المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌مقدمة المؤلّف الحمد لله الذي جعل فضل عائشة - الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة - ت رفعت فوزي - جـ ١

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة المؤلّف

الحمد لله الذي جعل فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، وأعلى أعلام فتواها بين الأعلام، وألبسها حلَّة الشرف؛ حيث جاء إلى سيد الخلق الملك بها في سَرَقَةٍ

(1)

من حرير في المنام.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تَنْظِمُنا في أَبناء أُمهات المؤمنين، وتهدينا إلى سَنَنِ السنة آمنين.

وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله الذي أرشد إلى الشريعة البيضاء، وأعلن بفضل عائشة حتى قيل: خذوا شَطْر دينكم عن الحُمَيْرَاء.

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صباح مساء، وعلى أزواجه اللواتي قيل في حقهن:{لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32] صلاة باقية في كل أوان دائمة ما اختلف المَلَوان.

وبعد، فهذا كتاب أجمعُ فيه ما تَفَرَّدَتْ به الصديقة رضي الله عنها، أو خالفت فيه سواها برأى منها، أو كان عندها فيه سُنَّةٌ بَيِّنَة، أَو زيادة عِلْمٍ مُتْقَنَة، أو أنكرت فيه على علماء زمانها، أو رجع فيه إليها أَجِلَّةُ من أَعيان أوانها، أَو حَرَّرَتْه من فتوى، أو اجتهدت فيه من رأى رأته أقوى. مُورِدًا ما وقع إليَّ من اختياراتها، ذاكرًا من الأخبار في ذلك ما وصل إليَّ عن رواتها. غير مدَّع في تمهيدها للاستيعاب، وأن الطاقة أحاطت بجمع

(2)

ما في هذا الباب. على أنى

(1)

سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.

والسَّرَقَة: شُقَّة حرير بيضاء، قال أبو عبيد: كأنها كلمة فارسية والجمع سَرق.

(2)

في المطبوعة: "بجميع": وما أثبتناه من الأصل.

ص: 3

حَرَّرت ما وقع لى من ذلك تحريرًا، ونَمَّقْتُ بُروده رَقْمًا وتَحْبِيرًا. مع فوائد أَضمها إليه، وفرائد أنثرها عليه، لِيَكُنَّ عقدًا ثمينةٌ جواهرُه، وفَلَكًا منيرة زواهره، ولقد وفقت لجمعها في زمن قريب، وأصبح مأهول ربعها مأوىً لكل غريب. وما هذا إلا ببركة هذا البيت العظيم الفخر، وما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. وسميته (الإجابة: لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة).

والله أَسأَلُ أَن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، موصلًا إلى جنان النعيم.

وأهديته إلى بحر علمٍ ثمينٍ جَوْهَرُه، وأُفق فَضْلِ أَضَاءَ شمشُه وقمرُه، وروضِ آدابٍ يانعة ثمارُهُ، ساطعة أزهاره، سيدى

(1)

قاضي القضاة برهان الدين بن جماعة

(2)

الشافعي، أَدام الله عُلُوَّه، وكَبَتَ عدوه؛ إذ لمذهب الشافعي من ثماره أيُّ روضات، وهو لمحرابه إمام يتلو فيه من معجز القول آيات. قد أظهر عرائس فضله المَجْلُوَّة، وأَبرز نفائس نقله المحبَّرة، وبهر العقول بدقائقه التي بهرت، وزاد المباحث رَوْنَقًا بعبارته التي سحرت الأَلباب وما شعرت، تهدى العلوم إليه، وهو حقيقة أدرى من المهدى بهن وأَعلم. وكنت في إهدائه إلى مقامه كمن يهدى إلى البستان أَزهاره؛ وإلى الفلك شموسه وأَقماره، وإلى البحر جَدْوَلًا، وإلى السيل وشَلًا

(3)

، ولكن عرضت هذا المصنف على ملك الكلام؛ بل أمير المؤمنين في الحديث والإمام لأُثَقِّفَه

(4)

باطلاعه عليه، والسلام.

والله تعالى يجعل أيامه كلها مواسم، ويُطَرِّزُ التصانيف بفوائده حتى تصير كالثغور البواسم.

* * *

(1)

بياض بمقدار كلمة في الأصل.

(2)

هو برهان الدين بن جماعة أبو إسحاق إبراهيم بن الخطيب زين الدين أبي محمد عبد الرحيم، قاضى مصر والشام، من كبار الفقهاء، ولد سنة 725 وتوفى سنة 790 هـ. (شذرات الذهب لابن العماد 6/ 311).

(3)

الوَشل: الماء القليل يُتَحلَّب من جبل أو صخرة.

(4)

ثَقَّفَه: سَوَّاه.

ص: 4

‌الباب الأول

(1)

في ترجمتهَا وخصائصهَا

(1) فصل في ذكر شيءٍ من حالها

هي أُم المؤمنين، وأُم عبد الله عائشة بنت أَبي بكر؛ الصِّدِّيقَة بنت الصِّدِّيق رضي الله عنه وعنها، حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقيهة الرَّبَّانيَّةَ. كنيتها أُم عبد الله كناها به النبي صلى الله عليه وسلم، بابن أُختها عبد الله بن الزبير، رواه أبو داود، وقال الحاكم: صحيح الإسناد

(2)

.

وجاء في معجم ابن الأعرابي: أَنها جاءَت بسِقْطٍ فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وكناها

(3)

به وفي إسناده نظر؛ لأن مداره على داود بن المحَبَّر

(4)

صاحب كتاب العقل.

(1)

"الباب الأول في ترجمتها وخصائصها" ليس من المخطوط وقد زاده سعيد الأفغاني في الطبعة الأولى للإجابة، وأبقينا عليه لما فيه من حسن التقسيم - وكذلك رقم الفصل.

(2)

د: (5/ 253)(35) كتاب الأدب (78) باب في المرأة تكنى - من طريق مسدد وسليمان بن حرب، عن حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، كل صواحبي لهن كُنَى. قال: فاكتنى بابنك عبد الله - يعنى ابن أختها - عبد الله بن الزبير. رقم: (497).

المستدرك (4/ 278)(41) كتاب الأدب.

من طريق عبد الله بن وهب، عن يحيى بن عبد الله بن سالم وسعيد بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله: ألا تكنيني؟ قال: اكتنى بابنك عبد الله بن الزبير، فكانت تكنى أم عبد الله.

قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

(3)

معجم ابن الأعرابي (2/ 918) عن عبد الله بن أيوب، عن داود بن المُحَبَّر، عن محمد بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أَسْقَطت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سقطًا، فسماه عبد الله، وكناني بأم عبد الله.

(4)

قال ابن حجر: "متروك، وأكثر كتاب العقل الذي صنفه موضوعات - مات سنة ست =

ص: 5

وعائشة مأخوذة من العَيش، ويقال أَيضًا: عيشة، لغة حكاها ابن الأَعرابي: وعلى بن حمزة، ولا التفات لإسناد أَبي عبيد في الغريب المصنف ذلك.

وذكر أبو الفضل الفلكي في الألقاب: النبي صلى الله عليه وسلم صغَّر اسمها وقال يا عُوَيْش

(1)

.

وذكر صاحب مسند الفردوس أن الإمام أَحمد في مسنده رواه من حديث أُم سلمة: قالت عائشة: " (يا) رسول الله، علمني دعوة أدعو بها" فقال: "يا عُوَيْشِ، قوله: اللهم رب محمد النبي الأُمِّي أذهب عنى غيظ قلبي وأجزني من مُضلَّات الفتن

(2)

".

واستغربه ابن الصلاح في طبقاته.

وفى الصحيحين "يا عايش" على الترخيم

(3)

.

= ومائتين". وقد وهاه أحمد وأثنى عليه ابن معين، واتهمه ابن حبان بالوضع. روى له ابن ماجه (التذكرة للحسيني 1/ 252 رقم 1764 وهوامشه).

(1)

طبقات ابن الصلاح (2/ 613) وأبو الفضل الفلكي اسمه على بن الحسين. توفى سنة 427.

(2)

لم أعثر على هذا الحديث في مسند أحمد بهذه الصورة، وإنما الذي في مسند أحمد هو طلب أم سلمة ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حم (6/ 301 - 302) من طريق شهر بن حوشب قال: سمعت أم سلمة تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه أن يقول: اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.

قالت: قلت: يا رسول الله أو إن القلوب لتتقلب؟ قال: نعم، ما من خلق الله من بنى آدم من بشر إلا أن قلبه بين أصبعين من أصابع الله، فإن شاء الله عز وجل أقامه، وإن شاء الله أزاغه، فنسأل الله ربنا ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب.

قالت: قلت يا رسول الله، ألا تعلمنى دعوة أدعو بها لنفسى. قال: قوله: اللهم رب محمد النبي، اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرنى من مضلات الفتن ما أحييتنا.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 176): عند الترمذى بعضه. رواه أحمد، وإسناده حسن.

(3)

خ: (3/ 35)(62) كتاب فضائل الصحابة (30) باب فضل عائشة رضي الله عنها من طريق يونس، عن ابن شهاب قال أبو سلمة: إن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى، تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم رقم:(3768).

م: (4/ 1896)(44) كتاب فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة رضي الله عنها من طريق شعيب، عن الزهرى به. رقم:(91/ 2447).

ص: 6

وفى الأَول دليل على جواز التصغير كقوله: "يا أبا عُمير" تصغير تحبيب.

وجعل صاحب البسيط من النحويين مثل قوله: "يا حُمَيْرا" تصغير تقريب ما يتوهم أنه بعيد، كقولهم بُعَيْدَ الْعَصْر وقُبَيْلَ الفجر. قال: لأن المراد بها البيضاءَ فكأَنها غير كاملة البياض، قال: وكذلك قوله: "كُنَيْف ملئَ علمًا" اهـ.

وقال أَبو القاسم الثمانيني في شرح اللمع: "قول عمر رضي الله عنه في ابن مسعود: "كُنَيْف ملئَ علمًا"

(1)

قالوا: إنه أراد بهذا التحقير

(2)

تعظيمه، كما قالوا في داهية: دويهية وخُوَيخِية

(3)

".

قال: والصحيح أن ابن مسعود كان صغير الجسم قصيرًا فقال: (كُنَيْف) مصغرة ليدل على تصغير جسمه لأن كُنَيْفًا تكبيره كِنف، وهو شيءٌ يكون فيه أداة الراعى فأَراد أَنه حافظ لما فيه" اهـ.

وأُمها أَم رُوْمَان، بفتح الراء وضمها بنت عامر بن عوَيمِرِ بن عبد شمس بن كنانة.

روى البخارى لأُم رومان حديثًا واحدًا من حديث الإفك من رواية مسروق عنها

(4)

ولم يلقها، وقيل:"عن مسروق حدثتني أُم رومان" وهو وهم. ونقل

(1)

مصنف عبد الرزاق (10/ 13) كتاب العقول - باب العفو.

عن معمر، قتادة أن عمر بن الخطاب رفع إليه رجل قتل رجلًا، فجاء أولياء المقتول، وقد عفا أحدهم، فقال عمر لابن مسعود، وهو إلى جنبه، ما تقول؟ فقال ابن مسعود: أقول: إنه قد أحرز من القتل. قال: فضرب على كتفه، ثم قال: كُنَيفُ مُلِيء علمًا رقم: (18187).

ورواه الطبراني من طريق (9/ 408) رقم: (9735) وقال الهيثمي في المجمع (6/ 303) ورجاله رجال الصحيح إلا أن قتادة لم يدرك ابن مسعود.

(2)

كذا في الأصل، وربما كان هذا خطأ من القلم، وكأنه يريد:"أراد بهذا التصغير".

(3)

الخويخية: الداهية.

(4)

خ: (3/ 26)(65) كتاب التفسير - تفسير سورة النور - (7) باب {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} - عن محمد بن كثير، عن سلمان، عن حصين، عن أبي وائل، عن مسروق، عن أم رومان - أم عائشة - قالت: لما رميت عائشة خرت مغشيًّا عليها. رقم: (4751).

وقد روى البخارى هذا الحديث في مواضع أخر فيها التصريح بالتحديث أو ما يشبهه: =

ص: 7

النووي أَن ابن إسحاق سماها في السيرة زينب

(1)

وفى "الروض للسهيلي": اسمها "دعدة"

(2)

وذكر محمد بن سعد وغيره: أَن أُم رومان ماتت في حياة

= خ: (2/ 470)(60) كتاب أحاديث الأنبياء (19) باب قول الله تعالى: {لَقَد كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف 7]. عن محمد بن سلام، عن ابن فضيل، عن حصين، عن شقيق، عن مسروق قال: سألت أم رومان، وهى أم عائشة لمَّا قيل فيها ما قيل، قالت: بينما أنا مع عائشة جالستان إذ ولجت علينا امرأة من الأنصار، وهى تقول: فعل الله بفلان، وفعل. قالت: فقلت: لم؟ قالت: إنه نَمَى ذكر الحديث، فقالت عائشة: أي حديث؟ فأخبرتها. قالت: فسمعه أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، فخرت مغشيًّا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لهذه؟ قلت: حمى أخذتها من أجل حديث تحدث به، فقعدت فقالت: والله لئن حلفت لا تصدقوننى، ولئن اعتذرت لا تَعذروننى، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه، والله المستعان على ما تصفون، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ما أنزل، فأخبرها، فقالت: بحمد الله لا بحمد أحد. رقم (3388).

وفي (3/ 126)(64) كتاب المغازى (34) باب حديث الإفك - عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن حصين؛ عن أبي وائل، عن مسروق قال: حدثتني أم رومان به. رقم: (4143)

وفي (3/ 244)(65) كتاب التفسير (3) باب: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} عن موسى، عن أبي عوانه، عن حصين، عن أبي وائل عن مسروق قال: حدثتني أم رومان به. رقم: (14691)

(1)

قال ابن هشام في السيرة: وهى أم رومان واسمها زينب بنت عبد دهمان أحد بني فراس بن مالك بن كنانة. (سيرة ابن هشام 3/ 189)

(2)

لم أعثر على ذلك في الروض الأنف، وإنما الذي فيه: وأما أم رومان، وهى أم عائشة فقد مر ذكرها في هذا الحديث، وهى زينب بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن دهمان، وهي من كنانة، واختلف في عمود نسبها، ولدت لأبي بكر عائشة وعبد الرحمن، وكانت قبل أبي بكر عند عبد الله بن الحارث بن سخبرة، فولدت له الطفيل، وتوفيت أم رومان سنة ست من الهجرة، ونزل النبي - صلى الله عليه وسلم في قبرها، وقال: اللهم إنه لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك، وفي رسولك، وقال: من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان.

قال: وروى البخارى حديثا عن مسروق - وهو الحديث السابق - وقال فيه: سألت أم رومان، وهي أم عائشة - عما قيل فيها، ومسروق ولد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف فلم ير أم رومان قط، فقيل: إنه وهم في الحديث، وقيل: بل الحديث صحيح، وهو مقدم على ما ذكره أهل السيرة من موتها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:(الروض الأنف 4/ 21).=

ص: 8

رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ست من الهجرة، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها"،

= هذا وقد ضعف ابن حجر في الفتح (7/ 502 - 503): الروايات التي تقول بأن أم رومان قد توفيت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وأثبت أن الحديث متصل، وأن مسروقًا لقيها، قال:

وقد استشكل قول مسروق "حدثتنى أم رومان" مع أنها ماتت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ومسروق ليست له صحبة؛ لأنه لم يقدم من اليمن إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر أو عمر، قال الخطيب: لا نعلمه روى هذا الحديث عن أبي وائل غير حصين، ومسروق لم يدرك أم رومان وكان يرسل هذا الحديث عنها ويقول "سئلت أم رومان" فوهم حصين فيه حيث جعل السائل لها مسروقًا، أو يكون بعض النقلة كتب سئلت بألف فصارت "سألت" فقرئت بفتحتين، قال على: إن بعض الرواة قد رواه عن حصين على الصواب يعنى بالعنعنة، قال: وأخرج البخاري هذا الحديث بناء على ظاهر الاتصال، ولم يظهر له علة. انتهى. وقد حكى المزى كلام الخطيب هذا في التهذيب وفي الأطراف، ولم يتعقبه بل أقره وزاد أنه روى عن مسروق عن ابن مسعود عن أم رومان، وهو أشبه بالصواب. كذا قال: وهذه الرواية شاذة وهى من المزيد في متصل الأسانيد على ما سنوضحه. والذي ظهر لي بعد التأمل أن الصواب مع البخارى، لأن عمدة الخطيب ومن تبعه في دعوى الوهم الاعتماد على قول من قال: إن أم رومان ماتت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع وقيل سنة خمس وقيل ست وهو شيء ذكره الواقدى، ولا يتعقب الأسانيد الصحيحة بما يأتى عن الواقدى. وذكر الزبير بن بكار بسند منقطع فيه ضعف أن أم رومان ماتت سنة ست في ذى الحجة، وقد أشار البخارى إلى رد ذلك في تاريخه الأوسط والصغير فقال بعد أن ذكر أم رومان في فصل من مات في خلافة عثمان: روى على بن يزيد عن القاسم قال: ماتت أم رومان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ست، قال البخاري: وفيه نظر، وحديث مسروق أسند، أي أقوى إسنادًا وأبين اتصالا انتهى. وقد جزم إبراهيم الحربي بأن مسروقًا سمع من أم رومان وله خمس عشرة سنة، فعلى هذا يكون سماعه منها في خلافة عمر؛ لأن مولد مسروق كان في سنة الهجرة، ولذا قال أبو نعيم الأصبهاني: عاشت أم رومان بعد صلى الله عليه وسلم وقد تعقب ذلك كله الخطيب معتمدًا على ما تقدم عن الواقدى والزبير، وفيه نظر؛ لما وقع عند أحمد من طريق أبي سلمة عن عائشة قالت: "لما نزلت آية التخيير بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة فقال: يا عائشة إنى عارض عليك أمرا فلا تفتاتى فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان

"الحديث، وأصله في الصحيحين دون تسمية أم رومان وآية التخيير نزلت سنة تسع اتفاقا، فهذا دال على تأخر موت أم رومان عن الوقت الذي ذكره الواقدى والزبير أيضا، فقد تقدم في علامات النبوة من حديث عبد الرحمن بن أبى بكر في قصة أضياف أبى بكر: قال عبد الرحمن: "وإنما هو أنا وأبي وأمى وامرأتي وخادم" وفيه عند المصنف في الأدب: "فلما جاء أبو بكر قالت له أمى احتبست عن أضيافك" الحديث، وعبد الرحمن إنما هاجر في هدنة الحديبية، وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست وهجرة عبد الرحمن في سنة سبع في قول ابن سعد، وفى قول الزبير فيها أو في التي بعدها؛ لأنه روى أن عبد الرحمن خرج في فئة من قريش قبل الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتكون أم رومان تأخرت عن الوقت الذي ذكراه فيه، وفى بعض هذا كفاية في التعقب على الخطيب ومن تبعه فيما تعقبوه =

ص: 9

وهذا يقوى الإشكال في إخراج البخارى رواية مسروق عنها. لكن أَنكر قوم موتها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو نعيم الأصفهاني، ولا عمدة لمن أَنكره إلا رواية مسروق.

وقال الخطيب: لم يسمع مسروق من أُم رومان شيئًا. والعجب كيف خفى ذلك على البخارى وقد فطن مسلم له

(1)

.

تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بسنتين، وقيل بثلاث بعد موت خديجة وقبل سودة بنت زمعة، وقيل:"بعدها" وهذا هو الأشهر.

والأول حكاه ابن عبد البر عن غير واحد

(2)

، ويشهد له ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث هشام عن أَبيه عن عائشة أنها قالت: "ما رأيت امرأة أحب أَن أكون في مِسْلاخِها من سودة بنت زمعة

الحديث"

(3)

. وقالت في آخره في بعض طرقه: "وكانت أول امرأة تزوجها بعدى"

(4)

.

وتزوجها وهى بنت ست أو سبع، والأول أصح. وبنى بها بالمدينة وهى بنت تسع في شوال منصرفه صلى الله عليه وسلم من بدر في السنة الثانية من مقدمه. وقال الواقدي:"في الأولى" وصححه الدمياطى، وأما ابن دحية فَوَهَّى الواقدى

(5)

.

= على هذا الجامع الصحيح والله المستعان. وقد تلقى كلام الخطيب بالتسليم صاحب المشارق، والمطالع، والسهيلى، وابن سيد الناس، وتبع المِزّى الذهبي في مختصراته، والعلائي في المراسيل، وآخرون، وخالفهم صاحب الهدى.

(1)

انظر التعليق السابق، ففيه ترجيح اتصال روايات البخارى، وأنه أخرج رواياته بناء على ذلك. والله تعالى أعلم.

(2)

الاستيعاب (4/ 356 - 357).

(3)

م: (2/ 1085)(17) كتاب الرضاع (14) باب جواز هبتها نوبتها لضرتها - عن زهير بن حرب، عن جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما رأيت امرأة أحب إلى أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها جدَّة. قالت: فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رقم (47/ 1463).

ومعنى "في مسلاخها" المسلاخ: الجلد، أي أن أكون في هيئتها ومثلها.

(4)

م: (الموضع السابق) من طرق عن هشام بن عروة به. رقم: (48/ 1463)

(5)

في المطبوعة: "وأما ابن دحية فوهاه الواقدى" وكذلك في المخطوط وهي عبارة غير صحيحة؛ لأن ابن دحية أبا الخطاب بعد الواقدى بزمن، وهو الذي وهَّىَ الواقدى، كما في كتابه الابتهاج (ص 8 - 9).

ص: 10

وأَقامت في صحبته ثمانية أَعوام وخمسة أَشهر وتوفى عليه الصلاة والسلام وهي ابنة ثماني عشرة

(1)

سنة، وعاشت خمسًا وستين وولدت سنة أَربع من النبوة، وتوفيت بالمدينة زمن معاوية ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان سنة سبع وخمسين، وقيل ثمان وخمسين، وأَوصت أن يصلى عليها أَبو هريرة.

وذكر الواقدى: "أنها ماتت بعد الوتر وأَمرت أَن تدفن من ليلتها فاجتمع الأَنصار وحضروا، فلم نر ليلة أَكثر ناسا منها، نزل أهل العوالى فدفنت بالبقيع"

(2)

.

قال الواقدي: "فحدثني ابن جريج عن نافع قال: شهدت أَبا هريرة صلى على عائشة بالبقيع وابن عمر في الناس لا ينكره. وكان مروان اعتمر في تلك السنة واستخلف أبا هريرة

(3)

.

رُوى لها عن النبي صلى الله عليه وسلم أَلفا حديث ومائتا حديث وعشرة أحاديث، اتفق البخارى ومسلم منها على مائة وأربعة وسبعين حديثًا، وانفرد البخارى بأَربعة وخمسين، ومسلم بثمانية وستين

(4)

.

روى عنها خلق من الصحابة والتابعين

(5)

من متأخريهم: مسروق والأَسود

(1)

في الأصل: "ثمانية عشر".

(2)

المستدرك (4/ 6)(31) كتاب معرفة الصحابة.

قال ابن عمر (الواقدى): فحدثني ابن أبي سبرة، عن موسى بن ميسرة، عن سالم سبلان قال: ماتت عائشة

الخ.

وانظر طبقات ابن سعد: (8/ 54)

(3)

طبقات ابن سعد: (8/ 53)

(4)

أعلام النبلاء (2/ 139) وفيه: "وانفرد البخارى بتسعة وستين".

(5)

ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء من حدثوا عن عائشة (/136) - 139) فقال:

حدَّثَ عنها إبراهيمُ بنُ يزيد النخعى مرسلًا، وإبراهيم بنُ يزيد التيمي كذلك، وإسحاقُ بن طلحة، وإسحاق بن عُمر، والأسودُ بن يزيد، وأيمنُ المكّى، وثُمامةُ بن حَزْن، وجبير بن نُفير، وجُميع بن عُمير. والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومى، والحارث بن نوفل، والحسنُ، وحمزةُ بنُ عبد الله بن عمر، وخالد بن سعد، وخالدُ بن معدان - وقيل: لم يسمع منها - وخَبَّاب [صاحب] المقصورة، وخُبيبُ بنُ عبد الله بن الزُّبير، وخلاس الهَجَرى، وخِيَارُ بن سلمة، وخَيْثَمَةُ =

ص: 11

وسعيد بن المسيب، وعروة ابن أُختها، والقاسم ابن أخيها وأبو سلمة بن عبد الرحمن والشعبي، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة وعمرة بنت عبد الرحمن، ونافع مولى ابن عمر وآخرون.

= ابن عبد الرحمن، وذكوانُ السمان؛ ومولاها ذكوان، وربيعةُ الجُرَشى - وله صُحبة، وزاذان أبو عمر الكندى، وزُرارةُ بن أوفى، وزِرُّ بنُ حُبَيش، وزيد بن أسلم، وسالم بن أبي الجعد - ولم يسمعا منها - وزيدُ بن خالد الجُهَنى، وسالم بن عبد الله، وسالم سَبَلان، والسائب بنُ يزيد، وسعدُ بن هشام، وسعيدُ المَقْبُرى، وسعيد بن العاص، وسعيد بن المسيب، وسليمانُ بن يسار، وسُليمانُ بن بريدة، وشُرَيحُ بنُ أرطاة، وشُريحُ بن هانئ، وشَرِيقُ الهَوْزَنى، وشقيق أبو وائل، وشَهْرُ بنُ حوشب، وصالح بن ربيعة بن الهدير، وصَعْصَعَة عم الأحنف، وطاووسٌ، وطلحةُ بنُ عبد الله التَّيمى، وعابسُ بنُ ربيعة، وعاصمُ بنُ حُميد السَّكُونى، وعامرُ بن سعد، والشَّعبي، وعبَّادُ بنُ عبد الله بن الزبير، وعُبادة بنُ الوليد، وعبد الله بن بُريدة، وأبو الوليد عبدُ الله بن الحارث البصرى، وابنُ الزبير ابن أختها عبد الله، وأخوه عُروة، وعبد الله بن شَدَّاد اللَّيثى، وعبد الله بن شقيق، وعبدُ الله بن شهاب الخولاني، وعبدُ الله بنُ عامر بن ربيعة، وابن عمر، وابن عباس، وعبدُ الله بن فَرُّوخ، وعبدُ الله بن أبي مُليكة، وعبد الله بن عبيد بن عُمير، وأبوه، وعبدُ الله بن عُكيم، وعبد الله بن أبي قيس، وابنا أخيها: عبدُ الله والقاسمُ، ابنا محمد، وعبدُ الله بن أبى عتيق محمد، ابن أخيها عبد الرحمن، وعبدُ الله بن واقد العُمرى، ورَضيعُها عبد الله بن يزيد، وعبدُ الله البَهى، وعبدُ الرحمن بن الأسود، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبدُ الرحمن بن سعيد بن وهب الهَمْداني، وعبد الرحمن بن شُمَاسة، وعبد الرحمن بنُ عَبد الله بن سابط الجُمَحى، وعبدُ العزيز، والد ابن جُريج، وعبيدُ الله بن عبد الله، وعبيد الله بنُ عياض، وعراك - ولم يلقها - وعُروةُ المُزَنى، وعطاءُ بنُ أبي رباح، وعطاءُ بن يَسار، وعكرمةُ، وعلقمةُ، وعلقمةُ بن وقاص، وعليُّ بن الحسين، وعمرو بن سعيد بن سعيد الأشدق، وعمرو بنُ شرحبيل، وعمرو بن غالب، وعمرو بن ميمون، وعمرانُ بنُ حِطَّان، وعوف بن الحارث، رضيعُها، وعياضُ بن عُروة، وعيسى بنُ طَلحة، وغُضَيفُ بن الحارث، وفروة بن نوفل، والقعقاع بن حكيم، وقيس بن أبي حازم، وكثيرُ بن عُبيد الكوفى. رضيعُها، وكُريب، ومالك بن أبي عامر، ومجاهدٌ، ومحمد بن إبراهيم التيمي - إن كان لقيها - ومحمد بن الأشعث، ومحمد بن زياد الجُمَحى، وابن سيرين، ومحمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو جعفر الباقر - ولم يلقها ومحمد بن قيس بن مَخْرَمة، ومحمد بن المنتشر، ومحمد بن المُنْكَدِر - وكأنه مرسل - ومروان العقيلي أبو لُبابة، ومَسروقٌ، ومِصْدَعٌ أبو يحيى، ومُطرّفُ بن الشَّخّير، ومِقْسَمٌ، مولى ابن عباس، والمطَّلِبُ بنُ عبد الله بن حَنْطَب، ومكحول - ولم يلحقها - وموسى بن طلحة، وميمون بن أبي شَبِيب، وميمونُ بنُ مِهران، ونافع بنُ جُبَير، ونافعُ بنُ عطاء، ونافعُ العُمرى، والنُّعمانُ بن بشير، وهَمَّامُ بن الحارث، وهِلالُ بنُ بِسَاف، ويحيى بن الجزار، ويحيى بنُ عبد الرحمن بن حاطب، ويحيى بنُ يَعْمَر، ويزيدُ بن بَابَنُوس، ويزيدُ بنُ الشّخُير، ويعلى بنُ عُقبة، ويوسف بن مَاهَك، =

ص: 12

وكان مسروق إذا حدث عنها قال: "حدثتنى الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق حبيبة حبيب الله المبرَّأَة السماء"

(1)

.

وروى بسند حسن عن علي رضي الله عنه: أنه ذكر عائشة فقال: "خليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

(2)

.

وكذلك قال عمار بن ياسر لرجل نال منها: "اعْزُبُ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا أَتَؤذى حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

(3)

.

= وأبو أُمامة بنُ سهل، وأبو بُردة بنُ أبي موسى، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وأبو الجوزاء الرَّبَعى، وأبو حُذيفة الأرحبى، وأبو حفصة، مولاها، وأبو الزُّبير المكى - وكأنه مرسل - وأبو سلمة بن عبد الرحمن. وأبو الشَّعثاء المُحَاربي، وأبو الصِّدِّيق الناجى، وأبو ظبيان الجنبي، وأبو العالية رُفَيع الرياحي، وأبو عبد الله الجدلى، وأبو عُبيدة بن عبد الله بن مسعود، وأبو عثمان النَّهدى، وأبو عطية الوادعى، وأبو قلابة الجَرْمى - ولم يلقها - وأبو المليح الهذلى، وأبو موسى، وأبو هُريرة، وأبو نوفل بن أبى عقرب، وأبو يونس مولاها، وبُهَيَّة مولاة الصديق، وجَسرةُ بنتُ دَجاجة، وحفصةُ بنتُ أخيها عبد الرحمن، وخيرة والدة الحسن البصرى، وذفرة بنت غالب، وزينبُ بنتُ أبي سلمة، وزينبُ بنت نصر، وزينبُ السهمية، وسُميَّة البصرية، وشُمَيْسَة العتكية، وصفيَّةُ بنتُ شيبة، وصفيةُ بنتُ أبى عبيد، وعائشةُ بنت طلحة، وعَمرةُ بنتُ عبد الرحمن، ومرجانةُ، والدةُ علقمة بن أبي علقمة، ومُعاذَةُ العدوية، وأُمُّ كلثوم التيمية، أختُها، وأُمُّ محمد، امرأةُ والد على بن زيد بن جُدعان. وطائفة سوى هؤلاء.

(1)

الحلية لأبي نعيم: (2/ 44) من طريق ابن أبي شيبة، عن جعفر بن عون، عن مِسْعَر بن كدام، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الضحى عن مسروق به.

(2)

سير أعلام النبلاء (2/ 176 - 177) علقه عن زياد بن أيوب، عن مصعب بن سلام، عن محمد بن سوقة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه قال: انتهينا إلى على رضي الله عنه، فذكر عائشة فقال: خليلة رسول الله.

علق الذهبي على ذلك بقوله: هذا حديث حسن، ومصعب فصالح لا بأس به، وهذا يقوله أمير المؤمنين في حق عائشة مع ما وقع بينهما، فرضي الله عنهما، ولا ريب أن عائشة ندمت ندامة كلية على مسيرها إلى البصرة، وحضورها يوم الجمل، وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ، فعن عمارة بن عمير، عمن سمع عائشة إذا قرأت:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب 33] بكت حتى تبل خمارها

(3)

سنن الترمذى (5/ 707)(50) كتاب المناقب (63) باب فضل عائشة رضي الله عنها عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدى، عن سفيان، عن أبي إسحاق عن عمرو بن =

ص: 13

‌ومن مواليها رضي الله عنها

-:

1 -

" بَرِيرة": وهى التي كان فيها ثلاث سنن، وحديثها مشهور في الصحيح

(1)

.

روت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليدفع عن باب الجنة بعد أن ينظر إليها على محجمة من دم يريقه من مسلم" يعنى بغير حق. روته لعبد الملك بن مروان

(2)

.

رواه عنها زيد بن واقد: وهو من ثقات الشاميين لقى واثلة بن الأسقع.

2 -

ومنهن: "سايبة": روى عنها نافع مولى ابن عمر عن سايبة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الحيات التي في البيوت إلا ذا الطُفيتَين

(3)

والأبتر

= غالب أن رجلًا نال من عائشة عند عمار بن ياسر فقال: اعْزب مقبوحًا منبوحًا، أتؤذى حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم رقم (3888).

قال: هذا حديث حسن.

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: صححه الترمذى في بعض النسخ (سير 2/ 179)

(1)

متفق عليه:

خ: (2/ 407)(68) كتاب الطلاق (14) باب لا يكون الأمة طلاقًا

من طريق مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: كان في بريرة ثلاث سنن: إحدى السنن أنها أعتقت فخيرت في زوجها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن أعتق، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبُرْمَة تفور بلحم، فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت، فقال: ألم أر البرمة فيها لحم؟ قالوا: بلى، ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة. قال: عليها صدقة ولنا هدية. رقم: (5279).

م: (2/ 1141 - 1145)(20) كتاب العتق (2) باب إنما الولاء لمن أعتق -

من طريق مالك به. رقم: (1504)

(2)

ذكره أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب (4/ 249 - 250) قال: روى عبد الخالق بن زيد بن واقد قال: حدثني أبى أن عبد الملك بن مروان حدثهم قال: كنت أجالس بريرة بالمدينة قبل أن أَلِىَ هذا الأمر، فكانت تقول لى: يا عبد الملك، إني أرى فيك خصالًا، وإنك لخليق أن تلى هذا الأمر، فإن وليت هذا الأمر فاحذر الدماء؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرجل ليدفع عن باب الجنة، بعد أن ينظر إليها بملء محجمة من دم يريقه من مسلم بغير حق.

قال أبو عمر: زيد بن واقد هذا ثقة من ثقات الشاميين لقى وائلة بن الأسقع.

(3)

ذو الطُّفيتين: من الحيات ما على ظهره خطان أسودان كالخوصتين.

ص: 14

فإنهما يخطفان البصر ويطرحان ما في بطون النساء".

رواه مالك في الموطَّأ عن نافع به

(1)

.

وقد وصله ثقات من أَصحاب نافع عن سائبة عن عائشة

(2)

.

3 -

ومنهن: "مرجانة" وهى أُم علقمة بن أبي علقمة أحد شيوخ مالك.

4 -

ومنهم: "أبو يونس" روى عنه القعقاع بن حكيم، القعقاع بن حكيم، أخرج مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة أم المؤمنين أنه قال:"أَمرتنى عائشة أن أكتب لها مصحفًا ثم قالت: "إذا بلغت هذه الآية فَآذِنِّي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فلما بلغتها قالت: وصلاة العصر، سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم "

(3)

.

5 -

ومنهم "أبو عمرو "كما رواه الشافعي في مسنده عن عبد الله بن أبي مليكة: "أنه كان يأتى عائشة بأعلى الوادى هو وعبيد بن عمير، والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمهم

(4)

أَبو عمرو مولى عائشة وهو غلامها يومئذ لم يعتق"

(5)

.

(1)

ط: (2/ 976)(54) كتاب الاستئذان (12) باب ما جاء في قتل الحيات وما يقال في ذلك - رقم (32)

وهو مرسل، وموصول في الصحيحين بنحوه من حديث ابن عمر، وعائشة وأبي لبابة [خ: 59 كتاب بدء الخلق 15 باب خير مال المسلم.

م: 39 كتاب السلام 37 باب قتل الحيات وغيرها، رقم 128 - 134]

(2)

حم: (6/ 49) من طريق عبيد الله، عن نافع، عن سائبة، عن عائشة وفي (6/ 83) من طريق جرير بن حازم، عن نافع به.

وفى (6/ 147) من طريق شعبة، عن عبد رب بن سعيد، عن نافع به. وفي المطبوع "سابية".

ولكن ابن حجر نبه في إطراف المسند المعتلى أن اسمها "سَيّابة"(9/ 308) وهو اسم قلبه الراوى عن سائبة.

(3)

ط: (1/ 138 - 139)(8) كتاب صلاة الجماعة (8) باب الصلاة الوسطى رقم (25) م: (1/ 437 - 438)(5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (36) باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر - عن يحيى بن يحيى، عن مالك به. رقم:(207/ 629).

(4)

في المطبوعة: "فيعرفهم" بدل "فيؤمهم" وهو خطأ مخالف للمخطوط.

(5)

ترتيب مسند الإمام الشافعي: (1/ 106 - 107) الباب السابع في الجماعة، وأحكام =

ص: 15

وفى رواية لابن أبي شيبة في مصنفه: "أَنها كانت دبَّرته"

(1)

.

وقوله بأَعلى الوادى: يريد وادى مكة كانوا يأتونها للزيارة والاستفتاء، وذلك عندما تحج. ولما خرجت إلى مكة مغاضبة لعثمان في السنة التي قتل فيها، قاله ابن الأثير في شرح المسند.

ولها خصائص كثيرة لم يشركها أَحد من أزواجه فيها.

* * *

= الإمامة - عن عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أنهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادى هو وعبيد بن عمير، والمسور بن مخرمة وناس كثير، فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة رضي الله عنها، وأبو عمرو غلامها يومئذ لم يعتق. قال: وكان إمام بني محمد بن أبي بكر وعروة. رقم (312)

(1)

مصنف ابن أبي شيبة (1/ 218) كتاب الصلوات - في إمامة العبد - عن روح بن عبادة، عن ابن جريج به. وفيه:"وأبو عمرو حينئذ غلام لم يعتق".

ومن طريق وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبي بكر بن أبي مليكة، عن عائشة أنه كان يؤمها مُدَبَّرٌ لها. (1/ 217) ودبرته: أعتقته عن دبر، أي بعد وفاتها.

وليس فيه أنه هو أبو عمرو.

ص: 16

(2)[فصل في خصائصها الأربعين]

الأولى: - أنه صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرًا غيرها

(1)

.

فإن قلت: "كيف حث على نكاح الأبكار وتزوج من الثُّيَّاب أكثر؟ " فيه أربعة أجوبة: قلت: تقليلًا للاستلذاذ؛ لأن الأَبكار أَعذب أَفواهًا، ولذلك قال:"فَهَلَّا بكرًا تلاعبها وتلاعبك"، وتكثيرًا لتوسعة الأحكام؛ إذ هنَّ بالفهم والتبليغ أعلق، وجبرًا لما فاتهن من البكارة كما قُدِّمْنَ في قوله تعالى:{ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: 5]، أو للإشارة إلى تعظيم عائشة وتمييزها بهذه الفضيلة وَحْدَها دونهن؛ لئلا يُشارك فيها، فكأَنها في كِفَّةٍ وهنَّ في كفة أُخرى.

الثانية: أَنها خُيّرت واختارت الله ورسوله على الفور، وكن تبعًا لها في ذلك

(2)

.

(1)

خ: (3/ 357)(67) كتاب النكاح (9) باب نكاح الأبكار - قال البخاري: وقال ابن أبي مليكة: قال ابن عباس لعائشة: لم ينكح النبي صلى الله عليه وسلم بكرًا غيرك - ومن طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله، أرأيت لو نزلت واديًا وفيه شجرة قد أكل منها، ووجدت شجرًا لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: في التي لم يُرتع منها - يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرًا غيرها. رقم: (5077)

سير أعلام النبلاء (2/ 141) من طريق على بن زيد بن جدعان، عن جدته عن عائشة أنها قالت: لقد أعطيت تسعًا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران

وذكرت منها: ولقد تزوجنى بكرا، وما تزوج بكرا غيرى.

وقال الذهبي: رواه أبو بكر الآجرى. وإسناده جيد، وله إسناد آخر صححه الحاكم ووافقه الذهبي (4/ 10 - 11).

نقول: فيه على بن زيد بن جُدعان، وهو ضعيف، وجَدَّتُهُ لا تعرف، والحق أن تزوج عائشة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى بكر مستفيض لا يحتاج إلى دليل، والله عز وجل وتعالى أعلم.

(2)

خ: (3/ 277)(65) كتاب التفسير (4) باب {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} .

عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهرى، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمر الله أن يخير أزواجه، فبدأ =

ص: 17

(الثالثة): - أَنها حيث خيرت كان خيارها على التراخى بلا خلاف.

وأَما الخلاف في أن جوابهن: هل كان مشروطًا بالفور أم لا؟ ففى غيرها.

هكذا قاله القاضي أبو الطيب الطبرى في تعليقه، فإنه حكى الخلاف، وصحح الفورية، ثم قال:"والخلاف في التخيير المطلق، فأما إذا قال لها: "اختارى أي وقت شئت، كان على التراخى بالإجماع". قال: وعائشة من هذا القبيل لقوله: "ولا عليك ألَّا تعجلى حتى تستأْمرى أبويك" اهـ.

وهو تقييد يرتبط

(1)

به إطلاق "الشرح" و"الروضة"، ولم يقف ابن الرُّفْعَة على هذا النقل، فقال في شرح الوسيط:"وفي طَرْد ذلك في بقية أزواجه صلى الله عليه وسلم كلهن نظر، من جهة أن المُهْلَ في التخيير إنما قيل لعائشة فقط، وسببه - والله أعلم - أنها كانت أحدث نسائه سنًّا، وأحب نسائه إليه، فكان قوله لها: "لا تبادرينى بالجواب" خوفًا من أن تبتدره باختيار الدنيا. ومغبته ألا يطرد الحكم في غيرها لاسيما إذا نظرنا إلى ما جاء في الصحيح من تخصيص ذلك بها، كأن ذلك يُنَزَّل منزلة ما لو قال الواحد منا لبعض نسائه: "اختارى متى شئت" وقال لأُخرى: "اختارى" فإن خيار الأُولى يكون على التراخى، والأُخرى على الفور.

(الرابعة): - نزول آية التيمم بسبب عقدها حين حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، وقال لها أُسيد بن حضير "ما هي بأَول بركتكم يا آل أبي بكر"

(2)

.

= بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني ذاكر لك أمرًا، فلا عليك أن تستعجلى حتى تستأمرى أبويك، وقد علم أن أبوى لم يكونا يأمرانى بفراقه. قالت: ثم قال: إن الله قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} إلى تمام الآيتين. فقلت له: ففى أي هذا أستأمر أبوى؟ فإنى أريد الله ورسوله والدار الآخرة. رقم (4785)

وفى (5) باب {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ} الآية.

قال البخارى: وقال الليث حدثني يونس، عن ابن شهاب .. فذكر نحوه. رقم:(4786)

وفي آخره: قالت: ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت، ثم قال البخاري: تابعه موسى بن أعين، عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة. وقال عبد الرزاق، وأبو سفيان المعمرى، عن معمر، عن الزهرى، عن عروة، عن عائشة.

(1)

في المطبوعة: "مرتبط" وما أثبتناه من الأصل.

(2)

خ: (1/ 125)(7) كتاب التيمم - باب رقم (1)، قال الإمام البخارى =

ص: 18

(الخامسة): - نزول براءتها نزول براءتها من السماء مما نسبه إليها أَهل الإفك في ست عشرة آية متوالية

(1)

، وشهد الله لها بأنها من الطيبات، ووعدها بالمغفرة والرزق الكريم. وانظر تواضعها وقولها:"ولَشَأْنى في نفسى كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بوحي يتلى"

(2)

قال الزمخشري: "ولو فلَّيت القرآن وفتشت عما أُوعِد به

= حدثنا عبدُ الله بن يوسُف قال أخبرنا مالكٌ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أَبيه عن عائشةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خرجَّنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في بعض أَسفارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ - أَو بذاتِ الجيش انقَطَعَ عِقْدٌ لى، فأَقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على التماسِه، وأَقامَ الناسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ. فَأتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا: أَلا تَرَى ما صنَعَتْ عائشةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والنَّاس، ولَيْسُوا على مَاءٍ وليسَ معهم ماءً؟ فجاءَ أَبو بكر ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِى قَدْ نَامَ، فقال: حَبَسْتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والناسَ، ولَيْسُوا على مَاءٍ ولَيْسَ مَعَهُمْ مَاءً. فقالت عائشةُ: فعاتبنى أبو بكرٍ وقال ما شاءَ الله أَنْ يَقُولَ، وجعلَ يَطْعَنُنِي بيده في خَاصِرَتي، فلا يمنعنى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فَخِذى، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين أَصْبَحَ على غير ماءٍ، فَأَنْزَلَ الله آيةَ التيمُّم، فَتَيَمَّمُوا. فقال أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْر: ما هيَ بِأَوَّلِ بَرَكتكمْ يا آل أبي بكر. قالت: فبعثنا البَعير الذي كُنتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ.

م: (1/ 279)(3) كتاب الحيض (28) باب التيمم - عن يحيى بن يحيى، عن مالك به. رقم (108/ 367)

(1)

من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ

} إلى قوله تعالى: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: 11 - 26].

(2)

يحسن بنا أن نورد حديث الإفك كاملًا للفائدة، ولأنه سيتعلق به كلام من المصنف آتٍ خ:(2/ 253 - 257)(52) كتاب الشهادات (15) باب تعديل النساء بعضهن بعضًا - عن أبي الربيع سليمان بن داود عن فليح بن سليمان، عن ابن شهاب الزهرى، عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص الليثى، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله منه، قال الزهري: وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم أَوْعَى مِنْ بَعضٍ وأَثْبَتُ له اقتصاصًا - وأَثْبَتُ له اقتصاصًا - وقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ واحِدٍ مِنْهُمُ الحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنَى عَنْ عَائِشَةَ، وبَعضُ حَديثهم يُصَدِّقُ بَعضًا. زَعَمُوا أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ "كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذا أَرادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْواجِهِ، فَأَيْتُهِنَّ خَرَجَ سَهْمُها خَرَجَ بِهَا مَعَهُ. فَأَقْرَعَ بَينَنا في غَزَاةٍ غَزاها فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ معه بَعدَما أُنزِلَ الحِجَابُ، فَأَنَا أَحْمَلُ فِي هَودَج وأُنْزَلُ فيه. فَسِرْنا حَتَّى إذا فَرَغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَتِهِ تِلْكَ وقَفَلَ ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَة آذَنَ ليلةً بالرَّحيل، فَقُمْتُ حِينَ آذَنوا بِالرَّحِيل فَمَشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجيشَ، فلما قَضَيْتُ شَأَنِي أَقْبَلْتُ إِلى الرَّحْلَ =

ص: 19

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لى مِنْ جَزْعِ أَظفارٍ قَدِ انْقَطعَ، فَرجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُه، فَأَقبلَ الذينَ يَرحَلونَ لى فاحتملوا هَوْدَجى فرَحَلوهُ على بعيري الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُم يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيه، وكانَ النَّساءُ إذ ذاكَ خِفاقًا لم يَثْقُلْنَ ولم يَغْشَهُنَّ اللحمُ، وإِنَّما يَأْكُلنَ العُلْقَةَ من الطَّعام. فَلَم يَسْتنكِرِ القَومُ حينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الهودَج فَاحْتَمَلُوه، وكُنتُ جَارِيَةً حَديثةَ السِّنّ، فبعثوا الجَمَل وساروا، فَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعدَ ما استَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهم ولَيسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمتُ مَنْزِلى الَّذِي كُنْتُ بِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّهم سَيَفْقِدُونَنى فَيَرْجِعُونَ إِليَّ. فَبَيْنَا أَنا جالسةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوانُ بنُ المُعطَّل السُّلَمِيُّ ثُم الذَّكوانيُّ من وراءِ الجَيشِ، فَأَصْبَحَ عِندَ مَنزِلى، فَرَأَى سَوادَ إنسان نائم، فأتاني، وكان يراني قبلَ الحِجِاب، فَاستَيْقظتُ باستِرْجاعِهِ حَتَّى أَناخ راحِلَتَه فَوَطئ يدَها فَرَكِبتُها، فانطَلَقَ يَقودُ بى الرَّاحِلَةَ حتَّى أَتَينا الجيشَ بعد ما نَزَلوا مُعرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرةِ. فَهَلَكَ مَنْ هلك. وكانَ الَّذِى تَولَّى الإِفْكَ عَبدُ الله بن أُبَى بنُ سَلول. فَقَدِمنا المدينةَ فَاشْتَكَيْتُ بها شَهرًا، والناسُ يُفيضونَ مِنْ قَوْلِ أَصحاب الإفك، ويَريثنى في وَجَعى أنى لا أرى مِن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم اللُّطف الَّذِى كُنتُ أَرَى مِنهُ حِينَ أَمْرَضُ، إِنَّما يَدْخُلُ فَيُسَلِّم ثمَّ يقولُ: كَيفَ تِيكُم؟ لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذلِكَ حتَّى نقَهْتُ فَخَرجتُ أَنا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَناصِع مُتَبرَّزِنا، لا نَخْرُجُ إِلَّا ليلًا إِلى لَيْل، وذلك قَبْلَ أَنْ نتَّخِذَ الكُنُفَ قريبًا مِنْ بيوتنا، وأَمرُنَا أَمرُ العَرَب الأول في البرِّيَّةِ أَو في التنزُّه. فَأَقبلتُ أَنا وأُمُّ مِسْطح بِنْتُ أَبِي رُهم نَمْشِي، فَعَثَرَتْ في مِرطِها فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسطَحٌ. فَقُلتُ لها: بِئْسَ مَا قُلتِ، أَتَسُبِّين رَجلًا شَهَدَ بَدْرًا؟ فَقَالَتْ: يَا هَنَتَاهُ، أَلم تَسْمَعِى ما قالوا؟ فَأَخبرَتْني بِقَولِ أَهْلِ الْإِفْكِ، فَازدَدْتُ مَرَضًا على مَرَضِى. فَلمَّا رَجَعتُ إِلى بَيْتِى دَخَلَ عليَّ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: كَيْفَ تِيكُم؟ فَقُلْتُ: ائذَنْ لى إلى أَبويَّ - قَالَتْ: وأَنا حينئذٍ أُريدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهما - فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلتُ لأُمي: ما يَتَحدَّثُ به النَّاسُ؟ فَقَالتْ: يا بُنيةُ، هَوِّنى على نَفْسِكَ الشَّأْنَ، فوالله لَقَلَّ ما كانتِ امرأَةٌ قطُّ وضيئَةٌ عِنْدَ رَجُل يُحِبُّها ولها ضَرائِرُ إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ الله، ولقد يَتَحدَّثُ الناسُ بهذا؟! قَالَتْ: فَبِتُّ تِلكَ الليلةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لا يَرقَأُ لى دَمْعٌ ولا أَكْتَحِلُ بنومٍ. ثُمَّ أَصْبَحْتُ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب وأُسامة بن زيد حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحَىُ يَستَشِيرُهُما في فِراقِ أَهْلِهِ، فأَما أُسامةُ فَأَشارَ عَلَيْهِ بالذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لهم، فَقَالَ أُسَامَةُ: أهلك يا رَسولَ الله ولا نَعْلَمُ واللَّهِ إِلَّا خَيْرًا. وأَما على بن أبى طالِب فَقَالَ: يَا رَسولَ الله لم يُضِيِّقِ الله عَلَيْكَ، والنِّساءُ سِواها كَثيرٌ، وسَل الجارِيَةَ تَصْدُقْكَ.

فَدَعَا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ فَقَالَ: يا بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ فِيها شَيْئًا يَرِيبُكِ؟ فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لا والَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصهُ عَلَيْها قَطُّ أَكثرَ مِن أَنَّهَا جَارِيةٌ حَدِيثَةُ السِّنّ تَنَامُ عَنِ العجين فَتَأَتى الداجِنُ فَتَأكُلُه. فَقامَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ فَاستَعْذَرَ مِنْ عَبدِ الله بن أبي بن سلول، فَقَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَعذُرُنى مِنْ رَجُل بَلَغنى أَذَاهُ فِي أَهْلِي، فَوَاللَّهُ مَا عَلِمتُ=

ص: 20

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= على أَهْلى إِلَّا خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ على أَهْلى إِلَّا معى. فَقامَ سَعدُ بن مُعاذ فقَالَ: يا رسول الله، والله أَنَا أَعْذُرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَه، وإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلَنا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقامَ سَعدُ بنُ عُبَادَةَ وَهُو سَيِّدُ الْخَزْرَجِ - وكانَ قَبلَ ذَلِكَ رَجُلًا صالحًا، ولكن احتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ - فَقالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ الله، والله لا تَقتُلُهُ ولا تَقْدِرُ على ذلِكَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ الحُضَير فقالَ كَذَبْتَ لعَمرُ الله، والله لَنقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنافِقِينَ. فَثارَ الحَيَّانِ الأَوسُ والحَزْرَجُ حَتَّى هَمُوا، وَرَسولُ الله عَلَى المُنْبَرَ. فَنَزَلَ فَخَفَضَهُم حَتَّى سَكَتوا وسَكَتَ. وبَكَيْتُ يَوْمِي لا يَرْقَأُ لى دَمْعُ، ولا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبحَ عِنْدِي أَبَوايَ وقد بَكَيْتُ لَيْلَتى ويَوَمًا حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدى. قَالَتْ: فبينا هما جالسانِ عِنْدِى وأَنا أَبكى إِذِ اسْتَأْذَنَتِ امرأَةٌ مِنَ الأنصارِ فَأَذِنْتُ لها فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعى، فَبَيْنا نَحْنُ كذلك إِذْ دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ ولم يَجْلس عنْدِى مِنْ يَوْمٍ قِيلَ في ما قِيلَ قَبلَها، وقَد مَكَثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَئٌ. قَالَتْ: فَتَشهَّدَ ثُمَّ قال: يا عائِشَةُ فإنَّهُ بَلَغَنَى عَنكِ كذا وكذا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ الله عز وجل، وإنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى الله وتُوبى إليه، فَإِنَّ العَبدَ إِذا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ. فَلمَّا قَضى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَه قَلَص دَمْعِى حَتَّى ما أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، وَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: والله لا أدرى ما أَقولُ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيبي عَنَّى رَسولَ الله فيما قالَ. قَالَتْ: والله ما أدرى ما أَقولُ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ وأَنا جَارِيَةٌ حَدِيثَهُ السِّنِّ لا أَقْرأُ كَثِيرًا مِنَ القُرآنِ، فَقُلْتُ: إنّى والله لقد علمتُ أَنَّكم سَمِعْتُمُ ما يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ ووَقَرَ فِي أَنْفُسِكُم وصَدَّقتمُ بهِ، وإِنْ قُلْتُ لَكُم إِنِّي بِرَيئةٌ - والله يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ - لا تُصَدِّقُونَنِي بِذلك، ولَئنِ اعتَرَفْتُ بِأَمر - والله يَعلَمُ أَنِّي بريئةٌ - لتُصَدِّقُنَّى. والله ما أَجِدُ لى ولكم مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ إِذْ قالَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} ثُمَّ تَحَوَّلتُ على فِراشى وأَنا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئنى الله، ولكِنْ والله ما ظَنَنْتُ أَنْ يُنزِلَ في شَأْنِي وَحْيًا، ولأَنَا أَحْقَرُ في نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالقُرْآنِ فِي أَمْرِى، ولكنِّى كُنتُ أَرْجو أَنْ يَرَى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في النَّومِ رُؤيًّا تُبَرِّئُنى، فوالله ما رامَ مَجْلِسَهُ ولا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ حَتَّى أُنزِلَ عَلَيْهِ الوَحى، فَأَخذَهُ ما يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لِيَتَحدَّرُ مِنْهُ مِثلُ الجُمانِ مِنَ العَرَقِ في يَوم شاتٍ. فلمَّا سُرِّي عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وهوَ يَضْحَكُ فَكَانَ أَوَّلُ كَلِمَة تَكَلَّمَ بها أَنْ قَالَ لى: يا عَائِشَةُ احمَدِى الله، فَقَد بَرَّأَك الله. قالَتْ لى أَمِّي: قُومِي إِلى رَسولِ اللَّهِ. صلى الله عليه وسلم فَقُلتُ: لا والله لا أَقومُ إِلَيهِ، ولا أَحمَدُ إِلَّا الله. فَأَنزَلَ الله تعالى [النور: 11] {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الآيات فَلمَّا أَنزَلَ الله هذا في بَراءَتى قالَ أَبو بكر الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وكان يُنْفِقُ على مِسْطَحِ بن أثاثةَ لِقَرابَتِهِ مِنهُ - والله لا أُنْفِقُ على مِسْطَحٍ بِشَيء أَبَدًا بعدَ أَنْ قَالَ لِعَائِشَةَ، فَأَنزَلَ الله تعالى [النور: 22] {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} - إلى قوله - {غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَقالَ أَبو بَكْرٍ: بَلى والله، إِنِّي لأحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ الله لى، فَرَجَعَ إِلى مِسْطَح الذي كانَ يُجْرِى=

ص: 21

العصاة، لم تر الله عز وجل قد غلَّظ في شيء تغليظه في إفك عائشة

(1)

.

وعن ابن عباس أنه قال بالبصرة يوم عرفة وقد سئل عن هذه الآيات: "من أَذنب ذنبًا ثم تاب منه قبلت توبته، إلا من خاض في إفك عائشة" ثم قال: "برأَ الله تعالى أَربعة بأَربعة: يوسف بالوليد، وموسى بالحجر، ومريم بإنطاق ولدها: "إنى عبد الله" وبرأ عائشة بهذه الآيات العظيمة

(2)

.

فإن قلت: فإن كانت عائشة المرادة فكيف قال: المحصنات؟ قلت: "فيه وجهان: أَحدهما: أن المراد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وليكن

(3)

الحكم شاملًا للكل. والثانى: أَنها أُم المؤمنين فجُمعت إرادة لها ولبناتها من نساء الأمة.

(السادسة): - جعله قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة.

(السابعة): - شرع جلد القاذف، وصار باب القذف وحده بابًا عظيمًا من أبواب الشريعة، وكان سببه قصتها رضي الله عنها؛ فإنه ما نزل بها أَمر تكرهه إلا جعل الله فيه للمؤمنين فرجًا ومخرجًا، كما سبق نظيره في التيمم.

تنبيه جليل: على وهمين وقعا في حديث الإفك في صحيح البخارى:

= عَلَيْهِ. وكانَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَسأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمرِى، فقالَ: يَا زَينبُ مَا عَلِمْتِ؟ ما رأيتِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعِى وبَصَرِى، والله ما عَلِمْتُ عَلَيها إِلَّا خَيرًا. قَالَتْ: وهي التي كانَتْ تُسامِيني، فَعَصَمَها الله بالوَرَعِ".

قال وحَدَّثَنَا فَلَيحٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وعَبدِ اللهِ بن الزُّبيرِ مِثْلَه. قالَ وحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ رَبيعَةَ بن أَبي عَبْدِ الرَّحمنِ ويَحْيى بن سعيدٍ عَنِ القَاسِمِ بن مُحَمَّدِ بن أَبي بَكْرٍ مِثْلَهُ.

م: (4/ 219 - 2137)(49) كتاب التوبة - (10) باب في حديث الإفك وقبول التوبة - عن حبان بن موسى، عن عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن ابن شهاب ومن طرق أخرى به. رقم (56/ 2770).

(1)

تفسير الكشاف (3/ 67) في تفسير قوله تعالى في سورة النور: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} .

(2)

المصدر السابق (3/ 68) وفيه: "ولقد برأ الله تعالى أربعة بأربعة: برأ يوسف بلسان الشاهد: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}، وبرأ موسى من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه، وبرأ مريم بإنطاق ولدها حين نادى من حجرها الله {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} وبرأ عائشة بهذه الآيات العظام في كتابه المعجز المتلو على وجه الدهر".

(3)

في المطبوعة: "وليكون الحكم" وما أثبتناه من الأصل.

ص: 22

أحدهما قول على رضي الله عنه: "وسل الجارية تصدقك" قال: "فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة

" وبريرة إنما اشترتها عائشة وأعتقتها بعد ذلك

(1)

.

ويدل عليه أنها لما عَتَقَت

(2)

واختارت نفسها، جعل زوجها يطوف وراءها في سكك المدينة ودموعه تحادر

(3)

على لحيته. فقال لها: صلى الله عليه وسلم "لو راجعتيه" فقالت: "أتأمرنى؟ " فقال: "إنما أنا شافع". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عباس ألا تعجب من حب مغيث لبريرة وبغضها له" والعباس إنما قدم المدينة بعد الفتح

(4)

.

والمُخَلِّص من هذا الإشكال: أن تفسير الجارية ببريرة مدرج في الحديث من بعض الرواة، ظنًّا منه أنها هي. وهذا كثيرًا ما يقع في الحديث من تفسير بعض الرواة، فيظن أنه من الحديث، وهو نوع غامض لا ينتبه له إلا الحذاق.

ونظائره

(5)

ما وقع في الترمذى وغيره من حديث يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال: "خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش - فذكر الراهب، وقال في آخرها -: فرده أبو طالب، وبعث معه أبو بكر بلالًا وزوَّده الراهب من الكعك والزبيب"

(6)

.

فهذا من الأوهام الظاهرة؛ لأن بلالًا إنما اشتراه أبو بكر بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أن أسلم بلال وعذبه قومه، ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام مع عمه أبى طالب كان له من العمر اثنتا عشرة

(7)

سنة وشهران وأيام. ولعل بلالًا لم يكن بَعْدُ ولد.

(1)

انظر حديث الإفك في الهوامش السابقة.

(2)

في المطبوعة: "أعتقت" وما أثبتناه الأصل.

(3)

في المطبوعة: "تتحادر" وما أثبتناه من الأصل.

(4)

خ: (3/ 408)(68) كتاب الطلاق (16) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة - من طريق عكرمة عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدا يقال له: مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس: يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو راجعته؟ قالت: يا رسول الله، تأمرني؟ قال: إنما أنا أشفع. قالت: لا حاجة لي فيه. رقم: (5283) وهو من أفراد البخارى.

(5)

في المطبوعة: "ومن نظائره" وما أثبتناه من الأصل.

(6)

سنن الترمذى (5/ 590 - 591)(50) كتاب المناقب (3) باب ما جاء في بدء نبوة النبي صلى الله عليه وسلم. رقم: (3620).

(7)

في الأصل: "اثنى عشر".

ص: 23

ولما خرج المرة الثانية، كان له قريب من خمس وعشرين سنة، ولم يكن مع أبي طالب إنما كان مع ميسرة.

الثاني: ما ذكره من تحاور سعد بن عبادة وسعد بن معاذ، وقصة الإفك كانت بعد الخندق عند البخارى وجماعة. قال البخاري في صحيحه:"قال موسى بن عقبة: كانت في شوال سنة أربع"

(1)

واحتج البخارى لهذا القول بحديث ابن عمر: "عُرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد وأنا ابن أربع عشرة فردنى، "ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني"

(2)

.

وأُحُد بلا شك سنة ثلاث، فدل على أن الخندق سنة أربع. ثم قال في الصحيح:"إنها غزوة المُرَيْسيع" قال ابن إسحاق: "سنة ست" وقال النعمان بن راشد عن الزهري: "كان الإفك في غزوة المريسيع" وأما موسى بن عقبة فقال: سنة أربع

(3)

.

ولا ريب أن قصة الإفك كانت بعد نزول آية الحجاب، والحجاب نزل في شأن زينب بنت جحش أُم المؤمنين، وهى في قصة الإفك كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تتكلم في عائشة

(4)

، ونكاح زينب رضي الله عنها كان في ذى

(1)

خ: (3/ 114)(64) كتاب المغازى (29) باب غزوة الخندق، وهى الأحزاب.

قال البخاري: قال موسى بن عقبة: كانت في شوال سنة أربع.

أردف ذلك بحديث من طريق يحيى بن سعيد، عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد، وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يُجزه، وعرضه يوم الخندق، وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه. رقم:(4097).

(2)

انظر التخريج السابق.

(3)

خ: (3/ 122) الكتاب السابق (32) باب غزوة بني المُصطَلق من خزاعة وهى غزوة المريسيع.

قال البخارى تعليقًا: قال ابن إسحاق: وذلك سنة ست، وقال موسى بن عقبة: سنة أربع، وقال النعمان بن راشد، عن الزهرى: كان حديث الإفك في غزوة المريسيع.

(4)

جاء في حديث الإفك عند البخارى: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمرى، فقال: يا زينب ما علمت؟ ما رأيت؟ فقال: يا رسول الله، أحمي سمعى وبصرى، والله ما علمت عليها إلا خيرا. (انظر حديث الإفك. هامش ص 22).

ص: 24

القعدة سنة خمس من الهجرة في قول ابن سعد. وقال قتادة والواقدى: "تزوجها في سنة خمس من الهجرة"

(1)

وبه قال غيرهم من علماءِ أَهل المدينة. فدلّ تأَخر آية الحجاب على أنها كانت بعد الخندق، وقد ثبت بلا ريب أن سعد بن معاذ توفى عقب الخندق، وعقب حكمه في بنى قريظة، ولم يكن بين الخندق وقريظة غَزَاة. ولهذا يعدل البخاري في أكثر رواياته لحديث الإفك عن نسبة سعد إلى أبيه فيقول:"فقام سعد أخو بني عبد الأشهل". وهذه روايته في المغازى

(2)

، وقال:"سنة أربع" فالظاهر أنها على قوله قبل الخندق، لأن الخندق كانت في آخر السنة في شوال واتصلت بغزوة قريظة. وعلى هذا فيصح أن يكون الرادّ

(3)

على سعد بن عبادة هو سعد بن معاذ.

وقد تقدم وهم آخر: وهو رواية مسروق عن أُم رومان

(4)

. وأَجاب القاضي أبو بكر بن العربي عن هذا: بأنه جاءَ في طريق: حدثتنى أُم رومان، وفى أُخرى: عن مسروق عن أم رومان مُعَنْعِنًا قال رحمه الله: "والعنعنة أصح فيه، وإذا كان الحديث مُعَنْعَنًا كان محتملًا ولم يلزم فيه ما يلزم في "حدثني"؛ لأن للراوى أن يقول: عن فلان وإن لم يدركه". حكاه عن الشافعي.

فهذه ثلاثة أوهام ادُّعيتْ في حديث الإفك: وهمٌ في بريرة، ووهم في سعد بن معاذ، ووهم في أُم رومان. والثلاثة ثابتة في الصحيح فلا ينبغي الإقدام على التوهيم إلا بأمر بيِّن. وقد تقدم ما يدفع الكل.

(السابعة): لم ينزل بها أمر إلا جعل الله لها منه مخرجًا وللمسلمين بركة

(5)

.

(1)

طبقات ابن سعد (8/ 81).

(2)

رواية البخارى في المغازى: "فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل".

خ: (3/ 124)(64) كتاب المغارى (34) باب حديث الإفك. رقم (4141)

ولقد تتبعت أطراف هذا الحديث في البخارى، فلم أجد ما قال المؤلف: أرقام: (2593، 2637، 2661، 2688، 2829، 4025، 4141، 4690، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545).

(3)

في المطبوعة: "أن يكون المراد" وهو خطأ، وما أثبتناه من الأصل.

(4)

سبق أن بين ابن حجر أنه ليس هناك وهم في هذا. (ص: 7 - 10).

(5)

م: (1/ 279)(3) كتاب الحيض (28) باب التيمم - عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن =

ص: 25

(الثامنة): أن جبريل أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة من حرير فقال: "هذه زوجتك" فقلت: "إن يكن من عند الله يُمْضه" وقد أدخله البخاري في باب النظر إلى المرأة إذا أراد تزويجها

(1)

.

قال بعضهم: "وهو استدلال صحيح؛ لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في النوم واليقظة سواءٌ، وقد كشف عن وجهها.

وفى رواية الترمذى: "في خرقة حرير خضراءَ" وقال: حسن غريب

(2)

. وجاء في رواية غريبة: "أن طول تلك الخرقة ذراعان وعرضها شبر". ذكره الخطيب في تاريخ بغداد من رواية أبى هريرة

(3)

.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إن يكن من عند الله يُمْضِه" فقال السهيلي: ليس بشك

= أبي أسامة وابن بشر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة، فهلكت، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسًا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير: جزاك الله خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة. (109/ 367).

(1)

خ: (3/ 369)(67) كتاب النكاح (35) باب النظر إلى المرأة قبل التزويج - عن مسدد، عن حماد بن زيد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلى الله عليه وسلم أريتك في المنام يجئ بك الملك في سرقة من حرير، فقال لى: هذه امرأتك، فكشفت عن وجهك الثوب، فإذا أنت هي. فقلت: إن يك هذا من عند الله يُمضه. رقم: (5125)

م: (4/ 1889 - 1890)(44) كتاب فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة من طريق حماد بن زيد به. رقم: (79/ 2438).

وقد سبق تفسير كلمة "سَرَقة" وجمعها سَرَق، وهى شقق الحرير.

(2)

ت: (5/ 704)(50) كتاب المناقب (63) باب فضل عائشة رضي الله عنها من طريق عبد الله بن عمرو بن علقمة المكى، عن ابن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة به.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حيث عبد الله بن عمرو بن علقمة.

(3)

رواها الخطيب في ترجمة محمد بن الحسن الدعا الأصم، وفيه: "فأتاه جبريل بخرقة من الجنة طولها ذراعان في عرض شبر فيها صورة لم ير الراءون أحسن منها

".

قال الخطيب بعد هذا الحديث وحديث آخر: رجال هذين الحديثين كلهم ثقات غير محمد بن الحسن، ونرى الحديثين مما صنعت يداه (تاريخ بغداد 2/ 194).

ص: 26

لأن رؤيا الأنبياء وحى، ولكن لما كانت الرؤيا تارة تكون على ظاهرها، وتارة تَرْهُو

(1)

نظير المرئي أو شبهه فيطرق الشك ها هنا.

ويبقى سؤال: لماذا أَتى بـ "إن" والمناسب للمقام "إذا"؛ لأنها للمحقق و"إن" للمشكوك فيه؟ وجوابه يعلم مما قبله.

وذكر الحاكم في المستدرك عن الواقدى: حدثني عبد الواحد بن ميمون مولى عروة، عن حبيب مولى عروة قال: لما ماتت خديجة حزن عليها النبي صلى الله عليه وسلم فأَتاه [جبريل] بعائشة في مهد فقال: "هذه تذهب ببعض حزنك، وإن فيها لخَلَفًا من خديجة" الحديث

(2)

ا هـ.

فيحتمل أَنها عرضت عليه مرتين لما يدل عليه اختلاف الحال، ويشهد له رواية البخارى مرتين.

(التاسعة): أَنها كانت أحب أَزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه: قال له عمرو بن العاص: "يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ " قال: "عائشة" قال: "ومن الرجال؟ " قال: "أَبوها"

(3)

. أخرجه الشيخان وصححه الترمذى.

(1)

كذا في الأصل، وإن كانت بدون نقط التاء، وأقرب المعانى لها هي ما ذكره الزبيدي في تاج العروس:"الرَّهو: نشر الطائر جناحيه". وقد يكون المعنى على هذا، أي الرؤيا تنشر نظير المرئى.

والله تعالى أعلم. هذا وفى المطبوعة اجتهد صاحبها فكتبها "تزهو "والله تعالى أعلم.

(2)

المستدرك: (4/ 5 - 6)(31) كتاب معرفة الصحابة - من طريق الواقدى به.

(3)

خ: (3/ 9)(62) كتاب فضائل الصحابة (4) باب فضل أبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم من طريق خالد الحذاء، عن أبي عثمان، عن عمرو نحوه. رقم (3662) وأبو عثمان هو النهدى.

م: (4/ 1856)(44) كتاب فضائل الصحابة (1) باب من فضائل الصديق رضي الله عنه من طريق خالد به. رقم (8/ 2384).

ت. (5/ 706)(50) كتاب المناقب (63) باب فضل عائشة رضي الله عنها عن خالد الحذاء به.

وقال: هذا حديث حسن صحيح. رقم: (3885).

ص: 27

(العاشرة): وجوب محبتها على كل أحد؛ ففى الصحيح: لما جاءَت فاطمة رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "ألست تحبين ما أحب؟ " قالت: "بلى" قال: "فأحبى هذه". يعنى عائشة

(1)

، وهذا الأمر ظاهر الوجوب.

وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم لما حاضت عائشة: "إن هذا شيءٌ كتبه الله على بنات آدم"

(2)

.

وقوله لما حاضت صفية: "عَقْرَى حَلْقَى أَحابستنا هي؟ "

(3)

وفرق عظيم بين المقامين.

ولعل من جملة أَسباب المحبة كثرة ما بلَّغته عن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرها من النساء الصحابيات كما قيل بمثل ذلك في قوله: "وحُبِّب إليَّ من دنياكم النساء"

(4)

.

(1)

م: (4/ 1891)(44) كتاب فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة رضي الله عنها من طريق إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:

فذكرت ذلك، في حديث طويل. رقم (83/ 2442)

(2)

خ: (1/ 481)(25) كتاب الحج (33) باب قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} من طريق أفلح بن حميد عن القاسم بن محمد، عن عائشة .. في حديث طويل.

وفيه: "فلا يضيرك، إنما أنت امرأة من بنات آدم، كتب الله عليك ما كتب عليهن" رقم (1560).

م: (2/ 873)(15) كتاب الحج - (17) باب بيان وجوه الإحرام - من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه به، ولفظه مثل لفظ المصنف. رقم:(119/ 1211).

(3)

خ: (1/ 533 - 534)(25) كتاب الحج (145) باب إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت.

من طريق إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به. في حديث طويل رقم:(1762)

م: (2/ 965)(15) كتاب الحج (67) باب وجوب الوداع وسقوطه عن الحائض من طريق إبراهيم به. رقم: (387 - 1211)

ومعنى عَقْرَى حَلْقَى؛ أي إنها تحلق قومها، أي تستأصلهم من شؤمها عليهم، أو دعاء بالعقر والحلق.

وهذا الدعاء لا يراد به حقيقة معناه، ولكنه كما قالوا: قاتله الله وتربت يداه.

(4)

س: (7/ 61)(26) كتاب عشرة النساء (1) باب حب النساء من طريق عفان بن =

ص: 28

(الحادية عشرة): أن من قذفها فقد كفر؛ لتصريح القرآن الكريم ببراءتها. قال الخوارزمي في الكافي، من أصحابنا، في كتاب الردة:"لو قذف عائشة بالزنى صار كافرًا، بخلاف غيرها من الزوجات؛ لأن القرآن نزل ببراءتها" اهـ.

وعند مالك: "أَن من سبها قتل".

قال أَبو الخَطَّاب بن دِحْيَة في أجوبة المسائل: "ويشهد لقول مالك كتاب الله؛ فإن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون سبح نفسه لنفسه. قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} [الأنبياء: 26] والله تعالى ذكر عائشة فقال: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16] فسبح نفسه في تنزيه عائشة كما نفسه لنفسه في تنزيهه" حكاه القاضي أبو بكر بن الطيب.

(الثانية عشرة): من أنكر كون أبيها أبى بكر الصديق رضي الله عنه صحابيًّا كان كافرًا، نص عليه الشافعي؛ فإن الله تعالى يقول:{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] ذكره صاحب الكافي. ومقتضاه: أنه لا يجرى ذلك في إنكار غيره، وليس كذلك. نعم: يدرك تكفير منكر صحبة الصديق تكذيب النص وصحبة غيره التواتر.

(الثالثة عشرة): أَن الناس كانوا يَتَحَرَّوْن بهداياهم يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتحفونه بما يحب في منزل أحب نسائه إليه، يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الشيخان

(1)

.

= مسلم، عن سلام أبي المنذر، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبب إلى من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عينى في الصلاة. رقم:(3939)

قال الحافظ ابن حجر: وإسناده حسن.

(1)

خ: (3/ 36)(62) كتاب فضائل الصحابة (30) باب فضل عائشة رضي الله عنها من طريق حماد، عن هشام، عن أبيه قال: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة. قالت عائشة: فاجتمع صواحبى إلى أم سلمة فقلن: يا أم سلمة، والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان، أو حيث ما دار. قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبى صلى الله عليه وسلم. قالت: فأعرض عنى، فلما عاد =

ص: 29

(الرابعة عشرة): أَن سَوْدَةَ وهبت يومها لها بخصوصها

(1)

.

(الخامسة عشرة): اختياره صلى الله عليه وسلم أن يمرض في بيتها

(2)

.

قال أَبو الوفا بن عقيل

(3)

رحمه الله: "انظر كيف اختار لمرضه بيت البنت واختار لموضعه من الصلاة الأب، فما هذه الغفلة المستحوذة على قلوب الرافضة، عن هذا الفضل والمنزلة التي لا تكاد تخفى عن البهيم فضلا عن الناطق".

(السادسة عشرة): وفاته صلى الله عليه وسلم بين سَحْرِها ونَحْرِها

(4)

قال الصاغانى:

= إليَّ ذكرت له ذلك، فأعرض عنى، فلما كان في الثالثة ذكرت ذلك له، فقال: يا أم سلمة، لا تؤذينى في عائشة؛ فإنه والله ما نزل على الوحى وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها. رقم:(3775)

م: (4/ 1891)(44) كتاب فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة - من طريق عبدة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

خ: (3/ 391)(67) كتاب النكاح (98) باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها - من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة. رقم (5212).

م: (2/ 1085)(17) كتاب الرضاع (14) باب جواز هبتها نوبتها لضرتها - من طرق عن هشام بن عروة به نحوه. رقم (47 - 48/ 1463)

(2)

خ: (1/ 84)(4) كتاب الوضوء (45) باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة - عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة قالت: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي، فأذنَّ له

الحديث. رقم (198)

م: (1/ 312)(4) كتاب الصلاة (21) باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر - من طريق معمر، عن الزهرى نحوه - رقم (91/ 418).

ومن طريق الليث، عن عُقَيْل بن خالد به. رقم (92/ 418)

(3)

في المطبوعة: "أبو الوفا عقيل" وهو خطأ، وما أثبتناه من الأصل وهو الصواب.

(4)

خ: (1/ 724)(23) كتاب الجنائز (96) باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعذر في مرضه، أين أنا اليوم، أين أنا غدًا، استبطاء ليوم عائشة، فلما كان يومى قبضه الله بين سَحْرِى ونَحْرِى، ودفن في بيتى. رقم (1390)

م: (4/ 1893)(44) فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة رضي الله عنها من طريق هشام بن عروة به. رقم: (84/ 2443)

ص: 30

"السَّحْرُ بفتح السين وضمها ما تعلق بالحلقوم وبالمرئ من أعلى البطن من الرئة وغيرها" وعن الفراءِ فيه: "سَحَر بالتحريك" وكان عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير يقول: "إنما هو بين شجرى" بشين معجمة وجيم، فسئل عن ذلك، فشبك بين أصابعه وقدمها عن صدره يضم شيئًا، يريد أنه عليه السلام قبض وقد ضمته بيديها إلى نحرها وصدرها وخالفت بين أصابعها. وكأنه عنده مأخوذ من قولهم اشتجرت الرماح إذا اشتبكت بعضها ببعض.

(السابعة عشرة): وفاته صلى الله عليه وسلم في يومها

(1)

.

(الثامنة عشرة) وفاته صلى الله عليه وسلم في بيتها

(2)

.

(التاسعة عشرة) دفنه في بيتها

(3)

ببقعة هي أفضل بقاع الأرض بإجماع الأُمة.

(العشرون) أنها رأت جبريل صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي، وسلم عليها.

ثبت في الصحيحين

(4)

.

(1)

انظر التخريج السابق

(2)

انظر التخريج السابق. وهذه الخصيصة سقطت من المطبوعة.

(3)

انظر التخريج السابق.

(4)

لم أعثر على هذا في الصحيحين، ولكن فيهما أن الذي رأى جبريل في صورة دحية أم سلمة.

خ: (2/ 536 - 573)(61) كتاب المناقب (25) علامات النبوة في الإسلام من طريق معتمر بن أبي سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد: أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة، فجعل يحدث ثم قام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: من هذا - أو كما قال. قالت: هذا دحية، قالت أم سلمة: أيم الله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة نبى الله صلى الله عليه وسلم - يخبر عن جبريل. رقم (3634)

م: (4/ 1906)(44) كتاب الفضائل (16) باب من فضائل أم سلمة رضي الله عنها من طريق معتمر به. رقم (100/ 2451)

ولكن روى الحاكم في مستدركه (4/ 10) أن عائشة قالت: ورأيت جبريل عليه الصلاة والسلام، ولم يره أحد من نسائه غيرى.

وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي فربما لم تعلم السيدة عائشة برؤية أم سلمة له.

وقد روى الطبراني في الأوسط (9/ 377 - 378) من طريق المقدام بن داود عن عمه سعيد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أشرس، عن عبد الله بن عمر، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم =

ص: 31

زاد الحاكم في مستدركه عن مسروق عنها: "قلت: يا رسول الله هذا؟ قال: بمن شبهته؟ قلت: بدحية. قال: لقد رأيتِ جبريل"

(1)

.

وفي رواية له عن عبد الله بن صفوان، عنها:"ورأيتُ جبريل ولم يره أحد من نسائه غيرى".

فأخرج من جهة مالك بن سُعير، عن إسماعيل بن أبي خالد، أنا عبد الرحمن بن الضحاك: أَن عبد الله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه، فقالت عائشة لأحدهما:"أسمعت حديث حفصة يا فلان؟ " فقال: "نعم يا أُم المؤمنين" فقال لها عبد الله بن صفوان: "وما ذاك يا أم المؤمنين"؟ قالت: "خلال تسع لم تك لأحد النساء قبلى إلا ما أتى الله مريم بنت عمران، والله ما أقول هذا أنى أفخر على أحد من صواحباتى". فقال لها عبد الله بن صفوان: "وما هن يا أم المؤمنين"؟ قالت: "جاءَ الملك بصورتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة سبع سنين، وأهديت إليه وأنا ابنة تسع سنين، وتزوجنى

= ابن محمد، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوت رجل فوثب وثبة شديدة وخرج إليه، فاتبعته فإذا هو متكئ على عَرْف برذونه، وإذا هو دحية الكلبى. فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: لقد وثبت وثبة شديدة، وخرجت فإذا هو دحية الكلبى. قال: ورأيته؟ قلت: نعم. قال: ذاك جبريل عليه السلام أمرنى أن أخرج إلى بني قريظة.

قال الطبراني: لم يروه عن عبيد الله إلا أخوه، ولا عنه إلا عبد الرحمن وروح

وقال الهيثمى: شيخه مقدام بن داود ضعيف. (مجمع 6/ 141)

وربما أراد المصنف أن ما ثبت في الصحيحين هو تسليمه عليها، وهو كذلك، وتقدم، انظر:(ص: 6).

(1)

المستدرك (4/ 7)(31) كتاب معرفة الصحابة - ذكر الصحابيات من أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم من طريق مجالد بن سعيد، عن الشعبى، عن مسروق قال: قالت لى عائشة: لقد رأيت جبريل عليه الصلاة والسلام واقفًا في حجرتي هذه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجيه، فلما دخل قلت: يا رسول الله، من هذا؟ قال: بمن شبهتيه؟ قلت: بدحية الكلبى. قال: لقد رأيت خيرًا كثيرًا، ذاك جبريل عليه السلام، فما لبثت إلا يسيرا حتى قال: يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام. قالت: قلت: وعليه السلام، جزاه الله من دخيل خيرًا.

وفيه مجالد بن سعيد وقد ضعفه كثير من الأئمة.

ص: 32

بكرًا لم يشركه فيَّ أحد من الناس، وكان يأتيه الوحى وأنا وهو في لحاف واحد، وكنت من أحب الناس إليه، ونزل فيَّ آيات من القرآن كادت الأمة تهلك فيها، ورأيت جبريل، ولم يره أحد من نسائه غيرى، وقبض في بيتي ولم يَلِه أحد غير الملك وأنا"

(1)

. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ا هـ.

ومالك بن سُعير من رجال مسلم، وقال أَبو حاتم:"صدوق"، وضعفه أبو داود. وهذه الزيادة فيها نظر؛ لما في كتاب مسلم: أَن أُم سَلَمَة رأَته في صورة دحية أيضًا.

قال أبو الفرج: "وإنما سلم عليها ولم يواجهها؛ لحرمة زوجها، وواجه مريم؛ لأنه لم يكن لها بَعْل.

فمن نُزِّهَت لحرمة بعلها عن خطاب جبريل كيف يُسَلَّطُ عليها أُكُفُّ أَهل الخطايا"؟

(2)

.

(الحادية والعشرون): اجتماع ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وريقها في آخر أنفاسه.

رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين

(3)

.

(1)

المستدرك: (4/ 10)(31) كتاب معرفة الصحابة

من طريق أبي الخطاب زياد بن يحيى الغسانى، عن مالك بن سعير به، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

(2)

كشف المشكل: (4/ 350). وقد اختصر المصنف قول ابن الجوزى.

(3)

المستدرك (4/ 8) الكتاب السابق.

من طريق إسماعيل بن عُلَيَّةَ، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتى وفى يومى وبين سَحْرِى ونَحْرِى، ودخل عليه عبد الرحمن بن أبى بكر ومعه سواك رطب، فنظر إليه حتى ظننت أن له فيه حاجة، فأخذته فمضغته وقضمته وطيبته، ثم دفعته إليه فاستن كأحسن ما رأيته مستنًّا قط، ثم ذهب يرفعه إلى فسقطت يده، فأخذت أدعو له بدعاء كان يدعو له به جبريل عليه الصلاة والسلام، وكان يدعو به إذا مرض، فلم يَدْعُ به في مرضه ذاك، فرفع بصره إلى السماء وقال: الرفيق الأعلى، وفاضت نفسه صلى الله عليه وسلم فالحمد لله الذي جمع بين ريقى وريقه في آخر يوم من الدنيا.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.

ص: 33

(الثانية والعشرون): لم ينزل الوحى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في لحاف امرأة من نسائه غيرها.

أَخرجه البخاري في المناقب

(1)

، ورواه ابن حبان في صحيحه

(2)

.

والحاكم في المستدرك بلفظ: "ما نزل الوحى عليَّ وأنا في بيت امرأة من نسائى غير عائشة". وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"

(3)

. والأول أصح فقد كان ينزل عليه في بيت خديجة.

(الثالثة والعشرون): كانت أكثرهن علمًا.

قال الزهرى: "لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل

(4)

.

وقال عطاء: "كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأيًا في العامة"

(5)

.

وذكر أبو عمر بن عبد البرّ رحمه الله: "أنها كانت وحيدة عصرها في ثلاثة علوم: علم الفقه، وعلم الطب، وعلم الشعر"

(6)

.

وقال أبو بكر البزار في مسنده: "حدثنا عمرو بن علي، ثنا خلاد بن يزيد، ثنا

(1)

انظر التخريج في (ص: 29 - 30)

(2)

ابن حبان (الإحسان 16/ 43، 44)(61) كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة. من طريق هشام بن عروة، عن عوف بن الحارث بن الطفيل، عن رميثة أم عبد الله بن محمد بن أبي عتيق، عن أم سلمة به، في حديث فيه قصة. رقم:(7109).

(3)

الذي في مستدرك الحاكم: "وأنا في ثوب امرأة من نسائى".

[4/ 9 من كتاب معرفة الصحابة من المستدرك].

وفي حديث آخر فيه: "وكان يأتيه الوحى وأنا وهو في لحاف واحد"(4/ 10 من المستدرك) والله عز وجل وتعالى أعلم.

(4)

الاستيعاب لابن عبد البر: (4/ 358)

ورواه الطبراني في المعجم الكبير برجال ثقات (23/ 184 برقم 299)، وهو مرسل.

(5)

المصدر السابق (الموضع نفسه) وفيه: وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس، وأحسن الناس، وأعلم الناس رأيًا في العامة.

(6)

لم أعثر على هذا القول لابن عبد البر في الاستيعاب، ولكن نقل عن هشام بن عروة عن أبيه، ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة:(1/ 358).

ص: 34

محمد بن عبد الرحمن أبو غِرارَة زوج جَبْرَة

(1)

قال حدثني عروة بن الزبير قال: "قلت لعائشة: إني لأتفكر في أمرك فأَعجب: أجدك من أفقه الناس، فقلت ما يمنعها؟ زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة أبى بكر، وأجدك عالمة بأيام العرب وأنسابها وأشعارها، فقلت: وما يمنعها وأبوها علَّامة قريش؟ ولكن إنما أَعجب أن وجدتك عالمة بالطب فمن أين"؟ فأخذت بيدى وقالت: "يا عُريَّة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرت أسقامه فكان أطباءُ العرب والعجم يُبْعَثُون له، فتعلمت ذلك".

قال: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد"

(2)

. اهـ.

ومحمد بن عبد الرحمن مختلف فيه، لكن رواه أبو نعيم في الحلية عنه من جهة أحمد بن حنبل: ثنا عبد الله بن معاوية الزبيرى، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه

(3)

به وروى الحاكم

(4)

نحوه من جهة إسرائيل عن هشام، وقال:"صحيح الإسناد" قال الذهبي في مختصره: "على شرط الشيخين"

(5)

.

(الثالثة والعشرون): كانت أفصحهن لسانًا.

عن موسى بن طلحة قال: "ما رأيت أحدًا أَفصح من عائشة" أخرجه الترمذى وقال: "حسن صحيح غريب)

(6)

.

(1)

في المطبوعة: "خيرة" وما أثبتناه من الأصل ومن كشف الأستار، ومن المؤتلف والمختلف للدارقطنى.

(2)

كشف الأستار (3/ 240) كتاب المناقب. مناقب عائشة رضي الله عنها عن عمرو بن علي به. رقم (2662)

وجَبْرَة هي بنت محمد بن ثابت بن سباع. روت عن أبيها، حدث عنها إسماعيل بن عيَّاش وزوجها محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر المليكى (المؤتلف والمختلف للدارقطنى 1/ 384)

(3)

الحلية لأبي نعيم (2/ 50). في ترجمة السيدة عائشة رضي الله عنها.

(4)

في المطبوعة: "ورد في الحاكم" وما أثبتناه من الأصل.

(5)

المستدرك (4/ 197)(37) كتاب الطب.

من طريق إسرائيل، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: قد أخذت السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والشعر والعربية عن العرب، فعن من أخذت الطب؟ قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجلًا مسقامًا، وكان أطباء العرب يأتونه فأتعلم منهم.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صحيح على شرط البخارى، ومسلم.

(6)

ت: (5/ 705)(50) كتاب المناقب (63) باب فضل عائشة رضي الله عنها من=

ص: 35

الأحنف وروى محمد بن سيرين عن بن قيس قال: "سمعت خطبة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبي طالب والخلفاء كلهم هلم جرًّا إلى يومي هذا، فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه من في عائشة" أخرجه الحاكم

(1)

في مستدركه.

وساق أبو الفرج في التبصرة لها كلامًا طويلا موشحًا بغرائب اللغة والفصاحة

(2)

.

وقال صاحب زهر الآداب: "لما توفى الصديق رضي الله عنه وقفت عائشة على قبره فقالت:

"نضر الله وجهك يا أبت، وشكر لك صالح سعيك، فلقد كنت للدنيا مذلًّا بإدبارك عنها، وللآخِرة معزًّا بإقبالك عليها، ولئن كان أجلّ الحوادث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رَزْؤُك، وأعظم المصائب بعده فقدك، وإن كان الله ليعد بحسن الصبر عنك حسن العوض منك، وأنا أستنجز موعود الله فيك بالصبر، وأستقضيه بالاستغفار لك. أما لئن كانوا قاموا بأمر الدنيا لقد قمت بأمر الدين؛ لما وهى شعبه، وتفاقم صدعه، ورجفت جوانبه، فعليك سلام الله توديع غير قالية لحياتك، ولا زارية على القضاء فيك"

(3)

.

(الرابعة والعشرون): أن الأكابر من الصحابة كان إذا أشكل عليهم الأَمر في الدين استفتوها فيجدون علمه عندها.

قال أبو موسى الأشعرى: "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا".

أخرجه الترمذي وقال: "حسن صحيح"

(4)

.

= طريق عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة نحوه.

وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

المستدرك (4/ 11)(31) كتاب معرفة الصحابة - من طريق زائدة، عن عبد الملك بن عمير نحوه.

(1)

المستدرك: (4/ 11)(31) كتاب معرفة الصحابة.

(2)

التبصرة: (1/ 459 - 460).

(3)

كذلك نقله عمر رضا كحالة في أعلام النساء، ولكن لم يعزه (3/ 114).

(4)

ت: (5/ 705)(50) كتاب المناقب (63) باب فضل عائشة رضي الله عنها.

من طريق خالد بن سلمة المخزومي عن أبي بردة، عن أبي موسى به.

وقال: هذا حديث حسن صحيح. رقم (3883)

ص: 36

وقال مسروق: "رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض"

(1)

.

(الخامسة والعشرون): جاءَ في حقها: "خذوا شطر دينكم عن الحُمَيْرَاءِ"

(2)

وسألت شيخنا الحافظ عماد الدين بن كثير رحمه الله عن ذلك فقال: "كان شيخنا حافظ الدنيا أبو الحجاج المزى رحمه الله يقول "كل

(1)

المعجم الكبير للطبرانى (23/ 181 - 182) من طريق الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق أنه قيل له: هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ فقال: والذي نفسى بيده لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض. رقم: (291).

قال الهيثمى في المجمع: وإسناده حسن: (9/ 242).

ورواه الحاكم في المستدرك (4/ 12) به.

(2)

قال الحافظ ابن كثير في تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب (ص 170): "حديث غريب جدًّا، بل هو منكر، سألت عنه شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزى فلم يعرفه، وقال: لم أقف له على سند إلى الآن، وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: هو من الأحاديث الواهية التي لا يعرف لها إسناد". هذا، وقال العجلونى في كشف الخفا في هذا الحديث (449 - 450):

قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث ابن الحاجب من إملائه: لا أعرف له إسنادًا، ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير ذكره في مادة (ح م ر)، ولم يَذْكُر من خَرَّجه، ورأيته في الفردوس بغير لفظه، وذكره عن أنس بغير إسنادٍ بلفظ خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء، وذكر ابن كثير أنه سأل الحافظين المزى والذهبيَّ عنه، فلم يَعْرِفاه، وقال السيوطي في الدُّرّ: لم أقف عليه، لكن في الفردوس عن أنس خذوا ثلث دينكم من بيت عائشة انتهى، قال القارى: لكن معناه صحيح، ثم قال: وقد اشتهر أيضًا حديث: كلمتين يا حميراء، وليس له أصل عند العلماء، وقال ابن الفرس رأيت في الأجوبة على الأسئلة الطرابلسية لابن قيم الجوزية أن كل حديث فيه يا حميراء أو ذكر الحميراء فهو كذب مختلق كحديث يا حميراء لا تأكلى الطين، فإنه يورث كذا وكذا، وحديث خذوا شطر دينكم عن عن الحميراء، والحميراء تصغير حمراء، وكانت عائشة بيضاء، والعرب تسمى الأبيض أحمر، ومنه حديث بعثت إلى الأحمر والأسود انتهى ملخصًا.

وأقول فيه إن الحديث الذي رواه البيهقى والدارقطنى وغيرهما عن عائشة في الماء المشمس أن النبي قال لها لا تفعلى يا حميراء، فإنه يورث البرص ليس بكذب مختلق بل ضعيف، قال فيه الرملى: وهذا وإن كان ضعيفًا لكنه يتأيد بما روى عن عمر أنه كان يكره الاغتسال فيه، وقال: إنهُ يورث البرص انتهى.

ص: 37

حديث فيه ذكر الحميراء باطل إلا حديث في الصوم في سنن النسائي".

قلت: وحديث آخر في النسائي أيضًا عن أبي سلمة قال: قالت عائشة: دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال لي: "يا حميراء أتحبين أن تنظرى إليهم

" الحديث، وإسناده صحيح

(1)

.

وروى الحاكم في مستدركه حديث: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خروج بعض أُمهات المؤمنين فضحكت عائشة، فقال:"انظرى يا حميراء ألا تكوني أنت" ثم التفت إلى عليّ فقال: "إن ولِّيتَ من أمرها شيئًا فارفق بها" وقال: صحيح الإسناد

(2)

.

وذكرها الشيخ أبو إسحاق الشيرازى في طبقاته في جملة فقهاء الصحابة.

ولما ذكر ابن حزم أَسماءَ الصحابة الذين رويت عنهم الفتاوى في الأحكام على مزية كثرة ما نقل عنهم، قدَّم عائشة على سائر الصحابة.

وقال الحافظ أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي الميانشي في كتاب "إيضاح ما لا يسع المحدث جهله": "اشتمل كتاب البخاري ومسلم على ألف

(1)

س: (الكبرى (5/ 307)(79) كتاب عشرة النساء (18) إباحة الرجل لزوجته النظر إلى اللعب - من طريق يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال لى: يا حميراء، أتحبين أن تنظرى إليهم

الحديث رقم: (8951)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 444): إسناده صحيح، ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا.

(2)

المستدرك: (3/ 119)(31) كتاب معرفة الصحابة - من طريق عبد الجبار بن الورد عن عمار الدهنى، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

الحديث.

وقال في هذا وما قبله وما بعده: هذه الأحاديث الثلاثة كلها صحيحة على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

ولكن قال الذهبي: عبد الجبار لم يخرجا له.

أقول: عبد الجبار وثقه أحمد ويحيى وغيرهما، ولينه (خ) وابن حبان (التذكرة للحسيني 2/ 959 رقم:(3746)

ص: 38

حديث ومائتى حديث من الأحكام، فروت عائشة من جملة الكتابين مائتين ونيفٍ وتسعين حديثًا لم يخرج عن الأحكام منها إلا يسير

(1)

.

قال الحاكم أبو عبد الله: "فحمل عنها ربع الشريعة". قال أبو حفص: "وروينا بسندنا عن بقيّ بن مَخْلَد رضي الله عنه: "أَن عائشة روت ألفين ومائتى حديث وعشرة أحاديث، والذين رووا الأُلوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: أبو هريرة وعبد الله بن عمرو وأنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهم

(2)

. اهـ

(السادسة العشرون): لم ينكح النبي صلى الله عليه وسلم امرأَة أَبواها مهاجران بِلا خلاف، سواها.

(السابعة والعشرون): أن أَباها وجدَّها صحابيان، وشاركها في ذلك جماعة قليلون.

قال موسى بن عقبة: "لا نعرف أَربعة أَدركوا النبي صلى الله عليه وسلم هم وأبناؤُهم إلا هؤلاء الأربعة. فذكر أَبا بكر الصديق وأباه وابنه عبد الرحمن وابنه محمدًا أبا عتيق" حكاه عنه ابن الصلاح في النوع الرابع والأربعين من علومه

(3)

، وكذا صاحب مسند الفردوس، وقال:"ولا نعلم من العشرة العشرة أحدًا أَسلم أبوه على يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا بكر" قلت: "وقد أفرد ابن مندة جزءًا فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم هو وولده واشتركوا في رؤيته وصحبته والسماع منه، وبدأ بوالد الصديق أبي قحافة وروي له حديثًا، ثم بالصديق، ثم بولده عبد الرحمن. ومنهم حارثة بن شراحيل وابنه زيد بن حارثة وابنه أُسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى أبو القاسم البغوي في معجمه من جهة محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا بلغ المرء المسلم أربعين سنة صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء: الجنون والجذام

(1)

ما لا يسع المحدث جهله لأبى حفص عمر بن عبد المجيد الميانشى. تحقيق صبحى السامرائى، شركة الطبع والنشر الأهلية، بغداد ص:(10).

(2)

ما لا يسع المحدث جهله، ص:(10).

(3)

مقدمة ابن الصلاح، ص:(539).

ص: 39

والبرص .. " الحديث ثم قال: لا أعلم لعبد الله بن أبي بكر عن: النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وفي إسناده ضعف وإرسال

(1)

.

وقال الدارقطنى: فأما

(2)

عبد الله بن أَبى بكر فأُسند عنه حديث في إسناده نظر، يرويه عثمان بن الهيثم المؤذن، عن رجال ضعفاء

(3)

.

قال المنذرى: "وقد وقع لنا من حديث عبد الله بن أبي بكر الصديق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثان آخران غير هذا الحديث، أحدهما: "أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين جارية بكر وزوجها، زوَّجَها أبوها وهى كارهة .. " الحديث الثاني:"أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله".

وهذان الحديثان يرويهما عنه المهاجر بن عِكْرِمَة المخزومي. وعندى في سماع المهاجر هذا من عبد الله بن أبي بكر نظر؛ فإن عبد الله قديم الوفاة؛ فإنه توفى في شوال سنة إحدى عشرة من الهجرة، وهى السنة التي توفى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: سنة اثنتى عشرة، والأول أشهر. وكانت وفاته بالمدينة ونزل حفرته عمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم.

(الثامنة والعشرون): كان أَبوها أَحب الرجال إليه وأَعزهم عليه.

(التاسعة والعشرون): أَن أَباها أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد سئل عن ذلك مالك فقال: "وهل في ذلك شك؟ " وقد صح عن علي بن أَبى طالب ذلك أَيضًا. أَخرجه أَبو ذر في كتاب السنة له.

(1)

المستدرك (3/ 478)(31) كتاب معرفة الصحابة من طريق عثمان بن الهيثم، عن الهيثم بن الأشعث، عن محمد بن عمارة الأنصارى، عن جهم بن عثمان السلمى، عن محمد بن عبد الله، عن عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بلغ المرء المسلم أربعين سنة صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء: الجنون والجذام والبرص، وإذا بلغ خمسين سنة غفر له ذنبه ما تقدم منه وما تأخر، وكان أسير الله في الأرض، والشفيع في أهل بيته يوم القيامة.

(2)

في المطبوعة: "ثنا عبد الله بن أبى بكر فأسند عنه حديثًا"، وما أثبتناه من المخطوط.

(3)

هو هذا الحديث الذي خرجناه من المستدرك، ففيه "عثمان بن الهيثم".

ص: 40

وأَخرج البخارى في صحيحه عن محمد بن الحنفية قال: "قلت لأبى: أَيُّ الناس خير بعد رسول الله؟ " قال: "أبو بكر" قلت: "ثم من؟ " قال: "عمر" وخشيت أن يقول: عثمان؛ قلت: "ثم أنت" قال: "ما أنا إلا رجل من المسلمين"

(1)

.

وإنما وقع الخلاف في التفضيل بين على وعثمان، وذهب قوم إلى تساويهما في الفضيلة، وحكى عن مالك ويحيى بن سعيد القطان. وأما ما ذكره ابن عبد البر في كتاب الصحابة:"أَن السلف اختلفوا في تفضيل أبي بكر وعلى"

(2)

فقد غُلِّطَ في ذلك ووهِّم، لا سيما وثَبَّتَ بأن من كان يعتقد ذلك من السلف أبو سعيد الخدرى وهذا بعيد. وقد أخرج البخارى في صحيحه عن نافع عن ابن عمر قال:"كنا نخيِّر بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان عفان، ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم"

(3)

.

وقد أنكر ابن عبد البر صحة هذا الخبر وقال: إنه غلط لوجهين:

أحدهما: أَنه حكى عن هارون بن إسحاق قال: سمعت يحيى بن معين يقول: "من قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى، وعرف لعلى سابقته وفضله فهو صاحب سنة، ومن قال: أبو بكر وعمر وعلى وعثمان وعرف لعثمان سابقته وفضله فهو صاحب سنة". فذكرت له هؤلاء الذين يقولون: أبو بكر بكر وعمر وعثمان ويسكتون فتكلم فيهم بكلام غليظ

(4)

.

(1)

خ: (3/ 12)(62) كتاب فضائل الصحابة (4) باب فضل أبى بكر عن محمد بن كثير، عن سفيان، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي يعلى، عن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبى

الحديث رقم (3671).

(2)

الاستيعاب: (3/ 52) قال: "واختلف السلف أيضًا في تفضيل على وأبى بكر".

(3)

خ: (3/ 19)(62) كتاب فضائل الصحابة (7) باب مناقب عثمان بن عفان - رضى الله تعالى عنه -.

من طريق عبد العزيز بن سلمة الماجشون، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر - رضى عنهما - قال: كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعدل بأبى بكر أحدًا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا تفاضل بينهم. رقم:(3697)

(4)

الاستيعاب (3/ 51 - 52) =

ص: 41

وهذا عجيب؛ لأن ابن معين إنما أنكر على رأى قوم لا على نقلهم. وهؤلاء القوم العثمانية المغلون في عثمان وذم على. ومن قال ذلك واقتصر على عثمان فلا شك أَنه مذموم. وليس في الخبر ما يدل على أن عليًّا ليس بخير الناس بعدهم الثاني: أنه خلاف قول أَهل السنة: إن عليًّا أفضل الناس بعد عثمان. هذا لا خلاف فيه، وإنما اختلفوا في تفضيل على وعثمان.

قال: واختلف السلف أيضًا في تفضيل على وأبى بكر. وفى إجماع الجماعة التي ذكرنا دليل على أن حديث ابن عمر وهم وغلط اهـ

(1)

.

وهذا أعجب من الأول؛ فإن الحديث صحيح أورده الأئمة البخاري فمن دونه في كتبهم الصحاح. والحامل له على ذلك اعتقاده أن حديث ابن عمر يقتضى أن عليًّا ليس بأفضل الناس بعد عثمان، وليس كذلك، بل هو مسكوت عنه.

(الثلاثون): كان لها يومان وليلتان في الْقَسْم دونهن، لما وهبتها سودة يومها وليلتها.

(الحادية والثلاثون): أَنها كانت تغضب فيترضاها ولم يثبت ذلك لغيرها.

(الثانية والثلاثون): لم يَرْوِ عن النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أكثر منها. ونقل الماوردى في الأقضية من الحاوى عن أبي حنيفة: أنه لا ينقل من أحاديث النساء إلا ما روته عائشة وأم سلمة

(2)

. وهو غريب.

= قال ابن عبد البر أيضًا: ومن قال بحديث ابن عمر: كنا نقول على عهد رسول صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت - يعنى فلا نفاضل، وهو الذي أنكر ابن معين وتكلم بكلام غليظ؛ لأن القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه أهل السنة من السلف والخلف من أهل الفقه والأثر أن عليًّا أفضل الناس بعد عثمان رضي الله عنه، وهذا مما لم يختلفوا فيه، وإنا اختلفوا في تفضيل على وعثمان.

وقال: وفي إجماع الجمع الذي وصفنا دليل على أن حديث ابن عمر وهم وغلط، وأنه لا يصح معناه، وإن كان إسناده صحيحًا.

(1)

المصدر السابق: (3/ 52).

(2)

قال الماوردى في الحاوى (20/ 146) كتاب أدب القاضي: =

ص: 42

(الثالثة والثلاثون): كان يتبع رضاها كلعبها باللُّعب، ووقوفه في وجهها لتنظر إلى الحبشة يلعبون

(1)

، واستنبط العلماءُ ذلك أحكامًا كثيرة، فما أعظم بركتها.

(الرابعة والثلاثون): أَنها أَفضل امرأَة مات عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف. واختلفوا في التفضيل بينها وبين خديجة على وجهين: حكاهما المتولى في التَّتِمَّة. وقال الآمدى في أبكار الأفكار: مذهب أهل السنة أن عائشة أفضل نساء العالمين: وقالت الشيعة: "أفضل زوجاته خديجة وأفضل نساءٍ العالمين فاطمة ومريم وآسية" اهـ.

ومنهم من توقف في ذلك وهو ما مال إليه الكِيَا

(2)

الطبري في تعليقه في الأُصول. واحتج من فضَّل خديجة بأنها أول الناس إسلامًا، كما نقل الثعلبى الإجماع عليه، وبأن لها تأثيرًا في أول الإسلام، وكانت تسلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبذل دونه مالها، فأدركت غُرَّة الإسلام، واحتملت الأذى في الله ورسوله، وكانت نصرتها للرسول في أعظم أوقات الحاجة، فلها من ذلك ما ليس لغيرها.

= وامنتع أبو حنيفة من قبول أخبار النساء في الدِّين إلا أخبار عائشة وأم سلمة".

قال الماوردى: "وهذا فاسد من وجهين":

"أحدهما: لو كان نقص الأنوثة مانعًا لَعَمَّ.

"والثانى: أن قبول قولهن في الفتيا يوجب قبوله في الأخبار، لأن الفتيا يوجد قبوله؛ لأن الفتيا أغلظ شروطًا".

(1)

مما هو متفق عليه:

1 -

حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لى صواحب يلعبن معى، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يَتَقَمَّعْنَ منه، فيسربهن إلى فيلعبن معى.

خ: (78) كتاب الأدب (81) باب الانبساط إلى الناس.

م (44) كتاب فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة - رضى الله تعالى عنها -.

2 -

حديث عائشة قالت: وكان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدَّرَق والحراب، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وإما قال: تشتهين تنظرين فقلت: نعم، فأقامنى وراءه خدى على خده وهو يقول: دونكم يا بنى أَرْفِدَه، حتى إذا مَلِلْت قال: حسبك؟ قلت: نعم. قال: فاذهبي.

خ: [(3/ 302) (13) كتاب العيدين (2) باب الحراب والدَّرَق يوم العيد رقم (950)]

م: (الموضع السابق).

(2)

"الكيا" ليست في المطبوعة، وأثبتناها من الأصل.

ص: 43

قال أبو بكر بن داود: "ولأن عائشة أقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام من جبريل

(1)

، وخديجة أقرأها جبريل السلام من ربها على لسان محمد فهي أفضل"

(2)

.

واحتجَّ من فضل عائشة بأن تأثيرها في آخر الإسلام، فلها من التفقه في الدين وتبليغه إلى الأمة وانتفاع بنيها بما أدت إليهم من العلم ما ليس لغيرها".

قال السهيلى: "وأَصح ما روى في فضلها على النساءِ حديث "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" - كما أخرجه الشيخان من حديث أنس

(3)

قال: "وأراد بالثريد اللحم". كذلك رواه مَعْمر في جامعه مُفَسَّرًا عن قتادة - وأَبان يرفعه - فقال فيه: "كفضل الثريد باللحم"

(4)

.

(1)

حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: يا عائش، هذا جبريل يقرأ عليك السلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى - تريد النبي صلى الله عليه وسلم.

خ: (59) كتاب بدء الخلق (6) باب ذكر الملائكة.

م: (44) كتاب فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة - رضى الله تعالى عنها -.

(2)

حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومنى، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب.

خ: (63) كتاب مناقب الأنصار (20) باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها.

م: (44) كتاب فضائل الصحابة (12) باب فضائل خديجة أم المؤمنين - رضى الله تعالى عنها -.

(3)

حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - يقول: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام.

خ: (62) كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (30) باب فضل عائشة رضي الله عنها.

م: (44) كتاب فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة رضى الله تعالى عنها. وجاء ذلك من حديث أبي موسى - رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول - -: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.

خ: (60) كتاب الأنبياء (32) باب قول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا} .

م (44) كتاب فضائل الصحابة (12) باب فضائل خديجة أم المؤمنين - رضى الله تعالى عنها -.

(4)

مصنف عبد الرزاق (10/ 423) كتاب الجامع - باب الثريد. =

ص: 44

ووجه التفضيل من هذا الحديث أنه قال في حديث آخر: "سيد أُدُم الدنيا والآخرة اللحم"

(1)

مع أن الثريد إذا أُطلق لفظه فهو ثريد اللحم، أَنشد سيبويه:

إذا ما الخبز تَأْدِمُه بلحمٍ

فذاك أمانة الله الثريد

قال: "ولولا قوله في خديجة: "والله ما أَبدلنى الله خيرا منها"

(2)

لقلنا بتفضيلها على خديجة وعلى نساء العالمين اهـ. وهذا الحديث الذي أشار إليه أخرجه ابن ماجه في سننه: حدثنا العباس بن الوليد الخلال الدمشقى ثنا الحسن بن صالح، حدثني سليمان بن عطاء الجزرى، حدثني مسلمة الجهنى، عن عمه أَبِي مَشْجَعَة، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيد طعام أهل الدنيا

= عن معمر عن قتادة وأبان قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل عائشة في النساء مثل الثريد واللحم في الطعام. رقم: (19572)

(1)

المعجم الأوسط للطبراني (8/ 232 - 233)

من طريق سعيد بن عتبة القطان، عن أبي عبيدة الحداد، عن أبي هلال عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم، وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن بريدة إلا أبو هلال، ولا رواه عن أبي هلال إلا أبو عبيدة الحداد، تفرد به سعيد.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 35) (كتاب الأطعمة - باب سيد الإدام والشراب: فيه سعيد بن عتبة القطان لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر.

(2)

حم: (6/ 117 - 118) مسند عائشة رضي الله عنها.

عن علي بن إسحاق، عن عبد الله، عن مجالد، عن الشعبى، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها، فأحسن الثناء، قالت: فغرت يوما، فقلت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل خيرًا منها. قال: ما أبدلنى الله عز وجل خيرًا منها قد آمنت إذ كفر بى الناس، وصدقتنى إذ كذبنى الناس، وواستنى بمالها إذ حرمنى الناس، ورزقنى الله عز وجل ولدها إذ حرمنى أولاد النساء.

قال الهيثمى في المجمع (9/ 224) كتاب المناقب - باب فضل خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: إسناده حسن.

ص: 45

وأهل الجنة اللحم"

(1)

وقال ابن الجوزى في مشكله: "العرب تفضل الثريد؛ لأنه أسهل في تناوله، ولأنه يأخذ جوهر المرَق" ا هـ

(2)

. فلم يُقَفْ على هذا المعنى الحسن. وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في طبقاته: "روينا عن الإمام أبي الطيب سهل الصعلوكى أنه قال في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساءِ كفضل الثريد على سائر الطعام": أراد فضل ثريد عمرو

(3)

الْعُلى الذي عظم نفعه وقدره، وعم خيره وبرُّه، وبقى له ولعقبه ذكر حتى قال فيه القائل:

عمرو الْعُلَى هَشَمَ الثَريد لقومه

ورجال مكة مُسْنِتُون عِجَافُ

ثم قال ابن الصلاح: "أبعد سهلٌ في تأويل الحديث والذي أراه: أَن معناه ثريد كل طعام على باقى ذلك الطعام. وسائر بمعنى باقى

وهو كذلك، فإن خير اللحم قد حصل فيه فهو أفضل منه" اهـ

(4)

.

(1)

جه (2/ 1099)(29) كتاب الأطعمة (27) باب اللحم.

من طريق سليمان بن عطاء الجزرى، عن مسلمة بن عبد الله الجهنى عن عمه أبى مَشْجَعَة، عن أبى الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم.

قال البوصيرى في مصباح الزجاجة (3/ 81):

ذكره ابن الجوزى في الموضوعات، وقال ابن حبان: سليمان بن عطاء يروى عن مسلمة أشياء موضوعة. قال: ولا أدرى التخليظ منه أو مسلمة.

وقال في الزوائد: في إسناده أبو مشجعة وابن أخيه مسلمة بن عبد الله: لم أر من جرحهما ولا من وثقهما، وسليمان بن عطاء ضعيف. قال السندى: قلت: قال الترمذى: وقد اتهم بالوضع.

(2)

كشف المشكل (1/ 414 - 415) رقم (388).

(3)

هو هاشم الأب الثالث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: وهو أول من فعل ذلك.

(4)

طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح - تهذيب النووى (1/ 482 - 483).

والبيت لابن الزِّبَعْرَى، ونسبه ابن دريد في الاشتقاق إلى مطرود الخزاعى.

وقال السبكى معقبًا على كلام المصنف: إذا كان يريد عمرو العُلى في ذلك الزمان هو المشهور فما أبعد سهل، بل ما قاله هو الصواب والألف واللام في الثريد تنصرف إلى المعهود، والمعهود عندهم المشهور لديهم ثريد عمرو العلى.

ثم أنت ترى البيت كيف أورده ابن الصلاح:

"ورجال مكة مسنتون عجاف". =

ص: 46

وسئل ابن الحاجب في أَماليه عن قوله صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران وآسية، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" هل الألف واللام لاستغراق الجنس أولا؟ فأجاب "بأن النساء في الأول لمن عدا عائشة. وفى الثاني لمن عدا مريم وآسية" فلا دلالة فيها على تفضيل أحد القبيلين على الآخر، كقولك زيد أفضل القوم وعمرو أفضل القوم: فيه دليل على أنهما أفضل القوم، ولا تفضيل لمجرد ذلك لأحدهما على الآخر.

‌فائدة:

وذكر الأستاذ أبو منصور البغدادى أحد أئمة أصحابنا في "كتاب الأُصول "الخمسة عشر" كلامًا في فضل عائشة وفاطمة قال: "فكان شيخنا أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكى وابنه سهل يفضلان فاطمة على عائشة، وبه قال الشافعي، وللحسين بن الفضل رسالة في ذلك" اهـ.

وهذا مما لا شك فيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"فاطمة بضعة منى" ولا نعدل ببضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا كما قاله ابن داود.

= ومن خط شيخنا الحافظ الثبت أبى الحجاج المزى نقلته، والقصيدة مكسورة الفاء، فيحتاج حينئذ إلى التحمل والتأويل في كسر الفاء من "عجاف"، وهى صفة المستون الذي خبر "رجال مكة"، والناس كذلك ينشدون البيت ويستشكلونه، والذي رأيته في السيرة في أصول معتمدة صحيحة ما نصه:

عَمْرُ العُلَى هشم الثريد لقومه

قوم بمكة مسنتين عجاف

سُنَّت إليه الرحلتان كلاهما

سفر الشتاء ورحلة الأصياف

وعزاهما ابن إسحاق لشاعر من قريش، لم يعينه، وعلى هذا لا إشكال فيه (طبقات الشافعية للسبكى 4/ 400 - 401).

ص: 47

‌فائدة:

أما زوجاته صلى الله عليه وسلم فهن أفضل النساء لقوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} قالوا: "ويجب الوقف هنا، ثم يبتدأ بالشرط، وهو قوله {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} وجوابه:{فَلَا تَخْضَعْنَ} [سورة الأحزاب: 32] دون ما قبله. بل حكم الله بتفضيلهن على النساء مطلقًا من غير شرط، وهو أبلغ في مدحهن، وجواب الشرط ما بعده.

فإن قيل: لقد روى: "كل مع صاحبه في الدرجة" فإن كانت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم في درجته وفاطمة مع على في درجته فتفاوت ما بينهما كتفاوت ما بين الدرجتين، قيل: قال الإمام في الشامل: هذا لا يترى؛ لأنه معلوم أن عائشة لا تكون في درجتها كدرجة النبوة. فإن قلت: هي في منازل الأتباع؟ قلت: هذا لا يعطى فضيلة متأصلة، ولو كانت الفضيلة بهذا القدر لكان يتعدى هذا إلى كل من خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعه، وليس الأمر كذلك.

(الخامس والثلاثون): أن عمر فضلها في العطاء عليهن. كما أخرجه الحاكم في مستدركه من جهة مصعب بن سعد قال: "فرض عمر لأُمهات المؤمنين عشرة آلاف وزاد عائشة ألفين وقال: "إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

".

ثم أخرج عن مصعب بن سعد نحوه. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لإرسال مُطَرِّف بن طريف

(2)

.

‌حاشية:

سئل الدارقطنى في علله عن حديث مصعب بن سعد عن عمر أنه فرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف، عشرة آلاف؟ فقال: يرويه أبو إسحاق، واختلف عنه، فرواه مُطَرِّف عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن عمر. وتابعه إسرائيل، ورواه

(1)

المستدرك (4/ 7 - 8)(31) كتاب معرفة الصحابة. رقم: (6723)

من طريق أسباط بن محمد القرشى، عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد به.

(2)

المصدر السابق (4/ 8) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد به. رقم:(6724)

ص: 48

الأَعمش، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عمر، ولم يسم أحدًا، وقول مطرف وإسرائيل صحيح

(1)

- إن شاء الله تعالى

(2)

.

(السادسة والثلاثون): فضل عبادتها: قال القاسم: "كانت عائشة تصوم الدهر"

(3)

.

قال عروة: "بعث معاوية مرة إلى عائشة بمائة ألف درهم فقسمتها لم تترك منها شيئًا، فقالت بريرة: "أنت صائمة فهلا ابتعت لنا منها بدرهم لحمًا؟ " قالت: "لو ذكرتنى لفعلت"

(4)

رواه الحاكم.

وعنه أيضًا قال: "وإن عائشة تصدقت بسبعين ألف درهم وإنها لترقع جانب درعها":

(5)

وقد اشتمل هذا على ثلاث فضائل: فضل عبادتها وجودها وزهدها.

(السابعة والثلاثون): شدة ورعها: في صحيح مسلم: أَن شريحًا لما سألها عن المسح على الخفين فقالت: "إيت عليًّا فإنه أعلم بذلك منى"

(6)

.

(1)

العلل للدارقطني: (2/ 209) رقم (226)

(2)

"إن شاء الله تعالى" من العلل.

(3)

الطبقات الكبرى لابن سعد (8/ 59)

عن قبيصة بن عقبة، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم أن عائشة كانت تسرد الصوم.

يعنى أنها كانت تصوم الأيام التي لم يرد في حقها النهى عن صومها، كالعيدين، وأيام التشريق، وأيام الحيض.

ورجال هذا الأثر ثقات.

(4)

المستدرك (4/ 13)(31) كتاب معرفة الصحابة.

من طريق هشام بن حسان، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن معاوية

به رقم: (6745)

(5)

سير أعلام النبلاء (2/ 187)

من طريق الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة أنها تصدقت بسبعين ألفًا، وإنها لترقع جانب درعها رضي الله عنها.

(6)

م: (1/ 232)(2) كتاب الطهارة (24) باب التوقيت في المسح على الخفين رقم: (85/ 276) وشريح هو الخزاعى.

ص: 49

ذكر أهل المغازى منهم سعيد بن يحيى بن سعيد الأُموى: أن عائشة رضي الله عنها. لما دفن عمر بن الخطاب في حجرتها صارت تحتجب من القبر فرضى الله عنها.

وأسند الحاكم في مستدركه [ثنا أَبو أُسامة] عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: " [كنت] أدخل البيت الذي دفن معهما عمر، والله ما دخلت إلا وأنا مشدود عليَّ؛ حياءً من عمر" وقال: على شرط الشيخين

(1)

.

قال شيخنا الحافظ عماد الدين بن كثير: ووجه هذا ما قاله شيخنا الإمام أبو حجاج المزى: "أن الشهداء كالأحياء في قبورهم، وهذه أرفع درجة فيهم".

قال شيخنا: وأيضًا فإن حجابهن كثيف غليظ رضي الله عنهن،

فإن قيل: فقد روى الترمذى عنها رضي الله عنها قالت: "قلت للنبى صلى الله عليه وسلم حسبك صفية كذا وكذا" قال بعض الرواة (يعنى قصيرة) فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد قلتِ كلمة لو مزجت بماءِ البحر لمزجته"

(2)

.

قال الترمذى حسن صحيح.

أَي يتغير بها طعمه أو ريحه لشدة نتنها.

فالجواب إنما صدر هذا القول عن عائشة مع وفور فضلها وكمال عقلها لفرط الغيرة الغريزية التي جبلت عليها القلوب البشرية.

(1)

المستدرك (4/ 7)(31) كتاب معرفة الصحابة.

من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة عن أبيه به رقم:(6721).

وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

(2)

ت (4/ 570)(38) كتاب صفة القيامة والرقائق والورع باب رقم (51)

عن محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدى، عن سفيان، عن علي بن الأقمر، عن أبي حذيفة - وكان وكان من أصحاب ابن مسعود، عن عائشة نحوه.

وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأبو حذيفة هو كوفى من أصحاب ابن مسعود، ويقال: اسمه سلمة بن صهيبة. رقم: (2503)

د: (5/ 1920)(35) كتاب الأدب (40) باب في الغيبة.

عن مسدد عن يحيى، عن سفيان به

ولفظه أقرب إلى هنا من لفظ الترمذى. رقم: (4875)

ص: 50

وقد حكى القاضي عياض في الإكمال عن مالك وغيره: أن المرأة إذا رمت زوجها بالفاحشة على جهة الغيرة لا يجب عليها الحد. قال: واحتج لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "وما تدرى الغيراء أعلى الوادى من أسفله"

(1)

.

وقد روى البخارى في مناقب عمر أَنه أَرسل في مرض موته ابنه عبد الله إلى عائشة: "أن عمر يقرئك السلام ويستأذنك أن يدفن مع صاحبيه" فقالت عائشة: "لقد كنت أردته لنفسى ولأوثرنَّه اليوم على نفسى

(2)

.

وقد استشكل ذلك بأن الإيثار بالقبر من خلاف شيم الصالحين كمن يؤثر بالصف الأول ويتأخر هو.

وأجاب بعضهم بأن الميت ينقطع عمله بموته فلا يتصور الإيثار بالقربة بعد الموت ولا تَقَرُّب بما هو المنع، إنما هذا إيثار فيه بالإيثار به قربة إلى الله، فُهِمَتْ بقرينة الحال من الحديث المشهور أنها رأت أن

(3)

: [ثلاثة أقمار هوين

(1)

مصنف عبد الرزاق (7/ 300) باب الغيرة.

عن ابن جريج عن الحسن أن امرأة وجدت زوجها على جارية لها، فغارت، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، واتبعها حتى أدركها، فقالت: إنها زنت، فقال: كذبت يا رسول الله، ولكنها كان من أمرها كذا وكذا، وأخذت بلحيته، فانتهرها النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسلته فقال: ما تدرى الآن أعلى الوادى من أسفله رقم: (13264) وهذا مرسل.

(2)

خ: (3/ 20)(62) كتاب فضائل الصحابة - (8) باب قصة البيعة.

من طريق أبي عوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال رأيت عمر بن الخطاب .. فذكره في حديث طويل. رقم (3700).

وقد رواه أيضًا في كتاب الجنائز رقم: (1392)

(3)

الخطوط متشابكة كما نبه الأستاذ سعيد الأفعانى، ولكن خلاصة ما يفهم من قوله أنها لا تفوت عليها فائدة بهذا الإيثار؛ لأنه يكون بعد الموت، ولا عمل بعد الموت.

ولكن القسطلانى نقل عن ابن المنير إجابة أخرى، وهى "أن الحظوظ المستحقة بالسوابق ينبغى فيها إيثار أهل الفضل، فلما علمت عائشة فضل عمر آثرته، كما ينبغى لصاحب المنزل إذا كان مفضولًا أن يؤثر بفضل الإمامة من هو أفضل منه إذا حضر منزله، وإن كان الحق لصاحب المنزل"(إرشاد السارى 2/ 478).

ص: 51

في حجرتها، فقال أبو بكر: إن صدقت رؤياك دفن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثة، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم قال لها أبو بكر: خير أقمارك يا عائشة]

(1)

.

(الثامنة والثلاثون) أنها سمعته يقول في يوم من الأيام فَقَدَها: "واعروساه" فجمعها الله عليه

(2)

. ذكره ابن شاهين في كتاب السنة.

ووجعت يومًا فقالت: "وارأساه" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل أَنا وا رأَساه"

(3)

(1)

ما بين المعكوفين ليس في النص، وإنما فيه كلام غير مقروء لتداخل السطور، ولكننى أظن أن فيه إشارة إلى هذا الأثر، فأثبته بين المعكوفين.

والأثر رواه الطبراني في الكبير، وهذا سياقه - من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أو محمد بن سيرين عن عائشة أنها قالت: رأيت كأن ثلاثة أقمار سقطن في حجرتي، فقال أبو بكر: إن صدقت رؤياك دفن في بيتك خير أقمار أهل الأرض ثلاثة، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم قال لها أبو بكر: خير أقمارك يا عائشة، ودفن في بيتها أبو بكر وعمر.

كما رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة من غير شك، قال الهيثمي: ورجال الكبير رجال الصحيح. (7/ 185 آخر كتاب التعبير من مجمع الزوائد).

(2)

حم: (6/ 248 - 249)

عن عثمان بن عمر، عن يونس، عن أبي شداد، عن مجاهد، عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كنا بالحر انصرفنا، وأنا على جمل، وكان آخر العهد فيهم، وأنا أسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا بين ظهر ذلك السَّمُر، وهو يقول: واعروساه، فوالله إنى لعلى ذلك إذ نادى منادٍ أن ألقى الخطام، فألقيته، فأعقله الله عز وجل يده.

ذكره في المجمع، وفيه:"فلما كنا بالحد""فألقيته فأعلقه الله عز وجل بيده"(9/ 228 باب في فضل عائشة).

وقال: فيه أبو شداد، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.

(3)

حم (6/ 144)

عن يزيد، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن الزهرى، عن عروة، عن عائشة قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه فقلت: وارأساه، فقال: وددت أن ذلك كان وأنا حى، فهيأتك ودفنتك، قالت: فقلت غَيْرَى: كأني بك في ذلك اليوم عروسًا ببعض نسائك. قال: وأنا وارأساه، ادعو لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبى بكر كتابًا، فإني أخاف أن يقول قائل، ويتمنى مُتَمَنَّ: أنا أولى، ويأبى الله عز وجل والمؤمنون إلا أبا بكر.

وهذا إسناد على شرط الشيخين.

س - الكبرى (4/ 252 - 253)(66) كتاب الوفاة (3) بدء علة النبي صلى الله عليه وسلم من طريق صالح بن كيسان به. =

ص: 52

ففيه إشارة للغاية في الموافقة، حتى بأَلمها، فكأنه أخبرها بصدق محبتها حتى واساها في الألم، وفهم منه على الأمر بالصبر، فبي من الوجع مثل ما بك فتأسِّى بى في الصبر وعدم الشكوى. والظاهر الأول.

وروى الإمام أحمد في مسنده عن وكيع عن إسماعيل عن مصعب بن إسحاق بن طلحة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليهوِّن عليَّ أنى رأيتُ بياض كف عائشة في الجنة

(1)

"أخرجه الطبراني في معجمه عن أخرجه الطبراني في معجمه عن أبي معاوية، عن الإمام أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يهوِّن على منيَّتى أنْ أرِيتُ عائشة زوجتي في الجنة"

(2)

.

(التاسعة والثلاثون): تسابق النبي صلى الله عليه وسلم معها. رواه أَبو داود والنسائى وابن ماجه وصححه ابن حبان

(3)

.

= ومن طريق يعقوب بن عتبة عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة نحوه في جزئه الأول دون قوله: ادعوا لى أباك إلخ ..

وعن يعقوب عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عروة عن عائشة في جزئه الأول.

وقد روى مسلم جزأه الثاني: ادعى لى أبا بكر وأخاك

الخ من طريق يزيد بن هارون به.

(4/ 1857) كتاب فضائل الصحابة 1 - باب من فضائل أبى بكر الصديق رضي الله عنه رقم 11/ 2387).

(1)

حم: (6/ 1387).

عن وكيع به.

قال ابن كثير في البداية: تفرد به أحمد، وهذا في غاية ما يكون من المحبة العظيمة أنه يرتاح؛ لأنه رأى بياض كفها أمامه في الجنة (8/ 99).

(2)

المعجم الكبير (23/ 39):

عن بكر بن سهل الدمياطى، عن عبد الله بن يوسف، عن أبي معاوية محمد بن خازم به.

ولفظه: إنه ليهون على الموت أنى أريتك زوجتى في الجنة. رقم (98)

ورواه بهذا الإسناد في المعجم الأوسط (4/ 119) وقال: لم يرو هذا الحديث عن حماد إلا أبو حنيفة ومسعر، تفرد به أبو معاوية رقم:(3185)

(3)

د: (3/ 65 - 66)(9) كتاب الجهاد (68) باب في السبق على الرَّجل.

من طريق أبي إسحاق الفزارى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وعن أبي سلمة، عن عائشة =

ص: 53

وفيه فائدة جليلة وهى جواز السبق من النساء، خلافًا لما قاله الصيمرى في الإفصاح:"أَنه لا يجوز السبق والرمى من النساء؛ لأَنهن لسن من أهل الحرب". وقد نقله الرافعى وابن الرفعة عنه وأَقرَّاه، وهو مشكل بما ذكرنا، إلا أن يخصص المنع بمسابقة المرأة المرأة.

(الأربعون): أَن الله تعالى اختارها لرسوله. قال أبو الفرج بن الجوزى في كتاب فتوح الفتوح: "افتخرت زينب على نساء النبي فقالت: "كلكنَّ زوَّجها أبوها وأَنا زوَّجَنى رَبِّي"

(1)

تشير إلى قوله: {زَوَّجْنَاكَهَا} وأَنا أتوب فقال: "يا زينب لقد صدقت، ولقد شاركتكِ عائشة في أن الله تعالى بعث صورتها في سرقة من حرير مع جبريل فجلاها فقال: "هذه زوجتك" فهذا تزويج مَطْوِيٌّ

= رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلى فلما حملت اللحم سابقته فسبقنى، فقال: هذه بتلك السبقة.

رقم: (2578)

جه: (1/ 636)(9) كتاب النكاح (50) باب حسن معاشرة النساء - عن هشام بن عمار، عن سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: سابقنى النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته رقم: (1979)

قال البوصيرى: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

ابن حبان - الإحسان (10/ 545)(21) كتاب البر (9) باب السبق - باب إباحة المسابقة بالأقدام إذا لم يكن بين المتسابقين رهان - من طريق سفيان بن عيينة به. رقم: (4691)

(1)

قولها: "كلكن زَوَّجَها أبوها وأنا زوجنة ربى":

خ: (4/ 388)(97) كتاب التوحيد (22) باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} من طريق حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتق الله وأمسك عليك زوجك قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا لكتم هذه. قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجكن أهليكن، وزوجنى الله تعالى من فوق سبع سماوات. رقم:(7420)

وعن خلاد بن يحيى، عن عيسى بن طهمان قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش، وأطعم عليها يومئذ خبزًا ولحمًا، وكانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تقول: إن الله أنكحنى في السماء =

ص: 54

في سرِّ القدر ظهر أثره يوم عقد العقد، غير أن عائشة كانت من اختيار الله لرسوله - وكنت يا زينب من اختيار الرسول لنفسه".

* * *

= وقوله: "إن الله بعث صورتها في سرقة من حرير مع جبريل، فجلاها، فقال: هذه زوجتك" المستدرك (4/ 9)(31) كتاب معرفة الصحابة.

من طريق سفيان، عن أبي سعد سعيد بن المرزبان عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال: قالت عائشة: ما تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل بصورتى وقال هذه زوجتك ..

وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي ولكنه ضعفه بأبى سعيد البقال في سير أعلام النبلاء (2/ 164) أما بقية الحديث فلم أعثر عليه.

ص: 55

‌الباب الثاني

(1)

في استدراكاتها على أعلام الصحابة

‌الفصل 1 - رجوع الصدِّيق إلى رأيها

روى البخارى: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت:"دخلت على أبى بكر فقال: "في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ " قالت: "في ثلاثة أثواب بيض سَحُولِيَّة ليس فيها قميص ولا عمامة". وقال لها: "في أي يوم توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم "؟ قالت: "يوم الاثنين" قال: "فأى يوم هذا"؟ قالت: "يوم الإثنين" قال: "أرجو فيما بينى وبين الليل" ينظر إلى ثوب عليه كان يُمَرَّضُ فيه، به رَدْع من زعفران فقال: "اغسلوا ثوبى هذا، وزيدوا عليه ثوبين فكفنونى بها" قلت:"إن هذا خَلَق" قال: "إن الحَيَّ أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمِهلَة" فلم يتوفَّ حتى أمسى ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح"

(2)

. ورواه عبد الرزاق

(3)

.

قال: وقوله (إنما هو للمِهلة): من كسر الميم فإنه أراد الصديد، ومن ضمها شبهه بعكر الزيت، وهو المُهل. والرواية بكسر الميم، وقال ابن السِّيد في المقتبس: قوله: (إنما هو للمهلة) كذا رواه يحيى؛ والمعروف المهلة أو المهلة

(1)

"الباب الثاني في استدراكاتها على أعلام الصحابة - الفصل 1" كل هذا العنوان زيد على المخطوط، وهو من المطبوعة. ولا بأس به، وكذلك العناوين التالية.

(2)

خ: (1/ 426)(23) كتاب الجنائز (94) باب موت يوم الاثنين عن معلى بن أسد، عن وهيب، عن هشام به. رقم:(1387) والسحولية: البيضاء أو من القطن.

والرَّدْع: الزعفران، أو لطخ منه، وأثر الطيب في الجسد.

(3)

المصنف: (3/ 423) كتاب الجنائز - باب الكفن.

عن معمر، عن هشام بهذا الإسناد نحوه. رقم:(6176).

ص: 57

يعنى بالفتح أَو بالكسر، فإذا حذفت تاءُ التأنيث قلت: المهل لا غير. ورواه أَبو عبيد

(1)

: إنما هو للمُهل وقال: المهل في هذا الحديث الصديد والقيح، وهو في غيره كل شئ أُذيب من جواهر الأرض، كالذهب والفضة والنحاس. والمهل عكر الزيت قال: وأكثر رواة الموطَّأ على الكسر.

وقال الزمخشرى في الفائق: روى للمُهلة وللمَهلة والمِهلة بالكسر، ثلاثتها: الصديد والقيح الذي يذوب ويسيل من الجسد، ومنه قيل للنحاس الذائب: المُهْل

(2)

.

قال البيهقى في شعب الإيمان - وقد روى حديث أبى قتادة "من ولى أخاه فليحسن كفنه فإنهم يتزاورون فيها"

(3)

-: هذا إن صح لم يخالف قول الصديق رضي الله عنه، وإنما هو للمهل يعنى الصديد؛ لأنه كذلك في رؤيتنا. ويكون ما شاء الله في علم الله، كما قال في الشهداء:{بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} وهو ذا يراهم يتشحطون في الدماء، وهم في الغيب كما أخبر الله عنهم، ولو كانوا في رؤيتنا كما أَخبر عنهم لارتفع الإيمان بالغيب

(4)

.

(1)

في المطبوع أبو عبيدة، وما أثبتناه من المخطوط.

والكلام لأبى عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث له (2/ 7 - 8).

قال أبو عبيد: المُهل في هذا الحديث الصديد والقيح، والمُهل في غير هذا كل فلزٍّ أذيب.

(2)

الفائق (3/ 395). وفيه الكلمة الأولى: "للمُهل".

(3)

شعب الإيمان للبيهقى (7/ 10) الرابع والستون من شعب الإيمان وهو باب في الصلاة على من مات من أهل القبلة.

من طريق مسلم بن إبراهيم الوراق، عن عكرمة بن عمار، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي قتادة به.

قال السيوطي في اللآلئ: الحديث حسن صحيح له طرق كثيرة وشواهد استوعبتها في كتاب شرح الصدور (اللآلئ 2/ 440 - 441).

ثم ساق شواهد له.

أقول: ومن شواهده حديث جابر في مسلم: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه".

م: (2/ 651)(11) كتاب الجنائز - (15) باب في تحسين كفن الميت رقم: (943).

(4)

المصدر السابق (7/ 10) الموضع السابق.

ص: 58

وقد رَوَى عنها أحاديث، منها ما أخرجه الطبراني في معجمه الوسط من جهة منصور عن مجاهد، عن خالد سعد، عن غالب بن أبجر، عن أبي بكر الصديق، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"في الحبة السوداء شفاءٌ من كل داءٍ إلا السام". وقال: لا يروى عن أبي بكر عن عائشة إلا بهذا الإسناد

(1)

.

وذكر ابن الصلاح في النوع الرابع والأربعين من علومه: أَن هذا غلط ممن رواه عن أبي بكر الصديق عن عائشة، إنما هو عن أَبى بكر بن أبى عتيق عن عائشة وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبى بن عبد الرحمن

(2)

اهـ. وفي التنقيح لابن الجوزى في باب من روى عن ابنه: روى أبو بكر الصديق عن ابنته عائشة حديثين وكذلك روت أُم رومان عن ابنتها عائشة حديثًا

(3)

.

* * *

(1)

المعجم الأوسط: (1/ 106 - 107).

من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن منصور به.

قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن أبي بكر، عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبيد الله بن موسى. رقم:(105) والسَّام: الموت كما جاء في بعض الروايات.

والحديث في البخارى من طريق عبيد الله بهذا الإسناد، إلا أنه عن خالد بن سعد ومعه غالب بن أبجر، عن ابن أبي عتيق، عن عائشة رقم:(5687).

خ: (4/ 34)(76) كتاب الطب (7) باب الحبة السوداء.

(2)

مقدمة ابن الصلاح (ص 538 - 539).

(3)

قال سراج الدين البلقينى في محاسن الاصطلاح (على مقدمة ابن الصلاح ص 539): وذكر ابن الجوزى أن الصديق روى عن ابنته عائشة وروت عنها أمها أم رومان، فإن كانت رواية الصديق أخذت من ذلك الحديث [أي الحبة السوداء

] فقد تقدم أنه وهم.

ص: 59

‌الفصل 2 - استدراكها على عمر بن الخطاب - رضة الله عنه

-

فيه أحاديث:

(الحديث الأول): أخرج البخارى ومسلم في حديث عبد الله بن أبى مليكة قال: توفيت ابنة لعثمان بن عفان بمكة؛ فجئنا لنشهدها وحضرها ابن عمر وابن عباس وإني لجالس بينهما؛ جلست إلى أحدهما، ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبى فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان وهو مواجهه: ألا تنهى عن البكاء؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" فقال ابن عباس: "قد كان عمر يقول بعض ذلك".

ثم حَدَّث قال: صدرت مع عمر من مكة حتى إذا كان بالبيداء وإذا هو بركب تحت ظل سمرة فقال: "اذهب فانظر من هؤلاء الركب" قال: فنظرت فإذا هو صُهَيب قال: فأخبرته فقال: "ادعه لى" قال: فرجعت إلى صهيب فقلت: "ارتحل فالحق أمير المؤمنين" قال: فلما أُصيب عمر، وجعل صهيب يبكى يقول: وا أخاه، واصاحباه، فقال عمر:"يا صهيب أتبكى عليَّ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه".

قال ابن عباس: فلما مات عمر ذكرتُ ذلك لعائشة فقالت: "رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

وقال مسلم: "يرحم الله عمر، لا والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن الله يعذب المؤمن ببكاء أحد، ولكن قال: "إن الله يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه" قال: وقالت عائشة: حسبكم القرآن: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سورة النجم: 38] قال ابن أبي مليكة: "فوالله ما قال ابن عمر شيئا"

(1)

.

ووقع في الوسيط وشرح الوجيز للرافعي: أَنها قالت:

(1)

خ: (1/ 1396 - 397)(23) كتاب الجنائز (32) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكائه عليه.

عن عبدان، عن عبد الله، عن ابن جريج، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة به. أرقام (1286 - 1288).

م: (2/ 641 - 642)(11) كتاب الجنائز (9) باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه رقم (23/ 928) =

ص: 60

"رحم الله عمر ما كذب؛ ولكنه أخطأ أو نسى"

(1)

.

وهذا مردود، ولم تقل ذلك إلا لابن عمر على ما سيأتي.

قال النووى في تهذيبه: "ولا شك في غلط الغزالى في هذا، ولا عذر له ولا تأويل"

(2)

.

قلت: بلى له العذر في التأويل؛ أَخرج مسلم عن ابن أبي مليكة: فذُكر ذلك لعائشة فقالت: أما والله ما عرفونى هذا الحديث عن كاذِبَيْن ولا مُكَذَّبَيْن، ولكن السمع يخطئ

(3)

. وقد

(4)

ذكره أبو البغدادي في كتابه

(5)

.

= من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج به.

(1)

الوسيط في المذهب للغزالي (2/ 394) في كتاب الجنائز - القول في التعزية والبكاء.

وبقية كلامه: "إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية ماتت ابنتها، وهى تبكى، فقال عليه الصلاة والسلام: إنهم يبكون عليها، وإنها تعذب في قبرها".

(2)

تهذيب الأسماء واللغات للنووى (2/ 327)، قال النووى:

"في الوسيط، في آخر باب التعزية: فإن قيل: أليس قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه، هكذا رواه عمر، قلنا: قال ابن عمر: ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، إنما قال: يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه، حسبكم قوله تعالى:{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وقالت عائشة رضي الله عنها: ما كذب عمر، ولكنه أخطأ ونسى، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية ماتت ابنتها

إلى آخره".

قال النووى: هكذا وقع هذا كله في الوسيط في جميع النسخ، وفيه غلطان فاحشان، لا شك فيهما: أحدهما قوله في الأول: "قال ابن عمر" صوابه: قالت عائشة، فهى التي أنكرت على عمر، ولم ينكر عليه ابن عمر، بل روى مثله في الصحيحين من طرق. والثانى قوله:"وقالت عائشة: ما كذب عمر، وصوابه: ما كذب ابن عمر".

"هكذا ثبت الحديثان في الصحيحين وغيرهما، كما ذكرت صوابه، ولا شك في غلط الغزالى فيهما، ولا عذر له فيهما ولا تأويل".

هذا وقضية البكاء على الميت، وهل يُعذب بهذا البكاء أو لا يعذب سيتعرض لها المصنف مرة أخرى عندما يعرض لاستدراك السيدة عائشة على ابن عمر - رضي الله عنهم.

هذا وسنعرض للروايات الأخرى - إن شاء الله عز وجل بشيء من التفصيل ووجهة النظر المقابلة لما رأته السيدة عائشة رضي الله عنها ما يبين منها أن ما ما ذهبت إليه هو صحيح، وما ذهب إليه جماعة من الصحابة ورووه هو صحيح أيضًا، ويمكن الجمع بين الروايات التي ظاهرها التعارض، وقد أشار المصنف إلى ذلك هناك. [وانظر كتاب توثيق عائشة للسنة. ص:(126 - 131)].

(3)

م: (2/ 641) في الكتاب والباب السابقين.

من طريق إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة به. رقم:(929).

(4)

في المطبوعة: "وهل ذكره" وهو خطأ.

(5)

استدراك أم المؤمنين عائشة: (ص: 73 رقم: 32).

ص: 61

(الحديث الثاني): قال الطحاوى في مشكل الآثار: حدَّثنا صالح بن عبد الرحمن، ثنا أبو عبد الرحمن المقرى

(1)

: قال ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حبيبة

(2)

. قال: سمعت عبيد بن رفاعة الأنصارى يقول: كنا في مجلس فيه زيد بن ثابت فتذاكروا الغسل من الإنزال فقال زيد: "ما على أحدكم إذا جامع فلم ينزل إلا أن يغسل فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة".

فقام رجل من أَهل المجلس، فأَتى عمر فأَخبره بذلك، فقال عمر للرجل:"اذهب أنت بنفسك فأتني به حتى تكون أنت الشاهد عليه"، فذهب فجاءَه به، وعند عمر ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ منهم على بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، فقال له عمر: أي

(3)

عُدَي نفسه تفتى الناس بهذا"؟ فقال زيد: "أَما والله ما ابتدعته، ولكن سمعته من أعمامي؛ رِفَاعَة بن رافع، ومن أَبي أَيوب الأنصارى".

فقال عمر لمن عنده من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تقولون"؟ فاختلفوا عليه، فقال عمر:"يا عباد الله قد اختلفتم، وأَنتم أهل بدر الأخيار" فقال له على: "فأرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإنه إن كان شيءٌ من ذلك ظهرن عليه" فأرسل إلى حفصة فسألها فقالت: "لا علم لي بذلك" ثم أرسل إلى عائشة فقالت: "إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل". فقال عمر عند ذلك: "لا أعلم أحدًا فعله ثم لم يغتسل إلا جعلته نكالا"

(4)

.

(1)

في المطبوعة: "المصرى" وما أثبتناه من المخطوط.

(2)

في المطبوعة: "أبي حيية" وما أثبتناه من المخطوط، ومن شرح معاني الآثار ومشكل الآثار.

(3)

في المخطوط: "أم عُدَى نفسه".

(4)

الحديث بهذا الإسناد ليس في شرح مشكل الآثار، وإنما هو في شرح معاني الآثار - (1/ 58) كتاب الطهارة - باب الذي يجامع ولا ينزل.

عن صالح بن عبد الرحمن به.

ومن طريق ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حبيبة، عن عبيد بن رفاعة، عن أبيه قال: إنى لجالس عند عمر

فذكر نحوه.

وهذا الطريق الثاني في شرح مشكل الآثار (10/ 122 - 123) =

ص: 62

أخرجه مسلم في الصحيح، لكن لم يذكر أن عمر هو السائل، بل ذكر عن أَبِي موسى الأشعرى قال: اختلف رهط من المهاجرين والأنصار فقال الأنصاريون: "لا يجب الغسل إلا في الدفق أو من الماء". وقال المهاجرون: "بل إذا خالط فقد وجب الغسل". فقال أَبو موسى: "أنا أشفيكم من ذلك" فقمت فاستأذنت على عائشة .. الحديث نحو ما سبق وقالت: "إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل"

(1)

فقال أبو موسى: "لا أسأل عن هذا أحدًا بعدك"

(2)

.

قال أبو عمر بن عبد البر: هذا وإن لم يكن مسندًا بظاهره

(3)

فإنه يدخل في المسند

(4)

. ثم قال: وقد روى حديثها هذا عنها مسندًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكره إلى أَبي موسى عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا التقى الختانان وجب الغسل"

(5)

.

وقد نازعه الشيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام رحمه الله فيما وجدته بخط بعض تلامذته وقال: "ليس ما ذكره أبو عمر عنه أَولًا، وهو قوله "إذا جاوز" هو ما ذكره ثانيًا من قوله: "إذا التقى الختانان" فكيف يصح منه أن يقول، وقد روى حديثها هذا، ويشير إلى ما اشترطت فيه المجاوزة، ولم يذكر ما لم يشترط فيه

= ورجاله ثقات غير أن محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن (انظر مزيدًا من تخريجه في هامش شرح مشكل الآثار (10/ 123 - 124).

(1)

م: (1/ 271 - 272)(3) كتاب الحيض (22) باب نسخ الماء من الماء.

عن محمد بن المثنى، عن محمد بن عبد الله الأنصارى، عن هشام بن حسان، عن حميد بن هلال، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعرى وعن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى، عن هشام به. وهو مرفوع في هذه الرواية على عكس ما أورده المصنف.

(2)

هذه العبارة ليست في رواية مسلم السابقة، وهى في رواية الموطأ:

ط: (1/ 46) رقم (73)(2) كتاب الطهارة (18) باب واجب الغسل إذا التقى الختانان.

عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي موسى، عن عائشة.

(3)

أي في رواية الموطأ، وليس في رواية مسلم كما ذكرنا في الهامش السابق.

(4)

التمهيد لما في الوطأ من المعانى والأسانيد، أبو عمر يوسف بن عبد البر (368 هـ 463) وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمغرب (23/ 100).

(5)

وهى رواية مسلم السابقة، وإن كان لفظها:"ومس الختان الختان فقد وجب الغسل".

ص: 63

المجاوزة؟. فيجب أن يحمل قول عائشة "إذا جاوز" على حكاية فعلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا على قول النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل قولها لما سمعت قضاءَ عليٍّ للمهاجرين بإيجاب الغسل من التقاء الختانين:"ولَمَّا فعلنا ذلك بإذن رسول الله تيممنا واغتسلنا" ولا يحمل فعلها إلا على الجماع الكامل، لا على مجرد التقاء الختانين؛ لبُعد ذلك. ولعل جميع ما ذكره عن المهاجرين من الصحابة كابن عمر وعلى وغيرهم في قول كل واحد منهم:"إذا جاوز الختان الختان" نقلًا من كل منهم لما ذكرته عائشة حاكية عن الفعل المذكور لا عن القول. وكذلك قولها لأبي سلَمة لما سألها: ما يوجب الغسل؟ فقالت: "يا أبا سلمة مثلك مثل الفروج يسمع الديكَة تصرخ فيصرخ معها، إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل" وإن لم يحمل قولها على حكاية الفعل وقول الصحابة على حكاية قولها، أدى إلى إلغائه بالكلية؛ لثبوت الروايات الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم في قوله:"إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل" ولمخالفة اشتراط المجاوزة لإجماع العلماء. اهـ.

وقد تكلمت على علل هذا الحديث ومتابعة غير عائشة على رواية هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم غيرها من الصحابة: في الثالث من باب الغسل من (الذهب الإبريز في تخريج أحاديث فتح العزيز).

(الحديث الثالث): قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدَّثنا عمرو بن على، ثنا أبو داود، قال: ثنا محمد بن أبي حميد: قال: أنا عبد الله بن عمرو بن أُمية، عن أبيه:"أَن عمر أتى عليه في السوق وهو يسوم بمرطٍ فقال: "ما هذا يا عمرو"؟ قال: "مرط

(2)

أَشتريه، فأتصدق به" فقال له عمر:"فأَنت أَنت إِذًا" ثم أتى عليه بعد فقال: "ياعمرو ما صنع المِرْط"؟ قال: "تصدقت به" قال: "على من "؟ قال: "على رفيقة مُرَيَّة"

(3)

قال: "أَليس زعمت أنك تصدق به"؟ قال: "بلى، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما أعطيتموهن من شيءٍ فهو لكم

(1)

انظر توثيق عائشة للسنة. ص (154 - 156).

(2)

المرْط: كساء من صوف أوخز، جمعه مروط.

(3)

في المطبوعة والمخطوط "رقيقة مزنية" وما أثبتناه من كشف الأستار، أصل المصنف. وهو المناسب للسياق وكتب التخريج الأخرى.

ص: 64

صدقة". فقال عمر: "يا عمرو لا تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقال: والله لا أُفارقك حتى نأتى أُم المؤمنين عائشة" فقال: فاستأذنوا على عائشة فقال عمرو: "أنشدك الله أسمعتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما أعطيتموهن فهو لكم صدقة" فقالت: "اللهم نعم، اللهم نعم" فقال عمر: "أين كنت عن هذا؟ ألهاني الصفق بالأسواق"

(1)

.

ومحمد بن أبي حميد ضعيف.

(الحديث الرابع): أخرجه البيهقي في سننه عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر: سمعت عمر يقول: "إذا رميتم وحلقتم فقد حلَّ لكم كل شيءٍ إلا النساء والطيب".

قال سالم: وقالت عائشة: "كل شيءٍ إلا النساء، وأنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحِلِّه"

(2)

.

(1)

كشف الأستار (2/ 195 - 196) عشرة النساء - باب نفقة الرجل على أهله.

عن عمرو بن علي به.

قال الهيثمي: رواه البزار، وروى له أحمد:"ما أعطى الرجل امرأته فهي صدقة"، وفي إسنادهما محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف (4/ 324).

والحديث رواه أبو داود الطيالسي في مسنده [وهو الذي روي عنه عمرو بن علي حديث البزار](ص 194 - 195. رقم 1364): بهذا الإسناد.

وفيه: "قال: اشتريته، فتصدقت به. قال: علي من؟ قال: على الرفيقة. قال: ومن الرفيقة؟ قال: امرأتى".

مسند أبي يعلى: (12/ 298 - 299) حديث عمرو بن أمية الضمرى.

من طريق حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن أمية الضمري، عن الزبرقان بن عبد الله بن عمرو بن أمية، عن أبيه عن عمرو بن أمية قال: مر عثمان بن عفان - أو عبد الرحمن بن عوف بمرط، فاستغلاه، فمر به على عمرو بن أمية فاشتراه، فكساه امرأته سخيلة بنت عبيدة بن الحارث بن المطلب، فمر به عثمان - أو عبد الرحمن فقال: ما فعل المرط الذي ابتعت؟ قال عمرو: تصدقت به علي سخيلة بنت عبيدة، فقال: إن كل ماصنعت إلى أهلك صدقة؟ قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - يقول ذاك؟ فذكر ما قال عمرو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدق عمرو، كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقة عليهم.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 324 - 325):

رواه أبو يعلى والطبرانى ورجال الطبراني ثقات كلهم. أقول: وبهذا يتقوى الحديث الذي معنا فيما هو مرفوع منه إلى درجة الحسن والله عز وجل وتعالى أعلم.

(2)

السنن الكبرى للبيهقى (5/ 135).

ص: 65

ثم أَخرج عن ابن عيينة عن عمرو عن سالم قال: قالت عائشة: "أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله وإحرامه" قال سالم: "وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع". وقد أخرج الشيخان عن القاسم عنها قالت: "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحُرْمِه حين أحرم، ولحله حين حل؛ قبل أن يطوف بالبيت"

(1)

.

وقد تابعها على ذلك ابن عباس، فيما أخرجه البيهقى أيضًا من جهة الثورى، عن سلمة، عن الحسن العُرَنى عن ابن عباس قال:"إذا رميتم الجمرة فقد حلَّ لكم كل شيءٍ إلا النساء حتى تطوفوا بالبيت" فقال رجل: "والطيب يا أبا العباس" فقال له: "إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُضَمَّخُ رَأْسُه بالسُّكِّ

(2)

، أَوَ طيب هو، أم لا"؟

(3)

.

(الحديث الخامس): قال البزار في مسنده: حدَّثنا إبراهيم بن الجنيد قال حدثني عبد الرحيم بن مطرف قال حدثني عيسى بن يونس عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عمر

(4)

قال: "أَقبلنا مع عمر حتى إذا كنا بذى الحليفة أهلَّ وأهللنا فمر بنا راكب يَنْفَحُ عنه ريحُ ريحُ الطِّيب، فقال عمر: "مَن هذا"؟ قالوا: "معاوية" فقال: "ما هذا يا معاوية"؟ قال: "مررت بأُم حبيبة بنت أبي سفيان ففعلت بي هذا" قال: "ارجع فاغسله عنك؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحاج الشَعِثُ التَّفِل".

(1)

المصدر السابق: (5/ 135 - 136)

خ: (1/ 475)(25) كتاب الحج (18) باب الطيب عند الإحرام. رقم (1539) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة به.

م: (2/ 846)(15) كتاب الحج (7) باب ما يحل بالتحلل الأول من محظورات الإحرام عن يحيى بن يحيى، عن مالك به. رقم:(33/ 1189)

(2)

في المطبوعة "بالمسك"، وما أثبتناه من المخطوط والبيهقى، مصدر المصنف، والسُّكُ: هو طيب يتخذ من الرامك (تاج العروس).

(3)

السنن الكبرى للبيهقى: (5/ 136) كتاب الحج - باب ما يحل بالتحلل الأول من محظورات الإحرام. وانظر كتاب توثيق عائشة للسنة ص: (157 - 161).

(4)

"عن ابن عمر": ليس في المخطوط ولا في المطبوعة. وأثبتناه من البزار مصدر المصنف.

ص: 66

قال البزار: "لا نعلم له إسنادًا عن عمر إلا هذا، وإبراهيم بن يزيد ليس بالقوى، وقد حدث عنه سفيان الثوري وجماعة كثيرة"

(1)

اهـ.

قلت: ورواه مالك في الموطأ عن نافع عن أسلم مولى عمر: أَن عمر به

(2)

وأخرجه البيهقي في سننه عن شعيب عن الزهري قال: "وكان ابن عمر يحدث عن عمر: أَنَّه وجد من معاوية ريح طيب وهو بذي الحليْفَة وهم حجاج فقال عمر: "ممَّن ريح هذا الطيب"؟ قال: "منى، طيبتني أُم حبيبة" فقال:"لعمرى أُقسم بالله لترجعن إليها حتى تغسله، فوالله لأن أجد من المحرم ريح القطِران أحب إلى من أَن أَجد منه ريح الطيب"

(3)

. قال البيهقي: "يحتمل أنه لم يبلغه حديث عائشة، أو كره ذلك لئلا يغتر به الجاهل، فيتوهم أن ابْتداءَ الطيب يجوز للمحرم، كما قال طلحة في الثوب المُمَشَّق"

(4)

ا هـ

وذكره الحازمي في ناسخه، ثم قال:"ولم يبلغ عمر حديث عائشة - يعني (طيبت النبي صلى الله عليه وسلم فأصبح وإِنَّ وَبيص المسك في مَفَارِقه). قال: "ولو بلغه لرجع إليه وإذا لم يبلغه؛ فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع"

(5)

اهـ

ولهذا ذكرت هذا في المستدركات.

(1)

مسند البزار: (1/ 285 - 286)

من طريق عيسى بن يونس، عن إبراهيم بن يزيد، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عمر، قال: أقبلنا مع عمر

الحديث

ثم قال: "وهذا الحديث لا نعلمه إلا عن عمر، ولا نعلم له إسنادًا عن عمر إلا هذا الإسناد

" الخ.

قال الهيثمي في المجمع: (3/ 218): رواه أحمد والبزار، وزاد بعد الأمر بغسله: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحاج الشعث التفل. ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن سليمان بن يسار لم يسمع من عمر، وإسناد البزار متصل، إلا أن فيه إبراهيم بن يزيد الخوزى، وهو متروك.

(2)

ط: (1/ 329)(20) كتاب الحج (7) باب ما جاء في الطيب في الحج. رقم (19)

(3)

السنن الكبرى للبيهقى (5/ 135) كتاب الحج - باب الطيب للإحرام.

(4)

المصدر السابق - الموضع السابق.

(5)

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (ص: 285)

ص: 67

وحديث عائشة مقدم لا محالة؛ لأنها نقلت النص، وعمر رضي الله عنه إنما منع استدامة التطيب بالاستنباط من قوله صلى الله عليه وسلم:"الحاج الشعِثُ التفِل".

وسيأتي إنكارها على ابن عمر مثل ذلكِ.

(الحديث السادس)

(1)

: قال البزار أيضًا: حدَّثنا علي بن نصر، ومحمد بن معمر، واللفظ له قالا: ثنا وهب بن جرير، ثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن أَبْزَى

(2)

: أَن عمر كَبَّرَ على زينب بنت جحش أربعًا ثم أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: "من يدخل هذه قبرها"؟ فقلن: "من كان يدخل عليها في حياتها" ثم قال عمر: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أسرعكن بي لحوقًا أطولكن يدًا" فكن يتطاولن بأيديهن [وإنما كان ذلك]

(3)

لأنها كانت صناعًا تعين بما تصنع في سبيل الله.

قال البزار: "وهذا الحديث روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه، ولا نعلم رواه عنه أَجلُّ من عمر، ورواه غير واحد عن إسماعيل عن الشعبي مرسلًا

(4)

، وأسنده شعبة".

وقوله: ثم أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأصله في العموم

(5)

فلهذا ذكرناه في هذا الباب ا. هـ.

(1)

من هنا حتى آخر الحديث الثامن في استدراك السيدة عائشة على ابن عباس أثبت في الأصل المخطوط آخر الكتاب بعد السماع، وهو في ثماني أوراق بعضها أنصاف، وضعها مجلد المجموعة خطأ في غير موضعها.

(2)

في المطبوعة: "عبد الرحمن بن أبي بكر" وهو خطأ، وما أثبتناه من المخطوط.

(3)

ما بين المعكوفين من البزار، مصدر المصنف، وفى المطبوعة بين معكوفين:[وإنما عنى] أنها .. إلخ.

(4)

"مسند البزار"(1/ 360 - 361 - رقم 360)

عن علي بن نصر ومحمد بن معمر به.

وبقية كلام البزار: "وأسنده شعبة فقال: "عن ابن أبي ليلى" ولا نعلم حدث به عن شعبة إلا وهب.

قال الهيثمي في المجمع: (9/ 248): رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.

وانظر رواياته والاختلاف فيها في علل الدارقطني (2/ 177 - 178).

(5)

في رواية الطبراني في الكبير ما يوضح هذا الاستدراك؛ ففيها: "وكان يعجبه - أي عمر - أن يدخل قبرها".

وعلى هذا يكون الاستدراك هو بيان سنة خلاف ما يريده عمر رضي الله عنه.

ص: 68

(الحديث السابع): روى مسلم عن أنس قال: "كان عمر يضرب الأيدى على صلاة بعد العصر"

(1)

.

وأخرج أيضًا عن طاوس عن عائشة قالت: "وَهِمَ عمر، وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُتحرى طلوع الشمس وغروبها"

(2)

.

قال ابن عبد البر: وبقول عائشة قال ابن عمر وغيره، وهو مذهب زيد بن خالد الجهني أيضًا؛ لأنه رآه عمر بن الخطاب يركع بعد العصر ركعتين، فمشى إليه وضربه بالدِّرَّة، فقال له زيد:"يا أمير المؤمنين اضرب، فوالله لا أدعهما بعد أن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما"، فقال له عمر:"يا زيد لولا أني أخشى أن يتخذها الناس سُلَّمًا إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما"

(3)

(4)

.

(الحديث الثامن): قال البيهقي في شعب الإيمان: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا بحر بن نصر، ثنا ابن وهب: أَخبرني ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر أن عمر بن الخطاب قال: "لا يحل للمؤمن أن

(1)

م: (1/ 573)(6) كتاب المسافرين (55) باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب رقم: (302/ 836).

(2)

م: (1/ 571)(6) كتاب صلاة المسافرين (53) باب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها. رقم: (295/ 833)

(3)

التمهيد لابن عبد البر (13/ 32 - 33)

والحديث رواه عبد الرزاق وأحمد والطبراني:

المصنف: (2/ 431 - 432) كتاب الصلاة - باب الساعة التي يكره فيها الصلاة - عن ابن جريجٍ، عن أبي سعد الأعمى، عن السائب مولى الفارسيين، عن زيد بن خالد الجهني نحوه رقم:(3972)

[في مخطوط للمصنف عن أبي سعيد الأعمى] وهو الصواب.

حم: (4/ 115) مسند زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه

عن عبد الرزاق وابن بكر، عن ابن جريجٍ، عن أبي سعيد الأعمى به.

المعجم الكبير: (5/ 260)

من طريق عبد الرزاق به رقم: (5167)

ومن طريق عمرو بن أبي عاصم عن أبيه، عن ابن جريجٍ به مختصرًا رقم:(5166).

قال الهيثمي في المجمع: (2/ 223): إسناده حسن.

(4)

وانظر توثيق عائشة للسنة. ص: 162 - 165

ص: 69

يدخل الحمام إلا بمنديل ولا مؤمنة إلا من سقم، فإني سمعت عائشة تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيما امرأَة وضعت خمارها في غير بيتها فقد هتكت الحجابّ فيما بينها وبين ربها" قال: وهو منقطع

(1)

.

(1)

شعب الإيمان (6/ 159)(54) باب الحياء - فصل في الحمام.

عن أبي زكريا بن أبي إسحاق، عن أبي العباس الأصم به.

قال البيهقي: "وفى هذ الأثر عن عمر تأكيد لما رواه الأفريقى غير أنه منقطع وروى عن عمر من وجه آخر أقوى".

هذا والحديث الذي يشير إليه هو حديث تفرد به عبد الرحمن بن زياد الأفريقى عن عبد الرحمن بن رافع، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها ستفتح عليكم أرض الأعاجم، وستجدون فيها بيوتًا يقال لها الحمامات فلا يدخلها الرجال إلا بالإزار، وامنعوا النساء أن يدخلنها إلا مريضة أو نفساء.

قال البيهقي: وقد أخرجه أبو داود في السنن عن أحمد بن يونس عن زهير، عن عبد الرحمن بن زياد به. [انظر كتاب الحمام - الباب الأول 4/ 301 - 302 - رقم 4011]

قال البيهقى: وأكثر أهل العلم لا يحتج بحديثه.

وحديثنا فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف ولكن له شواهد تقويه، وتجعله حسنًا، ومن هذه الشواهد ما رواه الحاكم بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا بيتًا يقال له: الحمام. قالوا: يا رسول الله، إنه يذهب الدّرن وينفع المريض؟ قال: فمن دخله فليستتر".

قال الحاكم: هذا حديث على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

وأقره الذهبي [المستدرك 4/ 288]

كما روى عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. [المستدرك 4/ 288]

وعن أم الدرداء قالت: خرجت من الحمام، فلقينى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أين يا أم الدرداء؟، فقلت: من الحمام، فقال: والذي نفسي بيده ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهى هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن عز وجل.

قال الهيثمي: رواه أحمد، والطبرانى في الكبير بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح.

(مجمع الزوائد 1/ 277 - باب في الحمام والنورة)

[وانظر حم: (6/ 361 - 362) والطبراني في الكبير 24/ 252 - 255 - أرقام 645، 646، 652 و 25/ 73 رقم 179]

ص: 70

‌الفصل 3 - استدراكها على علي بن أبي طالب رضي الله عنه

روي أبو منصور البغدادي في كتابه، ثنا الحسن بن محمد بن الحسن الخلال إجازة قال: ثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: ثنا عبد الغافر بن سلامة الحمصي قال: ثنا يحيى بن عثمان بن كثير قال: ثنا محمد بن حمير

(1)

قال: حدثني ابن أبي مريم عن عبدة بن أبي لبابة عن محمد الخزاعي: أَن أُبي بن كعب أتى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: إن على بن أبي طالب يقول: "ما أُبالى على ظهر حمار مسحت أم على التساخين"

(2)

قالت عائشة: "ارجع إليه فقل له: إن عائشة تنشدك هل علمت ما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تنزيل سورة المائدة"؟ فأتاه فسأله عن ذلك فقال: "إن عائشة أخبرتنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت سورة المائدة لم يزد على المسح على التساخين

(3)

". فلما أخبره ذلك انتهى إلى قول عائشة وعمل به

(4)

. ا. هـ.

في إسناده من يجهل.

والتساخين الخفاف، قال ثعلب:"لا واحد لها"

(5)

.

(1)

في المخطوط "حبر" بدون نقط، وما أثبتناه من كتاب أبي منصور استدراك أم المؤمنين.

(2 - 3) في الأصل: "التساخيم" وقد كتب المصنف على إحداهما "كذا". وهو خطأ، والصواب: التساخين، كما في كتاب أبي منصور البغدادى مصدر المصنف، وهو ما أثبتناه.

(4)

استدراك أم المؤمنين عائشة لأبي منصور البغدادي: (ص: 66 - 67 رقم: 27) ولم أعثر عليه عند غير هذين.

(5)

قال في تاج العروس: "وفي الصحاح: التَّسَاخِين: الخفاف، وفي الحديث: بعث سرية فأمرهم أن يمسحوا على المَشَاوِذ والتساخين. المَشَاوِذ: العمائم والتساخين الخفاف".

قال ابن الأثير: وقال حمزة الأصفهانى في كتاب الموازنة: التساخين: شيء كالطيالس من أغطية الرأس كان العلماء والموابذة يأخذونهم على رءوسهم خاصة دون غيرهم. قال: وجاء ذكره في الحديث، فقال من تعاطى تفسيره: هي الخفاف حيث لم يعرف فارسيته. قال: وتسخان: مُعَرّب تَشْكن.

قال الجوهرى: بلا واحد مثل التَّقاشِيب. وقال ثعلب: ليس للتساخين واحد من لفظها كالنساء لا واحد لها من لفظها، أو واحدها: تَسْخَن، وتَسْخَان.

وقال ابن دريد: لا واحد لها من لفظها إلا أنه يقال: تَسْخَان، ولا أعرف صحة ذلك.

ص: 71

وهذا الحديث لا يصح؛ فإن مسلمًا روى في صحيحه عن شريح بن هانيء قال: أَتيت عائشة أَسأَلها عن المسح على الخفين فقالت: "عليك بابن أبي طالب فسله؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " فسألناه فقال: "جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويومًا وليلة للمقيم"

(1)

.

ورواه النسائي من حديث عائشة عن شريح قال: سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن يمسح المقيم يومًا وليلة والمسافر ثلاثًا"

(2)

.

‌فائدة:

روى الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب الوصايا من المسند: حدَّثنا ابن عُلَيَّةَ عن ابن عون عن إبراهيم عن الأسود قال: ذُكر عند عائشة أَن عليًّا كان وصيًّا فقالت: "متى أُوصِيَ إليه؟ لقد كنت مسندته في حجرى فانخنث فمات، فمتى أوصى إليه"؟

وأخرج من جهة مسروق عنها قالت: "ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيءٍ".

وعن أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس مثله

(3)

(4)

.

* * *

(1)

م: (1/ 232)(2) كتاب الطهارة (24) باب التوقيت في المسح على الخفين.

من طريق الثوري، عن عمرو بن قيس الملائى، عن الحكم بن عتيبة، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ به. رقم:(85/ 276)

(2)

لم أعثر عليه عند النسائي في الكبرى والمجتبى. وفيه مثل الحديث السابق عن علي رضي الله عنه.

ولم يذكر المزى في تحفة الأشراف أن النسائي رواه من مسند عائشة كما هنا. والله تعالى أعلم.

(3)

خ: (2/ 287)(55) كتاب الوصايا (1) باب الوصايا.

من طريق إسماعيل (ابن علية) عن ابن عون نحوه. رقم: (2741)

م: (3/ 1257)(25) كتاب الوصية (5) باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصى فيه.

من طريق إسماعيل بن علية به. رقم: (19/ 1636)

(4)

وانظر توثيق عائشة للسنة. ص: 166 - 169

ص: 72

‌الفصل 4 - استدراكها على عبد الله بن عباس

(الحديث الأول): أخرج البخارى ومسلم كلاهما من طريق عَمْرَة بنت عبد الرحمن أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة: "أَن عبد الله بن عباس قال: "من أهدى هديًا حَرُم عليه ما يَحْرُم على الحاج حتى ينحر الهدى". وقد بعثت بهديي فاكتبي إلى بأمرك.

قالت عمرة: قالت عائشة: "ليس كما قال ابن عباس، أَنا فَتَلْتُ قلائد هَدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى، ثم قلَّدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم بعث بها مع أبي، فلم يَحْرُم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ أحله الله له حتى نحر الهدى"

(1)

.

وترجم عليه البخاري (باب من قَلَّدَ القلائد بيده) ولم يذكر فيه "وقد بعثت بهديي فاكتبى إليَّ بأمرك". قال الحافظ أبو الحجاج المياسي، ومن خطه نقلت:"هكذا وقع في كتاب مسلم (أن ابن زياد) ووقع في جميع الموطات: (أن زياد ابن أبي سفيان) كما وقع في البخارى"

(2)

.

وأخرج البيهقي في سننه عن شعيب قال: قال الزهرى: أول من كشف

(1)

خ: (1/ 519)(25) كتاب الحج (109) باب من قلد الهدى بيده. رقم: (1700) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن به.

وليس فيه: "وقد بعثت بهديي، فاكتبي إلى بأمرك".

م: (2/ 959)(15) كتاب الحج (64) باب استحباب بعث الهدى إلى الحرم عن يحيى بن يحيى، عن مالك به.

ووقع فيه "ابن زياد" بدل "زياد بن أبي سفيان".

وهكذا وقع في جميع نسخ صحيح مسلم. قال أبو على الغساني والمازرى، والقاضي عياض وجميع المتكلمين على صحيح مسلم: هذا غلط، وصوابه: "أن زياد بن أبي سفيان، وهو المعروف بزياد بن أبيه، وهكذا وقع على الصواب في صحيح البخارى والموطأ وسنن أبي داود وغيرها من الكتب المعتمدة، وابن زياد لم يدرك عائشة.

(2)

انظر التخريج السابق.

ص: 73

الْغُمّى عن الناس وبيَّن لهم السنة في ذلك عائشة رضي الله عنها: فأَخبرني عروة وعمرة أن عائشة قالت: "إنى كنت لأفتل قلائد هدى النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث بهديه مقلَّدًا وهو مقيم بالمدينة، ثم لا يجتنب شيئًا حتى ينحر هديه" فلما بلغ الناسَ قولُ عائشة هذا أخذوا به، وتركوا فتوى ابن عباس"

(1)

.

قال البيهقي: وروى في هذا المعنى مسروق والأسود عن عائشة

(2)

.

فإن قيل: فقد روى عن جابر خلاف ذلك؛ قال الطحاوى في معاني الآثار: ثنا ربيع المؤذن، ثنا أَسد بن موسى، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة، عن عبد الملك بن جابر، عن جابر بن عبد الله قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا فقدَّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه، فنظر القوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إنى أمرت بِبُدْنى التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتُشْعَرَ على مكان كذا وكذا، فلبست قميصي ونسيت، فلم أكن لأُخرج قميصى من ورائي"

(3)

. وكان بعث بِبُدْنه وأقام بالمدينة.

فالجواب أَن هذا حديث ضعيف لا يقاوم هذا الصحيح. قال البخاري: "عبد الرحمن بن عطاء فيه نظر"

(4)

وقال الطحاوى: "قد تواترت الآثار عن عائشة بما لم تتواتر عن غيرها بما يخالف حديث جابر، وحديث عائشة إسناده صحيح بلا خلاف بين أهل العلم، ومعه النظر والمعنى

(5)

.

(1)

السنن الكبرى (5/ 245) كتاب الحج - باب لا يصير الإنسان بتقليد الهدى وإشعاره، وهو لا يريد الإحرام محرمًا.

(2)

المصدر السابق - الموضع السابق نفسه.

(3)

شرح معاني الآثار (2/ 264) كتاب الحج - باب الرجل يوجه بالهدى إلى مكة ويقيم في أهله، هل يتجرد إذا قلّد الهدى؟

(4)

"التاريخ الكبير"(5/ 336 رقم 1070)

(5)

شرح معاني الآثار (2/ 266 - 267) في الكتاب والباب السابقين وقد لخص المصنف كلام الطحاوى، فهو أكثر إسهابًا وتفصيلًا.

ص: 74

قلت: ومما يضعف حديثَ جابر حديثُ يَعْلَى بن مُرَّة أَن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأَمر صاحب الجبة إلا بنزعها

(1)

.

وروى الطحاوى عن يونس، ثنا ابن وهب: أَن مالكًا حدثه عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمى، عن ربيعة بن عبد الله بن الهُدَيْر: أَنَّه رأى رجلًا متجردًا بالعراق، قال: فسألت الناس عنه فقالوا: "أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد" قال ربيعة: "فلقيت عبد الله بن الزبير فقال: "بدعة ورب الكعبة" قال: ولا يجوز عندنا أن يكون ابن الزبير يحلف على ذلك أَنَّه بدعة إلا وقد علم السنة خلاف ذلك

(2)

(3)

.

(الحديث الثاني): أخرج مسلم عن ابن جريجٍ أخبرني عطاء قال: كان ابن عباس يقول: "لا يطوف بالبيت حاج، ولا غير حاج إلا حلّ".

فقلت لعطاء: "من أين تقول ذلك"؟ قال: من قوله: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [سورة الحج: 33].

قلت: "فإن ذلك بعد الوقوف" قال: كان ابن عباس يقول: "من بعد الوقوف وقبله".

وكان يأخذ ذلك من أَمر رسول الله أصحابه حين أمرهم أن يحلوا من حجة الوداع

(4)

.

(1)

خ: (1/ 542)(26) كتاب العمرة (10) باب يفعل بالعمرة مايفعل بالحج - عن أبي نعيم عن همام، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية - يعنى عن أبيه أن رجلًا

الحديث.

وفيه: "اخلع عنك الجبة، واغسل أثر الخَلُوق عنك، وأنق الصُّفْرَة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك" رقم: (1789)

(2)

شرح معاني الآثار (2/ 267) في الكتاب والباب السابقين.

(3)

وانظر: توثيق عائشة للسنة. ص: (163 - 170).

(4)

م: (2/ 913)(15) كتاب الحج (32) باب تقليد الهدى وإشعاره عند الإحرام - رقم: (208/ 1245)

عن إسحاق بن إبراهيم، عن محمد بن بكر، عن ابن جريجٍ به.

ص: 75

قال البيهقى: قد قررنا أن فسخ الحج كان خاصًّا بهم، فلا يَقْوَى الاستدلال

(1)

.

وقد أنكرت عائشة ذلك، وحكت فعل النبي صلى الله عليه وسلم أَخرجاه في الصحيحين عن عروة عن عائشة

(2)

.

وأنكره عليه ابن عمر أَيضًا. أخرجه مسلم عن وَبَرَة قال: كنت جالسًا عند ابن عمر فجاءَه رجل فقال: "أيصلح أن أطوف بالبيت قبل أن آتي

(3)

الموقف"؟ فقال: "نعم" قال: فإن ابن عباس يقول: "لا تطف بالبيت حتى تأتي الموقف". فقال ابن عمر: "قد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف بالبيت قبل أن يأتي الموقف، فبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تأخذ أو بقول ابن عباس إن كنت صادقًا؟ "

(4)

(5)

.

(الحديث الثالث): أَخرجه البيهقي في سننه من جهة عبد الله بن الوليد العدني: ثنا سفيان عن جابر

(6)

عن أبي الضحى: أن عبد الملك أو غيره بعث إلى ابن عباس الأطباءَ على البُرُد وقد وقع الماءُ في عينيه، فقالوا:"تصلي سبعة أيام مستلقيًا" فسأل أُم سلمة وعائشة عن ذلك فنهتاه

(7)

.

قال الذهبي في مختصره: "الجعفى ليس بشيءٍ، وابن عباس كرهه

(8)

(1)

السنن الكبرى للبيهقى (5/ 78) كتاب الحج - باب تعجيل الطواف بالبيت حين يدخل مكة، والبيان أنه لا يحل به إذا كان حاجًّا أو قارنًا.

وقد لخص المصنف كلام البيهقى.

(2)

م: (2/ 906 - 907)(15) كتاب الحج (29) باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى من البقاء على الإحرام وترك التحلل. رقم (190/ 1235)

(3)

في الأصل: آت.

(4)

م: (2/ 905) الكتاب السابق - (28) باب ما يلزم من أحرم بالحج، ثم قدم مكة من الطواف والسعى. رقم:(187/ 1223)

عن يحيى بن يحيى، عن عبثر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن وَبَرَة به.

(5)

انظر توثيق عائشة للسنة. ص: (240 - 241).

(6)

في المطبوعة: "جابر الجعفى" و "الجعفى" في المخطوط، ولكن ضرب عليها المؤلف.

ولذلك لم نثبتها. والله عز وجل وتعالى أعلم.

(7)

السنن الكبرى للبيهقى (2/ 309) كتاب الصلاة - باب من وقع في عينيه الماء.

من طريق عبد الله بن الوليد به.

(8)

كأنها في الأصل: يكرهه.

ص: 76

تورعًا، والتداوى مشروع". وقال صاحب الدر النقى:"في ذكر عبد الملك هنا نظر؛ لأنه ولى الخلافة سنة خمس وستين، وكانت وفاة عائشة وأُم سلمة قبل ذلك بسنين، اللهم إلا أن يحمل على أن عبد الملك أرسلهم إليها قبل خلافته وفيه بُعد؛ إذ لا يعلم لعبد الملك في زمن عائشة وأُم سلمة ولاية تقتضى الإرسال على البُرُد، قال: "والعدنى متكلم فيه" قال أحمد: لم يكن صاحب حديث، وكان ربما أخطأ في الأسماءِ، ولا يحتج به وقال ابن معين: لا أعرفه، لم أكتب عنه شيئًا. وجابر المذكور في سنده أظنه الجعفى، وقد قال البيهقي في موضع: لا يحتج به. وقال الدارقطني: متروك.

"وقد روى هذه القصة عن سفيان الثورى من لا نسبة بينه وبين العدنى حفظًا وجلالة، وهو عبد الرحمن بن مهدى، ولم يذكر فيه عبد الملك. قال ابن أبي شيبة في مصنفه: قال ابن مهدى: ثنا سفيان عن جابر عن أبي الضحى أن ابن عباس وقع في عينه الماءُ، فقيل له: "تستلقى سبعًا ولا تصلى إلا مستلقيًا" فبعث إلى عائشة وأم سلمة يسألهما فنهتاه

(1)

".

وأخرج الحاكم في المناقب من جهة أبي معاوية: ثنا الأعمش عن المسيب بن رافع قال: لما كُفَّ بصر ابن عباس أَتاه رجل فقال له: "إنك إن صبرت لى سبعًا لم تُصَلِّ إِلا مستلقيًا تومئُ إيماءً داويتك [و] برأت - إن شاء الله. فأرسل إلى عائشة وأبى هريرة وغيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(الحديث الرابع): قال الطبراني في معجمه الوسط: حدَّثنا على بن سعيد الرازي: ثنا الهيثم بن مروان الدمشقى: ثنا زيد بن يحيى بن عبيد: ثنا سعيد بن

(1)

هامش السنن الكبرى (2/ 209).

والأثر في ابن أبي شيبة (2/ 236) كتاب الصلوات - في الرجل يشتكى عينيه فيوصف له أن يستلقى.

(2)

المستدرك (3/ 545 - 546)(31) كتاب معرفة الصحابة.

من طريق أبي معاوية به.

وفيه زيادة: "كل يقول: أرأيت إن مت في هذا السبع، كيف تصنع بالصلاة، فترك عينه، ولم يداوها.

ص: 77

بشير عن قَتادةَ: حدثني عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس:"أن معاوية صلى صلاة العصر ثم قام ابن الزبير فصلى بعدها، فقال معاوية: "يا ابن عباس ما هاتان الركعتان"؟ فقال: "بدعة وصاحبها صاحب بدعة" فلما انفتل قال: "ما قلتما"؟ قال: "قلنا: كيت وكيت" قال: "ما ابتدعت، ولكن حدثتنى خالتى عائشة، فأرسل معاوية إلى عائشة فقالت: صدق، حدثتني أم سلمة" فأرسل إلى أُم سلمة:"أن عائشة حدثتنا عنك بكذا" فقالت: "صدقت، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فصلى بعد العصر فقمت وراءَه فصليت، فلما انفتل قال: ما شأنك؟ قلت: رأيتك يانبي الله صليت فصليت معك. فقال: إن عاملًا لى على الصدقات قدم على فخفت عليه"

(1)

؟.

وفى الصحيحين عن كريب مولى ابن عباس أَن عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة أرسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: "اقرأ عليها السلام منا جميعًا، وسَلْها عن الركعتين بعد العصر وقل: إنا أُخبرنا أَنك تصلينها، وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها" قال ابن عباس: "وكنت أضرب مع عمر بن الخطاب الناس عنها" قال كريب: فدخلت عليها وبلغتها، فقالت:"سل أُم سلمة" فذكر نحو ما سبق إلا أنه قال: إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلونى عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان

(2)

.

وأخرج الترمذى من جهة عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر؛ لأنه أتاه مال فشغله عن

(1)

المعجم الأوسط للطبراني (5/ 77) رقم: (4138)

عن علي بن سعيد به.

وفيه زيادة في آخره: "فلقيته، فنسيت أن أصلى بعد العصر ركعتين" قال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن قَتادةَ إلا سعيد، تفرد به زيد بن يحيى بن عبيد".

(2)

خ: (1/ 381)(22) كتاب السهو (8) باب إذا كُلِّم، وهو يصلى، فأشار بيده واستمع.

عن يحيى بن سليمان، عن ابن وهب، عن عمرو، عن بكير، عن كريب، أن ابن عباس

الحديث. رقم: (1233)

م: (1/ 571 - 572)(6) كتاب صلاة المسافرين (53) باب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها. رقم: (297/ 834)

ص: 78

الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم لم يعد لهما" وقال: حديث حسن

(1)

.

ويعارضها في الصحيحين عن عروة: قالت عائشة: "يا ابن أُختى ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم السجدتين بعد العصر عندى قط"

(2)

(3)

.

(الحديث الخامس): أخرج أبو داود وابن ماجه في سننهما من طريق يزيد بن أبي زياد عن مِقسم عن ابن عباس قال: "كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب نجرانية، الحلة ثوبان وقميصه الذي مات فيه"

(4)

.

(1)

سنن الترمذى (1/ 345) أبواب الصلاة - (11) ما جاء في الصلاة بعد العصر.

عن قتيبة، عن جرير، عن عطاء بن السائب به رقم:(184).

ثم قال: وقد روى غير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بعد العصر ركعتين، وهذا خلاف ما روى عنه أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وحديث ابن عباس أصح؛ حيث قال: لم يَعُد لهما.

وقد روى عن زيد بن ثابت نحو حديث ابن عباس.

قال: وقد روى عن عائشة في هذا الباب روايات:

روى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل عليها بعد العصر إلا صلى ركعتين.

وروى عنها عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس.

قال: والذي اجتمع عليه أكثر أهل العلم: على كراهية الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، إلا ما استثنى من ذلك، مثل الصلاة بمكة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس بعد الطواف، فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك، (السنن 1/ 346 - 350)

(2)

خ: (1/ 200)(9) كتاب مواقيت الصلاة (33) باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها. رقم: (591)

عن مسدد، عن يحيى، عن هشام، عن أبيه به.

م: (1/ 572)(6) كتاب صلاة المسافرين (54) باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر.

من طريق جرير وابن نمير، عن هشام به. رقم:(299/ 835)

(3)

وانظر توثيق عائشة للسنة، ص:(162 - 165).

(4)

د: (3/ 507)(15) كتاب الجنائز (34) باب في الكفن - عن أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة، عن ابن إدريس، عن يزيد - يعنى ابن أبي زياد - عن مقسم، عن ابن عباس به. =

ص: 79

قال الذهبي في مختصر سنن البيهقي: "يزيد فيه لين، ومقسم صدوق ضعَّفه ابن حزم" ا هـ.

أعله المنذرى بيزيد، قال: وقد أخرج له مسلم في المتابعات، وقال غير واحد من الأئمة: إنه لا يحتج بحديثه

(1)

.

قلت: وقد خالفه ابن أبي ليلى. فأخرج البيهقي في سننه من جهة قَبِيصَة: ثنا سفيان عن ابن أبي ليلى

(2)

عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس: "كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين أبيضين وبُرد حِبَره" قال البيهقى: "كذا رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى"

(3)

. قال الذهبي: "وليس بقوى".

وقد روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سَحُولِيَة ليس فيها قميص ولا عمامة". أخرجه الأئمة الستة في كتبهم

(4)

.

قال البيهقي: وقد بينت عائشة رضي الله عنها أن الاشتباه في ذلك على غيرها: فأخرج مسلم من جهة هشام عن أبيه عن عائشة قالت: "كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سَحولية من كرسُف ليس فيها قميص ولا عمامة، فأما

= قال أبو داود: قال عثمان: في ثلاثة أثواب: حلة حمراء وقميصه الذي مات فيه.

جه: (1/ 472)(6) كتاب الجنائز (11) باب ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم.

عن علي بن محمد، عن عبد الله بن إدريس به. رقم (1471).

قال النووى: هذا الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به؛ لأن يزيد بن أبي زياد مجمع على ضعفه، سيما وقد خالف في روايته رواية الثقات.

(1)

وقد نقل أيضًا عن أبي عبد الله بن أبي صفرة قوله:

هذا حديث تفرد به يزيد بن أبي زياد، ولا يحتج به لضعفه. (مختصر السنن 4/ 302)

(2)

في المطبوعة: "عن أبي ليلى" وهو خطأ. وما أثبتناه من المخطوط.

(3)

السنن الكبرى (3/ 400) كتاب الجنائز. باب السنة في تكفين الرجل.

(4)

خ: (1/ 392)(23) كتاب الجنائز (23) باب الكفن بغير قميص - عن أبي نعيم، عن سفيان، عن هشام، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها به. رقم:(1271)

وفي (24) باب الكفن بلا عمامة. رقم: (1273)

عن إسماعيل، عن مالك، عن هشام به.

م: (2/ 649 - 650)(11) كتاب الجنائز (13) باب في كفن الميت - من طريق أبي معاوية، عن هشام به. رقم:(45/ 941).

ص: 80

الحلة فإنما شبه على الناس فيها أنها اشتريت له حُلَّة ليكفن فيها، فتركت الحلة فأخذها عبد الله بن أَبي بكر فقال:"لأحبسنَّها لنفسى حتى أُكفَّن فيها" ثم قال: "لو رضيها الله لنبيه لكفنه فيها" فباعها وتصدق بثمنها"

(1)

. وفي رواية: "أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة يمنية كانت لعبد الله بن أبي بكر، ثم نزعت عنه وكفن في ثلاثة أثواب سحولية يمانية"

(2)

.

وأخرج مسلم أيضًا عن هشام عن أبيه قال: فقيل لعائشة: "إنهم يزعمون أنه قد كان عليه السلام كفن في برد حِبَرة" قالت: قد جاءوا ببُرد حِبَرة ولم يكفنوه"

(3)

وأخرجه البيهقي عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي: حدثني الزهرى عن القاسم عن عائشة قالت: "أدرج رسول الله: في برد حبَرة، ثم أخر عنه"

(4)

قال القاسم: "إن بقايا ذلك الثوب عندنا بعد" قال البيهقي: هذا الثوب الثالث، وأما الحلة فتصدق بثمنها عبد الله، وهي ثوبان. اهـ

(5)

(1)

م: (2/ 649 - 650) في الكتاب والباب السابقين الحديث السابق.

(2)

م: (2/ 650) الموضع السابق.

من طريق على بن مسهر، عن هشام به. رقم:(46/ 941).

(3)

لم أجد هذا اللفظ في مسلم، ولكنه في السنن الأربع:

د: (3/ 507)(15) كتاب الجنائز (34) باب في الكفن عن قتيبة بن سعيد، عن حفص بن غياث، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة نحوه. رقم:(3152)

ت: (3/ 321)(8) كتاب الجنائز (20) باب في كفن النبي صلى الله عليه وسلم.

عن قتيبة به.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. رقم: (996)

س: (4/ 35 - 36)(21) كتاب الجنائز (39) كفن النبي صلى الله عليه وسلم - عن قتيبة به. رقم: (1899)

جه: (1/ 472)(6) كتاب الجنائز (11) باب ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم.

عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن حفص بن غياث به.

ولفظه مطابق لما هنا.

وحِبَرَة: على وزن عِنَبَه: أَي مُخَطَّط.

(4)

د: (3/ 506) في الكتاب والباب السابقين -

عن أحمد بن حنبل، عن الوليد بن مسلم به وليس فيه قول القاسم.

(5)

السنن الكبرى للبيهقى (3/ 401). كتاب الجنائز - بيان عائشة رضي الله عنها.

ص: 81

(الحديث السادس): إنكارها عليه الرؤْية: أخرج الترمذي في التفسير من جهة سَلْم بن جعفر - هو البكراوى

(1)

، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة: قال ابن عباس: "رأى محمد ربه" فقلت: "أليس الله يقول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]؟ فقال: "ويحك، ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره، قد رأى ربه مرتين" وقال: حسن غريب

(2)

.

قال شيخنا عماد الدين بن كثير: "سَلْم

(3)

بن جعفر ليس بذاك المشهور، والحكم بن أبان وثَّقه جماعة" وقال ابن المبارك:"ارم به" ا هـ.

قلت: وأخرج الحاكم في مستدركه من جهة معاذ بن هشام: حدثنى أبي عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: "أتعجبون أن تكون الخُلَّة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤْية لمحمد صلى الله عليه وسلم)؟ ثم قال: صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاه

(4)

.

وله شاهد صحيح عن ابن عباس في الرؤية. ثم ساقه من جهة إسماعيل بن زكريا، عن عاصم، عن الشعبى، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"رأي محمد ربه"

(5)

.

وله شاهد آخر صحيح الإسناد، ثم ساقه عن يزيد بن هارون: أنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عباس قال:"قد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه"

(6)

.

وعن ابن جريجٍ عن عطاء عن ابن عباس قال: "رآه مرتين"

(7)

.

(1)

في المطبوعة: "مسلم بن جعفر البغدادى" وهو خطأ، وما أثبتناه من المخطوط، والترمذى - أصل المؤلف.

(2)

ت: (5/ 368 - 369)(48) كتاب التفسير - (53) باب: ومن سورة النجم رقم: (3279)

من طريق يحيى بن كثير العنبرى أبي غسان، عن سَلْم بن جعفر به رقم:(3279)

وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

(3)

في المطبوعة: "مسلم" وهو خطأ - كما سبق أن ذكرنا.

(4)

المستدرك: (1/ 64 - 65)(1) كتاب الإيمان من طريق معاذ بن هشام به رقم: (216).

(5)

المصدر السابق (1/ 65) الكتاب السابق. من طريق إسماعيل بن زكريا به. وفيه "عن الشعبى وعكرمة، عن ابن عباس.

(6)

المصدر السابق (1/ 65) الكتاب السابق من طريق يزيد بن هارون به.

(7)

المصدر السابق (1/ 65) الكتاب السابق من طريق سفيان عن ابن جريجٍ به.

ص: 82

ثم قال الحاكم: قد اعتمد الشيخان في هذا الباب أخبار عائشة بنت الصديق وأُبَى بن كعب وابن مسعود وأبي ذر: "أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام" وهذه الأخبار التي ذكرتها صحيحة. اهـ.

(1)

.

وقد أخرج البخارى من حديث القاسم عن عائشة قالت: "من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم، ولكن قد رأى جبريل في صورته وخَلْقِه سادًّا ما بين الأُفق"

(2)

وفى الصحيحين من حديث مسروق قلت لعائشة: "يا أمتاه هل رأى محمد ربه"؟ فقالت: "لقد قفَّ شعرى مما قلت، من حدثك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [سورة الأنعام: 103] ولكنه رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين".

وفي رواية: "من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية" فقلت: "يا أُم المؤمنين، أنظرينى ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [سورة التكوير: 23]، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [سورة النجم: 13] فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطًا من السماءِ سادًّا عِظَمُ خَلْقِه ما بين السماءِ إِلى الأَرض" وقالت: "أَولم تسمع أن الله عز وجل يقول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [سورة الأنعام: 103] أَوَلَم تسمع أن الله عز وجل يقول: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [سورة الشورى: 51]

(3)

.

(1)

المصدر السابق (1/ 65) وفيه "صحيحة كلها".

(2)

خ: (2/ 429)(59) كتاب بدء الخلق (7) باب إذا قال أحدكم آمين رقم: (3234) من طريق ابن عون، عن القاسم به.

(3)

خ: (3/ 298)(65) كتاب التفسير (53) سورة النجم من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن مسروقٍ به. رقم (4855) ومعنى "قَفَّ شعرى: قام من الفزع.

م: (1/ 159)(1) كتاب الإيمان (77) باب معنى قول الله عز وجل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} =

ص: 83

قلت: وهذا قاطع في هذه المسألة؛ إذ صرحت فيه بالرفع.

ونقل عن ابن خزيمة أنه قال في كتاب التوحيد له: "إنه صلى الله عليه وسلم إنما خاطب عائشة على قدر عقلها" ثم أخذ يحاول تخطئتها

(1)

.

وليس كما قال، فقد جاءَ عن غيرها ذلك مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ منهم ابن مسعود، رواه محمد بن جرير الطبرى في تفسيره: حدَّثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا سليمان الشيباني، ثنا زِرُّ بن حُبَيْش قال:"قال عبد الله بن مسعود في هذه الآية: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [سورة النجم: 9] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ جبريل له ستمائة جناح"

(2)

.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه

(3)

.

وفي كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي: قال أبو مسعود في الأطراف في حديث عبد الواحد {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [سورة النجم: 13] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت جبريل في صورته له ستمائة جناح" قال الحميدي:

= من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن داود، عن الشعبي، عن مسروقٍ به.

(1)

لم أعثر على هذا في كتاب التوحيد، وإنما بين ابن خزيمة أن هناك احتمال أن عائشة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم ير ربه قبل أن يرى ربه، وروى غيرها عنه صلى الله عليه وسلم أنه رآه، وذلك أنه سمع ذلك منه صلى الله عليه وسلم بعد أن رأى ربه عز وجل (كتاب التوحيد، (ص 150)

وانظر كلامًا طويلًا له في هذا الموضع، وليس فيه هذا المعنى. الذي نقل عنه، وهو أنه صلى الله عليه وسلم خاطبها في هذه المسألة على قدر عقلها، والله عز وجل وتعالى أعلم.

(2)

جامع البيان (27/ 27)

عن ابن أبي الشوارب به.

(3)

الإحسان (14/ 336)(60) كتاب التاريخ (3) باب صفته صلى الله عليه وسلم وأخباره - ذكر رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم جبريل بأجنحته.

عن الفضل بن الحباب الجمحى، عن أبي الوليد، عن شعبة، عن الشيباني به. رقم:(6427) والحديث متفق عليه من رواية أبي إسحاق الشيباني به.

خ: (2/ 429)(59) كتاب بدء الخلق (7) باب إذا قال أحدكم آمين ..

عن قتيبة، عن أبي عوانة، عن أبي إسحاق الشيباني به رقم:(3232) =

ص: 84

وليس ذلك كما رأيناه من النسخ ولا ذكره البرقاني فيما خرجه على الكتابين

(1)

.

ومنهم أبو ذر؛ قال الإمام أحمد في مسنده: حدَّثنا عفان ثنا هشام عن قتادة عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لأبي ذر: "لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته" قال: "وما كنت تسأله"؟ قلت: "كنت أسأله: هل رأى ربه عز وجل"؟ فقال: "إنى سأَلته: فقال: قد رأيته نورًا أَنَّى أَراه"

(2)

.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه بلفظ "رأيت نورًا" ثم قال: "معناه معناه أَنَّه لم ير ربه، ولكن رأى نورًا علويًّا من الأنوار المخلوقة"

(3)

. اهـ.

هكذا وقع في رواية الإمام أحمد. وقد أخرجه مسلم من طريقين بلفظين: أَحدهما قال: "رأيت نورًا أَنَّى أَراه"

(4)

والثاني قال: "رأيت نورًا" وهو مصرح بنفى الرؤية إذ لو أراد الإثبات لقال "نعم" أو "رأيته" ونحو ذلك، وهو يردُّ قول ابن خزيمة:(أن الخطاب وقع لعائشة على قدر عقلها)

(5)

ولهذا لم يجد ابن خزيمة عنه ملجأ إلا أنه كان يدعى انقطاعه بين عبد الله بن شقيق وأبي ذر فقال: "في القلب من صحة مسند هذا الخبر شيء" لم أر أحدًا من علماء الأثر نظر لعلة في إسناده. قال: عبد الله بن شقيق راوى الحديث كأنه لم يكن يثبت أبا ذر

= م: (1/ 158)(1) كتاب الإيمان (76) باب في ذكر سدرة المنتهى - من طريق شعبة، عن سليمان الشيباني به. رقم:(282/ 174).

(1)

مسند الحميدى (الجمع بين الصحيحين)(1/ 223 رقم 258)

وهو يعنى أن الذي في الصحيحين ليس مرفوعًا، أي ليس فيه:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وإن كان له حكم الرفع.

(2)

حم: (5/ 147) مسند أبي ذر - رضى الله تعالى عنه عن عفان به.

(3)

الإحسان (1/ 54 - 255)(3) كتاب الإسراء - عن أبي يعلى، عن عبيد الله بن عمر القواريري، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قَتادةَ به. رقم (58)

والحديث رواه مسلم من طريقى هشام وهمام، عن قَتادةَ به ولفظه:"رأيت نورًا".

ومن طريق يزيد بن هارون عن قَتادةَ به.

ولفظه: "نورٌ أَنَّى أَراه" رقم: (291/ 178).

(4)

قد سبق أن الرواية ليس فيها "رأيت" وإنما لفظها: "نور أني أراه".

(5)

سبق أن ذكرنا في الصفحة السابقة أننا لم نجد ذلك في كتاب التوحيد.

ص: 85

ولا يعرفه بعينه واسمه ونسبه، قال: لأن أبا موسى محمد بن المثنى حدَّثنا عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قَتادةَ عن عبد الله بن شقيق قال: "أَتيت المدينة فإذا رجل قائم على غرائر سود يقول: ألا ليبشر أصحاب الكنوز بِكَيٍّ في الحَياة والممات، فقالوا: هذا أبو ذر" فكأنه لا يثبته ولا يعلم أنه أبو ذر

(1)

.

وقال بعض العلماء في هذا الحديث

(2)

: قد أجمعنا على أنه ليس بنور، وخطأنا المجوس في قولهم: هو نور، والأنوار أجسام والبارى سبحانه ليس بجسم. والمراد بهذا الحديث أن حجابه النور، وكذلك روى في حديث أَبي موسى، فالمعنى: كيف أَراه وحجابه النور؟ ومن أثبت رؤْية النبي صلى الله عليه وسلم ربه فإنما يثبت ليلة المعراج، وأسلم أبو ذر بمكة قادمًا قبل المعراج، ثم رجع إلى بلاد قومه فأَقام بها حتى مضت بدر وأُحُد والخندق، ثم قدم المدينة بعد ذلك، فيحتمل أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقت إسلامه:"هل رأيت ربك"؟ وما كان عُرج به بعد، فقال:"نور، أَنَّى أَراه"؟

أي النور يمنع من رؤيته. وقد قال بعد المعراج في رواية ابن عباس: "رأيت ربى"

(3)

ا. هـ.

وهذا ضعيف؛ فإن عائشة أُم المؤمنين قد سألت عن ذلك بعد الإسراء، ولم يثبت لها الرؤية. وأَما قول الإمام أحمد:"ما زلت منكرًا لهذا الحديث وما أدرى ما وجهه"

(4)

فقال بعض الأئمة: لا نعرف معنى هذا الإنكار، وقد صح ذلك عن أَبي ذر وغيره.

وللكلام على الحديث موضع آخر قد بسطته فيه، ورددت ما حرَّفه بعض النقَلَة في لفظه، والله سبحانه وتعالى أعلم

(5)

.

(1)

كتاب التوحيد. (ص: 135)

(2)

ذكر ذلك ابن الجوزى في كشف المشكل من حديث الصحيحين: (1/ 372 - 373)

(3)

المصدر السابق: (2/ 372 - 373)

(4)

حكاه ابن الجوزى عن أبي بكر الخلال في كتاب العلل (كشف المشكل 1/ 371 - 372)

(5)

انظر توثيق عائشة للسنة، ص:(131 - 134).

ص: 86

(الحديث السابع): إحالته معرفة الوتر عليها. أخرجه مسلم في صحيحه عن قتادة عن زُرَارَة بن أَبي أَوْفَى عن سعد بن هشام: أنه طلق امرأته فأتى المدينة ليبيع بها عقارًا له، فيجعله في السلاح والكراع، فذكر الحديث، وأنه لقى ابن عباس فسأَله عن الوتر فقال:"ألا أُنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال: "نعم" قال: "عائشة، إيتها، فسلها، ثم ارجع إليَّ، فأخبرني بردها عليك".

قال: فأَتيت عَلَى حكيم

(1)

بن أفلح فاستلحقته إليها فقال: "ما أنا بقاربها، إني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئًا فَأَبت فيهما إِلا مُضِيًّا فيه" فأَقسمتُ عليه، فجاءَ معى فدخل عليها فقال:"يا أُم المؤمنين أَنبَئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كنا نُعِدُّ له سواكه وطَهوره فيبعثه الله بما شاءَ أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأُ، ثم يصلى ثماني ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة فيجلس ويذكر الله ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة فيقعد فيحمد الله ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلى ركعتين وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة يابني، فلما أسن وأُخِذَ اللحم أوتر بسبع وصلى ركعتين وهو جالس بعدما سلم، فتلك تسع ركعات يا بني"

(2)

.

وفي رواية له "وسلم تسليمًا يسمعنا"

(3)

.

وقد اختلفت الأحاديث، ولا سيما الأحاديث عن عائشة رضي الله عنها في عدد الوتر، وفي صحيح مسلم عنها:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في الليل ثلاث عشرة يوتر من ذلك بخمس"

(4)

.

وروي أبو داود: "لم يكن يوتر بأكثر من ثلاث عشرة"

(5)

.

(1)

في المخطوط: "على بن حكيم" وهو خطأ، وما أثبتناه من مسلم وكتب الرواة.

(2)

م: (1/ 512 - 514)(6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها - (18) باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض من طريق قتادة به رقم: (139 - 746)

(3)

في الرواية السابقة في مسلم.

(4)

م: (1/ 508)(6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (17) باب صلاة الليل، وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة من طريق ابن نمير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة - رضى الله تعالى عنها. رقم:(123/ 737)

(5)

د: (2/ 97)(2) كتاب الصلاة - (316) باب في صلاة الليل من طريق ابن وهب، =

ص: 87

فقيل: الاختلاف منها.

وقيل: هو من الرواة عنها.

ووجه الاختلاف فيها بحسب اختلاف أحواله صلى الله عليه وسلم من اتساع الوقت أو ضيقه وبحسب طول القراءَة كما جاءَ في حديث حذيفة وابن مسعود. أو عذره بمرض أو غيره، أو في بعض الأوقات عند كبر السن كما روته ورواه أيضًا خالد بن زيد. أو وجه الثلاث عشرة أنها عدت معها ركعتي الفجر، كما بين أبو داود ذلك في رواية له عنها

(1)

.

(الحديث الثامن): ردت على ابن عباس قراءَته قوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [سورة يوسف: 110] بالتخفيف.

فأخرج البخاري في التفسير عن ابن أبي مليكة قال ابن عباس: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} خفيفة ذهب بها هنالك، وتلا {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [سورة البقرة: 214] فلقيت عروة بن الزبير فذكرت له ذلك فقال: "قالت عائشة: معاذ الله، والله ما وعد الله رسوله في شيءٍ قط إلا علم أنه كائن قبل أن يموت، ولكن لم يزل البلاءُ بالرسل

= عن معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس قال: قلت لعائشة - رضى الله تعالى عنها: بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت: كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة.

رقم: (1362).

(1)

د: (2/ 96) في الكتاب والباب السابقين.

من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى ثلاث عشرة ركعة بركعتيه قبل الصبح. رقم: (1359)

م: (1/ 510)(6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (17) باب صلاة الليل.

من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل عشر ركعات، ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر، فتلك ثلاث عشرة ركعة. رقم:(128/ 738).

ص: 88

حتى خافوا أن يكون من معهم يكذبونهم فكانت تقرؤُها {كُذِّبوا} مُثَقَّلَة

(1)

(2)

.

* * *

(1)

خ: (3/ 201)(65) كتاب التفسير سورة البقرة (38) باب: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ

} إلى {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}

رقم: (4524 - 4525)

(2)

انظر هذا الموضوع بإسهاب في توثيق عائشة للسنة. ص: (174 - 177).

ص: 89

‌الفصل 5 - [استدراكها] على عبد الله بن عمر

(الحديث الأول): أَخرج البخارى ومسلم، واللفظ له، عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها سمعت عائشة - وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول:"إن الميت ليعذب ببكاء الحي" - فقالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسى أو أخطأ، إنما مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يُبْكَى عليها فقال:"إنهم يبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها"

(1)

.

ورواه مسلم أَيضًا عن هشام بن عروة عن أَبيه نحوه بلفظ: "يرحم الله أبا عبد الرحمن، سمع شيئًا ولم يحفظ، إنما مرت على رسول الله جنازة يهودى وهم يبكون عليه، فقال: "أنتم تبكون وإنه ليعذب"

(2)

.

واعلم أن تعذيب الميت ببكاء أهله عليه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة؛ منهم عمر وابن عمر، وأنكرته عليهما عائشة، وحديثها موافق لظاهر القرآن وهو قوله سبحانه:{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سورة النجم: 38] وموافق للأحاديث الآخر في بكاء النبي صلى الله عليه وسلم على جماعة من الموتى، وإقراره على البكاء عليهم. وكان صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، فمحال أن يفعل ما يكون سببًا لعذابهم أو يقر عليه. وهذا مرجِّحٌ آخر لرواية عائشة، وعائشة جزمت بالوهم.

واللائق لنا في هذا المقام التأويل، وهو حمل الأحاديث المخالفة لها إما على

(1)

خ: (1/ 397)(23) كتاب الجنائز - (32) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه"

عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أنها سمعت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: نحوه. رقم: (1289)

م: (2/ 643)(11) كتاب الجنائز (9) باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه - عن قتيبة بن سعيد، عن مالك به، ولفظه كما هنا كما نبه المصنف رحمه الله تعالى عليه. رقم:(27/ 932)

(2)

م: (2/ 642) في الكتاب والباب السابقين من طريق حماد بن زيد، عن هشام بن عروة به. رقم:(25/ 931)

ص: 90

من أوصى بذلك فعليه إثم الوصية بذلك أنه قد تسبب إلى وجوده، وإما غير ذلك مما ذكره العلماءُ في كتبهم. والذي يؤكد قول عائشة في "وَهِم" قولها:"إنه عليه السلام قال لرجل مات يهوديًا: "وإن الميت ليعذب" .. بلام العهد فالظاهر أن ابن عمر خفى عليه موت اليهودي فحملها على الاستغراق.

ونظير هذا ما رُوى أنه صلى الله عليه وسلم رأى تاجرًا يبخس الناس في البيع فقال: "التاجر فاجر"

(1)

يعني ذلك الرجل، فرواه بعضهم على أنه للاستغراق. ذكر هذا فخر الدين الرازى في بعض كتبه الأُصولية وجعله من أسباب الغلط في الرواية.

ولا شك أنه من أسبابه، لكن هذا الحديث ليس من هذا الباب فإن في السنن:"التاجر فاجر إِلا مَن برَّ وصدق" وهذا يدل على إرادة الاستغراق؛ لوجود الاستثناء فيه

(2)

.

(الحديث الثاني): أخرجا أيضًا عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال: سمعت ابن عمر يقول: "لأن أُصبحَ مطليًّا بقطران أحب إلى من أَن أُصبح محرمًا أنضخ طيبًا" قال: فدخلت على عائشة فأخبرتها بقوله، فقالت:"طيَّبْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف على نسائه ثم أصبح محرمًا"

(3)

.

(1)

مصنف عبد الرزاق (7/ 299 - 300) باب الغيرة - عن معمر، عن قَتادةَ، عن الحسن أو غيره مرفوعًا. رقم (13263) وهو مرسل.

(2)

انظر الكلام على هذه المسألة في توثيق عائشة للسنة في أول مسألة في عرض السنة على القرآن الكريم.

(3)

خ: (1/ 106)(5) كتاب الغسل (14) باب من تطيب ثم اغتسل، وبقى أثر الطيب.

من طريق إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال: سألت عائشة فذكرت لها قول ابن عمر: ما أحب أن أصبح محرمًا أنضح طيبًا، فقالت عائشة: أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طاف في نسائه، ثم أصبح محرمًا. رقم:(270)

م: (2/ 849)(15) كتاب الحج (7) باب الطيب للمحرم عند الإحرام من طريق أبي عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه قال: سألت عبد الله بن عمر رضي الله عنه، عن الرجل يتطيب، ثم يصبح محرمًا، فقال: ما أحب أن أصبح محرمًا أنضح طيبًا، لأن أطَّلِىَ بقطران أحب إلى من أن أفعل ذلك

، فقالت عائشة: أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه، ثم طاف في نسائه، ثم أصبح محرمًا. رقم:(47/ 1192)

ص: 91

وفي لفظ البخارى: ذكرته لعائشة فقالت: "يرحم الله أَبا عبد الرحمن، كنت أُطَيِّب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه، ثم يصبح محرمًا ينضخ طيبًا"

(1)

.

ورواه النسائي بلفظ: سألت ابن عمر عن الطيب عند الإحرام فقال: "لأَن أُطلى بالقطران أحبُّ إليَّ من ذلك" فذكرت ذلك لعائشة فقالت: "يرحم الله أبا عبد الرحمن، قد كنت أُطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف في نسائه ثم يصبح ينضخ طيبا"

(2)

وفي لفظ لهما: سألت عائشة وذكرت لها قول ابن عمر: "ما أُحب أن أُصبح محرمًا أَنضخ طيبًا" فقالت عائشة: "أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طاف في نسائه ثم أصبح محرمًا"

(3)

.

والنضخ بالخاءِ المعجمة كاللطخ فيما يبقى له أثر؛ يقال نضخ ثوبه بالطيب والنضح بالمهملة فيما كان رقيقًا مثل الماء

(4)

.

(الحديث الثالث): أخرجا أيضًا عن منصور عن مجاهدٍ قال "دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة والناس يصلون الضحى في المسجد فسألناه عن صلاتهم، فقال: "بدعة" فقال له عروة: "يا أبا عبد الرحمن [كم] اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم "؟ قال: "أربع عمر إحداهن في رجب" فكرهنا أن نكذبه ونرد عليه، وسمعنا استنان عائشة في الحجرة، فقال عروة: "أَلا تسمعين يا أُم المؤمنين إلى مايقول أبو عبد الرحمن "؟ فقالت: "وما يقول"؟ قال: يقول: "اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر إحداهن

(1)

خ: (1/ 105)(5) كتاب الغسل (12) باب إذا جامع ثم عاد - من طريق شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه، عن عائشة به. رقم:(267).

(2)

س: (5/ 141)(24) كتاب مناسك الحج (42) موضع الطيب - من طريق شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، قال: سألت

فذكره رقم: (2704)

(3)

خ: (1/ 106)(5) كتاب الغسل (14) باب من تطيب ثم اغتسل عن أبي عوانة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر به. رقم (270)

وقد سبق تخريجه قريبًا.

م: (2/ 849) الرواية السابقة.

(4)

وانظر تفصيلًا في هذه القضية: توثيق عائشة للسنة، ص:(157 - 161).

ص: 92

في رجب" فقالت: "يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو معه، وما اعتمر في رجب قط"

(1)

قال ابن الجوزي في مشكلة: "سكوت ابن عمر لا يخلو من حالين: إما أن يكون قد شك فسكت، أو أن يكون ذكر بعد النسيان فرجع بسكوته إلى قولها وعائشة قد ضبطت هذا ضبطًا جيدًا، وقال أنس: "اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلها في ذى القعدة" وهذا الحديث يدل على حفظ عائشة وحسن فهمها

(2)

.

وقد جاء الإنكار عليه منها على وجه آخر، أخرجه أبو داود والنسائى وابن ماجه من جهة مجاهد قال: سئل ابن عمر: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مرتين" فقالت عائشة: "لقد علم ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثًا سوى التي قَرَنَها بحجة الوداع"

(3)

.

وقد سبق أن البخارى ومسلمًا

(4)

رويا حديث مجاهد عن عائشة، وهو منهما تصريح بأنه سمع منها، لا سيما على شرط البخارى، لكن قال يحيى بن

(1)

خ: (3/ 701)(26) كتاب العمرة (3) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم. رقم (1775 - 1776)

عن قتيبة، عن جرير، عن منصور، عن مجاهدٍ وعروة عن عبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم.

م: (2/ 917)(15) كتاب الحج (35) باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن. رقم: (217/ 1253)

من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن جرير به.

(2)

كشف المشكل: (4/ 347) مسند عائشة - رضى الله تعالى عنها.

(3)

د: (2/ 505 - 506)(5) كتاب المناسك (80) باب العمرة من طريق أبي إسحاق - عن مجاهد به.

س: الكبرى: (2/ 470)(28) كتاب الحج - أبواب العمرة (282) كم عمرة اعتمر صلى الله عليه وسلم. رقم: (4218)

ولم أعثر عليه في ابن ماجه من حديث عائشة، وإنما هو من حديث ابن عباس (2/ 999 - 25 كتاب المناسك - 50 باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ رقم 3003).

(4)

في المخطوط: "مسلم" غير منصوبة.

ص: 93

سعيد القطان: لم يسمع مجاهد من عائشة، وكان شعبة بن الحجاج ينكره. وهو قول يحيى بن معين وأبي حاتم الرازي أيضًا

(1)

.

وفي هذا الحديث أمر آخر غير مخالفة ما سبق، وهو أن عائشة روت الإفراد عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن قال الطحاوى في معاني الآثار:"هذا لا ينافيه، فيجوز أن تكون قد علمت أنه صلى الله عليه وسلم ابتدأ فأحرم بعمرة لم يقرنها حينئذ بحجة، فمضى فيها على أن يحج في وقت الحج، فكان في ذلك متمتعًا بها، ثم أحرم بحجة منفردة في إحرامه بها لم يبتدئ معها إحرامًا بعمرة، فصار بذلك قارنًا لها إلى عمرته المتقدمة، فقد كان في إحرامه على أشياءَ مختلفة: كان في أوله متمتعًا ثم محرمًا بحجة أفردها في إحرامه تلزمه مع العمرة التي كان قدمها، فصار في معنى القارن والمتمتع. وأرادت عائشة بالإفراد خلافًا للذين رووا أنه عليه السلام أهلَّ بهما جميعًا"

(2)

. اهـ

(3)

.

(الحديث الرابع): وأخرجا أيضًا من جهة نافع قال: قيل لابن عمر: إن أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تبع جنازة فله قيراط من الأجر" فقال ابن عمر: "أكثر علينا أبو هريرة" فبعث إلى عائشة فسألها فصدَّقت أبا هريرة، فقال ابن عمر:"لقد فرطنا في قراريط كثيرة"

(4)

.

وأَخرجه مسلم أيضًا عن داود بن عامر بن سعد بن أَبي وقاص عن أَبيه: أَنَّه

(1)

انظر الأقوال في سماع مجاهد من عائشة وعدم سماعه منها في تحفة التحصيل لأبي زرعة العراقي بتحقيقنا: (478 - 479)

(2)

شرح معاني الآثار (2/ 150) كتاب مناسك الحج - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم به محرمًا في حجة الوداع.

(3)

انظر: توثيق عائشة للسنة. ص: (178 - 179).

(4)

خ: (1/ 470)(23) كتاب الجنائز (57) باب فضل اتباع الجنائز. رقم (1323) من طريق جرير بن حازم، عن نافع به.

م: (2/ 653)(11) كتاب الجنائز (17) باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها رقم (55/ 945) من طريق شيبان بن فروخ، عن جرير بن حازم به.

ص: 94

كان قاعدًا عند عبد الله بن عمر، إذ طلع خبَّاب صاحب المقصورة فقال: يا عبد الله بن عمر، ألا تسمع ما يقول أبو هريرة؟ إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خرج مع جنازة من بيتها، وصلى عليها، ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر، كل قيراط مثل أُحُد، ومن صلى عليها ثم رجع كان له من الأجر مثل أحد" فأرسل ابن عمر خبَّابًا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة، ثم يرجع إليه فيخبره بما قالت، وأخذ ابن عمر قبضةً من حصى المسجد يقلِّبها في يده، حتى رجع إليه الرسول فقال: قالت عائشة: "صدق أبو هريرة" فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الأَرض وقال: "لقد فرطنا في قراريط كثيرة"

(1)

(2)

.

(الحديث الخامس): أخرج أبو داود في سننه عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سالم بن عبد الله: أَن عبد الله كان يصنع ذلك "يعنى يقطع الخفين للمرأة المحرمة" ثم حدثته صفية بنت أبي عبيد: أَن عائشة رضي الله عنها حدثتها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان رخَّص للنساء في الخفين" فترك ذلك

(3)

.

وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه وقال فيه: قال محمد بن إسحاق: حدثني الزهرى

(4)

، فزالت علة التدليس.

وقال الشافعي: أنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه كان يفتى النساءَ إذا أحرمن أن يقطعن الخفين، حتى أخبرته صفية عن عائشة:"أنها تفتى النساءَ إذا أحرمن ألا يقطعن" فانتهى عنه

(5)

.

(1)

م: (2/ 653 - 654) في الكتاب والباب السابقين. رقم (56/ 945) من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن داود بن عامر به.

(2)

انظر: توثيق عائشة للسنة. ص: (180 - 181).

(3)

د: (2/ 414 - 415)(5) كتاب المناسك (32) باب ما يلبس المحرم رقم: (1831).

من طريق محمد بن إسحاق قال: ذكرت لابن شهاب فقال: حدثني سالم أن عبد الله بن عمر - كان يصنع ذلك - يعنى يقطع الخفين للمرأة .. الحديث.

(4)

صحيح ابن خزيمة (4/ 201) كتاب الحج (600) باب ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص بالأمر بقطع الخفين للرجال دون النساء إذ قد أباح للنساء الخفين، وإن وجدن نعالا، فرخص للنساء في لبس الخفاف دون الرجال. رقم (2686)

من طريق عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق به.

(5)

السنن الكبرى للبيهقى (5/ 52) كتاب الحج - باب ما تلبس المرأة المحرمة من الثياب.

ص: 95

أخرجه البيهقى في السنن الكبير من طريق الشافعي.

وأخرج البيهقى أيضًا عن أبي النضر ثنا محمد بن راشد عن عبدة بن أبي لبابة عن ابن باباه المكى: أَن امرأَة سألت عائشة: "ما تلبس المرأة في إحرامها"؟ قالت: "تلبس من خَزِّها وبَزِّهَا وأَصباغها وحليها"

(1)

.

قال بعضهم: أَجمعوا على أن المراد بالخطاب المذكور في اللباس الرجال دون النساءِ، وأنه لا بأس بلباس المَخِيط والخِفَاف للنساء.

(الحديث السادس): أخرج الدارقطني في سننه: عن علي بن عبد العزيز الوراق عن عاصم بن علي عن أبي أُويس: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أنه بلغها قول ابن عمر: "في القُبلة الوضوءُ" فقالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ثم لا يتوضأُ"

(2)

.

قال الدارقطني: لا أعلم حدَّث به عن عاصم هكذا غير على بن عبد العزيز

(3)

(4)

.

(الحديث السابع): قال الطبراني في معجمه الوسط: حدَّثنا بكر بن سهل ثنا سعيد بن منصور، ثنا صالح بن موسى الطلحي، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة قال:"بلغ عائشة أن ابن عمر يقول: "إن موت الفجأة سخطة على المؤمنين" فقالت: "يغفر الله لابن عمر، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: موت الفجأة تخفيف على المؤمنين وسخطة على الكافرين".

قال الطبراني: لم يروه عن عبد الملك إلا صالح

(5)

.

قلت: وهو ضعيف عندهم.

(1)

المصدر السابق: (5/ 52) الموضع السابق.

(2)

سنن الدارقطني (1/ 136) باب صفة ما ينقض الوضوء، وما روى في الملامسة والقبلة. رقم (10).

(3)

قال الزيلعي: وعَلِيٌّ هذا مصنف مشهور، ومخرج عنه في المستدرك، وعاصم أخرج له البخارى، وأبو أويس استشهد به مسلم.

(4)

انظر توثيق عائشة للسنة، ص:(184).

(5)

المعجم الأوسط: (4/ 104).

عن بكر بن سهل، عن سعيد بن منصور، عن صالح بن موسى الطَّلْحِي، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة به رقم (3153).

ص: 96

(الحديث الثامن): روى البخارى من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالًا يؤذِّن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أُم مكتوم"

(1)

.

وأخرج البيهقي في سننه من جهة يعقوب بن محمد الزهري: ثنا الدراوردي ثنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن ابن أُم مكتوم رجل أعمى، فإذا أذن فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال" قالت: وكان بلال يبصر الفجر. وكانت عائشة تقول: "غلط ابن عمر".

قال البيهقي: كذا قال، وحديث عبيد الله عن القاسم عن عائشة أصح

(2)

.

يشير إلى ما أخرجه البخارى كذلك عنها موافقًا لحديث ابن عمر

(3)

.

واعلم أن حديث عائشة هذا الذي أخرجه إسناده صحيح، وقد رواه أحمد ومسدد، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ولكن لم يذكر فيه تغليط ابن عمر. وحمله ابن حبان وابن حزم على أن الأذان كان بينهما دُولا: تارة يقدم هذا وتارة يتأخر

(4)

.

(1)

خ: (1/ 209)(10) كتاب الأذان (11) باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره. رقم (617)

عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله عن أبيه به.

وفيه: "وكان رجلًا أعمى، لا ينادى حتى يقال له: أصبحت، أصبحت.

م: (2/ 768)(13) كتاب الصيام (8) باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.

رقم: (36 - 37/ 1092).

من طريق يونس عن ابن شهاب، عن سالم به.

ومن طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر به وهناك طرق أخرى.

(2)

السنن الكبرى للبيهقى: (1/ 382) كتاب الصلاة - باب القدر الذي كان بين بلال وابن أم مكتوم، ورواية من قدم أذان ابن أم مكتوم على أذان بلال.

(3)

انظر توثيق عائشة للسنة. ص: (185 - 186)

(4)

صحيح ابن خزيمة: (1/ 212 - 213) كتاب الصلاة (53) باب ذكر خبر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض أهل الجهل أنه يضاد هذا الخبر الذي ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن بلالًا يؤذن بليل.

عن خبيب بن عبد الرحمن، عن عمته أنيسة بنت حبيب مرفوعًا، ومن طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة نحوه.

ومن طريق يونس، عن أبي إسحاق، عن الأسود نحوه. =

ص: 97

وقد روى ابن أبي شيبة حديثًا شهد لذلك فقال: حدَّثنا عَفَّان

(1)

ثنا شعبة عن خبيب قال: سمعت عمتي، وكانت قد حجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن ابن أُم مكتوم ينادى بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى بلال" و "إن بلالًا ينادى بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أُم مكتوم" قالت: "وكان يصعد هذا وينزل هذا. قالت: فكنا نتعلق

(2)

به فنقول: "كما أنت حتى نتسحر"

(3)

.

وكذا رواه أبو داود عن شعبة عن خبيب

(4)

.

(التاسع): روى أبو منصور البغدادى بإسناده إلى ابن جريج قال أنبأ ابن أبي مليكة عن رجل لا يكذبه: أخبرَت عائشة رضي الله عنها بقول ابن عمر رضي الله عنه: "إن الشهر تسع وعشرون" فأنكرت ذلك عليه وقالت: "يغفر الله لأبي عبد الرحمن، ما هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن قال: "إن الشهر قد يكون تسعًا وعشرين"

(5)

.

قال الإمام أحمد في مسنده: حدَّثنا يحيى عن محمد بن عمرو قال: حدثني يحيى بن عبد الرحمن عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الشهر تسع وعشرون" فذكروا ذلك لعائشة فقالت: "يرحم الله أبا عبد الرحمن، إنما قال: "الشهر قد يكون تسعًا وعشرين"

(6)

.

= الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (8/ 251 - 252) في رقمي (3469 - 3473)(12) كتاب الصوم (4) باب السحور.

الأول حديث ابن عمر، والثاني حديث خبيب بن عبد الرحمن.

(1)

في المطبوعة: "عثمان" وهو خطأ، وما أثبتناه من المخطوط ومن كتب التخريج.

(2)

في المطبوعة "نعلق" وما أثبتناه من ابن أبي شيبة، وكأنه هكذا في المخطوط.

(3)

مصنف ابن أبي شيبة (3/ 11) كتاب الصيام - من كان - يستحب تأخير السحور.

(4)

مسند أبي داود الطيالسي (ص: 231) مسند أنيسة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق خبيب بن عبد الرحمن به. رقم: (1661)

ولكن ليس فيه إلا الجزء الذي فيه ابتداء بلال، ثم ابن أم مكتوم وأغلب الظن أنه سقط منه الجزء الآخر الذي هو في ابن أبي شيبة، وهو موضع الاستشهاد، وهو ابتداء ابن أم مكتوم، ثم تثنيه بلال. والله عز وجل وتعالى أعلم.

(5)

استدراك أم المؤمنين عائشة: (ص: 56 رقم 17).

(6)

مسند أحمد (2/ 56) مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. =

ص: 98

(العاشر): أخرج البخارى عن ابن عمر قال: "وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} [الأعراف: 44] ثم قال: "إنهم الآن يسمعون ما أقول" فذكر لعائشة فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول لهم حق"

(1)

.

قال السهيلي في الروض: "وعائشة لم تحضر، وغيرها ممن حضر أحفظ للفظه صلى الله عليه وسلم وقد قالوا له يا رسول الله: "أتخاطب قومًا قد جيفوا أَو أُجيفوا"؟ فقال: "ما أنتم بأَسمع لما أقول منهم" وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين جاز أن يكونوا سامعين، إما بآذان رءوسهم إذا قلنا: إن الروح تعاد إلى الجسد، أو وإلى بعضه عند المسألة، وهو قول جمهور أهل السنة، وإما بأذن القلب، أو الروح على مذهب من يقول بتوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع منه إلى الجسد، أو إلى بعضه

(2)

.

قال: "وقد روى أن عائشة احتجت بقوله تعالى {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [سورة فاطر: 22] وهذه الآية كقوله: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} [سورة الزخرف: 40] أي إن الله هو الذي يهدى ويوفق ويدخل الموعظة إلى آذان القلوب لا أنت، وجعل الكفار أمواتًا وصمًّا على جهة التشبيه بالأموات وبالصم، فالله هو الذي يسمعهم على الحقيقة إذا شاءَ، فلا تعلق لها في الآية

= عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: الشهر تسع وعشرون فذكروا ذلك لعائشة فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، وهل هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا، فنزل لتسع وعشرين، فقيل له، فقال: إن الشهر قد يكون تسعًا وعشرين [وانظر توثيق عائشة للسنة، ص: (187)].

(1)

خ: (3/ 87)(64) كتاب المغازى - 8) باب قتل أبي جهل.

من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: هل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟ ثم قال: إنهم الآن يسمعون ما أقول، فذكر لعائشة، فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق، ثم قرأت: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى

} حتى قرأت الآية.

(2)

الروض الأنف (3/ 92).

ص: 99

لوجهين: أَحدهما أَنها إنما نزلت في دعاء الكفار إلى الإيمان، الثاني أنه إنما نفى عن نبيه أن يكون هو المسمع لهم، وصدق الله؛ فإنه لا يسمعهم إذا شاءَ إلا هو

(1)

(2)

.

* * *

(1)

المصدر السابق: (الموضع نفسه).

(2)

انظر: توثيق عائشة للسنة. ص: (135 - 137).

ص: 100

‌الفصل 6 - استدراكها على عبد الله بن عمرو بن العاص

(الأول): أَخرج مسلم في صحيحه عن عبيد بن عمير قال: بلغ عائشة أن ابن عمرو يأْمر النساءَ إِذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن، فقالت: "يا عجبًا لابن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رءوسهن! لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد، وما أزيد أَن أُفرغ على رأسى ثلاث إفراغات

(1)

ورواه النسائي وقال: "وما أَنقض لى شعرًا"

(2)

.

ورواه ابن خزيمة في صحيحه أتم من ذلك

(3)

.

وقد تابع عائشة على رواية ذلك أم سلمة؛ فروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن رافع مولى أُم سلمة عن أُم سلمة قالت: قلت: "يا رسول الله إني امرأة أَشد ضَفْر رأسى، أفأنقضه لغسل الجنابة"؟ فقال: "لا، إنما يكفيك أن تَحْثِى على رأسك ثلاث حَثَيَات، ثم تفيضى عليك الماءَ فتطهرين"

(4)

قال الماوردى في الحاوى: "ويحتمل أن يكون ابن عَمْرو أمر بذلك احتياطًا لا واجبًا، وعائشة إنما أنكرت وجوب الحَلّ"

(5)

(6)

.

* * *

(1)

م: (1/ 260)(3) كتاب الحيض (12) باب حكم ضفائر المغتسلة رقم: (59/ 331) من طريق ابن عليه، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن عبيد بن عمير به.

(2)

س: (1/ 203)(4) كتاب الغسل والتيمم (12) باب ترك المرأة نقض رأسها عند الاغتسال من طريق إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير به. رقم:(416).

(3)

صحيح ابن خزيمة (1/ 1239 كتاب الطهارة (185) باب الرخصة في ترك نقض المرأة ضفائر رأسها في الغسل من الجنابة.

من طريق إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن علية - به. رقم (247)

(4)

م: (1/ 259) في الكتاب والباب السابقين. رقم: (58/ 330) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبرى، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة.

(5)

الحاوى (1/ 275) كتاب الطهارة - باب غسل الجنابة.

(6)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(188 - 189).

ص: 101

‌الفصل 7 - استدراكها على أبي هريرة

(الحديث الأول): إنكارها عليه بطلان الصوم بالجنابة

(1)

: أخرج مسلم عن ابن جريجٍ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا هريرة يقص، يقول في قصصه:"من أدركه الفجر جنبًا فلا يصم". قال: فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث، فذكره لأبيه، فأنكر ذلك، فانطلق عبد الرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة وأُم سلمة، فسأَلها عبد الرحمن عن ذلك فقال: فكلماها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا من غير طهر ثم يصوم" فانطلقنا حتى دخلنا على مروان، فذكر ذلك له عبد الرحمن، فقال مروان:"عزمت عليك إلا ما ذهبت إلى أبي هريرة، فرددت عليه ما يقول" قال: فجئنا أبا هريرة وأبو بكر حاضر ذلك كله، فذكر له عبد الرحمن فقال أَبو هريرة:"أهما قالتاه لك"؟ قال: "نعم" قال: "هما أعلم" ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن عباس، قال أبو هريرة:"سمعت ذلك من الفضل، ولم أسمع من النبي صلى الله عليه وسلم " قال: فرجع أَبو هريرة عما كان يقول من ذلك؟

(2)

.

قال البزار في مسنده: "ولا نعلم روى أبو هريرة عن الفضل بن العباس إلا هذا الحديث الواحد"

(3)

ا. هـ.

وفي لفظ: فقال أبو هريرة: "لا علم لي بذلك، إنما أخبرني مخبر"

(4)

.

(1)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(190 - 192).

(2)

م: (2/ 779 - 780)(13) كتاب الصيام (13) باب صحة صوم من طلع عليه الفجر، وهو جنب. رقم:(11075).

وقد رواه البخارى مختصرًا.

خ: (2/ 37)(30) كتاب الصوم (22) باب الصائم يصبح جنبًا. رقم: (1925 - 1926) من طريق مالك عن سمى، وشعيب عن الزهرى كلاهما عن أبي بكر بن عبد الرحمن به.

(3)

مسند البزار: (6/ 107 رقم 2166)

(4)

س: الكبرى: (2/ 180) كتاب الصيام - (124) صيام من أصبح جنبًا رقم (2937 - 2938) =

ص: 102

قال البيهقي: ورواه البخارى مدرجًا في روايته عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، إلا أنه قال في حديثه:"فقال: كذلك حدثني الفضل بن عباس، وهو أعلم"

(1)

.

وروي أنه قال: "أخبرني بذلك أُسامة بن زيد".

أخرجه النسائي في سننه

(2)

.

وقد صح رجوعه عن ذلك صريحًا كما سبق.

وأخرج البيهقي في سننه عن ابن أبي عروبة عن قَتادةَ عن ابن المسيب: "أن أَبا هريرة رجع عن قوله قبل موته"

(3)

.

وروى مثله عن عطاء

(4)

.

ثم قال: قال ابن المنذر: أَحسن ما سمعت في هذا أن يكون ذلك محمولا على النسخ، وذلك أن الجماع كان في أول الإسلام محرمًا على الصائم في الليل بعد النوم كالطعام والشراب، فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم ذلك اليوم لارتفاع الحظر، وكان أبو هريرة يفتى بما سمعه من الفضل على الأمر الأول، ولم يعلم بالنسخ، فلما سمع من عائشة وأُم سلمة صار إليه ا هـ

(5)

.

= من طريق مالك، عن سمى، عن أبي بكر بن عبد الرحمن به.

(1)

انظر التخريج من البخارى السابق

(2)

س. الكبرى: (2/ 178 - 179) في الكتاب والباب السابقين.

من طريق ابن أبي ذئب عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه عن جده عن عائشة.

رقم: (2931 - 2932)

(3)

السنن الكبرى للبيهقى: (4/ 215) كتاب الصيام - باب من أصبح جنبًا في شهر رمضان.

من طريق ابن أبي عروبة.

(4)

المصدر السابق (الموضع نفسه)

من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن عمر بن قيس، عن عطاء به.

(5)

المصدر السابق - (الموضع نفسه).

ص: 103

وجواب ثان: وهو حمله على من طلع الفجر وهو مجامع

(1)

فاستدام.

وثالث: أَنَّه إرشاد إلى الأفضل، وهو الاغتسال قبل الفجر، وتركه عليه السلام لذلك في حديث عائشة وأُم سلمة؛ لبيان الجواز.

واعلم أنه وقع خلاف في ذلك للسلف أيضًا، ثم استقر الإجماع على صحة صومه، كما نقله ابن المنذر وكذلك الماوردى في الاحتلام، فعن طاوس وعروة والنخعى

(2)

: التفصيل بين أن يعلم فإنه مبطل، وإلا فلا. وعن الحسن البصرى: الفصل بين صوم التطوع، فيحرم

(3)

دون الفرض.

وقيل: يصوم ويقضيه وحكى عن سالم بن عبد الله.

وفي معجم الإمام أبي بكر الإسماعيلي: قال سفيان: وكان إبراهيم النخعى يقول: "من يدركه الصبح وهو جنب يفطر"، قال يحيى بن آدم: ثم جعل سفيان يتعجب من قول إبراهيم، فقال له حفص بن غياث:"لعل إبراهيم لم يسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يدركه الصبح وهو جنب" يعنى - ثم يصوم قال سفيان: "بلى، ثنا حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة به" ا هـ.

(الحديث الثاني): قال أَبو داود الطيالسي في مسنده: حدَّثنا محمد بن راشد عن مكحول قال: قيل لعائشة: إن أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الشؤم في ثلاثة: في الدار والمرأة والفرس" فقالت عائشة: "لم يحفظ أبو هريرة، إنه دخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قاتل الله اليهود، يقولون: الشؤم في ثلاثة في الدار والمرأة والفرس. فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله"

(4)

.

ومحمد بن راشد وثقه أحمد وغيره، ولكن الشأن

(5)

في الواسطة بين مكحول وعائشة. وقد قال ابن أبي حاتم في المراسيل: "ثنا أبي قال: سألت

(1)

في المطبوعة "من طلع الفجر عليه وهو يجامع"، وما أثبتناه من الأصل.

(2)

في المطبوعة: "عروة النخعى" وهو خطأ، وما أثبتناه من الأصل.

(3)

في المطبوعة: "محرم" وما أثبتناه من الأصل.

(4)

مسند أبي داود الطيالسي: (ص: 215 رقم 1537) مسند عائشة - رضى الله تعالى عنها.

عن محمد بن راشد به.

(5)

في المطبوعة: "الشك" بدل: "الشأن" وما أثبتناه من المخطوط.

ص: 104

أبا مسهر: "سمع مكحول من أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "؟ قال: "ما صح عندنا إلا أنس بن مالك" قلت: "واثلة"؟ فأنكره ا هـ

(1)

.

وقد جاءَ الإنكار على وجه آخر: قال الإمام أحمد في مسنده: حدَّثنا روح ثنا سعيد عن قتادة عن أبي حسان: أن رجلين دخلا على عائشة فقالا: "إن أبا هريرة يحدث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار" قال: فطارت شِقّة

(2)

منها في السماءِ وشِقَّة منها في الأرض وقالت: "والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول، ولكن كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان أهل الجاهلية يقولون: الطيرة في المرأَة والدابة والدار. ثم قرأت عائشة {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}

(3)

[سورة الحديد: 22].

وأبو حسان اسمه مسلم الأَحْرَد

(4)

يروى عن ابن عباس وعائشة. قال بعض الأئمة: ورواية عائشة في هذا أشبه بالصواب إن شاءَ الله؛ لموافقتها نهيه عليه الصلاة والسلام عن الطيرة نهيًا عامًّا، وكراهتها، وترغيبه في تركها بقوله:"يدخل الجنة سبعون أَلْفًا بغير حساب، وهم الذين لا يَكْتَوُون ولا يَسْتَرْقُون ولا يَتَطَيَّرُون وعلى ربهم يتوكلون"

(5)

واستدراكها على أبي هريرة في هذا من جنس استدراكها على ابن عمر في البكاءِ على الميت، بمعنى أن ذلك كان في واقعة خاصة لا على العموم. فإن قيل: فإن غيرها من الصحابة يروى الإثبات،

(1)

المراسيل لابن أبي حاتم: (ص: 211 رقم الترجمة: 382) ورقم الفقرة: (789).

(2)

الشِّقة: القطعة المشقوقة. وهذا كناية عن غضبها.

(3)

مسند أحمد: (6/ 246).

(4)

في المطبوعة: "الأجرد" وما أثبتناه من المخطوط، وكتب الرواة.

(5)

خ: (4/ 46)(76) كتاب الطب (42) باب من لم يَرْقِ.

من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس به في حديث طويل مرفوعًا. رقم:(5752)

م: (1/ 199 - 200)(1) كتاب الإيمان (94) باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب.

من طريق الحكم بن الأعرج، عن عمران بن حصين به رقم (372/ 218)

ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس به. رقم (374/ 220)

ص: 105

وعائشة نافية، والإثبات مقدم على النفى، ولهذا قال ابن عبد البر بعد هذا:"وأهل العلم لا يرون الإنكار علمًا ولا النفى شهادة ولا خبرا"

(1)

.

وقد أخرجه البخارى ومسلم من حديث ابن عمر بألفاظ، ومنها: أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا طِيرة، وإنما الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار"

(2)

.

وأَخرجاه أيضًا من حديث سهل بن سعد وأخرجه مسلم عن جابر

(3)

.

وقال الترمذى بعد أن أخرج حديث ابن عمر، وفي الباب عن سهل بن سعد وعائشة وأنس

(4)

.

قلنا

(5)

: ليس هذا من باب تعارض النفى والإثبات، بل من باب الزيادة المعتبرة

(6)

في الحكم فتقبل باتفاق؛ لكن كلام الترمذى يقتضى أيضًا أن عائشة روته أيضًا، فعلى هذا روايتها مع الجماعة أولى من روايتها على الانفراد كما رجحوا بذلك في مواضع.

على أَنه قد جاءَ عن أبي هريرة خلاف ما سبق، قال أحمد في مسنده: حدَّثنا خلف بن الوليد ثنا أبو معشر عن محمد بن قيس قال: سئل أبو هريرة: "هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطِّيَرةُ في ثلاث، في المسكن والفرس والمرأة"؟ قال: "فكنت إذًا أَقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أصدق الطيرة الفأل، والعين حق"

(7)

.

(1)

الاستذكار لابن عبد البر: (27/ 320) فقرة رقم (40926)

(2)

خ: (2/ 320 - 321)(56) كتاب الجهاد والسير (47) باب ما يذكر من شؤم الفرس.

عن ابن عمر، وسهل بن سعد الساعدى. في رقمى:(2858 - 2809)

م: (4/ 1746 - 1747)(39) كتاب السلام (34) باب الطيرة والفأل.

عن ابن عمر، وسهل بن سعد، وجابر. أرقام:(115 - 120/ 2225 - 2227).

(3)

انظر التخريج السابق

(4)

سنن الترمذى (5/ 116 - 117)(449 كتاب الأدب (58) باب ما جاء في الشؤم.

(5)

هذا جواب الاعتراض السابق.

(6)

في المطبوعة: "المفيدة"، وما أثبتناه من المخطوط.

(7)

مسند أحمد (2/ 289) =

ص: 106

وأما ابن الجوزى في المشكل فأنكر على عائشة هذا الرد، وقال:"الخبر رواه جماعة ثقات فلا يعتمد على ردها". والصحيح أن المعنى: إن خيف من شيءٍ أَن يكون سببًا لما يخاف شره ويتشاءَم به، فهذه الأشياءُ، لا على السبيل التي تظنها الجاهلية من العدوى والطيرة، وإنما القدر يجعل للأسباب تأثيرا

(1)

.

وقال الخطابي: "لما كان الإنسان في غالب أحواله لا يستغنى عن دار يسكنها، وزوجة يعاشرها، وفرس يرتبطه، وكان لا يخلو من عارض مكروه، أضيف اليمن والشؤم إلى هذه الأشياء إضافة محلّ وظرف، وإن كانا صادرين عن قضاء الله". قال: وقد قيل: "إن شؤم المرأَة أَلَّا تلد، وشؤم الفرس أَلَّا يحمل عليها في سبيل الله، وشؤم الدار سوءُ الجوار"

(2)

(3)

.

(الحديث الثالث): قال أبو بكر البزار في مسنده: حدَّثنا هلال بن بشر: ثنا سهل بن حماد قال: ثنا أبو عامر الخَزَّاز، وثناه محمد بن معمر قال: ثنا عثمان بن عمر قال: ثنا أبو عامر الخَزَّاز عن سيّار عن الشعبي عن علقمة قال: قيل لعائشة رحمة الله عليها: "إن أبا هريرة يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أَن امرأة عذبت في هرة" قال: فقالت عائشة: "إن المرأة كانت كافرة".

قال: "ولا نعلم روى علقمة عن أبي هريرة إلا هذا الحديث"

(4)

أبو عامر الخَزَّاز

(5)

صالح بن رستم قال فيه أحمد بن حنبل: "صالح الحديث".

= عن خلف بن الوليد، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس به وأبو معشر ضعيف، ومحمد بن قيس لم يدرك الصحابة.

(1)

كشف المشكل (2/ 268) مسند سهل بن سعد - رضى الله تعالى عنه - الحديث الثالث: (753/ 898)

(2)

أعلام الحديث (2/ 1379) رقم: (643/ 2859)(47) ما يذكر من شؤم الفرس

(3)

انظر توثيق عائشة للسنة. ص: (138 - 140).

(4)

كشف الأستار: (4/ 188 رقم 3506) كتاب صفة جهنم - آخر الكتاب.

وقال البزار أيضًا: أخرجته لقول عائشة، وحديث أبي هريرة في الصحيح.

(5)

في المطبوعة أبو عامر الجزار في المواضع الثلاثة وكذلك في المخطوط، وما أثبتناه هو الصواب، كما في كشف الأستار، والتذكرة برواة العشرة (2/ 724 رقم 2825). وكذلك في الرواية التالية في أبي داود الطيالسي، وكذلك في مسند أحمد، كما في التخريج التالي.

ص: 107

ورواه أبو محمد قاسم بن ثابت السَّرَقُسْطِى في كتاب غريب الحديث: نا محمد بن جعفر: قال: نا أبو أحمد محمود بن غيلان المروزي: نا أبو داود الطيالسي قال: نا أبو عامر صالح بن رستم قال: نا سيار أبو الحكم عن الشعبي عن علقمة بن قيس قال: "كنا عند عائشة ومعنا أبو هريرة فقالت: "يا أبا هريرة أنت الذي تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن امرأة عذبت بالنار من جَرَّى هرة لا هي أطعمتها ولا سقتها ولا هي تركتها تأكل من خِشَاش الأَرض شيئًا حتى ماتت"؟ قال أَبو هريرة: "سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قالت عائشة: المؤمن أكرم عند الله من أن يعذبه من جرى هرة، أي إن المرأة مع ذلك كانت كافرة؛ يا أَبا هريرة إذا حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر كيف تحدث".

قولها "من جرى هرة" تعنى من أجلها

(1)

. ا هـ.

(الحديث الرابع): قال الحاكم في مستدركه في كتاب العتق: أَخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق: أنا محمد بن غالب: ثنا الحسن بن عمر بن شقيق: ثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن الزهري عن عروة قال: بلغ عائشة أن أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأَن أُمَتَّعَ بسوط في سبيل الله أحب إليَّ من أَن أُعتق ولد الزنى" وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ولد الزنى شر الثلاثة" و "إن الميت يعذب ببكاء الحى" فقالت عائشة: رحم الله أَبا هريرة أَساءَ سمعًا فأَساءَ إِجابة: أما قوله: "لأن امتع بسوط في سبيل الله أُحب إليَّ من أَن أُعتق ولد الزنى" فإنها لما نزلت {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ} [سورة البلد 13]. قيل: "يا رسول الله ما عندنا ما نعتق، إلا أن أحدنا له الجارية السوداءُ تخدمه وتسعى عليه، فلو أمرناهُن فزنين فجئن بأولاد

(1)

مسند أبي داود الطيالسي (ص: 199 رقم 1400) من طريق علقمة بن قيس، عن أبي عامر صالح بن رستم به. والخَشَاش: الحشرات.

مسند أحمد (2/ 519) مسند أبي هريرة.

عن سليمان بن داود الطيالسي به.

قال الهيثمى في المجمع (1/ 116): رجاله رجال الصحيح.

(2)

انظر توثيق عائشة للسنة، ص:(247).

ص: 108

فأعتقناهم"؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إليَّ من أن آمر بالزنى ثم أُعتق الولد"، وأَما قوله: "ولد الزني شر الثلاثة" فلم يكن الحديث على هذا، إنما كان رجل من المنافقين يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من يعذرني من فلان"؟ قيل: "يا رسول الله، إنه مع ما به ولد زنى" فقال:"هو شر الثلاثة" والله تعالى يقول: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38]، وأما قوله:"إن الميت يعذب ببكاء الحى" فلم يكن الحديث على هذا، ولكن رسول صلى الله عليه وسلم مر بدار رجل من اليهود قد مات وأهله يبكون عليه، فقال:"إنهم ليبكون عليه وإنه ليعذب" والله يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [سورة البقرة: 286].

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه

(1)

.

وعن الحاكم أخرجه البيهقي في سننه في كتاب الأيمان، في باب عتق ولد الزنى، ثم قال:"وسلمة الأبرش يروى مناكير"

(2)

.

قال الذهبي في مختصره: "هو مختلف فيه"

(3)

وقد وثقه أبو داود.

قال البيهقي: روى عن أَبي سليمان الشامي بُرْد بن سِنَان عن الزهري عن عائشة [مرسلًا] في إعتاق ولد الزنى

(4)

.

(1)

المستدرك (2/ 215)(25) كتاب العتق.

عن أبي بكر أحمد بن إسحاق به.

قال الذهبي في التلخيص: سلمة لم يحتج به مسلم، وقد وثق، وضعفه ابن راهويه.

وفى المطبوعة: "أقنع" في المواضع كلها، وما أثبتناه من المخطوط والمستدرك.

وحديث "ولد الزنا شر الثلاثة":

رواه أبو جعفر الطحاوى بإسناد حسن من طريق أبي حذيفة، عن الثوري، عن سهيل، عن أبيه عن أبي هريرة "شرح مشكل الآثار 2/ 366).

ورواه الحاكم (4/ 100) والبيهقى: (10/ 59) من طريقين عن أبي حذيفة بهذا الإسناد.

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

(2)

السنن الكبرى (10/ 58) كتاب الأيمان.

(3)

انظر التخريج السابق.

(4)

المصدر السابق (الموضع نفسه).

وما بين المعكوفين من السنن، وهى ساقطة من المخطوط، والسياق يقتضيها.

ص: 109

وأخرج عن سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت في ولد الزني: "ليس عليه من وزر أبويه شيء، لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْر أُخْرى".

قال: وروى مرفوعًا، ولم يصح

(1)

.

ثم أخرج عن إسحاق السلولى: ثنا إسرائيل عن إبراهيم عن محمد بن قيس عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ولد الزنى شر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه"

(2)

.

وقال: ليس بالقوى. وقد روى مثله بإسناد ضعيف من حديث ابن عباس

(3)

.

وقال صاحب الاستذكار: قد أنكر ابن عباس على من روي في ولد الزنى "أنه شر الثلاثة" وقال: "لو كان شر الثلاثة ما استؤنى بأُمه أن ترجم حتى تضعه". رواه ابن وهب عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقد ذكرناه في التمهيد بإسناده

(4)

.

وقال في باب حد الزنى: وقول أُم سلمة: "يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون"؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث" الخبث في هذا الحديث عند أهل

(1)

المصدر السابق: (الموضع نفسه).

وعبارته: "رفعه بعض الضعفاء، والصحيح موقوف".

(2)

المصدر السابق: (الموضع نفسه).

(3)

المصدر السابق (10/ 58 - 59) في الكتاب السابق.

من طريق ابن أبي ليلى عن داود بن علي، عن أبيه، عن جده ابن عباس مرفوعًا.

ثم قال: هذا إسناد ضعيف، وإنما يروى هذا الكلام على الخبر من قول سفيان الثورى ثم ساق الحديث بسنده إلى سفيان، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة.

قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ولد الزنا فقال: هو شر الثلاثة - قال سفيان: يعنى إذا عمل بعمل والديه.

(4)

الاستذكار: (23/ 175)(38) كتاب العتق والولاء، باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة.

ص: 110

العلم أولاد الزنى، وإن كانت اللفظة محتملة لذلك ولغيره

(1)

.

هذا لفظه، وهو غريب.

وأخرج النسائي من حديث شعبة عن منصور عن سالم عن نُبَيْط بن شَرِيط عن جابان عن عبد الله بن عمرو

(2)

: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة ولد زنية"

(3)

.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه

(4)

.

قال الحافظ أبو الحجاج المِزِّيُّ في الأطراف: قال البخاري: لا يعرف

(1)

المصدر السابق (24/ 110)(41) كتاب الحدود (3) باب جامع ما جاء في حد الزنا.

وحديث: "يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون" متفق عليه من حديث زينب بنت جحش: خ: (4/ 314)(92) كتاب الفتن (4) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ويل للعرب من شر قد اقترب.

رقم (7059)

من طريق ابن عيينة، عن الزهرى، عن عروة، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم حبيبة، عن زينب ابنة جحش به.

م: (4/ 2207)(52) كتاب الفتن وأشراط الساعة رقم: (1/ 2880) عن ابن عيينة به.

(2)

في المطبوعة والمخطوط: "عبد الله بن مسعود" وهو خطأ، وما أثبتناه من النسائي، مصدر المصنف ومن ابن حبان وكتب التخريج الأخرى المثبتة في الهامش.

(3)

س: الكبرى (3/ 175) كتاب العتق (8) عتق ولد الزنا.

عن محمود بن غيلان، عن أبي داود، عن شعبة به رقم:(4914).

وسالم هو ابن أبي الجعد.

(4)

الإحسان: (8/ 178)(11) كتاب الزكاة (11) باب ذكر الإخبار عن إباحة تعدد النعم للمُنْعِم على المنعم عليه.

من طريق ابن مهدى عن شعبة به

ولكن ليس فيه: "ولا ولد زنية".

وأكبر الظن أنها سقطت منه؛ لأن ابن حبان أورده ليبين أن خبر أن ولد الزنية لا يدخل الجنة صحيح كما يتبين مما قبله.

ثم بين أن الثورى رواه فقال: عن سالم، عن جابان، ولكن الثورى وشعبة هما حافظان "إلا أن الثورى كان أعلم بحديث أهل بلده من شعبه وأحفظ لها منه، ولا سيما حديث الأعمش، وإسحاق، ومنصور، فالخبر متصل عن سالم، عن جابان، فمرة روى كما قال شعبة وأخرى كما قال سفيان".

ص: 111

لجابان سماع من عبد الله، ولا لسالم من جابان ولا نبيط قال: وقد روى عن عبد الله بن عمرو قوله

(1)

.

(الحديث الخامس): قال الطبراني في الأوسط: حدَّثنا على بن سعيد الرازي، ثنا عبد الله بن أبي رومان الإسكندراني، ثنا عيسى بن واقد، نا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن لم يوتر فلا صلاة له" فبلغ ذلك عائشة فقالت: مَنْ سَمع هذا من أبي القاسم صلى الله عليه وسلم؟ ما بَعْدَ الْعَهْد وما نسينا، إنما قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم:"من جاءَ بصلوات الخمس يوم القيامة حافَظ على وُضوئها ومواقيتِها وركوعها وسجودها لم ينتقص منهن شيئًا - كان له عند الله عهد ألَّا يعذبه، ومن جاءَ وقد أنقص منهن شيئًا، فليس له عهد عند الله، إن شاء رحمه وإن شاءَ عذَّبه" ثم قال: لم يروه عن محمد بن عمرو إلا عيسى، تفرد به عبد الله بن أبي رومان

(2)

.

(الحديث السادس): قال الحافظ أبو حاتم بن حبان البُسْتِي في صحيحه في النوع التاسع والمئة من القسم الثاني: أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، ثنا

(1)

تحفة الأشراف (6/ 284) وانظر توثيق عائشة للسنة، ص:(141 - 144).

وقال البخارى في التاريخ الكبير (2/ 257):

"قال لى الجعفى: حدَّثنا وهب سمع شعبة، عن منصور، عن سالم، عن نبيط، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة ولد زنى" وتابعة غندر، ولم يقل جرير والثورى: "نبيط" (أي بين سالم وجابان) وقال عبدان: عن أبيه، عن شعبة، عن يزيد، عن سالم، عن عبد الله بن عمرو قوله، ولم يصح. ولا يعرف لجابان سماع من عبد الله بن عمرو، ولا لسالم من جابان ولا من نبيط".

(2)

المعجم الأوسط (5/ 19 رقم 4024).

عن علي بن سعيد به.

قال الهيثمي في المجمع (1/ 293): "لم يروه عن محمد بن عمرو إلا عيسى بن واقد. قلت: ولم أجد من ذكره".

وعبد الله بن أبي رومان ضعيف.

ص: 112

أَبو طاهر بن السرح، ثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة قالت: "ألا يعجبك أبو هريرة؟ جاءَ فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسمعني ذلك، وكنت أُسبِّح فقام قبل أن أقضى سُبْحَتى، ولو أدركته لرددت عليه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم"

(1)

.

قال أبو حاتم: قول عائشة: "لرددت عليه" أَرادت به سرد الحديث لا الحديث نفسه، وترجم عليه ما يستحب للمرء من ترك سرد الأحاديث حذر قلة التعظيم والتوقير لها

(2)

.

أخرجه مسلم في الصحيح في الفضائل عن حرملة بن يحيى: ثنا ابن وهب به سندًا ومَتنًا

(3)

.

(الحديث السابع): ذكر أبو منصور البغدادي

(4)

بإسناده إلى أبي عروبة الحسين بن محمد الحراني قال: ثنا جدى عمرو بن أبي عمرو قال: ثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم مولى الأنصار قال: ثنا محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبي هريرة: أنه قال: "مَن غَسَّلَ ميتًا اغتسل، ومن حمله توضأ" فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت: "أَو نجس موتى المسلمين؟ وما على رجل لو حمل عودًا"؟

(5)

.

(1)

الإحسان (1/ 302) - 303) (4) كتاب العلم - ذكر ما يستحب للمرء من ترك سرد الأحاديث حذر قلة التعظيم والتوقير لها.

عن عمر بن محمد الهمداني به. رقم (100)

(2)

المصدر السابق (1/ 303) الموضع نفسه.

(3)

م: (4/ 1940)(44) كتاب فضائل الصحابة (35) باب من فضائل أبي هريرة الدوسي - رضى الله تعالى عنه: رقم: (160/ 2493)

عن حرملة بن يحيى به.

(4)

استدراك أم المؤمنين عائشة (ص: 54 - 55 رقم 16).

(5)

د: (3/ 512)(15) كتاب الجنائز (39) باب في الغسل من غسل الميت - رقم: (3162) =

ص: 113

واعلم أن جماعة من الصحابة رووا هذا الحديث ولم يذكروا فيه الوضوءَ من حمله، منهم عائشة. أخرجه أبو داود

(1)

، ومنهم حذيفة: أخرجه البيهقى

(2)

، وهو يقوى إنكار عائشة.

= عن حامد بن يحيى، عن سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

وأحاله على حديث قبله، متنه:

من غسل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ.

وهذا إسناد صحيح.

قال أبو داود: هذا منسوخ، وسمعت أحمد بن حنبل وسئل عن الغسل من غسل الميت فقال: يجزيه الوضوء.

قال أبو داود: أدخل أبو صالح بينه وبين أبي هريرة في هذا الحديث - يعني إسحاق مولي زائدة.

ت: (3/ 318 - 319)(8) كتاب الجنائز (17) باب ما جاء في الغسل من غسل الميت. رقم (993).

من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غُسْلِه الغسل، ومن حمله الوضوء - يعنى الميت.

قال: وفى الباب عن علي وعائشة.

وقال: حديث أبي هريرة حديث حسن، وقد روى عن أبي هريرة موقوفًا.

أما اعتراض عائشة فعند البيهقي:

السنن الكبرى: (1/ 307) كتاب الطهارة - باب الغسل من غسل الميت.

من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن محمد بن عمر، عن محمد بن إبراهيم أن عائشة قالت: سبحان الله، أموات المؤمنين أنجاس؟ وهل هو إلا رجل أخذ عودًا فحمله؟

(1)

د: (3/ 511) الموضع السابق. رقم (3160).

من طريق مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب العنزى، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة أنها حدثته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، وغسل الميت.

قال أبو داود: وحديث مصعب ضعيف، فيه خصال، ليس العمل عليه.

وقال البيهقي في السنن الكبرى: (1/ 300): أخرج مسلم في الصحيح حديث مصعب بن شيبة، عن طريق طلق بن حبيب، عن ابن الزبير، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة، وترك هذا الحديث فلم يخرجه، ولا أراه تركه إلا لطعن بعض الحفاظ فيه

(2)

السنن الكبرى (1/ 304) في الكتاب والباب السابقين. =

ص: 114

ولكن قال البيهقي: "الروايات المرفوعة في هذا الباب عن أبي هريرة غير قوية، لجهالة بعض رواتها وضعف بعضهم".

والصحيح أنه موقوف على أبي هريرة

(1)

.

(الثامن): قال أَبو عَروبة أيضًا:

(2)

حدَّثنا جدى عمرو بن أبي عمرو قال، ثنا: أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم قال، ثنا الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:"لأنْ يمتلئَ جوف أحدكم قيْحًا ودمًا خير له من أَن يمتلئَ شعرًا" فقالت عائشة رضي الله عنها: "لم يحفظ الحديث، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا ودمًا خير له من أن يمتلئ شعرًا هجيتُ به"

(3)

.

= من طريق يزيد بن زريع، عن معمر بن راشد، عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتًا فليغتسل.

قال البيهقي: وقال غيره: عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي إسحاق عن أبي هريرة، وقال أبان، عن يحيى، عن أبي إسحاق سمع أبا هريرة. قال الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه: خبر أبي إسحاق عن أبيه، عن حذيفة ساقط. قال: وقال على بن المدينى: لا يثبت فيه حديث.

قال الشيخ رحمه الله تعالى: والمشهور عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب الأسدى، عن علي رضي الله عنه.

ثم روى البيهقى حديث على في وفاة أبي طالب ودفن على له من طريق ناجية بن كعب الأسدى.

ثم قال: وناجية بن كعب الأسدى لم تثبت عدالته عند صاحبى الصحيح، وليس فيه أنه غسله.

(1)

المصدر السابق (1/ 303) في الكتاب والباب السابقين. وانظر توثيق عائشة للسنة، ص: 248 - 250 وعبارته الأخيرة: "والصحيح عن أبي هريرة من قوله موقوفًا غير مرفوع".

(2)

استدراك أم المؤمنين عائشة: (ص: 58 - 59 رقم: 20).

(3)

شرح معاني الآثار (4/ 296) كتاب الكراهية - باب رواية الشعر، هل هي مكروهة أم لا؟.

عن يونس، عن ابن وهب، عن إسماعيل بن عياش، عن محمد بن السائب به.

ولفظه: قيل لعائشة رضى الله تعالى عنها: إن أبا هريرة يقول: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له من أن يمتلئ شعرًا.

فقالت عائشة رضى الله تعالى عنها: يرحم الله أبا هريرة، حفظ أول الحديث ولم يحفظ آخره، إن المشركين كانوا يهاجون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له من أن يمتلئ شعرًا من مهاجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 115

وقد أخرج الشيخان حديث أبي هريرة من جهة الأعمش عن أبي صالح عنه

(1)

وأخرجه مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص

(2)

، وأخرجه البزار من حديث عمر

(3)

.

قلت: وقد تابع عائشة على رواية هذه الزيادة جابر بن عبد الله، أخرجه أبو يعلى الموصلى في مسنده من جهة أحمد بن محرز الأزدى عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعًا بلفظ:"خير له من أن يمتلئَ شعرًا هجيتُ به"

(4)

.

قال السهيلى في الروض: وذكر ابن وهب في جامعه: "أَن عائشة رضي الله عنها تأولت هذا الحديث في الأشعار التي هُجى بها النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكرت قول مَن

(1)

خ: (4/ 120)(78) كتاب الأدب (92) باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن. رقم: (6155).

ولفظه: لأن يمتلئ جوف رجل قيحًا حتى يُرِيَه خير من أن يمتلئ شعرًا.

م: (4/ 1769)(41) كتاب الشعر. رقم: (7/ 2257).

(2)

م: (الموضع السابق) رقم: (8/ 2258).

(3)

"مسند البزار"(البحر الزخار)(1/ 368 - 369) عمرو بن حريث، عن عمر.

من طريق الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عمرو بن حريث عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له أن من يمتلئ شعرًا.

ثم قال البزار: وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن إسماعيل، عن عمرو بن حريث، عن عمر موقوفًا، ولا نعلم أسنده إلا خلاد بن سفيان.

قال أبو حاتم وأبو زرعة: هذا خطأ، وهم فيه خلاد، إنما هو عن عمر قوله (علل الحديث لابن أبي حاتم 2/ 235، 275. رقم 2194، 2324).

وقال الدارقطني في العلل: أسنده خلاد بن يحيى، عن الثوري، عن إسماعيل رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم، ووقفه غيره عن الثورى، وكذلك رواه يحيى القطان وأبو معاوية وأبو أسامة وغيرهم عن إسماعيل موقوفًا، وهو الصحيح (2/ 189 مسألة رقم 210).

وقال الهيثمي في المجمع (8/ 120 باب ما جاء في الشعر والشعراء):

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وقال: لا نعلم أحدًا أسنده إلا خلاد بن يحيى.

(4)

مسند أبي يعلى الموصلى (4/ 47) مسند جابر بن عبد الله. رقم (290/ 2056).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 120 باب ما جاء في الشعر والشعراء): فيه من لم أعرفهم.

ص: 116

حمله على العموم في جميع الشعر" قال السهيلى: "وإذا قلنا بذلك فليس في الحديث إلا عيب: "امتلاء الجوف منه". وأما رواية اليسير على جهة الحكاية والاستشهاد على اللغة فلم يدخل في النهى"

(1)

.

قال: وقد رد أبو عبيد

(2)

على من تأول الحديث في الشعر الذي هُجي به النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "رواية نصف بيت من ذلك الشعر حرام فكيف يخص امتلاء الجوف منه بالذَّم"؟

(3)

.

قال السهيلي: "وعائشة أعلم منه. فإن البيت والبيتين والأبيات من تلك الأشعار على جهة الحكاية، بمنزلة الكلام المنثور الذي ذموا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا فرق" وجعل ذلك عذرا لابن إسحاق في ذكر بعض أشعار الكفرة من الهجو

(4)

. انتهى.

والصواب: تحريم حكاية هجو النبي صلى الله عليه وسلم قليله وكثيره، والحديث لعله خرج على من امتلًا بذلك، فلا يكون له مفهوم في عدم ذم القليل. وأيضًا فالمحذور في الكثير موجود في القليل بعينه، فتأويل عائشة مستقيم إن شاء الله، ولا يرد ما فهمه أبو عبيد

(5)

ولا السهيلي

(6)

.

(التاسع): أخرج مسلم والنسائى عن شريح بن هانئ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أحب لقاءَ الله أحب الله لقاءَه، ومن كره لقاءَ الله كره الله لقاءه" قال شريح: فأَتيت عائشة فقلت: "يا أُم المؤمنين سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا إن كان كذلك فقد هلكنا" فقالت: إن الهالك من هلك، وما ذاك؟ قال:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أَحبَّ لقاءَ الله أَحبَّ الله لقاءَه، ومن كره لقاءَ الله كره الله لقاءَه. وليس منا أحد إلا وهو يكره الموت"

(1)

الروض الأنف، شرح سيرة ابن هشام (3/ 27)

(2)

في المطبوعة: "أبو عبيدة" وهو خطأ.

(3)

غريب الحديث لأبي عبيد: (1/ 162 - 163).

وانظر نص كلامه وبسطه في كتاب توثيق عائشة للسنة في رقم (6) من هذا الهامش.

(4)

الروض الأنف (3/ 27).

(5)

في المطبوعة: "أبو عبيدة" وهو خطأ.

(6)

انظر توثيق عائشة للسنة. ص: (195 - 202).

ص: 117

فقالت: "قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس بالذي تذهب إليه، ولكن إذا شَخَصَ البصر وحَشْرَج الصدر واقْشَعَرَّ الجلد وتَشَنَّجَت الأصابع، فعند ذلك من أَحبَّ لقاء الله أحب الله لقاءَه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه"

(1)

.

وأخرجه الدارقطنى من جهة محمد بن فضيل قال: ثنا عطاءُ بن السائب عن مجاهدٍ عن أبي هريرَة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِذا أَحبَّ العبدُ لقاء الله أَحبَّ الله لقاءَه، وإذا كرةَ العبدُ لقاءَ الله كره الله لقاءَه" فذكر ذلك لعائشة فقالت: "يرحمه الله حدثكم بآخر الحديث ولم يحدثكم بأوله" قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أَراد الله بعبدٍ خيرًا بعث إليه ملكًا في عامه الذي يموت فيه فيسدده ويبشره، فإذا كان عند موته أتى ملك الموت فقعد عند رأسه فقال: رأسه فقال: أيتها النفس المطمئنة اخرجى إلى مغفرة من الله ورضوان وتَتَهَوَّع نفسه رجاءَ أَن تخرج، فذلك حين يحب لقاء الله، ويحب الله لقاءَه. وإذا أراد بعبد شرًّا بعث إليه شيطانًا في عامه الذي يموت فيه فأغواه، فإذا كان عند موته أتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فقال: أيتها النفس، اخرجى إلى سَخَط من الله وغضب، فتفرق في جسده فيسترطه، فذاك حين يبغض لقاء الله، ويبغض الله لقاءَه".

غريب من حديث مجاهد عن أبي هريرة وعائشة، تفرد به عطاء بن السائب عنه. قال الدارقطني: ولا أعلم حدث به عنه غير ابن فضيل

(2)

.

قلت: وقد احتج به الشيخان

(3)

.

(1)

م: (4/ 2066)(48) كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (5) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه - رقم: (17/ 2685)

(2)

ذكره في الغرائب.

انظر أطراف الغرائب لأبي الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسى نسخة دار الكتب المصرية تحت رقم (697) حديث.

لوحة (307 / ب، 308/ أ).

ومعنى: "تتهوع نفسه: أي تخرج بلا تكلف ويسترطه: يبتلعه.

(3)

انظر توثيق عائشة للسنة، ص:(203 - 205).

ص: 118

(العاشر): روى أبو القاسم عبد الله بن محمد بن علي البغوي حدَّثنا عبيد الله بن عمر قال: ثنا خالد بن الحارث قال: ثنا عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد قال: بلغ عائشة رضي الله عنها أن أبا هريرة يقول: "إن المرأة تقطع الصلاة" فقالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فتقع رجلى بين يديه أو بحذائه فيصرفها فأقبضها"

(1)

(2)

.

(الحادي عشر): روى الشيخان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمشين أحدكم في نعل واحدة، ليُنْعِلْهُما جميعًا أَو ليخلعهما"

(3)

.

وروى مسلم عن جابر نحوه

(4)

.

(1)

روى مثل هذا البخارى ومسلم من حديث مالك:

خ: (1/ 179)(8) كتاب الصلاة (104) باب التطوع خلف المرأة عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كنت أنام بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاى من قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح. رقم: (513)

م: (1/ 367)(4) كتاب الصلاة (51) باب الاعتراض بين يدى المصلى.

عن يحيى بن يحيى، عن مالك به. رقم:(272/ 512)

(2)

انظر توثيق عائشة للسنة، ص:(229 - 232).

(3)

خ: (4/ 66)(77) كتاب اللباس (40) باب لا يمشي في نعل واحدة.

عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يمشى أحدكم في نعل واحدة، ليُحْفِهِما أو لينْعَلْهُما جميعًا.

رقم: (5856)

م: (3/ 1660)(37) كتاب اللباس والزينة (19) باب استحباب لبس النعل اليمنى أولا، والخلع من اليسرى أولًا، وكراهية المشي في نعل واحدة.

عن يحيى بن يحيى، عن مالك به.

ولفظه: "لا يمش أحدكم في نعل واحدة، ليُنْعِلْهُما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا. رقم:(68/ 2097).

ومن طريق الأعمش، عن أبي رَزين قال: خرج إلينا أبو هريرة فضرب بيده على جبهته فقال: ألا إنكم تحدثون أنى أكذب على رسول الله - لتهتدوا وأضل، ألا وإنى أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم يقول: إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها رقم: (69/ 2098)

(4)

م: (3/ 1661) الكتاب السابق (20) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد. =

ص: 119

قال ابن عبد البر في الاستذكار: حديث أبي هريرة وحديث جابر صحيحان ثابتان، وقد روى عن عائشة رحمها الله معارضة لحديث أبي هريرة في هذا الباب [و] لم يلتفت أهل العلم إلى ذلك؛ لأن السنن لا تعارض بالرأى. فإن قيل: لم تعارض أبا هريرة برأيها، وإنما ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما انقطع شسع نعله فمشي في نعلٍ واحدة، قيل: لم يرو هذا والله أعلم إلا مَنْدَل بن علي عن ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة. ومندل وليث ضعيفان لا حجة فيما نقلا منفردان، فكيف إذا عارض نقلهما نقل الثقات الأئمة

(1)

؟.

ذكر أبو بكر يعني ابن أبي شيبة: ثنا ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة كانت تمشى في خف واحد وتقول: "لأُحْنِثَنَّ أَبا هريرة" وهذا هو الصحيح، لا حديث مندل عن ليث والله أعلم

(2)

.

وقد روى عن علي أنه مشى في النعل الواحدة

(3)

، وهذا يحتمل أن يكون يسيرًا وهو يصلح الأخرى، أو يكون لم يبلغه ما رواه أبو هريرة وجابر، مع أن حديث على لا يثبت

(4)

من وجه يترتب عليه شيء ما

(5)

، وعن رجل من مزينة عن علي: أنه كان يمشى في نعل واحدة وهو يصلح شسعه

(6)

.

= من طريق أبي خيثمة عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا انقطع شسع أحدكم - أو من انقطع شسع نعله فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه ولا يمش في خف واحد.

(1)

الاستذكار (26/ 195) رقم (39197 - 39198)

(2)

مصنف ابن أبي شيبة (8/ 229)(846) من رخص أن يمشى في نعل واحدة حتى يصل الأخرى. رقم: (4982). وفيه: "لأخيفن" وفى مخطوطة للمُصَنَّف: "لأحمقن" وفي المطبوعة هنا "لأخشن" وما أثبتناه من الأصل. والله تعالى أعلم.

(3)

مصنف ابن أبي شيبة (الموضع السابق).

عن ابن إدريس، عن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من مزينة قال: رأيت عليًّا يمشي في نعل واحدة بالمدائن، كان يصلح شسعه. رقم (4980)

(4 - 5) ما بين الرقمين ساقط من المطبوع. وأثبتناه من الأصل.

(6)

الاستذكار (26/ 195 - 196) أرقام (39199 - 39202) =

ص: 120

‌فائدة:

روى الشيخان عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أطعمت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة فلها أجرها، وله مثله، وللخازن مثل ذلك"

(1)

. وأَخرجا أيضًا عن هشام عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما أنفقت المرأَة من كسبه عن غير أمره فإن نصف أجره له"

(2)

. وهذا لا ينافي رواية أبي هريرة. ثم إنه قد جاءَ عن أبي هريرة ما يخالف ظاهر روايته: فروى أبو داود في سننه من جهة عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة في المرأة تصدق من بيت زوجها قال: "لا، إلا من قوتها والأجر بينهما. ولا يحل لها أن تصدق من مال زوجها إلا بإذنه"

(3)

. ولأجل هذا حمل البيهقى وغيره الحديث السابق على أنها تعطيه من

= وانظر تخريج الحديث في الهامش السابق.

وعبارة الاستذكار: "على أن حديث على لا يثبت؛ لأنه إنما يرويه يزيد بن أبي زياد، عن رجل من مزينة، عن علي أنه رآه يمشى في نعل واحدة وهو يصلح شسعه".

(1)

خ: (1/ 444)(24) كتاب الزكاة (26) باب أجر المرأة إذا تصدقت، أو أطعمت من بيت زوجها غير مفسدة - من طريق الأعمش، عن شقيق، عن مسروقٍ، عن عائشة رضي الله عنها به.

وزاد: "له بما اكتسب، ولها بما أنفقت" رقم: (1440)

م: (2/ 710)(12) كتاب الزكاة (25) باب أجر الخازن الأمين والمرأة إذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة، بإذنه الصريح أو العرفى.

من طريق الأعمش به. رقم (81/ 1023)

(2)

خ: (2/ 79)(34) كتاب البيوع (12) باب قول الله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة 267] رقم [2066]

من طريق معمر، عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فلها نصف أجره.

م: (2/ 712) الموضع السابق.

ولفظه: "لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن وهو شاهد إلا بإذنه، وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له. رقم:(84/ 1026)

(3)

د: (2/ 318)(3) كتاب الزكاة - (44) باب المرأة تتصدق من بيت زوجها. رقم: (1688).

ص: 121

الطعام الذي أعطاها زوجها وجعله بحكمها دون سائر أمواله. والأصل تحريم مال الغير إلا بإذنه. قال: والحامل على ذلك أن أبا هريرة قال ذلك وهو أحد رواة تلك الأخبار

(1)

. ونازعه الحافظ شمس الدين الذهبي وقال: بل الظاهر أنه أراد الإذن لها في الصدقة مما يقتاتونه من المطبوخ والمخبوز وهو الطعام الرطب، دون ما في البيت من مثل العسل والزيت والجبن مما يدخر، فإن ذلك مال؛ فإن أبا هريرة قال: والأجر بينهما. فأَما قوتها

(2)

التي تأخذه من زوجها بالفرض ثم تؤثر منه فإن الأجر لها وحدها. اهـ.

وقال صاحب الدر النقى: هذا الأثر المروى عن أبي هريرة لا يصح؛ فإن في سنده عبد الملك العَرْزَمِي وهو متكلم فيه، قال البيهقى في موضع:"لا يقبل منه ما خالف فيه الثقات". ثم لو صح فالعبرة عند الشافعي بما روى لا بما رأى. وكيف يحمل ذلك على الطعام الذي أعطاها وفى حديث أبي هريرة "وما أنفقت من كسبه عن غير أمره"، بل يحمل ذلك على كل ما هو مأذون فيه إما صريحًا أو عرفًا أو عادة

(3)

.

وقد أخرج البيهقى أيضًا عن يحيى القطان عن زياد بن لاحق: حدثتني تميمة بنت سلمة أنها أتت عائشة في نسوة من أهل الكوفة فسألتها امرأة منا فقالت: "المرأة تصيب من بيت زوجها شيئًا بغير إذنه"؟ فغضبت وقطَّبت، وساءَها ما قالت، وقالت: "لا تسرقى منه ذهبًا ولا فضة ولا تأخذى منه شيئًا

(4)

.

(1)

السنن الكبرى (4/ 193) كتاب الزكاة - باب المرأة تتصدق من بيت زوجها بالشيء اليسير غير مفسدة.

(2)

في المطبوعة: "فأما قولها" وهو خطًا، وما أثبتناه من المخطوط.

(3)

هو المارديني في كتابه الجوهر النقى على سنن البيهقى، وهو مطبوع على هامش السنن الكبرى (4/ 193).

(4)

السنن الكبرى (4/ 193) الموضع السابق.

وفيه: "ولا تأخذى من بيته شيئًا".

ص: 122

قلت: وكأنها رضي الله عنها قالت لها ذلك؛ لما فهمت من قرينة الحال أنها تستطيل في ماله لموافقتها بالجواز، كما اتفق مثل ذلك لابن عباس لما أفتى السائل عن توبة القاتل: أنه لا توبة له.

وفى الباب حديث أخرجه الترمذي وابن ماجه عن إسماعيل بن عياش: نا شرحبيل بن سلمة سمع أَبا أُمامة يقول: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فسمعته يقول: "لا يحل لامرأة أن تعطى من مال زوجها شيئًا إلا بإذنه فقال رجل: "يا رسول الله ولا الطعام"؟ قال: "ذاك أفضل أموالنا"

(1)

قال الذهبي: هذا إسناد حسن

(2)

.

(1)

سنن الترمذى (3/ 48 - 49)(5) كتاب الزكاة (34) باب في نفقة المرأة من بيت زوجها، وقال عقبه: "حديث أبي أمامة حديث حسن. رقم: (760) سنن ابن ماجه: (2/ 770)(12) كتاب التجارات (65) باب ما للمرأة من مال زوجها، رقم:(2295)

(2)

فصلت القول في هذه الأحاديث في شرح صحيفة همام بن منبه (ص: 330 - 334) وأنقله هنا إتمامًا للفائدة:

(1)

- وما أنفقت من كسبه من غير أمره:

معناه: ما أنفقت من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين، ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، صراحة أو عُرفا، ولابد من هذا التأويل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الأجر مناصفة، ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح، ولا معروف من العرب فلا أجر لها، بل عليها وزر.

وهذا يتعلق بالقدر اليسير الذي يعلم رضا المالك به في العادة، فإن زاد على المتعارف لم يجز، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث:"إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة" فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به في العادة.

كما أن قوله صلى الله عليه وسلم - "من طعام بيتها" يخصص العام الذي معنا: "من كسبه"، فالطعام هو الذي يسمح به في العادة بخلاف النقود في حق أكثر الناس، وفي كثير من الأحوال.

ويمكن أن يكون المعنى: ما إذا أنفقت من مالها الذي اكتسبه وأعطاه لها في نفقتها، فلها الأجر، وإن لم يأذن لها في إنفاقه؛ لأنه خالص ملكها، وله الأجر باكتسابه ودفعه لها، كما قال أبو هريرة فيما رواه أبو داود بسنده في المرأة تصدق من بيت زوجها قال: لا، إلا من قوتها، والأجر بينهما، ولا يحل لها أن تصدق من مال زوجها إلا بإذنه.

قال صاحب طرح التثريب: وهذا إما مرفوع إن كان لا يقال مثله من قبل الرأى، وإما موقوف لكنه من كلام راوى الحديث؛ فهو أعلم بتفسيره، والمراد به. =

ص: 123

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال أبو داود: "وهذا يضعف حديث همام".

وليس المراد ضعفه من حيث الصحة، وإلا فحديث همام بلا شك أصح؛ لأنه - على الأقل - صريح في الرفع. ولكنه يريد - كما قال ابن حجر -: كما قال ابن حجر: -: أنه يُضَعِّف حمله على التعميم؛ أي ليست عبارة "وما أنفقت من غير أمره" على عمومها، وإنما هي خاصة بإنفاقها من نفقتها؛ كما يدل على ذلك هذا الحديث.

على أنه قد ورد من الأحاديث مايدل ظاهره على التعارض بينه وبين هذا الحديث؛ ومن ذلك ما رواه أبو داود بسنده عن سعد (ابن أبي وقاص) قال: لما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء قامت امرأة جليلة كأنها من نساء مضر، فقالت: يانبي الله، إنا كُلٌّ على آبائنا - قال أبو داود: وأرى فيه: وأزواجنا - فما يحل لنا من أموالهم؟ فقال: الرَّطْبُ تأكلنه وتهدينه.

وأخرج الترمذى وابن ماجه عن أمامة الباهلى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع يقول: لا تنفق امرأة شيئًا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها. قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟ قال: ذاك أفضل أموالنا.

إذا كان ظاهر هذين الحديثين التعارض مع حديثنا فإنه يمكن الجمع بأن المراد بالحديث الذي معنا ما يتسارع إليه الفساد من الطعام. أما غيره فلا يكون الإنفاق منه إلا بإذن الزوج.

وقد ذكر الحافظ العراقي كلامًا طيبا في الجمع بين الأحاديث المختلفة التي وردت في هذا الموضوع، قال: وكيفية الجمع بينها أن ذلك يختلف باختلاف عادات البلاد، وباختلاف حال الزوج في مسامحته بذلك، وكراهته له، وباختلاف الحال في الشيء المنفق بين أن يكون شيئًا يسيرًا يتسامح به، وبين أن يكون له خطر في النفس يبخل بمثله، وبين أن يكون رطبا يخشى فساده إن تأخر، وبين أن يكون يدخر ولا يخشى عليه.

واستشهد بقول الخطابي عقب حديث عائشة: "إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة": هذا الكلام خارج على عادة الناس بالحجاز، وبغيرها من البلدان، في أن رب المال قد يأذن لأهله ولعياله، وللخادم في الإنفاق بما يكون في البيت من طعام وإدام ونحوه، ويطلق أمرهم في الصدقة منه، إذا حضرهم السائل، ونزل بهم الضيف، فحضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على لزوم هذه العادة، واستدامة ذلك الصنيع، ووعدهم الأجر والثواب عليه"

وليس ذلك بأن تفتات المرأة أو الخازن على رب البيت بشيء لم يؤذن لهما فيه، ولم يطلق لهما الإنفاق منه، بل يُخاف أن يكونا آثمين إن فعلا. كما استشهد بكلام لابن العربى والمنذرى لا يخرج عن هذا.

(5)

- فإن نصف أجره له: أي والنصف الآخر لها، ويدل لذلك قوله في رواية أبي داود: "فلها نصف أجره، فحصل من مجموع الروايتين أنه بينهما نصفين. ويوافق ذلك مافي صحيح مسلم، عن عمير مولى آبي اللحم قال: أمرنى مولاى أن أقدد لحمًا، فجاءني مسكين، فأطعمته منه، فعلم =

ص: 124

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

* * *

= بذلك مولاى فضربني، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فدعاه، فقال: لم ضربته؟ فقال: يعطى طعامى بغير أن آمره، فقال: الأجر بينكما.

وهذه المناصفة ليست على حقيقتها وظاهرها، بل المراد أن لهذا ثوابا ولهذا ثوابا، وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، بل قد يكون ثواب هذا أكثر، وقد يكون عكسه، وقوله هنا "نصفان" معناه: قسمان، وإن كان أحدهما أكثر، كما قال الشاعر:

إذا مت كان الناس نصفان بيننا

شامِت وآخر مُثْن بالذي كنت أصنع

فإذا أعطى المالك لخازنه، أو امرأته، أو غيرهما مائة درهم، أو نحوها ليوصلها إلى مستحق الصدقة على باب داره أو نحوه فأجر المالك أكثر. وإن أعطاه رمانة أو رغيفًا ونحوهما حيث ليس له كبير قيمة؛ ليذهب به إلى محتاج في مسافة بعيدة بحيث يقابل مشى الذاهب إليه بأجرة تزيد على الرمانة والرغيف فأجر الوكيل أكثر، وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلا، فيكون مقدار الأجر سواء.

قال النووى: وأشار القاضي إلى أنه يحتمل أيضًا أن يكون سواء؛ لأن الأجر فَضْلٌ من الله تعالى يؤتيه من يشاء، ولا يدرك بقياس، ولا هو بحسب الأعمال، بل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وعلى الرغم من وجاهة هذا الرأى إلا أن النووى رجح المعنى الأول، قال: والمختار الأول. والله أعلم.

ص: 125

‌فصل 8 - استدراكها على مروان بن الحكم

(1)

نقل أهل التفسير في قوله تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ} [سورة الأحقاف: 17] أن معاوية كتب إلى مروان بأن يبايع الناس ليزيد، قال عبد الرحمن بن أبي بكر:"لقد جئتم بها هرقلية، أتبايعون لأبنائكم"، فقال مروان: يا أيها الناس هذا الذي قال الله فيه {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} فسمعت عائشة فغضبت وقالت: "والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لسميته، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه فأنت فَضَضٌ

(2)

من لعنة الله". لفظ رواية النسائي

(3)

.

(1)

هذا الفصل ليس للمؤلف، وإنما هو لصاحبه أحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي أحمد الرملي الشافعي الشهير بأبي الأسباط.

وقال في آخره مبينًا ذلك: "قال ذلك وحرر النَّقل فيه مستدركًا به على المؤلف في إهماله. كاتبه أحمد

إلخ.

ومما يدل على أن هذا الفصل ليس للمؤلف كذلك أنه استشهد بكلام شيخه ابن حجر في نهايته.

وابن حجر يعتبر من تلاميذ الزركشي وليس شيخًا له.

(2)

فَضَضٌ: قال الفيروزبادى بعد أن أشار إلى هذا الحديث: ويُروى فُضُض كعُنُق وغراب، أي قطعة منها. (القاموس) وفى المطبوعة قضض بالقاف وهو خطأ.

(3)

السنن الكبرى للنسائي (6/ 458 - 459)(82) كتاب التفسير - سورة الأحقاف - (329) قوله: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الآية رقم 17].

عن علي بن الحسين، عن أمية بن خالد عن شعبة، عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه قال مروان: سنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر، فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} الآية، فبلغ ذلك عائشة فقالت: كذب والله، ما هو به، ولو شئت أن أسمى الذي أنزلت فيه لسميته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان، ومروان في صلبه، فمروان فَضَضٌ من لعنة الله.

[وانظر تفسير النسائي 2/ 290].

المستدرك: (4/ 481)(50) كتاب الفتن والملاحم.

من طريق على بن الحسين الدرهمي به.

وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

وتعقبه الذهبي فقال: فيه انقطاع، محمد لم يسمع من عائشة.

كشف الأستار: (2/ 247) كتاب الإمارة. =

ص: 126

ورواه الحاكم وابن أبي خيثمة وابن مردويه من رواية محمد بن زياد. قال:

= من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهى مولى الزبير قال: كنت في المسجد ومروان يخطب، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: والله ما استخلف أحدًا أهله، فقال مروان: أنت الذي نزلت فيك: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} فقال عبد الرحمن: كذبت، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم لعن أباك. رقم:(1624)

قال البزار: لا نعلمه عن عبد الرحمن إلا من هذا الوجه.

قال الهيثمي: رواه البزار، وإسناده حسن (5/ 241 من المجمع)

كما روى البزار في هذا الموضع ما يبين مسألة لعن أبي مروان:

روى عن طريق عبد الله بن نمير، عن عثمان بن حكيم، عن أبي أمامة بن سهل، عن عبد الله بن عمرو قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن عنده إذ قال: ليدخلن عليكم رجل لعين، وكنت تركت عمرو بن العاص يلبس ثيابه ليلحقني، فمازلت أنظر وأخاف حتى دخل الحكم بن أبي العاص.

قال البزار: لا نعلم هذا بهذا اللفظ إلا عن عبد الله بن عمرو بهذا الإسناد. رقم (1625).

وقال الهيثمي: رواه أحمد والبزار إلا أنه قال: "دخل الحكم بن أبي العاص" والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح (5/ 241 من المجمع).

كما روى الحاكم في الموضع السابق (4/ 481) من طريق أبي الحسن الجزرى، عن عمرو بن مرة الجهني - وكانت له صحبة - أن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم صوته وكلامه فقال: ائذنوا له، عليه لعنة الله، وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم وقليل ما هم، يَشْرُفون في الدنيا، ويضعون في الآخرة، ذوو مكر وخديعة، يعطون في الدنيا، وما لهم في الآخرة من خلاق.

وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه

ولكن قال الذهبي: لا والله، فأبو الحسن من المجاهيل.

وساق له الحاكم من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الحكم وولده.

رواه من طريق الحجاج عن رُشْدِين المصرى، عن إبراهيم بن منصور الخراساني، عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن محمد بن سوقة، عن الشعبي، عن عبد الله بن الزبير به.

وقال: هذا الحديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

ولكن قال الذهبي: رشدين ضعيف.

وقد روى البخارى القصة في صحيحه من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن مَاهَك قال: كان مروان على الحجاز، استعمله معاوية

فذكر الحديث.

ولكن فيه قول عائشة فقط: "ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن، إلا أن الله أنزل عذرى [خ 3/ 291/ 65 كتاب التفسير 46 - سورة الأحقاف. رقم 4827] =

ص: 127

لما بايع معاوية لابنه قال مروان: "سنة أبي بكر وعمر" فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: "سنة هرقل وقيصر" قال مروان: "هذا الذي أنزل الله" فذكر الآية فبلغ ذلك عائشة فقالت: "كذب والله ما هو به فيذكره، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان ومروان في صلبه إلى آخره"

(1)

.

ولفظ ابن أبي خيثمة: أن معاوية كتب إلى مروان أن يبايع الناس ليزيد، فقال عبد الرحمن: لقد جئتم بها هرقلية

إلى آخره

(2)

.

وأصله في البخاري من رواية يوسف بن ماهك عن عائشة دون ما في آخره

(3)

.

وأما الذي أرادته عائشة ولم تسمِّه فلم يوقف له على اسم.

وأنكر الزجاج نزولها في عبد الرحمن؛ لأنه أسلم وحسن إسلامه، وقال: الصحيح أنها نزلت في الكافر العاق

(4)

. وهذا مروى عن الحسن البصرى.

وعن قَتادةَ أنه: نعت عبد سوءٍ عاق لوالديه

(5)

وقال الزمخشري في الكشاف: نزولها في عبد الرحمن باطل: "ويشهد له

= ومن هذا كله يمكننا أن نقول بهذه الشواهد إن الحديث حسن على أقل تقدير. والله عز وجل أعلم.

(1)

انظر التخريج السابق.

(2)

ذكر الزيلعي في تخريج الكشاف إسناده فقال:

ورواه ابن أبي خيثمة في أول تاريخه فقال: ثنا موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد أن معاوية كتب إلى مروان بن الحكم أن يبايع الناس ليزيد بن معاوية، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: لقد جئتم بها هرقلية

الخ.

كما ذكر الزيلعي أن ابن مردويه رواه في تفسيره من حديث أمية بن خالد، عن شعبة، عن محمد بن زياد قال: لما بويع ليزيد بن معاوية قال مروان بن الحكم: سنة أبي بكر وعمر

إلى آخره.

(تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الكشاف 3/ 282).

(3)

انظر التخريج السابق في الصفحة السابقة.

(4)

نقل ذلك ابن حجر في فتح البارى (8/ 441) في كتاب التفسير - سورة الأحقاف.

(5)

جامع البيان للطبرى (25/ 13) في تفسير سورة الأحقاف.

ص: 128

أَن المراد بـ "الذي قال" جنس القائلين ذلك، وأيضًا قوله تعالى

(1)

: {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} إِلى آخرها، لا يناسب ذلك عبد الرحمن

(2)

، إِلا أَن المهدوى قال: يحتمل أن يكون هو، وذلك قبل إسلامه وأن الإشارة بـ {أولئك} للقوم الذين أشار إليهم المذكور بقوله {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} فلا يمتنع أن يقع ذلك له قبل إسلامه

(3)

. قال شيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين بن حجر: "ولكن نفى عائشة أن تكون نزلت في عبد الرحمن وآل بيته،، أَصح إسنادًا وَأَوْلى بالقبول"

(4)

.

فإِنَّه نقل أَيضًا أنها نزلت في أخيه عبد الله.

(5)

وقول عائشة رضي الله عنها "فأَنت فَضَضٌ من لعنة الله" أي قطعة منها.

* * *

(1)

في المطبوعة: "أيضًا وقوله" وما أثبتناه من المخطوط.

(2)

تفسير الكشاف (3/ 446)

وقال: "وعبد الرحمن كان من أفاضل المسلمين وسرواتهم".

(3)

فتح البارى (8/ 441) الموضع السابق - نقله عنه ابن حجر - رحمه الله تعالى.

(4)

المصدر السابق - الموضع نفسه.

(5)

نقل ابن حجر ذلك عن ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن مجاهد.

(فتح 8/ 441 - الموضع نفسه).

ص: 129

‌فصل 9 - استدركها على أبي سعيد الخدرى

(الأول): قال أبو حاتم بن حبان في صحيحه: أخبرنا محمد بن الحسن: ثنا قتيبة: ثنا حرملة بن يحيى قال: ثنا ابن وهب: ثنا يونس عن ابن شهاب: حدثتني عمرة بنت عبد الرحمن: أَن عائشة أخبرت أن أبا سعيد الخدري قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم، قالت عمرة: فالتفتت عائشة إلى بعض النساءٍ: "ما لكلكن ذو محرم"

(1)

.

وأخرجه البيهقي في سننه

(2)

.

ثم قال أبو حاتم: "لم تكن عائشة بالمتهمة أبا سعيد لعدالته، وإنما أرادت بقولها: "ما لكلكن ذو محرم" تريد أنه ليس لكلكن ذو محرم تسافر معه، فاتقين الله ولا تسافر واحدة منكن إلا بذى محرم يكون معها"

(3)

.

قلت: ينافي هذا رواية البيهقى "ما كلهن ذوات محرم" وقد أدخله في باب لزومها الحج مع النساء الثقات

(4)

.

وقال الطحاوى في معاني الآثار: "احتج بخبر عائشة هذا من لم يشترط

(1)

ابن حبان (الإحسان): (6/ 442)(9) كتاب الصلاة (27) فصل في سفر المرأة - ذكر لفظة توهم غير المتبحر في صناعة العلم أن عائشة رضوان الله عليها اتهمت أبا سعيد في هذه الرواية - عن محمد بن الحسن به. رقم: (2733)

(2)

السنن الكبرى (5/ 226) كتاب الحج - باب المرأة يلزمها الحج بوجود السبيل إليه، وكانت مع ثقة من النساء في طريق مأهولة آمنة.

من طريق عثمان بن عمر، عن يونس، عن الزهري، عن عمرة، أن عائشة أخبرت أن أبا سعيد يفتى أن المرأة لا تسافر إلا مع محرم، فقالت: ما كلهن من ذوات محرم.

(3)

ابن حبان (الإحسان): (6/ 442 - 443) الموضع السابق.

وفيه: "لم تكن عائشة بالمتهمة أبا سعيد في الرواية؛ لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كُلُّهم عدول ثقات

".

(4)

انظر التخريج السابق من السنن الكبرى.

ص: 130

المحرم في وجوب الحج، ولا حجة في قول أحد مع قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام إلا ومعها محرم"

(1)

.

قال: وقد قيل لأبي حنيفة: "فإن عائشة كانت تسافر بلا محرم" فقال أبو حنيفة: "كان الناس لعائشة محرمًا، مع أيهم سافرت فقد سافرت مع محرم، وليس الناس لغيرها من النساء كذلك"

(2)

اهـ

(3)

.

(الثاني): أخرج أبو داود في سننه عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدرى: أنه لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها"

(4)

.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه

(5)

.

والحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه

(6)

.

ورواه البزار في مسنده وقال: "لا يروى إلا من حديث أبي سعيد ولا نعلم له طريقًا عنه إلا هذه". اهـ

ورأيت في كتاب أصول الفقه لأبي الحسين أحمد بن القطان من قدماء

(1)

شرح معاني الآثار (2/ 115 - 116) كتاب الحج - باب المرأة لا تجد محرمًا وقد لخص المصنف كلام الطحاوى، ولم يأت بنصه.

(2)

المصدر السابق (2/ 116) الموضع نفسه.

(3)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(254 - 255).

(4)

د: (3/ 485)(15) كتاب الجنائز (18) باب ما يستحب من تطهير ثياب الميت عند الموت رقم (3114).

عن الحسن بن علي، عن ابن أبي مريم، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدرى به.

(5)

ابن حبان (الإحسان)(16/ 307) كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة - ذكر خبر أوهم عالمًا من الناس أن حكم ظاهره حكم باطنه رقم: (7316).

(6)

المستدرك (1/ 340).

وصححه على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.

ص: 131

أصحابنا من أصحاب ابن سريج في الكلام على الرواية بالمعنى: أن أبا سعيد رضي الله عنه فهم من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بالثياب الكفن، وأن عائشة رضي الله عنها أنكرت عليه ذلك، وقالت: يرحم الله أَبا سعيد، إنما أَراد النبي صلى الله عليه وسلم عمله الذي مات عليه، قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يحشر الناس حفاةً عراة غُرْلًا"

(1)

اهـ

(2)

.

* * *

(1)

خ: (4/ 195)(81) كتاب الرقاق (45) باب الحشر.

من طريق عبد الله بن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحشرون حفاة عراة غُرْلًا. قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت: يا رسول الله، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: الأمر أشد أن يُهِمَّهُمْ ذاك. رقم: (6527).

وغُرْلًا: غير مختونين.

(2)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(206 - 208).

ص: 132

‌فصل 10 - استدراكها على ابن مسعود

روى أبو منصور البغدادي

(1)

من جهة محمد بن عبيد الطنافسي قال: ثنا الأعمش عن خيثمة عن أبي عطية قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقال مسروق: قال عبد الله بن مسعود: "من أَحب لقاءَ الله أَحب الله لقاءَه، ومن كره لقاءَ الله كره الله لقاءه" فقالت عائشة: "يرحم الله أبا عبد الرحمن حَدَّثَ بأول الحديث ولم تسألوه عن آخره، إن الله تعالى إذا أَراد بعبد خيرًا قيض له قبل موته بعام ملكًا يوفقه ويسدده حتى يقول الناس: مات فلان على خير ما كان، فإذا حضر ورأى ثوابه من الجنة تهوع بنفسه أو قال تهوعت نفسه، فذلك حين أحب لقاءَ الله وأحب الله لقاءَه. وإذا أراد الله بعبد سوءًا قيّض له قبل موته بعام شيطانًا فأفتنه حتى يقول الناس مات فلان أشر ما كان، فإذا حضر رأى ما نزل عليه من العذاب فبلع نفسه، وذلك حين كره لقاءَ الله وكره الله لقاءَه

(2)

(3)

.

* * *

(1)

في كتابه استدراك أم المؤمنين عائشة. ص: (61 - 62).

(2)

روى هذا الحديث مسلم من طريق شريح بن هانئ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه.

قال: فأتيت عائشة، فقلت: يا أم المؤمنين، سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا - إن كان كذلك فقد هلكنا. فقالت: إن الهالك من هلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك؟

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه"، وليس منا أحد إلا وهو يكره الموت، فقالت: قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بالذي تذهب إليه، ولكن إذا شخص البصر، وحشرج الصدر، واقشعر الجلد، وتشنجت الأصابع، فعند ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه.

[م: (4/ 2066) (48) كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (5) باب من أحب لقاء الله أحب الله. رقم: (17/ 2685)]

وقد سبق هذا الحديث في فصل الاستدراك على أبي هُريرة - رضى الله تعالى عنه ص (118).

(3)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(203 - 205).

ص: 133

‌فصل 11 - استدراكها على أبي موسى الأشعرى

عن أبي عطية مالك بن عامر قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلت لها: "يا أُم المؤمنين رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الصلاة ويعجل الإفطار، والآخر يؤخر الصلاة ويؤخر الإفطار" قالت: "أيهما الذي يعجل" قال: "عبد الله" قالت: "هكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم " والآخر أَبو موسى. أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وقال الترمذي: حسن

(1)

(2)

.

* * *

(1)

م: (2/ 771 - 772)(13) كتاب الصيام (9) باب فضل السحور، وتعجيل الفطر من طريق الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عطية ومسروق، عن عائشة رقم (49/ 1099).

د: (2/ 763 - 764)(8) كتاب الصوم (20) باب ما يستحب من تعجيل الفطر عن أبي معاوية عن الأعمش به. رقم: (2354)

ت: (3/ 74)(6) كتاب الصوم (13) باب ما جاء في تعجيل الإفطار.

من طريق أبي معاوية به. رقم: (702)

وقال: هذا حديث حسن صحيح

قال: وأبو عطية اسمه مالك بن أبي عامر الهَمْدَانى، ويقال: ابن عامر الهَمْدَاني، و "ابن عامر" أصح.

س: (4/ 143 - 144)(22) كتاب الصيام (23) ذكر الاختلاف على سليمان بن مِهْران في حديث عائشة في تأخير السحور، واختلاف ألفاظهم.

من طريق شعبة عن الأعمش به. رقم: (2158)

(2)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(209).

ص: 134

‌فصل 12 - استدراكها على زيد بن ثابت

قال البزار في مسنده: حدَّثنا محمد بن المثنى: قال: ثنا ابن أبي عدى عن سعيد بن أبي عروبة عن قَتادةَ عن عكرمة: أن ابن عباس وزيد بن ثابت اختلفا في التي تطوف يوم النحر الطواف الواجب ثم تحيض؛ فقال زيد: "تقيم حتى يكون آخر عهدها بالبيت" وقال ابن عباس: "تنفر إذا طافت يوم النحر" فقالت الأنصار: "يا ابن عباس إنك إذا خالفت زيدًا لم نتابعك" فقال ابن عباس: "سلوا عن ذلك صاحبتكم أُم سليم"

(1)

فسألوها فأخبرت بما كان من حال صفية بنت حُيَي قال: فقالت عائشة: "إنها لحابِسَتُنَا" فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تَنْفِر"

(2)

.

وذكره ابن عبد البر من جهة عبد الرزاق: ثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه أن زيد بن ثابت وابن عباس تماريا في صدَر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها الطواف بالبيت؛ فقال ابن عباس: "تنفر" وقال زيد: "لا تنفر" فدخل زيد على عائشة فسألها فقالت: "تنفر" فخرج زيد وهو يبتسم، ويقول:"ما الكلام إلا ما قلتَ"

(3)

.

قال أَبو عمر: "هكذا يكون الإنصاف وزيد يعلِّم ابن عباس فما لنا لا نقتدى بهم"

(4)

(5)

.

(1)

هي بنت ملحان أخت أم حرام الأنصارية لها صحبة، وهى والدة أنس بن مالك وزوج أبي طلحة الأنصاري.

(2)

خ: (1/ 533)(25) كتاب الحج (145) باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت من طريق حماد، عن أيوب، عن عكرمة نحوه. رقم (1758 - 1759).

م: (2/ 963 - 964)(15) كتاب الحج (67) باب وجوب طواف الوداع، وسقوطه عن الحائض.

من طريق ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، قال: كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت

فذكر نحوه.

رقم: (381/ 1327).

(3)

التمهيد: (17/ 270).

(4)

المصدر السابق (17/ 270).

(5)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(210 - 212).

ص: 135

‌فصل 13 - استدراكها على زيد بن أرقم

قال عبد الرزاق في مصنفه: أَخبرنا معمر والثورى عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته: أنها دخلت على عائشة في نسوة فسألتها امرأة فقالت: "يا أُم المؤمنين كانت لي جارية فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة إلى العطاءِ، ثم ابتعتها منه بستمائة، فنقدته الستمائة، وكتبت عليه ثمانمائة" فقالت عائشة: "بئس ما اشتريت وبئس ما لمشتري زيد بن أرقم، إنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب" فقالت المرأَة لعائشة: "أَرأَيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل"؟ فقالت: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275]

(1)

.

وأخرجه الدارقطني والبيهقي في سننيهما عن يونس بن أبي إسحاق الهمداني عن أُمه العالية قالت: "كنت قاعدة عند عائشة، فأتتها أم مُحِبّة فقالت: "إنى بعت زيد بن أرقم جارية إلى عطائه" فذكر نحوه

(2)

قال الدارقطني: أُم محبة والعالية مجهولتان لا يحتج بهما، وهذا الحديث لا يثبت عن عائشة. قاله الإمام الشافعي، قال: ولو ثبت فإنها عابت بيعًا إلى العطاء؛ لأنه أجل غير معلوم، لا أنها عابت عليه ما اشترت بنقد وقد باعته إلى أَجَل. ولو اختلف بعض الصحابة في شيءٍ أخذنا بقول من معه القياس، والذي معه القياس زيد بن أرقم، وفَعَلَ ما يراه حلالًا، فلا نزعم أن الله يحبط عمله

(3)

ا هـ.

(1)

مصنف عبد الرزاق (8/ 184 - 185) كتاب البيوع - باب الرجل يبيع السلعة ثم يريد اشتراءها بنقد. رقم (4812)

وعنده رواية أخرى عن الثورى، عن أبي إسحاق، عن امرأته، عن امرأة أبي السفر

الخ (8/ 185).

(2)

سنن الدارقطني: (2/ 52) كتاب البيوع - رقم: (211 - 212).

قال الدارقطني: أم محبة والعالية مجهولتان لا يحتج بهما.

والسنن الكبرى: (5/ 330 - 331) كتاب البيوع - باب الرجل يبيع الشيء إلى أجل، ثم يشتريه بأقل.

(3)

الأم: (3/ 160) كتاب البيوع (38) باب بيع الآجال =

ص: 136

وقد ذهب إِلى حديث عائشة جماعة منهم الثورى، والأَوزاعي، وأَبو حنيفة، ومالك، وأَحمد بن حنبل، والحسن بن صالح، وصححوا حديثها. والعالية روى عنها زوجها وابنها وهما إِمامان، وذكرها ابن حبان في الثقات

(1)

.

وقال أَبو بكر الرازي: (إِن قيل كيف أَنكرت الأَول وهو صحيح عندها يعنى الشراء إِلى العطاءِ؛ لأَنه روى عنها فعله؟ قلنا: لأَنها علمت أَنها قصدت به اتباع البيع الثاني كما يفعل الناس. وفي قولها: "أَرأَيت إِن لم آخذ إِلا رأْس مالي" وتلاوة عائشة دليل على إثباتها العقد الأَول، وأَن المنكر هو الثاني؛ ولو كانت إِنما أَنكرته لكونه بيعًا إِلى العطاء كما يقول الخصم لما أَبقت الأَول

(2)

. ا هـ

= قال الشافعي: وأصل ما ذهب إليه من ذهب في بيوع الآجال أنهم رووا:

عن عالية بنت أنفع: أنها سمعت عائشة، أو سمعت امرأة أبى السفر تروى عن عائشة: أن امرأة سألتها عن بيع باعته من زيد بن أرقم بكذا وكذا إِلى العطاء، ثم اشترته منه بأقل من ذلك نقدًا، فقالت عائشة: بئس ما اشتريت وبئس ما ابتعت أخبرى زيد بن أرقم أن الله عز وجل قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب.

قال الشافعي رضي الله عنه: قد تكون عائشة - لو كان هذا ثابتا عنها - عابت عليها بيعًا إِلى العطاء؛ لأنه أجل غير معلوم، وهذا مما لا نجيزه، لا أنها عابت عليها ما اشترت منه بنقد، وقد باعته إِلى أجل.

ولو اختلف بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في شيء فقال بعضهم فيه شيئًا، وقال بعضهم بخلافه، كان أصل مانذهب إليه: أنا نأخذ بقول الذي معه القياس، والذي معه القياس زيد بن أرقم، وجملة هذا أنا لا نثبت مثله على عائشة مع أن زيد بن أرقم لا يبيع إلا ما يراه حلالا، ولا يبتاع مثله فلو أن رجلا باع شيئًا أو ابتاعه نراه نحن محرما، وهو يراه حلالًا، لم نزعم أن الله يحبط من عمله شيئا ثم أفاض الإمام الشافعي بعد ذلك في بيان أن القياس مع قول زيد.

(1)

الجوهر النقى على سنن البيهقى (5/ 330 - 331)

(2)

نقله المارديني في الجوهر النقى (5/ 331)

هذا وقد قال أبو بكر الرازي في أحكام القرآن (1/ 466): ومن الربا المراد بالآية شرع ما يباع بأقل من ثمنه قبل نقد الثمن والدليل على أن ذلك ربا حديث يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي العالية قال كنت عند عائشة فقالت لها امرأة إنى بعت زيد بن أرقم جارية لى إِلى عطائه بثمان مائة درهم وإنه أراد أن يبيعها فاشتريتها منه بستمائة فقالت بئسما شريت وبئسما اشتريت أبلغى زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب فقالت يا أم المؤمنين أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي فقالت =

ص: 137

وقال ابن عبد البر في الاستذكار: هذا الخبر لا يثبته أَهل العلم بالحديث ولا هو مما يحتج به عندهم: فامرأَة أَبي إسحاق وامرأَة أَبى السفر وأُم ولد زيد بن أَرقم كلهن غير معروفات بحمل العلم. وفى مثل هؤلاءِ روى شعبة عن أَبي هاشم أَنه قال: "كانوا يكرهون الرواية عن النساءِ إِلا عن أَزواج النبي صلى الله عليه وسلم". والحديث منكر اللفظ لا أصل له؛ لأن الأعمال الصالحة لا يحبطها الاجتهاد، وإِنما يحبطها الارتداد؛ ومحال أَن تلزم عائشة زيدًا التوبة برأْيها وتكفره باجتهادها، هذا ما لا ينبغي أَن يظن بها ولا يقبل عليها

(1)

. وقد رد عمر خبر فاطمة بنت قيس في السكنى دون النفقة للمبتوتة وقال: "ما كنا نجيز في ديننا شهادة امرأَة".

قال أَبو عمر: فكيف بامرأَة مجهولة

(2)

.

سؤال: ما الحكمة في تخصيصها الإِبطال بالجهاد، ولم تقل أَبطل صلاته ولا صيامه؟ والجواب: أَن في كلام أَبى الحسن بن بطال في شرح البخارى ما يؤخذ منه ذلك، وهو أَن السيئات لا تحبط الحسنات، فلهذا لم تذكر الصلاة. ولكن خصت الجهاد بالإبطال لأَنه حرب لأَعداءِ الله، وآكل الربا قد أَذن بحرب من الله فهو ضده، ولا يجتمع الضدان

(3)

.

= {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} فدلت تلاوتها لآية الربا عند قولها أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالى أن ذلك كان عندها من الربا وهذه التسمية طريقها التوقيف وقد روى ابن المبارك عن حكم بن زريق عن سعيد بن المسيب قال سألته عن رجل باع طعاما من رجل إِلى أجل فأراد الذي اشترى الطعام أن يبيعه بنقد من الذي باعه منه فقال هو ربا ومعلوم أنه أراد شراءه بأقل من الثمن الأول إذ لا خلاف أن شراءه بمثله أو أكثر منه جائز فسمى سعيد بن المسيب ذلك ربا وقد روى النهي عن ذلك عن ابن عباس والقاسم بن محمد ومجاهد وإبراهيم والشعبى وقال الحسن وابن سيرين في آخرين إن باعه بنقد جاز أن يشتريه فإن كان باعه بنسيئة لم يشتره بأقل منه إلا أن بعد يحل الأجل وروى عن ابن عمر أنه إذا باعه ثم اشتراه بأقل من ثمنه جاز ولم يذكر فيه قبض الثمن وجائز أن يكون مراده إذا قبض الثمن فدل قول عائشة وسعيد بن المسيب أن ذلك ربا فعلمنا أنهما لم يسمياه ربا إلا توقيفا إذ لا يعرف ذلك اسما له من طريق اللغة فلا يسمى به إلا من طريق الشرع وأسماء الشرع توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم والله تعالى أعلم. بالصواب.

(1)

الاستذكار: (19/ 25 - 26).

(2)

كلام أبي عمر في الاستذكار: "إذا كان هذا في امرأة معروفة بالدين والفضل فكيف بامرأة مجهولة؟ "(19/ 26)

(3)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(251 - 253)

ص: 138

‌فصل 14 - استدراكها على البراء بن عازب

قال البيهقي في سننه: أَخبرنا ابن بشران: أَنا على بن محمد المصرى: ثنا مالك بن يحيى: ثنا يزيد بن هارون: أَنا زكريا بن أَبي زائدة عن أبي إِسحاق عن البراءِ قال: "اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر كلهن في ذي القعدة" فقالت عائشة: "لقد علم أَنه اعتمر أَربع اعتمر أربع عمر بعمرته التي حج معها".

قال البيهقى: وهذا ليس بمحفوظ

(1)

.

قال الذهبي في مختصره: ومالك ليّنه ابن حبان

(2)

(3)

.

(1)

السنن الكبرى (5/ 11) كتاب الحج - باب من اختار القران.

(2)

المجروحين: (3/ 37) قال فيه ابن حبان: منكر الحديث جدًّا، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد عن الثقات بالمفاريد التي لا أصول لها.

(3)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(178 - 179).

ص: 139

‌فصل 15 - استدراكها على عبد الله بن الزبير

الأَول: قال أَبو بكر بن أَبي شيبة في مصنفه حدثنا ابن فضيل عن يزيد عن مجاهد قال: قال عبد الله بن الزبير: "أَفردوا الحج ودعوا قول أعماكم هذا" فقال عبد الله بن عباس: "إِن الذي أَعمى الله قلبه أَنت، أَلا تسأَل أُمك عن ذلك"؟ فأَرسل إليها فقالت: "صدق ابن عباس، خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجًا فجعلناها عمرة فحللنا الإِحلال كله سطعت المجامر بين الرجال والنساءِ"

(1)

.

الثاني: قال الإِمام أَحمد بن حنبل في كتاب المناسك الكبير: حدثنا عبد الله بن يزيد: ثنا سعيد يعنى ابن أَبي أَيوب قال: حدثني سليمان بن كيسان عن أَبي الزبير عن مجاهد: أَن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: "أَلا تعجبون من ابن الزبير يفتى المرأَة المحرمة أن تأخذ من شعرها أَربع أَصابع، وإنما يكفيها من ذلك التطريف".

ثنا يزيد. أنا هشام عن كيفيته في المحرمة: أَما الشابة قدر أُنملة، والتي قد دخلت في السن تأخذ مابينها وبين أربع

(2)

.

* * *

(1)

مصنف ابن أَبي شيبة (4/ 103) كتاب الحج - في فسخ الحج، أفعله النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن فضيل به.

(2)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(213 - 216).

ص: 140

‌فصل 16 - استدراكها على عروة بن الزبير

أخرج البخاري ومسلم واللفظ له عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أَرى على أَحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئًا، وما أُبالى أَلَّا أَطوف بينهما" قالت: بئس ماقلت يا ابن أختى، طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون فكانت سنة، وإنما كان من أهَلَّ لمناةَ الطاغية التي بالمشلَّلِ لا يطوفون بين الصفا والمروة، فلما كان الإسلام سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله عز وجل:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [سورة البقرة: 158] ولو كانت كما تقول لكانت: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا.

قال الزهرى: فذكرت ذلك لأَبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فأعجبه ذلك، وقال:"إن هذا للعِلْم" ولقد سمعت رجالًا من أَهل العلم يقولون: إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروة من العرب يقولون: إن طوافنا بين هذين الحجرين من أَمر الجاهلية، وقال آخرون من الأنصار: إنَّما أُمرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر بين الصفا والمروة، فأَنزل الله عز وجل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} .

قال أَبو بكر بن عبد الرحمن: "فأُراها نزلت في هؤلاء وهؤلاء"

(1)

.

وفي لفظ لمسلم: فقالت عائشة: "قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما"

(2)

.

(1)

خ: (1/ 504)(25) كتاب الحج (79) باب وجوب الصفا والمروة، وجُعِلَ من شعائر الله - عن أَبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن عروة به، نحوه رقم:(1643).

م: (2/ 929)(15) كتاب الحج (43) باب بيان أن السعى بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به. رقم: (261/ 1277).

من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري به.

والمُشَلَّل: قرية ذات مياه وزرع جنوب المدينة على الطريق منها لمكة.

وَمَنَاة: صنم نصبه عمرو بن لحى هناك لهذيل كانوا يعبدونه.

ووصفت بالطاغية باعتبار طغيان عبدتها، والطغيان مجاوزة الحد في العصيان.

(2)

م: (2/ 929 - 930) الموضع السابق.

من طريق الليث بن سعد، عن عُقيل، عن ابن شهاب به.

ص: 141

قال بعض علماء التفسير: إذا كان الحرج في الفعل، قيل: لاجناح أَن تفعل، وإِن كان في الترك، قيل: لاجناح أَلَّا تفعل. والحرج هنا كان في الفعل لإِرادة مخالفة المشركين فيما كانوا يفعلونه؛ من التطواف بهما لإساف ونائلة. فاستدل ابن الزبير على عدم الوجوب بأَن الحرج كان في الترك لا في الفعل

(1)

فقالت له عائشة رضي الله عنها: "لو كان الحرج في الترك وأَريد نفيه كان: لا جناح أَلا يطوف، لكن الحرج كان في الفعل فقيل: "لا جناح أن يطوف"

(2)

.

واستفيد الوجوب من "ابدءوا بما بدأ الله به" ونحوه من الأَدلة عَلَى الوجوب. وقيل: إِن ابن الزبير أَخذ بظاهر الاستعمال، وأَن السعى غير واجب ودققت عائشة النظر بأَن نفى الجناح يشمل الواجب والمباح والمندوب والمكروه فلا يستدل به على أحدها بعينه، بل ذلك لو قال "أَّلا يطوف"، فيكون فيه نفى الجناح عن تركه، فيختص بالحرام

(3)

.

* * *

(1)

في الأصل: "على أن الحرج كان في الفعل، لا في الترك".

وما أثبتناه هو الصواب بدلالة السياق، وما قاله ابن العربي في أحكام القرآن.

(2)

أحكام القرآن لابن العربي (1/ 47).

(3)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(217 - 220).

ص: 142

‌الفصل 17 - استدراكها على جابر

(الأول): روى يعقوب بن سفيان الفسوي

(1)

: حدثنا محمد بن مُصَفَّى قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان الأنصارى قال: ثنا عثمان بن عطاء بن أَبي حجار

(2)

عن أَبي سلمة عبد الرحمن قال: دخلت على عائشة فقلت: يا أُماه إِن جابر بن عبد الله يقول: "الماءُ من الماء" فقالت: "أخطأ، جابر أَعلم منى برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يقول: "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل" أيوجب الرجم ولا يوجب الغسل"؟!

(3)

(4)

(الثاني): قال الطبراني في معجمه الوسط: حدثنا محمد بن نصر الهمداني قال: ثنا مسلم بن يحيى الطائى قال: ثنا سويد بن عبد العزيز قال: ثنا نوح بن ذكوان عن يحيى بن أَبي كثير عن أَبي الزناد عن غالب عن جابر بن عبد الله قال: دخلت على عائشة وعليها سَمَلُ ثوب

(4)

مرقوع فقلت: "لو أَلقيتِ عنك هذا الثوب" فقالت: "إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِن سرَّكِ أن تلقينى فلا تلقين ثوبًا حتى ترقعيه ولا تدخرين طعامًا لشهر" فما أَنا بمغيرة ما أَمرنى به حتى أَلحق الحق به - إِن شاءَ الله.

وقال: لا يروى عن جابر عن عائشة إِلا بهذا الإِسناد، يرويه سويد

(5)

(1)

الفسوي نسبة إِلى فسا بلدة بفارس - تهذيب التهذيب.

(2)

كذا في الأصل، وفي المطبوعة:"حماد" وفى المعرفة والتاريخ "ابن أَبي مسلم" وقال محققه إنها في المخطوط: "ابن أَبي محار"(2/ 374).

(3)

المعرفة والتاريخ: (2/ 374).

انظر: توثيق عائشة للسنة. ص: (154 - 155).

(4)

السَّمَل: الخلَق من الثياب.

(5)

المعجم الأوسط: (8/ 8 رقم 7006).

وإسناده ضعيف لضعف سويد بن عبد العزيز.

وقد روى الترمذى نحوه من طريق صالح بن حسان، عن عروة عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أردت اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب، وإياك ومجالسة الأغنياء، ولا تستخلعى ثوبًا حتى تُرَقِّعيه. =

ص: 143

‌الفصل 18 - [استدراكها] على أَبي طلحة

قال النسائي في سننه الكبير: أَخبرنا إسحاق بن إِبراهيم: أَنا جرير عن سهيل عن سعيد بن يسار أَبى الحُبَاب عن زيد بن خالد عن أَبي طلحة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب أَو تمثال" فقلت: "انطلق إِلى عائشة فاسأَلها عن ذلك" فأَتيناها فقلت: "يا أُمَّهُ، إِن هذا أَخبرني أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تمثال" فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك"؟ قالت: "لا، ولكن سأُحدثكم بما رأَيته فعل: خرج من بعض غزواته وكنت أَتحين ققوله فأَخذت نمطًا فسترته، فلما جاءَ استقبلته على الباب فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، الحمد لله الذي أَعزك ونصرك وأَكرمك" وساق الحديث. هذا لفظ النسائي.

(1)

(2)

.

* * *

= قال أَبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان.

قال: وسمعت محمدًا يقول: صالح بن حسان منكر الحديث، وصالح بن أبي حسان الذي روى عنه ابن أبي ذئب ثقة.

[ت 4/ 215 - 25 كتاب اللباس - 38 ما جاء في ترقيع الثوب]

(1)

الحديث في مسلم أوضح من هذا وأكمل؛ لأن النسائي لم يسق الحديث كاملًا، كما ترى، وفى كماله موضع الاستشهاد، وعلى كل حال سنخرج الحديث أولا من النسائي؛ لأن المصنف ساق لفظه، ثم نخرجه من مسلم، ونورد ما فيه من تمام.

السنن الكبرى: (6/ 143) كتاب عمل اليوم والليلة (153) مايقول لمن قفل من غزو. رقم: (10392).

م: (3/ 1666)(37) كتاب اللباس (26) باب تحريم تصوير صورة الحيوان، وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة بالفُرُش ونحوه، رقم:(87/ 2106 - 2107).

عن إسحاق بن إبراهيم به.

وفيه: "قلما قدم صلى الله عليه وسلم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه، أو قطعه، وقال: إِن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين. قالت: فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفًا فلم يعب ذلك عليّ".

(2)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(221 - 224).

ص: 144

‌الفصل 19 - [استدراكها] على أَبي الدرداءِ

روى ابن جريج عن زياد أَن أَبا نهيك أَخبره عن أَبي الدرداءِ: أَنه خطب فقال: "من أَدرك الصبح فلا وتر له" فذكر ذلك لعائشة فقالت: "كذب أَبو الدرداءِ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر".

أَخرجه البيهقي في سننه هكذا، ثم قال: هو زياد بن سعد

(1)

.

ثم أَخرج عن خالد الحذاء عن أَبي قلابة عن أُم الدرداءِ عن أَبي الدرداءِ قال: "ربما رأَيت النبي صلى الله عليه وسلم يوتر وقد قام الناس لصلاة الصبح".

قال: وهذا واه بمقام

(2)

.

ثنا حاتم بن سالم البصرى: ثنا عبد الوارث عنه.

وحديث ابن جريج أَصح، وأَقره الذهبي في مختصره على ذلك.

وأَخرجه الطبراني في الأوسط وقال: لم يروه عن ابن جريج إلا أَبو عاصم

(3)

(4)

.

* * *

(1)

السنن الكبرى للبيهقى (2/ 478 - 479) كتاب الصلاة - باب من أصبح ولم يوتر عن أبي عاصم النبيل، عن ابن جريج به.

وقد بيَّن أَبو عاصم النبيل أن ابن جريج صرح بسماعه من زياد بن سعد.

ومعنى كذب هنا أخطأ، كما يدل عليه السياق؛ لأنه لم يرفع الحديث.

(2)

المصدر السابق (2/ 479) الموضع نفسه.

ولم أجد فيه قوله: "وهذا واهٍ بمقام".

ولكن قال: "تفرد به حاتم بن سالم البصرى، ويقال له: الأعرجي، وحديث ابن جريج أصح من ذلك".

(3)

المعجم الأوسط للطبراني (3/ 79).

عن أحمد بن زهير، عن عبد الله بن إسحاق الجوهرى، عن أَبي عاصم به. رقم:(2153).

(4)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(242 - 245).

ص: 145

‌الفصل 20 - رجوع شيبة بن عثمان إِليها

أَخرج البيهقي في سننه عن علي بن المديني: حدثني أَبي أَخبرني علقمة بن أَبي علقمة عن أُمه قالت: "دخل شيبة بن عثمان على عائشة فقال: "يا أُم المؤمنين إِن ثياب الكعبة تجتمع علينا فتكثر، فنعمد إِلى آبار فنحفرها فنعمقها ثم ندفن ثياب الكعبة فيها؛ كيلا يلبسها الجنب والحائض" فقالت عائشة:"ما أَحسنت، وبئس ما صنعت، إِن ثياب الكعبة إِذا نزعت منها لم يضرها أَن يلبسها الجنب والحائض، ولكن بعها واجعل ثمنها في المساكين وفي سبيل الله وابن السبيل"

(1)

.

وهذا الإِسناد معلول بوالد على بن المديني فإِنه ضعيف عندهم

(2)

. ولكن تابعه عبد العزيز بن محمد الدراوردي: نعم، رواه عنه خالد رواه عنه خالد بن يوسف السَّمْتي

(3)

، وهو ضعيف

(4)

.

وشيبة بن عثمان هذا صحابي، ذكره أَبو عمر في الاستيعاب، وقال: وقال: أَسلم يوم فتح مكة وشهد حنينا. وقيل: بل أَسلم بحنين، وكان من خيار المسلمين، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة إِلى عثمان بن طلحة وإلى ابن عمه شيبة

(5)

بن عثمان بن أَبي طلحة وقال: "خذوها خالدة تالدة إِلى يوم القيامة يا بني أَبي طلحة، لا يأخذها منكم إِلا ظالم" قال: "فبنو أَبي طلحة هم الذين يلون سدانة

(1)

السنن الكبرى (5/ 159) كتاب الحج - باب ما جاء في مال الكعبة وكسوتها. من طريق على بن عبد الله بن المدينى به.

(2)

هو عبد الله بن جعفر بن نجيج السعدى مولاهم، أَبو جعفر المديني، والد الحافظ على بن المديني.

ضعفه ابنه على، ووهاه ابن معين وغيره. وقال ابن عدي: هو مع ضعفه يكتب حديثه. مات سنة ثمان وسبعين ومائة. (التذكرة للحسيني 2/ 836 رقم 3225).

(3)

في المطبوعة: "السحتى" وهو خطأ.

(4)

هو خالد بن يوسف بن خالد السمتى البصرى، أما أبوه فهالك، وأما هو فضعيف. ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه (لسان الميزان 2/ 392. رقم 1608).

(5)

في المطبوعة: "ابن عمته" وهو خطأ.

ص: 146

الكعبة دون بنى عبد الدار". قال: وشيبة هذا هو جد بني شيبة حجبة الكعبة إِلى اليوم، وهو أَبو صفية بنت شيبة توفى في آخر خلافة معاوية سنة تسع وخمسين، وقيل: بل في أَيام يزيد"

(1)

.

وكثير من الناس يتوهم أَن بني شيبة من عقب عثمان بن طلحة، قال شيخنا عماد الدين بن كثير في تفسيره:"وليس كذلك، فإن عثمان بن طلحة بن أَبي طلحة - واسم أَبي طلحة عبد الله عثمان بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشي العبدى حاجب الكعبة المعظمة، وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أَبي طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إِلى اليوم - أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية وفتح مكة هو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص. وأَما عمه عثمان بن أَبي طلحة فكان معه لواءُ المشركين يوم أَحد وقتل يومئذ كافرًا وإنما نبهنا على هذا لأَن كثيرًا من الناس قد يشتبه عليهم هذا"

(2)

.

قلت: وكذا ذكره أَبو عبيد في الأَنساب عن ابن الكلبي فذكر بني عبد الدار، ثم قال: ومنهم عثمان بن طلحة بن أَبي طلحة الذي أخذ النبي صلى الله عليه وسلم منه المفتاح يوم الفتح ثم رده عليه. ثم قال: "بنو شيبة" وشيبة بن عثمان بن أَبي طلحة ولى الحجابة بعد عثمان بن طلحة اهـ.

وذكر ابن العربي في الفتوحات المكية أَن قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [سورة النساء: 58] ليس فيها إشارة إلا لدفع المفتاح له، لا لجعل أمانة البيت معه حتى جعل ذلك في عقبه بني شيبة. وهذه الآية مكية وحدها من بين سائر أي هذه السورة فهى مدنية.

* * *

(1)

الاستيعاب لابن عبد البر (2/ 158 - 160).

(2)

تفسير القرآن العظيم: (1/ 515) في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} .

ص: 147

‌الفصل 21 - استدراكها على عبد الرحمن بن عوف

قال البزار في مسنده: أَخبرنا بشر بن آدم: ثنا عبد الله بن رجاء قال ثنا عمارة بن زاذان عن ثابت عن أَنس قال: جاءَت سبعمائة بعير لعبد الرحمن بن عوف عليها من كل شيءٍ، فتعجب أَهل المدينة، فقالت عائشة:"ما هذا؟ " قالوا: "عير لعبد الرحمن بن عوف تحمل كل شيءٍ" فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قد رأَيت عبد الرحمن وإنه يدخل الجنة حبوًا" فبلغه ذلك، فقال:"يا عائشة ما حديث بلغنى"؟ فذكرته، فقال:"أُشهدك أَنها بأَقتابها وأَحلاسها وأَحمالها في سبيل الله".

قال: وهذا الحديث لا أَعلم أحدًا رواه إِلا عمارة عن ثابت ا هـ. وعمارة قال فيه أَبو داود وغيره: ليس بذاك

(1)

.

وقال البزار أَيضًا في مسند ابن عوف: حدثنا عبد الله بن شبيب: ثنا محمد بن عبد الله بن زيد المدني: ثنا محمد بن طلحة: ثنا محمد بن عمرو، عن أَبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أَبيه عبد الرحمن بن عوف قال:": "أُريت الجنة فإذا هي لا يدخلها إِلا المساكين، فدخلت معهم حبوًا، فلما استيقظت قلت:"إِبلى التي أَنتظرها بالشام وأَحمالها في سبيل الله حتى أَدخلها معهم ماشيًا".

قال: ولا نعلم رواه عن محمد بن عمرو إِلا محمد بن طلحة

(2)

. اهـ.

* * *

(1)

كشف الأستار (3/ 209) كتاب المناقب - مناقب عبد الرحمن بن عوف - عن بشر بن آدم به رقم: (3586).

قال الهيثمي: هذا منكر، وعلته عمارة بن زاذان، قال الإمام أحمد: له مناكير، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه، وضعفه الدارقطني.

حم: (6/ 115) مسند عائشة. عن عبد الصمد بن حسان، عن عمارة به.

(2)

المصدر السابق: (3/ 208 - 209) الموضع السابق.

عن عبد الله بن شبيب به. رقم: (2585).

قال الهيثمي: أبو سلمة لم يسمع من أبيه.

ص: 148

‌الفصل 22 - استدراكها على أخيها عبد الرحمن بن أَبي بكر

أَخرج الحافظ أَبو بكر الإسماعيلى فيما جمعه من حديث يحيى بن أَبي كثير بطرق عن يحيى عن سالم مولى دَوْس أنه عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول سمع لعبد الرحمن بن أَبى بكر الصديق وأساءَ الوضوء: "يا عبد الرحمن، أَسبغ الوضوءَ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويل للأعقاب من النار"

(1)

.

* * *

(1)

حم: (6/ 112) مسند عائشة رضي الله عنها.

من طريق ابن أبي ذئب، عن عمران بن بشير، عن سالم سَبَلان - وهو مولى دوس نحوه.

وفى (6/ 40) المسند نفسه.

عن سفيان، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي سلمة عن عائشة نحوه.

وهذا إسناد حسن. والله تعالى أعلم.

وقد رواه ابن ماجه من طريق يحيى بن سعيد وأبى خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان به.

ص: 149

‌الفصل 23 - استدراكها على فاطمة بنت قيس "تعميمَها: أن لا سكنى للمبتوتة"

أَخرج مسلم والأَربعة عن الشعبي قال: دخلت عَلَى فاطمة بنت قيس فسأَلتها عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فقالت: "طلقها زوجها البتة، فخاصمته إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى والنفقة، قالت: فلم يجعل لى سكنى ولا نفقة"

(1)

.

وأَخرج البخاري في صحيحه تعليقًا فقال: وقال عبد الرحمن بن أَبي الزناد عن هشام عن أَبيه قال: لقد عابت ذلك عائشة أَشد العيب يعنى حديث فاطمة، وقالت: "إِنها كانت في منزل وَحْشٍ

(2)

فخيف على ناحيتها، فلذلك أَرخص لها رسول الله صلى الله عليه وسلم"

(3)

.

وأَخرجه أَبو داود متصلًا عن سليمان بن داود: أَنا ابن وهب: أَخبرني عبد الرحمن، فذكره

(4)

.

وأَخرج مسلم عن عروة قال: تزوج يحيى بن سعيد بن العاص ابنة عبد الرحمن بن الحكم فطلقها فأَخرجها فعاب ذلك عليهم عروة وقالوا: إِن فاطمة قد خرجت. قال عروة: فأَتيت عائشة فأَخبرتها بذلك فقالت: "ما لفاطمة بنت قيس خير في أَن تذكر هذا الحديث"

(5)

.

(1)

م: (2/ 1117)(18) كتاب الطلاق (6) باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها. رقم: (42/ 1480).

من طريق إسماعيل بن أَبي خالد، عن الشعبى به.

(2)

في المطبوعة: "وحشى" وما أثبتناه من المخطوط.

(3)

خ: (3/ 418)(68) كتاب الطلاق (41) باب قصة فاطمة بنت قيس عن أَبي الزناد به تعليقًا. رقم: (5326).

(4)

د: (2/ 718)(7) كتاب الطلاق (40) باب من أنكر على فاطمة بنت قيس.

(5)

م: (2/ 1121) في الكتاب والباب السابقين - رقم: (54/ 1481).

من طريق أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه به.

ص: 150

قال أَصحابنا: وفى هذا الحديث جواز إِنكار المفتى على مفتٍ آخر خالف النص أَو عمّم ما هو خاص؛ لأَن عائشة أَنكرت على فاطمة بنت قيس تعميمها "أَن لا سكنى للمبتوتة" وإِنما كان انتقال فاطمة من مسكنها لعذر من خوف اقتحام

(1)

عليها؛ أَو لبذاءتها أَو نحو ذلك. ا هـ

(2)

* * *

(1)

في المطبوعة: "اقتحامه" وما أثبتناه من المخطوط.

(2)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(225 - 228).

ص: 151

‌الفصل 24 - [استدراكها] على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

أَخرج البخاري ومسلم عن عروة عن عائشة أَنها قالت: إِن أَزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَردن أَن يبعثن عثمان بن عفان إِلى أَبي بكر يسأَلنه ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة لهن: قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نُورَث، ما تركناه صدقة"

(1)

.

(1)

خ: (4/ 236 - 237)(85) كتاب الفرائض (3) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركناه صدقة. رقم: (6730).

عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة به.

م: (3/ 1379)(23) كتاب الجهاد والسير (16) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نورث، ما تركناه صدقة. رقم:(51/ 1758).

عن يحيى بن يحيى، عن مالك به.

ص: 152

‌الباب الثالث في الاسِتدَراكات العامة

‌الفصل 1 - استدراكها أَن المرأة لا تقطع الصلاة

أَخرج مسلم عن أَبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقطع الصلاةَ المرأَةُ والحمارُ والكلبُ، ويقى ذلك مثل مُؤْخِرَة الرَّحْل"

(1)

.

وقد روى قطع المرأَة الصلاة غيره من الصحابة منهم أَبو ذر، أَخرجه مسلم أَيضًا

(2)

.

ومنهم ابن عباس أَخرجه أَبو داود، وزاد "الحائض"

(3)

، قال: وأَوقفه جماعة.

(1)

م: (1/ 365 - 366)(4) كتاب الصلاة (5) باب قدر ما يستر الرجل.

من طريق عبد الواحد بن زياد، عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، عن يزيد بن الأصم، عن أَبي هريرة به.

(2)

م: (1/ 365) الموضع السابق.

من طريق يونس، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم يصلى فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرَّحْل، فإن لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود.

قلت: يا أبا ذر. ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر، من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي. سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان، رقم:(265/ 510).

(3)

د: (1/ 453)(2) كتاب الصلاة (110) باب ما يقطع الصلاة.

عن مسدَّد، عن يحيى، عن شعبة، عن قتادة، عن جابر بن زيد، يحدث عن ابن عباس - رفعه شعبة - قال: يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب.

قال أبو داود: وقفه سعيد، وهشام، وهمام، عن قتادة، عن جابر بن زيد - على ابن عباس. رقم (703).

ص: 153

ومنهم عبد الله بن مُغَفَّل

(1)

أَخرجه قاسم بن أصبغ في مصنفه.

وقد استدركت عائشة رضي الله عنها ذلك؛ فأخرج الشيخان في صحيحيهما عن مسروق عن عائشة وذُكر عندها ما يقطع الصلاة: "الكلب والحمار والمرأة"، فقالت عائشة:"شبهتمونا بالحمير والكلاب، والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى وأَنا على السرير بينه وبين القِبلة، مضطجعة، فتبدو لى الحاجة فأَكره أن أَجلس فأوذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنسلّ من عند رجليه".

ذكره البخارى في بابِ: "من قال لا يقطع الصلاة شيءٌ".

وأخرجا نحوه عن الأسود عن عائشة

(2)

، وأَخرجه مسلم عن عروة عنها أَيضًا

(3)

(4)

.

* * *

(1)

جه: (1/ 306)(59 كتاب إقامة الصلاة (38) باب ما يقطع الصلاة.

عن جميل بن الحسن، عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن مُغَفَّل، عن النبي صلى الله عليه وسلم: يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار.

قال البوصيري: هذا إسناد فيه مقال، جميل بن الحسن كذبه عبدان، وأرجو أنه لا بأس به، وقال ابن عدي: لا أعلم له حديثًا منكرًا. انتهى. وذكره مسلمة الأندلسى، وابن حبان في الثقات، وأخرج له في صحيحه هو وابن خزيمة، والحاكم في المستدرك وغيرهم.

وسعيد بن أبي عروبة، وإِن اختلط بآخره إِلا أن عبد الأعلى بن عبد الأعلى روى عنه قبل الاختلاط. ورواه ابن حبان في صحيحه، عن أَبي يعلى، عن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى به ابن حبان - الإحسان (6/ 147)(9) كتاب الصلاة (16) باب ما يكره للمصلى وما لا يكره عن أبي يعلى، عن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى به. رقم (2386) ورجاله ثقات رجال الشيخين إِلا أن الحسن عنعنه. وهو مدلس.

وأخرجه أحمد (4/ 86) و (5/ 57) والطحاوى (1/ 458).

(2)

خ: (1/ 179)(8) كتاب الصلاة (105) باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء.

من طريق الأعمش، عن إِبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به.

ومن طريق الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة. رقم (514).

م: (1/ 366)(4) كتاب الصلاة (51) باب الاعتراض بين يدى المصلى.

من طريق الأعمش بالإسنادين اللذين عند البخاري رقم: (270/ 512).

(3)

م: (الموضع السابق).

من طريق شعبة، عن أبي بكر، عن عروة، عن عائشة رقم:(269/ 512)

(4)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(229 - 232)

ص: 154

‌الفصل 2 - استدراكها الصلاة على الجنازة في المسجد

أَخرج مسلم عن عباد بن عبد الله بن الزبير أَن عائشة أَمرت أَن يُمَرَّ بجنازة سعد بن أَبي وقاص في المسجد فتصلّى عليه، فأنكر الناس عليها ذلك، فقالت:"ما أَسرع - تعنى ما نسى - الناس، ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إِلا في المسجد"

(1)

.

وفي لفظ له: أَن أَزواج النبي صلى الله عليه وسلم أَرسلن أَن يمروا بجنازته في المسجد فيصلين عليه، ففعلوا، فوقف به على حجرهن يصلين عليه. أَخرج به من باب

(1)

م: (2/ 668 - 669)(11) كتاب الجنائز (34) باب الصلاة على الجنازة في المسجد من طريق موسى بن عقبة، عن عبد الواحد، عن عباد به رقم:(100/ 973).

وعبد الواحد هو ابن حمزة - كما في رواية سابقة.

وقد أورد مسلم ثلاث روايات لهذا الحديث نوردها كما هي في مسلم، قال:

(99/ 973) وحدّثني عَلَيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِي وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ (وَاللَّفْظُ لإِسْحَاقَ)(قَالَ عَلَيٌّ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ) عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنَ حَمْزَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَمَرَتْ أَنْ يُمَرَّ بِجَنازَة سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصِ فِي الْمَسْجِدِ. فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ! مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ بْنِ الْبَيْضَاءِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ.

(100/ 000) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ. يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا لَا تَوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمُرُوا بِجِنَازَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ. فَيُصَلِّينَ عَلَيْهِ. فَفَعَلُوا فَوْقِفَ بِهِ عَلَى حُجَرِهِنَّ يُصَلِّينَ عَلَيْهِ. أُخْرِجَ بِهِ مِنْ بابِ الْجَنَائِرِ الَّذِى كَان إِلَى الْمَقَاعِدِ فبلَغَهُنَّ أَنَّ النَّاسَ عَابُوا ذَلِكِ. وَقَالُوا: مَا كَانَتِ الْجِنَائِزُ يُدْخَلُ بِهَا الْمَسْجِدَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَة فَقَالَتْ: مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى أَنْ يَعِيبُوا مَالَا عِلْم لَهُمْ بِهِ! عَابُوا عَلَيْنَا أَنْ يُمَرَّ بِجِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ! وَمَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءِ إِلَّا فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ.

(101/ 000) وحدثني هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِعٍ) قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكَ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ (يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ) عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ، لمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بن أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَتِ: ادْخُلُوا بِهِ الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ. فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا.

فقَالَتْ: وَالله! لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنَى بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ، سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ.

(قَالَ مُسْلِمٌ): سُهَيْلُ بْنُ دَعْدٍ وَهُوَ ابْنُ الْبَيْضَاءِ أُمُّهُ بَيْضَاءُ.

ص: 155

الجنائز الذي كان إِلى المقاعد

(1)

، فبلغهن أَن الناس عابوا ذلك، وقالوا:"ما كانت الجنائز يدخل بها المسجد" فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت: "ما أَسرع الناس إِلى أَن يعيبوا ما لا علم لهم به، عابوا علينا ان يُمر بجنازة في المسجد، وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إِلا في جوف المسجد"

(2)

.

ووقع في مسلم ما صلى [على] ابنى البيضاء

(3)

، وهو وهم

(4)

، وإِنما هو سهيل لا غير، وسهلِ أُسر يوم بدر فشهد له ابن مسعود أَنه رآه يصلى بمكة، فخلى سبيله، وشهد أَخواه سهيل وصفوان بدرًا

(5)

.

* * *

(1)

المقاعد: موضع يقرب من المسجد الشريف اتخذ للقعود فيه للحوائج والوضوء.

(2)

انظر: الرواية الثانية في التخريج السابق.

(3)

انظر: الرواية الثالثة في التخريج السابق.

(4)

لم ينفرد مسلم بهذه الرواية، فقد رواها أَبو داود، وفيها:"والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - على ابنى بيضاء في المسجد، سهيل وأخيه" بسند مسلم: هارون بن عبد الله به: رقم: (3190) ولم يورد المصنف ما يقنع بأن هذه الرواية فيها وهم.

وانظر الاستيعاب لابن عبد البر، فقد ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليه وعلى أخيه في المسجد.

قال: وزعم الواقدى أن هذا - أي سهلا - مات بعد النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 85).

وربما هذا هو سبب توهيم المصنف لمسلم في روايته. والله أعلم. والواقدى متروك.

(5)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(233 - 235).

ص: 156

‌الفصل 3 - استدراكها القيام للجنازة

جاءَ الأَمر بالقيام للجنازة في الصحيحين من حديث عامر بن ربيعة العدوى

(1)

وأبى سعيد

(2)

وأبى هريرة

(3)

وجابر بن عبد الله

(4)

.

(1)

خ: (1/ 403)(23) كتاب الجنائز (46) باب القيام للجنازة.

من طريق الزهرى، عن سالم، عن أبيه، عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تُخَلِّفَكم وفى رواية زيادة: "أو توضع" رقم: (1307).

م: (2/ 659)(11) كتاب الجنائز (24) باب القيام للجنازة.

من طريق الزهرى به. رقم: (73/ 958).

(2)

خ: (1/ 403) الكتاب السابق (48) باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع.

من طريق أَبي سلمة، عن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع. رقم (1310).

م: (2/ 660) في الكتاب والباب السابقين.

من طريق أَبي سلمة به رقم: (77/ 959).

(3)

خ: (1/ 403) في الكتاب السابق (47) باب متى يقعد إذا قام للجنازة.

من طريق ابن أَبي ذئب، عن سعيد المقبرى، عن أبيه قال: كنا في جنازة فأخذ أَبو هريرة رضي الله عنه بيد مروان فجلسا قبل أن توضع، فجاء أَبو سعيد رضي الله عنه، فأخذ بيد مروان، فقال: قم، فوالله لقد علم هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك، فقال أبو هريرة: صدق.

رقم: (1309)

ولم يخرج مسلم هذه الرواية.

(4)

خ: (1/ 404) الكتاب السابق (49) باب من قام لجنازة يهودى.

من طريق عبيد الله بن مقسم، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مَرَّ بنا جنازة، فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم، فقمنا به، فقلنا: يا رسول الله، إنها جنازة يهودى، قال:"إذا رأيتم الجنازة فقوموا" رقم: (1311).

م: (الموضع السابق)

من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أَبي كثير عن عبيد الله بن مقسم به.

رقم: (78/ 960).

ص: 157

وأَخرجه البيهقي بإسناد حسن من حديث عبد الله بن عمرو

(1)

.

وجمهور العلماء على نسخ ذلك، وعمدتهم في النسخ حديث عليّ الثابت في الصحيحين:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ثم قعد"

(2)

.

وقد أَخرج البيهقي في سننه عن عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم: أَن القاسم كان يمشى بين يدى الجنازة ويجلس قبل أَن توضع ولا يقوم لها، ويخبر عن عائشة أَنها قالت:"كان أَهل الجاهلية يقومون لها إِذا رأَوها ويقولون: "في أَهلكِ ما أَنتِ! في أهلك ما أَنتِ"

(3)

!.

* * *

(1)

السنن الكبرى (4/ 27) كتاب الجنائز - باب القيام للجنازة.

من طريق سعيد بن أيوب، عن ربيعة بن سيف المعافرى، عن أَبي عبد الرحمن الحُبُليّ، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، تمر بنا جنازة الكافر فنقوم لها؟ قال: نعم، قوموا لها، فإنكم لستم تقومون لها، إنما تقومون إعظامًا للذى يقبض النفوس.

(2)

حديث على لم يروه البخارى، ووهم المصنف في ذلك، فقد انفرد به مسلم.

م: (2/ 661)(11) كتاب الجنائز (25) باب نسخ القيام للجنازة.

من طريق نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن علي رضي الله عنه قال في شأن الجنائز إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ثم قعد.

رقم: (84/ 962).

ط: (1/ 232)(16) كتاب الجنائز، (11) باب الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر. رقم (33).

(3)

السنن الكبرى (4/ 28) الموضع السابق.

من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث به.

ص: 158

‌الفصل 4 - استدراكها تحريم المتعة

قال الحاكم في مستدركه: أَخبرنا المحبوبي: ثنا الفضل بن عبد الجبار: ثنا على بن الحسين بن شقيق: ثنا نافع بن عمر الجمحي قال: سمعت عبد الله بن عبيد الله بن أَبي مليكة يقول: سئلت عائشة عن متعة النساء فقالت: "بيني وبينكم كتاب الله.

قال: وقرأَت هذه الآية {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [سورة المؤمنون: 6،5] فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أَو ملكه فقد عدا".

ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

(1)

(2)

.

* * *

(1)

المستدرك: (2/ 305) كتاب التفسير.

ووافقه الذهبي في كونه على شرط الشيخين.

(2)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(145 - 148).

ص: 159

‌الفصل 5 - استدراكها البول قائمًا

أَخرج الترمذى والنسائي وابن ماجه من جهة شريك بن عبد الله، عن المقدام بن شريح بن هانيء، عن أَبيه عائشة قالت:"من حدثكم أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبول قائمًا فلا تصدقوه، ما كان يبول إِلا قاعدًا". هذا لفظ الترمذى وقال: "هو أحسن شيءٍ في هذا الباب وأَصح". انتهى. وإسناده على شرط مسلم.

(1)

واعلم أّنه قد حَدَّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبول قائمًا حذيفة؛ أَخرجاه في الصحيحين

(2)

.

وجمع بعضهم بين الروايتين؛ لأَن النفى في حديث عائشة ورد على صيغة "كان" بمعنى الاستمرار في الأَغلب، وحديث حذيفة ليس فيه "كان" فلا يدل إِلا على مطلق الفعل ولو مرة.

ويدل لذلك ما رواه الحاكم في مستدركه من جهة أَبى هريرة أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائمًا من جرح كان بمَأْبِضِه، وقال: رواته ثقات

(3)

.

(1)

ت: (1/ 17 - 18) أبواب الطهارة (8) باب ما جاء في النهى عن البول قائما، رقم (12) وقال الترمذى: وفى الباب عن عمر، وبريدة، وعبد الرحمن بن حسنة.

س: (1/ 26)(1) كتاب الطهارة (25) البول في البيت جالسًا.

رقم: (29)

جه (1/ 112)(1) كتاب الطهارة وسننها (14) باب في البول قاعدًا رقم: (307) ولفظه:

"من حدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائمًا فلا تصدقه، أَنا رأيته يبول قاعدًا".

وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي (المستدرك 1/ 185).

(2)

خ: (1/ 394)(4) كتاب الوضوء (62) باب البول عند سباطة قوم. رقم (226)

م: (1/ 228)(2) كتاب الطهارة (22) باب المسح على الخفين.

(3)

المستدرك (1/ 182) كتاب الطهارة - البول قائما وقاعدًا.

وقال: هذا حديث صحيح ورواته ثقات.

والمأْبِض: باطن الركبة.

ص: 160

وحكى الخطابي عن الشافعي أَنه قال: كانت العرب تستشفى لوجع الصُّلبْ بالبول قائمًا، فيرى أنَّه صلى الله عليه وسلم لعله كان به إذ ذاك وجع الصلب

(1)

.

والحمل على هذا متعين لأجل الجمع بين الروايتين. وأما رواية ابن ماجه: "من حدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائمًا فلا تصدقه". ففيها مخالفة، فإِن كانت محفوظة فمحمولة على تلك، لأَن مخرجهما واحد، والمعنى الإِخبار عن الحالة المستمرة. ولم تطلع على ما اطلع عليه حذيفة. ولهذا علقت مستند إِنكارها برؤيتها حيث قالت:"أَنا رأَيته يبول قاعدًا". وأَيضًا القاعدة الأُصولية تقضى لحديث حذيفة من حيث إنه مُثبت فيقدم على من روى النفى.

ويدل عَلَى حمل الحديث على حالٍ: ما روى سفيان الثورى عن المقدام بن شريح عن أَبيه عائشة قالت: "ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا منذ أُنزل عليه القرآن" أَخرجه الحاكم، ثم أَخرجه عن إسرائيل عن المقدام به بلفظ:"سمعت عائشة تقسم بالله: ما رأى أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول قائمًا منذ أُنزل عليه القرآن" وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والذي عندى أنَّهما لما اتفقا على حديث منصور عن أَبي وائل عن حذيفة: "أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَتى سباطة قوم فبال قائمًا". ولكن حديث المقدام عن أَبيه عن عائشة ثقات رجاله، فتركاه والله أَعلم

(2)

.

وقد روى النهي عن البول قائمًا عمر بن الخطاب وابن عمر، أَخرجها ابن ماجه، وإسنادها لا يثبت

(3)

.

(1)

معالم السنن (1/ 18).

(2)

المستدرك (1/ 185) كتاب الطهارة - البول قائمًا وقاعدًا.

ووافقه الذهبي.

(3)

جه (1/ 112) الموضع السابق.

من طريق ابن جريج، عن عبد الكريم بن أبي أمية، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبول فقال: يا عمر، لا تبل قائمًا فما بلت قائمًا بعدُ. رقم:(308).

قال البوصيرى في الزوائد: عبد الكريم متفق على تضعيفه. =

ص: 161

ومن جهة بريدة أَخرجه البزار في مسنده

(1)

، قال الترمذي:"إِنه غير محفوظ"

(2)

.

وقال ابن ماجه: سمعت أَحمد بن عبد الرحمن المخزومي يقول: قال سفيان الثوري في حديث عائشة: "أَنا رأَيته يبول قاعدًا"، قال: الرجل أَعلم بهذا منها.

قال أَحمد بن عبد الرحمن: وكان من شأْن العرب البول قائمًا. أَلا تراه في حديث عبد الرحمن بن حسنة: قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول كما تبول المرأَة

(3)

(4)

.

= وهو عبد الكريم بن أبي المخارق.

وقال الترمذى في الموضع السابق: وإِنما رفع هذا الحديث عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف عند أَهل الحديث، ضعفه أيوب السَّخْتياني، وتكلم فيه.

قال: وروى عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر قال: قال عمر رضي الله عنه: ما بُلْت قائمًا منذ أسلمت. (رواه البزار - كشف الأستار 1/ 130) وقال الهيثمي: رجاله ثقات (مجمع 1/ 206) قال الترمذى: وهذا أصح من حديث عبد الكريم.

وعلى هذا فقول المصنف "عن عمر، وابن عمر" يريد به: عن عبد الله بن عمر، عن عمر، ولهذا قال: وإسنادها لا يثبت؛ أي هي رواية واحدة.

(1)

كشف الأستار (1/ 266) كتاب الصلاة - باب ما نهى عنه في الصلاة.

قال البزار: حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا عبد الله بن داود، حدثنا سعيد بن عبيد الله، حدثنا عبد الله بن بريدة، عن أَبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من الجفاء: أن يبول الرجل قائمًا، أَو يمسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته، أَو ينفخ في سجوده.

وقال البزار: لا نعلم رواه عن عبد الله بن بريدة، عن أَبيه إِلا سعيد، ورواه عن سعيد عبد الله بن داود وعبد الواحد بن واصل. رقم (547).

قال الهيثمي: رواه البزار والطبرانى في الأوسط، ورجال البزار رجال الصحيح (مجمع 2/ 83) وانظر المعجم الأوسط للطبراني (6/ 470 - 471).

(2)

الموضع السابق. وقال العينى: إسناده صحيح (عمدة القارى 3/ 135).

وقال المباركفوري تعقيبًا على من يقول بصحة هذا السند: "الترمذى من أئمة هذا الشأن، فقوله حديث بريدة في هذا غير محفوظ يعتمد عليه، وأما إخراج البزار حديثه بسند ظاهره الصحة فلا ينافي كونه غير محفوظ"(تحفة الأحوذى 1/ 68).

(3)

جه: (2/ 112)(1) كتاب الطهارة وسننها (14) باب البول قاعدًا، عقب حديث رقم:(309).

(4)

انظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(236 - 239).

ص: 162

‌الفصل 6 - صلاة الضحى

أَخرج البخاري عن ابن أَبي ذِئْب ومعمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: "ما رأيت رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سَبَّحَ سُبْحَة الضحى؛ وإني لأسبحها" زاد فيه معمر: قالت: "وما أحدث الناس شيئًا أحب إليَّ منهما"

(1)

.

قال البيهقي في سننه: مرادها رضي الله عنها. والله أَعلم: ما رأَيته داوم عليها، وكذا قولها:"وما أَحدث الناس" تريد: مداومتهم

(2)

.

ونازعه الذهبي وقال: "اللفظ لا يحتمل هذا التأْويل".

وأَخرج مسلم عن عبد بن شقيق

(3)

قلت لعائشة: "هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى"؟ قالت: "لا؛ إِلا إِن

(4)

كان يجيء من مَغِيبهِ"

(5)

.

(1)

خ: (1/ 364)(19) كتاب التهجد (32) باب من لم يصل الضحى ورآه واسعًا عن آدم عن ابن أَبي ذئب، عن الزهري به. رقم (1177).

وليس فيه: "عن معمر".

ورواية معمر عند عبد الرزاق:

المصنف (3/ 78) باب صلاة الضحى.

عن معمر، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة كانت تقول: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح سبحة الضحى، قال: وكانت عائشة تسبحها، وكانت تقول: إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يترك العمل خشية أن يستن به الناس، فيفرض عليهم، وكان يحب ماخف على الناس. رقم (4867) وعن معمر، عن الزهرى، عن سالم، عن ابن عمر قال: لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها، وما أحدث الناس شيئًا أحب إِلى منها. رقم (4868).

ومن هذه الرواية يتبين أن قول: "وما أحدث الناس .. " الخ هو من قول ابن عمر في رواية معمر. والله تعالى أعلم.

(2)

السنن الكبرى: (3/ 49) كتاب الصلاة - باب ذكر الحديث الذي روى في ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى، وأن المراد أنه كان لا يداوم عليها.

(3)

في الأصل: "عبد الله بن سعد" وما أثبتناه من مسلم، كما في التخريج الآتي:

(4)

في المطبوعة "إلا أنه" وما أثبتناه من المخطوط.

(5)

م: (1/ 496 - 497)(6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (13) باب صلاة الضحى.

من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى؟ قالت: لا، إِلا أن يجيء من مغيبه. رقم:(75/ 717).

ص: 163

قال البيهقى: وروى في ذلك عن جابر وكعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وَمَرَّ لمعاذة

(1)

عن عائشة أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يصليها أربعا ويزيد ما شاء الله

(2)

.

ومجموع الأَحاديث يدل عَلى أنَّه كان لا يداوم عليها.

* * *

(1)

أي مر عند البيهقي في السنن.

(2)

السنن الكبرى (3/ 50) الموضع السابق.

ص: 164

‌الفصل 7 - غسل الجمعة

أَخرج البخاري ومسلم عن عروة عن عائشة أنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم من العوالى، فيأتون في الغبار، ويصيبهم الغبار والعرق؛ فيخرج منهم الريح، فأَتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إنسانٌ منهم وهو عندى، فقال:"لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا! "

(1)

وهذا يقضى أَن الغسل ليس بواجب؛ لأَن التقدير: لو اغتسلتم لكان أَفضل أَو أَكمل.

وقد أَخرج الطبراني في معجمه الوسط من حديث الفضل بن العلاء ثنا إسماعيل بن رافع: سمعت عمرو بن يحيى بن عُمَارة بن أَبي حسن الأَنصارى يحدث أنَّه سمع القاسم بن محمد يحدث: أَن عائشة قالت: "أَكْثَرَ الناسُ في الغسل يوم الجمعة، وإِنما كان ذلك في بيتى؛ دخل عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من أَهل العالية في يوم حار، قد عملوا في نخلهم وعليهم ثيابهم الصوف، فدخلوا ولهم أَرواح منكرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا كان هذا اليوم فاغتسلوا".

وقال: لم يروه عن القاسم إِلا عمرو بن يحيى، ولا عنه إِلا إِسماعيل، ولا عنه إِلا الفضل بن العلاء؛ تفرد به محمد بن هشام السدوسي

(2)

.

* * *

(1)

خ: (1/ 286 - 287)(11) كتاب الجمعة (15) باب من أين تؤتى الجمعة، وعلى من تجب. رقم (902)

م: (2/ 581)(7) كتاب الجمعة (1) باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال رقم: (6/ 847).

(2)

المعجم الأوسط: (8/ 282 - 283 رقم 6547)

من طريق محمد بن هشام بن أَبى حُرَّة السَّدُوسى، عن الفضل بن العلاء به.

ص: 165

‌الفصل 8 - الاستنجاء بالماء

قال أَبو عمر بن عبد البر: ثنا أَحمد بن قاسم: ثنا قاسم بن أصبغ: ثنا الحارث بن أَبي أُمامة: ثنا يزيد بن هارون: ثنا سعيد بن أَبي عَرُوبة عن قتادة عن معاذ عن عائشة أَنها قالت لنسوة عندها: "مُوْنَ أَزواجكن أَن يغسلوا عنهم أَثر الغائط والبول فإِنى أَستحييهم، وإِن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله"، قال أَبو عمر:"وكانت عادة المهاجرين الاقتصار على الأَحجار، وعادة الأَنصار استعمال الماءِ"

(1)

.

وروى ابن أَبي شيبة عن حذيفة: أَنه أَنكر الاستنجاء بالماء، وقال:"لو فعلته لأَنتنت يدى"

(2)

.

وقال سعيد بن المسيب: "إِنما ذلك وضوء النساء"

(3)

.

وقد صحت الأَحاديث باستنجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء، وإِنما الأَحجار رخصة وتوسعة في طهارة المَخْرَج.

(1)

ذكره ابن عبد البر تعليقًا في الاستذكار (2/ 56) كتاب الطهارة - باب العمل في الوضوء ثم قال: والماء عند فقهاء الأمصار أطهر وأطيب.

وقال: وأما الأنصار فمشهور عنهم أنهم كانوا يتوضئون بالماء، ومنهم من كان يجمع بين الطهارتين فيستنجى بالأحجار، ثم يتبع آثار الأحجار الماء (2/ 55) ولم أعثر عليه مسندًا في التمهيد.

والحديث رواه الترمذي وصححه:

ت: (1/ 30 - 31) أبواب الطهارة (15) باب ما جاء في الاستنجاء بالماء - من طريق أَبي عوانة، عن قتادة، به.

قال: وفى الباب عن جرير بن عبد الله البَجَلي، وأنس، وأبى هريرة.

وقال: هذا حديث حسن صحيح.

والحديث رواه أحمد والنسائي.

(2)

مصنف ابن أبي شيبة: (1/ 154) كتاب الطهارات - من كان لا يستنجى بالماء ويحتزيء بالحجارة - من طريق الأعمش، عن إِبراهيم، عن همام، عن حذيفة به.

(3)

الموطأ: (1/ 33) رقم (34)(2) كتاب الطهارة (6) باب جامع الوضوء.

عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب به.

ص: 166

‌الفصل 9 - [استدراكها الوصية إِلى على]

(1)

أَخرج مسلم عن الأَسود بن يزيد قال: ذكروا عند عائشة أن عليًّا كان وصيًّا فقالت: "متى أَوصى إليه؟ فقد كنت مسندته إِلى صدرى (أَو قالت حجرى) فدعا بالطَّسْت، فلقد انْخَنَثَ في حِجْرِى، وما شعرت أَنه مات، فمتى أَوصى إليه؟! "

(2)

* * *

(1)

هذا العنوان ليس في المخطوط.

(2)

سبق هذا الحديث في آخر استدراك السيدة عائشة على عَليّ، وقد خرج هناك، وهو متفق عليه. وانظر: توثيق عائشة للسنة، ص:(166 - 169).

ص: 167

‌الفصل 10 - استدراكها صيام النبي صلى الله عليه وسلم لعشر ذي الحجة

أَخرج أَبو داود والنسائى عن هنيدة بن خالد عن امرأَته عن بعض أَزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذى الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أَيام من كل شهر، وأَول اثنين من الشهر والخميس"

(1)

.

وقد اختلف فيه على هنيدة فروى عنه كذلك، وروى عنه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

، وروى عنه عن أُمه عن أُم سلمة مختصرًا

(3)

.

وقد أَخرج مسلم والأَربعة من حديث الأَسود عن عائشة قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائمًا العشر قط" وفي لفظ لمسلم؛ "لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط"

(4)

.

(1)

د: (2/ 815)(8) كتاب الصوم (61) باب في صوم العشر. رقم: (2437) من طريق الحر بن الصَّيَّاح، عن هنيدة بن خالد به.

س: (4/ 220 - 221)(22) كتاب الصوم (82) كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر. رقم: (241 - 2418)

من طريق أَبي عوانة، عن الحر بن الصَّيَّاح به. رقم:(2417 - 2418)

(2)

س (4/ 220) الموضع السابق.

من طريق عمرو بن قيس الملائى، عن الحر بن الصياح به.

ولفظه: "عن حفصة قالت: أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة. رقم:(2416)

(3)

س: (4/ 221) الموضع السابق.

عن الحسن بن عبيد الله، عن هنيدة الخزاعي به.

ولفظه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بثلاثة أيام؛ أول خميس والاثنين والاثنين - رقم (2419)

(4)

م: (2/ 833)(14) كتاب الاعتكاف (4) باب صوم عشر ذي الحجة من طريق الأعمش، عن إِبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائمًا العشر قط.

وبهذا الإِسناد: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشر. رقم: (9 - 10/ 1176)

ولم أعثر على لفظ: "لم ير رسول الله صائمًا العشر قط" كما ذكر المصنف. والله عز وجل وتعالى أعلم.

ص: 168

قال بعض الحفاظ: يحتمل أَن تكون عائشة لم تعلم بصيامه عليه السلام؛ فإنه كان يقسم لتسع نسوة، فلعله لم يتفق صيامه في يومها؛ وينبغى أَن تقرأَ "لم يُرَ" مبنيًا للفاعل لتتفق الروايتان.

على أَن حديث المُثْبِت أَولى من حديث النافى. وقيل: إِذا تساويا في الصحة يؤخذ بحديث هنيدة، لكنه لا يقاوم إِسناد حديث عائشة.

* * *

ص: 169

‌الفصل 11 - استدراكها صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره

أَخَرج الشيخان عن أَبي سلمة بن عبد الرحمن أنَّه سأَل عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان"؟ فقالت: "ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إِحدى عشرة ركعة يصلِّى أربعًا فلا تسأَل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلِّى أربعًا فلا تسأَل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلِّى ثلاثًا" قالت عائشة:"فقلت يا رسول الله: أَتنام قبل أَن توتر"؟ قال: "يا عائشة إِن عَيْنَيّ تنامان ولا ينام قلبي"

(1)

.

وفي لفظ لها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي من الليل عشر ركعات، ويوتر بسجدة ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة ركعة فيها ركعتا الفجر"

(2)

.

ووقع في رواية للبخاري عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلِّى إِذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين"

(3)

(1)

خ: (1/ 356)(19) كتاب التهجد (16) باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره.

من طريق مالك، عن سعيد بن أَبي سعيد المقبري، عن أَبي سلمة به رقم:(1147)

م: (1/ 509)(6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (17) باب صلاة الليل.

من طريق مالك به رقم: (125/ 738).

(2)

خ: (1/ 354)(19) كتاب التهجد (10) باب كيف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل.

من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر وركعتا الفجر.

م: (1/ 509) الموضع السابق.

من طريق عروة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر رقم:(124/ 737)

(3)

خ: (1/ 361)(19) كتاب التهجد (27) باب ما يقرأ في ركعتي الفجر.

من طريق مالك، عن هشام بن عروة، عن أَبيه، عن عائشة رضي الله عنها به. رقم:(1164)

ص: 170

قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين: هكذا في هذه الرواية، وبقية الروايات عند البخارى ومسلم: أَن الجملة ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر

(1)

ا هـ

(2)

.

* * *

(1)

الجمع بين الصحيحين: (1/ 480).

(2)

كرر المصنف بعد هذا ما ذكره قبل ذلك من استدراك السيدة عائشة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في شأن ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه ذكر هنا أنه أخرج الحديث مسلم، وهناك ذكر أنه أخرجه الشيخان، وهو كذلك وخرجناه هناك (ص: 152). والحمد لله رب العالمين.

ص: 171

‌صورة السماع في الأصل الحمد لله وكفى

بلغ السماع لجميع هذا الكتاب على مؤلفه شيخى ووالدى الفقير إلى الله تعالى بدر الدين أَبي عبد الله محمد ابن الفقير إِلى ربه جمال الدين عبد الله الشهير بالزركشي الشافعي عامله الله تعالى بلطفه. فسمعته ابنته عائشة وفاطمة، وسمع من باب الاستدراكات العامة ولده أَبو الحسن على. وحضر المجلس المذكور ولده أَحمد ويدعى عبد الوهاب في الثانية من عمره، وذلك بقراءة مثبته فقير رحمة ربه محمد بن محمد بن عبد الله الزركشى الشافعي عامله الله بلطفه، وصح ذلك.

ومدته عشرة مجالس آخرها يوم الأَحد حد لثمانٍ خلون من صفر عام أَربع وتسعين وسبعمائة.

وأَجاز لنا جميع مؤلفاته متلفظًا بذلك بسؤالي له ا هـ.

* * *

ص: 172