المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المجلد الثالث عشر ‌ ‌تابع لكتاب الحظر والاباحة ‌ ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان - جـ ١٣

[الأمير ابن بلبان الفارسي]

فهرس الكتاب

المجلد الثالث عشر

‌تابع لكتاب الحظر والاباحة

‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَمَا لَا يُكْرَهُ

‌ذِكْرُ تَخَوُّفِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم على أمته قلة حفظهم السنتهم

بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَمَا لَا يُكْرَهُ

ذِكْرُ تَخَوُّفِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّتِهِ قِلَّةَ حِفْظِهِمْ أَلْسِنَتَهُمْ

5698 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ اللَّخْمِيُّ بِعَسْقَلَانَ حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ

أَنَّ جَدَّهُ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ قال "هذا" وأشار إلى لسانه1

1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد بن أبي السويد، فقد دكره المؤلف في "الثقات"5/363، وقال: يروي عن جده سفيان بن عبد الله الثقفي، روى عن الزهري.

وأخرجه أحمد 3/413و4/384 ـ 385، والدارمي 2/296، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة"4/20، والطبراني "6398"،

وابن أبي الدنيا في "الصمت""1"، والخطيب في "تاريخه"2/370و9/234و454 من طريق شعبة وهشيم، عَنْ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن سفيان =

ص: 5

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ لِسَانَ الْمَرْءِ مِنْ أَخْوَفِ مَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ

5699 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَاعِزٍ

عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ قَالَ "قُلْ: رَبِّيَ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَقِمْ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ قَالَ: فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ "هذا" 1 [2:1]

=عن أبيه، وقد تحرف في "الصمت" هشيم إلى: نعيم. وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه أحمد3/413،ومسلم "38" في الإيمان: باب جامع أوصاف الإسلام، والبغوي"15" من طرق عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سفيان بن عبد الله البثقفي قال: قلت: يارسول الله، قل لي في الإسلام قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، قَالَ:"قل: آمنت بالله، ثم استقم".

1 حديث صحيح، عبد الرحمن بن ماعز – ويقال: ماعز بن عبد الرحمن، ويقال: محمد بن عبد الرحمن بن ماعز، كما سيأتي برقم "5700"و"5702" – ذكره المؤلف في "الثقات"5/109، ورى عنه جمع، أخرج له الترمذي والنسائي، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. عبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه أحمد 3/413، والترمذي "2410" في الزهد: باب ماجاء في حفظ اللسان، وابن أبي الدنيا في "الصمت""6" من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه الدارمي 2/298عن أبي نعيم، عن إبراهيم بن إسماعيل بن=

ص: 6

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْمَعْنَى فِي أَخْذِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِسَانَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ: "هَذَا"، وَقَدْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقُولَ: اللِّسَانُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ لِسَانَهُ، أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَالِمًا بِالْعِلْمِ الَّذِي كَانَ يُعِلِّمُ النَّاسَ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْبِقَ نَفْسَهُ إِلَى الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ الَّذِي اسْتُعْلِمَ، فَعَلِمَ بِأَنَّهُ أَخْبَرَ السَّائِلَ بِأَنَّ أَخْوَفَ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يُورِدَ صَاحِبَهُ الْمَوَارِدَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْبِضَ عَلَيْهِ وَلَا يُطْلِقَهُ، فَعَمِلَ صلى الله عليه وسلم بِمَا كَانَ يَعْلَمُهُ أَوَّلًا حَتَّى يُفَصِّلَ مَوَاضِعَ العلم والتعليم.

=مجمع، عن ابن شهاب، الزهري، بهذا الإسناد. وقد تحرف فيه "ماعز" إلى "معاذ"

1 حديث صحيح، وهو مكرر "5699".أحمد بن ابان: ذكره المؤلف في "الثقات" 8/32،فقال: أحمد بن أبان القرشي من ولد خالد بن أسيد، من أهل البصرة، يروي عن سفيان بن عيينة، حدثنا عنه ابن قحطبة وغيره، مات سنة خمسين ومئة، وقد توبع، وباقي، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير =

ص: 7

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ لِسَانَ الْمَرْءِ مِنْ أَخْوَفِ مَا يُخَافُ عَلَيْهِ عَصَمَنَا اللَّهُ وَكُلَّ مُسْلِمٍ مِنْ شَرِّهِ

5700 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبَانَ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَاعِزٍ

عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قلت: يا رسول اللَّهِ حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ قَالَ: "قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ، اللَّهِ مَا أَشَدُّ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه1.ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ لِسَانَ الْمَرْءِ مِنْ أَخْوَفِ مَا يُخَافُ عَلَيْهِ عَصَمَنَا اللَّهُ وَكُلَّ مُسْلِمٍ مِنْ شَرِّهِ

[5700]

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبَانَ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَاعِزٍ

عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قلت: يا رسول اللَّهِ حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ قَالَ: "قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ، اللَّهِ مَا أَشَدُّ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه1.

ص: 7

‌ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِمَنْ حَفِظَ لِسَانَهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ

5701 -

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَتَوَكَّلْ لِي مَا بَيْنَ لحييه أتوكل له الجنة" 1

=محمد بن عبد الرحمن بن معاز، فقد وثقه المؤلف وروى عنه جمع كما تقدم.

وأخرجه الطيالسي "1231"، وأحمد 3/413، والنسائي في "الكبري" كما في "التحفة" 4/20،وابن ماجه "3972"في الفتن: باب كف السان في الفتنة، والطبراني "6396"، والحاكم 4/313،والبيهقي في "الأدب"0"394" من طرق عن ابراهيم بن سعد، بهذا الإمناد، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبراني "6397"، والخطيت 11/78 من طرقين عن الزهري، به.

1 اسناد صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الأعلى، فمن رجال مسلم، أبو حازم: هو سلمة بن دينار.

وأخرجه الترمذي "2408"في الزهد: باب ما جاء في حفظ اللسان عن محمد بن عبج الأعلى، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحسح غريب.

وأخرجه أحمد 5/333،والبخاري"6474" في الرقاق: باب حفظ اللسان، و"6807" في الحدود: باب فضل من ترك الفواحش، والطبراني"5960"،وابن أبي الدنيا في "الصمت""3"، والبيهقي في "السنن"8/166،وفي"الآداب""393"، والبغوي "4122" من طرق عن عمر بن علي، به.

وقوله: "يتوكل"، أي: يتكلف، وهي رواية البرمذي، وللبخاري:

ص: 9

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ حِفْظِ لِسَانِهِ لِأَنَّ تَعَاهُدَ اللِّسَانِ أَوَّلُ مَطِيَّةِ الْعُبَّادِ

5702 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ بِحِمْصَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَاعِزِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيِّ

أَنَّ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يا رسول الله حدثني بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ. فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلِسَانِ نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ "هَذَا" 1

مَاعِزُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَهُ الزُّبَيْدِيُّ، وهو متقن. [65:3]

="ومن يضمن"،ولغيره:"من يضمن"، ولغيره:"من حفظ".

وقوله:"لحييه": هو بفتح اللام وسكون الحاء: العظمان في جانبي الفم، والمراد بما بينهما: اللسان وما يتأتى به النطق.

1 حديث صحيح، وهو مكرر "5699" و"5700". الزبيدي: هو محمد بن الوليد

ص: 9

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ فَمَهِ وَفَرْجِهِ رُجِيَ لَهُ دُخُولُ الْجَنَّةِ

5703 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وُقِيَ شَرَّ مَا بين لحييهذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ فَمَهِ وَفَرْجِهِ رُجِيَ لَهُ دُخُولُ الْجَنَّةِ

[5703]

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وُقِيَ شَرَّ مَا بَيْنَ لحييه

ص: 9

ورجليه دخل الجنة" 1

"1" إسناده حسن، رجاله رجال الصحيح غير ابن عجلان ـ واسمه محمد ـ فقد روى له مسلم متابعة، وهو صدوق، وأبو أخالد الأحمر ـوهو سليمان بن حيان ـ وثقه غير واحد من الأئمة، وقال ابن معين: صدوق، وليس بحجة، وذكر له ابن عدي عدّة أحاديث أخطأ فيها، فمثله يكون حسن الحديث.

أبو كريب: هو محمد بت العلاء بن كريب، وأبو حازم: هو سليمان الأشجعي.

وأخرجه الترمذي "2409" في الزهد: باب ما جاء في حفظ اللسان، عن أبي سعيد الأشج، عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن غريب. وذكره الحاكم 4/357 عن وهيت، عن أبي واقد صالح بن محمج، عن إسحاق مولى زائدة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة، وصححه، ووافقه الذهبي! مع أن أبا واقد ضعيف. ويشهد له حديث سهل بن سعد المتقدم برقم "5701"

وقد دلّ الحديث على أن أعظم البلاء على المرء في الدنيا لسانه وفرجه، فمن وقي شرهما وقيَ أعظم الشر.

ص: 10

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَرْءِ الْبَذَاءَ فِي أَسْبَابِهِ إِذِ الْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ

5704 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ بِعُكْبَرَا، قال: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ، والحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة" 2 [84:2]

2 حديث صيح، إسماعيل بن موسى صجوق، وقج توبع، ومَنْ فوقَه ثِقَات من رجال الشيخين، إِلاَّ أن هشيماً والحسن قد عنعنا وهما مدلسان. منصور: هو ابن زاذان.=

ص: 10

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالصَّدَقَةِ لِمَنْ قَالَ هُجْرًا فِي كلامه

5705 -

أخبرنا بن قتيبة، حدثنا بن أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

=وأخرجه ابن ماجه "4184" في الزهد: باب الحياء، وأبو نعيم في "الحلية" 3/60 من طريق إبن إسماعيل بن موسيى، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد""1314"، والطحاوي في "مشكل الآثار".4/237ـ 238، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق""72"، والطبراني في "الصغير""1091"،والحاكم 1/52،وأبو نعيم في "الحلية"60/3من طريق هشيم، به وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي! وقال البوصري في"مصبح الزجاجة" ورقة 264/2: رواه أبوكر بن أبي شيبة في "مسنده" عن سعيد بن سليمان، حدثنا هشيم "تحرف فيه إلى: هشام" أخبرنا منصور، فذكره، ورواه ابن حبان في "صحيحه" من طريق إسماعيل بن موسى، به، بتقديم البذاء على الحياء، وحكم الحاكم بصحته، فإن اعترض معترض على ابن حتان والحكم في تصحيحه بقول الجارقطني: إن الحسن لم يسمع. من إبي بكرة، قلت: احتج البخاري في "صحيحه" براوية الحين عن أبي بكرة في أربعة أحاجيث، وفي "مسند" أحمد" و "المعجم الكبير" للطبراني التصريح بسماعه من أبي بكرة في عجة أحاجيث، منها:"‘ن ابني هذا سيج"، والمثبت متقدم على النافي. وله شاهد عن أبي هريرة تقدم عند المؤلف برقم "608"و"609".

وعن ابن عمر وقد تقدم أيضا برقم "610".

وعن أبي أمامة الباهلي عند الترمذي "2027" وحسنه، والحاكم 1/52 وصححه ووافقه.

والبذا: فحش في الكلام، أو عدم الحياء

والجفاء: التباعد من الناس والغلظة عليهم.

ص: 11

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَمَنْ قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق بشيء"1. [67:3]

1 حديث صحيح، ابن أبي السري ـ وهو محمدبن المتوكل ـ قد توبع، ومَنْ فوقه ثقات من رجال الشيخين، وهو في "مصنف عبد الرزاق""15931".ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد2/309، ومسلم "1647" في الأيمان: باب "من حلف باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله"، وأبو داود "3247" في الأيمان والنذور: باب الحلف بالأنداد. وأخرجه البخاري "6107" في تفسير سورة النجم، و"6650" في الأيمان: باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت، ومن طريقه البغوي "2433" عن هشام بن يوسف، عن معمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "6107" في الأدب: باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولاً أوجاهلاً، و"6301" في الإستئذان: باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله، ومسلم "1647"، والترمذي "1545" في النذور والأيمان: باب رقم "17"، والنسائي 7/7 في الأيمان: باب الحلف باللات÷ وابن ماجة"2096" في الكفارات: باب النهي أن يحلف بغير الله، والبيهقي 1/148 ـ149و149من طريق الزهري، به

قال البغوي في "شرح السنة"10/10:فيه دليل على أنه لا كفارة على من حلف بغير الإسلام، بل يأثم به، ويلزمه التوبة، لأنه جعل عقوبته في دينه، ولم يوجب في ماله شيئاً، وإنما أمره بكلمة التوحيد، لأن اليمين إنما تكون بالمعبود، فإذا حلف باللات والعزى، فقد ضاهى الكافر في ذلك، فأمر بأن يتداركه بكلمة التوحيد. وقوله فليتصدق"، قيل: أمر أن يتصدق بالمال الذي يريد أن يقامر به، يحكى ذلك عن الأوزاعي، وقيل: يتصدق من ماله كفارة لما جرى على لسانه. يمان: باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت، ومن طريقه البغوي "2433" عن هشام بن يوسف، عن معمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "6107" في الأدب: باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولاً أوجاهلاً، و"6301" في الإستئذان: باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله، ومسلم "1647"، والترمذي "1545" في النذور والأيمان: باب رقم "17"، والنسائي 7/7 في الأيمان: باب الحلف باللات÷ وابن ماجة"2096" في الكفارات: باب النهي أن يحلف بغير الله، والبيهقي 1/148 ـ149و149من طريق الزهري، به

قال البغوي في "شرح السنة"10/10:فيه دليل على أنه لا كفارة على من حلف بغير الإسلام، بل يأثم به، ويلزمه التوبة، لأنه جعل عقوبته في دينه، ولم يوجب في ماله شيئاً، وإنما أمره بكلمة التوحيد، لأن اليمين إنما تكون بالمعبود، فإذا حلف باللات والعزى، فقد ضاهى الكافر في ذلك، فأمر بأن يتداركه بكلمة التوحيد. وقوله فليتصدق"، قيل: أمر أن يتصدق بالمال الذي يريد أن يقامر به، يحكى ذلك عن الأوزاعي، وقيل: يتصدق من ماله كفارة لما جرى على لسانه.

ص: 12

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ يَهْوِي فِي النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ

مِنْهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي يَقُولُهُ وَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًا

5706 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ بَحْرٍ الْعُقَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سبعين خريفا"1. [109:2]

1 حديث صحيح، محمد بن عثمان بن بحر العقيلي صدوق، ومَنْ فوقه ثقات من رجال الشسخين غير محمد بن إسحاق، فقد علَّق له البخاري، وروى له مذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ يَهْوِي فِي النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ

مِنْهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي يَقُولُهُ

وَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًا

[5706]

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ بَحْرٍ الْعُقَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يرى بها بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا"1. [109:2]

ص: 13

_________

==السان، والبغوي"4123"من طريق عبد الله بن دينار، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، رفعه:"إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم" وأخرجه ابن عبد البر فيما نقله عنه الزرقاني4/402من طريق الحسين المروزي، عن عبد الله بن المبارك، عن مالك، عن ابن دينار، عن أي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر الحديثين الآتيين:

قال: ابن عبد البر فيما نقله عنه الزرقاني4/402ـ403: الكلمة الأولى: هي التي يقولها عند سلطان جائر، زاد ابن بطال: بالبغي أو بالسعي على المسلم، فتكون سبباً لهلاكه وإن لم يرج القائل ذلك، لكنها ربما أدت إليه، فيكتب على القائل إثمها، والكلمة التي يرفع بها الدرجات،

ويكتب بها الرضوان: هي التي يدفع بها عن المسلم مظلمة، أو يفرج بها عنه كربة، أوينصر بها مظلوماً. وقال غيره: الأولى هي الكلمة عند ذي سلطان يرضيه بها فيما يسخط الله، قال ابن التين: هذا هو الغالب، وربما كانت عند غير السلطان ممن يتأتى منه ذلك. ونقل عن ابن وهب: أن المراد بها التلفظ بالسوء والفحش مالم يرد بذلك الحجة لأمر الله في الدين. وقال عياض: يحتمل أن تكون الكلمة من الخنا والرفث، وأن يكون في التعريض بالمسلم بكبيرة أومجون، أو استخفاف بحق النبوة والشريعة، وإن لم يعتقد ذلك. وقال العز بن عبد السلام: هي الكلمة التي لا يعرف قائلها حسنها من قبحها، قال: فيحرم على الإنسان أن يتكلم بما لا يعرف حسنه من قبحه.وقال النووي: فيه حث على حفط اللسان، فينبغي لمن أراد أن ينطق أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق، أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق، فإن ظهرة فيه مصلحة تكلم، وإلى أمسك.==

ص: 14

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هذا الخبر تفرد به

بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ

5707 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بن مضر، عن بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ" 1

==وقال الغزالي: عليك بالتأمل والتدبر في كل قول وفعل، فقد يكون في جزع وسخط، فتظنه تضرعا وابتهالاً، وقديكون في رياء محض، وتحسبه حمداً وشكراً، أو دعوة للناس إلى الخير، فتعد المعاصي طاعات، وتحسب الثواب العظيم في موضع العقوبات، فتكون في غرور وشنيع، وغفلة قبيحة مغضبة للجبار، موقعة في النار، وبئس القرار.

(1)

إسناده صحيح علي شرط الشيخين ابن الهاد: وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثي.

وأخرجه مسلم "2988""49"في الزهد: باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار، عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "6477"في الرقاق: باب حفظ اللسان، ومسلم "2988""50" من طريقين عن ابن الهاد، به.

وأخرجه أحمد2/378 ـ379 عن قتيتة، عن بكر بن مضر، عن يزيد ابن الهاج، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وانظر الحديث السابق والحديث الآتي.

ص: 15

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَائِلَ مَا وَصَفْنَا قَدْ يَهْوِي فِي النَّارِ بِهِ مِثْلَ مَا بَيْنَ المشرق والمغرب

5708 -

أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وهب، قال: حدثنا حيوة، عن بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَثَبَّتُ فِيهَا يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ المشرق والمغرب" 1

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم، وحيوة: هو ابن شريح التَّجيبي المصري.

ص: 16

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ التَّنَابُزِ بِالْأَلْقَابِ

5709 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ

عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ أَبِي جَبِيرَةَ، قَالَ: كَانَتْ لَهُمْ أَلْقَابٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا بِلَقَبِهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَكْرَهُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ} (الحجرات: من الآية:11) قَالَ وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَتَصَدَّقُونَ، وَيُعْطُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ، فَأَمْسَكُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّذكر الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ التَّنَابُزِ بِالْأَلْقَابِ

[5709]

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ

عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ أَبِي جَبِيرَةَ، قَالَ: كَانَتْ لَهُمْ أَلْقَابٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا بِلَقَبِهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَكْرَهُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ} (الحجرات: من الآية:11) قَالَ وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَتَصَدَّقُونَ، وَيُعْطُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ، فَأَمْسَكُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ

ص: 16

الْمُحْسِنِينَ} (البقرة:195) 1 [64:3]

1 إسناده صحيح على مسلم غير صحابيه، فقدروى له أصحاب السنن وقد سماه المصنف هنا وفي "الثقات" 3/199: الضحاك بن أبي جبيرة، وقال: له صحبة، قلت: واختلف فيه على الشعبي، فقال حماد بن سلمة: عن دواد بن أبي هند، عن الشبي، عن الضحاط بن أبي جبيرة

ورى بشر بن المفضل، وإسماعيل بن علية، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي جبيرة بن الضحاك. قال الحافظ في "الإصابة"2/197: وهو مقلوب، والصواب أبو جبيرة بي الضحاك.

قلت: وكذلك هو في جميع المصادر التي خرجت حدبثه هذا غير أبي يعلى التي رواها المصنف عنه هنا. وقال ابن الأثير في "أسد الغابة" في قسم الكنى 6/47: أبو جبيرة بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عدي به كعب بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي، أخو ثابت بن الضحاك. وُلدَ بعد الهجرة، قال بعضهم: لا صحبة له، وهو كوفي، روى عنه قيس بن أبي حازم والشعبي وبنه محمد بن جبيرة.

وأخرج القيم الأول منه ابن السني في"عمل اليوم والليلة""399"عن أبي يعلى، بهذا الإسناد وأخرجه أيضاً ابن السني "399"، والحاكم 2/463من طريقين عن حماد بن سلمة، به وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي. واخرجه الترمذي"3268"في التفسير: باب ومن سورة الحجرات، والبخاري في "الأدب المفرد""330"، وأبو داود "4962" في الأدب: باب في الألقاب، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 9/138، وابن ماجة "3741" في الأدب: باب الألقاب، والطبري في"جامع البيان"26/132، والطبراني 22/"968"و"969" من طرق عن دواد بن أبي هند، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.=

ص: 17

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمَرْءِ لِأَخِيهِ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ

5710 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عن بن عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكُ وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صورته".1

وأخرجه أحمد 5/380 عن حفص بن غياث، عن جاوج بن أبي هنج، عن الشعبي، عن أبي جبيرة، به. وأورده السيوطي في "الجر المنثور" 7/563، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، والبغوي في "معجمه"، والشيرازي في "الألقاب"، وابن مردويه، والبيهقي في "الشعب".وأخرج القسم الثاني منه الطبراني 22/"970" عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن هدبة، به. وأورده السيوطي في "الدر المنثور"1/500 وزاد نسبته إلى عند بن حميد، والبغوي في "معجمه" وقال الهيثمي في"المجمع"6/317: رواه الطبراني في "الكبير"والأوسط، ورجالهما رجال الصحيح.

1 إسناده حسن من أجل ابن عجلان، فقد روى له مسلم متابعة وهو صدوق، وقد توبع. سفيان: هو ابن عيينة، وسعيد هو ابن أبي عروبة.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد""172"و"173"، والحميدي "1120" والآجري في "الشريعة"ص314 من طريق سفيان، بهذا الإسناد

وأخرجه أحمد2/251و434،وابن خزيمة في "التوحيد" ص36و37،والخطيب في "تاريخه"2/220ـ 221والبيهقي في "الأسماء والصفات"=

ص: 18

قَالَ: أَبُو حَاتِمٍ يُرِيدُ بِهِ عَلَى صُورَةِ الَّذِي قِيلَ لَهُ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ مِنْ وَلَدِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْخَطَّابَ لِبَنِي آدَمَ دُونَ غَيْرِهِمْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:"وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ"، لِأَنَّ وَجْهَ آدَمَ في الصورة تشبه صورة ولده.

ص: 19

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَرْءِ: لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ مِمَّا قَدْ يُخَافُ عليه العقوبة

5711 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ وَرْدَانَ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ

عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ، فَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وأحبطت عملك".1

=2/17 من طريقين عن ابن عجلان.

وأخرجه الآجري ص314 عن إبراهيم بن الهيثم الناقد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الْقُطَيْعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أب هريرة.

وقد تقدم حديث أبي هريرة: "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ، فَإِنَّ اللَّهَ خلق آدم عاى صورته" برقم "5605"

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صالح بن حاتم بن وردان، فمن رجال مسلم. أبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب. وهو في "مسند أبي يعلى""1529" وأخرجه الطبراني "1679" عن عبدان بن أحمد، عن صالخ، بهذا الإسناد.=

ص: 19

‌ذِكْرُ وَصْفِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا قَالَ

5712 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا ضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَنَا بِشَيْخٍ مُصَفِّرٍ1 رَأْسَهُ بَرَّاقِ الثَّنَايَا مَعَهُ رَجُلٌ أَدْعَجُ2، جَمِيلُ الْوَجْهِ، شَابٌّ، فَقَالَ الشَّيْخُ: يَا يماميُّ3 تَعَالَ لَا تقولنَّ لِرَجُلٍ أَبَدًا: لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، وَاللَّهِ لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا، قُلْتُ: وَمَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ لَكَلِمَةٌ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لِبَعْضِ أَهْلِهِ أَوْ لِخَادِمِهِ إِذَا غَضِبَ عَلَيْهَا، قَالَ: فَلَا تَقُلْهَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولك "كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَوَاخِيَيْنِ، أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ، وَالْآخَرُ مُذْنِبٌ، فَأَبْصَرَ الْمُجْتَهِدُ الْمُذْنِبَ عَلَى ذَنْبٍ، فَقَالَ لَهُ: أَقْصِرْ، فَقَالَ له: خلني وربي. قال: وكان يعد ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ: خَلِّنِي وَرَبِّي، حَتَّى وَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ فَاسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ أَقْصِرْ، قَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟ فَقَالَ: والله

=وأخرجه مسلم "2621" في البر والصلة: باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى، والطبراني"1679"من طريقين عن معتمر بن سليمان، به.

1 أي: صبغ رأسه بصفره.

2 أي: أدعج العينين، وهو شدة سواد العين في شدة بياضها.

3 تحريف في الأصل إلى: يماني، والمثبت من"التقاسيم"2/لوحة312.

ص: 20

لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَدًا، أَوْ قَالَ: لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا، فَبُعِثَ إِلَيْهِمَا مَلَكٌ فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، فَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ جَلَّ وَعَلَا، فَقَالَ رَبُّنَا لِلْمُجْتَهِدِ: أَكُنْتَ عَالِمًا أَمْ كُنْتَ قَادِرًا عَلَى مَا فِي يَدِي، أَمْ تَحْظُرُ رَحْمَتِي عَلَى عَبْدِي؟ اذْهَبْ إِلَى الْجَنَّةِ، يُرِيدُ المذنب، قال لِلْآخَرِ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه1 وآخرته" 2

1 في الأصل: دينه، والمثبت من "التقاسيم"، وأوبقت: أهلكت، وأراد أبو هريرة بالكلمة قوله:"والله لايغفر الله لك" أو ما قال.

2 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير ضمضم بن جوس، فقد روى له الأربعة وهو ثقة، وعكرمة وإن كان من رجال مسلم فيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه أحمد2/323و363،وأبو داود"4901"في الأدب: باب في النهي عن البغي، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة ضمضم بن جوس، من طرق عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد.

3 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن=

ص: 21

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ إِضَافَةِ الْأُمُورِ إِلَى الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا دُونَ التَّشَكِّي مِنْ دَهْرِهِ

5713 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ وَاخَيْبَةَ الدهر فان الله هو الدهر"3.ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ إِضَافَةِ الْأُمُورِ إِلَى الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا دُونَ التَّشَكِّي مِنْ دَهْرِهِ

[5713]

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ وَاخَيْبَةَ الدهر فان الله هو الدهر"3.

ص: 21

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم:

"إِنَّ اللَّهَ هو الدهر

"

5714 -

أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وهب،

=موسى، فمن رجال مسلم. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.

وهو في "الموطأ" 2/984في الكلام: باب ما يكره من الكلام، ومن طريقه البغوي "3387" وأخرجه أحمد 2/394من طريق سفيان، ومسلم"2246""4"في الفاظ: باب النهي عن سب الدهر، من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، كلاهما عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبرن في "جامع البيان"25/152 من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة.

قال البغوي في "شرح السنة"12/357: قوله: "لايقولن أحدكم: واخيبة الدهر" فمعناه: أن العرب كان من شأنها ذمًّ الدهر، وسبه عند النوازل، لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره، فيقولون: أصابهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه عنهم، فقال:{وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر} ،وإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد، سبوا فاعلها، فكان مرجع سبهم إلى الله عز وجل، إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يضيفونها إلى الدهر، فنهوا عن سب الدهر. وقوله:"فإن الله هو الدهر" أي: هو صاحب الدهر، ومدبر الأمور المنسوبة إليه.

قال القاضي عياض، فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح"10/566: زعم بعض من لا تحقيق له أن الدهر من أسماء الله، وهو غلط، فإن الدهر

مدة زمان الدنيا، وعرفه بعضهم بأنه أمد مفعولات الله في الدنيا، أو فعله لما قبل الموت.

ص: 22

قال أخبرنا يونس، عن بن شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ:

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَالَ الله: يسب بن آدَمَ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ" 1

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة فمن رجال مسلم ابن وهب: هو عبد الله بن وهب، ويونس:

هو ابن يزيد الأيلي. وأخرجه مسلم"2246""1" عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم "2246""1"، والطبري 25/152، والبيهقي 3/365من طرق عن ابن وهب، به. وأخرجه البخاري"6181" في الأدب: باب لا تسبوا الدهر، والبيهقي3/365 من طريق الليث، عن يونس، به. والبغوي"3388"من طريق بن سيرين، عن أبي هريرة.

أخرجه أحمد 2/318والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/247 عن عبد الرزاق بن همام، عن أبي هريرة.

ص: 23

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الدَّهْرَ يُنْسَبُ إلى الله جل وعلا حَسَبِ الْخَلْقِ دُونَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ جَلَّ رَبُّنَا وَتَعَالَى عَنْهُ

5715 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّمَا يُهْلِكُنَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، هُوَ الَّذِي يُهْلِكُنَا وَيُمِيتُنَا وَيُحْيِينَا، قَالَ اللَّهُ:{مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} (الجاثية: من الآية24) الآية قال الزهري، عن سعيد بن المسيب. ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الدَّهْرَ يُنْسَبُ إلى الله جل وعلا حَسَبِ الْخَلْقِ دُونَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ جَلَّ رَبُّنَا وَتَعَالَى عَنْهُ

[5715]

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّمَا يُهْلِكُنَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، هُوَ الَّذِي يُهْلِكُنَا وَيُمِيتُنَا وَيُحْيِينَا، قَالَ اللَّهُ:{مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} (الجاثية: من الآية24) الآية قَالَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.

ص: 23

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: يؤذيني بن آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الْأَمْرُ، أقلب ليله ونهاره، فإذا شئت قبضتهما" 1

12 الزبير بنسعيد مختلف فيه، ذكره الؤلف في "الثقات"،ووثقه ابن معين، وقال مرة ليس بشي، وقال الآجري عن أبي داود: في حديثه نكارة، وقال أبو حاتم: شيخ، وضعفه النسائي وابن المديني وزكريا الساجي، وقال=

ص: 24

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَحَفُّظِ اللِّسَانِ عَنْ مَا يَضْحَكُ بِهِ جُلَسَاؤُهُ

[5716] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:، أَخْبَرَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ يَهْوِي بِهَا من أبعد من الثريا" 2

2 الزبير بنسعيد مختلف فيه، ذكره الؤلف في "الثقات"،ووثقه ابن معين، وقال مرة ليس بشي، وقال الآجري عن أبي داود: في حديثه نكارة، وقال أبو حاتم: شيخ، وضعفه النسائي وابن المديني وزكريا الساجي، وقال=

ص: 24

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ بِلِسَانِهِ مَا عَلَيْهِ دُونَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ

5717 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ الْبَزَّازُ الْبَغْدَادِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَيْمَنُ امْرِئٍ وَأَشْأَمُهُ مَا بَيْنَ لحييه: قال وهب: يعني لسانه1

=الداقطني: يعتبر به، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عنطهم، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الوارث بن عبيد الله العتكي، فقد روي له الترمذي، وهو ثقة، عند الله: يعني هو ابن المبارك.وأخرجه أحمد 2/402،وأبو نعيم 3/164و8/187من طريقين عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد وقال أبو نعيم: هذا حديث غريب، تفرد به عن صفوان الزبير بن سعيد الهاشمي.وانظر"5706"

وله شاهد من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له ويل له". أخرحه ابن المبارك في "الزهد""733"، وأحمد5/3، وأبو داود "4990"، والترمذي"2316"،وسنده حسن.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين خيثمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/"198" من طريقين عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في "المجمع"10/300،فقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

ص: 25

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَشْقِيقِ الْكَلَامِ فِي الْأَلْفَاظِ إِذَا قُصِدَ بِهِ غَيْرُ الدِّينِ

5718 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنذكر الزَّجْرِ عَنْ تَشْقِيقِ الْكَلَامِ فِي الْأَلْفَاظِ إِذَا قُصِدَ بِهِ غَيْرُ الدِّينِ

[5718]

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ

ص: 25

إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، عَنْ زَيْدِ بن اسلم، قال:

سمعت بن عُمَرَ يَقُولُ: قَامَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ خَطِيبَيْنِ، فَتَكَلَّمَا، ثُمَّ قَعَدَا، فَقَامَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَكَلَّمَ فَعَجِبُوا مِنْ كَلَامِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَ، فَقَالَ:" أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا بِقَوْلِكُمْ فَإِنَّمَا تَشْقِيقُ الْكَلَامِ مِنَ الشيطان، فإن من البيان سحرا" 1

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عامر العقدي: عبد الملك بن عمرو القيسي البصري. وأخرجه أحمد 2/94، والبخاري في "الأدب المفرد""875" عن أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد. وأخرج البخاري في الأدب المفرد"876: باب كثرة الكلام، من طريق حميد أنه سمع أنسا يقول: خطب رجل عند عمر، فأكثر الكلام، فقال عمر إن كثرة الكلام في الخطب من شقاشق الشيطان. وهو في كتاب "الصمت""152"لابن أبي الدنيا. وانظر الحديث رقم "5795". والشقاشق جمع شقشقة: وهي الجلدة الحمرء التي يخرجها الجمل من جوفه، فينفخ فيها فتظهر من شدقه.

قال أبو عبيد: في "غريب الحديث" 3/297: شبه عمر إكثار الخاطب من الخطبة بهدر البعير في شقشقته، ثم نسبها إلي الشيطان، وذلك لما يدخل فيها من الكذب، وتزوير الخاطب الباطل عند الإكثار من الخطب، وإن كان الشيطان لا شقشقة له، إنما هذا مثَلٌ.

وقال الخطابي البيان إثنان: أحدهما ما تقع به الإبانة عن المراد بأي وجه كان، والآخر ما دخلته الصنعة بحيث يروق للسامعين ويستميل قلوبهم وهو الذي يشبه بالسحر إذا خلب القلب، وغلب على النفس حتى =

ص: 26

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ وَتَضْيِيعِ الْمَالِ

5719 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن علية عن خالد الحذاء، قال: حدثني بن أَشْوَعَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَاتَبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:

كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ".

قال بن عُلَيَّةَ: إِضَاعَةُ الْمَالِ: إِنْفَاقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ.1

=يحول الشئ عن حقيقته، ويصرفه عن وجهه، فيلوح للناظر في معرض غيره، هذا إذا صرف إلى الحق فيمدح، وإذا صرف إلى الباطل يذم.

وأخرج أبو داود"5012"من حديث صخر بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ جده رفعه: "إن من البيان لسحرا" قال فقال صعصة بن صوحان: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، الرَّجُلَ يكون عليه الحق وهو الحن بحجته من صاحب الحق، فيستحر الناس ببيانه، فيذهب الحق.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن علية: هوإسماعيل بن إبراهيم، وخالد: هو ابن مهران، وابن أشوع: هو سعيد بن عمرو، وكاتب المغيرة: اسمه وراد.

وأخرجه أحمد 4/249، والبخاري "1477" في الزكاة: باب قول الله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا} ، ومسلم 3/134"13" في الأقضية: باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة، والطبراني 20/"900" من طريق ابن علية، بهذا الإسناد. وانظر الحديث "5555"و"5556".

ص: 27

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ الشَّعْبِيُّ

5720 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ بِنَسَا، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أن اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وإضاعة المال" 1

1 حديث صحيح، إسناده حسن على شرط مسلم، عبد لرحمن بن إسحاق وهو ابن عبد الله بن الحارث المدني ـ فيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين. نصر بن علي: هو ابن نصر الجهضمي. وقد تقدم برقم "3379"

ص: 28

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمَرْءُ فِي أَسْبَابِهِ اللَّوْ دُونَ الِانْقِيَادِ بِحُكْمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِيهَا

5721 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة، عن بن عَجْلَانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَكُلٌّ عَلَى خَيْرٍ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَلَا تَعْجِزْ، فَإِنْ غَلَبَكَ شَيْءٌ، فَقُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ، وَإِيَّاكَ وَاللَّوَّ، فَإِنَّ اللو تفتح عمل الشيطان ".2

1 حديث صحيح، إسناده حسن على شرط مسلم، عبد لرحمن بن إسحاق وهو ابن عبد الله بن الحارث المدني ـ فيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين. نصر بن علي: هو ابن نصر الجهضمي. وقد تقدم برقم "3379"

2 إسناده حسن. ابن عجلان ـ هو محمد ـ روى له مسلم متابعة وهو صدوق، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيحين. وأخرجه ابن ماجه "4168"في الزهد: باب التوكل واليقين، والطحاوي=

ص: 28

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ خبر بن عَجْلَانَ مُنْقَطِعٌ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الْأَعْرَجِ

5722 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْفَارِسِيُّ بِدَارَا مِنْ دِيَارِ رَبِيعَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا بن إِدْرِيسَ، عَنْ رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ الْخَيْرُ، فَاحْرِصْ عَلَى مَا تَنْتَفِعُ بِهِ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ، فَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ اللو تفتح عمل الشيطان " 1

=في "شرح مشكل الأثار""259" بتحقيقنا، من طريقين عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/366و370،والنسائي في "عمل اليوم والليلة""623"و"624"،والطحاوي "260"و"261" من طريق محمد بت عجلان، عن ربيعة بن عثمان، عن الأعرج، عن أبي هريرة.

وأخرجه ابو نعيم في "الحلية" 10/296، والخطيل في "تاريخه" 12/223من طريق بن عيينة عن أبيه، عن أبي هريرة.

1 إسناده حسن على شرط مسلم، ربعية بن عثمان وإن روى له مسلم فيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح. ابن إدريس: هو عبد الله.

وأخرجه مسلم "2664" في القدر: باب في الأمر بالقوة وترك العجز، وابن ماجه "79" في المقدمة: باب في القدر: وابن أبي عاصم في "السنة""356"، والطحاوي في "مشكل الأثار""262"، والبيهقي في "السنن" 10/89، وفي "الأسماء والصفات"1/263،والمزي في "تهذيب الكمال" 9/135 من طرق عن عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد.

ص: 29

قال: أبو حاتم: يشبه ان يكون بن عَجْلَانَ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مِنَ الْأَعْرَجِ، وَسَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، فَمَرَّةً كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنِ الْأَعْرَجِ مُفْرَدًا، وَتَارَةً يَرْوِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْأَعْرَجِ مفردا.

ص: 30

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمَرْءِ لِمَا حَرَثَ: زَرَعْتُ

5723 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَرْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ بْنِ سِيرِينَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: زَرَعْتُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ: حَرَثْتُ" قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} (الواقعة:63){أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (الواقعة:64)1.

1 إسناده صحيح، مسلم بن أبي مسلم الرجمي ذكره المؤلف في "الثقات" 9/158، ووثقه الخطيب في ووثقه الخطيب في تاريخ "بغداد" 13/100، ومخلد بن الحسين: روى له النسائي ومسلم في مقدمة "صحيحه"،وهو ثقة، ومن فوقهما من رجال الشيخين

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"27/138وأبو نعيم في" حلية الأولياء"8/267من طريق مسلم بن أبي مسلم "تحرف في المطبوع من "الحلية" إلى: مسلم بن أبي سليم" بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "المجمع"4/ 120وقال: رواه الطبراني في ا"لأوسط"والبزار، وفيه مسلم بن أبي مسلم الجرمي ولم أجد من ترجمه!!

وبقية رجاله ثقات.

ص: 30

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ خَبُثَتْ نَفْسِي

5724 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لقست" 1

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن يحيى الذهلي، فمن رجال البخاري. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه البخاري "6179" في الأدب: باب لا يقل: خبثت نفسي، وفي "الأدب المفرد""809"، ومن طريقه البغوي "3390" عن محمد بن يوسف الفريابي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "2250" في الألفاظ: باب كراهة قول الإنسان: خبثت نفسي، وأحمد 6/51و209و231و281وأبو داود "4979" في الإدب: باب لا يقال: خبثت نفسي، والنسائي في "عمل اليوم والليلة ""1049"،والطحاوي في "مشكل الأثار""342" بتحقيقنا، والطبراني في "الأوسط""2633" من طرق عن هشام بن عروة، به ولفظ أي داود:"جاشب" بدل "خبثت".

وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة" "1050" والطبراني في "الأوسط" "1334" من طريق الزهري، وأحمد 6/66 من طريق أبي الأسود، كلاهما عن عروة، به.

قال الخطابي في "معالم السنن" 4/131: لقست وخبثت: معناهما واحد، وإنما كره من ذلك لفظ الخبث وبشاعة الإسم منه، وعلمهم الأب في المنطق، وأرشدهم إلى استعمال الحسن، وهجران القبيح منه.

وقال ابن أبي جمرة: النهي عن ذلك للندب، والأمر بقوله: لَقِست=

ص: 31

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ فِي أُمُورِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ

5725 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ الْحَافِظُ بِتُسْتَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرِ بْنِ الْبَرِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: رَأَى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ أَنَّهُ لَقِيَ قَوْمًا مِنَ الْيَهُودِ، فَأَعْجَبَتْهُ هَيْئَتُهُمْ، فَقَالَ: انكم لقوم لولا انكم تقولون عزير بن اللَّهِ فَقَالُوا وَأَنْتُمْ قَوْمٌ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ قَالَ: وَلَقِيَ قَوْمًا مِنَ النَّصَارَى، فَأَعْجَبَتْهُ هَيْئَتُهُمْ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ قوم لولا انكم تقولون: المسيح بن اللَّهِ، فَقَالُوا1: وَأَنْتُمْ قَوْمٌ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: ما شاء الله وما شاء مُحَمَّدٌ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَصَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كُنْتُ أَسْمَعُهَا مِنْكُمْ فَتُؤْذُونَنِي، فلا تقولوا: ما شاء الله

=للندب أيضا، فإن عبَّر يما يؤدي معناه كفي، ولكن ترك الأولى، قال: ويؤخذ من الحديث استحباب مجانبة الألفاظ القبيحة والأسماء، والعدول إلى مالا قبح فيه، والخبث والقس وإن كان المعنى المراد يتأتى بكل منهما، لكن لفظ الخبث قبيح، ويجمع أموراً زائدة على المراد بخلاف اللقس، فإنه يختص بإمتلاء المعدة، قال: وفيه أن المرء يطلب الخير حتى بالفأل الحسن، ويضيف الخير إلى نفسه ولوبنسبة ما، ويدفع الشرَّ عن نفسه مهما أمكن، وقطع الوصيلة بينه وبينَ أهل الشَّرَّ حتى في الألفاظ المشتركة.

1 في الأصل و "التقاسيم" 2/لوحة 81: قال، والتصويب من "مصنف عبد الرزاق".

ص: 32

وشاء محمد". 1

1 حديث صحيح، الحسن بن علي بن بحر بن البري، دكره المؤلف في "ثقاته" 8/468،والمزي في"تهذيب الكمال" وابن ماكولا في "الإكمال"1/400 فيمن روى عن أبيه علي بن بحر، وقد تابعه أبو أمية الطرسوسي ـ واسمه محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي ـ عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار""237" بتحقيقنا وهو حافظ صدوق، وقوله "ابن البري" كذا الأصل، وهو كذلك في "الإكمال" قال ابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه": وغير الأمير يقوله بالتنكير "بري" وهو الأشهر، وباقي رجاله ثقات، إلا أن عبد الملك بن عمير قد تغير حفظه، وقد اختلف عليه فيه، فرواه معمر عنه هكذا، ورواه سفيان بن عيينة عنه، عن حذيفة، أخرجه أحمد5/393،وابن ماجه "2118"،والنسائي في "عمل اليوم والليلة""984"

وراه شعبة عنه، عن ربعي، عن الطفيل بن سخبرة أخي عائشة. أخرجه الدارمي 2/259، وتابعه أبو عوانة ن عبد الملك به عند ابن ماجه"2118"،وتابعه أيضاً حماد بن سلمة عنه به، عند أحمد5/72،فاتفاق هؤلاء يرجح أنه عن ربعي، عن الطفيل، وليس عن حذيفة وانظر "الفتح" 11/549.

وأخرجه أحمد5/384/394و398،وأبو داود"4980"،والنسائي في "اليوم والليلة""985"،والطحاوي في"مشكل الآثار""236"،والبيهقي 3/216من طرق عن شعبة، عن منصور، عن عبد الله بن يسار، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم ما شاء فلان"،وهذا سند صحيح.

وفي الباب عن ابن عباس، أخرجه أحمد 1/214و224و283و247، وابن ماجة "2117"، والنسائي في "اليوم والليلة""988"، والبخاري في "الأدب المفرد""783"، والبيهقي 3/217، والخطيب في "تاريخه" 8/105، وأبو نعيم في "الحلية" 4/99 من طرق عن الأجلح ـ وهو يحيى بن عبد الله ـ عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس قال: قال=

ص: 33

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْمُسْتَبَّيْنِ اللَّذَيْنِ يَكْذِبَانِ فِي سِبَابِهِمَا

5726 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُكْرَمِ بْنِ خَالِدٍ الْبِرْتِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، قَالَ: حدثنا بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ

عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنْ قَوْمِي يَشْتُمُنِي وَهُوَ دُونِي، أَفَأَنْتَقِمُ مِنْهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان"1. [52:2

=رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا حلف أحدكم، فلا يقل: ما شاء الله وشئت، ولكن ليقل. ما شاء الله ثم شئت" لفظ ابن ماجة، وهذا سند حسن.

وعن قتيلة بنت صيفي الجهنية، أخرجه أحمد6/371 ـ372، وابن سعد 8/309، والطبراني 25/"5"و"6"،والحاكم 4/297،والبيهقي 3/216،والطحاوي في "شرح مشكل الآثار""238"و"239" من طرق عن المسعودي، حدثني مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يسار، عن قتيلة بنت صيفي الجهنية قالت: أتى حبر من الأحبار رسول الله صلى عليه وسلم، فقال: يا محمد، نعم القوم أنتم، لولا أنكم تشركون، قال:"سبحان الله، وما ذاك "؟ قال: تقولون إذا حلفتم: والكعبة، قالت: فأمهل رسول الله صلى الله علنه وسلم شئاً، ثم قال:"إنه يقال، فمن حلف منكم فليحلف برب الكعبة"، ثم قال: يامحمد، نعم القوم أنتم، لولا أنكم تجعلون لله نداً"، قال "سبحان الله! " قال تقولون: ما شاء الله وشاء فلان، فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، شيئاً، ثم قال: "إنه قد قال من قال، فمن قال: ماشاء الله، فليقل معها ثم شئت".وقد تابع المسعودي عليه مسعر عند النسائي في "سننه"7/6، وفي"اليوم والليلة""986" وإسناده صحيح كما قال الحافظ في "الإصابة"4/378.

1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. ابن أبي عروبة: هو سعيد، ومطرف:=

ص: 34

5727 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يَشْتُمُنِي مِنْ قَوْمِي وَهُوَ دُونِي، أَعَلَيَّ مِنْ بَأْسٍ أَنْ أَنْتَصِرَ مِنْهُ؟، قَالَ:"الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَهَاتَرَانِ وَيَتَكَاذَبَانِ" 1

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: اطلق صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُسْتَبِّ عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاوَرَةِ، إِذِ الشَّيْطَانُ دَلَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، حَتَّى تَهَاتَرَ وَتَكَاذَبَ، لا أن المستبين يكونان شيطانين.

=هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير.

وأخرج أحمد 4/162، والطبراني 17/"1001" من طريق يحيى بن سعيد القحطاني، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "1080"، وأحمد 4/162والبيهقي 10/235 من طريقين عن قتادة، به. وأخرجه الطيالسي "1080"، وأحمد 4/ 162و266والبخاري في "الأدب المفرد""427"و"428"، الطبراني 17/"1002"و"1003"و"1004" من طرق عن قتادة، عن يزيق بن عبد الله بن الشخير أخي مطرف، عن عياض بن حمار. ولفظ إحدى روايات أحمد والطبراني "1003":"المستبان ما قالا، فعلى البادئ إلا أن يتعدى المظلوم"

وقوله: "يتهاتران ويتكاذبان" أي: يتقاولان ويتقابحان في القول من الهتر بالكسر: وهو الباطل والسَّقط من الكلام.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير صحابيه، فمن رجال مسلم.وانظر ما قبله.

ص: 35

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ مُجَاوَبَةِ

أَخِيهِ عِنْدَ سِبَابٍ يَكُونُ بَيْنَهُمَا

5728 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مِنْهُمَا مَا لم يعتد المظلوم" 1

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وأخرجه أبو داود"4894" في الأدب: باب المستبان، عن القعنبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي "1981" في البر والصلة: باب ما جاء في الشتم، عن قتيبة، عن عبد العزيز بن محمد، به. وقال حسن صحيح.

وأخرجه أحمد2/235و488و517 من طريقين عن العلاء، به.

ص: 36

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُسْتَبَّيْنِ مَا قَالَا كَانَ عَلَى الْبَادِئِ مِنْهُمَا

5729 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ الْمُسْتَبَّيْنَ مَا قَالَا، فَهُوَ عَلَى الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ"2.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم. موسى بن إسماعيل: هو المبقري أبو سلمة التبوذكي.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد""423"، ومسلم "2587" في البر: باب النهي عن السباب، والبيهقي 10/235، والبغوي "3553" من طرق عن إسماعيل بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

ص: 36

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سَبِّ الْمَحْدُودَيْنِ إِذَا حُدَّا

5730 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَارِبٍ، فَقَالَ:"اضْرِبُوهُ" فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا الضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَقُولُوا هَكَذَا لَا تُعِينُوا الشَّيْطَانَ عَلَيْهِ" 1

1 إسناده صحيح، إسحاق بن إبراهيم المروز ـ وهو ابن أبي إسرائيل بن كامجرا ـ روى له أبو داود والنسائي وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين يزيد بن عبد الله: هو ابن أسامة بن الهاد، ومحمد بن إبراهيم: هوابن الحارث التيمي.

وأخرجه أحمد 2/299 ـ300،والبخاري "6777" في الحدود: باب الضرب با لجريد والنعال، و"6781": باب مايكره من لعن شارب الخمر، وأبوداود "4477" في الحدود: باب الحد في الخمر، والنسائي في"الكبرى" كما في "التحفة" 10/474،والبيهقي8/312،والبغوي"2607"من طرق عن أنس بن عياض، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولاً إبو داود"4478"، والبيهفي8/312 من طرق عن يزيد بن عبد الله، به.

ص: 37

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سَبِّ الْمَرْءِ الدِّيَكَةَ لِأَنَّهَا تَحُثُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاةِ

5731 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سَبِّ الْمَرْءِ الدِّيَكَةَ لِأَنَّهَا تَحُثُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاةِ

[5731]

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ،

ص: 37

قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يدعو الى الصلاة" 1

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وعبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود.

وأخرجه أحمد 5/192 ـ 193عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد

وأخرجه الطيالسي "957"،وأحمد 5/192 ـ والنسائي في "اليوم والليلة""945"،والطبراني"5209"، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""2999"، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة""3270"من طرق عن عبد العزيز بن عبد الله، به. وأخرجه عبد الرزاق"20498"،والحميدي "814"، وأحمد 4/115، وأبوداود "5101" في الأدب: باب ما جاء في الديك والبهائم، والطبراني "5208"و"5210"و"5212"،والبغوي "3269"من طرق عن صالح بن كيسان، به.

زأخرجه الطبراني "5211" من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد الله بن عبد الله، به.

وأخرجه النسائي في "اليوم والليلة""946"من طريق زهير بن محمد، عن صالح بن كسيان، عن عبيد الله بن عبد الله مرسلا.

ص: 38

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سَبِّ الرِّيَاحِ، إِذِ الرِّيَاحُ رُبَّمَا أَتَتْ بِالرَّحْمَةِ

5732 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُهْرِيُّ، قَالَ: أخبرني ثابت الزرقي قال: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سَبِّ الرِّيَاحِ، إِذِ الرِّيَاحُ رُبَّمَا أَتَتْ بِالرَّحْمَةِ

[5732]

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ثَابِتٌ الزُّرَقِيُّ قَالَ:

ص: 38

سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ

الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَلَا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا، وَاسْتَعِيذُوا بالله من شرها" 1

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير ثابت بن قيس الزرقي، وهوثقة روى له أصحاب السنن.

وأخرجه أحمد 2/250و409و437، والبخاري في "الأدب المفرد""720"، ولبن ماجة "3727" في الأجب: باب النهي عن سب الريح، والنسائي في "عمل اليوم والليلة""932"، والحاكم 4/285، والبيهقي 3/361 من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه عبد الرزاق"2004"، وأحمد 2/267 ـ 268 و518،وأبو داود"5097" في الأدب: باب ما يقول إذا هاجت الريح، والنسائي في "اليوم والليلة""931"، والبيهقي 3/361، والبغوي"1153" من طرق عن الزهري، به وأخرجه النسائي "929" من طريق سعيد بن المسيب، و"930" من طريق عمرو بت سليم الزُّرقي، كلاهما عن أبي هريرة.

وقوله: "إن الريح من روح الله "، أي: من رحمته، ومنه قوله سبحانه وتعالى {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: من الآية87] الله أي: من رحمته، وقيل في قوله عز وجل:{وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: من الآية22] أي برحمة. وأخرج مسلم في "صحيحه""899""15" عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح، قال:"اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به".

ص: 39

‌باب الكذب

‌مدخل

بَابُ الْكَذِبِ

5733 -

حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ1 رَضِيَ اللَّهُ تعالى، عَنْهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عن بن شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،

عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومَ بِنْتِ عُقْبَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ الناس فيمنى خيرا أو يقول خيرا"2. [20:4]

1 هو المؤلف، القائل: هو راوي الكتاب عنه.

2 إسناده صحيح، على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير شعيب بن الليث، ويحيى بن أيوب ـ وهو الغافغي ـ فمن رجال مسلم ويحيى هذا قد توبع. وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"4/86، والطبراني 25/"188"من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي "1656" وعبد الرزاق "20196"، وأحمد 6/403و404، والبخاري"2692" في الصلح: باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، وفي "الأدب المفرد" 385"، ومسلم "2605" في البر والصلة: باب تحريم الكذب وبيان المباح منه، وأبو داود "4920"و "4921" في =

ص: 40

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الأدب: في إصلاح ذات البين، والترمذي "1938"في البر والصلة: باب ما جاء في أصلاح ذات البين، والطحاوي 4/86 ـ 87و87، والطبراني في "الصغير""282"، وفي "الكبير" 25/"183"و"184"و"185"و"186"و"189"و"190"

و"201"، والبيهقي في "السنن"10/197و197 ـ 198، وفي "الآداب""131"، والبغوي "3539"من طرق عن الزهري، به. وعند بعضهم زيادة، وهي:"وقالت أم كلثوم: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها".

وأخرجه الطبراني 25/"202"من طريق قضيل بن سليمان، عن حميد، به.

وأخرجه أيضا 25/"202"من طريق سعيد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أم كلثوم.

وقوله: "فينمي خيرا" هو بفتح الياء وكسر الميم، أي: يبلغ ويرفع، وكل شيء رفعته فقد نميته، يقال: نميت الحديث أنميه: إذا بلغته على وجه الإصلاح، وطلب الخير، فإذا بلغته على وجه النميمة، وإفساد ذات البين، قلت: نميته بتشديد الميم.

وقوله: "أو يقول خيراً": هو شك من الراوي، قال الحافظ في "الفتح"5/299 ـ 300: قال العلماء: المراد هنا أنه يخبر بما علمه من الخير، ويسكت عما علمه من الشر، ولا يكون ذلك كذباً، لأن الكذب الإخبار بالشي على خلاف ما هو به، وهذا ساكت، ولا ينسب لساكت قول، ولاحجة فيه لمن قال: يشترط في الكذب القصد إليه، لأن هذا ساكت، وما زاده مسلم والنسائي "في السنن الكبرى" من رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه في آخره:"ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس: إنه كذب، إلا في ثلاث" فذكرها، وهي الحرب، وحديث الرجل لامرأته، والإصلاح بين==

ص: 41

_________

== الناس. وأورد النسائي أيضاً هذه الزيادة من طريق الزبيدي عن ابن شهاب، وهذه الزيادة مدرجة، بين ذلك مسلم في روايته من طريق يونس عن الزهري..، فذكر الحديث، قال: يونس أثبتُ في الزهري من غيره، وجزم موسى بن هارون وغيره بإدراجها.

قال الطبري: ذهبت طائفة إلى جوز الكذب لقصد الإصلاح، وقالوا: إن الثلاث المذكورة كالمثال، وقالوا: الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة، أو ما ليس فيه مصلحة.=

=وقال آخرون لا يجوز الكذب في شيء مطلقا، وحملوا الكذب المراد هنا على التورية والتعريض، كمن يقول للظالم: دعوة لك أمس، وهو يريد قوله اللهم اغفر للمسلمين، ويعد امرأته بعطية شيء، ويريد: إن قدر الله ذلك، وأن يظهر من نفسه قوة قلت: وبالأول جزم الخطابي وغيره، وبالثاني جزم المهلب والأصيلي وغيرهما.

قال أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن"4/123 ـ 124، ونقله عنه البغوي في شرح "السنة"13/119: هذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول، ومجاوزة الصدق طالبا للسلامة ورفعاً للضرر، وقد رخص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد، لما يؤمل فيه من الصلاح، فالكذب في الإصلاح بين إثنين: هو أن ينمي من أحدهما إلى صاحبه خيراً، ويبلغه جميلاً، إن لم يكن سمعه منه، يريد بذالك الإصلاح، والكذب في الحرب: هو أن يظهر من نفسه قوة، ويتحدث بما يقوي أصحابه، ويكيد به عدواً، وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه أنه قال:"الحرب خدعة" متفق عليه"، وأما كذب الرجل زوجته فهو أن يَعِدَها ويمنيها، ويظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه، يستديم بذلك صحبتها، ويستصلح بها خُلقها، والله أعلم.

وقال سفيان بن عيينة: لو أن رجلا اعتذر إلى رجل، فحرف الكلام وحسنه ليرضيه بذلك، لم يكن كاذباً، يتأول الحديث "ليس بالكاذب من==

ص: 42

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَعَوُّدِ الْمَرْءِ الْكَذِبَ فِي كَلَامِهِ إِذِ الْكَذِبُ مِنَ الْفُجُورِ

5734 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ،

قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ يُحَدِّثُ

عَنْ أَوْسَطَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ، وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ، وَهُمَا في النار،" 1

== أصلح بين الناس" قال: فإصلاحه ما بينه وبين صاحبه، أفضل من إصلاحه ما بين الناس. قال الحافظ: واتفقوا على أن المراذ بالكذب في حق المرأة والرجل إنما هو فيما لا يسقط حقاً عليه أو عليها، أو أخذ ما ليس له أو لها، وكذا في الحرب في غير التأمين، واتفقوا على جواز الكذب عند الإضرار، كما لو قصد ظالم قتل رجل وهو مختف عنده، فله أن ينفي كونه عنده، ويحلف، على ذلك ولا يأثم، والله أعلم.

1 إسناده صحيح، إسحاق بن إسماعيل الطالقاني روى له أبو داود، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح غير أوسط بن إسماعيل، فقد روى له النسائي وابن ماجه وهو ثقة.

وأخرجه أحمد 1/7عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي ص3، والحميدي "7"، وأحمد 1/3و5 والبخاري في "الأدب المفرد""724"، وابن ماجه "3849" في الدعاء بالعفو والعافية، والمروزي في "مسند أبي بكر""93"و"93"و"95"، وأبو يعلى "121" من طرق عن شعبة، به وقد تحرف يزيد بن خمير في "الأدب المفرد" إلى سويد بن حجير. =

ص: 43

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْكَذِبَ يُسَوِّدُ وَجْهَ

صَاحِبِهِ فِي الدَّارَيْنِ

5735 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ: قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ

عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَلَا إِنَّ الْكَذِبَ يُسَوِّدُ الْوَجْهَ، وَالنَّمِيمَةَ من عذاب القبر" 1

=وأخرج أحمد 1/8، والنسائي في "عمل اليوم والليلة""883"من طريق معاوية بن صالح، عن سليم، به.

وأخرجه أحمد 1/9، والمروزي "6"، والنسائي "885"،وأبو يعلى "8" من طريق عمر بن الخطاب، عن أبي بكر.

وأخرجه أحمد 1/8و11من طريق أبي عبيدة، عن أبي بكر.

1 إسناد ضعيف جداً، زياد بن المنذر ـ وهو أبو الجارود الثقفي ـ اتفقوا على ضعفه، وكذبه يحيى بن معين، وقد التبس أمره على المؤلف، فذكره في "الثقات" 6/326 ـ 327، وفي "المجروحين" 1/306، ظناً منه أنهما اثنان، مع أنه هو هو كما نبه عليه الحافظ في "التهذيب"، ونافع بن الحارث ذكره المؤلف في "الثقات"5/471، وقال البخاري: لم يصح حديثه، وهو كوفي والحديث في "مسندأبي يعلى" ورقة 347/2.

وذكره الهيثمي في "المجمع"8/91 وقال: رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه زياد بن المنذر وهو كذاب.

ص: 44

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْكَذِبَ كَانَ مِنْ أَبْغَضِ الْأَخْلَاقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

5736 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ بن أبى مليكةذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ الْكَذِبَ كَانَ مِنْ أَبْغَضِ الْأَخْلَاقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

[5736]

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ بن أبى مليكة

ص: 44

عَنْ عَائِشَةَ،قَالَتْ: مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَذِبِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَكْذِبُ عِنْدَهُ الْكَذْبَةَ، فَمَا تَزَالُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ انه قد أحدث منها توبة1.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الملك بن زنجويه، فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله.

وهو في "مصنف عبد الزاق""20195"

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 6/152، والترمذي "1973" في البر والصلة: باب ما جاء في الصدق والكذب، والبيقهقي 10/196،والبغوي "3576".وعند عبد الرزاق وأحمد:"عن ابن أبي ملكية أوغيره". وأخرجه البيهقي 10/196 من طريق محمد بن مسلم، عن أيوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 4/98 من طريق ابن وهب، عن محمد بن مسلم، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عائشة. وصححه ووافقه الذهبي..

ص: 45

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ قَوْلِ الْمَرْءِ الْكَذِبَ فِي الْمَعَارِيضِ يُرِيدُ بِهِ صِيَانَةَ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ

5737 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثًا: اثْنَتَيْنِ فِي ذَاتِ الله، قوله:{إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: من الآية89] وقوله {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الانبياء: من الآية63] قَالَ: وَمَرَّ عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ وَمَعَهُ امرأته سارة، فقيل له: انَّذكر الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ قَوْلِ الْمَرْءِ الْكَذِبَ فِي الْمَعَارِيضِ يُرِيدُ بِهِ صِيَانَةَ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ

[5737]

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثًا: اثْنَتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، قوله:{إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: من الآية89] وقوله {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الانبياء: من الآية63] قَالَ: وَمَرَّ عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ وَمَعَهُ امرأته سارة، فقيل له: انَّ

ص: 45

رجلا ها هنا مَعَهُ امْرَأَةٌ، مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هَذِهِ أُخْتِي، قَالَ: فَأَتَاهَا، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا قَدْ سَأَلَنِي عَنْكِ وَإِنِّي أَنْبَأْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، وَإِنَّكَ أُخْتِي فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَلَا تُكَذِّبِينِي، قَالَ: فَلَمَّا رَآهَا ذَهَبَ لِيَأْتِيَهَا: فَدَعَتِ اللَّهَ، فَأُخِذَ، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي: وَلَكِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَعُودَ، فَدَعَتْ لَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَأْتِيَهَا، فَدَعَتْ، فَأُخِذَ أَخْذَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي، وَلَكِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَعُودَ، فَدَعَتْ لَهُ، فَذَهَبَ لِيَأْتِيَهَا، فَدَعَتْ، فَأُخِذَ أَخْذَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَيَيْنِ، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَكِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَعُودَ، فَدَعَتْ لَهُ، فَأُرْسِلَ، فَقَالَ لِأَدْنَى حجبته عنده: انك لم تأتي بِإِنْسَانٍ إِنَّمَا أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ، وَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ، فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: مَهْيَمْ؟ قَالَتْ: كَفَى اللَّهُ كَيَدَ الْكَافِرِ الْفَاجِرِ، وَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ"، قَالَ: فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ، قَالَ: ومد النضر صوته1. [4:3]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد: هو ابن سيرين. وأخرجه أبو داود "2212" في الطلاق: باب في الحل يقول لامرأته: يا أختي، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 10/357 من طريقين عن هشام بن حسان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "3357" و "3358" في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} ، و"5084" في النكاح: باب اتخاذ السرري، ومسلم "2371" في الفضائل: باب من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، والبيهقي 7/366 من طريق أيوب، عن محمد بن سيرين، به =

ص: 46

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ هَاجَرَ يُقَالُ لَهُ: وَلَدُ مَاءِ السَّمَاءِ، لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ مِنْ هَاجَرَ، وَقَدْ رُبِّيَ بِمَاءِ زَمْزَمَ وَهُوَ مَاءُ السَّمَاءِ الَّذِي أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ إِسْمَاعِيلَ حَيْثُ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ هَاجَرُ، فَأَوْلَادُهَا أولاد ماء من السماء.

=وأخرجه أحمد 2/403 ـ 404 والبخاري "2217" في البيوع: باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه، و"2635" في الهبة: باب إذا قال: أخدمتك هذه الجارية على ما يتعارف الناس فهو جائز، و"6950" في الإكراه: باب إذا استكرهت المرأة على الزنى فلا حد عليها، والترمذي "3166" في التفسير: باب ومن سورة الأنبياء، من طرق عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مطولاً ومختصراً.

وأخرجه البيهقي 7/366 من طريق أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، موقوفاً.

وقوله "مهيم": كلمة قال أبو عبيد في غريب الحديث" 2/191: كأنها كلمة يمانية، معناها: ما أمرك، أو ما هذا الذي أرى بك.

وقوله: "لم يكذب إبراهيم قط إلا ثلاثاً": قال ابن عقيل فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 6/392: دلالة العقل تصرف ظاهر إطلاق الكذب على إبراهيم، وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقاً به ليعلم صدق ما جاء به عن الله، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه، إنما إطلق عليه ذلك لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقديره فلم يصدر ذلك من إبراهيم عليه السلام يعني إطلاق الكذب المحض في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعاً لأعظمهما، وأما تسمته إياها كذبات، فلا يريد أنها تذم، فإن الكذب وإن كان قبيحاً مخلاً، لكنه قد يحسن في مواضع وهذا منها.

ص: 47

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْمُتَشَبِّعَةِ مِنْ زَوْجِهَا ما لم يعطها

5738 -

أخبرنا محمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِيَ ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَتَشَبَّعَ مِنْ زَوْجِي مَا لَمْ يُعْطِنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ" 1 [28:3]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب.

وأخرجه أحمد 6/346، ومسلم "2130" في اللباس والزينة: باب النهي عن التزوير في اللباس، من طريق أبي معاوية محمد بن حازم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/346 و 353، والبخاري "5219" في النكاح: باب المتشبع بما لم ينل وما ينهى من إفتخار الضرة، ومسلم "2130"، وأبو داود "4997" في الأدب: باب في المتشبع بما لم يعط، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 11/255، والطبراني 24/"322" و "323" و "324" و0325" و "326" و "327" و "328"، والحميدي "319"، والبيهقي في "السنن" 7/307، وفي "الآداب" "522"، والبغوي "2331" من طرق عن هشام بن عروة، به.

قال البغوي في "شرح السنة" 9/161 ـ 162: المتشبع: المتكثر بأكثر مما عنده يتصلَّف به، وهو الرجل يُرى أنه شبعان، وليس كذلك "كلابس ثوبي زور"، قال أبو عبيد: هو المرائي يلبس ثياب الزهاد، يُرى أنه زاهد، قال غيره: هو أن يلبس قميصاً يصل بكمّيه كمَّين آخرين، يُرى أنه لابس==

ص: 49

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ تَشَبُّعِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ ضَرَّتَهَا بِمَا لَمْ يُعْطِهَا زَوْجُهَا

5739 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ،

قَالَ: حَدَّثَنَا الطُّفَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِيَ ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنِ اسْتَكْثَرْتُ مِنْ زَوْجِي بِمَا لَمْ يُعْطِنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لم يعط كلابس ثوب زور"1. [65:3]

== قميصين، فكأنه يسخرمن نفسه، ويُروى عن بعضهم أنه كان يكون في الحي الرجل له هيأة ونبل، فإذا احتيج إلى شهادة زور، شهد بها، فلا ترد من أجل نبله وحسن ثوبه، وقيل: أراد بالثوب نفيه، فهو كناية عن حاله ومذهبه، والعرب تكني بالثوب ن حال لا بسه، تقول: فلان نقيُّ الثياب، إذا كان بريئاً من الدنس، وفلان دَنِسُ الثياب، إذا كان بخالفه، ومعناه: المتشبع بما لم يعط بمنزلة الكاذب القئل ما لم يكن. وانظر "الفتح" 9/317 ـ 318.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري. الطفاوي: هو محمد بن عبد الرحمن، قد توبع. وهو مكرر ما قبله.

ص: 49

‌باب اللعن

‌مدخل

بَابُ اللَّعْنِ

5740 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ،

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ وَامْرَأَةٌ عَلَى نَاقَةٍ لَهَا، فَضَجرَتْ، فَلَعَنَتْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"خُذُوا مَتَاعَكُمْ عَنْهَا وَأَرْسِلُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ: قَالَ: فَفَعَلُوا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا نَاقَةً وَرْقَاءَ"1. [31:1]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: عَمُّ أَبِي قِلَابَةَ هَذَا:

هُوَ عَمْرُو بْنُ مُعَاوِيَةَ2 بْنِ زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ، كُنْيَتُهُ أَبُو الْمُهَلَّبِ وَهِمَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي كُنْيَتِهِ، فَقَالَ: أَبُو الْمُهَاجِرِ، إِذِ الْجَوَادُ يَعْثُرُ.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم، فمن رجال البخاري، وعم أبي قلابة، فمن رجال مسلم. أبو قلابة: هو عبج الله بن زيد الجرمي. وانظر ما بعده.

2 وقيل: عبد الرحمن بن معاوية، وقيل: عبد الرحمن بن عمرو، وقيل: معاوية، وقيل: النضر.

ص: 50

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ

5741 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، إِذْ سَمِعَ لَعْنَةً، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذِهِ فُلَانَةٌ لَعَنَتْ رَاحِلَتَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ضَعُوا عَنْهَا، فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ" قَالَ: فَوُضِعَ عَنْهَا، قَالَ عِمْرَانُ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إليها ناقة ورقاء1. [31:1]

ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أُمِرَ بِهَذَا الْأَمْرِ

5742 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يطلب

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات، رجال الشيخين غير أبي المهلب فمن رجال مسلم.

وأخرجه الدارمي 2/286، وأبو داود "2561" في الجهاد: باب النهي عن لعن البهيمة، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/429و431، ومسلم "2595" في البر والصلة: باب النهي عن لعن الدواب وغيرها، والبيهقي 5/254 من طرق عن أيوب، به.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/202 من طريق عمران بن حدير، عن أبي قلابة، به.

ص: 51

الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ، وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ1 مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَنَا عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَأَنَاخَهُ، فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ، فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ فَقَالَ: شَأْ، لَعَنَكَ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ هَذَا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ"؟ قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"انْزِلْ عَنْهُ فَلَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ، لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا2 تُوَافِقُوا مِنَ السَّاعَةِ، فَيَسْتَجِيبَ لكم" 3 [31:1]

1 أي: يتعاقبونه في الركوب واحدا بعد واحد، يقال: جاءت عقبة فلان، أي: جاءت نوبته ووقت ركوبه.

ولفظ مسلم "يعقبه"، قال النووي 18/138: هكذا هو في رواية أكثرهم "يعقبه" بفتح الياء وضم القاف، وفي بعضها "يعتقبه" بزيادة تاء وكسر القاف، وكلاهما صحيح، يقال: عقبه واعتقبه، واعتقبنا وتعاقبنا، كله من هذا. قلت: وجاء في الأصل و "التقاسيم" 1/421: يتعقبه.

2في الأصل: إلا، والمثبت من "التقاسيم"

3 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير يعقوب بن مجاهد، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم "3009" في الزهد: باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، عن هارون بن معروف ومحمد بن عبادة، كلاهما عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

الناضح: هو البعير الذي يستقى عليه.

وتلدن: أي تلكأ وتوقف، ولم ينبعث.

وقوله: "شأ، لعنك الله"، قال النووي: هو بشين معجمة بعدها همزة، هكذا هو في نسخ بلادنا، وذكر القاضي رحمه الله تعالى أن الرواة اختلفوا فيه، فرواه بعضهم بالشين المعجمة كما ذكرناه، وبعضهم بالمهملة، قالوا:==

ص: 52

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْنَا خَبَرَ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ بِأَنَّ لَعْنَةَ هَذِهِ اللَّاعِنَةِ قَدِ اسْتُجِيبَ لَهَا فِي نَاقَتِهَا

5743 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانَ التيميُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ

عَنْ أُبَيِّ بَرْزَةَ أَنَّ جَارِيَةً بَيْنَا هِيَ عَلَى بَعِيرٍ أَوْ رَاحِلَةٍ، عَلَيْهَا مَتَاعُ الْقَوْمِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَتَضَايَقَ بِهَا الْجَبَلُ، وأَتَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَبْصَرَتْهُ، جَعَلَتْ تَقُولُ: حَلْ، اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَصْحَبْنَا رَاحِلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنَ اللَّهِ" 1 [31:1]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضى الله تعالى عَنْهُ، أَمَرَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِتَسْيِيبِ الرَّاحِلَةِ الَّتِي لُعِنَتْ أَمْرٌ أُضْمِرَ فِيهِ سَبَبُهُ، وَهُوَ حَقِيقَةُ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ لِلَّاعِنِ، فَمَتَى عمل اسْتِجَابَةُ الدُّعَاءِ مِنْ لَاعِنٍ مَا رَاحِلَةً لَهُ أمرناه

== وكلاهما كلمة زجر للبعير، يقال منهما: شأشأت بالبعير، بالمعجمة والمهملة: إذا زجرته، وقلت له شأ.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. سليمان: هو بن طرخان التيمي، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن مَلَّ.

وأخرجه أحمد 4/423، والبيهقي 5/254من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/421و423، ومسلم "2596" في البر والصلة: باب النهي عن لعن الدواب وغيرها، من طرق عن سليمان التيمي، به.

وقوله: "حَلْ" كلمة زجر للإبل واستحثاث على السير.

ص: 53

بِتَسْيِيبِهَا وَلَا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِ هَذَا لِانْقِطَاعِ الْوَحْيِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ هَذَا الْفِعْلِ لِأَحَدٍ ابدا

ص: 54

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ لِلنِّسَاءِ عَنْ إِكْثَارِ اللَّعْنِ وَإِكْفَارِ الْعَشِيرِ

5744 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يحيى الذهلي، حدثنا بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَامَ فَوَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ، قَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ تَصَدَّقُوا" ثُمَّ انصرف، فمر عي النِّسَاءِ، فَقَالَ:"يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي أَرَاكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ" فَقُلْنَ: وَلِمَ ذَلِكَ يا رسول الله؟ قال: "تكثرون اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنَ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ" فَقُلْنَ لَهُ: مَا نقصان ديننا وعقلنا يا رسول اللهظ قَالَ: " أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ"؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:"فَذَاكَ نُقْصَانُ عَقْلِهَا، أَوَ لَيْسَتْ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ"؟ قُلْنَ بَلَى: قَالَ: "فَذَاكَ نُقْصَانُ دِينِهَا" ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ، جَاءَتْ زينت امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فقيل: يا رسول الله هذه زينت تستاذن عليك، فقال:"أي الزيانب" قيل: امرأةذكر الزَّجْرِ لِلنِّسَاءِ عَنْ إِكْثَارِ اللَّعْنِ وَإِكْفَارِ الْعَشِيرِ

[5744]

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يحيى الذهلي، حدثنا بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَامَ فَوَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ، قَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ تَصَدَّقُوا" ثُمَّ انصرف، فمر عي النِّسَاءِ، فَقَالَ:"يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي أَرَاكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ" فَقُلْنَ: وَلِمَ ذَلِكَ يا رسول الله؟ قال: "تكثرون اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنَ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ" فَقُلْنَ لَهُ: مَا نقصان ديننا وعقلنا يا رسول اللهظ قَالَ: " أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ"؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:"فَذَاكَ نُقْصَانُ عَقْلِهَا، أَوَ لَيْسَتْ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ"؟ قُلْنَ بَلَى: قَالَ: "فَذَاكَ نُقْصَانُ دِينِهَا" ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ، جَاءَتْ زينت امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فقيل: يا رسول الله هذه زينت تَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ، فَقَالَ:"أَيُّ الزَّيَانِبِ" قِيلَ: امْرَأَةُ

ص: 54

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:"نَعَمْ ائْذَنُوا لَهَا"، فَأُذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَنَا الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ، فأردت أن أتصدق، فزعم بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقَتْ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عليهم" 1

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن يحيى الذهلي، فمن رجال البخاري. ابن أبي مريم: هو سعيد.

وأخرجه البخاري "304" في الحيض: باب ترك الحائض الصوم، و"1462" في الزكاة: باب الزكاة على الأقارب، و"1951" في الصوم: باب الحائض تترك الصوم والصلاة، و"2658" في الشهادات: باب شهادة النساء، ومسلم "80" في الإيمان: باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان وبيان إطلاق لفظ الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة والحقوق، والبيهقي 4/235 ـ 236، والبغوي "19" من طريق سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد، مطولاً ومختصراً.

وأخرجه مختصراً مسلم "889" في العيدين، والنسائي 3/187 في العيدين: باب استقبال الإمام الناس بوجهه في الخطبة، وابن ماجة "1288" في إقامة الصلاة: باب ما جاء في الخطبة في العيدين، من طريق داود بن قيس، عن عياض بن عبد الله، به.

وقوله "تكفرن العشير": يعني الزوج، سمي عشيراً، لأنه يعاشرها، وهي تعاشره.

ص: 55

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ لَعْنِ الْمَرْءِ الرِّيَاحَ، لِأَنَّهَا مأمورة تأتي بالخير والشر معا

5745 -

أخبرنا الحسين بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بن يزيد، عن قتادة، عن أبى العاليةذكر الزَّجْرِ عَنْ لَعْنِ الْمَرْءِ الرِّيَاحَ، لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ تأتي بالخير والشر معا

[5745]

أخبرنا الحسين بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ

ص: 55

عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَلْعَنِ الرِّيحَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَلْعَنُ شَيْئًا لَيْسَ له باهل الا رجعت عليه اللعنة" 1

1 أبو قدامة هو ـ فيما إرجح ـ عبيد الله بن سعيد بن يحيى بن برد اليشكري مولاهم، خرج حديثه الشيخان، وهو متفق علي إمامته وحفظه وإتقانه، قال المؤلف في "ثقاته" 8/406: حديثا عنه شيوخنا ابن خزيمة ومحمد بن إسحاق الثقفي وغيرهما. ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين أيضاً. أبو العالية: هو رفيع بن مهران الرياحي.

وأخرجه أبو داود "4908" في الأدب: باب في اللعنة، والترمذي "1978" في البر والصلة: باب ما جاء في اللعنة، والطبراني "12757" من طريق زيد بن أخزم، عن بشر بن عمر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وأخرجه أبو داود "4908" عن مسلم بن إبراهيم، عن أبان بن يزيد، به.

2 في الأصل و "التقاسيم" 2/لوحة 207: يكونوا، والجادة ما ثبت.

ص: 56

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَلْعَنَ الْمَرْءُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ دُونَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَعْصِيَةٍ تَسْتَوْجِبُ مِنْهُ إِيَّاهَا

5746 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ

عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُرْسِلُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَ: وَرُبَّمَا بَاتَتْ عِنْدَهُ، قَالَ: فَدَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ خَادِمًا، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، فَقَالَتْ: لَا تَلْعَنْهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ: "إِنَّ اللَّعَّانَيْنَ لَا يَكُونُونَ2 شُهَدَاءَ وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3

3 إسناده قوي، مخلد بن مالك: هو بن شيبان القرشي، روى له النسائي في==

ص: 56

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ تَرْكُ اللَّعْنِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي قُنُوتِهِ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَفْعَلُ

ذلك

5747 -

أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ

عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ: "رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ" فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا" وَدَعَا عَلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران:128] 1 [4:5]

== "مسند علي"، قال أبو حاتم: شيخ، وقال أبو زرعة لا بأس به، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه مسلم "2598""85" في البر والصلة: باب النهي عن لعن الدواب وغيرها، عن سويد بن سعيد، عن حفص بن ميسرة، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد6/448، وعبد الزاق "19530"، والبخاري في "الأدب المفرد""316"، ومسلم "2598""85" و"86"، وأبو داود "4907" في الأدب: باب ما جاء في اللعن، والحاكم 1/48، والبيهقي 10/193، والبغوي "3556" من طرق عن زيد بن أسلم، به.

وأخرجه مسلم "2598""86"، وأبو داود "4907"، والحاكم 1/48 من طريق هشام بن سعد، عن أبي حازم، عن أم الدرداء، به.

قال البغوي: في "شرح السنَّة" 13/135: قيل في قوله: "لا يكونون شهداء": أي لا يكونون في الجملة التى يستشهدون يوم القيامة على الأمم التي كذَّبت أنبياءهم عليهم السلام بالتبليغ إذا كذبهم قومهم.

1 حديث صحيح، ابن أبي السري - هو محمد بن المتوكل العسقلاني – وقد =

ص: 57

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَرْءَ بِالْمَعْصِيَةِ لَا يَجِبُ أَنْ يُلْعَنَ

5748 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يده، ويسرق الحبل فتقطع يده"1. [42:3]

=توبع ومن فوقه على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 2/147، والنسائي 2/203 في الصلاة: باب لعن المنافقين في القنوت، من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/147، والبخاري "4069" في المغازي: باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ، و"4559" في تفسير آل عمران: باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ، "7342" في الإعتصام: باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ،والبيهقي 2/198و207، والبغوي في "تفسيره" 1/350، من طريق ابن المبارك، عن معمر، به.

وأخرجه أحمد 2/93، والطبري "7819" من طريق عمر بن حمزة، عن سالم، به.

وأخرجه البخاري "4070" من طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم مرسلاً.

وأخرجه أحمد 2/104و118، والترمذي "3005" في التفسير: باب ومن سورة آل عمران، والطبري "7818" من طريق نافع، عن ابن عمر.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد بن مسرهد، فمن رجال البخاري.

وأخرجه البخاري "6799" في الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، عن موسى بن إسماعيل، عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.=

ص: 58

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ صلى الله عليه وسلم بِخِطَابِهِ هَذَا بَيْضَةَ الْحَدِيدِ، أَوْ بَيْضَةَ النَّعَامَةِ الَّتِي قِيمَتُهَا تَبْلُغُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، وَكَذَلِكَ الْحَبْلُ، أَرَادَ بِهِ الْحِبَالَ الْكِبَارَ الَّتِي تَكُونُ لِلْآبَارِ الْعَمِيقَةِ الْقَعْرِ أَوْ لِلْمَرَاكِبِ العمَّالة فِي الْبَحْرِ1، وَذَلِكَ ان أهل الحجاز

=وأخرجه أحمد 2/253، والبخاري "6783" في الحدود: باب لعن السارق إذا لم يسم، ومسلم "1687" في الحدود باب حد السرقة ونصابها، والنسائي 8/65 في السارق: باب تعظيم السرقة، وابن ماجة "2583" في الحدود: باب حد السارق، والبيهقي 8/258، والبغوي "2597"و"2598" من طرق عن الأعمش، به.

1 زاد بعضهم كا لبخاري، والبغوي في حديث أبي هريرة: قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيض الحديد، والحبل كانوا يرون أنه منهما ما يساوي دراهم.

قال ابن قتيبة بعد أن ذكر قول ألأعمش: وهذا تأويل بعيد لا يجوز عند من صحيح كلام العرب، لأن كل واحد من هذين يبلغ دنانير كثيرة، وهذا ليس موضع تكثير المال لما سرقه السارق.

وقال الخطابي: تأويل الأعمش هذا غير مطابق لمذهب الحديث، ومخرج الكلام فيه، وذلك أنه ليس بالشائع في الكلام أن يقال في مثل ما ورد فيه الحديث من اللوم والتثريب: أخزى الله فلاناً عرض نفسه للتلف في مال له قدر ومزية، وفي عرض له قيمة، إنما يضرب المثل في مثله بالشئ الذي لا وزن له ولا قيمة، هذا حكم العرف الجاري في مثله، وإنما وجه الحديث وتأويله وذمُّ السرقة، وتهجين أمرها، وتحذير سوء مغبتها فيما قل وكثر من المال، كأنه يقول: إن سرقة الشيء اليسير الذي لا قيمة له كالبيضة المذرة، والحبل الخلق الذي لا قيمة له، إذا تعاطاه، فاستمرت به العادة، ولم ييأس أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما فوقها حتى يبلغ قدر ما تقطع فيه اليد، فتقطع يده، كأنه يقول: فليحذر هذا الفعل وليتوقه قبل أن تملكه العادة، ويمرن عليها ليسلم من سوء مغبته، ووخيم عاقبته. وانظر "الفتح" 12/83 – 84.

ص: 59

الْغَالِبُ عَلَيْهِمُ الْآبَارُ الْعَمِيقَةُ الْقَعْرِ، وَعَلَيْهَا بَكَرَاتٌ لَهُمْ بِحِبَالِ الدِّلَاءِ تَدُورُ، فَتُتْرَكَ بِاللَّيْلِ عَلَى حَالِهَا، وَهَكَذَا حِبَالُ الْمَرَاكِبِ، لِأَنَّ الْمَرْكِبَ إِذْ رسى رُبَّمَا طُرِحَتِ الْمَرَاسِي بِحَالِهَا بَرًّا فَتَمُرُّ بِهِ السَّابِلَةُ، فَزَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْخَطَّابِ مَسَّ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى سبيل الاستحلال دون الانتفاع بها.

ص: 60

‌ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى مَعَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ أَقْوَامًا مِنْ أَجْلِ أَعْمَالٍ ارْتَكَبُوهَا

5749 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ، عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ عَمْرَةَ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابٌ: الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ، وَالْمُسَلَّطُ بِالْجَبَرُوتِ ليذل بذلك من عز اللَّهُ، وَلِيُعِزَّ بِهِ مَنْ أَذَلَّ اللَّهُ، وَالْمُسْتَحِلُّ لِحَرَمِ اللَّهِ، وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ الله، والتارك لسنتى" 1

1 إسناده ضعيف، عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ مختلف فيه، رواه عنه غير واحد مرسلاً.

فقد أخرجه الترمذي "2154" في القدر: باب رقم "17"، عن قتيبة، بهذا الإسناد. وقال: هكذا روى عبد الرحمن بن أبي الموال هذا الحديث عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ورواه سفيان الثوري وحفص بن غياث وغير واحد عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، عن علي بن حسين، عن النبي صلى الله عليه وسلم،=

ص: 60

‌ذِكْرُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُذَكَّرَاتِ وَالْمُخَنَّثِينَ مَعًا

5750 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن

=مرسلاً، وهذا أصح.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة""44" و "337"، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/366، والحاكم 2/525 من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الموال، به، وقد تحرف "عبد الرحمن بن أبي الموال" عند الحاكم إلى: عبد الرحمن بن أبي الرجال.

وأخرجه الطحاوي 4/366، والحاكم 1/36و4/90 من طريق قتيبة بن سعيد وإسحاق بن محمد الفروي، عن عبد الله بن أبي الموال، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة قال الحاكم في الموضع الأول: قد احتج البخاري بعبد الرحمن بن أبن الموال، وهذا حديث صحيح الإسناد، ولا أعرف له علة ولم يخرجاه! وقال في الموضع الثاني: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: إسحاق وإن كان من شيوخ البخاري، فإنه يأتي بطامات، قال فيه النسائي: ليس بثقة، وقال أبو داود: واهٍ، وتركه الدارقطني، وأما أبو حاتم فقال: صدوق، وعبيد الله "وقد تحرف إلى: عبد الله" فلم يحتج به أحد، والحديث منكر بمرة. قلت: إعلال الحديث بإسحاق ليس بشيء، فقد تابعة قتيبة كما هو عند الحاكم.

وأخرجه الطحاوي 4/367 عن عبد الملك بن مروان الرقي، عن محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن على بن الحسن مرسلاً. ووصله الحاكم 2/525 من طريق عبد الله بن محمد بن يوسف الفريابي، عن أبيه، عن أبيه، عن سفيان، عن عبيد الله، عن على بن الحسين، عن أبيه، عن جده.

ص: 61

عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَلَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ

عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمُذَكَّرَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرجال1 [109:2]

1 حديث صحيح، محمد بن عبد الرحمن العلاف: ذكره الؤلف في "الثقات" 9/98 وقال: من أهل البصرة، يروي عن محمد بن سواء وأبي عاصم، حدثنا عنه الحسن بن سفيان وقد توبع، وباقي رجاله رجال الصحيح.

سعيد: هو ابن أبي عروبة. وأخرجه أحمد 1/339، والطيالسي "2679"، والبخاري "5885" في اللباس: باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال، وأبو داود "4098" في اللباس: باب لباس النساء، والترمذي "2784" في الأدب: باب ما جاء في المتشبهات بالرجال من النساء، وابن ماجة "1904" في النكاح: باب في المخينثين، والطبراني "11823" من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق "20433"، وأحمد 1/225و227و237و254و330و365، والدارمي 2/278 ـ 279، والبخاري "5886" في اللباس: باب إخرج المتشبهين بالنساء من البيوت، و "6834" في المحاربين: باب نفي أهل المعاصي والمخنثين، وأبو داود "4930" في الأدب: باب في الحكم في المخنثين، والترمذي "2785"، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 5/173، وأبو يعلى "2433"، والطبراني "11647"

و"11618" و 11683" و "11847" و "11848" و "11987" و "11988" و "116989"، والبيهقي 8/224 من طرق عن عكرمة، به.

وأخرجه الطبراني "12148" من طريق مقسم، عن ابن عباس.

ص: 62

‌ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ أَوِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ

5751 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قال: حدثناذكر لَعْنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ أَوِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ

[5751]

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حدثنا

ص: 62

أبو عامر العقدي، عن سليمان بن بلال، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل1

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سهيل بن أبي صالح، فمن رجال مسلم. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وأبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو القيسي.

وأخرجه أبو داود "4098" في اللباس: باب لباس النساء، عن أبي خيثمة زهير بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/325 عن أبي عامر العقدي، به

وأخرجه الحاكم 4/194 من طريق زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، به. وصححه على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 2/287و 289 عن أيوب بن النجار، عن طيب بن محمد، عن عطاء بن أبي هريرة.

ص: 63

‌ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ

5752 -

أَخْبَرَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بِوَاسِطَ، قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ الْكُرْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ - وَسَأَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ – قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسه الرجل2 [109:2]

2 إسناده صحيح، جابر بن كردي: روى له النسائي، وهو صدوق، وهو مكرر ما قبله.

ص: 63

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ النِّسَاءِ اللَّاتِي يَسْتَحْقِقْنَ اللَّعْنَ بِأَفْعَالِهِنَّ

5753 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ هِلَالٍ الصَّدَفِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يَقُولَانِ:

سَمِعْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى سُرُوجٍ كَأَشْبَاهِ الرِّجَالِ، يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ، نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ عَلَى رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، إلعنوهن، فإنهن معلونات، لَوْ كَانَ وَرَاءَكُمْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ خَدَمَهُنَّ نساؤكم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم" 1 [69:3]

1 إسناده، عبد الله بن عياش بن عباس ضعفه أبو داود والنسائي، وقال أبو حاتم: ليس بالمتين، صدوق يكتب حديثه، وهو قريب من ابن لهيعة، وقال ابن يونس: منكر الحديث، ورواية مسلم له في الشواهد، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير عيسى بن هلال، فقد روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وهو صدوق أبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري.

وأخرجه أحمد 2/223، والطبراني مخصراً في "الصغير""1125" من طريق عبد الله بن المقرئ، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/137 وقال: رواه أحمد والطبراني في الثلاثة، ورجال أحمد رجال الصحيح! ==

ص: 64

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

==وأخرجه الحاكم 4/436 من طريق عبد الله بن وهب، عن عبد الله بن عياش، به. وصححه على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: عبد الله وإن كان قد احتج به مسلم فقد ضعفه أبو داود والنسائي،

وقال أبو حاتم: هو قريب من ابن لهيعة.

وقوله: "كأسنمة البخت العجاف": هو جمع سنام، وهو أعلى ظهر البعير، وقال ابن الأثير 2/409: هن اللاتي يتعممن بالمقانع على رؤوسهن، يكبرنها بها، وهو من شعار المغنيات، والبخت: جمال طوال الأعناق،

والعجاف: جمع عجفاء وهي المهزولة.

قال الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله تعليقاً على قوله: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرجال": مشكل المعنى قليلأ، فتشبيه الرجال بالرجال فيه بعد، وتوجييه متكلف، ورواية الحاكم ليس فيها هذا التشبيه، بل لفظه: "سيكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى يأتون أبواب مساجدهم نساؤهم كاسيات عاريات

" وهو واضح المعنى مستقيمه، ورواية الطبراني كما حكاها الهيثمي في "الزوائد": "سيكون في أمتي رجال يركبون نساؤهم على سروج كأشباه الرجال"، ولفظ يركبون" غيَّر طابع "مجمع الزوائد" – جرأة منه وجهلا – فجعلها "يركب"، والظاهر عندي أن صحتها "يركبون نساءهم"

قلت: ولعل "الرجال" قد صحفت عن " الرَّلحال"، والرحال: جمع رحل: وهو للإبل كالسرج للفرس.

ص: 65

‌بَابُ ذِي الْوَجْهَيْنِ

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَأْتِيَ الْمَرْءُ فِي الْأَسْبَابِ أَقْوَامًا بِضِدِّ مَا يَأْتِي غَيْرَهُمْ فِيهَا

5754 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ1: "إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه" 2 [76:2]

(1) سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 2/لوحة 192.

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هاشم بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه أحمد 2/307و455، والبخاري "7179" في الأحكام: باب ما يكره من ثناء السلطان وإذا خرج قال غير ذلك، ومسلم ص 2011 "99" في البر والصلة: باب ذم ذي الوجهين، من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/336 و 445، والبخاري "6058" في الأدب: باب ماقيل في ذي الوجهين، والترمذي "2025" في البر والصلة: باب ما جاء في ذي الوجهين، وابن أبي الدنيا في "الصمت""275"، والبيهقي 10/246، =

ص: 66

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ" أَرَادَ بِهِ مِنْ شَرِّ النَّاسِ

5755 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه 1 [76:2]

=والبغوي "3567" من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة.

قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس، لأن حاله حال المنافق، إذ هو متملق با لباطل وبا لكذب، مدخل للفساد بين الناس. وقال النووي: في شرح مسلم" 15/79و16/156: هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها، ويظهر لها أنه منها ومخالف للآخرين مبغض، وقوله: "إنه من شرار الناس" فسببه ظاهر، لأنه نفاق محض، وكذب وخداع، وتحيل على اطلاعه على أسرار الطائفتين، وهي مداهنة محرمة، فإن أتى كل طائفة بالإصلاح ونحوه، فمحمود.

وقال غيره: الفرق بينهما أن المذموم من يزين لكل طائفة عملها، ويقبحها عند الأخرى، ويذم كل طائفة عند الأخرى، والمحمود أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرى، ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى، وينقل أليه ما أمكنه من الجميل، ويستر القبيح.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ " 2/991 في الكلام: باب ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/465و517،ومسلم ص 2011 "98"، والبغوي "3566"

وأخرجه أحمد 2/245، وأبو داود "4872" في الأدب: باب في ذي==

ص: 67

‌ذِكْرُ وَصْفِ عُقُوبَةِ ذِي الْوَجْهَيْنِ فِي النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا

5756 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَنْظَلَةَ

عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ كَانَ ذَا1 وَجْهَيْنِ فِي الدُّنْيَا كَانَ له لسانان من نار يوم القيامة" 2 [76:2]

== الوجهين، وابن أبي الدنيا "276" من طريق سفيان، عن أبي الزناد، به وانظر الحديث "5754" و "5757".

1 في الأصل "ذو"، والتصويب من "التقاسيم" 2/لوحة 192.

2 إسناده حسن، شريك ـ وهو ابن عبد الله النخعي القاضي ـ حديثه حسن في الشواهد، وهذا منها، وباقي رجاله ثقات. ونقل في "التهذيب" في ترجمة نعيم بن حنظلة عن على ابن المديني أنه قال في الحديث: إسناده حسن، ولايحفظ عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الطريق، وحسنه الحافظ العراقي أيضاً في "تخريج الإحياء" 3/158 والحديث في "مسند أبي يعلى""1620"، وهو في "مصنف أبي شيبة" أيضاً8/558.

وأخرجه أبو داود "4873" في الأدب: باب في ذي الوجهين، عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "644"، والدارمي 2/321، والبخاري في "الأدب المفرد""1310"، وأبو يعلى "1637"، وابن أبي الدنيا في "الصمت""274"، والبيهقي 10/246 من طريق عن شريك، به.

وأخرجه البغوي في "الجعديات""2412"، ومن طريقه أبو محمد البغوي في "شرح السنة""3568" عن على بن الجعد، عن شريك، به. موقوفاً

وله شاهد من حديث أنس يصح به، عند أبي يعلى "2771"=

ص: 68

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ ذَا الْوَجْهَيْنِ مِنَ النَّاسِ يَكُونُ

مِنْ شِرَارِ النَّاسِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ

5757ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حدثنا بن وهب، قال: حدثنا يونس، عن بن شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، فَخِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَكْرَهَهُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، وَتَجِدُونَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بوجه وهؤلاء بوجه" 1 [66:3]

"2772"، والبزار "2025"، وابن أبي الدنيا "280"، والطبراني في "الأوسط""489""مجمع البحرين" وأبي نعيم في "الحلية" 2/160، من طرق عن أنس.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه مسلم "2526" في فضائل الصحابة: باب خيار الناس، و "2526" "100" ص 2011 في البر والصلة: باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/524 ـ 525 عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن يونس، به.

وأخرجه البخاري "3493" و "3494" في المناقب: باب قول الله=

ص: 69

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} ، ومسلم "2526" و "2526""100" ص 2011 من طريق أبي زرعة، عن أبي هريرة.

وأخرجه البخاري "3459"، و "3587" في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2526" من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أب هريرة، مختصراً.

وأخرج الجملة الأولى منه البخاري "3353" في الأنبياء: باب قول الله تعالى {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} ، و"3374": باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} ، و"3383": باب قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} ، و "4689"، في التفسير: باب {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} ، من طريق عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة. وزاد البخاري في "3353" بعد سعيد بن أبي سعيد: عن أبيه. وانظر الحديث رقم "5754" و "5755".

ص: 70

‌بَابُ الْغِيبَةِ

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ الْفَصْلِ بَيْنَ الغيبة والبهتان

5758ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ"؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"أَنْ تَذْكُرَ أَخَاكَ بِمَا فِيهِ" قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا ذَكَرْتُ؟ قَالَ: "إِنْ كَانَ فِيهِ مَا ذَكَرْتَ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يكن فيه ما ذكرت، فقد بهته" 1 [35:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير العلاء وأبيه فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 2/230 و458 عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه البغوي "3561" من طريق عثمان بن عمر، عن شعبة، به، مختصراً.

وأخرجه أحمد 2/384 و 386، والدارمي 2/297، وأبو داود "4874" في الأدب: باب في الغيبة، والترمذي "1934" في البر والصلة: باب ما جاء في الغيبة، من طريقين عن العلاء، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.=

ص: 71

‌ذكر الاخبار عما يعجب عَلَى الْمَرْءِ مِنْ صِيَانَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِتَحَفُّظِ لِسَانِهِ عَنِ الْوَقِيعَةِ فِيهِ

5759 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ"؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ" قَالَ:"أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يكن فيه فقد بهته" 1 [66:3]

=وقوله: " بهته": أي: كذبت عليه: يقال بهت صاحبه يبهتُ بهتاً، والبهتان: الباطل الذي يتحير من بطلانه، وشدة نكره، يقال بُهِتَ يُبهتُ: إذا تحير، فهو مبهوت.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه مسلم "2589" في البر والصلة: باب تحريم الغيبة، والبغوي "3560"، والبيهقي في "السنن" 10/247، ومن "الآداب""154" من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.

ص: 72

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ ذِكْرِ تَتَبُّعِ الْمَرْءِ عُيُوبَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ

5760 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن منصور، ومحمد بن سهل عن عَسْكَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ

عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّكَ ان اتبعت

ص: 72

عَوْرَاتِ النَّاسِ، أَفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمُ" قَالَ: يَقُولُ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نفعه الله بها1 [10:3]

1 إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير راشد بن سعد، فقد روى له أصحاب السنن، وهو ثقة إسحاق بن منصور: هو ابن بهرام الكوسج، ومحمد بن يوسف: هو الفريابي.

وأخرجه أبو داود "4888" في الأدب: باب النهي عن التجسس، والطبراني19/"890"، والبيهقي 8/333، وأبو نعيم في "الحلية" 6/118 من طرق عن محمد بن يوسف الفريابي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد""248"، والطبراني 19/"859" من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن معاوية.

وأخرجه الطبراني19/"702" من طريق بشر بن جبلة، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي الدرداء، عن معاوية. وبشر بن جبلة هذا مجهول.

وأخرج أحمد 6/4، وأبو داود "4889"، والحاكم 4/378 من طرق عن إسماعيل بي عياش، حدثنا ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن جبير بن نفير، وكثير بن مرة، والمقدام بن معدي كرب وأبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم" وسنده حسن، إسماعيل بن حسن بن عياش روايته عن أهل بلده مستقيمة، وهذا منها.

ص: 73

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَفَقُّدِ عُيُوبِ نَفْسِهِ دُونَ طَلَبِ مَعَايِبِ النَّاسِ

5761 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ

ص: 73

الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ، وَيَنْسَى الْجِذْعَ فِي عينه" 1 [66:3]

1 رجاله ثقات رجال الصحيح غير كثير بن عبيد، فروى له أصحاب السنن، وهو ثقة.

وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب""610" من طريق علي بن الحسين، عن أبي عروبة الحسين بن محمد الحراني، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن صاعد في زوائده على "الزهد" لا بن المبارك "212"، وأبو الشيخ في "الأمثال""217"، وأبو نعيم في "الحلية" 4/99 من طرق عن محمد بن حمير، به.

ورواه كثير بن هشام الكلاب، ومسكين بن بكير الحذاء الحراني، عن جعفر بن برقان، فوقفاه على أبي هريرة، أخرجه عن الأول أحمد في "الزهد" ص 178، وأخرجه عن الثاني البخاري في "الأدب المفرد" "592". قلت: ورواية من وقفه أصح، فإن محمد بن حمير الذي تفرد برفعه ـ وإن أخرج له البخاري في الصحيح حديثين، أحدهما له متابع والآخر له شاهد ـ مختلف فيه، وله غرائب وأفراد كما في "الميزان" 3/532 يضرب مثلاً لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به، وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة.

ص: 74

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُزْدَرِي غَيْرَهُ مِنَ النَّاسِ كَانَ هُوَ الْهَالِكَ دُونَهُمْ

5762 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ" 2 [66:3]

12 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سهيل، فمن رجال مسلم. وهو في "الموطأ" 2/984 في الكلام: باب ما يكره من الكلام==

ص: 74

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ طَلَبِ عَثَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَتَعْيِيرِهِمْ

5763 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ بِبَغْدَادَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّغُولِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ أَوْفَى بْنِ دَلْهَمٍ، عَنْ نَافِعٍ

عن بن عُمَرَ، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هذ الْمِنْبَرَ، فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، وَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَطْلُبُوا،

==.ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/517، ومسلم "2623" في البر والصلة: باب النهي عن قول: "هلك الناس"، وأبو داود "4983" في الأدب: باب لا يقال: "خبثت نفسي"، والبغوي "3564".

وأخرجه أحمد 2/272، ومسلم "2623"، وأبو داود "4983"، والبغوي "3565" من طرق عن سهيل، بهذا الإسناد.

قال الخطابي: في "معالم السنن" 4/132: معنى هذا الكلام: أن لا يزال الرجل يعيب الناس، ويذكر مساوئهم، ويقول: قد فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك من الكلام، يقول صلى الله عليه وسلم: "إذا فعل الرجل ذلك، فهو أهلكهم وأسوأهم حالاً مما يلحقه من الإثم في عيبهم، والإزراء بهم، والوقيعة فيهم، وربما أدَّاه ذلك إلى العجب بنفسه، فيرى أن له، فضلاً عليهم، ،أنه خير منهم فيهلك.

وقال البغوي في "شرح السنة" 13/144: وروي معنى هذا عن مالك قال: إذا قال ذلك عجباً بنفسه، وتضاغراً للناس، فهو المكروه الذي نهي عنه.

وقيل: هم الذين يؤيسون الناسَ من رحمة الله، ويقولون: هلك الناس، أي استوجبوا النار والخلود فيها بسوء أعمالهم، فإذا قال ذلك، فهم أهلكهم ـ بفتح الكاف ـ أي: أوجب لهم ذلك.

ص: 75

عَثَرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْ عَوْرَةَ الْمُسْلِمِ يَطْلُبِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَطْلُبِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ ولو في جوف بيته"

ونظر بن عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ: مَا أَعْظَمَكَ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكَ، وَلَلْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً منك1 [3:2]

1 إسناده قوي، أوفي بن دلهم روى له الترمذي، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه الترمذي "2032" في البر والصلة: باب ما جاء في تعظيم المؤمن، والبغوي "3526" من طريقين عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن أبي برزة عند أحمد 4/420 ـ 421و 424، وأبي داود "4880"، ابن أبي الدنيا في "الصمت""167"، والبيهقي 10/247، وسنده حسن في الشواهد.

وعن ابن عباس عند الطبراني "11444"، ورجاله ثقات كما قال الهيثمي في "المجمع" 8/94 وعن بريدة بن الحصيب عنده أيضاً "1155" وفيه مجهول. وعن ثوبان عند أحمد 5/279.

وعن البراء عند أبي يعلى "1675" وابن أبي الدنيا في "الصمت""167" ورجاله ثقات كما قال الهيثمي 8/93.

ص: 76

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الْوَقِيعَةِ فِي الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ تَشْمِيرُهُ فِي الطَّاعَاتِ كَثِيرًا

5764ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قال: حدثنا الأعمش، قال:

حدثنا أبو يعلى مَوْلَى جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ

ص: 76

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةً ذَكَرَ مِنْ كَثْرَةِ صلاته، اغَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي بِلِسَانِهَا، قَالَ:"فِي النَّارِ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةً ذَكَرَ من

ذَكَرَ مِنْ قِلَّةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا، وَأَنَّهَا تَصَدَّقَتْ بِأَثْوَارِ أَقِطٍ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا، قال:"هي في الجنة" 1 [65:2]

1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وأخرجه أحمد 2/440، ولبزار "1902" من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/168 ـ 169 وعزاه إليهما، وقال: رجاله ثقات.

قوله: "أثوار أقط" الأثوار جمع ثور: هي القطعة من الأقط، ولأقط بفتح الهمزة وكسر القاف، وقد تسكن القاف للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها ـ لبن جامد مستحجر، قال الأزهري: يتخذ من اللبن المخيض، يطبخ ثم يترك حتى يَمْصُل.

ص: 77

‌بَابُ النَّمِيمَةِ

‌ذِكْرُ نَفْيِ دُخُولِ الْجَنَّةِ عَنِ النَّمَّامِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

5765 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَنْقُلُ الْحَدِيثَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَكُنَّا جُلُوسًا مَعَ حُذَيْفَةَ، فَمَرَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ قِيلَ: هُوَ هَذَا، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ" 1 [109:2]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.

وأخرجه مسلم "105""169" في الإيمان: باب بيان غلظ تحريم النميمة، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضاً "105""169" عن علي بن حجر السعدي، عن جرير، به =

ص: 78

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 5/397و404، والبخاري "6056" في الأدب: باب ما يكره من النميمة، وفي "الأدب المفرد""322"، والترمذي "3569" في البر والصلة: باب ما جاء في النمام، والبيهقي 10/247، والبغوي "3569"، والقضاعي في "مسند الشهاب""876" من طريق سفيان بن عيينة والثوري، كلاهما عن منصور، به.

وأخرجه أحمد 5/382و 389و402، ومسلم "105" "170" وأبو داود "4871" في الأدب: باب في القتات، وابن أبي الدنيا في "الصمت""354" والبيهقي في "السنن" 8/166، وفي "الآداب""137"، والبغوي "3570" من طريق الأعمش، وأحمد 5/392، والطبراني في "الكبير""3021" من طريق الحكم بن عيينة، وفي "الصغير" له "561" من طريق إبراهيم بن المهاجر، ثلاثتهم عن إبراهيم النخعي، به.

وأخرجه المصنف في "روضة العقلاء" ص 176، وأحمد 5/391و396و399و406، ومسلم "105""168"، وابن أبي الدنيا "252" من طريق واصل الأحدب، عن أبي وائل، عن حذيفة.

والقتات: هو النمّام، وهو الذي ينقل الحديث على وجه الإغراء بين المرء وصاحبه.

قال العلماء: وينبغي لمن حملت إليه نميمة أن لا يصدق من نمَّ له، ولا يظن بمن نمَّ عنه ما نقل عنه، ولا يبحث عن تحقيق ما ذكر له، وأن ينهاه، ويقبح له ما فعله، وأن يبغضه إن لم ينزجر، وأن لا يرضي لنفسه ما ينهى النمام عنه، فينم هو عن النمام، فيصير نماماً، وهذا كله إذا لم يكن في الفعل مصلحة شرعية، وإلا في مستحبة أو واجبة، كمن اطلع من شخص أنه يريد أن يؤذي شخصا ظلماً، فحذره منه.

ص: 79

‌باب المدح

‌مدخل

بَابُ الْمَدْحِ

5766 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُكْرَمِ بْنِ خَالِدٍ الْبِرْتِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ

عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَيْلَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ" مِرَارًا، ثُمَّ قَالَ:"إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا ـ وَاللَّهُ حَسِيبُهُ إِنْ كان يعلم ذلك ـ كذا وكذا" 1 [45:3]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن المديني فمن رجال البخاري

وأخرجه أحمد 5/46، ومسلم "3000" "65" في الزهد: باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح، والبيهقي 10/242 من طريق يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/46و 47، والبخاري "2662" في الشهادات: باب إذا زكي رجل رجلاً كفاه، و"6162" في الأدب: باب ما جاء في قول الرجل ويلك وأبو داود "4805" في الأدب: باب في كراهية التمادح، والبيهقي في "الآداب""511" من طرق عن خالد الحذاء، به.=

ص: 80

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ

5767 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ" مِرَارًا، ثُمَّ قَالَ:"إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لَا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا، وَلَا أُزَكِّي عَلَى الله أحدا" 1 [45:3]

=وقوله: "قطعت عنق صاحبك": إنما كره ذلك، لئلا يغتر المقول به، فيستشعر الكبر، وذلك جناية عليه، فيصير كأنه قطع عنقه فأهلكه.

وقوله: "والله حسيبه": يعني أن الله يحاسبه على أعماله، ويعاقبه على ذنوبه إن شاء.

وقالت عائشة، فيما أخرجه عنها عبد الرزاق "20967": فإذا سمعت حسن قول امرئ، فقل: اعملوا، فسيرى الله ورسوله والمؤمنون، ولا يستخفنك أحد.

1إسناده صحيح على شرط الشيخين. شبابة: هو ابن سوار. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة"9/7

وأخرجه مسلم "3000""66"، وابن ماجة "3744" في الأدب: باب المدح، عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/41، والبخاري "6061" في الأدب: باب ما يكره من التمادح، وفي "الأدب المفرد""333"، ومسلم "3000""66"، والبيهقي 10/242، والبغوي "3572" من طرق عن شعبة، به. وانظر ماقبله.

ص: 80

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَدْحَ النَّاسِ الْمَرْءَ عَلَى الطَّاعَةِ وَسُرُورَهُ بِهِ ضَرْبٌ مِنَ الرِّيَاءِ

5768 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ

عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يَعْمَلُ مِنَ الْخَيْرِ يَحْمَدُهُ النَّاسُ؟ قَالَ:"تلك عاجل بشرى المؤمن" 1 [45:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم، أبو عمران: هو عبد الملك بن حبيب الأزدي.

وأخرجه أحمد 5/157 و 168، ومسلم "2642"، في البر والصلة: باب أثني على الصالح فهي بشرى ولا تضره، من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/157 و 168، ومسلم "2642"، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""1197"، وابن ماجة "4225" في الزهد: باب الثناء الحسن، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة""4139" و" 4140" من طريق شعبة، به.

ص: 82

‌ذكر الأمر بترك الاغتراء عِنْدَ الْمَدْحِ إِذَا مُدِحَ الْمَرْءُ بِهِ

5769 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ زَيْدِ بن اسلم، قال:

سمعت بن عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "احْثُوا فِي أَفْوَاهِ الْمَدَّاحِينَ التراب" 2 [81:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم، أبو عمران: هو عبد الملك بن حبيب الأزدي.

وأخرجه أحمد 5/157 و 168، ومسلم "2642"، في البر والصلة: باب أثني على الصالح فهي بشرى ولا تضره، من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/157 و 168، ومسلم "2642"، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""1197"، وابن ماجة "4225" في الزهد: باب الثناء الحسن، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة""4139" و" 4140" من طريق شعبة، به.

2 إسناده صحيح، عبد الله بن أحمد بن ذكوان روى له أبو داود وابن ماجة،=

ص: 82

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَرْكِ اغْتِرَارِ الْمَرْءِ بِمَا يُمْدَحُ بِهِ

5770 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحكم

=وهو صدوق، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/127 من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم، كلاهما عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد، وانظر الحديث الآتي.

وفي الباب عن المقداد بن الأسود عند أحمد 6/5، والبخاري في "الأدب المفرد""339"، ومسلم "3002"، وأبو داود "4804"، والترمذي "2393"، وابن ماجة "3742"، والطبراني 20/"565" و "566"و "570" و 574" و "576" و "577" و "578" و ="579" و "580" و "581" و "582"، وأبو نعيم في "الحلية" 4/377، والبيهقي في "السنن" 10/242، وفي "الآداب" "512"، والبغوي "3573".

وعن أبي هريرة عند الترمذي "2394"

وعن عبد الرحمن بن أزهر عند البزار "2023"

وعن أنس عند البزار "2024".

وانظر "المجمع" 8/117 ـ 118

قال الخطابي: في "معالم السنن" 4/111: المداحون هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة، وجعلوه بضاعة يستأكلون به الممدوح، ويفتنونه، فأما من مدح الرجل على الفعل الحسن والأمر المحمود يكون منه ترغيباً له في أمثاله، وتحريضاَ للناس على الإقتداء به في أشباهه، فليس بمدح، وإن صار مادحاً بما تكلم به من جميل القول فيه.

وقد يتأول أيضاً على وجه آخر، وهو أن يكون معناه الخيبة والحرمان، أي: من تعرض لكم بالثناء والمدح، وهو فلا تعطوه أو تحرموه، كنى بالتراب عن الحرمان، كقولهم: ماله غير تراب، وما في يده غير تراب، كقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا جاءك يطلب ثمن الكلب، فاملأ كفه تراباً"

ص: 83

عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ رَجُلًا مدح رجلا عند بن عمر، فجعل بن عُمَرَ يَرْفَعُ التُّرَابَ نَحْوَهُ، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَيْتُمُ المداحيين، فاحثوا في وجوههم التراب" 1 [95:1]

1 إسناده صحيح، إبراهيم بن الحجاج روى له النسائي، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد 2/94، والبخاري في "الأدب المفرد""340"، والطبراني "13589"، والخطيب 11/107 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله وذكره الهيثمي في "المجمع" 8/117 ونسبه لأحمد والطبراني في معجمه "الكبير" و"الأوسط"، وقال: رجاله رجال الصحيح.

ص: 84

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَمْدَحَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ من الخيرإذا أراد بذلك انتفاع الناس بهوامن الْعُجْبَ عَلَى نَفْسِهِ

5771 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:

سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، وَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا، فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ، وَلَكِنْ عَجِلَ سَرَعَانُ الْقَوْمِ، فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ2 آخِذٌ برأس بغلته البيضاء، وهو يقول:

2 في الأصل: الحرب، وهو تحريف، وأبو سفيان هذا: هو ابن الحارث بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف القرشي الهاشمي ابن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة.=

ص: 84

"انا النبي لا كذب انا عبد المطلب" 1 [22:4]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم تخريجه برقم "4770"

وسرعان القوم: أوائلهم المستبقون إلى الأمر.

ص: 85

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يمدح نفسه ببعضما أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذَا أَرَادَ بِذَلِكَ قَصْدَ الخير بالمستعينله دُونَ إِعْطَاءِ النَّفْسِ شَهَوَاتِهَا مِنْهُ

5772 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى حدثنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ

==كان من الشعراء المطبوعين، وكان في جاهليته يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، ويهجوه، وإياه عارض حسان بن ثابت بقصيدته التي مطلعها:

عفت ذات الإصابع فالجواءُ

إلى عذراء منزلها خلاء

وفيها يقول:

ألا بلغ أبا سفيان عنَّي

مغلغلة فقد برح الخفاء

بأن سيوفنا تركتك عبدا

وعبد الدار سادتها الإماء

هجوت محمداً فأجبت عنه

وعند الله في ذاك الجزاء

أتهجوا ولست له بكفءٍ

فشركما لخيركما الفداء

ثم إنه أسلم يوم فتح مكة، وحسن إسلامه، ويقال: إنه لم يرفع رأسه إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم حياء منه، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً، فأبلى بلاء حسناً، ولم تفارق يده بغلة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى انصرف الناس إليه، وكان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عليه السلام يحبه، ويقول:" أرجوا أن تكون. خلفاً من حمزة" توفي سنة عشرين، ويروى أنه لما حضرته الوفاة قال: لا تبكوا علي، فإني لم أنتطف "لم أتلطخ" بخطيئة منذ أسلمت "أسد الغابة" 6/144 ـ 147

ص: 85

أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتِ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، وَخُطِفَ رِدَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"أَعْطُونِي رِدَائِي، لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا، لَقَسَمْتُهَا بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي كَذَّابًا وَلَا جَبَانًا" 1 [47:5]

1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. وقد تقدم تخريجه برقم "4820" وقوله: "علقت"، أي: طفق الأعرب، وهو من أفعال الشرع، قال الراجز:

علقَ حوضي نغر مكب

إذا غفلت غفلة يعبُّ

والسمرة: شجرة من العضاه، وليس في أجود خشباً منه،

العضاة: كل شجر عظيم له شوك.

ص: 86

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنْ قَبُولِ الْعُذْرِ وَالْقِيَامِ عِنْدَ الْمَدْحِ بِحَيْثُ يُوجِبُ الْحَقُّ ذلك

5773 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ كَاتَبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ

عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ عَنْهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ

ص: 86

بَعَثَ اللَّهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخَصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذلك وعد الله الجنة" 1

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه مسلم "1499" في اللعان، عن عبيد الله بن عمرو القواريري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/248، والبخاري "6846" في الحدود: باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله، و"7416" في التوحيد: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا شخص أغير من الله"، ومسلم "1499"، والطبراني 20/"921"، والبيهقي في "الأسماء والصفاة" 2/12 من طرق عن أبي عوانة، به.

وأخرجه الدارمي 2/149، ومسلم "1499"، والطبراني 20/"922" من طريق زائدة وعبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الملك بن عمير، به.

وأخرجه الطبراني "5394" من طريق عبد الرحمن بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة، عن أبيه، عن جده، قال: قال سعد بن عبادة

وأخرجه مالك في "الموطأ" 4/737و 823، وأحمد 2/465، ومسلم "1498" وأبو داود "4532" و "4533" من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال قال سعد بن عبادة: يارسول الله..

فذكره بنحوه.

وقوله: "غير مصفح" هو بكسر الفاء وسكون الصاد المهملة، وروي أيضاً بفتح الفاء، فمن فتح جعله وصفاً للسيف وحالاً منه، ومن كسر جعله وصفاً للضارب وحالاً منه، أي: غير ضارب لصفح السيف ـ وهو جانبه ـ بل أضربه بحدِّه

قال القرطبي، فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 13/400: ذكر المدح مقرونا بالغيرة والعذر تنبيهاً لسعد على أن لا يعمل بمقضى غيرته، =

ص: 87

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=ولا يعجل، بل يتأني ويترفق ويتثبت حتى يحصل على وجه الصواب، فينال كما الثناء، والمدح والثواب لإيثاره الحق، وقمع نفسه، وغلبتها عند هيجانها، وهو نحو قوله:"الشديد من يملك نفسه عند الغضب"

وقوله: "لا شخص

" قال الإسماعيلى: ليس في قوله: "لا شخص أغير من الله" إثبات أن الله شخص، بل هو كما جاء: "ما خلق الله أعظم من آية الكرسي"، فإنه ليس فيه إثبات أن آية الكرسي مخلوقة، بل المراد أنها أعظم المخلوقات، وهو يقول: وهو كما يقول من يصف امرأة كاملة الفضل، حسنة الخلق: ما في الناس رجل يشبهها، يريد تفضيلها على الرجال، لا أنها رجل.

وقال ابن بطال: اختلف ألفاظ هذا الحديث، فلم يختلف في حديث ابن مسعود أنه بلفظ:"لا أحد"، فظهر أن لفظ "الشخص" جاء موضع "أحد"، فكأنه من تصرف الراوي، ثم قال: على أنه من باب المستثنى من غير جنسه، كقوله تعالى:{وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ} ، وليس الظن من نوع العلم.

قال الحافظ: وهذا هو المعتمد، وقد قرره ابن فورك، ومنه أخذه ابن بطال، فقال بعدما تقدم من التمثيل بقوله:{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} : فالتقدير: أن الأشخاص الموصوفة بالغيرة لاتبلغ غيرتها ـ وإن تناهت ـ غيرة الله تعالى وإن لم يكن شخصاً بوجه.

ص: 88

‌بَابُ التَّفَاخُرِ

‌ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ الْفَخْرِ عَلَى أَهْلِ الْوَبَرِ مَعَ إِطْلَاقِ السَّكِينَةِ عَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ

5774 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان يَمَانٍ وَالْكُفْرُ قِبَلَ الْمَشْرِقِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الغنم، والفخر والرياء في الفدادين أهل الخير وَالْوَبَرِ، يَأْتِي الْمَسِيحُ حَتَّى إِذَا جَاوَزَ أُحُدًا صَرَفَتِ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ قِبَلَ الشَّامِ، وَهُنَالِكَ يَهْلِكُ" 1 [27:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب

وأخرج له الترمذي "2243" في الفتن: باب ما جاء في الدجال لا يدخل المدينة، عن قتيبة، عن عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد، وقال هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه دون قوله: "يأتي المسيح

" أحمد 2/372و407 ـ 408و457و 484، ومسلم "52" "86" في الإيمان: باب تفاضل أهل الإيمان فيه. وبن أبي منده في "الإيمان" 428" من طرق عن العلاء، به.

وأخرجه أحمد 2/502، والبخاري "3499" في المناقب: باب قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} ، ومسلم "52""87" و "88"، والترمذي "3935" في المناقب: باب في فضل اليمن، والبغوي =

ص: 89

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "4001" من طريق أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هريرة.

وأخرجه مسلم "52""89" وابن منده "433" من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/270 من طريق أبي سلمة اوسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

وأخرجه ابن منده "431"و"432" من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/380 من طريق ثابت بن الحارث، و258 من طريق همام بن منبه، و425 ـ 426 من طريق أبي مصعب، والبخاري "4389" في المغازي: باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن، وابن منده "429" من طريق أبي الغيث، والطيالسي "2503" من طريق مطير، خمستهم عن أبي هريرة.

وأخرجه مالك 2/970 في الإستئذان: باب ما جاء في أمر الغنم، ومن طريق البخاري "3310" في بدء الخلق: باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومسلم "52""85" عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رأس الكفر نحو المشرق والفخر والخيلاء في أهل الإبل، والفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم" وانظر "7253" و"7255" و"7256"

قوله: "الكفر قبل المشرق"، لفظ "الموطأ": رأس الكفر نحو المشرق": قال الحافظ في "الفتح" 6/352: وفي ذلك إشارة إلى شدة كفر المجوس، لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة، وكانوا في غاية القسوة والتكبر والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم واستمرت الفتن من قبل المشرق.

وقال بعضهم: المرد كفر النعمة، لأن أكثر فتن الإسلام ظهرت من جهة المشرق كفتنة الجمل وصفين والنهروان، وقتل الحسين، وقتل مصعب بن الزبير، وفتنة الجماجم، وإثارة الفتن، وإراقة الدماء كفران نعمة الإسلام. =

ص: 90

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ افْتِخَارِ الْمَرْءِ بِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنْ كَانُوا لَهُ أَقْرَبَ الْقَرَابَةِ

5775 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عن أيوب عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَفْتَخِرُوا بِآبَائِكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَّا يُدَهْدِهُ الْجُعَلُ بِمَنْخِرَيْهِ خَيْرٌ مِنْ آبَائِكُمُ الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ" 1 [108:2]

=ويحتمل أن يريد كفر الجحود، ويكون إشارة إلى وقعة التتار التى اتفق على أنه لم يقع لها نظير في الإسلام، وخروج الدجال، ففي خبر أنه يخرج من المشرق، وقال ابن العربي: إنما ذم المشرق، لأنه كان مأوى الكفر في ذلك الزمن ومحل الفتن، ثم عمَّه الإيمان.

والفخر: هو ادعاء العظمة والكبر والشرف.

والفدادون: جمع فدَّاد: وهو من يعلو صوته في إبله وخيله وحرثه.

وأهل الوبر: هم أهل البادية، والعرب تعبر عن أهل الحضر بأهل المدر، وعن أهل البادية بأهل الوبر. قال الخطابي: إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه من دينهم، وذلك يفضي إلى قساوة القلب.

والسكينة: تطلق على الطمأنينة والسكون والوقار والتواضع.

1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وأيوب: هو ابن يميمة السخستاني. وهو في "مسند الطيالسي""2682"، ومن طريقه أخرجه أحمد 1/301

وأخرجه الطبراني في "الكبرى""11862" من طريق حجاج بن نصير، عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. =

ص: 91

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ افْتِخَارَ الْمَرْءِ بِالْكَرْمِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِالدِّينِ لَا بِالدُّنْيَا

5776 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "الكريم بن الكريم بن الكريم بن الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إبراهيم صلوات الله عليهم" 1 [4:3]

=وأخرجه أيضاً "11861" من طريق الحسن بن أبي جعفر، عن أيوب، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/85 وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، ورجال أحمد رجال الصحيح. وقوله:"لما يدهدهه الجعل" الجعل: دويبة معروفة كالخنفساء، وما يدهدهه الجعل: هو ما يجمعه الجعل من الخراء، وهو ما يدحرجه من السرجين "الزبل"

1 إسناده حسن، محمد بن عمرو ـ وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ ـ روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي رجاله على شرط "الصحيح أبو نصر التمار: هو عبد الملك بن عبد العزيز القشيري.

وأخرجه أحمد 2/416 عن عفان، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/332، والترمذي "3116" في تفسير سورة يوسف، من طرق عن محمد بن عمرو، به.

وأخرج أحمد 2/431، والبخاري "3353" في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} ، و"3374": باب قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} ، و "3490" في المناقب: باب قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ

ص: 92

‌باب الشعر والسجع

‌مدخل

بَابُ الشِّعْرِ وَالسَّجْعِ

5777 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شعرا" 1 [39:3]

= إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} ، و "4689" في التفسير: باب {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} ، ومسلم "2378" في الفضائل: باب فضائل يوسف عليه السلام، من طريق عبد اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ "وفي بعض الروايات لم يقل "عن أبيه" " عن أبي هريرة قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أكرم؟ قال: "أكرمهم عند الله أتقاهم"، قالوا: ليسعن هذا نسألك، قال "فأكرمهم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله"،

وفي الباب عن ابن عمر باللفظ الأول عند أحمد 2/96، والبخاري "3390" و "4688"، والخطيب في "تاريخه" 3/426، والبغوي "3547".

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخيين غير مسدد بن مسرهد، فمن رجال البخاري. أبو معاوية: وهو محمد بن خازم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/719 ـ 720، ومسلم "2257" في الشعر، وابن أبي ماجة "3759" في الأدب: باب ما يكره من الشعر، والمقدسي في =

"أحاديث الشعر""32" من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/719 ـ 720، وأحمد 2/288 و355 و391 و478 و480، والبخاري "6155" في الأدب: باب ما يكره أن يكون الغالب في الإنسان الشعر حتي يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن، وفي "الأدب المفرد""860"، ومسلم "2257"، والترمذي "2851" في الأدب: باب ما جاء: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير من أن يمتلئ شعراً"، وابن ماجة "3759"، والبيهقي 10/244، والبغوي "3413"، والمقدسي في==

ص: 93

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عُمُومَ هَذَا الْخَطَّابِ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ أُرِيدَ بِهِ بَعْضُ ذَلِكَ الْعُمُومِ لَا الْكُلُّ

5778 ـ أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ عِيسَى بْنِ السُّكَيْنِ بِبَلَدٍ الْمَوْصِلِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حرب الطائي، حدثنا بن إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِمَاكٍ،

عَنْ عِكْرِمَةَ عن بن عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ان من الشعر حكمة" 1 [39:3]

== "أحاديث الشعر""32" من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في الجعديات" "3106"، والطحاوي 4/295، وأحمد 2/331،وابن عدي في "الكامل" 5/1894 و6/2132 من طرق عن أبي صالح، به

وأخرجه ابن عدي 6/2091 من طريق الحسن، عن أبي هريرة. وسيأتي الحديث برقم "5749"

قوله: "يريه": من الورى، وهو داء يفسد الجوف، ومعناه قيحاً يأكل جوفه ويفسده.

قال الحافظ في "الفتح" 10/550: مناسبة هذه المبالغة في ذم الشعر أن الذين خوطبوا بذلك كانوا في غاية الإقبال عليه، والإشتغال به، فزجرهم عنه ليقبلوا على القرآن وعلى ذكر الله تعالى وعبادته، فمن أخذ من ذلك ما أمر به لم يضره ما بقي عنده مما سوى ذلك.

1 حديث صحيح، سماك في روايته عن عكرمة اضطراب، وباقي رجاله ثقات =

ص: 94

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الْمَرْءِ الشَّعْرُ حَتَّى يَقْطَعَهُ عَنِ الْفَرَائِضِ وَبَعْضِ النَّوَافِلِ

5779 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ذَكْوَانَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لِأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا" 1 [62:2]

=رجال الصحيح غير علي بن حرب الطائي، فقد روى له النسائي وهو صدوق.

ابن إدريس: هو عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي.

وأخرجه أحمد 1/296و 272و 303و 309و 313و 327و 332، وابن أبي شيبة 8/691 ـ 692، والترمذي "2845" في الأدب: باب ما جاء إن من الشعر حكمة، وابن ماجة "3756" في الأدب: باب الشعر، وأبو داود "5011" في الأدب: باب ما جاء في الشعر، وأبو يعلى "2332" و "2581"، والطبراني "11758"و "11759"و"11760"و "11761"و"11762"و "11763"، والطحاوي 4/299، وأبو الشيخ في "الأمثال""6" و"7"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/355، والبيهقي 10/237، والمقدسي في "أحاديث الشعر""13" من طرق عن سماك، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن أبي بن كعب عند بن أبي شيبة 8/691، وأحمد 5/125، وابنه في زوائد "المسند" 5/126، والشافعي 2/188، والدارمي 2/296 ـ 297، وعبد الرزاق "20499"، والطيالسي "556"و "557"، والبخاري في "صحيحه""6145"، وفي "الأدب المفرد""858"و "864"، وأبي داود "5010"، وابن ماحه "3755"، والبيهقي 10/237، والمقدسي "12".

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. سليمان: هو ابن مهران الأعمش =

ص: 95

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الاشعار

بكليتها لا يحب أَنْ يُشْتَغَلَ بِهَا

5780 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصيرفي بالبصرة أبو الطيب، قال: حدثنا بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سماك، عن عكرمة

عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ بَيِّنٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مِنَ البيان سحرا، وان من الشعر حكما" 1 [53:3]

=وأخرجه أحمد 2/480 عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات""759"، وأبو داود "5009" في الأدب: باب ما جاء في الشعر، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/295، وأبو نعيم في "الحلية" 5/60، والبغوي في "شرح السنة""3412"، وفي "تفسيره" 3/403 من طرق عن شعبة، به. وانظر الحديث "5777".

رجال الصحيح، إلا أن في رواية سماك عن عكرمة اصطراباً. ابن الشوارب: هومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه الطيالسي "2670"، وأحمد 1/303و 309و 327، وأبو داود "5011" في الأدب: باب ما جاء في الشعر، والترمذي "2845" في الأدب: باب ما جاء في الشعر، والترمذي "2845" في الأدب: باب ما جاء إن من الشعر حكمة، وأبو يعلى "2332" و "2581" والطبراني "11785"، وأبو الشيخ في "الأمثال""6" من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وانظر الحديث "5778".

ص: 96

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُنْشِدَ الْأَشْعَارَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا خَنًا وَلَا فُحْشٌ

5781 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ

ص: 96

حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: جَالَسْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ، فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ، وَيَتَذَاكَرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ سَاكِتٌ، وَرُبَّمَا تَبَسَّمَ مَعَهُمْ صلى الله عليه وسلم 1. [50:4]

1 حديث صحيح، شريك وإن كان سيء الحفظ، متابع، وباقي رجاله من رجال الصحيح.

وأخرجه الترمذي "2850" في الأدب: باب ما جاء في إنشاد الشعر، وفي "الشمائل""246"، ومن طريقه أخرجه البغوي "3411" عن علي ن حجر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "771"، وابن أبي شيبة 8/712 ـ 713، وأحمد 5/105، والطبراني "1948"و 1950"و "1953"، والبيهقي 10/240،والمقدسي في "أحاديث الشعر" "17" من طريق شريك، به.

وأخرجه الطيالسي "771"، ومسلم "670" "670" "286" في المساجد: باب فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح وفضل المسجد، و"2322" في الفضائل: باب تبسمه صلى الله عليه وسلم وحسن عشرته،

وأبو داود "1294" في الصلاة: باب صلاة الضحى، والنسائي 3/80 ـ 81 في السهو: باب قعود الإمام في مصلاه بعد التسليم، وفي "عمل اليوم والليلة""170"،وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""2159" و "2755"، والطبراني "1933" و "1990" و "1999"، والبيهقي 10/240، والمقدسي في "أحاديث الشعر""18" من طرق عن سماك بن حرب، به.

ص: 97

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِنْشَادِ الْمَرْءِ الشِّعْرَ الَّذِي لَا يكون فيه هجاء مسلم ولا ماله يُوجِبُهُ الدَّيْنُ

5782 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ

ص: 97

مُسَرْهَدٍ عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ،

عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ، فَقَالَ:" هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ" فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:"هِيهِ" فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا" فَقَالَ: "هِيهِ" ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: "هِيهِ" وَأُنْشِدُهُ حَتَّى أَتْمَمْتُ مِائَةَ بيت1 [1:4]

1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. سفيان: هو ابن عيينة.

أخرجه الحميدي "809"، وابن أبي شيبة 8/692، وأحمد 4/390، مسلم "2255" في الشعر، والنسائي في "اليوم""998"، والطبراني "7238"، والبيهقي 10/226 ـ 227، والمقدسي في "أحاديث الشعر""14" من طريق سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه: الطبراني "7238" من طريق روح بن القاسم، عن إبراهيم، به.

وأحرجه الطيالسي "1271"، وابن أبي شيبة 8/692، وأحمد 4/388 و389 والبخاري في "الأدب المفرد""869"، ومسلم "2255"، والترمذي في "الشمائل""248"، وابن أبي ماجة "3758" في الأدب: باب الشعر، والطحاوي 4/300، والطبراني "7237"، والبيهقي 10/227،والبغوي "3400"، والمقدسي "15" من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عمرو بن الشريد، به.

قوله" هيه": كلمة للاستزادة من الحديث المعهود، فإن أردت الإستزادة من غير معهود نوِّنت.

وقال البغوي: قوله "هيه": يروي إيه، أي: زد، كلمة استزادة، يروى أنه قيل لعبد الله بن الزبير: يا ابن ذات النطاقين، فقال: إيهِ، أي: زدني من هذه النقيبة، ويروى "إيهاً" بالنصب، وهي كلمة تصديق، يقول: صدقت.

ص: 98

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ جَوَازِ إِنْشَادِ الْمَرْءِ الْأَشْعَارَ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى سُلُوكِ الْآخِرَةِ

5783 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الرَّيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَشْعَرُ كلمة تكلمت بها العرب لَبِيدٍ:

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ باطل" 1 [62:3]

1 حديث صحيح، شريك وإن كان سيئ الحفظ، قد توبع، وباقي رجاله من رجال الشيخين.

وأخرجه مسلم "2256""2" في الشعر، والترمذي "2849" في الأدب: باب ما جاء في إنشاد الشعر، وفي "الشمائل""247" عن علي بن حجر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/391و444و480 ـ 481، ومسلم "2256""2" من طريق شريك بن عبد الله النخعي، به.

وأخرجه أحمد 2/248، والبخاري "6489" في الرقاق: باب الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك، مسلم "2256"، وابن ماجة "3757" في الأدب: باب الشعر، والبيقي 10/237، وأبو يعيم في "الحلية" 7/201، والمقدسي في "أحاديث الشعر""1" من طرق عن عبد الملك بن عمير، به،

وأخرجه ابن شيبة 8/694 ـ 695، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/269 ـ 270 من طريق زائدة بن قدامة، عن عبد الملك بن عمير، عن موسي بن طلحة، عن أبي هريرة.

ص: 99

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم "أَشْعَرُ كَلِمَةٍ" أَرَادَ بِهِ أَشْعَرَ بَيْتٍ

5784 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَشْعَرُ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ:

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ" 1 [62:3]

1 إسناده صحيح على الشرط الشيخيين. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، والملائي: هو أبو نعيم الفضل بن دكين، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه أحمد 2/393، وابن أبي شيبة 8/695، والبخاري "3841" في مناقب الأنصار: باب أيام الجاهلية، من طريق أبي نعيم الملائي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/470، والبخاري "6147" في الأدب: باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه، ومسلم "2256""3" في الشعر، والترمذي في "الشمائل""242"، والبغوي "3399 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، به. وانظر ما قبله.

وأمية بن أبي الصلت: شاعر جاهلي حكيم من أهل الطائف، قال الزبير بن بكار: حدثني عمي، قال: كان أمية في الجاهلية نظر الكتب وقرأها، ولبس المسوح، وتعبد أولاً بذكر إبراهيم وإسماعيل والحنيفية، وحرم الخمر وتجنب الأوثان، وطمع في النبوة، لأنه قرأ في الكتب أن نبياً =

ص: 100

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=يبعث في الحجاز، فرجا أن يكون هو، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم، حسده فلم يسلم.

قلت: ولم يختلف أصحاب الأخبار أنه مات كافراً، وصح أنه عاش حتى رثى أهل بدر، وروى ابن مردويه بإسناد قوي فيما قاله الحافظ في "الفتح"7/154 عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال في قوله تعالى:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} قال: نزلت في أمية بن أبي الصلت، وري من أوجه أخرى أنها نزلت في بلعام الإسرائلي وهو المشهور.

وروى الطبراني في "الكبير""7262"، ونقله عنه صاحب "المجمع" 8231 ـ 232 عن أبي سفيان، عن أمية بن أبي الصلت كان معه بغزة ـ أو قال: بإيلياء ـ فلما قفلنا قال: يا أبا سفيان، إيهٍ عن عتبة بي ربيعة، قلت: إيهٍ عن عتبة بن ربيعة، قال: كريم الطرفين، ويجتنب المظالم والمحارم، قلت: نعم، قال: وشريف مسن، قال السن والشرف أزريا به، فقلت له: كذبت، ماازداد شرفاً، قال: يا أبا سفيان، إنها لكلمة ما سمعتها من أحد يقولها لي منذ ينصرت، لا تعجل عليّ حتى أخبرك، قلت: هات، قال: أني كنت أجد في كتبي نبياً يبعث من حرمنا، فكنت أظن، بل كنت لا أشك أني هو، فلما دارست أهل العلم إذا هو من بني عبد مناف، فنظرت في بني عبد مناف، فلم أجد أحداً يصلح لهذا الأمر غير عتبة بن ربيعة، فلما أخبرني بنسبه عرفت أنه ليس به حين جاوز الأربعين ولم يوح إليه.

قال أبو سفيان: فضرب الدهر ضرباته، وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجة في ركب من قريش أريد اليمن في تجارة، فمررت بأمية بن أبي الصلت، فقلت له كالمستهزئ به: يا أمية، قد خرج النبي الذي كنت تنتظر، قال: أما إنه حق فاتبعه، قلت: مايمنعك من اتباعه؟ قال: الاستحياء من نسيّات ثقيف، إني كنت أحدثهم أني هو، ثم يروني تابعاً لغلام من بني عبد مناف، ثم قال أمية: كأني بك يا أبا سفيان إن خالفته قد ربطت كما يربط الجدي حتى يؤتى بك إليه، فيكم فيك ما يريد. وفيه مجاشع بن عمرو =

ص: 101

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هِجَاءَ الْمَرْءِ الْقَبِيلَةَ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرْيَةِ

5785 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أن أَعْظَمَ النَّاسِ فِرْيَةً اثْنَانِ: شَاعِرٌ يَهْجُو الْقَبِيلَةَ بأسرها، ورجل انتفى من أبيه" 1 [63:2]

=وهو، ضعيف، وانظر "دلائل النبوة" 2/116 ـ 117 وانظر كذالك "الإصابة" 1/134 رقم الترجمة "552"، وتهذيب ابن عساكر" 2/118 ـ 131.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. جرير: هو ابن عبد الحميد، وعمرو بن مرة: هو ابن قتادة الليثي.

وأخرجه ابن ماجة "3761" في الأدب: باب ما كره من الشعر، والبيهقي 10/241 من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وقال البصيري في "مصباح الزجاج" ورقة233/2: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.

ص: 102

أُنْزِلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بيده، لكأنما ترمونهم نضح النبل" 1 [65:3]

1 حديث صحيح، ابن أبي السري ـ وهو محمد بن المتوكل ـ وإن كانت له أوهام، قد توبع، ومن فوقه

على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق""20500"

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 6/387، والطبراني 19/"151"، والبيهقي 10/239، والبغوي في "شرح السنة""3409"، وفي التفسير" 3/403.وقد تقدم برقم "4687". والنضح: هو الرومي.

ص: 103

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِبَاحَةِ هِجَاءِ الْمُسْلِمِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا لَمْ يَطْمَعْ فِي إِسْلَامِهِمْ أَوْ طَمِعَ فِيهِ

5787 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فَكَيْفَ بِنِسْبَتِي؟ فَقَالَ: حَسَّانُ: لَأَسُلَّنَّكَ منهم كسل الشعرة من العجين" 2 [65:3]

2 إسناده صحيح، هارون بن إسحاق روى له أصحاب السُّنن، ومن فوقه من رجال الشيخين.

وأخرجه البخاري "3531" في المناقب: باب من أحب أن لا يسبُ نسبه، و"4145" في المغازي: باب حديث الإفك، و"6150" في الأدب: باب هجاء المشركين، وفي "الأدب المفرد" 862، ومسلم "2489" في فضائل الصحابة: باب فضائل حسان بن ثابت، والطحاوي 4/297، والحاكم 3/487 ـ 488 من طرق عن عبدة بن سليمان، بهذا الإسناد.=

ص: 103

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَحْرِيضِ1 الْمُشْرِكِينَ بِالشِّعْرِ الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِمْ إِنْشَادُهُ

5788 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ أَخُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ: قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٍ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ، قَامَ أَهْلُ مَكَّةَ سِمَاطَيْنِ، قَالَ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَمْشِي وَيَقُولُ:

خلو بني الكفار عن سبيله

اليوم نضر بكم على تنزيله

ضربا يزل الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ

وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ

يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ

فَقَالَ لَهُ عمر: يا بن رَوَاحَةَ، أَتَقُولُ الشِّعْرَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"مَهْ يَا عُمَرُ، لَهَذَا أَشَدُّ عليهم من وقع النبل" 2 [50:4]

=وأخرجه مسلم "2489"، والبيهقي 10/238 من طريق ابن يحيى بن زكريا، وابن أبي شيبة 8/696 من طريق ابن نمير، كلاهما عن هشام، به

1 في هامش الأصل: تعريض.

2 حديث صحيح، عبد الله بن أبي بفكر المقدمي، وإن كان ضعيفاً قد توبع عليه، ومن فوقه من رجال الصحيح. وهو في "مسند أبي يعلى""4494".

وأخرجه الترمذي "2847" في الأدب: باب ما جاء في إنشاد الشعر، وفي "الشمائل""245"، والنسائي 5/202 في مناسك الحج: باب إنشاد =

ص: 104

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْجَعَ فِي كَلَامِهِ

5789 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ

عَنِ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا

عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا

فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

لَا عَيْشَ الا عيش الآخرة

فاكرم الأنصار والمهاجرة1

22 -

=الشعر في الحرم والمشي بين الإمام، و5/211 ـ 212: باب إستقبال. الحج، وأبو يعلى "344"، والبغوي "3440" من طريق عبد الرزاق، والبيهقي 10/228 من قطن بننسير، وأبو نعيم في "الحلية" 6/292 من طريق يحيى بن عبد الحميد، ثلاثتهم عن جعفر بن سليمان بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وانظر الحديث المتقدم برقم "4521"

قوله: "يزيل الهام عن مقيله" أي: يزيل الرأس عن موضعه، و "قيله" أي: قوله، والسماطان: الجانبان.

1 إسناده صحيح على البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن الجعد، فمن رجال البخاري، وهو في "مسند علي بن الجعد""1507"، ومن طريقه أخرجه أبو محمد البغوي في "شرح السنة""3969".

وأخرجه أحمد 3/170، والبخاري "2961" في الجهاد: باب البيعة في الحرب أن لا يفروا، و"3791" في مناقب الأنصار: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: =

ص: 105

‌بَابُ الْمِزَاحِ وَالضَّحِكِ

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَمْزَحَ مَعَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِمَا لَا يُحَرِّمُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ

5790 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ البناني

="أصلح الأنصار والمهاجرة"، من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/187 و 205 و216، والبخاري "2834" في الجهاد: باب التحريض على القتال، و"4099" في المغازي: باب غزوة الخندق، و"7021" في الأحكام: باب كيف يبايع الإمام الناس، من طرق عن حميد، به.

وأخرجه البخاري "2835" في الجهاد: باب حفر الخندق، و"4100"، والبيهقي 9/39 من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/172، والبخاري "3759"، و"6413" في الرقاق: باب ما جاء في الرقاق، ومسلم "1805""127" من طريق معاوية بن قرة، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/172، ومسلم "1805""128"، والترمذي "3857" في المناقب: باب في مناقب أبي موسي الأشعري، من طريق قتادة، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/252و288، ومسلم "1805""130" من طريق ثابت، عن أنس.

ص: 106

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يُقَالُ: لَهُ زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ1 كَانَ يُهْدِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْهَدِيَّةَ فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أن زاهر بَادِينَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ" قَالَ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَالرَّجُلُ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ" فَقَالَ زَاهِرٌ: تَجِدُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ كَاسِدًا، قَالَ:"لَكِنَّكَ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ"، أَوْ قَالَ: صلى الله عليه وسلم: "بَلْ أَنْتَ عِنْدَ الله غال" 3

1 حرام، بالفتح والراء، ويقال: بالكسر والزاي: حزام، ووقع في رواية عبد الرزاق بالشك. كذا قال الحافظ في "الإصابة" 1/523، وكذا جاء في رواية عبد الرزاق عند البزار بالشك.

2 في الأصل: "ويجهزه إذا أراد"، والمثبت من "مصنف عبد الرزاق"، ومصادر التخريج.

3 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق""19688".

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 3/161،والترمذي في "الشمائل""239"، وأبو يعلى "3456"، والبزار، "2735"، والبيهقي 6/169 و10/248، رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح، وصححه الحافظ في "الإصابة" 1/533

وأخرجه البزار "2734"، والطبراني "5310" من طريقين عن شاذ بن فياض، عن رافع بن سلمة، عن أبيه، عن سالم، عن رجل من أشجع يقال =

ص: 107

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْمِزَاحِ لِمَنْ وَثِقَ بِدِينِهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بَشِعًا فِي الذِّكْرِ

5791 ـ أَخْبَرَنَا بن قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَأَى نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، جَارِيَةً يَتِيمَةً عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَقَدْ شِبْتِ لَا أَشَبَّ اللَّهُ قَرْنَكِ" فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ دَعَوْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى يَتِيمَتِي أَنْ لَا يُشِبَّ اللَّهُ قَرْنَهَا، فَوَاللَّهِ لَا تَشِبُّ أَبَدًا، فقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَوَ مَا عَلِمْتِ أَنِّي اتَّخَذْتُ عِنْدَ رَبِّي عَهْدًا أَيُّمَا أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي دَعَوْتُ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا أَوْ قُرْبَةً يُقَرِّبُهُ1 بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 2 [22:4]

=له زاهر بن حرام الأشجعي، كان رجلاً بدوياً يأتي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ إلا بطرفة أو هدية. فذكره. قال الهيثمي في "المجمع" 9/369: رواه البزار والطبراني ورجاله موثقون.

1 في الأصل: يقرنه، والمثبت من "مسلم"

2 إسناده حسن، مؤمل بن إهاب روى له أبو داود والنسائي وهو صدوق له أوهام، ومن فوقه من رجال الشيخين غير عكرمة بن عمار، فمن رجال مسلم وهوصدوق. النضر بن محمد: هو ابن موسى الجرشي.

وأخرجه مسلم "2603" في البر والصلة: باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه، من طريقين عن عمر بن يونس، عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد. مطولا.

وللقسم ألأخير منه شواهد عن أبي هريرة عند أحمد 2/316 ـ 317 =

ص: 108

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقِلَّةِ الضَّحِكِ وَكَثْرَةِ الْبُكَاءِ

5792] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ، وَمُوسَى بْنِ أَنَسٍ

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كثيرا" 1 [83:1]

=و390و449و488و3/33، والدارمي 2/312 ـ 313، والبخاري "6361"، ومسلم "2601"، وعن سليمان عند أحمد 5/437، وأبي داود "4659"، والطبراني في "الكبير""6156" و "6157"، وعن جابر عند مسلم "2602"، والدارمي 2/313، وعن عائشة عند مسلم "2600"، وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/33.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي بكر بن خلاد ـ وهو محمد بن خلاد ـ فمن رجال مسلم.

وأخرجه الطيالسي "2071"، وأحمد 3/210 و268، والدارمي 2/304، والبخاري "4621" في تفسير سورة المائدة: باب قوله تعالى {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ،و"6486" في الرقائق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم

"، ومسلم "2359" "134" في الفضائل: باب توقيره صلى الله عليه، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1430" و"1431" من طرق عن شعبة، عن موسى بن أنس، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/194 و251 و268، والدارمي 2/304، وابن ماجة "4191" في الزهد: باب الحزن والبكاء، من طريق همام، عن قتادة، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/102 و12ب6و154و217و245و290، ومسلم "426" في الصلاة: باب تحريم سبق الإمام بركوع أوسجود ونحوهما، من طريق المختار بن فلفل، عن أنس.=

ص: 109

ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ إِفْرَاطِ الْمَرْءِ فِي الضَّحِكِ، إِذْ كَثْرَتُهُ لَا تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ

5793 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لو تعملون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا" 1 [55:2]

=وأخرجه أحمد 3/180 من طريق أبي طلحة الأسدي، عن أنس.

والمرد بالعلم هنا: ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصه، والأهول التي تقع عند النزاع والموت، وفي القبر، ويوم القيامة، ومناسبة كثرة البكاء، وقلة الضحك في هذا المقام واضحة، والمراد به التخويف.

وقال الحسن البصري: من علم أن الموت مورده، والقيامة موعده، والوقوف بين يدي الله تعالى مشهده، فحقه أن يطول في الدنيا حزنه.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يوسف بن سعيد، فقد روى له النسائي، وهو ثقة. عُقيل: هو ابن خالد بن عقيل. وقد تقدم تخريجه برقم "113""358" و "662".

ص: 110

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ ضَحِكِ الْمَرْءِ عِنْدَ خُرُوجِ الصَّوْتِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ

5794 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي خطبته

ص: 110

وَهُوَ يَذْكُرُ النَّاقَةَ، وَمَنْ عَقَرَهَا ـ فَقَالَ:{إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} (الشمس:12) انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَارِمٌ عَزِيزٌ مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ:"أَلَا لِمَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا فِي آخِرِ يَوْمِهِ" ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي الضَّحِكِ مِنَ الضَّرْطَةِ، فَقَالَ:"أَلَا لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يفعل" 1 [62:2]

1 إسناده حسن، يعقوب بن حميد صدوق ربما وهم وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. ابن أبي حازم: هو عبد العزيز.

وأخرجه أحمد 4/17، والدارمي 2/147، والبخاري "3377" في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً} ،و "4942" في تفسير سورة الشمس، و"5204" في المكاح: باب ما يكره من ضرت النساء، و"6042" في الأدب: باب قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ} ، ومسلم "2855" في الجنة وصفة نعيمها: باب النار يدخلها الجبارون، والترمذي "3343" في التفسير: باب ومن سورة الشمس، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 4/335، وابن ماجة "1983" في النكاح: باب ضرب النساء والطبراني في "جامع البيان" من طرق عن هشام، بهذا الإسناد، مطولا ومختصراً، وانظر الحديث رقم "4190"

ص: 111

‌فَصْلٌ

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ لُزُومُ الْبَيَانِ فِي كَلَامِهِ

5795 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا، أَوْ إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ سِحْرٌ" 1 [52:3]

1 في الأصل: سحراً، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 155. وإسناد الحديث صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/986 في الكلام: باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله.

ومن طريقه أخرجه أحمد 2/16و62، والبخاري "5767" في الطب: باب إن من البيان سحراً، وأبو داود "5007" في الأدب: باب ما جاء في المتشدق في الكلام، والبغوي "3393".

وأخرجه أحمد 2/59، والبخاري "5146" في النكاح: باب الخطبة، والترمذي "2028" في البر والصلة: باب ما جاء إن من البيان سحراً، من طريقين عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "5718".

ص: 112

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْبَيَانِ فِي الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ مَحْمُودٌ

5796 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ يُوسُفَ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ السَّكَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"الْبَيَانُ مِنَ اللَّهِ وَالْعِيُّ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَيْسَ الْبَيَانُ كَثْرَةَ الْكَلَامِ، وَلَكِنَّ الْبَيَانَ الْفَصْلُ فِي الْحَقِّ، وَلَيْسَ الْعِيُّ قِلَّةَ الْكَلَامِ، وَلَكِنْ مَنْ سفه الحق" 1 [52:1]

ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ التَّمْثِيلَ لِلْأَشْيَاءِ بِالْأَشْيَاءِ فِي كَلَامِهِ

5797 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن بن شهاب، عن سالم بن عبد الله

1 إسناده ضعيف جداً، عتبة بن السكن قال فيه الدارقطني: متروك الحديث، وقال مرة: منكر الحديث، وقال القراب: روى عن الأوزاعي أحاديث لم يتابع عليها، وقال البيهقي: واهٍ منسوب إلى الوضع، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/508، وقال يخطئ ويخالف، وباقي رجاله ثقات. إسماعيل بن عبيد الله: هو ابن أبي المهاجر المخزومي.

وذكره الديلمي في "مسند الفردوس""5215"، وقال المناوي في "فيض القدير" 5/356،: ورواه عنه "أي عن أبي هريرة" أيضاً أبو نعيم، وعنه ومن طريقه أورده الديلمي، ثم إن فيه رشدين بن سعد، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وقد مر غير مرة أنهما ضعيفان.

ص: 113

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِئَةِ، ولا يكاد أن يوجد فيها راحلة" 1 [22:4]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن حمزة، فمن رجال البخاري، ونقل مغلطاي عن الباجي أن البخاري روى له مقروناً!

وأخرجه أحمد 2/122 من طريقين عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/121، والبخاري في "شرح مشكل الآثار" 2/200 من طريق جرير، والطبراني "13105" من طريق ابن أبي عتيق، ثلاثهم عن الزهري، به. ولفظ مسلم:"تجدون الناس كإبل مئة، لا يجد فيها راحلته".

وأخرجه الطبراني "13240" من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن سالم، به، ولفظه:"إنما الناس كإبل مئة، يلتمس الرواحل في الناس، فلا يوجد إلا واحدة"

وأخرجه أحمد 2/70و139،وابن ماجة "3990" في الفتن: باب من ترجي له السلامة من الفتن، وأبو الشيخ في "الأمثال""133"و "134"، والقضاعي في "مسند الشهاب""197" من طريق زيد بن أسلم، عن ابن عمر، به.

وأخرجه أحمد 2/109 وأبو الشيخ ""139"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"2/201 من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وسيأتي عند المصنف برقم "6139" من طريق آخر عن الزهري.

ومعنى الحديث: أن مرضيَّ الأحوال من الناس، الكامل الأوصاف قليل فيهم جداً، كقلة الراحلة في الإبل، قالوا: والراحلة: هي البعير الكامل الأوصاف، الحسن المنظر، القوي على الأحمال والأسفار، سميت راحلة، لأنها ترحل، أي: يجعل عليها الرحل، فهي فاعلة بمعنى مفعولة، كعيشة راضية، أي: مرضية، ونظائره. وانظر "الفتح" 11/335، =

ص: 114

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ اسْتِعْمَالَ الْكِنَايَاتِ فِي الْأَلْفَاظِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ

5798 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كان بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ فَاسْتَعَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ، يُقَالُ لَهُ: مَنْدُوبٌ، فَرَكِبَهُ، فَرَجَعَ، وَقَالَ:"مَا رَأَيْنَا مِنْ فزع، وان وجدناه لبحرا" 1 [22:4]

"شرح السنة" 14/392

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه الطيالسي "1979"، وأحمد 3/171و 180و274و291، والبخاري "2627" في الهبة: باب من استعارم من الناس الفرس، و "2857" في الجهاد: باب اسم الفرس الحمار، و"2862": باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل، "2968": باب مبادرة الإمام عند الفزع، و "6212" في الأدب: باب المعاريض مندوحة عن الكذب، ومسلم "2307" "49" في الفضائل: باب في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقديمه للحرب، وأبو داود "4988" في الأدب: باب ما روي في الترخيص في ذلك، والترمذي "1685" في الجهاد: باب ما جاء في الخروج عند الفزع، والبيهقي 6/88 و10/25و200، والبغوي "2160" من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "2867" في الجهاد: باب الفرس القطوف، من طريق سعيد، عن قتادة، به.

وأخرجه أحمد 3/185، والبخاري "2820" في الجهاد: باب من طلب الولد للجهاد، "2908": باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق، و"3040": باب إذا فزعوا بالليل، و"6033" في الأدب: باب حسن الخلق =

ص: 115

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَرْءِ الْكِنَايَاتِ فِي كَلَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِقَاصِدٍ لِحَقَائِقِهَا

5799 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ، بِحِمْصَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَذْحِجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ عليَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي قُعَيْسٍ بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ، لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: فَدَخَلَ عليَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي قُعَيْسٍ اسْتَأْذَنَ عليَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَمَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَأْذَنِي لِعَمِّكِ"؟ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ الَّذِي أَرْضَعَنِي، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"هُوَ عَمُّكِ، ائذني له تربت يمينك"

=والسخاء وما يكره من البخل، ومسلم "2307""48" من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ.

وأخرجه البخاري "2969" في الجهاد: باب السرعة والركض في الفزع، والبهقي 10/200 من طريق محمد بن سرين، عن أنس.

وقوله "وإن وجدناه لبحراً"، قال البغوي: يريد به الفرس، شبهه بالبحر، أي: أن جريه كجري البحر، أو أنه يسبح في جريه كالبحر إذا ماج.

وفيه إباحة التوسع في الكلام، وتشبيه الشيء بالشيء بمعنى من معانيه، وإن لم يستوف جميع أوصافه، وفيه إباحة تسميته الدواب، وكان من عادات العرب تسمية الدواب وأداة الحرب باسم يعرف به إذا طلب سوى الاسم الجامع، وكان سيف النبي صلى الله عليه وسلم يسمى ذا الفقار، ورأيته العقاب، ودرعه ذات الفضول، وبغلته دلدل، وبعض أفراس السِّكب، وبعضها البحر.

ص: 116

قَالَ عُرْوَةُ: فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا من الرضاع

ما تحرمون من النسب1 [68:3]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير كثير بن عبيد المذحجي، فقد روى له أصحاب السنن، وهو ثقة، محمد بن حرب: هو الخولاني، والزبيدي: هو محمد بن الوليد بن عامر.

وأخرجه أحمد 6/33و271، والبخاري "4796" في تفسير سورة الأحزاب: باب {إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} ، و "5103" في النكاح: باب لبن الفحل، و"511": باب لاتنكح المرأة على عمتها، و"6156" في الأدب: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تربت يمينك"، ومسلم "1445" "3" و"4"و "6" في الرضاع: باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة، وابن ماجة "1948" في النكاح: باب لبن الفحل، والبيهقي 7/425 من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/38و 177و 194و 201، والدارمي 2/156، ومالك في "الموطأ" 2/601 في الرضاع: باب رضاعة الصغير، والبخاري "2644" في الشهادات: باب الشهادة على الأنساب، و "5239" في النكاح: باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع، ومسلم "1445""7"و "8"و "9"و "10"، والترمذي "1148" في الرضاع: باب ما جاء في لبن الفحل، وأبو داود "2057" في النكاح: باب في لبن الفحل، والنسائي 6/99 في النكاح: باب ما يحرم من الرضاع، وابن ماجة "1949"، والبيهقي 7/452، والبغوي "2280" من طرق عن عروة، به.

وأخرجه أحمد 6/217 من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة. وانظر "4219" و "4220"

وقوله: "فلذلك كانت عائشة تقول: حرموا من الرضاع

" ظاهره الوقف، وقد أخرجه مسلم "1445" "9" من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عراك، في هذه القصة: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحتجبي منه، فإنه =

ص: 117

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ اسْتِعْمَالَ الْكِنَايَةِ فِي كَلَامِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَخَطُ اللَّهَ

5800 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مسرهد، عن أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:"كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَائِقٌ يَسُوقُ، فَأَتَى عَلَيْهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ" 1 [22:4]

= يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"، وهذه الزيادة جاءت مرفوعة من وجه آخر عنذ مالك 2/601، والبخاري "5099"، ومسلم "1444" ولفظه "إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة"

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد فمن رجال البخاري. ابن عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وسليمان: هو ابن طرحان.

وأخرجه أحمد 3/117، ومسلم "3323" "72" في الفضائل: باب رحمة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء، من طريقين عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/107 من طريق حميد، عن أنس. وانظر ما بعده.

قال البغوي في شرح السنة" 13/157 ـ 158: المرد بالقوارير: النساء شبههن بالقوارير لضعف عزائمهن، فأمره أن يرفق بهن في السَّوق، كما يرفق بالدابة التي عليها قوارير.

وفيه وجه آخر: وهو أن الحبشة كان حسن الصوت بالحداء، فكان يحدو لهنَّ، وينشد من القريض والرجز ما فيه تشبيب، فلم يأمن أن يقع في قلوبهن حداؤه، فأمره بالكف عن ذلك، وشبَّه ضعف عزائمهن، وسرعة تأثير الصوت فيهن بالقوارير في سرعة الآفة إليها.

ص: 118

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَنْجَشَةَ السَّائِقَ كَانَ هُوَ الَّذِي يَحْدُو بِهِنَّ فِي السَّيْرِ

5801 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ: لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ لَا تَكْسِرِ الْقَوَارِيرَ" 1 [22:4]

قَالَ قَتَادَةُ: يعنى ضعفه النساء

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البخاري "6211" في الأدب: باب المعاريض مندوحة عن الكذب، ومسلم "2323""73"، والبيهقي 10/227 من طرق عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "2323""73"، والبغوي "3577" من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به.

ص: 119

‌ذكر البيان بأن انشجة كَانَ يَسُوقُ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ السَّفَرِ

5802 ـ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحَلَبِيُّ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عُبَيْدُ بْنُ هِشَامٍ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ أَزْوَاجِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فِي مَسِيرٍ، وَكَانَ سَائِقٌ يَسُوقُ بِهِنَّ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"رويدا سوقك بالقوارير" 2 [22:4]

2 إسناده قوي، عبيد بن هشام روى له أبو داود، وهو صدوق تغير في آخر عمره=

ص: 119

‌ذكر البيان بأن انشجة كَانَ غُلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

5803 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ، وَأَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مَسِيرٍ لَهُ وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ أَسْوَدُ: يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ وَهُوَ يَحْدُو، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا انجشة رويدا سوقك القوارير "، يعني النساء1 [22:4]

= فتلقن، إلا أنه قد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وانظر "5800".

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبُيد بن حساب، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/227، والبخاري "6161" في الأدب: باب ما جاء في قول الرجل: ويلك، و"6210": باب المعاريض مندوحة عن الكذب، ومسلم "2323""70"، والبيهقي 10/227 من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "2048"، وأحمد 3/254و285، والبخاري "6209"، والبيهقي 10/200و227، والبغوي "3578" و "3579" من طريق ثابت، به.

وأخرجه مسلم "2323" من طرق عن حماد بن زيد، عن أيوب، به.=

ص: 120

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ اسْتِعْمَالَ التَّكْرَارِ فِي الْكَلَامِ إِذَا قَصَدَ بِذَلِكَ التَّأْكِيدَ

5804 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى،

ص: 120

قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ" وكان بن بريدة يصلي قبل المغرب ركعتين1 [37:4]

=وأخرجه أحمد 3/186، والبخاري "6149" في الأدب: باب ما يجوز من الشعر ولرجز والحداء، و "6202": باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا، ومسلم "2323""71" من طريقين عن أيوب، به.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله: هو ابن المبارك. وهو مكرر "1560" و "1561".

ص: 121

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَرَادَتْ وَصْفَ شَيْئَيْنِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ تَصِفُهُمَا بِلَفْظِ أَحَدِهِمَا

5805 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ،

قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا كَانَ لَنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامٌ إِلَّا الاسودين: التمر والماء2 [36:3]

2 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن فراهيج، وهو مختلف فيه، ويرجح أن يكون حسن الحديث، وقد توبع وهو مكرر "683".

ص: 121

‌باب الاستئذان

‌مدخل

بَابُ الِاسْتِئْذَانِ

5806 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حدثنا خلف بن هشام البزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ

أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَرَجَعَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا ردَّك؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ" فَقَالَ: لِتَجِئْنِي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا، قَالَ: حَمَّادٌ تَوَعَّدَهُ، قَالَ: فَانْصَرَفَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَأَتَى مَجْلِسَ الْأَنْصَارِ، فَقَصَّ عَلَيْهِمُ الْقِصَّةَ مَا قَالَ لِعُمَرَ، وَمَا قَالَ لَهُ عُمَرُ، فَقَالُوا: لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُنَا، فَقَامَ مَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، فَشَهِدَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنَّا لَا نَتَّهِمُكَ، وَلَكِنَّ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَدِيدٌ1 [43:1]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: الْأَمْرُ بِالرُّجُوعِ لِلْمُسْتَأْذِنِ إِذَا كَانَ الشَّرْطُ مَوْجُودًا وَهُوَ عَدَمُ الْإِذْنِ، وَاجِبٌ، وَمَتَى وُجِدَ الشرط وهو ـ الإذن ـ بطل الأمر بالرجوع

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وانظر الحديث "5807" و "5810".

ص: 122

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بَعْضَ السُّنَنِ قَدْ تَخْفَى عَلَى الْعَالِمِ وَقَدْ يَحْفَظُهَا مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ

5807 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ

أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا، فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى، فَفَرَغَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ، قِيلَ: إِنَّهُ قَدْ رَجَعَ، فَدَعَا بِهِ، فَقَالَ: كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الْأَنْصَارِ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: لَا يَشْهَدُ لَكَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، فَانْطَلَقَ بِأَبِي سَعِيدٍ فَشَهِدَ لَهُ، فَقَالَ: خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَلَكِنْ سَلِّمْ مَا شِئْتَ1 [43:1]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن معمر: هو القيسي.

وأخرجه أبو داود "5182" في الأدب: باب كم مرة يسلِّم الرجل في الإستئذان، عن يحيى بن حبيب، عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/400، والبخاري "2063" في البيوع: باب الخروج في التجارة، و"7353" في الإعتصام: باب الحجة على من قال: إن أحكام النبي صلى الله عليه وسلم، ظاهرة، وفي "الأدب المفرد""1065"، ومسلم "2153""36" من طرق عن ابن جريج، به.

وأخرجه أحمد 4/398، ومسلم "2154"، وأبو داود "5181" و "5183" من طريق أبي بردة، عن أبي موسى.

وأخرجه مالك 2/964 في الاستئذان: باب الاستئذان، ومن طريقه =

ص: 123

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=أبو داود "5184" عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غير واحد من علمائهم أن أبا موسى الأشعري جاء يستأذن على عمر

قال ابن عبد البر في التمهيد" 3/191: روي هذا الحديث متصلاً ومسنداً عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه: من حديث أبي موسى، وحديث أبي بن كعب، وحديث أبي سعيد الخدري، ثم قال: وفي هذا الحديث أن الرجل العالم الحبر قد يوجد عند من هو دونه في العلم ما ليس عنده من العلم إذا كان طريق ذلك العلم السمع، وإذا جاز مثل هذا على عمر موضعه في العلم، فما ظنك بغيره بعده.

وروى وكيع عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: لو أن علم عمر وضع في كفة، ووضع علم أحياء الأرض في كفة أخرى، لرجح علم عمر بعلمهم. قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: لاتعجب من هذا فقد قال عبد الله: إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب يوم ذهب عمر، وجاء عن حذيفة مثل قول عبد الله.

وقال أبو عمر: زعم قوم أن في هذا الحديث دليلاً على أن مذهب عمر أن لا يقبل خبر الواحد، وليس كما زعموا، لأن عمر رضي الله عنه قد ثبت عنه استعمال خبر الواحد وقبوله، وإيجاب الحكم به.

أليس هو الذي ناشد الناس بمنى: من كان عنده علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدية فليخبرنا، وكان رأيه أن المرأة لا ترث من دية زوجها، لأنها ليست من عصبته الذين يعقلون عنه، فقام الضحاك بن سفيان الكلابي فقال: كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها

وكذلك ناشد الناس في دية الجنين: من عنده فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأخبره حمل بن مالك بن النابغة أن رسول الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة، فقضى به عمر.

ولا يشك ذو لب، ومن له أقل منزلة في العلم أن موضع أبي موسى من الإسلام، ومكانه من الفقه والدين، أجلَّ من أن يرد خبره، ويقبل خبر الضحاك بن سفيان الكلابي وحمل بن مالك الأعرابي، وكلاهما لا يقاس به في حال، وقد قال له عمر في حديث ربيعة هذا: أما إني لم أتهمك، ولكني

ص: 124

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمُسْتَأْذِنِ عِنْدَ اسْتِئْذَانِهِ "أَنَا" دُونَ السَّلَامِ عَلَى الْقَوْمِ

5808 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ:

سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَقَقْتُ الْبَابَ، فَقَالَ:" مَنْ ذَا"؟ فَقُلْتُ: أَنَا، فَقَالَ:"انا انا" ـ مرتين ـ

كأنه كرهه1 [63:1]

=خشيت أن يتقول النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فدل على اجتهاد كان من عمر رحمه الله في ذلك الوقت لمعنى، والله أعلم به

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 8/340 وفي الأدب "276" من طريق الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "6250" في الإستذان: باب إذا قال: من ذا؟ فقال: أنا، وفي "الأدب المفرد""1086" عن أبي الوليد، به.

وأخرجه الطيالسي "1710"، وأبو القاسم البغوي في "مسند علي بن الجعد""1732" و "1734"، وأحمد 3/320و363، ومسلم "2155" في الأدب: باب كراهة قول المستأذن: أنا إذا قيل: من هذا؟ وأبو داود "5187" في الأدب: باب الرجل يستأذن بالدق، والترمذي "2711" في الإستئذان: باب ما جاء في التسليم قبل الإستئذان، والنسائي في "اليوم والليلة""328"، وابن ماجه "3709" في الأدب: باب الإستئذان، والبيهقي 8/340، والبغوي في "شرح السنة""3323"و "3324" من طرق عن شعبة، به.

قال الخطابي: قوله: "أنا" لا يتضمن الجواب، ولا يفيد العلم بما استعمله، وكان حقُّ الجواب أن يقول: أنا جابر، ليقع تعريف الاسم الذي وقعت المسألة عنه.

ص: 125

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَنْظُرَ الْمَرْءُ فِي دَارِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

5809 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ1

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ حُجْرٍ فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبِيَدِهِ مِدْرًى2 يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ" 3 [85:2]

1 قوله: "عن الزهري" سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 2/لوحة205

2 في الأصل: مذراً، والتصويب من "التقاسيم".

3 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم، فمن رجال البخاري. الوليد: هو ابن مسلم القرشي.

وأخرجه الدارمي 2/199، والطبراني في "الكبير""5661" عن محمد بن يوسف الفريابي، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم "6001"

والمدرى: حديدة يسوى بها شعر الرأس المتلبد كالخلال لها رأس محدد، وقيل هو شبيه بالمشط له أسنان من حديد.

واستدل الجمهور بهذا الحديث على جواز رمي من قصد النظر، ولو لم يندفع بالشيء الخفيف، جاز بالثقيل، وأنه إن أصيبت نفسه أو بعضه، فهو هدر، وذهب المالكية إلى القصاص، وأنه لا يجوز قصد العين ولا غيرها، واعتلوا بأن المعصية لا تدفع بالمعصية، وأجاب الجمهور بأن المأذون فيه إذا ثبت الإذن لا يسمى معصية، وإن كان الفعل لو تجرد عن هذا السبب يعد معصية وقد اتفقوا على جواز دفع الصائل ولو أتى على نفس =

ص: 126

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ وَصْفِ

الِاسْتِئْذَانِ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ عَلَى أَقْوَامٍ

5810 ـ أخبرنا بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ، أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ عِنْدَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَأَتَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ بِعَصًا حَتَّى وَقَفَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ" قَالَ أُبَيٌّ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمْسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَرَجَعْتُ ثُمَّ جِئْتُهُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي جِئْتُهُ أَمْسِ، فَسَلَّمْتُ ثَلَاثًا، ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَقَالَ: قَدْ سَمِعْنَاكَ وَنَحْنُ حِينَئِذٍ عَلَى شُغْلٍ، فَلَوِ اسْتَأْذَنْتَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكَ، قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ كَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَأُوجِعَنَّ ظَهْرَكَ، أَوْ لَتَأْتِيَنِّي بِمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا، قَالَ، فَقَالَ أُبَيٌّ: وَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَحْدَثُنَا سِنًّا، قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول هذا1 [66:3]

=المدفوع، وهو بغير السبب المذكور معصية، فهذا ملحق به مع ثبوت النص فيه، وأجابوا عن الحديث بأنه ورد على سبيل التغليظ والإرهاب "فتح الباري"12/245.

1إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة فمن رجال مسلم. بكير: هو ابن عبد الله بن الأشجع =

ص: 127

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ دُخُولَ بَيْتِ الدَّاعِي بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِذَا كَانَ مَعَهُ رَسُولُهُ

5811 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَحَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"رَسُولُ الرَّجُلِ الى الرجل اذنه" 1 [16:4]

= وأخرجه مسلم "2153""34" في الآاب: باب ما الإستئذان، عن أبي الطاهر، والبيهقي في "الآداب""275" عن بحر بن نصر، كلاهما ن ابن وهب، بهذا الإسناد

وأخرجه ملك في "الموطأ" 2/963 في الإستئذان: باب الإستئذان، عن الثقة عنده، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ،=

به. وأخرج أحمد 3/6، والبخاري "6245" في الاستئذان: باب التسليم والإستئذان ثلاثا، ومسلم "2153""33"، وأبو داود "5180" في الأدب: كم مرة يسلم الرجل في الإستئذان، والبيهقي 8/339 من طريق يزيد بن خصيفة، عن بسر بن سعيد، به.

وأخرجه الطيالسي "2164"، وعبد الرزاق "19423"، وأحمد 3/19 و4/393 ـ 394و403و410و418، والدارمي 2/274، ومسلم "2153""35"، والترمذي "2690" في الإستئذان: باب ما جاء في الاستئذان ثلاثة، وابن ماجة "3706" في الأدب: باب في الاستئذان، والبغوي "3318" من طرق عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.=

ص: 128

‌باب الأسماء والكني

‌مدخل

بَابُ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى

5812 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "تسموا باسمي،

=وأخرجه البيهقي 8/340 من طريق يوسف بن يعقوب، عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد""1076"، وأبو داود "5189" في الأدب: باب في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه؟ والبيهقي 8/340 من طريق موسى بن اسماعيل، عن حبيب وهشام، عن محمد بن سيرين، به

وعلقه البخاري في "صحيحه"، 11/31 عن سعيد عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هريرة، ووصله أحمد 2/533، والبخاري في "الأدب المفرد""1075"، وأبو داود "5190"، والبيهقي 8/340 من طريقين عن سعيد به، ولفظه "إذا دعي أحدكم فجاء مع الرسول، فهو إذنه"

وأخرج ابن أبي شيبة 8/646 عن أبي بكر بن عياش، والبخاري في "الأدب المفرد""1074"، عن شعبة، كلاهما عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: إذا دعي الرجل، فقد أُذن له. وهذا سند صحيح موقوف.

ص: 129

ولا تكنوا بكنيتى" 1 [38:2]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو يونس ـ وقد تحرف في الأصل إلى أبي أويس ـ اسمه سليم بن جبير الدوسي المصري مولى أبي هريرة.

وأخرج عبد الرزاق "19866"، وابن أبي شيبة 8/671، وأحمد 2/248و260و270و392و491و499، والدارمي 2/291 ـ 292، والبخاري "3539" في المناقب: باب كنية النبي صلى الله عليه وسلم، "6188" في الأدب: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي"، ومسلم "2134" في الآداب: باب النهي عن التكنى بأبي القاسم، وابو داود "4965" في الأدب: باب الرجل يتكني بأبي القاسم، وابن ماجة، "3735" في الأدب: باب الجمع بين اسم النبي صلى الله وكنيته، وأبو نعيم في "الحلية" 8/295، و "تاريخ أصبهان" 2/143، والبيهقي في "السنن" 9/308، وفي "الآداب""613"، والبغوي "3363" من طرق عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.

وأخرجه الطيالسي "2419"، والبخاري "110" في العلم: باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، و"6197" في الأداب: باب من سمى باسم الأنبياء، والبيهقي 9/307 من طريق أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/312و455و457و461 من طريق أبي زرعة، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/277و478، والبخاري في "الأدب المفرد""836"، وفي "التاريخ الكبير" من طريق موسى بن يسار، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/277و 478، والبخاري في "الأدب المفرد""836"، وفي "التاريخ الكبير" من طريق موسى بن يسار، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/519 من طريق محبوب بن الحسن، عن خالد الحذاء، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/470 من طريق سليم بن حيان الهذلي، عن أبيه، عن أبي هريرة.

ص: 130

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ

5813 ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ:

ص: 130

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَائِمًا بِالْبَقِيعِ فَنَادَى رَجُلٌ آخَرُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا دَعَوْتُ فُلَانًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"تَسَمَّوْا بِاسْمِي، ولا تكنوا بكنيتى" 1 [38:2]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير النفيلي ـ وهو عبد الله بن محمد بن علي ـ فمن رجال البخاري.

وأخرجه البخاري "2121" في البيوع: باب ما ذكر في الأسواق، عن مالك بن إسماعيل، عن زهير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/114و121و189، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""1511"، وابن أبي شيبة 8/671، والبخاري "2120"، و"3537" في المناقب: باب كنية النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "الأدب المفرد""837" و"845"، ومسلم "2131" في الآداب: باب ما جاء في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو يعلى "3787" و"3811"، والبيهقي 9/308و309، والبغوي "3364" من طرق عن حميد، به.

وقد اختلف أهل العلم في التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب بعضهم إلى أنه يجوز، وهو ظاهر الحديث، روي ذلك عن الحسن وابن سيرين وطاووس، وإليه ذهب الشافعي وكره قوم الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته، وأجازوا التكني بأبي القاسم إذا لم يكن اسمه محمداً وأحمد، لحديث أبي هريرة الذي سيورده المؤلف بعد هذا.

وقد رخص بعضهم في الجمع، وقال: إنما كره ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لئلا يشتبه، يروى ذلك عن مالك، وكان محمد ابن الحنفية يكنى أبا القاسم، وكان، محمد بن أبي بكر الصديق، ومحمد بن جعفر بن =

ص: 131

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَصْدَ فِي هَذَا الزَّجْرِ إِنَّمَا هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا

5814 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عن بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تجمعوا بين اسمي وكنيتى" 1 [38:2]

=أبي طالب، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، ومحمد بن الأشعث، ومحمد بن حاطب، جمع كل واحد منهم بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته.

وروى محمد بن الحنفية، عن علي أنه قال: يارسول الله، أرأيت إن ولد لي بعدك ولد أسميه محمداً وأكنيه بكنيتك؟ قال:"نعم"، وكانت رخصة لي. أخرجه أبو داود "4967"، والترمذي "2843"، وقال الأخير: هذا حديث صحيح، وهو كما قال.

1 إسناده حسن، ابن عجلان ـ وهو محمد ـ روى له مسلم متابعة وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير عجلان والد محمد، فمن رجال مسلم

وأخرجه أحمد 2/433 عن يحيى القطان، والبخاري في "الأدب المفرد""844"،والترمذي "2841" في الأدب: باب ماجاء في كراهية الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته، من طريق الليث، كلاهما عن ابن عجلان، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وفي الباب عند أحمد 3/450و5/363 ـ 364 من طرق عن سفيان، عن عبد الكريم الجزري، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه قال: قال رسول الله

وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/48 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، كذا قال، مع أن عبد الرحمن بن أبي عمرة ـ وهو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة الأنصاري ـ لم يوثقه غير ابن حبان 7/78، وترجم له البخاري في "تاريخه" 5/326 فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وعمه عبد الرحمن بن أبي عمرة ليست له صحبة.

ص: 132

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إِنَّمَا زَجَرَ عَنْهُ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي إِنْسَانٍ لَا انْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ

5815 ـ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَجْمَعَ أَحَدٌ اسْمَهُ وَكُنْيَتَهُ، فيسمى محمدا وأبا القاسم1 [38:2]

1 إسناده حسن، وهو مكرر ما قبله.

ص: 133

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ هَذَا الزَّجْرَ وَقَعَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ لَا انْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ

5816 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَنَّيْتُمْ، فَلَا تَسَمَّوْا بِي، وَإِذَا سَمَّيْتُمْ بِي، فَلَا تكنوا بي" 2 [38:2]

1 إسناده حسن، وهو مكرر ما قبله.

2 حديث صحيح، إسناده على شرط مسلم،

وأخرجه الترمذي "2842" في الأدب: باب ما جاء في كراهة الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته، عن الحسين بن حريث، بهذا الإسناد وقال: حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرجه أحمد 3/313، والبيهقي 9/309 من طرق عن هشام، عن أبي الزبير، به.=

ص: 133

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يُصَرِّحُ بصحَّة مَا ذَكَرْنَاهُ

5817 ـ أخبرنا الخليل بن محمد البزاز بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي وَأَنَا أَقْسِمُ" 1 [38:2]

قَالَ أَبُو حاتم: سمع هذا الخبر بن عَجْلَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ وَأَبِيهِ، وَهُمَا ثِقَتَانِ وَالطَّرِيقَانِ جميعا محفوظان

=وأخرجه الطيالسي "1730"، وعبد الرزاق "19866"، وأحمد 3/298و301و303و313و370و385، وابن أبي شيبة 8/671، والبخاري "3538" في المناقب: باب كنية النبي صلى الله عليه وسلم، و"6187" في الأدب: باب قول النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي ولا تكنو بكنيتي"، و"6196": باب من سمي بأسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "الأدب المفرد""842"، ومسلم "2133" "13"و "4" و "5"و"6"و"7" في الأدب: باب النهي عن التكني بأبي القاسم، وأبو داود "4965" في الأدب: باب في الرجل يكتني بأبي القاسم، وأبو يعلى "1915" و "1923"، والحاكم 4/277، والبيهقي 9/308 من طريق سالم بن أبي الجعد، عن جابر، ولفظه:"تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، فإنما أنا قاسم أقسم بينكم"

وأخرجه أحمد 3/313،وابن أبي شيبة 8/671، وابن ماجة "3736" في الأدب: باب الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم، وكنيته، وأبو يعلى "1923" و "2302" من طريق عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر باللفظ السابق.

1 إسناده حسن وقد تقدم برقم "5814"و"5815". إسحاق الأزرق: هو ابن يوسف بن مرداس.

ص: 134

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُحْسِنَ أَسَامِيَ أَوْلَادِهِ لِنِدَاءِ الْمَلَائِكَةِ فِي الْقِيَامَةِ إِيَّاهُمْ بِهَا

5818 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم" 1 [95:1]

5819 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ، وَقَالَ:"أنت جميلة" 2 [14:5]

1 رجاله ثقات غير داود بن عمرو ـ وهو الأودي ـ وقد تحرف في "التقريب" إلى الأزدي وهو صدوق، إلا أن عبد الله بن أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء كما نص عليه الحافظان ابن حجر والمنذري وغيرهما، فهو منقطع.

وأخرجه أحمد 5/194، والدارمي 2/292، وأبو داود "4948" في الأدب: باب في تغيير الأسماء، والبيهقي 9/306، والبغوي "3360" من طرق عن هشيم، بهذا الإسناد.

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "المسند" 2/18

ومن طريق أحمد أخرجه مسلم "2139""14" في الآداب: باب كراهية التسمية بالأسماء القبيحة، وأبو داود "4952" في الأدب: باب تغيير الاسم القبيح، والبيهقي9/307

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد""820"، ومسلم "2139""14"، وأبو داود "4952"، والترمذي "2840" في الأدب: باب ما جاء في تغيير الأسماء، من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

ص: 135

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

5820 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لِعَاصِيَةَ، "أَنْتِ جَمِيلَةُ" [14:5] 1

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ الله تعالى عَنْهُ: اسْتِعْمَالِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: هَذَا الْفِعْلَ لَمْ يَكُنْ تَطَيُّرًا بِعَاصِيَةَ، وَلَكِنْ تَفَاؤُلًا بِجَمِيلَةَ، وَكَذَلِكَ مَا يُشْبِهُ هَذَا الْجِنْسَ مِنَ الْأَسْمَاءِ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم، نهى عن الطيرة في غير خبر2

1،إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج ـ هو السامي ـ فقد روى له النسائي، هو ثقة.

وأخرجه الدارمي 2/292 ـ 293، وابن أبي شيبة 8/66، ومسلم"2139" "15" وابن ماجة "3733" في الأدب: باب تغيير الأسماء، من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

2 وسيأتي برقم "5826" و "6114" فما بعده.

ص: 136

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِاسْتِعْمَالِ هَذَا الْفِعْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

5821 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بِأَرْضٍ تسمى غدرة، فسماها خضرة 3 [14:5]

3 إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبدة: هو ابن سليمان الكلابي. =

ص: 136

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يُصَرِّحُ بِإِبَاحَةِ اسْتِعْمَالِ هَذَا الْفِعْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

5822 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجَدِّهِ: "مَا اسْمُكَ" قَالَ حَزْنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ" قَالَ: لَا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي، قَالَ سَعِيدٌ: فَمَا زَالَتْ فِينَا حزونة بعد1 [14:5]

=وأخرجه أبو يعلى "4556" عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/51 وقال: رواه أبو يعلى والطبراني في "الأوسط"، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.

وأخرجه الطبراني في "الصغير""349" من طريق شَرِيكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سمع اسماً قبيحاً غيره، فمر على قرية يقال لها: عفرة، فسماها خضرة. قال الهيثمي في "المجمع" 8/51: رواه الطبراني في "الصغير" ورجاله رجال الصحيح!

والغدرة: قال ابن الأثير في "النهاية" 3/345: كأنها كانت لا تسمح بالنبات، أو تنبت ثم تسرع إليه الآفة، فشبهة بالغادر، لأنه لايفي.

والعفرة: قال الخطابي: في "معالمم السنن" 4/128: وأما عفرة، فهي نعت للأرض التي لا تنبت شيئاً، أخدت من العفرة، وهي لون الأرض، فسماها خضرة على معنى التفاؤل لتخضر وتمرع.

وقال ابن الأثير في "جامع الأصول" 1/376: ورويت "عثرة" بالثاء، وهي التي لا نبات فيها، إنما هي صعيد قد علاها العثير، وهو الغبار.

1 حديث صحيح، ابن أبي السري قد توبع، ومن فوقه رجال ثقات رجال=

ص: 137

‌ذِكْرُ خَبَرٍ رَابِعٍ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ اسْتِعْمَالِ مَا وَصَفْنَا

5823 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: يَا شِهَابُ، قَالَ:"أَنْتَ هشام" 1 [14:5]

= الشيخين. وهو في "المصنف""19851"، وقد سقط من المطبوع منه "لجده"

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 5/433، والبخاري "6190" في الأدب: باب اسم الحزن، وفي "الأدب المفرد""841"، وأبو داود "4956" في الأدب: باب في تغير الاسم القبيح، والطبراني 20/"819"، والبيهقي 9/307، والبغوي "3372".

وأخرجه البخاري "6193" في الأدب: باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه، وفي "الأدب المفرد""841" من طريق عبد الحميد بن جبير بن شيبة، عن سعيد بن المسيب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني "3600" من طريق قتادة، عن سعيد بن المسيب أن جده أتى النبي صلى الله عليه وسلم

ووصله في 20/"818" من هذا الطريق والحزونة: ضد السهولة، وهو ماخشن وغلظ من الأرض..

1 إسناده حسن، عمران ـ وهو ابن دوار ـ القطان صدوق، وباقي رجاله على شرط الصحيح. وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وهو في "مسند""1501"

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد""825"، والحاكم 4/276 ـ 277 من طريق عمرو بن مرزوق، عن عمران القطان، بهذا الإسناد وصححه الحاكم ووافق الذهبي.

وأخرج الحاكم 4/277، والطبراني 22/"442"، من حديث هشام بن=

ص: 138

ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا كَانَ يُغَيِّرُ صلى الله عليه وسلم الْأَسْمَاءَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا

5824 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ

عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّاهُ، حَدِّثِينِي بِشَيْءٍ سَمِعْتِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الطَّيْرُ يجري بقدر"،

وكان يعجبه الفال الحسن 1 [14:5]

= عامر رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا اسمك"؟، قلت: شهاب، قال:"بل أنت هشام"

1 إسناده حسن، حسان بن إبراهيم روى له الشيخان متابعة، وهو صدوق يخطىء، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير يوسف بن أبي بردة فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة.

وأخرجه أحمد 6/129، والحاكم 1/32 من طريق عفان، البزار مختصراً "2161" من طريق حميد بن مسعدة، كلاهما عن حسان بن إبراهيم، بهذا الإسناد. قال الحاكم: قد احتج الشيخان برواة هذا الحديث عن آخرهم! غير يوسف بن أبي بردة، والذي عندي أنهما لم يهملاه بجرح ولا بضعف، بل لقلة حديثه فإنه عزيز الحديث جداً.

ص: 139

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ

5825 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بن جبير، عن عكرمة

ص: 139

عن بن عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يتفاءل ويعجبه الاسم الحسن1 [14:5]

1 إسناده صحيح إن سلم من الانقطاع بين جرير وبين عبد الملك، رجاله ثقات. وعبد الملك بن سعيد بن جبير روى له البخاري تعليقاً، وهو ثقه، وهو عند غير المؤلف بزيادة ليث بن أبي سليم بين جرير وبين عبد الملك.

فقد أخرجه أحمد 1/257، والطيالسي "2690" من طريق جرير بن عبد الحميد، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الملك، بهذا الإسناد. قال الطيالسي بعد عبد الملك: أظنه ابن أبي بشير! قلت: وليث ضعيف.

وأخرجه أحمد 1/303 ـ 304، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""3116" و "3117"، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة""3254" من طريقين عن ليث، عن عكرمة، به. قلت: ليث يروي عن عكرمة بغير واسطة، ولكنه روى هذا الحديث كما سبق عن عبد الملك بن سعيد، عن عكرمة، وقد حذف هنا عبد الملك، فأما أنه أرسل الحديث مرة ووصله أخرى، وإما أنه سمعه من عكرمة ومن عبد الملك عن عكرمة. كما قال أحمد شاكر رحمه الله.

وأخرجه الطبراني "11294" من طريق سقيد بن سلمة، عن ليث، عن عبد الملك، عن عطاء، عن ابن عباس

ويشهد له حديث أبي هريرة وحديث بريدة الآتيين، فيتقوى بهما.

قال البغوي في "شرح السنة" 12/175: والفأل قد يكون فيما يحسن ويسوء، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء، وإنما أحبَّ النبي صلى الله عليه وسلم الفأل، لأن فيه رجاء الخير العائدة، ورجاء الخير أحسن با لإنسان من اليأس وقطع الرجاء عن الخير.

ص: 140

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَصْدَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي تَغْيِيرِ1 الْأَسْمَاءِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَمْ يَكُنِ التَّطَيُّرَ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ

5826 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ،قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بن حسان، عن بن سِيرِينَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا عَدْوَى وَلَا طيرة، وأحب الفال الصالح" 2 [14:5]

1 في الأصل: تغير.

2 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يوسف بن موسى ـ وهو القطان ـ فمن رجال البخاري. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه أحمد 2/507، ومسلم ص 1746 "14" في السلام: باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، من طريق يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصراً أحمد 2/420، والطحاوي 4/309و312والطبري "15" في "مسند علي" من "تهذيب الآثار""12" و"13" من طريق علي بن رباح، عن أبي هريرة

وأخرجه أحمد 2/487، وابن أبي عاصم في "السنة""276"، والطبري "15" من طريق مضارب بن حزن، عن أبي هريرة، ولفظ أحمد:"لا عدوى ولا هامة، وخير الطير الفأل، والعين حق"

وأخرجه أحمد 2/487، في الطب: باب لا هامة، من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر". وانظر بقية تخريجه في الأحاديث رقم "6114" و "6115" و "6116" و "6118" و "6121" و "6125".

ص: 141

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَا وَصَفْنَاهُ كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّفَاؤُلِ لَا التَّطَيُّرِ

5827 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبِي إِسْرَائِيلَ1، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ

عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَتَطَيَّرُ مِنَ شَيْءٍ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَرْضًا سَأَلَ عَنِ اسْمِهَا، فان كان حسنا، رؤي البشر في وجهه، وان كان قبيحا رؤي ذلك في وجهه 2 [14:5]

1 في الأصل: بن أبي إسرائل، وكذا هو في ثقات "المؤلف" 8116 و"الجرح والتعديل" 2/210، والمثبت من "التهذيب" وفروعه، فأبو إسرائل كنية إبراهيم، وليس جد إسماعيل، كما صرح بذلك الخطيب والمزي.

2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن إبراهيم، فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة. عبد الصمد بن عبد الوارث، وابن بريدة: هو عبد الله.

وأخرجه أحمد 5/347 عن عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود "3920" في الطب: باب في الطيرة، والنسائي في =

ص: 142

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادٌّ فِي الْقَصْدِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ قَبْلُ

5828 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

ص: 142

عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: كَانَ اسْمُ أَبِي عَزِيزًا، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الرَّحْمَنِ 1 [14:5]

="الكبرى" كما في "التحفة" 2/89، والبيهقي 8/140 من طريقين عن هشام، به.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين غير صحابيه. سفيان: هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي، لأبيه ولجده صحبة.

وأخرجه أحمد 4/178، وابن سعد في "الطبقات" 6/286، والحاكم 4/276 من طرق عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 4/178 عن وكيع، عن يونس بي أبي إسحاق، عن خيثمة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/663 عن محمد بن فضيل، عن العلاء بن المسيب، عن خيثمة.

ص: 143

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ قَدْ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ

5829 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عبيدة بن أبى السفر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قال: سمعت كريبا يحدث

عن بن عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ اسْمُ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بَرَّةَ، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُوَيْرِيَةَ2 [14:5]

2 إسناده صحيح، أبو عبيدة بن أبي السفر ـ وهو أحمد بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي السفر ـ روى له الترمذي والنسائي وابن ماجة، وهو صدوق وقد توبع، وباقي رجاله ثقات على شرط الصحيح. محمد بن =

ص: 143

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا كَانَ يُغَيِّرُ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْجِنْسَ مِنَ الْأَسْمَاءِ

5830 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَافِعٍ يُحَدِّثُ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ اسْمُ زَيْنَبَ بَرَّةَ، فَقَالُوا: تُزَكِّي نَفْسَهَا، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زينب 1

=عبد الرحمن: هو مولى آل طلحة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/664، والبخاري في "الأدب المفرد""831"، ومسلم، "2140" في الآداب: باب استحباب تغير الاسم القبيح إلى حسن، وأبو داود "1503" في الصلاة: باب التسبيح بالحصى، والنسائي في "اليوم والليلة""162"، والبغوي "3374" من طرق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طلحة، بهذا الإسناد.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه الطيالسي "2445"، وابن أبي شيبة 8/662 ـ 663، والبخاري "6192" في الأدب: باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه، وفي "الأدب المفرد""832"، ومسلم "2141" في الآداب: باب استحباب تغيير الاسم القبيح إلى حسن، والبهقي 9/307، والبغوي "3373" من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وعند البخاري في "الأدب المفرد": ميمونة، بدل زينب، ورواية الطيالسي على الشك: ميمونة أو زينب.

ص: 144

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُسَمِّي الْمَرْءُ الْعِنَبَ الْكَرْمَ

5831 ـ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي: قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ

ص: 144

عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَقُولُوا: الْكَرْمُ وَلَكِنْ قُولُوا: الحبلة أو العنب" 1 [43:2]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق""20936".

وأخرجه أحمد 2/316، ومسلم "2247" "10" في الألفاظ: باب كراهية تسمية العنب كرماً، والبغوي "3385" من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/464و509، ومسلم "2247""9"، وأبو داود "4974" في الأدب: باب في الكرم وحفظ المنطق، من طريق الأعرج، عن أبي هريرة.

وأخرجه عبد الرزاق "20937" وأحمد 2/272، ومسلم "2247""6" و"8"، والبغوي "3388" من طريق ابن سيرين، عن أبي هريرة. =

ص: 145

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ

5832 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُولُوا الْعِنَبُ الْكَرْمُ، إِنَّمَا الْكَرْمُ الرَّجُلُ المسلم" 2 [43:2]

2إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق""20936".

وأخرجه أحمد 2/316، ومسلم "2247" "10" في الألفاظ: باب كراهية تسمية العنب كرماً، والبغوي "3385" من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/464و509، ومسلم "2247""9"، وأبو داود "4974" في الأدب: باب في الكرم وحفظ المنطق، من طريق الأعرج، عن أبي هريرة.

وأخرجه عبد الرزاق "20937" وأحمد 2/272، ومسلم "2247""6" و"8"، والبغوي "3388" من طريق ابن سيرين، عن أبي هريرة. =

ص: 145

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: "الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ" أَرَادَ بِهِ قَلْبَهُ

5833 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

=وأخرجه أحمد 2/259، والبخاري "6182" في الأدب: باب "لا تسبوا الدهر"، من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال لبغوي في "شرح السنة" 12/356: قد قيل في معنى نهيه عن تسمية هذه الشجرة كرما: إن هذا الاسم عندهم مشتق من الكرم، سموا شجرة العنب كرما، لأنه يتخذ منه الخمر، وهي تحث على السخاء والكرم، فاشتقوا لتلك الشجرة اسماً من الكرم، فكره النبي صلى الله عليه وسلم تسميته لشيء حرمه الشرع باسم مأخوذة من الكرم، وأشفق أن يدعوهم حسن الإسم إلى شرب الخمرالمتخذة من ثمرتها فسلبها هذا الاسم تحقيراً لشأنها وتأكيداً لحرمتها، وجعله صفة للمسلم الذي يتوقاها، ويمنع نفسه عن محارم الشرع عزةً وتكرماً.

وقال الزمخشري في "الفائق" 3/257، ونقله عنه ابن الأثير صاحب "جامع الأصول" 11/752 ـ 753،: أرد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرر ويشدِّد ما في قوله عز وجل: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} بطريقة أنيقة، ومسلك لطيف، ورمز خلوب، فبصر أن هذا النوع من غير الأناسي، المسمى بالاسم المشتق من الكرم: أنتم أحقاء بأن لا تؤهلوه لهذه التسمية، ولا تطلقوها عليه، ولا تسلموها له غيرةً للمسلم التقي، وربأ به أن يشارك فيما سماه الله به، واختصه بأن جعله صفته، فضلاً أن تسموا بالكرم من ليس بمسلم وتعترفوا له بذلك، وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرماً، ولكن الرمز إلى هذا المعنى، كأنه قال: إن تأتَّي لكم أن لا تسموه ـ مثلا ـ باسم الكرم، ولكن بالحبلة فافعلوه.

وقوله: "فإنما الكرم قلب المؤمن ولرجل المسلم" أي: فإنما المستحق للاسم المشتق من الكرم: المسلم، ونظيره في الأسلوب قوله تعالى:{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً}

ص: 146

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"تَقُولُونَ: وَالْكَرَمُ، وَإِنَّمَا الْكَرْمُ قلب المؤمن" 1 [43:2]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 2/239، والبخاري "6183" في الأدب: قوله النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الكرم قلب المؤمن"، ومسلم "2247""7"، والبغوي "3386" من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "832"و "5834".

ص: 147

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَفَرَّدَ بِهَا سُفْيَانُ

5834 ـ أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرْكِينَ بِدِمَشْقَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ،

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: الْكَرْمُ، فَإِنَّ الْكَرْمَ قَلْبُ الؤمن" 2 [43:2]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 2/239، والبخاري "6183" في الأدب: قوله النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الكرم قلب المؤمن"، ومسلم "2247""7"، والبغوي "3386" من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "832"و "5834".

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين ابوسعيد الأشج: هو عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي، وعبدة بن سليمان: هو الكلابي. وانظر الحديثين السابقين.

ص: 147

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُسَمِّي الْمَرْءُ نَفْسَهُ إِذَا كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا مَلِكَ الْأَمْلَاكِ

5835] أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ

ص: 147

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ::"أَخْنَعُ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تُسَمَّى بِمِلْكِ الْأَمْلَاكِ" يَعْنِي: شَاهَانِ شاها1 [62:2]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن بشار ـ وهو الرمادي ـ فروى له أبو داود ولترمذي، وقد توبع. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 2/244، والبخاري "6206" في الأدب: باب أبغض الأسماء إلى الله، ومسلم "2143" "20" في الآداب: باب في تغيير الاسم القبيح، والترمذي "2837" في الأدب: باب ما يكره من الأسماء، والبيهقي 9/37 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "6205"، وفي "الأدب المفرد""817"، ومن طريقه البغوي "3369" من طريق شعيب، عن أبي الزناد، به.

وأخرجه مسلم "2143""21"، والبغوي "3370" من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/392، والبغوي "3371" من طريق خلاس بن عمرو، عن أبي هريرة.

وقوله: "أخنع الأسماء" أي: أذلُّها وأوضعها، والخنوع: الذلة والمسكنة، والخانع: والذليل الخاضع، وأخنى الأسماء أي: أفحشها أقبحها. وتأول بعضهم: "تسمى بملك الأملاك" أن يتسمى بأسماء الله عز وجل، كقول: الرحمن، الجبار، العزيز.

ص: 148

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُسَمَّى الرَّقِيقُ بِأَسَامِي معلومة

5836 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ سَمِعْتُ الرُّكَيْنَ بْنَ الرَّبِيعِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ

ص: 148

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: نَهَانَا نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ نُسَمِّيَ رَقِيقَنَا بِأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ: أَفْلَحَ وَرَبَاحٍ وَيَسَارٍ وَنَافِعٍ1 [24:2]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/666، وأحمد 5/12، والدارمي 2/292، ومسلم "2136" "10" في الآداب: باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة، وأبو داود "4959" في الأدب: باب تغيير الاسم القبيح، وابن ماجة "3630" في الأدب: باب ما يكره من الأسماء، والطبراني في "الكبير""6795"، والبيهقي 9/306 من طرق عن معتمر، بهذا لإسناد.

وأخرجه مسلم "2136""11" من طريق جرير، عن الركين، به وانظر الحديثين الآتيين.

ص: 149

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُسَمِّيَ الْمَرْءُ مَمَالِيكَهُ أَسَامِيَ مَعْلُومَةً

5837 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُسَمِّ عَبْدَكَ أَفْلَحَ وَلَا نَجِيحًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا يَسَارًا2، وَانْظُرُوا أَنْ لَا تَزِيدُوا عَلَيْهِ" 3 [72:2]

2 في الأصل: "التقاسيم" 2/187: "نجيح ورباح ويسار"، والتصحيح من أحمد والطالسي والطحاوي.

3 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هلال بن يساف فمن رجال مسلم.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/303 من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان، بهذا الإسناد. =

ص: 149

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: "وَانْظُرُوا أَنْ لَا تَزِيدُوا عَلَيْهِ" أَرَادَ بِهِ أَنْ لَا تَزِيدُوا عَلَى هَذَا الْعَدَدِ الَّذِي هُوَ الْأَرْبَعُ

5838 ـ أَخْبَرَنَا مَكْحُولٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُزْبُرَانِيُّ1، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ رَبَاحًا وَلَا نَجِيحًا وَلَا يَسَارًا2 وَلَا أَفْلَحَ، إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ، فَلَا تزيدوا عليه" 3 [72:2]

=وأخرجه الطيالسي "900"، وأحمد 5/11 من طريق شقبة، عن سلمة بن كهيل، به.وانظر الحديث السابق والآتي.

1 قال في "الأنساب" 10/415: الكربزاني: نسبة إلى كزبران، وهو لقب لبعض أجداد المنتسب إليه، وقد تحرف في "ثقات المؤلف"،8/49، و"تاريخ بغداد" 4/243 إلى: الكزراني.

2 في الأصل و "التقاسم" 2/187: "رباح ولا نجيح ولا يسار".

3 إسناده قوي. أحمد بن عبد الرحمن: ذكره المؤلف في "الثقات"، وروى عنه جمع، وقال الخطيب في "تاريخه": ما علمت من حاله إلا خيراً، وقال ابن أبي حاتم: أدركته ولم أسمع منه، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير الربيع بن عميلة، فمن رجال مسلم، مكحول: هو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/303، والطبراني "6794" من طريقين عن عبد الوارث العنبري، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "893"، وأحمد 5/7و21، ومسلم "2137"، =

ص: 150

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ فِي الزَّجْرِ عَنْ تَسْمِيَةِ الْغِلْمَانِ بِالْأَسَامِي الْأَرْبَعِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْخَبَرِ: هِيَ أَنَّ الْقَوْمَ كَانَ عَهْدُهُمْ بِالشِّرْكِ قَرِيبًا، وَكَانُوا يُسَمُّونَ الرَّقِيقَ بِهَذِهِ الْأَسَامِيَ، وَيَرَوْنَ الرِّبْحَ مِنْ رَبَاحٍ، وَالنُّجْحَ مِنْ نَجَاحٍ، وَالْيُسْرَ مِنْ يَسَارٍ، وَفَلَاحٍا مِنْ أَفْلَحَ لَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى جَلَّ وَعَلَا، فَمِنْ أَجْلِ هَذَا نَهَى عَمَّا نَهَى عنه.

ص: 151

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارُ عَنْ إِرَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم الزَّجْرَ عَنْ أَنْ يُسَمِّيَ الْمَرْءُ بِأَسَامِي مَعْلُومَةٍ

5839 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصباح البزاز، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ

أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ زَجَرْتُ أَنْ يُسَمَّى بَرَكَةً وَنَافِعًا وَأَفْلَحَ" فَلَا أَدْرِي قَالَ: أَفْلَحُ أَمْ لَا، فَقُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَزْجُرْ عَنْ ذَلِكَ، فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَزْجُرَ عَنْ ذَلِكَ، ثم تركه1 [34:3]

=وأبو داود "4958"، والترمذي "2836" في الأدب: باب ما يكره من الأسماء، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/303، والطبراني "6793"، والبيهقي 9/306 من طرق عن منصور بن المعتمر، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عملية، به. وانظر الحديثين السابقين.

1 إسناده قوي. وأخرجه ابن أبي شيية 8/666 ـ 667، والبخاري في "الأدب المفرد""833"، وأبو داود "4960" في الأدب: باب تغيير الاسم =

ص: 151

‌ذِكْرُ إِرَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم الزَّجْرَ عَنْ أَنْ يُسَمَّى الْمَرْءُ يَسَارًا

5840 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عن بن جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ

سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْهَى أَنْ يُسَمَّى بِبَرَكَةَ وَأَفْلَحَ وَيَسَارٍ وَنَافِعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ سَكَتَ عَنْهَا بَعْدُ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، وَقُبِضَ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَرَادَ عمر أن ينهى عن ذلك فتركه1 [34:3]

= القبيح، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/302 من طريقين عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. وهذا سنده صحيح. وانظر ما يأتي.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجال الشيخين غير أبي الزبير ـ وهو محمد بن مسلم بن تدرس ـ فمن رجال مسلم. محمد بن معمر: هو القيسي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد""834"، ومسلم "2138" في الآداب: باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/302، والبيهقي 9/306 من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "5839"و"5841"و"5842".

ص: 152

‌ذِكْرُ إِرَادَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الزَّجْرَ عَنْ أَنْ يُسَمَّى أَحَدٌ بِرَبَاحٍ وَنَجِيحٍ

5841 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَئِنْ عِشْتُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لئت عِشْتُ لَأَنْهَيَنَّ أَنْ

ص: 152

يسمى برباح ونجيح وافلح ويسار" 1 [34:3]

1 إسناده صحيح عبدة بن عبد الله: هو الصفار الخزاعي: ثقة من رجال البخاري، ومن فوقه ثقات من رجال مسلم. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله بن الزبير. وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه الحاكم 4/274 من طريقين عن أبي أحمد، بهذا الإسناد.

وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال الحاكم: ولا أعلم أحداً رواه عن الثوري يذكر عمر في إسناده غير أبي أحمد

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 2/302و4/13 من طريق محمد بن كثير العبدي، عن سفيان الثوري، به. ولم يذكر فيه عمر

وأخرج القسم الأول منه الطحاوي 4/12 من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، به. وانظر الحديث رقم "5839" و"5840" و "5842".

ص: 153

‌ذِكْرُ إِرَادَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الزَّجْرَ عَنْ أَنْ يُسَمِّي أَحَدٌ أَحَدًا بِمَيْمُونٍ

5842 ـ أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بن فضالة، عن بن جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: همَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَزْجُرَ أَنْ يُسَمَّى مَيْمُونٌ وَبَرَكَةُ وَأَفْلَحُ، وَهَذَا النَّحْوُ، ثُمَّ تَرَكَهُ2 [34:3]

2 إسناده صحيح. يزيد ـ هو ابن خالد بن يزيد بن موهب ـ روى له أصحاب السنن، وهو ثقة، ومن فوقه من رجال مسلم. المفضل بن فضالة: هو ابن عبيد بن ثمامة القتباني.

ص: 153

‌باب الصور والمصورين

‌مدخل

بَابُ الصُّوَرِ وَالْمُصَوِّرِينَ

5843 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ وَعِنْدِي نَمَطٌ فيه صورة، فوضعته على سهوتي، قال: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاجْتَبَذَهُ، وَقَالَ:"أَتَسْتُرِينَ الْجِدَارَ" فَجَعَلْتُهُ وِسَادَتَيْنِ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يرتفق عليهما1 [69:2]

1 أسامة بن زيد الليثي: حسن الحديث، روى له مسلم في الشواهد، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير أسماء بنت عبد الرحمن، فقد ذكرها المؤلف في "الثقات"، وروى لها أبو داود في "الناسخ".وأخرجه أحمد الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/283 عن يونس بن عبد الأعلى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/247 عن عثمان بن عمر، عن أسامة الليثي، به.

وأخرجه أحمد 6/112، والبخاري "5955" في اللباس: باب ما وطىء من التصاوير، ومسلم "2107" "90" في اللباس: باب تحريم = تصورير صورة الحيوان، والنسائي 8/213 في الزينة: باب التصاوير ومسلم "2107""90" في اللباس: باب تحريم =

ص: 154

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ عَلَى الْأَرْضِ وَالْجُدُرِ

5844 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصم، عن بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ

أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الصُّوَرِ في البيت1 [3:2]

=تصوير صورة الحيوان، والنسائي 8/213 في الزينة: باب التصاوير، والبيهقي 7/267 من طريق هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم من سفر وعلقت درنوكاً "أي: ستراً له خمل" فيه تماثيل، فأمرني أن أنزعته. لفظ البخاري. وانظر الحديث رقم "5444" و "5845" و "5847" و "5860".

والسهوة: قال الأصمعي: هي كالصفة بين البيت، ويقال: هي بيت صغير شبيه بالمخدع، ويقال: هي كالصفة بين يدي البيت البيت، ويقال: هي بيت صغير شبيه بالمخدع، ويقال: هي شبه الرف والطاف يوضع فيه الشيء، وقال ابن الأعرابي: السهوة: الكوة بين الدارين

والنمط: ضرب من البسط، له خمل رقيق.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم، يعقوب: هو ابن إبراهيم بن كثير، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.

وأخرجه أحمد 3/335و 384، والبيهقي 5/158 من طريق حجاج، والترمذي "1749" في اللباس: باب ما جاء في الصورة، وأبو يعلى "2244" =

ص: 155

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ الصُّوَرِ فِي الْبُيُوتِ

5845 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ

ص: 155

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَامَ عَلَى الْبَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَمَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، "فَمَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ" فَقَالَتِ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ تَقْعُدُ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدُهَا، فَقَالَ "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ" ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ" 1 [3:2]

قَالَ: أَبُو حَاتِمٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي يُوحَى فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ فِي بَيْتٍ وَفِيهِ صُورَةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ حَافِظَاهُ مَعَهُ، وَهُمَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى قوله:

=من طريق روح بن عبادة، كلاهما عن ابن جريج، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/283 من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير، به.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو في "الموطأ" 2/966 في الاستئذان: باب ما جاء في الصور والتماثيل، ومن طريقه أخرجه مسلم "2107" "96" في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، والطحاوي 4/284، والبيهقي 7/266 ـ 267و267.

وأخرجه الطيالسي "1425"، ومسلم "2107""96"، والنسائي 8/215 ـ 216 في الزينة: باب ذكر ما يكلف أصحاب الصور يوم القيامة، والطحاوي 4/282 ـ 283، والبيهقي 7/270 من طريق عن نافع، بهذا الاسناد. وانظر الحديث رقم "5843" و "5847" و "5860".

والنمرقة ـ بضم النون والراء وبكسرهما، وبضم النون وفتح الراء ـ: وسادة صغيرة.

ص: 156

"لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جَرَسٌ" 1 يُرِيدُ بِهِ رُفْقَةً فِيهَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَخْرُجَ الْحَاجُّ وَالْعُمَّارُ مِنْ أَقَاصِي الْمُدُنِ وَالْأَقْطَارِ يَؤُمُّونَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ عَلَى نَعَمٍ وَعِيسٍ2 بِأَجْرَاسٍ وَكِلَابٍ ثُمَّ لَا تَصْحَبُهَا الْمَلَائِكَةُ وَهُمْ وَفْدُ الله

1 تقدم تخريجه من حديث أم حبيبة برقم "4680" و "4685"، ومن حديث أبي هريرة برقم "6483".

2 أي: الإبل، ويخص العيس بالإبل البيض التي يخالط بياضها شيء من الشقرة.

ص: 157

‌ذِكْرُ تَعْذِيبِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْمُصَوِّرِينَ الَّذِينَ يصورون الصور

5846 ـ أخبرنا بن مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِشْكَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي الحسن عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي عَمِلْتُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يُعَذَّبُ الْمُصَوِّرِينَ لِمَا3 صَوَّرُوا" قَالَ: فَذَهَبَ الرَّجُلُ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ عيالا4

قال بن عباس: لا تصور شيئا فيه روح [109:2]

3 في هامش الأصل: "بما""خ".

4 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن الحسين وشيخه، فمن رجال البخاري. قراد: هو ابن عبد الرحمن بن غزوان، وعوف: هو ابن أبي جميلة

وأخرجه البخاري "2225" في البيوع: باب بيع التصاوير التي ليس =

ص: 157

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصَوِّرِينَ يَكُونُونَ فِي الْقِيَامَةِ مِنْ أَشَدِّ خَلْقِ اللَّهِ عَذَابًا

5847 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْوَى إِلَى الْقِرَامِ، فَهَتَكَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ:"إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ الله" 1 [109:2]

=فيها روح، والطبراني 12/"12772" و"12773"، والبيهقي 7/270 من طرق عن عوف، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/308، ومسلم "2110" "99" في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، من طريق يحيى بن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي الحسين، به وانظر الحديث رقم "5848".

1 حديث صحيح. ابن أبي السري ـ وهو محمد بن المتوكل ـ قد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق""19484".

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مسلم "2107""91" في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، والبيهقي 7/267.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/483، والبخاري "6109" في الأدب: باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله تعالى، ومسلم "2107""91"، والنسائي 8/214 في الزينة: باب ذكر أشد الناس عذاباً، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/283، والبيهقي 7/267 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه البخاري "5954" في اللباس: باب ما وطئ من التصاوير، =

ص: 158

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْعَذَابِ الَّذِي يُعَذَّبُ بِهِ الْمُصَوِّرُونَ

5848 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَوْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ:

كنت عند بن عَبَّاسٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ:"إِنِّي رَجُلٌ مَعِيشَتِي من هذه التصاوير، فقال بن عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ صَوَّرَ صُورَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُهُ حتى ينفخ فيه الروح وليس نافخ" فاصفر لونه، فقال: إن كنت لا بد فعليك بالشجر وما ليس فيه روح1 [109:2]

=ومسلم "2107"، والنسائي 8/214، والبيهقي 7/269، والبغوي "3215" من طريق عبد الرحمن بن القاسم، والنسائي 8/216 من طريق سماك، كلاهما عن القاسم، به. وانظر "5843" و "5860"

وقولها: "وهي مستترة" أي: متخدة ستراً. والقرام: هو الستر الرقيق.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد، فمن رجال البخاري. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعوف: هو ابن إبي جميلة.

وأخرجه أحمد 1/241 و350، وابن أبي شيبة 8/484 ـ 485، والبخاري "5963" في اللباس: باب من صور صورة كلِّفَ يوم القيامة، أن ينفخ فيها الروح، ومسلم "2110" في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، والنسائي 8/251 في الزينة: باب ذكر ما كلف أصحاب الصور يوم القيامة، والطبراني "12900"، والبغوي "3219" من طريق النضر بن أنس بن مالك، عن ابن عباس. وقد تقدم برقم "5656" و "5657" و "5846".

ص: 159

‌ذِكْرُ نَفْيِ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ

5849 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ

أَنَّ رَافِعَ بْنَ إِسْحَاقَ مَوْلَى آلِ الشِّفَاءِ أَخْبَرَهُ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ نَعُودُهُ قَالَ: فَقَالَ لَنَا أَبُو سَعِيدٍ: أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ صُورَةٌ"

يَشُكُّ إِسْحَاقُ أَيُّهُمَا قَالَ أَبُو سعيد1

1 إسناده، رجاله ثقات رجال الشيخين غير رافع بن إسحاق، فروى له الترمذي وابن ماجة، وهوثقة.

وهو في "الموطأ" 2/965 ـ 966 في الاستئذان: باب ما جاء في الصور والتماثيل، ومن طريقه أخرجه أحمد 3/90، والترمذي "2805" في الأدب: باب ما جاء إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ولا كلب وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 160

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ تَدْخُلُ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنَ الصُّوَرِ

5850 ـ أَخْبَرَنَا بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ

عَنْ أَبِي طَلْحَةَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ

ص: 160

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة" قَالَ بُسْرٌ ثُمَّ اشْتَكَى، فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ، وَإِذَا فِيهِ صُورَةٌ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا، وَيَدَعُ الثَّوْبَ! قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَلَمْ تَسْمَعْهُ قَالَ: "إِلَّا رَقْمًا في ثوب" 1 [109:2]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد ـ وهو ابنُ خالد بن يزيد بن وهب ـ فروى له أصحاب السنن، وهو ثقة.

وأخرجه أحمد 4/28، والبخاري "5958" في اللباس: باب من كره القعود على الصور، ومسلم "2106" "85" في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، وأبو داود "4155" في اللباس: باب في الصور، والنسائي 8/212 في الزينة: باب التصاوير، والبيهقي 7/217، والبغوي "3222" من طريق عن الليث، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "3226" في بدء الخلق: باب إذا قال أحدكم: آمين، ومسلم "2106""86"، والطحاوي 4/285، والبيهقي 7/271 من طريق عمرو بن الحارث عن بكير، به. وانظر الحديث رقم "5444"و "5851" و "5855".

زيد بن خالد: هو الجهني الصحابي، وأبو طلحة: هو زيد بن سهل الأنصاري الصحابي المشهور، وعبيد الله الخولاني: هو عبيد الله بن الأسود، ويقال: ابن أسد، ويقال له: ربيب ميمونة، لانها كانت ربته، وكان من مواليها ولم يكن ابن زوجها، وكان مع بسر بن سعيد حين حدثه زيد بن خالد الجهني كما جاء مصرحاً بذلك في رواية البخاري في بدء الخلق.

وقوله: "إلا رقماً في ثوب" قال البغوي: أصل الرقم: الكتابة، ومنه قوله تعالى:{كِتَابٌ مَرْقُومٌ} ، والصورة غير الرقم. قال: الخطابي: لعله أراد أن الصورة المنهي عنها إنما هي ما كان له شخص دون ما كان منسوجاً في ثوب أو منقوشا في جدار، وذهب إليه قوم

وانظر "معالم السنن" 4/201، والطحاوي 4/285.

ص: 161

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ "إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ" مِنْ كَلَامِ

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا مِنْ كَلَامِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ

5851 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ

أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ يَعُودُهُ قَالَ: فَوَجَدْنَا عِنْدَهُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ قَالَ: فَدَعَا أَبُو طَلْحَةَ إِنْسَانًا، فَنَزَعَ نَمَطًا تَحْتَهُ، فَقَالَ لَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: لِمَ تَنْزِعْهُ؟ فَقَالَ: إِنَّ فِيهِ تَصَاوِيرَ، وَقَدْ قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَقَالَ سَهْلٌ: أَلَمْ يَقُلْ: "إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثوب"؟ قال: بلى ولكنه أطيب لنفسي1 [109:2]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية التميمي.

وهو في "الموطأ" 2/966 في الاستئذان: باب ما جاء في الصور والتماثيل، ومن طريقه أخرجه النسائي 8/212، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/285.

وأخرجه الطحاوي 4/285 عن ابن إسحاق، عن أبي النضر بهذا الإسناد، وانظر الحديث رقم "5444" و "5850" و "5855".سرت، فسألته

ص: 162

‌ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ الْأَشْيَاءَ

5852 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ:

رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى حَجَّامًا، فَأَتَى بِمَحَاجِمِهِ فَكُسِرَتْ، فسألته

ص: 162

عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الْبَغِيِّ، وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور1 [109:2]

1 إسناده صحيح على شرط الشخين.

وأخرجه الطبراني 22/"296" عن أبي خليفة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "1043"، وأحمد 4/308و 309، والبخاري "2086" في البيوع: باب موكل الربا، "2238" باب ثمن الكلب، "5347" في الطلاق: باب مهر البغي والنكاح الفاسد، "5945" في اللباس: باب الواشمة، و"5962" باب لعن المصور، وأبو داود "3383" في البيوع: باب في أثمان الكلب، وأبو يعلى "89"، والطبراني 22/"295"، والبيهقي 6/6، والبغوي "2039" من طرق عن شبعة، به.

وأخرجه أحمد 4/309، والطبراني 22/287 من طريق يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن عون أبي جحفة، به، وختصراً.

وأخرجه الطبراني 22/ "272"، و"273" من طريق عبد الجبار بن العباس، و "284" من طريق كامل أبي العلاء، و "298" من طريق محمد بن جابر، ثلاثتهم عن عون، به.

وأخرجه 22/"299" من طريق أيوب بن جابر، عن عون، عن أبيه قال: كان لنا غلام حجام، فهنانا النبي صلى الله عليه وسلم عن أن نأكل من كسبه شيئاً، وانظر "4939".

قال البغوي في "شرح السنة" 8/25: بيع الدم لا يجوز، لأنه نجس، وحمل بعضهم نهيه عن ثمن الدم على أجرة الحجام، وجعله نهي تنزيه، والنهي عن كسب الأمة على وجه التنزيه، لأنه لايؤمن أن تكتسب بفرجها خصوصاً إذا لم يكن لها كسب، والمراد أن لا يجعل عليها خراجاً معلوماً تؤديه في كل يوم، ولعن آكل الربا ومكله، لأنهما اشتركا في الفعل وإن كان أحدهما مغتبطا بالرّبح، والآخر مهتضماً بالنقص، وأرد بالمصور الذي يصور =

ص: 163

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ الْبُيُوتَ الَّتِي فِيهَا التَّمَاثِيلُ

5853 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَفِي بَيْتِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتْرٌ مُصَوِّرٌ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فقَالَ: نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "ادْخُلْ، فَقَالَ: إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَإِنْ كنت لا بد جاعلا في بيتك، فاقطع رؤوسها، أو اقطعها وسائد، واجعلها بسطا" 1

= صور الحيوان دون من يصور صور الأشجار والنبات، لأن الأصنام التي كانت تعبد كانت على صورة الحيوان.

1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد بن وهب بن أبي كريمة، فقد روى له النسائي، وهو صدوق، وأبو إسحاق ـ إن اختط بأخره ـ قد توبع. محمد بن سلمة: هو ابن عبد الله الباهلي، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد بن سماك الحراني.

وأخرجه النسائي 8/216 في الزينة: باب ذكر أشد الناس عذابا، وعبد الرزاق "19488"، ومن طريقه ومن طريقه أحمد 2/308، والبيهقي 7/270، والبغوي "3223" من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "2112" في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، من طريق سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة مختصراً. وانظر الحديث الآتي.

ص: 164

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُجَاهِدًا

لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا

5854 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ:

حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي الْبَيْتِ تِمْثَالُ رَجُلٍ وَكَانَ فِي الْبَيْتِ سِتْرٌ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ فَأَمَرَ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ ان يقطع وامر بالسترالذي فيه تمثال أَنْ يُقْطَعَ رَأْسُ التِّمْثَالِ، وَجُعِلَ مِنْهُ وِسَادَتانِ وَأَمَرَ بِالْكَلْبِ فَأُخْرِجَ وَكَانَ الْكَلْبُ جَرْوًا لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُمْ قَالَ ثُمَّ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَمَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ انه سيورثه"1 [20:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يونس بن أبي إسحاق، فمن رجال مسلم، وهو صدوق.

وأخرجه أحمد 2/305و478، وأبو داود "4158" في اللباس: باب في الصور، والترمذي "2806" في الأدب: باب ما جاء إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ولا كلب، والبيهقي 7/270 من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وانظر الحديث السابق، وحديث رقم "512".

ص: 165

‌ذِكْرُ نَفْيِ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي فِيهَا الصور والكلاب

5855 ـ أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا بن وهب،

ص: 165

حدثنا يونس عن بن شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ انه سمع بن عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صورة" 1 [41:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة فمن رجال مسلم. عبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود الهذلي.

وأخرجه مسلم "2106""84" من طريق أبي الطاهر، عن ابن وهب، به.

وأخرجه الطيالسي "1228"، والحميد "431"، وابن أبي شيبة 8/478، وأحمد 4/28و29، والبخاري "3225" في بدء الخلق: باب إذا قال أحدكم: "آمين"، و "3322" إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، و"4002" في المغازي: باب 12، و"2804" في الأدب: باب التصاوير، ومسلم "2106""83"و"84"، والترمذي "2804" في الأدب: باب ما جاء أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ولا كلب، والنسائي 7/185 ـ 186 في الصيد والذبائح: باب امتناع الملائكة من دخول بيت فيه كلب، و8/212

ص: 166

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ" أَرَادَ بِهِ بَيْتًا يُوحَى فِيهِ، لَا كُلَّ الْبُيُوتِ

5856 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، حدثنا بن وهب، أخبرنا يونس، عن بن شهاب، عن بن السَّبَّاقِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ:

ص: 166

أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا، قَالَتْ مَيْمُونَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أن جِبْرِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِيَ اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَلْقَنِي، أَمَا وَاللَّهِ مَا أَخْلَفَنِي" قَالَ: فَظَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَهُ ذَلِكَ، عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَهُ، فَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً، فَنَضَحَ مَكَانَهُ، فَلَمَّا أَمْسَى، لَقِيَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ:"قَدْ كُنْتَ وَعَدْتَنِي أَنْ تَلْقَانِيَ الْبَارِحَةَ، قَالَ: أَجَلْ وَلَكِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ" 1 [41:3]

=في الزينة: باب التصاوير، وابن وابن ماجة "3649" في اللباس: باب الصور في البيت، وأبو يعلى "1430"، والطحاوي في "شرح معاني 4/282، والبيهقي 1/251 و 7/267، والبغوي "3212" من طرق عن ابن شهاب، به. وانظر الحديث رقم "5444" و "5850" و"05851".

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم "2105" في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، والبيهقي 1/242 من طريق حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد

وأخرجه أبو داود "4157" في اللباس: باب في الصور، والبيهقي 1/242و243 من طريقين عن ابن وهب، به

وأخرجه الطبراني 23/"1047" من طريق الليث، عن يونس، به.

وأخرجه أحمد 6/330، والنسائي 7/186 في الصيد: باب امتناع الملائكة من دخول بيت فيه كلب، والطبراني 23/"1047"و 24/"32" من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه الطبراني 23/"1046"، والبيهقي 1/243 من طريق الزهري، عن عبيد الله بن عتبة، عن ابن عباس، به.

ص: 167

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا هُوَ عُبَيْدُ بْنُ السباق.

ص: 168

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قُصِدَ بِهَا الْمَوَاضِعُ الَّتِي فِيهَا الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْمَوَاضِعِ

5857 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ

حَدَّثَنَا جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عُمَرَ بن الخطاب رضى الله تعالى عَنْهُ زَمَنَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ أَنْ يَأْتِيَ الْكَعْبَةَ، فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا، فَلَمْ يَدْخُلْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مُحِيَتْ كل صورة فيها1 [41:3]

1 إسناده جيد. وأخرجه أبو داود "4156" في اللباس: باب في الصور، ومن طريقه البيهقي 7/268 عن الحسن بن الصباح، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن ابن عباس، وسيأتي برقم "5861".

ص: 168

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ الْبُيُوتَ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ

5858 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عن كريب مولى بن عباس

عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ دَخَلَ الْبَيْتَ وَجَدَ فِيهِ

ص: 168

صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَصُورَةَ مَرْيَمَ، قَالَ:"أَمَّا هُمْ لَقَدْ سَمِعُوا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، هَذَا إِبْرَاهِيمُ مُصَوِّرٌ، فَمَا بَالُهُ يستقسم" 1 [66:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم. بكير: هو عبد الله بن الأشج.

وأخرجه أحمد 1/277، والبخاري "3351" في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} ،والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 5/201، والطحاوي 4/282 والطبراني في "الكبير""12171"، والبيهقي 5/158 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني "12198" من طريق ابن لهيعة، عن بكير، به وانظر الحديث رقم "5861".

والاستقسام: طلب القسم، وكان استقسامهم بها أنهم كانوا إذا أراد أحدهم سفراً أو تزويجاً أو نحو ذلك، ضرب بالقدح، وكانت قداحاً على بعضها مكتوب: أمرني ربي، وعلى الآخر:"نهاني ربي"، أمسك، فإن خرج:"أمرني ربي" مضى لشأنه، وإن خرج:"نهاني ربي"، أمسك، وإن خرج الغفل، عاد، فأجالها، وضرب بها مرة أخرى، فمعنى الاستقسام: طلب ما قسم له بما لايقسم. والأزلام: هي القداح والسهام التي كانوا تستقسمون بها.

ص: 169

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ التَّصْوِيرِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ

5859 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ

قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ دَارًا لِسَعِيدٍ أَوْ لِمَرْوَانَ، فرأى مصور يُصَوِّرُ فِي الْجِدَارِ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: مَنْ أَظْلَمُ

ص: 169

مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا ذَرَّةً" 1 [68:3]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةٍ، أَوْ لِيَخْلُقُوا ذَرَّةً" مِنْ أَلْفَاظِ الْأَوَامِرِ التي مرادها التعجيز

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين أبو خيثمة: هوزهير بن حرب، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير البجلي.

وأخرجه مسلم "2111" في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، عن أبي خيثمة، بهذا الإسناد،

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/484، والبخاري "5953" في اللباس: باب نقض الصور، و"7559" في التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ، ومسلم "2111"، والبيهقي 7/268، والطحاوي 4/283، والبغوي "3217" من طريقين عن عمارة بن القعقاع، به.

وأخرجه أحمد 2/259، و391،و451و527 من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.

ص: 170

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ تَرْكُ الدُّخُولِ فِي الْبُيُوتِ الَّتِي فِيهَا سُتُورٌ، عَلَيْهَا تَمَاثِيلُ

5860 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ حدثنا حرملة، قال حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَصَبَتْ سِتْرًا فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَعَهُ، قَالَتْ: فَقَطَّعْتُهُ وِسَادَتَيْنِ، فَقَالَ رَجُلٌ فِي الْمَجْلِسِ، يُقَالُ لَهُ: رَبِيعَةُ بْنُ عَطَاءٍ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ: أَمَا سَمِعْتَ أَبَا مُحَمَّدٍ يَذْكُرُ أَنَّ

ص: 170

عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يرتفق عليهما؟ 1 قال بن الْقَاسِمِ: لَا، قَالَ: لَكِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ يُرِيدُ القاسم بن محمد2 [8:5]

1 في الأصل "عليها"، والمثبت من "التقاسيم"4/271.

"1" إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم "2107""95" في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، والنسائي 8/214 في الزينة باب التصاوير، والبيهقي 7/269 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/284 من طريق عمرو بن الحارث، به.

وأخرجه أحمد 6/103 من طريق ابن لهيعة، عن بكير، به.

وأخرجه الطيالسي "1433"، وأحمد 6/172و214، والبخاري "2479" في المظالم: باب هل تكسر الدنان التي فيها خمر، ومسلم "2107""93"و"94"، والنسائي 8/213 ـ 214 في الزينة: باب التصاوير، وابن ماجه "3653" في اللباس: باب الصور فيما يوطأ، والطحاوي 4/284 من طرق عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة بنحوه

وأخرجه الطحاوي 4/284 4/284 من طريق ربيعة بن عطاء، عن القاسم، به، وانظر الحديث رقم "5843"و"5845و"5847".

ص: 171

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَيْتُ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

5861 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عن عكرمة

عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ ـ يَعْنِي

ص: 171

الْكَعْبَةَ ـ لَمْ يَدْخُلْ، وَأَمَرَ بِهَا، فمُحِيَتْ، وَرَأَى إبراهيم وإسماعيل باديهم الْأَزْلَامُ، فَقَالَ: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا اسْتَقْسَمَا بالأزلام قط1 [9:5]

1 إسناد صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن المديني وعكرمة فمن رجال البخاري.

وهوفي "مصنف عبد الرزاق""19485"، ومن طريقه أخرجه أحمد 1/365، والطبراني "11845"، والبغوي "3214"

وأخرجه البخاري "3352" في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} ،والحاكم 2/550 من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/334، والبخاري "1601" في الحج: باب من كبر في نواحي الكعبة، و"4288" في المغازي: باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح، وأبو داود "2027" في المناسك: باب في دخول الكعبة، والبيهقي 5/158، والبغوي "3815" من طريق عبد الوارث، عن أيوب بن أبي تميمة، به.

ص: 172

‌ذِكْرُ وَصْفِ عَدَدِ الْأَصْنَامِ الَّتِي كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ

5862 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ بن أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ وَحَوْلَهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ كَانَ مَعَهُ، ويقول:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} 2 (الاسراء:81)[66:3]

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وسفيان =

ص: 172

‌بَابُ اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ

‌ذِكْرُ جَوَازِ لَعِبِ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَهِيَ غَيْرُ مُدْرِكَةٍ بِاللُّعَبِ

5863 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه

= هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله، وأبو معمر: هو عبد الله سخبرة.

وأخرجه أحمد 1/377، والبخاري "2478"، في المظالم: باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر أو تخرق الزقاق، و"4287" في المغازي: باب أين ركز النبي صلى الله عليه الراية يوم الفتح، و "4720" في تفسير سورة بني إسرائيل: باب {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} ،ومسلم "17881" في الجهاد: باب إزالة الأصنام من حول الكعبة، والترمذي "3138" في التفسير: باب ومن سورة بني إسرائيل، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة الأشراف" 7/66، والطبراني "10427"، والبيهقي 6/101، والبغوي في "شرح السنة"، "3813"، وفي "التفسير" 3/133 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "1781"، والطبراني في "جامع البيان" 15/152، والطبراني في "الصغير""210"، وفي "الكبرى""10535" من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن ابن أبي نجيح، به. وقال الطبراني في "الصغير": لم يروه عن سفيان الثوري إلا عبد الرزاق.

ص: 173

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: فَكُنَّ يَأْتِينِي صَوَاحِبِي، فَكُنَّ إِذَا رَأَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقَمِعْنَ مِنْهُ، فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إلي يلعبن معي1 [9:5]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو ابن أبان الأموي.

وأخرجه أحمد 6/234 عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق "19722"، والحميدي "260"، وأحمد 6/166 و233، وابن سعد 8/58 ـ 59و61و65، والبخاري "6130" في الأدب: باب الانبساط إلى الناس، ومسلم "2440" في فضائل الصحابة: باب في فضل عائشة رضي الله عنها، وأبو داود "4931" في الأدب: باب في اللعب بالبنات، والنسائي 6/131 في النكاح: باب البناء بابنة تسع، وابن ماجة "1982" في النكاح: باب حسن معاشرة النساء، والطبراني 23/"275""277" و"278"، والبيهقي 10/219 من طرق عن هشام بن عروة، به.

وأخرجه ابن سعد 8/62، والطبراني 23/"280" من طريق يريد بن رومان، عن عروة، به. وانظر الأحاديث الثلاثة الآتية.

وقوله: "ينقمعن" أي: يتغيبن ويستترن، و "يسربهن" أي: يرسلهن ويدفعهن إلي=

ص: 174

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِصِغَارِ النِّسَاءِ اللَّعِبَ بِاللُّعَبِ وَإِنْ كَانَ لَهَا صُوَرٌ

5864 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَلْعَبُ بِاللُّعَبِ،

ص: 174

فَرَفَعَ السِّتْرَ، وَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ فَقُلْتُ: لُعَبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "مَا هَذَا الَّذِي أَرَى بَيْنَهُنَّ" قُلْتُ: فَرَسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"فَرَسٌ مِنْ رِقَاعٍ لَهُ جَنَاحٌ"؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَلَمْ يَكُنْ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ خَيْلٌ لَهَا أَجْنِحَةٌ؟ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 [50:4]

= واستدل بهذا الحديث كما في "الفتح" 10/527 على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض، ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن.

1 إسناده على شرط مسلم. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمينة، ويحيى بن أيوب: هو الغافقي.

وأخرجه أبو داود "4932" في الأدب: باب في اللعب بالبنات، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 12/358، والبيهقي 10/219 من طريق سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم أيضاَ. وانظر الحديث رقم "5863" و "5865" و "5866"

ص: 175

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُسَمِّي لُعَبَهَا الْبَنَاتِ

5865 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ2 [50:4]

2 إسناده قوي. كثير بن عبيد: هو الحمصي، روى له أصحاب السنن، =

ص: 175

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ أَنْ تَجْتَمِعَ مَعَ أَمْثَالِهَا لِلَّعِبِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ

5866 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبيد اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ، قالت: كنت العب بالبنات، وتجئ صَوَاحِبِي، فَيَلْعَبْنَ مَعِي، فَإِذَا رَأَيْنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قُمْنَ مِنْهُ، فَكَانَ يُدْخِلُهُنَّ الى فيلعبن معي1 [50:4]

=وهو ثقة، ومن فوقه من رجال الشيخين غير محمد بن حمير، فمن رجال البخاري، وهو صدوق.

وأخرجه الطبراني 23/"276" عن أحمد بن علي الأبار، عن كثير بن عبيد الحمصي، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "5863" و "5864" و"5865"

1 إسناده صحيح على شرط مسلم الشيخين.

واخرجه أحمد 6/57، وابن سعد 8/66، والطبراني 23/"279" من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "5863" و "5864" و "5865".

ص: 176

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ النَّظَرَ إِلَى لَعِبِ الْحَبَشَةِ الَّذِي لَا يَشُوبُهُ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

5867 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، إِذْ دَخَلَ عُمَرُ فَأَهْوَى إِلَى الْحَصَا، فَحَصَبَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعْهُمْ

ص: 176

يا عمر" 1

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو في "مصنف عبد الرزاق""19724"، ومن طريقه أخرجه أحمد 2/308، ومسلم "893" في العيدين: باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد، والبيهقي 10/17، والبغوي "1112"

وأخرجه البخاري "2901" في الجهاد: باب اللهو بالحراب ونحوها، من طريق هشام، عن معمر، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "5876"

ص: 177

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْحُرَّةِ النَّظَرَ إِلَى لَعِبِ الْحَبَشَةِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ

5868 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بن شِهَابٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُغَنِّيَانِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسَجًّى بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ، وَقَالَ:"دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ" قَالَتْ: وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَأَنَا جَارِيَةٌ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْعَرِبَةِ2، الْحَدِيثَةِ السِّنِّ3 [50:4]

2 في الأصل و "التقاسيم" 4/78: "العربية"، والمثبت من "صحيح مسلم" "892" "17" والعربة: قال في "النهاية": هي الحريصة على اللهو، وأما العرب ـ بضمتين ـ فجمع عروب، وهي المرأة الحسناء المتحببة إلى زوجها.

3 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة، =

ص: 177

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَقَ دُفُوفَهُمَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ

5869 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ راشد، عن الزهرى، عن عروة

=فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم "892""17" في العيدين: باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه، عن هارون بن سعيد، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/33و127، والنسائي 3/195 في العيدين: باب ضرب الدف في يوم العيد من طريقين عن الزهري، به وأخرج البخاري "949" و "950"في العيدين: باب الحراب والدرق يوم العيد، و"2906" و "2907" في الجهاد: باب الدرق، ومسلم "892""19" من طريق محمد بن عبد الرحمن الأسدي، عن عروة، به.

وأخرجه عبد الرزاق "19736" من طريق ابن ملكية، عن عائشة، وأخرج الجزء الأخير منه: عبد الرزاق "19721"، والبخاري "454" في الصلاة: باب أصحاب الحراب في المسجد، و"5190" في النكاح: باب حسن المعاشرة مع الأهل، و"5229" باب نظر المرأة إلى الجيش ونحوهم من غير ريبة، ومسلم "892""18"، والنسائي 3/195 ـ 196 في العيدين: باب اللعب في المسجد، والبيهقي 7/92 من طريق الزهري، به.

وأخرجه أيضاً مسلم "892""21" من طريق عبيد بن عمير، عن عائشة. وانظر الحديث رقم "5869" و"5871"و"5877".

وقولها: "فاقدروا الجارية العرِبة الحديث السن" أي: قدروا رغبتها في ذلك إلى أن تنتهي، أي: قيسوا أمرها في حداثتها وحرصها على اللهو.

ص: 178

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ، وَتَضْرِبَانِ بِالدُّفِّ، فَسَبَّهُمَا، وَخَرَقَ دُفَّيْهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُمَا فَإِنَّهَا أَيَّامُ عيد" 1 [50:4]

1 إسناده صحيح، محمد بن سهل بن عسكر: ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير إسحاق بن راشد، فمن رجال البخاري. وانظر "5867" و "5871" و "5876" و "5877".

ص: 179

‌ذِكْرُ بَعْضِ مَا كَانَتِ الْحَبَشَةُ تَقُولُ فِي لَعِبِهِمْ ذَلِكَ

5870 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الْحَبَشَةَ كَانُوا يَزْفِنُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ لَا يَفْهَمْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا يَقُولُونَ" قَالُوا مُحَمَّدٌ عبد صالح 2 [50:4]

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/152 عن عبد الصمد، عن حماد، بهذا الإسناد.

وقوله: "يزفنون" أي: يرقصون. وأخرج مسلم في "صحيحه""892""20" من طريق هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قالت: جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعت رأسي على منكبيه، فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا أنصرف عن النظر إليهم. قال النووي: معناها: يرقصون، وحمله العلماء على التوثب بسلاحهم ولعبهم بحرابهم على قريب من هيئة الرقص، لأن معظم الروايات أنما فيها لعبهم بحرابهم على هذه اللفظة على موافقة سائر الروايات.

ص: 179

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْقَوْلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِغَزَلٍ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ وَكَذَلِكَ اللَّعِبِ فِي الْمَسْجِدِ

5871 ـ أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ عِيدٍ وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ وَتُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وَجْهِهِ، وَقَالَ:"دَعْهُنَّ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ، وَتِلْكَ أَيَّامُ مِنًى" قَالَتْ عَائِشَةُ: وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا جَارِيَةٌ1 [50:4]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فَهَذَا آخِرُ جَوَامِعِ الْإِبَاحَاتِ عَنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَمْلَيْنَاهَا بِفُصُولِهَا، وَقَدْ بَقِيَ فِي هَذَا الْقِسْمِ أَحَادِيثُ بَدَّدْنَاهَا فِي سَائِرِ الْأَقْسَامِ، كَمَا بَدَّدْنَا مِنْهَا فِي هَذَا الْقِسْمِ عَلَى مَا أَصَّلْنَا الْكِتَابَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا نُمْلِي بَعْدَ هَذَا الْقِسْمِ الْقِسْمَ الْخَامِسَ مِنْ أقسام السنن

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد ابن موهب، وهو يزيد بن خالد بن عقيل.

وأخرجه البخاري "987" و"988" في العيدين: باب إذا فاته العيد يصلى ركعتين، و"3529" و"3530" في الأنبياء: باب قصة الحبش، والبيهقي 7/92و10/224 من طريق يحيى بن بكير، عن الليث، بهذا الإسناد. وانظر "5868" و "5869" و"5876" و"5877".

ص: 180

الَّتِي هِيَ أَفْعَالُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِفُصُولِهَا وَأَنْوَاعِهَا إِنِ اللَّهُ قَضَى ذَلِكَ وَشَاءَهُ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِمَّنْ هُدِيَ لِسَبِيلِ الرَّشَادِ، وَوُفِّقَ لِسُلُوكِ السَّدَادِ، وَشَمَّرَ فِي جَمْعِ السُّنَنِ وَالْأَخْبَارِ، وَتَفَقَّهَ فِي صَحِيحِ الْآثَارِ، وَآثَرَ مَا يُقَرِّبُ إِلَى الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا مِنَ الْأَعْمَالِ عَلَى مَا يُبَاعِدُ مِنْهُ فِي الْأُصُولِ إِنَّهُ خير مسؤول1

1 كلام ابن حبان هذا ليس موضعه هنا، وهو مذكور في "التقاسيم والأنواع" عند إنتهاء القسم الرابع منه، ومؤلف"الإحسان" قد ذكر في المقدمة أنه لا يسقط شيئاً مما في "التقاسيم والأنواع"، ووفاء بما شرط على نفسه، فقد أثبت كلام ابن حبان هذا هنا وإن كان لا صلة له بما قبله.

ص: 181

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ اسْمِ الْعِصْيَانِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّاعِبِ بِالنَّرْدِ فِي الدُّنْيَا

5872 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ

عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ" 2

2 رجاله ثقات رجال الشيخين غير موسى بن ميسرة، فقد روى له أبو داود، وهو ثقة، لكن فيه علة الانقطاع بين سعيد بن أبي هند وأبي موسى، فإن سعيد بن أبي هند لم يلق أبا موسى فيما قاله أبو حاتم كما نقله، ابنه في "المراسيل" ص74، لكن له طريق آخر بنحوه يتقوى به

وهو في "الموطأ" 2/958 في الرؤيا: باب ما جاء في النرد، ومن طريقه أخرجه أحمد 4/397، والبخاري في "الأدب المفرد""1269"، وأبو داود "4938" في الأدب: باب في النهي عن اللعب بالنرد، والبيهقي=

ص: 181

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ اللَّاعِبِ بِالنَّرْدِ فِي التمثيل

5873 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الطاهر، حدثنا

= 10/214، والبغوي "3414".

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/735و737، وأحمد 4/394 و400، والبخاري في "الأدب المفرد""1272"، وأبو يعلى ورقة 340/2، وابن ماجة "3762" في الأدب: باب اللعب بالنرد، والحاكم 1/50، والبيهقي 10/215 من طريق نافع وأسامة بن زيد الليثي، كلاهما عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى، به

وأخرجه عبد الرزاق "19730" من طريق أسامة بن زيد، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي مرة مولى عقيل، عن أبي موسى. وقال الدارقطني في "العلل" كما في "التهذيب" في ترجمة سعيد بن أبي هند: هذا أثبته بالصواب. وعلق عليه ابن حجر بقوله: رواه كذلك من طريق عبد الله بن المبارك، عن أسامة، لكن رواه ابن وهب عن أسامة، فلم يذكر فيه أبا مرة.

وأخرجه الطيالسي "510" عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى موقوفاً.

وأخرجه أحمد 4/407، وأبو يعلى ورقة 340، والبيهقي 10/315 من طريق يزيد بن خصفة، عن حميد بن بشير بن المحرر، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي موسى رفعه:"لا يقلب كعباتها أحد ينتظر ما تأتي به إلا عصى الله ورسوله"، وحميد بن بشير: ذكره ابن حبان في "الثقات" 6/191 وسماه: حميد بن بكر، وقال: يعتبر بحديثه إذا لم يكن في إسناده إنسان ضعيف، وباقي رجاله ثقات. فهذا الطريق يشد الطريق الأول، فيتقوي به الحديث، ويشهد له حديث بريدة الآتي.

ص: 182

ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ

عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَكَأَنَّمَا غمس يده في لحم خنزير ودمه" 1 [28:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الطاهر ـ واسمه أحمد بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بن السرح ـ وسليمان بن بريدة، فمن رجال مسلم،

وأخرجه أحمد 5/352 و357و361، وابن أبي شيبة 8/735، والبخاري في "الأدب المفرد""1271"، ومسلم "2260" ف الشعر: باب تحريم اللعب بالنردشير، وأبو داود "4939" في الأدب: باب اللعب بالنرد، والبيهقي 10/214، والبغوي "3415" من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

ص: 183

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اشْتِغَالِ الْمَرْءِ بِالْحَمَامِ وَسَائِرِ الطُّيُورِ عَبَثًا

5874 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَامٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يتبع حمامة، فقال:" شيطان يتبع شيطانه" 2 [46:2]

2 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد بن عمرو ـ وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ ـ فقد روى له البخاري مقروناً ومسلم متابعة، وهوصدوق.

وأخرجه أحمد 2/345، والبخاري في "الأدب المفرد""1300"، وأبو داود "4940" في الأدب: باب في اللعب بالحمام، وابن ماجة "3765" في الأدب: باب اللعب بالحمام، والبيهقي 10/213 من طرق عن =

ص: 183

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: اللَّاعِبُ بِالْحَمَامِ لَا يَتَعَدَّى لَعِبُهُ مِنْ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ بِمَا يَكْرَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا،1 وَالْمُرْتَكِبُ لِمَا يَكْرَهُ اللَّهُ عَاصٍ، وَالْعَاصِي يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: شَيْطَانٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ} (الأنعام: من الآية112) فَسَمَّى الْعُصَاةَ مِنْهُمَا شَيَاطِينَ2، وَإِطْلَاقُهُ صلى الله عليه وسلم اسْمَ الشَّيْطَانِ عَلَى الْحَمَامَةِ لِلْمُجَاوَرَةِ، وَلِأَنَّ الْفِعْلَ مِنَ الْعَاصِي بِلَعِبِهَا تَعَدَّاهُ إِلَيْهَا

= حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "ذكر أخبار أصبهان" 2/77 من طريق محمد بن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو، به.

1 قال البغوي في "شرح السنة" 12/385 ـ 386: وكره الشافعي اللعب بالشطرنج والحمام كراهية تنزيه، لا كراهية تحريم إلا أن يقامر به فيحرم.

2 في الأصل: "شيطان"، والتصويب من "التقاسيم"2/151.

ص: 184

‌فَصْلٌ فِي السَّمَاعِ

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ في الاجتماع بِهِ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي صَحِيحِ الْآثَارِ وَلَا أَبْلَغَ الْمَجْهُودَ فِي طُرُقِ الْأَخْبَارِ

5875 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بن سعيد الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبِي1، عَنِ بن إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ فِي حِجْرِي جَارِيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَزَوَّجْتُهَا، قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عُرْسِهَا، فَلَمْ يَسْمَعْ غِنَاءً وَلَا لَعِبًا، فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ هَلْ غَنَّيْتُمْ عَلَيْهَا أَوَ لَا تُغَنُّونَ عَلَيْهَا"؟ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء" 2 [33:4]

1 في الأصل: "حدثنا أبي، حدثنا عمي"، وهو خطأ، والتصويب من "التقاسيم" 4/38.

2 إسحاق بن سهل بن أبي حثمة: ذكره البخاري في "تاريخه" 1/390، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/223، والمؤلف في "ثقاته" 4/22، وقد فات الحافظ أن يترجم له في "تعجيل المنفعة" مع أنه من شرطه. وباقي =

ص: 185

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ تَعَلَّقَ بِهِ غَيْرُ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ فَأَبَاحَ الْغِنَاءَ الَّذِي يُبْعِدُ عَنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

5876 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِدُفَّيْنِ، وَتُغَنِّيَانِ فِي أَيَّامِهِمَا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَتِرٌ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ، وَقَالَ:"دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ"، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَمَّا قَدِمَ وَفْدُ الْحَبَشَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامُوا يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَكُونَ أنا الذي

=رجاله ثقات رجال الصحيح غير ابن إسحاق ـ وهو محمد ـ فروى له أصحاب السنن ومسلم متابعة، وهو صدوق. عم عبيد الله: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري.

وأخرجه أحمد 6/269 عن يعقوب وسعد قالا: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

قلت: وأخرجه البخاري في "صحيحه""5162" في النكاح: باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها، عن الفضل بن يعقوب، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا إسرائيل، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة أنها زفت امرأة إلى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا عائشة، ما كان معكم لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو".

وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/184، وعنه البيهقي 7/288 من طريق محمد بن سابق، به.

ص: 186

أَسْأَمُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ على اللهو1

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ دَخَلَ عُمَرُ وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُمْ يَا عُمَرُ فإنهم هم بنو أرفدة" 2 [33:4]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم ـ وهو الملقب بدحيم ـ فمن رجال البخاري، وقد تقدم برقم "5868"و "5869" و "5871".

وأخرج القسم الأخير منه: النسائي 3/195 ـ 196 في العيدين: باب اللعب في المسجد يوم العيد ونظر النسائي إلى ذلك، عن علي بن خشرم، عن الوليد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضاً البخاري "5229" في النكاح: باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة، من طريق عيسى، عن الأوزاعي، به

2 تقدم تخريجه برقم "5867".

وأخرجه النسائي 3/196 عن إسحاق بن موسى، عن الوليد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/540 عن محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، به

ص: 187

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْغِنَاءَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَشْعَارًا قِيلَتْ فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانُوا يُنْشِدُونَهَا وَيَذْكُرُونَ تِلْكَ الْأَيَّامَ دُونَ الْغِنَاءِ الَّذِي يَكُونُ بِغَزَلٍ يُقَرِّبُ سَخَطَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنْ قَائِلِهِ

5877 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ

ص: 187

جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِزْمَارُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا بَكْرٍ إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا" 1 [33:4]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبيد بن إسماعيل فمن رجال البخاري. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وأخرجه البخاري "952" في العيدين: باب سنة العيدين لأهل الإسلام، والبغوي "1111" عن عبيد بن إسماعيل، بهذا الإسناد

وأخرجه مسلم "892""16" في العيدين: باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه، وابن ماجة "1898" في النكاح: باب الغناء والدف، والبيهقي 10/224 من طريقين عن أبي أسامة، به.

وأخرجه أحمد 6/99و134و186 ـ 187، والبخاري "3931" في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، من طريق عن هشام بن عروة، به وانظر الحديث رقم "5868" و"5869"و "5871"و"5876".

ويوم بعاث: يوم من أيام الأوس والخزرج بين المبعث والهجرة، كان الظفر فيه، للأوس، وبعاث: موضع على ليلتين من المدينة. انظر "القاموس"و "شرحه": بعث.

والمزمار مأخوذ من الزمير، وهو الصوت الذي له الصفير، ويطلق على الصوت الحسن وعلى الغناء، وسميت به الآلة المعروفة التي يزمر بها.

وقال النووي في "شرح مسلم" 6/182: واختلف العلماء في الغناء، فأباحه جماعة من أهل الحجاز، وهي رواية عن مالك، وحرمه أبو حنيفة وأهل العراق، ومذهب الشافعي كراهته

ص: 188

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْغِنَاءَ الَّذِي كَانَ الْأَنْصَارُ يُغَنُّونَ بِهِ لَمْ يَكُنْ بِغَزَلٍ لَا يَحِلُّ ذكره

5878 ـ أخبرنا بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ

عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ، قَالَتْ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ عَلَيَّ صَبِيحَةَ عُرْسِي، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِدُفٍّ لَهُنَّ، وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى أَنْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ:

وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعِي هَذَا وقولى ما كنت تقولين" 1 [33:4]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بشر بن معاذ العقدي، فقد روى له أصحاب السنن، وهو صدوق، وقد توبع.

وأخرجه البخاري "4001" في المغازي: باب 12، و"5147" في النكاح: باب ضرب الدف في النكاح والوليمة، وأبو داود "4922" في الأدب: باب في النهي عن الغناء، والترمذي "1090" في النكاح: باب ما جاء في إعلان النكاح، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 11/302، والطبراني 24/"698"، والبيهقي 7/289 من طريق عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/359و360 وابن ماجة "1897" في النكاح: باب الغناء والدف، من طريق حماد بن سلمة، والطبراني 24/"699" من طريق عبد الصمد بن سليمان الأزرق، كلاهما عن خالد بن ذكوان، به.

ص: 189

‌كِتَابُ الصَّيْدِ

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ أَكْلِ مَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مِمَّا حَبَسَ الْكِلَابُ عَلَى أَرْبَابِهَا

5879 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حدثنا حرملة بن يحيى قال: حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضٍ مِنْ أَهْلِ كِتَابٍ نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، وَإِنَّ أَرْضَنَا أَرْضُ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَبِالْكَلْبِ الْمُكَلَّبِ، وَبِالْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِمُكَلَّبٍ، فَأَخْبِرْنِي مَاذَا يَحِلُّ لَنَا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكُمْ بِأَرْضِ أَهْلِ كِتَابٍ تأكلون في نيتهم، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ، فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَ آنِيَتِهِمْ، فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا

وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الصَّيْدِ فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَكُلْ مِنْهُ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عليه،

أما مَا أَصَابَ كَلْبُكَ الْمُكَلَّبُ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَيْكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا أَصَابَ كَلْبُكَ الَّذِي لَيْسَ

ص: 190

بِمُكَلَّبٍ فَإِنْ أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ وَمَا لَمْ تدرك ذكاته فلا تأكل" 1 [65:3]

1 إسناده صحيح على مسلم. رجاله ثقاته رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم. أبو إدرس الخولاني: هو عائذ الله بن عبد الله.

وأخرجه مسلم "1930" في الصيد: باب الصيد بالكلب المعلمة، وابن الجارود "917"، والبيهقي 9/244 من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/195، والبخاري "5478" في الصيد: باب صيد القوس، و"5488" باب ما جاء في الصيد، "5496" باب آنية المجوس والميتة، ومسلم "1930"، أبو داود "2855" في الصيد: باب في الصيد، والترمذي بإثر الحديث "1560" في السير: باب ما جاء في الانتفاع بآنية المشركين، والنسائي 7/181 في الصيد: باب صيد الكلب الذي ليس بعلم، وابن الجارود "916"، وابن ماجة "3207" في الصيد: باب صيد الكلب، والبيهقي 9/247 ـ 248، والبغوي "2771" من طرق عن حيوة بن شريح، به.

وأخرجه أحمد 4/195، وأبو داود "2852"، والترمذي "1464" في الصيد: باب ما يؤكل من صيد الكلب وما لا يؤكل، والبيهقي 9/237 من طرق عن أبي إدرس الخولاني، به واختصره بعضهم.

وأخرجه أبو داود "2857"، والدارقطني 4/239 ـ 294، والبيقهي 9/237 من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن أبي ثعلبة الخشني.

وأخرجه أبو أحمد 4/193، والترمذي "1464" من طريق مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني.

وأخرجه ابن ماجه "3211" في الصيد: باب صيد القوس، من طريق =

ص: 191

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنَ الصَّيْدِ الَّذِي صِيدَ بِالْقِسِيِّ وَالْكِلَابِ الْمُعَلَّمَةِ

5880 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ

أَنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَرْمِي بِسَهْمِي، فَأُصِيبُ فَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ يَوْمٍ أَوِ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: "إِنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِهِ أَثَرٌ، وَلَا خَدْشٌ إِلَّا رَمْيَتُكَ، فَكُلْ، وَإِنْ وَجَدْتَ بِهِ أَثَرًا غَيْرَ رَمْيَتِكَ فَلَا تَأْكُلْهُ، وَإِنْ أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَأَدْرَكْتَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَذَكِّهِ، وَإِنْ أدركته قد قتله، ولم يأكل

=سعيد بن المسيب، عن أبي ثعلبة مختصراً

وكذلك أخرجه "2831" في الجهاد: باب الأكل في قدور المشركين، من طريق عروة بن رويم اللخمي، عن أبي ثعلبة.

وأخرجه البيهقي 10/10 من طريق عمير بن هانئ، عن أبي ثعلبة.

وأخرجه عبد الرزاق "8503"، والطيالسي "1014" و "1015"، وأحمد 4/193 و 193 ـ 194، والترمذي "1560" في السير: باب الانتفاع بآنية المشركين، "1796" في الأطعمة: باب ما جاء في الأكل في آنية الكفار، من طرق عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي ثعلبة، وقال الترمذي بإثر الرواية الأولى: وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة، ورواه أبو إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة، وأبو قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة، إنما رواه عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة، قلت: أخرجه أحمد 4/195 من طريقين عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة. وهذا سند صحيح متصل.

ص: 192

مِنْهُ شَيْئًا، فَكُلْهُ، وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ وَقَدْ أَكَلَ مِنْهُ، فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ"

قَالَ عَدِيٌّ: فَإِنِّي أُرْسِلُ كِلَابِي، وَأَذْكُرُ اسم الله، فتختلط بكلاب غيري، فياخذ فَيَأْخُذْنَ الصَّيْدَ، فَيَقْتُلْنَهُ، قَالَ:"فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي: كِلَابُكَ قَتَلَتْهُ أَمْ كِلَابُ غَيْرِكَ" 1 [65:3]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. عباد بن عباد: هو بن المهلب.

وأخرجه الدارقطني "8502" من طريق الحسن بن عرفة، عن عباد بن عباد، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق "8502"، وأحمد 4/257و380، والبخاري "5484" في الذبائح والصيد: باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة، ومسلم "1929" "6" و"7" في الصيد: باب الصيد بالكلاب المعلمة، وأبو داود "2849" و"2850" في الصيد: باب ما جاء فيمن يرمي الصيد فيجده ميتاً في الماء، والنسائي 7/179 ـ 180 في الصيد، وابن ماجة "3213" في الصيد: باب الصيد يغيب ليلة، وابن الجارود "920"، والدارقطني 4/294، والطبراني 17/"154" و"155""156"و "157" و "166"، والبيهقي 9/238 ـ 239و242و243 ـ 244و248، والبغوي "2768" من طرق عن عاصم، به.

وأخرجه الطيالسي "1030"، وعبد الرزاق "8531"، والحميدي "914" و "915" و "917"، أحمد 4/256و256 ـ 257و257و258و377و379و380، والدارمي 2/89، والبخاري "175" في الوضوء: باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، و "2054" في البيوع: باب تفسير =

ص: 193

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَكْلَ مَا حَبَسَ عَلَيْهِ كَلْبُهُ الْمُعَلِّمُ إِذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ

5881 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حدثنا إسحاق بن

=المشبهات، و "5475" في الذبائح والصيد: باب التسمية على الصيد، و "5476" باب صيد المعراض، و "5483" باب إذا أكل الكلب، و"5487" باب ما جاء في التصيد، ومسلم "1929""2" و"3"و "4" و "5"، وأبو داود "2848" و "2851"، والترمذي "1467" في الصيد: باب ما جاء في صيد البزاة، و"1470" باب ما جاء في الكلب يأكل من الصيد، و"1471" باب ما جاء في صيد المعراض، والنسائي 7/180 باب النهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، و182و183 باب إذا وجد مع كلبه كلبا غيره، و183 باب الكلب يأكل من الصيد، وابن ماجة "3208" في الصيد: باب صيد الكلب، و"3212" باب صيد القوس، و"3214" باب صيد الكلب، و "3212" باب صيد القوس، و"3214" باب صيد المعراض، وابن الجارود "914" ـ وسقط من إسناده الشعبي ـ و"915"، و"918"، والطبراني 17/"141"و"142" و"143" و "144" و"145" و"146" و"147" و "148" و "149" و"150" و "151" و "152" و"153" و "159" و "160" و "161" و "162" و "163" و "164" و "165" و "167" و "168"، والبيهقي 9/235 ـ 236و236 من طرق عن عامر الشعبي، به.

وأخرجه أحمد 4/377، والترمذي "1468" في الصيد: باب ما جاء في الرجل يرمي الصيد فيغيب عنه، وابن الجارود "919"، والطبراني 17/"216" و "217"، والبيهقي 9/242 من طريق سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم.

وأخرجه الطبراني 17/"249 من طريق مري بن قطري، عن عدي بن حاتم. وانظر الحديث الآتي. وانظر ما تضمنه هذا الحديث من الفوائد في "شرح السنة" 11/192 ـ 198.

ص: 194

إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرْسِلُ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ فَيُمْسِكْنَ عَلَيَّ، وَأَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، قَالَ:"إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلِّمَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ" قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَتَلْنَ، مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مَعَهَا"، قُلْتُ: لَهُ فَإِنِّي أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ الصَّيْدَ فَأُصِيبُ؟ قَالَ: "إِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ، فَخَزَقَ، فَكُلْهُ وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ، فَلَا تأكله" 1 [28:4]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. منصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي.

وأخرجه مسلم "1929""1" في الصيد: باب الصيد بالكلاب المعلمة، والبيهقي 9/235 من طريق إسحاق بن راهويه، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "1031" و "1032"، وأحمد 4/258و377و380، والبخاري "5477" في الذبائح والصيد: باب ما أصاب المعراض لعرضه، و "7397" في التوحيد: باب السؤال بأسماء الله تعالى، والترمذي "1465" في الصيد: باب ما جاء يؤكل في صيد الكلب وما لا يؤكل، والنسائي 7/180 ـ 181 في الصيد الكلب المعلم، و 181 ـ 182 باب إذا قتل الكلب، وابن ماجة "3215" في الصيد: باب صيد المعراض، والطبراني 17/"202" و"203" و"204" و"205"، والبغوي "2772" من طرق عن منصور بن المعتمر، به.=

ص: 195

‌ذِكْرُ مَا يُحْكَمُ لِمَنِ اصْطَادَ الصَّيْدَ فَانْفَلَتَ مِنْهُ بِشَبَكَتِهِ فَظَفِرَ بِهِ آخَرُ غَيْرُهُ

5882 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مَسْمُولٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَوَّلٍ الْبَهْزِيَّ، ثُمَّ السُّلَمِيَّ

قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ ـ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَالْإِسْلَامَ ـ يَقُولُ: نَصَبْتُ حَبَائِلَ لِي بِالْأَبْوَاءِ، فَوَقَعَ فِي حَبْلِي مِنْهَا ظَبْيٌ، فَأَفْلَتَ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ، فَوَجَدْتُ رَجُلًا قَدْ أَخَذَهُ فَتَنَازَعْنَا فِيهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدْنَاهُ نَازِلًا بِالْأَبْوَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ يَسْتَظِلُّ بِنِطَعٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَيْهِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَنَا شَطْرَيْنَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَلْقَى الْإِبِلَ وَبِهَا لَبُونٌ وَهِيَ مُصَرَّاةٌ، وَهُمْ مُحْتَاجُونَ؟ قَالَ: "فَنَادِ صَاحِبَ الْإِبِلِ ثَلَاثًا، فَإِنْ جَاءَ وَإِلَّا فاحلل صرارها، ثم

=وأخرجه أحمد 4/380، والطبراني 17/ "205"، والبيهقي 9/237 من طريق الأعمش عن إبراهيم النخعي، به.

وأخرجه أحمد 3/380 من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن عدي. ولم يذكر هماماً.

وأخرجه الطبراني 17/"206" من طريق فضيل بن عمرو، عن همام، به.

والمعراض: هو خشبة ثقيلة أو عصا في طرفيها حديدة، وقد تكون بغير حديد، وإنما يصيب بعرضه دون حده. وخر: جرح ونفذ وقتل بحده.

ص: 196

اشْرَبْ، ثُمَّ صُرَّ، وَأَبْقِ لِلَّبَنِ دَوَاعِيَهُ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الضَّوَالُّ تَرِدُ عَلَيْنَا، هَلْ لَنَا أَجْرٌ أَنْ نَسْقِيَهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ"، ثُمَّ أَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُنَا، قَالَ: "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرُ الْمَالِ فِيهِ غَنَمٌ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ1 تَأْكُلُ مِنَ الشَّجَرِ، وَتَرِدُ الْمَاءَ يَأْكُلُ صَاحِبُهَا مِنْ رِسْلِهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ لِبَانِهَا، وَيَلْبسُ مِنْ أَصْوَافَهَا ـ أَوْ قَالَ: مِنَ أَشْعَارِهَا ـ وَالْفِتَنُ تَرْتَكِسُ بَيْنَ جَرَاثِيمِ الْعَرَبِ، وَاللَّهِ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي، قَالَ:"أَقِمِ الصَّلَاةَ، وَآتِ الزَّكَاةَ، وَصُمْ رَمَضَانَ، وَحُجَّ الْبَيْتَ وَاعْتَمِرْ، وَبِرَّ وَالِدَيْكَ، وَصِلْ رَحِمَكَ، وَاقْرِ الضَّيْفَ، وَمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَزُلْ مع الحق حيث زال" 2 [32:5]

1 زاد الطبراني في رواية: "يعني مسجد المدينة المدينة ومسجد مكة"

2 إسناده ضعيف. محمد بن سليمان بن مسمول: ابفرد المؤلف بتوثيقه 7/122 وضعفه النسائي وأبو حاتم، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه متناً أو إسناداً، وقال البخاري: سمعت الحميدي يتكلم فيه، والقاسم بن مخول: لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف 5/306 ولم يَروِ عنه غير محمد بن سلمان بن مسمول. وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 5/129 من طريق أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/"763" من طريق محمد بن عباد المكي، ويحيى بن موسى اللخمي، ويونس بن موسى السامي، عن محمد بن سليمان بن مسمول، به. وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/304، وابن حجر في "الإصابة" 3/373، وضعفاه بمحمد بن سليمان بن مسمول.=

ص: 197

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=الحبائل: جمع حبالة بالكسر: وهي مايصاد بها من أي شيء كان، والأبواء: قرية من أعمال الفرع من المدينة بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً، والنطع: بساط من الأديم. ومصراة: هي الناقة إذا تركت حلبها فاجتمع لبنها في ضرعها. وكبد حرَّي: يريد أنها لشدة حرها قد عطشت ويبست من العطش، والمعنى أن في سقي كل ذي كبد حرى أجراً، وقيل: أراد بالكبد الحرى حياة صابها، لأنه إنما تكون كبده حرى إذا كان فيه حياة، يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان. والرسل: اللبن. وترتكس: تقع وتزدحم. والجراثيم: واحدها جرثومة، وهي الأصل.

ص: 198

‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِحَدِّ الشِّفَارِ وَالْإِحْسَانِ فِي الذَّبْحِ لِمَنْ أَرَادَهُ

5883 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ

عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وليرح ذبيحته" 1 [95:1]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد ـ وهو ابن مسرهد ـ فمن رجال البخاري، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وخالد بن عبد الله: هو ابن عبد الرحمن الواسطي، وأبو الأشعث: هو شراحيل بن آدة.

وأخرجه الطبراني في الكبير "7119" من طريق معاذ بن المثني، عن خالد بن عبد الله، بهذا، الإسناد.

وأخرجه الطيالسش "1119"، وعبد الرزاق "8604"، والدارمي 2/82، وأحمد 4/123و124و125، وأبو القاسم البغوي في "مسند على بن الجعد""1301"، ومسلم "1955" في الصيد: باب الأمر بإحسان الذبح والقتل، وأبو داود "2815" في الأضاحي: باب في النهي أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة، والترمذي "1409" في الديات: باب النهي عن المثلة، والنسائي 7/227 في الضحايا: باب الأمر بإحداد الشفرة، وابن ماجة = "

ص: 199

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِحْدَادِ الشَّفْرَةِ لِمَنْ أَرَادَ الذَّبْحَ وَإِحْسَانِ الذَّبْحِ بِالرِّفْقِ

5884 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ بِالْبَصْرَةَ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ

عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" 1 [67:1]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رحمه الله: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "أَحْسَنُوا القتلة" في القصاص

1370" في الذبائح: باب إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، والطبراني "7114" و"7115" و"7116" و"7118" و"7119" و"7120"، وابن الجارود "839" و"899"، والبيهقي 9/280، والبغوي في "شرح السنة" "2783" من طرق عن خالد الحداء، به.

وأخرجه عبد الرزاق "8603"، وأحمد 4/123، الطبراني "7121" و"7120" من طريق أيوب، و"7123" من طريق عاصم الأحول، كلاهما عن أبي قلابة، به. وانظر الحديث الآتي.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الفضل بن الحسن أبي الأشعث، فمن رجال مسلم. وانظر الحديث السابق.

ص: 200

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَكْلِ مَا ذُبِحَ بِالْمَرْوَةِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ

5885 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سمعت

ص: 200

حَاضِرَ بْنَ الْمُهَاجِرِ أَبَا عِيسَى الْبَاهِلِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ

عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ ذِئْبًا نَيَّبَ فِي شَاةٍ، فَذَبَحُوهَا بِمَرْوَةٍ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بأكلها، فأكلوا1 [70:1]

1 حديث حسن بشواهده، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حاضر بن المهاجر الباهلي، لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف 6/248، ولم يَروِ عنه غير شعبة، وقال أبو حاتم: مجهول، لكن في الباب ما يشهد له، وهو الحديث الآتي برقم "5887".

وهو في "مسند أحمد" 5/183 ـ 184، ومن طريقه أخرجه الطبراني "4832"، والحاكم 4/113 ـ 114، والبيهقي 9/250.وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي!

وأخرجه النسائي 7/225في الضحايا: باب إباحة الذبح بالمروة، و"227 ـ 228 باب ذكاة التي قد نيب فيها السبع، وابن ماجة "3176" في الذبائح: باب ما يذكى به من طريقين عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد

وأخرجه الحاكم 4/113 ـ 114 من طريق مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، به.

وأخرجه البيهقي 9/250 من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن ربيعة بن عثمان، عن زيد بن أبي عتاب، عن سليمان بن يسار، به.

والمروة: حجر أبيض، وقيل: هو الذي يقدح من النار.

وفي الباب عن عدي بن حاتم عند أبي داود "2824"، والنسائي 7/225، وابن ماجة "3177"، والحاكم 4/240 وسنده حسن في الشواهد. وعن كعب بن مالك، وسيأتي برقم "5893".

ص: 201

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَكْلَ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ جَائِزٌ أَكْلُهُ خَلَا السِّنِّ وَالظُّفُرِ

5886 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا

ص: 201

أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، وَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَذَبَحُوا، وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ هَذِهِ الْبَهَائِمَ لَهَا أَوَابِدُ كَأَوَابِدِ الْوحُوشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ مِنْهَا، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا"، وَقَالَ جَدِّي: إِنَّا نَرْجُو أَنْ نَلْقَى غَدًا عَدُوًّا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، فَنَذْبَحُ بِالْقُضُبِ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"مَا أَنْهَرَ الدَّمُ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فمدى الحبشة" 1 [70:1]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد بن مسرهد، فمن رجال البخاري. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري.

وأخرجه البخاري "2488" في الشركة: باب قسمة الغنائم، و"3075" في الجهاد: باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم، "5498" في الذبائح والصيد: باب التسمية على الذبيحة، والبغوي "8482" من طريق بن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "963" وعبد الرزاق "8481"، والحميدي "411" وأحمد 3/463و464و4/140و140 ـ 141و142، والدارمي 2/84=

ص: 202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=والبخاري "2507" في الشركة: باب من عدل عشرة من الغنم بجزور في القسم، و"5503" في الذبائح والصيد" باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد، و"5506" باب لا يذكي بالسن والعظم والظفر، و"5509" باب ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش، "5544" باب إذا ند بعير لقوم فرماه بعضهم بسهم فقتله وأراد إصلاحه فهو جائز، ومسلم "1968" في الأضاحي: باب في الذكاة بالقصب وغيره، "1492"، باب ما جاء في البعير والغنم إذا ند فصار وحشياً يرمي بسهم أم لا، والنسائي 7/226 في الضحايا: باب النهي عن الذبح بالظفر، و228 ـ 228 ـ 229 باب ذكر المنفلتة التي لا يقدر على أخدها، وابن ماجة "3137" في الأضاحي: باب كم تجزئ من الغنم عن البدنة، و"3178" في الذبائح باب ما يذكى به، و"4383" با ب ذكاة النَّاد من البهائم، وابن الجارود "895"، والطبراني "3180"و"4381"و"4382"و"4383"و"4384"و"4386"و"4387" و"4388" و"4389" و"4391" و"4392" و"4393"، والبيهقي 9/245 ـ 246و247 من طرق عن سعيد بن مسروق، به. وأخرجه الطبراني "4394" من طريق إسماعيل بن مسلم، عن عباية، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/387ـ 388، والبخاري "5543" في الذبائح: باب إذا أصاب قوم غنمية فذبح بعضهم غنماً أو إبلا بغير أمر أصحابه لم توكل، وأبو داود "2821" في الأضاحي: باب في الذبيحة بالمروة، والترمذي "1491" و"1492"، والنسائي 7/226 في الضحايا: باب في الذبح بالسن، والطبراني "4385"، والبيهقي 9/247 من طريق أبي الأحوص، والبيهقي أيضاً من طريق حسان بن إبراهيم الكرماني، كلاهما عن سعيد بن مسروق، عن عباية، بن رفاعة بن رافع بن حديج، عن أبيه، =

ص: 203

فِي هَذَا الْخَبَرِ كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْبَدَنَةَ تَقُومُ عَنْ عَشْرَةٍ عِنْدَ النَّحْرِ: قَالَهُ الشَّيْخُ

ص: 204

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ جَوَازِ أَكْلِ الذَّبِيحِ بِغَيْرِ حَدِيدٍ

5887 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ صَادَ أَرْنَبَيْنِ، فَذَبَحَهُمَا بِمَرْوَةٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمره بأكلهما1 [65:3]

= عن جده رافع بن خديج. وقال الترمذي وقال الترمذي: ولأول اصح.

وأخرجه الطبراني "4395" من طريق ليث، عن عباية، عن أبيه، عن جده.

وقوله: "أكفئت" أي: قلبت، و"ندَّ" أي: شرد وهرب نافراً، و"أوابد" جمع آبدة، وهي التي قد توحشت ونفرت، يقال: أبد الرجل يأبد أبوداً: إذا توحش وتخلى، وتأبدت الديار: إذا توحشت، وهذه آبدة من الأوابد، أي: نادرة في بابها لا نظير لها، وجاء فلان بآبدة من الأوابد، أي: بخصلة يستوحش منها.

و"المدى": جمع مدية وهي السكين. وقوله: "ما أنهر الدم" أي: أساله وأجره، ومنه سمي النهر، لأنه يجري فيه الماء.

وقال البغوي في "شرح السنة" 11/216: وفيه دليل على أن الحيوان الإنسي إذا توحش ونفر، فلم يقدر على قطع مذبحه، يصير جميع بدنه في حكم المذبح كالصيد الذي لا يقدر عليه، وفيه بيان أن كل محدد يجرح يحصل به الذبح، سواء كان حديدا، أو قصباً، أو خشباً، أو زجاجاً، أو حجراً سوى السن والظفر.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد، فمن رجال البخاري، وغير محمد بن صفوان صحابيه، فمن رجال أبي داود، والنسائي، وابن ماجة. =

ص: 204

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَرْكِ قَطْعِ الْوَدَجِ عِنْدَ الذَّبْحِ

5888 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حدثنا إسحاق بن

وأخرجه أبو داود "2822"، وعبد الرزاق "8692"، وأحمد 3/471، وابن أبي شيبة 5/389، وأبو داود "2822"، والنسائي 7/197 في الصيد والذبائح: باب الأرتب، وابن ماجة "3175" في الذبائح: باب مايذكى به، والطبراني 19/"527" و"528"، والبيهقي 9/320و320 ـ 321 من طرق عن عاصم الأحول، به وفي رواية ابن أبي شيبة وابن ماجة:"محمد بن صيفي" كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" 8/357.

وأخرجه أحمد 3/417، وابن أبي شيبة 5/390، والنسائي 7/197و225 في الضحايا: باب إباحة الذبح بالمروة، وابن ماجة "3244" في الصيد: باب الأرنب، والطبراني 19/"525"و"526"، والحاكم 4/235، والبيهقي 9/320 من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبي، به. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم مع الاختلاف فيه على الشعبي ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

وأخرجه والطبراني 19/"525، من طريق حصين، عن الشعبي، به.

وأخرجه الترمذي في "سننه""1472" وفي "العلل الكبير""256" عن محمد بن يحيى القطعي، حدثنا عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن الشعبي، عن جابر، فذكره. وقال في "العلل الكبير": تابعه شعبة عن جابر الجعفي، عن الشعبي، عن جابر. وقال داود بن أبي هند: عن الشعبي، عن هذا الحديث، فقال: حديث الشعبي، عن جابر غير محفوظ، وحديث محمد بن صفوان أصح.

ص: 205

إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ.

قَالَ عِكْرِمَةُ: كَانُوا يَقْطَعُونَ مِنْهَا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ، ثُمَّ يَدَعُونَهَا حَتَّى تَمُوتَ، ولا يقطعون الودج نهى عن ذلك1 [30:2]

1 إسناده ضعيف. عمرو بن عبد الله: هو: ابن الأسوار اليماني: لم يوثقه غير المؤلف، وكان عند معمر – الرواي عنه هنا – لابأس به. وضعفه ابن معين، وهشام القاضي، وقال الأزدي: متروك الحديث، وقال أحمد: له أشياء مناكير، وقال ابن عدي: حديثه لا يتابعه عليه الثقات.

وأخرجه أحمد 1/289، وأبو داود "2826" في الأضاحي: باب في المبالغة في الذبح، والحاكم 4/113، والبيهقي 9/278 من طرق عن ابن المبارك، عن معمر، عن عمرو بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس وأبي هريرة. وزاد الحاكم: قال ابن المبارك: والشريطة: أن يخرج الروح منه بشرط من غير قطع الحلقوم. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي!

والشريطة: قال الخطابي في "معالم السنن" 4/281: إنما سمي هذا شريطة الشيطان من أجل أن الشيطان هو لذي يحملهم على ذلك ويحسن هذا الفعل عندهم، وأخذت الشريطة من الشرط، وهو شق الجلد بالقطع على حلقه.

ص: 206

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجَنِينَ إِذَا ذُكِّيَتْ أُمُّهُ حَلَّ أَكْلُهُ

5889 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا

ص: 206

عَلِيُّ بْنُ أَنَسٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"ذكاة الجنين ذكاة أمه" 1 [43:3]

1 حديث صحيح. علي بن أنس العسكري: ترجمه المؤلف في "الثقات" 8/470 فقال: علي بن أنس العسكري من أهل عسكر بسامرة، يروي عن يزيد بن هارون وأهل العراق، حدثنا عنه الثقفي، ربما أغرب. قلت: وقد توبع في هذا الحديث، ومن فوقه على شرط الصحيح. وقال المنذري في "مختصر أبي داود" 4/120 بعد أن أورده من "مسند أحمد" عن أبي عبيدة الحداد، بهذا الإسناد: إسناده حسن، ويونس – وإن تكلم فيه – فقد احتج به مسلم في صحيحه"، قلت: وقد تابعه عليه مجالد بن سعيد، وعطية العوفي كما سيأتي. أبو عبيدة الحداد: هو عبد الواحد بن واصل السداسي، وأبو الوداك: هو جبر بن نوف.

وأخرجه أحمد 3/39، ومن طريقه الدارقطني 4/374، والبيهقي 9/335 عن أبي عبيدة الحداد، بهذا الإسناد

وأخرجه عبد الرزاق "8650"، وأحمد 3/31و53ووأبو داود "2727" في الأضاحي: باب ما جاء في ذكاة الجنين، والترمذي "1476" في الأطعمة: باب ما جاء في ذكاة الجنين، وابن ماجه "3199" في الذبائح: باب ذكاة الجنين ذكاة أمه، وأبو يعلى "992"، وابن الجارود "900"، والدارقطني 4/272و274و274، والبيهقي 9/335، البغوي "2789" من طريق مجالد بن سعيد "وليس بالقوي، لكنه متابع"، عن أبي الوداك، به وقال الترمذي: هذا حديث صحيح، وقد روي من غير هذا الوجه عن أبي سعيد، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، واسحاق=.

ص: 207

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمُسْلِمِ ذَبَائِحَ الرَّجَبِيَّةِ وَأَوَّلَ النِّتَاجِ الَّذِي كَانَ يَذْبَحُهُمَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ

5890 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا فَرَعَ ولا عتيرة" 1 [81:2]

= وشرط بعضهم لإشعار. روى عبد الرزاق "8642" بسند صحيح عن ابن عمر قال في الجنين: إذا خرج ميتاً وقد أشعر أو وبر، فذكاته ذكاة أمه.

وأخرجه الإمام أحمد 3/45، وأبو يعلى "1206"، والطبراني في "المعجم الصغير""242" و"467"، والخطيب في "تاريخه" 8/412 من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري. وعطية العوفي ضعيف.

وفي الباب عن جابر عند أبي داود "2828"، والدارمي 2/84، والدارقطني 4/273، والحاكم 4/114، والبيهقي 9/334 – 335، وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي.

وعن ابن عمر عند الحاكم 4/114، والدارقطني 4/271، والطبراني في "الصغير""20" و "1067"، وفيه ضعف، والصواب وقفه.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد فمن رجال البخاري.

وأخرجه عبد الرزاق "7998"، وابن أبي شيبة 8/252، وأحمد 2/279 و409، والبخاري "5473" في العقيقة: باب الفرع، ومسلم "1976" في الأضاحي: باب الفرع والعتيرة، والترمذي "1512" في الأضاحي: باب ما جاء في الفرع والعتيرة، والنسائي 7/167 في الفرع والعتيرة، والبيهقي، 9/313 من طرق عن معمر، بهذا الإسناد.=

ص: 208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=أخرجه الطيالسي "2298"، وابن أبي شيبة 8/252، وأحمد 2/229و239و490، والدارمي 2/80، والبخاري "5474" باب العتيرة، ومسلم "1976"، وأبو داود "2831" في الأضاحي: باب في العتيرة، وابن الجارود "913"، والدارقطني 4/304، والبيهقي 9/313، والبغوي "1129" من طرق عن الزهري، به. وزاد أكثرهم وأبو داود "2832" من قول الزهري أو سعيد بن المسيب – على خلاف -:"والفرع أول النتاج كان ينتج لهم، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، العتيرة في رجب" وهذا الفظ البخاري.

وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/284: العتيرة: النسيكة التي تعتر، أي: تذبح، وكانوا يذبحونها في شهر رجب ويسمونها الرجبية، والفرع أوّل ما تلده الناقة، وكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم في الجاهلية، وهو الفرع – مفتوحة الراء- ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

قلت: وقد جاء في الحديث التصريح بالنهي عند أحمد 2/409، والنسائي 7/167 وغيرهما

وقال الشيخ الكشميري في "فيض الباري" 4/337: كان الفرع تأكداً في أول الإسلام ثم وسع فيها بعده، وكان أهل الجاهلية يذبحونها لأصنامهم، وأما أهل الإسلام فما كانوا ليفعلوه إلا لله تعالى، فلما فرضت الأضحية، نسخ الفرع وغيره، فمن شاء ذبح، ومن يشاءلم يذبح

قلت: وقد وردة أحاديث في الباب يؤخذ منها بقاء مشروعية الفرع، وهو الذبح أول النتائج، فقد روى أحمد 3/485، والنسائي 7/168 – والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/466، والحاكم 4/326، والبيهقي 9/312 عن الحارث بن عمرو أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو على العضباء، فأتيته من أحد شقيه، فقلت: يا رسول الله، =

ص: 209

5891 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ

عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنا كنا

=بأبي أنت وأمي استغفر لي، فقال:"غفر الله لكم"، ثم أتيته من الشق الآخر أرجوا أن يخصني دونهم، فقلت: يا رسول الله، يا رسول الله استغفر لي، فقال بيده: غفر الله لكم، فقال رجل من الناس: يا رسول الله، العتائر والفرائع؟ قال:" من شاء عتر ومن شاء فرع، ومن لم يشاء لم يفرع في الغنم" وقبض أصابعه إلا واحدة. لفظ النسائي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وهو حسن في الشواهد.

وأخرجه الإمام أحمد 2/182 – 183، وأبو داود "2842"، والنسائي 7/168، والحاكم 4/236، والبيهقي 9/312 من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده قال: سئل رسول الله عن العقيقة، فقال:"لا يحب الله العقوق"، كأنه كره الاسم، وقال:"من ولد له ولد، فأحب أن ينسك عنه، فلينسك، عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة"، وسئل عن الفرع، قال:"والفرع حق، وأن تتركوه حتى يكون بكراً شغزباً ابن مخاض أو ابن لبون، فتعطية أرملة، أو تحمل عليه في سبيل الله خير من أن تذبحه فيلزق لحمه بوبره وتكفأ إناءك وتوَلّه ناقتك" لفظ أبي داود. وسنده حسن.

وأخرجه الإمام أحمد 5/75و76، وأبو داود "283"، والنسائي 7/169 – 170، وابن ماجة "3167"، والطحاوي 1/465،والحاكم 4/235، والبيهقي 9/311 – 312 عن نشبية الهذلي قال: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا؟ قال:"اذبحوا لله في أي شهر كان، وبروا الله عز وجل وأطعموا" قال: إنا كنا نفرع فرعاً في الجاهلية، فما تأمرنا؟ قال:"في كل سائمة فرع تغذوه ما شيتك، حتى إذا اسحمل للحجيج ذبحته فتصدقت بلحمه".لفظ أبي داود. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

ص: 210

نَذْبَحُ ذَبَائِحَ، فَنَأْكُلُ مِنْهَا وَنُطْعِمُ مَنْ جَاءَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا بَأْسَ بِذَلِكَ" 1 [28:4]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذِهِ الذَّبَائِحُ الَّتِي أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا هِيَ غَيْرُ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُمَا في الإسلام

1 وكيع بن عدس – ويقال: حدس، بالحاء -: لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف، ولم يَروِ عنه غير يعلى بن عطاء، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/255، وأحمد 4/12و12 – 13، والنسائي 7/171 في الفرع والعتيرة: باب تفسير الفرع، والطبراني 19/"467"، والبيهقي 9/321 من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وقالوا غير البيهقي:"إنا كنا نذبح ذبائح في الجاهلية في رجب" وانظر التعليق على الحديث المتقدم.

ص: 211

‌ذكر الإباحة للمرء أكل ما ذبح بالمروةدون الْحَدِيدِ

5892 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ

عن بن عُمَرَ أَنَّ خَادِمًا لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمَهُ بِسَلْعٍ، فَأَرَادَتْ شَاةٌ مِنْهَا أَنْ تَمُوتَ، فَلَمْ تَجِدْ حَدِيدَةً تُذَكِّيهَا، فَذَكَّتْهَا بِمَرْوَةٍ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فأمر بأكلها2 [28:4]

2 أسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن الجارود "897" من طريق يحيى، عن نافع، =

ص: 211

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَوْهُومٌ

5893 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ،

عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ان أباه أخبره ان جاريه لهم كات تَرْعَى بِسَلْعٍ فَرَأَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا، فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: لَا تأكلوا حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْأَلَهُ، فَأَتَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنِ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إن جارية لنا كات تَرْعَى بِسَلْعٍ فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا، فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بأكلها1

=بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "5502" في الذبائح والصيد: باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد، عن موسى، حدثنا جويرية، عن نافع، عن رجل من بني سلمة، أخبرنا عبد الله أن جارية لكعب

وأخرجه البخاري تعليقا "5504" عن الليث، عن نافع أنه سمع رجلاً من الأنصار يخبر عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ جارية لكعب

بهذا، ووصله الإسماعيلي – فيما ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" – من رواية أحمد بن يونس، عن الليث، به.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الأعلى، فمن رجال مسلم. عبيد الله بن عمر: هو العمري، وابن =

ص: 212

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ: عَنْهُ الْخَبَرُ عن نافع، عن بن عمر، وعن نافع عن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ [28:4]

= كعب بن مالك: هو عبد الرحمن، كما ذكر الحافظ ابن حجر اعتماداً على رواية الطبراني 19/"144" المصرحة بذلك. وأخرجه البخاري "2304" في الوكالة: باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت أو شيئاً يفسد، ذبح أو أوصلح ما يخاف عليه الفساد، و"5501" في الذبائح: باب ذبيحة المرأة والأمة، وابن ماجة "3182" في الذبائح: باب ذبيحة المرأة، والبيهقي 9/282 من طريق عبدة بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، به

وأخرجه أحمد 6/386، والطبراني 19/"190" من طريق حجاج، عن نافع، به،

وأخرجه الطبراني 19/"144" و"169" من طريق ابن وهب، عن أسامة بن زيد، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه.

وأخرج مالك 2/489 في الذبائح: باب ما يجوز من الذكاة في حال الضرورة، ومن طريقة أخرجه البخاري "5505"، والبيهقي 9/282 – 283 عن نافع، عن رجل من الأنصار، عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ أن معاذ أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنماً لها بسلع

فذكره قلت: وسلع: جبل بالمدينة.

ص: 213

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ ذَبْحِ الْمَرْءِ شَيْئًا مِنَ الطُّيُورِ عَبَثًا دُونَ الْقَصْدِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ

5894 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، عَنْ خَلَفِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ:

سَمِعْتُ الشَّرِيدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا، عَجَّ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَا رَبِّ إِنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي عَبَثًا وَلَمْ يَقْتُلْنِي مَنْفَعَةً" 1 [86:2]

1 صالح بن دينار: ذكره المؤلف في "ثقاته" 6/458، وعامر الأحول: هو ابن عبد الواحد، روى له مسلم والأربعة، وهو مختلف فيه، وقال ابن عدي: لا أرى بروايته بأساً، وباقي رجاله ثقات. أبو عبيدة: هو عبد الواحد ابن واصل.

وهو في "مسند أحمد" 4/389، ومن طريقه النسائي 7/239 في الضحايا: باب من قتل عصفوراً بغير حقها، والطبراني "7245".

وأخرجه الطبراني "7245" من طريق يحيى بن معين، عن أبي عبيدة الحداد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضاً "7245" من طريق أبان بن صالح، عن صالح بن دينار، به. وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند الشافعي 2/171 – 172، والطيالسي "2279"، والحميدي "587"، وأحمد 2/166، والدارمي 2/84، والنسائي 7/239، والحاكم 4/233، والبيهقي 9/86و279، والبغوي "2787" من طرق عن عمرو بن دينار، عن صهيب مولى ابن عامر، عنه. وصهيب هذا ذكره المؤلف في "الثقات" 4/381، والبخاري في "تاريخه" 4/316.

ص: 214

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ ذَبْحَ الْمَرْءِ الذَّبِيحَةَ بِاسْمِ اللَّهِ وَمِلَّةِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْإِيمَانِ

5895 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهُ، فَإِذَا شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَأَكَلُوا ذَبِيحَتَنَا، وَصَلُّوا صَلَاتَنَا، فَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم" 1 [7:3]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/173 من طريق الحسن بن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي 7/76 في تحريم الدم، عن محمد بن حاتم بن نعيم، عن حبان بن موسى، به

وأخرجه أحمد 3/199و224 – 225، والبخاري "392" في الصلاة: باب فضل استقبال القبلة، وأبو داود "2641" في الجهاد: باب على ما يقاتل المشركون، والترمذي "2608" في الإيمان: باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت بقتالهم، وأبو نعيم في "الحلية" 8/173، والخطيب في "تاريخه" 10/464، والبيهقي 2/3 من طرق عن عبد الله بن المبارك، به.

وأخرجه البخاري "393" تعليقا، ومن طريقه البغوي "34" عن ابن مريم، عن يحيى بن أيوب، عن سعيد بن أبي مريم، به.

وأخرجه أبو داود "2642" من طريق ابن وهب، عن يحيى بن أيوب، به.=

ص: 215

مَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ إِلَّا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْغُرَبَاءِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن عيسى بن القاسم بن سميع1

=وأخرجه النسائي 7/75 – 76 من طريق محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع، عن حميد الطويل، به.

وأخرجه البخاري "391"، والبيهقي 2/3 من طريق ميمون بن سياه، عن أنس.

وأخرجه البخاري تعليقا "393"، والنسائي 7/76 من طريق حميد قال: سأل ميمون بن سياه أنس بن مالك، قال: يا أبا حمزة، ما يحرم دم المسلم وماله؟ فقال

فذكره موقوفاً.

1 في الأصل، و "التقاسيم" 2/329: القاسم بن محمد بن سميع، وهو خطأ.

ص: 216

‌ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْمُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ

5896 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السِّكِّينِ الْبَلَدِيُّ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ زَيْدٍ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ

قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: عِنْدَكُمْ شَيْءٌ سِوَى كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مَا فِي قِرَابِ2 هَذَا السَّيْفِ صَحِيفَةً صَغِيرَةً، قَالَ: فَوَجَدْنَا فِيهَا: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَهَلَّ لغير لله ولعن الله من تولى لغير مواليه"3 [109:2]

=وأخرجه النسائي 7/75 - 76 من طريق محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع، عن حميد الطويل، به.

وأخرجه البخاري "391"، والبيهقي 2/3 من طريق ميمون بن سياه، عن أنس.

وأخرجه البخاري تعليقا "393"، والنسائي 7/76 من طريق حميد قال: سأل ميمون بن سياه أنس بن مالك، قال: يا أبا حمزة، ما يحرم دم المسلم وماله؟ فقال

فذكره موقوفاً.

2 في الأصل: قرابة.

3 إسناده صحيح. إسحاق بن زيد الخطابي: ذكره المؤلف في "الثقات" 8/122، وروى عن جمع، وباقي رجاله ثقاله رجال الشيخين غير فطر بن =

ص: 216

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= خليفة، فقد روى له البخاري مقرونا والأربعة، وأبو نعيم: هو الفضل بن دكين الملائي، وأبو الطفيل: هو عامر بن واثلة.

وأخرجه أحمد 1/118و152، والبخاري في "الأدب المفرد""17"، ومسلم "1978" "45" في الأضاحي: باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، والبغوي "2788" من طريقين عن شعبة، عن القاسم بن أبي بزة، بهذا الإسناد

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد "المسند" 1/108، ومسلم "1978""43" و"44"، والنسائي 7/232 في الضحايا: باب من ذبح لغير الله عز وجل، وأبو يعلى "602"، والبيهقي 6/99 من طريق منصور بن حيان، عن أبي الطفيل، به.

وأخرجه الحاكم 4/153 من طريق هانئ مولى على بن أبي طالب، عن علي

ص: 217

‌كتاب الأضحية

‌مدخل

كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

5897 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عن عمرو بن مسلم الخولاني ان بن الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَهُ

أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يُقَلِّمْ أَظْفَارَهُ، وَلَا يَحْلِقْ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ فِي الْعَشْرِ من ذي الحجة" 1 [42:2]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة وعمرو بن مسلم، فمن رجال مسلم. خالد بن يزيد: هو الجمحي. واختلفوا في عمرو بن مسلم: هو هو عمرو أو عمر؟ قال الترمذي: والصحيح: هو عمرو بن مسلم، وقال أبو داود: اختلفوا على مالك وعلى محمد بن عمرو في عمرو بن مسلم، قال بعضهم: عمر، وأكثرهم قال: عمرون قال أبو داود وهو عمرو بن مسلم بن أكيمة الليثي الجندعي. وانظر "تحفة الأشراف" 13/6 - 7.

وأخرجه مسلم "1977""42" عن أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب، عن ابن وهب، به. =

ص: 218

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِعْطَاءُ الرَّعِيَّةِ غَنَمًا لِيُضَحُّوا مِنْهَا فِي أَعْيَادِهِمْ

5898 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَمًا أَقْسِمُهَا عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَسَمْتُهَا، فَبَقِيَ مِنْهَا عَتُودٌ، فَذَكَرْتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ:"ضَحِّ بِهِ أَنْتَ" 1 [3:5]

= وأخرجه النسائي 7/212 في الضحايا في فاتحته، والطحاوي 4/181، والطبراني 23/"563" من طريق الليث، عن خالد بن يزيد، به.

وأخرجه أحمد 6/301 من طريق ابن لهيعة، عن سعيد بن أي هلال، به. وأخرجه الحميدي "293"، ومسلم "1977""39" و"40"، والنسائي 7/212، وابن ماجة "3149" في الأضاحي: باب من أراد أن يضحي فلا يأخد في العشر من شعره واظفاره، والطبراني 23/"565"، والبيهقي 9/266، والبغوي "1127" من طريق سفيان بن عيينة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمن، عن سعيد بن المسيب، به.

وأخرجه الطبراني 23/"557"، والحاكم 4/220 – 221 من طريق أبي سلمة، عن أم سلمة. وانظر الحديث رقم "5886" و "5887" و "5888".

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني.

وأخرجه أحمد 2/149، والدارمي 2/78، والبخاري "2300" في الوكالة: باب الشريك في القسمة، و"2500" في الشركة: =

ص: 219

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَسْمَ الْغَنَمِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ كَانَ لِلضَّحَايَا الَّتِي ذَكَرْنَاهَا

5899 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، عن بن إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طُعْمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَصْحَابِهِ غَنَمًا لِلضَّحَايَا، فَأَعْطَانِي عَتُودًا مِنَ الْمَعْزِ، فَجِئْتُهُ به،

=باب قسم الغنم والعدل فيها، و"5555" في الأضاحي: باب أضحية النبي بكبشين أقرنين، ومسلم "1965" "15" في الأضاحي: باب سن الأضحية، والترمذي "1500" في الأضاحي: باب ما جاء في الجذع من الضأن في الأضاحي، والنسائي 7/218 في الضحايا: باب المسنة والجعة، وابن ماجة "3138" في الأضاحي: باب ما يجزئ من الأضاحي، والطبراني 17/"761"، والبيهقي 9/269 – 270، والبغوي "1116" من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود والطيالسي "1002"، وأحمد 4/144 – 145 و156، والدارمي 2/77 – 78، والبخاري "5547" في الأضاحي: باب قسمة الإمام الأضاحي بين الناس، ومسلم "1965""16"، والترمذي "1500"، والنسائي 7/218، وأبو يعلى "1758"، وابن خزيمة "2916"، والطبراني 17/"945" و "946" و "947"، والبيهقي 9/269 من طريق بعجة بن عبد الله الجهني، عن عقبة بن عامر.

وأخرجه الإمام أحمد 4/152، وعبد الرزاق "8153"، والطبراني 17/"954" و"955" من طرق عن سعيد بن المسيب، عن عقبة، وانظر الحديث رقم "5904"

والعتود: من أولاد المعز خاصة، وهو ما رعى وقوي، وقال الجوهري وغيره: هو ما بلغ سنة، وجمعه أعتدة.

ص: 220

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ جَذَعٌ، فَقَالَ:"ضح به" 1 [3:5]

1 إسناده حسن، عمارة بن عبد الله بن طعمة: وثقه المؤلف، وروى عنه جمع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق – وهو محمد بن إسحاق بن يسار – فقد روى له الأربعة ومسلم متابعة، وهو صدوق إذا صرح بالتحديث كما في هذا الحديث. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب ويعقوب بن إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم الزهري.

وأخرجه أحمد 5/194 عن يعقوب بن إبراهيم بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود "2798" في الضحايا: باب ما يجوز من السن في الضحايا، والطبراني "5217" و"5217" و"5218" و "5220"، والبيهقي 9/270 من طرق عن ابن إسحاق، به.

والجذع من المعز: ابن خمسة أشهر، والعتود من أولاد المعز: ما رعى وقوي وأتى عليه حول.

ص: 221

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ ذَبْحِ الْمَرْءِ نَسِيكَتَهُ بِيَدِهِ

5900 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَذْبَحُ بيده واضعا قدمه على صفاحهما2 [1:4]

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب فمن رجال مسلم. وقد صرح هشيم بالتحديث عند أحمد وأبي يعلى، فانتفت شبهة تدليسه. وهو في "مسند أبي يعلى""3076".

وأخرجه أحمد 3/232، والنسائي 7/230 في الضحايا: باب تسمية الله عز وجل على الضحية، من طريق هشيم، بهذا الإسناد =

ص: 221

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الطيالسي "1968"، وأحمد 3/115 و183و222و255و272و279، والدارمي 2/75، والبخاري "5558" في الأضاحي: باب من ذبح الأضاحي بيده، ومسلم "1966" "18" في الأضاحي: باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل، والنسائي 7/230 باب في الضحايا: باب وضع الرجل على صفحة الضحية، و230 - 231 باب التكبير عليها، وابن ماجة "3120" في الأضاحي: باب أضاحي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن الجارود "909"، وأبو يعلى "3136" و"3247" و"3248" من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه الطيالسي "1968"، وعبد الرزاق "8129"، وأحمد 3/170 و211و214و258، والبخاري "5564" في الأضاحي: باب وضع القدم على صفحة الذبيحة، و"5565" باب التكبير عند الذبح، و"7399" في التوحيد: باب السؤال بأسماء الله تعالى، ومسلم "1966""17" و"18"، وأبو داود "2794" في الأضاحي: باب مايستحب من الضحايا، والترمذي "1494"في الأضاحي: ما جاء في الأضحية بكبشين، والنسائي 7/220 باب الكبش و231 باب ذبح الرجل أضحيته بيده، وابن الجارود "902"، وأبو يعلى "2859" و"2877" و "3118" و"3166" و "3247"، والبيهقي 9/259 و283 و285، والبغوي "1118" و"1119"، من طرق عن قتادة، به.

وأخرجه أحمد 3/268، والبخاري "1551" في الحج: باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة، و"1712" باب من نحر هديه بيده، و"1714" باب نحر البدن قائمة، و"5554" في الأضاحي: باب أضحية النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين، وأبو داود "2793"، والنسائي 7/220، وأبو يعلى "2806" و "2807"، والبيهقي 9/272 – 273و279 من طريق أبي قلابة، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/101و281، والبخاري "5553" باب أضحية =

ص: 222

‌ذِكْرُ وَصْفِ ذَبْحِ الْمَرْءِ نَسِيكَتَهُ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ

5901 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْجَرْجَرَائِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هشيم، عن شعبة، عَنْ قَتَادَةَ

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَكَانَ يُسَمِّي ويكبر، فلقد راتيه يذبحهما بيده واضعا على صفاحهما قدمه1 [8:5]

=النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي 7/219، والدارقطني 4/285 مِنْ طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/178، والنسائي 7/219 – 220 من طريق ثابت، عن أنس.

وأخرجه النسائي 7/220، والبيهقي 9/263و277 من طريق محمد بن سيرين، عن أنس، وانظر الحديث الآتي.

والصفحة: هي صفحفة العنق، وهي جانبه، وإنما فعل هذا ليكون أثتت له، وأمكن لئلا تضطرب الذبيحة برأسها، فتمنعه من إكمال الذبح أو تؤذيه.

1 إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن الصباح الجرجرائي فقد روى له أبو داود وابن ماجه، وهو صدوق. وانظر الحديث السابق.

ص: 223

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ ذَبْحَ الْكَبْشَيْنِ لَيْسَ بِعَدَدٍ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ

5902 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشٍ

ص: 223

أَقْرَنَ فَحِيلٍ، يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سواد، ويشرب في سواد،1 [8:5]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم كما قال صاحب "الاقتراح"، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرجعفر بن محمد – وهو ابن على بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فمن رجال مسلم.

وأخرجه ابن ماجة "3128" في الأضاحي: باب ما يستحب من الأضاحي، عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود "2796" في الضحايا: باب ما يستحب من الضحايا، والترمذي "1496" في الأضاحي: باب ما يستحب من الأضاحي، والنسائي 7/221 في الضحايا: باب الكبش، والحاكم 4/228، والبيهقي 9/273، والبغوي "1120" من طرق عن حفص بن غياث، به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي! وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث حفص بن غياث.

وفي الباب عن عائشة، وسيأتي برقم "5915"

وقوله: "أقرن" أي: ذو قرنين، و"الفحيل": الكريم المختار للفحلة، ويقال: الفحيل المنجب في ضرابه، وأواد به النبل وعظم الحلقة.

وقوله: "يأكل في سواد

" أراد به أن فمه وما أحاط بملاحظ عينيه من وجهه وأرجله أسود، وسائر بدنه أبيض.

ص: 224

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْبُدْنَ يَجِبُ أَنْ تُنْحَرَ قِيَامًا مَعْقُولَةً

5903 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ

قَالَ: رأيت بن عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ ينحرها،

ص: 224

قَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم 1 [8:5]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البخاري "1713" في الحج: باب نحر الإبل مقيدة، وابن خريمة "2893"، والبغوي "1957" من طريقين عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/3و86و139، والدارمي 2/66، ومسلم "1320" في الحج: باب نحر البدن، قياماً مقيدة، وأبو داود "1768" في المناسك باب كيف تنحر البدن، وابن خزيمة "2893"، والبيهقي 5/237 من طرق عن يونس بن عبيد، به.

ص: 225

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ بِأَنْ يَذْبَحَ الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ فِي نَسِيكَتِهِ

5904 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيَّ حَدَّثَهُ

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الجذع من الضأن2 [50:4]

2 إسناده قوي، رجاله رجال الصحيح غير معاذ بن عبد الله الجهني، فقد روى له أصحاب السنن، وهو صدوق، بكير: هو ابن عبد الله بن الأشجع.

وأخرجه النسائي 7/219 في الضحايا: باب المسنة والجذعة، وابن الجارود "905" من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني 17/"953"، والبيهقي 9/270 من طرق بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، به وانظر الحديث رقم "5898".

قال البغوي في "شرح السنة" 4/329: أما الجذع من الضأن، فاختلفوا فيه، فذهب أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعدهم إلى جوازه غير أن بعضهم يشترط أن يكون عظيماً. قلت: الأشهر عند أهل اللغة: =

ص: 225

5905 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ بِمَنْبِجَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ

أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نيار قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَضْحَى، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يعيد أضحية أخري، قال أبوبردة: لَا أَجِدُ إِلَّا جَذَعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَإِنْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا جَذَعًا فَاذْبَحْهُ" 1 [76:1]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم بِإِعَادَةِ الْأُضْحِيَّةِ أَمْرُ نَدْبٍ قَصَدَ بِهِ التَّعْلِيمَ، إِذِ النَّسِيكَةُ لَا يَكُونُ فَضْلُهَا إِلَّا لِمَنْ ذَبْحَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَمَا كَانَ مِنْهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَفِيهِ الْفَضْلُ لَا فَضْلَ النَّسِيكَةِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا جُعِلَ لِفَضْلِ الْوَقْتِ، ثُمَّ نُدِبَ إِلَيْهِ لَوْ قَدَّمَهُ الإنسان عن وقته،

= هو ما أكمل سنة ودخل في الثانية، وهو الأصح عند الشافعي، وقال الحنفية، والحنابلة: هو ما أتم ستة أشهر، ونقل الترمذي عن وكيع أنه ابن ستة أشهر أو سبعة أشهر. وقال صاحب "الهداية": إنه إذا كان عظيما بحيث لو اختلط بالثني اشتبه على الناظر من بعيد، أجزأ.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو في "الموطأ" 2/483 في الضحايا: باب النهي عن ذبح الضحية قبل انصراف الإمام، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "السنن المأثورة""585"، والدرامي 2/80، والبيهقي 9/263.

وأخرجه أحمد 3/466، والنسائي 7/224 في الضحايا: باب ذبح الضحية قبل الإمام، من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/45 من طريق محمد بن إسحاق، عن بشير بن يسار، به، وسيرد ضمن حديث البراء برقم "5906" و"5907" و "5908" و "5910" و "5911".

ص: 226

لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ الْفَضْلَ الَّذِي وُعِدَ عَلَى ذَلِكَ الْفَضْلِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يَعْدَمِ الْفَضْلَ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ الْمُقَدَّمِ عَنْ وَقْتِهِ، وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى، نُدِبَ إِلَيْهَا لِوَقْتِ الضُّحَى فَلَوْ صَلَّى إِنْسَانٌ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ يُرِيدُ بِهِ صَلَاةَ الضُّحَى لَمْ يُؤْجَرْ عَلَيْهِ أَجْرَ صَلَاةِ الضُّحَى وَإِنْ كان الفضل موجودا في صلاته تلك

ص: 227

‌ذِكْرُ لَفْظَةٍ جَهِلَ فِي تَأْوِيلِهَا مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ

5906 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي يَوْمِ عِيدٍ:"أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ يَوْمَنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ تَعَجَّلَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ"، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ان عندي جذعة خير من سنة؟ قَالَ:"اجْعَلْهَا مَكَانَهَا، وَلَنْ تُجْزِئَ أَوْ تُوُفِّيَ عن أحد بعدك" 1 [76:1]

= هو ما أكمل سنة ودخل في الثانية، وهو الأصح عند الشافعي، وقال الحنفية، والحنابلة: هو ما أتم ستة أشهر، ونقل الترمذي عن وكيع أنه ابن ستة أشهر أو سبعة أشهر. وقال صاحب "الهداية": إنه إذا كان عظيما بحيث لو اختلط بالثني اشتبه على الناظر من بعيد، أجزأ.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه الطيالسي "743"، وأحمد 4/303، والبخاري "951" في العيدين: باب سنة العيدين لأهل الإسلام، و"965" باب الخطبة بعد العيد، و"968" باب التكبير إلى العيد، و"5545" في الأضاحي: باب سنة الأضحية، و "5560" باب الذبح بعد الصلاة، ومسلم "1961" "7" في الأضاحي: باب وقتها، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/172، =

ص: 227

‌ذكر الخبر الدال عن أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ أَمرُ تَعْلِيمٍ فِي أَوَّلِ مَا خَرَجَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بالناس الى الصحراء ليعيد بهم فعلهم كَيْفَ يُضَحُّونَ لَا أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ أَمرُ حَتْمٍ وَإِيجَابٍ

5907 ـ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْهَيْثَمِ بِبَلَدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، وَزُبَيْدٌ، وَدَاوُدُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَمُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَهَذَا حَدِيثُ زُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ

عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ، لَأَخْبَرْتُكُمْ بِمَوْضِعِهَا، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: "ان أول

= والبيهقي 9/269 و276، والبغوي "1114" من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/80 من طريق سفيان، والبخاري "976" في العيدين: باب استقبال الإمام الناس في خطبة العيد، والطحاوي 4/173، والبيهقي 3/311 من طريق محمد بن طلحة، كلاهما عن زبيد، به.

وأخرجه البخاري "5556" في الأضاحي: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة: "ضحِّ بالجذع من المعز"، ومسلم "1961""4"، وأبو داود "2801" في الضحايا: باب ما يجوز من السن في الضحايا، والبيهقي 9/269 و277 من طريق مطرف، ومسلم "1961""8" من طريق عاصم الأحول، وابن الجارود "908" من طريق داود بن علي، ثلاثتهم عن الشعبي، به.

وأخرجه أحمد 4/45 عن حجاج وحجين، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، عن خاله أبي بردة أنه

وانظر الحديث رقم "5907" و"5908" و"5910" و"5911".

ص: 228

مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ"، قَالَ: وَذَبَحَ خَالِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي ذَبَحْتُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، قَالَ: "اجْعَلْهَا مَكَانَهَا، وَلَا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بعدك" 1 [76:1]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري. عفان: هو ابن مسلم، ومنصور: هو ابن المعتمر، وداود: هو ابن هند، وابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان البصري، ومجالد: هو ابن سعيد بن عمير الهمداني.

وأخرحه أحمد 4/281 – 282، والطحاوي في "شرح معاني الأثار" 4/172 من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. ووقع في "المسند": فيستدرك تصحيحه من هنا.

وأخرجه الشافعي في "السنن""588"، ومسلم "1961""5"، والترمذي "1508" في الأضاحي: باب ما جاء في الذبح بعد الصلاة، والنسائي 7/222 في الضحايا: باب ذبح الضحية قبل الإمام، وأبو يعلى "1661"، والبيهقي 9/262و276 من طرق عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، به.

وأخرجه البخاري "6673" في الأيمان والنذور: باب إذا حنث ناسياً في الأيمان، من طريق معاذ بن معاذ، ع ابن عون، عن الشعبي، به. وانظر الحديث رقم "5906" و"5908" و "5910" و "5911".

ص: 229

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ ذَبْحَ أَبِي بُرْدَةَ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ كَانَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِهِ لَا عَنْ نَفْسِهِ

5908 ـ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ،

ص: 229

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنِي فِرَاسٌ، عَنِ

الشَّعْبِيِّ

عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ وَجَّهَ قِبْلَتَنَا، وَصَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَلَا يَذْبَحْ حَتَّى يُصَلِّيَ"، فَقَالَ خَالِي أَبُو بُرْدَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نسكت عن بن لِي، قَالَ:"ذَاكَ شَيْءٌ عَجَّلْتَهُ لِأَهْلِكَ"، قَالَ: فَإِنَّ عِنْدِيَ جَذَعَةً، قَالَ:"ضَحِّ بِهَا عَنْهُ، فإنها خير نسكه" 1 [76:1]

1إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عثمان العجلي، فمن رجال البخاري.

وأخرجه مسلم "1961""6"، والنسائي 7/222 من طريقين عن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "5563" في الأضاحي: باب من ذبح قبل الصلاة أعاد، والبيهقي 9/276 من طريق أبي عوانة، عن فراس، به وانظر الحديث رقم "5906" و"5907" و"5910" و"5911".

ص: 230

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قد أجاز لأبي بردة أضحية

قَبْلَ الصَّلَاةِ وَنَفَى جَوَازَ مِثْلِهِ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إِلَّا فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ فِيهِ النَّدْبَ وَالْإِرْشَادَ

5909 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى بِالْمَوْصِلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ

ص: 230

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَا يُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ أَنْ يَذْبَحَ حَتَّى يُصَلِّيَ" 1 [76:1]

1 إسناده على شرط مسلم. وهو في "مسند أبي يعلى""1779".

وأخرجه أحمد 3/364، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/172 من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/14 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح.

ص: 231

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ

5910 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ

عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ:"مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ"، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، فَتَعَجَّلْتُ، فَأَكَلْتُ، وَأَطْعَمْتُ أَهْلِي وَجِيرَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ" قَالَ: فَإِنَّ عِنْدِي عَنَاقًا جَذَعَةً خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ، فَهَلْ تُجْزِئُ عَنِّي؟ قَالَ:"نَعَمْ تُجْزِئُ عَنْكَ وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بعدك" 2 [76:1]

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الأحوص: هو سلام بن سليم، ومنصور: هو ابن المعتمر.

وأخرجه مسلم "1961""7" في الأضاحي: باب وقتها، والنسائي 7/223 في الضحايا: باب ذبح الضحية قبل الإمام، عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.=

ص: 231

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَبَا بُرْدَةَ إِنَّمَا خُصَّ لِجَوَازِ أُضْحِيَتِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ الْأَمْرِ بِإِعَادَةِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ثَانِيًا

5911 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ وَهْبًا السُّوَائِيَّ يُحَدِّثُ

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ خَالِيَ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ، وَلَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعِنْدِي عَنَاقٌ جَذَعَةٌ هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"تُوفِي عَنْكَ وَلَا تُوفِي عَنْ أَحَدٍ بعدك" 1 [76:1]

= وأخرجه البخاري "983" في العيدين: باب كلام الإمام والناس في خطبة العبد، ومسلم "1916""7"، وأبو داود "2800" في الضحايا: باب ما يجوز من السن في الضحايا، والبيهقي 3/283 – 284 و311و9/276من طرق عن أبي الأحوص، به.

وأخرجه الدارمي 2/80، والبخاري "955" باب الأكل يوم النحر، ومسلم "1961""7"، والبيهقي 3/283 – 284 من طريقين عن منصور، به. وانظر الحديث رقم "5901" و"5906" و"5907" و"5908"

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو القيسي، وأخرجه، ومسلم "1961""9" عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وإخرجه وأخرجه البخاري "5557" في الأضاحي: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم، لأبي بردة:"ضع بالجذع من المعز"، ومسلم "1961""9"، والبيهقي 9/277 من طرق عن شعبة، به وانظر الحديث. رقم "5906" و"5907" و"5908" و"5910".

ص: 232

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ قَدْ أَمَرَ بِهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَيْضًا غير أبي بردة بن نيار

5912 ـ أخبرنا بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد، عن عبادة بْنِ تَمِيمٍ

عَنْ عُوَيْمِرِ بْنِ أَشْقَرَ الْأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ الْمَازِنِيِّ أَنَّهُ ذَبَحَ أُضْحِيَّةً قَبْلَ أَنْ يغدوا يَوْمَ الْأَضْحَى، وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ أُضْحِيَّةً أخرى1 [76:1]

1 رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم، عويمر بن أشقر: أنصاري بدري، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما ذكر عن ابن معين أَنَّ عَبَّادًا لم يَسْمَع منه، فقد رده ابن عبد البر كما سيأتي، وقد روى له ابن ماجة. يحيى بن سعيد: هو الأنصار.

وأخرجه مالك 2/484 في الضحايا: باب النهي عن ذبح الضحية قبل انصرف الإمام، ومن طريقه البيهقي 9/236، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/318، وأخرجه أحمد 3/454و4/341، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عويمر، من طريق يزيد بن هارون، وابن ماجة "3153" في الأضاحي: باب النهي عن ذبح الأضحية قبل الصلاة، من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، أربعتهم عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

قال ابن عبد البر – فيما نقله عنه الزرقاني في "شرح الموطأ" 3/74 -: لم يختلف عن مالك في هذا الحديث، وظاهر اللفظ الانقطاع، لأن عباداً لم يدرك ذلك الوقت، ولذا زعم ابن معين أنه مرسل، لكن سماع عباد من عويمر ممكن، وقد صرح به في رواية عبد العزيز الداوردي عن يحيى بن سعيد، عن عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر أخبره أنه ذبح قبل الصلاة، وذكر ذلك =

ص: 233

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ أُمِرَ بِهِ غَيْرُ هَذَيْنِ أَيْضًا

فِي أَوَّلِ ابْتِدَاءِ إِنْشَاءِ الْعِيدِ حَيْثُ جَهِلُوا

كَيْفِيَّةَ الْأُضْحِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ

5913 ـ أَخْبَرَنَا الْجُنَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ

عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: ضَحَّيْنَا مع رسول

= لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد ما صلى، فأمره أن يعيد ضحيته، وفي رواية عن حماد بن سلمة، عن يحيى، عن عباد، عن عويمر أنه ذبح قبل أن يصلي، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يعيد، فهاتان الروايتان تدلان على غلظ يحيى بن معين، وأن قوله ذلك ظن لم يصب فيه.

قال الزرقاني: وكذا رواه الترمذي في "العلل": حدثنا يحيى بن موسى، حدثنا أبو ضمرة، عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني عباد بن تميم، عن عويمر بن أشقر، فذكره مثل حديث حماد بن سلمة، وبتصريحه بأنه أخبره عُلِمَ أن قول البخاري فيما نقله الترمذي عنه في "العلل": لا أعرف أن عويمراً عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إنما نفى عرفانه هذا.

قلت: وكذلك تعقب الحافظ ابن حجر في "التهذيب" قول ابن معين بقوله: لكن وقع التصريح بسماعه منه في حديث الدراوردي، عن يحيى بن سعيد، عن عباد بن تميم، سمعت عويمراً

وفي الباب عن البراء بن عا زب وقد تقدم برقم "5906" و"5907" و"5908" و"5910"، وعن جندب بن سفيان وهو الحديث الآتي، وعن أبي برده بن نيار وقد تقدم برقم "5905"، وعن أنس عند البخاري "954" و"984" و"5546" و"5549""5561"، ومسلم "1962"، وأحمد 3/113 و117، والنسائي 7/223 – 224، والبيهقي 9/277، والطحاوي 4/173.

ص: 234

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا نَاسٌ ذَبَحُوا ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، رَآهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ:"مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صلينا، فليذبح على اسم الله" 1 [76:1]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. الجنيدي: هو: محمد بن عبد الله بن جنيد، أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه البخاري "5500" في الذبائح والصيد: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الإمام، عن قتبية بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "936"، والحميدي "775"، وأحمد 4/312 و313، والبخاري "985" في العيدين: باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد، و"5562" في الأضاحي: باب من ذبح قبل الصلاة أعاد، و"6674" في الأيمان والنذور: باب إذا حنث ناسياً في الأيمان، و"7400" في التوحيد: باب السوال بأسماء الله تعالى، ومسلم "1960" في الأضاحي: باب وقتها، وابن ماجة "3152" في الأضاحي: باب النهي عن ذبح الأضحية قبل الصلاة، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/173، والطبراني "1713" و"1714" و "1715" و"1716" و"1717" و "1718"، والبيهقي 9/262و277 من طرق عن الأسود بن قيس، به.

ص: 235

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ

وَالْأَمْرَ بها ليس بواجب

5914 ـ أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا بن وهب، حدثنا سعيد بن أَيُّوبَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ

ص: 235

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ: "أُمِرْتُ بِيَوْمِ الْأَضْحَى عِيدًا جَعَلَهُ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ"، فَقَالَ الرَّجُلُ أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا مَنِيحَةَ أُنْثَى أَفَأُضَحِّي بِهَا؟ قَالَ:"لَا، وَلَكِنْ تَأْخُذُ مِنْ شَعْرِكَ، وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَكَ، وَتَحْلِقُ عَانَتَكَ، وَتَقُصُّ شَارِبَكَ، فَذَلِكَ تَمَامُ أُضْحِيَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ" 1 [76:1]

1 إسناده صحيح عيسى بن هلال الصدفي: وثقه الؤلف، وروي عنه جمع، وباقي رجاله ثقات رجال مسلم غير يزيد – وهو ابنُ خالد بن يزيد بن موهب – فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة.

وأخرجه النسائي 7/212 – 213 في الضحايا: باب من لم يجد الأضحية، والدارقطني 4/282، والحاكم 4/223، والبيهقي 9/263 من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 2/169،وأبو داود "2789" في لأضاحي: باب ما جاء في إيجاب الأضاحي، من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد، عن سعيد بن أبي أيوب، به.

وأخرجه الدارقطني 4/282،والحاكم 4/223، والبيهقي 9/263 – 264 من طيقين عن عياش بن عباس، به.

والمنيحة: هي الناقة أو الشاة تعار لينتفع بلبنها، وتعاد إلى صاحبها.

ص: 236

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ

اسْتِعْمَالُهَا لَيْسَ بِفَرْضٍ

5915 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عن بن قُسَيْطٍ عَنْ عُرْوَةَ

ص: 236

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، فَأَتَى بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ"، ثُمَّ قَالَ:"حُدِّيهَا بِحَجَرٍ"، فَفَعَلْتُ، فَأَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، وَقَالَ:"بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ، مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ"، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ صلى الله عليه وسلم 1 [8:5]

1 إسناده قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة وأبي صخر – وهو حميد بن زياد الخراط – فمن رجال مسلم، والثاني: صدوق. ابن قسيط: هو يزيد بن عبد الله بن قسيط.

وأخرجه البيهقي 9/272 عن محمد بن الحسن بن قتيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/78، ومسلم "1967" في الأضاحي: باب استحباب الضحية وذبخها مباشرة بلا توكيل، وأبو داود "2792" في الضحايا: باب ما يستحب من الضحايا، والبيهقي 9/267و286 من طريقين عن ابن وهب، به. وانظر "5902".

ص: 237

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ اسْتِعْمَالُهَا غَيْرُ فَرْضٍ

5916 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَرْغِيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عن شعره وأظفاره" 2 [42:2]

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير عمرو بن مسلم، =

ص: 237

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَهِمَ فِيهِ مَالِكٌ حَيْثُ قَالَ: عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ وَإِنَّمَا هُوَ "عُمَرُ بْنُ مُسْلِمِ"، بْنِ عَمَّارِ1 بْنِ أُكَيْمَةَ، وَأَخُوهُ عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ لَمْ يُدْرِكْهُ مَالِكٌ، وَهُوَ تابعي روى عنه الزهرى2

=ويقال: عمر بن مسلم، وسيأتي كذلك عند المصنف برقم "5918" فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم "1977""41" في الأضاحي: باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئا، وابن ماجة "315" في الأضاحي: باب من أراد أن يضحي فلا يأخذ في العشر من شعره وأظفاره، من طريقين عن يحيى بن كثير العنبري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/311، ومسلم "1977""41"، والترمذي "1523" في الأضاحي: باب ترك أخذ الشعر لمن أراد أن يضحي، والنسائي 7/211 – 212 في الضحايا في فاتحته، وابن ماجة "315"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/181، والطبراني 23/"564"، والحاكم 4/220 من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه الطحاوي 4/182، والطبراني 23/"562" من طرق عن مالك بن وهب، به وانظر الحديث رقم "5897" والحديثين الآتيين.

1 كذا في الأصل و "التقاسيم" 2/132، وقيل فيه أيضاً: عمارة، وعمرو، وعامر، كذا في ترجمته جدَّ عمرو بن مسلم، وهو عمارة بن أكيمة، في "التهذيب"

2 وذكر ذلك أيضاً في "الثقات" 5/169 – 170. قال الحافظ في "التهذيب" 8/104 بعد أن نقل دعوى ابن حبان هذه: ولم يوافقه أحد علمته على ذلك.

وقال أبو داود بإثر الحديث "2791" من "سنة": اختلفوا على مالك، وعلى محمد بن عمرو في عمرو بن أكيمة الليثي الجندعي. وانظر "5897".

ص: 238

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إِنَّمَا زَجَرَ عَنْهُ لِمَنْ عِنْدَهُ

أُضْحِيَّةٌ يُرِيدُ ذَبْحَهَا وَأَهَلَّ عَلَيْهِ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ

وَهِيَ عِنْدَهُ دُونَ مَنِ اشْتَرَاهَا بَعْدَ هِلَالِهِ عَلَيْهِ

5917 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ، بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عمر بن مسلم بن عمار بن أكيمة، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ:

سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يضحى" 1 [43:2]

1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال مسلم غير محمد بن عمرو – وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ – فقد روى له البخاري مقروناً، ومسلم متابعة، وهو صدوق، وقد توبع.

وأخرجه مسلم "1977""42" في الأضاحي: باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهومريد التضحة أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئا، وأبو داود "2791" في الضحايا: باب الأضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئا، وابو داود "2791" في الأضحية عن الميت، عن عبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني 23/"925" من طريق ابن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، عن عمرو بن مسلم، به. وانظر الحديث رقم "5897" و "5916" و"5918".

ص: 239

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِالشَّرْطِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ

5918 ـ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:

ص: 239

حَدَّثَنِي عُمَرُ، بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: كُنَّا فِي الْحَمَّامِ قُبَيْلَ الْأَضْحَى، فَإِذَا أُنَاسٌ قَدِ اطَّلَوْا، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ فِي الْحَمَّامِ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَكْرَهُ هَذَا، وَيَنْهَى عَنْهُ، قَالَ: فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَذَكَرْتُ ذلك له، فقال: بن أَخِي، إِنَّ هَذَا حَدِيثٌ قَدْ نُسِيَ حَدَّثَتْنِي أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَعِنْدَ أَحَدِكُمْ ذِبْحٌ يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَهُ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شعره وأظفاره" 1 [42:2]

1 إسناده حسن، وهو مكرر ما قبله. عبدة بن سليمان: هو الكلابي.

وأخرجه مسلم "1977""42"، والبهقي 9/266 من طريقين عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وعمرو بن مسلم: هو عمرو بن مسلم. وانظر الحديث رقم "5897" و "5916" و "5917".

وقوله: "اطَّلوا" أي: أزالوا شعر العانة بالنورة.

وقوله: "إن سعيداً يكره هذا" قال النووي في "شرح مسلم" 13/140: يعني يكره إزالة الشعر في عشر ذي الحجة لمن يريد التضحية، لا أنه يكره مجرد الاطلاء، ودليل ما ذكرناه احتجاجه بحديث أم سلمة، وليس فيه ذكر الاطلاء، إنما فيه النهي عن إزاله الشعر.

ص: 240

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُضَحِّيَ الْمَرْءُ

بِأَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنَ الضَّحَايَا

5919 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ ذَكَرَ الْأَضَاحِيَّ، فَقَالَ: أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَيَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِهِ، فَقَالَ: "أَرْبَعٌ لَا يضحى

ص: 240

بِهِنَّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ، الْبَيِّنُ ظَلَعُهَا،1 وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي"، فَقَالُوا لِلْبَرَاءِ: فَإِنَّمَا نَكْرَهُ النَّقْصَ فِي السِّنِّ وَالْأُذُنِ وَالذَّنَبِ، قَالَ: فَاكْرَهُوا مَا شِئْتُمْ، وَلَا تحرموا على الناس 2 [81:2]

1 فوقهما في الأصل: "عرجها"خاخ

"1" إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير سليمان بن عبد الرحمن – وهو ابن عيسى البصري – وعبيد بن فيروز، فقد روى لهما أصحاب السنن، وهما ثقتان. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه النسائي 7/215 – 216 في الضحايا: باب العجفاء، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/168 من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير، كلاهما عن ليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي "1497" في الأضاحي: باب ما لا يجوز من الأضاحي، والبيهقي 9/274 من طريق يزيد بن أبي حبيب، والطحاوي 4/168 من طريق بن لهيعة، كلاهما عن سليمان بن عبد الرحمن، به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عبيد بن فيروز عن البراء، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم.

وأخرجه الطحاوي 4/169، والحاكم 4/223 من طريق أيوب بن سويد، عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن البراء. وأيوب بن سويد: سيئ الحفظ، وانظر "تاريخ البخاري" 6/1-2. وانظر الحديث رقم "5921"و"5922".

والظَّلع: العرج، والعجفاء: الهزيلة، والتي لا تنقي: هي التي لا نقيَ لعظمها – وهو المخ – من الضعف والهزال.

ص: 241

5920 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والاذن1 [86:1]

1 إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حجية بن عدي، فقد روى له الترمذي، وروى عنه جمع، وهو من كبار أصحاب علي، ووثقه المؤلف والعجلي.

وأخرجه أحمد 1/125، وأبو يعلى "333"، والطحاوي 4/169، وابن خزيمة "1914"، والبيهقي 9/275 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "160"، وأحمد1/95و105 125و152، والدارمي 2/77، والنسائي 7/217 في الضحايا: باب الشرقاء وهي مشقوقة الأذن، وابن ماجة "3143" في الأضاحي: باب ما يكره من أن يضحي به، والطحاوي 4/170، وابن خزيمة "2914" و"2915"، والحاكم 1/468 و 4/224 – 225و225، والبيهقي 9/275 من طرق عن سلمة بن كهيل، به.

وأخرجه بأطول مما هنا أحمد 1/80و108و149، والدارمي 2/77، وأبو داود "2804" في الأضاحي: باب ما يكره من الأضاحي، والنسائي 7/216 في الضحايا: باب المقابلة وهي ما قطع طرف أذنها، و216 – 217 باب المدابرة وهي الشرقاء وهي مشقوقة الأذن، وابن ماجة "3142"، وابن الجارود "906"، والطحاوي 4/169، والحاكم 4/224، والبيهقي 9/275، والبغوي "1121" من طرق عن أبي إسحاق، عن شريح بن النعمان، عن علي بن أبي طالب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن وأن لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء. قال "أي: أبو إسحاق =

ص: 242

‌ذِكْرُ الْخِصَالِ الَّتِي إِذَا كَانَتْ فِي الْأُضْحِيَّةِ

لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَحَّى بِهَا

5921 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فيروز

= السبيعي": المقابلة: ما قطق طرف أذنها من جانب الأذن، والشرقاء: المشقوقة الأذن، والخرقاء: المثقوبة. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

قال البغوي في "شرح السنة" 4/337: قوله: "نستشرف العين والأذن" معناه الصحة والعظم، وقيل: نتأمل سلامتهما من آفة بهما كالعور والجدع، يقال: استكففت الشيء، واستشرفته كلاهما أن تضع يدك على حاجبك كالذي يستظل من الشمس حتى يستبين الشيء.

والمقابلة: أن يقطع مقدم أذنها ولا يبين، والمدابرة: أن يقطع مؤخر أذنها. واختلف أهل العلم في مقطوع شيء من الأذن، فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز، وهو قول الشافعي، وقال أصحاب الرأي: إن كان أقل مقطوع الثلث يجوز وإن كان أكثر لا يجوز. وتجوز مكسورة القرنين عند أكثرهم، وقال النخعي: لا تجوز إلا أن يكون داخله صحيحاً، يعني المشاش.

وأخرجه أحمد 1/83و129و150،وأبو داود "2805"، والنسائي 7/217 – 218 باب العضباء، وابن ماجة "3145"، والطحاوي 4/169، وابن خزيمة "2913"، والحاكم 1/468، والبيهقي 9/275، والبغوي "1122" من طريق قتادة، عن جري بن كليب، عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضحى بعضباء الأذن والقرن.

وأخرجه أحمد 1/132 من طريق هبيرة بن يريم، عن علي.

وأخرجه البيهقي 9/275 من طريق عبد الله بن نجي، عن علي.

ص: 243

عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا: أَرْبَعٌ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تنقي" 1 [86:1]

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: يُرْوَى هَذَا الْخَبَرُ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَأَخْطَأَ فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسْقَطَ سليمان بن عبد الرحمن من الإسناد2

1 إسناده صحيح. سليمان بن عبد الرحمن وعبيد بن فيروز: روى لهما أصحاب السنن، وهما ثقتان، وباقي رجاله رجال مسلم.

وأخرجه النسائي 7/215 – 216 في الضحايا: باب العجفاء، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/168 من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "5919" و"5922".

2 أخرجه مالك 2/482 في الضحايا: باب ما ينهى عنه من الضحايا، ومن طريقه الدارمي 2/76، والطحاوي 168، والبيهقي 9/273 – 274، والبغوي "1123" عن عمرو بن الحارث، عن عبيد بن فيروز، عن البراء.

قال ابن عبد البر فيما نقله عنه الزرقاني في "شرح الموطأ" 3/70 – 71: لم تختلف الرواة عن مالك في هذا الحديث، وإنما رواه عمرو، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن عبيد، فسقط لمالك ذكر سليمان، ولا يعرف الحديث إلا له، ولم يروه غيره عن عبيد، ولا يعرف عبيد إلا بهذا الحديث، وبرواية سليمان هذا عنه، ورواه عن سليمان جماعة منهم شعبة والليث عن عمرو بن الحارث، والليث، وابن لهيعة، عن سليمان، عن عبيد، عن البراء، ثم أسنده من هذا الوجه في "التمهيد"، لكن قوله: لا يعرف إلا لسليمان عن عبيد، منتقد، فقد رواه يزيد بن أبي حبيب والقاسم مولى خالد بن يزيد بن معاوية، كلاهما عن عبيد، كما ذكره المزي في "الأطراف"

ص: 244

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ

فَيْرُوزَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنَ الْبَرَاءِ

5922 ـ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عبيد بن فيروز، قال:

سألت الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ: مَا كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأُضْحِيَّةِ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضْحَى: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، والكسير التي لا تنقي" 1 [86:1]

= 2/32، وذكر أيضاً أن سليمان رواه عن عبيد بواسطة هي القاسم مولى خالد وبدونها، وصرح سليمان في بعض طرقه عند ابن عبد البر بقوله: سمعت عبيد بن فيروز.

1 إسناده صحيح وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه الطيالسي "749"، وأحمد 4/284و289، والدارمي 2/76 – 77، وأبو داود "2802" في الضحايا: باب ما يكره من الضحايا، والترمذي "1497" في الأضاحي: باب ما لا يجوز من الأضاحي والنسائي 7/214 – 215 في الضحايا: باب ما نهي عنه من الأضاحي العوراء، و215 باب العرجاء، وابن ماجة "3144" في الأضاحي: باب ما يكره أن يضحي به، وابن الجارود "907"، وابن خزيمة "2912"، والطحاوي 4/168، والحاكم 1/467 – 468، والبيهقي 5/242و9/274 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه لقلة روايات سليمان بن عبد الرحمن، وقد أظهر على ابن المديني فضائله واتقانه، ولهذا الحديث شواهد متفرقة بأسانيد صحيحة ولم يخرجاها. وانظر الحديث =

ص: 245

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا

بَعْدَ ثَلَاثٍ

5923 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بن سعد، عن نافع

عن بن عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:"لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ من لحم أضحيته فوق ثلاث أيام" 1 [99:1]

= رقم "5919" و "5921".

وقوله: "الكسير" أي: المنكسرة الرجل التي لا تقدر على المشي،

1 إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد – وهو ابنُ خالد بن يزيد بن موهب – فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة.

وأخرجه مسلم "1970""26" في الأضاحي: باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم لأضاحي، والترمذي "1509" في الأضاحي: باب ما جاء في كراهية أكل الأضحية فوق ثلاث أيام، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/184 والحازمي في "الاعتبار"ص 154 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "1970""26" من طريق الضحاك بن مخلد، عن نافع، به.

وأخرجه أحمد 2/9و34، والبخاري "5574" في الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، ومسلم "1970""27"، والنسائي 7/232 في الضحايا: باب النهي عن الأكل من لحوم الأضاحي بعد ثلاث وعن إمساكه، والطحاوي 4/184، والبيهقي 9/290 من طريق الزهري، عن سالم، عن ابن عمر. وانظر الحديث الآتي.

ص: 246

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

5924 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بكر، قال: حدثنا بن جريج، قال: أخبرنا نافع

عن بن عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ مِنْ أُضْحِيَتِهِ فوق ثلاث" 1 [99:1]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو الحنظلي المعرف بابن راهويه.

وأخرجه أحمد 2/36 – 37 عن محمد بن بكر، يهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/16 و81، والدارمي 2/78، ومسلم "1970""26" من طرق عن ابن جريج، به. وانظر الحديث السابق.

ص: 247

‌ذِكْرُ أَمْرِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِأَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ

ثَلَاثٍ نَسْخًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ

5925 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عن أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ قَالَ بعد ذلك:"كلوا وتزودوا وادخروا" 2 [99:1]

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري مقروناً

وهو في "الموطأ" 2/484 في الضحايا: باب ادخار لحوم الأضاحي، ومن طريقه أخرجه أحمد 3/388، ومسلم "1972" "29" في الأضاحي:

ص: 247

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ

بِلُحُومِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ثَلَاثٍ

5926 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ،1 عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْنَبَ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُحُومِ الأضاحي فوق ثلاث، أَيَّامٍ ثُمَّ رَخَّصَ أَنْ نَأْكُلَ وَنَدَّخِرَ، فَقَدِمَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ أَخُو أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ مِنْ قَدِيدِ الْأَضْحَى، فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِيهِ بَعْدَكَ أَمْرٌ، كَانَ نَهَانَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نَحْبِسَهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ، أَيَّامٍ ثُمَّ رَخَّصَ أَنْ ناكل وندخر2

= باب إدخار لحوم الأضاحي، والنسائي 7/233 في الأضاحي: باب الإذن في ذلك، والطحاوي 4/186، والبيهقي 9/290 – 291، والبغوي "1133"

وأخرجه أحمد 3/386 من طريق زهير، والطحاوي 4/186 من طريق عمرو بن الحارث وخالد بن يزيد، والطيالسي "1740" عن حرب، أربعتهم عن أبي الزبير عن جابر. ولفظ زهير: أكلنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لحوم الأضاحي وتزودنا حتى بلغنا بها المدينة. وبنحوه لفظ خالد بن يزيد. قال البيهقي9/291: فالتزود إلى المدينة حفظه عمرو بن دينار عن عطاء، وحفظه أيضاً عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ –وسيأتيان برقم"5931"- وحفظه زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر.

1 تحرف في الأصل إلى: ""سعيد""، والتصويب من""التقاسيم"" 1/620.

2إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن اسحاق وزينب بنت كعب، فروى لهما أصحاب السنن. وزينب هذه: هي زوجة أبي سعيد =

ص: 248

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: زَيْنَبُ هِيَ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ [99:1]

=الخدري، مختلف في صحبتها، روي عنها بن إسحاق وسليمان بن محمد ابنا كعب بن عجرة. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، ويحيى بن سعيد: هو: القطان. وهو في "مسند أبي يعلى""997"

وأخرجه أحمد 3/23، والنسائي 7/234 في الضحايا: باب الأذن في ذلك، من طريق يحيى، بهذا الإسناد

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/186 – 187 من طريق أنس "وقد تحرف إلى: أنس" بن عياض، عن سعد بن إسحاق، به.

وأخرجه البخاري "3997" في المغازي: باب 12، و"5568" في الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي، وما يتزود منه، والنسائي 7/233، والبيهقي 9/292 من طريق عبد الله بن خباب، أن أبا سعيد بن مالك الخدري رضى الله عنه قدم من سفر، فقدم إليه أهله لحما من لحوم الأضحي، فقال: ما أنا بآكله حتى أسأل، فانطلق إلى أخيه لأمه – وكان بدريا – قتادة بن النعمان، فسأله، فقال: إنه حدث بعدك أمر نقض لما كانوا ينهون عنه من أكل لحوم الأضحى بعد ثلاثة أيام. لفظ البخاري.

وأخرجه مالك 2/186من طريق زبيد، كلاهما عن أبي سعيد الخدري، بنحوه.

وأخرجه أحمد 3/57 و63و66، والنسائي 7/236 باب الادخار من الأضاحي، والطحاوي 4/186 من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه وعمه قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كلوا لحوم الأضاحي وادخرو". وانظر الحديث رقم "5928".

ص: 249

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا نُهِيَ عَنِ أَكْلِ

لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ

5927 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدِ بْنِ1

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حضره الأضحى فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ادَّخِرُوا الثُّلُثَ وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ" قَالَتْ عَمْرَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ، وَيَحْمِلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ، وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الْأَسْقِيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَمَا ذَاكَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَهَيْتَ عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ، فكلوا وتصدقوا وادخروا" 2 [99:1]

1 تحرفت في الأصل و "التقاسيم" 1/620 إلى: "عن"، والتصويب من مصادر التخريج.

2 وهو في "الموطأ" 2/484 – 485 في الضحايا: باب ادخار لحوم الأضاحي، ومن طريقه أخرجه مسلم "1971" في الأضاحي: باب بيان ما كان =

ص: 250

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=من النهي عن أكل لحوم الأضاحي، والبيهقي 9/293، والحازمي في "الاعتبار" ص 155.

وأخرجه من طريقه أيضاً دون قول عبد الله بن واقد: أحمد 6/51، وأبو داود "2812" في الأضاحي: باب في حبس لحوم الأضاحي، والطحاوي 4/188.

وأخرجه الدارمي 2/79 من طريق محمد بن اسحاق، حدثني عبد الله بن أبي بكر، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "5570" في الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم. الأضاحي وما يتزود منها، والطحاوي 4/189، والبيهقي 9/293 من طريق يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة قالت: التضحية كنا نملح منه، فنقدم به إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقال:"لا تأكلوا إلاّ ثلاثة أيام"، وليست بعزيمة، ولكن أراد أن نطعم منه، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 6/127 – 187، والبخاري "5423" في الأطعمة: باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم، و"5438" باب القديد، و"6687" في الأيمان والنذور: باب إذا حلف أن لا يأتدم فأكل تمراً بخبز، والنسائي 7/235 – 236و236، والبيهقي 9/292، والبغوي "1134" من طريق عبد الرحمن بن عابس، عن أبيه قال: قلت لعائشة: أنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث؟ قالت: ما فعله إلا في عام جاع الناس فيه، فأراد أن يطعم الغني الفقير، وإن كنا لنرفع الكراع فنأكله بعد خمس عشرة، قيل: ما اضطركم إليه؟ فضحكت، قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز برٍّ مأدوم ثلاثة أيام لحق بالله. لفظ البخاري.

وأخرجه الترمذي "1511" في الأضاحي: باب ما جاء في الرخصة في أكلها بعد ثلاث، والطحاوي 4/188 من طريق أبي إسحاق، عن عابس بن ربيعة قال: قلت لأم المومنين: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن لحوم الأضاحي؟ قالت: لا، ولكن قلّ من كان يضحي من الناس، فأحب أن يطعم من لم يكن يضحي ولقد كنّا نرفع الكراع فنأكله بعد عشرة أيام.

ص: 251

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: الدَّافَّةُ: الْجَمَاعَةُ يَقْدَمُونَ مُجِدِّينَ فِي السُّؤَالِ1

1 وقال الخطابي في معالم السنن" 2/232: وقوله "دف ناس" معناه: أقبلوا من البادية، والدف: سير سريع يقارب فيه بين الخطو، يقال: دف الرجل دفيفا وهم دافة، أي: جماعة يدفون، وإنما وإنما أرد قوماً أقحمتهم السنة، ،أقدمتهم المجاعة.

وقال ابن الأثير: الدافة: قوم من الأعراب يريدون المصر، يريد أنهم قدموا المدينة عند الأضحى، فنهاهم عن ادخار لحوم الأضاحي ليفرقواها ويتصدقوا بها، فينتفع أولئك القادمون بها.

ص: 252

‌ذِكْرُ خَبَرٍ رَابِعٍ يُصَرِّحُ بِالِانْتِفَاعِ بِلُحُومِ

الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ

5928 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ"، قَالَ: فَشَكَوْا إِلَيْهِ أَنَّ لَهُمُ عِيَالًا وَخَدَمًا، فقال:"كلوا واطعموا واحبسوا" 2 [99:1]

2 إسناده صحيح على شرط مسلم. وهب بن بقية وأبو نضرة – وهو المنذر بن مالك بن قطعة – روي لهما مسلم، وباقي رجاله رجال الشيخين. خالد: هو ابن عبد الله الطحان الواسطي، والجريري: هو سعيد بن إياس، وروى الشيخان للجريري من رواية خالد بن عبد الله الواسطي. وهو في "مسند أبي يعلى""1078"

وأخرجه أحمد 3/85، ومسلم "1973" في الأضاحي: باب بيان =ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وبيان نسخه، والحاكم 4/232، والبيهقي 9/292 من طرق عن الجريري، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقد تقدم هذا الحديث برقم "5926".

ص: 252

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمُضَحِّي أَنْ يَدَّخِرَ مِنْ أُضْحِيَتِهِ

بَعْدَ أَكْلِهِ وَإِطْعَامِهِ مِنْهَا

5929 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ

عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الْأَضْحَى: "مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ، فَلَا يُصْبِحْ بَعْدَ ثَالِثَةٍ فِي بَيْتِهِ شَيْءٌ مِنْ أُضْحِيَتِهِ"،

فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ يَوْمَ الْأَضْحَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَفْعَلُ فِي هَذَا كَمَا فَعَلْنَا فِي الْعَامِ الْمَاضِي، قَالَ:"لَا كَانَ النَّاسُ بِجَهْدٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا كلوا واطعموا وادخروا" 1

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبوخيثمة: زهير بن حرب.

وأخرجه البخاري"5569" في الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي، ومسلم "1974" في الأضاحي: باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي، والبيهقي 9/292 من طريق أبي عاصم الضحاك ابن مخلد، بهذا الإسناد.

ص: 253

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ اتِّخَاذِ الْمَرْءِ الْقَدِيدَ مِنْ لَحْمِ

أُضْحِيَتِهِ لِسَفَرِهِ

5930 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بن واقد، عن أبي الزبير

ص: 253

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَكَلْنَا الْقَدِيدَ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ1 [1:4]

1 رجاله ثقات غير مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، فقد روى له الترمذي والنسائي، وهو ثقة.والحسين بن واقد: قد توبع.

وأخرجه أحمد 3/327 عن زيد بن الحباب، عن حسين بن واقد، بهذا الإسناد. وانظر الحديث الآتي.

ص: 254

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْقَدِيدَ

الَّذِي وَصَفْنَاهُ كَانَ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ

5931 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نتزود لحم الأضحى إلى المدينة2 [1:4]

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عقبة بن مكرم – وهو ابن أفلح العمي – فمن رجال مسلم. غندر: لقب محمد بن جعفر.

وأخرجه الدارمي 2/80 عن سعيد بن الربيع، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحميدي "1266"، وأحمد 3/309، والبخاري "2980" في الجهاد: باب حمل الزاد في الغزو، و"5424" في الأطعمة: باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام واللحم وغيره، و"5567" في الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، ومسلم =

ص: 254

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِالْقَدِيدِ مِنْ لُحُومِ

الضَّحَايَا فِي الْأَسْفَارِ

5932 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ الْأُضْحِيَّةِ"، فَأَصْلَحْتُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى بَلَغَ الْمَدِينَةَ1 [99:1]

= "1972""32" في الأضاحي: باب ادخار لحوم الأضاحي، والبيهقي 9/291 من طريق سفيان ابن عيينة، عن عمرو بن جناب، به.

وأخرجه أحمد 3/317 و 378، والبخاري "1719" في الحج: باب ما يؤكل من البدن ومايتصدق، ومسلم "1972""30" و"31"، والطحاوي 4/186، والبيهقي 9/291، والحازمي في "الاعتبار" ص 155 من طرق عن عطاء، به. وانظر الحديث رقم "5925" و"5930".

1 إسناده حسن. هشام بن عمار: روى له البخاري متابعة وتعليقاً، وهو صدوق، وقد توبع على حديثه هذا، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. الزبيدي: هو محمد بن الوليد

وأخرجه الدارمي 2/79، ومسلم "1975" "36" في الأضاحي: باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي، والبيهقي 9/291 من طرق عن يحيى بن حنزب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/277 – 278و 281، ومسلم "1975""35"، وأبو داود "2814" في الأضاحي: باب في المسافر يضحي، والطحاوي 4/185، والطبراني "1411"، والحاكم 4/230، والبيهقي 9/291 من طرق عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، به.

ص: 255

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِلُحُومِ الضَّحَايَا

مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ

5933 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أو امْرَأَتَهُ أُمَّ سُلَيْمٍ

سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ، فَقَالَتْ: قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ غَزْوَةٍ، فَدَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ، فَقَرَّبْتُ لَهُ لَحْمًا مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ حَتَّى سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"كُلْهُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى ذِي الْحِجَّةِ" 1 [99:1]

1 حديث صحيح. رجاله ثقات رجال مسلم غير أم سليم، فلم أجد لها ترجمة. ويزيد: هو يزيد بن أبي عبيد كما في "التهذيب"، وفي الطحاوي: يزيد بن أبي يزيد وكذا ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/298 وقال: روى عن امرأته، روى عنه الحارث بن يعقوب الأنصاري، والد عامر بن الحارث سمعت أبي يقول ذلك. وقال الؤلف في "ثقاته" 5/535 – 536: يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الاكوع، روى عنه يحيى القطان والناس.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/187 من طريق الليث بن سعد، عن الحارث بن يعقوب – وهو والد عمرو بن الحارث- بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضا من طريق الليث بن سعد، عن يعقوب، عن يزيد بن أبي يزيد، به.=

ص: 256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 6/282 عن يعقوب – وهو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري – قال: حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أمه أم سليمان – وكلاهما كان ثقة – قالت: دخلت على عائشة

وذكره الهيثمي"المجمع" 4/27وقال: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط"، وقال: لم ترو أم سليمان غير هذا الحديث. قلت "القائل الهيثمي": وثقت كما نقل في "المسند"، وبقية رجال أحمد ثقات.

ص: 257

‌كتاب الرهن

‌مدخل

‌ذِكْرُ مَا يُحْكَمُ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ إذا كان حيوانا

كِتَابُ الرَّهْنِ

ذِكْرُ مَا يُحْكَمُ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ إِذَا كَانَ حَيَوَانًا

5934 ـ أَخْبَرَنَا آدَمُ بْنُ مُوسَى بِخُوَارِ الرِّيِّ،1 حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الطَّبَّاعِ،2 عَنِ بن عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غرمه" 3 [43:3]

1 خوار: أبعد مدن قوس غرباً على طريق خرسان، وأهم مدينة في شرق الري وتقوم اليوم في موضع خوار مدينة أردون، إلا أن ناحيتها ما زالت تحتفظ باسم مدينتها القديمة خوار. "بلدان الخلافة" 407 – 408.

2 جاء في هامش الأصل: تابعه عبد الله بن عمران العابدي، عن ابن عيينة، رواه غيرهما عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً لم يذكر فيه زياد بن سعد. قال الدارقطني: وهو الصواب، يعني إرسال الحديث.

3 رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق – وهو ابن عيسى بن نجيح البغدادي، ابن الطباع – فمن رجال مسلمن ورواه جماعة من الحفاظ بالإرسال، وأما ابن عبد البر فقد صحح إتصاله، وكذلك عبد الحق، وهو الصحيح عند أبي داود، والبزار، والدارقطني، وابن القطان.

وأخرجه الدارقطني 3/32، والحاكم 2/51، والبيهقي 6/39 من

ص: 258

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= طريق عبد الله بن عمران العابدي، عن سفيان بن عيينة،. بهذا الإسناد مرفوعا وقال الدارقطني: زياد بن سعد من الحفاظ الثقات، وهذا إسناد حسن متصل. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لخلاف فيه على أصحاب الزهري، وقد تابع زياد بن سعد: مالك، وابن أبي ذئب، وسليمان بن أبي داود الحراني، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومعمر بن راشد على هذه الرواية. ثم أخرج أحاديثهم.

وأخرجه الدارقطني 3/33، والحاكم 2/51، والبيهقي 6/39 من طريق إسماعيل بن عياش، والحاكم2/51، والدارقطني 3/33 من طريق شبابة، كلاهما عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، به، مرفوعاً.

وأخرجه الشافعي 2/164 من طريق يحيى بن أبي أنيسة، وابن ماجة "2441" في الرهون: باب لا يغلق الرهن من طريق إسحاق بن راشد، والحاكم 2/51 من طريق مالك، والدارقطني 3/33، والحاكم 2/51 – 52 من طريق كدير أبي يحيى، عن معمر، ومن طريق سليمان بن أبي داود الحراني ومحمد بن الوليد الزبيدي، كلهم عن الزهري، به مرفوعاً.

وأخرجه الدارقطني 3/32 من طريق محمد بن عمرو، 3/33، والحاكم 2/51 من طريق الزهري كلاهما عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه. وإسنادهما ضعيفان.

وأما المرسل فأخرجه مالك 2/728 في الأقضية: باب ما لا يجوز من غلق الرهن، ومن طريقه الطحاوي 4/100 عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد.

وأخرجه عبد الرزاق "15033"، ومن طريقه الدارقطني 3/33، وأخرجه أبو داود في "المراسيل""196" بتحقيقنا، ومن طريقه البيهقي 6/40 عن محمد بن ثور، كلاهما عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب أن رسول الله عليه قال:"لا يغلق الرهن ممن رهنه" قلت للزهري: أرأيت قوله: "لا يغلق الرهن" أهو الرجل يقول: إن لم آتك بمالك فهذا الرهن لك؟ قال: نعم، قال =

ص: 259

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= معمر: ثم بلغني عنه أنه قال: إن هلك لم يذهب حق هذا، إنما هلك من رب الرهن، له غنمه وعليه غرمه.

وأخرجه الشافعي 2/164، ومن طريقه البيهقي 6/39، والبغوي "2132" عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، وعبد الرزاق "15034" من طريق الثوري، وأبو داود في "المراسيل""187" عن أحمد بن يونس، والطحاوي 4/100 من طريق ابن وهب، أربعتهم عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد مرسلاً.

وأخرجه الطحاوي 4/100، والبيهقي 6/44 من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن سعيد مرسلاً.

وأخرجه الطحاوي 4/100 من طريق ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يغلق الرهن"، قال يونس بن يزيد: قال ابن شهاب: وكان ابن المسيب يقول: "الرهن، لصاحبه غنمه، وعليه غرمه".

وله شاهد مرسل عند البيهقي 6/44 من طريق إبراهيم بن عامر بن مسعود القرشي، عن معاوية بن عبد الله بن جعفر رفعه:"لا يغلق الرهن".

وقوله: "لا يغلق الرهن" أي: لا يستحقه المرتهن بالدين الذي هو مرهون به، يقال: غلق الرهن يغلق غلوقا: إذا بقي في يد المرتهن، لا يقدر راهنه على تخليصه، وكان من أفاعيل الجاهلية أن الراهن إذا لم يرد ما عليه في الوقت المشترط، ملك المرتهن الرهن، فأبطل الشارع ذلك تصريحاً.

قال مالك: تفسير ذلك في ما نرى _ والله أعلم – أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيئ، وفي الرهن فضل عما رهن به، فيقول الراهن للمرتهن: إن جئتك بحقك إلى أجل يسميه له، وإلا فالرهن لك رهن فيه.

قال: فهذا لايصلح ولا يحل، وهذا الذي نهى عنه، وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل، فهو له، وأرى هذا الشرط منفسخاً. وانظر =

ص: 260

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَهُ رُكُوبُ الظَّهْرِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا وَشُرْبُ لَبَنِ الدَّرِّ إِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ مِنْ نَاحِيَتِهِ

5935 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ إِذَا كَانَ مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب نفقته" 1 [43:3]

="الجوهر النقي" 6/42.

وقوله: "له غنمه وعليه غرمه" أي: إن زيادة الرهن ونماءه وفاضل قيمته ملك للراهن، وعليه أداء ما يفكه به. وانظر "غريب الحديث" لأبي عبيد 2/114 – 116.قلت: وهذا اللفظة: "له غنمه وعليه" قال ابن عبد البر: اختلف الرواة في رفعها ووقعها، فرفعها، ابن أبي ذئب، ووقفها غيرهم، وقد روى ابن وهب هذا الحديث فجوده وبين أن هذه اللفظة من قول سعيد بن المسيب، وقال أبو داود في "المراسيل": قوله: "له غنمه، وعليه غرمه" من كلام سعيد بن المسيب نقله عنه الزهري.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو المعروف بابن راهويه، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه الترمذي "1254" في البيوع: باب في الانتفاع بالرهن، وابن ماجة "2440" في الرهون: باب الرهن مركوب ومحلوب، من طرق عن وكيع، بهذا الإسناد.

ص: 261

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ شَنَّعَ بِهِ بَعْضُ الْمُعَطِّلَةِ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ حَيْثُ حُرِمُوا التَّوْفِيقَ لِإِدْرَاكِ مَعْنَاهُ

5936 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مرهونة عند

= وأخرجه أحمد 2/228 و472، والبخاري "2511" و"2512" في الرهن، وابن الجارود "665"، والطحاوي 4/98و99، والدارقطني 3/34، والبيهقي 6/38، والبغوي "2131" من طرق عن زكريا بن أبي زائدة، به.

وأخرجه الدارقطني 3/34، والبيهقي 6/38 من طرق عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الرهن محلوب ومركوب". وقفه البيهقي أيضا 6/38 على أبي هريرة من طرق عن الأعمش، به.

و"لبن الدر" أي: لبن ذات اللبن.

قال البغوي في "شرح السنة" 8/183 – 184: في الحديث دليل على أن منافع الرهن لا تعطل، واختلفوا فيمن ينتفع به، فذهب أحمد وإسحاق إلى أن للمرتهن أن ينتفع من الرهن بالحلب ولركوب دون غيرهما بقدر النفقة، وقال أبو ثور: إن كان الراهن ينفق عليه، لم ينتفع به المرتهن، وإن كان لا ينفق عليه، وتركه في يد المرتهن، فأنفق عليه، فله ركوبه واستخدام العبد، وقال إبراهيم: يركب الضالة بقدر علفها وتحلب، والرهن مثله.

وذهب الأكثرون إلى أن منفعة الرهن للراهن، وعليه نفقته، وهو قول الشعبي وابن سيرين، وإليه ذهب الشافعي، لأن الفروع تابعة للأصول، والأصل ملك للراهن بدليل أنه لو كان عبداً فمات كان كفنه عليه.

ص: 262

يهودي بثلاثين صاعا من شعير1 [48:5]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وإبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.

وأخرجه البخاري "2916" في الجهاد: باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم والقميص في الحرب، والبيهقي 6/36، والبغوي "2129" من طريق محمد بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "2467" في المغازي: باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، عنقبيصة بن عقبة، عن سفيان، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/16، وعبد الرزاق "14094"، وأحمد 6/42 و160و230،والبخاري "2200" في البيوع: باب شراء الطعام إلى أجل، و"2251" في السلم: باب الكفيل في السلم، و"2513" في الرهن باب الرهن عند اليهود وغيرهم، ومسلم "1603" في المساقات: باب الرهن: وجوازه في الحضر والسفر، والنسائي 7/288 في البيوع: باب الرجل يشتري الطعام إلى أجل يسترهن البائع منه بالثمن رهنا، و303 باب مبايعة أهل الكتاب، وابن ماجة "2436" في الرهون في أوله، وابن الجارود "664"، والبيهقي 6/36، والبغوي "2130" من طرق عن الأعمش، به وسيورده المصنف برقم "5938".

ص: 263

‌ذِكْرُ ثَمَنِ الشَّعِيرِ الَّذِي كَانَ لِلْيَهُودِيِّ عَلَى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عِنْدَ رَهْنِهِ إِيَّاهُ دِرْعَهُ

5937 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ صُبْحٍ حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَهَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِرْعًا لَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ

ص: 263

بِدِينَارٍ، فَمَا وَجَدَ مَا يَفْتَكُّهَا بِهِ حَتَّى مات1 [48:5]

1 إسناده صحيح. العباس بن الوليد بن صبح: روى له ابن ماجة، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات رجال البخاري. آدم: هو ابن أبي إياس، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي.

وأخرجه أحمد 3/238، وأبو يعلى "3061"، والبيهقي 6/36 – 37 من طريق الحسن بن موسى، عن شيبان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/133و208، والبخاري "2069" في البيوع: باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة، و"2508" في الرهن: باب في الرهن في الحضر، والترمذي "1215" في البيوع: باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل، وابن ماجة "2437" في الرهون في أوله، والنسائي 7/288 في البيوع: باب الرهن في الحضر، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 263، والبيهقي 6/36 من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به، مطولاً.

وأخرجه أحمد 3/102 من طريق الأعمش، عن أنس.

وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 278 من طريق أبان، عن أنس.

ص: 264

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الدِّرْعَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْيَهُودِيِّ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ سَبَبٍ مَعْلُومٍ، فَمِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّ دِرْعَهُ مِنْهُ

5938 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنُ فِي السِّلْمِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي الْأَسْوَدُ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى سَنَةٍ

ص: 264

ورهنه درعا له من حديد1 [48:5]

1 إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير بشير بن معاذ العقدي فقد روى له أصحاب السنن، وهو ثقة.

وأخرجه البخاري "2068" في البيوع: باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة، و"2096" باب شراء الإمام الحوائج بنفسه، و"2252" في السلم: باب الرهن في السلم، و"2386" في الإستقراض: باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه، و"2509" في الرهن: باب من رهن درعه، ومسلم "1603" "126" في المساقاة: باب الرهن وجوازه في الحضر والسفر، والبيهقي 6/19 من طرق عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "5936".

ص: 265

‌باب ما جاء في الفتن

‌ذكر الزجر عن سب المسلم وقتاله

5939 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، وَمَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ" 1 [65:2]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. زبيد: هو ابن الحارث اليامي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

وأخرجه البخاري "6044" في الأدب: باب ما ينهى من السباب واللعان، وفي "الأدب المفرد""431"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/365، ابن منده في "الإيمان""655"، والبيهقي 10/209 من طريق سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "248" و"258" وأحمد 1/385 و411و439و 454، والبخاري "48" في الإيمان: باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لايشعر، ومسلم "64" "116" "117" في الإيمان: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، والنسائي 7/122 في تحريم الدم: باب قتال المسلم، وابن ماجة "69" في المقدمة: باب في الإيمان، وأبو عونة في "مسنده" 1/24، وابن منده "654" و"655"، والخطيب 13/185، والبيهقي 8/20 من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد 1/433، ومسلم "64""117"، والترمذي "1983" في البر والصلة: باب 52، و"2635" في الإيمان: باب ما جاء في أن "سباب

ص: 266

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=المؤمن فسوق"، والنسائي 7/122، وابن منده "653"، وأبو نعيم في "الحلية" 5/34 من طريق سفيان، ومسلم "64" "117"، وابن منده "656" من طريق محمد بن طلحة بن مصرف، كلاهما عن أبي زبيد، عن أبي وائل، به.

وأخرجه الحميدي "104، والنسائي 7/122، وأبو يعلى "4988"، وأبو نعيم 8/123 من طرق عن منصور، به.

وأخرجه البخاري "7076" في الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفار

"وابن ماجة "69" و"3939" في الفتن: باب "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، وأبو نعيم 10/215، وابو يعلى "4988" من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه أحمد 1/446، والطيالسي "306"، والطبراني في "الكبير""10105"، والخطيب في "تاريخه" 10/86 – 87 من طريق الأسود وهبيرة، وأبو نعيم 5/32 من طريق مسروق، ستتهم عن ابن مسعود.

وأخرجه النسائي 7/22 من طريق جرير، عن منصور، وأبي معاوية، عن الأعمش كلاهما عن أبي وائل، عن مسعود موقوفا.

وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن ماجة "3940"، وعن سعد بن أبي وقاص عند البخاري في "الأدب المفرد""429"، وابن ماجة "3941"، وعن عمرو بن النعمان بن مقرن عند الطبراني 17/"80"، وعن عبد الله بن مغفل عند الطبراني في "الأوسط"، قال الهيثمي 8/73: وفيه كثير بن يحيى، وهو ضعيف.

وقوله: "وقتاله كفر" قال الحافظ في "الفتح" 1/138: ظاهره غير

ص: 267

5940 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يُحَدِّثُ

عَنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْصَتَ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ قَالَ:"لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رقاب بعض" 1 [52:2]

= مراد، لكن لما كان القتال أشد من السباب – لأنه مفض إلى إزهاق الروح – عبر عنه بلفظ أشد من الفسق وهو الكفر ةلن ير حقيقة الكفر التي هي الخروج عن الملة بل أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير معتمداً على ما تقرر من القواعد أن مثل ذلك لا يخرج عن الملة، مثل حديث الشفاعة، ومثل قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، أو أطلق عليه الكفر لشبهه به، لأن قتال المؤمن من شأن الكافر، وقيل: المراد هنا: الكفر اللغوي، وهو التغطية، لأن حق المسلم على المسلم أن يعينه وينصره ويكفَّ عنه أذاه، فلما قاتله، كان كأنه غطى على هذا الحق.

قلت: ورى البيهقي في "سننه" 8/20 بإثر حديث الباب عن ابن عباس قال: إبه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه، إنه ليس كفرا ينقل عن ملة

كفر دون، وانظر لزاماً كتاب "الإيمان" لأبي عبيد القاسم بن سلام ص 89 وما بعدها بتحقيق الشيخ الألباني.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير

وأخرجه الطبراني "2402" عن أبي خليفة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/69 عن أبي الوليد، به.

وأخرجه الطيالسي "664"، وابن أبي شيبة 15/30 – 31، وأحمد 4/358و363و366، والبخاري "121" في العلم: باب الإنصات للعلماء، و"4405" في المغازي: باب حجة الوداع، و"6844" في

ص: 268

قال أبو حاتم رضي الله تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا" لَمْ يُرِدْ بِهِ الْكُفْرَ الَّذِي يُخْرِجُ عَنِ الْمِلَّةِ، وَلَكِنَّ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ: أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ لَهُ أَجْزَاءٌ يُطْلَقُ اسْمُ الْكُلِّ عَلَى بَعْضِ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ، فَكَمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ لَهُ شُعَبٌ، وَيُطْلَقُ اسْمُ الْإِسْلَامِ عَلَى مُرْتَكِبِ شُعْبَةٍ مِنْهَا لَا بِالْكُلِّيَّةِ، كَذَلِكَ يُطْلَقُ اسْمُ الْكُفْرِ عَلَى تَارِكِ شُعْبَةٍ مِنْ شُعَبِ الْإِسْلَامِ، لَا الْكُفْرِ كُلِّهِ، وَللْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ مُقَدِّمَتَانِ لَا تُقْبَلُ أَجْزَاءُ الْإِسْلَامِ إِلَّا مِمَّنْ أَتَى بِمُقَدِّمَتِهِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ مَنْ أَتَى بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْكُفْرِ، إِلَّا مَنْ أَتَى بِمُقَدِّمَةِ الْكُفْرِ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ والمعرفة والانكار والجحد

= الديات: باب قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} ،و "7080" في الفتن: باب "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بعض"، ومسلم "65" في الإيمان: باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بعض"، والنسائي 7/127 – 128 في تحريم الدم: باب تحريم القتل، وابن ماجة "3942" في الفتن: باب "لا ترجعوا بعدي كفاراً"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 3/194، والطبراني "2402"، وابن منده "657"، والبغوي "2550" من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه ابن شبية 15/30، وأحمد 4/366، والنسائي 7/128، والطبراني "2277" من طريق عبد الله بن نمير، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير.

ص: 269

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ تَحْرِيشِ الشَّيَاطِينِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ إِيَاسِهَا مِنْهُمْ عَنِ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

5941 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا

ص: 269

بن مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ إِبْلِيسَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يعبده المصلون، ولكنه في التحريش بينهم" 1 [66:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير أبي الزبير – وهو محمد بن مسلم بن تدرس – فقد روى له مسلم، وقد صرح بالتحديث عند أحمد 3/384 فانتفت شبهة تدليسه، ابن مهدي: هوعبد الرحمن.

وأخرجه أبو يعلى "2154" عن زهير بن حرب، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الاسناد.

وأخرجه أحمد 3/366 من طريق أبي نعيم ووكيع، عن سفيان، به.

وأخرجه أحمد 3/384 عن روح، حدثنا بن جريج، أخبرني أبو الزبير، به وفيه:"المسلمون" بدل "المصلون"

وأخرجه أحمد 3/313 في صفات المنافقين: باب تحريش الشيطان، والترمذي "1937" في البر والصلة: باب في التباغض، وأبو يعلى "2294"، والبغوي "3525" من طريق الأعمش، عن سفيان، عن جابر. ولفظ مسلم: "

أن يعبده المصلون في جزيرة العرب".

وأخرجه أحمد 3/354، وابن أبي عاصم في "السنة""8"، وابو يعلى "2095" من طريق أبي اليمان، عن صفوان، عن ماعز التميمي، عن جابر.

وقوله: "في التحريش بينهم" أي: في حملهم على الفتن والحروب. يقال: حرش بين القوم: إذا أفسد وأغرى بعضهم ببعض. قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 17/156: هذا الحديث من معجزات النبوة

ومعناه: أيس أن يعبده أهل جزيرة العرب، ولكنه سعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن ونحوه.

ص: 270

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُعِينَ الْمَرْءُ أَحَدًا عَلَى مَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًا

5942 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُؤَمَّلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَثَلُ الَّذِي يُعِينُ قومه على غير حق، كَمَثَلِ بَعِيرٍ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ، فَهُوَ يُنْزَعُ منها بذنبه" 1 [43:2]

1 إسناده حسن. مؤمل – وهو ابن أسماعيل البصري – قد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير سماك وهو ابن حرب – فقدروى له مسلم، وهو صدوق. سفيان: هو الثوري، وعبد الرحمن بن عبد الله: قال أبو حاتم وغيره: سمع من أبيه.

وأخرجه أحمد 1/401 عن مؤمل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/401، وأبو داود "5118" في الأدب: باب في العصبية، والبيهقي 10/234 من طريق أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن سفيان، به.

وأخرجه أبو داود أيضا "5117" عن النفيلي، عن زهير، عن سماك، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه قوله.

وأخرجه الطيالسي "344"، ومن طريقه البيهقي 10/234 عن عمرو بن ثابت – وهو ابن هرمز – و10/234 من طريق إسرائيل، والراهرمزي في "أمثال الحديث" ص 105 – 106 من طريق حفص بن جميع، ثلاثتهم عن سماك، به وقد تحرف في الطيالسي: عمرو بن ثابت" إلى: "حمزة بن ثابت"

وأخرجه أحمد 1/393،والطيالسي "344"، والبيهقي 10/234 عن شعبة، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن، عن أبيه موقوفاً. وقال شعبة في رواية أحمد: وأحسبه قد رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال المنذري في "مختصره" 8/17 عن روايتي أبي داود "5117" و"5118": الأول موقوف، والثاني مسند، وعبد الرحمن قد سمع من أبيه.

وهذا مثل في ذم الحمية والتعاون على العصبية. قال الخطابي: "ينزع بذنبه" معناه: أنه وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردّى في بئر، فصار ينزع بذنبه، فلا يقدر على خلاصه.

ص: 271

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُنَاوِلَ الْمَرْءُ أَخَاهُ السَّيْفَ وَهُوَ مَسْلُولٌ

5943 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عاصم، عن بن جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ:

سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَوْمٍ يَتَعَاطَوْنَ سَيْفًا بَيْنَهُمْ مَسْلُولًا، فَقَالَ:"أَلَمْ أَزْجُرْكُمْ عَنْ هَذَا لِيُغْمِدْهُ ثُمَّ يناوله أخاه" 1 [89:2]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير – وهو محمد بن مسلم بن تدرس – فقد روى له مسلم. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد الشيباني.

وأخرجه البزار "3335" عن عمرو بن على ومحمد بن معمر قالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر. قال الهيثمي في "المجمع" 7/291: رواه أحمد والبزار، ورجاله ثقات. وانظر الحديث رقم "5946".

ص: 272

‌ذكر لعن الملائكة من أشار بالحديد إِلَى أَخِيهِ

5944 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ

ص: 272

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُ أَحَدَكُمْ إِذَا أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ وَإِنْ كَانَ أخاه لإبيه وأمه" 1 [109:2]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن مخلد الحنظلي المعروف بابن راهويه، والنضر: هو ابن شميل، وهشام: هو ابن حسان الأزدي القردوسي. ومحمد: هو ابن سيرين.

أخرجه أحمد 2/256و505، ومسلم "2616" في البر والصلة: باب النهي عن الإشارة بالسلام إلى مسلم، والبيهقي في "السنن" 8/23، وفي "الآداب""599" من طريق ابن عون، ومسلم "2616" من طريق أيوب، والترمذي "2162" في الفتن: باب ما جاء في إشارة المسلم إلى أخيه بالسلاح، من طريق خالد الحذاء، ثلاثتهم عن محمد بن سيرين، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي عقب حديث "2162" من طريق أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة موقوفا. وانظر الحديث رقم "5947".

ص: 273

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا تَلْعَنُ الْمَلَائِكَةَ هذا الفاعل

5945 ـ أخبرنا بن قَحْطَبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ ويونس، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إذا التقي المسلمان بسيفهما، فقتل أحدهما صاحبه، فهما في النار" 2

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال غير أحمد بن عبدة – وهو الضبي – فقد روى له مسلم،.أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ويونس: هو ابن عبيد، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.

وأخرجه مسلم "2888""15" في الفتن: باب إذا تواجه المسلمان=

ص: 273

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بسيفيهما، والنسائي 7/125 في تحريم القتل، والبيهقي 8/190 من طريق أحمد بن عبدة، عن حماد، عن أيوب ويونس والمعلى بن زياد "وتحرف في النسائي إلى: العلاء بن زياد" عن الحسن، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/43و51، والبخاري "31" في الإيمان: باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} ، و "6875 "{وَمَنْ أَحْيَاهَا} ، و"7083" في الفتن: باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما، وأبو داود "4268"في الفتن: باب في النهي عن القتال في الفتنة، والبيهقي 8/190، والبغوي "2549" من طرق عن حماد بن زيد، به. وزاد أحمد مع أيوب ويونس: المعلمي وهشام.

وأخرجه مسلم "2888""15"، وأبو داود "4269"، والنسائي 7/125 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن الحسن، به.

وأخرجه أحمد 5/46 – 47، والنسائي 7/125 من طريق قتادة، و7/125 من طريق هشام، وأحمد 5/51 من طريق المبارك، ثلاثتهم عن الحسن، به.

وأخرجه الطيالسي "884"، ومسلم "2888""16"، والنسائي 7/124، وابن ماجة "3965" في الفتن: باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما، من طريق منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا التقى المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح، فهما على جرف جهنم، فإذا قتل أحدهما صاحبه، دخلاها جميعاً" لفظ مسلم.

وأخرجه أحمد 5/48 من طريق مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه. وسيأتي رقم "5981".

قلت: وقد تأول جمهور الصحابة والتابعين الذين قالوا بوجوب نصر الحق، وقتال الباغي بحمل الوعيد المذكور في الحديث على من قاتل بغير تأول سائغ، بل بمجرد عداوة دنيوية أو طلب استعلاء.

قال الطبري فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 13/34: لو كان =

ص: 274

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ: وَوَجَدْتُهُ فِي مَوْضِعٍ أخر: والمعلى بن

زياد [109:2]

=الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل وكسر السيوف، لما أقيم حد، ولا أبطل باطل، ولو جد أهل الفسوق سبيلا إلى ارتكاب المحرمات من أخذ الأموال، وسفك الدماء، وسبي الحريم بأن يحاربوهم، ويكف المسلمون أيديهم عنهم بأن يقولوا: هذه فتنة، وقد نهينا عن القتال فيها، وهذا مخالف للأمر بالأخذ بأيدي السفهاء.

قال الحافظ: وقد أخرج البزار في حديث: "القاتل والمقتول في النار" زيادة تبين المراد، وهي:"إذا قتلتم على الدنيا، فالقاتل ولمقتول في النار"، ويؤيده ما أخرجه مسلم "2908" بلفظ:"لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس زمان لا يدري القاتل فيم قتل، ولا المقتول فيم قتل، فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: الهرج، القاتل، والمقتول في النار". قال

ص: 275

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُشِيرَ الْمُسْلِمُ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ

5946 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَنْ يُتَعَاطَى السيف مسلولا1 [43:2]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الله بن معاوية الجمحي، فقد روي له أصحاب السنن، وهوثقة، وقد صرح أبو الزبير بالحديث في الطريق المتقدمة "5943".

وأخرجه الترمذي "2163" في الفتن: باب ما جاء في النهي عن تعاطي السيف المسلول، عن عبد الله بن معاوية، بهذا الإسناد، وقال: حسن غريب من حديث حماد بن سلمة.

وأخرجه الطيالسي "1759"، وأحمد 3/300و361، وأبو داود "2588" في الجهاد: باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولا، والحاكم 4/290 من طرق عن حماد بن سلمة، به. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وقد تقدم برقم "5943"

ص: 275

‌ذِكْرُ بَعْضِ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ

5947 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أن الملائكة لتلعن أحدكم إذ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأبيه وأمه" 1 [43:2]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن خشرم، فمن رجال مسلم. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي. وقد تقدم برقم "5944".

ص: 276

‌ذِكْرُ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنَ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ

5948 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى

ص: 276

أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ ينزع من يده، فيقع فيمن يناول،1 [43:2]

1 حديث صحيح ابن أبي السرح – وهو محمد بن المتوكل بن أبي السري – قد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وهوفي "صحيفة همام""100"، و "مصنف عبد الرزاق""18679".

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/317، والبخاري "7072" في الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، ومسلم، "2617" في البر والصلة: باب النهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم، والبيقهي 8/23، والبغوي "2573".

وقوله: "لا يشير" بإثبات الياء مرفوعاً عند الجميع، وهو نفي بمعنى النهي كقوله تعالى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} ، وقوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} . قال الحافظ: ووقع لبعضهم: "لا يشر" بغير ياء بلفظ النهي، وكلاهما جائز قلت: وفي المطبوع من "المصنف": "لا يشيرن"، ورواه أحمد بلفظ:"لا يمشين".

وقوله: "لعل الشيطان ينزع من يده فيقع فيمن يناول" كذا جاء في الأصل، "والتقاسيم" 2/140، ولم أجده بهذا اللفظ عند غير المصنف،

وقوله: "ينزع في يده" هو بكسر الزاي وبالعين المهملة، ومعناه: يرمي في يده، ويحقق ضربته كأنه يرفع يده، ويحقق إشارته، والنزع: العمل باليد، كالا ستقاء بالدلو ونحوه، وأصله الجذب والقلع، ووقع في البخاري في رواية أبي ذر الهروي:"ينزغ" بفتح الزاي والغين المعجمة، ومعناه: يحمله على تحقيق ضربه، ويزين ذلك له، ونزع الشيطان إغراؤه وإغواؤه.

قال في "طرح التثريب" 7/185: يحتمل أن يكون الحديث على ظاهر في أن الشيطان يتعاطى بيده جرح المسلم، وأو يغري المشير حتى يفعل ذلك على خلاف الروايين "ينزع، وينزغ"، ويحتمل أنه مجار على طريقة نسبة الأشياء القبيحة المستنكرة إلى الشيطان، والمراد سبق السلاح بنفسه من غير قصد، وفي الحديث تأكد حرمه المسلم، والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه.

ص: 277

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الْخَذْفِ بِالْحَصَى إِرَادَةَ الْأَذَى بِالنَّاسِ

5949 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخْذِفُ قَالَ: لَا تَخْذِفْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْخَذْفِ أَوْ قَالَ:"كَرِهَ الْخَذْفَ وَقَالَ إِنَّهُ لَا يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ، وَلَا يُنْكَأُ بِهِ عَدُوٌّ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ" ثُمَّ رَآهُ يَخْذِفُ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَنْتَ تَخْذِفُ؟! لَا أُكَلِّمُكَ كذا وكذا1 [3:2]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وكهمس: هو ابن الحسن.

وأخرجه البخاري "5479" في الذبائح والصيد: باب الحذف والبندقة، والنسائي 8/47 في القسامة: باب دية جنين المرأة، من طريقين عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/86 و5/56، والدارمي 1/117، والبخاري "5479"، ومسلم "1954" "54" في الصيد والذبائح: باب إباحة ما يستعان به على الاصطياد والعدو، والبيهقي 9/248، والبغوي "2574" من طرق عن كهمس، به وأخرجه الطيالسي "914"، وأحمد 5/45، والبخاري "6220" في الأدب: باب النهي عن الخذف، والبيهقي 9/248 من طريق شعبة، وأحمد 5/57 من طريق سعيد، كلاهما عن قتادة، عن عقبة بن صهبان، عن عبد الله بن مغفل.

وأخرجه الحاكم 4/283 من طريق على بن عاصم، عن خالد الحذاء عن الحكم بن الأعرج، عن عبد الله بن مغفل.

والخذف: هو رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك وترمي بها، و"ينكأ" أي: يهزم ويغلب.

ص: 278

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ خَاصَّةِ1 نَفْسِهِ وَإِصْلَاحِ عَمَلِهِ عِنْدَ تَغْيِيرِ الْأَمْرِ وَوُقُوعِ الْفِتَنِ

5950 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ"، قَالَ: وَذَاكَ مَا هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "ذَاكَ إِذَا مَرِجَتْ أَمَانَاتُهُمْ وعهودهم، وصاورا هَكَذَا" وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، قَالَ: فَكَيْفَ بِي يا رسول الله؟ قال: "تعلم مَا تَعْرِفُ، وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَتَعْمَلُ بِخَاصَّةِ نفسك، وتدع

1 في الأصل: "خاصته"،والتصويب من "التقاسيم" 3/163.

ص: 279

عوام الناس"1 [55:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير العلاء وأبيه – وهو عبد الرحمن بن يعقوب الحرفي – فمن رجال مسلم.

وأخرجه الدولابي 2/35 من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن العلاء، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ابي شيبة 15/9 – 10،وأحمد 2/212،وأبو داود "4343" في الملاحم: باب الأمر والنهي، من طريق الفضل بن دكين، والحاكم 4/282 – 283 من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، كلاهما عن يونس بن أبي إسحاق، عن هلال بن خباب أبي العلاء، عن عكرمة، عن عبد الله بن عمرو – وسقط من المطبوع من ابن أبي شيبة:"عكرمة" – وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 2/221، والحاكم 4/435 من طريق يعقوب بن عبد الرحمن، وأبو داود "4342"،وابن ماجة "3957" في الفتن: باب التثبت في الفتنة، من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، كلاهما عن أبي حازم، عن عمارة بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن عمرو.

وأخرجه أحمد 2/162 عن إسماعيل، عن الحسن، عن عبد الله بن عمرو.

وأخرجه 2/220 عن حسين بن محمد، عن محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو.

وأخرجه عبد الرزاق "2074" عن معمر، عن غير واحد منهم، عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبعد الله بن عمرو....وانظر الحديث الآتي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير""5868" و"5984" من طريقين، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، قال الهيثمي في "المجمع" 7/279: رواه الطبراني بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات.

وعلقه البخاري في "صحيحه""480" في الصلاة: باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، فقال: وقال عاصم بن علي، حدثنا عاصم بن =

ص: 280

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ

5951 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ"؟ قَالَ: وَذَاكَ مَا هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "ذَاكَ إِذَا مَرِجَتْ أَمَانَاتُهُمْ وعهودهم، وصاورا هَكَذَا"، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالَ: فَكَيْفَ تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تَعْمَلُ مَا تَعْرِفُ، وَتَدَعُ مَا تُنْكِرُ، وَتَعْمَلُ بِخَاصَّةِ نَفْسِكِ،

=محمد، عن أخيه واقد –وهو ابن مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخطاب – عن أبيه، قال: سمعت أبي هريرة يقول: قال عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله بن عمر، كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس

ووصله إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" له، وحنبل بن أسحاق في "الفتن" كما في "تغليق التعليق" 2/245: حدثنا عاصم بن علي

وأخرجه أبو يعلى في "مسند" ورقة 262/1 عن سفيان بن وكيع، حدثنا أسحاق بن منصور الأسدي، عن عاصم بن محمد، عن واقد، وعن أبيه، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"كَيْفَ أَنْتَ يَا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهوده، وأمانتهم، واختلفوا، وصاروا هكذا"، وشبك بين أصابعه، قال فكيف يارسول الله؟ قال:"تأخذون ما تعرف وتدع ما تنكر، وتقبل على خاصتك، وتدع عوامهم".

والحثالة: الرديء من كل شيء، والمراد: ارذلهم، ومرجت: اختلفت وفسدت.

ص: 281

وتدع عوام الناس" 1 [53:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط""2797" عن إبراهيم بن هاشم، عن أمية بن بسطام، بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/283 وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح.

ص: 282

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الحديث ان آخر الزمان علىالعموم يَكُونُ شَرًّا مِنْ أَوَّلِهِ

5952 ـ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَلْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ بِالرَّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ جَبَّرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ،

عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ:

أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ الْحَجَّاجَ فَقَالَ: اصْبِرُوا، "فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ يَوْمٌ أَوْ زَمَانٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ" سَمِعْتُهُ من نبيكم صلى الله عليه وسلم2 [69:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط""2797" عن إبراهيم بن هاشم، عن أمية بن بسطام، بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/283 وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح.

2حديث صحيح مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَجْلَانَ الأصبهاني: لم يرو عن غير أبيه شيئا، ولا يعرف بجرح ولا تعديل. مترجم في "الجرح والتعديل"، 8/53، وأبو عصام بن يزيد: ترجمه المؤلف في "ثقاته" 8/520 وقال: يروي عن الثوري ومالك بن مغول، روى عنه ابنه محمد بن عصام يتفرد ويخالف، وكان صدوقا، حديثه عند الأصبهانيين، وذكره ابن أبي حاتم 7/26، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/138 فلم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وقد توبعا، ومن فوقهما من رجال الشيخين. وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه أحمد 3/132 و177و179، والبخاري "7068" في الفتن: باب "لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه"، والترمذي "3307" في الفتن: باب رقم 35، وأبو يعلى "4037" من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. =

ص: 282

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ خَبَرَ أَنَسِ بْنِ مالك لم ير بِعُمُومِ خِطَابِهِ عَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا

5953 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو شِهَابٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا لَيْلَةٌ، لَمَلَكَ فِيهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النبي صلى الله عليه وسلم" 1

وأخرجه أبو يعلى "4036" من طريق مالك بن مغول، عن الزبير بن عدي، به.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير""528"، والخطيب في "تاريخه" 8/183 من طريق علي بن عبد العزيز، عن مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، عن الزبير بن عدي، به وقال الطبراني: لم يروه عن شعبة إلا مسلم، تفرد به علي.

1 محمد بن إبرهيم: وذكره المؤلف في "الثقات" 9/39 فقال: محمد بن إبراهيم أبو شهاب الكناني، ويروي عن عاصم ابن بهدلة، روي عنه مسدد بن مسرهد، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 1/25، وابن حاتم 7/185، وقال: سألت أبي عنه، فقال: ليس بمشهور، يكتب حديثه، وباقي رجاله ثقات من رجال البخاري غير عاصم ابن بهدلة، فقد روى له الشيخان مقرونا، وهو صدوق.

وأخرجه ابن ماجة "2779" في الجهاد: باب ذكر الديلم وفضل قزوين، من طرق عن قيس، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوله الله عز وجل حتى يملك رجل من أهل بيتتي، يملك جبل الديلم والقسطنطينية". وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 2/399: وهذا إسناد فيه مقال، قيس: هو ابن الربيع، ضعفه أحمد، وابن المديني، ووكيع، والنسائي، =

ص: 283

5954 ـ وَحَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ فِي عَقِبِهِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو شِهَابٍ، حدثنا عاصم بن بهدلة، عن زر

عن بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا لَيْلَةٌ، لَمَلَكَ فِيهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بيتي اسمه اسمي" 1 [69:3]

والدارقطني، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، ومحله الصدق، وقال العجلي: كان معروفا بالحديث صدوقا، وقال ابن عدي: رواياته مستقيمة، قال: والقول فيه ما قال شعبة: إنه لا بأس به.

وأخرجه الترمذي "2231" في الفتن: باب ما جاء في المهدي، من طريق سفيان بن عيينة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفا. وقال هذا إسناد صحيح.

1 محمد بن إبراهيم: قد توبع، وباقي السند رجاله ثقات غير عاصم، وهو حسن الحديث.

وأخرجه الطبراني في "الكبير""10216" عن معاذ بن المثنى، عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/376و377و430و448، وأبو داود "4282" في المهدي، والترمذي "2230" و"2231" في الفتن: باب ما جاء في المهدي، والطبراني في "الصغير""1181"، وفي "الكبير""10213" و"10214" و"10215" و"10217" و"10219" و"10220" و"10221" و"10222" و"10223" و"10224" و"10225" و"10226" و"10227" و"10228" و"10229" و"1230"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/195، والخطيب في "تاريخه" 4/388 من طرق عن عاصم ابن بهدلة، به وهذا سند حسن.

وأخرجه الطبراني "10208" و"10218"، وأبو نعيم في "أخبار=

ص: 284

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِانْفِرَادِ بِالدِّينِ عِنْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ

5955 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غُنَيْمَةً يَتْبَعُ بِهَا سَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاضِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ من الفتن" 1 [89:1]

=أصبهان" 2/195، وفي "الحلية" 5/75 من طرق عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

وفي الباب عن علي عند أبي داود "4283"، وأحمد 1/99 وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/17 و36.

1إسناده صحيح إبراهيم بن بشار – وهو الرمادي الحافظ – قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال البخاري. سفيان: هو ابن عيينة، وعبد الله بن عبد الرحمن بن صعصعة: هُوَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صعصعة، ومنهم من يسقط عبد الرحمن من نسبه، ومنهم من ينسبه إلى جده، فيقول: عبد الرحمن بن أبي صعصعة، قال ابن المديني: وهم ابن عيينة في نسبه حيث قال: عبد الله بن عبد الرحمن، وقال الشافعي: يشبه أن يكون مالك حفظه، وقال الدارقطني: لم يختلف على مالك في تسمية عبد الرحمن بن عبد الله.

وأخرجه ألحميدي "733"، وأحمد 3/6، وأبو يعلى "983" من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وعند أحمد وأبي يعلى: ابن أبي صعصعة.

وأخرحه أحمد 3/30، وابن أبي شيبة 15/10، وابن ماجة "3980" في الفتن: باب العزلة، من طريق يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، به. وانظر الحديث الآتي برقم "5958".=

ص: 285

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: هَكَذَا أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ: سَعَفَ، وَإِنَّما هي بالشين1

=قال الخطابي في "العزلة" ص 11: وأما عزلة الأبدان ومفارقة الجماعة التي هو العوام فإن من حكمها أن تكون تابعة للحاجة وجارية مع المصلحة، وذلك أن أعظم الفائدة في إجتماع الناس في المدن وتجاروهم في الأمصار إنما هو أن يتصافروا فيتعاونوا على المصالح، ويتآزروا فيها، إذ كانت مصالحهم لا تكمل إلا به، ومعاشهم لا تزكوا إلا عليه، فعلى الإنسان أن يتأمل حال نفسه فينظر في أية طبقة يقع منهم، وفي أية جنبة ينحاز من جملتهم، فإن كانت أحواله تقتضيه المقام بين ظهراني العامة لما يلزمه من إصلاح المهنة التي لا غنية له عنها، ولا يجد بداً من الإستعانة بهم فيها، ولا وجه لمفارقتهم في الدار ومباعدتهم في السكن والجوار، فإنه إذا فعل ذلك تضرر بوحدته، وأضر بمن وراءه من أهله وأسرته، وإن كانت نفسه بكلها مستقلة، وحاله في ذاته وذويه متماسكة، فالاختيار له في هذا الزمان اعتزال الناس، ومفارقة عوامهم، فإن السلامة في مجانبتهم، والراحة في التباعد منهم. ولسنا نريد – رحمك الله – بهذا العزلة التي نختارها مفارقة الناس في الجماعات والجمعات، وترك حقوقهم في العبادات وإفشاء السلام ورد التحيات، وما جري مجراها من وظائف الحقوق الواجبة لهم وصنائع السنن والعادات المستحسنة فيما بينهم.. إنما نريد بالعزلة ترك فضول الصحبة، ونبذ الزيادة منها، وحط العلاوة التي لا حاجة بك إليها، فإن من جري في صحبة الناس والاستكثار من معرفهم على ما يدعوا إليه شغف النفوس، وإلف العادات، وترك الاقتصاد فيها، والإقتصار الذي تدعوه الحاجة إليه، كان جديراً ألا يحمد غبه، وأن تستوخم عاقبته، وكان سبيله، في ذلك سبيل من يتناول الطعام في غير أوان جوعه.

1 شعف الجبال – بفتح الشين المعجمة والعين المهملة – جمع شعقة، كأكم وأكمة، وهي رؤوس الجبال. وجاء في رواية البخاري "3600":"شعف الجبال أو سعف الجبال" قال الحافظ في "الفتح" 6/614: والتي=

ص: 286

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْفَارَّ مِنَ الْفِتَنِ عِنْدَ وُقُوعِهَا يَكُونُ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ

5956 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ:

حَدَّثَنِي كُرْزٌ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِهَذَا الْإِسْلَامِ مِنْ مُنْتَهًى؟ قَالَ: "نَعَمْ مَنْ يرد به خيرا من عرب أو عجم، ادخل عَلَيْهِمْ" قَالَ: ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "ثُمَّ تَقَعُ فِتَنٌ كَالظُّلَمِ" 1، قَالَ: كَلَّا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، فَخَيْرُ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ مُؤْمِنٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَذَرُ الناس من شره" 2 [69:3]

=بالمهملة معناها جريد النخل، وقد أشار صاحب "المطالع" إلى توهيمها، لكن يمكن تخريجها على إرادة تشبيه أعلى الجبل بأعلى النخلة، وجريد النخل يكون غلبا أعلى ما في النخلة لكونها قائمة.

1 كذا الأصل و"التقاسيم" 3/370، وفي "المورد" "1870" وجميع المصادر:"كالظلل".

2 إسناده حسن. عبد الواحد بن قيس: روى له ابن ماجة، وهو حسن الحديث، قال ابن عدي: حدَّث عن هـ الأوزاعي بغير حديث، وأرجو أنه لا بأس به، لأن في رواية الأوزاعي عنه استقامة، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال البخاري غير صحابيه. كرز بن حبيش الخزاعي، كما في "المسند" 3477 – أسلم يوم الفتح، وعُمِّرَ عمراً طويلا، وكتب معاوية إلى عامله على مكة: إن كان كرز بن =

ص: 287

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=علقمة حياً مره فليوقفكم على معالم الحرم، ففعل، وهي معالمهم إلى الساعة

"طبقات ابن سعد" 5/458.

وأخرجه أحمد 3/477، والبزار "3355"، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/46ي9 من طرق عن الأوزاعي، يهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "1290"، والحميدي "5749"، وابن أبي شيبة 15/13، وأحمد 3/477، والبزار "3353"، والطبراني 19/"443"، والحاكم مختصراً 1/34 من طريق سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق "20747"، والطبراني 19/"442"، والحاكم 1/34 و4/455، والبغوي "4235" من طريق معمر، والطبراني 19/"444" من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، و"445" من طريق معاوية بن يحيى، "446" من طريق عقيل، والبزار "3354" من طريق سفيان بن حسن، ستتهم عن الزهري، عن عروة، به. وزاد سفيان عند أحمد ابن أبي شيبة والحميدي: قال الزهري: والأسود: الحية إذا أرادة أن تنهش تنتصب هكذا – ورفع الحميدي يده – ثم تنصب. لفظ الحميدي.

وقال الحاكم 1/34: هذا حديث صحيح وليس له علة ولم يخرجاه لتفرد عروة بالرواية عن كرز بن علقمة، وكرز بن علقمة: صحابي، مخرج حديثه في مسانيد الأئمة، سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: مما يلزم مسلماً والبخاري إخرجه حديث كرز بن علقمة: "هل للإسلام منتهى"، فقد رواه عروة بن الزبير، ورواه الزهري وعبد الواحد بن قيس، عنه. قال الحاكم: والدليل الواضح على ماذكره أبو الحسن أنهما جميعاً قد اتفقا على حديث عتبان بن مالك الأنصاري الذي صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وليس له رواً غير محمود بن الربيع.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/308 وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني بأسانيد، وأحدها رجاله رجال الصحيح.

وقوله: "أساود صبّاً" قال في "الفائق" 2/208: الأسود العظيم من =

ص: 288

‌ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْمُتَعَبِّدَ عِنْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ ثَوَابَ الْهِجْرَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

5957 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ بَسَّامٍ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كالهجرة الي" 1 [2:1]

=الحيات، وقد غلب حتى اختلط بالأسماء، فقيل في جمعه: الأساود، وقال النضر في الصب: إن الأسود إذا أراد النهش رفع صدره، ثم انصب على الملدوغ، فكأنه جميع صبوب على التخفيف كرسل في رسل، وهو في الغرابة من حيث الإدغمام كذب في جمع ذباب في قول بعضهم، وقيل: الأساود جمع أسودة، جمع سواد من الناس وهو الجماعة، وصبى بوزن غزى جمع صابٍ من الصبوة، أي: جماعات مائلة إلى الدنيا، متشوفة إليها، أو تخفيف صابئ من صبا عليه: إذا أًندر من حيث لا يحتسب.

وقال البغوي في "شرح السنة" 15/30: قوله: "أساود" أي: حيات، قال أبو عبيد: الأسود: العظيم من الحيات، وفيه سواد، قال شمر: هو أخبث الحيات، وربما عارض الرفقة، وتبع الصوت، وقيل في تفسيره: يعني جماعات، وهي جمع سواد من الناس، أي: جماعة، ثم أسودة، ثم أساود.

وقوله: "صبا" قيل: جمع صاب مثل غاز وغزي، وقيل: هو صباء على وزن فعال جمع صابئ، وصبا: إذا مال من دين إلى دين، وقيل: هي الحية السوداء إذا أرادت أن تنهش، ارتفعت، ثم انصبت.

1 إسناده قوي. مستلم بن سعيد الثقفي: روى له الأربعة، قليل الحديث. قال أحمد: شيخ ثقة من أهل واسط، وقال ابن معين: صويلح، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.=

ص: 289

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الِاعْتِزَالَ فِي الْفِتَنِ يَجِبُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْمَرْءُ دُونَ الْوَثْبَةِ إِلَى كُلِّ هَيْعَةٍ

5958 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ شَغَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ من الفتن" 1 [69:3]

=وأخرجه أحمد 5/27، وابن أبي شيبة "19146" ومن طريقه الطبراني 20/"492"، كلاهما عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقد تصحف "مستلم" عند أحمد وابن أبي شيبة إلى "مسلم"، وعند الطبراني إلى "مسلمة" كما سقط من إسناد الطبراني منصور بن زادان.

وأخرجه الطيالسي "932"، وأحمد 5/25، ومسلم "2948" في الفتن: باب فضل العبادة في الهرج، والترمذي "2201" في الفتن: باب ما جاء في الهرج والعبادة فيه، وابن ماجة "3985" في الفتن: باب الوقوف عند الشهاب، والطبراني 20/"488" و"489"و "490" و"491" من طرق عن معلى بن زياد، و"493" من طريق سليمان الثقفي، و"494" من طريق الأعمش، ثلاثتهم عن معاوية بن قرة، به. ولفظ أحمد 5/25، والطبراني "489":"العمل في الهرج كهجرة إليّ"

قال الامام النووي في "شرح مسلم" 18/88: المراد بالهرج هنا: الفتنة واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها، ويشغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا أفراد.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري. عبد الرحمن بن عبد الله وأبوه: من رجال البخاري، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وهو في "الموطأ" 1/970 في الاستئذان: باب ما جاء في أمر الغنم، =

ص: 290

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اخْتِلَاطَ الْفِتَنِ بِالْمَرْءِ يَكُونُ عَلَى حَسَبِ اسْتِشْرَافِهِ لَهَا

5959 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سَتَكُونُ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمٌ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، مَنِ اسْتَشْرَفَ لَهَا، اسْتَشْرَفَتْهُ" 1 [69:3]

=ومن طريقه أخرجه أحمد 3/43و57،والبخاري "19" في الإيمان: باب من الدين الفرار من الفتن، و"3300" في بدء الخلق: باب قول الله تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} ، و"7088" في الفتن: باب التغرب في الفتنة، وأبو داود "4267" في الفتن: باب ما يرخص من البداوة في الفتنة والنسائي 8/123 – 124 في الأيمان: باب الفرار بالدين من الفتن، والخطابي في"العزلة""7"، والبغوي "4227".

وأخرجه البخاري "3600" في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، "6495" في الرقاق: باب العزلة راحة من خلاط السوء، من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة بن الماجشون عن عبد الرحمن بن عبد الله، بهذا الإسناد. وانظر الحديث المتقدم برقم "5955".

وقوله: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم" وكذا وقع في بعض مصادر التخريج، منها البخاري. قال الحافظ في "الفتح" 1/69:"خير" بالنصب على الخبر، و"غنم" الاسم، وللأصيلي برفع "خير" ونصب "غنماً" على الخبرية، ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر، وبقدر في "يكون" ضمير الشأن. قاله ابن مالكن لكن لم تجئ به الرواية.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير وهب بن بقية، وعبد الرحمن بن إسحاق، فمن رجال مسلم.خالد بن عبد الله: هو الواسطي الطحان، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن. =

ص: 291

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ الْعُزْلَةَ وَالسُّكُونَ وَإِنْ أَتَتِ الْفِتْنَةُ عَلَيْهِ

5960 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ،

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ

عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، كيف تفعل

=وأخرجه أحمد 2/282، والبخاري "3601" في المناقب: باب علامات النبوة قبل الإسلام، و"7082" في الفتن: باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، ومسلم "2886" "10" في الفتن: باب نزول الفتن كمواقع القطر، والبغوي "4229" من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "2344"، والبخاري "7081"، ومسلم "2886""12"، والبيهقي 8/190 من طريق إبرهيم بن سعيد بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة، ولفظهم غير البخاري:"تكون فتنة النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي، فمن وجد ملجأ أو معاذاً فليستعذ"

وأخرجه البخاري "3601" و"7081"، ومسلم "2886""10" من طريق صالح بن كيسان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

وقوله: "من استشرف لها استشرفته" معناه: من تطلع إليها وتعرض لها، أشرف منها على الهلاك، ورواية غير المصنف:"من تشرف لها أشرف منها على الهلاك، ورواية غير المصنف: "من تشرف لها تستشرفه"، قال النووي في "شرح مسلم"18/9: وأما "تشرف" فروي على وجهين مشهورين، أحدهما بفتح المثناة فوق والشين والراء، والثاني "يشرف" بضم الياء وإسكان الشين وكسر الراء، وهو من الإشراف للشيئ وهو الانتصاب والتطلع إليه والتعرض له، ومعنى "تستشرفه": تقبله تصرعه، وقيل: هو من الإشراف بمعنى الإشفاء على الهلاك، منه: أشفى المريض على الموت، وأشرف.

ص: 292

إِذَا جَاعَ النَّاسُ حَتَّى لَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكِ إِلَى مَسْجِدِكَ، فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"تَعَفَّفْ" ثُمَّ قَالَ: "كَيْفَ تصنع إذا مات الناس حتى تكون الْبَيْتُ بِالْوَصِيفِ"؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"تَصْبرُ" ثُمَّ قَالَ: "كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا اقْتَتَلَ النَّاسُ حَتَّى يَغْرَقَ حَجَرُ الزَّيْتِ"؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"تَأْتِي مَنْ أَنْتَ فِيهِ" 1 فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَتَى عَلَيَّ؟ قَالَ: "تَدْخُلُ بَيْتَكَ" قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَتَى عَليَّ؟ قَالَ: " إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ طَائِفَةَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ" فَقُلْتُ: أَفَلَا أَحْمِلُ السِّلَاحَ؟ قَالَ: "إِذًا تَشْرَكُهُ" 2 [69:3]

1 كذا في الأصل و"التقاسيم" 3/370، ورواية غير المؤلف "منه".

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة وعبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم. عبد الله: هو ابن المبارك، وأبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب.

وأخرجه الحاكم 4/423 – 424 من طريق سعيد بن هبيرة، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقد قال بإثره كلاماً يفهم منه أن البخاري روى هذا الحديث، وزاد في سنده بين أبي عمران الجوني وعبد الله بن الصامت: المشعث بن طريق، مع أن المشعث لم يرو له غير أبي داود وابن ماجة، والحديث ليس في "مختصره"، والشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه على "المصنف"،ويغلب على ظني أن كلام الحاكم قد تحرف من النساخ، فقد ذكر الحديث في الموضع الآخر وعلق عليه تعليقا يصحح هذا التحريف، فقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين! ولم يخرجاه، لأن حماد بن يزيد رواه عن أبي عمران الجوني قال: حدثني المشعث بن طريف وكان قاضياً بهراة، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر رضي الله عنه، عن

ص: 293

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عِنْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ عَلَى الْمَرْءِ مَحَبَّةُ غَيْرِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ

5961 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بن وهب،

= النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

وأخرجه عبد الرزاق "20729" ومن طريقه الحاكم 2/156 – 157، و4/423، والبغوي "4220" عن معمر، أحمد 5/163 وفيه زيادة في أوله، وابن أبي شيبة 15/12 مختصراً عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، والبيهقي 8/191 من طريق شعبة، وأحمد 5/149 من طريق مرحوم بن عبد العزيز – وسيأتي عند المؤلف برقم "6650" – أربنعتهم عن أبي عمران الجوني، به.

وأخرجه الطيالسي "459"، وأبو داود "4261" في الفتن والملاحم: باب في النهي عن السعي في الفتنة، وابن ماجة "3958" في الفتن: باب التثبت في الفتنة، والحاكم 4/324، والبيهقي 8/191 و269 من طرق عن حماد بن زيد، عن أبي ذر، وقال أبو داود: لم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد.

وقوله: "حتى يكون البيت بالوصيف" البيت: القبر، والوصيف: الخادم والعبد، قال الخطابي في "معالم السنن" 4/322: يريد أن الناس يشتغلون عن دفن موتاهم حتى لا يوجد فيهم من يحفر قبراً لميت ويدفنه إلا أن يعطى وصيفاً أو قيمته. وقد يكون معناه أن مواضع القبور تضيق عنهم، فيبتاعون لموتاهم القبور كل قبر بوصيف.

وقوله: "حتى حجر الزيت" أي: حتى يغمر بالدماء لكثرة القتلى، وأحجار الزيت: موضع بالمدينة.

وقوله: "يبهرك شعاع السيف"أي: يغلبك ضوؤه وبريقه.

ص: 294

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يُحَدِّثُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي مَجْشَرِهِ، وَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، إِذْ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةً فَاجْتَمَعْنَا، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَقُولُ:" لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ: وَيُنْذِرَهُمْ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لَهُمْ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وسيصيب آخرها بلاء، فتجئ فِتْنَةُ الْمُؤْمِنِ، فَيَقُولُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَجِيءُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ1 إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ" قَالَ: قُلْتُ2: هذا بن عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا [بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ] 3 وَنُهْرِيقُ دِمَاءَنَا، وَقَالَ اللَّهُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} وقال {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (النساء: من الآية29) قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ:"أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ" 4 [69:3]

1 في الأصل و"التقاسيم": "وليأتي" بإثبات الياء، والجادة ما أثبت، وما هنا له وجه في العربية.

2 القائل هو عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة.

3 زيادة يقتضيها السياق، مأخوذة من مصادر التخريج.

4 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير==

ص: 295

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

== عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، فمن رجال مسلم محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/5 – 6 – 7، وأحمد مختصراً ومطولاً 2/161 و191، ومسلم "1844" "46" في الإمارة: باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، وأبو داود مختصراً "4248" في الفتن: باب ذكر الفتن ودلائلها، والنسائي 7/152 – 154 في البيعة: ذكر من بايع الإمام وأعطاه بصفقة يده وثمرة قلبه، وابن ماجة "3956" في الفتن: باب ما يكون من الفتنن من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "1844""47" من طريق عبد الله بن أبي السفر، عن عامر، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، عن ابن عمرو.

وقوله: "فمنا من ينتضل" أي: يرتمون بالسهام، يقال: انتصل القيوم وتناضلوا، أي: رموا للسبق، وناضله: إذا رماه.

وقوله: "ومنا من هو في مجشره" كذا في الأصل و"التقاسيم" 3/367، وعند غير المؤلف "جشرة" قال النووي في "شرح ضحيح مسلم" 12/233: هو بفتح الجيم والشين، وهي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها. وفي "اللسان": قال أبو عبيدة: هم القوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبيتون مكانهم، ولا يأوون إلى البيون.

وقوله: "وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه" قال النووي: هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وبديع كلمه، وهذا قاعدة مهمة، فينبغي الاعتناء يها، وأن الإنسان يلزم أن لا يفعل مع الناس إلا مايحب أن يفعلوأ معه.

وقوله: "صفقة يده" قال ابن الأثير: هو أن يعطي الرجلُ الرجل عهده وميثاقه، لأن المتعاهدين يضع أحدهما يده في يد الآخر، كما يفعل المتبايعان، وهي المرة من التصفيق باليدين.

ص: 296

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ الْفِتَنِ أَنْ يَكُونَ مَقْتُولًا لَا قَاتِلًا

5962 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ السَّبَّاكُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ

عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لَفِتَنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيما مؤمنا ويمسى كافرا، ويسمى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، كَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ، وَاضْرِبُوا بِسُيُوفِكُمُ الْحِجَارَةَ، فَإِنْ دُخِلَ عَلَى أَحَدٍ بَيْتَهُ فليكن كخير ابني آدم" 1 [69:3]

1 حديث صحيح. جعفر بن مهران السباك: ذكره المؤلف في "ثقاته" 8/160 – 161، وروى عنه جمع، وقد توبع، وباقي رجاله رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن ثروان، وهزيل بن شرحبيل، فمن رجال البخاري.

وأخرجه أبو داود "4259" في الفتن: باب في النهي عن السعي في الفتنة، وابن ماجة "3961" في الفتن: باب التثبت في الفتنة، والبيهقي 8/191 من طريقين عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/416 من طريق عبد الصمد، و4/408، وابن أبي شيبة 15/12، والترمذي "2204" في الفتن: باب ما جاء في اتخاذ سيف من خشب في الفتنة، من طريق همام مختصراً، كلاهما عن محمد بن جحادة، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح.

وأخرجه أبو داود "4262"، والحاكم 4/440 من طريقين عن عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول، عن أبي كبشة، عن أبي موسى

ص: 297

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الدُّعَاةَ إِلَى الْفِتَنِ عِنْدَ وُقُوعِهَا إِنَّمَا هُمُ الدُّعَاةُ إِلَى النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا

5963 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ، قَالَ:

أَتَيْنَا الْيَشْكُرِيَّ فِي رَهْطٍ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ فَقُلْنَا: بَنُو لَيْثٍ، فَسَأَلْنَاهُ وَسَأَلَنَا، وَقَالُوا: إِنَّا أَتَيْنَاكَ نَسْأَلُكُ عَنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى قَافِلِينَ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ، قَالَ: وَغَلَتِ الدَّوَابُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: فَاسْتَأْذَنْتُ أَنَا وَصَاحِبِي أَبَا مُوسَى، فَأَذِنَ لَنَا، فَقَدِمْنَا الْكُوفَةَ بَاكِرًا من النهار، فقلت لصحابي: إِنِّي دَاخِلٌ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا قَامَتِ السُّوقُ، خَرَجْتُ إِلَيْكَ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ كَأَنَّمَا قطعت رؤوسهم يَسْتَمِعُونَ إِلَى حَدِيثِ رَجُلٍ، قَالَ: فَجِئْتُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَامَ إِلَى جَنْبِي، فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبَصْرِيُّ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: قَدْ عَرَفْتُ أَنَّكَ لَوْ كُنْتَ كُوفِيًّا لَمْ تَسْأَلْ عَنْ هَذَا، هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:

كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن

= الأشعري. وصححه الحاكم. ولفظ آخره: "....والماشي فيها خير من الساعي، قالوا: تأمرنا؟ قال: كونوا أحلاس بيتكم" قال الخطابي في "معالم السنن" 4/337: يقال للرجل: إذا كان يلزم بيته لا يبرح منه: هو حلس بيته، لأن الحلس يفترش فيبقى على المكان ما دام لا يرفع.

ص: 298

الشَّرِّ وَعَرَفْتُ أَنَّ الْخَيْرَ لَمْ يَسْبِقْنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ فَقَالَ:"يَا حُذَيْفَةُ تَعَلَّمْ كِتَابَ اللَّهِ وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ" يَقُولُهَا لِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ:"فِتْنَةٌ وَشَرٌّ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَعْدَ هَذَا الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: "هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ مَا هِيَ؟ قَالَ:"لَا تَرْجِعُ قُلُوبُ أَقْوَامٍ عَلَى الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ:"يَا حُذَيْفَةُ تَعَلَّمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ"، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: "فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ صَمَّاءُ [عَلَيْهَا] 1 دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ النَّارِ، فَإِنْ مُتَّ يَا حُذَيْفَةُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جَذْرِ خَشَبَةٍ يَابِسَةٍ خَيْرٌ لك من ان تتبع أحدا منهم" 2

1 ساقطة من الأصل و "التقاسيم" 3/368، واستدركت من "مسند أحمد" و "سنن أبي داود".

2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم غير اليشكري – واسمه سبيع بن خالد – وأخطأ المؤلف هنا فسماه سليمان – فقد روى له أبو داود، وهو ثقة، وثقه ابن حبان والعجلي، وروى عنه جمع.

وأخرجه أحمد 5/386 – 387، وأبو داود "4246" في الفتن: باب ذكر الفتن ودلائلهان وابن أبي شيبة 15/9: و17 من طرق، عن سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. وسقط من ابن أبي شيبة 15/9:"اليشكري" فيستدرك.

وأخرجه عبد الرزاق "20711"، ومن طريقه أحمد 5/403، وأبو داود "4245"، والبغوي "4219" عن معمر، "4244" عن أبي عوانة، كلاهما =

ص: 299

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=عن قتادة، عن نصر بن عاصم الليثي، به بغير هذا اللفظ، وبزيادة في آخره. وأخرجه أحمد 5/403، وابن أبي شيبة 15/8، وأبو داود "4247" من طريق صخر بن بدر العجلى كسابعه، وأحمد 5/406 من طريق علي بن زيد مختصراً، كلاهما عن اليشكري، عن حذيفة.

وأخرجه البخاري "3606" في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، و"7084" في الفتن: باب كيف الأمر إذا لم يكن جماعة، ومسلم "1847" و"51" في الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، والبيهقي في "السنن" 8/190، وفي "الدلائل" 6/490، والبغوي "4222" من طرق عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بسر بن عبيد الله الحضرمي، عن أبي إدريس الخولاني، عن حذيفة بغير هذا اللفظ.

وأخرجه الحاكم 4/432 من طريق من طريق صالح بن رستم، عن حميد بن هلال، عن عبد الرحمن بن قرط، عن حذيفة، وصححه

وأخرجه مسلم "1847""52" من طريق معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، قال: قال: حذيفة بن اليمان: قلت: يا رسول الله، إنا كنا بشر، فجاء الله بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال:"نعم"، قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟ قال: "نعم"، قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟ قال: "نعم"، قلت: كيف؟ قال: " يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس"، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع".

قال النووي في "شرح مسلم"12/237 – 238: قال الدارقطني: هذا عندي مرسل، لأن أبا سلام لم يسمع حذيفةن وهو كما قال الدارقطني، لكن المتن صحيح متصل بالطريق الأول "أي طريق أبي إدريس الخولاني عن حذيفة" وإنما أتي بهذا متابعة كما ترى.

وأخرج أحمد 5/391 من طريق السفر بن نسير الأزدي وغيره عن =

ص: 300

اليشكري: اسمه سليمان1 [69:3]

1 هذا وهم من المصنف رحمه الله، صوابه سبيع بن خالد، ويقال فيه: خالد بن سبيع، وخالد بن خالد، فسماه في الموضع الأول خالد بن سبيع، وفي الموضع الآخر سبيع بن خالد، وهو عند أحمد وأبي داود كذلك:"سبيع بن خالد"، وورد عند ابن أبي شيبة: خالد بن سبيع أو سبيع بن خالد" على الشك، وسماه عبد الرزاق، والبغوي: خالد بن خالد، وفي "التهذيب" 3/44: سبيع بن خالد، ويقال: خالد، ويقال: "خالد بن سبيع

اليشكري البصري روى عن حذيفة، وعنه صخر بن بدر، ونصر بن عاصم الليثي، وقتادة، وعلي بن زيد بن جدعان، ذكره ابن حبان في "الثقات"، والعجلي.

ص: 301

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِمَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِمَعْصِيَةٍ

5964 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا، أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ يقول:

=حذيفة بن اليماني أنه قال: يا رسول الله، إنا كنا في شر، فذهب الله بذلك الشر، وجاء بالخير على يديك، فهل بعد الخير من شر؟ قال "نعم"، قال: ما هو؟ قال: "فتن كقطع الليل المظلم يتبع بعضها بعضاً تأتيكم مشتبهة كوجوه البقر، لا تدرون أياً من أي"

وقوله: "هدنة على دخن" قال أبو عبيدة في "غريب الحديث" 2/262: تفسيره في الحديث: "لا ترجع قلوب قوم على قوم على ما كانت عليه، والهدنة: السكون بعد الهيج، وأصل الدخن أن يكون في لون الدابة أو الثوب أو غير ذلك كدورة إلى سواد، فوجهه أنه يقول: تكون القلوب هكذا لا يصفو بعضها لبعض، ولا ينصع حبها كما كانت وإن لم يكن فيهم فتنة. وقال الحافظ في "الفتح" 13/36: الدخن: هو الحقد، وقيل: الدغل، وقيل: فساد في القلب، ومعنى الثلاثة متقارب، يشير إلى أن الخير الذي يجيئ بعد الشر لا يكون خيراً خالصاً، بل فيه كدر، وقيل: المراد بالدخن: الدخان، ويشير بذلك إلى كدر الحال، وقيل: الدخن كل أمر مكروه.

ص: 301

قَدِمَ أَبُو ذَرٍّ عَلَى عُثْمَانَ مِنَ الشَّامِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، افْتَحِ الْبَابَ حَتَّى يدخل الناس، أتحسبنى من قوم يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فهي حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ، هُمْ شَرُّ الخلق والخليقة، والذي نفسي بيده لو امرتي أَنْ أَقْعُدَ، لَمَا قُمْتُ، وَلَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَكُونَ قَائِمًا، لَقُمْتُ مَا أَمْكَنَتْنِي رِجْلَايَ، وَلَوْ رَبَطْتَنِي عَلَى بَعِيرٍ لَمْ أُطْلِقْ نَفْسِي حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تُطْلِقُنِي، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّبَذَةَ، فَأَذِنَ لَهُ، فَأَتَاهَا، فَإِذَا عَبْدٌ يَؤُمُّهُمْ، فَقَالُوا: أَبُو ذَرٍّ، فَنَكَصَ الْعَبْدُ، فَقِيلَ لَهُ: تَقَدَّمْ، فَقَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ مُجَدَّعِ الْأَطْرَافِ، وَإِذَا صَنَعْتَ مَرَقَةً، فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، ثُمَّ انْظُرْ جِيرَانَكَ، فَأَنِلْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ، وَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَتَيْتَ الْإِمَامَ وَقَدْ صَلَّى كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وَإِلَّا فهي لك نافلة1. [69:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/306، مسلم "1067" في الزكاة: باب الخوارج شر الخلق الخليقة، وابن ماجة "170" في المقدمة: باب في ذكر =

ص: 302

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ كَسْرَ سَيْفِهِ ثُمَّ الِاعْتِزَالَ عَنْهَا

5965 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ يَكُونُ الْمُضْطَجِعُ فِيهَا خَيْرًا1 مِنَ الْجَالِسِ، وَالْجَالِسُ خَيْرًا مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرًا مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرًا مِنَ السَّاعِي"، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: "مَنْ كَانَتْ له إبل، فليحلق بابله، ومن كان له غنم فليحلق بغنمه، ومن كانت له أرض فليحلق بِأَرْضِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذلك، فليعمد الى

=الخوارج، من طريق سليمان بن المغيرة، وأحمد 5/176 من طريق شعبة، كلاهما عَنْ حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي، أوسيكون بعدي قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلاقيمهم، يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شَرُّ الخلق والخليقة". وقد تقدم القسم الأخير من الحديث برقم "1719" و"1720"

قلت: وفيه أن أبا ذر رضي الله عنه هو الذي استأذن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه في أن ينقل إلى الربذة، ويتخذها وطن إقامة، وأن عثمان وافقه على ذلك، وقد نزلها وبنى بها مسجداً، وأقطعه عثمان صرمة من الإبل، وأعطاه مملوكين، وأجرى عليه رزقا، وكان يتعاهد المدينة، وبين المدينة والربذة ثلاثة أميال، قال يا قوت: وكانت من أحسن منزل في طريق مكة.

1 في الأصل و "التقاسيم" 3/370: "خير"، والجادة ما أثبت.

ص: 302

سَيْفِهِ فَلْيَضْرِبْ بِحَدِّهِ عَلَى صَخْرَةٍ، ثُمَّ لِيَنْجُ1 ان استطاع النجاة" 2. [69:3]

1 في الأصل و "التقاسيم": "لينجو"، والجادة ما أثبت.

2 إسناده على شرط مسلم، وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 15/7، ومن طريقه أخرجه مسلم "2887" في الفتن: باب نزول الفتن كمواقع القطر.

وأخرجه أحمد 5/39 – 40، ومسلم "2887"، وأبو داود "4256" في الفتن: باب النهي عن السعي في الفتنة، من طرق عن وكيع، به.

وأخرجه أحمد 5/48، ومسلم "2887"، والحاكم 4/440 – 441، والبيهقي 8/190 من طرق عن عثمان الشحام، به وفي آخره زيادة:"اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت"؟ قال: فقال رجل: يارسول الله، أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين، أو إحدى الفئتين، فضربني رجل بسيفه، أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال:" يبوء بإثمه وإثمك،ويكون من أصحاب النار".

ص: 304

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالصَّدَقَةَ تُكَفِّرُ آثَامَ الْفِتَنِ عَمَّنْ وَصَفْنَا نَعْتَهُ فِيهَا

5966 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ:

حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الْفِتْنَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا، قَالَ: إِنَّكَ لَجَدِيرٌ أو لجرئ، فَكَيْفَ قَالَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالصَّلَاةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ"، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ هَذَا

ص: 304

أُرِيدُ، إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ؟ فَقُلْتُ: وَمَا لَكَ وَلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا1، قَالَ: فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ أَبَدًا. قَالَ: قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: هَلْ كَانَ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ2 اللَّيْلَةَ، إِنَّ حُذَيْفَةَ حَدَّثَنَا حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ،3 قَالَ: فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ: مَنِ الْبَابُ؟ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ، فَسَأَلَهُ: فَقَالَ عُمَرُ.4 [69:3]

1 في الأصل: "باب مغلق"، والتصويب من "التقاسيم" 3/371

2 في الأصل: "غداً"، والتصويب من "التقاسيم".

3 في مصادر التخريج: "إني حدثت بحديث ليس بالأغاليط"

4 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد بن مسرهد، فمن رجال البخاري، يحيى: هو ابن سعيد القطان، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.

وأخرجه أحمد 5/401 – 402، والبخاري "1435" في الزكاة: باب الصدقة تكفر الخطيئة، و"3586" في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، "7096" في الفتن: باب الفتنة: باب الفتنة التى تموج كموج البحر، ومسلم "144" ص 2218 في الفتن: باب في الفتنة التي تموج كمج البحر، والترمذي "2258" في الفتن: باب 71، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/38، وابن ماجة "3955" في الفتن: باب ما يكون من الفتن، من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه الطيالسي "408"، والبخاري "1895" في الصوم: باب الصوم =

ص: 305

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النِّسَاءَ مِنْ أَخْوَفِ مَا كَانَ يَتَخَوَّفُ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُنَّ عَلَى أُمَّتِهِ

5967 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ1، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فتنة أضر على الرجال من النساء" 2 [55:2]

=كفارة، ومسلم "144" ص 2218، والترمذي "2258" من طرق عن شقيق بن سلمة، به

وأخرجه عبد الرزاق "20752" عن معمر، عن قتادة وسليمان التميمي، عن حذيفة.

وأخرجه بغير هذه السياق أحمد 5/386و405،ومسلم "144" في الإيمان: باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريباً، والطبراني في "الكبير""3024"، والبغوي "4218" من طرق عن ربعي بن حراش، عن حذيفة.

1 في الأصل: "يوسف"، والتصويب في "التقاسيم" 2/165

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار، فمن رجال مسلم سفيان: هو ابن عيينة، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن مل النهدي.

وأخرجه مسلم "2740"، في الذكر والدعاء: باب أكثر أهل الجنة الفقراء، والطبراني في "الكبير""416" من طرقين عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق "20608"، وأحمد 5/200و210، والبخاري "5096" في النكاح: باب ما يتقي من شؤم المرأة، ومسلم "2740" و"2741"، والترمذي "2780" في الادب: باب ما جاء في تحذير فتنة النساء، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 1/49 – 50، وابن ماجة =

ص: 306

‌ذِكْرُ بَعْضِ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يَكُونُ عَامَّةُ فِتْنَةِ النِّسَاءِ

5968 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"وَيْلٌ للنساء من الأحمرين: الذهب والمعصفر"1. [55:2]

="3998" في الفتنة: باب فتنة النساء، والطبراني "415" و"417" و"418" و"419" و"420"، والبيهقي 7/91، والبغوي "2242"، والقضاعي "784" و"786" و"787" من طرق عن سليمان التميمي، به.

وأخرجه القضاعي "785" من طريق مندل بن علي، عن عاصم، عن أبي عثمان النهدي، به وانظر "5969" و"5970".

1 إسناده حسن. محمد بن عمرو – وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ – قد أخرج له البخاري مقروناً ومسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين. وعباد بن عباد: هو ابن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة، ثقة روى له الجماعة، ووهم المناوي في "فيض القدير" 6/368 فظنه عباد بن عباد الأرسوفي الذي قال فيه ابن حبان: يأتي بالمناكير، فضعف الحديث بسببه.

والحديث ذكره السيوطي في "الجامع الصغير"، ونسبه للبيهقي في "الشعب".

وفي الباب عن عزة الأشجعية أخرجه أبو نعيم في "الصحابة" كما في "زهر الفردوس" 4/159: حدثننا الحسن بن منصور الحمصي، حدثنا الوليد بن مروان، حدثنا جنادة بن مروان، عن أشعث بن سوار، عن منصور عن أبي حازم، عن مولاته غزة الأشجعية رفعته وهذا سند ضعيف.

وذكره ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/195، وابن عبد البر في كتابه "الإستيعاب" 4/353 فقالا: روى لأشعث بن سوار، عن منصور، عن =

ص: 307

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ فِتْنَةَ النِّسَاءِ مِنْ أَعْظَمِ مَا كَانَ يَخَافُهَا صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّتِهِ

5969 ـ أَخْبَرَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَنَدِيُّ أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُمَةَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الزُّبَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضر على الرجال من النساء"1. [69:3]

=أبي حازم الأشجعي، عن مولاته عزة الأشجعية قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "ويلكن من الأحمرين الذهب والزعفران"

1 حديث صحيح. محمد بن يوسف الزبيدي: روى عنه جميع كثير، وكان صاحبيا لأبي قرة، قال عنه الحافظ في"التقريب" صدوق، وذكره ابن أبي حاتم 8/121 فلم يذكر في جرحا ولا تعديلاً، ومن فوقع من رجال الشيخين غير أبي قرة، واسمه موسى بن طارق روى له النسائي، وهو ثقة، والحديث مكرر "5967" وانظر ما بعده.

ص: 308

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ فِتْنَةَ النِّسَاءِ مِنْ أَخْوَفِ مَا يُخَافُ مِنَ الْفِتَنِ عَلَى الرِّجَالِ

5970 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فتنة اخوف على الرجال من النساء"2. [66:3]

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ماقبله.

ص: 308

‌كتاب الجنايات

*

‌مدخل

كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

5971 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ يُوسُفَ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُسَارَّهُ، فَسَارَّهُ فِي قَتْلِ رجل من المنافقين، فهجر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَلَامِهِ، وَقَالَ:"أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ:"أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"؟ قَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ:"أَلَيْسَ يُصَلِّي"؟ قَالَ: بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ، فقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أولئك الذين نهيت عنهم"1. [75:2]

1 إسناده صحيح. محمد بن محمد بن حماد الطهراني: ثقة روى له ابن ماجه، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير الصحابي رضي الله عنه، فلم يخرج له أحد من الستة وليس له إلا هذا الحديث.

وأخرجه أحمد 5/433 عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/171 في قصر الصلاة في السفر: باب =

ص: 309

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا دِمَاءَ الْمُؤْمِنِينَ

5972 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ،

قَالَ:

أَتَانِي أَبُو الْعَالِيَةِ وَصَاحِبٌ لِي، فَقَالَ: هَلُمَّا، فَإِنَّكُمَا أَشَبُّ شَبَابًا، وَأَوْعَى لِلْحَدِيثِ مِنِّي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ اللَّيْثِيَّ، قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: حَدِّثْ هَذَيْنِ، قَالَ بِشْرٌ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مَالِكٍ ـ وَكَانَ مِنْ رَهْطِهِ ـ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، فَغَارَتْ عَلَى قَوْمٍ، فَشَذَّ مِنَ الْقَوْمِ رَجُلٌ، وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ السَّرِيَّةِ وَمَعَهُ السَّيْفُ شَاهِرُهُ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَلَمْ يَنْظُرْ فِيمَا قَالَ، فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ،

=جامع الصلاة، عن الزهري، وأحمد 5/432 – 433 عن عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني ابن شهاب الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أنه أنه قال

فذكره مرسلاً وقال الهيثمي في "المجمع" 1/24 بعد أن ذكره من رواي عبيد لله بن عدي بن الخيار مرسلا: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وأعاده عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، عن عبد الله بن عدي الأنصاري. وصححه الحافظ في "الإصابة" 2/337 وقال جوده معمر عن الزهري.

وقال ابن عبد البر فيما نقله عنه الزرقاني في "شرح الموطأ" 1/350: أرسله جميع رواة الموطأ إلا روح بن عبادة، فرواه عن مالك موصولاً، فقال: عن رجل من الأنصار، ورواه الليث وابن أخي الزهري مثل رواية روح عن مالك سواء، ورواه صالح بن كيسان وأبو أويس عن الزهري، عن عطاء، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عدي الأنصاري، فسمى الرجل.

ص: 310

قَالَ: فَنُمِيَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا، [فَبَلَغَ الْقَاتِلَ، قَالَ] : فَبَيْنَمَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، إِذْ قَالَ الْقَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَمَّنْ قِبَلَهُ مِنَ النَّاسِ، [وَأَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ، قَالَ: ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَمَّنْ قِبَلَهُ مِنَ النَّاسِ] ، فَلَمْ يَصْبِرْ أَنْ قَالَ الثَّالِثَةَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ تُعْرَفُ الْمَسَاءَةُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ:"إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَليَّ ان اقتل مؤمنا" 1 ـ ثلاث مرات ـ.

1 إسناده صحيح، شيبان بن أبي شيبة: هو شيبان بن فروخ، ثقة روى له مسلم، وبشر بن عاصم: وثقه المؤلف والنسائي.

والحديث في "مسند أبي يعلى" 314/2، والزيادة منه، لكنه جاء فيه: عقبة بن خالد الليثي، وقال ابن الأثير في "أسد الغابة" 4/59 في ترجمة عقبة بن مالك: ذكره أبو يعلى الموصلي في "مسنده" الذي رويناه:" عقبة بن خالد"، ولعله تصحيف من الكاتب، والله أعلم، وهذا أصح.

وأخرجه ابن الأثير من طريق أبي بكر بن أبي عاصم، عن شيبان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/110 و5/288 – 289، والنسائي في "الكبري" كما في "التحفة" 7/443، والطبراني في"الكبير" 17/"980" من طرق عن سليمان بن المغيرة، به.

وأخرجه الطبراني 17/"981" من طريق يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، بنحوه. وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/27 وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، وأحمد، وأبو يعلى، إلا أنه قال:"عقبة بن خالد" بدل "عقبة بن مالك"، ورجاله ثقات كلهم.

ص: 311

5973 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مفضل، قال: حدثنا بن عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَقَفَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ، أَوْ قَالَ بِزِمَامِهِ، فَقَالَ:"أَيُّ يَوْمٍ هَذَا"؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، فَقَالَ:"أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ "؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:"فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا"؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، فَقَالَ:"أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ"؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:"فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا"؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، فَقَالَ:"أَلَيْسَ الْبَلَدَ الْحَرَامَ"؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:"فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بلدك هَذَا، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى يُبَلِّغُ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ منه"1. [2:2]

1 إسناده صحيح على شرط، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الأعلى، فمن رجال مسلم، وهو مكرر "3848"، وانظر ما بعده.

ص: 312

‌ذكر البيان بأن تحريم الله جلا وعلا أموال المسلمين ودماؤهم وَأَعْرَاضَهُمْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَبْلَ ان يقبض الله جلا وَعَلَا رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم

إِلَى جَنَّتِهِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَيَوْمَيْنِ

5974 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

ص: 312

هَانِئٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عن محمد بن سيرين عن بن أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ والأرض السنة اثنا عشرة شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ثُمَّ قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ ذَا الْبَلْدَةَ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ قَالَ فَكَانَ مُحَمَّدٌ1 إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَدْ كَانَ ذَاكَ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم "الا هل بلغت

1 في الأصل: "محمداً"، وهو خطأ، والجادة ما أثبت، وهو كذلك في "التقاسيم" 3/87.

ص: 313

ألا هل بلغت"؟ 1 [26:3]

1 حديث صحيح. عبد الله بن هانئ: هو النحوي، ذكره المصنف في "الثقات" 8/364 وقال: كنيته أبو عبد الرحمن، من أهل نيسابور، قدم الشام، فحدثهم بها، يروي عن عبد الوهاب الثقفي، ويحيى القطان، حدثنا عنه الحسين بن يزيد بن عبد الله القطان بالرقة، لم أر في حديثه ما يجب أن يعدل به عن الثقات الى المجروجين، وذكره ابن أبي حاتم 5/195، وقال: يروي عنه محمد بن مسلم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. أيوب: هو السختياني، وابن أبي بكرة: اسمه عبد الرحمن. وانظر الحديث السابق التالي.

ص: 314

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ اسْتِدَارَةِ الزَّمَانِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ

5975 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عن أيوب، عن بن سيرين، عن بن أَبِي بَكْرَةَ

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَالسُّنَّةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ"، ثُمَّ قَالَ:"أَيُّ شَهْرٍ هَذَا"؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:"أَلَيْسَ ذَا2 الْحِجَّةِ"؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:"فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا"؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا انه سيسميه

1 حديث صحيح. عبد الله بن هانئ: هو النحوي، ذكره المصنف في "الثقات" 8/364 وقال: كنيته أبو عبد الرحمن، من أهل نيسابور، قدم الشام، فحدثهم بها، يروي عن عبد الوهاب الثقفي، ويحيى القطان، حدثنا عنه الحسين بن يزيد بن عبد الله القطان بالرقة، لم أر في حديثه ما يجب أن يعدل به عن الثقات الى المجروجين، وذكره ابن أبي حاتم 5/195، وقال: يروي عنه محمد بن مسلم، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. أيوب: هو السختياني، وابن أبي بكرة: اسمه عبد الرحمن. وانظر الحديث السابق التالي.

ص: 314

بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:"أَلَيْسَ الْبَلَدَ الْحَرَامِ"؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:"فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا"؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:"أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ"؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:"فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ ـ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ ـ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سمعه، ألا هل بلغت"؟ 1 [66:3]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله.

ص: 315

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: "ان دماءكم حرام عليكم" لفظة عَامٌّ مُرَادُهَا خَاصٌّ أَرَادَ بِهِ بَعْضَ الدِّمَاءِ لَا الْكُلَّ

5976 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مسروق

عن بن مَسْعُودٍ قَالَ: قَامَ مَقَامِي هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ: التَّارِكُ الْإِسْلَامَ المفارق للجماعة،

ص: 315

والثيب الزاني والنفس بالنفس" 1 [2:2]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر "4407" و"4408"، وانظر ما بعده.

ص: 316

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمْ يَسْمَعْهُ الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ

5977 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"لَا يَحِلُّ دَمُ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ المفارق للجماعة" 2 [2:2]

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين سليمان: هو الأعمش. وانظر ماقبله.

وأخرجه النسائي 8/13 في القسامة: باب القود، عن بشير بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/465 عن محمد بن جعفر، به.

ص: 316

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ أَمْوَالَكُمَ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ" أَرَادَ بِهِ بَعْضَ الْأَمْوَالِ لَا الْكُلَّ

5978 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بلال، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ

عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ

ص: 316

أَنْ يَأْخُذَ عَصَا أَخِيهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ"، قَالَ ذَلِكَ لِشِدَّةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ من مال المسلم على المسلم1 [2:2]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن سعد، وهو ثقة روى له البخاري في "الأدب المفرد" وأبو داود. أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو القيسي.

وأخرجه البزار "1373"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 4/42 – 42 من طريقين عن أبي عامر، بهذا الإسناد. وقال البزار: لا نعلمه عن أبي حميد إلا بهذا الطريق، وإسناده حسن. وقد رزي من وجوه عن غيره من الصحابة

وأخرجه أحمد 5/425، والبيهقي 6/100 و9/358، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 4/41 – 42 من طرق عن سليمان بن بلال، به.

وجاء في الرواية الأولى عند البيهقي 6/100 من طريق ابن وهب: عبد الرحمن بن سعد، وقال البيهقي: عبد الرحمن: هو ابن سعد بن مالك، وسعد بن مالك: هو أبو سعيد الخدري، ورواه أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان، فقال: عبد الرحمن بن سعد، عن أبي حميد وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/171 وقال: رواه أحمد والبزار ورجال الجميع ر جال الصحيح.

وفي الباب عن أبي حرة الرقاشي عن عمه: أخرجه أحمد 5/72، وأبو يعلى "1570"، والدارقطني 3/26، والبيهقي 6/100و8/182، وفيه علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.

وعن عمران بن يثربي عند أحمد 3/423 وابنه عبد الله في زيادات "المسند" 5/113، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 4/42، والدراقطني 3/24 -25 و25، والبيهقي 6/97.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/171 – 172 وقال: رواه أحمد وابنه في زياداته أيضاً والطبراني في "الكبير" و"الإوسط"، ورجال أحمد ثقات.

ص: 317

‌ذِكْرُ نَفْيِ اسْمِ الْإِيمَانِ عَنِ الْقَاتِلِ مُسْلِمًا بِغَيْرِ حَقِّهِ

5979 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ،

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ إِلَيْهَا الْمُؤْمِنُونَ أَعْيُنَهُمْ وَهُوَ حِينَ يَنْتَهِبُهَا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ حِينَ يَقْتُلُ وَهُوَ مؤمن، فاياكم إياكم" 1 [50:3]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم "1186" و"4412" و"4454" و"5172" و"5173"

ص: 318

‌ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ النَّارِ لِلْقَاتِلِ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ مُتَعَمِّدًا

5980 ـ أَخْبَرَنَا الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ دِهْقَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ:

سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، أَوْ مَنْ قَتَلَ مؤمنا متعمدا" 2 [54:2]

2 حديث صحيح هشام بن عمار: حسن الحديث وقد توبع، وباقي رجاله ثقات كلهم، وأخطأ الحافظ في قوله في "التقريب" عن خالد بن دهقان: =

ص: 318

‌ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ قَاتَلَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ حَتَّى قُتِلَ

5981 ـ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَيُونس، والمُعَلَّى، عَنِ الحَسَن، عَنِ الأحنَفِ بن قيس

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إذا التَقَى المُسْلِمَان بِسَيْفَيْهِمَا، فَقَتَلَ أَحَدُهُما صَاحِبَهُ، فَالقَاتِلُ والمقتول في النار" 1 [54:2]

="مقبول"، فقد وثقه المصنف، ودحيم، وأبو مسهر، وأبو زرعة، والإمام الذهبي في "كاشفه".

وأخرجه الحاكم 4/351، والبيهقي 8/21 من طريقين عن محمد بن المبارك الدمشقي، عن صدقة بن خالد، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه أبو داود "427" في الفتن: باب تعظيم قتل المؤمن، عن مؤمل بن الفضل، عن محمد بن شعيب، عن خالد بن دهقان، به،

وفي الباب عن معاوية بن أبي سفيان أخرجه أحمد 4/99، والنسائي 7/81 في تحريم الدم في فاتحته، والحاكم 4/351 من طريق صفوان بن عيسى، والطبراني 19/"858" و"857" من طريقين عن ثور بن يزيد، عن أبي عون، عن أبي إدريس الخولاني، عن معاوية.

وأخرجه الطبراني 19/"856""857" من طريقين عن أبي عون، به.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبيدة، والمعلى – وهو ابن زياد القرشي، فمن رجال مسلم. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ويونس: هو ابن عبيد، والحسن: هو بن أبي الحسن البصري. وقد تقدم الحديث برقم "5945".

ص: 319

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَتْلِ الْمَرْءِ مَنْ أَمِنَهُ عَلَى دَمِهِ

5982 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، عَنْ رِفَاعَةَ الْفِتْيَانِيِّ

عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَيُّمَا رَجُلٍ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ القاتل برئ وان كان المقتول كافرا" 1 [54:2]

1 إسناده حسن. إسماعيل السدي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن ب أبي كريمة السدي، روى له مسلم، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير رفاعة الفتناني، فقد روى له النسائي وابن ماجة، هو ثقة. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وزائدة: هو ابن قدامة.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/323، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 3/193 تعليقا، قال البخاري: وعن أبي عبيد الله، وقال الفسوي: قال عبيد الله: أخبرنا زائدة، فذكره بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "1285"، وأحمد 5/223 – 224، والطحاوي في "مشكل الآثار""203" بتحقيقنا، والطبراني في "الصغير""584"، وأبو نعيم في "الحلية" 9/24، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 3/192 – 193، وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/322،322- 323 -193، من طرق عن إسماعيل السدي، به.

وأخرجه أحمد 5/223 و224و437، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/149 – 150، والطبراني "38" من طرق عن رفاعة الفتياني، به.

وأخرجه الطيالسي "1286"، وابن ماجة "2688" في الديات: باب من أمن رجلا على دمه فقتله، والطحاوي "201" و"202" من طرق عن عبد =

ص: 320

قال الشيخ أبو حاتم: فتيان1 بعطن من بجيلة وقتبان سكنه بمصر.

=الملك بن عمير، عن رفاعة الفتياني، عن عمرو بن الحمق، بلفظ:"إذا أمن الرجل الرجل على دمه، ثم قتله، رفع له لواء الغدر يوم القيامة" لفظ الطيالسي.

وأخرجه ابن ماجة "2689"، وعلقه البخاري من طريق أبي ليلى، عن أبي عكاشة الهمذاني، عن سليمان بن صرد.

1 بالفاء، وهي التي نسب إليها رفاعة، وقال المصنف في "ثقاته" 4/240: رفاعة بن شداد الفتياني، وكنيته أبو عاصم، فتيان بطن من بجيلة من أهل اليمن، عداده في أهل الكوفة، وجاء نسبه في "تهذيب الكمال" 9/204: رفاعة بن شداد بن عبد الله بن قيس بن جعال بن بداء بن فتيان بن ثعلبة بن رفاعة بن زيد بن الغوث بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث ابن بنت مالك الفتياني البجلي، وقد وهم ابن حجر في "التقريب" فقيده:"القتياني" بالقاف.

وقوله: "وقتبان سكنه بمصر" نسبه إلى قتيان بن ردمان، بطن من ذي فضالة بن عبيد القتباني، والفضل بن عبيد وغيرهم. انظر "الإنساب" 10/59، و"المشتبه" 2/499.

ص: 321

‌ذكر ما يلزم بن آدَمَ مِنْ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ بَعْدَهُ مُسْلِمًا لِاسْتِنَانِهِ ذَلِكَ الْفِعْلَ لِمَنْ بَعْدَهُ

5983 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كان على بن آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ

ص: 321

من سن القتل" 1 [54:2]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وعبد الله: هو ابن مسعود رضي الله عنه.

وأخرجه مسلم "1677" في القسامة: باب بيان إثم من سن القتل، والطبري في "جامع البيان""1173" من طرق عن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق "19781"، وابن أبي شيبة 9/364، وأحمد 1/383و430و433،والبخاري "3335" في الأنبياء: باب خلق آدم وذريته، و"6867" في الديات: باب قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} ، و"7321" في الإعتصام: باب قول إثم من دعا إلى ضلالة أو من سن سنة سيئة، ومسلم "1677"، والترمذي "2673" في العلم: باب الدال على الخير كفاعله، وقال: حسن صحيح، والنسائي 7/81 – 82 في تحريم الدم في فاتحته، وفي التفسير من "الكبرى" كما في "التحفة" 7/144، وابن ماجة "2616" في الديات: باب التغليظ في قتل مسلم ظلماً، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/483، والطبراني "11738" و"11739"، البيهقي 8/15، والبغوي في "شرح السنة""111"، وفي "معالم التنزيل" 2/31 من طرق عن الأعمش، به.

والكفل: الحظ والنصيب.

ص: 322

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَتْلِ الْمَرْءِ وَلَدَهُ سِرًّا

5984 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ2 أَبِي غَنِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عن أبيه

عن سماء بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله

2 تحرفت في الأصل و "التقاسيم" 2/لوحة 67 إلى "عن"، والتصويب من "الموارد""1304"، و "مسند أحمد".

ص: 322

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا، فَإِنَّ قَتْلَ الْغَيْلِ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فيدعثره عن فرسه" 1 [3:2]

1 إسناده حسن. المهاجر: هو ابن أبي مسلم مولى أسماء بنت يزيد، روى عنه جمع، وذكره المؤلف في ثقاته، وباقي رجاله ثقات.

أخرجه أحمد 6/453 عن أبي نعيم الفضل بن دكين، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/458 وأبو داود "3881" في الطب: باب في الغيل، ومن طريقه البيهقي 7/464 و458 من طرق عن محمد بن المهاجر، به.

وأخرجه أحمد 6/457و458، وابن ماجة "2012" في النكاح: باب الغيل، والطبراني في "الكبير" 24/"462" من طريقين عن المهاجر بن أبي مسلم، به.

الغيل: هو أن أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع، وكذلك إذا حملت وهي مرضع.

وقوله: "فيدعثره" قال الخطابي في "معالم السنن" 4/225، ونقله عنه البغوي في "شرح السنة" 9/109: يعني يصرعه ويسقطه، وأصله في الكلام: الهدم، يقال في البناء قد تدعثر: إذا تهدم وسقط، وأراد بهذا أن المرضع إذا جومعت فحملت، فسد لبنها، وينهك الولد إذا اغتذى به بذلك اللبن، فإذا صار رجلا، وركب الخيل، فركضها ربما أدركه ضعف الغيل، فزال سقط عن متونها، فكان ذلك كالقتل له غير أنه سر لا يرى ولا يعرف.

قلت: تقدم حديث جذام بنت وهب عند الؤلف برقم "4196" وفعته: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك، فلا يضر أولادهم" وبوب عليه المصنف فقال: ذكر الإخبار عن جواز إرضاع المرأة وإتيان زوجها إياها في حالة الغيل وهو أصح من حديث أسماء بنت يزيد، فإنه على شرط مسلم، هو مخرج في صحيحه" فيرجح، أو يحمل النهي في حديث أسماء على وجه التنزيه والإرشاد.

انظر "تهذيب السنن" 5/362، و"زاد المعاد" 5/147 – 148.=

ص: 323

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا نُهِيَ عَنِ قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ

5985 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ

عَنِ الصُّنَابِحِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ، فلا تقتتلن بعدي" 1 [3:2]

=قوله: "فإن قتل الغيل" كذا في الأصل و"التقاسيم"، وعند غير المصنف:"فإن الغيل".

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه الصنابح، وهو ابن الأعرس الأحمسي، فقد روى له ابن ماجة هذا الحديث، وسماه ابن المبارك ووكيع: الصنابحي، بزيادة ياء. رواه عنه كذلك الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/219، أبو يعلى "1454"، وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 4/327: الأول "يعني: الصنابح" أصح، وقال الحافظ في "الإصابة" 2/178: قال الجمهور من أصحاب إسماعيل: بغير ياء، وهو الصواب، ونص ابن المديني، والبخاري، ويعقوب بن شيبة وغير واحد على ذلك، ونقل عنهم في "التهذيب" أنهم قالوا: من قال فيه: الصنابحي، فقد أخطأ،

وأخرجه أحمد 4/349 و351، والحميدي "779"، وابن أبي شيبة 11/438، والطبراني "7415" و"4716"، وابن ماجة "3944" في الفتن: باب لا ترجعوا بعدي كفاراً، وأبو يعلى "1455"، ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/35 من طرق عن إسماعيل بن خالد، به.

وأخرجه أحمد 4/311، وأبو يعلى "1452"، والطبراني "7414" من طرق عن مجالد بن سعيد، عن قيس بن أبي حازم، به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/295 وقال: رواه أحمد وأبويعلى، وفيه مجالد بن سعيد وفيه خلاف.

ص: 324

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الصُّنَابِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالصُّنَابِحِيُّ من التابعين1

1 قلت: الصنابح بن الأعسر لا خلاف فيه، وهو رواي حديث الباب، وأبو عبد الله بن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي: تابعي ثقة، روى له الستة. وعبد الله الصنابحي: صحابي سمع النبي صلى الله عليه وسلم روى له مالك في "الموطأ" حديثين، الأول في فضل الوضوء 1/31، والثاني في النهي عن الصلاة بعد العصر1/219،وأخطأ من ظن أن عبد الله الصنابحي في هذين الحديثين هو عبد الرحمن بن عسيلة التابعي. وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر على "الرسالة""874"

ص: 325

‌ذكر تعذيب الله جلا وَعَلَا فِي النَّارِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا

5986 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ذَكْوَانَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ يَهْوِي فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسُمٍّ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ مُتَعَمِّدًا، فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا" 2 [54:2]

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو الطيالسي، وسليمان: هو الأعمش، وذكوان: هو أبو صالح السمان.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان""628" من طريق معاذ بن المثني، عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "2416"، وأحمد 2/488، والبخاري "5778" في =

ص: 325

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=الطب: باب شرب السم والدواء به ومايخاف منه والخبيث، ومسلم "109" في الإيمان: باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، والترمذي "2044" في الطب: باب ما جاء فيمن قتل نفسه، أو غيره، والنسائي 4/66 – 67 في الجنائز: باب ترك الصلاة على من قتل نفسه، وابن منده "628"، والبيهقي 9/355 من طرق عن شعبة، به.

إخرجه أحمد 2/254 و478، والدارمي 2/192، ومسلم "109"، وأبو داود "3872" في الطب: باب في الأدوية المكروهة، والترمذي "2043""2044"، وابن ماجة "3460" في الطب: باب النهي عن الدواء الخبيث، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار""196" و"197"، بتحقيقنا، وابن منده "627" و"629"، والبيهقي 8/23 – 24و24 من طرق عن الأعمش.

قوله: "يجأ بها" أي: يضرب بها، يقال: وجأته بالسكين وغيرها وجأ: إذا ضربته بها. و"يتحساه": يتجرعه، والتردي: هو الوقوع من المكان العالي.

قلت: وليس في قوله صلى الله عليه وسلم: "يهوي في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبداً" متمسك لمن قال بتخليد أصحاب المعاصي في النار، وحكم بتوهيمها، فقد أعل الترمذي هذه الزيادة فقال بعد أن أخرجه: رواه محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل نفسه بسم، عذب في نار جهنم"، ولم يذكر:"خالدا مخلدا فيها أبدا"، وهكذا رواه أبو لزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم "وهي الرواية الآتية بعد هذا عند المصنف"، وهذا أصح، لان الروايات قد صحت أن أهل التوحيد يعذبون في النار، ثم يخرجون منها، ولم يذكر أنهم يخلدون فيها.

وأجاب غيره بحمل ذلك على من استحله، فإنه يصير باستحلاله كافرا، والكافر مخلد بلا ريب، وقيل: ورو مورد الزجر والتغليظ، وحقيقته غير مرادة، وقيل: إن هذا جزاؤه، ولكن قد تكرم الله سبحانه وتعالى، فأخبر أنه لا يخلد=

ص: 326

‌ذِكْرُ تَعْذِيبِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي النَّارِ الْقَاتِلَ نَفْسَهُ بِمَا قُتِلَ بِهِ

5987 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ بن عَجْلَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ خَنَقَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا فَقَتَلَهَا، خَنَقَ نَفْسَهُ فِي النَّارِ، وَمَنْ طَعَنَ نَفْسَهُ طَعَنَهَا فِي النَّارِ، وَمَنِ اقْتَحَمَ فقتل نفسه، اقتحم في النار" 1 [109:2]

= في النار من مات مسلما ونظر "شرح مسلم" 2/125.

قلت: وأخرج مسلم في "صححه""116" في الإيمان: باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر، من طريق حجاج الصواب، عن أبي الزبير، عن جابر أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتي النبي صل الله فقال: يارسول الله، هل لك في حصن حصين ومنعة؟ قال: حصن كان لدرس في الجاهلية، فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم للذي ذخر الله للأنصار، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجرمعه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض، فجزع، فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشخبت يداه حتى مات، فراه الطفيل بن عمروفي منامه، فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطيا يديه، فقال: ماصنع بك ربك؟ فقال غفر الله لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فقالك مالي أراك مغطيا يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت، فقصها الطفيل على رسول الله عليه وسلم، فقال رسول الله عليه وسلم:"اللهم وليديه فاغفر".

قال النووي: فيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها ومات من غير توبة، فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار، بل هو في حكم المشئة.

1 حديث صحيح. محمد بن عجلان روى له البخاري تعليقا ومسلم متابعة، وهو صدوق وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير عيسى بن =

ص: 327

‌ذكر تحريم الله جلا وَعَلَا الْجَنَّةَ عَلَى الْقَاتِلِ نَفْسَهُ فِي حَالَةٍ مِنَ الْأَحْوَالِ

5988 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الزَّمِنُ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ:

حَدَّثَنَا جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، فَمَا نَسِينَا مِنْهُ، حَدَّثَنَا وَلَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَرَجَ بِرَجُلٍ خُرَّاجٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَوْجَأَ1 بِهَا، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: عَبْدِي بَادَرَنِي بنفسه حرمت عليه الجنة".2

=حماد، فمن رجال مسلم، الليث: هو ابن سعد، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.

وأخرجه البخاري "1365" في الجنائز: باب ماجاء في قاتل النفس، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار""195" من طرق عن أبي الزناد، بهذا الإسناد. 1 كذا الإصل و"التقاسيم" 3/322، وفي "مسند أبي يعلى"، والبخاري:"فحزّ بها يده".

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. جرير: هو ابن حازم، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري. وهو في"مسند أبي يعلى"، برقم "1527" وأخرجه البغوي "2525" من طريق إبراهيم بن حماد القاضي، عن محمد بن المثني الزمن، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "113""181" في الإيمان: باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، وابن منده في "الإيمان""647" من طريقين عن وهب بن جرير، به. =

ص: 328

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ

5989 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:

سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: "إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ خَرَجَتْ بِهِ قُرْحَةٌ، فَلَمَّا آذَتْهُ، انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، فَنَكَأَهَا، فَلَمْ يَرْقَأْ دَمُهُ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ رَبُّكُمْ: قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" ثُمَّ مَدَّ بِيَدِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِي بِهَذَا جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد.1

=وأخرجه البخاري "1364" في الجنائز: باب ما جاء في قتل النفس، و"3463" في الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل، وأبو عوانة 1/46 – 47، وابن منده "647"، الطبراني "1664"، والبيهقي 8/24 من طريقين عن جرير بن حازم، به وانظر ما بعده.

وفي الحديث تحريم قتل النفس سواء كانت نفس القاتل أم غيره، وقتل الغير يؤخذ تحريمه من هذا الحديث بطريق الأولى، وفيه الوقوف عند حقوق الله ورحمته بخلقه حيث حرم عليهم قتل نفوسهم، وأن الأنفس ملك الله، وفيه التحديث عن الأمم الماضية، وفضيلة الصبر على البلاء، وترك التضجر من الآلآم لئلا يفضي الى أشد منها، وفيه تحريم تعاطي الأسباب المفضية إلى قتل النفس، وفيه التنبيه على أن حكم السراية على ما يترتب عليه ابتداء القتل، وفيه الاحتياط في التحديث، وكيفية الضبط له، والتحفظ فيه بذكر المكان والإشارة إلى ضبط المحدث وتوثيقه إن حدثه ليركن السامع لذلك. "فتح الباري" 6/550.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو أحمد الزبيري: هو محمد بن =

ص: 329

‌باب القصاص

‌مدخل

بَابُ الْقِصَاصِ

5990 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، قَالَ: فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاكَ، فَقَالَ:"مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ"؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ، "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ"، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بن

= عبد الله بن الزبير.

وأخرجه مسلم "113""180" في الإيمان: باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، وابن منده في الإيمان "648" من طريقين عن محمد بن رافع، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 4/312 عن عبد الصمد، حدثنا عمران – يعني القطان – قال: سمعت الحسن يحدث عن جندب أن رجلا أصابته جراحة، فحمل إلى بيته، فآلمت جراحته، فاستخرج سهما من كنانته، فطعن به لبته، فذكروا ذلك عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فيما يروي عن ربه عز وجل:"سابقني بنفسه".

قوله: "نكأها" أي: نخس موضع الجرح، و "لم يرقأ دمه" أي: لم ينقطع.

ص: 330

سَلُولٍ: قَدْ فَعَلُوهَا، لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ:"دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ"1. [62:2]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" يُرِيدُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي هَذَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: فَإِنَّهَا ذميمة، وما يشبهها.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، وهو في "مسند أبي يعلى""1957"

وأخرجه الحميدي "1239"، والطيالسي "1708"، والبخاري "4905" في تفسير سورة المنافقين: باب {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} ،"4907" باب {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} ، ومسلم "2584" "63" في البر والصلة: باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما، والنسائي في السير من "الكبرى" كما في "التحفة" 2/254، وفي "عمل اليوم والليلة""977"، والترمذي "3315" في تفسير سورة المنافقين، وأبو يعلى "1824"، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/53 – 54 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/338، والبخاري "3518" في مناقب الأنصار: باب ما ينهى من دعوى الجاهلية، ومسلم "2854""64"، والطبري في "جامع البيان" 28/112و113، وأبو يعلى "1959" من طرق عن عمرو بن دينار، به وسيأتي الحديث برقم "6548"

والكسع: هو ضرب الدبر باليد أو الرجل.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "دعوها فإنها منتنة" أي: دعوى الجاهلية، كما قال الحافظ في "الفتح" 6/547، وقال: وقيل: الكسعة، والأول: هو المعتمد، ثم استبعد التفسير الثاني من "الفتح" 8/649 فقال: وأبعد من قال: المراد الكسعة.

ص: 331

‌ذِكْرُ الْحُكْمِ فِي الْقَوَدِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ

5991 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَابُورَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ

عَنْ أَنَسِ أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ، فَقَتَلَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم1. [36:5]

1 إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الله بن سابور "بالسين المهملة" فقد روى له ابن ماجة، وقال أبو حاتم: صدوق، ووثقه المؤلف

وأخرجه أحمد 3/170،والبخاري "6885" في الديات: باب قتل الرجل بالمرأة، والنسائي 8/22 في القسامة: باب القود من الرجل للمرأة، والبيهقي 8/28 من طرق عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، بهذا الإسناد.

ولأوضاح: نوع من الحلي يعمل من الفضة، سميت بها لبياضها، واحدها: وضح، محرك.

ص: 332

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقَوَدَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالسَّيْفِ أَوِ الْحَدِيدِ

5992 ـ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّاجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا،

ص: 332

قتلها بحجر، قال: فجئ بِهَا وَبِهَا رَمَقٌ، قَالَ لَهَا:"أَقَتَلَكِ فُلَانٌ"؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا الثَّانِيَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لَا، ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ: فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا، فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ حَجَرَيْنِ1. [36:5]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم "1672" في القسامة: باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره، عن محمد بن المثنى وابن بشار، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "6879" في الديات: باب من أقاد بحجر أو عصا، وابن ماجة "2666" في الديات: باب يقتاد من القاتل كما قتل، عن محمد بن بشار، به.

وأخرجه أحمد 3/171و203، والبخاري "6877""15"، وأبو داود "5429" في الديات: باب يقاد من القاتل، وابن ماجة "2666"، والدارقطني 3/168، والبيهقي 8/42 من طرق عن شعبة، به.

وعلقه البخاري "5295" في الطلاق: باب الإشارة في الطلاق ولأمور، قال: وقال الأويسي "هو عبد العزيز بن عبد الله الأويسي": حدثنا إبراهيم بن سعد، عن شعبة، ووصله الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/179 عن إبراهيم بن داود، عن عبد العزيز الأويسي، به. أبو نعيم في "المستخرج" كما في "تغليق التعليق" 4/473 – 474 من طريق يعقوب بن سفيان، حدثنا عبد العزيز الأويسي، به.

ص: 333

‌ذكر البيان بأن المصطفى قَتَلَ قَاتِلَ الْمَرْأَةِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِقَتْلِهِ إِيَّاهَا لَا بِإِقْرَارِهَا عَلَيْهِ بِهِ

5993 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ

ص: 333

الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقَالُوا لَهَا: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ؟ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، حَتَّى ذُكِرَ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ، فَأَقَرَّ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بالحجارة.1 [36:5]

1إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم "1672""17" في القسامة: باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره، وأبو يعلى "2866" عن هدبة بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الإمام أحمد 3/183 و269، والدارمي 2/190، والبخاري "2413" في الخصومات: باب ما يذكر في الأشخاص والخصومة بين المسلم واليهودي، و"2746" في الوصايا: باب إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازة، و"6876" في الديات: باب سؤال القاتل حتى يقر والإقرار في الحدود، و"6884" باب إذا أقر بالقتل مرة قتل به، وأبو داود "4527" في الديات: باب يقاد من القاتل، و"4535" باب القود بغير حديد، والترمذي "1394" في الديات: باب ما جاء فيمن رضخ رأسه بصخرة، والنسائي 8/22 في القسامة: باب القود من الرجل للمرأة، وابن ماجة "2665" في الديات: باب ما يقتاد من القاتل كما قتل، والدارقطني 3/169، وابن الجارود "838، والطحاوي 3/190، والبيهقي 8/42، والبغوي "2528" من طرق عن همام بن يحيى، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/295، وأحمد 3/193و262، والنسائي 8/22، وأبو يعلى "3149"، والدارقطني 3/168، وابن الجارود "837" من طرق عن قتادة، به.

وأخرج عبد الرزاق "10171" و"18233" و"18525"، وأحمد 3/163، ومسلم "1672""16"، وأبو داود "4528"، والطحاوي 3/181،=

ص: 334

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ يَجِبُ أَنْ يُحْسِنَ الْقِتْلَةَ فِي الْقِصَاصِ إِذْ هُوَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ

5994 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هُنَيِّ بْنِ نُوَيْرَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اعف الناس قتله أهل الإيمان" 1 [66:3]

= والدارقطني 3/169 من طريق مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رجلا من اليهود قتل جارية من الأنصار على حلي لها، ثم ألقاها في القليب، ورضخ رأسها بالحجارة، فأخذ، فأتي بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأمر به أن يرجم حتى يموت، فرجم حتى مات.

وأخرجه الطيالسي "1986" عن همام، عن قتادة، عن أنس أن امرأة "كذا" أخذت جارية معها حلي لها، فرضت رأسها بين حجرين، وأخذت الحلي، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين.

والرض: الدق بالحجارة.

1 حديث حسن –مغيرة وهو ابن مقسم الضبي- ثقة متقن من رجال الشيخين إلا أنه كان يدلس ولاسيما عن إبراهيم، وفد عرفت الواسطة بينهما عند غير المؤلف هنا وهو شباك الضبي-وهو ثقة- وهُني بن نويرة: روى عنه إبراهيم النخعي وابو جبيرة "ويقال: أبو جبر" ووثقه المؤلف والعجلي، وقال الآجري عن أبي داود: كان من العباد، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير حامد بن يحيى البلخي، وهو ثقة روى له أبو داود. إبراهيم: هو ابن=

ص: 335

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يزيد النخعي.

وأخرجه أحمد 1/393 من طريق شعبة، والبيهقي 8/61 من طريق أبي عوانة، كلاهما عن المغيرة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود "2666" في الجهاد: باب النهي عن المثلة، وابن ماجه "2681" في الديات: باب أعف الناس قتلة أهل الإيمان، وأبو يعلى "4973"، والبيهقي 9/71 من طرق عن هشيم، أخبرنا مغيرة، عن شباك الضبي الكوفي، عن إبراهيم، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/420، وابن ماجه "2682" والطحاوي 3/183، وأبو يعلى "4974" من طريق شعبة، عن مغيرة، عن شباك، به.

وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى""840" عن زياد بن أيوب، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا مغيرة، لعله قال: عن شباك عن إبراهيم، به.

واخرجه أحمد 1/393 من طريق سريج بن النعمان، والطحاوي 3/183من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، أنبأنا مغيرة، عن غبراهيم، عن علقمة، به. ولم يذكر هُنيا.

وأخرجه عبد الرزاق "18232"، والطبراني في "الكبير""9737" عن الثوري، عن الأعمش، وابن أبي شيبة 9/421-422 عن المسعودي، عن سلمة بن كهيل، كلاهما عن إبراهيم، عن علقمة قال: قال ابن مسعود

فذكره موقوفا. وقال الهيثمي في "المجمع" 6/291 بعد أن عزاه للطبراني: رجاله رجال الصحيح. وانظر ابن أبي شيبة 9/420-421، وعبد الرزاق "18231".

وله شاهد من حديث شداد بن أوس قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليجد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته". وقد تقدم تخريجه عن المؤلف برقم "5883" و"5844".

وقوله: "أعف الناس قتلة أهل الإيمان" أي: هم أرحم الناس بخلق الله، وأشدهم تحريا عن التمثيل والتشويه بالمقتول، وإطالة تعذيبه، إجلالا=

ص: 336

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جِنَايَةِ الْأَبِ عَنِ ابْنِهِ وَالِابْنِ عَنِ أَبِيهِ

5995 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَادُ بْنُ لَقِيطٍ

عَنْ أَبِي رِمْثَةَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فلما رَأَيْتُهُ قَالَ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاقْشَعْرَرْتُ حِينَ قَالَ ذَلِكَ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُشْبِهُ النَّاسَ، فَإِذَا لَهُ وَفْرَةٌ بِهَا1 رَدْعٌ مِنْ حِنَّاءٍ، وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَبِي، ثُمَّ أَخَذَ يُحَدِّثُنَا سَاعَةً، قَالَ:"ابْنُكَ هَذَا"؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَشْهَدُ بِهِ، قَالَ:"أَمَا إِنَّ ابْنُكَ هَذَا لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ"، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ثُمَّ نَظَرَ إِلَى السِّلْعَةِ الَّتِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كَأَطَبِّ الرِّجَالِ، ألا أعالجها؟ قال:"طبيبها الذي خلقها"2. [66:3]

= لخالقهم، وامتثالا لما صدر عن صدر النبوة من قوله "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة

" بخلاف أهل الكفر وبعض أهل الفسوق ممن لم تذق قلوبهم حلاوة الإيمان، واكتفوا من مسماه بقلقلة اللسان وأشربوا القسوة حتى أبعدوا عن الرحمن، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، ومن لا يرحم لا يرحم، والقتلة-بالكسر- هيئة القتل، وهذا تهديد شديد في المثلة، وتشويه الخلق. "فيض القدير" للمناوي 2/7.

1 في الأصل: "لها"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 282.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم غير أن صحابيه أبا رمثة-وقد اختلف في

ص: 337

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= اسمه، وهو مشهور، بكنيته –أخرج حديثه أصحاب السنن سوى ابن ماجه. ابو الوليد الطيالسي: اسمه هشام بن عبد الملك.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/"720" عن أبي خليفة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/199، والطبراني 22/"720"، والحاكم 2/425، وعنه البيهقي 8/345 من طريق أبي الوليد لطيالسي، به، وصححه الحاكم ووفقه الذهبي.

وأخرجه مطولا ومقطعا أحمد 2/226و227-228، وأبو داود "4206" في الترجل: باب في الخضاب، و"4495" في الديات: باب لا يؤخذ احد بجريرة أخيه أو أبيه، والترمذي "2812"في الأدب: باب ما جاء في الثوب الأخضر، والنسائي 3/185 في العيدين: باب الزينة للخطبة والعيدين، والدولابي في "الكنى" 1/29، والبيهقي 8/27 من طرق عن عبيد الله بن إياد، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عبيد الله بن إياد.

وأخرجه أيضا مطولا ومقطعا الشافعي 2/98، والحميدي "866"، وأحمد 2/226 و226-227 و227 و228 4/163، والدارمي 2/198-199، وأبو داود "4407"، والترمذي في "الشمائل""42" و"44"، والنسائي 8/53 في الديات: باب هل يؤخذ أحد بجريرة غيره؟ و8/140 في الزينة: باب الخضاب بالحناء والكتم، و8/204 باب الخضر من الثياب، وابن الجارود "770"، والطبراني 22/"713" و"714" و"715" و"716" و"717" و"718" و"719" و"721" و"722" و"723" و"724" و"726"، والحاكم 2/607، والبيهقي 8/27، والبغوي "2534" من طرق عن إياد بن لقيط، به.

وقد أخرجه من حديث الخشخاش العنبري: أحمد 4/344-345 و5/81، وابن سعد في "الطبقات" 7/47، وابن ماجه "2671"، والطبراني في "الكبير""4177" من طريق هشيم، حدثنا يونس، عن حصين بن

ص: 338

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: اسْمُ أَبِي رِمْثَةَ: رِفَاعَةُ بْنُ يَثْرِبِيٍّ 1 التَّيْمِيُّ تَيْمُ الرَّبَابِ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ أَبَا رِمْثَةَ هُوَ الْخَشْخَاشُ الْعَنْبَرِيُّ، فَقَدْ وهم.

= أبي الحر أن الخشخاش العنبري قال: جئت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ومعي ابني، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لا تجني عليه ولا يجني عليك". وعند أحمد 5/81: حدثنا هشيم، أخبرنا يونس بن عبيد، أخبرني مخبر، عن حصين

فذكره.

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 170/2: هذا غسناد صحيح رجاله ثقات

ورواه ابن حبان من حديث ابي رمثة.

وقال الحافظ: ابن حجر في "الإصابة" 1/427: رواه أحمد وابن ماجه بإسناد لا بأس به.

الوفرة: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن، والرَّدع: هو أثر الخلوق والطيب ونحوها في الجسد، والسِّلعة –بالكسِر- غدة تظهر بين الجلد واللحم إذا غمزت باليد تحركت.

1 كذا قال هنا لكنه حين ترجم له في "الثقات" 3/126 حكى الخلاف فيه، فقال: رفاعة بن يثربي التيمي أبو رمثة تيم الرباب أتى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابنه، وقيل: إن اسم أبي رمثة حبيب بن حيان، ويقال: إن أبا رمثة هو الخشخاش العنبري.

قلت: وجزم الإمام أحمد في "المسند" 4/163، والبخاري في "تاريخه" 3/321 أن اسم أبي رمثة رفاعة بن يثربي. وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/492: رفاعة بن يثربي أبو رمثة التيمي، ويقال: اسم أبي رمثة حبيب بن حيان له صحبة. وقال الترمذي في "سننه""2812": وأبو رمثة التيمي يقال: اسمه حبيب بن حيان، ويقال: اسمه رفاعة بن يثربي. وفي "التقريب": أبو رمثة – بكسر الراء وسكون الميم بعدها مثلثة- البلوي، ويقال: التيمي، ويقال: التميمي، ويقال: هما اثنان، قيل: اسمه رفاعة بن يثربي، ويقال: عكسه، ويقال: عُمارة بن يثربي،=

ص: 339

‌ذِكْرُ نَفْيِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ وَإِثْبَاتِ التَّوَارُثِ بَيْنَ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ

5996 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ بِمَرْوَ وَبِقَرْيَةِ سِنْجَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْهَيَّاجِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَرْحَبِيُّ، حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ سِنَانِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مجاهد

عن بن عُمَرَ، قَالَ: كَانَتْ خُزَاعَةُ حُلَفَاءٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ ـ رَهْطٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَـ حُلَفَاءً لِأَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ مُوَادَعَةٌ أَيَّامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَغَارَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَبَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِدُّونَهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُمِدًّا لَهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ قُدَيْدًا ثُمَّ أَفْطَرَ، وَقَالَ:"لِيَصُمِ النَّاسُ فِي السَّفَرِ وَيُفْطِرُوا، فَمَنْ صَامَ أَجْزَأَ عَنْهُ صَوْمُهُ، وَمَنْ أَفْطَرَ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ".

فَفَتَحَ اللَّهُ مَكَّةَ، فَلَمَّا دَخَلَهَا، أَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ:"كُفُّوا السِّلَاحَ إِلَّا خُزَاعَةَ عَنْ بَكْرٍ"، حَتَّى جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قُتِلَ رَجُلٌ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَقَالَ:"إِنَّ هَذَا الْحَرَمَ حَرَامٌ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، لَمْ يَحِلَّ لِمَنْ كَانَ قَبْلِي، وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ بَعْدِي، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُشْهِرَ فِيهِ سِلَاحًا، وَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِي خَلَاهُ، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ" فقال رجل: يا

= ويقال: حيان بن وهيب، وقيل: جندب، وقيل: خشخاش: صحابي، قالابن سعد: مات بافريقية.

ص: 340

رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا الْإِذْخَرَ، فَإِنَّهُ لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِلَّا الْإِذْخَرَ، وَإِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ أَوْ قَتَلَ 1 لِذَحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ"

فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي وَقَعْتُ عَلَى جَارِيَةِ بَنِي فُلَانٍ، وَإِنَّهَا وَلَدَتْ لِي، فَأْمُرْ بِوَلَدِي، فَلْيُرَدَّ إِلَيَّ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"لَيْسَ بِوَلَدِكَ، لَا يَجُوزُ هَذَا فِي الْإِسْلَامِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى بِالْيَمِينِ إلا أن تقوم بينة، الولد لصحاب الْفِرَاشِ، وَبِفِي الْعَاهِرِ الْأَثْلِبُ"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَمَا الْأَثْلِبُ؟ قَالَ:"الْحَجَرُ، فَمَنْ عَهَرَ بِامْرَأَةٍ لَا يَمْلِكُهَا، أَوْ بِامْرَأَةِ قَوْمٍ آخَرِينَ، فَوَلَدَتْ، فَلَيْسَ بِوَلَدِهِ، لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، وَالْمُؤْمِنُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَوَّلُهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ، وَلَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ، وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا تُسَافِرُ ثَلَاثًا مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ" 2

1 سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 3/لوحة184.

2 إسناده حسن سنان بن الحارث بن مصرف: ذكره المؤلف في "ثقاته" 6/424، روى عنه جمع، وباقي السند من رجال "التهذيب"، وهم ما بين صدوق وثقة. والخبر بطوله من حديث ابن عمر لم أجده عن غير المؤلف.

والعاهر: الزاني، وقد عهر يعهر عهرا وعهورا: إذا أتى المرأة ليلا للفجور =

ص: 341

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بها، ثم غلب على الزانى مطلقا، والمعنى: لاحظ للزاني في الولد، وإنما هو لصاحب الفراش، أي: لصاحب أم الولد وهو زوجها أو مولاها. قاله ابن الأثير.

والأثلب –بفتح الهمزة واللام وكسرهما، والفتح أكثر، وبينهما ثاء مثلثة ساكنة-: هوالحجر.

وأخرجه مطولا مع قليل من الاختصار: أحمد 2/179 و207 من طريقين عن حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. فجعله من مسند عبد الله بن عمرو بن العاص. وهذا سند حسن. وذكره الهيثمي في "المجمع" 6/177-178 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مع بعض الاختصار، وعزاه للطبراني، وقال: رجاله ثقات.

وقد وروي هذ الحديث مفرقا عن غير واحد من الصحابة.

فأخر المصنف برقم "3555" من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في شهر رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، ثم أفطر. قال: فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره.

وقوله: "إن هذا الحرم حرم" إلى قوله: "إلا الإذخر": تقدم عند المصنف من حديث أبي هريرة برقم "3715"، ومن حديث ابن عباس برقم "3720".

وقوله: "إن أعتى الناس

" أخرجه أحمد 2/187 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، حدثنا أبوكامل، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرني حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده

فذكره.

الذحل: طلب المكافأة بجناية جنيت عليه من قتل أو جرح ونحو ذلك،

والذحل: العداوة أيضا. قاله ابن الأثير في "النهاية" 2/155.

..... وقوله: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" تقدم من حديث عائشة برقم "4105"، ومن حديث عبد الله بن مسعود برقم "4104".

وقال أبو داود "2274": حدثنا زهير بن حرب، حدثنا يزيد بن هارون، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قام رجل، فقال: يارسول الله=،

ص: 342

‌ذكر إسقاط القود عن الثنايا العاض أسنان آخَرَ

5997 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وهب، قال: أخبرني بن جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ حَدَّثَهُ

عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ الْعُسْرَةِ، وَكَانَتْ أَوْثَقَ أَعْمَالِي فِي نَفْسِي، وَكَانَ لِي أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا، فعض أحدهما صحابه، فانتزع أصبعه، فسقطت ثنيتاه، فجاء

= إن فلانا ابني عاهرت بأمه فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لادعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش، وللعاهر الحجر".

وقوله: "دعوة" بكسر الدال، أي: ادعاء الولد.

وقوله: "المؤمنون يد على من سواهم

ولا ذو عهد في عهده" أخرجه أبوداود "4530"، والنسائي 8/19 من طريق عن يحيى بن سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الحسن، عن قيس بن عباد، عن علي بن أبي طالب.

وأخرجه أبو داود "4531"، وأخرج القسم الأول منه ابن ماجه "2685" من طريقين عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

وقوله: "لا يتوارث أهل ملتين" أخرجه أبو داود "2911"، وابن ماجه "2731" من طريقين عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

وقوله: "لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها

" تقدم عند المصنف من حديث أبي هريرة برقم "4115" و"4117" و "4118"، ومن حديث ابن عباس برقم 4116".

وقوله: "لا تسافر المرأة

" تقدم من حديث ابن عمر برقم "2720" و "2722"و "2729" و "2730".

والنهي عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر تقدم عند المصنف من حديث ابن عمر برقم "1549".

ص: 343

إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ، قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنَّ صَفْوَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَيَدَعُ يده في فيك فتقضهما كقضم الفحل"؟ 1. [69:2]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الطاهر فمن رجال مسلم.

وأخرجه البيهقي 8/336 من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب، حديثا بحر بن نصر حدثنا ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشافعي 2/100، والحميدي "788"، وعبد الرزاق "17546"، وأحمد 4/222، 224، والبخاري "2265" في الإجارة: باب الأجير في الغزو، و"2973" في الجهاد: باب الأجير، و "4417" في المغازي: باب غزوة تبوك، ومسلم "1674" "23" في القسامة: باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، وأبو داود "4584" و"4585" في الديات: باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه، والنسائي 8/30-31 و31 في القسامة: باب ذكر الاختلاف على عطاء في هذا الحديث، وابن الجارود في "المنتقى""792"، والطبراني 22/"648" و"649" و"650" و"652" من طرق عن ابن جريج، به.

وأخرجه مسلم "1674""20"، والنسائي 8/30 و30-31و 31 من طرق عن عطاء، به.

وأخرجه النسائي 8/32 من طريق محمد بن مسلم، عن صفوان بن يعلى بن أمية، به.

وأخرجه عبد الرزاق "17547" عن الثوري، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال: كان ليعلى بن أمية عض يد رجل

فذكر نحوه.

وأخرجه الطيالسي "1224"، والبغوي في "الجعديات""252"، والنسائي 8/29-30 و31، والطبراني 22/"651" من طريق شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن يعلى بن منية

فذكر نحوه. ويعلى بن منية: هو ابن أمية، ومنية: أمه أو جدته.=

ص: 344

ذِكْرُ إِبْطَالِ الْقِصَاصِ فِي ثَنِيَّةِ الْعَاضِّ يَدَ أَخِيهِ إِذَا انْقَلَعَتْ بِجَذْبِ الْمَعْضُوضِ يَدَهُ مِنْهُ

5998 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا قَاتَلَ رَجُلًا، فَعَضَّ يَدَهُ فَنَدَرَتْ ثَنِيَّتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَعَضُّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ"؟! وَأَبْطَلَهَا 1 [36:5]

=وأخرجه أحمد 4/222-223، والنسائي 8/30، وابن ماجه "2656" في الديات: باب من عض رجلا فنزع يده، فندر ثناياه، من طرق عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عطاء، عن صفوان بن عبد الله، عن عمَية يعلى وسلمة ابني أمية بنحوه. وانظر "6000".

قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 10/252: والعمل على هذا عند أهل العلم أن من عض رجلا فلم يكن سبيل إلى الخلاص منه إلا بقلع سنه، أو قصد نفسه، فلم يمكنه دفعه إلا بالقتل، فقتله، يكون دمه هدرا، لأنه هو الذي اضطره إلى ذلك، ومن جنى على نفسه لا يؤاخذ به غيره، وكذلك لو قصد رجل الفجور بامرأة، فدفعته عن نفسها، فقتلته لا شيء عليها. رفع إلى عمر رضي الله عنه جارية كانت تحتطب، فابتعها رجل فراودها عن نفسها، فرمته بفهرٍ أو حجر، فقتلته، فقال عمر: هذا قتيل الله، والله لا يُودى أبدا.

قلت: هذا الأثر رواه عبد الرزاق في "مصنفه""17919"، والبيهقي 8/337 باسناد رجاله ثقات.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخينغير مسدد، فمن رجال البخاري. يحيى: هو ابن سعيد القطان.

وأخرجه أحمد 4/435 عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/427، والدارمي 2/195، والبخاري "6892" في=

ص: 345

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ شُعْبَةَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ قَتَادَةَ

5999 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يُحَدِّثُ

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَنَزَعَهَا مِنْ فِيهِ، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الفحل؟! لا دية لك" 1 [36:5]

= الديات: باب إذا عض رجلا فوقعت ثناياه، ومسلم "1673" في القسامة: باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه لا ضمان عليه، والترمذي "1416" في الديات: باب ما جاء في القصاص، والنسائي 8/29 في القسامة: باب القود من العضة، والبيهقي 8/336 من طرق عن شعبة، بهز

وأخرجه أحمد 4/428، والنسائي8/28-29و29، وابن ماجه "2657" في الديات: باب من عض رجلا فنزع يده فندر ثناياه، والطبراني في " الكبير"18/"531"و"532" و"533" و"534"و "535"و "536" من طرق عن قتادة، به.

وأخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ "17549" عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عمران. وهذا سند منقطع.

وأخرجه عبد الرزاق "17548"، واحمد 4/430، ومسلم "1673""21"، والنسائي 8/28 من طريقين عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين. وانظر ما بعده.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، وهو مكرر ما قبله. وهو في "مسند علي بن الجعد""987". =

ص: 346

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى

6000 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ

عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ قَدْ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْهُ، فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتَا الَّذِي عَضَّهُ، قَالَ: فَأَبْطَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:"أردت أن تقضمه كما يقضم الفحل" 1

=وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/"530" من طريقين عن علي بن الجعد، بهذا الإسناد.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير شيبان بن فروخ، فمن رجال مسلم. وقد تقدم برقم "5997".

وأخرجه مسلم "1674" في القسامة: باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، عن شيبان بن فروخ، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/"651" عن عبد الله بن أحمد بن حبنل، عن شيبان بن فروخ، به.

ص: 347

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِسْقَاطِ الْحَرَجِ عَمَّنْ فَقَأَ عَيْنَ النَّاظِرِ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

6001 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وسفيان بن عيينة، عن بن شِهَابٍ

أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ مِدْرًى يَحُكُّ بِهَا رَأْسَهُ،

ص: 347

فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ أجل البصر".1 [10:3]

=وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/"530" من طريقين عن علي بن الجعد، بهذا الإسناد. 1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن موهب، وهو يزيدبن خالد بن يزيد بن موهب الرملي، فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة.

وأخرجه البخاري "6901" في الديات: باب من اطلع في بيت قوم ففقؤوا عينه، وفي "الأدب المفرد""1070"، ومسلم "2156" "40" في الآداب: باب تحريم النظر في بيت غيره، والنسائي 8/60-61 في القسامة: باب في العقول، والطبراني في "الكبير""5662" من طرق عن الليث.

وأخرجه ابن ابي شيبة 8/756، وأحمد 5/330، والبخاري "6241" في الاستئذان: باب الإستئذان من أجل البصر، ومسلم "2156""40"، والترمذي "2709" في الاستئذان: باب من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/404، والطبراني "5663" و "5668"، والبيهقي 8/338 من طرق عن سفيان، كلاهما "الليث وسفيان" عن الزهري، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشافعي 2/101، وعبد الرزاق "19431"، وأحمد 5/334-335، والدارمي 2/197-198و198، والبخاري "5924" في اللباس: باب الامتشاط، ومسلم "2156""40" والطحاوي "في شرح المشكل" 1/404، والطبراني "5660" و"5664" و"5665" و"5666" و"5667" و"5669" و"5670" و"5671" و"5672" و"5673"، والبيهقي 8/338، والبغوي "2567" من طرق عن الزهري، به.

والمدرى: شيء يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط، وأطول منه، يسرح به الشعر المتلبد. قاله ابن الأثير في "النهاية" 2/115.

ص: 348

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ إِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ دُونَ الْحُكْمِ

6002 ـ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ بْنِ عَجْلَانَ [عَنْ أَبِيهِ] 1

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ "لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا اطَّلَعَ عَلَيْكَ، فَحَذَفْتَ عَيْنَهُ، فَفَقَأْتَهَا، لَمَا كَانَ عَلَيْكَ جُنَاحٌ"2. [10:3]

أَخْبَرَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ فِي عَقِبِهِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ بن عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك.3

1 ما بين المعقوفين سقط من الأصل، واستدركت من مصادر التخريج.

2 إسناده حسن. ابن عجلان: هو محمد بن عجلان المدني، روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وأبوه روى له النسائي.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/403-404، وابن الجارود في "المنتقى""791" من طريقين عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.

3 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن عجلان وهو صدوق.

وأبو الزناد: هوعبد بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.

في الديات: باب من اطلع في بيت قوم ففقأوا عينه فلا دية له، ومسلم "2158" "44" في الآداب: باب تحريم النظر في بيت غيره، والنسائي 8/61 في القسامة: باب من اقتص وأخذ حقه دون السلطان، وابن الجارود "789"، والبيهقي 8/338، والبغوي "2568" من طرق عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

ص: 349

‌ذِكْرُ نَفْيِ الْجُنَاحِ عَمَّنْ فَقَأَ عَيْنَ النَّاظِرِ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

6003 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ بِحِمْصَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوِ اطَّلَعَ أَحَدٌ فِي بَيْتِكَ، وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ، فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ؛ مَا كَانَ عليك جناح"1. [43:3]

1 إسناده صحيح. عمرو بن عثمان بن سعيد بن دينار القرشي: هو وأبوه ثقتان روى لهما أصحاب السنن خلا الترمذي، ومن فوقهما على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه البخاري "6888" في الديات: باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان، وفي "الأدب المفرد""1068" عن أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق "19433"، وأبوبكر وابن أبي شيبة 8/758، وأحمد 2/266 و414 و527، ومسلم "2158" في الآداب: باب تحريم النظر في بيت غيره، وأبو داود "5172" في الأدب باب في الاستئذان، والنسائي8/61 في القسامة: باب من اقتص وأخذ حقه دون السلطان، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/404، والبيهقي 8/338 من طرق عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة.

وأخرجه الطبراني في "الصغير""169"، وفي "الأوسط" 2037" قال: حدثنا أحمد بن سعيد بن عروة الأصبهاني، حدثنا إسحاق بن موسى أبو موسى الأنصاري، حدثنا عاصم بن عبد العزيز الأشجعي، حدثنا أبو سهيل بن مالك، عن أبيه، =

ص: 350

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: "مَا كَانَ عَلَيْكَ جُنَاحٌ" أَرَادَ بِهِ نَفْيَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ

6004 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بن زهري بِتُسْتَرَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنِ اطَّلَعَ إِلَى دَارِ قوم بغير اذنهم ففقؤوا عنيه، فلا دية ولا قصاص"1.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم، فقد حل أن يفقؤوا عينه"، وقال: لم يروه عن أبي سهيل نافع بن مالك عم مالك بن أنس إلا عاصم، تفرد به أبو موسى إسحاق بن موسى الأنصاري.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير زيد بن أخرم، فمن رجال البخاري، ومعاذ بن هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.

وأخرجه النسائي 8/61 في القسامة: باب من اقتص وأخذ حقه دون السلطان، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/405، وابن الجاورد "790"، والبيهقي 8/338 من طرق عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.

ص: 351

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِسْقَاطِ الْحَرَجِ عَنْ مُسْتَأْجِرِ المرء في المعدن إذ انْهَارَ عَلَيْهِ

6005 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عن بن شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ"2. [10:3]

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "شرح السنة" للبغوي "1586" =

ص: 351

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=من طريق أحمد بن أبي بكر، بهذا الإسناد.

وأخرجه محمد بن الحسن في "الموطأ""677" عن مالك به.

وأخرجه الدارمي 1/393 و2/196، والبخاري في الزكاة: باب في الركاز الخمس، ومسلم "1710" "45" في الحدود: باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار، والنسائي 5/45 في الزكاة: باب المعدن، وابن خزيمة "2326"، والطحاوي 3/203، والدارقطني 3/151، والبيهقي 4/155 من طرق عن مالك، به.

وهو في "الموطأ" برواية يحيى 1/249 مختصرا، ولفظه:"وفي الركاز الخمس". وأخرجه عنه الشافعي في "مسنده" 1/248.

وأخرجه الطيالسي "2305"، وأحمد 2/239 و 254 و274 و285 و319، والحميدي "1079"، وعبد الرزاق "18373"، وابن أبي شيبة 9/271، ومسلم "1710""45"، وأبو داود "3085" في الإمارة: باب ما جاء في الركاز، والنسائي 5/44-45، وابن ماجه "2673" في الديات: باب الجبار، وابن الجارود "327" و"795"، والدارقطني 3/151، والبيهقي 4/155 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه الشافعي 1/248، وابن أبي شيبة 3/225 عن سفيان، عن الزهري، به، مختصرا بلفظ:"في الركاز الخمس".

وأخرجه الترمذي "1377" في الأحكام: باب ما جاء في العجماء جرحها جبار، وابن خزيمة "2326"، والطحاوي "3/203، والدارقطني 3/149-150و152 من طريقين عن سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/495 و501، والدارمي 2/196، وأبو عبيد في "غريب الحديث" 1/181، ومسلم "1710""46"، وابن خزيمة "2326"، والطحاوي "3/204، والدارقطني 3/149-150 من طرق عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وأخرجه مسلم "1710""45"، والنسائي 5/45، والطحاوي =

ص: 352

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْجُبَارِ مَا كَانَ مِنَ الْعَجْمَاءِ والبئر والمعدن

6006 ـ أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ

= 3/204،والدارقطني 3/151-152من طرق عن ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابن المسيب وعبيد الله، عن أبي هريرة. وقال الدارقطني: لا أعلم أحدا ذكر في إسناده عبيد الله بن عبد الله غير يونس بن يزيد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/272، وأحمد 2/228 و382 و386و415 و454 و456 و482 و493 و499، وابن الجعد "1157"، والبخاري "2355" في الشرب: باب من حفر بئرا في ملكه لم يضمن، و "6913" في الديات: باب العجماء جبار، ومسلم "1710"، في، والنسائي 5/45-46، والطحاوي = 3/204، والبيهقي 8/110 و343 من طرق عن أبي هريرة. وانظر مابعده.

قوله: "العجماء": هي البهيمة. قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 1/281-282: وإنما سميت عجماء لأنها لا تتكلم، وكذلك كل من لا يقدر على الكلام فهو أعجم.

وأما الجبار، فهو الهدر، وإنما جعل جرح العجماء هدرا إذا كانت منفلتة ليس لها قائد، ولا سائق، ولا راكب، فإن كان معها واحد من هؤلاء الثلاثة فهو ضامن، لأن الجناية حينئذ ليس للعجماء، وإنما هي جنايةصاحبها الذي أوطأها الناس.

وقوله: "البئر جبار": هي البئر يستأجر عليها صاحبها رجلا يحفرها في ملكه، فتنهار على الحافر، فليس على صاحبها ضمان. وقيل: هي البئر العادية القديمة التي لا يعلم لها حافر ولا مالك، تكون في البوادي، فيقع فيها الإنسان أو الدابة، فذلك هدر.

وأما قوله: "والمعدن جبار"، فإنها هذه المعادن التي تستخرج منها الذهب والفضة، فيجيء قوم يحفرونها بشيء مسمّى لهم، فربما انهار المعدن عليهم فقتلهم، فيقول: دماؤهم هدر، لأنهم عملوا بأجرة.

ص: 353

سعد، عن بن شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ"1. [43:3]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد ابن موهب، وهو ثقة روى له أصحاب السنن غير الترمذي. وهو مكرر ماقبله.

وأخرجه البخاري "6912" في الديات: باب المعدن جبار والبئر جبار، ومسلم "1710" في الحدود: باب جرح العجماء، والترمذي "642" في الزكاة: باب رقم "16"، "1377" في الأحكام: باب ما جاء في العجماء جرحها جبار، والدارقطني 3/151، والبيهقي 8/110 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

ص: 354

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ لُزُومِ الْحَرَجِ عَنْ مَالِكِ الْعَجْمَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ أَوْ رَاكِبٌ بِمَا أَتَتْ عَلَيْهِ

6007 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، والبئر جبار، وفي الركاز الخمس"2.

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله.

ص: 354

‌ذِكْرُ مَا يُحْكَمُ فِيمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي أَمْوَالَ غير اربابها ليلا أو نهارا

6008 ـ أخبرنا بن قتيبة، قال: حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن حرام ابن محيصة

ص: 354

عَنْ أَبِيهِ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطًا، فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ حَفِظَهَا بِالنَّهَارِ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظَهَا بِاللَّيْلِ1 [36:5]

1 ابن أبي السري – وهو محمد بن المتوكل – وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير حرام بن محيصة – وهو حرام بن سعد بن محصة – ينسب إلى جده أحيانا، وهو ثقة روى له أصحاب السنن، وأبو سعد بن محيصة لم يرو له غير أبي داود في "التفرد"، قيل: له صحبة أو رؤية.

قلت: لكن لم يتابع عبد الرزاق على قوله فيه: "عن أبيه"، وهو في "مصنفه""18437"

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 5/436، وأبو داود "3569" في الأقضية: باب المواشي تفسد زرع قوم، والدارقطني 3/154 – 155، والبيهقي 8/342.

قال الدارقطني: خالفه وهب وأبو مسعود الزجاج، عن معمر، فلم يقولا: عن أبيه، وكذا قال البيهقي.

وقال ابن التركاماني في "الجوهر النقي" 8/342: وذكر ابن عبد البر بسنده عن أبي داود قال: لم يتابع أحد عبد الرزاق على قوله في هذا الحديث "عن أبيه"، وقال أبو عمر "أي ابن عبد البر": أنكروا عليه قوله فيه: "عن أبيه"، وقال ابن حزم: هو مرسل، رواه الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة، عن أبيه.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/366 من طريق محمد بن كثير، والدارقطني 3/155 من طريق الشافعي عن أيوب بن سويد، كلاهما عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حرام ابن محيصة، عن أبيه "قال الدارقطني: عن أبيه إن شاء الله" عن البراء أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائطا

=

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قلت: هو في "مسند الشافعي" 2/107 عن أيوب بن سويد، وليس فيه:"عن أبيه"، ورواه الحاكم 2/47 – 48 من طريق محمد بن كثير، وليس فيه أيضا:"عن أبيه" وأخرجه مالك 2/747 – 748 في الأقضية: باب القضاء في الضواري والحريسة، ومن طريقه الشافعي 2/107، والطحاوي 3/203، والدارقطني 3/156، والبيهقي 8/341 عن الزهري، عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازم

قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، وقال ابن عبد البر: هكذا رواه مالك وأصحاب ابن شهاب عنه، مرسلا، والحديث من مراسيل الثقات، وتلقاه أهل الحجاز وطائفة من أهل العراق بالقبول، وجرى عليه عمل أهل المدينة عليه.

وممن رواه عن الزهري مرسلا: الليث بن سعد، أخرجه ابن ماجة "2332" في الأحكام: باب الحكم فيما أفسدة المواشي، عن محمد بن رمح البصري، عن الليث بن سعد، عن الزهري، به.

وأخرجه الشافعي 2/107، وأحمد 4/295، وأبو داود "3570"، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/14، والطحاوي 3/203، والحاكم 2/47 – 48، والدارقطني 3/155، والبيهقي 8/341 من طرع عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حرام ابن محيصة، عن البراء بن عازب. قال فيه بعضهم: إن ناقة لآل البراء

قال الحاكم: صحيح الإسناد على خلاف فيه بين معمر والأوزاعي، فإن معمراً قال: عن الزهري، عن حرام ابن محيصة، عن أبيه.

قلت: هذا إسناد صحيح متصل من رواية الأوزاعي إذا صح سماع حرام من البراء، فقد ذكر ابن حبان في "الثقات" 4/185، وعبد الحق تبعا لابن حزم: أنه لم يسمع منه، وقد تابع الأوزاعي عليه عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عند ابن ماجة "2332"، والدارقطني 3/155، والبيهقي 8/341 أخرجوه من طرق عن معاوية بن هشام، عن سفيان، =

ص: 356

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=عنه به.

وأخرجه أحمد 5/436، وابن أبي شيبة 9/435 – 436، وابن الجارود "796"، والبيهقي 8/342 من طريق سفيان بن سعيد حسين: عن سعيد بن المسيب وحرام جميعاً أن ناقة للبراء

وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/18 – 19 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن محمد بن ميسرة، عن الزهري، عن سعيد ابن البراء قال النسائي: محمد بن ميسرة: هو ابن أبي حفصة وهو ضعيف، وقال الدارقطني: قال قتادة: عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وحده.

وأخرج عبد الرزاق "18438" عن ابن جريج، قال: قال ابن شهاب: حدثني أبو أمامة بن سهل أن سهل أن ناقة دخلت في حائط قوم فأفسدته

وقال الدراقطني 3/156: وقال قتادة: عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن ناقة للبراء

قاله الحجاج وعبد الرزاق عنه.

ص: 357

‌بَابُ الْقَسَامَةِ1

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْحُكْمِ فِي الْقَتِيلِ إِذَا وُجِدَ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ عَلَى قَتْلِهِ

6009 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حدثنا خلف بن هشام البزاز قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ

عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ حدثاه، ان عبد الله بن سهل، ومحصية بْنَ مَسْعُودٍ أَتَيَا خَيْبَرَ فِي حَاجَةٍ لَهُمَا، فَتَفَرَّقَا، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَابْنُ عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ قَالَ: فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"الْكُبْرَ الْكُبْرَ" قَالَ: فَتَكَلَّمَا بِأَمْرِ صَاحِبِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"تَسْتَحِقُّونَ صَاحِبَكُمْ ـ أَوْ قَالَ: قَتِيلَكُمْ ـ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ نَشْهَدْهُ، كَيْفَ نَحْلِفُ عَلَيْهِ؟! قَالَ:"فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خمسين منهم"، قالوا: يا رسول الله،

1 القسامة، بفتح القاف وتخفيف السين: مصدر أقسم قسما وقسامة: وهي الأيمان تقسم على أولياء القتيل إذا ادعوا الدم أو على المدعى عليهم الدم، وخص القسم على الدم بلفظ القسامة، وقال إمام الحرمين: القسامة عند أهل اللغة: اسم للقوم الذين يقسمون، وعند الفقهاء اسم للأيمان، وقال في "المحكم": القسامة: الحماعة يقسمون على الشيء، أو يشهدون به، ويمين القسامة منسوب إليهم، ثم أطلقت على الأيمان نفسها.

ص: 358

قوم كفار، قال: فواده النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِهِ. قَالَ سَهْلٌ: فَدَخَلْتُ مِرْبَدًا لَهُمْ يَوْمًا، فَرَكَضَتْنِي ناقة من تلك الإبل ركضة.1 [36:5]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير خلف بن هشام البرزار فمن رجال مسلم، يحيى بن سعيد: هو الأنصاري

وأخرجه أحمد 4/142، والبخاري "6142" و"6143" في الأدب: باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال، ومسلم "1669" "2" في القسامة: باب القسامة، وأبو داود "4520" في الديات: باب القتل بالقسامة، والطبراني "5627"، وابن الجارود "800"، والبيهقي 8/118 – 119، والبيهقي 8/118 من طرق عن يحيى بن سعد، به.

وأخرجه الشافعي 2/113 – 114 و114، وعبد الرزاق "18259"، والحميدي "403"، وأحمد 4/2، والبخاري "2702" في الصلح: باب الصلح مع المشركين، و"3173" في الجهاد: باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، ومسلم "1669""2"، والنسائي 8/9،9 – 10و10و11،والطحاوي 3/197، والطبراني "5625"، والطحاوي 3/197، وابن الجارود "798"، والدارقطني 3/108 – 109 والبيهقي 8/1188و119، والبغوي "2545" من طرق عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة، ولم يذكروا فيه رافعا.

وأخرج ابن أبي شيبة 9/383، والبخاري "6898" في الديات: باب القسامة، ومسلم "1669""5"، وأبو داود "4523"، والنسائي 8/12، والطحاوي 3/198، والطبراني "5629"، والدارقطني 3/110، البيهقي 8/120 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سعيد بن عبيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة. =

ص: 359

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه أحمد 4/3، والدارمي 2/179 من طريقين عن محمد بن إسحاق، حدثني بشير بن يسار، به.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/877 – 878 في القسامة: باب تبرئة أهل الدم في القسامة، عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا

فذكر الحديث.

ومن طريق مالك أخرجه الطحاوي 3/198 – 199، والبيهقي 8/117.

وأخرجه أحمد 4/3، والبيهقي 8/117 من طريق الشافعي، والبخاري "7192" في الأحكام: باب كتاب الحاكم إلى عماله والقاضي إلى أمنائه، عن عبد الله بن يوسف وإسماعيل بن أبي أويس، وأبو داود"4521" من طريق ابن وهب، والنسائي 8/6 -7 من طريق أبي القاسم، والبغوي "2547" من طريق أبي مصعب، جميعهم عن مالك، عن أبي ليلى بن عبد الله، عن سهل بن أبي حثمة، أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا

وأخرجه مسلم "1669""6"، وابن الجارود "799" من طريق بشر بن عمر، والطبراني "5630" من طريق عبد الله بن يوسف، كلاهما عن مالك، عن أبي ليلى بن عبد الله بن سهل، عن سهل بن أبي حثمة، أنه أخبره عن رجال من كبراء قومه

وأخرجه الشافعي 2/112 – 113 عن مالك، بهذا الإسناد، وفيه: أخبره هو ورجال من كبراء قومه.

وأخرجه النسائي 8/5 – 6 من طريق ابن وهب، عن مالك، عن أبي ليلى بن عبد الله بن سهل أن سهل بن أبي حثمة أخبره أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا

وأخرجه عبد الرزاق "18258"، ومسلم "1669""3" و"4"، والنسائي 8/11، عن بشير بن يسار، أن عبد الله بن سهل ومحيصة....=

ص: 360

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وقوله: "الكبر الكبر" هو بضم الكاف وسكون الباء، وبالنصب فيهما على الإغرء، وفيه إرشاد إلى أن الأكبر أحق بالإكرام وبالبداية بالكلام، وقد بوب عليه البخاري رحمه الله في "صحيحه" في كتاب الأدب، فقال:"باب إكرام الكبير، ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال"، قال الحافظ: المراد الأكبر في السن إذا وقع التساوي في الفضل، وإلا فيقدم الفاضل في الفقه والعلم إذا عارضه السن.

قال الإمام البغوي: صورة قتيل القسامة أن يوجد قتيل، واذعى وليَّه على رجل أو على جماعة، وعليهم لوث ظاهر، واللوث: ما يغلب على القلب صدق المدعي بأنه وجد فيما بين قوم أعداء لهم لا يحالطهم غيرهم، كقتيل، وثم رجل مختضب بدمه، أو شهد عدل واحد على أن فلانا قتله، أو قاله جماعة من العبيد والنسوان، جاؤوا متفرقين بحيث يؤمن تواطؤهم ونحو ذلك من أنواع اللوث، فيبدأ بيمين المدعي، فيحلف خمسين يمينا، ويستحق دعواه، وإن لم يكن هناك لوث، فالقول قول المدعي، عليه مع يمينه، كما في سائر الدعاوي، ثم يحلف يمينا واحد، أم خمسين يمينا؟ فيه قولان، أقيسهما: يحلف يمينا واحداً

وممن ذهب إلى البداية بيمين المدعي: مالك، والشافعي، وأحمد قولا بظاهر الحديث، وإذا بدأنا بيمين المدعي وهم جماعة، توزع الأيمان الخمسون عليهم على قدر مواريثهم على أصح القولين، ويجبر الكسر، والقول الثاني: يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا، فإن نكل المدعي عن اليمين، ردت إلى المدعى عليه، فيحلف خمسين يمينا، على نفي القتل، فإن كانوا جماعة توزع عليهم عليهم على عدد رؤوس، على أصح القولين.

وذهب أصحاب الرأي إلى أنه لا يبدأ بيمين المدعي، بل يحلف المدعى عليه، قالوا: إذا وجد قتيل في محلة يختار الإمام خمسين رجلا من صلحاء أهلها، ويحلَّفهم على أنهم: ما قتلوه، ولا عرفوا له قاتلاً، ثم يأخذ =

ص: 361

‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

*

‌ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ عِنْدَ الْقَتْلِ بِإِعْطَاءِ الدِّيَةِ عنه

كتب الدِّيَاتِ

ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ عِنْدَ الْقَتْلِ بِإِعْطَاءِ الدِّيَةِ عَنْهُ

6010 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ

عن بن عَبَّاسٍ: قَالَ: كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يَقْتُلُونَ الْقَاتِلَ بالقتيل،

=الدية من أصحاب الخطة، فإن لم يعرفوا، فمن سكانها، وليس في شيء من الأصول اليمين مع الغرامة، وإنما جاءت اليمين في البراءة أو الاستحقاق على مذهب من يرى رد اليمين على المدعي، أو يحكم في المال باليمين مع الشاهد.

واختلف أهل العلم في وجوب القصاص بالقسامة، فذهب قوم إلى وجوب القصاص فيها، لقول:"تحلفون وتستحقون دم صاحبكم"، روي ذلك عن ابن الزبير، وهو قول عمر بن العزيز، واليه ذهب مالك، وأحمد، وأبو ثور، هذا كما لو لم يكن هناك لوث، ونكل المدعى عليه عن اليمين يحلف المدّعي، ويستحق القود.

وذهب حماعة إلى أنه لا يجب به القود، بل تجب الدية مغلظ في ماله، روي ذلك عن ابن عباس، به قال الحسن البصري، والنخعي، وهو قول الثوري، وقول الشافعي في الجديد، وأصحاب الرأي، وإسحاق، وتأولوا قوله:"دم صاحبكم" أي ديته، وقد روي من طريق آخر:"إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب"، أما إذا ادّعى قتل خطأ، أو شبه عمد، وحلف، فالدية على العاقلة.

ص: 362

لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الدِّيَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة:178] يَقُولُ: فَخَفَّفَ عَنْكُمْ مَا كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ، أَيِ: الدِّيَةَ لَمْ تَكُنْ تُقْبَلُ، فَالَّذِي يَقْبَلُ الدِّيَةَ فَذَلِكَ عَفْوٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ الَّذِي عُفِيَ مِنْ أَخِيهِ بإحسان1. [64:3]

1 إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير محمد بن مسلم، وهو الطائفي، فقد روى له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة، وقد تابعه سفيان بن عيينة، وهو أوثق منه في عمرو بن دينار. حبان: هو ابن موسى، وعبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان""2594" عن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عن أبيه، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشافعي 2/99، وسعيد بن منصور كما في "تفسير ابن كثير" 1/216، والبخاري "4498" في تفسير سورة البقرة: باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} ، و"6881" في الديات: باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، والنسائي 8/36 – 37 في القسامة: باب تأويل قوله عز وجل {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} ، والطبري (2593) ، والطحاوي 3/175، وابن الجارود (775) ، والدارقطني 3/199، والبيهقي 8/51 و52 من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني 3/86 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن دينار، بنحوه.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 1/420 وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في "ناسخه".

ص: 363

‌ذكر وصف الدية في قتل الْخَطَإِ الَّذِي يُشْبِهُ الْعَمْدَ

6011 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا وهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا افْتَتَحَ مَكَّةَ، قَالَ:"لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا السِّدَانَةَ وَالسِّقَايَةَ، أَلَا إِنَّ قَتِيلَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتِيلَ السَّوْطِ وَالْعَصَا [دِيَةٌ] مغلطة، منها أربعون في بطونها أولادها"1. [43:3]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات. القاسم بن ربيعة: هو ابن جوشن، روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وعقبة بن أوس: هو السدوسي، وقيل: اسمه يعقوب، وثقه المصنف وابن سعد العجلي وقوله:"منها أربعون، في بطونها أولادها" يعني مئة من الإبل منها أربعون

كما جاء مصرحا به عبد غير المصنف.

وأخرجه أبو داود (4548) في الديات: باب في الخطأ شبه العمد، والدارقطني 3/104 – 105 من طريقين عن وهيب بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (4547)، والنسائي 8/41 في القسامة: باب كم دية شبه العمد، وابن ماجة (2627) في الديات: باب دية شبه العمد مغلظة، والبيهقي 8/45 من طرق عن حماد بن زيد، عن خالد بن مهران الحذاء، به وهذا سند صحيح.

وقال أبو داود بإثر الحديث (4549) : ورواه أيوب السختياني، عن القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمرو مثل حديث خالد ورواه حماد بن سلمة، عن علي بن زيد (هو ابن جذعان) ، عن يعقوب السدوسي، عن عبد الله بن =

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

قلت: أخرجه أحمد 2/164 و166، والنسائي 8/40، وابن ماجة (2627) ، والدارقطني 3/104، والبيهقي 8/44 من طرق عن شعبة، عن أيوب السختياني، عن القاسم بن ربيعة، عن عبد الله بن عمرو، بنحوه، ولم يذكر فيه عقبة بن أويس.

وأخرجه الشافعي 2/108، وعبد الرزاق (17212) ، وابن أبي شيبة 9/129 – 130، وأحمد 2/11، أبو داود (4549) ، والنسائي 8/42، وابن ماجة (2628) ، والدارقطني 3/105، والبيهقي 8/44، والبغوي (2536) من طرق عن علي بن زيد بن جذعان، عن القاسم بن ربيعة، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، بنحوه وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد.

ورى البيهقي 8/69 بإسناده عن العباس بن محمد قال: سئل يحيى بن معين عن حديث عبد الله بن عمرو هذا، فقال له الرجل: إن سفيان "يعني الحذاء"، وإنما هو عبد الله بن عمرو بن العاص.

وأخرجه عبد الرزاق "17213"، والشافعي 2/108، واحمد 5/411 – 412، والنسائي 8/41 و42، والطحاوي 3/185 – 186، والدارقطني 3/103 – 104و105، والبيهقي 8/45 من طرق عن خالد بن مهران الحذاء، عن القاسم بن ربيعة، عن يعقوب "وهو عقبة" بن أوس، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن معين فيما نقله عنه البيهقي 8/69: يعقوب بن أوس وعقبة بن أوس واحد. وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/393 عن عمرو بن زرارة أخبرنا هشيم قال: أخبرنا خالد الحذاء. به.

وأخرجه النسائي 8/40 – 41 و42 من طريقين عن القاسم بن ربيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره مرسلاً.

وقال البخاري في "تاريخه" 8/392 – 393 في ترجمة يعقوب بن أوس =

ص: 365

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ الدِّيَةِ فِي قَطْعِ أَصَابِعِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ

6012 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يزيد النحوي، عن عكرمة

عن بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دِيَةُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، سَوَاءٌ: عَشَرَةٌ من الإبل لكل أصبع"1. [43:3]

=السدوسي: قال حماد: عن خالد الحذاء، عن القاسم بن عبد الله بن ربيعة، عن عقبة أو يعقوب السدوسي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الدية، وقال يزيد بن زريع: عن خالد، عن القاسم بن ربيعة، عن يعقوب بن أوس، عن رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير يزيد النحوي، وهو ابن أبي سعيد، فقد روى له أصحاب السنن والبخاري في "الأدب المفرد" وهو ثقة الفضل بن موسى: هو السيناني.

وأخرجه الترمذي (1391) في الديات: باب دية الأصابع عن الحسين بن حريث، بهذا الإسناد. وقال: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، والعمل على هذا عند أهل العلم.

وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى""780" عن محمود بن آدم، عن الفضل بن موسى، به. وأخرجه أبو داود (4561) في الديات: باب دية الأعضاء، عن عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا أبو تميلة، عن حسين المعلم، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: جعل رسول الله عليه وسلم أصابع اليدين والرجلين سواء، وقوله في السند "عن حسين المعلم" كذا وقع في رواية اللؤلؤي، قال المزي في "تحفة الأشراف" 5/176: وهو وهم، وفي =

ص: 366

‌ذكر الإخبار باستواء الأصباع عند قطعها في الحكم بأن فيكل وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ

6013 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ غَالِبٍ التَّمَّارِ قَالَ: سَمِعْتُ مَسْرُوقَ بْنَ أَوْسٍ يُحَدِّثُ

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ" قُلْتُ: عَشْرٌ عَشْرٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ" 1 [10:3]

=باقي الروايات عن يسار المعلم، وهو الصواب، ورواه الؤللؤي في كتاب "التفرد" على الصواب.

قلت: وأخرحه البيهقي 8/92 عن أبي داود من رواية ابن داسة، فقال: يسار المعلم. قلت: لم يرو عنه غير أبي تميلة، فهو في عداد المجهولين. ولم يقف الشيخ ناصر الألباني على كلام المزي، فصحح هذا في "إرواء الغليل" 7/317 بناء على أن الذي في السند حسين المعلم الثقة، ولايسار المعلم المجهول. وانظر "6014" 6015".

1 إسناده حسن. غالب التمار: هو ابن مهران، وثقة المصنف وابن سعد، وقال أبو حاتم: صالح، ومسروق بن أوس، وقيل: أوس بن مسروق: هو اليروعي التميمي، ذكره المؤلف في "الثقات" 5/456 – 457، ورى عنه جمع، وباقي رجاله ثقات من رجال الصحيح.

وهو في "مسند علي بن الجعد"(1525)، ومن طريقه أخرجه البغوي (2540) . وفيه: عن أوس بن مسروق أو مسروق بن أوس، على الشك.

وقال الإمام البغوي بإثر الحديث: وقال أبو الوليد: عن شعبة، عن مسروق بن أوس.

قلت: أخرجه كذلك الدارمي 2/194، وأبو داود "4557" في الديات: باب ديات الأعضاء، عن أبي الوليد الطيالسي، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "511"، ومن طريقه البيهقي 8/92 عن شعبة،=

ص: 367

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأحمد 4/397 عن هاشم بن القاسم، 4/398 عن حسين بن محمد، كلاهما عن شعبة به على الشك في اسم مسروق.

وأخرجه الدارقطني 3/211 من طريق أبي عاصم النبيل، حدثنا شعبة، عن غالب التمار، حدثنا شيخ منا يقال له: مسروق بن أوس أنه سمع أبا موسى....وذكر الحديث، وقال الدرقطني: وكذلك رواه أبو نعيم وعفان ومسلم وغيرهم، ورواه وكيع ووهب بن جرير وأبو النضر عن شعبة أنه شك في مسروق بن أوس بن مسروق.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/192، وأبو يعلى 343/1، والدارقطني 3/211، والبيهقي 8/92 من طرق عن إسماعيل بن علية، والدارقطني 3/211، من طريق على بن عاصم، كلاهما عن غالب التمار، عن مسروق بن أوس، عن أبي موسى الأشعري.

وخالفهم سعيد بن أبي عروبة، فأدخل حميد بن هلال بين غالب التمار بين مسروق، كما أخرج أبو داود (4556) من طريق عبدة بن سليمان، وابن ماجة (2654) في الديات: باب دية الأصابع، والدارقطني 3/210 – 211 من طريق النضر بن شميل، والنسائي 8/56 في القسامة: باب عقل الأصابع، من طريق حفص بن عبد الرحمن البلخي، وابن أبي شيبة 9/192، والبيهقي 8/92 من طريق محمد بن بشر، وابن أبي شيبة من طريق أبي أسامة، خمستهم عن سعيد بن أبي عروبة، عن غالب التمار، عن حميد بن هلال، عن مسروق بن أوس عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يذكروا فيه حميدا، وذكر شعبة فيه سماع غالب من مسروق.

وأخرجه النسائي 8/56، والدارقطني 3/211 من طريق أبي الأشعث، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا سعيد بن أبي أبي عروة، عن =

ص: 368

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِاسْتِوَاءِ الْأَسْنَانِ عِنْدَ قَلْعِهَا فِي الْحُكْمِ بِأَنَّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا خَمْسَةً1 مِنَ الْإِبِلِ

6014 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ نَاصِحٍ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الأسنان سواء والأصابع سواء"2. [10:3]

= قتادة، عن مسروق بن أوس، عن أبي موسى الأشعري، فذكره مرفوعا، وقال الدارقطني: تفرد به أبو الأشعث، وليس هو عندي بمحفوظ عن قتادة، والله أعلم

وللحديث شاهد من طرق عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده، عند أبي داود "4562" ومسنده حسن كما قال البوصيري في "زوائده" ورقة 2/169.

وحديث ابن عباس الذي تقدم قبل هذا.

1 في الأصل: خمس وهو خطأ.

2 إسناده قوي. الحسن بن ناصح الخلال: روى عنه جمع، وقال ابن أبي حاتم فوقه ثقات من رجال الصحيح غير يزيد بن أبي سعيد النحوي، فقد روى له أصحاب السنن والبخاري في "الإدب المفرد"، وهو ثقة، وأبو حمزة: هو محمد بن ميمون السكري.

وأخرجه أبو داود "4560" في الديات: باب ديات الأعضاء، عن محمد بن حاتم بن يزيع، حدثنا علي بن الحسن، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/289 عن عتاب "هو ابن زياد الخراساني أبو عمرو المروزي" عن أبي حمزة، به. وانظر ما بعده.

ص: 369

‌ذِكْرُ اسْتِوَاءِ الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصَرِ فِي أَخْذِ الْأَرْشِ بِهَا

6015 ـ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا بن أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عكرمة

عن بن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الأصابع سواء، هذه وهذه" 1 [43:3]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة فمن رجال البخاري، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم. وأخرجه البخاري"6895" في الديات: باب دية الأصابع، وابن ماجة "2652" في الديات: باب دية الأصابع، عن محمد بن بشار، عن محمد بن أبي عدي، بهذا الإسناد. وزاد البخاري:"يعني: الخنصر والبهام"، وزاد ابن ماجة:"يعني"الخنصر والبنصر والإبهام".

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/190، والدارمي 2/194، وعلي بن الجعد "992"،واحمد 1/227، ولبخاري "6895"، وأبو داود "4558" في الديات: باب ديات الأعضاء، والترمذي "1392" في الديات: باب في دية الأصابع – وقال: حسن صحيح – والنسائي 8/56و56 – 57 في القسامة: باب عقل الأصابع، وابن ماجة "2652"، والبيهقي 8/91 – 92، وابن الجارود "782"، والبغوي "2539" من طرق عن شعبة، به. وزادوا فيه:"المختصر والإبهام".

وأخرجه أبو داود "4559"، ومن طريقه البيهقي 8/90 عن عباس العنبري، وابن الجارود "783" عن محمد بن يحيى قالا: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الأصابع سواء، والأسنان سواء، الثنية والضرس سواء، هذه وهذه سواء" لفظ أبي داود.

ص: 370

‌بَابُ الْغُرَّةِ

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْحُكْمِ فِيمَنْ ضَرَبَ بطن امراة فألقت جثتنا ميتصاً

بَابُ الْغُرَّةِ

ذِكْرُ وَصْفِ الْحُكْمِ فِيمَنْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا

6016 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ،

عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ امْرَأَتَانِ، فَغَارَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَرَمَتْهَا بِفِهْرٍ أَوْ عَمُودِ فُسْطَاطٍ، فَأَسْقَطَتْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقضى فهي بِغُرَّةٍ، فَقَالَ وَلِيُّهَا: أَنَدِي مَنْ لَا صَاحَ، وَلَا اسْتَهَلَّ، وَلَا شَرِبَ، وَلَا أَكَلْ؟! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ"؟! وجعلها على أولياء أولياء المرأة1. [36:5]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبيد بن نضلة فمن رجال مسلم. منصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.

وأخرجه مسلم "1682"(38) في القسامة: باب دية الجنين، والدارقطني 3/198 من طريق محمد بن بشار، بهذا الإسناد. =

ص: 371

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وأخرجه مسلم "1682""38" من طريقين عن محمد بن جعفر، به.

وأخرجه الطيالسي "696"، والدارمي 2/196، وأبو داود "4568" في الديات: باب دية الجنين، النسائي 8/51 في القسامة: صفة شبه العمد وعلى من دية الأجنة وشبه العمد، والطحاوي 3/205 – 206، وابن الجارود "778" من طرق عن شعبة، به، لفظ أبي داود:"فقتلها" ولفظ الدارمي: "فقتلها وما في بطنها".

وأخرجه عبد الرزاق "18351"، وأحمد 4/245 و246و249، ومسلم "1682"، والنسائي 8/114 من طرق عن منصور، به ولفظ مسلم: ضربت امرأة ضرتها بعمود فسطاط وهي حبلى فقتلتها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عصبة القاتلة، وغرة لها لما في بطنها.

وأخرجه ابن ماجة "2633" في الديات: باب الدية على العاقلة، قال: حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، حدثنا مصعب، قال: حدثنا داود، عن الأعمش، عن أبراهيم قال

فذكره مرسلاً

وأخرجه عبد الرزاق "18353"، وأحمد 4/244، والبخاري "6905" و"6906" و"6907" و"6908" في الديات: باب جنين المرأة، و"7317" و"7318" في الاعتصام: باب ما جاء في اجتهاد

القضاء بما أنزل الله، وأبو داود "4571"، والبيهقي 8/114 من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة قال: سأل عمر بن الخطاب عن إملاص المرأة – وهي التي يضرب بطنها فتلقي جنينا – فقال: أيكم سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئاً؟ فقلت: أنا، فقال: ماهو؟ قلت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "فيه غرة عبد أو أمة"، فقال: لا تبرح حتى تجيئني بالمخرج فيما قلت، فخرج، فوجدت =

ص: 372

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْغُرَّةِ الَّتِي تَجِبُ فِي الْجَنِينِ السَّاقِطِ مِنْ بَطْنِ الْمَرْأَةِ الْمَضْرُوبَةِ عَلَى ضَارِبِهَا

6017 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عن بن شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ1. [36:5]

محمد بن مسلمة، فجئت به، فشهد معي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"فيه غرة عبد أو أمة" لفظ البخاري.

ورواه وكيع فأدخل المسور بن مخرمة بين عروة والمغيرة، اخرجه ابن أبي شيبة 9/251، وأحمد 4/253،ومسلم "1683"، وأبو داود "4570"، وابن ماجة "2640"، والبيهقي 8/114 من طريقه عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ المسور بن مخرمة، عن المغيرة بن شعبة، فذكره.

قال البغوي في "شرح السنة" 10/207: الغرة من كل شيء: أنفسه، والمراد من الحديث: النسمة من الرقيق ذكرا كان أو أنثى، يكون ثمنها نصف عشر الدية، قال أبو عمرو بن العلاء: الغرة عبد أبيض أو أمة بيضاء، وسمي غرة لبياضه، وذهب إلى أنه لا يقبل فيه العبد الأسود، ولم يقل به أحد قلت: والغرة إنما تجب في الجنين إذا سقط حيا ثم مات، ففيه الدية كاملة.

والفسطاط: هي الخيمة الكبيرة، واستهل المولود: إذا بكى حين يولد، والاستهلال: رفع الصوت.

1إسناده صحيح على شرط الشخين، وهو في "الموطأ" 2/855 في العقول: باب عقل الجنين.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/236، والبخاري "5759" في =

ص: 373

‌ذِكْرُ لَفْظَةٍ أَوْهَمَتْ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الضَّارِبَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مَاتَتْ قَبْلَ أَخْذِ الْعَقْلِ مِنْ عَصَبَتِهَا

6018 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن شهاب، عن بن الْمُسَيِّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي لِحْيَانَ ضَرَبَتْ أُخْرَى كَانَتْ حَامِلًا فَأَمْلَصَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوِ أَمَةٍ، قَالَ: فَتُوُفِّيَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَلَيْهَا الْعَقْلُ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا، وَأَنَّ مِيرَاثَهَا لِزَوْجِهَا وَابْنِهَا 1. [36:5]

=الطب: باب الكهانة، و"6904" في الديات: باب جنين المرأة، ومسلم "1681""34" في القسامة" باب دية الجنين، والنسائي 8/48 – 49 في القسامة: باب دية جنين المرأة، والطحاوي 3/205، والبيهقي 8/112 – 113، والبغوي "2544"

وأخرجه البخاري "5758"، والبيهقي 8/113 من طريق سعيد بن عمر عن الليث، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ الزهري، به.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البيهقي 8/113 من طريق أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشافعي 2/102 – 103، وأحمد 2/539، والبخاري "6740" في الفرائض: باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره، ومسلم "1681" "35" في القسامة: باب دية الجنين، وأبو داود "4577" في الديات: باب دية الجنين، والنسائي 8/47 في القسامة: باب دية جنين المرأة، والطحاوي 3/205، والبيهقي 8/113، والبغوي "2543" من طرق عن الليث بن سعد، به.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/855 في العقول: باب عقل الجنين، =

ص: 374

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي تُوُفِّيَتْ كَانَتِ الْمَضْرُوبَةُ دُونَ الضَّارِبَةِ

6019 أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر الأعين، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ

عن بن عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتِ امْرَأَتَانِ ضَرَّتَانِ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَمَاتَتِ الْمَرْأَةُ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ، فَقَالَتْ عَمَّتُهَا: إِنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ غُلَامًا قَدْ نَبَتَ شَعْرُهُ، فَقَالَ أَبُو القاتلة: إنها كاذبة، إنه والله ما تسهل، وَلَا شَرِبَ، وَلَا أَكَلْ، فَمِثْلُهُ يُطَلُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"سَجْعَ الْجَاهِلِيَّةِ، غرة"1.

=ومن طريقه الشافعي 2/103، والبخاري "5760" في الطب: باب الكهانة، والنسائي 8/49، والبيهقي 8/113 عن الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلا.

قوله: "الإملاص هو أن ترمي المرأة جنينها قبل وقت الولادة.

1 إسناده ضعيف. أسباط – وهو ابن نصر الهمذاني – ضعفه غير واحد، وقال السباجي في "الضعفاء": روى أحاديث لا يتابع عيلها عن سماك بن حرب، وقد أنكر أبو زرعة على الإمام مسلم إخرجه حديث أسباط، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق كثير الخطأ يغرب، وسماك – وهو ابن حرب – روايته عن عكرمة فيها اضطراب. قلت: لكن متن الحديث صحيح يشهد له ما قبله وما بعده. أبو بكر الأعين: هو محمد بن أبي عتاب البغدادي.

وأخرجه أبو داود "4574" في الديات: باب دية الجنين، والنسائي 8/51 – 52 في القسامة: باب صفة شبه العمد وعلى من دية الأجنة، والطبراني في "الكبير""11767"، والبيهقي 8/115، والخطيب في =

ص: 375

قال بن عَبَّاسٍ: اسْمُ إِحْدَاهُمَا: مُلَيْكَةُ وَالْأُخْرَى: أُمُّ غُطَيْفٍ

= "الأسماء المبهمة" ص 512 – 513 من طرق عن عمرو بن حماد، بهذا الإسناد.

وأخرج الطبراني في الكبير 17/"352"، ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" 7/368 – 369 من طريق أحمد بن أبي خيثمة، كلاهما عن محمد بن عباد المكي، حدثنا محمد بن سليمان بن مسمول، عن عمرو بن تميم بن عويم، عن ابيه، عن جده قال: كانت أختي ملية وامراة منا يقال لها: أم عفيف بنت مسروح تحت رجل منا يقال له: حمل بن مالك

فذكر مثل حديث ابن عباس. قلت: محمد بن سليمان بن مسمول: ضعيف.

وقال ابن الأثير في "أسد الغابة" 7/375: أم غطيف الهذلية: هي التي ضربتها مليكة في حديث حمل بن مالك، هكذا سميت في رواية أسباط، عن سماك، عن عكرمة، قاله أبو نعيم وأبو بكر الخطيب.

وقال الحافظ في "الإصابة" 4/456: أم عفيف – بمهملة وفائين، وزن عظيم – ووقع في "المبهمات" للخطيب: وأصله عند أبي داود والنسائي من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس أنها غطيف، بغين ثم طاء مهملة مصغرة، والله أعلم.

وأخرج الطبراني في "الكبير" 3485" عن معاذ بن المثنى، عن=

ص: 376

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّاةَ مِنَ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا كَانَتِ الْمَضْرُوبَةَ دُونَ الضَّارِبَةِ

6020 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حرملة بن

ص: 376

يحيى، قال: حدثنا بن وهب، قال: أخبرنا يونس، عن بن شهاب، عن بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختمصوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَيَرِثُهَا وَلَدُهَا وَمَنْ تَبِعَهُمْ، فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ: أَنَدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ هَذَا يُطَلُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّمَا هَذَا مِنْ أَحْدَاثِ الكهان"، من أجل سجعه الذي سجع 1. [36:5]

=عن مسدد، عن يزيد بن زريع، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أبي المليح بن أسامة أن حمل بن مالك بن النابغة كانت تحته ضرتان: مليكة وأم عفيف.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. حرملة بن يحيى من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه البخاري "6910" في الديات: باب جنين المرأة، ومسلم "1681""36"، وأبو داود "4576" في الديات: باب دية الجنين، والنسائي 8/48 في القسامة: باب دية جنين المرأة، وابن الجارود "776" من طرق عن ابن وهب، به.

وأخرجه أحمد 2/535، والدارمي 2/197، والبيهقي 8/114 من طريق عثمان بن عمر، عن يونس بن يزيد، به.=

ص: 377

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِإِخْبَارِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا

6021 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عن بن جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ

عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ نَاشَدَ النَّاسَ فِي الْجَنِينِ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ، فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ، فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أو امة، وأن تقتل بها1. [36:5]

=وأخرجه عبد الرزاق "18338"، ومن طريقه مسلم "1681"، والبيهقي 8/113 عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، ولم يذكر سعيد بن المسيب.

1 حديث صحيح. الحسن بن يحيى الأزدي: ذكره المؤلف في "ثقاته" 8/180 وقال: من أهل البصرة، يروي عن يزيد وأبي عاصم، وكان صاحب حديث حدثنا عنه أحمد بن يحيى بن زهير بتستر وغيره، وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/44: محله الصدق، كتبت عنه بالرملة، قلت: وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل وقد صرح ابن جريج بالتحديث عند غير واحد ممن أخرج حديثه هذا.

وأخرجه الدارمي 2/196 – 197، وأبو داود "4572" في الدياتك باب دية الجنين، وابن ماجة "2641" في الديات: باب دية الجنين، وابن الجارد "779" والبيهقي 8/114 من طريق أبي عاصم، بهذا الإسناد. قال البيهقي بإثر الحديث: كذا قال: "وأن تقتل بها" يعني =

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المرأة القاتلة، ثم شك فيه عمرو بن دينار، والمحفوظ أنه قضى بديتها على عاقلة القاتلة.

وقال المنذري في "مختصر السنن" 6/367: وقوله: "وأن تقتل" لم يذكر في غير هذه الرواية، وقد روي عن عمرو بن دينار أنه شك في قتل المرأة بالمرأة.

قلت: وأخرجه أحمد 1/364 عن عبد الرزاق وابن بكر، و4/79 – 80 عن عبد الرزاق قالا: أنبأنا ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع طاووسا يخبر عن ابن عباس، عن عمر أنه شهد قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فجاء حمل بن مالك

وفيه: فقضى النبي صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة عبد، وأن تقتل، فقتلت لعمرو بن دينار: أخبرني ابن طاووس، عن أبيه كذا وكذا، فقال: لقد شككني. ولفظ الرواية الثانية: "وأن تقتل بها" قلت لعمرو: لا، أخبرني عن أبيه بكذا وكذا، قال: لقد شككتني.

وأخرجه دون قوله: "وأن تقتل" والشافعي 2/103 – 104 ومن طريقه أيضا 8/115 عن معمر، كلاهما عن ابن طاووس، عن أبيه قال: استشار عمر بن الخطاب

فذكره مرسلا، ولم يذكر ابن عباس. وفيه:"وفي الجنين بغرة عبد أو أمة أوفرس".

وكذا أخرجه النسائي 8/47 عن قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن عمرو، عن طاووس.

وأخرجه الشافعي في "المسند" 2/103 – 104، وفي الرسالة" "1174" عن سفيان، عن عمرو بن دينار وابن طاووس، عن طاووس.

وأخرجه الشافعي 2/103، وعبد الرزاق "18343" ومن طريقه الطبراني "3482"، والحاكم 3/575 عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن طاووس، عن طاووس.

ص: 379

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْغُرَّةَ فِي الْجَنِينِ السَّاقِطِ لَا يَجِبُ عَلَى الضَّارِبِ إِلَّا عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ

6022 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ، فَقَالَ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ، أَنَعْقِلُ مَنْ لَا أَكَلْ، وَلَا شَرِبَ، وَلَا صَاحَ، وَلَا اسْتَهَلَّ، مِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ هَذَا لَيَقُولُ بِقَوْلِ شَاعِرٍ، فِيهِ غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أو فرس أو بغل"1. [36:5]

1 إسناده حسن. محمد بن عمرو – وهو ابن علقمة – روى له البخاري مقرونا ومسلم في المتابعات، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهوية، وعيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي.

وأخرجه أبو داود "4579" في الديات: باب دية الجنين، ومن طريقه البيهقي 8/115 عن إبراهيم بن موسى الرازي، بهذا الإسنا د.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/250 – 251، وأحمد 2/438و438، والترمذي "1410" في الديات: باب في دية الجنين، وابن ماجة "2639" في الديات: باب دية الجنين، والطحاوي في "شرح معاني الأثار" "2639" في الديات: باب دية الجنين، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/205 من طرق عن محمد بن عمرو، به وليس عندهم "او فرس أو بغل"، وقال الترمذي: حديث حسن.

وقال أبو داود: روى هذا الحديث حماد وخال د الواسطي عن محمد =

ص: 380

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن عمرو، ولم يذكروا فيه: فرس أو بغل.

وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/36 – 37: يقال: إن عيسى ابن يونس قد وهم فيه، وهو يغلط أحيانا فيما يرويه، إلا أنه قد روي عن طاووس ومجاهد وعروة بن الزبير أنهم قالوأ: الغرة عبد أو أمة أو فرس، ويشبه أن يكون الأصل عندهم فيما ذهبوا إليه حديث أبي هريرة هذا والله أعلم.

وقال: وأما البغل فأمره أعجب، ويحتمل أن تكون هذه الزيادة إنما جاءت من قبل بعض الرواة على سبيل القيمة إذا عدمت الغرة من الرقاب، والله أعلم.

قلت: أخرج ابن أبي شيبة 9/251 عن أبي أسامة، عن هشام ابن عروة، عن أبيه قال: فيه عبد أو أمة أو فرس.

وأخرجه أيضا 9/252 عن وكيع، عن سفيان، عن الليث، عن مجاهد مثل قول عروة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/252 عن عبد السلام، عن الليث، عن طاووس ومجاهد قالا: في الغرة عبد أو أمة أو فرس.

وأخرج أيضا "18340" عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه قال: استشار عمر

وفيه فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية في المرأة، وفي الجنين بغرة: عبد أو أمة أو فرس، قلت: هذا في حديث عمر؟ قال نعم.

وأخرج "18344" عن ابن عيينة، عن ابن طاووس، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة: عبد أو أمة أو فرس.

وأخرج ابن أبي شيبة 9/251 عن أبي اسامة، عن عبد الملك، عن عطاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وفي الجنين غرة: عبد أو أمة أو بغل".

ص: 381

‌كتاب الوصية

‌مدخل

كِتَابُ الْوَصِيَّةِ

6023 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ

عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا يُوصِي فِيهِ. قُلْتُ: فَكَيْفَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْوَصِيَّةِ؟ قال: أوصى بكتاب الله 1. [30:5]

1 إسناده صحيح. إبراهيم بن شار الرمادي روى له أبو داود والترمذي، وهو حافظ وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه الحميدي "772" عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/381، والدارمي 2/403، والبخاري "2740" في الوصيا: باب الوصايا، و"4460" في فضائل القرآن: باب الوصاة بكتاب الله عز وجل، "5022" في المغازي: بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ووفاته، ومسلم "1634" في الوصية: باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، والترمذي "2119" في الوصايا: باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص، والنسائي 8/240 في الوصايا: باب هل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ من طرق عن مالك بن مغول، به.

ص: 382

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ إِعْدَادِ الْوَصِيَّةِ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَتَرْكِ الِاتِّكَالِ عَلَى غَيْرِهِ فِيهَا

6024 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله، عن نافع

عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مكتوبه عنده"1. [32:3]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبيد الله: هو ابن عمر العمري.

وأخرجه أحمد 2/57 و80، والدارمي 2/402، ومسلم "1627" في الوصية في فاتحته، وأبو داود "2862" في الوصايا: باب ما جاء فيما يؤمر به من الوصية، والترمذي "974" في الجنائز: باب ما جاء في الحث على الوصية، والنسائي 6/238 – 239 في الوصايا: باب الحث على الوصية، وابن الجارود "946" من طرق عن عبيد الله، بهذا الإسناد.

وأخرجه مالك 2/761 في الوصية: باب الأمر بالوصية، وأحمد 2/10و50و113، والطيالسي "1841"، والبخاري "2738" في الوصايا في فاتحته، ومسلم "1627"، والترمذي "2118" في الوصايا: باب ما جاء في الحث على الوصية، والنسائي 8/239، والدارقطني 4/150و150 – 151، والبيهقي 6/271، والبغوي "1457" من طرق عن نافع، به وانظر ما بعده.

وقوله: "ما حق امرئ" قال البغوي: معناه: ما حقه من جهة الحزم والاحتياط إلا ووصيته مكتوبة عنده، لأنه لا يدري متى يدركه الموت، فربما يأتيه بغتة، فبمنعه عن الوصية.

وفيه دليل على أن الوصية مستحبة غير واجبة، لأنه فوض إلى إرادته، فقال:"له شيء يوصى فيه" يعني: يريد أن يوصي فيه، وهو قول عامة =

ص: 383

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ فِي خبرنافع لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّفْيَ عَمَّا وَرَاءَهُ

6025 ـ أَخْبَرَنَا بن قتيبة، حدثنا بن أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ

عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَمُرُّ عَلَيْهِ ثَلَاثُ ليال إلا ووصيته عنده"1. [32:3]

6026 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عن بن شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ

=أهل العلم.

وذهب بعض التابعين إلى إيجابها ممن لم يجعل الآية منسوخة في حق الكافة، ثم الاستحباب في حق من له مال دون من ليس له فضل، وهذا في الوصية المتبرع بها من صدقة وبر وصلة، فأما أداء الديون والمظالم التي يلزمه الخروج منها، وردّ الأمانات فواجب عليه أن يوصي بها، وأن يتقدم إلى أوليائه فيها، لان أداء الحقوق والأمانات فرض واجب عليه.

1 حديث صحيح. ابن أبي السَّري: قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين، وهو "مصنف عبد الرزاق""16326"، ومن طريقه أخرجه مسلم "1627""4" في الوصية في فاتحته، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/4، ومسلم "1627"، والنسائي 8/239 في الوصايا: باب الكراهة في تأخير الوصية، والبيهقي 6/272 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه الدارقطني 4/151 حديثا محمد بن مخلد، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عبيد الله بن تمام، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما ينبغي لرجل أتى عليه ثلاثة، وله مال، يريد أن يوصي إلا أوصى فيه" قلت: هذا سند فيه انقطاع، الحسن البصري لم يسمع من عبد الله بن عمر.

ص: 384

عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَيْ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ:"لَا" قُلْتُ: فَبِشَطْرِهِ؟ قَالَ: "لَا" ثُمَّ قَالَ: "الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونُوا عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلا أجرت بها حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ:"إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ1 فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ [إِلَّا] ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ امْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ". يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ2. [

]

1 في الأصل: "أن تخلف"، والمثبت من "شرح السنة"، فقد روى الحديث عن مالك من رواية أحمد بن أبي بكر، وهي رواية المؤلف نفسها، وهي موافقة لرواية يحيى كما في المطبوع 2/763.

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/763 في الوصية: باب الوصية في الثلث لا تتعدى.

وأخرجه البغوي "1459" من طريق أبي مصعب أحمد بن أبي بكر، عن مالك، بهذا الإسناد. وقد تقدم تخريج الحديث برقم "4249".

ص: 385

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ وَصِيَّةِ الْمَرْءِ وَهُوَ فِي بَلَدٍ نَاءٍ إِلَى الْمُوصِي إِلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ

6027 ـ أخبرنا بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ،

ص: 385

قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، قال: حدثنا الليث، عن بن مسافر، عن بن شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: هَاجَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ بِأُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ، مَرِضَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، أَوْصَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ حَبِيبَةَ، وَبَعَثَ مَعَهَا النَّجَاشِيُّ شرحبيل بن حسنة1. [1:4]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير محمد بن يحيى الذهلي، فمن رجال البخاري. وابن مسافر: هو عبد الرحمن بن خالد ابن مسافر.

وأخرجه أحمد 6/427، وأبو داود "2107" في النكاح: باب الصداق، والنسائي 6/119 في النكاح: باب القسط في الأصدقة، والطبراني في "المعجم الكبير" 23/"402" من طرق عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش، وأن رسول الله عليه وسلم تزوجها وهي بأرض الحبشة، زوجها النجاشي، وأمهرها أربعة آلاف، وجهزها من عنده، وبعث معها شرحبيل بن حسنة، ولم يبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، وكان مهر نسائه أربع مئة درهم.

ص: 386

‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِأَصْحَابِ السِّهَامِ فَرِيضَتَهُمْ وَإِعْطَاءِ الْعَصَبَةِ بَاقِي الْمَالِ بَعْدَهُ

6028 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ القاسم، عن بن طاوس، عن أبيه

عن بن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الحقوا المال بالفرائض، فما تركت الفرائض، فلأولى رجل ذكر"1. [78:1]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين ابن طاووس: اسمه عبد الله

وأخرجه الطبراني في "الكبير""10903"، والدارقطني 4/71 من طريق معاذ بن المثنى، عن محمد بن المنهال، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري "6746" في الفرائض: باب أبناء عم أحدهما أخ لأم والآخر زوج، ومسلم "1615" "3" في الفرائض: باب ألحقوا الفرائض بأهلها، والطحاوي 4/390، والبيهقي 6/239 من طريق أمية بن بسطام، عن يزيد بن زريع، به.

وأخرجه أحمد 1/292 325، والدارمي 2/368، والطيالسي "2609"، وابن أبي شيبة 11/265 – 266، والبخاري "6732" باب =

ص: 387

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=ميراث الولد من أبيه وأمه، و"6735" باب ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن، و"6737" باب ميراث الجد مع الأب والأخوة، ومسلم "1615""2"، والترمذي "2098" في الفرائض: باب ميراث العصبة – وقال: حديث حسن – والنسائي "في الكبرى" كما في "التحفة" 5/9 – 10، وأبو يعلى "2371"، والطحاوي 4/390، وابن الجارود "955"، والدارقطني 4/71، والطبراني في "الكبير""10904"، والبيهقي 6/234 و239 و10/306، والبغوي "2216" من طرق عن وهيب بن خالد، ومسلم "1615""4" من طريق يحيى بن أيوب، والطبراني "10901"، والدارقطني 4/72 من طريق زياد بن سعد، والدارقطني 4/70 من طريق زمعة بن صالح، وابن الجاورد "955" من طريق المغيرة بن سلمة، خمستهم عن ابن طاووس، به.

وأخرجه الدارقطني 4/72 من طريق مروان بن محمد، عن سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاووس، به. مرفوعاً

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه""289" عن سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاووس، عن ابن عباس موقوفا عليه.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 5/10، والطحاوي 4/390، وسعيد بن منصور "288" من طريق سفيان الثوري، عن ابن طاووس، عن أبيه مرسلاً. وأخرجه الطحاوي 4/390 من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر وسفيان الثوري، عن ابن طاووس، عن أبيه مرسلا أيضا.

وأخرجه الحاكم 4/338 من طريق علي بن عاصم، حدثنا عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره مرفوعاً. وقال هذا حديث صحيح الإسناد، فإن علي بن عاصم صدوق، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: بل أجمعوا على ضعفه.

ثم قال "أي الحاكم": وقد أرسله سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وابن جريج، ومعمر بن راشد، كلهم عن ابن طاووس، عن أبيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

=

ص: 388

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَوهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ

6029 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عبد الرزاق، عن معمر، عن بن طاوس، عن أبيه

عن بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلْحِقُوا الْمَالَ بِالْفَرَائِضِ فَمَا أَبْقَتِ الفرائض، فلأولى رجل ذكر"1. [78:1]

=وقال الحافظ في "الفتح" 12/11: قيل: تفرد وهيب بوصله، ورواه الثور، عن ابن طاووس لم يذكر ابن عباس، بل أرسله، أخرجه النسائي واطحاوي، وأشار النسائي إلى ترجيح الإرسال. ورجح عند صاحبي الصحيح الموصول لمتابعة روح بن القاسم وهيبا عندهما، ويحيى بن أيوب عند مسلم، وزياد بن سعد، وصالح عند الدارقطني، واختلف على معمر، فرواه عبد الرزاق عنه موصولا، أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة ورواه عبد الله بن المبارك، عن معمر والثوري جميعا، أخرجه الطحاوي. ويحتمل أن يكون حمل رواية معمر على رواية الثوري، وإنما صححاه لأن الثوري – وإن كان أحفظ منهم – لكن العدد الكثير يقاومه، وإذا تعارض الوصل والإرسال، ولم يرجح أحد الطريقين قدم الوصل، والله أعلم.

والمراد بالفرائض هنا: الأنصباء المقدرة في كتاب الله تعالى، وهي: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس.

وقوله: "فلأولى رجل ذكر" أي: لأقرب رجل من العصبة، وذكر الذكر للتأكيد. قال ابن بطال: المراد بأولى رجل أن الرجال من العصبة بعد أهل الفروض إذا كان فيهم من هو أقرب إلى الميت استحق دون من هو أبعد، فإن استووا اشتركوا.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله. إسحاق بن إبراهيم: =

ص: 389

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ رَفْعَ هَذَا الْخَبَرِ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ

6030 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الْقُطَيْعِيُّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَعْمَرِيِّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ بن طاوس، عن أبيه

عن بن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَلْحِقُوا الْمَالَ بِالْفَرَائِضِ فَمَا أَبْقَتِ الْفَرَائِضُ، فلأولى رجل ذكر"1. [78:1]

=هو ابن راهويه. وهو في "مصنف عبد الرزاق""19004" وأخرجه عنه أحمد 1/313.وأخرجه مسلم "1615" "4" في الفرائض: باب ألحقوا الفرائض بأهلها، والطبراني في "الكبير" "10902" عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "1615""4"، وأبو داود "2898" في الفرائض: باب ميراث العصبة، والترمذي "2098" في الفرائض: باب ميراث العصبة، وابن ماجة "2740" في الفرائض: باب ميراث العصبة، والدارقطني 4/70 – 71 من طرق عن عبد الرزاق، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وقد روى بعضهم عن ابن طاووس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن حميد المعمري، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقا، وهو مكرر ما قبله.

ص: 390

‌ذِكْرُ وَصْفِ مَا تُعْطَى الْجَدَّةُ مِنَ الْمِيرَاثِ

6031 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عن بن شِهَابٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ

ص: 390

عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا، فَقَالَ: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ وَمَا أَعْلَمُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ، فَسَأَلَ النَّاسَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا السُّدُسَ، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ، فَأَنْفَذَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ، ثُمَّ جَاءَتِ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها، فقال: مالك فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ، وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قَضَى بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا وَلَكِنْ هُوَ ذَلِكَ السُّدُسُ، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فِيهِ، فَهُوَ بَيْنَكُمَا، وأيتكما خلت به، فهو لها1. [36:5]

1 رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن إسحاق بن خرشة، وهو القرشي العامري المدني، فقد ذكره المؤلف في "ثقاته" 7/190،وقال الدوري عن ابن معين: ثقة. وقال ابن عبد البر: هو معروف النسب، إلا أنه غير مشهور بالرواية، وقال الذهبي في "الميزان": شيخ ابن شهاب الزهري، لا يعرف، سمع قبيصة بن ذؤيب، وقد وثقوه.

والحديث في "الموطأ" 2/513 في الفرائض: باب ميراث الجدة، ومن طريق مالك أخرجه أبو داود "2894" في الفرائض: باب ميراث الجدة، والترمذي "2101" في الفرائض: باب ما جاء في ميراث الجدة، والنسائي في "الفرائض" من "الكبرى" كما في "التحفة" 8/361، وابن ماجة "2724" في الفرائض: باب ميراث الجدة، وابن الجارود "959"، والبيهقي 6/234، =

ص: 391

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ مَنِ اسْتَهَلَّ مِنَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَرِثُوا وَوُرِثُوا وَاسْتَحَقُّوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ

6032 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صلي

=والبغوي "2221"

وأخرجه الترمذي "2100"، والنسائي في "الكبرى" من طريقين عن سفيان، حدثنا الزهري، قال مرة: قال قبيصة، وقال مرة: رجل عن قبيصة بن ذؤيب.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/320 – 321، وسعيد بن منصور "80" وعبد الرزاق "19083"، وابن ماجة "2724"، والنسائي في "الكبرى" والحاكم 4/338 من طرق عن الزهري، عن قبيصة وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!

وقال الترمذي بعد أن أورد الحديث من طريق مالك: هذا حديث حسن صحيح، وهو أصح من حديث ابن عيينة، وقال النسائي: الصواب حديث مالك، وحديث صالح خطأ، لأنه قال: إن قبيصة أخبره، والزهري لم يسمعه من قبيصة.

وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 3/82 بعد أن أورد الحديث: إسناده صحيح لثقة رجاله، إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده القصة، قاله ابن عبد البر بمعناه، وقد اختلف في مولده، والصحيح أنه ولد عام الفتح، فيبعد شهوده القصة، وقد أعله عبد الحق تبعا لابن حزم بالانقطاع، وقال الدارقطني في "العلل" بعد أن ذكر الاختلاف عن الزهري: يشبه أن يكون الصواب قول مالك ومن تابعة.

ص: 392

عليه وورث" 1. [10:3]

1 رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أن فيه عنعنة أبي الزبير. إسحاق الأزرق: هو إسحاق بن يوسف بن مرداس.

وأخرجه البيهقي 4/8 – 9 عن علي بن أحمد بن عبدان، أنبأنا سليمان بن أحمد اللخمي، حدثنا محمد بن عبد الرحيم الديباجي، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف القطيعي، بهذا الإسناد. وقال البيهقي: قال سليمان: لم يروه عن سفيان غير إسحاق.

وأخرجه الحاكم 4/348 – 349 من طريق عبيد الله بن الكندي، عن أسحاق الأزرق، به. وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي!

وأخرجه الترمذي "1032" في الجنائز: باب ما جاء في ترك الصلاة على الجنين حتى يستهل، وابن ماجة "1508" في الجنائز: باب ما جاء في الصلاة على الطفل، و"2750" في الفرائض: باب إذا استهل المولود ورث، والبيهقي 4/8 من طرق عن أبي الزبير، به.

وقال الترمذي: هذا حديث قد اضطرب الناس فيه فرواه بعضهم عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وروى أشعث بن سوار وغير واحد عن أبي الزبير، عن جابر موقوفا، وروى محمد بن أسحاق، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر موقوفا، وكأن هذا "يعني الموقوف" أصح من الحديث المرفوع.

قلت: أخرجه ابن أبي شيبة 3/319،و11/382،والدارمي 2/392 من طريقين عن أشعث بن سوار، عن أبي الزبير، عن جابر موقوفا.

وأخرجه الدارمي 2/393، والبيهقي 4/8 من طريقين عن محمد بن إسحاق، عن عطاء، عن جابر موقوفا أيضا.

وأخرجه عبد الرزاق "6608" عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في المنفوس: يرث إذا سمع صوته.

قلت: وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو داود "2920"، ومن طريقه البيهقي 6/257 حدثنا حسين بن معاذ، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا =

ص: 393

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا نَفَى أَخْذَ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ مِيرَاثَهُ مِنَ النَّسَبِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ

6033 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا بن عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الكافر المسلم"1. [43:3]

محمد – يعني ابن إسحاق – عن يزيد بن عبد الله بن قسط، عن أبي هريرة رفعه وهذا سند رجاله ثقات إلا ابن إسحاق قد عنعن وهو مدلس وآخر من حديث ابن عباس أخرجه الدارمي 2/392 حدثنا أبو نعيم، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عطاء، عن ابن عباس موقوفاً.

وثالث من حديث جابر والمسور بن مخرمة أخرجه ابن ماجة "2751" حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا مروان بن محمد، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عن جابر بن عبد الله ولمسور بن مخرمة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث الصبي حتى يستهل صارخا"، قال: واستهلاله: أن يبكي ويصح أو يعطس. وهذا سند صحيح، رحاله ثقات رجال الصحيح غير العباس بن الوليد، فقد روى له ابن ماجة، وروى عنه أبي داود: كتبت عنه وكان عالما بالرجال والأخبار.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/319 عن خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب في المولود قال: لا يورث حتى يستهل.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وعلي بن الحسين: هو ابن أبي طالب الملقب بزين العابدين.

وأخرجه الشافعي 2/190، وسعيد بن منصور "135"، =

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأحمد 5/200، والدارمي 2/371، ومسلم "1614" في الفرائض: في فاتحته، وأبو داود "2909" في الفرائض: باب هل يرث المسلم الكافر؟ والترمذي "2107" في الفرائض من "الكبرى" كما في "التحفة" 1/56، وابن الجارود "954"، والبيهقي 6/218، والبغوي "2231" من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وانظر "5149"

وأخرجه عبد الرزاق "9852"، وأحمد 5/208و209، والطيالسي "631"، والبخاري "6764" في الفرائض: باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، والدارمي 2/370، والدارقطني 4/69، والبيهقي 6/217، والطبراني في "الكبير""391" من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/370 عن سفيان، وسعيد بن منصور "136"، والنسائي في "الكبرى" عن هشيم، كلاهما عن الزهري، عن على بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد بلفظ:"لا يتوارث أهل ملتين" وقال النسائي: وهشيم لم يتابع على قوله

وأخرجه مالك 2/519 في الفرائض: باب ميراث أهل الملل ومن طريقه النسائي، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد.

وأخرجه النسائي من طرق أخرى عن مالك، وفيه:"عمرو بن عثمان". وقال المزي في "التحفة" 1/56 في حديث ابن القاسم وحده: "عن عمر بن عثمان"، وفي حديث الباقين:"عن عمرو بن عثمان"

وقال النسائي: والصواب من حديث مالك: "عن عمرو بن عثمان" ولا نعلم أحدا تابع مالكاً على قوله: "عمر بن عثمان".

وقال الترمذي بعد أن أخرج الحديث: هكذا رواه معمر وغير واحد عن الزهري نحو هذا، وروى مالك عن الزهري، عن على بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وحديث مالك وهمٌ وهم فيه مالك، وقد رواه بعضهم عن مالك، فقال: عن عمرو بن =

ص: 395

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ يَكُنَّ عَصَبَةً

6034 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتُرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ابْنَةٍ، وَابْنَةِ بن، وَأُخْتٍ، قَالَ:"لِلِابْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ، وما بقي فللأخت"1. [65:3]

= عثمان، وأكثر أصحاب مالك قالوا: عن مالك، عن عمر بن عثمان وعمرو بن عثمان بن عفان: هو مشهور من ولد عثمان، ولا يعرف عمر بن عثمان.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري. أبو قيس: هو عبد الرحمن بن ثروان، وثقه ابن معين، والعجلي، والدارقطني، وابن نمير، والمصنف، وقال النسائي: ليس به بأس.

وأخرجه الطبراني في "الكبير""9876" عن أحمد بن يحيى بن زهير التستري، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق "19031" و"19032"، والطيالسي "375"، وسعيد بن منصور "29"، وابن أبي شيبة 11/245 – 246 و246، وأحمد 1/348 و428 و440 و463 – 464، والدارمي 2/348 – 349، والبخاري "6742" في الفرائض: باب ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن، "6742" باب ميراث الإخوة من البنات عصبة، وأبو داود "2890" في الفرائض: باب ما جاء في ميراث الصلب، والترمذي "2093" في الفرائض باب ما جاء في ميراث ابنة الابن مع ابنة الصلب، وابن ماجة "2721" في الفرائض: باب فرائض الصلب، والدارقطني 4/79، 80، والطبراني "9869" و"9870" و"9871"و "9872" و "9873" و"9874" و"9875" و"9877"=

ص: 396

‌بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَبْطَلَ تَوْرِيثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ

6035 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ

عَنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ تَرَكَ كَلًّا، فَإِلَيْنَا، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا، فَلِوَرَثَتِهِ، وَأَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، أَعْقِلُ عَنْهُ، وَأَرِثُهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لا وارث له، يعقل عنه ويرثه"1. [66:3]

=، وابن الجارود "962"، والطحاوي 4/392، والحاكم 4/334 – 335، ولبيهقي 6/229 و230، والبغوي "2218" من طرق عن أبي قيس، به.

1 إسناده قوي، علي بن أبي طلحة: روى له مسلم، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات أبو عامر الهوزني: اسمه عبد الله بن لحيّ

وأخرجه أبو داود "2899" في الفرائض: باب في أرزاق الذرية، عن حفص بن عمر الحوضي، بهذا الإسناد.

وأخرجه سعيد بن منصور "172"، وابن أبي شيبة 11/264، وأحمد 4/131، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/510، =

ص: 397

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وابن ماجة "2738" في الفرائض: باب ذوي الأرحام، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 4/5، والبيهقي 6/214 من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد 4/133، وأبو داود "2900"، وابن ماجة "2634" في الديات: باب الدية على العاقلة، فإن لم يكن عاقلة، ففي بيت المال، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/398، وفي "شرح مشكل الآثار" 4/5، والدارقطني 4/85 – 86 و86، وابن الجارود "965"، والحاكم 4/344، البيهقي 6/214، والبغوي "2229" من طرق عن حماد بن زيد، عن بديل بن ميسرة، به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله: قلت: علي "يعني ابن أبي طلحة" قال أحمد له أشياء منكرات، قلت: لم يخرج له البخاري.

وأخرج له الطحاوي في "شرح المعاني" 4/397 – 398 من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن شعبة، عن يزيد العقلي، عن راشد بن سعد، به.

وأخرج أبو داود "2901"، ومن طريقه البيهقي 6/214 حدثنا عبد السلام بن عتيق الدمشقي، حدثنا محمد بن المبارك، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن يزيد بن حجر، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جده، فذكره. قلت: يزيد بن حجر: مجهول، وصالح بن يحيى: مستور، وأبوه يحيى بن المقدام: لين الحديث قاله الحافظ في "التقريب"

وقال أبو داود بعد أن أخرج الحديث: رواه الزبيدي، عن راشد بن سعد عن ابن عائذ، عن المقدام، ورواه معاوية بن صالح عن راشد بن سعد، قال: سمعت المقدام.

قلت: رواية راشد بن سعد عن المقدام أخرجها أحمد 4/133 عن حماد بن خالد، والنسائي في "الكبرى" من طريق زيد بن الحباب، والنسائي، والطحاوي في "شرح المشكل" 4/6 من طريق أسد بن موسى، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/398 من طريق عبد الله بن صالح، أربعتهم عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد قال: سمعت المقدام. =

ص: 398

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال: الطحاوي في "شرح المشكل" 4/7 فإن قال قائل: فإن معاوية بن صالح لم يذكر في هذا الحديث بين راشد بن سعد وبين المقدام أبا عامر الهوزني، قيل له: ليس ينكر على راشد بن سعد أن يكون سمع المقدام بن معدي كرب، لأنه قد سمع ممن كان في أيامه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد سمع من معاوية بن أبي سفيان وأهل الحديث يختلفون في أسانيد الحديث، فيزيد بعضهم الرجل ومن هو أكثر منه في العدد

وقد أعله البيهقي بالاضطراب، ونقل عن ابن معين أنه كان يبطل حديث:"الخال وارث من لا وارث له" يعني حديث المقدام، وقال: ليس فيه حديث قوي.

وتعقبه ابن التركماني في "الجواهر النقي" بقوله: أخرجه ابن حبان في "صحيحه"، ثم ذكر أن راشدا سمعه من أبي عامر، عن المقدام، ومن ابن عائذ عنه، فالطريقان محفوظان، والمتنان متباينان. وذكر الدارقطني في "علله" أن، شعبة وحمادا وإبراهيم بن طهمان رووه عن بديل، عن أبي طلحة، عن راشد، عن أبي عامر، عن المقدام، وأن معاوية بن صالح خالفهم، فلم يذكر أبا عامر، بين راشد والمقدام، ثم قال الدارقطني: والأول أشبه بالصواب، قال ابن القطان: وهو على ما قال، فإن ابن أبي طلحة ثقة، وقد زاد في الإسناد من يتصل به، فلا يضره إرسال من قطعه وإن كان ثقة، فكيف وفيه مقال، فنرى هذا الحديث صحيحا انتهى ابن القطان.

ثم قال ابن التركماني: وما ذكره أبي داود صريح في أنه لا إرسال في رواية معاوية، فإن راشد صرح فيها بالسماع، وراشد قد سمع ممن هو أقدم من المقدام، كمعاوية، وثوبان، فيحمل على أنه سمعه من المقدام مرة بلا واسطة، ومرة بواسطة أبي عامر، ومرة بواسطة ابن عائذ.

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في "العلل" 2/50: سمعت أبا زرعة، وذكر حديث المقدام بن معدي كرب، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"الخال وارث من لا وارث له" قال: هو حديث حسن. =

ص: 399

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6036 ـ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ الزُّبَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا راشد بن سعد أن بن عَائِذٍ حَدَّثَهُ

أَنَّ الْمِقْدَامَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيْعَةً، فَإِلَيَّ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا، فَلِوَرَثَتِهِ، وَأَنَا مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، أَفُكُّ عَنْهُ، وَأَرِثُ مَالَهُ، وَالْخَالُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، يَفُكُّ عَنْهُ، وَيَرِثُ مَالَهُ"1. [66:3]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ، وَسَمِعَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبٍ، فالطريقان جميعا محفوظان، ومتناهما متباينان.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/510 عن أحمد بن إبراهيم بن محمد، عن بن عائذ، عن الهيثم بن حميد، عن ثورة بن يزيد، عن راشد بن سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

فذكره مرسلا.

1 إسناده حسن في الشواهد إسحاق بن إبراهيم بن العلاء: حسن الحديث، وعمرو بن الحارث – هو ابن الضحاك الزبيدي – لم يوثقه غير المصنف، وما روى عنه سوى اثنين، وقال الذهبي: لا تعرف عدالته. وباقي رجاله ثقات، وانظر ما قبله.

ص: 400

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6037 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حدثنا

ص: 400

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: كتب عمر رضى الله تعإلى عَنْهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ أَنْ عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمُ الْعَوْمَ وَمُقَاتِلَتَكُمُ الرَّمْيَ، قَالَ: فَكَانُوا يَخْتَلِفُونَ بَيْنَ الْأَغْرَاضِ، قَالَ: فَجَاءَ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَأَصَابَ غُلَامًا، فَقَتَلَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ لِلْغُلَامِ أَهْلٌ إِلَّا خَالُهُ، فَكَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ، فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ الْغُلَامِ إِلَى مَنْ يَدْفَعُ عَقْلَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مولى له، والخال وارث من لا ورث له"1. [66:3]

1 إسناده حسن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش: مختلف فيه، وثقه ابن سعد والمؤلف والعجلي، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ، وضعفه على ابن المدينى، وقال النسائي: ليس بالقوي، وفي "التقريب" صدوق له أوهام. وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير حكيم بن حكيم، فقد روى له أصحاب السنن، وهو صدوق. القواريري: هو عبيد الله بن عمر، وسفيان: هو الثوري، وأبو أمامة بن سهل: اسمه أسعد بن سهل بن حنيف، معدود في الصحابة، له رؤية، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة مئة، وله اثنتان وتسعون سنة.

وأخرجه الترمذي "2103" في الفرائض: باب ميراث الخال، والطحاوي 4/397 من طريقين عن محمد بن عبد الله بن الزبير، بهذا الإسناد وقال الترمذي: حديث حسن.

وأخرجه مطولا ومختصرا، أحمد 1/28و46،وابن أبي شيبة 11/263،وابن ماجة "2737" في الفرائض: باب ذوي الأرحام، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/4، والطحاوي 4/397، وابن الجارود =

ص: 401

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ بن البنت لا يكون ولد لِأَبِي الْبِنْتِ

6038 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّافِقَةِ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ

حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَعَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَقُومَانِ وَيَعْثُرَانِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَهُمَا، وَقَالَ:{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} 1 [التغابن:15][8:3]

"964"، والدارقطني 4/84 -85، والبيهقي 6/214 من طرق عن سفيان، به.

وقوله: "سهم غرب" بالإضافة، ويفتح الراء وسيكون في "غرب": هو السهم الذي لا يدرى من رماه، وقيل: إذا أتاه من حيث لا يدري.

1 إسناده حسن.مؤمل بن إهاب: روى له أبو داود والنسائي، وهو حسن الحديث، وقد توبع، ومن فوقه من رجال الصحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/368و12/299-300، وأحمد 5/354، وأبو داود "1109" في الصلاة: باب لبس الأحمر للرجال، والبيهقي 6/165 من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد، وصححه ابن خزيمة "1801".

وأخرجه النسائي 3/108 في الجمعة: باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة، وقطعه كلامه ورجوعه إليه يوم الجمعة، 3/192 في صلاة العيدين: باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة، من طريقين عن الحسن بن واقد، به. وصححه ابن خزيمة "1082". وانظر ما بعده.

ص: 402

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ فَعَلَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَا وَصَفْنَاهُ

6039 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُنَا إِذْ جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمِنْبَرِ فَحَمَلَهُمَا، فَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"صَدَقَ اللَّهُ: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} نَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ اصبر حتى قطعت حديثي فرفعتهما"1. [8:3]

1إسناده حسن كسابقه، رجاله ثقات رجال الصحيح غير علي بن الحسين بن واقد، فقد روى له مسلم في المقدمة، وهو صدوق حسن الحديث، أبو عمار المروزي: اسمه الحسين بن حريث.

وأخرجه الترمذي "3774" في المناقب: باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما، عن أبي عمار المروزي، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث الحسين بن واقد.

وأخرجه الحاكم 1/287، والبيهقي 3/218، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/354 من طريق علي بن الحسين بن واقد، به. وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي!

ص: 403

‌كِتَابُ الرُّؤْيَا

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَصْدَقَ النَّاسِ رُؤْيَا مَنْ كَانَ أَصْدَقَ حَدِيثًا فِي الْيَقَظَةِ

6040 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بشار المرادي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا، وَالرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ".

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أُحِبُّ الْقَيْدَ فِي النَّوْمِ، وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، الْقَيْدُ فِي النَّوْمِ ثبات في الدين 1. [66:3]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن بشار الرمادي، فقد روى له أبو داود والترمذي وهو حافظ، وقد توبع. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومحمد: هو ابن سيرين.

وأخرجه مسلم "2263""6" في أول الرؤيا، عن محمد بن أبي عمر المكي، عن عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي "2270" في الرؤيا: باب إن رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ =

ص: 404

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سته وأربعين جزءاً من النبوة، عن نصر بن علي، عن عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، به. إلا أنه قال فيه:"جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة". وقال: هذا حديث صحيح.

وكذلك أخرجه عبد الرزاق "20352"، وعنه أحمد 2/269، والحاكم 4/390، والبغوي "3279" عن معمر، عن أيوب، به.

وأخرجه أيضا مسلم من طريق حماد بن زيد، عن أيوب وهشام، عن محمد بن سيرين، به، موقوفا على أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/507، والدارمي 2/125، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/287 من طريق هشام بن حسان، والبخاري "7017" في التعبير: باب القيد في المنام، من طريق عوف الأعرابي، وابن ماجه "3917" في تعبير الرؤيا: باب أصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا، من طريق الأوزاعي، ومسلم من طريق قتادة، أربعتهم عن محمد بن سيرين، به، مرفوعا بلفظ:"جزء من ستة وأربعين جزءاً".

وأخرجه دون قوله "الرؤيا جزء

" أبو داود "5019" في الأدب: باب ما جاء في الرؤيا، عن قتيبة، عن عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، به.

وأخرجه البغوي "3278" من طريق جرير بن حازم، عن أيوب وهشام، عن محمد بن سيرين، به.

وأخرجه الدارمي 2/125 من طريق هشام بن حسان، عن ابن سيرين، به، مختصرا بلفظ:"إذا إذاقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا".

وأخرجه عبد الرزاق عبد الرزاق "20355"، وأحمد 2/233 و269، وابن أبي شيبة 11/50-51، ومسلم "2263""8"، وابن ماجه "3894" في الرؤيا: باب الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترُى له، من طريق معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة".

وأخرجه كذلك أحمد 2/314، ومسلم "2263""8" من طريق =

ص: 405

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أبي هريرة.

وأخرجه أيضا أحمد 2/369 و438، ومسلم "2263""8"، والطحاوي في "مشكل الآثار"3/46، والبغوي "3276" من طريقين عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/495، وابن أبي شيبة 11/51، ومسلم "2263""8" من طريقين عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/956 عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.

قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 12/203-204: قوله: "جزء من النبوة": أراد تحقيق أمر من الرؤيا وتأكيده، وإنما كانت جزءا من النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم، قال عبيد بن عمير: رؤيا الأنبياء وحي، وقرأ:{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} .

وقيل: معناه أنها جزء من أجزاء علم النبوة، وعلم النبوة باق، والنبوة غير باقية.

أو أراد أنه كالنبوة في الحكم بالصحة، كما قال عليه الصلاة والسلام:"الهدي الصالح والسمت والصالح، والاقتصاد، جزء من خمسة وعشرين جزاء من النبوة" أي: هذه الخصال في الحسن والاستحباب كجزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا فيها بهم، لا أنها حقيقة نبوة، لأن النبوة لا تتجزأ، ولا نبوة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم:"ذهبت النبوة، وبقيت المبشرات: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له".

قلت: حديث "الهدي الصالح

" أخرجه أبو داود "4776"من حديث ابن عباس، وله شاهد يتقوى به من حديث عبد الله بن سرجس المزني عند الترمذي "2010" وحسنه.

وحديث "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات

" أخرجه البخاري "6990" من حديث أبي هريرة، وأخرجه مسلم "479" من حديث ابن عباس. وانظر "التمهيد" 1/276-288.

ص: 406

‌ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي تَكُونُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ فِيهِ اصدق الرؤيا

ذكر الوقت الذي تكون الرؤيا فِيهِ أَصْدَقَ الرُّؤْيَا

6041 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ دَرَّاجًا حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"اصدق الرؤيا بالأسحار"1. [66:3]

1 إسناده ضعيف، دراج في روايته عن أبي الهيثم ضعيف.

وأخرجه أحمد 3/68، والدارمي 2/125، وأبو يعلى "1357"، والحاكم 4/392 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!

وأخرجه أحمد 3/29، والترمذي "2274" في الرؤيا: باب قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، والخطيب 8/26 و11/342 من طريق ابن لهيعة، عن دراج، به.

ص: 407

‌ذِكْرُ الْفَصْلِ بَيْنَ الرُّؤْيَا الَّتِي هِيَ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ وَبَيْنَ الرُّؤْيَا الَّتِي لَا تَكُونُ كَذَلِكَ

6042 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى السِّمْسَارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْلِمُ بْنُ مِشْكَمٍ

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: منها تهويل من الشيطان ليحزن بن آدَمَ، وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي

ص: 407

يَقَظَتِهِ، فَرَآهُ فِي مَنَامِهِ، وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ" فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم 1. [66:3]

1 إسناده صحيح، الحكم بن موسى السمسار: هو الحكم بن موسى بن أبي زهير البغدادي أبو صالح القنطري.

وأخرجه الطبراني 18/"118" عن إدريس بن عبد الكريم الحداد، عن الحكم بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/75، وابن ماجه "3907" في تعبير الرؤيا: باب الرؤيا ثلاث، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/46-47، والطبراني 18/"118"، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/286 من طرق عن يحيى بن حمزة، به. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"ورقة 242/2: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/348 عن هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، به.

ص: 408

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ هِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ

6043 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ"2. [66:3]

2إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/956 في الرؤيا: باب ماجاء في الرؤيا.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري "6983" في التعبير: باب رؤيا =

ص: 408

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ فِي خبر أنس بن مالك وعوف بن ملك لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّفْيَ عَمَّا وَرَاءَهُ

6044 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ بْنِ مُوسَى التُّسْتَرِيُّ بِعَبْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: حدثنا بن إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا من النبوة"1. [66:3]

= الصالحين، والنسائي في تعبير الرؤيا كما في "التحفة" 1/90، وابن ماجه "3893" في تعبير الرؤيا: باب الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/46، والبغوي "3273".

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/53-54، ومسلم "2264" في أول الرؤيا، وأبو يعلى "3430" و"3754" و"3812" من طريقين عن أنس.

وأخرجه أحمد 3/269، والبخاري "6994" في التعبير: باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، والترمذي في "الشمائل""394"، وأبو يعلى "3285" من طريق ثابت، عن أنس بلفظ:"من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".

1 إسناده صحيح، ابن إدريس: هو عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، وجده يزيد بن عبد الرحمن وثقه المؤلف والعجلي، وروى عنه غير واحد، وقد توبع.

وأخرجه أحمد 2/232و342 من طريق عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/54 عن أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

وفي الباب ابن عمر، وأخرجه أحمد 2/18و50 و119 و137، وابن أبي شيبة 11/52، ومسلم "2265" في أول الرؤيا، وابن ماجه =

ص: 409

‌ذِكْرُ إِخْبَارِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَمَّا يَبْقَى مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ بَعْدَهُ

6045 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مُقَاتِلٍ الشَّيْخُ الصَّالِحُ، حدثنا بن أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ مَوْلَى آلِ عَبَّاسٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ

عن بن عَبَّاسٍ، قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ:"إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُؤْمِنُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، أَمَّا الرُّكُوعُ، فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ، فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لكم"1. [48:5]

="3897" والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/45.

وعن أبي سعيد الخدري عند ابن أبي شيبة 11/55، وابن ماجه "3895"، وأبو يعلى "1335".

وعن ابن عباس عند أحمد 1/315، والطحاوي 3/45، والبزار "2123".

وعن ابن مسعود عند الطبراني في "الصغير""928"، والبزار "2122" و"3490".

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى، وسفيان: هو ابن عيينة. وقد تقدم عند المؤلف برقم "1897" و"1901".

ص: 410

‌ذِكْرُ إِخْبَارِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي عِلَّتِهِ أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم

6046 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا

ص: 410

الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أبيه

عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السِّتْرَ وَرَأْسُهُ مَعْصُوبٌ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ:"اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ـ ثَلَاثًاـ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا يَرَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ، أَوْ تُرَى له"1. [48:5]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو مكرر ما قبله.

ص: 411

‌ذكر البيان بان الرؤيا المبشرة تنقى فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ عِنْدَ انْقِطَاعِ النُّبُوَّةِ

6047 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ

عَنْ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ، وَبَقِيَتِ المبشرات"2. [66:3]

2 حديث صحيح بشواهده، أبو يزيد والد عبيد الله: وهو المكي، لم يروعنه غير ابنه عبيد الله، وروى عن عمر بن الخطاب وسباع بن ثابت وأم أيوب الأنصارية، ووثقه المؤلف 7/657، والعجلي ص515، وقد صحح الحافظ بن كثير في "فضائل القرآن" ص32 إسناد حديث أم أيوب الأنصارية: "أنزل القرآن على سبعة أحرف

"، وفيه أبو يزيد المكي هذا. وباقي رجال السند ثقات. إسحاق بن إبراهيم المروزي: هو إسحاق بن أبي إسرائيل بن كامَجْرا أبو يعقوب المروزي.

وأخرجه أحمد 6/318، والحميدي "348"، والدارمي 2/123، وابن ماجه "3896" في تعبير الرؤيا: باب الرؤيا الصالحة يراها المسلم =

ص: 411

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُبَشِّرَاتِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ

6048 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ زُفَرَ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَقُولُ: "هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا"؟ وَيَقُولُ: "إِنَّهُ لَيْسَ يَبْقَى بَعْدِي مِنَ النُّبُوَّةِ إلا الرؤيا الصالحة"1. [66:3]

أو ترى له، والطبري "17732" عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 242/1: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري "6990"، ومن طريقه البغوي "3272"، ولفظه:"لم يبق من الدنيا غلا المبشرات"، قالوا: وما المبشرات؟ قال: "الرؤيا الصالحة".

وعن عائشة عند أحمد 6/129، والبزار"2118" و"2119"، وعن حذيفة بن أسيد عند البزار "2121"، والطبراني "3051"، وعن أبي الطفيل عند أحمد 5/454، وعن ابن عباس وهو الحديث المتقدم عند المؤلف آنفا.

1 إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 2/956 في الرؤيا: باب ما جاء في الرؤيا.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/325، وأبو داود "5017" في الأدب: باب ما جاء في الرؤيا، والحاكم 4/390-391.

وأخرجه النسائي في الرؤيا كما في "التحفة"9/452 من طريق معن بن عيسى، وابن القاسم، كلاهما عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن زفر بن صعصعة بن مالك، عن أبي هريرة. بإسقاط صعصعة بن مالك، والمحفوظ الأول، كذلك رواه عن مالك جماعة، منهم =

ص: 412

‌ذِكْرُ وَصْفِ الرُّؤْيَا الَّتِي يُحَدَّثُ بِهَا وَالَّتِي لَمْ يُحَدَّثْ بِهَا

6049 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى: قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ عُدُسٍ يُحَدِّثُ

أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "رُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَهِيَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ يحدث، فإذا حدث بها وقعت"1. [66:3]

=عبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبو مصعب الزهري، ومصعب بن عبد الله الزبيري وغيرهم.

1 حديث حسن لغيره، وكيع بن عدس لم يرو عنه يعلى بن عطاء، ولم يوثقه غير المؤلف، وقال ابن قتيبة في "اختلاف الحديث": غير معروف، وقال ابن القطان: مجهول الحال، وقال الذهبي في "الميزان": لايعرف، وباقي رجال السند ثقات.

وأخرجه أحمد 4/12 و13، والطيالسي "1088"، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""1772"، والبخاري في "التاريخ الكبير" 8/178، والترمذي "2278" في الرؤيا: باب ما جاء في تعبير الرؤيا، والطبراني 19/"461"و"462"، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة""3281" من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وصحح إسناده الحاكم 4/390، ووافقه الذهبي! وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وحسنه الحافظ في "الفتح" 12/432. وفي "الجعديات"، والطبراني 19/"461، و"شرح السنة" الرواية على الشك: "جزء من أربعين، أو ستة وأربعين جزءا من النبوة".

ص: 413

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= واخرج القسم الثاني منه الدارمي 2/126، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/295 من طريقين عن شعبة، به. وانظر ما بعده، و"6055".

ولقوله: "وهي على رجل طائر

" شاهد من حديث أنس عند الحاكم 4/391 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرؤيا تقع على ما تعبر، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله، فهو ينتظر متى يضعها، فغذا رأى أحدكم رؤيا، فلا يحدث بها إلا ناصحا أو عالما". وصحح إسناده ووافقه الذهبي، وهو في "مصنف عبد الرزاق" "20354" عن أبي قلابة مرسلا.

وأخرجه الدارمي 2/131 بسند حسّنه الحافظ، عن سليمان بن يسار، عن عائشة قالت: كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر، يختلف-يعني في التجارة- فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن زوجي غائب، وتركني حاملا، فرأيت في المنام أن سارية بيتي انكسرت، وأني ولدت غلاما أعور، فقال:"خير، يرجع زوجك إن شاء الله صالحا، وتلدين غلاما برا"، فذكرت ذلك ثلاثا، فجاءت ورسول الله غائب فسألتها، فأخبرتني بالمنام، فقلت: لئن صدقت رؤياك، ليموتن زوجك، وتلدين غلاما فاجرا، فقعدت تبكي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"مه يا عائشة، إذا عبرتم للمسلم الرؤيا، فاعبروها على خير، فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها".

وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن عطاء: كان يقال: الرؤيا على ما أوِّلت.

وقوله: "على رجل طائر"، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/204، وفي "جامع الأصول" 2/523: أي أنها على رجل قدر جار، وقضاء ماض من خير أو شر، وأن ذلك هو الذي قسمه الله لصاحبها، وقولهم: اقتسموا دارا فطار سهم فلان في ناحيتها: أي وقع سهمه وخرج، وكل حركة من كلمة أو شيء يجري لك، فهو طائر، والمراد: أن الرؤيا هي التي يعبرها المعبر الأول، فكأنها كانت على رجل طائر فسقطت ووقعت حيث عبرت، كما =

ص: 414

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ

6050 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ

عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَالرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ يُعَبَّرْ عَلَيْهِ، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ".

قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: "لَا يَقُصُّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ، أو ذي رأي"1. [66:3]

=يسقط الذي يكون على رجل الطائر بأدنى حركة.

وقال الطيبي، فيما نقله العلامة علي القاري في "مرقاة المفاتيح" 4/549: التركيب من التشبيه التمثيلي، شبه الرؤيا بالطير السريع طيرانه، وقد علق على رجله شيء يسقط بأدنى حركة، فينبغي أن يتوهم للمشبه حالات مناسبة لهذه الحالات، وهي أن الرؤيا مستقرة على ما يسوقه التقدير إليه من التعبير، فإذا كانت في حكم الواقع، قيض من تكلم بتأويلها على ما قدر، فيقع سريعا، وإن لم يكن في حكمه لم يقدر لها من يعبرها.

1 حديث حسن، وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه أحمد 4/10، وابن أبي شيبة 11/50، وابن ماجه "3914" في تعبير الرؤيا: باب الرؤيا إذا عبرت وقعت فلا يقصها إلا على وادّ، والطبراني 19/"461" و"464"، والبغوي "3282" من طريق هشيم، بهذا الإسناد. ورواية الطبراني الأولى على الشك "خير من أربعين جزءا، أوستة وأربعين جزءا من النبوة".

وأخرجه الترمذي "2279" في الرؤيا: باب ما جاء في تعبير الرؤيا، من طريق يزيد بن هارون، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، به.

وأخرج القسم الثاني أبو داود "5020" في الأدب: باب ما جاء في الرؤيا، عن أحمد بن حنبل، عن هشيم، به.

ص: 415

قال أبو حاتم رضى الله تعإلى عَنْهُ: الصَّحِيحُ بِالْحَاءِ كَمَا قَالَهُ هُشَيْمٌ، وَشُعْبَةُ واهم في قوله عدس، فتبعه الناس.

ص: 416

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ الْحَقِّ لِمَنْ رَأَى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ

6051 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَقَدْ رَأَى الحق"1. [66:3]

1 حديث صحيح، هشام بن عمار متابع، ومن فوقه ثقات على شرطها، يونس بن يزيد: هو الأيلي.

وأخرجه البخاري "6993" في التعبير: باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، ومسلم "2266" (11" في الرؤيا: باب قول النبي عليه السلام: "ومن رآني في المنام فقد رآني"، وأبو داود "5123" في الأدب: باب ما جاء في الرؤيا، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/45و46، والبغوي "3288" من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد، بهذا الإسناد ولفظ عندهم:"ومن راني في المنام فسيراني في اليقظة، أو لكأنما رآني في اليقظة، لا يتمثل الشيطان بي" وليس في رواية البخاري: "أو لكأنما رآني في اليقظة".

وأخرجه مسلم "2267" من طريق محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري، والخطيب في "تاريخه" 10/284 من طريق سلامة بن عقيل، كلاهما عن الزهري، به، باللفظ السالف.

وأخرجه أحمد 2/342 و410و463و472، والطيالسي "2420"، وابن أبي شيبة 11/55، ومسلم "2266""10"، والترمذي "2280" في الرؤيا، باب: في تأويل ما يستحب ويكره، وفي "الشمائل""389""391"، وابن ماجة "3901" في تعبير الرؤيا: باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، والطبراني في "الأوسط" 958"، والحاكم 4/393 من طرق عن أبي هريرة، باللفظين جميعا، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

ص: 416

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَطْلَقَ رُؤْيَةَ الْحَقِّ عَلَى مَنْ رَأَى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِهِ

6052 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ، إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَشَبَّهُ بي"1. [66:3]

1 إسناده حسن، محمد بن عمرو حسن الحديث، روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد 2/261 عن يزيد ويعلى بن عبيد، عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/425 من طريق أبي معاوية الضرير، عن محمد بن عمرو، به وانظر ما قبله.

قلت: والمراد بقوله "من رآني في المنام فقد رآني": أن رؤياه صحيحة لا تكون أضغاثا، ولا من تشبيهات الشيطان، ويعضده قوله في بعض طرقه:"فقد رأى الحق" وفي قوله: "فإن الشيطان لا يتمثل بي" إشارة إلى أن رؤياه لا تكون أضغاثاً.

ص: 417

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: "فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ"، أَرَادَ بِهِ فَكَأَنَّمَا رَآهُ فِي الْيَقَظَةِ

6053 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ

ص: 417

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَشَبَّهُ بي"1. [66:3]

1 إسناده قوي، محمد بن وهب بن أبي كريمة لا بأس به، روى له النسائي، ومن فوقه من رجال الصحيح أبو عبد الرحيم: خالد بن أبي يزيد، وأبو جحيفة: صحابي معروف اسمه وهب بن عبد الله السوائي.

وأخرجه ابن ماجة "3904" في تعبير الرؤيا: باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وأبو يعلى "881"، والطبراني 22/"279" و"280" و"281" من طريق صدقة بن أبي عمران، عن عون بن أبي جحيفة، به

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 242/1: هذا إسناد صحيح، صدقة بن أبي عمران مختلف فيه

، لكن لم ينفرد به عن عون بن أبي جحيفة، فقد رواه ابن حبان في "صحيحه" من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن عون بن أبي جحيفة، به.

ص: 418

‌ذِكْرُ إِعْجَابِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الرُّؤْيَا إِذَا قُصَّتْ عَلَيْهِ

6054 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فورخ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ:

قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُعْجِبُهُ الرُّؤْيَا، فَرُبَّمَا رَأَى الرَّجُلُ الرُّؤْيَا، فَسَأَلَ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ، فَإِذَا أُثْنِيَ عَلَيْهِ مَعْرُوفًا، كَانَ أَعْجَبَ لِرُؤْيَاهُ إِلَيْهِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ كَأَنِّيَ أَتَيْتُ، فأخرجت من المدينة، فأدخلت الجنة، فمسعت وجبة انتحت2 لها الجنة، فنظرت،

2 كذا في الأصل، و"التقاسيم" 3/لوحة 280، و"مسند أبي يعلى" الورقة=

ص: 418

فَإِذَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ1 ـ فَسَمَّتِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا2 كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل ذلك ـ فجئ بِهِمْ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ طُلْسٌ، تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُمْ، فَقِيلَ: اذْهَبُوا بِهِمْ إِلَى نَهَرِ الْبَيْذَخِ، قَالَ: فَغُمِسُوا فيه، قال: فخرجوا ووجوهم كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَأُتُوا بِصَحْفَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فيها بسرة، فاكلوا من بسره ما شاؤوا، مَا يُقَلِّبُونَهَا مِنْ وَجْهٍ إِلَّا أَكَلُوا مِنَ الْفَاكِهَةِ مَا أَرَادُوا، وَأَكَلْتُ مَعَهُمْ، فَجَاءَ الْبَشِيرُ مِنْ تِلْكَ السَّرِيَّةِ، فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَمْرِنَا كَذَا وَكَذَا، فَأُصِيبَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ حَتَّى عد اثنى3 عشرة رَجُلًا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَرْأَةِ، فَقَالَ:"قُصِّي رُؤْيَاكِ" فَقَصَّتْهَا، وَجَعَلَتْ تَقُولُ: جِيءَ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، كَمَا قَالَ الرَّجُلُ4. [66:3]

=160/1: انتحت، أي: عرضت لها الجنة وقصدتها، وفي "مسند أحمد": ارتجت.

1 في "مسند أبي يعلى": فإذا فلان بن فلان، وفلان بن فلان.

2 في الأصل: اثنا، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 280

3 في الأصل، اثنا، والتصويب من "التقاسيم".

4 اسناده قوي على شرط مسلم. وهو في "مسند أبي يعلى""3289"

....وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 7/175 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

الوجبة: صوت السقوط. طلس: أي مغبرة.

تشخب أوداجهم: أي تسيل دماً، والأوداج: هي ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح، وأحدها: ودج بالتحريك. وقيل: الودجان: عرقان غليظان من جانبي ثغرة النحر.

ص: 419

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَقُصَّ الْمَرْءُ رُؤْيَاهُ إِلَّا عَلَى الْعَالِمِ أَوِ النَّاصِحِ لَهُ

6055 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ

عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا مُعَلَّقَةٌ بِرِجْلِ طَيْرٍ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا صَاحِبُهَا فَإِذَا حَدَّثَ بِهَا وَقَعَتْ فَلَا تُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا عَالِمًا أَوْ نَاصِحًا أو حبيبا" 1

1 حديث حسن لغيره، وهو مكرر "6049" و"6050".

وأخرجه أحمد 4/10 عن بهز، عن حماد بن سلمة، به. وفيه:"الرؤيا الصالحة جزء من أربعين جزءاً من النبوة".

ص: 420

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُخْبِرَ الْمَرْءُ أَحَدًا إِذَا رَأَى فِي نَوْمِهِ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ

6056 ـ أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

ص: 420

عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَهُ، فَقَالَ: إِنِّي حَلُمْتُ أَنَّ رَأْسِيَ قُطِعَ، فَأَنَا أَتْبَعُهُ، فَزَجَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:"لَا تخبر بتلعب الشيطان بك في المنام" 1

1 إسناده صحيح، يزيد ابن موهب ثقة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة، ومن فوقه من رجال الصحيح، والليث لا يروي عن أبي الزبير إلا ما سمعه من جابر.

وأخرجه أحمد 3/350، ومسلم "2268" في الرؤيا: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني"، و"14": باب لا يخبر بتلعب الشيطان به في المنام، والنسائي في "اليوم والليلة""912"، وابن السني "776"، وابن ماجة فلا يحدث به الناس، وأبو يعلى "2262"، والحاكم 4/392 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحميدي "1286"، وأبو يعلى "1840" و"1858" عن سفيان، عن أبي الزبير، به.

وأخرجه أحمد 3/315، ومسلم "2268""15" و"16"، وابن ماجة "3912"، وأبو يعلى "2274"، والبغوي "3280" من طريق أبي سفيان، عن جابر.

ص: 421

‌ذِكْرُ مَا يُعَاقَبُ بِهِ فِي الْقِيَامَةِ مَنْ أَرَى عَيْنَيْهِ فِي الْمَنَامِ مَا لَمْ تَرَيَا

6057 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوْزَاءِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حدثنا أبو عاصم قال حدثنا بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة

عن بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الذي يري عينه

ص: 421

فِي الْمَنَامِ مَا لَمْ يَرَ، يُكَلَّفُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَالَّذِي يَسْتَمِعُ حَدِيثَ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، يُصَبُّ فِي اذنه1 الانك يوم القيامة" 2 [109:2]

1 كتب فوقها في الأصل: أذنيه "خ".

2 إسناده صحيح، أبو الجوزاء أحمد بن عثمان وثقه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 2/63، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عكرمة فقد روى له مسلم مقرونا واحتج به البخاري. عمرو بن دينار: هو المكي أبو محمد الأثرم، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.

وأخرجه الطبراني "11637" عن الحسين بن إسحاق التستري، عن أبي الجوزاء، بهذ الإسناد.

وأخرجه البخاري "7042" في التعبير: باب من كذب في حمله، وأبو داود "5024" في الأدب: باب ما جاء في الرؤيا، والترمذي "2283" في الرؤيا: باب في الذي يكذب في حلمه، من طريقين عن عكرمة، به وقد تقدم الحديث برقم "5656" و"5657".

ص: 422

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنَ الشيطان لمن رأى مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ

6058 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كنت أرى الرؤيا فتمضرنى، حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ، فَلْيَقُصَّهُ عَلَى مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ

ص: 422

مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَلْيَتْفُلْ عن يساره ثلاثا" 1 [104:1]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حفص بن عمر الحوضي، فمن رجال البخاري.

وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة""774" عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/303، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""1624"، والبخاري "7044" في التعبير: باب إذا رأى ما يكره فلا يخبره بها ولا يذكرها، ومسلم "2261""4" في أول الرؤيا، والنسائي في "اليوم والليلة""894" و"898"، والدارمي 2/124، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة""3275"، والبيهقي في "الآداب""987"، من طرق عن شعبة، به. وأخرجه أحمد 5/303، والحميدي "419"، ومسلم "2261""1" و"3" من طرق عن عبد ربه بن سعيد، به.

وأخرجه أحمد 5/305، والحميدي "418" و"419" و"420"، والبخاري "6986" في التعبير: باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، و"6995": باب من راي النبي في المنام، "7005": باب الحلم من الشيطان فإذاحلم فليبصق عن يساره، ومسلم "2261""1"، والنسائي في "اليوم والليلة""899" من طرق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، به وأخرجه النسائي "896" من طريق عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه.

ص: 423

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ مَا يَكْرَهُ فِي مَنَامِهِ لَمْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ

6059 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "الرُّؤْيَا مِنَ

ص: 423

اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الشَّيْءَ يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِذَا اسْتَيْقَظَ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا هِيَ أَثْقَلُ عَلَيَّ مِنَ الْجَبَلِ، فَلَمَّا سَمِعْتُ هَذَا الحديث ما كنت أباليها1 [104:1]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/957 في الرؤيا: باب ما جاء في الرؤيا.

ومن طريق مالك أخرجه النسائي في الرؤيا من "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 9/270، والبغوي "3274".

وأخرجه أحمد 5/310، وابن أبي شيبة 11/70، والدارمي 2/124، والبخاري "3392" في بدء الخلق: باب صفة إبليس وجنوده، و"5747" في الطب: باب النفث في الرقية، و"ي6984" في التعبير: باب الرؤيا من الله، ومسلم "2261" "1" و"2" في أول الرؤيا: باب إذا رأى في المنام ما يكره ما يصنع؟ والنسائي في "اليوم والليلة:""897" و"900" و"901"، وابن ماجة "3909" في تعبير الرؤيا: باب من رأى رؤيا يكرهها، من طرق عن يحيى بن سعيد، به.

ص: 424

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِمَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْ شِقِّهِ إِلَى شِقِّهِ الْآخَرِ بَعْدَ النَّفْثِ وَالتَّعَوُّذِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا

6060 ـ أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

ص: 424

عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا، وَيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كان عليه" 1 [104:1]

1 إسناده صحيح، يزيد ابن موهب ثقة روى له أصحاب السُّنن، ومن فوقه من رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد 3/350، وابن أبي شيبة 11/70 ومسلم "2262" في أول الرؤيا، وأبو داود "5022" في الأدب: ما جاء في الرؤيا والنسائي في "اليوم والليلة""911"، وابن ماجة"3908" في تعبير الرؤيا: باب من رأى رؤيا يكرهها، وأبو يعلى "2263"، والحاكم 4/392، والبغوي "3277" من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

ص: 425

‌كِتَابُ الطِّبِ

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّدَاوِي إِذِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لَمْ يَخْلُقْ دَاءً إِلَّا خَلَقَ لَهُ دَوَاءً خَلَا شَيْئَيْنِ

6061 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ

سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ شَرِيكٍ يَقُولُ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَيْنَا جُنَاحٌ فِي كَذَا ـ مَرَّتَيْنِ ـ؟ فقال: عباد الله، وضع الله الحرج، إِلَّا امْرُؤٌ اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ شَيْئًا، فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَهَلْ عَلَيْنَا جُنَاحٌ أَنْ نَتَدَاوَى؟ فَقَالَ:"تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً" قَالُوا: يَا رَسُولَ لله، فَمَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ؟ قَالَ:"خُلُقٌ حسن" 1

1 إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الحميدي "824"، وابن أبي شيبة 8/2، وابن ماجة "3436" في الطب: باب مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ سفاء، وزادوا فيه في قصة =

ص: 426

قَالَ سُفْيَانُ: مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ إسناد أجود من هذا

ص: 427

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِنْزَالِ اللَّهِ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً يُتَدَاوَى بِهِ

6062 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ:

أَخْبَرَنَا بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إلا نزل مَعَهُ دَوَاءٌ، جَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، وَعَلِمَهُ مَنْ علمه" 1 [66:1]

= التدواي "إلا الهرم"، وقال البوصيري في "مصباح الزجاج" ورقة 231: هذا إسناده صحيح رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد 4/278، والطيالسي "1232"، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""268"، البخاري في "الأدب المفرد"291"، وأبو داود "3855" في الطب: باب في الرجل يتداوى، والترمذي "2038" في الطب: باب ما جاء في الدوء والحث عليه، والطبراني في "الصغير" "559"، وفي "الكبير" "463" و"464" و"465" و"466" و"467" و"471" و"474" و"477" و"478" و"479" و"480" و"482" و"483" و"484"، والحاكم 4/399و400، والبيهقي 9/343، والبغوي في "شرح السنة" "3226" من طرق عن زياد بن علاقة، به. وزادوا فيه أيضا "إلا الهرم".وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، فقد رواه عشرة من أئمة المسلمين وثقاتهم عن زياد بن علاقة، ثم ذكر الحاكم طرقهم، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وانظر "6064".

1 حديث صحيح، خالد بن عبد الله ـ وهو الواسطي ـ وإن كان سمع من =

ص: 427

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا إِذَا عُولِجَتْ بِدَوَاءٍ غَيْرِ دَوَائِهَا لم تبرأ حتى تعالج به

6063 ـ أخبرنا بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ" 1 [66:3]

=عطاء بعد الإختلاط، قد توبع ممن رووا عن عطاء قبل اختلاطه.

وأخرجه أحمد 1/377و413، والحميدي "90"، ابن ماجة "3438" في الطب: باب مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شفاء، والحاكم 4/399، والبيهقي 9/343 من طريق سفيان الثوري وابن عيينة، وأحمد 1/446 من طريق علي بن عاصم، والحاكم 4/196 – 197 من طريق عبيدة بن حميد، وأحمد 1/453 من طريق همام، خمستهم عن عطاء بن السائب، بهذا الإسناد. والسفيانان سمعا من عطاء قبل اختلاطه. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 231: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/3، والطبراني "8969" من طريقين عن عطاء بن السائب، به موقوفا على ابن مسعود من كلامه، وسيأتي برقم "6075"

1 إسناده على شرط مسلم. =

ص: 428

‌ذِكْرُ وَصْفِ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا دَوَاءَ لَهُمَا

6064 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أبى شيبة، حدثنا بن إِدْرِيسَ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَسُفْيَانَ ـ هُوَ الثَّوْرِيُّ ـ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ

ص: 428

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا وَقَدْ أَنْزَلَ له شفاء، إلا السام والهرم" 1 [7:1]

وأخرجه أحمد 3/335، ومسلم "2204" في السلام: باب لكل داء دواء، واستحباب التداوي، والنسائي في الطب كما في "التحفة" 2/310، والحاكم، 4/401، والبيهقي 9/343 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه أسامة بن شريك لم يخرج له الشيخان، وحديثه عند أصحاب السنن.

وأخرجه الحاكم 4/399 من طرق عن مسعر، بهذ الإسناد مطولاً.

وأخرجه أحمد 4/278 من طريق المطلب بن زياد، عن زياد بن علاقة، به وقد تقدم، به. وقد الحديث برقم "6029" قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" 4/15: وفي هذه الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافي دفع اء الجوع والعطش ولحر والبرج بأضدادها، بل لا تتم جقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزٌ ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا يدفع هذا الا عتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه يوكلاً، ولا توكله عجزاً.

ص: 429

‌ذكر الزجر عن تدواي الْمَرْءِ بِمَا لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا

6065 ـ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ يُحَدِّثُ

ص: 429

عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ أَتَوَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ، يُقَالُ لَهُ: سُوَيْدُ بْنُ طَارِقٍ، فَقَالَ: إِنَّا نصنع الخمر، فنهاه عنها، فقال: إنما تداوي بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ليست بدواء إنها داء" 1 [66:2]

1 إسناده حسن على شرط مسلم سماك: صدوق لا يرقى حديثه إلى رتبة الصحيح.

وأخرجه عبد الرزاق "17100"، وأحمد 4/317، وابن أبي شيبة 8/22، ومسلم "1984" في الأشربة: باب تحريم التداوي بالمخمر، وأبو داود "3873" في الطب: باب في الأدوية المكروهة، الترمذي "2046" في الطب: باب ما جاء في كراهية التداوي بالمسكر، والبيهقي 10/4 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/317و5/292، وابن ماجة "3500" في الطب: باب النهي أن يتداوى بالخمر، من طريقين عن سماك بن حرب، به.

ص: 430

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِبْرَادِ الْحُمَّى بِالْمَاءِ بِذِكْرِ لَفْظَةٍ مُجْمَلَةٍ غَيْرِ مُفَسَّرَةٍ

6066 أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ شِدَّةَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فأبردوها بالماء" 2 [23:1]

2 إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه مسلم "2209""78" في السلام: باب لكل داء دواء واستحباب التداوي، عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/81، ومسلم "2209""78"، وابن ماجة "3472" في الطب: باب الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء، من طريقين عن عبد الله بن نمير، به.

وأخرجه أحمد 2/21، وابن أبي شيبة 8/81، والبخاري "3264" في بدء الخلق: باب صفة النار وأنها مخلوقة، ومسلم "2209""78" من طريقين عن عبيد الله بن عمر، به.

وأخرجه مسلم "2209""79" من طريق الضحاك بن عثمان، عن نافع، به.

وأخرجه أحمد 2/85، ومسلم "2209""80"، والطبراني "13342" من طريق محمد بن زيد، عن ابن عمر.

ص: 430

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6067 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الشافعي، عن مالك، عن نافع

عن بن عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ1 [23:1]

1 إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" براوية يحيى الليثي 2/945 في العين: باب الغسل بالماء من الحمى، وفيه: "الحمى من فيح جهنم

"

وأخرجه البخاري "5723" في السلام: باب لكل داء دواء واستحباب التداوي،=

ص: 431

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِأَنَّ شِدَّةَ الْحُمَّى إِنَّمَا تُبَرَّدُ بِمَاءِ زَمْزَمَ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمِيَاهِ

6068 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ

ص: 431

أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ:

كُنْتُ ادفع الناس عن بن عَبَّاسٍ، فَاحْتَبَسْتُ أَيَّامًا، فَقَالَ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: الْحُمَّى، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جهنم، فأبردوها بماء زمزم" 1

= والبيهقي 1/225 من طريق عبد الله بن وهب، عن مالك، بهذا الإسناد.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين عفان: هو ابن مسلم، وهمام: هو ابن يحيى، وأبو جمرة: اسمه نصر بن عمران بن عصام الضبعي.

وأخرجه أحمد 1/291، وابن أبي شيبة 8/81، النسائي في الطب كما في "التحفة" 5/302، وأبو يعلى "2732"، واطبراني "12967"، والحاكم 4/403 من طريق عفان، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وأخرجه البخاري "3261" في بدء الخلق: باب صفة النار وأنها مخلوقة، ولحاكم 4/200 من طريقين عن همام، به.

ص: 432

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى جَوَازَ اتِّخَاذِ النُّشْرَةِ لِلْأَعِلَّاءِ

6069 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، قال: حدثنا بن وَهْبٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَكِّيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "اكْشِفِ

ص: 432

الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ"، ثُمَّ أَخَذَ تُرَابًا مِنْ بُطْحَانَ فَجَعَلَهُ فِي قَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ1 [12:5]

1 كذا في الأصل ومصادر التخريج، وفي "التقاسيم" 5/لوحة210،وهامش الأصل: عليَّ.

ويوسف بن محمد بن ثابت لم يرو عنه غير عمرو بن يحيى المازني، ولم يوثقه غير المؤلف، وروى له أبو داود والنسائي في "اليوم والليلة"، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد بن ثابت والد يوسف، فقد روى له أبو داود والنسائي في "اليوم والليلة"0وله رؤية.

وأخرجه أبو داود "3885" في الطب: باب ما جاء في الرقى، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/322 عن أبي الطاهر بن السرح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود "3885"، والنسائي في "اليوم والليلة""1017" و"1040"، ويعقوب بن سفيان 1/322، والطبراني "1323" من طرق عن ابن وهب، به.

وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/377 من طريق يحيى بن صالح، عن داود بن عبد الرحمن، به.

وأخرجه مرسلا النسائي "1028"، والبخاري في "تاريخه" 8/377 تعليقا، من طرق عن عمرو بن يحيى بن عمارة، عن يوسف بن محمد بن ثابت ب قيس بن شماس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى ثابت بن قيس.

وبطحان: واد في المدينة، وهو أحد أوديتها الثلاثة: العقيق وبطحان وقناة، والمحدثون يضبطونه بضم الباء وسكون الطاء، واهل اللغة يضبطونه بفتح الباء وكسر الطاء.

ص: 433

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّدَاوِي بِالْقُسْطِ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ

6070 ـ أخبرنا بن قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا

ص: 433

بن وهب، قال أخبرنا يونس، أن بن شِهَابٍ أَخْبَرَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ

أَنَّ أُمَّ قَيْسِ بِنْتَ مِحْصَنٍ ـ وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، اللَّاتِي بَايَعْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ ـ أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِابْنٍ لَهَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، وَقَدْ أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"عَلَامَ تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ بِهَذَا الْإِعْلَاقِ، عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ، ـ يَعْنِي بِهِ الْكُسْتَ ـ فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ" 1

الْكُسْتُ يَعْنِي القسط: قاله الشيخ. [78:1]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم عبيد الله بن عتبة: هو عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بن مسعود الهذلي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه مسلم "2214""87" في السلام: باب التداوي بالعود الهندي، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/355و356، والحميدي "344"، وعبد الرزاق"20168"، ابن أبي شيبة 8/8 – 9، البخاري "5692" في الطب: باب السعوط بالقسط الهندي والبحري، و"5713": باب اللدود، و"5715": باب العذرة، و"5718": باب ذات الجنب، ومسلم "2214"، والطحاوي 4/324، والطبراني 25/"435" و"442"، البيهقي 9/346، والبغوي "3238" من طرق عن الزهري، به.=

ص: 434

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّدَاوِي بِالْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ لِمَنْ كَانَ ذَلِكَ مُلَائِمًا لِطَبْعِهِ

6071 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"عَلَيْكُمْ بِالْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ، فَإِنَّ فِيهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلا السام"

يريد الموت"1 [78:1]

=قوله "أعلقت عليه من العذرة"، قال ابن الأثير في "النهاية" 3/198: العذرة بالضم: وجمع في الخلق يهيج من الدم، وقيل: هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق، تعرض للصبيان عند طلوع العذرة، فتعمد المرأة إلى خرقة فتفتلها فتلا شديدا، وتدخلها في أنفه فتطعن ذلك الموضع، فيتفجر منه دم أسود، وربما أقرحه، وذلك الطعن يسمى "الدّعر"، يقال: عذرت المرأة الصبي، إذا غمزت حلقه من العذرة، أو فعلت به ذلك،

وقوله "من العذرة" أي: من أجلها.

والإعلاق: معالجة عذرة الصبي، وأعلقت عليه، أي: أزلت العلوق عنه، وهي الداهية، و"على" بمعنى "عن" كما في قوله تعالى:{الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} ، أي: عنهم.=

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه الحنظلي، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 2/241، وابن أبي شيبة 8/10، والحميدي "1107"، ومسلم "2215" "88" في السلام: باب التداوي بالحبة السوداء، عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق "20169"، وأحمد 2/268 و343، والبخاري=

ص: 435

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاكْتِحَالِ بِالْإِثْمِدِ بِاللَّيْلِ إِذِ اسْتِعْمَالُهُ يَجْلُو الْبَصَرَ

6072 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير

= "5688" في: باب الحبة السوداء، ومسلم "2215""88"، وابن ماجة "3447" في الطب: باب الحبة السوداء، والبيقهي 9/345، البغوي "3228" من طرق عن ابن شهاب، به.

وأخرجه أحمد 2/261 و429 و504 من طرق محمدُ بن عمرٍو، عن أبي سلمة، به.

وأخرجه البخاري "5688"، ومسلم "2215""88" و"89"، والترمذي "2070" في الطب: باب ما جاء في الكمأة والعجوة، والبغوي "3227" من طرق عن أبي هريرة.

قوله: "فإن فيها شفاء من كل شيء إلا السام"، قال الخطابي: هو من العام الذي يراد به الخاص، لأنه ليس في طبع شيء من النبات ما يجمع جميع الأمور تقابل الطبائع في معالجة الأدواء بمقابلتها، وإنما المراد أنها شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة.

وقال أبوبكر ابن العربيك العسل عند الأطباء أقرب إلى أن يكون دواء من كل داء من الحبة السوداء، ومع ذلك، فإن من الأمراض ما لوشرب صاحبه العسل لتأذي، فإن كان المراد بقوله في العسل:{فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} الأكثر الأغلب، فحمل الحبة السوداء على ذلك أولى.

وقال غيره: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصف الدواء بحسب ما يشاهده من حال المرايض، فلعل قوله في الحبة السوداء وافق مرض من مزاجه بارد، فيكون معنى قوله:"شفاء من كل داء" أي: من هذا الجنس الذي وقع القول فيه، والتخصيص بالحيثية كثير شائع، والله أعلم.

ص: 436

عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ عِنْدَ النَّوْمِ، ينبت الشعر، ويجلو البصر" 1 [95:1]

1 إسناده قوي على شرط مسلم. رجاله رجال الشيخين غير عبد الله بن عثمان بن خيثم، فمن رجال مسلم محمد بن عبد الله الأسدي: هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي مولاهم أبو أحمد الزبيري الكوفي، وأبو خيثمة: هو زهير بن حرب. وهو في "مسند أبي يعلى""2727".

وأخرجه أحمد 1/231و274، والحميدي "520"، وابن ماجة "3497" في الطب: باب الكحل بالإثمد، والطبراني في "تهذيب الآثار""765" من طرق عن سفيان، به.

وأخرجه الطبراني في "تهذيب الآثار""761" و"762" و"763" و"764"، والطبراني في "الكبير""12491" من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، به وقد تقدم الحديث عند المؤلف بأطول مما هنا برقم "5399".

ص: 437

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ أَكْحَالِكُمْ" يُرِيدُ بِهِ: مِنْ خَيْرِ أَكْحَالِكُمْ

6073 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى السِّخْتِيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سعيد بن جبير

عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مِنْ خَيْرِ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر" 2 [95:1]

2 إسناده قوي على شرط مسلم. العباس بن الوليد: هو النرسي، ووهيب: هو ابن خالد بن عجلان الباهلي. وهو مكرر "5423".

ص: 437

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ فِي الْكَمْأَةِ شِفَاءً مِنْ عِلَلِ الْعَيْنِ

6074 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي يَدِهِ أَكْمُؤٌ، فَقَالَ:"هَؤُلَاءِ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ" 1 [66:3]

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير المنهال بن عمرو، فمن رجال البخاري. شيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي. وهو في "مسند أبي يعلى""1348".

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/88 عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد

وأخرجه أحمد 3/48، والنسائي في الوليمة كما في "التحفة" 2/189، وابن ماجة "3453" في الطب: باب الكمأة والعجوة، من طريقين عن جعفر بن إياس، عن شهر بن حوشب، عن أبي سعيد وجابر.

وأخرجه ابن ماجة "3453" من طريق أبي نضر، عن أبي سعيد.

وفي الباب عن سعيد بن زيد عند أحمد 1/187 و188، وابن أبي شيبة 8/88 و89، والبخاري "4478" و"4639" و"5708"، ومسلم "2049"، والترمذي "2067"، وابن ماجة "3454"، والبغوي "2896" و"2897".

وعن أبي هريرة عند أحمد 2/301 و305 و325و326 و357و421و488و490و511، وابن أبي شيبة 8/88، والترمذي "2066" و"2068"، وابن ماجة "3455"، والبغوي "2898".

قوله "وفي يده أكمؤ": هو جمع كمء، كأفلس، جمع فلس، والكمء واحد الكمأة، وهذا خلاف قياس العربية، فإن ما بينه وبين واحده بالتاء، =

ص: 438

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّ أَلْبَانَ الْبَقَرِ نَافِعَةٌ لِكُلِّ مَنْ بِهِ عِلَّةٌ مِنَ الْعِلَلِ

6075 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا انزل

=فالواحد منه بالتاء، وإذا حذفت كان للجمع، ولم يخرج عن هذا إلا حرفان: كمأة وكمء، وجبأة وجبء، هذا قول ابن الأعرابي، وغيره: بل هي على القياس: الكمأ للواحد، والكمء للكثير، وحكي عن أبي زيد أن الكمأة يكون واحدا وجميعا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "الكمأة من المن" فيه قولان:

أحدهما: أن المن الذي أنزل على بني إسرائيل لم يكن هذا الحلو فقط، بل أشياء كثيرة من الله عليهم بها من النبات الذي يوجد عفوا من غير صنعة ولا علاج ولا حرث، فإن المن مصدر بمعنى المفعول، أي: ممنون به، فكل ما رزقه الله العبد عفوا بغير كسب منه ولا علاج، فهو من محض، وإن كانت سائر نعمه مناً منه على عبده، فخص، منها ما لا كسب له فيه، ولا صنع، باسم المن، فإنه من بلا واسطة العبد، وجعل سبحانه قوتهم بالتيه الكمأة، وهي تقوم مقام الخبز، وجعل أدمهم السلوى، وهو يقوم مقام اللحم، وجعل حلواهم الطل الذي ينزل على الأشجار يقوم لهم مقام الحلوى، فكمل بذلك عيشهم، ويشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "من المن"، فأشار إلى أنه فرد من أفراده، فالترنجبين "هو الطل" كذلك فرد من أفراد المن، وإن غلب استعمال المن عليه عرفاً.

والقول الثاني: أنه شبه الكمأة بالمنً المنزل من السماء، لأنه يجمع من غير تعب ولا كلفة، ولا زرع بزر ولا سقي. انظر "زاد المعاد" 4/361 - 362

ص: 439

اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً، فَعَلَيْكُمْ بِأَلْبَانِ الْبَقَرِ، فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ الشَّجَرِ" 1 [66:3]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حميد بن زنجويه، وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي محمد بن يوسف: هو الفريابي، وسفيان: هو الثوري، وقيس بن مسلم: هو الجذلي الكوفي.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات""2165" عن حميد بن زنجويه، بهذا الإسناد، الل أنه وقفه على ابن مسعود.

وأخرجه أيضا "2165" عن حميد بن زنجويه، عن محمد بن يوسف الفريابي، به

وأخرجه الطحاوي 4/326 عن أبي بشرالرقي، عن محمد بن يوسف الفريابي، به.

وأخرجه الطيالسي "368"، وابو القاسم البغوي "2163" و"2166"، والحاكم 4/196 و197، والبيهقي 9/345 من طرق عن قيس بن مسلم، به صححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وأخرجه موقوفا أيضا الطبراني "9164" من طريق المسعودي، عن قيس بن مسلم، به.

وأخرجه أحمد 4/315، وأبو القاسم البغوي "2163" من طريقين عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، مرسلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بألبان البقر، فإنها ترم من الشجر، وهو دواء من كل داء" وانظر الحديث المتقدم برقم "6062".

ص: 440

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَرْءِ الْحَجْمَ عِنْدَ تبيغ الدم به

6076 ـ أخبرنا بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا

ص: 440

بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ، أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ

أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَادَ الْمُقَنَّعَ، فَقَالَ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"إن فيه شفاء" 1 [66:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى فمن رجال مسلم بكير: هو ابن عبد الله بن الأشج.

وأخرجه أحمد 3/335، والبخاري "5697" في الطب: باب الحجامة من الداء، ومسلم "2205" في السلام: باب لكل داء دواء واستحباب التداوي، وأبو يعلى "2037"، ولحاكم 4/409، والبيهقي 9/339 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 3/343، وابن أبي شيبة 8/84، والبخاري "5683" في الطب: باب الدواء بالعسل، و"5702": باب الحجامة من الشقيقة والصداع، و"5704": باب من أكتوى أو كوى غيره وفضل من يكتو، ومسلم "2205""71"، والطحاوي 4/322، وأبويعلى "2100"، والبيهقي 9/341، والبغوي "3229" من طريقين عن عاصم بن عمر، عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن كان في شيئ من أدويتكم خير – ففي شرطة محجم، أو شربة من عسل، أو لذعة بنار توافق داء، وما أحب أن اكتوي".

والمقنع: هو ابن سنان، تابعي لا يعرف إلا في هذا الحديث. قاله. الحافظ ابن حجر في "الفتح" 10/152.

ص: 441

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ الِاحْتِجَامِ لِلْمَرْءِ عَلَى الْكَاهِلِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَهُ

6077 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ

ص: 441

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ عَلَى الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ1 [1:2]

1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وجرير بن حازم، وإن كان في روايته عن قتادة ضعيف، قد توبع. وهو في "مسند أبي يعلى""3048".

وأخرجه الإمام أحمد 3/119و192، والطيالسي "1994"، وأبو داود "3860" في الطب: باب موضع الحجامة، والترمذي "2051" في الطب: باب ما جاء في الحجامة، وابن ماجة "3483" في الطب: باب موضع الحجامة، والبيهقي 9/340 من طرق عن جرير بن حازم، به قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد 1/234و241و316و324و33. وانظر الحديث المتقدم عند المؤلف برقم "3952"

والأخدعان: عرقان في جانبي العنق. والكاهل من الإنسان: ما بين كتفيه، أو موصل العنق في الصلب.

ص: 442

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَحْتَجِمَ عَلَى غَيْرِ الْأَخْدَعَيْنِ مِنْ بَدَنِهِ

6078 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا هِنْدٍ حَجَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَافُوخِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" [يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ] أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ، وَانْكِحُوا إِلَيْهِ" فَقَالَ: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَدَاوَوْنَ بِهِ [خير] فالحجامة" 2 [1:4]

2 إسناده حسن، وهو مكرر "4067"، وهو في "مسند أبي يعلى" ورقة 275/2، والزيادتان منه.

ص: 442

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاكْتِوَاءِ لِمَنْ بِهِ عِلَّةٌ

6079 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عباد المكي، قال: حدثنا بن أبى فديك، عن بن أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَمَرَ بابن زرارة أن يكوى1 [95:1]

1 إسناده قوي على شرط الشيخين محمد بن عباد المكي: هو ابن الزبرقان، وابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم.

وأخرجه أبو يعلى "4825" عن محمد بن عباد، بهذا الإسناد. قال الهيثمي في "المجمع" 5/98 بعد أن نسبه إلى أبي يعلى: رجاله رجال الصحيح.

ص: 443

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أُمِرَ أَسْعَدُ بِالِاكْتِوَاءِ

6080 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَوَى أسعد بن زرارة من الشوكة2 [95:1]

2 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمران بن ميسرة، فمن رجال البخاري.

وأخرجه الترمذي "2050" في الطب: باب ما جاء في الرخصة في الكي، وأبو يعلى "3582"، والطحاوي 4/321، والبيهقي 9/342 من طرق عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الحاكم 4/417 ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 4/65 و5/378 عن حسن بن موسى، عن زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن بعض أصحاب =

ص: 443

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=النبي صلى الله عليه وسلم قال: كوى رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا أو أسعد بن زرارة في حلقه من الذبحة، وقال:"لا أدع في نفسي حرجا من سعد، أو أسعد بن زرارة" قال الهيثمي في "المجمع" 5/98: رجاله ثقات.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات" 2719" عن علي بن الجعد، وابن سعد في "الطبقات" 3/610، عن الفضل بن دكين، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/321 من طريق أحمد بن يونس، ثلاثهم عن زهير، عن أبي الزبير، عن عمرو بن شعيب، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

، فذكره.

وأخرجه عبد الرزاق "19515"، وابن سعد 3/611 عن معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: دخل رسول الله عليه وسلم على أسعد بن زرارة، وبه وجع يقال له: الشوكة، فكواه حوراء على عنقة، فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"بئس الميت لليهود يقولون: قد داواه صاحبه، أفلا نفعه! "، وقوله: حوراء، تحرفت، في "المصنف" إلى: حوران.

وأخرجه الحاكم 4/214 من طريق ابن وهب، عن يونس، وابن سعد 3/610 من طريق صالح بن كيسان، كلاهما عن الزهري، به وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وأخرجه بنحوه أيضا 4/214 – 215 من طريق أبي داود، عن شبعة، عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة قال: سمعت عمي – وما رأيت أحدا منا به شبيها – يحدث أن سعد بن زرارة أخذه وجع، ويسميه أهل المدينة: الذبح، فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ميت سوء ليهود، ليقولن: لولا دقع عن صاحبه! ّ ولا املك له ولا لنفسي شيئا". وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي! مع أن عم محمد بن عبد الرحمن: وهو يحيى بن أسعد بن زرارة، وهو صحابي صغير، لم يخرج له البخاري ولا مسلم، وأبو داود – وهو الطيالسي – أخرج له مسلم، ولم يخرج له البخاري شيئا إلا تعليقا.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/65، وابن ماجة "3492" في الطب: باب =

ص: 444

قال أبو حاتم رضى الله تعإلى عَنْهُ: تَفَرَّدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ

ص: 445

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَكْوِي الْمَرْءُ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ لِعِلَّةٍ تَحْدُثُ

6081 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ الْحَسَنِ

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكَيِّ، فَاكْتَوَيْنَا، فَمَا أَفْلَحْنَا وَلَا أنجحن1ا [96:2]

=من اكتوى، من طريقين عن شعبة، به.

والشوكة، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/510 هي حمرة تعلو الوجه والجسد، يقال منه: شيك الرجل فهو مشوك، وكذلك إذا دخل في جسمه شوكة.

1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن خلاد الباهلي فمن رجال مسلم، وهو ثقة.

وأخرجه أحمد 4/427، والترمذي "2049" في الطب: باب ما جاء في كراهية التداوي بالكي، والحاكم 4/213 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد، ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن ماجة 4/427، والترمذي "2049"، والطحاوي 4/320 من طريقين عن قتادة، به.

وأخرجه ابن ماجة "3490" في الطب: باب الكي، من طريقين عن الحسن، به.

وأخرجه الطيالسي "831"، وأبو داود "3865" في الطب: باب في =

ص: 445

6082 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن صَاحِبٍ لَهُمْ أَنْ يَكْوُوهُ، فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلُوهُ ثلاثا فسكت، وكره ذلك1 [110:2]

=الكي، والبيهقي 9/342 من طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عن عمران بن الحصين وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الحاكم 4/416 – 417 من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن يزيد بن حميد أبي التياح، عن مطرف، به قال: صحيح الإسناد على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الأحوص – وهوعوف بن مالك بن نضلة الجشمي – فمن رجال مسلم، وسماع شعبة من أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي قديم أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه الطحاوي 4/320 من طريق وهب، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي 4/320 من طريق وهب، عن شعبة، بهذا الإسناد 4/320، والحاكم 4/214 و416، البيهقي 9/342 من طرق عن أبي إسحاق، به وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي،! وقالوا فيه:"اكووه إن شئتم فارضفوه بالرضف".

ص: 446

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي يُعَارَضُ فِي الظَّاهِرِ هَذَا الزَّجْرَ الْمُطْلَقَ

6083 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ

ص: 446

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رُمِيَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ سَعْدُ فَقُطِعَ أَكْحَلُهُ، فَنَزَفَهُ فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّارِ، فَنَزَفَهُ، فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّارِ أُخْرَى1 [96:2]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الزَّجْرُ عَنِ الْكَيِّ فِي خَبَرِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إِنَّمَا هُوَ الِابْتِدَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ تُوجِبُهُ، كَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ تُرِيدُ بِهِ الْوَسْمِ، وَخَبَرُ جَابِرٍ فِيهِ إِبَاحَةُ اسْتِعْمَالِهِ لِعِلَّةٍ تَحْدُثُ مِنْ غَيْرِ الِاتِّكَالِ عَلَيْهِ فِي بُرْئِهَا، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَخْبَارَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم تتضاد

1 إسناده صحيح على شرط مسلم أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه أحمد 3/350، والدارمي 2/238، والطحاوي 4/321 من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.

وأجه الطيالسي "1745" و"1746"، وأحمد 3/312 و386، وابن أبي شيبة 8/63، ومسلم "2208" في السلام: باب لكل داء دواء واستحباب التداوي، وأبو داود "3866" في الطب: باب في الكي، وابن ماجة "3494" في الطب: باب من اكتوى، وأبو يعلى "2158"، والطحاوي 4/321، والحاكم 4/417، والبيهقي 9/342 من طريق عن أبي الزبير، به.

ص: 447

‌كتاب الرقى والتمائم

‌مدخل

كِتَابُ الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ

6084 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ

عن بن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ بِالْمَوْسِمِ، فَرَأَيْتُ أُمَّتِي، فَأَعْجَبَتْنِي كَثْرَتُهُمْ وَهَيْئَتُهُمْ قَدْ مَلَؤُوا السَّهْلَ وَالْجَبَلَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرَضِيتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، قَالَ: وَمَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"، فَقَالَ عُكَّاشَةُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ:"اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ"، ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ آخَرُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ:"سَبَقَكَ بها عكاشة" 1

1 إسناده حسن، عاصم – وهو ابن أبي النجود – روى له أصحاب السنن، وحديثه في "الصحيحين" مقرون، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم زر: هو ابن حبيش.

وأخرجه أحمد 1/403 و454، وأبو يعلى في "مسنده" ورقة 251/2 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.=

ص: 448

6085 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي يَدِ رَجُلٍ حَلَقَةً، فَقَالَ:"مَا هَذَا"؟ قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ، قَالَ:"مَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا انْبِذْهَا عَنْكَ، فَإِنَّكَ إِنْ تَمُتْ وَهِيَ عَلَيْكَ وكلت عليها" 1 [107:2]

=وأخرجه أحمد 1/418 مختصراً عن عبد عبد الصمد، عن همام، عن عاصم، به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 9/304 – 305، وقال: رواه أحمد مطولا ومختصرا، ورواه أبو يعلى، ورجالهما في المطول رجال الصحيح وانظر "6057" و"6397""7302".

1 رجاله ثقات رجال الشيخين غير مبارك بن فضالة، فقد روى له أصحاب السنن، وعلق له البخاري، وهو صدوق لكنه يدلس وقد عنعن، والحسن – وهو ابن أبي الحسن البصري – لم يصرح بسماعه من عمران.

وأخرجه الطبراني 18/ (391) عن الفضل بن الحباب، بهذا الاسناد.

وأخرجه أحمد 4/445، وابن ماجة (3531) في الطب: باب تعليق التمائم، والطبراني 18/ (391) من طرق عن مبارك بن فضالة، به.

قال البوصيري في "الزوائد" ورقة 221/1: هذا إسناد حسن، مبارك بن فضالة مختلف فيه.

قلت: وأخرجه الطبراني 18/ (414) من طريق هشيم، عن منصور، عن الحسن، به.

وأخرجه الطبراني أيضاً 18/ (355) من طريق إسحاق بن الربيع أبي حمزة العطار، عن الحسن، عن عمران موقوفاً عليه، وزاد فيه: وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تطير ولا تطير له، ولا تكهن ولا تكهن له" أظنه قال: "أو سحر أو سحر له". قال الهيثمي في "المجمع" 5/103ـ

ص: 449

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ الَّتِي فِيهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

6086 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ عُبَيْدٍ الْمَعَافِرِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ

أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ الله له" 1 [28:2]

104،ونسبه إلى الطبراني: وفيه إسحاق بن الربيع العطار، وثقه أبو حاتم، وضعفه عمرو بن على، وبقية رجاله ثقات. وانظر (6088) .

وأخرج عبد الرزاق (20344) عن معمر، عن الحسن، أن عمران بن الحصين نظر إلى رجل في يده فتخ من صُفر، فقال: ما هذا في يدك؟ قال: صنعته من الواهنة، فقال عمران: فإنه لا يزيدك إلا وهناً.

والواهنة: قال صاحب "النهاية"5/234: عرق يأخذ في المنكب وفي اليد كلها فيرقي منها، وقيل: هو مرض يأخذ في العضد، وربما علق عليها جنس من الخرز، يقال لها: خرز الواهنة، وهي تأخذ الرجال دون النساء، وإنما نهاه عنها، لأنه إنما اتخذها على أنها تعصمه من الألم فكان عنده في معنى التمائم المنهي عنها.

1 خالد بن عبيد المعافري لم يوثقه غير المؤلف، ولم يرو عنه غير حيوة بن شريح، ومشرح بن هاعان حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه الحاكم 4/216،والبيهقي 9/350 من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب عن أبي وهب بهذا الإسناد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد4/154،وأبو يعلى (1759) ، والطحاوي 4/325، والطبراني 17/ (820) ، والحاكم 4/417 من طرق عن حيوة بن=

ص: 450

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=شريح، به.

وجود إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/157، وقال الهيثمي في "المجمع" 5/103 بعد أن نسبه إلى أحمد وأبي يعلى والطبراني: ورجالهم ثقات.

وأخرجه الإمام أحمد 4/156 عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد العزيز بن مسلم، عن يزيد بن أبي منصور، عن دخين الحجري، عن عقبة بن عامر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط، فبايع تسعة، وتركت هذا! قال:"إن عليه تميمة "، فأدخل يده فقطعها، فبايعه، وقال:"من علق تميمة فقد أشرك". وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير دخين الحجري، فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة، وهو ثقة، وقال المنذري في "الترغيب" 4/307، والهيثمي في "المجمع" 5/219 من طريق سهل بن أسلم العدوي، عن يزيد بن أبي منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني17/ (885) من طريق عبد العزيز بن مسلم، به، إلى قوله:"فأدخل يده فقطعها فبايعه"، ولم يذكر فيه قوله صلى الله عليه وسلم:"من علق تميمة فقد أشرك"

وأخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/325 عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن بكر بن سوادة، عن رجل من صداء، قال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلاً، فبيعناه، وترك رجلا منا لم يبايعه، فقلنا: بايعه يانبي الله، فقال:"لن أبايعه حتى ينزع الذي عليه، إنه ما كان منا مثل الذي عليه، كان مشركا ما كانت عليه"، فنظرنا فإذا في عضده سير من لحي شجر، أو شيئ من الشجرة وهذا سند حسن.

والتميمة، قال ابن الأثير في "النهاية": خرزوات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم، فأبطلها الإسلام، والودع، بالفتح=

ص: 451

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِرْقَاءِ بِلَفْظَةٍ مُطْلَقَةٍ أُضْمِرَتْ كَيْفِيَّتُهَا فِيهَا

6087 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ

عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"من اكتوى أو استرقى، فقد بريء من التوكل" 1 [107:2]

= والسكون: جمع وذعة، وهو شيء أبيض يجلب من البحر، يعلق في حلوف الصبيان وغيرهم، وإنما نهى عنها، لانهم كانوا يعلقونها مخافة العين، قوله:"لا ودع الله له" أي: لا جعله في دعة وسكون، وقيل: هو لفظ مبنى من الودعة، أي: لا خفف الله عنه ما يخافه.

قلت: ومثل هذا الخرزات في الحرمة ما يعمد إليه بعض الناس من تعليق حذاء طفل صغير، أوحدوة فرس، أو كف مرسوم في وسطها عين، فوق باب الدار، أو في مقدمة السيارة، زعما بأنها تدفع العين، فهو – على ما به من محافظة للحديث النبوي – مما ينبغي أن يتنزه عنه الفطن العاقل اللبيب.

1إسناده صحيح، أبوبكر بن خلاد الباهلي: أسمه محمد، وهو من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين غير عقار بن المغيرة وهوثقة روى له أصحاب السنن غير أبي داود. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر.

وأخرجه الترمذي "2055" في الطب: باب ما جاء في كراهية الرقية، عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد وقال حسن صحيح.

وأخرجه البيهقي: وقيل: عنه "أي عن سفيان" عن مجاهد، عن حسان، بن أبي وجزة، عن عقار، وقد سمع مجاهد الحديث عن عقار إلا أنه لم يحفظه، فأمر حساناً "وهو ابن أبي وجزة" فحفظة له، قاله جرير =

ص: 452

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ

6088 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنِ الْحَسَنِ

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وفي

=عن منصور.

قلت: علقه البخاري في "التاريخ الكبير"ش 7/94 فقال: قال عثمان: حديثنا جرير، ووصله النسائي في الطب كما في "التحفة" 8/486 عن الحسين بن حريث، عن جريرة، به.

وأخرجه أحمد 4/253 عن غندر وحجاج، قالا: حدثنا شعبة، عن منصور قال: سمعت مجاهداَ يحدث، قال: حدثني عقار، بن المغيرة بن شعبة حديثا، فلما خرجت من عنده لم أمعن حفظه، فخرجت إليه أنا وصاحب لي، فلقيت: كذا كذا، فقال حسان: حدثناه عقار، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

فذكر الحديث.

وعلقه البخاري في "تأريخه" 7/94 فقال: قال محمد بن بشار: حدثنا غيدر سمع شعبة، سمع منصوراً

فذكره.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/69 عن غندر، عن شعبة، عن مجاهد، عن حسان بن أبي وجزة قال: حدثني عقار. فذكره، ولم يذكر فيه قصة نسيان سفيان للحديث.

وأخرجه أحمد 4/249، وابن ماجة "3489" في الطب: باب الكي، من طريق إسماعيل بن علية، عن الليث بن سعد، والحميدي "763"، والحكام 4/415 عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، والبغوي "3241" من طريق حماد، ثلاثتهم عن مجاهد، عن عقار، به.

وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/95 عن سفيان بن عيينة، به.=

ص: 453

عَضُدِهِ حَلَقَةٌ مِنْ صُفْرٍ، فَقَالَ:"مَا هَذِهِ"؟ قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ، قَالَ:"أَيَسُرُّكَ أَنْ تُوكَلَ إليها؟ انبذها عنك"1

1 موسى بن محمد بن حيان ذكره المؤلف في "الثقات" 9/161، وقال: ربما خالف، وقال ابن أبي حاتم 8/161: ترك أبو زرعة حديثه، قلت: قدتوبع عليه، ومن فوقه ثقات غير أبي عامر الخزاز – واسمه صالح بن رستم – فقد لينه ابن معين وغيره ووثقه أبو داود وغيره، وقال ابن عدي: روى عنه يحيى القطان مع شدة اسقصائه، وهو عندي لا بأس به ولم أر له حديثا منكراً جداً، قلت وقد روى له مسلم متابعة، وقد تقدم الحديث برقم "6053".

وأخرجه الطبراني 18/"348"، والحاكم 4/216، والبيهقي 9/350 – 351 من طرق عن عثمان بن عمر، بهذا الإسناد.

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 221/1: رواه أبو يعلى الموصلى من طريق أبي عامر الخزاز، عن الحسن، به.

ص: 454

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ تِلْكَ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ مُضْمَرَةٌ فِي نَفْسِ الْخِطَابِ

6089 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ الْأَنْبِيَاءُ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَجِيءُ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَيَجِيءُ مَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَيَجِيءُ مَعَهُ النَّفَرُ كَذَلِكَ حَتَّى رَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ قَوْمُ مُوسَى، ثُمَّ رَأَيْتُ

ص: 454

سَوَادًا كَثِيرًا قَدْ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ، فَفَرِحْتُ بِذَلِكَ، وَسُرِرْتُ بِهِ، ثُمَّ قِيلَ: إِنَّهُ يَدْخُلُ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ" ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ الْقَوْمُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَتَرَاجَعُوا، ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ أَنَّهُمْ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ، وَثَبَتَ فِيهِ وَلَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنَ الشِّرْكِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ: "الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" 1

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ الله تعإلى عنه: العلة في الزجر عن

1 إسناده قوي، محمد بن وهب بن أبي كريمة الحراني روى له النسائي، وهو صدوق، ومن فوقه من رجال الصحيح غير أبي الصبهاء: وهو صهيب، وقيل: صبهان مولى ابن عباس، روى له البخاري في "الأدب المفرد"، وهو صدوق. محمد بن سلمة: هو ابن عبد الله الباهلي الحرّاني، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحراني.

وأخرجه الطبراني 18/"605"، وابن منده في "الإيمان""979" من طرق عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الزبيدي، ن عمران بن الحصين.

وأخرجه مختصراً أحمد 4/436 و443، ومسلم "218" في الإيمان: باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، وأبو عوانة 1/87 – 88 و88، والطبراني 18/"380" و"425" و"426" و"427" و"494" من طرق عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل الجنة

".

وسيرد عند المؤلف من حديث عمران بن حصين، عن عبد الله بن مسعود برقم "6397"."7302".

ص: 455

الِاكْتِوَاءِ وَالِاسْتِرْقَاءِ هِيَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يستعملونها، وَيَرَوْنَ الْبُرْءَ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ صُنْعِ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا فِيهِ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةً، كَانَ الزَّجْرُ عَنْهُمَا قَائِمًا، وَإِذَا اسْتَعْمَلَهُمَا الْمَرْءُ، وَجَعَلَهُمَا سَبَبَيْنِ لِلْبُرْءِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ دُونَ أَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنْهُمَا، كان ذلك جائزا

ص: 456

‌ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ قَالَ بِالرُّقَى وَالتَّمَائِمِ مُتَّكِلًا عَلَيْهَا

6090 ـ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: حدثنا بن فُضَيْلٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، قَالَ:

دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى امْرَأَةٍ وَفِي عُنُقِهَا شَيْءٌ مُعَوَّذٌ، فَجَذَبَهُ فَقَطَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ آلُ عَبْدِ اللَّهِ أَغْنِيَاءَ أَنْ1 يُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ" قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَذِهِ الرُّقَى وَالتَّمَائِمُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا التِّوَلَةُ؟ قَالَ شَيْءٌ يصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن2 [51:3]

1 سقطت "أن" من الأصل و "التقاسيم" 3/لوحة 153، واستدركت من "الترغيب والترهيب" 4/309 – 310 فقد أورد الحديث من طرق المصنف.

2 رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا ان فيه أنقطاعاً بين يحيى بن الجزار وبين عبد الله بن مسعود ابْنُ فُضَيْلٍ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غزوان.

وأخرجه بأطوله مما هنا أحمد 1/381، وابن ماجة "353" في الطب: باب تعليق التمائم، والبغوي "3240"، واختصره أبو داود "3883" في =

ص: 456

6091 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى بِالْمَوْصِلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّقَى، وَلِي خَالٌ1 يَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:"مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ" 2 [18:4]

=الطب: باب تعليق التمائم، والبيهقي 9/350 من طريقين عن الأعمش، عن عمران مرة، عن يحيى بن الجزار، عَنِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، وقد وقع عند ابن ماجة "ابن أخت زينب" بدل "ابن أخي زينب"، وأشار الحافظ في "التقريب": كأنه صحابي، ولم أره مسمى،

قلت: تابعه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ زينب امرأة عبد الله بن يحيى بن الجزار، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عند الحاكم 4/417 – 418 من طريق محمد بن سلمة الكوفي، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود، فذكره بنحوه، ووصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي!

وللحديث طريقان آخران يقوى بهما، فقد أخرجه، فقد أخرجه الحاكم 4/217 من طريق إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السكن الأسدي، قال: دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على أمرأة....فذكره

وأخرجه الحاكم أيضاً 4/216 – 217 من طريق أبي الضحى، عن أم ناجيه، قالت: دخلت على زينب امرأة عبد الله أعوذها

1 تحرف في الأصل إلى "جارية".

2 حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح، عبيدة بن حميد من رجال البخاري، وأبو سفيان: هو طلحة بن نافع احتج به مسلم وقرنه البخاري، وحديثه عن جابر صحيفة، وقد تابعة أبو الزبير عن جابر، جابر، تقدم عند المؤلف =

ص: 457

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الرُّقَى الْمَنْهِيَّ عَنْهَا إِنَّمَا هِيَ الرُّقَى الَّتِي يُخَالِطُهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

دُونَ الرُّقَى الَّتِي لَا يَشُوبُهَا شِرْكٌ

6092 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْجَرَّاحِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ كُرَيْبٍ الْكِنْدِيِّ، قَالَ:

أَخَذَ بِيَدِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى شيخ من قريش يقال له: بن أَبِي حَثْمَةَ، يُصَلِّي إِلَى أُسْطُوَانَةٍ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى عَلِيًّا، انْصَرَفَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: حَدِّثْنَا حَدِيثَ أُمُّكَ فِي الرُّقْيَةِ، قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ، قَالَتْ: لَا أَرْقِي حَتَّى اسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَتْهُ فَاسْتَأْذَنَتْهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ارْقِي مَا لَمْ يَكُنْ فيها شرك" 1 [18:4]

= برقم "532". والحديث عند مسلم في "صحيحه""2199""62" و"63" من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/34 – 35، وأبو يعلى "2299"، والطحاوي 4/328، والبيهقي 9/349 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وانظر "6097"

1 حديث صحيح بطريقه وشواهده، كريب الكندي: هو ابن سليم، ويقال: ابن سليمان، ذكره المصنف في "الثقات" 5/339، وقال: يروي عن أمه، وهي: بنت خالد بن سعيد بن العاص، امرأة الزبير بن العوام، ولها صحبة، روى عنه الجراح بن الضحاك، وذكره ابن أبي حاتم 7/119، ولم يذكر =

ص: 458

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فيه جرحا ولا تعديلا، وعلى بن الحسين: هو ابن علي بن أبي طالب الملقب بزين العابدين، وابن أبي حيثمة: هو أبو بكر بن سليمان بن ابي حثمة.

وقوله: "حدثتني أمي" هي الشفاء بنت عبد الله، وهي جدته لا أمه، ولكنه سماها أمه على عادة العرب في تسمية الجدة أما وتسمية الجد أباً.

وأخرجه الحاكم 4/57 من طريق محمد بن يعقوب الشيباني، حدثنا حامد بن أبي حامد المقرىء، حدثنا إسحاق بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/38، وأحمد 6/372، وأبو داود "3887" في الطب: باب ما جاء في الرقي، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 11/336، والطحاوي 4/326، والبيهقي 9/349 من طرق عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن صالح بن كيسان، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي خثمة أن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل علي رسول الله عليه وأنا قاعدة عند حفصة بنت عمر، فقال:"ما يمنعك أن تعلمي هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة" وهذا إسناد صحيح.

والنملة: قروح تخرج في الجنب.

وأخرجه الحاكم 4/56 – 57 من طريق يعقوب بن أبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، حدثنا إسماعيل بن محمد بن سعد، أن أبا بكر بن سليمان بن ابي حثمة حدثه أن رجلا من الأنصار خرجت به نملة، فدُل أن الشفاء بنت عبد الله ترقي من النملة، فجاءها فسألها أن ترقيه فقالت: والله ما رقيت منذ أسلمت، فذهب الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي قالت الشفاء، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفاء، فقال:"اعرضي علي"، فعرضتها عليه، فقال:"أرقية وعلميها حفصة كما علمتيها الكتاب". وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 6/286، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 11/291، والطحاوي 4/327، والطبراني 23/"399"، والحاكم 4/414 من طرق عن سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، عن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها أمرأة يقال لها: =

ص: 459

‌ذِكْرُ اسْتِعْمَالِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الرُّقْيَةَ الَّتِي أَبَاحَ اسْتِعْمَالَ مِثْلِهَا لِأُمَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

6093 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ بِفَمِّ الصِّلْحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فرقاني

=الشفاء ترقي من النملة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"علميها حفصة". وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه الحاكم 4/57 من طريق إبراهيم بن عبد الله الهروي، حدثني عثمان بن سليمان بن أبي حثمة القرشي العدوي، حدثني أبي، عن جدي عثمان بن سليمان، عن أبيه، عن أمه الشفاء بنت عبد الله أنها كانت ترقي برقي في الجاهلية، وأ نها لما هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قدمت عليه، فقالت: يارسول الله، إني كنت أرقي برقى في الجاهلية، وقد رأيت أن أعرضها عليك، فقال:"إعرضيها". فعرضتها عليه، وكانت فيها رقية النملة، فقال: ارقي بها، وعلميها حفصة": بسم الله صلوب حين يعود من أفواهها، ولا تضر أحداً، اللهم اكشف البأس رب الناس، قال: ترقي بها على عود كركم سبع مرات، وتضعه مكاناً نظيفيا، ثم تدلكه على حجر، وتطليه على النورة وسكت عليه الحاكم، وقال الذهبي: سئل ابن معين عن عثمان "يعني ابن عمر" فلم يعرفه، قلت: وقال ابن عدي: مجهول.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/37 عن ابن علية، عن محمد بن المنكدر، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة أن رسول الله عليه وسلم قال لحرة الشفاء بنت عبد الله:"علمي حفصة رقيتك". وهذا سند مرسل صحيح.

ويشهد لحديث الباب حديث عوف بن مالك الأشجعي، وسيأتي عند المؤلف برقم "6094"

ص: 460

ومسحها1

1 إسناده قوي طلق: هو ابن علي الحنفي اليمامي رضي الله عنه.

وأخرجه الطحاوي 4/326 عن محمد بن خزيمة، عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي 4/326، والطبراني "8244"، والحاكم 4/416 من طرق عن ملازم بن عمرو، به وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي!

وأخرجه الطبراني "8263" من طريق عن الحسن بن قزعة، عن ملازم بن عمرو، "8262" من طريق مسدد، عن محمد بن جابر، كلاهما عن عبد الله بن بدر عن طلق بن علي، ولم يذكر فيه قيساً.

ص: 461

‌ذكر إباحة استرقاء المرء للعل التي تحدث بهما يُبِيحُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ

6094 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ:"اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، وَلَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ شِرْكًا" 2

2 إسناده قوي على شرط مسلم أحمد بن عيسى: هو ابن حسان المصري المعروف بابن التستري.

وأخرجه البيهقي 9/349 من طريق محمد بن جابر، عن أحمد بن عيسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "2200" في السلام: باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه =

ص: 461

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى جَوَازَ اسْتِعْمَالِ الرُّقَى لِلْمُسْلِمِينَ

6095 ـ أَخْبَرَنَا السَّخْتِيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَرَازِيِّ

عَنْ عَبْدِ الرحمن بن السائب بن أَخِي مَيْمُونَةَ، أَنَّ مَيْمُونَةَ قَالَتْ لِي: يَا بن أَخِي، أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَتْ "بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ، أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لا شافى إلا أنت" 1 [12:5]

=شرك، وأبو داود "3886" في الطب: باب ما جاء في الرقى، من طريقين عن ابن وهب، به.

وأخرجه الطحاوي 4/328،والطبراني 18/"88" من طريقين عن عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، به.

1 عبد الرحمن بن السائب ذكره المؤلف في "ثقاته" 5/93، ونقل ابن حجر في "التهذيب" عن المؤلف: أنه روى عنه سعيد المقبري، والحارث بن أبي ذباب، وليس هو في المطبوع من "الثقات"، وقد نص الإمام الذهبي في "ميزانه" 2/566 أنه تفرد عنه أزهر بن سعيد الحرازي، وباقي رجاله ثقات، وانظر ما بعده. وميمونة: هي زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة""1021" عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/332، ومن طريقه المزي في ترجمة عبد الرحمن بن السائب من "تهذيب الكمال"، عن عبد الرحمن بن مهدي، به.

وأخرجه الطحاوي 4/329، والطبراني 23/"1061" من طريقين عن =

ص: 462

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الصَّوَابُ أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ لا سعيد

ص: 463

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6096 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْقِي: "امْسَحِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ بِيَدِكَ الشِّفَاءُ لَا كاشف إلا أنت" 1

=معاوية بن صالح، به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/113، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و"والكبير"، وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث وقد وثق وفيه ضعف، وعلى كل حال إسناده حسن.

1إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير علي بن خشرم فمن رجال مسلم عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي، وقد تقدم تخريجه برقم "2972" من غير هذا الوجه.

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة""1020" عن علي بن خشرم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضا "1019" عن ابن راهويه، عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، به.

ص: 463

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِإِبَاحَةِ الرُّقْيَةِ لِلْعَلِيلِ بِغَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُنْ شِرْكًا

6097 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّقَى، فَقِيلَ:

ص: 463

يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ" 1 [54:1]

6098 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَامْرَأَةٌ تُعَالِجُهَا أَوْ تَرْقِيهَا، فَقَالَ:"عَالِجِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ" 2

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "عَالِجِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ" أَرَادَ: عَالِجِيهَا بِمَا يُبِيحُهُ كِتَابُ اللَّهِ، لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يَرْقُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِأَشْيَاءَ فِيهَا شِرْكٌ، فَزَجَرَهُمْ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ عَنِ الرُّقَى إِلَّا بِمَا يُبِيحُهُ كِتَابُ اللَّهِ دُونَ مَا يكون شركا

1 إسناده على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير أبي سفيان – واسمه طلحة بن نافع – فمن رجال مسلم، ورى له البخاري مقرونا أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وجرير: هو ابن عبد الحميد وهو في "مسند أبي يعلى""1914"، وقد تقدم برقم "6091" بسند آخر.

2 رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا أن أبا أحمد الزبير _ وهو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ – قَالَ أحمد: كان كثير الخطأ في حديث سفيان، وقال أبو حاتم: عابد مجتهد حافظ للحديث له أوهام.

وأخرجه مالك 2/943 في العين: باب التعوذ والرقية من المرض، والبيهقي 9/349 عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَةَ بِنْتِ عبد الرحمن أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وهي تشتكي، ويهودية ترقيها، فقال أبو بكر: ارقيها بكتاب الله

قال الزرقاني في "شرح الموطأ" 4/328: قال الربيع: سألت =

ص: 464

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْنَا تِلْكَ الصِّفَةَ الْمُعَبَّرَ عَنْهَا فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ

6099 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِالْمَرِيضِ يَدْعُو، وَيَقُولُ:"أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سقما" 1 [54:1]

=الشافعي عن الرقية، فقال: لا بأس أن ترقي بكتاب الله وبما يعرف من ذكر الله، قلت: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ قال: نعم إذا وقوا من كتاب الله

1 إسناده صحيح، إبراهيم بن يوسف: هو ابن ميمونة الباهلي، روى له النسائي وهو ثقة، ومن فوقه من رجال الشيخين أبو الأحوص: هو سلام بن سليم، والأسود: هو ابن يزيد النخعي وهو مكرر "2972"، وانظر الحديث رقم "6096".

ص: 465

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اسْتِرْقَاءِ الْمَرْءِ عِنْدَ وُجُودِ الْعِلَلِ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ

6100 ـ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ عَمْرٍو بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ الزُّبَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ،2 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ

عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ دَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ، وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا، وَأَشْيَاءَ نَفْعَلُهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ:"يَا كَعْبُ، بَلْ هِيَ مِنْ قدر الله" 3 [70:1]

2 في الأصلى محمد بن عبد الله وهو خطأ.

3 إسحاق ابن إبراهيم بن العلاء روى له البخاري في "الأدب المفرد"، وقال =

ص: 465

عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: حِمْصِيٌّ ثِقَةٌ، وَلَيْسَ عَمْرَو بن الحارث المصري

=ابن معين: لا بأس به ولكنهم يحسدونه، وقال أبو حاتم: شيخ، وسئل أبو داود عنه، فقال: ليس هو بشئ، وقال النسائي: ليس بثقة إذا روى عن عمرو بن الحارث، وعمرو بن الحارث الحمصي ذكره المؤلف في "الثقات" 8/480، وقال: مستقيم الحديث، ونص على يوثيقه هنا، وروى عنه اثنان، ومن فوقهما ثقات من رجال الشيخين غير عبد الله بن سالم: وهو الأشعري، فمن رجال البخاري.

وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 976، ولم ينسبه لغير المصنف. وله شاهد من حديث حكيم بن حزام، أخرجه الطبراني "3090"، والحاكم 4/402 عن أبي مسلم الكشي، عن إبراهيم بن حميد الطويل، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة، عن حكيم بن حزام أنه قال: يارسول الله....فذكر مثل حديث كعب قال الهيثمي في "المجمع" 5/85: فيه صالح بن أبي الأخضر وهوضعيف يعتبر بحديثه.

ص: 466

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ الِاسْتِرْقَاءِ لِلْمَرْءِ مِنْ لَدْغِ الْعَقَارِبِ

6101 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَيْلَانَ بِأَذَنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّقْيَةِ مِنَ الْحَيَّةِ والعقرب1 [42:4]

1 إسناده صحيح، محمد بن سليمان ثقة روى له أبو داود والنسائي، ومن فوقه من رجال الشيخين أبو الأحوص: هو سلام بن سليم، ومغيرة: هو ابن مقسم الضبي، وإبراهيم: هو النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.=

ص: 466

6102 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرَ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عاصم، عن بن جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ

أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي عَمْرِو بن عوف في رقية الحية1

=وأخرجه ابن ماجة "3517" في الطب: باب رقية الحبية والعقرب،

والطحاوي 4/326 من طرق عن أبي الأحوص، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "1395"، ومسلم "2193" "53" في السلام: باب استحباب الرقية من العين، من طريقين عن مغيرة، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/34، والبخاري "5741" في الطب: باب رقية الحية والعقرب، ومسلم "2193""52"، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 11/377، والبيهقي 9/347 من طرق عن سليمان الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في الرقية من كل ذي حمة.

والحمة، بضم الحاء فتح الميم المخففة: سم العقرب وغيره.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم، وروى له البخاري مقرونا، وقد صرح هو وابن جريج بالسماع أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.

وأخرجه مسلم "2198" في السلام: باب استحباب الرقية من العين، عن عقبة بن مكرم العمي، عن أبي عاصم، بهذ الإسناد.

وأخرجه مسلم "2199" 61" عن محمد بن حاتم، عن روح بن عبادة عن ابن جريج، به وانظر "532" و"6091" و"6097".

ص: 467

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِرْقَاءِ مِنَ الْعَيْنِ لِمَنْ أَصَابَتْهُ

6103 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا عثمان بن

ص: 467

أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يأمرها ان تسترقى من العين1 [42:4]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن بشر: هو العبدي.

وأخرجه مسلم "2195" في السلام: باب استحباب الرقية من العين، من طرق عن محمد بن بشر بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم أيضا "2195" عن نمير، عن أبيه، عن مسعر، به

وأخرجه أحمد 6/63و138، وابن ماجة "3512" في الطب: باب من استرقى من العين، عن وكيع، عن مسعر وسفيان، عن معبد بن خالد، به.

وأخرجه البخاري "5738" في الطب: باب رقية العين، ومسلم "2195""56"، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 11/441، والطحاوي 4/327، والبيهقي 9/347، والبغوي "3242" من طرق عن سفيان، عن معبد بن خالد، به.

ص: 468

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْتَرْقِيَ إِذَا عَانَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ

6104 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ السِّنْدِيِّ2، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين والنملة والحمة3 [42:4]

2 سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 4/55، و"الثقات" 9/162.

3 حديث صحيح، موسى بن السندي ذكره المؤلف في "ثقاته"، وكناه =

ص: 468

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ لِمَنْ رَأَى بِأَخِيهِ شَيْئًا حَسَنًا أَنْ يُبَرِّكَ لَهُ فِيهِ فَإِنْ عَانَهُ تَوَضَّأَ لَهُ

6105 ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: اغْتَسَلَ أَبِي سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ بِالْخَرَّارِ، فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ ربيعة ينظر، قال: وكان

=أبا محمد، وقال: يروي عن وكيع بن الجراح، وأبي نعيم، والمؤمل، حدثنا عنه عمران بن موسى بن مجاشع قلت: قد توبع، ومن فوقه ثقات رجال الشيخين غير يوسف بن عبد الله بن الحارث، فمن رجال مسلم. عاصم بن سليمان: هو الأحول.

وأخرجه أحمد 3/118و119 عن وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/127، وابن أبي شيبة 8/36و37 – 38، ومسلم "2196" "58" في السلام: باب استحباب الرقية من العين، والترمذي "2056" في الطب: باب ما جاء في الرخصة من الرقية، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 1/441، والبيهقي 9/348، البغوي "3244" من طرق عن سفيان، به.

وأخرجه مسلم "2196" عن أبي خيثمة، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عاصم الأحول، به.

وأخرجه الترمذي "2056"، ابن ماجة "3516" في الطب: باب ما رخص فيه من الرقى، عن عبدة بن عبد الله الخزاعي، عن معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عاصم، عن عبد الله الحارث، عن أنس.

وقال الترمذي بعد أن أخرج الحديث من طريق يحيى بن آدم وأبي نعيم عن سفيان: هذا حديث حسن غريب، وهذا عندي أصح من حديث معاوية بن هشام عن سفيان.

ص: 469

سَهْلٌ رَجُلًا أَبْيَضَ، حَسَنَ الْجِلْدِ، قَالَ: فَقَالَ عامر بن ربيعة: ما اريت كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ، فَوعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ، فَاشْتَدَّ وَعَكُهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ سَهْلًا وُعِكَ وَأَنَّهُ غَيْرُ رَائِحٍ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَخْبَرَهُ سَهْلٌ الَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، أَلَا بَرَّكْتَ، إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ، تَوَضَّأْ لَهُ" فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِهِ بأس1 [95:1]

1 رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن أبي أمامة، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وقال الزرقاني في "شرح الموطأ" 4/319: ظاهره الإرسار، لكنه محمول على أن أبا أمامة سمع ذلك من أبيه، ففي بعض طرقه: عن أبي أمامة، حدثني أبي

وهو في "الموطأ" 2/938 في العين: باب الوضوء من العين.

ومن طريق مالك أخرجه النسائي في الطب من "الكبرى" كما في "التحفة" 1/66، والطبراني "5580" وانظر الحديث التالي.

والخرار: موضع قرب الجحفة.

وأخرجه أبو داود "3880" من حديث عائشة قالت: كان يؤمر العائن فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعين. واسناده صحيح على شرطهما.

ص: 470

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْوُضُوءِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِمَنْ وَصَفْنَاهُ

6106 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَعْقُوبَ بِحِمْصَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بن شهاب

ص: 470

حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ أَخَا بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ رَأَى سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْخَرَّارِ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، قَالَ: فَلُبِطَ، سَهْلٌ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ تَتَّهِمُونَ مِنْ أَحَدٍ"؟ قَالُوا: نَعَمْ، عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، رَآهُ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:"عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَلَا تُبَرِّكُ؟ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ" لَهُ عَامِرٌ1 فَرَاحَ سَهْلٌ مع الركب ليس به بأس2

1 لفظ "الوطأ": فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة أزاره في قدح ثم صب عليه، فراح سهل مع الناس وليس به بأس.

2 حديث صحيح وأخرجه عبد الرزاق "19766"، ومالك 2/939 في العين: باب الوضوء من العين، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 1/66، وفي "عمل اليوم والليلة""208"، والطبراني "5574" و"5575" و"5576" و"5577" و"5579"، والبيهقي 9/351 – 352و352، والبغوي "3245" من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/58 – 59، والنسائي في "عمل اليوم ولليلة""209"، وأحمد 4/386، والطبراني "5573" و"5578" من طرق عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عن أبيه سهل بن حنيف.

وأخرجه الطبراني "5581" من طريق مسلمة بن خالد الأنصاري، و"5582" من طريق عبد الله بن أبي حبيبة، كلاهما عن أبي امامة بن سهل، عن أبيه =

ص: 471

قَالَ1: وَالْغُسْلُ: أَنْ يُؤْتَى بِالْقَدَحِ، فَيُدْخِلَ الْغَاسِلُ كَفَّيْهِ جَمِيعًا فِيهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ، الْيُمْنَى فَيَغْسِلُ صَدْرَهُ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ فَيَغْسِلُ ظَهْرَهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَغْسِلُ رُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ أَصَابِعِهِ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ بِالرِّجْلِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يُعْطِي ذلك الإناء

=وذكره صاحب "المجمع" 5/107 وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، وفي أسانيد الطبراني ضعف.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/57 – 58، والنسائي في "اليوم والليلة" "1033" من طريق مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ زريق، عن عبد الله بن عيسى، عن أمية بن هند "هو ابن أبي الظاهر بن السرح، حدثنا محمد بن علي الإبلي، حدثنا سلامة بن روح، عن عقيل، أخبرني الزهري، أن أبا أمامة أخبره أن عامر بن ربيعة أخبره أنه مر بسهل بن حنيف وهو يغتسل بالخرار

وأخرجه الحاكم 4/215 – 216 من طريق وكيع، عن أبيه، عن عبد الله بن عيسى، عن امية بن هند، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: خرج سهل بن حنيف ومعه عامر بن ربيعة يريدان الغسل....وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/108 ونسبه الطبراني، وقال: فيه أمية بن هند وهو مستور، ولم يضعفه أحد.

وقوله: "لُبط" أي: صرع، يقال: لبط بالرجل، فهو ملبوط.

1 القائل وهو الزهري كما جاء مصرحا به في رواية ابن أبي شيبة 8/58 – 59، والطبراني "5577"، والبيهقي 9/352.

ص: 472

ـ قَبْلَ أَنْ يَضَعَهُ بِالْأَرْضِ ـ الَّذِي أَصَابَهُ الْعَيْنُ، ثُمَّ يَمُجُّ فِيهِ وَيَتَمَضْمَضُ، وَيُهَرِيقُ عَلَى وَجْهِهِ، ويصب على رأسه ويكفئ القدح من وراء ظهره

ص: 473

‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاغْتِسَالِ لِمَنْ عَانَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ

6107 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ صَاعِقَةُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إسحاق الحضرمي، حدثنا وهيب عن بن طاوس، عن أبيه

عن بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ، لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا" 1

6108 ـ حدثنا الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وهَيْبٌ مِثْلَهُ [78:1]

1 إسناده صحيح على شرط الصحيح، وهيب: هو ابن عجلان الباهلي، وابن طاوس: هو عبد الله.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/59، والترمذي "2062" في الطب: باب ما جاء في العين، من طريق أحمد بن إسحاق الحضرمي، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.

وأخرجه عبد الرزاق "2188" في السلام: باب الطب والمرضى والرقى، عن أحمد بن الحسن بن خراش، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "2188"، والطبراني "10905"،واالبيهقي 9/351 من طرق عن مسلم بن إبراهيم، به.

ص: 473

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ كَرِهَ اسْتِعْمَالَ الرُّقَى عِنْدَ الْحَوَادِثِ تَحْدُثُ

6109 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى السِّخْتِيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرَهَا أَنْ تَسْتَرْقِيَ مِنَ العين1 [18:4]

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر "6103".

ص: 474

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ أَخْذِ الرَّاقِي الْأُجْرَةَ عَلَى رُقْيَتِهِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا

6110 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ التَّمِيمِيِّ

عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ عِنْدَهُمْ مَجْنُونٌ مُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: عِنْدَكَ شَيْءٌ تُدَاوِي هَذَا بِهِ، فَإِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ جَاءَ بِخَيْرٍ، قَالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ شَاةٍ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم:"كُلْ، فَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ باطل، فقد أكلت برقية حق" 2 [18:4]

6111 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى،

عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ التَّمِيمِيِّ

عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَقْبَلَ رَاجِعًا مِنْ عِنْدِهِ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ عِنْدَهُمْ رَجُلٌ مُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ أَهْلُهُ: إِنَّهُ قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّ مَلِكَكُمْ هَذَا قَدْ جَاءَ بِخَيْرٍ، فَهَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تَرْقِيهِ؟ فَرَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَوْنِي مِائَةَ شَاةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"خُذْهَا فَلَعَمْرِي لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ، فَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ" 3 [74:1]

2 إسناده حسن، خارجة بن الصلت ذكره المؤلف في "ثقات" 4/211، وروى =

ص: 474

6111 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى،

عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ التَّمِيمِيِّ

عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَقْبَلَ رَاجِعًا مِنْ عِنْدِهِ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ عِنْدَهُمْ رَجُلٌ مُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ أَهْلُهُ: إِنَّهُ قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّ مَلِكَكُمْ هَذَا قَدْ جَاءَ بِخَيْرٍ، فَهَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تَرْقِيهِ؟ فَرَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَوْنِي مِائَةَ شَاةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"خُذْهَا فَلَعَمْرِي لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ، فَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ" 1 [74:1]

=عنه اثنان، وقال الإمام الذهبي في "الكاشف": محله الصدق، وباقي رجاله رجال الشيخين غير صحابيه يزيد: هو ابن هارون.

وأخرجه الحاكم 1/559 – 560 من طريق إبراهيم بن عبد الله السعدي، عن زيد بن هاروه، بهذا الإسناد، وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/53، والطبراني 17/"509"، والحاكم، والمزي في "تهذيب الكمال" 8/14 من طريق زكريا بن أبي زايدة، به.

وأخرجه أحمد 5/211، وأبو داود "3420" في الإجازة: باب كسب الأطباء، "3897" و"3901" في الطب: باب كيف الرقى، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/249، وفي "عمل اليوم ولليلة""1032"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة""635"، والطحاوي 4/126 من طرق عن الشعبي، به.

3 هو مكرر ما قبله يحيى: هو ابن سعيد الأنصاري، وزكريا: هو ابن أبي زائدة.

وأخرجه أبو داود "3896" في الطب: باب كيف الرقى؟ عن مسدد بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/210 – 211 عن يحيى بن سعيد، به.

1 هو مكرر ما قبله يحيى: هو ابن سعيد الأنصاري، وزكريا: هو ابن أبي زائدة.

وأخرجه أبو داود "3896" في الطب: باب كيف الرقى؟ عن مسدد بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/210 – 211 عن يحيى بن سعيد، به.

ص: 475

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "خُذْهَا" أَرَادَ بِهِ جَوَازَ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَأْخُوذِ مَعَ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لِأَنَّ الشَّاءَ أَخَذَهَا الرَّاقِي قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ سَأَلَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"خُذْهَا" أَرَادَ بِهِ جَوَازَ فِعْلِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ مَعًا

وَعَمُّ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عِلَاقَةُ بْنُ صُحَارٍ السَّلِيطِيُّ، وَسَلِيطٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ

ص: 476

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَخْذَ الْأُجْرَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْبِدَايَةِ عَلَى الرُّقَى

6112 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ السِّخْتِيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ فَمَرَرْنَا عَلَى أَهْلِ أَبْيَاتٍ فَاسْتَضَفْنَاهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُونَا، فَنَزَلُوا بِالْعَرَاءِ، فَلُدِغَ سَيِّدُهُمْ، فَأَتَوْنَا، فَقَالُوا: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يَرْقِي؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا أَرْقِي، قَالُوا: ارْقِ1 صَاحِبَنَا، قُلْتُ: لَا، قَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَأَبَيْتُمْ أَنْ تُضَيِّفُونَا، قَالُوا: فَإِنَّا نَجْعَلُ لَكُمْ جُعْلًا، قَالَ: فَجَعَلُوا لِي ثَلَاثِينَ شَاةً، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَمْسَحُهُ، وَأَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ حَتَّى بَرَأَ، فَأَخَذْنَا الشَّاءَ، فَقُلْنَا: نَأْخُذُهَا ونحن لا نحسن

1 في الأصل: ارقي، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 7.

ص: 476

نَرْقِي فَمَا نَحْنُ بِالَّذِي نَأْكُلُهَا حَتَّى نَسْأَلَ عَنْهَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْنَاهُ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا دَرَيْتُ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، شَيْءٌ أَلْقَاهُ اللَّهُ فِي نَفْسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كُلُوا وَاضْرِبُوا لِي معكم بسهم" 1 [26:4]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نضرة، واسمه المنذري بن مالك بن قطعة، فمن رجال مسلم. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة""641" عن أحمد بن يحيى بن زهير، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جرير وأبو معاوية الضرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/53 – 54، وأحمد 3/10، والترمذي "2063" في الطب: باب ما جاء في أخذ الأجرة على التعويذ، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/452، وفي "عمل اليوم والليلة""1027" و"1030"، وابن ماجة "2156" في التجارات: باب أجر الرقى، والدارقطني 3/63 – 64 و64 من طرق عن الأعمش، به وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 3/2، ومسلم "2201" "65" في السلام: باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقران والأذكار، والنسائي في "اليوم والليلة""1029"، ابن ماجة "2156"، والطحاوي، 4/126 – 127 من طريق هشيم.

وأخرجه البخاري "2276" في الإجازة: باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب، و"5749" في الطب: باب النفث في الرقية، وأبو داود "3418" في الإجازة: باب كسب الأطباء، و"3900" في الطب:

ص: 477

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= باب كيف الرقى، والبيهقي 6/124 من طريق أبي عوانة.

وأخرجه أحمد 3/44، والبخاري "5736" في الطب: باب الرقى بفاتحة الكتاب، الترمذي "2064"، والنسائي "1028"، والدارقطني 3/63 من طريق شعبة، ثلاثتهم "هشيم وأبو عوانة وشعبة" عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بحي من العرب فلم يقروهم....فذكره بنحوه.

وقال الترمذي: هذا حديث صحيح، وهذا أصح من الأعمش عن جعفر بن إياس، وهكذا روى غير واحد هذا الحديث عن أبي بشر عن جعفر بن أبي وحشة عن أبي المتوكل وقال ابن ماجة: الصواب هو ابن المتوكل، ورجحها أيضا الدارقطني في "العلل"، ولم يرجح في "السنن" شيئاً.

وقال الحافظ في "الفتح" 4/455: والذي يترجح في نقدي أن الطريقين محفوظان، لا شتمال طريق الأعمش على زيادات في المتن ليست في رواية شعبة ومن تابعه، فكأنه كان عند أبي بشر عن شيخين، فحدث به تارة عن هذا، وتارة عن هذا.

وأخرجه الدارقطني 3/64 من طريق سليمان ابن قتة، حدينا أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية عليها أبو سعيد، فمر بقرية

وذكر نحوه.

قال الحافظ في "الفتح" 4/457: في الحديث جواز الرقية بكتاب الله، ويلتحق به ما كان بالذكر والدعاء المأثور، وكذا غير المأثور مما لا يخالف ما في المأثور،

وفيه مقابلة من امتنع من المكرمة بنظير صنعه لما صنعه الصحابي من الإمتناع من الرقية في مقابلة امتناع أولئك من ضيافتهم، وفيه إمضاء ما يلزمه المرء على نفسه، لأن أبا سعيد التزم أن يرقى، وأن يكون الجعل له ولأصحابه، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بذلك، وفيه شبهة، الاجتهاد عند فقد النص، وعظمة القران في صدور الصحابة، خصوصا الفاتحة، وفيه

ص: 478

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=أن الرزق المقسوم لا يستطيع من هو في يده منعه ممن قسم له، لأن أولئك منعوا الضيافة، وكان الله قسم للصحابة في مالهم نصيبا، فمنعوهم، فسبب لهم لدق العقرب حتى سيق لهم ما قسم لهم، وفيه الحكمة البالغة، حيث اختص بالعقاب من كان رأسا في المنع، لأن من عادة الناس الائتمار بأمر كبيرهم، فلما كان رأسهم في المنع، اختص بالعقوبة دونهم جزاء وفاقاً.

وقاالإمام ابن القيم في "زاد المعاد" 4/177 – 178: إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع، فما الظن بكلام رب العالمين، ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القران ولا غيره من الكتب مثلها، لتضمنها جميع معاني كتب الله المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب تعالى ومجامعها، وهي: الله والرب، والرحمن، وإثبات المعاد، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وذكر الإفتقار إلى الرب سبحانه وتعالى في طلب الإعانة وطلب الهداية، وتخصيصه سبحانه بذلك، وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعه وأفرضه، وما العباد أحوج شيء إليه، وهو الهداية إلى صراطه المستقيم، المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته، بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، والإستقامة عليه إلى الممات، ويتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى منعم عليه بعرفته له، وضال بعدم معرفته له، وهؤلاء أقسام الخليقة مع تضمنها لإثبات القدر، والشرع، والأسماء، والصفات، والمعاد، ولنبوات، وتزكية النفوس، وإصلاح القلوب، وذكر عدل الله وإحسانه، والرد على جميع أهل البدع والباطل، كما ذكرنا ذلك في كتابنا الكبير "مدارج السالكين" في شرحها.

وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يسشفى بها من الأدواء، ويرقى بها اللديغ، والجملة فما تضمنته الفاتحة من أخلاص العبودية والثناء على الله وتوفيض الأمر كله إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها، وهي الهداية التي تجلب النعم، وتدفع النقم، من أعظم الأدوية الشافية الكافية. =

ص: 479

6113 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ،قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَخِيهِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَأَتَتْنَا امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ، إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سُلَيْمٌ لُدِغَ، فَهَلْ فِيكُمْ مِنْ راق؟ 1 فقال: فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً، فَرَقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَبَرَأَ، فَأَعْطَوْهُ غَنَمًا، وَسَقَوْهُ، لَبَنًا، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا تُحَرِّكُوهُ حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:"مَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رقية؟ اقسموا واضربوا إلى بسهم معكم" 2 [26:4]

=وقد قيل: إن موضع الرقية منها: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، ولاريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء، فإن فيهما من عموم التفويض والتوكل، والتجاء والاستعانة، والافتقار والطلب، والجمع بين أعلى الغايات، وهي عبادة الرب وحده، وأشرف الوسائل وهي الاستعانة به على عبادته، ما ليس في غيرها، ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه، وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بها، آخذ شربة من ماء زمزم، وأقرؤها عليها مراراً، ثم أشربه، فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع.

1 في الأصل: راقي، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة7

2 إسناده صحيح على شرط الشيخين وأخرجه مسلم "2201" في السلام: باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار، وأبو داود "3419" في الطب: باب كيف الرقى، من طريقين عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. =

ص: 480

‌كتاب العدوي والطيرة والفال

*

‌مدخل

56ـ كِتَابُ الْعَدْوَى وَالطِّيَرَةِ وَالْفَأْلِ

6114 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، قَالَ حَدَّثَنِي يحيى بن عتيق، عن بْنِ سِيرِينَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدْوَى ولا طيرة، ويعجبنى الفال" 1 [81:2]

=وأخرجه البخاري "5007" في فضائل القرآن: باب فاتحة الكتاب، ومسلم "2201""66" عن محمد بن المثنى، عن وهب بن جرير، عن هشام بن حسان، به.

وقوله: "سليم" أي: لديغ، قالوا: سمي بذلك تفاؤل بالسلامة، وقيل: لانه مستسلم لما به.

1 إسناده صحيح إبراهيم بن الحجاج السامي: روى له النسائي، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه مسلم "2223""113" في السلام: باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، من طريق معلى بن أسد، عن عبد العزيز بن المختار، بهذا الإسناد.

وانظر الحديث رقم "5826" و"6121" و"6124" و"6125".

ص: 481

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا عَدْوَى أَوْ نَاسِخٌ لَهُ

6115 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حدثنا بن وهب، قال أخبرني يونس، عن بن شِهَابٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا عَدْوَى"، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ بِهِمَا كِلَيْهِمَا،1 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ:"لَا عَدْوَى" وَأَقَامَ عَلَى أَنْ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ، فَقَالَ الحارث بن أبى ذئاب، ـ وهو بن عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ: كُنْتُ أَسْمَعُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنَا مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثًا آخَرَ قَدْ سَكَتَّ عَنْهُ، كُنْتَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدْوَى" فَأَبِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ، وَقَالَ:"لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا عَدْوَى" وَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هريرة، أو نسخ أحد القولين الآخر؟ 2 [81:2]

1 في الأصل: "كلاهما"، والتصويب من "التقاسيم" 2/197.

2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة – وهو ابن يحيى – فمن رجال مسلم.=

ص: 482

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه مسلم "2221""104" في السلام: باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، عن حرملة وأبي الطاهر، عن أبي وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 7/216 مختصراً من طريق بحر بن نصر، والطبري في "مسند علي" من "تهذيب الآثار""4" من طريق يونس، كلاهما عن ابن وهب، به.

وأخرجه البخاري "5771" في الطب: باب لا هامة، و"5773" و"5774" باب لا عدوى، ومسلم "2221""105"، وأحمد 2/406، والبيهقي 7/216و217 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه عبد الرزاق "1957"، وأبو داود "3911" في الطب: باب في الطيرة، والطبري "6"، والبيهقي 7/216، البغوي "3248" من طريق معمر، عن الزهري قال: فحدثني رجل عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يوردن ممرض على مصح"، قال: فراجعه الرجل، فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا صفر ولا هامة"؟ قال: لم احدثكموه، قال الزهري: قال أبو سلمة: قد حدث به، وما سمعت أبا هريرة نسي حديثا قط غيره وفي حديث الطبري: عن الزهري قال: قال أبو سلمة: سمعت أبا هريرة

وأخرجه أحمد 2/434، وابن ماجة "3541" في الطب: باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة، من طريقين عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يورد الممرض على المصح"،

وزاد أحمد: قال: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة، فمن أعدى الأول"؟

وأخرجه البيهقي 7/217 من طريق أبي إسحاق مولى بني هاشم، وأبي عطية الأشجعي، كلاهما عن أبي هريرة مختصرا بلفظ:"لا عدوى، ولا يحل الممرض على المصح، وليحل المصح حيث شاء". قيل: ما بال ذلك يا رسول الله؟ قال: "إنه أذى"

وقوله: " لا يورد ممرض على مصح": قلت: الممرض – بضم أوله وسكون ثانيه وكسر الراء بعدثا ضاد معجمة -: هو الذي له إبل مرضى. =

ص: 483

قال أبو حاتم رضى الله تعإلى عَنْهُ: لَيْسَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ تَضَادٌّ، وَلَا أَحَدُهُمَا نَاسِخٌ لِلْآخَرِ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم:"لَا عَدْوَى" سُنَّةٌ تُسْتَعْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ، وَقَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم:"لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ" أَرَادَ بِهِ أَنْ لَا يُورِدَ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ، وَيُرَادُ بِهِ الِاعْتِقَادُ فِي اسْتِعْمَالِ الْعَدْوَى أَنْ تَضُرَّ بِأَخِيهِ فِي القصد، وإن لم تضر العدوي

=والمصح – بضم الميم وكسر الصاد المهملة بعدها مهملة – من له إبل صحاح، نهى صاحب الإبل المريضة أن يوردها على الإبل الصحيحة.

قال البيهقي: وأما ما ثبت عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: "لا عدوى" فهو على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية من إضافة غير الفعل إلى غير الله تعالى وقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيئ من هذه العيوب سببا لحدوث ذلك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"فر من المجذوم فرارك من الأسد"، وقال:"لا يورد ممرض على مصح"، وقال في الطاعون:"من سمع به بأرض، فلا يقدم عليه"، وكل ذلك بتقدير الله تعالى.

ص: 484

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمَرْءِ بِالْعَدْوَى وَالصَّفَرِ الَّذِي كَانَ يَقُولُ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ

6116 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حرملة بن يحيى، حدثنا بن وهب، قال أخبرنا يونس، عن بن شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ" فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا بَالُ الإبل تكون في

ص: 484

الرمل كأنها الظباء، فيجئ الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ، فَيَدْخُلُ فِيهَا، فَيُجْرِبُهَا؟ قَالَ:"فَمَنْ أعدي الأول"

81 -

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة فمن رجال مسلم،

وأخرجه مسلم "2220" في السلام: باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، عن حرملة، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم "2220""101" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/309و312، والبيهقي 7/216 والطبري في "مسند علي" من "تهذيب الآثار""3" من طرق عن ابن وهب، به.

واخرجه عبد الرزاق "19507"، وأحمد 2/267، والبخاري "5717""102"، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/309 و312، وابن أبي عاصم في "السنة" مختصراً "272" و"273""274"، والبيهقي 7/217، والبغوي "3248" من طرق عن ابن شهاب، به ولفظ البخاري "5717" ومسلم والطحاوي: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وغيره.

وأخرجه البخاري "5775" باب لا عدوى، ومسلم "2220""103"، وابن أبي عاصم في "السنة""284" و"285" والطبري "7"، والبيهقي 7/217 من طريق الزهري، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، عن أبي هريرة.

وقوله: "لا صفر" الصفر: دواب في البطن، وهي دود، وكانوا يعتقدون أن في البطن دابة تهيج عند الجوع، وربما قتلت صاحبها، وكانت العرب تراها أعدى من الجرب، فأبطله الإسلام.

و"لا هامة" الهامة: طائر كانت العرب تزعم أن عظام الميت تصير هامة فتطير، وكانوا يسمون ذلك الصدى، ومن ذلك تطيرُ العامة بصوت الهامة، فأبطل الشرع ذلك.=

ص: 485

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ اخْتُلِفَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهَا وَنَفَى صِحَّتَهَا أَصْلًا

6117 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ

عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الشَّاةَ الْجَرْبَاءَ فَنَطْرَحُهَا فِي الْغَنَمِ، فَتَجْرَبُ الْغَنَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فمن أعدى الأول"؟ 1 [81:2]

= قوله: "فمن أعدى الأول"؟ قال البغوي 12/169: يريد أن أول بعير جرب منها، كان جربه بقضاء الله وقدره، لا بالعدوى، فكذلك ما ظهر بسائر الإبل من بعد.

1 حديث صحيح، سماك روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وباقي رجال ثقات رجال البخاري أبو عوانة: هو ضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه أحمد 1/328، وأبو يعلى "2333" و"2582"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/308، الطبراني في "الكبير" 11764" من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/269، وابن ماجة مختصرا "3539" في الطب: باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة، والطبري في "مسند علي" من "تهذيب الآثار""29""30"، والطحاوي 4/307 من طرق عن سماك، به.

وأخرجه الطبري في "مسند علي""31"، والطبراني "11605" من طريق الحكم بن أبان، والطبري "32" من طريق يزيد بن أبي زياد، كلاهما عن عكرمة، به وفي إسناديهما ضعف.

ص: 486

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ قَوْلِ الْمَرْءِ بِالْعَدْوَى

6118 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، جَرَبِ بَعِيرٌ واجرب مائة، فمن أعدى الأول"؟ 1 [10:3]

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن بشار – وهو الرمادي – فحافظ روى له أبو داود والترمذي، وقد، سفيان: هو ابن عيينة، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/308 من طرق مؤمل، والحميدي "1117" كلاهما عن سفيان، بهذا الإسناد. وانظر الحديث الآتي، والحديث رقم "6116".

ص: 487

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَرْءِ الْعَدْوَى فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ

6119 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، النُّقْبَةُ تَكُونُ بِمِشْفَرِ الْبَعِيرِ، أَوْ بِعَجْبِهِ فَتَشْتَمِلُ الْإِبِلَ كُلَّهَا جَرَبًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟ حياتها ومصيبتها ورزقها" 2 يريد: بيد الله

2 إسناده على شرط مسلم. شجاع بن الوليد – وهو ابن قيس – وقد توبع.

وأخرجه الطبري "8"، البغوي "3249" من طريقين عن شجاع بن الوليد، بهذا الإسناد. =

ص: 487

قال الشيخ: الصواب "مماتها" ولكن كذا "مصيبتها"، قاله الشيخ.

ص: 488

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ مُؤَاكَلَةَ ذَوِي الْعَاهَاتِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَهُ

6120 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى الْمُخَرِّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ مَجْذُومٍ، فَأَدْخَلَهَا مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ، وَقَالَ:"كُلْ بِاسْمِ الله، ثقة بالله، وتوكلا عليه" 1 [1:4]

=وأخرجه أحمد 2/327، والطحاوي 4/308، و312 من طريقين عن عبد الله بن شبرمة، به وانظر الحديث السابق.

وقوله: "النقبة" قال الأصمعي: هي أول جرب يبدو، يقال للبعير: به نقبة، وجمعها نقب بسكون القاف، لأنها تنقيب الجلد، أي: تخرقه "اللسان": نقب.

والمشفر للبعير: كالشفة للإنسان، والجحفلة للفرس.

والعجب: أصل الذنب.

1 إسناده ضعف، مفضل بن فضالة: هو ابن أبي أمية القرشي، قال ابن معين: ليس بذاك، وقال علي بن المديني: في حديثه نكارة، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: لم أر له أنكر من هذا، يعني حديث جابر هذا، وباقي رجاله ثقات. يونس هو ابن مسلم المؤدب، وحبيب بن الشهيد: هو الأزدي. =

ص: 488

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وأخرجه ابن ماجة "3542" في الطب: باب الجذام، عن مجاهد بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود "3925" في الطب: باب في الطيرة، والطيرة، والترمذي "1817" في الأطعمة: باب ما جاء في الأكل مع المجذوم، وابن ماجة "3542"، والطبري في "مسند علي""84"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/309، والحاكم 4/136 – 137، والبيهقي 7/219 من طرق عن يونس بن محمد، عن الفضل بن فضالة شيخ آخر مصري أوثق من هذا وأشهر وقد روى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد عن ابن أبي بريدة أن ابن عمر أخذ بيد مجذوم، وحديث شعبة أثبت عندي وأصح.

وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 4/310 عن ابن مرزوق، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر. وإسماعيل بن مسلم – وهو المكي – ضعيف عندهم، وأبو الزبير مدلس وقد عنعن.

قلت: وثبت في الصحيح ما يخالفه، فقد قال البخاري في "صحيحه" "5707" في الطب: باب الجذام: وقال عفان: حدثنا سليم بن حيان، حدثني سعيد بن مناء قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد"، قال الحافظ في "الفتح" 10/167: عفان: هو ابن مسلم الصفار، وهو من شيوخ البخاري، لكن أكثر ما يخرج عنه بواسطة، وهو من المعلقات التي لم يصلها في موضع آخر....وقد وصله أبو نعيم من طريق أبي داود الطيالسي، وأبي قتيبة مسلم بن قتيبة، كلاهما عن سليم بن حيان شيخ عفان فيه.

وأخرجه أحمد 4/389 و390، ومسلم في "صحيحه""2231"، والنسائي 7/150، وابن ماجة "3544" من طريق عمرو بن الشريد، عن أبيه، =

ص: 489

قال أبو حاتم رضى الله تعإلى عَنْهُ مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ هَذَا هُوَ أَخُو مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، لَيْسَ بِالْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ القتباني، وهما جميعا ثقتان1

=قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رجل مجذوم من ثقيف ليبايعه، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذلك له، فقال: أئته فأخبره أني قد بايعته فلرجع. لفظ أحمد.

وفي "الموطأ" 1/424 عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن ابن ملكية أن عمر بن الخطاب مر بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت فقال لها: يا أمة الله، لا تؤذي الناس، لو جلست في بيتك، فجلس.

وأخرجه أحمد 1/233، وابن ماجة "3543"، والطيالسي "2601" من حديث ابن عباس رفعه الناس، "لا تديموا على يوثيق المفضل بن فضالة بن أبي أمية القرشي صاحب هذا الحديث.

1 لم يتابع المؤلف أحد فيما علمت على توثيق المفضل بن فضالة بن أبي أمية القرشي صاحب هذا الحديث.

ص: 490

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَطَيُّرِ الْمَرْءِ فِي الْأَشْيَاءِ

6121 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يعجبه الفال ويكره الطيرة2 [11:2]

2 إسناده حسن، محمد بن عمرو – وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ – حسن الحديث، روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وباقي رجاله رجال الشيخين عبدة بن سليمان: هو الكلابي.

وأخرجه ابن ماجة "3536" في الطب: باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة، عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. =

ص: 490

‌ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ فِي أَسْبَابِهِ مُتَعَرِّيًا عَنِ التَّوَكُّلِ فِيهَا

6122 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ زر بن حبيش

عن بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَمَا مِنَّا الا، ولكن يذهبه الله بالتوكل" 1 [51:3]

=وأخرجه أحمد 2/332 من طريق محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، به وانظر الحديث رقم "6124" و"6125"

1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عيسى بن عاصم الأسدي، فروى له البخاري في "الأدب المفرد" أصحاب السنن غير النسائي.

وأخرجه أبو داود "3910" في الطب: باب في الطيرة، والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/358 و304 من طريق محمد بن كثير العبدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/389 و440، والبخاري في "الأدب المفرد""909"، الترمذي "1614" في السير: باب ما جاء في الطيرة، وفي "العلل الكبير" ص 690، وابن ماجة "3538" في الطب: باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة، والبيهقي 8/139 من طرق عن الثوري، به وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن كهيل.

وأخرجه الطيالسي "356"، وأحمد 1/438، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/312، وفي "المشكل" 1/358 و2/304، والحاكم 1/17 – 18، والبغوي "3257"، والبيهقي 8/139 من طرق عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، به وقال الحاكم: هذا حديث صحيح سنده، ثقات رواته، ولم يخرجاه. =

ص: 491

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الطِّيَرَةَ تُؤْذِي الْمُتَطَيِّرَ خِلَافَ مَا تُؤْذِي غَيْرَ الْمُتَطَيِّرِ

6123 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ

عَنْ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ الله بن أبى بكر أنه سمع عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا طِيَرَةَ، وَالطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ، وَإِنْ تَكُ فِي شَيْءٍ ففي الدار والفرس والمرأة" 1 [14:5]

وقوله: "وما منا" قال الخطابي في "معالم السنن" 4/232: معناه: إلا من يعتريه التطير، ويسبق إلى قلبه الكراهة فيه، فحذف الكراهة فيه، فحذف الكلام اختصارا للكلام، واعتمادا على فهم السامع.

وقال الترمذي: قال محمد – يعني البخاري – وكان سليمان بن حرب ينكر هذا الحديث أن يكون عن النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الحرب: "ما منا"، وكان يقول: هذا كأنه عن عبد الله بن مسعود قوله.

وقال الحافظ في "الفتح" 10/213: هو من كلام ابن مسعود أدرج في الخبر، وقد بينه سليمان بن حرب شيخ البخاري فيما حكاه الترمذي عن البخاري، عنه.

1 إسناده حسن، رجاله رجال الصحيح غير عتبة بن حميد، فقد روى له أبو داود والترمذي وابن ماجة، وروى عنه جمع، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال أحمد: ضعيف ليس بالقوي، وقال الذهبي: شيخ، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/314 من طريق فهد عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وللحديث شواهد، وسيأتي منها سعد بن أبي وقاص عند =

ص: 492

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ التَّفَاؤُلِ وَتَرْكِ التَّطَيُّرِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6124 ـ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْفَأْلُ؟ قال: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم" 1 [14:5]

= المؤلف برقم "6127".

وقوله: "وإن تك في شيء" يعن الطيرة، قال الخطابي في "معالم السنن" 4/236: معناه إبطال مذهبهم في الطيرة بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوها إلا أنه يقول: إن كانت لأحدكم دار يكره سكناها. أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس لا يعجبه ارتباطه، فليفارقها بأن ينتقل عن الدار، وبيع الفرس، وكأن محل هذا الكلام محل استثناء الشيء من غير جنسه، وسيبيله سبيل الخروج من كلام إلى غيره، وقد قيل: إن شؤم الدار ضيقها وسوء جارها، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها، وشؤم المرأة أن لا تلد.

قلت: وأخرجه عبد الرزاق "19526"، وأبو داود "3924"، والبخاري في "الأدب المفرد" 918" بإسناد، حسن عن أنس بن مالك قال: قال رجل: يارسول الله صلى الله عليه، وسلم إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، كثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى، فقل فيها عددنا وقلت فيها أموالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذروها ذمية". قال البغوي: فأمرهم بالتحول عنها، لأنهم كانوا فيها على استثقال لظلها واستيحاش، فأمرهم بالانتقال ليزول عنهم ما يجدون من الكراهية، لا أنها سبب في ذلك.

1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن =

ص: 493

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْفَأْلِ الَّذِي كَانَ يُعْجِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6125 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرِ مكرم ـ وَكَانَ عَسِرًا نَكِدًا ـ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا طِيَرَةَ، وَخَيْرُ الْفَأْلِ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يسمعها غيركم" 1 [81:2]

=المديني، فمن رجال البخاري. عبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود الهذلي، وهو في "المصنف" "19503" وأخرجه من طريق عبد الرزاق: أحمد 2/266، ومسلم "2223" "110" في السلام: باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، والبيهقي 8/139، والبغوي "3255"

وأخرجه البخاري "2755" في الطب: باب الفأل، من طريق هشام، عن معمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي "2512"، وأحمد 2/453 و524، والبخاري "5754" باب الطيرة، وفي "الأدب المفرد""910"، ومسلم "2223""110" من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه الطبري في "مسند علي" من "تهذيب الآثار""14" و"15"، وأحمد 2/487 من طريق إسماعيل بن علية، عن سعيد الجريري، عن مضارب بن حزن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا هامة، وخير الطير الفأل، والعين حق".

وأخرجه أحمد 2/387 عن عفان، عن أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خير الفأل الكلمة الطيبة".

1 إسناده صحيح على شرط مسلم. محمد بن عبيد بن حسان: احتج به =

ص: 494

6126 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ

عَنْ أُمِّ كُرْزٍ أَنَّهَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اقروا الطير على مكناتها" 1 [44:2]

=مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد 2/266 – 406 عن عفان، عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.

1 حديث صحيح وانظر الكلام على إسناده في التعليق على الحديث "5312"

وأخرجه الطيالسي "1634"، والحميدي "347"، وأحمد 6/381، والشافعي في "السنن""414"، وأبو داود "3835" في الأضاحي: باب في العقيقة، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/342 – 343، والطبراني 25/"407"، والحاكم 4/237، والبيهقي 9/311، والبغوي "2818" من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في "المجمع" 5/106 رواه الطبراني بأسنانيد، ورجال أحدهما ثقات. ولم يذكر الطيالسي والطبراني:"عن أبيه"، وهو الصواب كما سبق بيانه.

وقوله: "أقروا الطير على مكانتها" قال البغوي في "شرح السنة" 11/266: قال أبو زياد الكلابي: لا يعرف للطير مكنات، وإنما هي الوكنات، وهي موضع عش الطائر، وقال أبو عبيد: المكنات: بيض الضباب، وأحدها مكنة، فجعل للطير على وجه الاستعارة، وقيل: على مكناتها، أي: أمكنتها، وقال شمر: هي جمع المكنة وهي التمكن، وهذا مثل التبعة للتتبع، والطلبة للتطلب.

ص: 495

قال أبو حاتم رضى الله تعإلى عَنْهُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكُنَاتِهَا" لَفْظَةُ أَمْرٍ مَقْرُونَةٌ بِتَرْكِ ضِدِّهِ، وَهُوَ أَنْ لَا يُنَفِّرُوا الطُّيُورَ عَنْ مَكُنَاتِهَا، وَالْقَصْدُ مِنْ هَذَا الزَّجْرِ عَنْ شَيْءٍ ثَالِثٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا أَرَادَتْ أَمْرًا جَاءَتْ إِلَى وَكْرِ الطَّيْرِ فَنَفَّرَتْهُ، فَإِنْ تَيَامَنَ مَضَتْ لِلْأَمْرِ الَّذِي عَزَمَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَيَاسرَ، أَغْضَتْ عَنْهُ، وَتَشَاءَمَتْ بِهِ، فَزَجَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ اسْتِعْمَالِ هَذَا الفعل بقوله:"اقروا الطير على مكناتها"

ص: 496

‌بَابُ الْهَامِ وَالْغُولِ

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمَرْءِ بِالْهَامِ الَّذِي كَانَ يَقُولُ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ

6127 ـ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الحضرمي بن الحق، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ:

سَأَلْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الطِّيَرَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَ، فَإِنْ تَكُ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ، فَفِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ والدار" 1 [81:2]

1 إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحضرمي بن لا حق، فقد روى له أبو داود والنسائي، وقال يحيى بن معين وابن عدي: لا بأس به، وذكره المؤلف في "الثقات".

وأخرجه أحمد 1/180، وأبو يعلى "797، وابن أبي عاصم في "السنة" "266"، والطبري في "مسند علي" من "تهذيب الآثار" "17" و"48" و"49"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/313 من طرق عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. =

ص: 497

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمَرْءِ بِاغْتِيَالِ الْغُولِ إِيَّاهُ

6128 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ، قَالَ: حدثنا أبو عاصم: عن بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ

أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا عَدْوَى ولا صفر ولا غول" 1 [8:2]

=وأخرجه أحمد 1/174، وأبو داود "3921" في الطب: با في الطيرة، وأبو يعلى "766"، والطبري "18" و"19" و"50" و"51"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/314، والبيهقي 8/140 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. ووقع في المطبوع من "شرح معاني الآثار" تحريف في مسنده يستدرك من هنا.

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة""268"، والطبري في "مسند علي" من "تهذيب الآثار""26"، والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/340 من طريقين عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/382، ومسلم "2222" "109" في السلام: باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، من طريق روح بن عبادة، عن ابن جريج، به وزاد في آخره: وسمعت أبا الزبير يذكر أن جابرا فسّر لهم قوله: "ولا صفر"، فقال الزبير: الصفر: البطن، فقيل لجابر: كيف؟ قال: كان يقال: داوب البطن، قال: ولم يفسر الغول، قال أبو الزبير: هذا الغول التي تغوَّل.

وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده""2693" و"3183"، وابن طهمان في "مشيخته""38" و"39"، وأحمد 3/293 و321، ومسلم "2222" =

ص: 498

‌كِتَابُ النُّجُومِ وَالْأَنْوَاءِ

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ الْقَضَايَا وَالْأَحْكَامِ بِالنُّجُومِ

6129 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قال: أخبرني على بن حسين

أن بن عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ، فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا كنت تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا"؟ قَالُوا: كُنَّا نَقُولُ: وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وَمَاتَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّهَا لَا تُرْمَى لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ وتعإلى إذا قضى أمرا سبح الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حتى

="107" و"108"، وأبو يعلى "1789"، وابن أبي عاصم "281"، والطبري "25"، والطحاوي في "المشكل" 1/340، والبغوي "3251" من طرق عن أبي الزبير، به.

ص: 499

يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ، فَيُخْبِرُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَيَخْطَفُ الْجِنُّ، فَيُلْقُونَهُ إلى أوليائهم، ويرمون، فما جاؤوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، فَهُوَ حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فيه أو يزيدون" الشك من مبشر1 [53:3]

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن إبراهيم الدورقي، فمن رجال مسلم على بن الحسين: هوعلي بن الحسين بن علي بن أبي زين العابدين.

وأخرجه أحمد 1/218، ومسلم "2229"، في السلام: باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، والطحاوي في "مشكل الآثار"3/113، والبيهقي 8/138 من طرق عن الأوزاعي، هذا الإسناد.

واخرجه أحمد 1/218، ومسلم "2229"، والترمذي "3224" في تفسير القران: باب ومن سورة سبأ، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 11/172، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/113، من طرق عن الزهري، به.

وقوله: "يقرفون"، وفي رواية "يقذفون" وهما بمعنى: أي يخلطون فيه الكذب.

ص: 500

‌ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ قَالَ بِالِاخْتِيَارَاتِ وَالْأَحْكَامِ بِالتَّنْجِيمِ

6130 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَتَّابُ بْنُ حُنَيْنٍ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لوامسك اللَّهُ الْقَطْرَ عَنِ النَّاسِ سَبْعَ سِنِينَ، ثُمَّ أرسله، لأصبحت

ص: 500

طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ المجدح" 1 [51:3]

1 عتاب بن حنين روى عنه اثنان ووثقه المؤلف، وروى له النسائي، وباقي السند ثقات من رجال الشيخين غير إبراهيم بن بشار: وهو الرمادي، فقد روى له أبو داود والترمذي، وهو حافظ سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الحميدي "751"، وأحمد 3/7، والنسائي 3/165 في الاستسقاء: باب كراهية الاستمطار بالكوكب، عن سفيان، بهذا الإسناد وفي رواية النسائي:"خمس سنين"

وأخرجه الدارمي 2/314، والنسائي في "عمل اليوم ولليلة""926"، وأبو يعلى "1312" من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، به، وفيه:"عشر سنين"

وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد 2/362و368و421، ومسلم "72"، وعن زيد بن خالد الجهني تقدم عند ابن حبان برقم "188".

وقوله: "مطرنا بنوء المجحدح"، قال في "النهاية": الأنوء: هي ثمان وعشرون منزلة ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها، ومنه قوله تعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} ، ويسقط في الغرب كل ثلاثة عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر، وتطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة، وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر، وينسبونه إليها، فيقولون: مطرنا بنوء كذا. وإنما سمي نوءا، لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق ينوء نوءاً، أي: نهض وطلع.

وإنما غلظ النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الأنواء، لأن العرب كانت تنسب المطر إليها، فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى، وأراد بقوله:"مطرنا بنوء كذا" أي: في وقت كذا، وهو هذا النوء الفلاني، فإن ذلك جائز، أي: إن الله قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات.

ص: 501

قال أبو حاتم رضى الله تعإلى عَنْهُ: الْمِجْدَحُ: هُوَ الدَّبَرَانِ، وَهُوَ الْمَنْزِلُ الرَّابِعُ من منازل القمر

ص: 502

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمَرْءِ بِعِيَافَةِ الطُّيُورِ وَاسْتِعْمَالِ الطَّرْقِ

6131 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ مُخَارِقٍ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ

قَطَنِ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ

عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْعِيَافَةُ والطيرة والطرق من الجبت" 1 [86:2]

1 إسناده ضعيف، حيان بن مخارق أبو العلاء، لم يرو عنه غير عوف –وهو ابن أبي جميلة الأعرابي- ولم يوثقه غير المؤلف.

وأخرجه عبد الرزاق "19502"، وابن سعد 7/35، وأحمد 3/477 و5/60، وأبو داود "3907" في الطب: باب في الخط وزجر الطير، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 8/275، والدولابي في "الكنى والأسماء" 1/86، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/312-313، والطبراني 18/"941" و"942" و"943" و"945"، والبيهقي 8/139، والبغوي "3256"، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/158، والخطيب في "تاريخه" 10/425، والمزيفي "تهذيب الكمال" 7/475-476 من طرق عن عوف الأعرابي، بهذا الإسناد. قال بعضهم فيه: حيان، فلم ينسبوه، وقال بعضهم: حيان أبو العلاء، وقال آخرون: حيان بن العلاء.

والعيافة: زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرِّها.

والطرق: الضرب بالحصى، وهو ضرب من التكهن، قال لبيد:

لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى

ولا زاجرات الطير ما الله صانع =

ص: 502

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الطَّرْقُ: التَّنْجِيمُ، وَالطَّرْقُ: اللَّعِبُ بالحجارة للاصنام

ص: 503

‌ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُفْرِ عَلَى مَنْ رَأَى الْأَمْطَارَ مِنَ الْأَنْوَاءِ

6132 ـ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

عَنِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ:"هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ"؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: "قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بي، مؤمن بالكوكب" 1

=والجبت، قال في "اللسان": كل ما عبد من دون الله، وقيل: هي كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك.

1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر الحديث "188".

ص: 503

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمُسْلِمِ فِي الْحَوَادِثِ يَنْسُبُهَا إِلَى الْأَنْوَاءِ

6133 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ

ص: 503

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدْوَى وَلَا هامة ولا صفر ولا نوء" 1

1 إسناده صحيح على شرط مسلم، عبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي، قد توبع. القعنبي: اسمه عبد الله بن مسلمة بن قعنب.

وأخرجه أبو داود "3912" في الطب: باب في الطيرة، عن القعنبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/397، ومسلم "2220" "106" في السلام: باب لا عدوى ولا طيرة

، والبغوي "3252" من طرق عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة""275" من طريق ابن أبي حازم، عن العلاء، به. وانظر الحديث "6116".

ص: 504

‌ذكر البيان بأن من حكم بمجئ الْمَطَرِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ كَذَّبَهُ فَجْرُهُ إِذِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِهِ دُونَ خَلْقِهِ

6134 ـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دينار

عن بن عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَفَاتِحُ الْعِلْمِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ: لَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلَّا اللَّهُ"، 2 وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ الساعة أحد

2 قوله: "إلا الله" ليس في الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 3/لوحة 159.

ص: 504

إلا الله" 1

1 إسناده قوي، صالح بن قدامة روى عنه جمع، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال الذهبي في "الكاشف": صدوق، وأخطأ الحافظ في "التقريب" فقال: مقبول، ويعني بقوله:"مقبول" في اصطلاحه: أنه يقبل عند المتابعة، وإلا فليّن الحديث، كما نص على ذلك في مقدمته. وإسحاق بن إبراهيم: وهو ابن راهويه، وعبد الله بن دينار ثقتان من رجال الشيخين. وهو مكرر الحديث "70" و"71".

ص: 505

‌ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ الِاسْتِمْطَارُ فِي أَوَّلِ مَطَرٍ يَجِيءُ فِي السَّنَةِ

6135 ـ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: مُطِرْنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَسَرَ عَنْ ثَوْبِهِ لِلْمَطَرِ، قُلْنَا: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: "إنه حديث عهد بربه" 2 [00:00]

2 إسناده قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير جعفر بن سليمان فمن رجال مسلم.

وأخرجه البغوي في "شرح السنة""1171" من طريق محمد بن إسحاق بن إبراهيم أبي العباس السراج مولى ثقيف، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو دواد "5100" في الأدب: باب ما جاء في المطر، والنسائي في الصلاة من "الكبرى" كما في "التحفة" 1/105، وأبو نعيم في "الحلية" 6/291عن قتيبة بن سعيد، به. وقرن أبو داود في روايته مع قتيبة مسددا =

ص: 505

‌كتاب الكهانة والسحر

‌مدخل

كِتَابُ الْكِهَانَةِ وَالسِّحْرِ

6136 ـ أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، وَعَبْدَانُ الْحَرَّانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ:

قَالَتْ عَائِشَةُ: سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكُهَّانِ، فَقَالَ: لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسُوا بِشَيْءٍ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْجِنِّ يَحْفَظُهَا، فَيَقْذِفُهَا في اذن وليه، فيخلطون فيها أكثر

=وأخرجه أحمد 3/133 و267، والبخاري في "الأدب المفرد""571"، ومسلم "898" في الاستسقاء: باب الدعاء في الاستسقاء، وأبو يعلى "3426"، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص260، والبيهقي 3/359 من طرق عن جعفر بن سليمان، به.

قوله: "حسر عن ثوبه"، أي: كشف بعض بدنه.

ومعنى "حديث عهد بربه"، أي: بتكوين ربه إياه، ومعناه أن المطر رحمة، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها، فيتبرك بها، وفي هذا الحديث أن المفضول إذا رأى من الفاضل شيئا لا يعرفه أن يسأله عنه ليعلمه، فيعمل به، ويعلمه غيره. "شرح مسلم" للنووي 6/195-196.

ص: 506

من مائة كذبة" 1

1 إسناده صحيح، عبدان هذا لم أتبينه، وفي طبقته عبد الله بن عثمان بن جبلة الملقب بعبدان، لكنه مروزي وليس بحراني، ولم يذكر في شيوخ أبي عروبة، ومتابعة محمد –وهو محمد بن يحيى بن محمد بن كثير الحراني- ثقة، روى له النسائي، ومن فوقهما من رجال الشيخين غير معقل بن عبيد الله، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم "2228""123" في السلام: باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، عن سلمة بن شبيب، عن الحسن بن أعين، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/87، وعبد الرزاق "20347"، والبخاري "5762" في الطب: باب الكهانة، و"6213" في الأدب: باب قول الرجل للشيء: "ليس بشيء"، وهو ينوي أنه ليس بحق، و"7561" في التوحيد: باب قراءة الفاجر والمنافق وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم، ومسلم "2228"، والبيهقي 8/138، والبغوي "3258" من طرق عن الزهري، به. ووقع في "المصنف":"هشام بن عروة"، بدل "يحيى بن عروة" وهو خطأ، فقد أخرجه من طريقه مسلم والبيهقي والبغوي، فقالوا فيه:"يحيى بن عروة".

وأخرجه البخاري "3210" في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، عن ابن أبي مريم، عن الليث، عن ابن أبي جعفر، عن محمد بن عبد الرحمن أبي الأسود يتيم عروة، عن عروة، عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الملائكة تنزل في العَنان-وهو السحاب- فتذكر الأمر قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع، فتسمعه، فتوحيه إلى الكهان، فيكذبون منها مئة كذبة من عند أنفسهم". وعلقه برقم "3288" باب صفة إبليس وجنوده، عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي الأسود، به.

ص: 507

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِلْمُؤْمِنِ بِالسِّحْرِ

6137 ـ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

ص: 507

إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَمِينَةَ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَرِيزٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ

عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ، ولا قاطع" 1

هو الفضيل بن ميسرة

بعونه تعإلى وتوفيقه تم طبع الجزء الثالث عشر من الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ويليه الجزء الرابع عشر، وأوله: كتاب التاريخ

1 إسناده ضعيف، وهو مكرر "5346". وهو في "مسند أبي يعلى" ورقة 1/338، وزاد في آخره:"ومن مات وهو يشرب الخمر، سقاه الله من الغوطة-وهو ما يسيل من فروج المومسات- يؤذي ريحُه من في النار".

ص: 508