المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المجلد الرابع عشر ‌ ‌كتاب التاريخ ‌ ‌باب بدء الخالق ‌ ‌مدخل … كِتَابُ التَّارِيخِ بَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ 6138- أَخْبَرَنَا - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان - جـ ١٤

[الأمير ابن بلبان الفارسي]

فهرس الكتاب

المجلد الرابع عشر

‌كتاب التاريخ

‌باب بدء الخالق

‌مدخل

كِتَابُ التَّارِيخِ

بَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ

6138-

أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزهراني؛ حدثنا المقرىء، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَذَكَرَ السَّاجِيُّ آخَرَ مَعَهُ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَدَّرَ اللَّهُ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سنة (1) ".

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو هانئ الخولاني: هو حميد بن هانئ. والمقرئ: هو عبد الله بن يزيد المكي، وأبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العتكي، وأبو عبد الرحمن الخلبي: اسمه عبد الله بن يزيد المعافري، والرجل الآخر الذي ذكره الساجي: هو ابن لهيعة، كما جاء مصرحا به عند أحمد والبيهقي.

وأخرجه أحمد (2/169)، ومسلم (2653) في القدر: باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، والترمذي (2156) في القدر: باب رقم (18)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 374 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، ولفظ مسلم: "كتب الله مقادير

".

وأخرجه مسلم (2653) ، والبيهقي ص 374-375 من طرق عن أبي هانئ الخولاني به.

ص: 5

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا عَاتَبَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مَنْ خَالَفَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في إثبات القدر

6139-

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ السَّهْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَخْزُومِيِّ.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَالِفُونَهُ (1) فِي الْقَدَرِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآية ْ {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:47-49] (2) .

= وزاد مسلم في رواية له: "وكان عرشه على الماء"، وفي رواية البيهقي:"فرغ الله عز وجل من المقادير وأمور الدنيا قبل أن يخلق السماوات والأرض وعرشه على الماء بخمسين ألف سنة".

وقال البيهقي: وقوله: "فرغ" أي: يريد به إتمام خلق المقادير، لا أنه كان مشغولا به وفرغ منه، لأن الله تعالى لا يشغله شيء عن شيء، فإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.

(1)

كذا الأصل، و "التقاسيم" 3/ لوحة 177. وعند غير المؤلف:"يخاصمونه".

(2)

إسناده على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد بن إسماعيل المخزومي، فمن رجال مسلم، وهو مختلف فيه، ضعفه ابن معين، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال ابن المديني: رجل من أهل مكة معروف، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه أحمد 2/444 و476، والبخاري في "خلق أفعال العباد" ص 28، ومسلم (2656) في القدر: باب كل شيء بقدر، والترمذي (3290) في التفسير: باب سورة القمر، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (83) في المقدمة: باب في القدر، والطبري في "جامع البيان".

ص: 6

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا كَانَ وَلَا شَيْءَ غَيْرِهِ

6140-

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِشْكَابٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مَعْنٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَاقَتِي مَعْقُولَةٌ بِالْبَابِ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ مَا كَانَ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"كَانَ اللَّهُ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ كَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ". قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ، أَدْرِكْ نَاقَتَكَ، فَقَدِ انْفَلَتَتْ، فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا، وَايْمُ اللَّهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّى كنت تركتها (1) .

= 27/110، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 3/236، والواحدي في "أسباب النزول" ص 267، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/265، والمزي في " تهذيب الكمال 9/430، من طرق عن سفيان بهذا الإسناد.

(1)

إسناده صحيح على شرط الصحيح. محمد بن إشكاب: هو محمد بن الحسين بن إبراهيم العامري، أبو جعفر بن إشكاب من رجال البخاري، وأبو عبيدة بن معن: هو عبد الملك بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وهو وابنه من رجال مسلم، ومن فوقهما من رجال الشيخين.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (497) من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، بهذا الإسناد.

ص: 7

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا كَانَ اللَّهُ فِيهِ قَبْلَ خَلْقِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

6140-

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حدس

= وأخرجه البخاري (3190) في بدء الخلق: باب ما جاء في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} عن محمد بن كثير، عن سفيان، عن جامع بن شداد، به.

وقوله: "كان الله وليس شيء غيره"، وفي رواية الآتية (6142)"كان الله ولم يكن شيء قبله"، وكلتاهما في الصحيح، وللإسماعيلي:"كان الله قبل كل شيء"، قال الحافظ في "الفتح" 13/421: وهو بمعنى: " كان الله ولا شيء معه"، وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب (يعني من رواية البخاري:"كان الله ولم يكن شيء قبله". وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية، ووقفت في كلام له على هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب على غيرها مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه على التي في بدء الخلق "كان الله ولم يكن شيء غيره" لا العكس، والجمع يقدم على الترجيح بالاتفاق.

قلت: وانظر كلام ابن تيمية على هذا الحديث في "مجموعة الرسائل والمسائل" 2/347-374.

وقال البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 375: وقله: "وكان الله عز وجل ولم يكن شيء غيره" يدل على أنه لم يكن غيره لا الماء ولا العرش ولا غيرهما فجميع ذلك غير الله تعالى، وقوله:"كان عرشه على الماء" يعني: ثم خلق الماء وخلق العرش على الماء، ثم كتب في الذكر كل شيء.

ص: 8

عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: هَلْ تَرَوْنَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ الْقَمَرَ أَوِ الشَّمْسَ بِغَيْرِ سَحَابٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: فَاللَّهُ أَعْظَمُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ: فِي عَمَاءٍ، مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا تحته هواء"(1) .

= وعبد الله بن أحمد (257) ، والطبراني 19/ (466) من طريقين عن يعلى بن عطاء، به.

قال البيهقي: هذا حديث تفرد به يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، ولا نعلم لوكيع بن حدس هذا راويا غير يعلى بن عطاء.

(1)

إسناده ضعيف. وكيع بن حدس لم يوثقه غير المصنف، ولم يرو عنه غير يعلى بن عطاء، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(17980) ، وفي "التاريخ" 1/37-38 عن المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا الحجاج بن المنهال بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (1093) ، ومن طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات"2/116 عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه أحمد 4/11و12، وابنه عبد الله في "السنة"(260)، والترمذي (3109) في التفسير: باب ومن سورة هود، وحسنه، وابن ماجه (182) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، والطبراني في "الكبير" 19/ (468) من طرق عن حماد بن سلمة، به.

وأخرج القسم الأول منه الطيالسي (1094) ، وأحمد 4/11و12، وابنه عبد الله في "السنة"(258) و (265) و (266) ، وابن أبي عاصم في "السنة"(459) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص179، وعثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" ص55، والطبراني 19/ (465) ، والحاكم 4/560 من طرق عن حماد بن سلمة، به. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وأخرج القسم الأول منه أيضا أبو داود (3731) في السنة: باب الرؤية، وابن خزيمة ص178-179، وابن أبي عاصم (460) ،=

ص: 9

قال أبو حاتم رضي الله تعالى عَنْهُ: وَهِمَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ مِنْ حَيْثُ "فِي غَمَامٍ"(1) إِنَّمَا هُوَ "فِي عَمَاءٍ" يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْخَلْقَ لَا يَعْرِفُونَ خَالِقَهُمْ مِنْ حَيْثُ هُمْ، إِذْ كَانَ ولا زمان ولا مكان، ومن لا يُعْرَفْ لَهُ زَمَانٌ، وَلَا مَكَانٌ، وَلَا شَيْءٌ مَعَهُ، لِأَنَّهُ خَالِقُهَا؛ كَانَ مَعْرِفَةُ الْخَلْقِ إِيَّاهُ، كَأَنَّهُ كَانَ فِي عَمَاءٍ عَنْ عِلْمِ الْخَلْقِ، لَا أَنَّ اللَّهَ كَانَ فِي عَمَاءٍ، إِذْ هذا الوصف شبيه بأوصاف المخلوقين.

= وعبد الله بن أحمد (257) ، والطبراني 19/ (466) من طريقين عن يعلى بن عطاء، به.

قال البيهقي: هذا حديث تفرد به يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، ولا نعلم لوكيع بن حدس هذا راويا غير يعلى بن عطاء.

(1)

قوله: "في غمام" كذا جاء في الأصل و "التقاسيم" 3/لوحة335 "غمام" بالغين المعجمة وميم في آخره، ولم تقع لنا هذه الرواية في شيء من كتب السنة التي خرجت هذا الحديث، إلا أن الخطابي رحمه الله تعالى أشار في كتابه "غريب الحديث" 3/242 إليها، فقال: ورواه بعضهم "في غمام"،وليس بمحفوظ.

قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 2/8: العماء في كلام العرب: السحاب الأبيض، وإنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم، ولا ندري كيف كان ذلك العماء، وما مبلغه، والله تعالى أعم، وأما العمى في البصر؛ فإنه مقصور، وليس هو من معنى الحديث في شيء.

وقال الترمذي: قال يزيد بن هارون: العماء؛ أي: ليس معه شيء.

ص: 10

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْعَرْشُ قَبْلَ خَلْقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

6142-

أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

ص: 10

عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ.

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ:"اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ". قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطِنَا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ:"اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ". قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْنَا لِنَتَفَقَّهُ فِي الدِّينِ، وَنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ مَا كَانَ؟ فَقَالَ:"كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ". قَالَ: ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ بْنَ حُصَيْنٍ، رَاحِلَتَكَ أَدْرِكْهَا، فَقَدْ ذَهَبَتْ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُهَا، فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا، وَايْمُ اللَّهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّهَا ذَهَبَتْ وَلَمْ أقم (1) .

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عثمان العجلي، فمن رجال البخاري. شيبان: هو ابن عبد الرحمن التميمي.

وأخرجه أحمد 4/431، والبخاري (3191) في بدء الخلق: باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ، و (7418) في التوحيد: باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ، {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ، والطبري في "تاريخه" 1/38، والدارمي في "الرد على الجهمية"ص 14، والطبراني 18/ (499) و (500) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص231، وفي "السنن"9/2 و2-3 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرا أحمد 4/426 و 433و 436، وابن أبي شيبة 12/203، =

ص: 11

6143-

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، كَتَبَ فِي كِتَابِهِ يَكْتُبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبى"(1) .

= والبخاري (4365) في المغازي: باب وفد تميم، و (4386) : باب قدوم الأشعريين، وأهل اليمن، والترمذي (3951) في المناقب: باب في ثقيف وبني حنيفة، والدارمي ص 14، والطبراني 18/ (96) من طرق عن سفيان الثوري، عن جامع بن شداد، به.

وأخرجه كذلك النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/183، والطبري في "جامع البيان"(17982) ، وفي "التاريخ" 1/38، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 376 من طرق عن المسعودي، عن جامع بن شداد، به. وانظر (6140) و (7292) .

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي، وذكوان: هو السمان عن الأعمش، به.

وأخرجه أحمد 2/466، والطبري في "جامع البيان"(13096) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/397، والبخاري (7404) في التوحيد: باب قول الله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} من طريقين عن الأعمش، به.

وأخرجه أحمد 2/242 و259-260، والبخاري (3194) في بدء الخلق: باب ما جاء في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} و (7422)، في التوحيد: باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} و (7453) باب قول الله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} ، ومسلم (2751) في التوبة: باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، والبيهقي في =

ص: 12

قال أبو حاتم رضي الله تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "وَهُوَ مَرْفُوعٌ فَوْقَ الْعَرْشِ" مِنْ أَلْفَاظِ الْأَضْدَادِ الَّتِي تَسْتَعْمِلَ الْعَرَبُ فِي لُغَتِهَا يُرِيدُ بِهِ تَحْتَ الْعَرْشِ، لَا فَوْقَهُ، كَقَوْلِهِ جَلَا وَعَلَا:{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف:79] يُرِيدُ بِهِ أَمَامَهُمْ، إِذْ لَوْ كَانَ وَرَاءَهُمْ، لَكَانُوا قَدْ جَاوَزُوهُ، وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة:26] أراد به: فما دونها.

ص: 13

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ" أَرَادَ بِهِ لما قضى خلقهم

6143-

أخبرنا بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ، كَتَبَ فِي كِتَابٍ عِنْدَهُ: غَلَبَتْ، أَوْ قَالَ: سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضْبَى، قَالَ: فَهِيَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ" أَوْ كَمَا قال (1) .

="الأسماء والصفات" ص 395-396و416 من طرق عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة.

وأخرجه أحمد2/313، والبغوي في "شرح السنة"(4177) ، وفي "معالم التنزيل" 2؟ 87 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، وهو في "صحيفة همام" برقم (14) ، وانظر ما بعده.

(1)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير أحمد بن المقدام، فمن رجال البخاري. أبو رافع: هو نفيع الصائغ.

وأخرجه أحمد 2/381، والبخاري (7554) في التوحيد: باب قول الله: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} .=

ص: 13

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كِتْبَةَ اللَّهِ الْكِتَابَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كَتَبَهُ بِيَدِهِ

6143-

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حماد، قال: أنبأنا الليث، عن بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"حِينَ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي"(1) .

=وعلقه البخاري (7553)، قال: وقال لي خليفة بن الخياط: حدثنا معتمر بن سليمان، فذكره. وانظر ما بعده.

(1)

إسناده حسن. ابن عجلان -وهو محمد- حسن الحديث.

وأخرجه الترمذي (3543) في الدعوات: باب خلق الله مئة رحمة، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وأخرجه ابن ماجه (4295) في الزهد: باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة، من طريق أبي خالد الأحمر، وأحمد 2/432 عن يحيى، كلاهما عن ابن عجلان، به.

ص: 14

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ خَلْقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَدَدَ الرَّحْمَةِ الَّتِي يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

6146 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي عثمان (2) .

(2) في الأصل: "ابن أبي عثمان" وهو خطأ، وأبو عثمان: هو النهدي عبد الرحمن بن مل.

ص: 14

عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَجَعَلَ فِي الْأَرْضِ مِنْهَا رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالْوَحْشُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَأَخَّرَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرحمة مائة"(1) .

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن أبي هند، فمن رجال مسلم. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.

وأخرجه مسلم (2753)(21) في التوبة: باب سعة رحمة الله وأنها سبقت غضبة، والحسين المروزي في زيادات "الزهد" لابن المبارك (1038) ، والطبراني في "الكبير"(6144) من طرق عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/439، ومسلم (2753) ، والطبراني (6126) من طرق عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، به.

وأخرجه المروزي في زيادات "الزهد"(1037) ، والطبري في "جامع البيان"(13098) من طرق عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان، عن سلمان موقوفا.

وأخرجه المروزي في "زيادات الزهد"(1020) و (1036) من طريقين عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان موقوفا أيضا.

ص: 15

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يُكْمِلُ اللَّهُ هَذِهِ الرَّحْمَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

6147-

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي الْحَسَنُ بن عيسى، قال: حدثنا بن الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ

ص: 15

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهَ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوحُوشُ عَلَى أَوْلَادِهَا، وَأَخَّرَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(1)

. [3: 68]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ بَعْضِ تَعَطُّفِ الْوَحْشِ عَلَى أَوْلَادِهَا لِلْجُزْءِ الْوَاحِدِ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّحْمَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا

6148 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «جَعَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَأَنْزَلَ فِي

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. الحسن بن عيسى: هو ابن ماسرجس مولى عبد الله بن المبارك، وهو أخو الحسين بن عيسى بن ماسرجس، أسلم الحسن على يد عبد الله بن المبارك، ولم يُسلم الحسين، وسماه محمد بن أحمد -شيخ ابن حبان- جده مجازاً. وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه البغوي في " شرح السنة "(4179) ، وفي " معالم التنزيل " 2/87 من طريق عبد الرحمن المروزي، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/434، ومسلم (2752) في التوبة: باب سعة رحمة الله وأنها سبقت غضبه، وابن ماجه (4293) في الزهد: باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة، من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان، به. وانظر ما بعده.

ص: 16

الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلَائِقُ حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ»

(1)

. [3: 68] ،

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَقُدْرَتِهِ سَوَاءً كَانَ مَحْبُوبًا أَوْ مَكْرُوهاً

6149 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ

(2)

، قَالَ: أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ أَوِ الْكَيْسُ وَالْعَجْزُ»

(3)

. [3: 10]

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه مسلم (2752) في التوبة: باب سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، عن حرملة بن يحيى بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/321، والبخاري في " صحيحه " (6000) في الأدب: باب جعل الله الرحمة في مئة جزء، وفي " الأدب المفرد "(100) ، وحسين المروزي في " زيادات الزهد " لابن المبارك (1039) ، والطبراني في " الأوسط "(995) ، والبيهقي في " الآداب "(35) من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه أحمد 2/334، والبخاري (6469) في الرقائق: باب الرجاء مع الخوف، ومسلم (2752)(18)، والترمذي (3541) في الدعوات: باب رقم (100) ، والبغوي (4180) من طرق عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، بنحوه.

(2)

تحرف في الأصل إلى: " التمام " والتصويب من " موطأ " مالك وغيره.

(3)

إسناده على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن مسلم =

ص: 17

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي قَضَى اللَّهُ أَسْبَابَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا أَوْ يَنْقُصَ مِنْهَا شَيْئًا

6150 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَزِيرُ بْنُ صُبَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَرَغَ اللَّهُ إِلَى كُلِّ عَبْدٍ مِنْ خَمْسٍ: مِنْ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَأَثَرِهِ وَمَضْجَعِهِ»

(1)

. [3: 66]

= -وهو الجندي اليماني- فمن رجال مسلم، وهو مختلف فيه، ضعفه أحمد، وقال النسائي: ليس بالقوي، وذكره المؤلف في " الثقات " 7/217، وقال ابن عدي: ليس له حديث منكر جداً، واختلف قول ابن معين فيه، فقال في رواية ابن الجنيد: لا بأس به، وقال في رواية الدوري: ليس بالقوي. والحديث في " الموطأ " 2/899 في القدر: باب النهي عن القول في القدر، وأخرجه أحمد 2/110، وابنه عبد الله في " السنة "(748) و (749) ، والبخاري في " خلق أفعال العباد " ص 25، ومسلم (2655) في القدر: باب كل شيء بقدر، والبغوي (73) من طريق مالك بهذا الإسناد.

(1)

حديث صحيح. هشام بن عمار حسنُ الحديث، والوزير بن صبيح، روى عنه جمع، وذكره المؤلف في " الثقات "، وقال: ربما أخطأ، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقد توبعا، ومن فوقهما ثقات.

وأخرجه أحمد 5/197، وابن أبي عاصم في " السنة "(303) و (304) و (305) و (306) و (308) ، والقضاعي في " مسند الشهاب "(602) من طرق عن خالد بن صبيح (وهو خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح) عن يونس بن ميسرة بن حلبس، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (2152) حدثنا عبدُ الله بن أحمد، حدثنا صفوان بن =

ص: 18

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا قَدْ جَعَلَ لِقَضَايَاهُ أَسْبَابًا تَجْرِي لَهَا

6151 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي عَزَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ فِيهَا حَاجَةً»

(1)

. [3: 66]

= صالح، حدثنا العوام بن صبيح، حدثنا يونس بن ميسرة بن حلبس، به. وقال البزار: روي عن أبي الدرداء من غير وجه، وهذا أحسنها.

وأخرجه أحمد 5/197، وابن أبي عاصم (307) من طريق زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا خالد بن صبيح المري قاضي البلقاء، حدثنا إسماعيلُ بن عبيد الله، أنه سمع أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء قال:

فذكره.

وذكره الهيئمي في " المجمع " 7/195، وقال: رواه أحمد، والبزار، والطبراني في " الكبير " و " الأوسط "، وأحد إسنادي أحمد رجاله ثقات.

(1)

إسناده صحيح. مُسَدَّد بن مُسَرهَد من رجال البخاري، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير صحابيه، واسمه يسار بن عبد، فقد أخرج حديثه البخاري في " الأدب المفرد "، وأبو داود في " القدر "، والترمذي. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلية، وأيوب: هو السختياني.

وأخرجه أحمد 3/429، ومن طريقه الحاكم 1/42 عن إسماعيل بن عُلية، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، ورواته عن آخرهم ثقات.

وأخرجه الترمذي (2148) في القدر: باب ما جاء أن النفس تموت حيث ما كتب لها، ومن طريقه ابنُ الأثير في " أسد الغابة " 6/213 من طريقين عن إسماعيل بن عُلية به، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. =

ص: 19

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ اسْتِقْرَارِ الشَّمْسِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الدُّنْيَا

6152 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38]، قَالَ:«مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ»

(1)

. [3: 69]

= وذكره البخاري في " تاريخه " 8/419 عن علي ابن المديني، أخبرنا إسماعيل بن عُلية، به.

وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد"(1282) ، وأبو يعلى (927) ، والحاكم 1/42، والقضاعي في " مسند الشهاب "(1392) من طريقين عن أيوب، به.

وأخرجه الطبراني في " الكبير " 22/ (706) من طريقين عن حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابة، عَنْ أَبِي المليح، به.

وأخرجه الطبراني 22/ (707) و (708) ، والقضاعي (1393) و (1394) من طريقين عن أيوب، عن أبي المليح، عن رجل من قومه وكانت له صحبة، قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

فذكره.

وأخرجه ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " 6/358، وابن عدي في " الكامل " 4/1634، وأبو نعيم في " الحلية " 8/374 من طريقين عن عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي المليح، به. وهذا سند حسن في المتابعات، فإن عبيد الله بن أبي حميد ضعيف.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إبراهيم التيمي: هو إبراهيم بن يزيد بن شريك. =

ص: 20

‌ذِكْرُ وَصْفِ اسْتِقْرَارِ الشَّمْسِ تَحْتَ الْعَرْشِ كُلَّ لَيْلَةٍ

6153 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ الشَّمْسُ؟» ، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: «فَإِنَّهَا تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرَّ سَاجِدَةً، فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَرْجِعُ فَتَطْلُعُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجِيءُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرَّ سَاجِدَةً، فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَرْجِعُ، فَتَطْلُعُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجِيءُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَخِرَّ سَاجِدَةً فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ

= وأخرجه أحمد 5/158 عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4803) في تفسير سورة يس، و (7433) في التوحيد: باب قول الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} ، ومسلم (159) (251) في الإيمان: باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 393، والبغوي (4293) من طرق عن وكيع، به.

وأخرجه الطحاوي في " شرح مشكل الآثار "(281) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به.

ص: 21

فَتَرْجِعُ فَتَطْلُعُ مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي لَا يَسْتَنْكِرُ النَّاسُ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِي فَاطْلُعِي مِنْ مَغْرِبِكِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا» ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَتَدْرُونَ مَتَى ذَلِكَ؟ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»

(1)

. [3: 69]

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن علية، ويونس بن عبيد: هو ابن دينار العبدي.

وأخرجه مسلم (159) في الإيمان: باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، والنسائي في التفسير من " الكبرى " كما في " التحفة " 9/189 عن إسحاق بن إيراهيم بن راهويه، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (159) ، والطبري في " جامع البيان "(14205) من طرق عن إِسماعيل ابن علية، به.

وأخرجه مسلم، والطبري (14204) من طرق عن خالد بن عبد الله الطحان، عن يونس بن عبيد، به.

وأخرجه مختصراً أحمد 5/145، والطبري (14221) من طريق حماد بن سلمة، عن يونس بن عبيد، به. وانظر ما بعده وما قبله.

قال الإمام الخطابي -ونقله عنه البغوي في " شرح السنة " 15/95-96، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 393-394 في قوله عز وجل {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا

} -: إن أهل التفسير وأصحابَ المعاني قالوا فيه قولين، قال بعضهم: معناه: أن الشمس تجري لمستقرٍّ لها، أي: لأجل أُجِّل لها، وقدرٍ قدِّرَ لها، يعني انقطاع مدة بقاء العالم، وقال بعضهم: مستقرها: غايةُ ما تنتهي إليه في صعودها وارتفاعها لأطول يوم في الصيف، ثم تأخذ حتى تنتهي إلى أقصى مشارق الشتاء لأقصر يوم في السنة.

وأما قوله عليه السلام: " مستقرها تحت العرش " فلا ننكر أن يكونَ لها =

ص: 22

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= استقرار تحت العرش من حيث لا ندركه ولا نشاهده، وإنما أخبر عن غيب، فلا نكذب به، ولا نكيْفه، لأن علمنا لا يحيط به، ويحتمل أن يكون المعنى: أن علم ما سألت عنه من مستقرها تحت العرش في كتاب كتب فيه مبادئ أمور العالم ونهاياتها، والوقت الذي تنتهي به مدتها، فينقطع دوران الشمس، وتستقر عند ذلك، فيبطل فعلها وهو اللوح المحفوظ.

وقال أبو سليمان: وفي هذا إخبارٌ عن سجود الشمس تحت العرش، فلا يُنكر أن يكونَ ذلك عند محاذاتها العرش في مسيرها، وليس في سجودها تحت العرش ما يعَوِّقُها عن الدأب في سيرها، والتصرف لما سخرت له.

وأما قوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 85] فهو نهاية مدرك البصر إياها حالة الغروب، ومصيرها تحت العرش للسجود إنما هو بعد الغروب، وليس معنى قوله:{تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أنها تسقط في تلك العين فتغمرها، وإنما هو خبر عن الغاية التي بلغها ذو القرنين في مسيرها حتى لم يجد وراءها مسلكاً، فوجد الشمس تتدلى عند غروبها فوقَ هذه العين، وكذلك يتراءى غروب الشمس لمن كان في البحر، وهو لا يرى الساحل، كأنها تغيب فى البحر، والله أعلم.

وقوله سبحانه وتعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن 5]، وقوله عز وجل:{وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [الأنعام: 96] أي: يجريان بحساب معلوم، وعلى منازل ومقادير لا يجاوزانها، قال الله سبحانه وتعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39] وقيل: حسبان جمع حساب، وقوله سبحاله وتعالى:{وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أي: في رأى العين، فمن قرأها:" حامية " بلا همزٍ: أراد الحارة، ومن قرأ:" حمئة " بلا ألفٍ مهموزاً: أراد عينا ذات حمأةٍ، يقال: حمأت البئر إدا نزعت منها الحمأة، وأحمأتها: إدا ألقيت فيها الحمأة.

وأغرب الآلوسي في " تفسيره " 23/14، فقال: إن للشمس نفساً، كما قيل في الأفلاك، فتنسلخ منها: وتسجد تحت العرش، لكن هذا خوض منه =

ص: 23

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: «هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، وَالْمَشْهُورُ هَذَا الْخَبَرُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ» .

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ اسْتِقْرَارِ الشَّمْسِ كُلَّ لَيْلَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَاسْتِئْذَانِهَا فِي الطُّلُوعِ

6154 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ:«أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟» ، فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: «تَذْهَبُ حَتَّى تَنْتَهِيَ تَحْتَ الْعَرْشِ عِنْدَ رَبِّهَا، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ، فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَتُوشِكُ أَنْ تَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا، وَتَسْتَشْفِعَ وَتَطْلُبَ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا: اطْلَعِي مِنْ مَكَانِكِ، فَهُوَ قَوْلُهُ {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ

= فيما لا قبل له به، والواجب أن نصدق أنها تسجد كما ورد النص، ولا يجب أن نعلم كيفية سجودها، وهي تحت العرش في كل آن، وتسجد وتنقاد للرحمن في كل لحظة، قال الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} . قلت. وراجع لزاماً رسالة " في قنوت الأشياء كلها لله تعالى " لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهي الأولى من " جامع الرسائل " تحقيق محمد رشاد سالم.

ص: 24

الْعَلِيمِ} » [يس: 38]

(1)

. [1: 53]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا خَلَقَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْمَلَائِكَةَ وَالْجَانَّ مِنْهُ

6155 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا قَدْ وُصِفَ

(2)

لَكُمْ»

(3)

. [3: 66]

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين الملائي -بضم الميم- وهو أبو نعيم الفضل بن دكين.

وأخرجه البيهقي في " الأسماء والصفات " ص 392-393 من طريقين عن أبي نعيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/177، والبخاري (3199) في بدء الخلق: باب صفة الشمس والقمر، و (4802) في تفسير سورة يس، و (7424) في التوحيد: باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ، ومسلم (159) في الإيمان: باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، والطيالسي (460)، والترمذي (2186) في الفتن: باب ما جاء في طلوع الشمس من مغربها، و (3227) في التفسير: باب ومن سورة يس، والطبري في " جامع البيان " 23/5، والبغوي في " معالم التنزيل " 4/12-13 من طرق عن الأعمش، به.

(2)

في الأصل: " وصفت " والمثبت مصادر التخريج.

(3)

حديث صحيح، ابن أبي السري. هو محمد بن المتوكل، قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد 6/153 و168، ومسلم (2996) في الزهد: باب في =

ص: 25

‌ذِكْرُ وَصْفِ أَجْنَاسِ الْجَانِّ الَّتِي عَلَيْهَا خُلِقَتْ

6156 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهِبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرِ بْنِ كُرَيْبٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْجِنُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ كِلَابٌ وَحَيَّاتٌ، وَصِنْفٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَصِنْفٌ يَحُلُّونَ

(1)

وَيَظْعَنُونَ»

(2)

. [3: 66]

= أحاديث متفرقة، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 385-386 من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد.

وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 7/695، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.

(1)

تحرف في الأصل إلى " يرتحلون ".

(2)

إسناده قوي. يزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن مَوهَبٍ، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة، ومن فوقه مِن رجال الصحيح. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه الطحاوي في " شرح مشكل الآثار " 4/95-96 عن بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في " الكبير " 22/ (573) ، والحاكم 2/456، وعنه البيهقي في " الأسماء والصفات " ص 388 عن عبد الله بن صالح، وأبو نعيم في " الحلية " 5/137 عن علي بن مسهر، كلاهما عن معاوية بن صالح، به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 8/136، ونسبه إلى الطبراني، وقال: ورجاله وثِّقُوا، وفي بعضهم خلاف.

وذكره في " المطالب العالية " 3/268، ونسبه لأبي يعلى.

ص: 26

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِنَّ تَقْتُلُ أَوْلَادَ آدَمَ إِذَا شَاءَتْ

6157 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهِبٍ، عَنِ اللَّيْثِ

(1)

، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ صَيْفِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، مَوْلَى الْأَنْصَارِ أَخْبَرَ بِهِ، عَنْ أَبِي السَّائِبِ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ، عِنْدَهُ سَمِعْتُ تَحْتَ سَرِيرِهِ تَحْرِيكَ شَيْءٍ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حَيَّةٌ، فَقُمْتُ.

فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: حَيَّةٌ هَاهُنَا.

قَالَ: فَتُرِيدُ مَاذَا؟ قُلْتُ: أُرِيدُ قَتْلَهَا.

قَالَ: فَأَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ فَعَايَنْتُهُ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ عَمٍّ لِي كَانَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ اسْتَأْذَنَ إِلَى أَهْلِهِ، وَكَانَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِسِلَاحِهِ، فَأَتَى دَارَهُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً عَلَى بَابِ الْبَيْتِ، فَأَشَارَ إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ.

فَقَالَتْ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ حَتَّى تَنْظُرَ مَا أَخْرَجَنِي، فَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَإِذَا حَيَّةٌ مُنْكَرَةٌ، فَطَعَنَهَا بِالرُّمْحِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهَا فِي الرُّمْحِ تَرْتَكِضُ.

فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الرَّجُلُ أَمِ الْحَيَّةُ، فَأَتَى قَوْمُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَنَا، فَقَالَ:«اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ» .

ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ بِالْمَدِينَةِ قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَحَذِّرُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ إِنْ بَدَا لَكُمْ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَاقْتُلُوهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ»

(2)

. [1: 43]

(1)

" عن الليث " سقط من الأصل، واستدرك من " سنن أبي داود ".

(2)

إسناده حسن. محمد بن عجلان روى له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة، =

ص: 27

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الدُّنْيَا إِنَّمَا هِيَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ

6158 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهِ لَقِيدُ

(1)

سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»

(2)

. [3: 78]

= وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات. أبو السائب: هو الأنصاري مولى ابن زهرة.

وأخرجه أبو داود (5257) في الأدب: باب في قتل الحيات، حدثنا يزيد بن موهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/41 عن يونس، حدثنا الليث به.

وأخرجه أبو داود (5258) ، وأبو يعلى (1192) من طريقين عن يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان به.

وله طريق اخر تقدم عند المصنف برقم (5637) .

(1)

" والله لقيد " لم ترد في الأصل، و" التقاسيم" 3/لوحة 493، واستدركت من " مصنف " عبد الرزاق، و" صحيفة " همام. وقيد السوط: قدره، يقال: بيني وبينه قاب رمحٍ، وقاد رمح، وقيد رمح، أي: قدر رمح.

(2)

حديث صحيح. ابن أبي السري متابع، ومَنْ فوقه على شرط الشيخين، وهو في " مصنف عبد الرزاق "(20885) ، و" صحيفة " همّام برقم (55) ، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/315، والبغوي (4370) بهذا الإسناد.

وانظر الحديث رقم (7417) و (7418) .

ويستفاد من الحديث. تعظيم شأن الجنة، وأن اليسيرَ منها إن قل قدره خير من مجموع الدنيا بحذافيرها، والمراد بذكر السوط التمثيل لا موضع السوط بعينه.

ص: 28

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ قَدْرِ طُولِ الدُّنْيَا وَمُدَّتِهَا فِي جَنْبِ بَقَاءِ الْآخِرَةِ وَامْتِدَادِهَا

6159 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُسْتَوْرِدَ، أَخَا بَنِي فِهْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَمَا يَضَعُ أَحَدُكُمْ أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ»

(1)

. [3: 28]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ كُلِّهَا» ، أَرَادَ بِهِ: مِنْ قَبْضَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا

6160 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، سَمِعَ قَسَامَةَ بْنَ زُهَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ، مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَسْوَدُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَصْفَرُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ، وَالْخَبِيثُ وَالطِّيبُ»

(2)

. [3: 4]

(1)

حديث صحيح، ابن أبي السَّري قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير صحابيه، فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري تعليقاً. وقد تقدم تخريجه برقم (4330) .

(2)

حديث صحيح ابن أبي السَّري قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير قسامة بن زهير، فقد روى له أصحابُ السنن إلا ابن ماجه، وهو ثقة عوف: هو ابن أبي جميلة العبدي. =

ص: 29

‌ذِكْرُ الْيَوْمِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا آدَمَ صلى الله عليه وسلم فِيهِ

6161 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي، فَقَالَ:«خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ آخِرِ الْخَلْقِ مِنْ آخِرِ السَّاعَةِ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ»

(1)

. [3: 4]

= وأخرجه أحمد 4/400، وأبو داود (4693) في السنة: باب في القدر، والترمذي (2995) في التفسير: باب ومن سورة البقرة، وابن سعد في " الطبقات " 1/26، وعبد بن حميد في " المنتخب "(548) ، والطبري في " جامع البيان "(645) ، والحاكم 2/261-262، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 385 من طرق عن عوف العبدي، بهذا الإسناد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حسن صحيح: وانظر (6181) .

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في " مسند أبي يعلى "(6132) إلا أن غير واحد من الحفاظ أعلوه وجعلوه من كلام كعب الأحبار.

وأخرجه مسلم (2789) في صفة المنافقين وأحكامهم: باب ابتداء الخلق وخلق آدم، عن سريج بن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/327، ومسلم، والنسائي في التفسير من " الكبرى " كما في " التحفة " 10/133، والطبري في " التاريخ " 1/23 و45، والبيهقي =

ص: 30

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في " الأسماء والصفات " ص 383 من طرق عن حجاج بن محمد، به. وأخرجه ابن معين في " تاريخه " ص 305، وعنه الدولابي في " الكنى " 1/175 عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج، به.

وأخرجه الحاكم في " معرفة علوم الحديث " ص 33-34 من طريق إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سليم، عن أيوب بن خالد، به.

وأخرجه النسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 10/264 من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة.

وأخرج البيهقي في " الأسماء والصفات " ص 384 عن علي ابن المديني: أنه قال: ما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى. قلت: (القائل البيهقي) : وقد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الربذي، عن أيوب بن خالد، إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف، وروي عن بكر بن الشرود عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سليم، عن أيوب بن خالد، وإسناده ضعيف، والله أعلم.

وعلقه الإمام البخاري في " تاريخه " 1/413-414 من طريق أيوب، وقال: وقال بعضهم: عن أبي هريرة، عن كعب، وهو أصح.

وقال: الحافظ ابن كثير في " تفسيره " 1/99 طبعة الشعب بعد أن أورد الحديث من طريق مسلم: هذا الحديث من غرائب " صحيح مسلم "، وقد تكلم عليه ابن المديني والبخاري، وغير واحد من الحافظ، وجعلوه من كلام كعب، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار وإنما اشتبه على بعض الرواة، فجعله مرفوعاً، وذكره أيضاً في " تفسيره " 3/422، وقال: وفيه استيعاب الأيام السبعة، والله تعالى قد قال:{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} ، ولهذا تكلم البخاريُّ وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث، وجعلوه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار، ليس مرفوعاً.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " 17/236: وأما الحديث الذي رواه مسلم في قوله: " خلق الله التربة يوم السبت " فهو حديث معلول قدح =

ص: 31

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فيه أئمة الحديث كالبخاري وغيره، قال البخاري: الصحيح أنه موقوف على كعب الأحبار وقد ذكر تعليله البيهقي أيضاً، وينوا أنه غلط ليس مما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مما أنكر الحذاق على مسلم إخراجَه إياه.

وقال أيضاً فيما نقله عنه القاسمي في " الفضل المبين " ص 432-434: هذا الحديث طعن فيه من هو أعلم من مسلم مثل يحيى بن معين، ومثل البخاري وغيرهما، وذكر البخاري أن هذا من كلام كعب الأحبار، وطائفة اعتبرت صحته مثل أبي بكر ابن الأنباري، وأبي الفرج ابن الجوزي وغيرهما، والبيهقي وغيره وافقوا الذين ضعفوه، وهذا هو الصواب، لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة، فيلزم أن يكونَ أول الخلق يوم الأحد، وهكذا عندَ أهل الكتاب، وعلى ذلك تدل أسماء الأيام، وهذا المنقولُ الثابت في أحاديث وآثار أخر، ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة، لكان قد خلق في الأيام السبعة، وهو خلاف ما أخبر به القرآن، مع أن حُذَّاق علم الحديث يثبتون علة هذا الحديث من غير هذه الجهة، وإن راويه فلان غلط فيه لأمور يذكرونها، وهذا الذي يسمى معرفة علل الحديث، يكون الحديث إسناده في الظاهر جيداً، ولكى عرِفَ من طريق آخر أن راويه غلط فرفعه وهو موقوف، أو أسنده وهو مرسل، أو دخل عليه الحديث في حديث، وهذا فن شريف، وكان يحيى بن سعيد الأنصاري، ثم صاحبه علي ابن المديني، ثم البخاري من أعلم الناس به، وكذلك الإمام أحمد، وأبو حاتم، وكذلك النسائي والدارقطني وغيرهم، وفيه مصنفات معروفة.

قال المناوي في " فيض القدير " 3/448: قال بعضعهم: هذا حديث في متنه غرابة شديدة فمن ذلك: أنه ليس فيه ذكر خلق السماوات، وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام، وهذا خلاف القرآن، لأن الأربعة خلقت في أربعة أيام، ثم خلقت السماوات في يومين.

ص: 32

‌ذِكْرُ وَصْفِ طُولِ آدَمَ حَيْثُ خَلْقَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا

6162 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ وَطُولِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلْقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفْرِ، وَهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ.

قَالَ: فَذَهَبَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَمْ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ.

قَالَ: فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا

فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ»

(1)

. [3: 4]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هَذَا الْخَبَرُ تَعَلَّقَ بِهِ مَنْ لَمْ يُحْكِمُ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ وَأَخَذَ يُشَنِّعُ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَنْتَحِلُونَ السُّنَنَ،

(1)

حديث صحيح، ابن أبي السري متابع، ومن فوقه على شرط الشيخين.

وهو في " صحيفة همّام " رقم (59) ، وفي " مصنف عبد الرزّاق " رقم (19435) .

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/315، والبخارى (3336) في الأنبياء: باب خلق آدم وذريته، و (6227) في الاستئدان: باب بدء السلام، ومسلم (2841) في الجنة: باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير، وابن خريمة في " التوحيد " ص 40-41، واللالكائي في " أصول الاعتقاد "(711) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 289-290، والبغوي (3298) .

ص: 33

وَيَذُبُّونَ عَنْهَا، وَيَقْمَعُونَ مَنْ خَالَفَهَا بِأَنْ قَالَ: لَيْسَتْ تَخْلُو هَذِهِ الْهَاءُ مِنْ أَنْ تُنْسَبَ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى آدَمَ، فَإِنْ نُسِبَتْ إِلَى اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ كُفْرًا، إِذْ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ، وَإِنْ نُسِبَتْ إِلَى آدَمَ تَعَرَّى الْخَبَرُ عَنِ الْفَائِدَةِ، لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ خُلِقَ عَلَى صُورَتِهِ لَا عَلَى صُورَةِ غَيْرِهِ، وَلَوْ تَمَلَّقَ قَائِلُ هَذَا إِلَى بَارِئِهِ فِي الْخَلْوَةِ، وَسَأَلَهُ التَّوْفِيقَ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ وَالْهِدَايَةِ لِلطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ فِي لُزُومِ سُنَنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لَكَانَ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْقَدْحِ فِي مُنْتَحِلِي السُّنَنِ بِمَا يَجْهَلُ مَعْنَاهُ، وَلَيْسَ جَهْلُ الْإِنْسَانِ بِالشَّيْءِ دَالًا عَلَى نَفْيِ الْحَقِّ عَنْهُ لِجَهْلِهِ بِهِ.

وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ أَخْبَارَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِذَا صَحَّتْ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ لَا تَتَضَادَّ، وَلَا تَتَهَاتَرُ، وَلَا تَنْسَخُ الْقُرْآنَ بَلْ لِكُلِّ خَبَرٍ مَعْنًى مَعْلُومٌ يُعْلَمُ، وَفَصْلٌ صَحِيحٌ يُعْقَلُ، يَعْقِلُهُ الْعَالِمُونَ.

فَمَعْنَى الْخَبَرِ عِنْدَنَا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» : إِبَانَةُ فَضْلِ آدَمَ عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ، وَالْهَاءُ رَاجِعَةٌ إِلَى آدَمَ، وَالْفَائِدَةُ مِنْ رُجُوعِ الْهَاءِ إِلَى آدَمَ دُونَ إِضَافَتِهَا إِلَى الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا - جَلَّ رَبُّنَا وَتَعَالَى عَنْ أَنْ يُشَبَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ - أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا جَعَلَ سَبَبَ الْخَلْقِ الَّذِي هُوَ الْمُتَحَرِّكُ النَّامِي بِذَاتِهِ اجْتِمَاعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، ثُمَّ زَوَالَ الْمَاءِ عَنْ قَرَارِ الذَّكَرِ إِلَى رَحِمِ الْأُنْثَى، ثُمَّ تَغَيُّرَ ذَلِكَ إِلَى

ص: 34

الْعَلَقَةِ بَعْدَ مُدَّةٍ، ثُمَّ إِلَى الْمُضْغَةِ، ثُمَّ إِلَى الصُّورَةِ، ثُمَّ إِلَى الْوَقْتِ الْمَمْدُودِ فِيهِ، ثُمَّ الْخُرُوجِ مِنْ قَرَارِهِ، ثُمَّ الرَّضَاعِ، ثُمَّ الْفِطَامِ، ثُمَّ الْمَرَاتِبِ الْأُخَرِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا إِلَى حُلُولِ الْمَنِيَّةِ بِهِ.

هَذَا وَصْفُ الْمُتَحَرِّكِ النَّامِي بِذَاتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلْقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَّا آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خَلْقَهُ عَلَيْهَا، وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ تَقْدُمُهُ اجْتِمَاعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، أَوْ زَوَالُ الْمَاءِ، أَوْ قَرَارُهُ، أَوْ تَغْيِيرُ الْمَاءِ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً، أَوْ تَجْسِيمُهُ بَعْدَهُ، فَأَبَانَ اللَّهُ بِهَذَا فَضْلَهُ عَلَى سَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ خَلْقِهِ، بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نُطْفَةً فَعَلَقَةً، وَلَا عَلَقَةً فَمُضْغَةً، وَلَا مُضْغَةً فَرَضِيعًا، وَلَا رَضِيعًا فَفَطِيمًا، وَلَا فَطِيمًا فَشَابًّا كَمَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَةُ غَيْرِهِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ حَشْوِيَّةٌ يَرْوُونَ مَا لَا يَعْقِلُونَ وَيَحْتَجُّونَ بِمَا لَا يَدْرُونَ»

6163 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ جَعَلَ إِبْلِيسَ يُطِيفُ بِهِ، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ قَالَ: طَفِرْتُ بِهِ، خَلْقٌ لَا يَتَمَالَكُ»

(1)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه الطيالسي (2024)، وأحمد 3/152 و229 و240 و254 ومسلم (2611) في البر: باب خلق الإنسان خلقاً لا يتمالك وابن سعد في " الطبقات " 1/27، والحاكم 1/37، والبيهقي في " الأسماء والصفات " =

ص: 35

‌ذِكْرُ حَمْدِ آدَمَ رَبَّهُ لَمَّا خَلْقَهُ بِإِلْهَامِهِ جَلَّ وَعَلَا إِيَّاهُ ذَلِكَ

6164 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ

(1)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَطَسَ فَأَلْهَمَهُ رَبُّهُ أَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلِذَلِكَ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ»

(2)

. [3: 4]

= ص 386 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد بلغني أنه أخرجه في آخر الكتاب.

قلت: ولفظه عند جميع من خرجه: " فلما رآه أجوف، عرف أنه خلق لا يتمالك " ولفظ المؤلف نسبه السيوطي في " الجامع الكبير " ص 656 إلى أبي الشيخ في " العظمة "

(1)

جاء في الأصل: حفص بن عاصم عن خبيب بن عبد الرحمن، وهو خطأ، والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 286.

(2)

حديث حسن، رجال ثقات غير مبارك بن فضالة، ففيه لين وهو مدلس، وقد عنعن، لكن يشهد له حديث أنس الآتي بعده دونَ قوله:" فلذلك سبقت رحمته غضبه "، وكذلك حديث أبي هريرة (6167) المطول.

وأخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " رقم (205) عن يحيى بن محمد بن السكن، بهذا الإسناد وقد صرح مبارك بن فضالة في هذه الرواية بالتحديث، لكن ابن أبي عاصم اقتصر على ذكر طرقه: ولم يسُقه بتمامه.

ص: 36

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَطَسَ» ، أَرَادَ بِهِ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ

6165 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَمَّا نَفَخَ فِي آدَمَ، فَبَلَغَ الرُّوحُ رَأْسَهُ عَطَسَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

فَقَالَ لَهُ تبارك وتعالى: يَرْحَمُكَ اللَّهُ»

(1)

. [3: 4]

‌ذِكْرُ إِخْرَاجِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنْ ظَهْرِ آدَمَ ذُرِّيَّتِهِ، وَإِعْلَامِهِ إِيَّاهُ أَنَّهُ خَالِقُهَا لِلْجَنَّةِ وَالنَّارِ

6166 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ

(2)

وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.

وأخرجه الحاكم 4/263 من طريقين عن موسى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ موقوفاً، وقال هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم وإن كان موقوفاً، فإن إسناده صحيح بمرة.

(2)

بالجمع، وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي عمرو، وقرأ أهل مكة والكوفة " ذريتهم " بالإفراد. انظر " حجة القراءات " ص 301-302.

ص: 37

أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الْآيَةَ [الأعراف: 172] .

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ بِيَمِينِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ» .

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلُهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلُهُ بِهِ النَّارَ»

(1)

. [3: 4]

(1)

مسلم بن يسار الجهني لم يسمع من عمر، ثم إنه لم يوثقه غير المصنف والعجلي، ولم يروِ عنه غير عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بن الخطاب، وأخطأ الشيخ ناصر الألباني في " تخريج المشكاة "(96) فظن أنه ثقة من رجال الشيخين، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. وهو في " الموطأ " 2/898-899 في القدر: باب النهي عن القول بالقدر.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 1/44-45، وأبو داود (4703) في السنَّة: باب في القدر، والترمذي (3075) في التفسير: باب ومن سورة الأعراف، والطبري في " جامع البيان "(15357) ، وفي " التاريخ " 1/135، واللالكائي (990) والآجري في " الشريعة " ص 170 وابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " 2/273، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 325، والبغوي في " شرح السنة "(77) ، وفي " معالم التنزيل " 2/211 و 544. =

ص: 38

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وصححه الحاكم في ثلاثة مواضع من كتابه 1/27 و2/324-325 و544، ووافقه الذهبي في الموضعين الثاني والثالث، وخالفه في الموضع الأول، فقال: فيه إرسال.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلاً.

وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " 3/503 بعد أن نقل قول الترمذي هذا: كذا قاله أبو حاتم وأبو زرعة، زاد أبو حاتم: وبينهما نعيم بن ربيعة.

وهذا الذي قاله أبو حاتم رواه أبو داود في " سننه "(4704) عن بقية بن الوليد، عن عمر بن جعْثم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن مسلم بن يسار، عن نعيم بن ربيعة، قال: كنت عند عمر بن الخطاب وقد سئل عن هذه الآية.

قلت: وأخرجه كذلك الطبري في " جامع البيان "(15358) من طريق محمد بن المصفى، وأخرجه ابن عبد البر في " التمهيد " 6/4 و 4-5 من طريق محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم الحراني، عن زيد بن أبي أنيسة، وذكره البخاري في " التاريخ الكبير " 8/97 عن محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن يزيد، سمع أباه، سمع زيداً

فذكره.

وقال الدارقطني في " العلل " 2/222 لما سئل عن هذا الحديث: يرويه زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار، عن نعيم بن ربيعة، عن عمر، حدث عنه كذلك يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي، وجود بسناده ووصله.

قلت: رواية يزيد بن سنان هذه أخرجها محمد بن نصر في كتاب " الرد على محمد بن الحنفية " كما في " النكت الظراف " 8/113: حدثنا الذهلي، حدثا محمد بن يزيد بن سنان، حدثا أبي

وقال الدارقطني: وخالفه مالك بن أنس، فرواه عن زيد بن أبي أنيسة.

ولم يذكر في الإسناد نعيم بن ربيعة، وأرسله عن مسلم بن يسار، عن عمر، =

ص: 39

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ يُضَادُّ خَبَرَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6167 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

(1)

أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ

= وحديث يزيد بن سنان متصل، وهو أولى بالصواب، والله أعلم. قلت: يزيد بن سنان ضعيف.

وقال الحافظ ابن كثير: الظاهر أن الإمام مالكاً إنما أسقط ذكر نعيم من ربيعة عمداً لما جهل حال نعيم ولم يعرفه، فإنه غير معروف إلا في هذا، ولذلك يسقط ذكرَ جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيراً من المرفوعات، ويقطع كثيراً من الموصولات، والله أعلم.

وقال ابن عبد البر في " التمهيد " 6/3: هذا الحديث منقطع بهذا الإسناد لأن مسلم بن يسار هذا لم يَلق عمر بن الخطاب، وزيادة من زاد فيه نعيم بن ربيعة ليست حجة، لأن الذي لم يذكره أحفظ، وإنما نقبل الزيادة من الحافظ المتقن، وجملة القول في هذا الحديث: إنه حديث ليس إسناده بالقائم، لأن مسلم بن يسار ونعيم بن ربيعة جميعاً غير معروفين بحمل العلم ولكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة ثابتة بطول ذكرها.

قلت: له شواهد من حديث عمران بن حصين، وعلي، وجابر، وعبد الرحمن بن قتادة السلمي وقد تقدمت عند المصنف برقم (333)(338) ومن حديث عمر نفسه عند الآجري في " الشريعة " ص 170-171، وانظر " التمهيد " 6/6-12.

(1)

تحرفت في الأصل إلى: " عن " والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 286.

ص: 40

وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ رَبُّكَ يَا آدَمُ، اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى مَلَأٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ: اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَقَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ، ثُمَّ بَسَطَهُمَا فَإِذَا فِيهِمَا

(1)

آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَا هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ، فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَكْتُوبٌ

(2)

عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ أَوْ (2) مِنْ أَضْوَئِهِمْ لَمْ يَكْتُبْ لَهُ إِلَّا أَرْبَعِينَ سَنَةً

(3)

قَالَ: يَا رَبِّ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ عُمْرَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: أَيْ رَبِّ، زِدْهُ فِي عُمْرِهِ، قَالَ: ذَاكَ الَّذِي كَتَبْتُ لَهُ.

قَالَ: فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِّينَ سَنَةً، قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ اسْكُنِ الْجَنَّةَ، فَسَكَنَ الْجَنَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أُهْبِطَ مِنْهَا، وَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ، فَأَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجِلْتَ، قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ، قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لِابْنِكَ دَاوُدَ مِنْهَا سِتِّينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ فَنَسِيتْ ذُرِّيَّتُهُ، فَيَوْمَئِذٍ أُمِرَ بِالْكِتَابِ

(1)

في الأصل، وكتاب " التوحيد ":" فيها "، والمثبت من " التقاسيم ".

(2)

سقطت من الأصل، واستدركت من " التقاسيم ".

(3)

لفظ " أربعون سنة " سقط من الأصل، واستدرك من " التقاسيم، وكتاب " التوحيد ".

ص: 41

وَالشُّهُودِ»

(1)

. [3: 4]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ سَبَبِ ائْتِلَافِ النَّاسِ وَافْتِرَاقِهِمْ

6168 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى

(1)

إسناده قوي على شرط مسلم، وهو في كتاب " التوحيد " ص 67.

وأخرجه الترمذي (3368) في تفسير القرآن. باب ومن سورة المعوذتين، عن محمد بن بشار بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرجه الحاكم 1/64 و4/263، وصححه، وعنه البيهقي في " الأسماء والصفات " ص 324-325 عن أبي العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكار بن قتيبة، عن صفوان بن عيسى، به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في " السنة "(206) ، والطبري في " التاريخ " 1/96 من طريقين عن الحارث بن عبد الرحمن، به.

وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 1/27-28، والطبري، والحاكم 2/585-586 من طريقين عن هشام بن سعد، أخبرنا زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وهذا سند قوي، وصححه الحاكم، وأقره الذهبي. وانظر الحديث رقم (6164) .

وأخرجه الحاكم 1/46 وصححه، ووافقه الذهبي، من طريق مخلد بن مالك، عن أبي خالد الأحمر، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي: عن أبي هريرة.

وأخرجه الطبري 1/96 من طريق أبي خالد الأحمر سليمان بن حّيان، حدثني محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وهذا سند حسن. ومن طريق أبي خالد عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وهذا إسناد صحيح.

ص: 42

بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ

(1)

، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ»

(2)

. [3: 66]

‌ذِكْرُ إِلْقَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا النُّورَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ هِدَايَتَهُ

6169 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَقُولُ: الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، فَقَالَ: لَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ يَكْذِبُ عَلَيَّ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ، وَأَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى، وَمَنْ

(1)

تحرف في الأصل إلى: " حماد بن موسى "، والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 323.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

أخرجه أحمد 2/295 عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/527، ومسلم (2638) في البر والصلة: باب الأرواح جنود مجندة، والبخاري في " الأدب المفرد "(901) ، وأبو الشيخ في " الأمثال "(102) ، وأبو نعيم في " تاريخ أصبهان " 2/94، والخطيب في " تاريخ بغداد " 3/319 من طرق عن سهيل بن أبي صالح به.

وأخرجه أحمد 2/539، ومسلم (2638) وأبو داود (4834) في الأدب: باب من يؤمر أن يجالس، وأبو نعيم 1/238، والبغوي (3471) من طريقين عن أبي هريرة.

ص: 43

أَخْطَأَ ضَلَّ» ، فَلِذَلِكَ أَقُولُ: جَفَّ الْقَلَمُ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

(1)

. [3: 30]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، مَنْ يُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ أَوْ يُخْطِئُهُ عِنْدَ خَلْقِهِ الْخَلْقَ فِي الظُّلْمَةِ

6170 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ:

(1)

إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين، غيرَ عبد الله ابن الديلمي: وهو ابن فيروز، فقد روى له أصحاب السنن إلّا ابن ماجه، وهو ثقة.

وأخرجة ابن أبي عاصم في " السنة "(244) عن المسيَّب بن واضح، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/176، واللالكائي (1079) ، والآجري في " الشريعة " ص 175، وابن أبي عاصم في " السنَّة "(243) و (244) ، والحاكم 1/30، من طرق عن الأوزاعي به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه اللالكائي (1077) و (107) من طريقين عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن ربيعة بن يزيد، به.

وأخرجه أحمد 2/197، والحاكم، والترمذي (2642) في الإيمان: باب ما جاء في افتراق هذه الأمة وحسنه والآجري، وابن أبي عاصم (241) و (242) من طرق عن عبد الله ابن الديلمي، به.

وأخرجه البزار (2145) من طريق يحيى بن أبي عمرو الشيباني، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو

وذكره الهيثمي في " المجمع " 7/193-194، وقال: رواه أحمد بإسنادين، والبزار، والطبراني، ورجال أحد إسنادي أحمد ثقات. وانظر ما بعده.

ص: 44

قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: إِنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَفَّ، قَالَ: فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا خَلَقَ النَّاسَ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ أَخَذَ نُورًا مِنْ نُورِهِ، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَصَابَ مَنْ شَاءَ، وَأَخْطَأَ مَنْ شَاءَ، وَقَدْ عَلِمَ مَنْ يُخْطِئُهُ مِمَّنْ يُصِيبُهُ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ نُورِهِ شَيْءٌ اهْتَدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ فَقَدْ ضَلَّ» ؛ فَفِي ذَلِكَ مَا أَقُولُ: إِنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَفَّ

(1)

. [3: 30]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِعَدَدِ النَّاسِ وَأَوْصَافِ أَعْمَالِهِمْ

6171 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرُّكَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «النَّاسُ أَرْبَعَةٌ، وَالْأَعْمَالُ سِتَّةٌ: مُوجِبَتَانِ وَمِثْلٌ بِمِثْلٍ، وَحَسَنَةٌ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَحَسَنَةٌ بِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالنَّاسُ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، مَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَشَقِيٌّ فِي الدُّنْيَا، وَشَقِيٌّ فِي الْآخِرَةِ، وَالْمُوجِبَتَانِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ قَالَ: مُؤْمِنًا بِاللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ دَخَلَ النَّارَ، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشَرَةُ أَمْثَالِهَا، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ،

(1)

إسناده قوي، وهو مكرر ما قبله.

ص: 45

وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مُضَعَّفَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ»

(1)

. [3: 66]

‌ذِكْرُ تَمْثِيلِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِالْإِبِلِ الْمِائَةِ

6172 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا النَّاسُ كَإِبِلِ مِائَةٍ لَا يَجِدُ الرَّجُلَ فِيهَا رَاحِلَةً»

(2)

. [3: 28]

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غيرَ عم الربيع، واسمه: يسَيْر بن عَمِيلَةَ، فقد روى له الترمذي والنسائي، وهو ثقة.

وقد تقدم الحديث مختصراً برقم (4647) ، فانظر تخريجه هناك.

(2)

حديث صحيح، ابن أبي السري -وهو محمد بن المتوكل- قد توبع، من فوقه ثقات من رجال الشيخين، وهو في " مصنف عبد الرزاق "(20447) .

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/88، ومسلم (2547) في فضائل الصحابة: باب قوله صلى الله عليه وسلم: " الناس كأبل مئة

"، والترمذي (2872) في الأمثال: باب ما جاء في مثل ابن آدم وأجله وأمله، والقضاعي في " مسند الشهاب (198) ، والبغوي (4195) .

وأخرجه ابن المبارك في " الزهد "(186) ، وأحمد 2/7 و44، والحميدي (663) ، والطحاوي في " شرح مشكل الآثار " 2/210، وأبو الشيخ في " الأمثال "(131) و (132) من طرق عن معمر، به. وانظر الحديث المتقدم برقم (5797) .

ص: 46

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يَجْعَلُ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ رَأَى ضِدَّهُ

6173 -

أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُتِيَ بِصَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«أَوَلَا تَدْرِينَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ خَلْقًا فَجَعَلَهُمْ لَهَا أَهْلًا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ»

(1)

. [3: 30]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّهُ يُضَادُّ خَبَرَ عَائِشَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6174 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَشُعَيْثُ بْنُ مُحْرِزٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا

(1)

إسناده على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غيرَ طلحة بن يحيى، فمن رجال مسلم. وقد تقدم تخريج الحديث برقم (138) .

ص: 47

وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَقُولُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَرِزْقَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الَّذِي سَبَقَ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الَّذِي سَبَقَ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ»

(1)

[3: 30]

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. رجاله ثقات رجال الشيخين غير شعيث بن محرز: وهو ابن شعيث بن زيد بن أبي الزعراء الأزدي، فقد ذكره المؤلف في " الثقات " 8/315، وقال: مستقيم الحديث، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 4/386. روى عنه أبي وأبو زرعة ومحمد بن الحسين البرجلاني. سألت أبي عنه فقال: هو شيخ، وقال الذهبي في " الميزان ": صدوق مشهور، أدركه أبو خليفة الجمحي.

وأخرجه البخاري (6594) في القدر. باب في القدر، عن أبي الوليد وهو الطيالسي هشام بن عبد الملك، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (298)، والبخاري (7454) في التوحيد: باب {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} ، ومسلم (2643) في القدر: باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وأبو داود (4708) في السنة. باب في القدر، والدارمي في " الرد على الجهمية " ص 81، من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه الحميدي (126) ، وأحمد 1/382 و430، والبخاري (3208) في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، و (3332) في الأنبياء: باب خلق آدم وذريته، ومسلم، وأبو داود، والترمذي (2137) في القدر: باب ما جاء أن الأعمال بالخواتيم، وقال: حسن صحيح، والنسائي في التفسير =

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من " الكبرى " كما في " التحفة " 6/29، وابن ماجه (76) في المقدمة: باب في القدر، وابن أبي عاصم في " السنة "(175) و (176) ، وأبو يعلى (5157) ، والدارمي، واللالكائي في " أصول الاعتقاد "(1040) و (1041) و (1042)" والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 387 وفي " الاعتقاد " ص 137-138، وأبو القاسم البغوي في " الجعديات " (2688) ومن طريقه أبو محمد البغوي في " شرح السنة " (71) من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه أحمد 1/414 والنسائي في " الكبرى" من طريقين عن فطر بن خليفة، عن سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب، به. وانظر الحديث رقم (6177) .

وفي الحديث أن الأعمال حسنها وسيئها أمارات، وليست بموجات، وأن مصير الأمور في العاقبة إلى ما سبق به القضاء وجرى به القدر في الابتداء.

وفيه أن السعيد قد يشقى، وأن الشقي قد يسعد، لكن بالنسبة إلى الأعمال الظاهرة، وأما ما في علم الله تعالى، فلا يتغير.

وفيه أن الاعتبار بالخاتمة، فلا ينبغي أن يغتر بظاهر الحال، قال ابن أبي جمرة: هذه التي قطعت أعناق الرجال مع ما هم فيه من حسن الحال، لأنهم لا يدرون بماذا يختم لهم.

وفيه الحث على الاستعاذة بالله تعالى من سوء الخاتمة، وقد عمل به جمع من السلف وأئمة الخلف، وقول الحافظ عبد الحق الإشبيلي، في كتاب " العاقبة ": إن سوء الخاتمة لا يقع لمن استقام باطنه، وصلح ظاهره، وإنما يقع لمن في طويته فساد أو ارتياب، ويَكْثُرُ وقوعه للمصر على الكبائر، والمجترئ على العظائم، فيهجم عليه الموت بغتة، فيصطَلِمه الشيطان عند تلك الصدمة، فقد يكون ذلك سبباً لسوء الخاتمة، نسأل الله السلامة؛ محمول على الأكثر الأغلب.

وفيه التنبيه على صدق البعث بعد الموت، لأن من قدر على الخلق =

ص: 49

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْحَقِيقِيَّ بِمَا لِلْعَبْدِ عِنْدَ اللَّهِ لَا مَا يَعْرِفُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ

6175 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهِبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَإِنَّهُ لِمَنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَإِنَّهُ لِمَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ»

(1)

. [3: 30]

= الشخص من ماء مهين ثم نقله إلى العلقة، ثم إلى المضغة، ثم ينفخ الروح فيه، قادرْ على نفخ الروح بعد أن يصير تراباً، ويجمع أجزاءه بعد أن يفرقها، ولقد كان قادراً على أن يخلقه دفعة واحدة، ولكن اقتضت الحكمة بنقله في الأطوار رفقاً بالأم، لأنها لم تكن معتادة، فكانت المشقة تعظم عليها، فهيأه في بطنها بالتدريج إلى أن تكامل.

ومن تأمل أصل خلقه من نطفة، وتنقله في تلك الأطوار إلى أن صار إنساناً جميلَ الصورة، مفضلاً بالعقل والفهم، والنطق، كان حقاً عليه أن يشكر من أنشأه وهيّأه، ويعيده حق عبادته، ويطيعه ولا يعصيه.

(1)

حديث صحيح إسناده حسن. أسامة بن زيد -وهو الليثي- علق له البخاري، وروى له مسلم مقروناً، وهو صدوق ليس بحديثه بأس، يروي عن ابن وهب نسخة صالحة، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات، ويزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار الأعرج.

وأخرجه أحمد 5/331-332 و335 وأبو القاسم البغوي في " الجعديات "(3039)، والبخاري (2898) في الجهاد: باب لا يقول: فلان =

ص: 50

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَفْصِيلَ هَذَا الْحَكَمِ يَكُونُ لِلْمَرْءِ عِنْدَ خَاتِمَةِ عَمَلِهِ دُونَ مَا يَنْقَلِبُ فِيهِ فِي حَيَاتِهِ

6176 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ

= شهيد، و (4202) و (4207) في المغازي: باب غزوة خيبر، و (6493) في الرقاق: باب الأعمال بالخواتيم، و (6607) في القدر: باب العمل بالخواتيم، ومسلم (112) في الإيمان: باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، وص 2042 في القدر: باب كيفية الخلق الآدمي، وأبو عوانة في " مسنده " 1/50-51، والطبراني في " المعجم الكبير "(5784) و (5798) و (5799) و (5806) و (5825) و (5830) و (5891) و (5952) و (6001) ، وابن أبي عاصم في " السنة "(216)، والآجري في:" الشريعة " ص 185، والبيهقي في " دلائل النبوة " 4/252 من طرق عن أبي حازم، بهذا الإسناد وجاء الحديث عندهم جميعاً إلا الطبراني مطولاً وفيه قصة. ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركَون، فاقتتلوا فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومالِ الآخروِن إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذَّةً ولا فاذَّةً إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ اليوم منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أما إنه من أهل النار "، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه كلّما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه قال: فَجُرح الرجل جرحاً شديداً، فاستعجل الموتَ، فوضع نصلَ سيفه بالأرض وذُبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه، فخرج الرجلُ إلى رسول صلى الله عليه وسلم، فقال: أشهد أنك رسول الله، قال:" وما ذاك؟ " قال: الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحاً شديداً، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه في الأرض وذُبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه، فقتل نفسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك:" إن الرجلَ ليعمل عملَ أهل الجنه فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ".

ص: 51

مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يَخْتِمُ اللَّهُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ يَخْتِمُ اللَّهُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» (1) . [3: 30]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يَطْلُبِ الْعِلْمَ مِنْ مَظَانِّهِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6177 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ، فَحَدَّثَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب، وعبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي.

وأخرجه مسلم (2651) في القدر: باب كيفية الخلق الآدمي، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/484-485، وابن أبي عاصم (218) من طريقين عن العلاء بن عبد الرحمن، به.

ص: 52

وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا، وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ذَكَرٌ أَمْ أُثْنَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا يَشَاءُ وَيُكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَجَلُهُ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا يَشَاءُ وَيَكْتُبُهُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ رِزْقُهُ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا يَشَاءُ، فَيَأْخُذُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ فَلَا يُزَادُ فِي أَمْرٍ وَلَا يُنْقَصُ» (1) . [3: 30]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه مسلم في " صحيحه " (2645) في القدر: باب كيفية الخلق الآدمي، والطبراني في " الكبير " من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم، والآجري في " الشريعة " ص 183-184، واللالكائي في " أصول الاعتقاد "(1547) من طريقين عن ابن جريج، عن أبي الزبير، به.

وأخرجه الحميدي (826) ، وأحمد 4/6-7، ومسلم، والآجري ص 182-183، واللالكائي (1045) و (1046) ، وابن أبي عاصم في " السنّة "(177) و (179) و (180) ، والطبراني (3036)

(3043) و (3045) من طرق عن عامر بن واثلة، به.

قال القاضي عياض: وحمل هذا على ظاهره لا يصح، لأن التصوير بإثر النطفة وأوّل العلقة في أوّل الأربعين الثانية غيرُ موجود ولا معهود، وإنّما يقع التصويرُ في آخر الأربعين الثالثة وهي مدّة المضغة، كما قال الله تعالى:{ولقد خلقنا الإنسان من سُلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاماً، فكسونا العظام لحماً} ، قال: فيكون معنى قوله: " فصوّرها

" أي: كتب ذلك ثم يفعله بعد ذلك بدليل قوله بعد: " ذكر أو أنثى "؟ قال: وخلقه جميع الأعضاء والذكورية والأنوثية يقع في وقت متفق، وهو شاهد فيما يوجد من أجنة الحيوان، وهو=

ص: 53

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:» خَلَقَ سَمْعَهَا «مِنْ أَلْفَاظِ التَّعَارُفِ لَا أَنَّ الْمَلَكَ يَخْلُقُ» .

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ الرِّعَاعَ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ

6178 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُنَيْدَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ (1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ نَسَمَةً، قَالَ مَلَكُ الْأَرْحَامِ مُعْرِضًا: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي اللَّهُ أَمْرَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيَقْضِي اللَّهُ أَمْرَهُ، ثُمَّ يَكْتُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَا هُوَ لَاقٍ حَتَّى النَّكْبَةَ يُنْكَبُهَا» (2) . [3: 30]

= الذي تقتضيه الخلقة واستواء الصورة، ثم يكون للملك فيه تصوير آخر، وهو وقت نفخ الروح فيه حين يكمل له أربعة أشهر كما اتفق عليه العلماء أن نفخ الروح لا يكون إلاّ بعد أربعة أشهر. وانظر:" فتاوى ابن الصلاح " 1/164-167، و"شرح مسلم" 16/191، و" فتح الباري " 11/484.

(1)

تحرف في الأصل، و " التقاسيم " 3/لوحة 99، و "الموارد" إلى: عبد الله بن عمرو، والتصويب من مصادر التخريج.

(2)

إسناده صحيح، حرملة بن يحيى من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن هنيدة -ويقال: ابن أبي هنيدة- وهو مولى عمر رضي الله عنه، فقد وثقه المصنف 5/113-114، وأبو داود وأبو زرعة.

وأخرجه الدارمي في "الرد على الجهمية" ص 80، والمزي في " تهذيب الكمال " 17/471-473 (3984) من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد. =

ص: 54

‌ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي قَضَى اللَّهُ فِيهَا عَلَى آدَمَ مَا قَضَى قَبْلَ خَلْقِهِ إِيَّاهَا

6179 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، (1) حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَغْوَيْتَ النَّاسَ، وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ تَلُومُنِي عَلَى عَمَلٍ عَمِلْتُهُ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» (2) . [3: 4]

= وأخرجه أبو يعلى (5775) حدثنا زهير، حدثنا وهيب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت يونس يحدث عن الزهري

فذكره.

وأخرجه البزار (2149) حدثنا محمد بن معمر، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا صالح بن أبي الأخضر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قال رسول صلى الله عليه وسلم

فذكر الحديث.

وقال البزار: لا نعلم رواه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه إلاَّ صالح. قلت: وصالح ضعيف.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/193، وقال: رواه أبو يعلى والبزار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.

(1)

تحرف في الأصل إلى "عدي"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 299.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن حبيب، فمن رجال مسلم. أبو صالح: هو ذكوان السمَّان.

وأخرجه الترمذي (2134) في القدر: باب رقم (2) ، وابن أبي عاصم =

ص: 55

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في "السنَّة"(140) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 57 عن يحيى بن حبيب بن عربي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث التيمي عن الأعمش.

وأخرجه أحمد 2/398، وابن أبي عاصم (141) ، وابن خزيمة ص 55 و 109 وعثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" ص 87 من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه أحمد 2/264 و 268، وابنه عبد الله في "السنّة"(701)، والبخاري (3409) في الأنبياء: باب وفاة موسى وذكره بعد، و (4736) في تفسير سورة طه: باب قوله: {واصطنعتك لنفسي} ، و (4738) باب قوله:{فلا يخرجنكما من الجنّة فتشقى} ، و (7515) في التوحيد: باب قول الله تعالى: {وكلم الله موسى تكليماً} ، ومسلم (2652) في القدر: باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، وابن أبي عاصم (139) و (146) و (147) و (148) و (149) و (150) و (151) و (152) و (157) و (158) و (159) و (160) وابن خزيمة ص 9 و 54 و 55، والآجري في " الشريعة " ص 324، والدارمي ص 86 و 86-87، واللالكائي (1033) و (1034) و (1035) ، والبيهقي في " الاعتقاد " ص 99، وفي " الأسماء والصفات " ص 190-191 و 232-233 و 284 و315-316، والبغوي (69) من طرق عن أبي هريرة، به. وانظر ما بعده و (6210) .

قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" 4/322: قد يَحْسبُ كثيرٌ من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء منه معنى الإجبار والقهر للعبد على ما قضاه وقدَّره، ويتوهم أن فَلْجَ آدم في الحجة على موسى إنما كان من هذا الوجه، وليس الأمر في ذلك على ما يتوهَّمُونَهُ، وأنَّما معناهُ الإخبارُ عن تَقَدُّم علم الله سبحانه بما يكون في أفعال العبادِ وأكسابهم وصدورها عن تقديرٍ منه، وخلقٍ لهَا خيرِها وشرِّها.

والقدرُ اسم لما صدر مقدراً عن فعل القادر كما الهدمُ والقبضُ والنشرُ =

ص: 56

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أسماء لما صدر عن فعل الهادم والقابض والناشر، يقال: قَدَرْتُ الشيء وقدرت خفيفة وثقيلة بمعنى واحد.

والقضاء في هذا معناه: الخلق، كقوله عز وجل:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} ، أي: خلقهن، وإذا كان الأمرُ كذلكَ، فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم وأكسابهم، ومباشرتهم تلك الأمور، وملابستهم إيّاها عن قصد وتعمُّدٍ وتقديمِ إرادة واختيارٍ، فالحجةُ إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليها. وجماعُ القولِ في هذا الباب أنهما أمران لا يَنْفَكُّ أحدُهما عن الأخر، لأن أحدَهما بمنزلة الأساسِي، والآخر بمنزلة البناء، فمن رامَ الفَصْلَ بينهما فقد رام هَدْمَ البناء ونقضَه، وإنما كان موضع الحجة لآدم على موسى صلوات الله عليهما أنَّ الله سبحانه إذا كانَ قَد عَلِمَ من آدم أنه يتناولُ الشجرة، ويَأكُلُ منْهَا، فكَيف يمكنه أن يَرُدَّ علمَ الله فيه، وأن يُبطلهُ بعد ذلك؟ وبيانُ هذا في قول الله سبحانهُ:{وإذ قالَ رَبُّكَ للملائِكة إني جاعل في الأرض خليفة} فأخبر قبلَ كون آدم أنه إنّما خلقه للأرض، وأنه لا يتركه في الجنة حتى ينقله عنها إليها، وإنما كان تناوله الشجرة سبباً لوقوعه إلى الأرض التي خُلِقَ لها، وللكون فيها خليفةً، ووالياً على مَنْ فيها، فإنما أدلى آدم عليه السلام بالحُجَّةِ على هذا المعنى، ودفع لائِمَةَ موسى عن نفسه على هذا الوجه، ولذلك قال: أتلومني على أمرٍ قدَّرَهُ الله عليَّ قبل أن يخلقني؟ فإن قيل: فعلى هذا يجب أن يسقط عنهُ اللومُ أصلاً، قيل: اللومُ ساقط من قبل موسى، إذ ليس لأحدٍ أن يُعَيِّرَ أحداً بذنب كان منه، لأن الخَلْقَ كُلْهُم تحت العبودية أكفاء سواء، وقد روي: لا تنظروا إلى ذنوب العباد كأنكم أرباب، وانظروا إليها كأنّكم عبيد، ولكن اللوم لازم لآدم من قِبَل الله سبحانه إذ كان قد أمره ونهاه، فخرج إلى معصيته، وباشر المنهي عنه، ولكه الحجةُ البالغة سبحانه لا شريك له.

وقول موسى صلى الله عليه وسلم وإن كان منه في النفوس شبهة، وفي ظاهره متعلق

لاحتجاجه بالسبب الذي قد جعل أمارة لخروجه من الجنة، فقولُ آدم في =

ص: 57

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تعلقه بالسبب الذي هو بمنزلة الأصل أرجحُ وأقوى، والفَلْجُ قد يقع مع المعارضة بالترجيح كما يقع بالبرهان الذي لا معارض له، والله أعلم.

وقال ابن عبد البر: هذا عندي مخصوص بآدم، لأنَّ المناظرة بينهما وقعت بعد أن تاب الله على آدم قطعاً كما قال تعالى:{فَتَلَقَّى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} فحسن منه أن يُنْكِرَ على موسى لومه على الأكل من الشجرة، لأنه كان قد تِيْبَ عليه من ذلك، وإلاَّ فلا يجوز لأحد أن يقول لمن لامه على ارتكاب معصيته، كما لو قتل أو زنى أو سرق: هذا سبق في علم الله وقدره علي قبل أن يخلقني، فليس لك أن تلومني عليه، فإن الأمة أجمعت على جواز لوم من وقع منه ذلك، بل على استحباب ذلك، كما أجمعوا على استحباب محمدة من واظب على الطاعة، وحكى ابن وهب في كتاب "القدر" عن مالك، عن يحيى بن سعيد أن ذلك كان من آدم بعد أن تِيبَ عليه.

وقال الإمام ابن أبي العز في "شرحه للعقيدة الطحاوية" 1/136 نشر مؤسسة الرسالة عن هذا الحديث: نتلقاه بالقبول والسمع والطاعة، لصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نتلقاه بالرد والتكذيب لراويه، كما فعلت القدرية، ولا بالتأويلات الباردة، بل الصحيح أن آدم لم يحتج بالقضاء والقدر على الذنب، وهو كان أعلم بربه وذنبه، بل آحاد بنيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر، فإنه باطل، وموسى عليه السلام كان أعلم بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم عليه السلام على ذنب قد تاب منه وتاب الله عليه، واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم عليه السلام بالقدر على المصيبة، لا على الخطيئة، فإن القدر يُحتج به عند المصائب، لا عند المعايب.

وهذا المعنى أحسن ما قيل في الحديث، فما قدر من المصائب يجب الاستسلام له، فإنه من تمام الرض بالله ربَّاً، وأما الذنوب فليس للعبد أن يذنب، وإذا أذنب، فعليه أن يستغفر ويتوب، فيتوب من المعايب ويصبر على =

ص: 58

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ عَالَمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ مُضَادَّ لِلْخَبَرِ الَّذي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ

6180 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بَأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» (1) . [3: 4]

= المصائب، قال تعالى:{فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} [المؤمنون: 55]، وقال تعالى:{وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً} [آل عمران: 120] .

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الحميدي (1115) عن سفيان به، وأخرجه أحمد 2/248، والبخاري (6614) في القدر: باب تحاج آدم وموسى عند الله، ومسلم (2652) في القدر: باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، وأبو داود (4701) في السنَّة: باب فى القدر، وابن ماجة (80) في المقدمة: باب في القدر، وابن أبي عاصم في "السنَّة"(145) ، وابن خزيمة في "التوحيد، ص 56، والآجري فى "الشريعة" ص 181، 302، 324- 325، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" (1030) و (1031) و (1032) ، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 138، وفي "الأسماء والصفات" 190 و316، والبغوي (68) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وانظر الحديث الآتي برقم (6210) .

ص: 59

‌ذِكْرُ الشَّيْءِ الَّذِي مِنْهُ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ جَلَّ وَعَلَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ

6181 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ كُلِّهَا، فَخَرَجَتْ ذُرِّيَّتُهُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ فَمِنْهُمُ الْأَسْوَدُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ، وَمِنْهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ، وَالْخَبِيثُ وَالطِّيبُ» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا أَوْلَادَ آدَمَ لِدَارَيِ الْخُلُودِ، وَاسْتِعْمَالِهِ إِيَّاهُمْ لَهُمَا فِي دَارِ الدُّنْيَا

6182 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح. مسدَّدُ بنُ مُسَرْهَدٍ من رجال البخاري، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير قسامة بن زهير، فقد روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وهو ثقة. عوف: هو ابن أبي جميلة.

وأخرجه أبو داود (4693) في السنة: باب في القدر، عن مسدد بن مسرهد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/400 و406، والترمذي (2955) في التفسير: باب ومن سورة البقرة، والطبري في "جامع البيان"(645) من طريق يحيى القطان، به، وقال الترمذي: حسن صحيح. وانظر الحديث رقم (6160) .

ص: 60

قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: يَا أَبَا الْأَسْوَدِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ صلى الله عليه وسلم، وَاتُّخِذَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؟ فَقُلْتُ: بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ.

قَالَ: فَيَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا؟ قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا، فَقُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا خَلْقُ اللَّهِ وَمِلْكُ يَدِهِ، مَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يَسْأَلُونَ، فَقَالَ عِمْرَانُ: سَدَّدَكَ اللَّهُ أَوْ وَفَّقَكَ اللَّهُ، أَمَا وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَكَ إِنَّ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ؟ فَقَالَ:«بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ» ، قَالَ: فَلِمَ نَعْمَلُ إِذًا؟ قَالَ: «مَنْ كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ لِوَاحِدَةٍ مِنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ فَهُوَ يُسْتَعْمَلُ لَهَا، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: {وَنَفَسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7-8] » (1) . [3: 65]

(1) إسناده صحيح. رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم الجوزجاني، فقد روى له أصحاب السنن إلاَّ ابن ماجه، وهو ثقة. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي.

وأخرجه مسلم (2650) في القدر: باب كيفية الخلق الآدمي، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(951) و (952) و (953) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (577) ، والبيهقي في " الاعتقاد " ص 138 من طرق عن عثمان بن عمر، بهذا الإسناد. =

ص: 61

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يَسْتَهِلُّ الصَّبِيُّ حِينَ يُولَدُ

6183 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صِيَاحُ الْمَوْلُودِ حِينَ يَقَعُ نَزْغَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ» (1) . [3: 66]

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يُشْبِهُ الْوَلَدُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ

6184 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ:

= وأخرجه أحمد 4/438، والطبري في "جامع البيان" 30/211، وابن أبي عاصم في "السنة"(174) ، واللالكائي (950) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/11-12، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/438 والطبراني في "الكبير" 18/557 من طرق عن عزرة بن ثابت، به.

وأخرجه ابن عبد البر 6/10 من طريق المغيرة بن مسلم، وعن أبي عمر، عن يحيى بن يعمر، أنه كان مع عمران بن حصين وأبي الأسود الدئلي في مسجد البصرة، فقال عمران: يا أبا الأسود

وذكر الحديث.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري.

وأخرجه مسلم (2367) في الفضائل: باب فضائل عيسى عليه السلام عن شيبان، والطبراني في "الصغير"(29) ، و"الأوسط "(1893) عن أحمد بن محمد بن أبي حفص المصيصي، بهذا الإسناد. وقال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن أبي عوانة إلاَّ شيبان. وانظر الحديث رقم (6234) و (6235) .

وقوله: "نزغة، أي: نخسة وطعنة، ومنه قولهم: نزغه بكلمة سوء، أي: رماه بها، والشيطان يبتغي بطعنه إفساد ما ولد المولود عليه من الفطرة.

ص: 62

قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهَا:«يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ» ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، وَأَيُّهُمَا سَبَقَ أَوْ عَلَا كَانَ مِنْهُ الشَّبَهُ» (1) . [3: 65]

‌ذِكْرُ وَصْفِ حَالِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يَكُونُ الشَّبَهُ بِالْوَلَدِ

6185 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَأَيُّهُمَا سَبَقَ كَانَ الشَّبَهُ» (2) . [3: 57]

‌ذِكْرُ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ هُبُوطِ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مِنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30]

6186 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن المنهال: هو الضرير، يزيد بن زريع روى عن سعيد بن أبي عروبة قبل الاختلاط.

وقد تقدم تخريجه برقم (1165)، وانظر الحديث الآتي:

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وعبدة بن سليمان روى عن سعيد -وهو ابن أبي عروبة- قبل اختلاطه. وانظر الحديث السابق.

ص: 63

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ آدَمَ لَمَّا أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: أَيْ رَبِّ {أَتَجْعَلُ فِيهَا مِنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] ، قَالُوا: رَبَّنَا نَحْنُ أَطْوَعُ لَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ، قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: هَلُمُّوا مَلَكَيْنِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَنَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلَانِ، قَالُوا: رَبَّنَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ، قَالَ: فَاهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ، قَالَ: فَمُثِّلَتْ لَهُمُ الزَّهْرَةُ امْرَأَةً مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ، فَجَاءَاهَا فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَكَلَّمَا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ الْإِشْرَاكِ، قَالَا: وَاللَّهِ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ أَبَدًا، فَذَهَبَتْ عَنْهُمَا، ثُمَّ رَجَعَتْ بِصَبِيٍّ تَحْمِلُهُ، فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَقْتُلَا هَذَا الصَّبِيَّ، فَقَالَا: لَا وَاللَّهِ لَا نَقْتُلُهُ أَبَدًا، فَذَهَبَتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحٍ مِنْ خَمْرٍ تَحْمِلُهُ، فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَشْرَبَا هَذَا الْخَمْرَ فَشَرِبَا فَسَكِرَا فَوَقَعَا عَلَيْهَا وَقَتَلَا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَفَاقَا، قَالَتِ الْمَرْأَةُ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُمَا مِنْ شَيْءٍ أَثِيمًا إِلَّا فَعَلْتُمَاهُ حِينَ سَكِرْتُمَا، فَخُيِّرَا عِنْدَ ذَلِكَ بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ، فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا» (1) . [3: 4]

(1) إسناده ضعيف، موسى بن جبير ذكره المؤلف في "الثقات"، وقال: يخطىء ويخالف، وقال ابن القطان لا يُعرف حاله، وقال الحافظ في التقريب: مستور، وزهير بن محمد -وهو التميمي- في حفظه شيء، وله أغاليط، =

ص: 64

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والصحيح أن هذا من قول كعب الأحبار نقله عن كتب بني إسرائيل، فقد أخرج عبد الرزاق في تفسيره، وعنه ابن جرير (1684) و (1685) عن سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عمر، عن أبيه، عن كعب الأحبار، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، إلى كعب، وهذا أصح وأوثق من السند المرفوع.

وقد رجح الحافظ ابن كثير في تاريخه "البداية" 1/33-34، و "تفسيره" 1/198-199: أن الحديث من قصص كعب الأحبار الإسرائيلية، وأنه ليس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن من رفعه فقد أخطأ ووهم، بأن الذين رووه من قصص كعب الأحبار أحفظ وأوثق ممن رووه مرفوعاً.

قلت: وقول الحافظ ابن حجر في "القول المسدد" 40-41 بأن: للحديث طرقاً كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة لكثرة الطرق الواردة فيها وقوَّة مخارج أكثرها، خطأ مبين منه رحمه الله ردَّه عليه العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "المسند" (6178) فقال: أمَّا هذا الذي جزم به الحافظ بصحة وقوع هذه القصة صحة قريبة من القطع لكثرة طرقها وقوة مخارج أكثرها، فلا، فإنها كلها طرق معلولة أو واهية إلى مخالفتها الواضحة للعقل، لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط، بل من ناحية أن الكوكب الذي نراه صغيراً في عين الناظر قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف، فأنَّى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة!!

وأخرجه أحمد 2/134، والبزار (2938) ، والبيهقي في " السنن " 10/4-5 من طريق يحيى بن أبي بكير، بهذا الإسناد.

وقال البزار: رواه بعضهم عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً، وإنما أتى رفع هذا عندي من زهير، لأنه لم يكن بالحافظ.

وقال البيهقي: رواه موسى بن عقبة عن نافع، عن ابن عمر، عن =

ص: 65

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «الزَّهْرَةُ هَذِهِ امْرَأَةٌ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، لَا أَنَّهَا الزَّهْرَةُ الَّتِي هِيَ فِي السَّمَاءِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْخُنَّسِ» .

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ بَثِّ إِبْلِيسَ سَرَايَاهُ لِيَفْتِنَ الْمُسْلِمِينَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِمْ

6187 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «عَرْشُ إِبْلِيسَ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ

= كعب، قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم، فذكر بعض هذه القصة، وهذا أشبه.

وأورده الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 1/198 من رواية الإمام أحمد، وقال: هكذا رواه أبو حاتم ابن حبَّان في "صحيحه" عن الحسن بن سفيان، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن أبي بكير، به.

وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين إلاَّ موسى بن جبير هذا وهو الأنصاري السلمي مولاهم المديني الحذاء، روى عن ابن عبَّاس وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، ونافع، وعبد الله بن كعب بن مالك. وروى عنه ابنه عبد السلام وبكر بن مضر، وزهير بن محمد، وسعيد بن سلمة، وعبد الله بن لهيعة، وعمرو بن الحارث، ويحيى بن أيوب، وروى له أبو داود وابن ماجه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، ولم يحك فيه شيئاً من هذا ولا هذا، فهو مستور الحال.

ص: 66

أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً» (1) . [3: 66]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ لَا قُدْرَةَ لِلشَّيْطَانِ عَلَى ابْنِ آدَمَ إِلَّا عَلَى الْوَسْوَسَةِ فَقَطْ

6188 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُورِ بْنِ سَيَّارٍ بِأَرْغِيَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَجِدُ فِي صَدْرِيَ الشَّيْءَ لَأَنْ أَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ» (2) . [3: 15]

(1) إسناده قوي. إسماعيل بن عبد الكريم: هو ابن معقل بن منبه، ذكره المؤلف في "الثقات"، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن معين: ثقة، رجل صدق.

قلت: وتصريح وهب بن منبه بسماعه من جابر في هذا الحديث يرد على من قال: إنه لم يسمع منه، وقد تقدم بهذا السند حديث آخر عند المؤلف برقم (1274) ، وفيه التصريح بسماعه منه، وسيأتي عند المصنف حديث آخر برقم (6500) ، وفيه التصريح بسماعه منه أيضاً.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/289، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله وثقوا، وفيهم ضعف.

قلت: وانظر (6189) ، (6784) .

(2)

إسناده صحيح على شرط الصحيح. إسحاق الأزرق: هو ابن يوسف بن مرداس المخزومي الواسطي، وسفيان: هو الثوري، وحماد: هو ابن سلمة.

وقد تقدم تخريج الحديث برقم (147) . =

ص: 67

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَضْعِ إِبْلِيسَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِ مَنْ كَانَ أَعْظَمَ فِتْنَةً مِنْ جُنُودِهِ

6189 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ (1) قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ، قَالَ: فَيَخْرُجُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَيَقُولُ: أَوْشَكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَيْهِ، فَيَقُولُ: أَوْشَكَ أَنْ يَبَرَّ، وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَشْرَكَ فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيَجِيءُ، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى زَنَى فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَ فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ» (2) . [3: 66]

= الحممة: واحدة الحمم، وهي الرماد والفحم، وكل ما احترق من النار.

(1)

تحرف في الأصل و"التقاسيم" 3/لوحة 307 إلى " عبيد الله "، والتصويب من كتب الرجال، وهو محمد بن عبد الله بن الزبير، أبو أحمد الزبيري.

(2)

إسناده صحيح. رجاله رجال الشيخين غير عطاء بن السائب فقد روى له البخاري متابعة، وهو صدوق، ورواية سفيان -وهو الثوري- عنه قبل الاختلاط. أبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة.

وأخرجه الحاكم 4/350 من طريقين عن أبي أحمد الزبيري (تحرف في المطبوع إلى الزهري) بهذا الإسناد، وصححه ووافقه الذهبي.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 1/114، ونسبه إلى الطبراني في "الكبير" وقال: فيه عطاء بن السائب اختلط، وبقية رجاله ثقات. =

ص: 68

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا مِنَ الْقُرُونِ

6190 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَبِيٌّ كَانَ آدَمُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مُكَلَّمٌ» ، قَالَ: فَكَمْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ؟ قَالَ: «عَشَرَةُ قُرُونٍ» . (1) .

= قلت: لا يضر اختلاطه إذا كان الراوي عنه ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في سند المؤلف هنا.

(1)

إسناده صحيح، محمد بن عبد الملك بن زنجويه ثقة روى له أصحاب السُّنن، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير زيد بن سلام، فمن رجال مسلم. أبو سلام: هو الأسود بن هلال المحاربي.

وأخرجه الطبراني في " الكبير "(7545) حدثنا أحمد بن خليد الحلبي، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، بهذا الإسناد. وفيه زيادة عمّا هنا.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 8/210، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن خليد الحلبي، وهو ثقة

وذكره أيضاً 1/196 ونسبه للطبرانى فى "الأوسط" وقال: رجاله رجال الصحيح.

وأورده الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 1/94 من رواية المصنف، وقال: هذا على شرط مسلم ولم يخرجه.

وأخرجه الحاكم 2/262 من طريق عثمان بن سعيد الدارمي، عن أبي توبة، به، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. =

ص: 69

أَبُو تَوْبَةَ اسْمُهُ: الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ. [3: 6]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ مَعْلُومَتَانِ

6191 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،

= وأخرج الطبري في " تاريخ الأمم والملوك " 1/150 من طريق محمد بن اسحاق، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله، أنبياً كان آدم؟ قال:" نعم، كان نبيَّاً، كلمة الله قبلاً ".

وأخرج أحمد 5/178 و 179، والبزار (160) ، والطبراني في " الأوسط "، والطيالسي (478) ، وابن سعد 1/32 من طرق عن المسعودي، عن أبي عمر الدمشقي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر في حديث طويل، قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ الأنبياء كان أوّل؟ قال:" آدم ". قلت: ونبي هو؟ قال: " نعم، نبي مكلَّم ".

قال الهيثمي في " المجمع " 1/160 بعد أن نسبه لأحمد والبزار والطبراني: وفيه المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط.

قلت: إحدى روايات أحمد من طريق وكيع عن المسعودي، ووكيع ممن روى عن المسعودي قبل الاختلاط.

وذكر الهيثمي أيضاً 1/196-197 حديث أبي ذر هذا، وفيه: قلت: ثم من؟ قال: " نوح، وبينهما عشرة آباء "، ونسبه للطبراني في " الأوسط ".

وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 1/42: أخبرنا قبيصة بن عقبة السوائي، أخبرنا سفيان بن سعيد الثوري، عن أبيه، عن عكرمة، قال: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام.

ص: 70

(1) في الأصل (والتقاسيم) : "شرهما" والمثبت من مصادر التخريج.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم، فمن رجال البخاري. الوليد: هو ابن مسلم.

وأخرجه أحمد 2/237، والبيهقي في "السنن" 10/111 عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى (5901) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 3/23 من طريقين عن الأوزاعي، به.

وعلق البخاري بإثر الحديث (7198)، فقال: وقال الأوزاعي ومعاوية بن سلام، حدثني الزهري

وذكره.

وأخرجه أحمد 2/289، والنسائي 7/158 في البيعة: باب بطانة الإمام، وفي " الكبرى " كما في " التحفة " 11/48، والطحاوي 3/22 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه أبو يعلى (6000) و (6023) من طريقين عن أبي سلمة، به.

وأخرجه ضمن حديثٍ مطول البخاري في " الأدب المفرد "(256)، والترمذي (2369) في الزهد: باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "الشمائل"(134) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/195- 196، والحاكم 4/131 من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رفعه، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.

ص: 71

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ حُكْمَ الْخُلَفَاءِ فِي الْبِطَانَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَصَفْنَاهُمَا حُكْمُ الْأَنْبِيَاءِ سَوَاءً

6192 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ» (1) . [3: 5]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانَ لَهُمْ حَوَارِيُّونَ يَهْدُونَ بِهَدْيِهِمْ بَعْدَهُمْ

6193 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه البيهقي 10/111 من طريق حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (7198) في الأحكام: باب بطانة الإمام وأهل مشورته، والنسائي 7/158 في البيعة: باب بطانة الإمام، وفي "الكبرى" كما في "التحفة" 3/494، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار 3/22 من طريقين عن ابن وهب، به.

وأخرجه أحمد 3/39، والبخاري (6611) في القدر: باب المعصوم من عصم الله، وأبو يعلى (1228) ، والبيهقي 10/111 من طريقين عن يونس، به.

وأخرجه الطحاوي 3/22، والبيهقي 10/111، والإسماعيلي في "المستخرج" كما في "تغليق التعليق" 5/310 من طرق عن الزهري، به.

ص: 72

أَبِي (1) عَتَّابٍ الْأَعْيُنُ (2) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ الْخَطْمِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (4) قَالَ: «مَا كَانَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانَ (5) لَهُ حَوَارِيُّونَ يُهْدُونَ بِهَدْيِهِ، وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ، ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِمْ أَقْوَامٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا يُنْكِرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ (6) خَرْدَلٍ» (7) . [3: 5]

(1) لفظة " أبي " سقطت من الأصل و "التقاسيم" 3/لوحة 307، واستدركت من "الثقات" 9/95.

(2)

تحرفت في الأصل إلى "الأغر"، والتصويب من " التقاسيم ".

(3)

تحرفت في الأصل إلى " ابن إبراهيم "، والمثبت من " التقاسيم ".

(4)

قوله: "عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم".

(5)

"كان" لم ترد في الأصل، وأثبتت من "التقاسيم".

(6)

"من" سقطت من الأصل، واستدركت من " التقاسيم ".

(7)

إسناده قوي، محمد بن أبي عتاب روى له الترمذي ومسلم في المقدمة، وهو صدوق، وقد توبع، ومن فوقه من رجال الصحيح ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم، وعبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي، وقد تقدم الحديث من طريق آخر برقم (177) .

وأخرجه مسلم (50) في الإيمان: باب كون النهي عن المنكر من الإيمان، والطبراني في "الكبير"(9784) ، وابن منده في "الإيمان"(184) ، =

ص: 73

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ

6194 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ (1) بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ» ، قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ» (2) . [3: 4]

= وأبو عوانة في "مسنده" 1/35-36، ومن طريقه المزي في " تهذيب الكمال " في ترجمة عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، من طرق عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/361-362، وأبو عوانة 1/36 من طريقين عن عبد الله بن جعفر، وأخرجه أحمد 1/458، ومسلم (50) ، وابن منده (183) ، وأبو عوانة 1/36 من طريق يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عن صالح بن كيسان، كلاهما (صالح بن كيسان وعبد الله بن جعفر) عن الحارث بن فضيل، به. وعند مسلم وأبي عوانة وابن منده زيادة.

(1)

تحرف في الأصل إلى " هشام " والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 303.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عباس بن عبد العظيم، فمن رجال مسلم. وهو في "صحيفة همام" برقم (134) .

وأخرجه أحمد 2/319، ومسلم (2365) (145) في الفضائل: باب فضائل عيسى عليه السلام، والبغوي (3619) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/437 و 482، والبخاري (3443) في الأنبياء: باب =

ص: 74

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «وَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ» ، أَرَادَ بِهِ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ

6195 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، بِحَرَّانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى، الْأَنْبِيَاءُ أَبْنَاءُ عَلَّاتٍ، وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ عِيسَى نَبِيٌّ» (2) . [3: 4]

= قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقيَّاً} من طريقين عن أبي هريرة. وانظر ما بعده و (6406) .

قال الإمام البغوي: يقال لإخوة بني أب وأمّ: بنو الأعيان، فإن كانوا لأمَّهات شتَّى، فهم بنو العَلات، فإن كانوا لآباء شتَّى، فهم أخياف، يريد أن أصل دين الأنبياء واحد، وإن كانت شرائعهم مختلفة، كما أن أولاد العلات أبوهم واحد، وإن كانت أمهاتهم شتَّى.

(1)

تحرف في الأصل الى " داود الحضرمي "، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 303.

(2)

إسناده صحيح، أحمد بن سليمان بن أبي شيبة ثقة روى له النسائي، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير أبي داود الحفري -واسمه عمر بن يسعد بن عبيد- فمن رجال مسلم. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.

وأخرجه مسلم (2365)(144) في الفضائل: باب فضائل عيسى عليه السلام عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي داود الحفري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/463 عن وكيع، عن سفيان، به.

وأخرجه أحمد 2/541 من طريق حسين بن محمد، عن أبي الزناد به. وانظر (6406) .

ص: 75

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَانَتْ لَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فِي أُمَّتِهِ كَانَ يَدْعُو بِهَا

6196 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً دَعَاهَا فِي أُمَّتِهِ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي» (1) . [3: 5]

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد، فمن رجال البخاري.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(915) من طريق يحيى بن محمد، عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/208 و 276، ومسلم (200) (342) في الإيمان: باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته، والآجري في " الشريعة " ص 342، وابن منده (915) ، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1043) من طرق عن روح بن عبادة.

وأخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " ص 248 من طريق عبد الرحمن بن عثمان البكراوي، وأخرجه القضاعي (1044) من طريق حرمي بن عمارة، ثلاثتهم عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد 3/134 و 219 و 292، ومسلم (200) ، وابن خزيمة ص 261-262 و 262، وابن أبي عاصم في "السنة"(797) و (798) ، وابن منده (914) و (916) و (917) و (918) ، والقضاعي (1037) و (1038) من طرق عن قتادة، به.

وأخرجه مسلم (200)(344) ، وابن خزيمة ص 261 من طريقين عن معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس. =

ص: 76

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ اسْتَحَقَّ قَوْمُ صَالِحٍ الْعَذَابَ (1) مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

6197 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ (2) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحِجْرَ قَالَ: «لَا تَسْأَلُوا نَبِيَّكُمُ الْآيَاتِ، هَؤُلَاءِ قَوْمُ صَالِحٍ سَأَلُوا نَبِيَّهُمْ آيَةً فَكَانَتِ النَّاقَةُ تَرِدُ عَلَيْهِمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ، وَتَصْدُرُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ فَيَشْرَبُونَ مِنْ لَبَنِهَا يَوْمَ وُرُودِهَا مِثْلَ مَا غَبَّهُمْ مِنْ مَائِهِمْ، فَعَقَرُوهَا فَوُعِدُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ، فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ، فَلَمْ يَبْقَ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ رَجُلٌ إِلَّا أَهْلَكَتْ إِلَّا رَجُلٌ فِي الْحَرَمِ مَنَعَهُ الْحَرَمُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: «أَبُو رِغَالٍ أَبُو ثَقِيفٍ» (3) . [3: 6]

= وعلقه البخاري (6305) في الدعوات: باب لكل نبي دعوة، قال: قال لي خليفة: قال معتمر: سمعتُ أبي عن أنس

وذكر الحديث.

وسيأتي الحديث برقم (6460) عن جابر، وبرقم (6461) عن أبي هريرة.

(1)

سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 3/لوحة 318.

(2)

تحرف في الأصل إلى: "جبير"، والتصويب من "التقاسيم".

(3)

إسناده ضعيف. مسلم بن خالد: هو الزنجي، روى له أبو داود وابن ماجة وهو كثير الغلط، وأبو الزبير مدلس وقد عنعن. ابن خثيم: هو عبد الله بن عثمان.

وأخرجه البزار (1844) ، والحاكم 2/340-341 من طريقين عن =

ص: 77

‌ذِكْرُ وَصْفُ دَفْنِ أَبِي رِغَالٍ سَيِّدِ ثَمُودَ

6198 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا

= مسلم بن خالد، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي! وقال البزار: لا نعلمه يروى هكذا إلاَّ عن ابن خثيم.

وأخرجه أحمد 3/296، والطبري في "جامع البيان"(14817) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن خثيم، به. وهذا سند رجاله ثقات على شرط مسلم إلاَّ أنه فيه تدليس أبي الزبير.

وأورده الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 2/237، وفي "البداية والنهاية" 1/129 من طريق أحمد، وقال: هذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة، وهو على شرط مسلم.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/194 و 7/38، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في " الأوسط "، ورجال أحمد رجال الصحيح.

وذكره السيوطيّ في "الدر المنثور" 3/492 وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.

قلت: وأبو رغال جاهلي، وكان في الطائف، وهي ديار ثقيف، وقد اختلف في اسمه ونسبه، فقيل: هو قسي بن منبه، وقيل: زيد بن مخلف، وقيل: نفيل بن حبيب، وهو الذي بعثته ثقيف مع أبرهة يَدُلُّهُ على الطريق إلى مكة، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المُغَمِّسَ (موضع بطريق الطائف على ثلثي فرسخ من مكة) ، فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك، فرجمت قبرة العربُ، قال جرير:

إذا مات الفرزدقُ فارجُمُوهُ

كَرَجْمِ النَّاسِ قَبْرَ أَبِي رِغَالِ

وكانت ثقيف تُعير به. قال حسَّان بن ثابت:

إذا الثقفي فَاخَرَكُمْ فقولوا

هلم نعد شأنَ أبِي رغال

انظر سيرة ابن هشام 1/49، والمسعودي 1/217، و" ثمار القلوب " ص 136، و" اللسان " و " تاج العروس ": رغل.

ص: 78

يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:«أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَمَرُّوا عَلَى قَبْرِ أَبِي رِغَالٍ وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ وَهُوَ امْرُؤٌ مِنْ ثَمُودَ، مَنْزِلُهُ بِحَرَّاءَ، فَلَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَهُ بِمَا أَهْلَكَهُمْ بِهِ مَنَعَهُ لِمَكَانِهِ مِنَ الْحَرَمِ، وَأَنَّهُ خَرَجَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ هَاهُنَا مَاتَ، فَدُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَابْتَدَرْنَا، فَاسْتَخْرَجْنَاهُ» (1) . [3: 6]

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ دُخُولِ الْمَرْءِ أَرْضَ ثَمُودَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَاكِيًا

6199 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: مَرَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحِجْرِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ

(1) إسناده ضعيف، بُجير بن أبي بُجير لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف، ولم يروِ عنه إلاَّ إسماعيل بن أمية. ونقل ابن كثير في " تاريخه " 1/130 عن شيخه أبي الحجاج المزي احتمال أن بجير بن أبي بجير قد وهم في رفعه، وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو من زاملته.

وأخرجه أبو داود (3088) في الإمارة: باب نبش القبور العادية يكون فيها المال، والمزي في "تهذيب الكمال" 4/10-11 عن يحيى بن معين، حدثنا وهب بن جرير بن حازم، حدثنا أبي، سمعت محمد بن إسحاق، يحدث عن إسماعيل بن أمية، فذكره.

ص: 79

تَكُونُوا بَاكِينَ حَذَرًا أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ» ، ثُمَّ رَحَلَ (1) فَأَسْرَعَ حَتَّى خَلَّفْهَا (2) . [2:43]

(1) كذا الأصل و " التقاسيم " 2/لوحة 146، وعند مسلم والطبري:"زجر" أي: زجر راحلته.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه مسلم (2980)(39) في الزهد: باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلاَّ أن تكونوا باكين، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 14/49-50 حدثني يونس، عن ابن وهب، به.

وأخرجه أحمد 2/96، والبخاري (3381) في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحاً} ، عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن يونس، به.

وأخرجه أحمد 2/66، والبخاري (3380) و (4419) في المغازي: باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، والبيهقي في " دلائل النبوة " 2/451، والبغوي في " معالم التنزيل " 3/156، و "شرح السنة"(4165) من طريقين عن معمر، عن الزهري، به، وانظر ما بعده.

قال الإمام الخطابي فيما نقله عنه الإمام البغوي في "شرح السنة" 14/362: معناه أن الداخل في دار قوم أهلكوا بخسف أو عذاب إذا لم يكن باكياً إمَّا شفقة عليهم، وإما خوفاً من حلول مثلها به، كان قاسي القلب، قليل الخشوع، فلا يأمن إذا كان هكذا أن يصيبه ما أصابهم.

قلت: وأصحابُ الحجر: يعني بهم ثمود، قال ابنُ عباس: كانت منازلهم بالحجر بين المدينة والشام، قال تعالى:{كذَّب أصحاب الحجر المرسلين} ، والمراد بالمرسلين: النبي صالح وحده، وإنما ذكر بلفظ الجمع، لأن من كذَّب رسولاً، فقد كذب الرسل كلهم.

ص: 80

‌ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الدُّخُولِ عَلَى أَصْحَابِ الْحِجْرِ إِلَّا أَنَ يَكُونَ بَاكِيًا

6200 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ: «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ» (1) . [3: 6]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ ثَمُودَ إِنَّمَا عُذِّبُوا، فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْ مَا زَجَرَ الدَّاخِلَ مَسَاكِنَهُمْ

6201 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجال الشيخين غير يحيى بن أيُّوب المقابري، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (2980) في الزهد: باب لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أن تكونوا باكين، عن يحيى بن أيُّوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم، والبغوي (4166) عن علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر، به.

وأخرجه أحمد 2/9 و 58 و 72 و 74 و 92 و 113 و 137، والبخاري (433) في الصلاة: باب الصلاة في مواضع الخسف، و (4420) في المغازي: باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، و (4702) في تفسير سورة الحجر: باب {ولقد كذّب أصحاب الحجر} ، والبيهقي في " السنن الكبرى " 2/451، وفي "دلائل النبوَّة" 5/233 من طرق عن عبد الله بن دينار، به. وانظر ما بعده.

ص: 81

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ: «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ" (1) . [2: 43]

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِقَاءِ مِنْ آبَارِ أَرْضِ ثَمُودَ

6202 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحِجْرَ أَرْضَ ثَمُودَ فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا وَعَجَنُوا بِهِ الْعَجِينَ، فَأَمَرَهُمْ أَنَ يُهْرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا وَأَنْ يَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ (2) . [..:..]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه مسلم (2980) في الزهد: باب لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إلاَّ أن تكونوا باكين، عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم من رجال البخاري، ومن فوقه من رجالهما.

وأخرجه مسلم (2981) في الزهد: باب لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أن تكونوا باكين، والبيهقي في "دلائل النبوَّة" 5/234 عن الحكم بن موسى، حدثنا شعيب بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3379) في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وإلى =

ص: 82

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم رَحَلَ مِنْ أَرْضِ ثَمُودَ كَرَاهِيَةَ الِانْتِفَاعِ بِمَائِهَا

6203 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عَامَ تَبُوكَ بِالْحِجْرِ عِنْدَ بُيُوتِ ثَمُودَ، فَاسْتَقَى النَّاسُ مِنَ الْآبَارِ الَّتِي كَانَتْ تَشْرَبُ مِنْهَا ثَمُودُ، فَنَصَبُوا الْقُدُورَ وَعَجَنُوا الدَّقِيقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اكْفَؤُوا الْقُدُورَ، وَاعْلِفُوا الْعَجِينَ الْإِبِلَ» ، ثُمَّ ارْتَحَلَ حَتَّى نَزَلَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَتْ تَشْرَبُ مِنْهُ النَّاقَةُ، وَقَالَ:«لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ عُذِّبُوا فَيُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ» (1) . [2: 43]

= ثمود أخاهم صالحاً} ، ومسلم (2981) من طريقين عن أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبيد اللَّهِ بْنِ عمر، به.

وأخرجه البخاري (3378) ، والبيهقي في "الدلائل" 5/233-234، والبغوي (4167) عن محمد بن مسكين، عن يحيى بن حسَّان، عَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه أحمد 2/117 حدثنا عبد الصمد، عن صخر بن جويرية، بهذا الإسناد.

وذكره الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 5/10، من رواية أحمد، وصححه على شرط الشيخين.

ص: 83

‌ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي اخْتَتَنَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ

6204 -

أَخْبَرَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَنَدِيُّ، بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ اللَّحَجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بِالْقَدُومِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً» (1) .

(1) حديث صحيح، علي بن زياد اللحجي: ذكره المؤلف في "الثقات" 8/470، وقال: من أهل اليمن، كان راويا لأبي قُرَّة، حدثنا عنه المفضل بن محمد الجندي، مستقيم الحديث. وأبو قرة: هو موسى بن طارق اليماني، روى له النسائي وهو ثقة، ومن فوقهما ثقات من رجال الشيخين، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه الحاكم 2/551 من طريق حماد بن سلمة وأبي معاوية، وأبو الشيخ في كتاب "العقيقة" كما في " الفتح " 6/391 من طريق الأوزاعي، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. لكن في متن هذه الرواية نظر، فقد نقلها الحافظ في "الفتح"، وقال: والظاهر أنه قد سقط من المتن شيء، فإن هذا القدر (يعني مئة وعشرين سنة) هو مقدار عمره.

وأخرجه أحمد 2/322 من طريق ورقاء، و 418 من طريق المغيرة بن عبد الرحمن القرشي، والبخاري (3356) في الأنبياء: باب قوله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلاً} من طريق المغيرة، و (6298) في الاستئذان: باب الختان بعد الكِبَر، وفي "الأدب المفرد"(1244) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (2370) في الفضائل: باب من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، والبيهقي في "السنن" 8/325 من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، ومسدد بن مسرهد في" مسنده " =

ص: 84

سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُشْكَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُولُ: الْقُدُومُ اسْمُ الْقَرْيَةِ (1) . [3: 4]

= كما في " تغليق التعليق " 4/15 من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، أربعتهم عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة ولفظه " اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقَدوم ".

وأخرجه بهذا اللفظ أبو يعلى (5981) ، وابن أبي عاصم في " الأوائل "(20) ، والطبراني في " الأوائل "(11) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

(1)

هو في " مصنف عبد الرزاق "(25245)، والراوي عنه: محمد بن مشكان: ذكره المصنف في " الثقات " 9/127، وقال: يروي عن يزيد بن هارون وعبد الرزاق، حدثنا عنه محمد بن عبد الرحمن الدغولي وغيره، مات سنة تسع وخمسين ومئتين، وكان ابن حنبل يكاتبه.

وقال النووي في " شرح مسلم " 15/123: رواة مسلم متفقون على تخفيف "القدوم" ووقع في روايات البخاري الخلاف في تشديده وتخفيفه، قالوا: وآلة النجار يقال لها: قدوم بالتخفيف لا غير، وأمّا القدوم مكان بالشام، ففيه التخفيف والتشديد، فمن رواه بالتشديد أراد القرية، ومن رواه بالتخفيف يحتمل القرية والآلة، والأكثرون على التخفيف، وعلى إرادة الآلة.

وهذه الرواية مصرحة بأنه عليه السلام كان ابن ثمانين سنة عند اختتانه، وإسنادها كما ترى غاية في الصحة وهي أقوى من حديث الباب الذي جاء فيه أنّه اختتن وهو ابن عشرين ومئة سنة، وقال النووي في "شرح مسلم" 15/122: وهذا الذي وقع هنا (يريد عند مسلم) وهو ابن ثمانين سنة هو الصحيح، ووقع في "الموطأ": وهو ابن مئة وعشرين سنة موقوفاً على أبي هريرة، وهو متأول أو مردود. =

ص: 85

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ رَافِعَ هَذَا الْخَبَرِ وَهِمَ

6205 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَلَغَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ لَبِثَ يُوسُفُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ

6206 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ يُوسُفَ لَوْلَا الْكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ، وَرَحِمَ اللَّهُ لُوطًا إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ: لَوْ أَنَّ لِيَ بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، قَالَ: فَمَا

= وقد نقل الحافظ في "الفتح" 6/391 عن بعضهم أنه جمع بين الروايتين بأن حديث الباب حسب من مبدأ مولده، والثاني من مبدأ نبوته.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد 2/435 عن يحيى القطان، عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.

ص: 86

بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدَهُ إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ وَصْفِ الدَّاعِي الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ»

6207 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ،

= إسناده حسن، محمد بن عمرو: هو ابن علقمة الليثي، روى له البخاري مقرونا، ومسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد، فمن رجال البخاري. خالد بن عبد الله: هو الطحان.

قلت: لكن الحافظ ابن كثير قد تعقب المؤلف في "بدايته" 1/194 بسبب إدراج هذا الحديث في " صحيحه "، فقال بعد أن أورده عنه: إنه حديث منكر من هذا الوجه، ومحمد بن عمرو بن علقمة له أشياء ينفرد بها، وفيها نكارة، وهذه اللفظة من أنكرها وأشدها، والذي في " الصحيحين " يشهد بغلطها. قلت: خبر " الصحيحين " الذي عناه ابن كثير هو الحديث الآتي عند المؤلف برقم (6208) .

وأخرجه الترمذي (3116) في التفسير: باب ومن سورة يوسف، والطبري في "جامع البيان"(18397) و (18398) و (18402) و (19398) ، والطحاوي في " شرح مشكل الآثار "(330) بتحقيقنا، من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.

وأخرجه أحمد 2/322، والبخاري (3375) في الأنبياء: باب {ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون} ، و (3387) : باب {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، و (6992) في التعبير: باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك، والطبري (18403) و (18404) ، والبغوي في " معالم التنزيل " 2/395-396 من طرق عن أبي هريرة. وانظر ما بعده.

والثروة: الكثرة والمنعة.

ص: 87

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ جَاءَنِي الدَّاعِي الَّذِي جَاءَ إِلَى يُوسُفَ لَأَجَبْتُهُ، وَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ، إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ: لَوْ أَنَّ لِيَ بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ فَمَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ» . (1)

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» ، لَفْظَةُ إِخْبَارٍ عَنْ شَيْءٍ مُرَادُهَا مَدْحَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ خِطَابُ الْخَبَرِ فِي الْمَاضِي. [3: 4]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ شَنَّعَ بِهِ الْمُعَطِّلَةُ وَجَمَاعَةٌ لَمْ يُحْكِمُوا صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ عَلَى مُنْتَحِلِي سُنَنَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، حَيْثُ حَرَّمُوا التَّوْفِيقَ لِإِدْرَاكِ مَعْنَاهُ

6208 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، بِعَسْقَلَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهِبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ قَالَ:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ

(1) إسناده حسن كسابقه، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عمرو، وهو صدوق. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه.

وأخرجه أحمد 2/332، والطبري في "جامع البيان"(19397) عن محمد بن بشر، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

ص: 88

يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» (1) .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:» نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ «لَمْ

(1) إسناده صحيح، يزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب، ثقة روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ومن فوقه من رجال الشيخين.

وأخرجه البخاري (3372) في الأنبياء: باب قول الله عز وجل: {ونبئهم عن ضيف إبراهيم} ، و (4537) في تفسير سورة البقرة: باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم ربِّ أرني كيف تحيي الموتى} ، ومسلم (151) (238) في الإيمان: باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلّة، وابن ماجة (4026) في الفتن: باب الصبر على البلاء، والطبري في "جامع البيان"(5974) و (19400) ، والبغوي في "شرح السنة"(63) ، وفي "معالم التنزيل" 1/247-248، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(326) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4694) في تفسير سورة يوسف: باب قوله: {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك} ، والطبري (5973) و (19399) ، والطحاوي (327) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 507، وابن منده في " الإيمان "(369) من طريق سعيد بن عيسى بن تليد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث.

وأخرجه أحمد 2/326 عن وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه، كلاهما عن يونس بن يزيد، به.

وأخرجه مسلم (151) ، والطحاوي (328) ، وابن منده (370) من طريق جويرية، عن مالك بن أنس.

وأخرجه ابن منده (371) من طريق أبي أويس المدني، كلاهما عن الزهري، عن أبي سعيد وأبي عُبيد، عن أبي هريرة.

ص: 89

يُرِدْ بِهِ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى، إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: 260] وَلَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ لَهُ فِيهِ، يُرِيدُ: فِي دُعَائِهِ وَسُؤَالِهِ رَبَّهُ عَمَّا سَأَلَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:» نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ «بِهِ فِي الدُّعَاءِ لَأَنَّا إِذَا دَعَوْنَا رُبَّمَا يُسْتَجَابُ لَنَا، وَرُبَّمَا لَا يُسْتَجَابُ، وَمَحْصُولُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَفْظَةُ إِخْبَارٍ مُرَادُهَا التَّعْلِيمُ لِلْمُخَاطَبِ لَهُ» (1) . [3: 4]

(1) قلت: نقل البغوي في "شرح السنة" 1/115، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 507-508 نحواً من هذا عن الإمام المزني تلميذ الشافعي، ونص كلامه: لم يشكَّ النبي ولا إبراهيم صلوات الله عليهما في أن الله قادر على أن يحيي الموتى، وإنما شكا أن يُجيبهما إلى ما سألاه.

قال البغوي: ومما يؤيد هذا الذي ذكره المزني ما روي عن ابن عباس في قوله عز وجل: {ربِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} قال: أعلم أنك تجيبني إذا دعوتك، وتعطيني إذا سألتك. قلت: أخرجه الطبري (5986) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/508 من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وهذا سند ضعيف، عبد الله بن صالح سيء الحفظ، وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس.

وقال أبو سليمان الخطابي فيما نقله عنه البغوي في "شرح السنة" 1/116-117: ليس في قوله "نحن أحق بالشك من إبراهيم" اعتراف بالشك على نفسه، ولا على إبراهيم، لكن فيه نفي الشَّكَِّ عنهما، يقول: إذا لم أشك أنا ولم أرْتب في قدرة الله عز وجل على إحياء الموتى، فإبراهيم أولى بأن لا يشكّ ولا يرتاب، وقال ذلك على سبيل التواضع، والهضم من النفس. وفيه الإعلامُ أن المسألة من قبل إبراهيم لم تعرض من جهة شكّ، لكن من قبل زيادة العلم، فإن العيان يُفيد من المعرفة والطمانينة ما لا يُفيد =

ص: 90

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الاستدلال، وقوله:"ليطمئن قلبي" أي: بيقين النظر.

وحكي عن سعيد بن جبير أنه قال: {ولكن ليطمئن قلبي} أي: بالخلّة، يقول: إني أعلم أنّك اتخذتني خليلاً، ومثله عن ابن المبارك.

ويحكى عن ابن المبارك أيضاً في قوله: {ولكن ليطمئن قلبي} أي: ليرى من أدعوه إليك منزلتي ومكاني منك، فيجيبوني إلى طاعتك.

وقيل: لما نزلت الآية قال قوم: شكّ إبراهيم ولم يشك نبينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا القول تواضعاً منه، وتقديراً لإبراهيم.

وكذلك قوله في يوسف: "لو لبثت فى السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي"، وصف يوسف بالأناة والصبر حيث لم يبادر إلى الخروج حين جاءه رسول الملك فِعْل المذنب يُعفى عنه مع طول لَبثه في السجن، بل قال:{ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} أراد أن يُقيم عليهم الحجة في حبسهم إياه ظلماً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على سبيل التواضع، لا أنه كان في الأمر منه مبادرة وعجلة لو كان مكان يوسف، والتواضع لا يصغر كبيراً، ولا يضع رفيعاً، ولا يبطل لذي حقٍ حقّاً، ولكنه يوجب لصاحبه فضلاً، ويكسبه جلالاً وقدراً.

وقوله سبحانه وتعالى: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} [يونس: 49] الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد غيره ممن شكّ في تنزيل القرآن، كقوله سبحانه وتعالى:{يا أيُّها النبي اتق الله} [الأحزاب: 1]، وقوله:{واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا} [الزخرف: 45] أي: سَلْ من أرسلنا إليه من قبلك رسلاً من رسلنا، يعني أهل الكتاب، الخطاب له، والمراد المشركون.

وقوله: "رحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد" أراد به قوله لقومه: {لو أنّ لي بكم قوةً أو آوي إلى رُكْنٍ شديد} [هود: 80] أي: لو كانت لي عشيرة لدفعوكم، ترحم عليه النبي صلى الله عليه وسلم لسهوه في الوقت الذي ضاق صدرُه، واشتد جزعُه بما دهمه من قومه حتى قال: أو آوي إلى ركن شديد، وقد كان يأوي إلى أشدِّ الأركانِ من الله تعالى.

ص: 91

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3]

6209 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَّادٌ الصَّفَّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَلَا عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينَ} [يوسف: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3] فَتَلَاهَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ حَدَّثْتَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزمر: 23] الْآيَةَ، كُلُّ ذَلِكَ يُؤْمَرُونَ بِالْقُرْآنِ» قَالَ خَلَّادٌ: وَزَادَ فِيهِ حِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكِّرْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] (1) . [3: 64]

(1) إسناده قوي. خلاد الصفار: هو ابن عيسى، ويقال: ابن مسلم، روى له الترمذي وابن ماجة، ووثقه ابن معين في رواية الدوري، وقال في رواية عثمان: ليس به بأس، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال أبو حاتم: حديثه متقارب، وباقي رجاله ثقات رجال مسلم.

إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وعمرو بن محمد القرشي: هو العنقزي، ومصعب بن سعد: هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه. =

ص: 92

‌ذِكْرُ احْتِجَاجِ آدَمَ، وَمُوسَى، وَعَذْلِهِ إِيَّاهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَنَّةِ

6210 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَغْوَيْتَ النَّاسَ، وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ عَلِمَ كُلِّ شَيْءٍ وَاصْطَفَاهُ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:

= وأخرجه الحاكم 2/345، والواحدي في "أسباب النزول" ص 182 و 248 و 272 من طريقين عن إسحاق ابن راهويه، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان"(18776) عن محمد بن سعيد العطّار، وأبو يعلى (740) عن الحسين بن عمرو العنقزي، والبزار (3218) عن الحسين بن عمرو، والحسين بن الأسود، وإسماعيل بن حفص، أربعتهم عن عمرو بن محمد، بهذا الإسناد.

وقال البزار: لا نعلمه يروى إلاَّ عن سعد بهذا الإسناد، ولا رواه عن سعد إلاَّ مصعب، ولا عنه إلاَّ عمرو بن مرة، ولا عنه إلاَّ عمرو بن قيس، ولا عنه ألاَّ خلاد.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 10/219، وقال: رواه أبو يعلى والبزار بنحوه، وفيه الحسين بن عمرو العنقزي، ووثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: الحسين بن عمرو قد توبع كما ترى، فلا يعل الحديث به. وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/496، وزاد نسبته لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه.

ص: 93

فَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ تَعْيِيرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَلِيمَ اللَّهِ بِأَنَّهُ آدَرُ

6211 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ، قَالَ: فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَاشْتَدَّ مُوسَى فِي أَثَرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ، فَقَامَ الْحَجَرُ بَعْدَ مَا نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ ثَوْبَهُ، وَطَفِقَ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، وقد تقدم برقم (6179) . وهو في "الموطأ" 2/898 في باب النهي عن القول بالقدر.

ومن طريق مالك أخرجه مسلم (2652)(14) في القدر: باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، والآجري في "الشريعة" ص 181.

وأخرجه الحميدي (1116)، والبخاري (6614) في القدر: باب تحاج آدم وموسى عند الله، وابن أبي عاصم في "السنة"(155) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 54، والبيهقي في "الأسماء والصفات" من طريقين عن أبي الزناد، وبه.

وأخرجه ابن أبي عاصم (153) و (154) ، والآجري ص 181 و 324، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 232-233 وفي "الاعتقاد" ص 99 من طرق عن الأعرج، به.

ص: 94

بِالْحَجَرِ ضَرْبًا» ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:«وَاللَّهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ نَدَبًا سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً مِنْ ضَرْبِ مُوسَى الْحَجَرَ» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ صَبْرِ كَلِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى أَذَى بَنِي إِسْرَائِيلَ إِيَّاهُ

6212 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، بِحَرَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِشَيْءٍ قَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا عَدَلَ فِي هَذَا، فَقَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:«يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ كَانَ يُصِيبُهُ أَشَدُّ مِنْ هَذَا ثُمَّ يَصْبِرُ» (2) . [3: 4]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجالُه رجال الشيخين غير عباس العنبري فمن رجال مسلم. وهو في "صحيفة همام" برقم (61) .

وأخرجه أحمد 2/315، والبخاري (278) في الغسل: باب من اغتسل عرياناً وحده، ومسلم (339) في الحيض: باب جواز الاغتسال عرياناً في الخلوة، وص 1841 في الفضائل: باب فضائل موسى عليه السلام، وأبو عوانة 1/281 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/515 والبخاري (3404) في الأنبياء: باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، والترمذي (3221) في التفسير: باب ومن سورة الأحزاب، والطبري في "جامع البيان" 22/52، والبغوي في "معالم التنزيل" 3/545 من طرق عن أبي هريرة بنحوه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

(2)

إسناده قوي. عبد الرحمن بن عمرو البجلي من أهل حران روى عن جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/380، وسئل عنه أبو زرعة كما في "الجرح والتعديل" 5/267، فقال: شيخ. ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

شقيق: هو ابن سلمة. وقد تقدم تخريج الحديث برقم (2917) .

ص: 95

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَلْقَى مُوسَى الْأَلْوَاحَ

6213 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ، قَالَ اللَّهُ لِمُوسَى: إِنَّ قَوْمَكَ صَنَعُوا كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا يُبَالِ، فَلَمَّا عَايَنَ أَلْقَى الْأَلْوَاحَ» (1) .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «أَبُو بِشْرٍ: جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ» . [3: 4]

(1) حديث صحيح، رجاله رجال الشيخين، وهشيم -هو ابن بشير وإن لم يصرح بالتحديث- قد تابعه أبو عوانة في الرواية التالية.

وأخرجه أحمد 1/271، وابن عدي في "الكامل" 7/2596، وأبو "الشيخ" في "الأمثال"(5) ، والحاكم 2/321 من طريق سريج بن يونس، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 1/215، وابن عدي، والطبراني في "الأوسط"(25) ، والخطيب في " تاريخه " 6/56 من طريق هشيم، به. وانظر ما بعده.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/153 ونسبه لأحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و "الأوسط" وقال: رجاله رجال الصحيح، وصححه ابن حبَّان.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 3/564، وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه.

وله شاهد من حديث أنس عند الطبراني في " الأوسط "(28)" مجمع البحرين " من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا أبي، عن ثمامة، عن أنس. قال في "المجمع" 1/153: رجاله ثقات.

وآخر من حديث أبي هريرة عند الخطيب في "تاريخه" 8/28.

ص: 96

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ هُشَيْمٌ

6214 -

أَخْبَرَنَا حُبَيْشُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النِّيلِيُّ، بِوَاسِطٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَيْسَ الْمُعَايِنُ كَالْمُخْبَرِ، أَخْبَرَ اللَّهُ مُوسَى أَنَّ قَوْمَهُ فُتِنُوا فَلَمْ يُلْقِ الْأَلْوَاحَ، فَلَمَّا رَآهُمْ أَلْقَى الْأَلْوَاحَ» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ مَا فَعَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام بِفِرْعَوْنَ عِنْدَ نُزُولِ الْمَنِيَّةِ

6215 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي داود: سليمان بن داود الطيالسي، فمن رجال مسلم. أبو عوانة هو: الوضاح اليشكري.

وأخرجه البزار (200) عن أحمد بن سنان القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عدي في " الكامل " 7/2596، والطبراني في "الكبير"(12451) ، والحاكم 2/380، وابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير" 2/258 من طرق عن أبي عوانة، به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

ص: 97

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَهُ أَحَدُهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَدُسُّ فِي فَمِ فِرْعَوْنَ الطِّينَ مَخَافَةَ أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» (1) . [3: 6]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أحمد 1/240 و 340، والطيالسي (2618) ، والطبري في "جامع البيان"(17858) عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3108) في التفسير: باب ومن سورة يونس، عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، حدثنا خالد بن الحارث، أخبرنا شعبة، به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

وأخرجه الطبري (17862) من طريق حكام، عن شعبة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، به.

وأخرجه الحاكم 2/340 من طريق النضر بن شميل، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، وقال: أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على ابن عباس.

قلت: أخرجه الطبري (17865) من طريق ابن وكيع، عن أبيه، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، به، فذكره موقوفاً.

وأخرجه الطبري (17867) ، وابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير" 2/446 من طريقين عن أبي خالد الأحمر، عن عمر بن يعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله. وأخرج أحمد 1/245 و 309، والترمذي (3107) ، والطبري (17861) من طرق عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لمّا أغرق الله فرعون، قال: آمنت أنه لا إله إلاَّ الذي آمنت به بنو إسرائيل، فقال جبريل: يا محمد، فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر، فأدسَّه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة". لفظ الترمذي، وقال: هذا حديث حسن.

قلت: علي بن زيد ضعيف.

ص: 98

‌ذِكْرُ سُؤَالِ الْكَلِيمِ رَبَّهُ عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَرْفَعِهِمْ مَنْزِلَةً

6216 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، بِمَنْبِجَ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ، شَيْخَانِ صَالِحَانِ، سَمِعَا الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مُوسَى سَأَلَ رَبَّهُ: أَيُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَدْنَى مَنْزِلَةً؟ قَالَ: رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَمَا يَدْخُلُ - يَعْنِي أَهْلَ الْجَنَّةِ - الْجَنَّةَ فَيُقَالُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: كَيْفَ أَدْخَلُ الْجَنَّةَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ (1) فَيَقُولُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنَ الْجَنَّةِ مِثْلُ مَا كَانَ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، فَيُقَالُ: لَكَ هَذَا وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، رَضِيتُ، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّ لَكَ هَذَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، رَضِيتُ، فَيُقَالُ لَهُ: لَكَ مَعَ هَذَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ، وَسَأَلَ رَبَّهُ: أَيُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْفَعُ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: سَأُحَدِّثُكَ عَنْهُمْ، غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ (2) ،

(1) سقطت من الأصل، واستدركت من " التقاسيم " 3/لوحة 293، ومعنى "أخذوا أخذاتهم" قال القاضي: هو ما أخذوه من كرامة مولاهم وحصلوه.

(2)

قال النووي: هنا حذف اختصر للعلم به، تقديره: ولم يخطر على قلب بشر ما أكرمتهم به، وأعددته لهم.

ص: 99

وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} الْآيَةَ [السجدة: 17](1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ سُؤَالِ كَلِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا رَبَّهُ عَنْ خِصَالٍ سَبْعٍ

6217 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَدَّثَنَا

(1) إسناده صحيح، حامد بن يحيى البلخي ثقة روى له أبو داود، ومن فوقه من رجال الشيخين غير عبد الملك ابن أبجر -وهو ابن سعيد بن حيان بن أبجر- فمن رجال مسلم. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الحميديُّ (761)، ومسلم (189) في الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، والترمذي (3198) في التفسير: باب ومن سورة السجدة، والطبري في "جامع البيان" 21/104، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 70-71، وابن منده في " الإيمان "(845) . وأبو الشيخ في "العظمة"(611) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/86 و 7/310، وفي "صفة الجنة"(123) والطبراني في "الكبير" 20/ (989) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 317-318 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وروى بعضهم هذا الحديث عن الشعبي، عن المغيرة، ولم يرفعه، والمرفوع أصح.

قلت: أخرج الرواية الموقوفة مسلم (189)(313) ، والطبري 21/104، وابن منده (846) عن أبي كريب، عن عبيد الله الأشجعي، عن عبد الملك ابن أبجر، عن الشعبي، عن المغيرة قوله.

وأخرجه ابن أبي شيبة 13/120-121 ونعيم بن حماد في "زيادات الزهد"(227) لابن المبارك، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(123) عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن المغيرة موقوفاً أيضاً. وسيرد الحديث برقم (7426) .

ص: 100

حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا السَّمْحِ، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ عَنْ سِتِّ خِصَالٍ، كَانَ يَظُنُّ أَنَّهَا لَهُ خَالِصَةً، وَالسَّابِعَةُ لَمْ يَكُنْ مُوسَى يُحِبُّهَا، قَالَ: يَا رَبِّ أَيُّ عِبَادِكَ أَتْقَى؟ قَالَ: الَّذِي يَذْكُرُ وَلَا يَنْسَى، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَهْدَى؟ قَالَ: الَّذِي يَتْبَعُ الْهُدَى (1) ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَحْكُمُ؟ قَالَ: الَّذِي يَحْكُمُ لِلنَّاسِ كَمَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَعْلَمُ؟ قَالَ: عَالِمٌ لَا يَشْبَعُ مِنَ الْعِلْمِ، يَجْمَعُ عِلْمَ النَّاسِ إِلَى عِلْمِهِ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَعَزُّ؟ قَالَ: الَّذِي إِذَا قَدَرَ غَفَرَ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَغْنَى؟ قَالَ: الَّذِي يَرْضَى بِمَا يُؤْتَى، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَفْقَرُ؟ قَالَ: صَاحِبٌ مَنْقُوصٌ» ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ الْغِنَى عَنْ ظَهْرٍ، إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا جَعَلَ غِنَاهُ فِي نَفْسِهِ وَتُقَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًّا جَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ» (2) . [3: 4]

(1) في الأصل: "الذي لا يتبع الهوى"، والمثبت من "التقاسيم" 3/292.

(2)

إسناده حسن. رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي السمح واسمه درَّاج بن سمعان، وهو صدوق. عمرو بن الحارث هو: أبو أيُّوب المصري، وابن حجيرة: اسمه عبد الرحمن، وأورده الحافظ ابن كثير فى " البداية والنهاية " 1/272 من رواية المصنف.

وذكره الحافظ السيوطيُّ في "الجامع الكبير" 2/539 ونسبه للروياني وأبي بكر ابن المقرىء في " فوائده " وابن لال وابن عساكر.

وفي الباب عن ابن عباس عند الطبري في " التاريخ " 1/371 حدثنا ابنُ حميد، حدثنا يعقوب (ابن عبد الله بن سعد) القمى، عن هارون بن عنترة (هو ابن عبد الرحمن) عن أبيه، عن ابن عباس قال: سأل موسى عليه =

ص: 101

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ قَوْلُهُ: «صَاحِبٌ مَنْقُوصٌ» .

يُرِيدُ بِهِ: مَنْقُوصٌ حَالَتُهُ، يَسْتَقِلُّ مَا أُوتِيَ، وَيَطْلُبُ الْفَضْلَ»

‌ذِكْرُ سُؤَالِ كَلِيمِ اللَّهَ رَبَّهُ أَنْ يُعْلِمَهُ شَيْئًا يَذْكُرُهُ

6218 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ دَرَّاجًا، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَذْكُرُكَ بِهِ، وَأَدْعُوكَ بِهِ، قَالَ: قُلْ يَا مُوسَى: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: يَا رَبِّ كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُ هَذَا، قَالَ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: إِنَّمَا أُرِيدُ شَيْئًا تَخُصُّنِي بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ فِي كِفَّةٍ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ، مَالَتْ بِهِمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» (1) . [3: 4]

= السلام ربه عز وجل

فذكره موقوفاً بنحو حديث الباب.

وقوله: "ليس الغنى عن ظهر

" تقدم عند المصنف من حديث أبي هريرة برقم (679) ، ومن حديث زيد بن ثابت برقم (680) ، ومن حديث أبي ذر برقم (685) .

(1)

إسناده ضعيف، دراج أبو السمح في روايته عن أبي الهيثم ضعف.

وأخرجه النسائي في "اليوم والليلة"(834) و (1141) ، والطبراني في "الدعاء"(1480) ، والحاكم 1/528، وعنه البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 102-103 من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي! وكذا صححه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 11/208!. =

ص: 102

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَةَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَرَمْيِهِ الْجِمَارَ فِي حَجَّتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ

6219 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ رُفَيْعٍ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى عَلَى وَادِي الْأَزْرَقِ، فَقَالَ:«كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى مُنْهَبِطًا وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى رَبِّهِ بِالتَّلْبِيَةِ» ، وَمَرَّ عَلَى ثَنِيَّةٍ، فَقَالَ:«مَا هَذِهِ؟» ، قِيلَ: ثَنِيَّةُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ:«كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى يَرْمِي الْجَمْرَةَ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ، خِطَامُهَا مِنْ لِيفٍ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ» (1) .

= وأخرجه الطبراني (1481) ، وأبو يعلى (1393) من طريقين عن ابن لهيعة، عن دراج، به.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 10/82، وقال: رواه أبو يعلى ورجاله وثقوا، وفيهم ضعف.

قلت وفي الباب عن جابر رفعه: "أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدعاء الحمد لله. وقد تقدم برقم (846) .

وأخرج مالك في الموطأ 1/214-215 عن زياد بن أبي زياد، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلاَّ الله". وهذا مرسل صحيح.

وأخرجه الترمذي (3585) من رواية حماد بن أبي حميد، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدّه. وحماد بن أبي حميد قال عنه الترمذي بإثر الحديث: ليس بالقوي عند أهل الحديث.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. عفان: هو ابن مسلم الباهلي. وقد تقدم تخريجه برقم (3801) . =

ص: 103

‌ذِكْرُ وَصْفِ حَالَ مُوسَى حِينَ لَقِيَ الْخَضِرَ بَعْدَ فَقْدِ الْحُوتِ

6220 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، مِنْ كِتَابِهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (1)، قَالَ: حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى عليه السلام لَيْسَ بِصَاحِبِ الْخَضِرِ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ، قَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ (2) اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «قَامَ مُوسَى

= وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 2/223 و 3/96 عن محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا الحسن بن موسى الأشيب وعفان بن مسلم، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(12756) من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، به.

(1)

تحرف في الأصل إلى "سليمان"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 294.

(2)

قال الإمام النووي في " شرح مسلم " 15/137: قال العلماء: هو على وجه الإغلاظ والزجر عن مثل قوله، لا أنه يعتقد أنه عدو الله حقيقة، إنما قاله مبالغة في إنكار قوله، لمخالفته قَوْلِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ ذلك في حال غضب ابن عبَّاس لشدّة إنكاره، وحال الغضب تُطلق الألفاظ، ولا يُراد بها حقائقها، والله أعلم.

وقال ابن التين فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 1/219: لم يرد ابن عباس إخراج نوفٍ عن ولاية الله، ولكن قلوب العلماء تنفر إذا سمعت غيرَ الحق، فَيُطْلِقونَ أَمثالَ هذا الكلام لقصد الزجر والتحذير منه وحقيقته غيرُ مرادة.

ص: 104

فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ خَطِيبًا، فَقِيلَ لَهُ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَنَا، قَالَ: فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: عَبْدٌ لِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَالَ: أَيْ رَبِّ فَكَيْفَ لِي بِهِ، قَالَ: تَأْخُذُ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ (1) ، فَحَيْثُ مَا فَقَدْتَ الْحُوتَ، فَهُوَ ثَمَّ، قَالَ: فَأَخَذَ الْحُوتَ فَجَعَلَهُ فِي الْمِكْتَلِ، فَدَفَعَهُ إِلَى فَتَاهُ، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ، فَرَقَدَ مُوسَى فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ، فَخَرَجَ فَوَقَعَ فِي الْبَحْرِ، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ جَرْيَةَ الْمَاءِ، فَصَارَ (2) مِثْلَ الطَّاقِ (3) ، فَكَانَ الْبَحْرُ لِلْحُوتِ سَرَبًا، وَلِمُوسَى وَلِفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ وَجَدَ مُوسَى النَّصَبَ، فَقَالَ:{آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62] .

قَالَ: وَلَمْ يَجِدِ النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ:{أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63] .

قَالَ: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64] ، فَجَعَلَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ فَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ:

(1) المكتل يسع خمسة عشر صاعاً.

(2)

سقطت من الأصل و "التقاسيم"، واستدركت من مصادر التخريج.

(3)

قال الإمام النووي 15/138: الجِرية: بكسر الجيم، والطاق: عقد البناء، وجمعه طِيقان وأطواق: وهو الأزج، وما عقد أعلاه من البناء وبقي ما تحته خالياً.

ص: 105

مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: يَا مُوسَى، إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لَا تَعْلَمُهُ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ لَا أَعْلَمُهُ.

قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَّبِعَكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عَلِمْتَ رُشْدًا، {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تَحُطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 68] .

قَالَ: فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ، فَمَرَّتْ بِهِ سَفِينَةٌ فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ (1) .

قَالَ: فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إِلَّا وَهُوَ يُنْزِلُ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: مَا صَنَعْتَ قَوْمٌ حَمَلُوكَ بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 71] قَالَ: فَكَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا.

قَالَ: وَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ بِمِنْقَارِهِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى: مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعَلَّمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ.

قَالَ: وَمَرُّوا عَلَى غِلْمَانٍ يَلْعَبُونَ، فَقَالَ الْخَضِرُ لِغُلَامٍ مِنْهُمْ

(1) النول: الأجر، أو الجعل والعطاء.

ص: 106

بِيَدِهِ هَكَذَا، فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى:{أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً (1) بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 74]، قَالَ: فَأَتَيَا {أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77] ، فَقَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ هَكَذَا فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: اسْتَطْعَمْنَاهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُطْعِمُونَا، وَاسْتَضَفْنَاهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُونَا، عَمَدْتَ إِلَى حَائِطِهِمْ فَأَقَمْتَهُ {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ هَذَا فِرَاقٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 77] ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:» وَدِدْنَا أَنْ مُوسَى كَانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمْ «، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: وَأَمَّا الْغُلَامُ كَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ، وَيَقْرَأُ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا» (2) . [3: 4]

(1) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو، وقرأ الباقون:"زكية". انظر "حجّة القراءات" ص 424.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، عبد الجبَّار بن العلاء من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين. وقد تقدم الحديثُ عند المصنف بأخصر مما هنا، وَمِن غير هذا الطريق برقم (102) ، فانظر تخريجه والتعليق عليه هناك.

ص: 107

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ لَمْ يَكُنْ بِمُسْلِمٍ

6221 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ قَالَ،: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ سُمَيَّ الْخَضِرُ خَضِرًا

6222 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. رقبة هو ابن مصقلة، ويقال: مسقلة العبدي. وأبو إسحاق: هو السبيعي، واسمه عمرو بن عبد الله.

وأخرجه أحمد وابنه عبد الله في "زوائد المسند" 5/121، ومسلم (2380) (172) في الفضائل: باب من فضائل الخضر، و (2661) في القدر: باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وأبو داود (4705) في السنَّة: باب في القدر، والبغوي في "معالم التنزيل" 3/174 من طرق عن معتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (4706)، والترمذي (3150) في التفسير: باب ومن سورة الكهف، من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي، به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

ص: 108

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبَّاس بن عبد العظيم، فمن رجال مسلم. وهو في "صحيفة همام" برقم (114) .

وأخرجه أحمد 2/312 و 318، والترمذي (3151) فى التفسير: باب ومن سورة الكهف، والبغوي في "معالم التنزيل" 3/172 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وأخرجه البخاري (3402) عن محمد بن سعيد الأصبهاني، عن ابن المبارك، عن معمر، به.

والفروة: أرضٌ بيضاء ليس فيها نبات، وجاء في رواية أحمد 2/318 زيادة:"الفروة: الحشيش الأبيض وما يشبهه".

وقال عبد الله بن أحمد بإثر هذه الرواية: أظن هذا تفسيراً من عبد الرزاق.

قلت: اختلف أهل العلم هل كان الخضر نبياً أو ولياً، والصحيح الذي تدعمه الأدلة أنه كان نبياً، فقد قال الله تعالى في خبره مع موسى حكاية عنه:{وما فعلته عن أمري} ، قال الحافظ في "الإصابة" 1/429: وهذا ظاهره أنه فعل بأمر الله، والأصل عدم الواسطة ويحتمل أن يكون بواسطة نبي آخر ولم يذكر وهو بعيد، ولا سبيل إلى القول بأنه إلهام، لأن ذلك لا يكون من غير النبي وحياً حتى يعمل به ما عمل من قتل النفس، وتعريض الأنفس للغرق، فإن قلنا: إنّه نبي، فلا إنكار في ذلك، وأيضاً، فكيف يكون غير النبي أعلم من النبي، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث أنّ الله قال لموسى:"بلى عبدنا خضر"، وأيضاً فكيف يكون النبي تابعاً لغير نبي؟

وقد قال الثعالبي: هو نبي في سائر الأقوال. =

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وكان بعض أكابر العلماء يقول: أول عقد يحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبياً، لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي كما قال قائلهم:

مقام النبوة في برزخ

فويق الرسول ودون الولي

وقال أبو حيان الأندلسي في تفسيره " البحر المحيط " 6/147: والجمهور على أنه نبي وكان علمه معرفة بواطن قد أُوحيت إليه، وعلَّم موسى الأحكام والفتيا بالظاهر.

والصواب الذي عليه المحققون من الأئمة أنه كما في "الفتاوى" 27/100-101 ميت، وأنه لم يدرك الإسلام، ولو كان موجوداً في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، لوجب عليه أن يؤمن به، ويجاهد معه، كما أوجب ذلك عليه وعلى غيره، ولكان يكون في مكة والمدينهَ، ولكان يكون حضوره مع الصحابة للجهاد معهم، وإعانتهم على الدين أولى به من حضوره عند قوم كفار، ليرقع لهم سفينتهم، ولم يكن مختفياً عن خير أمَّة أخرجت للناس، وهو قد كان بين المشركين، ولم يحتجب عنهم.

ثم ليس للمسلمين به وأمثاله حاجة لا في دينهم ولا في دنياهم، فإن دينهم أخذوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم النبي الأمي الذي علمهم الكتاب والحكمة، وقال لهم نبيهم:"لو كان موسى حيَّاً ثم اتَّبعتموه وتركتموني لضللتم".

وعيسى ابن مريم عليه السلام إذا نزل من السماء إنما يحكم فيهم بكتاب ربّهم وسنة نبيّهم، فأي حاجة لهم مع هذا إلى الخضر وغيره.

وإذا كان الخضر حيَّاً دائماً، فكيف لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قط، ولا أخبر به أمته، ولا خلفاؤه الراشدون.

وفي "المنار المنيف" ص 67-68: سئل إبراهيم الحربي عن تعمير الخضر وأنه باق، فقال: من أحال على غائب لم ينتصف منه، وما ألقى هذا بين الناس إلاَّ شيطان.

وسئل البخاري عن الخضر وإلياس: هل هما أحياء؟ فقال: كيف يكون =

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هذا؟ وقد قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يبقى على رأس مئة سنة من هو اليوم على ظهر الأرض أحد". قلت: رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر.

وسئل عن ذلك كثير غيرهما من الأئمة فقالوا {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون} ، فالخضر إن كان بشراً فقد دخل في هذا العموم لا محالة، ولا يجوز تخصيصه منه إلاَّ بدليل صحيح، والأصل عدمه حتى يثبت ولم يذكر ما فيه دليل على أن التخصييص عن معصوم يجب قبوله.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقالى: لو كان الخضر حيَّاً لوجب عليه أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، ويجاهد بين يديه، ويتعلم منه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر:"اللهم إن تهلك همذه العصابة لا تعبد في الأرض"(قلت: أخرجه مسلم من حديث ابن عمر) وكانوا ثلاث مئة وثلاثة عشر معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، فأين كان الخضر حينئذٍ؟

وقال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنّه. قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} .

قال ابنُ عباس: ما بعث، الله نبياً إلاَّ أخذ عليه الميثاق: لئن بعث محمد وهو حيّ ليؤمنن به ولينصرنَّه. ذكره البخاري.

قال في "البداية" 1/312. فالخضر إن كان نبيَّاً أو ولياً، فقد دخل في هذا الميثاق، فلو كان حيَّاً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أشرفَ أحواله أن يكون بينَ يديه، يؤمِنُ بما أنزله الله عليه، وبنصره أن يَصِلَ أحد من الأعداء إليه، لأنه إن كان وليَّاً فالصديقُ أفضل منه، وإن كان نبيياً، فموسى أفضل منه. وقد روى الإمام أحمد في "مسنده" 3/387 حدثنا شريح بن النعمان، حدثنا هشيم، أنبأنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده لو أنَّ موسى كان حيّاً ما وسعه إلاَّ أن يتبعني". وهذا الذي يقطع به ويعلم من الدين بالضرورة.

وقد دلت هذه الآية الكريمة أن الأنبياء كلهم، لو فرض أنهم أحياء =

ص: 111

‌ذِكْرُ خَبَرٍ شُنِّعَ بِهِ عَلَى مُنْتَحِلِي سُنَنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَنْ حُرِمَ التَّوْفِيقَ لِإِدْرَاكِ مَعْنَاهُ

6223 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ،

= مكلفون فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لكانوا كلهم أتباعاً له، وتحت أوامره، وفي عموم شرعه، كما أنه -صلوات الله وسلامه عليه- لما اجتمع معهم ليلة الإسراء رُفع فوقهم كلهم، ولمّا هبطوا معه إلى بيت المقدس، وحانت الصلاة أمره جبريل عن أمر الله أن يؤمهم، فصلَّى بهم في محل ولايتهم، ودار إقامتهم، فدلَّ على أنه الإمام الأعظم، والرسول الخاتم المبجَّل المقدَّم، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

فإذا عُلم هذا -وهو معلوم عند كل مؤمن- عُلم أنه لو كان الخضر حيَّاً لكان من جملة أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم، وممن يقتدي بشرعه لا يسعه إلاَّ ذلك.

وهذا عيسى ابن مريم عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان يحكم بهذه الشريعة المطهرة، لا يخرج منها، ولا يحيد عنها، وهو أحد أولي العزم الخمسة المرسلين وخاتم أنبياء بني إسرائيل.

والمعلوم أن الخضر لم يُنْقَل بسند صحيح ولا حسن تسكن النفوس إليه أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم واحد، ولم يشهد معه قتالاً في مشهد من المشاهد، وهذا يوم بدر يقول الصادق المصدوق -فيما دعا به لربه عز وجل، واستنصره واستفتحه على من كفره-:"اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض". وتلك العصابة كان تحتها سادة المسلمين يومئذٍ، وسادة الملائكة حتى جبريل عليه السلام، كما قال حسَّان بن ثابت في قصيدة له، في ييت يقال: إنه أفخر بيت قالته العرب:

وثبيرُ بدرٍ إذْ يَردُّ وجوهَهُم

جبريلُ تحت لوائنا ومحمّدُ

فلو كان الخضر حيَّاً، لكان وقوفه تحت هذه الراية أشرف مقاماته، وأعظم غزواته.

ص: 112

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَلَطَمَهُ مُوسَى فَفَقَأَ عَيْنَهُ، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ: إِنْ شِئْتَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَكَ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ يَدُكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ يَا رَبِّ، قَالَ: فَسَأَلَ اللَّهُ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةَ حَجَرٍ» ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ (1) كُنْتُ ثَمَّتَ لَأَرَيْتُكُمْ مَوْضِعَ قَبْرِهِ إِلَى جَانِبِ الطُّورِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ (2) » .

(1) من هنا إلى قوله: "مثله" في آخر الحديث سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 3/لوحة 297.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن طاووس: اسمه عبد الله، وهو في "مصنف عبد الرزاق"(20530) .

قلت: المشهور عن عبد الرزاق وقفه على أبي هريرة، فقد أخرجه من طريقه أحمد 2/269، والبخاري (1339) في الجنائز: باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة، و (3407) في الأنبياء: باب وفاة موسى، ومسلم (2372) (157) في الفضائل: باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم، والنسائي 4/118-119 في الجنائز: باب نوع آخر في التعزية، وابن أبي عاصم في "السنَّة"(599) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 492 عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة موقوفاً.

وأخرج أحمد 2/533، والطبري في "التاريخ" 1/434 من طرق عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عمار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كان ملك الموت يأتي الناس عياناً، قال: فأتى موسى، فلطمه ففقأ عينيه

". =

ص: 113

قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ (1) . [3: 4]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ:» إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بَعَثَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعَلِّمًا لِخَلْقِهِ فَأَنْزَلَهُ مَوْضِعَ الْإِبَانَةِ عَنْ مُرَادِهِ، فَبَلَّغَ صلى الله عليه وسلم رِسَالَتَهُ، وَبَيَّنَ عَنْ آيَاتِهِ بِأَلْفَاظٍ مُجْمَلَةٍ وَمُفَسَّرَةٍ عَقَلَهَا عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَوْ بَعْضُهُمْ، وَهَذَا الْخَبَرُ مِنَ الْأخْبَارِ الَّتِي يُدْرِكُ مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَحْرُمِ التَّوْفِيقَ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ.

وَذَاكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَرْسَلَ مَلَكَ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى رِسَالَةَ ابْتِلَاءٍ وَاخْتِبَارٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ، أَمْرَ اخْتِبَارٍ وَابْتِلَاءٍ لَا أَمْرًا يُرِيدُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا إِمْضَاءَهْ كَمَا أَمَرَ خَلِيلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ بِذِبْحِ ابْنِهِ أَمْرَ اخْتِبَارٍ وَابْتِلَاءٍ، دُونَ الْأَمْرِ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا إِمْضَاءَهُ، فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى ذَبْحِ ابْنِهِ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ فَدَاهُ بِالذَّبْحِ الْعَظِيمِ، وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْمَلَائِكَةَ إِلَى رُسُلِهِ فِي صُوَرٍ لَا يَعْرِفُونَهَا كَدُخُولِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى رَسُولِهِ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ

= وقوله "على متن ثور": المتن: الظهر، يذكر ويؤنث، وقوله:"والكثيب الأحمر" الكثيب: القطعة المجتمعة من الرمل محدودبة.

(1)

هو في "مصنف عبد الرزاق (20532) ، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 493.. وانظر ما بعده.

ص: 114

حَتَّى أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً، وَكَمَجِيءِ جِبْرِيلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسُؤَالِهِ إِيَّاهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم حَتَّى وَلَّى.

فَكَانَ مَجِيءُ مَلَكِ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَى غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُهُ مُوسَى عليه السلام عَلَيْهَا، وَكَانَ مُوسَى غَيُورًا فَرَأَى فِي دَارِهِ رَجُلًا لَمْ يَعْرِفْهُ، فَشَالَ يَدَهُ فَلَطَمَهُ فَأَتَتْ لَطْمَتُهُ عَلَى فَقْءِ عَيْنِهِ الَّتِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَتَصَوَّرُ بِهَا لَا الصُّورَةِ الَّتِي خَلْقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا، وَلَمَّا كَانَ الْمُصَرَّحُ عَنْ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَيْثُ قَالَ:«أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ» ، فَذَكَرَ الْخَبَرَ.

وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «هَذَا وَقْتُكَ وَوَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ» : كَانَ فِي هَذَا الْخَبَرِ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّ بَعْضَ شَرَائِعِنَا قَدْ تَتَّفِقُ بِبَعْضِ شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأُمَمِ.

وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَرِيعَتِنَا أَنَّ مَنْ فَقَأَ عَيْنَ الدَّاخِلِ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَوِ النَّاظِرِ إِلَى بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ جُنَاحٌ عَلَى فَاعِلِهِ، وَلَا حَرَجٍ عَلَى مُرْتَكِبِهِ، لِلْأَخْبَارِ الْجَمَّةِ الْوَارِدَةِ فِيهِ الَّتِي أَمْلَيْنَاهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا: كَانَ جَائِزًا اتِّفَاقُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ بِشَرِيعَةِ مُوسَى، بِإِسْقَاطِ الْحَرَجِ عَمَّنْ فَقَأَ عَيْنَ الدَّاخِلِ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَكَانَ اسْتِعْمَالُ مُوسَى هَذَا الْفِعْلِ مُبَاحًا لَهُ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ.

فَلَمَّا رَجَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى رَبِّهِ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ مُوسَى فِيهِ، أَمَرَهُ ثَانِيًا بِأَمْرِ آخَرَ أَمْرَ اخْتِبَارٍ وَابْتِلَاءٍ كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ، إِذْ قَالَ اللَّهُ لَهُ: قُلْ لَهُ: إِنْ شِئْتَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَكَ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ يَدُكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، فَلَمَّا عَلِمَ مُوسَى كَلِيمُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَنَّهُ

ص: 115

مَلَكُ الْمَوْتِ وَأَنَّهُ جَاءَهُ بِالرِّسَالَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، طَابَتْ نَفْسُهُ بِالْمَوْتِ، وَلَمْ يَسْتَمْهِلْ، وَقَالَ: فَالْآنَ.

فَلَوْ كَانَتِ الْمَرَّةُ الْأُولَى عَرَفَهُ مُوسَى أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، لَاسْتَعْمَلَ مَا اسْتَعْمَلَ فِي الْمَرَّةِ الْأُخْرَى عِنْدَ تَيَقُّنِهِ وَعِلْمِهِ بِهِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ، وَرُعَاةُ اللَّيْلِ يَجْمَعُونَ مَا لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَيَرْوُونَ مَا لَا يُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ، وَيَقُولُونَ بِمَا يُبْطِلُهُ الْإِسْلَامُ جَهْلًا مِنْهُ لِمَعَانِي الْأَخْبَارِ، وَتَرْكَ التَّفَقُّهِ فِي الْآثَارِ مُعْتَمِدًا مِنْهُ عَلَى رَأْيِهِ الْمَنْكُوسِ وَقِيَاسِهِ الْمَعْكُوسِ (1) .

‌ذِكْرُ لَفْظَةٍ تُوهِمُ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ التَّأْوِيلَ الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ لِهَذَا الْخَبَرِ مَدْخُولٌ

6224 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ، فَلَطَمَ مُوسَى عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي، فَرَدَّ اللَّهُ

(1) نقل الأستاذ العلاَّمة أحمد شاكر كلام المصنف هذا بطوله في تعليقه على "المسند" 14/66، وأورده مختصراً الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 1/296، ونقل الحافظ في "الفتح" 6/442 نحواً منه عن ابن خزيمة شيخ المؤلف. وانظر "الأسماء والصفات" ص 493، و "شرح السنَّة" 5/266.

ص: 116

عَلَيْهِ عَيْنَهُ، فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: الْحَيَاةَ تُرِيدُ، فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ وَارَتْ يَدُكَ سَنَةً، قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: الْمَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ، ثُمَّ قَالَ: رَبِّ، أَدْنِنِي مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ (1) » .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هَذِهِ اللَّفْظَةُ» أَجِبْ رَبَّكَ «قَدْ تُوهِمُ مَنْ لَمْ يَتَبَحَّرْ فِي الْعِلْمِ أَنَّ التَّأْوِيلَ الَّذِي قُلْنَاهُ لِلْخَبَرِ مَدْخُولٌ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِ مَلَكِ الْمَوْتِ لِمُوسَى» أَجِبْ رَبَّكَ «بَيَانٌ أَنَّهُ عَرَفَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مُوسَى عليه السلام لَمَّا شَالَ يَدَهُ وَلَطَمَهُ قَالَ لَهُ:» أَجِبْ رَبَّكَ «تَوَهَّمَ مُوسَى أَنَّهُ يَتَعَوَّذُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ دُونَ أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ إِلَيْهِ، فَكَانَ قَوْلُهُ:» أَجِبْ رَبَّكَ «الْكَشْفَ عَنْ قَصْدِ الْبِدَايَةِ فِي نَفْسِ الِابْتِلَاءِ، وَالِاخْتِبَارِ الَّذِي أُرِيدَ مِنْهُ.

‌ذِكْرُ تَخْفِيفِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا قِرَاءَةَ الزَّبُورِ عَلَى دَاوُدَ نَبِيِّ اللَّهِ عليه السلام

6225 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،

(1) حديث صحيح. ابن أبي السري وهو محمد بن المتوكل قد توبع، ومن فوقه على شوطهما. وهو في "صحيفة همام"(60) ، وفي " مصنف عبد الرزاق "(20531) .

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/315، والبخاري بإثر الحديث (3407) في الأنبياء: باب وفاة موسى، ومسلم (2372) (158) في الفضائل: باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 493، والبغوي (1451) .

ص: 117

أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ الْقِرَاءَةُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ أَنْ تُسْرَجَ، فَيَفْرَغُ مِنْ قِرَاءَةِ الزَّبُورِ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَابَّتُهُ» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ نَفْيِ الْفِرَارِ عِنْدَ الْمُلَاقَاةِ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام

6226 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَكَ الْعَيْنُ، وَنَقَهَتْ لَكَ النَّفْسُ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ

(1) حديث صحيح. ابن أبي السري متابع، ومن فوقه على شرط الشيخين، والحديث في "صحيفة همام" برقم (48) .

وأخرجه أحمد 2/314، والبخاري (3417) في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وآتينا داود زبوراً} ، و (4713) في تفسير سورة الإسراء: باب {وآتينا داود زبوراً} ، والبغوي (2027) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" ص 115، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 272 عن أحمد بن حفص النيسابوري، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ص: 118

مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ، إِنَّ دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْهُ كَانَ يَتَقَوَّتُ دَاوُدُ عليه السلام

6227 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ دَاوُدُ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمِلِ يَدِهِ» (2) . [3: 4]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. القواريري: هو عُبيد الله بن عمر، وأبو العبَّاس: هو السائب بن فروخ، وقد تقدَّم تخريجه برقم (3571) .

(2)

حديث صحيح. ابن أبي السري متابع، ومن فوقه على شرط الشيخين. وهو في "صحيفة همام" برقم (48) .

وأخرجه البخاري (2073) في البيوع: باب كسب الرجل وعمله بيده، من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في " الصغير "(17) ، وفي "الأوسط"(1205) عن أحمد بن مطير الرملي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا الوليدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ معمر، به.

وقال الطبراني: لم يروه عن الأوزاعي إلاَّ الوليد، تفرَّد به ابن أبي السري!

وانظر تخريج الحديث المتقدم برقم (6225) .

قال الحافظ في "الفتح" 4/306: الحكمة في تخصيص داود بالذكر أن اقتصاره في أكله على ما يعمله بيده لم يكن من الحاجة، لأنه كان خليفة في الأرض كما قال الله تعالى، وإنما ابتغى الأكل من طريق الأفضل، ولهذا =

ص: 119

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَدَاوُدَ أَلْفُ سَنَةٍ

6228 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ فَقَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ:«الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» ، قُلْتُ: فَكَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ حَيْثُ مَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ، فَصَلِّ، فَهُوَ لَكَ مَسْجِدٌ» (1) 0 [4: 39]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَيُّوبَ عِنْدَ اغْتِسَالِهِ أُمْطِرَ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ

6229 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ،

= أورد النبي صلى الله عليه وسلم قصته في مقام الاحتجاج بها على ما قدَّمه من أن خير الكسب عمل اليد، وهذا بعد تقرير أن شرع من قبلنا شرع لنا، ولا سيما إذا ورد في شرعنا مدحه وتحسينه مع عمومِ قوله تعالى:{فبهداهم اقتده} . وفي الحديث: أن التكسب لا يقدح في التوكل، وأن ذكر الشيء بدليله أوقع في نفس سامعه.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي، وإبراهيم التيمي: هو ابن يزيد بن شريك. وقد تقدم تخريجه برقم (1598) .

ص: 120

(1) في الأصل و "التقاسيم": "كما"، والمثبت من مصادر التخريج.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. عبَّاس بن عبد العظيم من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين. وهو في "صحيفة همام" برقم (47) .

وأخرجه أحمد 2/314، والبخاري (279) في الغسل: باب من اغتسل عرياناً وحده، و (3391) في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وأيّوب إذ نادى ربه أني مسَّنِيَ الضر وأنت أرحم الراحمين} ، و (7493) في التوحيد: باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 206، والبغوي (2027) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/243 من طريق الأعرج، والنسائي 1/200، 201 في الغسل: باب الاستتارعند الاغتسال، من طريق عطاء بن يسار، كلاهما عن أبي هريرة، به، وانظر ما بعده.

قال الحافظ في "الفتح" 6/421: في الحديث جواز الحرص على الاستكثار من الحلال في حقّ من وثق نفسه بالشكر عليه، وفيه تسمية المال الذي يكون من هذه الجهة بركة، وفيه فضل الغني الشاكر.

قلت: وفي "تهذيب الكمال" 11/168: قال سفيان: لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إليَّ من أن أحتاج إلى الناس.

وقال: كان المال فيما مضى يكره، فأما اليوم فهو ترس المؤمن.

وقال: لولا الدنانير لتمندل بنا هؤلاء الملوك.

وقال: من كان في يده من هذه الدنانير شيء فليصلحه، فإنه زمان إن احتاج كان أوّل ما يبذله دينه.

ص: 121

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِخَبَرِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6230 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«أُمْطِرَ عَلَى أَيُّوبَ فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَأْخُذُهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ فَضْلِكَ» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ وَصْفِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ حَيْثُ أُرِيَ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ

6231 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «رَأَيْتُنِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قَدْ رَجَّلَهَا فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً، مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث.

وأخرجه أحمد 2/511 عن عبد الصمد، بهذا الإسناد. =

ص: 122

قَطَطٍ أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيَمِينِ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ تَشْبِيهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ بِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ

6232 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ،

= وأخرجه الطيالسي (2455) ، وعنه أحمد 2/304 و 490 عن همام بن يحيى، به.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/920 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب ما جاء في صفة عيسى ابن مريم عليه السلام.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري (5902) في اللباس: باب الجعد، و (6999) في التعبير: باب رؤيا الليل، ومسلم (169) في الإيمان: باب ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال، وابن منده في " الإيمان "(730) ، والبغوي (4266) .

وأخرجه أحمد 2/126-127، والبخاري (3440) في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية} ، ومسلم (169)(274) ، وابن منده (731) و (732) من طريقين عن نافع، به.

وأخرجه أحمد 2/83 و 122 و 144 و 154، والبخاري (3441) في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية} ، و (7026) في التعبير: باب الطواف بالكعبة في المنام، و (7128) في الفتن: باب ذكر الدجال، ومسلم (169)(275) ، والطيالسي (1811) ، وابن منده (733) و (734) و (735) و (736) و (737) من طريقين عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، بنحوه، وفيه: عن المسيح الدجال: "أقرب الناس شبهاً به ابن قطن، رجل من خزاعة".

ص: 123

عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«عُرِضَ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ، فَإِذَا مُوسَى عليه السلام ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليه السلام، فَإِذَا أَقْرَبُ النَّاسِ وَأَشَدُّهُ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ فَرَأَيْتُ أَقْرَبَ النَّاسِ شَبَهًا صَاحِبَكُمْ، يَعْنِي نَفْسَهُ، وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ فَإِذَا أَقْرَبُ النَّاسِ وَأَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا دِحْيَةُ» (1) . [3: 4]

6233 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ زَيْدًا، حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ الْحَارِثَ الْأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ يَعْمَلُ بِهِنَّ، وَيَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلِ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، وَإِنَّ عِيسَى قَالَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ تَعْمَلُ بِهِنَّ وَتَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح، يزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد، ثقة روى له أصحاب السُّنن، ومن فوقه من رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/334، ومسلم (167) في الِإيمان: باب الِإسراء بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، والترمذي (3649) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "الشمائل"(12) ، وابن منده في "الِإيمان"(729) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الِإسناد.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

ص: 124

فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلَأَتْ وَجَلَسُوا عَلَى الشَّرُفَاتِ فَوَعَظَهُمْ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَعْمَلُ بِهِنَّ وَآمُرُكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرَقٍ، وَقَالَ لَهُ: هَذِهِ دَارِي، وَهَذَا عَمَلِي فَجَعَلَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ هَكَذَا، وَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَاعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَآمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَمْ يَلْتَفِتِ اسْتَقْبَلَهُ جَلَّ وَعَلَا بِوَجْهِهِ، وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، وَعِنْدَهُ عِصَابَةٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَجِدُوا رِيحَهَا، فَإِنَّ الصِّيَامَ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُو فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِي فَجَعَلَ يُعْطِيهِمُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ لِيَفُكَّ نَفْسَهُ مِنْهُمْ، وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، فَأَتَى عَلَى حُصَيْنٍ، فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ» ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهَا: بِالْجَمَاعَةِ، وَالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،

ص: 125

فَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبَقَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يُرَاجِعَ، وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ» ، قَالَ رَجُلٌ: وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى، فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ» (1) .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «الْأَمْرُ بِالْجَمَاعَةِ بِلَفْظِ الْعُمُومِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْخَاصُّ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ إِجْمَاعُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ

(1) إسناده صحيح رجاله ثقات. أبو سلام الحبشي: اسمه ممطور.

وأخرجه أبو يعلى (1571) ، والحاكم 1/118، والآجري في "الشريعة" ص 8 من طريق هدبة بن خالد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (1161) و (1162)، والترمذي (2863) و (2864) في الأمثال: باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة، وابن خزيمة (1895) ، والطبراني (3428) من طريق أبان بن يزيد، به.

وأخرجه أحمد 4/130 و 202، والطبراني (3427) ، والحاكم 1/117-118 و 118، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/383 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به.

وأخرجه ابن خزيمة (930) ، والطبراني (3430) ، والمزي في "تهذيب الكمال" 5/217-219 من طريقين عن أبي توبة الربيع بن نافع، حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، به.

وقوله: "ربق الِإسلام" وعند غير المصنف "ربقة الإسلام" قال ابن الأثير: الربقة في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، فاستعارها للإِسلام، يعني ما يشد به المسلم نفسه من عرى الِإسلام، أي حدوده وأحكامه، وأوامره ونواهيه، وتجمع الربقة على ربق، مثل كِسْرَة وَكِسَر، ويقال للحبل الذي تكون فيه الربقة: رِبْق، وتجمع على أرباق وَرِباق.

ص: 126

لَزِمَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَشَذَّ عَنْ مَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ يَكُنْ بِشَاقٍّ لِلْجَمَاعَةِ، وَلَا مُفَارِقٍ لَهَا، وَمَنْ شَذَّ عَنْهُمْ وَتَبِعَ مَنْ بَعْدَهُمْ كَانَ شَاقًّا لِلْجَمَاعَةِ، وَالْجَمَاعَةُ بَعْدَ الصَّحَابَةِ هُمْ أَقْوَامٌ اجْتَمَعَ فِيهِمُ الدِّينُ وَالْعَقْلُ وَالْعِلْمُ، وَلَزِمُوا تَرْكَ الْهَوَى فِيمَا هُمْ فِيهِ، وَإِنْ قَلَّتْ أَعْدَادُهُمْ، لَا أَوْبَاشُ النَّاسِ وَرِعَاعُهُمْ، وَإِنْ كَثُرُوا (1) .

وَالْحَارِثُ الْأَشْعَرِيُّ هَذَا: هُوَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، اسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ مَالِكٍ (2)، مِنْ سَاكِنِي الشَّامِ. [1: 56]

(1) وقال الطيبي: المراد بالجماعة الصحابة ومَنْ بعدهم من التابعين وتابعي التابعين من السلف الصالحين، أي: آمركم بالتمسك بهديهم وسيرتهم والانخراط في زمرتهم.

وقوله: "من جثا جهنم" أي: من جماعاتها، والجثا مقصوراً: جمع جُثْوة بالضم وهو الشيء المجموع، وروي من "جُثِيِّ جهنمِ" بضمِ الجيم وتشديد الياء جمع جاثٍ من جثا على ركبتيه يجثو، ويجثي جُثياً وجِثياً، بضم الجيم وكسرها، والأصل ضمها، وجاء كسرها إتباعاً لكسرة الثاء.

(2)

كذا نسبه المؤلف هنا وفي "ثقاته" 3/75-76، وكناه بأبي مالك.

وأخرج الطيالسي والطبري هذا الحديث في ترجمة الحارث أبي مالك الأشعري، لكن المزي أخرجه من طريق الطبراني فجعله في ترجمة الحارث بن الحارث الأشعري، وكذلك أخرجه الإِمام أحمد وأبو يعلى وابن الأثير في "أسد الغابة" وابن حجر في "الِإصابة" و "تهذيب التهذيب" من حديث الحارث بن الحارث الأشعري.

وقال ابن الأثير 1/383: ذكر بعض العلماء أن الحارث بن الحارث الأشعري هذا، ليس هو أبا مالك، وأكثر ما يرد هذا غيرُ مكنى، وقال: قاله كثير من العلماء، منهم: أبو حاتم الرازي، وابن معين وغيرهما، وأما أبو مالك الأشعري، فهو كعب بن عاصم على اختلاف فيه. وقال: روى أحمد بن حنبل في مسند الشاميين: الحارث =

ص: 127

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَوْلَادَ آدَمَ يَمَسُّهُمُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ وِلَادَتِهِمْ إِلَّا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمَا

6234 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا يُونُسَ، مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«كُلُّ بَنِي آدَمَ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا عِيسَى عليهما السلام» (1) . [3: 4]

= الأشعري، وروى له هذا الحديث الواحد ولم يكنه، وذكر كعب بن عاصم، وأورد له أحاديث لم يذكرها الحارث الأشعري، وقد ذكره ابن منده، وأبو نعيم، وأبو عمر في كعب بن عاصم.

وقال الحافظ ابن حجر: ومما أوقع في الجمع بينهما أن مسلماً وغيره أخرجوا لأبي مالك الأشعري حديث "الطهور شطر الِإيمان" من رواية أبي سلام عنه بإسناد حديث "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات" سواء، وقد أخرج أبو القاسم الطبراني هذا الحديث بعينه بهذا الِإسناد في ترجمة الحارث بن الحارث الأشعري في الأسماء، فإما أن يكون الحارث بن الحارث يُكنى أيضاً أبا مالك، وإما أن يكون واحداً والأول أظهر، فإن أبا مالك متقدمُ الوفاة.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو يونس: اسمه سليم بن جبير.

وأخرجه مسلم (2366)(147) في الفضائل: باب فضل عيسى صلى الله عليه وسلم، والطبري في "جامع البيان"(6889) من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطبري (6890) عن يونس، عن ابن وهب، عن حرملة بن عمران، عن أبي يونس به. =

ص: 128

‌ذِكْرُ عَلَامَةِ مَسِّ الشَّيْطَانِ الْمَوْلُودَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ

6235 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا إِلَّا مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ وَابْنَهَا، إِنْ شِئْتُمُ اقْرَءُوا: {إِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] » (1) . [3: 4]

= وأخرجه الحميدي (1042)، والبخاري (3286) في بدء الخلق: باب صفة إبليس وجنوده، والطبري (6884) و (6885) و (6888) و (6892) و (6897) و (6899) ، وأبو يعلى (5971) ، والبغوي في "معالم التنزيل" 1/295 من طرق عن أبي هريرة بنحوه. وانظر ما بعده.

(1)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير مسدد بن مسرهد، فمن رجال البخاري.

وأخرجه أحمد 2/233 و 274-275، والبخاري (4548) في تفسير سورة آل عمران: باب قوله تعالى: {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} ، ومسلم (2366) في الفضائل: باب فضل عيسى صلى الله عليه وسلم، والطبري في "جامع البيان"(6891) من طريقين عن معمر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (3431) في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً} ، ومسلم (2366) ، والطبري (6887) ، والبغوي في "معالم التنزيل" 1/295 من طريقين عن الزهري به.

ص: 129

‌ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ فِيهَا أُمَّةُ عِيسَى عَلَى هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم

6236 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْهَيْثَمِ (1) بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ نَصْرِ بْنِ (2) عَلْقَمَةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ قَبَضَ اللَّهُ دَاوُدَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ، فَمَا فُتِنُوا وَلَا بَدَّلُوا، وَلَقَدْ مَكَثَ أَصْحَابُ الْمَسِيحِ عَلَى سُنَّتِهِ وَهَدْيِهِ مِائَتَيْ سَنَةٍ» (3) . [3: 4]

‌ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْمُفَاخَرَةِ

6237 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ،

(1) تحرف في الأصل إلى: "القاسم"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 303.

(2)

تحرفت في الأصل إلى: "عن"، والتصويب من "التقاسيم".

(3)

إسناده ضعيف، الوضين بن عطاء سَيِّىءُ الحفظ، وباقي رجاله ثقات.

أبو همام: هو الوليد بن شجاع السكوني.

وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 2/17 بعد أن أورد الحديث من طريق أبي يعلى بهذا الِإسناد: هذا حديث غريب وفي رفعه نظر، والوضين بن عطاء كان ضعيفاً في الحديث والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 226: سألت أبي عن حديث يرويه نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ قَبَضَ اللَّهُ داود

" قال أبي: نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ مرسل، ونصر بن علقمة لم يدرك جبير بن نفير.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 1/191-192، وقال: رواه الطبراني ورجاله موثقون!

ص: 130

عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» (1) . [2: 24]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عمرو بن يحيى: هو المازني.

وأخرجه، وبأطول منه أحمد 1/3 و 33، وابن أبي شيبة 11/509، والبخاري (4638) في التفسير: باب {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه} ، و (6916) و (6917) في الديات: باب إذا لطم المسلم يهودياً عند الغضب، ومسلم (2374) (163) في الفضائل: باب من فضائل موسى عليه السلام، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/315 وفي "شرح مشكل الآثار" 1/452 وأبو يعلى (1368) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 395 من طرق عن سفيان، بهذا الِإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/526، والبخاري (2412) في الخصومات: باب ما يذكر في الِإشخاص والخصومة بين المسلمين واليهود، وأبو داود (4668) في السنة: باب في التخيير بين الأنبياء عليهم السلام، والطبراني في "الأوسط"(262) من طرق عن عمرو بن يحيى به.

قال الحافظ في "الفتح" 6/446: قال العلماء في نهيه صلى الله عليه وسلم عن التفضيل بين الأنبياء: إنما نهى عن ذلك من يقوله برأيه لا من يقوله بدليل، أو من يقول بحيث يؤدي إلى تنقيص المفضول، أو يؤدي إلى الخصومة والتنازع، أو المراد: لا تفضلوا جميع أنواع الفضائل بحيث لا يترك للمفضول فضيلة، فالِإمام مثلاً إذا قلنا: إنه أفضل من المؤذن لا يستلزم نقص فضيلة المؤذن بالنسبة إلى الأذان، وقيل: النهي عن التفضيل إنما هو في حق النبوة نفسها، كقوله تعالى:{لا نفرق بين أحد من رسله} ، ولم ينه عن تفضيل بعض الذوات على بعض، لقوله:{تلك الرسلُ فضلنا بعضهم على بعض} .

وقال الحليمي: الأخبار الواردة في النهي عن التخيير إنما هي في مجادلة أهل الكتاب، وتفضيل بعض الأنبياء على بعض بالمخايرة، لأن المخايرة إذا وقعت بين أهل دينين لا يؤمن أن يخرج أحدهما إلى الازدراء =

ص: 131

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ هَذَا الزَّجْرَ زَجْرُ نَدْبٍ لَا حَتْمٍ

6238 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» (2) . [2: 24]

= بالآخر، فيُفضي إلى الكفر، فأما إذا كان التخيير مستنداً إلى مقابلة الفضائل لتحصيل الرجحان، فلا يدخل في النهي.

(1)

تحرف في الأصل و "التقاسيم" 2/لوحة 116 إلى "سعيد".

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو الطيالسي هشام بن عبد الملك. وأخرجه البخاري (3416) في الأنبياء: باب {وإن يونس لمن المرسلين} عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الِإسناد.

وأخرجه أحمد 2/405، وابن أبي شيبة 11/540، والطيالسي (2531)، والبخاري (4631) في تفسير سورة الأنعام: باب قوله: {ويونس ولوطاً وكلاًّ فضَّلنا على العالمين} ، ومسلم (2376) في الفضائل: باب في ذكر يونس عليه السلام، وأبو داود (4669) في السنَّة: باب: التخيير بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وابن منده في "الإيمان"(720) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/316، وفي:"شرح مشكل الآثار" 1/446-447، من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد 2/359 من طريق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، به.

وأخرج البخاري (4604) في تفسير سورة النساء: باب قوله: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح} ، و (4805) في تفسير سورة يونس: باب قوله: {وإن يونس لمن المرسلين} من طريقين عن فليح بن سليمان، حدثنا هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال: أنا خير من يونس بن متى، فقد كذب". =

ص: 132

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ

6239 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» (1) . [2: 24]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْنَا خَبَرَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إِنَّمَا زُجِرَ عَنْهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّفَاخُرِ لَا عَلَى التَّدَايُنِ

6240 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا خَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا، وَيَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا بِقَوْلِكُمْ وَلَا يَسْتَفِزَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» (2) . [2: 24]

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم من رجال البخاري، ومن فوقه على شرطهما. وقد تقدم الحديث مطولاً برقم (413) و (414) .

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/153، 241 و 249، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(248) و (249) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الِإسناد. =

ص: 133

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «أَضْمَرَ فِيهِ، لِأَنَّ الْقَائِلَ قَالَ: وَيَا ابْنَ سَيِّدِنَا، فَتَفَاخَرَ بِالْآبَاءِ الْكُفَّارِ» .

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِخَبَرِ أَنَسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6241 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى السِّخْتِيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ، ابْنَ عَمِّ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» نَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ (1)(2) . [2: 24]

= وأخرج ابن أبي شيبة 11/518، وأحمد 3/178 و 184، ومسلم (2369) في الفضائل: باب من فضائل إبراهيم عليه السلام، وأبو داود (4672) في السنَّة: باب في التخيير بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والترمذي (3349) في التفسير: باب ومن سورة لم يكن، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/316 من طريق المختار بن فلفل عن أنس قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يا خير البرية، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ذاك إبراهيم عليه السلام"، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقوله "ولا يستفزَّنَّكم" أي: لا يستخفنَّكم ولا يستجهلنَّكم.

(1)

تحرف في الأصل "والتقاسيم": إلى: " أمه " والتصويب من هامش

" التقاسيم "، وموارد الحديث.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عفان: هو ابن مسلم بن عبد الله الباهلي، وأبو العالية: هو رُفيع بنُ مِهران الرياحي.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 11/541 عن عفان، بهذا الإسناد. =

ص: 134

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرَّحِ بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِنَّمَا زُجِرَ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ التَّفَاخُرِ كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ

6242 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَدَّادُ أَبُو عَمَّارٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ» (1) . [2: 24]

= وأخرجه أحمد 1/242 و 342، والطيالسي (2650)، والبخاري (3413) في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وإن يونس لمن المرسلين} ، ومسلم (2377) في الفضائل: باب في ذكر يونس عليه السلام، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/446، والطبراني في "الكبير"(12753) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد 1/254 و 292 عن عفان، حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، فذكره، وفيه زيادة. وعلي بن زيد: هو ابن جدعان، ضعيف.

(1)

إسناده صحيح على شرط الصحيح. عبد الرحمن بن إبراهيم من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين غير شدَّاد، وهو ابن عبد الله، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (2276) في الفضائل: باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم =

ص: 135

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ مَا صُدِّقَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَدٌ مَا صُدِّقَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6243 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ مَا صُدِّقْتُ، إِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ (1) » . [3: 5]

= والترمذي (3606) في المناقب: باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب.

وأخرجه أحمد 4/107، والترمذي (3605) ، والطبراني في "الكبير" 22/161 من طرق عن الأوزاعي، به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وانظر الحديث الآتي برقم: (6333) و (6475) .

(1)

إسناده صحيح على شرط الصحيح. علي ابن المديني من رجال البخاري، حسين بن علي: هو ابن الوليد الجعفي، وزائدة: هو ابن قدامة، والمختار بنُ فُلفُل، روى له مسلم، ووثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والعجلي والنسائي والمصنف وغيرهم؛ وقول المصنف عنه في "الثقات" 5/429:"يخطىء كثيراً" لم يُتابعه عليه أحد، وكيف يصفه بكثرة الخطأ ثم يخرّج حديثه في "صحيحه"؟!

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/436، ومسلم (196) (332) في الإيمان: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أوّل الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً"، وأبو عوانة 1/109، وابن منده في "الإيمان"(887) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 255 من طرق عن حسين بن علي، بهذا الإسناد. وزاد بعضهم في أوّل الحديث:"أنا أوّل شفيع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة".

ص: 136

‌ذِكْرُ الْمَوْضِعِ الَّذِي سُرَّ فِيهِ جُمْلَةٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِالْحِجَازِ

6244 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ (1) حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: عَدَلَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا نَازِلٌ تَحْتَ سَرْحَةٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَقَالَ: مَا أَنْزَلَكَ تَحْتَ هَذِهِ السَّرْحَةِ؟ فَقُلْتُ: أَرَدْتُ ظِلَّهَا، فَقَالَ: هَلْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: لَا، مَا أَنْزَلَنِي غَيْرُ ذَلِكَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كُنْتَ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ مِنْ مِنًى، وَنَفَخَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، فَإِنَّ هُنَاكَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ السُّرَرُ بِهِ شَجَرَةٌ (2) سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا» (3) . [3: 5]

(1) تحرفت في الأصل إلى "عن".

(2)

سقطت من الأصل و "التقاسم"، واستدركت من "الموطأ".

(3)

إسناده ضعيف. محمد بن عمران الأنصاري لم يوثقه غير المؤلف 7/385

وقال: هو محمد بن عمران بن عبد الله الأنصاري، وذكره البخاري 1/202، وابن أبي حاتم 8/40 ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلاً، وأبوه عمران لا يُعرف، وقال أبو عُمر ابن عبد البر في " التمهيد " 13/64: لا أعرف محمد بن عمران هذا إلاَّ بهذا الحديث، وإن لم يكن أبوه عمران بن حبّان الأنصاري، أو عمران بن سوادة، فلا أدري من هو، وحديثه هذا مدني، وحسبك بذكر مالك له في كتابه.

والحديث في "الموطأ" 1/424 في الحج: باب جامع الحج.

ومن طريق مالك أخرجه النسائي 5/248-249 في الحج: باب =

ص: 137

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ما ذكر في منى، والبيهقي 5/139، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عمران الأنصاري.

وأخرج أبو يعلى (5723) عن الحسن بن حماد الكوفي، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن ذكوان، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد سُرَّ في ظل سرحة سبعون نبيَّاً لا تُسْرَفُ، ولا تُجْرَدُ، ولا تُعْبَلُ".

وذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" 4/257، وقال: يروى هذا عن الأعمش، عن أبي الزناد، عن عمر أنّه قال لرجل: إذا أتيت منى، وانتهيت إلى موضع كذا وكذا، فإن هناك سرحة لم تجرد ولم تُعْبَل ولم تُسرف، سُرَّ تحتها سبعون نبيَاً، فانزل تحتها.

قلت: قال ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 111: سمعت أبي يقول: أبو الزناد لم يَرَ ابن عمر، بينهما عبيد بن حُنين، وقال مرة: لم يدرك ابن عمر.

وقوله: سرحة: هي الواحدة من السَّرح، وهي الشجر الطوال العظام، وقوله: سُرَّ تحتها سبعون نبيَّاً، قال ابن عبد البر في "التمهيد" 13/66: فيه قولان:

أحدهما أنهم بشروا تحتها بما سَرَّهُمْ واحداً بعد واحد أو مجتمعين، أو نُبِّئُوا تحتها، فسُرُّوا، مِن السرور.

والقول الأخر: أنها قُطِعَتْ تحتها سررهم، يعني وُلدوا تحتها، يقال: قد سر الطفل: إذا قُطعت سرته.

قلت: والقول الثاني هو الذي انتهي إليه أبو عبيد في "غريب الحديث".

وقوله في حديث أبي يعلى: تسرف: أي: لا يُصيبها السُّرفُة، وهي دُويبة صغيرة تثقب الشجر، وتبني فيه بيتاً، وقوله: تجرد: أي: لا يُصيبها الجراد، وقوله: لا تُعْبَلُ: أي: لا يسقط ورقها.

وانظر " غريب الحديث " 4/257-258، و " الفائق " 2/175.

ص: 138

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا مِنَ الْأُمَمِ

6245 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أُحَدِّثُكُمْ بِهِ» ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيُّ، فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» ، فَرَجَعَ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي صَنَعْتَ؟ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ وَأَعْمَالٍ قَبِيحَةٍ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَدَعَ حَتَّى أَعْرِفَ مَنْ كَانَ أَبِي مِنَ النَّاسِ، قَالَ: وَكَانَ فِيهِ دُعَابَةٌ (1) . [3: 6]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ هُمُ الَّذِينَ ضَلُّوا وَغَضِبَ عَلَيْهِمْ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُمَا

6246 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ حُبَيْشٍ، يُحَدِّثُ

(1) إسناده حسن. محمد بن عمرو -وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ- حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 2/503 حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وانظر حديث أبي هريرة المتقدم برقم (18) و (19) و (20) ، وحديث أنس المتقدم برقم (106) .

ص: 139

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ: الْيَهُودُ، وَالضَّالُّونَ: النَّصَارَى» (1) . [3: 66]

‌ذِكْرُ افْتِرَاقِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِرَقًا مُخْتَلِفَةً

6247 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ النَّقَّالُ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» (2) . [3: 6]

(1) حديث حسن لغيره، عباد بنُ حُبيش وإن لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف، ولم يَروِ عنه غير سماك بن حرب، قد تابعه الشعبي، ومُرَي بن قطري عند الطبري (193) و (209) . وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير سماك، فمن رجال مسلم.

وهو في "مسند" أحمد 4/378-379، ومن طريقه أخرجه المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عباد.

وأخرجه الترمذي (2954) في التفسير: باب ومن سورة الفاتحة، والطبري (194) عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وسيرد عند المصنف بأطول مما هنا برقم (7206) .

(2)

حديث حسن. الحارث بن سريج النقال سيأتي الكلام عليه في الحديث رقم (7140) وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير محمد بن عمرو، وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ، فقد روى له البخاري مقروناً ومسلم متابعة، وهو صدوق.

والحديث في " مسند أبي يعلى " برقم (5910) .

وأخرجه أحمد 2/332، وأبو داود (4596) في السنَّة: باب شرح =

ص: 140

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ سَفَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ دِمَاءَهُمْ وَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ

6248 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ (1) مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ هُوَ الظُّلُمَاتُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ وَالْمُتَفَحِّشَ، وَإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ قَدْ دَعَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ» (2) . [3: 6]

= السنَّة، وابن ماجه (3991) في الفتن: باب افتراق الأمم، وأبو يعلى (5978) و (6117) من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.

وانظر الحديث الآتي برقم (6731) .

(1)

تحرفت في الأصل إلى: "عن"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 308.

(2)

إسناده حسن، رجاله رجال الشيخين غير محمد بن عجلان، فقد روى له مسلم متابعة، وهو صدوق. سفيان: هو ابن عيينة، وسعيد: هو ابن أبي سعيد المقبري.

وأخرجه الحاكم 1/12 من طريقين عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(487) عن مسدد، حدثنا يحيى، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وأخرجه البيهقي في "الآداب"(108) من طريق الربيع بن سليمان عن عبد الله بن وهب، عن سليمان بن بلال، عن ثور، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. =

ص: 141

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ

6249 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، بِبَيْرُوتَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا مَاتَ نَبِيٌّ قَامَ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ» ، قَالُوا: فَمَا يَكُونُ بَعْدَكَ؟ قَالَ: «أُمَرَاءُ وَيَكْثُرُونَ» ، قَالُوا: مَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَدُّوا إِلَيْهِمُ الَّذِي لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَنِ الَّذِي لَكُمْ» (1) . [3: 6]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا يُسَمَّوْنَ فِي زَمَانِهِمْ بِأَسْمَاءِ الصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ

6250 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا نُوحُ (2) بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ،

= وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(470) من طريق أبي رافع، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/431 عن يحيى بن سعيد، عن عُبيد الله، عن سعيد، ثم أخرجه عن يحيى بن سعيد، عن عُبيد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة.

(1)

إسناده صحيح، وقد تقدم تخريجه برقم (4555) .

(2)

تحرف في الأصل إلى " روح "، والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 314.

ص: 142

عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى نَجْرَانَ، فَقَالَ لِي أَهْلُ نَجْرَانَ: أَلَسْتُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سُوءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيَّا} [مريم: 28] ، وَقَدْ عَرَفْتُمْ مَا بَيْنَ مُوسَى، وَعِيسَى؟ فَلَمْ أَدْرِ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لِي:«أَفَلَا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ؟» (1) . [3: 6]

(1) إسناده حسن. نوح بن حبيب: ثقة روى له أبو داود والنسائي، وعبد الله بن إدريس: هو الأودي، وهو وأبوه ثقتان من رجال الشيخين، وسماك بن حرب وعلقمة بن وائل من رجال مسلم، وهما صدوقان.

وأخرجه أحمد 4/252، ومسلم (2135) في الآداب: باب النهي عن التكنِّي بأبي القاسم، والترمذي (3155) في التفسير: باب ومن سورة مريم، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/487، وابن جرير الطبري في " جامع البيان " 16/77-78، والطبراني في "المعجم الكبير" 20/ (986) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/392، والبغوي في "معالم التنزيل" 3/194 من طرق عن عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلاَّ من حديث عبد الله بن إدريس.

وأخرجه الطبري 16/78: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بشر، قال: حدثنا عمر، عن سماك، به.

قلت: دل هذا الحديث على أن " هارون " المذكور في قوله تعالى: {يا أخت هارون} هو أخو مريم وكان مشهوراً بالدين والصلاح والخير، وأن اسمه وافق اسم هارون أخي موسى فقد كان هذا الاسم يكثر في بني إسرائيل تبركاً باسم هارون أخي موسى.

ويذكر عن ابن السدي وغيره أنه قيل: {يا أخت هارون} أخي موسى =

ص: 143

‌ذِكْرُ مَا أُمِرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِاسْتَعْمَالِهِ عِنْدَ دُخُولِهِمُ الْأَبْوَابَ

6251 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا الْبَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا (1) : حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ» (2) . [3: 6]

= لأنها كانت من نسله، كما يقال للتميمي: يا أخا تميم، وللمضري: يا أخا مضر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"إن أخا صُداء قد أذَّنَ، ومن أذَّن فهو يقيم" وأخو صداء: هو زياد بن الحارث الصدائي.

(1)

تحرف في الأصل إلى: "وقال": والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 320.

(2)

حديث صحيح، ابن أبي السري متابع، ومن فوقه على شرط الشيخين، والحديث في "صحيفة همام" برقم (116) .

وأخرجه أحمد 2/318، والبخاري (3403) في الأنبياء: رقم (28)، و (4641) في تفسير سورة البقرة: باب {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا"، ومسلم (3015) في التفسير، والترمذي (2956) في التفسير: باب ومن سورة البقرة، والطبري في "جامع البيان" (1019) ، والبغوي في "معالم التنزيل" 1/76 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4479) في تفسير سورة الأعراف: باب قوله {حطة} ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك، عن معمر، به.

وقوله {ادخلوا الباب} : الباب الذي أمروا بدخوله هو أحدُ أبواب بيت =

ص: 144

‌ذِكْرُ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا أَكْلَ الشُّحُومَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ

6252 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَالسِّخْتِيَانِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْخَطَّابِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ (1) قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا يَبِيعُ الْخَمْرَ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ أَنْ يَأْكُلُوهَا ثُمَّ بَاعُوهَا» (2) . [3: 6]

= المقدس، و "سجداً"، قال ابن عبَّاس: منحنين ركوعاً، وقيل: متواضعين خضوعاً لا على هيئة معينة، و {حطة} بالرفع على إضمار مبتدأ، أي: مسألتنا حطة، والمعنى: حُط عنَّا ذُنوبَنَا، أي اغفرها لنا، قال ذلك الحسن وقتادة، وقال ابن جبير: معناه: الاستغفار، وقال ابن عبَّاس: يعني لا إله إلاَّ الله، لأنها تحط الذنوب.

وقوله: "فبدَّلوا" أي: قصدوا خلاف ما أمرهم الله به، فعصوا وتمردوا واستهزؤوا. والأستاه: جمع أيست وهو الدبر، أي دخلوا ينجرون على ألياتهم فِعْلَ المقعد الذي يمشي على أليته.

وقوله: "وقالوا: حبة في شعرة" قالوا ذلك على سبيل الاستهزاء والاستخفاف بالأوامر الشرعية، وهو كلام خَلْفٌ لا معنى له، وهو خالٍ عن الفائدة تتميما للاستهزاء وزيادة في العتو، فعاقبهم الله بالرِّجز وهو العذاب المقترن بالهلاك. انظر "طرح التثريب" 8/166-167.

(1)

سقطت من الأصل، واستدركت من " التقاسيم " 3/لوحة 324.

(2)

إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ عبد الله بن عمر الخطَّابِي، وهو عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الحميد بن زيد بن الخطاب الخطابي، وهو ثقة روى له النسائي حديثاً واحداً. =

ص: 145

‌ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْيَهُودَ بِاسْتِعْمَالِهِمْ هَذَا الْفِعْلَ

6253 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَاعَ سَمُرَةُ خَمْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: قَاتَلَ اللَّهُ سَمُرَةَ، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا» ؟ (1)[3: 6]

= وأخرجه الخطيب في "تاريخه" 10/20، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عبد الله بن عمر الخطابي من طريقين عن أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد العزيز، حدثنا عبد الله بن عمر الخطابي بالبصرة، بهذا الإسناد. وقال الخطيب البغدادي: قال عُمرُ: تفرد بهذا الحديث الخطابي، لا أعلم حدَّث به غيره، واستغربه حجاجُ بن الشاعر، وقال: لو تزود رجُل ورحل إلى البصرة، فَسَمِعَ هذا الحديثَ لقلت: ما ضاعت رحلتُك ولا زادُكَ.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، والقواريري: هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة، وسفيان: هو ابن عيينة.

والحديث في "مسند أبي يعلى"(200) .

وأخرجه الشافعي 2/141، والحميدي (13) ، وعبد الرزاق (14854) ، وابن أبي شيبة 6/444، والدارمي 2/115، وأحمد 1/25، والبخاري (2223) في البيوع: باب لا يذاب شحم الميتة ولا يباع، و (3460) في الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ومسلم (1582) في المساقاة: باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، والنسائي 7/177 في الفرع والعتيرة: باب النهي عن الانتفاع بما حرم الله عز وجل، =

ص: 146

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَخْبَارِهِمْ

6254 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ» (1) . [4: 6]

= وابن الجارود (577) ، والبيهقي 8/286، والبغوي (2041) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وانظر الحديث المتقدم برقم (4938) .

(1)

إسناده حسن. ومحمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- روى له البخاري مقروناً وهو صدوق. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 2/474 و 502، وأبو داود (3662) في العلم: باب الحديث عن بني إسرائيل، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(135) بتحقيقنا من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. دون قوله: "وحدثوا عنِّي

"

وأخرج ابن ماجه (34) في المقدمة: باب التغليط في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تقوَّل عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار".

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/761، وأحمد 2/321 من طريقين عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة.

وأخرجه البخاري (6197) في الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ومسلم (3) في المقدمة: باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من طريقين عن أبي عوانة، عن أبي حَصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "من كذب عليّ

".

ص: 147

6255 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ (1) دِعَامَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ:«لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُنَا الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا يَقُومُ إِلَّا لِحَاجَةٍ» (2) .

«مَا رَوَاهُ بَصَرِيُّ عَنْ قَتَادَةَ» . [3: 6]

(1) تحرف في الأصل إلى: "عن"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 307.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو حسَّان: هو مسلم بن عبد الله الأعرج.

وأخرجه أبو داود (3663) عن محمد بن المثنى، حدثنا معاذ (هو ابن هشام الدستوائي) ، حدثني أبي، عن قتادة، بهذا الإسناد، إلاَّ أنَّه قال:"ما يقوم إلاَّ إلى عُظْم الصلاة".

وأخرجه بلفظ أبي داود أحمد 4/437 و 444، والطبراني في "الكبير" 18/ (510) ، والبزار (223) و (230) من طرق عن أبي هلال الراسبي، عن قتادة، عن أبي حسَّان، عن عمران بن حصين.

وقال البزار في الموضع الأوّل: خالف هشام (يعني الدستوائي) أبا هلال في هذا الحديث، وهشام أحفظ.

وقال في الموضع الثاني: لا نعلمه يُروى إلاَّ عن عمران وعبد الله بن عمرو، واختلف في إسناده، فقال أبو هلال: عن قتادة، عن أبي حسَّان، عن عمران، وقال معاذ بن هشام عن أبيه: عن قتادة، عن أبي حسَّان، عن عبد الله بن عمرو، وهشام أحفظ.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 1/191 وقال: رواه البزار وأحمد والطبراني في "الكبير" وإسناده صحيح. ثم ذكره 8/264 واقتصر على نسبته إلى أحمد، وقال: وإسناده حسن.

ص: 148

6256 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (1) .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه قَوْلُهُ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً» أَمْرٌ قَصَدَ بِهِ الصَّحَابَةَ، وَيَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ هَذَا الْخَطَّابِ مَنْ كَانَ بِوَصْفِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي تَبْلِيغِ مَنْ بَعْدَهُمْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إِذَا قَامَ الْبَعْضُ بِتَبْلِيغِهِ سَقَطَ عَنِ الْآخَرِينَ فَرْضُهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ فَرْضِيَّتَهُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ مَتَى امْتَنَعَ عَنْ بَثِّهِ، خَانَ الْمُسْلِمِينَ، فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ فَرْضُهُ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَنْ أَنَّ السُّنَّةَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهَا: الْآيُ، إِذْ لَوْ كَانَ الْخَطَّابُ عَلَى الْكِتَابِ نَفْسِهِ دُونَ السُّنَنِ لَاسْتَحَالَ لِاشْتِمَالِهِمَا مَعًا عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ.

وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ» أَمْرُ إِبَاحَةٍ

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري. الوليد: هو ابن مسلم.

وأخرجه أحمد 2/159، وأبو خيثمة في "العلم"(45) ، ومن طريقه أبو بكر الخطيب في "تاريخه" 13/157 عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

ص: 149

لِهَذَا الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ إِثْمٍ يَسْتَعْمِلُهُ، يُرِيدُ بِهِ حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ يَلْزَمُكُمْ فِيهِ (1)

وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا» لَفْظَةٌ خُوطِبَ بِهَا الصَّحَابَةُ،

(1) قلت: ذكر أهل العلم أن الأخبارَ التي تُنْقَلُ عن بني إسرائيل على ثلاثة أقسام:

أحدها ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذاك صحيح.

والثاني ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.

والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به، ولا نكذبه، وتجوز حكايته.

لكن لا يجوز -كما قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله أن يُذكر ذلك في تفسير القرآن، ويُجعل قولاً أو رواية في معنى الآيات، أو في تعيين ما لم يُعين فيها، أو في تفصيل ما أجمل فيها، لأن في إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يُوهِمُ أن هذا الذي لا نعرف صدقه ولا كذبه مبين لمعنى قول الله سبحانه، ومفصِّلٌ لما أجمل فيه، وحاشا لله تعالى ولكتابه من ذلك، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أَذِنَ بالتحدث عنهم أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذِّبهم، فأي تصديق لرواياتهم وأقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله، ونضعها منه موضعَ التفسير أو البيان؟! اللهمَّ غفراً.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/760، وأحمد 2/202، 214، والبخاري (3461) في الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل، والترمذي (2669) في العلم: باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" بتحقيقنا (133) و (134) و (398) ، والطبراني في "الصغير"(462) ، والقضاعي في "مسند الشهاب"(662) ، وأبو نعيم في "الحلية" 6/78، والبيهقي في "الآداب"(1190) ، والبغوي (113) من طرق عن الأوزاعي، به. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.

ص: 150

وَالْمُرَادُ مِنْهُ غَيْرُهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا هُمْ، إِذِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا نَزَّهَ أَقْدَارَ الصَّحَابَةِ عَنْ أَنْ يُتَوَهَّمَ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ، وَإِنَّمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم هَذَا، لِأَنْ يَعْتَبِرَ مَنْ بَعْدَهُمْ، فَيَعُوا السُّنَنَ وَيَرْوُوهَا عَلَى سُنَنِهَا حَذَرَ إِيجَابِ النَّارِ لِلْكَاذِبِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم» . [1: 10]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ»

6257 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ نَمْلَةَ بْنَ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ، حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا نَمْلَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: هَلْ تَكَلَّمَ هَذِهِ الْجِنَازَةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُ أَعْلَمُ» ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهَا تَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقَالُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُمْ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُمْ» وَقَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، لَقَدْ أُوتُوا عِلْمًا» (1) . [1: 10]

(1) إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير نملة، فقد روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات". يونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه دون قوله: "قاتل الله اليهود

" أحمد 4/136، والطبراني في "الكبير" 22/ (878) ، والبيهقي 2/10 من طريقين عن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه كذلك، أي: دون قوله: "قاتل الله اليهود

" عبد الرزاق =

ص: 151

‌ذِكْرُ الْأُمَّةِ الَّتِي فُقِدَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ

6258 -

أَخْبَرَنَا شَبَابُ بْنُ صَالِحٍ، بِوَاسِطٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فُقِدَتْ لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَلَا أُرَاهَا إِلَّا الْفَأْرَ، أَلَا تَرَاهَا إِذَا وَجَدْتَ أَلْبَانَ الْإِبِلِ، لَمْ تَشْرَبْهُ، وَإِذَا وَجَدْتَ أَلْبَانَ الْغَنَمِ شَرِبَتْهُ» ؟ (1)[3: 6]

= (20059) ، وأحمد 4/136، وأبو داود (3644) في العلم: باب في رواية حديث أهل الكتاب، والفسويّ في "المعرفة والتاريخ" 1/380، والطبراني 22/ (874) و (875) و (876) و (877) و (879) ، وابن الأثير في "أُسد الغابة" 6/315، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي نملة، من طرق عن الزهري، به.

وللقسم الأوّل من الحديث شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (4485) و (7362) و (7542) قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسِّرونها بالعربية لأهل الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لا تصدِّقوا أهل الكتاب ولا تكذِّبوهم، وقولوا: "آمنَّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم".

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير وهب بن بقية، فمن رجال مسلم. خالد الأوّل: هو ابن عبد الله الطَّحان، والثاني: هو ابن مهران الحذاء.

وأخرجه أحمد 2/234، والبخاري (3305) في بدء الخلق: باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومسلم (2997) في الزهد: باب الفأر وأنَّه مَسْخ، وأبو يعلى (6031) ، والبغوي (3271) من طريقين عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وعندهم زيادة: قال أبو هريرة: فحدث بهذا =

ص: 152

‌ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِأَسْبَابِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَيَّامِهَا

6259 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَكَانُوا يَجْلِسُونَ، فَيَتَحَدَّثُونَ، وَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ صلى الله عليه وسلم» (1) . [4: 50]

= الحديث كعباً، فقال: أَنْتَ سمعتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: أفأنزلْت عَلَيَّ التورَاة؟!

وأخرجه أحمد 2/497، ومسلم (2997)(62) من طريقين عن ابن سيرين، به.

وأخرج أبو يعلى (6060) و (6061) ، والطبراني في "الصغير"(867) من طرق عن ابن سيرين، عن أبي هريرة رفعه: "الفأرة مسخ، وعلامة ذلك

".

قال النووي في "شرح مسلم" 18/124: معنى هذا أن لحوم الإبل وألبانها حُرِّمت على بني إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها، فدل بامتناع الفأرة من لبن الإبل دون الغنم على أنها مسخ من بني إسرائيل.

قلت: هذا قاله صلى الله عليه وسلم اجتهاداً منه غير جازم به، ثم أعلمه الوحي بحقيقة الأمر في ذلك، فجزم بأن الممسوخ لا نسل له، كما في حديث ابن مسعود المخرج في "صحيح مسلم" (2663) رفعه:"إن الله لم يجعل لمسخ نسلاً ولا عقباً، وقد كانت القِرَدَةُ والخنازير قبل ذلك". وانظر (5266) .

(1)

حديث صحيح على شرط الصحيح. وهو في "الجعديات"(2755) .

وانظر الحديث المتقدم برقم (2020) و (2021) و (5781) .

ص: 153

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ أَوَّلِ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

6260 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُفْيَانَ النَّسَائِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُ سَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَةً فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ» .

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: «السَّائِبَةُ الَّتِي كَانَتْ تُسَيَّبُ، فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ (1) .

وَالْبَحِيرَةُ: الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ (2) ، فَلَا يَحْتَلِبُهَا أَحَدٌ.

(1) قال أبو عبيدة: كانت السائبة من جميع الأنعام، وتكون من النذور للأصنام، فتسيب، فلا تحبس عن مرعى، ولا عن ماء ولا يركبها أحد، قال: وقيل: السائبة لا تكون إلاَّ من الإبل، كان الرجل ينذر: إن برىء من مرضه، أو قَدِمَ من سفرِهِ ليسيبن بعيراً.

(2)

وهي الأصنامُ، والبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة، والبحر: شقُّ الأذن، كان ذلك علامة لها.

قال أبو عبيدة: جعلها قومٌ من الشاة خاصة إذا ولدت خمسة أبطن، بَحَرُوا أُذُنَها، أي: شقُّوها، وتركت فلا يمسّها أحد، وقال آخرون: بل البحيرة: الناقة كذلك، وخَلَّوْا عنها، فلم تُركبُ ولم يقربْها الفحل.

قال أبو عبيدة: كانوا يُحرمون وبرها وظهرَها ولحمها ولبنها على النساء، ويُحلون ذلك للرجال، وما ولدت من ذكر أو أنثى، فهو بمنزلتها، وإن ماتت البحيرة اشترك الرجالُ والنساءُ في أكل لحمها.

ص: 154

وَالْوَصِيلَةُ: النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الْإِبِلِ بِأُنْثَى، ثُمَّ تُثَنِّي بِأُنْثَى، فَكَانُوا يُسَيِّبُونَهَا (1) لِلطَّوَاغِيتِ، وَيَدْعُونَهَا الْوَصِيلَةَ، أَنْ وَصَلَتْ إِحْدَهُمَا بِالْأُخْرَى (2) .

وَالْحَامُ: فَحْلُ الْإِبِلِ يَضْرِبُ الْعَشْرَ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ جَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ، وَأَعْفَوْهُ مِنَ الْحَمْلِ، فَلَمْ يَحْمِلُوا عَلَيْهِ شَيْئًا، وَسَمَّوْهُ الْحَامَ» (3) . [3: 6]

(1) تحرفت في الأصل، و "التقاسيم" إلى:"ويسمونها".

(2)

قال أبو عبيدة: كانت السائبة مهما ولدته، فهو بمنزلة أمها إلى ستّة أولاد، فإن ولدت السابع أُنثيين، تركتا فلم تُذبحا، وان ولدت ذكراً، ذبح وأكله الرجال دون النساء، وكذا إذا ولدت ذكرين، وان أتأمت بذكر وأنثى سمَّوا الذكر وصيلةً، فلا يذبح لأجل أخته، وهذا كله إن لم تلد ميتاً، فإن وَلدت بعد البطن السابع ميتاً، أكلهُ النساءُ دون الرجال. انظر "مجاز القرآن" 1/177-181.

(3)

إسناده صحيح. أحمد بن سفيان النسائي روى له النسائي ووثقه هو وسلمة بن القاسم، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/28 وقال: كان ممن جمع وصنف، واستقام في أمر الحديث إلى أن مات، ومن فوقه من رجال الشيخين. ابن بكير: هو يحيى بن عبد الله بن بكير، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد.

وأخرجه أحمد 2/366، وابن أبي عاصم في "الأوائل"(44) ، والطبري في "جامع البيان"(12819) و (12844) ، والطبراني في "الأوائل"(19) ، والبيهقي في "السنن" 10/9-10 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن مردويه كما في "الفتح" 8/285 من طريق خالد بن حميد المهدي، عن يزيد بن الهاد، به. =

ص: 155

‌ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَرْكِ الْقَصَصِ، وَلَا سِيَّمَا مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعِلْمَ

6261 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«لَمْ يُقَصَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا أَبِي بَكْرٍ، وَلَا عُمَرَ، وَلَا عُثْمَانَ، إِنَّمَا كَانَ الْقَصَصُ زَمَنَ الْفِتْنَةِ» (1) . [4: 19]

= وعلقه البخاري بإثر الحديث (4623)، فقال: ورواه ابن الهاد عن الزهري

وأخرجه البخاري (3521) في المناقب: باب قصَّة خزاعة، و (4623) في تفسير سورة المائدة: باب {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام} ، وأحمد 2/275، ومسلم (2856) (51) في الجنة: باب النار يدخلها الجبَّارون والجنة يدخلها الضعفاء، والطبري (12840) ، والبغوي في "معالم التنزيل" 2/71 من طرق عن الزهري، به. وانظر الحديث الآتي برقم (7490) .

والقصب: هو المعى، وجمعها أقصاب.

قلت: وعمرو بن عامر الخزاعي: هو أحد رؤساء خزاعة الذين وَلُوا البيت بَعْدَ جرهم، وكان أوّلَ مَنْ غَيَّرَ دين ابراهيم الخليل، فأدخلَ الأصنام إلى الحجاز، ودعا الرعاء من الأس الى عبادتها، والتقرب بها، وشرع لهم هذه الشرائعَ الجاهلية في الأنعام وغيرها.

(1)

إسناده صحيح. محمد بن عبد الملك بن زنجويه ثقة روى له أصحاب السنن الأربعة، ومن فوقه ثقات على شرطهما. =

ص: 156

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بُطُونَ قُرَيْشٍ كُلَّهَا هُمْ قَرَابَةُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6262 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ طَاوُسًا، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى مُحَمَّدٍ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجِلْتَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ (1) مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ فَقَالَ:«إِلَّا أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ» (2) . [3: 66]

= وأخرجه ابن أبي شيبة 8/745-746 عن معاوية بن هشام، عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضاً 8/749 عن عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبيد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، به.

وأخرجه ابن ماجة (3754) في الأدب: باب القصص، عن عليّ بن محمد، حدثنا وكيع، عن العمري، عن نافع بنحوه.

وقال البوصيري في "الزوائد" 2/233: هذا الإسناد فيه العمري، وهو ضعيف، واسمُهُ عبد الله بن عمر.

وذكره السيوطي في "تحذير الخواص" ص 245، ونسبه لابن أبي شيبة والمروزي.

(1)

في الأصل "بطناً"، والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 277.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري. مسدد من رجال البخاري، ومن فوقه من رجالهما. =

ص: 157

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّاسَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ يَكُونُونَ تَبَعًا لِقُرَيْشٍ

6263 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» (1) . [3: 9]

= وأخرجه البخاري (3497) في المناقب: باب قول الله تعالى: {يَا أيُّها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأنثى

} عن مسدد بن مُسرهد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/229 عن يحيى القطّان، به.

وأخرجه أحمد 1/229، و 286، والبخاري (4818) في تفسير سورة الشورى: باب {إلا المودة في القربى} ، والترمذي (3251) في التفسير: باب ومن سورة الشورى، والنسائي في التفسير من الكبرى كما في "التحفة" 5/18، والطبري في "جامع البيان" 25/13، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/124-125 من طرق عن شعبة، به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 7/345-346، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن مردويه.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سفيان، واسمه طلحة بن نافع، فمن رجال مسلم، وهو صدوق، وقد توبع.

وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 12/167.

وأخرجه أحمد 3/379، وابن أبي عاصم في "السنة"(1510) عن وكيع، بهذا الإسناد. =

ص: 158

‌ذِكْرُ وَصْفِ اتِّبَاعِ النَّاسِ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ

6264 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ وَدِيعَةَ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْأَنْصَارُ أَعِفَّةٌ صُبُرٌ، وَإِنَّ النَّاسَ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ: مُؤْمِنُهُمْ تَبَعُ مُؤْمِنِهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعُ فَاجِرِهِمْ» (1) . [3: 9]

= وأخرجه أحمد 3/331، والبغوي (3847) من طريقين عن سفيان، عن الأعمش، به.

وأخرجه أحمد 3/383، ومسلم (1819) في الإمارة: باب الناس تبع لقريش، والبيهقي 8/141 عن روح بن القاسم، حدثنا ابن جريج، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله

فذكره.

قال المناوي في "فيض القدير".: المراد بالناس بعضهم وهو سائر العرب من غير قريش، نقله عن ابن حجر. وقوله: في "الخير والشر": أي في الإسلام والجاهلية، لأنهم كانوا في الجاهلية متبوعين في كفرهم، لكون أمر الكعبة في يدهم، فكذا هم متبوعون في الإسلام، أو أن السابق بالإسلام كان من قريش، فكذا في الكفر، لأنهم أوّل من ردَّ دعوته، وكفر به، وأعرض عن الآيات والنذر، فكانوا قدوة في الحالين.

(1)

حديث صحيح، حرملة بن يحيى من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين غير يزيد بن وديعة الأنصاري، فقد ذكره المؤلف في "الثقات" 5/537، وترجم له ابن أبي حاتم 8/293، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ثم هو متابع. =

ص: 159

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن أبي شيبة 12/168، وأحمد 2/161، وابن أبي عاصم في "السنَّة"(1511) ، والبغوي (3845) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة.

وأخرجه دون قوله: "الأنصار أعفة صبر" الحميدي (1044) ، والطيالسي (2380) ، وأحمد 2/242-243، والبخاري (3495) في المناقب: باب قول الله تعالى: {يا أيُّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى

} ، ومسلم (1818) في الإمارة: باب الناس تبع لقريش، والبيهقي 8/141، والبغوي (3844) من طريق أبي الزناد، عن الأعرج.

وأخرجه همام في "صحيفته"(129) ، وعنه عبد الرزاق (19895) ، وعن عبد الرزاق أحمد 2/319، ومسلم (1818) ، والبغوي (3846) .

وأخرجه أحمد 2/395 من طريق خلاس، و 433 من طريق نافع بن جبير، خمستهم عن أبي هريرة.

وأخرج عبد الرزاق (19894) عن معمر، عن الزهري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأنصار أعفة صبر، والناس تبع لقريش

" فذكره مرسلاً.

وأخرج أحمد 3/150، والترمذي (3903) في المناقب: باب فضل الأنصار وقريش من طريقين عن محمد بن ثابت البناني، عن أبيه، عن أنس بن مالك، عن أبي طلحة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَقرىء قومَك السلامَ، فإنهم ما علمت أعفة صبر" لفظ الترمذي. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وأخرج ابن أبي شيبة 12/160 عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر الأنصار، قال:"أعفة صبر".

وقوله: "إن الناس تبع لقريش في هذا الأمر" يعني في الإمارة، قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث 12/199-200: قوله صلى الله عليه وسلم: "الناس =

ص: 160

‌ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْقُرَشِيِّ مِنَ الرَّأْيِ مِثْلَ مَا يُعْطَى غَيْرُ الْقُرَشِيِّ مِنْهُ عَلَى الضَّعْفِ

6265 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَزْهَرِ، أَوْ زَاهِرٍ، الشَّكُّ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، وَالصَّوَابُ هُوَ الْأَزْهَرُ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لِلْقُرَشِيِّ قُوَّةُ الرَّجُلَيْنِ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ» .

فَسَأَلَ سَائِلٌ ابْنَ شِهَابٍ: مَا يَعْنِي بِذَلِكَ؟

= تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم"، وفي رواية: "الناس تبع لقريش في الخير والشر"، وفي رواية: "لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بقي من الناس اثنان"، وفي رواية: "ما بقي منهم اثنان" هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدُها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماعُ في زمن الصحابة، فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع، أو عرض بخلاف من غيرهم، فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة، قال القاضي: اشتراط كونه قرشياً هو مذهب العلماء كافة، وقد احتج به أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد، وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك بعدهم في جميع الأعصار.

قلت: روى البخاري في "صحيحه"(7139) من حديث معاوية رفعه: "إنّ هذا الأمر في قريش لا يُعاديهم أحد إلاَّ أكبّه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين"، فهذا القيد "ما أقاموا الدين" شرط لبقاء هذا الأمر فيهم، وعدم خروجه عنهم كما في "الفتح" 13/117.

ص: 161

قَالَ: نُبْلُ الرَّأْيِ» (1) . [3: 9]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ وِلَايَةَ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ يَكُونَ فِي قُرَيْشٍ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ

6266 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ فِي النَّاسِ اثْنَانِ» .

قَالَ عَاصِمٌ: وَحَرَّكَ أُصْبُعَيْهِ (2) . [3: 9]

(1) إسناده صحيح، عبد الرحمن بن الأزهر روى له أبو داود والنسائي، وهو صحابي صغير، وباقي رجاله رجال الشيخين غير طلحة بن عبد الله بن عوف، فمن رجال البخاري. ابن أبي ذئب: اسمه محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1490) ، وأبو نعيم في "الحلية" 9/64 من طريقين عن أحمد بن عبد الله بن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/81 و 83، والطيالسي (951) ، وابن أبي شيبة 12/168، وابن أبي عاصم في "السنَّة"(1508) ، وأبو يعلى 346/2، والطبراني (1490) ، وأبو نعيم 9/64، والحاكم 4/72، والبيهقي 1/386، والبغوي (3850) ، والخطيب في "تاريخه" 3/166 من طرق عن ابن أبي ذئب به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "مصنف" ابن أبي شيبة 12/171.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنَّة"(1122) عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

ص: 162

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نِسَاءَ قُرَيْشٍ مِنْ خَيْرِ نِسَاءٍ رَكِبَتِ الرَّوَاحِلَ

6267 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ، أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ: «وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ» (1) . [3: 9]

وأخرجه أحمد 2/29، وأبو يعلى (5589) عن معاذ بن معاذ، به.

وأخرجه أحمد 2/93 و 128، والطيالسي (1956)، والبخاري (2195) في المناقب: باب مناقب قريش، و (7140) فى الأحكام: باب الأمراء من قريش، ومسلم (1820) في أول كتاب الإمارة، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2195) ، والبيهقي في "السنن" 8/141، وفي "دلائل النبوَّة" 6/520-521، وأبو محمد البغوي في "شرح السنَّة"(3848) من طرق عن عاصم بن محمد، به. وسيأتي برقم (6655) .

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. حرملة بن يحيى من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين.

وأخرجه مسلم (2527)(201) في فضائل الصحابة: باب من فضائل نساء قريش، وابن حجر في "تغليق التعليق" 4/35 عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.

وعلَّقه البخاري (3434) في الأنبياء: باب {إذ قالت الملائكة يا مريم

} قال: وقال ابن وهب: أخبرني يونس، به. =

ص: 163

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال بإثره: تابعه ابن أخي الزهري وإسحاق الكلبي عن الزهري.

قلت: أمّا متابعة ابن أخي الزهري، فوصلها ابن عدي في "الكامل" من طريق الدراوردي حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم بن أحمد الزهري عن عمِّه به، وأمَّا متابعة إسحاق الكلبي، فوصلها الزهري في "الزهريات" عن يحيى بن صالح الوحاظي حدثنا إسحاق، به. انظر "تغليق التعليق" 4/35-36.

وأخرجه عبد الرزاق (20604) ، والحميدي (1047) ، وأحمد 2/269 و 393 و 449 و 502، والبخاري (5082) في النكاح: باب إلى من ينكح وأي النساء خير، و (5365) في النفقات: باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده والنفقة، ومسلم (2527) ، والبيهقي 7/293، والبغوي (3965) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "صحيفة همام" برقم (130) .

وأخرج ابن أبي شيبة 12/174، وعنه ابن أبي عاصم في "السنة"(1533) عن يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير نساءٍ ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده، ولو علمت أن مريم بنت عمران ركبت بعيراً لما فضلت عليها أحداً". وانظر ما بعده.

وقوله: "نساء قريش خير نساء" وفي رواية البخاري، وإحدى روايات مسلم "صالح نساء قريش" فتقيد الرواية المطلقة هنا بها، فالمحكومُ له بالخيرية إنّما هو صالح نساء قريش لا غيرهنّ، قال القرطبي: ويعني بالصلاح هنا صلاح الدين وصلاح المخالطة للزوج وغيره كما دلّ عليه قوله "أحناه وأرعاه". "طرح التثريب" 7/14.

وقوله: "وأرعاه على زوج في ذات يده" أي: أحفظ له وأصون له في ماله وما يضاف إليه، والمراد حفظها مال الزوج، وحسن تدبيره في النفقة وغيرها، وصيانته عن أسباب التلف، وترك التبذير والإنفاق.

قال الحافظ في "الفتح": وجاء الضمير في "أحناه" مذكراً وكان =

ص: 164

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْقَوْلَ

6268 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَلِي عِيَالٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدِهِ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ، وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ» (1) . [3: 9]

‌ذِكْرُ إِهَانَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَنْ أَهَانَ غَيْرَ الْفَاسِقِ مِنْ قُرَيْشٍ

6269 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ

= القياس " أحناهن " وكأنه ذكر باعتبار اللفظ والجنس أو الشخص أو الإنسان، وجاء نحو ذلك في حديث أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وأحسنه خلقاً. بالإفراد في الثاني، وحديث ابن عباس في قول أبي سفيان: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة، بالإفراد في الثاني أيضاً، قال أبو حاتم السجستاني: لا يكادون يتكلَّمون به إلاَّ مفرداً.

قلت: وفي الحديث فضل الحنو على الأولاد والشفقة عليهم، وحسن تربيتهم.

وفيه مراعاة حق الزوج في ماله وحفظه والأمانة فيه، وفيه الحث على نكاح الشريفات ذوات النسب.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "مصنف عبد الرزاق"(20603) وعنه أخرجه أحمد 2/269 و 275، ومسلم (2527) (201) في فضائل الصحابة: باب من فضائل نساء قريش.

ص: 165

إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي مُحَمَّدَ بْنَ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّيَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ مُوسَى، يَقُولُ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: أَيْ بُنَيَّ إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأَكْرِمْ قُرَيْشًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ أَهَانَ قُرَيْشًا أَهَانَهُ اللَّهُ» (1) . [2: 109]

(1) محمد بن حفص بن عمر، وعمّهُ عبيد الله بن عمر بن موسى لم يوثقهما غير المؤلف 9/71 و 6/115، وقد لين الثاني الذهبي فى "الميزان" 3/14، وقال العقيلي: لا يُتابع على حديثه، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد 1/64 وفيه قصة، والبزار (2781) ، والعقيلي في "الضعفاء" 3/124، والحاكم 4/74 من طريق عبيد الله بن محمد بن حفص، بهذا الإسناد.

وقال البزار: لا نعلم يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلاَّ بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في "المجمع" 10/27، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى في "الكبير" باختصار، والبزار بنحوه، ورجالهم ثقات!

وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقَّاص عند أحمد 1/171 و 183، وابن أبي شيبة 12/171، والبخاري في "التاريخ الكبير" 8/376، والتِّرمذي (3905) ، والطبراني في "الكبير"(327) ، والحاكم 4/174، والبغوي (3849) . وفيه محمد بن العلاء بن أبي سفيان الثقفي وشيخه يوسف بن الحكم الثقفي لم يوثقهما غير المؤلف. وقال الترمذي: هذا حديث غريب.

وأخرجه عبد الرزاق (19904) عن معمر، عن الزهري، عن عمر بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه. =

ص: 166

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ مُسْلِمًا

6270 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنَ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي طَالِبٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: «قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْفَعْ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِيَ قُرَيْشٌ لَأَقْرَرْتُ عَيْنَيْكَ بِهَا، فَنَزَلَتْ:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56](1) . [3: 64]

= وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمر بن سعد، وهو صدوق.

وآخر من حديث أنس رواه الطبراني (753) في "الكبير"، "والأوسط"، والبزار (2782)، قال في "المجمع" 10/27: فيه محمد بن سليم أبو هلال، وقد وثقه جماعة وفيه ضعف، وبقية رجالهما رجال الصحيح.

(1)

حديث صحيح، الحارث بن سريج وإن كان فيه كلامٌ قد تُوبِعَ، ومن فوقه من رجال الشيخين غير يزيد بن كيسان، فمن رجال مسلم. أبو حازم الأشجعي: اسمه سلمان.

وأخرجه مسلم (25)(41) في الإيمان: باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع، وابن منده في "الإيمان"(39) من طرق عن مروان بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه أَحمد 2/434 و 441، ومسلم (25)(42)، والترمذي (3188) في التفسير: باب ومن سورة القصص، والطبري في "جامع البيان" 20/92، وابن منده (38) ، والواحدي في "أسباب النزول" ص 228، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/344 و 344-345، والبغوي في "معالم التنزيل" 2/331 من طرق عن يزيد بن كيسان، به.

وانظر حديث المسيب بن حزم المتقدم برقم (984) .

ص: 167

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ مُسْلِمًا

6271 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَالَ:«لَعَلَّهُ أَنْ تُصِيبَهُ شَفَاعَتِي فَتَجْعَلَهُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ تَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ» (1) . [3: 66]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله.

وأخرجه أحمد 3/55، عن هارون بن معروف، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/9 و 50، والبخاري (3885) في مناقب الأنصار: باب ذكر قصة أبي طالب، و (6564) في الرقاق: باب صفة الجنَّة والنار، ومسلم (210) في الإيمان: باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه، وابن منده في "الإيمان"(968) ، والبيهقي في "الدلائل" 2/347 من طرق عن يزيد ابن الهاد، به.

الضحضاح: هو الماء القليل، أو ما يبلغ الكعبين منه.

قال الحافظ في "الفتح" 7/196: في الحديث جواز زيارة القريب المشرك وعيادته، وأن التوبة مقبولة ولو في شدة مرض الموت حتى يصل إلى المعاينة فلا يقبل، لقوله تعالى:{فلم يَكُ ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا} ، وأن الكافر إذا شهد شهادة الحق نجا من العذاب لأن الإسلام يجبُّ ما قبله، وأن عذاب الكفار متفاوت، والنفع الذي حصل لأبي طالب من خصائصه ببركه النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 168

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ

6272 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ (1) إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا يَهُمُّ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا مَرَّتَيْنِ مِنَ الدَّهْرِ كِلْتَاهُمَا عَصَمَنِي اللَّهُ مِنْهُمَا.

قُلْتُ لَيْلَةً لِفَتًى كَانَ مَعِي مِنْ قُرَيْشٍ بِأَعْلَى مَكَّةَ فِي غَنَمٍ لِأَهْلِنَا نَرْعَاهَا: أَبْصِرْ لِي غَنَمِي حَتَّى أَسْمُرَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِمَكَّةَ كَمَا يَسْمُرُ الْفِتْيَانُ.

قَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا جِئْتُ أَدْنَى دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ سَمِعْتُ غِنَاءً، وَصَوْتَ دُفُوفٍ، وَمَزَامِيرَ (2) ،

قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: فُلَانٌ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَهَوْتُ بِذَلِكَ الْغِنَاءِ، وَبِذَلِكَ الصَّوْتِ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَنِمْتُ فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ، فَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي، فَقَالَ: مَا فَعَلْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، ثُمَّ فَعَلْتُ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَخَرَجْتُ، فَسَمِعْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِي: مِثْلُ مَا قِيلَ لِي، فَسَمِعْتُ كَمَا سَمِعْتُ، حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ، ثُمَّ

(1) تحرفت في الأصل إلى: "أبي"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 265.

(2)

تحرفت في الأصل إلى "مسامير"، والتصحيح من "التقاسيم".

ص: 169

رَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي، فَقَالَ لِي: مَا فَعَلْتَ؟ فَقُلْتُ: مَا فَعَلْتُ شَيْئًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَوَاللَّهِ، مَا هَمَمْتُ بَعْدَهُمَا بِسُوءٍ مِمَّا يَعْمَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِنُبُوَّتِهِ» (1) . [3: 1]

(1) إسناده حسن، محمد بن إسحاق روى له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة وهو صدوق، وقد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مخرمة فقد روى عنه جمعِ، وذكره المؤلف في "الثقات" 7/380 وله ترجمة عند ابن أبي حاتم 7/303، والبخاري في "التاريخ الكبير" 9/130، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكر صاحب "الكمال" أن الشيخين أخرجا حديثه، وقال المزي فيما نقله عنه الإمام الذهبي والحافظ ابن حجر: لم أقف على رواية أحد منهما.

قلت: ولم يرد له ذكر في كتاب "رجال مسلم" لابن منجويه، ولا في "الجمع بين رجال الصحيحين" لابن طاهر، ولا في "رجال البخاري" للكلاباذي.

وأخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوَّة"(128) من طريق إسحاق بن راهويه، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 4/245، وعنه البيهقي في "الدلائل" 2/33 من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، به.

وعلقه البخاري في "تاريخه" 1/130 باختصار، فقال: قال لي شهاب: حدثنا بكر بن سليمان، عن ابن إسحاق به، ووصله البزار (2403) حدثنا موسى بن عبد الله أبو طلحة الخزاعي، حدثنا بكر بن سليمان، عن ابن إسحاق.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 8/226، وقال: رواه البزار، ورجاله ثقات.

وأورده السيوطي في "الخصائص" 1/88-89، ونقل عن ابن حجر قوله: إسناده حسن متصل، ورجاله ثقات.

ص: 170

‌ذِكْرُ إِحْصَاءِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ

6273 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَحْصُوا كُلَّ مَنْ كَانَ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ» ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَخَافُ وَنَحْنُ بَيْنَ السِّتِّ مِائَةٍ إِلَى السَّبْعِ مِائَةٍ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ تُبْتَلَونَ» ، قَالَ: فَابْتُلِيَنَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا (1) . [5: 45]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش هو: سليمان بن مهران، وشقيق: هو ابن سلمة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/69، وأحمد 5/384، ومسلم (149) في الإيمان: باب الاستسرار بالإيمان للخائف، والنسائي في " الكبرى " كما في "التحفة" 3/38، وابن ماجه (4029) في الفتن: باب الصبر على البلاء، وأبو عوانة 1/102، وابن منده في "الإيمان"(453) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3060) في الجهاد: باب كتابة الإمام الناس، وابن منده (452) ، والبيهقي 6/363، والبغوي (2744) من طريقين عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة مرفوعاً بلفظ:"اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس"، فكتبنا له ألفاً وخمس مئة رجل، فقلنا: نخاف ونحن ألف وخمس مئة؟..

وأخرجه البخاري بإثره، قال: حدثنا عبدان، عن أبى حمزة، عن الأعمش فوجدناهم خمس مئة.

ص: 171

‌ذِكْرُ وَصَفِ بَيْعَةِ الْأَنْصَارِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ بِمِنًى

6274 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ سَبْعَ سِنِينَ، يَتَتَبَّعُ

قلت: خالف أبو حمزة الثوريّ عن الأعمش في هذا الحديث، فقال: خمس مئة، ولم يذكر الألف، وكذلك خالف أبو معاوية الثوريَّ أيضاً عن الأعمش في العدة، فقال: ما بين ست مئة إلى سبع مئة، قال الحافظ: وكأن رواية الثوري رجحت عند البخاري، فلذلك اعتمدها لكونه أحفظهم مطلقاً، وزاد عليهم، وزيادة الثقة الحافظ مقدمة، وأبو معاوية وإن كان أحفظ أصحاب الأعمش بخصوصه، ولكنه لم يجزم بالعدد.

وقد سلك الداوودي طريقة الجمع، فقال: لعلهم كتبوا مرَّاتٍ في مواطن.

وجمع بعضهم بأن المراد بالألف وخمس مئة جميع من أسلم من رجل وامرأة وعبد وصبي، وبما بين الست مئة إلى السبع مئة الرجال خاصة، وبالخمس مئة المقاتلة خاصة.

وجمع بعضهم بأن المراد بالخمس مئة المقاتلة من أهل المدينة خاصة، وما بين الست مئة الى السبع مئة هم ومَنْ ليس بمقاتل، وبالألف وخمس مئة هم ومَنْ حولهم من أهل القرى والبوادي.

قال الحافظ: ويخدش في وجوه هذه الاحتمالات كلها اتحادُ مخرج الحديث، ومداره على الأعمش بسنده واختلاف أصحابه عليه في العدد المذكور. والله أعلم.

وقولى: "أحصوا"، الإِحصاء: العد والحفظ، وأحصى الشيء: أحاط به، وهو أعم من الكتابة، وقد يفسر "أحصوا" باكتبوا.

ص: 172

النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ بِعُكَاظَ وَمَجَنَّةَ وَالْمَوَاسِمِ بِمِنًى، يَقُولُ:«مَنْ يُؤْوِينِي وَيَنْصُرَنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي؟» ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لِيَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ أَوْ مِنْ مِصْرَ فَيَأْتِيهُ قَوْمُهُ، فَيَقُولُونَ: احْذَرْ غُلَامَ قُرَيْشٍ، لَا يَفْتِنُكَ، وَيَمْشِي بَيْنَ رِحَالِهِمْ وَهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، حَتَّى بَعَثَنَا اللَّهُ مِنْ يَثْرِبَ، فَآوَيْنَاهُ وَصَدَّقْنَاهُ، فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَّا وَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ، وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا فِيهَا رَهْطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ، ثُمَّ إِنَّا اجْتَمَعْنَا، فَقُلْنَا: حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ؟ ، فَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا، حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ فَوَاعَدْنَاهُ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ، فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهَا مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ، حَتَّى تَوَافَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: «تُبَايعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنْ يَقُولَهَا لَا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِيَ، وَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، وَلَكُمُ الْجَنَّةُ» ، فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ، وَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهُوَ مِنْ أَصْغَرِهِمْ، فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، فَإِنَّا لَمْ نَضْرِبْ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُنَازَعَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ، وَأَنْ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ، فَإِمَّا أَنْ تَصْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ، وَإِمَّا أَنْتُمْ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جُبْنًا، فَبَيِّنُوا

ص: 173

ذَلِكَ فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُمْ، فَقَالُوا: أَمِطْ عَنَّا فَوَاللَّهِ لَا نَدَعُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ أَبَدًا، فَقُمْنَا إِلَيْهِ، فَبَايَعْنَاهُ، فَأَخَذَ عَلَيْنَا، وَشَرَطَ أَنْ يُعْطِيَنَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ (1) . [5: 45]

***

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. ابنُ خُثيم: هو عبد الله بن عثمان بن خُثيم، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم، وقد صرح بالتحديث عند البيهقي، فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه أحمد 3/322-323، والبزار (1756) عن عبد الرزاق بهذا الإسناد. وقال البزار: قد رواه غير واحد عن ابن خُثيم، ولا نعلمه عن جابر إلاَّ بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار، والبيهقي في " الدلائل " 2/442-443، وفي " السنن " 9/9 من طريقين عن ابنِ خُثيم، به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 6/46، وقال: رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح. وسيأتي برقم (7012) .

ومجنة وعكاظ: سوقان من أسواق العرب في الجاهلية.

قال الواقدي: عكاظ بين نخلة والطائف، وذو المجاز خلف عرفة، ومَجَنَّة بمر الظهران، وهذه أسواق قريش والعرب، ولم يكن فيها أعظم من عكاظ، قالوا: كانت العرب تقيم بسوق عكاظ شهر شوال، ثم تنتقل إلى سوق مجنة فتقيم في عشرين يوماً من ذي القعدة، ثم تنتقل إلى سوق ذي المجاز، فتقيم فيه إلى أيَّام الحج.

ص: 174

2 -

فَصْلٌ فِي هِجْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَيْفِيَّةِ أَحْوَالِهِ فِيهَا

6275 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ (1) أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضِ نَخْلٍ، فَذَهَبَ وَهْلِي أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ، يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِيَ رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَدَّدَ اللَّهُ مِنَ الْمَغْنَمِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ» (2) . [5: 46]

(1) تحرفت في الأصل إلى: " بن "، والتصويب من مصادر التخريج.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمود بن غيلان ثقة من رجال الشيخين، والحسن بن حماد: هو الضبي، روى له النسائي وهو ثقة، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وبُريد: هو ابن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري.

وأخرجه ابن ماجه (3921) في تعبير الرؤيا: باب تعبير الرؤيا، عن محمود بن غيلان، بهذا الإسناد. =

ص: 175

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا أَرَى اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم مَوْضِعَ هِجْرَتِهِ فِي مَنَامِهِ

6276 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ (1) أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهْلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ، وَهَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِيَ رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهَزَزْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ (2) الْمُؤْمِنِينَ (3) » . [3: 66]

= وأخرجه الدارمي 2/129، ومسلم (2272) في الرؤيا: باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم، من طريقين عن أبي أسامة، به. وانظر ما بعده.

قوله: "ذهب وهلي": أي وهمي: قال في "الصحاح": وَهِلَ في الشيء وعن الشيء يُوْهَل وَهَلاً: إذا غلِط فِيه وسها، وَوَهَلْت إليْه بالفتح أَهِلُ وَهْلاً: إذا ذهب وَهْمُكَ إليه وأنت تريد غيره، مثل: وَهَمْتُ.

(1)

تحرفت في الأصل إلى: (بن) ، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 314 و"مسند" أبي يعلى.

(2)

في الأصل " إجماع "، والمثبت من "التقاسيم" 3/لوحة 314.

(3)

إسناده صححيح على شرط الشيخين، وهو في "مسند" أبي يعلى ورقة 240/2، وهو مكرر ما قبله.

وأخرج البخاري (3622) في مناقب الأنصار: باب علامات النبوَّة في الإسلام، و (4081) في المغازي: باب من قتل من المسلمين يوم أُحُد، و (7035) في التعبير: باب إذا رأى بقراً تنحر، و (3041) باب: إذا هزَّ سيفاً =

ص: 176

‌ذِكْرُ وَصْفِ كَيْفِيَّةِ خُرُوجِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ لَمَّا صَعُبَ الْأَمْرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِهَا

6277 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، لَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَلَقِيَهُ (1) ابْنُ الدَّغِنَةِ سَيِّدُ الْقَارَةِ (2)، فَقَالَ: أَيْنَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأَسِيحُ فِي الْأَرْضِ، وَأَعْبُدُ رَبِّي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ، وَلَا يُخْرَجُ، إِنَّكَ تُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ،

= في المنام، ومسلم (2272) في الرؤيا: باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم، والبغوي (3296) عن محمد بن العلاء بن كريب، بهذا الإِسناد.

(1)

في "مصنف عبد الرزاق" والرواية الآتية عند المصنف برقم (6868) : حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْك الغِماد لَقِيَهُ ابْنُ الدغنة

وبرك الغماد: موضع بينه وبين مكَّة خمس ليال مما يلي ساحل البحر.

(2)

ابن الدغنة: قال في "الفتح" 7/233: بضم المهملة والمعجمة وتشديد النون عند أهل اللغة، وعند الرواة بفتح أوّله وكسر ثانيه وتخفيف النون.

والدغنة هي أمّه، وقيل: أمُّ أبيه، وقيل: دابته.

والقارة: هي قبيلة مشهورة من بني الهُون -بالضم والتخفيف- ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وكانوا يضرب بهم المثل في قوة الرمي.

ص: 177

وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَارْتَحَلَ (1) ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُمْ، وَطَافَ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، لَا يَخْرُجُ، وَلَا يُخْرَجُ مِثْلُهُ، إِنَّهُ يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَأَمَّنُوا أَبَا (2) بَكْرٍ، وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَيُصَلِّيَ مَا شَاءَ، وَيَقْرَأَ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، فَفَعَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ذَلِكَ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقِفُ (3) عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، فَيَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ (4) ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ

(1) في الرواية التالية، وفي "المصنف": فارجع فاعبد ربك ببلدك، وارتحل ابن الدغنة.

(2)

تحرف في الأصل إلى: "أبو"، والتصويب من "المصنف".

(3)

في " المصنف ": فيتقصف، وهي رواية البخاري في الكفالة، أي: يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض فيكاد يتكسر، وأطلق "يتقصف" مبالغة، وللبخاري في مناقب الأنصار "يتقذف" قال الخطابي: المحفوظ: "يتقصف" وأمّا "يتقذف" فلا معنى له إلاَّ أن يكون من القذف، أي: يتدافعون فيقذف بعضهم بعضاً، فيتساقطون عليه، فيرجع إلى معنى الأوّل.

(4)

في "المصنف"، والرواية التالية: فأفزع ذلك أشراف قريش

ص: 178

عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: إِنَّمَا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ أَنْ (1) يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنَّهُ ابْتَنَى مَسْجِدًا، وَإِنَّهُ أَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ، وَإِنَّا خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَأْتِهِ، فَقُلْ لَهُ: أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ (2) يُعْلِنَ ذَلِكَ فَلْيَرُدَّ عَلَيْنَا (3) ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نُخْفِرَ (4) ذِمَّتَكَ، وَلَسْنَا بِمُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ، فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تُرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي عَقْدِ رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي (5) أَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ، وَجِوَارِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.

وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِينَ:«أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، أُرِيتُ سَبَخَةً (6) ذَاتَ نَخْلٍ (7) بَيْنَ لَابَتَيْنِ، وَهُمَا حَرَّتَانِ» (8) .

فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ،

(1) في "المصنف": على أن يعبد ربه

(2)

سقطت من الأصل، واستدركت من "المصنف".

(3)

كذا الأصل، وفي "المصنف":"عليك"، وفي الرواية التالية:"إليك".

(4)

هو بضم النون وكسر الفاء أى: نغدر بك، وننقض عهدك، يقال: خفره: إذا حفظه، وأخفره: إذا غدر به.

(5)

في "المصنف" والرواية التالية: فَإِنِّي أَردُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ.

(6)

هي الأرض التي تعلوها الملوحة، ولا تكاد تنبت إلاّ بعض الشجر.

(7)

في الأصل: "نخلة"، والمثبت من "المصنف".

(8)

في "المصنف": "الحرتان"، والحرة هي الأرض ذات الحجارة السود.

ص: 179

وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤَذَنَ لِي» ، فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي أَوَ تَرْجُو ذَلِكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه نَفْسَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِصَحَابَتِهِ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ (1) : إِذْ قَائِلٌ يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدًى لَهُ أَبِي وَأُمِّي، إِنْ جَاءَ بِهِ هَذِهِ السَّاعَةُ لَأَمْرٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«يَا أَبَا بَكْرٍ أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ، قَالَ:«فَنَعَمْ» ، قَالَ:«قَدْ أُذِنَ لِي» ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالصُّحْبَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَخُذْ إِحْدَى رَاحِلَتِي هَاتَيْنِ، فَقَالَ:«نَعَمْ، بِالثَّمَنِ» ، قَالَتْ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ (2) الْجِهَازِ،

(1) في " المصنف ": قالت عائشة: فبينما نحن يوماً جلوساً في بيتنا في نحر الظهيرة. ونحر الظهيرة: أوائلها. وقال في " الفتح " 7/235: أول الزوال، وهو أشد ما يكون في حرارة النهار.

(2)

تحرفت في الأصل إلى: "أحب"، والتصويب من "المصنف"، وأحث الجهاز: أسرعه.

ص: 180

وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ مِنْ نِطَاقِهَا، وَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ، فَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى: ذَاتَ النِّطَاقِ (1)، فَلَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2) فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: ثَوْرٌ، فَمَكَثْنَا (3) فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ (4) . [5: 46]

‌ذِكْرُ مَا خَاطَبَ الصِّدِّيقُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَهُمَا فِي الْغَارِ

6278 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، رضي الله عنه حَدَّثَهُمْ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ

(1) كذا بالإفراد، وهي إحدى روايات البخاري، وفي " المصنف " و "مسند" أحمد: النطاقين، والنطاق: ما يُشد به الوسط.

(2)

في "المصنف" والرواية التالية: فَلَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر

(3)

تحرفت في الأصل إلى "مكثنا"، والتصويب من "المصنف".

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9743) .

وأخرجه بأخصر مما هنا أحمد 6/198 عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (5807) في اللباس: باب التقنع، عن إبراهيم بن موسى، عن هشام، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، به.

وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (476) في الصلاة: باب المسجد يكون بالطريق من غير ضرر الناس، و (2297) في الكفالة: باب جوار أبي بكر فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، و (3905) في المغازي: باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان، والبيهقي في "الدلائل" 2/471-474، والبغوي في "معالم التزيل" 2/293-294 من طريقين عن الليث، عن عُقيل، عن الزهري، به. وانظر (6280) و (6868) .

ص: 181

فِي الْغَارِ: لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمِهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا» ؟ (1) . [5: 46]

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَرُوحُ عَلَى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَالصِّدِّيقِ رضي الله عنه بِالْمِنْحَةِ أَيَّامَ مُقَامِهِمَا فِي الْغَارِ

6279 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بنِ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعقوب الدورقي: هو ابن إبراهيم،

وعفان: هو ابن مسلم بن عبد الله الباهلي، وهمام: هو ابن يحيى بن دينار،

وثابت: هو ابن أسلم البناني.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/7، وأحمد 1/4، وابن سعد في "الطبقات" 3/173-174، والطبري في "جامع البيان"(16729)، والترمذي (3096) في التفسير: باب ومن سورة التوبة، وأبو يعلى (66) ، وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر"(72) ، والبيهقي في "دلائل النبوَّة" 2/480 من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (3653) في فضائل الصحابة: باب مناقب المهاجرين وفضلهم، و (3922) : باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، و (4663) في تفسير سورة براءة: باب قوله: {ثانيَ اثنين إذ هما في الغار} ، ومسلم:(2381) في فضائل الصحابة: باب فضائل أبي بكر رضي الله عنه، وأبو يعلى (67) ، وأبو بكر المروزي (71) ، والبيهقي 2/480-481، والبغوي في "معالم التنزيل" 2/293 من طرق عن همام بن يحيى، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، إنما يعرف من حديث همام، وتفرد به.

قلت: قد أخرجه أبو بكر المروزي (74) ، وابن شاهين في "الأفراد" كما في "الفتح" 7/12 من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت، وانظر الفتح 7/11-12. وسيأتي الحديث برقم (6869) .

ص: 182

يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اصْبِرْ» ، فَقَالُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَطْمَعُ أَنْ يُؤْذَنَ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَرْجُو» ، فَانْتَظَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ ظُهْرًا، فَنَادَاهُ، فَقَالَ لَهُ:«اخْرُجْ مَنْ عِنْدَكِ» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ: «أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الصُّحْبَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الصُّحْبَةُ» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي نَاقَتَانِ، قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ.

قَالَتْ: فَأَعْطَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِحْدَاهُمَا وَهِيَ الْجَدْعَاءُ، فَرَكِبَا حَتَّى أَتَيَا الْغَارَ، وَهُوَ بِثَوْرٍ، فَتَوَارَيَا فِيهِ، وَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلَامًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ أَخُو عَائِشَةَ لِأُمِّهَا، وَكَانَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه مِنْحَةٌ، فَكَانَ يَرُوحُ بِهَا وَيَغْدُو عَلَيْهِمْ، وَيُصْبِحُ فَيَدَّلِجُ (1) إِلَيْهِمَا، ثُمَّ يَسْرَحُ، فَلَا يَفْطِنُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ، فَلَمَّا خَرَجَا، خَرَجَ مَعْهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ (2) . [5: 46]

(1) قال الجوهري: أدلج القوم: إذا ساروا من أوّل الليل، والاسم: الدَّلَج بالتحريك والدُّلجة والدَّلجة أيضاً مثل: برهة من الدهر وبَرهة، فإذا ساروا من آخر الليل ادَّلجوا بتشديد الدال، والاسم الدَّلجة والدُّلجة.

(2)

إسناده صحيح. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القطان روى عنه

ص: 183

‌ذِكْرُ مَا يَمْنَعُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا كَيْدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ عَنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَالصِّدِّيقِ، عِنْدَ خُرُوجِهِمَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ

6280 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ (1) الْمُدْلِجِيُّ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ، يَقُولُ: جَاءَتْنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي

= جمع، وقال ابن أبي حاتم: كان صدوقاً، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/38-39، وقال: كان متقناً، وقد توبع، ومن فوقه من رجال الشيخين.

أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وأخرجه البخاري (4093) في المغازي: باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان، عن عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري مختصراً (2138) في البيوع: باب إذا اشترى متاعاً أو دابة، فوضعه عند البائع، من طريق علي بن مسهر، عن هشام به. وانظر (6277) و (6869) .

وقوله: "أخو عائشة" وفي رواية "أخي عائشة" وهما جائزتان، الأولى على القطع، والثانية على البدل، وفي قوله:"عبد الله بن الطفيل" نظر، وكأنه مقلوب، والصواب كما قال الدمياطي: الطفيل بن عبد الله بن سخبرة، وهو أزدي من بني زهران، وكان أبوه زوج أمِّ رومان والدة عائشة، فَقَدِمَا في الجاهلية مكة، فحالف أبا بكر، ومات وخلَّف الطفيل، فتزوج أبو بكر امرأته أم رومان، فولدت له عبد الرحمن وعائشة، فالطفيل أخوهما من أمهما، واشترى أبو بكر عامر بن فهيرة من الطفيل.

(1)

تحرف في الأصل إلى: "ثابت"، والتصويب من "مصنف عبد الرزاق" وموارد الحديث وكتب الرجال.

ص: 184

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَنْ قَتَلَهُمَا أَوْ أَسَرَهُمَا، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهَا حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ إِنِّي رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً (1) بِالسَّاحِلِ لَا أُرَاهَا إِلَّا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا، انْطَلِقُوا بِنَا (2) ، ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ بَيْتِي فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تُخْرِجَ لِي فَرَسِي وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَخَطَطْتُ بِهِ (3) الْأَرْضَ فَأَخْفَضْتُ عَالِيَةَ الرُّمْحِ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، وَرَفَعْتُهَا (4) تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا رَأَيْتُ أَسْوِدَتَهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ حَيْثُ يَسْمِعُهُمُ الصَّوْتُ عَثَرَ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي إِلَى كِنَانَتِي، فَاسْتَخْرَجْتُ الْأَزْلَامَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا فَخَرَجَ

(1) أي: أشخاصاً، وأسوِدة: جمع قلة لسواد.

(2)

في "المصنف" و"معجم الطبراني": بغاة، وعند البخاري والبيهقي "الدلائل" وأحمد أيضاً:"بأعيننا"، قال في "الفتح" 7/241: أي في نظرنا معاينة يبتغون ضالة لهم.

(3)

كذا الأصل، وهي رواية الكشميهني عند البخاري، وفي "المصنف":"بزُجِّي"، وعند البخاري والبيهقي:"بزجه"، وعند أحمد والطبراني: برمحي. والزُّج: الحديدة التي في أسفل الرمح.

(4)

تحرفت في الأصل إلى: "ومنعها"، والمثبت من "المصنف" وموارد الحديث.

ورفعتها: أي: أسرعت بها السير. والتقريب: السير دون العدو، وقيل: أن ترفع الفرس يديها معاً، وتضعهما معاً.

ص: 185

الَّذِي أَكْرَهُ، فَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ، وَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ، حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَزَجَرْتُهَا فَنَهَضْتُ وَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً، إِذَا عُثَانٌ (1) سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ، قَالَ: مَعْمَرٌ: قُلْتُ لِأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ (2) : مَا الْعُثَانُ؟ فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: هُوَ الدُّخَانُ مِنْ غَيْرِ نَارٍ، قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ أَنْ لَا أَضُرَّهُمْ، فَنَادَيْتُهُمَا بِالْأَمَانِ، فَوَقَفَا، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي، حَتَّى لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ، وَأَخْبَرْتُهُمْ مِنْ أَخْبَارِ أَسْفَارِهِمْ وَمَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَءُونِي، وَلَمْ يَسْأَلُونِي، إِلَّا أَنْ قَالُوا:«أَخْفِ عَنَّا» ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ مُوَادَعَةٍ، فَأَمَرَ بِهِ

(1) تحرفت في الأصل إلى: "عثار"، والتصويب من "المصنف" وموارد الحديث.

(2)

أبو عمرو بن العلاء، اختلف في اسمه على أقوال، وهو أحد القراء المشهورين، وكان مِن أشراف العرب، قال أبو عبيدة: كان أعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب، توفي سنة سبع وخمسين ومئة. انظر ترجمته في "السير" 6/409، و"معرفة القراء الكبار" 1/100.

ص: 186

عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، فَكَتَبَ لِي فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ (1) بَيْضَاءَ (2) . [5: 46]

(1) أي: من جلد مدبوغ، وفي "المصنف" وموارد الحديث: رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(2)

حديث صحيح، ابن أبي السرى متابع، ومن فوقه شرط البخاري.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9743) .

وأخرجه أحمد 4/175-176، والطبراني في "الكبير" عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3906) في مناقب الأنصار: باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

وأصحابه إلى المدينة، والبيهقي في "الدلائل" 2/485-487 من طريقين عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، به.

وأخرجه الطبراني (6602) ، والبيهقي 2/487، والمزى في "تهذيب الكمال" في ترجمة عبد الرحمن بن مالك المدلجى، من طريقين عن موسى بن عقبة.

وأخرجه الطبراني (6603) من طريق صالح بن كيسان، كلاهما عن الزهري بنحوه، وفيه زيادة.

الكنانة: جُعبة السهام، والأزلام: زَلَم بفتح الزاي واللام ويقال: زُلم: وهى القداح، والاستقسام: هو طلب علم ما قسم أو لم يُقسم بها، وكان أهلُ الجاهلية إذا أراد أحدهم سفراً أو غزواً أو نحو ذلك، أجالَ القداح -وهي الأزلام- وكانت قداحاً مكتوباً على بعضها: نهاني ربي، وعلى بعضها: أمرني ربى، فإن خرج القدحُ الذي هو مكتوب عليه: أمرني ربي، مضى لما أراد من سفر، أو غزو، أو تزويج، وغير ذلك، وإن خرج الذي عليه مكتوب: نهاني ربِّي، كفّ عن المضي لذلك وأمسك.

قلت: وقد بقى كتاب الموادعة مع سراقة حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم =

ص: 187

‌ذِكْرُ وَصْفِ قُدُومِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ الْمَدِينَةَ، عِنْدَ هِجْرَتِهِمْ إِلَى يَثْرِبَ

6281 -

أَخْبَرَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يَقُولُ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى أَهْلِي، فَقَالَ لَهُ عَازِبٌ: لَا حَتَّى تُحَدِّثُنِي كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حِينَ خَرَجْتُمَا مِنْ مَكَّةَ، وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ؟ فَقَالَ: ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ فَأَحْيَيْنَا لَيْلَتَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا، وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي، هَلْ نَرَى ظِلًّا نَأْوِي إِلَيْهِ؟ فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهَا، فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلِّهَا، فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قُلْتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاضْطَجَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَنْظُرُ، هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا؟ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أُرِيدُ - يَعْنِي الظِّلَّ - فَسَأَلْتُهُ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ الْغُلَامُ: لِفُلَانِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ، فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، وَأَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ،

= في حُنين بعد فتح مكة، خرج سراقة ليلقاه ومعه الكتاب، فلقيه بالجعرانة حتّى دنا منه، فرفع يده بالكتاب، فقال: يا رسول الله، هذا كتابك، فقال:"يوم وفاءٍ وبرّ، ادْنُ فأسلم".

ص: 188

ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا، وَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً (1) مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ رَوَيْتُ مَعِي (2) لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرُدَ أَسْفَلُهُ فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ، فَقُلْتُ: قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَكَيْتُ، فَقَالَ:«لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» ، فَلَمَّا دَنَا مِنَّا، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قِيدُ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، قُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَحِقَنَا، فَبَكَيْتُ، قَالَ:«مَا يُبْكِيكَ؟» ، قُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَيْكَ، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ» ، قَالَ: فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا فَوَثَبَ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّينِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي، فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ،

(1) الكُثْبة: بضم الكاف وسكون الثاء وفتح الباء، أي: قدر قدح، وقيل: حلبة خفيفة، وتُطلق على القليل من الماء واللبن، وعلى الجرعة تبقى في الاناء، وعلى القليل من الطعام والشراب وغيرهما من كل مجتمع.

(2)

في الأصل: ومعي، بزيادة الواو، والمثبت من موارد الحديث. ورويت: استقيت.

ص: 189

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ» ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ، أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ» ، فَخَرَجَ النَّاسُ حِينَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي الطُّرُقِ، وَعَلَى الْبُيُوتِ مِنَ الْغِلْمَانِ وَالْخَدَمِ يَقُولُونَ جَاءَ مُحَمَّدٌ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحَ انْطَلَقَ، فَنَزَلَ حَيْثُ أُمِرَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] قَالَ: وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ الْيَهُودُ: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142]، قَالَ: وَصَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَخَرَجَ بَعْدَمَا صَلَّى فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَانْحَرَفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ، قَالَ الْبَرَاءُ: وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ

ص: 190

عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: هُوَ مَكَانَهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ أَتَى بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَخُو بَنِي فِهْرٍ، فَقُلْنَا: مَا فَعَلَ مَنْ وَرَاءَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ؟ قَالَ: هُمُ الْآنَ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَبِلَالٌ، ثُمَّ أَتَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ رَاكِبًا، ثُمَّ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُمْ، وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، قَالَ الْبَرَاءُ: فَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ خَرَجْنَا نَلْقَى الْعِيرَ، فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ حَذِرُوا (1) . [5: 46]

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الله بن رجاء الغُداني من رجال البخاري، ومن فوقه على شرطهما.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 2/484، والإِسماعيلي في "المستخرج" كما في "الفتح" 7/11 عن الفضل بن الحباب الجمحي، بهذا الاسناد.

وأخرجه البخاري مختصراً ومطولاً (2439) في اللقطة: باب من عرَّف اللقطة ولم يدفعها للسلطان، و (3615) في فضائل الصحابة: باب مناقب المهاجرين وفضلهم، عن عبد الله بن رجاء الغداني، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/327، وأحمد 1/2-3، ومسلم (2009) في الزهد: باب حديث الهجرة، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 1/239-241، وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر"(62) و (65) من طرق عن إسرائيل بنحوه.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 14/330، والبخاري (3615) في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، و (3908) و (3917) : باب هجرة =

ص: 191

‌ذِكْرُ مُوَاسَاةِ الْأَنْصَارِ، بِالْمُهَاجِرِينَ مِمَّا مَلَكُوا مِنْ هَذِهِ الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ رضي الله عنهم

6282 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ:«لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَدِمُوا وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ، وَكَانَ الْأَنْصَارُ أَهْلَ الْأَرْضِ وَالْعَقَارِ، قَالَ: فَقَاسَمَهُمُ الْأَنْصَارِ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ أَنْصَافَ ثِمَارِ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ، فَيَكْفُوهُمُ الْعَمَلَ، قَالَ: وَكَانَتْ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَعْطَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْذَاقًا لَهَا، فَأَعْطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلَاتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ أَهْلِ خَيْبَرَ، وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ، قَالَ: فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّي أَعْذَاقَهَا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهَا مِنْ حَائِطِهِ» (1) . [5: 46]

= النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، و (5607) في الأشربة: باب شرب اللبن، ومسلم (2009) ، والمروزي (63) و (64) ، والبيهقي في "دلائل النبوَّة" 2/485 من طرق عن أبي إسحاق، به.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (1771) في الجهاد: باب رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم من الشجر والتمر حين استغنوا، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد. =

ص: 192

‌ذِكْرُ عَدَدِ غَزَوَاتِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6283 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، [و](1) ابْنُ كَثِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: خَرَجَ النَّاسُ يَسْتَسْقُونَ وَفِيهِمْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا رَجُلٌ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ غَزَا؟ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: يَا أَبَا عَمْرٍو كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «تِسْعَ عَشْرَةَ» ، قُلْتُ: كَمْ غَزَوْتَ مَعَهُ؟ قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ، قُلْتُ: مَا أَوَّلُ مَا غَزَا؟ قَالَ: ذُو الْعُشَيْرَةِ أَوِ الْعُسَيْرَةِ، فَصَلَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ (2) . [5: 47]

= وأخرجه البخاري (2630) في الهبة: باب فضل المنيحة، ومسلم والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 1/398، والبيهقي 6/116 من طرق عن ابن وهب، به.

وعلقه البخاري بإثر حديث (2630)، فقال: وقال أحمد بن شبيب: أخبرنا أبي، عن يونس، به.

قلت: وصله البيهقي 6/116 من طريق محمد بن أيُّوب، أنبأنا أحمد بن شبيب، بهذا الإسناد.

قوله: "رد المهاجرون الى الأنصار منائحهم" المنائح: جمع منيحة وهي العطية، وهي عند العرب على وجهين: أحدهما: أن يعطي الرجل صاحبه المال هبة أو صلة، فيكون له، والآخر: أن يُعطيه ناقة أو شاة ينتفع بحلبها ووبرها زمناً ثم يردُّها، وهذا الثاني هو المراد هنا. انظر "غريب الحديث" 1/292.

(1)

سقطت الواو من الأصل، واستدركت من موارد التخريج.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وابن كثير: هو محمد بن كثير العبدي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. =

ص: 193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5042) ، وأبو نعيم في "الحلية" 4/343 عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/373، والطيالسي (682)، والبخاري (3949) في المغازي: باب غزوة العشيرة أو العسيرة، ومسلم ص 1447 في الجهاد: باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، والترمذي (1676) في فضائل الجهاد: باب ما جاء في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وكم غزا، وقال: حسن صحيح، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/629، والبيهقي في "الدلائل" 5/460، وفي "السنن" 3/348، والطبراني (5042) من طرق عن شعبة، به. ذكر بعضهُم الاستسقاء وبعضهم لم يذكره.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/350-351، وأحمد 4/368 و 370 و 371-372، والبخاري (4404) في المغازي: باب حجة الوداع، (4471) : باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (1254) (218) في الحج: باب بيان عُمَر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن، وص 1447، والبيهقي في "الدلائل" 5/453، والطبراني (5043) و (5044) و (5045) و (5046) و (5047) و (5048) من طرق عن أبي إسحاق، به.

وأخرجه أحمد 4/374 عن غندر، حدثنا شعبة، عن ميمون أبي عبد الله، قال: سمعتُ زيد بن أرقم يقول:

فذكره.

وقوله: "ذو العشيرة أو العسيرة" كذا بالتصغير الأولى بالمعجمة، والثانية بالمهملة، وفي البخاري زيادة، وهي: فذكرت لقتادة، فقال:"العشيرة".

قلت: القائل: "فذكرت" هو شعبة. وقول قتادة، هو الذي اتفق عليه أهل السير، قال الحافظ: وهو الصواب، وأمّا غزوة العسيرة بالمهملة: فهي غزوة تبوك، قال الله تعالى:{الذين اتبعوه في ساعة العسرة} ، وسميت بذلك لما كان فيها من المشقة وهي بغير تصغير.

وأمّا العشيرة، فنسبت الى المكان الذي وصلوا إليه، وهو عند منزل الحج بينبع، وينبع تبعد عن المدينة خمسين ميلاً تقريباً، خرج إليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في خمسين ومئة أو مئتين من أصحابه في =

ص: 194

‌بَابُ مِنْ صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَخْبَارِهِ

6284 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا الْحَوْضِيُّ، وَابْنُ كَثِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ، رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 50]

= جمادى الأولى يريد قريشاً، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، فوادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً. انظر "سيرة ابن هشام" 2/248-250.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الحوضي: هو حفص بن عمر، وابن كثير: هو العبدي، واسمه محمد، وأبو إسحاق: هو السبيعي.

وأخرجه البخاري (3551) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو داود (4072) في اللباس: باب الرخصة في الحمرة، (4184) في الترجل: باب ما جاء في شعر النبي صلى الله عليه وسلم، عن حفص بن عمر الحوضي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (721)، والبخاري (5848) في اللباس: باب الثوب الأحمر، ومسلم (2337) في الفضائل: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم،

ص: 195

‌ذِكْرُ وَصْفِ قَامَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6285 -

أَخْبَرَنَا السِّخْتِيَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (1) قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ (2) يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَحْسَنَهُمْ خَلْقًا وَخُلُقًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الذَّاهِبِ

= والترمذي في "الشمائل"(3)، والنسائي 8/183 في الزينة: باب اتخاذ الجمة، و 8/203: باب لبس الحلل، وأبو يعلى (1714) ، وابن سعد في " الطبقات " 1/427-428، والبيهقي في "الدلائل" 1/222 و 240، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" قسم السيرة النبوية ص 243 من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/365 و 450، وأحمد 4/290 و 295 و 300 و 303، والبخاري (5901) في اللباس: باب الجعد، ومسلم (2337)، والترمذي (3635) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي " الشمائل "(4) ، وأبو داود (4183)، وابن ماجه (3599) في اللباس: باب لبس الأحمر للرجال، والنسائي 8/183، وأبو يعلى (1700) و (1705) ، وابن سعد 1/427 و 428، والبيهقي 1/222-223، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 112، وابن عساكر ص 243 و 244 و 245 و 246 من طرق عن أبي اسحاق بنحوه.

(1)

عبارة: "عن أبيه، عن أبي إسحاق" سقطت من الأصل، واستدركت من موارد التخريج.

(2)

في الأصل: "سمعت أنساً" وهو خطأ، والتصويب من "الموارد"(2114) وموارد التخريج.

ص: 196

وَلَا بِالْقَصِيرِ» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ لَوْنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6286 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«كَانَ لَوْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْمَرَ» (2) . [5: 50]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو كريب: هو محمد بن العلاء.

وأخرجه مسلم (2337)(93) في الفضائل: باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" قسم السيرة النبوية ص 245 عن أبي كريب، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (3549) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وابن عساكر ص 244-245 و 245 من طريقين عن إسحاق بن منصور، به.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/250 من طريق أحمد بن زهير بن حرب، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وهب بن بقية من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين. خالد: هو ابن عبد الله الطحان.

وأخرجه أبو يعلى (3741) عن وهب بن بقية، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/258-259، والبزار (2388) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/203 من طرق عن خالد بن عبد الله، به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 8/272 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، وصححه الحافظ في "الفتح" 6/569، وزاد نسبته إلى ابن منده.

وأخرجه الخطابي في "غريب الحديث" 1/214 عن ابن الأعرابي، حدثنا محمد بن عيسى الحربي، حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله الطحان، عن أبيه بهذا الإسناد، وقال بإثره: وفي نعت علي بن أبي طالب =

ص: 197

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يُشَبَّهُ بِهِ وَجْهُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6287 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ: كَانَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ مِثْلَ الْقَمَرِ» (1) . [5: 50]

= رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كان أبيض مشرباً بياضه بحمرة، وفي خبر آخر أنه كان أزهر اللون.

والسمرة: لون بين البياض والأدمة، وقد يُجْمَعُ بين الخبرين بأن تكون السمرة فيما يبرز للشمس من بدنه، والبياض فيما واراه الثياب، ويُسْتَدَلُّ على ذلك بقول ابن أبي هالة في وصفه أنه كان أنور المتجرد.

ويتأول قوله: "كان أزهر" على إشراق اللون ونصوعه، لا على البياض.

وفيه وجه آخر وهو أنه صلى الله عليه وسلم مشرب بالحمرة، والحمرة إذا أشبعت حكَتْ سمرة، ويدل على هذا المعنى قول الواصف له: لم يكن بالأبيض الأمهق.

قلت: حديث علي أخرجه الترمذي (3638) ، وأحمد 1/96 و116 و127 و 134، والحاكم 2/606، وابن سعد 1/410، ووصفه بأنه صلى الله عليه وسلم كان أزهر اللون أخرجه مسلم في صحيحه (2330) من حديث أنس، وهو في صحيح البخاري (3547) من حديث أنس أيضاً، وزاد فيه:"ليس بأبيض أمهق ولا آدم".

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. زهير: هو ابن معاوية، ومع أنه سمع من أبي اسحاق بعد الاختلاط، فقد أخرج له الشيخان في "صحيحيهما" من روايته عنه، على أن الإمام الذهبي رحمه الله يرى أنه شاخ ونسي ولم يختلط.

وأخرجه البخاري (3552) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، والدارمي 1/32، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/195 عن الفضل بن دكين، بهذا الإسناد. =

ص: 198

‌ذِكْرُ وَصْفِ عَيْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6288 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ عَنْ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«كَانَ أَشْكَلَ الْعَيْنَيْنِ، ضَلِيعَ الْفَمِ، مَنْهُوسَ الْعَقِبِ» (1) . [5: 50]

= وأخرجه الطيالسي (727) ، وأحمد 4/281، والترمذي (3636) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي (الشمائل)(10) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/195، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" قسم السيرة النبوية ص 249 من طرق عن زهير بن معاوية، به.

قال الحافظ: كأن السائل أراد أنه مثل السيف في الطول، فرد عليه البراء، فقال:"بل مثل القمر" أي: في التدوير، ويحتمل أن يكون أراد مثل السيف في اللمعان والصقال، فقال: بل هو فوق ذلك، وعدل إلى القمر لجمعه الصفتين من التدوير واللمعان، وأخرج مسلم في "صحيحه" (2344) من حديث جابر بن سمرة: أن رجلاً قال له: أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل الشمس والقمر وكان مستديراً.

(1)

إسناده حسن على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير سماك بن حرب، فمن رجال مسلم، ثم هو صدوق لا يرقى حديثه إلى رتبة الصحيح.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1904) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل وسليمان بن الحسن، حدثنا عبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد. وهو في "زوائد المسند" 5/97.

وأخرجه أحمد 5/86 و 88 و 103، ومسلم (2339) في الفضائل: باب صفة فم النبي صلى الله عليه وسلم، وعينيه وعقبيه، والترمذي (3646) و (3647) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "الشمائل"(8) ، والطبراني (1903) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/211، والبغوي (3634) من طرق عن شعبة، به. =

ص: 199

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَشْكَلُ الْعَيْنَيْنِ، أَرَادَ بِهِ أَشْهَلَ الْعَيْنَيْنِ

6289 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْهَلَ الْعَيْنَيْنِ، مَنْهُوسَ الْكَعْبَيْنِ أَوِ الْقَدَمَيْنِ» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا

6290 -

أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ،

= وجاء في رواية عند أحمد ومسلم والترمذي: قال شعبة: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم، قال: قلت: ما أشكل العين؟ قال: طويل شق العين، قال: قلت: ما منهوس العقب؟ قال: قليل لحم العقب.

(1)

إسناده على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله. وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 1/210 من طريق إبراهيم بن مرزوق، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد، وعنده:"أشكل العينين".

وأخرجه الطيالسي (765) ، وعنه ابن سعد 1/416، والبيهقي في "الدلائل" 1/411 عن شعبة به، بلفظ "أشهل العينين".

قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 3/27-28: الشُّكلة: الحمرة تكونُ في بياض العين، والشُّهله غير الشكلة، وهي حمرة في سواد العين.

ص: 200

أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ:«ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ وَصْفِ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6291 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَيْفَ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «كَانَ شَعْرًا رَجِلًا، لَيْسَ بِالْجَعْدِ، وَلَا بِالسَّبْطِ بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ» (2) . [5: 50]

(1) إسناده حسن على شرط مسلم. وهو قطعة من حديثٍ مطول تقدم تخريجه برقم (4188) .

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، شيبان بن أبي شيبة: هو ابن فروخ، من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين.

وأخرجه مسلم (2338)(94) في الفضائل: باب صفة شعر النبي صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/220 عن شيبان بن فروخ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/135 و 203، والبخاري (5905) و (5906) في اللباس: باب الجعد، والترمذي في " الشمائل "(26)، وابن ماجه (3634) في اللباس: باب اتخاذ الجمة والذوائب، وابن سعد في " الطبقات " 1/428، والبيهقي 1/219 من طرق عن جرير بن حازم، به.

وأخرج أحمد 3/118، والبخاري (5903) و (5904) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2338)(95)، والنسائي 8/183 في الزينة: باب اتخاذ الجمة، وابن سعد 1/428، والبيهقي 1/220-221 من طرق =

ص: 201

‌ذِكْرُ وَصْفِ الشَّعَرَاتِ الَّتِي شَابَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6292 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: هَلْ شَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «مَا شَانَهُ (1) اللَّهُ بِشَيْبٍ، مَا كَانَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ سِوَى سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ شَعْرَةً» (2) . [5: 50]

= عن هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ شَعر رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يضرب منكبيه.

وأخرج عبد الرزاق (20519) ، ومسلم (2338)(96)، وأبو داود (4186) في الترجل: باب ما جاء في الشعر، والنسائي 8/183، وابن سعد 1/428 من طريقين عن أنس، قال: كَانَ شَعر رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنصاف أذنيه.

وأخرجه أحمد 3/135، وابن سعد 1/428 و 428-429 من طريقين عن أنس، قال: كان شعره لا يجاوز أذنيه.

وأخرج أبو داود (4185) ، وعنه البيهقي في "الدلائل" 1/421 من طريق عبد الرزّاق، عن معمر، عن ثابت، قال: كان شَعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شحمة أذنيه.

قلت: والرجِلُ من الشعر: هو الذي بين الجعودة والسبوطة، والجعد: خلاف السبط، والسبط: هو المنبسط المسترسل.

(1)

تحرفت في الأصل إلى "شابه"، والمثبت من موارد الحديث.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/254، وابن سعد في "الطبقات" 1/431-432 =

ص: 202

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ بَعْضَ النَّاسِ ضِدَّ مَا وَصَفْنَاهُ

6293 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«مَا عَدَدْتُ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِحْيَتِهِ إِلَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ» (1) .

‌ذِكْرُ [الْبَيَان] بِأَنَّ قَوْلَ أَنَسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّفْيَ عَمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ الْعَدَدِ

6294 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُهَيْرٍ، بِالْأُبُلَّةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ

= عن عفان، وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 1/231-232 من طريقين عن حجاج بن منهال، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرج مسلم (2341)(105) في الفضائل: باب شيبه صلى الله عليه وسلم، وابن سعد 1/431 من طريقين عن أنس أنه سئل عن شيب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما شانه الله ببيضاء.

وأخرج ابن ماجه (2629) في اللباس: باب من ترك الخضاب، من طريق حميد، قال: سئل أنس بن مالك: أخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنه لم ير من الشيب إلا نحو سبعة عشر أوعشرين شعرة في مقدم لحيته. وقال البوصيري في "الزوائد" 225/2: هذا إسناد صحيح. وانظر الحديث التالي و (6387) .

(1)

إسناده صحيح، محمد بن عبد الملك بن زنجويه ثقة روى له أصحاب السنن، ومن فوقه من رجال الشيخين، وهو عند عبد الرزّاق في "المصنف"(20185) ، وعنه أخرجه أحمد 3/165 والترمذي في "الشمائل"(37) ، والبغوي (3653) .

ص: 203

الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«كَانَ شِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِشْرِينَ شَعْرَةً» (1) .

‌ذِكْرُ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ تِلْكَ الشَّعَرَاتُ

6295 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«رَأَيْتُ شِيبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ فِي مُقَدِّمَتِهِ» (2) . [5: 50]

(1) إسناده ضعيف. شريك: هو ابن عبد الله الكوفي القاضي، سيء الحفظ.

وأخرجه ابن ماجه (3630) في اللباس: باب من ترك الخضاب، والترمذي في "الشمائل"(39) ، وفي "العلل الكبير" 2/929، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/239 عن محمد بن عمر الكندي، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أحمد 2/90، ومن طريقه البغوي (3656) عن يحيى ابن آدم، به.

وقال الترمذي في "العلل": سألت محمداً -يعني البخاري- عن هذا الحديث، فقال: لا أعلم أحداً روى هذا الحديث عن عبيد الله غير شريك.

وذكره البوصيري في "زوائد ابن ماجه" 225/2، وقال: إسناده صحيح ورجاله ثقات!

(2)

إسناده ضعيف، وهو مكرر ما قبله.

ص: 204

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الشَّعَرَاتِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا لَمْ تَكُنْ فِي لِحْيَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَدَنِهِ

6296 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَخْضِبُ، إِنَّمَا كَانَ شَمَطٌ عِنْدَ الْعَنْفَقَةِ يَسِيرًا، وَفِي الرَّأْسِ يَسِيرًا، وَفِي الصُّدْغَيْنِ يَسِيرًا» (1) . [5: 50]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الصمد: هو ابن عبد الوراث.

وأخرجه النسائي 7/141 في الزينة: باب الخضاب بالصفرة، عن محمد بن المثنى، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 1/232 من طريق محمد بن أبي بكر، عن عبد الصمد بن عبد الوراث، به.

وأخرجه مسلم (2341)(104) في الفضائل: باب شيبه صلى الله عليه وسلم، وابن سعد

1/432 من طريقين عن المثنى بن سعيد، به.

وأخرج البخاري (3550) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي 8/140-141، وابن سعد 1/432، والترمذي في "الشمائل"(36) ، وعنه البغوي (3652) من طرق عن هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أنه سئل: هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، إنما كان شيء في صدغيه.

وأخرج البخاري (5895) في اللباس: باب ما يذكر في الشيب، وأبو داود (4209) من طريقين عن حماد بن زيد، عن ثابت، قال: سئل أنس عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنه لم يخضب، ولو شئت أن أعد شمطاته في لحيته. لفظ البخاري.

وأخرج البخاري (5894) ، ومسلم (2341) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/229-230 و 230 عن المعلى بن أسد، حدثنا وهيب، عن أيوب، =

ص: 205

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الشَّعَرَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا كَانَ إِذَا مُشِّطْنَ وَدُهِنَّ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْبَهَا

6297 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، يَقُولُ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتُهُ، وَإِذَا ادَّهَنَ وَمُشِّطْنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ، وَإِذَا شَعِثَ رَأَيْتُهُ، وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعْرِ وَاللِّحْيَةِ» فَقَالَ رَجُلٌ: وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ؟ ، قَالَ:«لَا، كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ الْمُسْتَدِيرِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ خَاتِمَهُ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَةِ النَّعَامَةِ (1) يُشْبِهُ جَسَدَهُ» (2) . [5: 50]

= عن محمد بن سيرين، قال: سألت أنساً: أخضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لم يبلغ الشيب إلاَّ قليلا.

الشمط: هو الشيب يخالطه السواد.

والعنفقة: الشعر الذي في الشفة السفلى، وقيل: هو الشعر الذي بينها وبين الذقن، وأصل العنفقة: خفة الشيء وقلته.

(1)

كذا في الأصل، وفي "مسند أبي يعلى" وموارد الحديث:"بيضة الحمامة" وهو الصواب، وهو موافق لرواية الحديث التالي، وقد أشار إلى غلط هذه الرواية الحافظ ابن حجر في "الفتح" 6/563، وقال الحافظ الهيثمي في "الموارد" (2098) : روي هذا فى حديث في الصحيح في صفته صلى الله عليه وسلم، وهو في الصحيح:"مثل بيضة الحمامة"، وهو الصواب.

(2)

إسناده حسن. عبد الرحمن بن صالح: هو الأزدي العتكي الكوفي، وثقه المصنف وأحمد وابن معين، وقال مرة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صدوق، ومن فوقه من رجال الشيخين غير سماك، وهو ابن حرب، فمن رجال مسلم ثم هو صدوق. إسرائيل: هو ابن يونس بن إبي إسحاق =

ص: 206

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مِثْلُ بَيْضَةِ النَّعَامَةِ وَهِمَ فِيهِ إِسْرَائِيلُ إِنَّمَا هُوَ مِثْلُ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ

6298 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ:«نَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ الَّذِي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: كَأَنَّهُ بَيْضَةُ حَمَامَةٍ» (2) . [5: 50]

= السبيعي، وهو في "مسند أبي يعلى" 349/1.

وأخرجه أحمد 5/102 و 107، ومسلم (2344) (109) في الفضائل: باب شيبه صلى الله عليه وسلم، وابن سعد في " الطبقات " 1/425 و 433، والطبراني في "الكبير"(1918) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/235 و 262، وابن عساكر في القسم الأول من السيرة النبوية في "تاريخ دمشق" ص 252 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرج القسم الأول منه أحمد 5/86، وابن سعد 1/433 عن أبي داود الطيالسي، وأخرجه مسلم (2344)(108)، والنسائي 8/150 في الزينة: باب الدهن، والترمذي في "الشمائل"(38) ، عن محمد بن المثنى، وأخرجه البيهقي 1/234 من طريق يونس بن حبيب، كلاهما عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة.

وأخرجه أحمد 5/90، والترمذي في "الشمائل"(43) ، والطبراني في "الكبير"(1963) ، والبيهقي 1/234، والبغوي (3654) من طرق عن حماد بن سلمة، كلاهما (شعبة وحماد) عن سماك بن حرب، به.

(1)

تحرف في الأصل إلى "العزيزي"، والتصويب من كتب الرجال.

(2)

إسناده حسن على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير سماك، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 5/90 و 95، وابنه عبد الله في "زوائد المسند" =

ص: 207

‌ذِكْرُ تَخْصِيصِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِالْخَاتَمِ الَّذِي جَعَلَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ

6299 -

أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ:«أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبْصَرَ الْخَاتَمَ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ» (1) . [3: 2]

= 5/98، ومسلم (2344) (110) في الفضائل: باب شيبه صلى الله عليه وسلم، وابن سعد في "الطبقات" 1/425، والطبراني في "الكبير"(1908) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2344)(110) ، وابن سعد 1/425، والطبراني (2008) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/262-263 من طرق عن عبيد الله بن موسى، عن حسن بن صالح، وأخرجه الترمذي (3644) ، وفي "الشمائل"(16) ، ومن طريقه البغوي (3633) من طريق أيوب بن جابر، كلاهما عن سماك به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وانظر الحديث رقم (6301) .

(1)

إسناده صحيح، عد الله بن معاوية الجمحي ثقة روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه، ومن فوقه من رجال الشيخين غَيْرَ صحابيه، فمن رجال مسلم.

عاصم الأحول: هو ابن سليمان.

وأخرجه أحمد 5/182 من طريقين عن ثابت بن يزيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/82 و 82-83، ومسلم (2346) في الفضائل: باب إثبات خاتم النبوة، والترمذي في "الشمائل"(22) ، وابن سعد 1/426، وأبو يعلى (1563) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/263 و 264، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2245) ، وأبو محمد البغوي في "شرح السنَّة"(3634) من طرق عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس بأطول مما هنا.

ص: 208

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْخَاتَمِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ كَتِفَيِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

6300 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو (1) زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ادْنُ مِنِّي فَامْسَحْ ظَهْرِي» .

قَالَ: فَكَشَفْتُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَجَعَلْتُ الْخَاتَمَ بَيْنَ أُصْبُعِي فَغَمَزْتُهَا، قِيلَ: وَمَا الْخَاتَمُ؟ قَالَ: شَعْرٌ مُجْتَمِعٌ عَلَى كَتِفِهِ (2) . [3: 2]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ أَبِي زَيْدٍ عَلَى كَتِفِهِ أَرَادَ بِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ

6301 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ،

(1) في الأصل: "أبي"، وهو تحريف، والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 374.

(2)

إسناده صحيح، عمرو بن أبي عاصم روى له ابن ماجه وهو ثقة، ومن فوقه من رجال مسلم. أبو زيد: هو عمرو بن أخطب رضي الله عنه. وهو في "مسند أبي يعلى"(6846) .

وأخرجه أحمد 5/341، والترمذي في " الشمائل "(19) من طريق أبي عاصم النبيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/77، والطبراني في "الكبير" 17/ (44) من طريقين عن عزرة بن ثابت، به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 8/281، ونسبه لأحمد والطبراني وأبي يعلى، وقال: أحدُ أسانيد أحمد رجال الصحيح.

ص: 209

أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، يَقُولُ:«رَأَيْتُ الْخَاتَمَ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ لَوْنُهَا لَوْنُ جَسَدِهِ» (1) . [3: 2]

‌ذِكْرُ حَقِيقَةِ الْخَاتَمِ الَّذِي كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُعَجِّزَةً لِنُبُوَّتِهِ

6302 -

أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ بْنِ سَالِمٍ الْمُرَبَّعِيُّ (2) الْعَابِدُ، بِسَمَرْقَنْدَ، حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُرَجًّى الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَاضِي سَمَرْقَنْدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«كَانَ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ فِي ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ الْبُنْدُقَةِ مِنْ لَحْمٍ عَلَيْهِ، مَكْتُوبٌ مُحَمَّدُ رَسُولِ اللَّهِ» (3) . [3: 2]

(1) إسناده حسن على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير سماك بن حرب، فمن رجال مسلم. وقد تقدم تخريجه برقم (6298) .

(2)

تحرف في الأصول إلى " الربعي "، والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 274، نسبة إلى رباط المربعة بسمرقند، كما في " اللباب " 3/192.

(3)

ضعيف، علته إسحاق بن إبراهيم قاضي سمرقند، فإنه لم يوثقه غير المؤلف 8/109، وضعفه الحافظ ابن حجر كما وجد بخطه في هامش الأصل من " موارد الظمآن ".

وأورده السيوطي في "الخصائص" 1/60، ونسبه لابن عساكر والحاكم في " تاريخ نيسابور ".

وقال الحافظ في "الفتح" 6/563: أما ما ورد من أَنَّها -يريد الخاتم- كانت كأثر محجم، أو كالشامة السوداء أو الخضراء، أو مكتوب عليها "محمد رسول الله"، أو "سر فأنت منصور"، أو نحو ذلك، فلم يثبت منها شيء، ولا تغتر بما وقع فها في " صحيح ابن حبان "، فإنه غفل حيث صحح ذلك، والله أعلم. =

ص: 210

‌ذِكْرُ وَصْفِ لِينِ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَطِيبِ عَرَقِهِ

6303 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«مَا مَسَسْتُ حَرِيرًا قَطُّ، وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا شَمَمْتُ رِيحًا قَطُّ، وَلَا عَرَقًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ عَرَقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 50]

= وَقَالَ الحافظ الهيثمي في "الموارد"(2597) : اختلط على بعض الرواة خاتم النبوة بالخاتم الذي كان يختم به الكتب. وفي هامش الأصل من "الموارد" بخط الحافظ العسقلاني: البعض هو إسحاق، فهو ضعيف.

قلت: تقدم عند المصنف برقم (5494) من حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اتخذ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، فَجَعَلَ فصَّه مِمَّا يَلِي كفه، ونقش فيه:"محمد رسول الله".

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري (3561) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.

وعنده: عَرْف بدل عَرَق، والعرف بفتح العين وسكون الراء: الريح، طيبة كانت أو منتنة، وأكثر ما يستعمل في الطيبة.

وأخرجه مسلم (2330)(82) في الفضائل: باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم ولين مسه، والبيهقي في "الدلائل" 1/254 من طريقين عن حماد بن زيد، به.

وأخرجه أحمد 3/222 و 227 و 265 و 267، والدارمي 1/31، وابن سعد في "الطبقات" 1/413، ومسلم (2330)، والترمذي (2015) في البر والصلة: باب ما جاء في خلق النبي صلى الله عليه وسلم، والبيهقي 1/255، وابن عساكر في "السيرة النبوية" ص 240 و 241 من طرق عن ثابت البناني، به. وانظر ما بعده.

ص: 211

‌ذِكْرُ وَصْفِ طِيبِ رِيحِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6304 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«مَا شَمَمْتُ مِسْكَةً، وَلَا عَنْبَرَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَرَقَ صَفِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ يُجْمَعُ لِيُتَطَيَّبَ بِهِ

6305 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِي أُمَّ سُلَيْمٍ، فَيَقِيلُ عِنْدَهَا عَلَى نَطْعٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الْعَرَقِ، فَتَتَبَّعُ الْعَرَقَ مِنَ النَّطْعِ، فَتَجْعَلُهُ فِي قَوَارِيرَ مَعَ الطِّيبِ، وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ» (2) . [5: 50]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير وهب بن بقية، فمن رجال مسلم. خالد: هو ابن عبد الله الطحان الواسطي.

وأخرجه أبو يعلى (3761) عن وهب بن بقية، بهذا الاسناد.

وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 413-414 و 414 من طرق عن خالد بن عبد الله، به.

وأخرجه أحمد 3/107 و267، والبخاري (1973) في الصيام: باب ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو يعلى (3866) ، والبغوي (3658) من طرق عن حميد الطويل، به.

(2)

إسناده صحيح. إبراهيم بن الحجاج السامي روى له النسائي، وهو ثقة، ومن فوقه من رجال الشيخين. وهيب: هو ابن عجلان الباهلي، وأيوب: =

ص: 212

‌ذِكْرُ وَصْفِ حَيَاءِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6306 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا» (1) . [5: 50]

= هو ابن أبي تميمة السَّختياني. وهو في " مسند أبي يعلى "(2791) .

وأخرجه أبو يعلى (2795) عن عبد الأعلى، حدثنا وهيب، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (2587) ، وأحمد 3/103 و 226 و 231 و 287، والبخاري (6281) في الاستئذان: باب من زار قوماً فَقَالَ عِنْدَهُمْ، ومسلم (2331) في الفضائل: باب طيب عرق النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك به، والنسائي 8/218 في الزينة: باب ما جاء في الأنطاع، والبيهقي في "السنن" 2/421، وفي " الدلائل " 1/257-258، والبغوي (3660) من طرق عن أنس بنحوه.

وأخرج مسلم (2332) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/258 و "السنن" 2/421 من طريقين عن عفان، عن وهيب، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن أنس، عن أم سُليم.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، ويحيى بن سعيد: هو القطان. وهو في "مسند أبي يعلى"(1156) .

وأخرجه البخاري (3562) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وابن ماجة (4180) في الزهد: باب الحياء، من طريقين عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/523-524، والطيالسي (2222) ، وابن سعد في "الطبقات" 1/368، والبخاري في "صحيحه"(6119) في

ص: 213

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ

6307 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عُمَرَ الْخَطَّابِيُّ، بِالْبَصْرَةِ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ بِالصُّغْدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، عَنْ مِثْلِ هَذَا فَاسْأَلْ، عَنْ مِثْلِ هَذَا فَاسْأَلْ.

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ» (1) . [5: 50]

= الأدب: باب الحياء، وفي " الأدب المفرد "(467) ، وأحمد 3/71 و 79 و 88 و 91 و 92، والترمذي في "الشمائل"(351) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(1029) ، ومن طريقه أبو محمد البغوي في "شرح السنة"(3693) ، والمزي في " تهذيب الكمال " في ترجمة عبد الله بن أبي عتبة، من طرق عن شعبة، به. وانظر ما بعده.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه مسلم (2320) في الفضائل: باب كثرة حياته صلى الله عليه وسلم، عن أحمد بن سنان القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3562) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم، وابن ماجة (4180) في الزهد: باب الحياء، والبيهقي في " السنن " 10/192، وفي "دلائل النبوة" 1/316، وفي "الآداب"(200) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، به. وانظر ما بعده.

ص: 214

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ

6308 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ، مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، إِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَا ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ وَصْفِ مَشْيِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِذَا مَشَى مَعَ أَصْحَابِهِ

6309 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا يُونُسَ، مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:«مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَأَنَّمَا الشَّمْسُ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى لَهُ، إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا، وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ» (2) . [5: 50]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه البخاري (6102) في الأدب: باب من لم يواجه الناس بالعتاب، عن عبدان، عن عبد اللهِ بن المبارك، بهذا الأسناد. وانظر الحديثين السابقين.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو يونس مولى أبي هريرة اسمه: سُليم بن جُبير.

ص: 215

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مِشْيَةَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَتْ (1) تَكَفِّيًا

6310 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَزْهَرَ اللَّوْنِ كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ، إِذَا مَشَى مَشَى تَكَفِّيًا» (2) . [5: 50]

‌ذِكْرُ وَصْفِ التَّكَفِّي الْمَذْكُورِ فِي خَبَرِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6311 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا وَصَفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

= وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/415 عن أحمد بن الحجاج، عن عبد الله بن المبارك، عن عمرو بن الحارث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/380، والترمذي (3648) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي " الشمائل "(115) ، ومن طريقه البغوي (3649) عن قتيبة بن سعيد، وأخرجه أحمد 2/350 عن الحسن بن موسى الأشيب، كلاهما عن عبد الله بن لهيعة، عن أبي يونس، به.

(1)

في الأصل: " كان ".

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/228 و 270، والدارمي 1/31، ومسلم (0 233)

(82)

في الفضائل: باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم، وابن سعد 1/413، والبيهقي في " الدلائل " 1/255 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

ص: 216

(1) حديث صحيح، إسناده حسن لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين غير شريك القاضي، وهو سيء الحفظ، لكنه قد توبع.

وهو في "مسند أبي يعلى"(369) ، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "السيرة" ص 219 و 219-220.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" 1/116، ومن طريقه ابن عساكر ص 220 عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أحمد 1/134، وابنه عبد الله في "زوائد المسند" 1/116، والبيهقي في "الدلائل" 1/245، وابن عساكر ص 216 من طرق عن شريك بن عبد الله، به.

وأخرجه ابن عساكر ص 221 و 221-222 من طريقين عن عبد الملك بن عمير، به.

وأخرجه الطيالسي (171) ، وأحمد 1/96 و 127، وابنه عبد الله 1/116-117 و 117، والترمذي (3637) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي " الشمائل "(5) ، وأبو زرعة في "تاريخه" 1/160،

والبيهقي 1/244، والبغوي (3641) ، وابن عساكر ص 217-218 و 218-219 و 219 و222 و 223 من طرق عن نافع بن جبير بن مطعم، به.

وقال الترمذي: حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 1/101، وابن سعد في "الطبقات" 1/410، وأبو يعلى (370) ، وابن عساكر ص 213 و214 من طريقين عن محمد ابن الحنفية، عن علي بنحوه. وانظر طرقاً أخرى للحديث عند الترمذي في "جامعه"(3638) ، وفي "الشمائل"(6) ، وابن سعد 1/410-413، وابن عساكر ص 214-227. =

ص: 217

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ مَشْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي طُرُقِهِ

6312 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجُوا مَعَهُ مَشَوْا أَمَامَهُ، وَتَرَكُوا ظَهْرَهُ لِلْمَلَائِكَةِ» (1) . [5: 47]

= قوله: طويل المسربة: هي الشعر النابت على وسط الصدر نازلاً إلى آخر البطن.

وشئن الكفين: أي غليظ الكفين، والصبب: ما انحدر من الأرض.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير نبيح العنزي، فقد روى له أصحاب السنن، ووثقه أبو زرعة والعجلي والمؤلف، وصحح حديثه الترمذي وابن خزيمة والحاكم. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه أحمد 3/302، وابن ماجة (246) في المقدمة: باب من كره أن يوطأ عقباه، من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وقال البوصيري في "الزوائد" 19/2: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه أحمد بن منيع في "مسنده": حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، به بلفظ: مشوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"امشوا أمامي، وخلفوا ظهري للملائكة".

قلت: وأخرجه الحاكم 4/281 من طريق محمد بن علي بن عفان، حدثنا قيصة بن عقبة، حدثنا سفيان، به بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته، مشينا قدامه وتركنا خلفه للملائكة.

وأخرجه أحمد 3/232، حدثنا أبو أحمد (هو الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير) حدثنا سفيان، به، إلا أنه قال: وتركنا ظهره للملائكة. =

ص: 218

‌ذِكْرُ وَصْفِ أَسَامِي الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6313 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ لِي أَسْمَاءً: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِهِ، وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ» ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ رَءُوفًا رَحِيمًا (1) . [5: 50]

= وأخرج أحمد 397/3-398، والدارمي 1/23-25 من طريقين عن أبي عوانة، عن الأسود، عن نبيح العنزي، عن جابر في حديث مطول، قال: وقام أصحابه، فخرجوا بين يديه، وكان يقول:"خلوا ظهري للملائكة".

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم، وأخرجه ابن عساكر في "السيرة النبوية". ص 18 من طريق الحسن بن قتيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2354)(125) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/154 عن حرملة بن يحيى، به.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/50، والطبراني في "الكبير"(1525) من طريقين عن ابن وهب، به.

وأخرجه عبد الرزّاق (19657) ، والحميدي (555) ، وابن أبي شيبة 11/457، وأحمد 4/80 و 84، والدارمي 2/317-318، وابن سعد في "الطبقات" 1/105، والبخاري (3532) في المناقب: باب ما جاء في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، و (4896) في تفسير سورة الصف، ومسلم (2354)، والترمذي (2840) في الأدب: باب ما جاء في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وفي " الشمائل "(359) ، والآجري في "الشريعة" ص 462، والطبراني في =

ص: 219

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6314 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ،

= " الكبير "(1520) و (1521) و (1522) و (1523) و (1524) و (1526) و (1527) و (1528) و (1529) و (1530) ، وأبو نعيم في "الدلائل"(19) ، والبيهقي في " الدلائل " 1/152-153 و 153 و 154، والبغوي (3629) و (3630) ، وابن عساكر ص 12 و 13 و 14 و 15 و 16 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه الطيالسي (924) ، وأحمد 14/81 و 83-84، وابن سعد 1/104 و 105، والبغوي في "الجعديات"(3445) ، والطحاوي 2/50، والطبراني (1563) ، والبيهقي 1/155 و 155-156، والآجري في "الشريعة" ص 462-463، وابن عساكر ص 17 و 18 من طريقين عن نافع بن جبير، عن أبيه بنحوه، وفيه زيادة:"وأنا الخاتم".

وقوله: "الذي ليس بعده نبي" قال الحافظ في "الفتح" 6/577: ظاهره الإِدراج، لكن وقع في رواية سفيان بن عيينة عند الترمذي وغيره بلفظ:"ليس بعدي نبي" وهو محتمل للرفع والوقف.

قلت: أخرج الحديثَ الإمامُ أحمد من رواية سفيان، وفيه:"وأنا العاقب"، والعاقب: الذي ليس بعده نبي.

وجاء في رواية عبد الرزّاق عن معمر، قال: قلت للزهري: ما العاقب؟ قال: الذي ليس بعده نبي.

وذكر ذلك مسلم في روايته عن عقيل عن الزهري.

فتبين من ذلك أن هذا التفسير مدرج من قول الزهري، وأشار إلى ذلك البيهقي في " الدلائل " 1/154 بقوله: ويحتمل أن يكون تفسير العاقب من قول الزهري كما بينه معمر.

وأما قوله: "وقد سماه الله رؤوفاً رحيماً" فهو من قول الزهري، جزم بذلك البيهقي وأقره عليه الحافظ في "الفتح" 6/557.

ص: 220

عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُسَمِّي لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً، فَقَالَ:«أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْمُقَفِّي، وَالْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا وَصَفْنَا وَهُوَ فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ

6315 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرٍّ،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأبو عبيدة: هو ابن عبد الله بن مسعود.

وأخرجه ابن عساكر في "السيرة النبوية" ص 19 من طريقين عن أبي يعلى، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2355) في الفضائل: باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في "الدلائل" 1/156-157، وابن عساكر ص 20 من طريقين عن جرير بن عبد الحميد، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/457، وابن سعد في " الطبقات " 1/104-105، وأحمد 4/395 و 404 و407، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/51، والطبراني في "الصغير"(217) ، والحاكم 2/604، والبيهقي 1/156، وابن عساكر ص 19 و 19-20 من طرق عن عمرو بن مرة، به. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!

والمقفي: هو المولي الذاهب يعني أنه آخرُ الأنبياء المتبع لهم، فإذا قفَّى فلا نبي بعده، ونبي الملحمة، أي: نبي القتال.

ص: 221

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي سِكَّةٍ مِنْ سِكَكِ الْمَدِينَةِ: «أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْحَاشِرُ، وَالْمُقَفِّي، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ» (2) . [5: 50]

‌ذِكْرُ وَصْفِ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ

6316 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «كَانَ صلى الله عليه وسلم

(1) في الأصل: عبد الله، وهو خطأ، والتصويب من موارد التخريج.

(2)

إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود، ويأتي رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. روح: هو ابن عبادة.

وأخرجه أحمد 5/405، ومن طريقه ابن عساكر في "السيرة النبوية" ص 20 عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/405، وابن سعد 1/104، والترمذي في " الشمائل "(360) ، وابن عساكر ص 20 من طرق عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/457، والبزار (2379) ، والآجري في "الشريعة" ص 462 من طريقين عن عاصم بن أبي النجود، به.

وأخرجه أحمد 5/405، والبزار (2378) ، والآجري ص 462، والبغوي (3638) ، وابن عساكر ص 21 من طرق عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن حذيفة. وزاد بعضهم:" وأنا نبي التوبة، وأنا نبي الملاحم ".

وقال البزار: لا نعلم يُروى عن حذيفة إلاّ من حديث عاصم عن أبي وائل، وإنما أتى هذا الاختلاف من اضطراب عاصم، لأنه غيرُ حافظ.

وذكره الهيثميُّ في "المجمع" 8/284، وقال: رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح غيرَ عاصم بن بهدلة، وهو ثقة، وفيه سوءُ حفظ!

ص: 222

يَمُدُّ صَوْتَهُ مَدًّا» (1) . [5: 1]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ

6317 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو (2) بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:«كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَدًّا يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ» (3) . [5: 1]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخمن غير سفيان بن حرب، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقاً.

وأخرجه أحمد 3/119 و 131 و 192 و 289، والبخاري (5045) في فضائل القرآن: باب مد القراءة، وأبو داود (1465) في الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، والنسائي 2/179 في الصلاة: باب مد الصوت بالقراءة، وفي "فضائل القرآن"(84) ، والترمذي في "الشمائل"(308) ، وابن سعد في "الطبقات" 1/476، وابن ماجه (1353) في إقامة الصلاة: باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل، وأبو يعلى (2906) و (3047) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 184، والبيهقي 2/52 من طرق عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد.

(2)

في الأصل: "عمر"، وهو خطأ، والتصويب من "التقاسيم" 5/لوحة 99.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عمرو بن عاصم: هو ابن عبيد الله الكلابي.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/376 عن عمرو بن عاصم، وابن أبي داود كما في "الفتح" 9/91 عن يعقوب بن إسحاق، عن عمرو بن عاصم. =

ص: 223

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ قِرَاءَةً إِذَا قَرَأَ

6318 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الْقُطَيْعِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ:«سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ، فَمَا سَمِعْتُ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ قِرَاءَةً مِنْهُ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجِنِّ الْقُرْآنَ

6319 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بِتُّ اللَّيْلَةَ أَقْرَأُ عَلَى الْجِنِّ رُفَقَاءَ بِالْحَجُونِ» (2) . [5: 66]

= وأخرجه البخاري (5046) في فضائل القرآن: باب مدّ القراءة، ومن طريقه البغوي (1214) عن عمرو بن عاصم، عن همام بن يحيى، عن قتادة، به.

وأخرجه ابنُ سعد 1/467 عن: عفان، عن همام، به.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو معمر القطيعي: هو إسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهذلي القطيعي الهروي، وسفيان: هو ابن عيينة، ومسعر: هو ابن كدام. وانظر تخريجه في الحديث رقم (1829) .

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن عُبيد الله بن عبد الله وهو ابن عتبة لم يسمع من ابن مسعود. =

ص: 224

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:» بِتُّ اللَّيْلَةَ أَقْرَأُ عَلَى الْجِنِّ «بَيَانٌ وَاضِحٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ لَيْلَةَ الْجِنِّ، إِذْ لَوْ كَانَ شَاهِدًا لَيْلَتَئِذٍ، لَمْ يَكُنْ بِحِكَايَتِهِ عَنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قِرَاءَتُهُ عَلَى الْجِنِّ مَعْنًى.

وَلَأَخْبَرَ أَنَّهُ شَهِدَهُ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ»

‌ذِكْرُ مَا أَبَانَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فَضِيلَةَ صَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بِقِرَاءَتِهِ عَلَى الْجِنِّ الْقُرْآنَ

6320 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: هَلْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ

= وأخرجه أحمد 6/411، والطبري في " جامع البيان " 26/33، وأبو يعلى (5062) من طريقين عن يونس، بهذا الإسناد.

وذكره السيوطي في "الجامع الكبير" 1/457، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وأبي الشيخ في "العظمة".

وقوله: " رفقاء بالحجون "، يريد أنهم كانوا جماعة رفقة بالحجون، والحَجُون بفتح الحاء: جبل بأعلى مكة عند مدافن أهلها، وتسمى مقبرة المعلاة. قال الحارث بن مضاض بن عمرو يتأسف علي البيت، وقيل: هو للحارث الجرهمي:

كان لم يكن بين الحَجون إلى الصفا

سمير ولم يسمر بمكة سامِرُ

بلى نحن كنا أهلها فأبادنا

صروف الليالي والجدودُ العواثِرُ

ص: 225

مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِمَكَّةَ، فَقُلْنَا: اغْتِيلَ أَوِ اسْتُطِيرَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ - أَوْ قَالَ فِي الصُّبْحِ - إِذَا نَحْنُ بِهِ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرْنَا لَهُ الَّذِي كَانُوا فِيهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِيَ الْجِنِّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ» ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرَانَا آثَارَهُمْ، وَآثَارَ نِيرَانِهِم (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ إِنْذَارِ الشَّجَرَةِ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِالْجِنِّ لَيْلَتَئِذٍ

6321 -

أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، بِطَرَسُوسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، - وَكَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ - عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مَسْرُوقًا، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ: «أَنَّ الشَّجَرَةَ أَنْذَرَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ» (2) . [5: 33]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ داود بن أبي هند، فمن رجال مسلم. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وإسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلية، وعلقمة: هو ابن قيس بن عبد الله النخعي.

والحديث في "مسند أبي يعلى"(5237) ، وقد تقدم تخريجه برقم (1432) فانظره، وانظر الحديث الآتي برقم (6527) .

(2)

إسناده صحيح، حامد بن يحيى البلخي ثقة، روى له أبو داود، ومن فوقه على شرطهما. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو عبيدة: هو ابن عبد الله بن مسعود.

وأخرج البخاري (3859) في مناقب الأنصار: باب ذكر الجن، ومسلم =

ص: 226

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]

6322 -

أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] » (1) . [5: 8]

= (450)(153) في الصلاة: باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، والبيهقي في "الدلائل" 2/229 من طريقين عن أبي أسامة، عن مسعر، عن معن بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قال: سمعت أبي، قال: سألت مسروقاً: من آذن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالْجِنِّ لَيْلَةَ استمعوا القرآن؟ فقال: حدثني أبوك -يعني ابن مسعود- أنه آذنته بهم شجرة.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وفضيل بن سليمان قد توبع. أبو كامل الجحدري: هو فضيل بن الحسين، وجعفر بن محمد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الملقب بالصادق، وأبوه محمد بن علي: هو الملقب بالباقر.

وأخرجه أبو عمر حفص بن عمر الدوري في "قراءات النبي صلى الله عليه وسلم"(20) ، وأبو داود (3969) في فاتحة كتاب الحروف والقراءات، والطبري في " جامع البيان "(1989) من طرق عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن محمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (856) في الحج: باب ما جاء كيف الطواف، و (862) : باب ما جاء أن يبدأ بالصفا قبل المروة، والنسائي 5/235 في الحج: باب القول بعد ركعتي الطواف، و5/236: باب القراءة في ركعتي الطواف، وابن ماجه (1008) في إقامة الصلاة: باب القبلة، من طرق عن جعفر بن محمد بنحوه.=

ص: 227

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}

6323 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَنَافِعٌ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ رَافِعٍ (1) مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَدَّثَهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَكْ تُبُ الْمَصَاحِفَ فِي عَهْدِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَاسْتَكْتَبَتْنِي حَفْصَةُ مُصْحَفًا، وَقَالَتْ:«إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَلَا تَكْتُبْهَا حَتَّى تَأْتِيَنِي بِهَا فَأُمِلَّهَا عَلَيْكَ كَمَا حَفِظْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» قَالَ: فَلَمَّا بَلَغْتُهَا جِئْتُهَا بِالْوَرَقَةِ الَّتِي أَكْتُبُهَا، فَقَالَتِ:«اكْتُبْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وَصَلَاةِ الْعَصْرِ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} » (2) . [5: 8]

= وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وانظر الحديث المتقدم برقم (3932) .

وقوله (واتخذوا) هو بكسر الخاء على تأويل الأمر باتخاذ مقام إبراهيم مصلى، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو، وعاصم وحمزة والكسائي، وقرأ نافع وابن عامر بفتح الخاء على وجه الخبر. انظر: الطبري 3/32-33 و"زاد المسير" 1/142.

(1)

في الأصل و "التقاسيم" 5/لوحة 279: عمرو بن نافع، والمثبت من ثقات المؤلف وغيره، وهو الصحيح.

(2)

عمرو بن رافع روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/176 و178، وأورده البخاري في "تاريخه" 6/330 في ترجمة عمرو بن رافع، =

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقال: قال بعضهم: عمر بن رافع ولا يصح، وقال بعضهم: عمرو بن نافع، وباقي رجاله ثقات، وابن إسحاق قد صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ومحمد بن علي: هو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، الملقب بالباقر، تابعي ثقة مجمع عليه.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/172 عن علي بن معبد بن نوح، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 1/463، وابن أبي داود في "المصاحف" ص 97 من طريقين عن أحمد بن خالد، عن ابنِ إسحاق، به، وعند البيهقي: عمر بن رافع، وقال: إنما هو عمرو بن رافع.

وأخرجه ابن أبي داود ص 96-97 من طريق عبد الرحمن بن عبد الله، عن نافع أن عمرو بن رافع، أو ابن نافع مولى ابن عمرو أخبره

فذكر الحديثَ.

وأخرج مالك 1/139 في الصلاة: باب الصلاة الوسطى، ومن طريقه النسائي في "مسند مالك"، والطحاوي 1/172، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" ورقة 79/1، والبيهقي 1/462، وابن أبي داود ص 97، والمزي في " تهذيب الكمال " في ترجمة عمرو بن رافع، عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن رافع أنه قال: كنت أكتب مصحفاً لحفصة أم المؤمنين، فقالت: إذا بلغت

فذكره موقوفاً.

وقال أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" 4/280: هكذا رواه مالك موقوفاً، وحديث حفصة هذا قد اختلف في رفعه ومتنه أيضاً. وممن رفعه عن زيد: هشام بن سعد، ثم ذكره بسنده عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، قال: حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، فذكره مرفوعاً.

قلت: وممن رفعه أيضاً: سعيد بن أبي هلال، أخرجه الطبري =

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (5465) ، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" من طرق عن الليث بن سعد، قال: حدثنا خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمرو بن رافع.

وأخرج الطبري (5464) ، وابن أبي داود ص 97، والطحاوي 1/173 من طريقين عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عمرو بن رافع (وعند ابن أبي داود: ابن نافع) قال: كان مكتوباً في مصحف حفصة: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) زاد ابن أبي داود: فلقيت أبي بن كعب، أو زيد بن ثابت، فقلت: يا أبا المنذر، قالت: كذا وكذا، فقال: هو كما قالت، أو ليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في عملنا ونواضحنا.

وأخرجه البخاري في "التاريخ" 5/281-282، والطبري في "جامع البيان"(5458) و (5470) من طريقين عن عثمان بن عمر، عن أبي عامر الخزاز، عن عبد الرحمن بن قيس، عن ابن أبي رافع، عن أبيه -وكان مولى لحفصة رضي الله عنها قال: استكتبتني حفصة مصحفاً

فذكر نحو حديث أبي سلمة عن عمرو بن رافع.

وأخرج الطبري (5462) و (5463) ، وابن أبي داود ص 96، والبيهقي 1/462، وابن عبد البر 4/282 من طرق عن عبيد الله بن عمر، عن نافع مولى ابن عمر، عن حفصة أنها قالت لكاتبها: إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني

قلت: هذا إسناد منقطع، لأن نافعاً لم يسمع من حفصة رضي الله عنها، لكنه محمول على أن نافعاً سمع ذلك من عمرو بن رافع كما في رواية المصنف.

قلت: والواو العاطفة في قوله {والصلاة الوسطى} هي من عطف الصفة على الموصوف، لا عطف المغايرة، كما يدل عليه رواية الطحاوي:"وهي صلاة العصر"، وفي "جامع البيان"(5397) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان في مصحف عائشة: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} ، =

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهي صلاة العصر، وهذا من حفصة وعائشة إعلان بالمراد من "الوسطى" عندما ضَمَّتَا التأويلَ إلى أصل التنزيل لأمنِ اللبس فيه، لأن القرآن متواتر مأمون أن يُزَادَ فيه أو ينقص، وكان في أول العهد بنسخه ربّما ضم بعضُ الصحابة تفسيراً إليه أو حرفاً يقرؤه، ولذا لمّا خشي عثمان أن يُرْتاب في كونه من التنزيل -مع أنه ليس منها- أمر بأن تجرد المصاحف في عهده مما زيد فيها من التأويل، وحروف القراءات التي انفرد بها بعض الصَّحْب، وأن يقتصر على المتواتر تنزيله، وتلقيه من النبي صلى الله عليه وسلم.

قال القاضي أبو بكر الباقلاني في "الانتصار": لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلغاء ما ليس كذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير ولا تأويل أُثْبِتَ مع تنزيل خشية دخولِ الفساد والشبهة على من يأتي بعد. انظر "محاسن التأويل" 3/283.

قلت: وفي المراد بالصلاة الوسطى أقوال كثيرة عن السلف، والمعتمد منها أنها صلاة العصر، وبه قال ابن مسعود وأبو هريرة، وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة وقول أحمد، والذي صار إليه معظم الشافعية لصحة الحديث فيه، قال الترمذي: هو قول أكثر علماء الصحابة، وقال الماوردي: هو قول جمهور التابعين، وقال ابن عبد البر: هو قول أكثر أهل الأثر، وبه قال من المالكية ابن حبيب، وابن العربي، وابن عطية، والحديث الذي يبين أنها صلاةُ العصر هو حديث علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً" متفق عليه، وفي لفظ لمسلم: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر

"، وقد تقدم عند المؤلف برقم (1736) .

وحديث ابن مسعود قال: حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس أو أصفرت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً". أخرجه مسلم (628) ، وقد تقدم عند المؤلف برقم (1737) .

ص: 231

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}

6324 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُؤْمِنُ إِذَا شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَعَرَفَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي قَبْرِهِ، فَذَلِكَ (1) قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] » (2) . [5: 8]

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}

6325 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو (3) بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:« (لَوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا) [الكهف: 77] مُخَفَّفَةً» (4) . [5: 8]

(1) في الأصل: " فلذلك "، والمثبت من "التقاسيم" 5/لوحة 280.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري. حفص بن عمر الحوضي من رجال البخاري، ومن فوقه على شرطهما. وقد تقدم تخريجه برقم (206) .

(3)

تحرف في الأصل إلى: عمر، والتصويب من " التقاسيم " 5/لوحة 280.

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة. =

ص: 232

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي}

6326 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي} [الكهف: 76]- سَأَلْتُكَ هَمَزَ - {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي

= وأخرجه مسلم (2380)(173) في الفضائل: باب من فضائل الخضر عليه السلام، والحاكم 2/243 عن عمرو بن محمد الناقد، بهذا الإسناد.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه في الحديث الطويل، ووافقه الذهبي!

وأخرجه حفص بن عمر الدوري في "قراءات النبي صلى الله عليه وسلم"(77) : حدثني بعض أصحابنا عن سفيان بن عيينة، به.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 5/427، وزاد نسبته إلى البغوي في "معجمه" وابن مردويه.

قلت: وقد تحرفت "مخففة" في الأصل و "التقاسيم" 5/لوحة 210 إلى "مدغمة". وهذه القراءة (لتخِذت) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو بن العلاء، وقرأ الباقون:(لاتَّخَذت) بتشديد التاء وفتح الخاء، يقال: تَخِذَ يَتْخَذُ، واتَّخَذَ يتَّخِذُ، مثل تَبِعَ يتبع، واتَّبع يتَّبِعُ، قال الطبري: هما لغتان معروفتان من لغات العرب بمعنى واحد، فبأيتها قرأ القارىء فمصيب، واختار التشديد معللاً بأنها أفصح اللغتين وأشهرهما وأكثرهما على ألسن العرب.

انظر "جامع البيان" 15/291، و " حجة القراءات " ص 425 و 426، و"زاد المسير" 5/177.

ص: 233

عُذْرًا} [الكهف: 76] » (1) . [5: 8]

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}

6327 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] » (2) . [5: 8]

(1) إسناده على شرط مسلم. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وحمزة: هو ابن حبيب الزيات المقرىء، وأبو إسحاق: هو السبيعي عمرو بن عبد الله.

وأخرجه حفص بن عمر في "قراءات النبي صلى الله عليه وسلم"(76) ، والحاكم 2/243 من طريقين عن حمزة بن حبيب الزيات، بهذا الإسناد. عند الحاكم "مهموزين"، وصحح الحديث على شرط الشيخين ووافقه الذهبي! مع أن حمزة الزيات لم يخرج له البخاري.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 5/427، وزاد نسبته إلى ابن مردويه.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه أحمد 2/411-413 و 437، وحفص الدوري في "قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، (110) و (111) و (112) و (113) ، والبخاري (4869) و (4870) و (4872) و (4873) في تفسير سورة القمر، ومسلم (823) (281) في صلاة المسافرين: باب ما يتعلق بالقراءات، وأبو داود (3994) في الحروف والقراءات، والنسائي في التفسير من "الكبرى" كما في "التحفة" 7/12 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/401، والبخاري (3341) في الأنبياء: باب قول الله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه} ، و (3345) : باب قول الله =

ص: 234

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحْ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6328 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ وَهُوَ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ فِي الْمَسْجِدِ كَيْفَ تُقْرَأُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15]، دَالًا أَوْ ذَالًا؟ فَقَالَ: بَلْ دَالًا، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ:«قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] ، دَالًا» (1) . [5: 8]

= عز وجل: {وأما عادٌ فأُهلكلوا بريح صرصر عاتية} ، و (4874)، والترمذي (2937) في القراءات: باب ومن سورة القمر، وأبو يعلى (5327) من طريقين عن أبي إسحاق، به.

وأخرج أحمد 1/431، والحاكم 2/249-250 عن وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بن يزيد، عن عبد الله قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {هل من مذَّكر} ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:{هَلْ من مدّكر} بالدال.

وقال الحاكم: اتفقا على إخراجه من حديث شعبة عن أبى إسحاق مختصراً.

قال ابن جرير في "جامع البيان" 27/95-96: أصل "مدّكر": مفتعل من ذكر، اجتمعت فاء الفعل وهي ذال، وتاء وهي بعد الذال، فصُيرتا دالاً مشددة، وكذلك تفعل العرب فيما كان أوله ذالاً يتبعها تاء الافتعال، يجعلونهما جميعاً دالاً مشدَّدة، فيقولون: ادّكرت ادّكاراً، وإنما هو: اذتكرت اذتكاراً.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. زهير: هو ابن معاوية.

وأخرجه أحمد 1/461، والبخاري (4871) في تفسير سورة القمر، ومسلم (823) في صلاة المسافرين: باب ما يتعلق بالقراءات، والبغوي في =

ص: 235

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ»

6329 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:» إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين» (1) . [5: 8]

= "معالم التنزيل" من طرق عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 1/395 عن حجاج، حدثنا اسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن ابن مسعود قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَلَقَدْ يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)، فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن، مدّكر أو مذّكر؟ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {مدّكر} .

(1)

إسناده صحيح على شرط البخاري. رَوْح بن عبد المؤمن من شيوخ البخاري، ومن فوقه على شرطهما. علي بن نصر: هو ابن علي الجهضمي.

وأخرجه أحمد 1/394 و418، وحفص الدوري في "قراءات النبي صلى الله عليه وسلم"(108) ، وأبو داود (3993) في الحروف والقراءات، والترمذي (2940) في القراءات: باب ومن سورة الذاريات، والنسائي في "الكبرى" كما في " التحفة " 7/86، وأبو يعلى (5333) ، والحاكم 2/234 و249، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/85 و 121 من طرق عن إسرائيل، عن أبي إسحاق عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن عبد الله بن مسعود. قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

قلت: هذه القراءة على صحة إسنادها شاذّة لمخالفتها القراءة المتواترة {إن الله هو الرزّاقُ ذو القوة المتين} [الذاريات: 58] .

ص: 236

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى}

6330 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ فَأُخْبِرَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَأَتَانَا، فَقَالَ:«أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَيَّ قِرَاءَةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ؟» ، قَالَ: قُلْنَا: كُلُّنَا نَقْرَأُ، قَالَ:«أَيُّكُمْ أَقْرَأُ؟» ، قَالَ: فَأَشَارَ أَصْحَابِي إِلَيَّ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:«أَحَفِظْتَ؟» ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«كَيْفَ كَانَ يَقْرَأُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] ؟» ، قُلْتُ (1) : وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَقَالَ:«أَنْتَ حَفِظْتُهَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟» ، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«وَأَنَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ هَكَذَا سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ (2) وَاللَّهِ لَا أُتَابِعُهُمْ أَبَدًا» (3) . [5: 8]

(1) من قوله: "كان يقرأ" إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 5/لوحة 281.

(2)

كذا الأصل و "التقاسيم" 5/لوحة 281، وفي "البخاري" وغيره: وهؤلاء يريدوني على أن أقرأ: (وما خلق الذكر والأنثى) ، والله لا أتابعهم.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

وأخرجه أحمد 6/451، والبخاري (4943) في تفسير سورة الليل: باب (والنهار إذا تجلَّى) ، و (4944) باب (وما خلق الذكر والأنثى)، ومسلم (824) في صلاة المسافرين: باب ما يتعلق بالقراءات، والترمذي =

ص: 237

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (2939) في القراءات: باب ومن سورة الليل، والطبري في "جامع البيان" 30/217-218 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/448-449، وحفص بن عمر الدوري في قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، (132) ، ومسلم (824)(284) ، والطبري 30/217، وابن مردويه كما في "الفتح" 8/707 من طرق عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، عن علقمة بنحوه.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر. وانظر ما بعده والحديث الآتي برقم (7083) .

قلت: وقد رد أبو بكر ابن الأنباري فيما نقله عنه القرطبي 20/81 قراءة ابن مسعود هذه (والذكر والأنثى) بأن حمزة وعاصماً يرويان عن عبد الله بن مسعود ما عليه جماعة المسلمين، والبناءُ على سندٍ يوافق الإجماع أولى من الأخذ بواحد يخالف الإجماع والأمة، وما يُبنى على رواية واحد إذا حاذاه رواية جماعة تخالفه أخذ برواية الجماعة وأبطل نقل الواحد، لما يجوز عليه من النسيان والإغفال.

ولو صح الحديث عن أبي الدرداء وكان إسناده مقبولاً معروفاً، ثم كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة رضي الله عنهم يخالفونه، لكان الحكم العمل بما روته الجماعة ورفض ما يحكيه الواحد المنفرد الذي يسرع إليه من النسيان ما لا يسرع إلى الجماعة، وجميع أهل الملّة.

وقال أبو بكر ابن العربي في "أحكام القرآن" ص 1942 بعد أن أورد حديث أبي الدرداء هذا: هذا مما لا يلتفت إليه بشر، إنما المعول على ما في المصحف، فلا تجوز مخالفته لأحد، فإن القرآن لا يثبت بنقل الواحد وإن كان عدلاً، وإنما يثبت بالتواتر الذي يقع به العلم وينقطع معه العذر، وتقوم به الحجة على الخلق. =

ص: 238

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَعْمَشِ

6331 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، يَقُولُ: ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّامِ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَقَعَدَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:«مِمَّنْ أَنْتَ؟» ، قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ:«أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي كَانَ لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ حُذَيْفَةُ؟» ، أَلَيْسَ فِيكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الشَّيْطَانِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ؟ أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السَّوَادِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ؟ وَقَالَ: كَيْفَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل: 2]، فَقُلْتُ (1) : وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، قَالَ: «فَمَا زَالَ هَؤُلَاءِ

= وقال أبو حيان في "البحر" 8/483: وما ثبت في الحديث من قراءة: " والذكر والأنثى " نقل آحاد، فهو مخالف للسواد، فلا يُعد قرآناً.

وقال الحافظ في " الفتح " 8/578: وهذه القراءة لم تُنقل إلا عمن ذكر هنا، ومَن عداهم قرؤوا (وما خَلَقَ الذكر والأنثى) ، وعليها استقرَّ الأمر مع قوة إسناد ذلك إلى أبي الدرداء ومن ذكر معه.

والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة وابن مسعود، وإليهما تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لم يقرأ بها أحد منهم، وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء، ولم يقرأ أحد منهم بهذا.

(1)

سقطت من الأصل، واستدركت من " التقاسيم " 5/لوحة 282.

ص: 239

كَادُوا يُشَكِّكُونِي وَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 8]

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ}

6332 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، بِالرَّقَّةِ، قَالَ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ الذِّمَارِيُّ (2)، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ:{يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} [الهمزة: 3] » (3) . [5: 8]

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حفص بن عمر الحوضي فمن رجال البخاري. مغيرة: هو ابن مقسم الضبي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس.

وأخرجه مختصراً ومطولاً أحمد 6/449 و 451، والبخاري (3287) في بدء الخلق: باب صفة إبليس وجنوده، و (3742) في فضائل الصحابة: باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما، و (6278) في الاستئذان: باب من ألقى وسادة، والنسائي في "فضائل الصحابة"(194) ، وفي التفسير كما في " التحفة " 8/229، والطبري في "جامع البيان" 30/217 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/450، والبخاري (3287) و (3742) و (3761)، ومسلم (824) (283) في صلاة المسافرين: باب ما يتعلّق بالقراءات، والطبري 30/218 من طرق عن مغيرة، به. وانظر (7127) .

(2)

تحرف في الأصل إلى: الرمادي، والتصويب من " التقاسيم " 5/لوحة 282.

(3)

إسناده حسن، عبد الملك بن هشام، ويقال: ابن عبد الرحمن، قال أبو حاتم: شيخ. وذكره المؤلف في "الثقات"، وثقه عمرو بن علي، وقال =

ص: 240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فيه أحمد، فيما حكاه الساجي: كان يصحف ولا يحسن يقرأ كتابه، روى له أبو داود والنسائي، وباقي رجاله رجال الشيخين غير نوح بن حبيب، فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة. سفيان بن سعيد: هو الثوري.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة"، والحاكم 2/256، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/315 من طرق عن نوح بن حبيب، بهذا الإسناد. زاد الحاكم فيه "بكسر السين"، وصححه على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: عبد الملك ضعيف.

وأخرجه أبو داود (3995) في الحروف والقراءات، عن أحمد بن صالح، عن عبد الملك بن هشام الذماري، به.

تنبيه: في جميع المصادر التي خرجت هذا الحديث "يحسب"، ووقع في المطبوع من "سنن أبي داود" مع شرحه "بذل المجهود" للسهارنفوري:"أيحسب"؟ بزيادة ألف الاستفهام، وعلق الشارح عليه بقوله: هكذا في النسخة المجتبائية بزيادة حرف الاستفهام، ونقل في حاشية عن "فتح الودود" أي: على لفظ الاستفهام، وهكذا في الكانفورية والمصرية، وفي النسخة المدنية التي عليها المنذري قرأ "يحسب" بغير همزة الاستفهام، وكذلك في النسخة المكتوبة الأحمدية لم تكن الهمزة في أصلها، ولكن زاد فيها بعض قراء الكتاب، وفي النسخة المكتوبة المدنية لعله كان فيها همزة فحكها بعض قارئي الكتاب، قلت (القائل هو الشارح) : والصواب ترك الهمزة، لأنه ليس أحد يقرؤها بهمزة الاستفهام وليس همزة الاستفهام في نسخة ابن رسلان، وكتب في شرحه: يقرأ " يحسب "، أي بكسر السين

فالاختلاف الواقع في هذا الحديث في لفظ " يحسب "، ليس في وجود الاستفهام وعدمه، بل الإِشارة إلى الاختلاف في كسر السين، ولعله اشتبه هذا اللفظ على بعض قارئي الكتاب بلفظ سورة البلد، وفيها:{أيحسب أن لن يقدر عليه أحد} .

قلت: قرأ أبو عمرو ونافع وابن كثير " يحسب " بكسر السين، وقرأ =

ص: 241

‌ذِكْرُ اصْطِفَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ

6333 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ شَدَّادِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ شَقِّ جِبْرِيلَ عليه السلام صَدْرَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي صِبَاهُ

6334 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ،

= ابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر "يحسَب" بفتحها، وهما لغتان، قال أبو علي الفارسي: فتح السين أقيس، لأن الماضي إذا كان على "فَعِلَ" نحو حَسِبَ، اكان المضارع على "يَفْعَلُ" مثل: فَرِقَ يَفْرَق، وشَرِبَ يَشْرَبُ، والكسر حسن لموضع السمع. انظر "الكشف عن وجوه القراءات" 1/318 لمكي، و"حجة القراءات" ص 148 لابن زنجلة، و "زاد المسير" 1/328 لابن الجوزي، و "النشر" 2/236 لابن الجزري.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. شداد: هو ابن عبد الله القرشي، أبو عمار الدمشقي. وقد تقدم برقم (6242) ، وهو في "مسند أبي يعلى" 1/350.

وأخرجه مسلم (2276) في الفضائل: باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم، عن محمد بن مِهران الرازي ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وانظر الحديث الآتي برقم (6475) .

ص: 242

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ قَلْبَهُ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ:«هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ - فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَاسْتَقْبَلُوهُ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ، قَالَ أَنَسٌ: قَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ صلى الله عليه وسلم» . (1) . [3: 2]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «شُقَّ صَدْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَبِيٌّ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، وَأُخْرِجَ مِنْهُ الْعَلَقَةُ، وَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْإِسْرَاءَ بِهِ أَمَرَ جِبْرِيلَ بِشَقِّ صَدْرِهِ ثَانِيًا، وَأَخْرَجَ قَلْبَهُ فَغَسَلَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ مَرَّتَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَهُمَا غَيْرُ مُتَضَادَّيْنِ»

6335 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو في "مسند أبي يعلى"(3374) ، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "السيرة النبوية" ص 370.

وأخرجه مسلم (162)(261) في الإيمان: باب الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأبو نعيم في "الدلائل"(168) ، والبيهقي 1/146 في "دلائل النبوة"، وابن عساكر ص 370-371 من طرق عن شيبان بن فروخ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/123 و149 و 288، وأبو يعلى (3507) ، وأبو عَوانة في " مسنده " 1/125، وأبو نعيم (168) ، والبغوي (3708) ، وابن عساكر ص 370 و 371 من طرق عن حماد بن سلمة، به.

والظئر: العاطفة على غير ولدها المرضعة له، الذكر والأنثى في ذلك سواء.

ص: 243

الْمَرْزُبَانِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ حَلِيمَةَ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّعْدِيَّةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ قَالَتْ: خَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ (1) فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ (2) لَمْ تُبْقِ شَيْئًا، وَمَعِي زَوْجِي، وَمَعَنَا شَارِفٌ (3) لَنَا، وَاللَّهِ مَا إِنْ يَبِضُّ (4) عَلَيْنَا بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي صَبِيٌّ لِي إِنْ (5) نَنَامَ لَيْلَتَنَا مِنْ بُكَائِهِ مَا فِي ثَدْيَيَّ مَا يُغْنِيهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ لَمْ تَبْقَ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَأْبَاهُ، وَإِنَّمَا كُنَّا نَرْجُو كَرَامَةَ الرَّضَاعَةِ مِنْ وَالِدِ الْمَوْلُودِ، وَكَانَ يَتِيمًا، وَكُنَّا نَقُولُ: يَتِيمًا مَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ أُمُّهُ بِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ صَوَاحِبِي امْرَأَةٌ إِلَّا أَخَذَتْ صَبِيًّا غَيْرِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا وَقَدْ أَخَذَ صَوَاحِبِي، فَقُلْتُ لِزَوْجِي: وَاللَّهِ لَأَرْجِعَنَّ إِلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلَآخُذَنَّهُ، فَأَتَيْتُهُ، فَأَخَذْتُهُ وَرَجَعْتُ إِلَى رَحْلِي، فَقَالَ زَوْجِي: قَدْ أَخَذْتِيهِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ وَاللَّهِ، وَذَاكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ، فَقَالَ: قَدْ أَصَبْتِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ خَيْرًا،

(1) القمراء: هي الشديدة البياض.

(2)

السنة الشهباء: ذات قحط وجدب، والشهباء: الأرض البيضاء التي لا خضرة فيها لِقلة المطر، من الشهبة وهي البياض، فسميت سنة الجدب بها.

(3)

الشارف: الناقة المسنة.

(4)

أي: ما يقطر منها لبن، من بَضَّ الماء يَبِضُّ إذا سال قليلاً قليلاً.

(5)

"إن" هنا نافية بمعنى "ما"، وقد جاءت كذلك في "الدلائل" للبيهقي.

ص: 244

قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ جَعَلْتُهُ فِي حِجْرِي أَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيِي بِمَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ اللَّبَنِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَشَرِبَ أَخُوهُ - يَعْنِي ابْنَهَا - حَتَّى رَوِيَ، وَقَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا بِهَا حَافِلٌ فَحَلَبَهَا مِنَ اللَّبَنِ مَا شِئْنَا، وَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ، وَبِتْنَا لَيْلَتَنَا تِلْكَ شِبَاعًا رُوَاءً، وَقَدْ نَامَ صِبْيَانُنَا، يَقُولُ أَبُوهُ يَعْنِي زَوْجَهَا: وَاللَّهِ يَا حَلِيمَةُ مَا أُرَاكِ إِلَّا قَدْ أَصَبْتِ نَسَمَةً مُبَارَكَةً، قَدْ نَامَ صَبِيُّنَا، وَرَوِيَ، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجْنَا، فَوَاللَّهِ لَخَرَجَتْ أَتَانِي أَمَامَ الرَّكْبِ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ: وَيْحَكِ كُفِّي عَنَّا، أَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَتَانِكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا؟ فَأَقُولُ: بَلَى وَاللَّهِ، وَهِيَ قُدَّامُنَا حَتَّى قَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ حَاضِرِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَقَدِمْنَا عَلَى أَجْدَبِ أَرْضِ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ حَلِيمَةَ بِيَدِهِ إِنْ كَانُوا لَيُسَرِّحُونَ أَغْنَامَهُمْ إِذَا أَصْبَحُوا، وَيَسْرَحُ رَاعِي غَنَمِي فَتَرُوحُ بِطَانًا لَبَنًا حُفَّلًا (1) ، وَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا هَالِكَةً، مَا لَهَا مِنْ لَبَنٍ، قَالَتْ: فَنَشْرَبُ مَا شِئْنَا مِنَ اللَّبَنِ، وَمَا مِنَ الْحَاضِرِ أَحَدٌ يَحْلُبُ قَطْرَةً وَلَا يَجِدُهَا، فَيَقُولُونَ لِرِعَائِهِمْ: وَيْلَكُمْ أَلَا تَسْرَحُونَ حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي حَلِيمَةَ، فَيَسْرَحُونَ فِي الشِّعْبِ الَّذِي تَسْرَحُ فِيهِ، فَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا بِهَا مِنْ لَبَنٍ، وَتَرُوحُ غَنَمِي لَبَنًا حُفَّلًا، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي شَهْرٍ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ

(1) أي: ترجع ممتلئة البطون، ممتلئة الضروع.

ص: 245

شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي سَنَةٍ، فَبَلَغَ سَنَةً (1) وَهُوَ غُلَامٌ جَفْرٌ (2)، قَالَتْ: فَقَدِمْنَا عَلَى أُمِّهِ، فَقُلْتُ لَهَا، وَقَالَ لَهَا أَبُوهُ: رُدِّي عَلَيْنَا ابْنِي، فَلْنَرْجِعْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ قَالَتْ: وَنَحْنُ أَضَنُّ شَيْءٍ بِهِ مِمَّا رَأَيْنَا مِنْ بَرَكَتِهِ، قَالَتْ: فَلَمْ نَزَلْ حَتَّى قَالَتِ: ارْجِعَا بِهِ، فَرَجَعْنَا بِهِ، فَمَكَثَ عِنْدَنَا شَهْرَيْنِ، قَالَتْ: فَبَيْنَا هُوَ يَلْعَبُ وَأَخُوهُ يَوْمًا خَلْفَ الْبُيُوتِ يَرْعَيَانِ بَهْمًا لَنَا (3) ، إِذْ جَاءَنَا أَخُوهُ يَشْتَدُّ، فَقَالَ لِي وَلِأَبِيهِ: أَدْرِكَا أَخِي الْقُرَشِيَّ، قَدْ جَاءَهُ رَجُلَانِ، فَأَضْجَعَاهُ، وَشَقَّا بَطْنَهُ، فَخَرَجْنَا نَشْتَدُّ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ مُنْتَقِعٌ لَوْنُهُ، فَاعْتَنَقَهُ أَبُوهُ وَاعْتَنَقْتُهُ، ثُمَّ قُلْنَا: مَا لَكَ أَيْ بُنَيَّ؟ قَالَ: «أَتَانِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَضْجَعَانِي، ثُمَّ شَقَّا

(1) كذا في "التقاسيم" 3/لوحة 279: سَنَةً، وهو كذلك في "تاريخ ابن عساكر"، وقد روى الحديث من طريق أبي يعلى، وجاء في "مسند أبي يعلى" وفي "مجمع الزوائد":"سناً"، ولابن إسحاق والطبري:"سنتيه"، ولابن عساكر من طريق آخر والبيهقي:" السنتين ".

(2)

هو الصبي الممتلىء، القوي على الأكل.

(3)

في الأصل: "ما لنا"، والمثبت من " التقاسيم "، والبَهْمُ: الصغير من ولد الضأن يُطلق على الذكر والأنثى، مفردهُ بَهمْة مثل: تمر وتمرة، قال المجنون:

تعَشَّقْتُ ليلى وهي غِرٌ صَغِيرَةٌ

ولم يَبْد للأترابِ مِنْ ثَدْيها حجْمُ

صغيرين نرعى البَهْم يا لَيْت أننا

إلى اليوم لم نَكْبَرْ ولم تكْبَرِ البَهْمُ

ص: 246

بَطْنِي، فَوَاللَّهِ، مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا» ، قَالَتْ: فَاحْتَمَلْنَاهُ، وَرَجَعْنَا بِهِ، قَالَتْ: يَقُولُ أَبُوهُ: يَا حَلِيمَةُ مَا أَرَى هَذَا الْغُلَامَ إِلَّا قَدْ أُصِيبَ، فَانْطَلِقِي، فَلْنَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بِهِ مَا نَتَخَوَّفُ، قَالَتْ: فَرَجَعْنَا بِهِ، فَقَالَتْ: مَا يَرُدُّكُمَا بِهِ، فَقَدْ كُنْتُمَا حَرِيصَيْنِ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنَّا كَفَلْنَاهُ، وَأَدَّيْنَا الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا، ثُمَّ تَخَوَّفْنَا الْأَحْدَاثَ عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: يَكُونُ فِي أَهْلِهِ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا، فَأَخْبِرَانِي خَبَرَكُمَا وَخَبَرَهُ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا خَبَرَهُ، قَالَتْ: فَتَخَوَّفْتَمَا عَلَيْهِ، كَلَّا وَاللَّهِ، إِنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنًا، أَلَا أُخْبِرُكُمَا عَنْهُ إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ، فَلَمْ أَحْمِلْ حَمْلًا قَطُّ، كَانَ أَخَفَّ عَلَيَّ، وَلَا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ نُورًا كَأَنَّهُ شِهَابٌ خَرَجَ مِنِّي حِينَ وَضَعْتُهُ، أَضَاءَتْ لَهُ أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى، ثُمَّ وَضَعْتُهُ، فَمَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ، وَقَعَ وَاضِعًا يَدَهُ بِالْأَرْضِ، رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، دَعَاهُ وَالْحَقَا بِشَأْنِكُمَا (1) . [3: 3]

(1) في سنده انقطاع بين عبد الله بن جعفر -وهو ابن أبي طالب- وبين حليمة.

وقول الحافظ في "الإصابة" 4/266: إن أبا يعلى وابن حبان صرَّحا بالتحديث بين عبد الله وحليمة، فيه ما فيه، فليس يوجد التصريح بالسماع في الأصل الخطي الذي بين أيدينا من "مسند أبي يعلى"، ولا في الأصول التي روت الحديثَ من طريق أبي يعلى كابنِ حبان وابن عساكر.

نعم ورد التصريحُ بالتحديث عند الطبراني في "معجمه الكبير"، إلا أن أبا نعيم الحافظ روى الحديث في "دلائل النبوة" عن الطبراني بالعنعنة ولم يصرح فيه بالتحديث. =

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وجَهم بن أبي جهم: ذكره المؤلف في "الثقات" 4/113، فقال: يروي عن عبد الله بن جعفر، وعن المِسور بن مَخْرَمَةَ، وهو مولى الحارث بن حاطب القرشي، روى عنه محمد بن إسحاق وعبد الله العمري، والوليد بن عبد الله بن جميع، وذكره البخاري 2/229، وابن أبي حاتم 2/521، فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلا، ومسروق بن المرزبان، وإن قال فيه أبو حاتم: ليس بالقوي، قد توبع، ومحمد بن إسحاق قد صرح بالتحديث عند المصنف في السند الذي ذكره بإثره، وباقي رجاله ثقات.

وهو في "مسند أبي يعلى" 332/2-333/1، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "السيرة النبوية" ص 74-76.

وأخرجه الطبراني 24/ (545) ، وعنه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(94) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن مسروق بن المرزبان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري 2/158-160، والطبراني من طرق عن ابن إسحاق، به.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/220-221، ونسبه لأبي يعلى والطبراني، وقال: رجالهما ثقات. وهو في "مسيرة ابن إسحاق 1/171-175 حدثني جهم بن أبي جهم مولى الحارث بن حاطب الجمحي، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أو عمن حدثه قال: كانت حليمة تحدث أنها خرجت

فذكره.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/132-136، وابن عساكر ص 77-79، وابن الأثير في "أسد الغابة" 7/68، وابن كثير في "البداية والنهاية" 2/254-256، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني جهم بن أبي جهم، حدثني من سمع عبد الله بن جعفر يقول: حُدِّثت عن حليمة بنت الحارث

قلت: ولا يعرف لحليمة رواية إلا هذا الحديث، ولم يثبت أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته إلا ما رواه أبو يعلى (900) ، وأبو داود (5144) من =

ص: 248

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «قَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا جَهْمُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ نَحْوَهُ، حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ» (1) . [3: 3]

‌ذِكْرُ شَقِّ جِبْرِيلَ عليه السلام صَدْرَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي صِبَاهُ

6336 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَأَخَذَهُ، فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ قَلْبَهُ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، فَجَاءَهُ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ - فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ» .

= طريق جعفر بن يحيى بن عمارة بن ثوبان، أخبرنا عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقسم لحماً بالجعرَّانة، قال أبو الطفيل: وأنا يومَئذٍ غلام أحمل عظم الجزور، إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبسط لها رداءه، فجلست عليه، فقلت: من هي؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته.

وجعفر بن يحيى وشيخه عمارة بن ثوبان لم يوثقهما غير ابن حبان.

(1) ذكر المصنف هذا السند، لأن فيه تصريح محمد بن إسحاق بالتحديث وإسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وقد نسبه الحافظ في "المطالب العالية" 4/171، والسيوطي في " الخصائص " 1/54 إليه

.

ص: 249

قَالَ أَنَسٌ: كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 23]

‌ذِكْرُ مَا خَصَّ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا رَسُولَهُ دُونَ الْبَشَرِ بِمَا كَانَ يَرَى خَلْفَهُ كَمَا كَانَ يَرَى أَمَامَهُ

6337 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا؟ فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ خُشُوعُكُمْ وَلَا رُكُوعُكُمْ، وَإِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» (2) . [5: 23]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يَرَى بَيْنَ يَدَيْهِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمَّتِهِ

6338 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَجْلَانَ،

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (6334) .

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 1/167 في قصر الصلاة: باب العمل في جامع الصلاة.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/303- 375، والبخاري (418) في الصلاة: باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة، و (741) في الأذان: باب الخشوع في الصلاة، ومسلم (424) في الصلاة: باب الأمر بتحسين الصلاة، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/73، والبغوي (3712) .

وأخرجه أحمد 3/365 من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، به. وانظر ما بعده.

ص: 250

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى مَا وَرَائِي كَمَا أَنْظُرُ إِلَى مَا بَيْنَ يَدَيَّ، فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وَحَسِّنُوا رُكُوعَكُمْ وَسُجُودَكُمْ» (1) . [3: 3]

‌ذِكْرُ بَعْضِ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا كَانَ يَتَأَمَّلُ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ مِنْهُمْ ذَلِكَ

6339 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ (2) الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصُّفُوفِ، كَأَنَّهَا الْحَذْفُ» .

قَالَ مُسْلِمٌ: «الْحَذْفُ: النَّقْدُ الصِّغَارُ (3) . [3: 3]

(1) إسناده حسن. عجلان وهو المدني مولى المُشْمَعِلّ، قال النسائي: ليس به باس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: يُعتبر به، وباقي رجاله رجال الشيخين غير علي بن الجعد، فمن رجال البخاري.

ابن أبي ذئب: اسمه محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.

والحديث في "مسند علي بن الجعد"(2897) .

وأخرجه أحمد 2/234 عن عمرو بن الهيثم، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضاً 2/379 عن قتيبة بن سعيد، عن لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة.

(2)

تحرف في الأصل إلى "القطان"، والتصويب من " التقاسيم " لوحة 3/283.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، هو في "صحيح ابن خزيمة"(1545) ، وقد تقدم تخريجه برقم (2157) . وانظر (2164) .

والنقد الصغار: هي صغار الغنم.

ص: 251

‌ذِكْرُ مَا عَرَّفَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَنْ صَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْبَابَ هَذِهِ الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ إِظْهَارِ الرِّسَالَةِ

6340 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: «أَلَسْتُمْ فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ مَا شِئْتُمْ؟ .

لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ» (1) 0 [5: 47]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ كَانَتْ بِالْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عِنْدَ اعْتِرَاضِ حَالَةِ الِاضْطِرَارِ وَالِاخْتِبَارِ لَهُ

6341 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ

(1) إسناده حسن على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير سماك، وهو ابن حرب، فمن رجال مسلم، وهو صدوق حسن الحديث.

أبو الأحوص: هو سلام بن سليم الحنفي.

وأخرجه مسلم (2977) في أول الزهد، والترمذي (2372) في الزهد: باب في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم، عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.

وأخرجه هناد بن السري في "الزهد"(727) ، وابن أبي شيبة 13/224، وعنه مسلم، عن وكيع، عن أبي الأحوص، به.

وأخرجه أحمد 4/268، وابن سعد في "الطبقات" 1/406، ومسلم (2977)(35) من طريق زهير وإسرائيل، عن سماك به، وزاد زهير:"وما ترضون دون ألوان التمر والزبد". وانظر ما بعده.

والدقل: هو رديء التمر.

ص: 252

الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلَأُ بَطْنَهُ، وَهُوَ جَائِعٌ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرِ

6342 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَخْطُبُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ - وَذَكَرَ مَا أَصَابَ النَّاسَ مِنَ الدُّنْيَا -: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْتَوِي وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلَأُ بَطْنَهُ» (2) . [5: 47]

(1) إسناده حسن عل شرط مسلم كسابقه. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري.

وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 275 من طريقين عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: بإثر حديث رقم (2372) : وروى أبو عوانة وغير واحد عن سماك بن حرب نحو حديث أبي الأحوص.

(2)

إسناده حسن وهو مكرر ما قبله. اسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهوية، وأبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو القيسي.

وأخرجه أحمد في "المسند" 1/24، وفي "الزهد" ص 30، وابن سعد 1/405-406، ومسلم (2978) في أول الزهد، وابن ماجه (4146) في الزهد: باب معيشة النبي صلى الله عليه وسلم، من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي بإثر الحديث (2372) : وروى شعبة هذا الحديث عن سماك، عن النعمان بن بشير، عن عمر.

ص: 253

‌ذِكْرُ سُؤَالِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَنْ تَعْزُبَ الدُّنْيَا عَنْ آلِهِ

6343 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ كَفَافًا» (1) . [5: 12]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «كَفَافًا» ، أَرَادَ بِهِ قُوتًا

6344 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ (2)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ، اجْعَلْ رِزْقَ آلِ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير.

وأخرجه النسائي في الرقائق من "الكبرى" كما في "التحفة" 10/442 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1055)(19) ص 2281 في الزهد، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/150 و 7/46، وفي "دلائل النبوة" 1/339 و 6/87، وأبو الشيخ في "أخلاق صلى الله عليه وسلم" ص 267-268 من طرق عن أبي أسامة، به. ولفظ البيهقي:"قوتاً". وانظر ما بعده.

(2)

تحرف في الأصل إلى "الورع"، والتصويب من "التقاسيم" 5/لوحة 236.

ص: 254

مُحَمَّدٍ قُوتًا» (1) . [5: 12]

‌ذِكْرُ مَا عَزَبَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الشِّبَعَ مِنْ هَذِهِ الْفَانِيَةِ عَنْ آلِ صَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَّامًا مَعْلُومَةً

6345 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الرَّيَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ،

(1) إسناده حسن، العباس بن عبد العظيم: هو العنبري ثقة روى له مسلم والأربعة وعلّق له البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين غير محاضر بن المورع، روى له أصحاب السنن، وعلّق له البخاري، وروى له مسلم حديثاً واحداً متابعة، وهو حسن الحديث. ابن أخي ابن شبرمة: هو عمارة بن القعقاع، وعمه هوعبد الله بن شبرمة.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/87 من طريق العباس بن محمد الدوري، عن محاضر بن المورع، بهذا الإسناد.

وأخرجه وكيع في "الزهد"(119) عن الأعمش، به.

ومن طريق وكيع أخرجه أحمد في "المسند" 2/446 و 481، وفي "الزهد" ص 8، وابن أبي شيبة 13/240-241، ومسلم (1055) (126) في الزكاة: باب الكفاف والقناعة، وص 2281 في الزهد، والترمذي (2361) في الزهد: باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم، وابن ماجه (4139) في الزهد: باب القناعة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 2/232، والبخاري (6460) في الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ص 268 من طريق محمد بن فضيل بن غزوان، عن أبيه، عن عمارة بن القعقاع به. ولفظ

البخاري: "اللهم ارزق آل محمد قوتاً".

ولفظ أحمد: "اللهم اجعل رزق آل بيتي قوتاً".

ولفظ أبي الشيخ: "اللهم اجعل عيش آل محمد قوتاً".

ص: 255

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَعَامٍ وَاحِدٍ ثَلَاثًا حَتَّى قُبِضَ صلى الله عليه وسلم إِلَّا الْأَسْوَدَيْنِ: التَّمْرَ وَالْمَاءَ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا كَانَتِ اخْتِيَارًا مِنَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِهِ، دُونَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ حَالَةً اضْطِرَارِيَّةً

6346 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو حازم: هو سلمان الأشجعي. وأخرجه دون قوله: إلا الأسودين

البخاري (5374) في الأطعمة: باب قول الله تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم} عن يوسف بن عيسى، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرج وكيع في الزهد (107) عَنْ فُضَيْلِ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم من طعام بُرٍّ حتى قبضه.

وأخرج ابن سعد في "الطبقات" 1/403 عن سعيد بن منصور، أخبرنا عبد الحميد بن سليمان، سمعت أبا حازم يقول: قال أبو هريرة: ما شبع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من الكِسَر اليابسة حتى فارق الدنيا، وأصبحتم تهذِرون بالدنيا، ونَقَر بأصابعه. ومعنى "تهذرون" أي: تتوسعون فيها. قال الخطابي: يريد تبذير المال، وتفريقه في كل وجه، قال: ويروى "تهذون" وهو أشبه بالصواب، يعني تقتطعونها إلى أنفسكم، وتجمعونها أو تسرعون إنفاقها.

وأخرج البخاري (5414) في الأطعمة: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون، وعنه البغوي (4076) ، وأبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ص 265 عن عبد الرحمن بن عمر، كلاهما عن روح بن عبادة، حدثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه مرَّ بقوم بين أيديهم شاة مصلية، فدعوه، فأبى أن يأكل، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا، ولم يشبع من الخبز الشَّعير.

ص: 256

الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«مَا أَشْبَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ الْبُرِّ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ خَبَرِ أَوْهَمَ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6347 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، فَقُلْتُ: هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ؟ فَقَالَ سَهْلٌ: «مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ مِنْ حِينِ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ» قَالَ: فَقُلْتُ: هَلْ كَانَ لَكُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنَاخِلُ؟ قَالَ: «مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْخُلًا مِنْ حِينِ ابْتَعَثَهُ حَتَّى قَبَضَهُ» قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَالَ:

(1) إسناده على شرط مسلم. المحاربي: هو عبد الرحمن بن محمد.

وهو في "مسند أبي يعلى" 2/285.

وأخرجه الترمذي (2358) في الزهد: باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي كريب، عن عبد الرحمن المحاربي، بهذا الإسناد، وقال: حديث صحيح حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرجه أحمد 2/434، ومسلم (2976) في الزهد، وابن ماجة (3343) في الأطعمة: باب خبز البر، من طرق عن يزيد بن كيسان، به.

ص: 257

«كُنَّا نَطْحَنُهُ، فَنَنْفُخُهُ فَيَطِيرُ مَا طَارَ، وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ، فَأَكَلْنَاهُ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ مَا كَانَ فِيهِ آلُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنْ عَدَمِ الْوَقُودِ فِي دُورِهِمْ بَيْنَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٍ

6348 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْجَرْجَرَائِيُّ (2) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَزِيدَ بْنَ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ، ثُمَّ الْهِلَالِ،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعقوب بن عبد الرحمن: هو ابن محمد بن عبد الله بن عبد القاريّ المدني، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار.

وأخرجه البخاري (5413) في الأطعمة: باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون، والنسائي في الرقاق من "الكبرى" كما في "التحفة" 4/121، والطبراني في "الكبير"(5999) ، والبغوي (2845) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/332، والبخاري (5410) في الأطعمة: باب النفخ في الشعير، والترمذي (2364) في الزهد: باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم وأهله، وابن ماجة (3335) فى الأطعمة: باب الحوَّارى، والطبراني (1796) و (5846) و (5889) من طرق عن أبي حازم، به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه مالك بن أنس، عن أبي حازم، وسيأتي برقم (6360) . وأدرجه البوصيري في "مصباح الزجاجة" 206/2 فاخطأ.

والنقي: هو دقيق القمح الأبيض، وثريناه: بللناه وعجناه.

(2)

تحرف في الأصل إلى: "الجوزجاني"، وفي المطبوع من "الثقات" 9/103 إلى "الجرجاني"، والتصويب من كتب الرجال.

ص: 258

ثُمَّ الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي بُيُوتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ» قُلْتُ: يَا خَالَةُ فِيمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ؟ قَالَتْ: «الْأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ - نِعْمَ الْجِيرَانُ - كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، فَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهَا، فَكَانَ يَسْتَقِينَا مِنْهُ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ آلَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُونُوا يَدَّخِرُونَ الشَّيْءَ الْكَثِيرَ لِمَا يُسْتَقْبَلُونَ مِنَ الْأَيَّامِ

6349 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: «مَا أَصْبَحَ فِي آلِ

(1) إسناده صحيح، محمد بن الصباح الجرجرائي وثقه المصنف، وأبو زرعة، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال ابن معين: ليس به بأس، روى له أبو داود، وابن ماجة، وقد توبع، ومن فوقه من رجال الشيخين. أبو حازم: هو سلمة بن دينار.

وأخرجه البخاري (2567) في أول كتاب الهبة، و (6459) في الرقائق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2972)(28) في الزهد من طريقين عن عبد العزيز بن أبي حازم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 274 من طريق هشام بن سعد، عن أبي حازم، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 13/249 عن أبي خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن القعقاع، عن القاسم، عن عائشة بنحوه.

وقد تقدم برقم (729) ، وسيأتي برقم (6361) و (6372) .

ص: 259

مُحَمَّدٍ صَاعُ بُرٍّ، وَلَا صَاعُ تَمْرٍ» ، وَإِنَّ لَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَ نِسْوَةٍ صلى الله عليه وسلم (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَتَمَنَّى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْإِقْلَالِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ

6350 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد في "الزهد" ص 4 عن عبد الصمد، عن أبان بن يزيد العطار، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/133 و 208، والبخاري (2069) فى البيوع: باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة، و (2508) في أول الرهن، والترمذي (1215) في البيوع: باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل، من طرق عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك، أنه مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبزٍ وإهالة سَنِخَة، ولقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعاً له بالمدينة عند يهودي، وأخذ منه الشعير لأهله، ولقد سمعتُه يقول:"ما أمسى عندَ آل محمد صلى الله عليه وسلم صاع بُرٍّ ولا صاع حبٍّ"، وإن عنده لتسعَ نسوة.

وأخرجه أحمد 3/238، وابن ماجه (4147) في الزهد: باب معيشة آل محمد صلى الله عليه وسلم، وأبو يعلى (3059) من طريق الحسن بن موسى، عن شيبان، عن قتادة، به.

وأورده البوصيري في "مصباح الزجاجة" 262/2، وقال: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه ابن حبان في "صحيحه" من طريق أبان العطار، عن قتادة به، وأصله في "صحيح" البخاري والترمذي والنسائي من حديث أنس بغير هذا السياق، ورواه الإِمام أحمد في "مسنده" من حديث أنس بن مالك أيضاً كما رواه ابن ماجة.

ص: 260

مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ كَانَ عِنْدِي أُحُدٌ ذَهَبًا، لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا يَأْتِي عَلَيَّ ثَلَاثٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ لَا أَجِدُ مَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنِّي، لَيْسَ شَيْءٌ أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ عَلَيَّ» (1) . [5: 47]

6351 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، بِبَيْرُوتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الدَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ (2) بْنُ يَعْمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا

(1) حديث صحيح، ابن أبي السري -وهو محمد بن المتوكل- متابع، ومن فوقه على شرطهما. وهو في "صحيفة همام"(83) .

وأخرجه أحمد 2/316، والبخاري (7228) في التمني: باب تمني الخير، والبغوي (1653) من طريق عبد الرزّاق، بهذا الإِسناد.

وقد تقدم برقم (3214) من طريق آخر عن أبي هريرة.

وقوله: "والذي نفس محمد بيده" فيه جواز الحلف من غير تحليف، قال النووي: بل هو مستحب إذا كان مصلحة كتوكيد أمر مهم وتحقيقه، ونفي المجاز عنه، قال: وقد كثرت الأحاديث الصحيحة في حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا النوع لهذا المعنى.

ويستفاد من الحديث: استعمال التمني في الخير، وأن النهي عن ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تقولوا: لو، فإن لو تفتح عمل الشيطان" إنما هو في أمور الدنيا، فأما تمني الخير، فمحبوب مأجور عليه.

وقوله: "ليس شيء" قال الصغاني: الصواب "ليس شيئاً" بالنصب، وقال في "اللامع": إنه في رواية الأصيلي (هو الحافظ الثبت أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي راوي صحيح البخاري عن أبي زيد المروزي) بالنصب ولغيره بالرفع.

وقوله "أرصده" قال ابن الأثير. أي: أُعِذدُّه، يقال: رصدتُه: إذا قعدت له على طريقه تترقبه، وأرصدت له العقوبة: إذا أعددتها له، وحقيقته جعلتها على طريقه كالمترقَّبَةِ له.

(2)

تحرف في الأصل إلى: "محمد،"، والتصويب من "التقاسيم" 5/لوحة 129.

ص: 261

مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي زَيْدُ (1) بْنُ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لُحَيٍّ الْهَوْزَنِيُّ، قَالَ: لَقِيتُ بِلَالًا مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا بِلَالُ أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ، وَكُنْتُ أَنَا الَّذِي أَلِي ذَلِكَ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الْإِنْسَانُ الْمُسْلِمُ فَرَآهُ عَارِيًا، يَأْمُرُنِي، فَأَنْطَلِقُ، فَأَسْتَقْرِضُ، فَأَشْتَرِي الْبُرْدَةَ أَوِ النَّمِرَةَ، فَأَكْسُوهُ، وَأُطْعِمُهُ، حَتَّى اعْتَرَضَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: يَا بِلَالُ إِنَّ عِنْدِي سَعَةً، فَلَا تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مِنِّي، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ، تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ قُمْتُ أُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ فِي عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا حَبَشِيُّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا لَبَّيَهُ، فَتَجَهَّمَنِي، وَقَالَ لِي قَوْلًا غَلِيظًا، وَقَالَ: أَتَدْرِي كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَرِيبٌ، قَالَ لِي: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعٌ، فَآخُذُكَ بِالَّذِي عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَمْ أُعْطِكَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ مِنْ كَرَامَتِكَ عَلَيَّ، وَلَا كَرَامَةِ صَاحِبِكَ، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَ لِتَجِبَ لِي عَبْدًا، فَأَرُدُّكَ تَرْعَى الْغَنَمَ كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَأَخَذَ فِي نَفْسِي مَا يَأْخُذُ النَّاسُ، فَانْطَلَقْتُ، ثُمَّ أَذَّنْتُ بِالصَّلَاةِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي، فَقُلْتُ:

(1) تحرف في الأصل و "التقاسيم" إلى: "يزيد"، والتصويب من "الموارد"(2537) .

ص: 262

يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ أَنِّي كُنْتُ أَتَدَيَّنُ مِنْهُ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِي عَنِّي، وَلَا عِنْدِي، وَهُوَ فَاضِحِي، فَأْذَنْ لِي أَنُوءُ (1) إِلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الْأَحْيَاءِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا حَتَّى يَرْزُقَ اللَّهُ رَسُولَهُ مَا يَقْضِي عَنِّي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا شِئْتَ اعْتَمَدْتَ» ، قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى آتِيَ مَنْزِلِي، فَجَعَلْتُ سَيْفِي وَجُعْبَتِي وَمِجَنِّي وَنَعْلِي عِنْدَ رَأْسِي، وَاسْتَقْبَلْتُ بِوَجْهِي الْأُفُقَ، فَكُلَّمَا (2) نِمْتُ سَاعَةً اسْتَنْبَهْتُ، فَإِذَا رَأَيْتُ عَلَيَّ لَيْلًا نِمْتُ حَتَّى أَسْفَرَ الصُّبْحُ الْأَوَّلُ، أَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى يَدْعُو: يَا بِلَالُ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ مُنَاخَاتٌ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَأْذَنْتُهُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَبْشِرْ، فَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِقَضَائِكَ» ، فَحَمِدْتُ اللَّهَ، وَقَالَ:«أَلَمْ تَمَرَّ عَلَى الرَّكَائِبِ الْمُنَاخَاتِ الْأَرْبَعِ؟» ، فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ:«إِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ، وَمَا عَلَيْهِنَّ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ أَهْدَاهُنَّ إِلَيَّ عَظِيمُ فَدَكَ، فَاقْبِضْهُنَّ، ثُمَّ اقْضِ دَيْنَكَ» قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَحَطَطْتُ عَنْهُنَّ أَحْمَالَهُنَّ، ثُمَّ عَقَلْتُهُنَّ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى تَأْذِينِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجْتُ لِلْبَقِيعِ، فَجَعَلْتُ

(1) ناء: أي نهض، واستناءه: طلبَ نوأه، أي عطاءه.

وفي "الموارد": "أتوجه"، وفي "التقاسيم" وعند أبي داود والطبراني:"آبق"، والأبق والإباق: الذهاب خفية.

(2)

في الأصل: "فلما" والمثبت من "التقاسيم".

ص: 263

أُصْبُعَيَّ فِي أُذُنِي، فَنَادَيْتُ: مَنْ كَانَ يَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنًا فَلْيَحْضُرْ، فَمَازِلْتُ أَبِيعُ وَأَقْضِي، وَأَعْرِضُ فَأَقْضِي (1) ، حَتَّى إِذَا فَضَلَ فِي يَدَيَّ أُوقِيَّتَانِ أَوْ أُوقِيَّةٌ وَنِصْفٌ، انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ النَّهَارِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«مَا فَعَلَ مَا قِبَلَكَ؟» ، فَقُلْتُ: قَدْ قَضَى اللَّهُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَفَضَلَ شَيْءٌ؟» ، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«انْظُرْ أَنْ تُرِيحَنِي مِنْهَا» (2) ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَتَمَةَ دَعَانِي، فَقَالَ:«مَا فَعَلَ مِمَّا قِبَلَكَ؟» ، قَالَ: قُلْتُ: هُوَ مَعِي لَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فَبَاتَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَظَلَّ فِي الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ الثَّانِي، حَتَّى كَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ جَاءَ رَاكِبَانِ، فَانْطَلَقْتُ بِهِمَا فَكَسَوْتُهُمَا وَأَطْعَمْتُهُمَا، حَتَّى إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ دَعَانِي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلَكَ؟» ، فَقُلْتُ: قَدْ أَرَاحَكَ اللَّهُ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ شَفَقًا أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ وَعِنْدَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى جَاءَ أَزْوَاجَهُ فَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ امْرَأَةٍ، حَتَّى أَتَى مَبِيتَهُ، فَهَذَا الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ (3) . [5: 3]

(1) عند غير المصنف زيادة هنا هي: حتى لم يبق عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دين في الأرض".

(2)

زاد غير المصنف "فلست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منها".

(3)

حديث صحيح. محمد بن خلف الداري: روى عنه جمع، وأورده ابن أبي حاتم 7/245، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ومعمر بن يعمر ذكره المصنف في "الثقات" 9/192، وقال: يُغرب، قلت: وكلاهما قد توبع، ومن فوقهما =

ص: 264

‌ذِكْرُ مَا مَثَّلَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ وَالدُّنْيَا بِمِثْلِ مَا مَثَّلَ بِهِ

6352 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَحْطَبَةَ، بِفَمِ الصِّلْحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَرَ فِي جَنْبِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ فِرَاشًا أَوْثَرَ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: «يَا عُمَرُ مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، وَمَا لِلدُّنْيَا وَلِي، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرْكَهَا» (1) 0 [5: 47]

= ثقات من رجال مسلم غير عبد الله الهوزني، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وهو ثقة.

وأخرجه أبو داود (3055) في الخراج: باب في الإمام يقبل هدايا المشركين، والطبراني في " الكبير "(1119) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/348-351 من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، وأخرجه أبو داود (3056) عن محمود بن خالد، حدثنا مروان بن محمد، كلاهما عن معاوية بن صالح بهذا الإسناد.

وقول بلال: "يا لبيه": هو من التلبية، وهي إجابة المنادي، يقال: لبيك ولبيه، قال الفراء: معنى " لبيك ": إجابة بعد إجابة، ونصبه على المصدر.

(1)

إسناده قوي. هلال بن خباب روى له الأربعة ووثقه أحمد وابن معين والفسوي، وغيرهم، وقول يحيى بن القطان: إنه تغير قبل موته واختلط، ردَّهُ يحيى بنُ معين فيما رواه عنه إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد كما في "تاريخ بغداد" =

ص: 265

6353 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى فَاطِمَةَ، فَرَأَى عَلَى بَابِهَا سِتْرًا، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، قَالَ: وَقَلَّمَا كَانَ يَدْخُلُ إِلَّا بَدَأَ بِهَا، فَجَاءَ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَرَآهَا مُهْتَمَّةً، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَقَالَتْ: جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَدْخُلْ، فَأَتَاهُ عَلِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَاطِمَةَ اشْتَدَّ عَلَيْهَا أَنَّكَ جِئْتَهَا وَلَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَنَا وَالدُّنْيَا، وَمَا أَنَا وَالرَّقْمُ» ، فَذَهَبَ إِلَى فَاطِمَةَ، فَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ رَسُولِ

= 14/73-74، وذكره المصنف في "المجروحين" 3/87، ورماه بالاختلاط، ثم ذكره في "الثقات" 7/574، وقال: يخطئ ويخالف، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه أبو الشيخ في "الأمثال"(298) عن عبد الله بن محمد بن قحطبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 3/342 عن الحسن بن محمد بن كيسان، حدثنا موسى بن هارون، عن عبد الله بن معاوية، به. وقال أبو نعيم: هذا حديث ثابت من غير وجه، وهو من حديث عكرمة غريب، تفرد به عنه هلال.

وأخرجه أحمد في "المسند" 1/301، وفي "الزهد" ص 13، والطبراني في "الكبير"(11898) ، والحاكم 4/309-310 من طرق عن ثابت بن يزيد به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/326، ونسبه لأحمد، وقال: رجاله رجال الصحيح غيرَ هلال بن خبّاب، وهو ثقة. وانظر الحديث المتقدم برقم (4268) .

ص: 266

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: فَقُلْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «قُلْ لَهَا، فَلْتُرْسِلْ بِهِ إِلَى بَنِي فُلَانٍ» (1) . [5: 28]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَا وَصَفْنَا، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَبَيْتِ فَاطِمَةَ دُونَ غَيْرِهَا

6354 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا مَرْقُومًا» (2) . [5: 28]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن أبي شيبة 13/239، وأحمد 2/21، وأبو داود (4149) في اللباس: باب في الفرش، عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2613) في الهبة: باب هدية ما يكره لبسها، وأبو داود (4150) من طريقين عن محمد بن فضيل بن غزوان، عن أبيه، به.

وانظر الحديث المتقدم برقم (696) .

قال المهلب وغيره فيما نقله الحافظ في "الفتح" 5/229: كره النبي صلى الله عليه وسلم لابنته ما كره لنفسه من تعجيل الطيبات في الدنيا، لا أن ستر الباب حرام، وهو نظيرُ قوله لها لما سألته خادمأ:"ألا أدلُّكِ على خير من ذلك؟ " فعلمها الذِّكر عند النوم.

(2)

إسناده حسن، سعيد بن جمهان فيه كلام يُنزله عن رتبة الصحيح، الربيع بن سليمان: هو المرادي، صاحب الإمام الشافعي، وأسد بن موسى: هو المعروف بأسد السنّة، وأخرجه الحاكم 2/186 عن محمد بن يعقوب، عن الربيع بن سليمان، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة أن علياً رضي الله عنه أضاف رجلاً وصنع له طعاماً، فقال: لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأاكل معنا، فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم،=

ص: 267

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ يُجَانِبُ اتِّخَاذَ الْأَسْبَابِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إِلَّا أَنْ تَعْتَرِيَهُ أَحْوَالٌ لَا يَكُونُ مِنْهُ الْقَصْدُ فِيهَا

6355 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، فَقَالَ:«كُلُوا، فَمَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا، وَلَا شَاةً سَمِيطَةً بِعَيْنِهِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ» (1) . [5: 47]

= فجاء، فرأى فراشاً قد ضرب في ناحية البيت، فرجع، فقالت فاطمة: إرجع، فقل له: ما رجعك يا رسول الله؟ فذهب فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ليس لنبي أن يدخل بيتاً مزوقاً ". وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

قلت: هذه الرواية تقيد رواية المصنف، وهي متطابقة مع رواية ابن عمر المتقدمة، ففي ما قال المؤلف في الترجمة بأن ذلك لم يكن لبيت فاطمة دون غيرها نظر ظاهر.

وأخرجه أحمد 5/220-221 و 221 و 222، وأبو داود (3755) في الأطعمة: باب إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه، وابن ماجة (3360) في الأطعمة: باب إذا رأى الضيف منكراً رجع، والطبراني في "الكبير"(16446) ، والبيهقي 7/267، من طرق عن حماد بن سلمة بنحو حديث الحاكم.

وقوله: "مرقوماً" يريد النقش والوشي، والأصل فيه الكتابة، وفي " موارد الظمآن"(1459)"مزوقاً" وكذلك هو عند غير المصنف، أي: مزيناً.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "مسند أبي يعلى"(2890) .

وأخرجه البخاري (5421) في الأطعمة: باب شاة مسموطة والكتف والجنب، و (6457) في الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وتخليهم عن الدنيا، =

ص: 268

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/342 من طريق هدبة بن خالد، بهذا الاسناد.

وأخرجه أحمد 3/128 و 134 و 250، والبخاري (5385) في الأطعمة: باب الخبز المرقق والأكل، وابن ماجة (3309) في الأطعمة: باب الشواء، و (3339) باب الرقاق، وابن سعد في "الطبقات" 1/404، والبغوي (2844) من طرق عن همام، به.

وأخرج البخاري (6450) في الرقاق: باب فضل الفقر، والترمذي (2363) في الزهد: باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم وأهله، وفي "الشمائل"(152) ، والنسائي في " الكبرى " كما في "التحفة" 1/308 من طريق أبي معمر عبد الله بن عمر، وأبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ص 266 من طريق الخليل بن سالم، كلاهما عن عبد الوارث بن سعيد، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات، وما أكل خبزاً مرققاً حتى مات. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث سعيد بن أبي عروبة.

وأخرجه البيهقي 1/342، وأبو الشيخ ص 198-199 من طريقين عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن يونس، عن قتادة، عن أنس بلفظ: ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان ولافي سكرجة ولا خُبِزَ له مرقق.

قال الحافظ في "الفتح" 9/531: المسموط: الذي أزيل شعره بالماء المسخن وشوي بجلده أو يطبخ، وإنما يصنع ذلك في الصغير السن الطري، وهو فعل المترفين من وجهين: أحدهما: المبادرة إلى ذبح ما لو بقي لازداد ثمنه، وثانيهما: أن المسلوخ ينتفع بجلده في اللبس وغيره، والسمط يفسده.

وقال أيضاً 11/280: تركُه صلى الله عليه وسلم الأكل على الخوان وأكل المرقق إنما هو لدفع طيبات الدنيا اختياراً لطيبات الحياة الدائمة، والمال إنما يُرغب فيه ليُستعان به على الأخرة، فلم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المال من هذا الوجه، وحاصله أن الخبر لا يدل على تفضيل الفقر على الغنى، بل يدل على فضل القناعة والكفاف، وعدم التبسُّط في ملاذ الدنيا.

ص: 269

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا كَانَ تَعْتَرِضُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْأَحْوَالُ الَّتِي وَصَفْنَاهَا

6356 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ فِي عِدَّةٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ» (1) 0 [5: 47]

(1) إسناده على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير جعفر بن سليمان -وهو الضبعي- فمن رجال مسلم، وثقه ابنُ سعد، وابنُ معين، وقال أحمد: لا بأس به، وقال المؤلف في " الثقات ": كان جعفر من الثقات المتقنين في الروايات غير أنه كان ينتحل الميلَ إلى أهل البيت، ولم يكن بداعيةٍٍ إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقق إذا كانت فيه بدعة، ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بخبره جائز، وقال البزار: لم نسمع أحداً يطعن عليه في الحديث، ولا في خطأ فيه، إنما ذكرت عنه شيعيته، وأما حديثه فمستقيم.

وأخرجه الترمذي (2362) في الزهد: باب معيشة النبي صلى الله عليه وسلم وأهله، وابن عدي في "الكامل" 2/572، والخطيب في " تاريخه " 7/98 من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابنُ عدي من طريقين عن قطن بن نُسير، عن جعفر بن سليمان به. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد روي هذا الحديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

وقال ابنُ عدي بعد أن روى هذا الحديث وأحاديث أخر: وهذه الأحاديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس كلها إفرادات لجعفر لا يرويها عن ثابت غيره، ولجعفر حديث صالح وروايات كثيرة، وهو حسن الحديث. =

ص: 270

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ الْمُتَبَحِّرَ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِخَبَرِ أَنَسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6357 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَمَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ:«أَنَّ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ لَهُ خَالِصَةٌ، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَتِهِ، وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (1) . [5: 47]

= وقال الحافظ ابن كثير في "الشمائل" ص 98-99: المراد أنه كان لا يدَّخر شيئاً لغد مما يسرع إليه الفساد كالأطعمة ونحوها، لما ثبت في "الصحيحين" عن عمر أنه قال

وذكر الحديث الآتي عند المصنف.

(1)

إسناده صحيح. إبراهيم بن بشار: هو الرمادي، روى له أبو داود والترمذي، وهو حافظ، ومن فوقه على شرط الشيخين غير مُسَدَّد، فمن رجال البخاري: سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 1/25 عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/48، والبخاري (2904) في الجهاد: باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه، و (4885) في تفسير سورة الحشر: باب قوله تعالى: {ما أفاء الله على رسوله} ومسلم (1757) في الجهاد: باب حكم الفيء وأبو داود (2965) في الخراج والإمارة: باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/102 من طرق عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، به. وسيأتي عند المصنف ضمن حديث مطول برقم (6608) .

ص: 271

‌ذِكْرُ مَا كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي نَفْسِهِ يَتَنَكَّبُ الشِّبَعَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ

6358 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ» (1) . [5: 47]

= وقوله: " مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا ركاب " الإيجاف: سرعة السير، وقد أوجف دابته يوجفها إيجافاً: إذا حثها، إي: لم يُعِدُّوا في تحصيله خيلاً ولا إبلاً، بل حصل بلا قتال. والركاب: هي الإبل التي يسافر عليها، لا واحد لها من لفظها، واحده: راحلة. والكراع: الدواب التي تصلح للحرب.

(1)

إسناده قوي على شرط مسلم. أبو صخر -وهو حميد بن زياد- وثقه المصنف والدارقطني، وقال أحمد: ليس به بأس، وقال ابن معين: ضعيف، وفي رواية ة ليس به بأس، وقال ابن عدي: هو عندي صالح الحديث، إنما أنكر عليه حديثان، قلت: ليس هذا منهما، وباقي رجاله ثقات. أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله، وابن قسيط: هو يزيد بن عبد الله بن قسيط.

وأخرجه مسلم (2974) في الزهد، عن أبي الطاهر، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/405 عن خالد بن خداش، عن عبد الله بن وهب، به.

وفي الباب عن عائشة، قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام بُر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض.

أخرجه وكيع (108) و (109) ، وهناد بن السريّ (725) و (728) في "الزهد"، وأحمد 6/156 و 255، والبخاري (5416) و (6454) ، ومسلم (2970) ، وابن سعد 1/402 و 403 من طرق عنها. =

ص: 272

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَتْ حَالَةَ اخْتِيَارٍ لَا اضْطِرَارٍ

6359 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجْمَعْ لَهُ غِذَاءٌ

= وعنها قالت: ما أكل آل محمد صلى الله عليه وسلم أكلتين في يوم واحد إلا إحداهما تمر.

أخرجه وكيع (110) ، والبخاري (6455) ، ومسلم (2971) ، وأبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ص 203-204 من طريقين عن عروة، عنها.

وعنها أيضاً قالت: لم يشبع رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ (وفي رواية لابن سعد: ثلاثة أيام) من خبز الشعير.

أخرجه الطيالسي (1389) ، وابن سعد 1/401 و454، ومسلم (2970)(22) ، والترمذي (2357) ، وفي " الشمائل "(145) و (151) ، والبغوي (4072) و (4573) من طريقين عنها.

وأخرج الترمذي (2356) ، وفي " الشمائل "(150) عن أحمد بن منيع، حدثنا عَبَّادُ بنُ عُبادة، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، قال: دخلت على عائشة، فدعت لي بطعام، وقالت: ما أشبع من طعام فأشاء أن أبكي إلا بكيت. قال: قلت: لم؟ قالت: أذكر الحال التي فارق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا، واللهِ ما شبع من خبز ولحم مرتين في يوم.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وعنها قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من غداء وعشاء حتى قبض.

أخرجَه عبد الرزاق (26020) عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد عنها.

ص: 273

وَلَا عِشَاءٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ إِلَّا عَلَى ضَفَفٍ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْوُجُودِ، كَانَ يَتَنَكَّبُ السَّرَفَ فِي أَسْبَابِ الْأَكْلِ، وَكَذَلِكَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ

6360 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ: هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ؟ فَقَالَ سَهْلٌ: «مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ مِنْ حِينِ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ» ، فَقُلْتُ: هَلْ كَانَتْ لَكُمْ مَنَاخِلُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: «مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْخُلًا مِنْ حِينِ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ»

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "مسند أبي يعلى" برقم (3108) .

وأخرجه أحمد 3/270، والترمذي في " الشمائل "(138) عن عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 1/404 عن مسلم بن إبراهيم، عن أبان بن يزيد، به.

وأخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ص 287 عن محمد بن عبد الله، حدثنا أبو أيوب، حدثنا عبد الوارث، حدثنا سعيد، عن قتادة به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/20 ونسبه لأحمد وأبي يعلى، وقال: رجالهما رجال الصحيح.

والضفف: هو الضيق والشدة، وقيل: اجتماع الناس، أي: لم يأكلهما وحده.

ص: 274

قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، كُنَّا نَنْفُخُهُ فَيَطِيرُ مَا طَارَ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ، فَأَكَلْنَاهُ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ مَا كَانَ ضِجَاعُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6361 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمِنْهَالِ ابْنِ أَخِي الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كَانَ ضِجَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهُ لِيفٌ» ، قَالَتْ:«وَكَانَ يَأْتِي عَلَيْنَا الشَّهْرُ مَا نَسْتَوْقِدُ نَارًا، إِنَّمَا هُمَا الْأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلَى أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْنَا جِيرَانٌ لَنَا بِغَزِيرَةِ شَاتِهِمْ» (2) . [5: 47]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير أبي الطاهر بن السرح -وهو أحمد بن عمرو- فمن رجال مسلم. أبو حازم: هو سلمة بن دينار، وقد تقدم تخريج الحديث برقم (6347) .

النقي: خبز الدقيق الحوّارى، وهو النظيف الأبيض، ثرَّيناه بتشديد الراء: بللناه بالماء.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مطولاً ومفرقاً ابن أبي شيبة 13/218-219، وعبد الرزاق (20625) ، وأحمد في "المسند" 6/48 و50 و 56 و108 و 207 و 212، وفي "الزهد" ص 5، وهناد (730) ، ووكيع (112) كلاهما في "الزهد"، والمروزي في زيادات "الزهد" لابن المبارك (1000)، والبخاري (6456) و (6458) في الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2972) في =

ص: 275

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَتْ تُؤَثِّرُ خُشُونَةُ ضِجَاعِهِ فِي جَنْبِهِ

6362 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى سَرِيرٍ وَهُوَ مُرْمَلٌ بِشَرِيطٍ، قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَدَخَلَ عُمَرُ، فَانْحَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا الشَّرِيطُ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ، فَبَكَى عُمَرُ، وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ كِسْرَى، وَقَيْصَرَ، وَهُمَا يَعِيثَانِ فِيمَا يَعِيثَانِ (1) فِيهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمَا الدُّنْيَا وَلَنَا

= الزهد، وابن سعد في "الطبقات" 1/464، وأبو داود (4146) و (4147) في اللباس: باب في الفُرش، والترمذي (1761) في اللباس: باب ما جاء في فراش النبي صلى الله عليه وسلم، و (2469) و (2471) في الزهد: باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم، وابن ماجه (4144) في الزهد: باب معيشة آل محمد صلى الله عليه وسلم، و (4151) باب ضجاع آل @محمد صلى الله عليه وسلم، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص 162، والبغوي (3122) و (3123) و (4074) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/71 و 86، وأبو الشيخ ص 273-274 من طرق عن عروة، به.

وضجاع: ما يضطجع عليه، وهو الفراش. والليف: قشر النخل الذي يجاور السعف. وقولها "بغزيرة شاتهم ": الغزيرة: الكثيرة اللبن.

(1)

سقطت من الأصل، واستدركت من "مسند أبي يعلى" ويعيثان: أي: يفسدان، ويبذران أموالهما.

ص: 276

الْآخِرَةُ؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَسَكَتَ (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ كُلَّهَا

6363 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدَيَّ» .

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

(1) موسى بن محمد بن حيان، ذكره المؤلف في " الثقات " 9/161، وقال: حدثنا عنه أبو يعلى، ربما خالف، وقال الذهبي في " الميزان " 4/221: روى عنه أبو يعلى وغيره، ضعفه أبو زرعة ولم يترك.

قلت: قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8/161: ترك أبو زرعة حديثه، ولم يقرأ علينا.

ومبارك بن فضالة والحسن -وهو البصري- قد عنعنا.

والحديث عند أبي يعلى في "مسنده"(2783) .

وأخرجه أحمد 3/139-140 عن أبي النضر، وأبو يعلى (2782) ، وعنه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "، ص 162-163 من طريق مؤمل بن إسماعيل، وأبو الشيخ ص 163 من طريق كامل بن طلحة، ثلاثتهم عن مبارك بن فضالة، بهذا الإسناد.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 10/326، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد رجال الصحيح غير مبارك بن فضالة، وقد وثقه جماعة وضعفه جماعة. وانظر (6352)

ص: 277

وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا» (1) . [3: 3]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (523)(6) في المساجد في فاتحته، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم، والنسائي 6/3-4 في الجهاد: باب وجوب الجهاد، والبيقي في "دلائل النبوة" 5/470-471 من طرق عن ابن وهب، به.

وأخرجه النسائي 4/6 من طريق القاسم بن مبرور، عن يونس بن يزيد، به.

وأخرجه أحمد 2/264 و455، والبخاري (2977) في الجهاد: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالرعب مسيرة شهر"، و (7013) في التعبير: باب المفاتيح في اليد، و (7273) في الاعتصام: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بعثت بجوامع الكلم"، من طريقين عن الزهري، به.

وأخرجه أحمد 2/268، ومسلم (523)(6) ، والنسائي 6/4، والبيهقي في "السنن" 7/48، وفي "الدلائل" 5/470 و 471 من طريقين عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/433، وأحمد 2/501-502، والبغوي (3618) من طريقين عن محمد بن عمرو، وأبو نعيم في "الدلائل"(30) من طريق عمر بن أبي سلمة، كلاهما عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وأخرجه مسلم (523)(7) ، والبيهقي في "الدلائل" 5/471 من طريقين عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس مولى أبي هريرة، عنه. ولم يذكر قول أبي هريرة.

وأخرجه البخاري (6998) في التعبير: باب رؤيا الليل، من طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.

وأخرج أحمد 2/314، ومسلم (523)(8) ، والبيهقي في "الدلائل" =

ص: 278

‌ذِكْرُ وَصْفِ مَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ حَيْثُ أُتِيَ صلى الله عليه وسلم فِي نَوْمِهِ

6364 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ، بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُتِيتُ بِمَقَالِيدِ (1) الدُّنْيَا عَلَى فَرَسِ أَبْلَقَ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ مِنْ سُنْدُسٍ» (2) . [3: 3]

= 5/145 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة يرفعه "نصرت بالرعب، وأوتيت جوامع الكلم"، وهو في " صحيفة همام " برقم (38) . وانظر الحديث الآتي برقم (6401) و (6403) .

وقوله: " بعثت بجوامع الكلم ": نقل البخاري (7013)، وأبو نعيم (30) عن الزهري أنه قال: بلغني أن جوامع الكلم أن الله يجمع الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد أو الأمرين أو نحو ذلك.

وقال النووي في "شرح مسلم" 5/5: قال الهروي: يعني به القرآن جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة، وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ، كثير المعاني.

وقوله: "أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي" هذا من أعلام النبوة، فإنه إخبار بفتح هذه البلاد لأمته، ووقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم، ولله الحمد والمنة. وقوله: تنتثلونها: أي تستخرجون ما فيها يعني خزائن الأرض وما فتح على المسلمين من الدنيا.

(1)

في الأصل "مقاليد"، والمثبت من " التقاسيم " 3/لوحة 279.

(2)

إسناده على شرط الصحيح، إلاَّ أن فيه تدليس أبي الزبير. =

ص: 279

6365 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ (1) ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ (2) ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا الْمَلَكُ مَا نَزَلَ مُنْذُ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ أَمَلَكًا جَعَلَكَ لَهُمْ أَمْ عَبْدًا رَسُولًا؟ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا بَلْ عَبْدًا رَسُولًا» (3) . [5: 47]

= وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(277) من طريق علي بن الحسين، قال: حدثني أبي، عن أبي الزبير، بهذا الإسناد.

وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، وعلي بن الحسين مجهول! قلت: وليس كما قال، فإن علي بن الحسين: هو ابن واقد المروزي، روى عنه جمع كثير، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، ثم هو لم ينفرد به، فقد تابعه اثنان كلاهما ثقة.

وأخرجه أحمد 3/327-328 عن زيد، حدثنا حصين، عن أبي الزبير، عن جابر، وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/20، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

قلت: وصححه الحافظ السيوطي في "الجامع الصغير"، وزاد نسبته للضياء المقدسي.

(1)

في الأصل "حدثنا معتمر" وهو خطأ، والتصويب من "موارد الظمآن"(2137) و "مسند أبي يعلى".

(2)

في الأصل "ابن فضل" وهو خطأ، والتصويب من "الموارد" و "مسند أبي يعلى".

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو معمر: هو إسماعيل بن إبراهيم بن =

ص: 280

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ يُصَحِّحُونَ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا لَا يَعْقِلُونَ مَعْنَاهَا

6366 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ (1) بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى حَلَّ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ مَا شَاءَ» (2) . [5: 48]

= معمر القطيعي، وابن فُضَيْلٍ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير. والحديث في "مسند أبي يعلى" 282/2.

وأخرجه أحمد 2/231 عن محمد بن فضيل، والبزار (2462) عن عبد الله بن سعيد، عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد.

وقال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد.

وأورده الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/19-20، وقال: رواه أحمد والبزار وأبو يعلى، ورجال الأولين رجال الصحيح!.

(1)

تحرف في الأصل إلى "عبيد الله "، والتصويب من "موارد الظمآن"(2127) .

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. عطاء: هو ابن أبي رباح، وعبيد بن عمير: هو ابن قتادة الليثي.

وأخرجه النسائي 6/56 في النكاح: باب ما افترض الله عز وجل على رسوله عليه السلام وحرمه على خلقه، وفي التفسير من "الكبرى" كما في "التحفة" 11/487، والطبري في "جامع البيان" 22/32، والحاكم 2/437، وعنه البيهقي 7/54 من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3216) في التفسير: باب ومن سورة الأحزاب، والنسائي 6/56، والطبري 22/32 من طرق عن سفيان، والطبري من طريق ابن جريج، كلاهما عن عطاء، عن عائشة. =

ص: 281

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم حُرِّمَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مُدَّةً، ثُمَّ أُحِلَّ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ تَفَضُّلًا تُفُضِّلَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْكِتَابِ تَضَادُّ، وَلَا تَهَاتِرُ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ: مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى حَلَّ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ.

أَرَادَتْ بِذَلِكَ: إِبَاحَةً بَعْدَ حَظْرٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا»

6367 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقُولُ: تَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا؟، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ} [الأحزاب: 51] قَالَتْ: قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ» (1) . [5: 23]

= وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 6/637، وزاد نسبته لعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وأبي داود في "ناسخه"، وابن المنذر، وابن مردويه.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وأخرجه مسلم (1464)(49) في الرضاع: باب جواز هبتها نوبتها لضرتها، عن محمد بن العلاء بن كريب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4788) في تفسير سورة الأحزاب: باب قوله: {ترجي من تشاء منهن} ، والنسائي 6/54 في النكاح: باب ذكر أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في النكاح وأزواجه، والبيهقي 7/55 من طرق عن أبي أسامة، به. =

ص: 282

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ إِلَى مَا وَعْدَهُ رَبُّهُ مِنَ الثَّوَابِ، وَهُوَ صِفْرُ الْيَدَيْنِ مِنْهَا

6368 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ (1) بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَأَلَهَا رَجُلٌ عَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: «أَعَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُنِي لَا أَبَا لَكَ؟ وَاللَّهِ مَا وَرِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، وَلَا شَاةً، وَلَا بَعِيرًا» (2) . [5: 50]

= وأخرج أحمد 6/158، والبخاري (5113) في النكاح: باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد، ومسلم (1464)(50)، وابن ماجه (2000) في النكاح: باب التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، والطبري في "جامع البيان" 22/26، والحاكم 2/436، والبغوي في "معالم التنزيل" 3/538 من طرق عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة قالت: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل؟ فأنزل الله

وأخرج أحمد 6/134 و 261 عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة، قالت: لما نزلت هذه الآية: {ترجي من تشاء منهن

} قالت عاثشة: فقلت: يا رسول الله، مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ.

(1)

تحرف في الأصل إلى "عبد الله"، والتصويب من "موارد الظمآن"(2165) .

(2)

إسناده حسن، إبراهيم بن هانئ هو أبو إسحاق النيسابوري: ذكره المؤلف في "الثقات" 8/83، وقال: سكن بغداد، يروي عن يزيد بن هارون، =

ص: 283

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ وَأَشْجَعِهِمْ

6369 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ،

= وأبي عاصم وعبيد الله بن موسى، روى عنه البغداديون، كان من إخوان أحمد بن حنبل، ممن جالسه على الحديث والدين، وترجم له الخطيب في "تاريخه" 6/204-206، وذكر أنه روى عن جمع، وروى عنه جمع، ونقل عن أحمد توثيقه، وقوله فيه: إن كان ببغداد رجل من الأبدال، فأبو إسحاق النيسابوري، وقال الدارقطني عنه: ثقة فاضل، وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/144: سمعت منه ببغداد، وهو ثقة صدوق، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عاصم، وهو ابن أبي النجود، فقد روى له الشيخان مقروناً، وهو صدوق حسن الحديث. شيبان: هو ابن عبد الرحمن التميمي، وزر: هو ابن حبيش.

وأخرجه الترمذي في " الشمائل "(387) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عاصم بن أبي النجود، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1635) في الوصية: باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، وأبوداود (2863) في الوصايا: باب ما جاء في ما يؤمر به من الوصية، والنسائي 6/240 في الوصايا: باب هل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم، وابن ماجة (2695) في الوصايا: باب هل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ وابن سعد في "الطبقات" 2/260، والبيهقي في " السنن " 6/266، وفي " الدلائل " 7/273، والبغوي (3836) و (3837) من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن عائشة.

وأخرجه النسائي من طريق حسن بن عيّاش، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة. وانظر الحديث الآتي برقم (6606) .

ص: 284

عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ ذَكَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: كَانَ خَيْرَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَانْطَلَقُوا قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ (1) مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ لِلنَّاسِ:«لَمْ تُرَاعُوا» يَرُدُّهُمْ، ثُمَّ قَالَ لِلْفَرَسِ:«وَجَدْنَاهُ بَحْرًا وَإِنَّهُ لَبَحْرٌ» (2) . [5: 47]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مَا كَانَ يَسْتَعْمِلُ الْجُودَ مِمَّا يَمْلِكُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام

6370 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَحِينَ يَلْقَى جِبْرِيلَ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ» (3) . [5: 47]

(1) في الأصل: "عربي"، وهو تحريف.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، محمد بن عبيد بن حساب من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين. وقد تقدم تخريجه برقم (5798) .

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وعبيد الله بن عبد الله: هو ابن =

ص: 285

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ يَبْذُلُ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا مَعَ مَا يَعْزِفُ نَفْسَهُ عَنْهَا

6371 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَشْبَعْ شَبْعَتَيْنِ فِي يَوْمٍ حَتَّى مَاتَ» (1) . [5: 47]

= عتبة بن مسعود الهذلي، وقد تقدم تخريجه برقم (3440) من طريق آخر عن الزهري.

وأخرجه النسائي 4/125 في الصيام: باب الفضل والجود في شهر رمضان، وفي فضائل القرآن من "السنن الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 5/64 عن سليمان بن داود، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/288، والبخاري (6) في بدء الوحي: باب رقم (5)، و (3220) في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، و (3554) في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2308) في الفضائل: باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ من الريح المرسلة، والبيهقي في "الدلائل" 1/326 من طرق عن عبد الله بن المبارك، عن يونس، به.

(1)

إسناده حسن، موسى بن يعقوب: هو الزمعي المدني مختلف فيه، وثقه ابن معين، وابن القطان، والمؤلف، وقال أبو داود: صالح، وقال ابن عدي: لا بأس به عندي ولا بروايته، وضعفه ابن المديني، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال أحمد: لا يعجبني حديثه، وباقي رجاله رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن ابراهيم، فمن رجال البخاري. ابن أبي فديك: هو محمد بن اسماعيل بن مسلم، وأبو حازم: هو الأعرج سلمة بن دينار.

وانظر الحديث المتقدم برقم (6358) .

ص: 286

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي وَصَفْنَاهَا كَانَ يَسْتَوِي فِيهَا صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُهُ عَلَى السَّبِيلِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ

6372 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«لَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَى أَهْلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم شَهْرٌ مَا يُخْبَزُ فِيهِ» قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ يَأْكُلُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: «كَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرًا كَانَ لَهُمْ لَبَنٌ يُهْدُونَ مِنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَسْتَكْثِرُ الْكَثِيرَ مِنَ الدُّنْيَا إِذَا وَهَبَهَا لِمَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ احْتِقَارًا لَهَا

6373 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ،

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير الحسن بن محمد بن الصباح، فمن رجال البخاري.

وأخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ص 274 عن أحمد بن محمد بن يعقوب، حدثنا حمدان بن عمر، حدثنا روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد في "الزهد" ص 5 عن حرب بن ميمون، عن هشام بن حسان، به.

ص: 287

فَأَتَى الرَّجُلُ قَوْمَهُ، فَقَالَ:«أَيْ قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَوَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يُعْطِي عَطَاءَ رَجُلٍ مَا يَخَافُ الْفَاقَةَ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا يُرِيدُ إِلَّا دُنْيَا يُصِيبُهَا، فَمَا يُمْسِي حَتَّى يَكُونَ دِينُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ

6374 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدًا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُ بِشَاءٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ:«أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يُعْطِي عَطَاءَ رَجُلٍ لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ» (2) . [5: 47]

(1) إسناده قوي، عبد الواحد بن غياث، وثقه الخطيب والمؤلف، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال صالح بن محمد: لا بأس به، وحديثه عند أبي داود، ومن فوقه من رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. وقد تقدم برقم (4502) .

والحديث عند أبي يعلى في "مسنده"(3302) ، وعنه أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 50، ومن طريق أبي الشيخ أخرجه البغوي (3691) . وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. محمد بن عبد الأعلى الصنعاني من رجال مسلم، ومن فوقه على شرطهما. وانظر الحديث السابق.

ص: 288

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يُعْطِي صلى الله عليه وسلم مَنْ سَأَلَهُ مِنْ هَذِهِ الْفَانِيَةِ الرَّاحِلَةِ

6375 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظٌ، فَقَالَ لَهُ أَعْرَابِيٌّ مِنْ خَلْفِهِ، وَأَخَذَ بِجَانِبِ رِدَائِهِ، فَاجْتَبَذَهُ حَتَّى أَثَّرَتِ الصَّنِفَةُ فِي صَفْحِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَعْطِنَا مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، وَتَبَسَّمَ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«مُرُوا لَهُ» (1) . [5: 47]

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، وأخرجه أحمد 3/224، ومسلم (1057) عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/153 و 210، والبخاري (3149) في فرض الخمس: باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم الخمس ونحوه، و (5809) في اللباس: باب البرود والحبر والشملة، و (6088) في الأدب: باب التبسم والضحك، وابن ماجة (1553) في اللباس: باب لباس النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 80، والبيهقي في "الدلائل" 1/318 من طرق عن إسحاق بن عبد الله، به.

قوله: اجتبذه: أي جبذه، وقوله: الصَّنِفَة: هي طرف الثوب مما يلي طرته. قال الحافظ في "الفتح" 10/506: في هذا الحديث بيان حلمه صلى الله عليه وسلم، وصبره على الأذى في النفس والمال، والتجاوز على جفاء من يريد تألفه على الإسلام، وليتأسى به الولاة بعده في خلقه الجميل من الصفح والإغضاء، والدفع بالتي هي أحسن.

ص: 289

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُ أَحَدًا يَسْأَلُهُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ

6376 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِمَكَّةَ وَعَبَّادَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:«مَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ فَأَبَى» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحْ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6377 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ:«مَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ قَطُّ، فَقَالَ: لَا» (2) . [5: 47]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(298) عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2311) في الفضائل: باب ما سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن شيء، فقال: لا، وابن سعد في "الطبقات" 1/368 من طرق عن سفيان، به.

وأخرجه الحميدي (1228) ، والطيالسي (1720)، والبخاري (6034) في الأدب: باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل، وفي "الأدب المفرد"(279) ، ومسلم، والترمذي في "الشمائل"(345) ، وابن سعد 1/368، والدارمي 1/34، وأبو يعلى (2001) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/325-326، والبغوي (3685) و (3686) من طرق عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، به. وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر ما قبله.

ص: 290

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ خُلُقَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ قَطْعَ الْقَلْبِ عَنْ هَذِهِ الدُّنْيَا وَتَرْكَ الِادِّخَارِ بِشَيْءٍ مِنْهَا

6378 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ» (1) . [3: 39]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ أَزْهَدِ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا

6379 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، يَخْطُبُ النَّاسَ يَقُولُ:«أَيُّهَا النَّاسُ كَانَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَزْهَدَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا، وَأَصْبَحْتُمْ أَرْغَبَ النَّاسِ فِيهَا» (2) . [5: 50]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (6356) .

(2)

إسناده صحيح. يزيد بن موهب: هو يزيد بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة، ومن فوقه من رجال مسلم.

أبو هانئ: هو حميد بن هانئ الخولاني.

وأخرج أحمد 4/203 عن عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا مُوسَى بْنِ عُلي عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سمعتُ عمرو بنَ العاص يقول: ما أبعد هديكم من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، أما هو، فكان أزهد الناس في الدنيا، وأنتم أرغبُ الناس فيها. =

ص: 291

‌ذِكْرُ قَبُولِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْهَدَايَا مِنْ أُمَّتِهِ

6380 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَعَثَتْ مَعِي أُمُّ سُلَيْمٍ بِشَيْءٍ مِنْ رُطَبٍ فِي مِكْتَلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ أَجِدْهُ فِي بَيْتِهِ، قَالُوا: ذَهَبَ قَرِيبًا، فَإِذَا هُوَ عِنْدَ خَيَّاطٍ مَوْلَى لَهُ صَنَعَ لَهُ طَعَامًا فِيهِ لَحْمٌ وَدُبَّاءٌ، قَالَ:«فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ الدُّبَّاءَ فَجَعَلْتُ أَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ، فَوَضَعْتُ الْمِكْتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَازَالَ يَأْكُلُ، وَيَقْسِمُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِي الْمِكْتَلِ شَيْءٌ» (1) . [5: 3]

= وأخرج أحمد 4/204 عن يحيى بن إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُلي بن رباح، قال: سمعتُ عمرو بنَ العاص يقولُ: لقد أصبحتم وأمسيتم ترغبون فيما كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سيزهد فيه، أصبحتم ترغبون في الدنيا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يزهد فيها، واللهِ ما أتت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ليلة من دهره إلاَّ كان الذي عليه أكثر مما له.

قال: فقال له بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسلف.

قال الحافظ الهيثمي في " المجمع " 10/315: رواه أحمد، والطبراني روى حديث عمرو فقط، ورجال أحمد رجال الصحيح.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/108 و 264، وابن ماجة (3303) في الأطعمة:

باب الدباء، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 213 من طرق عن حميد، بهذا الإسناد. =

ص: 292

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِمَّنْ أَهْدَاهَا لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ

6381 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ» (1) . [4: 21]

= وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجة" 204/2: هذا إسناد صحيح، رواه الشيخان في "صحيحهما"، ومالك في "الموطأ"، وأحمد في "مسنده"، وأبو داود، والترمذي من طريق أنس أيضاً بلفظ

ثم ذكر الحديث المتقدم عند المصنف برقم (4539) و (5269) .

(1)

حديث صحيح، محمد بن عمرو، هو ابن علقمة الليثي، روى له البخاري مقروناً بغيره ومسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي رجاله رجال الشيخين غير وهب بن بقية فمن رجال مسلم. خالد بن عبد الله: هو الطحان الواسطي.

وأخرجه بأطول مما هنا أبو داود (4512) في الديات: باب فيمن سقى رجلاً سمَّا أو أطعمه فمات، أيقاد منه؟ عن وهب بن بقية، بهذا الإسناد.

ثم أخرجه عن وهب بن بقية، عن خالد بن عبد الله، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة مرسلاً.

وقال المنذري في "مختصره" 6/308: منقطع، والخطابي في "معالم السنن" 4/7: ليس بمتصل.

وقال المزي في "الأطراف" 11/6: هكذا وقع هذا الحديث في رواية أبي سعيد ابن الأعرابي عن أبي داود (أي متصلاً)، وعند باقي الرواة:"عن أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ليس فيه "أبو هريرة" وقد جوَّده ابنُ الأعرابي عن أبي داود. =

ص: 293

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أُتِيَ بِصَدَقَةٍ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِأَكْلِهَا، وَامْتَنَعَ بِنَفْسِهِ عَنْهَا

6382 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ سَأَلَ عَنْهُ، فَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ أَكَلَ، وَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ قَالَ: «كُلُوا» ، وَلَمْ يَأْكُلْ (1) . [4: 21]

= وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 1/388 عن سعيد بن سليمان، أخبرنا عباد بن العوام، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة، وأخرجه 2/200 مطولاً عن سعيد بن محمد الثقفي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مرسلاً.

وفي الباب عن عائشة عند ابن سعد 1/388، وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن المليكي، وهو ابن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مليكه، فيه لين.

وعن سلمان عند أحمد 5/442، والطبراني (6064) و (6066) و (6070) و (6071) وعن عبد الله بن بسر عند ابن سعد أيضاً 1/389، وإسناده حسن. وانظر الحديث الآتي.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. عفان: هو ابن مسلم الباهلي.

وأخرجه أحمد 2/406، وابن سعد 1/389 عن عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/302 و 305 و 338 و 492 من طرق عن حماد بن سلمة، به. =

ص: 294

‌ذِكْرُ إِرَادَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم تَرْكَ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ إِلَّا عَنْ قَبَائِلَ مَعْرُوفَةٍ

6383 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ أَوْ دَوْسِيٍّ» (1) . [3: 34]

= وأخرجه البخاري (2576) في الهبة: باب قبول الهدية، ومسلم (1077) في الزكاة: باب قبول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة، والبغوي (1608) ، والبيهقي 7/33-34 من طريقين عن محمد بن زياد، به.

(1)

إسناده حسن، محمد بن عمرو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين غير يحيى بن سعيد الأموي، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 2/292 عن يزيد، أخبرنا أبو معشر، عن سعيد ابن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أعرابياً أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بكرة، فعوضه ست بكرات فتسخطه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"إن فلاناً أهدى إليّ ناقة، وهي ناقتي، أعرفها كما أعرف بعض أهلي، ذهبت مني يوم زغابات، فعوَّضتهُ ستَّ بكرات، فظل ساخطاً، لقد هممت أن لا أقبل هدية إلاَّ من قُرَشيٍّ أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي".

قلت: أبو معشر -وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي- ضعيف.

وأخرجه كذلك الترمذي (3945) في المناقب: باب في مناقب ثقيف وبني حنيفة، عن أحمد بن منيع، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرني أيوب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

وقال الترمذي: هذا حديث قد روي من غير وجه عن أبي هريرة، =

ص: 295

6384 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، بِبَيْرُوتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَهَبَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَثَابَهُ عَلَيْهَا، فَقَالَ:«رَضِيتَ؟» ، قَالَ: لَا، فَزَادَهُ، وَقَالَ:«رَضِيتَ؟» ، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَتَّهِبُ إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ» (1) . [3: 60]

= ويزيد بن هارون يروي عن أيوب أبي العلاء، وهو أيوب بن مسكين، ويقال: ابن أبي مسكين، ولعل هذا الحديث الذي روي عن أيوب، عن سعيد المقبري؛ هو أيوب أبو العلاء، وهو أيوب بن مسكين.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(596)، وعنه الترمذي (3946) : حدثنا أحمد بن خالد الحمصي، حدثنا محمد بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

وقال: هذا حديث حسن، وهو أصحُّ من حديث يزيد بن هارون عن أيوب.

وأخرجه -مختصراً- أبو داود (3537) في البيوع: باب في قبول الهدايا، عن محمد بن عمرو الرازي، حدثنا سلمة بن الفضل، حدثني محمد بن إسحاق، به.

وأخرجه مختصراً أيضاً كما عند المصنف عبد الرزاق (16522)، ومن طريقه النسائي 6/279-280 في العمرى: باب عطية المرأة بغير إذن زوجها، عن معمر، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

وأخرجه عبد الرزاق، وأحمد 2/247 عن سفيان بن عيينة، وأخرجه البيهقي 6/180 من طريق أبي عاصم النبيل، كلاهما عن ابن عجلان، به. وانظر الحديث الآتي.

(1)

إسناده صحيح. رجاله رجال الشيخين غير محمد بن إسماعيل بن عُلية، وهو ثقة روى له النسائي. =

ص: 296

‌ذِكْرُ مَا خَصَّ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا بِهِ صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمَّتِهِ بِأَنَّ قَلْبَهُ كَانَ لَا يَنَامُ إِذَا نَامَتْ عَيْنَاهُ

6385 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - إِعْظَامًا لِلْوِتْرِ: تَنَامُ عَنِ الْوِتْرِ؟ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنِي تَنَامُ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» (1) . [5: 23]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا نَامَ لَمْ يَنَمْ قَلْبُهُ كَمَا تَنَامُ قُلُوبُ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ

6386 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا

= وأخرجه أحمد 1/295، والطبراني في "الكبير"(10897) ، والبزار (1938) من طريق يونس بن محمد، بهذا الإسناد. وقال البزار: لا نعلم أحداً وصله إلاَّ حماد.

ثم أخرجه البزار (1939) عن أحمد بن عبدة، عن ابن عيينة، عن عمرو، عن طاووس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً. وقال: ولا يروى عن ابن عباس إلاَّ من هذا الوجه.

قلت: وأخرجه عبد الرزاق (16521) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ

فذكره مرسلاً أيضاً.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/148، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير"، ورجال أحمد رجال الصحيح.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير محرز بن عون، فمن رجال مسلم. وقد تقدم تخريجه برقم (2430) .

ص: 297

أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» (1) . [3: 3]

‌ذِكْرُ وَصْفِ سِنِّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6387 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، بِمَنْبِجَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الْمُبَارَكِ الْأَنْصَارِيُّ بِهَرَاةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ، وَلَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ، وَلَيْسَ بِالْآدَمِ، وَلَا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ، وَلَا السَّبْطِ، بَعَثَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَيْسَ فِي رَأْسَهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ صلى الله عليه وسلم» (2) . [5: 50]

(1) إسناده حسن على شرط مسلم. ابن عجلان: هو محمد بن عجلان مولى فاطمة بنت عتبة، علّق له البخاري، وروى له مسلم في الشواهد والمتابعات، وهو حسن الحديث.

وأخرجه أحمد 2/251 و 438 عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.

وذكره السيوطي في "الخصائص" 1/69، ونسبه لأبي نعيم.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/919 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب ما جاء في صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم. =

ص: 298

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن طريق مالك أخرجه أحمد 3/240، والبخاري (3548) في مناقب الأنصار: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2347) في الفضائل: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، والترمذي (3623) في المناقب: باب رقم (4) ، وابن سعد في " الطبقات" 1/413، والبيهقي في " الدلائل " 7/236، والبغوي (3635) .

وأخرجه مفرقاً البخاري (3547)، و (5900) في اللباس: باب الجعد، ومسلم، وابن سعد 1/190 و 224 و 413 و 432 و 2/308، والطبري في "تاريخه" 2/291، والآجري في " الشريعة " ص 438، والبيهقي 1/201 و 229 من طرق عن ربيعة بن عبد الرحمن، به.

وقوله: "ليس بالأمهق الأبيض وليس بالآدم": أي: ليس شديد البياض، ولا شديد السمرة، وإنما يخالط بياضه الحمرة، وفي "الصحيحين" من وجه آخر عن ربيعة، عن أنس، "كان أزهر اللون" أي: أبيضُ مشربٌ بحمرة، كما في "مسلم" عن أنس من وجه آخر.

وقوله: "توفاه الله على رأس ستين سنة" أي آخرها، قال الطيبي: مجاز كمجاز قولهم: رأس آية، أي: آخرها. قال الزرقاني في "شرح الموطأ" 4/280: وصريحه أنه عاش ستين فقط، وفي مسلم من وجه آخر عن أنس أنه عاش ثلاثاً وستين سنة، ومثله في حديث عائشة في "الصحيحين"، وبه قال الجمهور، قال الإسماعيلي: لا بد أن يكون الصحيح أحدهما، وجمع غيره بإلغاء الكسر، وللبخاري عن ابن عباس: لبث بمكة ثلاث عشرة وبُعث لأربعين، ومات وهو ابنُ ثلاث وستين، وجمع السهيلي بأن من قال: ثلاث عشرة عَدَّ من أول ما جاءه الملك بالنبوة، ومن قال: عشراً، عدَّ ما بعد فترة الوحي ونزول {يا أيها المدثر} ، ويؤيده زيادة " ينزل عليه الوحي "، لكن قال الحافظ: هو مبني على صحة خبر الشعبي عند أحمد أن مدة الفترة ثلاث سنين، لكن عند ابن سعد عن ابن عباس ما يُخالفه، أي: أن مدة الفترة كانت أياماً، قال: والحاصل أن كل من روي =

ص: 299

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْمَذْكُورِ فِي خَبَرِ أَنَسٍ لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّفْيَ عَمَّا وَرَاءَهُ

6388 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6389 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ زُنَيْجٌ، حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ زَائِدَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ

= عنه من الصحابة ما يُخالف المشهور -وهو ثلاث وستون- جاء عنه المشهورُ، وهم ابنُ عباس وعائشة وأنس، ولم يختلِفْ على معاوية أنه عاش ثلاثاً وستين، وبه جزم ابن المسيب، والشعبي، ومجاهد، وقال أحمد: هو الثبت عندنا.

(1)

حديث صحيح إسناده على شرط البخاري، محمد بن فليح قد توبع.

وأخرجه أحمد 6/93، والبخاري (3536) في مناقب الأنصار، و (4466) في المغازي: باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2349) في الفضائل: باب كم سنّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض؟ والترمذي (3654) في المناقب: باب في سنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وابن كم حين مات، وابن سعد 2/309، والبيهقي في " الدلائل " 7/238 من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

ص: 300

وَسِتِّينَ، وَقُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُبِضَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ تَفْصِيلِ هَذَا الْعَدَدِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ

6390 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْقِتَالِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَكَانَتِ الْهِجْرَةُ عَشْرَ سِنِينَ، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً» (2) . [5: 50]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو في " صحيحه " (2348) في الفضائل: باب كم سن النبيِّ صلى الله عليه وسلم يوم قبض، عن محمد بن عمرو الرازي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 7/237-238 من طريق محمد بن إسماعيل السلمي، عن محمد بن عمرو، به.

(2)

إسناده على شرط الصحيح. جعفر بن سليمان: هو الضُّبعي، وهشام: هو ابن حسان.

وأخرجه عبد الرزاق (6784) ، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(12870) عن إسماعيل بن عبد الله، عن هشام بن حسان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/249 و364 و 370 و 371، والبخاري (3851) في مناقب الأنصار: باب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، و (3902) و (3903) باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، ومسلم (2351) في الفضائل: باب كم أقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة؟ والترمذي (3652) في المناقب: باب سن النبي صلى الله عليه وسلم وابن كم حين مات، وابن سعد 2/309، والبيهقي في "الدلائل" =

ص: 301

‌ذِكْرُ وَصْفِ خَاتَمِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6391 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدًا، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:«كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فِضَّةٍ فَصُّهُ مِنْهُ» (1) . [5: 9]

= 7/238 و 239، والبغوي (3840) من طرق عن ابنِ عباس بنحوه دونَ ذكر عدم الإذن في القتال ثلاث عشرة سنة.

وأخرج أحمد 1/223 و 267 و 279 و 290 و 294 و 359، ومسلم (2353) ، والترمذي (3651) ، وابن سعد 2/310، والبيهقي 7/240 من رواية عمار بن أبي عمار مولى بني هاشم، عن ابنِ عباس أن رسول الله توفي وهو ابنُ خمس وستين.

وأخرج أحمد 2/228 عن يحيى، عن هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عباس، قال: أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابنُ ثلاث وأربعين، فمكث بمكة عشراً، وبالمدينة عشراً، وقبض وهو ابنُ ثلاث وستين.

وأخرج البخاري (4464) و (4465) في المغازي: باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، و (4978 و 4979) من طريقين عن شيبان بنِ عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بنِ عبد الرحمن، عن عائشة، وابن عباس رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآنُ، وبالمدينة عشراً. وانظر التعليق على الحديث (6387) .

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه.

وأخرجه البخاري (5870) في اللباس: باب فص الخاتم، ومن طريقه البغوي (3139) عن ابن راهويه، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي 8/174 عن أبي بكر بن علي، حدثنا أمية بن بسطام، عن معتمر بن سليمان، به. =

ص: 302

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا اتَّخَذَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْخَاتَمَ مِنْ فِضَّةٍ

6392 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الْأَعَاجِمِ، فَقَالُوا لَهُ: أَنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا بِخَاتَمٍ فِيهِ نَقْشٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَاتَمٍ فِضَّةٍ، فَنَقَشَ فِيهِ:«مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» (1) . [5: 9]

= وأخرجه أحمد 3/266، وأبو داود (4217) في الخاتم: باب ما جاء في اتخاذ الخاتم، والترمذي (1740) في اللباس: باب ما جاء في اتخاذ الخاتم، وفي "الشمائل"(84)، والنسائي 8/174 في الزينة: باب صفة خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، وابن سعد 1/472، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 130 من طرق عن زهير بن معاوية.

وأخرجه النسائي 8/173-174، وأبو الشيخ ص 130 من طريقين عن الحسن بن صالح، عن عاصم الأحول، كلاهما -زهير بن معاوية وعاصم الأحول- عن حميد الطويل، به.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير علي بن خشرم، فمن رجال مسلم. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السَّبيعي، وسعيد: هو ابنُ أبي عروبة، وقد احتَّج مسلم برواية عيسى بنِ يونس عنه.

وأخرجه أبو داود (4214) في الخاتم: باب ما جاء في اتخاذ الخاتم، عن عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي، عن عيسى بنِ يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاريُّ (5872) في اللباس: باب نقش الخاتم، من طريق يزيد بن زريع، وأبو داود (4215) من طريق خالد بن عبد الله، وابن سعد 1/471 عن محمد بن عبد الله الأنصاري، وعبد الوهَّاب بن عطاء العجلي، و 1/475 عن أبي عاصم النبيل، جميعهم عن سعيد بن أبي عروبة، به. =

ص: 303

‌ذِكْرُ وَصْفِ نَقْشِ مَا وَصَفْنَا فِي خَاتَمِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6393 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَرْعَرَةُ بْنُ الْبِرِنْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَزْرَةُ (1) بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ «نَقْشُ خَاتَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولٌ سَطْرٌ، وَاللَّهُ سَطْرٌ» (2) . [5: 9]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ خَاتَمَانِ لَا خَاتَمٌ وَاحِدٌ

6394 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ، فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ

= وأخرجه أحمد 3/180-181 و 223 و 275، والبخاري (5875) في اللباس: باب اتخاذ الخاتم ليختم به الشيء أو ليكتب به إلى أهل الكتاب، والترمذي (2718) في الاستئذان: باب ما جاء في خاتم الكتاب، وفي " الشمائل "(85) و (87)، والنسائي 8/174 في الزينة: باب صفة خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، وابن سعد 1/471، وأبو الشيخ ص 131، والبغوي (3131) و (3132) من طرق عن قتادة، به.

(1)

تحرف في الأصل إلى "عروة"، والتصويب من "التقاسيم" 5/لوحة 160.

(2)

حديث صحيح إسناده حسن، والد أبي خليفة: اسمه الحباب بن محمد بن صخر بن عبد الرحمن الجمحي ذكره المؤلف في " الثقات " 8/217، فقال: من أهل البصرة. وقد تقدم تخريج الحديث برقم (5496) .

ص: 304

فِي يَمِينِهِ، كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ بَاطِنَ كَفِّهِ» (1) . [5: 9]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ قَدْ كَانَتْ تُعْجِبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6395 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ بُرْدَةً سَوْدَاءَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «مَا أَحْسَنَهَا عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَشُوبُ بَيَاضُكَ سَوَادَهَا، وَيَشُوبُ سَوَادُهَا

(1) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. إسماعيل بن أبي أويس قد توبع.

وأخرجه مسلم (2094) في اللباس والزينة: باب في خاتم الورق فصُّه حبشي، وابن ماجة (3646) في اللباس: باب من جعل فص خاتمه مما يلي كفه، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 125، ومن طريقه البغوي (3145) من طرق عن إسماعيل بن أبي أويس، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/463، وأحمد 3/209، وابن سعد 1/472، ومسلم، وأبو داود (4216) في الخاتم: باب ما جاء في اتخاذ الخاتم، والترمذي (1739) في اللباس: باب ما جاء في خاتم الفضة، وفي " الشمائل "(82)، والنسائي 8/172-173 و 173 في الزينة: باب صفة خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، وابن ماجة (3641) في اللباس: باب نقش الخاتم، وأبو الشيخ ص 129 و 129-130، والبغوي (3140) و (3141) من طرق عن يونس بن يزيد، به.

والفص الحبشي: هو الجزع أو العقيق، فإنه يكون بالحبشة، وقيل: لونه حبشي، أي: أسود.

ص: 305

بَيَاضَكَ، فَبَانَ مِنْهَا رِيحٌ، فَأَلْقَاهَا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يُحِبُّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنَ الثِّيَابِ

6396 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَأَبُو يَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْنَا لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَيُّ اللِّبَاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «الْحِبَرَةُ» .

قَالَ أَبُو يَعْلَى: «أَيُّ اللِّبَاسِ كَانَ أَعْجَبَ» (2) . [5: 47]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. مطرف: هو ابن عبد الله بن الشخير.

وأخرجه أحمد 6/144، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 113-114 عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/132 و 219، وأبو داود (4074) في اللباس: باب السواد، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/328 من طرق عن همام، به.

وأخرجه ابن عساكر في "السيرة النبوية" ص 266-267 من طريق شعبة، عن قتادة به، ولم يرد عنده:"كان يعجبه الريح الطيبة".

وأخرجه النسائي من طريق مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عن مطرف مرسلًا.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "مسند أبي يعلى"(2873) ، ومن طريقه أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 113، وعنه البغوي (3067) .

وأخرجه مسلم (2079) في اللباس: باب فضل لباس ثياب الحبرة، وأبو داود (4060) في اللباس: باب في لبس الحبرة، والبيهقي 3/245 عن هدبة بن خالد، بهذا الإسناد. =

ص: 306

‌ذِكْرُ وَصْفِ تَعْمِيمِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6397 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْدُلُ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ» ، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. (1) .

= وأخرجه أحمد 3/134 و 184 و 251، والبخاري (5813) في اللباس: باب البرود والحبر والشملة، وابن سعد في "الطبقات" 1/456، وأبو يعلى (3090) ، والبيهقي 3/245 من طرق عن همام بن يحيى، به.

وأخرجه أحمد 3/291، والبخاري (5813) ، ومسلم (2079)، والترمذي (1787) في اللباس: باب ما جاء في أحب الثياب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وفي " الشمائل "(60)، والنسائي 8/203 في الزينة: باب لبس الحبرة، والبغوي (3066) من طرق عن مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، به.

والحبرة: وزن عنبة، هي البرود الموشاة المنقوشة.

(1)

إسناده قوي: مصعب بن عبد الله الزبيري، روى له ابن ماجه والنسائي ووثقه المصنف، والدارقطني، ومسلمة بن القاسم، وابن مردويه، والذهبي، وقال أحمد: ثبت، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عبد العزيز بن محمد، وهو الدراوردي، فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري مقروناً ومتابعة، وحديثُه لا يرقى إلى درجة الصحة.

وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 117، ومن طريقه البغوي (3110) عن سعيد بن سلمة التَّوَّزِي (وثقه الخطيب 9/103) ، عن أبي مصعب الزبيري، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (1736) في اللباس: باب في سدل العمامة بين الكتفين، وفي " الشمائل "(110) ، ومن طريقه البغوي (3109) عن هارون بن إسحاق، عن يحيى بن محمد المدني، وأخرجه أبو الشيخ =

ص: 307

قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «وَرَأَيْتُ الْقَاسِمَ، وَسَالِمًا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ» . [5: 47]

‌ذِكْرُ الْخِصَالِ الَّتِي فُضِّلَ صلى الله عليه وسلم بِهَا عَلَى غَيْرِهِ

6398 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ (1) عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ (2) سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» (3) . [3: 3]

= ص 117 من طريق يحيى بن الفضل، كلاهما عن عبد العزيز الدراوردي به ولم يذكر أبو الشيخ قول نافع في ابن عمر، ولا قول عُبيد الله في نافع وسالم.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وأخرج ابن أبي شيبة 8/427 عن أبي أُسَامَةَ، عَنْ عُبيد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، قال: كان ابنُ عمر يَعْتَمُّ، وُيرخيها بين كتفيه.

(1)

سقط من الأصل " محمد بن "، واستدرك من " التقاسيم " 3/لوحة 279.

(2)

تحرفت في الأصل إلى " هشام بن "، والتصويب من " التقاسيم ".

(3)

إسناده صحيح. محمد بن عبد الرحيم: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ يُنسب إلى جده، ثقة، روى له أبو داود والنسائي، وعلي بن =

ص: 308

6399 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ عُبَيْدِ (1) اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهِبٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ (2) مِينَاءَ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُعْطِيتُ أَرْبَعًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَنَا، وَسَأَلْتُ رَبِّي الْخَامِسَةَ فَأَعْطَانِيهَا، كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَرْيَتِهِ وَلَا يَعْدُوهَا وَبُعِثْتُ كَافَّةً إِلَى النَّاسِ، وَأُرْهِبَ مِنَّا عَدُوُّنَا مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسَاجِدَ، وَأُحِلَّ لَنَا الْخُمُسُ وَلَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلَنَا، وَسَأَلْتُ رَبِّي الْخَامِسَةَ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَلْقَاهُ عَبْدٌ مِنْ أُمَّتِي يُوَحِّدُهُ إِلَّا أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ فَأَعْطَانِيهَا» (3) . [3: 2]

= معبد: هو ابن شداد العبدي الرقي نزيل مصر، روى له أبو داود والنسائي أيضاً، وهو ثقة فقيه، ومَنْ فوقه ثقات مِن رجال الشيخين، وقد صرح هُشيم -وهو ابن بشير بن القاسم السلمي- بالتحديث عن الشيخين وغيرهما. سيار هو أبو الحكم العنزي، ويزيد الفقير: هو ابنُ صهيب الكوفي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/432، وأحمد 3/304، والدارمي 1/322- 323، والبخاري (335) في التيمم: باب التيمم، و (438) في الصلاة: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مسجداً وطهوراً"، و (3122) في الجهاد: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحلت لكم الغنائم"، ومسلم (521) في المساجد في فاتحته، والنسائي 1/209-211 في الغسل: باب التيمم بالصعيد، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1439) ، والبيهقي في "السنن" 1/212 و 2/329 و 433 و 6/291 و 9/4، وفي "الدلائل" 5/472- 473، والبغوي (3616) من طرق عن هشيم بن بشير، بهذا الإسناد.

(1)

تحرف في الأصل إلى "عبد الله"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 265.

(2)

تحرفت في الأصل إلى "عن"، والتصويب من "التقاسيم".

(3)

عبيد الله بن عبد الرحمن: هو ابنُ عبد الله بن موهب، روى له البخاري في =

ص: 309

‌ذِكْرُ مَا فُضِّلَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْخِصَالِ الْمَعْدُودَةِ

6400 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّهِيدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فُضِّلْتُ (2) عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَ تُرَابُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ، وَجُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَأُوتِيتُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَ مِثْلَهُ أَحَدٌ قَبْلِي وَلَا أَحَدٌ بَعْدِي» (3) . [3: 32]

= "الأدب المفرد" وأبو داود والنسائي، وثقه ابنُ معين في رواية إسحاق بن منصور، وضعفه في رواية الدوري، ووثقه العجلي، وقال أبو حاتم: صالح، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال النسائي: ليس بذاك القوي، وقال ابن عدي: حسن الحديث يُكتب حديثه، وعباس بن عبد الرحمن بن ميناء الأشجعي روى له ابن ماجه، وأبو داود في " المراسيل "، ووثقه المصنف، وروى عنه جمع، وباقي رجاله ثقات، ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم، وهذا الحديث لم أجده عند غير المصنف.

(1)

تحرف في الأصل إلى " فضل "، والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 106.

(2)

كذا في الأصل و" التقاسيم ": " فضلت "، وقد تقدم بلفظ:"فضلنا"، وهو كذلك عند ابن خزيمة، وفي المصادر التى خرجت الحديث.

(3)

إسناده صحيح، إسحاق بن إبراهيم الشهيدي: هو ابن حبيب بن الشهيد، روى له الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وأبو داود في " المراسيل "، ومَنْ فوقه ثقات من رجال الشيخين غيرَ أبي مالك الأشجعي -واسمه سعدُ بن طارق- فمن =

ص: 310

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْمَذْكُورِ فِي خَبَرِ حُذَيْفَةَ لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّفْيَ عَمَّا وَرَاءَهُ

6401 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (1) بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ» (2) . [3: 32]

‌ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ

6402 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، بِحَرَّانَ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أُوتِيَ فَوَاتِحَ الْكَلَامِ وَخَوَاتِمَهُ، أَوْ جَوَامِعَ الْخَيْرِ وَخَوَاتِمَهُ، وَإِنَّا كُنَّا لَا نَدْرِي مَا يَقُولُ إِذَا

= رجال مسلم، وعلَّق له البخاري. ابْنُ فُضَيْلٍ: هُوَ محمدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غزوان، وربعي: هو ابن حِراش.

وهو في "صحيح ابن خزيمة"(264) ، وقد تقدم تخريجه برقم (1695) .

(1)

" حدثنا إسماعيل " سقط من الأصل، واستدرك من " التقاسيم " 3/لوحة 106.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. العلاء بن عبد الرحمن: هو ابن يعقوب الحرقي. وهو مكرر (2313) ، وسيأتي برقم (6403) .

ص: 311

جَلَسْنَا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى عَلَّمَنَا، فَقَالَ:«قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» (1) . [3: 3]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فُضِّلَ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ صلى الله عليه وسلم

6403 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ» (2) . [3: 2]

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عِنْدَهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم خَاتَمَ النَّبِيِّينَ

6404 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا

(1) حديث صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الأحوص، واسمه عوف بن مالك بن نضلة، فمن رجال مسلم، وزهير بن معاوية أخرج له الشيخان من روايته عن أبي إسحاق -وهو السبيعي- وقد توبع، وانظر تخريجه في (1950) .

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو مكرر (2313) و (6401) .

ص: 312

الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيِّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ بِخَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ: دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى، وَرُؤْيَا أُمِّيَ الَّتِي رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ» (1) . [3: 2]

(1) حديث صحيح لغيره، سعيد بن سويد: هو الكلبي، ذكره المؤلف في " الثقات " 6/361، وقال: من أهل الشام، يروي عن عبيدة الأملوكي، وعن عبد الأعلى بن هلال، عن العرباض، روى عنه معاوية بن صالح، وترجم له البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلًا، وقال البزار: سعيد بن سويد شامي لا بأس به.

وعبد الأعلى بن هلال السلمي ويقال: عبد الله بن هلال السلمي ذكره المؤلف في " الثقات" 5/128، وقال: كنيته أبو النضر، يروي عن العرباض بن سارية وأبي أمامة، روى عنه خالد بن معدان وسعيد بن سويد، وترجم له البخاري في " تاريخه " 6/68، وأخرج حديثه هذا، ولم يذكر فيه شيئاً، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 28/87 عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/127، والبخاري في "التاريخ الكبير" 6/68، والطبراني (2072) و (2073) و 18/ (629) و (630) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/80 و 2/130، والآجري في "الشريعة" ص 421 من طرق عن معاوية بن صالح بن حُدَير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/128، وابن أبي عاصم في "السنّة"(409) ، =

ص: 313

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطبري (2071) والطبراني 18/ (631) ، والبزار (2365) ، والحاكم 2/600، والبيهقي في "الدلائل" 1/83 من طرق عن أبي بكر بن أبي مريم، عن سعيد بن سويد، عن العرباض بن سارية، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي! وقال البزار: لا نعلمه يروى بإسناد أحسن من هذا، وسعيد بن سويد شامي لا بأس به. قلت: أبو بكر بن أبي مريم ضعيف في الحديث، وقد أخطأ فيه بحذف التابعي، وهو عبد الأعلى بين سعيد وبين العرباض.

وأورده الهيثمي في " المجمع " 8/223، وقال: رواه أحمد بأسانيد، والبزار، والطبراني بنحوه، وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد، وقد وثقه ابن حبان.

وفي الباب عن أبي هريرة، قال: قالوا: يا رسول الله، متى وجبت لك النبوة؟ قال:"وآدم بين الروح والجسد".

أخرجه الترمذي (3609) ، والحاكم 2/609، والبيهقي في "الدلائل" 2/130 من طرق عن الوليد بن مسلم، قال: حدثني الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث أبي هريرة، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي الباب عن ميسرة الفجر.

قلت: حديث ميسرة أخرجه أحمد 5/59، والطبراني في "الكبير" ْ20/ (833) و (834) ، والحاكم 2/608-609، وعنه البيهقي في " الدلائل " 2/129 من طريقين عن بديل بن ميسرة العقيلي، عن عبد الله بن شقيق، عنه، بمثل حديث أبي هريرة. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الحافظ الهيثمي في "المجمع" 8/223: رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد 4/66 و 5/379 عن سريج بن النعمان، قال: حدثنا حماد، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل قال: قلت: يا رسول الله، متى جُعِلت نبياً؟ قال:"وآدم بين الروح والجسد". وقال الهيثمي في " المجمع ": رجاله رجال الصحيح. =

ص: 314

‌ذِكْرُ تَمْثِيلِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم النَّبِيِّينَ قَبْلَهُ مَعَهُ بِمَا مَثَّلَ بِهِ

6405 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن

= وعن ابن عباس عند البزار (2364)، والطبراني في " الأوسط ". قال الهيثمي: فيه جابر بن يزيد الجعفي، وهو ضعيف.

وعن أبي أمامة صُدي بن عجلان الباهلي، قال: قلتُ: يا رسول الله ما كان أول بدء أمرك؟ قال: "دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام".

أخرجه أحمد 5/262، والطيالسي (1140) ، وابن سعد 1/102، والطبراني (7729) ، والبيهقي في " الدلائل " 1/84 من طريق الفرج بن فضالة (وهو ضعيف) عن لقمان بن عامر، عنه، وهذا لفظ أحمد.

وقال الهيثمي في " المجمع " 8/222: رواه أحمد وإسناده حسن، وله شواهد تقويه، ورواه الطبراني.

وعن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" 1/175، ومن طريقه الطبري (2070) ، والحاكم 2/600، والبيهقي في " الدلائل " 1/83، قال: حدثني ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك. قال:"نعم، أنا دعوة أبي ابراهيم، وبشرى أخي عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام".

وهذا سند جيد قوي كما قال الحافظ ابن كثير في "البداية" 2/275، وقال الحاكم بإثره: خالد بن معدان من خيار التابعين، صحب معاذ بن جبل فمن بعده من الصحابة، فإذا أسند حديثاً إلى الصحابة، فإنه صحيح الإسناد وإن لم يخرجاه، ووافقه الذهبي على تصحيحه.

وعن عتبة بن عبد السلمي عند أحمد 4/184، والدارمي 1/8-9، والحاكم 2/616-617، وزاد الهيثمي 8/222 نسبته إلى الطبراني، وقال: إسناد أحمد حسن.

ص: 315

أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيِّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ، وَكَمَّلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ، وَيَقُولُونَ: هَلَّا وَضَعْتَ هَذِهِ اللَّبِنَةَ؟ قَالَ: فَأَنَا تِلْكَ اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ» (1) . [3: 2]

‌ذِكْرُ تَمْثِيلِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَعَ الْأَنْبِيَاءِ بِالْقَصْرِ الْمَبْنِيِّ

6406 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ،

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (2286)(22) في الفضائل: باب ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، عن يحيى بن أيوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/398، والبخاري (3535) في مناقب الأنصار: باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، ومسلم، والبغوي (3621) ، والآجري في " الشريعة " ص 456، والبيهقي في "الدلائل" 1/366 من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به.

وأخرجه أحمد 2/312، ومسلم، والبغوي (3619) من طريق عبد الرزّاق، عن معمر، عن همَّام، عن أبي هريرة. وهو في "صحيفة همَّام" برقم (2) .

وأخرجه أحمد 2/256-257 عن يزيد، عن محمد بن إسحاق، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وانظر ما بعده.

ص: 316

حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، الْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ، وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» .

قَالَ: فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ قَصْرٍ أُحْسِنَ بُنْيَانُهُ، وَتُرِكَ مِنْهُ مَوْضِعُ لَبِنَةٍ فَطَافَ بِهِ نُظَّارٌ، فَتَعَجَّبُوا مِنْ حُسْنِ بُنْيَانِهِ إِلَّا مَوْضِعَ تِلْكَ اللَّبِنَةِ، لَا يَعِيبُونَ غَيْرَهَا، فَكُنْتُ أَنَا (1) مَوْضِعَ تِلْكَ اللَّبِنَةِ، خُتِمَ بِيَ الرُّسُلُ» (2) . [3: 4]

‌ذِكْرُ مَا مَثَّلَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ

6407 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ،

(1) من قوله: " وترك منه " إلى هنا، سقط من الأصل، واستدرك من " التقاسيم " 3/لوحة 304.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه البغوي (3620) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وقد تقدم تخريجُ القسم الأول من الحديث برقم (6194) و (6195) ، وأخرج القسم الثاني منه الآجري في "الشريعة" ص 456 من طريق أحمد بن صالح، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الآجري أيضاً من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، به. وانظر ما بعده.

ص: 317

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا أَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ وَأَكْمَلَهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُطِيفُونَ بِهِ، فَيَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا (1) أَحْسَنَ مِنْ هَذَا إِلَّا مَوْضِعَ ذِي اللَّبِنَةِ» قَالَ: «فَكُنْتُ أَنَا تِلْكَ اللَّبِنَةَ» (2) . [3: 28]

‌ذِكْرُ مَا مَثَّلَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ وَأُمَّتَهُ بِهِ

6408 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهِبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ أَقْبَلَ خَشَاشُ الْأَرْضِ وَفَرَاشُهَا، وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقْتَحِمُ فِي النَّارَ، فَتُقْتَحَمُ فِيهَا، وَهُوَ يَذُبُّهَا عَنْهَا، فَأَنَا الْيَوْمَ آخِذُ بِحُجَزِ النَّاسِ: هَلُمُّوا إِلَى الْجَنَّةِ، هَلُمُّوا

(1) من قوله: " أحسنه وأجمله " إلى هنا، سقط من الأصل، واستدرك من " التقاسيم " 3/لوحة 91.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: اسمه عبد الرحمن بن هرمز، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه مسلم (2286)(20) في الفضائل: باب ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، والرامهرمزي في " الأمثال " ص 6 من طريقين عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الآجري في "الشريعة" ص 456-457 من طريقين عن أبي الزناد، به.

ص: 318

عَنِ النَّارِ، فَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا» (1) . [3: 28]

(1) إسناده حسن، يزيد ابنُ موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب، ثقة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة، ومن فوقه من رجال الشيخين غير محمد بن عجلان، فمن رجال مسلم متابعة وهو صدوق.

وأخرجه البخاري (3426) في الأنبياء: باب قوله تعالى: {ووهبنا لداود سليمان} ، و (6483) في الرقاق: باب الانتهاء عن المعاصي، ومسلم (2284) في الفضائل: باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، والترمذي (2874) في الأمثال: باب رقم (7) من طرق عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 2/312، ومسلم (2284)(18) ، والبغوي (98) من طريق عبد الرزّاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة. وهو في "صحيفة همام" برقم (4) .

وأخرجه أحمد 2/539-540 عن كثير، حدثنا جعفر، حدثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة.

وأخرجه الرامهرمزي في " الأمثال " ص 20 من طريق الفضيل بن سليمان، عن موسى بن عقبة، عن أبي حازم التمار، عن أبي هريرة.

وقوله: "تقتحم في النار" أي: تدخل، وأصله القحم: وهو الِإقدام والوقوع في الأمور الشاقة من غير تثبت، ويطلق على رمي الشيء بغتة، واقتحم الدار: هجم عليها.

قال الِإمام النووي في " شرح مسلم " 15/50: مقصود الحديث أنه صلى الله عليه وسلم

شبه تساقط الجاهلين والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة، وحرصهم على الوقوع في ذلك مع منعه إياهم، وقبضه على مواضع المنع منهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه، وكلاهما حريص على هلاك نفسه، ساعٍ في ذلك لجهله.

وقال الحافظ في " الفتح " 6/264: قال القاضي أبو بكر ابن العربي: هذا مثل كثير المعاني، والمقصود أن الخلق لا يأتون ما يجرهم إلى النار على =

ص: 319

‌ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِصَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ

6409 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه كَانَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ عُمَرُ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي حَتَّى قَدَّمْتُهُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِي قُرْآنٍ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«قَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» ، ثُمَّ قَرَأَ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1-2](1) . [3: 2]

= قصد الهلكة، وإنما يأتونه على قصد المنفعة واتباع الشهوة، كما أن الفراش يقتحم النار لا ليهلك فيها، بل لما يعجبه من الضياء.

وقال الغزالي: التمثيل وقع على صورة الإكباب على الشهوات من الإنسان بإكباب الفراش على التهافت في النار، ولكن جهل الآدمي أشد من جهل الفراش، لأنها باغترارها بظواهر الضوء إذا احترقت انتهى عذابها في الحال، والآدمي يبقى في النار مدة طويلة أو أبداً.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 1/203-204 في القرآن: باب ما جاء في القرآن، وما بين حاصرتين منه. =

ص: 320

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن طريق مالك أخرجه أحمد 1/31، والبخاري، (4177) في المغازي: باب غزوة الحديبية، و (4833) في تفسير سورة الفتح: باب {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} ، و (5012) في فضائل القرآن: باب فضل سورة الفتح، والترمذي (3262) في التفسير: باب ومن سورة الفتح، والنسائي في التفسير من "الكبرى" كما في "التحفة" 8/6، والبيهقي في " الدلائل " 4/154، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/187-188.

قال الحافظ في " الفتح " 8/583: هذا السياق صورته الإِرسال، لأن أسلم لم يدرك زمان هذه القصة، لكنه محمول على أنه سمع من عمر، بدليل قوله في أثنائه: قال عمر: فحركت بعيري، وقد جاء من طريق أخرى: سمعتُ عمر، أخرجه البزار من طريق محمد بن خالد بن عثمة عن مالك، ثم قال: لا نعلم رواه عن مالك هكذا إلا ابن عثمة، وابن غزوان، ورواية ابن غزوان أخرجها أحمد عنه، وأخرجه الدارقطني في " الغرائب " من طريق محمد بن حرب، ويزيد بن أبي حكيم، وإسحاق الحنيني، كلهم عن مالك على الاتصال.

وقوله: "نزرت رسول الله" أي: ألححت عليه في المسألة إلحاحاً أدبك بسكوته عن جوابك، يقال: فلان لا يعطي حتى ينزر، أي: يلح عليه. قاله في "النهاية".

وقوله: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً

} . قال ابن عباس وأنس والبراء: هو فتح الحديبية ووقوع الصلح، قال الحافظ: فإن الفتح لغة: فح المغلق، والصلح كان مغلقاً حتى فتحه الله، وكان من أسباب فتحه صدُّ المسلمين عن البيت، فكانت الصورة الظاهرة ضيماً للمسلمين والباطنة عزاً لهم، فإن الناس للأمن الذي وقع فيهم اختلط بعضهم ببعض مِنْ غير نكير، وأسمع المسلمون المشركين القرآن، وناظروهم على الإسلام جهرة آمنين، وكانوا قبل ذلك لا يتكلمون عندهم بذلك إلاَّ خفية، فظهر من كان يخفي إسلامه، فذل المشركون من حيث أرادوا العزة، وقهروا من حيث أرادوا الغلبة. وقيل: هو فتح مكة: نزلت مرجعه من الحديبية عِدَةً له بفتحها، وأتى به ماضياً لتحقق وقوعه، وفيه =

ص: 321

‌ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِ صَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا تَأَخَّرَ مِنْهَا

6410 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ» ، فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: هَنِيًّا مَرِيًّا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ مَاذَا يَفْعَلُ بِكَ، فَمَا يَفْعَلُ بِنَا؟ فَنَزَلَ عَلَيْهِ:{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: 5]، حَتَّى {فَوْزًا عَظِيمًا} (1) . [5:46]

= من الفخامة والدلالة على علو شأن المخبر به ما لا يخفي.

وقيل: المعنى قضينا لك قضاء بيناً على أهل مكة أن تدخلها أنت وأصحابك قابلاً من الفتاحة وهي الحكومة.

والحقُّ أنه يختلف باختلاف المراد من الآيات، فالمراد بقوله تعالى {إنا فتحنا لك} فتح الحديبية لما ترتب على الصلح من الأمن ورفع الحرب وتمكن من كان يخشى الدخول في الإسلام والوصول إلى المدينة منه، وتتابع الأسباب إلى أن كمل الفتح، وأما قوله {وأثابهم فتحاً قريباً} فالمراد فتح خيبر على الصحيح، لأنها التي وقع فيها مغانم كثيرة للمسلمين، وأما قوله {إذا جاء نصر الله والفتح} ، وقوله:"لا هجرة بعد الفتح" ففتح مكة باتفاق، فبهذا يرتفع الإشكال، وتجتمع الأقوال.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد 3/197، والترمذي (3263) في التفسير: باب ومن سورة الفتح، عن عبد الرزّاق، بهذا الإسناد. =

ص: 322

‌ذِكْرُ الْعِلْمِ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِصَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، الَّذِي إِذَا ظَهَرَ لَهُ يَجِبُ أَنْ يُسَبِّحَهُ وَيَحْمَدَهُ وَيَسْتَغْفِرَهُ

6411 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنْ يَقُولَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لِتُكْثِرَ مِنْ دُعَاءٍ، لَمْ تَكُنْ تَدْعُو بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ:«إِنَّ رَبِّي جَلَّ وَعَلَا أَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَيُرِينِي عِلْمًا فِي أُمَّتِي، فَأَمَرَنِي إِذَا رَأَيْتُ ذَلِكَ الْعِلْمَ أَنْ أُسَبِّحَهُ، وَأَحْمَدَهُ، وَأَسْتَغْفِرَهُ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُهُ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} ، فَتْحُ مَكَّةَ» (1) . [5: 12]

= وأخرجه أحمد 3/215، والبخاري (4172) في تفسير سورة الفتح: باب {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} ، ومسلم (1786) في الجهاد: باب صلح الحديبية، والطبري في "جامع البيان" 26/69، والواحدي في "أسباب النزول" ص 255 و 256، والبيهقي في "الدلائل" 4/158، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/198 من طرق عن قتادة بنحوه.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. خالد بن عبد الله: هو الواسطي الطحان.

وأخرجه الطبري في " جامع البيان " 30/333 عن إسحاق بن شاهين، عن خالد بن عبد الله، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (484)(218) في الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود، والطبري 30/332-333 و 333، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/542 من طرق عن داود بن أبي هند، به. وانظر ما بعده.

ص: 323

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بَعْدَ نُزُولِ مَا وَصَفْنَا، عِنْدَ الصَّلَوَاتِ

6412 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] إِلَى آخِرِهَا مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةً إِلَّا قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» (1) . [5: 12]

‌ذِكْرُ مَا خَصَّ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا بِهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنْ إِطْعَامِهِ وَسَقْيِهِ عِنْدَ وِصَالِهِ

6413 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَاصَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصِّيَامِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّاسَ، فَوَاصَلُوا، فَنَهَاهُمْ، وَقَالَ:«إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي، وَيَسْقِينِي» (2) . [5: 23]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن نمير: هو عبد الله.

ومسلم: هو ابن صبيح، أبو الضحى الكوفي العطار. وقد تقدم تخريجه برقم (1921) من طريق آخر عن أبي الضحى.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير مُسَدَّدٍ، فمن رجال البخاري، وقد تقدم تخريجه برقم (3575) و (3576) .

ص: 324

‌ذِكْرُ مَا خَصَّ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْوِصَالِ بِالسَّقْيِ وَالْإِطْعَامِ دُونَ أُمَّتِهِ

6414 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَاصَلَ فِي رَمَضَانَ، فَوَاصَلَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ:«لَوْ مُدَّ لِيَ الشَّهْرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالًا يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» (1) . [3: 3]

‌ذِكْرُ مَا بَارَكَ اللَّهُ فِي الْيَسِيرِ مِنْ بَرَكَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6415 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَرَكَ عِنْدَنَا شَيْئًا مِنْ شَعِيرٍ، فَمَازِلْنَا نَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى كَالَتْهُ الْجَارِيَةُ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ فَنِيَ، وَلَوْ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم من طريق عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غياث، روى له أبو داود، وباقي رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/124 و 193 و 200 و 253، والبخاري (7241) في التمني: باب ما يجوز من اللو، ومسلم (1104) في الصوم: باب النهي عن الوصال في الصوم، من طرق عن ثابت، عن أنس. وانظر (3574) و (3579) .

ص: 325

لَمْ تَكِلْهُ لَرَجَوْتُ أَنْ يَبْقَى أَكْثَرُ» (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ مَعُونَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الشَّيْطَانِ حَتَّى كَانَ يَسْلَمُ مِنْهُ

6416 -

أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَزَّازُ، بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ طَارِقٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ شَيْطَانٌ» ، قَالُوا: وَلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلِي، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» (2) . [3: 3]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو ابنُ راهويه وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.

وأخرجه هناد بنُ السري في "الزهد"(736)، وعنه الترمذي (2467) في صفة القيامة: باب رقم (31) عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3097) في الخمس: باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، و (6451) في الرقاق: باب فضل الفقر، وابن ماجة (3345) في الأطعمة: باب خبز الشعير، عن أبي بكر بن أبي شيبة.

وأخرجه مسلم (2973) في الزهد، عن أبي كريب، كلاهما عن أبي أسامة.

وأخرجه أحمد 6/108 عن سريج، عن ابن أبي الزناد، كلاهما عن هشام بن عروة، به.

(2)

إسناده قوي. بشر بن معاذ العقدي روى له أصحابُ السنن إلا أبا داود، وذكره المؤلف في "الثقات"، ووثقه النسائي في " أسماء شيوخه "، وقال أبو حاتم: صالح الحديث صدوق، وقال مسلمة بن قاسم: بصري ثقة صالح، ومن فوقه من رجال الشيخين غير صحابيه شريك بن طارق -وهو =

ص: 326

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هَكَذَا قَالَهُ بِالنَّصْبِ» .

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ شَرِيكِ بْنِ طَارِقٍ: «إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «فَأَسْلَمَ» بِالنَّصْبِ لَا بِالرَّفْعِ

6417 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ» ، قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

= ابن سفيان الحنظلي- فلم يخرجا له ولا أحد من أصحاب السنن، وقد ذكره الواقدي وخليفة بن خياط وابن سعد فيمن نزل الكوفة من الصحابة، وليس له مسند غير هذا الحديث فيما ذكره البغوي.

وأخرجه البزار (2439) عن بشر بن معاذ العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7223) عن أحمد بن عمرو والقطراني، حدثنا كامل بن طلحة، عن أبي عوانة، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/239، والطبراني (7222) من طريقين عن شيبان، عن زياد بن علاقة، به.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 8/225، وقال: رواه الطبراني والبزار، ورجال البزار رجال الصحيح. وانظر ما بعده.

وزاد الحافظ نسبته في "الإصابة" 2/148 إلى حسين بن محمد القياني في "الوحدان"، والبغوي، وأبي يعلى، والباوردي، وابن قانع.

ص: 327

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير أبي الجعد، واسمه رافع، فمن رجال مسلم. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وهو في "مسند أبي يعلى"(5143) .

وأخرجه مسلم (2814) في صفات المنافقين: باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس، والبغوي (4211) ، والمزي في "تهذيب الكمال" 9/39 من طريقين عن جرير، بهذا الاسناد.

وأخرجه أحمد 1/385 و 397 و 401 و 460، والدارمي 2/306، ومسلم، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(109) ، والبيهقي في " الدلائل " 7/100 و 101، والطبراني (10522) و (10523) و (10524) من طرق عن منصور، به.

(1)

قال الإمام النووي في " شرح مسلم " 17/157: "فأسلم" برفع الميم وفتحها، وهما روايتان مشهورتان، فمن رفع، قال: معناه أسلمُ أنا من شره وفتنته، ومن فتح قال: إن القرينَ أسلم من الإسلام، وصار مؤمناً، ورجح الخطابي الرفعَ، ورجح القاضي عياض الفتح.

ونقل البغوي عن سفيان بن عيينة قوله: "فأسلم" معناه: أسلم أنا منه، والشيطان لا يسلم.

وجاء في رواية عند البيهقي في "الدلائل" من طريق محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، عن منصور بلفظ:"ولكن الله أعانني بإسلامه، أو أعانني عليه حتى أسلم". =

ص: 328

‌ذِكْرُ خَنْقِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الشَّيْطَانَ الَّذِي كَانَ يُؤْذِيهِ فِي صَلَاتِهِ

6418 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو (1) ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اعْتَرَضَ لِي الشَّيْطَانُ فِي مُصَلَّايَ هَذَا فَأَخَذْتُهُ فَخَنَقَتْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَجِدُ بُرْدَ لِسَانِهِ عَلَى ظَهْرِ كَفِّي، فَلَوْلَا دَعْوَةُ أَخِي سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مَرْبُوطًا تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ» (2) . [3: 4]

‌ذِكْرُ وَصْفِ دَعْوَةِ سُلَيْمَانَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الشَّيْطَانَ

6419 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْن

= وقال البيهقي: قوله في هذه الرواية: " ولكن الله أعانني بإسلامه ": إن كان هو الأصل يؤكد قول مَن زعم أن قوله: " فأسلم " من الإسلام دون السلامة، وكان شعبة أو من دونه شك فيه.

وذهب محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله إلى أنه من الِإسلام، واستدل بقوله:"فلا يأمرني إلا بخير" قال: ولو كان على الكفر، لم يأمر بخير.

(1)

في الأصل: "عمر" بلا "واو"، وهو خطأ، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 300.

(2)

إسناده حسن. محمد بن عمرو -وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ- روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي رجاله رجال الشيخين غير وهب بن بقية، فمن رجال مسلم. خالد: هو ابن عبد الله الطحان.

وقد تقدم تخريجه برقم (2349) . وانظر الحديث الآتي.

ص: 329

إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَأْتِي (1) الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَرَدْتُ أَنْ آخُذَهُ فَأَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِيَ الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ» ، قَالَ:«ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] ، قَالَ: «فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاشِعًا» (2) . [3: 4]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا قَدِ اسْتَجَابَ دَعْوَتَهُ الَّتِي سَأَلَ رَبَّهُ

6420 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا أَعْطَاهُ اثْنَتَيْنِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أَعْطَاهُ الثَّالِثَةَ، سَأَلَهُ: مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَسَأَلَه

(1) كذا الأصل و " التقاسيم " 3/لوحة 301: " جعل يأتي "، وفي موارد الحديث:

"تفلت علي" وفي رواية للبخاري: "عرض لي فشد علي ليقطع

" وفي رواية مسلم: " جعل يفتك علي البارحة

"، والفتك: الأخذ في غفلة وخديعة.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وانظر (2349) .

ص: 330

حُكْمًا يُواطِئُ حُكْمَهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَسَأَلَهُ مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ - يُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ - لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أَعْطَاهُ الثَّالِثَةَ» (1) . [3: 4]

‌ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم النَّصْرَ عَلَى أَعْدَائِهِ عِنْدَ الصَّبَا إِذَا هَبَّتْ

6421 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادُ بِالدَّبُورِ» (2) . [3: 3]

(1) إسناده صحيح، وهو مكرر (1634) .

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير مُسَدَّدٍ، فمن رجال البخاري. يحيى: هو ابن سعيد القطان، والحكم: هو ابن عتيبة الكوفي.

وأخرجه البخاري (4105) في المغازي: باب غزوة الخندق، عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/228 عن يحيى، به.

وأخرجه أحمد 1/324 و 341 و 355، والطيالسي (2641)، والبخاري (1035) في الاستسقاء: باب قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالصَّبا"، و (3205) في بدء الخلق: باب ما جاء في قوله: {وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يَدَيْ رحمته} ، و (3343) في الأنبياء: باب قوله تعالى: {وإلى عادٍ أخاهم هوداً} ، ومسلم (900) في الاستسقاء: باب في ريح الصبا والدبور، =

ص: 331

‌ذِكْرُ الْخِصَالِ الَّتِي كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيْهَا الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6422 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا (1) الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْحُرِّ (2) بْنِ الصَّيَّاحِ، عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ حَفْصَةَ، قَالَتْ: «أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صِيَامَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَالْعَشْرَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَالرَّكْعَتَيْن

= والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 5/215، والطبراني في "الكبير"(11044) ، والبيهقي في " السنن " 3/364، والبغوي (1149) ، والقضاعي (573) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/433-434، وأحمد 1/223 و 373، ومسلم، وأبو يعلى (2563) و (2680) ، والطبراني (12424) ، والبيهقي في " السنن " 3/364، وفي " الدلائل " 3/448، والقضاعي (572) من طرق عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

الصَّبا: هي الريح الشرقية، والدبور مقابلها. قال الحافظ في " الفتح " 2/521: الصبا: يقال لها: القَبول -بفتح القاف- لأنها تقابل باب الكعبة، إذ مهبها من مشرق الشمس، وضدها الدبور، وهي التي أُهلكت بها قوم عاد، ومن لطيف المناسبة كون القبول نصرت أهل القبول، وكون الدبور أهلكت أهل الِإدبار، وأن الدبور أشد من الصبا.

(1)

لفظ "حدثنا" سقط من الأصل، واستدرك من "مسند أبي يعلى".

(2)

تحرف في الأصل إلى " الحسن "، والتصويب من "مسند أبي يعلى"، وموارد الحديث.

ص: 332

قَبْلَ الْغَدَاةِ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ خِصَالٍ كَانَ يَسْتَعْمِلَهَا صلى الله عليه وسلم يُسْتَحَبُّ لِأُمَّتِهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا

6423 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقِلُّ اللَّغْوَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ، وَلَا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ أَوِ الْمِسْكِينِ، فَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ» (2) 0 [5: 47]

(1) إسناده ضعيف لجهالة الأشجعي، وهو أبو إسحاق: قال الذهبي في " الميزان " 4/489: ما علمت أحداً روى عنه غير أبي النضر هاشم، يعني: ابن القاسم، وباقي رجاله ثقات: وهو في "مسند أبى يعلى"(7041) .

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (496) عن عبيد بن غنام، عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/287 عن هاشم بن القاسم، والنسائي 4/220 في الصيام: باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، والطبراني 23/ (354) من طريقين عن هاشم بن القاسم، به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه الدارمي 1/35، والنسائي

3/108-109 في الجمعة: باب ما يستحب من تقصير الخطبة، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 34 من طرق عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 2/614، وعنه البيهقي في "الدلائل" 1/329 من طريق علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه به، وقال: صحيح على شرط الشيخين! ولم يخرجاه.

ص: 333

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ عَقِيلٍ لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ

6424 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقِلُّ اللَّغْوَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ، وَلَا يَأْنَفُ وَلَا يَسْتَكْثِرُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ لَهُ حَاجَتَهُ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ اتِّخَاذِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم خَلِيلًا كَاتِخَاذِهِ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ خَلِيلًا

6425 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ جَمِيلٍ النَّجْرَانِيِّ، عَنْ جُنْدُبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُتَوَفَّى بِخَمْسِ لَيَالٍ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيكُمْ إِخْوَةٌ وَأَصْدِقَاءُ، وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ أَتَّخِذَ مِنْكُمْ خَلِيلًا، وَلَوْ أَنِّي اتَّخَذْتُ مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، فَلَا تَتَّخِذُوا قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» . [3: 2]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله.

(2)

حديث صحيح. محمد بن وهب بن أبي كريمة صدوق، أخرج له النسائي، =

ص: 334

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَا رَوَاهُ إِلَّا جَمِيلٌ النَّجْرَانِيُّ (1)

6426 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ خَالِدِ (2) بْنِ رِبْعِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ تَعَالَى» (3) . [3: 2]

= ومن فوقه من رجال مسلم غير جميل النجراني، فقد ذكره المؤلف في "الثقات" 4/108، وقال: يروي عن حذيفة بن اليمان، روى عنه عبد الله بن الحارث، أبو عبد الرحيم: اسمه خالد بن أبي يزيد الحراني، وعبد الله بن الحارث، هو الزبيدي النجراني.

وأخرجه مسلم (532) في المساجد: باب النهي عن بناء المساجد على القبور، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/443، وابن سعد في "الطبقات" 2/240، وأبو عوانة 1/401، والطبراني في "الكبير"(1686) ، والبيهقي في "الدلائل" 7/176-177 من طرق عن عُبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بنِ مُرة، عن عبد الله بن الحارث النجراني، قال: حدثني جندب

بإسقاط جميل النجراني.

(1)

تصحف في الأصل إلى " البحراني "، والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 277.

(2)

تحرف في الأصل إلى "بحيد"، والتصويب من "التقاسيم".

(3)

حديث صحيح، رجاله رجال الشيخين غير خالد بن ربعي، فقد ذكره المصنف في "الثقات" 4/199، ونقل ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/329 عن علي ابن المديني أنه قال: خالد بن ربعي لا يروى عنه غير حديث واحد عن ابن مسعود، وذكر هذا الحديث. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه أحمد 1/395 عن أبي الوليد، بهذا الاسناد. =

ص: 335

‌ذِكْرُ رُؤْيَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ بِأَجْنِحَتِهِ

6427 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18]، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ» (1) . [3: 3]

= وأخرجه أحمد 1/395 و 410 عن عفان، عن أبي عوانة، به.

وأخرجه أحمد 1/395، والطبراني في "الكبير"(10546) من طريقين عن عبد الملك بن عمير، به، وانظر الحديث الآتي برقم (6855) و (6856) .

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الشيباني: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9055) عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (358)، ومسلم (174) (282) في الإيمان: باب ذكر سدرة المنتهى، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 203، والطبراني (9055) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/371، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/249 من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه البخاري (3232) في الأنبياء: باب إذا قال أحدكم آمين

و (4856) في تفسير سورة النجم: باب قوله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} ، و (4857) باب {فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} ، ومسلم (174)، والترمذي (3277) في التفسير: باب ومن سورة النجم، وأبو يعلى (5337) ، والبغوي 4/245-246 من طرق عن أبي إسحاق الشيباني، به. وفيه أن الآية المسؤول عنها عندهم {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} .

ص: 336

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مِنَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6428 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَعَلَيْهِ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ يُنْثَرُ مِنْ رِيشِهِ تَهَاوِيلَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ» (1) . [3: 3]

(1) إسناده حسن. عاصم -وهو ابن أبي النجود- روى له أصحاب السنن، وحديثُه في "الصحيحين" مقرون، وهو حسنُ الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. القواريري: هو عبيد الله بن عمر. وهو في "مسند أبي يعلى"(4993) .

وأخرجه ابنُ خُزيمة في "التوحيد" ص 204 عن محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/412 و 460، والطبري في "جامع البيان" 27/49، وابن خزيمة ص 203، والبيهقي في "الدلائل" 2/372 من طرق عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه الطبراني (9054) من طريق قيس بن الربيع، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قال: رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته له ست مئة جناح، ما منها جناح إلا قد سد ما بين المشرق والمغرب.

وأخرجه أحمد 1/395، والطبري "جامع البيان" 27/49، والطبراني (10423) من طريقين عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود، قال:

فذكره.

والتهاويل: الأشياء المختلفة الألوان، ومنه يقال لما يخرج من الرياض من ألوان الزهر: التهاويل، وكذلك لما يعلق على الهوادج من ألوان العِهْن =

ص: 337

‌ذِكْرُ عَرْضِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ عَلَى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6429 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ:«سَلُونِي، فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ» قَالَ: فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، وَخَشُوا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ عَظِيمٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلْنَا نَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَلَا أَرَى كُلَّ رَجُلٍ إِلَّا قَدْ دَسَّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«سَلُونِي، فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ» ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» ، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دَيْنًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا رَأَيْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهَا صُوِّرَتْ لِيَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَأَبْصَرْتُهُمَا دُونَ ذَلِكَ الْحَائِطِ» (1) . [3: 3]

= والزينة، وكأن واحدها تهوال، وأصلها مما يَهُول الإنسان ويحيره. قاله ابن الأثير في "النهاية" 5/283.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير عاصم بن النضر، فمن رجال مسلم، وهو في "صحيحه" (2359) (137) في الفضائل: باب توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله عمّا لا ضرورة إليه، عن عاصم بن النضر، بهذا الإسناد. وانظر (106) .

ص: 338

‌ذِكْرُ عَرْضِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأُمَمَ عَلَى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6430 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زَحْمَوَيْهِ (1) ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ (2) ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ (3) عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ لَنَا: أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ الْبَارِحَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا، أَمَا إِنِّي لَمْ أَكُنْ فِي الصَّلَاةِ، وَلَكِنِّي لُدِغْتُ، قَالَ: فَمَا فَعَلْتَ؟ قُلْتُ: اسْتَرْقَيْتُ، قَالَ: وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ الشَّعْبِيُّ، قَالَ: وَمَا يُحَدِّثُكُمْ الشَّعْبِيُّ؟ قَالَ: قُلْتُ: حَدَّثَنَا عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ حَصِيبٍ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ»

قَالَ: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ رَهْطٌ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ رَجُلٌ، وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقُلْتُ: هَذِهِ أُمَّتِي؟ فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ إِلَى هَذَا الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ» ، ثُمَّ نَهَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ، فَخَاضَ الْقَوْمُ فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا:

(1) تحرف في الأصل إلى " بن حمويه "، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 280، و " الثقات " 8/253.

(2)

تحرف في الأصل إلى " هشام "، والتصحيح من " التقاسيم ".

(3)

في الأصل " عن "، وهو تحريف، والتصويب من " التقاسيم ".

ص: 339

مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ؟ فَقَالَ: بَعْضُهُمْ لَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ قَطُّ، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَا هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ تَخُوضُونَ فِيهِ؟» ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَقَالَتِهِمْ، فَقَالَ:«هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» ، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ، فَقَالَ: أَنَا مِنْهُمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْتَ مِنْهُمْ» ، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: أَنَا مِنْهُمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» (1) . [3: 3]

(1) إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير زحمويه، وهو لقب زكريا بن يحيى بن صبيح الواسطي، فقد ذكره المؤلف في " الثقات " 8/253، وقال: من أهل واسط، يروي عن هشيم وخالد، حدثنا عنه شيوخنا الحسن بن سفيان وغيره، وكان من المتقنين في الروايات، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين..

وأخرجه ابن منده فى "الإيمان"(982) عن محمد بن يعقوب الشيباني، حدثنا محمد بن محمد بن رجاء السندي، حدثنا زكريا بن يحيى بن صبيح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/271، والبخاري (6541) في الرقاق: باب يدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب، ومسلم (220) (374) في الإيمان: باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، من طرق عن هشيم، به، وقد صرح هشيم بالتحدث عند مسلم.

وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (3410) في الأنبياء: باب وفاة موسى، و (5705) في الطب: باب من اكتوى أو كوى غيره، و (5752) باب من لم يرق، و (6472) في الرقاق: باب {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ =

ص: 340

6431 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ السِّخْتِيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، (1) عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَالْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: تَحَدَّثْنَا عِنْدَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى أَكْرَيْنَا (2) الْحَدِيثَ، ثُمَّ تَرَاجَعْنَا إِلَى الْبَيْتِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَوْنَا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ اللَّيْلَةَ بِأَتْبَاعِهَا مِنْ أُمَّتِهَا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَجِيءُ وَمَعَهُ الثَّلَاثَةُ مِنْ قَوْمِهِ، وَالنَّبِيُّ يَجِيءُ وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ مِنْ قَوْمِهِ، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ النَّفْرُ مِنْ قَوْمِهِ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ أَحَدٌ، حَتَّى أَتَى عَلَيَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي كَبْكَبَةٍ (3) مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبُونِي، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: وَإِذَا ظِرَابٌ (4) مِنْ ظِرَابِ مَكَّةَ قَدْ سَدَّ وُجُوهَ الرِّجَالِ،

= حَسْبُهُ} ، ومسلم (220)(375)، والترمذي (2446) في صفة القيامة: باب رقم (16) ، وابن منده (983) و (984) ، والبغوي (4322) من طرق عن حُصين بن عبد الرحمن، به.

(1)

في الأصل و" التقاسيم " 3/لوحة 467: "شعبة" وهو خطأ، وكتب فوقها في الأصل "سعيد" على الصواب.

(2)

في الأصل: "أكثرنا"، وهو خطأ، والتصويب من "التقاسيم". وسيرد تفسيره عند المصنف في نهاية الحديث.

(3)

الكبكبة: الجماعة المتضامة من الناس وغيرهم.

(4)

الظراب: الجبال الصغيرة.

ص: 341

قُلْتُ: رَبِّ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: أُمَّتُكَ، قَالَ: فَقِيلَ لِي: رَضِيتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: رَبِّ رَضِيتُ، رَبِّ رَضِيتُ، قَالَ: ثُمَّ قِيلَ لِي: إِنَّ مَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ» ، قَالَ: فَأَنْشَأَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَخُو بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ادْعُ رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ:«اللَّهُمَّ، اجْعَلْهُ مِنْهُمْ» ، قَالَ: ثُمَّ أَنْشَأَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ادْعُ رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ.

فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» قَالَ: ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فِدَاكُمْ أَبِي وَأُمِّي إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ السَّبْعِينَ، فَكُونُوا فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الظِّرَابِ، فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْأُفُقِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ ثَمَّ أُنَاسًا يَتَهَرَّشُونَ (1) كَثِيرًا» ، قَالَ: فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَنْ تَبِعَنِي مِنْ أُمَّتِي رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ، قَالَ: فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ:«إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا الثُّلُثَ» ، قَالَ: فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ:«إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا الشَّطْرَ» ، قَالَ: فَكَبَّرْنَا، فَتَلَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 40] .

قَالَ: فَتَرَاجَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هَؤُلَاءِ السَّبْعِينَ، فَقَالُوا: نَرَاهُمْ أُنَاسًا وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ لَمْ يَزَالُوا يَعْمَلُونَ بِهِ حَتَّى مَاتُوا عَلَيْهِ، قَالَ: فَنَمَى حَدِيثُهُمْ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ،

(1) يتهرشون: يتقاتلون.

ص: 342

وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» (1) .

قَالَ الشَّيْخُ: «أَكْرَيْنَا: أَخَّرَنَا» . [3: 77]

‌ذِكْرُ عَرْضِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَا وَعَدَ أُمَّتَهُ فِي الْآخِرَةِ

6432 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ هُوَ ابْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، - وَذَكَرَ ابْنُ سَلْمٍ آخَرَ مَعَهُ - عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَأَطَالَ الْقِيَامَ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى لَنَا خَفَّفَ، ثُمَّ لَا نَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ:«رَبِّ، وَأَنَا فِيهِمْ» ثُمَّ رَأَيْتُهُ أَهْوَى بِيَدِهِ لِيَتَنَاوَلَ شَيْئًا، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ أَسْرَعَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَاعَكُمْ طُولُ صَلَاتِي وَقِيَامِي» قُلْنَا: أَجَلْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَمِعْنَاكَ تَقُولُ:«رَبِّ، وَأَنَا فِيهِمْ» ، فَقَالَ

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير العلاء بن زياد متابع الحسن البصري، فقد روى له النسائي، وابن ماجه، وعلق له البخاري، وهو ثقة. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم، وسعيد هو: ابن أبي عروبة، وهو أثبت الناس في قتادة، وقد روى له الشيخان من رواية ابن أبي عدي عنه.

وأخرجه الطبراني (9768) ، والبزار (3538) عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد، وأخرجه الطبراني (9769) من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، به. وانظر الحديث الآتي برقم (7302) .

ص: 343

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ شَيْءٍ وُعِدْتُمُوهُ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَدْ عُرِضَ عَلَيَّ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَأَقْبَلَ إِلَيَّ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى دَنَا بِمَكَانِي هَذَا، فَخَشِيتُ أَنْ تَغْشَاكُمْ، فَقُلْتُ: رَبِّ وَأَنَا فِيهِمْ، فَصَرَفَهَا عَنْكُمْ، فَأَدْبَرَتْ قِطَعًا كَأَنَّهَا الزَّرَابِيُّ (1) ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا نَظْرَةً، فَرَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ حُرْثَانَ أَخَا بَنِي غِفَارٍ (2) مُتَّكِئًا فِي جَهَنَّمَ عَلَى قَوْسِهِ، وَإِذَا فِيهَا الْحِمْيَرِيَّةُ صَاحِبَةُ الْقِطَّةِ (3) الَّتِي رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلْتَهَا» (4) . [3: 3]

(1) الزرابي: البسط، وكل ما يُبسط ويُتكأ عليه.

(2)

تحرفت في الأصل إلى "عفان"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 281.

(3)

في الأصل و "التقاسيم": "القط"، والصواب ما أثبت، وصاحبة القطة هي التي قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"دَخَلْتُ امرأة النار فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تأكل من خشاش الأرض" متفق عليه من حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (872) : حدثنا أحمد ابن رشدين، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/88، وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ الطبراني أحمد بن محمد بن رشدين.

وأورده أيضاً 10/386، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وفي "الكبير"، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف وقد وثق، وكذلك بكر بن سهل، وبقية رجاله وثقوا. =

ص: 344

‌ذِكْرُ وَصْفِ مَجْلِسِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لِمَنْ قَصَدَهُ

6433 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ:«كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي» (1) . [5: 47]

= قلتُ: وقد تقدم نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (2838) و (5622) ، ومن حديث ابن عباس برقم (2832) و (2853) ، ومن حديث عائشة برقم (2841) .

(1)

شريك -وهو ابن عبد الله النخعي القاضي- سيء الحفظ، وباقي رجاله ثقات. زكريا بن يحيى: هو ابن صبيح الواسطي، وسماك: هو ابن حرب.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1951) عن محمد بن أحمد الواسطي، عن زكريا بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/98، والطيالسي (780) ، والبخاري في "الأدب المفرد"(1141)، وأبو داود (4825) في الأدب: باب في التحلق، والترمذي (2725) في الاستئذان: باب رقم (29) ، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/256، والطبراني، والبيهقي 3/231 من طرق عن شريك، به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب!

وفي الباب: عن شيبة بن عثمان بن طلحة الحجبي عند الطبراني في "الكبير"(7197) رفعه: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس، فإن وسع له، فليجلس، وإلاَّ فلينظر إلى أوسع مكان يرى فليجلس"، وحسن إسناده الهيثمي في "المجمع" 8/59.

ص: 345

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَحْفَظُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ مَعَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ أُمَّتِهِ وَنَفْسِهِ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ

6434 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ مُسَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ شَيْئًا، أَقْبَلَ رَجُلٌ فَأَكَبَّ (1) عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُرْجُونٍ مَعَهُ، فَجُرِحَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَعَالَ فَاسْتَقِدْ» ، فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (2) . [5: 47]

(1) في الأصل: " فألب "، والمثبت من موارد الحديث. وأكب عليه: أي سقط عليه لينال شيئاً بالاستعجال ولم يصبر.

(2)

عبيدة بن مسافع: ذكره المؤلف في "ثقاته" 7/163، وروى عنه ابنه مالك وبكير بن الأشج، وباقي رجاله رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/28، وأبو داود (4536) في الديات: باب القود من الضربة وقص الأمير من نفسه، والنسائي 8/32 في القسامة: باب القود في الطعنة، والبيهقي 8/43 و 48، والمزي في ترجمة عبيدة بن مسافع من "تهذيب الكمال" من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي عن أحمد بن سعيد الرباطي، عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب، عن بكير بن الأشج، به.

ص: 346

‌ذِكْرُ مَا يَسْتَعْمِلُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنْ حُسْنِ التَّأَنِّي فِي الْعِشْرَةِ مَعَ أُمَّتِهِ

6435 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَذْرَمِيُّ (1) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَتْرُكُ يَدَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَتْرُكُ يَدَهُ» (2) . [5: 47]

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَسْتَعْمِلُ صلى الله عليه وسلم عِنْدَمَا كَانَ يُقَدَّمُ إِلَيْهِ الْمَأْكُولُ وَالْمُشْرُوبُ

6436 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ،

(1) تحرف في الأصل إلى "الأدمى". والتصويب من "الموارد"(2132) .

(2)

مبارك بن فضالة، مدلس وقد عنعن وباقي رجاله ثقات، أبو قطن: هو عمرو بن الهيثم. وهو في "مسند أبي يعلى"(3471) .

وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 31 عن أبي يعلى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (4794) في الأدب: باب في حسن العشرة، وأبو الشيخ، والبيهقي في "الدلائل" 1/320-321 من طرق عن أبي قطن، به.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(392) ، وعلي بن الجعد (3568)، والترمذي (2490) في صفة القيامة: باب رقم (46)، وابن ماجة (3716) في الأدب: باب إكرام الرجل جليسه، والبيهقي في "الدلائل" 1/320، والبغوي (3680) من طريقين عن زيد العمي، عن أنس.

وقال الترمذي والبغوي: حديث غريب، وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجة" 2/230: مدار الحديث على زيد العمي وهو ضعيف.

ص: 347

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«مَا عَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا قَطُّ، إِذَا اشْتَهَى أَكَلَ، وَإِلَّا تَرَكَ» (1) . [5: 47]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحْ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6437 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«مَا عَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِنِ كَرِهَهُ تَرَكَهُ» (2) . [5: 47]

(1) حديث صحيح، عبد الرحمن بن عمرو البجلي: وثقه المؤلف 8/380، وسئل عنه أبو زرعة، فقال: شيخ، وقد توبع ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. أبو حازم: هو سلمان الأشجعي.

وأخرجه مسلم (2064) في الأشربة: باب لا يعيب الطعام، عن أحمد بن يونس، حدثنا زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3563) في مناقب الأنصار: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم، وعليُّ بن الجعد (762) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 190، والبيهقي في "السنن" 7/279، وفي "الدلائل" 1/321، والبغوي (2843) من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه مسلم (2064)(188)، وابن ماجة (3259) في الأطعمة: باب النهي أن يعاب الطعام، وأبو الشيخ ص 189 و 190 و 191 من طرق عن أبي هريرة. وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر ما قبله.

وأخرجه البخاري (5409) في الأطعمة: باب ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً، وأبو داود (3763) في الأطعمة: باب كراهية ذم الطعام، وأبو الشيخ =

ص: 348

‌ذِكْرُ وَصْفِ تَعْرِيسِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِذَا عَرَّسَ

6438 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ (1) بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا عَرَّسَ بِاللَّيْلِ تَوَسَّدَ يَمِينَهُ، وَإِذَا عَرَّسَ بَعْدَ الصُّبْحِ نَصَبَ سَاعِدَهُ نَصْبًا، وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ» (2) . [5: 47]

= في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 189، والبيهقي 7/279 عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2064)(187) في الأشربة: باب لا يعيب الطعام، والترمذي (2031) في البر والصلة: باب ما جاء في ترك عيب الطعام، وابن ماجة (3259) في الأطعمة: باب النهي أن يعاب الطعام، من طرق عن سفيان، به.

(1)

تحرفت في الأصل إلى: " بن "، والصواب ما أثبت.

(2)

إسناده صحيح. إبراهيم بن الحجاج السامي ثقة روى له النسائي، ومن فوقه ثقات على شرط مسلم. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" 5/298 عن إبراهيم بن الحجاج، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/298، ومسلم (683) في المساجد: باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، والترمذي في " الشمائل "(257) من طرق عن حماد بن سلمة، به.

ص: 349

‌ذِكْرُ الْعَلَامَةِ الَّتِي بِهَا كَانَ يُعْلَمُ اهْتِمَامُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ

6439 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا هَمَّهُ شَيْءٌ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ هَكَذَا، وَقَبَضَ ابْنُ مُسْهِرٍ عَلَى لِحْيَتِهِ» (1) . [5: 47]

(1) حديث حسن صحيح. محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي، روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وهو صدوق، وأبوه عمرو بن علقمة ذكره المؤلف في "الثقات" 5/174، وصحح له الترمذي حديثاً تقدم عند المؤلف برقم (280) ، وصحح له ابن خزيمة أيضاً حديثاً آخر غير هذا. وانظر (7028) .

وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"، ص 71 عن عمر بن حسن الحلبي، حدثنا عبد الرحمن بن عبيد الحلبي، حدثنا عبد الله بن إدريس، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد وجده أكثر مسَّ لحيته، وهذا سند حسن،، عمر بن حسن الحلبي مترجم في "تاريخ بغداد" 11/221-222، وهو ثقة، وثقه الدارقطني في " سؤالات حمزة السهمي "(314) ، و " سؤالات الحاكم "(155) ، ومن فوقه ثقات غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو صدوق حسن الحديث. ولم يقف الشيخ ناصر الدين الألباني على هذين الطريقين، فحكم على الحديث بالضعف في " ضعيفته "(707) ، وقد وقع له مثل هذا أيضاً في حديث آخر ورقمه فيها (1625)"إذا صليتم خلف أئمتكم فأحسنوا طهوركم، فإنما ترتج على القارئ قراءته لسوء طهر المصلي"، نقله عن السلفي في "الطيوريات" وحكم عليه بالكذب، مع أن =

ص: 350

‌ذَكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، عِنْدَ دُخُولِهِ بَيْتَهُ

6440 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ،

= الحديث رواه النسائي في "سننه" 2/156 عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ شبيب أبي روح، عن رجلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صلى صلاة الصبح فقرأ الروم، فالتبس عليه، فلما صلى قال:"ما بال أقوام يصلون معنا لا يُحسنون الطهور، فإنما يلبس علينا القرآن أولئك"، وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير شبيب أبي روح، فقد روى له أبو داود والنسائي، وروى عنه جمع، وقال الآجري عن أبي داود: شيوخ حريز كلهم ثقات (وشبيب منهم) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال محمد بن يحيى: هذا شعبة وعبد الملك بن عمير في جلالتهما يرويان عن شبيب أبي روح، قال الحافظ: إنما أراد الذهلي برواية شعبة عنه أنه روى حديثه، لا أنه روى عنه مشافهة، إذ رواية شعبة إنما هي عن عبد الملك عنه.

وذكره ابن قانع في "الصحابة"، وساق له هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرج الإمام أحمد الحديث 3/471 و 5/368 من رواية شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن شبيب، عن رجل له صحبة، وهو الصواب.

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 6/333 طبع دار الشعب بعد أن ساقه من "المسند": وهذا إسناد حسن ومتن حسن، وفيه سر عجيب ونبأ غريب، وهو أنه عليه السلام تأثر بنقصان وضوء من ائتم به، فدل ذلك على أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام.

قلت: ويشهد لحديثِ البابِ حديثُ أبي هريرة أخرجه البزار (165) من طريق رشدين بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا اهتم أكثر من مس لحيته. ورشدين بن سعد ضعيف، وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وباقي رجاله ثقات، فهو حسن في الشواهد.

ص: 351

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَأَلَهَا رَجُلٌ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا (1) يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ» (2)[5: 47]

‌ذِكْرُ مَا كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم يَغُضُّ عَمَّنْ أَسْمَعْهُ مَا كَرِهَ أَوِ ارْتَكَبَ مِنْهُ حَالَةَ مَكْرُوهٍ لَهُ

6441 -

حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ،

(1) تصحفت في الأصل إلى: "بما"، والتصويب من "مصنف عبد الرزاق" وغيره.

(2)

حديث صحيح. ابن أبي السري متابع، ومن فوقه على شرط الشيخين.

وهو في "مصنف عبد الرزاق "(20492) . ومن طريقه أخرجه أحمد 6/167، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/328، والبغوي (3675) .

وأخرجه أحمد 6/121 و 260، وابن سعد في "الطبقات" 1/366، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 21 و 62 من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/49 و126 و 256، وابن سعد 1/365 و 366، والبخاري (676) في الأذان: باب من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة، و (5363) في النفقات: باب خدمة الرجل في أهله، و (6039) في الأدب: باب كيف يكون الرجل في أهله، والترمذي (2489) في صفة القيامة: باب رقم (45) ، وفي " الشمائل "(335) ، والبيهقي 1/327 و 328، وأبو الشيخ ص 20، والبغوي (3676) و (3678) من طرق عن عائشة بنحوه.

ص: 352

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«عَلَيْكُمْ» (1)، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ:«قَدْ قُلْتُ: عَلَيْكُمْ» (2) . [5: 47]

(1) قلت: جملة "فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكُمْ" لم ترد عند عبد الرزاق، ولا عند من أخرج الحديث من طريقه. وفي موارد الحديث:"وعليكم" بزيادة واو.

قال الخطابي في "معالم السنن" 4/154 عند شرحه لحديث ابن عمر: "إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم، فإنما يقولُ: السام عديكم، فقولوا: وعليكم". قال: هكذا يرويه عامة المحدثين "وعليكم" بالواو وكان سفيان بن عيينة يرويه "عليكم" بحذف الواو، وهو الصواب، وذلك أنه إذا حذف الواو وصار قولهم الذي قالوه بعينه مردوداً عليهم، وبإدخال الواو يقع الاشتراك معهم والدخول فيما قالوه، لأن الواو حرف العطف، والجمع بين الشيئين.

قلت: كلامه محتمل، لكن يرد عليه ما جاء في رواية ابن أبي مليكة عن عائشة عند البخاري:"رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم فيّ" وعند مسلم (2166) من حديث جابر نحوه.

(2)

حديث صحيح، ابن أبي السري متابع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين، وهو في "مصنف عبد الرزاق"(19460) ، ومن طريقه أخرجه أحمد 6/199، ومسلم (2165) في السلام: باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، والبيهقي في "السنن" 9/203، والبغوي (3314) .

وأخرجه أحمد 6/37، والبخاري (6024) في الأدب: باب الرفق في الأمر كله، و (6256) في الاستئذان: باب كيف يرد على أهل الذمة السلام، و (6395) في الدعوات: باب الدعاء على المشركين، وفي " الأدب المفرد "(412) ، ومسلم، والترمذي (2701) في الاستئذان: باب =

ص: 353

‌ذِكْرُ نَفْيِ الْفُحْشِ وَالتَّفَحُّشِ عَنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6442 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا، وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ:» «خِيَارُكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا» (1) . [5: 47]

= ما جاء في التسليم على أهل الذمة، والبيهقي في "الآداب"(286) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/85، والد ارمي 2/323، وابن ماجه (3688) في الأدب: باب الرفق، من طريق الأوزاعي عن الزهري مختصراً دون قصة سلام اليهود.

وأخرجه البخاري (2935) في الجهاد: باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، و (6030) في الأدب: باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، و (6401) في الدعوات: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يُستجاب لنا في اليهود ولا يستجاب لهم فينا"، وفي "الأدب المفرد"(311) ، والبغوي (3313) من طريقين عن أيوب، عن عبد الله بن أبي مليكة، ومسلم (2165)(11) من طريق مسروق، كلاهما عن عائشة بنحوه.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم تخريجه برقم (477) .

ونزيد هنا أنه أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(271) ، والبغوي (3666) عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/514، والطيالسي (2246) ، وابن سعد في "الطبقات" 1/365، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/313-314 من طرق عن الأعمشُ، به.

ص: 354

‌ذِكْرُ خِصَالٍ يُسْتَحَبُّ مُجَانَبَتُهَا لِمَنْ أَحَبَّ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6443 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: كَيْفَ كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ أَحْسَنَ (1) النَّاسِ خُلُقًا، لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا، وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَلَا سَخَّابًا فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ»

(2)

. [5: 47]

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَسْتَعْمِلُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنْ تَرْكِ ضَرْبِ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِنَفْسِهِ

6444 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ،

(1) في الأصل: "أكثر"، والمثبت من "مصنف ابن أبي شيبة"، و "مسند أحمد".

(2)

إسناده صحيح. رجاله رجال الشيخين غير أبي عبد الله الجدلي، واسمه عبد بن عبد، ويقال: عبد الرحمن بن عبد، وهو ثقة. أبو إسحاق: هو السبيعي، وقد أخرج له الشيخان من رواية زكريا بن أبي زائدة، عنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/514، وأحمد 6/236 عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/246، والطيالسي (1520)، والترمذي (2016) في البر والصلة: باب ماجاء في خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "الشمائل"(340) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/315، والبغوي (3668) من طرق عن شعبة، عن أبي إسحاق، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، قلت: وهو كما قال، فسماع شعبة من أبي إسحاق قديم.

ص: 355

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا ضَرَبَ امْرَأَةً قَطُّ، وَلَا خَادِمًا قَطُّ» (1) . [5: 47]

***

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم تخريجه برقم (488) .

ص: 356

‌4 - بَابُ الْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ

6445 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» (1) . [3: 75]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6446 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجال الشيخين غير ابن أبي الشوارب، فمن رجال مسلم. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1690) عن معاذ بن المثنى، عن مسدد، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحميدي (787) ، وابن أبي شيبة 11/440، وأحمد 4/313، والبخاري (6589) في الرقاق: باب في الحوض، ومسلم (2289) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، والطبراني (1688) و (1689) و (18691) و (1692) و (1693) و (1694) من طرق عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، به.

ص: 357

الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي (1) خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الصُّنَابِحِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ، فَلَا تَقْتَتِلُنَّ بَعْدِي» (2) . [5: 75]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم يَكُونُ فَرَطَ أُمَّتِهِ عَلَى حَوْضِهِ بِفَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا بِالشُّرْبِ مِنْهُ

6447 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَحْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الصُّنَابِحِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ، فَلَا تَقْتَتِلُنَّ بَعْدِي» (3) . [3: 66]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الطُّوَلِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ حَافَتَيْ حَوْضِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي الْقِيَامَةِ أَوْرَدَنَا اللَّهُ إِيَّاهُ بِفَضْلِهِ

6448 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،

(1) لفظ "أبي" سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 3/لوحة 257.

(2)

إسناده صحيح، محمد بن عبد الأعلى من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين غير صحابيه، فقد روى له ابن ماجه هذا الحديث، وقد تقدم تخريجه برقم (5985) . وانظر ما بعده.

(3)

إسناده صحيح وهو مكرر ما قبله.

ص: 358

وَعَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ، وَالْمَدِينَةِ» (1) . [3: 75]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِخَبَرِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6449 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، بِعَسْكَرَ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَنَا فَرَطُكُمْ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُونِي فَأَنَا عَلَى الْحَوْضِ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ، وَسَيَأْتِي رِجَالٌ وَنِسَاءٌ بِآنِيَةٍ وَقِرَبٍ ثُمَّ لَا يَذُوقُونَ (2)

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجالُ الشيخين غير هُريم بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَعَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ، فمن رجال مسلم، وهو في "صحيحه" (2303) (41) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، عن عاصم بنِ النضر التَّيمي وهُرَيْمِ بنِ عبد الأعلى، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(119) من طريق محمد بن بشر، عن هُريم ومن طريق الحسن بن سفيان عن عاصم بن النضر. وانظر الحديث رقم (6451) و (6452) و (6459) .

(2)

في الأصل: "يرزقون"، والمثبت من " التقاسيم " 3/لوحة 456، و "موارد الظمآن"(2605) ، وهو الموافق لما في مصادر الحديث.

ص: 359

مِنْهُ شَيْئًا» (1) .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:» وَسَيَأْتِي رِجَالٌ وَنِسَاءٌ بِآنِيَةٍ وَقِرَبٍ ثُمَّ لَا يَذُوقُونَ (2) مِنْهُ شَيْئًا «أُرِيدَ بِهِ: مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم، وقد صَرَّحَ هو وابنُ جريج بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسهما وأخرجه البزار (3481) عن محمد بن معمر، بهذا الإسناد، وقال: لا نعلمه يُروى بهذا اللفظ إلا عن جابر، وإنما يُعرف هذا من حديث حجاج عن ابن جريج.

قلت: رواية حجاج أخرجها الطبراني في " الأوسط "(753) حدثنا أحمدُ ابن بشير الطيالسي، قال: حدثنا يحيى بنُ معين، قال: حدثنا حجاجٌ، عن ابن جريج، فذكره. وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا حجاج.

قلت: بل تابعه أبو عاصم عند المصنف كما ترى.

وأخرجه الآجري في "الشريعة" ص 357 من طريق حماد بن الحسن الورّاق، عن أبي عاصم، به.

وأخرجه أحمد 3/284 عن روح، عن ابن جريج به موقوفاً ولم يرفعه جابر.

وأخرجه أحمد 3/345، والآجري في "الشريعة" ص 357 من طريقين عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير به.

وأورده الهيثمي في " المجمع " 10/364، وقال: رواه أحمد مرفوعاً وموقوفاً، وفي إسناد المرفوع ابن لهيعة، ورجال الموقوف رجال الصحيح، ورواه الطبراني في "الأوسط" مرفوعاً، وفيه ابن لهيعة، ورواه باختصار قوله:"فلا يطعمون منه شيئاً" برجال الصحيح، ورواه البزار كذلك.

(2)

في الأصل: " يرزقون "، والمثبت من " التقاسيم " 3/لوحة 456، و " موارد الظمآن "(2605) ، وهو الموافق لما في مصادر الحديث.

ص: 360

الَّذِينَ قَدْ غُفِرَ لَهُمْ، يَجِيئُونَ بِأَوَانِي لِيَسْتَقُوا بِهَا مِنَ الْحَوْضِ، فَلَا يُسْقَوْنَ مِنْهُ لِأَنَّ الْحَوْضَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصٌّ دُونَ سَائِرِ الْأُمَمِ، إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَقْدِرَ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ عَلَى حَمْلِ الْأَوَانِي وَالْقِرَبِ فِي الْقِيَامَةِ، لِأَنَّهُمْ يُسَاقُونَ إِلَى النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ» . [3: 75]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ قَدْ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يَطْلُبِ الْعِلْمَ مِنْ مَظَانِّهِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِلْخَبَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا

6450 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَكْحُولٌ بِبَيْرُوتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الدَّارِيُّ (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَعْمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَخِي زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ (2) الْبَكَالِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيَّ، يَقُولُ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا حَوْضُكَ الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: «هُوَ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلَى بُصْرَى، ثُمَّ يُمِدُّنِي اللَّهُ فِيهِ بِكُرَاعٍ لَا يَدْرِي بَشَرٌ مِمَّنْ خُلِقَ أَيُّ طَرَفَيْهِ» ، قَالَ: فَكَبَّرَ عُمَرُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا الْحَوْضُ فَيَزْدَحِمُ عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ يُقْتُلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيَمُوتُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ يُورِدَنِيَ اللَّهُ الْكُرَاعَ فَأَشْرَبَ مِنْهُ» (3) . [3: 75]

(1) تحرف في الأصل إلى "الرازي" والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 456.

(2)

في الأصل والتقاسيم "يزيد" وهو خطأ، والتصويب من "ثقات المؤلف" وغيره.

(3)

محمد بن خلف الداري: هو محمد بن خلف بن طارق بن كيسان الداري، أبو عبد الله الشامي، سكن بيروت. روى عنه أبو داود وأبو مُسْهِر، وأبو حاتِم الرازي، وأبو بكر بنُ أبي داود، وابنُ جوصا، وذكره القاضي عبد الجبار =

ص: 361

‌ذِكْرُ خَبَرٍ رَابِعٍ قَدْ يُوهِمُ بَعْضَ الْمُسْتَمِعِينَ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِلْأَخْبَارِ الثَّلَاثِ الَّتِي (1) ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ

6451 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ،

= الخولاني في "تاريخ داريا"، ومعمر بن يعمر ذكره المؤلف في " الثقات " 9/192، وقال: يُغرب، وروى عنه جمع، وقد توبع هو ومحمد بن خلف.

وعامر بن زيد البكالي: ترجم له الحافظ في "تعجيل المنفعة" ص 204، فقال: عامر بن زيد البِكاليِّ، عن عتبة بن عبدٍ السلمي، وعنه يحيى بن أبي كثيرٍ ليس بالمشهور، قلت (القائل الحافظ ابن حجر) : بل هو معروف، ذكره البخاري، فقال: سمع عتبة بن عبد، روى عنه أبو سلام حديثه في الشاميين، ولم يذكر فيه جرحاً، وتبعه ابن أبي حاتم، وأخرج ابن حبان في "صحيحه" من طريق أبي سلام عنه أحاديث، ومقتضاه أنه عنده ثقة، ولم أر له ذكراً في النسخة التي عندي من "الثقات" فما أدري هل أغفله أو سقط من نسختي، ولا ترجم له ابن عساكر في " تاريخ دمشق "، قلت: هو مترجم في "الثقات" 5/191، فالظاهر أنه سقط من نسخة الحافظ التي عنده.

وأخرجه ضمن حديث مطول الطبراني في "الكبير" 17/ (312) ، و "الأوسط"(404) ، والفسوي في "المعرفة" 2/341-342، والبيهقي في "البعث"(274) عن أبي توبة الربيع بن نافع، حدثنا معاويةُ بنُ سلام، بهذا الإسناد.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 10/413-414، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، وفيه عامر بن زيد البكالي، وقد ذكره ابن أبي حاتم، ولم يخرجه، ولم يوثقه، وبقية رجاله ثقات.

وقوله: "بكراع": أي بطرف من ماء الجنة مشبه بالكراع لِقِلَّته وأنه كالكراع من الدابة، كما في "النهاية" 4/165.

(1)

في الأصل: "الذي"، والمثبت من "التقاسيم".

ص: 362

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ، وَصَنْعَاءَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ، وَعَمَّانَ» (1) . [3: 75]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: «هَذِهِ الْأَخْبَارُ الْأَرْبَعُ قَدْ تُوهِمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمُ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ أَنَّهَا مُتَضَادَّةٌ، أَوْ بَيْنَهَا تَهَاتِرُ، لِأَنَّ فِي خَبَرِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ:» مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ، وَالْمَدِينَةِ «وَفِي خَبَرِ جَابِرٍ:» مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ «، وَفِي خَبَرِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:» مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلَى بُصْرَى «، وَفِي خَبَرِ قَتَادَةَ:» مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَعَمَّانَ «، وَلَيْسَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ تَضَادٌّ، وَلَا تَهَاتِرٌ، لِأَنَّهَا أَجْوِبَةٌ خَرَجَتْ عَلَى أَسْئِلَةٍ ذَكَرَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، فِي كُلِّ خَبَرٍ مِمَّا ذَكَرْنَا جَانِبًا مِنْ جَوَانِبِ حَوْضِهِ أَنَّ مَسِيرَةَ كُلَّ جَانِبٍ مِنْ حَوْضِهِ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، فَمِنْ صَنْعَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِغَيْرِ الْمُسْرِعِ، وَمِنْ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ كَذَلِكَ، وَمِنْ صَنْعَاءَ إِلَى بُصْرَى كَذَلِكَ (2) ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى عَمَّانَ، الشَّامِ كَذَلِكَ»

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير مسدد، فمن رجال البخاري.

وأخرجه أحمد 3/133 و 216 و 219، والطيالسي (1993)، ومسلم (2303) (42) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، وابن ماجه (4304) في الزهد: باب ذكر الحوض، والآجري في "الشريعة" ص 354 من طرق عن هشام، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم عن أبي الوليد الطيالسي، عن أبي عوانة، عن قتادة، به.

وانظر الحديث المتقدم برقم (6448) ، والآتي برقم (6459) .

(2)

فيه نظر، فإن المسافة بين صنعاء وبصرى تزيد زيادة مضاعفة على المسافة بين صنعاء وبين المدينة وبين أبلة وبين مكة، وانظر التعليق (3) في الصفحة 365.

ص: 363

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ لَيْسَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا تَضَادٌّ وَلَا تَهَاتِرٌ

6452 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ: ابْنُ عَمْرٍو (1) : قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، زَوَايَاهُ سَوَاءً، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، آنِيَتُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا» (2) . [3: 75]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ

6453 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ،

(1) جاء في الأصل و " التقاسيم " 3/لوحة 457، و "الموارد" (2603) :"ابن عمر"، وما أثبتناه هو الموافق لما جاء في موارد الحديث، وحديث ابن عمر هو الآتي بعد هذا.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غيرَ داود بن عمرو الضبي، فمن رجال مسلم، وهو من كبار شيوخه. وأخرجه عنه في " صحيحه " (2292) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه ابن منده في " الإيمان "(1076) ، والبيهقي في " البعث والنشور "(140) من طريقين عن داود بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (6579) في الرقاق: باب ذكر الحوض، وابن أبي عاصم في "السنة"(728) ، وابن منده (1067) من طريقين عن نافع بن عمر الجمحي، به.

ص: 364

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن بشر: هو العبدي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/440، وعنه مسلم (2299) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، عن محمد بن بشر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/21، والبخاري (6577) ، ومسلم، وابن منده في " الإيمان "(1073) ، والبيهقي في "البعث والنشور"(139) من طرق عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمر، به.

وأخرجه أحمد 2/125 و 134، ومسلم، وأبو داود (4745) في السنّة: باب في الحوض، من طرق، عن نافع، به.

(2)

من قوله: "قال أبو حاتم" إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من " التقاسيم ".

(3)

هذا خطأ مبين من ابن حبان رحمه الله لم يُتابع عليه، فالجرباء وأذرح بينهما غلوة سهم، وهما قرب مدينة الكرك في الأردن.

وجاء في رواية عند مسلم: قال عبيد الله: فسألته، فقال: قريتين بالشام بينهما مسيرة ثلاثة ليال. ذكر الحافظ ضياء الدين المقدسي فيما نقله عنه الحافظ في " الفتح " 11/472 في الجزء الذي جمعه في الحوض أن في سياق لفظها غلطاً، وذلك لاختصار وقع في سياقه من بعض رواته، ثم ساقه من حديث أبي هريرة، وأخرجه من "فوائد عبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي" بسند حسن إلى أبي هريرة، مرفوعاً في ذكر الحوض، فقال فيه:"عرضه مثل بينكم وبين جرباء وأذرح"، قال الضياء: بهذا أنه وقع في حديث ابن عمر حذف تقديرُه: كما بين مقامي وبين جرباء وأذرح، فسقط "مقامي وبين". =

ص: 365

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْأَوَانِي الَّتِي تَكُونُ فِي حَوْضِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6454 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تُرَى فِيهِ أَبَارِيقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، أَوْ أَكْثَرَ» .يَعْنِي: الْحَوْضَ (1) . [3: 75]

= وقال الفيروز أبادي صاحب "القاموس المحيط" في مادة "جرب": الجرباء: قرية بجنب أذرح، وغلط من قال: بينهما ثلاثة أيام، وإنما الوهم من رواة الحديث من إسقاط زيادة ذكرها الدارقطني، وهي:"مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وجرباء وأذرح".

وقال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد " 10/366: جرباء وأذرح قريتان إحداهما إلى جنب الأخرى، وقال بعض مشايخنا -وهو العلامة صلاح الدين العلائي-: إنه سقط منه "وهو كما بينكم وبين جرباء وأذرح" وأنه وقع بها، سمعت هذا منه.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وقد سمع منه يزيد بن زريع قبل اختلاطه.

وأخرجه مسلم (2303)(43) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، وابن ماجه (4305) في الزهد: باب ذكر الحوض، وهناد في "الزهد"(137) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/238، ومسلم من طريق الحسن بن موسى، عن شيبان، عن قتادة، به. إلا أنه زاد:"أو أكثر من عدد النجوم".

ص: 366

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنِ الْكُرَاعَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ حَيْثُ يُنْصَبُ إِلَى الْحَوْضِ يُمَدُّ مَاؤُهُ مِنَ الْجَنَّةِ

6455 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ (1) الْبُرْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«أَنَا عِنْدَ عُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ، إِنِّي لَأَضْرِبُهُمْ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ» (2) قَالَ: وَسُئِلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ سَعَةِ الْحَوْضِ، فَقَالَ:«مِثْلُ مَقَامِي هَذَا إِلَى عَمَّانَ مَا بَيْنَهُمَا شَهْرٌ (3) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ» وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَرَابِهِ، فَقَالَ:«أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، يَنْبَعِثُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِدَادُهُمَا الْجَنَّةُ أَحَدُهُمَا دُرٌّ وَالْآخَرُ ذَهَبٌ» (4) . [3: 75]

(1) في الأصل: "محمد بن أحمد بن بكر"، وفي "التقاسيم" 3/لوحة 458:"محمد بن أبي بكر"، والمثبت من "ثقات" المؤلف 8/442 وكتب الرجال.

(2)

يرفض: أي يسيل، وجاء في بعض المصادر:"يرفض عليهم".

(3)

في الأصل، و "التقاسيم":"شهراً"، والجادة ما أثبت.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير معدان بن أبي طلحة، فمن رجال مسلم. محمد بن بكر: هو ابن عثمان البرساني البصري، وقد احتج مسلم بروايته عن سعيد بن أبي عروبة. والحديث عند ابنِ أبي شيبة في "المصنف" 11/443 و 13/146 عن محمد بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة.

وكذا رواه عنه أبو يعلى كما في "النهاية" لابن كثير 1/382. =

ص: 367

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6456 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ:

= وأخرجه أحمد 5/283، وهناد في "الزهد"(137) ، وابن أبي عاصم في " السنّة "(708) و (709) ، والآجري في "الشريعة" ص 352-353، والبيهقي في "البعث والنشور"(131) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (20853) ، وأحمد 5/280 و 281 و 282، ومسلم (2301) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، وابن منده في "الإيمان"(1075) ، والبيهقي (132) و (133) ، والبغوي (3342) من طرق عن قتادة، به.

وأخرجه الآجري ص 353 عن محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، ولم يذكر معدان بن أبي طلحة.

وأخرجه أحمد 5/275-276، والطيالسي (995)، والترمذي (2444) في صفة القيامة: باب ما جاء في صفة أواني الحوض، وابن ماجه (4303) في الزهد: باب الحوض، والحاكم 4/184، وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في "البعث والنشور"(135) و (136) من طرق عن محمد بن مهاجر، عن العباس بن سالم الدمشقي أن عمر بن عبد العزيز بعث إلى أبي سلام الحبشي، فحمل إليه على البريد ليسأله عن الحوض، فقدم عليه فسأله، فقال: سمعت ثوبان يقول:

وذكره بنحوه.

وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد روي هذا عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنّة"(706) و (707) ، والطبراني في "الكبير"(1437) ، والآجري في "الشريعة" ص 353 من طرق عن أبي سلام ممطور الحبشي بنحوه دون قصة عمر بن عبد العزيز. وانظر ما بعده.

ص: 368

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ عَنْهُ لِأَهْلِ الْيَمَنِ (1) ، أَضْرِبُ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ» ، فَسُئِلَ عَنْ عَرَضِهِ، فَقَالَ:«مِنْ مَقَامِي هَذَا إِلَى عَمَّانَ» ، وَسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ، فَقَالَ: «أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ مِيزَابَانِ يُمَدَّانِ مِنَ الْجَنَّةِ، أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ، وَالْآخَرُ مِنْ وَرِقٍ

قَالَ بُنْدَارٌ: فَقُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ: هَذَا حَدِيثُ أَبِي عَوَانَةَ؟ فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ أَيْضًا، فَقُلْتُ: انْظُرْ لِي فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ، فَنَظَرَ فِيهِ، فَحَدَّثَنِي بِهِ» (2) . [3: 75]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ مَنْ شَرِبَ مِنْ حَوْضِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَمِنَ تَسْوِيدَ الْوَجْهِ بَعْدَهُ

6457 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، وَأَبِي الْيَمَانِ الْهَوْزَنِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْأَخْنَسِ السُّلَمِيَّ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سَعَة

(1) في الأصل: "اليمين"، والمثبت من "التقاسيم".

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه"(2301) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، عن محمد بن بشار بندار، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

وعقر الحوض: موضع الشاربة منه.

ص: 369

(1) المثعب والثعب: هو مسيل الوادي.

(2)

إسناده صحيح. عمرو بن عثمان الحمصي روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وهو ثقه وثقه النسائي وأبو داود والمؤلف ومسلمة بن القاسم، وقال أبو حاتم: صدوق، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح غير أبى اليمان الهوزني متابع سليم بن عامر، فقد روى له أبو داود في "المراسيل"، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/188، وقال: من أهل الشام، يروي عن سلمان وصفوان بن أمية، روى عنه أبو عبد الرحمن الحبلي والشاميون.

وأخرجه أحمد 5/250-251، وابن أبي عاصم في "السنّة"(729) ، والطبراني في "الكبير"(7672) من طريقين عن صفوان بن عمرو، بهذا الإسناد.

وقال عبد الله بن أحمد بإثر رواية أبيه: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده وقد ضرب عليه، فظننت أنه قد ضرب عليه لأنه خطأ، إنما هو عن زيد، عن أبي سلام، عن أبي أمامة.

قلت: هذه الرواية أخرجها الطبراني في "الكبير"(7546) : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا الحسن بن سهل الخياط، حدثنا مصعب بن سلام، عن عبد الله بن العلاء، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أمامة.

وذكر الهيثمي هذه الرواية في "المجمع" 10/366، وقال: رجاله وثقوا على ضعف فيهم.

وأخرجه الطبراني (7665) ، والبيهقي في "البعث والنشور"(134) من =

ص: 370

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه فِي هَذَا الْخَبَرِ: «مَثْعَبَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ» ، وَفِي خَبَرِ ثَوْبَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا:«مِيزَابَانِ أَحَدُهُمَا دُرٌّ وَالْآخَرُ ذَهَبٌ» ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَضَادٌّ، لِأَنَّ أَحَدَ الْمَثْعَبَيْنِ يَكُونُ مِنْ ذَهَبٍ، وَالْآخَرُ مِنْ فِضَّةٍ قَدْ رُكِّبَ عَلَيْهِ الدُّرُّ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهَا تَضَادٌّ.

‌ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى صَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِعْطَائِهِ الْحَوْضَ لِيَسْقِيَ مِنْهُ أُمَّتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ بِمَنِّهِ

6458 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، زَاجْ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَازِعِ جَابِرَ بْنَ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى صَنْعَاءَ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، عَرْضُهُ كَطُولِهِ، فِيهَا مِزْرَابَانِ (1) يَنْثَعِبَانِ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ وَرِقٍ وَذَهَبٍ، أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، فِيهِ أَبَارِيقُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ» (2) . [3: 3]

= طريقين عن عبد الله بن صالح، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عامر، عن أبي أمامة.

(1)

كذا الأصل، وفي موارد الحديث:"ميزابان"، وهما بمعنى، وينثعبان، أي: يسيلان، وفي "موارد الظمآن":"ينبعان"، وعند الحاكم:"يصبان".

(2)

إسناده حسن. أبو برزة رضي الله عنه: اسمه نضلة بن عبيد الأسلمي.

وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(156) عن أبي طاهر الفقيه، حدثنا أبو حامد بن بلال، عن أحمد بن منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنّة"(722) عن عبدة بن عبد الرحيم، حدثنا النضر بن شميل به. =

ص: 371

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى صَنْعَاءَ» : أَرَادَ بِهِ صَنْعَاءَ الْيَمَنِ دُونَ صَنْعَاءَ الشَّامِ (1)

6459 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهِبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ (2) يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى صَنْعَاءَ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْأَبَارِيقِ بِعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ» (3)

= وأخرجه الحاكم 1/76 من طريق روح بن أسلم، عن شداد، به، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتج بحديثين عن أبي طحة الراسبي، عن أبي الوازع، عن أبي برزة.

وأخرجه عبد الرزاق (20852) ، وأحمد 4/424، وأبو داود (4749) في السنة: باب في الحوض، وابن أبي عاصم (720) من طرق عن أبي برزة بنحوه.

(1)

قال الحافظ في "الفتح" 11/471: وأما صنعاء: فإنما قيدت في هذه الرواية باليمن، احترازاً من صنعاء التي بالشام، والأصل فيها صنعاء اليمن، لما هاجر أهل اليمن في زمن عمر عند فتوح الشام، نزل أهل صنعاء في مكان من دمشق، فسمي باسم بلدهم.

وقال ياقوت 3/429: صنعاء: قرية على باب دمشق دون المزة مقابل مسجد خاتون.

(2)

في الأصل "عن" وهو تحريف.

(3)

إسناده صحيح. رجاله رجال الشيخين غير يزيد ابن مَوْهَبٍ، وهو ثقة روى له أصحاب السنن إلا الترمذي.

وأخرجه البخاري (6580) في الرقاق: باب في الحوض، ومسلم =

ص: 372

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الشَّفَاعَةَ هِيَ الدَّعْوَةُ الَّتِي أَخَّرَهَا صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ فِي الْعُقْبَى

6460 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، بِعَسْكَرَ مُكْرَمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا فِي أُمَّتِهِ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (1) . [3: 77]

= (2303) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في "البعث والنشور"(121) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/225، والترمذي (2442) في صفة القيامة: باب ما جاء في صفة الحوض، وابن أبي عاصم في "السنّة"(711) و (712) من طرق عن الزهري، به. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

وأخرجه ابن أبي عاصم (713) عن البخاري، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا أَخِي، عَنْ سليمان بن بلال، عن عُبيد الله بن عمر، عن رفاعة بن رافع الزرقي، عن أنس بن مالك.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو عاصم: هو النبيل الضحاك بن مخلد.

وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" ص 260 من طريق زيد بن أخزم، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/384، ومسلم (201) في الإيمان: باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته، وابن منده في "الإيمان"(919) ، وأبو يعلى (2237) ، وأبو عوانة 1/91 من طرق عن روح بن عبادة، وأخرجه أبو عوانة من طريق حجاج وإسحاق بن إبراهيم قاضي خوارزم، ثلاثتهم عن ابن جريح به. =

ص: 373

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جَعَلَ دَعْوَتَهُ الَّتِي اسْتُجِيبَتْ لَهُ شَفَاعَةً لِأُمَّتِهِ فِي الْقِيَامَةِ

6461 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا، وَإِنِّي أَخَّرْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الْآخِرَةِ» (1) . [3: 75]

= وأخرجه أحمد 3/396، وابن خزيمة ص 262-263 من طريقين عن هشام بن حسان، عن الحسن البصري، عن جابر.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 1/212 في القرآن: باب ما جاء في الدعاء.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/486، والبخاري (6304) في الدعوات: باب لكل نبي دعوة، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 257، وابن منده في " الإيمان "(901) ، والبغوي (1236) .

وأخرجه ابن منده في " الإيمان "(902) من طريق شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، به.

وأخرجه ابن منده (953) ، والقضاعي (1041) من طريقين عن الأعرج، به.

وأخرجه عبد الرزاق (20864) ، وأحمد 2/275 و313 و381 و 396، والدارمي 1/328، والبخاري (7474) في التوحيد: باب المشيئة والإرادة، ومسلم (198) في الإيمان: باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوته شفاعة لأمته، وابن خزيمة ص 257 و 258 و 259، والآجري في "الشريعة" ص 341 و 342، وأبو عوانة 1/90، والطبراني في " الأوسط "(1748) ، وابن منده في " الإيمان "(892)

(900) و (907)

(911) ، والقضاعي في =

ص: 374

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «شَفَاعَتِي لِأُمَّتِي» ، أَرَادَ بِهِ: مَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْهُمْ دُونَ مَنْ أَشْرَكَ

6462 -

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ، بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمَ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَيُرْعَبُ الْعَدُوُّ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَقِيلَ لِي: سَلْ تُعْطَهْ، وَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الْقِيَامَةِ، وَهِيَ نَائِلَةٌ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا» (1) . [3: 75]

= "مسند الشهاب"(1039) و (1040) و (1042) و (1045) ، والبغوي (1235) من طرق عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/426، ومسلم (199)، والترمذي (3602) في الدعوات: باب رقم (131)، وابن ماجه (4307) في الزهد: باب ذكر الشفاعة، وأبو عوانة 1/90، وابن منده (912) و (913) من طرق عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وزاد في آخره:"وهي نائلة -إن شاء الله- من مات لا يشرك بالله شيئاً".

(1)

حديث صحيح، حماد بن يحيى ذكره المصنف في "الثقات" 8/205، وتال: يروي عن أبيه وأبي الوليد وأهل البصرة، روى عنه إسحاق بن إبراهيم الشهيد، وهو متابع، ومن فوقه من رجال الشيخين. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري، وسليمان: هو الأعمش.

وأخرجه أحمد 5/ 148عن عفان، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. =

ص: 375

‌ذِكْرُ إِيجَابِ الشَّفَاعَةِ لِمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَهُوَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا

6463 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: عَرَّسَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَرَشَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ، قَالَ: فَانْتَبَهْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، فَإِذَا نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ قُدَّامَهَا أَحَدٌ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ قَائِمَانِ، فَقُلْتُ: أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَا: لَا نَدْرِي غَيْرَ أَنَّا سَمِعْنَا صَوْتًا بِأَعْلَى الْوَادِي، فَإِذَا مِثْلُ هَدِيرِ الرَّحَى، قَالَ: فَلَبِثْنَا يَسِيرًا، ثُمَّ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «إِنَّهُ أَتَانِي مِنْ رَبِّي آتٍ، فَخَيَّرَنِي بِأَنْ يَدْخُلَ

= وصححه الحاكم على شرطهما 2/424 من طريق أبي كريب، عن الأعمش به، وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/259، ونسبه إلى أحمد، وقال: ورجاله رجال الصحيح.

وأخرج منه قوله: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" أبو داود (489) في الصلاة: باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة، عن عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأعمش، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أبي ذر.

وأخرجه بتمامه أحمد 5/161-162، والبزار (3461) ، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1449) من طرق عن شعبة، عن واصل الأحدب، عن مجاهد، عن أبي ذر.

قلت: هذا إسناد منقطع، لأن مجاهداً لم يسمع من أبي ذر.

وأورده الهيثمي في "المجمع" وقال: رواه البزار بإسنادين حسنين.

ص: 376

نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَإِنِّي اخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَنْشُدُكَ (1) بِاللَّهِ وَالصُّحْبَةِ لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ، قَالَ:«فَأَنْتُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي» قَالَ: فَلَمَّا رَكِبُوا، قَالَ:«فَإِنِّي أُشْهَدُ مَنْ حَضَرَ أَنَّ شَفَاعَتِيَ لِمَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِنْ أُمَّتِي» (2) . [1: 2]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا يَشْفَعُ فِي الْقِيَامَةِ، عِنْدَ عَجْزِ الْأَنْبِيَاءِ عَنْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ

6464 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، وَالْفُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَحْدَرِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُجْمَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُلْهَمُونَ (3) لِذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا كَيْ يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا، قَالَ: فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ،

(1) في الأصل: "أنشدك".

(2)

إسناده صحيح. وهو مكرر (211) . وانظر الحديث الآتي برقم (6470) و (7180) .

(3)

وفي رواية: "فيهتمون"، وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 3/53: معنى اللفظتين متقارب، فمعنى الأول: أنهم يعتنون بسؤال الشفاعة وزوال الكرب الذي هم فيه، ومعنى الثانية: أن الله تعالى يلهمهم سؤال ذلك. والإِلهام: أن يلقي الله تعالى في النفس أمراً يحمل على فعل الشيء أو تركه.

ص: 377

فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ (1) مَكَانِنَا هَذَا، قَالَ: فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَهَا، فَيَسْتَحْيِي مِنْ رَبِّهِ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيُذْكَرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، قَالَ: فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيُذْكَرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى الَّذِي خَلْقَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ، قَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيُذْكَرُ خَطِيئَتَهُ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيَأْذَنُ لِي، فَإِذَا أَنَا رَأَيْتُهُ وَقَعَتْ سَاجِدًا، فَ يَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ (2) يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، وَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَضَعُ رَأْسِي، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِيَ،

(1) تحرفت في الأصل إلى: "عن "، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 469.

(2)

في "مسلم": "بتحميد".

ص: 378

ثُمَّ يُقَالُ لِيَ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ»

قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: فَلَا أَدْرِي قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَأَقُولُ:«يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ، أَوْ وَجَبَ (1) عَلَيْهِ الْخُلُودُ» (2) . [3: 77]

(1) في "مسلم": "أي وجب

" وقال النووي: بيَّن مسلم رحمه الله تعالى أن قوله: "أي وجب عليه الخلود" هو تفسير قتادة الراوى، وهذا تفسير صحيح، ومعناه: من أخبر القرآن أنه مخلد في النار هم الكفار، كما قال الله تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به} .

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(864) : أنبأنا حسان بن محمد، حدثنا الحسن بن عامر، حدثنا محمد بن عبيد بن حساب وأبو كامل الحجدري وعبد الواحد بن غياث، بهذا الإسناد. ولم يسُق لفظه.

وأخرجه ابن أبى عاصم فى "السنّة"(805) و (806)، ومسلم (193) في الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، عن أبي كامل فضيل بن حسين الجحدري ومحمد بن عبيد الغبري، قالا: حدثنا أبو عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن منده (864) من طريق موسى بن إسحاق، عن أبي كامل، به.

وأخرجه البخاري (6565) في الرقاق: باب صفة الجنة والنار، عن مسدد، عن أبي عوانة، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/450-451، والطيالسي (2010) ، وأحمد 3/116، والبخاري (4476) في تفسير سورة البقرة: باب قول الله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} ، و (7410) في التوحيد: باب قول الله =

ص: 379

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: «هَكَذَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى الَّذِي خَلْقَهُ اللَّهُ» ، وَإِنَّمَا هُوَ:«الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ» (1) .

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا لَا يَشْفَعُ الْأَنْبِيَاءُ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6465 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَضَعْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ وَلَحْمٍ، فَتَنَاوَلَ الذِّرَاعَ، وَكَانَ أَحَبَّ الشَّاةِ إِلَيْهِ،

= تعالى: {لما خلقت بيدي} ، و (7516) : باب قول الله تعالى: {وكلم الله موسى تكليماً} ، ومسلم، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 247-248 و 248 و249-250، وأبو عوانة 1/178-179 و 179-180 و 180، والبغوي (4334) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 191 و 315، وفي "الاعتقاد" ص 89 و 192-194، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(835) ، وابن منده في "الإيمان"(861) و (862) و (863) من طرق عن قتادة، به.

وأخرجه أحمد 3/244، وابن أبي عاصم في "السنّة"(804) و (807) و (808) و (809) و (810)، والبخاري (7510) في التوحيد: باب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، ومسلم، وابن خزيمة ص 253 -254، و 299، وابن منده (866) ، والبغوي (4333) من طرق عن أنس بنحوه.

(1)

قلت: وكذا جاء في رواية مسلم وغيره.

ص: 380

فَنَهَسَ نَهْسَةً، فَقَالَ:«أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، ثُمَّ نَهَسَ أُخْرَى، فَقَالَ:«أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، ثُمَّ نَهَسَ أُخْرَى، فَقَالَ:«أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (1) ، فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابَهُ لَا يَسْأَلُونَهُ، قَالَ:«أَلَا تَقُولُونَ: كَيْفَ؟» ، قَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْ رُءُوسِهِمْ، فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ حَرُّهَا، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ دُنُوُّهَا مِنْهُمْ، فَيَنْطَلِقُونَ مِنَ الْجَزَعِ وَالضَّجَرِ مِمَّا هُمْ فِيهِ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ؟، فَيَقُولُ: آدَمُ إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ كَانَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فَعَصَيْتُهُ، فَأَخَافُ أَنْ يَطْرَحَنِي فِي النَّارِ، انْطَلِقُوا إِلَى غَيْرِي، نَفْسِي نَفْسِي.

فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى نُوحٍ، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَرْسَلَ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ؟، فَيَقُولُ نُوحٌ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ فَدَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي، فَأُهْلِكُوا، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَطْرَحَنِي فِي النَّارِ، انْطَلِقُوا إِلَى غَيْرِي، نَفْسِي نَفْسِي.

(1) ما بين حاصرتين سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 3/لوحة 471.

ص: 381

فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَنْتَ خَلِيلُ اللَّهِ، قَدْ سَمِعَ بِخُلَّتِكُمَا أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ؟، فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَذَكَرَ قَوْلَهُ فِي الْكَوَاكِبِ:{هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 76]، وَقَوْلَهُ لِآلِهَتِهِمْ:{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، وَقَوْلَهُ:{إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَطْرَحَنِي فِي النَّارِ، انْطَلِقُوا إِلَى غَيْرِي، نَفْسِي نَفْسِي.

فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ نَبِيٌّ اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ، وَكَلَّمَكَ تَكْلِيمًا، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ؟، فَيَقُولُ مُوسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا، وَلَمْ أُؤَمَرْ بِهَا، فَأَخَافُ أَنْ يَطْرَحَنِي فِي النَّارِ، انْطَلِقُوا إِلَى غَيْرِي، نَفْسِي نَفْسِي.

فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ، وَكَلِمَةُ اللَّهِ وَرُوحُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرَوْحٌ مِنْهُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَأَخَافُ أَنْ يَطْرَحَنِي فِي النَّارِ، انْطَلِقُوا إِلَى غَيْرِي، نَفْسِي نَفْسِي» قَالَ عُمَارَةُ: وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَ ذَنْبًا، «فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ،

ص: 382

غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَأَنْطَلِقُ فَآتِي الْعَرْشَ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، فَيُقِيمُنِي رَبُّ الْعَالَمِينَ مِنْهُ مَقَامًا لَمْ يُقِمْهُ أَحَدًا قَبْلِي، وَلَمْ (1) يُقِمْهُ أَحَدًا بَعْدِي، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِي الْأَبْوَابِ الْأُخَرِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ إِلَى مَا بَيْنَ عِضَادِيِّ الْبَابِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ، وَهَجَرَ، أَوْ هَجَرَ وَمَكَّةَ» ، قَالَ: لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَ (2) . [3: 77]

(1) تحرفت في الأصل إلى: "لن"، والتصويب من "التقاسيم".

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير.

وأخرجه مسلم (194) في الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، عن زهير بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(882) من طريق إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحميد، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/444، وأحمد 2/435-436، والبخاري (3340) في الأنبياء: باب قول الله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه} ، و (3361) : باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلاً} ، و (4712) في تفسير سورة بني إسرائيل: باب {ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً} ، ومسلم، والترمذي (2434) في صفة القيامة: باب ما جاء في الشفاعة، وابن أبي عاصم في "السنة"(811) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 242-244، وابن منده (879) و (880) و (881) وأبو عوانة 1/170 -173 و173 و174، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 315، والبغوي (4332) من طرق عن أبي حيان يحيى بن سعيد، عن أبي زرعة، به.

ص: 383

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْقَوْمِ الَّذِينَ تَلْحَقَهُمْ شَفَاعَةُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي الْعُقْبَى

6466 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا رَدَّ إِلَيْكَ رَبُّكَ فِي الشَّفَاعَةِ؟ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَسْأَلُنِي عَنْ ذَلِكَ مِنْ أُمَّتِي، لِمَا رَأَيْتُ مِنَ حِرْصِكَ عَلَى الْعِلْمِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَا يُهِمُّنِي مِنَ انْقِصَافِهِمْ (1) عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ أَهَمُّ عِنْدِي مِنْ تَمَامِ شَفَاعَتِي لَهُمْ، وَشَفَاعَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ يُصَدِّقُ لِسَانُهُ قَلْبَهُ وَقَلْبُهُ لِسَانَهُ» (2) . [3: 75]

(1) في الأصل و " التقاسيم " 3/لوحة 462 و "موارد الظمآن"(2594) : " انقضاضهم "، والمثبت من موارد التخريج.

(2)

حديث حسن. حرملة بن يحيى من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين غير معاوية بن معتب، ويقال: ابن مغيث، ويقال: ابن عتبة، يروي عن أبي هريرة وكان في حجره، ترجم له البخاري 7/331، وابن أبي حاتم 8/379، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلاً، وذكره المؤلف في " ثقاته " 5/413، فقال: عدادُه في أهل البصرة روى عنه سالم بنُ أبي الجعد. كذا قال، وهو خطأ، والصوابُ أن عداده في أهل مصر، وأن الراوي عنه سالم بن أبي سالم الجيشاني، كذا ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، وابن يونس، نَبَّه =

ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= على ذلك الحافظ العراقي في نسخته من الثقات، ونقله عنه ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 307، وذكر ابن يونس فيما نقله عنه الحافظ راوياً آخر عن معاوية بن معتب هو بشير بن عمر الأسلمي. أبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني.

وأخرجه أحمد 2/307، والحاكم 1/70 من طرق عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سالم الجيشاني، بهذا الإسناد، ولم يذكرا أبا الخير اليزني.

وأخرجه أحمد مختصراً 2/158 عن عثمان بن عمر، حدثنا عبدُ الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معاوية بن مغيث أو معتب، به. ولم يذكر أبا الخير ولا سالماً الجيشاني.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/404، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير معاوية بن معتب، وهو ثقة!

وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الحاكم: فإن معاوية بن معتب مصري من التابعين، وقد أخرج البخاري حديث عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هُريرة، قال: قلتُ: يا رسول الله، من أسعدُ الناس بشفاعتك؟ الحديث بغير هذا اللفظ، والمعنى قريب منه.

قلت: الحديثُ بتمامه عند البخاري (99) و (6570) ، وأحمد 2/307، وابن منده في " الإيمان "(904) و (905) و (906) من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد ظننَت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لِمَا رأيتُ من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه".

ص: 385

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الشَّفَاعَةَ فِي الْقِيَامَةِ إِنَّمَا تَكُونُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ

6467 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» (1) 0 [3: 75]

(1) حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح. محمد بن يحيى: هو الذهلي، وأحمد بن يوسف السلمي: هو ابن خالد الأزدي، وعمرو بن أبي سلمة: هو التنيسي الدمشقي، وزهير بن محمد التميمي العنبري -وإن كانت رواية أهل الشام عنه ضعيفة وهذه منها- قد توبع، وجعفر بن محمد: هو ابن عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب.

وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" ص 271 عن أحمد بن يوسف السلمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 1/69 من طريق أحمد بن عيسى التنيسي، عن عمرو بن أبي سلمة، به.

وأخرجه ابن ماجه (4310) في الزهد: باب ذكر الشفاعة، من طريق الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد العنبري، به.

وأخرجه الترمذي (2436) في صفة القيامة: باب ما جاء في الشفاعة، والآجري في "الشريعة" ص 338، والحاكم 1/69، وأبو نعيم في "الحلية" 3/200-210 من طرق عن أبي داود الطيالسي، عن محمد بن ثابت البناني، عن جعفر بن محمد، به. وعندهم زيادة: فقال لي جابر: يا محمد، من لم يكن من أهل الكبائر فما له وللشفاعة؟

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، يستغرب من حديث جعفر بن محمد، وانظر الحديث الآتي.

ص: 386

‌ذِكْرُ إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ فِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ يُكْثِرُ الْكَبَائِرَ فِي الدُّنْيَا

6468 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، - وَكَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ، وَأَهْلِ الْفِقْهِ فِي الدِّينِ - قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» (1) . [3: 66]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. أحمد بن الأزهر روى له النسائي وابن ماجه، وهو حسن الحديث، وأحمد بن يوسف السلمي ثقة من رجال مسلم، ومن فوقهما من رجال الشيخين.

وأخرجه الترمذي (2435) في صفة القيامة: باب ما جاء في الشفاعة، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 270، والحاكم 1/69 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي.

وأخرجه الطيالسي (2026) ، ومن طريقه ابن خزيمة في "التوحيد" ص 271، والبزار (3469) عن الخزرج بن عثمان، عن ثابت به.

قال الهيثمي في "المجمع" 1/378: وفيه الخزرج بن عثمان وثقه ابن حبان، وقال ابن معين: صالح، وضعفه غير واحد.

قلت: وقد تحرف اسمه في "مسند أبي داود" إلى: الحكم أبو عثمان، وفي ابن خزيمة إلى: الحكم بن خزرج، وفي البزار إلى: الجراح بن عثمان.

وأخرجه أحمد 3/213، وأبو داود (4739) في السنّة: باب في الشفاعة، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 271، والآجري في "الشريعة" ص 338، والطبراني في "الصغير"(438) و (1101) ، والحاكم 3/213، وأبو نعيم 7/261 من طرق عن أنس. =

ص: 387

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَبْطَلَ شَفَاعَةَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ فِي الْقِيَامَةِ زَعَمَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ هُوَ اسْتِغْفَارُهُ لِأُمَّتِهِ فِي الدُّنْيَا

6469 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَاهَا فِي أُمَّتِهِ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (1) . [3: 5]

‌ذِكْرُ تَخْيِيرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الشَّفَاعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ

6470 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: عَرَّسَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَرَشَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ، فَانْتَبَهْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، فَإِذَا نَاقَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ قُدَّامَهَا أَحَدٌ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ قَائِمَانِ، قَالَ: قُلْتُ: أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَا: مَا نَدْرِي، غَيْرَ أَنَّا سَمِعْنَا صَوْتًا بِأَعْلَى

= وفي الباب عن ابن عباس عند الطبراني في "الكبير"(11454) وعن

ابن عمر عند الخطيب في "تاريخه" 8/11.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (6460) .

ص: 388

الْوَادِي، فَإِذَا مِثْلُ هَدِيرِ الرَّحَى، فَلَمْ نَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَإِنِّي اخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ» ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالصُّحْبَةَ لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ، قَالَ:«فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي» قَالَ: فَأَقْبَلْنَا إِلَى النَّاسِ، فَإِذَا هُمْ فَزِعُوا، وَفَقَدُوا نَبِيَّهُمْ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُ أَتَانِيَ اللَّيْلَةَ آتٍ، فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَإِنِّي اخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَنْشُدُكَ اللَّهَ لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:«إِنِّي أُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ أَنَّ شَفَاعَتِيَ لِمَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِنْ أُمَّتِي» (1) . [3: 75]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْكَوْثَرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم (2)

6471 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: قَرَأَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْكَوْثَرُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ يَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، حَافَّتَاهُ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري، وأبو المليح: هو ابن أسامة بن عمير. وقد تقدم تخريجه برقم (211) ، وانظر الحديث المتقدم برقم (6463) ، والحديث الآتي برقم (7180) .

(2)

العنوان لم يظهر في صورة الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 3/لوحة 492.

ص: 389

قِبَابُ الدُّرِّ» ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«فَضَرَبْتُ بِيَدِي فَإِذَا طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ، وَإِذَا حَصْبَاؤُهُ اللُّؤْلُؤُ» (1) . [3: 78]

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْكَوْثَرَ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهُ فِي الْجَنَّةِ

6472 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَّتَاهُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي مَجْرَى الْمَاءِ، فَإِذَا مِسْكٌ أَذْفَرُ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ أَعْطَاكَهُ اللَّهُ، أَوْ أَعْطَاكَ رَبُّكَ» (2) . [3: 2]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/152 و 247 من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري. رجاله رجال الشيخين غير مسدد، فمن رجال البخاري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/437 و 13/147، وأحمد 3/103، وهناد بن السري في "الزهد"(134) ، والطبري في "جامع البيان" 30/323، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(327) ، والبغوي في "شرح السنّة"(4343) ، وفي " معالم التنزيل " 4/335 من طرقٍ عن حميد الطويل، بهذا الإسناد. وانظر الحديث التالي.

ص: 390

‌ذِكْرُ وَصْفِ بَيَاضِ مَاءِ الْكَوْثَرِ وَحَلَاوَتِهِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ

6473 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِنَهَرٍ يَجْرِي، بَيَاضُهُ بَيَاضُ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَحَافَّتَاهُ (1) خِيَامُ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي، فَإِذَا الثَّرَى مِسْكٌ أَذْفَرُ، فَقُلْتُ لِجِبْرِيلَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ» (2) . [3: 2]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «حَافَّتَاهُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ» ، أَرَادَ بِهِ: قِبَابَ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ

6474 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ (3) قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَ، قَالَ: «بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذْ عَرَضَ لِي نَهَرٌ، حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعَهُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، وَضَرَبَ

(1) في الأصل و "التقاسيم": "وحافتيه"، وهو خطأ، والجادة ما أثبت.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، يحيى بن أيوب المقابري من رجال مسلم، ومن فوقه على شرطهما. وانظر الحديث السابق.

(3)

تحرفت في الأصل إلى: "بن"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 273.

ص: 391

بِيَدِهِ إِلَى أَرْضِهِ، فَأَخْرَجَ مِنْ طِينِهِ الْمِسْكَ» (1) . [3: 2]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلَ شَافِعٍ

6475 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي شَدَّادُ أَبُو عَمَّارٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ» (2) . [3: 2]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وقد روى عنه يزيد بن زريع قبل الاختلاط.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 30/333، والآجري في "الشريعة" ص 395-396 من طريقين عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/231-232 عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، عن سعيد بن أبي عروبة، به.

وأخرجه أحمد 3/164 و 191 و 207 و 289، والبخاري (4964) في تفسير سورة {إنا أعطيناك الكوثر} ، و (6581) في الرقاق: باب الحوض، والترمذي (3359) و (3360) في التفسير: باب ومن سورة {إنا أعطيناك الكوثر} ، وأبو داود (4748) في السنة: باب في الحوض، والطبري في "جامع البيان" 30/323-324 من طرق عن قتادة، به.

(2)

إسناده صحيح على شرط الصحيح، عبد الرحمن بن إبراهيم من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين غير شداد فمن رجال مسلم. وهو مكرر الحديث رقم (6242) ، وانظر الحديث رقم (6333) .

ص: 392

‌ذِكْرُ وَصْفِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ»

6476 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، بِخَبَرٍ غَرِيبٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو هُنَيْدَةَ الْبَرَاءُ بْنُ نَوْفَلٍ، عَنْ وَالَانَ الْعَدَوِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، فَصَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الضُّحَى ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَلَسَ مَكَانَهُ حَتَّى صَلَّى الْأُولَى وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ كُلُّ ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ، حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ النَّاسُ لِأَبِي بَكْرٍ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَأْنُهُ؟ صَنَعَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ قَطُّ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «نَعَمْ، عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَجُمِعَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ حَتَّى انْطَلِقُوا إِلَى آدَمَ عليه السلام، وَالْعَرَقُ يَكَادُ يُلْجِمُهُمْ، فَقَالُوا: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ اصْطَفَاكَ اللَّهُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَقَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُمْ، فَانْطَلِقُوا إِلَى أَبِيكُمْ بَعْدَ أَبِيكُمْ، إِلَى نُوحٍ {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33] ، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى نُوحٍ، فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّهُ اصْطَفَاكَ اللَّهُ، وَاسْتَجَابَ لَكَ فِي دُعَائِكَ، فَلَمْ يَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، فَانْطَلِقُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، فَانْطَلِقُوا إِلَى مُوسَى، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَلَّمَهُ

ص: 393

تَكْلِيمًا، فَيَقُولُ مُوسَى: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَإِنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ، وَالْأَبْرَصَ، وَيُحْيِي الْمَوْتَى، فَيَقُولُ عِيسَى: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَلْيَشْفَعْ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ.

قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ وَآتِي جِبْرِيلَ، فَيَأْتِي جِبْرِيلُ رَبَّهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ.

قَالَ: فَيَنْطَلِقُ بِهِ جِبْرِيلُ، فَيَ خِرُّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَى رَبِّهِ خَرَّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ أُخْرَى، فَيَقُولُ اللَّهُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَيَذْهَبُ لِيَقَعَ سَاجِدًا، فَيَأْخُذُ جِبْرِيلُ (1) بِضَبْعَيْهِ، وَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الدُّعَاءِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى بَشَرٍ قَطُّ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ جَعَلْتَنِي سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ، وَأَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ، وَأَيْلَةَ.

ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُ الصِّدِّيقِينَ فَيَشْفَعُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُ الْأَنْبِيَاءَ فَيَجِيءُ النَّبِيُّ مَعَهُ الْعِصَابَةُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ،

(1) لم ترد في الأصل و " التقاسيم " 3/لوحة 276، وأثبتت من موارد الحديث.

ص: 394

ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُ الشُّهَدَاءَ فَيَشْفَعُونَ لِمَنْ أَرَادُوا، فَإِذَا فَعَلَتِ الشُّهَدَاءُ ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، أَدْخِلُوا جَنَّتِي مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: انْظُرُوا فِي النَّارِ هَلْ فِيهَا مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ، فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتُ خَيْرًا قَطُّ، فَيَقُولُ: لَا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: اسْمَحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ إِلَى عَبِيدِي، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ، فَيَقُولُ: لَا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أَمَرْتُ وَلَدِي، إِذَا مِتُّ فَاحْرِقُونِي فِي النَّارِ، ثُمَّ اطْحَنُونِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الْكُحْلِ، فَاذْهَبُوا بِي إِلَى الْبَحْرِ، فَذُرُّونِي فِي الرِّيحِ، فَقَالَ اللَّهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ مَخَافَتِكَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى مُلْكٍ أَعْظَمِ مُلْكٍ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، فَيَقُولُ: لِمَ تَسْخَرُ بِي، وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟ فَذَلِكَ الَّذِي ضَحِكْتُ مِنْهُ مِنَ الضُّحَى» (1) .

(1) إسناده جيد. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهوية، وأبو نعامة العدوي: هو عمرو بن عيسى بن سويد بن هبيرة البصري، وثقه المصنف وابن معين والنسائي واحتج به مسلم في " صحيحه "، وقال الإمام الذهبي في "الكاشف": ثقة، قيل: تغير قبل موته بأخرة، وأبو هنيدة البراء بن نوفل: روى عنه جمع، ووثقه ابن معين كما في "الجرح والتعديل" 2/40، والمصنف، وقال ابن سعد في "الطبقات" 7/226: كان معروفاً قليل الحديث، ووالان العدوي: هو والان بن بهيس أو ابن قرفة، وثقه ابن معين والمصنف، وقول ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/922: قال أبو حاتم الرازي: والان =

ص: 395

قَالَ إِسْحَاقُ: هَذَا مِنْ أَشْرَفِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثُ عِدَّةٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هَذَا، مِنْهُمْ: حُذَيْفَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَغَيْرُهُمْ.

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ،

= مجهول، وهم منه رحمه الله، فإن أبا حاتم قال هذا في حق والان أبي عروة المرادي كما نقله عنه ابنه عبد الرحمن في "الجرح والتعديل" 9/43-44، أما والان العدوي فقد نقل ابن أبي حاتم عن يحيى بن معين القول بتوثيقه، وقول الدارقطني في "العلل" 1/190-191: ووالان غير مشهور إلاّ في هذا الحديث، والحديث غير ثابت، متعقب بما في "اللسان" 6/216: كذا قال، وقد قال يحيى بن معين: بصري ثقه، وذكره ابن حبان في "الثقات" وأخرج حديثه في "صحيحه"، وكذا أخرجه أبو عوانة وهو من زياداته على مسلم.

وأخرجه مختصراً الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1556) بتحقيقي، والدارمي في "الرد على الجهمية" ص 57 و 88 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولاً ومختصراً أحمد 1/4-5، والدولابي في "الكنى" 2/155-156، وابن أبي عاصم في "السنّة"(751) و (812) ، وأبو يعلى (56) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 310-312، وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر"(15) بتحقيقي، وأبو عوانة 1/175-178، والبزار (3465) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(539 1) من طرق عن النضر بن شميل، به.

قال البزار: أبو هنيدة ووالان لا نعلم رويا إلاّ هذا الحديث، وهو على ما فيه رواه أهل العلم.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 10/374 عن أحمد وأبي يعلى والبزار، وقال: رجالهم ثقات.

ص: 396

حَدَّثَنَا أَبُو نَعَامَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُنَيْدَةَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ (1) . [3: 2]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتَهُ يَكُونُونَ شُهَدَاءَ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ فِي الْقِيَامَةِ

6477 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيُقَالُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَأُمَّتُهُ» قَالَ صلى الله عليه وسلم: «فَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَيَكُونُ الرَّسُولُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] » وَالْوَسَطُ: الْعَدْلُ (2) . [3: 77]

(1) حديث حذيفة أخرجه مسلم (195) ، وابن خزيمة في " التوحيد " ص 245 -246، والبزار (3464) مع حديث أبي هريرة، وحديث أبي هريرة تقدم قريباً عند المصنف برقم (6465) وحديث ابن مسعود أخرجه الطبري 15/146، والطبراني (9761) ، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 5/327، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وجرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وهو في "مسند أبي يعلى"(1173) .

وانظر تخريجه في الحديث الآتي برقم (7216) . =

ص: 397

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ يَكُونُونَ فِي الْقِيَامَةِ تَحْتَ لِوَاءِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6478 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَمُشَفَّعٍ، بِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ، تَحْتِي آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ» (1) . [3: 77]

(1) حديث صحيح لغيره، إسناده ضعيف، عمرو بن عثمان الكلابي تركه النسائي، ولينه العقيلي، وقال أبو حاتم: يتكلمون فيه يحدث من حفظه بمناكير، وقال ابن عدي: روى عنه ثقات، وهو ممن يكتب حديثه، وباقي رجاله رجال الشيخين غير بشر بن شغاف، فقد روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وهو ثقة. عبد الله: هو ابن سلام رضي الله عنه. والحديث في "مسند أبي يعلى" 350/1.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(793) عن عمر بن الخطاب السجستاني، حدثنا عمرو بن عثمان، بهذا الإسناد، وأخطأ الشيخ ناصر الدين الألباني، فصحح إسناده هنا وفي "الصحيحة" 4/100-101.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 8/254، وقال: رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه عمرو بن عثمان الكلابي، وثقه ابن حبان على ضعفه.

قلت: لكن يشهد له حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/2، والترمذي (3615) وابن ماجه (4308) وفيه علي بن زيد بن جدعان وفيه ضعف، وحديثه حسن في الشواهد، وهذا منها، ولذا قال الترمذي: حديث حسن، وآخر من حديث أبي هريرة عند مسلم (2278) في أول الفضائل.

ص: 398

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بَلَّغَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ بِفَضْلِهِ

6479 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ، فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ، فَأَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ، فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ» (1) . [3: 77]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي يَشْفَعُ صلى الله عليه وسلم فِي أُمَّتِهِ

6480 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ حَبِيبٍ اللَّيْثِيُّ أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ،

(1) إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير كثير بن عبيد، وهو ابن نمير الحمصي، فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة. محمد بن حرب: هو الخولاني الحمصي، والزبيدي: هو محمد بن الوليد بن عامر.

وأخرجه أحمد 3/456، والطبري في "جامع البيان" 15/147، والطبراني في "الكبير" 19/ (142) ، والحاكم 2/363 من طرق عن محمد بن حرب، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبري 15/146، والطبراني من طريقين عن بقية بن الوليد، عن الزبيدي، به.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 7/51، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. ثم ذكره 10/377، ونسبه للطبراني في "الكبير" و " الأوسط "، وقال: وأحد إسنادي الكبير رجاله رجال الصحيح.

ص: 399

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْبَرًا مِنْ نُورٍ، وَإِنِّي لَعَلَى أَطْوَلِهَا وَأَنْوِرِهَا، فَيَجِيءُ مُنَادٍ (1)، فَيُنَادِي: أَيْنَ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ؟ قَالَ: فَيَقُولُ الْأَنْبِيَاءُ: كُلُّنَا نَبِيٌّ أُمِّيٌّ، فَإِلَى (2) أَيِّنَا أُرْسِلَ؟ فَيَرْجِعُ الثَّانِيَةَ، فَيَقُولُ: أَيْنَ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ الْعَرَبِيُّ؟ قَالَ: فَيَنْزِلُ مُحَمَّدٌ حَتَّى يَأْتِيَ بَابَ الْجَنَّةِ، فَيَقْرَعَهُ، فَيَقُولُ: مَنْ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ أَوْ أَحْمَدُ، فَيُقَالُ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُ، فَيَدْخُلُ، فَيَتَجَلَّى لَهُ الرَّبُّ، وَلَا يَتَجَلَّى لِنَبِيٍّ قَبْلَهُ، فَيَخِرُّ لِلَّهِ سَاجِدًا، وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ وَلَنْ يَحْمَدَهُ أَحَدٌ بِهَا مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، تَكَلَّمْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ: أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ الثَّانِيَةَ فَيَخِرُّ لِلَّهِ سَاجِدًا وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ، وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، تَكَلَّمْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، فَيُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ بُرَّةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ الثَّالِثَةَ، فَيَخِرُّ لِلَّهِ سَاجِدًا، وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ، وَلَنْ يَحْمَدَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَيُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ، فَيَخِرُّ سَاجِدًا، وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَيُقَالُ لَهُ:

(1) في الأصل " منادي " والمثبت من " التقاسيم " 3/لوحة 468.

(2)

تحرفت في الأصل إلى "قال"، والتصويب من "التقاسيم".

ص: 400

مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، تَكَلَّمْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ لَسْتَ هُنَاكَ، تِلْكَ لِي، وَأَنَا الْيَوْمَ أَجْزِي بِهَا» (1) . [3: 77]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ فِي الْقِيَامَةِ

6481 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ» (2) . [3: 77]

(1) إسناده حسن، كثير بن حبيب الليثي ذكره المؤلف في "الثقات" 7/354، وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في " الجرح والتعديل " 7/150: لا بأس به، وباقي رجاله رجال الشيخين غير علي ابن المديني، فمن رجال البخاري.

وأخرجه الذهبي في "ميزان الاعتدال" 3/403 من طريق أبي خليفة بهذا الإسناد، ونسبه لأبي نعيم في كتاب "الرؤية"، وقال: هذا حديث غريب جداً.

وأخرجه البخاري (7510) ، ومسلم (193)(326) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 299 من طرق عن حماد بن زيد، عن معبد بن هلال العنزي، عن أنس بن مالك. وانظر (6464) .

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير المختار بن فلفل، فمن رجال مسلم. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/503، ومسلم (196) (331) في الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، وأبو يعلى (3964) ، وأبو عوانة 1/109، وابن منده (888) ، وابن أبي عاصم (6) ، والطبراني (5) في " الأوائل "، من طرق عن معاوية بن هشام، عن سفيان، بهذا الاسناد.

ص: 401

‌5 - بَابُ الْمُعْجِزَاتِ

6482 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ (1) ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِذْ بُعِثْتُ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ» (2) . [3: 16]

(1) تحرف في الأصل إلى: "كثير" والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 62.

(2)

إسناده حسن. محمد بن إسماعيل: هو الإمام البخاري صاحب " الصحيح "، ومن فوقه من رجال الشيخين غير سماك بن حرب، فمن رجال مسلم، وحديثه لا يرقى إلى الصحة.

وأخرجه أحمد 5/89 و 95، وابن أبي شيبة 11/464، والدارمي 1/21 ومسلم (2277) في الفضائل: باب نسب النبي صلى الله عليه وسلم وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، والبيهقي في " الدلائل " 2/153، والبغوي (3709) من طرق عن يحيى بن أبي بكير، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1995) عن علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو حذيفة (وهو موسى بن مسعود النهدي) ، وحدثنا إبراهيم بن طهمان، به.

وأخرجه الطيالسي (1907) ، وأحمد 5/105، والترمذي (3624) في المناقب: باب رقم (5) ، والطبراني في "الكبير"(1907) و (1961) ، =

ص: 402

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَبْطَلَ وُجُودَ الْمُعْجِزَاتِ فِي الْأَوْلِيَاءِ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ

6483 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رُبَّ أَشْعَثَ ذِي طِمْرَيْنِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» (1) . [3: 16]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ فِي تَأْوِيلِهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يُحْكِمُوا صِنَاعَةَ الْعِلْمِ

6484 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ،

= (2028) ، وفي " الأوسط "(2033) ، وفي "الصغير"(167) ، وأبو نعيم (300) و (301) ، والبيهقي 2/153 كلاهما في "دلائل النبوة" من طرق عن سماك بن حرب، به.

(1)

إسناده صحيح، يزيد ابن موهب: هو ابن خالد، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، ومن فوقه من رجال الشيخين غير العلاء بن عبد الرحمن، وهو ابن يعقوب الحرقي، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (2622) في البر والصلة: باب فضل الضعفاء والخاملين، و (2846) في صفة الجنة ونعيم أهلها: باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، ومن طريقه البغوي (4069) عن سويد بن سعيد، عن حفص بن ميسرة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/292، والحاكم 4/328 من طريقين عن إبراهيم بن حمزة، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ كثير بن يزيد، عن المطلب بن عبد الله، عن أبي هريرة رفعه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

ص: 403

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ذَبَحْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ» ، فَنَاوَلْتُهُ، ثُمَّ قَالَ:«نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ» ، فَنَاوَلْتُهُ، ثُمَّ قَالَ:«نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا لِلشَّاةِ ذِرَاعَانِ (1) قَالَ:«أَمَا إِنَّكَ لَوِ ابْتَغَيْتَهُ لَوَجَدْتَهُ» (2) . [3: 16]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَبْطَلَ وُجُودَ الْمُعْجِزَاتِ فِي الْأَوْلِيَاءِ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ

6485 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،

(1) في الأصل و " التقاسيم " 3/لوحة 65: "ذراعين"، والجادة ما أثبت.

(2)

إسناده حسن. رجاله رجال مسلم غير محمد بن عجلان المدني مولى فاطمة، فقد روى له مسلم متابعة. عقبة بن مكرم: هو العمي.

وأخرجه أحمد 2/517 عن الضحاك -وهو أبو عاصم النبيل- عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.

وفي الباب عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أحمد 6/8 و 392، والطبراني في "الكبير" و " الأوسط " كما في " المجمع " 8/311، وقال الهيثمي: وأحد إسنادي أحمد حسن.

وعن سلمى زوجة أبي رافع عند الطبراني في "الكبير" 24/ (763) .

قال الهيثمي: رجاله ثقات.

وعن أبي عبيد مَوْلَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أحمد 3/484-485، والدارمي 1/22، والترمذي في " الشمائل "(170) ، والطبراني 22/ (842) .

وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح غير شهر بن حوشب، وقد وثقه غير واحد.

ص: 404

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا رَجُلٌ (1) يَسُوقُ بَقَرَةً، فَأَرَادَ أَنْ يَرْكَبَهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا إِنَّمَا خُلِقْنَا لِيُحْرَثَ عَلَيْنَا، فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» ، وَمَا هُمَا ثَمَّ، قَالَ:«وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمٍ لَهُ فَأَخَذَ الذِّئْبُ الشَّاةَ، فَتَبِعَهُ الرَّاعِي، فَلَفَظَهَا، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ لَكَ بِيَوْمِ السِّبَاعِ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهَا رَاعٍ (2) غَيْرِي» ، فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:» آمَنْتُ بِهِ أَنَا (3) وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ «، وَمَا هُمَا ثَمّ (4) . [3: 6]

(1) تحرفت في الأصل إلى " يسرق "، والتصويب من "التقاسيم" 3/309.

(2)

في الأصل و " التقاسيم ": "راعي" بإثبات الياء، والجادة ما أثبتناه.

(3)

سقطت من الأصل، واستدركت من " التقاسيم ".

(4)

إسناده صحيح. أحمد بن سليمان بن أبي شيبة: هو أحمد بن سليمان بن عبد الملك بن أبي شيبة أبو الحسين الرهاوي، ثقة روي له النسائي، ومن فوقه من رجال الشيخين غير أبي داود الحفري: واسمه عمر بن سعد بن عبيد، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (2388) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه عَنِ محمد بن رافع، عن أبي داود الحفري، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحميدي (1054) ، ومن طريقه البغوي (3889) عن سفيان، به.

وأخرجه أحمد في "المسند" 2/245-246، وفي "فضائل الصحابة"(183)، والبخاري (3471) في الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ومسلم، من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، به.

وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(643) عن قتيبة بن سعيد، عن

ص: 405

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن لهيعة، عن الأعرج، به.

وأخرجه البخاري (3663) في فضائل الصحابة: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخداً خليلاً" عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن أبي سلمة، به. وانظر الحديث التالي.

وقوله: "بيوم السباع" كذا جاء في الأصل و" التقاسيم "، ووقع عند غير المصنف:"السبع" بالإفراد.

قال القاضي عياض في "مشارق الأنوار" 2/205: كذا رويناه بضم الباء، قال الحربي: ويروى بسكونها يريد السَّبْع، قرأ الحسن:{وما أكل السَّبْعُ} بالسكون.

وقال النووي في "شرح مسلم" 15/156-157: روي "السَّبُع" بضم الباء وإسكانها، والأكثرون على الضم.

قال ابن الأثير في "النهاية": وفيه: "إن ذئباً اختطف شاةً من الغنم أيام مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتزعها الراعي منه، فقال الذئب: من لها يوم السَّبْع؟ قال ابن الأعرابي: السَّبْع بسكون الباء: الموضع الذي إليه يكون المحشر يوم القيامة، أراد من لها يوم القيامة.

والسبع أيضأ: الذُّعْرُ، سَبَعْتُ فلاناً إذا ذعرته، وسَبَع الذئبُ الغنم إذا فرسها: أي من لها يوم الفزع، وقيل: هذا التأويل يفسد بقول الذئب في تمام الحديث: يوم لا راعي لها غيري، والذئب لا يكون راعياً لها يوم القيامة، وقيل: أراد من لها عند الفتن حين يتركها الناس هملاً لا راعي لها، نُهبةً للذئاب والسباع، فجعل السبُع لها راعياً إذ هو منفرد بها، ويكون حينئذٍ بضم الباء، وهذا إنذار بما يكون من الشدائد والفتن التي يهمل الناس فيها مواشيهم فتستمكن منها السباع بلا مانع، وقال أبو موسى بإسناده عن أبي عُبيدة: يوم السبْع عيد كان لهم في الجاهلية يشتغلون بعيدهم ولهوهم، وليس بالسَّبُع الذي يفترس الناس، قال: وأملاه أبو عامر العبْدَري الحافظ بضم الباء، وكان من العلم والإتقان بمكان. =

ص: 406

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحْ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6486 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ، الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ» ، قَالَ:«آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً، فَتَبِعَهَا الرَّاعِي، فَقَالَ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبْعِ، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي» ، فَقَالَ: صلى الله عليه وسلم: «آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ»

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: «وَمَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي الْقَوْمِ» (1) . [3: 6]

= قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله، في تعليقه على"المسند" 13/72 -73 بعد أن نقل كلام ابن الأثير هذا: وفيما قال ابن الأعرابي تكلف بالغ، وكذلك ما قال أبو عبيدة، والصحيح عندي أنها بضم الباء، وهو الذي رجحه النووي في " شرح مسلم ": أنها عند الفتن حين يتركها الناس هملاً لا راعي لها منهبة للسباع، فجعل السبع لها راعياً: أي منفرداً بها.

وقوله: "وما هماثَمَّ" أي: ليسا حاضرين، وفي هذا منقبة عظيمة للشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، إذ استغرب السامعون ما خالف العادة، لا يريدون به الإنكار، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيخين لكمال إيمانهما، واطمئنان قلوبهما، وسمو إدراكهما؛ يؤمنان بما يقول، دون تردد أو استغراب بما عرفا من قدرة الله، وبما أيقنا من صدق رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. بندار: هو لقب محمد بن بشار، وسعد بن إبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه البخاري (2324) في الحرث والمزارعة: باب استعمال البقر =

ص: 407

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِثْبَاتِ كَوْنِ الْمُعْجِزَاتِ فِي الْأَوْلِيَاءِ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى حَسَبِ نِيَّاتِهِمْ وَصِحَّةِ ضَمَائِرِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَالِقِهِمْ

6487 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْمَخْزُومِيُّ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (1) ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يُسْلِفُ النَّاسَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا فُلَانُ، أَسْلِفْنِي سِتَّ مِائَةِ دِينَارٍ، قَالَ: نَعَمْ، إِنْ أَتَيْتَنِي بِوَكِيلٍ، قَالَ: اللَّهُ وَكِيلِي،

= للحراثة ومسلم (2388) في فضائل الصحابة: باب فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والترمذي (3677) في المناقب: باب رقم (17) ، و (3695) باب مناقب عمر، ثلاثتهم عن بندار بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 2/382، ومسلم من طريق محمد بن جعفر، به. وأخرجه الطيالسي (2354) ، ومن طريقه الترمذي (3677) و (3695) عن شعبة، به.

وأخرجه البخاري (3471) في الأنبياء: باب ما ذكر عن بني اسرائيل، ومسلم من طريقين عن سفيان بن عيينة، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبراهيم، به.

وأخرجه مسلم، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 4/168 من طرق عن ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة، رفعه.

(1)

قوله: "عن أبي هريرة" سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 3/لوحة 317.

ص: 408

فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، نَعَمْ، قَدْ قَبِلْتُ اللَّهَ وَكِيلًا، فَأَعْطَاهُ سِتَّ مِائَةِ دِينَارٍ، وَضَرَبَ لَهُ أَجَلًا، فَرَكِبَ الْبَحْرَ بِالْمَالِ لِيَتَّجِرَ فِيهِ، وَقَدَّرَ اللَّهُ أَنْ حَلَّ الْأَجَلُ، وَارْتَجَّ الْبَحْرُ بَيْنَهُمَا، وَجَعَلَ رَبُّ الْمَالِ يَأْتِي السَّاحِلَ يَسْأَلُ عَنْهُ، فَيَقُولُ الَّذِي يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ: تَرَكْنَاهُ بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ رَبُّ الْمَالِ: اللَّهُمَّ اخْلُفْنِي فِي فُلَانٍ بِمَا أَعْطَيْتُهُ بِكَ، قَالَ: وَيَنْطَلِقُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ، فَيَنْحَتُ خَشَبَةً، وَيَجْعَلُ الْمَالَ فِي جَوْفِهَا، ثُمَّ كَتَبَ صَحِيفَةً مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ، إِنِّي دَفَعْتُ مَالَكَ إِلَى وَكِيلِي، ثُمَّ سَدَّ عَلَى فَمِ الْخَشَبَةِ، فَرَمَى بِهَا فِي عُرْضِ الْبَحْرِ، فَجَعَلَ يَهْوِي بِهَا حَتَّى رَمَى بِهَا إِلَى السَّاحِلِ، وَيَذْهَبُ رَبُّ الْمَالِ إِلَى السَّاحِلِ، فَيَسْأَلُ، فَيَجِدُ الْخَشَبَةَ، فَحَمَلَهَا، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى أَهْلِهِ، وَقَالَ: أَوْقِدُوا بِهَذِهِ، فَكَسَرُوهَا، فَانْتَثَرَتِ الدَّنَانِيرُ، وَالصَّحِيفَةُ، فَأَخَذَهَا، فَقَرَأَهَا، فَعَرَفَ، وَتَقَدَّمَ الْآخَرُ، فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: مَالِي، فَقَالَ: قَدْ دَفَعْتُ مَالِي إِلَى وَكِيلِي، إِلَى مُوَكَّلٍ بِي، فَقَالَ لَهُ: أَوْفَانِي وَكِيلُكَ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَكْثُرُ مِرَاؤُنَا وَلَغَظُنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَنَا أَيُّهُمَا آمَنُ» (1) . [3: 6]

(1) إسناده حسن. عمر بن أبي سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، مختلف فيه، وهو كما قال ابن عدي: حسن الحديث لا بأس به، وباقي رجاله رجال الشيخين غير المغيرة بن سلمة المخزومي، فمن رجال مسلم. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري. =

ص: 409

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَبْطَلَ وُجُودَ الْمُعْجِزَاتِ إِلَّا فِي الْأَنْبِيَاءِ

6488 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «بَيْنَمَا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تَمِتِ ابْنِي حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ هَذَا، قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الثَّدْيِ، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ تُلْعَنُ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ

= وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(1128) ، عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، بهذا الأسناد.

وأخرجه الحافظ في "تغليق التعليق" 5/127 من طريق أبي سلمة المنقري، ومن طريق يحيى بن حماد، كلاهما عن أبي عوانة، به.

وعلقه البخاري (6261) في الاستئذان: باب بمن يبدأ في الكتاب، قال: وقال عمر بن أبي سلمة

فذكره مختصراً.

وأخرجه أحمد 3/348-349، عن يونس بن محمد، والبخاري (2063) في البيوع: باب التجارة في البحر، عن عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث، حَدَّثَنِي جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هرمز، عن أبي هريرة، رفعه.

وعلقه البخاري (1498) في الزكاة: باب ما يستخرج من البحر، و (2063)، و (2291) في الكفالة: باب الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها، و (2404) في الاستقراض: باب إذا أقرضه إلى أجل مسمى أو أجَّله في البيع، و (2430) في اللقطة: باب إذا وجد خشبة في البحر أو سوطاً أو نحوه، و (2734) في الشروط: باب الشروط في القروض، و (6261)، قال: وقال الليث:

فذكره بالإسناد المتقدم.

ص: 410

اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، أَمَّا الرَّاكِبُ، فَكَانَ كَافِرًا، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَيَقُولُونَ لَهَا: إِنَّهَا تَزْنِي، فَتَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ، وَيَقُولُونَ: تَسْرِقُ، وَتَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ» (1) . [3: 6]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ يُوجَدُ لَهُمْ أَحْوَالٌ تُؤَدِّي إِلَى الْمُعْجِزَاتِ

6489 -

أَخْبَرَنَا مُظْهِرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ثَابِتٍ، بِوَاسِطَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: جُرَيْجٌ، فَأَنْشَأَ صَوْمَعَةً، فَجَعَلَ يَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا فَأَتَتْهُ أُمُّهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَنَادَتْهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، ثُمَّ أَتَتْهُ يَوْمًا ثَانِيًا فَنَادَتْهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، ثُمَّ أَتَتْهُ يَوْمًا ثَالِثًا، فَقَالَ: صَلَاتِي وَأُمِّي، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ أَوْ يَنْظُرَ فِي وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ، قَالَ: فَتَذَاكَرَ بَنُو (2) إِسْرَائِيلَ يَوْمًا جُرَيْجًا، فَقَالَتْ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، ورقاء: هو ابن عمر اليشكري، شبابة: هو ابن سوار.

وأخرجه البخاري (3466) في الأنبياء: باب رقم (54) ، وأبو يعلى 290/2 من طريقين عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/395 عن هوذة، قال: حدثنا عوف، عن خلاس بن عمرو الهجوي، عن أبي هريرة بنحوه. وانظر الحديث الآتي.

(2)

تحرفت في الأصل إلى " بني "، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 323.

ص: 411

إِسْرَائِيلَ: إِنْ شِئْتُمْ أَنْ أَفْتِنَهُ فَتَنْتُهُ، قَالُوا: قَدْ شِئْنَا، قَالَ: فَانْطَلَقَتْ فَتَعَرَّضَتْ لِجُرَيْجٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَةِ جُرَيْجٍ بِغَنَمِهِ فَأَمْكَنَتْهُ نَفْسَهَا فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَضَرَبُوهُ، وَشَتَمُوهُ، وَهَدُّوا صَوْمَعَتَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، قَالَ: وَأَيْنَ الْغُلَامُ؟ قَالُوا: هُوَ ذَا.

قَالَ: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَضَرَبَهُ بِإِصْبَعِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا غُلَامُ، مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، قَالَ: فَوَثَبُوا يُقَبِّلُونَ رَأْسَهُ، قَالُوا لَهُ: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ ابْنُوهَا مِنْ طِينِ كَمَا كَانَتْ، قَالَ: وَبَيْنَمَا امْرَأَةٌ فِي حِجْرِهَا ابْنٌ تُرْضِعُهُ إِذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا الرَّاكِبِ، فَتَرَكَ الصَّبِيُّ ثَدْيَ أُمِّهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَ هَذَا الرَّاكِبِ، ثُمَّ مَرَّ بِامْرَأَةٍ تُرْجَمُ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَتَرَكَ الصَّبِيُّ أُمَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْأُمَّةِ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَ هَذِهِ الْأَمَةِ، فَقَالَتِ: الْمَرْأَةُ يَا بُنَيَّ مَرَّ رَاكِبٌ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا الرَّاكِبِ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ، لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَمَرَرْتُ بِهَذِهِ الْأَمَةِ تُرْجَمُ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ الْأَمَةِ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، قَالَ: يَا أُمَّاهْ إِنَّ الرَّاكِبَ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ

ص: 412

يَقُولُونَ: سَرَقَتْ وَلَمْ تَسْرِقْ، وَيَقُولُونَ: زَنَتْ وَلَمْ تَزْنِ، وَهِيَ تَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ» (1) . [3: 6]

(1) إسناده صحيح، إسحاق بن عبد الله، روى له ابن ماجه، ووثقه المصنف، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه مسلم (2550)(8) في البر والصلة: باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها، حدثنا زهير بن حرب، حدثنا يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/307-308 و 308، والبخاري (2482) في المظالم: باب إذا هدم حائطاً فليبن مثله، و (3436) في الأنبياء: باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهِا} من طريقين عن جرير بن حازم، به.

وأخرجه أحمد 2/433-434، ومسلم من طريقين عن سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، عن أبي رافع بنحوه.

وأخرجه أحمد 2/434 عن أبي سعيد مولى بني هاشم، قال: حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كان رجل في بني اسرائيل تاجراً، وكان ينقص مرة ويزيد أخرى، قال: ما في هذه التجارة خير، التمس تجارة هي خير من هذه، فبنى صومعة وترهب فيها، وكان يقال له: جريج" فذكر نحوه.

وعلقه البخاري (1206) في العمل في الصلاة: باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة، قال: قال الليث: حدثني جعفر، عن عبد الرحمن بن هرمز: قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره مختصراً.

ووصله أبو نعيم، وأبو بكر الإسماعيلي كما في "تغليق التعليق" 2/444 من طريقين عن الليث، به.

قال الحافظ في "الفتح" 6/483: في الحديث عِظَمُ بِرِّ الوالدين وإجابة دعائهما ولو كان الوالد معذوراً، لكن يختلف الحال في ذلك بحسب =

ص: 413

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَنْكَرَ وُجُودَ الْمُعْجِزَاتِ فِي الْأَوْلِيَاءِ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ

6490 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» (1) . [3: 9]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحْ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6491 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ،

= المقاصد، وفيه أن صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن، وفيه قوة يقين جريج المذكور وصحة رجائه، لأنه استنطق المولود مع كون العادة أنه لا ينطق، ولولا صحة رجائه بنطقه ما استنطقه، وفيه أن الأمرين إذا تعارضا بدئ بأهمهما، وأن الله يجعل لأوليائه عند ابتلائهم مخارج، وإنما يتأخر ذلك عن بعضهم في بعض الأوقات تهذيباً لهم وزيادة لهم في الثواب، وفيه إثبات كرامات الأولياء، ووقوع الكرامة لهم باختيارهم وطلبهم، وفيه أَنَّ المفزع في الأمور المهمة إلى الله يكون بالتوجه إليه في الصلاة.

(1)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير زياد بن أيوب، فمن رجال البخاري.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/293، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1002) و (1003) و (1004) من طريقين عن حميد، بهذا الإسناد.

ص: 414

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أُخْتَ الرَّبِيعِ أُمَّ (1) حَارِثَةَ، جَرَحَتْ إِنْسَانًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْقِصَاصَ الْقِصَاصَ» ، فَقَالَتْ أُمُّ الرَّبِيعِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَقْتَصُّ مِنْ فُلَانَةَ؟ لَا وَاللَّهِ لَا تَقْتَصُّ مِنْهَا، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِمْ حَتَّى رَضُوا بِالدِّيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» (2) . [3: 9]

(1) في الأصل و "التقاسيم" 3/لوحة 37: "الربيع بن حارثة"، وهو كذلك في الأصل

الذي نقل عنه المؤلف، وهو في "مسند أبي يعلى"، وهو خطأ، والتصحيح من

" صحيح مسلم " و" مسند أحمد "، والرُّبيع: هي بنت النضر بن ضمضم بن

زيد بن حرام الأنصارية أخت أنس بن النضر، وعمة أنس بن مالك خادم رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ أم حارثة بن سراقة الذي استشهد بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فاتت أمه الرُّبيع رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ يا رسول الله، أخبرني عن حارثة، فإن كان في الجنة صبرت، واحتسبت، وإن كان غير ذلك اجتهدت في البكاء، فقال:"إنها جنات وإنه أصاب الفردوس الأعلى"، وهو حديث صحيح تقدم برقم (958) .

(2)

إسناده صحيح، إبراهيم بن الحجاج ثقة روى له النسائي، ومن فوقه من رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم، وهو في "مسند أبي يعلى"(3396) .

وأخرجه أحمد 3/284، ومسلم (1675) في القسامة: باب إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها، والنسائي 8/26-27 في القسامة: باب القصاص في السن، وأبو يعلى (3519) ، والبيهقي 8/64 من طرق عن عفان، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 3/128 و 167، والبخاري (2806) في الجهاد: باب قول الله عز وجل: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} ، و (4500) في تفسير سورة البقرة: باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ =

ص: 415

‌ذِكْرُ ارْتِجَاجِ أُحُدٍ تَحْتَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6492 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ أُحُدًا ارْتَجَّ وَعَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اثْبُتْ أُحُدُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ» .

= الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} ، و (4611) في تفسير سورة المائدة: باب قوله {وَالْجُروح قصَاص} ، وأبو داود (4595) في الديات: باب القصاص من السن، وابن ماجة (2649) في الديات: باب القصاص في السن، والنسائي 8/27 و 27-28 في القسامة: باب القصاص من الثنية، والطبراني في "الكبير"، (768) و 24/ (664) والبغوي (2529) من طرق عن حميد، عن أنس أن الرُّبيع عمة أنس كسرت ثنية جارية، فطلبوا إليها العفو، فأبوا، فعرضوا الأرش، فأبوا، فَأَتَوْا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأبوا إلا القصاص، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: يا رسول الله، أتكسر ثنية الرُّبيع؟! لا والذي بعثك بالحق، لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أنس كتاب الله القصاص" فرضي القوم، فعفوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره".

قال الحافظ في "الإصابة" 4/294 في ترجمة الربيع بعد أن أورد الحديث من صحيح البخاري: وأمَّا ما وقع في " صحيح مسلم " من وجه آخر (قلت: وهو حديث الباب) عن أنس أن أخت الرَّبيع جَرَحَت إنساناً.. فذكره، وفيه: فقالت أم الربيع: يا رسول الله يقتص من فلانة؟ فتلك قصة أخرى إن كان الراوي حفظ، وإلاَّ فهو وهم من بعض رواته، ويستفاد إن كان محفوظاً أن لوالدة الرُّبيِّع صحبة.

ص: 416

قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ بِمِثْلِه (1) . [3: 3]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ إِذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ غَيْرُ جَائِزٍ مِنْهَا النُّطْقُ

6493 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَعْيُنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَدَعَا بِالطَّعَامِ، وَكَانَ الطَّعَامُ يُسَبِّحُ» (2) . [5: 33]

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري. رجاله رجال الصحيح غير علي ابن المديني، فمن رجال البخاري. أبو حازم: هو سلمان الأشجعي، وهو في " مصنف عبد الرزاق "(20401) .

وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/78، قال: وقال لنا أحمد (يعني ابن حنبل) وعلي (يعني ابن المديني) : حدثنا عبد الرزاق بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد في "المسند" 5/331، وفي "فضائل الصحابة"(247) ، وأبو يعلى 351/1، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/351، والبغوي (3902) من طريق عبد الرزاق، به.

وذكره الحافظ في " الفتح " 7/38 من رواية أبي يعلى وصححه. وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/55، وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.

(3)

إسناده قوي، أبو بكر الأعين: واسمه محمد بن أبي عتاب، روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال أحمد: مات ولا يعرف إلاَّ الحديث، ولم يكن صاحب كلام، وإني لأغبطه. وقول ابن معين فيه: لَيس هو من =

ص: 417

‌ذِكْرُ شَهَادَةِ الذِّئْبِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صِدْقِ رِسَالَتِهِ

6494 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا رَاعٍ (2) يَرْعَى بِالْحَرَّةِ إِذْ عَرَضَ ذِئْبٌ لِشَاةٍ مِنْ شَائِهِ، فَجَاءَ الرَّاعِي يَسْعَى فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ، فَقَالَ

= أصحاب الحديث، فسَّره الخطيب، فقال: يعني لم يكن بالحافظ للطرق والعلل، وأما الصدق والضبط، فلم يكن مدفوعاً عنه.

قلت: ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس بن عبد الله النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.

وأخرجه الدارمي 1/14-15 عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد، لكن أسقط منه الأسود متابع علقمة.

وأخرجه أحمد 1/460 عن الوليد بن القاسم بن الوليد.

وأخرجه البخاري (3579) في مناقب الأنصار: باب علامات النبوة بعد الإسلام، والترمذي (3633) في المناقب: باب رقم (6) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/129، والبغوي (3713) من طريقين عن أبي أحمد الزبيري، كلاهما عن إسرائيل، به.

(1)

عند غير المؤلف: حدثنا القاسم بن الفضل الحداني عن أبي نضرة، بإسقاط "الجريري"، والقاسم بن الفضل لا يُنكر سماعه من أبي نضرة، وقد صرح بالتحديث عند الحاكم والبيهقي، فإذا صح ما في الأصل و "التقاسيم"، فيكون سند المؤلف من المزيد في متصل الأسانيد.

(2)

في الأصل: "راعي"، والمثبت من "التقاسيم" 3/لوحة 62.

ص: 418

لِلرَّاعِي: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ، تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ رِزْقٍ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ؟ قَالَ الرَّاعِي: الْعَجَبُ لِلذِّئْبِ - وَالذِّئْبُ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ - يُكَلِّمُنِي بِكَلَامِ الْإِنْسِ، قَالَ الذِّئْبُ لِلرَّاعِي: أَلَا أُحَدِّثُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ، يُحَدِّثُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ، فَسَاقَ الرَّاعِي شَاءَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَزَوَاهَا فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ مَا قَالَ الذِّئْبُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ لِلرَّاعِي:«قُمْ فَأَخْبِرْ» ، فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا قَالَ الذِّئْبُ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ الرَّاعِي، أَلَا مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَلَامُ السِّبَاعِ الْإِنْسَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَيُكَلِّمَ الرَّجُلُ نَعْلَهُ، وَعَذَبَةَ سَوْطِهِ، وَيُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِحَدِيثِ أَهْلِهِ بَعْدَهُ» (1) . [3: 16]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. الجريري: هو سعيد بن إياس، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة.

وأخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(270) من طريق هشام بن علي السيرافي، قال: حدثنا هدبة بن خالد، بهذا الإسناد، ولم يذكر الجريري.

وأخرجه أحمد 3/83-84، والبزار (2431) ، والحاكم 4/467 -468، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/41-42 و 42 من طرق عن القاسم بن الفضل، به. ولم يُذكر الجريري عندهم أيضاً، وصححه الحاكم والبيهقي.

وأخرجه الترمذي (2181) في الفتن: باب ما جاء في كلام السباع، والحاكم 4/467 من طريقين عن وكيع، عن القاسم بن الفضل، به، مختصراً =

ص: 419

‌ذِكْرُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لِنَفْيِ الرِّيَبِ عَنْ خَلَدِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ

6495 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا

= دون قصة الذئب، وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث القاسم بن الفضل، والقاسم بن الفضل ثقة مأمون عند أهل الحديث، وثقه يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي.

وقال البزار: لا نعلم رواه هكذا إلا القاسم، وهو بصري مشهور، وقد رواه عن أبي سعيد شهر بن حوشب، وزاد فيه عن أبي نضرة.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 8/291 ونسبه لأحمد والبزار، وقال: ورجال أحد إسنادي أحمد رجال الصحيح.

وساقه الحافظ ابن كثير في "الشمائل" ص 273-274 من "مسند أحمد" وقال: وهذا إسناد على شرط الصحيح. وأما قول الشيخ ناصر في "صحيحته"(122) بعد أن ساق الحديث أيضاً من "مسند أحمد": وهذا السند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير القاسم هذا، وهو ثقة اتفاقاً، وأخرج له مسلم في المقدمة، فوهم منه، فإن السند صحيح على شرط مسلم، والقاسم بن الفضل احتج به مسلم في ثلاثة مواطن من "صحيحه"، انظر الحديث (1064)(150) في الزكاة، والحديث (1595)(37) في الأشربة، والحديث (2884) في الفتن.

قلت: هذه الرواية أخرجها أحمد 3/88-89، والبيهقي في "الدلائل" 6/42-43 و 43 من طرق عن شهر بن حوشب، عن أبي سعيد.

وأوردها الحافظ ابن كثير في "الشمائل" ص 274-275 من طريق أحمد وقال: هذا على شرط أهل السنن ولم يخرجوه.

وأخرجه أحمد 2/306، وأبو نعيم في " دلائل النبوة "(271) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الأشعث بن عبد، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة

ص: 420

أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ، وَكُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى، حَتَّى ذَهَبَتْ فِلْقَةٌ خَلْفَ الْجَبَلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اشْهَدُوا» . [5: 33]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ

6496 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، بِحَرَّانَ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير مسدد بن مسرهد، فمن رجال البخاري. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وأبو معمر: هو عبد الله بن سخبرة، وعبد الله: هو ابن مسعود رضي الله عنه.

وأخرجه مسلم (2800)(44) في صفات المنافقين: باب انشقاق القمر، من طرق عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/447، والبخاري (3869) و (3871) في مناقب الأنصار: باب انشقاق القمر، و (4864) في تفسير سورة {اقتربت الساعة} ، ومسلم، والترمذي (3285) في التفسير: باب ومن سورة القمر، والطبري في "جامع البيان" 27/85، والطبراني في "الكبير"(9996) ، والبيهقي في "الدلائل" 2/265 و 265-266 من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه أحمد 1/377، والبخاري (3636) في المناقب: باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر، و (4865) ، ومسلم، والترمذي (3287) ، وأبو يعلى (4968) ، والبيهقي 2/264 من طرق عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، به.

ص: 421

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِرْقَتَيْنِ» (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6497 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَبُو يَعْلَى، بِالْأُبُلَّةِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ» (2) . [3: 16]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم، وسليمان: هو الأعمش.

وأخرجه مسلم (2801) في صفة المنافقين: باب انشقاق القمر، عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (1891) ، ومسلم (2801)، والترمذي (3288) في التفسير: باب ومن سورة القمر، والطبراني في " الكبير "(13473) من طرق عن شعبة، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابْنُ فُضَيْلٍ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غزوان، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي.

وأخرجه الطبري في " جامع البيان " 27/86، وابن أبي حاتم في =

ص: 422

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ مَصَارِعِ مَنْ قُتِلَ بِبَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ

6498 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَرَدَ بَدْرًا أَوْمَأَ فِيهَا إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ:«هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ» ، فَوَاللَّهِ مَا أَمَاطَ وَاحِدٌ (1) مِنْهُمْ عَنْ مَصْرَعِهِ، وَتَرَكَ قَتْلَى بَدْرٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَامَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، يَا أُمَيَّةُ بْنَ خَلَفٍ،

= "التفسير" كما في " النكت الظراف " 2/415 من طريقين عن ابن فضيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1561) عن العباس بن حمدان الحنفي، حدثنا علي بن المنذر الطريفي، حدثنا محمد بن فضيل، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ محمد بن جبير، عن أبيه

وأخرجه الطبري 27/86 عن ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن خارجة، عن الحصين بن عبد الرحمن، به، بإسقاط سالم بن أبي الجعد.

وأخرجه أحمد 4/81-82، والترمذي (3289) في التفسير: باب ومن سورة القمر، والطبراني (1559) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/268 من طريق محمد بن كثير، عن سليمان بن كثير، عن حصين، به.

وقال الترمذي: وقد روى بعضهم هذا الحديث عن حصين، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده جبير بن مطعم نحوه.

قلت: هذه الرواية أخرجها الطبراني (1560) ، والبيهقي 2/265 من طرق عن محمد بن جبير بن مطعم، به.

(1)

في الأصل، و " التقاسيم " 3/لوحة 61: واحداً، وهو خطأ، معنى أماط: تباعد وتنحى.

ص: 423

يَا عُتْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ، يَا شَيْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ، أَلَيْسَ قَدْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَ رَبِّي حَقًّا» قَالَ: فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَسْمَعُونَ قَوْلَكَ أَوْ يُجِيبُونَ وَقَدْ جَيَّفُوا؟ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا» ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ، فَسُحِبُوا، فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ (1) . [3: 16]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ كِتْبَةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ بِالْكِتَابِ إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ بِخُرُوجِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ

6499 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْنَاهُ مِنْ عَمْرٍو، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي (2) رَافِعٍ، وَهُوَ كَاتَبُ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَالْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ:«انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا» ، فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا، حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا لَهَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا: آللَّهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه"(2874) في الجنة وصفة نعيمها وأهلها: باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، عن هدبة بن خالد، بهذا الإسناد.

وانظر الحديث المتقدم برقم (4722) ، والحديث الآتي برقم (6525) .

(2)

لفظ " أبي " سقط من الأصل واستدرك من " التقاسيم " 3/لوحة 63.

ص: 424

أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ، يَحْمُونَ قَرَابَتَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي قَرَابَةٌ أَحْمِي بِهَا أَهْلِي، فَأَحْبَبْتُ إِنْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي وَأَهْلِي، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا فَعَلْتُ ذَلِكَ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ هَذَا قَدْ صَدَقَكُمْ» ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» ، وَأَنْزَلَ فِيهِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الْآيَةَ [الممتحنة: 1](1) . [3: 16]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء، فهو من رجال مسلم. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار، والحسن بن محمد: هو ابن علي بن أبي طالب.

وأخرجه الحميدي (49) ، وأحمد 1/79، والبخاري (3007) في الجهاد: باب الجاسوس، و (4274) في المغازي: باب غزوة الفتح وما بعث به حاطب إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي صلى الله عليه وسلم، و (4890) في التفسير: باب: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} ، ومسلم (2494) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أهل بدر، وأبو داود (2650) في الجهاد: =

ص: 425

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ الرِّيحِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي هَبَّتْ لِمَوْتِ بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ

6500 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُمْ غَزَوْا غَزْوَةً بَيْنَ مَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ، فَهَاجَتْ عَلَيْهِمْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، حَتَّى وَقَعَتِ الرِّحَالُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَذَا لِمَوْتِ مُنَافِقٍ» ، قَالَ: فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَجَدْنَا مُنَافِقًا عَظِيمَ النِّفَاقِ مَاتَ يَوْمَئِذٍ (1) . [3: 16]

= باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلماً، والترمذي (3305) في التفسير: باب ومن سورة الممتحنة، والطبري في "جامع البيان" 28/58، وأبو يعلى (394) و (398) ، والبيهقي في "السنن" 9/146، وفي "دلائل النبوة" 5/17، والواحدي في "أسباب النزول" ص 283، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/328، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/432 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وانظر الحديث الآتي برقم (7119) .

وروضة خاخ: موضع قرب حمراء الأسد من المدينة.

وقوله: "تعادى بنا خيلنا": أي تتسابق، وحاطب بن أبي بلتعة: هو من بني راشدة من لخم، وكان حليفاً للزبير بن العوام من بني أسد بن عبد العزى، ولذلك قال:"إني كنت امرءاً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ".

(1)

حديث صحيح إسناده قوي، وانظر التعليق على الحديث المتقدم برقم

(6187)

، وأخرجه أحمد 3/135، ومسلم (2782) في أول كتاب صفات

المنافقين، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/61 من طريق الأعمش، عن =

ص: 426

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ هُبُوبِ رِيحٍ شَدِيدَةٍ قَبْلَ أَنْ تَهُبَّ

6501 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى تَبُوكَ حَتَّى أَتَى وَادِيَ الْقُرَى، فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اخْرُصُوا» ، فَخَرَصَ الْقَوْمُ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ:«أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكِ» ، فَسَارَ حَتَّى أَتَى تَبُوكَ، فَقَالَ:«إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُومَنَّ فِيهَا (1) أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيُوثِقْ عِقَالَهُ» فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَمْ يَقُمْ فِيهَا إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ فَأَلْقَتْهُ فِي جَبَلِ طَيِّئٍ، قَالَ: فَأَتَاهُ مَلِكُ أَيْلَةَ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رِدَاءَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى وَادِيَ الْقُرَى، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ:«كَمْ جَاءَتْ حَدِيقَتُكِ؟» ، قَالَتْ: عَشَرَةُ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي مُسْتَعْجِلٌ، مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي

= أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر.

وأخرجه أحمد 3/341 عن حسن (هو ابن موسى الأشيب) ، و 3/346 عن موسى بن طارق الزبيدي، كلاهما عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، أن جابراً أخبره

وذكر الحديث.

(1)

في الأصل و " التقاسيم " 3/لوحة 64: " فيه "، والمثبت من موارد الحديث.

ص: 427

فَلْيَفْعَلْ» ، فَسَارَ حَتَّى إِذَا أَوْفَى عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ:«هَذِهِ طَيْبَةُ أَوْ طَابَةُ» ، فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ: هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ «، ثُمَّ قَالَ:» أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ؟ «، قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:» خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ، بَنُو النَّجَّارِ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالَّذِينَ يَلُونَهُمْ؟ «، قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:» بَنُو سَاعِدَةَ، وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ» (1) .

(1) إسناده صحيح. محمد بن منصور الطوسي وأحمد بن إسحاق روى لهما أصحاب السنن، وهما ثقتان ومن فوقهما على شرط الشيخين. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/539-540، وأحمد 5/424-425، ومسلم ص 1786 (12) في "الفضائل: باب معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وابن خزيمة (2314) عن عفان.

وأخرجه البخاري (1481) في الزكاة: باب خرص التمر، و (3161) في الجزية: باب إذا وادع الِإمام ملك القرية هل يكون لبقيتهم، وأبو داود (3079) في الخراج والِإمارة: باب في إقطاع الأرضين، والبيهقي في "الدلائل" 5/239 عن سهل بن بكار.

وأخرجه مسلم (1392) ص 1786 عن المغيرة بن سلمة المخزومي، ثلاثتهم عن وهيب بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (1872) في فضائل المدينة: باب المدينة طابة، و (3791) في مناقب الأنصار: باب فضل دور الأنصار، و (4422) في المغازي: باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، ومسلم (1392) في الحج: باب "أحد جبل يحبنا ونحبه"، وص 1768، والبيهقي في " السنن " 4/122، و "دلائل النبوة" 5/238 من طرق عن عمرو بن يحيى، به.

والخرص، بفتح الخاء وحكي كسرها، وبسكون الراء: وهو حزر ما على النخل من الرطب تمراً، حكى الترمذي عن بعض أهل العلم في

ص: 428

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تفسيره أن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب مما تجب فيه الزكاة بعث السلطان خارصاً ينظر فيقول: يخرج من هذا كذا وكذا زبيباً، وكذا وكذا تمراً فيحصيه، وينظر مبلغ العشر فيثبته عليهم، ويخلي بينهم وبين الثمار، وفائدة الخرص: التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها، والبيع من زهوها، وإيثار الأهل والجيران والفقراء، لأن في منعهم منها تضييقاً لا يخفى. وقوله:"في جل طيء"، وفي رواية:"في جبلي طيء"، والمراد بهما المكان الذي كانت القبيلة المذكورة تنزله، واسم الجبلين أجأ وسلمى.

وقوله: "عشرة" بالنصب على نزع الخافض أو على الحال، وقوله:"خرص" بالنصب أيضاً إما بدلاً، وإما عطف بيان، ويجوز الرفع فيهما، وتقديره: والحاصل عشرة أوسق، وهو خرص رسول الله.

قال الحافظ في "الفتح" 3/406: وفي هذا الحديث مشروعية الخرص وقد تقدم ذكر الخلاف فيه أول الباب، واختلف القائلون به هل هو واجب أو مستحب، فحكى الصميري من الشافعية وجهاً بوجوبه، وقال الجمهور: هو مستحب إلا إن تعلق به حق لمحجور مثلاً أو كان شركاؤه غير مؤتمنين فيجب لحفظ مال الغير، واختلف أيضاً هل يختص بالنخل أو يلحق به العنب أو يعم كل ما ينتفع به رطباً وجافاً؟ وبالأول قال شريح القاضي وبعض أهل الظاهر، والثاني قول الجمهور، وإلى الثالث نحا البخاري. وهل يمضي قول الخارص أو يرجع إلى ما آل إليه الحال بعد الجفاف؟ الأول قول مالك وطائفة، والثاني قول الشافعي ومن تبعه. وهل يكفي خارص واحد عارف ثقة أو لا بد من اثنين؟ وهما قولان للشافعي والجمهور على الأول.

واختلف أيضاً هل هو اعتبار أو تضمين؟ وهما قولان للشافعي أظهرهما الثاني، وفائدته جواز التصرف في جميع الثمرة، ولو أتلف المالك الثمرة بعد الخرص أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص. وفيه أشياء من أعلام النبوة كالإِخبار عن الريح وما ذكر في تلك القصة، وفيه تدريب الأتباع وتعليمهم، وأخذ الحذر مما يتوقع الخوف منه وفضل المدينة والأنصار، ومشروعية المفاضلة بين الفضلاء بالِإجمال والتعيين، ومشروعية الهدية والمكافأة عليها.

ص: 429

‌ذِكْرُ مَا حَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا بَيْنَ صَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ فِيمَا قَصَدُوهُ بِهِ

6502 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ، فَتَعَاقَدُوا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةِ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى وَنَائِلَةَ، وَإِسَافٍ: لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدًا لَقُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ، فَأَقْبَلَتِ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ تَبْكِي حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِكَ قَدْ تَعَاقَدُوا عَلَيْكَ لَوْ قَدْ رَأَوْكَ قَامُوا إِلَيْكَ، فَقَتَلُوكَ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ، قَالَ:«يَا بُنَيَّةُ إِيتِينِي بِوَضُوءٍ» ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَا هُوَ ذَا، هَا هُوَ ذَا، فَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ، وَسَقَطَتْ أَذْقَانُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ، فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ بَصَرًا، وَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ، وَقَالَ:«شَاهَتِ الْوُجُوهُ» ، ثُمَّ حَصَبَهُمْ، فَمَا أَصَابَ رَجُلًا مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَصَى حَصَاةٌ إِلَّا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ (1) 0 [5: 33]

(1) حديث صحيح، رجاله رجال الشيخين غير مسلم بن خالد -وهو الزنجي- روى له أبو داود وابن ماجة، وهو وإن كان سيء الحفظ قد توبع.

ابن خثيم: هو عبد الله بن عثمان.

وأخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(139) من طريق محمد بن =

ص: 430

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَدْفَعُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَنْ صَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَكِيدَةَ الْمُشْرِكِينَ إِيَّاهُ مِنَ الشَّتْمِ وَاللَّعْنِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا

6503 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عِبَادَ اللَّهِ انْظُرُوا كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَهُمْ وَلَعَنَهُمْ» ، يَعْنِي قُرَيْشًا، قَالُوا: كَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم (1) » . [5: 45]

= عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بن حماد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/303 و 368، والحاكم 3/157 وصححه، والبيهقي في "الدلائل" 6/240 من طرق عن ابن خثيم، به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 8/228، وقال: رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح.

قلت: بل رجال الإسنادين رجال الصحيح.

(1)

حديث صحيح، إسناده على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير ابن أبي ذباب، واسمه الحارث بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سعد فمن رجال مسلم، قال أبو زرعة: ليس به بأس، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال الذهبي في " الميزان ": ثقة، وقال أبو حاتم: يروي عن الدراوردي أحاديث منكرة ليس بالقوي، وفي "التقريب": صدوق يهم. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.

وأخرجه الحميدي (1136) ، وأحمد 2/244، والبخاري (3533) في المناقب: باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو نعيم (142) ، والبيهقي =

ص: 431

‌ذِكْرُ ظُهُورِ اللَّبَنِ مِنَ الضَّرْعِ الْحَائِلِ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6504 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنْتُ يَافِعًا فِي غَنَمٍ لِعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ أَرْعَاهَا، فَأَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ:«يَا غُلَامُ هَلْ مَعَكَ مِنْ لَبَنٍ؟» ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ، قَالَ:«ائْتِنِي بِشَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ» ، فَأَتَيْتُهُ بِعَنَاقٍ، فَاعْتَقَلَهَا (1) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ الضَّرْعَ، وَيَدْعُو حَتَّى أَنْزَلَتْ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَاحْتَلَبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ:«اشْرَبْ» ، فَشَرِبَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، ثُمَّ شَرِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ، ثُمَّ قَال

= 1/52 في "دلائل النبوة" من طريق سفيان بن عيينة، وأخرجه أحمد 2/369 عن ورقاء، والنسائي 6/159 في الطلاق: باب الابانة والافصاح بالكلمة الملفوظ بها إذا قصد بها لما لا يحتمل معناها لم توجب شيئاً، ولم تثبت حكماً، عن شعيب، ثلاثتهم عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة.

وأخرجه أحمد 2/340 عن يونس، عن الليث، عن ابن عجلان، عن أبي هريرة.

وقوله "يشتمون مذمماً" قال الحافظ في " الفتح " 6/645: كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم في النبي صلى الله عليه وسلم يسمونه باسمه الدال على المدح، فيعدلون إلى ضده، فيقولون: مذمم، وإذا ذكروه بسوء، قالوا: فعل الله بمذمم، ومذمم ليس هو اسمه، ولا يعرف به، فكان الذي يقع منهم في ذلك مصروفاً إلى غيره.

(1)

تحرفت في الأصل إلى: "فاعتزلها"، والتصويب من موارد الحديث.

ص: 432

لِلضَّرْعِ: «اقْلِصْ» ، فَقَلَصَ، فَعَادَ كَمَا كَانَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَوْ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ، فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّكَ غُلَامٌ مُعَلَّمٌ» قَالَ: فَلَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيهِ سَبْعِينَ سُورَةً، مَا نَازَعَنِي فِيهَا بَشَرٌ (1) . [5: 33]

(1) إسناده حسن، المعلى بن مهدي: هو ابن رستم الموصلي، ذكره المصنف في " الثقات " 9/182-183، وقال: يروي عن حماد بن زيد وجعفر بن سليمان الضبعي، حدثنا عنه إبراهيم بن عبد العزيز العمري بالموصل وغيره، وذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8/335، وقال: روى عن أبي عوانة وجعفر بن سليمان، روى عنه علي بن الحسين بن الجنيد وعلي بن حرب، وسألت أبي عنه، فقال: شيخ موصلى أدركته ولم أسمع منه، يحدث أحياناً بالحديث المنكر.

قلت: ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عاصم ابن بهدلة، وهو حسن الحديث. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري، وزر: هو ابن حبيش.

والحديث عند أبي يعلى في " مسنده "(4985) .

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8456) عن خلف بن عمرو العكبري، حدثنا المعلى بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/84 من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن أبي عوانة، به.

وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن أبي شيبة 11/510، وأحمد 1/379 و 453 و 457 و 462، والطيالسي (353) ، والطبراني في " الكبير "(8455) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/125، وفي "دلائل النبوة"(233) من طريق حماد بن سلمة، وأخرجه الطبراني في "الصغير"(513) من طريق سلام أبي المنذر، وفي " الكبير "(8457) من طريق أبي أيوب الإِفريقي، ثلاثتهم عن عاصم ابن بهدلة، به.

ص: 433

‌ذِكْرُ شَهَادَةِ الشَّجَرِ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِالرِّسَالَةِ

6505 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَيْنَ تُرِيدُ؟» ، قَالَ: إِلَى أَهْلِي، قَالَ:«هَلْ لَكَ إِلَى خَيْرٍ؟» ، قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: «تَشَهَّدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» ، قَالَ: هَلْ مِنْ شَاهِدٍ عَلَى مَا تَقُولُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «هَذِهِ السَّمُرَةُ» ، فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ بِشَاطِئِ الْوَادِي، فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ الْأَرْضَ خَدًّا حَتَّى كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاسْتَشْهَدَهَا ثَلَاثًا، فَشَهِدَتْ أَنَّهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا، وَرَجَعَ الْأَعْرَابِيُّ إِلَى قَوْمِهِ، وَقَالَ: إِنْ يَتَّبِعُونِي أَتَيْتُكَ بِهِمْ، وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَيْكَ فَكُنْتُ مَعَكَ (1) . [5: 33]

(1) رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عبد الله بن عمر الجعفي، فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث. ابْنُ فُضَيْلٍ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غزوان، وأبو حيان: هو يحيى بن سعيد التيمي.

وقد أعله أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في " العلل " 1/293 بأن أبا حيان لم يسمع من عطاء ولم يرو عنه، وليس هذا الحديث من حديث عطاء.

وأخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " 6/14-15 عن أبي عبد الله الحاكم، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الوراق، أخبرنا الحسن بن سفيان، بهذا الإسناد.

وأورده الحافظ ابن كثير في "الشمائل" ص 238 من طريق الحاكم، وقال: هذا إسناد جيد ولم يخرجوه، ولا رواه الِإمام أحمد، والله أعلم. =

ص: 434

‌ذِكْرُ حَنِينِ الْجِذْعِ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَارَقَهُ

6506 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ،

= وأخرجه الدارمي 1/9-10 عن محمد بن طريف، حدثنا محمد بن فضيل، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(13582) عن أبي الفضل بن أبي روح البصري، والبزار (2411) عن علي بن المنذر، كلاهما عن عبد الله بن عمر الجعفي، به.

وقال البزار: لا نعلم رواه عن ابن عمر بهذا اللفظ وهذا الإسناد، إلاَّ محمد بن فضيل، ولا نعلم أسند أبوحيان عن عطاء إلاَّ هذا الحديث.

وأخرجه أبو يعلى (5662) عن أبي هشام الرفاعي، عن محمد بن فضيل، به.

وأورده الهيثمي في " المجمع " 8/292، وقال: رواه الطبراني رجاله رجال الصحيح، ورواه أبو يعلى أيضاً والبزار.

قلت: وفي الباب عن ابن عباس، وسيرد عند المصنف برقم (6523) وعن أنس عند أحمد 3/113: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عنِ أنس بن مالك قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو جالس حزيناً قد خضب بالدماء، ضربه بعض أهل مكة، قال: فقال له: مالك؟ قال: فقال له: "فعل بي هؤلاء وفعلوا"، قال: فقال له جبريل عليه السلام: "أتحب أن أريك آية؟ قال: " نعم "، قال: فنظر إلى شجرة من وراء الوادي فقال: ادع بتلك الشجرة، فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، فقال: مرها فلترجع، فأمرها، فرجعت إلى مكانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم =

ص: 435

عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ، فَيَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأَنَّهُ لَمَّا صَنَعَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الْجِذْعُ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَسَحَهُ» (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِذْعَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إِنَّمَا سَكَنَ عَنْ حَنِينَهُ بِاحْتِضَانِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ

6507 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى جَنْبِ خَشَبَةٍ يُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ، قَالَ:«ابْنُوا لِي مِنْبَرًا» ، فَبَنَوْا لَهُ مِنْبَرًا عَتَبَتَانِ، فَلَمَّا قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ

= " حسبي ".

وهذا إسناد على شرط مسلم، وأخرجه ابن ماجه (4028) في الفتن: باب الصبر على البلاء، عن محمد بن طريف، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وعن جابر، وسيأتي عند المصنف برقم (6524) .

(1)

إسناده صحيح. أبو عبيدة الحداد: اسمه عبد الواحد بن واصل.

وأخرجه الدارمي 1/15، والترمذي (505) في الصلاة: باب ما جاء في الخطبة على المنبر، والبيهقي في " السنن " 3/196، وفي " الدلائل " 2/556 و 557 و 557-558 من طريق عثمان بن عمر، عن معاذ بن العلاء، بهذا الإسناد. وعلقه البخاري بإثر حديث (3583) في المناقب: باب علامات النبوة في الِإسلام، فقال: وقال عبد الحميد: أخبرنا عثمان بن عمر

وأخرجه البخاري (3583) من طريق أبي حفص عمرو بن العلاء قال: سمعت نافعاً

ص: 436

لِيَخْطُبَ حَنَّتِ الْخَشَبَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَنَسٌ:«وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ فَسَمِعْتُ الْخَشَبَةَ حَنَّتْ حَنِينَ الْوَلَدِ، فَمَا زَالَتْ تَحِنُّ حَتَّى نَزَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاحْتَضَنَهَا، فَسَكَنَتْ» ، قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى، ثُمَّ قَالَ:«يَا عِبَادَ اللَّهِ الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَوْقًا إِلَيْهِ لِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ» (1) . [5: 33]

(1) حديث صحيح، رجاله ثقات، لكن فيه عنعنة الحسن. وهو في "مسند أبي يعلى"(2756) .

وأخرجه أحمد 3/226، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(3341) ، وابن خزيمة (1776) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/559 من طرق عن مبارك بن فضالة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 1/19، والرمذي (3631) في المناقب: باب حنين الجذع له صلى الله عليه وسلم، وابن خزيمة من طرق عن عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أبي طلحة، عن أنس بنحوه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

قلت: وهذا إسناد رجاله رجال الشيخين غير عكرمة بن عمار، فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث.

وأخرجه الدارمي 1/367، وابن ماجه (1415) في الإقامة: باب ما جاء في بدء شأن المنبر، وأبو يعلى (3384) ، والبزار كما في "الشمائل" ص 240 لابن كثير من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس.

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

ص: 437

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ أَنَسٌ

6508 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ إِلَى جَنْبِ شَجَرَةٍ أَوْ جِذْعٍ أَوْ خَشَبَةٍ أَوْ شَيْءٍ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ يَخْطُبُ، ثُمَّ اتَّخَذَ مِنْبَرًا، فَكَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ فَحَنَّتْ تِلْكَ الَّتِي كَانَ يَقُومُ عِنْدَهَا حَنِينًا سَمِعَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِمَّا قَالَ: مَسَحَهَا، وَإِمَّا قَالَ: فَأَمْسَكْهَا، فَسَكَنَتْ» (1) . [5: 33]

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، أحمد بن المقدم العجلي روى له البخاري، ومن فوقه على شرط الشيخين. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعة.

وأخرجه أحمد 3/306، وابن ماجه (1417) في الإِقامة: باب ما جاء في بدء شأن المنبر، عن محمد بن أبي عدي، عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشافعي 1/142-143، وعبد الرزاق (5254) ، وابن أبي شيبة 11/485-486، وأحمد 293/3 و 295 و 300 و 324، والدارمي 1/16-17 و 17 و 366، والبخاري (918) في الجمعة: باب الخطبة على المنبر، و (3584) و (3585) في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، والنسائي 3/102 في الجمعة: باب مقام الإمام في الخطبة، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(353) ، والبيهقي في "السنن" 3/195، وفي "الدلائل" 2/556 و 560 و 561 و 562 و 563، والبغوي (3724) من طرق عن جابر بنحوه.

ص: 438

‌ذِكْرُ بُرْءِ رِجْلِ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْمَقْطُوعَةِ عِنْدَ تَفْلِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِيهَا

6509 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الرَّيَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَفَلَ فِي رِجْلِ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ حِينَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ، فَبَرَأَ» (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ بُرْءِ رِجْلِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مِنَ الضَّرْبَةِ الَّتِي أَصَابَتْهَا حِينَ تَفَلَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِيهَا

6510 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِي يَوْمَ

(1) إسناده حسن، علي بن الحسين بن واقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن، وهو صدوق، وباقي رجاله رجال الشيخين غير الحسين بن واقد، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" فيما نقله عنه الحافظ في "الإصابة" 3/18 من طريق الحسن بن سفيان، عن أبي عمار الحسين بن حريث، بهذا الإسناد.

وأخرجه الروياني في "مسنده"، والضياء في "المختارة" كما في "الإصابة" من طريق محمد بن حميد الرازي، عن زيد بن الحباب، عن الحسين بن واقد، به.

وعمرو بن معاذ: قيل: هو ابن الجموح، وقيل: هو أخو سعد بن معاذ، استشهد يوم أحد، قتله زيد بن الخطاب خطأ.

ص: 439

حُنَيْنٍ، قَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، أُصِيبَ سَلَمَةُ، قَالَ:«فَأُتِيَ بِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَفَثَ فِيهَا ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ» (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ مَا سَتَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَيْنِ مَنْ قَصَدَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِأَذًى

6511 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] جَاءَتِ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا امْرَأَةٌ بَذِيئَةٌ، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَكَ، فَلَوْ قُمْتَ، قَالَ:«إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي» ، فَجَاءَتْ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرِ إِنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي، قَالَ: لَا، وَمَا يَقُولُ الشِّعْرَ، قَالَتْ: أَنْتَ عِنْدِي مُصَدَّقٌ، وَانْصَرَفَتْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ تَرَكَ، قَالَ:«لَا، لَمْ يَزَلْ مَلَكٌ يَسْتُرُنِي عَنْهَا بِجَنَاحِهِ» (2) . [5: 33]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البخاري (4206) في المغازي: باب غزوة خيبر، وأبو داود (3894) في الطب: باب كيف الرقى؟ والبيهقي في " الدلائل " 4/251 من طريق مكي بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح بشواهده. محمد بن منصور الطوسي: ثقة روى له أبو داود والنسائي، ومن فوقه من رجال الشيخين غير عطاء بن السائب، فقد روى له البخاري مقروناً وأصحاب السنن، وقد حدث عنه عبد السلام بن حرب بعد =

ص: 440

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الاختلاط. وهو في "مسند أبي يعلى"(25) و (2358) .

وأخرجه أبو نعيم في "الدلائل"(141) حدثنا إسحاق بن أحمد، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، قال: حدثنا محمد بن منصور الطوسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (2294) و (2295) من طريقين عن أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري، به.

وقال البزار: وهذا أحسن الإسناد، ويدخل في مسند أبي بكر.

وأورده الهيثمي في " المجمع " 7/144، ونسبه لأبي يعلى والبزار، وقال: وقال البزار: إنه حسن الإسناد. قلت (القائل الهيثمي) : فيه عطاء بن السائب وقد اختلط.

وأورده الحافظ ابن كثير في "التفسير" 4/604 من رواية البزار، ثم نقل عنه قوله: لا نعلمه يروى بأحسن من هذا الإِسناد عن أبي بكر رضي الله عنه، وحسنه الحافظ في " الفتح " 8/738!

وللحديث شاهد من حديث أسماء بنت أبي بكر أخرجه الحميدي (323) : حدثنا سفيان، قال: حدثنا الوليد بن كثير، عن ابن تدرس، عن أسماء بنت أبي بكر بنحو حديث الباب.

ومن طريق الحميدي أخرجه ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " 4/603-604، والحاكم 2/361 وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في "الدلائل" 2/195، وابن تدرس لم أقف له على ترجمة.

وأخرجه أبو يعلى فيما نقله عنه ابن كثير 3/46-47 عن أبي موسى الهروي إسحاق بن إبراهيم، عن الوليد بن كثير فقال: عن يزيد بن تدرس.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 2/196 من طريقين عن علي بن مسهر، عن سعيد بن كثير، عن أبيه، حدثتني أسماء.. فذكره بنحوه.

وفي الباب أيضاً عن زيد بن أرقم عند الحاكم 2/526.

وانظر " الدر المنثور " 5/295 و 296.

ص: 441

‌ذِكْرُ مَا اسْتَجَابَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِصَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا دَعَا عَلَى بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ

6512 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: بُسْرُ بْنُ رَاعِي الْعِيرِ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، فَقَالَ:«كُلْ بِيَمِينِكَ» قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ:«لَا اسْتَطَعْتَ» قَالَ: فَمَا نَالَتْ (1) يَدُهُ إِلَى فِيهِ بَعْدُ (2) . [5: 33]

(1) أي لم تقرب ولم تدن، وفي رواية أحمد والدارمي والبيهقي:" فما وصلت "، وفي رواية لأحمد أيضاً:" رجعت ".

(2)

إسناده على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة بن عمار، فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6235) ، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1206) عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 2/97، والطبراني، والبيهقي في " السنن " 7/277، وفي " الدلائل " 6/238 من طريق أبي الوليد الطيالسي، به.

وبُسْر بن سعيد -بضم الباء وسكون السين المهملة- ذكره ابن منده وأبو نعيم وابن الأثير وابن حجر في الصحابة، وقال ابن منده: بِشْر بكسر الباء وبالشين المعجمة، وقال أبو نعيم: صوابه: بُسر، وذكره ابن ماكولا في "الإِكمال" 1/269، ولم يحك فيه خلافاً، وقال البيهقي في " السنن ": بسر، بضم الباء وبالسين غير المعجمة، والصحيح بشر بخفض الباء وبالشين المعجمة، هكذا ذكره ابن منده وغيره من الحفاظ، والله أعلم.

وتعقبه ابن التركماني في " الجوهر النقي " بقوله: ذكره ابن منده في "معرفة الصحابة" في باب بسر بضم الباء والسين المهملة، فقال: بسر بن =

ص: 442

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحْ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6513 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كُلْ بِيَمِينِكَ» قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، فَقَالَ النَّبِيُّ:«لَا اسْتَطَعْتَ» ، فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ (1) . [5: 33]

= راعي العير، ويقال: بشر.

وقال النووي في " شرح مسلم " 13/192: بُسر بضم الباء وبالسين المهملة، ابن راعي العير -بفتح العين وبالمثناة- الأشجعي، كذا ذكره ابن منده وأبو نعيم الأصبهاني وابن ماكولا وآخرون، وهو صحابي مشهور، وعده هؤلاء وغيرهم في الصمحابة رضي الله عنهم، وأما قول القاضي عياض رضي الله عنه أن قوله:"ما منعه إلا الكبر" يدل على أنه كان منافقاً، فليس بصحيح، فإن مجرد الكبر والمخالفة لا يقتضي النفاق والكفر، لكنه معصية إن كان الأمر أمر إيجاب.

وتعقبه الحافظ في "الإِصابة" 1/153 بقوله: وفي هذا الاستدلال نظر، لأن كل من ذكره لم يذكر مستنداً إلا هذا الحديث، فالاحتمال قائم، ويمكن الجمع أنه كان في تلك الحالة لم يسلم ثم أسلم بعد ذلك.

(1)

إسناده حسن كالذي قبله، رجاله رجال الصحيح. عبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه الطبراني (6236) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/45-46 و 46 و 50، ومسلم (2021) في الأشربة: باب آداب الطعام، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/238 من طرق عن عكرمة، به.

ص: 443

‌ذِكْرُ مَا جَعَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا دَعْوَةَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بِأَهْلٍ وَقُرْبَةً إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا

6514 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمَةٌ، فَرَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَنْتِ هِيَ؟ لَقَدْ كَبِرْتِ، لَا كَبِرَ سِنُّكِ» ، فَرَجَعَتِ الْيَتِيمَةُ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: مَا لَكِ يَا بُنَيَّةُ؟ قَالَتِ الْجَارِيَةُ: دَعَا عَلَيَّ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنِّي، فَالْآنَ لَا يَكْبَرُ سِنِّي أَبَدًا أَوْ (1) قَالَتْ: قَرْنَيْ (2) ، فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا:«يَا أُمُّ سُلَيْمٍ مَالَكِ؟» ، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي؟، قَالَ:«وَمَا ذَاكَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟» ، قَالَتْ: زَعَمَتْ أَنَّكَ دَعَوْتَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنُّهَا، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَمَا تَعْلَمِينَ شَرْطِي عَلَى رَبِّي؟ (3) إِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي، فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ،

(1) لفظ "أو" سقط من الأصل، واستدرك من " صحيح مسلم ".

(2)

تحرفت في الأصل إلى: " قومي "، والتصويب من " صحيح مسلم ".

(3)

سقطت من الأصل، واستدركت من " مسلم ".

ص: 444

فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا أَهْلٌ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَكَانَ صلى الله عليه وسلم رَحِيمًا (1) . [5:24]

(1) إسناده حسن على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة بن عمار، فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث.

وأخرجه مسلم (2603) في البر والصلة: باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه

عن زهير بن حرب أبي خيثمة وأبي معن الرقاشي، قالا: حدثنا عمر بن يونس، بهذا الإِسناد.

قال الإِمام النووي في " شرح مسلم " 16/153: فإن قيل: كيف يدعو على من ليس هو بأهل للدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك؟ فالجواب ما أجاب به العلماء، ومختصره وجهان:

أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك، وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.

والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله:" تربت يمينك " و"عقرى حلقى" وفي هذا الحديث " لا كبرت سنك "، وفي حديث معاوية "لا أشبع الله بطنه"، ونحو ذلك لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء، فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابةً، فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهوراً وأجراً، وإنما كان يقع هذا منه صلى الله عليه وسلم في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشاً متفحشاً ولا لعاناً ولا منتقماً لنفسه، وقد صح أنهم قالوا له: ادع على دوس، فقال:"اللهم اهد دوساً"، وقال:" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون "، والله أعلم.

ص: 445

‌ذِكْرُ سُؤَالِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَ سِبَابَهُ لِأُمَّتِهِ قُرْبَةً لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

6515 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (1) . [5: 12]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَا وَرَاءَ السِّبَابِ مِنَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ إِنَّمَا سَأَلَ اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ قُرْبَةً لَهُمْ، وَصَدَقَةً عَلَيْهِمْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ

6516 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ،

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه مسلم (2601)(92) في البر والصلة: باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه

عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (6361) في الدعوات: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة"، عن أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، به.

وأخرجه مسلم (2601)(93) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، به.

وأخرجه أحمد 2/449 و 488 و 493 و 496، ومسلم من طرق عن أبي هريرة بنحوه، وانظر ما بعده.

ص: 446

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَهُ، وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (1) . [5: 12]

‌ذِكْرُ مَا اسْتَجَابَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِصَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَاحِلَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

6517 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَأَعْيَا جَمَلِي، فَتَخَلَّفْتُ عَلَيْهِ أَسُوقُهُ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ مُتَخَلِّفًا، فَلَحِقَنِي، فَقَالَ لِي:«مَا لَكَ مُتَخَلِّفًا؟» ، قَالَ: قُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا أَنَّ جَمَلِيَ ظَالِعٌ، فَأَرَدْتُ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "صحيفة همام"(87) .

وأخرجه أحمد 2/316-317، والبغوي (1239) عن عبد الرزاق، بهذا الإِسناد.

وقوله: "صلاة" أي: رحمة، والصلاة من الله مفسرة بالرحمة، وقوله:"زكاة" يحتمل أن يراد ترقية لنفسه، ويحتمل أن يراد الزيادة في الأجر، كما عبر عنها في الرواية الأخرى بالأجر.

وفي هذا الحديث بيان ما اتصف به صلى الله عليه وسلم من شفقته على أمته واعتنائه بمصالحهم، وجميل خلقه، وكرم ذاته، حيث قصد مقابلة ما وقع منه بالجبر والتكريم.

ص: 447

أَنْ أَلْحَقَهُ بِالْقَوْمِ، قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَنَبِهِ، فَضَرَبَهُ، ثُمَّ زَجَرَهُ، فَقَالَ:«ارْكَبْ» قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي بَعْدُ، وَإِنِّي لَأَكُفُّهُ عَنِ الْقَوْمِ، قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا دُونَ الْمَدِينَةِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَعَجَّلَ إِلَى أَهْلِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَأْتِ أَهْلكَ طَرُوقًا» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ:«فَمَا تَزَوَّجْتَ؟» ، قُلْتُ: امْرَأَةً ثَيِّبًا، قَالَ:«فَهَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ؟» ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ تُوُفِّيَ أَوِ اسْتُشْهِدَ، وَتَرَكَ جَوَارِيَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ عَلَيْهِنَّ مِثْلَهُنَّ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ: أَحْسَنْتَ وَلَا أَسَأْتَ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «بِعْنِي جَمَلَكَ هَذَا» قَالَ: قُلْتُ: لَا بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«لَا بَلْ بِعْنِيهِ» ، قَالَ: قُلْتُ: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«لَا بَلْ بِعْنِيهِ» ، قُلْتُ: أَجَلْ عَلَى أُوقِيَّةِ ذَهَبٍ، فَهُوَ لَكَ بِهَا، قَالَ:«قَدْ أَخَذْتُهُ، فَتَبَلَّغْ عَلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ» ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ:«أَعْطِهِ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ، وَزِدْهُ» ، قَالَ: فَأَعْطَانِي أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ، وَزَادَنِي قِيرَاطًا، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا تُفَارِقُنِي زِيَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَكَانَ فِي كِيسٍ لِي، فَأَخَذَهُ أَهْلُ الشَّامِ يَوْمَ الْحَرَّة (1) . [5: 33]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "مسند أبي يعلى"(1898) ، وقد تقدم مختصراً من طريق عثمان بن أبي شيبة عن جرير بهذا الإسناد، وانظر ما بعده، والحديث الآتي برقم (7143) .

ص: 448

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم رَدَّ الرَّاحِلَةَ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ أَوْفَاهُ ثَمَنَهَا هِبَةً لَهُ

6518 -

أَخْبَرَنَا الْخَلِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَلِيلِ ابْنِ بِنْتِ تَمِيمِ بْنِ الْمُنْتَصِرِ الْبَزَّارُ، بِوَاسِطٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ (1) بْنُ عُمَرَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَأَبْطَأَ بِي جَمَلِي، فَتَخَلَّفْتُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَجَنَهُ بِمِحْجَنِهِ، ثُمَّ قَالَ لِي:«ارْكَبْ» ، فَرَكِبْتُهُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَكُفُّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَتَزَوَّجْتَ؟» ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ:«بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟» ، فَقُلْتُ: بَلْ، ثَيِّبًا قَالَ:«فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ» ، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ وَتَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ:«أَمَا إِنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ، فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ» ثُمَّ قَالَ: «أَتَبِيعُ جَمَلَكَ؟» ، قُلْتُ: نَعَمْ، فَاشْتَرَاهُ مِنِّي بِأُوقِيَّةٍ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلِي، وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ، فَجِئْتُ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، قَالَ:«الْآنَ حِينَ قَدِمْتَ؟» ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«فَدَعْ جَمَلَكَ، وَادْخُلْ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» ، قَالَ: فَدَخَلْتُ، فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، وَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَزِنَ لِي أُوقِيَّةً، قَالَ: فَوَزَنَ لِي بِلَالٌ، فَأَرْجَحَ فِي الْمِيزَانِ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ، قَالَ: «ادْعُ لِي

(1) تحرف في الأصل إلى: " عبد الله "، وقد جاء على الصواب في الحديث رقم (7143) .

ص: 449

جَابِرًا» ، فَدُعِيتُ، فَقُلْتُ: الْآنَ يَرُدُّ عَلَيَّ الْجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، قَالَ:«جَمَلُكَ وَثَمَنُهُ لَكَ» (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اسْتَثْنَى حُمْلَانَ رَاحِلَتِهِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ

6519 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَى، فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ، قَالَ: فَلَحِقَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا لَهُ وَضَرَبَهُ، فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ، وَقَالَ:«بِعْنِيهِ بِأُوقِيَّةٍ» ، فَقُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَالَ:«بِعْنِيهِ بِأُوقِيَّةٍ» ، فَقُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَالَ:«بِعْنِيهِ بِأُوقِيَّةٍ» ، فَبِعْتُهُ بِأُوقِيَّةٍ، وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي، فَلَمَّا بَلَغْتُ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي صلى الله عليه وسلم:«أَتُرَانِي مَاكَسْتُكَ لِآخُذَ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ؟ فَهُمَا لَكَ» (2) . [5: 33]

‌ذِكْرُ مَا أَكْرَمَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِهَزِيمَةِ الْمُشْرِكِينَ عَنْهُ عَنْ قَبْضَةِ تُرَابٍ رَمَاهُمْ بِهَا

6520 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو موسى: هو محمد بن المثنى بن عبيد العنزي. وانظر الحديث الآتي برقم (7143) .

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، علي بن خشرم من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي، وزكريا: هو ابن أبي زائدة، وعامر: هو الشعبي.

وانظر الحديث المتقدم برقم (4912) .

ص: 450

عُمَرُ (1) بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا، قَالَ فَلَمَّا وَاجَهْنَا الْعَدُوَّ، تَقَدَّمْتُ، فَأَعْلُو ثَنِيَّةً، فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ مِنَ الْعَدُوِّ، فَأَرْمِيهِ بِسَهْمٍ، فَتَوَارَى عَنِّي، فَمَا دَرَيْتُ مَا اصْنَعُ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى الْقَوْمِ، فَإِذَا هُمْ قَدْ طَلَعُوا مِنْ ثَنِيَّةٍ أُخْرَى، فَالْتَقَوْا هُمْ وَصَحَابَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَلَّى صَحَابَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَرْجِعُ مُنْهَزِمًا، وَعَلَيَّ بُرْدَتَانِ (2) مُتَّزِرًا بِإِحْدَاهُمَا، مُرْتَدِيًا بِالْأُخْرَى، قَالَ: فَانْطَلَقَ رِدَائِي، فَجَمَعَتُهُ، وَمَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْهَزِمًا، وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ رَأَى ابْنُ الْأَكْوَعِ فَزِعًا» ، فَلَمَّا غَشُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عَنِ الْبَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ:«شَاهَتِ الْوُجُوهُ» ، فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا (3) إِلَّا مَلَأَ اللَّهُ عَيْنَهُ تُرَابًا بِتِلْكَ الْقَبْضَةِ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ (4) . [5: 33]

(1) تحرف في الأصل إلى: "عمرو"، والتصويب من "صحيح مسلم" وكتب الرجال.

(2)

تحرفت في الأصل إلى: "بردتين"، والتصويب من "صحيح مسلم".

(3)

تحرف في الأصل إلى: " إنسان "، والتصويب من "صحيح مسلم".

(4)

إسناده حسن على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة، فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث. وابن سلمة بن الأكوع: هو إياس.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/140 عن أبي يعلى، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1777) في الجهاد والسير: باب في غزوة حنين، عن أبي خثيمة زهير بن معاوية، به. =

ص: 451

‌ذِكْرُ تَكْبِيرِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عِنْدَ رُؤْيَتِهِ أَهْلَ حُنَيْنٍ فِي الْحَالِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا

6521 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: اشْتَدَّ الْقِتَالُ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَكُنْتُ رَدِيفَ أَبِي طَلْحَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ»

قَالَ: فَمَا لَبِثْتُ أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ سُقُوطِ الْأَصْنَامِ الَّتِي فِي الْكَعْبَةِ بِإِشَارَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا دُونَ مَسِّهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ

6522 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ وَجَدَ بِهَا ثَلَاثَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ صَنَمًا، فَأَشَارَ بِعَصًا إِلَى كُلِّ صَنَمٍ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «جَاءَ الْحَقُّ

= وقوله: "منهزماً" حال من ابن الأكوع كما صرح أولاً بانهزامه، وكما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم بعده:" لقد رأى الأكوع فزعاً "، وانظر " شرح مسلم " 12/122 للنووي.

(1)

حديث صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير مبارك بن فضالة، فقد روى له أصحاب السنن، وهو مدلس، وقد عنعن. وقد تقدم الحديث من طريق آخر صحيح برقم (4725) و (4726) ، وسيأتي أيضاً برقم (7212) .

ص: 452

وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» ، فَسَقَطَ الصَّنَمُ، وَلَمْ يَمَسَّهُ (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ مَا أَبَانَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مِنْ دَلَائِلِ صَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ مِنْ طَاعَةِ الْأَشْجَارِ لَهُ

6523 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ

(1) إسناده ضعيف، عاصم بن عمر: هو العمري، ضعفه أحمد وابن معين

وغيرهم، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الترمذي: متروك.

وذكره المؤلف في " المجروحين " 2/127، وقال: منكر الحديث جداً، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق الأثبات، ثم ذكره في " الثقات " 7/259، وقال: يخطئ ويخالف.

وأخرجه الطبراني (13643) عن محمد بن نصر الصائغ البغدادي، حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي، بهذا الإسناد.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 6/176 فقال: رواه الطبراني في " الأوسط " و"الكبير"، وفيه عاصم بن عمر العمري، وهو متروك، ووثقه ابن حبان، وقال: يخطئ ويخالف.

وأخرجه البيهقي في " الدلائل " 5/72 من طريق القاسم بن عبد الله العمري، عن عبد الله بن دينار، به.

وهذا إسناد ضعيف جداً، القاسم هذا اتهمه الإِمام أحمد بالكذب والوضع.

وقال البيهقي: هذا الإسناد وإن كان ضعيفاً، فالذي قبله يؤكده.

وذكر حديثاً عن ابن عباس بنحوه، ورواه الطبراني أيضاً، وقال عنه الهيثمي في " المجمع " 6/176: رجاله ثقات.

قلت: ويشهد له حديث ابن مسعود المتقدم عند المصنف برقم (5862) .

ص: 453

السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ يُدَاوِي وَيُعَالِجُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَقُولُ أَشْيَاءً، هَلْ لَكَ أَنْ أُدَاوِيَكَ؟ قَالَ: فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ:«هَلْ لَكَ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً» وَعِنْدَهُ نَخْلٌ وَشَجَرٌ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِذْقًا مِنْهَا، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ يَسْجُدُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَيَسْجُدُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم:«ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ» ، فَقَالَ الْعَامِرِيُّ: وَاللَّهِ، لَا أُكَذِّبُكَ بِشَيْءٍ تَقُولُهُ أَبَدًا، ثُمَّ قَالَ: يَا آلَ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَاللَّهِ لَا أُكَذِّبُهُ بِشَيْءٍ.

قَالَ: وَالْعِذْقُ: النَّخْلَةُ (1) . [5: 33]

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم السامي، فقد روى له النسائي، وهو ثقة.

وأخرجه أبو يعلى (2350) عن إبراهيم بن الحجاج السامي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(12595) ، وأبو نعيم (297) ، والبيهقي 6/16-17 كلاهما في "دلائل النبوة" من طريقين عن عبد الواحد بن زياد، به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 9/10 ونسبه لأبي يعلى فقط، وقال: رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج السامي، وهو ثقة.

وأخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " 3/3، والترمذي (3628) في المناقب: باب رقم (6)، وقال: حسن غريب صحيح، والطبراني في =

ص: 454

‌ذِكْرُ خَبَرٍ فِيهِ دَلَائِلُ مَعْلُومَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا أَصَّلْنَاهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْأَشْيَاءِ الْمُعْجِزَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6524 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، فِي كِتَابِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ (1) ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْضِي حَاجَتَهُ، وَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا لِيَسْتَتِرَ بِهِ، فَإِذَا شَجَرَتَانِ (2) بِشَاطِئِ الْوَادِي، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى إِحْدَاهُمَا، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ:«انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ» ، فَانْقَادَتْ مَعَه

= "الكبير"(12622) ، والحاكم 2/620 وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، والبيهقي في "الدلائل" 6/15 من طريق محمد بن سعيد ابن الأصبهاني، حدثنا شريك القاضي، عن سماك، حدثنا أبو ظبيان حصين بن جندب، عن ابن عباس بنحوه، وزاد فيه قول الأعرابي: أشهد أنك رسول الله، وآمن.

قلت: هذا إسناد ضعيف لضعف شريك بن عبد الله القاضي، لكن تابعه الأعمش عند أحمد 1/223، والدارمي 1/13، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/15-16 و 16، حدثنا أبو ظبيان، عن ابن عباس بنحوه، ولم يذكر إسلام الأعرابي.

(1)

الأفيح: الواسع.

(2)

تحرفت في الأصل إلى: " شجرتين "، والمثبت من " صحيح مسلم ".

ص: 455

كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ (1) الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ:«انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ» ، فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ النِّصْفُ (2) جَمَعَهُمَا، فَقَالَ:«الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ» ، فَالْتَأَمَتَا، قَالَ جَابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ (3) مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقُرْبِي فَيَتَبَاعَدَ، فَجَلَسْتُ، فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقْبِلٌ، وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا، فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ وَقْفَةً، فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا يَمِينًا وَيَسَارًا، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ، قَالَ:«يَا جَابِرُ هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي؟» ، قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ، فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا غُصْنًا، فَأَقْبِلْ بِهِمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي أَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَمِينِكِ وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِكِ» قَالَ جَابِرٌ: فَأَخَذْتُ حَجَرًا، فَكَسَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ، فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي، وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُهُ،

(1) قال النووي في " شرح مسلم " 18/143: البعير المخشوش: هو الذي يجعل في أنفه خشاش -بكسر الخاء- وهو عود يجعل في أنف البعير إذا كان صعباً، ويشد فيه حبل ليذل وينقاد، وقد يتمانع لصعوبته، فإذا اشتد عليه وآلمه انقاد شيئاً، ولهذا قال: الذي يصانع قائده.

(2)

عند مسلم والبيهقي: "بالمَنْصَفِ مما بينهما"، وهو نصف المسافة.

(3)

أُحضر، أي: أعدو وأسعى سعياً شديداً.

ص: 456

فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَمَّ ذَلِكَ؟ فَقَالَ:«إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ» فَأَتَيْنَا الْعَسْكَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا جَابِرُ نَادِ بِوَضُوءٍ» ، فَقُلْتُ: أَلَا وَضُوءَ أَلَا وَضُوءَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا وَجَدْتُ فِي الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُبْرِدُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْجَابٍ (1) لَهُ، فَقَالَ:«انْطَلِقْ إِلَى فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَانْظُرْ هَلْ فِي أَشْجَابِهِ مِنْ شَيْءٍ؟» ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ، فَنَظَرْتُ فِيهَا، فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ (2) مِنْهَا، لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ مَا كَانَتْ شَرْبَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ مِنْهَا لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ (3) .

قَالَ: «اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ» ، فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَيَغْمِزُهُ (4) بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَانِيهِ، فَقَالَ:«يَا جَابِرُ نَادِ بِ جَفْنَةٍ» ، فَقُلْتُ: يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ بِهَا تُحْمَلُ، فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَكَذَا، وَبَسَطَ يَدَهُ فِي وَسَطِ الْجَفْنَةِ، وَفَرَّقَ

(1) جمع شجْب بإسكان الجيم، وهو السقاء الذي قد أخلق وَبَلِيَ وصار شناً، يقال: شاجب، أي يابس، وهو من الشجب الذي هو الهلاك.

(2)

في الأصل: عزالي شجبة، والمثبت من " صحيح مسلم "، والعزلاء: فم القربة الأسفل.

(3)

قال النووي 18/146: معناه أنه قليل جداً، فلقلَّته مع شدة يبس باقي الشَّجْب وهو السقاء، لو أفرغته لاشْتَفَّهُ اليابس منه، ولم ينزل منه شيء.

(4)

يغمزه، أي: يعصره.

ص: 457

بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَقَالَ:«خُذْ يَا جَابِرُ، وَصُبَّ عَلَيَّ (1) ، وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ» ، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: بِسْمِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى امْتَلَأَتْ، قَالَ:«يَا جَابِرُ، نَادِ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِمَاءٍ» قَالَ: فَأَتَى النَّاسُ، فَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوُوا، قَالَ: فَقُلْتُ: هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ؟ قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ مِنَ الْجَفْنَةِ وَهِيَ مَلْأَى (2) . [5: 33]

‌ذِكْرُ إِسْمَاعِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا أَهْلَ الْقَلِيبِ مِنْ بَدْرٍ كَلَامَ صَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَخِطَابَهُ إِيَّاهُ

6525 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ نِدَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ وَهُوَ عَلَى بِئْرِ بَدْرٍ يُنَادِي: «يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَيَا عُتْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا شَيْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا أُمَيَّةُ بْنَ خَلَفٍ، أَلَا هَل

(1) في الأصل "عليه" والمثبت من "صحيح مسلم".

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير يعقوب بن مجاهد، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (3012) في الزهد: باب حديث جابر الطويل، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/7-10 عن هارون بن معروف ومحمد بن عباد قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

ص: 458

وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟» فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُنَادِي قَوْمًا قَدْ جَيَّفُوا؟ ، فَقَالَ:«مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُجِيبُونِي» (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ مَا حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَإِرْسَالِ الشُّهُبِ عَلَيْهِمْ عِنْدَ إِظْهَارِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الْإِسْلَامَ

6526 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجِنِّ، وَمَا رَآهُمْ، انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ.

قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِق

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/104 و 182 و 263، وأبو يعلى (3808) و (3809) و (3857) من طرق عن حميد، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم (4722) و (6498) .

ص: 459

الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا (1) ، فَمَرَّ النَّفْرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ (2) - وَهُوَ بِنَخْلَةَ - وَهُمْ عَامِدُونَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ، قَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا:{إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 2]، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1] » [5: 45]

(1) من قوله: "فانظروا ما هذا" إلى هنا ساقط من الأصل، واستدرك من موارد الحديث.

(2)

عبارة "نحو تهامة" سقطت من الأصل، واستدركت من مصادر الحديث، وعند غير المصنف ومسلم زيادة هنا، وهي: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير شيبان بن فروخ فمن رجال مسلم. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية.

وأخرجه مسلم (449) في الصلاة: باب الجهر بالقراءة في الصبح، عن شيبان بن فروخ، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (773) في الأذان: باب الجهر بقراءة صلاة الفجر، و (4921) في تفسير سورة الجن، والترمذي (3323) في التفسير: باب ومن سورة الجن، والطبري في " جامع البيان " 29/102، والطبراني (12449) ، والحاكم 2/503، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/225-226، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/173 من طرق عن أبي عوانة به. وقال الحاكم: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه!

تنبيه: روى البخاري الحديث دون قوله: "ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم".

قال الحافظ في " الفتح " 8/670: أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " عن الطبراني، عن معاذ بن المثنى، عن مسدد شيخ البخاري فيه، فزاد في =

ص: 460

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6527 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ بْنَ قَيْسٍ: هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: فَقَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ:

= أوله: "مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الجن ولا رآهم، انطلق

إلخ" وهكذا رواه مسلم، عن شيبان بن فروخ، عن أبي عوانة بالسند الذي أخرجه البخاري فكأن البخاري حذف هذه اللفظة عمداً، لأن ابن مسعود أثبت أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ على الجن، فكان ذلك مقدماً على نفي ابن عباس.

وقال البيهقي في " الدلائل " 2/227: وهذا الذي حكاه عبد الله بن عباس إنما هو في أول ما سمعت الجن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمت بحاله، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم كما حكاه، ثم أتاه داعي الجن مرة أخرى، فذهب معه وقرأ عليهم القرآن، كما حكاه عبد الله بن مسعود ورأى آثارهم وآثار نيرانهم، والله أعلم، وعبد الله بن مسعود حفظ القصتين معاً.

ومن فوائد الحديث: إثبات وجود الشياطين والجن، وأنهما لمسمى واحد، وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والإِيمان، فلا يقال لمن آمن منهم، إنه شيطان، وفيه أن الصلاة في جماعة شرعت قبل الهجرة، وفيه مشروعيتها في السفر، والجهر بالقراءة في صلاة الصبح، وأن الاعتبار بما قضى الله للعبد من حسن الخاتمة، لا بما يظهر منه من الشر ولو بلغ ما بلغ، لأن هؤلاء الذين بادروا إلى الإِيمان بمجرد استماع القرآن لو لم يكونوا عند إبليس في أعلى مقامات الشر، ما اختارهم للتوجه إلى الجهة التي ظهر أن الحدث الحادث من جهتها، ومع ذلك فغلب عليهم ما قضي لهم من السعادة بحسن الخاتمة، ونحو ذلك قصة سحرة فرعون. انظر " الفتح " 8/675.

ص: 461

هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَهُ لَيْلَةً، فَفَقَدْنَاهُ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءَ (1) مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ، فَقَالَ:«إِنَّهُ قَدْ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ» ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَرَانَا نِيرَانَهُمْ وَآثَارَهُمْ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الزَّادِ، فَقَالَ:«لَكُمْ كُلُّ عَظْمِ طَعَامٍ يُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ» ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا، فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» (2) . [5: 45]

‌ذِكْرُ مَا بَارَكَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِصَفِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَسِيرِ مِنْ أَسْبَابِهِ الَّتِي فَرَّقَ بِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ

6528 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي دُكَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَكْبٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَقَالَ لِعُمَرَ:«انْطَلِقْ فَجَهِّزْهُمْ» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ هِيَ إِلَّا آصُعٌ مِنْ تَمْرٍ، فَانْطَلَقَ، فَأَخْرَجَ مِفْتَاحًا مِنْ حُزْتِهِ فَفَتَح

(1) في الأصل: "جائي" بإثبات الياء، والجادة ما أثبت.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وعبد الأعلى: هو ابن حماد النرسي. وقد تقدم برقم (1432) و (6320) .

ص: 462

الْبَابَ، فَإِذَا شِبْهُ الْفَصِيلِ الرَّابِضِ مِنَ التَّمْرِ، فَأَخَذْنَا مِنْهُ حَاجَتَنَا، قَالَ: فَلَقَدِ الْتَفَتُّ إِلَيْهِ، وَإِنِّي لَمِنْ آخِرِ (1) أَصْحَابِي كَأَنَّا لَمْ نَرْزَأَهْ تَمْرَةً» (2) . [5: 33]

‌ذِكْرُ مَا بَارَكَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنَ الطَّعَامِ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَكَلَ مِنْهُ عَالَمٌ مِنَ النَّاسِ

6529 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ،

(1) لفظة "آخر" سقطت من الأصل، واستدركت من موارد الحديث، وفي "موارد الظمآن" (2152) : وإني لمن آخرهم

(2)

إسناده صحيح، علي بن مسلم: هو ابن سعيد الطوسي، ثقة من رجال البخاري، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير صحابيه، فقد روى له أبو داود حديثه هذا. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا.

ْوأخرجه الحميدي (893) ، وأحمد 4/174 و 174-175، والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/255-256، وأبو داود (5238) في الأدب: باب في اتخاذ الغرف، والطبراني (4207)

(4210) وأبو نعيم في "الحلية" 1/365، وفي " الدلائل "(333) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/161-162، والمزي في "تهذيب الكمال" 8/492-493 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/304-305، وقال: روى أبو داود طرفاً منه، ورواه أحمد والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح. والحزة: الْحُجْزَةُ، وهي موضع شد الإزار من الوسط. وقوله:"لم نرزأه" أي: لم ننقصه.

ص: 463

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ، فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ، فَتَعَاقَبُوهَا إِلَى الظُّهْرِ مِنْ غُدْوَةٍ، يَقُومُ قَوْمٌ وَيَجْلِسُ آخَرُونَ، فَقَالَ رَجُلٌ لِسَمُرَةَ: أَكَانَ يُمَدُّ؟ فَقَالَ سَمُرَةُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَتَعَجَّبَ؟ مَا كَانَ يُمَدُّ إِلَّا مِنْ هَا هُنَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6530 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، شَكَّ الْأَعْمَشُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو العلاء بن الشخير: وهو يزيد بن عبد الله.

وأخرجه الدارمي 1/30 عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/366، وأحمد 5/12 و 18، والترمذي (3625) في المناقب: باب في آيات إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، والطبراني في " الكبير "(6967) ، والفريابي (14) ، وأبو نعيم (335) ، والبيهقي 6/93 ثلاثتهم في "دلائل النبوة" من طريق يزيد بن هارون، به. وصححه الترمذي والبيهقي.

وأخرجه أحمد 5/12، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 4/85، والحاكم 2/618، والفريابي (15) و (46) ، والبيهقي 6/93 من طريقين عن سليمان التيمي، به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

ص: 464

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا، فَأَكَلْنَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«افْعَلُوا» ، فَجَاءَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا قَلَّ الظُّهْرُ، وَلَكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوِدَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَطْعٍ، فَبَسَطْتُهُ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِفَضْلِ أَزْوِدَتِهِمْ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ الذُّرَةِ، وَالْآخَرُ بِكَفِّ التَّمْرِ، وَالْآخَرُ بِكَسْرَةٍ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النَّطْعِ مِنْ ذَلِكَ يَسِيرٌ، قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ:«خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ» ، فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا مَلَئُوهُ، وَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفَضَلَ مِنْهُ فَضْلَةً، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍ فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ» (1) .

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وهو في "مسند أبي يعلى"(1199) .

ْوأخرجه أحمد 3/11، ومسلم (27) (45) في الإِيمان: باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/229-230، وابن منده في " الإيمان "(36) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن منده مختصراً (35) من طريق وكيع، عن الأعمش، به.

وأخرجه مسلم (227)(44) ، والبيهقي 5/228-229 و 6/120، وابن منده (90) عن أبي بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله ابن الأشجعي، عن مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. =

ص: 465

‌ذِكْرُ مَا بَارَكَ اللَّهُ مَا فَضَلَ مِنْ أَزْوَادِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6531 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانَ (1) حِينَ صَالَحَ قُرَيْشًا بَلَغَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ قُرَيْشًا تَقُولُ: إِنَّمَا يُبَايِعُ (2) أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ضَعْفًا وَهَزْلًا، فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْ نَحَرْنَا مِنْ ظَهْرِنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لُحُومِهَا وَشُحُومِهَا، وَحَسَوْنَا مِنَ الْمَرَقِ أَصْبَحْنَا غَدًا إِذَا غَدَوْنَا عَلَيْهِمْ وَبِنَا جَمَامٌ، قَالَ:«لَا، وَلَكِنْ إِيتُونِي بِمَا فَضَلَ مِنْ أَزْوَادِكُمْ» ، فَبَسَطُوا أَنْطَاعًا، ثُمَّ صَبُّوا عَلَيْهَا مَا فَضَلَ مِنْ أَزْوَادِهِمْ، فَدَعَا لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْبَرَكَةِ، فَأَكَلُوا حَتَّى تَضَلَّعُوا شِبَعًا، ثُمَّ كَفَئُوا مَا فَضَلَ مِنْ أَزْوَادِهِمْ فِي جُرُبِهِمْ، ثُمَّ غَدَوْا عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَرَيْنَ غَمِيزَةً» ، فَاضْطَبَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، فَرَمَلُوا ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَوْا أَرْبَعًا، وَالْمُشْرِكُونَ فِي الْحِجْرِ، وَعِنْدَ دَارِ النَّدْوَةِ،

= وأخرجه أحمد 1/421، وابن منده (36) و (89) عن فليح بن سليمان، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة.

(1)

هو موضع على مرحلة من مكة.

(2)

في "الموارد"(2147) : " وإنما بايع "، ولفظ أحمد 1/305 " ما يتباعثون من العَجَفِ ".

ص: 466

وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَغِيَّبُوا مِنْهُمْ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْأَسْوَدِ مَشَوْا، ثُمَّ يَطْلُعُونَ عَلَيْهِمْ، فَتَقُولُ قُرَيْشٌ: وَاللَّهِ لَكَأَنَّهُمُ الْغِزْلَانُ، فَكَانَتْ سُنَّةً (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6532 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُهَاجِرِ أَبِي مَخْلَدٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمَرَاتٍ قَدْ صَفَفْتُهُنَّ فِي يَدَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، فَدَعَا لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، وَقَالَ:«إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ شَيْئًا فَأَدْخِلْ يَدَكَ، وَلَا تَنْثُرْهُ نَثْرًا» ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:«فَحَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكُنَّا نَطْعَمُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ فِي حِقْوِي حَتَّى انْقَطَعَ مِنِّي لَيَالِيَ عُثْمَانَ» (2) . [5: 33]

(1) حديث صحيح رجاله رجال الصحيح، وقد تقدم تخريجه برقم (3812) .

(2)

إسناده حسن في الشواهد، رجاله رجال الشيخين، غير أبي مخلد مهاجر بن مخلد، فقد روى له أصحاب السنن، ووثقه المصنف، ولينه أبو حاتم، وقال ابن معين: صالح.

وأخرجه أحمد 2/352، والترمذي (3839) في المناقب: باب مناقب أبي هريرة، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/110 من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرجه أبو نعيم في "الدلائل"(341) من طريق حاتم بن وردان، عن أيوب السختياني، عن أبي مخلد، به. =

ص: 467

‌ذِكْرُ خَبَرٍ رَابِعٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6533 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ، بِالرَّيِّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ (1) الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ (2) الْعَوَقِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَمْ أَطْعَمْ فِيهَا طَعَامًا، فَجِئْتُ أُرِيدُ الصُّفَّةَ، فَجَعَلْتُ أَسْقُطُ فَجَعَلَ الصِّبْيَانُ يُنَادُونَ: جُنَّ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أُنَادِيهِمْ، وَأَقُولُ: بَلْ أَنْتُمُ الْمَجَانِينُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الصُّفَّةِ، فَوَافَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ، فَدَعَا عَلَيْهَا أَهْلَ الصُّفَّةِ وَهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْهَا، فَجَعَلْتُ أَتَطَاوَلُ كَيْ يَدْعُوَنِي، حَتَّى قَامَ الْقَوْمُ وَلَيْسَ فِي الْقَصْعَةِ إِلَّا شَيْءٌ فِي نَوَاحِي الْقَصْعَةِ، فَجَمَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَارَتْ لُقْمَةً، فَوَضَعَهَا عَلَى

= وأخرج أحمد 2/324 عن أبي عامر (هو العقدي) ، حدثنا إسماعيل بن مسلم (العبدي) ، عن أبي المتوكل (علي بن داود الناجي)، عن أبي هريرة قَالَ: أَعْطَانِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا من تمر، فجعلته في مكتل لنا، فعلقناه في سقف البيت، فلم نزل نأكل منه حتى كان آخره أصابه أهل الشام حيث أغاروا على المدينة.

قلت: وهذا إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه البيهقي 6/109-110 من طريق أيوب السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(1)

في الأصل: خالد، وهو خطأ.

(2)

تحرف في الأصل إلى: " سفيان "، والتصويب من " موارد الظمآن "(2148) .

ص: 468

أَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَالَ لِي:«كُلْ بِاسْمِ اللَّهِ» ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا زِلْتُ آكُلُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعْتُ (2) . [5: 33]

‌ذِكْرُ بَرَكَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنَ الْخَيْرِ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَكَلَ مِنْهُ الْفِئَامُ مِنَ النَّاسِ

6534 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا أَعْرِفُ مِنْهُ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدَيَّ، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ

(1) في الأصل: "فسم"، والمثبت من " موارد الظمآن " و "فتح الباري".

(2)

روح بن حاتم المقرئ ذكره المؤلف في "الثقات" 8/244 فقال: روح بن حاتم أبو غسان، من أهل الكوفة، يروي عن وكيع، حدثنا عنه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ وغيره، مستقيم الحديث، وفي نسخة من "الثقات": وكان يقرئ الناس بالكوفة. وروى عنه أبو حاتم، وقال: صدوق، وباقي رجاله ثقات من رجال الصحيح غير حيان -وهو ابن بسطام الهذلي- فلم يُوثِّقهُ غير المؤلِّف، ولم يَروِ عنه غيرُ ابنه سليم بن حيان، وحديثه عند ابن ماجه.

ونقله الحافظ في "الفتح" 11/289 عن المصنف، وسكت عليه.

وانظر الحديث الآتي برقم (6535) .

ص: 469

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟» ، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«لِلطَّعَامِ؟» ، فَقُلْتُ: نَعَمْ (1)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ مَعَهُ:«قُومُوا» ، قَالَ: فَانْطَلَقُوا، وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ، فَقَالَتِ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ حَتَّى دَخَلَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلُمِّي مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ» ، فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَآدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ:«ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ:«ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ:«ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ:«ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» ، حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلًا أَوْ ثَمَانُونَ (2) . [5: 33]

(1) من قوله: "فقال رسول الله" إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من "الموطأ" وغيره.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/927-928 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب ما جاء في الطعام والشراب.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري (422) في الصلاة: باب من دعا لطعام في المسجد، و (3587) في الأنبياء: باب علامات النبوة في الإسلام، و (5381) في الأطعمة: باب من أكل حتى شبع، و (6688) في الأيمان والنذور: باب إذا حلف ألا يأتدم فأكل تمراً بخبز، ومسلم (2040) في =

ص: 470

‌ذِكْرُ بَرَكَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي اللَّبَنِ الْيَسِيرِ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَوِيَ مِنْهُ الْفِئَامُ مِنَ النَّاسِ

6535 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ

= الأشربة: باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، والنسائي في الوليمة من "السنن الكبرى" كما في "التحفة" 1/88، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1483) ، والفريابي (6) و (7) ، وأبو نعيم (322) كلاهما في "دلائل النبوة"، والبيهقي في "السنن" 7/273، وفي " الدلائل " 6/88 -89، وفي " الاعتقاد " ص 280، والبغوي (3721) .

وأخرجه أحمد 3/218 و 232 و 242، والبخاري (5450) في الأطعمة: باب من أدخل الضيفان عشرة عشرة، ومسلم، والترمذي (3630) في المناقب: باب رقم (6) ، والفريابي (8) و (10) ، وأبو نعيم (323) ، والبيهقي 6/90 و 91 ثلاثتهم في "دلائل النبوة"، من طرق عن أنس بنحوه.

وقد تقدم برقم (5285) من طريق هدبة بن خالد، عن مبارك بن فضالة، عن بكر بن عبد الله المزني وثابت، عن أنس بنحوه.

وأخرجه الفريابي في "دلائل النبوة"(11) عن هدبة بن خالد، بهذا الإسناد.

وقوله: "فآدمته"، يقال: أَدَمْتُ الخبز، وآدمته: إذا أصلحت إساغته بالإِدام، والإدامِ: ما يؤتدم به مائعاً كان أو جامداً، فآدمته، أي: صيرت ما خرج من العُكَّة إِدَاماً له.

(1)

تحرف في الأصل إلى "الزبيدي"، والتصويب من " ثقات " المصنف.

ص: 471

الَّذِي يَخْرُجُونَ فِيهِ، فَمَرَّ بِي أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، وَمَرَّ بِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، حَتَّى مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَأَى مَا بِوَجْهِي، وَمَا فِي نَفْسِي، قَالَ:«أَبَا هِرٍّ» ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَعْدَيْكَ، قَالَ:«الْحَقْ» ، فَلَحِقْتُهُ، فَدَخَلَ إِلَى أَهْلِهِ، فَأَذِنَ، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا هُوَ بِلَبَنٍ فِي قَدَحٍ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ:«مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟» ، قَالَ: هَدِيَّةُ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ: فُلَانٌ، فَقَالَ:«أَبَا (1) هِرٍّ الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَادْعُهُمْ» ، وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ أَوْ مَالٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهَا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَشَرَكَهُمْ فِيهَا، وَأَصَابَ مِنْهَا، فَسَاءَنِي وَاللَّهِ ذَلِكَ، قُلْتُ: أَيْنَ يَقَعُ هَذَا اللَّبَنُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَأَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، فَانْطَلَقْتُ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا وَأَخَذَ الْقَوْمُ مَجَالِسَهُمْ، قَالَ:«أَبَا هِرٍّ» ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«خُذْ، فَنَاوِلْهُمْ» ، قَالَ فَجَعَلْتُ أُنَاوَلُ رَجُلًا رَجُلًا، فَيَشْرَبُ، فَإِذَا رَوِيَ أَخَذْتُهُ، فَنَاوَلْتُ الْآخَرَ حَتَّى رَوِيَ الْقَوْمُ جَمِيعًا، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ:«أَبَا هِرٍّ، أَنَا وَأَنْتَ» ، قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«خُذْ، فَاشْرَبْ» ، فَمَا زَالَ يَقُولُ:«اشْرَبْ» ، حَتَّى قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ:«فَأَرِنِي الْإِنَاءَ» ،

(1) في الأصل: أبو، وهو غلط، والتصويب من " موارد التخريج ".

ص: 472

فَأَعْطَيْتُهُ الْإِنَاءَ، فَشَرِبَ الْبَقِيَّةَ، وَحَمِدَ رَبَّهُ صلى الله عليه وسلم (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ مَا بَارَكَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي تَمْرِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِدُعَاءِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِيهَا بِالْبَرَكَةِ

6536 -

أَخْبَرَنَا الْخَلِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ بِنْتِ تَمِيمِ بْنِ الْمُنْتَصِرِ، بِوَاسِطٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِه

(1) إسناده صحيح، عبد الغفار بن عبد اللَّه الزبيري: ذكره المؤلف في " الثقات " 8/421، وقال: من أهل الموصل، كنيته أبو نصر، يروي عن علي بن مسهر، حدثنا عنه الحسين بن إدريس الأنصاري والمواصِلة، مات سنة أربعين ومئتين أو قبلها أو بعدها بقليل.

وذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 6/54، فقال: روى عن علي بن مسهر وعبد الله بن عطارد الطائي المغربي، روى عنه إبراهيم بن يوسف الهسنجاني، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عمر بن ذر، فمن رجال البخاري.

وأخرجه أحمد 2/515، والبخاري (6246) في الاستئذان: باب إذا دعي الرجل فجاء: هل يستأذن؟ و (6452) في الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم عن الدنيا، والترمذي (2477) في صفة القيامة: باب رقم (36) ، وهناد في "الزهد"(764) ، والفريابي في "دلائل النبوة"(16) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/338-339 و 377، والحاكم 3/15- 16، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/101-102، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ص 77-78، والبغوي (3321) ، وابن حجر في "تغليق التعليق" 5/169-170 من طرق عن عمر بن ذر، بهذا الإسناد. وانظر الحديث الآتي برقم (7151) .

ص: 473

أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ (1) بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوْا، وَلَمْ يَرَوْ أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«إِذَا جَدَدْتَهُ فَوَضَعْتُهُ فِي الْمِرْبَدِ، فَآذِنِّي» ، فَلَمَّا جَدَدْتَهُ، وَوَضَعْتُهُ فِي الْمِرْبَدِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ:«ادْعُ غُرَمَاءَكَ، فَأَوْفِهِمْ» ، قَالَ: فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ إِلَّا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسْقًا سَبْعَةٌ عَجْوَةٌ، وَسِتَّةٌ لَوْنٌ، فَوَافَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَضَحِكَ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«ائْتِ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَأَخْبِرْهُمَا ذَلِكَ» ، فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُمَا، فَقَالَا: إِذْ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا صَنَعَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ سَيَكُونُ ذَلِكَ (2) . [5: 33]

(1) في الأصل: "الثمرة"، والمثبت من موارد الحديث، وكذلك هو في الرواية الآتية برقم (7139) .

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه النسائي 6/246-247 في الوصايا: باب قضاء الدين قبل الميراث، والفريابي في "دلائل النبوة"(48) عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2709) في الصلح: باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة في ذلك، عن محمد بن بشار بندار، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، به.

وأخرجه البخاري (2396) في البيوع: باب إذا قاصَّ أو جازفه في الدين تمراً بتمرٍ أو غيره، وأبو داود (2884) في الوصايا: باب ما جاء في الرجل يموت وعليه دين له وفاء، وابن ماجه (2432) في الصدقات: باب أداء الدين عن الميت، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/150 من طريقين عن وهب بن كيسان، به. =

ص: 474

‌ذِكْرُ خَبَرٍ بِأَنَّ الْمَاءَ الْمَغْسُولَ بِهِ أَعْضَاءَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَثُرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ وَضُوئِهِ

6537 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، بِمَنْبِجَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، قَالَ: فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يَضْحَى النَّهَارُ، فَمَنْ جَاءَهَا فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ» ،

= وأخرجه أحمد 3/365، وابن أبي شيبة 11/469، والبخاري (2127) في البيوع: باب الكيل على البائع والمعطي، و (2395) في الاستقراض: باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز، و (2405) باب الشفاعة في وضع الدين، و (2601) في الهبة: باب إذا وهب ديناً على رجل، و (2781) في الوصايا: باب قضاء الوصي دين الميت بغير محضر من الورثة، و (3580) في المناقب: باب علامات النبوة في الاسلام، و (4053) في المغازي: باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} ، والنسائي 6/245 و 246، والفريابي (49) ، وأبو نعيم (345) ، والبيهقي 6/149 ثلاثتهم في "دلائل النبوة"، والبيهقي أيضاً في "الاعتقاد" ص 279، والبغوي (3722) من طرق عن جابر، بنحوه. وانظر الحديث الآتي برقم (7139) .

وقوله "وستة لَوْن" اللون: نوع من النخل، وقيل: هو الدَّقَل، وقيل: النخل كله ما خلا البَرني والعجوة، ويسميه أهل المدينة: الألوان، واحدته: لينة، وأصله لِوْنة، فقلبت الواو ياء لكسرة اللام.

ص: 475

قَالَ: فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَ إِلَيْهَا رَجُلَانِ، وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ مَسِسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا؟» ، فَقَالَا: نَعَمْ، فَسَبَّهُمَا، وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ غَرَفُوا مِنَ الْعَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ قَلِيلًا حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ أَعَادَهَا فِيهَا، فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، فَاسْتَقَى النَّاسُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ الْحَيَاةُ أَنْ تَرَى مَا هَاهُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا» (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ بَرَكَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ حَتَّى انْتَفَعَ بِهِ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ بِدُعَاءِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6538 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرُ فَضْلَةٍ، فَجُعِلَ فِي إِنَاءٍ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَأَدْخَلَ يَدَهُ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَقَالَ:«حَيَّ عَلَى الْوَضُوءِ وَالْبَرَكَةِ مِنَ اللَّهِ» ، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْفَجِرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَتَوَضَّأَ نَاسٌ، وَشَرِبُوا، قَالَ: فَجَعَلْتُ

(1) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث رفم (1595) .

ونزيد هنا أنه أخرجه الفريابي (25) في "دلائل النبوة"، وكذا أبو نعيم (450) من طريق مالك، بهذا الإسناد.

ص: 476

لَا آلُو مَا جَعَلْتُ فِي بَطْنِي مِنْهُ، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ، قَالَ: فَقُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَلْفٌ وَأَرْبَعُ مِائَةٍ (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ سَالِمٌ عَنْ جَابِرٍ

6539 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، وَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ، فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ، فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ» (2) . [5: 33]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 4/117 من طريق الحسن بن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1856)(74) في الإِمارة: باب استحباب مبايعة الإِمام بجيش عند إرادة القتال، عن عثمان بن أبي شيبة، به.

وأخرجه البخاري (5639) في الأشربة: باب شرب البركة والماء المبارك، ومسلم، من طريقين عن جرير بن عبد الحميد، به. وانظر الحديث الآَتي برقم (6541) و (6542) .

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. القعنبي: اسمه عبد الله بن مسلمة بن قعنب، وهو في "الموطأ" 1/32 في الطهارة: باب جامع الوضوء.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/186، وأحمد 3/132، والبخاري (169) في الوضوء: باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة، =

ص: 477

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ كَانَ ذَلِكَ فِي تَوْرٍ حَيْثُ بُورِكَ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6540 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثُمَّ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَأُتِيَ بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَأَدْخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِيهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْفَجِرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُ:«حَيَّ عَلَى أَهْلِ الطَّهُورِ، وَالْبَرَكَةِ مِنَ اللَّهِ» .

قَالَ الْأَعْمَشُ: فَحَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: «أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ» (1) . [5: 33]

= (3573) في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، ومسلم (2279) (5) في الفضائل: باب معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، والترمذي (3631) في المناقب: باب رقم (6)، والنسائي 1/60 في الطهارة: باب الوضوء من الإِناء، والفريابي في "دلائل النبوة"(19) و (20) .

وأخرجه البخاري (3574) ، وأبو يعلى (2795) من طرق عن حزم بن مهران، قال: سمعت الحسن قال: حدثنا أنس بن مالك

فذكره بنحوه، وانظر الأحاديث الآتية برقم (6542) - (6547) .

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

وأخرجه النسائي 1/60-61، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/129

-130 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. =

ص: 478

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا

6541 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«أَصَابَ النَّاسُ عَطَشٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَجَهِشَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي مَاءٍ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ مِثْلَ الْعُيُونِ» . قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا ثَلَاثَ آلَافٍ لَكَفَانَا، وَكُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً (1) . [5: 33]

= وأخرجه الدارمي 1/15، وأبو نعيم في " الدلائل "(311) ،

من طريق ابن نمير، حدثنا أبو الجواب (هو أحوص بن جواب) عن عمارة بن رزيق، عن سليمان الأعمش، به. وهذا إسناد على شرط مسلم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/474، وأحمد 1/460، والدارمي 1/14 -15، والبخاري (3579) في المناقب: باب علامات النبوة في الإِسلام، والترمذي (3633) في المناقب: باب رقم (6) ، والفريابي (31) ، وأبو نعيم (312) في "دلائل النبوة"، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1479) ، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 272 من طرق عن إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم بن يزيد، به. وانظر الحديث المتقدم برقم (6493) ، وحديث الأعمش عن سالم بن أبي الجعد تقدم برقم (6538) .

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن إدريس: هو عبد الله بن إدريس الأودي، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي.

وأخرجه مسلم (1856)(73) في الإِمارة: باب استحباب مبايعة الإِمام بجيش عن إرادة القتال، والفريابي في "دلائل النبوة"(33) و (37) عن محمد بن عبد الله بن نمير وابن أبي شيبة، عن عبد الله بن إدريس، بهذا الإِسناد. =

ص: 479

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي ذَكَرْنَا حَيْثُ بُورِكَ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِيهِ كَانَ ذَلِكَ فِي رَكْوَةٍ لَا فِي تَوْرٍ

6542 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ يَتَوَضَّأُ مِنْهَا، إِذَا جَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ:«مَا لَكُمْ؟» ، فَقَالُوا: مَا لَنَا لَا نَتَوَضَّأُ بِهِ، وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَيْهِ فِي الرَّكْوَةِ، وَدَعَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ، قَالَ: فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم أَمْثَالَ الْعُيُونِ، قَالَ: فَشَرِبْنَا، وَتَوَضَّأْنَا، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: كُنَّا خَمْسَ

= وأخرجه البخاري (3576) في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، و (4152) في المغازي: باب غزوة الحديبية، ومسلم، وأبو نعيم (313) و (314) ، والبيهقي 6/115-116 كلاهما في "الدلائل"، والبغوي (3715) من طرق عن حصين بن عبد الرحمن، به.

وأخرجه الطيالسي (1729) ، وأحمد 3/353 و 365، والدارمي 1/14، ومسلم (1856)(72) ، وابن سعد 2/98، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1482) ، والفريابي في "دلائل النبوة"(34) و (35) ، وأبو عوانة 4/88، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/115، وفي "الاعتقاد" ص 272، من طرق عن شعبة، عن سالم بن أبي الجعد، به. وانظر الحديث الآتي، والحديث المتقدم برقم (6538) .

وقوله: "جهش الناس" أي أسرعوا لأخذ الماء.

ص: 480

عَشْرَةَ (1) مِائَةً، وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا (2) . [5: 33]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ

6543 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: قُلْتُ: لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعَاجِيبِ لَا نُحَدِّثُهُ عَنْ غَيْرِكَ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ أَتَى الْمَقَاعِدَ الَّتِي كَانَ يَأْتِيهِ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ، فَقَعَدَ عَلَيْهَا صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ بِلَالٌ، فَنَادَى بِالْعَصْرِ، فَقَامَ مَنْ لَهُ أَهْلٌ بِالْمَدِينَةِ، فَتَوَضَّئُوا، وَقَضَوْا حَوَائِجَهُمْ، وَبَقِيَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَا أَهْلَ لَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَوَضَعَ أَصَابِعُهُ فِي الْقَدَحِ، فَمَا وَسِعَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، فَوَضَعَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ، وَقَالَ:«هَلُمُّوا فَتَوَضَّئُوا أَجْمَعِينَ» قُلْتُ لِأَنَسٍ: كَمْ تُرَاهُمْ؟ قَالَ: مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ» (3) .

(1) في الأصل: "عشر"، والتصويب من "صحيح ابن خزيمة".

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعقوب الدورقي: هو ابن إبراهيم بن كثير بن أفلح، وهثيم: هو ابن القاسم بن دينار السلمي، وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. والحديث في "صحيح ابن خزيمة"(125) . وانظر الحديث السابق.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير سليمان بن المغيرة، فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري مقروناً وتعليقاً، وهو في "مسند أبي يعلى"(3327) . =

ص: 481

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه:» الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ كَانَ مِنَ الْمُصْطَفَى كَانَ صلى الله عليه وسلم، فِي أَرْبَعِ مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ، مَرَّةً كَانَ الْقَوْمُ مَا بَيْنَ أَلْفٍ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ إِلَى أَلْفٍ وَخَمْسِ مِائَةٍ، وَكَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي تَوْرٍ، وَالْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ كَانَ الْقَوْمُ مَا بَيْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَكَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي رَكْوَةٍ، وَالْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ كَانَ الْقَوْمُ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الثَّمَانِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي قَدَحٍ رَحْرَاحٍ، وَالْمَرَّةُ الرَّابِعَةُ كَانَ الْقَوْمُ ثَلَاثَ مِائَةٍ، وَكَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي قَعْبٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا تَضَادٌّ أَوْ تَهَاتِرٌ» . [5: 33]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم سَمَّى اللَّهُ فِي الْوُضُوءِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6544 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَقَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟» ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ قَالَ:«تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ» ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَجْرِي مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَضَّئُوا حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.

قَالَ ثَابِتٌ

= وأخرجه أحمد 3/139، وابن سعد 1/177-178، والفريابي في "دلائل النبوة"(23) من طريقين عن سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. وانظر الأحاديث الآتية، والحديث المتقدم برقم (6539) .

ص: 482

لِأَنَسٍ: كَمْ تُرَاهُمْ؟ قَالَ: نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْمَاءَ كَانَ فِي مِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ

6545 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:«حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ، فَتَوَضَّأَ، وَبَقِيَ قَوْمٌ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ عَنْ أَنْ يُمْلَأَ فِيهِ كَفَّهُ، فَضَمَّ أَصَابِعَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْمِخْضَبِ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا» ، فَقُلْنَا: كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: ثَمَانِينَ رَجُلًا (2) . [5: 33]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كَانَ فِي قَدَحٍ رَحْرَاحٍ وَاسِعٍ الْأَعْلَى ضِيِّقِ الْأَسْفَلِ

6546 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في " مصنف عبد الرزاق "(20535) . ومن طريقه أخرجه أحمد 3/165، والنسائي 1/61 في الطهارة: باب الوضوء من الإناء، وأبو يعلى (3036) ، وابن خزيمة (144) .

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن أبي شيبة 11/475، وأحمد 3/106، والبخاري (3575) في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، والفريابي في "دلائل النبوة"(24) من طريق يزيد بن هارون عن حميد، بهذا الإسناد.

ص: 483

عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا بِمَاءٍ، فَأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ، فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَوَضَّئُونَ، فَحَزَرْتُ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الثَّمَانِينَ» .

قَالَ: «فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 33]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ يُوهِمُ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ

6547 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَصْحَابِهِ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِالزَّوْرَاءِ، فَأَرَادَ الْوَضُوءَ، فَأُتِيَ بِقَعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يَسِيرٌ، فَوَضَعَ كَفَّهُ عَلَى الْقَعْبِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَضَّأَ الْقَوْمُ» .

قَالَ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: زُهَاءَ ثَلَاثِ مِائَةٍ (2) . [5: 33]

***

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العتكي. وهو في "مسند أبي بعلى"(3329) .

وأخرجه مسلم (2279)(4) في الفضائل: باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي الربيع الزهراني، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/147، وابن سعد 1/178، والبخاري (2000) في الوضوء: باب الوضوء من التور، وابن خزيمة (124) ، والفريابي في "دلائل النبوة"(22) ، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 273-274، من طرق عن حماد بن زيد، به.

والرحراح: الإِناء الواسع الصحن القريب القعر، ومثله لا يسع الماء الكثير، فهو أدل على عظم المعجزة. قاله الخطابي كما في " الفتح " 1/304.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الفريابي في "دلائل النبوة"(21) ، وأبو يعلى (2895) ، ومن طريقه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(317)

ص: 484

‌6 - بَابُ تَبْلِيغِهِ صلى الله عليه وسلم الرِّسَالَةَ، وَمَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ

6548 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ» (1) . [3: 10]

= عن هدبة بن خالد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أحمد 3/289 عن بهز، عن همام بن يحيى، به.

وأخرجه أحمد 3/170 و 215، والبخاري (3572) في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، ومسلم (2279) في الفضائل: باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو يعلى (3172) و (3193) ، والبغوي (3714) ، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1480) ، من طرق عن قتادة بنحوه.

(1)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير علي ابن المديني، فمن رجال البخاري.

وأخرجه أحمد 6/187، ومسلم (205) في الإيمان: باب قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، والطبري في "جامع البيان" 19/118، وابن منده في "الإيمان"(945) و (946) و (947) من طرق عن وكيع، بهذا الإسناد. =

ص: 485

6549 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، قَالَ:«يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» (1) . [5: 45]

‌ذِكْرُ تَمْثِيلِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِنْذَارَ عَشِيرَتِهِ بِمَا مَثَّلَ بِهِ

6550 -

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،

= وأخرجه الترمذي (3184) في التفسير: باب من سورة الشعراء، والنسائي 6/250 في الوصايا: باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين، والطبري 19/118، وابن منده (947) و (948) ، من طرق عن هشام بن عروة، به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح،

روى بعضهم عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، لم يذكر فيه عائشة.

قلت: الرواية المرسلة رواها الطبري 19/119 عن ابن حميد، قال: حدثنا عنبسةُ، و 19/122-123 عن عبد الرزاق، عن معمر، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره مرسلاً.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم، وقد تقدم تخريجه برقم (646) .

ص: 486

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (1)، قَالَ: وَهُنَّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الصَّفَا، فَصَعِدَ عَلَيْهَا، ثُمَّ نَادَى:«يَا صَبَاحَاهُ» ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَبَيْنَ رَجُلٍ يَجِيءُ، وَبَيْنَ رَجُلٍ يَبْعَثُ رَسُولَهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا بَنِي، يَا بَنِي أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَصَدَّقْتُمُونِي؟» ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:«فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ» ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَمَا دَعَوْتُمُونَا إِلَّا لِهَذَا، ثُمَّ قَامَ، فَنَزَلَتْ:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] ، وَقَدْ تُبَّ، وَقَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا (2) . [5: 45]

(1) انظر " جامع الأصول " 2/287، و " شرح مسلم " 3/83، و " فتح الباري " 8/502.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وأخرجه البخاري (4971) في تفسير سورة: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ، ومسلم (208) في الإيمان: باب قول الله تعالى: (وَأَنْذِرْ عَشِيرتَك الأقْرَبِينَ} ، والطبري في "جامع البيان" 19/121، وابن منده في "الإيمان" (949) و (950) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/181-182، والبغوي في "شرح السنّة"(3742) ، وفي " معالم التنزيل " 3/400-401 من طرق عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه دون قوله: "ورهطك منهم المخلصين" أحمد 1/281 و 307، والبخاري (1394) في الجنائز: باب ذكر شرار الموتى، و (3525) في =

ص: 487

‌ذِكْرُ إِدْخَالِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَرَفَعِهِ صَوْتَهُ عِنْدَمَا وَصَفْنَاهُ

6551 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ ابْنِ بِنْتِ أَزْهَرَ السَّمَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: «لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ، وَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ، وَقَالَ:» يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ «، ثُمَّ سَاقَ الْخَبَرَ (1) . [5: 45]

= الأنبياء: باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية، و (4770) في تفسير سورة الشعراء، و (4801) في تفسير سورة سبأ، و (4972) و (4973) في تفسير سورة تَبَّت، والترمذي (3363) في التفسير: باب ومن سورة تبت، والطبري 19/120-121، وابن منده (950) و (951) ، والبيهقي 2/182، والبغوي 3/401 و 4/453 من طرق عن الأعمش، به.

(1)

بشر بن آدم: هو ابن يزيد البصري، صدوق فيه لين، وهو متابع، ومن فوقه ثقات، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وعوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي العبدي.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 19/120: حدثني أبو عاصم، قال: حدثنا عوف، عن قسامة بن زهير، قال: أظنه عن الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم

وأخرجه الترمذي (3186) فى التفسير: باب ومن سورة الشعراء، والطبري 19/120 كلاهما عن عبد الله بن أبي زياد، قال: حدثنا أبو زيد الأنصاري سعد بن أوس، عن عوف، به.

وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث أبي موسى، وقد رواه بعضهم عن عوف، عن قسامة بن زهير، عن النبي صلى الله عليه وسلم =

ص: 488

‌ذِكْرُ تَفْرِيقِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ بِالرِّسَالَةِ

6552 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ صَفْوَانِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ يَوْمًا فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: «طُوبَى لِهَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَتَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللَّهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا رَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ، وَشَهِدْنَا مَا شَهِدْتَ، فَاسْتُغْضِبَ، فَجَعَلَتْ أَعْجَبُ، مَا قَالَ إِلَّا خَيْرًا، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا يَحْمِلُ الرَّجُلَ عَلَى أَنْ يَتَمَنَّى مُحْضَرًا غَيَّبَهُ اللَّهُ عَنْهُ، لَا يَدْرِي لَوْ شَهِدَهُ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ فِيهِ، وَاللَّهِ، لَقَدْ حَضَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَقْوَامٌ أَكَبَّهُمُ اللَّهُ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ لَمْ يُجِيبُوهُ، وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، أَوَلَا تَحْمَدُونَ اللَّهَ، إِذْ أَخْرَجَكُمْ تَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ، مُصَدِّقِينَ لِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم، قَدْ كُفِيتُمُ الْبَلَاءَ بِغَيْرِكُمْ؟ وَاللَّهِ، لَقَدْ بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَشَدِّ حَالٍ بُعِثَ عَلَيْهَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَفَتْرَةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ مَا يَرَوْنَ أَنَّ دَيْنًا أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ حَتَّى

= مرسلاً، ولم يذكروا فيه " عن أبي موسى "، وهو أصح. ذاكرتُ به محمد بن إسماعيل، فلم يعرفه من حديث أبي موسى.

قلت: رواه مرسلاً الطبري 19/120: حدئنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوهَّاب ومحمد بن جعفر، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: بلغني أنه لما نزل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأقْرَبِينَ} جاء فوضع أصبعه في أذنه، ورفع من صوته، وقال:"يا بني عبد مناف، واصباحاه".

ص: 489

إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَرَى وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ أَوْ أَخَاهُ كَافِرًا، وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ قُفْلَ قَلْبِهِ لِلْإِيمَانِ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ دَخَلَ النَّارَ، فَلَا تَقَرُّ عَيْنُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ حَبِيبَهُ فِي النَّارِ، وَأَنَّهَا الَّتِي قَالَ اللَّهُ:{الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} الْآيَةَ [الفرقان: 74] » (1) . [5: 45]

***

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. عبد الله: هو ابن المبارك المروزي.

وأخرجه أحمد 6/2-3، والبخاري في " الأدب المفرد "(87) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (600) ، والطبري في "جامع البيان" 19/53، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/175-176 من طرق عن عبد الله بن المبارك بهذا الإسناد.

وأورده ابن كثير في "التفسير" 3/342 من رواية الإمام أحمد، وقال: هذا إسناد صحيح ولم يخرجوه.

وأورده أيضاً السيوطي في "الدر المنثور" 6/285، وزاد نسبته الى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.

ص: 490

‌7 - بَابُ كُتُبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

6553 -

أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الطَّاحِيُّ (1) الْعَابِدُ، بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى كِسْرَى، وَقَيْصَرَ، وَأُكَيْدِرَ دُومَةَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى» (2) . [5: 37]

(1) في الأصل: "الطائي"، وهو تحريف.

(2)

إسناده على شرط مسلم. نصر بن علي: هو الجهضمي، ونوح بن قيس: هو ابن رباح الأزدي الحداني، وأخوه: اسمه خالد بن قيس.

وأخرجه مسلم (2092)(58) في اللباس: باب في اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً لما أراد أن يكتب للعجم، والترمذي في "الشمائل"(87) كلاهما عن نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قيس، عن خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي، فقيل له: إنهم لا يقبلون كتاباً إلا بخاتمٍ، فصاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً حلقته فضة ونقش فيه:"محمد رسول الله".

وأخرجه مسلم (1774) في الجهاد: باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل، والبيهقي 9/107 عن نصر بن علي، عن أبيه، عن خالد بن قيس، عن قتادة، عن أنس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى. =

ص: 491

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ

6554 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ الْحَافِظُ بِتُسْتَرَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى كِسْرَى، وَقَيْصَرَ، وَأُكَيْدِرَ دُومَةَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا» (1) . [5: 37]

‌ذِكْرُ وَصْفِ كُتُبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

6555 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، بِعَسْقَلَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِي قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرَقْلَ، جَاءَ بِهِ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ، فَقَالَ هِرَقْلُ:

= وأخرجه مسلم، والترمذي (2716) في الاستئذان: باب مكاتبة المشركين من طريقين عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، به. وزاد: وإلى كل جبار، وإلى النجاشي وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الترمذي: وهذا حديث صحيح غريب. وانظر ما بعده.

(1)

إسناده حسن. رجاله رجال الشيخين غير عمران القطان، وهو عمران بن داور، فقد أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن وهو حسن الحديث. وانظر ما قبله.

ص: 492

هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ، فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي، ثُمَّ دَعَا تُرْجُمَانَهُ، فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلُ هَذَا الرَّجُلِ عَنْ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَّبَنِي فَكَذِّبُوهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ، لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَنِّي الْكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ أَنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: مَنْ تَبِعَهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ (1) : فَهَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ، قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: تَكُونُ الْحَرْبُ سِجَالًا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، يُصِيبُ مِنَّا، وَنُصِيبُ مِنْهُ، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ (2) أَوْ قَالَ: هُدْنَةٍ، لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا، مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا،

(1) في الأصل: "قلت"، والتصويب من "مصنف عبد الرزاق" وغيره.

(2)

بياض في الأصل، واستدركناه من موارد الحديث.

ص: 493

ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ، قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ: أَضُعَفَاءُ النَّاسِ أَمْ أَشْرَافُهُمْ؟ فَقُلْتَ: بَلْ، ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَزَعَمْتَ: أَنْ لَا، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهُ سَخْطَةً لَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَهُ بَشَاشَةُ الْقُلُوبِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، تَنَالُونَ مِنْهُ، وَيَنَالُ مِنْكَ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى، ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ لَا تَغْدِرُ،

ص: 494

وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ، قُلْتُ: رَجُلٌ يَأْتَمُّ بِقَوْلٍ قَبْلَ قَوْلِهِ (1)، قَالَ: ثُمَّ مَا يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ، قَالَ: إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ:«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَّامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} [آل عمران: 64] إِلَى قَوْلِهِ: اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ عِنْدَهُ، وَكَثُرَ اللَّغَطُ، فَأُمِرَ بِنَا، فَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا: لَقَدْ جَلَّ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ، قَالَ: فَمَا زِلْتُ

(1) في " المصنف " وغيره: يأتمُّ بقولٍ قيل قبله.

ص: 495

مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ (1) . [5: 37]

(1) حديث صحيح. ابن أبي السري -وهو محمد بن المتوكل- قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9724) .

ومن طريقه أخرجه أحمد 1/263، والبخاري (4553) في تفسير سورة آل عمران: باب {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} ، ومسلم (1773) في الجهادَ: باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1457) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/380-381.

وأخرجه مطوّلاً ومختصراً البخاري (7) في بدء الوحي، و (51) في الإيمان: باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، و (2681) في الشهادات: باب من أمر بإنجاز الوعد، و (2941) في الجهاد: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والنبوة، و (2978) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"نصرت بالرعب مسيرة شهر"، و (3174) في الجزية والموادعة: باب فضل الوفاء بالعهد، و (5980) في الأدب: باب صلة المرأة أمّها ولها زوج، و (6260) في الاستئذان: باب كيف يكتب إلى أهل الكتاب، و (7196) في الأحكام: باب ترجمة الحكام، ومسلم، والنسائي في " الكبرى " كما في "التحفة" 4/159، والترمذي (2717) في الاستئذان: باب ما جاء كيف يكتب لأهل الشرك، وابن منده في "الإيمان"(143) ، والبيهقي في "الدلائل" 4/381-383 من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/262-263 و263، والبخاري (2936) في الجهاد: باب هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم؟ و (2940) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والنبوة، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 5/68، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/377-380 من طريقين عن الزهري، به، ولم يذكر أبا سفيان.

ص: 496

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى حَبْرِ تَيْمَاءَ

6556 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ (1) ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سِوَارٍ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى حَبْرِ تَيْمَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ» (2) . [5: 37]

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كِتَابَهُ إِلَى بَنِي زُهَيْرٍ

6557 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: كُنَّا بِالْمِرْبَدِ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَشْعَثَ الرَّأْسِ بِيَدِهِ قِطْعَةُ أَدِيمٍ (3)، فَقُلْنَا لَهُ: كَأَنَّكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ؟ قَالَ: أَجَلْ، فَقُلْنَا لَهُ: نَاوِلْنَا هَذِهِ الْقِطْعَةَ الْأَدِيمِ الَّتِي فِي يَدِكَ، فَأَخْذَنَاهَا، فَقَرَأْنَا مَا فِيهَا، فَإِذَا فِيهَا:

(1) في الأصل: " سرح "، وهو خطأ.

(2)

إسناده على شرط البخاري. أحمد بن أبي سريج من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين، إلاّ أن في حديث ورقاء -وهو ابن عمر اليَشْكُرِي- عن منصور -وهو ابن المعتمر- ليناً، ولم يخرج له الشيخان من روايته عن منصور شيئاً، وهذا الحديث لم نظفر به عند غير المصنف.

وتيماء: بلدة تقع شمال المدينة المنورة قريبة من تبوك تبعد عنها 150 ميلاً.

(3)

في الأصل: " أدم "، والمثبت من "موارد الظمآن"(949) ومصادر التخريج.

ص: 497

مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى بَنِي زُهَيْرٍ، أَعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ وَالصَّفِيِّ وَأَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَأَمَانِ رَسُولِهِ» قَالَ: فَقُلْنَا: مَنْ كَتَبَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قُلْنَا: مَا سَمِعْتَ مِنْهُ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصُّدُورِ» فَقُلْنَا لَهُ: أَسَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: أَلَا أَرَاكُمْ تَتَّهِمُونِي، فَوَاللَّهِ لَا أُحَدِّثُكُمْ بِشَيْءٍ، ثُمَّ ذَهَبَ (1) . [5: 37]

(1) إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، وقد أخرج حديثه هذا أبو داود والنسائي ولم يسمياه.

وأخرجه دون حديث الصوم: أبو داود (2999) في الخراج: باب ما جاء في سهم الصفي، وعنه البيهقي 7/58 عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/78 عن روح بن عبادة، و 5/363 عن وكيع، كلاهما عن قرة بن خالد، به.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/279، وأحمد 5/77-78 و 78، والنسائي 7/134 في الفيء، وأبو عبيد في "الأموال" ص 19، وابن الأثير في "أسد الغابة" 5/358 من طريقين، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، به.

والمربد: سوق كانت بالبصرة، ثم صارت محلة عظمية تجتمع به الشعراء والخطباء.

وقوله: "وسهم النبي صلى الله عليه وسلم والصفيّ". السهم في الأصل: واحد السهام التي يُضرب بها في الميسر، وهي القداح، ثم سُمي ما يفوز به الفالج بينهما، ثم كثر حتى سُمي كل نصيبٍ سهماً.

قيل: كان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم رجل شهد الوقعة أو غاب عنها. =

ص: 498

= والصَّفِيُّ: هو ما اصطفاه من عُرض المغنم قبل القسمة من فرس أو غلام أو سيف أو ما أحب.

ووحرالصدور: ما يكون فيها من الغشِّ والوساوس والغيظ والحسد والغضب. انظر " مختصر السنن " 4/231.

(1)

وقال المنذري في "مختصر السنن": ورواه بعضهم عن يزيد بن عبد الله، وسمى الرجل النمر بن تولب الشاعر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: إنه ما مدح أحداً ولا هجا أحداً وكان جواداًَ لا يكاد يمسك شيئاً، وأدرك الإسلام وهو كبير.

وقال الحافظ في "التقريب": صحابي له حديث في السنن لم يسم فيه، وسماه فيه محمد بن سلام في "طبقات الشعراء".

قلت: ذكره في الطبقة الثامنة 1/160-164، فقال: والنمر بن تولب جواد لا يُليق شيئاً، وكان شاعراً فصيحاً جريئاً على المنطق، وكان أبو عمرو بن العلاء يسميه الكيِّس لحسن شعره، وهو الذي يقول:

لا تَغْضَبَنَّ على امْرِئٍ في مَالِهِ

وَعَلَى كَرَائِمِ صُلْبِ مَالِكَ فَاغْضَبِ

وإذَا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَارْجُ الْغِنَى

وَإِلَى الَّذِي يُعْطِي الرَّغَائِبَ فَارْغَبِ

وقال أيضاً:

أَقِي حَسَبي بِهِ، وَيَعَزُّ عِرْضِي

عَلَيَّ، إِذَا الْحَفِيظَةُ أَدْرَكَتْنِي

وَأَعْلَمُ أَن سَتُدْرِكُنِي الْمَنَايَا

فَإِلاَّ أَتَّبِعْهَا تَتَّبِعْنِي

وقال أيضاً:

أَعَاذِلَ إِنْ يُصْبحْ صَدَايَ بِقَفْرَةٍ

بَعيداً نَآني صَاحِبي وَقَرِيبي

تَرَيْ أَنَ مَا أَنْفَقتُ لَمْ يَكُ ضَرَّني

وَأَنَّ الَّذِي أَفْنَيْتُ كَانَ نَصِيبي

وعُمِّر عُمراً طويلاً فكَان هِجِّيراه: أصبحوا الراكب! أغبقوا الراكب، لعَادته التي كان عليها.

وذكر خلاَّد بنُ قرَّة بن خالد السدوسي، عن أبيه، وعن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير، قال: فذكر الخبر =

ص: 499

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كِتَابَهُ إِلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ

6558 -

أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الطَّاحِيُّ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ (1) خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ:«مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ أَنْ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا» قَالَ: فَمَا قَرَأَهُ إِلَّا رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ، فَهُمْ يُسَمَّوْنَ بَنِي الْكَاتِبِ (2) . [5: 37]

= الذي أورده المصنف، وجاء في آخره: ففي حديث قرة عن يزيد، فقيل لي لما ولّى: هذا النمر بن تولب العكلي الشاعر.

(1)

تحرفت في الأصل إلى "أخت"، والتصويب من "موارد الظمآن"(1626) .

(2)

إسناده على شرط مسلم. وأخرجه الطبراني في "الصغير"(307) عن بكر بن أحمد الطاحي بهذا الإسناد، وقال: لم يروه عن قتادة إلا خالد بن قيس.

وأخرجه أبو يعلى (2947) ، والبزار (1670) عن نصر بن علي، به.

وقال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في " المجمع " 5/305، وقال: رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في " الصغير "، ورجال الأولين رجال الصحيح.

وأخرج أحمد في "المسند" 5/68 ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" 5/136 من طريقين، عن شيبان، عن قتادة، عن مضارب بن حزن العجلي (وسقط من المطبوع من "المسند" مضارب بن حزن) قال: حدث مرثد بن ظبيان، قال: جاءنا كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما وجدنا له كاتباً يقرؤه علينا حتى قرأه رجل من بني ضبيعة: من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بكر بن وائل: أسلموا تسلموا، وإنهم ليسمون بني الكاتب.

مضارب بن حزن روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال العجلي: تابعي ثقة، ومرثد بن ظبيان السدوسي ذكره الحافظ في =

ص: 500

‌ذِكْرُ كِتْبَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كِتَابَهُ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ

6559 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَأَبُو يَعْلَى، وَحَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَقُرِئَتْ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ، وَهَذِهِ نُسْخَتُهَا:

« [بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم]

مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، قِيلَ ذِي رُعَيْنٍ وَمَعَافِرَ وَهَمْدَانَ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ رَجَعَ رَسُولُكُمْ، وَأُعْطِيتُمْ مِنَ الْغَنَائِمِ خُمُسَ اللَّهِ، وَمَا كَتَبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعُشْرِ فِي الْعَقَارِ، وَمَا سَقَتِ السَّمَاءُ أَوْ كَانَ سَيْحًا أَوْ بَعْلًا، فَفِيهِ الْعُشْرُ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ

= "تعجيل المنفعة" ص 397، فقال: من كتاب النبي صلى الله عليه وسلم روى حديثه شيبان عن قتادة ذكره العسكري في "الصحابة"، وقال: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد معه حنيناً. وانظر "الإصابة" 3/377-378 وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/281 عن علي بن محمد، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ رجل من بني سدوس قال: كتب رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بكر بن وائل: أما بعد، فأسلموا تسلموا. قال قتادة: فما وجدوا رجلاً يقرؤه حتى جاءهم رجل من بني ضبيعة بن ربيعة، فقرأه، فهم يسمون بني الكاتب، وكان الذي أتاهم بِكِتَابِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظبيان بن مرثد السدوسي. قلت: صوابه مرثدُ بن ظبيان كما في الرواية السالفة.

ص: 501

أَوْسُقٍ، وَمَا سُقِيَ بِالرَّشَاءِ، وَالدَّالِيَةِ، فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ (1) ، وَفِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ سَائِمَةً شَاةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَابْنُ لَبُونٍ، ذَكَرٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتِّينَ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى سِتِّينَ وَاحِدَةً، فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَاحِدَةً، فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ تِسْعِينَ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى تِسْعِينَ وَاحِدَةً، فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً، فَمَا زَادَ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ

(1) يشهد له حديث ابن عمر عند البخاري (1483) ، والترمذي (640) ، وأبي داود (1596) ، والنسائي 5/41، ولفظه:"فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَريّاً العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْح نصف العشر". وقد تقدم عند المؤلف برقم (3285) و (3286) و (3287) .

وحديث جابر بن عبد الله عند مسلم (981) ، وأبي داود (1597) ، والنسائي 5/42، وحديث معاذ بن جبل عند النسائي 5/42، وحديث أبي هريرة عند الترمذي (639) .

وحديث أبي سعيد الخدري: " لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ دُونَ خَمْسَةِ أوسق صدقة ". وقد تقدم عند المؤلف برقم (3275) و (3276) و (3277) و (3281) و (3282) .

ص: 502

لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةً طَرُوقَةُ الْجَمَلِ، وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَاقُورَةُ بَقَرَةٍ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً سَائِمَةً شَاةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَاحِدَةً، فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مِئَتَانِ، فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً، فَثَلَاثَةُ شِيَاهٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثَ مِائَةٍ، فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ، وَلَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا عَجْفَاءُ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ وَلَا تَيْسُ الْغَنَمِ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خِيفَةَ الصَّدَقَةَ، وَمَا أُخِذَ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَفِي كُلِّ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ خَمْسَةُ دَرَاهِمٍ، فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ (1) ، وَلَيْسَ فِيهَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ شَيْءٌ (2) ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ، وَإِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِأَهْلِ بَيْتِهِ (3) ، وَإِنَّمَا هِيَ الزَّكَاةُ تُزَكَّى بِهَا أَنْفُسُهُمْ فِي فُقَرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،

(1) من قوله: "وَفِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ سَائِمَةً شَاةٌ" إلى هنا حديث صحيح تقدم تخريجه من حديث أبي بكر عند المؤلف برقم (3266) .

(2)

يشهد له حديث أبي بكر وحديث أبي سعيد الخدري المشار إليهما سابقاً.

(3)

يشهد له حديث أبي هريرة: "إنا لا تحل لنا الصدقة". وقد تقدم تخريجه عند المؤلف برقم (3292) و (3294) و (3295) ، وحديث أبي رافع المتقدم برقم (3293) ، وحديث أنس (3296) .

ص: 503

وَلَيْسَ فِي رَقِيقٍ وَلَا مَزْرَعَةٍ وَلَا عُمَّالِهَا شَيْءٌ، إِذَا كَانَتْ تُؤَدَّى صَدَقُتُهَا مِنَ الْعُشْرِ، وَلَيْسَ فِي عَبْدِ الْمُسْلِمِ وَلَا فَرَسِهِ شَيْءٌ (1) ، وَإِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَالْفِرَارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَرَمْيُ الْمُحْصَنَةِ، وَتَعَلُّمُ السَّحَرِ، وَأَكَلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ (2) ، وَإِنَّ الْعُمْرَةَ الْحَجُّ الْأَصْغَرِ (3) ، وَلَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ (4) إِلَّا طَاهِرٌ (5) .

(1) يشهد له حديث أبي هريرة: "ليس على المسلم في فرسه ولا في مملوكه صدقة"، وفي رواية زيادة:"إلاّ زكاة الفطر". وقد تقدم برقم (3271) و (3272) .

(2)

يشهد له أحاديث صحيحة، منها حديث أبي هريرة المتقدم عند المؤلف برقم (5561) ، وحديث عبد الله بن عمرو المتقدم برقم (5562) ، وحديث عبد الله بن أنس المتقدم برقم (5563) .

(3)

في الأصل: "الأكبر"، والتصويب من "موارد الظمآن"(793) .

ويشهد له حديثا أم سليم وابن عباس: "عمرة في رمضان تعدل حجة" وقد تقدما عند المؤلف برقم (3699) و (3700) .

(4)

سقط من الأصل، واستدرك من "الموارد".

(5)

يشهد له حديث ابن عمر عند الدارقطني 1/121، والطبراني في "الصغير"(1162) ، وفي "الكبير"(13217) ، والبيهقي 1/88 من طريق سعيد بن محمد بن ثواب، عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. وذكره الهيثمي في "المجمع" =

ص: 504

وَلَا طَلَاقَ قَبْلَ إِمْلَاكٍ، وَلَا عِتْقَ حَتَّى يُبْتَاعَ (1) .

= 1/276: وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و "الصغير"، ورجاله موثقون.

وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/131: وإسناده لا بأس به، ذكر الأثرم أن أحمد احتج به.

وحديث عثمان بن أبي العاص عند ابن أبي داود في "المصاحف" ص 212، والطبراني في "الكبير"(8336) من طريقين عنه. وذكره ابن حجر في "التلخيص" 1/131، وقال: وفي إسناد ابن أبي داود انقطاع. وذكر الهيثمي حديث الطبراني 1/277، وقال: وفيه إسماعيل بن رافع، ضعفه يحيى بن معين والنسائي، وقال البخاري: ثقة مقارب الحديث.

(1)

يشهد له حديث عبد الله بن عمرو عند الطيالسي (2265) ، وأحمد 2/189 و190 و 207، وأبي داود (2190) و (2191) و (2192) ، والترمذي (1181) ، وابن ماجه (2047) ، وابن الجارود (743) ، والطحاوي في "المشكل" 1/280-281، والدارقطني 4/14 و 15، والحاكم 2/205، والبيهقي 7/317-318 و 318 من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، وهو قولُ أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.

وحديث المسور بن مخرمة عند ابن ماجة (2048) .

وحديث علي بن أبي طالب عند ابن ماجه (2049) ، والطحاوي في المشكل" 1/280، والبيهقي 7/320، والبغوي (2350) .

وحديث عائشة عند الطحاوي 1/281، والدارقطني 4/15، والحاكم 2/198 و 419، والبيهقي 1/321.

وحديث معاذ بن جبل عند الدارقطني 4/14 و 17، والحاكم 2/419، والبيهقي 7/320.

وحديث ابن عباس عند الحاكم 2/419، والبيهقي 7/320.

وحديث جابر عند الحاكم 2/204 و 420، والبيهقي 7/319.

وحديث ابن عمر عند الحاكم 2/419.

ص: 505

وَلَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى مَنْكِبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ (1) ، وَلَا يَحْتَبِيَنَّ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ شَيْءٌ (2) ، وَلَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَشِقُّهُ بَادٍ (3) ، وَلَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ عَاقِصًا (4) شَعْرَهُ (5) ، وَإِنَّ مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ بَيِّنَةٍ، فَهُوَ قَوَدٌ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ (6) .

(1) يشهد له حديث أبي هريرة عند البخاري (359) ، ومسلم (516) ، وأبي داود (626) ، والنسائي 2/71.

(2)

يشهد له حديث أبي سعيد الخدري، وقد تقدم عند المؤلف برقم (5427) ، وحديث أبي هريرة، وقد تقدم برقم (5426) .

(3)

يشهد له حديث أبي سعيد الخدري، وقد تقدم برقم (5427) .

(4)

تحرفت في الأصل إلى: " عاكص "، والتصويب من " الموارد ".

(5)

يشهد له حديث أبي رافع عند الترمذي (384) ، وأبي داود (646) ، وابن ماجه (1042)، والبغوي (646) . ولفظ ابن ماجه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره. وقال الترمذي: حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يصلي الرجل وهو معقوص شعره. قلت: وله شواهد أخرى.

(6)

يشهد له حديث عبد الله بن عمرو عند الترمذي (1387) ، وابن ماجه (2626) ، وأحمد 2/183 و 217، والبيهقي 8/53 من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو. ولفظ الترمذي: "من قتل مؤمناً متعمداً دُفِعَ إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا الدية، =

ص: 506

وَإِنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ (1) ، وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ (2) ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ (3) ، وَفِي

= وهي ثلاثون حِقَّة، وثلاثون جَذَعة، وأربعون خلفة، وما صالحوا عليه فهو لهم، وذلك لتشديد العقل" وقال: حديث حسن غريب.

وحديث أبي هريرة عند البخاري (112) و (2434) و (6880)، ومسلم (1355) بلفظ:"مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أن يُودَى وإمَّا أن يُقاد".

(1)

يشهد له حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود (4541) ، والترمذي (1387) ، والنسائي 8/42-43، وابن ماجة (2627) و (2630) ، والبغوي (2536) .

وحديث ابن مسعود عند الترمذي (1386) ، وأبي داود (4545) ، والنسائي 8/43-44، وابن ماجة (2631) .

(2)

يشهد له حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد 2/217 و 224، وأبي داود (4564) ، وله شواهد أخرى ستأتي.

(3)

من قوله: "وفي اللسان الدية" إلى هنا فيه أحاديث مرسلة وآثار تقوي حديث الباب وتشده.

ففي "دية اللسان" عن سعيد بن المسيب، وزيد بن أسلم، والزهري، ومكحول مرسلاً، وفيه آثار عن أبي بكر، وعمر، وعلي، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم. انظر " مصنف عبد الرزاق " 9/356-358، و "مصنف ابن أبي شيبة" 9/175-179، و " سنن البيهقي " 8/89.

وفي "دية الشفتين" عن زيد بن أسلم مرسلاً، وفيه آثار انظرها عند عبد الرزاق 9/342-343، وابن أبي شيبة 9/173-175، والبيهقي 8/88.

وفي "دية البيضتين" عن ابن المسيب مرسلاً، وفيه آثار انظرها عند =

ص: 507

الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنَ الْأَصَابِعِ مِنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ (1) مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ (2) ، وَإِنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبد الرزاق 9/373-374، وابن أبي شيبة 9/224-225، والبيهقي 8/97-98.

وفي "دية الذكر" عن الزهري وطاووس مرسلاً، وفيه آثار انظرها عند عبد الرزاق 9/371-372، وابن أبي شيبة 9/213-215، والبيهقي 8/97-98.

وفي "دية الصلب" عن ابن المسيب والزهري مرسلاً، وفيه آثار انظرها عند عبد الرزاق 9/364-366، وابن أبي شيبة 9/229-231، والبيهقي 8/95.

(1)

في الأصل و "الموارد": "عشرة"، والمثبت من مصادر التخريج.

(2)

يشهد له ما أخرجه البزار (1531) ، والبيهقي 8/86 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عكرمة بن خالد، عن أبي بكر بن عبيد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " في الأنف " إذا استُوعِبَ جَدْعُه الدية، وفي العين خمسون، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون، وفي الجائفة ثلث النفس، وفي المنقلة خمس عشرة، وفي الموضحة خمس، وفي السن خمس، وفي كل أصبع مما هنالك عشر عشر". وقال البزار: لا نعلمه عن عمر إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم يروي عكرمة بن خالد، عن أبي بكر بن عبيد الله إلا بهذا. وذكره الهيثمي في "المجمع" 6/296، وقال: رواه البزار وفيه محمد ابن أبي ليلى، وهو سيء الحفظ، وبقية رجاله ثقات.

وأخرج أحمد 2/217 عن يعقوب، عن أبيه، عن محمد بن اسحاق، =

ص: 508

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده مرفوعاً. وفيه: وقضى في الأنف إذا جُدِع كُلُّه بالعَقْل كاملاً، وإذا جُدعت أرنبته فنصف العقل، وقضى في العين نصفَ العقل، خمسين من الإبل، أو عِدْلَها ذهباً أو وَرِقاً، أو مئةَ بقرةٍ، أو ألفَ شاةٍ، والرجلُ نصف العقل، واليد نصف العقل، والمأمومةُ ثلثُ العقل، ثلاث وثلاثون من الإبل أو قيمتها من الذهب، أو الوَرِق، أو البقر، أو الشاء، والجائفةُ ثلثُ العقل، والمُنَقِّلَةُ خمس عشرةَ من الإبل، والموضحة خمس من الإبل، والأسنان خمس من الإِبل، وأخرجه بنحوه أبو داود (4564) .

وأخرج أبو داود (4562) ، وابن ماجه (2653) ، وابن الجارود (781) و (785) ، والنسائي 8/57، والبيهقي 8/89 من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الأصابع عشراً عشراً من الإبل.

وأخرجه النسائي 8/56، وأبو داود (4556) و (4557) ، وابن ماجه (5654) ، والطيالسي (511) ، وأحمد 4/397 و 498، والدارمي 2/194، والبيهقي 8/92 من حديث أبي موسى الأشعري.

وأخرجه الترمذي (1391) ، وابن الجارود (780) من حديث ابن عباس، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.

وأخرج ابن ماجه (2651) من حديث ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى في السن خمساً من الإبل. وصحح البوصيري إسناده في "مصباح الزجاجة" ورقة (169) .

وأخرجه بنحوه أبو داود (4563) ، والنسائي 8/55، والدارمي 2/195، والبيهقي 8/89 من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

وأخرج أبو داود (4566) ، والترمذي (1390) ، والنسائي 8/57، وابن ماجه (2655) ، والدارمي 2/194، وابن الجارود (785) ، والبيهقي 8/89 من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في المواضح خمساً خمساً من الإبل.

ص: 509

بِالْمَرْأَةِ (1)، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ (2) » . [5: 37]

لَفْظُ الْخَبَرِ لِحَامِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ (3) .

(1) يشهد له حديث أَنَسٍ أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ تقدم عند المؤلف برقم (5991) و (5992) و (5993) .

(2)

لا يصح في المرفوع، وإنما هو عن عمر، فقد أخرج أبو داود (4542) ، ومن طريقه البيهقي 8/77 عن يحيى بن حكيم، عن عبد الرحمن بن عثمان، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان مئة دينار أو ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذٍ النصف من دية المسلمين، قال: فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر رحمه الله، فقام خطيباً، فقال: ألا إن الإِبل قد غلت، قال: ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفاً، وعلى أهل البقر مئتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مئتي حلة.

(3)

إسناده ضعيف. سليمان بن داود إنما هو سليمان بن أرقم المتفق على ضعفه، غلط الحكم بن موسى في اسم والده، فقال: سليمان بن داود، حكى ذلك غير واحد من الأئمة.

قال أبو داود في "المراسيل" ص 213 -بتحقيقي- بعد أن أورده مرسلاً: أسند هذا، ولا يصح، رواه يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده

حدثنا أبو هبيرة (هو محمد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي) قال: قرأته في أصل يحيى بن حمزة: حدثني سليمان بن أرقم، وحدثنا هارون بن محمد بن بكار، حدثني أبي وعمي، قالا: حدثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم، مثله.

قال أبو داود: والذي قال: "سليمان بن داود" وهم فيه، حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود الخولاني -ثقة- عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، =

ص: 510

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن جده. وَهمَ فيه الحكم.

وروى النسائي هذا الحديث موصولاً من طريق الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزهري. ثم رواه من طريق محمد بن بكار بن بلال، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، ثم قال: وهذا أشبه بالصواب، وسليمان بن أرقم: متروك الحديث.

وقال أبو زرعة الدمشقي: الصواب سليمان بن أرقم.

وقال صالح جزرة: نظرت في أصل كتاب يحيى بن حمزة حديث عمرو بن حزم في الصدقات، فإذا هو عن سليمان بن أرقم، قال صالح: كتب عني مسلم بن الحجاج هذا الكلام.

وقال الحافظ أبو عبد الله ابن منده: قرأت في كتاب يحيى بن حمزة بخطه عن سليمان بن أرقم، عن الزهري.

وقال أبو الحسن الهروي: الحديث في أصل يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم، غلط عليه الحكم.

وقال ابن أبي حاتم في "علل الحديث" 1/222: وسألت أبي عن حديث رواه يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بصدقات الغنم

قلت له: من سليمان هذا؟ قال أبي: من الناس من يقول: سليمان بن أرقم، قال أبي: وقد كان قدم يحيى بن حمزة العراق، فيرون أن الأرقم لقب، وأن الاسم داود، ومنهم من يقول: سليمان بن داود الدمشقي، شيخ ليحيى بن حمزة لا بأس به، فلا أدري أيهما هو، وما أظن أنه هذا الدمشقي، ويقال: إنهم أصابوا هذا الحديث بالعراق من حديث سليمان بن أرقم.

وقال الإمام الذهبي: ترجح أن الحكم وهم ولا بُد.

وفي "التهذيب": سليمان بن أرقم: قال ابن معين: ليس بشيء، ليس يسوى فلساً، وقال عمرو بن علي: ليس بثقة، روى أحاديث منكرة، وقال البخاري: تركوه، وقال أبو داود، والترمذي، وأبو حاتم، والدارقطني، =

ص: 511

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأبو أحمد الحاكم وغيرهم: متروك الحديث. وقال ابن حبان: وكان ممن يقلب الأخبار، ويروي عن الثقات الموضوعات، وقال الترمذي: ضعيف عند أهل الحديث.

وأخرجه مطولاً: الحاكم 1/395-397، والبيهقي 4/89-90 من طرق عن الحكم بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصراً: النسائي 8/57-58 في القسامة: باب ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول واختلاف الناقلين فيه، وأبو داود في "المراسيل"(259) بتحقيقي، والدارمي 2/188 و 189-190، والدارقطني 1/22 و2/285، والبيهقي 1/87-88 و 8/25 و 28 و 73 و 79 و 88 و 88 -89 و 95 و 97 من طرق عن الحكم بن موسى، به.

وأخرجه مختصراً ابن خزيمة (2269) ، والدارقطني 3/210 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، عن جده.

لكن رواه عبد الرزاق في " المصنف "(6793) عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم معضلاً، ولم يذكر "عن أبيه عن جده".

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/849 في أول كتاب العقول، ومن طريقه النسائي 8/60، والدارقطني 1/121 و 121-122، والبيهقي 8/73 و 81، والبغوي (275) ، و (2538) من طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فذكره مرسلاً.

وأخرجه مختصراً ابن أبي شيبة 9/159، والدارقطني 1/122 و 3/209، ومن طريقه البيهقي 8/87-88 و 93 من طريقين عن محمد بن عمارة، عن أبي بكر ابن حزم قال: في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم

وأخرجه النسائي 8/59 من طريق يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم، قال: حدثني الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن.... وقال النسائي: وهذا أشبه بالصواب، والله أعلم، وسليمان بن أرقم: متروك الحديث، وقد =

ص: 512

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= روى هذا الحديث يونس عن الزهري مرسلاً.

قلت: رواية يونس عن الزهري أخرجها النسائي 8/59، وأبو داود في "المراسيل"(257) ، والبيهقي 8/80-و81 و 97 من طرق عن عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد

فذكره.

قلت: ومع كون المسند ضعيفاً، فقد تقدم في التعاليق السالفة ما يشهد لمعظم ما جاء فيه.

وقوله: "العقار" أي: الضيعة والنخل والأرض ونحو ذلك. وقوله: "أو كان سيحاً أوبعلاً" السَّيحْ: ما سقي بالماء الجاري، والبعل: هو ما ينبت من النخل في أرض يقرب ماؤها، فرسخت عروقُها في الماء، واستغنت عن ماء السماء والأنهار وغيرها.

وقوله: "خمسة أوسق" أوسق: جمع وَسْق، والوَسْق: ستون صاعاً، والصاع: خمسهَ أرطال وثلث، والمجموع ثلاث مئة صاع، وهي ألف وست مئة رطل بغدادي، والرطل مئة وثمانية وعشمرون درهماً وأربعة أسباع. وهو بالرطل الدمشقي المقدر بست مئة درهم: ثلاث مئة رطل واثنان وأربعون رطلاً وستة أسباع رطل، وهي تعادل (655) كغم تقريباً.

وقوله: "ابنة مخاض": هي التي أتى عليها الحولُ، وطعنَتْ في السنة الثانية، سميت ابنة مخاض، لأن أمها تَمْخَضُ بولدٍ آخر، والذكر ابن مخاض، والمخاض: الحوامل.

وقوله: " فابن لبون " هو الذي أتى عليه حولان وطعن في السنة الثالثة، لأن أمه تصير لَبوناً بوضع الحمل، ووصفه بالذكورة للتأكيد.

والحِقَّة: هي التي أتت عليها ثلاث سنين، وطعنت في الرابعة، سميت بها، لأنها تستحق الحملَ والضِّراب، والذكر حِقٌّ.

وطروقة الجمل: بمعنى مطروقة، وهي فعولة، بمعنى مفعولة، كحلوبة وركوبة، والمراد أنها بلغت أن يطرُقَها الفَحْلُ.

والجَذَعة: هي التي تمت لها أربع سنين، وطعنت في الخامسة، لأنها تُجْذِعُ السِّنُّ فيها. =

ص: 513

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والسائمة: الراعية. قال البغوي في "شرح السنة" 6/13: وفيه دليل على أن الزكاة تجب في الغنم إذا كانت سائمة، أما المعلوفة، فلا زكاة فيها.

والعجفاء: المهزولة من الغنم وغيرها.

وقوله: "ولا ذات عوار" فالعوار: النقص والعيب، ويجوز بفتح العين وضمها، والفتح أفصح، وذلك إذا كان كُلُّ ماله أو بعضه سليماً، فإن كان كل ماله معيباً، فإنه يأخذ واحداً من أوسطه.

وقوله: "ولا تيس الغنم" أراد به فحل الغنم، ومعناه: إذا كانت ماشيته أو كلها أو بعضها إناثاً لا يؤخذ منها الذكر، إنما يؤخذ الأنثى إلا في موضعين ورد بها السنة، وهو أخذ التبيع من ثلاثين من البقر، وأخذ ابن اللبون من خمس وعشرين من الإِبل بدل ابنة المخاض عند عدمها، فأما إذا كانت كل ماشيته ذكوراً، فيؤخذ الذكر.

وقوله: "ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع": نهي من جهة صاحب الشرع للساعي ورب المال جميعاً، نُهي ربُّ المال عن الجمع والتفريق قصداً إلى تقليل الصدقة، ونُهي الساعي عنهما قصداً إلى تكثير الصدقة. وبيانه: إذا كانت بين رجلين أربعون شاة مختلطة، فلما أظلهما الساعي فرَّقاها لئلا تجب عليهما الزكاة، أو كانت متفرقة، فأراد الساعي جمعها لتجب الزكاة، ونحو ذلك، فنُهوا عن ذلك، وأُمروا بتقديرها على حالتها.

وقوله: "وما أُخِذَ من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" قال الخطابي: معناه أن يكون بينهما أربعون شاة مثلاً، لكل واحد منهما عشرون قد عرف كل واحد منهما عين ماله، فيأخذ المصدق من أحدهما شاةً فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة، وهذه تسمى خلطة الجوار.

وقوله: "عاقصاً شعره" العقص: هو ليُّ الشعر وإدخال أطرافه في أصوله.

وقوله: "أوعب" ويروى: " استُوعِبَ " أي: قُطِعَ جميعه.

و"المأمومة" قيل لها: مأمومة، لأن فيها معنى المفعولية في الأصل، وهي الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجِلْدة التي تجمع الدماغ. =

ص: 514

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ هَذَا هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلَانِيُّ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْيَمَامِيُّ لَا شَيْءَ، وَجَمِيعًا يَرْوِيَانِ عَنِ الزُّهْرِيِّ» (1) .

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَدْ أُوذِيَ فِي إِقَامَةِ الدِّينِ مَا لَمْ يُؤْذَ أَحَدٌ (2) مِنَ الْبَشَرِ فِي زَمَانِهِ

6560 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ

= و "الجائفة": هي أن يضرب في ظهره أو بطنه أو صدره، فتنفذ إلى جوفه، فإن خرجت من الجانب الآخر، فهي جائفتان، ففيهما ثلثا الدية.

و"المنقّلة": هي التي تخرج منها صغار العظام، وتنتقل عن أماكنها، وقيل: هي التي تنقل العظم، أي: تكسره.

و"الموضحة": هي الشجة التي تكشف العظم.

(1)

نص كلامه في "الثقات" 6/387: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلَانِيُّ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، يروي عن الزهري قصة الصدقات، روى عنه يحيى بن حمزة، وقد روى أبو اليمان عن شعيب، عن الزهري بعض ذلك الحديث، وليس هذا بسليمان بن داود اليمامي، ذلك ضعيف، وهذا ثقة، وقد رويا جميعاً عن الزهري.

قلت: وهذا الذي قاله صحيح، لكن لم يتنبه إلى خطأ الحكم في اسم والد سليمان، فقال: ابن داود، وإنما هو ابن أرقم، كما تقدم بيانه، فجزم بسبب ذلك بصحة الحديث، وأدرجه في "صحيحه".

(2)

في الأصل: "أحداً"، وهو خطأ.

ص: 515

ثَلَاثٌ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَمَا لِي طَعَامٌ إِلَّا مَا وَارَاهُ إِبِطُ بِلَالٍ» (1) . [5: 45]

‌ذِكْرُ صَبْرِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ، وَشَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ بِاحْتِسَابِ الْأَذَى فِي الرِّسَالَةِ

6561 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكَ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمَكِ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ عليه السلام، فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكُ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَ بِمَا شِئْتَ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. وهو في "مسند أبي يعلى"(3423) ، وفي "مصنف ابن أبي شيبة" 11/464 و 14/300.

وأخرجه أحمد 3/120، وابن ماجه (151) في المقدمة: باب فضل سلمان وأبي ذر والمقداد، عن وكيع بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/286، والترمذي (2472) في صفة القيامة: باب رقم (34) ، وفي "الشمائل"(137) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/150 من طريقين عن حماد بن سلمة، به.

ص: 516

فِيهِمْ، قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ» ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» (1) . [5: 45]

‌ذِكْرُ مُقَاسَاةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ يُقَاسِي مِنْ قَوْمِهِ فِي إِظْهَارِ الْإِسْلَامِ

6562 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه البخاري (3231) في بدء الخلق: باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء

، و (7389) في التوحيد: باب {وكان الله سميعاً بصيراً} ، ومسلم (1795) في الجهاد: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 12/106، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(213) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 47 -48، والآجري في "الشريعة" ص 459، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 176 من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وقوله: "أن أطبق عليهم الأخشبين" قال الحافظ: الأخشبان: جبلا مكة أبو قبيس والذي يقابله، وكأنه قعيقان، وقال الصغاني: بل هو الجبل الأحمر الذي يشرف على قعيقعان، وسميا بذلك لصلابتهما، وغلظ حجارتهما، والمراد بإطباقهما أن يلتقيا على من بمكة، ويحتمل أن يريد أنهما يصيران طبقاً واحداً.. وفي هذا الحديث بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على قومه، ومزيد صبره وحلمه، وهو موافق لقوله تعالى:{فبما رحمة من الله لنت لهم} وقوله: {ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} .

ص: 517

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، وَهُوَ يَقُولُ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا» ، وَرَجُلٌ يَتْبَعُهُ يَرْمِيهِ بِالْحِجَارَةِ، وَقَدْ أَدْمَى عُرْقُوبَيْهِ وَكَعْبَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تُطِيعُوهُ، فَإِنَّهُ كَذَّابٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: هَذَا غُلَامُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قُلْتُ: فَمَنْ هَذَا الَّذِي يَتْبَعُهُ يَرْمِيهِ بِالْحِجَارَةِ؟ قَالَ: هَذَا عَبْدُ الْعُزَّى أَبُو لَهَبٍ قَالَ: فَلَمَّا ظَهَرَ الْإِسْلَامُ، خَرَجْنَا فِي ذَلِكَ حَتَّى نَزَلْنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَمَعَنَا ظَعِينَةٌ لَنَا فَبَيْنَا نَحْنُ قُعُودٌ إِذْ أَتَانَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ الْقَوْمُ؟ قُلْنَا: مِنَ الرَّبَذَةِ، قَالَ: وَمَعَنَا جَمَلٌ، قَالَ: أَتَبِيعُونَ هَذَا الْجَمَلَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْنَا: بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، قَالَ: فَأَخَذَهُ، وَلَمْ يَسْتَنْقِصْنَا، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ، ثُمَّ تَوَارَى بِحِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَتَلَاوَمْنَا فِيمَا بَيْنَنَا، فَقُلْنَا: أَعْطَيْتُمْ جَمَلَكُمْ رَجُلًا لَا تَعْرِفُونَهُ؟ قَالَ: فَقَالَتِ الظَّعِينَةُ: لَا تَلَاوَمُوا، فَإِنِّي رَأَيْتُ وَجْهَ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لِيَحْقِرَكُمْ، مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ وَجْهِهِ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَشِيِّ أَتَانَا رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، وَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا حَتَّى تَشْبَعُوا، وَتَكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا» قَالَ: فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا وَاكْتَلْنَا حَتَّى اسْتَوْفَيْنَا، قَالَ: ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ مِنَ الْغَدِ، فَإِذَا رَسُولُ

ص: 518

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: «يَدُ الْمُعْطِي يَدُ الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، أُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ» ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ بَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ قَتَلُوا فُلَانًا (1) فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَخُذْ لَنَا بِثَأْرِنَا مِنْهُ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، وَقَالَ:«أَلَا لَا تَجْنِي أُمٌّ عَلَى وَلَدٍ، أَلَا لَا تَجْنِي أُمٌّ عَلَى وَلَدٍ» (2) . [5: 45]

(1) تحرفت في الأصل إلى: "قتلانا"، والمثبت من مصادر التخريج.

(2)

إسناده صحيح. يزيد بن زياد بن أبي الجعد وثقه ابن معين وأحمد والمصنف، وروى له النسائي وابن ماجه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، فمن رجال السنن.

وأخرج النسائي 8/55 في القسامة: باب هل يؤخذ أحد بجريرة أحد؟ عن يوسف بن عيسى، قال: أنبأنا الفضل بن موسى، قال: أنبأنا يزيد -وهو ابن زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ- عَنْ جَامِعِ بْنِ شداد، عن طارق المحاربي أن رجلاً قال: هؤلاء بنو ثعلبة

فذكره.

وأخرجه بطوله الحاكم 2/611-612، وعنه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/381 حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد المجبار، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا يزيد بن زياد، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وأخرجه الدارقطني 3/44-45 عن أبي عبيد القاسم بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، حدثنا ابن نمير، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8175) ، والبيهقي 5/380-381 من طريقين عن أبي جناب الكلبي، حدثنا جامع بن شداد، به.

وأخرجه مختصراً ابن أبي شيبة 14/300 عن عبد الله بن نمير، عن =

ص: 519

‌ذِكْرُ سَبِّ الْمُشْرِكِينَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ

6563 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،

= يزيد بن زياد، حدثنا أبو صخرة جامع بن شداد، به.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 6/23، وقال بعد أن عزاه للطبراني: فيه أبو جناب وهو مدلس، وقد وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قلت: قد صرح أبو جناب بالتحديث عند البيهقي.

وأخرج ابن ماجه (2670) في الديات: باب لا يجني أحد على أحد، عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، عن يزيد بن أبي زياد، حدثنا جامع بن شداد، عن طارق المحاربي، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه

وقال البُوصيري في "الزوائد" 170/2: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رواه أبو بكر بن أبي شيبة في " مسنده " ضمن متن طويل، وروى النسائي طرفاً منه في الزكاة 5/61.

وذو المجاز: موضع سوق لمكَّة في الجاهلية بعرفة على فرسخٍ منها، كانت تقام إذا أهل هلال ذي الحجة وتستمر إلى يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة. انظر "معجم البلدان" 5/55، و"الروض المعطار" ص 411. وانظر (3344) .

وقوله: "ألا لا تجني أم على ولد" هذا نهي أبرز في صورة النفي للتأكيد، أي: جنايتها لا تلحق ولدها مع ما بينهما من شدة القرب، وكمال المشابهة، فجناية كل واحد منهما قاصرة عليه لا تتعداه إلى غيره، ولعل المراد الإثم، وإلاَّ فالدِّيةُ متعدِّية، ويحتمل أن يخص الجناية بالعمد، والمراد أنه لا يقتل إلا القاتل لا غيره، كما كان عليه أمر الجاهلية، فهو إخبار ببطلان أمر الجاهلية. انظر "فيض القدير" 6/391، وحاشية السندي على النسائي 8/53.

ص: 520

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ مُتَوَارٍ (1) ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ وَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:« {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110] ، فَتُسْمِعَ الْمُشْرِكِينَ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] عَنْ أَصْحَابِكَ، أَسْمِعْهُمُ الْقُرْآنَ، وَلَا تَجْهَرْ ذَلِكَ الْجَهْرَ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ» (2) . [5: 45]

(1) في الأصل "متواري"، والجادة حذف الياء كما أثبت.

(2)

إسناده صحيح. زكريا بن يحيى الواسطي، ذكره المؤلف في "الثقات" 8/253، فقال: زكريا بن يحيى بن صبيح زحمويه من أهل واسط، يروى عن هشيم وخالد، حدَّثنا عنه شيوخُنا الحسنُ بنُ سفيان وغيرُه، وكان من المتقنين في الروايات، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين، ووثقه الحافظ في "لسان الميزان" 2/484. ومن فوقه من رجال الشيخين، وقد صرح هُشيم بالتَّحديثِ عند غيرِ المصنف، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية.

وأخرجه أحمد 1/23 و 215، والبخاري (4722) في تفسير سورة الإسراء: باب {وَلا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} ، و (7490) في التوحيد: باب قوله: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} ، و (7525) باب قول الله تعالى:{وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} ، و (7547) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن

"، ومسلم (446) في الصلاة ة باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية، والترمذي (3144) في التفسير: باب ومن سورة بني إسرائيل، والنسائي 2/177-178 في الصلاة: باب قوله عز وجل: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِك} ، والطبري في " جامع البيان " 15/184-185 و 186، والواحدي في "أسباب النزول" ص 200، والبيهقي في " السنن " 2/184، وفي " الأسماء والصفات " ص 262، والبغوي في "معالم التنزيل" 3/142 من طرق عن هشيم، بهذا الإسناد. =

ص: 521

‌ذِكْرُ تَكْذِيبِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَدِّهِمْ عَلَيْهِ مَا آتَاهُمْ بِهِ مِنَ اللَّهِ عز وجل

6564 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: خَرَجَ جَيْشٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَا أَمِيرُهُمْ، حَتَّى نَزَلْنَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَقَالَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَائِهِمُ: اخْرِجُوا إِلَيَّ رَجُلًا يُكَلِّمُنِي وَأُكَلِّمُهُ، فَقُلْتُ: لَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ غَيْرِي، فَخَرَجْتُ وَمَعِي تُرْجُمَانِي وَمَعَهُ تُرْجُمَانَهُ حَتَّى وُضِعَ لَنَا مِنْبَرٌ (1)، فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ فَقُلْتُ: «إِنَّا نَحْنُ الْعَرَبُ، وَنَحْنُ أَهْلُ الشَّوْكِ وَالْقَرَظِ، وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ اللَّهِ، كُنَّا أَضْيَقَ النَّاسِ أَرْضًا، وَأَشَدَّهُمْ عَيْشًا، نَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ، وَيَغِيرُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ (2) بِأَشَدِّ عَيْشٍ عَاشَ بِهِ النَّاسُ، حَتَّى خَرَجَ فِينَا رَجُلٌ لَيْسَ بِأَعْظَمِنَا - يَوْمَئِذٍ - شَرَفًا، وَلَا أَكْثَرَنَا مَالًا، وَقَالَ:» أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ «، يَأْمُرُنَا بِمَا لَا نَعْرِفُ، وَيَنْهَانَا عَمَّا كُنَّا عَلَيْهِ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا، فَكَذَّبْنَاهُ، وَرَدَدْنَا عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ، حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ غَيْرِنَا، فَقَالُوا: نَحْنُ نُصَدِّقُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَتَّبِعُكَ، وَنُقَاتِلُ مَنْ قَاتَلَكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، وَخَرَجْنَا إِلَيْهِ، فَقَاتَلْنَاهُ، فَقَتَلْنَا،

= وأخرجه النسائي 2/178، والطبري 15/185 و 186، والطبراني في "الكبير"(12454) من طرق عن الأعمش، وأخرجه الترمذي (3145) من طريق شعبة، كلاهما عن أبي بشر، به.

(1)

في " المجمع " و " السير ": منبران.

(2)

سقطت من الأصل، واستدركت من "الموارد".

ص: 522

وَظَهَرَ عَلَيْنَا، وَغَلَبَنَا، وَتَنَاوَلَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ يَعْلَمُ مَنْ وَرَائِي مِنَ الْعَرَبِ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا جَاءَكُمْ حَتَّى يُشْرِكَكُمْ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ» ، فَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَكُمْ قَدْ صَدَقَ، قَدْ جَاءَتْنَا رُسُلُنَا بِمِثْلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُكُمْ، فَكُنَّا عَلَيْهِ حَتَّى ظَهَرَتْ فِينَا مُلُوكٌ، فَجَعَلُوا يَعْمَلُونَ بِأَهْوَائِهِمْ، وَيَتْرُكُونَ أَمْرَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنْ أَنْتُمْ أَخَذْتُمْ بِأَمْرِ نَبِيِّكُمْ لَمْ يُقَاتِلْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبْتُمُوهُ، وَلَمْ يُشَارِكْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا ظَهَرْتُمْ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَعَلْتُمْ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْنَا، وَتَرَكْتُمْ أَمْرَ نَبِيِّكُمْ وَعَمِلْتُمْ مِثْلَ الَّذِي عَمِلُوا بِأَهْوَائِهِمْ فَخَلَّى بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ لَمْ تَكُونُوا أَكْثَرَ عَدَدًا مِنَّا، وَلَا أَشَدَّ مِنَّا قُوَّةً، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ:«فَمَا كَلَّمْتُ رَجُلًا قَطُّ أَمْكَرَ مِنْهُ» (1) . [5: 45]

‌ذِكْرُ تَعْيِيرِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَحْوَالِ

6565 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ الصَّبَّاحِ الْجَرْجَائِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ:

(1) إسناده حسن، محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي، وهو حسن الحديث، وأبوه عمرو بن علقمة، صَحَّحَ حديثه الترمذي وابن خزيمة.

والحديث أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " 6/218، وقال: رواه الطبراني، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.

وأورده أيضاً الذهبي في "السير" 3/70-71 من طريق خالد بن عبد الله، به.

ص: 523

سَمِعْتُ جُنْدُبًا (1) الْبَجَلِيَّ، يَقُولُ:«أَبْطَأَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدْ وُدِّعَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] » (2) . [5: 64]

‌ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ لِلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَا وَصَفْنَاهُ

6566 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا، يَقُولُ:«اشْتَكَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1-3] » (3) . [5: 64]

(1) في الأصل: " جندب "، والجادة ما أثبت.

(2)

إسناده صحيح. رجاله رجال الشيخين غير محمد بن الصباح الجرجرائي، فقد روى له أبو داود وابن ماجه، وهو صدوق.

وأخرجه مسلم (1797)(114) في الجهاد: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المنافقين، والطبري في " جامع البيان " 30/231، والطبراني في "الكبير"(1712) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم. عبد الحميد: هو عبد بن حميد صاحب "التفسير"، من رجال مسلم، ومَنْ فوقه من رجال الشيخين.

وأخرجه البخاري (1124) في التهجد: باب ترك القيام للمريض، و (4983) في فضائل القرآن: باب كيف نزول الوحي، والطبراني في =

ص: 524

‌ذِكْرُ بَعْضِ أَذَى الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عِنْدَ دَعْوَتِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ

6567 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قُلْتُ: مَا أَكْثَرُ مَا رَأَيْتَ قُرَيْشًا أَصَابَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِيمَا كَانَتْ تُظْهِرُ مِنْ عَدَاوَتِهِ؟ قَالَ: قَدْ حَضَرْتُهُمْ وَقَدِ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ فِي الْحِجْرِ، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ، سَفَّهَ أَحْلَامَنَا، وَشَتَمَ آبَاءَنَا، وَعَابَ دِينَنَا، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَسَبَّ آلِهَتَنَا، لَقَدْ صَبَرْنَا مِنْهُ (1)

= "الكبير"(1709) ، والبيهقي في "السنن" 3/14 من طرق عن أبي نعيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (1125)، والترمذي (3345) في التفسير: باب ومن سورة الضحى، والطبري في "جامع البيان" 30/231، والواحدي في "أسباب النزول" ص 301، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/58 من طرق عن سفيان، به.

وأخرجه أحمد 4/312، والبخاري (4950) و (4951) في تفسير سورة الضحى: باب {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ، ومسلم (1797) (115) في الجهاد: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المنافقين، والطبري 30/231، والطبراني (1710) و (1711) ، والبيهقي في "السنن" 3/14، وفي "دلائل النبوة" 7/59، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/497 من طريقين عن الأسود بن قيس، به.

(1)

في الأصل: "فيه"، والمثبت من "سيرة ابن إسحاق" وموارد الحديث.

ص: 525

عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، أَوْ كَمَا قَالُوا، فَبَيْنَا هُمْ فِي ذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَمَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا أَنْ مَرَّ بِهِمْ (1) غَمَزُوهُ بِبَعْضِ الْقَوْلِ، قَالَ: وَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ مَضَى صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ مَضَى صلى الله عليه وسلم، فَمَرَّ بِهِمُ الثَّالِثَةَ، غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا، ثُمَّ قَالَ:«أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ» قَالَ: فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا لَكَأَنَّمَا عَلَى رَأْسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ، حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَطْأَةً قَبْلَ ذَلِكَ يَتَوَقَّاهُ (2) بِأَحْسَنِ مَا يُجِيبُ (3) مِنَ الْقَوْلِ (4)، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: انْصَرِفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، انْصَرِفْ رَاشِدًا، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ جَهُولًا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ وَأَنَا مَعَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ، وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ، حَتَّى إِذَا بَادَأَكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ، وَبَيْنَا هُمْ فِي ذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَأَحَاطُوا بِهِ، يَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا - لِمَا (5) كَانَ يَبْلُغُهُمْ عَنْهُ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ؟ قَالَ: «نَعَمْ، أَنَا الَّذِي أَقُولُ ذَلِكَ» قَالَ: فَلَقَدْ

(1) في الأصل: "به"، والمثبت من "سيرة ابن إسحاق" وغيرها.

(2)

كذا الأصل، وفي "السيرة" وغيرها:"ليرفؤه"، أي: يسكنه ويهدئه.

(3)

كذا الأصل، وفي موارد الحديث:"يجد".

(4)

تحرفت في الأصل إلى " القوم "، والمثبت من "السيرة" وغيرها.

(5)

في الأصل: "فلما"، والمثبت من موارد الحديث.

ص: 526

رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ، وَقَالَ وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه دُونَهُ يَقُولُ وَهُوَ يَبْكِي: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ؟، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَأَشُدُّ مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا بَلَغَتْ مِنْهُ قَطُّ (1) . [5: 45]

‌ذِكْرُ رَمْيُ الْمُشْرِكِينَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِالْجُنُونِ

6568 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،

(1) إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، وهو صدوق،

وقد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، والحديث في "سيرته" 1/309

-310.

ومن طريقه أخرجه أحمد 2/218، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/275 -276 وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/15-16، وقال: في الصحيح طرف منه، رواه أحمد، وقد صرح ابن إسحاق بالسَّماع، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قلت: أخرج أحمد 2/204، والبخاري (3678) في فضائل الصحابة: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً"، و (3856) في مناقب الأنصار: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين، و (4815) في تفسير سورة المؤمنون، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/274، والبغوي (3746) من طرق عن الوليد بن مسلم، قال: سمعت الأوزاعي، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قال: حدثني عروة بن الزبير، قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قلت: حدثني بِأَشَدّ شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره مختصراً.

ص: 527

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ضِمَادًا قَدِمَ مَكَّةَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ (1)، فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ، فَقَالَ: لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَهُ عَلَى يَدَيَّ، قَالَ: فَلَقِيَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ، وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدَيَّ مَنْ شَاءَ فَهَلْ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلٌّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ» ، فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَذِهِ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ، هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَعَلَى قَوْمِكَ؟» ، فَقَالَ: وَعَلَى قَوْمِي، قَالَ: فَبَايَعَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ، فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ فَقَالُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً، قَالَ: رُدُّوهَا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ (2) . [5: 45]

(1) الريح: الجنون ومس الجن.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى.

وأخرجه مسلم (868) في الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة، وابن منده في " الإيمان "(132) ، والبيهقي 3/214، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/56-57 من طريق محمد بن المثنى، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم وابن منده من طريقين عن عبد الأعلى، به. =

ص: 528

‌ذِكْرُ جَعْلِ الْمُشْرِكِينَ رِدَاءَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي عُنُقِهِ، عِنْدَ تَبْلِيغِهِ إِيَّاهُمْ رِسَالَةَ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا

6569 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا أَرَادُوا قَتْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا يَوْمًا رأيتهم (1) وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَجَعَلَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ جَذَبَهُ حَتَّى وَجَبَ لِرُكْبَتَيْهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَصَايَحَ النَّاسُ، فَظُنُّوا أَنَّهُ مَقْتُولٌ، قَالَ: وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَشْتَدُّ حَتَّى أَخَذَ بِضَبْعَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَرَائِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ مَرَّ بِهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ:«يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ إِلَّا بِالذَّبْحِ» ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: يَا مُحَمَّدُ، مَا كُنْتَ جَهُولًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنْتَ مِنْهُمْ» (2) . [5: 45]

= وأخرجه مختصراً أحمد 1/350، والنسائي 6/89-90 في النكاح: باب ما يستحب من الكلام عند النكاح، وابن ماجه (1893) في النكاح: باب خطبة النكاح، من طرق عن داود بن أبي هند، به.

(1)

كذا الأصل وعند أبي يعلى وابن أبي شيبة وغيرهما: "إلا يوم ائتمروا به".

(2)

إسناده حسن، محمد بن عمرو بن علقمة صدوق حسن الحديث روى له البخاري مقرونا، ومسلم متابعة، وباقي رجاله رجال الشيخين. =

ص: 529

‌ذِكْرُ طَرْحِ الْمُشْرِكِينَ سَلَى الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6570 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ وَحَوْلُهُ نَاسٌ، إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ، فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، وَقَالَ (1) :«اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ» ، شَكَّ شُعْبَةُ، قَالَ:«فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ وَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ، غَيْرَ أَنَّ أُمَيَّةَ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، فَلَمْ يُلْقَ فِي الْبِئْرِ» (2) . [5: 45]

= وهو في "مسند أبي يعلى" 343/1، و "مصنف ابن أبي شيبة" 14/297.

وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد"(308) ، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(159) من طريقين عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/16، وقال: رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، وحديثهُ حسن، وبقية رجال الطبراني رجال الصحيح.

(1)

تحرفت في الأصل إلى: "قالت"، والمثبت من موارد الحديث.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد: هو ابن جعفر الملقب بغندر، =

ص: 530

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأبو إسحاق: هو السبيعي، وسماعُ شعبة منه قديم.

وأخرجه البخاري (3854) في مناقب الأنصار: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة، ومسلم (1794) (108) في الجهاد: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين، عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/393 عن محمد بن جعفر، به.

وأخرجه البخاري (240) في الوضوء: باب إذا ألقي على ظهر المصلِّي قذر أو جيفة لم تفسد عليه الصلاة، ومسلم، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/278 من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/298، وأحمد 1/417، والبخاري (240) في الوضوء، و (520) في الصلاة: باب المرأة تطرح عن المصلي شيئاً من الأذى، و (2934) في الجهاد: باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، و (3960) في المغازي: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش، ومسلم، والنسائي 1/161-162 في الطهارة: باب فرث ما يُؤكل لحمه يُصيب الثوب، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1418) و (1419) ، والبزار (2399) ، والبيهقي في "السنن" 9/7-8، وفي "دلائل النبوة" 2/279 و 279-280 و 3/82-83، والبغوي (3745) من طرق عن أبي إسحاق، به.

قال الحافظ في "الفتح" 1/352: روى هذا الحديث ابنُ إسحاق في " المغازي "، قال: حدثني الأجلح عن أبي إسحاق، فذكر هذا الحديث، وزاد في آخره قصة أبي البختري مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سؤاله إياه عن القصة، وضرب أبي البختري أبا جهل وشجه إياه، والقصة مشهورة في السيرة، وأخرجها البزار من طريق أبي إسحاق، وأشار إلى تفرد الأجلح بها عن أبي إسحاق.

قلتُ: هو عندَ البزار (2398) ، وأيضاً عندَ أبي نعيم في "دلائل النبوة"(200) من طريق محمد بن إسحاق، حدثني الأجلح، عن أبي إسحاق السبيعي، به.

وقال البزار: هذا الحديثُ بهذا اللفظ لا نعلم رواه إلا الأجلح، وقد =

ص: 531

‌ذِكْرُ هَمِّ أَبِي جَهْلٍ أَنْ يَطَأَ رَقَبَةَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6571 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ،

= رواه إسرائيل وشعبة وزيد بن أبي أنيسة وغيرهم، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عن عبد الله.

وقال الهيثمي في "المجمع" 6/17: رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وفيه الأجلحُ بن عبد الله الكندي، وهو ثقة عند ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره.

وسلى الجزور: هي الجلدة التي يكون فيها الولد، يقال لها ذلك من البهائم، وأما من الآدميات، فالمشيمة.

وقوله: "وأمية بن خلف أو أبي بن خلف" والصحيح أنه أمية بن خلف، فقد أطبق أصحابُ المغازي على أن المقتول ببدرٍ أمية، وعلى أن أخاه أبياً قتل بأحد.

وفي الحديث تعظيم الدعاء بمكة عند الكفار، ففي رواية البخاري: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، وما ازدادت عند المسلمين إلا تعظيماً، وفيه معرفة الكفار بصدقه صلى الله عليه وسلم لخوفهم من دعائه، ولكن حملهم الحسد على ترك الانقياد له.

وفيه حلمه صلى الله عليه وسلم عمن آذاه، ففي رواية الطيالسي عن شعبة في هذا الحديث أن ابن مسعود قال: لم أره دعا عليهم إلا يومئذٍ، وإنما استحقوا الدعاء حينئذٍ لما أقدموا عليه من الاستخفاف به صلى الله عليه وسلم حال عبادة ربه.

وفيه جواز الدعاء على الظالم، لكن قال بعضهم: محله ما إذا كان كافراً، فأما المسلم، فيستحب الاستغفار له والدعاء بالتوبة، ولو قيل: لا دلالة فيه على الدُّعاء على الكافر، لما كان بعيداً، لاحتمال أن يكون اطلع صلى الله عليه وسلم على أن المذكورين لا يُؤمنون، والأولى أن يُدعا لكل حيٍّ بالهداية.

ص: 532

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَبِالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، قَالَ: فَمَا فَجَأَهُمْ إِلَّا أَنَّهُ يَتَّقِي بِيَدِهِ، وَيَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ، فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ: إِنَّا بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا (1) مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا (1) وَأَجْنِحَةً، قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِرِ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: {أَرَأَيْتَ الَّذِيَ يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى} [العلق: 10] إِلَى آخِرِهِ {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} [العلق: 17]، قَالَ قَوْمُهُ:{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: 18] قَالَ الْمَلَائِكَةُ: {لَا تُطِعْهُ} [العلق: 19] ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِمَا أَمَرَهُ مِنَ السُّجُودِ فِي آخِرِ السُّورَةِ، قَالَ: فَبَلَغَنِي عَنِ الْمُعْتَمِرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا» (2) . [5: 45]

(1) في الأصل: "خندق" و "هول"، وهو خطأ.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. رجالُه رجال الشيخين غير نعيم بن أبي هند، فمن رجال مسلم. أبو حازم: هو سلمة بن دينار الأشجعي.

وأخرجه أحمد 2/370، ومسلم (2797) في صفات المنافقين: باب قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} ، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 10/92، والطبري في "جامع البيان" 30/256، وأبو نعيم (158) ، والبيهقي 2/89، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/507-508 من طرق عن معتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 8/565، وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

ص: 533

‌ذِكْرُ تَسْمِيَةِ الْمُشْرِكِينَ صَفِّيَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّنَيْبِيرَ وَالْمُنْبَتِرَ

6572 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ أَتَوْهُ، فَقَالُوا: نَحْنُ أَهْلُ السِّقَايَةِ وَالسِّدَانَةِ، وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ يَثْرِبَ، فَنَحْنُ خَيْرٌ أَمْ هَذَا الصُّنَيْبِيرُ الْمُنْبَتِرُ مِنْ قَوْمِهِ، يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا، فَقَالَ: أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ، فَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3] ، وَنَزَلَتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [النساء: 51] » (1) . [5: 45]

(1) إسناده صحيح على شرط الصحيح. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 30/330 عن محمد بن بشار بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري (9786) ، والبزار كما في "تفسير ابن كثير" 4/598 من طريقين عن ابن أبي عدي، به، وقال ابن كثير: وهو إسناد صحيح.

وأخرجه البزار (2293) عن الحسن بن علي الواسطي، عن يحيى بن راشد، عن داود بن أبي هند، به.

وأخرجه الطبراني (11645) من طريق يونس بن سليمان الحمال، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار، عن عكرمة، به.

وأورده الهيثمي في " المجمع " 7/5-6، وقال: فيه يونس بن سليمان الحمال، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. =

ص: 534

‌ذِكْرُ سُؤَالِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرْدَ الْفُقَرَاءِ عَنْهُ

6573 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَارِثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: اطْرُدْ هَؤُلَاءِ عَنْكَ، فَإِنَّهُمْ وَإِنَّهُمْ، وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وَبِلَالٌ، وَرَجُلَانِ نَسِيتُ أَحَدُهُمَا، قَالَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَحَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ

= ورواه ابن أبي حاتم كما في ابن كثير 1/525 من طريق سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن عكرمة، قال: جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف

فذكره مرسلاً.

وكذا أخرجه الطبري (9789) و 30/329 من طريقين عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ مرسلاً.

الصُّنيبير تصغير الصنبور، قال في "النهاية" أي: أبتر لا عقب له، وأصل الصنبور سعفة تَنْبُتُ في جذع النخلة لا في الأرض، وقيل: هي النخلة المنفردة التي يدق أسفلها، أرادوا أنه إذا قلع انقطع ذِكْرُهُ، كما يذهب أثر الصنبور، لأنه لا عقب له.

(1)

في الأصل و "التقاسيم" 3/لوحة 198: "فوقع في نفسي"، وهو خطأ، والتصويب من موارد الحديث.

ص: 535

وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] إِلَى قَوْلِهِ: {الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 52](1)[3: 64]

‌ذِكْرُ مَا أُصِيبَ مِنْ وَجْهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عِنْدَ إِظْهَارِهِ رِسَالَةَ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا

6574 -

أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ وَجْهُهُ حَتَّى سَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ:«كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ فَعَلُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ» ، فَنَزَلَتْ:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128](2)[5: 46]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه"(2413) في فضائل الصحابة: باب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من طريق إسرائيل بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/289، وابن ماجه (4128) في الزهد: باب مجالسة الفقراء، وعبد بن حميد (131) ، والطبري في "جامع البيان"(13263) ، وصححه الحاكم 3/319 من طرق عن المقدام بن شريح به.

وأورده السيوطي فى "الدر المنثور" 3/13، وزاد نسبته لأحمد، وللفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وأبي نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "الدلائل".

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. =

ص: 536

‌ذِكْرُ احْتِمَالِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم الشَّدَائِدَ (1) فِي إِظْهَارِ مَا أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا

6575 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَسْلُتُ الدَّمُ عَنْ وَجْهِ، وَهُوَ يَقُولُ:«كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ» ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (2) . [3: 64]

6576 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

= وأخرجه أحمد 3/99، والترمذي (3052) في التفسير: باب ومن سورة آل عمران عن هشيم، والترمذي (3503) عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 3/206، وابن ماجة (4027) في الفتن: باب الصَّبر على البلاء، والطبري في "جامع البيان"(7805) و (7806) و (7807) وابن إسحاق في "السيرة" 3/84، والواحدي في "أسباب النزول" ص 80، والبغوي (3748) من طرق عن حميد الطويل به. وانظر ما بعده.

(1)

في الأصل: "بالشدائد"، والمثبت من " التقاسيم " 3/لوحة 198.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أحمد 3/253 و 288، ومسلم (1791) في الجهاد: باب غزوة أحد، والواحدي في "أسباب النزول" ص 80-81، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/262 من طريقين عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد.

ص: 537

الزُّبَيْرِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ (2) ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَكَى نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ حَتَّى أَدْمَوْا وَجْهَهُ فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ:«رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» (3) . [3: 5]

6577 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ،

(1) تحرف في الأصل إلى: "الزهري"، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 304.

(2)

تحرف في الأصل إلى "شهر"، والتصويب من "التقاسيم".

(3)

إسناده صحيح. رجاله رجال الشيخين غير عبد الغفار بن عبد الله الزبيري، فقد ذكره المؤلف في "الثقات" 8/421، وقال: من أهل الموصل، كنيته أبو نصر، يروي عن علي بن مسهر، حدثنا عنه الحسن بن إدريس الأنصاري والمواصلة. مات سنة أربعين ومئتين أو قبلها أو بعدها بقليل.

وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/54، وأفاد بأن إبراهيم بن يوسف الهسنجاني قد روى عنه.

والحديث في "مسند أبي يعلى"(5072) .

وأخرجه أحمد 1/380 و 432 و 441، والبخاري (3477) في الأنبياء: باب رقم (54)، و (6929) في استتابة المرتدين: باب رقم (5)، ومسلم (1792) في الجهاد: باب غزوة أحد، وابن ماجه (4025) في الفتن: باب الصبر على البلاء، وأبو يعلى (5205) و (5216) ، والبغوي (3749) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/427 و 456-457، وأبو يعلى (4992) ، من طريق حماد بن زيد، وأحمد 1/453 عن حماد بن سلمة، كلاهما عن عاصم بن أبي النجود، عن شقيق أبي وائل، بنحوه.

ص: 538

عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَمِيَتْ أُصْبُعُهُ فِي بَعْضِ الْمَشَاهِدِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

هَلْ أَنْتَ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ

وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ (1)[4: 24]

‌ذِكْرُ وَصْفِ غَسْلِ الدَّمِ عَنْ وَجْهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم حِينَ شُجَّ

6578 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ: بِأَيِّ شَيْءٍ دُووِيَ جُرْحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير خلف بن هشام البزار، فمن رجال مسلم. وهو في "مسند أبي يعلى"(1533) .

وأخرجه البخاري (2802) في الجهاد: باب من ينكب في سبيل الله، ومسلم (1796) في الجهاد: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين، والطبراني في "الكبير"(1708) من طرق عن أبي عَوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحميدي (776) ، وأحمد 4/312 و313، والبخاري (6146) في الأدب: باب ما يجوز من الشعر والرجز، ومسلم، وابن أبي شيبة 8/716، والترمذي (3345) في تفسير سورة الضحى، والطبراني (1703)

(1707) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 4/299، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/43-44، والبغوي (3401) من طرق عن الأسود، به.

ص: 539

قَالَ: «مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، كَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَجِيءُ بِالْمَاءِ فِي شَنَّةٍ، وَفَاطِمَةُ تَغْسِلُ الدَّمَ، فَأُخِذَ حَصِيرٌ، فَأُحْرِقَ، فَدُووِيَ بِهِ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 46]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ رَبَاعِيَةَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لَمَّا كُسِرَتْ هُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ

6579 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. نصر بن علي: هو ابن نصر بن علي الجهضمي، وسفيان: هو ابن عيينة، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار.

وأخرجه الحميدي (929) ، وأحمد 5/330، والبخاري (243) في الوضوء: باب غسلِ المرأة أباها الدَّمَ عن وجهه، و (3037) في الجهاد: باب دواء الجرح بإحراق الحصير، و (5248) في النكاح: باب {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} ، ومسلم (1790) (103) في الجهاد: باب غزوة أحد، والترمذي (2085) في الطب: باب التداوي بالرماد، والطبراني في " الكبير "(5916) ، من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/334، والبخاري (2903) في الجهاد: باب المِجَنِّ ومن يتترس بترس صاحبه، و (4075) في المغازي: باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجرح يوم أحد، و (5722) في الطب: باب حرق الحصير لسدِّ الدَّمِ، ومسلم، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/261 من طرق عن أبي حازم، به. وانظر ما بعده.

والشَّنة: السِّقاء الخلَق، وللبخاري:"يجيء بترسه فيه ماء"، وسيأتي للمصنف بعد هذا بلفظ:"يسكب الماء عليها بالمجن".

ص: 540

فَقَالَ: «جُرِحَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم تَغْسِلُ الدَّمَ، وَعَلِيٌّ رضي الله عنه يَسْكُبُ الْمَاءَ عَلَيْهَا بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ (1) إِلَّا كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى إِذَا صَارَ رَمَادًا أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ» (2) . [5: 46]

‌ذِكْرُ عِنَادِ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6580 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْفَلْتَانِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، فَشَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى رَجُلٍ يَمْشِي فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:«يَا فُلَانُ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ:«أَتَقْرَأُ التَّوْرَاةَ؟» ،

(1) لفظة "الدم" سقطت من الأصل، واستدركت من "مسند أبي يعلى" وغيره.

(2)

إسناده صحيح أبو إبراهيم الترجماني: هو إسماعيل بن إبراهيم بن بسام لا بأس به، روى له النسائي، وهو متابع، ومن فوقه من رجال الشيخين.

ابن أبي حازم: اسمه عبد العزيز، وهو في "مسند أبي يعلى" 352/1.

وأخرجه البخاري (2911) في الجهاد: باب لبس البيضة، ومسلم (1790) في الجهاد: باب غزوة أحد، وابن ماجه (3464) في الطب: باب دواء الجراحة، والطبراني في "الكبير"(5897) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/259-260 و 260 من طرق عن ابن أبي حازم، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

ص: 541

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«وَالْإِنْجِيلَ؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«وَالْقُرْآنَ» ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَشَاءُ لَقَرَأْتُهُ، قَالَ: ثُمَّ أُنْشِدَهُ، فَقَالَ:«تَجِدُنِي (1) فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ؟» ، قَالَ: نَجْدُ مِثْلَكَ، وَمَثَلَ أُمَّتِكَ، وَمَثَلَ مُخْرِجَكَ، وَكُنَّا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ فِينَا، فَلَمَّا خَرَجْتَ تَخَوَّفْنَا أَنْ تَكُونَ أَنْتَ، فَنَظَرْنَا فَإِذَا لَيْسَ أَنْتَ هُوَ، قَالَ:«وَلِمَ ذَاكَ؟» قَالَ: إِنَّ مَعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ سَبْعِينَ أَلْفًا، لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ، وَلَا عِقَابَ، وَإِنَّ مَا مَعَكَ نَفَرٌ يَسِيرٌ، قَالَ:«فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنَا هُوَ، وَإِنَّهَا لَأُمَّتِي، وَإِنَّهُمْ لَأَكْثَرُ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا وَسَبْعِينَ أَلْفًا وَسَبْعِينَ أَلْفًا» (2) . [5: 45]

(1) في الأصل: "يا محمد"، وهو خطأ، والمثبت من "الموارد" وغيره.

(2)

حديث حسن. عبد العزيز بن سالم لم أقف له على ترجمة، وهو متابع، ومن فوقه من رجال الصحيح غير كليب بن شهاب والد عاصم، فقد روى له أصحابُ السنن، وهو صدوق.

وأخرجه البزار (3554) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (854) من طريق عفان، والطبراني من طريق يحيى الحماني، كلاهما عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.

وقال البزار: لا نعلم أحداً يرويه عَنْ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني 18/ (855) ، وابن منده في "الصحابة" فيما نقله عنه الحافظ في "الإصابة" 3/204 من طريق صالح بن عمر، عن عاصم بن كليب، به.

وأورده الحافظ الهيثمي في "المجمع" 8/242، وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات من أحد الطريقين، وأورده أيضاً 10/408، وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.

ص: 542

‌ذِكْرُ بَعْضِ مَا كَانَ يُقَاسِي الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُنَافِقِينَ بِالْمَدِينَةِ

6581 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ حِمَارًا وَعَلَيْهِ إِكَافٌ وَتَحْتَهُ قَطِيفَةٌ، فَرَكِبَ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَهُوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي بَنِي الْحَارِثِ فِي الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَعَبْدَةُ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودُ، وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ: أَيُّهَا الْمَرْءُ، لَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِنَا فِي مَجَالِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عَلَيْهِ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلِ اغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَثُورُوا، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ، فَدَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعَ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبِيٍّ، قَالَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّه

ص: 543

اعْفُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ (1) عَلَى أَنْ تَوِّجُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَهُ، شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ الَّذِي عَمِلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (2) . [5: 46]

6582 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ،

(1)"البحيرة" سقطت من الأصل، واستدركت من "مصنف عبد الرزاق" وغيره.

(2)

حديث صحيح. ابن أبي السَّري قد توبع، ومن فوقه على شرط الشيخين، وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9784) . ومن طريقه أخرجه أحمد 5/203، ومسلم (1798) في الجهاد والسير: باب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وصبره على أذى المنافقين، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/576-578.

وأخرجه ابن إسحاق في "السيرة" 2/236-238، والبخاري (4566) في التفسير: باب {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} و (5663) في المرضى: باب عيادة المريض راكباً وماشياً، و (6207) في الأدب: باب كنية المشرك، و (6254) في الاستئذان: باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين، ومسلم، والنسائي في "السنن الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 1/53، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/356-357، والبيهقي في "الدلائل" من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.

والبحيرة: بضم الباء على التصغير، قال القاضي: وروينا في غير مسلم "البحيرة" مكبرة، وكلاهما بمعنى، وأصلها القرية، والمراد بها هنا: مدينة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: "يتوجوه بالعصابة": أي أنهم اتفقوا على أن يعينوه ملكهم، وكان من عادتهم إذا ملكوا إنساناً أن يتوجوه ويعصبوه.

ص: 544

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لِلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لِلْمُهَاجِرِينَ، قَالَ فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، فَقَالَ:«مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ:«دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ: قَدْ فَعَلُوهَا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ:«دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» (1) . [2: 62]

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:» فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ «يُرِيدُ: أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي هَذَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: فَإِنَّهَا ذَمِيمَةٌ وَمَا أَشْبَهَهَا»

‌ذِكْرُ وَصْفِ مَا طِبَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ

6583 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَحَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَهُودِيٌّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ حَتَّى كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُخَيَّلُ إِلَيْهِ (2) أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ، وَمَا يَفْعَلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَشَعُرْتِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر (5990) .

(2)

لفظ "إليه" سقط من الأصل، واستدرك من موارد الحديث.

ص: 545

وَعَلَا قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ، قَدْ جَاءَنِي رَجُلَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَجَلَسَ الْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ (1) الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ (2) وَجُفِّ (3) طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي ذَرْوَانَ» قَالَ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ:«يَا عَائِشَةُ فَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ (4) ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلَّا أَحْرَقْتَهُ أَوْ أَخْرَجْتَهُ؟ ، قَالَ:«أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَيْئًا» ، فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ (5) . [5: 64]

(1) لفظ "قال" سقط من الأصل.

(2)

قال النووي في "شرح مسلم" 14/177: المشاطة بضم الميم، وهي: الشعر الذي يسقط من الرأس أو اللحية عند تسريحه

(3)

في "مسلم": "جب". قال الإمام النووي: هكذا في أكثر نسخ بلادنا: "جب" بالجيم والباء الموحدة، وفي بعضها:"جف" بالجيم والفاء، وهما بمعنى، وهو وعاء طلع النخل، وهو الغشاء الذي يكون عليه ويطلق على الذكر والأنثى، فلهذا قيده في الحديث بقوله:"طلعة ذكر"، وهو بإضافة "طلعة" إلى "ذكر"، والله أعلم.

(4)

تحرف في الأصل إلى: "الخمر"، والجادة ما أثبت، وهو الموافق للرواية الآتية.

(5)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن أبي شيبة 8/30-31، وأحمد 6/57، ومسلم (2189) في السلام: باب السحر، وابن ماجه (3545) في الطب: باب السحر، من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/63 و 96، والبخاري (3175) في الجزية: باب هل =

ص: 546

‌ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ

6584 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سُحِرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سَحَرَهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، قَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَشَعُرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ، أَتَانِي مَلَكَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ الْآخَرُ: مَطْبُوبٌ، فَقَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ

= يعفى عن الذمي إذا سحر، و (5765) في الطب: باب هل يستخرج السحر، و (5766) باب السحر، و (6063) في الأدب: باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} ، و (6391) ني الدعاء: باب تكرير الدعاء، ومسلم (2189)(44) من طرق عن هشام بن عروة، به.

قلت: والسحر الذي أصيب به صلى الله عليه وسلم هو من قبيل الأمراض التي تعرض للبدن دون أن تؤثِّر على شيء من العقل، ولا يعدو أن يكون نوعاً من أنواع العقد عن النساء، وهو الذي يسمونه (رباطاً) ، فكان صلى الله عليه وسلم يُخَيَّلُ إليه أن عنده قدرةً على إتيان إحدى نسائه، فإذا ما هم بحاجةٍ، عجز عن ذلك، وهذا غير مخل بمقام النبوة، فقولُه فى الحديث:"حَتَّى كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُخيل إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ" من العام المخصوص، ففي رواية ابن عيينة عند البخاري (5765) . "حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهِن". وانظر "الفتح" 10/226-227.

ص: 547

وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ (1) . قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ» قَالَتْ: وَأَتَاهَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ:«يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَكَأَنَّ رَأْسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا اسْتَخْرَجْتَهَا؟ قَالَ:«قَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ شَرًّا» (2) . [5: 64]

‌ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالسِّنِينَ

6585 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ قَالَ: يَجِيءُ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ، قَالَ: فَفَزِعْنَا، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَغَضِبَ، فَجَلَسَ، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ (3) بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لَمَّا لَا يَعْلَمُ: لَا أَعْلَمُ، فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ

(1) في الأصل: "وجف نخلة طلعة ذكر

".

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري (3268) في بدء الخلق: باب صفة إبليس وجنوده، و (5763) في الطب: باب السحر، عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

(3)

في الأصل: "فليعمل" والمثبت من موارد الحديث.

ص: 548

عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] إِنَّ قُرَيْشًا دَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسِنِي يُوسُفَ» ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، فَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ، وَيَرَى الرَّجُلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَقَوْمُكَ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِيَ السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: 11]، إِلَى قَوْلِهِ:{إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 15] ، فَيَكْشِفُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا جَاءَ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} [الدخان: 16] ، فَذَلِكَ يَوْمُ بَدْرٍ، {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: 77] يَوْمَ بَدْرٍ، وَ {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 1] ، وَالرُّومُ قَدْ مَضَى، وَقَدْ مَضَتِ الْأَرْبَعُ (1) . [5: 46]

***

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9048) ، وأبو نعيم في "الدلائل"(369) عن الفضل بن الحباب بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (1020) في الاستسقاء: باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط، و (4774) في تفسير سورة الروم، والطبراني (9048) ، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/149-150 عن محمد بن كثير، به.

وأخرجه الحميدي (116)، وعنه البخاري (4693) في تفسير سورة يوسف: باب {وَرَاوَدَتْهُ الَّتي هُوَ في بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِه} ، عن سفيان، به. =

ص: 549

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه أحمد 1/441، والبخاري (4824) في تفسير سورة الدخان: باب {ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون} ، والترمذي (3254) في التفسير: باب ومن سورة الدخان، من طريق شعبة، عن الأعمش ومنصور بن المعتمر، به.

وأخرجه أحمد 1/380-381 و 431، والبخاري (1007) في الاستسقاه: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلها عليهم سنين كَسنيِّ يوسف"، و (4821) في تفسير سورة الدخان: باب {يغشى الناس هذا عذاب أليم} ، و (4822) باب {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} ، و (4823) باب {أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول أمين} ، ومسلم (2798) (0 4) في صفات المنافقين: باب الدخان، والطبري في "جامع البيان" 25/111، والطبراني (9046) و (9047) ، والبيهقي في "الدلائل" 2/324-325، و 325 -326، والبغوي في "التفسير" 4/150 من طريق الأعمش، به.

وأخرجه مسلم (2798) ، والطبري 25/112، والبيهقي 2/326 من طرق عن جرير، به.

ص: 550

‌8 - بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

6586 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنَ عُتْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَجَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جِنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ، وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي، وَأَنَا أَقُولُ: وَا رَأْسَاهُ، قَالَ:«بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةُ، وَا رَأْسَاهُ» ، ثُمَّ قَالَ:«وَمَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي، فَغَسَّلْتُكِ، وَكَفَّنْتُكِ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ، ثُمَّ دَفَنْتُكِ؟» ، قُلْتُ: لَكَأَنِّي بِكَ أَنْ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ قَدْ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي، فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ بُدِئَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ (1) . [5: 48]

(1) إسناده قوي. رجاله ثقات غير محمد بن إسحاق، وهو صدوق، وقد صرح بالتحديث في رواية البيهقي في "الدلائل" فانتفت شبهة تدليسه. محمد بن سلمة: هو الحراني.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 11/482، والبيهقي في "السنن" 3/396 عن عمرو بن هشام، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/228، وعنه ابن ماجه (1465) في الجنائز: باب ما جاء في غسل الرجل امرأته وغسل المرأة زوجها، عن محمد بن سلمة. =

ص: 551

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ قَدْ بَدَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ

6587 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَتَشَاوَرُوا فِي لَدِّهِ، فَلَدُّوهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ:«مَا هَذَا؟ أَفِعْلُ نِسَاءٍ جِئْنَ مِنْ هَاهُنَا» ، وَأَشَارَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِيهِنَّ، فَقَالُوا: كُنَّا نَتَّهِمُ بِكَ ذَاتَ الْجَنْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنْ كَانَ ذَلِكَ لَدَاءٌ

= وأخرجه البيهقي في "السنن" 3/396 عن أحمد بن بكار، عن محمد بن سلمة، به.

وأخرجه عبد الرزاق (9754) عن معمر، عن الزهري، به.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 7/168./168-169 من طريق يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حدثنا يعقوب بن عتبة، به.

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 95/1: اسناد رجاله ثقات، ورواه البخاري من وجه آخر مختصراً.

قلت: أخرج البخاري (5666) في المرضى: باب ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع

والبيهقي في " الدلائل " 7/168 من طريق يحيى بن سعيد، قال: سمعتُ القاسمَ بنَ محمد قال: قالت عائشة: وارأساه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ذاك لو كان وأنا حي، فأستغفر لك وأدعو لك" فقالت عائشة واثكلياه، والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذلك لظللت آخرَ يومك معرِّساً ببعض أزواجك، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"بَلْ أنا وارأساه".

ص: 552

مَا كَانَ اللَّهُ لِيَقْذِفَنِي بِهِ، لَا يَبْقِيَنَّ أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلَّا لُدَّ إِلَّا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، يَعْنِي عَبَّاسًا، قَالَ: فَلَقَدِ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ، وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ لِعَزِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) . [5: 48]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم سَأَلَ فِي عِلَّتِهِ نِسَاءَهُ أَنْ يَكُونَ تَمْرِيضُهُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها

6588 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ قُلْتُ: أَخْبِرِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتِ:«اشْتَكَى، فَعَلِقَ يَنْفُثُ، فَجَعَلْنَا نُشَبِّهُ نَفْثَهُ بِنَفْثِ آكِلِ الزَّبِيبِ، قَالَتْ: وَكَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ، فَلَمَّا ثَقُلَ اسْتَأْذَنَهُنَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدِي وَيَدُرْنَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطَّانِ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ، أَحَدُهُمَا عَبَّاسٌ» قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لِي: «مَا أَخْبَرْتَكَ بِالْآخَرِ؟

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري. رجاله رجال الشيخين غير علي ابن المديني، فمن رجال البخاري. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9754) ، ومن طريقه أخرجه أحمد 6/438، والطبراني 24/ (372) ، وصححه الحاكم 4/202، ووافقه الذهبي، وكذا صححه الحافظ في " الفتح " 8/148.

وذكره الهيثمي في " المجمع " 9/33، وقال: رواه أحمد ورجالهُ رجالُ الصحيح.

واللدود: من الأدوية ما يُسقاه المريض في أحد شِقَّي الفم، ولديدا الفم: جانباه. وقوله: "لَا يَبْقِيَنَّ أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلَّا لُدَّ"، قال ابن الأثير: فعل ذلك عقوبة لهم، لأنهم لدُّوه بغير إذنه.

ص: 553

قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ» (1) . [5: 48]

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا اسْتَثْنَى عَمَّهُ صلى الله عليه وسلم بِالْأَمْرِ بِاللَّدُودِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ

6589 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (2) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا:«لَا تَلُدُّونِي» ، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ الدَّوَاءَ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ:«أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِيَ؟» ، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ الدَّوَاءَ، فَقَالَ:«لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ» ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْهُمْ (3) . [5: 48]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجالهُ رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء، فمن رجال مسلم، وقد تقدَّم مطولاً برقم (2113) ، وسيأتي أيضاً برقم (6602) .

(2)

في الأصل: "عُبيد الله بن محمد"، والمثبت من موارد الحديث.

(3)

إسناده صحيح على شرط البخاري. رجاله رجال الشيخين غير علي ابن المديني، فمن رجال البخاري، وقد أخرجه عنه في "صحيحه" (4458) في المغازي: بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ووفاته، و (5712) في الطب: باب اللدود.

وأخرجه أحمد 6/53، والبخاري (7886) في الديات: باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات، و (6897) باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أم يقتص منهم كلهم، ومسلم (2213) في السلام: باب كراهية

ص: 554

‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ عَائِشَةَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ عَلَى الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي عِلَّتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا

6590 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَيَمْسَحُ عَنْهُ بِيَدِهِ، قَالَتْ:«فَلَمَّا اشْتَكَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ طَفِقْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كَانَ يَنْفُثُ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ» (1) . [5: 48]

‌ذِكْرُ مَا كَانَ يَقُولُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي عِلَّتِهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ بِالشِّفَاءِ لَهُ

6591 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (2) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَأْسُهُ فِي

= التداوي باللدود، والنسائي "الكبرى" كما في "التحفة" 11/483 من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده صحيح على مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم، وقد أخرجه عنه (2192) (51) في السلام: باب رقية المريض بالمعوذات والنفث.

وقد تقدم برقم (2693) .

(2)

تحرف في الأصل الى: "سليمان"، والتصويب من "النسائي".

ص: 555

حِجْرِي، فَجَعَلْتُ أَمْسَحُهُ وَأَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا بَلْ أَسْأَلُ اللَّهَ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى مَعَ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإِسْرَافِيلَ» (1) . [5: 48]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَانَ مِنَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم حَيْثُ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

6592 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ (2) ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَتْ: فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ، فَجَعَلَ يَقُولُ:« {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] » ، قَالَتْ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ حِينَئِذٍ (3) . [5: 48]

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجال الشيخين غير أبي زرعة الحافظ -واسمه عُبيد الله بن عبد الكريم- فمن رجال مسلم. سفيان: هو الثوري، وأبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 12/340، وفي "عمل اليوم والليلة"(1097) عن محمد بن علي بن ميمون الرقي، عن الفريابي، عن سفيان، بهذا الإسناد، وانظر ما بعده.

(2)

"حدثنا محمد بن جعفر" سقط من الأصل، واستدرك من موارد الحديث.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري (4435) في المغازي: بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2444) (86) في الفضائل: باب =

ص: 556

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْخُطْبَةِ الَّتِي خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ عُمْرِهِ حَيْثُ خَرَجَ لِيَعْهَدَ إِلَى النَّاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ

6593 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ أُنَيْسُ بْنُ أَبِي يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَهُوَ مَعْصُوبُ الرَّأْسِ، فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى قَامَ عَلَى

= في فضل عائشة رضي الله عنها، عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/176 عن محمد بن جعفر، به.

وأخرجه أحمد 6/176 و 205، والبخاري (2436) ، ومسلم، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 12/6، وفي "اليوم والليلة"(1094) ، وأبو يعلى (4534) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه البخاري (4586) في تفسير سورة النساء: باب {فأولئك مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} ، وابن ماجة (1620) في الجنائز: باب ما جاء في مرض النبي صلى الله عليه وسلم، من طريقين عن سعد بن إبراهيم، به.

وأخرجه أحمد 6/99، والبخاري (4437) عن شعيب، عن الزهري، عن عروة، به.

وأخرجه البخاري (6348) في الدعوات: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم الرفيق الأعلى"، و (6509) في الرقاق: باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومسلم (2444)(87) من طرق عن الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير في رجال من أهل العلم أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت

وأخرجه البخاري (4463) في المغازي: باب آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم، من طريق يونس، عن الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب في رجال من أهل العلم أن عائشة قالت....

ص: 557

الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:«إِنِّي السَّاعَةَ قَائِمٌ عَلَى الْحَوْضِ» ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ عَبْدًا عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ» ، فَلَمْ يَفْطِنْ لَهَا أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، بَلْ نَفْدِيكَ بِأَمْوَالِنَا وَأَنْفُسِنَا وَأَوْلَادِنَا، قَالَ: ثُمَّ هَبَطَ مِنَ الْمِنْبَرِ، فَمَا رُئِيَ عَلَيْهِ حَتَّى السَّاعَةِ (1) . [5: 48]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُخَيَّرَ فِيمَا وَصَفْنَا كَانَ صَفِيَّ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا صلى الله عليه وسلم

6594 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَالِمُ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ (2) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ لِقَائِهِ، فَاخْتَارَ لِقَاءَ رَبِّهِ» ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: بَلْ نَفْدِيكَ بِآبَائِنَا وَأَبْنَائِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنَ النَّاسِ لَاتَّخَذْت

(1) إسناده قوي. أبو يحيى هو سمعان الأسلمي، روى عنه ابناه أنيس ومحمد، ووثقه المصنف، وقال النسائي: لا بأس به، وباقي رجاله ثقات. وهو في "مسند أبي يعلى"(1155) .

وأخرجه الدارمي 1/36 أخبرنا زكريا بن عدي، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن أنيس بن أبي يحيى، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده، والحديث الآتي برقم (6861) .

(2)

تحرف الأصل إلى: جُبير.

ص: 558

أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، أَلَا لَا يَبْقِيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا سُدَّتْ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ، فَقُلْتُ:«الْعَجَبُ يُخْبِرُنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهَذَا يَبْكِي، وَإِذَا الْمُخَيَّرُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِذَا الْبَاكِي أَبُو بَكْرٍ، وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمُنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 48]

(1) إسناده صحيح على شرط الصحيح. رجاله رجال الشيخين غير عليّ ابن المديني، فمن رجال البخاري، وأبي داود -وهو سليمان بن داود الطيالسي- فمن رجال مسلم، وفليح بن سليمان قد توبع عند المؤلف برقم (6861) .

وأخرجه أحمد 3/18، وابن أبي شيبة 12/6، وابن أبي عاصم في "السنّة"(1227) ، وابن سعد 2/227 من طريق يونس بن محمد، ومسلم (2382) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي بكر الصديق، وابن سعد 2/227 من طريق سعيد بن منصور، وابن سعد أيضاً من طريق يحيى بن عباد، ثلاثتهم عن فليح، بهذا الإسناد. ووقع في المطبوع من "السنّة":"عبيد بن حنين عن بسر بن سعيد"، وهو تحريف.

وأخرجه البخاري (466) في الصلاة. باب الخوخة والممر في المسجد، عن محمد بن سنان، عن فليح، به، إلا أن فيه:"عن عبيد بن حنين عن بسر بن سعيد"، قال الحافظ في "الفتح" 1/559: وقد نقل ابن السكن عن الفربري عن البخاري أنه قال: هكذا حدث به محمد بن سنان، وهو خطأ، وإنما هو عن عبيد بن حنين وعن بسر بن سعيد، يعني بواو العطف.

وأخرجه أحمد 3/18، والبخاري (3654) في فضائل الصحابة: باب قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم "سدُّوا الأبوابَ إلا بابَ أبي بكر" من طريق أبي عامر =

ص: 559

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي الْخَرْجَةِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا لِلْعَهْدِ إِلَى النَّاسِ صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا

6595 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَي عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ، وَإِنِّي عَلَيْكُمْ لَشَهِيدٌ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ اللَّيْلَةَ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَأَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» ، ثُمَّ دَخَلَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا، وَكَانَتْ آخِرُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا (1) . [5: 48]

= العقدي، عن فليح بن سليمان، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبي سعيد.

وأخرجه أحمد 3/18 عن سريج، عن فليح بن سليمان، عن أبي النضر، عَنْ عُبيد بنِ حُنين، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

(1)

إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال مسلم غير محمد بن وهب بن أبي كريمة فقد روى له النسائي. محمد بن سلمة: هو الحرّاني، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد، وأبو الخير: هو مَرْثد بن عبد الله اليزني. وقد تقدم برقم (3198) و (3199) .

ص: 560

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ عُقْبَةِ بْنِ عَامِرٍ: «صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ» ، أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ دَعَا وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ لَا أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِمْ كَمَا يُصَلِّي عَلَى الْمَوْتَى

6596 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ السِّخْتِيَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَصَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَوْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صُبُّوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لَعَلِّي أَسْتَرِيحُ، فَأَعْهَدَ إِلَى النَّاسِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ مِنْ نُحَاسٍ، وَسَكَبْنَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، ثُمَّ خَرَجَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ أُحُدٍ (1) . [5: 48]

(1) إسناده صحيح. محمد بن عبد الله -وهو ابن الحسن العصَّار- ذكره المؤلف في "الثقات" 9/103 وحدث عنه جمع، وقال السمعاني في "الأنساب" 8/462: كان مع أحمد بن حنبل في الرحلة إلى اليمن وغيره، وهو أول من أظهر مذهب الحديث بجرجان، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 6/151 و 228، والبيهقي 1/31 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 1/31 من طريق عبد الرزاق، به، ولم يذكر فيه عمرة.

وأخرجه الحاكم 1/145، والبيهقي 1/31 من طريقي علي ابن المديني وأحمد بن حنبل، عن عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عمرة، عن عائشة.

وأخرجه الدارمي 1/38، وأبو يعلى (4770) من طريقين عن عروة، عن عائشة. =

ص: 561

‌ذِكْرُ إِرَادَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كِتْبَةَ الْكِتَابِ لِأُمَّتِهِ لِئَلَّا يَضِلُّوا بَعْدَهُ

6597 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا» ، قَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، قَالَ: فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ، وَاخْتَصَمُوا لَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالْأَحَادِيثَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قُومُوا» ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْن

= وأخرجه البخاري (198) في الوضوء: باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة، والبيهقي 1/31 عن أبي اليمان، عن شعيب، والبخاري (4442) في المغازي: بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ومن طريقه البغوي (3825) من طريق عقيل، وابن سعد 2/232، والبخاري (5714) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر ويونس، وأبو يعلى (4579) من طريق محمد بن إسحاق، خمستهم عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عن عائشة. وانظر الحديثين الآتيين برقم (6599) و (6600) .

والأوكية: جمع وكاء وهو الخيط. وقوله: "لم تُحلل أوكيتهن" لأن الماء الذي لم يُحلل عنه الوكاء يكون أطهرَ لعدم وصول الأيدي اليه، وخصّ عدد السبع تبركاً بها لأنها تقع في كثير من أمور الشريعة.

والمخضب: شبه المِرْكن، وهي إجَّانة يُغسل فيها الثياب.

"شرح السنّة" 14/43.

ص: 562

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنَ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ» (1) . [5: 48]

(1) حديث صحيح. ابن أبي السري -وهو محمد بن المتوكل العسقلاني- قد توبع ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 1/336، والبخاري (4432) في المغازي: باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، و (5669) في المرضى: باب قول المريض: قوموا عني، ومسلم (1637) (22) في الوصية: باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (5669)، و (7366) في الاعتصام: باب كراهية الخلاف، من طريق هشام بن يوسف الصنعاني، عن معمر، به.

وأخرجه أحمد 1/324-325، والبخاري (114) في العلم: باب كتابة العلم، من طريق يونس، عن الزهري، به.

وأخرجه الحميدي (526) ، وأحمد 1/222، وابن سعد 2/242، والبخاري (3053) في الجهاد: باب هل يستشفع إلى أهل الذمة، و (3168) باب إخراج اليهود من جزيرة العرب، و (4431) ، ومسلم (1637)(20) ، والبيهقي 9/207 من طريق ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

وأخرجه مسلم (1637)(21) ، وابن سعد 2/242 و 243، والطبراني (12261) من طريقين عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

وأخرجه أحمد 1/293، والطبراني (10961) و (10962) من طريق ليث، عن طاووس، عن ابن عباس.

قال القرطبي وغيره تعليقاً على لفظ الشيخين "ائتوني": هو أمر وكان حق المأمور أن يبادر للامتثال، لكن ظهر لعمر رضي الله عنه مع طائفة أنه ليس على الوجوب، وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح: فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يَشُقُّ عليه في تلك الحالة مع استحضارهم قوله تعالى: =

ص: 563

‌ذِكْرُ إِشَارَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إِلَى مَا أَشَارَ بِهِ فِي أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه

6598 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ (1) ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ: «ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ أَبَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَقُولُ أَنَا

= {ما فرطنا في الكتاب من شيء} وقوله تعالى: {تبياناً لكل شيء} ، ولهذا قال عمر: حسبنا كتاب الله، وظهر لطائفة أخرى أن الأولى أن يكتب لما فيه من امتثال أمره وما يتضمنه من زيادة الإيضاح، ودل أمره لهم بالقيام على أن أمره الأول كان على الاختيار، ولهذا عاش صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أياماً ولم يعاود أمرهم بذلك، ولو كان واحداً لم يتركه لاختلافهم، لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف، وقد كان الصحابة يراجعونه في بعض الأمور ما لم يجزم بالأمر، فإذا عزم، امتثلوا.

واختلف في المراد بالكتاب، فقيل: كان أراد أن يكتب كتاباً ينص فيه على الأحكام ليرتفع الاختلاف، وقيل: بل أراد أن ينص على أسامي الخلفاء بعده حتى لا يقع بينهم الاختلاف، قاله سفيان بن عيينة، ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم قال في أوائل مرضه وهو عند عائشة:"ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر"، أخرجه مسلم وللبخاري معناه، ومع ذلك فلم يكتب، والأول أظهر لقول عمر: حسبنا كتاب الله، أي كافينا مع أنه يشمل الوجه الثاني، لأنه بعض أفراده، والله أعلم.

(1)

في الأصل: "حدثنا أبو قدامة، حدثنا عبيد الله بن سعيد"، والصواب ما أثبتنا،

ص: 564

أَوْلَى وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» (1) . [5: 48]

‌ذِكْرُ اغْتِسَالِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَاءِ الَّذِي لَمْ يُمَسَّ بَعْدَ أَنْ أُوكِيَ فِي عِلَّتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا صلى الله عليه وسلم

6599 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَجَعِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ: «صُبُّوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ» ، قَالَتْ: فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ، فَمَا زِلْنَا نَصُبُ عَلَيْهِ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ (2) . [5: 48]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 6/144، ومسلم (2387) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي بكر رضي الله عنه، ومن طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/50 من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، و 6/106 من طريق نافع بن عمر، كلاهما عن ابن أبي مليكة، عن عائشة.

وأخرجه البخاري (5666) في المرضى: باب ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، و (7217) في الأحكام: باب الاستخلاف، عن يحيى بن يحيى، عن سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ محمد، عن عائشة.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي ابن المديني، وشيخه هشام بن يوسف -وهو الصنعاني- فمن رجال البخاري.

وأخرجه الحاكم 1/145 من طريق هشام بن يوسف، بهذا الإسناد. وقد سقط من المطبوع من "المستدرك" هذا الإسناد فيستدرك من هنا. =

ص: 565

‌ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا اغْتَسَلَ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَّتِهِ

6600 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، وَعُمْرَةُ، أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «صُبُّوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لَعَلِّي أَسْتَرِيحُ، فَأَعْهَدَ إِلَى النَّاسِ» ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ مِنْ نُحَاسٍ، فَسَكَبْنَا عَلَيْهِ الْمَاءَ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ (1) . [5: 48]

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْعَهْدِ الَّذِي عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى النَّاسِ بَعْدَهُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ اغْتَسَلَ وَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ

6601 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ

= وأخرجه الحاكم 1/145 من طريق محمد بن حميد، عن معمر، به.

وانظر الحديث السالف برقم (6596) والحديث الآتي.

(1)

حديث صحيح. ابن أبي السري -وهو محمد بن المتوكل العسقلاني- قد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. وانظر الحديثين المتقدمين برقم (6596) و (6599) .

ص: 566

مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَالَ:«مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» ، فَقُلْتُ مِثْلَهَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» ، فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا

قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ، فَفَعَلَتْ حفْصَةُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ» ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ، قَالَتْ: فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ، فَلَمَّا كَبَّرَ (1) أَبُو بَكْرٍ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ، فَمَكَثَ مَكَانَهُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِذَائِهِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى قَضَى الصَّلَاةَ (2) . [5: 48]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ كَانَ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ قِيَامٌ خَلْفَهُ

6602 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ:

(1) في الأصل: "أبا"، وهو خطأ.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم (2117) وسيأتي برقم (6873) .

وقولها: "ما رأيت منكِ خيراً قطُّ" أرادت به عائشة رضي الله عنها.

ص: 567

دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: بَلَى، ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَصَلَّى النَّاسُ؟» ، فَقُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، فَقَالَ:«ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ» ، فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُم أَفَاقَ، فَقَالَ:«أَصَلَّى النَّاسُ؟» ، قُلْنَا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، قَالَتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعِشَاءِ الْآخِرَةِ، قَالَتْ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا أَوْ رَفِيقًا -: يَا عُمَرُ، صَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ، فَفَعَلَ وَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ، فَقَالَ لَهُمَا:«أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ» ، فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِهَا عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«لَمْ تُسَمِّ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟» ، فَقُلْتُ:

ص: 568

لَا، فَقَالَ:«هُوَ عَلِيٌّ» (1) . [5: 48]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَوْصَى إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي عِلَّتِهِ

6603 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، وَلَقَدْ دَعَا بِطَسْتٍ، فَبَالَ فِيهِ، وَإِنَّهُ لَعَلَى صَدْرِي، فَانْخَنَثَ، فَمَاتَ، وَمَا أَشْعُرُ بِهِ» (2) . [5: 49]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وزائدة: هو ابن قدامة. وقد تقدم برقم (2113) من طريق حسين بن علي، عن زائدة.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أزهر: هو ابن سعد السمان، وابن عون: هو عبد الله، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد بن قيس النخعي.

وأخرجه البخاري (4459) في المغازي: بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ووفاته، والنسائي 1/32 في الطهارة: باب البول في الطست، و 6/240-241 في الوصايا: باب هل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم، من طريقين عن أزهر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/32، وابن سعد 2/260 و 261، والبخاري

(2741)

في الوصايا: باب الوصايا، ومسلم (1636) في الوصية: باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، والنسائي 6/241، والترمذي في "الشمائل"(368)، وابن ماجه (1626) في الجنائز: باب ما جاء في ذكر مرض الرسول صلى الله عليه وسلم، من طرق عن ابن عوف، به.

وقوله: "انخنث" أي: مال وسقط وانثنى لاسترخاء أعضائه عند الموت.

ص: 569

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ أَوْ أَسَرَّ إِلَيْهِ بِأَشْيَاءَ أَخْفَاهَا عَنْ غَيْرِهِ

6604 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ أَبِي بَزَّةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَخَصَّكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ؟ قَالَ: مَا خَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ، لَمْ يُعَمِّمْ بِهِ النَّاسَ كَافَّةً، إِلَّا مَا كَانَ فِي قِرَابِ سَيْفِي هَذَا، فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً مَكْتُوبَةً:«لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَرَقَ مَنَارَ الْأَرْضِ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، لَعَنَ اللَّهِ مَنْ آوَى مُحْدِثًا» (1) . [2: 109]

‌ذِكْرُ آخِرِ الْوَصِيَّةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَّتِهِ

6605 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الطفيل هو عامر بن واثلة. وقد تقدم برقم (5896) .

وقوله: "محدثاً" قال ابن الأثير: يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر: من نصر جانياً، أو آواه، وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يقتص منه، والفتح: هو الأمر المبتدع نفسه، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه، فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواهُ.

ص: 570

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ آخِرُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا كَانَ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ:«الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانَكُمْ» (1) . [5: 48]

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد 3/117، وابن سعد 2/253، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/235 من طريق أسباط بن محمد، وابن ماجه (2697) في الوصايا: باب هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، من طريق المعتمر بن سليمان، كلاهما عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 2/253، والطحاوي 4/435 من طريق وكيع، عن الثوري، عن سليمان التيمي عمن سمع أنساً.

وأخرجه الطحاوي 4/235، والحاكم 3/57 من طرق عن سليمان التيمي، عن أنس.

وفي الباب عند أحمد 1/78، وأبي داود (5156) في الأدب: باب في حق المملوك، وابن ماجه (2698) ، والبيهقي 8/11 من طريق محمد بن الفضيل، عن المغيرة، عن أم موسى، عن علي. وأم موسى: قال الدارقطني: حديثها مستقيم يخرج حديثها اعتباراً ووثقها العجلي، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه بنحوه أحمد 1/90 من طريق عمر بن الفضل، عن نعيم بن يزيد، عن علي.

وأخرجه من حديث أم سلمة: أحمد 6/311، و 321، وابن سعد 2/254، وابن ماجه (1625) في الجنائز: باب ما جاء في ذكر مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبغوي (2415) من طريق همام، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن سفينة عنها، قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/540: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا بجميع رواته.

وأخرجه أحمد 6/290 و 315 من طريق سعيد بن أبي عروبة، =

ص: 571

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ، عِنْدَ فِرَاقِهِ أُمَّتَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَا وَعَدَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ

6606 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَصْفَهَانِيُّ، بِالْكَرْخِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَزِيدَ بْنَ حُرَيْثٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ:«تَسْأَلُونِي عَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا شَاةً، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ» (1) . [5: 50]

= والطحاوي 4/235-236 من طريق أبي عوانة، كلاهما عن قتادة، عن سفينة، عن أمِّ سلمة.

وقوله: "وما كان يفيض بها لسانُه" قال البغوي في شرح "السنّة" 9/350: هو بالصاد غير المعجمة يعني: ما يبين كلامه، يقال: فلان ما يفيص بكلمة، إذا لم يقدر على أن يتكلم ببيان، وفلان ذو إفاصة، أي: ذو بيان.

(1)

إسناده حسن. إسماعيل بن يزيد بن حريث القطان له ترجمة في "اللسان" 1/443، وروى عنه جمع، وقال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/209: اختلط عليه بعض حديثه في آخر أيامه، ويذكر بالزهد والعبادة، حسن الحديث، كثير الغرائب والفوائد، وقد توبع.

وعاصم -وهو ابن أبي النجود- روى له الشيخان مقروناً وهو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي داود -وهو سليمان بن داود الطيالسي- فمن رجال مسلم.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 7/274 من طريق جعفر بن عون، عن مسعر بن كدام، بهذا الإسناد، وقد تقدم برقم (6368) .

ص: 572

‌ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِخَبَرِ زِرٍّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

6607 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهِبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّا لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَالِ» ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، وَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وِجْهَةٌ (1) حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ اسْتَنْكَرَ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ تِلْكَ الْأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، أَنِ ائْتِنَا وَلَا يَأْتِنَا مَعَكَ

(1) في الأصل: "جهة"، والمثبت من مسلم، وفي البخاري وغيره: وجه.

ص: 573

أَحَدٌ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَحْضُرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ: وَاللَّهِ، لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا عَسَى أَنْ يَفْعَلُوا بِي وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهِمْ، فَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرِ فَضِيلَتَكَ، وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، وَلَمْ أَنْفَسْ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالْأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى أَنَّ لَنَا حَقًّا لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرِ حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصِلَ أَهْلِي وَقَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه لِأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيْعَةِ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلَاةَ الظُّهْرِ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ ذَكَرَ شَأْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ، وَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَحُرْمَتَهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ نَصِيبًا فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا بِهِ، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَع

ص: 574

الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوف (1) . [5: 50]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» تَفَرَّدَ بِهِ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، وَقَدْ فَعَلَ

6608 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ اللَّخْمِيُّ، بِعَسْقَلَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ الْمَدِينَةَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ، وَإِنَّا قَدْ أَمَرْنَا لَهُمْ بِرَضْخٍ، فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُرْ بِذَلِكَ غَيْرِي، فَقَالَ: اقْبِضْ أَيُّهَا الْمَرْءُ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ مَوْلَاهُ يَرْفَأُ، فَقَالَ: هَذَا عُثْمَانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، قَالَ: وَلَا أَدْرِي أَذَكَرَ طَلْحَةً أَمْ لَا، يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْكَ، قَالَ: ائْذَنْ لَهُمْ، قَالَ: ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: الْعَبَّاسُ، وَعَلِيٌّ يَسْتَأْذِنَانِ عَلَيْكَ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُمَا، فَلَمَّا دَخَلَ الْعَبَّاسُ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا - هُمَا حِينَئِذٍ يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ - فَقَالَ الْقَوْمُ: اقْضِ بَيْنَهُمَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَرِحْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَدْ طَالَتْ خُصُومَتُهُمَا،

(1) إسناده صحيح، يزيد ابن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب، روى له أصحاب السنن، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.

وأخرجه أبو داود (2968) في الخراج والإمارة والفيء: باب في صفايا =

ص: 575

فَقَالَ عُمَرُ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» ، قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أُخْبِرُكُمْ عَنْ هَذَا الْفَيْءِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا خَصَّ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ، فَقَالَ:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] ، فَكَانَتْ هَذِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، وَاللَّهِ مَا حَازَهَا دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ قَسَمَهَا بَيْنَكُمْ، وَبَثَّهَا فِيكُمْ

= رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، عن يزيد ابن موهب، بهذا الإسناد.

وقد تقدم تخريجه برقم (4823) ونزيد في تخريجه:

وأخرجه البيهقي 7/65، والبغوي (2741) من طريق يحيى بن بكير، عن الليث، به.

وأخرجه أحمد 1/6-7، والمروزي في "مسند أبي بكر"(35) ، وأبو يعلى (43) من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، به، مختصراً.

وأخرجه عبد الرزاق (9774) ، وأحمد 1/4، والمروزي (36) ، وابن سعد 2/315 من طريق معمر، عن ابن شهاب، به، مطولاً ومختصراً.

وقوله: "وَجَدَت فاطمة" أي: غضبت.

وقوله: "وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وِجْهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ" أي: كانوا يحترمونه إكراماً لفاطمة، فلما ماتت واستمر على عدم الحضور عند أبي بكر قصر الناس عن ذلك الاحترام لإرادة دخوله فيما دخل فيه الناس.

وقوله: "لم أنفس خيراً" أي: لم أحسدك على الخلافة.

وقوله: "لم آلُ" أي: لم أقصر.

وقوله: "وكان المسلمون إلى علي قريباً" أي: كان ودهم له قريباً حين راجع الأمر بالمعروف.

ص: 576

حَتَّى بَقِيَ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ سَنَةً، وَرُبَّمَا قَالَ مَعْمَرٌ: يَحْبِسُ مِنْهَا قُوتَ أَهْلِهِ سَنَةً، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا أَوْلَى بِرَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ، أَعْمَلُ فِيهَا مَا كَانَ يَعْمَلُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ، وَالْعَبَّاسِ قَالَ: وَأَنْتُمَا تَزْعُمَانِ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا ظَالِمًا فَاجِرًا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ صَادِقٌ بَارٌّ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ وُلِّيتُهَا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، فَعَمِلْتُ فِيهَا بِمِثْلِ مَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَنْتُمَا تَزْعُمَانِ أَنِّي فِيهَا ظَالِمٌ فَاجِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي، جَاءَنِي هَذَا - يَعْنِي الْعَبَّاسَ - يَبْتَغِي مِيرَاثَهُ مِنِ ابْنِ أَخِيهِ، وَجَاءَنِي هَذَا - يَعْنِي عَلِيًّا - يَسْأَلُنِي مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا، فَأَخَذْتُ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَأَنَا مَا وُلِّيتُهَا، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا عَلَى ذَلِكَ، تُرِيدَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ هَذَا، وَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا فِيهَا بِقَضَاءٍ غَيْرِ هَذَا، إِنْ كُنْتُمَا عَجَزْتُمَا عَنْهَا، فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، قَالَ فَغَلَبَ عَلِيٌّ عَلَيْهَا، فَكَانَتْ فِي يَدِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، ثُمَّ بِيَدِ

(1) كذا الأصل، وفى مصادر التخريج: أنا ولي رسول الله.

ص: 577

حَسَنِ بْنِ (1) حَسَنٍ، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، قَالَ مَعْمَرٌ: ثُمَّ كَانَتْ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَن (2) . [5: 50]

(1) قوله: "عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، ثُمَّ بيد حسن بن" ساقط من الأصل، واستدرك من "مصنف عبد الرزاق"، وزاد عبد الرزاق في آخره: ثم أخذها هؤلاء، يعني بني العباس.

(2)

حديث صحيح، ابن أبي السري -وهو محمد بن المتوكل- قد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9772) ، ومن طريقه أخرجه أحمد 1/47 و 60، ومسلم (1757) (50) في الجهاد: باب حكم الفيء، والمروزي في "مسند أبي بكر"(2) ، والبيهقي 6/298.

وأخرجه الحميدي (22) ، وأحمد 1/25، والبخاري (5357) في النفقات: باب حبس الرجل قوت سنة على أهله، من طريق سفيان، وأبو داود (2964) في الخراج والإمارة: باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، وابن جرير الطبري في "تفسيره" 28/38-39 من طريق محمد بن ثور، وابن سعد 2/314 من طريق محمد بن عمر، ثلاثتهم عن معمر، بهذا الإسناد. مختصراً ومطولاً.

وأخرجه الحميدي (22) ، وأحمد 1/25 و 48 و 162 و 164 و 179 و 191، والبخاري (2904) في الجهاد: باب المِجَنِّ ومن يتترس بترس صاحبه، و (4885) في تفسير سورة الحشر: باب قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِه} ، ومسلم (1757)(48) ، وأبو داود (2965) ، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/102، وأبو يعلى (4) ، والمروزي (3) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، به، مختصراً، ولفظ أبي يعلى مطولاً.

وأخرجه البخاري (3094) في فرض الخمس: باب فرض الخمس، ومسلم (1757)(49)، والترمذي (1610) في السير: باب ما جاء في تركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو داود (2963) ، والمروزي (1) ، وأبو يعلى (2) و (3) ، والبيهقي 6/297، والبغوي (2738) من طرق عن مالك، عن الزهري، به. =

ص: 578

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَرِكَةَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَانَ صَدَقَةً بَعْدَهُ مَا فَضَلَ مِنْهَا عَنْ مَئُونَةِ الْعُمَّالِ وَنَفَقَةِ الْعِيَالِ

6609 -

أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَقْسِمُ وَرَثَتِي بَعْدِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ عِيَالِي، وَمَئُونَةِ عَامِلِي صَدَقَةٌ» (1) . [3: 10]

= وأخرجه البخاري (4033) في المغازي: باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم في دية الرجلين، والبيهقي 6/298-299، والبغوي في " تفسيره " 4/416، من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، به.

وأخرجه البخاري (5358)، و (6728) في الفرائض: باب قول النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا نُورَثُ ما تركنا صدقة"، و (7305) في الاعتصام: باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والباع، من طريق الليث، عن عقيل، عن الزهري، به.

وأخرجه أحمد 1/208، وابن سعد 2/314 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه أحمد 1/49، والنسائي 7/136-137 في قسم الفيء، من طريق أيوب، عن عكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس، به. وقد تقدم مختصراً برقم (6357) .

والرضخ: عطية غيرُ كثيرة ولا مقدرة.

ويرفأ: هو من موالي عمر أدرك الجاهلية، ولا تعرف له صحبة، وقد حج مع عمر في خلافة أبي بكر، وعاش إلى زمن معاوية.

وقوله: "قال: فغلب علي عليها

" الظاهر أن فاعل "قال" هو الزهري.

(1)

إسناده صحيح. إبراهيم بن بشار: روى له أبو داود والترمذي، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. سفيان هو: ابن عيينة. =

ص: 579

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: «بَعْدَ نَفَقَةِ عِيَالِي» أَرَادَ بِهِ: بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي

6610 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا (1) أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي، وَمَئُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ» (2) . [3: 10]

‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ الْمِيرَاثِ لَوْ جَعَلَهُ تَرِكَةَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6611 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ رَسُول

= وأخرجه الحميدي (1134)، ومسلم (1760) في الجهاد: باب قول النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا نُورَثُ، ما تركنا صدقة"، من طريق سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 2/314 من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، به. وانظر الحديثين الآتيين برقم (6610) و (6612) .

(1)

قوله: "الحسين بن إدريس أخبرنا" ساقط من الأصل، وأستدرك من " التقاسيم " 3/لوحة 47.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البغوي (3838) من طريق أبي مصعب أحمد بن أبي بكر، بهذا الإسناد.

وهو في "الموطأ" برواية يحيى 2/993 في الكلام: باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن طريقه أخرجه البخاري (2776) في الوصايا: باب نفقة القيم للوقف، و (3096) في الجهاد: باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، و (6729) في الفرائض: باب قول النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا نُورَثُ ما تركنا صدقة"، ومسلم (1760)، وأبو داود (2974) في الخراج والإمارة: باب صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبيهقي 6/302. وانظر الحديث السابق، والآتي برقم (6612) .

ص: 580

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَدْنَ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ» (1) . [3: 10]

6612 -

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«وَاللَّهِ لَا يَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي، وَمَئُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ» (2) . [3: 95]

***

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البغوي (3839) من طريق أحمد بن أبي بكر، بهذا الإسناد. وهو في "الموطأ" برواية يحيى 2/993 في الكلام: باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن طريقه أخرجه أحمد 6/262، وابن سعد 2/314، والبخاري (6730) في الفرائض: باب قول النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا نُورَثُ ما تركنا صدقة"، ومسلم (1758) في الجهاد. باب قول النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا نُورَثُ، ما تركنا صدقة"، وأبو داود (2976) في الخراج والإمارة: باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، والبيهقي 6/301.

وأخرجه أحمد 6/145، وابن سعد 2/314، والبخاري (4034) في المغازي: باب حديث بني النضير، و (6727) ، وأبو داود (2977) ، والبيهقي 6/302 من طرق عن ابن شهاب، به.

وأخرجه عبد الرزاق (9773) عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة قالا: إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أرسلن إلى أبي بكر يسألن ميراثهن

(2)

إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير عيسى بن حماد، فمن رجال مسلم، وابن عجلان -وهو محمد- فقد روى له مسلم متابعة. وانظر الحديثين المتقدمين برقم (6609) و (6610) .

ص: 581

‌9 - بَابُ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

6613 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَوْتُ، قَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاكَرْبَاهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ» (1) . [5: 9]

‌ذِكْرُ الْبَيْتِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم

6614 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ نِسَاؤُهُ: انْظُرْ حَيْثُ تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيهِ، فَنَحْنُ نَأْتِيكَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَوَكُلُّكُنَّ عَلَى

(1) حديث صحيح، وإسناده ضعيف. المبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن، لكن صح الحديث من طريق آخر عن أنس، سيأتي عند المؤلف برقم (6622) .

أبو كريب: هو محمد بن العلاء بن كريب.

وأخرجه أبو يعلى (2769) عن أبي كريب، بهذا الإسناد.

ص: 582

ذَلِكَ؟» ، قَالَتْ: نَعَمْ، فَانْتَقَلَ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ، فَمَاتَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم (1) . [5: 49]

‌ذِكْرُ الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم

6615 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: أَيُّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَمُوتَ فِيهِ، فَمَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ عَشِيَّةً، وَدُفِنَ لَيْلًا (2) . [5: 49]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى جَنَّتِهِ وَهُوَ بَيْنَ نَحْرِ عَائِشَةَ، وَسَحْرِهَا

6616 -

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ،

(1) إسناده صحيح. أبو العنبس: هو سعيد بن كثير بن عبيد القرشي التيمي.

وأخرج أحمد 6/117 و 228، والبخاري (198) و (665) و (2588) و (3099) و (4442) و (5714) ، ومسلم (418)(91) و (92) من طريق عُبيد اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أن عائشة قالت: لَمَّا ثَقُل رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعُه استأذن أزواجه أن يُمَرَّض في بيتي، فأذِنَّ له.

(2)

حديث صحيح، زكريا بن الحكم روى عنه جمع، ووثقه المؤلف 8/255، وقول ابن القطان: مجهول: رده الحافظ عليه في " اللسان " 2/478، وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. الفريابي: هو محمد بن يوسف.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 7/233 من طريق عباس بن عبد الله، عن محمد بن يوسف الفريابي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/45 عن أبي معاوية، والبخاري (1387) في =

ص: 583

حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ، دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَمْضَغُ، فَأَخَذْتُهُ فَمَضَغْتُهُ، ثُمَّ سَنَنْتُهُ» (1) . [5: 49]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم اسْتَنَّ مِنْ ذَلِكَ السِّوَاكِ الَّذِي اسْتَنَّتْ عَائِشَةُ بِهِ

6617 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِي بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْهِ وَمَعَهُ سِوَاكٌ رَطْبٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ حَاجَةً، فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ، وَقَضَمْتُهُ، وَطَيَّبْتُهُ، فَاسْتَنَّ كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُهُ مُسْتَنًّا، ثُمَّ ذَهَبَ يَرْفَعُ فَسَقَطَ، فَأَخَذْتُ أَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ كَانَ يَدْعُو بِهِ جِبْرِيلُ أَوْ يَدْعُو بِهِ إِذَا

= الجنائز: باب موت يوم الاثنين، من طريق وهيب بن خالد، والطبراني (40) من طريق حماد بن سلمة، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، به.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بْنِ عُبيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مليكة.

وأخرجه البخاري (3100) في فرض الخمس: باب ما جاء في بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، والطبراني 23/ (82) من طريق سعيد بن أبي مريم، عن نافع بن عمر، بهذا الإسناد.

ص: 584

مَرِضَ، فَجَعَلَ يَقُولُ:«بَلِ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى مِنَ الْجَنَّةِ» ثَلَاثًا، وَفَاضَتْ نَفْسُهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا (1) . [5: 49]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ دُعَاءَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِاللُّحُوقِ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى كَانَ فِي عِلَّتِهِ تِلْكَ (2) وَهُوَ بَيْنَ سَحْرِ عَائِشَةَ وَنَحْرِهَا

6618 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ (3) بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهِيَ مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِهَا، يَقُولُ:«اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى» (4) . [5: 49]

(1) حديث صحيح، إسحاق بن إبراهيم الثقفي متابع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وسيأتي عند المؤلف برقم (7116) من طريق إسماعيل بن علية، عن أيوب، فانظر تخريجه هناك.

(2)

في الأصل: ذلك، والجادة ما أثبت.

(3)

تحريف في الأصل إلى: "الفضل".

(4)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد ابن موهب -وهو يزيد بن خالد بن يزيد بن موهب- فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وهو ثقة. المفضل بن فضالة: هو المصري، أبو معاوية القاضي.

وأخرجه مالك 1/238 في الجنائز: باب جامع الجنائز، وأحمد 6/231، والبخاري (4440) في المغازي: بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ووفاته، و (5674) في المرضى: باب تمني المريض الموت، ومسلم (2444) (85) في فضائل الصحابة: باب في فضل عائشة، والترمذي (3496) في =

ص: 585

‌ذِكْرُ زَجْرِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَنِ اتِّخَاذِ قَبْرِهِ مَسْجِدًا بَعْدَهُ

6619 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَصَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ يُلْقِي عَلَى وَجْهِهِ طَرَفَ خَمِيصَةٍ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:«لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» .

قَالَ: تَقُولُ عَائِشَةُ: يُحَذِّرُهُمْ مِثْلَ الَّذِي صَنَعُوا (1) . [5: 48]

= الدعوات: باب رقم (77) ، والنسائي في "اليوم والليلة"(1095) ، وفي الوفاة كما في "التحفة" 11/432، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/209، والبغوي (3828) .

(1)

حديث صحيح، محمد بن عبد الله العصار روى عنه جمع ووثقه المؤلف 9/103، وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

عبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود الهذلي. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(1588) و (9754) .

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 6/228-229، وأبو عوانة 1/399.

وأخرجه أحمد 1/218 و 6/34 عن عبد الأعلى، والبخاري (3453) في أحاديث الأنبياء: باب ما ذُكر عن بني إسرائيل، والنسائي 2/40-41 في المساجد: باب النهي عن اتخاذ القبور مساجد من طريق عبد الله بن المبارك، =

ص: 586

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَرَادَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ الْخُرُوجَ إِلَى أُمَّتِهِ

6620 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِهِمْ، لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةَ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ تَبَسَّمَ فَضَحِكَ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبِهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ.

قَالَ أَنَسٌ: وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلَاتِهِمْ فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَوْهُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ

= كلاهما عن معمر، بهذا الإسناد. وقرن ابن المبارك في حديثه بمعمر يونس بن يزيد الأيلي.

وأخرجه أحمد 6/275، والدارمي 1/326، والبخاري (435) في الصلاة: باب رقم (55)، و (4443) في المغازي: باب مرضه صلى الله عليه وسلم ووفاته، و (5815) في اللباس: باب الأكسية والخمائص، ومسلم (531) في المساجد: باب النهي عن بناء المساجد على القبور، وأبو عوانة 1/399، والبيهقي في "السنن" 4/80، و "الدلائل" 7/203، والبغوي (3825) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 6/80 و 121 و 255، والبخاري (1330) في الجنائز: باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، و (1390) : باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، و (4441) في المغازي: باب مرضه صلى الله عليه وسلم ووفاته، ومسلم (529) من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة وحدها.

ص: 587

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِ اقْضُوا صَلَاتَكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَتُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الْيَوْمَ»

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَقَالَ:«لَا أَسْمَعَنَّ أَحَدًا يَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ، إِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَبُّهُ كَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوسَى، فَلَبِثَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً»

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ:«إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُقَطِّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَاتَ»

قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ:«أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدَةَ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ، وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، أَمَّا الْمُوتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا»

قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ، فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ،

ص: 588

وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ.

قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ إِلَّا حِينَ تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَلَمْ تَسْمَعْ بَشَرًا إِلَّا يَتْلُوهَا.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:«وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا عُقِرْتُ (1) حَتَّى مَا تُقِلُّنِي (2) رِجْلَايَ، وَأَهْوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ، وَعَرَفْتُ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلَاهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ»

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ (3) عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنَ الْغَدِ حِينَ بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتَوَى أَبُو بَكْرٍ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عُمَرُ، فَتَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ قُلْتُ لَكُمْ أَمْسِ مَقَالَةً لَمْ تَكُنْ، كَمَا قُلْتُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُهَا فِي كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ، وَلَا فِي عَهْدٍ

(1) في الأصل: غيرت، والمثبت من "البخاري".

(2)

في الأصل: تلتقي، والمثبت من "البخاري".

(3)

في الأصل: أن عمر، والمثبت من "البخاري".

ص: 589

عَهِدَهُ إِلَيَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَدْبُرَنَا - يَقُولُ حَتَّى يَكُونَ آخِرَنَا - فَاخْتَارَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ، وَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم، فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا بِمَا هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 49]

(1) إسناده صحيح، أحمد بن جميل المروزي روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/11، ووثقه عبد الله بن أحمد وابن معين في رواية، وقال مرة: ليس به بأس، وقال أبو حاتم، ويعقوب بن شيبة: صدوق، وانظر "الجرح والتعديل" 2/44، و "تاريخ بغداد" 4/77، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه بطوله ابن سعد 2/269-271 عن أحمد بن الحجاج، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. غير أنه لم يذكر فيه القسم الأول.

عن أنس في صلاة أبي بكر في المسلمين.

وأخرج القسم الأول منه البخاري (1205) في العمل في الصلاة: باب من رجع القهقرى في صلاته أو تقدم بأمر ينزل به، عن بشر بن محمد، عن ابن المبارك، به. ولم يذكر فيه معمراً.

وأخرجه أيضأ أحمد 3/163 من طريق ابن جريج، والبخاري (680) في الأذان: باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة، من طريق شعيب بن أبي حمزة و (754) باب: هل يلتفت لأمر ينزل به، و (4448) في المغازي: باب مرضه صلى الله عليه وسلم ووفاته، من طريق عُقيل بن خالد، ثلاثتهم عن الزهري، به.

وأخرج القسم الثاني والثالث ابن سعد 2/266 من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري، به.

وأخرج القسم الرابع والخامس البخاري (1241) و (1242) في الجنائز: باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أُدرج في أكفانه، عن بشر بن محمد، والنسائي 4/11 في الجنائز: باب تقبيل الميت، عن سويد بن نصر، وابن سعد 2/265-266 عن أحمد بن الحجاج، عن ابن المبارك، به. ولم =

ص: 590

‌ذِكْرُ مَا كَانَتْ تَبْكِي فَاطِمَةُ رضي الله عنها أَبَاهَا حِينَ قَبَضَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا إِلَى جَنَّتِهِ

6621 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ فَاطِمَةَ بَكَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ:«يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ، يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ أَنْعَاهُ، يَا أَبَتَاهُ جُنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ» (1) . [5: 49]

= يذكر النسائي وابن سعد حديث ابن عباس.

وأخرجه البخاري (4452) و (4453) و (4454) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/215-216 من طريق عُقيل بن خالد، عن الزهري، به.

وزاد فيه عُقيل حديث سعيد بن المسيب أن عمر قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أبا بكر....

وأخرج القسم السادس ابن سعد 2/268 من طريق محمد بن عبد الله بن أبي عتيق، عن الزهري، به.

وأخرج القسم الأخير منه البخاري (7219) في الأحكام: باب الاستخلاف، عن إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، عن معمر، به.

وأخرجه مختصراً البخاري أيضاً (7269) في أول كتاب الاعتصام: من طريق عُقيل، عن الزهري، به. وسيأتي الحديث بنحوه عند المؤلف برقم (6875) من طريق عبد الرزاق، عن معمر.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عبد الله بن الرومي، فمن رجال مسلم، وهو في "مصنف عبد الرزاق"(6673) ، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 3/197، والنسائي 4/12-13 في الجنائز: باب في البكاء على الميت، والبيهقي 4/71. وانظر ما بعده.

ص: 591

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ

6622 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا تَغَشَّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَرْبُ كَانَ رَأْسُهُ فِي حِجْرِ فَاطِمَةَ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاكَرْبَاهُ لِكَرْبِكَ الْيَوْمَ يَا أَبَتَاهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ يَا فَاطِمَةُ» ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَالَتْ فَاطِمَةُ: وَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، وَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ، وَا أَبَتَاهُ إِلَى جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، وَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ أَنْعَاهُ، قَالَ أَنَسٌ:«فَلَمَّا دَفَنَّاهُ مَرَرْتُ بِمَنْزِلِ فَاطِمَةَ، فَقَالَتْ: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ؟!» (1) . [5: 49]

(1) حديث صحيح، إسماعيل بن يونس لم أقف له على ترجمة، وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد 3/204 عن يزيد بن هارون، والدارمي 1/40-41 عن أبي النعمان عارم، والبخاري (4462) في المغازي: باب مرضه صلى الله عليه وسلم ووفاته، وابن سعد 2/311، والبيهقي في "الدلائل" 7/212-213 عن سليمان بن حرب، وابن ماجه (1630) في الجنائز: باب ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم، من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، أربعتهم عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد، ورواية أحمد مختصرة.

وأخرجه بنحوه الترمذي في "الشمائل"(379) ، وابن ماجه (1629) من طريق عبد الله بن الزبير أبي الزبير الباهلي، عن ثابت، به.

ص: 592

‌ذِكْرُ وَصْفِ الثِّيَابِ الَّتِي قُبِضَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِيهَا

6623 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:«دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ وَكِسَاءً مِمَّا يُسَمُّونَهَا الْمُلَبَّدَةَ، فَأَقْسَمَتْ بِاللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُبِضَ فِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ» (1) . [5: 49]

‌ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ

6624 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الرَّيَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير شيبان بن أبي شيبة، فمن رجال مسلم. أبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.

وأخرجه مسلم (2080)(34) في اللباس والزينة: باب التواضع في اللباس، عن شيبان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/131، وأبو داود (4036) في اللباس: باب لباس الغليظ، وابن ماجه (3551) في اللباس: باب لباس رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو يعلى (4432) ، (4943) و (4944) من طرق عن سليمان بن المغيرة، به. وقرن أبو داود في حديثه بسليمان حماداً.

وأخرجه عبد الرزاق (20624)، والبخاري (3108) في فرض الخمس: باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم..، و (5818) في اللباس: باب الأكسية والخمائص، ومسلم (2080)(35)، والترمذي (1733) في اللباس: باب ما جاء في لبس الصوف، من طريق أيوب، عن حميد بن هلال، به.

ص: 593

أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ إِزَارًا مُلَبَّدًا، وَكِسَاءً غَلِيظًا، فَقَالَتْ:«فِي هَذَا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (1) . [5: 49]

‌ذِكْرُ وَصْفِ الثَّوْبِ الَّذِي سُجِّيَ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَبَضَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا إِلَى جَنَّتِهِ

6625 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُجِّيَ فِي ثَوْبٍ حِبَرَةٍ» (2) . [5: 49]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي سُجِّيَ بِهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُكَفَّنْ فِيهِ

6626 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْن

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم.

وانظر ما قبله.

(2)

حديث صحيح، ابن أبي السري قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد 6/153، ومسلم (942) في الجنائز: باب تسجية الميت، وأبو داود (3120) في الجنائز: باب في الميت يُسجَّى، والبيهقي في "السنن" 3/385 من طرق عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد، وقرن أحمد في "المسند" بمعمر عبد الأعلى.

وأخرجه ابن سعد 2/264 من طريق معمر، به.

وأخرجه أحمد 6/269، ومسلم (942)(48) ، والنسائي في الوفاة كما في "التحفة" 12/363، وابن سعد 2/264 من طريق صالحٍ بن كيسان، والبخاري (5814) في اللباس: باب البرود والحبرة والشملة، ومسلم =

ص: 594

بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«أُدْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَوْبٍ حِبَرَةٍ، ثُمَّ أُخِّرَ عَنْهُ» .

قَالَ الْقَاسِمُ: «إِنَّ بَقَايَا ذَلِكَ الثَّوْبِ لَعِنْدَنَا بَعْدُ» (1) . [5: 49]

‌ذِكْرُ وَصْفِ الْقَوْمِ الَّذِينَ غَسَّلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6627 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ أَبُو تُمَيْلَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْدَقَ بِهِ أَصْحَابُهُ، وَشَكُّوا فِي غُسْلِهِ، وَقَالُوا: نُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ

= (942) ، والبيهقي 3/385، والبغوي (1469) من طريق شعيب بن أبي حمزة، كلاهما عن الزهري، به.

(1)

إسناده صحيح على شرطهما.

وأخرجه أحمد 6/161، وعنه أبو داود (3149) في الجنائز: باب في الكفن، والبيهقي في "الدلائل" 7/248، وأخرجه البيهقي في " السنن " 3/401 من طريق علي بن عبد الله المديني كلاهما (أحمد وعلي) عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد، ولم يذكر أبو داود والبيهقي فيه قول القاسم بن محمد.

وأخرجه النسائي في الوفاة كما في "التحفة" 12/285 عن محمد بن المثنى ومجاهد بن موسى، كلاهما عن الوليد بن مسلم، به، ببعضه وهو قوله:"أُدْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في ثوب حبرة".

ص: 595

كَيْفَ نَصْنَعُ؟ فَأَرْسَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَيْهِمْ سِنَةً، فَمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا مُنَادٍ (1) يُنَادِي مِنَ الْبَيْتِ - لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ - أَنِ اغْسِلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثِيَابَهُ، قَالَتْ: فَغَسَّلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَهُ غَيْرُ نِسَائِهِ (2) . [5: 49]

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لَمْ يُرَ مِنْهُ فِي غُسْلِهِ مَا يُرَى مِنْ سَائِرِ الْمَوْتَى

6628 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا اجْتَمَعُوا لِغُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(1) في الأصل: "منادي" بإثبات الياء، والجادة ما أثبت.

(2)

إسناده قوي، وابن إسحاق صرح بالتحديث عند غير المصنف. وأخرجه أحمد 6/267، وأبو داود (3141) في الجنائز: باب في ستر الميت عند غسله، والحاكم 3/59-60، والبيهقي في "السنن" 3/387، وفي " الدلائل " 7/242 من طرق عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ ووافقه الذهبي!

وأخرجه بنحوه ابن سعد 2/276-277 من طريق عيسى بن معمر، عن عباد بن عبد الله، به.

وأخرجه ابن ماجه (1464) في الجنائز: باب ما جاء في غسل الرجل امرأته وغسل المرأة زوجها، من طريق أحمد بن خالد الوهبي، عن محمد بن إسحاق، ببعضه:"لو كُنْتُ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غسَّل النبي صلى الله عليه وسلم غير نسائه".

ص: 596

اخْتَلَفُوا بَيْنَهُمْ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا، أَوْ نُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ؟، قَالَتْ: فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّوْمَ حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مِنْ رَجُلٍ إِلَّا ذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ (1) مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ - مَا يَدْرُونَ مَا هُوَ - أَنِ اغْسِلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، قَالَ: فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَغَسَّلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، يَصُبُّونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَيُدَلِّكُونَهُ مِنْ وَرَاءِ الْقَمِيصِ، وَكَانَ الَّذِي أَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَسْنَدَهُ إِلَى صَدْرِهِ، قَالَتْ:«فَمَا رُئِيَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ مِمَّا يُرَى مِنَ الْمَيِّتِ» (2) . [5: 49]

‌ذِكْرُ وَصْفِ الثِّيَابِ الَّتِي كُفِّنَ صلى الله عليه وسلم فِيهَا

6629 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا

(1) في الأصل: منادي، والجادة ما أثبت.

(2)

إسناده قوي. وهو في "سيرة ابن هشام" 4/313 عن ابن إسحاق،

بهذا الإسناد. ولم يذكر فيه: "وكان الذي أجلسه في حجره

".

وقوله: "وإن منهم من رجل" إن هنا نافيه بمعنى "ما"، ولفظ ابن هشام:"ما منهم".

وأما قوله: "وكان الذي أجلسه في حجره

" فيغلب على ظني أنه من حديث آخر عن غير عائشة، فأدخله المؤلف عن ابن إسحاق في حديث عائشة، فقد أخرجه ابن هشام في "السيرة" 4/312-313 عن ابن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ، وحسين بن عبد الله وغيرهما أن علي بن أبي طالب

فذكروه في قصة.

ووصله أحمد 1/260 من طريق ابن إسحاق، حدثني حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس. وحسين بن عبد الله ضعيف.

ص: 597

عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«غُطِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُلَّةٍ يَمَنِيَّةٍ كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ مِنْهُ، فَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولٍ يَمَانِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا عِمَامَةٌ وَلَا قَمِيصٌ، فَنَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ الْحُلَّةَ، وَقَالَ: أُكَفَّنُ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُكَفَّنْ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُكَفَّنُ فِيهَا، فَتَصَدَّقَ بِهَا» (1) . [5: 49]

‌ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ ضِدَّ مَا ذَكَرْنَاهُ

6630 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّقَّامُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدِ (2) بْنِ مَنْجُوفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَعِمْرَانُ، جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ نَجْرَانِيٍّ،

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير الوليد بن شجاع، فمن رجال مسلم، وما ببن الحاصرتين من "مسلم"، وهو في "صحيحه" (941) (46) في الجنائز: باب في كفن الميت، عن علي بن حُجر السعدي، عن علي بن مسهر، بهذا الإسناد. وقد تقدم بعضُه عند المؤلف برقم (3037) من طريق مالك عن هشام بن عروة، فانظر تتمة تخريجه هناك.

(2)

تحرف في الأصل إلى: سعيد، والتصويب من "الثقات" 8/30 وغيره من كتب الرجال.

ص: 598

وَرَيْطَتَيْنِ» (1) . [5: 49]

‌ذِكْرُ وَصْفِ مَا طُرِحَ تَحْتَ الْمُصْطَفَى فِي قَبْرِهِ

6631 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَغُنْدَرٌ، كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّهُ وُضِعَ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ» (2) . [5: 49]

(1) إسناده حسن، رجاله رجال الصحيح، وعمران -وهو ابن داوَر القطان- روى له أصحاب السنن وعلق له البخاري وحديثه حسن. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الأستوائي.

وأخرجه البزار (812) عن أحمد بن عبد الله السَّدُوسي -وهو ابن علي بن سويد بن منجوف- بهذا الإسناد. وقال: لا نعلم رواه هكذا موصولاً إلاّ أبو داود، ورواه يزيد بن زريع وغيرُه عن هشام عن قتادة عن سعيد مرسلاً.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 3/23 وقال: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.

والريطتان مثنى ريطة: وهي كل ملاءة ليست بلفقين، وقيل: كل ثوب رقيق لين والجمع رَيْط وَرِياط.

(2)

إسناده صحيح على شرطهما. أبو جَمرة: هو نصر بن عمران الضُّبعي، وغُندر: هو لقب محمد بن جعفر.

وأخرجه الطيالسي (2751) ، ومن طريقه البيهقي 3/408، وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" 3/336، ومسلم (967) في الجنائز: باب جعل القطيفة في القبر، عن وكيع وغندر، وأحمد 1/228، والترمذي (1048) في الجنائز: باب ما جاء في الثوب الواحد تحت الميت في القبر، عن يحيى بن سعيد وغندر، وأحمد 1/355، والبيهقي 3/408 عن وكيع، =

ص: 599

‌ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم لُحِدَ لَهُ عِنْدَ الدَّفْنِ

6632 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَةٍ، وَلُحِدَ لَهُ، وَنُصِبَ اللَّبِنُ عَلَيْهِ نَصْبًا» (1) . [5: 49]

‌ذِكْرُ أَسَامِي مَنْ دَخَلَ قَبْرَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم حَيْثُ أَرَادُوا دَفْنَهُ

6633 -

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ

= ومسلم (967) من طريق يحيى بن سعيد، والنسائي 4/81 في الجنائز: باب وضع الثوب في اللحد، وفي الوفاة كما في "التحفة" 5/262 من طريق يزيد بن زريع، جميعهم عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.

(1)

إسناده قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير الدراوردي -وهو عبد العزيز بن محمد- فقد روى له البخاري تعليقاً ومقروناً واحتج به مسلم.

وأخرجه مسلم (941)(46) في الجنائز: باب في كفن الميت، عن يحيى بن يحيى، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد. ولم يسُق لفظه. وانظر (3037) و (6629) .

ويشهد لقول عائشة: "لُحِد له، ونصب اللَّبن عليه نصباً" ما أخرجه مسلم (966) ، والنسائي 4/80، وابن ماجه (1556) أن سعد بن أبي وقاص، قال في مرضه الذي هلك فيه: الحَدُوا لي لحداً، وانصبوا عليّ نصباً، كما صُنع برسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث جابر، وسيأتي عند المصنف برقم (6635) .

والسُّحولية بالضم جمع سحل: وهو الثوب الأبيض النقي، ولا يكون إلا من قطن.

ص: 600

مُوسَى، حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ (1) ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَبَّاسُ، وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ، وَسَوَّى لَحْدَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ الَّذِي سَوَّى لُحُودَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ» (2) . [5: 49]

‌ذِكْرُ إِنْكَارِ الصَّحَابَةِ قُلُوبَهُمْ عِنْدَ دَفْنِ صَفِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

6634 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَمَا نَفَضْنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْأَيْدِي، وَإِنَّا لَفِي دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا» (3) . [5: 49]

(1) في الأصل: شجاع بن أبي الوليد، وهو خطأ.

(2)

إسناده جيد على شرط مسلم.

وأخرجه البزار (855) عن أيوب بن منصور البغدادي، عن شجاع بن الوليد، بهذا الإسناد. إلاّ أنه قال فيه:"شهداء يوم أحد"!

وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/37 وقال: رواه البزار عن شيخه أيوب بن منصور، وقد وهم في حديث رواه له أبو داود، وبقية رجاله رجال الصحيح.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الترمذي (3618) في المناقب: باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "الشمائل"(274)، وابن ماجه (1631) في الجنائز: باب ذكر وفاته =

ص: 601

‌ذِكْرُ وَصْفِ قَبْرِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَقَدْرِ ارْتِفَاعِهِ مِنَ الْأَرْضِ

6635 -

أَخْبَرَنَا السِّخْتِيَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُلْحِدَ وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصَبًا، وَرُفِعَ قَبْرُهُ مِنَ الْأَرْضِ نَحْوًا مِنْ شِبْرٍ» (1) . [5: 49]

بعونه تعالى وتوفيقه تم طبع الجزء الرابع عشر من

"الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان"

ويليه الجزء الخامس عشر وأوله:

بَابُ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا يكون في أمته من الفتن والحوادث

***

ودفنه صلى الله عليه وسلم، والبغوي (3834) عن بشر بن هلال الصواف، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: غريب صحيح.

وأخرجه أحمد 3/221 عن سيار، و 268 عن عفان، كلاهما عن جعفر بن سليمان، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 3/240 و 287، والدارمي 1/41، وابن أبي شيبة 11/516 من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، به.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو كامل الجحدري: هو فضيل بن حسين، وجعفر بن محمد: هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب.

ص: 602