزقه الله بركة العلم وهى الفقه يفتق هذا العلم ويستخلص منه الأحكام بُورك له فى علمه يحسن الجواب على هذا الإمام أبو حنيفة رضى الله عنهم وأرضاهم

ص: 17

وسُئل مرة عن مسألة وأبو حنيفة بجواره وسألوا الإمام الأعمش لأنه هو شيخ أبى حنيفة

قل فيها يا نعمان

قال تُسأل أنت وأجيب أنا، السؤال إليك موجه

قال أنتم الفقهاء ونحن الصيادلة أنتم الأطباء ونحن الصيادلة

هذا يحال إليه أنتم الأطباء معشر الفقهاء ونحن الصيادلة وكثيرا ما كان يقول الإمام الأعمش لأبى حنيفة هذا فإذا سأله عن مسألة وأجاب يقول من أين لك؟

يقول مما رويتم لنا أنت شيخى فى الحديث وشيخى فى القراءة أنت الذى رويت لى هذا يقول أنتم الأطباء ونحن الصيادلة

وواقع الأمر سيدنا أبو حنيفة طبيب وصيدلى لأنه من المحدثين الكبار نعم ما صرف جهده للرواية كما صرف الإمام الأعمش هذا شأن آخر واضح يعنى حاله فى الرواية كحال سيدنا أبى بكر وعمر رضى الله عنهم أجمعين

فسيدنا أبو بكر رضى الله عنه وأرضاه ما صرف جهده للرواية لانشغاله بأمر آخر وهكذا سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه وهكذا سيدنا أبو حنيفة فما تفرغ لنشر الحديث بالأسانيد والطرق والروايات ما أخذه بذل جهده فى اسنتباطه واستخلاص الأحكام منه وهذا أعلى من الرواية أما أنه محدث فهذا لا خلاف فيه ولا يوجد كتاب من كتب الحديث إلا ترجم لسيدنا أبى حنيفة كما سيأتينا فى تذكرة الحفاظ لطبقات الحفاظ ولا يوجد كتاب من كتب القراء إلى ترجموا لسيدنا أبى حنيفة هو من الأئمة القراء لا يوجد كتاب فى الفقه إلا ترجم لسيدنا أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه قال محدث فقيه ورع زاهد عابد ناسك لا يوجد خصلة من خصال الخير إلا وجعلها الله فيه رضى الله عنه وأرضاه،

هذا لا بد من وعيه إخوتى الكرام هو صيدلى لكن إذا كان فقيها فهذا أعلى من أن يقال عنه يعنى أنه طبيب أوليس كذلك؟ لأن الفقيه طبيب فأعلى من أن يقال عنه صيدلى إذا كان فقيها فهو طبيب فيقال عنه طبيب ولا يقال عنه صيدلانى

مما رويتم لنا فيقول أنتم الأطباء ونحن الصيادلة

ص: 18

وقال الإمام ابن معين كما فى صفحة سبع وعشرين بعد المائة من كتاب الانتقاء أبو حنيفة ثقة استمع لكلام إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين رضى الله عنه وأرضاه:

أبو حنيفة ثقة ما سمعت أحدا ضعفه قال يحيى بن معين هذا شعبة يكتب إليه أبو حنيفة ويأمره أن يحدث وشعبة شعبة

يعنى أبو حنيفة يقول لشعبة حدث وانشر العلم ويأتمر شعبة بأمر أبى حنيفة يقول وشعبة شعبة يعنى هو أول من نشر علم الجرح والتعديل شعبة بن الحجاج رضى الله عنه وأرضاه فأبو حنيفة يكتب إلى شعبة يقول حدث وانشر العلم وأنت أهل لذلك فإذا كان هو يأمر المحدثين بالتحديث فى ذلك الحين فله شأن عظيم ثقة ما سمعت أحدا يضعفه هذا يقوله يحيى بن معين عليهم جميعا رحمات ورضوان رب العالمين

وكان يقول يحيى بن معين:

الفقه عندى فقه أبى حنيفة والقراءة عندى قراءة حمزة

حقيقة يعنى أعلى القراء فى الكوفة حمزة بن حبيب الزيات وأعلى الفقهاء الإمام أبو حنيفة أول الفقهاء الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين يقول انتبهوا الفقه عندى فقه أبى حنيفة والقراءة عندى قراءة حمزة رضى الله عنهم وأرضاهم

وقال يحيى بن معين لازلنا فى كلامه:

ما رأيت مثل وكيع (وكيع بن الجراح وهو ثقة عابد حديثه فى الكتب الستة توفى سنة سبع وتسعين بعد المائة وكيع بن الجراح إمام الأئمة) يقول ما رأيت مثل وكيع وكان يفتى برأى أبى حنيفة إذا علم بمذهب ليفتى به ولا تجاوزه ما رأيت مثل وكيع وكان يفتى برأى أبى حنيفة

وقيل لوكيع كما فى الخيرات الحسان فى مناقب الإمام الأعظم أبى حنيفة لنعمان صفحة ثلاث وأربعين

قيل له يقول بعض الناس ويزعم بعض الناس إن أبا حنيفة يخطىء أخطأ فى مسائل ويخطىء فيها فقال وكيع بن الجراح الذى يلتزم بمذهب سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين قال:

لا يقول هذا إلا من كان كالأنعام أو هو أضل سبيلا من يقول هذا ، هذا يقوله من هو فى درجة الأنعام أو هو أضل منها لمَ أنت تحكم بهذا الحكم؟

ص: 19

استمع لهذا التوجيه وهذا التقرير وانتبهوا لهذا التوجيه الذى ليس هى من باب تعصب لفرد أو يعنى تقديس آراء فرد يا إخوتى الكرام هذا لا بد من وعيه ثمانمائة من طلبة العلم يحيطون فى مجلس أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه ثمانمائة ومعهم كبار المحدثين كبار الفقهاء كبار الزهاد كبار العباد كبار اللغوين هذا لا بد منه فقال وكيع بن الجراح رضى الله عنهم أجمعين:

كيف يخطىء أبو حنيفة وحوله الفقهاء كأبى يوسف ومحمد بن الحسن وعَدَّدَ وكيف يخطىء أبو حنيفة وحوله المحدثون وعدد المحدثين وكيف يخطىء أبو حنيفة وحوله فى حلقته اللغوين علماء اللغة العربية وكيف يخطىء أبو حنيفة وعنده الزهاد وأهل الورع لو أخطأ لرده هؤلاء وهذا كما قلت إخوتى الكرام الفقه الجماعى وهذه هى المدرسة الفقهية هذا ليس رأى فردى إنسان جالس فى حجرة فى مكتبة جالس يرقع من هنا وهنا ويقول يبدو لى يظهر لى يا عبد الله ما يبدو يظهر لك ضعه فى جيبك بل ضعه تحت رجلك وأرحنا منك ليس يبدو لى ويظهر!!!

يا إخوتى فى زمن التابعين رضوان الله عليهم أجمعين ثمانمائة من طلبة العلم فى عصر النور والبركة والسرور من فقهاء ومن محدثين ولغويين وزهاد وعباد وورعين هؤلاء كلهم فى هذا المجلس ينشر العلم ويقرر أخطأ فى اللغة رده فلان57:22يعنى كحالنا ما بين كسير وعُوير نسأل الله أن يتوب علينا، أخطأ فى الحديث رده فلان أخطأ فى الفقه رده فلان هؤلاء يعنى علماء الدنيا فى سائر الاختصاصات فى ذلك المجلس وفى تلك الحلقة فكيف سيخطىء نعم أبو حنيفة وغيره كلهم يخطؤون ويصيبون لكن كما يقال إذا كان الرأى فرديا أما إذا كان هنا جماعة فهذا إذا أخطأ رده ذاك وبعد التداول رجعوا إلى الصواب هذا لا بد من وعيه إخوتى الكرام مسائل تطرح ويتناظرون فيها ويتباحثون ثم يُقرر الحكم الشرعى بعد ذلك

ولذلك قال وكيع لا يقول هذا من كان كالأنعام أو هو أضل سبيلا لمَ؟

ص: 20

لأنه خطَّأ رأى الأمة برأيه أوليس كذلك؟ وهذا هو حال الأنعام السائمة أو هو من أضل منها سترد رأى الجماعة برأيك الفردى وشتان شتان ولن ترد الآن رأيك يعنى إذا ترد رأى أبى حنيفة برأيك وقال رجل ورجل لا يا عبد الله هنا الآن مجلس جمع من جمع من سائر الاختصاصات فلا يخطِّىء هذا المجلس إلا من كان فى درجة العجماوات أو هو أضل سبيلا هذا كلام وكيع ويحيى بن معين إمام الدنيا فى الحديث يقول:

ما رأيت مثل وكيع وكان يفتى برأى أبى حنيفة

ووكيع يقول:

من قال إن أبا حنيفة أخطأ فهو كالأنعام أو أضل سبيلا

هذا حقيقة الإنصاف إخوتى الكرام ووضع الأمور فى مواضعها ويأتيك سفيه فى هذه الأيام صعلوك لا يتقن أحكام الطهارة أبو حنيفة يخطىء وثلثا المذهب الحنفى خطأ ويخرف ويهرف بما لا يعرف!!! وهو لو قلت له تعالى لنقرأ فى جزء عم نتساءل عن المفردات دعنا بعد ذلك من أحكام الآيات لما عرف المفردات ولعلكم رأيتم فى امتحان معهد الأئمة أئمة وخطباء ومدرسون جاءهم سؤال عليه أربعون درجة يعنى باقى للنجاح عشر درجات أربعون درجة كلهم مفردات فقط يعنى ما معنى عسعس ما معنى طحاها مفردات من جزء عم رسب منهم يعنى ما يقارب العشرين فى الدورة يعنى المفردات ما يعرفها هذا حال الأئمة والخطباء فكيف حال من عداهم؟ لنفوض أمرنا إلى ربنا هذا مفردات فى جزء عم فقط مفردات يعنى ما طلب شرح كلمة ولا حكمها ولا كذا سؤال كامل فى المفردات ما معنى كلمة كذا ضع كلمة فقط معناها فى اللغة

ص: 21

يا إخوتى الكرام لا بد من أن نعرف قدرنا ولذلك من يخطىء كما قال سيدنا وكيع هو كالأنعام أو أضل سبيلا من يقول إن أبا حنيفة أخطأ فهذا ليس برأى فردى إنما هذا رأى له شأن إذا كان الآن الناس يشيدون بشأن المجامع الفقهية وأنها وأنها وما يخفى عليكم من الاجتماعات الرسمية فى هذه الأيام يعنى شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويمنع منها الفقراء والمجامع التى تجرى فى هذه الأيام قد يحرم ما هو أعلى ممن حضر لأنه يحصل فيها ترتيبات معينة على حسب الأمور الرسمية ومع ذلك يقولون هذا رأى مجمع فقهى1:1:30رأى متخصصين ورأى جماعة متعددين يعنى لا يرده فرد يقارب الإجماع رأى المجمع الفقهى هذا الآن أين المجمع الفقهى من مدرسة سيدنا أبى حنيفة ومن مجلس سيدنا أبى حنيفة هنا لا دخل للسلطان فى هذا المجلس لا من قريب ولا من بعيد واختصاصات من سائر كما قلت الأنواع ولا يريدون من ذلك الاجتماع إلا إرضاء رب الأرض والسماء هذا لا بد من وعيه إخوتى الكرام فذاك الاجتماع يرد والآن المجامع الفقهية تعتبر!! هذا هو الضلال المبين

وممن أثنى على سيدنا أبى حنيفة شيخ الإسلام فى زمانه وهو من تلاميذ سيدنا أبى حنيفة وهو عبد الله بن المبارك الذى اجتمعت فيه خصال الخير رضى الله عنه وأرضاه.

تكلم رجل فى سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه فى مجلس وحضرة سيدنا عبد الله بن المبارك رضى الله عنهم أجمعين فقال:

اسكت يا هذا فلو رأيت أبا حنيفة لرأيت عقلا ونبلا

وكان عبد الله بن المبارك يقول:

إذا اجتمع هذان يعنى أبا حنيفة الثورى على حكم فتمسك به رضى الله عنهم أجمعين وكان يقول:

لولا أن منَّ الله علىَّ بأى حنيفة وبسفيان لكنت كسائر الناس،

فقيل له أيهما أفقه أبو حنيفة أو مالك ليس الآن سفيان الثورى أبو حنيفة أو مالك قال:

أبو حنيفة أفقه من مالك، هذا مَن يحكم به عبد الله بن المبارك رضى الله عنهم أجمعين

وكان يقول:

ص: 22

عُرض الدنيا بحذافيرها على أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه فأعرض عنها وزهِد فيها

أرادت الدولة الأموية كما سيأتينا فى آخر عهدها بواسطة يحيى بن هبيرة أن يولَّى القضاء أبو حنيفة فامتنع فى عهد الدولة العباسية

أراد أبو جعفر أن يوليه القضاء فامتنع فى عهد الدولة الأموية أرادوا أن يضموا إلى القضاء شيئا آخر وهو الخَتْم والختم يعنى لا يجاز حكم بقطع رقبة وتنفيذ حد إلا أن يوقع الخليفة وهو الختم بيد سيدنا أبى حنيفة، القضاء مع توقيع عن الدولة، هذا يكون بيدك وأنت المسؤول عنه فامتنع عُرض الدنيا بحذافيرها فأعرض عنها وزهِد فيها

ويقول شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك رضى الله عنهم أجمعين وكان عبد الله بن المبارك يقول:

رأى أبى حنيفة عندى إذا لم أجد أثرا كالأثر

يقول نحن عندنا الحجة الكتاب والسنة، طيب ما رأينا الحكم فى كتاب وسنة يقول أنا عندى رأى أبى حنيفة كأنه حديث هذا يقوله عبد الله بن المبارك رأى أبى حنيفة عندى إذا لم أجد أثرا كالأثر، استدل بكلامه وأعول عليه إذا لم أرَ نصا فى المسألة وفى حكم شرعى يقوله شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك رضى الله عنه وأرضاه

قال الإمام ابن عبد البر فى الانتقاء الروايات كثيرة عن عبد الله بن المبارك فى فضائل أبى حنيفة رضى الله عنهم وأرضاهم يقول روايات كثيرة متعددة بألون مختلفة يثنى عليه تارة يثنى عليه من جهة الفقه ومن جهة الزهد من أنه لولا أن منَّ الله عليه بأى حنيفة لما كان له شأن رأى أبى حنيفة عند عدم وجود الأثر كالأثر يقول:

الروايات عن عبد الله بن المبارك كثيرة فى فضائل أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه وهذا يقوله الإمام ابن عبد البر كما فى كتابه الانتقاء

وهكذا أثنى عليه إخوتى الكرام الأئمة الثلاثة المُكمِلون للأربع

ولنبدأ بأولهم بعد سيدنا أبى حنيفة سيدنا الإمام مالك رضى الله عنه وأرضاه قال:

ص: 23

الإمام مالك لم أرَ مثل أبى حنيفة ولو رأيتَ أبا حنيفة (للمخاطب للإنسان) لو رأيت أبا حنيفة لرأيت رجلا لو قال لك إن هذه السارية ذهب لقام بحجته

أى من بلاغته وحسن كلامه ترتيبه وفصاحته ما رأيت مثل أبى حنيفة ولو رأيت أبا حنيفة أيها الإنسان لرأيت رجلا لو قال لك إن هذه السارية ذهب أى من ذهب لقام بحجته باستطاعته أن يعنى يدلل على صحة قوله

وهذا إخوتى الكرام كما تقدم معنا من باب المبالغة فى بيان منزلة الرجل كما قال أئمتنا لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه والذى يرتد لا كرامة له مَن كان، لكن حاشا لسيدنا عبد الرزاق أن يرتد فأئمتنا يريدون أن يدللوا على مكانته وصدق لهجة رضى الله عنهم أجمعين لو ارتد ما تركنا حديثه وهنا يقول هذا الفصيح البليغ المِنطِيق الذى بُورك له فى علمه ما رأيت مثله لو أراد أن يدلل على أمر من المر لما أعجزه ذلك من فصاحته وبلاغته فإذا أراد أن يثبت لك إن هذه السارية من ذهب بإمكانه كما قلت لبيان منزلته فى الاحتجاج وقوة البيان رضى الله عنهم وأرضاهم

وقال سيدنا الإمام الشافعى رضى الله عنه وأرضاه وهذا متواتر عن الإمام الشافعى:

الناس فى الفقه عيال على أبى حنيفة

من أراد أن يتفقه فهو عيال على أبى حنيفة ،وصلنا فى زمن العيال يردون على الأئمة الكبار عيال وهذا الشافعى لا يقوله لنا والله يا إخوتى الكرام لو وُجدنا فى زمن سلفنا لرجمنا بالحجارة لكن قليلا فى حقنا فيما نستحق يقول هذا الشافعى لمن أراد أن يتفقه يعنى يقوله لنفسه ولتلاميذه الذين ملأوا الدنيا علما يقول نحن عيال على أبى حنيفة هذا ما يقوله لنا فى هذه الأيام من أراد أن يتفقه فهو عيال أيضا على أبى حنيفة الناس فى الفقه عيال على أبى حنيفة والكلام كما قلت متواتر عن الإمام الشافعى رضى الله عنه وأرضاه

قال الذهبى فى السير صفحة ثلاث وأربعمائة معلقا على كلام سيدنا الإمام الشافعى رضى الله عنهم أجمعين قلت:

ص: 24

الإمامة فى الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام وهذا أمر لا شك فيه هذا لا يحتاج أن يرتاب فيه إنسان هذا امر لا شك فيه هذا كلام الذهبى ثم قال

وليس يصح فى الأذهان شىء إذا احتاج النهار إلى دليل

يعنى إذا أردت أن تدلل على فقه أبى حنيفة كما لو أردت أن تدلل على وجود النهار عند كون الشمس طالعة فى وسط النهار هذا جنون ما بعده جنون، شمس طالعة تريد أن تأتى ببراهين على طلوع النهار وجود النهار

وليس يصح فى الأذهان شىء إذا احتاج النهار إلى دليل

ثم قال الذهبى وسيرته تحتمل أن تفرد فى مجلدين رضى الله عنه ورحمه

إذاً الإمامة ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام هذا لا شك فيه لا نزاع فيه لا شك فيه

وقال العبد الصالح يزيد بن هارون ثقة متقن عابد حديثه فى الكتب الستة توفى سنة ست ومائتين للهجرة يزيد بن هارون كما تذكرة الحفاظ فى الجزء الأول صفحة ثمان وستين ومائة

قال عندما سُئل عن سفيان الثورى وعن أبى حنيفة النعمان فقال:

أبو حنيفة أفقه وسفيان للحديث أحفظ

وسبب إخوتى الكرام يعنى حفظ سفيان أنه تفرغ لرواية الحديث ونشره فظهر كما قلت يعنى صفة الحفظ فيه أكثر منها فى أبى حنيفة وأبو حنيفة فقيه حافظ متقن إن لم يزد على سفيان فى الحفظ لا ينقص عنه لكن ما انفرد للرواية فقط ،هذا أفقه وسفيان قال أحفظ للحديث تفرغ للحفظ وذاك تفرغ للفقه وسفيان عنده فقه وهو فقيه وإن كان فى الفقه دون سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين لكن كما قلت هذا ظهر عليه صفة الحفظ وذاك صفة الفقه هذا يقوله يزيد بن هارون عليهم جميعا رضوان الحى القيوم

وقال يزيد بن هارون كما فى التذكرة ما رأيت أحدا أورع ولا أعقل من أبى حنيفة، أبو حنيفة أفقه وما رأيت أحدا أورع ولا أعقل من أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه

ص: 25

وقال الفقيه الرابع أوليس كذلك بعد مالك والشافعى رضى الله عنهم أجمعين الإمام أحمد كما فى الخيرات الحسان صفحة ست وأربعين قال: أبو حنيفة من أهل الورع والزهد وإيثار الآخرة على الدنيا وهو فى ذلك بالمحل الذى لا يدركه أحد ولقد ضُرب رحمه الله بالسياط لِيلِىَ القضاء فامتنع

وكان سيدنا الإمام أحمد يتأسى بسيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين فى محنة خلق القرآن يقول ضُرب أبو حنيفة لِيلِىَ القضاء فامتنع إذاً أنا من باب أولى ان أصبر على الضرب لكن من أجل نعمة امتنع وأنا الآن من أجل فتنة من باب أولى ينبغى أن أصبر، صبر على الضرب ومع ذلك يريدون أن يعطوه نعمة فامتنع وأما أنا يريدون منى فتنة فمن باب أولى أن أصبر يتأسى به فإذا صبر ذاك يعنى على الرخاء وعلى البلاء من أجل الرخاء فمن باب أولى أن أصبر أيضا على الشدة من أجل البلاء أنا سينزل بى بلاء وفتنة فى دينى فهذا كان يقوله الإمام أحمد رضى الله عنهم وأرضاهم

إخوتى الكرام يعنى كما قلت أئمتنا قاطبة أثنوا عليه وهو محل اتفاق فى ذلك من قِبل من عاصره وأدرك أحواله رضى الله عنه وأرضاه وتلاميذه الذين لهم شأن أيضا كانوا يثنون عليه وهم أخبر الناس بأحواله وإذا كان هو يتأدب مع شيوخه فله شأن كما تقدم معنا مع شيوخه كحماد وغيره رضى الله عنهم أجمعين فتلاميذه أيضا كانوا يقومون بمثل ذلك فيفعلون مع أبى حنيفة ما كان يفعله مع شيوخه رضى الله عنهم أجمعين هذا العبد الصالح أبو يوسف رحمة الله ورضوانه عليه أكبر تلاميذه كما فى الانتقاء صفحة أربعين ومائة كان يقول:

إنى لأستغفر لوالدى ولشيخى أبى حنيفة فى دبر كل صلاة

الجزاء من جنس العمل يعنى إذا كان أبو حنيفة يستغفر لشيخه مع والديه ويدعو لشيخه مع والديه سلط الله وهيأ الله التلاميذ وهيأ الله التلاميذ أيضا لمثل هذا الخُلق الكريم فكانوا أيضا يدعون لأبى حنيفة مع أبويهم فى دبر كل صلاة

وكان أبو يوسف يقول:

ص: 26

الثورى أكثر متابعة منى لأبى حنيفة الإمام الثورى رضى الله عنه كما وقف موقفاسلبيا نحو مِسعر فعلى هذا أيضا نحو أبى حنيفة واتهمه بالإرجاء كما سيأتينا فى طريقة سيدنا أبى حنيفة فى الفقه والاستنباط وماذا وُجه إلى طريقته فأيضا موضوع الإرجاء الثورى أثاره حول سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين فأبو يوسف يقول انتبهوا الثورى أتبع لأبى حنيفة منى يعنى هو يتبعه ويقلده أكثر مما أنا أستفيد منه وآخذ

وواقع الأمر إخوتى الكرام كذلك يعنى هو فى الظاهر يخالف لكن واقع لا يستغنى عن أقوال أبى حنيفة وهو أتبع لأبى حنيفة منى أنا من أكبر تلاميذه وعندكم أكبر المحدثين سيدنا البخارى أكثر الترجيحات التى رجحها فى الفقه فى صحيحه وافق فيها مذهب أبى حنيفة أكبر المحدثين شيخ أهل الحديث الترجيحات الفقهية فى الجامع الصحيح يوافق فيها الإمام أبا حنيفة

انظر مثلا من باب المثال الذى خطر على بالى يعنى فى أكثر المسائل الفقهية يوافق أبا حنيفة انظر مثلا إخراج القيمة فى صدقة الفطر رأى البخارى جائز على حسب ما قرر أبو حنيفة رضى الله عنه وأرضاه وأورد الآثار التى استنبط منها هذا أكثر ترجيحات البخارى التى مال إليها واجتهد فيها توافق مذهب أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه طيب أنتم تقولون بعد ذلك مذهب أهل الرأى طيب هذا إمام أهل الأثر وافق أبا حنيفة ولم يوافق الأئمة الآخرين الذين تزعمون أنهم أئمة أثر وهذا إمام رأى هذا كلام باطل كلهم أئمة أثر وأئمة هدى وأئمة خير واستنباط ما سيأتينا وكما قال الإمام ابن حزم ونِعْمَ ما قال أجمع الحنفية على أن الحديث الضعيف يقدم على القياس أين أذاً الرأى أن الحديث الضعيف يقدم على القياس أما بعد ذلك قياس فيما لا يوجد نص أو استنباط فى مسألة طرأت ولا بد من نظر فيها هنا يأتى أبو حنيفة ولا يستطيع أحد أن يلحق أثره وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء

ص: 27

استمع من باب التعجل لما سيأتى التمثيل عليه من باب التعجل امرأة حلف عليها زوجها بالطلاق ثلاثا كما فى الكتب التى ترجمت لسيدنا أبى حنيفة

انظروا مثلا الخيرات الحسان صفحة تسع وسبعين قال لها إذا لم تطبخ زوجته له قدرا فيه مكوك ملح ولا ينبغى أن يظهر أثر الملح فى الطعام فهى طالق ثلاثا والمكوك صاع ونصف على حسب الحنفية أربع كيلوات ونصف يعنى تضع أربع كيلوات ونصف من الملح وعلى حسب الجمهور يعنى ثلاث كيلوات ونصف، الصاع انثين كيلو إلا ربع تضع قدرا من الطعام فيه مكوك من الملح وإذا جاء ليأكل لا يجد للملح طعما فيكم من يستنبط وأئمتنا حقيقة قالوا يعنى سرعة جواب أبى حنيفة فى ذلك أعلى من فقهه عُرضت عليه المسألة بعد أن أشكلت على الفقهاء والمرأة ستطلق إذا ما طبخت هى طالق قال ما أيسرها كيف أشكل عليكم هذا قالوا وكيف قال تضع بيضا فى القدر وتلقى عليه مكوكا وزيادة من الملح وتسلق له البيض فإذا نضج البيض يأكله وليس له طعم الملح أوليس كذلك؟

يا إخوتى الكرام هذا هو الفقه وهذا هو الاستنباط وحقيقة لو جلس إنسان يفكر قد يهتدى إلى هذا الجواب فى النهاية أن هذا الطعام لن يظهر فيه أثر الملح قد لكن هذه البديهة وهذا الجواب المحكم له شأن يقول الإمام الليث بن سعد رضى الله عنه وأرضاه وهو إمام أهل مصر الليث بن سعد ثقة ثبت فقيه إمام شهور حديثه فى الكتب الستة توفى سنة خمس وسبعين بعد المائة وتقدم معنا عبد الله بن وهب أوليس كذلك عبد الله بن وهب كان يقول لولا أن الله منَّ على بمالك والليث أوليس كذلك؟ وعبد الله بن هب الذى يقول لضللت الليث بن سعد لولا أن من الله عليه بالليث وبمالك لضل عبد الله بن وهب

ص: 28

على كل حال الإمام الليث بن سعد الذى له شأن عظيم رضى الله عنه كنت أسمع بأبى حنيفة هذا فى مصر وذاك فى الكوفة فاشتهيت ان أراه واتحقق من جودة ذهنه ويعنى حسن نظره رضى الله عنه وأرضاه قال فبينا أنا فى مكة رأيت الناس قد اجتمعوا على إنسان يسألونه وقالوا هذا أبو حنيفة يقول نِعْم غنيمة يعنى فى النسك رأيت أبا حنيفة فى هذه الحجة قال فاقتربت منه وهو لا يعرفنى لأسمع ماذا سيسأل وبأى شىء سيجيب فانبرى له سائل

وقال يا أبا حنيفة غننى من الأغنياء الأثرياء وعندى ابن أتعبنى إذا زوجته وتكلفت المهر وخسرت يطلق فيذهب المهر وإذا سريته اشتريت له أمة يتسرى بها يعتقها يجلس معها ليلية ويعتقها طيب ما الحل ما تستقر معه زوجة هذه يطلقها يذهب المهر وتلك يعتقها يذهب ثمنها فماذا ترى من حل شرعى لهذه القضية قال خذه واذهب به إلى سوق الإماء سوق النخاسين فأى أمة أعجبته اشترها لك ثم زوجه إياها فإن طلق تعود إليك وإن أعتق لا يصح عتقه لأنها مملوكة لك انتهى ما تخسر الآن ولا ريالا وهكذا أراد أخرى أيضا زوجه المسألة سهلة والملك لا يعود إليك قال الليث بن سعد رضى الله عنه وأرضاه يعنى أُعجبت بسرعة جوابه أكثر من إعجابى بجوابه حقيقة هذا هو الذى يستحضر الفقه أمام عينيه ويجيب بجواب محكم لا خلل فيه فى شريعة الله عز وجل حقيقة هذا فقه هذا حسن نظر أما أنه يترك الحديث ويعمل رأيه

أجمع الحنفية على أن ضعيف الحديث يقدم على القياس فكيف سيعمل بعد ذلك القياس عند وجود الأحاديث الصحيحة كما سيأتينا فى طريقته فى الفقه والاستنباط رضى الله عنه وأرضاه

إخوتى الكرام كما قلت حقيقة حب هذا الإمام من الإسلام قال الإمام الصالح أبو معاوية الضرير وهو محمد بن خازن توفى سنة خمس وتسعين ومائة حديثه فى الكتب الستة وهو الذى دعاه هارون الرشيد إلى بيته وكان أعمى رضى الله عنه وأرضاه وبعد أن طعم صب هارون الرشيد على يديه ليغسله

قال أتدرى من يصب عليك الماء

ص: 29

قال أمير المؤمنين هارون

فقال أجلك الله يا أمير المؤمنين كما أجللت العلم وأهله أبو معاوية الضرير محمد بن خازن يقول:

حب أبى حنيفة من السنة كما فى السير وغيره فى الجزء السادس صفحة واحدة وأربعمائة وقال الإمام الخُرَيْبِى اضبطوها هكذا عبد الله بن داود الهندامى الخريبى ثقة روى له البخارى وأهل السنن الأربعة وقد أمسك عن الرواية فى آخر أيامه فما استطاع البخارى أن يروى عنه مباشرة إنما روى عنه بواسطة حديثه فى صحيح البخارى لكن بواسطة وإنما أمسك لما رأى أن نية الطلاب فسدت فما بدأ يحدث فما حدث حتى مات رضى الله عنه وأرضاه عبد الله بن داود الهندامى الخريبى انظروا ترجمته فى السير فى الجزء التاسع صفحة ست وأربعين وثلاثمائة

كان يقول كما فى السير:

ما يقع فى أبى حنيفة إلا جاهل أو حاسد إلا جاهل

والناس أعداء لما جهلوا أو يحسدوا هو شر الأوصاف شر الصفتين ما يقع فى أبى حنيفة إلا جاهل أو حاسد عبد الله بن داود الهندامى كما قلت الخريبى ثقة عابد حديثه فى صحيح البخارى ما يقع فى أبى حنيفة إلا جاهل أو حاسد وقيل له كما فى تذكرة الحفاظ فى الجزء الأول صفحة ثمان وثلاثين وثلاثمائة فى ترجمة الخريبى لا فى ترجمة أبى حنيفة قيل للخريبى يذكرون أن أبا حنيفة يرجع عن بعض أقواله يعنى أحيانا يقررون قوله ثم يرجعون قال:

سبحان الله أن الفقيه إذا اتسع علمه فعل ذلك يعنى هم قرروا ما قرروا بناء على ما بلغهم من أثر ثم رأوا ما يعارض هذا من آثار أخرى مما هو أقوى أو مما هو ناسخ أو أو العلم عند الله فرجعوا عن ذاك وقالوا بهذا قال هذا شأن الفقيه إذا اتسع علمه هذا من نبل أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه

ص: 30

أما قال سيدنا عمر هو الخليفة الراشد الثانى فى المسألة المشتركة المُشرك ذاك على ما قضينا به وهذا على ما نقضى أوليس كذلك؟ وهو الخليفة الراشد الإنسان إذا اتسع علمه وتغير بعد ذلك حكمه كان ماذا يقول أنتم يعنى تنتقدون هذا من بنل أبى حنيفة الإنسان إذا اتسع علمه قد يرجع أحيانا عن بعض الأقوال التى رأى الجماعة عليها لوجود دليل أقوى بلغهم بعد ذلك رضى الله عنهم وأرضاهم والإمام الخريبى انظروا تذكرة الحفاظ فى المكان الذى ذكرته فى الجزء الأول صفحة ثمان وثلاثين وثلاثمائة يقول فيه سيدنا وكيع بن الجراح:

النظر إلى وجهه عبادة

هذا فى تذكرة الحفاظ فى ترجمة الإمام الخريبى النظر إلى وجه عبد الله بن داود الهمدانى الخريبى عبادة كما نعته الحافظ ثقة عابد من الزهاد الولياء النظر إلى وجهه عبادة

وروى عنه الإمام الخريبى المرى فى التهذيب تهذيب الكمال قال:

يجب على أهل الإسلام أن يدعو لأبى حنيفة النعمان فى صلاتهم للرحمن لأنه حفظ عليهم السنن والفقه

ص: 31