المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هذه رسالة الإبانة عن أخذ الأجرة على الحضانة للعلامة المحقق والفهامة - الإبانة عن أخذ الأجرة على الحضانة - ط إسطنبول

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

هذه رسالة الإبانة عن أخذ الأجرة على الحضانة

للعلامة المحقق والفهامة المدقق

السيد محمد امين ابن السيد

عمر عابدين

نفعنا الله به

آمين

ص: 263

الرسالة الحادية عشرة

الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى. وسلام على عباده الذين اصطفى * وبعد فيقول الفقير محمد امين الشهير بابن عابدين هذه رسالة سميتها الإبانة عن أخذ الأجرة على الحضانة دعا إلى تحريرها حادثة الفتوى الآتية فأقول الحضانة بفتح الحاء وكسرها تربية الولد والحاضنة المرأة توكل بالصبى وقد حضنت ولدها حضانة من باب طلب كذا في المغرب والحضن ما دون الابط إلى الكشح وحضن الشيء جانباه * وهل هى حق من ثبتت لها الحضانة او حق الولد خلاف * قيل بالاول فلا تجبر أن هي امتنعت ورجحه غير واحد وفى الواقعات وغيرها وعليه الفتوى وفى الخلاصة قال مشايخنا لا تجبر الأم عليها وكذلك الخالة إذا لم يكن لها زوج لأنها ربما تعجز عن ذلك. وقيل بالثاني فتجبر واختاره أبو الليث وخواهر زاده والهندواني. وايده في الفتح بما في كما في الحاكم لو اختلعت على أن تترك ولدها عند الزوج فالخلع جايز والشرط باطل لأنَّه حق الولد فافاد أن قول الفقهاء الثلاثة جواب ظاهر الرواية. ثم قال في الفتح فإن لم يوجد غيرها اجبرت بلا خلاف انتهى. وعلى هذا فما في الظهيرية قالت الأم لا حاجة لي به وقالت الجدة نا آخذه دفع اليها لان الحضانة حقها فإذا اسقطت حقها صح الاسقاط منها لكن انمالها ذلك إذا كان للولد ذو رحم محرم كما هنا اما إذا لم يكن اجبرت على الحضانة كيلا يضيع الولد كذا اختاره الفقهاء الثلاثة انتهى ليس بظاهر. وقد اغتر به في البحر فقال ما قاله الفقهاء الثلاثة قيده في الظهيرية بما إذا لم يكن للصغير ذو رحم محرم فحينئذ تجبر الأم كيلا يضيع الولد * وانت قد علمت أنه إذا لم يكن له أحد فليس من محل الخلاف في شيء كذا في النهر. ووجه افادة أن قول الفقهاء الثلاثة أعني أبا الليث والهندواني وخواهر زاده جواب ظاهر الرواية ما ذكره عن كافى الحاكم الشهيد وقد ذكر في البحر في باب الاحصار من كتاب الحج ان كافي الحاكم جمع كلام محمد في كتبه الستة التي هي ظاهر الرواية. وفى البحر فالحاصل أن الترجيح قد اختلف في هذه المسئلة والاولى الافتاء بقول الفقهاء الثلاثة انتهى لكن قال الشرنبلالي في رسالته كشف القناع الرفيع قلت وهذا منه يخالف صنيعه فيما إذا اختلف الترجيح فإنه يميل إلى اتباع ما عليه الفتوى ووجهه ظاهر فإن المرأة عاجزة حقيقة وشرعا ولهذا وجبت نفقتها على قرابتها المحرم الموسر بمجرد فقرها لوجود عجزها بخلاف الرجل انتهى وفي التعليل نظر فان

ص: 264

المرأة اقدر على الحضانة ولذا جعلت لها لا للرجل ونفقتها على الأب كما سيأتي (أقول) ويظهر لي ان كلا من الحاضنة والمحضون له حق الحضانة اما الحاضنة فلأنه ليس للأب مثلا أخذ منها وكذا من كان ابعد منها لا حق له فيها واما المحضون فلأنها إذا تعينت لم يكن لها الامتناع. ويدل لما قلنا من أن لكل منهما حقا ما رأيته منقولا بخط بعض العلماء عن المفتى أبى السعود. مسئلة. في رجل طلق زوجته ولها ولد صغير منه واسقطت حقها من الحضانة وحكم بذلك حاكم فهل لها الرجوع بأخذ الولد الجواب نعم لها ذلك فإن اقوى الحقين في الحضانة للصغير ولئن اسقطت الزوجة حقها فلا تقدر على إسقاط حق الصغير ابدا اهـ. ثم رأيت في البحر ما يؤيده أيضًا وهو أنه بعد ما نقل كلام الظهيرية المار قال وعلله في المحيط بان الأم لما اسقطت حقها بقى حق الولد فصارت الأم بمنزلة الميتة أو المتزوجة فتكون الجدة أولى انتهى. وعلى هذا يحصل التوفيق بين القولين * ويرتفع الخلاف من البين، ويكون قول من قال أنها حقها فلا تجبر مجمولا على ما إذا لم تتعين لها ويكون اقتصاره على أنها حقها لكون حق الولد لم يضع حيث وجدله من يحضنه غيرها وقول من قال أنها حقه فتجير محمولا على ما إذا تعينت لها واقتصاره على أنها حقه لكونه يضيع حينئذ حيث لم يوجد من يحضنه غيرها ويؤيد هذا التوفيق ما مر عن الظهيرية حيث نقل عن الفقهاء الثلاثة القائلين بالجبر أنه إذا وجد غيرها يصح اسقاطها حقها بخلاف ما إذا لم يوجد غيرها ولا ينافيه قول الفتح ان لم يوجد غيرها اجبرت بلا خلاف الا من حيث أنه يفهم منه أنه إذا وجد غيرها ففيه خلاف لأنَّه مبني على ما هو المتبادر من كلامهم من وجوه الخلاف وما في الظهيرية يفيد عدمه فالاولى الأخذ به وكثيرا ما يحكى العلماء قولين ويكون الخلاف بينهما لفظيا وما هنا كذلك والله أعلم.

(فصل) تثبت الحضانة للام النسبية ولو كتابية أو مجوسية أو بعد الفرقة إلا أن تكون مرتدة حتى تسلم لأنها تحبس أو فاجرة فجورا يضيع الولد به كزنا وغناء (8) وسرقة او غير مأمونة بان تخرج كل وقت وتترك الولد ضايعا أو تكون امة أو أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة ولدت ذلك الولد قبل الكتابة لاشتغالهن بخدمة المولى أو متزوجة بغير محرم الصغير أو ابت أن تربيه مجانا والاب معسر والعمة تقبل ذلك أي تربيته مجانا ولا تمنعه عن الأم قيل للأم اما أن تمسكيه مجانا أو تدفعيه للعمة على المذهب والعمة ليست بقيد فيما يظهر كذا في التنوير وشرحه للشيخ علاء الدين ملخصا وقوله والعمة ليست بقيد الخ اصله لصاحب البحر حيث قال والظاهر ان العمة ليست قيدا بل كل حاضنة كذلك بل الخالة كذلك بالأولى لأنها من قرابة

ص: 265

الأم انتهى (قلت يدل عليه قول القهستاني عن النظم والأصح أن يقال لها امسكيه أو ادفعيه إلى المحرم انتهى فإن المحرم اعم من العمة وغيرها) ثم بعد الأم أمها ثم أم أم الأم وإن علتا عند عدم اهلية القربى إلى آخر ما ذكروه من المستحقات والمستحقين للحضانة.

(فصل) علم مما ذكرناه أن الحاضنة تستحق أجرة على الحضانة وبه صرح في البحر أيضًا حيث قال وذكر في السراجية ان الأم تستحق أجرة على الحضانة إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لابيه وتلك الأجرة غير أجرة ارضاعه كما سيأتى في النفقات انتهى قال في منح الغفار الظاهر أنه أراد. بها فتاوى سراج الدين قارى الهداية ونصها سئل هل تستحق المطلقة أجرة بسبب حضانة ولدها خاصة من غير رضاع له فأجاب نعم تستحق أجرة على الحضانة وكذا إذا احتاج إلى خادم يلزم به انتهى. ويحتمل أنه أراد بها الفتاوى السراجية المشهورة لكنى لم اقف على ذلك في بابه بنسختي والعلم امانة في اعناق العلماء انتهى. قلت والذي في النهر على ما رأيته في نسختى وغيرها عزوه إلى السراج فليراجع لكن صاحب البحر صرح في باب النفقات بعزو ما مر الي فتاوي قاري الهداية فعلم أن ذلك مراده بما ذكره في فصل الحضانة وانه لا محل لترديد صاحب المنح فتدبر ثم قال في منح الغفار وعندى أنه لا حاجة إلى قوله إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأن الظاهر وجوب أجرة الحضانة لها إذا كانت اهلا وما ذكر انما هو شرط لوجوب اجر الرضاع لها لأنها إنما تستأجر له إذا لم تكن منكوحة أو معتدة انتهى ونازعه الشيخ خير الدين الرملى في حاشيته على المنح بان امتناع وجوب اجر الرضاع للمنكوحة ومعتدة الرجعى لوجوبه عليها ديانة وذلك موجود في الحضانة بل دعوى الاولوية فيها غير بعيد إلى آخر ما قاله لكن سيأتي التصريح باستحقاقها النفقة وإن اجبرت على الحضانة ولعل وجهه أن ذلك من تمام الانفاق على الولد فليس باجرة حقيقة بل لها شبه الأجرة وشبه النفقة ولذلك قيدها في البحر بان لا تكون منكوحة ولا معتدة لابيه لأنها إذا كانت منكوحة أو معتدة تكون نفقتها واجبة على الأب بدون حضانة فلذا لم يجب لها بالحضانة شيء زايد. اما بعد الطلاق وانقضاء العدة تنقطع نفقتها عن الأب وتصير حابسة نفسها لحضانة ولده فيلزمه أن يدفع لها شيئا يقابل ذلك عملا بشبه الأجرة لأنها عاجزة غالبا وتعلم أنها لو تزوجت بزوج لينفق عليها يأخذ الولد منها أبوه وشفقتها على ولدها تحملها على حبس نفسها عن التزوج لتربية الولد فلها على أبيه أجرة الحضانة ومثل هذا يقال في أجرة الرضاع إنما لم تجب لها إذا كانت

ص: 266

منكوحة للأب أو معتدة منه لأنها من جلة النفقة على الولد فينفق على مرضعته إذا لم تكن نفقتها واجبة عليه وبهذا التقرير ظهر لك وجه التقييد بما ذا لم تكن منكوحة ولا معتدة وظهر لك أنه لا فرق في ذلك بين الحضانة والرضاع خلافا لما قاله في المنح وظهر لك أن الوجه في عدم الفرق بينهما ما قلنا لا ما قاله الخير الرملى بدليل أنها إذا كانت بحيث تجبر على الحضانة تستحق النفقة كما ذكرنا فقد استحقت النفقة مع وجوب وجبرها عليها فلو كانت العلة في عدم استحقاقها الأجرة إذا كانت منكوحة أو معتدة هى وجوبها عليها ديانة لما وجبت لها إذا كانت تجبر عليها بان تعينت لها فاغنم تحقيق هذا المقام * فإنه من فيض الملك العلام.

(هذا) وقد افتى بوجوبها صاحب البحر فقال في فتاواه. سئل عن رجل طلق زوجته وانقضت عدتها منه ولها مند ولد صغير ترضعه فهل يلزم بأجرة الحضانة والرضاع ونفقة الصغير على الوجه الشرعى اولا وهل إذا كانت الصغيرة في حضانة الأم وهى من أولاد الأغنياء والاشراف تستحق على الأب خادما يخدمها يشتريه أو يستأجره إذا احتاجت إليه اولا.

(أجاب) نعم يلزم الرجل المذكور بذلك كله والله تعالى أعلم. وكذلك افتى به الشيخ خير الدين الرملي في فتاواه المشهورة ومشى عليه في النهر تبعا لقارى الهداية قال في المنح لكن يشكل على هذا إطلاق ما في جواهر الفتاوى قال سئل قاضي القضاة فخر الدين خان عن المبتوتة هل لها أجرة الحضانة بعد فطام الولد فقال لا والله تعالى أعلم انتهى وذكر الرملي عقب افتائه بما مر ما نصه (سئل) في يتيم رضيع سنه دون سنة وآخر سنه دون خمس سنين وآخر سنه سبع سنين فرض القاضى لحضانة امهم لهم سبع قطع مصرية كل يوم وهو غبن فاحش هل يصح ذلك أم لا

(أجاب) اما الغين الفاحش في مال الايتام فلا قائل به أصلا من العلماء الكرام ويسترد منها الزائد بلا كلام واما استحقاقها الأجرة ففيه خلاف فقد سئل قاضي القضاة فخر الدين خان عن المبتوتة هل لها أجرة الحضانة بعد فطام الولد قال لا وموضوعه إذا كان هناك اب والوجه فيه أنها حق لها والشخص لا يستحق أجرة على استيفاء حقه فكيف تستحق مع عدم الأب نعم لها إذا كانت محتاجة أن تأكل من مال أولادها بالمعروف لا على وجه أنه أجرة حضانتها وقيل تستحق على الأب ولا أب هنا يعنى في الواقعة المسؤل عنها والحضانة واجبة عليها لقدرتها عليها ولا تستحق الأجرة على اداء الواجب عليها وهذا تحرير هذه المسئلة والناس

ص: 267

عنه غافلون. وقد كتبت على حاشية نسختى جواهر الفتاوى على قوله فيها سئل قاضي القضاة الخ ما يعلم منه أن المتوفى عنها زوجها لا أجرة لحضانتها من باب أولى لكن إذا كانت محتاجة وللولد مال لها أن تأكل منه بالمعروف وهي كثيرة الوقوع فلتحفظ والله تعالى أعلم انتهى كلام الرملى. فعلم أن ما في فتاوى قارى الهداية أحد القولين فافتاؤه به ترجيح له وقد مشى عليه في التنوير وأقره في الدر المختار والشرنبلالية وسيأتي تمام الكلام عليه. ورأيت بخط بعض مشايخ مشايخنا أن الذي ظهر لي أن ما في جواهر الفتاوى محله ما إذا كانت المبتوتة في العدة فلا يخالف ما في السراجية انتهى أي فيكون على إحدى الروايتين في معتدة الباين كما يأتي والروايتان وإن كانتا في أجرة الرضاع لكن الظاهر كما قال الرملي أن الحضانة كذلك (ثم ان قول فخر الدين بعد فطام الولد غير قيد فيما ذكره لكن لما كانت تستحق أجرة الرضاع قبل فطامه قيد بذلك لأنها تستحق أجرة في الجملة وإن كانت تلك الأجرة للرضاع لا للحضانة تأمل) وكذا اختلف في أجرة مسكن الحاضنة قال في البحر وفى الخزانة عن التفاريق لا تجب في الحضانة أجرة المسكن الذي تحضن فيه الصبي وقال آخرون تجب ان كان للصبى مال والا فعلى من تجب عليه نفقته انتهى واختار في النهر ما في التفاريق فقال وينبغى ترجيحه اذ وجوب الأجر لا يستلزم وجوب المسكن بخلاف النفقة انتهى وقال الخير الرملي في حاشيته على البحر قال الغزى واما لزوم سكن الحاضنة فاختلف فيه والاظهر لزوم ذلك كما في بعض المعتبرات انتهى

(أقول) وهذا يعلم من قولهم إذا احتاج الصغير إلى خادم يلزم الأب به فإن احتياجه إلى المسكن مقرر انتهى وقال الشيخ علاء الدين في شرح الملتقى والصغير إذا كان في حضانة الأم وهو من أولاد الأشراف تستحق على الأب خادما يخدمه فيشتريه أو يستأجره وفي شرح النقاية للباقانى عن البحر المحيط عن مختارات إلى حفص سئل عمن له امساك الولد وليس لها مسكن مع الولد هل على الأب سكناها وسكنى ولدها قال نعم سكناهما جميعا. وسئل نجم الأئمة البخارى عن المختار في هذه المسئلة فقال المختار أن عليه السكنى في الحضانة انتهى واعتمده ابن الشحنة خلافا لما اختاره ابن وهبان وشيخه الطرسوسي الوجيه من عدم لزوم المسكن والالزم ضياع الولد إذا لم يكن للحاضنة مسكن واما إذا كان لها مسكن فينبغي الافتاء بما رجحه في النهر تبعا لابن وهبان والطرسوسي ولاسيما وقد قدمه قاضي خان والله تعالى الموفق يشير إلى هذا التوفيق قول أبى حفص المار وليس لها مسكن وهذا هو الارفق (واما اخذها الأجرة على الارضاع فلا يجوز لو منكوحة أو معتدة كما سنذكره عن الكنز قال في النهر لأن الارضاع مستحق عليها بالنص فإذا امتنعت عذرت لاحتمال عجزها

ص: 268

غير انها بالاخير ظهرت قدرتها فكان الفعل واجبا عليها فلا يجوز أخذ الأجرة عليه وهو ظاهر في عدم جواز الأجرة ولو من مال الصغير وذكر في الذخيرة أنه يجوز قال وما ذكر من عدم جواز استئجار زوجته فتأويله إذا كان ذلك من مال نفسه كيلا يؤدى إلى اجتماع أجرة الرضاع ونفقة النكاح في مال واحد وجزم به في المجتبى والأوجه عندى عدم الجواز ويدل على ذلك ما قالوه من أنه لو استأجر منكوحته لارضاع ولده من غيرها جاز من غير ذكر خلاف لأنَّه غير واجب عليها مع أن فيه اجتماع أجرة الرضاع والنفقة في مال واحد ولو صلح مانعا لما جاز هنا فتدبره. واطلق في المعتدة ولا خلاف في الرجعي وفي الباين روايتان قيل وظاهر الرواية الجواز وهو أصح الروايتين كذا في الجوهرة والقنية معللا بان النكاح قد زال فهي كالاجنبية إلا أن ظاهر الهداية يفيد عدمه وهو رواية الحسن عن الإمام وهي الأولى انتهى كلام النهر وذكر في الشرنبلالية عن التاترخانية أن الفتوى على رواية الجواز لكن نسبها للحسن عكس ما في النهر ثم ظاهر كلامهم أن هذه الأجرة لا تتوقف على عقد اجارة مع الأم بل تستحق بالارضاع في المدة المذكورة ولا تسقط هذه الأجرة بموته بل هى اسوة الغرماء كذا في النهر والبحر.

(فصل) علم مما قدمناه عن التنوير وشرحه أن مما يسقط الحضانة طلب الحاضنة الأجرة عليها والأب معسر مع وجود متبرع بها من أهل الحضانة وبه افتى الرملى مرارا كما هو مسطور في فتاواه وقال في البحر في باب النفقات عند قول الكنز ويستأجر من ترضعه عندها لا أمه لو منكوحة أو معتدة وهى احق بعدها ما لم تطلب زيادة. ما نصه وظاهر المتون أن الأم لو طلبت الأجرة أي أجرة المثل والاجنبية متبرعة بالارضاع فالأم أولى لأنهم جعلوا الأم احق في جميع الاحوال إلا في حالة طلب الزيادة على أجرة الأجنبية والمصرح به بخلافه كما في التبيين وغيره أن الأجنبية أولى لكن هي أولى في الأرضاع. اما في الحضانة ففى الولوالجية وغيرها رجل طلق امرأته وبينهما صبى وللصبى عمة ارادت أن تربيه وتمسكه من غير أجر من غير أن تمنع الأم عنه والأم تأبى ذلك وتطالب بالأجر ونفقة الولد فالأم احق بالولد وإنما يبطل حق الأم إذا تحكمت الأم في أجر الأرضاع بأكثر من أجر مثلها والصحيح أنه يقال للأم أما ان تمسكى الولد بغير أجر واما أن تدفعيه إلى العمة انتهى إلى هنا كلام البحر.

(قوله) في البحر والمصرح به بخلافه أي بخلاف ظاهر المتون قال الزيلعي في التبيين وإن رضيت الأجنبية أن ترضعه بغير أجر أو بدون أجر المثل والأم بأجر المثل فالاجنبية أولى انتهى وقال في البدائع واما إذا انقضت عدتها فالتمست أجرة الرضاع وقال الأب أجد من

ص: 269

ترضع من غير أجر أو باقل من ذلك فذلك له لقوله تعالى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} لأن في الزام الأب ما تلتمسه ضررا بالأب وقد قال الله تعالى {وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} أي لا يضار الأب بالزام الزيادة على ما تلتمسه الأجنبية كذا ذكر في بعض التأويلات ولكن ترضع عند الأم ولا يفرق بينهما لما فيه من الحاق الضرر بالأم انتهى ومثله في تبيين الكنز للزيلعي * وقيد في الدرر ارضاعه عند الأم بقوله ما لم تتزوج وهو ظاهر لسقوط حقها في الحضانة حينئذ والمراد تزوجها باجنبي كما مر.

(وقوله) لكن هي أولى في الارضاع الخ الأولى حذف الاستدراك اذ بناه على ما ذكره من التصحيح لا فرق بين الارضاع والحضانة في أن الأجنبية المتبرعة مقدمة على الأم الطالبة للأجر * ثم اعلم أن ما ذكره من عبارة الولوالجية ليس صريحا في أن المراد منه الحضانة فقد قال في الحواشي العزمية عند قوله وتطالب الأب بالأجرة ونفقة الولد أراد بالأجرة أجرة الرضاع سواء ارضعته بنفسها أو ارضعته غيرها وأراد بالنفقة ما يكون بعد الفطام * والظاهر أن وضع المسئلة في مطلقة مضت عدتها فإن طلب الأجرة من الأب من جهة الصبى أنما هو في هذه الصورة قال وإنما قلنا أراد بالأجرة أجرة الرضاع اذ لا يجب على الأب أجرة على الحضانة زايدة على هذه الأجرة حتى تطالبه المرأة به كما صرح به في جواهر الفتاوى نقلا عن قاضي خان انتهى لكن دعاه إلى هذا الحمل قصر نظره على القول بعدم وجوب الأجر على الحضانة. وقد علمت القول الآخر فيه فيحمل كلام الواو الجية عليه فليتأمل.

(وقوله) والصحيح أنه يقال للأم الخ مقابل لقوله فالأم احق يوضحه قوله في الخانية صغيرة لها أب معسر وعمة موسرة ارادت العمة أن تربى الولد بعمالها مجانا ولا تمنعه عن الأم والأم تأبى ذلك وتطالب الأب بالأجرة ونفقة الولد اختلفوا فيه والصحيح أنه يقال للأم أما أن تمسكى الولد بغير أجر واما أن تدفعيه إلى العمة اهـ والمراد بالأجرة أجرة الحضانة والتربية كما فهمه صاحب البحر والدرر والفتح فتكون العمة المتبرعة أولى لكن قال الرملي قيده في الخانية والبزازية والخلاصة والظهيرية وكثير من الكتب بكون الأب معسرا فظاهره تخلف الحكم المذكور بيساره فليحرر. وانت خبير بان المفهوم في التصانيف حجة يعمل به تأمل انتهى.

(قلت) ومثله في الشرنبلالية حيث قال وتقييد الدفع للعمة يسارها واعسار الأب مفيد أن الأب الموسر يجبر على دفع الأجرة للام نظرا للصغير ومع اعساره لا يوجد أحد ممن هو مقدم على العمة متبرعا مثل العمة ومع ذلك يشترط أيضًا أن لا تكون متزوجة بغير محرم للصغير انتهى * قال بعض الفضلاء ولم ار ما المراد بيسار العمة في كلام صاحب

ص: 270

الدرر وغيره كفتح القدير والظاهر أن المراد به القدرة على الحضانة انتهى

(قلت) بل الظاهر ان المراد به القدرة على الاتفاق يدل عليه قوله في الدر المختار وهل يرجع العم أو العمة على الأب إذا ايسر قيل نعم مجتبى انتهى * أي هل ترجع بما انفقت على الصغير لا بأجرة الحضانة أو الرضاع والا لا فائدة للأب حينئذ في اخذه من الأم * ثم لا يخفى أن ذكر العم هنا مستدرك ثم حيث علت أن الأب الموسر يجبر على دفع الأجرة للأم على الحضانة علمت تأييد ما أفتى به قارى الهداية.

(وقوله) واما أن تدفعيه إلى العمة يفيد أنه ينزع من الأم فيوهم المخالفة بينه وبين ما قدمناه عن البدائع وغيرها من أنها توضع عند الأم ولا يفرق بينهما لما فيه من الحاق الضرر بالأم.

(أقول) ودفع المخالفة باختلاف موضوع المسئلة بحمل الأولى على الحضانة والثانية على الرضاع خلافا لما فهمه في العزمية كما مر. فإذا طلبت الأم أجرة على الحضانة وتبرعت العمة سقط حق الأم وصارت الحضانة للعمة واما إذا طلبت الام اجرة على الارضاع فقط تبقى الحضانة لها فلا ينزع الولد منها بل ترضعه الظئر عندها. ولذا قيده في الدرر بقوله ما لم تتزوج كما قدمناه هذا ما ظهر لي. ودفع المخالفة في الشرنبلالية بان الثانية محمولة على ما إذا كانت المرضعة اجنبية فلذا قال ترضع في بيت الأم بخلاف العمة فيدفع لها هذا حاصل ما ذكره فتأمله. والظاهر أنه فهم أن موضوع المسئلتين واحد وهو الرضاع وليس كذلك اذ قولهم أن الظئر ترضعه في بيت الأم لم يقيدوه بما إذا كانت اجنبية فلا فرق بين كون المتبرعة بالرضاع اجنبية أو غيرها فترضعه في بيت امه لان طلبها الأجر على الأرضاع لا يسقط حقها في الحضانة والا لم يقولوا ترضعه الظئر في بيت الأم فتدبر. ثم قال في البحر عقب عبارته السابقة ولم أر من صرح بان الأجنبية كالعمة في أن الصغير يدفع إليها إذا كانت متبرعة والأم تريد الأجر على الحضانة ولا تقاس على العمة لأنها حاضنة في الجملة. وقد كثر السؤال عن هذه المسئلة في زماننا وهو أن الأب يأتى بأجنبية متبرعة بالحضانة فهل يقال للأم كما يقال لو تبرعت العمة وظاهر المتون أن الأم تأخذه بأجر المثل ولا تكون الأجنبية أولى بخلاف العمة على الصحيح إلا أن يوجد نقل صريح في أن الأجنبية كالعمة. والظاهر أن العمة ليست قيدا بل كل حاضنة كذلك بل الخالة كذلك بالأولى لأنها من قرابة الأم * ثم اعلم أن ظاهر الولوالجية أن أجرة الرضاع غير نفقة الولد للعطف وهو للمغايرة * فإذا استأجر الأم للارضاع لا يكفى عن نفقة الولد لأن الولد لا يكفيه اللبن بل يحتاج معدالى شيء آخر كما هو المشاهد خصوصا الكسوة فيقدر القاضى له نفقة غير أجرة الأرضاع وغير أجرة الحضانة. فعلى هذا

ص: 271

يجب على الأب ثلاثة أجرة الرضاع واجرة الحضانة ونفقة الولد. اما أجرة الرضاع فقد صرحوا بها هنا * واما أجرة الحضانة فصرح بها قارى الهداية في فتاواه. واما نفقة الولد فقد صرحوا بها في الاجارات في اجارة الظئر انتهى وتمامه فيه.

(قوله) ولا تقاس على العمة الخ جواب عما قد يقال أنها مثل العمة بجامع التبرع من كل فتلحق بها. فأجاب بالفرق وهو ان العمة حاضنة في الجملة فلها استحقاق بخلاف الأجنبية وايضا فإن العمة اشفق عليه من الأجنبية فلا يصح القياس مع الفارق. وقال محشيه الرملي وقد سئلت عن صغيرة لها ام وبنت ابن عم تطلب الأم زيادة على أجر المثل وبنت ابن العم تريد حضانتها مجانا فاجبت بأنها تدفع إلى الأم لكن باجر المثل لا بالزيادة لأن بنت ابن العم كالاجنبية لاحق لها في الحضانة أصلا فلا يعتبر تبرعها على ما ظهر لهذا الشارح وهو تفقه حسن صحيح لأن في دفع الصغير للمتبرعة ضررا به لقصور شفقتها عليه فلا يعتبر معه الضرر في المال لأن حرمته دون حرمته ولذلك اختلف الحكم في نحو العمة والخالة مع اليسار والإعسار فإذا كان موسرا لا يدفع إليهما كما يفيده تقييد أكثر الكتب اذ لا ضرر على الموسر في دفع الأجرة وبه تتحرر هذه المسئلة فافهم هذا التحرير واغتنمه فقد قل من تفطن له والله تعالى الموفق انتهى. وفى فتاوى الشيخ محمد الحانوتى واما المتبرعة بالحضن فالمذكور انها أن كانت العمة هي المتبرعة بأجرة الحضن وهى غير أجرة الرضاع فهى احق من غيرها ممن له الحضن واما الأجنبية فلم ينص عليها والله تعالى أعلم انتهى.

(وقوله) والظاهر ان المعمة ليست قيدا الخ قدمنا ما يؤيده عن القهستاني وبهذا يظهر الجواب عما يقع كثيرا وهو ان الأم تطلب أجرة الحضانة من الأب فيقول الأب أن لي امًا تربيه عندي بلا أجر فعلى هذا يدفع لام الأب المتبرعة هذا إذا طلبت أم الصغير أجرة على الحضانة اما لو كان رضيعا وتبرعت بحضانته ولكنها طلبت أجرة على الأرضاع فانه يبقى عندها وإن قالت أم الأب أو أخته مثلا أنا ارضعه متبرعة يقال لها ارضعيه في بيت أمه لأن كون المتبرعة بالأرضاع غير اجنبية لا يسقط حضانة الأم كما علمته آنفا فاغتنم هذه الفائدة.

(وقوله) ثم اعلم أن ظاهر الولوالجية الخ يقتضى أنه حمل الأجرة في كلام الولوالجية على أجرة الرضاع كما حمله في العزمية كما قدمناه وهو مخالف لما اراده من سياق كلام الولوالجية فإنه لا يتم الا بالحمل على أجرة الحضانة وهو المفهوم من كلام الدرر وفتح القدير ايضا فتأمل.

(وقوله) فعلى هذا يجب على الأب ثلاثة الخ.

(أقول) بل أربعة والرابع أجرة المسكن الذى تحضن فيه الصبى على ما قدمناه إلا أن يقال أنه داخل في النفقة لأن المسكن له أيضًا لا لحاضنته خاصة

ص: 272

وقد قالوا أن النفقة الطعام والكسوة والمسكن وقال الواني في حاشية الدرر انهم

قالوا النفقة والسكنى توأمان لا ينفك أحدهما عن الآخر.

(فصل) وبعد علمك بان الأم تستحق أجرة الحضانة كما ذكره في السراجية وانها غير أجرة ارضاعه

(فنقول) قال العلامة الرملى في حواشى البحر أقول لم يذكر هل الأجرة على الأب أم في مال الصغير إذا كان له مال ولم يذكر بعد موت الأب إذا طلبت أجرة الحضانة من مال الولد إذا كان له مال أو ممن تجب نفقته عليه إذا لم يكن له مال هل تجاب إلى ذلك أم لا ولم اره في غير هذا الكتاب صريحا لكن المفهوم من كلامهم أن الأم لا تستحق أجرة الحضانة في مال الصغير عند عدم الأب لوجوب التربية عليها حتى تجبر إذا امتنعت كما افتى به الفقهاء الثلاثة بخلاف الرضاع حيث لا تجبر وهو الفارق بين المسئلتين حتى جاز أن تفرض أجرة الرضاع في مال الصبي لامه على قول كما سيأتى في النفقات لأن الممنوع اجتماع أجر الرضاع مع نفقة النكاح في مال واحد. وجاز على الأب إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لعدم وجوب نفقة النكاح عليه وهو من باب النفقة وهى عليه بخلاف الحضانة. ولذلك قال في جواهر الفتاوى سئل قاضي القضاة فخر الدين خان عن المبتوتة لها أجرة الحضانة بعد فطام الولد قال لا لكن صرح قارى الهداية في فتاواه باستحقاقها ذلك على الأب إذا لم تكن منكوحة أو معتدة * والظاهر ان علة الأول الوجوب عليها ديانة. وعلة الثاني أنها إذا حضنته فقد حبست نفسها في تربيته واشتغلت عن الكسب فيجب لها على الأب ما يقوم مقام الانفاق عليها وهو اجرة الحضانة لئلا يحصل الاضرار لها بولدها وإن وجبت عليها ديانة فإذا لم يكن للصغير أب فهى الأولى والا حق بتربيته من غيرها فلا تطلب أجرة من ماله ولا ممن هو دونها في ذلك واما إذا كانت محتاجة جاز لها أن تأكل من ماله بالمعروف لا على وجه أنه أجرة حضانتها فتأمل وراجع فعسى أن تظفر بالنقل في المسئلة. وإذا كان للصغير مال لها أن تمتنع من حضانته فيستأجر له حاضنة من ماله غيرها. وكذلك لو كان الأب موجود أو للصغير مال فللاب أن يجعل أجرة الحضانة من ماله. فيرجع الامر إلى أن الصغير إذا حضنته أمه في حال النكاح أو في عدة الرجعى أو الباين في قول لا تستحق أجرة لا من مال الصغير ولا على الأب والثاني مصرح به والاول نفقة. ويفرق بينهما وبين الرضاع بأنه من باب النفقة وهى على الأب إذا لم يكن للصغير مال وفى ماله إذا كان له مال بخلافها فإن الحضانة حقها ولا تستوجب على إقامة حقها أجرة وكذلك الحكم لو لم يكن له أب وله

ص: 273

مال فيحضنته وطلبت الأجرة من ماله ولم اره أيضًا كما ذكرته اولا والذي يظهر وجوبها في ماله وأن الحقنا الحضانة بالرضاع قلنا باستحقاق ذلك وبجوازه في مال الصغير وان كان له أب واما اذ لم يكن له مال ولا أب فلا كلام في جبرها حيث لم يكن له من يحضنه غيرها لضياعه ويفترض ذلك عليها فلا تستحق على ذلك أجرة.

(والحاصل) أن كلام أصحابنا في هذا المحل قاصر عن افادة الأحكام كلها فعليك أن تتأملها وتستخرجها بفرط ذكائك والله تعالى أعلم.

(هذا) ورايت في كتب الشافعية مؤنة الحاضنة في مال المحضون ان كان له مال والا فعلى من تجب عليه نفقته * وعلى ما أجاب به قارى الهداية من استحقاقها الأجرة إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لا يبعد أن يكون مذهبنا كذهب الشافعية وتكون كالرضاع وهذا هو السابق للافهام وبتعين القطع به والاعتماد عليه والله تعالى أعلم بالصواب. وانظر ما سيأتي في شرح قوله ولقريب محرم يدلك على أن في المسئلة قولين وان الراجح أن الرضاع يجب بقدر الارث أيضًا فتكون الحضانة كذلك والله تعالى أعلم.

(والحاصل) أن النظر الفقهي يقتضى أن في نفقة الحضانة إذا لم يكن للصغير أب ولا مال وتعدد القريب المحرم قولين في قول على الأم خاصة وفي قول بقدر الارث كالنفقة ولم ار أيضًا ما إذا جعل القاضى لها أي للأم أجرة الحضانة في مال اليتيم وامر الوصى بدفعها للأم فتزوجت واستمرت تحضنه عند الزوج هل يبطل فرض القاضي أم لا حيث لم يتعرض من له حق الحضانة بعدها للحضانة. والظاهر من تسميتهم لها أجرة أنه لا يبطل الفرض لأنَّه بمنزلة تعيب العين المستأجرة وهذا عند من يقول بجواز الأجرة عليها والظاهر أنه إلا صح ولذلك افتى به قارى الهداية.

(وقد كتبت في ذلك كتابة على حاشية فتاوى الشيخ الحلبي واستدللت على صحة ما قلته بفرع ذكره في الظهيرية وغيرها معللا بعلة تشرك هذا معه في الحكم فراجعه والذى يدلك على صحة ما قلته فروع ذكرها أصحاب الفتاوى في كتاب الإجارة في بحث اجارة الظئر فراجعه يظهر لك صحة ما قلته والله تعالى أعلم انتهى كلام الرملي في حواشي البحر. والذي استقر عليه رأيه أنها كالرضاع وح فإذا كانت منكوحة أو معتدة من الرجعى فلا أجر لها * ولو مبانة أو معتدة من البائن على إحدى الروايتين السابقتين فلها أجرة من مال الصبي ان كان له مال والا فمن أبيه أو من تجب عليه نفقته. وقد اقره على هذا البحث تلميذه الشيخ علاء الدين في الدر المختار وذكر قبله ما نصه وفى المنية تزوجت أم صغير توفى أبوه وارادت تربيته بلا نفقة مقدرة واراد وصية تربيته بها دفع إليها لا إليه

ص: 274

إبقاء لما له وفي الحاوى تزوجت بآخر وطلبت تربيته بنفقته والتزم ابن العم أن يربيه مجانا ولا حاضنة له فله ذلك انتهى. وقال في منح الغفار بعد ذكر ما في المنية وله وجه وجيه لأن رعاية المصلحة في إبقاء ماله أولى من مراعاة عدم لحوق الضرر الذى يحصل له لكونه عند الاجنبي انتهى والمراد بالاجنبي زوج الأم الذى هو غير محرم للولد. ورايت بخط شيخ مشايخنا العلامة الفقيه إبراهيم السايحاني قال البرجندى تجبر الأم على الحضانة إذا لم يكن لها زوج والنفقة على الأب * وفى المنصورية أن أم الصغيرة إذا امتنعت عن امساكها ولا زوج الأم تجبر عليه وعليه الفتوى وقال الفقيه أبو جعفر تجبر وينفق عليها من مال الصغيرة وبه أخذ الفقيه أبو الليث فهذا نقل من المذهب فيما نقل عن الشافعية * وفى شرح المجمع تجبر إذا كان الأب معسر او لم يكن للولد مال وتجعل الأجرة دينا عليه. كنفقته* فهذا نص في أن لها الأجرة مع الجبر انتهى ما رأيته بخطه رحمه الله تعالى وهذا صريح أيضًا بما بحثه الخير الرملى من أن أجرة الحضانة كالارضاع تجب في مال الصغير (قلت) وحيث قلنا أنها كالرضاع فتكون أجرة حضانته من جملة نفقته كما أن أجرة ارضاعه كذلك. وعليه فالنفقة في كلامي المنية والحاوى تشمل أجرة حضانته. وح يظهر الجواب عن حادثة الفتوى في زماننا في صغير توفيت أمه وتركت له مالا ولها أم وابوه معسر وله أم أيضًا متزوجة بجد الصغير ارادت أم أمه تربيته باجر وام أبيه ترضى بذلك مجانا فهل يدفع لأم أمه أو لام أبيه المتبرعة والذى يظهر من التعليل بابقاء ماله أن يدفع المتبرعة بل هنا أولى وذلك لأن الأم في مسئلة المنية لما كانت متزوجة بالأجنبي صارت كالوصى الاجنبي في عدم ثبوت الحضانة لها فإذا دفع إليها إبقاء لما له مع لزوم تربيته في حجر الأجنبى الذى يطعمه نذرا وينظر إليه شذرا فلأن يدفع لام أبيه المتبرعة في مسئلتنا ويكون الصغير في حجر ابيه وجده الشفوقين عليه بالأولى (وحينئذ فالذى تحرر لنا) فيما إذا طلبت الأجرة من ثبت لها حق الحضانة كالام مثلا مع وجود متبرع بها أنه لا يخلوا ما أن يكون المتبرع اجنبيا عن الصغير اولا. وعلى كل فأما أن يكون الأب معسرا أو لا. وعلى كل فأما أن يكون للصغير مال أو لا * فإذا كان المتبرع اجنبيا يدفع للام بالأجرة وان كانت الأجرة من مال الصغير حيث كانت الأم غير متزوجة باجنبي كما مر عن الذخيرة والمجتبى من جواز استيجار الأم للارضاع من مال الصغير والحضانة مثله على ما علمت. وإذا كان المتبرع غير اجنبي فإن كان الأب معسرا والصغير له مال او لا يقال للأم اما ان تمسكيه بغير أجر واما أن يدفع للعمة مثلا المتبرعة

ص: 275

صونا لمال الصغير ان كان له مال * وأن كان الأب موسرا والصغير له مال فكذلك لأن أجرة ارضاعه ح في مال الصغير والمصرح به في الشروح كالتبين وغيره كما مر أن المتبرعة أولى وحيث كانت الحضانة مثله يكون حكمها كذلك وان كان الأب موسرا ولا مال للصغير فالأم مقدمة وأن طلبت الأجرة نظرا للصغير كما يفهم من كلامهم حيث قيدوا الدفع للمتبرعة بإعسار الأب كما قدمناه عن الرملي والشرنبلالية وح يفرق بين يسار الأب ويسار الصغير وذلك أنه مع يسار الأب يدفع للأم بالأجرة لأن فيه نظرا له بكونه عند أمه من غير ضرر يلحقه بخلافه مع يسار الصغير فإنه وإن حصل في كونه عند أمه نظر له بسبب أنها اشفق عليه من عمته مثلا لكن فيه ضرر له يلحقه في ماله فافترقا هذا ما ظهر لنا بناء على ما حوره الرملى من كون الحضانة كالرضاع والله تعالى أعلم

ص: 276