المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المجلد العاشر ‌ ‌تابع لكتاب النكاح ‌ ‌بَابُ الْقَسْمِ ‌ ‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَعْدِلُ الْمُصْطَفَى صلى - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان - جـ ١٠

[الأمير ابن بلبان الفارسي]

فهرس الكتاب

المجلد العاشر

‌تابع لكتاب النكاح

‌بَابُ الْقَسْمِ

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَعْدِلُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ نسائه

12-

بَابُ: الْقَسْمِ

ذِكْرُ مَا كَانَ يَعْدِلُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ نِسَائِهِ

4205 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ هَذَا فِعْلِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تَلُمْنِي فيما لا أملك"(1) .

(1) رجاله ثقات على شرط مسلم إلا أنه اختلف في وصله وإرساله، والمرسل هو الصواب. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعبد الله بن يزيد: رضيع عائشة بصري، ذكره ابن حبان في (الثقات) ، وأخرج حديثه لهذا أصحاب السنن، وله عند مسلم، والترمذي والنسائي في الميت يُصلى عليه مئة. وقد نُسِبَ خطأ إلى الخطمي عند أبي داود، والحاكم والدارمي، وابن أبي حاتم.

وأخرجه أحمد 6/144، وابن أبي شيبة 4/386-387، والنسائي 7/64 في عشرة النساء: باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض، وابن ماجة (1971) في النكاح: باب القسمة بين النساء، من طريق يزيد بن هارون، بهذا السند، وقال النسائي بإثره: أرسله حمادُ بن زيد.

وأخرجه الدارمي 2/144، عن عمرو بن عاصم، وأبو داود (2134) في النكاح: باب في القسمة بين النساء، وابن أبي حاتم في (العلل) 1/425 والحاكم 2/187، وعنه البيهقي 7/298، من طريق موسى بن إسماعيل، ==

ص: 5

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا كَانَ بِنَعْتِ مَا وَصَفْنَا لَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ إِحْدَاهُنَّ فِي يَوْمِهَا لِلْأُخْرَى مِنْهُنَّ

4206 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ الطَّسْتِيُّ (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُنَا فِي يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَمَا أُنْزِلَتْ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب:51] قَالَتْ مُعَاذَةُ: فَمَا تَقُولِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَأْذَنَكِ؟ قَالَتْ: أَقُولُ إِنْ كَانَ ذَاكَ إِلَيَّ لَمْ أُوثِرْ أَحَدًا على نفسي (2) .

= والترمذي (1140) في النكاح: باب ما جاء في التسوية بين الضرائر، من طريق بشر بن السري، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به،

وقال الترمذي: حديث عائشة هكذا رواه غيرُ واحد عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يقسم، ورواه حمادُ بن زيد وغيرُ واحد عن أيوب، عن أبي قِلابة مرسلاً، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يقسم، وهذا أصحُّ من حديث حماد بن سلمة.

وقال ابن أبي حاتم: فسمعت أبا زرعة يقول: لا أعلم أحداً تابع حماداً على هذا، قلت (القائل ابن أبي حاتم) : روى ابن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه

الحديث مرسل.

قلت: وهو عند ابن أبي شيبة 4/386 عن إسماعيل بن عُلَيَّة، عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلاً.

ويشهد للقسم الأول منه حديثُ عائشة عند أبي داود (2135) والحاكم 2/186، والبيهقي 7/74: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضَنا على بعضٍ في القسم

" وسنده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

(1)

نسبة على من يعمل الطستَ أو يبيعُه، ويقال له أيضاً: الطَّسَّاط كما في (الأنساب) 8/240، و (الجرح والتعديل) 7/62.

(2)

إسناده صحيح، الفضلُ بن زياد روى عنه جماعة، وذكره المؤلف في (الثقات) ==

ص: 6

_________

ت

= 9/6، ووثقه أبو زرعة فيما نقل عنه ابن أبي حاتم 7/62، والخطيب 12/360، ومَنْ فوقه على شرطهما. عبَّاد بن عبَّاد: هو ابنُ حبيب بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، أبو معاوية البصري.

وأخرجه مسلم (1476) في الطلاق: باب أن تخيير امرأته لا يكون طلاقاً إلا بالنية، وأبو داود (2136) في النكاح: باب في القسم بين النساء، والنسائي في عشرة النساء كما في (التحفة) 12/435، والبيهقي 7/74 من طرق عن عبَّاد بن عبَّاد، بهذا الإسناد، وعلقه البخاري بإثر الحديث (4789) .

وأخرجه أحمد 6/76، والبخاري (4789) في التفسير: باب {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} ، ومسلم (1476) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عاصم الأحول، به.

ص: 7

‌ذِكْرُ وَصْفِ عُقُوبَةِ مَنْ لَمْ يَعْدِلْ بَيْنَ امْرَأَتَيْهِ فِي الدُّنْيَا

4207-

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَمَالَ مَعَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شقيه ساقط"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه أحمد 2/471، وابن أبي شيبة 4/388، وعنه ابن ماجة (1969) في النكاح: باب القسمة بين النساء، عن وكيع بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (2454) ، والدارميُّ 2/143، وأحمد 2/347، وأبو داود (2133) في النكاح: باب في القسم بين النساء، والترمذيُّ (1141) في النكاح: باب ما جاء في التسوية بين الضرائر، والنسائي 7/63 في عشرة==

ص: 7

_________

= النساء: باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض، وابن الجارود (722) ، والحاكم 2/186، والبيهقي 7/297 من طرق عن همَّام، به، وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي.

وقال الترمذيُّ: وإنما أسند هذا الحديثَ همام بن يحيى عن قتادة، ورواه هشام الدَّستوائي عن قتادة قال: كان يقال، ولا نعرف هذا الحديث مرفوعاً إلا من حديث همام، وهمام ثقة. قلت وهو خبر ثابت صحيح، وقد صححه غير ُ واحد من الأئمة.

ص: 8

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى امْرَأَتِهِ بِكْرًا

أَنْ يَقْسِمَ لَهَا سَبْعًا أَوْ ثَلَاثًا إِذَا كَانَتْ ثَيِّبًا ثُمَّ الِاعْتِدَالُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِسْمَةِ.

4208-

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ

عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"سَبْعٌ للبكر، وثلاث للثيب"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرميُّ.

وأخرجه الدارمي 2/144، وابن ماجه (1916) في النكاح: باب الإقامة على البكر والثيب، والدارقطني 3/283، وأبو نُعَيم في (حلية الأولياء) 2/288 و 3/13 من طرق عن محمد بن إسحاق، عن أيوب بهذا السند.

وأخرجه البيهقي 7/302، وابن عبد البر في (التمهيد) 17/248 من طريق أبي قلابة عن عبد الملك بن محمد الرقاشيّ، عن أبي عاصم، عن سفيان، عن أيوب وخالد، عَنْ أَبِي قِلابة، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوَّجَ البكر على الثيب، أقام عندها سبعاً، وإذا تزوج الثيب على البكر، أقام عندها ثلاثاً".

وأخرجه عبد الرزاق (10642) عن معمر، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) ==

ص: 8

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 3/27 من طريق سفيان، والبيهقي 7/302 من طريق حماد بن سلمة، ثلاثتهم عن أيوب بهذا الإسناد، إلا أنهم أوقفوه على أنس.

وأخرجه البخاري (5213) في النكاح: باب إذا تزوج البكر على الثيب، ومسلم (1461) (44) في الرضاع: باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها عَقِبَ الزفاف، وأبو داود (2124) في النكاح: باب في المقام عند البكر، والترمذي (1139) في النكاح: باب ما جاء في القسمة للبكر والثيب، من طرق عن خالد الحذّاء، عن أبي قِلابة، عن أنس بن مالك قال: إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثاً. قال خالد: ولو قلت إنه رفعه لصدقت، ولكنه قال: السنة كذلك.

وأخرجه عبد الرزاق (10643)، والبخاري (5214) : باب إذا تزوج الثيب على البكر، ومسلم (1461)(45) ، والبيهقي 7/301 و 302، والبغوي (2326) من طرق عن سفيان، عن أيوب وخالد، عن أبي قِلابة، عن أنس: من السنة "إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وقَسَم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثاً ثم قسم"، قتال أبو قلابة: ولو شئت لقلت: إن أنساً رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن دقيق العيد في (إحكام الأحكام) 4/41: الذي قاله أكثر الأصوليين من أن قول الراوي: (من السنة كذا) في حكم المرفوع، لأن الظاهر أنه ينصرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان يحتمل أن يكون ذلك قاله بناءً على اجتهاد رآه ولكن الأظهر خلافه، وقول أبي قِلابة:(لو شئت لقلت: إن أنساً رفعه) يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون ظن ذلك مرفوعاً لفظاً من أنس، فتحرَّز عن ذلك تورعاً، والثاني: أن يكون رأى أن قولَ أنس: (من السنة كذا) في حكم المرفوع، فلو شاء، لعبَّر عنه أنه مرفوع، بحسب ما اعتقده من أنّه في حكم المرفوع، والأولُ أقرب، لأن قولََه:(من السنة) يقتضي أن يكون مرفوعاً بطريق اجتهادي محتمل، وقوله:(إنه رفعه) : نصٌ في رفعه، وليس للراوي أن ينقل ما هو ظاهر محتمل إلى ما هو نصٌّ غير محتمل.

والثيب: هي من ليس ببكر، ويقع على الذكر والأنثى، يقال: رجلٌ ثيب، وامرأة ثيب، وقد يطلقُ على المرأة البالغة وإن كانت بكراً مجازاً واتساعاً.

ص: 9

4209-

حَدَّثَنَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي عَقِبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَفِظْنَاهُ عَنْ حُمَيْدٍ،

عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ (1) .

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه مالك 2/530 في النكاح: باب المقام عند البكر والأيِّم، ومِن طريقه الطحاوي 3/28 عن حُميد، عن أنس موقوفاً.

وأخرجه الطحاويُّ 3/28، والبيهقيُّ 7/302، من طرق عن حُميد، عن أنس موقوفاً أيضاً.

وأخرجه البيهقي 7/302 من طريق سعيد ابن أبي عَروبة عن قتادة، عن أنس وقفه.

ص: 10

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَزَوِّجِ عَلَى الْبِكْرِ أَوِ الثَّيِّبِ عَلَى وَاحِدَةٍ تَحْتَهُ مِثْلَهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا

4210-

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ:"لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، فَإِنْ سبعت لك، سبعت لنسائي"(2) .

(2) إسناده صحيح على شرطهما، وأخرجه النسائي في (عشرة النساء)(39) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/292، والدارمي 2/144، ومسلم (1460) (41) في الرضاع: باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها عَقِبَ الزفاف، وأبو داود (2122) في النكاح: باب في المقام عند البكر، والنسائي، وابن ماجة (1917) في النكاح: باب الإقامة على البكر والثيب، والطحاوي 3/29،==

ص: 10

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ هَذَا: هُوَ مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي بَكْرِ [بْنِ] مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام القرشي جميعا مدنيان.

= والطبراني في (الكبير) 23/ (592) ، وابن سعد في (الطبقات) 8/94، والبيهقي 7/301 من طريق يحيى بن سعيد القطان، به.

وأخرجه عبد الرزاق (10646) ومن طريقه الطبراني 23/ (591) عن الثوري، وابن أبي شيبة 4/277 عن يعلى بن عبيد، كلاهما عن محمد بن أبي بكر، به.

وأخرجه مالك 2/529 في النكاح: باب المقام عند البكر والأيِّم، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوَّج أم سلمة، وأصبحت عنده، قال لها

فذكره. قال ابن عبد البر في (التمهيد) 17/243: ظاهره الانقطاع، أي الإرسال، وهو متصل مسند صحيح قد سمعه أبو بكر من أمِّ سلمة. ومن طريق مالك أخرجه الشافعيُّ 2/26، ومسلم (1460)(42) ، والطحاوي 3/29، وابن سعد في (الطبقات) 8/92، والبيهقي 7/300، والبغوي (2327) ، والدارقطني 3/284.

وأخرجه عبد الرزاق (10645) ، ومسلم (1460) ، وابن سعد 8/92-93، والبيهقي 7/300-301، من طريقين عن عبد الملك بن أبي بكر، به.

وأخرجه أحمد 6/307 و307-308، عن الشافعي 2/26 و26-27، ومسلم (1460)(43) ، وعبد الرزاق (10644) ، والنسائي في (عشرة النساء)(40) ، والطبراني 23/ (499) و (585) و (586) و (587) ، والطحاوي 3/29، وابن سعد 8/93-94، والبيهقي 7/301، من طرق عن أبي بكر بن عبد الرحمن، به.

وأخرجه أحمد 6/295 و314، والطبراني 23/ (506) ، والطحاوي 3/29 وابن عبد البر 17/244 من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أم سلمة.

ص: 11

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ مُبَاحٌ لَهُ إِذَا كَانَ تَحْتَهُ نِسْوَةٌ جَمَاعَةٌ وَجَعَلَتْ إِحْدَاهُنَّ يَوْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ لِهَذِهِ دُونَ تِلْكَ

4211 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إلي من أن يكون فِي (1) مِسْلَاخِهَا مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَةٌ، فَلَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ، قَالَتْ:"وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ: يومها ويوم سودة"(2) .

(1)(في) سقط من الأصل، واستدركت من (التقاسيم) 4/لوحة 286.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري. جرير هو ابن عبد الحميد الضَّبِّي.

وأخرجه مسلم (1463)(47) عن زهير بن حرب، والنسائي في (عشرة النساء)(48) ، والبيهقي 7/74، من طريق إسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه مختصراً البخاري (5212) في النكاح/: باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرَّتها، ومسلم (1463) ، وابن ماجه (1972) ، والبغوي (2324) من طرق عن هشام بن عروة، به.

وقوله: (في مسلاخها) المسلاخ: الإهاب، كأنها رضي الله عنها تَمَنَّتْ أن تكون في مثل هديها وطريقتها. وسودة بنت زمعة: قرشية عامرية، وهي أول من تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة، وانفردت به نحواً من ثلاثين سنة أو أكثر حتى==

ص: 12

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ الْإِقْرَاعِ بَيْنَ النِّسْوَةِ إِذَا كُنَّ عِنْدَهُ وَأَرَادَ سَفَرًا

4212-

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، وَكُلٌّ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنَ الْحَدِيثِ، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَأَسَدُّ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي بِهِ، وَبَعْضُهُمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا ذَكَرُوا

أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ"، قَالَتْ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْنَا (1) مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي، وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا (2) ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ بِالرَّحِيلِ لَيْلَةً، فَقُمْتُ [حِينَ آذَنُوا] فِي الرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي، رجعت فلمست صدري،

= دخل بعائشة، وكانت سيدة جليلة نبيلة ضخمة، توفيت رضي الله عنها في آخر خلافة عمر في المدينة.

(1)

في (المصنف) : فخرجت.

(2)

في (المصنف) :فسرنا.

ص: 13

فَإِذَا عِقْدٌ مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ (1) قَدْ وَقَعَ، فَرَجَعْتُ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَمَلُوا هَوْدَجِي، وَرَحَلُوهُ عَلَى الْبَعِيرِ الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، فَرَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ فَلَمَّا بَعَثُوا، وَسَارَ الجيش وجدت عقدي بعد ما اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعِي (2) وَلَا مُجِيبٌ، فَأَقَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ، غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ، ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ عَرَّسَ (3) ، فأدلج،

(1) في الأصل و (التقاسيم) 4/لوحة299: أظفار، (وكذا وقع في بعض روايات البخاري ومسلم) والمثبت من (المصنف)، وظَفَارِ: ضبطها ياقوت بالبناء والكسر بمنزلة قَطَامِ وحَذَارِ، وأعربه قوم، وهو بمعنى اظفِر، أو معدول عن ظافر، قال القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في (البلدان اليماني عند ياقوت) ص 179: هو ظفار ذو ريدان (العاصمة الحميرية) ، ويقع جنوب صنعاء على مسافة مئة وخمسن كيلومتراً منها، وقد هدم الأحباشُ ظفار، ولا تزال آثار قصورها ماثلة للعيان حتى يومنا، أخذت أحجاره في أيام الدولة الظاهرية، وبُنيت بها مدارس وجوامع وقصور في جُبَن والمقرانة، كما أن قرية بيت الأشول بنيت كلها من أحجاره، وقد بني في ظفار متحف، وجُمِعَ فيه ما بقي من آثار. والجزع: الخرز اليماني، الواحدة: جزْعة.

(2)

في (المصنف) : داعٍ.

(3)

أي: نزل، والتعريس: النزول من آخر الليل في السفر للراحة قال الحافظ في (الفتح) 8/461-462: ووقع في حديث ابن عمر بيان سبب تأخر صفوان ولفظه: سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله على الساقة، فكان إذا رحل الناس قام يصلي، ثم اتبعهم، فمن سقط له شيء أتاه به، وفي حديث أبي هريرة: وكان صفوان يتخلَّف عن الناس، فيصيب القدحَ والجرابَ والإداوةَ، وفي مرسل مقاتل بن حيان: فيحمله: فيقدم به، فيعرفه في أصحابه، وكذا في مرسل سعيد بن المسيب نحوه.

ص: 14

فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي بِكَلِمَةٍ، وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حتى (1) أناخ راحلته، فوطىء عَلَى يَدِهَا، فَرَكِبْتُهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا (2) مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ فِي شَأْنِي مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ.

فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُهَا شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يُرِيبُنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِأَنِّي لَا أَرَى مِنْهُ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَاهُ مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ:"كَيْفَ تِيكُمْ؟ " فَيُرِيبُنِي ذَلِكَ، ولا أشعر حتى خرجت بعد ما نَقَهْتُ (3) مِنْ مَرَضِي، وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قَبْلَ المناصع (4) وهي

(1) في الأصل: (حين) ، والمثبت من (التقاسيم) و (المصنف) .

(2)

قوله: (بعدما نزلوا) لم يرد في الأصل، واستدرك من (التقاسيم) 5/لوحة153، و (المصنف) . وقوله:(موغرين) أي: نازلين في وقت الوَغْرَةِ، وهي شِدَّةُ الحر، وذلك عندما تكون الشمس في كبد السماء، ومنه أخذ وغرُ الصدر، وهو توقده من الغيظ بالحقد.

(3)

بفتح القاف وكسرها لغتان حكاهما الجوهري في (الصحاح) وغيره، والفتح أشهر، أي: أفاقت من مرضها، وبرئت منه، وهي قريبُ عهد به، لم ترجع إليها تمامُ صحتها.

(4)

في (النهاية) 5/65: هي المواضع التي يُتَخَلَّى فيها لقضاء الحاجة، واحدها: مَنْصَع، لأنه يُبْرَز إليها ويُظهر، قال الأزهري: أراها مواضع مخصوصة خارجَ المدينة.

ص: 15

مُتَبَرَّزُنَا، وَلَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ أَنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي التَّبَرُّزِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ قُرْبَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ (1) أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْنَا حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا لِنَأَتِيَ الْبَيْتَ، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟! فَقَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهُ (2) أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قُلْتُ: وَمَا قَالَ، فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ.

فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِي وَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ:"كَيْفَ تِيكُمْ؟ " فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجِئْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ أَيْ بُنَيَّةَ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّ امْرَأَةٌ وَضِيئَةٌ كَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ الله أو تحدث الناس بذلك؟! قالت: فمكثت

(1) في الأصل و (التقاسيم) : (ابن خالة) ، وهو خطأ، والمثبت من (المصنف) وغيره.

(2)

أي: حرف نداء للبعيد، وقد يستعمل للقريب ينزّل منزلة البعيد، والنكتة فيه هنا أن أم مِسْطَح نسبت عائشة إلى الغفلة عما قيل فيها لإنكارها سبِّ مسطح، فخاطبتها خطاب البعيد، وهنتاه: بفتح الهاء وسكون النون وقد تفتح بعدها مثناة، وآخره هاء ساكنة وقد تضم، ومعناه: يا هذه، وقيل: يا امرأة، وقيل: يا بلهاء، كأنها نسبتها إلى قلة المعرفة بمكائد الناس وهذه اللفظة تختص بالنداء وهي عبارة عن كل نكرة، وإذا خوطب المذكر، قيل: يا هنة، وقد تشبع النون فيقال: يا هناه.

ص: 16

تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ أُصْبِحُ وَأَبْكِي.

وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَهُوَ حِينَئِذٍ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَشِيرَهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، وَذَلِكَ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وماله فِي نَفْسِهِ لَهُمْ مِنَ الْوِدِّ، فَقَالَ: هُمْ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ (1) ،

(1) قال الحافظ في (الفتح) 8/468: وهذا الكلام الذي قاله عليٌّ حمله عليه ترجيحُ جانب النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَأَى عنده من القلق والغمِّ بسبب القول الذي قيل، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الغيرة، فرأى عليٌّ أنَّه إذا فارقها سكن ما عنده من القلق بسببها إلى أن يتحقق برائَتها، فيمكن رجعتها، ويُستفاد منه ارتكابُ أخفِّ الضررين لذهاب أشدهما. وقال النووي: رأى عليٌّ أن ذلك هو المصلحة في حق النبي صلى الله عليه وسلم واعتقد ذلك لما رأى من انزعاجه، فبذل جهده في النصيحة لإرادة راحة خاطره صلى الله عليه وسلم، وقال الشيخ أبو محمد بن أبي حمزة: لم يجزم عليٌّ بالإشارة بفراقها لأنه عقب ذلك بقوله: (وسل الجارية تصدقك) ، ففوض الأمر في ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه قال: إن أردت تعجيلَ الراحة ففارقها، وإن أردت خلاف ذلك، فابحث عن حقيقة الأمر إلى أن تطّلع على برائتها، لأنه كان يتحقق أن بريرة لا تُخبره إلا بما علمته، وهي لم تعلم من عائشة إلا البراءة المحضة، والعلة في اختصاص عليّ وأسامة بالمشاورة أن عليّاً كان عندَه كالولد، لأنه ربّاه من حال صغره، ثم لم يُفارقه، بل وازداد اتصاله بتزويج فاطمة، فلذلك كان مخصوصاً بالمشاورة فيما يتعلق بأهله لمزيد اطلاعه على أحواله أكثر من غيره، وكان أهل مشورته فيما يتعلق بالأمور العامة أكابر الصحابة كأبي بكر وعمر، وأما أسامة فهو كعليّ في طول الملازمة ومزيد الاختصاص والمحبة، ولذلك كانوا يُطلقون عليه أنه حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخصَّهُ دون أبيه وأمه لكونه كان شاباً كعليّ، وإن كان علي أسَنَّ منه، وذلك أن للشباب من صفاء الذهن ما ليس لغيره، ولأنه أكثر جرأة على الجواب بما يظهر له من المُسن، لأن المسنَّ غالباً==

ص: 17

وَإِنْ تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ، فَقَالَ:"أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنَ عَائِشَةَ شَيْئًا يُرِيبُكِ؟ " قَالَتْ بَرِيرَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِضُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَيَدْخُلُ الدَّاجِنُ فَيَأْكُلُهُ.

فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَعْذَرَ (1) مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولَ، فَقَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ:"يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي؟ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي" فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ (2) تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فثار الحيان، الأوس

= يحسب العاقبة، فربما أخفى بعض ما يظهر له رِعاية للقائل تارة، والمسؤول عنه أخرى، مع ما ورد في بعض الأخبار أنه استشار غيرهما.

(1)

أي: طلب من يعذره منه، أي: يُنصفه، قال الخطابي: يحتمل أن يكون معناه: من يقوم بعذري فيما رمى أهلي به من المكروه، ومن يقوم بعذري إذا عاقبته على سوء ما صدر منه، ورجح النووي هذا الثاني.

(2)

قال المازريّ: وقع ذلك منه على جهة الغيظ والحنق والمبالغة في زجر سعد بن عبادة عن المجادلة.

ص: 18

وَالْخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَكَيْتُ (1) يَوْمِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقُ كَبِدِي.

فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي إِذِ اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ مَعِي، فَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى حَالِنَا ذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، وَلَمْ يَكُنْ جَلَسَ قَبْلَ يَوْمِي ذَلِكَ مُذْ كَانَ مِنْ أَمْرِي مَا كَانَ، وَلَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي يَا عَائِشَةُ عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ، وَتُوبِي، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِالذَّنْبِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ".

فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي، حَتَّى مَا أَحِسُّ مِنْهُ بِقَطْرَةٍ، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [فَقُلْتُ]-وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِذَاكَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ -وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي بَرِيئَةٌ- لَمْ تُصَدِّقُونِي، وَإِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ -وَاللَّهُ يعلم

(1) في (المصنف) : (فمكثت) ، عن ابن أبي وغيره، ولم يرد النفاق الذي هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر.

ص: 19

أَنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُونِي، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَجِدُ مَثَلِي وَمَثَلَكُمْ إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ:{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} ثُمَّ تَحَوَّلْتُ، فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُبَرِّئُنِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُنَزِّلُ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أن يتكلم الله جلا وَعَلَا فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا.

قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا رَامَ (1) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ:"يَا عَائِشَةُ، أَمَا وَاللَّهِ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ" فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ الَّذِي هُوَ أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11-22](2) الْعَشْرُ الْآيَاتُ قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَاتِ في براءتي.

(1) أي: فارق، ومصدره (الريم) بخلاف رام بمعنى طلب، فمصدرُه الروم، ويفترقان في المضارع، يقال: رام يروم روماً، ورام يريم روماً.

(2)

قال الزمخشري في (الكشاف) 3/67: لو فليتَ القرآن كله، وفتشت عما أوعد به العصاةَ، لم تر الله تعالى قد غلَّظ في شيءٍ تغليظه في إفكِ عائشة رضوانُ الله عليها، ولا أنزل من الآيات القوارع المشحونةِ بالوعيد الشديد، والعتاب البليغ والزجر العنيف، واستعظام ما ركب من ذلك، واستفظاع ما أقدم عليه ما أنزل فيه==

ص: 20

وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَنْفِقُ عَلَيْهِ أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} إِلَى قَوْلِهِ:{أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور:22] . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ بِالنَّفَقَةِ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا (1) مِنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي: "مَا عَلِمْتِ وما رأيت؟ " فقالت: أحمي سمعي

= على طرق مختلفة، وأساليب مفتنة كل واحد منها كاف في بابه، ولم لم ينزل إلا هذه الثلاث لكفى بها حيث جعل القذَفةََ ملعونين في الدارين جميعاً، وتوعّدهم بالعذاب العظيم في الآخرة، وبأن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم تشهدُ عليهم بما أفَكُوا وبهتوا، وأنه يُوفيهم جزاءهم الحق الواجبَ الذي هم أهله حتى يعلموا عند ذلك أن الله هو الحق المبين، فأوجز في ذلك، وأشبع، وفصَّل وأجمل، وأكد، وكرر، وجاء بما لم يقع في وعيد المشركين عبَدةِ الأوثان إلا ما هو دونَه في الفظاعة وما ذاك إلا لأمرٍ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه كان بالبصرة يَوْمَ عرفة، وكان يسأل عن تفسير القرآن حتى سُئِلَ عن هذه الآية فقال: من أذنب ذنباً ثم تاب منه، قُبِلَتْ توبتُه، إلا من خاض في أمر عائشة، وهذه منه مبالغة وتعظيمٌ لأمر الإفك، ولقد برأ الله تعالى أربعةً بأربعة: برأ يوسف بلسان الشاهد {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} ، وبرأ موسى من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه، وبرأ مريم بإنطاق ولدها حين نادى من حجرها {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} وبرأ عائشة بهذه الآيات العظام في كتابه المعجز المتلو على وجه الدهر مثل هذه التبرئة بهذه المبالغات، فانظر كم بينَها وبَينَ تبرئة أولئك، وما ذاك إلا لإظهار علوِّ منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتنبيهِ على إنافة محل سَيِّدِ ولد آدم، وخيرةِ الأولين والآخرين، وحُجةِ الله على العالمين، ومن أراد أن يتحقق عظمةَ شأنه صلى الله عليه وسلم، وتقدم قدمه، وإحراَزَه لقصب السبق دونَ كل سابق، فليتلق ذلك من آيات الإفك، وليتأمل كيف غضب الله له في حرمته وكيف بالغ في نفي التهمة عن حجابه.

(1)

في الأصل: (أفرغها) ، والمثبت من (التقاسيم) .

ص: 21

وَبَصَرِي، مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي (1) مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَهَذَا مَا انتهى إلي من أمر هؤلاء الرهط (2) .

(1) قال في (الفتح) 8/478: أي تُعاليني في السمو، وهو العلو والارتفاع، أي: تطلب من العلو والرفعة والحظوة عند النبي صلى الله عليه وسلم ما أطلب، أو تعتقد أنَّ الذي لها عنده مثل الذي لي عنده.

(2)

إسناده صحيح على شرطهما، وهو في (مصنف عبد الرزاق)(9748) .

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 6/194-197، ومسلم (2770) (56) في التوبة: باب في حديث الإفك، والطبراني في (الكبير) 23/ (133) .

وأخرجه بطوله أحمد 6/197، والبخاري (2661) في الشهادات: باب تعديل النساء بعضهن بعضاً، و (4141) في المغازي: باب حديث الإفك، و (4750) في التفسير: باب {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ

} ، ومسلم (2770) ، والنسائي في (عشرة النساء)(45) ، وأبو يعلى (4927) و (4933) و (4935) ، والطبراني 23/ (134) و (135) و (139) و (140) و (141) و (142) و (143) و (144) و (145) و (146) و (147) و (148) ، والبيهقي 7/302، من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

وأخرجه مقطعاً من طريق الزهري، به: البخاري (2637) في الشهادات: باب إذا عدل رجل رجلاً، و (2879) في الجهاد: باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه، و (4025) في المغازي: باب رقم (12)، و (4690) في التفسير: باب {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ

} و (6662) في الأيمان والنذور: باب قول الرجل: لعمر الله، و (6679) باب: اليمين فيما لا يملك

و (7369) في الاعتصام: باب قول الله تعالى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ؟، و (7545) في التوحيد: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام.."، وأبو داود (4735) في السنة: باب في القرآن.==

ص: 22

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وفي هذا الحديث من الفوائد:

جواز رواية الحديث الواحد عن جماعة، عن كل وحد قطعة مبهمة منه، وهذا وإن كان فعل الزهري وحده، فقد أجمع المسلمون قبوله منه.

وفيه مشروعية القرعة حتى بين النساء، وفي المسافرة بهن، والسفر بالنساء حتى في الغزو.

وفيه جواز حكاية ما وقع للمرء من الفضل ولو كان فيه مدح ناس، وذم ناس إذا تضمّن ذلك إزالة توهُّم النقص عن الحاكي إذا كان بريئاً عن قصد نصح من يبلغه ذلك، لئلا يقع فيما وقع فيه من سبق، وأن الاعتناء بالسلامة من وقع الغير في الإثم أولى من تركه يقع في الإثم وتحصيل الأجر للوقوع فيه.

وفيه استعمال بعض الجيش ساقةً يكون أميناً ليحمل الضعيف، ويحفظ ما يسقط وغير ذلك من المصالح.

وفيه إغاثة الملهوف، وعونُ المنقطع، وإنقاذُ الضائع، وإكرامُ ذوي القدر، وإيثارهم بالركوب، وتجشم المشقة لأجل ذلك، وحسن الأدب مع الأجانب خصوصاً النساء لا سيما في الخَلوة.

وفيه ملا طفة الزوجة، وحسنُ معاشرتها، والتقصير من ذلك عند إشاعة ما يقتضي النقصَ وإن لم يتحقق، وفائدة ذلك أن تتفطن لتغيير الحال، فتعتذر أو تعترف، وأنه لا ينبغي لأهل المريض أن يُعلِموه بما يؤذي باطنه لئلا يزيد ذلك في مرضه.

وفيه ذبُّ المسلم عن المسلم خصوصاً من كان من أهل الفضل، وردع من يؤذيهم ولو كان منهم بسبيبل، وبيان مزيد فضيلة أهل بدر.

وفيه البحث عن الأمر القبيح إذا أُشيع، وتعرف صحته وفساده بالتنقيب على من قيل فيه: هل وقع منه قبل ذلك ما يشبهه أو يقرب منه، واستصحاب حال من اتهم بسوء إذا كان قبل ذلك معروفاً بالخير إذا لم يظهر عنه بالبحث ما يُخالف ذلك.

وفيه مشروعية التسبيح عند سماع ما يعتقد السامع أنه كذب، وتوجيهه هنا أنه سبحانه وتعالى يُنزه أن يحصل لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدنيس، فيشرع شكره بالتنزيه في مثل هذا.

وفيه توقفُ خروج المرأة من بيتها على إذن زوجها ولو كانت إلى بيت أبويها.

وفيه البحثُ عن الأمر من يدل عليه المقول فيه، والتوقف في خبر الواحد ولو==

ص: 23

_________

= كان صادقاً، وطلب الارتقاء من مرتبة الظن إلى مرتبة اليقين، وأن خبر الواحد إذا جاء شيئاً بعد شيء أفاد القطع، لقول عائشة:(لأستيقن الخبر من قبلهما) وأن ذلك لا يتوقف على عدد معين.

وفيه استشارة المرء أهل بطانته ممن يلوذ به من قرابة وغيرها، وتخصيص من جربت صحة رأيه منهم بذلك، ولو كان غيره أقرب، والبحث عن حال من اتهم بشيء، وحكاية ذلك للكشف عن أمره، ولا يعد ذلك غيبة.

وفيه استعمال (لا نعلم إلا خيراً) في التزكية، وأن ذلك كاف في حق من سبقت عدالته ممن يطلع على خفيّ أمره.

وفيه التثبت في الشهادة، وفطنةُ الإمام عند الحادث المهم، والاستنصار بالأخصَّاء على الأجانب، وتوطئة العذر لمن يراد إيقاعُ العقاب به، أو العتاب له، واستشارة الأعلى لمن هو دونه، واستخدام من ليس في الرق.

وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يجزم في القصة بشيء قبل نزول الوحي.

وفيه الندبُ إلى قطع الخصومة، وتسكين ثائرة الفتنة، وسد ذريعة ذلك، واحتمال أخف الضررين بزوال أغلظهما، وفضل احتمال الأذى.

وفيه مشروعيةُ التوبة، وأنها تُقبل من المعترف المقلع المخلص، وأن مجرد الاعتراف لا يُجزئ فيها، وأن الاعتراف بما لم يقع لا يجوز، ولو عرف أنه يُصَدَّ قُ في ذلك، ولا يؤاخذ على ما يترتب على اعترافه، بل عليه أن يقول الحق أو يسكت، وأن الصبر تُحمد عاقبته، ويُغبط صاحبه.

وفيه أن الشدة إذا اشتدت أعقبها الفرجُ، وفضل من يفوض الأمر لربه، وأن من قوي على ذلك، خَفَّ عنه الهمُّ والغم، كما وَقَعَ في حالَتَي عائشة قبل استفسارها عن حالها وبَعْدَ جوابها بقولها:{وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ} .

وفيه الحثُّ في الإنفاق في سبيل الخير، خصوصاً في صلة الرحم، ووقوع المغفرة لمن أحسن إلى من أساء إليه، أو صفح عنه، وأن من حلف أن لا يفعل شيئاً من الخير استحب له الحنث، وجواز الاستشهاد بآي القرآن في النوازل، والتأسي بما وقع للأكابر من الأنبياء وغيرهم.

وفيه التسبيح عند التعجب واستعظام الأمر، وذم الغيبة، وذم سماعها، وزجر من يتعاطاها، لا سيما إن تضمنت تهمة المؤمن بما لم يقع منه، وذم إشاعة الفاحشة، وانظر (الفتح) 8/479-481.

ص: 24

15-‌

‌ كِتَابُ الرَّضَاعِ

4213 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَهْلَةَ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ حَتَّى تَذْهَبَ غَيْرَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ"، فَأَرْضَعَتْهُ وَهُوَ رَجُلٌ. قَالَ رَبِيعَةُ: فَكَانَتْ رُخْصَةً لسالم (1)

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. حرملة: هو ابن يحيى وهو من رجال مسلم وقد تُوبع، ومن فوقه على شرطهما.

وأخرجه النسائي 6/105 في النكاح: باب رضاع الكبير، عن أحمد بن يحيى أبي الوزير، عن ابن وهب بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في (الكبير)(6375) و24/ (739) من طريق سليمان بن بلاب، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 6/38-39 و201، والحميدي (278) وعبد الرزاق (13884) ومسلم (1453) في الرضاع: باب رضاعة الكبير، والنسائي 6/104-105 و105، وابن ماجة (1943) في النكاح: باب رضاع الكبير، والطبراني في (الكبير)(6373) و (6374) و (6376) و24/ (737) و (738) و (740) ، والبيهقي 7/459 من طرق عن القاسم، به.

وأخرجه أحمد 6/356، والطبراني في (الكبير) 24/ (742) من طريق==

ص: 25

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، والطبراني في (الصغير)(894) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، كلاهما عن القاسم بن محمد، عن سهلة، فجعلوه من مسند سهلة، قال الهيثمي في (المجمع) 4/261: رواه أحمد والطبراني في الثلاثة، ورجال أحمد رجال الصحيح، إلا أن الجميع رووه عن القاسم بن محمد عن سهلة فلا أدري سمع منها أم لا.

وأخرجه مسلم (1453)(29) و (30) ، والنسائي 6/104 من طريق حميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، عن عائشة

بنحوه، وتخصيص هذا الحكم –وهو أنَّ رضاع الكبير يحرِّّم- لسالم مولى أبي حذيفة، هو قولُ عمر وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وسائر أمهات المؤمنين غير عائشة، وجمهور التابعين، وجماعة فقهاء الأمصار، منهم الثوري ومالك وأصحابه، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وأبي حنيفة وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وأحمد وإسحاق، وأبي ثور وأبي عُبَيد والطبري.

وحملت عائشةُ أمُّ المؤمنين رضي الله عنها حديث سالم مولى أبي حذيفة على العموم، فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال، وصنعت ذلك بسالم بن عبد الله بن عمر، وأمرت أم كلثوم فأرضعته، وذهب إلى قولها عطاء والليث، لحديثها هذا ولفتواها وعملها به، قال ابن العربي: ولعمر الله إنه لقوي، ولو كان خاصاً بسالم، لقال لها: ولا يكون لأحد بعدك كما قال لأبي بردة في الجذعة.

قال ابن القيم في (زاد المعاد) 5/539 بعد أن أورد حجج من قال بعموم هذا الحديث وخصوصه: حديث سهلة ليس بمنسوخ، ولا مخصوص، ولا عام في حقِّ كلِّ أحد، وإنما هو رخصة للحاجة لمن لا يُستغنى عن دخوله على المرأة، ويشق احتجابُها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة، أُثر رضاعُه، وأما من عداه، فلا يؤثر إلاَّ رضاع الصغير، وهذا مسلكُ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، والأحاديث النافية للرضاع في الكبير إما مطلقة فتقيد بحديث سهلة، أو عامة في الأحوال، فتخصص هذه الحال من عمومها، وهذا أولى من النسخ، ودعوى التخصيص بشخص بعينه، وأقربُ إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين، وقواعد الشرع تشهد له، والله الموفق.

ص: 26

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4214 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَالِمًا يُدْعَى لِأَبِي حُذَيْفَةَ، وَيَأْوِي مَعَهُ، وَيَدْخُلُ عَلَيَّ، فَيَرَانِي فُضُلًا، وَنَحْنُ فِي مَنْزِلٍ ضَيِّقٍ، وَقَالَ اللَّهُ:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب:5] فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "أَرْضِعِيهِ تحرمي عليه"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما، وهو في (مصنف عبد الرزاق)(13885) بنحو هذا اللفظ.

(فُضُلاً) قال في (النهاية) 3/456: أي متبذلة في ثياب مهنتي، يقال: تفضَّلت المرأة: إذا لبست ثياب مهنتها، أو كانت في ثوب واحد، فهي فُضُل، والرجل فُضُل أيضاً، قال ابن عبد البر في (التمهيد) 8/255: فمعنى هذا عندي أنه كان يدخل عليها وهي متكشفة بعضها، مثل الشعر واليد والوجه، يدخل عليها وهي كيف امكنها.

ص: 27

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجَلِهَا أَرْضَعَتْ سَهْلَةُ سَالِمًا

4215 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ فَقَالَ:

أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ ربيعة

ص: 27

وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَكَانَ قَدْ تَبَنَّى سَالِمًا الَّذِي يُقَالُ لَهُ: سَالِمُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَأَنْكَحَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا -وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ ابْنُهُ- ابْنَةَ أَخِيهِ (1) فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ أَيَامَى قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَا أَنْزَلَ فَقَالَ:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} رَدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ تَبَنَّى أُولَئِكَ إِلَى أَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ رُدَّ إِلَى مَوْلَاهُ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ -وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ (2) ، وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ، فَمَاذَا تَرَى فِي شَأْنِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، فَيَحْرُمُ بِلَبَنِكِ"، فَفَعَلَتْ، وَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ، فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَبَنَاتِ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ، وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَقُلْنَ: مَا نَرَى الَّذِي أَمْرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل إلا

(1) في الأصل: (أخي) ، والمثبت من (التقاسيم) 1/لوحة 353، و (الموطأ) .

(2)

في (الموطأ) زيادة: وأنا فُضُل.

ص: 28

رُخْصَةً فِي سَالِمٍ وَحْدَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَا يَدْخُلُ (1) عَلَيْنَا بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ. فَعَلَى هَذَا مِنَ الْخَبَرِ كَانَ رَأْيُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في رضاعة الكبير (2) .

(1) في (الموطأ) : لا والله لا يدخل..

(2)

حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، وهو في (الموطأ) 2/605-606 في الرضاع: باب ما جاء في الرضاعة بعد الكبر، قال ابن عبد البر في (التمهيد) 8/250: هذا حديث يدخل في المسند، للقاء عروة عائشة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وللقائه سهلة بنت سهيل.

وأخرجه الشافعي 2/22-23 عن مالك، به.

وأخرجه من طريق مالك عبد الرزاق (13886) ، ومن طريق الطبراني (6377) ، بذكر عائشة فيه.

وأخرجه أحمد 6/255 و269 و270-272، والدارمي 1/158، وعبد الرزاق (13887)، والبخاري (4000) في المغازي: باب رقم (12)، (5088) في النكاح: باب الأكفاء في الدين، وأبو داود (2061) في النكاح: باب من حرّم به، والنسائي 6/63-64 في النكاح: باب تزويج المولى العربية، والبيهقي 7/459-460 و460 من طرق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وبعضهم يزيد فيه على بعض.

ص: 29

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ مُفَارَقَةُ أَهْلِهِ إِذَا شَهِدَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ عَدْلَهٌ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا

4216 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَذَكَرَتْ أَنَّهَا أرضعتنا

ص: 29

جَمِيعًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:"كَيْفَ بِهَا وَقَدْ قالت ما قالت، دعها عنك"(1) .

(1) إسناده صحيح. خلف بن هشام: ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين غير صاحبيه، فإنه من رجال البخاري.

وأخرجه أبو داود (3603) في الأقضية: باب الشهادة في الرضاع، والطبراني في (الكبير) 17/ (974) من طريقين عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد، وبأطول مما هنا، وعندهما زيادة في السند عن ابن مليكة وهو قوله: وحدثنيه صاحب لي عنه وأنا لحديث صاحبي أحفظ.

وأخرجه الطبراني 17/ (675) من طريق حماد بن سلمة، والدارقطني 4/177 من طريق ابن أبي عروبة، كلاهما عن أيوب، به.

وأخرجه أحمد 4/7 و383-384، وعبد الرزاق (13968) و (15435)، والبخاري (5104) في النكاح: باب شهادة المرضعة، وأبو داود (3604) ، والترمذي (1151) في الرضاع، باب ما جاء في شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، والنسائي 6/109 في النكاح: باب الشهادة في الرضاع، وفي (الكبرى) كما في (التحفة) 7/300، والدارقطني 4/175-176، والبيهقي 7/463 من طرق عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد ابن أبي مريم، عن عقبة بن الحارث، بزيادة عبيد ابن أبي مريم بين أبي مليكة وعقبة بن الحارث. وقد سمع ابن أبي مليكة الحديث منهما جميعاً. وعبيد ابن أبي مريم قال الحافظ في (الفتح) 9/153: مكي ما له في الصحيح سوى هذا الحديث، ولا أعرِفُ من حاله شيئاً إلا أن ابن حبان ذكره في ثقات التابعين، وقد أوضحت في الشهادات 5/269 بيان الاختلاف في إسناده على ابن أبي مليكة، وأن العمدة فيه على سماع ابن أبي مليكة له من عقبة بن الحارث نفسه.

وأخرجه أحمد 4/7 و384، والحميدي (579)، والبخاري (2052) في البيوع: باب تفسير المشبَّهات، والطبراني 17/ (972) و (976) ، والبيهقي 7/463، والدارقطني 4/177 من طرق عن ابن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث.

قال الإمام البغوي في (شرح السنة) 9/87: وفيه دليل على قبول شهادة المرضعة على الرضاع واختلفوا في عدد من يثبت الرضاعُ بشهادتهن من النساء، فذهب قوم إلى أنه يثبت بشهادة المرأة الواحدةِ، وتُسْتَحلَفُ، يروى ذلك عن ابن==

ص: 30

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: "دَعْهَا عَنْكَ" إِنَّمَا هُوَ نَهْيٌ نَهَاهُ عَنِ الْكَوْنِ مَعَهَا

4217 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَزَعَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا، فَجِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَعْرَضَ عَنِّي قَالَ: فَجِئْتُهُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا كَاذِبَةٌ، قَالَ:"فَكَيْفَ بِهَا وقد زعمت أنها أرضعتكما" فنهاه عنها (1) .

= عباس، وهو قول الحسن، وبه يقول أحمد وإسحاق، وذهب أكثرهم إلى أنه لا يثبت بأقل من أربع، وكذلك كل ما لا يطلع عليه إلا النساء غالباً كالولادة والثيابة والبكارة والحيض، وهو قول عطاء وقتادة، وإليه ذهب الشافعي، وذهب قوم إلى أنه يثبت بشهادة امرأتين، وهو قول مالك، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وقال أصحاب الرأي: تثبت الولادة بشهادة القابلة وحدَها إذا كان الحمل ظاهراً والفراش قائماً.

وروي عن علي بن أبي طالب أنه أجاز شهادة القابلة وحدَها في الاستهلال وهو قول الشعبي والنخعي، وقوله صلى الله عليه وسلم:"كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ" إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى مفارقتها من طريق الورع، لا من طريق الحكم، أخذاً بالاحتياط في باب الفرج، وليس فيه دلالة على وجوب الحكم بقول المرأة الواحدة، لأنَ سبيل الشهادات أن تقام عند الحكام، ولم يوجد هاهنا إلا إخبار امرأة عن فعلها في غير مجلس الحكم، والزوج مكذِّب لها، وبمثل هذا لا يثبت الحكمُ حتى يكون دليلاً على جواز شهادة المرأة الواحدة.

(1)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابي الحديث، فقد أخرج له البخاري فقط، وابن جريج صرح بالتحديث عنه عند غير المصنف. يزيد: هو ابن زريع.==

ص: 31

أَخْبَرَنَاهُ هَذَا الشَّيْخُ فِي وَسَطِ أَحَادِيثِ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ مشايخه.

=وأخرجه أحمد 4/8، وعبد الرزاق (13967) و (15436) ، والدارمي 2/157-158، والبخاري (2659) في الشهادات: باب شهادة الإماء والعبيد، والطبراني 17/ (970) و (971) ، والبيهقي 7/463، والداريقطني 4/177 من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد.

ص: 32

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عُقْبَةَ فَارَقَهَا وَتَزَوَّجَتْ آخَرَ غَيْرَهُ حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "دَعْهَا عَنْكَ

".

4218 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بن موسى، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ لَهُ: قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِينِي وَلَا أَخْبَرْتِينِي، فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِي إِهَابٍ، فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَاهَا أَرْضَعَتْ صَاحِبَتَنَا، فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ " ففارقها عقبة، ونكحت زوجا غيره (1) .

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابي الحديث فعلى شرط البخاري، وهو في (صحيحه) (2640) في الشهادات: باب إذا شهد شاهد أو شهود بشيء

، ومن طريقه البغوي (2286) عن حبان بن موسى، بهذا الإسناد، عبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه أيضاً (88) في العلم: باب الرحلة في المسألة النازلة، عن محمد بن==

ص: 32

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الرَّضَاعَ لِلْمُرْضِعَةِ

يَكُونُ مِنَ الزَّوْجِ كَمَا هُوَ مِنَ الْمَرْأَةَ سَوَاءٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَالْحَظْرِ مَعًا

4219 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَخُو أَبِي قُعَيْسٍ بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ، فَقُلْتُ: لَا آذَنُ لَكَ حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اسْتَأْذَنْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَخَا أَبِي قُعَيْسٍ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، وَإِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي قُعَيْسٍ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي أَبُو قُعَيْسٍ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"ائذني له فإنه عمك"(1) .

= مقاتل، عن عبد الله بن المبارك، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/196، والبخاري (2660) في الشهادات: باب شهادة المرضعة، والنسائي في (الكبرى) كما في (التحفة) 7/300، والطبراني 17/ (973) من طريقين عن عمر بن سعيد، به. رواية البخاري مختصرة.

(1)

إسناده صحيح على شرط الصحيح. داود بن شبيب من رجال البخاري، وحماد بن سلمة من رجال مسلم، ومن فوقهما من رجالهما.

وأخرجه مالك 2/601-602 في الرضاع: باب رضاعة الصغير، وعبد الرزاق (13938) و (13940) و (13941) ، وأحمد 6/38 و194، والحميدي (230) ، والدارمي 2/156، والبخاري (5239) في النكاح: باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع، ومسلم (1445) (7) في الرضاع: باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل، وأبو داود (2057) في النكاح: باب في لبن الفحل، والترمذي (1148) في الرضاع: باب ما جاء في لبن الفحل، والنسائي 6/103 في النكاح: باب لبن الفحل، وابن ماجة (1949) في النكاح: باب لبن الفحل، وأبو يعلى (4501) ، والدارقطني 4/177-178، والبيهقي==

ص: 33

_________

= 7/452، والبغوي (2280) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

وأخرجه مالك 2/602، وعبد الرزاق (13937) ، والحميدي (229) ، والشافعي 2/24، وأحمد 6/33 و36-37 و38 و177 و271، والبخاري (4796) في التفسير: باب {إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ

} ، و (5103) في النكاح: باب لبن الفحل، و (6156) في الأدب: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "تربت يمينك"، ومسلم (1445) ، والنسائي 6/103، وابن ماجة (1948) ، والدارقطني 4/177-178 و178، والبيهقي 7/452 من طرق عن الزهري، عن عُروة، به –وبعضهم يزيد على بعض، ووقع عند بعضهم (أفلح بن أبي القعيس) وعند بعضهم (أبو قعيس) ، والمحفوظ أفلح أخو أبي القعيس، وانظر (الفتح) 9/150.

وأخرجه أحمد 6/201، وعبد الرزاق (13939) ، ومسلم (1445)(8) و (9) و (10) ، والنسائي 6/99 و103 و104، والبيهقي 7/452 من طرق عن عروة، به.

وأخرجه أحمد 6/217 من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة.

ص: 34

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْذَنَ لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ

أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا

4220 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ قالت: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَخُو أَبِي قُعَيْسٍ بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ، فَقُلْتُ: لَا آذَنُ لَكَ حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اسْتَأْذَنْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَخَا أَبِي قُعَيْسٍ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، وَإِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي قُعَيْسٍ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي أَبُو قُعَيْسٍ. فَقَالَ:"ائْذَنِي لَهُ فإنه عمك"(1) .

(1) إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله.

ص: 34

‌ذِكْرُ قَدْرِ الرَّضَاعِ الَّذِي يُحَرِّمُ مَنْ أَرْضَعَ فِي السَّنَتَيْنِ

الرَّضَاعَ الْمَعْلُومَ

4221 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: نَزَلَ الْقُرْآنُ بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ مِمَّا نَقْرَأُ مِنَ القرآن (1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما، وهو في (الموطأ) 2/608 في الرضاع: باب جامع ما جاء في الرضاعة، وفي آخره قال يحيى: قال مالك: وليس على هذا العمل.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/21، والدارمي 2/157، ومسلم (1452) (24) في الرضاع: باب التحريم بخمس رضعات، وأبو داود (2062) في النكاح: باب هل يحرِّم ما دون خمس رضعات، والترمذي 3/456 في الرضاع: باب ما جاء لا تحرِّم المصة ولا المصتان، والنسائي 6/100 في النكاح: باب القدر الذي يحرم من الرضاعة، والبيهقي 7/454. وقع في المطبوع من الترمذي (

حدثنا مالك حدثنا معن

) وهو تحريف صوابه (

حدثنا معن، حدثنا مالك

) .

واخرجه بنحوه الشافعي 2/21، ومسلم (1452)(25) ، والبيهقي 7/454 من طرق عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، به.

قال الإمام البغوي في (شرح السنة) 9/81: اختلف أهل العلم فيما تثبت به الحرمة من الرضاع، فذهب جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى أنه لا تثبت بأقل من خمس رضعات متفرقات، وبه كانت تفتي عائشة وبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول عبد الله بن الزبير، وإليه ذهب الشافعي وإسحاق، وقال أحمد: إن ذهب ذاهب إلى قول عائشة في خمس رضعات، فهو مذهب قوي، وذهب أكثر أهل العلم على أن قليل الرضاع وكثيره محرّم، يروى ذلك عن ابن عباس، وابن عمر، وبه قال سعيد بن المسيِّب، وعروة بن الزبير، والزهري،==

ص: 35

4222 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ، عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهن مما نقرأ من القرآن"(1) .

= وهو قول سفيان الثوري، ومالك، والأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، ووكيع، وأصحاب الرأي، وذهب أبو عبيد، وأبو ثور، وداود إلى أنه لا يحرم أقل من ثلاث رضعات، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لَا تحرِّم المصَّة ولا المصتان"، ويحكى عن بعضهم أن التحريم لا يقع بأقل من عشر رضعات، وهو قول شاذ، وقول عائشة: فَتُوُفِّيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ فيما يقرأ في القرآن: أرادت به قرب عهد النسخ من وفات رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كان بعض من لم يبلغه النسخ يقرؤه على الرسم الأول، لأن النسخ لا يتصور بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجوز بقاء الحكم مع نسخ التلاوة كالرجم في الزنى حكمه باق مع ارتفاع التلاوة في القرآن، لأن الحكم يثبت بأخبار الآحاد، ويجب العمل به، والقرآن لا يثبت بأخبار الآحاد، فلم يجز كِتبته بين الدفتين. وانظر (الفتح) 9/50-51.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله.

(2)

في الأصل و (التقاسيم) 3/104: (كان) ، والجادة ما أثبت.

ص: 36

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الرَّضَاعَةَ إِذَا كَانَتْ (2) خَمْسُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمُ مِنْهَا مَا يُحَرِّمُ مِنَ النَّسَبِ

4223 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عن عروة

ص: 36

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يحرم من الولادة"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في (الموطأ) 2/607 في الرضاع: باب جامع ما جاء في الرضاعة، وقد وقع في (الموطأ) من رواية يحيى بن يحيى الليثي (عن سليمان بن يسار وعروة) قال ابن عبد البر فيما نقله الزرقاني 3/247: هذا غلط من يحيى –أي زيادة الواو- لم يتابعه أحد من رواة (الموطأ) عليه، والحديثُ محفوظ في (الموطأ) وغيره (عن سليمان عن عروة عن عائشة) ، ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/19-20، وأحمد 6/44 و51، والدارمي 2/156، وأبو داود (2055) في النكاح: باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، والترمذي (1147) في الرضاع: باب ما جاء يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، والنسائي 6/98-99 في النكاح: باب ما يحرم من الرضاع، والبيهقي 6/275 و7/158-159، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

الرضاع ما يحرم من النسب، عن عروة، به.

وأخرجه مالك 2/601 في الرضاع: باب رضاعة الصغير، ومن طريقه أحمد 6/178، والدارمي 2/155-156 و156، والبخاري (2646) في الشهادات: باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض، و (3105) في فرض الخمس: باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهن، ومسلم (1444) (1) في الرضاع: باب يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة، والنسائي 6/99 في النكاح: باب ما يحرم من نكاح القرابة والرضاعة وغيرهما، والبيهقي 7/159 و451 عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة –وفيه قصة.

وأخرجه عبد الرزاق (3952) ، ومسلم (1444)(2) ، والبيهقي 7/451 من طرق عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة

بلفظ حديث الباب.

ص: 37

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الرَّضْعَةَ وَالرَّضْعَتَيْنِ لَا تُحَرِّمَانِ

4224 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ

ص: 37

الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء"(1) .

4225 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو كامل الجحدري: هو فضيل بن حسين وهو من رجال مسلم، ومن فوقه على شرطهما. أبو عوانة: هو وضاح اليشكري.

وأخرجه الترمذي (152) في الرضاع: باب ما جاء ما ذكر أن الرضاعة لا تحرِّم إلا في الصغر دون الحولين، عن قتيبة، عن أبي عَوانة، بهذا الإسناد، وزاد في آخره "في الثدي، وكان قبلَ الفطام"، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وله شاهد من حديث عبد الله بن الزبير أخرجه ابن ماجة (1946) من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني ابنُ لهيعة، عن أبي الأسود عن عُروة، عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا رضاع إلا ما فَتَقَ الأمعاءَ" وهذا سند قوي، فإن راويه عن ابن لهيعة عبدُ الله بن وهب وهو أحدُ العبادلة الذين رووا عنه قبل احتراق كتبه، وقولُ البُوصيري في (الزوائد) ورقة 126: إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة فيه ما فيه.

وعن أبي هريرة عند البزار (1444) ، والبيهقي 7/455 من طريق جرير بن عبد الحميد، عن محمد بن إسحاق، عن إبراهيم بن عقبة، عن حجاج بن حجاج، عن أبي هريرة رفعه "لا تحرم مِن الرضاعة المصة ولا المصتان، ولا يحرم منه إلا ما فتق الأمعاءَ"، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن وباقي السند رجاله ثقات، وقال البيهقي: رواه الزهري وهشام عن عروة موقوفاً على أبي هريرة ببعضِ معناه. قلتُ: أخرج الرواية الموقوفة الشافعيُّ في (مسنده) عن سفيان، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن الحجاج بن الحجاج أظنُّه عن أبي هريرة قال:"لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاءَ".

ص: 38

عَنِ ابْنِ (1) الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ ولا المصتان"(2) .

(1) تحرف في الأصل على: (أبي) ، والتصحيح من (التقاسيم) 3/لوحة 102.

(2)

إسناده صحيح على شرطهما. عبدة بن سليمان: هو الكلابي أبو محمد الكوفي.

وأخرجه الشافعي 2/21، وأحمد 4/4 و5، والنسائي 6/101 في النكاح: باب القدر الذي يحرم من الرضاع، والبيهقي 7/454، والبغوي (2284) من طرق عن هشام، بهذا الإسناد.

وقال الربيع: فقلتُ للشافعي رضي الله عنه: أَسَمِعَ ابن الزبير من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم وحفظ عنه، وكان يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم ابن تسع سنين.

قال البيهقي: هو كما قال الشافعي رحمه الله، إلا أن ابن الزبير رضي الله عنه إنما أخذ هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر الحديث (4227) عند المصنف.

ص: 39

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْأَخْبَارِ، وَلَا تَفَقَّهَ فِي صَحِيحِ الْآثَارِ أَنَّ خَبَرَ هِشَامٍ الَّذِي ذِكْرُنَاهُ مُنْقَطِعٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ

4226 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرَ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الطَّاحِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عبد الله بْنِ الزُّبَيْرِ

عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ، وَلَا الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ"(3) .

(3) محمد بن دينار الطاحي، قال ابن عدي 6/2205 بعد أن أورد له عدة أخبار: ولمحمد بن دينار غير ما ذكرت، وهو مع هذا كله حسنُ الحديث، وعامة حديثه ينفرد به، قلت: وهذا الحديثُ مما انفرد به، فجعله من مسند الزبير، قال الحافظ المزي في (التحفة) 4/328: ورواه محمد بن دينار الطاحي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عبد الله بن الزبير، عن الزبير، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ==

ص: 39

4227 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ فِي عَقِبِهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عائشة رضي الله تعالى عَنْهَا تَرْفَعُهُ قَالَ: "لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا المصتان"(1) .

=ولم يُتابعه أحد على هذا القول، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه النسائي في النكاح في (الكبرى) كما في (التحفة) 3/181 عن عُبيد الله بن فضالة بن إبراهيم النسائي، عن مسلم بن إبراهيم، عن محمد بن دينار، بهذا الإسناد.

وعلقه الترمذي بإثر الحديث (1150) فقال: وروى محمد بن دينار، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وزاد فيه محمد بن دينار البصري (عن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو غير محفوظ، والصحيحُ عند أهل الحديث حديثُ ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر (4228) .

والإملاجة من المَلْجِ: وهو المص، يقال: مَلَجَ الصبي أمَّه يَمْلُجها ملجاً، ومَلِجَها يَمْلَجُها: إذا رضعها، والملجة: المرة، والإملاجة المرة أيضاً من أملجته أمه، أي: أرضعته. (النهاية) 4/353.

(1)

إسناده جيد، رجالُه ثقات رجال الشيخين إلا أن في إسماعيل بن زكريا الكوفي كلاماً خفيفاً ينزِلُ بسببه عن رتبة الصحة. وانظر ما بعده.

ص: 40

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُمْعِنِ النَّظَرَ فِي طُرُقِ الْأَخْبَارِ أَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ كُلَّهَا مَعْلُولَةٌ

4228 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ (2) ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ الزبير

(2) تحرف في الأصل إلى (وهب) ، والتصحيح من (التقاسيم) 3/لوحة 103.

ص: 40

عن عائشة رضى الله تعالى عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ"(1) .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَسْتُ أُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ الزُّبَيْرِ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّةً أَدَّى مَا سَمِعَ، وَأُخْرَى رَوَى عَنْهَا، وَهَذَا شَيْءٌ مُسْتَفِيضٌ فِي الصَّحَابَةِ قَدْ يَسْمَعُ أَحَدُهُمُ الشَّيْءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَسْمَعُهُ بَعْدُ عَمَّنْ هُوَ أَجَلُّ عِنْدَهُ خَطَرًا، وَأَعْظَمُ لَدَيْهِ قَدْرًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَرَّةً يُؤَدِّي مَا سَمِعَ، وَتَارَةً يَرْوِي عَنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَلَا تَكُونُ رِوَايَتُهُ عَمَّنْ فَوْقَهُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ بِدَالٍّ (2) عَلَى بُطْلَانِ سَمَاعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَهَذَا كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ فِي سُؤَالِ جِبْرِيلَ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ سَمِعَهُ من

(1) إسناده صحيح، إبراهيم بن الحجاج السامي ثقة روى له النسائي، ومن فوقه على شرطهما. وهيب: هو ابن خالد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

وأخرجه أحمد 6/95-96 عن عفان، عن وهيب، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 6/31 و216، ومسلم (1450) في الرضاع: باب في المصة والمصتان، وأبو داود (2063) في النكاح: باب هل يحرم ما دون خمس رضعات؟ والترمذي (1150) في الرضاع: باب ما جاء لا تحرم المصة والمصتان، والنسائي 6/101 في النكاح: باب القدر الذي يحرم من الرضاع، وابن ماجة (1941) في النكاح: باب لا تحرم المصة ولا المصتان، والدارقطني 4/172، والبيهقي 7/454 و454-455 و455 من طرق عن أيوب، به.

وأخرجه النسائي في النكاح من (الكبرى) كما في (التحفة) 11/453 عن يحيى بن حكيم البصري، عن ابن أبي عدي، ومحمد بن جعفر، كلاهما عن شعبة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.

وأخرجه أحمد 6/247، والدارمي 2/156 من طريق يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.

(2)

في الأصل: (يدل) ، المثبت عن (التقاسيم) 3/لوحة 103.

ص: 41

أَبِيهِ، فَأَدَّى مَرَّةً مَا شَاهَدَ، وَأُخْرَى عَنْ عُمَرَ مَا يَسْمَعُهُ مِنْهُ لِعُظْمِ قَدْرِهِ عِنْدَهُ.

ص: 42

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَصْدَ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ لَيْسَ أَنَّ مَا وَرَاءَ الرَّضْعَتَيْنِ يُحَرِّمُ بَلْ (1) خِطَابُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ خَرَجَ عَلَى

سُؤَالٍ بِعَيْنِهِ جَوَابًا (2) عَنْهُ

4229 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ

عَنِ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً وَتَحْتِي أُخْرَى، فَزَعَمَتِ الْأُولَى أَنَّهَا أَرْضَعَتِ الْحُدْثَى رَضْعَةً أَوْ رَضْعَتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان"(3) .

(1) تحرفت في الأصل إلى (قبل) ، والتصويب من (التقاسيم) 3/103.

(2)

في الأصل و (التقاسيم) : (جواب) ، والجادة ما أثبت.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم. خَلَفُ بن هشام من رجال مسلم، ومَنْ فوقه على شرطهما. صالح أبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم أبو الخليل.

وأخرجه الدارمي 2/157 عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1451)(18) في الرضاع: باب في المصة والمصتان، والبيهقي 7/455 من طرق عن معتمر بن سليمان، والنسائي 6/100-101 في النكاح: باب القدر الذي يحرم من الرضاعة، من طريق سعيد بن أبي عروبة، والبيهقي 7/455 من طريق إسماعيل بن إبراهيم، ثلاثتهم عن أيوب، به. ورواية==

ص: 42

_________

= سعيد مختصرة.

وأخرجه أحمد 6/340، ومسلم (1451) ، والنسائي 6/100-101، وابن ماجة (1940) في النكاح: باب لا تحرم المصة ولا المصتان، والبيهقي 7/455 من طرق عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، به مختصراً.

ص: 43

‌ذِكْرُ مَا يُذْهِبُ مَذِمَّةَ الرَّضَاعِ عَمَّنْ قَصَرَ به فيه

4230 -

أخبرنا بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حجاج بن الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ

عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذِمَّةَ الرَّضَاعِ؟ قال:"الغرة: العبد أو الأمة"(1) .

(1) الحجاج بن الحجاج الأسلمي لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف 4/153-154، ولم يَروِ عنه غير عروة، ومع ذلك قال الترمذي في حديثه هذا: حديث حسن صحيح.

وأخرجه الطبراني (3208) من طريق أحمد بن صالح، والبيهقي 7/464 من طريق بحر بن نصر الخولاني، كلاهما عن ابن وهب، بهذا الاسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (13956) ، وأحمد 3/450، والحميدي (877) ، والدارمي 2/157، وأبو داود (2064) في النكاح: باب في الرَّضخ عند الفصال، والترمذي (1153) في الرضاع: باب ماجاء ما يُذهب مذمة الرضاع، والنسائي 6/108 في النكاح: باب حق الرضاع وحرمته، والطبراني (3199) و (3201) و (3202) و (3203) و (3204) و (3205) و (3206) و (3207) و (3208) ، والبيهقي 7/464 من طرق عن هشام بن عروة، به.

وأخرجه الطبراني (3200) من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الحجاج قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم

ولم يذكر فيه الحجاج بن الحجاج، وهو خطأ خالفه فيه غيره.

وأخرجه الطبراني (3209) من طريق عبد الله بن الحكم، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن الحجاج بن الحجاج، عن أبيه.

و (مذمة الرضاع) قال ابن الأثير في (النهاية) 2/169: المذمّة بالفتح مفعَلة من==

ص: 43

_________

= الذم، وبالكسر من الذِّمة والذِّمام، وقيل هي بالكسر والفتح: الحق والحرمة التي يذم مضيعها، والمراد بذمّة الرَّضاع: الحق اللازم بسبب الرضاع، فكأنه سأل: ما يُسقط عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملاً؟ وكانوا يستحبوا أن يعطوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئاً سوى أجرتها، والغرَّة: قال الطيبي: المملوك، وأصلها البياض في جبهة الفرس، ثم استعير لأكرم كل شيء، كقولهم: غرة القوم سيدهم، ولما كان الإنسان المملوك خيرَ ما يُملَك سُمِّي غرّة، ولما جعلت الظئر نفسها خادمة، جوزيت بجنس فعلها.

ص: 44

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: "الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ

"، أَرَادَ بِهِ أَحَدَهُمَا لَا كِلَيْهِمَا

4231 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذِمَّةَ الرَّضَاعِ قَالَ:"غُرَّةٌ: عبد أو أمة"(1) .

(1) هو مكرر ما قبله، وهو في (مسند أبي يعلى) 2/315.

ص: 44

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِكْرَامُ مَنْ أَرْضَعَتْهُ فِي صِبَاهُ

4232 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ

أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْجِعْرَانَةَ يَقْسِمُ لَحْمًا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ أَحْمِلُ عُضْوَ الْبَعِيرِ قَالَ: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ بَدَوِيَّةٌ، فَلَمَّا دَنَتْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، "بَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ، فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ" فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: أُمُّهُ الَّتِي أرضعته (2) .

(2) جعفر بن يحيى بن ثوبان عِداده في أهل الحجاز، روى عن عمه عمارة بن ثوبان،==

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعطاء وعبد الله بن عبيد، وذكره المؤلف في (الثقات) 6/138، وعمه عمارة بن ثوبان روى عن أبي الطفيل وعطاء وموسى بن باذان، وذكره المؤلف في الثقات 7/262، وباقي رجاله ثقات. أبو الطفيل: هو عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو الليثي الكناني الحجازي رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يطوف بالبيت، ويستلم الركنَ بمحجن معه، ويُقبل المحجن، وهو آخر الصحابة موتاً، وكان من أصحاب علي رضي الله عنهما، روى له الستة مترجم في (السير) 3/467-470، وهو في (مسند أبي يعلى)(900) وسقط من المطبوع من (مسند أبي يعلى) من السند (حدثنا أبي) فيستدرك من هنا.

وأخرجه البخاري في (الأدب المفرد)(1295)، وأبو داود (5144) في الأدب: باب في بر الوالدين، وابن أبي الدنيا في (مكارم الأخلاق)(212) ، والحاكم 3/618-619 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد.

في (سنن أبي داود) : عظم الجزور.

والجِعرانة: بتسكين العين والتخفيف، والمحدِّثون يكسرون العين، ويشددون الراء، وقد خطأهم في ذلك الإمام أبو سليمان الخطابي في (إصلاح خطأ المحدثين) ص38، وقال في (القاموس) : الجِعْرانَة وقد تكسر العين وتشدد الراء، وقال الشافعي التشديد خطأ، وقال القاضي عياض في (المشارق) : أصحاب الحديث يقولون بكسر العين وتشديد الراء، وبعض أهل الإتقان والأدب يقولونه بتخفيفها، ويخطئون غيره، وكلاهما صواب مسموع. قلت: وهي بين مكة والطائف على سبعة أميال من مكة، وهي في الحل، وميقات الإحرام.

ص: 45

1-‌

‌ بَابُ: النَّفَقَةِ

4233 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عن بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي دِينَارٌ (1) فَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ:"أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ". قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، فَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ:"أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ". قَالَ: عِنْدِي آخَرَ، قَالَ:"أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ". قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، فَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ:"أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ". قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، فَمَا أَصْنَعُ بِهِ قال:"أنت أعلم"(2) .

(1) في الأصل (ديناراً) ، وهو خطأ.

(2)

إسناده حسن، ابن عجلان –وهو محمد-: صدوق، احتج به أصحاب السنن، وأخرج له مسلم متابعة، وروى له البخاري تعليقاً، وأخرجه الشافعي 2/63-64، وأبو داود (1691) في الزكاة: باب في صلة الرحم، والحام 1/415، والبيهقي 7/466، والبغوي (1685) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وانظر (3337) .

ص: 46

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْيَسَارِ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ

4234 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَلِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ:

حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ مِنْ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَاعَهُ، وَقَالَ:"أَنْتَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ، وَاللَّهُ عَنْهُ غَنِيٌّ"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري.

وأخرجه أبو داود (3956) في العتق: باب في بيع المدَّبر، عن جعفر بن مسافر، عن بشر بن بكر، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في العتق من (الكبرى) كما في (التحفة) 2/227 عن محمود بن خالد، عن عمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعي، به. وانظر (3339) .

ص: 47

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ تَكُونُ لَهُ صَدَقَةً

4235 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَثَّ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ. فَقَالَ:

ص: 47

"تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكِ" قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ:"تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ" قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ:"تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ" قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ:"تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ" قال: عندي آخر، قال:"أنت أبصر"(1) .

(1) إسناده حسن، ابن عجلان روى له البخاري تعليقاً ومسلم في المتابعات، وهو صدوق، وباقي السند رجاله ثقات على شرطهما. انظر (3337) و (4233) .

ص: 48

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الصَّدَقَةَ لِلْمُنْفِقِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ إِذَا كَانَ مَالُهُ مِنْ حَلَالٍ

4236 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ دَرَّاجًا حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا الْهَيْثَمَ حَدَّثَهُ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَيُّمَا رَجُلٍ كَسْبَ مَالًا مِنْ حَلَالٍ، فَأَطْعَمَ نَفْسَهُ، أَوْ كَسَاهَا، فَمَنْ دُونَهُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فَإِنَّ لَهُ بها زكاة"(2) .

(2) إسناده ضعيف، درَّاج أبو السمح: ضعيف في روايته عن أبي الهيثم، حكى ابن عَدِي عن الإمام أحمد: أحاديث دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فيها ضعف، وقال أبو داود: أحاديثه مستقيمة إلا ما كان عن أبي الهيثم عن أبي سعيد. واسم أبي الهيثم: سليمان بن عمرو الليثي المصري.

وأخرجه الحاكم 4/129-130 من طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، عن ابن وهب بهذا الإسناد، وزاد في آخره:"وأيما رجل مسلم لم يكن له صَدَقَةٌ، فَلْيَقُلْ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمد عبدك ورسولك، وصل على المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، فإنها له زكاة" وقال: "لا يشبع مؤمن يسمع خيراً حتى يكون منتهاه الجنة"، وقال هذا حديث صحيح الإسناد==

ص: 48

_________

= ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!!

وأخرجه بنحوه مع هذه الزيادة أبو يعلى (1397) عن زهير، عن الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن درَّاج، به. قال الهيثمي في (المجمع) 10/167: وإسناده حسن!

ص: 49

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ مَا يَصْطَنِعُ الْمَرْءُ إِلَى أَهْلِهِ

مِنَ الْكِسْوَةِ وَغَيْرِهَا يَكُونُ لَهُ صَدَقَةً

4237 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزِّبْرِقَانُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ (1) عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: مَرَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ -أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ- بِمَرْطٍ فَاسْتَغْلَاهُ، فَمَرَّ بِهِ (2) عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ، فَاشْتَرَاهُ وَكَسَاهُ امْرَأَتَهُ سُخَيْلَةَ بِنْتَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَمَرَّ بِهِ عُثْمَانُ -أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ- فَقَالَ: مَا فَعَلَ الْمِرْطُ الَّذِي ابْتَعْتَ؟ قَالَ عَمْرٌو: تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَى سُخَيْلَةَ بِنْتِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقَالَ: أَوَكُلُّ مَا صَنَعْتَ إِلَى أَهْلِكِ صَدَقَةٌ؟ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ، فَذُكِرَ مَا قَالَ عَمْرٌو لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ عَمْرٌو، كُلُّ مَا صَنَعْتَ إِلَى أهلك، فهو صدقة عليهم"(3) .

(1) قوله (عبد الله بن) لم يرد في الأصل، واستدرك من (التقاسيم) 1/لوحة 219.

(2)

في الأصل هنا زيادة (على) والمثبت من (التقاسيم) .

(3)

يعقوب بن عمرو روى عنه اثنان، وذكره المؤلف في (الثقات) وكذلك عبد الله بن عمرو روى عنه اثنان وذكره المؤلف في الثقات، وباقي السند رجاله ثقات، ويشهد له ما بعده وهو في (مسند أبي يعلى)(6877) .

ص: 49

_________

وأخرجه النسائي في "عشرة النساء"من الكبرى كما في التحفة 8/138 عن عمرو بن منصور عن عبد الله بن مسلمة القعبني عن حاتم بن اسماعيل بهذا الإسنادمختصراً لم يذكر فيه القصة.

ص: 50

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

لِلْمُسْلِمِ الصَّدَقَةَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ

4238 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ كَانَتْ له صدقة"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما. عبد الله بن يزيد: هو الخَطْمي صحاب صغير أنصاري، ولي الكوفة لابن الزبير، وأبو مسعود: هو عقبة بن ثعلبة الأنصاري البدري صحابي جليل مات قبل الأربعين، وقيل: بعدها.

ص: 50

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تَكُونُ لِلْمُنْفِقِ عَلَى أَهْلِهِ إِذَا احْتَسَبَ فِي ذَلِكَ

4239 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلَّانَ بِأَذَنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا لُوَيْنٌ، قال: حدثنا بن الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ

ص: 50

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أهله وهو يحتسبها، كانت له صدقة"(1) .

(1) إسناده صحيح. لوين: هو لقب محمد بن سليمان بن حبيب الأسدي، ثقة روى له أبو داود والنسائي، ومَن فوقه ثقات على شرطهما، وهو في زيادات (الزهد) لابن المبارك (117) .

وأخرجه الترمذي (1965) في البر والصلة: باب ما جاء في النفقة في الأهل، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/120 و122 و5/273، والدارمي 2/284-285، والبخاري (55) في الإيمان: باب ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة، و (4006) في المغازي، و (5351) في النفقات: باب فضل النفقة على الأهل، وفي (الأدب المفرد) له (749)، ومسلم (1002) في الزكاة: باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين، ولو كانوا مشركين، والنسائي 5/69 في الزكاة: باب أي الصدقة أفضل، وفي (عشرة النساء)(323) ، والطبراني في (الكبير) 17/522 و (523) ، والبيهقي 4/178 من طرق عن شعبة، به.

ومعنى يحتسبها، أي: يريد أجرَها من الله بحسن النية وهو أن ينويَ أداء ما وجب عليه من الإنفاق بخلاف ما إذا أنفق ذاهلاً: قال القرطبي المحدث: أفاد منطوق الحديث أن الأجر في الإنفاق إنما يحصل بقصد القربة، سواء كانت واجبة أو مباحة، وأفاد مفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر، لكن تبرأ ذمته من النفقة الواجبة لأنها معقولة المعنى. وانظر الحديث الآتي.

ص: 51

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُضَيِّعَ الْمَرْءُ مَنْ تُلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ عِيَالِهِ

4240 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ (2)، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ الْخَيْوَانِيِّ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَفَى

(2) في الأصلين: ابن أبي كثير، وهو خطأ.

ص: 51

بالمرء إثما أن يضيع من يقوت" (1) .

ذِكْرُ وَصْفِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "أن يضيع من يقوت"

4241 -

أخبرنا بن خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ

عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو إذ جاءه

(1) حديث صحيح. وهب بن جابر الخَيْواني، وثقه ابن معين والعجلي والمؤلف، وقال ابن المديني والنسائي: مجهول، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وسفيان: هو الثوري، وقد سَمِعَ من أبي إسحاق قبل غيره، ومحمد بن كثير: هو العبدي.

وأخرجه أبو داود (1692) في الزكاة: باب في صلة الرحم، والحاكم 1/145، وأبو نعيم في (الحلية) 7/135 من طريق محمد بن كثير، بهذا الإسناد، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووهب بن جابر من كبار تابعي الكوفة، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 2/160 و194، والنسائي في (عشرة النساء)(295) ، والحاكم 1/451، وأبو نعيم 7/135 من طرق عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه الطيالسي (2281) ، والحميدي (599) ، وأحمد 2/193 و195، والنسائي (293) ، والحاكم 4/500، والبيهقي 7/467، والقضاعي في (الشهاب)(1411) و (1412) و (1413) ، والبغوي (2404) من طرق عن أبي إسحاق، به. وانظر ما بعده.

وله شاهد حسن عند الطبراني في (الكبير)(13414) من طريق إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عُقبة، عن نافع، عن ابن عمر وحديث ابن عمروٍ الآتي يشهد له أيضاً.

قوله: "من يقوت" قال البغوي: يريد من يلزمه قوته، وفيه بيان أن ليس للرجل أن يتصدق بما لا يفضُل عن قوت أهله يلتمس به الثواب، فإنه ينقلب إثماً. وانظر (معالم السنن) 2/82.

ص: 52

قَهْرَمَانٌ لَهُ، فَدَخَلَ فَقَالَ: أَعْطَيْتَ الرَّقِيقَ قُوتَهُمْ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَانْطَلِقْ فَأَعْطِهِمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَفَى بِالْمَرْءِ إثما أن يحبس عما يملك قوتهم"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه في صحيحه (996) في الزكاة: باب فضل النفقة على العيال والمملوك، وإثم من ضيعهم أو حبس نفقتهم عنهم، وأبو نعيم في (الحلية) 4/122 و5/23 و87 من طريق سعيد بن محمد الجرمي، بهذا الإسناد. والقهرمان: هو كالخازن والوكيل والحافظ لما تحت يده، والقائم بأمور الرجل، بلغة الفرس.

ص: 53

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْءِ عَلَى عِيَالِهِ أَفْضَلُ مِنَ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

4242 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ

عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَفْضَلُ دِينَارٍ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".

قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: بَدَأَ بِالْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ (2) : وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ لَهُ صِغَارٍ يُعِفُّهُمُ (3) اللَّهُ بِهِ، ويغنيهم الله به (4) .

(2) أي أبو قِلابة.

(3)

في الأصل: يعقبهم، والتصحيح من موارد الحديث.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو أسماء: هو عمرو بن مرثد الرحبيّ==

ص: 53

_________

= الدمشقي.

وأخرجه مسلم (994) في الزكاة: باب فضل النفقة على العيال والمملوك، والترمذي (1966) في البر والصلة: باب ما جاء في النفقة في الأهل، والنسائي في (عشرة النساء)(300) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (987) ، وأحمد 5/279 و284، والبخاري في (الأدب المفرد)(748) ، ومسلم (994)، وابن ماجة (2760) في الجهاد: باب فضل النفقة في سبيل الله تعالى، والبيهقي 4/178 و7/467 من طرق عن حماد بن زيد، به.

ص: 54

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْءِ عَلَى عِيَالِهِ أَفْضَلُ مِنْ نَفَقَتِهِ عَلَى أَقْرِبَائِهِ

4243 -

أخبرنا بن الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مضر، عن بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بمن تعول"(1)

(1) إسناده حسن. ابنُ عجلان صدوق خرج له مسلم في الشواهد وعلق له البخاري، وأبوه عجلان مولى فاطمة بنت عتبة المدني لا بأس به روى له مسلم، وباقي السند على شرطهما.

وأخرجه النسائي 5/62 في الزكاة: باب الصدقة عن ظهر غنى، عن قتيبة، بهذا الإسناد. وانظر (3363) .

ص: 54

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى وَالِي الْيَتِيمِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ مَنْ فِي حِجْرِهِ مِنَ الْأَيْتَامِ، وَبَيْنَ وَلَدِهِ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ

4244 -

أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ العمري

ص: 54

بِالْمَوْصِلِ وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَلَّى (1) بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِمَّا أَضْرِبُ مِنْهُ يَتِيمِي؟ قَالَ:"مِمَّا كُنْتَ ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدَكَ، غَيْرَ وَاقٍ مَالَكَ بِمَالِهِ، وَلَا مُتَأَثِّلٍ مِنْ مَالِهِ مَالًا"(2) .

(1) ترحف في الأصل إلى: (يعلى) ، والتصويب من (التقاسيم) 3/لوحة 251.

(2)

مُعَلَّى بن مهدي أورده ابن أبي حاتم 8/335 وقال: سألت أبي عنه فقال: شيخ موصلى أدركته ولم أسمع منه، يُحدث أحياناً بالحديث المنكر، ووثقه المؤلف 9/182-183، وأبو عامر الخزاز: هو صالح بن رستم المزني مولاهم: لا بأس به، روى له مسلم متابعة، وباقي السند رجاله ثقات، ورواه الطبراني في (الصغير)(244) عن إبراهيم بن علي العمري بهذا الإسناد.

ص: 55

‌ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا السَّاعِيَ عَلَى الْأَرَامِلِ وَالْمَسَاكِينَ مَا يُعْطِي الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيلِهِ

4245 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ (3)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -وَأَحْسِبُهُ قَالَ:- كَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ، وَكَالْقَائِمِ لَا يَنَامُ"(4) .

أبو الغيث: سالم مولى بن مطيع، قاله الشيخ.

(3) تحرف في الموضعين في الأصل إلى: (المغيث) ، والتصويب من (ثقات المؤلف) 4/306، و (التقاسيم) .

(4)

إسناده صحيح على شرطهما. وهو في (الموطأ) برواية محمد بن الحسن (690)، ثور بن زيد: هو الدِّيلي.==

ص: 55

_________

=وأخرجه البخاري (6007) في الأدب: باب الساعي على المسكين، ومسلم (2982) في الزهد: باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم، والنسائي 5/86-87 في الزكاة: باب فضل الساعي على الأرملة، والبيهقي 6/283، والبغوي (3458) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.

رواية البخاري ومسلم والبيهقي لفظها "

كالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر"، ورواية النسائي مختصرة إلى قوله: "في سبيل الله".

وأخرجه البخاري (5353) في النفقات: باب فضل النفقة على الأهل، وبعد الحديث (6006) في الأدب: باب الساعي على الأرملة، وفي (الأدب المفرد) له (131)، والترمذي بإثر الحديث (1969) في البروالصلة: باب ما جاء في السعي على الأرملة واليتيم، من طرق عن مالك، به نحوه.

وأخرجه أحمد 2/361، وابن ماجة (2140) في التجارات باب الحث على المكاسب، من طريقين عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ثور بن زيد الدّيلي، به نحوه.

ص: 56

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأَجْرَ لِلْمُنْفِقَةِ عَلَى أَوْلَادِ زَوْجِهَا مِنْ مَالِهَا

4246 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ

عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ؟ فَإِنِّي أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ، فَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا –تَقُولُ: كَانَ لِي أَجْرٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ؟ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ، لَكِ فِيهِمْ أَجْرٌ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ"(1) .

=وأخرجه البخاري (6007) في الأدب: باب الساعي على المسكين، ومسلم (2982) في الزهد: باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم، والنسائي 5/86-87 في الزكاة: باب فضل الساعي على الأرملة، والبيهقي 6/283، والبغوي (3458) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.

رواية البخاري ومسلم والبيهقي لفظها "

كالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر"، ورواية النسائي مختصرة إلى قوله: "في سبيل الله".

وأخرجه البخاري (5353) في النفقات: باب فضل النفقة على الأهل، وبعد الحديث (6006) في الأدب: باب الساعي على الأرملة، وفي (الأدب المفرد) له (131)، والترمذي بإثر الحديث (1969) في البروالصلة: باب ما جاء في السعي على الأرملة واليتيم، من طرق عن مالك، به نحوه.

وأخرجه أحمد 2/361، وابن ماجة (2140) في التجارات باب الحث على المكاسب، من طريقين عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ثور بن زيد الدّيلي، به نحوه.

ص: 56

_________

= باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر، و (5369) في النفقات: باب {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} وهل على المرأة منه شيء؟، وسلم (1001) في الزكاة: باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين، والطبراني 23/ (796) و (911) ، والبيهقي 7/478، والبغوي (1679) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

ص: 57

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأَجْرَ الْجَزِيلَ لِلْمَرْأَةِ إِذَا أَنْفَقَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَعِيَالِهَا مِنْ مَالِهَا

4247 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ

عَنْ رَيْطَةَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أُمِّ وَلَدِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَنَاعًا (1) ، وَلَيْسَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَالٌ، وَكَانَتْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ مِنْ ثَمَرَةِ صَنْعَتِهَا، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ شَغَلْتَنِي أَنْتَ وَوَلَدُكَ عَنِ الصَّدَقَةِ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ مَعَكُمْ، فَقَالَ: مَا أُحِبُّ -إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكِ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ- أَنْ تَفْعَلِي، فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ وَهِيَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ وَلِيَ صَنْعَةٌ، فَأَبِيعُ مِنْهَا، وَلَيْسَ لِي وَلَا لِزَوْجِي، وَلَا لِوَلَدِي شَيْءٌ، وَشَغَلُونِي، فَلَا أَتَصَدَّقُ، فَهَلْ لِي فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ:"لَكِ فِي ذَلِكَ أجر ما أنفقت عليهم، فأنفقي عليهم"(2) .

(1) في الأصل و (التقاسيم) 1/لوحة 220: (صناعة) ، وهو تحريف، ويقال: امرأة صناع، وصناع اليد، وجاء في (الموارد) (831) : صناع اليد.

(2)

إسناده صحيح. حرملة بن يحيى من رجال مسلم وقد توبع، ومن فوقه على==

ص: 57

_________

= شرطهما غير ريطة امرأة عبد الله بن مسعود لم يخرج لها أحد من أصحاب الكتب الستة، قيل: إنها زينب: وريطة لقب لها، وقيل: ريطة زوجة أخرى له، وممن جزم به ابنُ سعد وغيره، وقال الكلاباذي: رائطة هي المعروفة بزينب، وبهذا جزم الطحاوي فقال: هي زينب امرأة عبد الله، لا نعلم أن عبد الله كانت له امرأة غيرها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي (الإصابة) 4/303: ريطة بنت عبد الله بن معاوية الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود، ويقال: اسمها رائطة، ويقال: اسمها زينب، ورائطة لقب، وقيل هما اثنتان

وعمرو بن الحارث: هو المصري.

وأخرجه الطبراني في (الكبير) 24/ (669) من طريق أحمد بن صالح، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/503، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) 2/23-24، وأبو عبيد في (الأموال)(1879) ، والطبراني 24/ (667) و (668) من طرق عن هشام بن عروة، به. وهذا سند على شرط الشيخين.

وأخرجه الطبراني 24/ (670) من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عبد الله الثقفي، أن رائطة

فذكره.

وأخرجه أحمد 3/503، وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني) ورقة 380، والطبراني 24/ (666) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه عن عروة بن الزبير، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن رائطة امرأة عبد الله بن مسعود.

ص: 58

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَكُونُ لَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَعِيَالِهَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الْقَرَابَةِ

4248 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، عَنِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

عَنْ زَيْنَبَ، قَالَتْ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يَا معشر

ص: 58

النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" قَالَتْ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَجُلًا خَفِيفَ ذَاتِ الْيَدِ، فَقَالَتْ: سَلْ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أتجزيء عَنِّي مِنَ الصَّدَقَةِ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ فِي حِجْرِي؟ قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ الْمَهَابَةُ، فَقَالَ: لَا بَلْ سَلِيهِ أَنْتِ، قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ، فَإِذَا عَلَى الْبَابِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ حَاجَتُهَا حَاجَتِي، اسْمُهَا زَيْنَبُ، قَالَتْ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا بِلَالٌ، فَقُلْتُ لَهُ: سَلْ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أتجزىء عَنَّا مِنَ الصَّدَقَةِ النَّفَقَةُ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَأَيْتَامٍ فِي حُجُورِنَا؟ قَالَتْ: فَدَخَلَ بِلَالٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى الْبَابِ زَيْنَبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ " قَالَ: زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ، وَزَيْنَبُ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، تَسْأَلَانِ عَنِ النَّفَقَةِ عَلَى أَزْوَاجِهِمَا وأيتام في حجورهما: أيجزيء ذَلِكَ عَنْهُمَا مِنَ الصَّدَقَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، لَهُمَا أَجْرَانِ: أجر القرابة، وأجر الصدقة"(1) .

(1) حديث صحيح، لكن وقع في هذا السند وهم لأبي معاوية محمد بن حزم في قوله:(عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، عَنِ ابن أخي زينب، عن زينب) والصحيح إنما هو: (عن عمرو بن الحارث ابن أخي زينب، عن زينب) كما نبه عليه الترمذي وسيأتي.

وأخرجه بطوله أحمد 6/363، والنسائي في (عشرة النساء) باب الفضل في نفقة المرأة على زوجها الاختلاف على سليمان في حديث زينب فيه، من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصراً الترمذي (635) في الزكاة: باب ما جاء في زكاة الحلي، عن هناد، والطبراني في (الكبير) 24/ (726) من طريق ابن أبي شيبة، كلاهما==

ص: 59

_________

= عن أبي معاوية، به.

وأخرجه ابن ماجة (1834) في الزكاة: باب الصدقة على ذي قرابة، من طريقين عن أبي معاوية، به. إلا أنه وقع في المطبوع (عن عمرو بن الحارث ابن أخي زينب) ، ويغلب على الظن أنه من تحريف الطبع. وإلا فرواية أبي معاوية وعمرو بن الحارث، عن ابن أخي زينب) وكذلك عزاه إليه المزي في (التحفة) 11/327.

وأخرجه الطيالسي (1653) ، وأحمد 3/502، والبخاري (1466) في الزكاة: باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر، ومسلم (1000) في الزكاة: باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين..، والترمذي (636) ، والنسائي (319) و (320) ، من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق، عن عمرو بن الحارث، عن زينب

فذكره، وبعضهم يزيد فيه على بعض، وعند الترمذي والطبراني (727) (عمرو بن الحارث ابن أخي زينب) قال الترمذي: وهذا أصح من حديث أبي معاوية، وأبو معاوية وهم في حديثه فقال: عن عمرو بن الحارث عن ابن أخي زينب، والصحيح إنما هو عمرو بن الحارث ابن أخي زينب.

وحكى الترمذي في (العلل المفردات) فيما نقله عنه الحافظ في (الفتح) 3/329 أنه سأل البخاري عنه فحكم على رواية أبي معاوية بالوهم، وأن الصواب رواية الجماعة عن الأعمش، عن شقيق، عن عمرو بن الحارث ابن أخي زينب.

وأخرجه البخاري (1466) ، والطحاوي 2/22، والطبراني 24/ (729) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي عبيدة، عن عمرو بن الحارث، عن زينب.

وأخرجه بنحوه الطبراني 24/ (730) و (731) من طريقين عن زينب.

ص: 60

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأَجْرَ بِكُلِّ مَا يُنْفِقُ الْمَرْءُ عَلَى عِيَالِهِ حَتَّى رَفَعِهِ اللقمة إلى في أهلي

4249 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ

ص: 60

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرِضْتُ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ (1) مَرَضًا أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَعَادَنِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَتِي، أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ:"لَا"، قُلْتُ: الشَّطْرُ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: "الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةَ يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ عَنْ (2) هِجْرَتِي؟ قَالَ:"إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي حَتَّى يَنْتَفِعَ أَقْوَامٌ بِكَ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ امْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ" يَرْثِي (3) لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَاتَ بمكة (4) .

(1) كذا قال ابن عيينة في روايته (عام الفتح) وقد اتقف الحفاظ على أنه وهم فيه، فقد أصفق غيرُه من أصحاب الزهري على أن ذلك كان في حجة الوداع.

(2)

في الأصل: على، والمثبت من (التقاسيم) 1/لوحة 221.

(3)

في الأصل: يرق، والمبي من (التقاسيم) ومصادر الحديث.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم، عبد الجبار بن العلاء من رجال مسلم، ومن فوقه على شرطهما.

وأخرجه أحمد 1/179، والحميدي (66) ، وابن سعد في (الطبقات) 3/144، والبخاري (6733) في الفرائض: باب ميراث البنات، ومسلم (1628)(5) في ما لا يجوز للموصي بماله، والترمذي (2116) في الوصايا: باب ما جاء في الوصية بالثلث، والنسائي 6/241-242 في الوصايا: باب الوصية بالثلث، وابن ماجة (2708) في الوصايا: باب الوصية بالثلث، وأبو يعلى (747) ، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) 4/379، وابن الجارود==

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (947) ، والبيهقي 6/268-269 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (16357) ، وأحمد 1/176، والطيالسي (195) و (197)، والبخاري (56) في الإيمان: باب ما جاء إن الأعمال بالنية و (3936) في مناقب الأنصار: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم"، و (5668) في المرضى: باب ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع

، و (6373) في الدعوات: باب الدعاء برفع الوباء، ومسلم (1628)(5) ، والبيهقي 6/268 من طريق الزهري، به –وبعضهم يزيد فيه على بعض.

وأخرجه عبد الرزاق (16358) ، وأحمد 1/172-173، والبخاري (2742) في الوصايا: باب أن يترك ورثته أغنياء خيرٌ من أن يتكففوا الناسَ، و (5354) في النفقات: باب فضل النفقة على الأهل، ومسلم (1628)، والنسائي 6/242 في الوصايا: باب الوصية بالثلث، والبغوي (1458) من طريق سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم (تحرّف في (المصنف) إلى: سعيد) ، عن عامر بن سعد (تحرف في (المصنف) إلى: عمرو بن سعيد) ، به.

وأخرجه النسائي 6/243 عن طريق بكر بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه.

وأخرجه أحمد 1/184 من طريق جرير بن حازم، عن عمه جرير بن زيد، عن عامر بن سعد، به.

وأخرجه البخاري (2744) في الوصايا: باب الوصية بالثلث، والبيهقي 6/269 عن طريق هاشم بن هاشم، عن عامر بن سعد، به نحوه.

وأخرجه من طرق وبألفاظ عن سعد بن أبي وقاص عبدُ الرزاق (16359) و (16360) ، وأحمد 1/168 و171 و172 و173 و174، والبخاري (5659) في المرضى: باب وضع اليد على المريض، ومسلم (1628) ، والنسائي 6/242-243 و243 و244، والبيهقي 6/269، وانظر (5994) .

قوله: "أشفيت منه على الموت" أي: أشرفت عليه، يقال أشفى على الشيء، وأشاف عليه: إذا قاربه.

وقوله: "عالة يتكففون الناس" أي: يسألون الناسَ بأكفهم، يقال: تكففَ الناسَ واستكف: إذا بسط كفه للسؤال، أو سأل ما يكف عنه الجوعَ، أو سأل كفاً كفاً من الطعام.

وقوله: "ولعلك أن تخلف بعدي" وكذلك اتفق، فإنه عاش بعد ذلك أزيد من أربعين سنة، بل قريباً من خمسين، لأنه مات سنة خمس وخمسين من الهجرة، ==

ص: 62

_________

= وقيل: سنة ثمان وخمسين وهو المشهور، فيكون عاش بعد حجة الوداع خمساً وأربعين أو ثمان وأربعين.

وسعد بن خولة من بني مالك بن حسل بن عامر بن لؤي من أنفسهم، وقيل من حلفائهم، وقيل: من مواليهم، قال ابن هشام: هو فارسي من اليمن حالف بني عامر، أسلم من السابقين، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وذكره ابن إسحاق، وموسى بن عقبة، وسليمان التيمي في أهل بدر، وهو زوج سبيعة الأسلمية، فتوفي عنها في حجة الوداع، فولدت بعد وفاته بليال، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حد حللت فانكحي من شئت"(أسد الغابة) 2/343-344.

ص: 63

‌ذِكْرُ [عَدَمِ] إِيجَابِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا عَلَى زَوْجِهَا

4250 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ

عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَفَقَةً وَلَا سُكْنَى، قَالَ (1) : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ فَقَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَلَا سُنةَ نبينا لقول امرأة: لها النفقة والسكنى (2) .

(1) القائل هو سلمة بن هيكل، فقد أخرجه ابن أبي شيبة 5/148 عن وكيع، عن سفيان، عن سلمة بن هيكل، عن إبراهيم قال: قال عمر:

فذكره.

(2)

إسناده صحيح على شرطهما. الشعبي: هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه البيهقي 7/475 من طريق يوسف بن يعقوب القاضي، عن محمد بن كثير، بهذا السند.

وحديث إبراهيم عن عمر منقطع، فإن إبراهيم لم يدركه، وقد وصله ابن أبي شيبة 5/146، والدارمي 2/165، والدارقطني 4/23، 24، 27، والبيهقي 7/475 من طريق الأعمش والحكم وحماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر.

وأخرجه أبو داود (2288) في الطلاق: باب في النفقة المبتوتة، والطبراني في (الكبير) 24/ (934) من طريق محمد بن كثير، به. إلا أنه ليس فيه حديث إبراهيم عن عمر.==

ص: 63

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4251 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:

قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: طَلَّقَنِي زَوْجِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لا سكنى لك ولا نفقة"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما. جرير: هو ابن عبد الحميد، والمغيرة: هو ابن مِقسَم الضبي، وهو في (مصنف ابن أبي شيبة) 5/149، وعنه ابن ماجة (2036) في الطلاق: باب المطلقة ثلاثاً هل لها سُكنى ونفقة.

وأخرجه الترمذي (1180) في الطلاق: باب ما جاء في المطلقة ثلاثاً لا سكنى لها ولا نفقة، عن هناد، عن جرير، به، وزاد في آخره حديث إبراهيم عن عمر.

ص: 63

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَوْجَبَ سُكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا عَلَى زَوْجِهَا، وَنَفْيَ إِيجَابِ النَّفَقَةِ لَهَا عَلَيْهِ

4252 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، وَحُصَيْنٌ، وَمُغِيرَةُ، وَمُجَالِدٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُدُ، كُلُّهُمْ

عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَلْبَتَّةَ، قَالَتْ: فَخَاصَمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ، فَلَمْ يَجْعَلْ

ص: 64

لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ في بيت بن أم مكتوم (1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه مسلم (1480)(42) ، والترمذي 3/485، والنسائي في (الكبرى) كما جاء في (التحفة) 12/464، والطبراني 24/ (938) من طرق عن هشيم، به.

ص: 65

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أَمَرَ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تعتد في بيت بن أُمِّ مَكْتُومٍ

4253 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ:

حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَأَمَرَ لَهَا بِنَفَقَةٍ، وَاسْتَقَلَّتْهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ نَحْوَ الْيَمَنِ، فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَ فَاطِمَةَ ثَلَاثًا، فَهَلْ لَهَا نَفَقَةٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ليس لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى" فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا:"أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَأْتِيهَا الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ، فَانْتَقِلِي إِلَى بيت بن أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّكِ إِنْ وَضَعْتِ خِمَارَكِ لَمْ يَرَكِ"، وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا:"لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ" فَزَوَّجَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسامة بن زيد (2) .

(2) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم فمن رجال البخاري. يحيى: هو ابن أبي كثير.==

ص: 65

_________

=وأخرجه أبو داود (2286) في الطلاق: باب في نفقة المبتوتة، عن محمود بن خالد، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحه النسائي 6/145 في الطلاق: باب الرخصة في ذلك، عن عمرو بن عثمان، عن بقية، عن الأوزاعي، به.

وأخرجه مسلم (1480)(38) في الطلاق: باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها، وأبو داود (2285) و (2287) ، والطبراني 24/ (920) ، والبيهقي 7/178 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به.

وأخرجه من طرق وبألفاظ مختلفة عن أبي سلمة، عن فاطمة: مالك 2/580-581 في الطلاق: باب ما جاء في نفقة المطلقة، والشافعي في (الرسالة) فقرة (856) ، وأحمد 6/412 و413 و413-414 و414 و416، وعبد الرزاق (12022) ، ومسلم (1480) ، وأبو داود (2284) و (2289) ، والنسائي 6/74 و75-77 و208، والطبراني 24/ (909) و (910) و (911) و (913) و (914) و (915) و (916) و (917) و (918) و (919) و (921) ، والبيهقي 7/135 و177-178 و178 و432 و471 و472.

ص: 66

‌ذِكْرُ وَصْفِ مَا بَعَثَ بِهِ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصٍ إِلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ لِنَفَقَتِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَجِبُ عَلَيْهِ

4254 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ:

سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ: أَرْسَلَ إِلَيَّ زَوْجِي أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِطَلَاقِي، وَأَرْسَلَ إِلَيَّ بِخَمْسَةِ آصُعٍ مِنْ شَعِيرٍ وَخَمْسَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقُلْتُ: مَالِي نَفَقَةٌ إِلَّا هَذَا، وَلَا أَعْتَدُّ فِي مَنْزِلِكُمْ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ له، فقال:"كَمْ طَلَّقَكِ؟ " قُلْتُ: ثَلَاثَةً، قَالَ: "صَدَقَ،

ص: 66

لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، وَاعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ عَمِّكِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، تَلْقِينَ ثَوْبَكِ عِنْدَهُ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَآذِنِينِي" قَالَتْ: فَخَطَبَنِي خُطَّابٌ، مِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ وَأَبُو جَهْمٍ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مُعَاوِيَةَ خَفِيفُ الْحَاذِ، وَأَبُو جَهْمٍ فِيهِ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ -أَوْ يَضْرِبُ النِّسَاءَ، أَوْ نَحْوَ هَذَا- وَلَكِنْ عَلَيْكِ بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو بكر بن أبي الجهم: هو أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم العدوي، وهو ثقة من رجال مسلم، وباقي السند على شرطهما. أبو خيثمةْ: هو زهير بن حرب، وابن مهدي: هو عبد الرحمن، وسفيان هو الثوري.

وأخرجه أحمد 6/411، ومسلم (1480) (48) في الطلاق: باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها، والنسائي في (الكبرى) كما في (التحفة) 12/469 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي 6/150 في الطلاق: باب إرسال الرجل إلى زوجته بالطلاق، عن عُبيد الله بن سعيد، عن عبد الرحمن بن مهدي، به مختصراً.

وأخرجه مسلم (1480)(47) و (49)، والترمذي (1135) في النكاح: باب ما جاء أن لا يخطِب الرجل على خِطبة أخيه، وابن ماجة (2035) في الطلاق: باب المطلقة ثلاثاً هل لها سكنى ونفقة، والطبراني 24/ (929) والبيهقي 7/136 و473 من طرق عن سفيان، به –وبعضهم يزيد على بعض.

وأخرجه بنحوه أحمد 6/413، ومسلم (1480)(50)، والنسائي 6/210 في الطلاق: باب نفقة البائنة، والطبراني 24/ (930) ، والبيهقي 7/181 من طريقين عن أبي بكر بن أبي الجهم، به.

قوله: "خفيف الحاذ" كذا وقع في الأصل، وعند غير المصنف "خفيف الحال" والحاذ والحال بمعنى، يقال: رجل خفيف الحاذ: أي قليل المال.

ص: 67

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِالْمَعْرُوفِ

لِتُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ إِذَا قَصَّرَ الزَّوْجُ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ

4255-

أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَتْ هِنْدٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ لِي إِلَّا مَا يُدْخِلُ عَلَيَّ، قَالَ:"خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بالمعروف"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه الشافعي 2/64، وأحمد 6/39، والحميدي (242)، والبخاري (2211) في البيوع: باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع

، و (5370) في النفقات: باب {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} وهل على المرأة منه شيء؟ و (7180) في الأحكام: باب القضاء على الغائب، والبيهقي 7/466 و477 و10/269-270 من طريق سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشافعي 2/64، وأحمد 6/50، 206، والدارمي 2/159، والبخاري (5364) في النفقات: باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، ومسلم (1714) (7) في الأقضية: باب قضية هند، وأبو داود (3532) في البيوع: باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، والنسائي 8/246-247 في آداب القضاة: باب قضاء الحاكم على الغائب إذا عرفه، وفي (عشرة النساء)(309)، وابن ماجة (2293) في التجارات: باب ما للمرأة من مال زوجها، والبيهقي 10/141 و270 والبغوي (2149) و (2397) من طرق عن هشام بن عروة، به.

قال الإمام البغوي في (شرح السنة) 8/204-206: هذا الحديث يشتمل على فوائد وأنواع من الفقه:

منها جواز ذكر الرجل ببعض ما فيه من العيوب إذا دعت الحاجة إليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر قولها: إن أبا سفيان رجل شحيحٌ.

ومنها وجوب نفقة المرأة على زوجها، ووجوب نفقة الأولاد على الآباء، وفيه==

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= اتفاق بين أهل العلم أن الولد إذا كان صغيراً أو بالغاً زَمِناً وهو معسر تجب نفقتُه على الوالد الموسر، فإن بلغ محلاً يمكنه تحصيل نفقته بالاكتساب، سقطت نفقته عن الأب، وإذا وجبت نفقة الأولاد، فنفقة الوالدين أولى بالوجوب عند الزمانة والإعسار على الولد الموسر.

ومنها أن النفقة على قدر الكفاية، لأنه قال:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".

ومنها أن القاضي يقضي بعلم نفسه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكلّفها البيّنة فيما ادعته، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم عالماً بكونها في نكاح أبي سفيان، وفيه اختلاف بين أهل العلم ذكرته في كتاب القضاء.

ومنها جوازُ القضاء على الغائب، وهو قول مالك والشافعي، وذهب جماعة إلى أن القضاء على الغائب لا يجوز، وهو قول شريح، وعمر بن عبد العزيز، وإليه ذهب ابن أبي ليلى، وأصحاب الرأي، وقال أبو عبيد: يجوز إذا تبيّن للحاكم أن المدّعى عليه استخفى فراراً من الحق، ومعاندة من الخصم، وجوّز أصحاب الرأي إذا كان له اتصال بالحاضر بأن ادَّعت المرأة على زوجها الغائب، وادعت له وديعة في يد حاضر، أو ادَّعت الشفعة على حاضر في شِقص اشتراهُ وبائعه غائبٌ.

ومنها أن من له حق على غيره يمنعه إياه، فظفر من ماله بشيء، جاز أن يقتضي منه حقه، سواء كان من جنس حقه، أو لم يكن إياه ثم يبيع ما ليس من جنس حقه، فيستوفي حقه من ثمنه، وذلك أن معلوماً أن منزل الرجل الشحيح لا يجمع كل ما يحتاج إليه أهلُه وولده من النفقة والكسوة وسائر المرافق التي تلزمه لهم، ثم أطلق لها الإذن في أخذ كفايتها وكفاية أولادها، ولا يكون ذلك إلا بصرف غير جنس حقها في تحصيل ما هو من جنس حقها، وهذا قول الشافعي.

وذهب قوم إلى أنه يأخذ من ماله جنس حقه حتى لو أدوعه دراهم وله على المودع مثلها، فله أخذها عن حقه، فإن جحد المودع ماله، له أن يجحد وديعته، فيمسكها عن حقه، وإن كانت الوديعة دنانير، فليس له أن يجحدها، وأن يأخذ منها حقه، وهو قول سفيان الثوري، وقال أصحاب الرأي: يأخذ أحد النقدين عن الآخر ولا يجوز الأخذ من جنس الآخر. ==

ص: 69

_________

=وذهب مالك إلى أنه لا يجوز جحود وديعته، سواء كان من جنس حقه، أو لم يكن، واحتج بما روي عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك" والمراد من هذا أن يخونه بعد استيفاء حقه بزيادة جزاء لخيانته، فأما استيفاءُ قدرِ حقه، فمأذون له فيه من جهة الشرع في حديث هند، فلا يدخل تحت النهي عن الخيانة. انتهى.

ص: 70

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا لِعِيَالِهِ

بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ

4256 -

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْخٍ أَبَا بَكْرٍ بِوَاسِطَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ (1) بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عائشة قالت: جاءت هند إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ مُضَيِّقٌ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي، أَفَآخُذُ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ؟ قَالَ:"خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ لَا يشعر"(2) .

(1) تحرف في الأصل إلى: (عبد الله) ، والتصويب من كتب الرجال.

(2)

إسناده صحيح. عبيد الله بن محمد بن عائشة ثقة روى له أصحاب السنن غيرَ ابنِ ماجة، وحمادُ بن سلمة من رجال مسلم، ومن فوقهما من رجال الشيخين، وانظر ما قبله.

ص: 70

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ جَوَازِ أَخْذِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ تُرِيدُ بِهِ النَّفَقَةَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَعِيَالِهِ

4257 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ

ص: 70

خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُذِلَّهُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ الْيَوْمَ أَنْ يُعِزَّهُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. ثُمَّ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أن تنفقي بالمعروف عليهم"(1) .

(1) حديث صحيح، ابن أبي السري: هو محمد بن المتوكل صدوق وله أوهام، وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين، وهو في (مصنف عبد الرزاق)(16612) .

ومن طريقه أخرجه أحمد 6/225، ومسلم (1714) (8) في الأقضية: باب قضية هند، وأبو داود (3533) في البيوع: باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، والنسائي في (عشرة النساء)(380) .

وأخرجه البخاري (2460) في المظالم: باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه، و (3825) في مناقب الأمصار: باب ذكر هند بنت عتبة رضي الله عنها، و (5359) في النفقات: باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد، و (6641) في الأيمان: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، و (7161) في الأحكام: باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس إذا لم يخف الظنون والتهمة، ومسلم (1714)(9) ، والبيهقي 10/270، والبغوي (2150) من طرق عن الزهري، به، وبعضهم يذكر فيه قصة الخباء، وبعضهم لا يذكره.

ص: 71

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ مِقْدَارَ مَا تُنْفِقُهُ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ حَرَجٌ يَلْزَمُهَا فِي ذَلِكَ

4258 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

ص: 71

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدُ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أُصِيبَ مِنْ مَالِهِ، فَأُنْفِقَ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي؟ فقَالَ لَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تَأْخُذِي مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ فَتُنْفِقِيهِ عليك وعلى ولدك بالمعروف"(1) .

(1) إسناده قوي، محمد بن أبي كريمة لا بأس به، روى له النسائي، ومن فوقه ثقات على شرط مسلم. محمد بن سلمة: هو الباهلي مولاهم الحرّاني، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحرّاني. وانظر ما قبله.

ص: 72

_________

= 1/407، وأبو داود (3528) في البيوع: باب الرجل يأكل من مال ولده، والنسائي 7/240-241 في البيوع: باب الحث على الكسب، والحاكم 2/46، والبيهقي 7/479-480 من طرق عن سفيان، عن منصور، به.

وأخرجه البخاري 1/407 من طريق روح بن القاسم، عن منصور، به.

وأخرجه أحمد 6/41 و201، والنسائي 7/241 من طريق سفيان وأحمد 6/220 من طريق شريك كلاهما عن الأعمش، عن إبراهيم، به.

وأخرجه أحمد 6/162، والترمذي (1358) في الأحكام: باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده، وابن ماجة (2290) في التجارات: باب ما للرجل من مال ولده، من طريق يحيى بن زكريا، وأحمد 6/173، والطيالسي (1580) من طريق شعبة، كلاهما عن الأعمش، عن عمارة، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 6/202-203، وأبو داود (3529) ، والحاكم 2/46، والبيهقي 7/480 من طريق شعبة، عن الحكم بن عُتيبة، عن عمارة بن عُمير، عن أمه، عن عائشة

وأم عمارة لا تعرف فيما قاله ابن القطان، وقد وقع في (المستدرك) للحاكم وفي (تلخيصه)(عن أبيه) ويغلب على الظن أنه من تحريف الطبع، وإن صحت النسخة فأبوه لا يُعرف، ومع ذلك فقد قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي!!

ص: 73

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ إِسْنَادَ هَذَا الْخَبَرِ مُنْقَطِعٌ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ

4260-

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ

عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَطْيَبُ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وإن ولده من كسبه"(1) .

(1) رواية إسحاق الأزرق –وهو ابن يوسف- عن شريك –وهو ابن عبد الله النخعي- قديمة، وقد تُوبع شريك عليه، وباقي رجال السند ثقات على شرطهما غير==

ص: 73

_________

= تميم بن المنتصر، وهو ثقة، روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجة.

وأخرجه أحمد 6/220 عن إسحاقَ الأزرقِ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/42، والنسائي 7/241 في البيوع: باب الحث على الكسب، والبغوي (3298) من طرق عن الأعمش، به. وهذا سند صحيح على شرطهما.

ص: 74

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذِكْرَ الْأَسْوَدِ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَهِمَ فِيهِ شَرِيكٌ

4261 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كسبه، وولده من كسبه"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه أحمد 6/42، وابن ماجة (2137) في التجارات: باب الحث على المكاسب، والرامهرمزي في (المحدث الفاصل)(232) ، والبيهقي 7/480 من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.

ص: 74

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّ مَالَ الِابْنِ يَكُونُ لِلْأَبِ

4262 -

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّاجِرُ بِمَرْوَ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عَطَاءٍ

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 74

يُخَاصِمُ أَبَاهُ فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، فقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ"(1) .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم زَجَرَ عَنْ مُعَامَلَتِهِ أَبَاهُ بِمَا يُعَامِلُ بِهِ الْأَجْنَبِيِّينَ، وَأَمَرِ بِبِرِّهِ وَالرِّفْقِ بِهِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ مَعًا، إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ مَالُهُ، فقَالَ لَهُ:"أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ" لَا أَنَّ مَالَ الِابْنِ يَمْلِكُهُ أَبُوهُ فِي حَيَاتِهِ عَنْ غَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنَ الابن به.

(1) إسناده ضعيف. حصينُ بن المثنى أورده ابن أبي حاتم 3/197: ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلاً، وعبد الله بن كيسان هو أبو مجاهد المروزي ضعفه أبو حاتم والنسائي، وقال العقيلي: في حديثه وهم كثير، وقد تقدم برقم (410) وذكرت هناك فيي التعليق عليه أنه رواه غيرُ واحد مِن الصحابة، فيتقوى بها ويصح، فانظره.

ص: 75

16-‌

‌ كِتَابُ الطَّلَاقِ

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرِهَا لَا فِي حَيْضِهَا

4263 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ

أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً وَهِيَ حَائِضٌ، فَاسْتَفْتَى عُمَرُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن عَبْدَ اللَّهِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ:"مُرْ عَبْدَ اللَّهِ، فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا هَذِهِ، فَإِذَا حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى، فَطَهُرَتْ، فَإِنْ شَاءَ، فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يجامعها، وإن شاء، فليمسكها"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه أحمد 2/54، والنسائي 6/137-138 في أول الطلاق، من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي 6/212-213 باب الرجعة، من طريق عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، به.==

ص: 77

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه الدارقطني 4/7 من طريق بشر بن المفضل، عن عبيد الله بن عمر، به.

وأخرجه أحمد 2/102، والطيالسي (1853) ، وابن أبي شيبة 5/2-3، ومسلم (1471) (2) في الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، وأنه لو خالف وقع الطلاق ويؤمر برجعتها، وابن ماجة (2019) في الطلاق: باب طلاق السنة، والطحاوي 3/53، وابن الجارود (734) ، والبيهقي 7/324، والدارقطني 4/7 من طرق عن عبيد الله بن عمر، به.

وأخرجه مالك 3/576 في الطلاق: باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/32-33، وأحمد 2/63، والدارمي 2/160، وعبد الرزاق (10952)، والبخاري (5251) في الطلاق: باب قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} ، ومسلم (1471)(1)، وأبو داود (2179) في الطلاق: باب في طلاق السنة، والنسائي 6/138، والبيهقي 7/323 و414، والبغوي (2351) عن نافع، به.

وأخرجه أحمد 2/6 و64 و124، والطيالسي (1853) ، وعبد الرزاق (10953) و (10954)، والبخاري (5332) في الطلاق: باب {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} في العدة، ومسلم (1471)(3) ، والنسائي 6/213، وأبو داود (2180) ، والطحاوي 3/53، والبيهقي 7/324، والدارقطني 4/9 من طرق عن نافع، أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يرجعها، ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر، ثم يطلقها قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء، قال: فكان ابن عمر إذا سئل عن رجل يطلق امرأته وهي حائض يقول: أمَّا أنت طلقتها واحدة أو اثنتين، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يَرْجِعَهَا، ثم يمهلها حتى تحيضَ حيضة أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر، ثم يطلقها قبل أن يمسها، واما أنت طلقتها ثلاثاً، فقد عصيتَ ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك، وبانت منك. لفظ مسلم.

وأخرجه الطيالسي (68) ، والدارقطني 4/9، من طريق ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر أنه طلَّق امرأته وهي حائض، فأتى عُمَرُ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر==

ص: 78

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ذلك له، فجعلها واحدة. وهذا إسناد صحيح على شرطهما.

وأخرجه ابن وهب في (مسنده) : فيما قاله الحافظ في (الفتح) 9/266 عن ابن أبي ذئب أن نافعاً أخبره أن ابنَ عمر طلَّق امرأته وهي حائض، فسأل عمرُ رسول الله عن ذلك، فقال:"مُرْهُ فليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر" قال ابن أبي ذئب: وحدثني حنظلة بن أبي سفيان أنه سمع سالماً يحدث عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

قال الحافظ: وهذا نص في موضع الخلاف فيجب المصيرُ إليه، أي في احتساب وقوع الطلقة في الحيض.

وأخرجه أحمد 2/26 و58 و61 و81 و130، والبخاري (4908) و (7160) ، ومسلم (1471)(4) ، والدارمي 2/160، والترمذيّ (1176) ، وابن الجارود (736) ، والطحاوي 3/53، والدارقطني4/6، والبيهقي 7/324 من طرق عن سالم عن عبد الله بن عمر، ولفظ مسلم قال: طلقت امرأتي وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فتغيظ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيه، فإن بدا له أن يُطلقها، فليطلقها طاهراً من حيضتها قبل أن يمسها، فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله"، وكان عبد الله طلقها تطليقة واحدة فحسبت من طلاقها، وراجعها عبد الله كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: فراجعتها وحسبت التطليقة التي طلقتها.

وأخرجه أحمد 2/43، 51، 79، والبخاري (5258) و (5333) ، ومسلم (1471)(7) و (10) ، والطيالسي (1942) ، والنسائي 6/141 و142، وابن ماجة (2222) ، والطحاوي 3/52، والدارقطني 4/8، والترمذي (1175) ، والبيهقي 7/325، وأبو داود (2184) من طرق عن يونس بن جبير، قال: قلتُ لابن عمر: رجل طلق امرأته وهي حائض؟ فقال: تعرف ابن عمر، إن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأمره أن يُراجعها، فإذا طهرت فأراد أن يطلقها فليطلقها، قلت: فهل عدّ ذلك طلاقاً؟ قال: أرأيت إن عجز واستحمق، وفي رواية لمسلم (12) : فقلت لابن عمر: أفاحتسبت بها؟ قال: ما يمنعه، أرأيت إن عجز واستحمق، وفي أخرى: قلتُ: فاعتددت==

ص: 79

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بتلك الطلقة، التي طلقت وهي حائض؟ قال: مالي لا أعتد بها، وإن كنت عجزت واستحمقت، وفي ثالثة: قات: أفحسبت عليه؟ قال: فَمَهْ؟ أو إن عجز واستحمق؟.

وأخرجه أحمد 2/61 و74 و78 و128، والبخاري (5252) ، ومسلم (1471)(12) ، وابن الجارود (735) ، والطحاوي 3/52 من طريق أنس بن سيرين، قال: سمعت ابن عمر، قال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، قال:"ليراجعها"، قلت: تحتسب؟، قال: فَمَهْ؟.

وأخرجه الدارقطني 2/11، والبيهقي 7/326 من طريقين عن محمد بن سابق، عن شيبان، عن فراس، عن الشعبي، قال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض واحدة، فانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن يراجعها، ثم يستقبل الطلاق في عدتها، وتحتسب بهذه التطليقة التي طلق أول مرة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

وأخرج أحمد 2/80-81، والشافعي 2/33، ومسلم (1471)(14) ، وأبو داود (2185) ، والطحاوي 3/51، وابن الجارود (733) ، والبيهقي 7/327، والنسائي 6/139 من طرق عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزّة يسأل ابن عمر، وأبو الزبير يسمع ذلك: كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضاً؟ قال: طلق عبد الله امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن عبد الله بن عمر طلّق امرأته وهي حائض، فردَّها عليَّ ولم يرها شيئاً، وقال:"إذا طهرت فليطلق أو ليمسك" قال ابن عمر: وقرأ النبي {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} في قُبُلِ عدتهن. قال ابن جريج: سمعت مجاهداً يقرأها كذلك.

وقوله: (في قُبُلِ عِدتهن) هي قراءة شاذة لا يثبت بها قرآن بالاتفاق، لكن لصحة إسنادها يحتج بها، وتكون مفسرة لمعنى القراءة المتواترة {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} .

قال الحافظ في (الفتح) 9/266-267 بعد أن صحح إسناد هذا الحديث: قال أبو داود: روى هذا الحديث –عن ابن عمر- جماعة وأحاديثهم كلها على خلاف ما قال أبو الزبير.

وقال ابن عبد البر: قوله (ولم يرها شيئاً) منكر لم يقله غير أبي الزبير، وليس بحجة فيما خالفه فيه مثله، فكيف بمن هو أثبت منه، ولو صح فمعناه عندي والله==

ص: 80

_________

= أعلم: ولم يرها شيئاً مستقيماً، لكونها لم تقع على السنة.

وقال الخطابي: قال أهل الحديث: لم يرو أبو الزبير حديثاً أنكر من هذا، وقد يحتمل أن يكون معناه: ولم يرها شيئاً تحرم معه المراجعة، أو لم يرها شيئاً جائزاً في السنة، ماضياً في الاختيار، وإن كان لازماً معه مع الكراهة.

ونقل البيهقي في (المعرفة) عن الشافعي أنه ذكر رواية أبي الزبير فقال: نافع أثبت من الزبير، والأثبت من الحديثين أولى ان يأخذ به إذا تخالفا، وقد وافق نافعٌ غيره من أهل الثبت، قال: وبسط الشافعي القول في ذلك، وحمل قوله (ولم يرها شيئاً) ، على أنه لم يعدها شيئاً صواباً غير خطأ، بل يؤمر صاحبه ألا يقيم عليه لأنه أمره بالمراجعة، ولو كان طلقها طاهراً لم يؤمر بذلك، فهو كما يقل للرجل، إذا أخطأ في فعله أو أخطأ في جوابه: لم يصنع شيئاً، أي: لم يصنع شيئاً صواباً.

وأخرج البخاري في (صحيحه)(5253) : حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: حُسِبت عليّ بتطليقة. قال الحافظ تعليقاً على قوله: (حدثنا أبو معمر) : كذا في رواية أبي ذر، وهو ظاهر كلام أبي نعيم في (المستخرج) ، وللباقين (وقال أبو معمر) وبه جزم الإسماعيلي.

ثم قال الحافظ: وأما قول ابن عمر: (إنها حسبت عليه بتطليقة) فإنه وإن لم يصرح برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لزم منه أن ابن عمر خالف ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة بخصوصها، لأنه قال: إنها حسبت عليه بتطليقة، فيكون من حسبها عليه خالف كونه لم يرها شيئاً، وكيف يظن به ذلك مع اهتمامه واهتمام أبيه بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ليفعل ما يأمر به، وإن جعل الضمير في (لم يعتد بها) أو (لم يرها)(يعني في حديث أبي الزبير المتقدم) لابن عمر لزم منه التناقض في القصة الواحدة، فيفتقر إلى الترجيح، ولا شك أن الأخذ بما رواه الأكثر والأحفظ أولى من مقابله عند تعذر الجمع عند الجمهور، والله أعلم.

ص: 81

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُطَلِّقَ الْمَرْءُ امْرَأَتَهُ فِي حَيْضِهَا دُونَ طُهْرِهَا

4264 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَرَدَّ علي

ص: 81

رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، حتى طلقتها وهي طاهر (1) .

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهب بن بقية ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات على شرطهما، أبو بشر: هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية، وهشيم قد صرح بالتحديث عند النسائي وغيره، فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه النسائي 6/141 في الطلاق: باب الطلاق لغير العدة، والطحاوي 3/52 من طرق عن هشيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (1871) عن هشيم (وتحرف في المطبوع إلى: هشام) ، به.

ص: 82

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُطَلِّقَ الْمَرْءُ النِّسَاءَ وَيَرْتَجِعْهُنَّ حَتَّى يَكْثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ

(2)

4265 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ

عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما بَالُ أَحَدِكُمْ يَلْعَبُ (3) بِحُدُودِ اللَّهِ، يَقُولُ قَدْ طلقت، قد راجعت"(4) .

(2) ذكر الحافظ في (التلخيص) 3/205 عنوان ابن حبان هذا وقال: والذي يظهر لي من سياق الحديث خلاف ما فهمه ابن حبان. والله أعلم.

(3)

كان في الأصل هنا بياض مكان كلمة (يلعب) واستدركت من (التقاسيم) 2/لوحة 172.

(4)

مؤمَّل بن إسماعيل سيِّئ الحفظ، كثير الخطأ، وباقي السند رجاله ثقات، سفيان هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وسفيان ممن روى عنه قبل تغيره.

وأخرجه ابن ماجة (2017) في أول الطلاق عن محمد بن بشار، والبيهقي 7/322 من طريق محمد بن أبي بكر، كلاهما عن مؤمل بن إسماعيل، بهذا الإسناد.==

ص: 82

_________

=وقال البوصيري في (مصباح الزجاجة) ورقة 130/2: هذا إسناد حسن من أجل مؤمل بن إسماعيل!

وأخرجه البيهقي 7/322 من طريق الطيالسي عن زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة قال: كان رجل يقول: قد طلقتك، قد راجعتك، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما بال رجال يلعبون بحدود الله" هذا مرسل، ثم رواه من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود (وهو سيِّئ الحفظ) عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة عن أبي موسى مثل رواية المصنف.

ص: 83

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْكِنَايَاتِ فِي الطَّلَاقِ إِنْ أُرِيدَ بِهَا الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا عَلَى حَسَبِ نِيَّةِ الْمَرْءِ فِيهِ

4266 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ: أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بِنْتَ الْجَوْنِ لَمَّا دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَنَا مِنْهَا، قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ".

قَالَ الزُّهْرِيُّ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، تَطْلِيقَةٌ (1) .

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم –وهو الملقب بدحيم- ثقة من رجال البخاري، ومن فوقه على شرطهما. الوليد: هو ابن مسلم، وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه ابن ماجة (2050) في الطلاق: باب ما يقع به الطلاق من الكلام، والطحاوي في (مشكل الآثار)(635) بتحقيقنا، وابن الجارود (738) ، والبيهقي 7/342 من طريق عبد الله بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (5254) في الطلاق: باب من طلَّق، وهل يواجه الرجل==

ص: 83

_________

= امرأته بالطلاق؟، والنسائي 6/150 في الطلاق: باب مواجهة الرجل المرأة بالطلاق، والطحاوي (636) ، والحاكم 4/35، والبيهقي 7/39 و342، والدارقطني 4/29 من طرق عن الوليد بن مسلم، به.

ص: 84

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَخْيِيرَ الْمَرْءِ امْرَأَتَهُ بَيْنَ فِرَاقِهِ

أَوِ الْكَوْنِ مَعَهُ إِذَا اخْتَارَتْ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا

4267 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ بِحِرَّانَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاخْتَرْنَاهُ، فَهَلْ كَانَ ذَلِكَ طلاقا؟! (1)

(1) إسناده صحيح، زيد بن أخزم ثقة من رجال البخاري، وأبو داود –وهو سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي- ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين، أبو الضحى: هو مسلم بن صبيح، وهو في (مسند الطيالسي)(1403) عن شعبة، عن الأعمش، به، وقولها:(فهل كان ذلك طلاقاً) استفهام إنكار.

وأخرجه أحمد 6/173، والنسائي 6/56 في النكاح: باب مما افترض الله عز وجل على رسوله عليه السلام وحرَّمه على خلقه

، من طريق محمد بن جعفر، والنسائي 6/161 في الطلاق: باب في المخيرة تختار زوجها، من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن شعبة، عن الأعمش، به.

وأخرجه أحمد 6/202 و205 و240، والدارمي 2/162، والحميدي (234) ، وابن أبي شيبة 5/59، والبخاري (5263) ، ومسلم (1477)(24) و (25) و (27) ، والترمذي (1179) ، والنسائي 6/56 و160-161، وابن الجارود (740) ، والبيهقي 7/38-39 و345 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1477)(26) و (27) ، والنسائي 6/161 من طرق عن عاصم الأحول، عن الشعبي، به.==

ص: 84

_________

=وأخرجه مسلم (1477) ، والبيهقي 7/345 من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة.

وجمهور الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار على أن من خير زوجته فاختارته لا يقع عليه بذلك طلاق، وحكي عن الحسن أنه قال: يقع بها طلقة رجعية، وهو قول مالك، ويُروى ذلك عن عليّ وزيد (شرح السنة) 9/217-218.

ص: 85

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا خَيَّرَهَا الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم اخْتَارَتِ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا وَصَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم

4268 -

أَخْبَرَنَا بن قتيبة، قال: حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم:4] حَتَّى حَجَّ عُمَرُ فَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، عَدَلَ لِيَتَوَضَّأُ، وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ أَتَانِي، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ، فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ فَقَالَ عُمَرُ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَسُوقُ الْحَدِيثَ

فَقَالَ: كُنَّا مَعْشَرُ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، وَجَدْنَاهُمْ قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَكَانَ مَنْزِلِي فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ فِي الْعَوَالِي، قَالَ: فَتَغَضَّبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِي، فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعْنِي، فَأَنْكَرْتُ

ص: 85

أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَتُرَاجِعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: أَتُرَاجِعِينَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَانَا الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ. قَالَ: قَدْ قُلْتِ، قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُنَّ وَخَسِرَ، أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ، لَا تُرَاجِعِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَسْأَلِيهِ شيئا، وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ -يُرِيدُ عَائِشَةَ-.

قَالَ: وَكَانَ لِي جَارٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَنْزِلُ يَوْمًا، وأَنْزِلُ يَوْمًا، فَيَأْتِينِي بِخَبَرِ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَأَنْزِلُ فَآتِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ غَسَّانَ (1) تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا، قَالَ: فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمًا، ثُمَّ أَتَانِي، فَضَرَبَ عَلَى بَابِي، ثُمَّ نَادَانِي، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. فَقُلْتُ: مَاذَا، أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ نِسَاءَهُ. فَقُلْتُ: خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا كَائِنًا

فَلَمَّا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ، شَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، ثُمَّ نَزَلْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: لَا أَدْرِي هُوَ ذَا هُوَ معتزل في هذه المشربة،

(1) في الأصل: (غساناً) ، والمثبت من (التقاسيم) 4/لوحة 293.

ص: 86

قَالَ: فَأَتَيْتُ غُلَامًا لَهُ أَسْوَدَ، فَقُلْتُ: اسْتَأْذَنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ الْغُلَامُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ وَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا قَوْمٌ حَوْلَ الْمِنْبَرِ جُلُوسٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ: فَجَلَسْتُ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَأَتَيْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذَنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَأَتَيْتُ الْغُلَامَ، فَقُلْتُ: اسْتَأْذَنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ، فَقَالَ:(1) قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَسَكَتَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي، وَيَقُولُ: ادْخُلْ فَقَدْ أَذِنَ لَكَ.

فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى رَمْلِ حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ، فَقُلْتُ: أَطَلَّقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: "لَا" فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، لَوْ رَأَيْتَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكُنَّا مَعْشَرُ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَتَغَضَّبْتُ عَلَى امْرَأَتِي يَوْمًا، فَإِذَا هي تراجعني، فأنكرت ذلك عليها فقالت: أتنكر أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ، قَالَ: فَقُلْتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ وَخَسِرَتْ، أَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فإذا هي قد هلكت؟! قال: فَتَبَسَّمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يا

(1) من قوله: (قد ذكرتك له فصمت) إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من (التقاسيم) .

ص: 87

رَسُولَ اللَّهِ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: لَا تُرَاجِعِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا تَسْأَلِيهِ شَيْئًا، وَسَلِينِي مَا بَدَا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أَوْسَمُ وَأَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُخْرَى، فَقُلْتُ: أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ" فَجَلَسْتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فِي الْبَيْتِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا (1) يَرُدُّ الْبَصَرَ إِلَّا أُهُبًا (2) ثَلَاثَةً، فَقُلْتُ: يا رسول الله، ادعو اللَّهَ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ، فَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَهُ، قَالَ: فَاسْتَوَى جَالِسًا، وَقَالَ:"أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يا بن الْخَطَّابِ، أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَانَ أَقْسَمَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ اللَّهُ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَلَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِي (3)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّكَ دَخَلْتَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَعُدُّهُنَّ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ" ثُمَّ قَالَ: "يَا عَائِشَةُ، إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلَا أُرِيدُ أَنْ تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ" قَالَتْ: ثم قرأ علي الآية:

(1) في الأصل: (شيء) ، وهو خطأ والتصويب من (التقاسيم) .

(2)

في الأصل: (أهب) ، والجادة ما أثبت، والأهب جمع الإهاب: الجلد قبل الدباغ في قول الأكثر، وقيل: الجلد مطلقاً، وفي (التقاسيم) :(آهبة) وهو جمع قلة.

(3)

في الأصل: (فرآني) ، وهو تحريف، والتصويب من (التقاسيم) .

ص: 88

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب:28-29] . قَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ وَاللَّهِ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، فَقُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ الله ورسوله والدار الآخرة (1) .

(1) حديث صحيح. ابن أبي السري –هو محمد بن المتوكل- صدوق، له أوهام، وقد توبع، ومن فوقه ثقات على شرطهما.

وأخرجه بطوله مسلم (1479)(34)(35) في الطلاق: باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن، والترمذي (3318) في التفسير: باب ومن سورة التحريم، والبيهقي 7/37-38 من طرق عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/33-34 عن عبد الرزاق، به. إلى قوله:(حتى عاتبه الله) .

وأخرجه بطوله البخاري (2468) في المظالم: باب الغرفة والعلية المشرفة، من طريق عقيل، و (5191) في النكاح: باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها، من طريق شعيب، كلاهما عن الزهري، به.

وأخرجه مختصراً البخاري (89) في العلم: باب التناوب في العلم، والنسائي 4/137-138 في الصيام: باب كم الشهر من طريق شعيب وصالح بن كيسان، عن الزهري، به.

وأخرجه مقطعاً البخاري (4913) في التفسير: باب {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ

} و (4914) باب {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً

} ، و (4915) باب {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ، و (5218) في النكاح: باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض، و (5843) في اللباس: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجوز من اللباس والبسط، و (7256) في أخبار الآحاد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، و (7263) باب قول الله تعالى:{لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} ، ومسلم (1479)(31) و (32) و (33) من طرق عن يحيى بن سعيد، عن عبيد بن حنين، عن ابن عباس، به.

وحديث عائشة أخرجه مسلم (1083) في الصيام: باب الشهر يكون تسعاً==

ص: 89

_________

= وعشرين، عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 6/185 و263-264 من طريق جعفر بن برقان، عن الزهري، به.

وأخرجه مختصراً النسائي 4/136-137 من طريق عبد الأعلى، عن معمر، به.

ص: 90

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ إِذَا أُعْتِقَتْ

كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْكَوْنِ تَحْتَ زَوْجِهَا الْعَبْدِ أَوْ فِرَاقِهِ

4269 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَيَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ قَضِيَّاتٍ، أَرَادَ أَهْلُهَا أَنْ يَبِيعُوهَا، وَيَشْتَرِطُوا الْوَلَاءَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" وَعَتَقَتْ، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَكَانَتْ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهَا، فَتُهْدِي لَنَا مِنْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"كُلُوا، فَإِنَّهُ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وهو لكم هدية"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، يحيى بن طلحة اليربوعي، وإن كان في حديثه لِين، تابعه عليه هناد بن السري وهو ثقة من رجال مسلم، ومن فوقهما ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 6/45-46، ومسلم (1075) (172) في الزكاة: باب إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم ولبني هاشم وبني عبد المطلب

، و (1504) (10) في العتق: باب إنما الولاء لمن أعتق، والنسائي 6/162-163 في الطلاق: باب خيار الأمة، من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد، ورواية مسلم في الزكاة بقصة الهدية فقط. وانظر رقم (5093) و (5094) .

ص: 90

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ لِلْجَارِيَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ

أَنْ تَخْتَارَ فِرَاقَهُ أَوِ الْكَوْنَ مَعَهُ

4270 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عكرمة

عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: خَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ، فاختارت نفسها (1) .

(1) إسناده قوي، الحسن بن عمر بن شقيق لا باس به من رجال البخاري، ومن فوقه ثقات على شرطهما.

وأخرجه من طريق أيوب بهذا الإسناد: البخاري (5281) و (5282) في الطلاق: باب خيار الأمة تحت العبد، ولفظه عن ابن عباس: ذاك مغيث عبد فلان –يعني زوج بريرة- كأني أنظر إليه يتبعها في سكك المدينة يبكي عليها.

وأخرجه بنحوه الترمذي (1156) في الرضاع: باب ما جاء في المرأة تعتق ولها زوج، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب وقتادة، عن عكرمة، به.

وأخرجه أيضاً مختصراً بنحوه البخاري (5280) .

ص: 91

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجَارِيَةَ إِذَا أُعْتِقَتْ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ لَهَا الْخِيَارُ فِي فِرَاقِهِ أَوِ الْكَوْنِ مَعَهُ

4271 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النِّيلِيُّ إِمْلَاءً مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَهَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"اعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ" قَالَتْ: فَأَعْتَقْتُهَا، فَخَيَّرَهَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: لو

ص: 91

أُعْطِيتُ كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ مَعَهُ. قَالَ الأسود: وكان زوجها حرا (1) .

(1) إسناده صحيح، إبراهيم بن الحجاج النيلي ثقة روى له النسائي، وقد وقع في نسخ (تهذيب التهذيب) و (التقريب) في ترجمته أنه تمييز، وهو خطأ يستدرك من (تهذيب الكمال) 2/71، والنِّيلي: نسبة إلى النيل: مدينة بين الكوفة وواسط، ومن فوقه ثقات على شرطهما. أبو عوانة: هو وضاح اليشكري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، والأسود: هو ابن يزيد بن قيس النخعي (خال إبراهيم النخعي) .

وأخرجه البيهقي 7/223 من طريق أبي بكر الإسماعيلي، عن الحسن بن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (6754) في الفرائض: باب ميراث السائبة، والبيهقي 7/223 من طريقين، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وقال البخاري في آخره: قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس:(رأيته عبداً) أصح.

وقال الحافظ في (الفتح) 12/41 تعليقاً على قوله: (وقول الأسود منقطع أي: لم يصله بذكر عائشة فيه، وقول ابن عباس أصح، لأنه ذكر أنه رآه وقد صح أنه حضر القصة وشاهدها، فيترجح قولُه على قول من لم يشهدها، فإن الأسود لم يدخل المدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

ويُستفاد من تعبير البخاري: قول الأسود منقطع، جواز إطلاق المنقطع في موضع المرسل خلافاً لما اشتهر في الاستعمال من تخصيص المنقطع بما يسقط منه من أثناء السند واحد إلا في صورة سقوط الصحابي بين التابعي والنبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك يُسمى عندهم المرسل، ومنهم من خصه بالتابعي الكبير.

وأخرجه أحمد 6/186 و189-190، والبخاري (2536) في العتق: باب بيع الولاء وهبته، و (6758) في الفرائض: باب إذا أسلم على يده، و (6760) باب ما يرث النساء من الولاء، وأبو داود (2916) في الفرائض: باب في الولاء، والترمذي (1256) في البيوع: باب ما جاء في اشتراط الولاء والزجر عن ذلك، والنسائي 6/163 في الطلاق: باب خيار الأمة تعتق وزوجها حر، و7/300 في البيوع: باب البيع يكون فيه الشرط الفاسد، فيصح البيع ويبطل الشرط، والبيهقي 7/223 و10/338-339 من طريقين عن منصور، به –وبعضهم يزيد فيه على بعض.==

ص: 92

_________

=وأخرجه بنحوه الطيالسي (1381) ، وأحمد 6/42 و175، والدارمي 2/169، والبخاري (1493) في الزكاة: باب الصدقة على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، و (5284) في الطلاق: باب رقم (17)، و (6717) في كفارات الأيمان: باب إذا أعتق في الكفارة لمن يكون ولاؤه؟ و (6751) في الفرائض: باب الولاء لمن أعتق، والنسائي 5/107-108 في الزكاة: باب إذا تحولت الصدقة، و6/163، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) 3/82، والبيهقي 7/223 و10/338 من طريقين عن إبراهيم، به.

ص: 93

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا لَا حُرًّا وَأَنَّ الْأَسْوَدَ وَاهِمٌ فِي قَوْلِهِ: كَانَ حُرًّا

4272 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عائشة، قَالَتْ: كَاتَبَتْ بَرِيرَةَ عَلَى نَفْسِهَا بِتِسْعَةِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ سَنَةٍ أُوقِيَّةً، فَأَتَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا، فَقَالَتْ: لَا، إِلَّا أَنْ يَشَاؤُوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً، وَيَكُونَ الْوَلَاءُ لِي. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ، فَكَلَّمَتْ بِذَلِكَ أَهْلَهَا، فَأَبَوْا عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ، لَهُمْ فَجَاءَتْ إِلَى عَائِشَةَ، وَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ لَهَا مَا قَالَ أَهْلُهَا فَقَالَتْ: لَاهَا اللَّهِ إِذًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا هَذَا؟ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَرِيرَةَ أَتَتْنِي تَسْتَعِينُنِي عَلَى كِتَابَتِهَا، فَقُلْتُ: لَا، إِلَّا أَنْ يَشَاؤُوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً، وَيَكُونَ الْوَلَاءُ لِي، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِأَهْلِهَا، فَأَبَوْا عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ابْتَاعِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ" ثُمَّ قَامَ صلى الله عليه وسلم، فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى

ص: 93

عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، يَقُولُونَ: أَعْتِقْ يَا فُلَانُ وَالْوَلَاءُ لِي، كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كتاب الله، فهو باطل، وإن كان مائة شَرْطٍ" فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوْجَهَا -وَكَانَ عَبْدًا- فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا (1) .

قَالَ عُرْوَةُ: فَلَوْ كَانَ حُرًّا، مَا خَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَوْجِهَا.

(1) إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه مسلم (1504)(9) في العتق: باب إنما الولاء لمن أعتق، والنسائي 6/164-165 في الطلاق: باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك، وفي العتق من (الكبرى) كما في (التحفة) 12/124، والبيهقي 7/132 من طريق إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1504)(9) ، والبيهقي 7/132 من طريقين عن جرير، به.

وأخرجه أبو داود (2233) في الطلاق: باب في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد، والترمذي (1154) في الرضاع: باب ما جاء في المرأة تعتق ولها زوج، من طريقين عن جرير، به مختصراً بلفظ: كان زوج بريرة عبداً فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها، ولو كان حراً لم يخيرها.

وأخرجه أحمد 6/213، والبخاري (2563) في المكاتب: باب استعانة المكاتب وسؤال الناس، ومسلم (1504)(8) و (9)، وأبو داود (3930) في العتق: باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة، وابن ماجة (2521) في العتق: باب المكاتب، والبيهقي 5/338 من طرق عن هشام بن عروة، به، مطولاً.

وأخرجه أحمد 6/81-82 و272، والبخاري (2155) في البيوع: باب الشراء والبيع مع النساء، و (2561) في المكاتب: باب ما يجوز من شروط المكاتب، و (2717) في الشروط: باب الشروط في البيوع، ومسلم (1504)(6) و (7) ، وأبو داود (3929) ، والبيهقي 10/299-300 و338 من طرق عن الزهري، به نحوه، وانظر (4325) .

والأمر في قوله: "واشترطي لهم الولاء" للإباحة، وهو على جهة التنبيه على أن==

ص: 94

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ذلك لا ينفعهم، فوجوده وعدمه سواء، وكأنَّه يقول: اشترطي أو لا تشترطي فذلك لا يفيدهم، قال الخطابي فيما نقله الحافظ في (الفتح) 5/227: وجه هذا الحديث أن الولاء لما كان كلُحمة النسب، والإنسان إذا ولد له ولد ثبت له نسبه ولا ينتقل نسبه عنه ولو نسب إلى غيره، فكذلك إذا أعتق عبداً ثبت له ولاؤه، ولو أراد نقل ولائه عنه، أو أذن في نقله عنه لم ينتقل، فلم يعبأ باشتراطهم الولاء، وقيل: اشترطي، ودعيهم يشترطون ما يشاؤوا ونحو ذلك، لأن ذلك غيرُ قادح في العقد، بل هو بمنزلة اللغو من الكلام، وآخر إعلامهم بذلك، ليكون رده وإبطاله قولاً شهيراً يخطب به على المنبر ظاهراً، إذ هو أبلغ في النكير وأوكد في التعبير. انتهى.

وفي البخاري (2565) من حديث عائشة وفيه: فقال صلى الله عليه وسلم: "اشتريها واعتقيها، ودعيهم يشترطون ما شاؤوا"، فاشترتها عائشة، فأعتقتها، واشترط أهلها الولاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الولاء لمن أعتق وإن اشترطوا مئة شرط".

وقوله: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" قال ابن خزيمة: ليس في كتاب الله، أي: ليس في حكم الله جوازه أو وجوبه، لا أن كل من شرط شرطاً لم ينطق به الكتابُ يبطل، لأنه قد يشترط في البيع الكفيل، فلا يبطلُ الشرطُ، ويشترط في الثمن شروطاً من أوصافه أو من نجومه ونحو ذلك فلا يبطل.

وقال ابن بطال: المراد بكتاب الله هنا: حكمه من كتابه، أو سنة رسوله، أو إجماع الأمة، وقال النووي: قال العلماء: الشروط في البيع أقسام، أحدها: يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه، الثاني: شرط فيه مصلحة كالرهن، وهما جائزان اتفاقاً، الثالث: اشتراط العتق في العبد، وهو جائز عند الجمهور لحديث عائشة وقصة بريرة، الرابع: ما يزيد على مقتضى العقد، ولا مصلحة فيه للمشتري كاستثناء منفعته فهو باطل.

وقال القرطبي: قوله: "ليس في كتاب الله" أي: ليس مشروعاً في كتاب الله تأصيلاً ولا تفصيلاً، ومعنى هذا: أن من الأحكام ما يؤخذ تفصيله من كتاب الله كالوضوء، ومنها ما يؤخذ تأصيلُه دون تفصيله كالصلاة، ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع، وكذلك القياس الصحيح، فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلاً، فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلاً. (فتح الباري) 5/222-223.

وفي الحديث جواز تصرف المرأة الرشيدة في مالها بغير إذن زوجها، ومراسلتها الأجانب في أمر البيع والشراء كذلك، وجواز شراء السلعة للراغب في شرائها بأكثر من ثمن مثلها، لأن عائشة بذلت ما قرر نسيئة على جهة النقد مع اختلاف القيمة بين النقد والنسيئة.

ص: 95

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا لَا حُرًّا

4273 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي، وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ:"يَا عَبَّاسُ، أَلَا تَعْجَبُ مِنْ شِدَّةِ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ شِدَّةِ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟ " فَقَالَ لَهَا صلى الله عليه وسلم: "لَوْ رَاجَعْتِيهِ (1) ، فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ" قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ" قَالَتْ: فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ (2) .

(1) كذا في الأصل بإثبات الياء، وهي لغة ضعيفة، وفي رواية البخاري:"لو راجعتِهِ" بحذفها، على الجادة.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وهب بن بقية ثقة من رجال مسلم ومن فوقه ثقات على شرطهما. خالد الأول: هو خالد بن مهران الحذاء، والثاني: هو ابن عبد الله الطحان الواسطي.

وأخرجه الدارمي 2/169-170 عن عمرو بن عون، عن خالد بن عبد الله، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (5283) في الطلاق: باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة، والنسائي 8/245-246 في آداب القضاة: باب شفاعة الحاكم للخصوم قبل فصل الحكم، وابن ماجة (2075) في الطلاق: باب خيار الأمة إذا أعتقت، والبيهقي 7/22، والبغوي (2299) من طرق عن عبد الوهاب الثقفي، عن خالد بن مهران الحذاء، به.

وأخرجه بنحوه أبو داود (2231) في الطلاق: باب في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد، من طريق حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، به.

ص: 96

1-

‌ بَابُ: الرَّجْعَةُ

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ طَلَاقَ الْمَرْءِ امْرَأَتَهُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالثَّلَاثِ فِي نِيَّتِهِ يُحْكَمُ لَهُ بِهَا

4274 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"مَا أَرَدْتَ بِهَا؟ " قَالَ: وَاحِدَةً، قَالَ:"آللَّهِ؟ " قَالَ: آللَّهِ، قَالَ:"هِيَ عَلَى مَا أردت"(1) .

(1) إسناده ضعيف. الزبير بن سعيد ضعفه غير واحد، وقال الدارقطني: يعتبر به، وقال أبو زرعة: شيخ، وقال الدوري عن ابن معين: ثقة، وقال مرّة: ليس بشيء، وقال الآجري عن أبي داود: في حديثه نكارة لا أعلم إلا أني سمعت ابن معين يقول: هو ضعيف، وقال مرة: بلغني عن يحيى أنه ضعيف، وعبد الله بن علي بن يزيد لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف، ولم يَروِ عنه غير الزبير بن سعيد، فهو في عداد المجهولين، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، مضطرب الإسناد، وأبوه علي بن يزيد: لم يوثقه غير المؤلف، وقال البخاري: لم يصح حديثه، وأبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العتكي، وهو في (مسند أبي يعلى)(1537) .

وأخرجه أبو داود (2208) في الطلاق: باب في البتة، والبيهقي 7/342، والدارقطني 4/34، من طريق أبي الربيع الزهراني، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/65، والطيالسي (1188) ، والدارمي 2/163، والترمذي (1177) في الطلاق: باب ما جاء في الرجل يطلق امرأته البتة، وابن ماجة (2051) في الطلاق: باب طلاق البتة، وأبو يعلى:(1538) ، والحاكم 2/199، والبيهقي 7/342،==

ص: 97

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 1/265 من طريق محمد بن إسحاق، حدثني داود بن الحصين عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، قال: طلق ركانة بن عبد يزيد –أخو بني مطلب- امرأته ثلاثاً في مجلس واحد، فحزن حزناً شديداً، قال: فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف طلقتها؟ " قال: طلقتها ثلاثاً، قال: فقال: "في مجلس واحد؟ " قال: نعم، قال:"فإنما تلك واحدة، فأرجعها إن شئت"، قال: فرجعها، فكان ابن عباس يرى أنما الطلاق عند كل طهر. قلت ورواية داود بن الحصين عن عكرمة فيها شيء، قال علي بن المديني: ما روى عن عكرمة فمنكر، وقال أبو داود: أحاديثه عن شيوخه مستقيمة، وأحاديثه عن عكرمة مناكير، وفي (التقريب) ثقة إلا عكرمة.

وأخرجه البيهقي 7/339 من هذا الوجه، وقال: هذا الإسناد لا تقوم به الحجة مع ثمانية رووا عن ابن عباس رضي الله عنهما فتياه بخلاف ذلك، ومع رواية أولاد ركانة أن طلاق ركانة كان واحدة.

ومع هذا فقد جّود إسناده شيخ الإسلام في (الفتاوى) 3/18، وصححه ابن القيم في (زاد المعاد) 5/263، وأحمد شاكر في تعليقه على (المسند)(2387) وحسنه الألباني من الطريقين في (الإرواء) 7/144-145.

وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح) 9/362-363 بعد أن أورد الحديث عن أبي داود: وأخرجه أحمد وأبو يعلى وصححه من طريق محمد بن إسحاق. وهذا الحديث نص في المسألة (أي فيمن طلق ثلاثاً مجموعة وقعت واحدة) لا يقبل التأويل الذي في غيره من الروايات الآتي ذكرها، وقد أجابوا عنه بأربعة أشياء:

أحدها: أن محمد بن إسحاق وشيخه مختلف فيهما، وأجيب بأنهم احتجوا في عدة من الأحكام بمثل هذا الإسناد، كحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على أبي العاص ابن الربيع زينب ابنته بالنكاح الأول، وليس كل مختلف مردوداً.

والثاني: معارضته بفتوى ابن عباس بوقوع الثلاث كما تقدم من رواية مجاهد وغيره، فلا يظن بابن عباس أنه كان عنده هذا الحكم عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يفتي بخلافه إلا بمرجح ظهر له، وراوي الخبر أخبر من غيره بما روى، وأجيب بأن الاعتبار برواية الراوي لا برأيه لما يطرق رأيه من احتمال النسيان وغير ذلك، وأما كونه تمسَّك بمرجح، فلم ينحصر في المرفوع لاحتمال التمسك بتخصيص أو تقييد أو تأويل، وليس قول مجتهد حجة على مجتهد آخر. ==

ص: 98

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا: هُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أُمُّهُ: حَمَادَةُ بِنْتُ يَعْقُوبَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، مَاتَ فِي ولاية أبي جعفر.

=الثالث: أن أبا داود رجح أن ركانة إنما طلق امرأته البتة كما أخرجه هو من طريق آل بيت ركانة، وهو تعليل قوي لجواز أن يكون رواية حمل البتة على الثلاث، فقال: طلقها ثلاثاً فبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس.

الرابع: أنه مذهب شاذ، فلا يعمل به، وأجيب بأنه نقل عن علي، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير مثله، نقل ذلك ابن مغيث في كتاب (الوثائق) له وعزاه لمحمد بن وضاح، ونقال الغنوي ذلك عن مجموعة من مشايخ قرطبة كمحمد بن بقي بن مخلد، ومحمد بن عبد السلام الخشني وغيرهما، ونقله ابن المنذر عن أصحاب ابن عباس كعطاء وطاووس وعمرو بن دينار

ويقوي حديث ابن إسحاق المذكور ما أخرجه مسلم (1472) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن طاووس عن أبيه، عن ابن عباس، قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم. ثم ذكر الحافظ الأجوبة المتعددة عن هذا الحديث، فانظرها لزاماً.

ص: 99

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ وَرَجْعَتِهَا مَتَى مَا أَحَبَّ

4275 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ بِعُكْبَرَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها (1) .

(1) حديث صحيح. مسروق بن المرزبان روى عنه جمع، وذكره المؤلف في==

ص: 99

_________

= الثقات، وقال صالح بن محمد: صدوق، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه، قلت: وقد توبع عليه، ومن فوقه ثقات على شرطهما، ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وصالح: هو صالح بن صالح بن حيّ الهمداني الكوفي.

وأخرجه ابن ماجة (2016) في أول الطلاق، عن مسروق بن المرزبان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/160-161، وأبو داود (2283) في الطلاق: باب في المراجعة، والنسائي 6/213 في الطلاق: باب الرجعة (وقع في المطبوع منه: ابن عباس عن ابن عمر، وهو تحريف) ، وابن ماجة (2016) ، وأبو يعلى (173) ، والحاكم 2/197، والبيهقي 7/321-322 من طرق عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، به. وصححه الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي.

ص: 101

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم رَاجِعْ حَفْصَةَ مِنْ أَجْلِ أَبِيهَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

4276 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ

عَنْ بن عُمَرَ قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَكِ؟! إِنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَّقَكِ، ثُمَّ رَاجَعَكِ مِنْ أَجْلِي، فَأَيْمُ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ طَلَّقَكِ، لَا كَلَّمْتُكِ كَلِمَةً أبدا (1) .

(1) إسناده جيد، يونس بن بكير صدوق روى له مسلم متابعة، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين، أبو صالح: هو ذكوان السمان.

ورواه الطبراني في (الكبير) 23/ (305) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني محمد بن عبد الله بن نمير بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في (المجمع) 9/244، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.==

ص: 101

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه البزار (1502) من طريق يونس بن كريب به.

وأخرجه البزار (1503) من طريق عمر بن عبد الغفار، به.

وذكره البزار في (المجمع) 4/333، وقال: رواه أبو يعلى والبزار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، وكذا البزار.

وأخرج الطبراني في (الكبير) 17/ (804) من طريق ابن وهب حدثني عمرو بن صالح الحضرمي، عن موسى بن عُلَيّ، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فوضع التراب على رأسه فقال: ما يعبأ الله بك يا ابن الخطاب بعد هذا، فنزل جبريل عليه السلام فقال: إن الله تعالى يأمرك أن تُراجع حفصة رحمة لعمر. وعمرو بن صالح الحضرمي لا يعرف، وبقية رجاله ثقات كما قال الهيثمي في (المجمع) 9/244.

وأخرج الحاكم في (المستدرك) 4/15، والطبراني 18/ (934) من طريقين عن حماد بن سلمة، أنبأنا أبو عمران الجوني، عن قيس بن زيد ان النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر، فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون، فبكت وقالت: والله ما طلقني عن شبع، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"قال لي جبريل عليه السلام: راجع حفصة، فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة"، ورجاله ثقات غير قيس بن زيد، فإنه تابعي صغير مجهول، وفي المتن وهم، فإن عثمان بن مظعون مات قبل أن يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم حفصة، لأنه مات قبل أحد بلا خلاف، وزوجُ حفصة قبل النبي صلى الله عليه وسلم مات بأحد، فتزوجه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أحد.

وأخرج الحاكم 4/15 من طريق إسماعيل القاضي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا ثابت، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد طلقت حفصة وهي صوَّامة قوَّامة وهي زوجتك في الجنة فراجعها. وإسناده ضعيف لضعف الحسن بن أبي جعفر وهو الجُفْري، وأخرجه البزار (2668) من طريق الحسن (وقد تحرف في المطبوع إلى الحسين) بن أبي جعفر، عن عاصم، عن زر، عن عمار بن ياسر.

ص: 102

2-

‌ بَابُ: الْإِيلَاءِ

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُوَلِّيَ مِنِ امْرَأَتَهِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً

4277 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلَيْتَ شَهْرًا، قال:"الشهر تسع وعشرون"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. يحيى بن أيوب المَقَابِري ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات على شرطهما، وحميد قد سمعه من أنس كما في رواية البخاري (5289) .

وأخرجه الترمذي (690) في الصوم: باب ما جاء أن الشهر يكون تسعاً وعشرين، والبغوي (2344) من طريق علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/200، وابن أبي شيبة 3/85، والبخاري (378) في الصلاة: باب الصلاة في السطوح والمنبر الخشب، و (1911) في الصوم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا" ==

ص: 103

‌ذِكْرُ مَا يَعْمَلُ الْمَرْءِ إِذَا آلَى مِنِ امْرَأَتِهِ بِالْيَمِينِ

4278 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من نِسَائِهِ، فَجَعَلَ الْحَرَامَ حَلَالًا، وَجَعَلَ فِي الْيَمِينِ كفارة (2) .

(1) سقط من الأصل، واستدرك من (التقاسيم) 5/لوحة171.

(2)

إسناده ضعيف. مسلمة بن علقمة مختلف فيه، وثقه ابن معين، وقال أبو رزعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره المؤلف في (الثقات)، وقال أحمد: شيخ ضعيف حدث عن داود بن أبي هند أحاديث مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي، وترك عبد الرحمن بن مهدي حديثه، ولم يكن يحيى بن سعيد بالراضي عنه، وقال الساجي: روى عن داود بن أبي هند مناكير، وذكره العقيلي في (الضعفاء) وقال: وله عن داود مناكير، وما لا يتابع عليه من حديثه كثير، وذكر له ابن عدي أحاديث وقال: وله غير ما ذكرت مما لا يتابع عليه، وذكر له الإمام الذهبي في (ميزان الاعتدال) 4/409 هذا الحديث من مناكيره.

وأخرجه الترمذي (1201) في الطلاق: باب ما جاء الإيلاء، وابن ماجة (2072) في الطلاق: باب الحرام، والبيهقي 7/352 من طريق الحسن بن قزعة، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: رواه علي بن مسهر وغيره عن داود عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم،==

ص: 103

_________

= و (2469) في المطالم: باب الغرفة والعُلِّيَّة المشرفة

، و (5201) في النكاح: باب قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ

} ، و (6684) في الأيمان والنذور: باب من حلف ألا يدخل على أهله شهراً وكان الشهر تسعاً وعشرين، والنسائي 6/166-167 في الطلاق: باب الإيلاء، والبيهقي 7/381 من طرق عن حميد، به

وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.

قوله: (آلى) : من الألِيّة: وهو الحلف، والجمع ألايا، مثل عطية وعطايا، والمشربة: الغرفة.

ص: 104

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مرسلاً، وليس فيه (عن مسروق عن عائشة) وهذا أصح من حديث مسلمة بن علقمة.

قلت: وأخرجه البيهقي 7/352 من طريق يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهَّاب ابن عطاء، عن داود، عن عامر، عن مسروق أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى وحرَّم، فأنزل الله عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ

} قال: فالحرام حلال، وقال في الآية {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ، هذا مرسل.

وأخرجه ابن سعد 8/213 عن محمد بن عمر، عن الثوري، عن داود بن أبي هند، به مرسلاً.

قال الترمذي: والإيلاء أن يحلف الرجل أن لا يقرب امرأته أربعة أشهر أو أكثر، واختلف أهل العلم فيه إذا مضت أربعة أشهر، فقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا مضت أربعة أشهر يوقف، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق، وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا مضت أربعة أشهر، فهي تطليقة بائنة، وهو قول الثوري وأهل الكوفة.

قلت: وأخرج مالك في (الموطأ) 2/556، ومن طريقه الشافعي 2/43، والبخاري (5291)، والبيهقي 7/377 عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: أيما رجل آلى من امرأته، فإنه إذا مضت الأربعة الأشهر وقف حتى يطلق، أو يفيء، ولا يقع عليه طلاق إذا مضت الأربعة أشهر حتى يوقف.

وقال البخاري بإثره: ويُذكر ذلك عن عثمان وعلي وأبو الدرداء وعائشة، واثنى عشر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد خرج هذه الآثار المعلقة الحافظ في (الفتح) 9/338-339.

وأخرج الطبري في (جامع البيان)(4557) ، وابن أبي شيبة 5/129 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن خِلَاس أو الحسن، عن علي قال: إذا مضت أربعة أشهر، فهي تطليقة بائنة.

وأخرج عبد الرزاق (11641) عن معمر، عن قتادة أن علياً وابن مسعود وابن عباس قالوا: إذا مضت الأربعة أشهر، فهي تطليقة، وهي أحق بنفسها. قال قتادة: قال علي وابن مسعود: تعتد عدة الطلاق.

وأخرجه عبد الرزاق (11645) عن معمر، والطبري (4558) عن هشام، ==

ص: 105

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كلاهما عن قتادة أن علياً وابن مسعود كانا يجعلانها تطليقة إذا مضت أربعة أشهر فهي أحق بنفسها. قال قتادة: وقول علي وعبد الله أعجب إليّ في الإيلاء.

وأخرج ابن أبي شيبة في (المصنف) 5/128 حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر وابن عباس، قالا: إذا آلى فلم يفيء حتى تمضي الأربعة الأشهر، فهي تطليقة بائنة.

وأخرج نحوه عن ابن الحنفية، وشريح، وإبراهيم النخعي، ومسروق، والحسن، وابن سيرين، وقبيصة، وسالم، وأبي سلمة.

وقد استوفى ابن جرير أقوال الصحابة والتابعين في الإيلاء في (جامع البيان) 4/478-499 فارجع إليه.

ص: 106

‌كتاب الظِّهَارِ

*

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْحُكْمِ لِلْمُظَاهِرِ مِنِ امْرَأَتِهِ وما يلزمه عند ذلك من الكفارة

3-

بَابُ: الظِّهَارِ

ذِكْرُ وَصْفِ الْحُكْمِ لِلْمُظَاهِرِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَمَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ ذَلِكَ مِنَ الْكَفَّارَةِ

4279 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، عن بن إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ

عَنْ خُوَيْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ، قَالَتْ: فِي وَاللَّهِ وَفِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادِلَةِ، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا، فَرَاجَعْتُهُ فِي شَيْءٍ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ، فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي قَالَتْ: قُلْتُ: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ، لَا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ، قَالَتْ: فَوَاثَبَنِي، فَامْتَنَعْتُ مِنْهُ، فَغَلَبَتْهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ، فَأَلْقَيْتُهُ تَحْتِي (1) ، ثم خرجت

(1) في (موارد الظمآن) ص 324-325، و (المسند) : فألقيته عني.

ص: 107

إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي، فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابًا، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ، فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ، قَالَتْ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَا خُوَيْلَةُ، ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ".

قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَتَغَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ يَغْشَاهُ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ:"يَا خُوَيْلَةُ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ" قَالَتْ: ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إ لى قوله {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة:1-4] . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً" قَالَتْ: وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عِنْدَهُ مَا يَعْتِقُ. قَالَ:"فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ" قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ، قَالَ:"فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ" فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَلِكَ عِنْدَهُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ" قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ، فَقَالَ:"أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ، فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي بِهِ عَنْهُ، ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خيرا" قالت: ففعلت (1) .

(1) حديث صحيح رجاله كلهم ثقات غير معمر بن عبد الله بن حنظلة، فإنه لا يعرف، قال الإمام الذهبي في (الميزان) 4/155: كان في زمن التابعين لا يعرف، وذكره ابن حبان في ثقاته، ما حدث عنه سوى ابن إسحاق بخبر مظاهرة==

ص: 108

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أوس بن الصامت، وقال الحافظ في (التقريب) : مقبول، أي: عند المتابعة، ومع ذلك فقد حسن إسناده في (الفتح) 9/343. قلت: وله شواهد تقويه ستأتي، فيصح بها.

وأخرجه أحمد 6/410-411 عن سعد ويعقوب ابنا إبراهيم، قالا: حدثنا أبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بأخصر مما هنا أبو داود (2214) و (2215) في الطلاق: باب في الظهار، والبيهقي 7/391-392، وابن الجارود (746) من طريقين عن ابن إسحاق، به.

وللحديث شاهد مرسل صحيح عن صالح بن كيسان عند ابن سعد في (الطبقات) 8/378-379، وآخر عند البيهقي 7/389-390 عن عطاء بن يسار، قال البيهقي بإثره: هذا مرسل، وهو شاهد للموصول قبله، وثالث موصول عن عائشة عند أبي داود (2063) ، وصححه الحاكم 2/481 ووافقه الذهبي.

وفي الباب عن سلمة بن صخر عند أحمد 4/37، وأبي داود (2213) ، والدارمي 2/163-164، والترمذي (3299) ، وابن الجارود (744) ، وابن ماجة (2062) ، والحاكم 2/203، والبيهقي 7/390 من طرق عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر البياض وفيه عندهم عنعنة ابن اسحاق، وقال البخاري فيما نقل عنه الترمذي: سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر.

وأخرجه الترمذي (1200) ، والحاكم 2/204، والبيهقي 7/390 من طريقين عن يحيى بن كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وأبي سلمة أن سلمة بن صخر البياض

ورجاله ثقات لكنه مرسل.

وله شاهد من حديث ابن عباس يَتَقَوّى به عند أبي داود (2223) ، والترمذي (1199) ، والنسائي 6/167، وابن الجارود (747) ، والحاكم 2/204، والبيهقي 7/386، وقال الترمذي: حديث حسن، وحسنه الحافظ في (الفتح) 9/343.

ص: 109

4-

‌ بَابُ: الْخُلْعِ

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْأَةِ بِإِعْطَاءِ مَا طَابَتْ نَفْسُهَا بِهِ عَلَى الْخُلْعِ

4280 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ

عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عَلَى بَابِهِ فِي الْغَلَسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا شَأْنُكِ؟ " فَقَالَتْ: لَا أَنَا وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ –لِزَوْجِهَا-، فَلَمَّا جَاءَ ثَابِتٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ" قَالَتْ حَبِيبَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ:"خُذْ مِنْهَا" فَأَخَذَ منها وجلست في أهلها (1) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما غير صحابية الحديث، فلم يرو لها غير أبي داود والنسائي، وهو في (الموطأ) 2/564 في الطلاق: باب ما جاء في الخلع.

ومن طرق مالك أخرجه الشافعي 2/50-51، وأحمد 6/433-434، وأبو داود (2227) في الطلاق:==

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= باب في الخلع، والنسائي 6/169 في الطلاق: باب ما جاء في الخلع، وابن الجارود (749) ، والبيهقي 7/312-313.

وأخرجه الشافعي 2/50، ومن طريقه البيهقي 7/313، عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، به مختصراً.

وأخرجه أبو داود (2228) من طريق أبي عمر السدوسي المدني –سعيد بن سلمة بن أبي الحسام العدوي-، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة....

وأخرج أحمد 4/3 من طريق الحجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، وعن محمد بن سليمان بن أبي خيثمة، عن سهل بن أبي خيثمة قال: كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري، فكرهته وكان رجلاً دميماً، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني لأراه، فلولا مخافة الله، لبزقت في وجهه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أتردين عليه حديقته التي أصدقك؟ " قالت: نعم، فأرسل إليه، فردت عليه حديقته، وفرق بينهما، قال: فكان ذلك أول خلع في الإسلام.

وثابت بن قيس خزرجي أنصاري كان من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يشهد بدراً، وشهد أحداً وبيعة الرضوان، وكان جهير الصوت خطيباً بليغاً وهو خطيب الأنصار، ولما قدم وفد تميم افتخروا بأمور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس:"قم فأجب خطيبهم"، فقام فحمد الله وأبلغ، وسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقامه، استشهد رضي الله عنه يوم اليمامة. انظر (السير) 1/308-314.

وقولها: (لا أنا ولا ثابت) قال السندي في (شرحه على النسائي) : يحتمل أن (لا) الثانية مزيدة، والخبر محذوف بعدهما، أي: مجتمعان، أي لا يمكن لنا اجتماع، ويحتمل أنها غير زائدة، وأن خبر كلٍّ محذوف، أي: لا أنا مجتمعة مع ثابت، ولا ثابت مجتمع معي.

ص: 111

5-

‌ بَابُ: اللِّعَانِ

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ اللِّعَانِ

4281 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَجَدَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَإِنْ قَتَلَهُ، قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، فَوَاللَّهِ لَأَسْأَلَنَّ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحَ، غَدَا عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: لَوْ وَجَدَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَإِنْ قَتَلَهُ، قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ، سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ افْتَحْ" فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور:6] هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ فِي اللِّعَانِ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَامْرَأَتُهُ، فَتَلَاعَنَا، فَشَهِدَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، فَلَمَّا أَخَذَتِ امْرَأَتُهُ لِتَلْتَعِنَ، قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَهْ" فَالْتَعَنَتْ، فَلَمَّا أَدْبَرَتْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

ص: 112

"فَلَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا" فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا (1) .

قَالَ إِسْحَاقُ: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: قُلْتُ لِجَرِيرٍ: لَمْ يَرْوِ هَذَا عَنِ الْأَعْمَشِ أَحَدٌ غَيْرُكَ، قَالَ: لَكِنِّي سَمِعْتُهُ مِنْهُ.

4282 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُهُ (2) حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"نعم"(3) .

(1) إسناده صحيح على شرطهما. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه مسلم (1495) في اللعان، والبيهقي 7/405 من طريق إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم، وأبو داود (2253) في الطلاق: باب في اللعان، والبيهقي 7/405 من طريقين عن جرير، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 1/421-422، ومسلم، وابن ماجة (2068) في الطلاق: باب اللعان، وابن جرير الطبري في (جامع البيان) 18/84، من طرق عن الأعمش، به.

وقوله: (اللهم افتح) معناه: اللهم احكم أو بيِّن الحكم فيه، والفتاح: الحكم، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} .

وقوله: (جعداً) : قال ابن الأثير في (النهاية) 1/275: الجعد في صفات الرجل يكون مدحاً وذماً، فالمدح معناه: أن يكون شديد الأسْر والخَلْق، أو يكون جعد الشعر، وهو ضد السبط، لأن السبوطة أكثرها في شعور العجم، وأما الذم فهو القصير المتردد الخلق.

(2)

في (الموطأ) : أَأُمهله، بهمزتين.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، سهيل بن أبي صالح، روى له البخاري مقروناً، واحتج به الباقون، وهو في (الموطأ) 2/737 في الأقضية: باب القضاء فيمن وجد==

ص: 113

4283 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ،

= مع امرأته رجلاً، و823 في الحدود: باب ما جاء في الرجم.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/81، وأحمد 2/465، ومسلم (1498)(15) في اللعان، وأبو داود (4533) في الديات: باب في من وجد مع أهله رجلا أيقتله؟، والنسائي في الرجم كما في " التحفة " 9/416: باب عدد الشهود على الزنا، والبيهقي 8/230 و337 و10/147، والبغوي (2371) .

أخرجه مسلم (1498)(16) عن سليمان بن بلال، عن سهيل بهذا الإسناد وزاد: قال: كلا والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، فقال رسول الله:" اسمعوا إلى ما يقول سيدكم إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني ".

قال ابن سليمان الخطابي: يشبه أن يكون مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم طمعاً في الرخصة، لا رداً لقوله صلى الله عليه وسلم، فلما أبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، سكت وانقاد.

قال البغوي: فيه دليل على أن من قتل رجلاً، ثم ادَّعى أنه وجده على امرأته أنه لا يسقط عنه القصاص به حتى يقيم البينة على زناه وكونه محصناً مستحقاً للرجم، كما لو قله ثم ادَّعي أنه كان قد قتل أي فعليه البينة.... وقد قال علي رضي الله عنه: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته. أخرجه مالك 2/737-738، والشافعي 2/397، والبيهقي 8/230-231، رجال ثقات.

وقوله: " فليعط برمته " أي: يسلم إلى أولياء القتيل ليقتلوه، والرمة: الحبل الذي يشد به الأسير إلى أن يقتل.

وروي عن عمر أنه أهدر دمه وشبه أن يكون أهدر دمه فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى إذا تحقق زناه وإحصانه، أما في الحكم، فيقتص منه.

وقال أحمد: إن جاء ببينة أنه وجده مع امرأته في بيته يهدر دمه، وكذلك قال إسحاق.

ص: 114

أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ بِهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مَا ذِكْرُ فِي

(1)

الْقُرْآنِ مِنَ الْمُتَلَاعِنِينَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ قُضِيَ فِيكَ، وَفِي امْرَأَتِكَ» ، قَالَ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَمْسِكُهَا فَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا فَفَارَقَهَا، فَكَانَتْ سُنَّةٌ بَعْدُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنِينَ، فَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا

(2)

. [5: 36]

‌ذِكْرُ اسْمِ هَذَا الْمُلَاعِنِ امْرَأَتَهُ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا

4284 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُوَيْمِرَ

(3)

الْعَجْلَانِيَّ

(1)

في الأصل: " من "، والمثبت من مصادر الحديث.

(2)

بإسناده على شرطهما فليح -وهو ابن سليمان- وإن كان فيه كلام من جهة حفظه، قد توبع كما سيأتي، أبو الربيع: هو سليمان بن داود العتكي.

وأخرجه البيهقي 7/401 من طريق أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4746) في التفسير: باب {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} والطبراني (5683) ، والبيهقي 6/258 و7/401 من طريق أبي الربيع، به.

وأخرجه مختصراً أبو داود (2252) في الطلاق: باب في اللعان عن أبي الربيع الزهراني، به.

(3)

كذا الأصل بحذف التنوين وهو كذلك في " شرح السنة " من رواية أبي مصعب، والجادة إثباتها كما في " الموطأ " برواية يحيي الليثي، وإن كان ما هنا له وجه في العربية، ومنه قول الشاعر: =

ص: 115

جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ لَوَ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَسَأَلَ عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَكَرِهَ

(1)

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ، جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلُهُ عَنْهَا، فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَ النَّاسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا» ، فَقَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(2)

. [5: 36]

= عمرو الذي هشم الثريد لقومه

ورجال مكة مسنتون عجاف

وقول الآخر:

حمَيد الذي أمج داره

أخو الخمر ذو الشيبة الأصْلَع

وقول أبي الأسود:

فَألْفيته غيرَ مستَعْتَب

ولا ذاكِرَ الله إلا قليلا

وقرىء في الشواذ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ) بحذف التنوين من " أحد ".

انظر " المقتضب " 2/312-314 باب الصفة التي تجعل وما قبلها بمنزلة شيء واحد فيحذف التنوين من الموصوف.

(1)

في الأصل: " فأنكره " والمثبت من " شرح السنة ".

(2)

إسناده صحيح على شرطهما. =

ص: 116

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4285 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ وَكَانَ سَيِّدُ بَنِي الْعَجْلَانِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ: سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَأَتَى عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، فَأَتَى عُوَيْمِرًا

(1)

فَقَالَ لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَرِهَ

= وأخرجه البغوي (2366) من طريق أبي مصعب أحمد بن أبي بكر، بهذا الإسناد. وهو في " الموطأ " 2/566-567، في الطلاق: باب ما جاء في اللعان.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/44، وأحمد 5/336-337، والدارمي 2/150، والبخاري (5259) في الطلاق: باب من جوز الطلاق الثلاث، و (5308) باب اللعان ومن طلق بعد اللعان، ومسلم (1492)(1) في أول اللعان، وأبو داود (2245) في الطلاق: باب في اللعان، والنسائي 6/143- 144 في الطلاق: باب الرخصة في ذلك (أي في الثلاث مجموعة) ، والطبراني (5676) والبيهقي 7/398-399 و399.

وقوله: " فكره رسول الله تلك المسائل وعابها " يريد به المسألة عما لا حاجة بالسائل إليها دون (ما به) إليه حاجه وذلك أن عاصماً إنما كان يسأل لغيره لا لنفسه فأظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكراهة فى ذلك إيثاراً لستر العورات وكراهة لهتك الحرمات.

(1)

فى الأصل: " عويمر " وهو خطأ.

ص: 117

الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَأَتَى عُوَيْمِرٌ فَسَأَلَهُ

(1)

، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ» ، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلَاعَنَا بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، قَالَ: فَلَاعَنَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنْ حَبَسْتُهَا فَقَدْ ظَلَمْتُهَا، قَالَ: فَطَلَّقَهَا، وَكَانَتْ سُنَّةٌ لِمَنْ بَعْدَهُمَا مِنَ الْمُتَلَاعِنِينَ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحْرَةٌ فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا وَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا» ، قَالَ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ]، قَالَ: فَكَانَ يُنْسَبُ بَعْدُ إِلَى أُمِّهِ

(2)

. [5: 36]

(1)

بعد هذا في المصادر المخرج منها الحديث: " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ ".

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم، ثقة من رجال البخاري، ومن فوقه ثقات على شرطهما، محمد بن يوسف: هو الفريابي.

وأخرجه الدارمي 2/150، والبخاري (4745) في التفسير: باب {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ

} ، والطبراني (5677) ، وابن الجارود (756) والبيهقي 7/400 من طرق عن محمد بن يوسف، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2249) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، به مختصراً.

وأخرجه الشافعي 2/45، 45-46، 46، 47 وأحمد 5/330-331، 334، 337، وعبد الرزاق (12445) و (12446) و (12447)، والبخاري (423) في الصلاة: باب القضاء واللعان في المسجد، و (5309) في الطلاق: باب التلاعن في المسجد، و (7165) و (7166) في الأحكام: =

ص: 118

‌ذِكْرُ وَصْفِ اللِّعَانِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَنْ وَصَفْنَا نَعْتَهَمَا مِنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ

4286 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنِينَ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ، أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟، فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ فِيهِ، فَقُمْتُ مَكَانِي إِلَى مَنْزِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَهُوَ قَائِلٌ

(1)

، فَاسْتَأْذَنْتُهُ،

= باب من قضي ولاعَنَ في المسجد، و (7304) في الاعتصام: باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع، ومسلم (1492)(2) و (3) وأبو داود (2247) و (2248) و (2251)، وابن ماجة (2066) في الطلاق: باب اللعان، والطبراني (5674) و (5678) و (5679) و (5680) و (5681) و (5682) و (5684) و (5685) و (5686) و (5687) و (5688) و (5689) و (5691) و (5692) ، والطحاوي 3/102، والبيهقي 7/399 و400 و401، والبغوي (2367) من طرق وبألفاظ مختلفة عن الزهري، عن سهل بن سعد.

وأخرجه النسائي 6/170-171 في الطلاق: باب بدء اللعان، والطبراني (5690) من طريقين عن أبي داود، عن عبد العزيز بن أبي سلمة وإبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن سهل بن سعد، عن عاصم بن عدي، فجعله من مسند عاصم.

وقوله: " أسحم " الأسحم: الشديد السواد، يقال: غراب أسحم، أي: شديد السواد، وقوله:" أدعج العينين " الدعج شدة سواد الحدقة، وخَدلج الساقين: عظيمهما، والأحيمر: تصغير الأحمر، قال ثعلب: المواد بالأحمر الأبيض، لأن الحمرة إنما تبدو في البياض، قال: والعرب لا تطلق للأبيض في اللون، وإنما تقوله في نعت الطاهر والنقي والكريم ونحو ذلك، والوحرة: دويبة شبه الوزغة تلزق بالأرض جمعها وحر ومنه وحر الصدر وهو الحقد والغيظ سمي به لتشبثه بالقلب، ويقال: فلان وحر الصدر: إذا دبت العداوة في قلبه كدبيب الوَحر.

(1)

أي نائم، من القيلولة وهو النوم نصف النهار.

ص: 119

فَقَالَ الْغُلَامُ: إِنَّهُ قَائِلٌ، فَقُلْتُ: مَا بُدَّ مِنْ أَنْ أَدْخُلَ عَلَيْهِ فَسَمِعَ صَوْتِي، فَعَرَفَهُ، وَقَالَ: أَسَعِيدٌ؟، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ادْخُلْ مَا جِئْتَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا لِحَاجَةٍ، فَدَخَلْتُ، وَهُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةَ رَحْلِهِ مُتَوَسِّدٌ وِسَادَةً حَشْوهَا لِيفٌ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْمُتَلَاعِنَانِ، أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، نَعَمْ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَحَدَنَا رَأَى امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، فَلَمْ يُجِبْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ ذَلِكَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ، «فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فَدَعَا الرَّجُلَ، فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ» ، فَقَالَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا، «ثُمَّ دَعَا بِالْمَرْأَةِ فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ» ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ، «فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضِبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا»

(1)

. [5: 36]

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، عبد الملك بن أبي سليمان من رجال مسلم، وباقي السند على شرطهما. =

ص: 120

‌ذِكْرُ الْبَيَانَ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ إِذَا تَلَاعَنَا عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ السَّبِيلُ عَلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ مِنْ أَيَّامِهِ

4287 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: «حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي؟ قَالَ:«لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ مَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ»

(1)

. [5: 36]

= وأخرجه أحمد 2/19 و42 والدارمي 2/150-151، ومسلم (1493)(4) في أول اللعان، والترمذي (1202) في الطلاق: باب ما جاء في اللعان، والنسائي في التفسير كما في " التحفة " 5/426، وابن الجارود (752) ، والبيهقي 7/404-405 من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده صحيح على شرطهما. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب.

وأخرجه مسلم (1493)(5) في اللعان، عن أبي خيثمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشافعي 2/49، وأحمد 2/11، والحميدي (671)، والبخاري (5312) في الطلاق: باب قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب، و (5350) : باب المتعة التي لم يفرض لها، ومسلم، وأبو داود (2257) في الطلاق: باب في اللعان والنسائي 6/177 في الطلاق: باب اجتماع المتلاعنين، وابن الجارود (753) ، والبيهقي 7/401، 404 و409، والبغوي (2369) من طريق سفيان بن عيينة، به.

وأخرجه البخاري (5311) و (5349) عن عمرو بن زرارة، عن إسماعيل، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عمر

ص: 121

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُتَلَاعِنَةِ يَلْحَقُ بِهَا بَعْدَ اللِّعَانِ الْوَاقِعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا دُونَ أَنْ يَلْحَقَ بِزَوْجِهَا

4288 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانَ الطَّائِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، «فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ»

(1)

. [5: 36]

(1)

إسناده صحيح على شرطهما. وهو في " الموطأ " 2/567 في الطلاق: باب ما جاء في اللعان.

ومن طريق مالك خرجه الشافعي 2/47، واحمد 2/7 و38 و64 و71، والدارمي 2/151، والبخاري (5315) في الطلاق: باب يلحق الولد بالملاعنة، و (6748) في الفرائض: باب ميراث الملاعنة، ومسلم (1494)(8) في اللعان، وأبو داود (2259)، والترمذي (1203) في الطلاق: باب ما جاء في اللعان، والنسائي 6/178 في الطلاق: باب نفي الولد باللعان وإلحاقه بأمه وابن ماجة (2069) في الطلاق: باب اللعان، وابن الجارود (754) ، والبيهقي 7/402 و409، والبغوي (2368) .

قال الحافظ في " الفتح " 12/31: وقد اختلف السلف في معني إلحاقه بأمه مع اتفاقهم على أنه لا ميراثَ بينه وبينَ الذى نفاه فجاء عن علي وابن مسعود أنهما قالا في ابن الملاعنة: " عصبتة عصبة أمه يرثهم ويرثونه " أخرجه ابن أبي شيبة وبه قال النخعي والشعبي، وجاء عن علي وابن مسعود أنهما كانا يجعلان أمه عصبة وحدها فتعطى المال كله، فإن ماتت أمه قبله فماله لعصبتها، وبه قال جماعة منهم الحسن وابن سيرين ومكحول والثوري وأحمد في رواية، وجاء عن علي أن ابن الملاعنة ترثه أمه وإخوته منها، فإن فضل شيء، فهو لبيت المال وهذا قول زيد بن ثابت وجمهور العلماء، وأكثر فقهاء الأمصار قال مالك: وعلي هذا أدركت أهل العلم وأخرج عن الشعبي قال: بعث أهل الكوفة إلى الحجاز في زمن عثمان يسألون عن ميراث ابن الملاعنة فأخبروهم أنه لأمه وعصبتها، وجاء =

ص: 122

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

***

= عن ابن عباس عن علي أنه أعطى الملاعنة الميراث، وجعلها عصبة، قال ابن عبد البر: الرواية الأولى أشهر عند أهل الفرائض.

قلت (القائل الحافظ ابن حجر) : وقد جاء في المرفوع ما يقوي القول الأول، فأخرج أبو داود من رواية محول مرسلاً ومن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها، ولأصحاب السنن الأربعة عن واثلة رفعه "تحوز المرأة ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها التي لا عنت عليه".

وله شاهد من حديث ابن عمر عند ابن المنذر، ومن طريق داود بن أبي هند عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن رجل من أهل الشام أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى به لأمه، هي بمنزلة أبيه وأمه.

وفي رواية أن عبد الله بن عبيد كتب إلى صديق له من أهل المدينة يسأله عن ولد الملاعنة، فكتب إني سألت، فأخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى به لأمه، وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً.

وحجة الجمهور ما تقدم في اللعان أن في رواية فليح عن الزهري عن سهل في آخره: " فكانت السنة في الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض لها " أخرجه أبو داود (2252) ، وحديث ابن عباس " فهو لأول رجل ذكر " فإنه جعل ما فضل عن أهل الفرائض لعصبة الميت دون عصبة أمه، وإذا لم يكن لولد الملاعنة عصبة من قبل أبيه، فالمسلمون عصبة.

ص: 123

‌6- بَابُ الْعِدَّةِ

4289 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، «أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَتْ فِي خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى

(1)

. [1: 82]

(1)

إسناده صحيح، يزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن موهب، وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي، وابن ماجة، ومن فوقه ثقات على شرطهما.

وأخرجه أبو داود (2289) في الطلاق: باب في نفقة المبتوتة، عن يزيد بن خالد بن موهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/415-416، ومسلم (1480) (40) في الطلاق: باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها والطبراني 24/ (910) ، والبيهقي 7/432 من طرق عن الليث، به.

وأخرجه عبد الرزاق (12022) ، وأحمد 6/416، والطبراني 24/ (909) و (911)(912) ، والبيهقي 7/432 من طرق عن ابن شهاب، به.

ص: 124

‌ذِكْرُ الْعِلَّةَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أُمِرَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ بِالِانْتِقَالِ إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ

4290 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكَ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا:«لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ» ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ:«تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، فَاعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ حَيْثُ شِئْتِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» ، قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» ، قَالَتْ: فَكَرِهْتُ، ثُمَّ قَالَ:«انْكِحِي أُسَامَةَ» ، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ بِهِ

(1)

. [1: 28]

(1)

إسناده صحيح على شرطهما. وهو في " الموطأ " 2/580-581 في الطلاق: باب ما جاء في نفقة المطلقة.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في " المسند " 2/18-19 و54، و" الرسالة " فقرة (856) ، وأحمد 6/412، ومسلم (1480)(36) وأبو داود (2284)، والنسائي 6/75-76 في النكاح: باب إذا استشارت المرأة رجلاً فيمن يخطبها هل يخبرها بما يعلم، والطبراني 24/ (913) ، وابن =

ص: 125

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الجارود (760) والبيهقي 7/135 و177-178 و181 و432 و471، والبغوي (2385) . وانظر (4253) و (4254) .

وقولها: " البتة " قال القرطبي في " المفهم " فيما نقله عنه الزرقاني في " شرح الموطأ " 3/207: يعني بها آخرة الثلاث تطليقات كما جاء مفسراً في الرواية الأخرى - يعني في مسلم من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة عن فاطمة أن أبا عمرو طلقها آخر ثلاث تطليقات، قال: وليس المراد أنه طلق بلفظ " البتة " وإنما سمى آخرة الثلاث البتة، لأنها طلقة بتت العصمة حتي لم تبق منها شيئاً، ولما كملت هذه الطلقة الثلاثة، عبر عنها في بعض الروايات بالثلاث. يعني رواية مسلم من طريق الشعبي، قالت: طلقني بعلي ثلاثاً، قال: والرواية المفسرة قاضية على غيرها وهي الصحيحة.

واسم أم شريك غزِية، وقيل: غزَيلة وهي قرشية عامرية، وكانت كثيرة المعروف والنفقة في سبيل الله، والتضييف للغرباء من المهاجرين وغيرهم.

وقوله: " تضعين ثيابك حيث شئت " ولفظ مسلم " فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك " وأخذ منه جواز نظر المرأة من الرجل ما لا يجوز أن ينظر منها كرأسها وموضع الخصر منها. وانظر " تلخيص الحبير " 3/148، وأبو جهم: اسمه حذيفة القرشي العدوي، وهو صاحب الأنبجانية.

وقول: " فلا يضع عصاه عن عاتقه " فالعاتق: ما بين المنكب والعنق، أي: أنه كثير الأسفار، أو كثير الضرب للنساء، ورجح الثاني النووي والقرطبي، لقوله في رواية مسلم:" أما أبو جهم فضراب للنساء " وفي أخرى له: " وأبو الجهم فيه شدة على النساء أو يضرب النساء " أو نحو هذا.

وفيه: جواز المبالغة في الكلام واستعمال المجاز، وأنها ليست كذباً، ولا توجب الحنث في الأَيمان للعلم بأنه كان يضع العصا عن عاتقه في حال نومه وأكله وغيرهما، ولكنه لما كثر حمله للعصا، أطلق عليه هذا اللفظ مجازاً قال عياض وغيره.

وقولها: " فاغتبطت به " أي: حصل لي منه ما قرت به عيني، وما يغبط فيه، ويتمنى لقبولي نصيحة سيد أهل الفضل، وانقيادي لإشارته، فكانت عاقبته حميدة، في رواية لمسلم: فتزوجته، فشرفني الله بابن زيد، وكرمني الله بابن زيد.

ص: 126

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ إِثْبَاتِ السَّكَنِ لِلْمَبْتُوتَةِ

4291 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ

(1)

بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لَيْسَ لَهَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةٌ»

(2)

. [3: 66]

(1)

في الأصل: "أبو بكر بن إسماعيل"، وهو تحريف، والتصحيح من " التقاسيم " 3/لوحة 286.

(2)

عمرو بن العباس من رجال البخاري، وذكره المؤلف في " الثقات " وقال: ربما خالف، ومؤمَّل بن إسماعيل صدوق سيء الحفظ، روى له البخارى تعليقاً واحتج به الترمذي والنسائي وابن ماجة. ومن فوقهما ثقات على شرطهما، وقد تقدم الحديث من غير طريق مؤمل عن سفيان عند المؤلف، فانظر (4250) و (4251) .

وفي الحديث أن المطلقة ثلاثاً الحائل لا نفقة لها ولا سكنى، وهو قول علي وابن عباس وجابر وعطاء وطاووس والحسن وعكرمة وميمون بن مهران، وإسحاق وأبي ثور، وداود ورواية لأحمد.

وقال آخرون: لا نفقة لها، ولها السكني، لقوله تعالى:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} وهو قول عمر وابنه وابن مسعود وعائشة وفقهاء المدينة السبعة ومالك والشافعي.

وقال أكثر الفقهاء العراقيين: لها السكني والنفقة، وله قال ابن شبرمة، وابن أبي ليلي، والثوري، والحسن بن صالح، وأبو حنيفة وأصحابة والبتي والعنبريُّ، لأن ذلك يروى عن عمر، وابن مسعود، ولأنها مطلقة، فوجبت لها النفقةُ والسكني كالرجعية، وردوا خبر فاطمة بنت قيس بقول عمر فيما رواه مسلم (1480) (46) : لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لا ندري لعلها حَفظَت أو نسيت، لها السكنى والنفقة قال الله عز وجل:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} .

واجمع أهل العلم أنها إذا كانت حاملاً لها النفقة والسكني، انظر " المغني " 7/606.

ص: 127

‌ذِكْرُ وَصْفِ عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

4292 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بْنِ سِنَانَ، وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَتْهَا، أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ، فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ، فَقَتَلُوهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ، وَلَا نَفَقَةَ، فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ» ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، دَعَانِي، أَوْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَيْفَ قُلْتِ؟» ، قَالَتْ: فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي، فَقَالَ:«امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» ، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ

(1)

أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَاتَّبَعَهُ، وَقَضَى بِهِ

(2)

. [1: 82]

(1)

فى الأصل: " فيها "، وهو خطأ، والتصويب من " التقاسيم " 1/لوحة 551.

(2)

إسناده صحيح، زينب بنت كعب زوج أبي سعيد الخدري، روى عنها ابنا أخويها سعد بن إسحاق، وسليمان بن محمد، ووثقها المؤلف واحتج بها مالك، وذكرها ابن الأثير وابن فتحون في " الصحابة " وهو في " الموطأ " 2/591 فى الطلاق: باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل.

ومن طريق الإمام مالك أخرجه الشافعي في " الرسالة "(1214) ، =

ص: 128

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَى هَذَا الْخَبَرُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، «وَالْقَدُومُ: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ

(1)

، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي رُوِيَ فِي بَعْضُ الْأَخْبَارِ: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ اخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ» .

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاعْتِدَادِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي الْبَيْتِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُهُ

4293 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّتَهُ زَيْنَبَ، تُحَدِّثُ عَنْ فُرَيْعَةَ، أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمَدِينَةِ، وَأَنَّهُ تَبَعَ أَعْلَاجًا، فَقَتَلُوهُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتِ الْوَحْشَةِ، وَذَكَرَتْ

= و" المسند " 2/53-54، والدارمي 2/168، وأبو داود (2300) في الطلاق: باب في المتوفى عنها تنتقل، والترمذي (1204) في الطلاق: باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها، والنسائي في التفسير كما في " التحفة " 12/475، وابن سعد 8/368 (وقد سقط من سنده في المطبوع: عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجرة) ، والبيهقي 7/434، والبغوي (2386) . وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 6/370 و420-421، والترمذي بعد الحديث (1204)، والنسائي 6/199 و199-200 و200 في الطلاق: باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل، وابن ماجة (2031) في الطلاق: باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها، وابن سعد 8/368، وابن الجارود (759) ، والبيهقي 7/434 و435 من طرق عن سعد بن إسحاق، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 2/208 ووافقه الذهبي.

(1)

قال ابن الأثير: القدوم: هو بالتخفيف والتشديد: موضع على ستة أميال من المدينة.

ص: 129

أَنَّهَا فِي مَنْزِلٍ لَيْسَ لَهَا، وَأَنَّهَا اسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ تَأْتِيَ إِخْوَتَهَا بِالْمَدِينَةِ، فَأَذِنَ لَهَا، ثُمَّ أَعَادَهَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا:«امْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»

(1)

. [1: 82]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ انْقِضَاءَ عِدَّةِ الْحَامِلِ وَضْعُهَا حَمْلَهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ

4294 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ، بِحِمْصَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ

(2)

بْنُ عُبَيْدٍ الْمَذْحِجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ، كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيَّ

(3)

: أَنِ ادْخُلْ

(4)

عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ، فَاسْأَلْهَا عَمَّا أَفْتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَمْلِهَا، قَالَ: فَدَخَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَوَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ وَفَاةِ بَعْلِهَا، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا، دَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَرَآهَا مُتَجَمِّلَةً،

(1)

إسناده صحيح. وأخرجه أبو داود الطيالسي (1664) عن شعبة، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

(2)

من قوله: " ابن عبيد الله " إلي هنا سقط من الأصل، واستدرك من " التقاسيم " 3/لوحة 261.

(3)

فى الأصل: " الزبيري " وهو تحريف، والتصويب من " التقاسيم ".

(4)

فى الأصل: أنه أدخل، وهو خطأ والتصويب من " التقاسيم ".

ص: 130

فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ النِّكَاحَ قَبْلَ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، قَالَتْ: فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ أَبِي السَّنَابِلِ، جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثْتُهُ، وَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ حَلَلْتِ حِينَ وَضَعْتِ حَمْلَكِ»

(1)

. [3: 65]

(1)

إسناده صحيح، كثير بن عبيد ثقة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. محمد بن حرب: هو الخولاني الحمصي، والزبيدي: هو محمد بن الوليد بن عامر الحمصي القاضي.

وأخرجه النسائي 6/196 في الطلاق: باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، عن كثير بن عبيد، بهذا الإسناد.

وحديث سبيعة أخرجه من طرق وبألفاظ مختلفة: مالك 2/590 في الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً، وعبد الرزاق (11722) ، وأحمد 6/432، والبخاري (5319) و (5320) في الطلاق: باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، ومسلم (1484) في الطلاق: باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، وغيرها، بوضع الحمل، وأبو داود (2306) في الطلاق: باب في عدة الحامل، والنسائي 6/194-195 و195-196، وابن ماجة (2028) في الطلاق: باب الحامل المتوفى عنها زوجها، والطبراني 24/ (745) و (746) و (747) و (748) و (749) و (750) ، والبيهقي 7/428- 429، والبغوي (2388) .

وقوله: " تعلّت " قال الزمخشري في " الفائق " 3/24: أي: قامت وارتفعت، قال جرير:

فلا حملت بعد الفرزدق حرة

ولا ذات بعل من نفاس تعلت

ويحتمل أن يكون المعنى: سَلمت وصحت، وأصله: تعللت مطاوع علَّها الله: أي: أزال علَّتها، كفزَّعه، وجلَّد البعير، ففعل به ما فعل بـ " تَقَضض البازي، وتظّننت ".

وقال ابن الأثير: ويروى تعالت: أي: ارتفعت وطهرت، ويجوز أن يكون من قولهم: تعلَّى الرجل من علته: إذا برأ، أي: خرجت من نفاسها وسملت.

ص: 131

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْعِدَّةِ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

4295 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا

(1)

الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ امْرَأَةٍ وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«آخِرَ الْأَجَلَيْنِ» ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقُلْتُ: أَمَا قَالَ اللَّهُ: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي» - يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ - فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُرَيْبًا إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَسْأَلَهُنَّ، هَلْ سَمِعْتُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ سُنَّةً؟، فَأَرْسَلْنَ إِلَيْهِ «أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»

(2)

. [5: 36]

(1)

من قوله: " حدثنا عبد الرحمن " إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من " موارد الظمآن " ص 323.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم ثقة من رجال البخاري، ومن فوقه ثقات على شرطهما، وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، يحيي: هو ابن أبي كثير.

وأخرجه البخاري (4909) في التفسير: باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} عن سعد بن حفص، حدثنا شيبان، عن يحيي، قال: أخبرني أبو سلمة، قال: جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده، فقال: أفتني في امرأةٍ ولدت بعد زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرَ الأجلين، قلت أنا:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي -يعني أبا سلمة-، فأرسل ابن عباس غلامه كريباً إلي أم سلمة يسألها، فقالت: قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلي، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة، فخطبت، فأنكحها رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أبو السنابل فيمن خطبها.

ص: 132

‌ذِكْرُ وَصْفِ عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ

4296 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تَنْفَسُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:«آخِرَ الْأَجَلَيْنِ» ، وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: إِذَا نُفِسَتْ فَقَدْ حَلَّتْ، قَالَ: فَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي - يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ - فَبَعَثُوا كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمْ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا قَالَتْ: وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا:«قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي»

(1)

. [1: 82]

(1)

إسناده صحيح على شرطهما. وهو في " الموطأ " 2/590 في الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/52، والنسائى 6/193 في الطلاق: باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، والطبراني في " الكبير " 23/ (573) .

وأخرجه عبد الرزاق (11724) عن مالك مختصراً.

وأخرجه أحمد 6/314، والدارمي 2/165-166، ومسلم (1485) في الطلاق: باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل، والترمذي (1194) في الطلاق: باب ما جاء في الحامل المتوفَّى عنها زوجها تضع، والنسائي 6/192 و193، وابن الجارود (762) من طرق عن يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد، نحوه.

ص: 133

‌ذِكْرُ الْقَدْرِ الَّذِي وَضَعَتْ فِيهِ سُبَيْعَةُ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا

4297 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«آخِرُ الْأَجَلَيْنِ» ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:«إِذَا وَلَدَتْ فَقَدْ حَلَّتْ» ، فَدَخَلَ أَبُو سَلَمَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ، فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا شَابٌّ، وَالْآخَرُ كَهْلٌ، فَحَطَّتْ

(1)

إِلَى الشَّابِّ، فَقَالَ الْكَهْلُ: لَمْ تَحْلُلْ، وَكَانَ أَهْلُهَا غَيْبًا

(2)

، وَرَجَا إِذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ»

(3)

. [1: 82]

(1)

أي: مالت ونزلت بقلبها، وجاء فى هامش الأصل " في نسخة: فحنت "، وفي " التقاسيم " 1/لوحة 552: فحظبت.

(2)

فى الأصل: " غيب " والتصحيح من " الموطأ " وفى " التقاسيم " وإن أهلها غيب، وغيب: جمع غائب كخدم وخادم.

(3)

إسناده صحيح على شرطهما. وهو في " الموطأ " 2/589.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/52، وأحمد 6/319-320، والنسائي 6/191-192، والطبراني 23/ (547) .

وأخرجه الطيالسي (1593) ، وأحمد 6/311-312، والنسائي 6/191 والطبراني 23/ (546) من طريق شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، بهذا الإسناد.

ص: 134

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْأَةِ الْحَامِلِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ وَضْعِهَا حَمْلَهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ

4298 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: وَضَعَتْ سُبَيْعَةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَيَّامٍ قَلَائِلَ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي النِّكَاحِ، «فَأَذِنَ لَهَا»

(1)

. [4: 28]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ وَضْعِهَا الْحَمْلَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ

4299 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا

(1)

إسناده صحيح على شرطهما. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير،

وعاصم بن عمر: هو عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي.

وأخرجه الطبراني في " الكبير " 20/ (9) و (10) من طريقين عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه مالك 2/590 في الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً، ومن طريقه الشافعي 2/52-53، وأحمد 4/327 والبخاري (5320) في الطلاق: باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، والنسائي 6/190 في الطلاق: باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، والبيهقي 7/428، والبغوي (2387) عن هشام، به.

وأخرجه عبد الرزاق (11734) ، والنسائي 6/190، والطبراني 20/ (5) و (6) و (7) و (8) و (11)، وابن ماجة (2029) في الطلاق: باب الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حلت للأزواج، والبيهقي 7/428 من طرق عن هشام، به.

ص: 135

جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي السَّنَابِلِ قَالَ: وَضَعَتْ سُبَيْعَةُ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمَّا وَضَعَتْ تَشَوَّفَتِ الْأَزْوَاجَ، فَعِيبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«وَمَا يَمْنَعُهَا وَقَدِ انْقَضَى أَجَلُهَا»

(1)

. [3: 10]

‌ذِكْرُ وَصْفِ عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا

4300 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا

(2)

أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ،

(1)

رجاله ثقات رجال الشيخين إلى أبي السنابل، وهو صحابي من مسلمة الفتح، أخرج حديثه الترمذي والنسائي وابن ماجة، لكن الأسود لا يعرف له سماع من أبي السنابل.

وأخرجه النسائي 6/190-191 في الطلاق: باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، والطبراني 22/ (899) من طريقين عن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/304-305 و305، والدارمي 2/166، والترمذي (1193) فى الطلاق: باب ما جاء في الحامل المتوفى عنها زوجها تضع، وابن ماجة (2027) في الطلاق: باب الحامل المتوفى عنها زوجها، إذا وضعت حلت للأزواج، والطبراني 22/ (896) و (797) و (798) و (900) من طرق عن منصور، به.

قال الترمذي: حديث أبي السنابل حديث مشهور من هذا الوجه، ولا نعرف للأسود سماعاً من أبي السنابل، وسمعت محمداً (يعني البخاري) يقول: لا أعرف أن أبا السنابل عاش بَعْد النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: " تشوفت " أي: تزينت وتطلبت الأزواج.

(2)

قوله: " أبو يعلى حدثنا " سقط من الأصل، واستدرك من " الموارد " ص 324.

ص: 136

عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَا تُلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم: «عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا»

(1)

. [5: 36]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، فَمَرَّةً يُحَدِّثُ عَنْ هَذَا، وَأُخْرَى عَنْ ذَلِكَ.

7-

فَصْلٌ فِي إِحْدَادِ الْمُعْتَدَّةِ

4301 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ

(1)

إسناده حسن، مطر: هو ابن طهمان الورَّاق، وهو صدوق حسن الحديث، روى له البخاري تعليقاً ومسلم في المتابعات، وباقي السند ثقات على شرط الشيخين غير رجاء بن حيوه، فمن شرط مسلم. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وسماعه من سعيد -وهو ابن أبي عَروبة- قبل أن يختلط.

وهو في " مسند أبي يعلى " 2/ورقة 343/أ، وليس فيه كلمة " زوجها ". وهو أيضاً في " مصنف ابن أبي شيبة " 5/162.

وأخرجه ابن الجارود (769) عن محمد بن يحيي، عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2308) في الطلاق: باب في عدة أم الولد، والحاكم 2/209 والدارقطني 3/309 من طريقين عن عبد الأعلى، به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي!

وأخرجه أبو داود (2308)، وابن ماجة (2083) في الطلاق: باب عدة أم الولد، والدارقطني 3/309، والبيهقي 7/447-448 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن رجاء بن حيوة به.

وأخرجه أحمد 4/203، والدارقطني 3/309، والبيهقي 7/447-448 من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن رجاء بن حيوة، به.

ص: 137

الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى هَالِكٍ أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تَحُدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»

(1)

. [4: 12]

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْإِحْدَادِ لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا

4302 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمَ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»

(2)

. [1: 82]

(1)

إسناده صحيح على شرطهما. وانظر (4302) و (4303) .

قال ابن بطال: الإحداد: امتناع المرأة المتوفى عنها زوجها من الزينة كلها من لباس وطيب وغيرهما وكل ما كان من دواعي الجماع.

وقال أيضاً: أباح الشارعُ للمرأة أن تحد علي غير الزوج ثلاثة أيام لما يغلب من لوعة الحزن، ويهجم من ألم الوجد، وليس ذلك واجباً، للاتفاق علي أن الزوج لو طالبها بالجماع، لم يحل لها منعه من تلك الحالة.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، صفيه بنت أبي عبيد: هي زوج عبد الله بن عمر وأخت المختار بن أبي عبيد الثقفي، ثقة روى لها البخاري تعليقاً، ومسلم، وباقي السند على شرطهما، وهو في " الموطأ " 2/598 في الطلاق: باب ما جاء في الإحداد.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/61، وأحمد 6/286. =

ص: 138

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ تَحُدَّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ الثَّلَاثِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ خَلَا الزَّوْجِ

4303 -

أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ»

(1)

. [2: 6]

= وأخرجه أحمد 6/286-287، ومسلم (1490) (63) في الطلاق: باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة

، والطحاوي 3/76 والبيهقي 7/438 من طرق عن نافع، به، ولم يذكروا فيه " أربعة أشهر وعشراً ".

وأخرجه أحمد 6/286، وابن أبي شيبة 5/280، ومسلم (1490)(64)، والنسائي 6/189 في الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها (وقد سقط من المطبوع منه: يحيي بن سعيد من بين عبد الوهاب ونافع)، وابن ماجة (2086) في الطلاق: باب هل تحد المرأة على غير زوجها، والبيهقي 7/438 من طريقين عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، عن حفصة.

وأخرجه أحمد 6/184 من طريق ورقاء، عن عبد الله بن دينار، قال: سمعت صفية تقول: قالت عائشة أو حفصة أو هما تقولان.

وأخرجه مسلم (1490) من طريقين عن نافع، عن صفية، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 6/37 وابن أبي شيبة 5/279، ومسلم (1491) والنسائي في " الكبرى " كما في " التحفة " 12/38، وابن ماجة (2085) ، والطحاوي 3/75، وابن الجاورد (764) ، والبيهقي 7/438 من طريق سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/167 من طريق سليمان بن كثير، عن الزهري، به.

ص: 139

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْإِحْدَادِ الَّذِي تَسْتَعْمِلُ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا

4304 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثِ، قَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبِ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ، أَوْ غَيْرُهُ، فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِهِ بَطْنَهَا

(1)

، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» وَقَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَدَعَتْ بِطِيبٍ، فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» .

4304 -

قَالَتْ زَيْنَبُ: وَسَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا

(1)

كذا في رواية أبي مصعب أحمد بن أبي بكر عن مالك " بطنها "، ورواه سائر رواة " الموطأ " بلفظ " عارضيها ".

ص: 140

زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَاهَا فَنُكَحِّلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا» ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لَا، إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ.

(1)

. [2: 6]

(1)

من قوله " لا مرتين

" هنا، استدرك من " التقاسيم " 2/لوحة 92 وقد وقع في الأصل من هذا الموضع خرم يقدر بعشر ورقات كما أثبت فى هامش الورقة 230 منه وهذا النقص يشمل حسب الفهرس الذي وضعه صاحب الترتيب في أول الكتاب شيئاً من باب العدة، وباب صحبة المماليك، وشيئاً من أول باب إعتاق الشريك.

وقد اعتمدنا فىٍ إثبات ما أمكن تداركه من الأحاديث التي في هذا الخرم على " التقاسيم والأنواع " و" موارد الظمآن " ولعلنا بمعونة الله وتوفيقه نتمكن في المستقبل من العثور على هذه الورقات فنثبتها بتمامها في الطبعات القادمة.

والحديث إسناده صحيح على شرطهما. وهو في " الموطأ " 2/596-598 في الطلاق: باب ما جاء في الإحداد.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/61-62، وعبد الرزاق (12130)، والبخاري (5334) و (5335) و (5336) في الطلاق: باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشراً، ومسلم (1486) و (1487) و (1489) فى الطلاق: باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، وتحريمه فى غير ذلك إلا ثلاثة أيام، وأبو داود (2299) فى الطلاق: باب إحداد المتوفي عنها زوجها، والترمذي (1195) و (1196) و (1197) في الطلاق: باب ما جاء في عدة المتوفى عنها زوجها، والنسائي 6/201-202 في الطلاق: باب ترك الزينة للحادة المسلمة دون اليهودية والنصرانية، والبيهقي 7/437، والبغوي (2389) .

وأخرجه من طريق مالك مقطعاً أحمد 6/324 و325، والبخاري (1281) و (1282) في الجنائز: باب إحداد المرأة على غير زوجها، والطبراني في " الكبير " 23/ (420) و (812) .

وأخرجه البخاري (5345) في الطلاق: باب {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا.. -إلى قوله- بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} والطبراني 23/ (421) من طريق =

ص: 141

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْأَةِ فِي الْإِحْدَادِ أَنْ تَمَسَّ الطِّيبَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ دُونَ بَعْضٍ

(1)

4305 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تَحُدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، لَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا إِلَّا عِنْدَ أَدْنَى

= محمد بن كثير، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي بكر، بهذا الإسناد بقصة أم حبيبة.

وأخرجه مقطعاً أحمد 6/291-292 و311، والحميدي (304) و (306) ، والدارمي 2/167، والبخاري (1280) في الجنائز: باب إحداد المرأة على غير زوجها، والبخاري (5338) و (5339) في الطلاق: باب الكحل للحادة، و (5706) في الطب: باب الإثمد والكحل من الرَّمَد، ومسلم (1486)(59) و (61) و (62)، والنسائي 6/188 في الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها، و6/205 و206 باب النهى عن الكحل للحادة، وابن ماجة (2084) في الطلاق: باب كراهية الزينة للمتوفى عنها زوجها، والطبراني 23/ (422) و (423) و (424) و (425) و (426) و (427) و (813) و (815) و (816) و (817) ، وابن الجارود (765) و (768) ، والبيهقي 7/437 و439 من طرق عن حميد بن نافع، به.

قوله: " وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول " قال البغوي: ومعني رميها بالبعرة: كأنها تقول: كان جلوسها في البيت، وحبسها نفسها سنة على زوجها أهون عليها من رمي هذه البعرة، أو هو يسير في جنب ما يجب في حق الزوج.

(1)

من " التقاسيم والأنواع " 2/لوحة 92.

ص: 142

طُهْرِهَا إِذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ مَحِيضِهَا نُبْذَةَ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ»

(1)

. [2: 6]

(1)

إسناده صحيح على شرطهما. هشام: هو ابن حسان القردوسي. وأخرجه أحمد 5/85 ومسلم 2/1128 (66) في الطلاق باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، وتحريمه في غير ذلك، إلا ثلاثة أيام وأبو داود (2303) في الطلاق: باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها، والطبراني 25/ (140) ، والبيهقي 7/439 من طرق عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/408، والدارمي 2/167-168، وابن أبي شيبة 5/280-281، والبخاري (5342) في الطلاق: باب تلبس الحادة ثياب العصب، ومسلم 2/ (66)، وأبو داود (2302) والنسائي 6/202-203 في الطلاق: باب ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة وابن ماجة (2087) في الطلاق: باب هل تحد المرأة على غير زوجها، والطبراني 25/ (139) و (141) ، وابن الجارود (766) ، والبيهقي 7/439، والبغوي (2390) من طرق عن هشام بن حسان، به.

وعلقه البخاري (5343) عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن هشام، به نحوه.

وأخرجه البخاري (313) في الحيض: باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض، و (5341) في الطلاق: باب القسط للحادة عند الطهر، ومسلم 2/1128 (67) ، والطبراني 25/ (137) ، والبيهقي 7/440 من طريق حماد ابن زيد، عن أيوب، والنسائي 6/204 باب الخضاب للحادة، من طريق سفيان، عن عاصم، كلاهما عن حفصة، به. ورواية أيوب بلفظ: كنا ننهى أن نحد على ميّت....

وقوله: " إلا ثوب عَصْب " العصب بعين مفتوحة ثم صاد ساكنة: وهي برود اليمن يعصب غزلها، أي: يربط ثم يصبغ، ثم ينسج معصوباً، فيخرج موشى لبقاء ما عصب به أبيض لم ينصبغ.

وقوله: " نبذه قسط " النبذة: القطعة والشيء اليسير، والقسط والأظفار: نوعان معروفان من البخور، وليسا من مقصود الطيب، رخص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة تتبع به أثر الدم، لا للتطيب، والمقصود من التطيب بهما: أن يخلطا في أجزاء من غيرهما، ثم تسحق فتصير طيباً.

ص: 143

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ تَلْبَسَ الْمُعْتَدَّةُ الْحُلِيَّ، أَوْ تَخْتَضِبَ

(1)

4306 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ

(2)

، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي بُدَيْلٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ

(3)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ»

(4)

. [2: 6]

(1)

من " التقاسيم والأنواع " 2/لوحة 92.

(2)

في أصل " التقاسيم ": " كثير " وهو تحريف، وقد جاءت على الصواب في هامشه، وهو كذلك في " مسند أبي يعلي ".

(3)

في الأصل و" الموارد " ص 322: أم سليم، وهو خطأ من النساخ، والتصويب من " مسند أبي يعلي " ومصادر الحديث.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم، بديل: هو ابن ميسرة العقيلي البصري، ثقة من رجال مسلم، وباقي السند ثقات على شرط الشيخين، وهو في " مسند أبي يعلي "(7012) .

وأخرجه أبو داود (2304) في الطلاق: باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها، عن أبي خيثمة زهير بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/302 والنسائي 6/203-204 في الطلاق: باب ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة، وابن الجارود (767) والبيهقي 7/440 من طريق يحيي بن أبي بكير به.

وأخرجه عبد الرزاق (12114) عن معمر، عن بديل العقيلي عن الحسن بن مسلم، عن صفية بنت شيبة، عن أم سلمة، موقوفاً، ومن طريقه أخرجه البيهقي 7/440.

وأخرجه الطبراني 23/ (838) من طريق سفيان، عن معمر، به.

قوله: "الممشقة ": المشق بالكسر: المغرة، وهو لون ليس بناصع الحمرة، أو شقرة بكدرة، وثوب ممشق: مصبوغ به.

ص: 144

‌كتاب العتق

‌مدخل

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُعْتِقُ مِنَ النَّارِ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً، كُلُّ عُضْوٍ منه بعضو منها

17-

كِتَابُ الْعِتْقِ

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُعْتِقُ مِنَ النَّارِ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً، كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ بِعُضْوٍ مِنْهَا1

4307 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ جُوصَا أَبُو الْحَسَنِ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ2 الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا بِأَرِيحَا، فَمَرَّ بِي وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، فَأَجْلَسَهُ، ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا حَدَّثَنِي بِهِ هَذَا الشَّيْخُ -يَعْنِي وَاثِلَةَ-، قُلْتُ: مَا حَدَّثَكَ؟ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي3 سُلَيْمٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً، يعتق

1 من "التقاسيم والأنواع" 1/لوحة 225.

2 في الأصل: "سلام"، وهو خطأ، والتصويب من "الموارد" ص293 ومصادر الحديث.

3 لفظة "بني" ليست في "التقاسيم" وأثبتها من "الموارد".

ص: 145

اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ" 1

اسْمُ أَبِي عَبْلَةَ: شِمْرُ بْنُ يَقْظَانَ بن عامر بن عبد الله.

1 إسناده صحيح. عبد الله بن الدليمي: هو عبد الله بن فيروز الديلمي، كان يسكن بيت المقدس، وثقه ابن معين والعجلي، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/23.

وأخرجه النسائي في العتق من "الكبرى" كما في "التحفة" 9/79، والحاكم 2/212 من طريقين عن عبد الله بن يوسف، بهذا الإسناد. إلا أن المزي أورد هذا الحديث مع قصته تحت ترجمة الغريف بن عيَّاش بن فيروز الديلمي وهو ابن أخي عبد الله. وأخطأ الحاكم فقال: إن الغريف هو عبد الله والغريف لقب له، ولم يتابع.

وأخرجه أحمد 3/490-191 و4/107، وأبو داود "3964" في العتق: باب في ثواب العتق، والنسائي في "الكبرى"، والطبراني في "الكبير" 22/"218" و"219" و"220" و"221"، والحاكم 2/212، والبيهقي 8/132-133 و133 من طرق عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن الغريف بن عياش بن فيروز الديلمي، عن واثلة، بقصة العتق. والغريف بن عياش ترجمته في "التهذيب" فقال: الغريف بن عياش بن فيروز الديلمي، ابن أخي الضحاك بن فيروز، وقد ينسب إلى جده، روى عن جده فيروز، وفي "الثقات" 5/294 وقال: من أهل الشام.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" من طريق مالك بن مهران الدمشقي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن رجل قال: قلنا لواثلة

فذكر نحوه.

وأخرجه الحاكم 2/212-213 من طريق أيوب بن سويد، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن عبد الأعلى بن الديلمي، عن واثلة، وزعم الحاكم أن عبد الأعلى هذا هو عبد الله بن الديلمي.

قوله: "قد أوجب": يعني: استحق النار بالقتل، كما جاء مبيناً عند أبي داود والبيهقي.

ص: 146

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفَضْلِ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَتِ الرَّقَبَةُ مُؤْمِنَةً1

4308 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ صَالِحَ بْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ نَابِلًا صَاحِبَ الْعَبَاءِ حَدَّثَهُ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ من النار"2.

1 من "التقاسيم والأنواع" 1/لوحة 225-226.

2 حديث صحيح. صالح بن عبيد روى عنه اثنان، وذكره المؤلف في الثقات، ونابل صاحب العباء، قال النسائي: ليس بالمشهور وقال في موضع آخر: ثقة، وقال البرقاني: قلت للدارقطني: نابل صاحب العباء ثقة؟ فأشار بيده أن لا، وذكره المؤلف في "الثقات"، ووثقه الذهبي في "الكاشف" وقد توبع هو والذي قبله، وباقي السند رجاله ثقات.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار""724" عن يونس، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/420 و422 و429 و430-431 و525، والبخاري "2517" في العتق: باب في العتق وفضله، و"6715" في كفارات الأيمان: باب قول الله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ، ومسلم "1509" في العتق: باب فضل العتق: والترمذي "1541" في النذور والأيمان: باب ما جاء في ثواب من أعتق رقبة، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 9/505، وابن الجارود "968"، والبيهقي 10/271 و272 من طرق عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة.

ص: 147

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفَضْلِ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ الْمُعْتَقُ وَالْمُعْتَقَةُ جَمِيعًا مُسْلِمَيْنِ

1

4309 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَدِيٍّ بِنَسَا، قَالَ: حدثنا

1 من "التقاسيم والأنواع" 1/لوحة 226.

ص: 147

حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَاصَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الطَّائِفَ، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"أَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا، فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا جَاعِلٌ وِقَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهِ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ مِنَ النَّارِ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسْلَمَةٍ أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مَسْلَمَةً فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا جَاعِلٌ وِقَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِهَا مِنَ النَّارِ" 1

قَالَ الشَّيْخُ: أَبُو نجيح: هو عمرو بن عبسة.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم غير حميد بن زنجوية، وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.

وأخرجه الطيالسي "1154"، وأحمد 4/113 و384، وأبو داود "3965" في العتق: باب أي الرقاب أفضل، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 8/163، والبيهقي 10/272 من طريق هشام الدستوائي، بهذا الإسناد، وبعضهم يزيد فيه على بعض.

وأخرجه بنحوه أحمد 4/113 و386، وأبو داود "3966"، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 8/160 و165، والبيهقي 10/272 من طرق عن عمرو بن عبسة.

ص: 148

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ خَيْرَ الرِّقَابِ وَأَفْضَلَهَا مَا كان ثمنها أعلا

1

4310 -

أخبرنا بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قال:

1 من "التقاسيم والأنواع" 1/لوحة 226.

ص: 148

حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:"الْإِيمَانُ بِاللَّهِ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ". قَالَ: قلتك أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا". قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: "تُعِينُ ضَعِيفًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ" قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ؟ قَالَ: "تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ صدقة منك على نفسك" 1

عِتْقُ الْعَبْدِ الْمُتَزَوِّجِ قَبْلَ زَوْجَتِهِ2

4311 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهَا غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ زَوْجٌ، فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْتِقَهُمَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أن أعتقتيهما، فابدئي بالغلام قبل الجارية" 3

1 إسناده قوي على شرط مسلم. وانظر "152".

وأخرجه ابن ماجة "2523" في العتق: باب العتق، من طريق أبي معاوية، عن هشام بن عروة، به مختصراً بقصة الرقاب.

2 من "موارد الظمآن" ص294.

3 عبيد الله بن وهب: هو عبيدُ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وهب، اختلف قول ابن معين فيه، فمرة قال: ضعيف، ومرة قال: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال يعقوب بن شيبة: عبيد الله بن موهب عن القاسم فيه ضعف، وكان ابن عيينة يضعفه، وقال العجلي: ثقة، وقال النسائي: ليس. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 149

‌عِتْقُ الْعَبْدِ الْمُتَزَوِّجِ قَبْلَ زَوْجَتِهِ2

4311 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهَا غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ زَوْجٌ، فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْتِقَهُمَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أن أعتقتيهما، فابدئي بالغلام قبل الجارية"3.

2 من "موارد الظمآن" ص294.

3 عبيد الله بن وهب: هو عبيدُ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وهب، اختلف قول ابن معين فيه، فمرة قال: ضعيف، ومرة قال: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال يعقوب بن شيبة: عبيد الله بن موهب عن القاسم فيه ضعف، وكان ابن عيينة يضعفه، وقال العجلي: ثقة، وقال النسائي: ليس==

ص: 149

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بذاك القوي، وقال ابن عدي: حسن الحديث يكتب حديثه، وذكره المؤلف في "الثقات" وباقي السند ثقات.

وأخرجه الدارقطني 3/288 من طريق محمد بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في العتق كما في "التحفة" 12/280، وابن ماجة "2532" في العتق: باب من أراد عتق رجل وامرأته فليبدأ بالرجل، عن محمد بن بشار، عن حمادة بن مسعدة، به.

وأخرجه النسائي عن إسحاق بن إبراهيم، عن حمادة بن مسعدة، عن ابن موهب عن القاسم قال: كان لعائشة غلام وجارية

فذكره، ولم يقل:"عن عائشة".

وأخرجه أبو داود "2237" في الطلاق: باب في المملوكين يعتقان معاً هل تخير امرأته؟ وابن ماجة "2532"، والعقيلي في "الضعفاء" 3/120، والدارقطني 3/288، والبيهقي 7/222 من طريق عبيد الله بن عبد المجيد، عن عبيد الله بن موهب، عن القاسم، عن عائشة. وقال العقيلي: لا يعرف الحديث إلا بعبيد الله بن موهب.

ص: 150

‌باب صحبة المماليك

‌ذكر أول من يدخل الجنة المملوك إذا أدى ما عليه من الحق

1-

بَابُ صُحْبَةِ الْمَمَالِيكِ

4312 -

أَخْبَرَنَا 1 عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَامِرٍ الْعُقَيْلِيِّ، أَنَّ أَبَاهُ 2 أَخْبَرَهُ

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الشَّهِيدُ، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَنَصَحَ لِسَيِّدِهِ، وَعَفِيفٌ متعفف ذو عيال" 3،4

1 هذا الحديث من "موارد الظمآن" ص293.

2 في "الموارد": أن أبا النضر. وعامر لم يرو عن غير أبيه، فلعل الصواب ما أثبته، والله أعلم.

3 في "الموارد": ذو غنى أو مال، ويغلب على الظن أنه تحريف، والمثبت من مصادر الحديث.

4 إسناده ضعيف، عامر العقيلي لم يرو عنه غير يحيى بن أبي كثير، ولم يوثقه غير المؤلف، وقال الذهبي: لا يعرف، وأبوه لا يعرف، قيل: اسمه عقبة، وقيل: عبد الله.

وأخرجه الحاكم 1/387 من طريق علي بن المديني، عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد، ولفظه:"عرض عليَّ أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار، فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِسَيِّدِهِ، وعفيف متعفف ذو عيال، وأما أول ثلاثة يدخلون النار فأمير مسلط، وذو ثروة من مال لا يؤدّي حق الله في ماله، وفقير فجور"، وقال:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 151

4313 -

أَخْبَرَنَا 1 أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، دثنا سُفْيَانُ -هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِ، عَنْ عَجْلَانَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ إِلَّا مَا يُطِيقُ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ، ولا تعذبوا عباد الله، خلقا أمثالكم" 2

=عامر بن شبيب االعقيلي شيخ من أهل المدينة مستقيم الحديث! وهذا أصل في هذا الباب تفرد به يحيى بن أبي كثير.

وأخرجه الطيالسي "2567"، وأحمد 2/425، والبيهقي 4/82 من طريق هشام الدستوائي، به.

وأخرجه الترمذي "1642" في فضائل الجهاد، باب ما جاء في ثواب الشهداء، عن محمد بن بشار، عن عثمان عن عمر، وأحمد 2/479، وابن أبي شيبة 5/296 كلاهما عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، به. وقال هذا حديث حسن.

1 من "موارد الظمآن" ص293.

2 إسناده حسن، محمد بن عجلان روى له البخاري تعليقاً ومسلم في الشواهد، واحتج به الباقون، وقد توبع، وعجلان: هو المدني مولى فاطمة بن عتبة والد محمد، قال النسائي: لا بأس به، واحتج به مسلم والأربعة، وروى له البخاري تعليقاً.

وأخرجه الشافعي 2/66، وأحمد 2/247، والبيهقي 8/6، والبغوي "2403" من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/342، والبخاري في "الأدب المفرد""192""193"، والبيهقي 8/8 من طريق محمد بن عجلان، به.

وأخرجه أحمد 2/247، ومسلم "1662" في الأيمان: باب إطعام المملوك مما يأكل

، من طريق عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، به.

وأخرجه الطيالسي "2369" عن ابن أبي ذئب، عن ابن عجلان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المملوك أخوك، فإذا صنع لك طعاماً، فأجلسه معك، فإن أبى فأطعمه، ولا تضربوا وجوههم".

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/980 في الاستئذان: باب الأمر بالرفق بالمملوك، بلاغاً عن أبي هريرة.

ص: 152

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأَجْرَ لِلْمُسْلِمِ بِتَخْفِيفِهِ عَنِ الْخَادِمِ عَمَلَهُ

1

4314 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا خَفَّفْتَ عَنْ خَادِمِكَ مِنْ عَمَلِهِ كَانَ لَكَ أَجْرًا في موازينك"2.

1 من "التقاسيم والأنواع" 1/لوحة 222.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم إلى عمرو بن حريث، وعمرو بن حريث تابعي ثقة ليست له رؤية كما جزم بذلك البخاري ويحيى بن معين وغيرهما، فالحديث مرسل، أبو هانئ: هو حميد بن هانئ، وعبد الله بن زيد: هو أبو عبد الرحمن المقرئ. وهو في "مسند أبي يعلى""1472".

وأخرجه أبو يعلى "1472" عن أحمد بن الدورقي، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/239 وقال: رواه أبو يعلى، وعمرو هذا، قال ابن معين: لم ير النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان كذلك فالحديث مرسل، ورجاله رجال الصحيح.

ص: 153

2-

‌ بَابُ: إِعْتَاقِ الشَّرِيكِ

‌ذِكْرُ الْحُكْمِ فِيمَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بَيْنَ شُرَكَاءَ فِي مَمْلُوكٍ لَهُمْ

4315 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَيُّمَا مَمْلُوكٍ كَانَ بَيْنَ شُرَكَاءَ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ فِي مَالِ الَّذِي أَعْتَقَ قِيمَةَ عَدْلٍ 1 فَيُعْتَقُ إِنْ بلغ ذلك ماله" 2

1 إلى هنا انتهى السقط من الأصل، واستدركت ما سقط من هذا الحديث من "التقاسيم" 3/لوحة 164.

2 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه مسلم "1501" في أول العتق، و3/1286 "49" في الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 6/200، والبيهقي 10/274-275 من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.

وعلقه البخاري بعد الحديث "2525" في العتق: باب إذا أعتق عبداً بين اثنين، عن الليث، عن نافع، عن ابن عمر.

ص: 154

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُعْتِقَ نَصِيبَهُ مِنْ مَمْلُوكِهِ إِذَا كَانَ مُعْدِمًا كَانَ نَصِيبُهُ الَّذِي أَعْتَقَ جَائِزًا عِتْقُهُ

4316 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَأَعْتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وإلا فقد عتق منه ما عتق" 1

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/772 في العتق: باب من أعتق شركاً له في مملوك.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/66، وأحمد 2/112 و156، والبخاري "2522" في العتق: باب إذا أعتق عبداً بين اثنين أو أمة بين الشركاء، ومسلم "1501" و3/1286 "47"، وأبو داود "3940" في العتق: باب فيمن روى أنه لا يستسعى، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 6/208، وابن ماجة "2528" في العتق: باب من أعتق عبداً واشترط خدمته، وابن الجارود "970"، والبيهقي 10/274، والبغوي "2421".

وأخرجه أحمد 2/2 و15 و77 و105 و142، والبخاري "2523" و"2524" و"2525"، ومسلم "1501" و3/1286 "48" و"49"، وأبو داود "3941" و"3942" و"3943" و"3944"، والترمذي "1386" في الأحكام: باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه، والنسائي 7/319 في البيوع: باب الشركة في الرقيق، والبيهقي 10/275 من طرق عن نافع، به.

وأخرجه أحمد 2/34، والبخاري "2521"، ومسلم 3/1287 "50" و"51"، وأبو داود "3946" و"3947"، والترمذي "1347"، والنسائي 7/319، والبيهقي 10/275 من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه.

ص: 155

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الشَّرِيكِ إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَالْمُعْتِقٌ مُعْدِمٌ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ قد عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ

4317 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى الْعَابِدُ بِصَيْدَا، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ فِيهِ شَرِيكٌ وَلَهُ وَفَاءٌ فَهُوَ حُرٌّ، وَيَضْمَنُ نَصِيبَ شُرَكَائِهِ بِقِيمَةِ عَدْلٍ لِمَا أَسَاءَ مُشَارَكَتَهُمْ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ" 1

أَبُو مُعَيْدٍ: هَذَا اسْمُهُ حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ الرُّعَيْنِيُّ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الشَّامِ وَفُقَهَائِهِمْ.

1 إسناده حسن في الشواهد. سليمان بن موسى الأموي مولاهم الدمشقي صدوق فقيه، وفي حديثه بعض لين، وقد خولط قبل موته بيسير.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/1117، ومن طريقه البيهقي 10/276 عن صالح بن عبد الله الهاشمي، عن محمود بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في العتق كما في "التحفة" 6/99، وابن عدي، والبيهقي 10/276 من طريقين، عن الوليد بن مسلم، به.

وقال النسائي: سليمان بن موسى ليس بذاك القوي في الحديث، ولا نعلم أحداً روى هذا الحديث عن عطاء غيره.

ص: 156

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ فِي نَصِيبِ الْمُعْتِقِ لِفَكِّ رَقَبَتِهِ

4318 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عروبة،

ص: 156

وَيَحْيَى بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَيُّمَا عَبْدٌ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غير مشقوق عليه" 1

1 إسناده صحيح. إبراهيم بن بشار حافظ له أوهام وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير يحيى بن صبيح، فإنه من رجال أبي داود، وهو صدوق.

وأخرجه أحمد 2/255 و426 و472، والبخاري "2492" في الشركة: باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل، و"2527" في العتق: باب إذا أعتق نصيباً في عبد

، ومسلم "1503" في العتق: باب ذكر سعاية العبد، و3/1287 "54" و"55" في الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، وأبو داود "3938" و"3939" في العتق: باب من ذكر السعاية في هذا الحديث، والترمذي "1348" في الأحكام: باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين

، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 9/304، وابن ماجة "2527" في العتق: باب من أعتق: باب من أعتق شركاً له في عبد، من طرق عن سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإسناد، وانظر لزاماً "فتح الباري" 5/157-160.

قال ابن الأثير في "النهاية" 2/370: استسعاء العبد إذا عتق بعضه ورق بعضه: هو أن يسعى في فكاك ما بقي من رقه، فيعمل ويكسب، ويصرف ثمنه إلى مولاه، فَسُمِّيَ تصرفُه في كسبه سعاية.

وقوله: غير مسقوق عليه: أي لا يكلفه فوق طاقته، وقيل: معناه استسعى العبد لسيده: أي يستخدمه مالك باقيه بقدر ما فيه من الرق، ولا يحمله ما لا يقدر عليه.

ص: 157

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يُسْتَسْعَى فِي نَصِيبِهِ الْمُعْتَقِ بَعْدَ أَنْ يُقَوَّمَ ثَمَنُهُ قِيمَةَ عَدْلٍ لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ

4319 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إسحاق بن

ص: 157

إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي مَمْلُوكٍ، فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ يُسْتَسْعَى فِي نَصِيبِ الَّذِي لم يعتق غير 1 مشقوق عليه" 2

1 في الأصل: غيره، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 165.

2 إسناده صحيح على شرطهما، وهو مكرر ما قبله والشِّقص: النصيبُ قليلاً كان أو كثيراً، ويقال له: الشقيص والشِّرك.

ص: 158

3-

‌ بَابُ: الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

‌ذِكْرُ مَا يُحْكَمُ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ

4320 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زريع، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ سِتَّةُ أَعْبُدٍ، فَأَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَرِهَهُ، وَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً 1

1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد فقد روى عنه البخاري فقط، والحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين، لكنه قد توبع.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/"334" عن معاذ بن المثنى، عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في العتق كما في "التحفة" 8/178 عن محمد بن عبد الله بن بزيع، عن يزيد بن زريع، به.

وأخرجه الطبراني 18/"335" من طريق أبي شهاب، عن يونس بن عبيد، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 159

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه عبد الرزاق "16763"، وأحمد 4/428 و430-431 و439 و440، وسعيد بن منصور في "سننه""408"، والنسائي 4/64 في الجنائز: باب الصلاة على من يحيف في وصيته، وفي العتق كما في "التحفة" 8/178، والطبراني 18/"301" و"303" و"304" و"305" و"342" و"351" و"357" و"358" و"359" و"361" و"365" و"368" و"393" و"403" و"404" و"405" و"406" و"408" و"412"، والبيهقي 10/286 من طرق عن الحسن، به. وفي رواية المبارك عن الحسن عند أحمد 4/440 ذكر تصريح الحسن بالتحديث ولا يصح، وهو وهم من المبارك. وانظر "4542" و"5052".

ص: 160

4-

‌ بَابُ: الْكِتَابَةِ

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ

4321 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْمَعُ مِنْكَ أَحَادِيثَ، أَفَتَأْذَنُ لَنَا أَنْ نَكْتُبَهَا؟ قَالَ:"نَعَمْ"، فَكَانَ أَوَّلُ مَا كَتَبَ كِتَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ:"لَا يَجُوزُ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَاحِدٍ، وَلَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ جَمِيعًا، وَلَا بَيْعُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَمَنْ كَانَ مُكَاتَبًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَضَاهَا إِلَّا عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، فَهُوَ عَبْدٌ، أَوْ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ، فَقَضَاهَا إِلَّا أُوقِيَّةً، فَهُوَ عَبْدٌ" 1

1 إسناده ضعيف، وهو حديث صحيح عطاء: هو الخراساني كما ورد مصرحاً به عند عبد الرزاق وهو صاحب أوهام كثيرة، وموصوف بالإرسال والتدليس، ولا يعرف له سماع من عبد الله بن عمرو، والوليد –وهو ابن مسلم- مدلس وقد عنعنه، وباقي رجال السند ثقات، عمرو بن عثمان: هو أبو حفص الحمصي.

وأخرجه النسائي في العتق كما في "التحفة" 6/362 عن عمرو بن عثمان، بهذا الإسناد، وقال: هذا الحديث منكر، وهو عندي خطأ، والله أعلم.

قال الزيلعي في "نصب الراية"4/143: واعلم أن النسائي وابن حبان لم ينسباه –أعني عطاء- وذكره ابن عساكر في "أطرافه" في ترجمة عطاء بن أبي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 161

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رباح "قلت: وكذا المزي ذكره في ترجمته" عن عبد الله بن عمرو، لم يذكر في كتابه لعطاء الخرساني عن عبد الله بن عمرو شيئاً، وكأنه وهم في ذلك، فقد ذكر عبد الحق أنه عطاء الخرساني، وهو جاء منسوباً في مصنف عبد الرزاق "5735" فقال: أخبرنا ابن جريج عن عطاء الخراساني، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. أي: قصة المكاتب.

وجاء في هامش الأصل الخطي لـ"موارد الظمآن" ما نصه: من خط شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر رحمه الله: هو في النوع "69" من القسم الثالث، وقد قال النسائي في العتق بعد أن أخرجه: عطاء هو الخرساني، ولم يسمع من عبد الله بن عمرو، ولا أعلم أحداً ذكر له سماعاً منه.

قلت: وقد أخرجه الحاكم 4/17 من طريق أبي الوليد الطيالسي، حدثنا يزيد بن زريع الرملي، حدثنا عطاء الخرساني، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو فذكره دون قوله: "ومن كان مكاتباً

".

وأخرجه بطوله البيهقي 10/324 من طريق هشام بن سليمان المخزومي، عن ابن جريج، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، لم يذكر فيه عطاء، وقال: كذا وجدته ولا أراه محفوظاً.

قلت: والإذن بكتابة الحديث لعبد الله بن عمرو أخرجه أحمد 2/207 و215، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" رقم "316" والخطيب في "تقييد العلم" ص77، وأبو زرعة في "تاريخ دمشق" من طريق محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

وأخرجه أحمد 2/163 و192، وأبو داود "3646"، والدارمي 1/125، والحاكم 1/105-106 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عبد الله بن الأخنس، عن الوليد بن أبي عبد الله بن أبي مغيث، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو وهذا إسناد صحيح.

وقوله: "ولا يجوز شرطان في بيع، ولا بيع وسلف جميعاً، ولا بيع ما لم يضمن".

وأخرجه أحمد 2/174 و179 و205، والطيالسي "2257"، وأبو داود "3504"، والترمذي "1234"، والنسائي 7/288 و295، والدارمي 2/253، والطحاوي 4/46، وابن الجارود "601"، والدارقطني 3/74-75 من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، وهذا سند حسن، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم 2/17، ووافقه الذهبي.

وقوله: "ومن كان مكاتباً

" أخرجه من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، وأحمد 2/178 و184 و206 و209، وأبو داود "3926" و"3927"، والترمذي "1234"، وابن ماجة "2519"، والبيهقي 10/324.

ص: 162

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُكَاتِبَةَ عَلَيْهَا أَنْ تَحْتَجِبَ

عَنْ مُكَاتِبِهَا إِذَا عَلِمَتْ أَنَّ عِنْدَهُ الْوَفَاءُ لما كوتب عليه

4322 -

أخبرنا بن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى، أخبرنا بن وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي نَبْهَانُ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَاتَبَتْهُ، فَبَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ. قَالَ نَبْهَانُ: كُنْتُ أَمْسِكُهَا لِكَيْ لَا تَحْتَجِبَ عَنِّي أُمُّ سَلَمَةَ، قَالَ: فَحَجَجْتُ، فَرَأَيْتُهَا بِالْبَيْدَاءِ، فَقَالَتْ لِي: مَنْ ذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا أَبُو يَحْيَى: فَقَالَتْ لِي: أَيْ بُنَيَّ، تَدْعُو إِلَيَّ ابْنَ أَخِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، وَتُعْطِي فِي نِكَاحِهِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ، وَأَنَا أَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ. قَالَ: فَبَكَيْتُ وَصِحْتُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَدْفَعُهَا إِلَيْهِ أَبَدًا، فَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا كَانَ عِنْدَ مُكَاتَبِ إِحْدَاكُنَّ مَا يَقْضِي عَنْهُ، فَاحْتَجِبِي" فَوَاللَّهِ لَا تراني إلا أن تراني في الآخرة 1.

1 نبهان مولى أم سلمة مجهول لم يوثقه غير المؤلف، ومع ذلك، فقد قال الترمذي عن حديثه هذا: حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!

وأخرجه الشافعي 2/44-45 "بترتيب الساعاتي"، وعبد الرزاق "15729"، وأحمد 6/289 و308 و311، والحميدي "289"، وأبو داود "3928" في العتق: باب في المكاتب يؤدي بعض كتابه فيعجز أو يموت، والترمذي "1261" في البيوع: باب ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 163

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 13/34 و35، وابن ماجة "2520" في العتق: باب المكاتب، والطحاوي في "مشكل الآثار""298" و"299" و"300"، والطبراني 23/"676" و"955"، والحاكم 2/219، والبيهقي 10/327 من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

وقد ورد ما يُخالفه، فروى البيهقي 10/325 من طريق سعيد بن منصور، عن هُشيم، عن أبي قلابة، قال:"كن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتجبن من مكاتب ما بقي عليه دينار" ورجاله ثقات لكنه مرسل.

وروى البيهقي أيضاً 10/324 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عن عمرو بن ميمون بن مهران، عن سليمان بن يسار، عن عائشة قال: استأذنت عليها، فقالت: من هذا؟ فقلت: سليمان بن يسار، قال: كم بقي عليك من مكاتبتك؟ قال: قلت: عشر أواق، قالت: ادخل، فإنك عبد ما بقي عليك درهم، وهذا سند صحيح.

ص: 164

5-

‌ بَابُ: أُمِّ الْوَلَدِ

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ فِي الضَّرُورَةِ بَيْعَ أُمِّ وَلَدِهِ

4323 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: "كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِينَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ فينا، فلا يرى بذلك بأسا" 1

1 إسناده صحيح، أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس، روى له البخاري مقروناً واحتج به مسلم والباقون، وقد صرح هنا بسماعه من جابر، وباقي السند ثقات على شرط الشيخين. وهو في "مسند أبي يعلى""2229".

وأخرجه عبد الرزاق "13211"، ومن طريقه أخرجه أحمد 3/321، وابن ماجة "2517" في العتق: باب أمهات الأولاد، والدارقطني 4/135، والبيهقي 10/348 عن ابن جريج، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشافعي 2/47 "بترتيب الساعاتي" عن عبد المجيد، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 2/324 من طريق مكي بن إبراهيم، كلاهما عن ابن جريج، به.

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند الطيالسي "2200"، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 3/336، والحاكم 2/19، والبيهقي 10/348 وفي إسناده زيدُ ابن الحواري العَمِّيُّ وهو ضعيف، ومع ذلك فقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي!

قال البيهقي: ليس في شيء من هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك، فأقرَّهُم عليه.

ص: 165

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

4324 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، فلما كان عمر نهى عن بيعهن" 1

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أبو داود "3954" في العتق: باب في عتق أمهات الأولاد، والحاكم 2/18-19، والبيهقي 10/347 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد، وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي.

وأخرج عبد الرزاق في "المصنف""13224" عن مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبيدة السلماني، قال: سمعت علياً يقول: اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يُبعن، قال: ثم رأيت بعد أن يبعن. قال عَبيدة: فقلت له: فرأيك ورأي عمر في الجماعة أَحَبُّ إليَّ من رأيك وحدَك في الفرقة، أو قال في الفتنة، قال: فضحك علي.

قال الحافظ في "التلخيص" 4/219 بعد أن أخرجه عن عبد الرزاق: وهذا الإسناد معدود في أصح الأسانيد.

وأخرجه البيهقي 10/348 من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، به.

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عبيدة، عن علي، قال: استشارني عمر في بيع أمهات الأولاد، فرأيت أنا وهو أنها إذا ولدت عتقت، فعمل به عمر حياته، وعثمان حياته، فلما وليت رأيت أن أرقهن، قال الشعبي: فحدثني ابن سيرين أنه قال لعبيدة: فما ترى أنت؟ قال: رأي علي وعمر في الجماعة أحبُّ إلي من قول علي حين أدرك الاختلاف.

ص: 166

‌باب الولاء

‌ذكر بيان بأن الولاء لمن أعتق

6-

بَابُ: الْوَلَاءِ

4325 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ بِمَنْبَجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ، فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، عَدَدْتُهَا لَهُمْ، وَيَكُونُ لِي وَلَاؤُكِ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرْتُهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"خُذِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدَ، ما بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كتاب الله، فهو باطل، وإن كان مائة شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وإنما الولاء لمن أعتق" 1

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/780-781 في العتق: باب مصير الولاء لمن أعتق.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/70-71 و71-72، والبخاري "2168" في البيوع: باب إذا اشترط شروطاً في البيع لا تحل، و"2729" في الشروط: باب الشروط في الولاء، والبيهقي 10/295 و336، والبغوي "2114". وقد تقدم هذا الحديث برقم "4272".

ص: 167

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ: "اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ" لَفْظَةُ أَمْرٍ مُرَادُهَا نَفْيُ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْفِعْلِ لَوْ فَعَلَتْهُ، لَا الْأَمْرُ بِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي عَقِبِ هَذَا الْقَوْلِ قَامَ خَطِيبًا لِلنَّاسِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، لَا لِمَنِ اشْتَرَطَ لَهُ، وَنَظِيرُ هَذِهِ اللفظةِ فِي السُّنَنِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِبَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ النَّحْلِ:"أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي" 1 أَرَادَ بِهِ الْإِعْلَامَ أَنَّكَ لَوْ فَعَلْتَ هَذَا الْفِعْلَ لَمْ يُجَزْ، لِأَنَّهُ جَوْرٌ وَلَوْ جَازَ شَهَادَةٌ غَيْرَهُ، لجازت شهادته ولم يكن جورا.

1 حديث صحيح سيأتي عند المؤلف برقم "5104".

ص: 168

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ أَعَانَتْ بَرِيرَةَ فِي كِتَابَتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ قَدِ اشْتَرَتْهَا أَوْ أَعْتَقَتْهَا

4326 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

عَنْ عُمَرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ عَنْكِ صَبَّةً، فَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، وَيَكُونُ لِي وَلَاؤُكِ، فَذَكَرَتْ ذلك بريرة

ص: 168

لِأَهْلِهَا فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَنَا، قَالَ يَحْيَى: فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: "لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" 1

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضى الله تعالى عَنْهُ: فَهَذَا آخِرُ جَوَامِعِ أَنْوَاعِ الْأَمْرِ عَنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم ذَكَرْنَاهَا بِفُصُولِهَا، وَأَنْوَاعِ تَقَاسِيمِهَا، وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْأَوَامِرِ أَحَادِيثُ بَدَّدْنَاهَا فِي سَائِرِ الْأَقْسَامِ، لِأَنَّ تِلْكَ الْمَوَاضِعَ بِهَا أَشْبَهُ، كَمَا بَدَّدْنَا مِنْهَا فِي الْأَوَامِرِ لِلْبُغْيَةِ فِي الْقَصْدِ فِيهَا، وَإِنَّمَا نُمْلِي بَعْدَ هَذَا الْقِسْمَ الثَّانِي الَّذِي هِيَ النَّوَاهِي بِتَفْصِيلِهَا وَتَقْسِيمِهَا عَلَى حَسَبِ مَا أَمْلَيْنَا الْأَوَامِرَ، إِنْ قَضَى اللَّهُ ذَلِكَ وَشَاءَهُ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِمَّنْ أَغْضَى فِي الْحُكْمِ فِي دِينِ اللَّهِ عَنْ أَهْوَاءِ الْمُتَكَلِّفِينَ، وَلَمْ يُعَرِّجْ فِي النَّوَازِلِ عَلَى آرَاءِ الْمُقَلِّدِينَ مِنَ الْأَهْوَاءِ الْمَعْكُوسَةِ، وَالْآرَاءِ الْمَنْحُوسَةِ، إنه خير مسؤول.

1 إسناده صحيح على شرطهما، وصورة سياقه لإرسال، ولم تختلف الرواة عن مالك في ذلك، لكن ورد من وجه آخر عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عائشة كما سيأتي في التخريج وهو في "الموطأ" 2/781 في العتق واللاء: باب مصير الولاء لمن أعتق.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/72، والبخاري "2564" في المكاتب: باب بيع المكاتب إذا رضي، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 12/425، والبيهقي 10/336-337.

وأخرجه الشافعي 2/71، والبخاري "456" في الصلاة: باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد، و"2735" في الشروط: باب المكاتب وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله، والنسائي كما في "التحفة" 12/425 و526، والبيهقي 10/337 من طرق عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَةَ بِنْتِ عبد الرحمن، عن عائشة

فذكرته، وانظر ما قبله.

ص: 169

‌ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ النَّارِ لِلْمُتَوَلِّي غَيْرَ مَوَالِيهِ فِي الدُّنْيَا

4327 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حِصْنٌ1، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من تَوَلَّى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"2.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضى الله تعالى عنه: حصن هذا: هو حصن بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّرَاغِمِيُّ3 مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ جَدُّ سَلَمَةَ بْنِ الْعَيَّارِ4 لَهُ حَدِيثَانِ غَيْرَ هَذَا5.

1 تحريف في الأصل في المواضع كلها إلى: "حصين"، والتصويب من "التقاسيم" 2/لوحة 242.

2 إسناده ضعيف، حصن مجهول لم يرو عنه غير الأوزاعي، ولم يوثقه غير المؤلف.

وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم 1508، وأبي داود 5114 بلفظ "من تولى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذَنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القيامة عدل ولا صرف".

وعن علي عند البخاري 1870، ومسلم 1370، وأبي داود 2034، والترمذي 2127.

وعن جابر عند أحمد 3/332.

3 تحرف في الأصل إلى: القزاعي، والتصويب من التقاسيم.

4 تحرف في الأصل إلى النعمان، والتصويب من التقاسيم.

5 نقله المزي في "التهذيب"6/510 هكذا، والنص المذكور في "الثقات" 6/246 يختلف عما هنا.

ص: 170

18-

‌ كِتَابُ الْأَيْمَانِ

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ حَفْظِ نَفْسِهِ فِي الْأَيْمَانِ وَالشَّهَادَاتِ

4328 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟، قَالَ:"قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَبْدُرُ شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. عَبيدة: هو ابن عمرو السَّلْماني، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو خيثمة: هو زهير بن حرب. وهو في "مسند أبي يعلى" ورقة 241/1، وزاد في آخره: قال إبراهيم: كانوا ينهوننا ونحن صبيان عن العهد والشهادات.

وأخرجه مسلم 2533 211 في فضائل الصحابة: باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، والنسائي في الكبرى كما في "التحفة" 7/92، وابن ماجة 2362 في الأحكام: باب كراهية الشهادة لمن لم يستشهد، من طرق عن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي 299، وأحمد 1/438، والبخاري 6658 في الأيمان والنذور: باب إذا قال: أشهد بالله، أو شهدت بالله، ومسلم 2533،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والنسائي في "الكبرى"، والطحاوي في "المشكل" 3/176، والطبراني 10338، والبيهقي 10/45 من طرق عن منصور، به.

وأخرجه الطيالسي 299، وأحمد 1/378 و417 و438 و442، والبخاري 6429 في الرقاق: باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، ومسلم 2533 212، والترمذي 3859 في المناقب: باب ما جاء في فضل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، والنسائي في "الكبرى"، والطحاوي 3/176، والبيهقي 10/122-123 و159-160 من طريقين عن إبراهيم، به. وسيأتي هذا الحديث عند المؤلف 7178 و7179.

ص: 172

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ حَلْفِ الْإِنْسَانِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ إِذَا أَرَادَ بِذَلِكَ تَأْكِيدَ قَوْلِهِ

4329 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَهُ ذَاتَ يَوْمٍ غِلْمَانٌ وَإِمَاءٌ وَعُبَيْدٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ:"وَاللَّهِ إِنِّي لأحبكم"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 3/285، وأبو يعلى 3517 من طريق عفان، والحاكم 4/80 من طريق محمد بن كثير، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 3/150 عن عبد الصمد، عن محمد بن ثابت، عن أبيه، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم استقبله نساء وصبيان وخدم جائين من عرس من الأنصار، فسلم عليهم وقال:"والله إني لأحبكم".

وأخرجه أحمد 3/175، والبخاري 3785 في مناقب الأنصار: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: "أنتم أحب الناس إلي"، و5180 في النكاح: باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس، ومسلم 2508 في فضائل الصحابة: باب من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، من طريقين عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بنحوه.

ص: 172

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ فِي كَلَامِهِ إِذَا أَرَادَ التَّأَكِيدَ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُهُ

4330 -

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ1، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ أَخِي بَنِي فِهْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ، إِلَّا كَمَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ، فلينظر بم ترجع"2.

1 في الأصل: عبد الله، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 94.

2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الوارث بن عبيد الله وهو صدوق، روى له الترمذي. عبد الله: هو ابن المبارك، وهو عنده في "الزهد"496.

وأخرجه النسائي في الرقاق كما في "التحفة" 8/376 عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/228-229 و229، ومسلم 2858 في الجنة وصفة نعيمها: باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، والترمذي 2323 في الزهد: باب رقم 15، وابن ماجة 4108 في الزهد: باب مثل الدنيا، والطبراني 20/713 و714 و716 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/230، والطبراني 20/722 من طريق مجالد بن سعيد، والطبراني 20/717، والحاكم 4/319 من طريق إبراهيم بن مهاجر كلاهما عن قيس، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبراني 20/731، والحاكم 3/592 من طريق عبد الله بن صالح، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن أبي إسحاق الهمداني، عن المستورد.

ص: 173

‌ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ إِذَا حَلَفَ أَنْ يَحْلِفَ بِرَبِّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

4331 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ بِالصُّغْدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا يَخْفَى عَلَيَّ حِينَ تَكُونِينَ غَضْبَى وَحِينَ تَكُونِينَ1 رَاضِيَةً، إِذَا كُنْتِ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، وَإِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً، قُلْتُ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ"، فَقُلْتُ: صَدَقْتَ، إِنَّمَا أَهْجُرُ اسْمَكَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوَ نَزَلْتَ وَادِيًا فِيهِ شَجَرٌ كَثِيرٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرَةً لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تَرْتَعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ:"فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ فِيهَا" تُرِيدُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها2.

1 في الأصل في الموضعين: تكوني، والجادة ما أثبت.

2 محمد بن إسماعيل البخاري: هو الإمام الثقة صاحب الصحيح ومن فوقه من رجالهما. أخو إسماعيل: هو ابو بكر عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس. وهو في صحيح البخاري 5077 في النكاح: باب نكاح الأبكار، بالقصة الثانية فقط.

وأخرجه أحمد 6/213، والبخاري 5228 في النكاح: باب غيرة النساء ووجدهن، و6078 في الأدب: باب ما يجوز من الهجران لمن عصى، ومسلم 2439 في فضائل الصحابة: باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها، والبيهقي 10/27، والبغوي 2338 من طرق عن هشام بن عروة، به، بالقصة الأولى.

وفي قوله: إنما أهجر اسمك قال الطيبي في شرح المشكاة فيما نقله عنه. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 174

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= القسطلاني في "إرشاد الساري" 8/113: هذا الحصر في غاية من اللطف في الجواب، لأنها أخبرت أنها إذا كانت في غاية من الغضب الذي يسلب العاقل اختياره لا يغيرها عن كمال المحبة المستغربة ظاهرها وباطنها الممتزجة بروحها، وإنما عبرت عن الترك بالهجران لتدل به على أنها تتألّم من هذا الترك لا اختيار لها فيه، كما قال الشاعر:

إني لأمنحُك الصدود وإنني

قسماً إليك مع الصدود لأَمْيَلُ

وفي اختيار عائشة ذكر إبراهيم عليه السلام دون غيره من الأنبياء دلالة على مزيد فطنتها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس به كما نص عليه القرآن، فلما لم يكن لها بد من هجر الاسم الشريف أبدلته بمن هو بسبيل حتى لا تخرج عن دائرة التعليق في الجملة.

وفي هذا الحديث مشروعية ضرب المثل، وتشبيه شيء موصوف بصفة بمثله مسلوب الصفة، وفيه بلاغة السيدة عائشة، وحسن تأتيها في الأمور.

ص: 175

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَحْلِفُ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ

4332 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بن عقبة، عن سالم عن بن عُمَرَ قَالَ: كَانَ يَمِينُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي1 يَحْلِفُ عَلَيْهَا: "لَا وَمُقَلِّبِ القلوب"2.

1 في الأصل: الذي، والجادة ما أثبت.

2 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه أحمد 2/25-26 عن وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 13163 عن الحسن بن علي المعمري، عن خلف بن سالم وزهير بن حرب، ووكيع، به.

وأخرجه الدارمي 2/187، والبخاري 6628 في الأيمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم؟، والنسائي 7/2 في أول الأيمان والنذور من طرق عن سفيان، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 175

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد: 2/67 و68 و127، والبخاري 6617 في القدر: باب يحول بين المرء وقبله، و7391 في التوحيد: باب مقلب القلوب، والترمذي 1540 في النذور والأيمان: باب ما جاء كيف كان يمين النبي صلى الله عليه وسلم، والطبراني 13164 و13165 و13166، والبيهقي 10/27 من طرق عن موسى بن عقبة، به.

وأخرجه النسائي 7/2-3 باب الحلف بمصرف القلوب، وابن ماجة 2093 في الكفارات: باب يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يحلف بها، من طريق عباد بن إسحاق، عن سالم، به.

ص: 176

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ اللَّغْوِ الَّذِي لَا يُؤَاخَذُ اللَّهُ الْعَبْدَ بِهِ فِي كَلَامِهِ

4333 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ، فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "هُوَ كلام الرجل: كلا والله، وبلى والله"1.

1 رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم الصائغ فقد روى له أبو داود والنسائي وهو صدوق، وفي حسان بن إبراهيم كلام ينزله عن رتبة الصحيح.

وأخرجه أبو داود 3254 في الأيمان والنذور: باب لغو اليمين، ومن طريقه البيهقي 10/49 عن حميد بن مسعدة.

وأخرجه ابن جرير 4382 من طريق حسان الكرماني كلاهما عن إبراهيم الصائغ، بهذا الإسناد.

وقال أبو داود: روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، موقوفاً على عائشة، وكذلك رواه الزهري، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومالك بن مغول، كلهم عن عطاء، عن عائشة، موقوفاً، وصحح الدارقطني وقفه فيما نقله عنه الحافظ في "التلخيص" 4/167.

وأخرجه الشافعي 2/74، ومن طريق البيهقي 10/49 عن سفيان، عن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 176

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عمرو، وابن جريج، عن عطاء، قال: ذهبت أنا وعبيد الله بن عمير إلى عائشة رضي الله عنها وهي معتكفة في ثبير، فسألناها عن قول الله تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} فقالت: هو: لا والله، بلى والله.

وأخرجه الطبري 4379 و4380 و4381 و4394 و4395 و4397 و4399 و4400، والبيهقي 10/49 من طرق عن عطاء، به.

وأخرجه البخاري 6663 في الأيمان والنذور: باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} ، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 12/221، والبيهقي 10/48 من طريق يحيى بن سعيد، وابن الجارود 925 من طريق عيسى بن يونس، والطبري 4377 و4378 عن وكيع وعبيدة، وأبي معاوية وجرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، في قول الله تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قالت: أنزلت في قول الرجل: بلى والله، ولا والله.

وأخرجه مالك 2/477 في النذور والأيمان: باب اللغو في اليمين، عن هشام ابن عروة، عن أبيه عن عائشة أنها كانت تقول: لغو اليمين قول الإنسان: لا والله، وبلى والله. وعن مالك أخرجه الشافعي 2/74، وعنه البيهقي 10/48.

وقال الطبري في "جامع البيان" 4/432: وقال آخرون: بل اللغو في اليمين: اليمين التي يحلف بها الحالف وهو يرى أنه كما يحلف عليه، ثم يتبين غير ذلك، وأنه بخلاف الذي حلف عليه، ثم ذكر بإسناده عن أبي هريرة أنه كان يقول: لغو اليمين: حلف الإنسان على الشيء يظن أنه الذي حلف عليه، فإذا هو غير ذلك.

قلت: وأكثر أهل العلم أن هذا اليمين لا كفارة فيها، وهو قول زرارة بن أوفى ومجاهد، والحسن، والنخعي، وقتادة، ومكحول، وسليمان بن يسار، وربيعة، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وأبي حنيفة وأصحابه.

وانظر الطبري 4/432-437، والمغني 8/688-689، و"فتح الباري" 547-548.

ص: 177

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْأَيْمَانَ وَالْعُقُودَ إِذَا اخْتَلَجَتْ بِبَالِ الْمَرْءِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ بِهَا مَا لَمْ يُسَاعِدْهُ الْفِعْلُ أَوِ النُّطْقُ

4334 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ به"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. قتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي، وهمام: هو ابن يحيى بن دينار العَوْذي.

وأخرجه الطيالسي 2459، وأحمد 2/491، والبيهقي 7/298 من طريقين عن همام، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي 2459، وأحمد 2/255 و393 و425 و474 و481، والبخاري 2528 والعتق: باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه، و5269 في النكاح: باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران

، و6664 في الأيمان: باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر، وأبو داود 2209 في الطلاق: باب في الوسوسة بالطلاق، والترمذي 1183 في الطلاق: باب ما جاء فيمن يحدث نفسه بطلاق امرأته، والنسائي 6/156-157 و157 في الطلاق: باب من طلق في نفسه، وابن ماجة 2044 في الطلاق: باب طلاق المكره والناسي، والبيهقي 7/298 من طرق عن قتادة، به.

قال الحافظ: قال الكرماني: فيه أن الوجود الذهني لا أثر له، وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات، والعملي في العمليات، وقد احتج به من لا يرى المؤاخذة بما وقع في النفس ولو عزم عليه، وانفصل من قال: يؤاخذ بالعزم بأنه نوع من العمل يعني عمل القلب.

قلت القائل ابن حجر: وظاهر الحديث أن المراد بالعمل عمل الجوارح، لأن المفهوم من لفظ ما لم تعمل يشعر بأن كل شيء في الصدر لا يؤاخذ به سواء توطن به أم لم يتوطن.

ص: 178

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ قَتَادَةُ

4335 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ما لم تنطق أو تعمل به"1.

1 إسناده قوي، رجاله رجال الشيخين غير سالم بن نوح فمن رجال مسلم، وهو مختلف فيه، وثقه أبو زرعة والساجي وابن قانع، وذكره المؤلف في الثقات، وقال أحمد: ما بحديثه بأس، وقال ابن معين: ليس بشيء، وفي رواية عنه: ليس بحديثه بأس، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: عنده غرائب وأفراد.

ص: 179

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا حَلَفَ لَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدِّقَهُ عَلَى يَمِينِهِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ ضِدَّهُ

4336 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا بن أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا سَرَقَ، فَقَالَ عِيسَى: أَسَرَقْتَ؟ قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِاللَّهِ، وكذبت عيني"1.

1 إسناده صحيح. ابن أبي السَّري قد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين......=

ص: 179

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/314، والبخاري 3444 في أحاديث الأنبياء: باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً} ، ومسلم 2368 في الفضائل: باب فضائل عيسى عليه السلام، والبغوي 3520.

وأخرجه أحمد 2/383، والنسائي 8/249 في آداب القضاة: باب كيف يستحلف الحاكم، وابن ماجة 2102 في الكفارات: باب من حُلِف له بالله فليرض، والبيهقي 10/157 من طرق عن أبي هريرة.

قلت: واستدل بهذا الحديث على درء الحد بالشبهة، وعلى منع القضاء بالعلم والراجح عند المالكية والحنابلة منعه مطلقاً، وعند الشافعي جوازه إلا في الحدود.

ص: 180

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يُعَقِّبَ يَمِينَهُ الِاسْتِثْنَاءَ

4337 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ1 بْنُ دَاوُدَ، عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"حَلَفَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَيَطُوفَنَّ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ، كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ تَحْمِلُ غُلَامًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نِصْفَ غُلَامٍ" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، كان كما قال"2.

1 في الأصل "والتقاسيم" 2/لوحة 299: عبيد الله، وهو تحريف، والتصويب من كتب الرجال، وعبد الله بن داود هذا: هو الخريبي.

2 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن داود فمن رجال البخاري.

وأخرجه النسائي في الأيمان والنذور كما في "التحفة" 10/208 عن إبراهيم ابن محمد التيمي قاضي البصرة، عن عبد الله بن داود الخريبي، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 180

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه البخاري 3424 في أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} ، من طريق مغيرة بن عبد الرحمن، و6639 في الأيمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم؟، والنسائي 7/25-26 في الأيمان والنذور: باب إذا حلف فقال له رجل: إن شاء الله، هل له استثناء؟، والبغوي 79 من طريق شعيب.

وأخرجه مسلم 1654 في الأيمان: باب الاستثناء، والبيهقي 10/44 من طريق موسى بن عقبة، ومسلم 1654 25 من طريق ورقاء، كلهم عن أبي الزناد، به.

وفي حديث المغيرة عند البخاري، وموسى بن عقبة عند البيهقي سبعين امرأة، في حديث شعيب وورقاء، وموسى بن عقبة عند مسلم تسعين امرأة، ولم يذكر أحد منهم لفظ الحلف.

وأخرجه البخاري 2819 تعليقاً قال: وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج قال: سمعت أبا هريرة،

فذكره، وفيه مئة امرأة –أو تسع وتسعين-.

وأخرجه أحمد 2/229 و506 من طريقين عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، وفيه مئة امرأة.

وأخرجه البخاري 5242 في النكاح: باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائي، عن محمود بن غيلان، ومسلم 1654 24 عن عبد بن حميد، والنسائي 7/31 عن عباس العنبري، وأحمد 2/275، أربعتهم عن عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، في حديث أحمد ومحمود بن غيلان بمئة امرأة وفي حديث عبد بن حميد على سبعين وفي حديث عباس العنبري على تسعين.

وأخرجه البخاري 7469 في التوحيد: باب في المشيئة والإرادة، من طريق وهيب، ومسلم 1654 22 من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة أن نبي الله سليمان كان له ستون امرأة، فقال: لأطوفن الليلة على نسائي

فذكره إلى أن قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان سليمان استثنى

الحديث.

ص: 181

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَلِكَ قَدْ لَقَّنَهُ الِاسْتِثْنَاءَ عِنْدَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنَّهُ نَسِيَ

4338 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"حَلَفَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَيَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِتِسْعِينَ امْرَأَةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَوِ الْمَلِكُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَنَسِيَ، وَأَطَافَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِتِسْعِينَ امْرَأَةً، فَمَا جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا وَاحِدَةٌ بِشِقِّ غُلَامٍ"، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ أدرك حاجته"1.

1 إسناده قوي، رجاله رجال الشيخين غير إبراهيم بن بشار –وهو الرمادي- وهو حافظ روى له أبو داود والترمذي.

وأخرجه البخاري 6720 في كفارات الأيمان: باب الاستثناء في الأيمان، ومسلم 1654 23 من ثلاث طرق عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد وهشام بن حجير، به. وفي حديث ابن أبي عمر عن سفيان عند مسلم على سبعين امرأة.

ص: 182

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْحَالِفِ فِي يَمِينِهِ إِذَا أَعْقَبَهَا إِيَّاهُ

4339 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فقد استثنى"1.

1 إسناده صحيح على شرطيهما. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 182

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه البيهقي 10/46 من طريق عبدان، عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/10، وأبو داود 3261 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين، والنسائي 7/25 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء، وابن ماجة 2106 في الكفارات: باب الاستثناء في اليمين، وابن الجارود 928، والبيهقي 7/360-361 من طريق سفيان بن عيينة، به.

وأخرجه النسائي 7/25، والحاكم 4/303 من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن كثير بن فرقد، عن نافع، به. وهذا سند صحيح على شرط البخاري، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

ص: 183

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ

4340 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مَثْرُودٍ الْغَافِقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ عن بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ الله، لم يحنث"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عيسى بن مثرود: وهو عيسى بن إبراهيم بن عيسى بن مثرود، فلم يرو له سوى أبي داود والنسائي وهو ثقة، أيوب بن موسى: هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص أبو موسى المكي الأموي. وانظر ما قبله.

ص: 183

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَا رَوَاهُ إِلَّا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

4341 -

أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الطُّرْسُوسِيُّ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ

ص: 183

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شاء الله فقد استثنى"1.

1 إسناده صحيح، نوح بن حبيب روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وهو في مصنف عبد الرزاق 16118.

وأخرجه النسائي 7/30-31 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء، عن نوح بن حبيب، بهذا الإسناد.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/309، والترمذي 1532 في النذور والأيمان: باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، وابن ماجة 2104 في الكفارات: باب الاستثناء في اليمين.

قال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه عبد الرزاق اختصره من حديث معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن سليمان بن داود قال: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة.." الحديث، هكذا روى عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه هذا الحديث بطوله.

قلت: لكن وقع في رواية أحمد في "المسند" عن عبد الرزاق أنه قال: وهو اختصره، يعني معمراً.

ص: 184

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ مُخَيَّرٌ عِنْدَ اسْتِثْنَائِهِ فِي الْيَمِينِ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ يَمِينَهُ أَوْ يَمْضِيَ فِيهَا

4342 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نافع عن بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى، فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ مَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ غَيْرَ حنث"1.

2 إسناده قوي. عمر بن يزيد السَّيَّاري روى له أبو داود، وهو صدوق لا بأس به، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 184

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 2/68 و127 و153، وأبو داود 3262 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين، والترمذي 1531 في النذور والأيمان: باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، والنسائي 7/12 في الأيمان والنذور: باب من حلف فاستثنى، وابن ماجة 2105 في الكفارات: باب الاستثناء في اليمين، والبيهقي 10/46 من طرق عن عبد الوارث بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حدث ابن عمر حديث حسن.

وأخرجه أحمد 2/6 و48-49 و68 و126 و127 و153، والدارمي 2/185، والترمذي 1531، والنسائي 7/25 باب الاستثناء، والبيهقي في السنن 7/360-361 و10/46 وفي الأسماء والصفات ص169 من طرق عن أيوب، به.

ص: 185

‌ذِكْرُ نَفْيِ الْحِنْثِ عَنْ مَنِ اسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ بَعْدَ سَكْتَةٍ يَسِيرَةٍ

4343 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو يَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ1، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا" ثم سكت، فقال:"إن شاء الله"2.

1 في الأصل "والتقاسيم" 3/لوحة 164: معمر، وهو تحريف، والتصويب من "مسند أبي يعلى" وكتب الرجال.

2 إسناده ضعيف، ورواية سماك عن عكرمة خاصة مضطربة، وعبد الغفار بن عبد الله الزبيري ذكره المؤلف في "ثقاته" 8/421، وأورده ابن أبي حاتم 6/54 ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وهو في "مسند أبي يعلى"2375.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 2/378 من طريق عبد الله بن داود، عن مسعر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى 2674، والطحاوي 2/379، والطبراني 11742، والبيهقي 10/47 من طرق عن شريك، عن سماك، به. وشريك –وهو ابن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 185

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبد الله- سيءُ الحفظ.

وأخرجه أبو داود 3286 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت، والطحاوي 2/378-379، والبيهقي 10/48 من طريقين عن مسعر، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، مرسلاً.

وأخرجه أبو داود 3285، ومن طريقه البيهقي 10/47-48 عن قتيبة بن سعيد، عن شريك، عن سماك، عن عكرمة مرسلاً.

ص: 186

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْحَسَنَةَ لِلتَّارِكِ يَمِينَهُ بِأَخْذِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ

4344 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي معبد عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَلَفَ عَلَى مُلْكِ يَمِينِهِ أَنْ يضربه، فكفارته تركه، ومع الكفارة حسنة"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه البيهقي 10/34 من طريق عبد الحميد بن صبيح، عن سفيان، بهذا الإسناد.

ص: 186

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَرْكِ الْيَمِينِ لِلْحَالِفِ إِذَا عَلِمَ تَرَكَهُ خَيْرٌ مِنَ الْمُضِيِّ فِي يَمِينِهِ

4345 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ الطَّائِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "من حلف على

ص: 186

يمين، فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير، ثم ليترك يمينه"1.

1 إسناده قوي، عبد الملك بن إبراهيم روى له البخاري مقروناً وهو صدوق، وباقي السند رجاله ثقات على شرطهما غيرَ تميم بن طرفة فمن رجال مسلم.

وأخرجه الطيالسي 1027، وأحمد 4/157 و159، ومسلم 1651 16 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً، فرأى خيراً منها أن يأتي الذي هو خير ويكفِّر عن يمينه، والنسائي 7/11 في الأيمان والنذور: باب الكفارة بعد الحنث، والبيهقي 10/32 من طريق شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 1651 17، والنسائي 7/11، وابن ماجة 2108 في الكفارات: باب من حلف على يمين، فرأى غيرها خيراً منها، والبيهقي 10/32 من طرق عن عبد العزيز بن رفيع، به.

وأخرجه الطيالسي 1028، وأحمد 4/256 و258، ومسلم 1651 18 من طريقين عن سماك بن حرب، عن تميم بن طرفة، به. وذكر فيه قصة.

وأخرجه الطيالسي 1029، وأحمد 4/256، والدارمي 2/186، والنسائي 7/10-11، والبيهقي 10/32 من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن عمرو مولى الحس بن علي، عن عدي بن حاتم. وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن عمرو مولى الحسن، إلا أنه يتقوى بما قبله.

ص: 187

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4346 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ2 عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ، فَسَأَلَهُ نَفَقَةً، فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيكَهُ إِلَّا دِرْعِي وَمِغْفَرِي، فَأَكْتُبُ إِلَى أَهْلِي أَنْ تَعْطِيكَهَا. فَلَمْ يَرْضَ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ شَيْئًا، ثُمَّ رَضِيَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عَدِيٌّ: لَوْلَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

2 تحرفت في الأصل إلى: بن.

ص: 187

"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، ثُمَّ رَأَى مَا هُوَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْهَا، فَلْيَأْتِ التَّقْوَى" مَا حنثت1.

1 إسناده صحيح، تميم بن طرفة ثقة على شرط مسلم، وباقي السند ثقات على شرطهما. وهو في "صحيح مسلم" 1651 15 عن قتيبة بن سعيد، عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

ص: 188

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَالِفَ إِنَّمَا أُمِرَ بِتَرْكِ يَمِينِهِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ مَعَ الْكَفَّارَةِ

4347 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي1 أُمَيَّةَ بِطَرَسُوسَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين، فرأى غيرها خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عن يمينه"2.

1 سقط من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 3/لوحة 143.

2 إسناده حسن لغيره، مسلم بن خالد الزنجي: سيء الحفظ.

وأخرجه أحمد 2/204 عن الحكم بن موسى، عن مسلم بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/185 و211 و212، والطيالسي 2259، والنسائي 7/10 في الأيمان والنذور: باب الكفارة قبل الحنث، وابن ماجة 2111 في الكفارات: باب من قال: كفارتها تركها، والبيهقي 10/33-34 من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وهذا سند حسن، ولفظه عندهم "فليدعها وليأت هو خير، فإن تركها كفارتها"، غير النسائي فلفظه "فليكفِّر عن يمينه، وليأت الذي هو خير" وروايته هي الصواب.

ص: 188

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْحَالِفَ مَأْمُورٌ بِالْكَفَّارَةِ عِنْدَ تَرْكِهِ الْيَمِينَ إِذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ مِنَ الْمُضِيِّ فِيهِ

4348 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ1 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أَتَتْكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أَتَتْكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، وَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عن يمينك"2.

1 وقع في الأصل عن الحسن بن عبد الرحمن بن سمرة، عن أبيه قال: قال رسول الله وهو تحريف، والتصويب من التقسيم 3/لوحة 143.

2 إسناده صحيح على شرط البخاري، مسدَّد بن مسرهد ثقة من رجال البخاري، ومن فوقه ثقات على شرطهما. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، وقد صرح بالسماع من عبد الرحمن عند البخاري ومسلم. وعبد الرحمن بن سمرة: هو ابن حبيبة بن شمس بن عبد مناف، وكنيته أبو سعيد، وهو من مسلمة الفتح، شهد فتوح العراق، وكان فتح سجستان على يديه، أرسله عبد الله بن عامر أمير البصرة لعثمان على السرية، ففتحها وفتح غيرها، قال ابن سعد: مات سنة خمسين، وقيل: بعدها بسنة.

وأخرجه الترمذي 1529 في النذور والأيمان: باب ما جاء فيمن حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/186، والبخاري 7147 في الأحكام: باب من سأل الإمارة وُكل إليها، ومسلم 1652 في الأيمان: باب ندب مَن حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها..، والبيهقي 10/100 من طرق عن يونس بن عبيد، به.

وأخرجه أحمد 5/62 و62-63 و63، والدارمي 2/186،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 189

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=والبخاري 6622 في الأيمان والنذور: باب قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ

} ، و6722 في كفارات الأيمان: باب الكفارة قبل الحنث وبعده، و7146 في الأحكام: باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها، ومسلم 1652، والبيهقي 10/100 من طرق عن الحسن، به.

وأخرج قصة الإمارة منه مسلم 3/1456 13 في الإمارة: باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها، وأبو داود 2929 في الخراج والإمارة: باب ما جاء في طلب الإمارة، والنسائي 8/225 في آداب القضاة: باب النهي عن مسألة الإمارة، وابن الجارود 998 من طرق عن الحسن، به.

وأخرج قصة اليمين منه الطيالسي 1351، وأحمد 5/61، ومسلم 1652، وأبو داود 3277 و3278 في الأيمان والنذور: باب الرجل يكفِّر قبل أن يحنث، والنسائي 7/10 في الأيمان والنذور: باب الكفارة قبل الحنث، و7/11 و12 باب: الكفارة بعد الحنث، وابن الجارود 929، والبيهقي 10/53 م طرق عن الحسن، به.

ص: 190

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ مُبَاحٌ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْكَفَّارَةِ

قَبْلَ الْحِنْثِ إِذَا رَأَى تَرَكَ الْيَمِينِ خَيْرًا مِنَ الْمُضِيِّ فِيهِ

4349 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وليفعل الذي هو خير"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، سهيلُ بن أبي صالح روى له البخاري مقروناً واحتج به مسلم والآخرون، وباقي السند ثقات على شرطهما، وهو في "الموطأ" 2/478 في النذور والأيمان: باب ما تجب به الكفارة من الأيمان.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/361، ومسلم 1650 12 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها

، والترمذي 1530 في النذور والأيمان: باب ما جاء في الكفارة قبل الحنث، والنسائي في "الكبرى". . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 190

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=كما في "التحفة" 9/416، والبيهقي 10/53، والبغوي 2438. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وأخرجه مسلم 1650 13 و14، والبيهقي 9/232 و10/53 من طريقين عن سهيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 1650 11، والبيهقي 10/32 من طريق مروان بن معاوية، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وفيه قصة.

ص: 191

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْحَالِفِ أَنْ يَحْنَثَ يَمِينَهُ إِذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا مِنَ الْمُضِيِّ فِيهِ

4350 -

أَخْبَرَنَا بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: نَزَلَ عَلَيْنَا أَضْيَافٌ لَنَا، وَكَانَ أَبِي يَتَحَدَّثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ، فَانْطَلَقَ وَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، افْرُغْ مِنْ أَضْيَافِكَ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ، جِئْنَا بِقِرَاهُمْ فَأَبَوْا، وَقَالُوا: حَتَّى يَجِيءَ أَبُوكَ مَنْزِلَهُ، فَيَطْعَمُ مَعَنَا، فَقُلْتُ: إِنَّهُ رَجُلٌ حَدِيدٌ، وَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا خِفْتُ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ أَذًى، فَأَبَوْا عَلَيْنَا فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: قَدْ فَرَغْتُمْ مِنْ أَضْيَافِكُمْ؟ فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ، فَقَالَ: أَلَمْ آمُرُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَتَنَحَّيْتُ1، قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِي إِلَّا جِئْتَ، فَجِئْتُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا لِي ذَنْبٌ هَؤُلَاءِ أَضْيَافُكَ، فَسَلْهُمْ، قَدْ أَتَيْتُهُمْ بِقِرَاهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يَطْعَمُوا حَتَّى تَجِيءَ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ لا تقبلون2 عنا قراكم؟ وقال أبو

1 في الأصل: فجئت، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 12، وفي مسلم: وتنحيت عنه.

2 في الأصل: تفعلون، وهو خطأ، والمثبت من التقاسيم.

ص: 191

بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ، قَالُوا: فَوَاللَّهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ، فَقَالَ: لَمْ أَرْ كَالشَّرِّ مُنْذُ اللَّيْلَةِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الْأَوَّلُ، فَمِنِ الشَّيْطَانِ، فَهَلُمُّوا قِرَاكُمْ، فَجِيءَ بِالطَّعَامِ، فَسَمَّى اللَّهَ، وَأَكَلَ وَأَكَلُوا، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَرُّوا وَحَنِثْتُ، فَقَالَ:"بَلْ أَنْتَ أبرهم وخيرهم"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو عثمان: هو النهدي عبد الرحمن بن مُلّ، والجريري: هو سعيد بن إياس.

وأخرجه مسلم 2057 177 في الأشربة: باب إكرام الضيف وفضل إيثاره، وأبو داود 3271 في الأيمان والنذور: باب فيمن حلف على طعام لا يأكله، والبيهقي 10/34 من طريق محمد بن المثنى، عن سالم بن نوح، بهذا الإسناد. تابع سالماً عند أبي داود عبدُ الأعلى بن عبد الأعلى، وهو ممن سمع من الجريري قبل الاختلاط.

وأخرجه البخاري 6140 في الأدب: باب ما يُكره من الغضب الجزع عند الضيف، من طريق عبد الأعلى، عن سعيد الجريري، به.

وأخرجه بنحوه أبو داود 3270 من طريق إسماعيل ابن عُلية، عن الجريري، عن أبي عثمان –أو عن أبي السليل، عن ابي عثمان- به.

وأخرجه نحوه أحمد 1/197 و198، والبخاري 602 في مواقيت الصلاة: باب السمر مع الضيف والأهل، و3581 في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، و6141 في الأدب: باب قول الضيف لصاحبه: والله لا آكل حتى تأكل، ومسلم 2057 176 من طريقين عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، به. وذكر فيه أن القصة كانت مع أصحاب الصُّفة.

قوله: افرغ من أضيافك أي: عشِّهم وقم بحقِّهم.

بقراهم، القِرى: هو ما يُصنع للضيف من مأكول ومشروب.

قوله: إنه رجل حديد: أي فيه قوة وصلابة، ويغضب لانتهاك الحرمات والتقصير في حق ضيفه ونحو ذلك.

ص: 192

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ أَنْ يَأْتِيَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمُضِيِّ فِي يَمِينِهِ دُونَهُ

4351 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ1: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أَتَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحْمِلُهُ لِنَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ: "والله لا أحملهم" فأتي رسول الله بِنَهْبٍ مِنْ إِبِلٍ، فَفَرَّقَهَا، فَبَقِيَ مِنْهَا خَمْسُ عَشْرَةَ فَقَالَ:"أَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ؟ " قَالَ: هُوَ ذَا هُوَ. فَقَالَ: "خُذْ هَذِهِ، فَاحْمِلْ عَلَيْهَا قَوْمَكَ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ حَلَفْتَ، قَالَ:"وَإِنْ كُنْتُ حلفت"2.

1 في الأصل زيادة ونصها حدثنا عمر بن إبراهيم ولا معنى لها، ولم ترد في "التقاسم" 5/لوحة 162.

2 إسناده صحيح، عمر بن عبد الواحد ثقة روى له أصحاب السنن إلا الترمذي، وباقي السند ثقات على شرط الصحيح. عمّ أبي قلابة: هو أبو المهلب الجرمي، وأبو قلابة: عبد الله بن زيد الجرمي.

وأخرجه بنحوه أحمد 4/401، والبخاري 3133 في فرض الخمس: باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين..، و4385 في المغزي: باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن، و6649 في الأيمان والنذور: باب ولا تحلفوا بآبائكم، و7555 في التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ، ومسلم 1649 9 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها

، والبيهقي 10/32 و52 من طريق أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ، عن ابي موسى. وذكر فيه عدد الذود التي حملهم عليها خمس ذود.

وأخرجه أحمد 4/401، والبخاري 5518 في الذبائح والصيد: باب لحم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=الدجاج، و6649 و6680 في الأيمان: باب اليمين فيما لا يملك، و6721 في كفارات الأيمان: باب الكفارة قبل الحنث، وبعده، و7555، ومسلم 1649 9 من طريق أيوب، عن القاسم التميمي، عن زهدم الجرمي، به.

وأخرجه مسلم 1649، والبيهقي 10/31 من طريق مطر الورّاق، عن زهدم، به. ولم يذكر فيه عدد الركائب.

وأخرجه أحمد 4/398، والبخاري 6633 في الأيمان: باب قول الله تعالى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ

} ، و6718 في كفارات الأيمان: باب الاستثناء في الأيمان، ومسلم 1649 7، وأبو داود 3276 في الأيمان والنذور: باب الرجل يكفر قبل أن يحنث، والنساائي 7/9 في الأيمان والنذور: باب الكفارة قبل الحنث، وابن ماجة 2107 في الكفارات: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، والبيهقي 10/51 من طريق حماد بن زيد، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة، عن أبي موسى. وعدد الركائب فيه ثلاثة. وأخرجه البخاري 4415 في المغازي: باب غزوة تبوك، ومسلم 1649 8 من طريق أبي أسامة، عن بُريد بن عبد الله، عن أبي بردة، به. وعدد الركائب فيه ستة، وذكر فيه أنه اشتراها من سعد.

ص: 194

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ الْمُضِيَّ فِي يَمِينِهِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ

4352 -

أَخْبَرَنَا الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ على يمين، فرأى غيرها خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عن يمينه"1.

1 إسناده حسن في الشواهد، وهو مكرر 4347.

ص: 194

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَمَا سَبَقَ مِنْهُ مِنْ يَمِينٍ إِمْضَاءُ مَا رَأَى خَيْرًا لَهُ دُونَ التَّعَرُّجِ عَلَى يَمِينِهِ الَّتِي مَضَتْ

4353 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الطُّفَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لَمْ يَحْنَثْ، حَتَّى نَزَلَتْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي"1.

1 إسناده حسن. الطُّفاوي: هو محمد بن عبد الرحمن أبو المنذر البصري، هو من شيوخ أحمد بن حنبل، وثقة ابن المديني، وقال أبو حاتم: صدوق إلا أنه يهم أحيانا، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وأورد له ابن عدي عدةَ أحاديث، وقال: أنه لا بأس به، وروى له البخاري ثلاثة أحادث.

وأخرجه الحاكم 4/301 من طريق أبي الأشعث، عن الطُّفاوي، بهذا الإسناد، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي!

قال الحافظ في "الفتح" 11/518: ذكره الترمذي في "العلل المفرد" 2/654 وقال: سألت محمداً –يعني البخاري- عنه فقال: هذا خطأ، والصحيح كان أبو بكر وكذلك رواه سفيان ووكيع عن هشام بن عروة.

قلت: أخرجه البخاري 4614 في التفسير: باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ

} من طريق النضر، و6621 في الأيمان والنذور: باب قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ

} ، والبيهقي 10/34 من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يحنث في يمين قط حتى أنزل الله كفارة اليمين، وقال: لا أحلف على اليمين، فرأيت غيرها خيراً منها إلاّ أتيت الذي هو خير وكفّرت عن يميني.

ص: 195

‌ذِكْرُ وَصْفِ بَعْضِ الْأَيْمَانِ الَّتِي كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم يُمْضِي ضِدَّهَا1 إِذَا سَبَقَتْ مِنْهُ

4354 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّلِيلِ، عَنْ زَهْدَمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: كُنَّا مُشَاةً، فَأَتَيْنَا نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ:"وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمُ الْيَوْمَ -أَوْ قَالَ:- وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ" قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ -أَوْ2 قَالَ: حِينَ رَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ- أَتَاهُ قَطِيعٌ مِنْ إِبِلٍ، فَإِذَا قَدْ بَعَثَ إِلَيْنَا بِثَلَاثٍ بُقْعِ الذُّرَى، قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَنَرْكَبُ وَقَدْ حَلَفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟! فَأَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّكَ قَدْ حَلَفْتَ، قَالَ:"إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَحْمِلُكُمْ، إِنَّمَا حَمَلَكُمُ اللَّهُ، وَمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ يَمِينٍ أَحْلِفُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَرَى خَيْرًا مِنْهَا إلا أتيتها -أو أتيته-"3.

1 في الأصل: صدرها، وهو تحريف، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 196.

2 سقطت أو من الأصل، واستدركت من التقاسيم.

3 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو السليل: هو ضريب بن نفير.

وأخرجه أحمد 4/404 و418، ومسلم 1649 10 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها..، والنسائي 7/9 في الأيمان والنذور: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، والبيهقي 10/31 من طرق عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد. رواية النسائي مختصرة. وانظر 4351.

وقوله: بُقع الذُّرى أي: بيض الأسنمة، جمع أبقع، وقيل: الأبقع: ما خالط بياضَه لونٌ آخر.

ص: 196

‌ذِكْرُ نَفْيِ جَوَازِ مُضِيِّ الْمَرْءِ فِي أَيمَانِهِ وَنُذُوُرِهِ الَّتِي لَا يَمْلِكُهَا أَوْ يَشُوبُهَا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4355 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زريع، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ، فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ، فَقَالَ: لَئِنْ عُدْتَ تَسْأَلُنِي الْقِسْمَةَ لَمْ أُكَلِّمْكَ أَبَدًا، وَكُلُّ مَالٍ لِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: إِنَّ الْكَعْبَةَ لَغَنِيَّةٌ عَنْ مَالِكَ، كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكِ، وَكَلِّمْ أَخَاكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا يَمِينَ عَلَيْكَ، وَلَا نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكُ"1.

1 إسناده صحيح. قال أبو طالب: قلت لأحمد: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يُقبل؟!. وقال الليث عن يحيى بن سعيد: كان ابن المسيِّب يُسَمِّي روايةَ عمر، كان أحفظ الناس لأحكام وأقضيته.

وأخرجه الحاكم 4/300 من طريق أبي المثنى، عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 10/33 و65-66 من طريقين عن يزيد بن زريع، به.

قوله: "في رِتاج الكعبة": أي لها، فكنى عنها بالباب، لأن منه يُدخل إليها، وجمع الرِّتاج: رُتُج.

ص: 197

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُكْثِرَ الْمَرْءُ مِنَ الْحَلِفِ فِي أَسْبَابِهِ

4356 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الشَّعْثَاءِ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ1 الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ بَشَّارِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بن عبد الله بن عمر

1 كذا وقع هنا وفي "التقاسيم" 2/لوحة 178: الحسين، وفي "تهذيب الكمال". . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 197

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْحَلِفُ حَنِثٌ أَوْ نَدَمٌ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: لَيْسَ لِبَشَّارٍ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ غَيْرُ هَذَا، وَهُوَ أَخُو مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ2، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ: علي بن

= وفروعه: الحسن، لكن في "ثقات المؤلف" 8/469: علي بن الحسين سليمان، وقد قيل: ابن الحسن بن سليمان.

1 إسناده ضعيف، فيه بشار بن كدام لم يوثقه غير المؤلف، وقال أبو زرعة: ضعيف، وضعفه الإمام الذهبي، والحافظ ابن حجر.

وأخرجه الطبراني في "الصغير" 1083 عن موسى بن أبي حصين الواسطي، عن أبي الشعثاء علي بن الحسن، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/129، وابن ماجة 2103 في الكفارات: باب اليمين حنث أو ندم، والحاكم 4/303، والبيهقي 10/30 من طرق عن أبي معاوية، به. قال الحاكم: قد كنت أحسب بُرهة من دهري بشاراً هذا أخو مسعر، فلم أقف عليه، وهذا الكلام صحيح من قول عمر.

وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" 260 و261 من طريقين عن أبي معاوية، عن مسعر بن كدام، عن محمد بن زيد، به. كذا وقع عنده مسعر بن كدام وهو خطأ، إنما هو بشار بن كدام.

وأخرجه البخاري في "تاريخه" 2/129 –ومن طريقه البيهقي 10/31- قال: وقال لنا أحمد بن يونس: حدثنا عاصم بن محمد بن زيد، قال: سمعت أبي يقول: قال عمر بن الخطاب: اليمين آثمة أو مَندَمة. قال البخاري: وحديث عمر أولى بإرساله.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن محمد بن زيد لم يدرك عمر بن الخطاب ولا سمع منه.

وأخرجه الحاكم 4/303-304 من طريق أبي ضمرة، عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد اله بن عمر، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: إنما اليمين مأثمة أو مندمة. وهذا إسناد صحيح على شرطهما.

2 كذا جزم المؤلف، وذكره البخاري في "تاريخه" بصيغة التمريض فقال: يقال: أخو مسعر، وقال الدارقطني: قال لنا أبو العباس بن سعد: ليس بينه وبين مسعر نسب، هو من سُلَم، ومسعر من بني هلال.

ص: 198

الحسين بن سليمان، واسطي ثقة1.

1 في الأصل: "الواسطي"، وقد سقط منه لفظ "ثقة"، والمثبت من التقاسيم 2/لوحة 178.

ص: 199

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ الْمَرْءُ بِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ يَكُونَ فِي يَمِينِهِ غَيْرَ بَارٍّ

4357 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا بِالْأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا تحلفوا إلا وأنتم صادقون"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما، عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي.

وأخرجه أبو داود 3248 في الأيمان والنذور: باب في كراهية الحلف بالآباء، والنسائي 7/5 في الأيمان والنذور: باب الحلف بالأمهات، والبيهقي 10/29 من طرق عُبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد.

ص: 199

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ الْمَرْءُ بِشَيْءٍ سِوَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4358 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ عَنِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عمر، فحلف

ص: 199

رَجُلٌ بِالْكَعْبَةِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَيْحَكَ، لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ، فقد أشرك"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 2/125، والترمذي 1535 في النذور والأيمان: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، والحاكم 4/297 من طريق أبي خالد الأحمر، وأبو داود 3251 في الأيمان والنذور: باب في كراهية الحلف بالآباء، والحاكم 1/18 من طريق جرير، والبيهقي 10/29 من طريق مسعود بن سعد، أربعتهم عن الحسن بن عبيد الله، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في الموضعين! من أن البخاري لم يخرج للحسن بن عبيد الله شيئاً.

وأخرجه بنحوه الطيالسي 1896، وعبد الرزاق 15926، وأحمد 2/34 من طرق عن سعد بن عبيد، به.

وأخرجه أحمد 2/86-87 و125، والبيهقي 10/29 من طريق شعبة، عن منصور، عن سعد بن عبيدة قال: كنت عند عبد الله بن عمر فقمتُ وتركتُ رجلاً عنده من كندة، فأتيت سعيد بن المسيب، قال: فجاءه الكندي فزعاً، فقال: جاء ابن عمر رجلٌ فقال: أَحلِفُ بالكعبة؟ قال: لا، ولكن احلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تحلِف بأبيك، فإنه من حلَف بغير الله، فقد أشرك".

وأخرجه أحمد 2/69 من طريق شيبان، عن منصور، بنحوه. وسمّى الرجل الكندي: محمداً، ومحمد الكندي هذا قال ابن أبي حاتم 8/132: روى عن علي رضي الله عنه، مرسل، روى عنه عبد الله بن يحيى التوأم، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته يقول: هو مجهول. قلت: وروى عنه أيضاً سعد بن عبيدة.

وأخرجه أحمد 2/58 و60 عن وكيع، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة قال: كنت مع ابن عمر في حلقة فسمع رجلاً في حلقة أخرى وهو يقول: لا وأبي، فرماه ابن عمر بالحصى، وقال: إنها كانت يمين عمر، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عنها، وقال:"إنها شرك".

والمراد بالشرك هنا: الشرك العملي الذي لا ينتقل المتلبِّس به عن الملّة،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 200

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وليس الشركَ الاعتقادي.

وقال المناوي في "فيض القدير" 6/120: أي: فعَلَ فِعْل أهل الشرك، أو تشبّه بهم إذا كانت أيمانهم بآبائهم وما يعبدون من دون الله، أو فقد أشرك في تعظيم من لم يكن له أن يعظمه، لأن الأيمان لا يصلح إلا بالله، فالحالف بغيره معظم غيره مما ليس له، فهو يشرك غير الله في تعظيمه، ورجحه ابن جرير. وانظر "الفتح" 11/540.

ص: 201

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ مَنْهِيٌّ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ بِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى

4359 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ:"إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ ليسكت"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وانظر ما بعده.

ص: 201

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا

4360 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ، وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كان حالفا، فليحلف بالله أو ليصمت"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/480 في النذور والأيمان:..=

ص: 201

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= باب جامع الأيمان.

ومن طريق مالك أخرجه الدارمي 2/185، والبخاري 6646 في الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، والبيهقي 10/28، والبغوي 2431.

وأخرجه الطيالسي ص5، وأحمد 2/11 و17 و142، والحميدي 686، والبخاري 2679 في الشهادات: باب كيفية يُستَحلف؟ و6108 في الأدب: باب من لم ير إكفار مَن قال ذلك متأولاً أو جاهلاً، ومسلم 1646 3 و4 في الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، والترمذي 1534 في النذور والأيمان: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، والنسائي في النعوت كما في "التحفة" 6/181، والبيهقي 10/28 من طرق عن نافع، وبهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود 3249 في الأيمان والنذور: باب في كراهية الحلف بالآباء، والبيهقي 10/29 من طريق أحمد بن يونس، عن زهير بن معاوية، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركه وهو في ركب

فذكره، هكذا جعله زهير عن عبيد الله من مسند عمر، ورواه غير زهير عن عبيد الله فجعله من مسند ابن عمر، وكذلك رواه ستة آخرون عن نافع فجعلوه من مسند ابن عمر.

وأخرجه عبد الرزاق 15923 عن عبد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، عن أبيه، فكره، وعبد الله بن عمر الراوي عن نافع ضعيف، وقد خالفه الثقات من أصحاب نافع فجعلوه عن ابن عمر.

وأخرجه عبد الرزاق أيضاً 15924 عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم ابن أبي المخارق، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، هكذا هو في رواية إسحاق الدبري عن عبد الرزاق من مسند عمر، وأخرجه مسلم 1646 4 عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وابن رافع، كلاهما عن عبد الرزاق، به. فجعلاه عن ابن عمر كما تبين رواية مسلم.

وأخرجه أحمد 2/7 عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع عمر

فذكره، وزاد في آخره: وقال عمر: فما حلفتُ بها بعدُ ذاكراً ولا آثراً.

وأخرجه أحمد 2/8، والحميدي 624، ومسلم 1646،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=والترمذي 1533، والنسائي 7/4 في الأيمان والنذور: باب الحلف بالآباء، وابن الجارود 622، والبيهقي 10/28 من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. لكن ليس فيه فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. وعلّقه البخاري بعد الحديث 6647: وقال ابن عيينة ومعمر عن الزهري، به.

قال الحميدي بإثره: قال سفيان: سمعت محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة –وكان بصيراً بالعربي- يقول: ولا آثراً آثُرُه عن غيري: أُخبِر عنه أنه حلف بها.

وقال أبو عبيد في "غريب الحديث" 2/59: "ولا آثراً" يريد به: ولا مخبراً عن غيري أنه حلف به، يقول: لا أقول: إن فلاناً قال: وأبي لا أفعل كذا وكذا، ومن هذا قيل: حديث مأثور، أي: يخبر به الناس بعضهم بعضاً، يقال منه: أثرت –مقصوراً- الحديث آثُرُه أثراً، فهو مأثور وأنا آثِر –على مثال فاعل- قال الأعشى:

إنّ الذي فيه تَماريتُما

بيّن للسامع والآثِرِ

وقوله: ذاكراً، قال البغوي في "شرح السنة" 10/4: لم يُرِد به الذكرَ الذي هو ضدّ النسيان، بل أراد به محدِّثاً عن نفسي، متكلّماً به.

وأخرجه عبد الرزاق 15922، وأحمد 1/18 و36، والبخاري 6647 في الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، ومسلم 1646 1 و2، وأبو داود 3250، والنسائي 7/5، وابن ماجة 2094 في الكفارات: باب النهي أن يحلف بغير الله، والبيهقي 10/28 من طرق عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر.

وأخرجه عبد الرزاق 15925، وأحمد 1/19 و32 و36 من طريقين عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمر قال: كنت في ركب أسير في غزاة مع النبي صلى الله عليه وسلم فحلفت، فقلت: لا وأبي، فنَهَرني رجلٌ من خلفي، وقال:"لا تحلفوا بآبائكم". قال: فالتقتُّ فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي الحديث أنه من حلف بغير الله وذاته وصفاته لم تنعقد يمينه، سواء كان المحلوف به يستحق التعظيم لمعنى غير العبادة كالأنبياء والملائكة والعلماء والصلحاء والملوك والآباء والكعبة، أو كان لا يستحق التعظيم كالآحاد، أو يستحق التحقير والإذلال كالشياطين والأصنام وسائر مَن عُبد من دون الله. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=قال الإمام الطبري: إن اليمين لا تنعقد إلا بالله، وأن مَن حلَف بالكعبة أو آدم أو جبريل أو نحو ذلك، لم تنعقد يمينه، ولزمه الاستغفار لإقدامه على ما ينهة عنه ولا كفارة في ذلك.

وقال ابن هبيرة في كتاب "الإجماع": أجمعوا على أن اليمين منعقدة بالله وبجميع أسمائه الحسنى وبجميع صفات ذاته كعزته وجلاله وعلمه وقوته وقدرته، واستثنى أبو حنيفة علمَ الله فلم يره يميناً، وكذا حق الله، واتفقوا على أنه لا يحلف بمعظّم غير الله كالنبي، وانفرد أحمد في رواية، فقال: تنعقد، وانظر فتاوى "شيخ الإسلام" 1/335.

ص: 204

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ الْمَرْءُ بِأَبِيهِ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4361 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَلْيَحْلِفْ حَالَفٌ بِاللَّهِ أَوْ لِيَسْكُتْ"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه مسلم 1646 4 في الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

ص: 204

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ

4362 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن جعفر، قالك وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ

ص: 204

أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلَا يَحْلِفُ إِلَّا بِاللَّهِ" وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تحلف بآبائها، فقال:"لا تحلفوا بآبائكم"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، يحيى بن أيوب المَقَابِري ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات على شرطهما.

وأخرجه مسلم 1646 في الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، عن يحيى بن أيوب المقابري، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 3836 في مناقب الأنصار: باب أيام الجاهلية، والنسائي 7/4 في الأيمان والنذور: باب التشديد في الحلف بغير الله تعالى، والبيهقي 10/29-30 من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به.

وأخرجه أحمد 2/20 من طريق سفيان، و98 من طريق صالح بن قدامة الجمحي، والبخاري 6648 في الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، ثلاثتهم عن عبد الله بن دينار، به. ورواية البخاري مختصرة.

ص: 205

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ حَلِفِ الْمَرْءِ بِالْأَمَانَةِ إِذَا أَرَادَ الْقَسَمَ

4363 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الطَّائِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ خَبَّبَ1 زوجة امرىء أَوْ مَمْلُوكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فليس منا"2.

1 في الأصل: خبث، والمثبت من التقاسيم 2/لوحة 169.

2 إسناده صحيح، الوليد بن ثعلبة ثقة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة، وهناد السري من رجال مسلم، وباقي السند على شرطهما.

وأخرجه أحمد 5/352 عن وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 4/298 من طريق عبد الله بن داود، والبيهقي 10/3 من طريق زهير بن معاوية، كلاهما عن الوليد بن ثعلبة، به. وصحح الحاكم إسناده. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 205

ابْنُ بُرَيْدَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ بْنِ حصيب1.

= ووافقه الذهبي.

وأخرج القسم الأخير منه أبو داود 3253 في الأيمان والنذور: باب في كرهية الحلف بالأمانة، عن أحمد بن يونس، عن زهير، عن الوليد بن ثعلبة، به.

وللقسم الأول شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد 2/397، وأبي داود 2175 و5170، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 10/147. وإسناده صحيح.

قال الخطابي في "معالم السنن" 4/152: قوله: خبّب يريد أفسد وخدع، وأصله من الخب، وهو الخداع، ورجل خب، ويقال: فلان خبّ ضبّ: إذا كان فاسداً مفسداً.

وقال أيضاً 4/46 تعليقاً على قوله: مَن حلف بالأمانة ليس منا: هذا يشبه أن تكون الكراهة فيها من أجل أنه إنما أمر أن يحلف بالله وصفاته، وليست الأمانة من صفاته، وإنما هي أمر من أمره، وفرض من فروضه، فنُهوا عنه لما في ذالك من التسوية بينها وبين أسماء الله عز وجل وصاته.

1 تحرف في الأصل إلى: حصين، والتصويب من التقاسيم.

ص: 206

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالشَّهَادَةِ مَعَ التَّفْلِ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا لِمَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى

4364 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عن أبي إسحاق، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ أَصْحَابِي: قُلْتَ هُجْرًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ قَرِيبًا، وَحَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، ثَلَاثًا، ثُمَّ اتْفُلْ عَنْ يَسَارِكِ ثَلَاثًا،

ص: 206

وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَلَا تَعُدْ" 1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. رواية إسرائيل عن جده أبي إسحاق في "الصحيحين".

وأخرجه أحمد 1/183، وابن ماجة 2097 في الكفارات: باب النهي أن يحلف بغير الله، من طريق آدم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/186-187، وأبو يعلى 719 و736 من طرق عن إسرائيل، به.

وأخرجه النسائي 7/7-8 و8 في الأيمان والنذور: باب الحلف باللات والعزى، والتفسير كما في "التحفة" 3/320، وفي "اليوم والليلة" 989 و990 من طريق زهير ويونس بن أبي إسحاق، كلاهما عن أبي إسحاق، به.

ص: 207

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنَ الشَّيْطَانِ لِمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى

4365 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ لِي أَصْحَابِي: لَقَدْ قُلْتَ هُجْرًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ حَدِيثًا، وَإِنِّي حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، ثَلَاثًا، وَانْفُثْ عَنْ شِمَالِكَ ثَلَاثًا، وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَا تعد"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرطهما غير إسحاق بن إسماعيل الطلقاني، وهو ثقة روى له أبو داود. وهو مكرر ما قبله.

ص: 207

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ الْمَرْءُ بِسَائِرِ الْمِلَلِ سِوَى الْإِسْلَامِ

4366 -

أَخْبَرَنَا شَبَابُ بْنُ صَالِحٍ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَمَا1 قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ، عُذِّبَ بِهِ فِي نار جهنم"2.

1 في الأصل: فهو كافر، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 2/لوحة 160.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهب بن بقية: ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه على شرطهما. خالد الأول: هو خالد بن مهران الحذّاء، والثاني الراوي عنه: خالد بن عبد الله الواسطي.

وأخرجه أحمد 4/33 و34، والبخاري 1363 في الجنائز: باب ما جاء في قاتل النفس، ومسلم 110 177 في الأيمان: باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه..، والنسائي 7/5-6 في الأيمان والنذور: باب الحلف بملة سوى الإسلام، وابن ماجة 2098 في الكفّارات: باب من حلف بملة غير الإسلام، والطبراني 1338 و1339 من طرق عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد وبعضهم يزيد فيه على بعض.

وأخرجه عبد الرزاق 15972، وأحمد 4/34، والحميدي 850، والبخاري 6105 في الأدب: باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، و6652 في الأيمان والنذور: باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام، ومسلم 110 177، والطبراني 1324 و1325 و1326 و1327 و1328 و1329 و1330، والبيهقي 8/23 من طرق عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، به. وانظر "الفتح" 11/546-548.

ص: 208

‌ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ حَلَفَ كَاذِبًا بِالْمِلَلِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ الْإِسْلَامِ

4367 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ كَاذِبًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عذب به يوم القيامة"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم ثقة، من رجال البخاري، ومن فوقه على شرطهما.

وأخرجه النسائي 7/6 في الأيمان والنذور: باب الحلف بملة سوى الإسلام، عن محمود بن خالد، والطبراني 1336 من طريق صفوان بن صالح، كلاهما عن الوليد بن مسلم وقد تحرف في المطبوع من النسائي إلى: أبي الوليد، وجاء على الصواب في "التحفة" 2/120 بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي 7/19 باب النذر فيما لا يملك، من طريق أبي المغيرة، عن الأوزاعي، به.

وأخرجه الطيالسي 1197، وعبد الرزاق 15984، وأحمد 4/33، والبخاري 6047 في الأدب: باب ما يُنهى عن السباب واللعن، ومسلم 110 176، وأبو داود 3257 في الأيمان والنذور: باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام، والترمذي 1543 في النذور والأيمان: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير ملة الإسلام، وأبو يعلى 1535، وابن الجارود 924، والطبراني 1331 و1332 و1333 و1334 و1335 و1337، والبيهقي 10/30 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.

ص: 209

‌ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ النَّارِ لِلْحَالِفِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذِبًا

4368 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هشام بن هشام بْنِ1 عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ2 بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثمة، تبوأ مقعده من النار"3.

1 حرفت في الأصل إلى: عن، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 234.

2 في الأصل والتقاسيم: عبيد، وهو تحريف، والتصويب من "الموطأ" و"التهذيب" وفروعه، ويبدو أن هذا التحريف ليس من النساخ وإنما هو من المؤلف نفسه، فإنه لم يورد عبد الله بن نسطاس هذا في ثقاته وإنما أورد عبيد بن نسطاس، لكن ذكر في ترجمة هاشم بن هاشم وهو هشام بن هشام نفسه من الثقات أنه روى عن عبد الله بن نسطاس.

3 إسناده قوي، عبد الله بن نسطاس وإن لم يرو عنه غير هشام بن هشام بن عتبة فقد وثقه النسائي وابن عبد البر في "الاستذكار.." واحتج به مالك، وباقي السند ثقات على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/727 في الأقضية: باب ما جاء في الحنث على منبر النبي صلى الله عليه وسلم. هشام بن هشام بن عتبة: كذا وقع في "الموطأ" وفي ترجمته في "تهذيب الكمال" وفروعه: هاشم بن هاشم بن عتبة: ويقال: هاشم بن هاشم بن هاشم بن عتبة، وكذا أورده المؤلف في "ثقاته"، لكن قال الزرقاني 4/2: ويقال فيه: هشام بن هشام.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/73، وأحمد3/244، والنسائي في القضاء كما في "التحفة" 2/213، والحاكم 4/296-297، والبيهقي17/398 و10/176. وكلهم قالوا فيه عن هشام بن هشام بن عتبة.

وأخرجه أبو داود 3246 في الأيمان والنذور: باب ما جاء في تعظيم اليمين عند منبر النبي، وابن ماجة 2325 في الأحكام: باب اليمين عند مقاطع الحقوق، والحاكم 4/396، والبيهقي 7/398 و10/176 من طرق عن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 210

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هاشم بن هاشم، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وزاد فيه هؤلاء ولو على سواك أخضر.

وأخرجه أحمد 3/375 عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عكرمة، حدثني رجل من جهينة -ونحن مع أبي سلمة بن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله أن رسول صلى الله عليه وسلم قال:"أيما امرئ من الناس حلف عند منبري هذا على يمين كاذبة يستحق بها حق مسلم أدخله الله عز وجل النار، وإن على سواك أخضر". محمد بن عكرمة لم يرو عنه سوى إبراهيم بن سعد ولم يوثقه غير ابن حبان، والرجل من جُهينة مجهول.

وله شاهد من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح عند أحمد 2/329 و518، وابن ماجة 2326، والحاكم 4/297 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن الحسن بن يزيد بن فروخ الضمري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة، ولو على سواك رطب، إلا وجبت له النار". وصحح الحاكم إسناده على شرط الشيخين ووافقه الذهبي! مع أن الحسن بن يزيد لم يخرجا له ولا أحدهما، وهو ثقة.

ص: 211

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمُحَالَفَةِ1 الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ

4369 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ التَّوْأَمِ أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحِلْفِ فَقَالَ:"لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ"2.

1 في الأصل: الحالفة، والمثبت من التقاسيم2/لوحة 200.

2 حديث صحيح. أبو نعيم الحلبي: هو عبيد بن هاشم، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقد توبع. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والمغيرة: هو ابن مقسم الضبي: ثقة متقن روى له الستة، وأبوه المقسم لم يوثقه غير المؤلف 5/454، ولم يروعه غير ابنه، وشعبة بن التوأم روى عنه جمع، وذكره المؤلف في ثقاته 4/362. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =

ص: 211

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه الطيالسي 1084، والحميدي 1206، والطحاوي في"مشكل الآثار" 2/239، والطبراني 18/864، والطبري في جامع البيان 9291 من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/61، والطبري 9292، والطبراني 18/864 من طريق هشيم، عن مغيرة بن مقسم، به.

وأخرجه أحمد 5/61، والطبراني 18/865، من طريق عباد بن عباد المهلبي، عن شعبة، عن مغيرة، عن أبيه سقطت من المطبوع من الطبراني به. وزادوا فيه على المؤلف ما كان من حلف الجاهلية فتمسكوا به، وانظر ما بعده.

قال الخطابي: قوله "لا حلف في الإسلام" يريد على ما كانوا في الجاهلية، كانوا يتواضعون فيما بينهم بآرائهم، قال البغوي: كان ذلك في الجاهلية بمعنى الأخوة، يبنون عليها أشياء جاء الشرع بإبطالها، والأخوة في الإسلام ثابتة على حكم الشرع، وقد روي عن أنس، قال: حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري. قال سفيان بن عيينة: معنى حالفه: آخى، وإلا فلا حلف في الإسلام كما جاء في الحديث. قال البغوي: يعني ما كان من حكم الجاهلية.

قلت: حديث أنس: خرجه البخاري 2294 في الكفالة: باب قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} من طريق عاصم الأحول، قال: قلت لأنس بن مالك: أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا حلف في الإسلام" فقال: قد حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري. وأخرجه مسلم 2529، وأبو داود 2926، وزاد الأخير مرتين أو ثلاثاً.

قال الطبري: ما استدل به أنس على إثبات الحلف لا ينافي حديث جبير بن مطعم وسيرد عند المصنف قريباً في نفيه، فإن الإخاء المذكور كان في أول الهجرة، وكانوا يتوارثون به، ثم نسخ من ذلك الميراث، وبقي ما لم يعطله القرآن، وهو التعاون على الحق والنصر، والأخذ على يد الظالم، أخرج البخاري في صحيحه 2292 و4580 و6747 من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قال: ورثة، {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} قال: كان المهاجرون لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وَرِث المهاجرُ الأنصاريَّ دون ذوي رحمه للأخوّة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 212

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=بينهم، فلما نزلت {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نسخت، ثم قال:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إلا النصر والرفادة والنصيحة. وقد ذهب الميراثُ، ويُوصى له.

وقال الإمام النووي: المنفي حِلف التوارث، وما يمنع منه الشرع، وأما التحالف على طاعة الله، ونصر المظلوم، والمؤاخاة في الله تعالى، فهو أمر مرغب فيه.

وقال الحافظ في "الفتح"10/518 تعليقاً على حديث أنس: تضمن جواب أنس إنكار صدر الحديث، لأن فيه نفي الحلف، وفيما قاله هو إثباته، ويمكن الجمعُ بأن المنفي ما كانوا يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولوكان ظاماً، ومن أخذ الثأر من القبيلة بسبب قتل واحد منها، ومن التوارث ونحو ذلك، والمثبت ما عدا ذلك من نصر المظلوم، والقيام في أمر الدين ونحو ذلك من المستحبات الشرعية كالمصادقة والمواددة وحفظ العهد.

وفي "النهاية" 1/424 لابن الأثير: أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتَّساعد والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات، فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله صلى الله عليه وسلم "لا حلف في الإسلام" وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم:"وأيّما حلف كان في لجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" يريد من المعاقدة على الخير نُصرة الحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام، وقيل: المحالفة كانت قبل الفتح.

ص: 213

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4370 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً أَوْ حِدَّةً"1.

1 شريك –وهو ابن عبد 23الله النخعي القاضي- سيء الحفظ، ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب، وهو في"مسند أبي يعلى"2336. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =

ص: 213

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 1/317 و329، والدارمي 2/23، والطبري 9289، والطبراني 11740 من طرق عن شريك، بهذا الإسناد، ولم يقل أحمد في روايته في أوله: لا حلف في الإسلام.

وأخرجه الطبري 9290 عن أبي كريب، حدثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائل بن يونس، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حلف في الإسلام، وكل حلف كان في الجاهلية، فلم يزده الإسلام إلا شدة، وما يسرّني أن لي حمر النعم وإني نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة" وهذا سند صحيح على شرط مسلم.

ص: 214

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا زَجَرَهُمْ عَنْ إِنْشَاءِ الْحِلْفِ فِي الْإِسْلَامِ لَا فَسْخَ1 مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

4371 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شدة"2.

1 في الأصل: نسخ، والمثبت من التقاسيم 2/لوحة 200.

2 حديث صحيح، مسروق بن المزربان روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه، وقال صالح بن محمد: صدوق، وأورده المؤلف في ثقاته، وقد توبع، ومن فوقه ثقات على شرطهما، ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 2/238 من طريق أسد بن موسى، عن يحيى بن أبي زكريا بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/83، ومسلم 2530 في "فضائل الصحابة": باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله تعالى عنهم، وأبو داود 2925 في الفرائض: باب في الحلف، والطبراني 1597، والبيهقي 6/262، والطبري 9295 من طرق عن زكريا بن أبي زائدة، به. وانظر ما بعده.

ص: 214

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ أَبِيهِ

4372 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ1 جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَزِدْهُ إِلَّا شِدَّةً"2.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْرٍ، وَسَمِعَهُ مِنْ نَافِعِ بْنِ جبير عن أبيه، فالإسنادان محفوظان.

1 تحرفت في الأصل "والتقاسيم" 2/لوحة 201 إلى: عن، والتصويب من "مسند أبي يعلى" والمصادر الأخرى

2 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "مسند أبي يعلى" ورقة 347/1.

وأخرجه النسائي في الفرائض كما في "التحفة" 2/417، والطحاوي في "المشكل" 2/238، والطبراني 1508، والبيهقي 6/262 من طرق عن إسحاق بن يوسف الأزرق، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 2/220 من طريق عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أبي زائدة، به، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبيُّ، وهو كما قالا.

وفي الباب عن أم سلمة عند الطبري 9223، وأبي يعلى، والطبراني كما في "المجمع" 8/173.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطبري 9297 و9298 و9299، والبخاري في "الأدب المفرد"570.

ص: 215

‌ذِكْرُ خَبَرٍ فِيهِ شُهُودِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ

4373 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَإِنِّي أَنْكُثُهُ"1.

1 إسناده صحيح، عبد الرحمن بن إسحاق: هو المدني، أخرج له مسلم في الشواهد، ووثقه ابن معين وأبو داود وغيرهما، وحكى الترمذي في "العلل" أن البخاري قد وثقه، وتكلم فيه بعضهم، وقال أحمد: أمّا ما كتبنا من حديثه فصيح. وباقي رجال السند ثقات على شرطهما.

وأخرجه أحمد 1/193، والبخاري في "الأدب المفرد" 567، والحاكم 2/219-220، والبيهقي 6/366، وابن عدي في "الكامل" 4/1610 من طريق إسماعيل بن عُلية، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/190، والبيهقي 6/366 من طريق بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق، به.

قلت: والمراد بحلف المطيبين: هو حلف الفضول، لأن المطيبين هم الذين عقدوا حلف الفضول، كما سيذكره المؤلف قريباً.

ص: 216

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا أَوْمَأْنَا إِلَيْهِ

4374 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا شَهِدْتُ مِنْ حِلْفِ قُرَيْشٍ إِلَّا حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حمر النعم

ص: 216

وَإِنِّي كُنْتُ نَقَضَتْهُ" قَالَ: وَالْمُطَيِّبُونَ: هَاشِمٌ وَأُمَيَّةُ وَزَهْرَةُ وَمَخْزُومٌ1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَضْمَرَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ مَنْ يُرِيدُ بِهِ: شَهِدْتُ مِنْ حِلْفِ الْمُطَيَّبِينَ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَشْهَدْ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ لِأَنَّ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ كَانَ قَبْلَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِلْفَ الْفُضُولِ، وَهُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ2. قَدْ ذَكَرْتُ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ بتفصيل في كتاب التوريث والحجب.

1 معلى بن مهدي روى عنه جمع، وأورده ابن أبي حاتم 8/335 وقال عن أبيه: شيخ موصلى أدركته ولم أسمع منه، يُحدث أحياناً بالحديث المنكرر، وذكره المؤلف في "ثقاته" 9/182-183، وقال الذهبي في "الميزان" 4/151: هو من العباد الخيرة، صدوق في نفسه، وذكره أيضاً في كتابه "المغني في الضعفاء" 2/670، وعمر بن أبي سلمة حديثه يقرب من الحسن، وباقي السند على شرطهما.

وأخرجه البيهقي 6/366 من طريق الحسن بن سعيد الموصلي، عن المعلى بن مهدي، بهذا الإسناد، وقال: لا أدري هذا التفسير أي قوله: والمطيبون

إلخ من قول أبي هريرة أو من دونه.

2 قال القتيبي فيما نقله عنه البيهقي في "السنن" 6/367: وكان سبب الحلف أن قريشاً كانت تتظالم بالحرم، فقام عبد الله بن جدعان، والزبير بن عبد المطلب، فدَعَوهم إلى التحالف على التناصر، والأخذ للمظلوم من الظالم، فأجابهما بنو هاشم وبعض القبائل من قريش، فتحالفوا في دار عبد الله بن جدعان، فسمَّوُا الحلف حلفَ الفضول تشبيهاً له بحلف كان بمكة أيام من جرهم على التناصف والأخذ للضعيف من القوي، وللغريب من القاطن، قام به رجال من جرهم يقال لهم: الفضل بن الحارث، والفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة، فقيل: حلف الفضول، جمعاً لأسماء هؤلاء.

وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" 2/270 بعد أن نقل قول البيهقي بإثر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 217

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الحديث الذي أخرجه عنه: وزعم بعضُ أهل السير أنه أراد حلف الفضول، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدرك حلفَ المطيبين: قلت: هذا لا شكَّ فيه، وذلك أن قريشاً تحافلفوا بعد موت قصي، وتنازعوا في الذي كان جعله قُصي لابنه عبد الدار من السقاية والرفادة واللواء والندوة والحجابة، ونازعهم فيه بنو عبد مناف، وقامت مع كل طائفة قبائل من قريش، وتحالفوا على النصرة لحزبهم، فأحضر أصحاب بني عبد مناف جفنةً فيها طيب، فوضعوا فيها أيديهم وتحالفوا، فلما مسحوا أيديَهم بأركان البيت، فسموا المطيبين، وكان هذا قديماً، ولكن المرادَ بهذا الحلف الفضول، وكان في دار عبد الله بن جدعان كما رواه الحميدي، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الله، عن محمد وعبد الرحمن ابني أبي بكر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد شهدتُ في دار عبد الله بن جُدعان حلفاً لو دُعيتُ له في الإسلام لأجبت، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها، وألاّ يغزوَ ظالمٌ مظلوماً"، قالوا: وكان حلف الفضول قبل المبعث بعشرين سنة في شهر ذي القعدة، وكان بعد حرب الفجار بأربعة أشهر.

ص: 218

‌كتاب النذور

‌ذكر الخبر الذي فيه الزجر عن النذور

19-

كِتَابُ النُّذُورِ

4375 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. منصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه أبو داود 3287 في الأيمان والنذور: باب النهي عن النذور، عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وزاد فيه ويقول: لا يردّ شيئاً، وإنما يستخرج به من الدخيل.

وأخرجه مسلم 1629 2 في النذور: باب النهي عن النذر، وأنه لا يرد شيئاً، من طريقين عن جرير، به. وفيه زيادة.

وأخرجه أحمد 2/61 و86، والبخاري 6608 في القدر: باب إلقاء العبد النذرَ إلى القدر، و6693 في الأيمان والنذور: باب الوفاء بالنذر، وقول الله تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} ، ومسلم 1639 4، والنسائي 7/15-16 و16 في الأيمان والنذور: باب النهي عن النذور، وابن ماجة 2122 في الكفارات: باب النهي عن النذر، والطحاوي في "المشكل"1/362 و362-363، والبيهقي 10/77 من طرق عن منصور، به، وفيه زيادة.

وأخرجه بنحوه مسلم 1639 3 من طريق سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر.

وأخرجه الطحاوي 1/363 من طريق شريك بن عبد الله، عن منصور، به، بلفظ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وأمر بالوفاء به.

ص: 219

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ النَّذْرِ

4376 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَنْذِرُوا، فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ مِنَ الْقَدْرِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ من البخيل"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 2/412 و463، ومسلم 1640 5 و6 في النذر: باب النهي عن النذر وأنه لا يرد شيئاً، والترمذي 1538 في النذور والأيمان: باب في كراهية النذر، والنسائي 7/16-17 في الأيمان والنذور: باب النذر يستخرج به من البخيل، وابنُ أَبِي عاصم في السنة 313 من طرقٍ عن العلاء بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/373، والبخاري 6694 في الأيمان والنذور: باب الوفاء بالنذر، ومسلم 1640، وأبو داود 3288 في الأيمان والنذور: باب النهي عن النذور، والنسائي 7/16 في الأيمان والنذور: باب النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره، وابن ماجة 2123 في الكفارات: باب النهي عن النذر، وابن أبي عاصم 312، والطحاوي في "مشكل الأثار" 1/364، والحاكم 4/304، والبيهقي 10/77 من طريقين عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن النذر لا يقرّب من ابن آدم شيئاً لم يكن اللهُ قدّره له، ولكن النذر يوافق القدرَ، فيخرج بذلك من البخيل يريد أن يخرج" هذا لفظ مسلم.

وأخرجه أحمد 2/242، والحميدي 1112 عن سفيان، عن أبي زياد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى

" فذكره بنحوه.

وأخرجه بنحوه أحمد 2/314، وابن الجارود 932 من طريق عبد الرزاق، والبخاري 6609 من طريق عبد الله، كلاهما عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.

ص: 220

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ

4377 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عبد الله بن مرة عن بْنَ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ النَّذْرُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، ولكن يستخرج من البخيل"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، مسدَّد من رجاله، ومن فوقه على شرطهما.

وأخرجه أبو داود 3287 في الأيمان والنذور: باب النهي عن النذور، عن مسدّد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/185 عن عمرو بن عون، عن أبي عوانة، به. وانظر 4375.

قال الإمام القرطبي في "المفهم"فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 11/587: هذا النهي محله أن يقول مثلاً: إن شفى الله مريضي، فعليّ صدقة كذا، ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكور على حصول الغرض المذكور، ظهر أنه لم يتمحّض له نية التقرب على الله تعالى لما صدر منه، بل سلك منها مسلك المعارضة، ويوضحه أنه لو لم يشف مريضه، لم يتصدق بما علَّقه على شفائه، وهذه حالة البخيل، فإنه لا يخرج من ماله شيئاً إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالباً، وهذا المعنى هو المشار إليه في الحديث لقوله:"إنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه" قال: وقد ينضم على هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصولَ ذلك الغرض، أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر، وإليهما الإشارة بقوله في الحديث أيضاً "فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً"

ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة، وقال: والذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد، فيكون إقدامه على ذلك محرماً، والكراهة في حق من لم يعتقد ذلك.

وأخرج الطبري 29/208 بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} قال: كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة، وما افترض عليهم، فسماهم الله بذلك الأبرار. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 221

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وهذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة، وقد اتفق أهل العلم على وجوب الوفاء بنذر المجازاة، وبالنذر المطلق.

وقال ابن الأثير في "النهاية" 5/39: تكرر النهي عن النذر في الحديث، وهو تأكيد لأمره، وتحذير عن التهاون به بعد إيجابه، ولو كان معناه الزجر عنه حتى لا يُفعل، لكان في ذلك إبطال حُكمه، وإسقاط لزوم الوفاء به، إذا كان بالنهي يصير معصية، فلا يلزم، وإنما وجه الحديث أنه قد أعلمهم أن ذلك أمرٌ لا يجرُّ لهم في العاجل نفعاً، ولا يصرف عنهم ضراً، ولا يردُّ قضاءً، فقال: لا تنذروا، على أنكم قد تدركون بالنَّذر شيئاً لم يقدِّره الله لكم، أو تصرفون به عنكم ما جرى به القضاءُ عليكم، فإذا نذرتم ولم تعتقدوا هذا، فاخرجوا عنه الوفاء، فإن الذي نذرتموه لازمٌ لكم.

ص: 222

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ قِلَّةِ الِاشْتِغَالِ بِالنَّذْرِ فِي أَسْبَابِهِ

4378 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ الله بن عمر بن الخطاب، إذا جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ ابْنًا لِي كَانَ بِأَرْضِ فَارِسَ، فَوَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ، فَنَذَرْتُ: إِنِ اللَّهُ نَجَّى لِي ابْنِي أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَإِنَّ ابْنِي قَدِمَ، فَمَاتَ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنَّمَا نَذَرْتُ أَنْ يَمْشِيَ ابْنِي، وَإِنَّ ابْنِي قَدْ مَاتَ. فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ: أَوَلَمْ1 تُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ؟ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إن

1 في الأصل: "أولو"، والمثبت من "التقاسيم" 3/لوحة 308.

ص: 222

النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّرُهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَنْزِعُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ".

فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، قُلْتُ لِلرَّجُلِ: انْطَلِقْ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَلْهُ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقُلْتُ: مَاذَا قَالَ لَكَ؟، قَالَ: امْشِ عَنِ ابنك، قال: أيجزيء عَنِّي ذَلِكَ؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَرَأَيْتَ لَوَ كَانَ عَلَى ابْنِكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ، أَكَانَ يجزيء عَنْهُ؟ قُلْتُ: بَلَى1. قَالَ فَامْشِ عَنِ ابْنِكَ2.

1 كذا في الأصل والتقاسيم بلى، والجادة نعم كما في رواية الطحاوي، لأن بلى يجاب عنها بالنفي المجرد أو المقرون بالاستفهام، لكن وقع في كتب الحديث ما يقتضي أنها يجاب بها الاستفهام المجرد كما وقع هنا، وفي "صحيح البخاري" 6642 في الأيمان، من حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:"أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ " قالوا: بلى.

وفي "صحيح مسلم" 1623 17 في الهبة: "أيسرّك أن تكونوا إليك في البر سواء؟ " قال: بلى، قال: فلا إذن.

وفيه أيضاً أنه قال: أنت الذي لقيتني بمكة؟ فقال له المجيب: بلى. وانظر مغني اللبيب 1/113-114.

2 إسناده قوي، محمد بن وهب بن أبي كريمة احتج به النسائي، وقال عنه: لا بأس به، وقال مرة: صالح، وقال مسلمة: صدوق، روى عن جمع، وروى عنه جمع، وذكره المؤلف في ثقاته. ومن فوقه ثقات على شرط مسلم. أبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحراني.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 1/363-364 من طريق ابن وهب وأبي عامر العقدي، عن فُليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 4/304 من طريق المعافى بن سليمان الحراني، عن فليح بن سليمان، به، إلا أنه لم يذكر فيه قصة سعيد بن المسيب، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووافقه الذهبي. وقد وهّم الحافظ في فتح 11/585 الحاكمَ لكون البخاري أخرجه مختصراً بالمرفوع. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 223

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقط، وهو غيرُ مصيب في توهيمه له، لأن الحاكم إنما أخرجه من أجل القصة التي فيه، وهو قد أشار إلى ذلك بقوله لم يخرجاه بهذه السياقة.

وأخرجه أحمد 2/118 عن يونس، والبخاري 6692 عن يحيى بن صالح، كلاهما عن فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث أنه سمع ابن عمر يقول: أوَلم ينهوا عن النذر؟! إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن النذر

" فذكره.

قال الحافظ في "الفتح" 11/585: وهذا الفرع غريب، وهو أن ينذر عن غيره فيلزم الغير الوفاء بذلك، ثم إذا تعذر، لزم الناذر، وقد كنت أستشكل ذلك، ثم ظهر لي أن الابن أقر بذلك والتزم به، ثم لما مات أمره ابن عمر وسعيد أن يفعل ذلك عن ابنه كما يفعل سائر القُرب عنه، كالصوم والحج والصدقة، ويحتمل أن يكون مختصاً عندهما بما يقع من الوالد في حق ولده، فيعقد لوجوب بر الوالدين على الولد بخلاف الأجنبي.

ص: 224

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ الْوَفَاءَ بِنَذْرٍ تَقَدَّمَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

4379 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَوْفِ بِنَذْرِكَ"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه الدارمي 2/183، والبخاري 2042 في الاعتكاف: باب من لم ير عليه –إذا اعتكف- صوماً، و2043 باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم، و6697 في الأيمان والنذور: باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنساناً في الجاهلية ثم أسلم، ومسلم 1656 27 في الأيمان: باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم، وابن ماجة 2129 في الكفارات: باب الوفاء بالنذر، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/133، والدارقطني 2/199،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والبيهقي 4/318 10/76 من طرق عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 1656، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 6/141 من طريق شعبة، عن عبيد الله بن عمر، به. إلا أنه قال فيه: أن عمر جعل يوماً يعتكفه في الجاهلية....

ص: 225

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4380 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ أَخْبَرَنَا نافع عن ابن عمر أن عمر قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فأوف بنذرك"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه أحمد 1/37 و2/20، والبخاري 2032 في الاعتكاف: باب الاعتكاف ليلة، ومسلم 1656 27، وأبو داود 3325 في الأيمان والنذور: باب من نذر في الجاهلية ثم أدرك الإسلام، والترمذي 1539 في النذور والأيمان: باب ما جاء في وفاء النذر، والطحاوي 3/133، وابن الجارود 941، والدارقطني 2/198-199، والبيهقي 10/76 من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

ص: 225

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِلْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا

4381 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ

ص: 225

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حُنَيْنٍ سَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَذَرٍ كَانَ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: اعْتِكَافِ يَوْمٍ، فَأَمَرَهُ بِهِ، قَالَ فَانْطَلَقَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَبَعَثَ مَعِي بِجَارِيَةٍ أَصَابَهَا مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ، قَالَ: فَجَعَلْتُهَا فِي بُيُوتِ الْأَعْرَابِ حَتَّى نَزَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِسَبْيِ حُنَيْنٍ، فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ يَقُولُونَ: قَدْ أَعْتَقَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ: اذْهَبْ فَأَرْسِلْهَا. قَالَ: فَذَهَبْتُ فَأَرْسَلْتُهَا1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَلْفَاظُ أَخْبَارِ ابْنِ عُمَرَ مُصَرِّحَةٌ أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةً إِلَّا هَذَا الْخَبَرَ، فَإِنَّ لَفْظَهُ أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ، فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ يُشْبِهُ أن يكون ذلك يوما أراد به

1 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه النسائي في الاعتكاف كما في "التحفة" 6/76 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا السند.

وأخرجه أحمد 2/35، ومسلم 1656 28 في الأيمان: باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم، من طريق عبد الرزاق، به.

وأخرجه مسلم 1656 28 من طريق ابن وهب، عن جرير بن حازم، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ

وأخرجه البخاري 3144 من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ أن عمر بن الخطاب

، لم يذكر فيه ابن عمر. وانظر الفتح 6/291 و7/360-361.

وأخرج قصةَ النذر البخاريُّ 2032 و2043 و6697، ومسلم 1656، والنسائي 7/22، والطحاوي 3/133 من طرق عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر.

وأخرجه البخاري 4320 من طريق معمر، والنسائي 7/21، والحميدي 691 من طريق سفيان، كلاهما عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

ص: 226

بِلَيْلَتِهِ، وَلَيْلَةً أَرَادَ بِهَا بِيَوْمِهَا، حَتَّى لَا يكون بين الخبرين تضاد1.

1 نقل الحافظ في "الفتح" 4/322 هذا الجمع عن المؤلف.

ص: 227

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ الرُّكُوبَ إِذَا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

4382 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْيَمَانِ الْمَدَنِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ حُمَيْدًا2 الطَّوِيلَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ -يَعْنِي إِلَى الْكَعْبَةِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لِغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ" وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ3.

1 نقل الحافظ في "الفتح" 4/322 هذا الجمع عن المؤلف.

2 في الأصل: حميد، والمثبت من "التقاسيم" 1/لوحة 489.

3 عبد الرحمن بن اليمان المدني لم أجده في ثقات المؤلف، ولا في غيره من كتب الرجال، وفي "الجرح والتعديل" 5/303: عبد الرحمن بن اليمان أبو معاوية الحضرمي سمع عطاء بن أبي رباح، روى عنه عبد الله بن عبد الوهاب الحجي، وفي "كشف الأستار" ص66: عبد الرحمن بن اليمان أبو معاوية الحضرمي عن عطاء بن أبي رباح، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجي، وعبد الرحمن الأوزاعي ذكره ابن أبي حاتم ولم يتعرض له بشيء كذا في "المغاني" ورقة 315، ولم أر له في غيره كلاماً، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/128-129 من طريق. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 227

وَاللَّيْثُ، وَالْهِقْلُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ كُلُّهُمْ أَقْرَانٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْيَمَانِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَحُمَيْدٌ أَقْرَانٌ، رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، قَالَهُ الشَّيْخُ رحمه الله.

= عبد الله بن صالح، عن الهقل بن زياد، بهذا الإسناد. وفيه يُهادى بين ابنين له.

وأخرجه النسائي 7/30 في الأيمان والنذور: باب ما الواجب على من أوجب على نفسه نذراً فعجز عنه، عن أحمد بن حفص، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، عن يحيى بن سعيد، به. وفيه: بين ابنيه. وهذا سند صحيح على شرط البخاري.

وأخرجه أحمد 3/271 من طريق حماد، والبغوي 2444 من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن حميد الطويل، عن أنس.

وأخرجه الترمذي بإثر الحديث 1537 من طريق ابن أبي عدي، عن حميد، به. وانظر ما بعده.

ص: 228

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ رُكُوبِ النَّاذِرِ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ جَلَّ وَعَلَا

4383 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَقَالَ:"مَا لَهُ؟ " قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن مشي هذا فليركب"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما، وهو في "مسند أبي يعلى" 3424، وفيه يهادى بين ابنيه.

وأخرجه مسلم 1642 في الأيمان: باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة، عن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يحيى بن يحيى التميمي، وأبو يعلى 3842 عن زهير بن خيثمة، كلاهما عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/114 و183 و235، والبخاري 1865 في جزاء الصيد: باب من نذر المشي إلى الكعبة، و6701 في الأيمان والنذور: باب النذر فيما لا يملك وفي معصية، ومسلم 1642، وأبو داود 3301 في الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، والترمذي 1537 في النذور والأيمان: باب ما جاء فيمن يحلف بالمشي ولا يستطيع، والنسائي 7/30 في الأيمان والنذور: باب ما الواجب على من أوجب على نفسه نذراً فعجز عنه، وأبو يعلى3532 و3881، وابن الجارود 939، وابن خزيمة 3044، والطحاوي 3/129، والبيهقي 10/78 من طرق عن حميد، به.

وأخرجه أحمد 3/271 من طريق حماد، عن ثابت، به.

ص: 229

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْنَاذِرِ الْحَجَّ مَاشِيًا بِالرُّكُوبِ مَعَ الْكَفَّارَةِ

4384 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أُخْتِي جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنْ تحج ماشية. قال: "فمرها فلتركب ولتكفر"1.

1 شريك –وهو ابن عبد الله النخعي- سيء الحفظ، وباقي رجاله ثقات، زكريا بن يحيى هو ابن صبيح الواسطي روى عنه جماعة، وذكره المؤلف في الثقات وقال: كان من المتقنين في الروايات.

وأخرجه أحمد 1/310 و315، وأبو داود 3295 في الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، وأبو يعلى 2443، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/130، وفي "مشكل الآثار" 3/38، والحاكم 4/302، والبيهقي 10/80 من طرق عن شريك، بهذا الإسناد، والرجل السائل في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 229

قال أبو حاتم: يشبه أن تكون هذا جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً بِالْيَمِينِ أو النذر لا كفارة فيه.

= حديث ابن عباس: هو عقبة بن عامر الجهني.

فقد أخرجه أحمد 1/239 و253 و311، والدرارمي 2/183 و184، وأبو داود 3296، والطحاوي في "معاني الآثار" 3/131، والطبراني 11828، والبيهقي 10/79 من طرق عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي هدياً. وهذا إسناد صحيح على شرطهما.

وأخرجه أبو داود 3297، والطبراني 11829، والبيهقي 10/79 من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به مثله، إلا أنه لم يذكر فيه الهَدْي.

وأخرجه ابن طهمان في "شيخته" 29، ومن طريقه البيهقي 10/79 عن مطر الوراق، عن عكرمة، به. وقال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتُهدي بدَنةً".

وأخرجه بنحوه الطبراني 11949 من طريق خالد، والحاكم 4/302 من طريق أبي سعد البقّال، كلاهما عن عكرمة، به. ولم يسم الرجل، وليس فيه ذكرٌ للهدي.

ص: 230

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِوَفَاءِ نَذَرِ النَّاذِرِ إِذَا نَذَرَ مَا لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ

4385 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَأَبُو يَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إِذْ رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: هَذَا أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ، فَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلُّ، وَلَا يتكلم، ولا

ص: 230

يُفْطِرُ، فَقَالَ:"مُرُوهُ فَلْيَقْعُدْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَصُمْ ولا يفطر"1.

1 إسناده صحيح. إبراهيم بن الحجاج السامي ثقة روى له النسائي، ومن فوقه على شرط الشيخين.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 3/44 عن جعفر بن محمد الفريابي، عن إبراهيم بن الحجاج، بهذا الإسناد. وقد تحرف فيه وهيب إلى: وهب.

وأخرجه البخاري 6704 في الأيمان والنذور: باب النذر فيما لا يلك وفي معصية، وأبو داود 3300 في الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، وابن ماجة بعد الحديث 2136 في الكفارات: باب من خلط في نذره طاعة بمعصية، وابن الجارود 938، والدارقطني 4/161-162، والبيهقي 10/75، والبغوي 2443 من طرق عن وهيب وقد تحرف في المطبوع من ابن ماجة إلى: وهب به.

وأخرجه الطبراني 11871 من طريق مجاعة بن الزبير، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/44، والخطيب في "الأسماء المبهمة" ص274 من طريق جرير بن حازم، كلاهما عن أيوب، به، وفي رواية جرير في أولها قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة، فنظر إلى رجل من قريش من بني عامر بن لؤي يقال له: أبو إسرائيل

وأخرجه ابن ماجة 2136، والدارقطني 4/160 و161 من طرق عن ابن عباس بنحوه، ولا يخلو إسناد منها من ضعف.

وأخرجه عبد الرزاق 15821 عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة مرسلاً.

وأخرجه عبد الرزاق 15817 و15818، والشافعي 2/75، والبيهقي 10/75 من طريقين عن طاووس، به مرسلاً، وفي آخر رواية الشافعي ولم يأمره بكفارة.

وأخرجه أحمد 4/168 من طريقين عن ابن جريج، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي إسرائيل

وأخرجه البيهقي 10/75 من طريق محمد بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال أبو إسرائيل

فذكره، وقال في آخره: وكفِّر، قال البيهقي: كذا وجدته وكفِّّر وعندي أن ذلك تصحيف، إنما هو وصُم كما هو في سائر الروايات والله أعلم. قلت: ومحمد بن كريب ضعيف. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 231

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/475 في النذور والأيمان: باب ما لا يجوز من النذور في معصية، ومن طريقه أخرجه الخطيب في "الأسماء المبهمة" ص273 عن حميد بن قيس وثور بن زيد أنهما أخبراه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره، ولم يسم الرجل، وقال مالك: ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة، وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم ما كان لله طاعة، ويترك ما كان لله معصية.

وفي هذا الحديث أن كل شيء يتأذى به الإنسان ولو مآلاً مما لم يرد بمشروعيته كتاب أو سنة كالمشي حافياً، والجلوس في الشمس ليس هو من طاعة الله، فلا ينعقد به النذر، فإنه صلى الله عليه وسلم أمر أبا إسرائيل بإتمام الصوم دون غيره، وهو محمول على أنه علم أنه لا يشق عليه، وأمره أن يعقد ويتكلم ويستظل.

قال القرطبي: في قصة أبي إسرائيل هذه أوضح الحجج للجمهور في عدم وجوب الكفارة على من نذر معصية أو ما لا طاعة فيه، فقد قال مالك لما ذكره: ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بالكفّارة.

ص: 232

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ قَضَاءِ النَّاذِرِ نَذَرَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ

4386 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من بعض مغازيه، فجائت جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنْ نَذَرْتِ فَافْعَلِي، وَإِلَّا فَلَا" قَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ. فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَضَرَبَتْ بِالدُّفِّ1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، الحسين بن واقد وثقه ابن معين، وقال أحمد، وأبو زرعة، والنسائي، وأبو داود: لا بأس به، علق له البخاري في "صحيحه"، واحتج به مسلم وأصحاب السنن.

وأخرجه أحمد 5/356 عن أبي تميلة يحيى بن وضاح، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 232

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 5/353، والترمذي 3690 في المناقب: باب في مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والبيهقي 10/77 من طرق عن حسين بن واقد، به –وفيه قصة دخول أبي بكر وعثمان وعلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تضرب بالدف، فلما دخل عمر امتنعت. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غرب من حديث بريدة.

وفي الباب عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف، قال:"أوفي بنذرك"، قالت: إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا –مكان كان يَذبح فيه أهل الجاهلية- قال: "لصنم؟ ". قالت: لا، قال:"لوثن؟ ". قالت: لا، قال:"أوفي بنذرك". أخرجه أبو داود 3312 وسنده حسن، ومن طريقه أخرجه البيهقي 10/77 بقصة الضرب بالدف فقط، قال البيهقي: يشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم إنما أذن لها في الضرب لأنه أمر مباح، وفيه إظهار الفرح بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجوعه سالماً، لا أنه يجب النذر، والله أعلم.

وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/60: ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي تتعلق بها النذور، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح، غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة من بعض غزواته، وكانت فيه مساءة الكفار، وإرغام المنافقين، صار فعله كبعض القرب التي هي من نوافل الطاعات، ولهذا أبيح ضرب الدف، واستحب في النكاح لما فيه من الإشاعة بذكره، والخروج عن معنى السفاح الذي هو استسرار به، واستتار عن الناس فيه، والله أعلم.

ص: 233

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَذْرِ الْمَرْءِ فِيمَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًا لَا يَحِلُّ لَهُ الْوَفَاءُ بِهِ

4387 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مالك، عن طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، الْأَيْلِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، فلا يعصه"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، طلحة بن عبد الملك ثقة من رجال. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 233

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= البخاري، وباقي السند على شرطهما، وهو في "الموطأ" 2/476 في النذور والأيمان: باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/74-75، وأحمد 6/36 و41، والدارمي 2/184، والبخاري 6696 في الأيمان والنذور: باب النذر في الطاعة، و6700 باب النذر فيما لا يملك وفي معصية، وأبو داود 3289 في الأيمان والنذور: باب ما جاء في النذر في المعصية، والترمذي 1526 في النذور والأيمان: باب من نذر أن يطع الله فليطعه، والنسائي 7/17 في الأيمان والنذور: باب النذر في الطاعة، وباب النذر في المعصية، والطحاوي في "معاني الآثار" 3/133، وفي "مشكل الآثار" 3/38، والبيهقي 9/231 و10/68، والبغوي 2440.

وأخرجه أحمد 6/224، والترمذي بعد الحديث 1526، والنسائي 7/17، وابن ماجة 2126 في الكفارات: باب النذر في المعصية، والطحاوي في "معاني الآثار" 3/133، وفي "مشكل الآثار" 3/37-38، وابن الجارود 934 من طريقين عن طلحة بن عبد الملك، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "المشكل" 3/37 من طريق عبيد الله بن عمر، عن القاسم، به. لكن عبيد الله بن عمر إنما سمعه من طلحة عن القاسم، وهو في التخريج السابق، وانظر "التمهيد" 6/97-100.

ص: 234

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ وَفَاءِ النَّاذِرِ بِنَذْرِهِ إِذَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ

4388 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ نَاصِحٍ الْخَلَّالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، فلا يعصه"1.

1 إسناده حسن، الحسن بن ناصح الخلاّل روى عنه جمع، وقال ابن أبي حاتم 3/39: أدركته ولم أكتب عنه، وكان صدوقاً، له ترجمة في "تاريخ بغداد" 7/435، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين وأورده البخاري في "تاريخه الكبير" 1/34 فقال: وقال عثمان بن عمر، فذكر هذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/208 عن وكيع، عن علي بن المبارك، به. إلا أنه لم يذكر فيه أيوب السختياني. وانظر 4390.

ص: 234

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّذْرَ إِذَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ لَيْسَ عَلَى النَّاذِرِ الْوَفَاءُ بِهِ

4389 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ، فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أن يعصي الله فلا يعصه"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري. وهو مكرر الحديث 4387.

ص: 235

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ

4390 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ1 بْنِ خَلِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ نَذَرَ أن يعصي الله، فلا يعصه"2.

1 في الأصل: الحسين، وهو تحريف، وقد تقدم في غير ما موضع من هذا الكتاب على الصواب.

2 إسناده صحيح، محمد بن أبان هذا نسبه المؤلف في "ثقاته" 7/392 أنصاريّاً من أهل المدينة، وقال: ثبت، وأورده ابن أبي حاتم 7/199 وقال: سألت أبي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 235

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عنه فقال: هو شيخ من أهل اليمامة، لا أعلم أحداً روى عنه غير يحيى بن أبي كثير والأوزاعي، قلت: ومنصور فيما ذكره ابن حبان في "ثقاته"، ونسبه ابن أبي حاتم مزنياً، وكذا ابن معين في "تاريخه" ص503، وقيل له: مَن محمد بن أبان هذا؟ فقال: لا أدري، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/95: محمد بن أبان هذا هو محمد بن أبان المزني اليمامي، ليس هو محمد بن أبان بن صالح الكوفي، ذاك ضعيف عندهم، وقيل: إن محمد بن أبان هذا لم يرو عنه إلا يحيى بن أبي كثير، وهو مجهول، وقال آخرون: هو مدني معروف، روى عنه الأوزاعي أيضاً، وله عن القاسم وعروة وعون بن عبد الله رواية، وهذا هو الصحيح، وهو شيخ يمامي ثقة، وحسبك برواية يحيى بن أبي كثير والأوزاعي عنه. وباقي السند على شرط الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم فمن رجال البخاري.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/33 و33-34، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/133، وأبو يعلى 4863، وابن عبد البر 6/94-95 و95 من طريقين عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن أبان، بهذا الإسناد.

ص: 236

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَفِيَ الْمَرْءِ بِنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ وَمَا لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ فِي وقت نذره

4391 -

أخبرنا بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حدثا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي1 الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ في ما لا يملك العبد، أو بن آدم"2.

1 لفظ أبي سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 2/لوحة 203.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو المهلب: وهو الجرمي عمّ أبي قلابة، ثقة روى له مسلم، وباقي السند ثقات على شرطهما.

وأخرجه الشافعي 2/75 و76، وعبد الرزاق 15814، وأحمد 4/430 و433-434، والحميدي 829، ومسلم 1641 في النذر: باب لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد، وأبو داود 3316 في الأيمان والنذور:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 236

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= باب النذر فيما لا يملك، والنسائي 7/19 في الأيمان والنذور: باب النذر فيما لا يملك، و30 باب كفارة النذر، وابن ماجة 2124 في الكفارات: باب النذور في المعصية، وابن الجارود 933، والبيهقي 10/68-69، والبغوي 2714 من طرق عن أيوب. بهذا الإسناد. بعضهم يذكر فيه قصة أسر المرأة ونجاتها على العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها نذرت إن الله أنجاها لتنحرَنّها.

ص: 237

‌ذكر الإخبار عن نفي جواز وفاء النَّاذِرِ إِذَا نَذَرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، أَوْ كان لله في مَعْصِيَةٌ

4392 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زَحْمُوَيْهِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبَاهَا الْمُشْرِكُونَ، وَكَانُوا أَصَابُوا نَاقَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ، فَوَجَدَتْ مِنَ الْقَوْمِ غَفَلَةً، فَنَذَرَتْ إِنِ اللَّهُ أَنْجَاهَا عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرَهَا، قَالَ: فَأَنْجَاهَا، وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ، فَذَهَبَتْ لِتَنْحَرَهَا، فَمَنَعَهَا النَّاسُ، وَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"بِئْسَمَا جزيتيها" ثم قال: "لا وفاء لِابْنِ آدَمَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يملك"1.

1 حديث صحيح رجاله ثقات، وراويه هنا عن الحسن منصور بن المعتمر وهو كوفي، وقد قال عباد بن سعد: قلت ليحيى بن معين: الحسن لقي عمران بن حصين؟ قال: أما في حديث البصريين، فلا، وأما في حديث الكوفيين، فنعم، وهشيم قد صرح بالتحديث عند النسائي فانتفت شبهة تدليسه، وانظر ما قبله.

وأخرجه النسائي في السير كما في "التحفة" 8/177، وفي "المجتبى"7/29 في الأيمان والنذور: باب كفارة النذر، عن يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، بهذا الإسناد.

ص: 237

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ نَذَرِ النَّاذِرِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفِيَ بِنَذْرِهِ

4393 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذَرٌ لَمْ تَقْضِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اقضه عنها"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/472 في النذور والأيمان: باب ما يجب في النذور في المشي.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2761 في الوصايا: باب ما يستحب لمن توفِّي فُجاءة أن يتصدقوا عنه، وقضاء النذور عن الميت، ومسلم 1638 في النذر: باب الأمر بقضاء النذر، وأبو داود 3307 في الأيمان والنذور: باب في قضاء النذر عن الميت، والبيهقي 4/256، والبغوي 2449.

وأخرجه أحمد 1/29 و329 و370، والحميدي 522، والطيالسي 2717، والبخاري 6698 في الأيمان والنذور: باب من مات وعليه نذر، ومسلم 1638، والنسائي 6/253-254 في الوصايا: باب فضل الصدقة عن الميت، و7/20-21 في الأيمان والنذور: باب من مات وعليه نذر تحرفت في المطبوع في إسناده سفيان إلى: سليمان، وأبو يعلى 2383، والبيهقي 10/85 من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وفي رواية البخاري والبيهقي فكانت سنة بعد.

قال الحافظ في "الفتح" 1/593: أي: صار قضاء الوارث ما على المورث طريقة شرعية أعم من أن يكون وجوباً أو ندباً، ولم أر هذه الزيادة في غير رواية شعيب عن الزهري، فقد أخرج الحديثَ الشيخان من رواية مالك والليث، وأخرجه مسلم أيضاً من رواية ابن عيينة ويونس ومعمر وبكر بن وائل، والنسائي من رواية الأوزاعي، والإسماعيلي من رواية موسى بن عقبة وابن أبي عتيق وصالح بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 238

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كيسان، كلهم عن الزهري بدونها، وأظنها من كلام الزهري، ويحتمل من شيخه، وفيها تعقّب ما نُقِل عن مالك: لا يحج أحد عن أحد، واحتج بأنه لم يبلغه عن أحد من أهل دار الهجرة منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حج عن أحد ولا أمر به، ولا أذن فيه، فيقال لمن قلّد: قد بلغ ذلك غيره، وهذا الزهري معدود في فقهاء أهل المدينة، وكان شيخَه فيي هذا الحديث. وقد استدل بهذه الزيادة ابن حزم للظاهرية ومن وافقهم في أن الوارث يلزمه قضاء النذر عن مورثه في جميع الحالات.

ص: 239

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَقْضِيَ نَذَرَ النَّاذِرَةِ إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ قَضَاءِ نَذْرِهَا

4394 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نَذَرٍ نَذَرَتْهُ أُمُّهُ، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تقضيه، فقال:"اقضه عنها"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه البخاري 6959 في الحيل: باب في الزكاة وأن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة، ومسلم 1638، والترمذي 1546 في النذور وأيمان: باب ما جاء في قضاء النذر عن الميت، والنسائي 7/21 باب من مات وعليه نذر، وابن ماجة 2132 في الكفارات: باب من مات وعليه نذر، والبيهقي 6/278 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

ص: 239

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ قَضَاءَ نَذَرِ النَّاذِرَةِ إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَفِيَ بِهِ

4395 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ

ص: 239

بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذَرٌ لَمْ تَقْضِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اقْضِهِ عَنْهَا"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. عبد الله بن عمر بن أبان: هو عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح مشكدانة.

وأخرجه أبو يعلى 2683 عن عبد الله بن عمر بن أبان، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 1638، والنسائي 7/21 من طرق عن عبدة بن سليمان، به.

وأخرجه أحمد 6/7، والنسائي 6/253 في الوصايا: باب فضل الصدقة عن الميت، والحاكم 3/254 من طرق عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن سعد بن عبادة أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر

فذكره.

ص: 240

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَذَرَ النَّاذِرَةِ إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَفِيَ بِنَذْرِهَا لِبَعْضِ قَرَابَتِهَا قَضَاءُ ذَلِكَ النَّذْرِ عَنْهَا

وَإِنْ كَانَ النَّذْرُ صَوْمًا

4396 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْدَانَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمٌ مِنْ نَذْرٍ. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَكُنْتِ قَاضِيَةً عَنْ أُمِّكِ دَيْنًا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:"فصومي عن أمك"1.

1 إسناده حسن لغيره، سليمان بن عبيد الله: هو الأنصاري أبو أيوب الرّقَّي، قال. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال أبو حاتم: صدوق ما رأيت إلا خيراً، وذكره المؤلف في "ثقاته"، روى له الترمذي وابن ماجة، وقد توبع، وباقي السند ثقات على شرط السيخين غير محمد بن معدان وهو ثقة روى له النسائي. عبيد الله بن عمرو: هو الرقي.

وأخرجه الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" 3/194 من طريق الحسين بن محمد بن حماد، عن هلال ومحمد بن معدان، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 1148 156 في الصيام: باب قضاء الصيام عن الميت، والنسائي في الصيام من "الكبرى" كما في "التحفة" 4/443، والبيهقي 4/255-256 من طرق عن زكريا بن عدي، عن عُبيد بن عمرو، به. وانظر 3530 و3570.

ص: 241

‌كتاب الحدود

‌مدخل

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ فَضْلِ إِقَامَةِ الْحُدُودِ مِنَ الأئمة العدول

20-

كِتَابُ الْحُدُودِ

ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ فَضْلِ إِقَامَةِ الْحُدُودِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْعُدُولِ

4397 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، بْنِ1 عَمْرٍو عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِقَامَةُ حَدٍّ بِأَرْضٍ، خَيْرٌ لأهلها من مطر أربعين صباحا"2.

1 تحرفت في الأصل إلى: عن، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 302.

2 رجاله ثقات، ومحمد بن قدامة –وهو ابن أعَين المصيصي- وإن كان ثقة، خالفه عمرو بن زرارة.

فأخرجه النسائي 8/76 في قطع السارق: باب في الترغيب في إقامة الحد، عنه، عن ابْنُ عُلية، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ جرير بن يزيد البجلي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، موقوفاً عليه. ووجه المخالفة أنه جعل شيخ يونس فيه جريرَ بن يزيد، وهو ضعيف، بدل عمرو بن سعيد، وهو ثقة، ووافقه على أبي هريرة.

وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" 11932، وفي "الأوسط" مرفوعاً بلفظ "يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة، وحدّ يقام في الأرض بحقّه أزكى فيها من مطر أربعين عاماً" قال المنذري في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 243

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "الترغيب والترهيب" 3/246: رواه الطبراني بإسناد حسن، وهو غريب بهذا اللفظ. قلت: وفي إسنادهما سعد أبو غيلان الشيباني وزريق بن السخت، قال الهيثمي في "المجمع" 5/197 و6/263: لم أعرفهما قلت: ذكرهما ابن حبان في "الثقات" 8/259 و283، وقال عن الثاني: مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات.

ص: 244

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْبِلَادِ، إِذْ إِقَامَةُ الْحَدِّ فِي بَلَدٍ يَكُونُ أَعَمَّ نَفْعًا مِنْ أَضْعَافِهِ الْقَطْرُ إِذَا عَمَّتْهُ

4398 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن سهم، قال: حدثنا بن الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يَزِيدَ، عَنْ [جرير بن يزيد، عَنْ] 1 أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حَدٌّ يُقَامُ فِي الأرض خير من مطر أربعين صباحا"2.

1 سقط من الأصل "والتقاسيم" 1/لوحة 567، واستدرك من مسند أبي يعلى.

2 إسناده ضعيف، جرير بن يزيد: هو ابن جرير بن عبد الله البجلي، ضعيف الحديث، وعيسى بن يزيد: قال الحافظ: مقبول، ولم يوثقه غير المؤلف. وهو في "مسند أبي يعلى" ورقة 282/2.

وأخرجه ابن ماجة 2538 في الحدود: باب إقامة الحدود، عن عمرو بن رافع، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/402، والنسائي 8/75-76 في قطع السارق: باب الترغيب في إقامة الحد، وابن الجارود 801 من طرق عن ابن المبارك، به. إلا أن عندهم ثلاثين صباحاً بدل أربعين.

وأخرجه أحمد 2/362 عن زكريا بن عدي، عن ابن المبارك، به. وعنده ثلاثين أو أربعين صباحاً على الشك

ص: 244

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ التَّوَقُّفِ فِي إِمْضَاءِ الْحُدُودِ وَاسْتِئْنَافِ أَسْبَابِهَا بِمَا فِيهِ الِاحْتِيَاطُ لِلرَّعِيَةِ

4399 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ،

ص: 244

قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن الصامت بن عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: جَاءَ الْأَسْلَمِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِالزِّنَى يَقُولُ: أَتَيْتُ امْرَأَةً حَرَامًا، وَفِي ذَلِكَ يَعْرِضُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَقْبَلَ فِي الْخَامِسَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ:"أَنِكْتَهَا؟ " فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ:"هَلْ غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ فِيهَا، كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ؟ " فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ:"فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مِثْلَ مَا يَأْتِي الرَّجُلَ مِنِ امْرَأَتِهِ حَلَالًا، قَالَ:"فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟ " قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرْجَمَ فَرُجِمَ.

فَسَمِعَ رَجُلَيْنِ1 مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ. قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمَا، فَمَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ:"أَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ " فَقَالَا: نَحْنُ ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُمَا: "كُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ" فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، مَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ هَذَا الرَّجُلِ آنِفًا أَشَدُّ مِنْ أَكَلِ هَذِهِ الْجِيفَةِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ الْآنَ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ"2.

1 في الأصل: برجلين، والتصويب من "المصنف".

2 إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن الصامت، ويقال: عبد الرحمن بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 245

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الهضاض، وقيل: ابن الهضاض، وقيل: ابن الهضاب: لم يوثقه غير المؤلف، وقال البخاري: لا يعرف إلا بهذا الحديث، وفي "ذيل الكامل" للنباتي: من لا يُعرف إلا بحديث واحد، ولم يشهر حاله، فهو في عداد المجهولين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"13340.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو داود 4428 في الحدود: باب رجم ماعز ابن مالك، والنسائي في الرجم كما في "التحفة"10/146، وابن الجارود 814، والدارقطني 3/196-197.

وأخرجه أبو داود 4429، والنسائي في الرجم، وأبو يعلى ورقة 283/2، والبيهقي 8/227-228 من طريق الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن ابن عم أبي هريرة، عن أيب هريرة –ولم يسمه.

وأخرجه النسائي من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن ابن هضاض، به.

وأخرجه النسائي أيضاً من طريق الحسين بن واقد، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن بن الهضاب –ابن أخي أبي هريرة- بمعناه.

قلت: وفي "صحيح مسلم" 1695 من طريق علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله طهِّرني

وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "استغفروا لماعز بن مالك" فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد تاب توبة لو قسمت بين أمّة لوسعتهم".

ص: 246

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم رَدَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ فِي الْمِرَارِ الْأَرْبَعِ وَأَمَرَ بِهِ فَطُرِدَ

4400 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْهِضْهَاضِ الدَّوْسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ زَنَى. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَيْلَكَ، وَمَا

ص: 246

يُدْرِيكَ مَا الزِّنَى؟ " ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَطُرِدَ، وَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ زَنَى، فَقَالَ: "وَيْلَكَ، وَمَا يُدْرِيكَ مَا الزِّنَى؟ " فَطُرِدَ وَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ زَنَى. قَالَ: "وَيْلَكَ، وَمَا يُدْرِيكَ مَا الزِّنَى؟ " قَالَ: أَتَيْتُ امْرَأَةً حَرَامًا، مِثْلَ مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ. فَأَمَرَ بِهِ فَطُرِدَ، وَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَتَاهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ زَنَى. قَالَ:"وَيْلَكَ، وَمَا يُدْرِيكَ مَا الزِّنَى؟ " قَالَ: "أَدْخَلْتَ وَأَخْرَجْتَ؟ " قَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ تَحَمَّلَ إِلَى شَجَرَةٍ فَرُجِمَ عِنْدَهَا حَتَّى مَاتَ.

فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: وَأَبِيكَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْخَائِبُ، أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِرَارًا كُلُّ ذَلِكَ يَرُدَّهُ حَتَّى قُتِلَ كَمَا يَقْتُلُ الْكَلْبُ، فَسَكَتَ عَنْهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلَةٌ رِجْلُهَا، فَقَالَ:"كُلَا مِنْ هَذَا" قَالَا: مِنْ جِيفَةِ حِمَارٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "فَالَّذِي نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا أَكْثَرُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِنَّهُ لَفِي نَهَرٍ مِنْ أنهار الجنة يتقمص"1.

1 إسناده ضعيف كسابقه. وأورده البخاري في "التاريخ الكبير" 5/361 فقال: عبد الرحمن بن الهضاض، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الرجم. قاله عمرو بن خالد، عن مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي الزبير

قوله: يتقمّص، أي: يتقلَّب وينغمس، ويروى أيضاً يتقمس بالسين.

ص: 247

‌ذِكْرُ وَصْفِ تَقَمُّصِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْجَنَّةِ

4401 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ:"لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَتَخَضْخَضُ فِي أَنْهَارِ الجنة"1.

1 رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن أبا الزبير موصوف بالتدليس وقد عنعن.

وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 2/645، وزاد نسبته للضياء المقدسي.

ص: 248

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ يَجِبُ أَنْ تُقَامَ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ شَرِيفًا كَانَ أَوْ وَضِيعًا

4402 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِعَسْقَلَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنِ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ " ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ:"إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم سرقت لقطعت يدها"1.

1 إسناده صحيح، يزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن موهب، روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وهو ثقة، ومَن فوقه ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أبو داود 4373 في الحدود: باب في الحد يشفع فيه، عن يزيد بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 248

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= موهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/173، والبخاري 3475 في أحاديث الأنبياء: باب رقم 54، و6887 في الحدود: باب إقامة الحدود على الشريف والوضيع، و6788 باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رُفع إلى السلطان، ومسلم 1688 8 في الحدود: باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة والحدود، وأبو داود 4373، والترمذي 1430 في الحدود: باب ما جاء في كريهة أن يشفع في الحدود، والنسائي 8/73-74 في قطع السارق: باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر الزهري في المخزومية التي سرقت، وابن ماجة 2547 في الحدود: باب الشفاعة في الحدود، وابن الجارود 805، والبيهقي 8/253-254، والبغوي 2603 من طرق عن الليث بن سعد، به.

وأخرجه مختصراً البخاري 3732 في فضائل الصحابة: باب ذكر أسامة بن زيد، عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، به.

وفي هذا الحديث منع الشفاعة في الحدود إذا انتهى أمرها إلى الإمام، وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه "تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حدٍّ فقد وجب" رواه أبو داود 4376 وترجم له: العفو عن الحد ما لم يبلغ السلطان، وسنده حسن، وصححه الحاكم 4/383 وأقره الذهبي.

وله شاهد من حديث ابن مسعود عند الإمام أحمد 1/419 و438، والحاكم 4/382-383 وسنده ضعيف.

وأخرجه أبو داود 3597، وأحمد 2/70، وصححه الحاكم 2/27 ووافقه الذهبي، من طريق يحيى بن راشد، قال: خرج علينا ابن عمر، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضادَّ الله في أمره".

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/465-466 من وجه آخر أصح منه عن ابن عمر موقوفاً.

وللمرفوع شاهد من حديث أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط وقال: فقد ضادَّ الله في ملكه، قال الهيثمي في المجمع 6/259: وفيه رجاء ابن صبح صاحب السقط ضعفه ابن معين وغيره، ووثقه ابن حبان. وأخرج. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 249

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبو يعلى 328 من طريق أبي المحياة عن أبي مطر: رأيت علياً أتي بسارق، فذكر قصة فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بسارق.. فذكر قصة فيها قالوا: يا رسول الله، أفلا عفوت؟ قال:"ذلك سلطان سوء الذي يعفو عن الحدود، ولكن تعافوا بينكم" وأبو مطر لا يعرف، وأخرج الطبراني في "الصغير" 158، والدارقطني 3/205 عن عروة بن الزبير، قال: لقي الزبير سارقاً، فشفع فيه، فقيل له: حتى يبلغ الإمام، فقال: إذا بلغ الإمام، فلعن الله الشافع والمشفع، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي سنده أبو غزية ضعفه أبو حاتم وغيره، ووثقه الحاكم، وأخرج مالك في "الموطأ" 2/835 عن ربيعة، عن الزبير موقوفاً، وبسند آخر حسن عن علي نحوه كذلك.

وأخرج ابن أبي شيبة 9/468 بسند صحيح عن عكرمة أن ابن عباس وعماراً والزبير أخذوا سارقاً، فخلوا سبيله، فقلت لابن عباس: بئسما صنعتم حين خليتم سبيله، فقال: لا أم لك، أما لو كنت أنت لسرَّك أن تُخلي سبيلك.

وفي الباب غير ذلك حديث صفوان بن أمية عند أحمد 3/401، وأبي داود 4394، والنسائي 8/68، وابن ماجة 2595، والحاكم 4/380 في قصة الذي سرق رداءه، ثم أراد أن لا يقطع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"هلاً قبل أن تأتيني به".

وحديث ابن مسعود في قصة الذي سرق، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعة، فرأوا منه أسفاً عليه، فقالوا: يا رسول الله، كأنك كرهتَ قطعة، فقال:"وما يمنعني، لا تكونوا أعواناً للشيطان على أخيكم، إنه لا ينبغي للإمام إذا انتهى إليه حد إلا أن يقيمه، إن الله عفوٌّ يحب العفو" أخرجه أحمد 1/438، وصححه الحاكم 4/382. وحديث عائشة "أقيلوا ذوي الهيآت زلاّتهم إلا في الحدود" أخرجه أبو داود 4375 وسنده قابل للتحسين.

قال الحافظ في "الفتح" 2/90: ويستفاد منه جواز الشفاعة فيما يقتضي التعزير، وقد نقل ابن عبد البر وغيره فيه الاتفاق، ويدخل فيه سائر الأحاديث الواردة في ندب الستر على المسلم، وهي محمولة على ما لم يبلغ الإمام.

ص: 250

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْحُدُودَ تَكُونُ كَفَّارَاتٍ لِأَهْلِهَا

4403 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ1 بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الوليد، قال: حدثنا الأوزاعي،

1 في الأصل: الحسين، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 266.

ص: 250

قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِيِّهَا، فَقَالَ:"أَحْسِنْ إِلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا". فَلَمَّا وَضَعَتْ، أَتَى بِهَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ1 بِهَا فَشُدَّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ عَلَى سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ جل وعلا"2.

1 في الأصل: فأمره، والتصويب من التقاسيم.

2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. عم أبي قلابة: هو أبو المهلب الجرمي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/476 عن إبراهيم بن دحيم، عن أبيه عبد الرحمن بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود 4441 في الحدود: باب المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة، عن محمد بن الوزير الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، به.

وأخرجه الطبرانبي 18/475 و476 من طريقين عن الأوزاعي، به.

وأخرجه عبد الرزاق 13348، والطيالسي 848، وابن أبي شيبة 10/87-88، وأحمد 4/429-430 و435-436 و437 و440، والدارمي 2/180-181، ومسلم 1696 في الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، والترمذي 1435 في الحدود: باب تربُّّص الرجم بالحُبلى حتى تضع، وأبو داود 4440، والنسائي 4/63-64 في الجنائز: باب الصلاة على المرجوم، وابن الجارود 815، والدارقطني 3/101 و102، والبيهقي 8/225 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 251

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: وَهِمَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي كُنْيَةِ عَمِّ1 أَبِي قِلَابَةَ، إِذِ الْجَوَادُ يَعْثُرُ، فَقَالَ: عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْمُهَاجِرِ2، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو الْمُهَلَّبِ: اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ، مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، وَسَادَاتِ أَهْلِ البصرة.

=وأخرجه بنحوه عبد الرزاق 13347 عن معمر والثوري، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمران مختصراً، ولم يذكر فيه أبا المهلب، فلعله سقط من المطبوع.

1 تحرف في الأصل إلى: عن، والتصويب من التقاسيم.

2 أخرج الحديث النسائي في الرجم كما في "التحفة" 8/199 عن محمود بن خالد، وابن ماجة 2555 في الحدود: باب الرجم: عن العباس بن عثمان الدمشقي، كلاهما عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن عمران بن حصين

وأخرجه النسائي أيضاً من طريق إسحاق بن منصور، عن محمد بن يوسف، عن الأوزاعي، به. وقال فيه: عن أبي المهاجر، قال النسائي: لا نعلم أحداً تابع الأوزاعي على قوله: عن أبي المهاجر، وإنما هو أبو المهلب.

ص: 252

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْحُدُودِ تُكَفِّرُ الْجِنَايَاتِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا

4404 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ:"لقد رأيته يتخضخض في أنهار الجنة"1.

1 رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعن، وهو مكرر 4401.

ص: 252

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ عُجِّلَ لَهُ الْعُقُوبَةُ بِالْحُدِودِ تَكُونُ إِقَامَتُهَا1 كَفَّارَةً لَهَا

4405 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ مِنَّا وَقَالَ: "مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ مِنْهُنَّ2 حَدًّا، فَعُجِّلَتْ لَهُ عُقُوبَتُهُ، فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أُخِّرَ عَنْهُ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ رَحِمَهُ، وَإِنْ شاء عذبه"3.

1 في الأصل: إقامته، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 298.

2 في الموارد ص361: أو منهن.

3 رجاله ثقات رجال الصحيح، أبو أسماء: اسمه عمرو بن مرثد الرحبي، وعند غير المصنف بدله أبو الأشعث الصنعاني.

فقد أخرجه أحمد 5/320 من طريق شعبة، ومسلم 1709 43 في الحدود: باب الحدود كفارات لأهلها، من طريق هشيم، وابن ماجة 2603 في الحدود: باب الحد كفارة، من طريق عبد الوهاب وابن أبي عدي، أربعتهم عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وأبو الأشعث: اسمه شراحيل بن آدة.

وأخرجه بنحوه مطولاً ومختصراً أحمد 5/214 و320، والدارمي 2/220، والحميدي 387، والشافعي في "مسنده" بترتيب الساعاتي 2/187-188، والبخاري 18 في الإيمان: باب رقم 11، و3892 في مناقب الأنصار: باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وبيعة العقبة، و4894 في التفسير: باب {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} ، و6784 في الحدود: باب الحدود كفارة، و6801 باب توبة السارق، و7213 في الأحكام: باب بيعة النساء، و7468 في التوحيد: باب في المشيئة والإرادة، ومسلم 1709، والترمذي 1439 في الحدود: باب ما جاء أن الحدود كفارة لأهلها،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 253

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والنسائي 4/141-142 في البيعة: باب البيعة على الجهاد، و148 باب البيعة على فراق المشرك، و161-162 باب ثواب من وفّى ما بايع عليه، و8/108-109 في الإيمان: باب البيعة على الإسلام، وابن الجارود 803، والبيهقي 8/328، والبغوي 29 من طرق عن الزهري، عن أبي إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني، عن عبادة بن الصامت قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق، فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئاً من ذلك فعقوبته به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئاً من ذلك، فستره الله عليه، فأمره إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه". لفظ مسلم.

وقال الترمذي بإثر هذا الحديث: حديث عبادة بن الصامت حديث حسن صحيح.

وقال الشافعي: لم أسمع في هذا الباب أن الحدود تكون كفارة لأهلها شيئاً أحسن من هذا الحديث، قال الشافعي: وأحب لمن أصاب ذنباً، فستره الله عليه أن يستر على نفسه ويتوب فيما بينه وبين ربه، وكذلك روي عن أبي بكر وعمر أنهما أمرا رجلاً أن يستر على نفسه.

قلت: وجمهور العلماء على أن الحدود كفارات لهذا الحديث، ولو لم يتب المحدود، وقيل: لا بد من التوبة، وبذلك جزم بعض التابعين، وهو قول للمعتزلة، ووافقهم ابن حزم، ومن المفسيرن الإمام البغوي، وطائفة يسيرة، واستدلوا باستثناء من تاب بقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} ، والجواب في ذلك أنه في عقوبة الدنيا، ولذلك قيدت بالقدرة عليه.

وفي الباب عن علي بن أبي طالب عند الترمذي 2626، وصححه الحاكم 2/445 و4/262 ووافقه الذهبي، وفيه من أصاب حدّاً فعجل عقوبته في الدنيا، فالله أعدل من أن يثنّي على عبده العقوبة في الآخرة.

وعن أبي تميمة الهجيمي عند الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع" 6/265 ولفظه إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً عجل له عقوبة ذنبه في الدنيا، وربنا تبارك وتعالى أكرم من أن يعاقب على ذنب مرتين.

وعن خزيمة بن ثابت عند أحمد 5/214 و215 بلفظ من أصاب ذنباً أقيم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عليه حد ذلك الذنب فهو كفارة وسنده حسن.

وعن عبد الله بن عمر عند الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع" 6/265 رفعه "ما عوقب رجل على ذنب إلا جعله الله كفارة لما أصاب من ذلك الذنب" وفيه ياسين بن معاذ الزيات، قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث.

وعن جرير بن عبد الله عند أبي الشيخ فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 12/86.

وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عنده بسند صحيح إليه نحو حديث عبادة، وفيه فمن فعل من ذلك شيئاً، فأقيم عليه الحد فهو كفارته. وعن ثابت بن الضحاك عند أبي الشيخ.

ص: 255

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِفِرَاقِهِ الْجَمَاعَةَ وَهُمْ جَمِيعٌ

4406 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَرْفَجَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّهَا سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُمْ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بالسيف كائنا من كان"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، غير أن صحابيَّ الحديث –وهو عرفجة الأشجعي- لم يخرج له البخاري.

وأخرجه الطيالسي 1224، وأحمد 4/261 و341 و5/23-24، ومسلم 1852 59 في الإمارة: باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، وأبو داود 4762 في السنة: باب في قتل الخوارج: والنسائي 7/93 في تحريم الدم: باب قتل من فارق الجماعة، والطبراني في "الكبير" 17/361، والبيهقي 8/168 من طريق شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي، وعبد الرزاق 20714، وأحمد 4/261 و341، ومسلم 1852، والنسائي 7/92 و93، والطبراني 17/353 و355 و356 و357 و358 و359 و360 و362 و363 و364، والبيهقي 8/168 من طرق عن زياد بن علاقة، به.

وأخرجه بنحوه مسلم 1852 60، والطبراني 17/365 و366 و367 من طرق عن عرفجة.

ص: 255

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِبَاحَةِ قَتْلِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ إِذَا ارْتَكَبَ إِحْدَى الْخِصَالِ الثَّلَاثِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أُبِيحَ دَمُهُ

4407 -

أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرْكِينَ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ1 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا ثَلَاثَةَ نَفَرٍ: التَّارِكُ لِلْإِسْلَامِ، الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ".

قَالَ الْأَعْمَشُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ، فَحَدَّثَنِي عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عائشة مثله2.

1 في الأصل "والتقاسيم" 3/لوحة 46: عبد الله بن عمرو، بزيادة بن عمرو، والمحفوظ بهذا السند حديث عبد الله، غير منسوبب، كما هو عند جميع من خرجه، والمشهور بهذا عند إطلاقه هو عبد الله بن مسعو، وسيأتي عند المصنف برقم 5945 من طريق محمد بن كثير العبدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد، وفيه ابن مسعود. وانظر "تحفة الأشراف" 7/143-144.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، أحمد بن إبراهيم الدروقي ثقة من رجاله، ومن فوقه ثقات على شرطهما. وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه أحمد 6/181، ومن طريقه أخرجه مسلم 1676 26 في القسامة: باب ما يباح به دم المسلم، والبيهقي 8/194-195 عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد، وقال: عبد الله ولم ينسبه وأخرجه النسائي 7/90-91 في تحريم الدم: باب ما يحل به دم المسلم، والدارقطني 3/82 و82-83 من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، به. وقال أيضاً: عبد الله.

ص: 256

4408 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، والتارك لدينه المفارق الجماعة"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب.

وأخرجه أحمد 1/382 و428، ومسلم 1676 25 في القسامة: باب ما يباح به دم المسلم، وأبو داود 4352 في الحدود: باب الحكم فيمن ارتدّ، والترمذي 1402 في الديات: باب ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، والبيهقي 8/213 و283-284، والبغوي 2517 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي 289، وأحمد 1/444، والدارمي 2/218، والبخاري 6878 في الديات: باب قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ

} ، ومسلم 1676، وابن ماجة 2534 في الحدود: باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا في ثلاث، والبيهقي 8/19 و194 و202 و213 من طرق عن الأعمش به.

قال الحافظ في"الفتح" 12/210: والمراد بالجماعة جماعة المسلمين، أي: فارقهم أو تركهم بالارتداد، فهي صفة للتارك أو المفارق، لا صفة مستقلة، وإلا لكانت الخصال أربعاً وهو كقوله صلى الله عليه وسلم:"مسلم يشهد أن لا إله إلا الله"، فإنها صفة مفسرة لقوله:"مسلم"، وليست قيداً فيه، إذ لا يكون مسلماً إلا بذلك، ويؤيد ما قلته: إنَّه وقع من حديث عثمان أو يكفر بعد إسلامه أخرجه النسائي 7/92 بسند صحيح، وفي لفظ له صحيح أيضاً ارتد بعد إسلامه، وله 7/91 من طريق عمرو بن غالب عن عائشة أو كفر بعد ما أسلم.

ص: 257

‌باب الزنى وحدّه

‌ذكر ثبوت الزنى بأربعة شهداء

1-

بَابُ: الزِّنَى وَحَدِّهِ

4409 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"نعم"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، سهيل بن أبي صالح روى له البخاري مقروناً واحتج به الباقون، وباقي السند ثقات على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/737 في الأقضية: باب القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً. وهو مكرر 4282.

ص: 258

‌ذِكْرُ اسْتِحْقَاقِ الْقَوْمِ عِقَابَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عِنْدَ ظُهُورِ الزِّنَى وَالرِّبَا فِيهِمْ

4410 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا ظَهْرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَى وَالرِّبَا إِلَّا أَحَلُوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ جَلَّا وَعَلَا"1.

1 حديث حسن لغيره، بشر بن الوليد: هو القاضي أبو الوليد الكندي الفقيه صاحب......=

ص: 258

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبي يوسف، وثقه المؤلف والدارقطني ومسلمة، وكان ممن امتحن، وكان أحمد يثني عليه، وقال الآجري: سألت أبا داود: أبشر بن الوليد ثقة؟ قال: لا، وقال السليماني: منكر الحديث، وقال صالح بن محمد جزرة: هو صدوق ولكنه لا يعقل كان خرف، وانظر "تاريخ بغداد" 7/80-84، و"ميزان الاعتدال" 1/326-327، ولسانه 2/35. وشريك: هو ابن عبد الله النخعي، شيء الحفظ، وسماك: هو ابن حرب، وهو صدوق روى له مسلم. ومع هذا فقد جود إسناده المنذري 3/278، والهيثمي 4/118.

وهو في "مسند أبي يعلى" 4981، وزاد في أوله "لُعِنَ آكلُ الرّبا، وموكله، وشاهده، وكاتبه".

وأخرجه بهذه الزيادة أحمد 1/402 عن حجاج، عن شريك، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 10329 من حديث ابن مسعود موقوفاً عليه بلفظ لم يهلك أهل نبوة قط حتى يظهر الزنا والربا. قال الهيثمي في "المجمع" 4/118: فيه أحمد بن يحيى الأحول، وهو ضعيف.

وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" 460 من طريق علي بن هاشم بن مرزوق، عن أبيه، عن عمرو بن أبي قيس، عن سماك، عن سعيد بن جبير، والحاكم 2/37 من طريق محمد بن سعيد بن سابق، عن عمرو بن أبي قيس، عن سماك، عن عكرمة، كلاهما عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلُّوا بأنفسهم عذاب الله". وفي إسناد الطبراني هاشم بن مرزوق، قال الهيثمي 4/118: لم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات. قلت: وثقه المؤلف 9/243، وأبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 9/104. وصحح إسناده الحاكم ووافقه الذهبي.

"لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مَضَوا" وهو حديث صحيح.

ص: 259

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِإِيجَابِ النَّارِ عَلَى السَّارِقِ وَالزَّانِي

4411 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَتَدْرُونَ مَنِ

ص: 259

الْمُفْلِسُ؟ " قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ لَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَقَدْ شَتَمَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيَقْعُدُ فَيُعْطَى هَذَا من حسانته، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ مَا عَلَيْهِ، أَخَذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فطرحت عليه، ثم طرح في النار" 1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الترمذي 2418 في صفة القيامة: باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص، عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 2/303 و334 من طريق زهير، و2/371-372، ومسلم 2581 في البر والصلة: باب تحريم الظلم، والبيهقي 6/93، والبغوي 4164 من طريق إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن العلاء بن عبد الرحمن، به.

ص: 260

‌ذِكْرُ نَفْيِ الْإِيمَانِ عَنِ الزَّانِي

4412 -

أَخْبَرَنَا الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ معروضة بعد"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، علي بن الجعد ثقة من رجاله، ومن فوقه على شرطهما. وهو في "مسند ابن الجعد"758. وقد تقدم تخريجه برقم 186.

ص: 260

‌ذِكْرُ بُغْضِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الشَّيْخَ الزَّانِي وَإِنْ كَانَ بُغْضُهُ يَشْمَلُ سَائِرَ الزُّنَاةِ

4413 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ1، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْإِمَامُ الْكَذَّابُ، والعائل المزهو"2.

1 في الأصل: مسعود، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 2/لوحة 251.

2 إسناده حسن على شرط مسلم غير ابن عجلان: وهو محمد، فقد روى له مسلم متابعة، والبخاري تعليقاً، وهو صدوق.

وأخرجه أحمد 2/433، والنسائي 5/86 في الزكاة: باب الفقير المختار، من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 107 في الإيمان: باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفبق السلعة بالحلف

، والنسائي في الرجم كما في "التحفة"10/84، والبيهقي 8/161، والبغوي 3591 من طرق عن الأعمش، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة.

قوله: المزهو، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/323: الزُهاء بالمد والزَّهو: الكِبر والفخر، يقال: زُهِي الرجلُ فهو مَزهوٌ، هكذا يُتكلّم به على سبيل المفعول، كما يقولون: عُنِي بالأمر، ونُتِجَت الناقة، وإن كان بمعنى الفاعل، وفيه لغة أخرى قليلة زَها يَزْهو زَهْواً.

ص: 261

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمَرْءِ مُجَانَبَةُ مَا نَهَاهُ عَنْهُ بِارِئُهُ جَلَّ وَعَلَا مِنْ حِفْظِ الْفَرْجِ وَلَا سِيَّمَا بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ

4414 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ:

ص: 261

حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً} [الفرقان:68]1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. أَبُو شِهَابٍ: هُوَ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ الحنّاط، وأبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العَتَكي، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأَسدي.

وأخرجه أحمد 1/380 و431، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 7/46 من طريق وكيع وأبي معاوية، عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي 7/90 في تحريم الندم: باب ذكر أعظم الذنب، من طريق يزيد، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي وائل، به. وقال: هذا خطأ، والصواب الذي قبله أي: واصل عن أبي وائل وحديث يزيد هذا خطأ، إنما هو واصل، والله تعالى أعلم.

ص: 262

‌ذكر خبر قد أَوْهَمَ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّ خَبَرَ الْأَعْمَشِ مُنْقَطِعٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ

4415 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ1عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ أَبِي مَيْسَرَةَ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أي الذنب

1 ففي الأصل: عن، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 260.

ص: 262

أَعْظَمُ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ". قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ:"أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: رَوَى هَذَا الْخَبَرَ أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ2، وَرَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ3، وَرَوَاهُ جَرِيرٌ،

1 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه مسلم 86 141 في الإيمان: باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 4477 في التفسير: باب قوله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، و7520 في التوحيد: باب قول الله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً} ، ومسلم 86، والنسائي في التفسير والرجم كما في "التحفة" 7/117 من طريقين عن جرير، به.

وأخرجه أحمد 1/434 من طريق ورقاء، عن منصور، به.

2 أخرجه أحمد 1/434، والترمذي 3183 في التفسير: باب ومن سورة الفرقان، من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث سفيان عن منصور والأعمش أصح من حديث واصل، لأنه زاد في إسناده رجلاً.

وأخرجه البخاري بعد الحديث 6811، والنسائي 7/90 عن عمرو بن علي، عن يحيى، عن سفيان، وأحمد 1/462 من طريق مهدي، كلاهما عن واصل، به. زاد البخاري في روايته: قال عمرو: فذكرته لعبد الرحمن وكان حدّثنا عن سفيان عن الأعمش ومنصور وواصل عن أبي وائل عن أبي ميسرة، فقالك دَعْه دَعْه. وانظر "الفتح" 12/117-118.

3 من قوله: "ورواه شعبة

" إلى هنا، سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم".

ص: 263

عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ1، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ وَمَنْصُورٌ وَوَاصِلٌ2 عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ3، وَلَسْتُ أُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ أَبُو وَائِلٍ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَمِعَهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ4 حَتَّى يَكُونَ الطريقان جميعا محفوظين5.

1 أخرجه البخاري 6861 في الديات: باب قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} ، و7532 في التوحيد: باب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ

} ، ومسلم 86 142 من طرق عن جرير، بهذا الإسناد.

2 تحرف في الأصل إلى: وائل، والتصويب من "التقاسيم".

3 أخرجه أحمد 1/434، والبيهقي 8/18 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والبغوي 42 من طريق محمد بن كثير، كلاهما عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 4761 في التفسير: باب {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ

} ، و6811 في الحدود: باب إثم الزناة، والترمذي 5/337 بعد الحديث 3182، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 7/117، والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/379 من طرق عن سفيان، به. إلا أنه لم يذكر فيه واصلاً الأحدب.

وأخرجه الترمذي 3182، والنسائي 7/89-90 عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، به.

4 من قوله: ولست أنكر

إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسم".

5 في الأصل و "التقاسيم": محفوظان، وهو خطأ، والجادة ما أثبت.

ص: 264

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ زِنَى الْمَرْءِ بِحَلِيلَةِ جَارِهِ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ

4416 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ:.حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ:"أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} 1.

1 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه البخاري 6001 في الأدب: باب قتل الولد خشية أن ياكل معه، وأبو داود 2310 في الطلاق: باب في تعظيم الزنى، عن محمد بن كثير العبدي، بهذا الإسناد.

ص: 265

‌ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِالتِّكْرَارِ عَلَى الْعَامِلِ مَا عَمَلَ قَوْمُ لُوطٍ

4417 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَعَنِ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ كَمَهَ الْأَعْمَى عَنِ السَّبِيلِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ من عمل عمل1 قوم لوط" قالها2

1 سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 2/لوحة 245.

2 قوله: قالها ثلاثاً في عمل قوم لوط سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم".

ص: 265

ثَلَاثًا فِي عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ1.

عَبْدُ الْمَلِكِ: هو أبو2 عامر العقدي.

1 إسناده على شرط الشيخين، ورواية البصريين عن زهير بن محمد صحيحة فيما قاله البخاري، وهذا منها، فإن عبد الملك بن عمرو بصري، وهو في "مسند أبي يعلى"2539.

وأخرجه أحمد 1/309 عن عبد الرحمن بن مهدي، والحاكم 4/356 من طريق عبد الله بن مسلمة، كلاهما عن زهير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/217 و317، والطبراني 11546، والحاكم 4/356، والبيهقي 8/231 من طرق عن عمرو بن أبي عمرو، به. وزادوا فيه لعن اللهُ من وَقع على بهيمة.

وأخرجه أبو يعلى 2521 من طريق محمد بن كريب، عن كريب، عن ابن عباس مختصراً، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ملعون من انتقص شيئاً من تخوم الأرض بغير حقه وإسناده ضعيف لضعف محمد بن كريب.

وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب، رفعه، عند أحمد 1/108 و118 و152، ومسلم 1978، والنسائي 7/232، والحاكم 4/153، والبيهقي 6/99 وفيه "لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله مَن لعن والديه، ولعن الله من غيّر مَنار الأرض".

وأخرج من حديث أبي هريرة عند الحاكم 4/356 مرفوعاً بلفظ "لعن الله سبعة من خلقه" فردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل واحد ثلاث مرات، ثم قال:"ملعون ملعون ملعون مَن عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط، ملعون من جمع بين المرأة وابنتها، ملعون من سب شيئاً من والديه، ملعون من أتى شيئاً من البهائم، ملعون من غيّر حدود الأرض، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من تولّى غير مواليه" وفي سنده هارون بن هارون التيمي، وهو ضعيف.

2 في الأصل: هذا ابن وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم".

ص: 266

‌ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهِمَا1

4418 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن أبي شيبة،

1 في الأصل: دبرها، واملثبت من "التقاسيم" 2/لوحة 251.

ص: 266

حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ1 مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي دبرهما"2.

1 سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم".

2 إسناده قوي على شرط مسلم. أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيان.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/130 عن أبي يعلى والحسين بن عبد المجيب الموصلي والحسن بن سفيان، بهذا الإسناد. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 4/251-252. وقد تقدم تخريجه برقم 4203.

ص: 267

‌ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ الزِّنَى عَلَى الْأَعْضَاءِ إِذَا جَرَى مِنْهَا بَعْضُ شُعَبِ الزِّنَى

4419 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَاللِّسَانُ يَزْنِي، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ، وَيُحَقِّقُ ذلك الفرج أو يكذبه"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 2/411، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/298، والبغوي 76 من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. قال البغوي: هذا حديث صحيح.

ص: 267

‌ذكر وصف زنى العين واللسان على ابن آدم

ذكر وصف زنى العين واللسان على بن آدَمَ

4420 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا معمر، عن ابن طاووس، يَعْنِي عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهُ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كتب الله على بن آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ: فَزِنَى الْعَيْنُ النَّظَرُ، وَزِنَى اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى ذَلِكَ وَتَشْتَهِي، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أو يكذبه"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. ابن طاووس: هو عبد الله.

وأخرجه مسلم 2657 20 في القدر: باب قدّر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره، والبيهقي 7/89 و10/185-186 من طريق إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد، وتابعَ إسحاقَ عند مسلم عبدُ بن حميد.

وأخرجه أحمد 2/276، والبخاري بعد الحديث 6243 في الاستئذان: باب زنى الجوارح دون الفرج، و6612 في القدر: باب {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} من طريق عبد الرزاق، به.

وأخرجه البخاري 6243 عن الحميدي، عن سفيان، عن ابن طاووس، به موقوفاً على أبي هريرة.

وعلقه البخاري بإثر الحديث 6612 فقال: شبابة: حدثنا ورقاء، عن ابن طاووس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 268

‌ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ الزِّنَى عَلَى الْقَلْبِ إِذَا تَمَنَّى وقُوعَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ

4421 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ بَنِي آدَمَ له

ص: 268

نَصِيبٌ مِنَ الزِّنَى أَدْرَكَهُ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ: فَالْعَيْنُ زِنَاهَا النَّظَرُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ النُّطْقُ، وَالْقَلْبُ زناه التمني، والفرج يصدق ويكذب"1.

1 حديث صحيح، ابن أبي السري: هو محمد بن المتوكل، صدوق له أوهام كثيرة، وقد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 2/317 عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

ص: 269

‌ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ الزِّنَى عَلَى الْيَدِ إِذَا لَمَسْتَ مَا لَا يَحِلُّ لَهَا

4422 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَوْبَانَ الطُّرْسُوسِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بن سعد، عن الليث ابن سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَأْثُرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ بَنِي آدَمَ أَصَابَ مِنَ الزِّنَى لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنُ زِنَاؤُهَا النَّظَرُ، وَالْيَدُ زِنَاؤُهَا اللَّمْسُ، وَالنَّفْسُ تَهْوَى، يُصَدِّقُهُ أَوْ يُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ"1. [23: 3]

1 إسناده صحيح، الربيع بن سليمان المرادي ثقة روى له أصحاب السنن، وشعيب ابن الليث من رجال مسلم وهو ثقة، ومن فوقه ثقات على شرطهما.

قوله: وزناؤهما: الزنا يُمد ويقصر، يقال: زنى الرجل يزني زنىً، مقصور، وزناءً، ممدود، قال الجعدي:

كانت فريضة ما تقول كما

كان الزِّناُ فريضةَ الرَّجْمِ

ص: 269

‌ذِكْرُ وَصْفِ زِنَى الْأُذُنِ وَالرِّجْلِ فِيمَا 1 يَعْمَلَانِ مِمَّا لَا يَحِلُّ

4423 -

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِمِصْرَ، حدثنا عيسى بن

1 في الأصل: مما، والمثبت من "التقاسيم"3/لوحة 78.

ص: 269

حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"عَلَى كُلِّ نَفْسِ ابْنِ آدَمَ كَتَبَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى: الْعَيْنُ زِنَاؤُهَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنُ زِنَاؤُهَا السَّمْعُ، وَالْيَدُ زِنَاؤُهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاؤُهَا الْمَشْيُ، وَاللِّسَانُ زِنَاؤُهُ الْكَلَامُ، وَالْقَلْبُ يَهْوَى الشَّيْءَ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ"1.

4424 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ الْحَنَفِيِّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ، فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فهي زانية، وكل عين زانية"2.

1 إسناده حسن من أجل ابن عجلان –وهو محمد- روى له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة، وهو حسن الحديث، وباقي السند ثقات على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 2/379، وأبو داود 2154 في النكاح: باب ما يؤمر به من غض البصر، عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/372 و536، ومسلم 2657 21 في القدر: باب قدِّر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره، وأبو داود 2153، والبيهقي 7/89 من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، به.

وأخرجه أحمد 2/344 و528 و535 من طريق أبي رافع، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/431، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/298 من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة.

2 إسناده قوي، ثابت بن عمارة روى له أصحاب السنن غير ابن ماجة، وقال. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 270

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يحيى بن معين والدارقطني: ثقة، وقال أحمد والنسائي: لا بأس به، وقال البزار: مشهور، وقال أبو حاتم: ليس عندي بالمتين، ووثقه المؤلف، وباقي السند على شرط مسلم.

وأخرجه البيهقي 3/246 من طريق أحمد بن منصور، عن النضر بن شميل، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي 2786 في الأدب: باب ماجاء في كراهية خروج المرأة متعطرة، من طريق يحيى القطان، وأحمد 4/418 عن عبد الواحد وروح، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/299، والحاكم 2/396 من طريق روح بن عبادة، وأحمد 4/414 عن مروان بن معاوية، والنسائي 8/153 في الزينة: باب ما يكره للنساء من الطيب، كلهم عن ثابت بن عمارة، به. وقوله: كل عين زانية ليس إلا عند الترمذي والطحاوي، وفي رواية الترمذي فهي كذا وكذا، يعني زانية وقال: حديث حسن صحيح، وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 4/418 عن عبد الواحد وروح، عن ثابت بن عمارة، به مختصراً، بلفظ كل عين زانية.

وأخرجه أحمد 4/400، وأبو داود 4183 في الترجُّل: باب ما جاء في المرأة تتطيب للخروج، من طريق يحيى القطان، عن ثابت بن عمارة، به. وعندهما فهي كذا وكذا، زاد أبو داود: قال قولاً شديداً، وليس عندهما كل عين زانية.

وأخرجه بطوله الدارمي 2/279 عن أبي عاصم، عن ثابت بن عمارة، به موقوفاً على أبي موسى من قوله، ثم قال: وقال أبو عاصم: يرفعه بعض أصحابنا.

ص: 271

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ حُكْمِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ إِذَا زَنَيَا

4425 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ1 بِبُسْتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ2، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ

1 في الأصل: عبد الله بن محمد بن هند، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 350.

2 تحرف في الأصل إلى: هشام، والتصويب من "التقاسيم".

ص: 271

الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جلد مائة ونفي سنة"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، حطان بن عبد الله ثقة من رجاله، وباقي السند ثقات على شرطهما. وقد صَرَّح هشيم بالتحديث في بعض الروايات.

وأخرجه الترمذي 1434 في الحدود: باب ما جاء في الرجم على الثيب، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 4/247 عن قتيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/313، والدارمي 2/181، ومسلم 1690 12 في الحدود: باب حدّ الزنى، وأبو داود 4416 في الحدود: باب في الرجم: والبيهقي 8/222 من طرق عن هشيم، به.

ص: 272

‌ذِكْرُ وَصْفِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحُرَّةِ الزَّانِيَةِ ثَيِّبًا كَانَتْ أَمْ بِكْرًا

4426 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ، ثُمَّ الرَّجْمُ1، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مائة وينفيان سنة"2.

1 ثم الرجم لم ترد في الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 3/لوحة 180.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه ابن الجارود 810 عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، بهذا الإسناد.

ص: 272

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْبِكْرِ الزَّانِيَةِ الْجَلْدُ دُونَ الرَّجْمِ

4427 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حدثنا عليا بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"خُذُوا عَنِّي، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، الْبِكْرُ تُجْلَدُ وَتُنْفَى، وَالثَّيِّبُ تُجْلَدُ وَتُرْجَمُ"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه الطحاوي 3/134 عن ابن أبي داود، عن علي بن الجعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/320، وابن أبي شيبة 10/180، ومسلم 1690 14 من طريقين عن شعبة، به.

وأخرجه مسلم 1690 14 من طريق مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، به.

ص: 273

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ الرَّجْمِ لِمَنْ زَنَى وَهُوَ مِحْصَنٌ

4428 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَتْ سُورَةُ الْأَحْزَابِ تُوَازِي سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَكَانَ فِيهَا: الشَّيْخُ والشيخة إذا زنيا، فارجموهما البتة1.

1 عاصم بن أبي النجود صدوق له أوهام، وحديثه في الصحيحين مقرون، وباقي السند ثقات على شرط الصحيح

وأخرجه الحاكم 2/415 من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وصحح إسناده ووافقه الذهبي!

ص: 273

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالرَّجْمِ لِلْمُحْصِنِينَ إِذَا زَنَيَا قَصْدَ التنكيل بهما

4429 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُكْرَمٍ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: لَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْمَصَاحِفِ، وَيَقُولُ إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ فَلَا تَجْعَلُوا فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ. قَالَ أُبَيٌّ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ لَنَا، فَنَحْنُ نَقُولُ. كَمْ تَعُدُّونَ سُورَةَ الْأَحْزَابِ مِنْ آيَةٍ؟ قَالَ قُلْتُ: ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ، قَالَ أُبَيٌّ: وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ إِنْ كَانَتْ لَتَعْدِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلَقَدْ قَرَأْنَا فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ1.

1 إسناده كسابقه. وأخرجه من قوله: كم تعدّون

إلخ النسائي في الرجم كما في "التحفة" 1/16 عن معاوية بن صالح الأشعري، عن منصور بن أبي مزاحم، عن أبي حفص الأبّار، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي 540، وعبد الرزاق 13363، وعبد الله بن الإمام أحمد في الزيادات 5/132، والبيهقي 8/211 من طرق عن عاصم، عن زِر، قال: قال لي أُُبي بن كعب: يا زر، كأين تعد، وكأين تقرأ سورة الأحزاب؟ قال: قلت: كذا وكذا آية. قال: إن كانت لتضاهي سورة البقرة، وإن كنّا لنقرأ فيها والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله ورسوله فرفع فيما رفع.

وأخرج القسم الأول منه الحميدي 374، والبخاري 4976 في التفسير: باب سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، و4977 باب سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =

ص: 274

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= النَّاسِ} ، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 1/15 من طريق سفيان، عن عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن أبي النجود، به نحوه.

وأخرجه أيضاً عبد الله بن أحمد 5/132 من طريق يزيد بن أبي زياد، عن زر بن حبيش، به.

ووقع في رواية البخاري بدل قوله: كان يحك المعوذتين يقول كذا وكذا.

قال الحافظ: هكذا وقع هذا اللفظ مبهماً، وكأن بعض الرواة أبهمه استعظاماً له، وأظن ذلك من سفيان، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء بن سفيان كذلك على الإبهام، وكنت أظن أولاً أن الذي أبهمه البخاريُّ، لأنني رأيت التصريح به في رواية أحمد 5/130 عن سفيان ولفظه قلت لأُبي: إن أخاك يحكها من المصحف، وكذا أخرجه الحميدي 374 عن سفيان، ومن طريق أبو نعيم في "المستخرج"، وكأن سفيان كان تارةً يصرح بذلك، وتارةً يُبهمه. وقد أخرجه أحمد 5/129 أيضاً، وابن حبان من رواية حماد بن سلمة بن عاصم بلفظ إن عبد الله بن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه.

وأخرج أحمد 5/129 عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بلفظ إن عبد الله يقول في المعوذتين وهذا أيضاً فيه إبهام، وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات "المسند" 5/129-130، والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: كان عبد اله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه، ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله، قال الأعمش: وقد حدثنا عاصم، عن زر، عن أُبي بن كعب، فذكر نحو حديث قتيبة الذي في الباب الماضي يريد عند البخاري برقم 4976 وقد أخرجه البزار 2301 وفي آخره يقول: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعوّذ بهما قال البزار: ولم يتابع ابنَ مسعود على ذلك أحدٌ من الصحابة، وقد صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأهما في الصلاة.

قلت: هو في "صحيح مسلم" 814 عن عقبة بن عامر، وزاد فيه ابن حبان 1833 من وجه آخر عن عقبة بن عامر فإن استطعتَ أن لاتفوتك قراءتهما في صلاة فافعل.

وأخرج أحمد 5/24 و79 من طريق أبي العلاء بن الشخير عن رجل من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه المعوذتين، وقال له:"إذا أنت صلّيت فاقرأهما" وإسناده صحيح. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 275

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=ولسعيد بن منصور من حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلى الصبح فقرأ فيهما بالمعوذتين.

وقد تأول أبو بكر الباقلاني في كتاب "الانتصار"، وتبعه عياض وغيره، ما حُكي عن ابن مسعود، فقال: لم ينكر ابن مسعود كونَهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابته فيه، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك، قال: فهذا تأويل منه، وليس جحداً لكونهما قرآناً، وهو تأويل حسن إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها يقول: إنهما ليستا من كتاب الله

وقال غير القاضي: لم يكن اختلاف ابن مسعود مع غيره في قرآنيتهما، وإنما كان في صفة من صفاتهما. وغاية ما في هذا أنه أبهم ما بينه القاضي، ومن تأمل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع.

وذهب جمع إلى تكذيب ما روي عن ابن مسعود وبطلانه، فقد قال الإمام ابن حزم في "المحلى"1/13: وكل ما روي عن ابن مسعود من أن المعوذتين وأم القرآن لم تكن في مصحفه، فكذب موضوع لا يصح، وإنما صحت عنه قراءة عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، وفيها أم القرآن والمعوذتان.

وقال الفخر الرازي في "تفسيره الكبير" 1/218: والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل كاذب باطل.

وقال الإمام النووي في "شرح المهذب" 3/396: وأجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن، وأن من جحد شيئاً منه كفر، وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه.

ص: 276

‌ذِكْرُ إِخْفَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ آيَةَ الرَّجْمِ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا أَنْزَلَ

4430 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بِمَرْوَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدِ1 ابْنِ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قال:

1 في الأصل: الحسن بن سعد، والمثبت من "التقاسيم" 3/لوحة 205.

ص: 276

حَدَّثَنِي جَدِّي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ كَفَرَ بالرجم، فَقَدْ كَفَرَ بِالرَّحْمَنِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [المائدة:15] فكان مما أخفوا الرجم1.

1 حديث صحيح، الحسين بن سعد لم أر من ترجمه، لكن ذكره المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة جده علي بن الحسين بن واقد في عِداد من روى عنه، وعلي بن الحسين بن واقد، قال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، ووثقه المؤلف، وباقي رجال السند ثقات.

وأخرجه النسائي في الرجم كما في "التحفة" 5/178 عن محمد بن عقيل، عن علي بن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 11609 من طريق يحيى بن واضح، والطبري أيضاً 11610، والحاكم 4/359 من طريق علي بن الحسين بن شقيق، كلاهما عن الحسين بن واقد، به. وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي. ولفظ عندهم "النسائي والطبري والحاكم": من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب....

ص: 277

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى جَوَازَ الْإِحْصَانِ عَنِ الْمُشْرِكِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4431 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين قد أحصنا1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، الوليد بن شجاع ثقة من رجال مسلم، ومن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 277

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فوقه على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/149 و14/149، وابن ماجة 2556 في الحدود: باب رجم اليهودي واليهودية، من طريق عبد الله بن نمير، وأحمد 2/17 عن يحيى القطان، كلاهما عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد نحوه.

وأخرجه مطولاً مسلم 1699 26 في الحدود: باب رجم اليهود أهلِ الذمة في الزنى، من طريق شعيب بن إسحاق، عن عُبيد الله بن عمر، به.

وأخرجه مختصراً أحمد 2/61-62 و126، وابن الجارود 822 من طرق عن نافع، به.

ص: 278

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْإِحْصَانَ

4432 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين قد أحصنا1.

4433 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رجم يهوديا ويهودية2.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله. أبو همّام: هو الوليد بن شجاع.

2 رجاله ثقات رجال الشيخين. الشيباني: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك.

وأخرجه أحمد 4/355 عن هشيم، بهذا الإسناد. ولفظه عنده: قلت لابن أبي أوفى: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، يهودياً ويهودية. قال: قلت: بعد نزول النور أو قبلها؟ قال: لا ادري. وزاد الحافظ نسبته في "الفتح" 12/173 إلى الإسماعيلي والطبراني.

وأخرج البخاري 6813 في الحدود: باب رجم المحصن، و6840 باب. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 278

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنَوا ورُفعوا إلى الإمام، ومسلم 1702 في الحدود: باب رجم اليهود أهلِ الذمة في الزنى، من طرق عن أبي إسحاق الشيباني قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: قلت: بعدما أنزلت سورة النور أم قبلها؟ قال: لا أدري. قال البخاري بعد الرواية الثانية: تابعه علي بن مسهر، وخالد بن عبد الله، والمحاربي، وعَبيدة بن حميد عن الشيباني، وقال بعضهم: المائدة، والأول أصح.

ص: 279

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا رَجَمَ صلى الله عليه وسلم الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا

4434 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ

عن ابن عمر أن اليهود جاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟ " فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ، وَيُجْلَدُونَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: كَذَبْتُمْ، إِنَّ فِيهَا لَآيَةَ الرَّجْمِ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ، فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَرَأَيْتُ الرجل يجنىء على المرأة يقيها الحجارة1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/819 في الحدود: باب ما جاء في الرجم.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري 3635 في المناقب: باب قول الله تعالى {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ، و6841 باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام، ومسلم 1699 27 في الحدود: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، وأبو. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 279

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= داود 4446 في الحدود: باب في رجم اليهوديين، والبيهقي 8/214، والبغوي 2583.

وأخرجه من طريق مالك مختصراً الشافعي 2/81، وأحمد 2/7 و63 و76، والترمذي 1436 في الحدود: باب ما جاء في رجم أهل الكتاب.

وأخرجه بنحوه من طرق عن نافع عبدُ الرزاق 13331 و13332، والدارمي 2/178-179، والبخاري 1329 في الجنائز: باب الصلاة على الجنائز بالمصلّى والمسجد، و4556 في التفسير: باب {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، و7332 في الاعتصام: باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل أهل العلم، و7543 في التوحيد: باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها لقول الله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، ومسلم 1699.

وأخرجه أيضاً البخاري 6819 في الحدود: باب الرجم في البلاط، من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر.

قوله: يجنئ عليها أي: يُكِبُّ عليها، يقال: أَجنأ عليه يجنئ: إذا أكبَّ عليه يَقيه شيئاً، ويقال: جنَأ يجنأُ جنوءاً: إذا أكبَّ عليه. وانظر "الفتح" 12/176-177.

ص: 280

‌ذِكْرُ اسْمِ الْوَاضِعِ يَدَهُ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا

4435 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ رَجُلًا وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَأَتَتْ بِهِمَا الْيَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَيْنِ زَنَيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ؟ " قَالُوا: نَفْضَحْهُمَا وَنَجْلِدُهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ إِنَّ فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ إِنَّ فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ، قَالَ: فَأَتَوْا

ص: 280

بِالتَّوْرَاةِ، فَنَشَرُوهَا وَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ صُورِيَا أَعْوَرُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَوَجَدَ آيَةَ الرَّجْمِ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: نَعَمْ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا الرَّجْمُ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأَنَا فِيمَنْ رَجَمَهُمَا يومئذ1.

1 إسناده صحيح على شرطهما، وانظر ما قبله.

ص: 281

‌ذِكْرُ وَصْفِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ الْمَرْجُومِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

4436 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُتِيَ بِرَجُلٍ أَشْعُرَ1 قَصِيرٍ ذِي عَضَلَاتٍ أَقَرَّ بِالزِّنَى، فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ، فَرُجِمَ، وَقَالَ:"كُلَّمَا نَفَرْنَا غَازِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَتَخَلَّفُ أَحَدُكُمْ لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ يَمْنَحُ إِحْدَاهُنَّ الْكُثَيْبَةَ2، أَمَا إِنِّي لَنْ أُوتِيَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا جَعَلْتُهُ نَكَالًا" وربما قال سماك: "إلا نكلته"3.

1 تحرف في الأصل إلى: أشقر، والمثبت من الطبراني، والطحاوي، وابن أبي شيبة، وفي مسلم: أشعث.

2 في الطبراني ومسلم: الكثبة، وهي: كل قليل جمعته من طعام او لبن أو غير ذلك.

3 إسناده حسن، سماك بن حرب من رجال مسلم وهو حسن الحديث، وباقي رجاله..=

ص: 281

قَالَ سِمَاكٌ: فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: رَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، قَالَ شُعْبَةُ: وَقَالَ الْحَكَمُ: يَنْبَغِي أَنْ يرده أربع مرات، وقال حماد: مرة.

= ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 1897 عن سليمان بن الحسن، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/103، وابن أبي شيبة 10/73، ومسلم 1692 18 في الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، وأبو داود 4423 في الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 2/158، والطحاوي 3/142 و143 من طرق عن شعبة، به. وفيه: فردّه مرتين، وفي رواية لمسلم والطحاوي: مرتين أو ثلاثاً.

وأخرجه عبد الرزاق 13343، ومن طريقه أحمد 5/86 و87، والطبراني 1917 عن إسرائيل بن يونس، وأحمد 5/102 من طريق المسعودي، ومسلم 1692 17، وأبو داود 4422، والطبراني 1979، والبيهقي 8/226-227 من طريق أبي عوانة، والطبراني 2049 من طريق الوليد بن أبي ثور، أربعتهم عن سماك بن حرب، به. في رواية إسرائيل والوليد ردُّه له مرتين، وفي رواية أبي عوانة فشهد على نفسه أربع شهادات، وفي رواية المسعودي: فاعترف مراراً.

ص: 282

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَى يُوجِبُ الرَّجْمَ عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِهِ وَكَانَ مُحْصِنًا

4437 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: إِنَّ رَجُلًا

ص: 282

مِنَ الْأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُنْشِدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ الْخَصْمُ الْآخَرُ -وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ-: نَعَمْ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَذَنْ لِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قُلْ"، قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمُ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِئَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا" قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فرجمت1.

1 إسناده صحيح، يزيد بن مَوهب ثقة روى له أصحاب السنن غير الترمذي، ومن فوقه ثقات على شرطهما.

وأخرجه البخاري 2724 في الشروط: باب الشروط التي لا تحل في الحدود، ومسلم 1697 في الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 3/236، والطبراني 5193 من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 2314 في الوكالة: باب الوكالة في الحدود، عن أبي الوليد، عن الليث، به مختصراً جداً.

وأخرجه النسائي في ارجم، والطبراني 5191 من طريقين عن مالك والليث وسفيان بن عيينة، عن ابن شهاب، به. زاد سفيان في روايته مع أبي هريرة وزيد شبلاً.

وأخرجه مالك 2/882 في الحدود: باب ما جاء في الرجم، ومن طريقه الشافعي في "مسنده" 2/78-79، والبخاري 6633 في الأيمان والنذور:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 283

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، و6842 في الحدود: باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنى عند الحاكم والناس

، وأبو داود 4445 في الحدود: باب المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة، والترمذي بعد الحديث 1433 في الحدود: باب ما جاء في الرجم على الثيب، والنسائي 8/240-241 في آداب القضاة: باب صون النساء عن مجلس الحكم، والطبراني 5190، والطحاوي 3/135، والبغوي 2579.

وأخرجه الشافعي 2/79، والبخاري 2827 في الحدود: باب الاعتراف بالزنى، و6859 باب هل يأمر الإمام رجلاً فيضرب الحد غائباً عنه؟، من طرق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به.

وأخرجه أحمد 4/115-116، والحميدي 811، والدارمي 2/177، والترمذي 1433، والنسائي 8/241-242، وابن ماجة 2549 في الحدود: باب حد الزنى، والطحاوي 3/134-135، والطبراني 5192، وابن الجارود 811، والبيهقي 8/219 و222 من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. زاد سفيان فيه مع زيد وأبي هريرة شبلاً.

وأخرجه عبد الرزاق 13309، و13310، والإمام أحمد 4/115، والبخاري 2695 في الصلح: باب إذا اصطلحوا على صلح جَور فالصلح مردود، و6835 في الحدود: باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائباً عنه، و7193 في الأحكام: باب هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلاً وحده للنظر في الأمور، و7258 في أخبار الآحاد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام، ومسلم 1697، والطحاوي 3/135، والطبراني 5188 و5189 و5195 و5196 و5199 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه البخاري 7260 في أخبار الآحاد، من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة وحده.

وأخرجه الطبراني 5200 من طريق سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن زيد بن خالد.

وأخرجه البخاري 2649 في الشهادات: باب شهادة القاذف والسارق والزاني، و6831 في الحدود: باب البكران يجلدان وينفيان، والطبراني 5197 من طريقين عن الزهري، عن عبيد الله، عن زيد بن خالد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 284

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مختصراً بلفظ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمر فيمن زنى ولم يحصن جلد مئة وتغريب عام.

وأخرجه الطبراني 5194 من طريق الزهري، به مختصراً بنحوه.

والعسيف: الأجير، سمي بذلك لأن المستأجر يعسِفه في العمل، والعسْف: الجور، أو هو بمعنى الفاعل لكونه يعسف الأرض بالتردد فيها، يقال: عسف الليل عسْفاً: إذا أكثر السير فيه، ويطلق العسف أيضاً على الكفاية، والأجير يكفي المستأجر الأمر الذي أقامه فيه.

وفي الحديث الرجوع إلى كتاب الله نصاً واستنباطاً، وجواز القسم على الأمر لتأكيده، والحَلِف بغير استحلاف، وحسن خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم وحِلمه على من يخاطبه بما الأولى خلافُه، وأن مَن تأسّى به من الحكام في ذلك يحمد كمن لا ينزعج لقول الخصم مثلاً: احكم بيننا بالحق.

وفيه أن حسن الأدب في مخاطبة الكبير يقتضي التقديم في الخصومة ولو كان المذكور مسبوقاً، واستحباب استئذان المدّعي والمستفتي والحاكمَ والعالمَ في الكلام.

وفيه أن من أقر بالحدّ وجب على الإمام إقامته عليه ولو لم يعترف مشاركه في ذلك.

وفيه أن المخدرة التي لا تعتاد البروز لا تكلف الحضور لمجلس الحكم، بل يجوز أن يرسل إليها من يحكم لها وعليها.

وفيه أن السائل يذكر كل ما وقع في القصة لاحتمال أن يفهم المفتي أو الحاكم من ذلك ما يستدل به على خصوص الحكم في المسألة لقول السائل: إن ابني كان عسيفاً على هذا، وهو إنما جاء يسأل عن حكم الزنى، والسر في ذلك أنه أراد أن يقيم لابنه معذرةً ما، وأنه لم يكن مشهوراً بالعهر ولم يهجم على المرأة مثلاً ولا استكرهها، وإنما وقع له ذلك لطول الملازمة المقتضية لمزيد التأنيس والإدلال، فيستفاد منه الحث على إبعاد الأجنبي من الأجنبية مهما أمكن، لأن العشرة قد تفضي على الفساد، ويتسور بها الشيطان إلى الإفساد.

وفيه أن الصحابة كانوا يفتون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي بلده.

وفيه أن الحكم المبني على الظن ينقض بما يفيد القطع.

وفيه أن الحد لا يقبل الفداء، وفيه جواز الاستنابة في إقامة الحد، وفيه أن حال الزانيين إذا اختلفا أقيم على كل واحد حده لأن العسيف جُلد والمراة رُجمت.

ص: 285

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم تَوَهَّمَ فِي مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ قِلَّةَ عَقْلٍ وَعِلْمٍ مِمَّا يَقُولُ فَلِذَلِكَ رَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ

4438 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ فَاحِشَةً، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِرَارًا قَالَ: فَسَأَلَ قَوْمَهُ: "أَبِهِ بَأْسٌ؟ " فَقِيلَ: مَا بِهِ بَأْسٌ، غَيْرَ أَنَّهُ أَتَى أَمْرًا يَرَى1 أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُقَامَ الْحَدُّ عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَمَرَنَا فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، قَالَ: فَلَمْ نَحْفُرْ لَهُ، وَلَمْ نُوثِقْهُ، فَرَمَيْنَاهُ بِخَزَفٍ وَعِظَامٍ وَجَنْدَلٍ قَالَ: فَاشْتَكَى فَسَعَى، فَاشْتَدَدْنَا خَلْفَهُ، فَأَتَى الْحَرَّةَ فَانْتَصَبَ لَنَا فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِهَا حَتَّى سَكَنَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَشِيِّ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدَ، ما بال أَقْوَامٍ إِذَا غَزَوْنَا تَخَلَّفَ أَحَدُهُمْ فِي عِيَالِنَا لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ، أَمَا إِنَّ عَلَيَّ أَنْ لَا أُوتِيَ بِأَحَدٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا نَكَّلْتُ بِهِ" قَالَ: وَلَمْ يَسُبَّهُ وَلَمْ يَسْتَغْفِرْ له2.

1 في الأصل: لا يرى، وهو خطأ، وفي "المستدرك": لا يرى أن يخرجه منه، بإثبات لا الأولى، وحذف الثانية، وهو صحيح.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعَة العبدي.

وأخرجه مسلم 1694 21 في الحدد: باب من اعترف على نفسه بالزنى،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 286

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأبو داود 4431 في الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 3/455، والحاكم 4/362-363 من طرق عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!

وأخرجه أحمد 3/61-62، والدارمي 2/178، ومسلم 1694، وأبو داود 4431، والنسائي، والبيهقي 8/220-221 من طرق عن داود بن أبي هند، به نحوه –وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.

وقوله: بجلاميدها، الجلاميد: هي الحجارة الكبار، واحدها جَلْمَد –بفتح الجيمي والميم- وجُلمود، بضم الجيم.

وقوله: سكن، كذا هي هنا وعند لحاكم بالنون، وعند مسلم وأبي داود سكت، قال النووي في "شرح مسلم" 11/198: هو بالتاء في آخره، هذا هو المشهور في الروايات، قال القاضي: ورواه بعضهم سكن بالنون، والأول الصواب، ومعناهما: مات.

وقوله: لم يسبّه ولم يستغر له قال النووي: أما عدم السب، فلأن الحدّ كفارة له، مطهرة له من معصيته، وأما عدمُ الاستغفار، فلئلاّ يغترّ غيرُه، فيقع في الزنى اتكالاً على استغفاره صلى الله عليه وسلم.

ص: 287

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى الْمُقِرِّ بِالزِّنَى عَلَى نَفْسِهِ إِذَا رَجَعَ بَعْدَ إِقْرَارِهِ يَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ وَلَا يُرْجَمُ

4439 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ مَاعِزٌ الْأَسْلَمِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ شِقِّهِ الْآخَرِ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَجَاءَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ، فَرَّ يَشْتَدُّ، فَذَكَرُوا فِرَارَهُ

ص: 287

لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فهلا تركتموه"1.

1 إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة، فقد روى له البخاري تعليقاً ومقروناً ومسلم متابعة، وباقي رجال السند ثقات على شرطهما.

وأخرجه ابن الجارود 819 عن علي بن خشرم، عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي 1428 في الحدود: باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع، من طريق عبدة بن سليمان، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 11/20، والبغوي 2584 من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن محمد بن عمرو، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن.

وأخرجه بنحوه البخاري 5271 في الطلاق: باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون

، و6815 في الحدود: باب لا يُرجم المجنون والمجنونة، و6825 باب سؤال الإمام المقرَّ: هل أحصنت؟ و7167 في الأحكام: باب من حكم في المسجد

، ومسلم 1691 16 في الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 10/19 و34، والطحاوي 3/143، والبيهقي 8/219، والبغوي 2585 من طرق عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة. وانظر 4383 و4384.

ص: 288

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ مُحْصِنًا حِينَ زَنَى

4440 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يونس، عن بن شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ

ص: 288

شَهَادَاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فرجم وكان قد أحصن1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. عبد الله: هو ابن المبارك، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه البخاري 6814 في الحدود: باب رجم المحصن، عن محمد بن مقاتل، والبيهقي 8/225 من طريق عبدان، كلاهما عن ابن المبارك، بهذا الإسناد. وانظر الحديث 3094.

ص: 289

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَامِلَ إِذَا أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَى يَجِبُ أَنْ يُتَرَبَّصَ بِرَجْمِهَا إِلَى أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا

4441 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَلِيِّهَا فَقَالَ: "أَحْسِنْ إِلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا". فَأَتَى بِهَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بِهَا فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ عَلَى سَبْعِينَ مِنْ

ص: 289

أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أن جادت بنفسها لله" 1.

1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. عمر بن عبد الواحد المتابع للوليد بن مسلم في هذا السند ثقة، روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وهو مكرر 4403.

ص: 290

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَامِلَ الْمُقِرَّةَ بِالزِّنَى عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ التَّرَبُّصُ بِرَجْمِهَا إِلَى [أَنْ] تَفْطِمَ وَلَدَهَا

4442 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: قَدْ أَحْدَثْتُ، وَهِيَ حُبْلَى، فَأَمَرَهَا نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ تَذْهَبَ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، فَلَمَّا وَضَعَتْ، جَاءَتْ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَذْهَبَ فَتُرْضِعَهُ حَتَّى تَفْطِمَهُ فَفَعَلَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَدْفَعَ وَلَدَهَا إِلَى أُنَاسٍ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ، فَسَأَلَهَا:"إِلَى مَنْ دَفَعَتْ"، فَأَخْبَرَتْ أَنَّهَا دَفَعْتُهُ إِلَى فُلَانٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ، وَتَدْفَعَهُ إِلَى آلِ فُلَانٍ نَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ إِنَّهَا جَاءَتْ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَشُدَّ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِهَا، فَرُجِمَتْ، ثُمَّ إِنَّهُ كَفَّنَهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ دَفَنَهَا، فَقَالَ النَّاسُ: رَجَمَهَا ثُمَّ كَفَّنَهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ دَفَنَهَا! فَبَلَغَ

ص: 290

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا يَقُولُ النَّاسُ فَقَالَ: "لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ تَوْبَتُهَا بَيْنَ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لوسعتهم"1.

1 حديث صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم غير محمد بن وهب بن أبي كريمة فقد روى له النسائي وهو صدوق صالح. عبد الملك بن عمير وصفه المؤلف في "الثقات" 5/117 بالتدليس، وقد عنعن، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحراني.

ص: 291

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا

4443 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَحْرِ بْنِ مُعَاذٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخِي بَنِي رَقَاشٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، كَرْبٌ لِذَلِكَ، وَتَرَبَّدَ لَهُ [وَجْهُهُ] ، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ، ثُمَّ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مائة ثم نفي سنة"1.

1 حديث صحيح، شعيب بن إسحاق ثقة من رجال الشيخين وهو –وإن كان سماعه من أبي عروبة بأَخَرَةٍ- قد تُوبع، وهو مكرر 4425 و4426 و4427.

وأخرجه أحمد 5/318 و320-321، ومسلم 1690 13 في الحدود: باب حد الزنى، وأبو داود 4415 في الحدود: باب في الرجم، والنسائي في "فضائل القرآن" 5، وفي الرجم كما في "التحفة" 4/247 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 291

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: هَذَا الْخَبَرُ دَالٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ كَانَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى لِسَانِ صَفِيَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ مَا أَنْزَلَ حُكْمَ الزَّانِيَيْنِ، فَلَمَّا رُفِعَ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي الزِّنَى وَأَقَرَّ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ بِهَا، أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِهِمْ، وَلَمْ يَجْلِدْهُمْ، فَذَلِكَ مَا وَصَفْتُ عَلَى أَنَّ هَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِ نَسْخُ الْأَمْرِ بِالْجَلْدِ لِلثَّيِّبَيْنِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى رجمهما.

=وأخرجه أحمد 5/317 من طريق حماد، عن قتادة وحميد، عن الحسن، به.

وأخرجه ابن ماجة 2550 في الحدود: باب حد الزنى، من طريق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عروبة، به. وقال فيه عن يونس بن جبير بدل الحسن، قال الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" 4/247: وهو وهم والله أعلم، فإن المحفوظ بهذا الإسناد حديث حِطَّان عن أبي موسى في التشهد.

ص: 292

‌ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَلْدِ عَلَى الْأَمَةِ الزَّانِيَةِ لِمَوْلَاهَا وَإِنْ عَادَتْ فِيهِ مِرَارًا

4444 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ، فَقَالَ:"إِذَا زَنَتْ، فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/826 في الحدود: باب جامع ما جاء في حد الزنى. وزاد في آخره قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 292

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في "مسنده" 2/200-201 بترتيب الساعاتي، وأحمد 4/117، والدارمي 2/181، والبخاري 2153 في البيوع: باب بيع العبد الزاني، و6837 في الحدود: باب إذا زنت الأمة، ومسلم 1704 33 في الحدود: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، وأبو داود 4469 في الحدود: باب في الأمة تزني ولم تحصن، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/237، وابن الجارود 821، والبيهقي 8/242 و244.

وأخرجه عبد الرزاق 13598 في "المصنف"، والطيالسي 1334 و2513، بهذا الإسناد، عن أبي هريرة وحده.

وأخرجه عبد الرزاق 13598، والطيالسي 1334 و2513، والبخاري 2232 في البيوع: باب بيع المدبَّر، و2555 في العتق: باب كراهية التطاول على الرقيق، ومسلم 1704 من طرق عن الزهري، به عنهما.

وأخرجه الشافعي 2/200، والحميدي 812، وأحمد 4/116، وابن أبي شيبة 9/513، والنسائي في الرجم، وابن ماجة 2565 في الحدود: باب إقامة الحدود على الإماء، والبيهقي 8/244 من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. زاد في إسناده مع أبي هريرة وزيد شبلاً.

وأخرجه البخاري 2152 و2234 و6839، ومسلم 1703 30 و31، وأبو داود 4470 و4471 من طريق المقبري، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا زنت الأمة فتبين زناها، فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت، فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة، فليبعها ولو بحبل من شعر". اللفظ للبخاري، وفي بعض الروايات ثم ليبعها في الرابعة.

والضفير: الحبل المضفور، فعيل بمعنى مفعول.

وقوله: ولم تحصن قال الزرقاني في "شرح الموطأ" 4/148: بضم أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه بإسناد الإحصان إليها، لأنها تحصن نفسها بعفافها، وروي ولم تحُْصَن بفتح الصاد بإسناد الإحصان إلى غيرها ويكون بمعنى الفاعل والمفعول، وهو أحد الثلاثة التي جاءت نوادر، يقال: أحصن فهو محصَن، وأسهب فهو مُسْهَبٌ، وألفج فهو ملفج قليل

وزَعْم الطحاوي تفرد مالك بقوله: ولم تحصن، أنكره عليه ابن عبد البر وغيره من الحفاظ بأنه لم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 293

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يتفرد بها، بل تابعه عليها ابن عيينة ويحيى بن سعيد الأنصاري عن ابن شهاب، فهي صحيحة، وليست بقيد وإنما هي حكاية حال في السؤال، ولذا أجاب صلى الله عليه وسلم فقال:"إن زنت فاجلدوها" غير مقيد بالإحصان للتنبيه على أنه لا أثر له، وأن موجبه في الأمة مطلق الزنى، أو المراد بالإحصان المنفي الحرية كقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} أو التي لم تتزوج أو لم تسلم كقوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} الآية قيل: أسلمن، وقيل: تزوجن، فليس المراد أنها ترجم إذا أحصنت بمعنى تزوجت، لأنه خلاف الإجماع، وصريح قوله:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} ، فدل الحديث على جلد من لم تحصن، والآية على جلد المحصن، إذ الرجم لا ينتصف، فتجلد ولو متزوجة عملاً بالدليلين.

ص: 294

‌باب حد الشرب

‌ذكر الخبر في حد شارب الخمر

2-

بَابُ: حَدِّ الشُّرْبِ

4445 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَاجْلِدُوهُ، وَمَنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ، فَاقْتُلُوهُ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: الْعِلَّةُ الْمَعْلُومَةُ فِي هَذَا الْخَبَرِ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ: فَإِنْ عَادَ عَلَى أَنْ لَا يقبل تحريم الله، فاقتلوه.

1 إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود. وانظر مابعده.

ص: 295

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ

4446 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي

ص: 295

عروبة، عن عاصم بن بَهْدَلَةَ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا شَرِبُوهَا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا فَاجْلِدُوهُمْ1، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا، فَاقْتُلُوهُمْ"2.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ أَبُو صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ جميعا.

1 قوله: ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا فاجلدوهم سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 1/لوحة 544.

2 حديث صحيح. شعيب بن إسحاق ثقة من رجال الشيخين غير أن روايته عن أبي عروبة بأخرة.

وأخرجه ابن ماجة 2573 في الحدود: باب من شرب الخمر مراراً، عن هشام بن عمار، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/768 من طريق عبد الأعلى، والطحاوي 3/159، والحاكم 4/372 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق 17087، وأحمد 4/95 و96 و101، وأبو داود 4482 في الحدود: باب إذا تتابع في شرب الخمر، والترمذي 1444 في الحدود: باب ما جاء من شرب الخمر فاجلدوه ومن عاد في الرابعة فاقتلوه، والنسائي في الحدود كما في "التحفة" 8/439، والطبراني 19/767، والبيهقي 8/313 من طرق عن عاصم بن أبي النجود، به.

وأخرجه أحمد 4/93 و97، والنسائي في الحدود كما في "التحفة" 8/444، والطحاوي 3/159، والطبراني 19/843 و844 و845 و846 من طريق عبد الرحمن بن عبد الجدلي، عن معاوية بن أبي سفيان.

وانظر "المستدرك" 4/371-373، و"نصب الراية" 3/346-349، و"فتح الباري" 12/80-82، و"مسند أحمد" بتحقيق أحمد محمد شاكر 9/49 وما بعدها.

ص: 296

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ مَنْ عَادَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ بَعْدَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَسَكِرَ مِنْهَا

4447 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سوار، قال: حدثنا بن أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا سَكِرَ الرَّجُلُ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ سَكِرَ، فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إن سكر الرابعة، فاضربوا عنقه" 1

1 إسناده جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحارث بن عبد الرحمن روى له أصحاب السنن وهو صدوق.

وأخرجه النسائي 8/314 في الأشربة: باب ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجة 2572 في الحدود: باب من شرب الخمر مراراً، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن شبابة بن سوار، به.

وأخرجه الطيالسي 2337، وأحمد 2/291 و504، وأبو داود 4484 في الحدود: باب إذا تتابع في شرب الخمر، وابن الجارود 831، والطحاوي 3/159، والحاكم 4/371، والبيهقي 8/313 من طرق عن ابن أبي ذئب، به. ولفظه عند الطيالسي والطحاوي والحاكم من شرب الخمر..، وزاد أحمد في الموضع الأول منه قال الزهري: فأُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل سكران في الرابعة فخلّى سبيله قلت: وقول الزهري: هذا مرسل، ضعيف لا تقوم به حجة. وصحح الحاكم إسناد الحديث على شرط مسلم، ووافقه الذهبي! مع أن خال ابن أبي ذئب لم يخرج له مسلم.

وأخرجه أحمد 2/519 عن سليمان بن داود، عن أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، به. ولفظه "إذا شرب الخمر

".

وأخرجه عبد الرزاق 17081، ومن طريقه أحمد 2/280، والنسائي في حد الخمر كما في "التحفة" 9/419، والحاكم 4/371-372 عن معمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ إذا شربوا فاجلدوهم

، وزاد في آخره قال معمر: فذكرت ذلك لابن المنكدر، فقال: قد ترك القتل، قد أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بابن النعيمان فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به الرابعة فجلده، فأكثر قلت: وقول ابن المنكدر: قد ترك القتل

مرسل.

وأخرجه الحاكم 4/371 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن سهيل، به. وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

ص: 297

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَعْنَاهُ: إِذَا اسْتَحَلَّ شُرْبَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ تَحْرِيمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم1.

1 ويرى غيرُ المؤلف أن الأمر بقتل شارب الخمر في الرابعة إنما كان في أول الأمر ثم نسخ بعد، قال الترمذي: هكذا روى محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه"، قال: ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد برجل قد شرب الخمر في الرابعة فضربه ولم يقتله، وكذا روى الزهري عن قبيصة بن ذؤَيب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، قال: فرُفع القتل وكان رخصة.

والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العمل، لا نعلم بينهم اختلافاً في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنه قال:"لا يحل دم امرء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه".

وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 5/298: وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر هو كما قاله، فهو حديث منسوخ، دل الإجماع على نسخه.

ص: 298

‌ذِكْرُ وَصْفِ ضَرْبِ الْحَدِّ الَّذِي كَانَ فِي أَيَّامِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

4448 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَدَ فِي الْحَدِّ بِالْجَرِيدِ

ص: 298

وَالنِّعَالِ، فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ جَلَدَ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ دَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى، فَذُكِرَ لِأَصْحَابِهِ، فَقَالَ عبد الرحمن: اجعلها كأخف الحدود1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، مسدَّد على شرطه، ومن فوقه على شرطهما.

يحيى: هو ابن سعيد القطان، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.

وأخرجه أبو داود 4479 في الحدود: باب الحد في الخمر، عن مسدّد، بهذا الإسناد. وفيه: فلما ولي عمر دعا الناس فقال لهم: إن الناس قد دنَوا من القرى والريف، فما ترون في حد الخمر؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: نرى أن تجعله كأخف الحدود، فجلد فيه ثمانين.

وأخرجه مسلم 1706 36 في الحدود: باب حد الخمر، عن محمد بن المثنى، وأبو يعلى 3127 عن عبيد الله بن عمر القواريري، وأحمد 3/115 ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه الطيالسي 1970، وأحمد 3/115 و180، والبخاري 6773 في الحدود: باب ما جاء في ضرب شارب الخمر، و6776 في الحدود: باب الضرب بالجريد والنعال، ومسلم 1706 36 و37، وأبو داود 4479، والنسائي في الحدود كما في "التحفة" 1/348، وأبو يعلى 3015، والطحاوي 3/157، والبيهقي 8/319 من طريق هشام، به –وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.

ص: 299

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَدَّ الَّذِي وَصَفْنَاهُ كَانَ لِشَارِبِ الْخَمْرِ

4449 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ جَلَدَا فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، دَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى، فَاسْتَشَارَ عُمَرُ النَّاسَ فِي جَلْدِ الْخَمْرِ، فَقَالَ

ص: 299

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى مَا يَشْرَبْهَا [يُهَجَّرْ] وَمَتَى مَا يُهَجَّرْ يُقْذَفْ، فَنَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ عُمَرُ رضوان الله عليه1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر ما قبله وما بعده.

ص: 300

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْعِدَّةِ الَّتِي ضَرَبَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ

4450 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أُتِيَ أَبُو بَكْرٍ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أُتِيَ عُمَرُ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَاسْتَشَارَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ فَضَرَبَهُ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عليه ثمانين2.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر ما قبله وما بعده.

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مسند أبي يعلى" 3053، وأخرجه النسائي في الحدود كما في "التحفة" 1/327، وأبو يعلى 3219 من طريقين عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/175، والبخاري 6773 في الحدود: باب ما جاء في ضرب شارب الخمر، ومسلم 1706 35 في الحدود: باب حد الخمر، والترمذي 1443 في الحدود: باب ما جاء في حد السكران، والنسائي في "الكبرى"، والطحاوي 3/157، وابن الجارود 829، والبيهقي 8/319، والبغوي 2604منطرق عن شعبة، به. قال الترمذي: حديث أنس حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن حد السكران ثمانون. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 300

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه ابن الجارود 830 من طريق شبابة، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس. فزاد في إسناده الحسن البصري بين قتادة وأنس.

وأخرجه الطحاوي 3/158، والبيهقي 8/319 من طريقين عن همام، عن قتادة، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/247، وأبو يعلى 2894 من طرق عن همام، به. وفيه فأمر قريباً من عشرين رجلاً فجلده كلُّ رجل جلدتين بالجريد والنعال هذا لفظ أحمد، وهو عند أبي يعلى مطولاً وفيه فضربوه بالجريد والنعال.

ص: 301

3-

‌ بَابُ: حَدِّ الْقَذْفِ

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَاذِفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ عَدِمِ الشُّهُودَ الْأَرْبَعَةَ بِقَذْفِهِ إِيَّاهَا أَوْ تَلَكُّئِهِ عَنِ اللِّعَانِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِقَذْفِهِ امْرَأَتَهُ

4451 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَرْمِيُّ1، قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَوَّلُ لِعَانٍ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ شَرِيكَ بْنَ سَحْمَاءَ أَقْذَفَهُ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ بِامْرَأَتِهِ، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا هِلَالُ، أَرْبَعَةُ شُهُودٍ وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ عليك ما يبريء ظَهْرِي مِنَ الْجَلْدِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور:6] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "اشْهَدْ بِاللَّهِ إنك لمن الصادقين فيما رميتها به

1 تحرف في الأصل إلى: الحراني، والتصويب من مسند أبي يعلى ومصادر ترجمته.

ص: 302

مِنَ الزِّنَى" فَشَهِدَ بِذَلِكَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي الْخَامِسَةِ: "وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتَهَا بِهِ مِنَ الزِّنَى" فَفَعَلَ. ثُمَّ دَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "قَوْمِي اشْهَدِي بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاكَ بِهِ مِنَ الزِّنَى" فَشَهِدَتْ بِذَلِكِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي الْخَامِسَةِ: "وَغَضَبُ اللَّهِ عَلَيْكِ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَاكِ بِهِ مِنَ الزِّنَى" فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الْخَامِسَةِ، فَسَكَتَتْ سَكْتَةً حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا سَتَعْتَرِفُ، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ عَلَى الْقَوْلِ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: "انْظُرُوا، إِنْ جَاءَتْ بِهِ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ، سَبِطًا، قضيء الْعَيْنَيْنِ1 فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ". فَجَاءَتْ بِهِ آدَمَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا مَا نَزَلَ فِيهِمَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، لَكَانَ لِي وَلَهُمَا شأن" 2.

1 تحرفت في الأصل إلى: العقبين، وقضئ العينين: أي: فاسد العينين بكثرة دمع أو حمرة أو غير ذلك، يقال: قضِئَ الثوبُ يقضأ، فهو قضئ مثل حَذِرَ يَحذَرُ فهو حَذِر: إذا تفزّر وتشقق. "نهاية"، وفي "مسند أبي يعلى": أقمر العينين.

2 حديث صحيح، مسلم بن أبي مسلم الجرمي، ويقال له أيضاً: مسلم بن عبد الرحمن الجرمي، روى عن جمع وروى عنه جمع، أورده ابن أبي حاتم 8/188 وقال: مِن الغُزاة، روى عن مخلد بن حسين، روى عنه المنذر بن شاذان الرازي وقال: إنه قتل من الروم مئة ألف! وذكره المؤلف في "ثقاته" 9/158 وقال: ربما أخطأ، مات سنة أربعين ومئتين، ونقل الحافظ في "لسان الميزان" 6/32 عن الأزدي قوله: حدّث بأحاديث لا يُتابع عليها وكان إماماً بطرسوس، وعن البيهقي: إنه غير قوي. ووثقه الخطيب في "تاريخه" 13/100، وقد توبع، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين غير. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .ز=

ص: 303

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مخلد بن الحسين فمن رجال مسلم وحده. وهو في مسند أبي يعلى 224.

وأخرجه النسائي 6/172-173 في الطلاق: باب كيف اللعان، عن عمران بن يزيد، والطحاوي 3/101-102 من طريق محمد بن كثير، كلاهما عن مخلد بن حسين، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصراً أحمد 3/142، ومسلم 1496 في اللعان، وأبو يعلى 2825، والطحاوي 3/102، والبيهقي 7/405-406 من طرق عن هشام بن حسان، به.

وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري 2671 و4747، وأبي داود 2254، والترمذي 3179، وابن ماجة 2067، والبيهقي 7/393-394، والبغوي 2370 من طريق محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، عن هشام بن حسان، عن عكرمة، عنه.

والسبط، بكسر الباء: المسترسل الشعر، والجعد: هو الذي يكون شعره غير سبط، وحمش الساقين: دقيقهما.

ص: 304

4-

‌ بَابُ: التَّعْزِيرِ

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْأُمَرَاءِ مِنَ الْجَلْدِ فِي تَأْدِيبِ مَنْ أَسَاءَ مِنَ الرَّعِيَّةِ فِيمَا دُونَ حَدٍّ مِنَ الْحُدُودِ

4452 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى السَّخْتِيَانِيُّ1، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمَقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا جَلْدَ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ فِيمَا دُونَ حد من حدود الله"2.

1 تحرف في الأصل إلى: السجستاني، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 54.

2 إسناده صحيح على شرطهما. عبد الرحمن بن جابر: هو ابن عبد الله الأنصاري أبو عتيق المدني، والمقرئ: هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد.

وأخرجه أحمد 4/45، والدارمي 2/176، والنسائي في الرجم كما في "تحفة الأشراف" 9/66، والطبراني 22/514، والحاكم 4/381-382، والبيهقي 8/328 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وقع في إسناد الحاكم إسماعيل بن أبي أيوب بدل سعيد بن أبي أيوب وهو تحريف. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي! مع أنهما قد أخرجاه، لكن زاد مسلم في سنده. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 305

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=جابر بن عبد الله كما سيأتي في الحديث الآتي.

وأخرجه أحمد 3/466 و4/45، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 10/107، والبخاري 6848 في الحدود: باب كم التعزير والأدب، وأبو داود 4491 في الحدود: باب في التعزير، والترمذي 1463 في الحدود: باب ما جاء في التعزير، والنسائي في الرجم، وابن ماجة 2601 في الحدود: باب التعزير، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/164، والطبراني 22/515 و516، والبغوي 2609 من طريقين عن يزيد بن أبي حبيب، به.

وأخرجه أحمد 3/466، والطبراني 22/517 من طريقين عن بكير بن الأشج، به.

وأخرجه البخاري 8649 من طريق فضيل بن سليمان، عن مسلم بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن جار، عمن سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم

وأخرجه عبد الرزاق 13677 عن ابن جريج، عن مسلم بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن جابر، عن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

قال الحافظ في "الفتح" 2/185: وقد اختلف السلفُ في مدلول هذا الحديث، فأخذ بظاهره الليث وأحمد في المشهور عنه، وإسحاق، وبعض الشافعية، وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة: توز الزيادة على العشر، ثم اختلفوا فقال الشافعي: لا يبلغ أدنى الحدود، وهل الاعتبار بحد الحر أو العبد قولان، وفي قول أو وجه: يستنبط كل تعزير من جنس حده ولا يجاوزه، وهو مقتضى قول الأوزاعي: لا يبلغ به الحد، ولم يفصل، وقال الباقون: هو إلى رأي الإمام بالغاً ما بلغ، وهو اختيار أبي ثور، وعن عمر أنه كتب إلى أبي موسى: لا تجلد في التعزير أكثر من عشرين، وعن عثمان: ثلاثين، وعن عمر أنه بلغ بالسوط مئة، وكذا عن ابن مسعود، وعن مالك، وأبي ثور، وعطاء: لا يعزر إلا من تكرر منه، ومن وقع منه مرة واحدة معصية لا حد فيها فلا تعزير، وعن أبي حنيفة: لا يبلغ أربعين، وعن ابن أبي ليلة وأبي يوسف: لا يزاد على خمس وتسعين جلدة، وفي رواية عن مالك وأبي يوسف: لا يبلغ ثمانين.

ص: 306

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُجْلَدَ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ

4453 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِ

ص: 306

حَدَّثَهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ إِذْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ فَحَدَّثَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [يَقُولُ] : "لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حدود الله"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 4/45، والبخاري 6850 في الحدود: باب كم التعزير والأدب، ومسلم 1708 في الحدود: باب قدر أسواط التعزير، وأبو داود 4492 في الحدود: باب في التعزير، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/165، والحاكم 4/369-370، والبيهقي 8/327 من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي! وهنا قد أخرجاه كما مر في التخريج.

وأخرجه النسائي في الرجم كما في "التحفة"9/66، والطحاوي 3/165 من طريقين عن بكير بن الأشج، به.

ص: 307

5-

‌ بَابُ: حَدِّ السَّرِقَةِ

‌ذِكْرُ نَفْيِ اسْمِ الْإِيمَانِ عَنِ السَّارِقِ وَشَارِبِ الْخَمْرِ فِي وَقْتِ ارْتِكَابِهِمَا الْفِعْلَيْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُمَا

4454 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ1، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، ولكن أبواب التوبة معروضة"2.

1 في الأصل: سليمان عن الأعمش، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 150.

2 حديث صحيح، حكيم بن سيف، روى له أبو داود والنسائي في "اليوم والليلة"، قال ابن أبي حاتم: شيخ صدوق لا بأس به، يُكتب حديثه ولا يحتج به، ليس بالمتين. وذكره المؤلف في "ثقاته"، وقال عنه الحافظ في "التقريب": صدوق، وقد تقدم تخريجه برقم 186.

ص: 308

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}

4455 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فصاعدا"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة ابن يحيى فمن رجال مسلم.

وأخرجه البيهقي 8/254 من طريق إسماعيل بن أحمد، عن محمد بن الحسن ابن قتيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 1684 2 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، عن حرملة بن يحيى، به.

وأخرجه البخاري 6790 في الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وفي كم يُقطع، ومسلم 1684 2، وأبو داود 4384 في الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، والنسائي 8/78 في قطع السارق: باب ذكر الاختلاف على الزهري، والطحاوي 3/164، والبيهقي 8/254 من طرق عن ابن وهب، به.

وأخرجه النسائي 8/77 من طريق حفص بن حسان، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، به. وانظر 4459 و4460.

ص: 309

‌ذِكْرُ نَفْيِ الْقَطْعِ عَنِ الْمُنْتَهِبِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا

4456 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ

ص: 309

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ عَلَى مُنْتَهِبٍ قَطْعٌ، وَمَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً، فَلَيْسَ مِنَّا"1.

أَبُو الزُّبَيْرِ: اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ تَدْرُسَ المكي.

1 إسناده قوي، مؤمّل بن إهاب، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: لا بأس به، وقال مرة: ثقة، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة صدوق، وقال إبراهيم بن الجنيد: سئل عنه ابن معين فكأنه ضعفه، ومن فوقه رجاله ثقات رجال الشيخين، وأبو الزبير قد توبع، وهو في "مصنف عبد الرزاق" 18844 لكن ليس فيه وعمرو بن دينار.

قلت: وقد صرح ابن جريج بسماعه من أبي الزبير عند عبد الرزاق، والدارمي 2/175، والنسائي في "الكبرى" ورقة 402ب، فانتفت شبهة تدليسه، وهذا يرد على أبي داود والنسائي وغيرهما قولهم: إن ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير.

وأخرجه من طرق عن ابن جريج بهذا الإسناد الترمذي 1448 في الحدود: باب ما جاء في الخائن والمختلس والمنتهب، وأبو داود 4391 في الحدود: باب القطع في الخلسة والخيانة، والنسائي 8/88-89 و89 في قطع السارق: باب ما لا يقطع فيه، وابن ماجة 2591 في الحدود: باب الخائن والمنتهب والمختلس، وأحمد 3/380، والدارمي 2/175، والطحاوي 3/171، والدارقطني 3/187، والبيهقي 8/279. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه من طرق عن أبي الزبير، عن جابر النسائي 8/89، وعبد الرزاق 18845 و18859، والطحاوي 3/171، والبيهقي 3/279.

ص: 310

‌ذِكْرُ نَفْيِ الْقَطْعِ عَنِ الْمُنْتَهِبِ مَا لَيْسَ لَهُ

4457 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ1 اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ الْعَابِدُ بِحِمْصَ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عن أبي الزبير، وعمرو بن دينار

1 تحرف في الأصل إلى: عبد.

ص: 310

عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ عَلَى مُنْتَهِبٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ ولا خائن قطع"1.

4458 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ بِحَرَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَيْسَ عَلَى المختلس ولا على الخائن قطع"2.

1 إسناده قوي، وهو مكرر ما قبله.

2 مؤمل بن إسماعيل وإن كان شيء الحفظ، تابعه عليه مخلد بن يزيد الحراني عند النسائي 8/88 وهو ثقة، وباقي السند رجاله رجال الشيخين، وانظر ما قبله.

ص: 311

‌ذِكْرُ الْعَدَدِ الْمَحْصُورِ الَّذِي اسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ

4459 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يقطع في ربع دينار فصاعدا"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء فمن رجال مسلم. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الشافعي 2/83، وأحمد 6/36، والحميدي 279، ومسلم 1684 1 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، وأبو داود 4383 في الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، والترمذي 1445 في الحدود: باب ما جاء في كم تقطع يد السارق، والنسائي 8/79 في القطع: باب ذكر الاختلاف على الزهري، والطحاوي 3/163 و166 و167، وابن الجارود 824، والبيهقي 8/254، والبغوي 2595 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وجعل مرة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومرة من قوله. قال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن صحيح. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 311

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه عبد الرزاق 18961، وأحمد 6/163، والطيالسي 1582 وابن أبي شيبة 9/468-469 وقد تحرف في المطبوع منه عمرة إلى: عروة، والدارمي 2/172، والبخاري 6789 في الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وفي كم يقطع، ومسلم 1684 1، وابن ماجة 2585 في الحدود: باب حد السارق، والنسائي 8/78، وأبو يعلى 4411، والبيهقي 8/254 من طرق عن الزهري، به.

ص: 312

‌ذِكْرُ الْحَدِّ الَّذِي يُقْطَعُ السَّارِقُ إِذَا سَرَقَ مِثْلَهُ أَوْ يَقُومُ مَقَامَهُ

4460 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ وَعُمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي ربع دينار فصاعدا"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن سلمة المرادي فمن رجال مسلم. وهو مكرر 4455.

ص: 312

‌ذِكْرُ الْحُكْمِ فِيمَنْ سَرَقَ مِنَ الْحِرْزِ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ

4461 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ السَّخْتِيَانِيُّ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ1 بْنِ عُمَرَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نافع

1 في الأصل: عبد الله، بالتكبير، وهو تحريف، والتصويب من الدارمي ومسلم وغيرهما.

ص: 312

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثلاثة دراهم1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، فمن رجال مسلم. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

وهو في سنن الدارمي 2/173، وعنه أخرجه مسلم 1686 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها.

وأخرجه النسائي 8/77 في القطع: باب القدر الذي إذا سرقه السارق قطعت يده، والبيهقي 8/256 من طرق عن أبي نعيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق 8969، ومن طريقه أحمد 2/80، ومسلم 1686 6 عن سفيان الثوري، عن أيوب السختياني وأيوب بن موسى وإسماعيل بن أمية، به.

وأخرجه عبد الرزاق 18968، وأحمد 2/6 و82، والطحاوي 3/162، وابن الجارود 825 من طريق أيوب السختياني، به.

وأخرجه أحمد 2/145، ومسلم، وأبو داود 4386 في الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، والنسائي 8/77، والبيهقي 8/256 من طريق ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، به.

وأخرجه عبد الرزاق 18967، وأحمد 2/54 و143، والطيالسي 1847، وابن أبي شيبة 9/468، والبخاري 6797 في الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، ومسلم، وابن ماجة 2584 في الحدود: باب حد السرقة، والطحاوي 3/162 من طريق عبيد الله بن عمر، به. ووقع في بعض المصادر عبد الله بن عمر.

وأخرجه البخاري 6798 من طريق أبي ضمرة، عن موسى بن عقبة، به.

ص: 313

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَطْعَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ لَيْسَ بِحَدٍّ لَا يُقْطَعُ فِيمَنْ سَرَقَ أَكْثَرَ مِنْهُ

4462 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

ص: 313

أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: مَا طَالَ عَلَيَّ، وَلَا نَسِيتُ: القطع في ربع دينار فصاعدا1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/832 في الحدود: باب ما يجب فيه القطع.

ومن طريق مالك أخرجه النسائي 8/79 في قطع السارق: باب ذكر الاختلاف على الزهري، والطحاوي 3/165.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/470، والنسائي 8/79، والطحاوي 3/164 من طرق عن يحيى بن سعيد، به. بعضهم يجعل نص الحديث مرفوعاً، وبعضهم يوقفه على عائشة.

وأخرجه من طرق عن عمرة عن عائشة –بعضهم يرفعه وبعضهم يوقفه، وأورد بعضهم فيه قصةً- مالك 2/832-833، وأحمد 6/80-81 و249 و252، وعبد الرزاق 18964، وابن أبي شيبة 9/472، والبخاري 6791 في الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، ومسلم 1684 4 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، والنسائي 8/80، والطحاوي 3/165 و166، والدارقطني 3/189، والبيهقي 8/254 و255. وانظر شرح معاني الآثار 3/163-165.

ص: 314

‌ذِكْرُ صَرْفِ الدِّينَارِ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

4463 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَطَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مِجَنٍّ قيمته ثلاثة دراهم1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/831 في الحدود: باب ما يجب في القطع.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/64، والشافعي 2/83، والطيالسي 1847، والبخاري 6795 في الحدود: باب قول الله تعالى:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 314

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وفي كم يقطع، ومسلم 1686 6 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، وأبو داود 4385 في الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، والنسائي 8/76-77 في قطع السارق: باب القدر الذي إذا سرقه السارق قطعت يده، والطحاوي 3/162، والبيهقي 8/256، والدارقطني 3/190، والبغوي 2596.

وأخرجه الطيالسي 1847، ومسلم 1686، والترمذي 1446 في الحدود: باب ما جاء في كم تقطع يد السارق، والنسائي 8/76، والطحاوي 3/162-163، والدارقطني 3/190 من طرق عن نافع، به.

وانظر 4461.

ص: 315

‌ذِكْرُ نَفْيِ إِيجَابِ الْقَطْعِ عَنِ السَّارِقِ الَّذِي يَسْرِقُ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ

4464 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دينار فصاعدا"1.

4465 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامٍ بِالْأُبُلَّةِ، قال: حدثنا

1 إسناده صحيح، أبو الربيع –وهو سليمان بن داود المهري-: ثقة روى له أبو داود والنسائي، ومخرمة بن بكير ثقة من رجال مسلم، وباقي السند ثقات على شرطهما.

وأخرجه مسلم 1684 3 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، والنسائي 8/81 في قطع السارق: باب ذكر اختلاف أبي بكر بن محمد وعبد الله بن أبي بكر عن عمرة، والطحاوي 3/164، والدرقطني 3/189 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي 8/81-82، والدارقطني 3/189 من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن بكير الأشج، به.

ص: 315

إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ أَرْبَعَةٍ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَرُزَيْقٌ، وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَالزُّهْرِيُّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ -قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا"1.

1 إسناده صحيح. رجاله رجال مسلم غير رُزيق –ويقال: زُريق- بتقديم الزاي، وهو ابن حُكيم الأيلي- فثقة روى له البخاري تعليقاً والنسائي.

وأخرجه الحميدي 280 عن سفيان قال: وحدثناه أربعة عن عَمرة، عن عائشة لم يرفعه: عبد الله بن أبي بكر ورزيق بن حكيم الأيلي ويحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد كان في الأصل: سعد بن سعيد، لكن محقق الكتاب العلامة الشيخ حبيب الرحمن أثبته عبد ربه بن سعيد وقال: كذا في ع وظ وهو الصواب، وفي الأصل: سعد، والزهري أحفظهم كلهم وكان قد أخرجه قبله بحديث إلا أن في حديث يحيى ما دل على الرفع: ما نسيت ولا طال علي: القطع في ربع دينار فصاعداً.

وأخرجه النسائي 8/79 في قطع السارق: باب ذكر الاختلاف على الزهري، عن قتيبة، عن سفيان، عن يحيى بن سعيد وعبد ربه ورزيق صاحب أيلة، به موقوفاً عليها. وانظر 4459 و4462.

ص: 316

‌ذِكْرُ بَعْضِ الْعَدَدِ الْمَحْصُورِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جُمْلَتِهِ الْخَارِجَ حُكْمُهُ مِنْ حُكْمِهِ

4466 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ بحران، قال: حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ أَنَّ غُلَامًا سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ حائط،

ص: 316

فَرُفِعَ إِلَى مَرْوَانَ، فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ، فَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا قَطَعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كثر"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء فمن رجال مسلم. سفيان: هو ابن عيينة، ويحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري.

وأخرجه الشافعي 2/84، والحميدي 407، والدارمي 2/174، والنسائي 8/87 في قطع السارق: باب ما لا قطع فيه، وابن ماجة 2593 في الحدود: باب لا يقطع في ثمر ولا كثر، والطحاوي 3/172، وابن الجارود 826، والبيهقي 8/263 من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وبعضهم يذكر فيه القصة وبعضهم لا يذكرها.

وأخرجه الشافعي 2/83-84 عن مالك بن أنس، والنسائي 8/87-88، والترمذي 1449 في الحدود: باب ما جاء لا قطع في ثمر ولا كثر، من طريق الليث، كلاهما عن يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه الدارمي 2/174، والنسائي 8/87، والطبراني 4340 من طريق أبي نعيم، عن سفيان، به. إلا أنه لم يقل فيه: عن واسع بن حبان.

وأخرجه مالك 2/839 في الحدود: باب لا قطع فيه، وأحمد 3/463 و464 و4/140 و142، والدارمي 2/174، وأبو داود 4388 و4389 في الحدود: باب ما لا قطع فيه، والنسائي 8/87، والطحاوي 3/172، والطبراني 4339 و4341 و4342 و4343 و4344 و4345 و4346 و4347 و4348 و4349 و4350 و4351، والبيهقي 8/262 و263، والبغوي 2600 من طرق عن يحيى بن سعيد، به. لم يذكر فيه واسع بن حبان.

وأخرجه عبد الرزاق 18916 عن ابن جريج، والدارمي 2/174، والنسائي 8/88 من طريق أبي أسامة، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن رجل من قومه، عن رافع بن خديج. لم يقل ابن جريج: من قومه.

وأخرجه النسائي 8/88 من طريق بشر، والطبراني 4352 من طريق الليث، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان –قال بشر: عن

=

ص: 317

قال أبو حاتم: عموم الخطاب في الكتاب قَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] فَأَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ إِذَا مَا سَرَقَ، ثُمَّ فَسَّرَتْهُ السُّنَّةُ بِأَنْ لَا قَطَعَ عَلَى سَارِقِ الثَّمَرِ وَلَا الْكَثَرِ، وَأَنْ لَا قَطَعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ، فَكَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْخِطَابِ مِنَ الْكِتَابِ: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا إِذَا سَرَقَ رُبُعَ دِينَارٍ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ سِوَى الثَّمَرِ والكثر.

= يحيى بن سعيد أن رجلاً من قومه حدثه- عن عمة له، عن رافع بن خديج. وفي "التحفة" 3/160 أن رواية النسائي عن عمٍّ له.

وأخرجه الدارمي 2/174-175، والنسائي 8/88 من طريق سعيد بن منصور، عن عبد العزيز الدراوردي، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ أبي ميمون، عن رافع بن خديج. قال النسائي: هذا خطأ أبو ميمون لا أعرفه.

وأخرجه عبد الرزاق 18917 من طريق يحيى بن أبي كثير، والتسائي 8/86-87، والطبراني 4277 من طريق القاسم بن محمد، كلاهما عن رافع بن خديج.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن ماجة 2594 ولفظه "لا قطع في ثمر ولا كثر" وسنده ضعيف.

وآخر من حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود 4390 مرفوعاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الثمر المعلّق فقال: "مَن أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خُبْتَه فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق منه شيئاً بعد أن يُؤويَهُ الجَرين فبلغ ثمن المجنّ فعليه القطع، ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة" وسنده حسن.

قوله: الثَّمَر: أي الرُّطب ما دام في رأس النخلة، فإذا صُرِم فهو الرطب.

والكَثَر: جُمَّار النخل.

وانظر مذاهب العلماء في فقه هذا الحديث في "شرح السنة" 10/319-320.

ص: 318

6-

‌ بَابُ: قَطْعِ الطَّرِيقِ

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بَعَثَ فِي طَلَبِ الْعُرَنِيِّينَ قَافَةً يَقْفُو آثَارَهُمْ

4467 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ مِنْ عُكْلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاجْتَوَوَا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَفَعَلُوا، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم من رجاله، ومن فوقه على شرطهما، وقد صرح الوليد بالتحديث عند غير المصنف، فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه البخاري 6802 و6803، وأبو داود 4366، والنسائي 7/94 من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وانظر 1387 و1389.

ص: 319

‌ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي رَدَّ الْقَوْمُ الَّذِي1 ذَكَرْنَاهُمْ فِيهَا إِلَى الْمَدِينَةِ

4468 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ2 اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ -أَوْ قَالَ عُرَيْنَةَ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: عُكْلٍ- قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَشَرِبُوا حَتَّى إِذَا بَرِؤُوا، قَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غُدْوَةً، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي أَثَرِهِمْ، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَّرَ أَعْيُنَهُمْ، فَأُلْقُوا بِالْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يَسْقُونَ.

قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ سَرَقُوا، وَقَتَلُوا، وَكَفَرُوا بَعْدَ إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله3.

1 كذا في الأصل و"التقاسيم".

2 تحرف في الأصل إلى: عبيد، والتصويب من "التقاسيم" 2/لوحة 125.

3 إسناده صحيح على شرطهما. وانظر 1387 و1389.

وأخرجه البخاري 233، وأبو داود 4364 عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، به.

ص: 320

‌ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي جِيءَ فِيهَا بِالْعُرَنِيِّينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

4469 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ بَنِي عُكْلٍ، أَوْ قَالَ: مِنْ عُرَيْنَةَ، قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا، فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى برؤوا، وَذَهَبَ سَقَمُهُمْ، فَقَتَلُوا رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ غُدْوَةً، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ، فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَأُلْقُوا بِالْحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ قَتَلُوا، وَسَرَقُوا، وَكَفَرُوا، بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو مكرر ما قبله.

ص: 321

عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَاسْتَوْخَمُوا الْأَرْضَ، وَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ، فَتُصِيبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا؟ " فَقَالُوا: بَلَى، فَخَرَجُوا، فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَجَلَبَهُمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَّرَ أَعْيُنَهُمْ، وَنَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حتى ماتوا1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأبو رجاء: هو سلمان.

وأخرجه مسلم 1671 10 عن محمد بن الصباح وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن ابن عُليّة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 4193، والنسائي 7/93-94 من طريقين عن الحجاج الصواف، به. تابع حجاجاً عليه عند البخاري أيوبُ.

وأخرجه البخاري 4610، ومسلم 1671 11 و12 من طريقين عن أبي رجاء، به نحوه. وانظر 1387.

ص: 322

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعُرَنِيِّينَ كَفَرُوا بَعْدَ فِعْلِهِمُ الَّذِي فَعَلُوا

4471 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ1، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَفَرٌ مِنْ عُرَيْنَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى ذَوْدِنَا، فَكُنْتُمْ فِيهَا، فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، ففعلوا، فلما صحوا، قاموا إلى راعي

1 في الأصل: العامري، وهو تحريف.

ص: 322

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَتَلُوهُ وَرَجَعُوا كُفَّارًا، وَاسْتَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وسمل أعينهم1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب المقابري فمن رجال مسلم.

وأخرجه النسائي 7/96 عن علي بن حُجر، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وانظر 1387.

ص: 323

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا قَتَلَ الْعُرَنِيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا وَارْتَدُّوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ

4472 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ، وَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَوْدٍ وَرَاعي، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا، لِيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَسَمَّرَ أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ تَرَكَهُمْ فِي نَاحِيَةِ الحرة حتى ماتوا على حالهم ذلك1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وانظر 1388

وأخرجه البخاري 5727 و4192، والنسائي 1/158-161 من طريقين عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.

ص: 323

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ ضِدَّ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ

4473 -

أَخْبَرَنَا الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ: إِنَّ لي عبدا أبق، وَإِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ أَصَبْتُهُ لَأَقْطَعَنَّ يَدَهُ. فَقَالَ: لَا تَقْطَعْ يَدَهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ فِينَا فَيَأْمُرُنَا بالصدقة، وينهانا عن المثلة1.

1 حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أيوب بن محمد الوزّان فمن رجال أصحاب السنن وهو ثقة، والحسن لم يسمع من عمران في قول أبي حاتم ويحيى القطان وصالح بن أحمد.

وأخرجه أحمد 4/432 عن إسماعيل، عن يونس قال: نبئت أن المسور بن مخرمة جاء إلى الحسن فقال: إن غلاماً لي أبق، فنذرت إن أنا عاينته أن أقطع يده، فقد جاء، فهو الآن بالجسر. قال: فقال الحسن: لا تقطع يده، وحدّثه أن رجلاً قال لعِمران بن حصين

فذكره.

وأخرجه أحمد 4/445، والطبراني 18/325 و326 و327 من طرق عن يونس، عن الحسن، عن عمران. وقد تابع يونسَ منصورٌ وحميدٌ عند أحمد والطبراني في الرواية الأولى.

وأخرجه أحمد 4/439 و440، والطحاوي 3/182 من طرق عن الحسن، به.

وأخرجه أحمد 4/428، وأبو داود 2667 في الجهاد: باب في المبارزة، والبيهقي 9/69 من طريقين عن قتادة، عن الحسن، عن الهياج بن عمران. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 324

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: الْمُثْلَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا لَيْسَ الْقَوَدُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، لِأَنَّ أَخْبَارَ الْعُرَنِيِّينَ الْمُرَادُ مِنْهَا كان القود لا المثلة.

= البرجمي، عن عمران بن حصين، وفيه ايضاً عن سمرة بن جندب. وهذا إسناد صحيح، الهياج بن عمران، وإن جهّله علي بن المديني لأنه لم يرو عنه غير الحسن، فقد قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/512.

وأخرجه أحمد 5/12 و20، والطحاوي 3/182، والطبراني 6944 من طريق حميد ويزيد بن إبراهيم، عن الحسن، عن سمرة بن جندب. وقد صرح الحسن في رواية حميد عنه بالتحديث، فالإسناد صحيح.

وأخرجه الطبراني 6966 من طريق همام، عن قتادة، عن الحسن، عن هياج بن عمران، عن سمرة.

ص: 325

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا سَمَّرَ أَعْيَنَ الْعُرَنِيِّينَ لِأَنَّهُمْ سَمَّرُوا أَعْيَنَ الرِّعَاءِ

4474 -

أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ] مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْوَزَّانُ بِجُرْجَانَ1، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا سَمَّرَ أَعْيُنَهُمْ، لِأَنَّهُمْ سَمَّرُوا أعين الرعاء2.

1 تحرفت في الأصل إلى: بجهان، وسقط منه لفظ الوزان، والتصحيح من "التقاسيم" 2/لوحة 125.

2 إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرط الصحيح.

وأخرجه البيهقي 8/62 من طريق محمد بن إسحاق الصغاني، عن ابن أبي الثلج، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .ز=

ص: 325

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه مسلم 1671 14 في القيامة: باب حكم المحاربي والمرتدين، والترمذي 73 في الطهارة: باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه، والنسائي 7/100 في تحريم الدم: باب ذكر اختلاف طلحة بن مصرف ومعاوية بن صالح على يحيى بن سعيد في هذا الحديث، والبيهقي 9/70 من طريق الفضل بن سهل، عن يحيى بن غيلان، به. وعندهم جميعاً سلموا بدل سمروا وهما بمعنى، أي: فقأ أعينهم.

ص: 326

7-

‌ بَابُ: الرِّدَّةِ

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ لِمَنْ بَدَّلَ دِينَهُ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً إِلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ سِوَى الْإِسْلَامِ

4475 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"من بدل دينه فاقتلوه"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البيهقي 8/204-205 من طريق أبي الوليد الفقيه، عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/322-323، والنسائي 7/105 في تحريم الدم: باب الحكم في المرتد، وأبو يعلى 2533، والطبراني 10638، والبيهقي 8/202 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، به. زاد بعضهم فيه أن علياً رضي الله عنه أُتي بناس من الزُّطّ يعبدون وثناً فحرَّقهم بالنار، فقال ابن عباس:

فذكره.

وقوله: من بدّل دينه عام عند الجمهور يشمل الذكر والأنثى، وخصه الحنفية بالذكر، وقد جاء في حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله إلى اليمن قال له:"أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن عاد وإلاّ فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت وإلاّ فاضرب عنقها" وسنده حسن. قاله الحافظ في "الفتح" 12/284، وهو نص في موضع النزاع فيجب المصير إليه.

ص: 327

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4476 -

أَخْبَرَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَنَدِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ اللَّحْجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أخبرني إسماعيل بن عُلَيَّةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَكَ دِينَهُ -أَوْ قَالَ: رَجَعَ عَنْ دِينِهِ- فَاقْتُلُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ أَحَدًا -يَعْنِي بِالنَّارِ-"1.

1 علي بن زياد اللحجي أورده المؤلف في "ثقاته" 8/470 وقال: مستقيم الحديث، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين غير أبي قرة: وهو موسى بن طارق اليماني، فقد روى له النسائي، وهو ثقة.

وأخرجه النسائي 7/104 في تحريم الدم: باب الحكم في المرتد، عن محمود بن غيلان، عن محمد بن بكر، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. ولفظه عنده "من بدل دينه فاقتلوه".

وأخرجه عبد الرزاق 18706، ومن طريقه أخرجه الطبراني 11850 عن معمر، به.

وأخرجه بنحوه الشافعي 2/86-87، وأحمد 1/217 و219-220 و282-283، والحميدي 533، وابن أبي شيبة 10/139، والبخاري 3017 في الجهاد: باب لا يعذَّّب بعذاب الله، وأبو داود 4351 في الحدود: باب الحكم فيمن ارتد، والترمذي 1458 في الحدود: باب ما جاء في المرتد، والنسائي 7/104، وابن ماجة 2535 في الحدود: باب المرتد عن دينه، وأبو يعلى 2532، والحاكم 3/538-539، والبيهقي 8/195 و202 و9/71، والدارقطني 3/108 و113، والبغوي 2560 و2561 من طرق عن أيوب، به-وبعضهم يزيد في الحديث على بعض، زاد بعضهم في آخر الحديث: فبلغ ذلك علياً رضي الله عنه فقال: ويح ابن عباس.

وأخرجه أيضاً النسائي 7/104، والطبراني 11835 من طريق عباد بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 328

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= العوام، عن سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، به.

وأخرجه النسائي 7/104-105 عن موسى بن عبد الرحمن، عن محمد بن بشر، عن سعيد، عن قتادة عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن بدّل دينه فاقتلوه" قال النسائي: وهذا أولى بالصواب من حديث عباد. وانظر 5577.

ص: 329

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ}

4477 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ، فَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، ثُمَّ نَدِمَ، فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ: أَنْ سَلُوا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} إِلَى قَوْلِهِ {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:89] فأرسل إليه قومه فأسلم1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم غير بشر بن معاذ العقدي، فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة.

وأخرجه النسائي 7/107 في تحريم الدم: باب توبة المرتد، وفي التفسير كما في "التحفة" 5/133، والطبراني في جامع البيان 7360 عن محمد بن عبد الله بن بزيع البصري، عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري 7362، والحاكم 2/142 و4/366، والواحدي في "أسباب النزول" ص75 من طرق عن داود بن أبي هند، به. صححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه بنحوه الواحدي ص74-75 من طريق علي بن عاصم، عن خالد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 329

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وداود، عن عكرمة، به.

وأخرجه الطبري 7361 من طريق عبد الأعلى، عن داود، عن عكرمة بنحوه، ولم يرفعه إلى ابن عباس.

وأخرجه بنحوه أيضاً الطبري 7363، والواحدي ص75 من طريقين عن جعفر بن سليمان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد من قوله، وسمي الأنصاريَّ الحارث بن سويد.

ص: 330

‌كتاب السير

‌باب في الخلافة والإمارة

‌ذكر الخبر الدال على جواز الاستخلاف

21-

كِتَابُ السِّيَرِ

1-

بَابُ: فِي الْخِلَافَةِ وَالْإِمَارَةِ

4478 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ عُمَرَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ فَقَالَ: إِنْ أَتْرُكْ، فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ أَسْتَخْلِفْ، فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: أَبُو بَكْرٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: إِنِّي وَدِدْتُ أَنْ أَتَخَلَّصَ مِنْهَا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، إسحاق بن موسى الأنصاري، ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات على شرطهما.

وأخرجه أحمد 1/43، والبخاري 7218 في الأحكام: باب الاستخلاف، ومسلم 1823 11 في الإمامة: باب الاستخلاف وتركه، وأبو يعلى 206، والبيهقي 8/148، والبغوي 2489 من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق 9763، ومن طريق أحمد 1/47، ومسلم 1823 12، وأبو داود 2939 في الخراج والإمارة: باب في الخليفة يستخلف، والترمذي 2225 في الفتن: باب ما جاء في الخلافة، والبيهقي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 331

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 8/148-149 عن معمر، عن الزهري، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن أبيه –وبعضهم يزيد فيه على بعض. قال الترمذي: حديث صحيح.

وأخرجه بنحوه في قصة طويلة أحمد 1/46 من طريق أبي عوانة، عن داود بن عبد الله الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ابن عباس، عن ابن عمر.

قال ابن بطال فيما نقله عنه الحافظ 13/220: وفي هذه القصة دليل على جواز عقد الخلافة من الإمام المتولي لغيره بعده، وأن أمره في ذلك جائز على عامة المسلمين لإطباق الصحابة ومن معهم على العمل بما عهده أبو بكر لعمر، وكذا لم يختلفوا في قبول عهد عمر إلى الستة، قال: وهو شيبه بإيصاء الرجل على ولده لكون نظره فيما يصلح أتم من غيره، فكذلك الإمام.

ص: 332

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ طَلَبِ الْإِمَارَةِ حَذَرَ قِلَّةِ الْمَعُونَةِ عَلَيْهَا

4479 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، جَمِيعًا عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ الْقُرَشِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ، وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا آلَيْتَ عَلَى يَمِينٍ وَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خير وكفر عن يمينك"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "صحيح مسلم" 1652 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، عن علي بن حُجر السعدي، بهذا الإسناد، وقد تقدم برقم 4348.

ص: 332

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سُؤَالِ الْمَرْءِ الْإِمَارَةَ لِئَلَّا يُوكَلَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ سَائِلًا لَهَا

4480 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَامٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:"يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ وَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عن يمينك"1.

4481 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِّرْنَا عَلَى بَعْضِ مَا وَلَّاكَ اللَّهُ، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَنَا وَاللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سأله، ولا أحدا حرص عليه"2.

1 حديث صحيح، وهو مكرر 4348.

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وبُريد: هو ابن عبد الله بن أبي بردة، وأبو كريب: هم محمد بن العلاء بن كريب الهمداني.

وأخرجه البخاري 7149 في الأحكام: باب ما يُكره من الحرص على الإمارة، ومسلم 3/1456 14 في الإمارة: باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها، عن أبي كريب، بهذا الإسناد

وأخرجه مسلم، والبيهقي 10/100، والبغوي 2466 من طريقين عن أبي أسماة، به. وانظر الحديث 1072.

ص: 333

‌ذِكْرُ مَا يَكُونُ مُتَعَقِّبُ الْإِمَارَةِ فِي الْقِيَامَةِ إِذَا حَرَصَ عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا

4482 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ، وَإِنَّهَا سَتَكُونُ نَدَامَةً وَحَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فنعمت المرضعة، وبئست الفاطمة"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. المقبري: هو سعيد بن أبي سعيد، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن، وعبد الله: هو ابن المبارك، وحبّان: هو ابن موسى المروزي.

وأخرجه النسائي 7/162 في البيعة: باب ما يكره من الحرص على الإمارة، و8/225-226 في آداب القضاة: باب النهي عن مسألة االإمارة، وفي السير كما في "التحفة" 9/487 عن محمد بن آدم بن سليمان، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/448 و476، والبخاري 7148 في الأحكام: باب ما يكره من الحرص على الإمارة، والبيهقي 3/129 و10/95، والبغوي 2465 من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وقع عند أحمد في الموضع الأول من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب:"فبئست المرضعة، ونعمت الفاطمة" وهو خطأ.

وعلّقه البخاري بإثر حديث 7148 فقال: وقال محمد بن بشار وفي بعض نسخ البخاري: وقال لي محمد بن بشار، وفي "مستخرج أبي نعيم": قال البخاري: حدثنا ابن بشار: حدثنا عبد الله بن حُمْران، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد المقبري، عن عمر بن الحَكَم، عن أبي هريرة

من قوله. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 334

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 10/288 عن يزيد بن سنان، عن عبد الله بن حمران، به موقوفاً. قال الحافظ في "الفتح" 13/126: عبد الله بن الحمران: هو بصري صدوق، وقد قال ابن حبان في "الثقات": يخطئ، وما له في الصحيح إلا هذا الموضع، وعبد الحميد بن جعفر: هو المدني لم يخرج له البخاري إلا تعليقاً، وعمر بن الحكم أي: ابن ثوبان مدني ثقة أخرج له البخاري في غير هذا الموضع تعليقاً.

وقوله: فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة قال الداوودي: نِعم المرضعة أي: في الدنيا، وبئست الفاطمة، أي: بعد الموت، لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك، فهو كالذي يفطم قبل أن يستغني، فيكون في ذلك هلاكه.

وقال غيره نعمت المرضعة لما فيها من حصول الجاه والمال ونفاد الكلمة، وتحصيل اللذات الحسية والوهمية حال حصولها، وبئست الفاطمة عند الانفصال عنها بموت أو غيره وما يترتب عليها من التبعات في الآخرة.

وقال الإمام النووي: هذا أصل عظيم في اجتناب الولاية، ولا سيما لمن كان فيه ضعف، وهو في حق من دخل فيها بغير أهلية ولم يعدل، فإنه يندم على ما فرط منه إذا جوزي بالخزي يوم القيامة، وأما من كان أهلاً وعدل فيها، فأجره عظيم كما تظاهرت به الأخبار، ولكن في الدخول فيها خطر عظيم، ولذلك امتنع الأكابر منها، والله أعلم.

ص: 335

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَتَمَنَّى الْأُمَرَاءُ أَنَّهُمْ مَا وَلَّوْا مِمَّا وُلُّوا شَيْئًا

4483 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ مَوْلَى أَبِي1 رُهْمٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ويل للأمراء2،

1 في الأصل و"التقاسيم" 3/لوحة 379: مولى ابن أبي، وهو خطأ.

2 في الأصل و"التقاسيم": لأمتي، والمثبت من "المورد" ص375 ومن مصادر التخريج.

ص: 335

لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعَلَّقِينَ بِذَوَائِبِهِمْ بِالثُّرَيَّا وأنهم لم يكونوا ولوا شيئا قط" 1.

1 إسناده صحيح، النفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، ثقة روى له النسائي، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين غير أبي حازم مولى أبي رُهم وهو ثقة روى له النسائي.

وأخرجه بنحوه الطيالسي 2523، وأحمد 2/352، والحاكم 4/91، والبيهقي 10/97، والبغوي 2468 من طريق هشام الدستوائي، عن عباد بن أبي علي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن، عباد بن أبي علي حسن الحديث، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه الحاكم 4/91 من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم ابن بهدلة، عن يزيد بن شريك أن الضحاك بن قيس بعث معه بكسوة إلى مروان بن الحكم، فقال مروان للبواب: انظر مَن بالباب. قال: أبو هريرة. فأذن له، فقال: يا أبا هريرة، حدثنا شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: سمعت رسول الله يقول: "ليوشك رجل أن يتمنى أنه خرّ من الثريا ولم يل من أمر الناس شيئاً" وإسناده حسن، وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي!

ص: 336

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ فِي الْقِيَامَةِ إِذَا كَانُوا عُدُولًا فِي الدُّنْيَا

4484 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حدثنا بن أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْمُقْسِطُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرٍ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ: المقسطون على أهليهم وأولادهم وما ولوا"1.

1 حديث صحيح، ابن أبي السري: وهو محمد بن المتوكل صدوق له أوهام، وقد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 336

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: هَذَا الْخَبَرُ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعَارُفِ، أُطْلِقَ لَفْظُهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، لِعَدَمِ وُقُوفِهِمْ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ إِلَّا بِهَذَا الْخِطَابِ الْمَذْكُورِ. وَالْمُقْسِطُ: العدل، والقاسط: العادل عن الطريق.

= توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الحميدي 588، وأحمد 2/160، ومسلم 1827 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر..، والنسائي 8/221 في آداب القضاة: باب فضل الحاكم العادل في حكمه، والبيهقي في "السنن" 10/87-88، وفي "الأسماء والصفات" ص324، والآجري في "الشريعة" ص322، والبغوي 2470 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/159 و203، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 6/300، والحاكم 4/88 من طريقين عن معمر، عن الزهري وقد سقط من المستدرك، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المقسطون في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة بين يدي الرحمن عز وجل بما أقسطوا في الدنيا" وإسناده صحيح على شرطهما. وانظر "أقاويل الثقات" لمرعي يوسف الحنبلي ص156-157.

ص: 337

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ أَمْكِنَةِ الْأَئِمَّةِ الْعَادِلَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

4485 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 337

"الْمُقْسِطُونَ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ -وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ- الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُّوا"1.

1 حديث صحيح، هشام بن عمار حسن الحديث وقد توبع، ومن فوقه ثقات على شرطهما. وهو مكرر ما قبله.

ص: 338

‌ذِكْرُ إِظْلَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْإِمَامَ الْعَادِلَ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ

4486 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ –كَانَ- قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ: اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتَ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يمينه"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. عُبيد الله بن عمر: هو ابن حفص بن عاصم العمري المدني، وعبد الله: هو ابن المبارك، وهو في "الزهد" له 1342.

وأخرجه البخاري 6806 في الحدود: باب فضل من ترك الفواحش، والنسائي 8/222-223 في آداب القضاة: الإمام العادل، والبيهقي 3/65-66 من طرق عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/439، والبخاري 660 في الأذان: باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، و1423 في الزكاة: باب الصدقة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 338

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= باليمين، و6479 في الرقاق: باب البكاء من خشية الله عز وجل، ومسلم 1031 91 في الزكاة: باب فضل إخفاء الصدقة، والترمذي بعد الحديث 2391 في الزهد: باب ما جاء في الحبِّ في الله، وابن خزيمة في "صحيحه" 358، والبيهقي 4/190 و8/162 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله بن عمر، به. وبعض الرواة عن يحيى قال فيه:"لا تعلم يمينه ما تنفق شماله"، وسائر الرواة قالوا فيه:"لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" وهو الصواب، لأن السنة المعهودة في الصدقة إعطاؤها باليمين، وانظر "الفتح" 2/146.

وأخرجه الطيالسي 2462 عن ابن فضالة، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص371 من طريق شعبة، كلاهما عن خبيب بن عبد الرحمن، به. وانظر 7294.

والمقصود من قوله: حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه: المبالغة في إخفاء الصدقة بحيث إن شماله مع قُربها وتلازمها لو تصوَّر أنها تعلم لما علمت ما فعلت المين لشدة إخفائها، فهو على هذا من مَجاز التشيبه.

تنبيه: العدد المذكور في هذا الحديث لا مَفهومَ له، فقد ورد في الحديث خصال أخرى مَن اتصف بها أظلّه اللهُ يوم لا ظل إلا ظله:

منها: إظلال الغازي، رواه ابن حبان 4609 وغيره من حديث عمر.

وعَون المجاهد، رواه أحمد 3/487، والحاكم 2/89-90 من حديث سهل بن حنيف.

وإنظار المعسر والوضيعة عنه، رواه مسلم في "صحيحه" 3006 من حديث أبي اليَسَر.

وإرفاد الغارِم وعون المكاتب، رواهما أحمد 3/487، والحاكم 2/89-90 من حديث سهل بن حنيف.

والتاجر الصدوق، رواه البغوي في "شرح السنة" من حديث سليمان.

ص: 339

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ لُزُومُ الْعَدْلِ فِي رَعِيَّتِهِ مَعَ الرَّأْفَةِ بِهِمْ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ

1

4487 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَيَّاضُ بْنُ زهير،

1 كان العنوان في كر الإباحة للإمام العادل في رعيته..إلخ. والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 191.

ص: 339

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ مُصَدِّقًا، فَلَاجَّهُ رَجُلٌ فِي صَدَقَتِهِ، فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ فَشَجَّهُ، فَأَتَوَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: الْقَوَدُ يَا رَسُولَ اللَّهَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَكُمْ كَذَا وَكَذَا" فَلَمْ يَرْضَوْا، فَقَالَ:"لَكُمْ كَذَا وَكَذَا" فَلَمْ يَرْضَوْا، فَقَالَ:"لَكُمْ كَذَا وَكَذَا" فَرَضُوا، وَقَالَ:"أَرَضِيتُمْ؟ " قَالُوا: نَعَمْ1.

1 إسناده صحيح، فياض بن زهير من أهل نسا، روى عنه غير واحد، وذكره المؤلف في "الثقات" 9/11، ومن فوقه ثقات على شرطهما. وهو في "المصنف" 18032، وزاد: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي خاطب على الناس، ومخبرهم برضابكم". قالوا: نعم، فخطب النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"إِنَّ هؤلاء الليثيين أَتوني يريدون القودَ، فعرضت عليهم كذا وكذا فرفضوا، أرضيتم؟ " قالوا: لا، فهمَّ المهاجرون بهم، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يكفوا، فكفّوا، ثم دعاهم فزادهم، وقال:"أرضيتم؟ "، قالوا: نعم.

ومن طريق عبد الرزاق بهذا الزيادة أخرجه أحمد 6/232، وأبو داود 4534 في الديات: باب العامل يُصاب على يده خطأ، والنسائي 8/35 في القسامة: باب السلطان يصاب على يده، وابن ماجة 2638 في الديات: باب الجارح يفتدى بالقود، والبيهقي 8/49.

قوله: فلاجَّه أي: نازعه وتمادى معه في الخصومة.

ص: 340

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ لُزُومُ الِاحْتِيَاطِ لِرَعِيَّتِهِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ مُتَعَقَّبِهَا

4488 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

ص: 340

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هِيتًا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أزواج1 رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَعُدُّونَهُ مِنْ أُولِي الْإِرْبَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يَنْعَتُ امْرَأَةً وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّهَا إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا أَرَى هَذَا يَعْلَمُ مَا هَا هُنَا؟! لَا يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ" وَأَخْرَجَهُ، فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يَدْخُلُ كل يوم جمعة يستطعم2.

1 أزواج سقطت من الأصل و"التقاسيم" 4/192، واستدركت من مصادر التخريج.

2 إسناده قوي مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى فمن رجال مسلم.

وأخرجه أبو داود 4109 في اللباس: باب في قوله: {غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ} ، عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/152، وابن جرير الطبري 18/123، ومسلم 2181 في السلام: باب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب، وأبو داود 4107 و4108، والنسائي في "عشرة النساء" 365، والبيهقي 7/96، والبغوي 3209 من طرق عن معمر، به، وليس عندهم أنه أخرجه إلى البيداء، ولكن قالوا فيه: فحجبوه، وقد تابع الزهريَّ عليه هشامُ بن عروة عند أبي داود في الموضع الأول.

وفي الباب عن أم سلمة عند أحمد 6/290، والبخاري 4324 و5235 و5887، ومسلم 2180، وأبي داود 4929، وابن ماجة 1902 و2614 ولفظه أن مخنّثاً كان عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، فقال أي المخنث لأخي أم سلمة: يا عبد الله بن أمية، إن فتح الله عليكم الطائف غداً، فإني أدلّك على بنت غيلان، فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان. فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"لا يَدْخل هؤلاءِ عليكم".

والبيداء: هي الأرض الملساء التي دون ذي الحُليفة في طريق مكة.

ص: 341

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ مَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ عَلَيْهِ رِعَايَتُهُ وَالتَّحَفُّظُ عَلَى أَسْبَابِهِ

4489 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ، فَالْأَمِيرُ رَاعٍ عَلَى النَّاسِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

وأخرجه البخاري 5188 في النكاح: باب {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} ، ومسلم 1829 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العال

، والبيهقي 7/291 من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/5 عن إسماعيل، عن أيوب، به.

وأخرجه أحمد 2/54-55، والبخاري 2554 في العتق: باب كراهية التطاول على الرقيق، و5200 في النكاح: باب المرأة راعية في بيت زوجها، ومسلم 1829، والترمذي 1705 في الجهاد: باب ما جاء في الإمام، من طرق عن نافع، به.

ص: 342

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى كُلِّ رَاعٍ حِفْظَ رَعِيَّتِهِ صَغُرَ فِي نَفْسِهِ أَمْ كَبُرَ

4490 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 342

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَمَسْؤُولٌ عَنْ أَهْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعَيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ، وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسْؤُولٌ عَنْ رعيته"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى فمن رجال مسلم. وهو في صحيحه 1829 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 893 في الجمعة: باب الجمعة في القرى والمدن، و2751 في الوصايا: باب تأويل قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس، به.

وأخرجه البخاري 2409 في الاستقراض: باب العبد راع في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه، و2558 في العتق: باب العبد راع في مال سيده، والبيهقي 6/287 من طريق شعيب عن الزهري، به.

ص: 343

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْإِمَامَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهِمْ رَاع

ي

4491 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سمع بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعِي أَهْلَ بَيْتِهِ، وهو

ص: 343

مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، فَكُلُّكُمْ راع كلكم مسؤول عن رعيته" 1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب المقابري فمن رجال مسلم. وهو في "صحيحه" 1829 عن يحيى بن أيوب المقابري، بهذا الإسناد. وتابعه عنده يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد وعلي بن حُجر.

وأخرجه البغوي في "شرح السنة" 2469 من طريق علي بن حُجر، عن إسماعيل بن جعفر، به.

وأخرجه مالك في "الموطأ"992 برواية محمد بن الحسن الشيباني، ومن طريقه أخرجه البخاري 7138 في الأحكام: باب وقل الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ، وأبو داود 2928 في الخراج والإمارة: باب ما يلزم الإمام من حق الرعية، عن عبد الله بن دينار، به.

وأخرجه أحمد 2/111 من طريق سفيان، عن عبد الله بن دينار، به

ص: 344

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِسُؤَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا كُلَّ مَنِ اسْتَرْعَى رَعِيَّةً عَنْ رَعِيَّتِهِ

4492 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ اللَّهَ سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ أم ضيع"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه النسائي في "عشرة النساء" 292 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي 4/208 في الجهاد: باب ما جاء في الإمام: قال محمد يعني. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 344

4493 -

أَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ فِي عَقِبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ الله سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بيته"1.

= ابن إسماعيل البخاري: ورَوى إسحاق بن إبراهيم: عن معاذ بن هشام

فذكره بإسناده ومتنه مرفوعاً، ثم قال الترمذي: سمعت محمداً يقول: هذا غيرُ محفوظ، وإنما الصحيح: عن مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

وتعقبه الحافظ في "النكت الظراف" 1/355 بقوله: كون إسحاق حدّث عن معاذ بالموصول والمرسل معاً في سياق واحد يدل على أنه لم يهم فيه، وإسحاق إسحاق.

قلت: وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً عند أحمد 2/297، والبخاري 3455 ومسلم 1842، وسيرد عند المؤلف برقم 4538 بلفظ "كانت بنو إسرائيل تسوسُهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء كثيرون". قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "فُوا بيعة الأول فالأول، أَعطوهم حقَّهم، فإن الله سائلُهم عما استرعاهم".

1 رجاله رجال الشيخين، وهو مرسل.

وأخرجه النسائي في "عشرة النساء" 293 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

ص: 345

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْوَالِي الَّذِي يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ الْخَيْرَ أَوِ الشَّرَّ

4494 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ

ص: 345

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْأَمِيرِ خَيْرًا، جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ: إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ، جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ: إِنْ نَسِيَ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَإِنْ ذَكَرَ لَمْ يعنه"1.

1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير موسى بن مروان الرقي، فقد روى له أصحاب السنن وروى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات"، وزهير بن محمد وإن كانت رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذا منها، قد جاء معنى حديثه هذا من طريق آخر صحيح عند النسائي كما سيأتي فيتقوى ويصح.

وأخرجه أبو داود 2932 في الخراج والإمارة: باب في اتخاذ الوزير، وابن عدي في "الكامل" 3/1076، والبيهقي 10/111-112 من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد، وقد صرح الوليد بن مسلم عندهم بالتحديث.

وأخرجه النسائي 7/159 في البيعة: باب وزير الإمام، والبيهقي 10/111 من طريقين عن بقية بن الوليد، حدثنا ابن المبارك، عن ابن أبي حسين وهو عمر بن سعيد بن أبي حسين النوفلي عن القاسم بن محمد، قال: سمعت عمتي يعني عائشة تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ولي منكم عملاً، فأراد الله به خيراً جعل له وزيراً صالحاً، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه" وهذا إسناد صحيح.

ص: 346

‌ذِكْرُ نَفْيِ دُخُولِ الْجَنَّةِ عَنِ الْإِمَامِ الْغَاشِّ لِرَعِيَّتِهِ فِيمَا يَتَقَلَّدُ مِنْ أُمُورِهِمْ

4495 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ الْعُطَارِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ

ص: 346

فِيهِ، فَقَالَ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلا حرم الله عليه الجنة"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، شيبان بن أبي شيبة: وهو شيبان بن فروخ الحبطي، من رجال مسلم وهو ثقة، ومن فوقه ثقات على شرطهما.

وأخرجه مسلم 142 227 في الإيمان: باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النارَ، و3/1460 21 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية

، والطبراني 20/474، والبيهقي 9/41 من طريق شيبان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البغوي في "الجعديات" 3261، والطيالسي 929، والدارمي 2/324، والبخاري 7150 في الأحكام: باب من استُرعي رعية فلم يَنصح، والطبراني 20/474، والبغوي في "شرح السنة" 2478 من طريق أبي الأشهب، به.

وأخرجه بنحوه الطيالسي 928 و929، وأحمد 5/25 و27، والبخاري 7151، ومسلم 142 228 و229 و3/21، والطبراني 20/449 و455 و456 و457 و458 و459 و469 و472 و473 و476 و478 من طرق عن الحسن البصري، به.

وأخرجه من طرق وبألفاظ عن معقل بن يسار: أحمد 5/25، ومسلم 142 و3/22، والطبراني 20/506 و513 و514 و515 و516 و517 و518 و519 و524 و533 و534، والبيهقي 9/41. وقع في بعض روايات الطبراني أن الذي جاء لزيارة معقل هو زياد والد عبيد الله، وهو خطأ.

ص: 347

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَرْكُ الدُّخُولِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَتَهَيَّأُ الْقَدْحُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ مُبَاحَةً

4496 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ:

ص: 347

أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ عَاكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامَ مَعِي لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي يَبَلِّغُنِي بَيْتِي، فَلَقِيَهُ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَاهُ اسْتَحْيَا، فَرَجَعَا، فَقَالَ:"تَعَالَيَا، فَإِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ" فَقَالَا: نَعُوذُ بِاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ. قَالَ:"مَا أَقُولُ لَكُمَا هَذَا إِنْ تَكُونَا تَظُنَّانِ سُوءًا، وَلَكِنْ عَلِمْتُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يجري من بن آدم مجرى الدم"1.

1 إسناده حسن، على شرط مسلم، عبد الرحمن بن إسحاق: هو ابن عبد الله بن كنانة القرشي المدني، حسن الحديث، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وقد تقدم تخريجه برقم 3671.

ص: 348

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا وَجَّهَ صَفِيَّةَ إِلَى بَيْتِهِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ لَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ لَرَدِّهَا إِلَى الْبَيْتِ

4497 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ1، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

1 في الأصل: شعيب بن الليث، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 203، وهامش الأصل.

ص: 348

وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْطَلِقُ، فَقَامَ مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بِهِ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ بُعْدًا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ" فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خِفْتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبُكُمَا شيئا"1.

1 إسناده صحيح، محمد بن عبد الله بن البرقي ثقة روى له أبو داود والنسائي، ومن فوقهما على شرطهما. سعيد بن عفير: هو سعيد بن كثير بن عفير.

وأخرجه البخاري 2038 في الاعتكاف: باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه، و3101 في فرض الخمس: باب ما جاء في بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهن، عن سعيد بن عفير، بهذا الإسناد. وهو مكرر 3671.

ص: 349

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ قَسْمُ مَا يَمْلِكُ بَيْنَ رَعِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يَسِيرًا لَا يَسَعُهُمْ كُلَّهُمْ

4498 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَنَا تَمْرًا، فَأَصَابَنِي مِنْهَا خَمْسُ أَوْ أَرْبَعُ تَمَرَاتٍ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْحَشَفَةَ هِيَ أَشَدُّ لِضِرْسِي، قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ من بخل

ص: 349

بِالسَّلَامِ، وَأَعْجَزَ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، محمد بن بكار: هو ابن الرّيّان، ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه على شرط الشيخين، أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ.

وأخرجه بدون الزيادة عن أبي هريرة: البخاري 5441 في الأطعمة: باب رقم 40 عن محمد بن الصباح، عن إسماعيل بن زكريا، بهذا الإسناد. إلا أنه قال فيه: أصابني منه خمس: أربع تمرات وحشفة.

وأخرجه بنحوه كذلك البخاري 5411 في الأطعمة: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون، و5441، من طريقين عن حماد بن زيد، وأحمد 2/298، والترمذي 2474 في صفة القيامة: باب رقم 34، والنسائي في الوليمة كما في "التحفة" 10/152، وابن ماجة 4157 في الزهد: باب معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، من طرق عن شعبة، كلاهما عن عباس الجريري، عن أبي عثمان النهدي، به. ولفظ حديث حماد بن زيد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمراً، فأصابني سبع تمرات إحداهن حشفة، ولفظ أحمد وابن ماجة أصابهم جوع وهم سبعة، فأعطاني النبي صلى الله عليه وسلم سبع تمرات لكل إنسان تمرة، ولفظ الترمذي أصابهم جوع فأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرة تمرة، ولفظ النسائي قسم سبع تمرات بين سبعة أنا فيهم.

وقال الحافظ بعد أن أورد قول أبي هريرة من طريق الإسماعيلي عن أبي يعلى بهذا الإسناد: وهذا موقوف صحيح عن أبي هريرة، وقد روى مرفوعاً.

قلت: أخرج الطبراني في "الأوسط" و"الدعاء" 60، والبيهقي في "الشعب" من طريق حفص بن عياث، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام وقال: لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، ورجاله رجال الصحيح. وله عن أبي هريرة طريق آخر رواه البيهقي في "الشعب" من جهة كنانة مولى صفية عنه.

وفي الباب عن عبد الله بن مغفل رفعه "أعجز الناس مَن عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام" أخرجه الطبراني في "الدعاء" 61 من حديث عوف، عن الحسن عنه مرفوعاً به.

ص: 350

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْأَئِمَّةِ اسْتِمَالَةُ قُلُوبِ رَعِيَّتِهِمْ بِإِقْطَاعِ الْأَرَضِينَ لَهُمْ

4499 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْمَأْرِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ، عَنْ سُمَيِّ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ شُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمَدَانِ عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَقْطَعَهُ، فَأَقْطَعَهُ الْمِلْحَ، فَلَمَّا أَدْبَرَ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَدْرِي مَا أَقْطَعْتَهُ، إِنَّمَا أَقْطَعْتَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ، قَالَ: فَرَجَعَ فِيهِ، وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا يُحْمَى مِنَ الْأَرَاكِ، فَقَالَ:"مَا لم تبلغه أخفاف الإبل"1.

1 سمي بن قيس وشمير بن عبد المدان لم يوثقهما غير المؤلف.

وأخرجه الطبراني في"الكبير" 810 عن أبي خليفة بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود 3064 في الخراج والإمارة: باب في إقطاع الأرضين، والترمذي 1380 في الأحكام: باب ما جاء في القطائع، وحميد بن زنجوية في "الأموال" 1017، وأبو عبيد في "الأموال" 684، والدارقطني 4/221 و245، والبغوي 2193 من طرق عن محمد بن يحيى بن قيس المأربي، بهذا الإسناد.

وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" 346 من طريق ابن المبارك، عن معمر، عن يحيى بن قيس المأربي، عن رجل، عن أبيض بن حمال.

وأخرجه ابن ماجة 2475 في الرهون: باب إقطاع الأنهر والعيون، والدارقطني 4/221، وابن سعد 5/382 والطبراني 808 من طريق فرج بن سعيد بن علقمة بن سعيد بن أبيض بن حمال، عن عمه –أي: عم أبيه- عن ثابت ابن سعيد بن أبيض، عن أبيه، عن جده، وثابت وأبوه لم يوثقهما غير المؤلف، فلعله يتقوى بالطريقين ويحسن.

والماء العِدُّ: هو الدائم الذي لا ينقطع مثل ماء العين وماء البئر، وقد تحرف في الأصل إلى: العذب، والتصحيح من "التقاسيم"4/لوحة 198. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =

ص: 351

4500 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَالٌ وَلَا مَمْلُوكٌ، غَيْرُ نَاضِحٍ وَغَيْرُ فَرَسِهِ، قَالَتْ: فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ، وَأَكْفِيهِ مُؤْنَتَهُ، وَأَسُوسُهُ، وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ، وَأَعْلِفُهُ، وَأَسْتَقِي الْمَاءَ، وَأَخْرُزُ غَرْبَهُ -قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: يَعْنِي الدَّلْوَ- وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أَحْسِنُ أَخْبِزُ، فَتَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ ثُلُثَا فَرْسَخٍ

قَالَتْ: فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيَنِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَعَانِي، ثُمَّ قَالَ:"إِخْ إِخْ" لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، قَالَتْ: فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَمْشِيَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرُ النَّاسِ، قَالَ: فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ، فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ مَعَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ، فَكَفَتْنِي

=وقوله: ما لم تبلغه أخفاف الإبل قال البغوي: أراد به إنما يحمي من الأراك ما بَعُد عن حضرة العمارة، ولا تبلغه الإبل الرائحة إذا أرسلت في الرعي.

ص: 352

سياسة الفرس، فكأنما أعتقتني1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن إسرائيل وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وأخرجه أحمد 6/347، والبخاري 5224 في النكاح: باب الغَيرة، ومسلم 2182 34 في السلام: باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق، والنسائي في "عشرة النساء" 288، والبيهقي 7/293 من طريق أبي أسامة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 3151 في فرض الخمس: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، عن محمود بن غيلان، عن أبي أسامة، به مختصراً بقصة النوى. وزاد: وقال أبو ضمرة: عن هشام، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضاً من أموال بني النضير.

وأخرجه مختصراً أحمد 6/352، ومسلم 2182 35، والطبراني 24/250 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن أسماء. وزادوا فيه أنها أصابت خادماً، جاء النبي صلى الله عليه وسلم سبيٌٌ فأعطاها خادماً، وزاد مسلم في آخر القصة.

ص: 353

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْأَئِمَّةِ تَأَلُّفُ مَنْ رُجِيَ مِنْهُمُ الدِّينُ وَالْإِسْلَامُ

4501 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَأَلَّفَهُمْ" ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: "أَفِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ" قَالُوا: ابْنُ أُخْتٍ لَنَا، قَالَ:"ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه البخاري 3146 في فرض الخمس: باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس وغيره، و6762 في الفرائض: باب مولى القوم من أنفسهم وأن الأخت منهم عن أبي الوليد الطيالسي بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 353

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه البخاري 3528 في المناقب: باب ابن أخت القوم منهم ومولى القوم منهم، عن سليمان بن حرب، وأحمد 3/172 و275، ومسلم 1059 133 في الزكاة: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على لإسلام وتصبر من قوي إيمانه، والترمذي 3901 في المناقب: باب في فضل الأنصار، عن غندر محمد بن جعفر، والنسائي 5/106 في الزكاة: باب ابن أخت القوم منهم، من طريق وكيع، وأبو القاسم البغوي في الجعديات 971، ومن طريقه أبو محمد البغوي في "شرح السنة" 2228 عن علي بن الجعد، أربعتهم عن شعبة، به

ص: 354

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ بَذْلُ الْمَالِ لِمَنْ يَرْجُو إِسْلَامَهُ

4502 -

سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْخٍ بِوَاسِطَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُ -بِغَنَمٍ ذكر بن عَائِشَةَ كَثْرَتَهَا- فَأَتَى الْأَعْرَابِيُّ قَوْمَهُ، وَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لا يخاف الفقر1.

1 إسناده صحيح، عبيد الله بن محمد بن عائشة روى له أبو داود والترمذي والنسائي وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.

وأخرجه مسلم 2312 58 في الفضائل: باب ما سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قط فقال: لا وكثرة عطائه، والبيهقي 7/19 من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وفيه أن الرجل سأل غنماً بين جبلين، وفي آخره: فقال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يُريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلامُ أحبُّ إليه من الدنيا وما عليها.

وأخرجه مسلم 2312 57، والبيهقي 7/19 من طريقين عن حميد الطويل، عن موسى بن أبي أنس بن مالك، عن أبيه. ولم يرد في البيهقي عن أبيه.

ص: 354

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ إِعْطَاءَ أَهْلِ الشِّرْكِ الْهَدَايَا إِذَا طَمَعَ فِي إِسْلَامِهِمْ

4503 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عام تَبُوكَ، حَتَّى جِئْنَا وَادِي الْقُرَى، فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:"اخْرُصُوا" فَخَرَصَ الْقَوْمُ وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَةَ أَوْسُقٍ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ:"أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَدِمَ تَبُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُومَنَّ فِيهَا رَجُلٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيُوثِقْ عِقَالَهُ". قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: فَعَقَلْنَاهَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ هَبَّتْ عَلَيْنَا رِيحٌ، فَقَامَ فِيهَا رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ فِي جَبَلِ طيء، ثُمَّ جَاءَهُ مَلَكُ أَيْلَةَ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَسَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ، حَتَّى جِئْنَا وَادِي الْقُرَى، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ:"كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ" قَالَتْ: عَشْرَةُ أَوْسُقٍ، خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي مُتَعَجِّلٌ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَفْعَلْ". قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا أَوْفَى عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ:"هَذِهِ طَابَةُ". فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ: "هَذَا أُحُدٌ، هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ؟ " قَالُوا: بَلَى، قَالَ:"خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ: بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خير"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وعفان: هو

=

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=ابن مسلم الباهلي، ووهيب: هو ابن خالد.

وأخرجه أحمد 5/424، وابن أبي شيبة 14/539-540، وعنه مسلم 4/1786 12 في الفضائل: باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 1481 في الزكاة: باب خَرص التمر، وأبو داود 3079 في الخراج والإمارة: باب في إحياء الموات، عن سهل بن بكار، ومسلم 4/1786 12 من طريق المغيرة بن سلمة المخزومي، كلاهما عن وهيب بن خالد، به ببعض اختصار.

وأخرجه البخاري 3161 في الجزية الموادعة: باب إذا وادع الإمامُ ملكَ القرية هل يكون ذلك لبقيتهم؟ عن سهل بن بكار، عن وهيب، به بقصد ملك أيلة، وعلقها البخاري 5/272 في الهبة: باب قبول الهدية من المشركين، عن أبي حميد.

وأخرجه مقطعاً البخاري 1872 في فضائل المدينة: باب المدينة طابة، و3791 في مناقب الأنصار: باب فضل دور الأنصار، و4422 في المغازي: باب رقم 81، عن خالد بن مخلد، ومسلم 1392 في الحج: باب أُحُد جبل يحبنا ونحبه، و4/1785 11 في الفضائل، والبيهقي 4/122 من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، كلاهما عن سليمان بن بلال، عن عمرو بن يحيى، به.

قوله: "اخرصوا"، الخرص: هو حزر ما على النخل من الرطب تمراً، حكى الترمذي عن بعض أهل العلم أن تفسيره أن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب مما تجب فيه الزكاة، بعث الأمير خارصاً ينظر، فيقول: يخرج من هذا كذا وكذا زبيباً وكذا وكذا تمراً فَيُحْصِيْه، وينظر مبلغ العشر، فيثبته عليهم، ويخلي بينهم وبين الثمار، فإذا جاء وقت الجداد، أخذ منهم العشر. وفائدة الخرص: التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها والبيع من زهوها، وإيثار الأهل والجيران والفقراء، لأن في منعهم منها تضييقاً لا يخفى.

وقوله: "كم جاءت حديقتك" أي: تمر حديقتك، وفي رواية مسلم فسأل المرأة عن حديقتها كم بلغ ثمرها.

وقوله: جاءه ملك أيلة أيلة: هي العقبة، وفي البخاري: وأهدى ملك أيلة ووقع في رواية سليمان عند مسلم وجاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة إلى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 356

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب وأهدى له بغلة بيضاء وفي مغازي ابن إسحاق: ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يوحنا بن روبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية.

وفي "الفتح" 3/406: وفي هذا الحديث مشروعة الخرص، واختلف القائلون به هل هو واجب أو مستحب، فحكى الصيمري من الشافعية وجهاً بوجه، وقال الجمهور: هو مستحب إلا أن تعلق به حق لمحجور مثلاً، أو كان شركاؤه غير مؤتمنين، فيجب لحفظ مال غيره، واختلف أيضاً هل يختص بالنخل أو يلحق به العنب أو يعم كل ما ينتفع به رطباً وجافاً؟ وبالأول قال شريح القاضي وبعض أهل الظاهر، والثاني قول الجمهور، وإلى الثالث نحا البخاري.

وهل يمضي قول الخارص أو يرجع إلى ما آل إليه الحال بعد الجفاف؟ الأول قول مالك وطائفة، والثاني قول الشافعي ومن تبعه، وهل يكفي خارص واحد عارف ثقة أو لا بدّ من اثنين؟ وهما قولان للشافعي، والجمهور على الأول.

واختلف هل هو اعتبار أو تضمين؟ وهما قولان للشافعي أظهرما لثاني، وفائدته جواز التصرف في جميع الثمرة ولو أتلف المالك الثمرة بعد الخرص أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص.

وفي الحديث أشياء من أعلام النبوة كالإخبار عن الريح وما ذكر في تلك القصة، وفيه تدريب الأتباع وتعليمهم، وأخذ الحذر مما يُتوقع الخوف منه، وفضل المدينة والأنصار، ومشروعية المفاضلة بين الفضلاء بالإجمال والتعيين، ومشروعية الهدية والمكافأة عليها.

ص: 357

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ قَبُولُ الْهَدَايَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا طَمَعَ فِي إِسْلَامِهِمْ

4504 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ صَاعِقَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَنْطَلِقُ بِصَحِيفَتِي هَذِهِ إِلَى قَيْصَرَ، وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَإِنْ لَمْ أُقْتَلْ؟ قَالَ: "وَإِنْ لَمْ تُقْتَلْ". فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ

ص: 357

بِهِ، فَوَافَقَ قَيْصَرَ وَهُوَ يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قَدْ جُعِلَ لَهُ بِسَاطٌ لَا يَمْشِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَرَمَى بِالْكِتَابِ [عَلَى] 1 الْبِسَاطِ وَتَنَحَّى، فَلَمَّا انْتَهَى قَيْصَرُ إِلَى الْكِتَابِ، أَخَذَهُ، ثُمَّ دَعَا رَأْسَ الْجَاثَلِيقِ2، فَأَقْرَأَهُ، فَقَالَ: مَا عِلْمِي فِي هَذَا الْكِتَابِ إِلَّا كَعِلْمِكَ، فَنَادَى قَيْصَرُ: مَنْ صَاحِبُ الْكِتَابِ فَهُوَ آمَنٌ، فَجَاءَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: إِذَا أَنَا قَدِمْتُ فَأْتِنِي، فَلَمَّا قَدِمَ أَتَاهُ، فَأَمَرَ قَيْصَرُ بِأَبْوَابٍ قَصْرِهِ فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ قَيْصَرَ قَدِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، وَتَرَكَ النَّصْرَانِيَّةَ، فَأَقْبَلَ جُنْدُهُ وَقَدْ تَسَلَّحُوا حَتَّى أَطَافُوا بِقَصْرِهِ، فَقَالَ لِرَسُولِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ تَرَى أَنِّي خَائِفٌ عَلَى مَمْلَكَتِي، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: أَلَا إِنَّ قَيْصَرَ قَدْ رَضِيَ عَنْكُمْ، وَإِنَّمَا خَبَرَكُمْ لَيَنْظُرُ كَيْفَ صَبْرُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَارْجِعُوا، فَانْصَرَفُوا، وَكَتَبَ قَيْصَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي مُسْلِمٌ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِدَنَانِيرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَرَأَ الْكِتَابَ:"كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، لَيْسَ بِمُسْلِمٍ، وَهُوَ على النصرانية" وقسم الدنانير3.

1 سقطت من الأصل، وأثبتت من "الموارد" ص392.

2 هو مقدَّم الأساقفة عند النصارى، قال صاحب "القاموس": رئيس للنصارى في بلاد الإسلام بمدينة السلام أي بيت المقدس، ويكون تحت يد بِطريق أنطاكية، ثم المَطْران تحت يده.

3 إسناده صحيح، رجاله على شرط البخاري غير علي بن بحر فقد روى له تعليقاً، واحتج به أبو داود والنسائي، وهو ثقة.

ص: 358

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ قَبُولُ الْهَدَايَا مِنْ رَعِيَّتِهِ فِي الْأَوْقَاتِ وَبَذْلُ الْأَمْوَالِ لَهُمْ عِنْدُ فَتْحِ اللَّهِ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ

4505 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى بالموصل، قال: حدثنا أبو بكر بن أبيشيبة، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أبيه عن أنس أن رجلا كَانَ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّخَلَاتِ مِنْ أَرْضِهِ، حَتَّى فُتِحَتْ عَلَيْهِ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ، فَجَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ [عَلَيْهِ] مَا كَانَ أَعْطَاهُ. قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرُونِي أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْأَلَهُ مَا كَانَ أَعْطَاهُ أَوْ بَعْضَهُ وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِيهِنَّ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا يُعْطِيكَهُنَّ وَقَدْ أَعْطَانِيهُنَّ1. قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا أُمَّ أَيْمَنَ اتْرُكِي، وَلَكِ كَذَا وَكَذَا" فَتَقُولُ: كَلَّا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. حَتَّى أَعْطَاهَا عَشْرَةَ أَمْثَالِهِ، أَوْ قريبا من عشرة أمثاله2.

1 من قوله فجاءت أم أيمن إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 4/لوحة 195، و"مسند أبي يعلى".

2 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "مسند أبي يعلى"4080.

وأخرجه مسلم 1771 71 في الجهاد والسير: باب ردّ المهاجرين إلى الأنصار منائحَهم من الشجر والثمر حين استغنوا عنها بالفتوح، عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 8/255، وأحمد 3/219، والبخاري 3128 في فرض الخمس: باب كيف قسم النبي صلى الله عليه وسلم قريظة والنضير، و4030 في المغازي: باب حديث بني النضير، و4120 باب مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحزاب

، ومسلم 1771 71، وأبو يعلى 4079 من طرق عن معتمر بن سليمان، به. وبعض روايات البخاري مختصرة. وانظر البخاري 2630، ومسلماً 1771 71.

ص: 359

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ اتِّخَاذُ الْكَاتِبِ لِنَفْسِهِ لِمَا يَقَعُ مِنَ الْحَوَادِثِ وَالْأَسْبَابِ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ

4506 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الوليدالطيالسي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ جَاءَنِي فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا، فَيَذْهَبُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟! فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى، فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ وَقَدْ كُنْتَ تُكْتَبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ.

قَالَ زَيْدٌ: فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: فَكَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، قَالَ: فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَاللِّخَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة:128] خَاتِمَةُ بَرَاءَةَ. قَالَ: فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله، ثم

ص: 360

عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حفصة بنت عمر.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: وَحَدَّثَنِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ وَأَهْلَ الْعِرَاقِ وَفَتَحَ أَرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةُ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ كَمَا اخْتَلَفَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَبَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: أَنْ أَرْسِلِي الصُّحُفَ لِنَنْسَخَهَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ، فَدَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ1 وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ لَهُمْ: مَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، وَكَتَبَ الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَبَعَثَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أن يمحى أو يحرق.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ: فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْتُ الْمُصْحَفَ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَؤُهَا، فَالْتَمَسْتُهَا فَوَجَدْتُهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:23] فَأَلْحَقْتُهَا في سورتها في المصحف.

1زاد غيره: وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

ص: 361

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: اخْتَلَفُوا يَوْمَئِذٍ فِي التَّابُوتِ فَقَالَ: زَيْدٌ التَّابُوهُ، وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ: التَّابُوتُ، فَرُفِعَ اخْتِلَافُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اكْتُبُوهُ التَّابُوتُ فَإِنَّهُ لسان قريش1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه إلى قوله: ثم عند حفصة بنت عمر الطبراني 4903 عن أبي خليفة الفاضل بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 2/41 من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي، عن أبي الوليد الطيالسي، به.

وأخرجه البخاري 4986 و4987 و4988 في فضائل القرآن: باب جمع القرآن، والترمذي 3103 و3104 في التفسير: باب ومن سورة التوبة، والنسائي في فضائل القرآن 13 و20 و27، والبيهقي 2/40-41 و41 من طرق عن إبراهيم بن سعد، به. وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.

وأخرجه مختصراً ومقطعاً أحمد 1/10 و5/188-189، والبخاري 7191 في الأحكام: باب يستحب للكاتب أن يكون أميناً عاقلاً، و7425 في التوحيد: باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم، وأبو يعلى 64 و65، وابن أبي داود في "المصاحف" ص12-13 و13-14 من طرق عن إبراهيم بن سعد، به.

وقع في رواية البخاري في الموضع الأول مع خزيمة أو أبي خزيمة، وفي الموضع الثاني مع أبي خزيمة، قلت: اختلف الرواة فيه على الزهري، فمن قائل: مع خزيمة، ومن قائل: مع أبي خزيمة، ومن شاك فيه يقول: خزيمة أو أبي خزيمة، والأرجح أن الذي وجد معه آخر سورة التوبة أبو خزيمة بالكنية، والذي وجد معه الآية من سورة الأحزاب خزيمة، وأبو خزيمة قيل: هو ابن أوس بن يزيد بن أصرم مشهور بكنيته دون اسمه، وقيل: هو الحارث بن خزيمة. انظر "الفتح" 8/136.

قلت: ومقتل اليمامة كان في سنة اثنتي عشرة للهجرة، وقد دارت رحى الحرب بين المسلمين وأهل الردّة من أتباع مسيلمة الكذاب، وكانت معركة حامية الوطيس استشهد فيها كثير من قراء الصحابة، وحفظتهم للقرآن ينتهي عددهم إلى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 362

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= السبعين من أجلّهم سالم مولى أبي حذيفة.

اللِّحاف، بكسر اللام ثم خاء معجمة خفيفة وآخره فاء: جمع لَحْفَة: وهي صفائح الحجارة الرقاق.

والعُسُب، بضم العين والسين، جمع عسيب: وهو جريد النخل، كانوا يكشطون الخوص، ويكتبون في الطرف العريض، وقيل: العسيب: طرف الجريدة العريض الذي لم ينبت عليه الخوص، والذي ينبت عليه الخوص: هو السعف.

وأرمينية: هي أنجاد وجبال في آسية الصغرى جنوب القفقاز بين أنجاد إيران شرقاً، والأناضول غرباً، وبين بحر قزوين ومسيل الفرات الأعلى، وأذربيجان: إقليم واسع يشتمل على مدن وقلاع وخيرات، يقع شمال غرب إيران من أهم مدنه تبريز.

قال العلماء: الفرق بين جمع أبي بكر وبين جمع عثمان أن جمع القرآن في عهد أبي بكر كان عبارة عن نقل القرآن وكتابته في صحف مرتب الآيات مقتصراً فيه على ما لم تنسخ تلاوته، مستوثقاً له –بالتواتر والإجماع-. وكان الغرض من تسجيل القرآن وتقييده بالكتابة مجموعاً مرتباً خشية ذهاب شيء منه بموت حملته وحفاظه، وأما الجمع في عهد عثمان، فقد كان عبارة عن نقل ما في تلك الصحف في مصحف واحد إمام، واستنساخ مصاحف منه ترسل إلى الآفاق الإسلامية ملاحظاً فيه ترتيب سوره وآياته جميعاً، وكتابته بطريقة تجمع وجوه القراءات المختلفة، وتجريده من كل ما ليس قرآناً، وكان الغرض منه إطفاء الفتنة التي اشتعلت بين المسلمين حين اختلفوا في قراءة القرآن، وجمع شملهم، وتوحيد كلمتهم، والمحافظة على كتاب الله من التغيير والتبديل.

وقوله: فوجدته مع خزيمة بن ثابت الأنصاري، وفي البخاري لم أجدها مع أحد غيره قلت: لقد ثبت كونها قرآناً بأخبار كثيرة متواترة عن الصحابة عن حفظهم في صدورهم، وإن لم يكونوا كتبوه في أوراقهم، ومعنى قول زيد: لم أجدها مع أحد غيره أنه لم يجدها مكتوبة عند أحد إلا عند خزيمة، فالذي انفرد به خزيمة هو كتابتُها لا حفظها، وليست الكتابة شرطاً في المتواتر، بل المشروط فيه أن يرويه جمع يُؤمن تواطؤهم على الكذب، ولو لم يكتبه واحد منهم. وانظر "الفتح" 8/632.

ص: 363

‌ذِكْرُ الْجَوَازِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَّخِذَ الْكَاتِبَ لِنَفْسِهِ لِمَا يَعْتِرِضُهُ مِنْ أَحْوَالِ الدِّينِ فِي الْأَسْبَابِ

4507 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ قَالَ: أَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَيَّ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ عِنْدَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ جَاءَنِي فَقَالَ لِي: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ بِأَهْلِ الْيَمَامَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ لَا يُوعَى، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي بِذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأَيْتُ فِيهِ الَّذِي رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَعُمَرُ جَالِسٌ عِنْدَهُ لَا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، لَا نَتَّهِمُكَ، وَكُنْتَ تُكْتَبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاتَّبِعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ.

قَالَ: قَالَ زَيْدٌ: فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَكَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ: فَقُمْتُ أَتَتَبَّعُ الْقُرْآنَ، أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى

ص: 364

وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ غَيْرِهِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ} [التوبة:128] وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جَمَعْتُ فِيهَا الْقُرْآنَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَيَاتَهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عمر.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ اجْتَمَعَ لِغَزْوَةِ أَذْرِبِيجَانَ وَأَرْمِينِيَةَ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَتَذَاكَرُوا الْقُرْآنَ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، قَالَ: فَرَكِبَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ لَمَّا رَأَى اخْتِلَافَهُمْ فِي الْقُرْآنِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ، حَتَّى إِنِّي وَاللَّهِ لَأَخْشَى أَنْ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَفَزِعَ لِذَلِكَ عُثْمَانُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَزِعًا شَدِيدًا، وَأَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ، فَاسْتَخْرَجَ الصُّحُفَ الَّتِي1 كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَمَرَ زَيْدًا بِجَمْعِهَا، فَنَسَخَ مِنْهَا الْمَصَاحِفَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْآفَاقِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ مَرْوَانُ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ أَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ يَسْأَلُهَا عَنِ الصُّحُفِ لِيُمَزِّقَهَا، وَخَشِيَ أَنْ يُخَالِفَ بَعْضُ الْعَامِ بَعْضًا، فَمَنَعْتُهُ إِيَّاهَا.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِعَزِيمَةٍ لِيُرْسِلَ بِهَا، فَسَاعَةَ رَجَعُوا مِنْ جَنَازَةِ حَفْصَةَ أَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى مَرْوَانَ فَحَرَقَهَا، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ لَمَّا نسخ عثمان رضي الله تعالى عنه2.

1 في الأصل: الذي.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى..=

ص: 365

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 1/13، وابن أبي داود في "المصاحف" ص14-15 من طريق عثمان بن عمر، والبخاري 4989 في فضائل القرآن: باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم، والطبراني 4902 من طريق الليث، كلاهما عن يونس، بهذا الإسناد. رواية الليث عند البخاري مختصرة، ورواية عثمان بن عمر مطلوبة –وهي عند ابن أبي داود أطول- إلى قوله: ثم عند حفصة بنت عمر.

وأخرجه البخاري 4679 في التفسير: باب {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْه

ِ} من طرق شعيب، والطبراني 4901 من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، كلاهما عن الزهري، به إلى قوله: ثم عند حفصة بنت عمر.

ص: 366

‌ذِكْرُ احْتِرَازِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا دَخَلُوا عَلَيْهِ

4508 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْخَطِيبُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ بْنِ بِنْتِ أَزْهَرَ السَّمَّانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلَةَ صَاحِبِ الشَّرَطِ مِنَ الأمير1.

1 إسناده حسن، بشر بن آدم صدوق فيه لين، روى له أصحاب السنن وقد توبع، ومن فوقه من رجال الشيخين غير عبد الله بن المثنى والد محمد الأنصاري فمن رجال البخاري. ثمامة: هو ابن عبد الله بن أنيس بن مالك.

وأخرجه البخاري 7155 في الأحكام: باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه، والترمذي 3850 في المناقب: باب في مناقب قيس بن سعد بن عبادة، والبيهقي 8/155، والبغوي 2485 من طرق عن محمد بن عبد الله الأنصاري، بهذا الإسناد. وفي إحدى روايتي الترمذي زاد فيه قول الأنصاري: يعني مما يلي من أموره، وعند البيهقي والبغوي: يعني ينظر من أموره. وقال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الأنصاري. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 366

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=والشُّرَط: هم أعوان الأمير، قال الأزهري: شرط كل شيء: خياره، ومنه الشرَط، لأنهم نخبة الجند، وقيل: سموا شرطاً، لأن لهم علامات يعرفون بها من هيئة وملبس، وهو اختيار الأصمعي، وقيل: لأنهم أعدوا أنفسهم لذلك، يقال: أشرط فلان نفسه لأمر كذا: إذا أعدها. قاله أبو عبيدة.

ص: 367

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْصِيَ مِنْ نَفْسِهِ آكِلَ الْبَصَلِ مِنْ رَعِيَّتِهِ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ رِيحُهَا

4509 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى زَرَّاعَةِ بَصَلٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَنَزَلَ نَاسٌ فَأَكَلُوا مِنْهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ آخَرُونَ، فَرُحْنَا إِلَيْهِ، فَدَعَا الَّذِينَ لَمْ يَأْكُلُوا البصل، وأخر الآخرين حتى ذهب ريحها1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة فمن رجال مسلم. عبد الله بن خباب: هو المدني مولى بني عدي بن النجار.

وأخرجه مسلم 566 في المساجد: باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أو نحوها، عن هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وانظر حديث أبي سعيد المتقدم عند المؤلف برقم 2082.

والزّراعة: هي الأرض المزروعة.

ص: 367

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ لَا تَكُونَ هِمَّتُهُ فِي جَمْعِ الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ

4510 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ

ص: 367

-وَكَانَ يُكْنَى أَبَا هَاشِمٍ- عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ رَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَهُ إِلَى الْمُرَاحِ، فَإِذَا سَخْلَةً تَيْعَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ما وَلَدَتْ؟ " فَقَالَ الرَّاعِي: بَهْمَةٌ. فَقَالَ: "اذْبَحْ مَكَانَهَا شَاةً" ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحْسِبَنَّ –بِالْخَفْضِ، وَلَمْ يَقُلْ لَا تَحْسَبَنَّ بِالنَّصْبِ- أَنَّا مِنْ أَجَلِكَ ذَبَحْنَاهَا، إِنَّ لَنَا غَنَمًا مائة، فَإِذَا وَلَدَ الرَّاعِي بَهْمَةً ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي امْرَأَةً، وَفِي لِسَانِهَا شَيْءٌ -يَعْنِي الْبَذَاءَ- قَالَ:"طَلِّقْهَا إِذًا". فَقَالَ: إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ. قَالَ:"فَمُرْهَا بِقَوْلٍ، فَعِظْهَا لَعَلَّهَا أَنْ تَعْقِلَ، وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ إِبِلَكَ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوضُوءِ. قَالَ:"إِذَا تَوَضَّأْتَ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تكون صائما"1.

1 إسناده جيد، وهو مكرر الحديث 1054.

ص: 368

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ انْهِمَاكِ الْأُمَرَاءِ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا لَا يَسَعُهُمْ وَلَا يَحِلُّ لَهُمُ ارْتِكَابُهُ

4511 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ

ص: 368

عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ". فَقَالَ: اجْلِسْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَلْ كَانَتْ لَهُمْ نُخَالَةٌ، إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، شيبان بن أبي شيبة: هو ابن فروخ من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين.

وأخرجه مسلم 1830 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، والطبراني في "الكبير" 18/26، والبيهقي 8/161 من طريق شيبان بن فروخ، بهذا الإسناد. لكن وقع في الطبراني أنه دخل على زياد وهو خطأ.

وأخرجه أحمد 5/64، والطبراني 18/26 من طرق عن جرير بن حازم، به.

قوله: "إن شر الرعاء الحطمة": هو العنيف في رعيته لا يرفق بها في سَوقها ومرعاها، بل يحطمها في ذلك، وفي سقيها وغيره، ويزحم بعضها ببعض بحيث يؤذيها ويحطمها، ضربه مثلاً لوالي السوء.

وقوله: إنما أنت من نخالتهم قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 12/216: يعني لست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب منهم، بل من سقطهم، والنخالة هنا استعارة من نخالة الدقيق، وهي قشوره، والنخالة والحفالة والحثالة بمعنى واحد.

وقوله: وهل كانت لهم نخالة، إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم: قال الإمام النووي: هذا من جَزل الكلام وفصيحه وصدقه الذي ينقاد له كلُّ مسلم، فإن الصحابة رضي الله عنهم كلهم صفوةُ الناس، وسادات الأمة، وأفضل مَّمن بعدهم، وكلهم عدولٌ قدوة لا نخالة فيهم، وإنما جاء التخليط ممَّن بعدهم، وفيمن بعدهم كانت النخالة.

ص: 369

‌ذكر إيجاب النار لِمَنْ تَقَلَّدَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَانْبَسَطَ في أموالهم بغير إذنهم

ذِكْرُ إِيجَابِ النَّارِ -نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا- لِمَنْ تَقَلَّدَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَانْبَسَطَ فِي أَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ

4512 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ حَدَّثَهُ، أَنَّ عُبَيْدَ سَنُوطَا حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ خَوْلَةَ بِنْتَ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا بُورِكَ لَهُ فِيهَا، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِي مَالِ اللَّهِ وَمَالِ رَسُولِهِ لَهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عُبيد سنوطا روى له الترمذي، وهو ثقة. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه عبد الرزاق 6962، وأحمد 6/364 و410، والحميدي 353، وابن أبي شيبة 13/242، والطبراني في "الكبير" 24/580 و581 و582 و583 و584 و585 و587 من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/378، والترمذي 2374 في الزهد: باب ما جاء في أخذ المال، والطبراني 24/577 و578 و579 من طرق عن سعيد المقبري، عن أبي الوليد عبيد سنوطا، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ووقع في "المسند": عبيد عن الوليد، وفي رواية للطبراني 578: عبيد بن الوليد، وهو تحريف.

وأخرجه البخاري 3118 في فرض الخمس: باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} عن عبد الله بن يزيد، عن سعيد بن أبي أيوب، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن النعمان بن أبي عياش، عن خولة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 370

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الأنصارية، به مختصراً بلفظ إن رجالاً يتخوّضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. في رواية الإسماعيلي خولة بنت ثامر الأنصارية، وزاد في أوله الدنيا خضرة حلوة....

وكذا أخرجه مع الزيادة أحمد 6/410، والطبراني 24/617، والبغوي 2730 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بإسناد البخاري، وهو فيها من مسند خولة بنت ثامر الأنصارية. قال الحافظ في "الفتح"6/219: فرق غير واحد بين خولة بنت ثامر وبين خولة بنت قيس، وقيل: إن قيس بن قَهد -بالقاف- لقبه ثامر، وبذلك جزم علي بن المديني، فعلى هذا فهي واحدة.

والتخوّض في مال الله: هو التصرف في مال المسلمين بالباطل.

ص: 371

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ لَا يَأْخُذَ هَذَا الْمَالَ إِلَّا بِحَقِّهِ كَيْ يُبَارَكَ لَهُ فِيهِ

4513 -

سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ، أَوْ زُهْرَةِ الدُّنْيَا". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ عِرْقٌ أَوْ بَهَرٌ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ:"أَيْنَ السَّائِلُ؟ " فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا، وَلَمْ أُرِدْ إِلَّا خَيْرًا. فَقَالَ: "إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنَبْتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ، فَإِنَّهَا أَكَلَتْ، فَلَمَّا اشْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلْتِ الشَّمْسَ، فَثَلَطَتْ ثُمَّ بَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلْتُ، ثُمَّ1 أَفَاضَتْ فَاجْتَرَّتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حلوة خضرة،

1 ثم سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 4/لوحة 153.

ص: 371

فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى"1.

قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ: زَعَمَ سُفْيَانُ أَنَّ الْأَعْمَشَ سَأَلَهُ عَنْ هذا الحديث منذ أربعين سنة.

1 إسناده حسن من أجل ابن عجلان. وهو مكرر الحديث 3226.

ص: 372

‌ذِكْرُ تَعَوِّذِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ

4514 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ:"يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ؟ قَالَ: "أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي، لَا يَهْتَدُونَ بِهَدْيِي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ، وَلَا يَرِدُوا 1 عَلَيَّ حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ، وَسَيَرِدُونَ عَلَيَّ حَوْضِي، يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، الصوم جنة والصدقة تطفئ

1 كذا في الأصل و"التقاسيم"، وفي "المصنف"و"المسترك": يردون.

ص: 372

الْخَطِيئَةَ، وَالصَّلَاةُ بُرْهَانٌ -أَوْ قَالَ: قُرْبَانٌ- يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، النَّاسُ غَادِيَانِ: فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها" 1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن خُثيم: هو عبد الله بن عثمان بن خثيم. وهو في "المصنف"20719.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 3/321، والحاكم 4/422، وصحح إسناده ووافقه الذهبي. وقد تقدم برقم 1723.

ص: 373

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَخْذِ الْأُمَرَاءِ وَعُمَّالُهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهُ عَلَيْهِمْ

4515 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَقُولُ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ إِلَيَّ. فَقَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ"، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ قَامَ فَخَطَبَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدَ، مَا بَالُ أَقْوَامٍ نُوَلِّيهِمْ أُمُورًا مِمَّا وَلَّانَا اللَّهُ، وَنَسْتَعْمِلَهُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ، ثُمَّ يَأْتِي أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذِهِ أُهْدِيَتْ إِلَيَّ، أَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ

ص: 373

حَقِّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَلَا أَعْرِفَنَّ رَجُلًا يَحْمِلُ عَلَى عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ". ثُمَّ بَسَطَ يَدَهُ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ بَصَرَ عَيْنِي، وَسَمِعَ أُذُنِي، ثُمَّ قَالَ: "أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ –ثَلَاثًا-" الشَّهِيدُ عَلَى ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الأنصاري يحك منكبي منكبه1.

1 إسناده صحيح، عبد الواحد بن غياث روى له أبو داود، وحماد بن سلمة من رجال مسلم، ومن فوقهما على شرط الشيخين.

وأخرجه الحميدي 840، والشافعي 1/247، والبخاري 6979 في الحيل: باب احتيال العامل لُيهدي له، و7197 في الأحكام: باب محاسبة الإمام العادل عمّاله، ومسلم 1832 27 و28 في الإمارة: باب تحريم هدايا العمال، من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 1500 في الزكاة: باب قول الله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا}

، من طريق أبي أسامة، عن هشام، به مختصراً جداً.

وأخرجه الحميدي في "مسنده" 840، وأحمد 5/423-424، والشافعي 1/246-247، والبخاري 925 في الجمعة: باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد، و2597 في الهبة: باب من لم يقبل الهدية لعلة، و6636 في الأيمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم؟ و7174 في الأحكام: باب هدايا العمال، ومسلم 1832 26، وأبو داود 2946 في الخراج والإمارة: باب في هدايا العمال، والبيهقي 7/16 و10/13، والبغوي 1568 من طرق عن الزهري، عن عروة بن الزبير، به –بعضهم ذكره مطولاً وبعضهم اختصره.

وأخرجه بنحوه مسلم 1832 29 من طريق الشيباني، عن أبي الزناد، عن عروة، به.

الرُّغاء: صوت البعير، يقال: رغا البعير يرغو، والخوار: صوت البقر، خارت البقرة تخور، واليعار: صوت الشاة، يقال: يَعَرَت الشاة تيعر.

قال البغوي في "شرح السنة" 5/498: وفي الحديث دليل على أن هدايا العمال والولاة والقُضاة سُحْت، لأنه إنما يُهدي إلى العمال لُيغمِض له في بعض. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 374

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ما يجبُ عليه أداؤه، ويبخس بحقِّ المساكين، ويُهدي إلى القاضي ليميل إليه في الحكم، أو لا يُؤْمَنُ مِن أن تَحْمِله الهديةُ عليه.

قال الخطابي: وفي قوله: هلاّ جَلَس في بيت أمِّه أو أبيه فينظرَ يُهدى إليه أم لا دليل على أن كل أمر يُتذَّرع به إلى محظور فهو محظور، يدخلُ في ذلك القرضُ يجر المنفعة، والدار المرهونة يسكنها المرتهن بلا كراءٍ، والدابة المرهونة يركبها ويَرتفق بها من غير عِوَضٍ، وكلُّ دخيل في العقود يُنظر هل يكون حكمهُ عند الانفرادِ كحكمه عند الاقتران؟

وفي الحديث من الفوائد أن الإمامَ يخطب في الأمور المهمة، واستعمال "أما بعد" في الخطبة، ومشروعية محاسبة المؤتمن، وفيه أن من رأى متأولاً أخطأ في تأويل يضر من أخذ به بعد أن يشهر القول للناس، ويبين خطأه ليحذر من الاغترار به، وفيه جوازُ توبيخ المخطئ، واستشهاد الراوي والناقل بقول من يُوافقه ليكون أوقعَ في نفس السامع، وأبلغ في طمأنينته.

ص: 375

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ الْفَلَاحِ عَنْ أَقْوَامٍ تَكُونُ أُمُورُهُمْ مَنْوطَةً بِالنِّسَاءِ

4516 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم تملكهم امرأة"1.

1 حديث صحيح، مبارك بن فضالة اختلف قول الناس فيه، وهو صدوق لكنه موصوف بالتدليس وقد عنعن، علّق له البخاري وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجة، وباقي السند ثقات من رجال الشيخين، وقد صرح الحسن في غير هذا الحديث بسماعه من أبي بكرة، فقد روى البخاري 2704 حديث إن ابني هذا سيد من طريق الحسن قال: سمعت أباب بكرة يقول.. قال البخاري بإثره: قال لي علي بن عبد الله: إنما يثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث.

وأخرجه أحمد 5/47 و51، والقضاعي في "مسند الشهاب"864 و865 من طرق عن المبارك بن فضالة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/43، والترمذي 2262 في الفتن: باب رقم 75،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 375

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والنسائي 8/227 في آداب القضاة: باب النهي عن استعمال النساء في الحكم، والحاكم 3/118-119 و4/291 من طريق حميد، والبخاري 4425 في المغازي: باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، و7099 في المغازي: باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، والبيهقي 3/90 و10/117-118، والبغوي 2486 من طريق عوف، كلاهما عن الحسن، به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه الطيالسي 878، والإمام أحمد 5/38 و47 من طريق عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني، عن أبيه، عن أبي بكرة رفعه بلفظ "لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة" وهذا إسناد صحيح.

ص: 376

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأُمَرَاءَ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَا لَا يُحْمَدُ فَإِنَّ الدِّينَ قَدْ يُؤَيَّدُ بِهِمْ

4517 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السِّكِّينِ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ زُرَيْقٍ الرَّسْعَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيُؤَيِّدَنَّ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِقَوْمٍ لا خلاق لهم"1.

1 حديث صحيح، إسحاق بن زريق ذكره المؤلف في "ثقاته" 8/121 وقال: يروي عن أبي نعيم، وكان راويا لإبراهيم بن خالد، حدثنا عنه أبو عروبة، مات سنة تسع وخمسين ومئتين،. والرسعني: نسبة إلى رأس العين من أرض الجزيرة بينها وبين حران يومان، يخرج منها ماء الخابور النهر المعروف. ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين غير إبراهيم بن خالد ورباح بن يزيد وهما ثقتان روى لهما أبو داود والنسائي.

وأخرج البزار 1722 عن سلمة بن شبيب، عن إبراهيم بن خالد الصنعاني، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار في السير كما في "التحفة" 1/259 عن محمد بن سهل بن عسكر، عن عبد الرزاق، عن رباح بن زيد، به.

وأخرجه البزار 1720 و1721، وأبو نعيم في "الحلية" 6/262 من طريق. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 376

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حميد والحسن عن أنس. وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/302 قال: رواه البزار والطبراني في "الأوسط"، وأحد أسانيد البزار رجاله ثقات.

وفي الباب عن أبي بكرة عند أحمد 5/45 من طرق عن الحسن، عنه رفعه "إن الله تبارك وتعالى سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم". وزاد الهيثمي نسبته إلى الطبراني وقال: ورجالهما ثقات.

وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل ليؤيد هذا الدين برجال ما هم من أهله" قال الهيثمي 5/303: رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف لغير كذب فيه. وانظر ما بعده.

ص: 377

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُعْرَفُ مِنْهُ الْفُجُورُ قَدْ يُؤَيِّدُ اللَّهُ دِينَهُ بِأَمْثَالِهِ

4518 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتُرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيُؤَيِّدَنَّ اللَّهُ هذا الدين بالرجل الفاجر"1.

1 حديث صحيح لغيره، إسناده حسن، حميد بن الربيع: وثقه جماعة وتكلّم فيه آخرون، ترجمته في "ثقات المؤلف" 8/197، و"الجرح والتعديل" 3/222، و"تاريخ بغداد" 8/162-165، والميزان 1/611-612. وعاصم: هو ابن أبي النجود، حسن الحديث، وحديثه في "الصحيحين" مقرون، وباقي السند رجاله ثقات. سفيان: هو ابن عيينة، وزر: هو ابن حُبيش.

وأخرجه الطبراني 8913 و9094 عن علي بن عبد العزيز، عن أبي نعيم، عن سفيان، بهذا الإسناد موقوفاً على ابن مسعود.

وفي الباب عن عمرو بن النعمان بن مقرن عند الطبراني 17/81، والقضاعي في "الشهاب" 1096. قال الهيثمي 5/303: ورجاله ثقات: وانظر ما بعده.

ص: 377

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْقَوْلَ

4519 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحُنَيْنٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يُدْعَى بِالْإِسْلَامِ:"هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ" فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالَ، قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا، فَأَصَابَهُ الْجِرَاحُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ الَّذِي قُلْتَ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا، فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِلَى النَّارِ". فَكَادَ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ: لَمْ يَمُتْ وَبِهِ جِرَاحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ اشْتَدَّ بِهِ الْجِرَاحُ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَالَ:"اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ" ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مَسْلَمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفاجر1.

1 حديث صحيح، ابن أبي السري: هو محمد بن المتوكل صدوق عارف له أوهام كثيرة روى له أبو داود، وقد توبع عليه، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.

وهو في "مصنف" عبد الرزاق 9573، وعنده خيبر بدل حنين.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/309، والبخاري 3062 في الجهاد: باب إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر، ومسلم 111 في الإيمان: باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

، والقضاعي 1097.

وأخرجه البخاري 6606 في القدر: باب العمل بالخواتيم، ومن طريقه البغوي 2526 عن حبان بن موسى، عن ابن المبارك، عن معمر، به. وفيه شهدنا خيبر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه بنحوه أحمد 2/309-310، والبخاري 3062، و4203 في المغازي: باب غزوة خيبر، والبيهقي 8/197، والقضاعي 1097 من طريق أبي اليمان، عن شعيب تحرف في المطبوع من القضاعي إلى: سفيان عن الزهري، به. وفيه أيضاً شهدنا خيبر. وانظر "الفتح" 7/540-541.

ص: 379

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَالِفَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ لِيَكُونَ أَجْمَعُ لَهُمْ فِي أَسْبَابِهِمْ

4520 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ حَالَفَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ في دورهم بالمدينة1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو يعلى 4024 عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 3/111 و145 و281، والحميدي 1205، والبخاري 2294 في الكفالة: باب قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} ، و6083 في الأدب: باب الإخفاء بالحلف، و7340 في الاعتصام: باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم

، وفي الأدب المفرد 569، ومسلم 2529 في فضائل الصحابة: باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله تعالى عنهم، وأبو داود 2926 في الفرائض: باب في الحلف، وأبو يعلى 3357 و4023 و4028، والبيهقي 6/262 من طرق عن عاصم الأحول، به. وانظر الحديث 4369.

ص: 379

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ إِذَا رَكِبَ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُ النَّاسُ رَجَّالَةً

4521 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ1 قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال:

1 سقطت من الأصل، واستدركت من الموارد 2021.

ص: 379

أَخْبَرَنِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ آخِذٌ بِغَرْزِهِ وهو يقول:

خلو بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ

قَدْ أَنْزَلَ الْقُرْآنُ1 فِي تَنْزِيلِهِ

بِأَنَّ خَيْرَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِهِ2

1 في "الموارد" ومصادر التخريج: الرحمن، وهي في "الدلائل": القرآن.

2 حديث صحيح، ابن أبي السَّري قد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1135، وأبو يعلى 3571، والبزار 2099، والبيهقي في "السنن" 10/228، وفي "دلائل النبوة" 4/322 و323، والبغوي 3405 من طرق عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي بإثر الحديث 2847 في الأدب: باب ما جاء في إسناد الشعر: وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث أيضاً عن معمر، عن الزهري، عن أنس نحو هذا، وروي في غير هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عُمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه، وهذا أصح عند بعض أهل الحديث، لأن عبد الله بن رواحة قُتِل يوم مؤتة، وإنما كانت عمرة القضاء بعد ذلك.

قال الحافظ في "الفتح" 7/573: وهو ذهول شديد وغلط مردود، وما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفرة معرفته، ومع أن في قصة عمرة القضاء اختصام جعفر وأخيه علي وزيد بن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قُتِلَ هو وزيد وابن رواحة في موطن واحد، وكيف يخفى عليه –يعني الترمذي- مثل هذا؟! ثم وجدت عن بعضهم أن الذي عند الترمذي من حديث أنس أن ذلك كان في فتح مكة، فإن كان كذلك، اتجه اعتراضُه، لكن الموجود بخط الكروخي راوي الترمذي ما تقدم، والله أعلم. قلت: وسيأتي الحديث من طريق أخرى برقم 5758.

ص: 380

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ إِذْ مَرَّ فِي طَرِيقِهِ وَعَطَشَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ

4522 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ عَلَى بَيْتٍ فِي فِنَائِهِ قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَاسْتَسْقَى، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا مَيْتَةٌ. فَقَالَ: "ذَكَاةُ الأديم دباغه"1.

1 حديث صحيح لغيره، جون بن قتادة لم يوثقه غير المؤلف 4/119، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فمن رجال السنن. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 8/381.

وأخرجه أحمد 3/476 و5/6، وأبو داود 4125 في اللباس: باب في أُهب الميتة، والطبراني 6340، والبيهقي 1/17 من طرق عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/476 و5/7، وابن أبي شيبة 8/381، والنسائي 7/173-174 في الفرع والعتيرة: باب جلود الميتة، والطحاوي 1/471، والحاكم 4/141، والطبراني 6342 من طريق هشام الدستوائي، وابن عدي في "الكامل" 2/600 من طريق شعبة، كلاهما عن قتادة، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!

وأخرجه أحمد 5/6، والطبراني 6343 من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سلمة بن المحبق، مثله. ولم يذكر فيه جون بن قتادة.

وله شاهد بإسناد صحيح من حديث عائشة عند النسائي 7/174 في الفرع: باب جلود الميتة، بلفظ "ذكاة الميتة دباغها". وآخر عن ابن عباس عند الحاكم 4/124 وسنده ضعيف.

ص: 381

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَذْكِيرُ نَفْسِهِ الْآخِرَةَ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ فِي بَعْضِ لَيَالِيهِ

4523 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقُولُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَأَتَانَا وَإِيَّاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عَطَاءٌ هَذَا هو عطاء بن يسار مولى ميمونة.

1 إسناده قوي على شرط مسلم، عبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي، روى له البخاري تعليقاً ومتابعة واحتج به الباقون، وباقي السند على شرطهما.

عطاء: هو ابن يسار الهلالي، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وقد تقدم برقم 3172.

ونسبه الحافظ المزي في "تحفة الإشراف" 12/241 إلى أبي داود في الجنائز، عن القعنبي وقتيبة، بهذا الإسناد. وقال: حديث أبي داود في رواية أبي الحسن بن العبد. قلت: ورواية أبي الحسن بن العبد هذه لم تطبع بعد.

2 لم ترد في الأصل، وهي في "التقاسيم" 4/لوحة 200.

3 في الأصل: بها، والمثبت من "التقاسيم".

ص: 382

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ اسْتِعْمَالُ2 الْوَعْظِ لِرَعِيَّتِهِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ

لِيَتَقَوَّى بِهِ3 الْمُنْشَمِرِ فِي الْحَالِ، وَيَبْتَدِئُ فِيهِ الْمَرْوِيِّ فِيهِ

4524 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ

ص: 382

إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ مِمَّا يُذَكِّرُ النَّاسَ كُلَّ خَمِيسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا يَمْنَعُنِي ذَلِكَ إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ أُمِلَّكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ بَيْنَ الْأَيَّامِ، مَخَافَةَ السآمة علينا1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. جرير هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو وائل: هو شقيق ابن سلمة.

وأخرجه مسلم 2821 83 في صفات المنافقين: باب الاقتصاد في الموعظة، والنسائي في العلم كما في "التحفة" 7/55 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/427، والبخاري 70 في العلم: باب من جعل لأهل العلم معلومة، من طريق جرير بن عبد الحميد، به.

وأخرجه أحمد 1/465-466 عن عبيدة بن حميد، ومسلم 2821 83 من طريق فضيل بن عياض، كلاهما عن منصور، به.

وأخرجه أحمد 1/377 و378 و425 و440 و443 و462، والبخاري 68 في العلم: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، و6411 في الدعوات: باب الموعظة ساعة بعد ساعة، ومسلم 2821 82، والترمذي 2855 في الأدب: باب ما جاء في الفصاحة والبيان، من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل، به.

وقوله: كان يتخولنا بالخاء المعجمة وتشديد الواو، قال الخطابي: الخائل بالمعجمة: هو القائم المتعهد للحال، يقال: خالَ المال يخوله تخولاً: إذا تعهّده وأصلحه، والمعنى أنه كان يراعي الأوقات في تذكيرنا، ولا يفعل ذلك كل يوم لئلاّ نملّ.

ص: 383

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَسْلُكَ الْولَاةُ فِي رَعِيَّتِهِمْ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم

4525 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ والحسن بن سفيان، قالا: حدثناإبراهيم بْنُ هِشَامٍ الْغَسَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يَوْمًا يَسِيرُ شَاذًّا مِنَ الْجَيْشِ، إِذْ لَقِيَهُ رَجُلَانِ شَاذَانِ مِنَ الْجَيْشِ، فَقَالَ: يَا هَذَانِ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَلَاثَةٌ فِي مثل هذا المكان إلا أمروا عليهم، فليأتمر أَحَدُكُمْ. قَالَا: أَنْتَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَا مِنْ وَالِي ثَلَاثَةٍ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ مَغْلُولَةَ يَمِينُهُ: فَكَّهُ عَدْلُهُ، أو غله جوره"1.

1 إسناده ضعيف جداً، إبراهيم بن هشام الغساني لم يوثقه غير المؤلف 8/79، وكذبه أبو حاتم وأبو زرعة، وقال علي بن الحسين بن الجنيد: ينبغي إلا يُحدث عنه. انظر "الجرح والتعديل" 2/142-143، و"الميزان" 1/72-73.

وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 2/732 ونسبه إلى ابن عساكر في "تاريخ دمشق".

ص: 383

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْتَارَ لِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّوْلِيَةِ عَلَيْهِمْ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ لَهَا وَلَهُمْ

دُونَ مَنْ لَا يَصْلُحُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبُهُ وَحَمِيمُهُ

4526 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الحسن ابن1 الشَّرْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عبد المطلب

1 لم ترد في الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 4/لوحة 136.

ص: 384

أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَا: وَاللَّهِ لَوْ بَعَثَنَا هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ -قَالَ لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمَا فِي ذَلِكَ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: مَاذَا تُرِيدَانِ؟ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي أَرَادَا، فَقَالَ: لَا تَفْعَلَا، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍ، فَقَالَا: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا، فَمَا هَذَا مِنْكَ إِلَّا نَفَاسَةٌ عَلَيْنَا! فَوَاللَّهِ لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنِلْتَ صِهْرَهُ، فَمَا نَفِسْنَا ذَلِكَ عَلَيْكَ. فَقَالَ: أَنَا أَبُو حَسَنٍ، أَرْسِلُوهُمَا، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ سَبَقْنَاهُ إِلَى الْحُجْرَةِ، فَقُمْنَا عِنْدَهَا حَتَّى مَرَّ بِنَا صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِآذَانِنَا، وَقَالَ:"أَخْرِجَا مَا تُصَرِّرَانِ" وَدَخَلَ، فَدَخَلْنَا مَعَهُ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَ: فَكَلَّمْنَاهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُصِيبُ مَا يُصِيبُ النَّاسُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، وَنُؤَدِّي إِلَيْكَ مَا يُؤَدِّي النَّاسُ. قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ، قَالَ: فَأَشَارَتْ إِلَيْنَا زَيْنَبُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابِهَا كَأَنَّهَا تَنْهَانَا عَنْ كَلَامِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَقَالَ:"أَلَا1 إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، ادْعُ لِي مَحْمِيَةَ بْنَ جُزْءٍ -وَكَانَ عَلَى الْعُشُورِ- وَأَبَا سُفْيَانَ بن الحرث" قَالَ: فَأَتَيَا، فَقَالَ لِمَحْمِيَةَ:"أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَكَ" لِلْفَضْلِ، فَأَنْكَحَهُ، وَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: "أَنْكِحْ

1 لم ترد في الأصل، واستدركت من "التقاسيم".

ص: 385

هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَكَ" قَالَ: فَأَنْكَحَنِي، ثُمَّ1 قَالَ لمحمية: "اصدق عنهما من الخمس" 2.

1 لم ترد في الأصل.

2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. وعبيد الله بن عبد الله بن الحارث: يقال له أيضاً: عبد الله –مكبراً- بن عبد الله بن الحارث.

وأخرجه أحمد 4/166 عن يعقوب وسعد ابني إبراهيم، عن أبيهما، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/166، ومسلم 1072 في الزكاة: باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة، وأبو داود 2985 في الخراج والإمارة: باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى، والنسائي 5/105-106 في الزكاة: باب استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، والبيهقي 7/31 من طرق عن ابن شهاب، به.

وقوله: أخرجا ما تصرران معناه: أخرجا ما تجمعانه في صدوركما من الكلام، وكل شيء جمعته، فقد صررته.

ص: 386

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْفُقَ بِنِسَاءِ رَعِيَّتِهِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ كَانَتْ ضَعِيفَةَ الْعَقْلِ مِنْهُنَّ

4527 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا أُمَّ فُلَانٍ، خُذِي أَيَّ الطُّرُقِ شِئْتِ، فَقُومِي فِيهِ حَتَّى أَقُومَ مَعَكِ" فَخَلَا مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنَاجِيهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج السامي،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 386

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقد روى له النسائي وهو ثقة. وهو في "مسند أبي يعلى" 3472، وعنه أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه ص30.

وأخرجه أحمد 3/285، ومسلم 2326 في الفضائل: باب قرب النبي عليه السلام من الناس وتبركهم به، وأبو داود 4819 في الأدب: باب في الجلوس على الطرقات، وأبو يعلى 3518، والبيهقي في الدلائل 1/331-332 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود 4818، والترمذي في "الشمائل" 324، والبغوي 3672 من طريق حميد، عن أنس.

وأخرج أحمد 3/98 عن هشيم، أنبأنا حميد، عن أنس بن مالك قال: إن كانت الأمَة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به في حاجتها. وعلّقه البخاري 6072 في الأدب: باب الكبر، فقال: وقال محمد بن عيسى، حدثنا هشيم، أخبرنا حميد الطويل، حدثنا أنس بن مالك، فذكره. قال الحافظ: وإنما عدل البخاري عن تخريجه عن أحمد بن حنبل لتصريح حميد في رواية محمد بن عيسى بالتحديث

والبخاري يخرج له ما صرح فيه بالتحديث!

وأخرجه ابن ماجة 4177 في الزهد: باب البراءة من الكبر، والتواضع، وأبو الشيخ ص30 و31 من طريق شعبة، عن علي بن زيد، عن أنس قال: إن كانت الأمة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت من المدينة في حاجتها. وفيه علي بن زيد: وهو ابن جدعان، ضعيف الحديث.

قوله: فخلا معها قال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم" 15/83: أي وقف معها في طريق مسلوك لِيقضي حاجتها، ويفتيها في الخلوة، ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية، فإن هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه وإياها، لكن لا يسمعون كلامهما، لأن مسألتها مما لا يظهره، والله أعلم.

ص: 387

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْأَئِمَّةِ أَنْ يَقْيِلُوا عِنْدَ بَعْضِ نِسَاءِ رَعِيَّتِهِمْ إِذَا كُنَّ ذَوَاتِ أَزْوَاجٍ

4528 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ:

ص: 387

حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَتَبْسُطُ لَهُ نِطْعًا، فَيَقِيلُ عَلَيْهِ، وَتَأْخُذُ مِنْ عَرَقِهِ، فَتَجْعَلُهُ فِي طِيبِهَا، وَتَبْسُطُ لَهُ الخمرة فيصلي عليها1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سوار بن عبد الله العنبري وهو ثقة روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

وأخرجه أحمد 3/103 عن عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 6/376-377، ومسلم 2332 في الفضائل: باب طيب عرق النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك به، والطبراني 25/297 من طريق عفان، عن وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، عن أم سليم.

وأخرجه بروايات أخرى بنحوه عن أنس وأم سليم: أحمد 3/136 و221 و231 و287، والبخاري 6281 في الاستئذان: باب من زار قوماً فقال عندهم، ومسلم 2331، والنسائي 8/218 في الزينة: باب ما جاء في الأنطاع، والطبراني 25/289 و290، والبيهقي 1/254.

قال المهلب فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 11/7: في هذا الحديث مشروعية القائلة للكبير في بيوت معارفه لما في ذلك من ثبوت المودة، وتأكد المحبة.

ص: 388

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُرْدِفَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ خَلْفَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ

4529 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالْأَذَانِ، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْعَى بِذِي قَرَدٍ، فَلَقِيَنِي

ص: 388

غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ. قَالَ: فَصَرَخْتُ، فَقُلْتُ: يَا صَبَاحَاهُ، فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُ الْقَوْمَ وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ الْمَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ، وَكُنْتُ رَامِيًا، وَجَعَلْتُ أَقُولُ:

أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ

وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً. قَالَ: وَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ. فَقَالَ:"يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ، إِنَّهُمُ الْآنَ بِغَطَفَانَ يُقْرَوْنَ" قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا، وَأَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَتِهِ حتى دخلنا المدينة1.

1 حديث صحيح إسناده حسن، هشام بن عمار لا يرقى حديثه إلى رتبة الصحيح وإن روى له البخاري، ومن فوقه ثقات على شرطهما.

وأخرجه أحمد 4/48 عن إبراهيم بن مهدي، والبخاري 4194 في المغازي: باب غزوة ذات القَرَد، ومسلم 1806 في الجهاد: باب غزوة ذي قرد وغيرها، والنسائي في "اليوم والليلة" 978، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/180-181 من طريق قتيبة بن سعيد، كلاهما عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 4/48، والبخاري 3041 في الجهاد: باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صاحباه، حتى يسمع الناس، عن مكِّيّ بن إبراهيم، والطبراني 6284، والبيهقي في "السنن" 10/236، وفي "الدلائل" 4/181-182 من طريق أبي عاصم النبيل، كلاهما عن يزيد بن أبي عبيد، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 389

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وسيرد بنحوه في قصة طويلة عند المؤلف برقم 7129 من طريق عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة، عن أبيه سلمة بن الأكوع.

اللِّقاح: هي ذوات الدّر من الإبل.

يا صاحباه: كلمة تقال عند استنفار من كان غافلاً عن عدوّه.

وقوله: واليوم يوم الرضع بضم الراء وتشديد المعجمة جمع راضع وهو اللئيم، فمعناه اليوم يوم اللئام، أي: اليوم يوم هلاك اللئام، والأصل فيه أن شخصاً كان شديد البخل، فكان إذا أراد حلب ناقته، ارتضع ثديها لئلا يحلبها، فيسمع جيرانه، أو من يمر به بصوت الحلب، فيطلبون منه اللبن، وقيل: بل صنع ذلك لئلا يتبدد من اللبن شيء إذا حلب في الإناء أو يبقى في الإناء إذا شربه منه، فقالوا في المثل: ألأم من راضع.

وقوله: فأسجح، أي: سهل، والمعنى: قدرت فاعف، والسجاحة: السهولة.

وقوله: يقرون، من القِرى: وهي الضيافة، والمراد أنهم فاتوا، وأنهم وصلوا إلى بلاد قومهم، ونزلوا عليهم، فهم الآن يذبحون لهم ويطعمونهم.

ص: 390

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ بَذْلُ1 عَرْضِهِ لِرَعِيَّتِهِ إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَلَاحُ أَحْوَالِهِمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا

4530 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالًا، وَإِنَّ لِي بِهَا أَهْلًا، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَهُمْ، فَأَنَا فِي حَلٍّ إِنْ أَنَا نِلْتُ مِنْكَ أَوْ قُلْتُ شَيْئًا؟ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يَقُولَ مَا شَاءَ، قَالَ: فَأَتَى امْرَأَتَهُ حِينَ قَدِمَ، فَقَالَ: اجْمَعِي لِي مَا كَانَ عِنْدَكَ، فإني

1 في الأصل: يبذل، والتصويب من "التقاسيم" 4/لوحة 187.

ص: 390

أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ، قَالَ: وَفَشَا ذَلِكَ بِمَكَّةَ، فَأَوْجَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا وَسُرُورًا، وَبَلَغَ الْخَبَرُ العباس بن الْمُطَّلِبِ، فَعَقَرَ1 فِي مَجْلِسِهِ، وَجَعَلَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ.

قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي الْجَزَرِيُّ، عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ ابْنًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: قُثَمٌ، وَكَانَ يُشْبِهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَلْقَى، فَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ:

حِبِّي قُثَمْ [حِبِّي قُثَمْ]

شَبِيهُ ذِي الْأَنْفِ الْأَشَمْ

نَبِيُّ رَبِّ ذِي النِّعَمْ

بِرَغْمِ [أَنْفِ] مَنْ رَغَمَ

قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ: ثُمَّ أَرْسَلَ غُلَامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ، فَقَالَ: وَيْلَكَ مَا جِئْتَ بِهِ، وَمَاذَا تَقُولُ؟ فَمَا وَعَدَ اللَّهُ خيرا مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ الْحَجَّاجُ لِغُلَامِهِ: أَقْرِئْ أَبَا الْفَضْلِ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ فَلْيُخْلِ لِي بَعْضَ بُيُوتِهِ لِآتِيَهُ، فَإِنَّ الْخَبَرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ، فَجَاءَ غُلَامُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ قَالَ: أَبْشِرْ أَبَا الْفَضْلِ، فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا، حَتَّى قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ مَا قَالَ الْحَجَّاجُ، فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ افْتَتَحَ خيبر، وغنم أموالهم، وجرت سهام الله

1 تحرف في الأصل إلى: فقعد، والتصويب من"التقاسيم"، وعقر كَفَرِحَ: فجئه الروع فلم أن يتقدم أو يتأخر، أو دُهِش.

ص: 391

فِي أَمْوَالِهِمْ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، واتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ، وَخَيَّرَهَا بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَهَا فَتَكُونُ زَوْجَتُهُ، أَوْ تَلْحَقَ بِأَهْلِهَا، فَاخْتَارَتْ أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونُ زَوْجَتُهُ، وَلَكِنِّي جِئْتُ لِمَالٍ كَانَ لِي هَا هُنَا أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَهُ وأَذْهَبَ بِهِ، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَذِنَ لِي أَنْ أَقُولَ مَا شِئْتُ، فَاخْفِ عَنِّي ثَلَاثًا، ثُمَّ اذْكُرْ مَا بَدَا لَكَ، قَالَ: فَجَمَعَتِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَ عِنْدَهَا مِنْ حُلِيٍّ وَمَتَاعٍ جَمَعَتْهُ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهِ1.

فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ، وَقَالَتْ: لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ. قَالَ: أَجَلْ، لَا يُخْزِينِي اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلَّا مَا أَحْبَبْنَاهُ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَكِ حَاجَةٌ فِي زَوْجِكِ، فَالْحَقِي بِهِ. قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا، قَالَ: فَإِنِّي صَادِقٌ، وَالْأَمْرُ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكِ.

قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا يُصِيبُكَ إِلَّا خَيْرٌ أَبَا الْفَضْلِ. قَالَ: لَمْ يُصِبْنِي إِلَّا خَيْرٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ أَنَّ خَيْبَرَ فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ سَأَلَنِي أَنْ أُخْفِيَ عَنْهُ ثَلَاثًا، وَإِنَّمَا جَاءَ ليأخذ

1 في "المصنف": انشمر به.

ص: 392

مَا كَانَ لَهُ، ثُمَّ يَذْهَبَ. قَالَ: فَرَدَّ الله الكآبة الَّتِي كَانَتْ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَنْ كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا حَتَّى أَتَوُا الْعَبَّاسَ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ، فَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ، وَرَدَّ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ كَآبَةٍ أَوْ غَيْظٍ أَوْ خزي على المشركين1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الملك بن زنجوية وهو ثقة من رجال أصحاب السنن. وهو في مصنف عبد الرزاق 9771، وفي "مسند أبي يعلى" 3479

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 3/138-139، والنسائي في السير كما في "التحفة" 1/153، والطبراني 3196، والبزار 1816، والبيهقي في "السنن" 9/150-151، وفي "الدلائل" 4/268. ورواية النسائي مختصرة.

وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 1/507-509، ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 4/266-267 عن زيد بن المبارك، عن محمد بن ثور، عن معمر، به.

ص: 393

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ بَذْلُ النَّفْسِ لِلْمِهَنِ الَّتِي مِنْهَا صَلَاحُ أَحْوَالِ رَعِيَّتِهِ

4531 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ حِينَ وُلِدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في عَبَاءَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ. فَقَالَ:"هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ، فلاكهن، ثم فغر فا الصَّبِيِّ، فَمَجَّهُ فِي

ص: 393

فِيهِ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"حِبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرُ". وسماه عبد الله1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، حماد بن سلمة ثقة من رجاله، وباقي رجال السند ثقات على شرطهما.

وأخرجه البيهقي 9/305 من طريق أبي النضر الفقيه، عن أبي عبد الله محمد بن نصر الإمام، وتميم بن محمد، والحسن بن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 2144 22 في الآداب: باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته، وحمله إلى صالح يحنكه وجواز تسميته يوم ولادته

، وأبو يعلى 3283 عن عبد الأعلى بن حماد، به.

وأخرجه الطيالسي 2056، وأحمد 3/175 و212 و287-288، وأبو داود 4951 في الأدب: باب في تغيير الأسماء، من طرق عن حماد، به. وفي رواية الطيالسي وأحمد 3/287-288 قصة لأم سليم أم أنس مع أبي طلحة، وانظر 7143.

قوله: يهنأ بعيراً يقال: هنأت البعير أهنؤه: إذا طلبتَه بالهناء، وهو القَطِران. وقوله: فجعل الصبي يتلمظه أي: يدير لسانه في فيه ويحركه ويتتبع أثر التمر. وحِبّ، أي: محبوب.

ص: 394

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُومَ فِي إِصْلَاحِ الظَّهْرِ الَّتِي هِيَ لَهُ أَوْ لِلصَّدَقَةِ بِنَفْسِهِ

4532 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُهَيْرٍ بِالْأُبُلَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا أَنَسُ، انْظُرْ هَذَا الْغُلَامَ، فَلَا يُصِيبَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيُحَنِّكُهُ، قَالَ: فَغَدَوْتُ بِهِ، فَإِذَا هُوَ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَائِطِ، وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ، وَهُوَ يَسِمُ الظَّهْرَ الَّذِي قَدِمَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. محمد: هو ابن سيرين، وابن عون: هو. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبد الله، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم.

وأخرجه البخاري بإثر الحديث 5470 في العقيقة: باب تسمية المولود غَداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه، و5824 في اللباس: باب الخميصة السوداء، ومسلم 2119 109 في اللباس والزينة: باب جواز وسم الحيوان غير الآدمي في غير الوجه

، والبيهقي 7/35 من طريق محمد بن المثنى، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 3/106 عن محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، به.

وأخرجه مسلم 2144 23 في الآداب: باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته

، من طريق حماد بن مسعدة، عن ابن عون، به بنحوه.

وأخرجه أحمد 3/106 من طريق هشام بن حسان، عن ابن سيرين، به مطولاً.

وأخرجه البخاري 5470 عن مطر بن الفضل، ومسلم 2144 23 عن أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن يزيد بن هارون، عن ابن عون، به. في رواية البخاري عن أنس بن سيرين، وفي رواية مسلم عن ابن سيرين. وانظر "الفتح" 9/503.

وأخرجه أحمد 3/105-106 مطولاً من طريق ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس.

ص: 395

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ أَنَّ قَوْلَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ يَسِمُ أَرَادَ بِهِ بِنَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْآمِرُ بِهِ

4533 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طلحة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ بِيَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إِبِلَ الصدقة1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم من رجاله، ومن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 395

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فوقه على شرطهما. وقد صرح الوليد بالتحديث عند البخاري، فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه البيهقي 7/34-35 من طريق محمد بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 1502 في الزكاة: باب وَسْم الإمام إبلَ الصدقة بيده، ومسلم 2119 112 في اللباس: باب جواز وسم الحيوان

، من طريقين عن الوليد بن مسلم، به. ورواية مسلم أخصر مما عند البخاري.

وأخرجه أحمد 3/284 من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، به.

وأخرجه بنحوه البخاري 5542 في الذبائح والصيد: باب الوسم والعلَم في الصورة، ومسلم 2119 110 و111، وأبو داود 2563 في الجهاد: باب في وسم الدواب، من طريق هشام بن زيد، عن أنس. وقال فيه: يسم غنماً في مربد له في آذانها.

ص: 396

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِعْطَاءُ رَعِيَّتِهِ مَا يَأْمَلُونَهُ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي بِهَا يَتَبَرَّكُونَ مِنْ نَاحِيَتِهِ

4534 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ يُوسُفَ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: عَقَلْتُ مَجَّةً مَجَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِي مِنْ دَلْوٍ مُعَلَّقَةٍ فِي دَارِنَا. قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثَنِي عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَصَرِي قَدْ سَاءَ، وَإِنَّ الْأَمْطَارَ إِذَا اشْتَدَّتْ سَالَ الْوَادِي، فَحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِي، فَلَوْ صَلَّيْتُ فِي مَنْزِلِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ". قَالَ: فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَاسْتَأْذَنَا، فَأَذِنْتُ لَهُمَا، قَالَ: فَمَا

ص: 396

جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَالَ: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِي مَنْزِلِكَ؟ " فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَحَبَسْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خزيرة صنعناها له1

1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد بن كثير الحمصي، وهو صدوق روى له أصحاب السنن غير الترمذي.

وأخرجه مسلم 33 265 في المساجد: باب الرخصة في التخلّف عن الجماعة بعذر، عن إسحاق بن إبراهيم، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. ولتمام تخريجه انظر 223.

ص: 397

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ مَعُونَةُ رَعِيَّتِهِ فِي أَسْبَابِهِمْ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْقَوْمِ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ

4535 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقِلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أبينا

يرفع بها صوته1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو إسحاق: هو السَّبيعي عمرو بن عبد الله، وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه الدارمي 2/221، والبخاري 2836 في الجهاد: باب حفر الخندق. والبيهقي 7/43 من طريق أبي الوليد، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 397

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه الطيالسي 712، وأحمد 4/285، والبخاري 2837 في الجهاد، و4104 في المغازي: باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، و7236 في التمني: باب قول الرجل: لولا الله ما اهتدينا، ومسلم 1803 في الجهاد: باب غزوة الأحزاب وهي الخندق، والنسائي في السير كما في "التحفة" 2/54، وأبو يعلى 1716، والبغوي 3792 من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه البخاري 3034 في الجهاد: باب الرجَز في الحرب، و4106 في المغازي: باب غزوة الخندق، و6620 في القدر: باب {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ

} ، والبيهقي 7/43 من طرق عن أبي إسحاق، به.

ص: 398

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُغَضِّيَ عَنْ هَفَوَاتِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ

4536 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَصَبْتُ شَارِفًا فِي مَغْنَمِ بَدْرٍ، وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَارِفًا، فَأَنَخْتُهُمَا عَلَى بَابِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا أَبِيعَهُ أَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ وَمَعِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ في البيت ومعه قينة تغنيه فقالت:

أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ

فَثَارَ إِلَيْهِمَا بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا –فَقُلْتُ: السِّنَامُ. فَقَالَ: ذَهَبَ بِهِ كُلِّهِ- قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدُ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى

ص: 398

قَامَ عَلَى رَأْسِهِ، أَوْ قَالَ: عَلَى رَأْسِ حَمْزَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: أَلَسْتُمْ عَبِيدَ آبَائِي. قَالَ: فَرَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقهقر1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن يحيى الذُّهلي فمن رجال البخاري.

وأخرجه أحمد 1/142، والبخاري 2375 في الشرب والمساقات: باب بيع الحطب والكلأ، ومسلم 1979 1 في الأشربة: تحريم الخمر

، من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه البخاري 2089 في البيوع: باب ما قيل في الصوّاغ، و3091 في فرض الخمس: باب فرض الخمس، و4003 في المغازي: باب رقم 12، و5793 في اللباس: باب الأردية، ومسلم 1979 2، وأبو داود 2986 في الخراج والإمارة: باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى، والبيهقي 6/153 و341-342 من طريق يونس، عن الزهري، به –وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.

والشارف: المسن من النوق، والقينة: الجارية المغنية، والنواء بكسر النون جمع ناوية، وهي الناقة السمينة، وجبَّ أسنمتَها، والجَبّ: الاستئصال في القطع.

ص: 399

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَرْكُ عُقُوبَةِ مَنْ أَسَاءَ أَدَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ رَعِيَّتِهِ

4537 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سِنَانَ بْنِ أَبِي سِنَانَ الدُّؤَلِيِّ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةً قَبْلَ نَجْدٍ1، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ يوما في واد كثير العضاة، فنزل

1 وقع في الأصل و"التقاسيم" 4/لوحة 193: أحد، والمثبت من مصادر التخريج.

ص: 399

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ فِي الشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ عِنْدَهُ:"إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقُلْتُ لَهُ: "اللَّهُ"، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: "اللَّهُ"، فَشَامَ السَّيْفَ وَجَلَسَ، فَهُوَ هَذَا جالس" ثم لم يعاقبه1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البخاري 2913 في الجهاد: باب تفرّق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر، ومسلم 4/1786 13 في الفضائل: باب توكله على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس، والنسائي في السير كما في "التحفة" 2/188 من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/311، والبخاري 2910 في الجهاد: باب من علَّق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة، و2913، ومسلم 4/14، والنسائي في السير، والبيهقي في "السنن" 6/319، وفي "الدلائل" 3/373 من طريق شعيب بن أبي حمزة، والبخاري 4135 في المغازي: باب غزوة ذات الرِّقاع، من طرق محمد بن أبي عتيق، كلاهما عن الزهري، به. وفي حديث شعيب: عن الزهري، عن أبي سنان بن أبي سنان وأبي سلمة بن عبد الرحمن.

وأخرجه البخاري 4139 في المغازي: باب غزوة بني المصطلق..، ومسلم 4/13، والبيهقي في "الدلائل" 3/374 من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر.

وأخرجه أحمد 3/364، ومسلم 843 و4/14، والبيهقي في "الدلائل" 3/375 من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر. وانظر 2882 و2883 و2884.

فأدركتهم القائلة: أي: وسط النهار وشدة الحر.

العِضاهُ: كل شجر يعظم له شوك. وقيل: هو العظيم من السمر مطلقاً.

قوله: فشام السيف أي: ردَّه في غمده.

ص: 400

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ لُزُومَ الْمُدَارَاةِ مَعَ رَعِيَّتِهِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ بَعْضِهِمْ ضِدَّ مَا يُوجِبُ الْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ

4538 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: "ائْذَنِي لَهُ، فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ -أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ-" فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُلْتُ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ، فَلَمَّا دَخَلَ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ! قَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ الناس -أو ودعه الناس- اتقاء شره"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، علي بن المديني من رجاله، ومن فوقه على شرطهما. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 6/38، والحميدي 249، والبخاري 6054 في الأدب: باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والرِّيب، و6131 باب المداراة مع الناس، ومسلم 2591 73 في البر والصلة: باب مداراة من يُتقى فحشه، وأبو داود 4791 في الأدب: باب في حسن العشرة، والترمذي 1996 في البر والصلة: باب ما جاء في المداراة، والبيهقي 10/245، والخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة ص372، وفي "الكفاية" ص38-39، والبغوي 3563 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 6032 في الأدب: باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفاحشاً، من طريق روح بن القاسم، عن محمد بن المنكدر، به.

وأخرجه عبد الرزاق 20144، ومن طريقه أخرجه مسلم 2591، والخطيب في "المبهمات" ص373 عن معمر، عن ابن المنكدر، به. زاد الخطيب قال معمر: بلغني أن الرجل كان عيينة بن حصن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 401

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه مختصرا القضاعي في "مسند الشهاب" 1123 من طريق عبد الرحمن بن دينار، عن عروة، به دون ذكر للقصة.

وأخرجه بنحوه مطولاً أحمد 6/158-159، والبخاري في "الأدب المفرد" 338، والقضاعي 1124 من طريق فليح بن سليمان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن أبي يونس مولى عائشة، عن عائشة.

وأخرجه أبو داود 4792 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة. لكن قال في آخره:"يا عائشة: إن الله لا يحب الفحش والمتفحش".

وأخرجه الخطيب في "المبهمات" ص373 من طريق أبي عامر الخزاز، عن أبي يزيد المدني، عن عائشة قالت: جاء مخرمة بن نوفل

فذكره.

وأخبره مالك في "الموطأ" 2/903-904 في حسن الخلق: باب ما جاء في حسن الخلق، بلاغاً عن عائشة.

قال الخطابي فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 10/469: جمع هذا الحديث علماً وأدباً، وليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم في أمته الأمور التي يسميهم بها ويضيفها إليهم من المكروه غيبة، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض، بل الواجب عليه أن يبين ذلك، ويفصح به، ويعرفُ الناسُ أمره، فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة، ولكنه لما جبل عليه من الكرم، وأعطيه من حسن الخُلُق، أظهر له البشاشة ولم يجبه بالمكروه، هذا لتقتدي به أمته في اتقاء شر مَن هذا سبيله، وفي مداراته ليسلموا من شره وغائلته. قلت القائل ابن حجر: وظاهر كلامه أن يكون هذا من جملة الخصائص، وليس كذلك، بل كل من اطلع من حال شخص على شيء، وخشي أن غيره يغتر بجميل ظاهره، فيقع في محذور ما، فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك قاصداً نصيحته، وإنما الذي يمكن أن يختص به النبي صلى الله عليه وسلم أن يكشف له عن حال من يغتر بشخص من غير أن يطلعه المغتر على حاله، فيذم الشخص بحضرته، ليتجنبه المغتر ليكون نصيحة، بخلاف غير النبي صلى الله عليه وسلم، فإن جواز ذمه للشخص يتوقف على تحقق الأمر بالقول أو الفعل ممن يريد نصحه.

ص: 402

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يَتَكَبَّرَ عَلَى رَعِيَّتِهِ بِتَرْكِ إِجَابَةِ دَعْوَتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الدَّاعِي لَهُ شَرِيفًا

4539 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ. قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَرَّبَ إِلَيْهِ خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ. قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتْبَعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ. قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمَ1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 1/546-547 في النكاح: باب ما جاء في الوليمة.

ومن طريق مالك أخرجه الدارمي 2/101، والبخاري 2092 في البيوع: باب الخياط، و5379 في الأطعمة: باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية، و5436 باب المرق، و5437 باب القَديد، و5439 باب من ناوَل أو قدَم إلى صاحبه على المائدة شيئاً، ومسلم 2041 145 في الأشربة: باب جواز أكل المرق واستحباب أكل اليقطين

، وأبو داود 3782 في الأطعمة: باب في أكل الدبّاء، والترمذي 1850 في الأطعمة: باب ما جاء في أكل الدبّاء، وفي "الشمائل" 163، والبيهقي 7/273-274. وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.

وأخرجه بنحوه البخاري 5420 في الأطعمة: باب الثريد، و5433 باب الدبّاء، و5435 باب من أضاف رجلاً إلى طعام وأقبل هو على عمله، ومسلم 2041 145، والترمذي في "الشمائل" 334، والنسائي في الوليمة كما في "التحفة" 1/159 من طرق عن أنس. وسيرد عند المؤلف برقم 5269 من طريق قتادة عن أنس.

ص: 403

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ تَخْوِيفَ رَعِيَّتِهِ بِمَا لَيْسَ فِي خَلْدِهِ إِمْضَاؤُهُ

4540 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ فِي ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَسَأَلَهُ أَصْحَابُهُ أَنْ يُوقِدُوا نَارًا، فَمَنَعَهُمْ، فَكَلَّمُوا أَبَا بَكْرٍ، فَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يُوقِدُ أَحَدٌ مِنْهُمْ نَارًا إِلَّا قَذَفْتُهُ فِيهَا. قَالَ: فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَهَزَمُوهُمْ، فَأَرَادُوا أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ، فَمَنَعَهُمْ فَلَمَّا انْصَرَفَ ذَلِكَ الْجَيْشُ، ذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَشَكَوْهُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آذَنَ لَهُمْ أَنْ يُوقِدُوا نَارًا، فَيَرَى عَدُوُّهُمْ قِلَّتَهُمْ، وَكَرِهْتُ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ، فَيَكُونُ لَهُمْ مَدَدٌ فَيُعْطِفُوا عَلَيْهِمْ، فَحَمِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ:"لِمَ؟ " قَالَ: لَأُحِبُّ مَنْ تُحِبُّ. قَالَ: "عَائِشَةُ" قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُو بَكْرٍ"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن حماد الحضرمي وهو ثقة روى له أصحاب السنن غير الترمذي. يحيى بن سعيد: هو ابن أبان بن سعيد بن العاص الأموي.

وأخرجه الترمذي 3886 في المناقب: باب فضل عائشة رضي الله عنها، عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن يحيى بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد مختصراً. وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث إسماعيل، عن قيس. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 404

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه مختصراً أيضاً أحمد في "فضائل الصحابة" 1637، والنائب في "فضائل الصحابة" 5، والحاكم 4/12 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

وأخرجه كذلك أحمد في "المسند" 4/203، والبخاري 3662 في فضائل الصحابة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لو كنت متخذاً خليلاً"، و4358 في المغازي: باب غزوة ذات السلاسل وهي غزوة لخم وجُذام، ومسلم 2384 في فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والترمذي 3885، والبيهقي 10/233، والبغوي 3869 من طريق خالد الحذّاء، عن أبي عثمان النهدي، عن عمرو بن العاص، مختصراً، وزاد في آخره قلت: ثم مَن؟ قال: "ثم عمر بن الخطاب"، فعدّ رجالً.

وأخرجه الحاكم 4/12 بنحوه من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن عمرو بن العاص.

وسيأتي عند المؤلف برقم 6959 من طريق عبد الله بن شقيق عن عمرو بن العاص، و7062 من طريق علي بن مسهر، عن إسماعيل بن أبي خالد.

ص: 405

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَلِّمَ الْوَفْدَ إِذَا وَفَدَ عَلَيْهِ شُعَبَ الْإِسْلَامِ

4541 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيَ الْوَفْدَ وَذكَرَ أَبَا نَضْرَةَ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَإِنَّا لَا نَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَدْعُو لَهُ مَنْ وَرَاءِنَا مِنْ قَوْمِنَا، وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ أَوْ عَمِلْنَا، فَقَالَ: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُوا

ص: 405

الصَّلَاةَ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَتَصُومُوا رَمَضَانَ، وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ. وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا عِلْمُكَ بِالنَّقِيرِ؟! قَالَ:"الْجِذْعُ تَنْقُرُونَهُ، وَتُلْقُونَ فِيهِ مِنَ الْقُطَيْعَاءِ -أَوِ التَّمْرِ- ثُمَّ تَصُبُّونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ كَيْ يَغْلِيَ، فَإِذَا سَكَنَ شَرِبْتُمُوهُ، فَعَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَضْرِبَ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيْفِ". قَالَ: وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ بِهِ ضَرْبَةٌ كَذَلِكَ، قَالَ: كُنْتُ أُخَبِّأَهَا حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: فَفِيمَ تَأْمُرُنَا أَنْ نَشْرَبَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: "اشْرَبُوا فِي أَسْقِيَةِ الْأَدَمِ الَّتِي تُلَاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْضُنَا كَثِيرُ الْجِرْذَانِ، لَا يَبْقَى بِهَا أَسْقِيَةُ الْأَدَمِ. قَالَ:"وَإِنْ أَكَلَهَا الْجِرْذَانُ" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: "إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الحلم والأناة"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن المقدام العجلي وهو ثقة من رجال البخاري. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وخالد بن الحارث ممن سمع منه قبل اختلاطه.

وأخرجه الخطيب في "الأسماء المبهمة" ص442-443 من طريق الحسين بن يحيى بن عياش القطان، عن أحمد بن القطان، عن أحمد بن المقدام العجلي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 18 26 في الإيمان: باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين

، من طريق إسماعيل ابن عليّة، و27 من طريق ابن أبي عدي، وابن مندة في "الإيمان" 155 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عروبة، به.

وأخرجه مختصراً مسلم أيضاً 18 28 من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي قَزْعة، عن أبي نضرة، به. وقد تقدم تخريجه من حديث ابن عباس وأبي هريرة برقم 157.

القُطيعاء: هو نوع من التمر صِغار، يقال له: الشِّهريز. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 406

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=قوله: فَعَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَضْرِبَ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيْفِ، قال الإمام النووي في شرح مسلم 1/191: معناه إذا شرب هذا الشراب، سكر، فلم يبق له عقل، وهاج به الشر فيضرب ابن عمه الذي هو عنده من أحب أحبابه، وهذه مفسدة عظيمة، ونبه بها على ما سواها من المفاسد.

وقوله: وفي القوم رجل به ضربة، قال النووي: اسم هذا الرجل جهم، وكانت الجراحة في ساقه، وكذلك قال الخطيب، وسماه جهم بن قثم الأشج: اسمه المنذر بن عائذ.

الأذَم: جمع أديم، وهو الجلد الذي تم دباغُه.

وقوله: "تلاث على أفواههم".

وفي رواية مسلم يلاث بالياء، وكلاهما صحيح، ومعنى الأول: تلف الأسقية على أفواهها، ومعنى الثاني: يلف الخيط على أفواهها ويربط به.

ص: 407

‌ذكر ما يستحب للإمام تعلم رَعِيَّتِهِ دِينَهُمْ بِالْأَفْعَالِ إِذَا جَهَلُوا

4542 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا، قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِهِمْ، فَجَزَّأَهُمْ، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وأرق أربعة1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو المهلب من رجاله، وباقي السند على شرطهما. أبو قِِلابة: هو عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

وأخرجه مسلم 1668 57 في الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، والترمذي 1364 في الأحكام: باب ما جاء فيمن يعتق مماليكه عند موته وليس له مال غيرهم، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 8/201، والبيهقي 10/285 من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 407

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أبو داود 3958 في العتق: باب من أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، به.

وأخرجه أحمد 4/426، ومسلم 1668 56 و57، والبيهقي 10/285 من طريقين عن أيوب، به.

وأخرجه أبو داود 3959، والنسائي في العتق 8/201، وابن ماجة 2345 في الأحكام: باب القضاء بالقرعة، من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، به. وانظر 4320.

ص: 408

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا عَزَمَ عَلَى إِمْضَاءِ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ فَأَشَارَ عَلَيْهِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ رَعِيَّتِهِ بِضِدِّهِ

أَنْ يَتْرُكَ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ مِنْ إِمْضَاءِ ذَلِكَ الْأَمْرِ

4543 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا- فِي نَفَرٍ، فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ ظَهْرَيْنَا، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا، وَفَزِعْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلُ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أُتْبِعُ1 رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَتَيْتَ حَائِطًا لِلْأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ لَهُ2 هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ الْحَائِطِ مِنْ خَارِجِهِ –وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ- فَاحْتَفَزْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"أَبُو هُرَيْرَةَ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "مَا جَاءَ بِكَ؟ " قُلْتُ: قُمْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أن تقتطع دوننا، وفزعنا،

1 في "مسلم": أبتغي.

2 في "مسلم": به.

ص: 408

وَكُنْتُ أَوَّلُ مَنْ فَزِعَ، فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي. فَقَالَ:"يَا أَبَا هُرَيْرَةَ" وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ، وَقَالَ:"اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ".

فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَعَثَنِي بِهِمَا، فَمَنْ لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَضَرَبَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، خَرَرْتُ لِاسْتِي، فَقَالَ: ارْجِعْ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَجْهَشْتُ بِالْبُكَاءِ، وَأَدْرَكَنِي عُمَرُ عَلَى أَثَرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:"مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ " قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بِهِ، فَضَرَبَنِي بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لِاسْتِي، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا عُمَرُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، بَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ: مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ يُبَشِّرُهُ1 بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فخلهم"2.

1 في الأصل: فبشره، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 184، وفي "مسلم": بَشَّره.

2 إسناده حسن على شرط مسلم، عكرمة بن عمار لا يرقى حديثه إلى الصحة. أبو....=

ص: 409

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كثير: هو السحيمي، قيل: هو يزيد بن عبد الرحمن، وقيل: يزيد بن عبد الله بن أذينة أو ابن غُفيلة. وأخرجه مسلم 31 في الإيمان: باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً، عن أبي خيثمة زهير بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه ابن مندة في "الإيمان" 88 من طريق النضر بن محمد، عن عكرمة بن عمار، به.

ص: 410

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِحَوَائِجِ بَعْضِ رَعِيَّتِهِ وَإِنْ أَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا

4544 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، فَقَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَامَ بِنَاحِيَةٍ حَتَّى نَعَسَ الْقَوْمُ -أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ- ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فصلوا، ولم يذكر أنهم توضؤوا1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو يعلى 3310 عن هُدبة بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/160 و268، ومسلم 376 126 في الحيض: باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء، وأبو داود 201 في الطهارة: باب الوضوء من النوم، وأبو يعلى 3306 و3309، والبيهقي 1/120 من طرق عن حماد بن سلمة، به. ولتمام تخريجه انظر 2033.

ص: 410

2-

‌ بَابُ: بَيْعَةِ الْأَئِمَّةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَخْذُ الْبَيْعَةِ مِنَ النَّاسِ عَلَى شَرَائِطَ مَعْلُومَةٍ

4545 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَايَعَتْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. قيس: هو ابن أبي حازم البجلي الأحمسي، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه أحمد 4/365، والبخاري 57 في الإيمان: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة

"، و524 في مواقيت الصلاة: باب البيعة على إقام الصلاة، و2715 في الشروط: باب ما يجوز من الشروط في الإسلام

، والترمذي 1925 في البر والصلة: باب ما جاء في النصيحة، والطبراني 2246 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/361، والحميدي 795، والبخاري 1401 في الزكاة: باب البيعة على إيتاء الزكاة، و2157 في البيوع: باب ما يبيع حاضر لباد بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه؟ ومسلم 56 97 في الإيمان: باب بيان أن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 411

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الدين النصيحة، والطبراني 2244 و2245 و2247 و2248 و2249 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 4/357 و358 و360 و363 و364 و365 و366، والبخاري 58 و2714 و7204، ومسلم 56 98 و99، والنسائي 7/140، والطبراني 2303 و2317 و2342 و2351 و2354 و2356، والبيهقي 8/145-146 من طرق عن جرير، به-وبعضهم يزيد فيه على بعض. وانظر ما بعده.

ص: 412

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي الْبَيْعَةِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا كَانَ ذَلِكَ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ

4546 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: بَايَعَتْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، فَكَانَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ بَاعَهُ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: اعْلَمْ أَنَّ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أعطيناكه فاختر1.

1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. أبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 2414 عن معاذ بن المثنى وأبي خليفة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود 4945 في الأدب: باب في النصيحة، والنسائي 7/140 في البيعة: باب البيعة على النصح لكل مسلم، والطبراني 2410 و2415 و2416، والبيهقي 5/271 من طرق عن يونس بن عبيد، به.

ص: 412

‌ذِكْرُ وَصْفِ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ اللَّذَيْنِ يُبَايعُ الْإِمَامُ رَعِيَّتَهُ عَلَيْهِمَا

4547 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ -أَوْ نَقُولَ- بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رحمه الله: سَمِعَ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ2.

1 إسناده صحيح على شرطهما، وعبادة بن الوليد وإن كان سَمِعَ من جده عبادة بن الصامت، لكن الصواب في هذا الإسناد عند رواة الموطأ زيادة عن أبيه بين عبادة بن الوليد وبين عبادة بن الصامت، فقد أخرجه البغوي 2456 من طريق أبي مصعب أحمد بن أبي بكر وهي الطريق التي أخرجه منها المؤلف عن مالك، عن عبادة بن الوليد بن عبادة أن أباه أخبره، عن عبادة بن الصامت. وهو في "الموطأ" 2/445-446 في الجهاد: باب الترغيب في الجهاد، بهذا الإسناد، وكذلك أخرجه من طريق مالك البخاري 7199 و7200 في الأحكام: باب كيف يبايع الإمام الناس، والنسائي 7/138 في البيعة: باب البيعة على أن لا ننازع الأمر أهله، وفي السير كما في "التحفة" 4/260، والبيهقي 8/145.

وأخرجه أحمد 5/316، والبيهقي 8/145 من طرق عن عبادة بن الوليد، عن جده.

وأخرجه أحمد 5/321، والبيهقي 8/145 من طريق جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت.

وأخرجه أحمد 5/318 من طريق الأعمش، عن الوليد بن عبادة، عن عبادة.

وأخرجه أحمد 5/314 و319 من طريقين عن عبادة بن الوليد، عن جده عبادة بن الصامت.

2 وروي هذا الحديث عنه من غير واسطة، لكن عند غير مالك كما تقدم.

ص: 413

‌ذِكْرُ وَصْفِ السَّبَبِ الَّذِي تَقَعُ الْبَيْعَةُ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ اللَّذَيْنِ وَصَفْنَاهُمَا

4548 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن دينار عن بن عُمَرَ قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يقول: "لنا فيما استطعتم"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/982 في البيعة: باب ما جاء في البيعة.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري 7202 في الأحكام: باب كيف يبايع الإمام الناس، والبيهقي 8/145، والبغوي 2454.

وأخرجه أحمد 2/9، والنسائي 7/152 في البيعة: باب البيعة فيما يستطيع الإنسان، من طريق سفيان، عن عبد الله بن دينار، به. وانظر 4552.

ص: 414

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4549 -

أَخْبَرَنَا السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نُبَايعُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ: "لَنَا فِيمَا استطعتم"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب فمن رجال مسلم.

وأخرج مسلم 1867 في الإمارة: باب البيعة على السمع والطاعة فيما استطاع، والترمذي 1593 في السير: باب ما جاء في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي 7/152، وفي "الكبرى" كما في "التحفة" 5/446 من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.

ص: 414

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْبَيْعَةَ إِنَّمَا يَجِبُ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْإِمَامِ مِنَ النَّاسِ مِنَ الْأَحْرَارِ مِنْهُمْ دُونَ الْعَبِيدِ

4550 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدًا بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْهِجْرَةِ، فَأَتَاهُ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ قَالَ: فَاشْتَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يُبَايعْ أَحَدًا عَلَى الْهِجْرَةِ حتى يسأله: أعبد هو؟ 1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن أبا الزبير أخرج له البخاري مقروناً، وفي "الميزان" 4/37: ويحتج ابن حزم بأبي الزبير إذا قال: عن مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة، وذلك لأن سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا الليث، قال: جئت أبا الزبير فدفع إلى كتابين، فانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو أنني عاودته فسألته: أسمع هذا كله من جابر؟ فسألته، فقال: منه ما سمعت، ومنه ما حُدّثت عنه، فقلت له: أعلم لي على ما سمعت منه، فأعلم لي على هذا الذي عندي.

وأخرجه مسلم 1602 في المساقاة: باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلاً، وأحمد 3/349-350، والنسائي 7/150 في البيعة: باب بيعة المماليك، و292 في البيوع: باب بيع الحيوان بالحيوان يداً بيد متفاضلاً، والترمذي 1239 في البيوع: باب ما جاء في شراء العبد بالعبدين، و1596 في السير: باب ما جاء في بيعة العبد، وأبو داود 3358 في البيوع، والبيهقي 5/286-287 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

ص: 415

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ بَيْعَةُ الرَّعِيَّةِ إِمَامَهُمْ عَلَيْهِ

4551 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ

ص: 415

الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أَرْفَعُ غُصْنَ الشَّجَرَةِ عَنْ وَجْهِهِ، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ لَمْ نُبَايعْهُ عَلَى الْمَوْتِ، قُلْنَا لَهُ: كَمْ كُنْتُمْ قَالَ: ألف وأربع مائة1.

1 إسناده صحيح، مسدّد من رجال البخاري، والحكم –وهو ابن عبد الله بن إسحاق- من رجال مسلم، وباقي السند من رجال الشيخين. خالد الحذّاء: هو خالد بن مهران البصري.

وأخرجه الطبراني 20/530 من طريق مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 8/146 من طريق خالد بن عبد الله الطحان، به.

وأخرجه مسلم 1858 76 في الإمارة: باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، والطبراني 20/531 و532 من طريقين عن خالد الحذاء. به.

ص: 416

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي عَلَيْهِ تَقَعُ الْبَيْعَةُ مِنَ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْأَئِمَّةِ

4552 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَالْحَوْضِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَقِّنُنَا: "عَلَى السمع والطاعة فيما استطعنا"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك، والحوضي: هو حفص بن عمر بن الحارث ثقة ثبْت روى له البخاري.

وأخرجه أحمد 2/62 و81 و101 و139، وأبو داود 2940 في الخارج: باب ما جاء في البيعة، والطيالسي 1880 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وانظر 4548.

ص: 416

‌ذكر ما يستحب للإمام أخذ البيعة من نِسَاءِ رَعِيَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا أَحَبَّ ذَلِكَ

4553 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نِسْوَةٍ يُبَايِعْنَهُ فَقُلْنَ: نُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَزْنِيَ وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلَا نَعْصِيَكَ فِي مَعْرُوفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ" قَالَتْ: فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا هَلُمَّ نُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، إِنَّمَا قولي لمئة امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِثْلَ قَوْلِي لامرأة واحدة"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/982-983 في البيعة: باب ما جاء في البيعة.

وأخرجه من طريق مالك أحمد 6/357، والطبراني 24/471، والبيهقي 8/146.

وأخرجه من طرق عن محمد بن المنكدر، به: أحمد 6/357، والنسائي 7/149 في البيعة: باب بيعة النساء، والترمذي 1597 في السير: باب ما جاء في بيعة النساء، وابن ماجة 2874 في الجهاد: باب بيعة النساء، والحميدي 341، والطيالسي 1621، والطبراني 24/470 و472 و473 و475 و476، والحاكم 4/71. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 417

‌ذِكْرُ الْأَسْبَابِ الَّتِي كَانَتْ بَيْعَةُ النِّسَاءِ عَلَى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِهَا

4554 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تَبَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ عَلَيْهَا أن {لا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ} الْآيَةُ قَالَتْ: فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً، فَأَعْجَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا رَأَى مِنْهَا، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: قَرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللَّهِ مَا بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَلَا عَلَى هَذَا فَبَايَعَهَا بالآية1.

1 حديث صحيح، ابن أبي السري متابع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"21020.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 6/151، والبزار 70. وأوردهُ الهيثمي في "المجمع" 6/37، ونسبه لأحمد والبزار، وقال: رجاله رجال الصحيح.

ص: 418

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ بَيْعَةِ الْأُمَرَاءِ وَالْخُلَفَاءِ

4555 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ السَّبَّاكُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُرَاتٌ الْقَزَّازُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا مَاتَ نَبِيٌّ، قَامَ نَبِيٌّ وَأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ". فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكُونُ بَعْدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:

ص: 418

"خُلَفَاءُ وَيَكْثُرُونَ". قَالَ: فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَدُّوا بَيْعَةَ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَدُّوا إِلَيْهِمْ مَا لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَنِ الَّذِي لَكُمْ"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير جعفر بن مهران السباك فقد ذكره المؤلف في "الثقات" 8/160-161، وروى عنه جمع، وترجمه ابن أبي حاتم 2/491. عبد الوارث: هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.

وأخرجه البخاري 3455 في أحاديث الأنبياء: باب ما ذكره عن بني إسرائيل، ومسلم 1842 في الإمارة: باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، وأحمد 2/297، والبيهقي 8/144، والبغوي 2464 من طرق عن شعبة، عن فرات القزاز، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 1842، وابن ماجة 2871 في الجهاد: باب الوفاء بالبيعة من طريق الحسن بن فرات، عن أبيه، به. وانظر "الفتح" 6/573-574.

ص: 419

‌باب طاعة الأئمة

‌ذكر وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم

3-

بَابُ: طَاعَةِ الْأَئِمَّةِ

4556 -

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ الْأَمِيرَ، فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى الْأَمِيرَ، فقد عصاني"1.

1 إسناده حسن، ابن عجلان روى له مسلم متابعة، والبخاري تعليقاً وهو صدوق، وباقي السند رجاله ثقات على شرط الصحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.

وأخرجه البخاري 2957 في الجهاد: باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به، ومسلم 1835 35 في الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وأحمد 2/144، وابن أبي شيبة 12/212، والبغوي 2477 من طرق عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/342 من طريق موسى بن عقبة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وأخرجه عبد الرزاق 20679، وأحمد 2/270 و511، والبخاري 7137 في الأحكام: باب قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 420

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومسلم 1835 33، والنسائي 7/154 في البيعة: باب الترغيب في طاعة الإمام، والبيهقي 8/155 من طرق عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وأخرجه مسلم 1835 33، وأحمد 6/146 و467، والطيالسي 2577، وأبو عوانة 2/109 من طرق عن أبي علقمة، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/313، ومسلم 1835 33، والبغوي 2451 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.

وأخرجه مسلم 1835 34 من طريق أبي يونس مولى أبي هريرة، عنه.

وأخرجه أحمد 2/252 و4/171، وابن أبي شيبة 12/212، وابن ماجة 3 في المقدمة: باب أتباع سنة رسول الله، و2859 في الجهاد: باب طاعة الإمام، والبغوي 2450 من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

ص: 421

‌ذِكْرُ أَحَدِ التَّخْصِيصَيْنِ الَّذِي يَخُصُّ عُمُومَ الْخِطَابِ الَّذِي فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ

4557 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا: "فيما استطعتم"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. وقد تقدم برقم 4548.

ص: 421

‌ذِكْرُ التَّخْصِيصِ الثَّانِي الَّذِي يَخُصُّ عُمُومَ الْخِطَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ

4558 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثوبان

ص: 421

أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّرٍ الْمُدْلِجِيَّ عَلَى بَعْثٍ أَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا عَلَى رَأْسِ غَزَاتِنَا، أَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ اسْتَأْذَنَتْهُ طَائِفَةٌ، فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَمَرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ، فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَعَ مَعَهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ فِي الطَّرِيقِ نَزَلْنَا مَنْزِلًا، وَأَوْقَدَ الْقَوْمُ نَارًا يَصْطَلُونَ بِهَا، أَوْ يَصْنَعُونَ عَلَيْهَا صَنِيعًا لَهُمْ، إِذْ قَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَأَنَا آمُرُكُمْ بِشَيْءٍ أَلَا فَعَلْتُمُوهُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي أَعَزِمُ عَلَيْكُمْ بِحَقِّي وَطَاعَتِي إِلَّا تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِهِ النَّارِ، قَالَ: فَقَامَ نَاسٌ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُمْ وَاثِبُونَ فِيهَا، قَالَ: أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، إِنَّمَا كُنْتُ أَضْحَكُ مَعَكُمْ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَمَرَكُمْ بمعصية فلا تطيعوه"1.

4559 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ

1 إسناده حسن، محمد بن عمرو –وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وهو صدوق له أوهام، وباقي السند ثقات من رجال الصحيح. وهو عند أبي يعلى 1349.

وأخرجه أحمد 3/67، وابن ماجة 2863 في الجهاد: باب لا طاعة في معصية الله، من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 183: إسناده صحيح.

وفي الباب عن علي، وسيرد عند المؤلف برقم 4567.

ص: 422

عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يُسْأَلُ عَنْهُمْ: رَجُلٌ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَعَصَى إِمَامَهُ، وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَبَقَ مِنْ سَيِّدِهِ، فَمَاتَ، وَامْرَأَةٌ غَابَ زَوْجُهَا وَقَدْ كَفَاهَا مُؤْنَةَ الدُّنْيَا فَخَانَتْهُ بَعْدَهُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يُسْأَلُ عنهم: رجل ينازع الله رداءه، فإن ردائه الْكِبْرُ، وَإِزَارَهُ الْعِزُّ، وَرَجُلٌ فِي شَكٍّ مِنْ أمر الله، والقانط من رحمه الله"1.

4560 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ ذَكْوَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"آمُرُكُمْ بِثَلَاثٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ: آمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَتَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَلَا تَتَفَرَّقُوا، وَتُطِيعُوا لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السؤال، وإضاعة المال"2.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي علي عمرو بن مالك الجنبي فقد روى له أصحابه السنن وهو ثقة. المقرئ: هو عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن، وحيوة: هو ابن شريح، وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ.

وأخرجه أحمد 6/19، والطبراني 18/788، والبزار 85، والحاكم 1/119 من طرق عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" 590، وابنُ أَبِي عاصم في "السنة" 89 من طرقٍ عبد الله بن وهب، عن أبي هانئ الخولاني، به.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه مالك 2/990 في الكلام: باب ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين، وأحمد 2/327 و360 و367، ومسلم 1715 10 و11 في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 423

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الأقضية: باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة، والبيهقي 8/163، والبغوي 101 من طرق عن سهيل، به.

قال البغوي في "شرح السنة" 1/203: قوله: قيل وقال يريد: قيل وقول، جعل القال مصدراً، يقال: قلت قولاً وقيلً وقالً، وفي قراءة عبد الله بن مسعود قلت: وهي قراءة شاذة ذلك عيسى ابنُ مريمَ قالُ الحقِّ.

وقيل في قوله: قيل وقال وجهان: أحدهما: حكاية أقاويل الناس وأحاديثهم، والبحث عنها، فيقول: قال فلان كذا، وقيل لفلان كذا، وهو من باب التجسس المنهي عنه.

وقيل: هو فيما يرجع إلى أمر الدين، وذكر ما وقع فيه من الاختلاف، يقول: قال فلان كذا، وقال فلان كذا، من غير ثبت ويقين لكي يقلد ما سمعه، ولا يحتاط لموضع اختياره من تلك الأقاويل.

وقوله: وإضاعة المال قيل: هو الإنفاق في المعاصي، وهو السرف الذي نهى الله عنه، ويدخل فيه الإسراف في النفقة في البناء، ومجاوزة حد الاقتصاد فيه في الملبس والفرش، وتمويه الأواني والسقوف بالذهب والفضة، ويدخل فيه سوء القيام على ما يملكه من الرقيق والدواب حتى يضيع فيهلك، وقسمة ما لا ينتفع به الشريك، كالؤلؤ والسيف يكسره، والحمام الصغير، والطاحونة الصغيرة التي تتعطل منفعتها بالقسمة، واحتمال الغَبْن الفاحش في البياعات ونحوها.

وقيل: هو دفع مال من لم يُؤنس منه الرشد إليه، قال الحسن في قوله تعالى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} قال: صلاح في دينه، وحفظ لماله.

وقوله: وكثرة السؤال فإنها مسألة الناس أموالهم بالشَّره، وترك الاقتصار فيه على قدر الحاجة، وقد يكون من السؤال على الأمور، وكثرة البحث عنها، كما قال الله تعالى:{لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} وقال عز وجل {وَلا تَجَسَّسُوا} .

وقد يكون من المتشابه الذي أمر بالإيمان بظاهره في قوله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} .

ص: 424

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا" أَمْرٌ فَرْضٌ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، وَقَوْلُهُ: وَتَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا أَرَادَ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى بَعْضِ الْمُخَاطَبِينَ الَّذِينَ تَقَعُ بِهِمُ الْحَاجَةُ إِلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَتُطِيعُوا لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ لَفْظُهُ عَامٌ لَهُ تَخْصِيصَانِ، أَحَدُهُمَا: أن يؤمر المرء بماله فِيهِ رِضًى، وَالثَّانِي: إِذَا أُمِرَ مَا اسْتَطَاعَ دون ما لا يستطيع.

ص: 425

‌ذِكْرُ أَحَدِ التَّخْصِيصَيْنِ اللَّذَيْنِ يَخُصَّانِ عُمُومَ تِلْكَ اللَّفْظَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا

4561 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا: "فيما استطعتم"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم 4557.

ص: 425

‌ذِكْرُ التَّخْصِيصِ الثَّانِي الَّذِي يَخُصُّ عُمُومَ تِلْكَ اللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا

4562 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُدْرِكُ بْنُ سَعْدٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حَيَّانَ أَبَا النَّضْرِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ

ص: 425

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اسْمَعْ وَأَطِعْ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ وَإِنْ أَكَلُوا مَالَكَ، وَضَرَبُوا ظَهْرَكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ معصية"1.

4563 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَطَبَنَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْجَدْعَاءِ، وَتَطَاوَلَ فِي غَرْزِ الرَّحْلِ، فَقَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ" فَقَالَ رَجُلٌ فِي آخِرِ النَّاسِ: مَا تَقُولُ، أَوْ مَا تُرِيدُ، فَقَالَ:"أَلَا تَسْمَعُونَ، أَطِيعُوا رَبَّكُمْ، وصلوا خمسكم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا أمراءكم تَدْخُلُوا جُنَّةَ رَبِّكُمْ" فَقُلْتُ لِأَبِي أُمَامَةَ: ابْنَ كَمْ كُنْتَ يَوْمَئِذٍ حِينَ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: سمعت وأنا ابن ثلاثين سنة2.

1 إسناده حسن. حيان أبو النضر ذكره المؤلف في "الثقات" 4/171، ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح، كما في الجرح والتعديل 3/244-245، وسيأتي برقم 4566، وانظر 4547،

وقوله: وأثرة عليك من الاستئثار، وهو أن يستأثر عليه بأمور الدنيا ويفضل عليه غيره.

2 إسناده قوي على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 5/251، والترمذي 616 في الصلاة: باب ما ذكر في فضل الصلاة، من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم 1/9 من طريق سعيد بن أبي مريم، عن معاوية بن صالح به، على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

ص: 426

‌ذِكْرُ أَحَدِ التَّخْصِيصَيْنِ اللَّذَيْنِ يَخُصَّانِ عُمُومَ تِلْكَ اللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي خَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ

4564 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ، قَالَتْ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ أَوْ بِلَالًا يَقُودُ بِخِطَامِ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْآخَرَ رَافِعُ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ بِهِ مِنَ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَقَفَ النَّاسُ، وَقَدْ جَعَلَ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ تَحْتَ غُضْرُوفِهِ الْأَيْمَنِ كَهَيْئَةِ جُمْعٍ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلًا كَثِيرًا وَكَانَ فِيمَا يَقُولُ صلى الله عليه وسلم:"إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ أَسْوَدُ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ثُمَّ قَالَ: هَلْ بلغت"1.

1 إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الجبار بن عاصم وهو ثقة، وثقه ابن معين والدارقطني، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/418، له ترجمة في "تاريخ بغداد" 11/111-112. والغضروف: رأس لوح الكتف، وقوله: كهيئة جمع يريد مثل جمع الكف، وهو أن يجمع الأصابع ويضمها، يقال: ضربه بجُمع كفِّه، بضم الجيم.

وأخرجه الطبراني 25/380 من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، عن عبيد الله بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/402، ومسلم 1298 311 و312 في الحج: باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً، و1838 في الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، من طريقين عن زيد بن أبي أنيسة، به.

وأخرجه أحمد 6/402 و403، ومسلم 1838، والنسائي 7/154 في البيعة: باب الحض على طاعة الإمام، وابن ماجة 1861 في الجهاد: باب. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 427

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= طاعة الإمام، والطبراني 25/377 و378 و379 و384، وابن أبي عاصم في "السنة" 1062، والبيهقي 7/155 من طريقين عن يحيى بن حصين، به.

وأخرجه أحمد 6/402 و403، والترمذي 1706 في الجهاد: باب ما جاء في طاعة الإمام، والطبراني 25/381 و382، وابن أبي عاصم 1063 من طرق عن العيزار بن حريث، عن أم الحصين. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ص: 428

‌ذِكْرُ التَّخْصِيصِ الثَّانِي الَّذِي يَخُصُّ عُمُومَ اللَّفْظَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا

4565 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَلْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ بِالرَّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَجْلَانَ مَوْلَى مُرَّةَ الطَّيِّبِ وَلَقَبُهُ جَبْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، ثُمَّ يُلَقِّنُنَا "فِيمَا اسْتَطَعْتَ"1.

1 محمد بن عاصم بن يزيد ذكره ابن أبي حاتم 8/53، ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأبوه عصام ذكره المؤلف في الثقات 8/520، وابن أبي حاتم 7/26، وقد سلف برقم 3062 ومن فوقهما ثقات من رجال الشيخين، وانظر 4557.

ص: 428

‌ذِكْرُ خَبَرٍ يُصَرِّحُ بِالتَّخْصِيصَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا

4566 -

أَخْبَرَنَا الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، قَالَ، حَدَّثَنَا مُدْرِكُ بْنُ سَعْدٍ1 الْفَزَارِيُّ أَبُو سعيد، عَنْ حَيَّانَ أَبِي النَّضْرِ، سَمِعَ جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يا

1 تحرف في الأصل إلى: سعيد.

ص: 428

عُبَادَةَ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ قَالَ: "اسْمَعْ وَأَطِعْ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ، وَإِنْ أَكَلُوا مَالَكَ، وَضَرَبُوا ظَهْرَكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْصِيَةً لله بواحا" 1.

1 إسناده حسن، وهو مكرر 4562.

ص: 429

‌ذِكْرُ نَفْيِ إِيجَابِ الطَّاعَةِ لِلْمَرْءِ إِذَا دَعَا إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4567 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا، وَأَمَرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا، فَأَوْقَدَ نَارًا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا:"لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" أَوْ قَالَ: "أَبَدًا" وَقَالَ لِلْآخَرِينَ خَيْرًا، وَقَالَ:"أَحْسَنْتُمْ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ في المعروف"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. حِبان: هو ابن موسى بن سوار السلمي المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك، وزبيد: هو ابن الحارث اليامي، وأبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب بن رُبَيِّعة الكوفي المقرئ.

وأخرجه أحمد 1/94، والبخاري 7257 في أخبار الآحاد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم 1840 في الإمارة: باب وجوب في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم 1840 في الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وأبو داود 2625 في الجهاد: باب في الطاعة،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 429

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والنسائي 7/109 في البيعة: باب جزاء من أمر بمعصية فأطاع، من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/82، و124، والبخاري 4340 في المغازي: باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي، و7145 في الأحكام: باب السمع والطاعة للحكام ما لم تكن معصية، ومسلم 1840 40 من طرق عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، به. وانظر 4558.

ص: 430

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ طَاعَةِ الْمَرْءِ لِمَنْ دَعَاهُ إِلَى مَعْصِيَةِ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا

4568 -

أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بِطَرَسُوسَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَا: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا طَاعَةَ لِبَشَرٍ فِي مَعْصِيَةِ الله جل وعلا"1.

1 إسناده صحيح. نوح بن حبيب ثقة روى له أبو داود والنسائي، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. وأخرج أبو يعلى 279 عن زهير بن حرب، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

ص: 430

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُطِيعَ الْمَرْءُ أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ إِذَا أَمَرَهُ بِمَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًى

4569 -

أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بِطَرَسُوسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ البذشي1 وهي قرية بقومس، قال: حدثنا

1 في "الأنساب" 2/113: البَذَشي، بفتح الباء والذال المعجمتين بواحدة، وفي آخر الشين المعجمة: هذه النسبة إلى بذش وهي قرية على فرسخين من بسطام وهي من قومس نزلت بها مع القافلة، وخرجت منها إلى بسطام، ورجعت إليها.

ص: 430

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا طَاعَةَ لِبَشَرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ"1.

1 إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله.

ص: 431

‌ذِكْرُ تَخَوُّفِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّتِهِ مُجَانَبَتِهِمُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ بِانْقِيَادِهِمْ لِلْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ

4570 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ أَبُو حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ، وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي لَمْ يرفع عنهم إلى يوم القيامة"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد بن عبد الملك بن زنجوية، فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة. أبو الأشعث الصنعاني: هو شراحيل بن آدة.

وأخرجه أحمد 4/123 –بأطول مما هنا- عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. إلا أنه زاد بين أبي الأشعث وبين شداد أبا أسماء الرحبي –واسمه عمر بن مرثد، وهو ثقة من رجال مسلم.

وأخرجه مطولاً أحمد 5/278 و284، وأبو داود 4252 في الفتن: باب ذكر الفتن ودلائلها، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/527 من طرق عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثوبان.

وأخرجه ابن ماجة 3952 في الفتن: باب ما يكون من الفتن، عن قتادة، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد، عن أبي أسماء، عن ثوبان.

وأخرجه أحمد 6/441 من حديث أبي الدرداء.

وفي الباب عن عمر عند أحمد 1/42، وأبي نعيم في "الحلية"6/46.

ص: 431

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ الَّتِي كَانَ يَتَخَوَّفُهَا عَلَى أُمَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

4571 -

أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ الْمُقْرِيُ أَبُو الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْأَصْفَهَانِيُّ رُسْتَهْ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا".

فَلَقِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو بِسَنَةٍ فحدثنيه1.

1 حديث صحيح، محمد بن هشام بن عروة ذكره المؤلف في "الثقات" 7/424، وقال: مستقيم الحديث جداً، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن عمر الأصفهاني، فقد روى له ابن ماجة، وهو ثقة.

وأخرجه أحمد 2/162 و190، والبخاري 100 في العلم: باب كيف يطلب العلم، ومسلم 2673 13 في العلم: باب رفع العلم وقبضه، والترمذي 2652 في العلم: باب ما جاء في ذهاب العلم، وابن ماجة 52 في المقدمة، والدارمي 1/77، والبغوي 147، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 1/148-149 و150 من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه من طرق عن عروة، به: الطيالسي 2292، والبخاري 7307 في الاعتصام: باب ما ذكر من ذم الرأي وتكلف القياس، ومسلم 2673، وأحمد 2/203، والبغوي 1/316، وابن عبد البر 1/150 و151

وأخرجه مسلم 2673 13 من طريق عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عمرو.

ص: 432

‌ذِكْرُ وَصْفِ الضَّلَالَةِ الَّتِي كَانَ يَتَخَوَّفُهَا صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّتِهِ

4572 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَدِيٍّ أَبُو نُعَيْمٍ، وَحَاجِبُ بْنُ أَرِّكِينَ قَالَا: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: هَذَا أَوَانُ رَفْعِ الْعِلْمُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ زِيَادٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَقَدْ أُثْبِتَ وَوَعَتْهُ الْقُلُوبُ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ كُنْتُ لَأَحْسِبُكَ أَفْقَهَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ" ثُمَّ ذَكَرَ ضَلَالَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ وَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: صَدَقَ عَوْفٌ ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُ بِأَوَّلِ ذَلِكَ يُرْفَعُ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: الْخُشُوعُ حتى لا ترى خاشعا1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير الربيع بن سليمان فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة.

وأخرجه النسائي في العلم من "الكبرى" كما في "التحفة" 8/211 من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني 18/75، والبزار 232 من طريقين عن الليث، به.

وأخرجه أحمد 6/26-27 من طريق محمد بن حمير الحمصي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، به وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند الترمذي 2653 من طريق مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أبي الدرداء، وقال الترمذي: هذا حسن غريب.

ص: 433

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَرْكِ اعْتِقَادِ الْمَرْءِ الْإِمَامَ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا فِي أَسْبَابِهِ

4573 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم "مَاتَ مَيْتَةً الْجَاهِلِيَّةِ" مَعْنَاهُ: مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ لَهُ إِمَامًا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّى يَكُونَ قِوَامُ الْإِسْلَامِ بِهِ عِنْدَ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ مُقْتَنِعًا فِي الِانْقِيَادِ عَلَى مَنْ لَيْسَ نَعَتُهُ مَا وَصَفْنَا مَاتَ ميتة جاهلية.

1 حديث صحيح، محمد بن يزيد بن رفاعة: هو محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجلي مختلف قيه، وقد توبع، وعاصم بن أبي النجود حسن الحديث، وباقي السند رجاله رجال الصحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان المدني. وهو في "مسند أبي يعلى" ورقة 345/1.

وأخرجه أحمد 4/96 عن أسود بن عامر، والطبراني 19/769 من طريق يحيى بن الحماني، كلاهما عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد.

والمراد بالميتة الجاهلية: حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع، لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافراً بل يموت عاصياً، ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره، ومعناه: أنه يموت مثل موت الجاهلي وإن لم يكن هو جاهلياً، أو أن لك ورد مورد الزجر والتنفير وظاهره غير مراد.

ص: 434

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ مَنْ مَاتَ، وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ، يُرِيدُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَاتَ مَيْتَةً الْجَاهِلِيَّةِ، لِأَنَّ إِمَامَ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي الدُّنْيَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ إِمَامَتَهُ، أَوِ اعْتَقَدَ إِمَامًا غَيْرَهُ مُؤْثِرًا قَوْلَهُ عَلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ مَاتَ، مَاتَ مَيْتَةً جاهلية.

ص: 435

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ النَّصِيحَةِ فِي دِينِ اللَّهِ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً

4574 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"الدِّينُ النَّصِيحَةُ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَعَامَّتِهِمْ"1.

4575 -

أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ بَنَانَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ بَنَانَ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حكيم

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة 1/37، والطبراني 1261 من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود 4944 في الأدب: باب في نصيحة، وأبو عوانة 1/37، والطبراني 1262 و1264 و1265 و1266 و1267 من طرق عن سيل بن أبي صالح، به. وانظر ما بعده.

ص: 435

عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيتُ سُهَيْلًا، فَقُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ حَدِيثًا كَانَ يُحَدِّثُ عَمْرٌو، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِيكِ سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِيكِ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي صِدِّيقٍ لِأَبِي كَانَ يَأْتِي مِنَ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ: عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ سَمِعْتُهُ أَخْبَرَ ذَلِكَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَلَا إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، أَلَا إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، أَلَا إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ" قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وعامتهم"1.

1 إسناده صحيح، محمد بن ميمون البزار روى له الترمذي والنسائي وابن ماجة، وهو صدوق، ومن فوقه من رجال الصحيح، وانظر ما قبله.

وأخرجه الحميدي 837، وأحمد 4/102، ومسلم 55 في الإيمان: باب بيان أن الدين النصيحة، والنسائي 7/156 و156-157 في البيعة: باب النصيحة للإمام، وأبو عوانة 1/36 و37، والطبراني 1260 و1263، والبغوي 3514 من طرق عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، بهذا الإسناد.

ص: 436

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَتَرْكِ الِانْفِرَادِ عَنْهُمْ بِتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ

4576 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْمَعْوَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ، فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقَامِي فِيكُمُ الْيَوْمَ فَقَالَ: "أَلَا أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يفشوا

ص: 436

الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا يُسْأَلُهَا، وَيَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى الْيَمِينِ لَا يُسْأَلُهَا، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ، فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، وَلَا يَخْلَوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا، وَمَنْ سَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ وَسَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، فَهُوَ مؤمن"1.

1 علي بن حمزة المعولي ترجم له المؤلف في "الثقات"8/466، وقال: مستقيم الحديث. والمَعْوَلي: نسبة إلى مَعولة بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بطن من الأزد، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح. وقد صرح عبد الملك بن عمير بالتحديث عند أبي يعلى فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه الطيالسي ص7، وأحمد 1/26، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/15 من طرق عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/18، والترمذي 2165 في الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة، والحاكم 1/114 من طرق عن محمد بن سوقة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن أبيه، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه الحاكم 1/114-115 من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن عمر، به.

وأخرجه الحميدي 32 من طريق سليمان بن يسار، عن أبيه، عن عمر، به.

وأخرج قطعة منه أبو يعلى 201 و202 من طريقين عن حماد، عن عبد الله بن المختار، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن الزبير، عن عمر.

ص: 437

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ مَعُونَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْجَمَاعَةَ وَإِعَانَةِ الشَّيْطَانِ مَنْ فَارَقَهَا

4577 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتُرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ شُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "سَيَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةِ، أَوْ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَأَمْرُهُمْ جَمِيعٌ، فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ، فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ من فارق الجماعة يرتكض"1.

1 إسناده صحيح، موسى بن عبد الرحمن المسروقي روى له أصحاب السنن وهو ثقة، ومن فوقه من رجال الصحيح، ويحيى بن أيوب: هو ابن أبي زرعة البجلي علق له البخاري وروى له أبو داود والترمذي، وقال ابن معين ويعقوب بن سفيان: لا بأس به، ووثقه الآجري والبزار، وباقي السند من رجال الصحيح. عرفجة بن شريح ويقال: ابن صريح، ويقال: ابن شريك، ويقال: ابن شراحيل: صحابي نزل الكوفة، وليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث.

وأخرجه مسلم 1852 في الإمارة: باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، والنسائي 7/92-93 في تحريم: باب قتل من فارق الجماعة، وأبو داود 4762 في السنة: باب في قتل الخوارج، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، وأحمد 4/261 و341 و5/23، وعبد الرزاق 20714، والطبراني 17/354 و355 و356 و357 و358 و359 و360 و361 و362 و363 و364 و368 من طرق عن زياد بن علاقة، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 2/156، ووافقه البيهقي.

وله طرق أخرى عن عرفجة عند الطبراني 17/365 و366 و367.

وهنات: أي حوادث وفتن وشرور وفساد.

قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 12/241: فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام، أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك، وينهى عن ذلك، فإن لم ينته قُتِلَ، وإن لم يندفع شرُّه إلا بقتله، فَقُتِلَ كان هدراً.

ص: 438

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ مَوْتِ الْجَاهِلِيَّةِ بِالْمُفَارِقِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ

4578 -

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَتَى ابْنَ مُطِيعٍ لَيَالِي الْحَرَّةِ، فَقَالَ: ضَعُوا لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِ لِأَجْلِسَ إِنَّمَا جِئْتُ لِأُكَلِّمَكَ كَلِمَتَيْنِ سَمِعْتُهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ مفارق الجماعة، فإنه يموت موتة الجاهلية"1.

1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير ابن عجلان، فقد روى له مسلم متابعة، والبخاري تعليقاً، وهو صدوق. وابن مطيع: هو عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي القرشي، ولد فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وجاء به أبوه فحنكه بتمرة وسماه عبد الله، ودعا له بالبركة، وكان من رجال قريش شجاعة ونجدة وجلداً، وكان يوم الحرة سنة 63 هـ قائد قريش كما كان عبد الله بن حنظلة قائد الأنصار، إذ خرج أهل المدينة لقتال مسلم بن عقبة المري الذي بعثه يزيد لقتال أهل المدينة، وأخذهم بالبيعة له، فلما ظفر أهل الشام بأهل المدينة انهزم ابن مطيع، ولحق بابن الزبير بمكة، وشهد معه الحصر الأول، وبقي معه إلى أن حصر الحجاجُ ابن الزبير، فقاتل مع ابن مطيع يومئذ وهو يقول:

أنا الذي فَرَرْتُ يومَ الحرَّه

والحُرُّ لا يَفرُّ إلا مرّه

يا حبَّذا الكرة بعد الفره

لأجزينَّ فرةً بكرَّه

وأخرجه أحمد 2/97 عن يونس بن محمد، عن الليث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضاً 2/93 عن عفان، عن خالد بن الحارث، عن ابن عجلان، به.

وأخرجه أحمد 2/70 و83 و123 و133 و154، ومسلم 1851 من طرق عن زيد بن أسلم، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 439

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 2/111، ومسلم 1851، والحاكم 1/77 و177 من طرق عن نافع، عن ابن عمر.

وأخرجه البيهقي 8/156 من طريق نافع وسالم، عن ابن عمر.

وأخرجه الطبراني 13278 من طريق عبد الله بن مسلم بن جندب، عن أبيه، عن ابن عمر.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 5/144 من طريق العطاف بن خالد، عن أمية بن محمد بن عبد الله بن مطيع، أن عبد الله بن مطيع أراد أن يفرّ من المدينة ليالي فتنة يزيد بن معاوية، فسمع بذلك عبد الله بن عمر فخرج إليه حتى جاءه قال: أين تريد يا ابن عمّ؟ فقال: لا أطيعهم طاعة أبداً. فقال: يا ابن عم، لا تفعل، فإني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن مات ولا بيعة عليه، مات ميتة جاهلية".

ص: 440

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ مَوْتِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةِ عِمِّيَّةٍ

4579 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ جُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ فَقَتْلُهُ قِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"1.

1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمران القطان، وهو عمران بن داود العمي البصري، فقد علّق له البخاري، وروى له أصحاب السنن، وهو حسن الحديث. أبو داود: هو الطيالسي سليمان بن داود، والحديث في "مسنده" 1259، ومن طريقه أخرجه الطبراني 1671. وأبو مجلز: هو لاحق بن حميد.

وأخرجه النسائي 7/123 في تحريم الدم: باب التغليظ فيمن قاتل تحت راية عمية، من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ، به.

وأخرجه مسلم 1850 من طريق المعتمر: عن أبيه، عن أبي مجلز، عن جندب، وعِمية: فعِّلية من العماء: الضلالة كالقتال في العصبية والأهواء. قال الإمام أحمد: إنها كالأمر الأعمى لا يستبين وجهه

ص: 440

‌ذِكْرُ وَصْفِ الرَّايَةِ الْعِمِّيَّةِ الَّتِي أَثْبَتَ لِمَنْ قُتِلَ تَحْتَهَا بِهَذَا الِاسْمِ

4580 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ شَاكِي، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي حَدِيثَ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ سَمِعْتُ غَيْلَانَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَلَكِنْ حَدَّثَنِي أَيُّوبُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ الْقَيْسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، فَمَاتَ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يُقَاتِلُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ فَقَتْلُهُ قِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"1.

1 إسناده صحيح، عمر بن يزيد اليساري، روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/446 وقال: مستقيم الحديث، وذكر أنه مات سنة بضع وأربعين ومئتين، وقال الدارقطني: لا بأس به، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير زياد بن رِياح فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم 1848 في الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين

، عن عبيد الله بن عمر القواريري، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/296 و306 و488، ومسلم 1848 54، والنسائي 7/123 في تحريم الدم: باب التغليظ في من قاتل تحت راية عميّة، وابن ماجة 3948 في الفتن: باب العصبية، والبيهقي 8/156 من طرق عن غيلان بن جرير، به.

قوله: لا يتحاشى مؤمنها قال القاضي عياض في "مشارف الأنوار" 1/214: بالتاء وآخره ياء، أي: لا يتنحى ولا يتورع ولا يبالي، يقال: حشى لله وحاشى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 441

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لله، ومعناه: معاذ الله، وأصله من حاشيت فلاناً وحشيته، أي نحيته. قال ابن الأنباري: معنى حاش في كلام العرب: أعزل وأنحّي، قال: ويقال: حاش لفلان، وحاشى فلاناً، وحشى فلان.

قِتلة –بكسر القاف- حالة القتيل، أي: فقتله قتل جاهلي.

وقوله: يقاتل لعصبية عصبة الرجل أقاربه من جهة الأب، سُمّوا بذلك لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم، أي: يحيطونه، ويشتد بهم، والمعنى يغضب ويقاتل ويدعو غيره كذلك لا لنصرة الدين والحق، بل لمحض التعصب لقومه ولهواه كما يقاتل أهل الجاهلية، فإنهم إنما كانوا يقاتلون لمحض العصبية.

ص: 442

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ طَاعَةَ الْقُرَشِيِّينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِذَا عَدَلُوا فِي الرَّعِيَّةِ وَأَقَامُوا الْحَقَّ

4581 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَيَّاضُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِي عَلَى قُرَيْشٍ حَقًّا، وَإِنَّ لِقُرَيْشٍ عَلَيْكُمْ حَقًّا مَا حَكَمُوا وَعَدَلُوا، وَائْتُمِنُوا فَأَدُّوا، وَاسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا، فَمَنْ لَمْ يفعل منهم، فعليه لعنة الله" 1

1 فياض بن زهير ذكره المؤلف في "الثقات" 9/11، فقال: من أهل نسا، يروي عن وكيع بن الجراح، وجعفر بن عون، حدثنا عنه محمد بن أحمد بن أبي عون وغيره منْ شيوخنا، مات بعد سنة خمسين ومئتين، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"19902.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/270، وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/192 وزاد نسبته إلى الطبراني في "الأوسط"، وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح. وسيرد عند المصنف برقم 4584.

ص: 442

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُفْدِيَ إِمَامَهُ بِنَفْسِهِ

4582 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَرْمِي بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ خَلْفِهِ، لَيَنْظُرَ أَيْنَ يَقَعُ نَبْلُهُ، فَيَتَطَاوَلُ أَبُو طَلْحَةَ بِصَدْرِهِ يَتَّقِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَكَذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ نحري دون نحرك1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. الحسن بن عيسى: هو ابن ماسَرْجس النيسابوري مولى عبد الله بن المبارك من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين.

وأخرجه الحاكم 3/353من طريق علي ين الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد، وصححه على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 3/105 و206، وأبو يعلى 3778 من طريقين عن حميد، به.

وأخرجه مطولاً البخاري 3811 في مناقب الأنصار: باب مناقب أبي طلحة رضي الله عنه، و4064 في المغازي: باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} ، ومسلم 1811 في الجهاد: باب غزوة النساء مع الرجال، وأبو يعلى 3921، والبيهقي 9/30 من طريق عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.

وأخرجه ابن سعد 3/506، وأحمد 3/286-287، وأبو يعلى 3412 من طريقين عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/265، والبخاري 2902 في الجهاد: باب المجن ومن يتَّرس بترس صاحبه، من طريق ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس. وسيأتي برقم 7137.

ص: 443

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُوَقِّرَ إِمَامَهُ وَيُعَظِّمَهُ جُهْدَهُ وَإِنْ كَانَ فِي قَوْلِهِ لِمَنْ قَصَدَ ضِدَّهُ مَا لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ ذَلِكَ

4583 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ

عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا عَلَى رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالسَّيْفِ وَهُوَ مُلَثَّمٌ وَعِنْدَهُ عُرْوَةُ قَالَ: فَجَعَلَ عُرْوَةُ يَتَنَاوَلُ لِحْيَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُحَدِّثُهُ قَالَ: فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِعُرْوَةَ: لَتَكُفَّنَّ يَدَكَ عَنْ لِحْيَتِهِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْكَ، قَالَ: فَقَالَ عُرْوَةُ: مَنْ هَذَا؟ قال: هذا بن أَخِيكَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ عُرْوَةُ: يَا غُدَرُ مَا غَسَلْتَ رَأْسَكَ مِنْ غَدْرَتِكَ بَعْدُ1.

1 إسناده صحيح على شرط السيخين. أبو عمار: هو الحسين بن حريث الخزاعي.

وهو قطعة من حديث مطول أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"9720، ومن طريق أخرجه أحمد 4/328-331، والبخاري 2731 في الشروط، والبيهقي في "السنن" 5/215 و9/218-221، وفي "الدلائل" 4/99-108 عن معمر، عن الزهري، عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ومروان

وفيه: وكان المغيرة صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثم جاء فأسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَمَا الْإِسْلَامُ فأقبلُ، وَأَمَّا الْمَالُ، فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ".

وأخرجه مطولاً ومختصراً أبو داود 2765 و4655، والنسائي 5/169-170 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، به.

ص: 444

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَقَّ إِنَّمَا يَجِبُ لِلْأُمَرَاءِ عَلَى الرَّعِيَّةِ إِذَا رَعَوْهُمْ فِي الْأَسْبَابِ وَالْأَوْقَاتِ

4584 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ لِي عَلَى قُرَيْشٍ حَقًّا، وَإِنَّ لِقُرَيْشٍ عَلَيْكُمْ حَقًّا مَا حَكَمُوا، فَعَدَلُوا، وَائْتُمِنُوا فأدوا، واسترحموا فرحموا"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما، وهو مكرر 4581.

ص: 445

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ اسْتِعْمَالَ مَا يَقُولُ الْأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْخَيْرِ وَتَرْكَ أَفْعَالِهِمْ إِذَا خَالَفُوهُمْ

4585 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ، قَالَ: كَلِمَتَيْنِ سَمِعْتُهُمَا مَا أُحِبُّ أَنْ لِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِحْدَاهُمَا مِنَ النَّجَاشِيِّ، وَالْأُخْرَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّا الَّتِي سَمِعْتُهَا مِنَ النَّجَاشِيِّ، فَإِنَّا كُنَّا عِنْدَهُ إِذْ جَاءَهُ ابْنٌ لَهُ مِنَ الْكُتَّابِ، فَعَرَضَ لَوْحَهُ، قَالَ: وَكُنْتُ أَفْهَمُ بَعْضَ كَلَامِهِمْ، فَمَرَّ بِآيَةٍ فَضَحِكْتُ، فَقَالَ مَا الَّذِي أَضْحَكَكَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُنْزِلَتْ مِنْ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ: إِنَّ

ص: 445

عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، قَالَ: إِنَّ اللَّعْنَةَ تَكُونُ فِي الْأَرْضِ إِذَا كَانَتْ إِمَارَةُ الصِّبْيَانِ، وَالَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعْتُهُ يَقُولُ:"اسْمَعُوا مِنْ قُرَيْشٍ وَدَعُوا فعلهم"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. وأخرجه أحمد 3/428 من طريق محمد بن مسلم بن أبي الوضاح، عن إسماعيل بن أبي خالد ومجالد بن سعيد، كلاهما عن الشعبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى 6864 من طريق أبي أسامة، عن مجالد، عن الشعبي، به.

وأخرجه أحمد 4/260 عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن مجالد، عن الشعبي.

وأخرجه أيضا من طريق شريك عن إسماعيل، عن عطاء، عن عامر بن شهر.

وعامر بن شهر: هو الهمداني، ويقال: البكيلي، ويقال: الناعطي: وهما بطنان من همدان، يكنى أبا شهر، كان أحد عمال النبي صلى الله عليه وسلم على اليمن، وهو أول من اعترض على الأسود العنسي لما ادَّعى النبوة.

ص: 446

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ ظُهُورِ أُمَرَاءِ السُّوءِ مُجَانَبَتِهِمْ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَسْبَابِ

4586 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُقَرِّبُونَ شِرَارَ النَّاسِ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَلَا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًا ولا جابيا ولا خازنا"1.

1 إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن مسعود: هو اليشكري، لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 446

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 5/106، ولم يرو عنه غير جعفر بن إياس، مترجم عند ابن أبي حاتم 5/285، و"التعجيل" ص258، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. وهو في "مسند أبي يعلى" 115. وتوثيق الهيثمي في "المجمع" 5/240 لعبد الرحمن بن مسعود لا سلف له بذلك غير المؤلف. ووقع اسمه في "موارد الظمآن" 1558: عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وهو تحريف، ولم يتنبه له الشيخ ناصر في "صحيحه" 360 فوثَّقه بناءً على ذلك.

وله طريق آخر لا يفرح به أخرجه الطبراني في الصغير 564، ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد 12/63: عن علي بن محمد الثقفي وهو مجهول، عن معاوية بن الهيثم بن الريان الخراساني وهو مجهول أيضاً، عن داود بن سليمان الخراساني قال الأزدي: ضعيف جداً، عن عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رفعه "يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة، ووزراء فسقة، وقضاة خونة، وفقهاء كذبة، فمن أدرك ذلك منكم ذلك الزمن، فلا يكونن لهم جابياً ولا عريفاً ولا شرطياً". ولوائح الوضع ظاهرة على هذا النص.

ص: 447

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ ظُهُورِ الْجَوْرِ أَدَاءَ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ دُونَ الِامْتِنَاعِ عَلَى الْأُمَرَاءِ

4587 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: "تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ الَّذِي لكم"1.

1 حديث صحيح، محمد بن عصام بن يزيد ذكره ابن أبي حاتم 8/53، ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/186: ولم يرو عن غير أبيه شيئاً، وكان عند أبيه أربعون صحيفة ولم يسمع منها ابنه محمد إلا أربع صحائف، وأبوه ذكره المصنف في "ثقاته" 8/520، فقال: عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 447

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عجلان مولى مرة الطيب من أهل الكوفة، سكن أصبهان، ولقب عصام جبّر يروي عن الثوري ومالك بن مغول، روى عنه ابنه محمد بن عصام، يتفرد ويخالف، وكان صدوقاً حديثه عند الأصبهانيين. قلت: له ترجمة في "تاريخ أصبهان" لأبي الشيخ ورقة 92، وفي "أخبار أصبهان" 2/138 لأبي نعيم، والجرح والتعديل 7/26 لابن أبي حاتم، وكان من أجلة أصحاب الثوري، يقوم بخدمته، ويسأله عن المسائل، وقد بعث به الثور إلى المهدي في رسالة، فعرض عليه المهدي تِبراً فلم يقبله، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه البخاري 3603 في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، عن محمد بن كثير، وأحمد 1/428، والطبراني 1073 من طريق مؤمل، كلاهما عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 7052 في الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سترون بعدي أموراً تكرهونها"، ومسلم 1843 في الإمارة: باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، والترمذي 2190 في الفتن: باب الأثرة وما جاء فيها، وأحمد 1/384 و433، والبيهقي 8/157، والبغوي 2462 من طرق عن الأعمش، به.

والأثرة: اسم من آثر به يؤثر إيثاراً: إذا سمح به لغيره وفضّله على نفسه. والمراد: أنكم ستجدون بعدي قوماً يفضلون أنفسهم عليكم في الفيء ونحوه من حظوظ الدنيا.

قال الإمام النووي 11/232: وفي هذا الحديث الحث على السمع والطاعة وإن كان المتولي ظالماً عسوفاً، فيعطي حقه من الطاعة، ولا يخرج عليه ولا يخلع، بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه، ورفع شره، وإصلاحه.

ص: 448

‌ذِكْرُ الزَّجْرَ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّةِ بِالسِّلَاحِ وَإِنْ جَارُوا

4588 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ [سَلَمَةَ بْنِ] الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ، فَلَيْسَ مِنَّا"1.

1 إسناده حسن على شرط مسلم، عكرمة بن عمار فيه كلام ينزله عن رتبة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 448

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الصحيح، وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك.

وأخرجه الطبراني 6242 عن أبي خليفة، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 99 في الإيمان: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن حمل علينا السلاح فليس منا"، عن أبي بكر بن أبي شيبة وابن نمير، عن مصعب بن المقدام، عن عكرمة بن عمار، به. ولفظه "من سلّ علينا السيف فليس منا".

وأخرجه أحمد 4/46 و54، والطبراني 6249 و6251، والبغوي 2565 من طرق عن إياس بن سلمة، به.

ص: 449

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى أُمَرَاءِ السُّوءِ وَإِنْ جَارُوا بَعْدَ أَنْ يُكْرَهُ بِالْخَلَدِ مَا يَأْتُونَ

4589 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خِيَارُكُمْ وَخِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ" قِيلَ: أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا مَا أَقَامُوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، أَلَا وَمَنْ لَهُ وَالٍ فَيَرَاهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا يَنْزِعْ يَدًا من طاعته"1.

1 إسناده قوي على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 6/24 و28، والدارمي 2/324، ومسلم 1855 في الإمارة: باب خيار الأئمة وشرارها، وابن أبي عاصم في "السنة" 1071 و1072، والبيهقي 8/158 من طريقين عن مسلم بن قرظة، بهذا الإسناد.

ص: 449

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَإِنْ جَارُوا

4590 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ صَالِحٍ بِإِنْطَاكِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُورُسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنِ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ، فَلَيْسَ مِنَّا"1.

قَالَ أَبُو حاتم: قورس: قرية من قرى إنطاكية2.

1 إسناده صحيح، من فوق إبراهيم بن محمد القُورسي ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 2/3 و16 و53 و142 و150، والطيالسي 1828، والبخاري 6874 في الديات: باب قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} ، و7070 في الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السلاح فليس منا"، ومسلم 98 في الإيمان: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السلاح فليس منا"، والنسائي 7/117-118 في تحريم الدم: باب من شهر سيفه ثم وضعه في الناس، وابن ماجة 2576 في الحدود: باب من شهر السلاح، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/132-133، والبيهقي 8/20 من طرق عن نافع، بهذا الإسناد.

2 في "معجم البلدان" 4/412: قورس، بالضم ثم السكون وراء مضمون وسين مهملة: مدينة أزلية، بها آثار قديمة وكورة من نواحي حلب، وبها آثار باقية.

ص: 450

4-

‌ بَابُ: فَضْلِ الْجِهَادِ

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ جِهَادَ الْفَرْضِ وَالنَّفَقَةِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنَ الطَّاعَاتِ الْأُخَرِ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا فَرْضٌ

4591 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَيْرُوتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلْفٍ الدَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَعْمُرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: ما أبالي أن أعمل عملا بعد الإسلام إلا أَعْمُرُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَقَالَ آخَرُ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} 1.

1 حديث صحيح، محمد بن خالف الداري روى عنه أبو داود وأبو مسهر وأبو حاتم الرازي، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو الحسن بن جوصاء. ومعمر بن يعمر روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات"، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.

وأخرجه مسلم 1879 في الإمارة: باب فضل الشهادة في سبيل الله،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 451

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن حسن بن علي الحلواني، عن أبي توبة، عن معاوية بن سلام، بهذا الإسناد.

وأخرجه من طريق آخر عن معاوية بن سلام، به.

وأخرجه البغوي في "معالم التنزيل" 2/275 من طريق أبي داود السجستاني، عن أبي توبة، عن معاوية بن سلام، به.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 16557 عن أبي الوليد الدمشقي أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا معاوية بن سلام، عن جده أبي سلام الأسود، عن النعمان بن بشير.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/144، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه.

ص: 452

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِيهِ يَقُومُ مَقَامَ الْهِجْرَةِ

4592 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفتح ولكن جهاد ونية"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيحين غير هشام بن خالد الأزرق، فقد روى له أبو داود وابن ماجة، وهو صدوق.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" 97/1، والقضاعي في "مسند الشهاب" 845 من طريق أبي الوليد القرشي، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق 9713، وأحمد 1/226 و266 و315-316 و355، والدارمي 2/239، والبخاري 1834 في جزاء الصيد: باب لا يحل القتال بمكة، و2783 في الجهاد: باب فضل الجهاد، و2825 باب وجوب النفير، و3077 باب لا هجرة بعد الفتح، ومسلم 1353 في الحج: باب تحريم مكة وصيدها

، وفي الإمارة: باب المبايعة بعد فتح مكة، وأبو داود 2480 في الجهاد: باب في الهجرة هل انقطعت؟ والترمذي 1590 في السير: باب ما جاء في الهجرة، والنسائي 7/146 في الجهاد: باب ذكر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 452

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الاختلاف في انقطاع الهجرة، وابن الجارود 1030، والطبراني 10944، والبيهقي 5/195 و9/16، والبغوي 2003، والقضاعي في "مسند الشهاب" 844 من طرق عن منصور، عن مجاهد، عن طاووس، عن ابن عباس.

وفي الباب عن عائشة عند البخاري 3080 و3900 و4312، ومسلم 1864.

وعن ابن عمر عند البخاري 3899 و4309 و4310 و4311.

وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/22 و5/187، والطيالسي 601 و967 و2205.

وعن مجاشع بن مسعود عند أحمد 3/468 و469، والبخاري 2962، ومسلم 1863.

ص: 453

‌ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِلْمُهَاجِرِ وَالْغَازِي عَلَى أَيَّةِ حَالَةٍ أَدْرَكَتْهُمَا الْمَنِيَّةُ فِي قَصْدِهِمَا

4593 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ: تَسْلَمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ، فَعَصَاهُ، فَأَسْلَمَ، فَغَفَرَ لَهُ، فقعد له لطريق الْهِجْرَةِ فَقَالَ لَهُ: تُهَاجِرُ وَتَذَرُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ، فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ"، فَقَالَ لَهُ: تُجَاهِدُ وَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتَقْتُلُ، فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ الْمَالُ فَعَصَاهُ فَجَاهِدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَمَاتَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أو

ص: 453

وَقَصَتْهُ دَابَّةٌ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ" 1.

1 إسناده قوي. هاشم بن القاسم: هو ابن مسلم الليثي مولاهم البغدادي أبو النضر، وأبو عقيل: هو عبد الله بن عقيل الثقفي.

وأخرجه أحمد 3/483، والنسائي 6/21 من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني 6558 من طريقين عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل، عن موسى الثقفي أبي جعفر، عن سالم بن أبي الجعد، عن سبرة بن الفاكه.

ص: 454

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4594 -

أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: جَلَسْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أَيُّكُمْ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَسْأَلَهُ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: فَهِبْنَا أَنْ يَسْأَلَهُ مِنَّا أَحَدٌ قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُفْرِدُنا رَجُلًا رَجُلًا يَتَخَطَّى غَيْرَنَا، فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ، أَوْمَأَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَرْسَلَ إِلَيْنَا؟ فَفَزِعْنَا أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِينَا قَالَ: فَقَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف:2] قَالَ: فَقَرَأَ مِنْ فَاتِحَتِهَا إِلَى خَاتِمَتِهَا، ثُمَّ قَرَأَ يَحْيَى مِنْ فَاتِحَتِها إِلَى خَاتِمَتِهَا، ثُمَّ قَرَأَ الْأَوْزَاعِيُّ مِنْ فَاتِحَتِهَا إِلَى خَاتِمَتِهَا، وَقَرَأَهَا الوليد من فاتحتها إلى خاتمتها1.

1 إسناده حسن من أجل هشام بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 454

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عمار، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هشام بن عمار فمن رجال البخاري، وفيه كلام ينزل حديثه عن رتبة الصحيح.

وأخرجه الدارمي 2/200، والترمذي 3309 في التفسير: باب ومن سورة الصف، والواحدي في "أسباب النزول" ص285، والحاكم 2/69 و229 من طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.

ومحمد بن كثير –وهو ابن أبي عطاء الثقفي الصنعاني- كثير الخطأ، قال الترمذي: وقد خولف في إسناده هذا الحديث عن الأوزاعي، وروى ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن سلام أو عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلام.

قلت: أخبره أحمد في "المسند" 5/452 من طريق يعمر، عن عبد الله بن المبارك، أخبرنا الأوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، حدثني هلال بن أبي ميمون أن عطاء بن يسار حدثه أن عبد الله بن سلام حدثه، أو قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سلام.

وأخرجه الحاكم 2/486-487 من طريق الوليد بن مزيد، وأبي إسحاق الفزاري، كلاهما عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سلام، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو في "سنن البيهقي" 9/159 و160 عن الحاكم.

وقال الحافظ في "الفتح" 8/509: وقع لنا سماع هذه السورة يعني سورة الصف مسلسلاً في حديث ذكر في أول سبب نزولها، وإسناده صحيح قلَّ أن وقع في المسلسلات مثله مع مزيد علّوه.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 6/212، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن المنذر، والبيهقي في "الشعب"، وابن مردويه.

ص: 455

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ

4595 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا سمع القوم

ص: 455

وَهُمْ يَقُولُونَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ" ثُمَّ سَمِعَ نِدَاءً فِي الْوَادِي يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَأَنَا أَشْهَدُ، وَأَشْهَدُ لَا يَشْهَدُ بِهَا أحد إلا بريء من الشرك"1.

1 إسناده قوي على شرط مسلم غير يوسف بن عبد الله بن سلام، فقد روى له أصحاب السنن، وهو صحابي صغير.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" 2338، وأحمد 5/451 عن ابن وهب، بهذا الإسناد، إلا أنهما قالا: يحيى بن عبد الرحمن بدل يحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن عبد الرحمن هذا ذكره في "التهذيب" 11/251، فقال: يحيى بن عبد الرحمن الثقفي، روى عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وعنه سعيد بن أبي هلال، ذكره ابن حبان في "الثقات". قلت: هو في ثقات المؤلف 5/527، لكن فيه يروي عن ابن عمر بدل عون بن عبد الله بن عتبة، وترجمته في "الجرح والتعديل" 9/166 كما في "التهذيب".

وذكره الهيثمي في "المجتمع" 1/59، وزاد نسبته إلى الطبراني، وقال: رجال أحمد موثقون، ثم أورده في 5/278، ونسبه لأحمد والطبراني في "الأوسط" وقال: ورجالهم ثقات.

ص: 456

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ إِنَّمَا هِيَ مَعَ الشَّهَادَةِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

4596 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ" قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ

ص: 456

أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا،" قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: "تُعِينُ صَانِعًا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ"، قُلْتُ: فَإِنْ ضَعُفْتُ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: "فَدَعِ الشَّرَّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بها على نفسك"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو مراوح، بضم الميم بعدها راء خفيفة، وكسر الواو بعدها حاء مهملة، الغفاري، ويقال: الليثي، وهو مدني من كبار التابعين لا يعرف اسمه، قال الحاكم أبو أحمد: يعد من النفر الذين ولدوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث.

وأخرجه أحمد 5/150، والبخاري 2518 في العتق: باب أي الرقاب أفضل، عن عبيد الله بن موسى، ومسلم 84 في الإيمان: باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، عن حماد بن زيد، والبغوي 2418 عن جعفر بن عون، أربعتهم عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 6/273 و9/272 و10/273 من طريق جعفر بن عون وعبيد الله بن موسى، كلاهما عن هشام، به.

وأخرجه أحمد 5/163، ومسلم 84، والبيهقي 6/81 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن حبيب مولى عروة بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن أبي مرواح، عن أبي ذر.

وأخرجه مختصراً النسائي 6/19 في الجهاد: باب ما يعدل الجهاد في سبيل الله، من طريق شعيب، عن الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن عروة، عن أبي مرواح، عن أبي ذر،

وقوله: " أن تصنع لأخرق" فالأخرق: الذي ليس في يده صنعة.

ص: 457

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ الَّذِي هُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ هُوَ الْجِهَادُ الْمُتَعَرِّي عَنِ الْغُلُولِ

4597 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ

ص: 457

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ إِيمَانٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَغَزْوٌ لَا غُلُولَ فِيهِ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ".

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ تُكَفِّرُ الْخَطَايَا سَنَةً1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 2/258 و442 و521. والطيالسي 2518 من طرق عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن عبد الله بن حبشي عند أحمد 3/411-412، والنسائي 5/58 و8/94، والدارمي 2/331.

وعن ماعز التميمي عند أحمد 4/342، والطبراني في "الكبير" 20/809 و810 و811.

وعن الشفاء بنت عبد الله عند الطبراني 24/791.

الغلول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة قبل القسمة.

والحج المبرور: هو الذي لا يخالطه شيء من المآثم، وقيل: هو المقبول المُقابَل بالبِر وهو الثواب.

ص: 458

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَنَامُ الطَّاعَاتِ

4598 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ: أَيَّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ" قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ

ص: 458

فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَنَامُ الْعَمَلِ" قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "حَجٌّ مبرور" 1.

1 إسناده حسن، محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي، روى له البخاري مقروناً ومسلم متابعة، وهو صدوق له أوهام، وباقي السند ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد 2/287 عن محمد بن بشر، والترمذي 1658 في فضائل الجهاد: باب ما جاء أي الأعمال أفضل، من طريق عبدة بن سليمان، كلاهما عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن صحيح، قد روي من غير وجه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أحمد 2/264، والبخاري 26 في الإيمان: باب من قال: إن الإيمان هو العمل، و1519 في الحج: باب فضل الحج المبرور، ومسلم 83 في الإيمان: باب كون الإيمان بالله تعالى من أفضل الأعمال، والنسائي 8/93 في أول الإيمان، والبيهقي 9/157، والبغوي 1840 من طرق عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

وأخرجه عبد الرزاق 20296، ومن طريقه أحمد 2/268، ومسلم 83، والنسائي 5/113 في الحج: باب فضل الحج، و6/19 في الجهاد: باب ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل، والبيهقي 5/262 عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

ص: 459

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ التَّخَلِّي بِالْعِبَادَةِ

4599 -

أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ، قَالَ: "رَجُلٌ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

ص: 459

بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ ثُمَّ مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ" 1

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير منصور بن أبي مزاحم، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/37، والبخاري "2786" في الجهاد: باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، و"6494" في الرقاق: باب العزلة راحة من خلاط السوء، ومسلم "1888" في الإمارة: باب فضل الجهاد والرباط، والترمذي "1660" في الجهاد: باب أي الناس أفضل، والنسائي 6/11 في الجهاد: باب فضل من يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله، وأبو داود "2485" في الجهاد: باب في ثواب الجهاد، وابن ماجة "3978" في الفتن: باب العزلة، والبيهقي 9/159 من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

ص: 460

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْمُجَاهِدِ الَّذِي يَكُونُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَابِدِ الْمُتَجَرِّدِ لِلَّهِ

4600 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ خَيْرُ النَّاسِ فِيهِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كُلَّمَا سَمِعَ بِهَيْعَةٍ اسْتَوَى عَلَى مَتْنِهِ، ثُمَّ طَلَبَ الْمَوْتَ مَظَانَّهُ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ يُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَدَعُ النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرِهِ" 1

1 إسناده حسن، أسامة بن زيد: هو أبو زيد المدني، روى له البخاري تعليقاً ومسلم في الشواهد، وهو صدوق يهم، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو في "المصنف" لابن أبي شيبة 5/291.

وأخرجه أحمد 2/443، ومسلم "1899" "127" في الإمارة: باب فضل. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 460

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الجهاد والرباط، من طرق عن وكيع بهذا الإسناد.

وأخرجه البغوي 2623 من طريق ابن وهب، عن أسامة بن زيد، به.

وأخرجه مسلم 1899، وابن ماجة 3977، والبيهقي 9/159 من طرق عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن بعجة، عن أبي هريرة.

والهيعة: الصوت الذي يفزع منه ويخافه من عدوه، يقال: هاع يهيع هيوعاً وهيعان: إذا جبن، ورجل هائع لائع: إذا كان جباناً ضعيفاً.

ص: 461

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ فِي الْإِسْلَامِ يَهْدِمُ مَا كَانَ مِنَ الْحَوْبَاتِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ

4601 -

أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مُقَنَّعٌ فِي الْحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ أَوْ أَسْلَمَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ"، فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتِلْ، فَقُتِلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هَذَا عمل قليلا وأجر كثيرا"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عثمان –وهو ابن كرامة الكوفي العجلي- فمن رجال البخاري.

وأخرجه البخاري 2808 في الجهاد: باب عمل صالح قبل القتال، عن محمد بن عبد الرحيم، عن شبابة بن سوار، عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وانظر "صحيح مسلم"1900.

ص: 461

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْغُدُوَّ وَالرَّوَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِلْمُجَاهِدِ يَكُونُ خَيْرًا مِنْ أَنْ تَكُونَ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

4602 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ

ص: 461

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 3/132 و153 و207، ومسلم 1880 في الإمارة: باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/141 و157 و263 و263-264، والبخاري 2792 في الجهاد: باب الغدوة والروحة في سبيل الله، و2796: باب الحور العين وصفتهن، و6568 في الرقاق: باب صفة الجنة والنار، والترمذي 1651 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل الغدو والرواح في سبيل الله، وابن ماجة 2757 في أول الجهاد، من طرق عن حميد، عن أنس.

وفي الباب عن سهل بن سعد عند أحمد 3/433 و5/335 و337، والبخاري 2794 و2892 و3250 و6415، ومسلم 1881، والترمذي 1648، والنسائي 6/15، وابن ماجة 2756، والدارمي 2/202، والبيهقي 9/158.

وعن أبي أيوب عند أحمد 5/442، ومسلم 1883، والنسائي 6/15.

وعن أبي هريرة عند البخاري 2793 و3253، ومسلم 1882، والترمذي 1649، وابن ماجة 2755.

وعن ابن عباس عند أحمد 1/256، والطيالسي 2699، والترمذي 1649.

وعن معاوية بن خديج عند أحمد 6/401، وعن أبي أمامة عند أحمد أيضاً 5/266.

ص: 462

‌ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْوَاقِفِ سَاعَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِإِعْطَائِهِ خَيْرًا مِنْ مُصَادَفَةِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

4603 -

أَخْبَرَنَا خَلَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِيُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ بِنَهَرِ

ص: 462

سَابُسَ عَلَى الدِّجْلَةِ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ، حَدَّثَنَا الْمَقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي الرِّبَاطِ، فَفَزِعُوا إِلَى السَّاحِلِ، ثُمَّ قِيلَ: لَا بَأْسَ، فَانْصَرَفَ النَّاسُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَاقِفٌ، فَمَرَّ بِهِ إِنْسَانٌ فَقَالَ: مَا يُوقِفُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَوْقِفُ سَاعَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعَ مُجَاهِدٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَادِيثَ مَعْلُومَةً بَيْنَ سَمَاعِهِ فِيهَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا، لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مَوْلِدُ مُجَاهِدٌ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَاتَ مُجَاهِدٌ سَنَةَ ثَلَاثَ وَمِئَةٍ، فَدُلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ مُجَاهِدًا سمع أبا هريرة2.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عباس بن عبد الله الترقفي فقد روى له ابن ماجة، وهو ثقة عابد وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 2/849، وزاد نسبته لأبي نعيم نعمي.

2 قلت: وفي "سنن البيهقي" 7/270 التصريح بسماع مجاهد من أبي هريرة.

ص: 463

‌ذِكْرُ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى النَّارِ الْأَقْدَامَ الَّتِي 1 اغْبَرَّتْ فِي سَبِيلِهِ

4604 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ حُصَيْنِ بن حرملة المهري

1 في الأصل: "الذي"

ص: 463

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُصَبِّحِ الْمَقْرَائِيُّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ بِأَرْضِ الرُّومِ فِي طَائِفَةٍ عَلَيْهَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيُّ إِذْ مَرَّ مَالِكٌ بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَمْشِي يَقُودُ بَغْلًا لَهُ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: أَيْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ارْكَبْ، فَقَدْ حَمَلَكَ اللَّهُ، فَقَالَ جَابِرٌ: أُصْلِحُ دَابَّتِي، وَأَسْتَغْنِي عَنْ قَوْمِي، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ" فَأَعْجَبَ مَالِكًا قَوْلُهُ، فَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ حَيْثُ يُسْمِعُهُ الصَّوْتَ نَادَاهُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ارْكَبْ، فَقَدْ حَمَلَكَ اللَّهُ، فَعَرَفَ جَابِرٌ الَّذِي أَرَادَ بِرَفْعِ صَوْتِهِ، وَقَالَ: أُصْلِحُ دَابَّتِي، وَأَسْتَغْنِي عَنْ قَوْمِي، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ" فَوَثَبَ النَّاسُ عَنْ دَوَابِّهِمْ، فَمَا رَأَيْنَا يَوْمًا أَكْثَرَ مَاشِيًا مِنْهُ1.

الْمُقْرِيُّ: قَرْيَةٌ بِدِمَشْقَ، وَالْمَهْرِيُّ: سِكَّةٌ بِالْفُسْطَاطِ. قاله الشيخ.

1 حديث صحيح، عتبة بن أبي حكيم كثير الخطأ، وحصين بن حرملة المهري ذكره المصنف في "الثقات" 6/213، وذكره البخاري 3/10، وقال: يُعد في الشاميين، ولم يذكر فيه جرحاً وتبعه ابن أبي حاتم 3/191. ومالك بن عبد الله الخثعمي ذكره المؤلف في الصحابة من "ثقاته" 3/379 تبعاً للبخاري، فقال: مالك بن عبد الله الخثعمي له صحبة، سكن الشام، وحديثه عن أهلها، ثم ذكره في التابعين 5/385 فقال: مالك بن عبد الله الخثعمي كان يسكن لدّ من فلسطين، من العباد يروي عن جماعة من الصحابة روى عنه أهل فلسطين، وقال الحافظ في تعجيل المنفعة ص386: يقال: إن له صحبة ولم يصح، وأثبتها البخاري، وباقي رجاله ثقات. عبد الله: هو ابن المبارك، والحديث في كتابه "الجهاد"22.

وأخرجه أحمد 3/367، والطيالسي 1772، وأبو يعلى 2075 والبيهقي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 464

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 9/162 من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/225-226، والطبراني 19/661 عن الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جابر أن أبا المصبح الأوزاعي حدثهم قال: بينا نسير في درب قَلَمْيَة إذ نادى الأمير مالك بن عبد الله الخثعمي رجل يقود فرسه في عراض الجبل: يا أبا عبد الله ألا تركب؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن اغبرت قدماه في سبيل الله عز وجل ساعة من نهار، فهما حرام على النار". وهذا سند صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي المصبح، وهو ثقة.

وأخرجه الدارمي 2/202 عن القاسم بن كثير سمعت عبد الرحمن بن شريح، عن عبد الله بن سليمان أن مالك بن عبد الله مرَّ على حبيب بن مسلمة، أو حبيب مرّ على مالك وهو يقود فرساً، وهو يمشي، فقال: ألا تركب حملك الله؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اغبرت قدماه في سبيل الله حرّمه الله على النار". وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/286، ونسبه للطبراني، وقال: عبد الله بن سليمان لم أعرفه، وبقية رجاله وُثِّقوا.

وأخرجه أحمد 5/226 عن وكيع، حدثنا محمد بن عبد الشعيثي، عن ليث بن المتوكل، عن مالك بن عبد الله الخثعمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغبرت قدماه في سبيل الله حرّمه الله على النار".

وفي الباب عن أبي عيسى، وهو الآتي بعد هذا.

وعن أبي بكر عند المروزي 21، والبزار 1660.

وعن أبي الدرداء عند أحمد 6/443-444.

ص: 465

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4605 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَدْرَكَنِي عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَنَا أَمْشِي إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سبيل الله حرمهما الله على النار"1.

فوقه ثقات من رجال الشيخين. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 465

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو عَبْسٍ هَذَا: مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ جُشَمِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ الْأَنْصَارِيُّ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ، وَدَخَلَ قَبْرَهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ.

وَكُلُّ مَا يَرْوِي الْوَلِيدُ مِنْ رِوَايَةِ الشَّامِيِّينَ، فَهُوَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمَا يَكُونُ مِنْ رِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ فَهُوَ بُرَيْدٌ.

=وأخرجه أحمد 3/479، والبخاري 907 في الجمعة: باب المشي إلى الجمعة، والترمذي 1632 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل من اغبرت قدماه في سبيل الله، والنسائي 6/14 في الجهاد: باب ثواب من اغبرت قدماه في سبيل الله، والبغوي 2618 من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 2811 في الجهاد: باب من اغبرت قدماه في سبيل الله، والبيهقي 9/162 عن إسحاق:، عن محمد بن المبارك، عن يحيى بن حمزة، عن يزيد بن أبي مريم، به.

ص: 466

‌ذِكْرُ نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْغُبَارِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَيْحِ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ مُسْلِمٍ

4606 -

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَجْتَمِعُ فِي جَوْفِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَيْحُ جَهَنَّمَ، وَلَا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد"1.

1 إسناده حسن، وأخرجه النسائي 6/12-13، والطبراني في "الصغير" 410 عن عيسى بن حماد، وأحمد 2/340 عن يونس، كلاهما عن الليث، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 2/72 من طريق يحيى بن بكير عن الليث، ووافقه الذهبي. وله طريق آخر تقدم برقم 3251.

ص: 466

‌ذِكْرُ نَفْيِ اجْتِمَاعِ دُخَانِ جَهَنَّمَ وَغُبَارٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي مَنْخَرَيْ مُسْلِمٍ

4607 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْوَزَّانُ بِجُرْجَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْخَيَّاطُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَجْتَمِعُ دُخَانُ جهنم وغبار في سبيل الله في منخري مسلم"1.

1 إسناده حسن. محمد بن ميمون صدوق ربما أخطأ وقد روى له أصحاب السنن، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.

وأخرجه النسائي 6/12، والترمذي 1633 من طريقين عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طلحة، بهذا الإسناد.

ص: 467

‌ذِكْرُ تَمْثِيلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غُزَاةِ الْبَحْرِ بِالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ

4608 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ أَنَّهَا قَالَتْ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ، كَالْمُلُوكِ عَلَى الأسرة" قالت:

ص: 467

فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ، فَفَعَلَ مِثْلَهَا، فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ. قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ:"أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ"، فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيَةً أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزَاتِهِمْ، قَرَّبَ إِلَيْهَا دابتها لتركبها، فصرعت، فماتت1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عيسى بن حماد –وهو التجيبي الملقب بزغبة- فمن رجال مسلم. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه البخاري 2799 في الجهاد: باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم، عن عبد الله بن يوسف، وابن ماجة 2776 في الجهاد: باب فضل غزو البحر، عن محمد بن رمح، كلاهما عن الليث، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 2894 في الجهاد: باب ركوب البحر، والطبراني 25/319 عن أبي النعمان عارم، ومسلم 1912 161 في الإمارة: باب فضل الغزو، والبيهقي 9/166 عن خلف بن هشام، والنسائي 6/41 في الجهاد: باب فضل الجهاد في البحر، عن يحيى بن حبيب، وأبو داود 2490 في الجهاد: باب فضل الغزو في البحر، عن سليمان بن داود العتكي، وأحمد 6/423 عن سليمان بن حرب، خمستهم عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه أحمد 6/361، والطبراني 25/321 من طرق عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه أيضاً 6/423 عن عبد الصمد، عن أبيه، عن يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه مالك في "الموطأ"2/464-465 في الجهاد: باب الترغيب في الجهاد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2788 في الجهاد: باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجل والنساء، و6282 في الاستئذان: باب من زار قوماً فقال عندهم، و7001 في التعبير: باب رؤيا النهار، ومسلم 1912، وأبو داود. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 468

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَبْرُهَا بِجَزِيرَةٍ فِي بَحْرِ الرُّومِ، يُقَالُ لَهَا: قُبْرُسُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهَا قلع ثلاثة أيام1.

= 2491، والنسائي 6/40-41، والترمذي 1645 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في غزو البحر، والبيهقي 9/165-166، والبغوي 3730.

وأخرجه البخاري 2877 في الجهاد: باب غزو المرأة في البحر، عن عبد الله بن محمد، عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أنس بن مالك.

وقد توسع الحافظ في "الفتح" 11/73-81 في شرح هذا الحديث وبيان ما فيه من الفوائد، فانظره لزاماً.

1 تقع شمال غرب بيروت، تبعد عنها 130 ميلاً تقريباً، قال خليفة بن خياط في "تاريخه" ص160 في حوادث سنة ثمان وعشرين: وفيها غزا معاوية البحر ومعه امرأته فاختة بنت قرظة من بني عبد مناف، ومعه عبادة بن الصامت ومعه امرأته أم حرام بنت ملحان الأنصارية، فأتى قبرس، فتوفيت أم حرام فقبرها هنالك. وقد أرخ هذه الغزوة في سنة ثمان وعشرين غير واحد، وبه جزم ابن أبي حاتم. وكان ذلك في خلافة عثمان رضي الله عنه.

ص: 469

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِي غَيْرِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ

4609 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مِعَنٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا كُنْتُ كَتَمْتُكُمُوهُ ضَنًّا بِكُمْ، وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ أُبْدِيَهُ نَصِيحَةً لِلَّهِ وَلَكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "يوم

ص: 469

فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ" فَلْيَنْظُرْ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ لِنَفْسِهِ1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو مِعَنٍ هَذَا: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مِعَنٍ الْغِفَارِيُّ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَبُو عَقِيلٍ: زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ مِنْ أَهْلِ الرَّمْلَةِ، وَأَبُو صَالِحٍ مولى عثمان: اسمه الحارث.

1 أبو صالح مولى عثمان ذكره المؤلف في "الثقات" 4/136، وقال العجلي ص501: روى عنه زُهرة بن معبد وأهل مصر: ثقة، ووثقه أيضاً الهيثمي في "المجمع" 1/297، وجزم الدارقطني والرامهرمزي والمؤلف بأن اسمه الحارث، ويقال: تركان، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد 1/62، والدارمي 2/211، والترمذي 1667 في فضائل الجهاد: ما جاء في فضل المرابط، والنسائي 6/40 في الجهاد: باب فضل الرباط، من طرق عن زهرة بن معبد، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الحاكم 2/68 على شرط البخاري ووافقه الذهبي، مع أن أبا صالح مولى عثمان لم يخرج له البخاري.

ص: 470

‌ذِكْرُ تَكَفُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ خَرَجَ لِلْجِهَادِ قَصْدًا إِلَى بَارِئِهِ بِأَنْ يَرُدَّهُ بِأَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ

4610 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مع ما نال من أجر غنيمة"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان،..=

ص: 470

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وهو في "الموطأ" 2/443-444 في أول كتاب الجهاد.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري 3123 في فرض الخمس: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحلت لكم الغنائم"، و7457 في التوحيد: باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} ، و7463 باب قول الله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي

} ، والنسائي 6/16 في الجهاد: باب ما تكفل الله عز وجل لمن يجاهد في سبيله.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" 2311 عن سفيان و2312 عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، كلاهما عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 1876 104 في الإمارة: باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، والبيهقي 9/157 عن يحيى بن يحيى، عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، به.

وأخرجه البخاري 2787 في الجهاد: باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/399 و424، والبيهقي 9/39 من طرق عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وأخرجه النسائي 8/119 في الإيمان: باب الجهاد، عن قتيبة، عن الليث، عن سعيد، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة.

وأخرجه البيهقي 9/157 من طريق مسدد، عن عبد الواحد بن زياد، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة.

ص: 471

‌ذِكْرُ وَصْفِ الدَّرَجَاتِ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

4611 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا

ص: 471

بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَهُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَهُوَ أَعْلَى الْجَنَّةِ، وفوقه العرش، ومنه تفجر أنهار الجنة" 1.

1 فليح بن سليمان احتج به البخاري وأصحاب السنن وروى له مسلم حديثاً واحداً وهو حديث الإفك، وضعفه يحيى بن معين والنسائي وأبو داود، وقال الساجي: هو من أهل الصدق وكان يهم، وقال الدارقطني: مختلف فيه ولا بأس به، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب وهو عندي لا بأس به، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو القيسي.

وأخرجه أحمد 2/335 عن أبي عامر، و339 عن فزارة بن عمر، كلاهما عن فليح، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 2790 في الجهاد: باب درجات المجاهدين عن يحيى بن صالح، و7423 في التوحيد: باب وكان عرشه على الماء، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص398 عن محمد بن فليح، والحاكم 1/80 عن سريج بن النعمان وابن وهب، والبغوي 2610 عن سريج بن النعمان، أربعتهم عن فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة.

وقد علق الحافظ على قوله: عن عطاء بن يسار فقال: كذا لأكثر الرواة عن فليح، وقال أبو عامر العقدي: عن فليح عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، بدل عطاء بن يسار، أخرجه أحمد وإسحاق في "مسنديهما" عنه، وهو وهم من فليح حال تحديثه لأبي عامر، وعند فليح بهذا الإسناد حديثٌ غير هذا سيأتي في الباب الذي بعدَ هذا، فلعله انتقل ذهنُه من حديث إلى حديث، وقد نبه يونس بن محمد في روايته عن فليح على أنه كان ربما شكَّ فيه، فأخرج أحمد عن يونس، عن فليح، عن هلال، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة وعطاء بن يسار، عن أبي هريرة، فذكر هذا الحديث، قال فليح: ولا أعلمه إلا ابن أبي عمرة، قال يونس: ثم حدثنا به فليح، فقال: عطاء بن يسار، ولم يشك، انتهى. وكأنه رجع إلى الصواب فيه، ولم يقف ابن حبان على هذه، فأخرجه من طريق أبي عامر.

وقد وافق فليحاً على روايته إياه عن هلال، عن عطاء، عن أبي هريرة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 472

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "فَهُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ" يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْفِرْدَوْسَ فِي وَسَطِ الْجِنَّانِ فِي الْعَرْضِ، وَقَوْلُهُ:"وَهُوَ أَعْلَى الْجَنَّةِ" يُرِيدُ بِهِ فِي الِارْتِفَاعِ1.

= محمدُ بن جحادة عن عطاء أخرجه الترمذي 2529 من روايته مختصراً، وقال: هذا حديث حسن غريب، ورواه زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، فاختلف عليه، فقال هشام بن سعد وحفص بن ميسرة والدراوردي عنه عن عطاء عن معاذ ابن جبل، أخرجه الترمذي 2530، وابن ماجة 4331، وقال همام: عن زيد، عن عطاء، عن عبادة بن الصامت، أخرجه الترمذي 2531، والحاكم 1/80، ورجح رواية الدراوردي ومن تابعه على رواية همام، ولم يتعرض لرواية هلال مع أن بين عطاء بن يسار ومعاذ انقطاعاً.

1 في "فتح الباري" 6/16: المراد بالأوسط هنا: الأعدل والأفضل كقوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} فعلى هذا فعطف الأعلى عليه للتأكيد، وقال الطيبي: المراد بأحدهما: العلو الحسي، وبالآخر العلو المعنوي، وقال ابن حبان: المراد بالأوسط السعة، وبالأعلى الفوقية.

ص: 473

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ

4612 -

أَخْبَرَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ، وَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ"

ص: 473

قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الجهاد في سبيل الله عز وجل"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو هانئ الخولاني: حميد بن هانئ، وأبو عبد الرحمن الحبلي: عبد الله بن يزيد المعافري.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" 2301، ومسلم 1884 في الإمارة: باب بيان ما أعدّه الله تعالى للمجاهد في الجنة من الدرجات، والنسائي 6/19، والبيهقي 9/158، والبغوي 2611 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/14 عن يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، به.

وصححه الحاكم 2/93 من طريق عبد الله بن صالح، عن أبي شريح المعافري، عن أبي هانئ، عن أبي علي الجنبي، عن أبي سعيد الخدري.

ص: 474

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُجَاهِدِينَ مِنْ وَفْدِ اللَّهِ الَّذِينَ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ

4613 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ الْجَعْفَرِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْحَاجُّ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَالْمُعْتَمِرُ وفد الله، دعاهم فأجابوه"1.

1 الحسن بن سهل الجعفري ذكره المؤلف في "الثقات" 8/177، وكنّاه بأبي علي، وقال: من أهل الكوفة يروي عن أبي خالد الأحمر والكوفيين، حدثنا عنه الحسن بن سفيان وغيره، وقال ابن أبي حاتم 3/17: روى عن محمد بن الحسن الأسدي، وأبي بكر بن عياش، وعبدة ووكيع، ومصعب بن سلام، روى عنه أبو زرعة، وعمران بن عيينة أخو سفيان، روى له أصحاب السنن، مختلف فيه، قال الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام، وعطاء بن السائب رمي بالاختلاط. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 474

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه ابن ماجة 2893، والطبراني في "الكبير" 13556 من طريق عمران بن عيينة، بهذا الإسناد. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 185: إسناده حسن عمران مختلف فيه

ورواه البيهقي من هذا الوجه فوقفه، ولم يرفعه.

وله شاهد عن جابر يتقوى به عند البزار 1153 رفعه "الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم" وسنده ضعيف.

وآخر من حديث أبي هريرة عند ابن ماجة 2892، والبيهقي 5/262، وفي سنده صالح بن عبد الله بن صالح، قال البخاري: منكر الحديث. وانظر 3692.

ص: 475

‌ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِهِ بِكَتْبِهِ أَجْرَ رَقَبَةٍ لَوْ أَعْتَقَهَا لَهُ

4614 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "من رمى بسهم بين سبيل الله، كان كمن اعتق رقبة"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أحمد 4/253-256 عن أبي معاوية بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 9/162 من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن الأعمش، به. وانظر 4597.

ص: 475

‌ذِكْرُ إِعْطَاءِ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ مَنْ بَلَغَ سهما في سبيله

4615 -

أخبرنا محمد بْنِ عَدِيٍّ بِنَسَا، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَاصَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الطَّائِفَ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ لَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ" قَالَ: فَبَلَغَتْ يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا1.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو نَجِيحٍ: اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السلمي.

1 إسناده صحيح، حميد بن زنجويه: هو حميد بن مخلد بن قتيبة الأزدي ثقة ثبت صاحب تصانيف، روى له أبو داود والنسائي، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير معدان بن أبي طلحة فمن رجال مسلم.

وأخرجه أبو داود 3965 في العتق: باب أي الرقاب أفضل، والترمذي 1638 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، والنسائي 6/26 في الجهاد: باب ثواب من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل، من طريقين عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 2/95 و121 على شرط الشيخين ووافقه الذهبي مع أن معدان بن أبي طلحة لم يخرج له البخاري.

وأخرجه البيهقي 9/161 من طريق شيبان، عن قتادة. به.

وأخرجه أحمد 4/386، والنسائي 6/26 و27، والبيهقي 10/272 من طرق عن شرحبيل بن السمط، عن أبي نجيح.

وأخرجه ابن ماجة 281 في الجهاد: باب الرمي في سبيل الله، والبيهقي 9/162 من طريقين عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سليمان بن عبد الرحمن القرشي، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عمرو بن عبسة. وهو في المستدرك 2/96.

وأخرجه أحمد 4/386 عن هاشم بن القاسم، عن الفرج، عن لقمان، عن أبي أمامة، عن عمرو بن عبسة.

ص: 476

‌ذِكْرُ وَصْفِ الدَّرَجَةِ الَّتِي يُعْطِيهَا اللَّهُ لِمَنْ بَلَغَ سَهْمًا فِي سَبِيلِهِ

4616 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ قَالَ:

قُلْنَا لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ: يَا كَعْبُ حَدِّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاحْذَرْ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ بَلَغَ الْعَدُوَّ بِسَهْمٍ، رَفَعَ اللَّهُ بِهِ دَرَجَةً لَهُ" فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النَّحَّامِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الدَّرَجَةُ؟ قَالَ: "أَمَا إِنَّهَا لَيْسَتْ بِعَتَبَةِ أُمِّكَ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ مِائَةُ عَامٍ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُمْ لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ: حَدِّثْنَا وَاحْذَرْ يُرِيدُونَ بِقَوْلِهِمْ: وَاحْذَرْ: أَنْ لَا تَزِلَّ، فَتُزِيدَ أَوْ تَنْقُصَ، وَلَمْ يُرِيدُوا بِقَوْلِهِمْ: وَاحْذَرْ أَنْ لَا تَكْذِبَ، لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ رحمهم الله، وَأَلْحَقَنَا بهم.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه النسائي 6/27 عن محمد بن العلاء، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد

ص: 477

‌ذِكْرُ رَجَاءِ نَوَالِ الْجِنَّانِ بِالثَّبَاتِ تَحْتَ أَظِلَّةِ السُّيُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

4617 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ الْغُبَرِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ:

ص: 477

سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ -وَهُوَ بِحِصْنِ الْعَدُوِّ، أَوْ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ- قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ" فَقَامَ رَجُلٌ رَثَّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَجَاءَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ، فَأَلْقَاهُ، ثُمَّ مَضَى بِسَيْفِهِ قُدُمَا، فضرب به حتى قتل1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. قطن بن نسير قد تُبع، وأبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب، وأبو بكر بن عبد الله بن قيس: اسمه عمر أو عامر، ثقة روى له الستة، مات سنة ست ومئة، وكان أسن من أخيه أبي بردة.

وأخرجه أحمد 4/396 و411، ومسلم 1902 في الإمارة: باب ثبوت الجنة للشهيد، والترمذي 1659 في فضائل الجهاد: باب ما ذكر أن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف، وابن أبي عاصم في "الجهاد" 75/1، والحاكم 2/70، والبيهقي 9/44، وأبو نعيم في "الحلية" 2/317 من طرق عن جعفر بن سليمان، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن عبد الله بن أبي أوفى عند البخاري 2818 و2823 و2966 و3024 و7237، ومسلم 1942، وأبو داود 2631، وأحمد 4/353-354، والحاكم 2/78.

وجفن السيف: غمده، وقُدُماً، بضم الدال أي: لم يُعرِّج ولم نثن.

ص: 478

‌ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ الله قل ثباته في أَوْ كَثُرَ

4618 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ السَّكْسَكِيِّ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَاتَلَ في

ص: 478

سَبِيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" 1.

1 حديث صحيح، إسناده حسن من أجل ابن ثوبان: واسمه عبد الرحمن.

وأخرجه أبو داود 2541 في الجهاد: باب فيمن سأل الله تعالى الشهادة، والطبراني 20/206، والبيهقي 9/170 من طريقين عن ابن ثوبان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/230-231 و244، والنسائي 6/25 في الجهاد: باب ثواب من قاتل في سبيل الله فواق ناقة، والترمذي 1657 في فضائل الجهاد: باب فيمن يُكْلَم في سبيل الله، وابن ماجة 2792 في الجهاد: باب القتال في سبيل الله، وعبد الرزاق 9534، والطبراني 20/204، والبيهقي 9/170 من طرق عن ابن جريج، حدثنا سليمان بن موسى، حدثنا مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل. وسليمان بن موسى: هو الأشدق، فقيه أهل الشام، مختلف فيه، قال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، وقد صرح بالسماع من مالك عند النسائي والبيهقي. وصححه الحاكم 2/77 على شرط مسلم فأخطأ، فإن سليمان بن موسى لم يخرج له مسلم.

وأخرجه الدارمي 2/201، وأحمد 5/235، والطبراني 2/203 من طريق ابن عياش، كلاهما عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، وهذا سند قوي في الشواهد.

وأخرجه الطبراني 20/207 من طريق هشام بن عمار، عن محمد بن عيسى بن سميع، عن زيد بن واقد، عن جبير بن نفير، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل.

وله شاهد من حديث عمرو بن عبسة عند أحمد 4/287.

وفُواق ناقة، بضم الفاء وفتحها: هو ما بين الحلبتين من الراحة، وفي نصب فواق وجهان: أحدهما أن يكون ظرفاً تقديره: وقت فواق، أي وقتاً مقدراً بذلك، والثاني: أن يكون جارياً مجرى المصدر، أي: قتالاً مقدراً بفواق.

ص: 479

‌ذِكْرُ فَضْلِ الْمُهَاجِرِ إِذَا جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4619 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ بِالصَّغْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ

ص: 479

الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "أَنَا زَعِيمٌ –وَالزَّعِيمُ: الْحَمِيلُ- لِمَنْ آمَنَ بِي، وَأَسْلَمَ، وَهَاجَرَ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَأَنَا زَعِيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِي، وَأَسْلَمَ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَبَيْتٍ فِي أَعْلَى غُرَفِ الْجَنَّةِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَدَعْ لِلْخَيْرِ مَطْلَبًا، وَلَا مِنَ الشَّرِّ مَهْرَبًا، يَمُوتُ حَيْثُ شَاءَ أَنْ يَمُوتَ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الزَّعِيمُ لُغَةً أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالْحَمِيلُ لُغَةً أَهْلُ مِصْرَ، وَالْكَفِيلُ لُغَةً أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ الزَّعِيمُ: الْحَمِيلُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أُدْرِجَ فِي الخبر.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمرو بن مالك الجنبي فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة. أبو هانئ الخولاني: هو حميد بن هانئ.

وأخرجه النسائي 6/21 في الجهاد: باب ما لمن أسلم وهاجر وجاهد، عن الحارث بن مسكين، والطبراني 18/801 عن أحمد بن صالح، والبيهقي 6/72 عن بحر بن نصر الخولاني ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكيم، أربعتهم عن ابن وهب، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم 2/61 و71 من طريقين عن ابن وهب به، ووافقه الذهبي، مع أن عمرو بن مالك الجنبي لم يخرج له مسلم.

ص: 480

‌ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتْفَ أَنْفِهِ

4620 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدثنايزيد بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، وَهِشَامُ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: أَلَا لَا تَغْلُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ، لَكَانَ أَوْلَاكُمْ وَأَحَقُّكُمْ بِهَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا مَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ: مَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا، فَلَا تَقُولُوا ذَاكَ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ مَاتَ فِي سبيل الله، فهو في الجنة"1.

1 إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي العجفاء، قيل: اسمه هرم بن نسيب، وقيل بالعكس، وقيل بالصاد بدل السين، روى له أصحاب السنن، ووثقه ابن معين والدارقطني، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال البخاري: في حديثه نظر، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم.

وأخرجه أحمد 1/40-41 و48، والدارمي 2/141، وأبو داود 2106 في النكاح: باب الصداق، والترمذي 1114 في النكاح، والنسائي 6/117-119 في النكاح: باب القسط في الأصدقة، وابن ماجة 1887 في النكاح: باب صداق النساء، والبيهقي 7/234 من طرق عن محمد بن سيرين، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/175-176 من طريق يزيد بن هارون، عَنِ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي العجفاء، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد رواه أيوب السيختياني، وحبيب بن الشهيد، وهشام بن حسان، وسلمة بن علقمة، ومنصور بن راذان، وعوف بن أبي جميلة، ويحيى بن عتيق، كل هذه التراجم من روايات صحيحة عن محمد بن سيرين، وأبو العجفاء السلمي: اسمه هرم بن حيان، وهو من الثقات. وتعقبه الإمام الذهبي في اسمه وقال: بل هرم بن نسيب، ولم يتعقبه في تصحيح الحديث.

ص: 481

‌ذِكْرُ تَمْثِيلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم المجاهد بالصائم القائم الذي لا يفطر ولا يَفْتُرُ

4621 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانَ -وَكَانَ قَدْ صَامَ النَّهَارَ، وَقَامَ اللَّيْلِ ثَمَانِينَ سَنَةً غَازِيًا وَمُرَابِطًا- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَصَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان، والأعرج: عبد الله بن هرمز. وهو في "الموطأ" 2/443 في أول الجهاد، و"شرح السنة"2613.

وأخرجه البخاري 2787 في الجهاد: باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه، عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، والنسائي 6/18 عن هناد بن السري، عن ابن المبارك، عن معمر، كلاهما عن الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هريرة. انظر 4627.

ص: 482

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفَضْلَ يَكُونُ لِلْمُجَاهِدِ وَإِنْ مَاتَ فِي طَرِيقِهِ ذَلِكَ

4622 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ -وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَرَّتَيْنِ- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الْقَانِتِ الصَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ صَلَاةً وَلَا صِيَامًا حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إلى أهله لما يَرْجِعُهُ إِلَيْهِمْ مِنْ غَنِيمَةٍ أَوْ أَجْرٍ أَوْ يتوفاه فيدخله الجنة"1.

1 إسناده حسن، محمد بن عمرو صدوق صاحب أوهام، روى له البخاري مقرونا.

ومسلم متابعة، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح، وانظر ما قبله.

ص: 482

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُعْطِي بِتَفَضُّلِهِ الْمُرَابِطَ يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً خَيْرًا مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ

4623 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ سَلْمَانُ وهو مرابط، فقال: ما تصنع ها هنا يَا شُرَحْبِيلُ؟ فَقَالَ شُرَحْبِيلُ: أُرَابِطُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ سَلْمَانُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "رِبَاطُ يَوْمٍ أَوْ ليلة خير من صيام شهر وقيامه"1.

1 إسناده صحيح، يزيد بن موهب روى له أصحاب السنن وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.

وأخرجه مسلم 1913 في الإمارة: باب فضل الرباط في سبيل الله، والنسائي 6/39 في الجهاد: باب فضل الرباط، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/102، والحاكم 2/80، والبيهقي 9/38 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم 1913، والطحاوي 3/101-102، والحاكم 2/80، والبغوي 2617 من طريق ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، عن عبد الكريم بن الحارث، عن أبي عبيد بن عقبة، عن شرحبيل بن السمط، عن سلمان.

وأخرجه أحمد 5/440، والترمذي 1665 من طريقين عن شرحبيل بن السمط، به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وأخرجه الطبراني 6077 و6177 و6178 و6179 و6180 من طرق عن شرحبيل بن السمط، به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" 101/1-2، والطبراني 6064 من طريق كعب بن عجرة.

وأخرجه الطبراني 6134 من طريق أبي عثمان، عن سلمان.

ص: 483

‌ذِكْرُ انْقِطَاعِ الْأَعْمَالِ عَنِ الْمَوْتَى وَبَقَاءِ عَمَلِ الْمُرَابِطِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَعَ أَمْنِهِ مِنْ عَذَابَ الْقَبْرِ

4624 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا حيوة بن شريح، حدثني أو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّ عَمْرَوَ بْنَ مَالِكٍ الْجَنْبِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَأْمَنُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ". قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نفسه لله عز وجل"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمرو بن مالك الجنبي، فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة، وهو في الجهاد لابن المبارك 174 175.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"18/802 والحاكم 2/144 من طريق عن ابن المبارك، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 6/20 عن إسحاق بن إبراهيم، والترمذي 1621 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل من مات مرابطاً، عن أحمد بن محمد، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود 2500 في الجهاد: باب في فضل الرباط، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/102، والطبراني 18803، والحاكم 2/72 من طريق ابن وهب، عن أبي هانئ الخولاني، به. وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ ووافقه الذهبي!

ص: 484

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُرَابِطَ إِنَّمَا يَجْرِي لَهُ عَمَلِهِ لَا عَمَلُهُ

4625 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ عَنْ سَلْمَانَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنِ مات مرابطا في سبيل الله، أو من عَذَابَ الْقَبْرِ، وَنَمَا لَهُ أَجْرُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: النُّعْمَانُ هَذَا: هُوَ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْغَسَّانِيُّ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ.

1 إسناده قوي، الهيثم بن حميد صدوق وكذا شيخه، وباقي السند ثقات من رجال الصحيح. وانظر 4623.

ص: 485

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُرَابِطَ الَّذِي يَجْرِي لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إِنَّمَا هُوَ أَجْرُ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ فِي حَيَاتِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ

4626 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنِ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ سَلْمَانُ وَهُوَ مُرَابِطٌ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا، أُجْرِيَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وأومن الفتان، ويجري عليه رزقه"1.

1 إسناده صحيح، وهو مكرر 4604.

وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن ماجة 2767، والبزار 1655.

ص: 485

‌ذِكْرُ مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ مِنَ الطَّاعَاتِ

4627 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا بِعَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا تُطِيقُونَهُ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا لَعَلَّنَا نُطِيقُهُ قَالَ: "مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَفْتُرُ مِنْ صَوْمٍ وَلَا صَدَقَةٍ حتى يرجع المجاهد إلى أهله"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 2/459، ومسلم 1878 في الإمارة: باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى، والبيهقي 9/158 من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وانظر 4621.

ص: 486

‌ذِكْرُ إِظْلَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَظَلَّ رَأْسَ غَازٍ فِي سَبِيلِهِ

4628 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدِ، بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ الْعَدَوِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من أَظَلَّ رَأْسَ غَازٍ، أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِجِهَادِهِ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَذْكُرُ فِيهِ اسْمَ اللَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا في الجنة"1.

1 رجاله ثقات رجال الصحيح، الوليد بن أبي الوليد: هو مولى عبد الله بن عمر،......=

ص: 486

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبو عثمان المدني، ويقال: مولى لآل عثمان، قال ابن أبي حاتم 9/19-20: روى عن ابن عمر وعثمان بن عبد الله بن سراقة، وعبد الله بن دينار، وعقبة بن مسلم، روى عنه بكير بن الأشج، وابن الهاد، والليث بن سعد، وحيوة بن شريح، سمعتُ أبي يقول ذلك. سئل أبو زرعة عنه، فقال: ثقة، وفي "تاريخ البخاري" 8/156: قال لنا عبد الله بن يوسف: حدثنا الليث، قال: حدثنا الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان وكان فاضلاً من أهل المدينة، وقال الذهبي في "الكاشف": ثقة: وروى له البخاري في "الأدب المفرد" ومسلم وأصحاب السنن، وأخطأ الحافظ في "التقريب" فلين حديثه.

وعثمان بن عبد الله: هو عثمان بن عبد الله بن عبد الله بن سراقة بن المعتمر العدوي أبو عبد الله المدني سبط عمر، أمه زينب بنت عمر، ثقة روى له البخاري، لكن قالوا: إن روايته عن عمر مرسلة اعتماداً على قول الواقدي، وقد رده الحافظ في "التهذيب" بقوله: وقد أخرج ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" حديثه عن جده عمر بن الخطاب، ومقتضاه أن يكون سمع منه، فالله أعلم، نعم وقع مصرحاً بسماعه منه عند أبي جعفر بن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" له، قال: حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا الوليد بن أبي الوليد، قال: كنت بمكة وعليها عثمان بن عبد الرحمن بن سراقة كذا فيه فسمعته يقول: يا أهل مكة إني سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

فذكر ثلاثة أحاديث "من أظل غازياً

" قال: فسألت عنه، فقالوا لي: هذا ابن بنت عمر بن الخطاب، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح.

وهو في "مسند أبي يعلى"253.

وأخرجه أحمد 1/20، وابن أبي شيبة 1/310، وابن ماجة 2758، والبزار 1665، والحاكم 2/89، والبيهقي 9/172 من طرق عن الليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عثمان بن عبد الله بن سراقة، بهذا الإسناد. وقد تقدم برقم 1609.

تنبيه: لم يرد في سند المؤلف هنا وعند أبي يعلى يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد مع أنه قد ذكر في جميع المصادر المتقدمة التي خرجت الحديث من طريق الليث، وقد ذكروا في ترجمة الوليد بن أبي الوليد أنه يروي عنه. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 487

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الليث بن سعد وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الهاد، فلعل الليث رواه أولاً بواسطة ابن الهاد، ثم رواه مباشرة عن الوليد.

وقد أخرجه أحمد 1/53 من طريق ابن لهيعة، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عثمان بن عبد الله بن سراقة العدوي، به. ولم يذكر ابن الهاد.

ويشهد له حديث زيد بن خالد الجهني الذي سيذكره المؤلف قريباً.

ص: 488

‌ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَنْ خَلَفَ الْغَازِي فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ مِثْلَ نِصْفِ أَجْرِهِ

4629 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ1 بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى بَنِي لِحْيَانَ: لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ:"أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ كَانَ له مثل نصف أجر الخارج"2.

1 في الأصل: سعيد، وهو خطأ.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" 2326، ومن طريق مسلم 1895 138 في الإمارة: باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، وأبو داود 2510 في الجهاد: باب ما يجزئ من الغزو، عن ابن وهب، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 2/82 من طريق ابن وهب، به. ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 3/15 عن هارون بن معروف، عن ابن وهب، به.

وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" 1038 عن محمد بن يحيى، عن أبي نعيم، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سعيد مولى المهري، عن أبي سعيد الخدري.

ص: 488

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا التَّحْصِيرَ لِهَذَا الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّفْيَ عَمَّا وَرَاءَهُ

4630 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ خَلْفَهُ فِي أَهْلِهِ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ حَتَّى إِنَّهُ لَا ينقص من أجر الغازي شيء"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الملك بن أبي سليمان، فمن رجال مسلم. أبو خيثمة: زهير بن حرب، ومحمد بن عُبيد: هو الطنافسي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أحمد 4/114-115 و116 و5/192، والحميدي 818، وسعيد بن منصور في "سننه" 2328، والدارمي 2/209، والترمذي 1629 في فضائل الجهاد: باب من جهز غازياً، وابن ماجة 2759 في الجهاد: باب من جهز غازياً، والطبراني في الكبير 5267 و5268 و5270 و5271 و5272 و5274 و5275 و5276 و5277، وفي "الصغير" 836، والبيهقي 4/240 من طرق عن عطاء، به.

ص: 489

‌ذِكْرُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْغَازِي وَبَيْنَ مَنْ خَلْفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فِي الْأَجْرِ

4631 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:

ص: 489

"مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلْفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ، فَقَدْ غزا"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة فمن رجال مسلم. بكير بن الأشج: هو بكير بن عبد الله بن الأشج.

وأخرجه الطيالسي 956، وأحمد 4/115 و116 و117 و5/193، والبخاري 2483 في الجهاد: باب فضل من جهز غازياً أو خلفه بخير، وسعيد بن منصور 2325، ومسلم 1895 في الإمارة: باب فضل من إعان الغازي، وأبو داود 2509 في الجهاد: باب ما يجزئ من الغزو، والترمذي 1628 في فضائل الجهاد: ما جاء في فضل مَن جهَّز غازياً، والنسائي 6/46 في الجهاد: باب فضل من جهز غازياً، وابن الجارود 1037، والطبراني 5225 و5226 و5227 و5228 و5229 و5230 و5231 و5232 و5233 و5234، والبيهقي 9/28 و47 و172 من طرق عن بسر بن سعيد، بهذا الإسناد.

ص: 490

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ غَزَا أَرَادَ بِهِ أَنَّ لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ

4632 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ، حدثني بن أبي فديك، أخبرني مولى بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"من جَهَّزَ غَازِيًا، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَمَنْ خَلْفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ"1.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ أَخْبَرَنِيهُ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ.

1 رجاله ثقات رجال الصحيح غير مُوْسَى بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وهب بن زمعة، فقد روى له أصحاب السنن وهو سيء الحفظ. ابن أبي فديك: هو مُحَمَّدُ بنُ إِسمَاعِيل بن مسلم بن أبي فديك الدِّيلي مولاهم، وعبد الرحمن بن إسحاق: هو ابن عبد الله بن الحارث بن كنانة المدني. وانظر ما قبله.

ص: 490

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُجَهِّزَ إِنَّمَا يَأْخُذُ كَحَسَنَاتِ الْغَازِي مِنْ أَجْرِ غَزَاتِهِ تِلْكَ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ

مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْغَازِي شَيْءٌ وَكَذَلِكَ الْخَالِفُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ 4633 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ عَبْدِ الملك يعني بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ خَلْفَهُ فِي أَهْلِهِ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ، وَمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا، كُتِبَ لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ" 1

1 إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح. وهو مكرر 3429.

ص: 491

‌ذِكْرُ أَخْذِ الْغَازِي أَجْرَ الْخَالِفِ أَهْلَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ فِي الْقِيَامَةِ

4634 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَعْنَبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حرمة نساء

ص: 491

الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَأُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ إِلَّا نُصِبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: يَا فُلَانُ هَذَا فُلَانٌ، فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: فَمَا ظَنُّكُمْ ما أرى يدع من حسناته شيئا" 1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد بن قدامه المصيصي فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة. بندار: لقب محمد بن بشار، وسفيان: هو الثوري، وابن بريدة: هو سليمان. وأخرجه الحميدي 907 عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه سعيد بن منصور 2331، وعنه مسلم 1897 140 في الإمارة: باب حرمة نساء المجاهدين وإثم من خانهم فيهن، وأبو داود 2496 في الجهاد: باب حرمة نساء المجاهدين، والبيهقي 9/173 عن سفيان، به.

وأخرجه أحمد 5/352، ومسلم 1897 عن وكيع، والنسائي 6/51 في الجهاد: باب من خان غازياً، عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، كلاهما عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه.

ص: 492

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَكُونُ لِمَنْ خَلْفَ لِأَهْلِ الْغَازِي بِشَرٍّ

4635 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ قَاعِدٍ يَخْلُفُ مُجَاهِدًا فِي أَهْلِهِ بِسُوءٍ إِلَّا أُقِيمَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا خَلْفُكَ فِي أَهْلِكَ بِسُوءٍ فَخُذْ من حسناته"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن بريدة فمن رجال مسلم

وأخرجه النسائي 6/50 عن هارون بن عبد الله، عن حرمي بن عمارة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/355 عن ليث، ومسلم 1897 عن مسعر، كلاهما عن علقمة بن مرثد، به.

وأخرجه الطبراني 1164 من طريق يزيد النحوي، عن ابن بريدة، به.

ص: 492

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِي يَأْجُرُ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ

4636 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَنَّى ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ:"مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العليا، فهو في سبيل الله"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي.

وأخرجه الطيالسي 487 و488، وأحمد 4/392 و397 و402 و405 و417، والبخاري 123 في العلم: باب من سأل وهو قائم عالماً جاساً، و2810 في الجهاد: باب مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، و3126 في فرض الخمس: باب من قاتل للمغنم هل ينقص أجره، و7458 في التوحيد: باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} ، ومسلم 1904 في الإمارة: باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، وأبو داود 2517 في الجهاد: باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، والترمذي 1646 في فضائل الجهاد: باب ما جاء فيمن يقاتل رياء وللدنيا، والنسائي 6/23 في الجهاد: باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وابن ماجة 2783 في الجهاد: باب النية في القتال، والبيهقي 9/167 و168، والبغوي 2626 من طرق عن أبي وائل، بهذا الإسناد.

ص: 493

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ كَتْبَةِ اللَّهِ الْأَجْرَ لِمَنْ غَزَا فِي سَبِيلِهِ يُرِيدُ بِهِ شَيْئًا مِنْ عَرَضِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ

4637 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بن أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ مِكْرَزٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يَبْتَغِي مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا أَجْرَ لَهُ" فَأَعْظَمَ ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَعَلَّكَ لَمْ تُفَهِمْهُ، قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يَبْتَغِي مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا؟ قَالَ:"لَا أَجْرَ لَهُ" فَأَعْظَمَ ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ: رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي مِنْ عرض الدنيا؟ قال: "لا أجر له"1.

1 رجاله ثقات رجال الصحيح غير مكرز، كذا وقع في الأصل و"التقاسيم" وثقات المؤلف 5/464-465 مكرز بدون كلمة ابن، وعند غيره ممن خرجه هو ابن مكرز وترجمه البخاري في "الكبير" 8/447 باسم ابن المكرز وكذلك ابن أبي حاتم 9/328، وهو الصواب إن شاء الله، وسماه الإمام أحمد 2/366 في رواية يزيد بن مكرز ولم يوثقه غير المؤلف، وقال ابن المدني: مجهول.

وأخرجه أبو داود 2516 في الجهاد: باب في من يغزو ولتمس الدنيا، والحاكم 2/85، والبيهقي 9/169 من طريق عبد الله بن المبارك، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد......=

ص: 494

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 2/290 و366 من طريقين عن ابن أبي ذئب، به.

وله شاهد حسن من حديث أبي أمامة عند النسائي 6/25 ولفظة: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما لَه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له" فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له"، ثم قال:"إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له، وابتغي به وجهه". وقال الحافظ في الفتح 6/35: إسناده جيد، وحسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء.

ص: 495

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَاصِدَ فِي غَزَاتِهِ شَيْئًا مِنْ حُطَامِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ لَهُ مَقْصُودُهُ دُونَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ عَلَيْهِ

4638 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ غَزَا وَلَا يَنْوِي فِي غَزَاتِهِ إِلَّا عِقَالًا، فَلَهُ مَا نَوَى"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ بن الصامت بن أخي عبادة بن الصامت2.

1 حديث حسن بشواهده، رجاله ثقات غير يحيى بن الوليد فلم يُوثِّقهُ غير المؤلِّف 5/523، ولم يَروِ عنه غيرُ جبلة بن عطية، وقال ابن القطان: مجهول.

2 هذا وهم من المؤلف رحمه الله، فإن يحيى بن الوليد هذا: هو حفيد عبادة بن الصامت لا ابن أخيه، فقد رواه أحمد 5/315 و230 و239، والدارمي 2/208، والنسائي 6/24 في الجهاد: باب من غزا في سبيل الله ولم ينو من غزاته إلا عقالاً، والحاكم 2/109، والبيهقي 6/331 من طرق عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ عَطِيَّةَ، عن يحيى بن الوليد عبادة بن الصامت، عن جده

وقد نقل الحافظ في "تهذيب التهذيب" 11/296 قول المؤلف هذا، وتعقبه بقوله: وفيما قاله نظر.

ص: 495

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ مَا رُزِقَ الْمَرْءُ فِيهِ الشَّهَادَةَ

4639 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ يُعْقَرَ جَوَادُكَ وَيُهْرَاقَ دمك"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سفيان وهو طلحة بن نافع –فمن رجال مسلم-، وأخرجه له البخاري مقروناً.

وأخرجه أحمد 3/300 و302، والدارمي 2/20، والطيالسي 1777، والطبراني في "الصغير" 713 من طرق عن أبي سفيان، عن جابر.

وأخرجه الحميدي 1276، وأبو يعلى 2081 عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر.

وأخرجه أحمد 3/346 و391 من طريقين عن أبي الزبير، به. وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/290-291.

ص: 496

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُعْطِي مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ مَا يُؤْتِي عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ

4640 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا الدراوردي، عن صهيب بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي بنا، فقال حين انتهى الصَّفِّ: اللَّهُمَّ آتِنِي أَفْضَلَ مَا تُؤْتِي عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ قَالَ: "مَنِ الْمُتَكَلِّمُ

ص: 496

آنِفًا؟ " فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا يعقر جوادك وتستشهد في سبيل الله" 1.

1 محمد بن مسلم بن عائذ ذكره المؤلف في "الثقات"، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال العجلي: ثقة، وأخرج حديثه ابن خزيمة والحاكم، وباقي السند رجاله رجال الصحيح. الدراوردي: هو عبد العزيز بن محمد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/222، والنسائي في "اليوم والليلة" 93، وأبو يعلى 697 و769، وابن السني 105 من طرق عن عبد العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 1/207 بإسقاط محمد بن مسلم بن عائذ من سنده، من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن سهيل بن أبي صالح، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه سعد

وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

ص: 497

‌باب فضل النفقة في سبيل الله

‌ذكر الخبر الدال على فضل النفقة في سبيل الله

5-

بَابُ: فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

4641 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ مَالِهِ، دَعَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ أَيْ فُلُ هَلُمَّ هَذَا خَيْرٌ مِرَارًا" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أما إني ارجوا أن تدعوك الحجبة كلها"1.

1 إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو، وباقي رجاله ثقات، وله طريق آخر صحيح عند البخاري 2841 و3216، ومسلم 1027 86. وقد تقدم برقم 308.

وقوله: "أي فلُ" بضم اللام معناه: أي فلان، فرخم ونقل إعراب الكلمة على إحدى اللغتين في الترخيم، وقوله:"لا توى عليه" أي: لا هلاك ولا ضياع ولا خسارة.

ص: 498

ذِكْرُ مُنَافَسَةِ خَزَنَةِ الْجِنَّانِ عَلَى الْمُنْفِقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ لِيَكُونَ دُخُولُهُ مِنَ الْبَابِ الَّذِي مِنْ نَاحِيَتِهِ

4642 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعَهُ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ مَعِي مِنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَأَلَ النَّاسُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ فِي سَحَابٍ؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابٍ؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ كَمَا لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا فَيُلْقَى الْعَبْدَ، فَيَقُولُ: أَيْ فُلُ أَلَمْ أُكْرِمْكَ، أَلَمْ أُسَوِّدْكَ، أَلَمْ أُزَوِّجْكَ، ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأتركك ترأس وَتَرْبَعُ قَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ قَالَ: لَا يَا رَبِّ، قَالَ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي".

قَالَ: "ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِي، فَيَقُولُ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ، أَلَمْ أُسَوِّدْكَ، أَلَمْ أُزَوِّجْكَ، أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، وأتركك ترأس وتربع، قال: فيقول: بلى يا رَبِّ، قَالَ: فَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ قَالَ: لَا يَا رَبِّ، قَالَ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي".

قَالَ: "ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ: مَا أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَبْدُكَ آمَنْتُ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ، وَبِكِتَابِكَ، وصمت، وصليت،

ص: 499

وَتَصَدَّقْتُ، وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ. قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: أَفَلَا نَبْعَثَ عَلَيْكَ شَاهِدَنَا؟ قَالَ: فَيُفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنِ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَيُقَالُ لِفَخْذِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ فَخْذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ فَذَلِكَ الْمُنَافِقُ، وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ الَّذِي سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ".

قَالَ: "ثُمَّ يُنَادِي مُنَادِي أَلَا اتَّبَعَتْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ قَالَ: فَيَتْبَعُ أَوْلِيَاءُ الشَّيَاطِينَ الشَّيَاطِينَ، قَالَ: وَاتَّبَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ يَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ، ثُمَّ نَبْقَى أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَيَأْتِينَا رَبُّنَا وَهُوَ رَبُّنَا فَيَقُولُ: عَلَى مَا هَؤُلَاءِ قِيَامٌ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ المؤمنين وعَبَدْنَاهُ وَهُوَ رَبُّنَا وَهُوَ آتِينَا وَمُثِيبُنَا1، وَهَذَا مَقَامُنَا. قَالَ: فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَامْضُوا، قَالَ: فَيُوضَعُ الْجِسْرُ وَعَلَيْهِ كَلَالِيبُ مِنْ نَارٍ تَخْطَفُ النَّاسَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَلَّتِ الشَّفَاعَةُ، اللَّهُمَّ سَلِّمِ اللَّهُمَّ سَلِّمْ، فَإِذَا جَاوَزَ الْجِسْرَ، فَكُلُّ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجًا مِنَ الْمَالِ مِمَّا يَمْلِكُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكُلُّ خَزَنَةِ الْجَنَّةِ تَدَعُوهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا مُسْلِمُ هَذَا خَيْرٌ، فَيُقَالُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا مُسْلِمُ هَذَا خَيْرٌ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لِعَبْدٍ لَا تَوَى عَلَيْهِ يَدَعُ بَابًا وَيَلِجُ مِنْ آخَرَ، قَالَ: فَضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَقَالَ:"وَالَّذِي نفسي بيده إني لأرجوا أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ"2.

قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: أَمْلَاهُ علي سفيان إملاء.

1 في الأصل: ويثيبنا، والمثبت من "التقاسيم" 3/144.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم.

ص: 500

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومعنى "ترأس" أي تكون رئيس القوم.

وتربع: تأخذ المرباع الذي كان يأخذه رئيس القوم من الغنيمة وهو ربعها

يقال ربعتهم أي أخذ ربع أموالهم ومعناه: ألم أجعلك رئيسا مطاعا

وقوله: "ليعذر من نفسه" من الإعذار والمعنى: ليزيل الله عذره من قبل نفسه بكثرة ذنوبه وشهادة أعضائه عليه بحيث لم يبق له عذر يتشبث به.

وأخرج ابن منده في الإيمان 809 من طريق حميدي بن سفيان بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم في صحيحه 2968 في الزهد والرقائق إلى قوله "وذلك الذي سخط الله عليه" عن محمد بن أبي عمر عن سفيان بهذا افسناد.

ص: 501

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ اسْمَ الزَّوْجِ تُوقِعُ الْعَرَبُ فِي لُغَتِهَا عَلَى الْوَاحِدِ إِذَا قُرِنَ بِجِنْسِهِ

4643 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ عَنْ صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَمُّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ:

قَدِمْتُ الرَّبَذَةَ، فَلَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا1 مَالُكَ؟ قَالَ: مَالِي عَمَلِي، قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا تُحَدِّثُنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: بَلَى، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ لَهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ" وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ رَجُلٍ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا ابْتَدَرَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ" قُلْتُ: وَمَا زَوْجَانِ مِنْ مَالِهِ؟ قَالَ: عَبْدَانِ مِنْ رَقِيقِهِ، فَرْسَانِ مِنْ خَيْلِهِ، بَعِيرَانِ مِنْ إِبِلِهِ2.

1 ما سقطن من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 3/لوحة 145.

2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صعصعة بن معاوية، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" والنسائي وابن ماجة، وله صحبة، وقيل: إنه مخضرم، مات في ولاية الحجاج على العراق. وقد تقدم برقم 2940 وله شواهد.

ص: 501

‌ذِكْرُ ابْتِدَارِ خَزَنَةِ الْجِنَّانِ فِي الْقِيَامَةِ عِنْدَ نِدَاءِ مَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ

4644 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: قَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَمُّ الْأَحْنَفِ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍ بِالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مَالُكَ؟ قَالَ مَالِي عَمَلِي، فَقُلْتُ: حَدِّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ابْتَدَرَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ" قَالَ: قُلْتُ: وَمَا زَوْجَانِ؟ قَالَ: "فَرْسَانِ مِنْ خَيْلِهِ، بَعِيرَانِ مِنْ إِبِلِهِ، عَبْدَانِ مِنْ رَقِيقِهِ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْعَرَبُ: فِي لُغَتِهَا تُسَمِّي الْفَرْدَيْنِ الْمُتَلَازِمَيْنِ زَوْجَيْنِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذريات:49] .

1 إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله.

ص: 502

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم ابْتَدَرَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ أَرَادَ بِهِ حَجَبَةَ الْجَنَّةِ

4645 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَقَدْ أَوْرَدَ رَوَاحِلَ لَهُ، فَسَقَاهَا، ثُمَّ أَصْدَرَهَا وَقَدْ عَلَّقَ قِرْبَةً فِي عُنُقِ رَاحِلَةٍ لَهُ مِنْهَا، لِيَشْرَبَ مِنْهَا، وَيَسْقِي أَصْحَابَهُ، وَذَلِكَ خُلُقٌ مِنْ

ص: 502

أَخْلَاقِ الْعَرَبِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ: مَا مَالُكَ؟ قَالَ: مَالِي عَمَلِي، قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "من أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ، ابْتَدَرَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ". قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا هَذَانِ الزَّوْجَانِ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ رِجَالًا، فَرَجُلَانِ، وَإِنْ كَانَتْ خَيْلًا، فَفَرَسَانِ، وَإِنْ كَانَتْ إِبِلًا، فَبَعِيرَانِ، حَتَّى عَدَّ أَصْنَافَ الْمَالِ كُلَّهُ، قُلْتُ: إِيهٍ يَا أَبَا ذَرٍّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا اللَّهُ الجنة بفضل رحمته"1.

1 إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 503

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْءِ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَفْضَلِ النَّفَقَةِ

4646 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ دِينَارٍ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى أصحابه في سبيل الله"1.

1 إسناده صحيح، عمران بن موسى القزاز روى له أصحاب السنن وهو ثقة، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي أسماء الرحبي، فمن رجال مسلم، وقد تقدم برقم 4242.

ص: 503

‌ذِكْرُ تَضْعِيفِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ

4647 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ -يَعْنِي أَبَاهُ-، عَنْ يَسِيرِ بْنِ عَمِيلَةَ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"من أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كُتِبَ لَهُ سبع مائة ضعف"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير يُسر بن عميله، فقد روى له الترمذي والنسائي، وهو ثقة، وخُريم بن فاتك صحابيه روى له الأربعة.

وأخرجه أحمد 4/345، والترمذي 1625 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل النفقة في سبيل الله، والطبراني 4155، والحاكم 2/87 من طريقين عن زائدة، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وأخرجه مطولاً أحمد 4/322 من طريق المسعودي، عن الركين بن الربيع، عن رجل، عن خريم بن فاتك.

وأخرجه أيضاً 4/345 من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن الركين بن الربيع، عن عمه فلان بن عميلة، عن خريم بن فاتك.

وهو عنده أيضاً 4/346 من طريق المسعودي، عن الركين بن الربيع، عن أبيه، عن خريم بن فاتك.

وأخرجه الطبراني 4151 من طريق مسلمة بن إسحاق، والحاكم 2/87 عن الركين بن الربيع، حدثني عمي، عن أبي يحيى خريم بن فاتك.

وأخرجه أيضاً 4152 من طريق عمرو بن قيس الملائي، عن الركين بن الربيع، عن الربيع بن عميلة، عن خريم بن فاتك.

وأخرجه أيضاً 4153 من طريق شيبان، و4154 من طريق سفيان، والحاكم 2/87 من طريق زائدة، ثلاثتهم عن الركين بن الربيع، عن أبيه، عن عمه يُسير عميلة، عن خريم بن فاتك.

ص: 504

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بِتَفَضُّلِهِ قَدْ يُضَعَّفُ الْمُنْفِقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثَوَابَهُ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ

4648 -

أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرَّكِينَ الْفَرْغَانِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ1 الدُّورِيُّ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ مِثْلُ: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:261] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَبِّ زِدْ أُمَّتِي" فَنَزَلَتْ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة:245] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَبِّ زِدْ أُمَّتِي" فَنَزَلَتْ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10]2.

1 في الأصل: عمرو.

2 حفص بن عمر بن عبد العزيز لا بأس به، وأبو إسماعيل المؤدب –وهو إبراهيم بن سليمان بن رزين- صدوق يغرب، وعيسى بن المسيب ذكره المؤلف في "الثقات" 7/232، وقال: من أهل مكة.

وأخرجه ابن أبي حاتم فيما ذكره ابن كثير 1/442 عن أبي زرعة، عن إسماعيل بن إبراهيم بن بسام، عن أبي إسماعيل المؤدب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن مردويه فيما قاله ابن كثير أيضاً 1/469 عن عبد الله بن عبيد الله بن العسكري البزار، عن الحسن بن علي بن شعيب، عن محمود بن خالد الدمشقي، عن أبيه، عن عيسى بن المسيب، به.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 1/747، وزاد نسبته إلى ابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان".

ص: 505

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ مَا أَنْقَقَ الْمَرْءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ أُعْطِي فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهَا بِعَدَدِهَا وَأَعْيَانِهَا عَلَى التَّضْعِيفِ

4649 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ، فَقَالَ: هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُ مِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة هو زهير بن حرب، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو عمرو الشيباني: هو سعد بن إياس.

وأخرجه مسلم 1892 في الإمارة: باب فضل الصدقة في سبيل الله وتضعيفها، ومن طريقه أخرجه البغوي 2625 عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، عن جرير، بهذا الإسناد.

وصححه الحاكم 2/90 على شرط الشيخين، من طريق يحيى بن المغيرة السعدي، عن جرير، به، ووافقه الذهبي.

ص: 506

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمْ يَسْمَعْهُ الْأَعْمَشُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ رحمه الله

4650 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ بِنَسَا، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَتَأْتِيَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بسبعمئة ناقة مخطومة"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 506

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه مسلم 1892، والنسائي 6/49 في الجهاد: باب فضل الصدقة في سبيل الله عز وجل، عن بشر بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/121 عن محمد بن جعفر، و5/274 عن وهب بن جرير، كلاهما عن شعبة، به.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/116 من طرق عن فضيل بن عياض، عن سليمان الأعمش، به. وتحرف في المطبوع أبو مسعود إلى ابن مسعود، وكذلك تحرف في "صحيح الجامع" 5031 إلى ابن مسعود، وجاء على الصواب في "الجامع الكبير"ص652.

ص: 507

6-

‌ بَابُ: فَضْلِ الشَّهَادَةِ

‌ذِ

كْرُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَعَلَا فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ

4651 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ثَلَاثِينَ صَبَاحًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَلِحْيَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ أَنَسٌ: أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عنا ورضينا عنه1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البخاري 2814 في الجهاد: باب فضل قول الله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} ، و4095 في المغازي: باب غزوة الرجيع، ومسلم 677 في المساجد: باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، من طريق مالك، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 2801 و4091 من طريقين، عن همام، عن إسحاق بن عبد الله، به.

وأخرجه البخاري 3064 و4090، والبغوي 3790 من طريقين عن سعيد، عن قتادة، عن أنس.

ص: 508

‌ذِكْرُ مَجِيءِ مَنْ كُلِمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَنْثَعِبُ دَمُهُ لِيُعْرَفَ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ

4652 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ- إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَنْثَعِبُ دما، اللون لوم دم، والريح ريح مسك"1.

1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان، والأعرج: عبد الرحمن بن هرمز.

وهو في "الموطأ" 2/461 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2803 في الجهاد: باب من يجرح في سبيل الله عز وجل، والبيهقي 4/11.

وأخرجه أحمد 2/242، ومسلم 1876 105 في الإمارة: باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، والنسائي 6/28-29 في الجهاد: باب من كُلِم في سبيل الله عز وجل، والبيهقي 9/164 من طرق عن سفيان، عن أبي الزناد، به.

وأخرجه أحمد 2/231 عن محمد بن فضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة.

وأخرجه مسلم 1876 106، والبيهقي 9/165 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.

وأخرجه الترمذي 1656 في فضائل الجهاد: باب ما جاء فيمن يكلم في سبيل الله، عن قتيبة، عن عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.

ص: 509

‌ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

4653 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقُتِلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ:"فِي الْجَنَّةِ" قَالَ: فَأَلْقَى تُمَيْرَاتٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا الَّذِي قُتِلَ هُوَ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ2.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 3/308، والبخاري 4046 في المغازي: باب غزوة أحد، ومسلم 1899 في الإمارة: باب ثبوت الجنة للشهيد، والنسائي 6/33 في الجهاد: باب ثواب من قتل في سبيل الله عز وجل، والبيهقي 9/43 و99، والبغوي 3789 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

2 كذا في الأصل، وهو وَهم من المؤلف رحمه الله، فإن حارثة بن النعمان هذا قد شهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وبقي إلى زمن معاوية كما في "الاستيعاب" 1/282-284، و"أسد الغابة" 1/425-430، وسير أعلام النبلاء 2/378-380، و"الإصابة" 1/298-299، ثم إن المؤلف في ثقاته قال في ترجمة الحارثة بن النعمان هذا 3/79: قُتل يوم بدر وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأمه وقد سألته عن ابنها: "إنها جنان كثيرة، وإن حارثة لفي الفردوس الأعلى"، وهذا خطأ مبين من ابن حبان رحمه الله، فالذي قُتِلَ يوم بدر، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إنما هو حارثة بن سراقة، فقد روى البخاري في "صحيحه" 2809 من حديث أنس بن مالك أن أمَّ الرُّبَيّع –وهي أم حارثة بن سراقة- أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة –وكان قتل يوم بدر، أصابه سهمٌ غَرْبٌ- فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء. قال: "يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 510

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أصاب الفردوس الأعلى" وقد تقدم برقم 908، وسيأتي برقم 4664.

وقال الحافظ في"الفتح" 7/410-411 تعليقاً على قول جابر: قال رجل للنبي: -لم أقف على اسمه، وزعم ابن بشكوال أنه عمير بن الحُمَام، وهو بضم المهملة وتخفيف الميم، وسبقه إلى ذلك الخطيب، واحتج بما أخرجه مسلم من حديث أنس أن عمير بن الحمام أخرج تمرات فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا أحييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، ثم قاتل حتى قتل. قلت: لكن وقع التصريح في حديث أنس أن ذلك كان يوم بدر، والقصة التي في الباب وقع التصريح في حديث جابر أنها كانت يوم أحد، فالذي يظهر أنهما قصتان وقعتا لرجلين، والله أعلم.

ص: 511

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجَنَّةَ إِنَّمَا تَجِبُ لِلشَّهِيدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِحُكْمِ الْأَمِينَيْنِ مُحَمَّدٍ وَجِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ

4654 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ

عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ". فَلَمَّا أَدْبَرَ نَادَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ أَمَرَ بِهِ، فَنُودِيَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَيْفَ قُلْتَ" فَأَعَادَ قَوْلَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ إِلَّا الدِّينَ، كَذَلِكَ قَالَ لي جبريل عليه السلام" 1

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وهو في "الموطأ" 2/461 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، ومن طريق مالك أخرجه النسائي 6/34 في الجهاد: باب من قاتل في سبيل الله تعالى وعليه دين.....=

ص: 511

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه مسلم 1885 في الإمارة: باب من قُتل في سبيل الله كفِّرت خطاياه إلا الدين، والترمذي 1712 في الجهاد: باب ما جاء فيمن يستشهد وعليه دين، والنسائي 6/34-35 من طريق قتيبة، عن الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 5/303-304 عن حجاج بن محمد، عن الليث، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/310، ومسلم 1885 من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد المقبري، به.

وأخرجه سعيد بن منصور 2553، ومسلم 1885، والنسائي 6/35 عن محمد بن قيس، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه.

وأخرجه الدارمي 2/207 من طريق عبيد الله بن عبد المجيد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، به.

ص: 512

‌ذِكْرُ وَصْفِ مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ أَلَمِ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4655 -

أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُجِيبِ بِبَلَدِ الْمَوْصِلِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مَسَّ الْقَتْلِ إِلَّا كما يجد أحدكم مس القرصة"1.

1 إسناده حسن من أجل ابن عجلان –وهو محمد- فإنه قد أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي السند ثقات رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد 2/297، والدارمي 2/205، والترمذي 1668 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل المرابط، وابن ماجة 2802 في الجهاد: باب فضل الشهادة في سبيل الله، من طرق عن صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

وأخرجه النسائي 6/36 في الجهاد: باب ما يجد الشهيد من الألم، وأبو نعيم في "الحلية" 8/264 من طريقين عن ابن عجلان، به.

ص: 512

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الشَّهِيدَ مِنْ أَوَّلِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي الْقِيَامَةِ

4656 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عَامِرٌ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الشَّهِيدُ، وَعَبْدٌ نَصَحَ سَيِّدَهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَضَعِيفٌ مُتَعَفِّفٌ، وَأَوَّلُ ثلاثا يَدْخُلُونَ النَّارَ، فَأَمِيرٌ مُسَلَّطٌ، وَذُو ثَرْوَةٍ مِنْ مَالٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِيهِ، وَفَقِيرٌ فخور"1.

1 إسناده ضعيف، عامر العقيلي –وهو ابن عقبة، ويقال: ابن عبد الله- لم يوثقه غير المؤلف، وكذا أبوه. وقد تقدم برقم 4312.

ص: 513

‌ذِكْرُ تَكْوِينِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا نَسَمَةَ الشَّهِيدِ طَائِرًا يَعْلُقُ فِي الْجَنَّةِ إِلَى أَنْ يَبْعَثَهُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4657 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرُدَّهَا اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"1.

1 إسناده صحيح، يزيد بن مَوْهَب روى له أصحاب السنن، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن كعب فمن رجال البخاري.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/420 عن ابن شهاب، بهذا الإسناد.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 3/455، والنسائي 4/108 في الجنائز: باب أرواح المؤمنين، وابن ماجة 4271 في الزهد: باب ذكر القبر والبلى،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 513

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطبراني 19/120، والبيهقي في "البعث والنشور" 203، والآجري في "الشريعة" ص392، وأبو نعيم في "الحلية"9/156.

وأخرجه أحمد 3/455-456 و460، والطبراني 19/119 و121 و123 و124، والبيهقي في "البعث والنشور" 202 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه أحمد 6/386، والترمذي 1641 في فضل الجهاد: باب ما جاء في ثواب الشهداء، والطبراني 19/125 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن ابن كعب، عن أبيه رفعه بلفظ:"إن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمر الجنة". قلت: وسنده صحيح إلا أن ابن عيينة تفرد بهذا اللفظ الشهداء، والثقات من الرواة غيره رووه بلفظ المسلم أو المؤمن، على أن الحميدي 873 رواه عن سفيان عن عمرو بن دينار به بلفظ إن نسمة المومن....

وأخرجه ابن ماجة 1449، والطبراني 19/122، والبيهقي في "البعث والنشور" 205 من طريق محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: لما حضرت كعباً الوفاةُ، أتته أمُّ بشر بنت البراء بن معرور، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، إن لقيت فلاناً فاقرأ عليه مني السلام، قال: غَفَر الله لك يا أم بشر، نحن أشعلُ من ذلك، قالت: يا أبا عبد الرحمن، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن أرواح المؤمنين في طير خُضْر، تعلق بشجر الجنة". قال: بلى. قالت: فهو ذاك.

وابن إسحاق مدلس وقد عنعن، وقد خالفه من هو أقوى منه، فرواه أحمد 3/455، والطبراني 19/119 عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: قالت أم مبشر لكعب بن مالك وهو شاك: اقرأ على ابني السلامَ –يعني مبشراً-. فقال: يغفر الله لك يا أم مبشر، أو لم تسمعي ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما نسمة المسلم طير تعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة" قال: صدقت، فأستغفر الله. وهذا سند صحيح على شرطهما، وفيه أن الذي أقام الحجة على أم مبشر هو كعب بن مالك، بخلاف رواية ابن إسحاق.

قلت: وأخرجه أيضاً الطبراني 19/123 من طريق شعيب بن إسحاق، عن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 514

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الأوزاعي، و125 من طريق سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، كلاهما عن الزهري، به مثل رواية معمر.

قال أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد": أما قوله: "نسمة المؤمن" فالنسمة ها هنا: الروح، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث نفسه:"حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه"، وأصل هذه اللفظة –أعني النسمة- الإنسان بعينه، وإنما قيل للروح: نسمة –والله أعلم- لأن حياة الإنسان بروحه، وإذا فارقه عُدم، أو صار كالمعدوم، وقوله:"يعلق من شجر الجنة" يروى بفتح اللام –وهو الأكثر-، ويروى بضم اللام، والمعنى واحد: وهو الأكل والرعي، يقول: تأكل من ثمار الجن وتسرح بين أشجارها.

وما ذهب إليه المصنف من أن المراد بالنسمة هنا نسمة الشهيد دون غيره هو الذي ذهب إليه أبو عمر في "التمهيد" ورجحه، وقد نقل ابن القيم في "الروح" ص131-136 كلامه، وردّه عليه، ورجح أن الحديث يعم كل مؤمن: الشهيد وغير الشهيد.

ص: 515

‌ذِكْرُ خَبَرٍ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

4658 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الشُّهَدَاءُ عَلَى بَارِقِ نَهْرٍ بِبَابِ الْجَنَّةِ فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ يخرج إليه رزقهم من الجنة بكرة وعشيا"1.

1 إسناده قوي. محمد بن إسحاق روى له البخاري تعليقاً ومسلم مقروناً، وهو صدوق وقد صرح بالتحديث، وانتفت شبهة تدليسه، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد 1/266، وابن أبي شيبة 5/290، وابن جرير 2323 و8209 و8210 و8211 و8212 و8213، والطبراني 10825،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 515

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والحاكم 2/74 من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند ابن جرير والحاكم وأحمد.

وذكره ابن كثير في "تفسيره" 2/142 عن رواية "المسند"، وقال: تفرد به أحمد، ثم أشار إلى رواية الطبري 2323 وقال: وهو إسناد جيد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/98 ونسبه لأحمد والطبراني، وقال: ورجال أحمد ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 2/96، وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر والبيهقي في "البعث".

ص: 516

‌ذِكْرُ مَنَازِلِ الشُّهَدَاءِ فِي الْجِنَّانِ بِثَبَاتِهِمْ لَهُ فِي الدُّنْيَا

4659 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا، فَسَأَلْنَا يَوْمًا، ثُمَّ قَالَ:"أُرِيتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخَذَا بِيَدِي، فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ، فَأَدْخَلَانِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، فَقَالَ: أَمَا هَذِهِ الدَّارُ فدار الشهداء"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجالُه ثِقاتٌ رجال الشيخين غيرَ الحسن بن محمد بن الصباح فمن رجال البخاري. أبو رجاء العطاردي: هو عمران بن ملحان، وقد تقدم مطولاً برقم 655 وخرج هناك.

ص: 516

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الشَّهِيدَ فِي الْقِيَامَةِ يَشْفَعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ

4660 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُعَدِّلُ بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ الذِّمَارِيُّ عَنْ نِمْرَانَ بْنِ عُتْبَةَ الذِّمَارِيِّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أم الدرداء ونحن أيتام صغار، فمسحت رؤوسنا، وَقَالَتْ: أَبْشِرُوا يَا بَنِيَّ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا فِي شَفَاعَةِ أَبِيكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الشَّهِيدُ يَشْفَعُ فِي سَبْعِينَ من أهل بيته"1.

1 جعفر بن مسافر التِّنِّيسيُّ، قال النسائي: صالح، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره المؤلف في "الثقات"، ويحيى بن حسان: هو التنيسي، ثقة مأمون عالم بالحديث احتج به الشيخان، والوليد بن رباح صوابه رباح بن الوليد كما قال أبو داود، ذكره أبو زرعة الدمشقي في نفر ثقات، وروى له أبو داود، وعمه نمران بن عتبة روى عنه حريز بن عثمان أيضاً، وذكره المؤلف في "الثقات" 7/544.

وأخرجه أبو داود 2522 في الجهاد: باب في الشهيد يشفع، ومن طريقه البيهقي 9/164 عن أحمد بن صالح، حدثنا يحيى بن حسان، بهذا الإسناد.

ص: 517

‌ذِكْرُ تَمَنِّي الشُّهَدَاءِ الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا مِنْ بَيْنَ الْأَمْوَاتِ لِلْقَتْلِ مَرَّةً أُخْرَى لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ

4661 -

أَخْبَرَنَا أَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بْنُ جُمُعَةَ الْأَصَمُّ الْقُهِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الْأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا إِلَّا الشَّهِيدُ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ ليقتل مرة أخرى"1.

1 حديث صحيح، يحيى بن السكن، ذكره المؤلف في "الثقات" 9/253 فقال: أصله من البصرة سكن بغداد، روى عنه أحمد بن حنبل وأهل العراق والجزيرة، مات بالرقة سنة 230. وفي "

الميزان": ليس بالقوي، وضعفه صالح جزرة، وباقي رجاله ثقات.

ص: 518

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَمَنِّي الشَّهِيدِ الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا بِالْعَدَدِ الَّذِي ذَكَرْتُ وَقَدْ يَتَمَنَّى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ

4662 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى من الكرامة"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد: هو ابن جعفر الهذلي الملقب بغندر.

وأخرجه أحمد 3/103 و173 و276، والبخاري 2817 في الجهاد: باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا، ومسلم 1877 في الإمارة: باب فضل الشهادة في سبيل الله، من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 518

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه البخاري 2795 في الجهاد: باب الحور العين وصفتهن، ومسلم 1877 108، والترمذي 1643 في فضل الجهاد: باب ما جاء في ثواب الشهداء، والبغوي 2628 من طرق عن حميد، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/207-208، والنسائي 6/36 في الجهاد: باب ما تمنى أهل الجنة، من طريق حماد، عن ثابت، عن أنس.

ص: 519

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يُفْضُلُونَ الشُّهَدَاءَ إِلَّا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ فَقَطْ

4663 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّ أَبَا الْمُثَنَّى الْمُلَيْكِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدِ السُّلَمِيُّ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْقَتْلَى1 ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ، قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ، فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ، وَلَا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلَّا بِفَضْلِ دَرَجَةِ النُّبُوَّةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَتِلْكَ مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ، إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا، وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ، جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ، قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَذَلِكَ فِي النَّارِ، إِنَّ السَّيْفَ لَا يَمْحُو النِّفَاقَ"2.

1 في الأصل: القتل والمثبت من الجهاد لابن المبارك.

2 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي المثنى –واسمه ضمضم- فقد روى عنه اثنان، وذكره المؤلف في "الثقات" 4/389، ونسبه الأملوكي وقال: وهذا الذي يقال له المليكي. قلت: وخطّأ البخاري 4/338، وابن أبي حاتم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 519

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=4/468 من قال فيه "المليكي"، وهو في "الجهاد" لابن المبارك 7.

وأخرجه الطيالسي 1267، ومن طريقه البيهقي 9/164 عن ابن المبارك بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/185-186، والدارمي 2/206، والطبراني 17/310 و311 من طرق عن صفوان بن عمرو، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/291: ورجال أحمد رجال الصحيح خلا أبي المثنى الأملوكي، وهو ثقة!

قوله: فذلك الشهيد الممتحن قال ابن الأثير: هو المصفى المهذب، ورواية الطبراني وأحمد "المفتخر".

وقوله: وفي خيمة الله قال ابن الأثير: الخيمة معروفة، ومنه خيم بالمكان، أي: أقام فيه وسكنه، فاستعارها لظل رحمة الله ورضوانه وأمنه.

وقرف على نفسه من الذنوب والخطايا: أي كسبها، قرف الذنب واقترافه: إذا عمله.

وقوله: تلك مصمصة، أي: مَطْهَرة من دنس الخطايا، يقال: مصمص إناءَة: إذا جعل فيه الماء وحركه ليتنظف.

ص: 520

‌ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ قُتِلَ فِي الْحَرْبِ نظارا وإن لم يرد له الْقِتَالَ وَلَا قَاتَلَ

4664 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ عَنِ أَنَسٍ قال: انطلق حارثة ابن عَمَّتِي نَظَّارًا يَوْمَ بَدْرٍ، مَا انْطَلَقَ لِقِتَالٍ، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ، فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ عَمَّتِي أُمُّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنِي حَارِثَةُ إِنْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ، أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْـ وَإِلَّا فَسَتَرَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّ حارثة في الفردوس الأعلى"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن مغيرة فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري مقروناً وتعليقاً، وهو ثقة. وقد تقدم تخريجه في "958".

ص: 520

‌ذِكْرُ نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْقَاتِلِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي النَّارِ عَلَى سَبِيلِ الْخُلُودِ

4665 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَجْتَمِعُ الْكَافِرُ وَقَاتِلُهُ فِي النار أبدا"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 2/368 و378 و379 و412، ومسلم 1891 في الإمارة: باب من قتل كافراً ثم سدد، وأبو داود 2495 في الجهاد: باب في فضل من قتل كافراً، والبيهقي 9/165، والبغوي 2621من طرق عن العلاء، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/263 و340 و353 و399، ومسلم 1891 131، والحاكم 2/72، والبيهقي 9/165 من طرق عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

ص: 521

‌ذِكْرُ اجْتِمَاعِ الْقَاتِلِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ فِي الْجَنَّةِ إِذَا سَدَّدَ الْكَافِرُ فَأَسْلَمَ بَعْدُ

4666 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ بِحِرَّانَ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، وَأَبُو مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ضَحِكَ اللَّهُ مِنْ

ص: 521

رَجُلَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَكِلَاهُمَا فِي الْجَنَّةِ" 1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا الْخَبَرُ مِمَّا نَقُولُ فِي كُتُبِنَا: بِأَنَّ الْعَرَبَ تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى الْآمِرِ كَمَا تُضِيفُهُ إِلَى الْفَاعِلِ، وَكَذَلِكَ تُضِيفُ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ مِنْ حَرَكَاتِ الْمَخْلُوقِينَ إِلَى الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا، كَمَا تُضِيفُ ذَلِكَ الشَّيْءَ إِلَيْهِمْ سَوَاءً، فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:"ضَحِكَ مِنْ رَجُلَيْنِ" يُرِيدُ: ضَحَّكَ اللَّهُ مَلَائِكَتَهُ وَعَجَّبَهُمْ مِنَ الْكَافِرِ الْقَاتِلِ الْمُسْلِمَ، ثُمَّ تَسْدِيدَ اللَّهُ لِلْكَافِرِ وَهِدَايَتِهِ إِيَّاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَتَفَضُّلِهِ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَا الْجَنَّةَ جَمِيعًا، فَيُعَجِّبُ اللَّهُ مَلَائِكَتَهُ وَيُضَحِّكُهُمْ مِنْ مَوْجُودِ مَا قَضَى وَقَدَّرَ، فَنُسِبَ الضَّحِكُ الَّذِي كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى سَبِيلِ الْأَمْرِ وَالْإِرَادَةِ، وَلِهَذَا نَظَائِرٌ كَثِيرَةٌ سَنَذْكُرُهَا فِيمَا بَعْدُ مِنْ

1 حديث صحيح، مؤمَّل بن إسماعيل، وإن كان سيء الحفظ، قد توبع، وباقي السند ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 2/464، ومسلم 1890 في الإمارة: باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، والنسائي 6/38 في الجهاد: باب اجتماع القاتل والمقتول في سبيل الله في الجنة، والآجري ص278، وابن خزيمة ص234، وابن ماجة 191 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/318، ومسلم 1890 129، وابن خزيمة في "التوحيد" ص234-235، والآجري في "الشريعة" ص278، والبيهقي في "السنن" 9/165، وفي "الأسماء والصفات" ص468-469، والبغوي 2633 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة.

وأخرجه الآجري ص278من طريقين عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، به.

وأخرجه أحمد 2/511، وابن خزيمة ص234 من طريقين، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أبي هريرة. وانظر الحديث الآتي.

ص: 522

هَذَا الْكِتَابِ فِي الْقَسَمِ الْخَامِسِ مِنْ أَقْسَامِ السُّنَنِ إِنْ قَضَى اللَّهُ ذَلِكَ وشاءه1.

1 وانظر "فتح الباري" 6/48.

ص: 523

‌ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ اجْتِمَاعِ الْقَاتِلِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ فِي الْجَنَّةِ إِذَا سَدَّدَ

4667 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَيَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَكِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُسْتَشْهَدُ"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان، والأعرج: عبد الرحمن بن هرمز. وهو في "الموطأ" 2/460 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2826 في الجهاد: باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدّد بعد ويقتل، والنسائي 6/38-39 في الجهاد: باب تفسير ذلك، وابن خزيمة في "التوحيد" ص234، والآجري في "الشريعة" ص277، والبيهقي في "السنن" 9/165، وفي "الأسماء والصفات" ص467-468، والبغوي 2632. وانظر الحديث الذي قبله.

ص: 523

7-

‌ بَابُ الْخَيْلِ

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْخَيْرِ فِي ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4668 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرِ إِلَى يوم القيامة"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.

وأخرجه من طرق عن نافع، عن ابن عمر: مالك في "الموطأ" 2/467 في الجهاد: باب ما جاء في الخيل، وأحمد 2/13 و28 و49 و57 و101 و102 و112، والطيالسي 1844، والبخاري 2849 في الجهاد: باب الخيل معقود في نواصيها الخير، و3624 في المناقب، ومسلم 1871 في الإمارة: باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والنسائي 6/221-222 في الجهاد: باب فتل ناصية الفرس، وابن ماجة 2787 في الجهاد: باب ارتباط الخيل في سبيل الله، وأبو يعلى 2642، والطحاوي في "مشكل الآثار" 219 و220 و221، و"شرح معاني الآثار" 3/273-274، والبيهقي 6/329، والقضاعي في "مسند الشهاب" 221، والبغوي 2644.

ص: 524

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْخَيْرَ الَّذِي هُوَ مَقْرُونٌ بِالْخَيْلِ إِنَّمَا هُوَ الثَّوَابُ فِي الْعُقْبَى وَالْغَنِيمَةِ فِي الدُّنْيَا

4669 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخير إلى يوم القيامة الأجر والغنيمة"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن سعيد -وهو القرشي- فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 4/361، ومسلم 1872 في الإمارة: باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والنسائي 6/221 في الخيل: باب فتل ناصية الفرس، والطحاوي في "مشكل الآثار" 223 و224، والطبراني في "الكبير" 2409 و2410 و2411 و2412 و2413، والبيهقي 6/329، والبغوي 2646 من طرق عن يونس بن عبيد، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن عروة البارقي عند البخاري 2850 و2852 و3119 و3643، ومسلم 1873، والترمذي 1694، والنسائي 6/222، وأحمد 4/375 و376، والطحاوي 225 و226 و227، والبغوي 2645، والبيهقي 6/329، والدارمي 2/211-212، وابن ماجة 2305، والطيالسي 1056 و1245. وسنن سعيد بن منصور 2426 و2428 و2430 و2431. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =

ص: 525

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وعن أبي هريرة عند الطيالسي 319، والترمذي 1636، والنسائي 6/215، وابن ماجة 2788.

وعن أبي سعيد عند أحمد 3/39، والبزار 1686.

وعن النعمان بن بشير عند الطحاوي في "مشكل الآثار"222.

وعن جابر عند أحمد 3/352.

وعن سلمة بن نفيل عند أحمد 4/104، والنسائي 6/214-215، والطحاوي 228، والطبراني 6358، والبزار 1689.

وعن حذيفة عند البزار 1685، وعن أنس عنده أيضاً 1687، وعن سوادة ابن الربيع عنده أيضاً 1688.

ص: 526

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْبَرَكَةِ فِي ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

4670 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي غَيْلَانَ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ بْنِ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "البركة في نواصي الخيل"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الصحيحين غير علي بن الجعد، فإنه من رجال البخاري. أبو التياح: هو يزيد بن حميد.

وأخرجه أحمد 3/114 و127 و171، وسعيد بن منصور في "سننه" 2427، والبخاري 2851 في الجهاد: باب الخيل معقود في نواصيها الخير، و3645 في المناقب، ومسلم 1874 في الإمارة: باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والنسائي 6/221 في الخيل: باب بركة الخيل، والبيهقي 6/329، والبغوي 2643، والقضاعي 222 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

ص: 526

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ بِقَوْلِهِ هَذَا بَعْضَ الْخَيْلِ لَا الْكَلَّ

4671 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ1 بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانَيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ، هِيَ لِرَجُلٍ أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر"2.

1 تحرف في الأصل إلى: زكريا، والتصحيح من "التقاسيم" 1/لوحة 150.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه مسلم 987 26 في الزكاة: باب إثم مانع الزكاة، والترمذي 1636 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل من ارتبط فرساً في سبيل الله، والنسائي 6/215 في أول كتاب الخيل، من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 527

‌ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ عَلَى مُرْتَبِطِ الْخَيْلِ وَمُحْبِسِهَا بِكَتْبِهِ مَا غَيَّبَتْ فِي بُطُونِهَا وَأَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا حَسَنَاتٍ

4672 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ بِمَنْبِجَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَلِرَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٌ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يَرُدْ أَنْ يَسْقِيَهُ

ص: 527

كَانَ لَهُ ذَلِكَ حَسَنَاتٌ، فَهِيَ لِذَلِكَ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا، وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٍ". وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ: "مَا أَنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِهَذِهِ الْآيَةِ الْجَامِعَةِ الْفَاذَّةِ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} " 1.

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: النِّوَاءُ: الْكِبْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ، وَالْكِبْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي ذَاتِ اللَّهِ مَحْمُودَانِ، إِذْ هُمَا الْفَرَحُ بِالطَّاعَاتِ، وَتَانِكَ الْفَرَحُ بِالدُّنْيَا.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/444 في الجهاد: باب الترغيب في الجهاد.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2371 في الشراب والمساقاة: باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار، و2860 في الجهاد: باب الخيل لثلاثة، و3646 في المناقب، و4962 و4963 في التفسير، و7356 في الاعتصام: باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، والنسائي 6/216-217 في الخيل، والبيهقي 10/15.

وأخرجه مسلم 987 في الزكاة: باب إثم مانع الزكاة، والبيهقي 4/119 عن سويد بن سعيد، عن حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، به.

المرج: موضع الكلأ، وأكثر ما يطلق على الموضع المطمئن، والروضة أكثر ما تطلق على الموضع المرتفع.

والطيل –بكسر الطاء المهملة وفتح الياء-: هو الحبل الطويل يشد أحد طرفيه في وتد أو غيره، والطرف الآخر في يد الفرس، ليدور فيه ويرعى، ولا يذهب لوجهه.

واستن الفرسُ يستن استناناً، أي: عدا لمرحه ونشاطه شوطاً أو شوطين ولا راكب عليه.

وقوله: تغنياً، أي: استغناء بها عن طلب من الناس، تقول: تغنيت بما. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 528

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رزقني الله تغنياً، وتغانيت تغانياً، واستغنيت استغناء، كلها بمعنى.

ونواء بكسر النون والمد: هو مصدر، تقول: ناوأت العدو مناوءة ونِواء، وأصله من ناء: إذا نهض، ويستعمل في المعاداة، قال الخليل: ناوءت الرجل: ناهضته بالعداوة.

قال الحافظ: وسماها أي الآية جامعة لشمولها لجميع الأنواع من طاعة ومعصية، وسماها فاذة لانفرادها في معناها.

قال ابن التين: والمراد: أن آية دلّت على أن من عمل في اقتناء الحمير طاعة رأى ثواب ذلك، وإن عمل معصية رأى عقاب ذلك.

وفيه تحقيق لإثبات العمل بظواهر العموم، وأنها ملزمة حتى يدل دليل التخصيص، وفيه إشارة إلى الفرق بين الحكم الخاص المنصوص والعام الظاهر، وأن الظاهر دون المنصوص في الدلالة.

ص: 529

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْفَضْلَ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ لِمُرْتَبِطِ الْخَيْلِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنِ ارْتَبَطَهَا لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَطَلَبَ ثَوَابَهُ لَا رِيَاءً وَلَا سَمْعَةً وَلَا قَضَاءً لِوَطَرٍ

4673 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ، وَتَصْدِيقًا لِمَوْعُودِهِ، كَانَ شِبَعُهُ وَرِيُّهُ وَرَوْثُهُ حَسَنَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القيامة"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير طلحة بن أبي سعيد فمن رجال البخاري.

وأخرجه أحمد 2/374 عن إبراهيم، والبخاري 2853 في الجهاد: باب من احتبس فرساً في سبيل الله، عن علي بن حفص، ومن طريقه البغوي 2648، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرج النسائي 6/225 في الخيل: باب علف الخيل، والبيهقي 10/16 من طرق عن ابن وهب، عن طلحة بن أبي سعيد، به. وصححه الحاكم 2/92 ووافقه الذهبي.

ص: 529

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَهْلَ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُعَانُونَ عَلَيْهَا

4674 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا كَبْشَةَ صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الخيل معقود في نواصيها الخير، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا، وَالْمُنْفِقُ عَلَيْهَا كَالْبَاسِطِ يَدَهُ بالصدقة"1.

1 إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح غير نعيم بن زياد فقد روى له النسائي، وهو ثقة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/849 عن يحيى بن عثمان بن صالح، عن أصبغ بن الفرج، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم 2/91 ووافقه الذهبي.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/259 عن الطبراني، وقال: ورجاله ثقات.

ص: 530

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لِمُرْتَبِطِ الْخَيْلِ وَمُحْبِسِهَا تَكُونُ كَالصَّدَقَةِ

4675 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُنْفِقِ عَلَى الْخَيْلِ، كَالْمُتَكَفِّفِ بِالصَّدَقَةِ" فَقُلْنَا لِمَعْمَرٍ: مَا المتكفف بالصدقة قال: الذي يعطى بكفيه1.

1 حديث صحيح، ومن فوق ابن أبي السري ثقات من رجال الشيخين، وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" ولم ينسه لغير ابن حبان.

وفي الباب عن ابن الحنظلية سهل بن الربيع عند أبي داود 4089، وأحمد 4/179-180، والحاكم 2/91-92 وسنده حسن.

ص: 530

‌ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ ارْتِبَاطِ الْأَدْهَمِ الْأَقْرَحِ مِنَ الْخَيْلِ إِذْ هُوَ مِنْ خَيْرِ مَا يَرْتَبِطُ مِنْهَا لِسَبِيلِ اللَّهِ

4676 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَوْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الْخَيْلِ الْأَدْهَمُ الْأَقْرَحُ الْأَرْثَمُ الْمُحَجَّلُ ثَلَاثًا طَلْقُ الْيَدِ الْيُمْنَى" قَالَ يَزِيدُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْهَمَ، فَكُمَيْتٌ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ1.

1 إسناده حسن على شرط مسلم.

وأخرجه الترمذي 1697 في الجهاد: باب ما جاء ما يستحب من الخيل، وابن ماجة 2789 في الجهاد: باب ارتباط الخيل في سبيل الله، والبيهقي 6/330 من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد.

وصححه الحاكم 2/92 من طريق وهب بن جرير، به، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 5/300، والدارمي 2/212، والترمذي 1696 من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به.

وأخرجه الطيالسي 604 عن عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن عقبة الحضرمي، عن عُلي بن رباح، به.

الأقرح: ما كان في جبهته قرحة، وهي بياض يسير في وجه الفرس دون الغرة.

والأرثم: الذي في أنفه وشفته العليا بياض.

وقوله: "طلق اليد اليمنى" أي: مطلقها، يقال: فرس طلقُ إحدى القوائم: إذا. كانت إحدى قوائمها لا تحجيل فيها، والتَّحْجيل: البياض.

والكميت: هو الذي لونه بين السواد والحمرة.

والشية: كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره، وأصله من الوشي، والهاء عوض عن الواو المحذوفة.

ص: 531

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الشَّكُّ فِي هَذَا الْخَبَرِ، مِنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَالْخَبَرُ مَشْهُورٌ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ علي عن أبيه1.

1 الحديث في جميع المصادر التي تقدم تخريجه منها روته من حديث أبي قتادة.

وأخرجه الطبراني 17/809، والحاكم 2/92، والبيهقي 6/330 من طريق عبيد بن الصباح، عن موسى بن عُلي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر رفعه بلفظ:"إذا أردت أن تغزو، فاشتر فرساً أغر محجلاً، مطلق اليمنى فإنك تسلم وتغنم" وصححه الحاكم ووافقه الذهبي مع أن عبيد بن الصباح ضعيف كما قال الهيثمي في "المجمع" 5/262.

ص: 532

‌ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ ارْتِبَاطِ غَيْرِ الشِّكَالِ مِنَ الْخَيْلِ

4677 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سلم بن عبد الرحمن النخعي، فمن رجال البخاري.

وأخرجه أحمد 2/250 و436 و476، ومسلم 1875 في الإمارة: باب ما يكره من صفات الخيل، وأبو داود 2547 في الجهاد: باب ما يكره من الخيل، والترمذي 1698 في الجهاد: باب ما جاء ما يكره من الخيل، والنسائي 6/219 في الخيل: باب الشكال في الخيل، وابن ماجة 2790 في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 532

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الشِّكَالُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي كَرِهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هُوَ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ إِحْدَى قَوَائِمِهَا بَيْضَاءَ والباقي على هيئتها1.

= الجهاد: باب ارتباط الخيل في سبيل الله، والبيهقي 6/330 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 2/457 و461، ومسلم 1875، والنسائي 6/219 من طرق عن شعبة، عن عبد الله بن يزيد النخعي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة.

1 قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 3/18-19: الشكال: أن تكون ثلاث قوائم منه محجلة وواحدة مطلقة، وإنما أخذ هذا من الشِّكال الذي تُشكل به الخيل، شبه به لأن الشِّكال إنما يكون في ثلاث قوائم، أو أن تكون الثلاث مطلقة، ورِجل محجَّلة.

ص: 533

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اتِّخَاذِ الْمَرْءِ الْخَيْلَ مَا كَانَ مِنْهَا ذُو شِكَالٍ

4678 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ وَالْمُلَائِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ الشكال في الخيل1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، وهو مكرر ما قبله.

ص: 533

‌ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْمُطْرِقَ فَرَسَهُ إِذَا عَقِبَ لَهُ أَجْرُ سَبْعِينَ فَرَسًا لَوْ حُمِلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

4679 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ بِحِمْصَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَذْحِجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ أَنَّهُ أَتَاهُ فَقَالَ: أَطْرِقْنِي فَرَسَكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ أَطْرَقَ فَرَسًا، فَعَقَبَ لَهُ الْفَرَسُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ سَبْعِينَ فَرَسًا حُمِلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ تُعْقِبْ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ فَرَسٍ حُمِلَ عليه في سبيل الله"1.

1 إسناده صحيح. محمد بن حرب: هو الخولاني الأبرش، والزبيدي: هو محمد بن الوليد، وأبو عامر الهوزني: هو عبد الله بن لحي.

وأخرجه أحمد 4/231، والطبراني 22/853 من طريقين عن محمد بن حرب، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/266 عن أحمد والطبراني، وقال: ورجالهما ثقات.

أطرق فلاناً فحله: أعاره ليضرب في إبله.

ص: 534

‌ذِكْرُ مَا يُسَمَّى الْفَرَسُ مِنَ الْخَيْلِ

4680 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّى الْأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ الْفَرَسَ1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن عثمان فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة. أبو حيان التيمي: هو يحيى بن سعيد بن حيان، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي.

وأخرجه أبو داود 2546 في الجهاد: باب هل تسمى الأنثى من الخيل فرساً، والحاكم 2/144، والبيهقي 6/330 عن موسى بن مروان الرقي، عن مروان بن معاوية بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، مع أن موسى بن مروان لم يخرج له أحدهما.

ص: 534

‌ذِكْرُ مَا يُدْعَى لِلْخُيُولِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

4681 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَجَهَدَ الظَّهْرُ جَهْدًا شَدِيدًا، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا بِظَهْرِهِمْ مِنَ الْجَهْدِ، فَتَحَيَّنَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَضِيقًا سَارَ النَّاسُ فِيهِ وَهُوَ يَقُولُ:"مُرُّوا بِسْمِ اللَّهِ"، فَجَعَلَ يَنْفُخُ بِظَهْرِهِمْ، وَهُوَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ احْمِلْ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِكِ، فَإِنَّكَ تَحْمِلُ عَلَى الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَالرَّطْبِ وَالْيَابِسِ فِي الْبِرِّ وَالْبَحْرِ" قَالَ فَضَالَةُ: فَلَمَّا بَلَغَنَا الْمَدِينَةَ، جَعَلَتْ تُنَازِعُنَا أَزِمَّتُهَا، فَقُلْتُ: هَذِهِ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ، فَمَا بَالُ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الشَّامَ، غَزَوْنَا غَزْوَةَ قُبْرُسَ، وَرَأَيْتُ السُّفُنَ وَمَا تَدْخُلُ، عَرَفْتُ دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم1.

1 رجاله ثقات، إلا أن فيع عنعنة الوليد، لكنه توبع، فقد أخرجه أحمد 6/20 عن عصام بن خالد الحضرمي، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عبيد، بهذا الإسناد. وهذا سند صحيح.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/821 من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي، عن صفوان بن عمرو، به.

وأخرجه بنحوه الطبراني 18/771، والبزار 1840 من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن جبير، عن فضالة بن عبيد.

ص: 535

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ إِنْزَاءِ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ إِذْ فِعْلُ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ

4682 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أُهْدِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةٌ، فَأَعْجَبَتْهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنْزَيْنَا الْحُمُرَ عَلَى خَيْلِنَا، فَجَاءَتْ مِثْلَ هَذِهِ، فَقَالَ:"إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الذين لا يعملون النهي عنه2.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن زرير، فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، والليث: هو ابن سعد، وأبو الخير: هو مَرْثد بن عبد الله اليزني المصري.

وأخرجه أحمد 1/100 عن هشام بن القاسم، وأبو داود 2565 في الجهاد: باب في كراهية الحمر تنزي على الخيل، والنسائي 6/224 في الخيل: باب التشديد في حمل الحمير على الخيل، عن قتيبة بن سعيد، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/271 عن شعيب بن الليث، والبيهقي 10/22-23 من طريق شبابة بن سوار، أربعتهم عن الليث، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله في "زوائد المسند" 1/158 حدثنا أبو سعيد، حدثنا عبد الله بن لهيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، به.

وله طريق آخر عن علي عند أحمد 1/98، والبيهقي 10/23.

وفي الباب عن دحية الكلبي عند أحمد 4/311.

وعن ابن عباس عند البيهقي 10/23.

2 قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/273: فإن قال قائل: فما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون"؟. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =

ص: 536

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=قيل له: قد قال أهل العلم في ذلك: معناه أن الخيل قد جاء في ارتباطها، واكتسابها، وعلفها الأجر، وليس ذلك في البغال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما ينزي فرس على فرس، حتى يكونَ عنهما ما فيه الأجر، ويحمل حماراً على فرس فيكون عنهما بغل لا أجر فيه". "الذين لا يعلمون" أي: لأنهم يتركون بذلك إنتاج ما في ارتباطه الأجر، وينتجون ما لا أجر في ارتباطه.

وقال الخطابي في "معالم الآثار" 2/251: يشبه أن يكون المعنى في ذلك والله أعلم، أن الحمر إذا حملت على الخيل تعطلت منافع الخيل، وقلّ عددها، وانقطع نماؤها، والخيل يحتاج إليها للركوب والركض والطلب، وعليها يجاهد العدو وبها تحرز الغنائم، ولحمها مأكول ويسهم للفرس كما يسهم للفارس، وليس للبغل شيء من هذه الفضائل، فأحب صلى الله عليه وسلم أن ينمو عدد الخيل ويكثر نسلها فيها من النفع والصلاح.

ص: 537

8-

‌ بَابُ: الْحِمَى

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ لِمَا يُجْدِي نَفْعُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَسْبَابِ فِي الْأَوْقَاتِ

4683 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين1.

1 حديث صحيح، رجاله ثقات غير عاصم بن عمر –وهو ابن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العمري- فهو ضعيف وهو على ضعفه يكتب حديثه، وقد توبع. عبد الله بن نافع: هو الصائغ المدني.

وأخرجه أحمد 2/91 و155 و157، وأبو عبيد في "الأموال" 740، وحميد بن زنجوية في "الأموال" 1105، والبيهقي 6/146 عن عبد الله بن عمر العمري –وهو ضعيف-، عن نافع، عن ابن عمر.

وأخرجه البخاري 2370 في الشرب والمساقاة: باب لا حمى إلاّ لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحميد بن زنجوية 1104، والبيهقي 6/146 من طريق الليث، عن يونس، عن ابن شهاب قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم حَمَى النقيع، وأن عمر حَمَى الشرف والربذة. وهذا مرسل أو معضل، كما قال الحافظ في "الفتح" 5/55، لكن وصله أبو داود 3084 فقال: حدثنا سعيدُ بن منصور، حدثنا. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 538

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس، عن الصعب بن جثامة أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع، وقال:"لا حمى إلا لله عز وجل" وصححه الحاكم 2/61، ووافقه الذهبي، وهو في "شرح معاني الآثار" 3/269 من طريقين عن سعيد بن منصور، به.

والنقيع، بفتح النون والقاف، قال الحافظ: وحكى الخطابي أن بعضهم صحّفه، فقال بالموحدة أي: البقيع: وهو على عشرين فرسخ من المدينة، وقدره ميل في ثمانية أميال، ذكر ذلك ابن وهب في موطئه، وأصل النقيع: كل موضع يستنقع فيه الماء، وفي الحديث ذكر لنقيع الخضمات، وهو الموضع الذي جمَّع فيه أسعدُ بنُ زرارة بالمدينة، والمشهور أنه غيرُ النقيع الذي فيه الحِمى، وحكى ابنُ الجوزي أن بعضَهم قال: إنهما واحدة، والأول أصح.

ص: 539

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَتَّخِذَ الْحِمَى مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الْإِمَامُ الَّذِي يُرِيدُ بِهِ صَلَاحَ رَعِيَّتِهِ دُونَ انْفِرَادِهِ بِهَا عَنْهُمْ

4684 -

أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ ولرسوله"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير منصور بن أبي مزاحم، فمن رجال مسلم. الزبيدي: هو محمد بن الوليد.

وأخرجه البخاري 2370 في الشرب: باب لا حمى إلا لله ولرسوله، والبيهقي 6/146 و7/59 عن يحيى بن بكير، عن الليث، عن الزهري، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري 3012 في الجهاد: باب أهل الدار يبيتون

، عن علي بن عبد الله، والطحاوي 3/269 عن يونس، كلاهما عن سفيان، عن الزهري، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 539

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أبو داود 3083 في الخراج والإمارة: باب في الأرض يحميها الإمام أو الرجل، من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، به.

وأخرجه عبد الرزاق 19750، ومن طريقه أحمد 4/38، والطبراني 7419، والبغوي 2190 عن معمر، عن الزهري، به.

وأخرجه من طرق عن الزهري، به: الشافعي 2/131-132، وأحمد 4/71 و73، والطيالسي 1230، والحميدي 782، وأبو عبيد في الأموال 728، وحميد بن زنجوية في الأموال 145 و1087، والطبراني 7420 و7421 و7422 و7423 و7424 و7425 و7426 و7427 و7428، والدارقطني 4/238.

وأصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلاً مخصباً استعوى كلباً على مكان عالٍ، فإلى حيث انتهى صوتُه، حماه من كل جانب، فلا يرعى فيه غيره، ويرعى هو مع غيره فيما سواه، والحِمى: هو المكان المحمي. وانظر "شرح السنة" 8/273-275.

ص: 540

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

4685 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا حمى إلا لله ولرسوله"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن عياش فمن رجال البخاري.

وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/269 عن ابن أبي داود، عن علي بن عياش، بهذا الإسناد.

ص: 540

9-

‌ بَابُ السَّبَقِ

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُسَابِقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي ضُمِّرَتْ وَالَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ

4686 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابِقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ الله فيمن سابق بها1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/467-468 في الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها.

ومن طريق مالك أخرجه الدارمي 2/212، والبخاري 420 في الصلاة: باب هل يقال مسجد بني فلان، ومسلم 1870 في الإمارة: باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، وأبو داود 2577 في الجهاد: باب في السبق، والنسائي 6/226 في الخيل: باب إضمار الخيل للسبق، والدارقطني 4/300، والبغوي 2650.

والأمد: الغاية، قال الله سبحانه:{أَمَداً بَعِيداً} أي: غاية، وقال الله عز وجل:{فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} ، وهو نهاية البلوغ، ويقال: استولى على الأمد: أي غلب سابقاً، وجمع الأمد: آماد. يريد أنه جعل غاية المضامير أبعد من غاية ما لم يضمر من الخيل، لأن المضامير أقوى مما لم يضمر، وكل ذلك إعداد للقوة في إعزاز الدين امتثالاً لقوله عز وجل:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .

ص: 541

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْغَايَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمُسَابَقَةِ لِلْخَيْلِ الَّتِي ضُمِّرَتْ وَالَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ

4687 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ جَوْصَا، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْرَى الْخَيْلَ الْمُضَمَّرَةَ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَمْيَالٍ، وَمَا لَمْ تُضَمَّرْ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَبَيْنَهُمَا مِيلٌ، وَكُنْتُ فِيمَنْ أجرى1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن الوزير الواسطي، فقد روى له الترمذي، وهو ثقة عابد. إسحاق الأزرق: هو إسحاق بن يوسف الأزرق.

وأخرجه عبد الرزاق 9695، وأحمد 2/5 و11 و56، والبخاري 2868 و2869 و2870 في الجهاد: باب السبق بين الخيل، و7336 في الاعتصام: باب إثم من دعا إلى ضلالة، ومسلم 1870 في الإمارة: باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، والترمذي 1699 في الجهاد: باب ما جاء في الرهان والسبق، والنسائي 6/226 في الخيل: باب السبق، وابن ماجة 2877 في الجهاد: باب السبق والرهان، والطبراني 13459، والبيهقي 10/19، والدارقطني 4/299-300 من طرق عن نافع، بهذا الإسناد.

ص: 542

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَفْضِيلِ الْقُرَّحِ مِنَ الْخَيْلِ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْغَايَةِ عِنْدَ السَّبَّاقِ

4688 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبَّقَ بَيْنَ الْخَيْلِ، وفضل القرح في الغاية1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وعقبة بن خالد: هو ابن عقبة السَّكوني المجدَّد أبو مسعود الكوفي.

وأخرجه أحمد 2/157، ومن طريقه أبو داود 2577 في الجهاد: باب في السبق، والدارقطني 4/299 عن عقبة بن خالد، بهذا الإسناد.

القرح، بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة وآخره حاء مهملة: جمع قارح: وهو الذي دخل في السنة الخامسة، والغاية: هي مدى الشوط الذي ينتهي إليه السبق.

ص: 543

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ السَّبَّاقِ إِلَّا فِي شَيْئَيْنِ مَعْلُومَيْنِ

4689 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَابِقَ بَيْنَ الْخَيْلِ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا سَبْقًا، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا، وَقَالَ:"لَا سَبْقَ إِلَّا فِي حافر أو نصل"1.

1 إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عمر –وهو ابن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ.....=

ص: 543

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الخطاب- ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم والبخاري والترمذي، وقد اضطرب فيه رأي المؤلف، فصحح حديثه تارة، وقال في "المجروحين والضعفاء" 2/127: كان سيء الحفظ، كثير الوهم، فاحش الخطأ، فترك من أجل كثرة خطئه، وقال في "الثقات" 7/259: يخطئ ويخالف.

وقال ابن القيم في "الفروسية" ص55-56: هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البتة، ووهم فيه أبو حاتم يعني المؤلف فإن مداره على عاصم بن عمر، فقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن عدي: ضعفوه

وقال شيخنا أبو الحجاج الحافظ: يحتمل أن أبا حاتم لم يعرف أنه عن عاصم العمري، فإنه وقع في روايته غير منسوب. وانظر "تلخيص الحبير" 4/163.

ص: 544

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّفْيَ عَمَّا وَرَاءَهُ

4690 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سليمان، قال: سمعت بن أَبِي ذِئْبٍ يُحَدِّثُ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ"1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير نافع بن أبي نافع، فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة.

وأخرجه من طرق عن أبن أبي ذئب، بهذا الإسناد: الشافعي 2/128-129، وأحمد 2/474، والبغوي في "مسند ابن الجعد" 2855 و2857، وأبو داو د2574 في الجهاد: باب في السبق، والترمذي 1700 في الجهاد: باب ما جاء في الرهان والسبق، والنسائي 6/226 في الخيل: باب السبق، والطبراني في "المعجم الصغير" 50، والبيهقي 10/16، والبغوي في "شرح السنة" 2653 وحسنه الترمذي، وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد فيما نقله الحافظ في "التلخيص" 4/161.

وأخرجه أحمد 2/256 و425، والنسائي 6/227، وابن ماجة 2878 في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 544

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الجهاد: باب السبق والرهان، والبيهقي 10/16 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي الحكم مولى بني ليث، عن أبي هريرة. وسنده حسن في الشواهد، فإن أبا الحكم مقبول، وقد توبع.

وأخرجه أحمد 2/358 من طريق سليمان بن يسار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

وأخرجه النسائي 6/226-227 من طريق سليمان بن يسار، عن أبي عبد الله تحرف في الأصل إلى عبد الله مولى الجندعيين، عن أبي هريرة.

والسبق، بفتح السين والباء: هو المال المشروط للسباق على سبقه، وبسكون الباء: هو مصدر سبقته سبقاً. والمراد من النصل: السهم، ومن الخف: الإبل، ومن الحافر: الفرس.

قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 10/394: ويدخل في معنى النصل: الزوابين الحراب الصغيرة أو السهم القصيرة، ويدخل في معنى الخيل: البغال والحمير، وفي معنى الإبل: الفيل، وألحق به بعضهم الشد على الأقدام، والمسابقة عليها، وسئل ابن المسيب عن الدحو بالحجارة، فقال: لا بأس به.

ص: 545

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْمُسَابَقَةِ بِالْأَقْدَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُتَسَابِقِينَ رِهَانٌ

4691 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ بِهَمَذَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَابَقَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَسَبَقْتُهُ، فَلَبِثْنَا حَتَّى إِذَا أَرْهَقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هذه بتلك"1.

1 إسناده صحيح، محمد بن عبد الملك وقد تحرف في الأصل إلى ابن سعيد ذكره المؤلف في "الثقات" 9/99، وقال: حدثنا عنه علي بن أحمد بن سعيد وغيره بهمذان، مات آخر سنة ثلاث أو أول سنة أربع وأربعين ومئتين، قلت:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .ز=

ص: 545

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وروى له الترمذي وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد 6/39، والحميدي 261، وابن ماجة 1979 في النكاح: باب حسن معاشرة النساء، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/360 من طريق سفيان، وأبو داود 2578 في الجهاد: باب في السبق على الرجل، من طريق أبي إسحاق الفزاري، كلاهما عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/129 و182 و261 و264 و280، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/361، والطبراني 23/123 و124 و125، والبيهقي 10/17-18 من طريقين عن عائشة.

ص: 546

‌ذِكْرُ قَدْرِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْمُتَسَابِقِينَ

4692 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابِقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ فيمن سابق بها1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم برقم 4686.

ص: 546

10-

‌ بَابُ الرَّمْيِ

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالرَّمْيِ وَتَعْلِيمِهِ إِذْ هُوَ مِنْ سُنَّةِ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام

4693 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، حدثنا يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ فَقَالَ: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ "، فَأَمْسَكُوا أَيْدِيَهُمْ، فَقَالَ:"مَا لَكُمُ ارْمُوا"، قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ، قَالَ:"ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كلكم"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدَّد بن مسرهد، فمن رجال البخاري.

وأخرجه البخاري 2899 في الجهاد: باب التحريض على الرمي، و3373 في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} ، و3507 في المناقب: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل، وأحمد 4/50، والطبراني 6991 و6992، والبيهقي 10/17، والبغوي 2640 من طرق عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكوع.

وأخرجه الحاكم 2/94، والبيهقي 10/17 من طريق عبد الرحمن بن حرملة، عن محمد بن إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده.

ص: 547

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْمُنَاضَلَةِ فِي الْأَسْوَاقِ إِذَا كَانَ فِيهَا مَرْمَى

4694 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى القطان، حدثنا يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ، فَقَالَ:"ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ" لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ:"مَا لَكُمُ ارْمُوا" قَالُوا: وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ؟ قَالَ: "ارْمُوا وَأَنَا معكم كلكم"1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، وهو مكرر ما قبله.

ص: 548

‌ذِكْرُ اسْمِ الرُّمَاةِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْقَوْلَ

4695 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الزَّمِنُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَسْلَمُ يَرْمُونَ فَقَالَ: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَارْمُوا وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ" فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ قِسِيَّهُمْ، وَقَالُوا: مَنْ كُنْتَ مَعَهُ غَلَبَ، قَالَ:"ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلُّكُمْ"1.

1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عمرو –وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- فقد أخرج له البخاري مقروناً، ومسلم متابعة وهو صدوق. أبو موسى الزمن: هو محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي البصري.

وأخرجه الحاكم 2/94، والبزار 1702 كلاهما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/268 عن البزار، وقال: وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.

ص: 548

‌ذكر الإباحاة لِلْقَوْمِ الْمُنَاضَلَةَ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

4696 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثم ينتضلون1.

1 غسان بن الربيع روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 9/2، وقال الخطيب في "تاريخه" 12/330: وكان نبيلا فاضلا ورعا، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال مرة: صالح، وقال الذهبي في "الميزان" 3/334: كان صالحا ورعا ليس بحجة في الحديث، وبقية رجاله ثقات.

ص: 549

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ لُزُومُ الْمُنَاضَلَةِ عِنْدَ فَتْحِ اللَّهِ الدُّنْيَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ

4697 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرَضُونَ وَيَكْفِيكُمُ اللَّهُ، فَلَا يَعْجِزْ أَحَدُكُمْ أَنْ يلهو بأسهمه"1.

1 غسان بن الربيع روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 9/2، وقال الخطيب في "تاريخه" 12/330: وكان نبيلا فاضلا ورعا، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال مرة: صالح، وقال الذهبي في "الميزان" 3/334: كان صالحا ورعا ليس بحجة في الحديث، وبقية رجاله ثقات.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو علي الهمداني: هو ثمامة بن شفي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=

ص: 549

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 4/157، ومسلم 1918 في الإمارة: باب فضل الرمي والحث عليه، عن هارون بن معروف، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم أيضاً عن داود بن رشيد، عن الوليد، عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، به.

وأخرجه الطبراني 17/912، والبيهقي 10/13 من طريق ابن وهب، به.

وأخرجه الترمذي 3083 في التفسير: باب ومن سورة الأنفال، عن وكيع، عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن رجل، عن عقبة.

ص: 550

11-

‌ بَابُ: التَّقْلِيدِ وَالْجَرَسِ لِلدَّوَابِ

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اتِّخَاذِ قَلَائِدِ الْأَوْتَارِ فِي أَعْنَاقِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ

4698 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ: "لَا تَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ إِلَّا قطعت"1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني. وهو في الموطأ 2/937 في صفة النبي: باب ما جاء في نزع المعاليق والجرس من العنق.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري 3005 في الجهاد: باب ما قيل في الجرس

، ومسلم 2115 في اللباس: باب كراهة قلادة الوتر في رقبة البعير، وأبو داود 2552 في الجهاد: باب في تقليد الخيل في الأوتار، والطبراني 22/750، والبيهقي 5/254، والبغوي 2679.

ص: 551

قال مالك: أرى ذلك من العين1.

1 قال ابن الجوزي: -فيما نقله الحافظ في "الفتح" 6/164-165-: وفي المراد بالأوتار ثلاثة أقول: أحدها أنهم كانوا يقلدون الإبل أوتار القسي لئلا تصيبها العين بزعمهم، فأمروا بقطعها إعلاماً بأن الأوتار لا تردّ من أمر الله شيئاً، وهذا قول مالك. قلت أي ابن حجر: وقع ذلك متصلاً بالحديث من كلامه في "الموطأ" وعند مسلم وأبي داود وغيرهما، قال مالك: أرى أن ذلك من أجل العين، يؤيده حديث عقبة بن عامر رفعه "من علق تميمة فلا أتم الله له" أخرجه أبو داود أيضاً، والتميمة ما علق من القلائد خشية العين ونحو ذلك، قال ابن عبد البر: إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن أنها ترد القدر وذلك لا يجوز اعتقاده.

ثانيها: النهي عن ذلك لئلا تختنق الدابة بها عند شدة الركض، ويُحكى ذلك عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وكلام أبي عُبيد يُرجحه، فإنه قال: نهى عن ذلك، لأن الدواب تتأذى بذلك، ويضيق عليها نفسها ورعيها، وربما تعلقت بشجرة فاختنقت، أو تعوقت عن السير.

ثالثها: أنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس، حكاه الخطابي وعليه يدل تبويب البخاري، وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أم حبيبة أم المؤمنين مرفوعاً "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس"، وأخرجه النسائي من حديث أم سلمة أيضا، والذي يظهر أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد أخرجه الدارقطني من طريق عثمان بن عمر المذكر بلفظ "لا تبقين قلادة من وتر ولا جرس في عنق بعير إلا قطع".

ص: 552

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَطْعِ قَلَائِدِ الْأَوْتَارِ عَنْ أَعْنَاقِ الدَّوَابِّ إِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْأَجْرَاسِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا

4699 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ

ص: 552

عن عائشة أن رسول الله أمر بالأجراس أن تقطع من لأعناق الإبل يوم بدر1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 6/150عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/174، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

ص: 553

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ الْأَجْرَاسِ

4700 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ، عَنْ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الْجَرَّاحِ مَوْلَى أُمِّ حَبِيبَةَ حَدَّثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْعِيرَ الَّتِي فِيهَا الْجَرَسُ لَا تَصْحَبُهَا الْمَلَائِكَةُ"1.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَذَا الْعِيرَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من أجل نزول الوحي عليه2.

1 حديث حسن، أبو الجراح مولى أم حبيبة روى عنه اثنان، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/561، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد 6/326 و327 و426 و427، والدارمي 2/288، وأبو داود 2554 في الجهاد: باب في تعليق الأجراس، عن نافع، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 5/254 عن عراك بن مالك، عن سالم، به.

2 نقله الحافظ في "الفتح" 6/165 واستغربه.

ص: 553

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقَطْعِ الْأَجْرَاسِ عَنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ

4701 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ الْجُرْجَانِيُّ بِحَلَبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ صَاعِقَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بقطع الأجراس1.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الرحيم صاعقة، فمن رجال البخاري. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.

ص: 554

‌ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْأَمْرِ

4702 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْأَجْرَاسِ أَنْ تقطع من أعناق الإبل يوم بدر1.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر 4699.

ص: 554

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أَمْرَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْأَمْرِ

4703 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جرس"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 2/263 و311 و327 و343 و392 و444 و476 و537، والدارمي 2/288، ومسلم 2113 في اللباس والزينة: باب كراهة الكلب والجرس في السفر، وأبو داود 2555 في الجهاد: باب في تعليق الأجراس، والترمذي 1703 في الجهاد: باب ما جاء في كراه الأجراس على الخيل، والبيهقي 5/254، والبغوي 2678 من طريق سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/385 و414 من طريق قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة.

ص: 555

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ الرُّفْقَةَ الَّتِي فِيهَا الْجَرَسُ

4704 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الجرس مزمار الشيطان"1.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في "صحيحه" 2114 في اللباس: باب كراهة الكلب والجرس في السفر، من طرق عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي العلاء، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/372، والبيهقي 5/253 من طريق إسماعيل بن جعفر، به.

وأخرجه أحمد 2/366، وأبو داود 2556 في الجهاد: باب تعليق الأجراس، من طريق سليمان بن بلال، به.

ص: 555

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ صُحْبَةِ الْمَرْءِ ذَوَاتَ الْأَجْرَاسِ اسْتِحْبَابًا

4705 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي الْجَرَّاحِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَصْحَبُ الملائكة رفقة فيها جرس"1.

1 حسن، وهو مكرر 4700.

ص: 556