الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
95 - مَوْهُوْبُ بنُ أحْمَدَ
(1)
بنِ مُحَمَّدِ بنِ الخَضِرِ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الجَوَالِيْقِيُّ،
(1)
95 - أَبُو مَنْصُوْرِ الجَوَالِيْقيُّ (466 - 540 هـ):
مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ العَرَبِيَّةِ فِي زَمَنِهِ بِبَغْدَادَ، وَأَحَدُ الأَرْبَعَةِ الَّذِيْنَ انْتَهَتْ إِلَيْهِم مَعْرِفَةُ عُلُوْمِ العَرَبِيَّةِ (ابنُ الجَواليقي، وَابنُ الشَّجَرِيِّ، وَابنُ الخَسَّابِ وابنُ الدَّهَّانِ). مُتَمَيِّزٌ بِالفَضلِ وَالْعِلْمِ وَالأَدَبِ، خَطُّهُ جَمِيْلٌ مُتْقَنٌ مَرْغُوْبٌ فِيْهِ، وَهُوَ عَالِمٌ فَاضِلٌ، سِيْرَتُهُ عَطِرَةٌ، وعِلْمُهُ غَزِيْرٌ، وَفَضْلُهُ وَفِيْرٌ، وَمُؤَلَّفَاتُهُ جِيَادٌ حِسَانٌ، وَأَخْبَارُهُ كَثِيْرَةٌ تَجِدْهَا فِي: مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ (639)، وَمُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصرِ اللهِ (21)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 45)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 129)، وَمُخْتَصَرِهِ (1/ 249). وَيُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (3/ 337)، ونُزْهَةُ الأَلِبَّاءِ (396)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 118)، وَمُعْجَمُ الأُدَبَاءِ (19/ 205)، وَاللُّبَابُ (1/ 301)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 106)، وَإِنْبَاهُ الرُّوَاة (3/ 335)، وَتَلْخِيْصُهُ لابنِ مَكْتُوْمٍ (ورقة: 257)، وَتَلْخِيْصُهُ لِمَجْهُوْلٍ، أَظُنُّهُ لِعَبْدِ الحَقِّ البَغْدَادِي (ورقة: 122)، وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (5/ 342)، وَالمُخْتَصَرُ فِي أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 17)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1286)، وَالعِبَرُ (4/ 110)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 89)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (45)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلَامِ (222)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (160)، وَتَارِيْخُ ابنِ الوَرْدِيِّ (2/ 45)، وَالمُسْتَفَادُ مِن ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (236)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 271)، وَإِشَارَةُ التَّعْيِيْنِ (357)، وَالبُلْغَةُ (108)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 220)، وَطَبَقَاتُ النُّحَاةِ لابنِ قَاضِي شُهْبَةَ (260)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةِ (5/ 277)، وَبُغْيَةُ الوُعَاة (2/ 308)، وَتَلْخِيْصُهَا لابنِ حُمَيْدٍ النَّجْدِيِّ صَاحِبِ "السُّحُبِ الوَابِلَةِ"(158)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 127)(6/ 207) وَغَيْرِهَا.
وَ"الجَوَالِيْقِيُّ": نِسْبَةً إِلَى "الجَوَالِيْقِ" جَمْعِ "جُوَالِقٍ" يُقَالُ بِضَمِّ المِيْمِ فِي المُفْرَدِ وفَتْحِهَا في الجَمْعِ، وَلَهُ نَظَائِرٌ، يُقَالُ: رَجُلٌ حُلَاحِلٌ إِذَا كَانَ وَقُوْرًا، وَجَمْعُهُ حَلَاحِلٌ بِالفَتْحِ. وَالجُوَالِقُ لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهِيَ الأَدَاةُ التي يَحْمِلُ بِهَا الحَمَّالُوْنَ =
أَبُو مَنْصُوْرِ بنِ أَبِي طَاهِرٍ. شَيْخُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي عَصْرِهِ. وُلِدَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، ذَكَرَهُ ابنُ شَافِعٍ، وَابنُ الجَوْزِيِّ، وَقَالَ ابنُ السَّمْعَانِيِّ: سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ؟ فَقَالَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ. وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ ذلِك؟ فَقَالَ: فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ، أَوْ أَوَائِلِ سَنَةِ سِتٍّ.
وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ البُسْرِيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ بنِ أَبِي الصَّقْرِ، وَأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبِ الأَنْبَارِيِّ، وَطِرَادٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَنَصْرِ
= الأَمْتِعَةَ. وَالأَصْلُ أَنْ يُرَدَّ الجَمْعُ إِلَى المُفْرَدِ فيُنْسَبُ إِلَيْهِ، لكنَّ العَرَبَ رُبَّمَا نَسَبَتْ إِلَى الجَمْعِ كَنِسْبَتِهِمْ إِلَى المُفْرَدِ، فَقَالُوا فِي النَّسَبِ إِلَى الأَنْصَارِ:"أَنْصَارِيٌّ".
وَلأَبي مَنْصُوْرٍ أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ لَهَا شُهْرَةٌ، فَجَدُّهُ: الخَضِرُ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ - فَإِنَّهُ كَانَ مَشْهُوْرًا، صَاحِبَ ضِيَاعٍ وَدَخْلٍ. واشْتُهِرَ وَالِدُهُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو طَاهرٍ بِالعِلْمِ (ت: 481 هـ) اسْتَدْرَكْتُهُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وَفَياتِهَا كَمَا اشْتُهِرَ بِالْعِلْمِ من أَوْلَادِهِ وَأَحْفَادِهِ: ابنُهُ: إسْمَاعِيْلُ بنُ مَوْهُوْبِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 575 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. وابنُهُ الآخَرُ: إِسْحَقُ بنُ مَوْهُوبِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 575 هـ) أيضًا. وَابنتُهُ: خَدِيْجَةَ، أَسْنَدَ إِلَيْهَا فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 283). وَمِنْ أَحْفَادِهِ: أَحْمَدُ بنُ إِسْحَقَ بنِ مَوْهُوْبٍ (ت: 578 هـ). وَالحَسَنُ بنُ إِسْحَقَ بنِ مَوْهُوْبٍ (ت: 625 هـ). وعَبْدُ الرَّحْمَن بنِ إِسْحَقَ بنِ مَوْهُوْبٍ (ت: 636 هـ). وَمَوْهُوْبُ بنُ أَحْمَدَ بن إِسْحَقَ، ذكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ في مُعْجَمِهِ (2/ ورقة: 140)، ذَكَرَ مَوْلِدَهُ سَنَةَ (571 هـ) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ. سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ مَعَ وَالِدِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
- وَذَكَرَ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ فِي تَارِيْخِهِ "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ"(1/ 130) سِبْطَ الجَوَالِيْقِيِّ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ وَاقَا (ت: 616 هـ) نَتَحَدَّثَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ مَا عَدَا الأَوَّلَ فَقَدْ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ.
ابنِ البَطَرِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَجَعْفَرٍ السَّرَّاجِ، وَأَبي طَاهِرِ بنِ سِوَارٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَقَرَأَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي زَكَرِيَّا التِّبْرِيْزِيِّ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبَرَعَ فِي عِلْمِ اللُّغَةِ وَالعَرَبِيَّةِ، وَدَرَّسَ العَرَبِيَّةَ فِي المَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ
(1)
بَعْدَ شَيْخِهِ أَبِي زَكَرِيَّا مُدَّةً، ثُمَّ قَرَّبَهُ المُقْتَفِي لِأَمْرِ اللهِ
(2)
فَاخْتُصَّ بِإِمَامَتِهِ فِي الصَّلَوَاتِ. وَكَانَ المُقْتَفِي يَقْرَأُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الكُتُبِ، وَانْتَفَعَ بِذلِكَ، وَبَانَ أَثَرُهُ فِي تَوْقِيْعَاتِهِ. وَكَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ المُحَامِيْنَ عَنْهَا، ذَكَرَ ذلِكَ ابنُ شَافِعٍ. وَقَالَ ابنُ السَّمْعَانِيِّ فِي حَقِّهِ: إِمَامٌ فِي اللُّغَةِ وَالأَدَبِ، وَهُوَ مِنْ مَفَاخِرِ "بَغْدَادَ" وَهُوَ مُتَدَيِّنٌ، ثِقَةٌ، وَرِعٌ، غَزِيرُ الفَضْلِ، كَامِلُ العَقْلِ، مَلِيْحُ الخَطِّ، كَثِيْرُ الضَّبْطِ، صَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَانْتَشَرَتْ عَنْهُ، وَشَاعَ ذِكْرُهُ، ونَقَلَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ. وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: انْتَهَى إِلَيْهِ عِلْمُ اللُّغَةِ، وَكَانَ غَزِيْرَ العَقْلِ، مُتَوَاضِعًا فِي مَلْبَسِهِ وَرِئَاسَتِهِ، طَوِيْلَ الصَّمْتِ، لَا يَقُوْلُ الشَّيءَ إِلَّا بَعْدَ التَّحْقِيْقِ وَالفِكْرِ الطَّوِيْلِ، وَكَثِيرًا مَا كَانَ يَقُوْلُ: لَا أَدْرِي، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ. سَمِعْتُ مِنْهُ كَثِيرًا مِنَ الحَدِيْثِ، وَغَرِيْبِ الحَدِيْثِ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ كِتَابَهُ "المُعَرَّبَ" وَغَيْرِهِ مِنْ تَصَانِيْفِهِ وَقِطْعَةً مِن اللُّغَةِ.
وَقَالَ ابنُ خَلِّكَانَ فِي "تَارِيْخِهِ" صَنَّفَ التَّصَانِيْفَ المُفِيْدَةَ وَانْتَشَرَتْ
(1)
لَا أَدْرِي كَيْفَ تَمَّ لَهُ ذلِكَ، وَهَذِهِ المَدْرَسَةُ مَوْقُوْفَةٌ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي تَرْجَمَةِ أَبِي البَقَاءِ العُكْبَرِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةِ قَالُوا لَهُ: تَحَوَّلْ إِلَى مَذْهَبِنَا ونُعْطِيْكَ تَدْرِيْسَ النَّحْوِ فِي "النِّظَاميَّة" فَامْتَنَعَ
…
(2)
بعده في (ط) بِطَبْعَتَيْهِ: "تَعَالَى" زيادة من "هـ" فقط.
عَنْهُ، مِثْلَ شَرْحِ كِتَابِ "أَدَبِ الكَاتِبِ" وَكِتَابِ "المُعَرَّبِ" وَ"تَتِمَّةِ دُرَّةِ الغَوَّاصِ"
(1)
لِلْحَرِيْرِيِّ، وَخَطُّهُ مَرْغُوبٌ فِيْهِ. وَكَانَ يُصَلِّي بِالمُقْتَفِي بِاللهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ - وَهُوَ أَوَّلُ مَا دَخَلَ - فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَقَالَ: ابنُ التِّلْمِيْذِ النَّصْرَانِيُّ - وَكَانَ قَائِمًا، وَلَهُ إِدْلَالُ الخِدْمَةِ، وَالطَّلَبِ - مَا هكَذَا يُسَلِّمُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، يَا شَيْخُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ ابْنُ الجَوَالِيْقِيِّ وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، سَلَامِي هُوَ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ، وَرَوَى الحَدِيْثَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لَو حَلَفَ حَالِفٌ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُوْدِيًّا لَمْ يَصِلْ إِلَى قَلْبِهِ نَوعٌ مِنْ أَنْوَاعِ العِلْمِ عَلَى الوَجْهِ
(2)
لَمَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ؛ لأَنَّ اللهَ خَتَمَ عَلَى قُلُوْبِهِمْ، وَلَنْ يَفُكَّ خَتْمَ اللهِ إِلَّا الإِيْمَانُ. فَقَالَ: صَدَقْتَ وَأَحْسَنْتَ، وَكَأَنَّمَا أُلْجِمَ ابنُ التِّلْمِيْذِ بِحَجَرٍ، مَعَ فَضْلِهِ وَغَزَارَةِ أَدَبِهِ.
وَقَال المُنْذِرِيُّ: الإِمَامُ أَبُو مَنْصُوْرٍ، أَحَدُ الفُضَلَاءِ فِي اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ، وَهُوَ مِن مَفَاخِرِ "بَغْدَادَ" وَلَهُ التَّصَانِيْفُ المَشْهُوْرَةُ. حَدَّثَ أَبُو مَنْصُوْرٍ بِالعَوَالِي مِنْ حَدِيْثِهِ لِعِزَّةِ أَوْقَاتِهِ. وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: ابنُ نَاصِرٍ، وَابنُ السَّمَعَانِيِّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَأَبُو اليُمَنِ الكِنْدِيُّ.
(1)
تحدَّثْتُ عَنْ مُؤَلَّفَاتِهِ وَطَبَعَاتِهَا المُخْتَلِفَةِ فِي هَامِشِ "المَقْصدِ الأَرْشَدِ" مما يَغْنِي عن الإِعَادَة هُنَا فَاطْلُبْهَا هُناك إِنْ شِئْتَ.
(2)
زَادَ بَعْدَهَا فِي (ط) تَحْقيق الدُّكتور هنري لاوُوست، وَالدُّكتور سَامِي الدَّهَّان "المرضِيِّ" عن "وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ" وَزَادَهَا الشَّيْخُ حَامِدٌ الفَقِي في طبعته، ولم يُشر كعادته في مثل ذلِكَ. وَيُلَاحظ هُنَا تَقَدَّمَ وَرَقَةٍ عَلَى الأُخْرَى فِي نُسخة (ج) وَقَد أَشَارَ النَّاسِخُ إِلَى ذلِكَ.
وَتُوُفِّيَ سَحَرَ يَوْمِ الأَحَدِ خَامِسَ عَشَرَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ فِي جَامِعِ القَصْرِ، وَحَضَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ أَرْبَابُ الدَّوْلَةِ وَالعُلَمَاءُ، وَتَقَدَّمَهُمْ فِي الصَّلَاةِ قَاضِي القُضَاةِ أَبُو القَاسِمِ الزَّيْنَبِيُّ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" عِنْدَ وَالِدِهِ - رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى - وَوَهِمَ ابنُ السَّمْعَانِيِّ فِي وَفَاتِهِ، فَقَالَ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلَاثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ المَيْدُوْمِيُّ بِـ "مِصْرَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ (أَنَا) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ (أَنَا) مَوْهُوْبٌ بنُ أَحْمَدَ بنِ الجَوَالِيْقِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، (أَثنَا) أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيِّ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ (ثَنَا) إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ (ثَنَا) أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ؛ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ
(1)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ رقم (1804) و (3001) و (5429) وَمُسْلِمٌ رقم (1927) في (الإِمَارَةِ)، بَابُ "السَّفَرِ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ"، وَأَحْمَدُ في "المُسنِد"(2/ 236، 445، 496)، وَابنُ مَاجَهْ رقم (2882)، ومَالِكٌ في "المُوَطَّأ"(2/ 980) كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
وَرِوَايَةُ القَعْنَبِيِّ لِـ "المُوَطَّأ" المَطْبُوْعَةُ في دَارِ الغَرْبِ الإسْلَامِيِّ سَنَةَ (1999 م) نَاقِصَةُ الآخَرِ، وَالحَدِيْثُ في (كِتَابِ الاسْتِئْذَانِ) مِنَ "المُوَطَّإِ". وَهُوَ فِي آخِرِ الكِتَابِ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (540 هـ):
118 -
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بن بُنْدَارِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، أَبُو الحَسَنِ بنُ أَبِي يَاسِرٍ المَعْرُوْفُ هُوَ بِـ "ابنِ الشَّاه" الحَلَّاجُ، القَطَّانُ. مِنْ (آلِ بُنْدَارٍ)، تَقَدَّم اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ أَحْمَدَ (ت: 497 هـ) وَعَمِّهِ =
نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ الرُّجُوْعَ إِلَى أَهْلِهِ". أَخْرَجَاهُ عَنِ القَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ.
96 - نَصْرُ بنُ الحُسَيْنِ
(1)
بنِ حَامِدٍ الحَرَّانِيُّ، أَبُو القَاسِمِ.
أَحَدُ شُيُوْخِ "حَرَّانَ" وَفُقَهَائِهَا الأَكَابِرِ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي الفَتْحِ بنِ جَلَبَةَ
(2)
القَاضِي، وَأَبِي الحَسَنِ
(3)
بنِ عَمْرٍو الزَّاهِدِ، وَعَنْهُمَا أَخَذَ العِلْمَ، وَلَا أَعْلَمُ سَنَةَ وَفَاتِهِ. ذَكَرَهُ أَبُو الفَتْحِ بنُ عَبْدُوْسٍ
(4)
، وَقَدْ عَدَّدَ شُيُوْخَ "حَرَّانَ" وَعُلَمَاءَهَا، وَفُقَهَاءَهَا.
= ثَابِتٍ (ت: 498 هـ) وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ ابنِ عَمِّهِ يَحْيَى بنِ ثَابِتٍ (ت: 566 هـ) فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُ عَلِيٍّ فِي: تَارِيْخِ الإسْلَامِ (543 هـ)
…
وَغَيْرِهِ.
وَلَعَلَّ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
- مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو بَكْرٍ البَاغْبَانَ الأَصْبَهَانِيُّ، كَانَ مِن خَوَاصِّ عَبْدِ الرَّحْمَن بن مَنْدَه فَأَكْثَرَ عَنْهُ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّحْبِيْرِ للسَّمْعَانِيِّ (2/ 75)، وَالمُنْتَخَبِ مِن مُعْجَمِ شُيُوخِهِ (3/ 1379)، وَالأَنْسَابِ لَهُ (2/ 44)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 378)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2/ 111)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 366)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 178).
(1)
96 - أَبُو القَاسِمِ بنُ حَامِدٍ الحَرَّانِيُّ (؟ -؟):
كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 22)، وَهُوَ في المَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 101) مُخْتَصَرٌ مِن هُنَا، وَهُوَ أَكْثَرُ اخْتِصَارًا في الدُّرِّ المُنَضَّدِ (1/ 239).
(2)
هُو عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَحْمَدَ (ت: 476 هـ) تَقَدَّم ذِكْرُهُ في مَوْضِعِهِ.
(3)
في (ط) بِطَبْعَتَيْهِ: "أَبُو الحُسَيْن" وَهُوَ أَبُو الحَسَن عَلِيُّ بنُ عَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الحَرَّانِيُّ (ت: 488 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ - كَمَا سَبَقَ - وَهُوَ هُنَاكَ "أَبُو الحَسَنِ" عَلَى الصَّحِيْحِ.
(4)
هُوَ نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ (ت: قبل 600 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
97 - وذَكَرَ مِنْهُمْ: أَبَا المَحَاسِنِ هِبَةَ اللهِ بنَ نَصْرِ
(1)
بنِ الحُسَيْنِ بنِ حَامِدٍ وَلَدَ المَذْكُوْرِ.
قلْتُ: أَبُو المَحَاسِنِ هَذَا تَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" وَقَرَأَ عَلَى ابنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي الخَطَّابِ وَغَيْرِهِمَا، وَسَمِعَ مِنْ طَلْحَةَ العَاقُوْلِيِّ، وَلَهُ تَصْنِيْفٌ أَظُنُّهُ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ سَمَّاهُ "كِفَايَةَ المُنْتَهِي وَنِهَايَةَ المُبْتَدِي" نَقَلَ مِنْهُ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ ابنُ تَيْمِيَّةَ فِي "تَفْسِيْرِهِ".
98 - وَذَكَرَ ابنُ عَبْدُوْسَ: أَبَا القَاسِمِ صَدَقَةَ
(2)
بنَ عَلِيِّ بنِ مُحَشَّى.
99 - وَصَاحَبَهُ: أَبَا المَعَالِي رَافِعَ
(3)
بنَ مُحَمَّدِ بنِ الحَكِيْمِ.
(1)
97 - هِبَةُ اللهِ بنُ حَامِدٍ الحَرَّانِيُّ (؟ - في حدود 580 هـ):
ذَكَرَهُ ابنُ نَصْرِ اللهِ في "مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ"، وَالعُلَيْمِيُّ في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" و"الدُّرِّ المُنَضَّدِ" وَلَيْسَ فِيْهِمَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَالَ المُؤَلِّفُ. وَفِي "هديَّة العَارِفِيْنَ" (2/ 506) قَالَ:"الحَرَّانِيُّ، أَبُو المَحَاسِنِ هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي القَاسِمِ نَصْرِ بنِ مَنْصُوْر بنِ الحُسَيْنِ بنِ حَامِدٍ الحَرَّانِيُّ الحَنْبَلِيُّ المُتَوَفَّى في حُدُوْدِ سَنَةِ (580 هـ) ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، صَنَّفَ "المَعْيَارَ في الرَّدِّ عَلَى المُتَمَسِّكِيْنَ عَنِ الأَخْبَارِ" في الرَّدِّ [عَلَى] السَّمَاعِ وَالرَّقْصِ" ويُرَاجَعُ: إِيْضَاحُ المَكْنُوْنِ (2/ 516) وَعَنْهُمَا في: "مُعْجَمِ المُؤَلِّفِين" لعُمر رضا كَحَّالَةَ (13/ 145)، وأَسْقَطَ مُؤَلِّفُهُ "مَنْصُوْرًا" وَحَرَّفَ الكَلَامَ وَأَفْسَدَهُ، فَجَعَلَ الكِتَاب رِسَالَةً؟ وَجَعَلَهُ فِي السَّمَاعِ لَا فِي رَدِّهِ؟! وَمَصْدَرُهُ الوَحِيْدُ البَغْدَادِيُّ لَا غَيْرُ؟!
(2)
98 - صَدَقَةُ بنُ عَلِيٍّ (؟ -؟):
أَسْقَطَهُ ابنُ نَصْرِ اللهِ في "مُخْتَصَرِهِ" وَذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ في المَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 132)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 251) بِهَذِهِ الإشَارَة دُوْنَ زِيَادَة.
(3)
99 - رَافِعُ بنُ مُحَمَّدٍ (؟ -؟):
أَسْقَطَهُ ابنُ نَصْرِ اللهِ في "مُخْتَصَرِهِ" وَذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ في المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 132)، =
100 - وَوَلَدَهُ أَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدَ
(1)
بنَ رَافِعٍ.
101 - وَقَدْ رَوَى
(2)
السِّلَفِيُّ عَنْ: أبِي الفَتْحِ أَحْمَدَ بن مُحَمَّد
(3)
بن حَامِدٍ
(4)
الأَسَدِيُّ الحَرَّانِيُّ
بِـ "مَاكِسِيْنَ"
(5)
. قَالَ: وَكَانَ قَدْ وَلِيَ قَضَاءَهَا حَدِيْثًا - بِإِجَازَتِهِ مِنْ أَبِي طَالِبٍ العُشَارِيِّ، وَبِسَمَاعِهِ مِنَ القَاضِي أَبِي الفَتْحِ بنِ جَلَبَةَ، بِسَمَاعِهِ مِنَ العُشَارِيِّ.
= وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 251) بِهَذِهِ الإشَارَة أَيْضًا.
(1)
100 - مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ (؟ -؟):
أَسْقَطَهُ ابنُ نَصْرِ اللهِ في "مُخْتَصَرِهِ" وَذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ في المَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 132)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 251) بِهَذِهِ الإشَارَة أَيْضًا.
(2)
في (ط) بِطَبْعَتَيْهِ: "وَقَدْ كَانَ رَوَى. . .".
(3)
في (ط) بِطَبْعَتَيْهِ: "أَحْمَدُ بنُ حَامِدٍ. . .".
(4)
101 - ابن حَامِدٍ الأسديُّ (؟ -؟):
أَسْقَطه ابن نَصْرِ اللهِ في "مُخْتَصَرِهِ" وَذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ في المَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 147)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 259) بِهَذِهِ الإشَارَة أَيْضًا.
(5)
مَاكِسِيْنُ: بِفَتْحِ المِيْمِ، وَكَسْرِ الكَافِ، وَالسِّيْنِ المُهْمَلَةِ، وَسَكُوْنِ اليَاءِ المَنْقُوْطَةِ باثْنَتَيْن مِنْ تَحْتِهَا، وفي آخِرِهَا النُّوْنُ
…
مَدِيْنَةٌ بِالجَزِيْرَةِ قَرِيْبَةٌ من "رَحْبَةِ مَالِكِ بنِ طَوْقٍ" بِنَوَاحِي "الرَّقَةِ". . ." كَذَا في الأنْسَاب (11/ 91)، وفي مُعْجَم البُلْدَان (5/ 51): "بَلْدَةٌ بـ "الخَابُوْرِ". . . من "دِيَارِ رَبِيْعَةَ". . ." وفي مُعْجَم مَا اسْتَعْجَمَ لأبِي عُبَيْدٍ البَكْرِيِّ (4/ 1176): "قَرْيَةٌ لِبَنِي تَغْلِب عَلَى شَاطِئِ الفُرَاتِ. . .".
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: منْ أَشْهَرِ المَنْسُوْبِيْنَ إِلَيْهَا العَالِمُ اللُّغَوِيُّ النَّحْوِيُّ العَلَّامَةُ: مَكِيُّ بنُ رَيَّانَ بنِ شَبَّةَ المَاكِسِيْنِيُّ، أَبُو الحَرَمِ الضَّرِيْرُ (ت: 603 هـ). أَخْبَارُهُ في: مُعْجَم الأُدَبَاء (19/ 171)، وإِنْباهِ الرُّوَاة (3/ 320) وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (2/ 309)، وَشَذَرَات الذَّهب (5/ 11)
…
وَغَيْرِهَا.
102 - وَذَكَرَ ابنُ نُقْطَةَ عَنِ السِّلَفِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ المُؤْتَمِنَ بنَ أَحْمَدَ السَّاجِيَّ يَقُوْلُ: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ
(1)
بنِ عَلِيِّ بنِ جَلَبَةَ، قَاضِي "حَرَّانَ"
كَانَ مُحِبًّا لِلْحَدِيْثِ، مُجِدًّا فِي السُّنَّةِ.
103 - نَجِيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ السَّمَرْقَنْدِيُّ
(2)
، أَبُو بَكْرٍ،
ذَكَرَهُ يَحْيَى بنُ الصِّيْرَفِيُّ الحُرَّانِيُّ الفَقِيْهُ فِي بَعْضِ تَصَانِيْفِهِ، وَقَالَ: أَظُنَّهُ مِنْ تَلَامِذَةِ ابنِ عَقِيْلٍ. قَالَ: وَلَهُ تَخَارِيْجُ حَسَنَةٌ فِي المَذْهَبِ، وَذَكَرَ مِنْ ذلِكَ أَنَّهُ خَرَّجَ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يَجِبُ القَوَدُ فِي صُوْرَةِ الإكْرَاهِ عَلَى القَتْلِ لا
(3)
عَلَى المُكْرَهِ، وَلَا عَلَى المُكْرِهِ مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُوْلُ فِيْهَا: لَا تُقْتَلُ الجَمَاعَةُ بِالوَاحِدِ؛ لامْتِزَاجِ الأَفْعَالِ فَكَذلِكَ هُنَا وَأَوْلَى؛ لأَنَّ السَّبَبَ غَيْرُ صَالِحٍ.
(1)
102 - ابنُ جَلَبَةَ الحَرَّانِيُّ (؟ -؟):
أَسْقَطَه ابنُ نَصْرِ اللهِ في "مُخْتَصَرِهِ"، وذكَرَهُ العُلَيْمِيُّ في المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 147)، ومُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 259) بِاخْتِصَارِ كَلَامِ المُؤَلِّفِ. والنَّقْلِ عَنِ ابنِ نُقْطَةَ في تَكْملةِ الإكْمَالِ (2/ 51). وَيُرَاجَعُ: التَّوْضِيْحُ (2/ 378)، وَالتَّبْصِيْرُ (1/ 158).
(2)
103 - أَبُو بَكْرٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ (؟ -؟):
لَمْ يَذْكُرْهُ ابنُ نَصْرِ الله في "مُخْتَصَرِهِ"، وذَكَرَهُ ابنُ مُفْلِحٍ في المَقْصَدِ الأرْشَدِ (1/ 283)، وَالعُلَيْمِيُّ في المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 132)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 251) عَنِ المُؤَلِّف دُوْنَ زِيَادَةٍ. وَفِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ":"من تَلَامِيْذِ ابنِ عَقِيْلٍ" دُوْنَ ظَنٍّ؟! وَابنُ الصَّيْرَفِيِّ: يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الحَرَّانِيُّ (ت: 678 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
فِي (ط): "إلَّا" فَأَفْسَدَ المَعْنَى.
104 - الحُسَيْنُ بنُ الهَمَذَانِيُّ
(1)
، أَبُو عَبْدِ اللهِ، شَمْسُ الحُفَّاظِ.
لَهُ كِتَابُ "المُقْتَدِي" فِي الفِقْهِ فِي المَذْهَبِ. ذَكَرَهُ ابنُ الصَّقَّالِ الحَرَّانِيُّ
(2)
فِي رِسَالَتِهِ المُسَمَّاةِ بِـ "الإِنْبَاءِ عَنْ تَحْرِيْمِ الرِّبَا". وَذَكَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي هَذَا الكِتَابِ أَنَّ العُرُوْضَ المَطْلِيِّ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لَا يَجُوْزُ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا، قَوْلًا وَاحِدًا، وَهَذَا مُوَافَقَةً لِطَرِيْقَةِ ابنِ أَبِي مُوْسَى
(3)
وَغَيْرِهِ. وَلَا أَعْلَمُ مِنْ حَالِهِ غَيْرَ هَذَا.
105 - المُبَارَكُ بنُ عَبْدُ المَلِكِ
(4)
بنِ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ، الحَرِيْمِيُّ، الفَقِيْهُ، الإمَامُ، أَبُو عَلِيٍّ، المَعْرُوْفِ بِـ "ابنِ القَاضِي".
(1)
104 - شَمْسُ الحُفَّاظُ الهَمَذَانِيُّ (؟ -؟):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 22)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 132)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 251).
(2)
ابنُ الصَّقَّال هَذَا اسْمُهُ مَحْمُوْدُ بنُ عَلِيِّ بن نَصْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ الصَّقَّالُ، وَرُبَّمَا قِيْلَ: ابنُ الصَّيْقَلِ، أَبُو الثَّنَاءِ الحَرَّانِيُّ، أَخُو عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَالِدُ النَّجِيْبِ عَبْدِ اللَّطِيْفِ، وَالعِزِّ عَبْدِ العَزِيْزِ، المُحَدِّثِيْنِ المَشْهُوْرِيْنِ، وَأَبُو الثَّنَاءِ عَمُّهُمَا هَذَا ذَكَرَهُ المُؤَلِّف في تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ عَبْدِ المُنْعِمِ (ت: 60 هـ) وَذَكَرَ كِتَابَهُ "الإنْبَاءِ" نَزِيْدُ ذلِكَ شَرْحًا وَتَعْلِيْقًا في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى إِنْ أَمْكَنَ ذلِكَ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(3)
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَبُو عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ (ت: 428 هـ) صَاحِبُ "الإرْشَادِ".
(4)
105 - أَبُو عَلِيِّ بنُ القَاضِي الحَرِيْمِيُّ (؟ - بعد 528 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 22)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (3/ 17)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 132)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 251). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ للمُنْذريِّ (2/ 263) في تَرْجَمَةِ وَلَدِهِ عَبْدِ المَلِكِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ.
تَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَبَرَعَ فِيْهِ، وَسَمِعَ فِي حَالِ كِبَرِهِ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ. وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الفُقَهَاءِ، تَفَقَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَلَا أَعْلَمُ سَنَةَ وَفَاتِهِ.
106 - وَلَهُ ابنٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ المَلِكِ
(1)
كَانَ مَوْصُوْفًا بالصَّلَاحِ
(1)
106 - أَبُو مَنْصُوْرِ بنُ القَاضِي (528 - 609 هـ):
لَمْ يُفْرِدْهُ المُؤَلِّفُ بِالتَّرْجَمَةِ كَمَا تَرَى، وَليْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ، وَحَقُّهُ أَنْ يُفْرَدَ، وَيُذْكَرَ فِي مَوْضِعِهِ؛ لأَنَّ المُؤَلِّفَ - عَفَا اللهُ عَنْهُ - يَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَوَفَاتَهُ وَشَيْئًا مِنْ أَخْبَارِهِ، وَلَو فَعَلَ لَكَانَ أَجْمَلَ وَأَحْسَنَ، وَهُوَ أَشْهَرُ مِن أَبِيْهِ، وَأَكْثَرُ أَخْبَارًا، وَلَو عَكَسَ الأَمْرَ فتَرْجَمَ لِلاِبْنِ وَذَكَرَ وَالِدَهُ في سِيَاقِ تَرْجَمَتِهِ كَمَا فَعَلَ المُنْذِرِيُّ لَكَانَ الأَجْدَرَ أَيْضًا. وَمِثْلُهُ فَعَلَ ابنُ نَصْرِ اللهِ في "مُخْتَصَرِهِ"، وَابنُ مُفْلِحٍ في "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ"، وأَفْرَدَهُ العُلَيْمِيُّ في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ"(4/ 95) وَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ للمُنْذِرِيِّ (2/ 262)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 34)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 126)، وَمَشْيَخَةُ الحَرَّانِيِّ الكُبْرَى (ورقة: 107) (الشَّيْخُ الثَّانِي وَالسِّتُّوْنَ)، وَمَشْيَخَتُهُ الصُّغْرَى (ورقة: 52)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامٍ للذَّهَبِيِّ (336). وَذَكَرَ المُنْذِرِيُّ إِنَّهُ سَمِعَ أَيْضًا من أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَشْقَرِ، وأَبِي الفَتْحِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبي القَاسِمِ الكَرُّوْخِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَالَ: "وَحَدَّثَ،
…
وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، كَتَبَ بِهَا إِلَيْنَا مِنْ "بَغْدَادَ" في رَمَضَان سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّمَائَةَ" قَالَ الحَافِظُ ابنُ النَّجَّارِ:"شَهِدَ عِنْدَ القَاضِي أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ الدَّامَغَانِيِّ فِي يَوْمِ السَّبْتِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُ، وَوَلِيَ قَضَاءَ "الحَرِيْمِ" وَ"مَدِيْنَةَ المَنْصُوْرِ" وَمَا يَلِيْهَا مُدَّةً، ثُمَّ عُزِلَ عَنِ القَضَاءِ، وَبَقِيَ عَلَى عَدَالَتِهِ. وَكَانَ شَيْخًا نَبِيْلًا، مُتَدَيِّنًا، كَثِيْرَ الصَّدَقَةِ وَفِعْلَ الخَيْرِ، خَاشِعًا، غَزِيْرَ الدَّمْعَةِ، حَسَنَ الأَخْلَاقِ، حُلْوَ الأَلْفَاظِ، حُفَظَةً لِلْحِكَايَاتِ، ذَا سَمْتٍ وَوَقَارٍ، وَحِشْمَةٍ وَهَيْبَةٍ سَمِعَ الحَدِيْثَ. . ." وَزَادَ في شُيُوْخِهِ: أَبَا القَاسِمِ سَعِيْدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ البَنَّاءِ، وَقَالَ: =
وَالخَيْرِ. وَلِيَ القَضَاءِ بِـ "مَدِيْنَةِ المَنْصُوْرِ" بـ "الحَرِيْمِ الطَّاهِرِيِّ". وَسَمِعَ مِنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وأَبِي البَدْرِ الكَرْخِيِّ وَطَبَقَتِهِمَا، وَحَدَّثَ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَتُوُفِّيَ فِي عِشْرِيْنَ ذِيْ الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَستِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ". سَمِعَ مِنهُ النَّجِيْبُ الحَرَّانِيُّ. وَسَيَأْتِي عَنْهُ حَدِيْثٌ فِي تَرْجَمَةِ ابنِ الطَّلَّايَةِ
(1)
.
107 - عَبْدُ اللهِ بنُ علِيِّ
(2)
بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الله البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، النَّحْوِيُّ،
= "كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقًا" ثُمَّ أَوْرَدَ عَنْهُ سَنَدًا وَرَوَى حَدِيْثًا، وَأَنْشَدَ عَنْهُ أَبْيَاتًا لأبِي القَاسِمِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ العِجْلِيِّ الفَارِسِيِّ لِنَفْسِهِ:
الضَّيْفُ مُرْتَحِلٌ وَالمَالُ مَوْرُوْثُ
…
وَإِنَّمَا النَّاسُ فِي الدُّنْيَا أَحَادِيْثُ
وَلَا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيَا وَكَثْرَتُهَا
…
فَإِنَّهَا بَعْدَ أَيَّامٍ مَوَارِيْثُ
وَكُلُّ وَارِثِ مَالٍ عَنْ أَقَارِبِهِ
…
مِنْ نَسْلِ آدَمَ يَوْمًا فهُوَ مَوْرُوْثُ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ خَيْرًا تَلْقَ نَائِلَهُ
…
وَالخَيْرُ وَالشَّرُّ بَعْدَ المَوْتِ مَبْثُوْثُ
وَسَأَلَهُ عَنْ مَوْلِدِهِ فَأَخْبَرَهُ، وَذَكَرَ وَفَاتَهُ يَوْمَ الاثْنَيْن العِشْرِيْن مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَستِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بـ "بَابِ حَرْبٍ".
(1)
أَحْمَدُ بنُ غَالِبٍ (ت: 548 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
كَتَبَ النَّاشِرُ فِي (ط) الفقي قَبْلَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: بَقِيَّة وَفَيَاتِ المَائَةِ السَّادِسَةِ مِن سنة (541 هـ) إلى سَنَةِ (600 هـ). وَهَذِهِ العِبَارةُ لَمْ تَرِدْ فِي الأُصُوْلِ.
(2)
107 - سِبْطُ ابنِ الخَيَّاطِ: (464 - 541):
أَخْبَارُهُ في: مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ (639)، وَمُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 22)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 44)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 133)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 255). وَيُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (5/ 225)، وَنُزْهَةُ الأَلِبَّاءِ =
الأَدِيْبُ، الزَّاهِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، سِبْطُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطِ.
وُلِدَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ سَابِعَ عِشْرِيْنَ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَتَلَقَّنَ القُرْآنَ مِنْ شَيْخِهِ أَبِي الحَسَنِ بنِ الفَاعُوْسِ، وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى جَدِّهِ أَبِي مَنْصُوْرٍ الزَّاهِدِ، وَالشَّرِيْفِ عَبْدِ القَاهِرِ العَبَّاسِيِّ، وَابنِ سِوَارٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ النَّقُّوْرِ، وَأَبِي مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَطِرَادٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَرَأَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي الكَرَمِ بنِ فَاخِرٍ
(1)
، وَبَرَعَ عَلَيْهِ فِي
= (402)، وَخَرِيْدَةُ القَصْرِ "قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ"(3/ 1/ 25)، وَمُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (1/ 468)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 122)، وَمَشْيَخَةُ ابنِ الجَوْزِيِّ (129)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 118)، وَالتَّقْيِيْدُ (325)، وَإِنْبَاهُ الرُّوَاةِ (2/ 122)، وَتَلْخِيْصُهُ لابنِ مَكْتُوْمٍ (94)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 1/ 193)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 130)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (69)، وَالعِبَرُ (4/ 113)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 57)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (160)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (222)، وَمَعْرِفَةُ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 494)، وَالوَافِي بالوَفَيَاتِ (17/ 331)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 275)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 222)، وَغَايَةُ النِّهَايَةُ (1/ 334)، وَالنَّشْرُ فِي القِرَاءَاتِ العَشْرِ (1/ 83)، (1/ 167)، وَطَبَقَاتُ النَّحْوِيِّيْنِ لابنِ قَاضِي شُهْبَةَ (337)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 128)(6/ 210).
- تَقَدَّم ذِكْرُ جَدِّهِ لأُمِّهِ أَبِي مَنْصُوْرٍ (مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ) فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (499 هـ).
- كَمَا تَقَدَّم ذِكْرُ أَخِيْهِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ فِي الاسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (537 هـ).
(1)
المُبَارَكُ بنُ فَاخِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ النَّحْوِيُّ، البَغْدَادِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ "الدَّبَّاسِ" أَخُو الأَدِيْبِ المَشْهُوْرِ المَعْرُوْفِ بِـ "البَارِعِ" لأُمِّهِ كَمَا قَالَ القِفْطِيُّ، وَقَالَ: "كَانَ يَمْشِي عَلَى سَنَنِ أَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ، وَصَاحِبِهِ أَبي الفَتْحِ بنِ جِنِّي
…
وَخَطُّهُ مَرْغُوْبٌ فِيْهِ، لَهُ قَدْرٌ عِنْدَ العُلَمَاءِ بِهَذَا الشَّأْنِ" وَذَكَرَ وَفَاتَهُ سَنَةَ خَمْسِمَائَةَ. أَخْبَارُهُ فِي مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (17/ 54)، =
العَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ "كِتَابَ سِيْبَويْهِ" وَتَصَانِيْفَ ابنِ جِنِّي، وَصَنَّفَ فِي القِرَاءَاتِ كُتُبًا وَقَصَائِدَ، وَأَمَّ بِمَسْجِدِ ابنِ جَرْدَةَ
(1)
وَأَقْرَأَ بِهِ، مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ إِلَى وَفَاتِهِ، وَخَتَّمَ مَالَا يُحْصَى، وَقَرَأَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَاتِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، آخِرُهُمْ مَوْتًا تَاجُ الدِّيْنِ زَيْدُ بنُ الحَسَنِ الكِنْدِيُّ
(2)
، وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الحُفَّاظِ وَغَيْرِهِمْ، مِنْهُمْ: ابنُ نَاصِرٍ، وَابنُ السَّمْعَانِيِّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَكَانَ أَكَابِرُ العُلَمَاءِ، وَأَهْلُ بَلَدِهِ يَقْصُدُوْنَهُ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرْآنَ وَالحَدِيْثَ الكَثِيْرَ، وَلَمْ أَسْمَعْ
= وَإِنْبَاهُ الرُّوَاة (3/ 256)، وَالشَّذَرَاتِ (3/ 412)
…
وَغَيْرِهَا.
(1)
تَقَدَّمَ ذِكْرُ ابنِ جَرْدَةَ (مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ ت: 476 هـ) في استِدْرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّفِ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَسْجِدَهُ المَذْكُوْرَ، وأَنَّ سِبْطَ ابنِ الخَيَّاطِ هَذَا كَانَ إِمَامَهُ.
(2)
قَالَ أَبُو البَرَكَاتِ بنُ الأَنْبَارِيِّ فِي "نُزْهَةِ الأَلبَّاء" - وَهُوَ مِنْ تَلَامِيْذِهِ -: "تَخَرَّجَ عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ يَقُوْلُ: لَوْ قُلْتُ: إنَّه لَيْسَ مُقْرِئٌ بِالْعِرَاقِ إِلَّا وَقَدْ قَرَأَ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى جَدِّي، أَوْ قَرَأَ عَلَى مَنْ قَرَأَ عَلَيْنَا لَكُنْتُ أَظُنُّنِي صَادِقًا" وَقَالَ يَاقُوْتٌ في "مُعْجَمِ الأُدبَاءِ": "وَهُوَ شَيْخُ شَيْخِنَا تَاجِ الدِّيْنِ الكِنْدِيِّ وَمُخَرِّجُهُ". وَتَاجُ الدِّينِ زَيْدُ بْنُ الحَسَنِ (ت 613 هـ) هُوَ الإِمَامُ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، المَشْهُوْرُ، كَانَ أَوَّلًا حَنْبَلِيَّ المَذْهَبِ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى "هَمَذَانَ" وَأَقَامَ بِهَا سِنِيْنَ يَتَفَقَّهُ عَلَى سَعْدٍ الرَّازِيِّ فَتَحَوَّلَ حَنَفِيًّا، وَهُوَ من أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ بالنَّحْوِ، وَخَاصَّةً كِتَاب سِيْبَويْهِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُهُ، وَيُكْثِرُ مِنْ مُطَالَعَتِهِ.
- وَلَهُ أَخٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ زَيْدٍ الكِنْدِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّاجِرُ (ت 599 هـ) لَمْ يَذْكُرهُ المُؤَلِّفُ نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
- وَابْنُ عَمِّهِ عَلِيُّ بنُ ثَرْوَان بنِ زَيْدٍ (ت بَعْدَ 565 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
قَارِئًا قَطُّ أَطْيَبَ صَوْتًا مِنْهُ، وَلَا أحْسَنَ أَدَاءً عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ، وَجَمَعَ الكُتُبَ الحِسَانَ، وَكَانَ كَثِيْرَ التِّلَاوَةِ، لَطِيْفَ الأَخْلَاقِ، ظَاهِرَ الكَيَاسَةِ وَالظَّرَافَةِ، وَحُسْنِ المُعَاشَرَةِ لِلْعَوَامِّ وَالخَوَاصِّ. وَقَالَ أَيْضًا: كَانَ قَوِيًّا فِي السُّنَّةِ، وَكانَ طُوْلَ عُمُرِهِ مُنْفَرِدًا فِي مَسْجِدِهِ.
وَقَالَ ابنُ السَّمْعَانِيِّ: كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، مُتَوَدِّدًا مُتَوَاضِعًا، حَسَنَ القِرَاءَةِ وَالتِّلَاوَةِ فِي المِحْرَابِ، خُصُوْصًا فِي لَيَالِي رَمَضَانَ، يَحْضُرُ النَّاسُ عِنْدَهُ لاسْتِمَاعِ قِرَاءَتِهِ. وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ فِي القِرَاءَاتِ، وَعُلُوْمِ القُرْآنِ، وَخُوْلِفَ فِي بَعْضِهَا، وَشَنَّعُوا عَلَيْهِ، وَسَمِعْتُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذلِكَ. وَاللهُ تَعَالَى يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ، وَكَتَبْتُ عَنْهُ، وَعَلَّقْتُ عَنْهُ مِنْ شِعْرِهِ.
وَقَالَ ابنُ شَافِعٍ: سَارَ ذِكْرُ سِبْطِ الخَيَّاطِ فِي الأَغْوَارِ وَالأَنْجَادِ
(1)
وَرَأَسَ أَصْحَابَ الإمَامِ أَحْمَدَ، وَصَارَ أَوْحَدَ وَقْتِهِ، وَنَسِيْجَ وَحْدِهِ، لَمْ أَسْمَعْ فِي جَمِيع عُمُرِي مَنْ يَقْرَأُ الفَاتِحَةَ أَحْسَنَ وَلَا أَصَحَّ مِنْهُ
(2)
، وَكَانَ جَمَالَ العِرَاقِ بِأَسْرِهِ، وَكَانَ ظَرِيْفًا، كَرِيْمًا، لَمْ يَخْلِفْ مِثْلَهُ فِي أَكْثَرِ فُنُوْنِهِ، وَلِصَدَقَةَ بنِ الحُسَيْنِ
(3)
فِي مَدْحِهِ:
يَا قُدْوَةَ القُرَّاءِ وَالأُدَبَاءِ
…
وَمَحَجَّةَ الفُقَهَاءِ وَالعُلَمَاءِ
(1)
في (ط): "فِي البِلَادِ وَالأَغْوَارِ .. ".
(2)
في (أ): "أحسن منه ولا أصح" وفي (ط)"ولا أَوْضح" وفي (هـ): "ولا أفصح".
(3)
صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ الحَدَّادُ (ت: 573 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ، وَالبَيْتَانِ في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" وهي في (ط) بِحَذْفِ الهَمْزَةِ مِنَ "الأُدَبَا" وَ"العُلَمَا" وَ"الجَوْزَا".
وَالعَالِمُ الحَبْرُ الإمَامُ وَمَنْ سَمَى
…
بِالعِلْمِ مَرْتَبَةً عَلَى الجَوْزَاءِ
وَقَالَ ابنُ نُقْطَةَ: كَانَ شَيْخَ العِرَاقِ، يَرْجِعُ إِلَى دِيْنٍ، وَثِقَةٍ، وَأَمَانَةٍ، وَكَانَ ثِقَةً، صَالِحًا، مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ.
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي "طَبَقَاتِ القُرَّاءِ": صَنَّفَ التَّصَانِيْفَ المَلِيْحَةَ فِي القِرَاءَاتِ، مِثْلَ "المُبْهِجِ"
(1)
وَ"الكِفَايَةِ" وَ"القَصِيْدَةِ المُنْجِدَةِ"
(2)
وَ"الرَّوْضَةِ" وَ"الإيْجَازِ فِي السَّبْعَةِ" وَ"المُؤَيِّدَةِ للسَّبْعَةِ" وَ"المُوْضِحَةِ فِي العَشَرَةِ" وَ"الاخْتِيَارِ"
(3)
وَ"التَّبْصِرَةِ" وَغَيْرِ ذلِكَ. وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ كَثِيْرٌ، فَمِنْهُ مَا أَنْشَدَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْهُ
(4)
:
يَا مَنْ تَمَسَّكَ بِالدُّنْيَا وَلَذَّتِهَا
…
وَجَدَّ فِي جَمْعِهَا بِالكَدِّ وَالتَّعَبِ
هَلَّا عَمَرْتَ لِدَارٍ سَوْفَ تَسْكُنُهَا
…
دَارِ القَرَارِ وَفِيْهَا مَعْدِنُ الطَّلَبِ
فَعَنْ قَلِيْلٍ تَرَاهَا وَهِيَ دَاثِرَةٌ
…
وَقَدْ تَمَزَّقَ مَا جَمَّعْتَ مِنْ نَشَبِ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ
(5)
:
وَمَنْ لَمْ تُؤَدِّبْهُ اللَّيَالِي وَصَرْفُهَا
…
فَمَا ذَاكَ إلَّا غَائِبُ العَقْلِ وَالحِسِّ
يَظُنُّ بِأَنَّ الأَمْرَ جَارٍ بِحُكْمِهِ
…
وَلَيْسَ لَهُ عِلْمٌ أَيُصْبِحُ أَمْ يُمْسِي
وَقَوْلُهُ
(6)
:
(1)
في القِرَاءَاتِ الثَّمَانِ وَهُوَ مَشْهُوْرٌ.
(2)
في (أ) و (ط): "المتَّحِدَة"، وَفِي "غَايَةِ النِّهَايَةِ":"القَصِيْدَةُ المُنَجِدَةُ فِي القِرَاءاتِ العَشْرِ".
(3)
في القِرَاءَاتِ العَشْرِ أيضًا، وَهُوَ مَشْهُوْرٌ.
(4)
الأَبْيَاتُ في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" عَنِ المُؤَلِّفِ، وَهِيَ فِي خَرِيْدَةِ القَصْرِ (3/ 1/ 25).
(5)
في المَصْدَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَ"تَارِيْخِ الإِسْلامِ".
(6)
البَيْتَانِ في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" ويُلاحَظُ زِيَادَةً فِي آخرِ البَيْتِ الأوَّل هُنَاكَ؟!
إِذَا كَانَ أَمْرُ اللهِ فِي الخَلْقِ نَافِذًا
…
وَمَقْدُوْرُهُ فِيْهِمْ يُقِيْمُ وَيُقْعِدُ
فَلَا يَنْفَعُ الحِرْصُ المُرَكَّبِ فِي الفَتَى
…
وَلَا أَحَدُ فِيْهِ يَحِلُّ وَيَعْقِدُ
وَقَوْلُهُ
(1)
:
أَيُّهَا الزَّائِرُوْنَ بعْدَ وَفَاتِي
…
جَدَثًا ضَمَّنِي وَلَحْدًا عَمِيْقَا
ستَرَوْنَ الَّذِي رَأَيْتُ مِنَ المَوْ
…
تِ عَيَانًا وَتَسْلُكُوْنَ الطَّرِيْقَا
وَقَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ
(2)
: (أَنَا) أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ سُلْطَانَ بِـ "بَغْدَادَ"(أَنَا) مُحَمَّدٌ المُقْرِئُ، أَجَازَ لَهُمْ، وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:
تَرْكُ التَّكَلُّفِ فِي التَّصَوُّفِ وَاجِبٌ
…
وَمِنَ المُحَالِ تَكَلُّفُ الفُقَرَاءِ
قَوْمٌ إِذَا امْتَدَّ الظَّلَامُ رَأَيْتَهُمْ
…
يَتَرَكَّعُوْنَ تَرَكُّعَ القُرَّاءِ
وَالوَجْدُ مِنْهُمْ فِي الوُجُوْهِ مَحَلُّهُ
…
ثُمَّ السَّمَاعُ يَحُلُّ فِي الأَعْضَاءِ
لَا يَرْفَعُوْنَ بِذَاكَ صَوْتًا مُجْهَرًا
…
يَتَجَنَّبُوْنَ مَوَاقِعَ الأَهْوَاءِ
وَيُوَاصِلُوْنَ الدَّهْرَ صَوْمًا دَائِمًا
…
فِي البَأْسِ إِنْ يَأْتِي وَفِي السَّرَّاءِ
وَتَرَاهُمُ بَيْنَ الأَنَامِ إِذَا أَتَوا
…
مِثْلَ النُّجُوْمِ الغُرِّ فِي الظَّلْمَاءِ
صَدَقَتْ عَزَائِمُهُمْ وَعَزَّ مَرَامُهُمْ
…
وَعَلَتْ مَنَازِلُهُمْ عَلَى الجَوْزَاءِ
صَدَقُوا الإِلَهَ حَقِيْقَةً وَعَزِيْمَةً
…
وَرَعَوا حُقُوْقَ اللهِ فِي الآنَاءِ
وَالرَّقْصُ نَقْصٌ عِنْدَهُمْ فِي عَقْدِهِمْ
…
ثُمَّ القَضِيْبُ بِغَيْرِ مَا إِخْفَاءِ
(1)
البيتان في "إنباه الرُّواة" وَ"الوَافِي بِالوَفَيَاتِ" و"تاريخ الإسلام".
(2)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيُّ (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ، وَهُوَ مَشْهُوْرٌ، وَالأَبْيَاتُ في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
هَذَا شِعَارُ الصَّالِحِيْنَ وَمَنْ مَضَى
…
مِنْ سَادَةِ الزُّهَّادِ وَالعُلَمَاءِ
فَإِذَا رَأَيْتَ مُخَالِفًا لِفِعَالِهِمْ
…
فَاحْكُمْ عَلَيْهِ بِمُعْظَمِ الإغْوَاءِ
وَلَهُ أَيْضًا
(1)
:
الفِقْهُ عِلْمُ بِهِ الأَدْيَانُ تَرْتَفِعُ
…
وَالنَّحْوُ عِزٌّ بِهِ الإِنْسَانُ يَنْتَفِعُ
ثُمَّ الحَدِيْثُ إِذَا مَا رُمْتَهُ فَرَجٌ
…
مِنْ كُلِّ مَعْنًى بِهِ الإِنْسَانُ يَبْتَدِعُ
ثُمَّ الكَلَامُ فَذَرْهُ فَهْوَ زَنْدَقَةٌ
…
وَخِرْقَةٌ فَهْوَ خَرْقٌ لَيْسَ يُرْتَقَعُ
وَلَهُ أَيْضًا
(2)
:
ظَهَرَتْ فِي الأَنَامِ بِدْعَةُ قَوْمٍ
…
جَحَدُوا اللهَ وَالقُرْآنَ المُبِيْنَا
عَطَّلُوا وَصْفَهُ وَحَادُوا عَنِ الحَـ
…
ـــقِّ جَمِيْعًا وَخَالَفُوْهُ يَقِيْنَا
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: تُوُفِّيَ بُكْرَةَ يَوْمِ الاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَتُوُفِّيَ فِي غُرْفَتِهِ الَّتِي فِي مَسْجِدِهِ
(3)
، فَحُطَّ تَابُوْتُهُ بِالحِبَالِ مِنْ سَطْحِ المَسْجِدِ، وَأُخْرِجَ إِلَى جَامِعِ القَصْرِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ القَادِرِ، وَكَانَ النَّاسُ فِي الجَامِعِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ، ثُمَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي جَامِعِ المَنْصُوْرِ، وَقَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا جَمَاعَةً مِنَ الأَكَابِرِ، فَمَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ جَمْعًا
(1)
المَصْدَرُ السَّابقُ. لا يَصِحُّ تَقْدِيْمُ عِلْمِ النَّحْوِ عَلَى عِلْمِ الحَدِيْثِ وَعَطْفُهُ عَلَيْه بـ "ثُمَّ"؟!
(2)
"المَنْهَجُ الأحْمَدُ". يُرَاجَعُ وَزْن البَيْتِ الأوَّلِ.
(3)
فِي "خَرِيْدَة القَصْرِ": "تُوُفَيَ وأَنَا بِـ "بَغْدَادَ" يَوْمَ الاثْنَيْنِ، الثَّامِنَ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ" وَهَذَا يَتَّفِقُ مَعَ مَا جَاءَ فِي "إِنْبَاهِ الرُّوَاةِ" وَ"تَارِيْخِ الإِسْلَام" وَفِي "السِّيَرِ": "ثَانِي عِشْرِي"، وَفِي "المُنْتَظَمِ":"ثَامِنَ عَشَرَ" عَلَى أنَّه في "المَنَاقِبِ" لَهُ "ثَامِنَ عِشْرِي"، وَقَالَ سِبْطُهُ في "المِرْآةِ":"تَاسِعَ عِشْرِيْنَ".
مِنْ جَمْعِهِ عَلَى تَقْدِيْرِ النَّاسِ، مِنْ "نَهْرِ مُعَلَّى" إِلَى قَبْرِ أَحْمَدَ، وَغُلِّقَتِ الأَسْوَاقُ، وَدُفِنَ فِي دَكَّةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ عِنْدَ جَدِّهِ أَبِي مَنْصُوْرِ
(1)
.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ المَيْدُوْمِيُّ بِـ "فِسْطَاطِ مِصْرَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ (أَنَا) الحَافِظُ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئُ بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ (أَنَا) الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ (أَنَا) أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ (ثَنَا) يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى القَطَّانُ (ثَنَا) إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ (ثَنِي) عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ بِشْرِ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(2)
: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ فَقَدْ غَزَا". أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الوَارِثِ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، كِلَاهُمَا عَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
108 - دَعْوَانُ بنُ عَلِيِّ
(3)
بنِ حَمَّادِ بنِ صَدَقَةَ الجُبَّائِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: الجُبِّيُّ
(1)
في (ط): "المنصور".
(2)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ رقم (2843) في "الجِهَادِ" بَابُ فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا. ومُسْلِمٌ رقم (1895) في "الإِمَارَةِ" بَابُ فَضْلِ إِعَانَةِ الغَازِي فِي سَبِيْلِ اللهِ. وَالتِّرْمِذِيُّ رقم (1648)، وَالنَّسَائِيُّ (6/ 46) كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيْثِ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه "عن هَامِشِ المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(3)
108 - دَعْوَانُ الجَبَائِيُّ (463 - 542 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 22)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 385)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 137)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" =
أَيْضًا
(1)
نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ بِسَوَادِ "بَغْدَادَ" عِنْدَ "العَقرِ"
(2)
عَلَى طَرِيْقِ "خُرَاسَانَ" المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، الضَّرِيْرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ بِـ "الجُبَّةِ" المَذْكُوْرَةِ. وَقَدِمَ "بَغْدَادَ" فَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ البُسْرِيِّ، وَالحُسَيْنِ بنِ طَلْحَةَ، وَثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ، وَالصَّرِيْفِيْنِيِّ، وَابْنِ البَطِرِ، وَابنِ السَّرَّاجِ. وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ
= (1/ 255). وَيُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (3/ 177)، وَمُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (1/ 334)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 127)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 200)، وَمُعْجَمُ الأُدَبَاءِ (3/ 1291)(ط. إحسان عبَّاس)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 113)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 1/ 196)، وَالعِبَرُ (4/ 115)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1294)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (222)، وَمَعْرِفَةُ القُرَّاءِ الكُبَارِ (1/ 501)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (14/ 18)، وَنَكْتُ الهِمْيَانِ (150)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 280)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبِهِ (2/ 142)، وَتَبْصِيرُ المُنْتَبِهِ (1/ 288)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 131)، (6/ 214). ولِدَعْوَانَ أَخَوَانِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، لَمْ يَذْكُرْهُمَا المُؤَلِّفُ رحمه الله:
- أَحَدُهُمَا: سَالِمُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَمَّادٍ، أَبُو البَرَكَاتِ (ت:؟).
- وَالآخَرُ: الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَمَّادٍ، أَبُو القَاسِم (ت: 563 هـ) نَسْتَدْرِكْهُمَا عَلَى المُؤلِّفِ رحمه الله فِي سَنَةِ وَفَاةِ هَذَا الأَخِيْرِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَمَسْجِدُهُ بِـ "بَغْدَادَ" مَشْهُوْرٌ آنذَاكَ. جَاءَ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (315) فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ بُخْتِيارٍ (ت: 580 هـ) - وَهُوَ مِن تَلَامِيْذِهِ - وَأَمَّ مُدَّةً بِـ "مَسْجِدِ دَعْوَانَ" بَـ "بَابِ الأَزَجِ".
(1)
ضَبَطَهَا يَاقُوْتٌ فِي مُعْجَمِ البُلْدَان (2/ 113) بِقَوْلِهِ: "بِالضَمِّ، ثُمَّ التَّشْدِيْدِ والْقَصْرِ .. " مِنْ أَعْمَالِ النَّهْرَوَانِ. . ." وَذَكَرَ دَعْوَانَ وَطَرَفًا مِن أَخْبَارِهِ.
(2)
العَقْرُ: عِدَّةُ مَوَاضِعَ مُحْتَمَلَةٍ في مُعْجَمِ البُلْدان (4/ 154) وَلَعَلَّ المَقْصُوْدَ هُنَا القَرْيَةُ الَّتِي عَلَى طَرِيْقِ "بَغْدَادَ" إِلَى "الدَّسْكَرَةِ"؛ لأَنَّ "الجُبَّةَ" مِنْ أَعْمَالِ "النَّهْرَانِ" وَ"الدَّسْكَرَةَ" كَذلِكَ.
عَلَى الشَّرِيْفِ عَبْدِ القَاهِرِ المَكِّيِّ، وَابنِ سِوَارٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي سَعْدٍ المُخَرِّمِيِّ، وَأَحْكَمَ الفِقْهَ، وَأَعَادَ لِشَيْخِهِ
(1)
المَذْكُوْرِ فِي دَرْسِ الخِلَافِ، وَأَقْرَأَ القُرْآنَ، وَحَدَّثَ، وَانْتَفَعَ بِهِ النَّاسُ، قَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَحَدَّثَ عَنهُ آخَرُوْنَ، مِنْهُمْ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ
(2)
.
(1)
في (ط): "شيخة".
(2)
لَمْ يَرِدْ فِي مُعْجَمَيْ السَّمْعَاني "المُنْتَخَبِ" وَ"التَّحْبِيْرِ"؟! وَجَاءَ في "الأَنْسَابِ": "شَيْخٌ صَالِحٌ، مِنْ أَهْلِ القُرآنِ وَالْحَدِيْثِ، لَقِيْتُهُ بِـ "بَابِ الأَزَحِ" وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ، عَنْ أَبي الخَطَّابِ نَصْرٍ .. وَسَأَلْتُهُ عَنْ نِسْبَتِهِ، فَقَال: نِسْبَتي إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ أَعْمَالِ "النَّهْرَوَانِ" يُقَالُ لَهَا: "جُبَّةُ". . .".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّف رحمه الله فِي وَفِيَاتِ سَنَةِ (542 هـ):
119 -
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ الآبَنُوْسِيُّ، انْفَرَدَ بِذِكْرِهِ ابنُ مُفْلِحٍ في المَقْصَدِ الأرشد (1/ 122) مِنْ بَيْنِ المُؤَلِّفين القُدَمَاءِ في طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ. وَنَصَّ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَلَى أَنَّهُ شَافِعِيُّ المَذْهَبِ مَعَ حِرْصِ الحَافِظِ رحمه الله عَلَى الإِشَادَةِ بِذِكْرِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ؛ لِذلِكَ فاسْتِدْرَاكُهُ هُنَا لَا يَلْزَمُ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ مُتَابَعَةً لِلْقَاضِي البُرْهَانِ ابنِ مُفْلِحٍ، فَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ مِنْ أَحْوَالِهِ عَلَى مَا يُؤَكِّدُ ذلِكَ، أَوْ وَقَفَ عَلَى نَصٍّ صَرِيْحٍ. أَخْبَارُهُ كَثِيْرَةٌ تَجِدُهَا فِي: المُنْتَظَمِ (10/ 126)، وَالعِبَرِ (4/ 114)، وَالإِعْلامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (222)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (98)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 162)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1294)، وَمِرْآةِ الجِنَانِ (3/ 275)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 114). وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ فِي طَبَقَاتِهِمْ مِنْهُمُ السُّبْكِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ الكُبْرَى (4/ 39)، وَالإِسْنَوِيُّ في طَبَقَاتِهِ (1/ 109)، وَنِسْبَتُهُ (الآبَنُوْسِيُّ) سَبَقَتْ فِي أَوَّلِ الكِتَابِ، وَذَكَرْنَا أَنَّ نَاشِرَهُ الشَّيْخَ حَامِدًا الفقي ضَبَطَهَا بدُوْنِ مَدٍّ وَالبَاءُ سَاكِنَةٌ هَكَذَا:(الأَبْنُوْسِيُّ) حَيْثُمَا وَرَدَتْ، =
قَال ابنُ الجَوزِيِّ: كَانَ خَيِّرًا دَيِّنًا، ذَا سِتْرٍ، وَصِيَانَةٍ، وَعَفَافٍ، وَطَرَائِقَ مَحْمُودَةٍ، عَلَى سَبيْلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ أَبِي بَكْرٍ غُلَامِ الخَلَّالِ إِلَى جَانِبِهِ.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ الجُبَّائِيُّ
(1)
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، قَالَ:
= هُنَا وَفِي "الطَّبَقَاتِ"، وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى ذلِكَ فِيْمَا سَبَقَ.
120 -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ عَبْدِ الوَاسِعِ بنِ عَبْدِ الهَادِي بنِ شَيْخِ الإِسْلَامِ الأَنْصَارِيِّ الهَرَوِيِّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (109)، وَقَالَ:"شَابٌّ، فَاضِلٌ، مَلِيْحُ الوَعْظِ، لَمْ يَكُنْ [في] أَهْلِ بَيْتِهِ مِثْلُهُ فِي عَصْرِهِ. . .". وَجَدُّهُ: عَبْدُ الوَاسِعِ (ت:؟) لَعَلَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِعِلْمٍ، أَوْ عَلَى الأَقَلِّ لَمْ تُنْقَلْ لَنَا أَخْبَارُهُ.
121 -
وَوَالِدُهُ عَبْدُ المُعِزِّ (ت:؟) ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ عَسَاكِرٍ فِي مُعْجَمِهِ (/ 622) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ. وَهُوَ مِمَّنْ يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَذَكَرْنَا أَهْلَ بَيْتِهِ بِالتَّفْصِيْلِ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ شَيْخِ الإسْلَامِ فِي الطَّبَقَاتِ (3/ 459).
122 -
وعُمَرُ بنُ ظَفَرٍ المَغَازِلِيُّ، أَبُو حَفْصٍ البَغْدَادِيُّ، المُحَدِّثٌ، سَبَقَ اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ أَحْمَدَ في وَفَيَاتِ سَنَةِ (532 هـ). أَخْبَارُ عُمَرَ في: مَشْيَخَةِ ابنِ الجَوْزِيِّ (135)، وَالعِبَرِ (4/ 115)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 170)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 593).
123 -
وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَعْمَرِ بنِ يَحْيَى، أَبُو البَقَاءِ بنُ طَبَرْزَد، أَخُو المُحَدِّثِ عُمَرَ بنِ طَبَرْزَدٍ، كَانَ اسْمَهُ المُبَارَكُ فَسَمَّى نَفْسَهُ مُحَمَّدًا، عُنِيَ بِالْحَدِيْثِ وَجَمْعِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ثِقَةً، وسَيَأْتِي أَخُوْهُ عُمَرُ في اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (607 هـ)، أَخْبَارُ أَبي البَقَاءِ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (122)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلِيْهِ (1/ 111)، وَمِيْزَانِ الاعْتِدَالِ (4/ 30)، وَلِسَان المِيْزَانِ (5/ 368)
…
وَغَيْرِهَا.
(1)
يَظْهَرُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي الحَسَنِ الجُبَّائِي (ت 605 هـ) وَهَذَا مِنَ "الجُبَّةِ" مِنْ عَمَلِ =
رَأَيْتُ دَعْوَانَ بنَ عَلِيٍّ بَعْدَ مَوْتِهِ بِنَحْوِ مِنْ شَهرٍ فِي المَنَامِ، وَكَأَنَّ عَلَيْهِ ثِيَابًا بَيْضَاءَ شَدِيْدَةَ البَيَاضِ، وَعِمَامَةً بَيْضَاءَ، وَهُوَ يَمضِي إِلَى الجَامِعِ لِصَلَاةِ الجُمُعَةِ، وَقَدْ أَخَذْتُ يَدَهُ اليُسْرَى بِيَدِي وَمَضَيْنَا، فَلَمَّا بَلَغْنَا إِلَى حَائِطِ الجَامِعِ، قُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي أَيْشٍ لَقِيْتَ؟ قَالَ لِي: عُرِضْتُ عَلَى اللهِ تَعَالَى خَمْسِيْنَ مَرَّةً، وَقَالَ لِي: أَيْشٍ عَمِلْتَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: قَرَأْتُ القُرْآنَ وَأَقْرَأْتُهُ؛ قَالَ لِي: أَنَا أَتَوَلَّاكَ، أَنَا أَتَوَلَّاكَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَأَصَابَنِي مِنَ الوَجْدِ، وَصِحْتُ وَضَرَبْتُ بِكَفِّيَ اليُمْنَى حَائِطَ الجَامِعِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَتَأَوَّهُ وَأَضْرِبُ الحَائِطَ بِكَفِّي، ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ.
109 - صَالِحُ شَافِعِ
(1)
بنِ حَاتِمِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الجِيْلِيُّ، الفَقِيْهُ، المُعَدَّلُ،
= "طَرَابُلُسَ" نَزَلَ "أَصْبَهَانَ" وَكَانَ مُحَدِّثًا إِمَامًا. ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
(1)
109 - أَبُو المَعَالِي بنُ شَافِعٍ (474 - 543 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 449)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 139)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 256)، وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (1/ 432)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 134)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (16/ 158)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (146)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 135) (6/ 220). وَسَبَقَ أَنْ ذَكَرْنَا نِسْبَتَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ في تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ شَافعِ بنِ صَالِحٍ (ت: 480 هـ).
- اشتُهِرَ ابنُهُ: أَحْمَدُ صَاحِبُ "التَّارِيخ"(ت: 565 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. وَابْنُهُ: شَافِعُ بنُ صَالِحٍ (ت: 575 هـ) له ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ، سَيَأْتِي في مَوْضِعِهِ مِنِ اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وابنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ (ت: 543 هـ) قَبْلَ أَبِيْهِ في العَامِ الَّذي مَاتَ فِيْهِ أَبُوْهُ. وَحَفِيْدُهُ: مُحَمَّدُ بنُ أحْمَدَ بنِ صَالِحٍ (ت: 624 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. وَسِبْطَتُهُ: مَحْبُوْبَةُ بِنْتُ النونتاش بن كمشتكين بن عَبْدِ اللهِ الصُّوْفِيُّ (ت: 620 هـ) مَذْكُوْرَةٌ في مُعْجَمِ الأَبَرْقُوهِيِّ (ورقة: 129).
أَبُو المَعَالِي. وُلِدَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنَ المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطِ، وَابْنِ الطُّيُوْرِيِّ
(1)
، وَغَيْرِهِمَا، وَصَحِبَ ابْنَ عَقِيْلٍ وَغَيْرَهُ مِنَ الأَصْحَابِ، وَتَفَقَّهَ، وَدَرَّسَ بِالمَسْجِدِ المَعْرُوفِ بِهِ بـ "دَرْبِ المَطْبَخِ" شَرْقِيَّ "بَغْدَادَ".
قَالَ ابنُ المَنْدَائِيُّ
(2)
فِي "تَارِيْخِ القُضَاةِ" كَانَ فَقِيْهًا زَاهِدًا مِنْ سَرَوَاتِ النَّاسِ. وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ مِنَ المُعَدَّلِيْنَ، فَجَرَتْ حَالَةٌ أَوْجَبَتْ أَنْ عُزِلَ مِنَ الشَّهَادَةِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ
(3)
: كَانَ أَحَدَ الفُضَلَاءِ الشُّهُودِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ الحَافِظَانِ: أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو سَعْدِ بنُ السَّمْعَانِيِّ
(4)
.
تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ سَادِسَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ، وَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ
(5)
وَلَدُهُ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدَ صَاحِبُ "التَّارِيْخِ". وَدُفِنَ فِي دَكَّةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ: أَنَّهُ دُفِنَ عَلَى ابنِ عَقِيْلٍ.
110 - المُبَارَكُ بنُ كَامِلِ
(6)
بنِ أَبِي غَالِبٍ مُحَمَّد بُن أَبِي طَاهرٍ الحُسَيْنِ
بنِ
(1)
في (هـ): "والطُّيُورِي".
(2)
في (ط): "المُنْذِرِيُّ"، وفي (هـ):"المَيْدَانِيُّ". وَسَبَقَ التَّنْبِيْهُ عَلَى مِثْلِ ذلِكَ.
(3)
في (ط): "ابنُ المُنْذِرِيِّ".
(4)
في (ط): "السَّمْعَانِيُّ". وَأَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ هُوَ الحَافِظُ ابنُ عَسَاكِرٍ.
(5)
في (ط): "في الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. . .". وَهُوَ أَوْلَى.
(6)
110 - أَبُو بَكْرٍ الخَفَّافُ (495 - 543 هـ): =
محَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، الظَّفَرِيُّ، المُحَدِّثُ، مُفِيْدُ العِرَاقِ، أَبُو بَكْرٍ، وَيُعْرَفُ أَبُوْهُ بِـ "الخَفَّافِ" وُلِدَ يَوْمَ الخَمِيْسِ ثَانِي عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ، وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِمَائَةَ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، سَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ، وَأَبِي عَلِيِّ بنِ شِهَابٍ، وَأَبِي طَالِبِ بنِ يُوسُفَ وَأَبِي سَعْدِ بنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَابْنِ
= أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 138)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 138)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 256)، وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 137)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 417)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 136)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 299)، وَالعِبَرُ (4/ 119)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (223)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 279)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (5/ 11)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 135)(6/ 221). وَفي نِسْبَتِهِ (الظَّفَرِيُّ) مَنْسُوْبٌ إِلَى "الظَّفَريَّةِ" مَحِلَّةٍ بِشَرْقِيِّ "بَغْدَادَ". تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وَ (الخَفَّافُ) بِفَتْحِ الخَاءِ المُعْجَمَةِ، وَتَشْدِيْدِ الفَاءِ الأُوْلَى. مَنْسُوْبٌ إِلَى عَمَلِ الخِفَافِ الَّتي تُلْبَسُ. قَالَ ابنُ نُقْطَةِ فِي "تَكمِلَةِ الإِكْمَالِ" فِي رَسْمِ (الخَرَّازِ):"كَانَ يَخْرِزُ الإِبْرِيْسَمَ في خِفَافِ النِّسَاءِ" وَهُو مِنْ بَيْتِ عِلْمٍ كَبيْرٍ.
أَخُوْهُ: ذَاكِرُ بنُ كَامِلِ بنِ أَبي غَالِبٍ (ت: 591 هـ). وَأَخُوهُ أيضًا: صَالِحُ بنُ كَامِلِ بنِ أَبِي غَالِبٍ (ت: 543 هـ). وَابْنُهُ: يُوسُفُ بنُ المُبَارك بنِ كَامِلٍ (ت: 613 هـ). وَابْنَتُهُ: ضَوْءُ الصَّبَاحِ لَامِعَةُ (ت: 613 هـ) أَيْضًا. وَابْنُ أَخِيْهِ: ضِيَاءُ بنُ صَالِحٍ (ت: 602 هـ). وَابْنَتَا أَخِيْهِ: عَائِشَةُ بِنْتُ صَالِحٍ (ت: 615 هـ). وَأُخْتُهَا دُرَّةُ بِنْتُ صَالِحٍ بنِ كَامِلٍ (ت: 607 هـ). وَابنُ أَخِيْهِ عَبْدُ القَادِرِ بنِ ذَاكِرِ بنِ كَامِل (ت: 640 هـ). وَابنُ أَخِيْهِ أَيْضًا: مُحَمَدُ بنُ ذَاكِرِ بنِ كَامِلٍ (ت: 595 هـ). وَابْنَةُ أَخِيْهِ: شَمْسُ النَّهَارِ بِنْتُ أَبِي البَرَكَاتِ غَالِبِ بنِ كَامِلٍ (ت: 589 هـ).
هَؤُلَاءِ لَهُم أَخْبَارٌ نَذْكُرُهُم في مَوَاضِعِهِمْ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ في سِنِيِّ وَفَيَاتِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
شُجَاعٍ الذُّهْلِيِّ، وَأَبِي الغَنَائِمِ النَّرْسِيِّ، وَأَبِي الوَفَاءِ بنِ عَقِيْلٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ
(1)
.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ وَمَا زَالَ يَسْمَعُ العَالِيَّ وَالنَّازِلَ، وَيَتَتَبَّعُ الأَشْيَاخَ فِي الزَّوَايَا، وَيَنْقُلُ السَّمَاعَاتِ، فَلَوْ قِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ شَيْخٍ لَمَا رُدَّ القَائِلُ، وَجَالَسَ الحُفَّاظَ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ المشَايِخِ، وَمِقْدَارُ مَا سَمِعُوا، وَالإِجَازَاتِ. وَكَانَ قَدْ صَحِبَ هِزَارَسِبَ
(2)
، وَمَحْمُوْدًا
(3)
الأَصْبَهَانِيَّ، وَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ يُعْنَى بِهَذَا الشَّأْنِ، وَانْتَهَى الأَمْرُ فِي ذلِكَ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَلِيْلَ التَّحْقِيْقِ فِيْمَا يَنْقُلُ مِنَ السَّمَاعَاتِ مُجَازَفَةً؛ لِكَوْنِهِ يَأْخُذُ عَنْ ذلِكَ ثَمَنًا، وَكَانَ فَقِيْرًا إِلَى مَا يَأْخُذُ، وَكَانَ كَثِيْرَ التَّزْوِيْجِ وَالأَوْلَادِ.
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: أَفَادَ الطَّلَبَةَ وَالغُرَبَاءَ، وَخَرَّجَ التَّخَارِيْجَ، وَجَمَعَ مَجُمُوْعَاتٍ، مِنْهَا كِتَابُ "سَلْوَةِ الأَحْزَانِ"
(4)
نَحْو ثَلَاثِمَائَةِ جُزْءٍ وَأَكْثَرَ، وَحَدَّثَ بِأَكْثَرِ مَا جَمَعَهُ، وَبِقَلِيْلٍ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ الكِبَارُ وَالقُدَمَاءُ، وَكَانَ صَدُوْقًا،
(1)
في (ط): "وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ غَيْرُهُم" وفي (أ) وَغَيْرُهُمْ خَلْقٌ كَثِيْرٌ.
(2)
في (ط): "هذا رست" وفي الأُصُوْلِ: "هزارست" وَالصَّحِيْحُ مَا أَثْبَتُّهُ وَهُوَ هَزَارَسِبُ بنُ عَوَضٍ الهَرَوِيُّ المُحَدِّثُ (ت: 515 هـ). يُرَاجَعُ: المُنْتَظمُ (9/ 231)، وَالعِبَرُ (4/ 36)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 213)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 48).
(3)
في الأُصُوْلِ كُلِّهَا: "مَحْمُوْدٌ".
(4)
كَشْفُ الظُّنُوْنِ (2/ 999).
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (543 هـ):
124 -
ثَابِتُ بنُ زَيْدِ بنِ القَاسِمِ بنِ جُوَالِقٍ. أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخ الإِسْلامِ (139). ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَلَدَهُ مُسَلَّمَ بنَ ثَابِتٍ (ت: 572 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
مَعَ قِلَّةِ فَهْمِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ "مُعْجَمًا" لِشُيُوْخِهِ.
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَكَتَبَ عَنِ الجَمِّ الغَفِيْرِ، وَأَفَادَ الطَّلَبَةَ، وَانْتَفَعَ بِهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ. تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ تَاسِعَ عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ وَدُفِنَ بـ "الشَّوْنِيْزِيَّةِ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
111 - عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ
(1)
بنِ أَحْمَدَ
(2)
بنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ قَشَامِيِّ
(3)
، الحَرِيْمِيُّ، الفَقِيْهُ، المُعَدَّلُ، أَبُو القَاسِمِ بنِ أَبِي عَلِيٍّ.
(1)
ساقط من (هـ) وفي (ط): "ابن الحسين".
(2)
111 - أَبُو القَاسِمِ بنُ قَشَامِي: (492 - 544 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 32)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 139)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 256)، وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (1/ 464)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 135)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (4/ 631)، وَتَارِيْخُ الإسْلامِ (147)، وَالمُشْتَبَهُ (1/ 529)، وَالتَّوْضِيْحُ لابنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ (7/ 217)، وَالتَّبْصِيْرُ للحَافِظِ ابنِ حَجَرٍ (3/ 1169).
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله:
125 -
ابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ قَشَامِيٍّ، أَبُو الحُسَيْنِ (ت؟) ذَكَرَهُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ في تَارِيْخِهِ (2/ 6) وَقَالَ: مِنْ أَهْلِ "الحَرِيْمِ الطَّاهِرِيِّ" مِنْ أَبْنَاءِ الشُّيُوْخِ وَالمُحَدِّثِيْنَ، سَمِعَ أبَا القَاسِمِ هِبَةَ اللهِ بنَ الحُصَيْنِ، وَأَبَا الحَسَنِ سَعْدَ الخَيْرِ بنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ عَلِيِّ بنِ الأَشْقَرِ، وَرَوَى القَلِيْلَ؛ لاشْتِغَالِهِ بِالتِّجَارَةِ. ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ المَارِسْتَانِيَّةِ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ، تُوُفِّيَ بِسَاحِلِ "الشَّامِ" في شَوَّالٍ سَنَة (؟) " وَلَمْ يَذْكُرْ سَنَةَ وَفَاتِهِ.
(3)
في (ط): "قثامي" وفي (ب) و (ج) و (د): "قسامي" وَالمُثْبَتُ من (أ) وَ (هـ) وَهُوَ الصَّحِيْحُ، قَالَ ابنُ نُقْطَةَ:"بِفَتْحِ القَافِ، وَالشِّيْنِ المُعْجَمَةِ، وَبَعْدَ المِيْمِ يَاءٌ".
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَسَمِعَ مِنْ أَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ العَاصِمِيِّ، وَأَبِي الغَنَائِمِ بنِ أَبِي عَنَانَ، وَثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ، وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ صَدُوْقًا، فَقِيْهًا
(1)
مُنَاظِرًا، وَرَوَى عَنْهُ حِكَايَةً فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ. وَسَمِعَ مِنْهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ
(2)
، وَقَالَ: فَقِيْهٌ، فَاضِلٌ، عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، حَسَنُ الكَلَامِ فِي المَسَائِلِ، جَمِيْلُ الصُّوْرَةِ، مَرْضِيُّ الطَّرِيْقَةِ، مَتَوَاضِعٌ، كَثِيْرُ البِشْرِ رَاغِبٌ فِي الخَيْرِ.
وَقَالَ ابنُ شَافِعٍ: كَانَ فَقِيْهًا، مُفْتِيًا، مُنَاظِرًا، صَدُوْقًا، أَمِيْنًا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا - يَعْنِي: ابنُ نَاصِرٍ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ. رَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ يُوْسُفَ بن بَاتَانَةَ
(3)
.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ سَادِسَ ذِيْ القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
112 - عَبدُ اللهِ بنُ عبْدِ البَاقِي بنِ التَّبَّانِ الوَاسِطِيُّ،
(4)
ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، أَبُو بَكْرٍ
(1)
بعدها في (ط): "مُفْتِيًا" وَلَمْ تَرِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الأُصُوْلِ، وَلَا في مَصْدَرِهِ "المُنْتَظَمِ".
(2)
لَمْ يَرِدْ فِي مُعْجَمَيْهِ "المُنْتَخَبِ" وَ"التَّحْبِيْرِ".
(3)
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ (ت: 602 هـ)، لَهُ أَخْبَارٌ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 82)، وَتَلْخِيْصِ مَجْمَعِ الآدَابِ (4/ رقم 1954)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاج إِلَيْهِ (1/ 190)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 77). وَلَقَبُهُ "فَخْرُ الدِّيْنِ". وَمَا أَظُنُّهُ مِنَ البَيْتِ اليُوسُفِيِّ المَشْهُور. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ حَنْبَلِيٌّ مُسْتَدْرَكٌ عَلَى المُؤَلِّفِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(4)
112 - ابنُ التَّبَّانِ الوَاسِطِيُّ (؟ - 544 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 39)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 140)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" =
الفَقِيْهُ، وَيُسَمَّى مُحَمَّدًا وَأَحْمَدَ أَيْضًا.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَتَفَقَّهَ عَلَى ابنِ عَقِيْلٍ، وَنَاظَرَ، وَأَفْتَى، وَدَرَّسَ، وَكَانَ أُمِّيًّا لَا يَكْتُبُ.
= (1/ 257). وَيُراجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 140)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (190)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 238)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 139)(6/ 227).
ذكر الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (544 هـ):
- أَسْعَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُوَفَّقِ بنِ زِيَادٍ، الرَّئِيسُ أَبُو المَحَاسِنِ الزِّيَادِيُّ الهَرَوِيُّ الحَنْبَلِيُّ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ في تَارِيْخِ الإسْلامِ (183) تَحْقِيْقِ الدُّكْتُور عُمَر عَبْد السَّلامِ تَدْمُرِي، وفي السِّيَرِ (20/ 212). قَالَ:"الهَرَوِيُّ الحَنَفِيُّ" وَهُو الصَّحِيْحُ، يُرَاجَعُ: الجَوَاهِرُ المُضِيَّةُ (1/ 385)، وَالطَّبَقَاتُ السَّنِيَّةُ (2/ 167)، وفي مُعْجَمِ ابنِ عَسَاكِرٍ (1/ 154) الحَنَفِيُّ الشَّافِعِيُّ فَلَعلَّه كَانَ مُجْتَهِدًا، يُفْتي عَلَى المَذَاهِبِ الثَّلاثة؟
ويُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفِيَاتِ سَنَةِ (544 هـ):
126 -
المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُورِ بنِ زُرَيْقٍ القَزَّازُ الشَّيْبَانِيُّ البَغْدَادِيُّ، أَبُو غَالِبٍ، من أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ كَبِيْرَةٍ، تَقدَّمَ ذِكْرُ كَثِيْرٍ من عُلَمَائِهَا. أَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ ابنِ عَسَاكِرٍ (2/ 1086)، وَالأَنْسَابِ (11/ 305)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (210)، وَالتَّوضِيْحِ لابنِ نَاصِرِ الدِّينِ (8/ 146).
127 -
ومُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ طَالِبٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي الغَنَائِمِ، الوَاعِظُ الحَنْبَلِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ البَاطُوْخِ" كَذَا ذَكَرَ الصَّفَدِيُّ في الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (1/ 171). وفي خَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ" (2/ 346) مُعِيْنُ الدِّين ابنُ البَاطُوْخِ (ت: 538 هـ) لَا أَدْرِي مَا صِلَتُهُ بِالمَذْكُوْرِ؟ وَهَلْ هُو حَنْبَلِيٌّ مِثْلُه؟! لكِنَّه رَثَى أبَا الفُتُوْحِ الإسْفِرَائِيِنِيَّ وَهَذَا يُبْعِدُ كَوْنَهُ حَنْبَلِيًّا؛ لأنَّ أَبَا الفُتُوْحِ مِنْ أَلَدَّ أَعْدَاء الحَنَابِلَةِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ عَنْ تِسْعِيْنَ سَنَةٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. وَقَالَ ابنُ شَافِعٍ: كَانَ مَذْهَبِيًّا جَيِّدًا، وَخِلَافِيًّا مُنَاظِرًا، وَمِنْ أَهْلِ القُرْآنِ، بَقِيَ عَلَى حِفْظِهِ لِعُلُوْمِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الخَمِيْسِ ثَامِنَ شَوَّالٍ المَذْكُورِ، وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً أَوْ أَزْيَدُ.
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: دَرَسَ المَذْهَبَ عَلَى ابنِ عَقِيلٍ حَتَّى بَرَعَ فِيْهِ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَيُفْتِي وَيُدَرِّسُ، سَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطِ، وَابْنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ الدَّهَّانِ المُرَتِّبِ، وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ. وَسَمِعَ مِنْهُ المُبَارَكُ بنُ كَامِلٍ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِعٍ.
113 - الجُنَيْدُ بنُ يَعْقُوْبُ
(1)
بنِ الحَسَنِ بنِ الحَجَّاجِ بنِ يُوْسُفَ الجِيْلِيُّ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، أَبُو القَاسِمِ بنِ أَبِي يُوْسُفَ بنِ أَبِي عَلِيٍّ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ بِـ "تَوْلَمَ"
(2)
مِنْ أَرْضِ "جِيْلَانَ" كَذَا ذَكَرَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْهُ. وَذَكَرَ
(1)
113 - الجُنَيْدُ بن يعقوب (451 - 546 هـ):
مُتَقَدِّمٌ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَكَانَ حَقُّه أَنْ يُذْكرَ بَعْدَ التَّرَاجِمِ الثَّلَاثِ الآتِيَةِ.
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 305)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 144)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 258). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (1/ 224)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (11/ 204)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (239)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 142)(6/ 235).
(2)
"تَوْلَمُ" لَمْ يَذْكُرْهَا يَاقُوْتٌ فِي "مُعْجَمِ البُلْدَانِ" وَ"جِيْلَانُ" تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا في تَرْجَمَةِ ثَابِتِ بنِ مَنْصُوْرٍ الكِيْلِيَ (ت 528 هـ)؛ لأنَّهُ يُقَالُ فيها: كِيْلان وَجِيْلان.
ابنُ شَافِعٍ عَنْهُ: أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ، ثُمَّ قَدِمَ "بَغْدَادَ"، وَأَقَامَ بِـ "بَابِ الأَزَجِ" وَقَرَأَ الفِقْهَ عَلَى يَعْقُوْبَ البَرْزَبِيْنِيِّ، وَالأَدَبَ عَلَى أَبِي مَنْصُوْرِ بنِ الجَوَالِيْقِيِّ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ الهَكَّارِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ العَلَّافِ، وَمِنْ طَلْحَةَ العَاقُوْلِيِّ، وَالقَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ مِنَ الفِقْهِ، وَالأُصُوْلِ، وَالخِلَافِ، وَالحَدِيْثِ، وَالأَدَبِ. وَكَانَ فَاضِلًا، دَيِّنًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، جَمَعَ كِتَابًا كَبِيْرًا فِي اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ وَمَعْرِفَةِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، ذَكَرَ ذلِكَ ابنُ النَّجَّارِ. وَرَوَى عَنْهُ ابنُ عَسَاكِرٍ، وَالسَّمْعَانِيُّ، وَقَالَ: شَيْخٌ، صَالِحٌ، حَسَنُ السِّيْرَةِ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ لَبِيْدَةَ عَنْهُ: كَانَ صَادِقًا، زَاهِدًا، ثَبْتًا، لَمْ يُعْرَفْ عَلَيْهِ إلَّا خَيْرًا. قَالَ: وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ سَادِسَ عِشْرِيْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ
(1)
وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ بِمَدْرَسَتِهِ، وَدُفِنِ مِنْ يَوْمِهِ بِمَقْبَرَةِ "الحَلْبَةِ"
(2)
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
(3)
.
قرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي القَاسِمِ الجُنَيْدُ بنُ يَعْقُوْبَ الجِيْلِيُّ فِي بَعْضِ تَعَالِيْقِهِ فِي حَادِثَةٍ جَاءَتْ مِنْ بَلَدِ "الهَكَّارِ"
(4)
: قِطْعَةُ جَبَلٍ لِرَجُلٍ عَلَيْهَا شَجَرٌ نَابِتٌ،
(1)
في (ط): "ستة".
(2)
في (ط): "الجلبة".
(3)
ساقط من "هـ".
(4)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 470)(الهَكَّارِيَّةُ) قَالَ: "بِالفَتْحِ وَتَشْدِيْدِ الكَافِ، وَرَاءٍ وَيَاءِ؛ نِسْبَةٍ بَلْدَةٌ وَنَاحِيَةٌ وَقُرى فَوْقَ "المُوْصِلِ" في بَلَدِ جَزِيْرَةِ ابنِ عُمَرَ، يَسْكُنُهَا أَكْرَادٌ يُقَالُ لَهُمُ: الهَكَّارِيَّةُ".
وَتَحْتَهَا أَرْضٌ لِرَجُلٍ آخَرَ مَزْرُوْعَةٌ، انْقَطَعَتْ القِطْعَةُ فَسَقَطَتْ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي تَحْتَهَا فَسَتَرَتْهَا، وَصَارَتْ حَاضِنَةً لَهَا، مَانِعَةً لِصَاحِبَهَا مِنْ زِرَاعَتِهَا، وَالشَّجَرُ بحَالِهِ ثَابِتٌ فِي تِلْكَ القِطْعَةِ لَا يَسْتَضِرُّ صَاحِبُهَا، لكِنَّ صَاحِبَ الأَرْضِ الَّتِي تَحْتَهَا يَسْتَضِرُّ، مَا الحُكْمُ فِي ذلِكَ؟
الجَوَابُ - وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ -: أَنَّهُ يَحْتَمِلُ القِيْمَةَ؛ لأنَّهَا صَارَتْ كَالمُسْتَهْلَكَةِ فَهِيَ كَالَّلآلِئِ إِذَا ابْتَلَعَهَا عَبْدُهُ، انْتَهَى. وَلَمْ يَعْزُ الجُنَيْدُ هَذَا الجَوَابَ إِلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَوَابُهُ بِنَفْسِهِ، وَفِيْمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ جِنَايَةَ العَبْدِ تُفَارِقُ بَقِيَّةِ جِنَايَاتِ الأَمْوَالِ؛ لأَنَّ العَبْدَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ، فَلَا تَسْقُطُ جِنَايَاتُهُ
(1)
وَتَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ ذلِكَ فَوَاتُ حَقِّ المَالِكِ، وَهَذَا بِخِلَافِ جِنَايَاتِ البَهَائِمِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَالِكُهَا إِلَّا أَنْ يُنْسَبَ إِلَى نَوْعٍ مِنْ تَفْرِيْطٍ فِي حِفْظِهَا، عَلَى مَا فِيْهِ مِنِ اخْتِلَافٍ وَتَفْصِيْلٍ، وَأَمَّا الجِنَايَاتُ الحَادِثَةُ مِنْ أَمْوَالِهِ الَّتِي لَا حَيَاةَ فِيْهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيْهَا، إِلَّا أَنْ يُنْسَبَ إِلَى نَوْعِ تَفْرِيْطٍ، مِثْلَ مَنْ مَالَ حَائِطُهُ إِلَى جَارِهِ أَوْ إِلَى الطَّرِيْقِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ وَامْتَنَعَ مِنَ النَّقْضِ حَتَّى سَقَطَ فَأَتْلَفَ، فَفِي وُجُوْبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ خِلَافٌ مَشْهُوْرٌ، فَهَذِهِ الأَرْضُ السَّاقِطَةُ بِسَيْلٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى أَرْضِ الغَيْرِ تُشْبِهُ مَا تَلِفَ بِسُقُوْطِ الجِدَارِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: المُتْلَفُ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا فَاتَ وَلَمْ يُمْكِنْ إِعَادَتُهُ مِنْ مَالٍ وَنَفْسٍ، فَهَذَا الَّذِي تَكَلَّمَ الفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِهِ عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ.
(1)
في (ط): "جنايته".
وَالثَّانِي: مَا هُوَ بَاقٍ
(1)
، وَلكِنَّ [حَالَ مُلْكُ]
(2)
المَالِكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ، فَهَذَا يَلْزَمُ المَالِكَ الَّذِي حَالَ مُلْكُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ أَنْ يُخَلَّى بَيْنَ المَالِكِ وَبَيْنَهُ
(3)
لِيَأْخُذَهُ، فَإِذَا عَجَزَ فَهَلْ يُقَالُ: يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ لِحَيْلُوْلَةِ مُلْكِهِ [بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ]
(4)
، فَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ "المُحَرَّرِ"
(5)
فِي مُسَوَّدَتِهِ عَلَى "الهِدَايَةِ" فِيْمَا إِذَا ابْتَلَعَتْ بَهِيْمَتُهُ جَوْهَرَةً فِي حَالٍ لَا يَلْزَمُ المَالِكُ ضَمَانَ جِنَايَتِهَا، هَلْ يَلْزَمُهُ هُنَا شَيْءٌ أَمْ لَا؟ وَبَيَّضَ لِذلِكَ. لكِنَّ كَلَامَ ابنِ عَقِيْلٍ وَغَيْرُهُ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ وَقَعَ فِي مِحْبَرَتِهِ دِيْنَارٌ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيْطٍ مِنْهُ
(6)
أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَذْلَهَا لِلْكَسْرِ مَضْمُوْنَةً، وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا حَالَ مُلْكُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَذْلِ التَّسْلِيْمِ لِلْمَالِكِ، لِيُخَلِّصَ مُلْكَهُ، وَهَذَا يُبْقِي الضَّمَانَ عِنْدَ العَجْزِ، وَهُوَ الأَظْهَرُ.
وَلَوْ قِيْلَ: إِنَّهُ يَلْزَمُهُ الأُجْرَةَ مُدَّةَ الانْتِفَاعِ بِبَقَاءِ أَرْضِهِ عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ، إِلْحَاقًا بِمَنْ حَمَلَ السَّيْلُ غِرَاسَهُ إِلَى أَرْضِ آخَرَ.
(1)
كذا في (ج) وفي البقية "باقي".
(2)
ساقط من (ط).
(3)
ساقط من (ط).
(4)
ساقط من (ط).
(5)
هُوَ مَجْدُ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّةَ (ت: 652 هـ) وَمُسَوَّدَتُهُ عَلَى "الهِدَايَةِ" شَرْحُهُ لَهَا، يُرَاجع مَا كَتَبْتُهُ عَلَى "الهِدَايَةِ" فِي تَرْجَمَةِ مُؤَلِّفِهَا أَبِي الخَطَّاب مَحْفُوْظِ بنِ أَحْمَدَ الكَلْوَذَانِيِّ (ت: 513 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
(6)
بعدها في (ط): "منه".
قُلْنَا: يَلْزَمُهُ الأُجْرَةُ، وَفِيْهِ نَظَرٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَالَّذِي ذَكَرَهُ القَاضِي وَابْنُ عَقِيْلٍ فِيْمَنْ ابْتَلَعَتْ بَهِيْمَتُهُ مَالًا لِغَيْرِهِ يَبْقَى، كَذَهَبٍ وَجَوْهَرٍ، فَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَكَانَتْ مَأْكُوْلَةً، فَهَلْ تُذْبَحُ لاسْتِخْرَاجِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ لِلنَّهْي عَنْ ذَبْحِ الحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْكُوْلَةٍ تَعَيَّنَ الضَّمَانُ، وَإِنْ تَكُنْ مَضْمُوْنَةً عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ، وَلَكِنْ قِيَاسُ مَا ذَكَرَ ابنُ عَقِيْلٍ فِي سُقُوْطِ الدِّيْنَارِ فِي المِحْبَرَةِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ مَالِكِ المَالِ المُبْتَلَعِ بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ المَأْكُوْلَ وَيَضْمَنَ نَقْصَهُ، وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
114 - عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ
(1)
بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
(2)
عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ الشِّيْرَازِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، القَاضِي بَهَاءُ الدِّيْنِ بِنُ شَرَفِ الإسْلَامِ ابنِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ،
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ. تَفَقَّهَ وَأَفْتَى وَدَرَّسَ وَنَاظَرَ.
(1)
114 - عَبْدُ المَلِكِ الشِّيْرَازِيُّ (؟ - 545 هـ):
مِنْ آلِ الحَنْبَلِيُّ الأُسْرَةِ الشَّهِيْرَةِ فِي بِلَادِ الشَّامِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (536 هـ)، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا ذِكْرُ جَدِّهِ في وَفَيَاتِ سَنَةِ (486 هـ)، وَلِعَبْدِ المَلِكِ هَذَا خَمْسَةُ إِخْوَةٍ هُوَ سَادِسُهُمْ وَهُمْ:"مُحَمَّدٌ" وَ"عَبْدُ الكَافِي" وَ"عَبْدُ الهَادِي" وَ"عَبْدُ الحَقِّ" وَ"نَجْمٌ". نَذْكُرُهُمْ جَمِيْعًا فِي مَوَاضِعِهِم، وَنَذْكُرُ أَبْنَاءَهُمْ وَأَحْفَادَهُمْ، فَمَنْ ذَكَرَهُمُ المُؤَلِّفُ عَلَّقْنَا عَلى تَرَاجمِهِمْ، أَو اسْتَدْرَكْنَا مَن لَمْ يَذْكُرْهُم كَعَادَتِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُ عَبْدِ المَلِكِ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 148)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 141)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 257). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ دِمَشْقَ لابنِ القَلَانِسِيِّ (483)، وَالرَّوْضَتَيْنِ (1/ 195)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 125)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 228)، وَالدَّارِسُ (2/ 67)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 143)(6/ 235).
(2)
ساقط من (ط).
وَذَكَرَهُ أَبُو المَعَالِي حَمْزَةُ بنُ القَلَانِسِيُّ فِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ دِمَشْقَ" فَقَالَ: كَانَ إِمَامًا فَاضِلًا، مُنَاظِرًا، مُسْتَقِلًّا، مُفْتِيًا عَلَى مَذْهَبِ الإمَامِ أَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيْفَةَ، يُحْكَمُ عَلَيْهِ، مَا كَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ إِقَامَتِهِ بِـ "خُرَاسَانَ" لِطَلَبِ العِلْمِ وَالتَّقَدُّمِ. وَكَانَ يَعْرِفُ اللِّسَانَ الفَارِسِيَّ مَعَ العَرَبِيِّ، وَهُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ فِي الجِدِّ وَالهَزلِ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ سَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَكَانَ لَهُ يَوْمٌ مَشْهُوْدٌ، وَدُفِنَ فِي جِوَارِ أَبِيْهِ فِي مَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ، يَعْنِي بِـ "البَابِ الصَّغِيْرِ" وَكَثُرَ البَاكُوْنَ حَوْلَ سَرِيْرِهِ مِنَ العَالَمِ، وَالمُثْنُوْنَ لَهُ، وَالمُتَأَسِّفُوْنَ عَلَيْهِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
115 - عَبْدُ اللهِ بنُ هِبَةِ اللهِ
(1)
بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ السَّامُرِّيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو الفَتْحِ.
وُلِدَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمسٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَسَمِعَ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيِّ، وَثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ، وَالمُبَارَكِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَأَبِي سَعْدِ بنِ خُشَيْشٍ
(2)
، وَجَعْفَرِ السَّرَّاجِ، وَغَيْرِهِمْ.
(1)
115 - أَبُو الفَتْحِ السَّامُرِّيُّ (485 - 545 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 65)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 141)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 257). وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ (221)، وَالشَّذَرَاتُ (6/ 235) وَفِيْه وفاتَهُ سَنَةَ (546 هـ).
(2)
في التَّوْضِيْحِ لابنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ (3/ 424): "هُو بِمُعْجَمَاتٍ مُصَغَّرٌ، وَذَكَرَ ابنُ حَبِيْبَ أَنَّهُ لَيْسَ في العَرَبِ خُشَيْشٌ بِالخَاءِ، وَلَا تُسَمِّي بِهِ".
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ، وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ ثَالِثَ عَشَرَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ خَمسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ".
116 - أَيُّوْبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ تَيْمُوْه
(1)
البَاجِسْرَائِيُّ
(2)
، الفَقِيْهُ الحَنْبَلِيُّ.
وَيَكْتُبُ بِخَطِّهِ: القَاضِي أَيُّوْبُ. قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: سَمِعَ ابنَ نَاصِرٍ الدَّسْكَرِيَّ، وَالقَاضِي أَبَا الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاءِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ بـ "أَصْبَهَانَ" بِيَسِيْرٍ. سَمِعَ مِنْهُ أَبُو الكَرَمِ سَعْدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ وَلَّادٍ المَدِيْنِيُّ فِي
(3)
ذِيْ القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
(1)
116 - أيُّوْبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ تَيْمُوْه (؟ - بعد 544 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 283)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 146)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 259). وَيُرَاجَعُ: الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (10/ 36).
(2)
في (أ) وَ (ب): "التَّاجر، كَذَا ذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارائي" وَضَرَبَ عليها ابنُ حُمَيْدٍ أَو غَيْرُهُ بالقَلمِ وَعَدَّلَهَا؛ لأَنَّهَا تَحْرِيْفٌ وَزِيَادَةٌ مِنَ النَّاسخِ، وفي (ج) وَ (د) كَمَا هُوَ مُثبَتٌ، وفي (هـ)"الباجرائي" أَمَّا "الباجِسْرَائِيُّ" فتَقَدَّمَتْ في التَّرْجَمَةِ رقم (6). وَأَمَّا "البَاجَرَائِيُّ" فَنِسْبَةٌ إِلَى "بَاجَرَا" قَرْيَةٌ مِنَ "الجَزِيْرَةِ" كَمَا في الأَنْسَابِ (1/ 17)، وَمِثْلُهُ في مُعْجَمِ البُلْدَانِ (1/ 372)، وفي الرَّوْضِ المِعْطَارِ (74):"مَدِيْنةٌ بِـ "الجَزِيْرةِ" مِنْ أَعْمَالِ "المَوْصِلِ" بَنَاهَا عَبدُ الأَعْلَى بنُ يَزِيْدَ بنِ أُميَّةَ السُّلَمِيُّ في الفِتْنَةِ، وفيها مَنْزِلُهُ". أَقُولُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: وَلَا أَدْري لأَيِّهِمَا يُنسَبُ المَذْكُوْرُ هُنَا، هَلْ هُوَ إِلَى "بَاجِرَا" أَوْ إِلَى "بَاجِسْرَى"؟.
(3)
تَحرَّفت في (ط) فقط إِلَى: "تُوُفِّي" وهو تَحْرِيْفٌ فَاحِشٌ فَمَا زَالَتْ سَنَةُ وَفَاتِهِ مَجْهُوْلَةً؛ لِذَا أَوْرَدَهُ العُلَيْمِيُّ في "ذِكْرِ مَنْ لَمْ تُؤَرَّخ وَفَاتُهُ". وَيَظْهَر أَنَّ الصَّفَدِيَّ اطَّلَعَ عَلَى نُسْخَةٍ =
قُلْتُ: وَوَجَدْتُ خَطَّهُ كَثِيْرًا عَلَى كُتُبٍ كَثِيْرَةٍ مِنْ كُتُبِ الأَصْحَابِ، قُرِئَتْ عَلَيْهِ، وَحَدَّثَ بِـ "الغَيْلَانِيَّاتِ"
(1)
سَمَاعُهُ مِن ابنِ الحُصَيْنِ.
= مُحَرَّفَةٍ كَذلِكَ؛ لذلِكَ أَثْبَتَ وَفَاتَهُ في هذِهِ السَّنَةِ. وَالصَّحِيْحُ أَنَّهُ مَا زَالَ مَجْهُوْلَ الوَفَاةِ.
(1)
الغَيْلَانِيَّاتُ هِيَ فَوَائِدُ حَدِيْثِيَّةِ لأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ (ت: 354 هـ) رَوَاهَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، أَبُو طَالِبِ بنُ غَيْلانِ (ت: 440 هـ) فَعُرِفَتْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَتُعْرَفُ أَيضًا بِـ "الفَوَائِدِ المُنْتَخَبَةِ العَوَالِي عَنِ الشُّيُوْخِ" حَقَّقَهُ أَحَدُ طَلَبَةِ الدِّرَاسَاتِ العُلْيَا بِجَامِعَةِ أُمِّ القُرَى رِسَالَة دُكْتُوْرَاه سَنَةَ (1401 هـ) عَنْ نُسْخَةٍ في الظَّاهِريَّة، وَأُخْرَى مَكْتَبَة الحَرَمِ المَكِّيِّ بِمَكَّةَ المُكَرَّمَةِ. وَغَيْرِهِمَا، وَتَحَدَّثْتُ عنه في هَامِشِ "الطَّبقات".
- وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (545 هـ):
128 -
صَافِي، أَبُو سَعِيْدٍ الجَمَالِي، عَتِيْقُ أَبِي عَلِيِّ، مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَرْدَةَ التَّاجِرِ العُكْبَرِيِّ (ت: 476 هـ) الَّذِي سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ، سَمِعَ صَافِي: سعِيْدَ بنَ البنَّاءِ، وَأَبَا عَلِيِّ بنَ النَّقُّوْرِ وَغَيْرَهُمَا. أَخْبَارُهُ فِي: المُنْتَظَمِ (10/ 144)، وَالأَنْسَابِ (3/ 298)، وَالوَافي بالوَفَيَاتِ (16/ 245)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (220). وَلَهُ ابنٌ مِن أَهْلِ العِلْمِ اسْمُهُ سَعِيْدٌ بنُ صَافِي (ت: 570 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَلابنِ جَرْدَةَ عَتِيْقٌ آخَرُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ اسْمُهُ رَيْحَانُ (ت: 508 هـ)، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
129 -
عَبْدُ البَاقِي بنُ أَحْمَدَ النَّرْسِيُّ، وَالِدُ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ، فَابْنُهُ مَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي (ت: 606 هـ)، وَابْنُهُ الآخَرُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي (ت: 572 هـ). وَابْنُهُ الآخَرُ أَيْضًا: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي (ت:؟) وَالِدُ أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 593 هـ). أَخْبَارُ عَبْدِ البَاقِي فِي: مُعْجَمِ ابنِ عَسَاكِرٍ (5/ 500)، وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (80)، وَالتَّوْضِيْحِ (9/ 64).
130 -
وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبي الفَهْمِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَلَامَةَ الحَرَّانِيُّ، مِنْ ذَوِيْ قَرَابَةِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ عَبْدِ القَاهِرِ (ت: 634 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ =
117 - الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ
(1)
بنِ الحُسَيْنِ الرَّاذَانِيُّ الأَوَانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ الوَاعِظُ، أَبُو عَلِيٍّ الزَّاهِدُ، ابنُ
(2)
الزَّاهِدِ أَبِي عَبْدِ اللهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِيْهِ.
وُلِدَ أَبُو عَلِيٍّ بِـ "أَوَانَا"، وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَابْنِ
(3)
بَيَانِ وَابْنِ شِهَابٍ، وَابنِ خُشَيْشٍ، وَمِنَ الحَافِظ ابنِ نَاصِرٍ، وَلَازَمَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ. وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي سَعْدٍ المُخَرِّمِيِّ، وَوَعَظَ، وَتَقَدَّمَ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ ابنُ الزَّاغُوْنِيِّ أَخَذَ حَلْقَتَهُ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ فِي النَّظَرِ وَالوَعْظِ، وَطَلَبَهَا ابنُ الجَوْزِيِّ فَلَمْ يُعْطَهَا لِصِغَرِ سِنِّهِ. سَمِعَ مِنْهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ وَقَالَ: وَاعِظٌ حَسَنُ السِّيْرَةِ،
= وَعَبْدِ الرَّحِيْمِ لَهُ أَخْبَارٌ فِي مُعْجَمِ الأَلْقَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (5/ 621).
131 -
وَعَبْدُ اللهِ بنِ عَلِيُّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو البَرَكَاتِ النَّهْرِيُّ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (1/ 436) عَنِ ابنِ شَافِعٍ، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في "المُشْتَبَهِ" يُرَاجَعُ: التَّوْضِيْح (1/ 621). وَالتَّبْصِيْر (1/ 174)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (489 هـ) كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ هُنَاكَ:"عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ" فَلْيُرَاجَعْ.
(1)
117 - أَبُو عَليٍّ الرَّاذَانِيُّ (؟ - 546 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 334)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 142)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 257). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 146)، وَالأَنْسَابُ (6/ 37)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 143) (6/ 236). وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ المُؤلِّفِ لِوَالِدِه في وَفَيَاتِ سَنَةِ (494 هـ). وَذَكَرْتُ في الهَامِشِ نِسْبَتَهُ "الرَّاذَانِيَّ" وَسَيَأْتِيْ ذِكْرُ وَلَدِهِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بن مُحَمَّدِ (ت: 587 هـ)، في اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّفِ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
ساقط من (ب).
(3)
في (ط): "من .. ".
مُتَوَدِّدٌ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو الحَسَنِ بنُ عَبْدُوْسَ الحَرَّانِيُّ الفَقِيْهُ
(1)
"جُزْءًا" فِيْهِ أَجْوِبَةٌ عَنْ مَسَائِلَ وَرَدَتْ مِنْ "المَوْصِلِ" تَتَضَمَّنُ عِدَّةَ مَسَائِلَ مِنْ أُصُوْلِ الدِّيْنِ، أَجَابَ عَنْهَا فِي كُرَّاسٍ بِجَوَابٍ حَسَنٍ، مُوَافِقٍ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الحَدِيْثِ. وَذَكَرَ عَبْدُ المُغِيْثِ الحَرْبِيُّ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِهِ فُتْيًا مِنْ فَتَاوِيْهِ فِي تَحْرِيْمِ السَّمَاعِ.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ رَابِعَ صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ إِلَى جَانِبِ ابنِ سَمْعُوْنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكَانَ مَوْتُهُ فَجْأَةٍ؛ فَإِنَّهُ دَخَلَ إِلَى بَيْتِهِ لِيَتَوَضَّأَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، فَقَاءَ فَمَاتَ. وَكَانَ قَدْ تزَوَّجَ وَعَزَمَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَلَى الدُّخُولِ بِزَوْجَتِهِ، وَفِي "تَارِيْخِ ابنِ السَّمْعَانِيِّ" وَابْنِ شَافِعٍ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَادِسَ صَفَرٍ.
118 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ
(2)
بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الحَلْوَانِيُّ، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَتْحِ،
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَبِيْهِ. وُلِدَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ.
(1)
عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَمَّارٍ بنِ عَبْدُوْسٍ الحَرَّانِيُّ (ت: 559 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(2)
118 - أَبُو مُحَمَّدٍ الحَلْوَانِيُّ (؟ - 546 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 143)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 258). وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابنُ مُفْلِحٍ فِي "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ. وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 146)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 417) فِي تَرْجَمَةِ وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ وَطَبَقَاتُ المُفَسِّرِيْنِ (1/ 374)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 144) (6/ 237) وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ (ت: 505 هـ) في مَوْضِعِهِ كَمَا سَبَقَ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ نِسْبَتَهُ. وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بن مُحَمَّدٍ (ت: 614 هـ) ذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ، ولَمْ يَذْكُرْهُ المُؤلِّفُ، نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِيْهِ، وَأَبِي الخَطَّابِ، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ وَأُصُوْلِهِ، وَنَاظَرَ، وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ فِي الفِقْهِ وَالأُصُوْلِ، مِنْهَا: كِتَابُ "التَّبْصِرَةِ" فِي الفِقْهِ، كِتَابُ "الهِدَايَةِ" فِي أُصُوْلِ الفِقْهِ. رَأَيْتُ بِخَطِّهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ "تَعْلِيْقَةٌ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ" كَبِيْرَةٌ، وَلَهُ "تَفْسِيْرُ القُرْآنِ" فِي إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ جُزْءًا حَدَّثَ بِهِ
(1)
. وَرَوَى عَنْ أَبِيْهِ، وَعَلِيِّ بنِ أَيُّوْبَ البَزَّارِ، وَالمُبَارَكِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَالحُسَيْنِ الخَلَّالِ، وَأَبِي نَصْرِ بنِ وَدْعَانَ، وَغَيْرِهِمْ. سَمِعَ مِنه يحْيَى [بنُ طَاهِرِ بنِ النَّجَّارِ الوَاعِظُ]
(2)
، وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابنُ شَافِعٍ: كَانَ فَقِيْهًا فِي المَذْهَبِ، يُفْتِي، وَيَنْتَفِعُ بِهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ مَحِلَّتِهِ. وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ مَوْصُوفًا بِالخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَالفَضْلِ. وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ يَتَّجِرُ فِي الخَلِّ، وَيَنْتَفِعُ بهِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا.
وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ سَلْخَ رَبِيْعِ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَصَلَّى عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ بِالمُصَلَّى القَدِيْمِ بِـ "الحَلْبَةِ"
(3)
وَدُفِنَ بِدَارِهِ بِـ "المَأْمُوْنِيَّةِ". وَذَكَرَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي "التَّكْمِلَةِ" فِي تَرْجَمَةِ وَلَدِهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَلْوَانِيِّ المُتَوَفَّى سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ بِإِفَادَةِ وَالِدِهِ هَذَا مِنْ أَبِي
(4)
المَعَالِي بنِ السَّمِيْنِ وَغيْرِهِ. قَالَ: وَوَالِدُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، كَانَ مِنْ شُيُوخِ الحَنَابِلَةِ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِالفِقْهِ وَالتَّفْسِيْرِ،
(1)
وَلَهُ كِتَابُ "المُنْجِيَاتِ وَالمُقَرِّبَاتِ" فِي مَكْتَبَةِ الحَرَمِ النَّبَوِيِّ رَقَم (4060) فِي (17) وَرَقَةٍ.
(2)
ساقط من (أ).
(3)
في (ط): "الجلبة". وَ"الحَلْبَةُ" حَيٌّ مَعْرُوْفٌ آنذَاكَ بِـ "بَغْدَادَ" فِيْهِ مَقْبَرَةٌ مَشْهُوْرَةٌ.
(4)
في (ط): "ابن". وَهُوَ أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ (ت: 549 هـ).
وَحَدَّثَ. قَالَ: "وَالحَلْوَانِيُّ
(1)
" - بِفَتْحِ الحَاءِ المُهْمَلَةِ وَسُكُوْنِ اللَّامِ - وَهَذِهِ النِّسْبَةِ إِلَى بَيْعِ الحَلْوَاءِ أَوْ عَمَلِهَا.
قُلْتُ: المَعْرُوْفُ أَنَّهُ بِضَمِّ الحَاءِ، وَمَا أَظُنُّهُ مَنْسُوْبًا إِلَّا إِلَى "حُلْوَانَ"
(2)
(1)
في التَّكْمِلَةِ: "الحَلْوَائِي". أقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: وَيَجُوْزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى بَيْعِ الحَلْوَاءِ: حَلْوَائِيُّ وَحَلْوَانِيُّ، فَمَنْ سَهَّلَ الهَمْزَةَ عَوَّضَ النُّوْنَ، وَيَجُوْزُ لَهُ تَخْفِيْفُ يَاءِ النَّسَبِ عَلَى قِيَاسِ "بَهْرَانِيْ" نِسْبَةَ إلى "بَهْرَاءَ" قَبِيْلَةٍ مَعْرُوْفَةٍ، وَصَنْعَانِيْ نِسْبَةً إِلَى "صَنْعَاءَ" البَلَدِ المَعْرُوْفِ أَيْضًا.
(2)
مُعْجَمُ مَا اسْتَعْجَمَ (1/ 463)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 334).
يُذْكَرُ هُنَا فِي وَفَيَاتِ سنة (546 هـ):
132 -
الحَسَنُ بنُ مِسْمَارٍ، أَبُو عَلِيٍّ الهِلَالِيُّ، وَاقِفُ المَدْرَسَةِ المِسْمَارِيَّةِ بِـ "دِمَشْقَ".
أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ دِمَشْق (13/ 393) وَفِيْهِ: "الحَسَنُ بنُ مُسْتَمَاد"، وَالدَّارِسِ (2/ 89). قَالَ الحَافِظُ ابنُ عَسَاكِرٍ:"كَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَهْلِ "حَوْرَانَ" وَحَفَظَ أَبُو عَلِيٍّ القُرْآنَ، وَقَرَأَ بِعِدَّةِ رِوَايَاتٍ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ طَاوُسَ. وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" فِي تِجَارَةٍ، وَقَرَأَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدِ ابنِ بِنْتِ الشَّيْخِ. وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ. وَكَانَ يُصَلِّي بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" فِي حَلْقَةِ الحَنَابِلَةِ صَلاة التَّرَاوِيْحِ. . .".
وَيُذْكرُ هُنَا:
- وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَرَّاء أَبو الفرج، ابنُ أبي خَازِمٍ القَاضِي، أَخِي صَاحِبِ الطَّبَقَاتِ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في تَرْجَمَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ، وَهَذَا مَوضِعُهُ. يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (2/ 756) وَالأَنْسَابُ (9/ 247)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَارِ (4/ 84)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (250).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وَفَيَاتِ سنة (547 هـ):
133 -
وسُفْيَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي عَمْرٍو عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مَنْدَه العَبْدِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ من =
البَلَدِ المَعْرُوْفِ بِـ "العِرَاقِ".
119 - مَحْمُودُ بنُ الحُسَيْنِ
(1)
بنِ بُنْدَارٍ، أَبُو نُجَيْحٍ بنُ أَبِي المُرَجَّى بنِ أَبِي الطَّيِّبِ الأَصْبَهَانِيُّ، الطَّلْحِيُّ، الوَاعِظُ، المُحَدِّثُ.
سَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ، وَطَلَبَ بِنَفْسِهِ، وَقَرَأَ، سَمِعَ بِـ "أَصْبَهَانَ" كَثِيْرًا مِنْ يَحْيَى بنِ مَنْدَه الحَافِظِ، وَمِنْ أَبِي الفَتْحِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الحَدَّادِ. وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ بِهَا مِنْ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَالقَاضِيْ أَبِي الحُسَيْنِ وَالطَّبَقَةِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا، وَخَطُّهُ
= بَيْتِ العِلْمِ وَالْفَضْلِ. أَخْبَارُهُ فِي: مُعْجَمِ ابنِ عَسَاكِرٍ (1/ 394)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (3/ 17)"ذَكَرَهُ عَرَضًا" سَمِعَ مِنْهُ، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (271).
ومِنْهُمْ:
134 -
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بن سَلْمِ بنِ العَبَّاسِ الخَصِيْبِ التَّمِيْمِيُّ الأَزَجِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَاريخ الإسلام (279) وَقَالَ:"سَمِعَ رِزْقَ اللهِ التَّمِيْمِيَّ وَطَلْحَةَ النَّعَّاليَّ، وَعَنْهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ العَاقُوْلِيُّ، وهو عَمُّ الخَصِيْبِ بنِ المُؤَمَّلِ". أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: لَمْ يَرِدْ في "المُنْتَخَبِ" من مُعْجَمِ السَّمْعَانِيِّ" وَلَا في "التَّحْبِيْرِ" لَهُ. وَالخَصِيْبُ بنُ المُؤَمَّلِ (ت: 541 هـ) وَوُصِفَ بِأَنَّهُ كَانَ شِيْعِيًّا غَالِيًا؟!
(1)
119 - أَبُو نُجَيْحٍ الطَّلْحِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ (471 - 548 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 44)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 147)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 260). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (2/ 1107)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (339)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 151) (6/ 250) وَعَدَّهُ السُّبْكِيُّ شَافعيًا فَتَرْجَمَ لَهُ في الطَّبقات الكُبْرَى (7/ 286). وَفِيْهِ:"مَحْمُوْدُ بنُ الحَسَنِ" وَالطَّلْحِيُّ: نِسْبَةٌ إِلَى الصَّحَابِيِّ الجَلِيْلِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ القُرَشِيُّ، رضي الله عنه.
حَسَنٌ مُتْقَنٌ، وَوَعَظَ، وَقَالَ الشِّعْرَ. وَسَمِعَ مِنْهُ يَحْيَى بنُ سَعْدُوْنَ القُرْطُبِيُّ
(1)
، حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مَكِّي [الأَصْبَهَانِي بِهَا]
(2)
وَغَيْرُهُ. وَأَجَازَ لِلْشَّيْخِ عَبْدِ المُغِيْثِ بنِ
(3)
زُهَيْرٍ وَأَوْلَادِهِ، وَلِأَبِي المَعَالِي بنِ شَافِعٍ وَغَيْرِهِمَا. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، أَظُنُّهُ بِـ "أَصْبَهَانَ"، رحمه الله.
قَرَأْتُ بِخَطِّهِ فِي الإِجَازَةِ [إِنْ شَاءُوا]
(4)
فَلْيَرْوُوا عَنِّي بِلَفْظَةِ التَّحْدِيْثِ، وإنْ أَرَادُوا بِلَفْظَةِ الإِخْبَارِ.
قُلْتُ: وَهَذَا وَإِنِ اشْتُهِرَ عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ إِنْكَارُهُ، كَمَا أَنْكَرَهُ الخَطِيْبُ عَلَى أَبي نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيِّ، لكِنْ هُوَ قَوْلُ طَوَائِفَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه (أَنَا) أَبُو الفَتْحِ
(5)
المَيْدُوْمِيُّ بـ "مِصْرَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ (ثَنَا) أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى
(1)
هُوَ يَحْيَى بنُ مُحمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدِ بنِ سَعْدُوْنَ بنِ زَيْدُوْنَ، أَبُو بَكْرٍ القَهْرَمِيُّ القُرْطُبِيُّ (ت: 556 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (215).
(2)
في (ط): "مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ" وَمَا أَثْبَتُّهُ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَكِّيِّ أَبُو طَاهِرٍ الأَصْبَهانيُّ الطَّرَازِيُّ (ت: 549 هـ) قَالَ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ في الأنْسَابِ (8/ 224) يُعْرَفُ بِـ "ابنِ هَاجَرَ""قَرَأتُ عَلَيْهِ "مَعْرِفَةَ الصَّحَابَةِ لابنِ مَنْدَه". يُرَاجَعُ أَخْبَارُهُ فِي المُنْتَخَبِ مِنْ شُيُوخِ السَّمْعَانِيِّ (3/ 1349)، وَالتَّحْبِيْرِ لَهُ (2/ 52)، وَمُعْجَمِ ابنِ عَسَاكِرٍ (2/ 885)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (374).
(3)
ساقط من (ط).
(4)
ساقط من (ط).
(5)
في (ط): "أَبُو الفُتُوح".
الخَازِنُ مِنْ لَفْظِهِ بِـ "بَغْدَادَ"، (ثَنَا) أَبُو الكَرَمِ المُبَارَكُ بنُ الحَسَنِ الشَّهْرَزُوْرِيُّ إِمْلَاءً، قَالَ: سَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا مُحَمَّدٍ رِزْقَ اللهِ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ التَّمِيْمِيَّ يَقُوْلُ: (ثَنِي) عَمِّي أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمِيْمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ غُلَامَ الخَلَّالِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الخَلَّالَ يَقُوْلُ: قَالَ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه لِوَلَدِهِ صَالِحٍ: إِذَا أَجَزْتُ لَكَ شَيْئًا فَلَا تُبَالِي قُلْتَ: (أَنَا) أَوْ (ثَنَا).
وَرَوَى الخَطِيْبُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي اليَمَانِ الحَكَمِ بنِ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَيْفَ سَمِعْتَ الكُتُبَ مِنْ شُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ بَعْضًا، وَبَعْضًا قَرَأَهُ عَلَيَّ، وَبَعْضًا أَجَازَ لِي، وَبَعْضًا مُنَاوَلَةً. فَقَالَ أَحْمَدُ: قُلْ فِي كُلٍّ (أَنَا) شُعَيْبٌ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا المَذْهَبُ عَنْ مَالِكٍ، وَالحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنَ، وَذَكَرَهُ ابنُ الصَّلَاحِ فِي كِتَابِهِ
(1)
عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ، وَحَكَاهُ ابنُ شَاهِيْنِ
(2)
عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ العُلَمَاءِ.
(1)
عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عُثْمَانَ، تَقِيُّ الدِّين أَبُو عَمْرٍو (643 هـ) إِمَامٌ، مُحَدِّثٌ، مَشْهُورٌ، صَاحِبُ المُقَدِّمةِ المَشْهُوْرَةِ فِي عُلُوْمِ الحَدِيْثِ المَنْسُوْبَةِ إِلَيْهِ "مُقَدِّمة ابن الصَّلَاحِ" وَتُعْرَفُ أَيْضًا بِـ "عُلُوْمِ الحَدِيْثِ" مَطْبُوعَة عِدَّة طَبَعَات آخِرُهَا حَتَّى الآن بتَحْقِيْق عَائِشَة عَبْدُ الرَّحْمَن سَنَة (1394 هـ) فِي الهَيْئَةِ المصْرِيَّة العَامَّة للكِتَابِ، وَللمُقَدِّمَةِ عِدَّةُ شُرُوْحٍ. أَخْبَارُ ابنِ الصَّلَاحِ في: وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (3/ 243)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (1430)، ومِرْآةُ الزَّمَانِ (757)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 221).
(2)
الإمَامُ المُحَدِّثُ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ، أَبُو حَفْصٍ (ت: 385 هـ). أَخْبَارُهُ في: تَارِيْخِ بَغْدَادَ (11/ 265)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (16/ 431)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (11/ 316)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 588).
وَذَكَرَ السِّلَفِيُّ فِي "مُقَدِّمَتِهِ لإِمْلَاءِ الاسْتِذْكَارِ": أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي عُمَرَ بنِ عَبْدِ البَرِّ
(1)
وَعَامَّةِ حُفَّاظِ الأَنْدَلُسِ الجَوَازُ فِيْمَا يُجَازُ قَوْلُ (ثَنَا) وَ (أَنَا)، أَوْ مَا شَاءَ المُجَازُ مِمَّا يَقْرُبُ مِنْهُ. قَالَ: بِخِلَافِ مَا نَحْنُ وَأَهْلُ المَشْرِقِ عَلَيْهِ مِنْ إِظْهَارِ السَّمَاعِ وَالإِجَازَةِ، وَتَمْيِيْزِ أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ بِلَفْظٍ لَا إِشْكَالَ فِيْهِ.
وَقَدْ صَنَّفَ بَعْضُ المُحَدِّثِيْنَ المُتَأَخِّرِيْنَ فِي جَوَازِ إِطْلَاقِ: "حَدَّثَنَا" وَ"أَخْبَرَنَا" فِي الإِجَازَةِ "جُزْءًا".
120 - حَمْدُ
(2)
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(3)
بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَجَا بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ الأَزَجِيُّ، القَاضِي، أَبُو عَلِيِّ بنُ شَاتِيْلٍ.
سَمِعَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيِّ، وَنَصْرِ بنِ البَطِرِ، وَابْنِ طَلْحَةَ النَّعَّالِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ سَوْسَنٍ، وَشَيْخِ الإِسْلَامِ الهَكَّارِيِّ - وَسَمِعَ مِنْهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، كَذَا ذَكَرَهُ القَطِيْعِيُّ. وَفِيْهِ نَظَرٌ - وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ، وَوَلِيَ القَضَاءَ
(1)
حَافِظُ الأنْدَلُسِ الإِمامُ المَشْهُوْرُ يُوْسُفُ بنُ عبد اللهِ، أَبُو عُمَرَ النَّمَرِيُّ (ت: 463 هـ).
(2)
في (ط): "أحمد" مخالفٌ للأُصُوْلِ كُلِّهَا.
(3)
120 - القَاضِي أَبُو علِيٍّ بنُ شَاتِيْلٍ: (؟ - 548 هـ).
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ: ورقة (23) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 126)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 148)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرُّ المُنَضَّدِ"(1/ 260) وَفِيْهَا جَمِيْعًا "أَحْمَدُ"، وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرِ (304)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (559) ذَكَرَهُ فِي المُتَوَفِّيْنَ في عَشْرِ الأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائة ظَنًّا لَا يَقِيْنًا، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (15813)، وَالشَّذرَاتُ (4/ 147)(6/ 244).
بِرُبْعِ "سُوْقِ الثُّلَاثَاءِ"
(1)
مُدَّةً ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ "المَدَائِنِ"
(2)
.
ذَكَرَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ، فَقَالَ: أَحَدُ فُقَهَاءِ الحَنَابِلَةِ وَقُضَاتُهُمْ، قَالَ: وَكَتَبْتُ عَنْهُ يَسِيْرًا. وَذَكَرَ ابنُ القَطِيْعِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ": أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ. ثُمَّ رَوَى عَنْ أَبِي إِسْحَقِ الصَّقَّالِ
(3)
الفَقِيْهِ عَنْهُ. وَذَكَرَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ سَابِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
121 - أَحْمَدُ بن أَبِي غَالِبِ
(4)
بنِ الطَّلَّايَةِ الحَرْبِيُّ، الزَّاهِدُ، أَبُو العَبَّاسِ الوَرَّاقُ
(1)
سُوْقُ الثُّلاثَاءِ مِنْ مَحَالِّ "بَغْدَادَ".
(2)
المَدَائِنُ: عَاصِمَةُ الفُرْسِ، لَكِنَّهَا بَعْدَ أَنْ تَوَسَّعَتْ "بَغْدَادُ" اضْمَحَلَّتْ وَذَهَبَتْ أَهَمِيتُها. قَالَ يَاقُوْتٌ:"فَأَمَّا فِي وَقْتِنَا هَذَا فَالمُسَمَّى بِهَذا الاسم بُلَيْدَةٌ شَبِيْهَةٌ بِالقَرْيَةِ بينها وبَيْنَ "بَغْدَادَ" سِتَّةُ فَرَاسِخ. . ." مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 89). أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: تُعْرَفُ الآنَ بِـ "سَلْمَان بَاك". تَبْعُدُ عَنْ "بَغْدَادَ" بِمَا يَقْرُبُ مِنْ أَرْبَعِيْنَ كِيْلًا شَرْقِيِّهَا.
(3)
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الطَّيْبِيُّ (599 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(4)
122 - أبُو العَبَّاسِ بنُ الطَّلَّايَةِ (بعد 460 - 548 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ (640)، وَمُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ الله (ورقة: 23)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 152)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 149)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 260). ويُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (8/ 37)، المُنْتَظَمُ (10/ 153)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 190)، وَمرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 131)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 260)، وَالعِبَرُ (4/ 129)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 64)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (225)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (163)، وَالمُسْتَفَادُ مِن ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (166)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 286)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 277)، =
وُلِدَ بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ. وَسَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيِّ جُزْءًا مِنْ "حَدِيْثِ المُخَلِّصِ" وَاشْتُهِرَ بِهِ
(1)
وَسَمِعَهُ مِنْهُ خَلْقٌ،
= وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (5/ 304) وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 145)(6/ 241).
(ابنُ الطَّلَّايَةِ) بِاليَاءِ آخِر الحُرُوْفِ. قَالَ الصَّفَدِيُّ في "الوَافِي بالوَفَيَاتِ": كَانَتْ وَالِدَتُهُ تَطْلَى الوَرَقَ بِالدَّقِيْقِ المَعْجُوْنِ بِالمَاءِ رَقِيقًا قَبْلَ صَقْلِهِ، وَكَانَ اسْمُ أَبِيْهِ مُحَمَّدًا، وَلَا يَشْتَهِي أَنْ يُقَالَ عَنْهُ إِلَّا ابنُ أَبِي غَالِبٍ. وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"عُرِفَ بِـ "ابنِ الطَّلَّايَةِ الكَاغِدِيِّ البَغْدَادِيِّ" وَرُبَّمَا لُقِّبَ بِـ "العَتَّابِيِّ" نِسْبَةً إِلَى "العَتَّابِيْنَ" مَحِلَّةٌ بِأَعْلَى غَرْبِ "بَغْدَاد" كَمَا فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (2/ 274)، وَ (الحَرْبِيُّ) نِسْبَةٌ مَشْهُوْرَةٌ إِلَى حَيٍّ كَبِيرٍ بِـ "بَغْدَادَ" اسْمُهُ "الحَرْبِيَّةُ" سَبَقَ التَّعْرِيْفُ بِهِ في "الطَّبَقَات" (1/ 218) في تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ (ت: 298 هـ) صَاحِبَ الإِمَامِ أَحْمَدَ.
- وَتَرْجَمَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 146) لأَبِي غَالِبٍ غَالِبِ بنِ أَبِي أَسْعَدَ بنِ غَالِبِ بنِ أَحْمَدَ بنِ غَالِبٍ البَغْدَادِيُّ الحَرْبِيُّ الغَزَّالُ (ت: 622) هَلْ هُوَ حَفِيْدُهُ؟
- وَتَرْجَمَ ابنُ الدُّبيثي فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (المُخْتَصَر المُحْتَاج إِلَيْهِ): (1/ 200)، (3/ 173) وَالحافِظُ المُنْذِرِيُّ في التَّكْمِلَةِ (2/ 365، 3/ 170) لأبي العبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبي القَاسِمِ المُبَارَكِ بنِ عَلِيِّ بن أبي الجُوْدِ، البَغْدَادِيِّ، العتَّابِيِّ، الوَرَّاقِ (ت: 613 هـ) وَلأَخِيْهِ المُبَارَكُ (ت: 623 هـ) قَال المُنْذريُّ: "وَهُمْ نُسَبَاءُ أَبِي العَبَّاسِ بنِ الطَّلايَّةِ" وَفي "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إليه"، أَنَّ ابنَ الطَّلَّايَةِ كَانَ خَالَ أَبِيْهِمَا، وَلَهُمَا ذِكْرٌ، وَرِوَايَةٌ، وَأَخْبَارٌ، وَهُمَا مُتَرْجَمَانِ في "مُعْجَمِ الأَبْرَقُوْهِيِّ" وَغَيْرِهِ نَذْكُرْهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
اشْتُهِرَ هَذَا المَجْمُوْعُ عِنْدَ المُحَدِّثين بِـ "المُخَلِّصِيَّاتِ" مَنْسُوْبٌ إِلَى المُحَدِّثِ المُعَمَّرِ أَبِي طَاهِرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ العَبَّاسِ البَغْدَادِيِّ (ت: 393 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ بَغْدَادَ (2/ 322)، وَالمُنْتَظَمِ (7/ 225)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2303)، وَسِيَرِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَعْلامِ النُّبَلاءِ (16/ 478) وَرُبَّمَا عُرِفَ بـ "حَدِيْثِ أَبِي طَاهِرٍ .. " أَوْ "فَوائد المُخَلِّص". وَفِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بِدِمَشْقَ مِنْهُ نُسْخَةٌ كُتِبَتْ سَنَةَ: (518 هـ) وَانْتَقَى ابنُ البَقَّال فَوَائِدَ عُرِفَتْ بِـ "الفَوَائِدِ المُنْتَقَاتِ الغَرَائِبِ الحِسَانِ" وَابْنُ البَقَّال هَذا اسمُهُ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ أَبُو بَكْرٍ الوَرَّاقُ (ت: 399 هـ) كَمَا فِي تَارِيْخِ بَغْدَادَ (4/ 293) وَلِجُزْئِهِ المُنْتَقَى هَذا نُسَخٌ مِنْهَا في تَشْتَرْبِيْتِي رَقَم: (3495) مُصَوَّرَتُهَا في مَكْتَبَةِ جَامِعَةِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُوْدٍ الإِسْلاميَّةِ في الرِّيَاضِ، وَفِي مَكْتَبَةِ فَيْضِ اللهِ بِتُرْكِيَا، وَالمَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّة. وفِيها أَيْضًا الجُزْءُ التَّاسِعُ الَّذِي انْتَقَاهُ ابنُ الطَّلَّايَةِ وَنُسِبَ إِلَيْهِ. وَعَلَى النُّسْخَةِ الظَّاهِرِيَّةِ قِرَاءَاتٌ مُهمَّةٌ، وَهُوَ الَّذِي يَعْنِيْهِ المُؤَلِّفُ هُنَا.
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ أَبُو القَاسِمِ الأَنْمَاطِيُّ البَغْدَادِيُّ العَتَّابِيُّ، ابنُ أُخْتِ السُّكَّرِيَّ (ت: 471 هـ) أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ بَغْدَادَ (10/ 469)، وَالمُنْتَظَمِ (3218)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (18/ 395)، وَذَكَرُوا فِي الرُّواةِ عَنْهُ ابنَ الطَّلَّايَةِ قَالَ الحَافِظُ الخَطِيْبُ:"كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ سَمَاعُهُ صَحِيْحًا" وَمَاتَ الخَطِيْبُ قَبْلَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ فِي مَسْجِدِهِ فِي "العَتَّابِيْنَ" وَسَأَلَهُ: هَلْ سَمِعْتَ شَيْئًا؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ مِن أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيِّ. قَالَ ابنُ السَّمْعَانِيِّ: وَما ظَفِرْنَا بِسَمَاعِهِ، لكِنْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ "الرَّدَّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ" لأَبي عَبْدِ اللهِ نِفْطَوَيْهِ. سَمِعَهُ مِنْ شَيْخٍ مُتَأَخِّرٍ يُقَالُ لَه: أَبُو العَبَّاسِ بنُ قُرَيْشٍ، وَحَضَرَ سَمَاعَهُ مَعَنَا شَيْخُنَا أَبُو القَاسِمِ السَّمَرقَنْدِيُّ.
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الجُزْءَ الَّذِي قَالَ: إِنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ العَزِيْز الأَنْمَاطِيِّ وَهُوَ التَّاسِعُ مِن: "المُخَلِّصَيَّاتِ" تَخْرِيْجُ ابنِ البَقَّالِ، جَمَاعَةٌ - وظَهَرَ سَمَاعُهُ - بِأَخَرَةٍ - خَلْقٌ مِنْهُمْ: يُوْنُسُ بنُ يَحْيَى الهَاشِميُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ هِلَالِ بنِ العَرَبِيِّ، وَشُجَاعُ بنُ سَالِمٍ البَيْطَارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ البَلِّ الدُّوْرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ المُبَارَكِ بن كَمُّوْنَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَنْصُوْرِيُّ، وَرَيْحَانُ بنُ تيكان الضَّرِيْرُ، وَمظَفَّرُ بنُ أَبِي يَعْلَى بنِ مَجْشَوَيْهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي سَعْدِ بنِ نَمِيْرَةَ، وَعبْدُ اللهِ بنُ مَحَاسِنِ بنِ أَبِي شَرِيْكٍ، =
فَنُسِبَ الجُزْءِ إِلَيْهِ، وَقَدْ سَمِعْنَاهُ. ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالعِبَادَةِ، وَلَازَمَ المَسْجِدَ يَتَعَبَّدُ فِيْهِ لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى انْطَوَى مِنْ كَثْرَةِ التَّعَبُّدِ، فَكَانَ رَأْسَهُ إِذَا قَامَ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ
(1)
.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو الحَسَنِ بنُ غَرِيْبَةَ
(2)
، قَالَ: جَاءَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: سَلْ لِي فُلَانًا فِي كَذَا، فَقَالَ أَحْمَدُ: قُمْ مَعِي فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَاسْأَلِ اللهَ تَعَالَى؛ فَإِنِّي لَا أَتْرُكُ بَابًا مَفْتُوْحًا وَأَقْصِدُ بَابًا مُغْلَقًا
(3)
.
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ حَادِيَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ ابنِ سَمْعُونَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ".
= وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّيَّادُ، وَعَبْدُ السَّلَامِ بنُ المُبَارك البَرْدَغُولِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ صِرْمَا. وَآخرُ مَنْ رَوَى عنهُ المُبَارَكُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبي الجُوْدِ، شَيْخُ الأَبَرْقُوْهِيِّ".
(1)
قَالَ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ: "شَيْخٌ كَبِيرٌ، أَفْنَى عُمُرَهُ في العِبَادَةِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَالصَّوَامِ علَى الدَّوَامِ، وَلَعَلَّهُ مَا صَرَفَ سَاعَةً مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي العِبَادَةِ رضي الله عنه، وَانْحَنَى حَتَّى بَقِيَ لا يَتَبَيَّن قِيَامَهُ مِنْ رُكُوْعِهِ إِلَّا بِيَسِيْرٍ.
(2)
عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ بنِ أَبِي الفَضْلِ المُحَوَّلِيُّ (ت: 578 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ بنُ الجَوْزِيِّ: "سَمِعْتُ مَشَايِخَ الحَرْبِيَّةِ يَحْكُوْنَ عَنْ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ أَنَّ السُّلْطَانَ مَسْعُوْدًا لَمَّا دَخَلَ "بَغْدَادَ" كَانَ يُحِبُّ زِيَارَةَ العُلَمَاءِ وَالصَّالِحِيْنَ، فَالْتَمَسَ حُضُوْرَ ابنِ الطَّلَّايَةِ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِرَسُوْلِه: أَنَا مُنْذُ سِنِيْنَ فِي هَذَا المَسْجِدِ أنْتَظِرُ دَاعِيَ اللهِ فِي النَّهَارِ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَعَادَ الرَّسُوْلُ، فَقَالَ السُّلْطَانُ: أَنَا أَوْلَى بِالمَشْيِ إِلَيْهِ، فَزَارَهُ مِنَ الغَدِ، فَرَآهُ يُصَلِّي الضُّحَى، وَكَانَ يُصَلِّيْهَا بِثَمَانِيَةِ أَجْزَاءَ، فَصَلَّى مَعَهُ بَعْضَهَا، فَقَالَ الخَادِمُ: السُّلْطَانُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِكَ، فَقَالَ: وَأَيْنَ مَسْعُوْدٌ؟ قَالَ: هَا أَنا، قَالَ: يَا مَسْعُوْدُ اِعْدِلْ، وَادْعُ لِي، اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، فَبَكَى السُّلْطَانُ وَرَقَمَ بِخَطِّهِ بِإِزَالَة المُكُوْسُ وَالضَّرَائِبِ، وَتَابَ تَوْبَةً صَادِقَةً".
(أَنَا) أَبُو الفَتْحِ المَيْدُوْمِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ (أَنَا) القَاضِي أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ المَلِكِ بنِ أَبِي عَلِيٍّ المُبَارَكِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ الحَرِيْمِيُّ - وَيُعْرَفُ بـ "ابنِ القَاضِي" وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ تَرْجَمَتِهِ فِي هَذَا الكِتَابِ
(1)
- (أَنَا) أَبُو العَبَّاسِ بنُ الطَّلَّايَةِ (أَنَا) أَبُو القَاسِمِ الأَنْمَاطِيُّ (أَنَا) أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصُ (ثَنَا) يَحْيَى بنُ صَاعِدٍ (ثَنَا) زِيَادُ بنُ يَحْيَى (ثَنَا) مَالِكُ بنُ سَعِيْدٍ (ثَنَا) الأَعْمشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ عَوْرَةً سَتَرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"
(2)
(1)
رَقَم (106) وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَتِهِ هُنَاكَ أَنَّ لَهُ ذِكْرًا فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ الطَّلَّايَةِ.
(2)
هوَ جُزْءٌ مِنْ حَدِيْثٍ طَوِيْلٍ رَواهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنده (2/ 296)، وَمُسْلِمٌ رقم (2699) فِي (الذِّكْر وَالدُّعَاء)"بَاب فَضْلِ الاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ القُرْآنِ وَعَلَى الذِّكر" وَأَبُو دَاوُدَ رقم (4946) في (الأَدَبِ)، وَالتِّرْمِذِيُّ رقم (2946) ورقم (1931) وفي (الحُدُوْدِ)(1425) وابنُ مَاجَه رقم (255) من حَدِيْثِ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَأَوَله:"مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كَرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنه كُرْبَةَ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. . ." عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وفَيَاتِ سَنَةِ (548 هـ):
135 -
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ أَحْمَدَ بنِ إبْرَاهِيْمَ، أَبُو المُظَفَّرِ النَّرْسِيُّ، وَلِيَ الحِسْبَةَ بِـ "بَغْدَادَ" ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ "بَابِ الأَزَجِ" كَذَا ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (293).
136 -
وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، أَبُو الفَرَجِ البَغْدَادِيُّ مِن البَيْتِ اليُوْسُفِيِّ الكَبِيْرِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"شَيْخٌ، مُحَدِّثٌ، فَاضِلٌ، حَسَنُ الخَطِّ، كَثِيْرُ الضَّبْطِ، خَيِّرٌ، مُتَوَاضِعٌ، مُتَوَدِّدٌ، مُحْتَاطٌ فِي قِرَاءَةِ الحَدِيْثِ". وَقَالَ =
وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
122 - مُحَمَّدُ بنُ نَاصِرِ بنِ مُحَمَّدِ
(1)
بنِ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ السَّلَامِيُّ، الفَارِسِيُّ
= الحَافِظُ السِّلَفِيُّ: "كَانَ مِنْ أَعْيَانِ المُسْلِمِيْنَ فَضْلًا، وَدِيْنًا، وَمُرُوْءَةً، وَثَبْتًا، سَمِعَ مَعِي كَثِيْرًا، وَبِهِ كَانَ أُنْسِي بِـ "بَغْدَادَ" وَلَمَّا حَجَجْتُ أَوْدَعْتُ كُتُبِي عِنْدَهُ". أَخْبَاره في: المُنْتَظَمِ (10/ 145)، والتَّقْيِيْدِ لابنِ نُقْطَةَ (378)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 279)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1313)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 305)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 148).
137 -
وهِبَةُ الكَرِيْمِ بنُ خَلَفِ بنِ المُبَارَكِ بنِ البَطَرِ، أَبُو نَصْرِ بنِ الحَنْبَلِيِّ، البَغْدَادِيُّ البَيِّعُ .. سَمِعَ قَرِيْبَهُ أَبَا الخَطَّابِ [بنِ] البَطِرِ. أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: وَأَبُو الخَطَّابِ هَذَا حَنْبَلِيٌّ (ت: 494 هـ) سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ عَلَى المُؤَلِّفِ. أَخْبَارُ هِبَةِ اللهِ في: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (342)، وَعَدَّهُ السُّبْكِيُّ شَافِعِيًّا فَتَرْجَمَ لَهُ فِي الطَّبَقَاتِ (4/ 322)، وَنَصَّ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله عَلَى أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ.
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (549 هـ) أَحَدًا، وَفِيْهَا:
138 -
أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّمِيْنِ، أَبُو المَعَالِي البَغْدَادِيُّ الخَبَّازُ. وَهُوَ وَالِدُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 588 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي. أَخْبَارُهُ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (353)، وَلِسَانِ المِيْزَانِ (1/ 228).
139 -
وَعَليُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عُمَرَ البَغْدَادِيُّ الدَّبَّاسُ البَزَّازُ يُعْرَفُ بِـ "ابنِ البَاقِلَّانِيِّ، تَفَقَّهَ بِـ "ابنِ عَقِيْلٍ"، وَرَوَى عَنْهُ ابنُ الجَوْزِيِّ. أَخْبَارُهُ في: المُنْتَظَمِ (10/ 160)، وَذَيْلِ تَارِيخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 36) وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (370).
(1)
122 - الحَافِظُ ابنُ نَاصِرٍ السَّلَاميُّ (468 - 550 هـ):
مِنْ كِبَارِ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ بِـ "بَغْدَادَ" فِي زَمَنِهِ. أَخْبَارُهُ فِي: مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ (639)، وَمُختَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابن نَصْرِ اللهِ (ورقة: 23)، والمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 528)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 150)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 260). =
الأَصْلِ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الأَدِيبُ اللُّغَوِيُّ، الحَافِظُ، أَبُو الفَضْلِ بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ.
وُلِدَ لَيْلَةَ السَّبْتِ نِصْفِ شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ وَابْنِ السَّمْعَانِيِّ عَنْهُ. وَفِي "تَارِيخِ ابنِ النَّجَّارِ": لَيْلَةَ الخَمِيْسِ، وَكَانَ وَالِدُهُ شَابًّا، تُرْكِيًّا، مُحَدِّثًا، فَاضِلًا مِنْ أَصْحَابِ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيبِ الحَافِظِ، تُوُفِّيَ فِي شَبِيْبَتِهِ
(1)
وَمُحَمَّدُ جَدُّهُ اسْمُهُ "ابْتَغْدَى" وَأَبُو جَدِّهِ عَلِيٌّ اسْمُهُ "تَكِيْنَ المُضَافِرِيُّ" التُّرْكِيُّ الحُرُّ. وَتُوُفِّيَ نَاصِرٌ وَأَبُو الفَضْلِ هَذَا صَغِيْرٌ، فَكَفَلَهُ
= وَيُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (7/ 290)، وَمُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (2/ 1064) وَالمُنْتَظَمُ (10/ 162)، وَمَشْيَخَةُ ابنِ الجَوْزِيِّ (126)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 202)، وَاللُّبَابُ (2/ 161)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 138)، وإنْبَاهُ الرُّوَاة (3/ 222)، وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (4/ 293)، وَطَبَقَاتُ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ (4/ 63)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 67)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (164)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 265)، والمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (129)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (5/ 104)، وَتَلْخِيْصُ إِنْبَاهُ الرُّوَاة لابنِ مَكتُومٍ (ورقة: 234)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 233)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 296، 297)"كرَّره"، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (5/ 320)، وَطَبَقَاتُ الحُفَّاظِ (466) وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 155)(6/ 256).
(1)
وَالِدُهُ نَاصِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ أَبُو مَنْصُورٍ البَغْدَادِيُّ التُّرْكِيُّ الأَصْلِ (ت: 468 هـ) تَرْجَمَ لَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي المُنْتَظم (8/ 301)، والذَّهَبِيُّ فِي التَّارِيخ (274)، وابن كَثِيْرٍ في البِدَايَةِ والنِّهَاية (12/ 114). قَال الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"سَمِعَ الكَثيرَ مِن كُتُبِ اللُّغَةِ، وَسَمِعَ النَّاسُ بِقِرَاءَتِهِ الكَثِيْرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ يَرَى لَهُ، ويُقَدِّمُهُ عَلَى مَنْ حَضَرَ، وَيَأْمُرُهُ بِالقِرَاءَةِ، وَهُوَ الَّذِي قَرَأَ علَيْهِ "التَّارِيْخَ" لِلنَّاسِ، وَكَانَ ظَرِيْفًا صَبِيْحًا، مَلِيْحًا، حَيِيًّا، مَاتَ فِي الشَّبِيْبَةِ". وَوَفَاتُهُ بَعْدَ مَوْلِدِ ابْنِهِ الحَافِظِ بِعَامٍ. وَلَمْ أَسْتَدْرِكْهُ عَلَى المُؤلِّفِ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَنْبَلِيًّا، وَالمُنْتَقِلُ إِلى المَذهَبِ هُو ابنُهُ مُحَمَّدٌ كَمَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ.
جَدُّهُ لأُمِّهِ أَبُو حَكِيْمٍ الخَبْرِيُّ
(1)
الفَرَضِيُّ، فَأَسْمَعَهُ فِي صِغَرِهِ شَيْئًا مِنَ الحَدِيْثِ
(1)
في (ط): "الحيرى" خَطَأٌ، وَهُوَ الإِمَامُ العَلَّامَةُ الفَرَضِيُّ المَشْهُوْرُ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ، أَبُو حَكِيْمٍ الخَبْرِيُّ - بِفَتْحِ الخَاءِ المُعْجَمَةِ، وَسُكُوْنِ البَاءِ المُوَحَّدَةِ - الشَّافِعيُّ (ت: 476 هـ) من تَلَامِيذِ أَبِي إِسْحَقَ الشِّيْرَازِيِّ. مَنْسُوبٌ إِلَى "خَبْرَةَ" قَرْيَةٌ بِنَوَاحِي "شِيْرَازَ". أَخْبَارُهُ في: الإِكْمَالِ (3/ 51)، وَالأَنْسَابِ (5/ 39)، وَالمُنْتَظَمِ (9/ 99)، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (12/ 46)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (18/ 558)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 5) وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (3/ 203)، وَالشَّذَرَاتِ (3/ 353).
أُمُّه اسْمُهَا: رَابِعَةَ بِنْتُ أَبِي حَكِيْمٍ هَذَا، عَالِمَةٌ، فَاضِلَةٌ، لَها أَخْبَارٌ فِي "مِرْآةِ الزَّمَانِ" وَغَيْرِهِ، وَحَدَّثَ عنْهَا الحَافِظُ السِّلَفِيُّ فِي المَشْيَخَةِ البَغْدَادِيَّةِ (وَرَقَة: 37، 336)، وَأَكْثَرُ مِنْهَا شُهْرَةً وَعِلْمًا، أُختُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبي حَكِيْمٍ خَالَةُ ابنِ نَاصِرِ هَذَا، وَهِي أَصْغَرُ مِنْ أخْتِهَا "رَابِعَةَ"، قَالَ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ في الأَنْسَاب (5/ 39):"وَابْنَتُهُ الكُبْرَى رَابِعَةُ سَمِعَتْ أَبَا مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيَّ، رَوى عَنْهَا ابنُهَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ نَاصِرٍ .. الحَافِظُ". قَالَ: وَأُمُّ الخَيْرِ فَاطِمَةُ البِنْتُ الصُّغْرَى لأَبِي حَكِيْمٍ، سَمِعَتْ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ [بنِ] المُسْلِمَةِ المُعَدَّلَ، وَأَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ الفَضْلِ الكَاتِبَ
…
سَمِعْتُ مِنْهَا بِـ "بَغْدَادَ" فِي دَارِ ابنِ أُخْتِهَا ابنِ نَاصِرٍ الحَافِظِ، وَقَرَأْتُ عَليهَا أَكْثَرَ كِتَابِ "المُوَفَّقِيَّاتِ" للزُّبَيْرِ بنِ بَكَّارٍ، وَمَاتَتْ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ .. ".
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: لَم تُذْكَرْ في "المُنتخَبِ مِنْ مُعْجَمِ شُيُوْخِ أَبِي سَعْدٍ" وَلَا فِي "التَّحْبِيْرِ" لَهُ، وَسَمِعَ مِنْهَا ابنُ الجَوْزِيِّ، وَذَكَرَهَا في مَشْيَخَتِهِ (199)، وَالمُنْتَظَمِ (10/ 88)، وَلَهَا تَرْجَمَةٌ في ذَيْلِ تَارِيْخ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 356)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 1/ 175)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (355)
…
وَغَيْرِهَا. وَابنُ أُخْتِهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الفَرَجِ أَبُو المَعَالِي الدَّقَاقُ (ت: 564 هـ). وَأَخُوْهُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الفَرَج أَيْضًا، أَبُو مَنْصُوْرٍ (ت: 575 هـ). وَأخُوْهُمَا يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ (ت:؟). =
يَسِيْرًا، وَشَغَلَهُ بِحِفْظِ القُرآنِ، وَالفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. ثُمَّ إِنَّهُ صَحِبَ أَبَا زَكَرِيَّا التِّبْرِيْزِيَّ اللُّغَوِيَّ
(1)
، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الأَدَبَ وَاللُّغَةَ، حَتَّى مَهَرَ فِي ذلِكَ، ثُمَّ جَدَّ فِي سَمَاعِ الحَدِيْثِ، وَصَاحَبَ فِي قِرَاءَةِ الأَدَب عَلَى التِّبْرِيْزِيِّ وَسَمَاعِ الحَدِيْثِ أَبَا مَنْصُوْرِ بنَ الجَوَالِيْقِيِّ، وَكَانَ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ أَبُو الفَضلِ أَمْيَلَ إِلَى الأَدَبِ، وَابْنُ الجَوَالِيقِيِّ أَمْيَلَ إِلَى الحَدِيثِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: يَخْرُجُ ابنُ نَاصِرٍ لُغَوِيُّ "بَغْدَادَ"، وَابْنُ الجَوَالِيْقِيِّ مُحَدِّثُهَا، فَانْعَكَسَ الأَمْرُ، فَصَارَ ابنُ نَاصِرٍ مُحَدِّثَ "بَغْدَادَ"، وَابْنُ الجَوَالِيْقِيِّ لُغَوِيَّهَا. وَلَازَمَ ابْنُ نَاصِرٍ أَبَا الحَسَنَ بنَ الطُّيُّوْرِيِّ. وَسَمِعَ مِنْهُ الكَثِيرَ. وَسَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ البُسْرِيِّ، وَأَبِي طَاهِرِ بنِ أَبي الصَّقْرِ - هُوَ أَوَّلُ شَيْخٍ سَمِعَ عَلَيْهِ، وَذلِكَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ - وَأَبِي الحَسَنِ العَاصِمِيِّ، وَمَالِكٍ البَانِيَاسِيِّ، وَأَبِي الغَنَائِمِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ، وَأَبِي
= وَأَخُوْهُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ (ت:؟).
وفي تَرْجَمَةِ أَبِي المَعَالِي مُحَمَّدٍ فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابن الدُّبَيْثِيِّ (1/ 104) قَالَ: "هُوَ أَحَدُ الإِخْوَةِ الأَرْبَعَةِ وَهُم: أبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ، وأبُو الفَتْحِ يُوسُفَ، [وأَبُو مَنْصُوْر] مُحَمَّدٌ، وكُلُّهُمْ قَدْ سَمِعُوا، وَأَبُو المَعَالِي هَذَا سَمِعَ مَعَ إِخْوَتِهِ بِإِفَادَةِ خَالِهِ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنهُم. . .".
- وابنُ عَمَّتِهِ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، أَبُو الحَسَنِ بنِ صِرْمَا الدَّقَّاقُ الصَّائِغُ (ت: 538 هـ) مِنْ أَهْلِ العِلْمِ والفَضْلِ، لهُ أَخْبَارٌ في: المُنْتَظَمِ (10/ 110)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (475)، وَتَذْكِرَةِ الحَفَّاظِ (4/ 1283) ذَكَرَهُ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ.
(1)
هُوَ المَعْرُوْفُ بِـ "الخَطِيْبِ" يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ (ت: 502 هـ) من عُلَمَاءِ اللُّغَةِ، مَشْهُوْرٌ جِدًّا.
مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيِّ، وَطِرَادٍ، وَالنَّعَّالِيِّ
(1)
، وَابْنِ البَطِرِ، وَأَكْثَرَ عَنِ المُتَأَخِّرِيْنَ بَعْدَهُمْ، وَعُنِيَ بِهَذَا الفَنِّ، وَبَالَغَ فِي الطَّلَبِ وَالسَّمَاعِ
(2)
. وَكَانَتْ لَهُ إِجَازَاتٌ قَدِيْمَةٌ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ النَّقُّوْرِ، وَالصَّرِيْفِيْنِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ عَلِيَّكَ، وَأَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّنِ، وَابْنِ مَاكُوْلَا الحَافِظِ وَغَيْرِهِمْ، وَخَالَطَ أَصْحَابَنَا الحَنَابِلَةَ وَمَالَ إِلَيْهِمْ، وَانْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِهِمْ؛ لِمَنَامٍ رَأَى فِيْهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُوْلُ لَهُ: عَلَيْكَ بِمَذْهَبِ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُوْرِ الخَيَّاطِ، وَقَدْ سُقْنَاهُ بِكَمَالِهِ فِي تَرْجَمَةِ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُوْرٍ
(3)
، وَسَاقَهُ ابْنُ النَّجَّارِ مُخْتَصَرًا، وَفِي آخِرِهِ قَالَ ابْنُ نَاصِرٍ: ثُمَّ أَخَذْتُ فِي سَمَاعِ كُتُبِ أَحْمَدَ وَمَسَائِلِهِ، وَالتَّفَقُّهِ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَذلِكَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِيْنَ. قَالَ السِّلَفِيُّ: سَمِعَ ابْنُ نَاصِرٍ مَعَنَا كَثِيْرًا، وَهُوَ شَافِعِيٌّ أَشْعَرِيٌّ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ فِي الأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ، وَمَاتَ عَلَيْهِ، وَلَهُ جَوْدَةُ حِفْظِ وَإِتْقَانٌ، وَحُسْنُ مَعْرِفَةٍ، وَهُوَ ثَبْتٌ، إِمَامٌ.
قَالَ أَبُو مُوسَى المَدِيْنِيُّ: هُوَ مُقَدَّمُ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ فِي وَقْتِهِ بِـ "بَغْدَادَ".
وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ حَافِظًا، ضَابِطًا، مُتْقِنًا، ثِقَةً، مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، لَا مَغْمَزَ فِيْهِ، وَكَانَ كَثِيْرَ الذِّكْرِ، سَرِيْعَ الدَّمْعَةِ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى تَسَمُّعِيَ
(4)
الحَدِيْثَ، وَعَنْهُ أَخَذْتُ مَا أَخَذْتُ مِنْ عِلْمِ الحَدِيْثِ. وَقَالَ أَيْضًا: قَرأْتُ
(1)
في (ط): "النَّعَّال".
(2)
في (ط): "السَّماعات".
(3)
ترجمة رقم (47)(1/ 223).
(4)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ كُلِّها، وَلَعَلَّهَا:"تسميعي".
عَلَيْهِ ثَلَاثِيْنَ سَنَةً، وَلَمْ أَسْتَفِدْ مِنْ أَحَدٍ كَاسْتِفَادَتِي مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ جَيِّدَ النَّقْلِ، صَحِيْحَ الضَّبْطِ، كَثِيْرَ المَحْفُوْظِ، لَهُ يَدٌ بَاسِطَةٌ فِي مَعْرِفَةِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَكَانَتْ أُصُوْلُهُ فِي غَايَةٍ مِنَ الصِّحَّةِ وَالإِتْقَانِ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيْلًا، حُجَّةً، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، مُتَدَيِّنًا، فَقِيْرًا، مُتَعَفِّفًا، نَظِيْفًا، نَزِهًا، وَقَفَ كُتُبَهُ عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيثِ.
رَأَيْتُ بِخَطِّهِ وَصِيَّةً لَهُ أَوْصَى بِهَا، ذَكَرَ فِيْهَا صِفَةَ مَا يُخَلِّفُهُ مِنَ التَّرِكَةِ، وَهُوَ ثِيَابُ بَدَنِهِ، وَكُلُّهَا خَلِقٌ مَغْسُوْلَةٌ، وَأَثَاثُ مَنْزِلِهِ - وَكَانَ مُخْتَصَرًا جِدًّا - وَثَلَاثَةُ دَنَانِيْرُ مِنَ العَيْنِ، لَمْ يَذْكُرْ سِوَى ذلِكَ، وَمَاتَ وَلَمْ يُعْقِبْ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ ابنَ سُكَيْنَةَ، وَابْنَ الأَخْضَرِ وَغَيْرَهُمَا يُكْثِرُوْنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَيَصِفُوْنَهُ بِالحِفْظِ وَالإِتْقَانِ وَالدِّيَانَةِ، وَالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: حَافِظٌ، ثِقَةٌ، دَيِّنٌ، خَيِّرٌ، مُتْقِنٌ، مُثْبِتٌ، وَلَهُ حَظٌّ كَامِلٌ مِنَ اللُّغَةِ، وَمَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ فِي المُتُوْنِ وَالأَسَانِيْدِ، كَثِيْرُ الصَّلَاةِ، دَائِمُ التِّلَاوَةِ لِلْقُرْآنِ الكَرِيْمِ، مُوَاظِبٌ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى، غَيْرَ أَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَقَعَ فِي النَّاسِ، وَيَتَكَلَّمَ فِي حَقِّهِمْ، وَقَدْ رَدَّ هَذَا عَلَيْهِ الحَافِظُ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ رَدًّا بَلِيْغًا، وَقَالَ: صَاحِبُ الحَدِيْثِ مَا يَزَالُ يَجْرَحُ وَيُعَدِّلُ
(1)
، وَقَدْ احْتَجَّ بِكَلَامِ ابْنِ نَاصِرٍ فِي أَكْثَرِ التَّرَاجِمِ، فَكَيْفَ عَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ ثُمَّ طَعَنَ فِيْهِ؟ وَلكِنَّ هَذَا مِنْ تَعَصُّبِ ابْنِ
(1)
الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ رحمه الله يُدْرِكُ الفَرْقَ بَيْنَ الجَرْحِ وَالتَّعْديل وَالتَكَلُّمِ فِي النَّاسِ؟!
السَّمْعَانِيِّ عَلَى أَصْحَابِ أَحْمَدَ
(1)
، وَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيْرًا.
وَنَقَلَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ الطُّرَيْثِيْثِيِّ عَنِ ابْنِ نَاصِرٍ أَنَّ الطُّرَيْثِيْثِيَّ، كَانَ كَذَّابًا ضَعِيْفًا فِي الرِّوَايَةِ، لَا يُحْتَجُّ بهِ، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى رِوَايَتِهِ. ثُمَّ قَالَ: أَبُو الفَضْلِ لَا يُحْسِنُ الكَلَامَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا
(2)
قَالَ: كَذَابٌ، لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُوْلَ: لَا يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ، وَإِذَا رَمَاهُ بِالكَذِبِ فَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ ضَعِيْفٌ فِي الرِّوَايَةِ؛ فَإِنَّ الضَّعْفَ دُوْنَ الكَذِبِ. قَالَ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدِ بنِ الأَخْضَرَ مَا مَعْنَاهُ
(3)
: قَوْلُ شَيْخِنَا "كَذَّابٌ" لأَنَّهُ رَوَى مَا لَيْسَ مِنْ سَمَاعِهِ، وَنُهِيَ عَنْ ذلِكَ فَلَمْ يَنْتَهِ، وَقَوْلُهُ "ضَعِيفٌ فِي الرِّوَايَةِ" حَيْثُ لَمْ يُمَيِّزْ صَحِيْحُ حَدِيْثِهِ مِنْ سَقِيْمِهِ، وَ"لَا يُحْتَجُّ بِهِ" لأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الصَّحِيْحِ بِهَذَا الوَصْفِ، وَلَا "يَعْتَمِدُ عَلَى رِوَايَتِهِ" لِوُجُوْدِ
(4)
هَذَا التَّخْلِيْطِ فِي مَعْرِفَتِهِ وَحَدِيْثِهِ، فَلَوْ وصَفَهُ بِمُجَرَّدِ الكَذِبِ لَمَا كَانَ مِنْ أَهْلِهِ؛ لأنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيْلِ
(1)
هَذَا جَائِزٌ، وَمَنْ ثَمَّ تَكَلَّمَ في ابنِ نَاصِرٍ، وَلَوْ أَنَّهُ رَاضٍ عَنْهُ لأَغْفَلَ ذِكْرَ هَذِهِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِيْهِ:
* [فَـ]ــعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيْلَةٌ *
وَجَلَّ مَنْ لَا عَيْبَ فِيْهِ. وَرَدَّ الحَافظُ الذَّهَبِيُّ عَلَى ابنِ الجَوْزِيِّ، وَدَافَعَ عَن أَبي سَعْدٍ. يُرَاجَعُ:"تَارِيْخُ الإِسْلامِ" وَ"سِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ" وَغَيْرُهُمَا.
(2)
في (ط): "إذ".
(3)
نَقْدُ الحَافِظِ السَّمْعَانِيِّ كَلَامَ ابن نَاصِرٍ هَذَا، ثُمَّ رَدُّ ابن الأَخْضَرِ عليْهِ حِوَارٌ عِلْمِيٌّ لَه فَائِدَةٌ جَيِّدَةٌ، وتَوْجِيْهٌ لِمَقْصُوْدِ هَذَا الإِطْلَاقِ، وهو حِوَارٌ هَادِئٌ هَادِفٌ.
(4)
فِي (ط): "لِوُجُوْبِ".
مَنْ يَضَعُ مَتْنًا وَلَا يُهَيِّئُ عَلَى مَتْنِ إِسْنَادٍ، فَصَاحِبُ التَّرْجَمَةِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِوَصْفٍ مِنْ هَذِهِ الأَوْصَافِ، بَلْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا جَمِيْعِهَا، فَكَانَ الجَرْجُ عَلَى حَسَبِهَا، قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ: إِنَّ ابْنَ نَاصِرٍ لَا يُحْسِنُ الكَلَامَ، عِيٌّ مِنَ القَوْلِ وَقُصُوْرٌ عَنْ إِدْرَاكِ الفَهْمِ
(1)
، أَتَرَاهُ مَنْ أَدْرَكَ فِي رِحْلَتِهِ مَنِ اشْتَمَلَ بِصِفَةِ شَيْخِنَا فِي طَبَقَتِهِ مِنْ حِفْظٍ وَإِتْقَانٍ، وَدَوَامِ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ، وَأَوْرَادٍ كَثِيْرَةٍ، لَا يَقْطَعُهَا فِي أَوْقَاتِهَا، وَحُسْنِ خَطٍّ، لَمْ يُمَاثِلْهُ عَالِمٌ فِي تَحْقِيْقِهِ وَضَبْطِهِ، حَتَّى إِنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ مَنْ قَرَأَ كِتَابَهُ إِلَى إِسْنَادٍ، وَلَا مَنْ يَعْرِفُهُ طَرِيْق الإِسْنَادِ، وَيُفِيْدُ مِنْ حِفْظِهِ عُلُوْمًا جَمَّةً، لَهُ فِي كُلِّ وَصْفٍ شَرِيْفٍ سِيْرَةٌ حَسَنَةٌ، تَعْلُو شَخْصَهُ المَهَابَةُ، كَأَنَّهُ أَحَدُ الصَّحَابَةِ، فَكَيْفَ يَسْتَجِيْزُ مَنْ تَعَقَّلَ وَتَفَهَّمَ أَنْ يُطْلِقَ مِنْ لَفْظِهِ - وَقَدْ شَاهَدَهُ
(2)
- أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَتَكَلَّمَ؟.
قُلْتُ: حَدَّثَ ابنْ نَاصِرٍ بِالكَثِيْرِ، وَأَمْلَى الحَدِيْثَ، وَاسْتَمْلَى لِلأَشْيَاخِ الكَثِيرَ، وَخَرَّجَ لَهُمْ التَّخَارِيْجَ الكَثِيْرَةَ، وَتكَلَّمَ فِيْهَا عَلَى الأَسَانِيْدِ، وَمَعَانِي الأَحَادِيْثِ وَفِقْهِهَا، وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي مَآخِذَ فِي اللُّغَةِ عَلَى الغَرِيْبَيْنِ لِلْهَرَوِيِّ
(3)
وَمُصَنَّفٌ فِي "مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ" فِي مُجَلَّدٍ، وَ"جُزْءٌ" فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ
(1)
هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ جَيِّدٍ من الحَافِظِ السَّمْعَانِيِّ رحمه الله وَتَحَامُلٌ ظَاهِرٌ؟! عَفَا اللهُ عَنْهُ.
(2)
في (ط): "وقد شاء هذه".
(3)
اسمُهُ "كتابُ التَّنْبِيْهِ عَلَى الأَلْفَاظِ الَّتِي وَقَعَ في نَقْلِهَا وَضَبْطِهَا تَصْحِيْفٌ وَخَطَأٌ فِي تَفْسِيْرِهَا وَمَعَانِيْهَا وَتَحْرِيْفٌ فِي الغَرِيْبَيْنِ" وَقَد نَشَرَهُ المَرْحُوْمُ الدُّكتور مَحْمُوْد مَحَمَّد الطَّنَاحِيُّ في مِجَلَّةِ مَرْكَزِ البَحْث العِلْمِيِّ بِجَامِعَةِ أُمِّ القُرَى.
يَقُوْلُ: إِنَّ صَوْتَ العَبْدِ بِالقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ. وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الحُفَّاظِ وَغَيْرِهِمْ، كَالسِّلَفِيِّ، وَابْنِ عَسَاكِرٍ، وَأَبِي مُوْسَى، وَابْنِ السَّمْعَانِيِّ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ، وَابْنِ الأَخْضَرِ، وَابْنِ سُكَيْنَةَ، وَعبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ، وَيَحْيَى بنِ الرَّبِيْعِ مُدَرِّسِ النِّظَامِيَّةِ
(1)
، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ غَنِيْمَةَ بنِ الحَلَّاوِيِّ الفَقِيْهِ الحَنْبَلِيِّ، وَأَبِي اليُمَنِ الكِنْدِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ، وَآخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ أَبُو الحَسَنِ بنُ المُقَيَّرِ.
(2)
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ قَرِيْبًا مِنْ جَامِعِ السُّلْطَانِ، ظَاهِرَ السُّورِ بِالجَانِبِ الشَّرْقِي، ثُمَّ بِجَامِعَ المَنْصُورِ، ثُمَّ بِـ "الحَرْبِيَّةِ" وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" إِلَى جَانِبِ أَبِي مَنْصُوْرِ بْنِ الأَنْبَارِيِّ
(3)
، تَحْتَ السِّدْرَةِ. وَذَكَرَ ذلِكَ ابنُ الجَوْزِيِّ، وَقَالَ: حَدَّثَنِي
(1)
هُوَ يَحْيَى بنُ الرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ حَرَازٍ العَدَوِيُّ العُمَرِيُّ القُرَشِيُّ الوَاسِطِيُّ البَغْدَادِيُّ، أَبُو عَلِيٍّ، مَجْدُ الدِّينِ (606 هـ)، مِن كِبَارِ الشَّافِعِيَّةِ، وَلِيَ تَدْرِيْس النِّظَامِيَّة وَالنَّظَرَ فِي أَوْقَافِهَا، لَهُ "تَفْسِيْرُ القُرْآن" فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَاخْتَصَرَ "تَارِيْخ بَغْدَاد" للحَافِظِ الخَطِيْب وَ"ذَيْلِهِ" للسَّمْعَانِيِّ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ لابنِ نُقْطَةَ (487)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 189)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 486)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ الكُبْرَى للسُّبْكِيِّ (5/ 165، 8/ 393)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 23).
(2)
عَلِيُّ بنُ أَبِي عَبْدِ الله الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ النَّجَّارُ أَبُو الحَسَنِ المُقَيَّرِ. (ت: 643 هـ) حَنْبَلِيٌّ مُسْتَدْرَكٌ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله يَرِدُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(3)
عَلِي بنُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، أَبُو مَنْصُور (ت: 507 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
أَبُو بَكْرِ بنِ الخُضَرِيِّ
(1)
الفَقِيْهُ، قَالَ: رَأَيْتُهُ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، مَا فعَلَ اللهُ بِكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي، وَقَالَ لِي: قَدْ غَفَرْتُ لِعَشْرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ فِي زَمَانِكَ؛ لأَنَّكَ رَئِيْسُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -. وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّه صَلَّى عَلَيْهِ أَوَّلًا عَلَى بَابِ جَامِع السُّلْطَانِ أَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِعٍ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ، ثُمَّ ابنُ القَوَارِيْرِيِّ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ، ثُمَّ عُمَرَ الحَرْبِيِّ
(2)
، وَدُفِنَ وَقْتَ الظُّهْرِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ عَظِيْمَةً، وَحَضَرَهُ عَالَمٌ كَثِيْرٌ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(أَنَا) أَبُو الفَتْحِ المَيْدُوْمِيُّ بِـ "مِصْرَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَافِظُ (ثَنَا) مُحَمَّدُ بنُ نَاصِرٍ الحَافِظُ مِنْ لَفْظِهِ (أَنا) أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الصَّقْرِ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ بنُ مَيْمُونَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَضْرَمِيُّ (أَثَنَا) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زَكَرِيَّا بنِ حَيْوَةَ (ثَنَا) أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ (أَنَا) إِسْحَقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ (أَنَا) سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
(3)
: "سَأَلَ الحَارِثُ بنُ هِشَامٍ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ يَأْتِيْكَ الوَحْيُّ؟ قَالَ: فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ، وَهُوَ
(1)
مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ (ت: 564 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
يَظْهَرُ أَنَّه عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ، أَبُو حَفْصٍ الحَرْبِيُّ المُقْرِئُ (ت: 552 هـ) تَرْجَمَته فِي: مِعْرِفَةِ القُرَّاءِ (1/ 509)، وَغَايَة النَّهَايَةِ (1/ 593) وَغَيْرِهِمَا.
(3)
رَوَاهُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ (6/ 158، 163، 257)، وَالبُخَارِيُّ رقم (3)"بَدْءُ الوَحْيِ"، ورقم (3215)، وَمُسْلِمٌ رقم (2333) في "فَضَائِلِ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم"، وَالنَّسَائِيُّ فِي "افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ"، وَمَالِكٌ فِي "المُوَطَّأ" فِي "القُرآنِ" رقم (7)، كُلُّهم مِنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
أَشَدُّ عَلَيَّ، وَأَحْيَانًا يَأْتِيْنِي فِي مِثْلِ صُوْرَةِ الفَتَى، فَيَنْبِذَهُ
(1)
إِلَيَّ".
وَمِنْ غَرَائِبِ مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ نَاصِرٍ: أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ السَّلَامَ عَلَى المَوْتَى يُقَدَّمُ فِيْهِ لَفْظَةُ "عَلَيْكُمْ" فَيُقَالُ: علَيْكُمْ السَّلَامُ؛ لِظَاهِرِ حَدِيْثِ أَبِي حَرِّيِّ الهُجَيْمِيِّ.
وَذَكَرَ فِي بَعْضِ تَصَانِيْفِهِ: أَنَّ الإِحْدَادَ عَلَى المَيِّتِ بِتَرْكِ الطِّيبِ وَالزِّيْنَةِ لَا يَجُوْزُ لِلرِّجَالِ بِحَالٍ، وَيَجُوْزُ لِلْنِّسَاءِ عَلَى أَقَارِبِهِنَّ ثَلَاثَة أَيَّامٍ، دُوْنَ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
123 - عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ
(2)
بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ دَوْبَلٍ البَعْقُوْبِيُّ،
المُؤَدِّبُ
(1)
في (ط): "فيُفِيْدَه".
(2)
123 - ابنُ دَوْبَلٍ البَعْقُوْبِيُّ (بعْدَ 470 - 550 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 24)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 181)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 153)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 261). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 568)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (1/ 137)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ لابنِ نَاصِرِ الدِّينِ (1/ 562)(4/ 58)، وَتَبْصِيْرُ المُنْتَبِهِ للحَافِظِ ابنِ حَجَرٍ (1/ 163)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 156)(6/ 258). و"البَعْقُوْبِيُّ" تَصَحَّفَتْ في (ط) وَ"ذَيْل تاريخ بَغْدَادَ" وَ"الشَّذَرَات" إِلَى "اليَعْقُوبي" بِاليَاءِ آخِرِ الحُرُوْفِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوْبٌ إِلى "بَعْقُوْبَا" ضَبَطَهَا الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ في الأَنْسَابِ (2/ 247) بِقَوْلِهِ:"وَبِفَتْحِ البَاءِ المَنْقُوْطَةِ بِوَاحِدَةٍ، وَسُكُوْنِ العَيْنِ المُهْمَلَةِ، وَضَمِّ القَافِ، وَفِي آخِرِهَا بَاءٌ أُخْرَى، هَذِهِ النِّسْبَةُ إِلَى "بَعْقُوْبَا" وَهِيَ قَرْيَةٌ كَبِيْرَةٌ عَلى عَشْرَةِ فَرَاسِخَ مِنْ "بَغْدَادَ" يَقُوْلُ لَهَا العَوَامُّ: "بَاعْقُوْبَا". وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 537).
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: زُرْتُهَا في صَيْفِ عَامِ (1388 هـ) لَمَّا زُرْتُ العِرَاقَ =
أَبُو الكَرَمِ
(1)
.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَالأَرْبَعِمَائَةَ، وَسَمِع مِنْ أُبَيٍّ النَّرْسِيِّ، وَأَبِي الغَنَائِمِ بنِ المُهْتَدِي، وَإِسْمَاعِيلُ بنُ مَلَّهْ، وَعَبْدُ القَادِرِ بنُ يُوسُفَ. وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ ابنُ الخَشَّابِ، وَابْنُ شَافِعٍ، وَابْنُ المَنْدَائِيِّ، وَابْنُ الأَخْضَرِ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِعٍ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِنَا، تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ عَقِيْلٍ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ.
وتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ أَبْرِز". قَالَ وَأَنْشَدَنَا:
(2)
= أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَ (دَوْبَلُ) تَصَحَّفَتْ في (ط)، وَ"المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" وَغَيْرِهِمَا إلى "دُوَيلٍ"، وَضَبَطَهَا الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ في "تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ" فَقَالَ:"بِالدَّالِ المُهْمَلَةِ المَفْتُوْحَةِ، وَسُكُونِ الوَاوِ، وَفَتْح البَاءِ المُعْجَمَةِ بِوَاحِدَةٍ وَآخِرُهُ لَامٌ" وذَكَرَ أبَا الكَرَمِ عْبدَ المَلِكِ هَذَا. وَقَالَ: "وَقَد رَأَيْتُهُ بِخَطِّ ابنِ شَافِعٍ مَرَّةً أُخْرَى بِضَمِّ الدَّالِ، وَهُوَ بِالفَتْحِ أَكْثَرُ، كَذلِكَ رَأَيْنَاهُ بِخَطِّ ابنِ نَاصِرٍ مَفْتُوْحًا" وَعَنْهُ مُخْتَصَرًا فِي التَّوْضِيْحِ (4/ 58).
(1)
زَادَ الحَافِطُ ابنُ النَّجَّارِ في ذَيلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ: "ابنُ أَبِي الغَنَائِمِ بنِ أَبِي الفَتْحِ، المُؤَدِّبُ، مِنْ سَاكِنِي "دَرْبِ البَزَّازَةِ" بِـ "الظَّفَرِيَّةِ" كَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، يُؤَدِّبُ الصِّبْيَانَ" وزَادَ في شُيُوْخِهِ: أَبَا عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الدُّوْرِيِّ، وَقَالَ:"وَحدَّثَ بِاليَسِيْرِ" وَسَاقَ عَن ابنِ الأَخْضَرِ عَنْهُ سَنَدًا وَأَوْرَدَ حَدِيْثًا.
(2)
في تَارِيخِ ابنِ النَّجَّارِ قَالَ: "قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ صَالحِ بنِ شَافِعٍ الشَّاهِدُ، أَنْبَأَنِيْهِ عَنْهُ وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الكَرَمِ بنُ دَوْبَلٍ، وَأَنْشَدَهُمَا. وَهُمَا في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" عَنِ المُؤَلِّفِ فِيْمَا يَظْهَرُ.
يَا أَهْلَ وُدِّي وَمَا
(1)
أَهْلًا دَعَوْتُكُمْ
…
بِالحَقِّ لَكِنَّهَا العَادَاتُ وَالنُّوَبُ
أَشْبَهْتُمْ الدَّهْرَ فِي تَلْوِيْنِ صِبْغَتِهِ
…
فَكُلُّكُمْ حَائِلُ الأَلْوَانِ مُنْقَلِبُ
124 - أَحْمَدُ بنُ الفَرَجِ
(2)
بنِ رَاشِدِ بنِ مُحَمَّدٍ المَدَنِيُّ، الوَرَّاقُ، البَغْدَادِيُّ، القاضِي، أَبُو العَبَّاسِ،
مِنْ أَهْلِ "المَدِيْنَةِ" قَرْيَةٌ فَوْقَ "الأَنْبَارِ".
وُلِدَ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ
(1)
في (ط) و (ج): وَ"المَنْهَجِ الأَحْمَدِ": "وَيَا أَهْلًا".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (550 هـ).
140 -
سَعِيْدُ بنُ أَبِي غَالِبٍ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ، أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ حَفِيدُ الإِمَامِ المَشْهُورِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ (ت: 471 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ وَوَالِدُهُ وَابْنُ أَبِي غَالِبٍ أَحْمَدَ (ت: 527 هـ) الَّذِي سَبَقَ في اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (527 هـ)، وَلأبي سَعِيْدٍ هَذَا منَ الوَلَدِ: الحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ (ت: 572 هـ). وَأَخُوْهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ (لَمْ تُنْقَلْ أَخْبَارُهُ). وَأخْتُهُ سَعِيْدَةُ بِنْتُ أَبِي غَالِبٍ (ت: 561 هـ). وحَفِيْدُهُ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ (ت: 671 هـ). وَحَفِيْدُهُ أَيْضًا: غِيَاثٌ، وَحَفِيْدَتُهُ نُوْر
…
وَلِسَعِيْدٍ هَذَا مَشْيَخَةٌ في المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّة (نَاقِصَةٌ)، وَأَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ ابنِ عَسَاكِرٍ (3721)، وَمَشْيَخَةِ ابنِ الجَوْزِيِّ (118)، وَالمُنْتَظَمِ (10/ 162)، وَالعِبَرِ (4/ 139)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 264)
…
وَغَيْرِهَا.
(2)
124 - ابنُ رَاشد المَدَنِيُّ (490 - 551 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 24)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 154)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 154)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 263). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 505)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (56)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 157)(6/ 261).
علَى مَكِّيُّ بنُ أَحْمَدَ الحَنْبَلِيِّ
(1)
وَغَيْرِهِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى عَبْدِ الوَاحِدِ بنُ سَيْفٍ.
(2)
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الخَازِنِ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ قُرَيْشٍ، وَأَبِي غَالِبٍ القَزَّازِ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ البَاقِي وَغَيْرِهِمْ، وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ الزَّيْنَبِيِّ. وَوَلِيَ القَضَاءَ بِـ "دُجَيْلَ"
(3)
مُدَّةً وَحَدَّثَ، وَرَوَى عَنْهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ، وَغَيْرُهُ.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ سَادِسَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ"، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
125 - مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
(4)
بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَعْدَانَ الأَزَجِيُّ، الفَقِيْهُ،
(1)
هُوَ مَكِّيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ مُظَفَّرٍ، أَبُو بَكْرٍ المُقْرِئُ، البَغْدَادِيُّ (ت: 514 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
كَذَا في الأُصُولِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عبْدُ الوَاحِدِ بنُ شُنَيْفٍ (ت: 528 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 505) وذَكَرَ المُتَرْجَمَ هُنَا. قَالَ يَاقُوتُ الحَمَوِيُّ: "مِنْ أَهْلِ "النَّصْرِيَّةِ" مَحِلَّةٌ بـ "بَغْدَادَ" وَلِيَ القَضَاءَ بِـ "دُجَيلٍ" .. وَذَكَرَهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ في شُيُوْخِهِ".
أَقُوْلُ - وعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: لَمْ يَرِدْ فِي مُعْجَمَيْ شُيُوْخِ أَبي سَعْدٍ "المُنْتَخَبِ" وَ"التَّحْبِيْرِ".
(4)
125 - ابنُ سَعْدَانَ الأَزَجِيُّ: (؟ - 552 هـ).
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 24)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 346)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 156)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 263)، ويُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (931)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 220)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2/ 67)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 163)، (6/ 271).
أَبُو المُظَفَّرِ، سَمِعَ الحَدِيْثَ مِن القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ، وَأَبِي
(1)
العِزِّ بنِ كَادِشٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، وَلَازَمَهُ. وَرَوَى عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بنِ القِحْفِ الوَاعِظُ شَيْئًا، رَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ طَارِقٍ. وَكَتَبَ عَنْهُ المُبارَكُ بنُ كَامِلٍ حِكَايَةً بِغَيْرِ إِسْنَادٍ فِي "مُعْجَمِهِ". قَالَ صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ فِي "تَارِيْخِهِ" كَانَ فَقِيْهًا، كَيِّسًا، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ.
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" وَسَمَّاهُ مُظَفَّرًا.
126 - مُحَمَّدُ بنُ خَذَادَاذَ
(2)
بنِ سَلَامَةَ بنِ خُذَادَاذَ العِرَاقِيُّ المَأْمُونِيُّ المَبَارِديُّ، الحَدَّادُ، الكَاتِبُ، الفَقِيْهُ، الأَدِيْبُ، أَبُو بَكْرٍ بنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَيُعْرَفُ بِـ "نَقَاشِ المَبَارِدِ"
سَمِعَ مِنْ نَصْرِ بنِ البَطِرِ، وَالحُسَيْنِ بنِ طَلْحَةَ، وَأَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَأَبِي الخَطَّابِ بنِ الجَرَّاحِ، وَطِرَادٍ، وَأَبِي طَاهِرِ بنِ قَيْدَاسٍ، وَالمُبَارَكِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَابْنِ الحُصَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ، وَكَتَبَ خَطًّا حَسَنًا. ذَكَرَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ،
(1)
في (ط): "ابن .. ".
(2)
126 - ابنُ خُذَادَاذَ (؟ - 552 هـ):
أخبارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 24)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 404)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 155)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 263). وَيُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ للسَّمْعَانِيِّ (11/ 115)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 414)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 36)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (96)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (3/ 409)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 164)(6/ 271).
فَقَالَ: أَحَدُ فُقَهَاءِ الحَنَابِلَةِ. دَرَسَ الفِقْهَ عَلَى مَحْفُوْظٍ الكَلْوَذَانِيِّ، يَسْكُنُ "المَأْمُونِيَّةَ"
(1)
شَيْخٌ، صَالِحٌ، كَتَبْتُ عَنْهُ يَسِيْرًا. وَقَالَ ابنُ نُقْطَةَ: حَدَّثَ، وَسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ.
وَذَكَرَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ، فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ وَالفِقْهِ، وَطَرِيْقَتُهُ فِي النَّسْخِ مَعْرُوفَةٌ بِالسُّرْعَةِ. وَرَوَى قَدِيْمًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَابِرِ بنِ يَاسِيْنَ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيْثًا عَنْ أَحْمدَ بنِ أَبِي السَّرَايَا التَّاجِرُ، عَنْ مُحَمَّدَ بنِ خُذَادَاذَا (ثَنَا) عبْدُ اللهِ بنُ جَابِرِ بنِ يَاسِيْنَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. قَالَ: وَمِمَّا أَنْشَدَهُ لِنَفْسِهِ:
(2)
لَمَّا رَأَيْتُ أُوَارَ الحُبِّ فِي كَبْدِيْ
…
أَجْرَيْتُ دَمْعِي عَلَى الخَدَّيْنِ مَهْمُوْلَا
وَقُلْتُ يَا قَلْبُ صَبْرًا بَعْدَ بَيْنِهِمُ
…
لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُوْلَا
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ فَقِيْهًا، مُنَاظِرًا، أُصُوْلِيًّا، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ، وَعَلَّقَ عَنْهُ مَسَائِلَ الخِلَافِ، وَقَرَأَ الأَدَبَ، وَقَالَ الشِّعْرَ. وَكَانَ خَطُّهُ رَدِيْئًا
(3)
، رَوَى لَنَا عَنْهُ ابنُ الأَخْضرِ، وَثَابِتُ بنُ مُشَرَّفٍ
(4)
، وَكَانَ صَدُوْقًا.
وَتُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بنُ خُذَادَاذَا لَيْلَةَ الخَمِيْسِ مُسْتَهَلَّ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ
(1)
حَيٌّ مِنْ أَحْيَاءِ "بَغْدَادَ" وَالأَصْلُ فِيهِ قَصْرٌ بَنَاهُ جَعْفَرٌ البَرْمَكِيُّ وَجَوَّدَهُ عُرِفَ بِهِ "الجَعْفَرِيِّ" ثُمَّ أَعْطَاهُ المَأْمُوْنَ فَعُرِفَ بِـ "المَأْمُونِيِّ" وَابْتَنَى المَأْمُونُ قَرِيْبًا مِنْهُ مَنَازِلَ لِخَاصَّتِهِ وَأَصْحَابِهِ سُمِّيَت بِهِ "المَأْمُونِيَّةِ" ثُمَّ أَعْطَى المَأمُوْنُ القَصْرَ الحَسَنَ بنَ سَهْلٍ وَزِيْرَهُ فَعُرِفَ بِـ "الحَسَنِيِّ". بِاخْتِصَارٍ عَن خُطَطِ بَغْدَادَ (182) قَالَ يَاقُوتٌ الحَمَوِيُّ في مُعْجَم البُلدان (5/ 53): "وَهِيَ مَحِلَّةٌ كَبِيْرَةٌ طَوِيْلَةٌ عَرِيْضَةٌ بِـ "بَغْدادَ" بين "نَهْرِ المُعَلَّى" وَ"بَابِ الأَزَجِ"، عَامِرَةٌ آهِلَةٌ".
(2)
عَنِ المُؤَلِّفِ في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ"، والأُوَارُ: الحَرَارَةُ.
(3)
قَارِنْ بِقَوْلِهِ - فِيْمَا تَقَدَّمَ -: وَكَتَبَ خَطًّا حَسَنًا؟!
(4)
في (ط): "شَرَف" خَطَأُ طباعةٍ.
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِمَسْجِدِ ابنِ جَرْدَةَ
(1)
وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
127 - وَأَبُوْهُ خُذَادَاذُ بنُ سَلَامَةَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَدَّادُ
(2)
"نَقَّاشُ المَبَارِدِ" ذَكَرَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ أَيْضًا وَقَالَ: كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الحَنَابِلَةِ، يَسْكُنُ "المَأْمُوْنِيَّةَ" سَمِعَ أَبَا نَصْرٍ الزَّيْنَبِيَّ. وَحَدَّثَ بِشَيْءٍ يَسِيْرٍ. سَمِعَ مِنْهُ آحَادُ
(3)
الطَّلَبَةِ، كَتَبَ لِي الإِجَازَةَ. وَتُوُفِّيَ فِي نِصْفِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ المَنْصُورِ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ".
وَقَالَ ابنُ نُقْطَةَ: حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِرٍ
(4)
. وَقَيَّدَ ابنُ نُقْطَةَ "خُذَادَاذَ" بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ بَيْنَ ذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ
(5)
.
(1)
تقَدَّم ذِكْرُهُ في تَرْجَمَةِ سِبْطِ ابنِ الخَيَّاطِ، وَكَانَ إمَامُهُ.
(2)
127 - أَبُو مُحَمَّدٍ الحَدَّادُ:
أفْرَدَهُ ابنُ مُفْلِحٍ فِي المَقْصَد الأرشد (1/ 371) بالتَّرجمة.
(3)
في (ط): "أفَادَ".
(4)
مُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (1/ 323) وفيه: "أَخْبَرَنَا خُذَادَذُ بنُ .. " دُونَ زِيَادَةٍ.
(5)
تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 413).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وفَيَاتِ سَنَةِ (552 هـ).
141 -
عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي طَاهِرٍ، أَبُو حَفْصٍ الحَرْبِيُّ المُقْرِئُ. ذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارِ فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (5/ 92) قَالَ: قرَأْتُ بِخَطِّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ اللهِ الحَرْبِيِّ قَالَ: "مَوْلِدِي في سَنَةِ سَبْعِين وَأَرْبَعِمَائَةَ قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الله بنِ أَحْمَدَ بنِ الخَشَّابِ قَالَ: نَاوَلَنِي الشَّيْخُ الصَّالِحُ عُمَرَ بنُ عَبدِ الله الحَرْبِيُّ - وَكَانَ مَرِيْضًا يَوْمَئِذٍ - وَهُوَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ رَابع عِشْرِيْنَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ =
128 - سَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ
(1)
بنِ عَبْدِ المَلِكِ الشَّيْبَانِيُّ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، أَبُو الفَتْحِ.
= وَخَمْسِمَائَةَ، ثُم بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذلِكَ بِيَوْمَيْنِ، وَدُفِنَ فِي قَبْرِ أَحْمَدَ". أَخْبَاره في: مَعْرِفَةِ القُرَّاءِ الكِبَارِ (1/ 509)، وَالعِبَرِ (4/ 149)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 593)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 357)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 162).
142 -
وَالمُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ الإِخْوَة، ذَكَرَهُ ابنُ الجَزَرِيُّ في غَايَةِ النِّهَايَةِ (2/ 37) قالَ:"قَرَأَ القِرَاءَاتِ وَالفِقْهَ عَلَى ابْنِ عَقِيْلٍ، وَكَانَ عَارِفًا بِالنَّحْوِ وَالأَدَبِ، قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: رَوَى عَنْهُ سِبْطُهُ تُرْكُ بنُ مُحَمَّدٍ .. وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ". . .".
- وَسِبْطُهُ: تُرْكُ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 614 هـ) مَشْهُوْرٌ، تَرْجَمَ لَهُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (2/ 395) كَمَا تَرْجَمَ المُنْذِرِيُّ لِوَالِدِهِ مُحَمَّدِ بنِ بَرَكَةَ (ت: 583 هـ). التَّكْمِلَة (1/ 73) وَلَمْ يَتَبَيَّنَ لِي أَنَّهُمَا حَنْبَلِيَّانِ، لِذلِكَ لَمْ أَسْتَدْرِكْهُمَا.
143 -
ومُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ نَصْرِ بنِ السَّرِيِّ، أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُوْنِيُّ، البَغْدَادِيُّ، المُجَلَّدُ، أَخُو الإِمَامِ المَشْهُورِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ الله (ت: 527 هـ) الَّذي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ، وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِمَا عُبَيْدِ الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (514). أَخْبَارُ أَبِي بَكْرٍ فِي: المُنْتَظَمِ (10/ 179)، وَمُعْجَمِ البُلْدَانِ (3/ 142)، وَالتَّقْيِيْدِ لابنِ نُقْطَةَ (80)، وَتَارِيْخِ إِرْبِلَ (1/ 102)، وَدُوَلِ الإِسْلامِ (2/ 69)، وَالعِبَرِ (4/ 150)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 278).
144 -
وَيَحْيَى بنُ عِيْسَى بنِ الحَسَنِ بنِ إِدْرِيسَ الأَنْبَارِيُّ الوَاعِظُ الزَّاهِدُ. أَخْبَارُهُ في: المُنْتَظَمِ (10/ 180)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاج إِلَيْهِ (3/ 246)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 229)، والبداية والنِّهاية (12/ 237)، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكِ ابْنُهُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (615 هـ) إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
128 - أَبُو الفَتْحِ الشَّيْبَانِيُّ (؟ - 553 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 24) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 424)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 156)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 264). وَيُرَاجَعُ: شَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 166، 6/ 271).
صَحِبَ أَبَا بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيَّ، وَسَمِعَ مِنَ الشَّرِيْفِ أَبِي العِزِّ بنِ المُخْتَارِ، وَأَبِي الغَنَائِمِ النَّرْسِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ. سَمِعَ مِنْهُ الشَّرِيْفُ أَبُو الحَسَنِ الزَّيْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الشَّعَارِ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِعٍ، وَقَالَ عَنْهُ: كَانَ فَقِيْهًا، زَاهِدًا، مَخْمُوْلًا ذِكْرُهُ عِنْدَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، رَفِيْعًا عِنْدَ اللهِ وَصَالِحِ عِبَادِهِ، وَقَالَ صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ: كَانَ فَقِيْهًا، مُتَزَهِّدًا.
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ سَابِعَ شعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ"، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
(1)
.
(1)
ذَكَرَ النَّاسِخُ في (أ) و (ب) بَعْدَ ذلِكَ: "قَالَ ابنُ النَّجَّارِ أَنشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ .. " وَأَوْرَدَ قَصِيْدَةَ الحَسَنِ بنِ جَعْفَرٍ الآتِي
…
وقَدْ نَبَّهَ النَّاسِخُ في (ب) عَلَى ذلِكَ في الهَامِشِ. وَكَتَبَ ابنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ عَلَى هَامِشِ نُسْخَةِ (أ): "انظُرْ إِلَى هَذَا السَّقَطِ فَلْيُحَرَّر".
أقول - وعلى الله أعتمد -: وَلَيْسَ هُناك سَقْطٌ، وَإِنَّما هُوَ تَقْدِيْمٌ وَتَأْخِيْرٌ.
يسْتَدْرَكُ عَلى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وفَيَاتِ سَنَةِ (553 هـ):
145 -
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِسْمَاعِيلَ المَقْدِسِيُّ، جَدُّ الحَافِظِ الضِّيَاءِ، وَزَوْجَتُهُ: مُبَارَكَةُ عَمَّةُ مُوفَّقِ الدِّيْنِ بنِ قُدَامَةَ الإِمَامِ المَشْهُوْرِ، وَلَهُ منَ الوَلَدِ عبْدُ الرَّحْمَن (ت: 555 هـ)، وَإِبْرَاهِيمُ، وَالدُ البَهَاءِ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ وَالِدُ الضِّيَاءِ، وَالرِّضَا، وَفَاطِمَةُ، وَسَنَذْكُرُهُمْ جَمِيعًا في موَاضِعِهِمْ، فَاُسْرَتُهُمْ أُسْرَةُ عِلْمٍ كَبِيرَةٌ جِدًّا. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (109).
146 -
وَعَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ يُوْسُف أَبُو الحَسَن مِنَ البَيْتِ اليُوسُفِيِّ الكَبِيْرِ، وَعَلِيٌّ هَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (127) وقَالَ: "رَوى عَنْ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ وَالحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ البُسْرِيِّ وغَيْرِهما.
147 -
وَمَسْعُودُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُنَيْفٍ أَبُو الفَتْحِ الوَرَّاقُ. تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي هَامِشِ =
129 - أَحْمَدُ بنُ مَعَالِي
(1)
- وَيُسَمَّى عَبْدَ اللهِ أَيْضًا - بنَ بَرَكَةَ الحَرْبِيُّ.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ، وَبَرَعَ فِي النَّظَرِ.
ذَكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِن كُتُبِهِ، كَـ "الطَّبَقَاتِ" وَ"التَّارِيْخِ" وَقَالَ: كَانَ لَهُ فَهْمٌ حَسَنٌ، وَفِطْنَةٌ فِي المُنَاظَرَةِ قَالَ: وَسَمِعْتُ دَرْسَهُ مُدَّةً، وَكَانَ قَدِ انْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَوَعَظَ. وَقَالَ صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ: كَانَ شَيْخًا كَبِيْرًا، قَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ، فَقِيْهًا، مُنَاظِرًا، عَارِفًا، لَهُ مُخَالَطَةٌ مَعَ الفُقَهَاءِ، وَمُعَاشَرَةٌ مَعَ الصُّوْفِيَّةِ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ كَلَامًا
= ترجَمَةِ عَبْدِ الوَاحِدِ بن شُنَيْفٍ (ت: 528 هـ) أَخْبَارُهُ مَسْعُوْدٍ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 190)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (134).
147 -
وَنَصْرُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ حُسَيْنِ، أَبُو القَاسِمِ العَطَّارُ الحَرَّانِيُّ التَّاجِرُ المَشْهُوْرُ فِي زَمَنِهِ، نَزِيْلُ "بَغْدَاد"، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: كَانَ مُتَمَوِّلًا، كَثِيرَ الصَّدقَاتِ وَفَكَّ الأُسَارَى، وَصِلَةَ المُحَدِّثِيْنَ، مَعَ الخَيْرَةِ وَالدِّينِ" أخبارُهُ كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا فِي: المُنْتَظَمِ (10/ 183)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 220)، وَالكَامِلِ فِي التَّارِيْخِ (11/ 239)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (12/ 238)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (4/ 168).
(1)
129 - ابنُ برَكَةَ الحَرْبِيُّ (؟ - 554 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ (64)، وَمُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابن نَصْرِ اللهِ (ورقة: 24)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 196)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 157)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضِّدِ" (1/ 264). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 190)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 112)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 315)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (139)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 240) وَالشَّذَرَاتُ (4/ 170)(6/ 283).
حَسَنًا، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ مُتَلَوِّنًا فِي المَذْهَبِ.
(1)
وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الأَحَدِ ثَامِنَ عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ وَصَلَّى عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ. وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ". وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ: أَنَّهُ رَكِبَ دَابَّةً فَانْحَنَى فِي ضِيْقٍ لِيَدْخُلَ، فَاتَّكَى بِصَدْرِهِ عَلَى قُرْبُوْسِ السَّرْجِ فَأَثَّرَ فِيْهِ، وَانْضَمَّ إِلَى ذلِكَ إِسْهَالٌ، فَضَعُفَتْ القُوَّةُ، وَكَانَ مَرَضُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ رحمه الله. وَلَهُ "تَعْلِيْقَةٌ فِي الفِقْهِ" وَقَفْتُ عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا.
130 - الحَسَنُ
(2)
بنُ جَعْفَرِ
(3)
بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ المُتَوَكِّلِ عَلَى اللهِ العَبَّاسِيُّ الهَاشِمِيُّ، المُقْرِئُ، الأَدِيْبُ، أَبُو عَلِيٍّ.
وُلِدَ فِي حَادِي عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ، وَسَمِعَ قَدِيْمًا مِنْ أَبِي غَالِبٍ البَاقِلَّانِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ العلَّافِ، وَشَهْفِيْرٍ، وَابْنِ أَبِي الفَوَارِسِ الشَّاعِرِ، وَابْنِ الحُصيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ اللَّفْتُوَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ،
(1)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: قَالَ ابنَ السَّمْعَانِيِّ: "اجْتَمَعْتُ بِهِ يَوْمًا فَقَالَ لِي: أَنَا السَّاعَةَ مُتَّبعُ الدَّلِيْلِ، مَا أُقَلِّدُ أَحَدًا، سَمِعَ مِنْ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ، وَحَدَّثَ".
(2)
في (ط): "الحُسَيْنُ".
(3)
130 - ابنُ المُتَوَكِّلِ العَبَّاسِيُّ (477 - 554 هـ):
أَخبارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 25)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 318)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 159)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضِّدِ" (1/ 265). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 191)، وَالعِبَرُ (4/ 155)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (145)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 387)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (228)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 307)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (11/ 414)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 171)(6/ 285).
وَحَدَّثَ، وَكَانَ يَؤُمُّ فِي مَسْجِدِ ابنِ العُلْبِيِّ
(1)
الزَّاهِدِ، وَكَانَ فِيْهِ لُطْفٌ وَظُرُفٌ وَأَدَبٌ، وَيَقُوْلُ الشِّعْرَ الحَسَنَ، مَعَ دِيْنٍ وَخَيْرٍ، وَجَمَعَ "سِيْرَةَ المُسْتَرْشِدِ"، وَ"سِيْرَةَ المُقْتَفِي"، وَجَمَعَ لِنَفْسِهِ "مَشْيَخَةً" وَجَمَعَ كِتَابًا سَمَّاهُ "سُرْعَةَ الجَوَابِ وَمُدَاعَبَةَ الأَحْبَابِ" أَحْسَنَ فِيْهِ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: وَكَانَ أَدِيْبًا، فَاضِلًا، يَقُوْلُ الشِّعْرَ، وَيَرْوِي الحِكَايَاتِ وَالنَّوَادِرِ، وَكَانَ صَالِحًا، مُتَدَيِّنًا، صَدُوْقًا، رَوَى لَنَا عَنْهُ ابنُ الأَخْضَرِ وَغَيْرُهُ.
وَذَكَرَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ، وَقَالَ: كَانَ صَالِحًا، فَاضِلًا، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالأَدَبِ وَالشِّعْرِ، وَمِنْ شِعْرِهِ مِمَّا كَتَبَهُ فِي بَعْضِ الأَجَايِزِ.
أَجَزْتُ لِلسَّادَةِ الأَخْيَارِ مَا سَأَلُوا
…
فَلْيَرُووا عَنِّي
(2)
بِلَا بَخْسٍ وَلَا كَذِبِ
مَهْمَا أَحَبُّوْهُ مِنْ شِعْرٍ وَمِنْ خَبَرٍ
…
وَمِنْ جَمِيْعِ سَمَاعَاتِي مِنَ الكُتُبِ
وَلْيَحْذَرُوا السَّهْوَ وَالتَّصْحِيْفَ مِنْ غَلَطٍ
…
وَيَسْلُكُوا سُنَّةَ الحُفَّاظِ فِي الأَدَبِ
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: أَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الشَّاهِدُ الفَقِيْهُ، هُوَ ابنُ الصَّقَّالِ
(3)
، أَنْشَدَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عَلِيِّ بنُ المُتَوَكِّلِ عَلَى اللهِ لِنَفْسِهِ.
يَاذَا الَّذِي أَضْحَى يَصُوْلُ بِبِدْعَةٍ
…
وَتَشَيُّعٍ وَتَمَشْعُرٍ وَتَمَعْزُلِ
لَا تُنْكِرَنَّ تَحَنْبُلِي وَتَسَنُّنِي
…
فَعَلَيْهِمَا يَوْمَ المَعَادِ مُعَوَّلِي
إِنْ كَانَ ذَنْبِي حُبَّ مَذْهَبِ أَحْمَدٍ
…
فَلْيَشْهَدِ الثَّقَلَانِ أَنِّي حَنْبَلِي
(1)
في (ط): "الثَّعْلَبِي". وَابْنُ العُلبِيِّ هُوَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، أَبُو بَكْرٍ (ت 503 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ.
(2)
كَتَبَ نَاسِخُ (د) فَوْقَهَا: "صَوَابُهُ فَلْيُرْوَ عَنِّي".
(3)
هُوَ المَعْرُوْفُ بـ "الطَّيْبِيِّ"(ت: 599 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّف في مَوْضِعِهِ.
وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا:
بِشَرْقِيِّ بَغْدَادَ لِيْ حَاجَةٌ
…
سَأَقْضِيْ وَمَا خِلْتُهَا تَنْقَضِي
دُيُوْنٌ عَلَى مَاطِلٍ ظَالِمٍ
…
وَوَجْدٌ بِمُسْتَكْبِرٍ مُعْرِضِ
أَحِنُّ إِلَيْهِ حَنِيْنَ المُحِبِّ
…
وَيَهْجُرُنِي هَجَرَ المُبْغِضِ
وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا:
أَلَا بِأَبِي مَنْ صَدَّ عَنِّي
(1)
وَإِنَّهُ
…
عَلَى صَدِّهِ شَخْصٌ إِلَيَّ حَبِيْبُ
تَجَنَّبَنِي خَوْفَ الوُشَاةِ وَفِي الحَشَا
…
رَسِيْسُ جَوىً مَا يَنْقَضِي وَوَجِيْبُ
وَلِي كَبِدٌ حَرَّى عَلَيْهِ قَرِيْحَةٌ
…
وَقَلْبٌ مُعَنًّى فِي هَوَاهُ يَذُوْبُ
هُمُوا نَسَبُوا حُبِّي إِلَى غَيْرِ عِفَّةٍ
…
وَظَنُّوا بِنَا سُوْءًا وَذلِكَ حُوْبُ
وَوَالله، مَا حَدَّثْتُ نَفْسِي بِرِيْبَةً
…
وَحَاشَا لِمِثْلِي أَنْ يُقَالَ مُرِيْبُ
قَال ابنُ النَّجَّارِ: أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ الضَّرِيْرُ النَّحْوِيُّ
(2)
، أَنْشَدَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ جَعْفَرٍ لِنَفْسِهِ:
(3)
(1)
في (ب): "صد عنه".
(2)
هُوَ المَعْرُوْفُ بِـ "البَهْجَةِ الفَزْرَانِيِّ"(ت: 603 هـ) مُقْرِئٌ، عَارِفٌ بِالنَّحْوِ، قَرَأَ عَلَى ابْنِ الخَشَّابِ وَغَيْرِهِ. تَرْجَمَ لَهُ القِفْطِيُّ في إِنْبَاه الرُّوَاة (3/ 53)، وَالسُّيُوْطيُّ في بُغْيَةِ الوُعَاة (1/ 48)، وَغَيْرُهُمَا.
(3)
بَعْدَهَا في (ط): "هذه القَصِيْدَةُ في آخِرِ تَرْجَمَةِ (الحُسَيْن؟) الحَسَنِ بنِ جَعْفَرٍ الآتي ذِكرُهُ" وَلا يَصِحُّ ذِكْرُ هَذِهِ العِبَارَةِ فِي الأَصْلِ؛ لأَنَّهَا عِبَارَةُ النَّاسِخ لَا عِبَارَةُ المُؤَلِّفِ الَّذِي نَبَّهَ عَلَى اضْطِرَابٍ وَقَعَ؛ لأنَّ القَصِيْدَة وَرَدَتْ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الفَتْحِ الشَّيْبَانِيِّ سَهْوًا مِن المُؤلِّفِ أَوِ النَّاسِخِ السَّابِقِ فَنَبَّهَ بِهَذِهِ العِبَارَةِ عَلَى مَوْضِعِ القَصِيْدَةِ؛ لَذلِكَ اضْطَرَبَ =
الدَّهْرُ يُعْقِبُ مَا يَضُرُّ وَيَنْفَعُ
…
وَالصَّبْرُ أَحْمَدُ مَا إِلَيْهِ المَرْجِعُ
وَالمَرْءُ فِيْمَا مِنْهُ كَانَ مَصِيْرُهُ
…
حَيْنًا وَلَيْسَ عَنِ المَنِيَّةِ مَدْفَعُ
فَاحْذَرْ مُفَاجَاتِ المَنُونِ فَإِنَّهُ
…
لَا يُلْتَجَى مِنْهَا وَلَا يُسْتَشْفَعُ
أَيْنَ الَّذِيْنَ تَجَمَّعُوا وَتَحَصَّنُوا
…
وَتَوَثَّقُوا وَتَجَيَّشُوا وَتَمَنَّعُوا
وَتَعَظَّمُوا وَتَحَشَّمُوا وَتَجَبَّرُوا
…
وَتَكَبَّرُوا وَتَمَوَّلُوا وَتَرَفَّعُوا
صَاحَتْ بِهِمْ نُوَبُ الزَّمَانِ فَأَسْرَعُوا
…
وَحَدَى بِهِمْ حَادِي البِلَى فَتَقَطَّعُوا
أَلَّا احْتَمَوا عَنْهُ بِعَضْبٍ بَاتِرٍ
…
أَوْ صَانَعُوْهُ بِالَّذِي قَدْ جَمَّعُوا
كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ بِهِمْ مَأْنُوْسَةً
…
فَتَفَرَّقَتْ أَوْصَالُهُمْ وَتَضَعْضَعُوا
وَاسْتَوْطَنُوا الأَجْدَاثَ بَعْدَ قُصُوْرِهِمْ
…
وَسَفَتْ عَلَى الآثَارِ رِيْحٌ زَعْزَعُ
مَاذَا أَعَدُّوا فِي الجَوابِ لمُنْكَرِ
…
أَنْ غَرَّهُمْ فِيْهِ وَمَاذَا يَصْنَعُوا
وَجَدُوا الَّذِي عَمِلُوا فَوَجْهٌ أَبْيَضٌ
…
بِجَمِيْلِ طَاعَتِهِ وَوَجْهٌ أَسْفَعُ
أَبُنَيَّ كُنْ مُتَمَسِّكًا بِنَصِيْحَتِي
…
فَالدَّهْرُ ذُو غِيَرٍ
(1)
يَجُوْرُ وَيَخْدَعُ
وَاحْذَرْ مُجَاوَرَةَ الحَسُوْدِ فَإِنَّهُ
…
بِخِلَافِ مَا فِي نَفْسِهِ يَتَذَرَّعُ
= النُّسَّاخ بعْدَ ذلِكَ فِي وَضْعِهَا فَبَقِيَتْ فِي (أ) و (ب) و (هـ) فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الفَتْحِ، وَتَنَبَّهَ نَاسخ (ب) وَدَلَّلَ عَلَى مَوْضِعِهَا، وَأَنَّهُ آخِرُ التَّرْجَمَةِ. ووَضَعَهَا نَاسِخُ (د) فِي آخِرِ التَّرْجَمَةِ، لَكِنْ بَعْدَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ، وَوَضَعَهَا نَاسِخُ (د) بَعْدَ المَقْطُوعَةِ الأُوْلَى وَأَوْرَدَ المُقَطَّعَاتِ الأُخْرَى بَعْدَهَا. واجْتَهَدْتُ فِي وَضْعِهَا مَوْضِعَها اللَّائِقَ بِهَا فِي آخِرِ التَّرْجَمَةِ لَكِنْ قَبْلَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُوْنَ مُصِيْبًا. وَأَوْرَدَ الصَّفَدِيُّ فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ" مِنْهَا أَبْيَاتًا وَقَالَ:"شِعْرٌ مُنْحَطٌّ" وَهُوَ كَمَا قَالَ مِنْ حَيْثُ الصِّيَاغَةِ الأَدَبِيَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْنَاهَا شَرِيْفٌ.
(1)
في (ط): "ابتي" و"ذُوغر".
وَعَلَيْكَ بِالخُلُقِ الجَمِيلِ فَإِنَّهُ
…
مِنْ كُلِّ شَيْءٌ يُقْتَنَى لَكَ أَنْفَعُ
وَتَجَنَّبِ الدُّنْيَا وَكُنْ مُتَقَنِّعًا
(1)
…
فَالحُرُّ يَرْضَى بِالقَلِيْلِ وَيَقْنَعُ
وَخُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَاعْمَلْ بِمَا
…
أَمَرَ المُهَيْمِنُ فَهْوَ حَقٌّ يُتْبَعُ
وَاسْلُكْ سَبِيْلَ رَسُوْلِهِ فِي أَمْرِهِ
…
تَنْجُو بِهِ فَهُوَ الطَّرِيْقُ المَهْيَعُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
…
إِلَيْهِ مَصِيْرُنَا وَالمَرْجِعُ
حَيٌّ قَدِيْمٌ وَاحِدٌ مُتَنَزِّهٌ
…
صَمَدٌ تَذِلُّ لَهُ الرِّقَابُ وَتَخْضَعُ
مُتَكَلِّمٌ عَدْلٌ جَوَادٌ مُنْعِمٌ
…
بِالقِسْطِ يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ
ذُو العَرْشِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ سَرِيْرَةٌ
…
مِنَّا وَيَعْلَمُ مَا نَقُوْلُ وَيَسْمَعُ
فِي الحَشْرِ يَظْهَرُ لِلْعِبَادِ بِلُطْفِهِ
…
كُلٌّ يَذِلُّ لَهُ وَكُلٌّ يَضَرَع
(2)
بِالعَدْلِ يَحْكُمُ فِي القِيَامَةِ بَيْنَنَا
…
وَنَبِيُّنَا فِيْنَا إِلَيْهِ يَشْفَعُ
خَيْرُ البَرِيَّةِ بَعْدَهُ صِدِّيْقُهُ
…
هُوَ فِي الخِلَافَةِ سَابِقٌ مُسْتَتْبِعُ
وَكَذلِكَ الفَارُوْقُ أَكْرَمُ صَاحِبٍ
…
مِنْ بَعْدِهِ حَبْرٌ جَوَادٌ سَلْفَعُ
وَمُجَهِّزُ الجَيْشِ العَظِيْمِ وَمَنْ ثَوَى
…
مُسْتَسْلِمًا فِي الدَّارِ وَهُوَ يُبَضِّعُ
وَحَبِيْبُهُ وَنَسِيْبُهُ وَصَفِيُّهُ
…
وَحُسَامُهُ ذَاكَ البَطِيْنُ الأَنْزَعُ
لَهُمْ المَنَاقِبُ وَالمَوَاهِبُ وَالعُلَى
…
وَهُمْ الصَّوَاحِبُ
(3)
وَالنُّجُوْمُ الطُّلَعُ
(1)
فِي المَنْهَجِ الأَحْمَدِ: "متعففا" وَيُصَحِّحُ المُثْبَتَ مَا جاء في آخرِ البَيْتِ: "وَيَقْنَعُ".
(2)
في (ط): "وَيَخْضَعُ".
(3)
في (ط): "هُم والصَّواحِبُ"، ولا أَظُنُّ أَنَّ هَذَا الجَمْعَ يَصْلُحُ لِمَا أرَادَ الشَّاعِرُ؟! إِلَّا إِنْ أَرَادَ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟! وَالعِبَارَةُ مُشْكِلَةٌ.
وَهُمُ الَّذِيْنَ بِهِمْ يَفُوْزُ مُحِبُّهُمْ
…
يَوْمَ المَعَادِ وَكُلُّ ذُخْرٍ يَنْفَعُ
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" وَفِي "تَارِيْخِ ابنِ القَطِيْعِيِّ" أَنَّهُ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الإِثْنَيْنِ لِخَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ مَضَتْ مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى مِن السَّنَةِ المَذْكُوْرَةِ، وَذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ - عَنِ عُمَرَ القُرَشِيِّ - أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَحَدِ ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى.
131 - مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
(1)
بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَبْرَادِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ بنِ أَبِي البَرَكَاتِ،
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَبِيْهِ.
تَفَقَّهَ عَلَى ابنِ عَقِيْلٍ. وَسَمِعَ مِنْهُ، وَمِنْ أَبِيْهِ أَبِي البَرَكَاتِ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ الفَاعُوْسِ. وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ. سَمِعَ مِنْهُ أَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِعٍ.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ خَامِسَ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ عِنْدَ "بَابِ المُخْتَارَةِ"
(2)
. أَرَّخَ وَفَاتَهُ: صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ، وَابْنُ نُقْطَةَ،
(1)
131 - أَبُو الحَسَنِ بنُ الأَبْرَادِيِّ (؟ - 554 هـ).
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 25)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 350)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 163)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 265). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (1641)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 94)، وَالشَّذَرَاتُ (6/ 287)، تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِيْهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (531 هـ)، وَسَيَأْتِي ابنُهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 612 هـ) فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّفِ، وَيُرَاجَعُ: هَامِشُ تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ. قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: "كَانَ يَسْكُنُ بِالبَدْرِيَّةِ".
(2)
المُخْتَارَةُ مَحِلَّةٌ كَبِيرَةٌ بـ "بَغْدَادَ" بِالجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْهَا، بَيْنَ "بَابِ أَبْرَز" وقَرَاحِ القَاضِي وَ"المُقْتَدِيَّةِ". يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 84)، وَبِـ "بَابِ أَبْرِز" مَقْبَرَةٌ مَشْهُوْرَةٌ. تَقَدَّمَ =
وَابْنُ النَّجَّارِ، وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ وَفَاتُهُ بِوَفَاةِ أَبِيْهِ، كَمَا سَبَقَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ.
132 - أَحْمَدُ بنُ مُهَلْهِلْ
(1)
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ البَرْدَانِيُّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: هُوَ مِنْ قَرْيَةِ "بَرْدَ"
(2)
بِسُكُوْنِ الرَّاءِ، مِنْ بَلَدِ "إِسْكَافَ" المُقْرِئُ الزَّاهِدُ، الضَّرِيْرُ، أَبُو العَبَّاسِ، وَيُعْرَفُ بِـ "الأَزَجِيِّ" كَانَ مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ وَالزُّهْدِ وَالعِبَادَةِ. رَوَى عَنْ أَبِي طَالِبٍ اليُوْسُفِيِّ وَغَيْرِهِ، وَحَدَّثَ.
ذَكَرَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ، وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ البَرَانْدَاسِيَّ
(3)
الفَقِيْهِ يَقُوْلُ: كَانَ هَذَ الشَّيْخُ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمِ أَرْبَعِمَائَةَ رَكْعَةٍ
(4)
.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الخَمِيْسِ غُرَّةَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ"، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
= ذِكْرُهَا مِرَارًا.
(1)
132 - ابنُ مُهَلْهِلٍ البَرْدَانِيُّ (؟ - 554 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 25)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 197)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 158)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (2641). وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ (142)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1261)، وَالمُشْتَبَهُ للذَّهَبِيِّ (1/ 61)، وَتَوْضِيْحُهُ لابنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ (4271)، وَالتَّبْصِيْرُ للحَافِظِ ابنِ حَجَرٍ (1/ 137) وفيه:"مُحَمَّدُ بنُ مُهَلْهِلٍ"، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 170)(6/ 284).
(2)
في "المُشْتَبه" وَ"التَّوْضِيْحِ" وَ"التَّبْصِيْرِ": "البَرْدَانِيَّةُ" مِنْ قُرَى "إِسْكَافَ".
(3)
عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّيْتُوْنِيُّ (ت: 586 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(4)
هَلْ تَحْدِيْدُ هَذَا العَدَدِ كُلَّ يَوْمٍ جَائِزٌ شَرْعًا؟!
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ مُنْقَطِعًا فِي مَسْجدِهِ لَا يُخَالِطُ أَحَدًا، مُشْتَغِلًا بِاللهِ عز وجل، وَكَانَ الإِمَامُ المُقْتَفِي يَزُوْرُهُ، وَكَذَلِكَ وَزِيْرُهُ ابنُ هُبَيْرَةَ، وَالنَّاسُ كَافَّةً يَتبَرَّكُونَ
(1)
بِهِ. وَكَانَ قَرَأَ طَرَفًا صَالِحًا مِن الفِقْهِ علَى أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ، ثُمَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي غَالِبٍ البَاقِلَّانِيِّ، وَأَبِي الغَنَائِمِ النَّرْسِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ اليُوْسُفِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ. رَوَى عَنْهُ أَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِعٍ، وَأَبُو بَكْرٍ البَاقِدَارِيُّ
(2)
.
133 - سَعِيْدُ بنُ الحُسَيْنِ
(3)
بنِ شُنَيْفِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّيْلَمِيُّ الدَّارَقَزِّيُّ،
(1)
في (ط): "يبتركوا".
(2)
هُوَ وَالِدُ عَجِيْبَةَ، وَاسمُهُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي غَالِبٍ (ت: 575 هـ) سَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَيَأْتِي أَيْضًا ذِكْرُ ابْنَتِهِ، وَابْنِهِ مُحَمَّدٍ في اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّفِ، رحمهم الله.
(3)
133 - ابنُ شُنَيْفٍ الدَّارْقَزِّيُّ (479 - 554 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 25)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 411)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 163)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضِّدِ" (1/ 265). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (3/ 448)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 58)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (147)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 171)(6/ 286)، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ نِسْبَتِهِ، وَذِكْرُ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي تَرْجَمَةِ عَمِّهِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ شُنَيْفٍ (ت: 528 هـ).
- ابْنُهُ الحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ (ت: 610 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِن الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
ويُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله:
149 -
أَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ (ت:؟) ذَكَرَهُ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ فِي الأَنْسَاب (5/ 400) قَالَ: "وأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي الفَضْلِ شُنَيْفٍ الدَّيْلَمِيُّ، فَقِيْهٌ، =
الأَمِيْنُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ. وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجِ، وَالحُسَيْنِ بنِ طَلْحَةَ النَّعَّالِ، وَابنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ إِمَامًا بِجَامِعِ "دَارِ القَزِّ" وَأَمِيْنًا لِلْقَاضِي بِمَحِلَّتِهِ وَمَا يَلِيْهَا، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا، ثِقَةً، حَدَّثَ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ رَابِعَ عَشَرَ ذِيْ الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
134 - أَحْمَدُ بنُ أَبِي غَالِبِ
(1)
بنِ أَحْمَدَ بنِ غَالِبِ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَرْبِيُّ، الفَقِيْهُ، الفَرَضِيُّ، المُعَدَّلُ، أَبُو بَكْرٍ.
سَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ قُرَيْشٍ،
= مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، سَكَنَ "دَارَ القَزِّ" إِحْدى المَحَالِّ الغَرْبِيَّةِ بِـ "بغدَادَ" قَال لي: أَنَا مِنْ دَيْلَمِ العرَب، وَلا أَعرفُ أَنَا هَذا، واللهُ أَعْلَمُ. سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الله الحُسَيْنَ بنَ أَحْمَدَ بنَ طَلحَةَ النَّعَّالِي، كَتَبْتُ عَنْهُ أَحَادِيثَ يَسِيْرَة عَلَى بَابِ دَارِهِ" وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ.
وَيُذْكَرُ هُنَا:
- عْبدُ العَزِيزِ بنُ عبدِ الرَّحْمَن بن عَلِيِّ بن الجَوْزِيِّ أَبُو بَكْرِ بنُ الشَّيخِ المَشْهُورِ أَبِي الفَرَج (ت: 597 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ، وَهَذَا مَوْضِعُهُ، أَفْرَدَهُ بِالتَّرْجَمَة ابنُ مُفْلِحٍ في المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 169)، وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 502)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 44)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، وَغَيْرُهَا.
(1)
134 - ابن أبِي غَالِبٍ الحَرْبِيُّ (؟ - 555 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 25)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (1/ 153)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 165)، وَمَخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 266). وَيُرَاجَع: الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 176)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 175)(6/ 290).
وَابْنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاءِ، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ الله أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، حَافِظًا لِكَتَابِ اللهِ تَعَالَى، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالفَرَائِضِ، وَالحِسَابِ وَالنُّجُومِ، وَأوْقَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي القَاسِمِ الزَّيْنَبِيِّ، وَتَوَلَّى قَضَاءَ "دُجَيْلٍ" مُدَّةً، ثُمَّ عُزِلَ، حَدَّثَ بِاليَسِيْرِ، وَسَمِعَ مِنْهُ عَبْدُ المُغِيْثِ الحَرْبِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو القَاسِمِ بنُ الفَرَّاءِ، وغَيْرُهُمَا.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الأَحَدِ، يَوْمَ عِيْدَ الأَضْحَى، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ.
135 -
وَفِي نِصْفِ ذِيْ القَعْدَةِ توُفِّيَ الشَّرِيْفُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
(1)
بنِ عَلِيِّ
(1)
135 - أبو المُظَفَّرِ التُّرَيْكِيُّ (470 - 555 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 25)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 350)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 164)، وَمَخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 266). وَيُرَاجَعُ: الأنْسَابُ (10/ 197)، والمُنْتَظَمُ (10/ 197)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (1/ 290)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 359)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (175)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (229)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْن (1666)، والعِبَرُ (4/ 159)، والمُشْتَبَهُ (69)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهُ (1/ 474)، وتَبْصِيْرُ المُنْتَبِهِ (1/ 145)، والنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (5/ 333)، وشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 175)(6/ 292). ونِسْبَتُهُ "التُّرَيْكِيُّ" تَصَحَّفَت في (ط) إِلَى "البَرْمَكِيِّ" في "الشَّذَرَاتِ"، وَإنَّمَا النِّسْبَةُ إِلَى تَصْغِيْرِ "تُرْكٍ" وَلَقَبُهُ:"عِزُّ الشَرَفِ". وَتُرَيْكُ: اسمُ رَجُلٍ نَذْكُرُ مِنْهُمُ وَالِدُ عَبْدِ المُحْسِنِ بنُ تُرَيْكِ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ بنِ تُرَيْكٍ أَبُو الفَضْلِ الأَزَجِيُّ البَيِّعُ (ت: =
ابنِ الحُسَيْنِ التُّرَيْكِيُّ العَبَّاسِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المُعَدَّلُ الشَّرِيْفُ، الخَطِيْبُ، أَبُو المَظَفَّرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَدُفِنَ بِالقُرْبِ مِنْ قَبْرِ مَعْرُوفٍ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ.
رَوَى عَنْ طِرَادٍ، وَأَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَالعَاصِمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ. وَكَانَ جَلِيْلَ القَدْرِ، وَكَانَ مِنْ رِجَالَاتِ الهَاشِمِيِّيْنَ، ذَا أَدَبٍ وَعِلْمٍ، وَلَهُ نَظْمٌ، وَخَطَبَ بِجَامِعٍ لَهُ.
136 - عَلَوِيُّ الإسْكَافُ
(1)
. تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى
= 575 هـ) رَجَّحْتُ أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
136 - عَلَوِيُّ الإسْكَافُ (؟ - 555 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 25)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 164)، وَمَخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 265). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 300)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 175)(6/ 292).
وَفِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادِ" قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: عَلَوِيُّ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ جُبَارَة بن سعنين (؟) الجَمَالُ أَبُو الخَيْرِ، وَيُقَالُ: أَبُو الحَسَنِ، وَيُعْرَفُ بـ "ابنِ أَبِي عَلْوَانَ" الإسْكَافُ، كَانَ شَيْخًا، مُتَفَقِّهًا، مُتَصَوِّفًا. سَمِعَ أَبَا الغَنَائِمِ مُحَمَّدَ بنَ مَيْمُوْنَ النَّرْسِيَّ، وَأَبَا طَالِبٍ عَبْدَ القَادِرِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبَا العِزِّ أَحْمَدَ بنَ عُبَيْدِ الله بنِ كَادِشٍ، وَأَبَا السَّعَادَاتِ أَحْمَدَ بنَ أَحْمَدَ المُتَوَكِّلِيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ وَغَيْرَهُمْ. وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ، سَمِعَ مِنْهُ الشَّرِيْفُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الزَّيْدِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ صَالِحِ بنِ شَافِعٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي غَالِبٍ البَاقِدَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ الشَّعَّارِ، وَالقَاضِي أَبُو المَحَاسِنِ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ، وَشَيْخُنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَكْرُوْنَ الشَّاهِدُ". وَسَاقَ عَنْهُ سَنَدًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَوْرَدَ حَدِيْثًا، ثُمَّ ذَكَرَ =
الآخِرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. تُوُفِّيَ عَلَوِيُّ
(1)
الإِسْكَافُ وَكَانَ شَيْخًا، صالِحًا، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي الحَسَنِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَكَانَ يَقْرَأُ "كِتَابَ الخِرَقِيِّ" وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ القَصْرِ، بُكْرَةَ النَّهَارِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "الوَرْدِيَّةِ". ذَكَرَهُ صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ فِي "تَارِيْخِهِ".
137 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ دِيْنَارِ
(2)
بنِ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ حَامِدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ النَّهْرَوَانِيُّ،
= وَفَاتَهُ عَنْ أَبِي المَحَاسِنِ القُرَشِيِّ كَمَا هُو هُنَا.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةَ (555 هـ):
150 -
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَنْصُوْرٍ، أَبُو عَبْدِ الكَرِيْمِ المَقْدِسِيُّ، عَمُّ الحَافِظِ الضِّيَاءِ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (162)، وَذَكَرَ طَرَفًا مِنْ أَخْبَارِهِ.
(1)
كَذَا في (ب) و (هـ) و"مُخْتَصَرِ ابنِ نَصْرِ الله" وَ"ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ". وفي (د): "عَلْوَانُ" وَتَحَرَّفَت في (ج) إِلَى "عَلْوَن".
(2)
136 - أَبُو حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِي (480 - 556 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مَنَاقِبِ الإمَامِ أَحْمَد (640)، وَمُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 25)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 222)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 165)، وَمَخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 266). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 201)، وَمَشْيَخَةُ ابْنِ الجَوْزِيِّ (184)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 378)، وَمُجْمَعُ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (3/ 340)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 145)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 396)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (191)، وَالعِبَرُ (4/ 159)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (229)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 230)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 310)، وَالوَافِي بالوَفَيَاتِ (5/ 346)، وَالبِدَايَةُ والنِّهَايَةُ (12/ 245)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (5/ 360)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 176)(6/ 294). وَ"النَّهْرَاوَانِيُّ" مَنْسُوْبٌ إِلَى "النَّهْرَوَانِ" بَلْدَةٌ مَعْرُوْفَةٌ =
الرَّزَّازُ، الفَقِيْهُ، الفَرَضِيُّ، الزَّاهِدُ، الحَكِيْمُ
(1)
، الوَرِعُ، أَبُو حَكِيْمٍ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ العَلَّافِ، وَأَبِي عُثْمَانَ بنِ مِلَّةَ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ، وَأَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ، وَأَبِي عَلِيِّ بنِ شِهَابٍ، وَابْنِ الحُصَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي سَعْدِ بنِ حَمْزَة
(2)
صَاحِبُ أَبِي الخَطَّابِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَالخِلَافِ، وَالفَرَائِضِ، وَأَفْتَى، وَنَاظَرَ.
وَكَانَتْ لَهُ مَدْرَسَةٌ بَنَاهَا بِـ "بَابِ الأَزَجِ" وَكَانَ يُدَرِّسُ وَيُقِيْمُ بِهَا، وَفِي آخِرِ عُمُرِهِ فُوِّضَتْ إِلَيْهِ المَدْرَسَةُ الَّتِي بَنَاهَا ابنُ الشِّمَحْلِ
(3)
بِـ "المَأْمُوْنِيَّةِ"،
= بِـ "العِرَاقِ" لَهَا شُهْرَةٌ، وَذِكْرٌ في الفُتُوْحِ الإِسْلَامِيَّةِ. يُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (12/ 174)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 378)، "بِفَتْحِ النُّوْنِ، وَسُكُوْنِ الهَاءِ، وَفَتْحِ الرَّاءِ المُهْمَلَةِ وَالوَاوِ، وَفِي آخِرِهَا نُوْنٌ أُخْرَى" وَلَقَبُهُ: "قُدْوَةُ الدِّيْنِ" كَمَا في "مَجْمَعِ الآدَابِ".
(1)
في (ج): "الحَلِيْمُ" بسقوط "عَصَا الكَافِ".
(2)
هُوَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ حَمْزَةَ بنِ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ (ت: 515 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
هُوَ عُمَرُ بنُ ثَابِتِ بنِ عَلِيٍّ (ت: 561 هـ) سَيَأْتِي في اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَ ابنُ النَّجَّارِ في ذَيْلِ تَارِيْخ بَغْدَادَ (5/ 57): "بَنَى مَدْرَسَةً للمُتَفَقِّهَةِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَدَرَّسَ بِهَا أَبُو حَكيْمٍ النَّهْرَاوَانِيُّ وَبَعْدَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ، وَجُعِلَتْ فِيْهَا خِزَانَةُ كُتُبٍ نَفِيْسَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ قُبِضَ عَلَيْهِ وَسُجِنَ إِلَى أَنْ هَلَكَ، وَلَمْ تَثْبُتْ وَقْفِيَّةُ تِلْكَ البُقْعَةِ فَبِيْعَتْ وَصَارَتْ دَارًا لِبَعْضِ الأُمَرَاءِ، وَأُخِذَتْ الكُتُبُ الَّتِي كَانَتْ فِيْهَا". وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ أَيْضًا: "وَبَنَى مَدْرَسَةً بـ "دَرْبِ الشَّوْكِ" بـ "شَارِعِ المَأْمُوْنِيَّةِ" حَسَنَةً، فَلَمْ يَزَلْ فِي فَسَادِ التَّدْبِيْرِ مِمَّنْ سَكَنَهَا، وَسُوْءِ التَّوْفِيْقِ المَعْرُوْفَيْنِ مِنْ حَلَالِهِ حَتَّى طَرَقَ عَلَيْهِ بِذلِكَ (نَسى؟) [لَعَلَّهَا فَسَعَى] في تَعْطِيْلِهَا وَتَبْطِيْلِهَا، وَسَدِّ بَابِهَا، وَنَقَلَ مَا فِيْهَا مِنَ الكُتُبِ وَأَخْرَجَ الَّذِي كَانَ فِيْهَا عَلَى أَقْبَحِ وَجْهٍ". وَذَكَرَهَا ابنُ الجَوْزِيِّ في "المُنْتَظَمِ" فَقَالَ: =
وَدَرَّسَ بِهَا أَيْضًا، وَقَرَأَ عَلَيْهِ العِلْمَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَانْتَفَعُوا بِهِ.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرْآنَ وَالمَذْهَبَ وَالفَرَائِضَ، وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ: السَّامُرِّيُّ
(1)
صَاحِبُ "المُسْتَوعَبِ" وَنَقَلَ عَنْهُ فِي تَصَانِيْفِهِ.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: وَكَانَ زِاهِدًا، عَابِدًا، كَثِيْرَ الصَّوْمِ، يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الحِلْمِ وَالتَّوَاضُعِ. وَقَالَ أَيْضًا: كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ بِالعِلْمِ، كَثِيْرَ الصِّيَامِ وَالتَّعَبُّدِ، شَدِيْدَ التَّوَاضُعِ، مُؤَثِّرًا للخُمُوْلِ
(2)
، وَكَانَ المَثَلُ يُضْرَبُ بِحِلْمِهِ وَتَوَاضُعِهِ، وَمَا رَأَيْنَا لَهُ نَظِيْرًا فِي ذلِكَ.
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: سَمِعْتُ ابنُ الجَوْزِيِّ يَقُوْلُ: كَانَ الشَّيْخُ أَبُو حَكِيْمٍ تَالِيًا لِلْقُرْآنِ، يَقُوْمُ اللَّيْلَ وَيَصُوْمُ النَّهَارَ، وَيَعْرِفُ المَذْهَبَ وَالمُنَاظَرَةَ، وَلَهُ الوَرَعُ العَظِيْمُ، وَكَانَ يَكْسِبُ
(3)
بِيَدِهِ، فَإِذَا خَاطَ ثَوْبًا فَأُعْطِيَ الأُجرَةَ مَثَلًا قِيْرَاطًا، أَخَذَ مِنْهُ حَبَّةً وَنِصْفًا وَرَدَّ البَاقِي، وَقَالَ: خِيَاطَتِي لَا تُسَاوِي أَكْثَرَ
= "وَأُعْطِيَ المَدْرَسَةَ الَّتِي بَنَاهَا ابنُ الشِّمَحْلِ بِـ "المَأْمُوْنِيَّةِ" وَأَعَدْتُ دَرْسَهُ فَبَقِيَ نَحْوَ شَهْرَيْنِ فِيْهَا، وَسُلِّمَتْ بَعْدَهُ إِلَيَّ، فَجَلَسْتُ فِيْهَا لِلتَّدْرِيْسِ، وَلَهُ مَدْرَسَةٌ بِـ "بَابِ الأَزَجِ" كَانَ مُقِيْمًا بِهَا فَلَمَّا احْتُضِرَ أَسْنَدَهَا إِلَيَّ" وَ"المَأْمُوْنِيَّة" مِنْ أَحْيَاءِ "بَغْدَادَ" المَشْهُوْرَةِ تَقَدَّم ذِكْرُهَا.
(1)
هوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن الحُسَيْنِ (ت: 616 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَمِنْ أَشْهَرِ مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ أَبُو البَقَاءِ العُكْبَرِيُّ (ت: 616 هـ) أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ أَيْضًا.
(2)
في (ب) و (د): "مُؤَثِّر الخُمُوْل".
(3)
في (ط): "يَكْتُبُ بِيَدِهِ" خَطَأٌ ظَاهِرٌ بِدَلِيْلِ مَا بَعْدَهُ.
مِنْ هَذَا، وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا.
قُلْتُ: وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو حَكِيْمٍ تَصَانِيْفَ فِي المَذْهَبِ وَالفَرَائِضِ، وَصَنَّفَ "شَرْحًا لِلْهِدَايَةِ"
(1)
كَتَبَ مِنْهُ تِسْعَ مُجَلَّدَاتٍ، وَمَاتَ وَلَمْ يُكْمِلْهُ. وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُم: ابنُ الجَوْزِيِّ، وَعُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، وَلَهُ نَظْمٌ. وَقَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ التَّاجِرُ، أَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ دِيْنَارٍ الفَقِيْهُ لِنَفْسِهِ:
يَا دَهْرُ إِنْ جَارَتْ صُرُوْفُكَ وَاعْتَدَتْ
…
وَرَمَيْتَنِي فِي ضَيْقَةٍ
(2)
وَهَوَانِ
أَنَّى أَكُوْنَ عَلَيْكَ يَوْمًا سَاخِطًا
…
وَقَدِ اسْتَفَدْتُ مَعَارِفَ الإخْوَانِ
قَالَ القَطِيْعِيُّ: وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ بِخَطِّهِ:
وَإِنِّي لأَتْرُكُ عُوْرَ
(3)
الكَلَامِ
(4)
…
لِئَلَّا أُجَابُ بِمَا أَكْرَهُ
أَصَمُّ عَنِ الكَلِمِ المُخْفِظَاتِ
…
وَأَحْكُمُ وَالحُكْمُ بِي أَشْبَهُ
(1)
لأبي الخَطَّاب مَحْفُوْظِ بنِ أَحْمَدَ الكَلْوَذَانِيِّ (ت: 513 هـ) تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَلَهُ شُرُوْحٌ عِدَّةٌ مِنْهَا شَرَحُ أَبِي حَكِيْمٍ هَذَا.
(2)
الضَّيْقُ - بِالفَتْحِ فِي المَعْنَوِيَّاتِ كَضَيْقِ الصَّدْرِ، وَالضِّيْقُ بالكَسْرِ في الحِسِّيَّاتِ كَضِيْقِ المَكَانِ وَالمَنْزِلِ قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)} وَقِيْلَ: هُمَا لُغَتَانِ فِيْهِمَا مَعًا، وَقِيْلَ: بِالفَتْحِ اسمًا وَبالكَسْرِ مَصْدرًا
…
(3)
في (ط): "لأَذْكُرُ غَوْرُ" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَالعُوْرُ: جَمْعُ عَوْرَاءَ، وَهِيَ الكَلِمَةُ المَعِيْبَةُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَغْفِرُ عَوْرَاءِ الكَرِيْمِ ادِّخَارَهُ
…
وَأُعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللَّئِيْمِ تَكَرُّمَا
(4)
ساقطٌ من (د).
إِذَا مَا أَثَرْتُ
(1)
سَفَاهَ السَّفِيْهِ
…
عَلَيَّ فَإِنِّي وَلَهُ أَوْجُهُ
يَنَامُ إِذَا حَضَرَ المُكْرَمَاتُ
…
وَعِنْدَ الدَّنَاءَةِ يَسْتَنْبِهُ
قَالَ: وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِهِ بِخَطِّهِ:
عَجَبًا لِي وَقَدْ مَرَرْتُ بِآثَا
…
رِكَ أَنِّي اهْتَدَيْتُ نَهْجَ الطَّرِيْقِ
أَتُرَانِي أُنْسِيْتُ عَهْدَكَ فِيْهَا
…
صَدَقُوا مَا لِمَيِّتٍ مِنْ صَدِيْقِ
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: رَأَيْتُ بِخَطِّهِ - يَعْنِي: أَبَا حَكِيْمٍ - عَلَى ظَهْرِ "جُزْءٍ" لَهُ: رَأَيْتُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ عَاشِرَ رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ - فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ - كَأَنَّ شَخْصًا فِي وَسَطِ دَارِي قَائِمًا، قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الخَضِرُ. قَالَ
(2)
:
تَأَهَّبْ لِلَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ
…
مِنَ المَوْتِ المُوَكَّلِ بِالعِبَادِ
ثُمَّ كَأَنَّهُ عَلِمَ أنِّي أُرِيْدُ أَنْ أَقُوْلَ لَهُ: هَلْ ذلِكَ عَنْ قُرْبٍ؟ فَقَالَ: قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِكَ اثْنَا عَشَرَ
(3)
سَنَةً تَمَامِ سِنِيِّ أَصْحَابِكَ. وَعُمْرِيْ يَوْمَئِذٍ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: فَكُنْتُ دَائِمًا أَتَرَقَّبُ صِحَّةَ هَذَا، وَلَا أُفَاوِضُهُ فِي ذِكْرِهِ لِئَلَّا أَنْعَى إِلَيْهِ نَفْسَهُ، فَمَرِضَ - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ - اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ يَوْمًا.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ بَعْدَ الظُّهْرِ ثَالِثَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، فَكَانَ مُقْتَضَى حِسَابِ مَنَامِهِ أَنْ يَبْقَى لَهُ سَنَةٍ، وَمَاتَ فِي أَوَّلِ الأُخْرَى أَوْ لَعَلَّهَا مِنَ السِّنِيْنَ الشَّمْسِيَّةِ
(4)
. وَدُفِنَ رحمه الله
(1)
في (ط): "آثرتُ".
(2)
لمْ يُكْتَبْ في (ط) كِتَابَةَ شِعْرٍ.
(3)
كذَا في الأُصُوْلِ كُلِّها وَصَوَابِهَا: "اثْنَتَا عَشْرَةَ".
(4)
كَتَبَ ابنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ في هامِشِ نُسْخَةِ (أ) بإزائها: "السِّنِيْنُ الشَّمْسِيَّةُ أَطْوَلُ مِنَ =
قَرِيْبًا مِنْ بشْرٍ الحَافِي رضي الله عنه. وَقَدِ امْتَدَحَهُ الصَّرْصَرِيُّ
(1)
فِي قَصِيْدَتِهِ اللَّامِيَّةِ، الَّتِي مَدَحَ فِيْهَا الإمَامَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابَهُ، فَقَالَ
(2)
:
وَبالحِلْمِ وَالتَّقْوَى [وَحُسْنِ] الرِّضَى أَبُو
…
حَكِيْمٍ غَدَا لِلْفِقْهِ خَيْرَ
(3)
مُجَمِّلِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بِـ "مِصْرَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ الحَرَّانِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، (أَنَا) أَبُو حَكِيْمٍ النَّهْرَاوَانِيُّ (ح) قَالَ الحَرَّانِيُّ:(أَنَا) - عَالِيًا - أَبُو الفَرَجِ عَبْدِ المُنْعِمِ
(4)
بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ التَّاجِرُ قَالَا (أَنَا) أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ نَبْهَانَ (أَنَا)
(5)
أَبُو الحَسَنِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ دُوْمَا (أَنَا) أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الزَّارِعُ، (ثَنَا) صَدَقَةُ بنُ مُوْسَى، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ أَحْمَدَ، قَالُوا:(ثَنَا) سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ الحَدْثَانِيُّ
(6)
، (ثَنَا) عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي
= القَمَرِيَّةِ فَالتَّوْجِيْهُ بِهِ غَيْرُ جَيِّدٍ".
(1)
هُوَ يَحْيَى بنُ يُوْسُفَ (ت: 656 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
دِيْوَانُهُ (458). وَفِي الأُصُوْلِ: "وَصفة الرِّضَى".
(3)
في (ط): "أكبر" وَكُتِبَ البَيْتُ عَلَى طَرِيْقَةٍ لَا يَسْتَقِيْمُ عَلَيْهَا وَزْنُهُ.
(4)
في (ط): "ابنُ عَبْدِ المُنْعِمِ".
(5)
ساقطٌ من (ط).
(6)
في (ط): "الجدثاني" وَإِنَّمَا هُوَ سُوَيْدٌ بنُ سَعِيْدٍ الحَدْثَانِيُّ مَشْهْوْرٌ، صَاحِبُ الرِّوَايَةِ المَشْهُوْرَةِ في "المُوَطَّأ" وَهِي مَطْبُوعةٌ مَرَّتَيْنِ بِتَحْقِيْقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، إِحْدَاهُمَا فِي البَحْرَيْنِ وَالأُخْرَى فِي دَارِ الغَرْبِ الإِسْلامِيِّ، وهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى "الحَدِيْثَةِ". قَالَ يَاقُوْتُ الحَمَوِيُّ في مُعْجَمِ البُلْدَان (2/ 2665، 266): "بِفَتْحِ أَولِهِ، وَكَسْرِ ثَانِيْهِ، وَيَاءٌ =
يَحْيَى القَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
:
= سَاكِنَةٌ، وَثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ
…
عِدَّةُ مَوَاضِعَ، يُنْسَبُ إِلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ حَدِيْثِيٌّ وَحَدْثَانِيٌّ. . .". وَذَكَرَ مِنْهَا:"حَدِيْثَةُ الفَرَاتِ" قَالَ: "وُتُعْرَفُ بِـ "حَدِيْثَةُ النُّوْرَةِ" وَهِيَ عَلَى فَرَاسِخَ مِنَ "الأَنْبَارِ". . . وَذَكَرَ مِنْهَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ هَذَا.
(1)
حَدِيْثٌ مَوْضُوْعٌ رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ في المَجْرُوْحِيْنَ (1/ 349)، وَالخَطِيْبُ البَغْدَادِيُّ في تَارِيْخِهِ (5/ 156، 262)، وَابنُ عَسَاكِرٍ في "تَارِيْخِ دِمَشْقَ" وَابنُ الجَوْزِيِّ في "مَشْيَخَتِهِ" وَغَيْرُهُمْ من حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةَ (556 هـ):
151 -
حَاتِمُ بنُ شَافِعِ بنِ صَالحٍ، أَبُو الفَتْحِ الجِيْلِيُّ، بَوَّابُ دَارِ الخِلَافَةِ، أَخُو صَالِحِ بنِ شَافِعٍ (ت: 543 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. وَوَالِدُهُمَا شَافِعُ بنُ صَالِحِ بنِ حَاتِمٍ (ت: 480 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ أَيْضًا. رَوَى حَاتِمٌ عَنْ جَعْفَرِ بنِ الحَكَّاكِ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطِ، وَعَنْهُ ابنُ الأَخْضَرِ، وَدَاوُدُ بنُ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِمَا.
152 -
وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ، أَبُو الفَتْحِ الصَّابُوْنِيُّ، المَالِكِيُّ، الخَفَّافُ، المُقْرِئُ. و"المَالِكِيُّ" - في نَسَبِهِ - نِسْبَةٌ إِلَى قَرْيَةِ "المَالِكِيَّةِ" الَّتِي عَلَى "الفُرَاتِ" لَا إِلَى المَذْهَبِ وَلَا إِلَى قَبِيْلَةٍ أَوْ جَدٍّ. كَانَ إِمَامًا كَبِيْرًا، مُحَدِّثًا، مُقْرِئًا. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"أَقْرَأَ النَّاسَ، وَكَانَ قَيِّمَا بِالرِّوَايَاتِ وَمَعْرِفَتِهَا، ثَبْتًا، صَالِحًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ". وَقَالَ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ: "هُوَ شَيْخٌ، صَدُوْقٌ، قَيِّمٌ بِكِتَابِ اللهِ، يَأْكُلُ من كَدِّ يَدِهِ، كَتَبْتُ عَنْهُ". وَأَخْبَارُهُ في الكُتُبِ كَثِيْرَةٌ، وَتَرْجَمَتُهُ حَافِلَةٌ، تَجِدْهَا في: الأنْسَابِ (11/ 96)، وَمُعْجَمِ البُلْدَانِ (5/ 52)، وَمَعْرِفَةِ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 523)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 386)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 354)، وَمِرْآةِ الجِنَانِ (3/ 312)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 481)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 361)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (4/ 177). قَالَ ابنُ النَّجَّارِ:"وَلَهُ دُكَّانٌ يَبِيْعُ فِيه خِفَافُ النِّسَاءِ" وفي دُكَّانِهِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هَذَا سَمِعَ مِنْهُ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ أَجْزاءً، وَكَانَ دُكَّانُهُ في "دَرْبِ الدَّوَابِّ" مِنْ أَحْيَاءِ "بَغْدَادَ" وَنَصُّوا في تَرْجَمَتِهِ عَلَى أَنَّهُ حَنْبَلِيُّ المَذْهَبِ. وَإِغْفَال المُؤَلِّف لَهُ غَرِيْبٌ؟! وابنُهُ: عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 592). وَابْنَتُهُ: زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 588 هـ). وَسِبْطُهُ: عُمَرُ بنُ كَرَمٍ الدَّيْنَوَرِيُّ (ت: 629 هـ). وابنُ خَالَتِهِ: عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ الحُسَيْنِ البَارِزِيُّ (ت: 562 هـ). نَسْتَدْرِكُهُم جَمِيْعًا في مَوَاضِعِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَسِبْطُهُ هُوَ ابنُ بِنْتِهِ زَيْنَبَ المَذْكُوْرَةِ.
153 -
وَمُقْبِلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَرَكَةَ بنِ الصَّدْرِ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإسْلَامِ (213):"أَبُو القَاسِم، القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، الطَّلْحِيُّ، البَغْدَادِيُّ، القَزَّازُ، المَعْرُوْفُ بـ "ابنِ الأَبْيَضِ" الحَنْبَلِيُّ، فَقِيْهٌ، إِمَامٌ، فَرَضِيُّ، صَالِحٌ، مُقْرِئٌ، مُجَوِّدٌ". اسْتَدْرَكَهُ ابنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ عَلَى هَامِشِ نُسْخَةِ (أ) عَنْ تَارِيْخِ ابنِ رَسُوْلٍ "نُزْهَةُ العُيُونِ" يُرَاجَعُ الكِتَابُ المَذْكُوْرُ (2/ ورقة: 421). وَسَيَأْتِي ذِكْرُ أَخِيْهِ سَلامَةَ في وَفَيَاتِ سَنَةِ (558 هـ) إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَابْنُهُ يَحْيَى بنُ مُقْبِلٍ (ت: 587 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَحَفِيْدَاهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ (605 هـ)، وَعَبْدُ الخَالِقِ (610 هـ)، نَذْكُرُهُمَا فِي هَامِش تَرْجَمَةِ أَبِيهِمَا "يَحْيَى" ثُمَّ نَذْكُرُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأَخُوْهُ: سَلامَةُ بنُ أَحْمَدَ (ت: 558 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (557 هـ) أحَدًا، وَفِيْهَا:
154 -
سَعْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْدِي، أَبُو البَرَكَاتِ، البَغْدَادِيُّ، الدَّقَّاقُ، البَزَّارُ. أَخْبَارُهُ فِي: المُنْتَظَمِ (10/ 204)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (223، 283) تَرْجَمَهُ مَرَّتَيْنِ، فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (557 هـ، 559 هـ). وَابْنُهُ إِسْمَاعِيْلُ (ت: 614 هـ) سَيَأتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (557 هـ):
- أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَتْحِ الأصْبَهَانِيُّ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلَامِ
"مَنْ عَشَقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيْدٌ".
138 - عَلِيُّ بنُ عُمَرَ
(1)
بنِ أَحْمَدَ بنِ عَمَّارِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدُوْسٍ الحَرَّانِيُّ،
= (216). قَالَ: "سَمِعَ من عَبْدِ الوَهَّابِ بن أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَه، رَوَى عَنْهُ أَبُو الوَفَاءِ مَحْمُوْدُ بنُ مَنْدَه" أَقُوْلُ: مَعْلُوْمٌ أَنَّ (آلَ مَنْدَه) من أَشْهَرِ الأُسَرِ مِنَ الحَنَابِلَةِ في "أَصْفَهَانَ".
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَةِ (558 هـ) أَحَدًا، وَفِيْهَا: 155 - أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ، جَدُّ (آلِ قُدَامَةَ) المَقَادِسَةِ الفُقَهَاءِ الأَخْيَارِ. وَهُوَ وَالِدُ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْن عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ صَاحِبِ "المُغْنِي"، وَأَخِيْهِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، وَأَخِيْهِمَا عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ. وَأَكْثَرُ العُلَمَاءِ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَبِي عُمَرَ. وَجَدُّهُم هَذَا اسْتَدْرَكَهُ ابنُ حُمَيْدٍ في هَامِشِ نُسْخَةِ (أ)، وَذَكَرَهُ ابنُ مُفْلِحٍ في المَقْصَد الأَرْشَدِ (1/ 172)، ولَهُ أَخْبَارٌ في: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (246)، وَالعِبَرِ (4/ 164)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (8/ 83)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (3/ 314)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 364)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (4/ 182) وَغَيْرِهَا. لَهُ أَخْبَارٌ، وَسِيْرَةٌ جَمَعَهَا الحَافِظُ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ، وَهُوَ سِبْطُهُ.
156 -
وَسَلَامَةُ بنُ أَحْمَدَ بنِ برَكَةَ بنِ الصَّدْرِ، أَخُو مُقْبِلٍ السَّالِفِ الذِّكْرِ في سَنَةِ (556 هـ) قَبْلَهَا. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (248)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاج إِلَيْهِ (2/ 99)، وقَالَ: "أَبُو بَكْرٍ التَّاجِرُ، أَخُو مُقْبِلٍ المَذْكُوْرُ سَنَةَ سَبْعٍ، سَمِعَ رِزْقَ اللهِ التَّمِيْمِيَّ، وَطِرَادًا، وَالنَّعَّاليَّ
…
وَرَوَى عَنْهُ ابنُ الحُصْرِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ البَنْدَنِيْجِيُّ".
(1)
138 - أَبُو الحَسَنِ بنُ عَبْدُوْسٍ (510 - 559 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَر الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ الله (ورقة: 25)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 242)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 169)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 267). ويُرَاجَعُ: طَبَقَاتُ المُفَسِّرِيْنَ للدَّاوُدِيِّ (1/ 418)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 183)(6/ 306)، وَالمَدْخَلُ لابنِ بَدْرَانَ (416).
الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، الوَاعِظُ، أَبُو الحَسَنِ.
وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ، أَوْ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ، عَلَى مَا نَقَلَهُ القَطِيْعِيُّ عَن أَبِي المَحَاسِنِ الدِّمَشْقِيِّ عَنْهُ. وَسَمعَ بِـ "بَغْدَادَ" بِأَخَرَةٍ
(1)
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ مِنَ الحَافِظِ أَبِي الفَضْلِ بنِ نَاصِرٍ، وَغيْرِهِ، وَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ، والتَّفْسِيْرِ، وَالوَعْظِ، وَالغَالِبُ عَلَى كَلَامِهِ التَّذْكِيْرُ وَعُلُوْمُ المُعَامَلَاتِ، وَلَهُ تَفْسِيْرٌ كَبِيْرٌ، وَهُوَ مَشْحُوْنٌ بِهَذَا الفَنِّ. وَلَهُ كِتَابُ "المُذْهَبِ فِي المَذْهَبِ" وَ"مَجَالِسُ وَعْظِيَّةٌ" فِيْهَا كَلَامٌ حَسَنٌ، عَلَى طَرِيْقَةِ كَلَامِ ابنِ الجَوْزِيِّ. قَرَأَ عَلَيْهِ قَرِيْبُهُ
(2)
أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَخَالُهُ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّةَ فِي أَوَّلِ اشْتِغَالِهِ، وَقَالَ عَنْهُ: كَانَ نَسِيْجُ وَحْدِهِ فِي عِلْمِ التَّذْكِيْرِ، وَالاطِّلَاعِ عَلَى فُنُوْنِ التَّفْسِيْرِ، وَلَهُ فِيْهِ التَّصَانِيْفَ البَدِيْعَةُ، وَالمَبْسُوْطَاتُ الوَسِيْعَةُ.
وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ أَبُو المَحَاسِنِ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ بِـ "حَرَّانَ" سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِيْنَ، وَقَالَ: هُوَ إِمَامُ الجَامِعِ بِـ "حَرَّانَ"، مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَالدِّيْنِ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:
سَأَلْتُ حَبِيْبِي وَقَدْ زُرْتُهُ
…
وَمِثْلِيَ فِي مِثْلِهِ يَرْغَبُ
فَقُلْتُ حَدِيْثُكَ مُسْتَظْرَفٌ
…
وَيَعْجَبُ مِنْهُ الَّذِي يَعْجَبُ
(1)
في (أ) و (ط): "بآخِرِ سَنَةِ". وَمَعْنَى "بِأَخَرَةٍ" أَيْ: فِي وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ مِنْ سِنِّهِ.
(2)
في (أ) و (ط): "قَرِيْنُهُ". وَأَبُو الفَتْحِ هُوَ نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي موْضِعِهِ فِي آخِرِ وَفَيَاتِ سَنَةِ (599 هـ).
أَرَاكَ مَلِيْحًا ظَرِيْفَ
(1)
الجَوَابِ
…
فَصِيْحَ الخِطَابِ فَمَا تَطْلُبُ
فَهَلْ فِيْكَ مِنْ خَلَّةٍ تُزْدَرَى
…
بِهَا الصَّدُّ وَالهَجْرُ
(2)
يَقْرُبُ
فَقَالَ أَمَا قَدْ سَمِعْتَ المَقَالَ
…
مُغَنِّيَة الحَيِّ [لَا
(3)
] تُطْرِبُ
وَمِمَّا أَوْرَدَ الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ فِي مَوَاعِظِهِ لِنَفْسِهِ:
يَا حَامِلًا ثِقْلَ الذُّنُوْبِ جَاهِلًا
(4)
…
حُمِّلْتَ مِنْ أَثْقَالِهَا العَظَائِمَا
لَا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ عَبُوْسٍ هَائِلٍ
…
يَكُوْنُ مِنْ أَسْرَفَ فِيْهِ نَادِمَا
قُمْ خَفِّفِ الثُّقْلَ بِحُسْنِ تَوْبَةٍ
…
حَتَّى تَكُوْنَ فِي المَعَادِ سَالِمَا
وَكُنْ بِأَنْوَارِ اليَقِيْنَ مُبْصِرًا
…
إِنْ كُنْتَ فِي لَيْلِ المَعَادِ هَائِمَا
فَإِنَّ للهِ عِبَادًا أَبْصَرُوا
…
بِأَعْيُنِ الفِكْرِ المَعَادَ قَائِمَا
فَشَمَّرُوا أَذْيَالَهُمْ وَقَصَّرُوا
…
آمَالَهُمْ وَحَقَّقُوا العَزَائِمَا
وَصَيَّرُوا أَفْرَاحَهُمْ فِي قُرْبِهِ
…
وَأَقْلَبُوا
(5)
أَعْرَاسَهُمْ مَآتِمَا
وَاسْتَفْرَغُوا مِنَ العُيُوْنِ مَاءَهَا
…
وَأَسْعَدُوا عَلَى البُكَا الحَمَائِمَا
(1)
في (ط): "أَرَاكَ مَلِيْحَ الجَوَابِ"، وفي (ب):"مَلِيْحًا ظَرِيْفًا" وَكَتَبَ فَوقها في (د)(كَذَا).
(2)
كَذَا جَاءَ في (أ) و (ب)، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيْه نَقْصٌ؛ لِذَا اضْطَرَبَتِ النُّسَخُ ففي (ط):"والهَجْرُ به"، وفي (ج):"قَدْ يَقْرُبُ" وَكَتَبَ فَوْقَهَا في (هـ): لعلَّها "هَلْ"، وفي "المَنهج الأحمد":"لي".
(3)
فِي الأُصُوْلِ: "مَا" وَهُوَ مَثَلٌ مَعْرُوْفٌ، وَهُوَ شَطْرَ بَيْتٍ.
(4)
في (أ) و (هـ): "تَجَاهُلًا".
(5)
كَذَا، وَلَعَلَّهَا:"وَقَلَبُوا".
أُوْلَئِكَ النَّاجُوْنَ فِي مَعَادِهِمْ
…
يُعْطِيْهِمُ اللهُ نَعِيْمًا دَائِمَا
وَمِمَّا أَوْرَدَهُ أَيْضًا لِنَفْسِهِ:
أَقَامُوا فَقَامُوا لَهُ رُكَّعًا
…
وَكَبَّرُوا
(1)
فَخَرُّوا لَدَيْهِ سُجُوْدَا
وَأَجْرَوا دُمُوْعَهُمُ خَشْيَةً
…
فَبَلُّوا بِتِلْكَ الدُّمُوْعِ الخُدُوْدَا
وَلَمَّا أَطَالُوا لَدَيْهِ السُّجُوْ
…
دَ رَجَوا مِنْهُ وَعْدًا وَخَافُوا وَعِيْدَا
فَأَعْطَاهُمُ مِنْهُ مَا يَرْتَجُوْنَ
…
وَأَمَّنَهُمْ بَعْدَ ذَاكَ الصُّدُوْدَا
فَمُعْظَمُ أَشْغَالِهِمْ ذِكْرُهُ
…
فَطَوْرًا قِيَامًا وَطَوْرًا قُعُوْدَا
فَوَّرَثَهُمْ ذِكْرُهُمْ ذِكْرَهُ
…
وَزَادَهُمُ فِي الجِنَانِ الخُلُوْدَا
وَمِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ
(2)
:
قُرَّةَ عَيْنِ مَنْ صَدَفَ
…
بِعَزْمِهِ عَنِ الصَّدَفْ
ثُمَّ اقْتَنَى الدُّرَ الَّذِي
…
مَنْ نَالَهُ نَالَ الشَّرَفْ
وَإِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَـ
…
ــاعٌ زَائِلٌ لِمَنْ عَرَفْ
مَنْ نَالَ مِنْهَا طَرَفًا
…
فَلْيُعْطِهَا مِنْهُ طَرَفْ
تُوُفِّيَ رحمه الله وَإِيَّانَا - في آخِرِ نَهَارِ يَوْمِ عَرَفَةَ - وَقِيْلَ: لَيْلَةَ عِيْدِ النَّحْرِ -
(1)
كَذَا في الأُصُوْلِ، وَكَتَبَ النَّاسِخُ فَوْقَهَا (كَذَا)، وَفِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ":"وَكَرُّوا".
(2)
حُرِّفَت فِي (ط) تَحْرِيْفًا فَاحِشًا، وَكُتِبَ كُلُّ بَيْتَيْنِ مِنْهَا عَلَى أَنَّهُمَا بَيْتًا، فَحُرِّفَتْ "صَدَفَ" إِلَى "صَدَقَ"، وَ"الصَّدَف" إِلَى "الصِّدْقِ" وَصَدَفَ الأُوْلَى مِنْ صَدَفَ يَصْدِفُ بِمَعْنَى أَعْرَضَ قَالَ تَعَالَى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا} [الأنعام: 157] وَ"الصَّدَفُ" الأُخْرَى: المَحَارُ الَّذِي يَكُوْنُ فِيْهِ اللُّؤْلُؤُ وَالدُّرُّ. ثُمَّ كَتَبَ النَّاشِرُ قَوَافِي بَقِيَّةِ الأَبْيَاتِ هكَذَا: "الشَّرَفَا" وَ"عَرَفَا" وَ"طَرَفَا"؟!.
سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ". وَرَثَاهُ الإمَامُ فَخْرُ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّةَ
(1)
وَهُوَ يَوْمَئِذٍ شَابٌّ لَهُ دُوْنَ العِشْرِيْنِ بِقَصِيْدَةٍ وَهِيَ:
قَدْ زَادَنِي حَزَنِي وَاسْتَمْكَنَتْ عِلَلِي
…
لَمَّا رَحَلْتَ عَنِ الإِخْوَانِ يَا أَمَلِي
يَا عَالِمًا أَوْحَشَ الدُّنْيَا بِغَيْبَتِهِ
…
لَا صُنْعَ لِي فِي قَضَاءِ اللهِ وَالأَجَلِ
يَا أَهْلَ حَرَّانَ وَالَهْفِي وَوَا أَسَفِي
…
عَلَى فِرَاقِ ابنِ عَبْدُوْسِ الفَقِيْهِ عَلِي
وَا حَسْرَتَاهُ عَلَى زَيْنِ الزَّمانِ وَمَنْ
…
كَانَتْ عَقِيْدَتُهُ بِالقَوْلِ وَالعَمَلِ
يَا قَوْمُ مَا الصُّنْعُ مِنْ بَعْدَ الفِرَاقِ لَهُ
…
لَا صُنْعَ لِلْعَبْدِ فِي شَيْءٍ مِنَ الحِيَلِ
كَانَ الفَقِيْهُ عَلِيٌّ عَالِمًا وَرِعًا
…
وَكَانَ مَسْلَكُهُ فِي أَحْسَنِ السُّبُلِ
كَانَ الفَقِيْهُ عَلِيٌّ فَوْقَ مَنْبَرِهِ
…
مِثْلَ العَرُوْسِ تُرَى فِي أَحْسَنِ الحُلَلِ
كَانَ الفَقِيْهُ عَلِيٌّ غَيْرَ مُبْتَدِعٍ
…
بَلْ كَانَ فِي دِيْنِهِ كَالفَارِسِ البَطَلِ
يَقُوْلُ إِنَّ كَلَامَ اللهِ ذُو قِدَمٍ
…
حَرْفٌ وَصَوْتٌ عَلَى التَّحْقِيْقِ كَيْفَ تُلِي
كَانَ الفَقِيْهُ عَلِيٌّ دَائِمًا أَبَدًا
…
بِذِكْرِ
(2)
مَوْلَاهُ ذَا خَوْفٍ وَذَا وَجَلِ
وَرُوْحُهُ قُبِضَتْ فِي لَيْلَةٍ شَرُفَتْ
…
يَحْظَى بِهَا كُلُّ مَحْبُوْبٍ وَكُلُّ وَلِي
أَبْكَى عُيُوْنَ الوَرَى حُزْنًا لِفُرْقَتِهِ
…
وَأَرْسَلَ الدَّمْعَ يَا رُوْحِي مِنَ المُقَلِ
بَكَتْ عَلَيْهِ عُيُوْنُ النَّاسِ كُلِّهِمُ
…
وَأَوْحَشَ الكُلَّ مِنْ سَهْلٍ وَمِنْ جَبَلِ
بَكَتْ عَلَيْهِ الزَّوَايَا الخَالِيَاتِ كَمَا
…
قَدْ كَانَ يُؤْنِسُهَا مِنْ غَيْرِ مَا مَلَلِ
بَكَتْ دَفَاتِرُهُ حُزْنًا لَهُ وَأَسًى
…
لأَنَّهُ كَانَ عَنْهَا غَيْرَ مُشْتَغِلِ
(1)
هُوَ مُحَمَّدُ بنُ الخَضِرِ بنُ مُحَمَّدِ (ت: 622 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
في (ط): "يذكر".
عَلَيْهِ طِيْبُ سَلَامٍ غَيْرُ مُنْفَصِلٍ
…
عَلَى مَمَرِّ لَيَالِيَ الدَّهْرَ مُتَّصِلِ
ذَكَرَ أَبُو الحَسَنِ بنُ عَبْدُوْسٍ فِي كِتَابِ "المُذْهَبِ" أَنَّ فَائِدَةَ الخِلَافِ فِي أَنَّ الغَرَضَ فِي اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ هَلْ هُوَ اسْتِقْبَالُ العَيْنِ أَوِ الجِهَةِ؟ أَنَّا إِنْ قُلْنَا: الغَرَضُ اسْتِقْبَالُ العَيْنِ، فَمَتَى رَفَعَ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى خَرَجَ وَجْهَهُ عَنْ مُسَامَتَةِ القِبْلَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: الغَرَضُ اسْتِقْبَالُ الجِهَةِ لَمْ تَفْسُدْ، كَذَا قَالَ، وَفِيْهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ فَائِدَةَ هَذَا الخِلَافِ إِنَّمَا يَظْهَرُ فِي صُوْرَةٍ يَخْرُجُ فِيْهَا المُصلِّيَ عَنِ اسْتِقْبَالِ العَيْنِ إِلَى اسْتِقْبَالِ الجِهَةِ، وَهَذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنِ العَيْنِ إِلَى الجِهَةِ، بَلْ أَخْرَجَ وَجْهَهُ خَاصَّةً عَنِ اسْتِقْبَالِهِمَا جَمِيْعًا.
وَحَكَى ابنُ حَمْدَانَ عَنِ ابنِ عَبْدُوْسَ
(1)
.
139 - مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
(2)
مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ أَحْمَدَ
(1)
كَذَا في الأُصُوْلِ، وفي "المنهج الأحمدِ":"حَكَى ذلِكَ ابنُ حَمْدَانَ. . .".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (559 هـ):
157 -
مُحَمَّدُ بنُ يَلْتَكِيْنَ بنِ أَخْبَارٍ التُّرْكِيُّ، أَبُو بَكْرٍ، قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: شَابٌّ لَقِيْتُهُ بِـ "نَيْسَابُوْرَ" في الرِّحْلَةِ الثَّانِيَةِ
…
قَالَ أَيْضَا: أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَلْتَكِيْنَ الحَنْبَلِيُّ لِبَعْضِهِم:
ظِبَاءٌ أعَارَتَها المَهَا حُسْنَ مَشْيِهَا
…
كَمَا قَدْ أَعَارَتْهَا العُيُوْنَ الجآذِرُ
فَمِنْ حُسْنِ ذَاكَ المَشْيِ جَاءَتْ فَقَبَّلَتْ
…
مَوَاطِئَ مِنْ أَقْدَامِهِنَّ الظُّفَائِرُ
وَلَهُ أَخْبَارٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا، يُرَاجَعُ: مَجْمَعُ الآدابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (3/ 330)، والوَافي بِالوَفَيَاتِ (5/ 241)، وَهَامِشُ المُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 222). وذَكَرَ الصَّفَدِيُّ وَفَاتَهُ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ والفَضْلِ.
(2)
139 - أَبُو يَعْلَى الصَّغِيْرُ (494 - 560 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مَنَاقِبِ الإمَامِ أَحْمَد (641)، وَمُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ =
ابنِ الفَرَّاءِ، القَاضِي أَبُو
(1)
يَعْلَى الصَّغِيْرِ، وَيُلَقَّبُ عِمَادَ الدِّيْنِ ابنِ القَاضِي أَبِي خَازِمٍ ابنِ القَاضِي الكَبِيْرِ أَبِي يَعْلَى، شَيْخِ المَذْهَبِ فِي وَقْتِهِ.
وُلِدَ يَوْمَ السَّبْتِ لِثَمَانِ عَشْرَةَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ.
وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِيْهِ، وَعَمِّهِ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ، وَأَبِي البَرَكَاتِ طَلْحَةَ العَاقُوْلِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ التَّكَكِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ العَلَّافِ، وَأَبِي العِزِّ بنِ كَادِشٍ، وَأَبِي الغَنَائِمِ النَّرْسِيِّ، وَابْنِ نَبْهَانَ، وَابْنِ بَيَانٍ، وَغَيْرِهِمْ.
وَظَهَرَ لَهُ إِجَازَةٌ، وَ
(2)
لابنِ الجَوَالِيْقِيِّ مَعَهُ مِنَ الحَرِيْرِيِّ صَاحِبِ "المَقَامَاتِ".
= لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 26)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 500)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 173)، وَمَخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 2667). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 213)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ لابنِ نُقْطَةَ (4/ 559)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 353)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (313)، وَالعِبَرُ (4/ 171)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 344)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (5/ 370)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 190)(6/ 316)، وَالمَدْخَلُ لابنِ بَدْرَانَ (418).
مِنْ "آلِ أَبِي يَعْلَى الفَرَّاءِ" الأُسْرَةُ الحَنْبَلِيَّةُ المَشْهُوْرَةُ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبِي خَازم (ت: 527 هـ)، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ وَلَدِهِ أَبِي مَنْصُوْرٍ المُظَفَّرِ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 575 هـ) في مَوْضِعِهِ. وَوَلَدِهِ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 611 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
- وَلأَبي يَعْلَى الصَّغِيْرِ هَذَا أَخَوَانِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ:
- أَحَدُهُمَا: عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 578 هـ) لم يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، نَسْتَدْرِكْهُ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَالآخَرُ: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 546 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَبَقَ.
(1)
في (ط): "أبي. . .".
(2)
ساقطٌ من (ط).
وَتَفَقَّهَ عَلَى أبِيْهِ القَاضِي أَبِي خَازِمٍ، وَعَلَى عَمِّهِ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ وَالخِلَافِ وَالمُنَاظَرَةِ، وَأَفْتَى، وَدَرَّسَ، وَنَاظَرَ فِي شَبِيْبَتِهِ. وَكَانَ ذَا ذَكَاءٍ مُفْرِطٍ، وَذِهْنٍ ثَاقِبٍ، وَفَصَاحَةٍ، وَحُسْنِ عِبَارَةٍ.
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ المَذْهَبِ، وَحَضَرْتُ دَرْسَهُ، وَلَمْ يُرَ مِثْلُهُ فِي حُسْنِ عِبَارَتِهِ، وَعذُوْبَةِ مُحَاوَرَتِهِ، وَحُسْنِ سَمْتِهِ، وَلَطَافَةِ طَبْعٍ، وَلِيْنِ مُعَاشَرَةٍ، وَلُطْفِ تَفْهِيْمٍ، عَطِرٍ بِالرِّيَاسَةِ، خَلِيْقٍ بِالتَّصَدُّرِ، جَدَّ وَاجْتَهَدَ حَتَّى صَارَ أَنْظَرَ
(1)
أَهْلِ زَمَانِهِ، وَأَوْحَدَ أَقْرَانِهِ، ذُو خَاطِرٍ عَاطِرٍ، وَفِطْنَةٍ نَاشِئَةٍ، أَعْرَفُ النَّاسَ بِاخْتِلَافِ أَقْوَالِ الفُقَهَاءِ، ظَهَرَ عِلْمُهُ فِي الآفَاقِ، وَرَأَى مِنْ تَلَامِيْذِهِ مَنْ نَاظَرَ وَدَرَّسَ وَأَفْتَى فِي حَيَاتِهِ، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِـ "بَابِ الأَزَجِ" سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ "وَاسِطَ" سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِيْنَ، وَبَقِيَ مُدَّةً بِهَا حَاكِمًا، ثُمَّ عَزَلَهُ قَاضِي القُضَاةِ أَبُو الحَسَنِ بنُ الدَّامَغَانِيِّ. وَذُكِرَ عَنْهُ: أَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى عَزْلِهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى الحُكْمِ، ثُمَّ خَافَ عَاقِبَةَ ذلِكَ فَتَشَفَّعَ بِصَاحِبِ "البَطِيْحَةَ"
(2)
إِلَى الخَلِيْفَةِ، ثُمَّ قَدِمَ "بَغْدَادَ" بَعْدَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةٍ، وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَلَازَمَ بَيْتَهُ. وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ القَصْرِ لِلْمُنَاظَرَةِ،
(1)
أَفْعَلُ تَفْضِيْلٍ مِنْ "نَاظَرَ" وَهُوَ مِنْ فِعْلٍ رُبَاعِيٍّ لَا يَصِحُّ أَنْ يُصَاغَ مِنْهُ "أَفْعَلَ" إِلَّا بِوَاسِطَةٍ؟! فَيُقَالُ: أَشَدُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَقْوَى مُنَاظَرَةً.
(2)
في "المُنْتَظَمِ": "فتَشَفَّعَ بِابْنِ أَبي الخَيْرِ صَاحِبِ "البَطِيْحَةِ" حَتَّى أَمَّنَهُ". وَالبَطِيْحَةُ "بِالفَتْحِ، ثُمَّ الكَسْرِ، وَجَمْعُهَا البَطَائِحُ
…
أَرْضٌ وَاسِعَةٌ بَيْنَ "وَاسِطَ" وَ"البَصْرَةَ" .. " كَذَا قَالَ يَاقُوْتٌ فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (2/ 534).
وَبُنِيَتْ لَهُ فِي بَعْضِ الأوْقَاتِ مَوْضِعِهَا دَكَّةٌ، ثُمَّ أُزِيْلَتْ، وَذلِكَ قَبْلَ وِلَايَتِهِ لِلْقَضَاءِ، وَلَمَّا بَنَى أَبُو المَعَالِي بنُ البَلِّ
(1)
مَدْرَسَةً بِـ "الرَّيَّانِ" جَعَلَهَا لِلْحَنَابِلَةِ، وَفَوَّضَ أَمْرَهَا إِلَى القَاضِي أَبِي يَعْلَى هَذَا. وَكَانَ ذَا فَصَاحَةٍ، وَ
(2)
لَسَنٍ. وَمِنْ بَعْضِ كُتُبِهِ إِلَى بَعْضِ العُلَمَاءِ: فَلَوْ أَنَّ الكَرَمَ مُقْلَةٌ كَانَ هُوَ إِنْسَانَهَا، أَوِ المَجْدُ لُغَةً لَكَانَ هُوَ لِسَانَهَا، أَوِ السُّؤْدَدِ دَهْرًا لَكَانَ هُوَ رَبِيْعَ أَزْمَانِهِ، أَوِ الشَّرَفُ عُمْرًا كَانَ صَفْوَةَ رَيَعَانِهِ، أَوِ الأَجْوَادَ شُهُبًا لَكَانَ هُوَ الشَّمْسَ الَّتِي إِذَا ظَهَرَتْ خَفِيَتِ الكَوَاكِبُ لِظُهُوْرِهَا، وَإِذَا تَأَمَّلَهَا الرَّاءُوْنَ رُدَّتْ أَبْصَارُهُمْ عَنْ شُعَاعِهَا وَنُوْرِهَا.
وَلِلشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ فِي القَاضِي أَبِي يَعْلَى هَذَا مَدَائِحُ كَثِيْرَةٌ. فَمِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ يُهَنِّيْهِ بِقُدُوْمِ رَجَبٍ
(3)
، أَنْشَدَهُ عَنْهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ":
(1)
في (ط): "النبل" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَابنُ البَلِّ المَذْكُوْرُ هُنَا هُوَ: هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بن عَلِيٍّ الرَّيَّانِيُّ (ت: 600 هـ) وَ"البَلُّ" بِفَتْحِ البَاءِ المُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيْدِ اللَّامِ. تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (1/ 315). وَ"الرَّيَّانِيُّ" نِسْبَةٌ إِلَى مَحِلَّةٌ كَبِيْرَةٌ مِنْ مَحَالِّ "بَغْدَادِ". مُعْجَمُ البُلْدَانِ (3/ 126)، وَذَكَرَ ابنَ البَلِّ، و"ابنُ البَلِّ" هَذَا عَالِمٌ حَنْبَلِيٌّ لم يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ، نَسْتَدْرِكُهُ عَلَيْهِ في مَوضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَنَذْكُرُ بَعْضُ مَصَادِرِ تَرْجَمَتِهِ هُنَاكَ. وَذَكَرَ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ قَرِيْبَهُ: أَبَا المُظَفَّرِ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الدُّوْرِيَّ الوَاعِظَ ابنَ البَلِّ (ت: 611 هـ) ونَذْكُرُ في هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا من عُلَمَاءِ هَذَا البَيْتِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
ساقطٌ من (ط).
(3)
إِنْ كَانَ يُهَنِّيْهِ بِرَجَبَ وَشَعْبَانَ لأنَّهُمَا قَبْلَ رَمَضَانَ يُبَشِّرَان بِقُدُومِهِ فَشَيْءٌ لَا بَأْسَ بِهِ =
تَهَنَّ بِشَهْرِ قَدْ أَتَاكَ عَلَى يُمْنِ
…
يُبَشِّرُ بِالإقْبَالِ وَالسَّعْدِ وَالأَمْنِ
وَعِشْ سَالِمًا مِنْ كُلِّ مُنْيَةِ حَاسِدٍ
…
وَمِنْ شَرِّ ذِي شَرٍّ وَمِنْ كَيْدِ ذِي ضِغْنِ
وَمُرْ وَانْهَ وَانْعِمْ وَاعْلَ وَابْقَ
(1)
وَطِبْ وَجُدْ
…
وَعُدْ وَارْقَ وَازْدَدْ وَاسْمُ بِالفَهْمِ وَالذِّهْنِ
تَدَبَّرْتُ بِالفِكْرِ السَّلِيْمِ عَوَاقِبَ الـ
…
أُمُوْرِ وَلَمْ تَقْبَلْ عَلَى مُثْمِرِ الغَبْنِ
وَسَابَقْتَ أَهْلَ العِلْمِ حَتَّى سَبَقْتَهُمْ
…
فَذُو السَّبْقِ مِنْهُمْ حِيْنَ سَعْيُكَ فِي وَهْنِ
وَكُلُّهُمْ فِي الدِّيْنِ أَضْحَوا كَهَيْئَةٍ
…
وَأَصْبَحْتَ فِي الإسْلَامِ كَالشَّرْطِ والرُّكْنِ
وَكَمْ لَيْلَةٍ نَامُوا وَبُتَّ مُؤَانِسًا
…
عُلُوْمًا أَبَتْ مِنْ لَمْ يَبُتْ سَاهِرَ الجَفْنِ
إِذَا أَنْتَ جَادَلْتَ الخُصُوْمَ تَجَدَّلُوا
…
لَدَيْكَ بِلَا ضَرْبٍ يَقِدُّ وَلَا طَعْنِ
وَإِنْ فُهْتَ بِالتَّدْرِيْسَ نَظَّمْتَ لُؤْلُؤًا
…
وَإِنْ تَسْطُرِ الفَتْوَى فَكَالدُّرِّ فِي القُطْنِ
فَبَيْتُكَ مَعْرُوْفٌ وَعِلْمُكَ ظَاهِرٌ
…
وَفَضْلُكَ مَشْهُوْرٌ فَمَا حَصَّلَ المُثْنِي
عَلَيْكَ سِوَى تَشْرِيْفِهِ بِمَدِيْحِكُمْ
…
وَإِلَّا فَعِلْمِ النَّاسِ فِيْكُمْ بِكُمْ يُغْنِي
وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِي فِي كِتَابِهِ "التَّلْقِيْحِ"
(2)
: أَنَّ أَبَا يَعْلَى هَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ فَقِيْهُ العَصْرِ فِي الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ.
وَصَنَّفَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى تَصَانِيْفَ كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا: "التَّعْلِيْقَةُ فِي مَسَائِلِ
= "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبَ وَشَعْبَانَ. . ." وَإِنْ كَانَ يَرَى فَضْلًا لِرَجَبَ - وَأَظُنُّهُ مَقْصُوْدَهُ - فَلَمْ يَثْبُتْ فِي فَضْلِ رَجَبٍ أَيُّ أثَرٍ صَحِيْحٍ؟! إِلَّا أَنَّهُ مِنَ الأَشْهُرِ الحُرُمِ.
(1)
في (ط): "وانق".
(2)
تَلْقِيْحُ فُهُوْمِ أَهْلِ الأثَرِ في فُنُوْنِ المَغَازِي وَالسِّيَرِ (ط) في القاهرة (1975 م). يُراجع مؤلَّفَات ابن الجَوزيِّ (113).
الخِلَافِ" كَبِيْرَةٌ وَ"المُفْرَدَاتُ" وَكِتَابُ "شَرْحِ المَذْهَبِ" وَهُوَ مِمَّا صَنَّفَهُ فِي شَبِيْبَتِهِ، وَكِتَابُ "النُّكَتِ وَالإشَارَاتِ فِي المَسَائِلِ المُفْرَدَاتِ".
وَقَرَأَ عَلَيْهِ المَذْهَبُ وَالخِلَافُ جَمَاعَةٌ كَثِيْرَةٌ، مِنْهُمْ: أَبُو إِسْحَقَ الصَقَّالُ، وَأَبُو العَبَّاسُ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ وَرْخِزٍ
(1)
، وَأَبُو البَقَاءِ العُكْبَرِيُّ. وَعَلَّقَ عَنْهُ الخِلَافَ بِـ "وَاسِطَ" يَحْيَى بنُ الرَّبِيْعِ الشَّافِعِيُّ
(2)
مُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ. وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: أَبُو العَبَّاسِ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَقَ الصَّقَّالِ، وَأَبُو المَعَالِي بنُ شَافِعٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ المَبَارَكِ بنِ الحُصْريِّ، وَأَحْمَدُ بنُ صِرْمَا، وَغَيْرُهُم.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ - سَحَرًا - خَامِسَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، كَذَا ذَكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي "طَبَقَاتِهِ"، وَفِي "جُزْءٍ مُفْرَدٍ"[، وابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَابْنُ نُقْطَةَ. وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ أَيْضًا فِي "تَارِيْخِهِ" وَفِي كِتَابِ "فَضَائِلِ مَقْبَرَةِ أَحْمَدَ"]
(3)
: أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي خَامِسِ جُمَادَى الآخِرَةِ. وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَأَمَّ النَّاسَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ أَبُو مَنْصُوْرٍ
(4)
. وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبِ" عِنْدَ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي مَوْضِعٍ: أَنَّهُ لَمْ يُشَيِّعْهُ عَدَدٌ كَثِيْرٌ، وَقَالَ فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ سَأَلَ فِي مَرَضِهِ أَنْ يُدْفَنَ فِي دَكَّةِ الإمَامِ
(1)
في (ط): "وَرْخَذ". وَآلُ وَرْخِزٍ أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ حَنْبَلِيَّةٌ، نَتَحَدَّثَ عَنْهَا فِي تَرْجَمَةِ عَلِيِّ بنِ مَكِّيِّ بنِ وَرْخِزٍ (ت: 588 هـ) إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ نَاصِرٍ رَقَم (122) ص (59).
(3)
لَم يَرِدَا فِي مُؤَلَّفَاتِ ابنِ الجَوْزِيِّ الَّذِي جَمَعَهُ صَدِيْقُنَا الأُسْتَاذُ عَبْدُ الحَمِيْد العَلْوَجِي؟!
(4)
اسمُهُ المُظَفَّرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو مَنْصُوْرٍ (ت: 575 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
أَحْمَدَ، فَأَرْسَلَ إِلَى الوَزِيْرِ يَقُوْلُ: فِي الدَّكَّةِ جَدِّي لأُمِّي، فَأَنْكَرَ الوَزِيْرُ ذلِكَ وَقَالْ: كَيْفَ تُنْبَشُ عِظَامُ المَوْتَى؟.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرزَّاقِ بنِ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ
(1)
بِـ "بَغْدَادَ": أَخْبَرَكُمْ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ البَزَّارُ سَمَاعًا (أَنَا) أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ صِرْمَا قِرَاءَةً عَلَيْهِ (أَنَا) القَاضِي الإمَامُ أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ [مُحَمَّدِ بنِ] الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاءِ الحَنْبَلِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ (أَنَا) أَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ الحَافِظُ (ثَنَا)
(2)
عَلِي بن إِبْرَاهِيْم المُقْرِئُ.
(ح)، وَأَخْبَرَنَاهُ عَالِيًا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأنْصَارِيُّ
(3)
بِـ "دِمَشْقَ"(أَنَا) المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلَّانٍ (أَنَا) حَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ (أَنَا) هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُصَيْنِ (أَنَا) أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ قَالَا: (أَنَا) أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مَالِكٍ (ثَنَا) عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ (ثَنَا) أَبِي، (ثَنَا) يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، (ثَنَا) فُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ، (ثَنَا) أَبُو سَلَمَةَ الجُهَنِيُّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ هُوَ ابنُ مَسْعُوْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(4)
: "مَا أَصَابَ أَحَدًا
(1)
هُوَ ابنُ الفُوَطِيِّ وَلَدُ الشَّيْخ عَبْدِ الرَّزَّاقِ صَاحِبِ "مَجْمَعِ الآدَابِ" تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(2)
في (ط): "بن" فَأَفْسَدَ المَعْنَى.
(3)
هُوَ شَيْخُهُ وَشَيْخُ أَبِيْهِ أَيْضًا، المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الخَبَّازِ" (ت: 756 هـ). يُرَاجَعُ تَرْجَمَته فِي مَشْيَخَةِ شِهَابِ الدِّيْنِ بنِ رَجَبٍ رقم (80)، وَهُوَ حَنْبَلِيٌّ تَرْجَمَ لَهُ ابنُ مِفْلِحٍ فِي المَقْصَد الأَرْشَدِ (2/ 381)، وَالعُلَيْمِي فِي المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (5/ 104)، وَابْنُ حُمَيْدٍ فِي السُّحُبِ الوَابِلَةِ (2/ 887). وَيُرَاجَعُ: الدُّرَر الكَامِنَةِ (4/ 4)، وَتَارِيْخُ ابنِ قَاضِي شُهْبَة (1/ 138)
…
وَغَيْرُهَا.
(4)
رَوَاهُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ (1/ 391)، وابنُ حِبَّانَ في صَحِيْحِهِ رقم (2372)"موارد"، وَالحَاكِمُ =
قَطُّ هَمٌّ ولَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابنُ عَبْدِكَ ابنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كتَابِكَ، أَوِ اسْتأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ العَظِيْمَ رَبِيْعَ قَلْبِي، وَنُوْرَ صَدْرِيْ، وَجَلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إلَّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا، قَالَ: فَقِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَفَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ قَالَ: فَقَالَ: بلْ يَنْبَغِي لِمَنْ يَسْمَعُهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا".
ذَكَرَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيْرُ فِي "تَعْلِيْقَتِهِ" - وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ - فِيْمَا إِذَا طَرَحَ فِي المَاءِ طُحْلُبًا أَوْ وَرَقًا أَوْ طِيْنًا تَعَمُّدًا فَتَغَيَّرَ بِهِ المَاءُ، فَهَلْ يَسْلُبُهُ طَهُوْرِيَّتَهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّرَ بِعُوْدٍ، أَوْ كَافُوْرٍ، أَوْ دُهْنٍ فَفِيْهِ وَجْهَانِ.
قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ عَلَى المَذْهَبِ: أَنْ يَصِحَّ الوُضُوْءُ وَالغَسْلُ منْ غَيْرِ نِيَّةٍ؛ لأَنَّ الأثْرَمَ نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ جَنَابَةٍ يَنْوِيْ بِهِ غُسْلَ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِيَهِ. قَالَ: وَظَاهِرُ هَذَا يَقْتَضِي الجَوَازَ. قَالَ: وَقَدْ بَنَى القَاضِي هَذِهِ المَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ التَّجْدِيْدَ هَلْ يَرْفَعُ الحَدَثَ أَمْ لَا؟.
وَقَالَ: فَأَمَّا إِخْرَاجُ البَعِيْرِ عَنْ خَمْسٍ مِنَ الإبِلَ فَلَا يَجُوْزُ عِنْدَنَا فِي أَحَدِ
= (1/ 509)، من حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه. وَهُوَ حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ بِطُرُقِهِ وَشَوَاهِدِهِ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الهَيْثَمِيُّ في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ (10/ 136)، وَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالبَزَّارُ، والطَّبَرَانِيُّ عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
الوَجْهَيْنِ، وَالثَّانِي: يَجُوْزُ، وَإِذَا قُلْنَا: يُجْزِي، فَهَلِ البَعِيْرُ كُلُّهُ فَرْضٌ، أَوْ خُمُسُهُ؟ فِيْهِ وَجْهَانِ. وَفَائِدَةُ الوَجْهَيْنِ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ الفَرْضُ قَدْرَ خُمُسِ البَعِيْرِ جَازَ هَذَا البَعِيْرُ الوَاحِدُ عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِيْنَ بَعِيْرًا، وَهَلِ الأَصْلُ الشَّاةُ أَمِ البَعِيْرُ؟ فِيْهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: الأَصْلُ كِلَاهُمَا، أَيُّهُمَا أَدَّى كَانَ أَصْلًا.
وَالثَّانِي: الإبِلُ أَصْلٌ، وَالشَّاةُ بَدَلُ.
وَقَالَ: فِيْهِ وُجُوْبُ الحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي فِي إِحْدَى
(1)
الرِّوَايَتَيْنِ. ثُمَّ نَصَرَ هَذَا القَوْلَ وَرَجَّحَهُ.
وَقَالَ أَيْضًا: تَثْبُتُ الاسْتِطَاعَةُ بِبَذْلِ الابنِ الطَّاعَةَ، عَلَى قِيَاسِ المَذْهَبِ، والمَنْصُوْصُ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِبَذْلِ الابنِ مَالَهُ وَبَدَنَهُ، وَأَخَذَهُ مِنْ قَاعِدَةِ أَحْمَدَ فِي تَصَرُّفِ الأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ، وَبَسْطِهِ فِيْهِ.
وَنَصَرَ فِيْهِ أَيْضًا: أَنَّ الإحْرَامَ بِالحَجِّ لَا يَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الحَجِّ. قَالَ: وَرَوَاهُ هِبَةُ اللهِ الطَّبَرِيُّ
(2)
فِي "سُنَنِهِ" عَنْ إِمَامِنَا أَحْمَدَ، قَالَ: وَالَّذِي نَقَلَهُ جَمَاعَةُ الأَصْحَابِ وَاخْتَارُوْهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ فِي جَمِيْعِ السَّنَةِ.
(1)
في (ط): "أحد".
(2)
هُوَ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الطَّبَرِيُّ الرَّازِيُّ الشَّافِعِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ "اللَّالَكَائِيُّ"(ت: 418 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ بَغْدَادَ (14/ 70)، وَالمُنْتَظَمِ (8/ 34)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (17/ 419)، وَطَبَقَاتِ الحُفَّاظِ (420)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (3/ 211)، وَكِتَابُهُ "السُّنن" ذَكَرَهُ الحَافِظُ الخَطِيْبُ فِي "تَارِيْخِ بَغْدَادَ".
وَنَصَرَ فِيْهِ: صِحَّةُ الاسْتِئْجَارِ، وَجَوَازُ أَخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى سَائِرِ القُرَبِ غَيْرِ المُتَعَيِّنَةِ، وَمِمَّا ذَكَرَهُ فِي "شَرْحِ المَذْهَب"
(1)
- وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ -: يَتَوَجَّهُ أَنْ يَجِبُ الغُسْلُ بِغَيْبُوْبَةِ بَعْضِ الحَشَفَةِ؛ لأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ وُجُوْدَ بَعْضِ الجُمْلَةِ يُجْرَى مُجْرَى وُجُوْدِ جَمِيْعِهَا، كَمَا فِي مَسَائِلِ الأَيْمَانِ.
وَذَكَرَ فِيْهِ: إِذَا أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي قُبُلِ الخُنْثَى المُشْكِلُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الغُسْلُ؟ يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ.
وَذَكَرَ فِيْهِ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ إِذَا أَجْنَبَ وَأَرَادَ النَّوْمَ أَنْ يَتَوَضَّأَ، فَإِنْ كَانَ الجُنُبُ امْرَأَةً فَفِي اسْتِحْبَابِ
(2)
الوُضُوْءِ لَهَا رِوَايَتَانِ. قَالَ: فَإِنْ أَرَادَ الجُنُبُ الأَكْلَ أَوِ الشُّرْبَ استُحِبَّ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِي الأُخْرَى: يَغْسِلُ يَدَهُ وَفَمَهُ.
قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ للإنْسَانِ إِذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوْئِهِ أَنْ يَشْرَبَ المَاءَ الَّذِي فَضُلَ مِنْهُ، وَذَكَرَ حَدِيْثَ عَلِيٍّ فِي ذلِكَ.
وَذَكَرَ فِي جَوَازِ دُخُوْلِ المَرْأَةِ حَمَّامَهَا فِي بَيْتِهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ: يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ. قَالَ: فَإِنْ أَجَزْنَاهُ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ وَحْدَهَا، وَلَا تَدْخُلُ مَعهَا امْرَأَةٌ قَرِيْبَةٌ وَلَا بَعِيْدَةٌ.
وَحَكَى فِي كَفَّارَةِ وَطْءِ الحَائِضِ هَلْ يُجْزِئُ صَرْفَهَا إِلَى وَاحِدٍ مِنَ
(1)
في (ط): "المهذب"؟!.
(2)
في (ط): "اسجاب" خطأُ طِبَاعَةٍ.
الفُقَرَاءِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُ، وهُوَ اخْتِيَارُ أبِي حَفْصٍ البَرْمَكِيِّ.
وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُ. وَعَلَى هَذَا فَبِكَمْ يَتَقَدَّرُ؟ لَا نَصَّ فِيْهَا عَنْ أَصْحَابِنَا، وَيُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ صَرْفُهَا إِلَى عَشَرَةٍ مِنَ المَسَاكِيْنِ؛ لأنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ اليَمِيْنِ.
وَالثَّانِي: يُجْزِئُ ثَلَاثَةٌ؛ لأنَّهُ أَقَلُّ الجَمْعِ المُطْلَقِ.
وَقَالَ فِيْهِ: فَأَمَّا مَنْ بِهِ جُرْحٌ يَجْرِي دَمُهُ يَرْقَأُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ عِنْدَ كُلِّ فَرِيْضَةٍ وَيَشُدَّهُ، وَفِي إِيْجَابِ الوُضُوْءِ رِوَايَتَانِ.
وَحَكَى رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ؛ لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَقَدْ قِيْلَ لَهُ: إِذَا طَهُرَتْ بَعْدَ يَوْمٍ؟ فَقَالَ: بَعْدَ يَوْمٍ لَا يَكُوْنُ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَيَّامٍ.
وَذَكَرَ فِيْمَنِ اجْتَهَدَ وَصَلَّى، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ دُخُوْلِ الوَقْتِ رِوَايَةً: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ القَضَاءُ. قَالَ: وَقَدْ تَأَوَّلَهَا أَصْحَابُنَا.
وَقَالَ: إِذَا كَانَ عَلَيْهِ سُجُوْدُ سَهْوٍ بَعْدَ السَّلَامِ أَخَّرَ الدُّعَاءَ إِلَى تَشَهُّدِهِ؛ لِيَكُوْنَ خَاتِمَةَ صَلَاتِهِ.
وَحَكَى فِيْمَا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ سُجُوْدٌ بَعْدَ السَّلَامِ، فَسَجَدَ قَبْلَهُ: هَلْ تُجْزِيْهِ وَيَعْتَدُّ بِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
وَقَالَ فِيْهِ: فَإِنْ صَلَّى فَاسِقٌ خَلْفَ فَاسِقٍ فَهَلْ تَصِحُّ أَمْ لَا؟ عَلَى احْتِمَالَيْنِ.
140 - مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله
(1)
بنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ الحَرَّانِيِّ الأَزَجِيُّ المُعَدَّلُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ،
مِنْ أَعْيَانِ عُدُوْلِ "بَغْدَادَ"
(2)
.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "مَقْبَرَةِ الفِيْلِ". رَوَى عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيِّ
(3)
، والنَّعَّالِيُّ، وَحَدَّثَ، سَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: ابنُ القَطِيْعِيِّ وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْنًا، عَالِمًا، لَطِيْفًا، صَاحِبَ نَادِرَةٍ، حَسَنَ المُعَاشَرَةِ. جَمَعَ كِتَابًا سَمَّاهُ "رَوْضَةُ الأُدَبَاءِ" وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ
(1)
140 - ابنُ الحَرَّانِيِّ الأزَجِيُّ (484 - 560 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 26)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 422)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 775)، وَمَخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 267). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 212)، وَسِيَرُ أعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 352)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (312)، وَالعِبَرُ (4/ 171)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (168)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 330)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 249)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (5/ 368)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 189) (6/ 316). وَابْنَتُهُ: خَدِيْجَةُ (ت: 634 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهَا فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ": "أَحَدُ العُدُوْلِ الكِبَارِ".
(3)
في (ط): "الثَّقَفِي التَّمِيْمِي"؟! وَزَادَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في شُيُوْخِهِ: هِبَةَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّزَّاق الأَنْصَارِيَّ، وَطِرَادَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيَّ، وَأَبَا الفَتْحِ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَدَّادَ، وَأَبَا سَعْدٍ المِطَرِّزَ، وَيَحْيَى بنَ مَنْدَه الحَافِظَ وَغَيْرَهمْ. قَالَ:"وَرحَلَ إِلَى "أَصْبَهَانَ" وَرَوَى عَنْهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيَّ، وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلدِهِ فَقَالَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ" وَقَالَ الذَّهَبِيُّ أَيْضًا: "وَرَوَى عَنْهُ ابنَتُهُ خَدِيْجَةُ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ القُبَّيْطِيُّ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ. وأَجَازَ للرَّشِيْدِ بنِ مَسْلَمَةَ". وَلَمْ يَرِدْ في مُعْجَمَيْ السَّمْعَانِيِّ "المُنْتَخَبِ" وَ"التَّحْبِيْرِ" وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
شُهُوْدِ أَبِي الحَسَنِ الدَّامَغَانِيِّ. وَكَانَ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ الإمَامِ أَحْمَدَ. انْتَهَى. وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: زُرْتُهُ يُوْمًا، فَأَطَلْتُ الجُلُوْسَ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ: قَدْ ثَقُلْتُ، فَقَالَ:
لَئِنْ سَمَّيْتَ إِبْرَامًا وَثُقْلًا
…
زِيَارَاتٍ رَفَعْتَ بِهِنَّ قَدْرِي
فَمَا أَبْرَمْتَ إلَّا حَبْلَ وُدِّي
…
وَلَا أَثْقَلْتَ إِلَّا ظَهْرَ شُكْرِي
141 - يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هُبَيْرَةَ بْنِ سَعْدِ
(1)
بنِ الحَسَنِ
(2)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الحَسَنِ
(1)
جَاءَ فِي كَثِيْرٍ مِنَ المَصَادِرِ "سَعِيدٌ" وَهو هَكَذَا (سَعْدٌ) فِي تَرَاجِمِ إِخْوَانِهِ وَأَولَادِهِ وَأَحْفَادِهِ، وَفِي "وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ":". . . ابنُ هُبَيْرَةَ بنِ محَمَّدِ بْنِ هُبَيْرَةَ بْن سَعْدٍ. . .".
(2)
141 - عَوْنُ الدِّيْنِ بنُ هَبَيْرَةَ: (499 - 560 هـ):
مِنْ مَشَاهِيْرِ وُزَرَاءِ الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّة، وَكِبَارِ فُضَلَائِهَا، فَقِيْهٌ، مُحْدِثٌ، أَدِيبٌ، مُؤَلِّفٌ، بَارِعٌ، شَاعِرٌ، شُجَاعٌ، مَهِيْبٌ، عَادِلٌ، صَاحِبُ دِيْنٍ وَخُلُقٍ، وَمَنَاقِبُهُ كَثِيْرَةٌ، أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقة: 26)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 105)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 177)، وَمخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 268). وَيُرَاجَعُ: الإِنْبَاءُ فِي تَارِيْخِ الخُلَفَاءِ (225)، وَخَرِيْدَةُ القَصْرِ "قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ"(1/ 96)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 214)، وَمَشْيَخَةُ ابنِ الجَوْزِيِّ (193)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 321)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 255)، وَالرَّوْضَتَين (2/ 349)، وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (6/ 230)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 196، 243)، وَمُفَرِّجُ الكُرُوْبِ (1/ 147)، وَالفَخْرِيُّ (132)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (2/ 277، 3/ 291)، وَالمُخْتَصَرُ فِي أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 42)، وَآثَارُ البِلادِ (367)، وَالعِبَرُ (4/ 172)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 426)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (328)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنِ (168)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (231)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِن تَارِيْخِ ابنِ الدُّبَيْثِيِّ (3/ 248)، وَدُوَلُ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الإِسْلامِ (2/ 74)، وَتَارِيْخُ ابنِ الوَرْدِيِّ (2/ 106)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 344)، وَالمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (437)، وَتَتِمَّةُ المُخْتَصَرِ (2/ 106)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 251)، وَتَارِيْخُ ابنِ خَلْدُوْنَ (3/ 524)، وَمَطَالِعُ البُدُوْرِ (2/ 114)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (5/ 369)، وَتَارِيْخُ الخُلَفَاءِ (444)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 191)(6/ 319). وَالمَدْخَل لابنِ بَدْرَان (420).
ولِلْوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ، فَقَدْ ذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله لَهُ وَلَدَيْنِ هُمَا: - شَرَفُ الدِّيْنِ ظَفَرُ بنُ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 562 هـ). وَعِزُّ الدِّينِ مُحَمَّدِ بنُ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 561 هـ). ذَكَرَهُمَا فِي تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ مَكِّيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (ت 567 هـ) الآتي، ذِكْرًا مُقْتَضَبًا، وَكَانَ يَنْبَغِي للمُؤَلِّفِ رحمه الله أَنْ يَذْكُرَهُمَا هُنَا فِي تَرْجَمَةِ وَالِدِهِمَا، أَو يَخُصَّهُمَا بِالتَّرْجَمَةِ. وَلَهُ وَلَدٌ ثَالِثٌ: هُوَ مَسْعُودُ بْنُ يَحْيى بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 606) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَرَجَّحَ الأُسْتَاذُ العَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بَهْجَتِ الأَثَرِيُّ رحمه الله أَنَّ شَرَفَ الدِّيْنِ اسْمُهُ "مُظَفَّرُ" لَا "ظَفَرٌ" بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي "وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ" قَالَ: لأَنَّ المُتَرْجَمَ هُوَ ابْنٌ للوَزِيْرِ الكَبِيْرِ، وَالمَشْهُورِ مِنْ كُنْيَتِهِ أَبُو المُظَفَّرِ .. " نَعَمْ ظَفَرٌ هُو أَكْبَرُ أَوْلادِ الوَزِيْرِ كَمَا قَالَ المُنْذِريُّ فِي "التَّكْمِلَةِ". لكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذلِكَ أَنْ يَكُونَ اسْمَهُ مُظَفَّرًا؛ لِيَكُونَ هُوَ أَبَا المُظَفَّرِ؛ لأَنَّهُ قَدْ يَتَكَنَّى مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ أَلْبَتَّة، أَوْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيُوْلَدَ لَهُ. وَلِلْوَزِيْرِ بِنْتٌ زَوْجُهَا وَلَدُ ابنِ الجَوْزِيِّ.
وَمِنْ أَحْفَادِ الوَزِيْرِ: أَحْمَدُ بنُ ظَفَرِ بْن يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 620 هـ). وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بن مُحَمَّدٍ (ت: 609 هـ). وَعُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُحَمَّدٍ بن يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ (ت:؟) ذَكَرَهُ ابنُ الشَّعَّارِ المَوْصِلِيُّ فِي "عُقُوْدِ الجُمَانِ". وَيَحْيَى بنُ عَلِيٍّ بنِ مُحَمَّدٍ (ت:؟) وَالِدُ مُحَمَّدٍ الآتِي. وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ (ت: 689 هـ). نَذْكُرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ مِن الاسْتِدْرَاكِ - إِن شَاءَ اللهُ تَعَالَى - وَنَذْكُرُ عُمَرَ فِي تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ عَلِيٍّ؛ لِجَهْلِ سَنَةِ وَفَاتِهِ. وَلِلْوَزِيْرِ إِخْوَانٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَرَفْتُ مِنْهُمْ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= - مَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدٍ أَبوُ جَعْفَرٍ (ت: 567 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَمَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ، أَبُو الرِّضَا الدُّوْرِيُّ (ت: 562) سَيَأتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شاءَ اللهُ تَعَالَى. وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فِي ذَيْلِ تَاريخ بَغْدَادِ (1/ 299)، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ وَقَالَ:"ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ المُبَارَكِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَشَّقٍ فِي "مُعْجَمِ شُيُوخِهِ" الَّذِيْنَ أَجَازُوا لَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ رِوَايَةً".
- وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ العِمَادِ الأَصْبَهَانِيِّ فِي خَرِيْدَةِ القَصْرِ (1/ 121)، فِي تَرْجَمَةِ مَكِّيِّ أَنَّ لَهُ أَخًا كُنْيَتُهُ أَبُو الفَرَجِ حَيْثُ أَنْشَدَ لَهُ قَصِيْدَةً يَرْثِيْهِ، مِنْهَا:
أَبَا الفَرَجِ المَسْلُوْبَ مِنْ كُلِّ نَاظِرٍ
…
تَعَتَّبْتَ عَنْ هَجْرِيْ وَمَا كُنْتَ تَعْتَبُ
عَجِبْتُ لِمَنْ خَلَّفْتَ كَيْفَ قَرَارَهُ
…
وَإِنَّ بَقَائِي بَعْدَ مَوْتِكَ أَعْجَبُ
فَيَابْنَ الهُبَيْرِيِّ الَّذِي لَيْسَ دُوْنَهُ
…
أَرَى اليَوْمَ خِلًّا فِي البَرَيَّةِ يُصْحَبُ
لَئِنْ غُيِّبْتَ عَنْ عَيْنِيَّ في التُّرْبِ قَسْوَةً
…
وَكُلُّ نَفِيْسٍ فِي التُّرَابِ يُغَيَّبُ
فَهَا كَبِدِي حَرَّى تَذُوْبُ وَمُهْجَتِي
…
تَبِيْتُ عَلَى جَمْرِ الأَسَى تَتَقَلَّبُ
فَلَا لَذَّلِيْ مِنْ بَعْدِ مَوْتكَ مَطْعَمٌ
…
وَلَا طَابَ لِي مِنْ بَعْدِ فَقْدِكَ مَشْرَبُ
وَهُوَ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ غَيْرُ هَؤُلَاءِ المَذْكُوْرِيْنَ؛ لأَنَّ رِثَاهُ لَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُمْ جَمِيْعًا. فَهَلْ هُوَ عَبْدُ الوَاحِدِ المُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ عَن ابنِ النَّجَّارِ وَالِدُ السَّدِيْدِ الآتي؟!. يَجُوْزُ ذلِكَ.
ومِنْ أَوْلَادِ أَخِيْهِ: السَّدِيْدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ هُبَيْرَةَ، الأَكْرَمُ، أَبُو العَبَّاسِ، ذَكَرَهُ العِمَادُ الأَصْبَهَانِيُّ فِي الخَرِيْدَةِ (1/ 120)، ذِكْرًا مُقْتَضَبًا وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ. وَعَلِيُّ بنُ مَكِّيِّ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ هُبَيْرَةَ، غَرْسُ الدَّوْلَةِ (ت: 586 هـ)، نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَهَلْ هُو نَفْسُهُ شَمْسُ الدَّوْلَةِ المَذْكُوْرُ عَرَضًا فِي خَرِيْدَة القَصْرِ (2/ 172) فِي تَرْجَمَةِ الشَّاعِرِ المُؤَيِّدِ الآلُوْسِيِّ؟ قَالَ العِمَادُ:"وَأَنْشَدَنِي لَه شَمْسُ الدَّوْلَةِ عَلِيٌّ ابنُ أَخِي الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّيْنِ بْنِ هُبَيْرَةَ. . ." وَاسْتَظْهَرَ الأُسْتَاذُ المَرْحُوْمُ مُحَمَّدُ بَهْجَت الأَثريُّ فِي هَامِشِ "الخَرِيْدَةِ" أَنَّهُ شَمْسُ الدِّينِ المَذْكُوْرُ عَرَضًا
ابْنِ الجَهْمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ بْنِ عُلْوَانَ بْنِ الحَوْفَزَانِ، وَهُوَ الحَارِثُ
(1)
بنُ شَرِيكِ
= أَيْضًا فِي "مرآة الزَّمَان" فِي وَفَياتِ سَنَةِ (582 هـ) وَهَذَا مَا تَمِيْلُ إِلَيهِ النَّفْسُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْ أَحْفَادِهِ: مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيِّ. وَابْنُهُ مَكِّيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَكِّيِّ. نَذْكُرُهُمَا فِي تَرْجَمَةِ مَكِّي (ت: 567 هـ) ثُمَّ نَسْتَدْرِكُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
- وَكَانَ وَالِدُ سِبْطِ ابنِ الجَوْزِيِّ مَمْلُوْكًا لابنِ هُبَيْرَةَ، وَهُوَ الَّذِي اقْتَرَحَ عَلَى ابْنِ الجَوْزِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِابْنَتِهِ، فَفَعَلَ، وَأَنْجَبَ مِنْهَا السِّبْطَ المَشْهُوْرَ. وَابْنُ الجَوْزِيِّ بَكْرِيٌّ تَيْمِيٌّ قُرَشِيٌّ؟!
- وَمِنْ مَمَالِيْكِ ابنِ هُبَيْرَةَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ: قَيْصَرٌ العَوْنِيُّ (ت: 596 هـ)، مَنْسُوْبٌ إِلَى لَقَبِ الوَزِيْرِ "عَوْنِ الدِّيْنِ". كَانَ - كَمَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ -: بَدِيع الجَمَالِ يَضْرَبُ بِحُسْنِهِ الأَمْثَالُ. يُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلَامِ (260).
- وَزُغْلِيُّ بنُ طُنْطَاشَ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ العَوْنِيُّ (ت: 619 هـ).
- وَفَرْحَةُ بِنْتُ قَرَاطَاش بنِ طُنْطَاش الظَّفَرِيٌّ العَوْنِيُّ (ت: 598 هـ)، كَانَ أَبُوْهَا مَوْلَى عِزِّ الدِّيْنِ (كَذَا؟)[عَوْنِ الدِّيْنِ] بنِ هُبَيْرَةَ الوَزِيْرِ، كُنْيَتُهَا أُمُّ الحَيَا. نَسْتَدْرِكُهَا فِي مَوْضِعِهَا إِنَ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
- وَوَكِيْلُهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعْدِ بْنِ حَسَنِ بنِ الجَوْزِيِّ (ت: 562 هـ)، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ فَاسْتَدْرَكْتُهُ فِي مَوْضِعِهِ كمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
- وإِمَامُ مَسْجِدِهِ: مُفْلِحُ بنُ عَبَّادٍ (ت: 561 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
- وَذَكَرَ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (2/ 90، 91) مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ السَّيِّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الطَّبِيْبِ بنِ مَهْدِي، أَبُو نَصْرٍ المُقْرِئُ، يُعْرَفُ بِـ "ابنِ الزَّيْتُونِيِّ" وَ"ابنِ الثَّلَّاجِيِّ" قَالَ: كَانَ دَوَاتِيَّ الوَزِيْرِ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ هُبَيْرَةَ (ت: 600 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
جَمْهَرَةُ النَّسَبِ لابنِ الكَلْبِيِّ (251)، وَرَفَعَ القَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بنُ خَلِّكَان نَسَبَهُ إِلَى "عَدْنَانَ" وَقَبْلُهُ رَفَعَ نَسَبُهُ أَيْضًا العِمَادُ الكَاتِبُ فِي "خَرِيْدَةِ القَصْرِ" وَقَالَا:"إِنَّمَا أُخْرِجَ لَهُ هَذَا النَّسَبُ بَعْدَ سِنِيْنَ منْ وِزَارَتِهِ، وَذَكَرَهُ الشُّعَرَاءُ فِي مَدَائِحِهِمْ إِيَّاهُ" فَهَلْ هَذَا =
ابْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ شَرَحْبِيْلَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ هَمَّامِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عُكَّابَة،
(1)
الشَّيْبَانِيُّ الدُّوْرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الوَزِيْرُ، العَالِمُ، العَادِلُ، صَدْرُ الوُزَرَاءِ
(2)
، عَوْنُ الدِّينِ، أَبُو المَظَفَّرِ.
وُلِدَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةَ بِـ "الدُّوْرِ"
(3)
قَرْيَةٌ مِنْ أَعْمَالِ "الدُّجَيْلِ"، وَدَخَلَ "بَغْدَادَ" شَابًّا. وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى جَمَاعَةٍ، وَسَمِعَ الحَدِيثَ الكَثِيرَ مِنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ: القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ بْنُ الفَرَّاءِ، وَأَبُو الحَسَنِ
(4)
بْنُ الزَاغُونِيِّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ وَأَبُو غَالِبِ بْنُ البَنَّاءِ وَأَبُو عُثْمَانَ بْنُ مَلَّه
(5)
وَابْنُ الحُصَيْنِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَرَأَ الفِقْهَ عَلَى أَبِي
= تَشْكِيْكٌ فِي صِحَّةِ نَسَبِهِ؟! قَالَ القَاضِي ابنِ خَلِّكَان: "هكَذَا سَاقَ نَسَبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُم: ابْنُ الدُّبيثي في "تَاريْخِهِ"، وَابْنُ القَادِسِيِّ فيِ كِتَابِ "الوُزَرَاءِ" وَغَيْرِهِمَا".
(1)
في (ط): "عَكَّايَة"، وَكَذلِكَ هِي فِي (أ)، وَهُوَ تَصْحِيْفٌ ظَاهِرٌ.
(2)
في (ط): "الوُزَاء" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(3)
فِي "وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ": "وَهُوَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ بِلَادِ "العِرَاقِ" تُعْرَفُ بِـ "قَرْيَةِ بَنِي أَوْقَرَ" بِالقَافِ مِنْ أَعْمَالِ "دُجَيْلٍ" وَهِيَ "دُوْرُ عَرمانيا" بِالعَيْنِ المُهْمَلَةِ وَاليَاءِ المُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِ، وَتُعْرَفُ الآنَ بِـ "دُوْرِ الوَزِيْرِ" نِسْبَةً إِلَيْهِ، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَجْنَادِهَا". وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلدَانِ (2/ 547)، وَفِيه:"دُوْرُ عَرَبَابِي" وَقَالَ: "فِيها جَامِعٌ وَمِنْبَرٌ، وَبَنُو أَوَقَرَ كَانُوا مَشَايِخَهَا، وَأَرْبَابَ ثَرْوَتِهَا، وَبَنَى الوَزِيْرُ بِهَا جَامِعًا وَمَنَارَةً، وَآثَارُ الوَزِيْرِ حَسَنَةٌ". أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: وَلَا أَدْرِي بَني أَوْقَرَ مِن أَيِّ قَبِيْلَةٍ هُمْ؟!
(4)
في (ط) و (هـ): "أَبُو الحُسَيْنِ".
(5)
في "وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ": "ابنُ قَيْلَةَ الأَصْبَهَانِيُّ" وَالصَّحِيْحُ هُو المُثْبَتُ. قَالَ ابنُ نُقْطَةَ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (5/ 439) "بِفَتْحِ المِيْمِ، وَتَشْدِيْدِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا
…
وَأَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيلُ =
بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ - فِيْمَا ذَكَرَهُ ابْنُ القَطِيعِيِّ - وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ بْنِ الفَرَّاءِ، وَقَرَأَ الأَدَبَ علَى أَبِي مَنْصُورِ بْنِ الجَوَالِيْقِيِّ، وَصَحِبَ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الزَّبِيْدِيَّ، الوَاعِظَ الزَّاهِدَ
(1)
مِنْ حَدَاثَتِهِ، وَكَمَّلَ عَلَيْهِ فُنُوْنًا مِنَ العُلُوْمِ الأَدَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَأَخَذَ عَنْهُ التَّاَلُّهَ وَالعِبَادَةَ، وَانْتَفَعَ بِصُحْبَتِهِ حَتَّى إِنَّ الزَّبيْدِيَّ كَانَ يَرْكَبُ جَمَلًا وَيَعْتَمُّ بِفُوْطَةٍ، وَيَلْوِيْهَا تَحْتَ حَنَكِهِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوْفٍ، وَهُوَ مَخْضُوْبٌ بِالحِنَّاءِ، فَيَطُوْفُ بأَسْوَاقِ "بَغْدَادَ" وَيَعِظُ النَّاسَ، وَزِمَامُ جَمَلِهِ بِيَدِ أَبِي المُظَفَّرِ بْنِ هُبَيرَةَ، وَهُوَ أَيْضًا مُعْتَمٌّ بِفُوْطَةٍ مِنْ قُطْنٍ، قَدْ لَوَاهَا تَحْتَ حَنَكِهِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصُ قُطْنٍ خَامٍّ، قَصِيرُ الكُمِّ وَالذَّيْلِ، وَكُلَّمَا وَصَلَ الزَّبِيْدِيُّ مَوْضِعًا أَشَارَ أَبُو المُظَفَّرِ بِمَسْبَحَتِهِ، وَنَادَى بِرَفِيعِ صَوْتِهِ:"لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيرَ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيْرٌ". ذَكَرَ ذلِكَ أَبُو بَكْرٍ التَّيْمِيُّ بْنُ المَرَسْتَانِيَّةِ
(2)
فِي الكِتَابِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي مَنَاقِبِ الوَزِيْرِ وَفَضائِلِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ، وَاللُّغَةِ، وَالعَرُوْضِ،
= ابْنُ مُحَمَّدِ". أخْبَارُهُ في: المُنْتَظَمِ (9/ 183)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (38119)، وَلِسَانِ المِيْزَانِ (1/ 434)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 23).
(1)
هُوَ الشَّيْخُ الزَّاهِدُ (ت: 555 هـ) نَقَلَ عَنْهُ فِي الإِفْصَاح عَنْ مَعَانِي الصِّحَاح (1/ 272)، (2/ 106، 5/ 90). وَأَخْبَارُهُ في: المُنْتَظِمِ (10/ 197)، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (9/ 106) وسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 316)، وَالجَوَاهِرِ المُضِيَّةِ (3/ 394).
(2)
هُوَ عُبَيْدُ اللهِ بنِ عَلِيِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ حُمَّرَةَ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ المَارِسْتَانِيَّةَ"(ت: 599 هـ) ذَكَرَه المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِه كَمَا سَيَأْتِي.
وَصَنَّفَ فِي تِلْكَ العُلُوْمِ، وَكَانَ مُتَشَدِّدًا فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَسِيَرِ السَّلَفِ.
قُلتُ: صَنَّفَ الوَزِيْرُ أَبُو المُظَفَّرِ كِتَابَ "الإِفْصَاحِ عَنْ مَعَانِي الصِّحَاحِ" فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَهُوَ شَرْحُ صَحِيْحَيْ البُخَارِي وَمُسْلِمٍ
(1)
، وَلَمَّا بَلَغَ
(1)
الصَّحِيْحُ أَنَّهُ شَرْحُ كِتَابِ "الجَمْعُ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ" لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ فَتُّوحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيِّ (ت: 488 هـ) كَمَا صَرَّحَ المُؤَلِّفُ بِذلِكَ فِي مُقَدِّمَتِهِ ص (40) وَكَانَ الحُمَيْدِيُّ رحمه الله قَدْ رَتَّبَ كِتَابَهُ هَذَا عَلَى أَسْمَاءِ الرِّجَالِ فَبَدَأَ بِالخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ، ثُمَّ بَقِيَّةِ العَشَرَةِ المُبَشَّرِيْنَ بِالجَنَّةِ
…
وَقَدْ سَمِعَهُ ابنُ هُبَيْرَةَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ (ت: 531 هـ) فِي سَنَةِ إِحدَى وَثَلاثِين وَخَمْسِمَائَة بِـ "الدُّوْرِ" عَنِ الحُمَيْدِيِّ المُصَنِّفِ رحمه الله، سَمَاعًا لَهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، وَقَدْ ذَكَرَ الحُمَيْدِيُّ إِسْنَادَهُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّحِيْحَيْنِ فِي آخِرِ الكِتَابِ. وَذَهَبَ الدُّكْتُور فُؤَادُ عَبْدُ المُنْعِمِ مُحَقِّقُ "الإِفْصَاحِ .. " إِلَى أَنَّ الهَرَوِيَّ المَذْكُوْرَ هُوَ مُؤلِّفُ كِتَابِ "الذَّخَائِرِ" فِي النَّحْوِ المُتَوفَّى فِي حُدُودِ سَنَةِ (415 هـ)؟! وَهَذَا خَطَأٌ كَبِيرٌ؛ لأَنَّ ابنَ هُبَيْرَةَ سَمِعَ مِنَ الهَرَوِيِّ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ عِنْدَهُ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ ذلِكَ؟! وَالمُرَجَّحُ - إِنْ شَاءَ اللهُ - أَنَّ الهَرَوِيَّ المَذْكُوْرَ هُنَا هُوَ عَلِيُّ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الأَدِيْبُ، أَبُو الحَسَنِ (ت: 531 هـ). مُؤَدِّبُ أَوْلَادِ الوَزِيْرِ أَنُوشَرْوَانَ بنِ خَالِدٍ. حَدَّثَ عَنِ البَانِيَاسِيِّ، وَرِزْقِ اللهِ التَّمِيْمِيِّ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (248).
وَقَدِ اهْتَمَّ العُلَمَاءُ بِكِتَابِ "الإِفْصَاحِ .. "، فَلَخَّصَهُ الحَافِظُ ابنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597 هـ) فِي كِتَابِهِ: "مَحْضِ المَحْضِ" وَأَلَّفَ عَلَى مِنْوَالِهِ كِتَابَهُ المَشْهُوْرَ "كَشْفَ المُشْكِل عَنْ حَدِيْثِ الصَّحِيْحَيْنِ"، شَرَحَ فِيهِ الجَمْعَ بَيْنَ "الصَّحِيْحَيْنِ" لِلحَافِظِ الحُمَيْدِيِّ أَفَادَ فِيْهِ مِنْ كِتَابِ ابنِ هُبَيْرَةَ كَثِيرًا. وَلَخَّصَهُ الحَسَنُ بْنُ الخَطِيْرِ النُّعْمَانِيُّ الفَارِسِيُّ، أَبُو عَلِيٍّ (ت: 598 هـ) وَسَمَّاهُ "الحُجَّةَ"، وَلَخَّصَ "الحُجَّةِ" هَذِهِ الحَافِظُ ابنُ حَجَرِ، رَحِمَهُ =
فِيْهِ إِلَى حَدِيْثِ: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّيْنِ" شَرَحَ الحَدِيْثَ، وَتَكَلَّمَ عَلَى مَعْنَى الفِقْهِ، وَآلَ بهِ الكَلَامُ إِلَى أَنْ ذَكَرَ مَسَائِلَ الفِقْهِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَالمُخْتَلَفِ فِيْهَا بَيْنَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ المَشْهُوْرِينَ، وَقَدْ أَفْرَدَهُ النَّاسُ مِنَ الكِتَابِ، وَجَعَلُوهُ مُجَلَّدَةً مُفَرَدَةً، وَسمَّوْهُ بِكِتَابِ "الإِفْصَاحِ"
(1)
وَهُوَ
= اللهُ. وَقَدْ أَنْشَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُظَفَّرِ، أَبُو جَعْفَرٍ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ" ابنُ عَمِّ الوَزِيْرِ عَضُدِ الدِّينِ فِي كِتَابِ "الإِفْصَاحِ" يَذُمُّهُ وَيَذُمُّ صَاحِبَهُ:
أَلَا قُلْ لِيَحْيَى وَزِيْرَ الزَّمَانِ
…
مَحَوْتَ الشَّرِيْعَةِ مَحْوَ السُّطُوْرِ
كَسَرْتَ الصِّحَاحَ بِتَفْسِيْرِهَا
…
وَأَصْبَحْتَ تَضْرِبُهَا فِي الكُسُوْرِ
أَكُنْتَ دَلِيْلًا عَلَيْهَا لَنَا
…
وَهَلْ كَانَ أَعْمَى دَلِيْلَ البَصِيْرِ
وَمَا كُنْتَ تَقْصُدُ تَهْذِيْبَهَا
…
ولَكِنْ لِتَهْذِي بِهَا فِي الصُّدُوْرِ
كَذَا فِي خَرِيْدَةِ القَصْرِ (1/ 156) وَذَكَرَ الصَّفَدِيُّ فِي الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (29/ 154) يُوْسُفَ بنَ أَبِي بَكْرِ بنِ أَبِي الحَسَنِ الأَدَمِيَّ البَغْدَادِيَّ (ت: 639 هـ) قَالَ: "كَانَ يَحْفَظُ مِنْ كِتَابِ "الإِفْصَاحِ فِي شَرْحِ الأَحَادِيْثِ الصِّحَاحِ" لابنِ هُبَيْرَةَ شَيْئًا، وَيَقْرَؤُهُ عَلَى ابنِ هُبَيْرَةَ. نَقَلَ ذلِكَ عَنِ ابنِ النَّجَّارِ، وَأَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ذلِكَ مِنْ حِفْظِهِ، وَهُوَ فِي عَشْرِ المَائَةَ بِلِسَانٍ ذَلْقٍ، وَذِهْنٍ حَاضِرٍ" وَهَلْ هُوَ حَنْبَلِيٌّ؟ لا أَظُنُّ ذلِكَ. وطُبِعَ الجُزْءُ الأَوَّلُ مِن كِتَابِ "الإِفْصَاحِ" فِي قَطَرَ بِعِنَايَةِ الدُّكْتور فُؤَادِ عَبْدِ المُنْعِمِ، وَتَقْدِيْمِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ المَحْمُوْدِ رَئِيْسِ المَحَاكِمِ الشَّرعِيَّةِ وَالشُّؤُونِ الدِّيْنِيَّةِ فِي قَطَرَ سَنَةَ (1406 هـ) ثُمَّ أَعَادَ طَبْعُهُ فِي دَارِ الوَطَنِ فِي الرِّيَاضِ مِنْ سَنَةِ (1417 إِلى سَنة 1419 هـ) وَصَدَرَ مِنْهُ ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ تَتَضَمَّنُ "شَرْحَ مَسَانِيْدِ العَشَرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُمْ بِالجَنَّةِ" وَ"مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ"، وَ"جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ"، رضي الله عنهم.
(1)
هَذَا المُخْتَصَرُ هُوَ المَشهُوْرُ فِي أَيْدِي النَّاسِ قَدِيْمًا بِـ "الإِفْصَاحِ"، وَنُسَخُهُ الخَطِّيَّةِ فِي مَكْتَبَاتِ العَالَمِ كَثِيْرَةٌ جِدًّا. وَأَثْنى عَلَيهِ العَلَّامَةُ الأُسْتَاذ أَحْمَدُ تَيْمُوْر بَاشَا، وَحَثَّ عَلَى =
قِطْعَةٌ مِنْهُ، وَهَذَا الكِتَابُ صَنَّفَهُ فِي وِلَايَتِهِ الوِزَارَةَ، وَاعْتَنَى بِهِ وَجَمَعَ عَلَيْهِ أَئِمَّةَ المَذَاهِبِ، وَأَوْفَدَهُمْ مِنَ البُلدَانِ إِلَيْهِ لأَجْلِهِ، بِحَيْثُ إِنَّهُ أَنْفَقَ عَلى ذلِكَ مَائَةَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ
(1)
، وَحَدَّثَ بِهِ، وَاجْتَمَعَ الخَلْقُ العَظِيْمُ لِسَمَاعِهِ عَلَيْهِ. وَكَتَبَ بِهِ نُسْخَةً لِخِزَانَةِ المُسْتَنْجِدِ
(2)
، وَبَعَثَ
= طِبَاعَتِهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ نَوَادِرِ المَخْطُوْطَاتِ فِي الفِقْهِ وَاخْتِلَافِ الفُقَهَاءِ وَأَنَّهُ جَلِيْلُ القَدْرِ. تُنْظَرُ مَقَالَتُهُ في مَجَلَّةِ الهِلَالِ (28 سنة 1919 م)، ثُمَّ طُبِعَ بِعِنَايَةِ رَاغبٍ الطَّبَّاخِ سَنَةَ (1929 م) في "حَلَبِ" وَجَاءَ اسْمُهُ في بَعْضِ نُسَخِهِ الخَطِّيَّةِ:"الإشْرَاف عَلى مَذَاهِبِ الأشْرَافِ"، أَوْ "الإشْرَاف فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ"، أَوِ "الإجْمَاعَ وَالخِلَاف"، أَوِ "الإيْضَاح وَالتَّبْيِيْن في اخْتِلَاف الأئِمَّةِ المُجْتَهِدِينَ". يُرَاجَعُ - مِثْلًا -: نُسخَةُ جَامِعَةِ القَرَوِيِّين بِالمَغْرِبِ رقم (506)، وَنُسْخَةُ جَامِعَةِ برنسْتُوْن رقم (278)، ورقم (3618)
…
وَغَيْرُهُمَا. وَطُبِعَ بَعْدَ ذلِكَ مِرَارًا.
(1)
كَذَا فِي "المُسْتَفَادِ": قَالَ: "وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى هَذَا الكِتَابِ حَتَّى جَمَعَهُ مَائَتَي أَلْفِ دِيْنَارٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ". قَالَ: "ثُمَّ إِنَّهُ رَتَّبَ لِحِفْظِ هَذَا الكِتَابِ مِنَ المُتَعَلِّمِيْنَ أَلْفًا وَثَمَانِمَائَةِ طَالِبٍ، وَجَعَلَ لَهُمْ مَائَةً وَأَرْبَعِيْنَ مُعِيْدًا؛ لِتَحْفِيْظِهِمْ وَتَفْقِيْهِهِمْ، بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مَسْجِدٌ وَلَا مَدْرَسَةٌ إِلَّا وَيُلْقَى فِيْهَا دَرْسٌ مِنْهُ، وَبَعْدَ حِفْظِ الطَّلَبَةِ لِدُرُوْسِهِمْ، يَحْضُرُوْنَ مَعَ مُعِيْدِيْهِمْ فِي حَضْرَةِ الوَزِيْرِ، فَيَقْرَؤُونَ مِنْ حِفْظِهِمْ، فَيُوْصِلُ إِلَيْهِمْ مِنَ المَبَارِّ وَالإِنْعَامِ مَا يُدْهِشُ سَائِرَ الأَنَامِ".
(2)
هُوَ يُوسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، بُويِعَ بِالخِلَافَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمَائَة وَتُوفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَستِّينَ وَخَمْسِمَائَة، وَتَرَجَمَ لهُ المُؤلِّفُ في الإفصاح (7/ 132) لَمَّا عَدَّدَ خُلَفَاءَ بَنِي العَبَّاسِ قَالَ:"ثُمَ ثَبَتَ الأَمْرُ وَاسْتَقَرَّتِ الخِلَافَةُ فِي سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا المُسْتَنْجِدِ بِاللهِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي المُظَفَّرِ يُوسُفَ بنِ الإِمَامِ المُقْتَفِي لأَمْرِ اللهِ .. ". يُرَاجَعُ في أخْبَارِهِ: المِصْبَاحُ المُضِيُّ (1/ 598)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 192)، وَالإِنْبَاءُ في =
مُلُوْكُ الأَطْرَافِ وَوُزَرَاؤُهَا وَعُلَمَاؤُهَا، وَاسْتَنْسَخُوا لَهُمْ بِهِ نُسَخًا، وَنَقَلُوْهَا إِلَيْهِمْ، حَتَّى السُّلْطَانِ نُوْرِ الدِّيْنِ الشَّهِيْدِ
(1)
، وَاشْتَغَلَ بِهِ الفُقَهَاءُ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ، يُدَرِّسُوْنَ مِنْهُ فِي المَدَارِسِ وَالمَسَاجِدِ، وَيُعِيْدُهُ المُعِيْدُونَ، وَيَحْفَظُ مِنْهُ الفُقَهَاءُ. وَصَنَّفَ فِي النَّحْوِ كِتَابًا سَمَّاهُ "المُقْتَصِدَ"
(2)
= تَارِيْخِ الخُلَفَاءِ (226)، وَالفَخْرِيُّ (316)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 412).
(1)
هُوَ مَحْمُوْدُ بنُ زِنْكِيْ، أَبُو القَاسِمِ يُلَقَّبُ بِـ "المَلِكِ العَادِلِ" مَوْلِدُهُ فِي "حَلَبَ" وَصَارَ أَمِيْرَهَا بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ سَنَةَ (541 هـ) وَامْتَدَّ نُفُوْذُهُ عَلَى قِطَاعَاتِ كَبِيْرَةٍ مِنْ بِلَادِ "الشَّامِ" وَ"الجَزِيرَةِ" وَ"مِصْرَ" وَبَعْضِ بِلَادِ "العِرَاقِ" وَبَعْضِ بِلَادِ "المَغْرِبِ" وَ"الحِجَازِ" وَ"اليَمَنِ"، كَانَ مُتَوَاضِعًا، مُحِبًّا للعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ، عَادِلًا، فَاضِلًا، شُجَاعًا، بَنَى المَدَارِسَ وَالمَسَاجِدَ وَالرُّبُط، يَقُوْدُ المَعَارِكَ ضِدَّ الصَّلِيْبِيِّينَ بِنَفْسِهِ، وَحَصَّنَ البِلَادَ، وَأَيْقَظَ فِي الجُنْدِ رُوْحَ المُقَاوَمَةِ، وَهُوَ الَّذِي مَهَّدَ الطَّرِيْقَ لِصَلَاحِ الدِّينِ لِفَتْحِ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَطَرْدِ الصَّلِيبِيِّينَ مِنْ بِلَادِ الإِسْلَامِ، فَمَا أَحْوَجَ عَصْرِنَا إِلَى أَمْثَالِه رحمه الله مَاتَ شَهِيْدًا سَنَةَ (569 هـ) فَعُرِفَ بِنُوْرِ الدِّيْنِ الشَّهِيْدِ، وَأَلَّفَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ قَاضِي شُهْبَةَ فِي سِيْرَتِهِ كِتَابَ "الدُّرِّ الثَّمِيْنِ"، وَأَلَّفَ أَبُو شَامَةَ المَقْدِسِيُّ "الرَّوْضَتَيْنِ .. " فِي سِيْرَتهِ وَسِيرَةِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ الكُتُبِ المُؤلَّفَةِ فِي سِيْرَتِهِ رحمه الله. يُرَاجَعُ: تَارِيخُ ابنِ الوَرْدِيِّ (2/ 83)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 305) وَالدَّارِسُ (1/ 99، 231، 361، 447، 607، 615)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 71) وَغَيْرُهَا.
(2)
جَاءَ فِي "وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ": "بِكَسْرِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ" وَتُعْرَفُ بِـ "مُقَدِّمَةِ ابنِ هُبَيْرَةَ" وَذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ نَفْسُهُ فِي كِتَابِهِ الإِفْصاحِ (1371) قَالَ: "عُرِضَ عَلَيَّ مُخْتَصَرٌ كُنْتُ قَدْ صَنَعْتُهُ فِي النَّحْوِ، وَكُنْتُ قَدْ كَرَّرْتُ نِسَاخَتَهُ بِخَطِّي مِرَارًا كَثِيْرةً. . ." أَقُوْلُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلى أَنَّهُ مُخْتَصَرٌ لَطِيْفٌ، لكِنَّهُ لَم يُرْزَقْ الشُّهْرَةَ بَيْنَ العُلَمَاءِ، وَلَمْ تَذُعْ سُمْعَتُهُ كَمَا ذَاعَتْ وَانْتَشَرَتْ شُهْرَةُ "الجُمَلِ" للزَّجَّاجِيِّ، أَوِ "الإيْضَاحِ" لأَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ أَوِ "المُفَضَّلِ" =
وَعَرَضَهُ عَلَى أَئِمَّةِ الأَدَبِ فِي عَصْرِهِ، وَأَشَارَ إِلَى ابْنِ الخَشَّابِ بِالكَلَامِ عَلَيْهِ، فَشَرَحَهُ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ
(1)
، وَبَالَغَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَاخْتَصَرَ كِتَابَ "إِصْلَاحِ المَنْطِقِ" لابنِ السِّكِّيتِ، وَكَانَ ابْنُ الخَشَّابِ يَسْتَحْسِنُهُ وَيُعَظِّمُهُ. وَصَنَّفَ كِتَابَ "العِبَادَاتِ الخَمْسِ" عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَحَدَّثَ بِهِ بِحَضْرَةِ العُلَمَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ المَذَاهِبِ. وَلَهُ "أُرْجُوْزَةٌ فِي المَقْصُورِ وَالمَمْدُوْدِ"، وَ"أُرْجُوْزَةٌ فِي عِلْمِ الخَطِّ"
(2)
. وَقَدْ صَنَّفَ ابْنُ الجَوْزِيِّ كِتَابَ "المُقْتَبِسِ مِنَ الفَوَائِدِ العَوْنِيَّةِ"
(3)
وَذَكَرَ فِيْهِ
= للزَّمَخْشَرِيِّ أَوْ "كَافِيَةِ ابنِ الحَاجِبِ" أَوْ "أَلْفِيَّةِ ابنِ مَالِكٍ" وَأَمْثَالِهَا.
(1)
عُرِفَ هَذَا الشَّرحُ بِـ "العَوْنِيِّ" نِسْبَةً إِلَى لَقَبِ الوَزِيْرِ "عَوْنِ الدِّينِ". قَالَ يَاقُوتُ الحَمَوِيُّ: "يُقَالُ: إِنَّهُ وَصَلَهُ علَيَهَا بِأَلْفِ دِيْنَارٍ" قَالَ القِفْطِيُّ فِي إِنْبَاهِ الرُّوَاةِ (2/ 100): "وَقَطَعَهَا قَبلَ الإِتْمَامِ، وَوَصَلَ مِنْهَا إِلَى بَابِ النُّونَيْنِ الثَّقِيْلَةِ وَالخَفِيفَةِ"، وَوَصَفَهُ ابنُ خَلكَان بِأَنَّهُ شَرْحٌ مُسْتَوْفًى، وأَنَّهُ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَنَقَلَ عَنهُ بَهَاءُ الدِّينِ بنُ النَّحَّاسِ الحَلَبِيُّ (ت: 698 هـ) فِي "تَعْلِيْقَتِهِ عَلَى المُقَرَّبِ" نُسْخَة الأَزْهَرِ وَرقَة (68) قَالَ: "حَكَى ذلِكَ ابنُ خَالَوَيْهِ فِي "حَوَاشِي الجُمَلِ" لَهُ، وابْنُ الخَشَّابِ رحمه الله فِي "العَوْنِيِّ" لَهُ" وَنَقَلَ عَنْهُ الإِمَامُ أبُو حَيَّانَ الأَنْدَلُسِيُّ فِي تَذْكِرَةِ النُّحَاةِ (118) قَالَ: "ابنُ الخَشَّابِ فِي "العَوْنِيِّ" الخَصْمُ مِنَ المَصادِرِ الَّتِي وُصِفَ بِهَا فَكَانَتْ لِلْوَاحِدِ وَمَا زَادَ بِوَصْفِ وَاحِدٍ".
(2)
وَقَفْتُ عَلَيْهِمَا فِي مَجْمُوْعٌ، ثُمَّ أُنْسِيْتُهُ الآنَ.
(3)
مُؤَلَّفَاتُ ابنِ الجَوْزِيِّ (218)"المُقْتَبَسُ" وَنَقَلَ عَنْ الدُّكْتُورَةِ ناجية عبد الله إِبراهيم بِعُنوان: "المُقْتَبَسُ مِنَ الفَوائدِ العَوْنِيَّةِ" نَقْلًا عَن "المَنهج الأَحْمَدِ" وَهَذَا كُلُّه لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ؟ فَابنُ رَجَبٍ صَرِيْحٌ فِي ذِكْرِ عُنْوَانِهِ وَمَوْضُوْعِهِ، وَالعُلَيْمِيُّ إِنَّمَا نَقَلَ كَلَامَ ابنِ رَجَبٍ فَحَسْبُ فَكَانَ حَقُّه أنْ يُعْزَى إِلَى ابن رَجَبٍ لَا إِلَى العُلَيْمِيِّ؟!
الفَوَائِدِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنَ الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّينِ، وَأَشَارَ فِيْهِ إِلَى مَقَامَاتِهِ فِي العُلُوْمِ، وَانْتَقَى مِنْ زُبَدِ كَلَامِهِ فِي "الإِفْصَاحِ" علَى الحَدِيْثِ كِتَابًا سَمَّاهُ "مَحْضَ المَحْضِ"
(1)
.
وَكَانَ ابْنُ هُبَيْرَةَ رحمه الله فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ فَقِيرًا
(2)
، فَاحْتَاجَ إِلَى أَنْ
(1)
مُؤلَّفَاتُ ابنِ الجَوْزِيِّ (202) عن "مرآة الزَّمَانِ" لسِبْطِ ابْنِ الجَوْزِيِّ فَحَسْبُ.
(2)
نَقَلَ شَمْسُ الدِّين ابنُ طُوْلُوْنَ فِي كِتَابِهِ: إِنْبَاءِ الأُمَرَاءِ بِأَنْبَاءِ الوُزَرَاء (56) قَالَ: "حَكَى عَوْنُ الدِّيْنِ المَذْكُوْرُ قَالَ: ضَاقَ حَالِي قَبْلَ الوِزَارَةِ وَأَصَابَنِي فَاقَةٌ عَظِيْمَةٌ حَتَّى عَدِمْتُ القُوْتَ أَيَّامًا، فَأَشَارَ عَلَىَّ بَعْضُ أَصْحَابِي أَنْ أَسْأَلَ اللهَ عِنْدَ قَبْرِ الشَّيْخِ مَعْرُوْفٍ الكَرْخِيِّ؟! فَتَوَضَّأْتُ وَجِئْتُ إِلَى قَبْرِهِ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْن، وَدَعَوْتُ اللهَ عز وجل، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى "بَغْدَادَ" فَمَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ مَهْجُوْرٍ فَدَخَلْتُ لأُصَلِّيَ فِيْهِ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا مَرِيْضٌ مُلْقًى عَلَى حَصِيْرٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَوَانَسْتُهْ بِالحَدِيْثِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: مَا تَشْتَهِي فَقَالَ: سَفَرْجَلٌ، فَخَرَجْتُ إِلَى بَقَّالٍ هُنَاكَ فَرَهَنْتُ مِئْزَرِي عَلَى سَفَرْجَلَتَيْنِ وَتُفَّاحَةٍ وَأَتَيْتُهُ بِهِنَّ، فَأَكَلَ مِنَ السَّفَرْجَلِ ثُمَّ قَالَ: أَغْلِقِ البَابَ، فَغَلَقْتُ البَابَ، فَقَامَ عَنِ الحَصِيْرِ وَقَالَ: احْفُرْ هُنَا، فَحَفَرْتُ، فَطَلَعَ كُوْزٌ مَلآنٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيْهِ خَمْسُمَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِيْ: خُذْهَا أَنْتَ أَحَقُّ بِهَا، فَأَخَذْتُهَا، وَقُلْتُ لَهُ: أَمَا لَكَ وَارِثٌ؟ فَقَالَ: كَانَ لِي أَخٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، عَهْدِي بِهِ بَعِيْدٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ مَاتَ، فَقُلْتُ: وَمَا اسْمُكَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: عَبْدُ اللهِ، وَأَنَا مِنَ "الرُّصَافَةِ"، فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُنِي وَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ. فَغَسَّلْتُهُ، وَكَفَّنْتُهُ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَجِئْتُ لأدْخُلَ "بَغْدَادَ" فَلَمَّا قَصَدْتُ الرُّكُوْبَ فِي "الدِّجْلَةِ" إِذَا بِمَلَّاحٍ فِي سَفِيْنَةٍ عَتِيْقَةٍ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ رَثَّةٌ، فَقَالَ لِي: يَا سَيِّدِي مَعِي مَعِي، فَنَزَلْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ بِذلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي مَاتَ، فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنَ "الرُّصَافَةِ"، فَقُلْتُ: وَمَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ، وَأَنَا صُعْلُوْكٌ وَعِنْدِي عَائِلَةٌ كِثيْرَةٌ، وَقَدْ سَاءَتْ حَالَتُنَا مِنَ الفَقْرِ، فَقُلْتُ: أَمَا لَكَ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: كَانَ لِيَ أَخٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ، وَعَهْدِي بِهِ بَعِيْدٌ، وَمَا أَدْرِي مَا فَعَلَ اللهُ بِهِ. فَقُلْتُ لَهُ: ابْسُطْ حِجْرِكَ فَصَبَبْتُ لَهُ الذَّهَبَ فِي حِجْرِهِ فَبُهِتَ الرَّجُلُ، فَحَدَّثْتُهُ الحَدِيْثَ =
دَخَلَ فِي الخِدَمِ السُّلْطَانِيَّةِ، فَوَلِيَ أَعْمَالًا
(1)
، ثُمَّ جَعَلَهُ المُقْتَفِي لِأَمْرِ اللهِ مُشْرِفًا فِي المَخْزَنِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى كِتَابَةِ دِيْوَانِ الزِّمَامِ. ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُقْتَفِي كَفَاءَتُهُ، وَشَهَامَتُهُ، وَأَمَانَتُهُ، وَنُصْحُهُ، وَقِيَامُهُ فِي مَهَامِّ المُلْكِ، فَاسْتَدْعَاهُ المُقْتَفِي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ إِلَى دَارِهِ، وَقَلَّدَهُ الوِزَارَةَ
(2)
، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيْمَةٍ، وَمَشَى أَرْبَابُ الدَّوْلَةِ وَأَصْحَابُ المَنَاصِبِ كُلُّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ رَاكِبٌ إِلَى الإِيْوَانِ فِي الدِّيْوَانِ، وَحَضَرَ القُرَّاءُ وَالشُّعَرَاءُ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَقُرِئَ عَهْدُهُ، وَكَانَ تَقْلِيدًا عَظِيمًا، بُوْلِغَ فِيْهِ؛ بِمَدْحِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ إِلَى الغَايَةِ، وَخُوْطِبَ فِيهِ بِـ "الوَزِيْرِ، العَالِمِ، العَادِلِ، عَوْنِ الدِّينِ، جَلَالِ الإِسْلَامِ، صَفِيِّ الإِمَامِ، شَرَفِ الأَنَامِ، مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، مُجِيْرِ المِلَّةِ، عِمَادِ الأُمَّةِ، مُصْطَفَى الخِلَافَةِ، تَاجِ المُلُوكِ وَالسَّلَاطِينِ، صَدْرِ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ، سَيِّدِ الوُزَرَاءِ، ظَهِيرِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ
(3)
. وَكَانَ الوَزِيرُ قَبْلَ وِزَارَتِهِ يُلَقَّبُ "جَلَالَ
= فَسَأَلَنِي أَنْ آخُذَ مِنْهُ نِصْفَهُ، فَقُلْتُ: لا وَاللهِ لا يَصْحَبُنِي مِنْهُ شَيْءٌ. ثُمَّ صَعَدْتُّ إِلَى دَارِ الخَلِيْفَةِ وَكَتَبْتُ قِصَّةً فَوَقَّعَ لِي بمَشَارَفَةِ بَيْتِ المَالِ، ثُمَّ تَنَقَّلْتُ حَتَّى صِرْتُ إِلَى الوِزَارَةِ". وَهَذِهِ الحِكَايَةُ فِي وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (6/ 239). وَلَا يَخْفَى مَا فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ القَبْرِ مِنَ الابْتِدَاعِ؟!
(1)
قَالَ القَاضِي شَمْسُ الدِّينِ ابنُ خِلَّكَان: "وأَوَّلُ وِلَايَتِهِ الإِشْرَافُ بِالأَقْرِحَةِ الغَرْبِيَّةِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الإِشْرَافِ عَلَى الإِقَامَاتِ المَخْزَنِيَّةِ، ثُمَّ قُلِّدَ الإِشْرَافَ بِالمَخْزَنِ، وَلَمْ يَطُلْ فِي ذلِكَ مُكْثُهُ حَتَّى قُلِّدَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ كِتَابَةَ دِيْوَانِ الزِّمَامِ، ثُمَّ تَرَقَّى إِلَى الوِزَارَةِ".
(2)
سَبَبُ تَولِّيْهِ الوِزَارَةَ فِي "وَفَيَاتِ الأَعيان" بِرِوَايَاتٍ مُخْتلفَةٍ، تُرَاجَعُ هُنَاكَ.
(3)
وَمِن أَلْقَابِهِ: "فَلَكُ الجُيُوشِ" كَمَا فِي مَجْمَعِ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (3/ 291).
الدِّينِ"، وَقَالَ يَوْمًا: لَا تَقُوْلُوا فِي أَلْقَابِي سَيِّدُ الوُزَرَاءِ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى سَمَّى هَارُونَ وَزِيرًا
(1)
، وَجَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(2)
: "أَنَّ وَزِيرَيْهِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ: جِبْريلُ وَمِيْكَائِيلُ، وَمِنْ أَهْلِ الأَرْضِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"، وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ
(3)
: "إِنَّ اللهَ اخْتَارَنِي، وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ وَأَنْصَارًا"، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُقَالَ عَنِّي: أَنِّي سَيِّدُ هَؤُلَاءِ السَّادَةِ.
قالَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ: رَكَبَ الوَزِيْرُ إِلَى دَارِهِ مُجَاوِرَةَ الدِّيْوَانِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَمِيْعُ مَنْ حَضَرَ مِنْ أَرْبَابِ الدَّوْلَةِ، وَأَصْحَابِ المَنَاصِبِ وَالأُمَرَاءِ وَالحُجَّابِ، وَالصُّدُوْرِ وَالأَعْيَانِ، وَقَدْ أَخَذَ قَوْسَ الخِلَافَةِ بَارِيْهَا، وَاسْتَقَرَّتْ الوِزَارَةُ فِي كُفْئِهَا
(4)
وَكَافِيْهَا، فَقَامَ فِيْهَا قِيَامَ مَنْ عَدَّلَهُ الزَّمَانُ بِثَقَافِهِ، وَزيَّنَهُ الكَمَالُ بِأَوْصَافِهِ، وَدبَّرَهَا بِجُوْدِهِ وَنُهَاهُ، وَأَوْرَدَ الأَمَلُ فِيْهَا مُنَاهُ، وَمَدَّ الدِّيْنُ رُوَاقَهُ، وَأَمِنَ بَدْرُهُ بِهِ مُحَاقَهُ
(5)
، فَأَقَامَ سُوْقَ الخِلَافَةِ عَلَى سَاقِهَا، وَابْتَدَعَ فِي انْتِظَامِ
(1)
قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35)} [الفرقان].
(2)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ رقم (3680) في "المَناقِبِ" مِنْ حَديثِ أَبِي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَلَهُ وَزِيْرَانَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيْرَاي مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَأَبُو بَكرٍ وَعُمَرَ" وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ، أَقُوْلُ: وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَلكِنْ لَهُ طُرُقٌ وَشَوَاهدُ فَهُوَ بِهَا حَسَنٌ لِغَيْرِهِ. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(3)
رَوَاهُ ابنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي السُّنَّةِ رقم (1000) وَإِسْنَاده ضَعِيْفٌ. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" أَيْضًا.
(4)
في (ط): "كفَؤها".
(5)
المَحَاقُ وَالمُحَاقُ: آخِرُ الشَّهْرِ إِذَا مَحَقَ الهِلَالُ فَلَمْ يُرَ.
مَمَالِكِهَا وَاتِّسَاقِهَا، وَأَوْضَحَ رَسْمَهَا، وَأَثْبَتَ فِي حِينِ أَوَانِهِ وَسْمَهَا، وَتَتَبَّعَ مَا أَفْسَدَتْهُ العَيْنُ مِنْهَا بِالإِصْلَاحِ، وَاسْتَدْرَكَ لَهَا مَا أَحْرَضَتْهُ
(1)
يَدُ الاجْتِيَاحُ، وَدَاوَى كُلَّ حَالٍ بِدَوَائِهِ، وَرَدَّ غَائِرَ المَاءِ إِلَى لِحَائِهِ
(2)
، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ جَمَاعَةً، وَافْتَرَضَ العَدْلَ سَمْعًا للهِ وَطَاعَةً، وَرَعَى لأَهْلِ الفَضْلِ وَالمَعَارِفِ، وَآوَاهُمْ مِنْ بِرِّهِ إِلَى ظِلٍّ وَارِفٍ، حَتَّى صَارَتْ دَوْلَتُهُ مَشْرَعًا لِلْكَرَمِ، وَمُسْتَرَاحًا لآمَالِ الأُمَمِ، يَرْتَضِعُ فِيْهِ لِلْمَكَارِمِ أَخْلَافٌ، وَتُدَارُ بِهَا
(3)
الأَمَانِي سُلَافٌ، وَنَفَقَتْ فِيْهَا أَقْدَارُ الأَعْلَامِ، وَتَدَفَّقَتْ
(4)
فِيْهَا بِحَارُ
(5)
الكَلَامِ، وَلَاحَتْ بِهَا مِنَ العُلَمَاءِ شُمُوْسٌ، وَارْتَاحَتْ فِيْهَا لِلْطَّلَبَةِ بِالعُلُومِ نُفُوْسٌ، وَلَمْ تَخْلُ أَيَّامُهُ وَمَجَالِسُهُ، مِنْ مُنَاظَرَةٍ، وَلَا عَمَرَتْ إِلَّا بِمُذَاكَرَةٍ وَمُحَاضَرَةٍ
(6)
، إِلَّا أَوْقَاتَ عُطَلِهَا مِنْ ذلِكَ النِّظَامِ، وَأَوْقَعَهَا
(7)
إِمَّا عَلَى صَلَاةٍ وَصِيَامٍ، أَوْ عَلَى تَصْنِيْفِ،
(1)
في (ط): "أخرجته" خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَفِي (هـ)"أحْرَصَتْهُ" وَالمُثْبَتُ هوَ الصَّحِيحُ وَأَحْرضَ نَفْسَهُ أَهْلَكَهَا، وَالمُحْرَضُ: الهَالِكُ مَرَضًا. اللِّسَان: "حَرَضَ" قَالَ تَعَالَى: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} وَزَادَ في (ط) بعْدَ قَوْلِهِ: "أخرجته""لها" وَهذه الزِّيَادَةُ غَيرُ مَوْجُودَةٍ فِي الأُصُولِ.
(2)
في (ط): "لجائه" وكذلك هي في (د).
(3)
في (ط): "وتداريها".
(4)
في (أ): "تقذفت" صُحِّحَتْ على الهَامِشِ عنْ نُسْخَةٍ أُخْرَى.
(5)
في (ط): "الكلام".
(6)
في (أ): "محاظرة".
(7)
في هامش (أ): "ووافقها" قِراءةُ نُسْخَةٍ أُخْرَى.
وَجَمْعٍ وَتأْلِيْفٍ
(1)
؛ بِحَيْثُ صَنَّفَ عِدَّةَ كُتُبٍ مِنْهَا: كِتَابُ "الإِفْصَاحِ عَنْ شَرْحِ مَعَانِي الصِّحَاحِ" وَهَذَا الكِتَابُ بِمُفْرَدِهِ يَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ كِتَابًا.
وَلَمَّا وَلِيَ الوَزِيْرُ أَبُو المُظَفَّرِ رحمه الله الوِزَارَةَ بَالَغَ فِي تَقْرِيْبِ خِيَارِ النَّاسِ مِنَ الفُقَهَاءِ وَالمُحَدِّثِيْنَ وَالصَّالِحِينَ، وَاجْتَهَدَ فِي إِكْرَامِهِمْ وَإِيْصَالِ النَّفْعِ إِلَيْهِمْ، وَارْتَفَعَ أَهْلُ السُنَّةِ بِهِ غَايَةَ الاِرْتِفَاعِ. وَلَقَدْ قَالَ مَرَّةً فِي وِزَارَتِهِ: وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى الدُّنْيَا لِأَخْدِمَ بِمَا يَرْزُقُنِيْهِ مِنْهَا العِلْمَ وَأَهْلَهُ.
وَكَانَ سَبَبُ هَذَا: أَنَّهُ ذَكَرَ مَرَّةً فِي مَجْلِسِهِ مُفْرَدَةً لِلإِمَامِ أَحْمَدَ تَفَرَّدَ بِهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ، فَادَّعَى أَبُو مُحَمَّدٍ الأَشِيْرِيُّ
(2)
المَالِكِيُّ: أَنَّهَا رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ،
(1)
جَاءَ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" للحَافِظِ الذَّهَبِيِّ: وَفَيَاتِ سَنَةِ (471) ص (112) فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الفَضَائِلِ بنِ شَقْرَانَ أَنَّهُ عَزَلَهُ؛ لأنَّهُ أَشْعَرِيٌّ.
(2)
في (ط): والأُصُوْلِ كُلِّهَا فِي هَذَا المَوْضِعِ وَالمَوَاضِعِ الآتِيَةِ: "الأَشْتَرِي" مَا عَدَا (هـ) وَمَا أَثْبَتُّهُ عَنْ (هـ) هُوَ الصَّحِيْحُ؛ لأَنَّ الرَّجُلَ مَنْسُوْبٌ إِلَى "أَشِيْرَ" بُلَيْدَةٌ فِي آخِرِ إِقْلِيْمِ إِفْرِيْقِيَّةَ مِمَّا يَلِي المَغْرِبَ، وَهِيَ قَلْعَةٌ لِبَنِي حَمَّادٍ. يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلدَانِ (1/ 240).
وَالأَشِيْرِيُّ المَذْكُوْرُ اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الصِّنْهَاجِيُّ الأَشِيْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ، رَوَى فِي بِلَادِ المَغْرِبِ، عَنِ القَاضِي عِيَاضٍ، وَابنِ مَوَاهِبٍ، وَابْنِ غَزْلُوْنَ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ المَالِكِيَّةِ، رَوَى عَنْهُ أَبُو الفَتُوْحِ بْنُ الحُصْرِيُّ الحَنْبَلِيُّ وَغَيْرُهُ، قَالَ القِفْطِيُّ:"صَنَّفَ كِتَابًا هَذَّبَ فِيْهِ "الاشْتِقَاقَ" الَّذِي صَنَّفَهُ المُبَرِّدُ - رَأَيْتُهُ - فَأَحْسَنَ فِيْهِ وَهُو عِنْدِي بِخَطِّهِ". أَخْبَارُ الأَشِيْرِيِّ فِي: تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ لابنِ نُقْطَةَ (1/ 193)، وَاللُّبَابِ (1/ 68)، وَإِنْبَاهِ الرُّوَاةِ (2/ 137)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (20/ 466)، وَمِرآةِ الجِنَانِ (3/ 337) وَغَيْرِهَا. وَذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ عَنِ الحُصْرِيِّ - وَهُوَ تِلْمِيْذُهُ - أَنَّهُ قَالَ: "وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ كَلَامٌ فِي دُعَائِهِ عليه السلام يَوْمَ =
وَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى ذلِكَ أَحَدٌ، وَأَحْضَرَ الوَزِيْرُ كُتُبَ مُفْرَدَاتِ أَحْمَدَ، وَهِيَ مِنْهَا - وَالمَالِكِيُّ مُقِيْمٌ عَلَى دَعْوَاهُ - فَقَالَ لَهُ الوَزِيْرُ: بَهِيْمَةٌ أَنْتَ؟ أَمَا تَسْمَعُ هَؤُلَاءِ الأَئِمَّةِ يَشْهَدُوْنَ بِانْفِرَادِ أَحْمَدَ بِهَا، وَالكُتُبُ المُصَنَّفَةُ، وَأَنْتَ تُنَازِعُ وَتُفَرِّقُ المَجْلِسَ؟ فَلَمَّا كَانَ المَجْلِسُ الثَّانِيْ، وَاجْتَمَعَ الخَلْقُ لِلْسَّمَاعِ أَخَذَ ابْنُ شَافِعٍ فِي القِرَاءَةِ، فَمَنَعَهُ وَقَالَ: قَدْ كَانَ الفَقِيْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ جَرِيْءٌ فِي مَسْأَلَةِ أَمْسِ عَلَى مَا لَا يَلِيْقُ بِهِ عَنِ العُدُوْلِ عَنِ الأَدَبِ وَالانْحِرَافِ عَنْ نَهْجِ النَّظَرِ، حَتَّى قُلْتُ تِلْكَ الكَلِمَةِ، وَهَا أَنَا فَلْيَقُلْ لِي كَمَا قُلْتُ لَهُ، فَلَسْتُ بِخَيْرٍ
= بَدْرٍ: "إِنْ تَهْلَكْ هَذِهِ العِصَابَةُ" وَكَانَ الصَّوَابُ مَعَهُ. قُلتُ: نَازَعَ الوَزِيْرُ بِعُنْفٍ فَأَخْرَجَهُ حَتَّى قَالَ الوَزِيْرُ: تَهْذِي؟ لَيْسَ كَلَامُكَ بِصَحِيْحٍ، وَانْفَضَّ النَّاسُ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الوَزِيرُ بِكُلِّ طَرِيْقٍ، وَوَصَلَهُ بِمَالٍ، وَمَا وَدَعَهُ حَتَّى قَالَ لهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهُ". وَفِي "إِنْبَاهِ الرُّوَاةِ" قَالَ القِفْطِيُّ:"وَاتَّفَقَ أَنَّ يَحْيَى بنَ هُبَيْرَةَ الوَزِيرَ صَنَّفَ كِتَابَ "الإِفْصَاحِ". وجَمَعَ لَهُ عُلَمَاءَ المَذَاهِبِ، وَطَلَبَ فَقِيْهًا مَالِكِيًّا فَدَلُّوْهُ عَلى الأَشِيْرِيِّ، فَطَلَبَهُ مِنْ نُورِ الدِّيْنِ مَحْمُوْدِ بنِ زِنْكِيِّ، فَسَيَّرَهُ إِلَيْهِ، فَأَكْرَمَهُ، وَأَنْزَلَهُ، وَأَجْرَى لَهُ نُزُلًا، وَحَضَرَ قِرَاءَةَ "الإِفْصَاحِ" فَمَرَّتْ مَسْأَلَةٌ - سَأَذْكُرُهَا - وَاخْتَلَفَ كَلَامُهُ وَكَلَامُ ابنِ هُبَيْرَةَ، فَسَبَقَهُ عَلَيْهِ ابنُ هُبَيْرَةَ، وَجَرَتْ بَعْدُ مَا سَأَذْكُرُهُ بَعْدَ تَمَامِ تَرْجَمَتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ" لَكنَّ القِفْطِيَّ لَمْ يَذْكُرْ بعْدَ تَمَامِ التَّرْجَمَةِ شَيْئًا؟ فَلَعَلَّهُ نَسِيَ ذلِكَ.
وَفِي "المُنْتَظِمِ" لابْنِ الجَوْزِيِّ: "وَكَانَ يُقْرَأُ عِنْدَهُ الحَدِيْثُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ العصْرِ فَحَضَرَ فَقِيْهٌ مَالِكِيٌّ، فَذُكِرَتْ مَسْأَلَةٌ فَخَالَفَ فِيْهَا ذلِكَ الفَقِيْهُ، فَاتَّفَقَ الوَزِيْرُ وَجَمِيْعُ العُلَمَاء عَلَى شَيْءٍ، وَذلِكَ الرَّجُلُ يُخَالِفُ، فَبَدَرَ مِنَ الوَزِيْرِ أَنْ قَالَ لَهُ: أَحِمَارٌ أَنْتَ، أَمَا تَرَى الكُلَّ يُخَالِفُوْنَكَ وَأَنْتَ مُصِرٌّ؟ " فَلَم يَذْكُرِ ابْنُ الجَوْزِيِّ رحمه الله اسْمَ الفَقِيْهِ؟ وَلَا ذَكَرَ المَسْأَلَةَ؟ وَفِيهِ: "أَحِمَارٌ"؟ بَدَلُ "بَهِيْمَةٌ"، وَعَنه فِي سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (20/ 428).
مِنْكُمْ، وَلَا أنَا إلا أَحَدُكُمْ، فَضجَّ المَجْلِسُ بِالبُكَاءِ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ بِالدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ، وَأَخَذَ الأَشِيْرِيُّ يَعْتَذِرُ، وَيَقُوْلُ: أَنَا المُذْنِبُ وَالأوْلَى بِالاعْتِذَارِ مِنْ مَوْلَانَا الوَزِيْرِ، وَيَقُوْلُ: القِصَاصَ، القِصَاصَ، فَقَالَ يُوسُفُ الدِّمَشْقِيُّ
(1)
مُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ: يَا مَوْلَانَا، إِذَا أَبَى القِصَاصَ فَالفِدَاءَ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: لَهُ حُكْمُهُ، فَقَالَ الأَشِيْرِيُّ: نِعَمُكَ عَلَيَّ كَثِيْرَةٌ، فَأَيُّ حُكْمٍ بَقِيَ لِي؟ فَقَالَ: قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكَ الحُكْمَ عَلَيْنَا بِمَا أَلْجَأْتَنَا بِهِ إِلَى الافتِيَاتِ عَلَيْكَ، فَقَالَ: عَليَّ بَقِيَّةُ دَيْنٍ مُنْذُ كُنْتُ بِالشَّامِ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: يُعْطَى مَائَةَ دِيْنَارٍ لإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ وَذِمَّتِي، فَأُحْضِرَ لَهُ مَائَةٌ، فَقَالَ لَهُ الوَزِيْرُ: عَفَا اللهُ عَنْكَ وَعَنِّي، وَغَفَرَ لَكَ وَلِي. وَذَكَرَ ابْنُ الجَوْزِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُعْطَى لَهُ مَائَةُ دِيْنَارٍ لإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، وَمَائَةُ دِيْنَارٍ لإِبْرَاءِ ذِمَّتِي، وَكَانَ هَذَا الأَشِيْرِيُّ مِنْ عُلَمَاءِ المَالِكِيَّةِ
(2)
، طَلَبَهُ الوَزِيْرُ مِنْ نُوْرِ الدِّيْنِ مَحْمُوْدِ بْنِ زِنْكِيِّ، فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَيْهِ، فَأَكْرَمَهُ غَايَةَ الإكْرَامِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَكَانَ الوَزِيْرُ
(3)
إِذَا اسْتَفَادَ شَيْئًا قَالَ: أَفَادَنِيْهِ
(1)
هُوَ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُنْدَارٍ، أَبُو المَحَاسِنِ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ (ت: 563 هـ) بَرَعَ فِي الفِقْهِ وَالأُصُوْلِ وَالخِلَافِ، وَدَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ. أخْبَارُهُ فِي: المُنْتَظَمِ (10/ 229)، وَخَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْمِ شُعَرَاءِ الشَّامِ"(2/ 94)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 274) وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 513)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (12/ 255)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 380).
(2)
هُوَ غَيْرُ مُعَاصِرِهِ الفَقِيْهِ المَالِكِيِّ الأَشَيْرِيِّ أَيْضًا شَارحِ "المُوَطَّأ": حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ (ت: 569 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: تَكْمِلَةِ ابنِ الأَبَّارِ (1/ 270)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (233)
…
وَغَيْرِهِمَا.
(3)
في (ط): "ابن الوزير".
فُلَانٌ، حَتَّى إِنَّهُ عُرِضَ لَهُ يَوْمًا حَدِيْثُ، وَهُوَ:"مَنْ فَاتَهُ حِزْبٌ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّاهُ قَبْلَ الزَّوَالِ كانَ كأَنَّهُ صَلَّى بِاللَّيْلِ" فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَعْنَى هَذَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا ظَاهِرٌ فِي اللُّغَةِ وَالفِقْهِ، أَمَّا اللُّغَةُ: فَإِنَّ العَرَبَ تَقُوْلُ: كَيْفَ كُنْتَ اللَّيْلَةَ، إِلَى وَقْتِ الزَّوَالِ. وَأَمَّا الفِقْهُ: فَإِنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ يُصَحِّحُ الصَّوْمَ بِنِيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَقَدْ جَعَلَ ذلِكَ الوَقْتَ فِي حُكْمِ اللَّيْلِ، فَأَعْجَبَهُ هَذَا القَوْلَ، وَكَانَ يَقُولُ بَيْنَ الجَمْعِ الكَثِيْرِ: مَا كُنْتُ أَدْري مَعْنَى هَذَا الحَدِيْثَ حَتَّى عَرَّفَنِيْهِ ابْنُ الجَوْزِيِّ، فَكُنْتُ أَسْتَحْيِيْ مِنَ الجَمَاعَةِ. قَالَ: وَجَعَلَ لِي مَجْلِسًا فِي دَارِهِ، كُلَّ جُمْعَةٍ يُطْلِقُهُ وَيُطْلِقُ العَوَامَّ فِي الحُضُوْرِ، وَكَانَ بَعْضَ الفُقَرَاءِ يَقْرَأُ القُرْآنَ فِي دَارِهِ كَثِيرًا، فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ: أُرِيْدُ أَنْ أُزَوِّجَهُ ابْنَتِي، فَغَضِبَتْ الأُمُّ مِنْ ذلِكَ، وَكَانَ يَقْرَأُ عِنْدَهُ الحَدِيْثَ كُلَّ يَوْمٍ بَعْدَ العَصْرِ، وَكَانَ يُكْثِرُ مُجَالَسَةَ العُلَمَاءِ وَالفُقَرَاءِ، وَكَانَتْ أَمْوَالُهُ مَبْذُوْلَةً لَهُمْ، وَلِتَدْبِيرِ الدَّوْلَةِ، فَكَانَتْ السَّنَةُ تَدُوْرُ عَلَيْه وَعَلَيْهِ دُيُوْنٌ، وَقَالَ: مَا وَجَبَتْ عَلَى زكَاةٍ قَطٌّ.
قُلْتُ: وَفِي ذلِكَ يَقُولُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ
(1)
:
يَقُوْلُوْنَ يَحْيَى لَا زكَاةَ لِمَالِهِ
…
وَكيْفَ يُزَكِّي المَالَ مَنْ هُوَ بَاذِلُهْ
إِذَا دَارَ حَوْلٌ لَا يُرَى فِي بُيُوتِهِ
…
مِنَ المَالِ إِلَّا ذِكْرُهُ وَفَضَائِلُهْ
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَكَانَ يَتَحَدَّثُ بِنِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَيَذْكُرُ فِي مَنْصِبِهِ شِدَّةَ فَقْرِهِ القَدِيْمِ، فَيَقُوْلُ: نَزَلْتُ يَوْمًا إِلَى دِجْلَةَ، وَلَيْسَ مَعِي رَغِيفٌ أَعْبُرُ بِه
(2)
. ثُمَّ
(1)
عَنِ المُؤَلِّفِ فِي المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 184).
(2)
سَاقِط من (أ) و (ب) و (ج).
ذَكَرَ طَرَفًا مِنْ حِلْمِهِ وَصَفْحِهِ وَعَفْوِهِ فَقَالَ: لَمَّا جَلَسَ فِي الدِّيْوَانِ أَوَّلَ وِزَارَتِهِ أحْضَرَ رَجُلًا مِنْ غِلْمَانِ الدِّيْوَانِ فَقَال: دَخَلْتُ يَوْمًا إِلَى هَذَا الدِّيْوَانِ، فَقَعَدْتُ فِي مَكَانٍ، فَجَاءَ هَذَا فَقَالَ: قُمْ فَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُكَ، فَأَقَامَنِي، فَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ.
وَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا تُرْكِيٌّ، فَقَالَ لِحَاجِبِه: أَمَا قُلْتُ لَكَ: اعْطِ هَذَا عِشْرِيْنَ دِيْنَارًا، وَكَذَا مِنَ الطَّعَامِ، وَقُلْ لَهُ: لَا يَحْضُرْ هَهُنَا؟ فَقَالَ: قَدْ أَعْطَيْنَاهُ، قَالَ عُدْ وَأَعْطِهِ، وَقُلْ لَهُ: لَا يَحْضُرْ، ثُمَّ الْتَفَتَ إلَى الجَمَاعَةِ، وَقَالَ: لَا شَكَّ أَنَّكُمْ تَرْتَابُوْنَ بِسَبَبِ هَذَا؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: هَذَا كَانَ شُحْنَةً
(1)
فِي القُرَى، فَقُتِلَ قَتِيْلٌ قَرِيْبًا مِنْ قَرْيَتِنَا، فَأَخَذَ مَشَايخُ القُرَى وَأَخَذَنِي مَعَ الجَمَاعَةِ، وَأَمْشَانِي مَعَ الفَرَسِ، وَبَالَغَ فِي أَذَايَ وَأَوْثَقَنِي، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَيْئًا وَأَطْلَقَهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَيُّ شَيْءٍ مَعَكَ؟ قُلْتُ: مَا مَعِي شَيْئًا، فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: اذْهَبْ. فَأَنَا لَا أُرِيْدُ اليَوْمَ أَذَاهُ، وَأُبْغِضُ رُؤْيَتَهُ، وَقَدْ سَاقَ مُصَنِّفُ سِيْرَةِ الوَزِيْرِ هَذِهِ الحِكَايَةَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ، وَذَكَرَ: أَنَّ الوَزِيْرَ قَالَ: نَقِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنِّي سَأَلْتُهُ فِي الطَّرِيْقِ أَنْ يُمْهِلَنِي حَسْبَمَا أُصَلِّي الفَرْضَ فَمَا أَجَابَنِي، وَضَرَبَنِي عَلَى رَأْسِي وَهُوَ مَكْشُوْفٌ عِدَّةَ مَقَارعَ فَكُنْتُ أَنْقِمُ عَلَيْهِ حَيْنَ رَأَيْتُهُ لأَجْلِ الصَّلَاةِ، لَا لِكَوْنِهِ قَبَضَ عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ كَانَ مَأْمُوْرًا.
وَذَكَرَ: أَنَّهُ اسْتَخْدَمَهُ فِي أَصْلَح مَعَايِشَ الأُمَرَاءِ، وَاسْتَحَلَّهُ مِنْ صِيَاحِهِ عَلَيْهِ وَقَوْلِهِ: أَخْرِجُوْهُ عَنِّي.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَكَانَ بَعْضُ الأعَاجِمِ قَدْ شَارَكَهُ فِي زِرَاعَةٍ، فَآلَ
(1)
الشُّحْنَةُ: كَبِيْرُ رِجَالِ الأمْنِ.
الأَمْرُ إِلَى أَنْ ضَرَبَ الأَعْجَمِيُّ الوَزِيْرَ وَبَالَغَ، فَلَمَّا وَلِيَ الوِزَارَةَ أَتَى بِهِ فَأَكْرَمَهُ، وَوَهَبَ لَهُ، وَوَلَّاهُ.
أُنْبِئْتُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ المَقْدِسِيُّ
(1)
قَالَ: حَكَى لَنَا ابْنُ الجَوْزِيِّ قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى الوَزِيْرِ ابْنِ هُبيِّرَةَ، فَيُمْلِي علَيْنَا كِتَابَهُ "الإِفْصَاحَ" فَبَيْنَا نَحْنُ كَذلِكَ إِذْ قَدِمَ رَجُلٌ وَمَعَهُ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ، فَقَالَ لَهُ عَوْنُ الدِّيْنِ: أَقَتَلْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَلَامٌ فَقتَلْتُهُ: فَقَالَ الخَصْمُ: سَلِّمُهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَقْتُلَهُ فَقَدْ أَقَرَّ بِالقَتْلِ، فَقَالَ عَوْنُ الدِّينِ: أَطْلِقُوْهُ وَلَا تَقْتُلُوْهُ، قَالُوا: كَيْفَ ذلِكَ، وَقَدْ قَتَلَ أَخَانَا؟ قَالَ: فَتَبِيْعُوْنِيْهِ، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِسِتِّمَائَةِ دِيْنَارٍ، وَسَلَّمَ الذَّهَبَ إِلَيْهِمْ وَذَهَبُوا، قَالَ لِلْقَاتِلِ: اقْعُدْ عِنْدَنَا لَا تَبْرَحُ، قَالَ: فَجَلَسَ عِنْدَهُمْ، وَأَعْطَاهُ الوَزِيْرُ خَمْسِيْنَ دِيْنَارًا، قَالَ: فَقُلْنَا لِلْوَزِيرِ: لَقَدْ أَحْسَنْتَ إِلَى هَذَا وَعَمِلْتَ، مَعَهُ أَمْرًا عَظِيمًا، وَبَالَغْتَ فِي الإِحْسَانِ إِلَيْهِ، فَقَالَ الوَزِيرُ: مِنْكُمْ أَحَدٌ يَعْلَمُ أَنَّ عَيْنِيَ اليُمْنَى لَا أُبْصِرُ بِهَا شَيْئًا؟ فَقُلْنا: مَعَاذَ اللهُ! فَقَال: بَلَى وَاللهِ
(2)
أَتَدْرُونَ مَا سَبَبُ ذلِكَ؟ قُلْنَا: لَا! قَالَ: هَذا الَّذِي خَلَّصْتُهُ مِنَ القَتْلِ جَاءَ إِلَيَّ وَأَنَا فِي "الدُّوْرِ" وَمَعِي كِتَابٌ مِنَ الفِقْهِ أَقْرَأُ فِيْهِ، وَمَعَهُ سَلَّةُ فَاكِهَةٍ، فَقَالَ: احْمِلْ هَذِهِ السَّلَّةَ، قُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا شُغْلِي فَاطْلُبْ غَيْرِي، فَشَاكَلَنِي، وَلَكَمَنِي فَقَلَعَ عَيْنِي، وَمَضَى وَلَمْ أَرَهُ بَعْدَ ذلِكَ إِلَى يَومِي هَذَا،
(1)
أَحْمَدُ بنُ عبْدِ الدَّائِمِ بنِ نِعْمَةَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ (ت: 668 هـ)، حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المْؤَلِّفُ فِي مَوْضِعهِ.
(2)
لَمْ يَذْكُرْهُ الصَّفَدِيُّ فِي كِتَابِهِ "الشُّعُورْ بِالعُوْرِ" فَكَانَ مُسْتَدْرِكًا عَلَيْهِ.
فَذَكَرْتُ مَا صَنَعَ بِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أُقَابِلَ إِسَاءَتَهُ إِلَيَّ بِالإِحْسَانِ مَعَ القُدْرَةِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ الوَزِيْرُ يَجْتَهِدُ فِي اتِّبَاعِ الحَقِّ، وَيُحَذِّرُ مِنَ الظُّلْمِ، وَلَا يَلْبَسُ الحَرِيْرَ، وَكَانَ مُبَالِغًا فِي تَحْصِيلِ التَّعْظِيمِ لِلدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّةِ، قَامِعًا لِلْمُخَالِفِينَ بِأَنْوَاعِ الحِيَلِ، حَسَمَ أُمُوْرَ السَّلَاطِيْنَ السُّلْجُوْقِيَّةِ.
وَذَكَرَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ: أَنَّهُ سَمِعَهُ يَذْكُرُ: أنَّهُ لَمَّا اسْتَطَالَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ
(1)
وَأَصْحَابُهُ، وَأَفْسَدُوا، عَزَمَ هُوَ وَالخَلِيْفَهُ عَلَى قِتَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ إِنِّي فَكَّرْتُ بَعْدُ
(2)
فِي ذلِكَ وَرَأَيْتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَوَابٍ مُجَاهَرَتَهُ؛ لِقُوَّةِ شَوْكَتِهِ، فَدَخَلْتُ عَلَى المُقْتَفِي، فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ أَنْ لَا وَجْهَ فِي هَذَا الأَمْرِ، إِلَّا اللَّجَاءُ
(3)
إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَصِدْقِ الاعْتِمَادِ عَلَيْهِ، فَبَادَرَ إِلَى تَصْدِيْقِي فِي ذلِكَ وَقَالَ: لَيْسَ إلَّا هَذَا، ثُمَّ كَتَبْتُ إِلَيْهِ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ دَعَا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ شَهْرًا، وَيَنْبَغِي أَنْ نَدْعُوَ نَحْنُ شَهْرًا، فَأَجَابَنِي بِالأَمْرِ بِذلِكَ، قَالَ الوَزِيْرُ: ثُمَّ لَازَمْتُ الدُّعَاءَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَقْتَ السَّحَرِ
(1)
وَذَكَرَ هَذَا الخَبَرَ المُؤَلِّفُ نَفْسُهُ فِي كِتَابِ "الإِفْصَاحِ" وَهُوَ فِي تَارِيخِ الإِسْلامِ لِلحَافِظِ الذَّهَبِيِّ (حَوادِثِ سَنَةِ: 547 هـ) وَالسُّلْطَانُ مَسْعُوْدٌ هُوَ ابنُ مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه السَّلْجُوْقِيُّ، غِيَاثُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ. وَلِيَ السَّلْطَنَةَ سَنَةَ (528 هـ)، وَوُصِفَ بِأَنَّهُ كَانَ عَادِلًا، لَيِّنَ الجَانِبِ، لكِنَّهُ أَقْبَلَ عَلَى اللَّهْوِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ (547 هـ). يُرَاجَعُ: الكَامِلُ في التَّارِيْخِ (11/ 160)، وَالبَاهِرُ (105) وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (5/ 200)، وَالرَّوْضَتَين (1/ 222)
(2)
مُعَلَّقةٌ عَلَى الهَامِشِ في (أ) قِرَاءَة نُسْخَةٍ أُخْرَى.
(3)
فِي (ط): "الالتجاء".
أَجْلِسُ فَأَدْعُوَ اللهَ سبْحَانَهُ، فَمَاتَ مَسْعُوْدٌ لِتَمَامِ الشَّهْرِ، لَمْ يَزِدْ يَوْمًا وَلَمْ يَنْقُصْ يَوْمًا، وَأَجَابَ اللهُ الدُّعَاءَ وَأَزَالَ يَدَ مَسْعُودٍ، وَأَتبَاعِهِ عَنِ العِرَاقِ، وَأَوْرَثَنَا أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ، وَهَذِهِ القِصَّةُ تُذْكَرُ فِي كَرَامَاتِ الخَلِيْفَةِ وَالوَزِيْرِ، رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
وَكَاتَبَ الوَزِيْرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ السُّلْطَانَ نُوْرَ الدِّيْنِ مَحْمُوْدَ بْنَ زِنْكِي
(1)
يَسْتَحِثُّهُ عَلَى انْتِزَاعِ "مِصْرَ" مِنْ يَدِ العُبَيْدِيِّيْنَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهَا أَسَدَ الدِّيْنِ شِيْركُوْه
(2)
مَرَّتَيْنِ، وَفِي الثَّالِثَةِ خُطِبَ بِهَا لِلْمُسْتَنْجِدِ، وَجَاءَ الخَبَرُ بذلِكَ إِلَى "بَغْدَادَ" سَنَةَ تِسْعَ وَخَمْسِيْنَ
(3)
، وَعَمِلَ أَبُو الفَضَائِلِ بْنُ تُرْكَانَ
(4)
حَاجِبَ الوَزِيرِ
(1)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ.
(2)
هُو شِيْركُوه بنُ شَادى بنِ مَرْوَانَ بنِ يَعْقُوبَ المَلِكُ المَنْصُورُ، أَسَدُ الدِّينِ (ت: 564 هـ) عَمُّ صَلَاحِ الدِّيْنِ الأَيُّوبِي، مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ نُوْرِ الدِّين مَحْمُودِ بنِ زَنْكِيِّ، كَانَ شُجَاعًا، مُظَفَّرًا، مَهِيْبًا، طَرَدَ الأفْرَنْجَ من "مِصْرَ" تُوُفِّي بِـ "القَاهِرَةِ" وَدُفِنَ فِيْهَا، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى مَدِيْنَةِ الرَّسُوْلِ صلى الله عليه وسلم بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ، أَخْبَارُهُ في: الاعْتِبَارِ (14)، وَالنُّكَتِ العَصْرِيَّةِ (87)، وَالكَامِلِ فِي التَّارِيْخِ (11/ 341)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (2/ 479)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 278
…
)، وَمُفرِّجِ الكُرُوْبِ (1/ 148)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 587)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (16/ 214).
(3)
يُرَاجَعُ: مُفرِّجُ الكُرُوْبِ (1/ 244) وَسَنَا البَرْقِ الشَّامِيِّ (61)، وَالرَّوْضَتَين (1/ 2/ 339)، وَنِهَايَةُ الأَرَبِ (28/ 332)، وَالمُخْتَصَرُ في أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 41).
(4)
هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ بنِ تُرْكَانَ (ت: 561 هـ) شَمْسُ المَعَالِي، أَبُو الفَضَائِلِ، مِنْ أَهْلِ "وَاسط". كَانَ حَاجِبَ الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّينِ بنِ هُبَيْرَةَ المُتَرْجَمِ، قَالَ العِمَادُ الكَاتِبُ: "وَالوَزِيْرُ يَصْدُرُ عنْ رَأْيِهِ، وَيَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَعَلَيْهِ يَعْتَمِدُ فِي جَمِيعِ أَنْحَائِهِ، وَكَانَ حَسَنَ =
ابْنِ هُبَيْرَةَ قَصِيْدَةً يُهَنِّئُ بِهَا الوَزِيْرَ بِفَتْحِ "مِصْرَ" وَيَذْكُرُ أَنَّ ذلِكَ كَانَ بِسَبَبِ
= الشَّمَائِلِ، جَامعًا للفَضَائِلِ، ظَرِيفًا، لَطِيفًا، سَيِّدًا، مُتَوَدِّدًا، تَلِيْقُ الرِّئَاسَةُ بأَعْطَافِهِ، وَيَقْطُرُ مَاءُ الظَّرَافَةِ مِنْ أَطْرَافِهْ"، وَذَكَرَ نَمَاذَجَ مِنْ شِعْرهِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَصِيْدَتَهُ الَّتي نَوَّهَ عَنْهَا المُؤَلِّفُ، وَكَانَ جَدِيْرًا بِذِكْرِها، وَهَذَا مَا يُؤَكِّدُ مَا قُلْتُهُ مِنْ أَنَّ العِمَادَ يَتَعَمَّدُ إِخْفَاءَ فَضْلِ ابنِ هُبَيْرَةَ؟! يُرَاجَعُ: خَرِيْدَةُ القَصْرِ (4/ 2/ 506)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 274) أَنَّهُ تُوُفِّيَ شَابًّا، وَذَكَرَ العِمَادُ الكَاتِبُ أَنَّهُ أُخِذَ، وَضُرِبَ، وَحُبِسَ حَتَّى مَاتَ فِي العَامِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ الوَزِيْرِ، عَلَى رَأْيِ العِمَادِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرهُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ مِن أَنَّ وَفَاتَهُ سَنَةَ (561 هـ). فَهَلْ لِلْخَلِيفَة المُسْتَنْجِد يَدٌ فِي مَقْتَلِ ابنِ هُبَيْرَةَ وَأَوْلَادُهُ وأَصْحَابُهُ، أَو هُوَ لَا حَوْلَ لَهُ وَلَا قُوَّةَ؟! وَذَكَرَ وَفَاتَهُ عَنْ أَحْمَدَ بنِ شَافِعٍ سَنَةَ (561 هـ)، وَذَكَرَ دَفْنَهُ بِالمَشْهَدِ عِنْدَ وَالِدِهِ بِمَقَابِرِ قُرَيْشٍ. وَلَهُ تَرْجَمَةٌ فِي "مُخْتَصَر ابن الكَازَرُوْنِي"، وَلَا أَظُنُّهُ حَنْبَلِيًّا؛ لِذَا لَمْ أَسْتَدْرِكْهُ. وَكَانَ وَالِدُهُ الحُسَيْن عَالِمًا فَاضِلًا، لَهُ تَرْجَمَةٌ فِي "تَارِيْخ ابن الدُّبَيْثِيِّ.
وَقَيَّد ابنُ نُقْطَةَ فِي تَكْمِلَةِ الإكْمَالِ (1/ 261)(تُرْكَانَ)"بِضَمِّ التَّاءِ المُعْجَمَةِ مِنْ فَوْقِهَا بِاثْنَتَيْنِ" وَذَكَرَ أَبَا القَاسِمِ الفَضْلَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ تُرْكَانَ الوَاسِطِيُّ (ت: 524 هـ) وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِن ذَوِي قَرَابَةِ المَذْكُوْرِ وَقَدْ يَكُوْنُ أَخَاهُ.
ومِثْلُ ذلِكَ فُعِلَ بِإمَامِ الوَزِيْرِ الأَدِيْبِ أَبِي المُظفَّر مُفْلِح بنِ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ عبَّادٍ الأَنْبَارِيِّ (ت: 561 هـ) قَالَ العِمَادُ الأَصْبَهَانِيُّ الكَاتِبُ في خَرِيْدَةِ القَصْرِ (4/ 1/ 302) وَكَانَ خِصِّيْصًا بِالوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّينِ بْنِ هُبَيْرَةَ يُصَلِّي بِهِ فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ، وَيَتَوَلَّى لَهُ أَخْذَ الزَّكَاةِ مِنْ غَنَمِ "الخَالِدِيَّةِ"، وَهُوَ عَامِلُ المَنْثَرِ، وَأَكْثَرُ شِعْرُهُ فِيْهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الوَزِيْرُ وَنُكِبَ جَمَاعَتُهُ رَقَى عَنْهُ أَنَّهُ نَظَمَ شِعْرًا يُعَرِّضُ فِيْهِ بِبَعْضِ الصُّدُوْرِ فَأُخِذَ وَحُبِسَ فِي حَبْسِ الجَرَائِمِ، وَعُوْقِبَ مِرَارًا، وَأُخْرِجَ مَيِّتًا بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ حَبْسِهِ، يَوْمَ الاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ إِحدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ" وَأَوْرَدَ قَصَائِدَ مِن مَدْحِهِ لَهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ مُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤلِّفِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
سَعْيِهِ وَبَرَكَةِ رَأْيِهِ، وَتَكَامَلَ انْتِزَاعُ "مِصْرَ" مِنْ بَنِي عُبَيْدٍ، وَإِقَامَةَ الخُطْبَةِ لِبَنِي العبَّاسِ بِهَا بَعْدَ سَبع سِنِيْنَ فِي خِلَافَةِ المُسْتَضِيءِ فَعَظُمَتْ حُرْمَةُ الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّةِ فِي وَقْتِهِ، وَانْتَشَرَتْ إِقَامَةُ الدَّعْوَةُ لَهَا فِي البِلَادِ
(1)
.
قَالَ ابْنُ الجَوزِيِّ: وَكَانَ المُقْتَفِي مُعْجَبًا بِهِ، يَقُوْلُ: مَا وَزَرَ لِبَنِي العَبَّاسِ مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: حَدَّثَنِي الوَزِيْرُ قَالَ: لَمَّا رَجَعْتُ مِنَ "الحِلَّةِ"
(2)
- وَكَانَ قَدْ خَرَجٍ لِدَفْعِ بَعْضِ البُغَاةِ - دَخَلْتُ عَلَى المُقْتَفِي، فَقَالَ لِي: ادْخُلْ هَذَا البَيْتَ فَغَيِّرْ ثِيَابَكَ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا خَادِمٌ وَفَرَّاشٌ وَمَعَهُمْ
(3)
خِلْعَةُ حَرِيْرٍ، فَقُلْتُ: أَنَا وَاللهِ مَا أَلْبَسُ هَذِهِ، فَخَرَجَ الخَادِمُ فَأَخْبَرَ المُقْتَفِي، فَسَمِعْتُ صَوْتَ المُقْتَفِي وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ - وَاللهِ - قُلْتُ: إِنَّهُ مَا يَلْبَسُ.
وَذَكَرَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ هَذِهِ الحِكَايَةَ مَبسُوْطَةً. قَالَ: فَعَادَ الخَادِمُ وَعَلَى يَدِهِ دَسْتٌ
(4)
مِنْ ثِيَابِ الخَلِيْفَةِ فَأَفَاضَهُ عَلَيَّ، وَقَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ
(1)
أَنْشَأَ الشُّعَرَاء فِي ذلِكَ قَصَائِدَ كَثِيْرَةً خَلَّدَت هَذِهِ الذِّكْرَى، وَأَلَّفَ ابنُ الجَوْزِيِّ كِتَابَ "النَّصْرِ عَلَى مِصْرَ".
(2)
هِي الَّتِي تُعْرَفُ بِـ "الحِلَّةِ المَزْيَدِيَّةِ" بَينَ "الكُوفَةِ" وَ"بَغْدَادَ". يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 338) وَغُيِّرَ اسْمُهَا الآنَ إِلَى مُحَافَظَةِ (بابل) وَهُوَ اسْمُهَا القَدِيْمُ، وَأَلَّفَ أَبُو البَقَاءِ هِبَةُ اللهِ الحِلِّيُّ كِتَابًا اسْمُهُ "المَنَاقِبُ المَزْيَديَّةُ. . ." وَجَمَعَ آخَرُ في شُعَرَائِهَا كِتَاب (شُعَرَاء الحِلَّةِ). وَمِنْ أَشْهُرِهمْ صَفيُّ الدِّين الحِلِّيُّ، صَاحِبُ الدِّيْوَان المَشْهُوْرِ، وَيُنْسَبُ إِلَيْهَا كَثِيْرٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَالأُدَبَاءِ.
(3)
كَذَا؟! وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُوْلَ: "مَعَهُمَا".
(4)
الدَّسْتُ: لَفْظٌ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبُ دَشْتٍ، وَهُوَ الصَّحْرَاءُ، وَفِي العَرَبِيَّة لَهُ مَعَانٍ أَرْبَعَةٌ: اللِّبَاسُ، =
بِامْتِنَاعِكَ فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ حَسِبْتُ هَذَا، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ، قَالَ: فَقُلْتُ حِيْنَئِذٍ لِنَفسِي: يَا يَحْيَى كَيْفَ رَأَيْتَ طَاعَةَ اللهِ تَعَالَى؟ لَوْ كُنْتَ قَدْ لَبِسْتَهَا كَيفَ كُنْتَ تَكُوْنُ فِي نَفْسِ أَمِيرِ المُؤْمِنِيْنَ؟ وَكَيْفَ كَانَتْ تَكُوْنُ مَنْزِلَتُكَ عِنْدَهُ؟
قَالَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ: وَكَانَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا يَزِيْدُ فِيهِ الإِبْرِيْسَمُ
(1)
عَلَى القُطْنِ، فَإِنْ شَكَّ فِي ذلِكَ سَلَّ مِنْ طَاقَاتِهِ وَنَظَرَ: هَلِ القُطْنِ أَكْثَرُ أَمِ الإِبْرِسِيمُ؟ فَإِنْ اسْتَوَيَا لَمْ يَلْبَسُهُ، قَالَ: وَلَقَدْ ذَكَرَ يَومًا فِي بَعْضِ مَجَالِسِهِ، فَقَالَ: لَهُ بَعْضُ الفُقَهَاءِ الحَنَابِلَةِ: يَا مَوْلَانَا، إِذَا اسْتَوَيَا جَازَ لُبْسُهُ فِي أَحَدِ الوَجهَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ: إِنِّي لَا آخُذُ إِلَّا بِالأَحْوَطِ. قَالَ: وَذُكِرَ يَوْمًا بَيْنَ يَدَيْهِ: أَنَّهُ كَانَ لِلصَّاحِبِ ابْنِ عَبَّادٍ
(2)
دَسْتٌ مِنْ دِيْبَاجٍ فَقَالَ الوَزِيْرُ: قَبُحَ وَاللهِ بِالصَّاحِبِ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَسْتٌ مِنْ دِيْبَاجٍ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ زِيْنَةً فَهُوَ مَعْصِيَةٌ وَهُجْنَةٌ.
= وَالرِّئَاسَةُ، وَالحِلْيَةُ، وَدَسْتُ القِمَارِ. . ." قَصْدُ السَّبِيْلِ (2/ 26، 27).
(1)
فِي (ط): "الإبرسيم" خَطَأُ طِبَاعَةٍ. وَ"الإِبْرِيْسَمُ" بِفَتْحِ السِّيْنِ وَضَمُّهَا: الحَرِيْرُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبُ إِبْرِيْشُمُ - بِضَمِّ المُعْجَمَةِ - وَتَرْجَمَتُهُ: الذَّاهِبُ، وَفِيْهَا لُغَاتٌ ثَلَاثٌ:
الأُوْلَى: كَسْرُ الهَمْزَةِ وَالرَّاءِ، مَنَعَهَا ابنُ السِّكِّيْتِ لِعَدَمِ (إِفْعِيْلَلُ) بِكَسْرِ اللَّامِ. وَالثَّانِيَةُ: فَتْحُ الثَّالِثَةِ. وَالثَّالِثَةُ: فَتْحُ الرَّاءِ وَالسِّيْنِ. . .". يرَاجَعُ: قَصْدُ السَّبِيْلِ (1/ 148).
(2)
إِسْمَاعِيْلُ بن عَبَّادِ بنِ العَبَّاسِ الطَّالُقَانِيُّ، أَبُو القَاسِمِ (ت: 385 هـ) لُقِّبَ بِـ "الصَّاحِبِ" لِصُحْبَتِهِ مُؤَيَّدَ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهِ فِي صِبَاهُ، ثُمَّ اسْتَوْزَرَهُ بَعْدَ ذلِكَ، وَصَارَ بَعْدَهُ وَزِيْرًا لأخِيْهِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ عَالِمًا بِاللُّغَةِ وَالأَدَبِ مُصَنِّفًا، صَاحِبَ رَأيٍ وَتَدْبِيْرٍ، لَهُ كِتَابُ "المُحِيْطُ فِي اللُّغَةِ" مَطْبُوعٌ، وَلَهُ دِيْوَانُ شِعْرٍ مَطْبُوْعٍ أَيْضًا، وَرَسَائِل مَطْبُوعة بِاسْمِ:"المُخْتَارِ. . ." وَ"رسَالةً فِي الكَشْفِ عَنْ مَسَاوِي شِعْرِ المُتَنَبِيِّ"، وَ"الإقْنَاع" في العَرُوضِ
…
وَغَيْرِهَا. أَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (2/ 273)، وَالمُنْتَظَمِ (7/ 179)، وَإِنْبَاهِ الرُّوَاةِ (1/ 201)
…
وَغَيْرِهَا.
قَالَ ابْنُ الجَوزِيِّ - وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنِ القَطِيْعِيِّ -: سَمِعْتُ ابْنَ هُبَيْرَةَ الوَزِيْرَ يَقُوْلُ: جَاءَنِي مَكْتُوْبٌ مَخْتُوْمٌ مِنَ المُسْتَنْجِدِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ المُقْتَفِي، فَقُلْتُ لِلرَّسُوْلِ: ارْجِعْ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ: إِنْ كَانَ فِيْهِ مَا تَكْرَهُ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فَلَا حَاجَةَ لَكَ فِي فَتْحِهِ؛ فَإِنِّي أُعَرِّفُهُ مَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَكْرَهُ اطِّلَاعَهُ عَلَيْهِ فَافْتَحْهُ، ثُمَّ أَعْطِهِ الرَّسُوْلَ، فَمَضَى وَلَمْ يَعُدْ، وَحَصَلَ فِي نَفْسِهِ مِنْ ذلِكَ شَيْءٌ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ المُقْتَفِي وَوَلِيَ المُسْتَنْجِدُ، أَمَرَ بِحُضُورِهِ لِلْمُبَايَعَةِ، قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: فَقَالَ لِي الوَزِيْرُ حِيْنَ جَاءَهُ الرَّسُوْلُ: إِنْ وَصَلْتُ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ نِلْتُ مَا أُرِيْدُ، وَإِنْ قُتِلْتُ قَبْلَ وَصُولِي إِلَيْهِ فَمَا لِي حِيْلَةٌ، فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةَ دُخُوْلِهِ عَلَيْهِ حَتَّى عَادَ فَرِحًا، فَقُلْتُ لَهُ: مَا الخَبَرُ؟ قَالَ: وَصَلْتُ إِلَيْهِ وَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَكْفِي العَبْدَ فِي صِدْقِهِ وَنُصْحِهِ أَنَّهُ مَا حَابَى مَوْلَانَا فِي أَبِيْهِ نُصْحًا لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ وَأَشَرْتُ إِلَى رَدِّ مَكْتُوْبِهِ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، أَنْتَ الوَزِيْرُ، فَقُلْتُ: إِلَى مَتَى فَقَالَ: إِلَى المَوْتِ، فَقُلْتُ: أَحْتَاجُ وَاللهِ إِلَى اليَدِ الشَّرِيْفَةِ، فَأَحْلَفْتُهُ عَلَى مَا ضَمِنَ لِي
(1)
.
(1)
الخَبَرُ في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" عَنِ ابنِ الجَوْزِيِّ، قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ - فِي نِهَايَةِ هَذا الخَبَرِ -:"وَحُكِيَ أَنَّ الوَزِيْرَ خَدَمَ بَعْدَ ذلِكَ بِحَمْلٍ كَثِيْرٍ مِنْ خَيْلٍ، وَسِلَاحٍ، وَغِلْمَانٍ، وَطِيْبٍ، وَدَنَانِيْرٍ، فَبَعَثَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَرَسًا عِرَابًا، فِيْهَا فَرَسٌ أَبْيَضُ يَزِيْدُ ثَمَنُهُ عَلَى أَرْبَعِمَائَةِ دِيْنَارٍ، وَسِتَّ بَغْلَاتٍ مُثْمَنَةٍ، وَعَشَرَةً مِنَ الغِلْمَانِ الأَتْرَاكِ، فِيْهِمْ ثَلَاثَةُ خَدَمٍ، وَعَشْرَةُ زِرَيَاتٍ، وَخُوْذٌ، وَعَشَرَةُ تُخُوْتٍ مِنَ الثِّيَابِ، وَسِفْطٌ فِيْهِ دَنَانِيْرَ، فَقُبِلَتْ مِنْهُ، وَطَابَ قَلْبُهُ" وَهُنَا يَرِدُ سُؤَالٌ: هَلِ الخَلِيفَةُ لَمْ يَفِ لِلْوَزِيرِ بِذلِكَ؟ فَقَدْ سُمَّ الوَزِيْرُ فِي خِلَافَتِهِ، وانْتَقَمَ أَعْدَاءُ الوَزِيْرِ بَعْدَ مَوْتهِ مُبَاشَرَةً مِن أَوْلَادِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، وَآثَارِهِ، بِالسِّجْنِ، وَالقَتْلِ، وَالتَّشْرِيْدِ، وَالغَسْلِ فِي =
قَالَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ: وَأَخْبَرَنِي الخَادِمُ مَرْجَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
(1)
- أَحَدُ خَوَاصِّ خَدَمِ الخَلِيْفَةِ - قَالَ: سَمِعْتُ الإِمَامَ المُسْتَنْجِدَ بِاللهِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يُنْشِدُ وَزِيْرَهُ عَوْنَ الدِّيْنِ أَبَا المُظَفِّرِ بْنَ هُبَيْرَةَ، وَقَدْ مَثُلَ الوَزِيْرُ بَيْنَ يَدَيِ سُدَّتِهِ فِي أَثْنَاءِ مُفَاوَضَةٍ جَرَتْ بَيْنَهُمَا فِي كَلَامٍ يَرْجِعُ إِلَى تَقْرِيْرِ قَوَاعِدِ الدِّيْنِ، وَالنَّظَرِ فِي مَصَالِحِ الإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِيْنَ، فَأُعْجِبَ الخَلِيْفَةُ بِهِ، فَأَنْشَدَهُ الخَلِيْفَةُ - يَمْدَحُهُ - أَرْبَعَةَ أَبْيَابٍ: الأَخِيْرَيْنِ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ، وَالأَوَّلَيْنِ لابْنِ حَيُّوْسٍ، وَهِيَ:
(2)
= العَام الذِي مَاتَ فِيهِ الوَزِيْرِ، بِمَرْأىً وَمَسْمَعٍ مِنَ الخَلِيْفَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُوْنَ لَا حَوْلَ لَهُ وَلَا قُوَّةَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(1)
مَرْجَانُ هَذَا هُوَ خَادِمُ الخَلِيفَةِ، قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ يقْرَأُ القُرْآنَ، وَيَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ مَذهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَتَعَصَّبَ عَلَى الحَنَابِلَةِ فَوْقَ الحَدِّ حَتَّى أَنَّ الحَطِيْمَ الَّذِي كَانَ بِرسْمِ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ بِمَكَّةَ يُصَلِّي فِيهِ ابْنِ الطَّبَّاخ الحَنْبَلِيُّ مَضَى مُرْجَانُ وَأَزَالهُ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمٍ، بُغْضًا للقَوْمِ. . ." تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ (560 هـ). أَخْبَارُهُ فِي المُنْتَظَمِ (10/ 213)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 255) وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (320)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ) (12/ 250).
(2)
دِيْوَانُهُ (1/ 270) مِنْ قَصِيْدَةٍ يَمْدَحُ بِهَا نَصْرَ بْنَ مَنْصُوْرِ بنِ صَالِح بنِ مِرْدَاسٍ. وَابْنِ حَيُّوْسٍ، شَاعِرٌ عَبَّاسِيٌّ مُجِيْدٌ، اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ سُلْطَانِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُرْتَضَى بنِ الهَيْثَمِ الغَنَوِيُّ، الأَمِيْرُ مُصْطَفَى الدَّوْلَةِ، أَبُو الفِتْيَانِ (ت: 473 هـ) أَخْبَارُهُ فِي: "المُحَمَّدُونَ منَ الشُّعَرَاءِ (129)، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (5/ 221)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (4/ 438)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (18/ 413)، وَالوَافِي بِالوَفيَات (3/ 118)، وَالشَّذَرَاتِ (3/ 343)، وَلَهُ دِيوان شِعْرٍ طُبِعُ فِي مُجَلَّدَيْنِ في مَطْبُوعَات المَجْمَعِ العِلْمِيِّ العَرَبِيِّ بِـ "دِمشق" =
صَفَتْ نِعْمَتَانِ خَصَّتَاكَ وَعَمَّتَا
…
فَذِكْرُهُمَا حَتَّى القِيَامَةِ يُذْكَرُ
وُجُوْدُكَ وَالدُّنْيَا إِلَيْكَ فَقِيْرَةٌ
…
وُجَوْدُكَ وَالمَعْرُوْفُ فِي النَّاسِ يُنْكَرُ
فَلَوْ رَامَ يَا يَحْيَى مَكَانَكَ جَعْفَرٌ
…
وَيَحْيَى لَكَفَّى عَنْهُ يَحْيَى وَجَعْفَرُ
وَلَمْ أَرَ مَنْ يَنْوِي لَكَ السُّوْءَ يَا أَبَا الْـ
…
ـــمُظَفَّرِ إِلَّا كُنْتَ أَنْتَ المُظَفَّرُ
وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ
(1)
فِي "تَارِيْخِهِ" كَانَ عَالِمًا، فَاضِلًا، [عَابِدًا، عَامِلًا]
(2)
ذَا رَأْيٍ صَائِبٍ، وَسَرِيْرَةٍ صَالِحَةٍ، وَظَهَرَتْ مِنْهُ كِفَايَةٌ تَامَّةٌ بِأَعْبَاءِ المُلْكِ، حَتَّى شَكَرَهُ الخَاصُّ وَالعَامُّ، وَكَانَ مُكْرِمًا لِأَهْلِ العِلْمِ، وَيُقْرَأُ عِنْدَهُ الحَدِيْثُ عَلَيْه، وَعَلى الشُّيُوْخِ بِحُضُوْرِهِ، وَيَجْزِيْ مِنَ البَحْثِ وَالفَوَائِدِ مَا يَكْثُرُ ذِكْرُهُ. وَكَانَ مُقَرِّبًا لِأَهْلِ العِلْمِ وَالدِّيْنِ، كَرِيْمًا طَيِّبَ الخُلُقِ.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: كَانَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَفِيْفًا فِي وِلَايَتِهِ، مَحْمُوْدًا فِي وِزَارَتِهِ، كَثِيْرَ البِرِّ وَالمَعْرُوْفِ، وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ، وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، يُحِبُّ أَهْلَ العِلْمِ، وَيُكْثِرُ مُجَالَسَتَهُمْ وَمُذَاكَرَتَهُمْ، جَمِيْلُ المَذْهَبِ، شَدِيْدُ التَّظَاهُرِ بِالسُّنَّةِ، قَالَ: وَمِنْ كَثْرَةِ مَيْلِهِ إِلَى العَمَلِ بِالسُّنَّةِ، اجْتَازَ فِي سُوْقِ
= بِعِنَايَة الأُسْتَاذِ خَلِيْل مَرْدَم بِك سَنَةَ (1371 هـ) وَالبَيتَانِ مِنْ قَصِيْدَةٍ أَوَّلُهَا:
هَلِ العَدْلُ إِلَّا دُوْنَ مَا أَنْتَ مُظْهِرُ
…
أَوِ الخَيْرُ إِلَّا مَا تُذِيْعُ وَتُضْمِرُ
وَرِوَايَةُ الدِّيْوَانِ "حَدِيثُهُمَا" بَدَلُ "فَذِكْرُهُمَا" وَ"يُؤْثَرُ" بَدَلَ "يُذْكَرُ"، وَفِيهِ "مُنْكَرُ" بَدَلُ "يُنْكَرُ" وَالمَقْصُوْدُ: يَحْيَى بنُ خَالِدٍ البَرْمَكِيُّ وَأَخُوْهُ جَعْفَرُ بنُ خَالِدٍ، وَزِيْرَانِ للرَّشِيْدِ مَشْهُوْرَانِ.
(1)
في (أ) و (ب) و (ط): "ابنُ الذَّهَبِيِّ" وَالنَّصُّ لابْنِ الدُّبَيْثِيِّ فِي المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 248)، باخْتِصَارٍ ظَاهرٍ.
(2)
سَاقِطٌ من (أ): وَ"عَابِدًا" في (ج) و (د).
"بَغْدَادَ" - وَهُوَ الوَزِيْرُ - فَقَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيْتُ، بِيَدِهِ الخَيْرَ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيْرٌ".
قَالَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ: وَلَقَدْ بَلَغَ بِهِ مِنْ شِدَّةِ الوَرَعِ بِحَيْثُ أُحْضِرَ لَهُ كِتَابٌ مِنْ وَقْفِ المَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ، لِيُقْرَأَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الوَاقِفَ شَرَطَ فِي كِتَابِ الوَقْفِ: أَن لَا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْ كُتُبِ الوَقْفِ عَنِ المَدْرَسَةِ، وَأَمَرَ بِرَدِّهِ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ هَذَا شَيْءٌ مَا تَحَقَّقْنَاهُ، فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ قِيلَ؟ وَلَمْ يُمَكِّنْهُمْ مِنْ قِرَاءَتِهِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى إِعَادَتِهِ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي الفَقِيْهُ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيْسَى الحَنْبَلِيُّ
(1)
قَالَ: (ثَنَيَ)
(2)
الوَزِيْرُ عَونُ الدِّيْنِ قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَعْضِ مَشَايِخِ القُرَى مُعَامَلَةٌ، مَضَيْتُ مِنْ أَجْلِهَا مِنْ "الدُّوْرِ" إِلَى قَرْيَتِهِ فَلَم أَجِدْهُ، فَقَعَدْتُ لاِنْتِظَارِهِمْ حَتَّى هَجَمَ اللَّيْلُ، فَصَعَدْتُ إِلَى سَطْحِهِ لِلنَّوْمِ، فَسَمِعْتُ قَوْمًا يُسَفِّهُوْنَ بِالهَجْرِ
(3)
مِنَ الكَلَامِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُمْ فَأُخْبِرْتُ أنَّهُمْ يَعْصِرُوْنَ بِالنَّهَارِ الخَمْرَ، وَيسْفَهُوْنَ فِي اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا بُتُّ بِهَا، فَقِيْلَ: وَلِمَ؟ فَقُلْتُ: أَخَافُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ عَذَابٌ وَسَخَطٌ فَأَكُوْنُ مَعَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَسْفًا حَقِيقِيًا كَانَ خَسْفًا مَعْنَوِيًا، مِمَّا يَدْخُلُ عَلى القَلْبِ مِنَ القَسَاوَةِ وَالفُتُوْرِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى بِسَمَاعِ هَذَا الكَلَامِ،
(1)
أبُو حَامِدٍ المَذْكُوْرُ هُنَا مِمَّن يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ، وَلَمْ أَقِفِ الآنَ عَلَى أَخْبَارِهِ، وسَيَأتِي ذِكْرُهُ مَرَّةً أُخْرَى في هَذِه التَّرْجَمَةِ.
(2)
في (ج) و (د): "حدَّثَنِي".
(3)
الهجر: الكلام الفاحش والهذيان قال تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ} .
وَمَضَيْتُ ذلِكَ الوَقْتِ إِلَى "الدُّوْرِ" قَالَ الوَزِيْرُ فَلَمَّا عُدْتُ أَنَا وَالمُقْتَفِي لأَمْرِ اللهِ تَعَالى
(1)
مِنْ حِصَارِ قَلْعَةِ "تَكْرِيْتَ"
(2)
مَرَرْنَا بِتِلْكَ القَرْيَةِ، فَسَأَلَنِي المُقْتَفِي عَنْهَا؟ فَقُلْتُ: هَذِه النَّاحِيَةُ لِلْوُكَلَاءِ أَجَلَّهُمُ اللهُ تَعَالَى. فَقَالَ: لَئِنْ تَكُوْنُ لَكَ، إذْ هِيَ فِي جِوَارِكَ أَصْلَحُ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَنَا، فَتَقَدَّمَ إِلَى عُمَّالِكَ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا، فَذَكَرْتُ لَهُ حِيْنَئِذٍ حَالَتِي بِهَا، وَقُلْتُ لَهُ: فَمِنْ بَرَكَةِ ذلِكَ الفِعْلُ رُزِقْتُ القُرْبَ مِنْكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَتَمَلُّكَ النَّاحِيَةِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنِّي لَهَا، فَاسْتَظْرَفَ ذلِكَ مِنِّي، وَكَثُرَ تَعَجُّبُهُ مِنْهُ. قَالَ: وَكَانَ الوَزِيْرُ شَدِيْدَ التَّوَاضُعِ، رَافِضًا لِلْكِبْرِ، شَدِيْدَ الإِيْثَارِ لِمُجَالسَةِ أَرْبَابِ الدِّيْنِ وَالفُقَرَاءِ، بِحَيْثُ سَمِعْتُهُ فِي بَعْضِ الأَيَّامِ يَقُوْلُ لِبَعْضِ الفُقَرَاءِ وَهُوَ يُخَاطِبُهُ: أَنْتَ أَخِي، وَالمُسْلِمُوْنَ كُلُّهُمْ إِخْوَةٌ.
قَالَ: وَلَقَدْ كُنَّا يَوْمًا بِالمَجْلِسِ عَلَى العَادَةِ لِسَمَاعِ الحَدِيثِ، إِذْ دَخَلَ حَاجِبُهُ أَبُو الفَضَائِلِ بْنُ تُرْكَانَ فَسَارَّ الوَزِيْرُ بِشِيءٍ لَمْ يَسْمَعْهُ أَحَدٌ، فَقَالَ لَهُ الوَزِيْرُ: أَدْخِلِ الرَّجُلَ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: أَيْنَ الرَّجُلُ؟ فَأَبْطَأَ؛ فَقَالَ: أَيْنَ الرَّجُلَ؟ فَقَالَ الحَاجِب: إِنَّ مَعَهُ شَمْلَةَ صُوفٍ مُكَوَّرَةً، وَقَدْ قُلْتُ لَهُ: اتْرُكْهَا مَعَ أَحَدِ الغِلْمَانِ خَارِجًا عَنِ السِّتْرِ وَادْخُل، قَالَ: لَا أَدْخُلُ إِلَّا وَهِيَ مَعِي، فَقَالَ لَهُ الوَزِيْرُ: دَعْهُ يَدْخُلُ وَهِيَ مَعَهُ، فَخَرَجَ وَعَادَ، وَإِذَا مَعَهُ شَيْخٌ طِوَالٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ، وَعَلَيْهِ فُوْطَةُ قُطْنٍ، وَثَوْبُ خَامٍ، وَفِي رِجْلَيْهِ جُمْجُمَانِ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ لِلْوَزِيْرِ: يَا سَيِّدِي، إِنَّ أُمَّ فُلَانٍ يَعْنِي: - أُمَّ وَلَدِهِ -
(1)
ساقط من (ط).
(2)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 45).
لَمَّا عَلِمَتْ أَنِّي مُتَوَجِّهٌ إِلَيْكَ
(1)
. قَالَتْ لِي: بِاللهِ سَلِّمْ عَلَى الشَّيْخِ يَحْيَى عَنِّي، وَادْفَعْ إِلَيْهِ هَذِهِ الشَّمْلَةَ؛ فَقَدْ خَبَزْتُهَا عَلَى اسْمِهِ، فَتَبَسَّمَ الوَزِيْرُ إِلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: الهَدِيَّةُ لِمَنْ حَضَرَ، وَأَمَرَ بِحَلِّهَا، فَحُلَّتْ الشَّمْلَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِذَا فِيْهَا خُبْزُ شَعِيْرٍ مَشْطُوْرٍ بِكَامِخِ اكْشُوْثٍ
(2)
فَأَخَذَ الوَزِيْرُ مِنْهُ رَغِيْفَيْنِ، وَقَالَ: هَذَا نَصِيْبِي، وَفَرَّقَ البَاقِيَ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ صُدُوْرِ الدَّوْلَةِ، وَالسَّادَةِ الجُلَّة
(3)
وَسَأَلَهُ عنْ حَوَائِجِهِ جَمِيْعَهَا وَتَقَدَّمَ بِقَضَائِهَا عَلَى المَكَانِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الجَمَاعَةِ وَقَالَ: هَذَا شَيْخٌ قَدْ تَقَدَّمَتْ صُحْبَتِي لَهُ قَدِيْمًا، وَاخْتَبَرْتُهُ فِي زَرْعِ بَيْنِنَا فَوَجَدْتُهُ أَمِيْنًا، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَأَفُّفٌ بِمَقَالِ "الشَّيْخِ"، وَلَا تَكَبُّرٌ عَلَيْهِ، وَلَا أَعْرَضَ عنْهُ، بَلْ أَحْسَنَ لِقَاءَهُ، وَقَضَى حَوَائِجَهُ، وَأَجْزَلَ عَطَاءَهُ. ثُمَّ حَكَى: أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذا الشَّيْخ زَرْعٌ، وَأَنَّهُمْ خَشَوا عَلَيْهِ مِنْ جَيْشِ عَظِيْمٍ
(4)
نَزَلَ عِنْدَهُمْ، فَقَرَأُوا عَلَى جَوَانِبِه القُرْآنَ، فَسَلِمَ وَلَمْ يُرْعَ مِنْهُ سُنْبَلَةً وَاحِدَةٌ. قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا نَقِيْبُ نُقَبَاءِ الطَّالِبِيِّينْ الطَّاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الحُسَيْنِيُّ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَخَدَمَهُ، وَسَأَلَهُ رَفْعَ رُقْعَةٍ لَهُ، إِلَى الخَلِيْفَةِ المُسْتَنْجِدِ، وَأَنْ يَتَكَلَّمَ لَهُ عِنْدَ عَرْضِهَا وَلَا يُهْمِلَهَا، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: وَالله مَا أَهْمَلْتُ لِأحَدٍ رُقَعةً قَطُّ، وَلَا حَاجَةً
(1)
في (ط): "إليك".
(2)
في (ط): "أكشوت" بِالتَّاءِ، وَالكَامِخُ: نَوْعٌ مِنَ الأَدَمِ مُعَرَّبٌ. يُرَاجَعُ: المُعَرَّبُ لِلجَوَالِيقِيِّ (298).
(3)
في (ط): "الأجلة".
(4)
أَي: جَرَادٌ وَشِبْهِهِ.
حَضَرَنِي ذِكْرُهَا، وَذَكَرَ حِكَايَةً عَنِ الوَزِيْرِ ابْنِ العَمِيدِ
(1)
: أَنَّهُ وَعَدَ رَجُلًا النَّظَرَ فِي ظُلَامَتِهِ، وَمَطَلَهُ وَسَوَّفَهُ، وَقَالَ: سَنَنْظُرُ فِيْهَا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: هَذَا كَلَامُ مَنْ لَا يَعْرِفُ دَبِيْبَ السَّاعَاتِ فِي انْخِرَامِ السُّدُوْلِ، فَانْتَبَهَ لَهَا ابْنُ العَمِيْدِ، والآنَ يَتَوَلَّى رَفْعَ ظُلَامَاتِ المُتَظَلِّمِيْنَ. قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الخَالِقِ
(2)
بْنُ يُوسُفَ المُحَدِّثُ، وَقَالَ فِي كَلَامِهِ: المَمْلُوْكُ شَيْخٌ مِنْ حَمَلَةِ القُرْآنِ، وَأَهْلِ العِلْمِ، وَرُوَاةِ الحَدِيثِ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ حُقُوقٌ فِي بَيْتِ المَالِ
(3)
فَانْظُرْ لَهُ وَعَلَيْهِ، مُقَاطَعَةُ شَيءٍ مِنَ الجَانِبِ الغَرْبِيِّ، فَلَيْسَ بِيَدِهِ شَئٌ. فَتَقَدَّمَ لَهُ الوَزِيْرُ بِخَمْسِيْنَ دِيْنَارًا قَبَضَهَا فِي مَجْلِسِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَذا
(4)
بَعْضُ مَالَكَ عَلَى بَيْتِ المَالِ، فَأَدِّ بَعْضَ مَا عَلَيْكَ لِبَيْتِ المَالِ.
قَالَ: وَكُنَّا يَوْمًا عِنْدَهُ، وَالمَجْلِسُ غَاصُّ بِوُلَاةِ الدِّيْنِ وَالدُّنْيَا، وَالأَعْيَانُ الأَمَاثِلُ، وَابْنُ شَافِعِ يَقْرَأُ عَلَيهِ الحَدِيْثَ، إذْ فَجَأَنَا مِنْ بَابِ السِّتْرِ وَرَاءَ ظَهْرِ الوَزِيْرِ صُرَاخٌ بَشِعٌ وَصِيَاحٌ يرْتَفِعُ، فَاضْطَرَبَ لَهُ المَجْلِسُ، وَارْتَاعَ الحَاضِرُوْنَ،
(1)
هُو الكَاتِبُ، وَالأَدِيْبُ، وَالوَزِيْرُ المَشْهُورُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ العَمِيدِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الفَضْلِ (ت: 360 هـ) أَخْبَارُهُ في: الإمتَاعِ وَالمُؤَانَسَةِ (1/ 66)، وَتَجَارِبِ الأُمَمِ (6/ 274)، ويَتِيمَةِ الدَّهْرِ (3/ 154)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (5/ 103)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2/ 381)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (4/ 60)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (3/ 31).
(2)
هو عبْدُ الخَالِقِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ، أَبُو الفَرَجِ (ت: 548) حَنْبَلِيٌّ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ عَلَى المُؤلِّفِ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
سَاقِط من (ط).
(4)
على هامش (أ): "إِلَى أَنْ" قِرَاءَةَ نُسْخَةٍ أُخْرَى.
وَالوَزِيْرُ سَاكِنٌ سَاكِتٌ، حَتَّى أَنْهَى ابْنُ شَافِعٍ
(1)
قِرَاءَةَ الإِسْنَادِ وَمَتْنَهُ، ثُمَّ أَشَارَ الوَزِيْرُ إِلَى الجَمَاعَةِ عَلَى رِسْلَكُمْ، ثُمَّ قَامَ وَدَخَلَ إِلَى السِّتْرِ وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ، فَجَلَسَ وَتَقَدَّمَ بِالقِرَاءَةِ، فَدَعَا لَهُ ابْنُ شَافِعٍ وَالحَاضِرُوْنَ، وَقَالُوا: قَدْ أَزْعَجَنَا ذلِكَ الصِّيَاحُ، فَإِنْ رَأَى مَوْلَانَا أَنْ يُعَرِّفَنَا سَبَبَهُ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: حَتَّى يَنْتَهِي المَجْلِسُ، وَعَادَ ابْنُ شَافِعٍ إِلَى القِرَاءَةِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ وَقُلُوْبُ الجَمَاعَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَعْرِفَةِ الحَالِ، فَعَاوَدُوْهُ، فَقَالَ: كَانَ لِي ابْنٌ صَغِيرٌ مَاتَ حِيْنَ سَمِعْتُمُ الصِّيَاحَ، وَلوْلَا تَعَيُّنُ الأَمْرِ عَليَّ بِالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ فِي الإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ ذلِكَ الصِّيَاحِ، لَمَا قُمْتُ عَنْ مَجْلِسِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَجِبَ الحَاضِرُوْنَ مِنْ صَبْرِهِ.
قَالَ: وَحَضَرَ يَوْمًا فِي دَارِ الخِلَافَةِ بـ "المُرَخَّمِ" مِنَ "التَّاجِ"
(2)
فَجَلَسَ بِهِ، وَحَضَرَ أَرْبَابُ الدَّوْلَةِ بِأَسْرِهِمْ لِلصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَةِ الأَمِيْرِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ المُسْتَظْهِرِ
(3)
،
(1)
أَحْمَدُ بنُ صَالِحِ بنِ شَافِعٍ الجِيْلِيُّ (ت: 565 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
التَّاج قَصْرٌ بَنَاهُ الخَلِيْفَةُ المُعْتَضِدُ، وَلَم يَتِمَّ فِي أَيَّامِه فَأَتَّمَهُ ابنُهُ المُكْتَفِي، وَأَخْبَارُهُ وَتَطُوُّرُ البِنَاءِ فِيهِ عَلَى مَرِّ العُصُوْرِ يَطُوْلُ ذِكْرُهُ، يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 3) وَاشتُهِرَ فِيْمَا بَعْدُ بِـ "الجَعْفَرِيِّ" ثُمَ بـ "الحَسَنِيِّ" ثُمَّ عُرِفَ حَيُّهُ بـ "المَأْمُونِيَّةِ" وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. ولَمْ أَقِف عَلَى "المُرَخَّمِ".
(3)
لَعَلَّهُ أَبُو القَاسِمِ المَذْكُوْرِ فِي المُنْتَظَمِ (10/ 179) في وَفَيَاتِ سَنَةِ (552 هـ) قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: "وَكَانَ أَصْغَرَ أَوْلَادِهِ سِنًّا، وَمَضَى مَعَهُ الوَزِيْرُ إِلَى مَقْصُوْرَةِ جَامِعِ السُّلْطَان فَصَلَّى بِهَا الجُمُعَةِ فِي المَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ السُّلطَانُ. . ." وابنُ المُسْتَظْهَرِ هَذَا أَخُو الخَلِيْفَتَيْنِ المُسْتَرْشد بِالله، وَالمُقْتَفَي لأَمْرِ اللهِ، وَعَمُّ الخَلِيْفَةِ الرَّاشِد بِاللهِ الَّذي لَمْ تَطُلْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ، سَنَةَ (512 هـ) وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
فَسَقَطَ مِنَ السَّقْفِ أفْعَى عَظِيْمَةُ المِقْدَارِ عَلَى كَتِفِ الوَزِيْرِ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ الدَّوْلَةِ وَحَوَاشِي الخِدْمَةِ إِلَّا خَرَجَ أَوْ قَامَ عَنْ مَوْضِعِهِ إِلَّا الوَزِيْرَ، فَإِنَّهُ الْتَفَتَ إِلَى الأَفْعَى وَهِيَ تَسْرَحُ عَلَى كُمِّهِ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى الأَرْضِ، وَبَادَرَ المَمَالِيْكُ فَقَتَلُوْهَا، وَلَمْ يَتَحَرَّكِ الوَزِيْرُ عَنْ بُقْعَتِهِ، وَلَا تَغَيَّرَ فِي هَيْئَتِهِ وَلَا عِبَارَتِهِ.
وَلِلْوَزِيْرِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - مِنَ الكَلَامِ الحَسَنِ، وَالفَوَائِدِ المُسْتحْسَنَةِ، وَالاْسْتِنْبَاطَاتِ الدَّقِيقَةِ مِنْ كَلَامِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ مَا هُوَ كَثِيْرٌ جِدًّا، وَلَهُ مِنَ الحِكَمِ وَالمَوَاعِظِ وَالكَلَامِ فِي أُصُولِ السُّنَّةِ وَذَمِّ مَنْ خَالَفَهَا، شَيْءٌ كَثِيْرٌ أَيْضًا، وَنَذْكُرُ هُنَا بَعْضَ ذلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي "المُقْتَبِسِ": سَمِعْتُ الوَزِيْرَ يَقُوْلُ: الآيَاتُ اللَّوَاتِي فِي الأَنْعَامِ
(1)
: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} مُحْكَمَاتٌ، وَقَدْ اتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي الآيَةِ الأُولَى:{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ، وَفِي الثَّانِيَةِ:{لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)} ، وَفِي الثَّالِثَة:{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ؛ لِأَنَّ كُلَّ آيَةٍ يَلِيْقُ بِهَا ذلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الأُوْلَى:{أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} وَالعَقْلُ يَشْهَدُ أَنَّ الخَالِقَ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَيَدْعُو العَقْلُ إِلَى بِرِّ الوَالِدَيْنِ، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ الوَلَدِ، وَإِتْيَانِ الفَوَاحِشِ؛ لأَنَّ الإِنْسَانَ يَغَارُ مِنَ الفَاحِشَةِ عَلَى ابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ، فَكَذلِكَ هُوَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْتَنِبَهَا، وَكَذلِكَ قَتْلُ النَّفْسِ، فَلَمَّا لَاقَتْ هَذِهِ الأُمُوْرُ بِالعَقْلِ، قَالَ:{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)} وَلَمَّا قَالَ فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ} وَالمَعْنَى: اذْكُرْ لَوْ هَلَكْتَ فَصَارَ وَلَدُكَ يَتِيْمًا، وَاذْكُرْ عِنْدَ وَرَثَتِكَ،
(1)
الآية: 151.
لَوْ كُنْتَ المُوَرِّثَ لَهُ، وَاذْكُرْ كَيْفَ تُحِبُّ العَدْلَ لَكَ فِي القَوْلِ؟ فَاعْدِلْ فِي حَقِّ غَيْرِكَ، وَكَمَا لَا تَؤْثِرُ أَنْ يُخَانَ عَهْدُكَ فَلَا تَخُنْ، فَلَاقِ بِهَذِهِ الأَشْيَاءَ التَّذَكُّرَ، فَقَالَ:{لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} فَلَاقِ بِذلِكَ اتِّقَاءَ الزَّلَلِ، فَلِذلِكَ قَالَ:{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(1)
: {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37)} قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِإِجَابَةِ سُؤالِهِ، وَإِنَّمَا سَأَلَ الإِنْظَارِ، فَقِيْلَ لَهُ: كَذَا قُدِّرَ، لَا أَنَّهُ جَوَابُ سُؤَلِكَ، لَكِنَّهُ مِمَّا فُهِمَ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(2)
: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} قَالَ: إِنَّمَا لَمْ يَقُلْ: مَا كَتَبَ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالمُؤْمِنِ، وَلَا يُصِيْبُ المُؤْمِنَ شَيءٌ إِلَّا وَهُوَ لَهُ، إِنْ كَانَ خَيْرًا فَهُوَ لَهُ فِي العَاجِلِ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَهُوَ ثَوَابٌ لَهُ فِي الآجِلِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(3)
: {حِجَابًا مَسْتُورًا (45)} قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيْرِ يَقُولُوْنَ: سَاتِرًا، وَالصَّوَابُ: حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنْ يَكُوْنَ الحِجَابُ مَسْتُورًا عَنِ العُيُونِ فَلَا يُرَى، وَذلِكَ أَبْلغُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(4)
: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ
(1)
سورة الحجر.
(2)
سورة التَّوبة، الآية:51.
(3)
سورة الإسراء.
(4)
سورة الكهف، الآية:39.
اللَّهُ} قَالَ: مَا قَالَ: مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَلَا يَكُوْنُ، بَلْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ؛ لِيَعُمَّ المَاضِيَ وَالمُسْتَقْبَلَ وَالرَّاهِنَ، قَالَ: وَتَدَبَّرْتُ قَوْلَهُ تَعَالَى
(1)
: {لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} فَرَأَيْتُ لَهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ قَائِلَهَا يَتَبَرَّأُ مِنْ حَوْلِهِ وَقُوَّتَهِ، وَيُسَلِّمُ الأَمْرَ إِلَى مَالِكِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُعْلَمُ أَنْ لَا قُوَّةَ لِلْمَخْلُوْقِيْنَ إِلَّا بِاللهِ، فَلَا يَخَافُ مِنْهُمْ؛ إِذْ قُوَاهُمْ لَا تَكُوْنُ إِلَّا بِاللهِ، وَذلِكَ يُوْجِبُ الخَوْفَ مِنَ اللهِ وَحْدَهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ رَدٌّ عَلَى الفَلَاسِفَةِ وَالطَّبَائِعِيِّيْنَ الَّذِينَ يَدَّعُوْنَ القُوَى فِي الأَشْيَاءِ بِطَبِيْعَتِهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ بَيَّنَتْ أَنَّ القَوِيَّ لَا يَكُوْنُ إِلَّا بِاللهِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(2)
{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} قَالَ: "التَّاءُ" مِنْ حُرُوْفِ الشِّدَّةِ، تَقُوْلُ فِي الشَّيءِ القَرِيْبِ الأَمْرَ: مَا اسْطَعْتُهُ
(3)
، وَفِي الشَّدِيْدِ: مَا استَطَعْتُهُ، فَالمَعْنَى: مَا أَطَاقُوا ظُهُوْرَهُ لِضعْفِهِمْ، وَمَا قَدِرُوا عَلَى نَقْبَةِ لِقُوَّتِهِ وَشِدَّتِهِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(4)
: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} قَالَ: المَعْنَى إِنِّي قَدْ أَظْهَرْتُهَا حِيْنَ أَعْلَمْتُ بِكَوْنِهَا، لكِنْ قَارَبْتُ أَنْ أُخْفِيْهَا بِتَكْذِيْبِ المُشْرِكِ بِهَا، وَغَفْلَةِ المُؤْمِنِ عَنْهَا، فَالمُشْرِكُ لَا يُصَدِّقُ كَوْنَهَا،
(1)
سورة الكهف، الآية:39.
(2)
سورة الكهف، الآية:97.
(3)
في (ط): "استطعته".
(4)
سورة طه، الآية:15.
وَالمُؤْمِنُ يُهْمِلُ الاسْتِعْدَادَ لَهَا
(1)
.
قَالَ: وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ مَا جَمَعَهُ مِنْ خَوَاطِرِهِ، قَالَ: قَرَأَ عنْدِي قَارِئٌ، قَالَ:{هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي}
(2)
فَأَفْكَرْتُ فِي مَعْنَى اشْتِقَاقِهَا، فَنَظَرْتُ فَإِذَا وَضْعُهَا لِلْتَّنبِيْهِ، وَاللهُ لَا يَجُوْزُ أَنْ يُخَاطِبَ بِهَذَا، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا خَاطَبَ اللهَ عز وجل بِحَرْفِ التَّنْبِيْهِ إِلَّا الكُفَّارَ، كَمَا قَالَ عز وجل:
(3)
{قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ} ، {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا}
(4)
وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ الأَنْبِيَاءِ خَاطَبَ رَبَّهُ بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. فَأَمَّا قَوْلُهُ
(5)
: {وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ} فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الخِطَابُ بِقَوْلِهِ: {يَارَبِّ إِنَّ} فَبَقِيَتْ: "هَا" للْتَّمْكِينِ، وَلَمَّا خَاطَبَ اللهُ عز وجل المُنَافِقِينَ، قَالَ
(6)
: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وَكَرَّمَ المُؤْمِنِيْنَ بِإِسْقَاطِ "هَا" فَقَالَ
(7)
: {هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ} وَكَانَ التَّنْبِيهُ لِلْمُؤْمِنِيْنَ أَخَفُّ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(8)
(1)
في (ط): "الاسْتِعْدَد" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(2)
سورة طه، الآية:84.
(3)
سورة النَّحل، الآية:86.
(4)
سورة الأعراف، الآية:38.
(5)
سورة الزُّخرف، الآية:88.
(6)
سورة النِّساء، الآية:109.
(7)
سورة آل عمران، الآية:119.
(8)
سورة الأنبياء، الآية:110.
المَعْنَى: أَنَّه إِذا اشْتَدَّتْ الأَصْوَاتُ وَتَغَالَبَتْ فَإِنَّهَا حَالَةٌ لَا يَسْمَعُ فِيْهَا الإِنْسَانُ. وَاللهُ عز وجل يَسْمَعُ كَلَامَ كُلِّ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عنْ سَمْعٍ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ:
(1)
{قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} قَالَ: المُرَادُ مِنْهُ: كُنْ أَنْتَ أَيُّهَا القَائِلُ عَلَى الحَقِّ؛ لِيُمْكِنَكَ أَنْ تَقُوْلَ: احْكُمْ بِالحَقِّ، لأَنَّ المُبْطِلَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: احْكُمْ بِالحَقِّ.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(2)
{قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} قَالَ: وَقَعَ لِي فِيْهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ المَعْنَى: لَا تُقْسِمُوا وَاخْرُجُوْا مِنْ غَيْرِ قَسَمٍ، فَيَكُوْنُ المُحَرِّكُ لَكُمْ إِلَى الخُرُوْجِ الأَمْرَ لَا القَسَمَ، فَإِنَّ مَنْ خَرَجَ لأَجْلِ قَسَمِهِ لَيْسَ كَمَنْ خَرَجَ لِأَمْرِ رَبِّهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ المَعْنَى نَحْنُ نَعْلَمُ مَا فِي قُلُوْبِكُمْ، وَهَلْ أَنْتُمْ عَلَى عَزْمِ المُوَافَقَةِ لِلرَّسُولِ فِي الخُرُوْجِ؟ فَالقَسَمُ هَهُنَا إِعْلَامٌ مِنْكُمْ لَنَا بِمَا فِي قُلُوْبِكُمْ. وَهَذَا يَدُلُّ مِنْكُمْ عَلَى أَنَّكُمْ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ اللهَ يَطَّلِعُ عَلَى مَا فِي القُلُوْبِ.
وَالثَالِثُ: أَنَّكُمْ مَا أَقْسَمْتُمْ إِلَّا وَأَنْتُمْ تَظُنُّوْنَ أَنَّا نَتَّهِمُكُمْ، وَلَوْلَا أَنَّكُمْ فِي مَحَلِّ تُهْمَةٍ مَا ظَنَنْتُمْ ذلِكَ فِيْكُمْ، وَبِهَذَا المَعْنَى وَقَعَ المُتَنَبِّي، فَقَالَ:
(3)
(1)
سورة الأنبياء، الآية:112.
(2)
سورة النُّور، الآية:53.
(3)
دِيْوَانُ المُتَنَبِيِّ المَنْسُوْبُ إِلَى العُكْبَرِيِّ (4/ 15)، وَفِي الأُصُولِ:"وَفِي يَمِيْنِكَ مَا أَنْت. . ." مِن قَصِيْدَةٍ يَمْدَحُ بِهَا سَيْفَ الدَّوْلَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلَاثمائة، وَهِيَ آخِرُ قَصِيْدَةٍ قَالَهَا بِحَضْرَةِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ أَوَّلُهَا: =
وَفِي اليَمِيْنِ عَلَى مَا أَنْتَ وَاعِدُهُ
…
مَا دَلَّ أَنَّكَ فِي المِيْعَادِ مُتَّهَمُ
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(1)
: {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ} قَالَ: العَجَبُ لِجَهْلِهمْ حِيْنَ أَرَادُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ، وَلَوْ فَهِمُوا عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ الكُنُوْزِ لَهُ، وَجَمِيْعُ الدُّنْيَا مُلْكَهُ، أَوَ لَيْسَ قَدْ قَهَرَ أَرْبَابَ الكُنُوْزِ، وَحَكَمَ فِي جَمِيْعِ المُلُوْكِ؟ وَكَانَ مِنْ تَمَامِ مُعْجِزَاتِهِ أَنَّ الأَمْوَالَ لَمْ تُفْتَحْ عَلَيْهِ فِي زَمَنهِ؛ لِئَلَّا يَقُوْلَ قَائِلٌ: قَدْ جَرَتِ العَادَةُ بِأَنَّ إِقَامَةَ الدُّوَلِ، وَقَهْرِ الأَعْدَاءِ بِكَثْرَةِ الأَمْوَالِ، فَتَمَّتِ المُعْجِزَةُ بِالغَلَبَةِ وَالقَهْرِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ، وَلَا كَثْرَةِ أَعْوَانٍ، ثُمَّ فُتِحَتْ الدُّنْيَا عَلَى أَصْحَابِهِ، فَفَرَّقُوا مَا جَمَعَهُ المُلُوْكُ بِالشَّرَهِ، فَأَخْرَجُوْهُ فِيْمَا خُلِقَ لَهُ، وَلَمْ يُمْسِكُوْهُ إِمْسَاكَ الكَافِرِيْنَ؛ لِيُعْلِمُوا النَّاسَ بِإِخْرَاجِ ذلِكَ المَالِ أَنَّ لَنَا دَارًا سِوَى هَذِهِ، وَمَقَرًّا غَيْرَ هَذَا، وَكَانَ مِنْ تَمَامِ المُعْجِزَاتِ لِلْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ لَمَّا جَاءَهُمْ بِالهُدَى فَلَمْ يُقْبَلْ، سَلَّ السَّيْفَ عَلَى الجَاحِدِ؛ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ الَّذِي ابْتَعَثَنِي قَاهِرٌ بِالسَّيْفِ بَعْدَ القَهْرِ بِالحُجَجِ، وَمِمَّا يُقَوِّي صِدْقَهُ أَنَّ قَيْصَرَ وَكِبَارَ المُلُوْكِ لَمْ يُوَافِقُوا للإِيْمَانِ بِهِ؛ لِئَلَّا يَقُوْلَ قَائِلٌ: إِنَّمَا ظَهَرَ لأَنَّ فُلَانًا المَلِكَ تَعَصَّبَ لَهُ فَتَقَوَّى بِهِ، فَبَانَ أَنَّ أَمْرَهُ مِنَ السَّمَاءِ لَا بِنُصْرَةِ أَهْلِ الأَرْضِ.
= عُقْبَى اليَمِيْنِ عَلَى عُقْبَى الوَغَى نَدَمُ
…
مَاذَا يَزِيْدُكَ فِي إِقْدَامِكَ القَسَمُ
وَفِي اليَمِيْنِ عَلَى مَا أَنْتَ ......
…
............ البيت
(1)
سورة الفرقان، الآية:8.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(1)
: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ} قَالَ: المَعْنَى: فَقَدْ كَذَّبَكُمْ أَصْنَامُكُمْ بِقَوْلِكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ ادَّعَيْتُمْ أَنَّهَا الآلِهَةُ، وَقَدْ أَقْرَرْتُمْ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ فَإِقْرَارُكُمْ يُكَذِّبُ دَعْوَاكُمْ.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(2)
{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} قَالَ: فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ هِدَايَةِ الخَلْقِ بِالعِلْمِ، وَيُبَيِّنُ شَرَفَ العَالِمِ عَلَى الزَّاهِدِ المُنْقَطِعِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَالطَّبِيْبِ، وَالطَّبِيْبُ يَكُوْنُ عِنْدَ المَرْضَى، فَلَوْ انْقَطَعَ عَنْهُمْ هَلَكُوْا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(3)
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} قَال: هَذَا مِنْ تَمَامِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ، كَأَنَّ هَذَا الوَلَدَ خَافَ أَنْ يَكُونَ وَالِدَاهُ قَصَّرَا فِي شُكْرِ الرَّبِّ عز وجل، فَسَأَلَ اللهُ أَنْ يُلْهِمَهُ الشُّكْرَ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمَا؛ لِيَقُومَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا مِنْ الشُّكْرِ إِنْ كَانَا قَصَّرَا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(4)
{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ} قَال: إِيْثَارُ ثَوَابِ الآجِلِ عَلَى العَاجِلِ حَالَةُ العُلَمَاءِ، فَمَنْ كَانَ هكَذَا فَهُوَ عَالِمٌ، وَمَنْ آثَرَ العَاجِلَ فَلَيْسَ بِعَالِمٍ.
(1)
سورة الفرقان، الآية:19.
(2)
سورة الفرقان، الآية:20.
(3)
سورة النَّمل، الآية:19.
(4)
سورة القصص، الآية:80.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(1)
{مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71)} وَفِي الآيَةِ الَّتِي تَلِيْهَا: {أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72)} قَالَ: إِنَّمَا ذَكَرَ السَّمَاعَ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّيْلِ وَالإِبْصَارُ عِنْدَ ذِكْرِ النَّهَارِ؛ لأَنَّ الإِنْسَانَ يُدْرِكُ بِسَمْعِهِ
(2)
فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ مِنْ إِدْرَاكِهِ بِالنَّهَارِ، وَيَرَى بِالنَّهَارِ أَكْثَرَ مِمَّا يَرَى بِاللَّيْلِ. قَالَ المُبَرَّدُ:
(3)
سُلْطَانُ السَّمْعِ فِي اللَّيْلِ، وَسُلْطَانُ البَصَر فِي النَّهَارِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(4)
{اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} قَالَ: فَطَلَبْتُ الفِكْرَ فِي المُنَاسَبَةِ بَيْنَ ذِكْرِ النِّعْمَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} فَرَأَيْتُ أَنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ يَنَالَهَا العَبْدُ فَاللهُ خَالِقُهَا، فَقَدْ أَنْعَمَ بِخَلْقِهِ لِتِلْكَ النِّعْمَةِ، وَبِسَوْقِهَا إِلَى المُنعَمِ عَلَيْهِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(5)
{إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} قَالَ: المَعْنَى أَنْ يَكُوْنَ قِيَامُكُمْ خَالِصًا للهِ عز وجل، لَا لِغَلَبَةِ خُصُوْمِكُمْ، فَحِيْنَئِذٍ تَفُوْزُوْنَ بِالهُدَى.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(6)
{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ
(1)
سورة القصص.
(2)
في (ط): "سمعه".
(3)
مُحَمَّدُ بنُ يَزِيدَ، أَبُو العَبَاسِ المُبَرِّدُ، مُؤلِّفُ "الكَامِلِ فِي اللُّغَةِ وَالأَدَبِ" و"المُقْتَضَبِ" فِي النَّحْوِ، وَغَيْرِهِمَا (ت: 285 هـ) إِمَامٌ مَشْهُوْرٌ.
(4)
سورة فاطر، الآية:3.
(5)
سورة سبأ، الآية:46.
(6)
سورة يس، الآية:20.
يَسْعَى}، وَفِي الآيَةِ الأُخْرَى:
(1)
{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} فَرَأَيْتُ الفَائِدَةَ فِي تَقْدِيمِ ذِكْرِ الرَّجُلِ وَتَأْخِيْرِهِ: أَنَّ ذِكْرَ الأَوْصَافِ قَبْلَ ذِكْرِ المَوْصُوفِ أَبْلغُ فِي المَدْحِ مِنْ تَقْدِيْمِ ذِكْرِهِ عَلَى وَصْفِهِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَقُوْلُوْنَ: الرَّئِيْسُ، الأَجَلُّ فُلَانٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا الَّذِي زِيْدَ فِي مَدْحِهِ، وَهُوَ صَاحِبُ يَس، أَمَرَ بِالمَعْرُوفِ، وَأَعَانَ الرُّسُلَ، وَصَبَرَ عَلَى القَتْلِ، وَالآخَرُ إِنَّمَا حَذَّرَ مُوسَى مِنَ القَتْلِ، فَسَلِمَ مُوْسَى بِقَبُوْلِهِ مَشُوْرَتَهُ، فَالأَوَّلُ هُوَ الآمِرُ بِالمَعْرُوفِ، وَالنَّاهِي عَنِ المُنْكَرِ، وَالثَّانِي هُوَ نَاصِحُ الآمِرِ بِالمَعْرُوفِ، فَاسْتَحَقَّ الأَوَّلُ الزِّيَادَةَ. ثُمَّ تأَمَّلْتُ ذِكْرَ أَقْصَى المَدِيْنَةِ، فَإِذَا الرَّجُلَانِ جَاءَا مِنْ بُعْدٍ فِي الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ، وَلَمْ يَتَقَاعَدَا لِبُعْدِ الطَّرِيْقِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(2)
{يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} قَالَ: المَعْنَى يَا لَيْتَهُمْ يَعْلَمُونَ بِأَيِّ شَيءٍ وَقَعَ غُفْرَانُهُ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ غَفَرَ لِي بِشَيءٍ يَسِيْرٍ فَعَلْتُهُ، لَا بِأَمْرٍ عَظِيْمٍ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(3)
{إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} قَالَ: رُبَّمَا تَوَهَّمَ جَاهِلٌ أَنَّهُمْ لَمْ يُجَابُوا عَمَّا سَأَلُوا، وَلَيْسَ كَذلِكَ؛ فَإِنَّ الَّذِي سَأَلُوا لَا
(1)
سورة القصص، الآية:20.
(2)
سورة يس.
(3)
سورة الدُّخان.
يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيْلًا عَلَى البَعْثِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ أُجِيْبُوا إِلَى مَا سَأَلُوا لَمْ يَكُنْ ذلِكَ حُجَّةً عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ، وَلَا عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِمَنْ تَقَدَّمَ وَعْدًا، وَلِمَنْ تَأَخَّرَ خَبَرًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَجِيْئَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَبُوْهُ، فَتَصِيْرُ هَذِهِ الدَّارُ دَارَ البَعْثِ، ثُمَّ لَوْ جَازَ وُقُوْعُ مِثْلِ هَذِهِ كَانَ إِحْيَاءُ مَلِكٍ يُضْرَبُ بِهِ الأَمْثَالُ أَوْلَى كَتُبَّعٍ، لَا أَنْتُمْ يَا أَهْلَ "مَكَّةَ" فَإِنَّكُمْ لَا تُعْرَفُوْنَ فِي بِقَاعِ الأَرْضِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(1)
{فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} قَالَ: عَلِمَتِ المَلَائِكَةُ أَنَّ اللهَ عز وجل يُحِبُّ عِبَادَهُ المُؤْمِنِيْنَ، فَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِالشَّفَاعَةِ فِيْهِمْ، وَأَحْسَنُ القُرَبِ أَنْ يَسْأَلَ المُحِبُّ إِكْرَامَ حَبِيْبِهِ، فَإِنَّكَ لَوْ سَأَلْتَ شَخْصًا أَنْ يَزِيْدَ فِي إِكْرَامِ وَلَدِهِ لَارْتَفَعْتَ عِنْدَهُ، حَيْثُ تَحُثُّهُ عَلَى إِكْرَامِ مَحْبُوْبِهِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(2)
{لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} ، {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} قَالَ: تأَمَّلْتُ دُخُوْلَ اللَّامِ وَخُرُوْجَهَا، فَرَأَيْتُ المَعْنَى: أَنَّ اللَّامَ تَقَعُ لِلِاسْتِقْبَالِ، تَقُوْلُ: لأَضْرِبَنَّكَ، أَيْ: فِيْمَا بَعْدُ، لَا فِي الحَالِ، وَالمَعْنَى:{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} أَيْ: فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ إِذَا تَمَّ فَاسْتَحْصَدَ، وَذلِكَ أَشَدُّ العَذَابِ؛ لأَنَّهَا حَالَةُ انْتِهَاءِ تَعَبِ الزُّرَّاعِ، وَاجْتِمَاعُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ، لِرَجَاءِ
(1)
سُورة غافر، الآية:7.
(2)
سُورة الواقعة، الآيتان: 65، 70.
القَضَاءِ بَعْدَ الحَصَادِ، مَعَ فَرَاغِ البُيُوْتِ مِنَ الأَقْوَاتِ. وَأَمَّا فِي المَاءِ: فَقَالَ: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} أَيْ الآنَ؛ لأَنَّا لَوْ أَخَّرْنَا ذلِكَ لَشَرِب العَطْشَانِ، وَادَّخَرَ مِنهُ الإِنْسَانُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(1)
{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} قَالَ المَعْنَى: لَا تَبْتَلِيْنَا بِأَمْرٍ يُوْجِبُ افْتِتَانَ الكُفَّارِ بِنَا، فَإِنَّهُ إِذَا خُذِلَ المُتَّقِي، ونُصِرَ العَاصِي، وَفُتِنَ الكَافِرَ، وَقَالَ: لَوْ كَانَ مَذْهَبُ هَذَا صَحِيْحًا مَا غُلِبَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
(2)
"إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ سُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" قَالَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ لِلْعَاصِي فِي غَيْرِ رَمَضَانَ كَالعُكَّازِ يَقُوْلُ: سَوَّلَ لِي، وَغَرَّنِي، فَإِذَا سُلْسِلَ الشَّيْطَانُ قَلَّ عُذْرُ العَاصِي.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
(3)
"كَانَ أَكْثَرَ صَوْمِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَعْبَانَ"، قَالَ مَا أَرَى هَذَا إِلَّا وَجْهَ الرِّيَاضَةِ؛ لأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا هَجَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَتَعَوَّدْهُ صَعُبَ عَلَيْهِ، فَدَرَّجَ نَفْسَهُ بِالصَّوْمِ فِي شَعْبَانَ لِأَجْلِ رَمَضَانَ.
(1)
سُورة المُمْتَحَنَة، الآية:5.
(2)
رَواهُ البُخَارِي (1898)، وَمسلم في "الصِّيام" (1/ 2) وَلَفْظُهُ:"إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابَ الجَنَّةِ وغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِيْنُ".
(3)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ رقم (1969)، وَمُسْلِمٌ رقم (175)، مِنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:"مَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثرُ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ"، وانْظُر:"التَّرْغِيبُ والتَّرهيب" التَّرْغِيبُ فِي صَوْمِ شَعْبَانَ، وَمَا جَاءَ فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. عَنْ هَامِش "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
(1)
"أَعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ". قَالَ لَهُ مَعْنَيَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الإِنْسَانَ يَبْلُغُهُ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ عَمِلَ الشَّرَّ فَيَرْضَى بِهِ، أَوْ يتَمَنَّى أَنْ يَعْمَلَ مِثْلَهُ، فَهَذَا شَرُّ مَا لَمْ يَعْمَلْ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ لَا يَشْرَبُ الخَمْرَ، فَيُعْجَبُ بِنَفْسِهِ كَيْفَ لَا يَشْرَبُ، فَيَكُونُ العَجَبُ بِتَرْكِ الذَّنْبِ شَرُّ مَا لَمْ يَعْمَلْ.
وَذَكَرَ صَاحِبُ سِيْرَةِ الوَزِيْرِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(2)
{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ} قَالَ: فِي حَمْلِ العَصَا عِظَةٌ؛ لأَنَّهَا مِنْ شَيءٍ قَدْ كَانَ نَامِيًا فَقُطِعَ، فَكُلَّمَا رَآهَا حَامِلُهَا تَذَكَّرَ المَوْتَ. قَالَ: وَمِنْ هَذَا قِيْلَ لاْبنِ سِيْرِيْنَ رحمه الله رَجُلٌ رَأَى فِي المَنَامِ أَنَّهُ يُضْرَبُ بِطَبْلٍ؟ فَقَالَ: هَذِهِ مَوْعِظَةٌ؛ لأَنَّ الطَّبْلَ مِنْ خَشَبٍ قَدْ كَانَ نَامِيًا فَقُطِعَ، وَمِنْ أَغْشِيَةٍ كَانَتْ جُلُوْدَ حَيَوَانٍ قَدْ ذُبِحَ، وَهَذَا أَثَرُ المَوْعِظَةِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(3)
{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} الآيَة، قَالَ: المَرِيْضُ يَجِدُ الطُّعُوْمَ عَلَى خِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ، فَيَرَى الحَامِضَ حُلْوًا وَالحُلْوُ مُرًّا، وَكَذلِكَ هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ الحَقَّ بَاطِلًا، وَالبَاطِلَ حَقًّا.
(1)
رَوَاهُ مُسْلِمٌ رقم (7216)(65، 6) من حَدِيْثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَرَوَاهُ أَبُو دَاودَ (1550)، وَابنُ مَاجَهْ رقم (3839)، وَالنَّسَائِيُّ (5525)، وَرَوَاهُ ابنُ أَبي عَاصِمٍ في السُّنَّة رقم (370)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ مِن دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمنْ شَرِّ مَا لَم أَعْمَلُ". عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
سُورة طه.
(3)
سُورة البقرة، الآية:10.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الوَزِيْرَ يَقُوْلُ وَقَدْ قُرِئَ عِنْدَهُ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيْهِ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّكُمْ قَالَ ذلِكَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَلَمْ أُرِدْ بِذلِكَ إِلَّا الخَيْرَ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم رَأَيْتُ بِضْعًا وَثَلَاثِيْنَ مَلَكًا يَبْتَدِرُوْنَهَا" فَطَفِقْتُ وَالجَمَاعَةُ عِنْدِي أُفَكِّرُ فِي مَعْنَى تَخْصِيْصِ هَذَا العَدَدِ مِنَ المَلَائِكَةِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حُرُوْفُ هَذِهِ الكَلِمَاتِ بِضْعٌ وَثَلَاثُوْنَ حَرْفًا إِذَا فُكَّ المُشَدَّدُ، وَرَأَيْتُ أَنَّهُ مِنْ عِظَمِ مَا قَدِ ازْدَحَمَتِ المَلَائِكَةُ عَلَيْهَا، بَلَغُوا إِلَى فَكِّ المُشَدَّدِ، فَلَمْ يَحْصُلْ لِكُلِّ مَلَكٍ سِوَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، فَصَعَدَ بِهِ يَتَقَرَّبُ بِحَمْلِهِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
(2)
"وَجَدْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ مَكْتُوْبًا: الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ، وَالقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ" فَتَدَبَّرْتُ هَذَا الحَصْرَ، فَإِذَا الفَائِدَةُ: أَنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَدِرْهَمُ الصَّدَقَةِ لَا يَعُوْدُ فَيُكْتَبُ بِهِ عَشْرٌ مَعَ ذَهَابِهِ، فَيَكُوْنُ الحَاصِلُ بِهِ عَلَى الحَقِيْقَةِ تِسْعَةٌ، وَالقَرْضُ يُضَاعَفُ عَلَى الصَّدَقةِ، فَيَصِيْرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لأَنَّ تِسْعَةً وَتِسْعَةً ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَالسَّبَبُ فِي مُضَاعَفَتِهِ: أَنَّ الصَّدَقَةَ قَدْ تَقَعُ فِي يَدِ غَيْرِ مُحْتَاجٍ، وَالقَرْضُ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي يَدِ مُحْتَاجٍ.
(1)
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (799)، عَنْ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ الزُّرْقِيِّ، وَمُسْلِمٌ رقم (600).
(2)
أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبير (8/ 297) بِنَحْوِهِ، قَال الهَيْثَمِيُّ (4/ 126): فيه عُتْبَةُ بنُ حُمَيْدٍ، وَثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَفِيْهِ ضَعْفٌ". وَنَحْوُهُ عَنْ أَنَسِ عِنْدَ ابنِ مَاجَهْ (2431) وَفِي سَنَدِهِ خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ وَهُوَ ضَعِيْفٌ، اتَّهَمَهُ ابنُ مَعِيْنٍ، وَلِذَا قَالَ عَنْهُ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدَّينِ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي ضَعِيْفِ الجَامِعِ الصَّحِيْحِ (3083): ضَعِيْفٌ جِدًّا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
: "إِذَا شَرِبْتُمْ فَأَسْئِرُوا" قَالَ: هَذَا فِي الشُّرْبِ خَاصَّةً، فَأَمَّا الأَكْلُ فَمِنَ السُّنَّةِ: لَعْقُ القَصْعَةِ وَالأَصَابِع، وَإِنَّمَا خَصَّ الشُّرْبَ بِذلِكَ؛ لأَنَّ التُّرَابَ وَالأَقْذَارَ تَرْسَخُ فِي أَسْفَلِ الإِنَاءِ فَاسْتِيْفَاءُ ذلِكَ يُوْجِبُ شُرْبَ مَا يُؤْذِي، قَالَ: وَكَذلِكَ السِّرُّ فِي الأَمْرِ بِالتَّنَفُّسِ فِي الإِنَاءِ ثَلَاثًا؛ لأَنَّ التَّنَفُّسَ يُخْرِجُ كُرَبَ القَلْبِ، وَكَدَرَ البَدَنِ، فَكَرِهَ الشَّارِعُ أَنْ يَعُوْدَ فِي المَاءِ فَيُؤْذِي الشَّارِبَ
(2)
.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
(3)
"أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي وُجُوْهُهُمْ كالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ" قَالَ: إِنَّمَا لَمْ يَقُلْ كَالشَّمْسِ؛ لأَنَّ نُوْرَ الشَّمْسِ يُؤَثِّرُ فِي عُيُوْنِ النَّاظِرِيْنَ إِلَيْهَا، فَلَا يَتَمَكَّنُوْنَ مِنَ النَّظَرِ، وَالجَنَّةُ دَارُ لَذَّةٍ وَطِيْبِ عَيْشٍ، فَلَوْ أَشْبَهَتْ وُجُوْهَهُمُ نُوْرَ الشَّمْسِ لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَنْظُرَ الآخَرَ.
وَمِنْ كَلَامِهِ فِي السُّنَّةِ: قَالَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ: سَمِعْتُ الوَزِيْرَ يَقُوْلُ: تَأْوِيْلُ الصِّفَاتِ أَقْرَبُ إِلَى الخَطَرِ
(4)
مِنْ إِثْبَاتِهَا عَلَى وَجْهِ التَّشْبِيهِ؛ فَإِنَّ ذلِكَ كُفْرٌ، وَهَذَا غَايَتُهُ البِدْعَةُ. قَالَ وَسَمِعْتُهُ يُنْشِدُ لِنَفْسِهِ:
لَا قَوْلَ عِنْدَ آيِهِ المُتْشَابِهْ
…
لِلرَّاسِخِيْنَ غَيْرُ آمَنَّا بِهْ
(1)
في (ط) فقط: (صلى الله عليه وسلم).
(2)
النِّهَايَةُ لابنِ الأَثِيْرِ (2/ 327).
(3)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ رقم (3245، 3246، 3252، 3327)، وَمُسْلِمٌ رقم (2834، 14، 15، 16، 17) وَأَحْمَدُ في المُسْنَدِ: (2/ 53، 257، 316، 502، 504) وَالتِّرْمِذِيُّ رقم (2540) كُلُّهُم مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(4)
في (ط): "إلى الخط".
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا أَنْزَلَ اللهُ آيَةً إِلَّا وَالعُلَمَاءُ قَدْ فَسَّرُوْهَا، لَكِنَّهُ يَكُوْنُ لِلآيَةِ وُجُوْهٌ مُحْتَمَلَاتٌ، فَلَا يَعْلَمُ مَا المُرَادُ مِنْ تِلْكَ الوُجُوْهِ المُحْتَمَلَاتِ إِلَّا اللهُ عز وجل.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(1)
: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)} قَالَ: العَرَبُ لَا تَعْرِفُ "ذَا" وَلَا "هَذَا" إِلَّا فِي الإِشَارَةِ إِلَى الحَاضِرِ، وَإِنَّمَا أَشَارَ هَذَا القَائِلُ إِلَى هَذَا لمَسْمُوْعُ. فَمَنْ قَالَ: إِنَّ المَسْمُوْعَ عِبَارَةٌ عَنِ القَدِيْمِ، فَقَدْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ البَشَرِ.
قَالَ مُصَنِّفُ سِيْرَتِهِ: كَثِيْرًا مَا سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَيْسَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ إِلَّا الاتِّبَاعِ فَقَطْ، فَمَا قَالَهُ السَّلَفُ قَالَهُ، وَمَا سَكَتُوْا عَنْهُ سَكَتَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ
(2)
أَنْ يُقَالَ: لَفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ، أَوْ غَيْرَ مَخْلُوْقٍ، لأَنَّهُ لَمْ يُقَلْ. وَكَانَ يَقُوْلُ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ: تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: تَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِ الصِّفَاتِ، فَرَأَيْتُ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِيْنَ سَكَتُوْا عَنْ تَفْسِيْرِهَا، مَعَ قُوَّةِ عِلْمِهِمْ، فَنَظَرْتُ السَّبَبَ فِي سُكُوتِهِمْ، فَإِذا هُوَ قُوَّةُ الهَيْبَةِ لِلْمَوْصُوْفِ، وَلأَنَّ تَفْسِيْرَهَا، لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِضَرْبِ الأَمْثَالِ للهِ، وَقَدْ قَالَ عز وجل
(3)
: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} قَالَ: وَكَانَ يَقُوْلُ: لَا
(1)
سورة المدَّثر، الآية:25.
(2)
في (ط): "يكثر".
(3)
سورة النَّحل، الآية:74.
تُفَسَّرُ عَلَى الحَقِيْقَةِ وَلَا علَى المَجَازِ؛ لأَنَّ حَمْلَهَا عَلَى الحَقِيْقَةِ تَشْبِيهٌ
(1)
، وَعَلَى المَجَازِ بِدْعَةٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وَاللهِ مَا نَتْرُكُ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعَ الرَّافِضَةِ؛ نَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ؛ لأَنَّهُ مِنَّا وَنَحْنُ مِنْهُ، وَلَا نَتْرُكُ الشَّافِعِيَّ مَعَ الأَشْعَرِيَّةِ؛ فَإِنَّا أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مِنْ مَكَايِدِ الشَّيْطَانِ تَنْفِيْرُهُ عِبَادَ اللهِ مِنْ تَدَبُّرِ القُرْآنِ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ الهُدَى وَاقِعٌ عِنْدَ التَّدَبُّرِ، فَيَقُوْلُ: هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ، حَتَّى يَقُوْلَ الإِنْسَانُ: أَنَا لَا أَتَكَلَّمُ فِي القُرْآنِ تَوَرُّعًا.
وَمِنْهَا: أَنْ يُخْرِجَ جَوَالِبَ الفِتَنِ مُخْرَجَ التَّشَدُّدِ فِي الدِّيْنِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يُقِيْمَ أَوْثَانًا فِي المَعْنَى تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، مِثْلَ أَنْ يُبَيِّنَ الحَقَّ، فَيَقُولُ: لَيسَ هَذَا مَذْهَبَنَا؛ تَقْلِيدًا لِلْمُعَظَّمِ عِنْدَهُ، قَدْ قَدَّمَهُ عَلَى الحَقِّ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لِبَعْضِ النَّاسِ: لَا يَحِلُّ وَاللهِ أَنْ تُحْسِنَ الظَنَّ بِمَنْ يَرْفُضُ، وَلَا بِمَنْ يُخَالِفُ الشَّرْعَ فِي حَالٍ.
وَمِنْ كَلَامِهِ فِي فُنُونٍ: قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: يَحْصُلُ العِلْمُ بثَلَاثَةِ أَشْيَاءٍ:
أَحَدُهَا: العَمَلُ بِهِ، فَإِنَّ مَنْ كَلَّفَ نَفْسَهُ التَّكَلُّمُ بِالعَرَبِيَّةِ، دَعَاهُ ذلِكَ إِلَى حِفْظِ النَّحْوِ، وَمَنْ سَأَلَ عَنِ المُشْكِلَاتِ لِيَعْمَلَ فِيْهَا بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ تَعَلَّمَ.
(1)
تُفَسَّرُ عَلَى الحَقِيْقَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّشْبِيهُ؛ لأنَّ صِفَاتَ اللهِ تَعَالَى لَا تُشبِهُ صِفَاتِ العِبَادِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} .
وَالثَّانِي: التَّعْلِيْمُ، فَإِنَّهُ إِذَا عَلَّمَ النَّاسَ كَانَ أَدْعَى إِلَى تَعْلِيْمِهِ.
وَالثَّالِثُ: التَّصْنِيْفُ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ إِلَى البَحْثِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ التَّصْنِيْفِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ غَوْرَ ذلِكَ الَّذِي صَنَّفَ فِيْهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الحِكْمَةُ فِي اخْتِصَاصِ المَرْأَةِ بِالحَيْضِ: أَنَّهَا تَحْمِلُ الوَلَدَ، وَالوَلَدُ مُفْتَقَرٌ إِلَى الغِذَاءِ، فَلوْ شَارَكَهَا فِي غِذَائِهَا لَضَعُفَتْ قُوَاهَا، وَلكِنْ جَعَلَتْ لَهُ فَضْلَةً مِنْ فَضَلَاتِهَا، إِنْ حَمَلَتْ فَهِيَ قُوْتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ انْدَفَعَتْ، فَإِذَا وَلَدَتْ تَوَفَّرَتْ تِلْكَ الفَضْلَةُ عَلَى اللَّبَنِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِبَعْضِ مَنْ يَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ: اجْتَهِدْ أَنْ تَسْتُرَ العُصَاةَ؛ فَإِنَّ ظُهُوْرَ مَعَاصِيْهِمْ عَيْبٌ فِي أَهْلِ الإِسْلَامِ، وَأَوْلَى الأُمُوْرِ سِتْرُ العُيُوبِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: الأَيَّامُ قَدْ ذَهَبَتْ، وَالأَعْمَارُ قَدْ نُهِبَتْ، وَالنُّفُوْسُ بِاتِّبَاعِ الهَوَى قَدْ التَهَبَتْ، وَمَا يُطْلَبُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنَ الخَيْرِ إِلَّا أَبَتْ، وَبُيُوْتُ التَّقْوَى مِنَ القُلُوبِ قَدْ خَرِبَتْ.
وَسَمِعتُهُ يَقُولُ: نَظَرُ العَامِلِ إِلَى عَمَلِهِ بِعَيْنِ الثِّقَةِ بِهِ فِي بَابِ النَّجَاةِ، أَضَرُّ عَلى العُصَاةِ مِنْ تَفْرِيْطِهِمْ.
وَقَالَ: لَوْلَا الظُّلْمُ الجَائِرُ مَا حَصَلَتِ الشَّهَادَةِ للشَّهِيْدِ، وَلَوْلَا أَهْلُ المَعَاصِي، مَا بَانَتْ بَلْوَى الصَّابِرِ فِي الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ، وَلَوْ كَانَ المُجْرِمُوْنَ ضُعَفَاءَ لَقُهِرُوا، فَلَمْ يَحْصُلُ ذلِكَ المَعْنَى.
وَكَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(1)
: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِر
(1)
سورة الأنعام، الآية:123.
مُجْرِمِيهَا} إِنَّهُ عَلَى التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيرِ، أَيْ جَعَلْنَا مُجْرِمِيْهَا أَكَابِرَ.
وَقَالَ: البَحْرُ مُحِيْطٌ بِالأَرْضِ، وَخِلْجَانُهُ تَتَخَلَّلُ الأَرْضَ، وَالرِّيْحُ تَهُبُّ عَلَى المَاءِ، وَتَمُرُّ عَلَى الأَرْضِ، فَيَعْتَدِلَ النَّسِيْمُ بِالرُّطُوْبَةِ، وَلوْ كَانَ مَاءَ البَحْرِ عَذْبًا لأَنْتَنَ؛ لِكَوْنِهِ وَاقِفًا، فَكَانَتْ الرِّيْحُ إِذَا هَبَّتْ عَلَيْهِ أَوْقَعَتِ الوَبَاءَ فِي الخَلْقِ، وَلكِنَّهُ جُعِلَ مَالِحًا، لِيَحْصُلَ مِنْهُ نَفْعُ الرُّطُوْبَةِ، وَلَا يَقَعُ بِهِ فَسَادٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: احْذَرُوا مَصَارِعَ العُقُوْلِ، عِنْدَ التِهَابِ الشَّهَوَاتِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: العَجَبُ مِمَّنْ يُخَاصِمُ الأَقْدَارَ وَلَا يُخَاصِمُ نَفْسَهُ، فَيَقُولُ: قُضِيَ عَليَّ، وَعَاقَبَنِي! وَيْحَكَ، قُلْ لَنَا: كَيْفَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ؟ أَتَخْتَارُ أَنْ تُخْلَقَ أَعْمَى لَا تَنْظُرُ إِلى المُسْتَحْسَنِ؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: أَفَتُحِبُّ أَنْ تُخْلَقَ مَعْدُوْمَ الحِسِّ؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: أَتَخْتَارُ أَنْ تُرَدَّ عَنِ المَعَاصِي قَهْرًا؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: أَفَتُؤْثِرُ أَنْ تُطْلَقَ فِيْهَا مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ؟ فَلَا تَغْضَبُ إِذًا إِنْ أَطْلَقَ غَيْرُكَ فِي أَخَوَاتِكَ وَبَنَاتِكَ، فَأَمَّا أَنْ تَغْضَبَ لِذلِكَ الفِعْلِ مِنْ غَيْرِكَ فِي حَرَمِكَ، وَتَخْتَارُ أَنْ تَفْعَلَهُ فِي حَرَمِ غَيْرِكَ فَهَذَا فِي غَايَةِ الجَوْرِ، فَإِذَا جَعَلَ لَكَ الطَّرِيْقَ إِلَى مُرَادِكَ بكَلِمَةٍ هِيَ عَقْدُ النِّكَاحِ، أَوْ عُوِّضْتَ عَمَّا مُنِعْتَ عَنْهُ مِنْ جِنْسِهِ وَوُعِدْتَ الأَجْرَ عَلَى الصَّبْرِ، فَهَذَا غَايَةُ العَدْلِ، فَإِنْ زَلَلْتَ فِي مَعْصِيَةٍ فَقَدْ جُعِلَ لَكَ طَرِيْقُ النَّجَاةِ بِالتَّوْبَةِ.
قَالَ مُصَنِّفُ سِيْرَةِ الوَزِيْرِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قَفَلْتُ فِي صُحْبَةِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِينَ المُقْتَفي مِنَ "الكُوَفَةِ" بَعْدَ وِدَاعِ الحَاجَّ، فَشَاهَدْنَا فِي الطَّرِيْقِ بَرَدًا كِبَارًا قَدْ
(1)
(1)
في (أ): "في".
وَقَعَ أَمَامَنَا - وَكَانَ الجَمَاعَةُ يَأْكُلُوْنَ مِنْهُ - فَلَمْ أَسْتَطِبْهُ عَلَى الرِّيْقِ فَلَمَّا نَزَلْنَا الخِيَامَ وَأَمْسَيْنَا، وَحَضَرَ العَشَاءُ، وَأَكَلْنَا الطَّعَامَ، ذَكَرْتُ ذلِكَ البَرَدَ، وَوَدَدْتُ
(1)
أَنْ لَوْ كَانَ الآنَ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَظُنُّ أَنِّي دَعُوْتُ اللهَ عز وجل أَنْ يَأْتِيَنَا مِنْهُ شَيْءٌ، فَمَا كَانَ إِلَّا لَحْظَةً وَالسَّحَابُ هَمَى
(2)
، وَإِذَا البَرَدُ فِيْهِ كَثِيْرٌ، وَشَرَعَ الغِلْمَانُ وَجَمَعُوا مِنْهُ شَيْئًا كَثِيْرًا، وَجَاءُوْا بِهِ، فَأَكَلْتُ مِنهُ حَتَّى تَرَكْتُهُ، وَحَمِدْتُ اللهَ عز وجل عَلَى إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَإِعْطَائِهِ لِمَا خَطَرَ فِي النَّفْسِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ جَالِسًا فِي سَطْحٍ أُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ، فَرَأَيْتُ كَاتِبًا يَكْتُبُ فِي قِرْطَاسٍ أَبْيَضَ بِمِدَادٍ أَسْوَدَ، مَا أَذْكُرُهُ، وَكُلَّمَا قُلْتُ:"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ"، كَتَبَ الكَاتِبُ:"اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ"، فَقُلْتُ لِنَفْسِي: افْتَحْ عَيْنَكَ وَانْظُرْ بِهَا، فَفَتَحْتُ عَيْنَيَّ، فَخَطَفَ عَنْ يَمِيْنِي، حَتَّى رَأَيْتُ
(3)
بَيَاضَ ثَوْبِهِ، وَهُوَ شَدِيْدُ البَيَاضِ فِيْهِ صَقَالَةٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَرِضْتُ مَرَّةً مَرَضًا شَدِيْدًا انْتَهَى بِيَ الأَمْرُ فِيْهِ إِلَى مَقَامٍ
(4)
رُفِعْتُ فِيْهِ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ ظِلِّ مَمْدُوْدٍ، وَرَمْلَةٍ دَمِثَةٍ، وَهُوَ أَطْيَبُ مُسْتَلَذٍّ، وَبِجَانِبِ تِلْكَ الرَّمْلَةِ مَاءٌ عَلَى نَحْوِ دِجْلَةَ لَا أَجْرَافَ لَهُ، وَأَنَا أُنَاجِي
(1)
في الأُصُولِ كُلِّها و (ط): "وددت".
(2)
في (ط): "هَمْلَى" وفي (ب): "بهما". قَالَ شَاعِرُ الأَنْدَلُسِ:
جَادَكَ الغَيْثُ إِذَا الغَيْثُ هَمَى
…
يَا زَمَانَ الوَصْلِ بِالأَنْدَلُسِ
(3)
في (ط) و (أ): "نَظرْتُ" وفي هَامِشِ (أ) كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ قِرَاءَةُ نُسْخَةٍ أُخْرى.
(4)
في هامِشِ (أ)"مَنَامٍ" قِرَاءَةُ نُسْخَةٍ أُخْرى.
فِي سِرِّي بِمَا أُرَاهُ مِنْ اللهِ عز وجل، وَفِيْهِ عِتَابٌ لِي عَلَى نَظَرِي إِلَى الخَلْقِ وَعَمَلِي لَهُمْ، وَنَحوِ هَذَا، فَشَرَعْتُ فِي الإِنْكَارِ لِذلِكَ، فَاستَوْحَشْتُ حِيْنَئِذٍ مِنَ الحَيَاةِ وَوَدَدْتُ
(1)
المَوْتَ كُلَّ الوِدَادِ، حَتَّى كُنْتُ أَقُوْلُ: لَوْ كَانَ الشَّرْعُ يُبِيْحُ قَتْلَ النَّفْسِ كَانَ شَيْئًا طَيِّبًا، ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ الخَيْرِ كُلُّهَا، فَلَمْ تَخْفَ عَلَيَّ كَمَا كَانَتْ تَخْفَى عَلَيَّ، فَوَقَرَ حِيْنَئِذٍ فِي نَفْسِي أَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تُرِيْدُ الحَيَاةَ مَعَهُمْ، وَأَعْمَالُ الخَيْرِ لِتَبْلُغَهُمْ، وَنَحْوِ هَذَا، فَاعْتَرَفْتُ حِينَئِذٍ بِمَا كُنْتُ قَدْ نَاكَرْتُ عَلَيهِ، ثُمَّ نُوْجِيْتُ أَيْضًا بِمَا مَعْنَاهُ: إِنَّكَ قَدْ تَخَافُ مِنَ الأَشْيَاءِ، وَإِنَّ دَوَاءَ ذلِكَ كُلَّهُ أَنْ تَدْخُلَ فِي الخَوْفِ مِنْهُ بِالإِيْمَانِ بِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوْقٍ لَا يَقْدِرُ إِلَّا عَلَى مَا يُقَدِّرُهُ اللهُ عز وجل عَلَيْهِ لِوَقْتِهِ، أَوْ نَحْوِ هَذَا.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: اتِّبَاعُ السُّنَّةِ سَبَبٌ لِكُلِّ خَيْرٍ، فَإِنِّي صَلَّيْتُ الفَرِيْضَةَ يَوْمًا فِي مَسْجِدِنَا، ثُمَّ قُلْتُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ تُصَلِّيَ السُّنَّةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الفَرْضِ وَمَضَيْتُ إِلَى البَيْتِ فَصَلَّيْتُهَا
(2)
ثُمَّ اشْتَاقَ قَلْبِي إِلَى رُؤْيَةِ اللهِ عز وجل، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَرِنِي نَفْسَكَ، فَنِمْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَرَأَيْتُهُ عز وجل، وَأَنْشَدَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ، وَقَالَ: كَانَ ابْنُ سَمْعُونَ
(3)
كَثِيْرًا مَا يُنْشِدُهَا:
(1)
فِي الأُصول كُلِّهَا، و (ط):"وودت".
(2)
في (ط): "فَصَيلتها" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(3)
هُوَ الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الوَاعِظُ، الكَبِيْرُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَينِ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ عَنْبَسٍ البَغْدَادِيُّ (ت: 387 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ بَغْدَادَ (1/ 274)، وَالإِكْمَالِ لابنِ مَاكُوْلا (4/ 362)، وَطَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (3/ 277) وَمَصَادِرُ تَرْجَمَتِهِ هُنَاكَ.
رَكِبْتُ بِحَارَ الحُبِّ جَهْلًا بِقَدْرِهَا
…
وَتِلْكَ بِحَارٌ لَا يَفِيْقٌ غَرِيْقُهَا
وَسِرْنَا عَلَى رِيْحٍ تَدُلُّ عَلَيْكُمْ
…
فَبَانَتْ قَلِيْلًا ثُمَّ غَابَ طَرِيْقُهَا
إِلَيْكُمْ بِكُمْ أَرْجُو النَّجَاةَ وَمَا أَرَى
…
لِنَفْسِيَ مِنْهَا سَائِقًا فَيَسُوْقُهَا
وَذَكَرَ الوَزِيْرُ فِي كِتَابِهِ "الإِفْصَاحِ" قَالَ: الصَّحِيْحُ عنْدِي: أنَّ لَيْلَةَ القَدْرِ تَنْتَقِلُ فِي أَفرَادِ العَشْرِ، فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي مِنْ أَثِقُ بِه أَنَّهُ رَآهَا فِي لَيْلَةِ سَبعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَحَدَّثَنِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ المُقْتَفِي لِأَمْرِ اللهِ: أَنَّهُ رَآهَا، فَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَكَانَتْ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ، فَوَاصَلْتُ انْتِظَارَهَا بِذِكرِ اللهِ عز وجل، وَلَمْ أَنَمْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ - وَأَنَا قَائِمٌ عَلَى قَدَمَيَّ - رَأَيْتُ فِي السَّمَاءِ بَابًا مَفْتُوْحًا مُرَبَّعًا عَنْ يَمِيْنِ القِبْلَةِ، قَدَّرْتُ أَنَّهُ عَلَى حُجْرَةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَقِيَ عَلَى حَالِهِ - وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ - نَحْوَ قِرَاءَةِ مَائَةِ آيَةٍ، وَلَمْ يَزَلْ، حَتَّى التَفَتُّ عَنْ يَسَارِي إِلَى المَشْرِقِ لأَنْظُرَ هَلْ طَلَعَ الفَجْرُ؟ فَرَأَيْتُ أَوَّلَ الفَجْرِ، فَالْتَفَتُّ إِلَى ذلِكَ البَابِ فَرَأَيْتُهُ قَدْ ذَهَبَ، وَكَانَ ذلِكَ مِمَّا صَدَّقَ عِنْدِي مَا رَأَيْتُ، فَالظَّاهِرُ مِنْ ذلِكَ تَنَقُّلُهَا فِي لَيَالِي الأَفْرَادِ فِي العَشْرِ، فَإِذَا اتَّفَقَتْ لَيَالِي الجُمَعِ فِي الأَفْرَادِ فَأَجْدَرُ وَأَخْلَقُ بِكَوْنِهَا فِيْهَا. وَكِتَابُ "الإِفْصَاحِ" فِيْهِ فَوائِدُ جَلِيْلَةٌ غَرِيْبَةٌ.
وَقَالَ فِيهِ: الخَضِرُ الَّذِي لَقِيَهُ مُوْسَى عليه السلام قِيْلَ: كَانَ مَلَكًا، وَقِيلَ: كَانَ بَشَرًا، وَهُوَ الصَّحِيْحُ، ثُمَّ قِيْلَ: إِنَّهُ عَبْدٌ صَالِحٌ لَيْسَ بِنَبِيٍّ، وَقِيْلَ: بَلْ نَبِيٌّ وَهُوَ الصَّحِيْحُ، وَالصَّحِيْحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ حَيٌّ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقِفَ عَلَى بَابِ أَحَدٍ مُسْتَعْطِيًا لَهُ، وَغَيْرِ ذلِكَ؛ لِمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى
الزَّبَيْدِيُّ، وَذَكَرَ عَنْهُ حِكَايَابٍ تتَضَمَّنُ رُؤْيَةِ الخَضِرِ، وَالاجْتِمَاعِ بِهِ.
وَقَالَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
: "لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيْهَا" فِيْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ المَأْمُوْمُ وَرَاءَ الإِمَامِ. قَالَ: وَهَذا مَحْمُوْلٌ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ الفَاتِحَةِ.
وَقَالَ: الحَبْسُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ إِلَّا فِي مَوَاضِعَ:
أَحَدُهَا: إِذَا سَرَقَ فَقُطِعَت يَمِيْنُهُ، ثُمَّ سَرَقَ فَقُطِعَتْ رِجْلُهُ، ثُمَّ سَرَقَ: حُبِسَ وَلَمْ يُقْطَعْ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.
الثَانِي: أَمْسَكَ رَجُلٌ رَجُلًا لآخَرَ فَقتَلَهُ حُبِسَ المُمْسِكُ حَتَّى يَمُوْتَ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَيْضًا.
الثَّالِثُ: مَا يَرَاهُ الإِمَامُ كَفًّا لِفَسَادِ مُفْسِدٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
(2)
: {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38)} وَمَا يَرَاهُ أَبُو حَنِيْفَةَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيْقِ، فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُمْ حَتَّى يَتُوبُوا. فَأَمَّا الحَبْسُ علَى الدَّيْنِ فَمِنَ الأُمُوْرِ المُحْدَثَةِ وَأَوَّلُ مَنْ حَبَسَ فِيْهِ شُرَيْحٌ القَاضِي
(3)
وَقَضَتِ السُّنَّةُ فِي عَهْدِ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ
(1)
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ رقم (398).
(2)
سورة ص.
(3)
شُرَيْحُ بْنُ الحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الجَهْمِ الكِنْدِيُّ (ت: 78 هـ) مِنْ ثِقَاتِ المُحَدِّثِيْنِ، وَمَشَاهِيْرِ القُضَاةِ وَالفُقَهَاءِ فِي صَدْرِ الإِسْلَامِ، تَوَلَّى قَضَاءَ "الكُوْفَةِ" زَمَنَ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيِّ، وَمُعَاويَةَ، وَبَقِيَ إِلَى زَمَنِ الحَجَّاجِ، وَاسْتَعْفَى مِنَ القَضَاءِ سَنَةَ (77 هـ)، وَقَد عُمِّرَ رحمه الله. أَخْبَارُهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ (6/ 90)، وَحِلْيَةِ الأوْلِيَاءِ (4/ 132)، وَالشَّذَرَاتِ (1/ 85).
وَعُثْمَانَ: أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ علَى الدَّيْنِ، وَلكِنْ يَتَلَازَمُ الخَصْمَانِ. فَأَمَّا الحَبْسُ الَّذِي هُوَ الآنَ فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ أَنَّهُ يَجُوْزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِيْنَ، وَذلِكَ أَنَّهُ يُجْمَعُ الكَثِيْرُ فِي مَوْضِعٍ يَضِيْقُ عَنْهُمْ، غَيْرَ مُتَمَكِّنِيْنَ مِنَ الوُضُوْءِ وَالصَّلَاةِ، وَيَتَأَذَّوْنَ بِذلِكَ بِحَرِّهِ وَبَرْدِهِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُحَدَثٌ، وَلَقَدْ حَرِصْتُ مِرَارًا عَلَى فَكِّهِ، فَحَالَ دُوْنَهُ مَا قَدْ اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْهُ، وَأَنَا فِي إِزَالَتِهِ حَرِيْصٌ وَاللهُ المُوَفِّقُ.
وَقَالَ فِي حَدِيْثِ الزُّبَيْرِ فِي شِرَاجِ
(1)
الحَرَّةِ: فِيْهِ جَوَازُ أَنْ يَكُوْنَ السَّقْيُ لِلأَوَّلِ، ثُمَّ الَّذِي بَعْدَهُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا فِي النَّخْلِ خَاصَّةً، وَمَا يُجرَى مُجَرَاهُ، وَأَمَّا الزَّرْعُ وَمَا لَا يَصْبِرُ عَلَى العَطَشِ أَكْثَرَ مِنْ جُمُعَةٍ وَنَحْوِ ذلِكَ: فَإِنَّ المَاءَ يُتَنَاصَفُ فِيْهِ بِالسَّوِيَّةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
(2)
: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} .
وقَالَ فِي سُورَة الضُّحَى: لَمَّا تَوَالَى فِيْهَا قَسَمَانِ، وجَوَابَانِ مُثْبَتَانِ، وَجَوابَانِ نَافِيَانِ. فَالقَسَمَانِ:{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} ، وَالجَوابَانِ النَّافِيَانِ:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} . والجَوَابَانِ المُثْبَتَانِ: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} . ثُمَّ قَرَّرَ بِنَعَمِ ثَلَاثٍ، وَأَتْبَعَهُنَّ بِوَصَايَا ثَلَاثٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الوَصَايَا شُكْرُ النِّعْمَةِ الَّتِي قُوْبِلَتْ بِهَا.
(1)
في (ب) و (ط): "سراج" خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَالشِّرَاجُ بِالشِّينِ المُعْجَمَةِ: جَمْعُ شَرْجَةٍ، وَهِي مَسِيْلُ المَاءِ مِنَ الحَرَّةِ إِلى السَّهْلِ، وَالشَّرْجُ: جِنْسٌ لَهَا، وَالشِّرَاجُ: جَمْعُهَا، كَذَا قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي النِّهَايَة (2/ 456) قَالَ:"وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ: "أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا فِي شِرَاجِ الحَرَّةِ" وَهُوَ حَديثُنَا المَذْكُوْرُ هُنَا.
(2)
سورة القمر، الآية:28.
فإِحْدَاهُنَّ: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} وَجَوَابُهَا: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} .
وَالثَّانِيَةُ: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)} فَقَابَلَهَا بِقَوْلِهِ: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)} . وَهَذَا لأَنَّ السَّائِلَ ضَالٌّ يَبْغِي الهُدَى.
والثَّالثَةُ: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)} فَقَابَلَهَا بِقَوْلِهِ: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} . وَإِنَّمَا قَالَ: {وَمَا قَلَى (3)} وَلَمْ يَقُلْ: {وَمَا قَلَاكَ} ؛ لأَنَّ القِلَى بُغْضٌ بَعْدَ حُبٍّ، وَذلِكَ لَا يَجُوْزُ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَمَا قَلَى أَحَدًا قَطُّ، ثُمَّ قَالَ:{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)} وَلَمْ يَقُلْ: خَيْرٌ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا المَعْنَى خَيْرٌ لَكَ وَلِمَنْ آمَنَ بِكَ، وَقَوْلُهُ:{فَآوَى (6)} وَلَمْ يَقُلْ: فَآوَاكَ؛ لأَنَّهُ أَرَادَ: آوَى بِكَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.
وَقَالَ: أَمَّا كَوْنُ صَوْمِ يَوْمِ "عَرَفَةَ" بِسَنَتَيْنِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ بَيْنَ شَهْرَيْنِ حَرَامَيْنِ، كَفَّرَ سَنَةً قَبْلَهُ وَسَنَةً بَعْدَهُ.
وَالثَّانِي: إِنَّمَا كَانَ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، وَقَدْ وُعِدَتْ فِي العَمَلِ بِأَجْرَيْنِ، قَالَ تَعَالَى
(1)
{يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} . أَمَّا عَاشُوْرَاءُ: فَقَدْ كَانَتِ الأُمَمُ قَبْلَ هَذِهِ الأُمَّةِ تَصُوْمُهُ، فَفُضِّلَ مَا خُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الأُمَّةُ، وَإِنَّمَا كَفَّرَ عَاشُوْرَاءُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ؛ لأَنَّهُ تَبِعَهَا وَجَاءَ بَعْدَهَا، وَالتَّكْفِيْرُ بِالصَّوْمِ إِنَّمَا يَكُونُ لِمَا مَضَى لَا لِمَا يَأْتِي. فَأَمَّا يَوْمُ "عَرَفَةَ" فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ السَّنَّةَ الَّتِي قَدْ مضَى أَكْثَرُهَا، وَيَزِيْدُ لِمَوْضِعِ فَضْلِهِ بِتَكْفِيْرِ مَا يَأْتِي.
(1)
سورة الحديد، الآية:28.
وقَالَ فِي حَدِيْثِ تَفْضِيْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الفَذِّ: لَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الفَذِّ مُفْرَدَةً أَشْبَهَتِ العَدَدَ المُفْرَدَ، فَلَمَّا جُمِعَتْ مَعَ غَيْرِهَا أَشْبَهَتْ ضَرْبَ العَدَدِ، وَكَانَتْ خَمْسًا فَضُرِبَتْ فِي خَمْسٍ، فَصَارَتْ خَمْسًا وَعِشْرِيْنَ، وَهِيَ غَايَةُ مَا يَرْتَفِعُ إِلَيْهِ ضَرْبُ الشَّيءِ فِي نَفْسِهِ، فَأَمَّا رِوَايَةُ "سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ" فَإِنَّ صَلَاةَ المُنْفَرِدِ وَصَلَاةَ الإِمَامِ أُدْخِلَتَا مَعَ المُضَاعَفَةِ فِي الحِسَابِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الوَزِيْرُ فِي كَلَامِهِ عَلَى شَرْحِ حَدِيْثِ: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِهُ فِي الدِّيْنِ" وَهُوَ الَّذِي أُفْرِدَ مِنْ كِتَابِهِ "الإِفْصَاحِ" فَوَائِدَ غَرِيْبَةً. فَذَكَرَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ: أَنَّ اخْتِصَاصَ المَسَاجِدِ بِبَعْضِ أَرْبَابِ المَذَاهِبِ بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ، فَلَا يُقَالُ: هَذِهِ مَسَاجِدُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، فَيُمْتَنَعُ
(1)
مِنْهَا أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، وَلَا بِالعَكْسِ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنَ البِدَعِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ:
(2)
{سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَاد} وَهُوَ أَفْضَلُ المَسَاجِدِ. وَأَمَّا المَدَارِسُ فَلَمْ يَقُلْ فِيْهَا ذلِك، بَلْ قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُضَيَّقَ فِي الاِشْتِرَاطِ عَلَى المُسْلِمِيْنَ فِيْهَا، فَإِنَّ المُسْلِمِيْنَ فِيْهَا إِخْوَةٌ، وَهِيَ مَسَاجِدُ تُبْنَى للهِ تَعَالَى، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي اشْتِرَاطِهَا مَا يَقَعُ لِعِبَادِ اللهِ، فَإِنِّي امْتَنَعْتُ مِنْ دُخُوْلِ مَدْرَسَةٍ شُرِطَ فِيْهَا شُرُوْطٌ لَمْ أَجِدْهَا عِنْدِي، وَلَعَلِّي مُنِعْتُ بِذلِكَ أَنْ أَسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ أَحْتَاجُ إِلَيْهَا، أَوْ أُفِيْدُ أَوْ أَسْتَفِيدُ.
وَحَكَى فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي المَسْحِ
(1)
في (ط): "فيمنع".
(2)
سورة الحج، الآية:25.
عَلَى العِمَامَةِ، وَلَا بِحَوَائِلَ الرَّأْسِ، خَاصَّةً إِذَا لَبِسَهَا عَلى طَهَارَةٍ، وَهَذِهِ غَرِيْبَةٌ جِدًّا، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الأَصْحَابِ حَكَاهَا غَيْرُهُ.
وَاخْتَارَ فِيْهِ: اسْتِحْبَابَ الجَمْعِ بَيْنَ الاِسْتِفْتَاحِ؛ "وَجَّهْتُ وَجْهِي" وَ"سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ".
وَاخْتَارَ: أنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُزَادَ فِي التَّشَهُّدِ الأَولِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ.
وَاخْتَارَ: اسْتِحْبَابَ التَّكْبِيْرِ ثَلَاثًا فِي أَوَّلِ تَكْبِيْرَ العِيْدَيْنِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيْقِ.
وَذَكَرَ: أَنَّ الفِصَادَ يُفْطِرُ الصَّائِمَ كَالحِجَامَةِ، وَأنَّهُ مَذْهَبُ أَحْمَدَ.
وَكَانَ الوَزِيرُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - أَدِيْبًا، بَارِعًا، فَصِيْحًا، مُفَوَّهًا، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ مُصَنَّفُ سِيْرَتِهِ مِنْ رَسَائِلِهِ إِلَى الخُلَفَاءِ وَالمُلُوْكِ، وَالكُتُبِ الَّذِي أَنْشَأَهَا بِأَفْصَحِ العِبَارَاتِ، وَأَجْزَلِ الأَلْفَاظِ مَالَا يَتَّسِعُ هَذَا المَكَانُ لِذِكْرِهِ، وَلَهُ شِعْرٌ كَثِيْرٌ، حَسَنٌ، فِي الزُّهْدِ وَغَيْرِهِ. فَمِمَّا أَنْشَدَهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ عَنْهُ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي نَاصِحٌ لَكُمُ
…
فَعُوا كَلَامِي فَإِنِّي ذُو تَجَارِيْبِ
لَا تُلْهِيَنَّكُمُ الدُّنْيَا بِزَهْرَتِهَا
…
فَمَا تدُوْمُ عَلَى حُسْنٍ وَلَا طِيْبِ
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:
يَلَذُّ بِهَذَا العَيْشِ مَنْ لَيْسَ يَعْقِلُ
…
وَيَزْهُدُ فِيْهِ الأَلْمَعِيُّ المُحَصِّلُ
وَمَا عُجْبٌ نَفْسٍ أَن تَرَى الرَّأْيَ إِنَّمَا الـ
…
ــعَجِيْبَةُ نَفْسٌ مُقْتَضَى الرَّأْيِ تَفْعَلُ
إِلَى اللهِ أَشْكُو هِمَّةً دُنْيَوِيَّةً
…
تَرَى النَّصَّ إِلَّا أَنَّهَا تَتَأَوَّلُ
يُنَهْنِهُهَا
(1)
مَوْتُ النَّبِيْهِ فَتَرْعَوِيْ
…
وَيَخْدَعُهَا رُوْحُ الحَيَاةِ فَتَغْفُلُ
(1)
في (ط): "ينهنها".
وَفِي كُلِّ جُزْءٍ يَنْقَضِي مِنْ زَمَانِهَا
…
مِنَ الجِسْمِ جُزْءٌ مِثْلُهُ يَتَحَلَّلُ
فَنَفْسُ الفَتَى فِي سَهْوِهَا وَهِيَ تَنْقَضِي
…
وَجِسْمُ الفَتَى فِي شُغْلِهِ وَهْوَ يَعْمَلُ
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:
وَالْوَقْتُ أَنْفُسُ مَا عُنِيْتَ بِحِفْظِهِ
…
وَأُرَاهُ أَسْهَلُ مَا عَلَيْكَ يَضِيْعُ
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:
الحَمْدُ للهِ هَذَا العَيْنُ لَا الأَثَرُ
…
فَمَا الَّذِي بِاتِّبَاعِ الحَقِّ يُنْتَظَرُ
وَقْتٌ يَفُوْتُ وَأَشْغَالٌ مُعَوِّقَةٌ
…
وَضَعْفُ عَزْمٍ وَدَارُ شَأْنُهَا الغِيَرُ
وَالنَّاسُ رَكْضًا إِلَى مَهْوَى مَصَارِعِهِمْ
…
وَلَيسَ عِنْدَهُمُ مِن رَكْضِهِمْ خَبَرُ
تَسْعَى بِهِمْ خَادِعَاتٌ منْ سَلَامَتِهِمْ
…
فَيَبْلُغُوْنَ إِلَى المَهْوَى وَمَا شَعُرُوا
وَالجَهْلُ أَصْلُ فَسَادِ النَّاسِ كُلِّهِمُ
…
وَالجَهْلُ أَصْلٌ عَلَيْهِ يُخْلَقُ البَشَرُ
وَإِنَّمَا العِلْمُ عَنْ ذِي الرُّشْدِ يَطْرَحُهُ
…
كَمَا عَنِ الطِّفْلِ يَوْمًا يُطْرَحُ السُّرَرُ
وَأَصْعَبُ الدَّاءِ دَاءٌ لَا يُحَسُّ بِهِ
…
كَالدِّقِّ
(1)
يَضْعَفُ حِسًّا وَهْوَ يَسْتَعِرُ
وَإِنَّمَا لَمْ يُحِسُّ المَرْءُ مَوْقِعَهَا
…
لأَنَّ أجَزَاءَهُ
(2)
قَدْ عَمَّهَا الضَّرَرُ
وَقَالَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَوْلَا عُمُوْمُ فُقَرَاءِ النَّاسِ مَا اسْتَغْنَوا؛ فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَمَّا افْتَقَرَ احْتَالَ، فَسَافَرَ لِجَلْبِ الثِّيَابِ وَالمَطَاعِمِ وَالأَدْوِيَةِ وَالحَطَبِ، وَغَيْرِ ذلِكَ، فَانْتَفَعَ بِذلِكَ المُقِيْمُ فَلَوْ أَنَّ النَّاسَ اسْتغْنَوا عَنِ
(1)
الدِّقُّ: هُوَ دِقُّ الشَّجَرِ؛ وَهُوَ صِغَارُهُ.
(2)
في (ط): "أَجْزَؤُهُ".
الكَسْبِ لَافْتَقَرُوا، لكنَّهُمْ لَمَّا افْتَقَرُوا تَمَّ الغَنَاءُ
(1)
. قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ فِي المَعْنَى. وَقَدْ أَنْشَدَهَا ابْنُ الجَوْزِيِّ عَنْهُ أَيْضًا:
جُسُوْمُ لَا يُلَائِمُهَا البَقَاءُ
…
وَأَجْزَاءُ تَخَلَّلَهَا الثَّوَاءُ
وَكَوْنُ الشَّيءِ لَا يَنْفَكُّ يُفْنِي
…
فَذلِكَ أَنَّ غَايَتَهُ الفَنَاءُ
نُكِبُّ علَى التَّكَاثُرِ وَهُوَ فَقْرٌ
…
وَتُعْجِبُنَا السَّلَامةُ وَهْيَ دَاءُ
وَنَجْزَعُ لِلْشَّدَائِدِ وَهْيَ نُصْحٌ
…
وَتُغْرِيْنَا وَقَدْ عَزَّ الرَّجَاءُ
تَنَافَى النَّاسُ فَانْتَفُوا اضْطِرَارًا
…
وَقَدْ يُرْجَى مِنَ الدَّاءِ الدَّوَاءُ
وَعَمَّ الفَقْرُ فَاسْتَغْنَوا وَلَوْلَا
…
عُمُوْمُ الفَقْرِ مَا عَمَّ الغَنَاءُ
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:
يَلَذُّ بِذِي الدُّنْيَا الغَنِيُّ وَيَطْرَبُ
…
وَيَزْهَدُ فِيْهَا الأَلْمَعِيُّ المُجَرِّبُ
وَمَا عَرَفَ الأَيَّامُ وَالنَّاسُ عَاقِلٌ
…
وَوُفِّقَ إِلَّا كَانَ فِي اليَوْمِ يَرْغَبُ
إِلَى اللهِ أَشْكُو هِمَّةً لَعِبَتْ بِهَا
…
أَبَاطِيْلُ آمَالٍ تَغُرُّ وَتَخْلُبُ
فَوَاعَجبًا مِنْ عَاقِلٍ يَعْرِفُ الدُّنَا
…
فَيُصْبِحُ فِيْهَا بَعْدَ ذلِكَ يَرْغَبُ
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ - مِمَّا قَالَهُ قَدِيْمًا -:
كُلُّ مَنْ جَاءَ
(2)
بِدِيْنٍ غَرِيْب
…
غَيْرَ دِيْنِ الإِسْلَامِ فَهْوَ كَذُوْبُ
وَإِذَا عَالِمٌ تَكَلَّفَ فِي القَوْ
…
لِ سُنَّةً فَذَاكَ المُرِيْبُ
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:
(1)
في (ط): "الفَنَاءُ".
(2)
كَذَا؟! وَلَعَلَّهَا: "جَاءَنَا".
مَا لَنَا قَطُّ غَيْرُ مَا شَرَعَ اللـ
…
ــهُ بِهِ يُعْبَدُ الإِلهُ الكَرِيْمُ
فَتَمَسَّكْ بِالشَّرعِ وَاعْلَمْ بِأَنَّ الـ
…
ــحَقَّ فِيْهِ وَمَا سُوَاهُ سُمُوْمُ
ومِمَّا يُذْكَرُ مِنْ شِعْرِ الوَزِيْرِ رحمه الله:
تَمَسَّكْ بِتَقْوَى اللهِ فَالمَرْءُ لَا يَبْقَى
…
وَكُلُّ امْرِئٍ مَا قَدَّمَتْ يَدَهُ يَلْقَى
وَلَا تَظْلِمَنَّ النَّاسَ مَا فِي يَدَيْهِمُ
…
وَلَا تَذْكُرْنَ إِفْكًا وَلَا تَحْسِدَنْ خَلْقَا
تَعَوَّدْ فِعَالَ الخَيْرِ جَمْعًا فَكُلَّمَا
…
تَعَوَّدَهُ الإِنْسَانُ صَارَ لَهُ خُلْقًا
وَذَكَرَ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ فِي كِتَابِهِ "مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ"
(1)
بِإِسْنَادٍ لَهُ: أَنَّ الوَزِيْرَ عُرِضَتْ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ فَائِقَةُ الحُسْنِ، وَظَهرَ لَهُ فِي المَجْلِسِ مِنْ أَدَبِهَا، وَحُسْنِ كِتَابَتِهَا، وَذَكَائِهَا، وَظُرْفِهَا مَا أَعْجَبَهُ، فَأَمَرَ فَاشْتُرِيَتْ لَهُ بِمَائَةٍ وَخَمْسِيْنَ دِيْنَارًا، وَأَمَرَ أَنْ يُهَيَّأ لَهَا مَنْزِلٌ وَجَارِيَةٌ، وَأَنْ يُحْمَلَ لَهَا مِنَ الفُرُشِ وَالآنِيَةِ وَالثِّيَابِ وَجَمِيْعِ مَا تُحْتَاجُ إِلَيْهِ، ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَاءَهُ الَّذِي بَاعَهَا، وَشَكَى إِلَيْهِ أَلَمَ فِرَاقِهَا، فَضَحِكَ وَقَالَ لَهُ: لَعَلَّكَ تُرِيْدُ ارْتِجَاعَ الجَارِيَةِ؟ قَالَ: إِيْ وَاللهِ يَا مَوْلَانَا، وَهَذَا الثَّمَنُ بِحَالِهِ لَم أَتَصَرَّفْ فِيْهِ وَأَبْرَزَهُ، فَقَالَ لَهُ الوَزِيْرُ: وَلَا نَحْنُ تَصَرَّفْنَا فِي المُثْمَنِ، ثُمَّ قَالَ لِخَادِمِهِ يُمْنٍ
(2)
: ادْفَعْ إِلَيْهِ الجَارِيَةَ وَمَا عَلَيْهَا، وَجَمِيْعَ مَا فِي حُجْرَتِهَا، وَدَفَعَ إِلَيْهِ الخِرْقَةَ الَّتِي فِيْهَا الثَّمَنَ،
(1)
لَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا فِي "مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ" وَلَمْ تَرِدْ لابنِ هُبَيْرَةَ تَرْجَمَةٌ فِيْهِ؟!.
(2)
سَاقِطَةٌ من (ط) وفي (أ): "ممن"، وفِي (ب):"يمنى"، وَمَا أَثْبَتُّهُ من (ج) و (د)، وَلَعَلَّهَا أَقْرَبُ إِلَي الصَّوَابِ.
وَقَالَ: اسْتَعِيْنَا بِهِ عَلَى شَأْنِكُمَا، فَأَكْثَرَا مِنَ الدُّعَاءِ لَهُ، وَأَخَذَهَا
(1)
وَخَرجَ.
وَحُكِيَ عَنِ الوَزِيْرِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا مُدَّ السِّمَاطُ فَأَكْثَرُ مَا يَحْضُرُهُ الفُقَرَاءُ وَالعُمْيَانُ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتُ يَوْمٍ وَأَكَلَ النَّاسُ وَخَرَجُوا بَقِيَ رَجُلٌ ضَرِيْرٌ يَبْكِي، وَيَقُولُ: سَرَقُوا مَدَاسِي وَمَا لِي غَيْرُهُ، وَاللهِ مَا أَقْدِرُ عَلَى ثَمَنِ مَدَاسٍ، وَمَا بِي إِلَّا أَنْ أَمْشِيَ حَافِيًا وَأُصَلِّي، فَقَامَ الوَزِيْرُ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَلَبِسَ مَدَاسَهُ وَجَاءَ إِلَى الضَّرِيْرِ، فَوَقَفَ عِنْدَهُ وَخَلَعَ مَدَاسَهُ وَالضَّرِيْرُ لَا يَعْرِفُهُ، وَقَالَ لَهُ: اِلْبَسْ هَذَا وَأَبْصِرْهُ عَلَى قَدَرِ رِجْلِكَ، فَلَبِسَهُ، وَقَالَ: نَعَمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ كَأَنَّهُ مَدَاسِي، وَمَضَى الضَّرِيْرُ، وَرَجَعَ الوَزِيْرُ إِلَى مَجْلِسِهِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: سَلِمْتُ مِنهُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ سَرَقْتَهُ.
وَأَخْبَارُ الوَزِيْرِ رحمه الله وَمَنَاقِبُهُ كَثيْرَةٌ جِدًا، وَقَدْ مَدَحَهُ الشُعَرَاءُ فَأَكْثَرُوا. وَقِيْلَ: إِنَّهُ رُزِقَ مِنَ الشُّعَرَاءِ مَا لَمْ يُرْزَقْهُ أَحَدٌ، وَمِنْ أَكَابِرِهمْ: الحَيْصَ بَيْصَ
(2)
(1)
في (أ) و (ب): "فأخَذَه".
(2)
هَذَا لَقَبُهُ، واسْمُهُ سَعْدُ بنُ مُحَمَّدُ بنِ مُحَمَّدٍ، شِهَابُ الدِّيْنِ أَبُو الفَوَارِسِ التَّمِيْمِيُّ البَغْدَادِيُّ (ت: 574 هـ) لَهُ دِيْوَانٌ في ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ كِبَارٍ طُبِعَ في "بَغْدَادَ" سَنَةَ (1974 م) حَقَّقَهُ مَكِّي السَّيد جَاسِم، وشَاكر هَادِي شُكر. وَقدَّمَ عَامِرُ أَحْمَدَ إِبْرَاهِيْمَ فِي آدابِ جَامِعَةِ المَوْصِلِ دِرَاسَةً لِسِيْرَتِهِ وَشِعْرِهِ. أَخْبَارُهُ فِي: خَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْمِ شُعَرَاءِ العِرَاقِ"(1/ 202)، وَالمُنْتَظَمِ (10/ 288)، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (11/ 199)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (2/ 362)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 61)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (15/ 165)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيَّ (4/ 221)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 82).
وَابْنُ بُخْتِيَارٍ الأَبْلَهُ
(1)
، وَابْنِ التَّعَاوَيْذِيِّ
(2)
، وَالعِمَادُ الكَاتِبُ
(3)
، وَأَبُو عَلِيِّ
(1)
الأَبْلَهُ لَقَبُهُ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ بُخْتِيَارُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ (ت: 579 هـ)، لَهُ دِيْوَانٌ بِتَحْقِيْقِ وَدِرَاسَةِ سُعَاد جَاسم مُحَمَّد في آدابِ جَامِعَةِ المَوْصِلِ أَيْضًا. أَخْبَارُهُ فِي: خَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْمِ شعَرَاءِ العِرَاقِ"(1/ 85)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبيثي (185)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (4/ 463)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 132).
(2)
هُو محَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَبُو الفَتْحِ يُعْرَفُ بِـ "سَبْطِ ابنِ التَّعَاوِيْذِيِّ" (ت: 584 هـ)، لَهُ دِيوانٌ نَشَرَهُ قَدِيْمًا مرْجليُوث في المُقْتَطَفِ، (القَاهِرة) سَنَة (1903 م) وَقدَّمَ الأُسْتاذ نُورِي شَاكر الآلُوسِي دِرَاسَةً عَنْ حَيَاتِهِ وَشِعْرِهِ (ط) سنَةَ:(1975 م) بِـ "بَغْدَادَ". وَوَقَفَ عَلَى نُسْخَةٍ مِن دِيْوَانِهِ مَكْتُوْبَةٌ سَنَةَ (585 هـ) بَعْدَ وَفَاتِهِ بِسَنَةٍ وَاسْتَدْرَكَ (1590) بَيْتًا.
وَلَمْ يَكُنْ سِبْطُ ابنِ التَّعَاوِيْذِيِّ وَافِيًا لِلوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّينِ بنِ هُبَيْرَةَ فَقَدْ نَقَلَ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ بنُ خِلْكَان فِي "وفَيات الأعيانِ" أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى عَضُدِ الدِّيْنِ [ابنِ رَئِيْسِ الرُّؤسَاءِ] لِعِلْمِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الوَزِيْرِ فَأَنْشَدَهُ مُرْتَجِلًا:
قَالَ لِي وَالوَزِيْرُ قَدْ مَاتَ قَوْمٌ
…
قُمْ لِنَبْكِي أَبَا المُظفَّرِ يَحْيَى
قُلْتُ أَهْوِنْ عنْدِي بِذلِكَ رِزْأً
…
وَمُصَابًا وَابْنُ المُظَفَّرِ يَحْيَا
ابنُ المُظَفَّرِ: هُوَ ابنُ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ، مِنْ بَنِي المُسْلِمَةِ، البَيْتِ المَشْهُوْرِ بِالرِّئَاسَةِ وَالوِزارَةِ وَالجَلَالَةِ، وَكَانَ سِبْطُ ابنِ التَّعَاوِيْذِيِّ مِنْ مَوَالِي بَنِي المُظَفَّرِ هَؤُلَاءِ. فَلَا غَرَابَةَ إِذًا. أَخْبَارُهُ في: خَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْمِ شُعَرَاءِ العِرَاقِ"(3/ 82) فمَا بَعْدَهَا، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (18/ 235)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (4/ 466)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 11)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 105).
(3)
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَامِدٍ، عِمَادُ الدِّينِ الأَصْبَهَانِيُّ الكَاتِبُ (ت: 597 هـ) مُؤَلِّفُ "خَرِيدَةِ القَصْرِ" جَمَعَ شِعْرَهُ الدُّكْتور نَاظم رشيد (ط) فِي جَامِعَةِ المَوْصِلِ سَنَةَ (1983 م) وفي آدابِ جَامِعَة المَوْصِل أَيْضًا "العِمَادُ الأَصْبَهَانِيُّ نَاقدًا" للدكتور مُيَسر حُمَيْد سَعِيد سَنَةَ (1991 م). أَخْبَارُهُ فِي: مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ خَرِيْدَةِ القَصْرِ "قسم شُعَرَاء =
ابْنُ أَبِي قِيْرَاطٍ
(1)
، وَمَنْصُوْرٌ النُّمَيْرِيُّ
(2)
، وَخَلْقٌ كَثيْرٌ
(3)
، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ جُمِعَتْ
= العِرَاقِ"، وَمُقَدِّمة دِيْوَانِهِ، وفيهما مَصَادِرُ تَرْجَمَتِهِ.
(1)
الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُبَارَكِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ أَبُو عَلِيٍّ الكَاتِبِ. ذَكَرَهُ الصَّفَدِيُّ فِي الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (12/ 149)، وَأَوْرَدَ لَهُ قَصِيْدَةً فِي مَدْحِ الوَزِيْرِ المَذْكُوْرِ.
(2)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ، وَالصَّحِيح أَنَّهُ نَصْرُ بنُ مَنْصُوْرٍ - كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ صفْحَتَيْنِ - عَلَى الصَّحِيْحِ، حَنْبَلِيٌّ (ت: 588 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِه.
(3)
وَمِنَ الشُّعَرَاء الَّذينَ مَدَحُوا ابنَ هُبَيْرَةَ: المُؤَيَّدُ الآلُوْسِيُّ عَطَّافُ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 557 هـ)، وابنُ خُذَادَاذَ البَادَرَائِيُّ، الغَزْنَوِيُّ الأَصْلِ، أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ هِبَةِ اللهِ (ت: بَعْدَ 572 هـ)، وَالحَسَنُ بنُ سَعِيدٍ الشَّاتَانِيُّ (ت: 599 هـ)، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَينِ بنِ تُرْكَانَ (ت: 561 هـ)، وَعَبْدُ القَادِرِ بنُ عَلِيِّ بنِ نَوْمَةَ الوَاسِطِيُّ (ت: 577 هـ)، وَمُفْلِحُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ عَبَّادٍ الأَنْبَارِيُّ (ت: 561 هـ)، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ الأقْسَاسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدٍ، أَبُو نَصْرٍ الفَرُّوْخِيُّ الكَاتِبُ الأَوَانِيُّ (ت: 557 هـ). صَاحِبُ القَصِيْدَةِ المَشهُورَةِ فِي الفَرْقِ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ وَهِيَ مَنْشُوْرَةٌ، وَقَدْ ضَمَّنَهَا مَدْحَ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ، وَلَهُ فِيْهِ مَدَائِحُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الكَاتِبُ المَعْرُوفُ بـ "ابنِ الأَدِيبِ" (ت: 557 هـ)، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ شُعَيْبٍ أَبُو شُجَاعِ المَعْرُوفُ بِـ "ابنِ الدَّهَّانِ" (ت: 590 هـ)، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَلَّاسِ، وَلُؤَيُّ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، وَالخَضِرُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ الهَجَّامِ البَغْدَادِيُّ، الطَّائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الآمِدِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ "الكَامِلِ" أَبُو المَكَارِمِ (ت: قَبل 555 هـ)، وَهِبَةُ اللهِ بنُ الفَضْلِ، أَبُو القَاسِمِ بنُ القَطَّانِ (ت: 558 هـ)، وَسَعْدُ بنُ عَلِيِّ الوَرَّاقُ، أَبُو المَعَالِي، الحَطِيْرِيُّ، الكُتْبِيُّ صَاحِبُ "زَيْنَةِ الدَّهْر" (ت: 568 هـ)، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بن حَمْزَةَ بن جَيَا الحِلِّيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ يَلْدَكَ بنِ أَرْسَلَان الكَاتِبُ، وَأَخُوْهُ مُحَمَّدٌ .. وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَؤُلَاءِ جَمِيْعًا مَعَ كَثْرَتِهِمْ تَأْكِيْدًا لِقَوْلِ المُؤَلِّفُ هُنَا:"وَغَيْرُهُمْ كَثِيْرٌ"، وَأَنَا لَمْ أسْتَقْصِ البَحْثَ وَلَا أَدَّعِي المُحَاوَلَةَ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ مَا جَاءَ مِنْهُمْ فِي "خَرِيْدَةِ القَصْرِ" وَمِنْ غَيرِهِ قَلِيْلًا، خِلَالَ قِرَاءَتِي السَّرِيْعَةِ؛ فَالوَقْتَ لَا =
مِنْ مَدَائِحِهِ مَا يَزِيْدُ عَلَى مَائَتَيْ أَلْفِ قَصِيدَةٍ فِي مُجَلَّدَاتٍ. فَلَمَّا بِيْعَتْ كُتُبُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ اشْتَرَاهَا بَعْضُ الأَعْدَاءِ، فَغَسَلَهَا. وَمِنْ قَوْلِ الحَيْصَ بَيْصَ
(1)
فِي مَدْحِهِ، رَحِمَهُ الله تَعَالَى:
يُفِلُّ عَزْبَ الرَّزَايَا وَهِيَ بَاسِلَةٌ
…
وَيُوْسِعُ الجَارَ نَصْرًا وَهُوَ مَخْذُوْلُ
وَيَشْهَدُ الهَوْلَ
(2)
بَسَّامًا وَقَدْ دَمَعَتْ
…
شُوْسُ العُيُوْنِ فَذَمَّ القَوْمَ إِحْفِيْلُ
وَيُتَّقَى مِثْلَ مَا تُرْجَى فَوَاضِلُهُ
…
وَجُوْدُهُ، فَهْوَ مَرْهُوْبٌ وَمَأْمُوْلُ
عَارٍ مِنَ العَارِ كَاسٍ مِن مَنَاقِبِهِ
…
كَأَنَّهُ مُرْهَفُ الخَدَّيْنِ مَسْلُوْلُ
سَهْلُ المَكَارِمِ صَعْبٌ فِي حَفِيْظَتِهِ
…
فَبَأْسُهُ وَالنَّدَى مُرٌّ وَمَعْسُوْلُ
قَالِي الدَّنَايَا وَصَبْوَانُ العُلَى كَلِفٌ
…
فَالعَارُ وَالمَجْدُ مَقْطُوْعٌ وَمَوْصُوْلُ
المَلْكُ يَحْيَى لِذِي قَوْلٍ وَمُعْتَرَكٍ
…
إِذَا تَشَابَهَ مَقْطُوْعٌ وَمَفْلُوْلُ
(3)
يُمْضِي الأَسِنَّةَ وَالأَقْوَالُ مَاضِيَةٌ
…
فَالحَبْرُ وَالقِرْنُ مَطْرُوْدٌ وَمَفْصُوْلُ
جَوَادُ مَجْدٍ لَهُ فِي فَخْرِهِ شَبَهٌ
…
وَفِيْهِ مِنْ وَاضِحِ العَلْيَاءِ تَحْجِيْلُ
يَصِيْدُ وَحْشَ المَعالِي وَهِيَ نَافِرَةٌ
…
كَأَنَّ مَسْعَاهُ لِلْعَلْيَاءِ أُحْبُوْلُ
= يُسْعِفُنِي بِالاسْتِيعَابِ وَلَيْسَ ذلِكَ هَدَفِي الآنَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ المُتَتَبِّعَ المُتَأَنِّي سَيَظْفُرُ بأعدَادٍ أَكبَرَ، وَحَسْبِي أنَّني أفْتَحُ المَجَالَ لِغَيْرِي مِنَ البَاحِثِيْنَ لِجَمْعِ ذلِكَ وَدِرَاسَتِهِ، فَهُوَ جَدِيْرٌ بِالبَحْثِ وَالاستِقْصَاءِ؛ لِمَا فِيْهِ مِنَ المُتْعَةِ وَالفَائِدَةِ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ.
(1)
الأَبْيَات فِي دِيْوَانِهِ، وَخَرِيْدَةُ القَصْرِ (1/ 287، 288).
(2)
فِي (أ): "القَوْلُ"، وَصُحِّحَتْ عَلَى هَامِشِ الوَرَقَةِ قِرَاءَة نُسْخَةٍ أُخْرَى.
(3)
فِي (أ) و (ب): "مَغْلُوْلُ".
وَمِمَّا أَنْشَدَهُ أَبُو الفَتْح بْنُ الأَدِيْبِ
(1)
في أَوَّلِ يَوْمٍ جَلَسَ فِيهِ الوَزِيْرُ وَقُرِئَ عَهْدُهُ:
إِذَا قُلْتَ لَيْثٌ فَهْوَ أَمْضَى عَزِيْمَةً
…
وَإِنْ قُلْتَ غَيْثٌ فَهُوَ أَنْدَى وَأَجْوَدُ
مِنَ القَوْمِ مَا أَبْقَوا سِوَى حُسْنِ ذِكْرِهِمْ
…
وَمَا عَمَرُوْهُ بِالجَمِيْلِ وَشَيَّدُوا
وَصِيَّةُ مَوْرُوْثٍ إلَى خَيْرِ وَارِثٍ
…
إِذَا سَيِّدٌ مِنْهُمْ خَلَا قَامَ سَيِّدُ
(2)
سَيُحْيِيْهُمُ يَحْيَى وَمَا غَابَ غَائِبٌ
…
إِلَيْهِ أَحَادِيْثُ المَكَارِمِ تُسْنَدُ
مَنَاقِبُ تُحْصَى دُوْنَها عَدَدُ الحَصَى
…
بِهَا يُغْبَطُ الحُرُّ الكَرِيْمُ وَيُحْسَدُ
لِيَهْنَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ اعْتِضَادُهُ
…
بِرَأْيِكَ وَالآرَاءُ تَهْدِي وَتُرْشِدُ
هُوَ المُقْتَفِي أَمْرَ الإِلَهِ وَإِنَّهُ
…
لَيُصْدِرُ عَنْ أَمْرِ الإِلهِ وَيُوْرِدُ
تَمَنَّى وَزِيْرًا صَالِحًا يَكْتَفِي بِهِ
…
وَأَفْكَارُهُ فِي مِثْلِهِ
(3)
تَتَرَدَّدُ
دَعَا زكَرِّيَاءُ النَبِيُّ كَمَا دَعَا
…
إِمَامُ الهُدَى، وَالأَمْرُ بِالأَمْرِ يُعْضَدُ
فَخُصَّ بِيَحْيَى بَعْدَمَا خُصَّ بَعْدَهُ
…
بِيَحْيَى أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ مُحَمَّدُ
وَهِيَ طَوِيْلَةٌ
(4)
. وَمِنْ قَصِيْدَةٍ لأَبِي عَلِيِّ بْنِ الفَلَّاسِ الشَّاعِرُ
(5)
أَوَّلُهَا:
(1)
هُوَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الكَاتِبُ (ت: 557 هـ) لَهُ تَرْجَمَةٌ فِي خَرِيْدَةِ القَصْرِ (3/ 1/ 360) وَذَكَرَ الأَبْيَاتِ المَذْكُوْرَةَ هُنَا ص (366).
(2)
هَذَا الشَّطْرُ مُقْتَبَسٌ مِن بَيْتِ السَّمَوْأَلِ، وَعَجزُهُ في دِيْوَانِهِ
* قَؤُوْلٌ لِمَا قَالَ الكِرَامُ فَعُوْلُ *
تَقَدَّم فِي تَرْجَمَةِ الشَّرِيْفِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَتُنْظَر نِسْبَتُهُ هُنَاكَ.
(3)
في (أ) و (ج): "مثلها" وصحِّحت في هامش (أ) قِرَاءَة نُسْخَةٍ أُخْرَى.
(4)
هَذِهِ العِبَارَةُ سَاقِطَةٌ مِن (أ) و (ب) و (ج).
(5)
المَوْجُوْدُ فِي الأُصُوْلِ: "الفَلَّاسُ" بِالفَاءِ، وَفِي خَرِيْدَةِ القَصْرِ (3/ 2/ 428)، الأَدِيْبُ =
الحُبُّ يَهْجُرُ وَالطُّيُوْفُ تَزُوْرُ
…
وَكَأَنَّمَا أَصْلُ الصَّبَابَةِ زُوْرُ
طِلْتَ
(1)
المُلُوْكَ وَقَصَّرُوا عَنْ غَايَةٍ
…
مَا نَالَهَا كِسْرَى وَلَا سَابُوْرُ
وَعَدَلْتَ حَتَّى لَمْ تَدَعْ مِنْ ظَالِمٍ
…
يَدَهُ عَلى المُسْتَضْعَفِيْنَ تَجُوْرُ
فَالأَرْضُ مُشْرِقَةُ بِعَدْلِكَ وَالنَّدَى
…
وَصَبَاحُ عَدْلِكَ مَالَهُ دَيْجُوْرُ
قَدْ رُوِّضَتْ بِالمَكْرُمَاتِ كَأَنَّمَا
…
كُلُّ البِلَادِ خَوَرْنَقٌ
(2)
وَسَدِيْرُ
وَلِنَصْرٍ النُّمَيْرِيِّ:
(3)
أَعْلَقْتُ منْ يَحْيَى رَجَائِي لِمَنْ
…
تَحْتَكِمُ الآمَالُ فِي وَفْرِهِ
وَكَانَ عَوْنُ الدِّيْنِ أَحْرَى الوَرَى
…
بِنُصْرَةِ الحُرِّ عَلَى دَهْرِهِ
= مُحَمَّدُ القَلَّاسُ [بالقَافِ]، قَالَ:"طَالَمَا رَأَيْتُهُ فِي مَجْلِسِ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيرَةَ يُنْشِدُهُ وَيَسْتَرْفِدُهُ .. وَكَانَ يَعِيْشُ إِلَى يَوْمِ خُرُوجِي مِنْ "بَغْدَادَ" وَلَمْ أَسْمَعْ إِلَى الآنَ بِوَفَاتِهِ"، فَهَلْ هَذَا هُوَ المَقْصُودُ هُنَا؟ يَظْهَرُ ذلِكَ، وَلَمْ يَخْتَرْ لَهُ العِمَادُ فِي مَدْحِ الوَزِيْرِ. وَكَانَ خُرُوجُ العِمَادِ مِنْ "بَغْدَادَ" سَنَةَ (562 هـ).
(1)
فِي (ط): "ظلت" خَطَأٌ ظَاهِرٌ.
(2)
في (ط): "خوريق" وَالخَوَرْنَقُ وَالسَّدِيْرُ: قَصْرَانِ مَشْهُوْرَانِ.
(3)
نَصْرُ بنُ مَنْصُورٍ النُّمَيْرِيُّ (ت: 588 هـ) حَنْبَلِيُّ، ذَكَرَهُ المُؤَلَّفُ فِي مَوْضِعِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ مِن وَلَدِ الرَّاعِي النُّمَيْرِيِّ عُبَيْدِ بنِ حُصَيْن، الشَّاعِرِ، الأُمَوِيِّ، المَشْهُورِ، وَلَمَّا جَمَعَ الفَاضِلَانِ الدُّكْتُورُ نُوْرِي حَمُّوْدِي القَيْسِيُّ، وَالأُسْتَاذُ هِلَال نَاجِي دِيْوَانَ الرَّاعِي النُّمَيْرِيِّ وَنَشَرَاهُ فِي المَجْمَعِ العِلْمِيِّ العِرَاقِيِّ سَنَة (1400 هـ). ذَكَرَا فِي أُسْرَتِهِ "نَصْرَ بنَ مَنْصُورٍ" وَأَوْرَدَ مَا تَوَصَّلَا إِلَيْهِ مِنْ شِعْرِهِ، وَفَاتَهُمَا هَذِهِ المَقْطُوعَةَ، فَلَمْ يَذْكُرَاهَا لا فِي المُقَدِّمَةِ، وَلَا فِي الاسْتِدْرَاكِ مَعَ رُجُوْعِهِمَا إِلَى كِتَابِ ابنِ رَجَبٍ هَذا؟! كَمَا فَاتَهُمَا قَصِيدَتَهُ الآتِيَة فِي رِثَاءِ عبْدِ القَادِرِ الجِيْلَانِيِّ الآتِيَّة في تَرْجَمَتِهِ، قَالَ ابنُ رَجَبٍ هُنَاكَ: وَلَهُ فِيهِ مَرَاثٍ أُخْرَى.
وَزِيْرُ صِدْقٍ عَمَّ إِحْسَانُهُ
…
فَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى شُكْرِهِ
أبَّهَةُ المُلْكِ عَلَى وَجْهِهِ
…
وَخَشْيَةُ الرَّحْمَنِ فِي سِرِّهِ
يُرْبِي عَلَى الغَيْثِ نَدَى كَفِّهِ
…
وَنَائِلُ المَرْءِ عَلى قَدْرِهِ
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ الوَزِيْرُ يَتَأَسَّفُ علَى مَا مَضَى مِنْ زَمَانِهِ، ويَنْدَمُ عَلَى مَا دَخَلَ فِيْهِ، ثُمَّ صَارَ يَسْأَلُ اللهَ عز وجل الشَّهَادَةَ، وَيَتَعَرَّضُ بِأَسْبَابِهَا.
وَكَانَ الوَزِيْرُ لَيْسَ بِهِ قَلَبَةٌ
(1)
فِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى الأُوَلى سَنةَ سِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَنَامَ لَيْلَةَ الأَحَدِ فِي عَافِيَةٍ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتَ السَّحَرِ قَامَ، فَحَضَرَ طَبِيْبٌ كَانَ يَخْدِمُهُ، فَسَقَاهُ شَيْئًا، فَيُقَالُ: إِنَّهُ سَمَّهُ فَمَاتَ، وَسُقِيَ الطَّبِيْبُ بَعْدَهُ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ سُمًّا، فَكَانَ يَقُوْلُ: سُقِيْتَ كَمَا سَقَيْتُ، فَمَاتَ
(2)
. قَالَ: وَكُنْتُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ مَعَ انْشِقَاقِ الفَجْرِ وَالوَزِيْرُ كَأَنَّهُ فِي دَارِهِ، وَدَخَلَ رَجُلٌ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ فَضَرَبَهُ بِهَا، فَخَرَجَ الدَّمُ كَالفَوَّارِ فَضَرَبَ الحَائِطَ، وَرَأَيْتُ هُنَاكَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ مُلْقًى، فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ أَخْبَرْتُ مَنْ مَعِي بِالحَدِيْثِ، فَمَا استَتْمَمْتُهُ حَتَّى جَاءَ الخَبَرُ بِمَوْتِ الوَزِيْرِ، وَنَفَذَ إِلَيَّ مِنْ
(1)
جَاءَ فِي اللِّسَانِ (قَلَبَ): "مَا بِالعَلِيْلِ قَلَبَةٌ، أَيْ: مَا بِهِ شَيْءٌ، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي النَّفْيِ، قَالَ الفَرَّاءُ: هُوَ مَأْخُوْذٌ مِنَ القُلَابِ، دَاءٌ يَأْخُذُ الإِبِلَ فِي رُؤُوْسِهَا فَيَقْلِبُهَا إِلَى فَوْقَ، قَالَ النَّمِرُ:
أَوْدَى الشَّبَابُ وَحُبُّ الخَالَةِ الخَلَبَهْ
…
وَقَدْ بَرِئْتُ فَمَا بِالقَلْبِ مِنْ قَلَبَهْ
أَيْ: بَرِئْتُ مِنْ دَاءِ الحُبِّ. قَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: مَعْنَاهُ: لَيْسَ بِهِ عِلَّةٌ يُقَلَّبُ لَهَا فَيُنْظَرُ إِلَيْهِ .. ".
(2)
كَذلِكَ الخَلِيْفَةُ المُسْتَنْجِدُ مَاتَ مَسمُومًا سَمَّهُ مَمْلُوكُهُ قَايْمَاز المُسْتَنْجِدِيُّ، فَهَلْ كَانَ الخَلِيْفَةُ عَلَى عِلْمٍ بِسَمِّ وَزِيْرِهِ عَوْنِ الدِّيْنِ؟! وَهَلْ كَانَ ابْنُ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ ابنُ المُسْلِمَةِ أُسْتَاذُ دَارِ الخِلَافَةِ وَرَاءَ ذلِكَ كُلِّه؟! يَبْدُو ذلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ.
دَارِهِ، فَحَضَرْتُ وَأَمَرَنِي وَلَدَاهُ أَنْ أُغَسِّلَهُ فَغَسَّلْتُهُ، فَرَفَعْتُ يَدَهُ لِيَدْخُلَ المَاءَ فِي مَغَابِنِهِ، فَسَقَطَ الخَاتَمُ مِنْ يَدِهِ حَيْثُ رَأَيْتُ ذلِكَ الخَاتَمَ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ وَجْهِهِ، وَرَأَيْتُ فِي وَقْتِ غَسْلِهِ آثَارًا بِوَجْهِهِ وَجَسَدِهِ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَسْمُوْمٌ، وَحُمِلَتْ جِنَازَتُهُ يَوْمَ الأَحَدِ إِلَى جَامِعِ القَصْرِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ حُمِلَ إِلَى مَدْرَسَتِهِ الَّتِي أَنْشَأَهَا بِـ "بَابِ البَصْرَةِ" فَدُفِنَ بِهَا، وَغُلِّقَتْ يَوْمَئِذٍ أَسْوَاقُ "بَغْدَادَ" وَخَرَجَ جَمْعٌ لَمْ نَرَهُ لِمَخْلُوْقٍ قَطُّ فِي الأَسْوَاقِ، وَعَلَى السُّطُوْحِ وَشَاطِئِ "دِجْلَةَ" وَكَثُرَ البُكَاءُ عَلَيْهِ؛ لِمَا كَانَ يَفْعَلُهُ مِنَ البِرِّ، وَيُظْهِرُهُ مِنَ العَدْلِ. وَذَكَرَ مُصَنِّفُ سِيْرَتِهِ أَنَّهُ كَانَ ثَارَ بِهِ بَلْغَمٌ وَهُوَ فِي قَصْرِهِ بِـ "الخَالِصِ" ثُمَّ خَرَجَ مَعَ المُسْتَنْجِدِ لِلْصَّيْدِ، فَسُقِيَ مُسْهِلًا لأَجْلِ البَلْغَمِ، فَاسْتَأْذَنَ الخَلِيْفَةَ فِي الدُّخُوْلِ إِلَى "بَغْدَادَ" لِلتَّدَاوِي، فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي مَوْكِبٍ عَظِيْمٍ، وَصَلَّى الجُمُعَةِ، وَحَضَرَ النَّاسُ عِنْدَهُ يَومَ السَّبْتِ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الأَحَدِ عَاوَدَهُ البَلْغَمُ، فَوَقَعَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَصَرَخَ الجَوَارِي، فَأَفَاقَ فَسَكَّتَهُنَّ، وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ أُسْتَاذَ الدَّارِ ابْنَ رَئِيْسِ الرُّؤسَاءِ
(1)
قَدْ بَعَثَ
(1)
أُسْتَاذُ دارِ الخِلَافَةِ ابنُ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ هُوَ عَضُدُ الدِّينِ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، مِنْ بَيْتِ رِئَاسَةٍ وَوَزَارَةٍ يُعْرَفُ بَيْتُهُم قَدِيْمًا بِـ "بَيْتِ بَنِي المُسْلِمَةِ" ثُمَّ عُرِفُوا بِـ "آلِ المُظَفَّرِ" وَ"آل الرُّفَيْلِ" وَالحَدِيْثُ عن هَذَا البَيت يَطُوْلُ، وَقدْ ذَكَرْتُ طَرفًا من أَخْبَارِ وَأُصُوْلِ "آلِ المُسْلِمَةِ" فِي "الطَّبَقَاتِ"، وَأُسْتَاذُ دَارِ الخِلَافَةِ هَذا هُو الَّذي قَتَلَ أَوْلادَ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ، وَأَصْحَابَهُ، وَأَنْصَارَهُ. وَلَمَّا قُتِل سَنَةَ (574 هـ) قَالَ ابنُ العطَّارِ صَاحِبُ المَخْزَنِ اللهُ أَكْبَرُ يَا ثَارَاتِ طَبَرِيَّا، يَا ثَارَاتِ عِزِّ الدِّين، يعْنِي ابْنَيْ الوَزِيْرِ ابن هُبَيْرَةَ فَإِنَّهُمَا قُتِلَا فِي أَيَّامِ ابنِ رَئيْسِ الرُّؤَسَاءِ يَعْنِي قَبْلَ وِزَارَتِهِ، وَلَمَّا بَلَغَ القَاضِي الفَاضِلَ قَتْلُهُ قَالَ: {وَمَا =
جَمَاعَةً لِيَسْتَعْلِمَ مَا هَذَا الصِّيَاحُ؟ فَتَبَسَّمَ الوَزِيْرُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الحَالِ، وَأَنْشَدَ مُتَمَثِّلًا:
وَكَمْ شَامِتٍ بِي عِنْدَ مَوْتِيَ جَاهِلٍ
…
بِظُلْمٍ يَسِلُّ السَّيْفَ بَعْدَ وَفَاتِي
وَلَوْ عَلِمَ المِسْكِيْنُ مَاذَا يَنَالُهُ
…
مِنَ الضُّرِّ بَعْدِي مَاتَ قَبْلَ مَمَاتِي
قُلْتُ: وَكَذَا وَقَعَ، فَإِنَّ البَلَدِيَّ
(1)
الَّذِي تَوَلَّى الوِزَارَةَ بَعْدَهُ لَمْ يُبْقِ مِنَ الأَذَى
= رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)} كَانَ - عَفَا اللهُ عَنْهُ - قَدْ قتَلَ وَلَدَيْ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ وَخَلْقًا كَثِيْرًا، وَقَدْ أَثنَى المُؤَرِّخُونَ عَلَى الوَزِيْرِ ابنِ رَئيسِ الرُّؤَسَاءِ هَذَا، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: سَمِعَ مِنْ ابْنِ الحُصَينِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَيْهَقِيِّ، وَزَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ حَافِدُهُ دَاوُدُ بن عَلِيٍّ، وَكَانَ أَوَّلًا أُسْتَاذَ دَارِ المُقْتَفِي، وَالمُسْتَنْجِدِ، وَوَزَرَ لِلْمُسْتَضِيءِ، وَكَانَ فِيْهِ مُرُوْءَةٌ، وَإِكْرَامٌ لِلْعُلَمَاءِ
…
وَكَانَ سَرِيًّا، مَهِيْبًا، جَوَادًا .. " وَقَالَ:"وَكَانَ الوَزِيْرُ ذَا انْصِبَابٍ إِلَى العِلْمِ وَالصُّوْفِيَّةِ، يُسْبِغُ عَلَيْهِمُ النِّعْمَةَ، وَيَشْتَغِلُ هُوَ وَأَوْلَادُهُ بِالحَدِيثِ وَالفِقْهِ وَالأَدَبِ، وَكَانَ النَّاسُ مَعَهُ فِي بَلْهَنِيَّةٍ. . ." أَخْبَارُهُ فِي: المُنتَظَمِ (10/ 280)، وَالكَامِلِ فِي التَّارِيْخِ (11/ 446)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 346)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (130)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2353)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 81)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 245).
(1)
في (ط): "البُلَيْدِيُّ" خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَالوَزِيْرُ البَلَدِيُّ هُوَ أَحْمَدُ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ بنِ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو جَعْفَرٍ (ت: 566 هـ) يَبْدُو أَنَّهُ وَلِيَ الوِزَارَةَ بعْدَ ابنِ هُبَيْرَةَ، يبْدُو أَيْضًا أَنَّ ابنَ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ السَّالِفِ الذِّكرِ كَانَ يَطْمَحُ إِليْهَا، وَكَانَ لَهُ عَلَى الأَقَل يَدٌ فِي قَتْلِ ابنِ هُبَيْرَةَ لِلْوُصُوْلِ إِليْهَا، وَمِنْ ثَمَّ قتَلَ أَوْلَادَهُ، وَأَتْبَاعَهُ، فَلمَّا خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ لَم يَرْضَ بِذلِكَ؛ لِذلِكَ لَمْ يَخْرُجْ لِتَلَقِي ابنَ البَلَدِيِّ لَمَّا قَدِمَ مِنْ "وَاسِطَ" إِلَى "بَغْدَادَ" لِتَوَلِّي الوِزَارَةَ إِلَّا مُكْرَهًا مِنْ قِبلِ الخَلِيفَةِ، وَعَمِلَ بَعدَ ذلِكَ ابنُ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ عَلَى قَتْلِ الخَلِيْفَةِ لِلْوُصُولِ إِلَى هَدَفِهِ، فتَحَقَّقَ لَهْ ذلِكَ، وَكَانَ هُوَ المُتَوَلِّي لِعقْدِ البَيْعَةِ لِلْمُسْتَضِيءِ، ثُمَّ اسْتَوْزَرَهُ =
لِبَيْتِ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ مُمْكِنًا، قَالَ: ثُمَّ تَنَاوَلَ مَشْرُوْبًا فَاسْتَفْرَغَ بِهِ، ثُمَّ اسْتَدْعَى بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، وَصَلَّى قَاعِدًا، فَسَجَدَ فَأَبْطَأ عَنِ القُعُوْدِ مِنَ السُّجُوْدِ، فَحَرَّكُوهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، رحمه الله وَرَثَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ شُعَرَائِهِ، مِنْهُمْ: النُّمَيْرِيُّ بِقَصَائِدِ، مِنْهَا قَوْلُهُ:
(1)
أَلْمِمْ عَلَى جَدَثٍ حَوَى
…
تَاجَ المُلُوْكِ وَقُلْ سَلَامْ
وَاعْقِرْ سُوَيْدَاء
(2)
الضَّمِيْـ
…
ـــر فَلَيْسَ يُقْنِعُنِي السَّوَامْ
وَتَوَقَّ أَنْ يُثْنِي حَيَا
(3)
…
ءً دَمْعُ عَيْنِكَ
(4)
أَوْ مَلَامْ
إِنَّ التَّمَاسُكَ وَالوَقَا
…
رَ بِمَنْ أُصِيْبَ بِهِ حَرَامْ
فَإِذَا ارْتَوَتْ تِلْكَ الجَنَا
…
دِلُ مِنْ دُمُوعِكَ وَالرَّغَامْ
= المُسْتَضِيْءُ فَانْتَقَمَ من ابنِ البَلَدِيِّ، فَأَرْسَلَ لَهُ مَنْ يَسْتَدْعِيهِ للتَّعْزِيَّةِ بِالمُسْتَنْجِدِ وَأَخْذِ البَيْعَةِ للْمُسْتَضِيءِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى دَارِ الخِلَافَةِ صُرِفَ إِلَى مَوْضِعٍ وَقُتِلَ، وَقُطِّعَ قِطْعًا، وَأُلْقِيَ فِي دِجْلَةِ، وَأُخِذَ مَا فِي دَارِهِ فَوُجِدَ فِيْهَا خُطُوْطُ الخَلِيْفَةِ يَأمُرُهُ بِالقَبْضِ عَلى ابنِ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ، وَقُطْبِ الدِّين قَايْمَاز، وَخطُّ الوَزِيْرِ بِالمُرَاجَعَةِ فِي ذلِكَ، وَصَرْفِهِ عَنْ هَذَا الرَّأي، فَنَدِمَا حَيْثُ فَرَّطَا فِي قَتْلِهِ، وَعَلِمَا بَرَاءَتَهُ. أَخْبَارُ ابنِ البَلَدِيِّ في المُنْتَظَمِ (10/ 233)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (243)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 587)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 401)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 178)، وَالفَخْرِيِّ (317).
(1)
بَعْضُ هَذِهِ الأَبْيَاتِ في المُنْتَظَمِ (10/ 217)، وَعَنْهُ في مُلْحَقَاتِ دِيْوَانِ الرَّاعِي النُّمَيْرِيِّ (295) وَعِدَّتُهَا فِيْهِمَا اثْنَا عَشَرَ بَيْتًا، وَعَنْ المُؤَلِّفِ في المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 209، 210).
(2)
في (ط): "سويد".
(3)
في (ط): "حيا".
(4)
في (ط): "عَيْنَيْك".
فَأَقِمْ صُدُوْرَ اليَعْمُلَا
…
تِ فَبَعْدَ يَحْيَى لَا مَقَامْ
ذَهَبَ الَّذِي كَانَتْ تُقَـ
…
ــيِّدُنِي مَوَاهِبُهُ الجِسَامْ
وَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ لَمْ
…
يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِي السَّآمْ
غاضَ النَّدَى
(1)
الفَيَّاضُ عَنْ
…
رَاجِيْهِ
(2)
واشْتَدَّ الأَوَامْ
وَتَفَرَّقَتْ تِلكَ الجُمُوْ
…
عِ وَقُوِّضَتْ تِلكَ الخِيَامْ
وَلَقَدْ عُهِدْتُ أَبَا المُظَّـ
…
ــفَرِ ذَا عُلًا لَا يُسْتَضَامْ
يَثِبُ القُعُوْدَ إِذَا بَدَا
…
وَيُقَبِّلُ الأَرْضَ القِيَامْ
مَا لِلْنُفُوسِ مِنَ الحِمَامِ
…
إِذَا أَلَمَّ بِهَا اعْتِصَامْ
عَجَبًا لِمَنْ يَغْتَرُّ بِالدُّنْـ
…
ــيَا وَلَيْسَ لَهَا دَوَامْ
عُقْبَى مَسَرَّتِهَا الأَسَى
…
وَعَقِيْبَ صِحَّتِهَا السَّقَامْ
انْظُرْ إِلَى أَبْوَابِ عَوْ
…
نِ الدِّيْنِ يَعْلُوْهَا القَتَامْ
وَكَأَنَّ
(3)
عَوْنَ الدِّيْنِ لَمْ
…
يَكُ لِلْزَّمَانِ بِهِ ابْتِسَامْ
للهِ مَا عَدِمَتْ بِهِ الدُّ
…
نْيَا وَمَا حَوَتِ الرِّجَامْ
لا غَرْوَ أَنْ أَدْمَى الجُفُوْ
…
نَ لِفَقْدِكَ الدَّمْعُ السِّجَامْ
(4)
إنَّ المَكَارِمَ بَعْدَ مَوْ
…
تِكَ مَا لِفُرْقَتِهَا الْتِئَامْ
(1)
في (ط): "الثدى".
(2)
في (ط): "راحتيه".
(3)
في (ط): "وكان"
(4)
في (ط): "الجسام".
مَا مُتَّ وَحْدَكَ يَوْمَ مُـ
…
ــتَّ وَإِنَّمَا مَاتَ الأَنَامْ
حَيَّاكَ رَقْرَاقُ النَّسِـ
…
ــيْمِ وَجَادَ مَثْوَاكَ الغَمَامْ
يَأْبَى لَكَ الإِحْسَانُ أَنْ
(1)
…
أَنْسَاكَ وَالشِّيَمُ الكِرَامْ
وَبِبَعْضِ حَقِّكَ إِنَّ حُزْ
…
نِي فِيْكَ لَيْسَ لَهُ انْصِرَامْ
وَأَنْشَدَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ يَوْمَ مَوْتِهِ:
(2)
مَاتَ يَحْيَى وَلَمْ نَجِدْ بَعْدَ يَحْيَى
…
مَلِكًا مَاجِدًا بِهِ يُسْتَعَانُ
وَإِذَا مَاتَ مِنْ زَمَانٍ كَرِيْمٌ
…
مِثْلَ يَحْيَى بِهِ يَمُوتُ الزَّمَانُ
قَالَ مُصَنِّفُ سِيْرَتِهِ: حَدَّثَنِي أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الفَقِيْهُ الحَنْبَلِيُّ "ثَنِي"
(3)
الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ زُفَرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي المَنَامِ - وَأَنَا بِأَرْضِ "جَزِيْرَةِ ابْنِ عُمَرَ" - كَأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ المَلَائِكَةِ يَقُوْلُوْنَ لِي: قَدْ مَاتَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالَى فَاسْتَيْقَظْتُ مُنْزَعِجًا، فَحَدَّثْتُ بِالمَنَامِ الجَمَاعَةُ الَّذِيْنَ كَانُوا مَعِي، وَأَرَّخْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمَّا قَدِمْتُ "بَغْدَادَ" سَأَلْتُ مَن مَاتَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ؟ فَقِيْلَ لِي: مَاتَ بِهَا الوَزِيْرُ عَوْنُ الدِّيْنِ بْنُ هُبَيْرَةَ.
(1)
في (ط): "إِنْ".
(2)
البَيْتَانِ عَنِ المُؤلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ"، وَأَنْشَدَ القَاضِي ابنُ خَلِّكان:
أَيَا رُبَّ مِثْلَ المَاجِدِ ابنِ هُبَيْرَةٍ
…
يَمُوتُ وَيَحْيَا مِثْلَ يَحْيَى وَجَعْفَرِ
يَمُوتُ بِيَحْيَى كُلُّ فَضْلٍ وَسُؤْدَدٍ
…
وَيَحْيَا بِيَحْيَى كُلُّ جَهْلٍ وَمُنْكَرِ
(3)
في (ج) و (د): "حَدَّثني"، وفي (ط):"ابن" وهو تَحْرِيْفٌ شَنِيعٌ وَأَبُو حَامِدٍ المَذْكُورُ هُنَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَأنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ، وَأَقُوْلُ هُنَا: لَمْ أَقِفُ أَيضًا عَلَى تَرْجَمَةِ شَيْخِهِ الصَّالِحِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ زُفَرَ؟!.
قَالَ: "ثَنِي"
(1)
الشَّيْخُ الصَّالِحُ مَحْمُودُ بْنُ النَّعَّالِ
(2)
المُقْرِئُ الزَّاهِدُ، قَالَ: كُنْتُ دَائِمًا إذَا ذَكَرْتُ الوَزِيْرَ عَوْنَ الدِّيْنِ بْنَ هُبَيْرَةَ أَقُوْلُ: اللَّهُمَّ هَبْهُ، وَاسْتَوْهِبْ لَهُ. قَالَ: وَمَضَى عَلَى ذلِكَ زَمَانٌ، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّنِي قَدْ دَخْلْتُ إِلَى مَدْرَسَتِهِ لِزِيَارَةِ قَبْرِهِ، وَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى القَبْرِ، فَقَالَ: يَا مَحْمُوْدُ، إنَّ اللهَ وَهَبَنِي وَاسْتَوْهَبَ لِي.
وَحَدَّثَنِي الوَزِيْرُ أَبُو شُجَاعٍ مُحَمَّدُ بْنُ الوَزِيْرِ أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ قَالَ: كُنْتُ كَثِيْرَ الوُقُوعِ فِي الوَزِيْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَرَأَيْتُهُ فِي المَنَامِ فِي بُسْتَانٍ لَمْ أَرَ لَهُ فِي الدُّنْيَا شَبِيْهًا، وَمَعَهُ مَلَكٌ يَجْنِيَ لَهُ مِنْ ثِمَارِهِ، وَيَتْرُكُ فِي فَمِه، فَهَمَمْتُ بِدُخُوْلِ البُسْتَانِ، فَصَاحَ المَلَكُ عَلَيَّ وَقَالَ: هَذَا البُسْتَانُ قَدْ وَهَبَهُ اللهُ تَعَالَى لِهَذَا بَعْدَ أَنْ غَفَرَ لَهُ، فَلَا سَبِيْلَ لأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَاستَيْقَظْتُ مَرْعُوْبًا، وَتُبْتُ إِلَى اللهِ عز وجل مِنْ ذِكْرِهِ، إِلَّا بِالرَّحْمَةِ عَلَيْهِ، وَالاِسْتِغْفَارِ لَهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ المُقْرِئُ قَالَ: رَأَيْتُ الوَزِيْرَ بنَ هُبَيْرَةَ فِي النَّوْمِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ؟ فَأَجَابَنِي بِهَذَيْنِ البَيْتَيْنِ
(3)
:
(1)
في (ط): "حَدَّثَنِي".
(2)
في (ط): "النَّعالي". وَمَحْمُوْدٌ المَذْكُوْر (ت: 609 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
جَاءَ فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (90، 91) فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَقِّ المِقْدَادِيِّ، أَبُو شُجَاعِ بنُ المُعَلِّمِ، قَالَ أَبُو شُجَاعٍ: سَمِعْتُ رَجُلًا يُعْرَفُ بِأَبِي القَاسِمِ الثَّلَّاجِيِّ كَانَ دَوَاتِي الوَزِيْر يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ هُبَيْرَةَ يَقُوْلُ - بَعْدَ مَوْتِ الوَزِيْرِ -: رَأَيْتُهُ فِي المَنَامِ فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ فَأَنْشَدَنِي:
قَدْ سُئِلْنَا عَنْ مِثْلِهَا فَأَجَبْنَا
…
البَيْتَيْنِ
قَدْ سُئِلْنَا عَنْ حَالِنَا فَأَجَبْنَا
…
بَعْدَ مَا حَالَ حَالُنَا وَحُجِبْنَا
فَوَجَدْنَا مُضَاعَفًا مَا كَسِبْنَا
…
ووَجَدْنَا مُمَحَّصًا مَا اكْتَسَبْنَا
وَهَذِهِ الأَبْيَاتُ رَوَاهَا ابْنُ النَّجَّارِ، عَنِ ابْنِ الدُّبَيْثِيِّ، عَنْ أبِي شُجَاعٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ المُؤَدِّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ السِّلَاحِيَّ قَالَ: رَأَيْتُ الوَزِيْرَ فِي النَّوْمِ فَذَكَرَهَا.
قَالَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ: وَلَوْ اسْتَقْصَيْتُ مَا ذُكِرَ لَهُ مِنَ المَنَامَاتِ الصَّالِحَةِ لَجاءَتْ بِمُفْرَدِهَا كِتَابًا ضَخْمًا.
أَخْبَرَنا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ الزَّاهِدُ
(1)
- بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِـ "بَغْدَادَ" سَنَةَ تِسْعَ وَأَرْبَعِيْنَ وَسَبْعِمَائَةَ - أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْجَبَ بنِ الكَسَّارِ - سَمَاعًا - أَخْبَرَنَا العَلَّامَةُ أُسْتَاذُ دَارِ الخِلَافَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ بْنُ الحَافِظِ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ، أَخْبَرَنَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِينَ المُسْتَعْصِمُ بِاللهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنِ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ أَبِي جَعْفَرٍ مَنْصُوْرُ بْنِ الظَّاهِرِ بِنِ النَّاصِرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بْنُ المُبَارَكِ الزَّبِيْدِيُّ.
(ح) وَأَخْبَرَنَاهُ - عَالِيًا - أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ المِصْرِيُّ
(2)
بِهَا، أَخْبَرَنَا سَفِيْرُ الخِلَافَةِ أَبُو الفَرَجِ عَبْدِ اللَّطِيْفِ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ قَالَا: أَخْبَرَنَا الوَزِيْرُ أَبُو المُظَفَّر يَحْيَى بنُ مُحَمَّد بنِ هُبَيْرَة قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الإمَام المُقْتَفِي لأَمْرِ اللهِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِينَ
(1)
مِنْ شُيُوخ المُؤَلِّفِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وهو ابنٌ للإمَامِ المَشْهُوْرِ بـ "ابنِ الفُوَطِيِّ" (ت: 723 هـ).
(2)
هُوَ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ المَيْدُوْمِيِّ" تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِرَارًا.
أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ المُسْتَظهِرُ بِاللهِ بنِ المُقْتَدِي، قُلْتُ لَهُ: حَدَّثَكُمْ أَبُو البَرَكَاتِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السِّيْبِيُّ
(1)
، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ العَبَّاسِ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ عَمْرٍو الرِّبَالِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ سُحَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(2)
: "لَا يَزْدَادَ الأَمْرُ إلَّا شِدَّةٌ، وَلَا يَزْدَادُ النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا تَقُوْمُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ" وَفي هَذَا الإِسْنَادِ سِلْسِلَةٌ عَجِيْبَةٌ بِالخُلَفَاءِ وَالمُلُوْكِ.
142 - عبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ
(3)
بنِ الحُسَيْنِ بنِ الهَاطِرِ
(4)
الوَزَّانُ العَطَارُ، الأَزَجِيُّ،
(1)
في (ط): "الشَّيْبِيُّ".
(2)
رَوَاهُ ابنُ مَاجَه فِي "سُنَنِهِ" رقم (4039) فِي (الفِتَنِ)، "بَابُ شِدَّةِ الزَّمَانِ"، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ بِهَذَا التَّمَامِ، وَقَدْ صَحَّ مِنْهُ الفَقْرَةُ الأَخِيْرَةُ. "لا تَقُومُ السَّاعَةُ إلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ رقَم (2949) فِي (الفِتَنِ)، "بَابُ قُرْبِ السَّاعَةِ" مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(3)
142 - ابنُ الهَاطِرِ الوَزَّانُ (؟ - 560):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَي طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 30)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 36)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 213)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 269). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 238)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 438)، وَالعِبَرُ (1704)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (301، 305) وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 215)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 194)، وَالتَّبْصِيْرُ (1/ 431)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 159)، (6/ 315).
(4)
في "التَّكْمِلَةِ" وَ"التَّبْصِيْرِ" وَ"المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ": "الهَاطِرا" بِزِيَادَةِ أَلِفٍ فِي آخِرِهِ.
أَبُو المُعَمَّرِ. كَانَ اسْمُهُ خُزَيْفَةَ
(1)
، فَغَيَّرَ وَصَارَ
(2)
يُكْتَبُ عَبْدَ اللهِ
(3)
.
قَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ بنِ الجَرَاحِ، وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الفَضْلِ بْنِ خَيْرُوْنَ، وَأَبِي القَاسِمِ الرَّبَعِيِّ، وَغَيْرِهِمْ
(4)
. وَتَفَقَّهُ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ، وَحَدَّثَ. رَوَى عَنْهُ أَبُو حَفْصٍ السَّهْرَوَرْدِيُّ
(5)
فِي "مَشْيَخَتِهِ"، وَغَيْرِهِ.
قَالَ الشَّرِيْفُ أَبُو الحَسَنِ الزَّيْدِيُّ
(6)
الحَافِظُ: كَانَ مُحِبًّا لِلْرِوَايَةِ صَحِيْحَ السَّمَاعِ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ مِنَ الغَدِ بِمَدْرَسَتِهِ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ". وَكَذَا أَرَّخَهُ القَطِيْعِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ". وَوَقَعَ فِي "مَشْيَخَةِ السَّهْرَوَرْدِيِّ": أَنَّه تُوفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ تَاسِعَ عَشَرَ رَجَبٍ.
(1)
في (ط): "خُرَيْفَةَ"، وَفي "العِبَرِ" وَ"الشَّذَرَاتِ""حُذَيْفَةَ"، وَفِي تَكْمِلَةِ ابنِ نُقْطَةَ الحَنْبَلِيِّ: في بَابِ (حُذَيْفَةَ وَخُزَيْفَة) قَالَ: "بِضَمِّ الخَاءِ المُعْجَمَةِ، وَفَتْحِ الزَّايِ .. ".
(2)
في (ط): "وَسَارَ" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(3)
تَرْجَمَهُ الذَّهَبِيُّ في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ فِيْهِمَا.
(4)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُوْلَ:"وَغَيْرهما".
(5)
عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، أَبُو حَفْصٍ، شِهَابُ الدِّيْنِ (ت: 632 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: تَكْمِلَةِ النَّقَلَةِ (3/ 380)، وَذَيلِ الرَّوْضَتَيْنِ (163)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (5/ 143)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 153).
(6)
في (ط): "الزُّبَيْدِيُّ". تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِرَارًا.
143 - إِسْمَاعِيلُ بنُ أَبِي طَاهِرِ
(1)
بْنِ الزُّبَيْرِ الجِيْلِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو المَحَاسِنِ.
حَدَّثَ بِيَسِيْرٍ عَنْ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ سَعْدٍ الخَبَّازِ، وَهُوَ حَيٌّ. سَمِعَ مِنْهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمسِمَائَةَ.
(1)
143 - ابنُ الزُّبَير الجِيْلِيُّ (؟ - بعد 559 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 30)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 262)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 168)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 267) وَفِي "المَقْصَدِ" وَ"المَنْهَجِ" جَعَلَا وَفَاتَهُ سَنَةَ (559 هـ) وَقَالَ مُحَقِّق "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" تَعْلِيقًا عَلَى لَفظَةِ "تُوُفِّي" فَقَالَ:"سَقَطَتْ مِن "الذَّيل" .. "؟! وَهَذا غَيْرُ صَحِيْحٍ، وَعِبَارَةُ المُؤلِّفِ وَاضِحَةٌ لَا سَقَطَ فِيْهَا؛ لأَنَّ ابنَ رَجَبٍ لا يَعْلَمُ تَارِيخَ وَفَاتِهِ، وَأَرَادَ المُقَارَبَةَ فَجَعَلَهُ آخِرَ الطَّبَقَةِ، وَلَوْ أَنَّ ابنَ رَجَبٍ يَعْلَمُ تَاريخَ وَفَاتِهِ وَأَنَّهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَقَدَّمَهُ كَمَا فَعَلَ العُلَيْمِيُّ لَمَّا تَوَهَّمَ سَنةَ وَفَاتِهِ.
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةَ (560 هـ):
158 -
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو إسْحَقَ المَوْصِلِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، الفَقِيْهُ، نَزِيْلُ "دِمَشْقَ" دَرَّسَ بِـ "الصَّادِرِيَّةِ"، وَنَابَ فِي الحُكْمِ للقَاضِي الزَّكِيِّ كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (300).
وَهُنَا إِشْكَالٌ فَالمَدْرَسَةُ الصَّادِرِيَّة مِن مَدَارِسِ الحَنَفِيَّةِ بـ "دِمَشْق" فِي "بَابِ البَرِيْدِ" عَلَى بَابِ الجَامِعِ الغَرْبِيِّ، كَذَا قَالَ ابنُ شَدَّادٍ فِي الأَعلاقِ الخَطِيْرَةِ "مَدِيْنَةِ دِمَشْقَ"(199)، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ مَسْجِدَهَا ص (122)، قَالَ:"أَنْشَأهَا شُجَاعُ الدَّوْلَةِ صَادِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَهِيَ أَوَّلُ مَدْرَسَةٍ أُنْشِئَتْ بِـ "دِمَشْقَ" سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ". وَيُرَاجَعُ: الدَّارِسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِسِ (1/ 537)، وَمُخْتَصَرِهِ (94)، وَ"خُطَط الشَّامِ" وَغَيْرِهَا. فَهَلِ المَذْكُوْرُ حَنْبَلِيُّ المَذْهَبِ؟!
144 - عَبْدُ القَادِرِ بْنِ أَبِي صَالِحِ
(1)
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَنْكِي دَوْست
بنِ أَبِي
(1)
144 - عَبْدُ القَادِرِ الجِيْلَانِيُّ (477 - 561 هـ):
شَيْخُ الطَّرِيْقَةِ وَإِمَامُ الحَنَابِلَةِ فِي وَقْتِهِ، أَخْبَارُهُ فِي: مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ لابنِ الجَوْزِيِّ (640)، وَمُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 30)، والمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 148)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 215)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 271). وَيُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ للسَّمْعَانِيِّ (3/ 415)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 219)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 323)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 164)، وَالمُخْتَصَرُ فِي أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 43)، وَسِيَرُ أَعْلامُ النُّبَلاءِ (20/ 439)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (86)، وَالعِبَرُ (4/ 175)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 75)، وَتَتِمَّةُ المُخْتَصَرِ (2/ 107)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنِ (169)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (231)، وَتَارِيْخُ ابنِ الوَرْدِيِّ (2/ 107)، وَالمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (304)، وَفَوَاتُ الوَفَيَاتِ (2/ 373)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 347)، وَالبِدَايَةُ والنِّهَايَةُ (12/ 252)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (5/ 371)، وَتَارِيْخُ الخَمِيْسِ (2/ 408)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 198)، (6/ 330)، وَالمَدْخَلُ لابنِ بَدْران (415)، وَأَضْرَبْتُ عَن الرُّجُوْعِ إِلى كُتُبٍ فِيْهَا مِنْ خُرَافَاتِ الصُّوْفيَّةِ مَا لَا تَلِيقُ بِأَهْلِ العِلْمِ، وَلَا يُمْكِنُ بِحَالٍ قَبُوْلُهُ، وَتَسْتَحِيْلُ نِسْبَتُهُ إِلى الشَّيْخِ، وَإِنْ كَانَ العُلَيْمِيُّ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" قَد نَقَلَ عَنْ بَعْضِهَا، وَقدْ قَصَّرَ مُحَقِّقُهُ - عَفَا اللهُ عَنْه - فِي التَّعْلِيْقِ عَلَى تِلْكَ المَوَاضِعِ الَّتِي كَانَ مِنَ الوَاجِبِ أَنْ يُعَلِّقَ عَلَيْهَا صِيَانَةً لِلشَّرِيعَةِ، وَحِمَايَةَ لعُقُولِ الشُّدَاةِ من طَلَبَةِ العِلْمِ، وَتَبْرِئَةً للشَّيخِ مِنْ بَعْضِ مَا نُسِجَ حَوْلَهُ مِنْ التُّرَّهَات، وَليُحَدِّدَ المُحَقِّقُ نَفْسُهُ مَوْقِفَهُ مِنْ هَذِهِ الخُرَافَاتِ التِي لَا أَظُنُّهُ يَقْبَلُ بِها، وَلَا يَرْضَى عَنْهَا؛ أَدَاءً لأَمَانَةِ العِلْمِ وَإِحْقَاقًا لِلْحَقِّ، وَدَحْضًا لِلباطِلِ.
وَانْتَسَبَ إِلى الشَّيخِ أُسْرَةٌ عِلْمِيَّة كَبِيْرَةٌ هِيَ مِنْ أَكْبرِ الأُسَرِ العِلْمِيَّةِ الحَنْبَلِيَّةِ الَّتِي عَرَفْتُهَا حَتَّى الآنَ، وَقَدْ تَمَيَّزَ مِن أَوْلَادِ الشَّيخِ رحمه الله عشَرَةٌ مِنَ الفُضَلَاءِ هُم: علَى حَسَبِ وَفَيَاتِهِمْ: عِيْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 573 هـ)، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ =
عَبْدِ اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ الجِيْليُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ العَصْرِ، وَقُدْوَةُ العَارِفِيْنَ، وَسُلْطَانُ المَشَايِخِ، وَسَيِّدُ أَهْلِ الطَّرِيْقَةِ فِي وَقْتِهِ، مُحْيِي الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ، صَاحِبُ
= (ت: 575 هـ)، وَعَبْدِ اللهِ بْنُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 578 هـ)، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 592 هـ)، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 593 هـ)، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 600 هـ)، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 600 هـ) أَيْضًا، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 602 هـ)، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ (603 هـ)، وَمُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 618 هـ) وَلَهُ مِنَ الأَحْفَادِ أَعْدَادٌ كَبِيْرَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ يَصْعُبُ ذِكْرُهُم هُنَا؛ لِكَثْرَتَهِمْ، تَرْجَمَ المُؤَلِّفُ لبَعْضِهِمْ وَأَهْمَلَ آخَرِيْنَ. نَذْكُرُ مَنْ أَهْمَلَ مِنْهُمْ فِي اسْتِدْرَاكِنَا فِي سِنِيِّ وَفَيَاتِهِمْ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَقَدْ وَضَعَ مُحَقِّقُ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" مُشَجَّرًا لأُسرَةِ آلِ الجِيْلَانِيِّ (الجِيْلِيِّ) فِي مُقَدِّمَةِ الكِتَابِ، وَأَدْخَلَ فِي هَذِهِ الأُسْرَةِ "آلَ شَافِعَ" الجِيْلَانِيَّ؟! وَلَمْ يَعْتَمِد عَلَى نَصٍّ صَرِيْحٍ فِي ذلِكَ، وَهُوَ خَطَأٌ بِلَا شَكٍّ، وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيْهُ عَلَى ذلِكَ فِي التَّعْرِيْفِ بِـ "آلِ شَافِعٍ" الجِيْلَانِيِّيْنَ فِي تَرْجَمَةِ شَافِعِ بنِ صَالِحٍ (ت: 480 هـ).
- وَوَالِدَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ هِيَ فَاطِمَةُ بنْتُ أَبي عَبْدِ اللهِ الصَّوْمَعِيِّ، كَذَا ذَكَرَ العُلَيْمِيُّ وَغيْرِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً، وَجَدُّه لأُمِّهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّوْمَعِيُّ كَانَ زَاهدًا
…
- وَمَوْلاتُهُ: مَرْيَمُ الرُّوْمِيَّةُ (ت: 605 هـ)، وَهِيَ أُمُّ أَوْلادِهِ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (132)، وَقَالَ: "سَمِعْتُ مِن أَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ لكِنْ لَمْ تَرْوِ، مَاتَتْ فِي رَبِيْعٍ الأوَّلِ، وَنَيَّفَتْ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
- وَصِهْرُهُ عَلَى ابْنَتِهِ: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَامِدٍ اليَغْنَوِيُّ (ت: 609 هـ) حَنْبَلِيٌّ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
- وَسِبْطُهُ: عَفِيْفُ بنُ المُبَارَكِ النَّاسِخُ. المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 209).
- وَبِنْتُ سِبْطِهِ: أَمَةُ الرَّحِيْمِ (ت: 621 هـ) مُسْتَدْرَكَةٌ فِي مَوْضِعِهَا.
المَقَامَاتِ وَالكَرَامَاتِ، وَالعُلُوْمِ وَالمَعَارِفِ، وَالأَحْوَالِ المَشْهُورَةِ. وَبَعْضُ النَّاسِ يَذْكُرُ نَسَبَهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، فَيَزِيْدُ بَعْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ: ابْنِ يَحْيَى الزَّاهِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُوسَى الجَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَسَنِ المُثَنى بْنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
(1)
.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ - أَوْ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ -
(2)
بِـ "كِيْلَانَ" وَقَدِمَ
(3)
"بَغْدَادَ" شَابًّا، فَسَمِعَ بِهَا الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي غَالِبِ بْنِ البَاقِلَّانِيِّ، وَجَعْفَرٍ السَّرَّاجِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سَوْسَنٍ، وَابْنِ بَيَانٍ، وَأَبِي طَالِبٍ بْنِ يُوسُفَ، وَابْنِ خُشَيْشٍ
(1)
فِي هامش (ج): "وَيَتَّصِلُ نَسَبُهُ إِلَى عَلِي .. " قِرَاءَة نُسْخَةٍ أُخْرَى.
يَقُوْلُ الفَقِيْرُ إلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ سُلَيْمَان العُثَيْمِيْن - عَفَا اللهُ عَنْهُ -: الَّذِي ادَّعَى هَذا النَّسَبَ هُوَ حَفِيْدُهُ نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 633 هـ) الَّذِي تَوَلَّى القَضَاءَ فِي "العِرَاقِ" وَأَصْبَحَ يُدْعَى "قَاضِي القُضَاة"، وَقَدْ عَارَضَهُ نُقَبَاءُ الأَشْرَافِ مِنَ الهَاشِمِّيين مَا بَيْنَ عبَّاسِيٍّ، وَفَاطِمِيٍّ، وَجَعْفَرِيٍّ، وَرَدُّوا هَذِهِ الدَّعْوَى رَدًّا بَلِيْغًا؛ لأَنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ كِيْلَانِيٌّ، مِنْ مَرَازِبَةِ الفُرْسِ، فَاسْتَحْيَى الشَّيخُ نَصْرٌ، وَاعْتَزَلَ النَّاسَ، وَقِيْلَ فِيْهِ شِعْرٌ، وَقَدْ ذَكَرْتُ ذلِكَ بِالتَّفْصِيلِ فِي هَامِشِ تَرْجَمةِ القَاضِي نَصْرٍ، في "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ" وَسَأُعِيْدُهُ ثَانِيَةً فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ هُنَا في مَوْضِعِه إِنْ شَاءَ اللهُ.
(2)
هكَذَا بِاتِّفاقِ الأُصُوْلِ المُعْتَمَدَةِ وَفي (ط): "تسعين .. أَوْ إِحْدَى وتِسعِيْنَ" وَلَمْ يَذْكُرِ ابنُ مُفْلِحِ سَنَةَ مَوْلِدِهِ وَذَكَرْتُ فِي الهَامِشِ مَوْلِدَهُ سَنة: (522) سَهْوًا ظَاهِرًا، وَخَطَأً مَحْضًا، لِذلِكَ قُلْتُ - تَعْلِيقًا عَلَى قِرَاءَتِهِ عَلَى الخَطِيْبِ التِّبْرِيزِيِّ،-:"وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ. . ." بِنَاءً علَى هَذَا الخَطأ فَلْيُصَحِّحْ.
(3)
في (ط): "وَفَدَ".
وَأُبَيٍّ النَّرْسِيِّ
(1)
، وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي سَعْدٍ المَخَرِّمِيِّ
(2)
، وَأَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ أَيْضًا عَلَى ابْنِ عَقِيْلٍ، وَالقَاضِيْ أَبِي الحُسَيْنِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ وَالخِلَافِ وَالأُصُوْلِ، وَغَيْرِ ذلِكَ. وَقَرَأَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي
(3)
زَكَرِيَّا التِّبْرِيْزِيِّ. وَصَحِبَ الشَّيْخَ حَمَّادًا الدَّبَّاسَ الزَّاهِدَ
(4)
، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ شَيْخِهِ المَخَرِّمِيِّ، وَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ، وَدُفِنَ بِهَا.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَتْ هَذِهِ المَدْرَسَةُ لَطِيْفَةً، فَفُوِّضَتْ إِلَى عَبْدِ القَادِرِ، فَتَكَلَّمَ عَلَى النَّاسِ بِلِسَانِ الوَعْظِ، وَظَهَرَ لَهُ صِيْتٌ بِالزُّهْدِ. وَكَانَ لَهُ سَمْتٌ وَصَمْتٌ، وَضَاقَتِ المَدْرَسَةُ بِالنَّاسِ، وَكَانَ يَجْلِسُ عِنْدَ سُوْرِ "بَغْدَادَ" مُسْتَنِدًا إِلَى الرِّبَاطِ، وَيَتُوْبُ عِنْدَهُ فِي المَجْلِسِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، فَعُمِرَتِ المَدْرَسَةُ وَوُسِّعَتْ، وَتَعَصَّبَتْ فِي ذلِكَ العَوَامُّ. وَأَقَامَ فِي مَدْرَسَتِهِ يُدَرِّسُ وَيَعِظُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فَقَالَ: إِمَامُ الحَنَابِلَةِ وَشَيْخُهُمْ فِي عَصْرِهِ، فَقِيهٌ صَالِحٌ، دَيِّنٌ، خَيِّرٌ، كَثِيْرُ الذِّكْرِ، دَائِمُ الفِكْرِ، سَرِيْعُ الدَّمْعَةِ، كَتَبْتُ عَنْهُ. وَكَانَ يَسْكُنُ بِـ "بَابِ الأَزَجِ" فِي المَدْرَسَةِ الَّتِي بَنَوا لَهُ. وَسَمِعْتُ أَبَا
(1)
فِي (ط): "وأَبِي الزَّيْنِي" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ وَالمَقْصُودُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَيْمُونٍ، أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيُّ (ت: 510 هـ) مُحْدَّثٌ مَشْهُوْرٌ بِلَقَبِهِ "أُبَيٍّ"، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِرَارًا.
(2)
في (ط): "المخرامي" خَطَأُ طِبَاعَةٍ، وَالمَقْصُوْدُ بِهِ المُبَارَكُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، أَبُو سَعْدٍ المُخَرِّمِيِّ (ت: 513 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
ساقطة من (ط).
(4)
تَقَدَّمَ التَّعريفُ بِهِ.
الخَيْرِ
(1)
ابنَ التَّبَّانِ الفَقِيْهَ البَغْدَادِيَّ يَقُوْلُ: إِنَّ مَدْرَسَةَ عَبدِ القَادِرِ كَانَتْ لِلْقَاضِي المَخَرِّمِيِّ، فَلَمَّا فُوِّضَتْ إِلَى عَبْدِ القَادِرِ أَرَادَ أَنْ يُوَسِّعَهَا وَيَعْمُرَهَا. فَكَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَأْتُوْنَهُ بِشَيءٍ فَشَيءٍ إِلَى أَنْ عَمَرَهَا، فَاتَّفَقَ أَنَّ امْرَأَةً مِسْكِيْنَةً جَاءَتْ بِزَوْجِهَا، وَكَانَ زَوْجُهَا مِنَ الفَعَلَةِ الرَّوْزَجَارِيَّةِ، وَقَالَتْ لِعَبْدِ القَادِرِ: هَذَا زَوْجِي، وَلِيْ عَلَيْهِ مِنَ المَهْرِ قَدْرَ عِشْرِيْنَ دِينَارًا، وَوَهَبْتُ لَهُ النِّصْفَ بِشَرْطِ أَنْ يَعْمَلَ فِي مَدْرَسَتِكَ بِالنِّصْفِ البَاقِي، وَقدْ تَرَاضَيْنَا عَلَى هَذَا، فَقَبِلَ الزَّوْجُ ذلِكَ وَأَحْضَرَتِ المَرْأَةُ الخَطَّ وَسَلَّمْتُهُ إِلَى عَبْدِ القَادِرِ، فَكَانَ يَسْتَعْمِلُ الزَّوْجَ فِي المَدْرَسَةِ، وَكَانَ يُعْطِيْهِ يَوْمًا الأُجْرَةَ، وَيَوْمًا لَا يُعْطِيْه؛ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الرَّجُلَ مُحْتَاجٌ فَقِيْرٌ، وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا، إِلَى أَنْ عَلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ عَمِلَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيْرَ، فَأَخْرَجَ عَبْدُ القَادِرِ الخَطَّ، وَدَفَعَهُ إِلَى الزَّوْجِ، وَقَالَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنَ البَاقِي.
قُلْتُ: ظَهَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ لِلنَّاسِ، وَجَلَسَ لِلْوَعْظِ بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَحَصَلَ لَهُ القَبُوْلُ التَّامُّ مِنَ النَّاسِ، وَاعْتَقَدُوا دِيَانَتَهُ وَصَلَاحَهُ، وَانْتَفَعُوا بِهِ وَبِكَلَامِهِ وَوَعْظِهِ، وَانْتَصَرَ أَهْلُ السُّنَّةِ بِظُهُوْرِهِ، وَاشْتُهِرَتْ أَحْوَالُهُ، وَأَقْوَالُهُ، وَكَرَامَاتُهُ، وَمُكَاشَفَاتُهُ، وَهَابَهُ المُلُوْكُ فَمَنْ دُونَهُمْ.
(1)
في (ط): "أَبَا الحُسَيْنِ" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَالمَقْصُود: دُلَفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ التَّبَّانِ الأَزْجِيُّ، أَبُو الخَيْرِ (ت: بعد 577 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأتي، وهُوَ مُحَرَّفٌ هُنَاكَ أَيضًا في (ط) إلَى "البَتَّان" تَحْرِيْفُ طِبَاعَةٍ. وَفِي تَرْجَمَتِهِ هُنَاكَ قَالَ المُؤَلِّفُ:"وَصَحِبَ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ".
قَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ صَاحِبُ "المُغْنِي": لَمْ أَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ يُحْكَى عَنْهُ مِنَ الكَرَامَاتِ أَكْثَرَ مِمَّا يُحْكَى عَنِ الشَّيْخِ عَبدِ القَادِرِ
(1)
، وَلَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُعَظَّمُ مِنْ أَجْلِ الدِّيْنِ أَكْثَرَ مِنْهُ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ:
(2)
أَنَّهُ لَمْ تَتَوَاتَرْ كَرَامَاتُ أَحَدٍ مِنَ المَشَايِخِ إِلَّا الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ، فَإِنَّ كَرَامَاتِهِ نُقِلَتْ بِالتَّوَاتُرِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ الإِمَامِ نَاصِحِ الدِّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ نَجْمِ بنِ الحَنْبَلِيِّ الدِّمَشْقِيِّ
(3)
قَالَ: حَكَى شَيْخُنَا أَبُو الحَسَنِ بْنُ غَرِيْبَةَ الفَقِيْهِ:
(4)
أَنَّ الوَزِيْرَ ابنَ هُبَيْرَةَ رحمه الله قَالَ لَهُ الخَلِيْفَةُ - يُرِيْدُ: المُقْتَفِي لأَمْرِ اللهِ - قَدْ شَكَى مِنَ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَقَالَ: إِنَّهُ يَسْتَخِفُّ بِي، وَيَذكُرُنِي، وَلَهُ نَخْلَةٌ فِي رِبَاطِهِ، يَتَكَلَّمُ وَيَقُوْلُ: يَا نُخَيْلَةُ لَا تتَعَدَّى أَقْطَعْ رَأْسَكِ، وَإِنَّمَا يُشِيْرُ إِلَيَّ، تَمْضِي إِلَيْهِ وَتَقُوْلُ لَهُ فِي خَلْوَةٍ مَا يَحْسُنُ بِكَ أَنْ تتَعَرَّضَ بِالإِمَامِ أَصْلًا،
(1)
أَقُولُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: وَلَمْ أَسْمَعُ أَنا عَنْ أَحَدٍ يُحْكَى عَنْهُ مِنِ الخُرَافَاتِ وَالتُّرَّهَاتِ أَكْثَرُ مِمَّا يُحْكَى عَنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كَثِيْرٍ مِمَّا يَحْكِي عَنْهُ الأَتْبَاعُ وَالمُرِيْدُونَ؟! وَكَثيْرٌ مِن هَؤُلَاءِ بَعْدَ زَمَنِ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ، خَاصَّةً فِي القُرُوْنِ المُتَأَخِّرَةِ.
(2)
عَبْدُ العَزِيْزُ بنُ عَبْدِ السَّلَامِ بنِ أَبي القَاسِمِ، شَيْخُ الإِسْلَامِ (ت: 660 هـ). أَخبَارُهُ فِي: ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (216)، وَذَيْلِ مِرْآةِ الزَّمَانِ (1/ 505)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (5/ 80)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 35)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (5/ 301).
(3)
المُتَوفَّى سَنَةَ (634 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(4)
عَلِيُّ بنُ أَبِي المَعَالِي، الدَّارقَزِّيُّ، المُحَوِّلِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابن الأَحْدَبِ" وَبِـ "ابن غَرِيْبَةَ" (ت: 578 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَأَنْتَ تَعْرِفُ حُرْمَةَ الخِلَافَةِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ جَمَاعَةً، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُ مِنْهُ خَلْوَةً، فَسَمِعْتُهُ يَتَحَدَّثُ، وَيَقُوْلُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ: نَعَمْ أَقْطَعُ رَأْسَهَا، فَعَلِمْتُ أَنَّ الإِشَارَةَ إِلَيَّ، فَقُمْتُ وَذَهَبْتُ، فَقَالَ لِي الوَزِيْرُ: بَلَّغْتَ؟ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ مَا جَرَى، فَبَكَى الوَزِيْرُ، وَقَالَ: لَا شَكَّ فِي صَلَاحِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ الحَنْبَلِيِّ أَيْضًا: أَنَّ خَالَهُ أَبَا الحَسَنِ بنَ نَجَا الوَاعِظُ
(1)
اجْتَمَعَ بِالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَكَانَ يَحْكِي عَنْهُ، قَالَ: سَبَقْتُ يَوْمَ العِيْدِ إِلَى المُصَلَّى إِلَى المَكَانِ الَّذِي يُصَلِّي فِيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ، قَالَ: فَجَاءَ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ وَمَعَهُ خَلْقٌ كَثيْرٌ، وَالنَّاسُ يُقَبِّلُوْنَ يَدَهُ فَصَّلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟ فَمِنَ السُّنَّةَ أَنْ لَا يُنْتَفَلَ قَبْلَهَا، قَالَ: فَلَمَّا سَلَّمَ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: لَهَا سَبَبٌ.
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الإِمَامِ صَفِيِّ الدِّيْنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بْنِ عَبْدِ الحَقِّ البَغْدَادِيِّ
(2)
. قَالَ: قَرَأْتُ بِخَطِّ الإِمَامِ أَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الجَيشِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُطِيْعٍ البَاجِسْرَائِيُّ قَالَ: كُنْتُ أَجِيءُ مِنْ مَدْرَسَةِ الوَزِيْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ مِنْ "بَابِ البَصْرَةِ" إِلَى الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، فَجِئْتُ فِي بَعْضِ الأَيَّامِ، وَهُوَ كَأَنَّهُ ضَجْرَانُ، فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: قُمْ، فَمَضَيْتُ، فَبَيْنَا أَنَا فِي بَعْضِ الطَّرِيْقِ
(1)
هُوَ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 599 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَابنُ الحَنْبَلِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ نَجْمٍ، نَاصِحُ الدِّيْنِ (ت: 634 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (739 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
أَنْفَذَ خَلْفِي، فَجِئْتُ فَقَالَ: لَمَّا حَرَّدْتُ
(1)
عَلَيْكَ، وَمَشَيْتُ نِمْتُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَنْتَ مُعَلِّمُ الخَيْرِ، لَا تَضْجَرْ، أَنْتَ مُعَلِّمُ الخَيْرِ، لَا تَضَجَرْ، أَنْتَ مُعَلِّمُ الخَيْرِ، لَا تَضْجَرْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ عَلَيَّ، وَأَقْرَأَنِي.
وَكَانَ الشَّيخُ عَبْدُ القَادِرِ رحمه الله فِي عَصْرِهِ مُعَظَّمًا، يُعَظِّمُهُ أَكْثَرُ مَشَايِخِ الوَقْتِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ، وَلَهُ مَنَاقِبُ وَكَرَامَاتٌ كَثِيْرَةٌ. وَلكِنْ قَدْ جَمَعَ المُقْرِئُ أَبُو الحَسَنِ الشَّطَّنُوْفِيُّ المِصْرِيُّ
(2)
فِي أَخْبَارِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ وَمَنَاقِبِهِ ثَلَاثُ مُجَلَّدَاتٍ، وَكَتَبَ فِيهَا الطَّمَّ وَالرَّمَّ، وَ"كَفَى بِالمَرْءِ كَذِبًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ". وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ هَذَا الكِتَابِ، وَلَا يَطِيْبُ عَلَى قَلْبِي أَنْ أَعْتَمِدَ عَلَى شَيءٍ مِمَّا فِيهِ فَأَنْقُلَ مِنْهُ إِلَّا مَا كَانَ مَشْهُوْرًا مَعْرُوْفًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الكِتَابِ؛ وَذلِكَ لِكَثْرةِ مَا فِيهِ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ، وَفِيهِ مِنَ الشَّطْحِ وَالطَّامَاتِ وَالدَّعَاوَى وَالكَلَامِ البَاطِلِ مَا لَا يُحْصَى، وَلَا يَلِيْقُ نِسْبَةُ مِثْلِ ذلِكَ إِلَى
(1)
الحَرْدُ: الغَيْظُ وَالغَضَبُ.
(2)
علِيُّ بنُ يُوسُفَ بنِ جَرِيْرِ بنِ مِعْضَادٍ اللَّخْمِيُّ، أَبُو الحَسَنِ (ت: 713 هـ) أَحَدُ القُرَّاءِ المَشَاهِيْرُ، شَافِعِيُّ، أَصْلُهُ مِنَ "البَلْقَاءِ" بِبِلَادِ "الشَّامِ" وَمَوْلِدُهُ وَوَفَاتُهُ بِـ "مِصْرَ". وَالشَّطَّنُوْفِيُّ مَنْسُوْبٌ إِلَى "شَطَّنُوْفَ" قَالَ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (3/ 390)"بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيْدِ ثَانِيْهِ، وَفَتْح النُّوْنِ، وَآخِرُهُ فَاءُ، بَلَدٌ بِـ "مِصْرَ" مِنْ نَوَاحِي كَوُرَةِ الغَرْبِيَّةِ، عِنْدَهُ يَفْتَرِقُ "النِّيْلُ" فِرْقَتَيْنِ
…
وَهُوَ مُرَكَّبٌ .. ". أَخبَارُهُ فِي: الدُّرَرِ الكَامِنَةِ (3/ 216)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 585)، وَحُسْنُ المُحَاضَرَةِ (1/ 290)، قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي "الدُّرَرِ" وَجَمَعَ هُوَ مَنَاقِبَ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَسَمَّى الكِتَابَ "البَهْجَةَ" قَالَ الجَمَالُ؟ [الكَمَالُ] جَعْفَرٌ: وَذَكَرَ فِيْهَا غَرَائِبَ وَعَجَائِبَ، وَطَعَنَ النَّاسُ فِي كَثِيرٍ مِنْ حِكَايَتِهِ، وَمِنْ أَسَانِيْدِهِ فِيْهَا. . ." وَفِي هَذَا الكَلَامِ مَا يُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ المُؤَلِّفُ.
الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ رحمه الله ثُمَّ وَجَدْتُ الكَمَالَ جَعْفَرَ الأُدْفَوِيَّ
(1)
قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الشَّطَّنُوْفِيَّ نَفْسَهُ كَانَ مُتَّهَمًا فِيْمَا يَحْكِيْهِ فِي هَذَا الكِتَابِ بِعَيْنِهِ.
وَمِنْ أَحْسَنِ مَا فِي هَذَا الكِتَابِ: مَا ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ عَنْ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ العِمَادِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيِّ
(2)
، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخَنَا الشَّيْخَ مُوَفَّقَ الدِّيْنِ بْنَ قُدَامَةَ يَقُوْلُ: دَخَلْنَا "بَغْدَادَ" سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، فَإِذَا الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ مِمَّنْ انْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّئَاسَةُ بِهَا عِلْمًا، وَعَمَلًا، وَمَالًا، وَاسْتِفْتَاءً، وَكَانَ يَكْفِي طَالِبَ العِلْمَ عَنْ قَصْدِ غَيْرَهُ؛ مِنْ كَثْرَةِ مَا اجْتَمَعَ فِيْهِ مِنَ العُلُوْمِ، وَالصَّبْرِ عَلَى المُشْتَغِلِيْنَ، وَسَعَةِ
(1)
جَعْفَرُ بنُ تَغْلِبِ بنِ جَعْفَرٍ، أَبُو الفَضْلِ، كَمَالُ الدِّين (ت: 748 هـ) مُؤَلِّفُ "الطَّالِعِ السَّعِيدِ الجَامِعِ لأَسْمَاءِ نُجَبَاءِ الصَّعِيدِ"، وَ"البَدْرِ السَّافِر. . .". وَالنَّصُّ مِنه. أَخْبَارُهُ فِي: الدُّرَرِ الكَامِنَةِ (2/ 72)، وَتَارِيخِ ابن قَاضِي شُهْبَةَ (2/ 1/ 517)، والشَّذْرَاتِ (6/ 153)، وَتَرْجَمَ لنَفْسِهِ فِي آخِرِ كِتَابِهِ "الطَّالِعِ السَّعِيْدِ" وَرَجَّحَ الأُسْتَاذُ الزِّرِكْلِيُّ فِي الأَعْلَامِ (2/ 123)، فِي الهَامِشِ ضَبْطَ اسمِ أَبِيهِ "تَغْلِبَ" بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ عَلَى اسْمِ القَبِيْلَةِ. عَن ضَبْطِ نُسْخَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ "البَدْرِ السَّافِرِ" فَلَا بأْسَ بِالأَخْذِ بِقَوْلِ الثِّقَةِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -. وَهُوَ "ثَعْلَبٌ" بِالثَّاءِ المُثَلَّثَةِ فِي كَثِيْرٍ مِنْ مَصَادِرِ تَرْجَمَتِهِ، عَلَى اسْمِ الحَيَوَان المَعْرُوْفِ، وَ (الأُدْفَوِيُّ) مَنْسُوْبٌ إِلَى "أُدْفُو" بِضَمِّ الهَمْزَةِ وَسُكُوْنِ الدَّالِ، وَضَمِّ الفَاءِ، وَسُكُوْنِ الوَاوِ، اسْمُ قَرْيَةٍ بِصَعِيْدِ "مِصْرَ" الأَعْلَى. كَمَا فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (1/ 153)، وَلَمْ يَذْكُر هَذِهِ النِّسْبَةَ السَّمْعَانِيُّ فِي "الأَنْسَابِ" مَعَ أَنَّ مِنَ المَنْسُوْبِيْنَ إِلَيْهَا مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ أَبُو بَكْر مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأُدْفَوِيُّ المُفَسِّرُ المَشْهُوْرُ (ت: 388 هـ) صَاحِبُ "الاسْتِغْنَاءِ" فِي التَّفْسِيْرِ. وَهُوَ مَشْهُوْرٌ، وَكِتَابُهُ (خ).
(2)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (676 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعهِ كَمَا سَيَأْتِي.
الصَّدْرِ، وَكَانَ مِلْءَ العَيْنِ، وَجَمَعَ اللهُ فِيْهِ أَوْصَافًا جَمِيْلَةً، وَأَحْوَالًا عَزِيْزَةً، وَمَا رَأَيْتُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَذَكَرَ فِيْهِ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوَسَى بنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَقَالَ: سَمِعْتُ: وَالِدِي يَقُوْلُ: خَرَجْتُ فِي بَعْضِ سِيَاحَاتِي إِلَى البَرِّيَّةِ، وَمَكَثْتُ أَيَّامًا لَا أَجِدُ مَاءً، فَاشْتَدَّ بِي العَطَشُ، فَأَظَلَّتْنِي سَحَابَةٌ، وَنَزَلَ عَلَيَّ مِنْهَا شَيْءٌ يُشْبِهُ النَّدَى، فَتَرَوَّيْتُ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ نُوْرًا أَضَاءَ بِهِ الأُفُقَ، وَبَدَتْ لِي صُوْرَةٌ، وَنُوْدِيْتُ مِنْهَا: يَا عَبْدَ القَادِرِ أَنَا رَبُّكَ، وَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكَ المُحَرَّمَاتُ - أَوْ قَالَ: مَا حَرَّمْتُ عَلَى غَيْرِكَ - فَقُلْتُ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِن الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ، اخْسَأْ يَا لَعِيْنُ، فَإِذَا ذلِكَ النُّوْرُ ظَلَامٌ، وَتِلْكَ الصُّوْرَةُ دُخَانٌ، ثُمَّ خَاطَبَنِي وَقَال: يَا عَبْدَ القَادِرِ، نَجَوْتَ مِنِّي بِعِلْمِكَ بِحُكْمِ رَبِّكَ، وَفِقْهِكَ فِي أَحْوَالِ مُنَازَلَاتِكَ، وَلَقَدْ أَضْلَلْتُ بِمِثْلِ هَذِهِ الوَاقِعَةِ سَبْعِيْنَ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيْقِ، فَقُلْتُ: لِرَبِّي الفَضْلُ وَالمِنَّةُ، قَالَ: فَقِيْلَ لَهُ: كَيْفَ عَلِمْتَ أَنَّهُ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: بِقَوْلِهِ: "وَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكَ المُحَرَّمَاتِ"، وَهَذِهِ الحِكَايَةُ مَشْهُوْرَةٌ عَنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، فَلَيْسَ الاعْتِمَادُ فِيْهَا عَلى نَقْلِ مُصَنِّفِ هَذَا الكِتَابِ.
وَذَكَرَ فِي هَذَا الكِتَابِ أَيْضًا مِنْ طَرِيْقِ نَصْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَتْ فُتْيَا مِنَ العَجَمِ إِلَى "بَغْدَادَ" بَعْدَ أَنْ عُرِضَتْ عَلَى عُلَمَاءِ العِرَاقَيْنِ
(1)
، فَلَمْ يَتَّضِحْ لأَحَدٍ فِيْهَا جَوَابٌ شَافٍ، وَصُوْرَتُهَا: مَا يَقُوْلُ السَّادَةُ العُلَمَاءُ فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْبُدَ اللهَ عز وجل عِبَادَةً
(1)
فِي (ط): "العِرَاقِيِّين" عَلَى الجَمْعِ، وَالصَّحِيْحُ المُثْبَتُ عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَالمَقْصُوْدُ عِرَاقُ العَرَبِ، وَعِرَاقُ العَجَمِ.
يَنْفَرِدُ بِهَا دُوْنَ جَمِيْعِ النَّاسِ فِي وَقْتِ تَلَبُّسِهِ بِهَا، فَمَا يَفْعَلُ مِنَ العِبَادَاتِ؟ قَالَ: فَأُتِيَ بِهَا إِلَى وَالِدِي، فَكَتَبَ عَلَيْهَا عَلَى الفَوْرِ: يَأْتِي "مَكَّةَ" وَيُخْلَى لَهُ، المَطَافُ، وَيَطُوْفُ أُسْبُوْعًا وَحْدَهُ، وَتَنْحَلُّ يَمِيْنُهُ، فَمَا بَاتَ المُسْتَفْتِي بِـ "بَغْدَادَ".
فَأَمَّا الحِكَايَةُ المَعْرُوْفَةُ عَنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ أَنَّهُ قَالَ: قَدَمِي هَذِهِ عَلَى رَقَبَةِ كُلِّ وَلِيٍّ للهِ، فَقَدْ سَاقَهَا هَذَا المُصَنِّفُ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ. وَأَحَسَنَ مَا قِيْلَ فِيَ هَذَا الكَلَامِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَفْصٍ السَّهْرَوَرْدِيُّ
(1)
فِي "عَوَارِفِهِ" أَنَّهُ مِنْ شَطَحَاتِ الشُّيُوْخِ الَّتِي لَا يُقْتَدَى بِهِمْ فِيْهَا، وَلَا تَقْدَحُ فِي مَقَامَاتِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، فَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا المَعْصُومَ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ سَاقَ الشُّيُوْخَ المُتَأَخِّرِيْنَ مَسَاقَ الصَّدْرِ الأَوَّلِ، وَطَالَبَهُمْ بِطَرَائِقِهِمْ، وَأَرَادَ مِنْهُمْ مَا كَانَ عَلَيْهِ الحَسَنُ البَصْرِيُّ وَأَصْحَابُهُ مَثَلًا مِنَ العِلْمِ العَظِيْمِ،
(1)
هُوَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الله، أبُو حَفْصٍ، شِهَابُ الدِّيْنِ (ت: 632 هـ). تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَكِتَابه: "عَوَارِفِ المَعَارِفِ" فِي التَّصَوُّفِ رَتَّبَهُ (63) بَابًا وَجَعَلهُ فِي سِيَرِ القَوْمِ، وَذَكرَ فِيهِ أَحْوَالَهُمْ، وَسُلُوْكَهُمْ، وَآدَابَهُمْ، وَلِلقوْمِ بهِ عِنَايَةٌ تَامَّةٌ، لِذَا طُبِعَ فِي "مِصْرَ" مَرَّاتٍ فِي هَامِشِ "إِحْيَاءِ عُلُوْمِ الدِّيْنِ" للغَزَالِي فِي مَطْبَعَةِ (بُولاق) سنَةَ (1289 هـ و 1302 هـ، و 1303 - 1306 هـ)، وَطُبِعَ مُنْفَرِدًا سَنَةَ (1294 هـ) وَبِهامِشِ "الإحْيَاءِ" أَيْضًا في المَطْبَعَةِ الأَزْهَرِيَّةِ بِالقَاهِرَةِ سَنَةَ (1316 هـ) وَبِدَارِ الكُتُبِ العَرَبيَّةِ بِـ "مِصْرَ" سَنَةَ (1332، 1334)، وَبِالمَطْبَعَة العُثْمَانِيَّةِ بِـ "مِصْرَ" سَنَة (1352 هـ). ثُمَّ طُبِعَ بِـ "مِصْرَ" سَنَةَ (1358 هـ) ثُمَّ اعْتَنَى بِتَحْقِيقه عَبْدُ الحَلِيْم مَحْمُوْد،- وَكَان لَهُ عناية بِنَشْرِ كُتُبِ القَوْمِ - مُشَارَكَةً مَعَ مَحْمُودِ بنِ الشَّرِيْفِ، بِدَارِ الكُتُبِ الحَدِيْثَةِ بِـ "القَاهِرةِ" سَنَةَ (1392 هـ) هَذِه كُلُّهَا طِبَاعَةٌ، وَصُوِّرَ فِي بَيْرُوت مِرَارًا، فَهَلْ نَالَتْ كُتُبُ السَّلَفِ مِثْلَ هَذِهِ العِنَايَةِ؟!
وَالعَمَلِ العَظِيْمِ، وَالوَرَعِ العَظِيْمِ، وَالزُّهْدِ العَظِيْمِ، مَعَ كَمَالِ الخَوْفِ وَالخَشْيَةِ، وَإِظْهَارِ الذُّلِّ، وَالحُزْنِ، وَالاِنْكِسَارِ وَالإِزْدِرَاءِ عَلَى النَّفْسِ، وَكِتْمَانِ الأَحْوَالِ وَالمَعَارِفِ، وَالمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ وَنَحْوِ ذلِكَ - فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يَزْدَرِي المُتَأَخِّرِيْنَ، وَيَمْقَتُهُمْ، وَيَهْضِمُ حُقُوْقَهُمْ، فَالأَوْلَى تَنْزِيلُ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ، وَتَوْفِيَتُهُمْ حُقُوْقَهُمْ، وَمَعْرِفَةُ مَقَادِيْرِهِمْ، وَإِقَامَةُ مَعَاذِيْرِهِمْ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيءٍ قَدْرًا.
وَلَمَّا كَانَ الشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الجَوْزِيِّ، عَظِيْمُ الخِبْرَةِ بِأَحْوَالِ السَّلَفِ، وَالصَّدْرِ الأَوَّلِ قَلَّ مَنْ كَانَ فِي زَمَانِهِ يُسَاوِيْهِ فِي مَعْرِفَةِ ذلِكَ، وَكَانَ لَهُ أَيْضًا حَظٌّ مِنْ ذَوْقِ أَحْوَالِهِمْ، وَقِسْطٌ مِنْ مُشَارَكَتِهِمْ فِي مَعَارِفِهِمْ، كَانَ لَا يَعْذُرُ المَشَايِخَ المُتَأَخِّرِيْنَ فِي طَرَائِقِهِمْ المُخَالَفَةِ لِطَرَائِقِ المُتَقَدِّمِيْنَ، وَيَشْتَدُّ إِنْكَارُهُ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهُ صَنَّفَ كِتَابًا يَنْقِمُ فِيْهِ عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ أَشْيَاءَ كَثِيْرَةً
(1)
. وَلكِنْ قَدْ قَلَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَنْ لَهُ الخَبْرَةُ التَّامَّةُ بِأَحْوَالِ الصَّدْرِ الأَوَّلِ، وَالتَّمْيِيْزُ بَيْنَ صَحِيحِ مَا يُذْكَرُ عَنْهُمْ مِنْ سَقِيْمِهِ. فَأَمَّا مَنْ لَهُ مُشَارَكَةٌ لَهُمْ فِي أَذْوَاقِهِمْ، فَهُوَ نَادِرٌ النَّادِرِ، وَإِنَّمَا يَلْهَجُ أَهْلُ هَذَا الزَّمَان بِأَحْوَالِ المُتَأَخِّرِيْنَ، وَلَا يُمَيِّزُوْنَ بَيْنَ مَا يَصِحُّ عَنْهُم مِنْ ذلِكَ مِنْ غَيْرِهِ، فَصَارُوا يَخْبُطُوْنَ خَبْطَ عَشْوَاءَ فِي ظَلْمَاءَ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ.
وَلِلْشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - كَلَامٌ حَسَنٌ فِي التَّوْحِيْدِ، وَالصِّفَاتِ، وَالقَدَرِ، وَفِي عُلُوْمِ المَعْرِفَةِ مُوَافِقٌ لِلْسُّنَّةِ، وَلَهُ كِتَابُ "الغُنْيَةِ
(1)
مُؤلَّفَاتُ ابنِ الجَوْزِيَّ (178)، نَقْلًا عَنِ المُؤَلِّفِ فَحَسْبُ.
لِطَالِبِي طَرِيْقِ الحَقِّ" وَهُوَ مَعْرُوفٌ
(1)
، وَلَهُ كِتَابٌ "فُتُوْحِ الغَيْبِ"
(2)
وَجَمَعَ أَصْحَابَهُ مِنْ مَجَالِسِهِ فِي الوَعْظِ كَثيْرًا، وَكَانَ مُتَمَسِّكًا فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ، وَالقَدَرِ، وَنَحْوِهِمَا بِالسُّنَّةِ مُبَالِغًا
(3)
فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا، قَالَ فِي كِتَابِهِ "الغُنْيَةِ" المَشْهُورِ: وَهُوَ بِجِهَةِ العُلُوِّ، مُسْتَوٍّ عَلَى العَرْشِ، مُحْتَوٍ علَى المُلْكِ، مُحِيْطٌ عِلْمُهُ بِالأَشْيَاءِ:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}
(4)
(5)
وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، بَلْ يُقَالُ: إِنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى العَرْشِ، كَمَا قَالَ:
(6)
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} وَذَكَرَ آيَاتٍ وَأَحَادِيْثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَيَنْبَغِي إِطْلَاقُ صِفَةِ الاِسْتِوَاءِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيْلٍ، وَأَنهُ اسْتِوَاءُ الذَّاتِ عَلَى العَرْشِ. قَالَ: وَكَوْنُهُ عَلَى
(1)
طُبِعَ قَدِيمًا فِي لَاهُور سَنَة (1282 هـ) طِبَاعَةَ حَجَرٍ ثُمَّ طُبِعَ بِمَطْبَعَةِ مُصْطَفَى البَابِي الحَلَبِي بِـ "مِصْرَ" عِدَّةَ طَبَعَاتٍ، الطَّبْعَةُ الثَّالِثَةُ مِنْهَا مُصَحَّحَةٌ سَنَة (1376 هـ) ثُمَّ حَقَّقَهُ وَدَرَسَهُ وَقَدَّمَ لَهُ فَرَج تَوْفِيْق الوَلِيْد الأُسْتَاذ المُسَاعِد فِي كُلِّيَةِ الشَّرِيْعَةِ، جَامِعَة بَغْدَاد، وَنَشَرَهُ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ (لَا تَحْمِلُ تَارِيْخًا).
(2)
طُبِعَ فِي دَارِ الألْبَابِ بـ "بَيْرُوت" مَرَّتَيْنِ، آخِرَهُمَا سَنَة (1413 هـ) بعِنَايَةِ مُحَمَّد سَالِم البَوَّاب، كَمَا طَبَعَ البَوَّابُ المَذْكُوْرُ كِتَابَ "الفَتْح الرَّبَّانِي" فِي الدَّارِ نَفْسها بِدُوْنِ تَارِيخِ نَشْرٍ؟!
(3)
في (ط): "بَالغًا" خطأ طباعة.
(4)
سورة فاطر، الآية:10.
(5)
سورة السجدة، الآية:5.
(6)
سورة طه، الآية:5.
العَرْشِ مَذْكُوْرٌ فِي كُلِّ كِتَابٍ أُنْزِلَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أُرْسِلَ، بِلَا كَيْفٍ، وَذَكَرَ كَلَامًا طَوِيْلًا، وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الصَّرْصَرِيُّ، الشَّاعِرُ المَشْهُوْرُ
(1)
، عَنْ شَيْخِهِ العَارِفِ عَلِيِّ بْنِ إِدْرِيسَ
(2)
أَنَّهُ سَأَلَ الشَّيْخُ عَبْدِ القَادِرِ فَقَال: يَا سَيِّدِي هَلْ كَانَ للهِ وَلِيٌّ عَلَى غيْرِ اعْتِقَادِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ؟ فَقَالَ: مَا كَانَ، وَلَا يَكُوْنُ. وَقدْ نَظَمَ ذلِكَ الشَّيْخُ يَحْيَى فِي "قَصِيْدَتِهِ"
(3)
، قَالَ: الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّيْنِ
(1)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (656 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
حَنْبَلِيٌّ سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (619 هـ) إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(3)
دِيْوَانُهُ (159) مِنْ قَصِيْدَةٍ طَوِيْلَةٍ يَمْدَحُ بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسمُهَا: "تُحْفَة المُهْدِيِّ فِي اعْتِقَادِ المَهْدِيِّ" أَوَّلها:
أَسِيْرُ وَقَلْبِي فِي رُبَاكَ أَسِيْرُ
…
فَهَلْ لِيَ مِنْ جَوْرِ الفِرَاقِ مُجِيْرُ
يَقُوْلُ فِيْهَا:
فَمَنْ رَامَ أَنْ يَحْيَا سَعِيْدًا فَإِنَّهُ
…
إِلَى سُنَّةِ الهَادِي النَّبِيِّ يَسِيْرُ
وَيَتْبَعُ آثَارَ الصَّحَابَةِ إِنَّهُمْ
…
شُمُوْسٌ لِمَنْ يَبْغِي الهُدَى وَبُدُوْرُ
وَلَا يَبْتَدِعْ فَالمُبْدِعَاتُ ضَلَالَةٌ
…
وَكَيْفَ يُنَافِي الأَوَّلِيْنَ أَخِيْرُ
فَقَدْ ضَلَّ قَوْمٌ بِاتِّبَاعِ عُقُوْلِهِمْ
…
وَحُقَّ لَهُمْ أَنْ يَعْدِلُوا وَيَجُوْرُوا
فَهَذَا اعْتِقَادِي وَاعْتِقَادُ مَشَايِخِي
…
إِلَيْهِ بِأَطْرَافِ البَنَانِ نُشِيْرُ
وَحَدَّثَنِي شَيْخِي ابنُ إِدْرِيْسَ لَا عَدَا
…
ضَرِيْحًا ثَوَى فِيْهِ رَضَا وَحُبُوْرُ
وَكَانَ مَعَ السِّرِّ الَّذِي هوَ بَاطِنٌ
…
عَلَيْهِ لأَثَارِ الحَبِيْبِ ظُهُوْرُ
مَعَ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ العَلَمِ الَّذِي
…
هُوَ الآنَ فِي دَارِ السَّلَامِ مَزُوْرُ =
أَبُو العَبَّاسِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ رحمه الله حَدَّثَنِي الشَّيْخُ عِزُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَارُوْثِيِّ
(1)
، أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخَ شِهَابَ الدِّيْنِ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّهْرَوَرْدِيَّ، صَاحِبَ "العَوَارِفِ" قَالَ: كُنْتُ قَدْ عَزَمْتُ عَلَى أَنْ أَقْرَأَ شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الكَلَامِ، وَأَنَا مُتَرَدِّدٌ هَلْ أَقْرَأُ "الإِرْشَادَ" لإِمَامِ الحَرَمَيْنِ، أَوْ "نِهَايَةِ الإِقْدَامِ" لِلْشِّهْرِسْتَانِيِّ، أَوْ كِتَابًا آخَرَ ذَكَرَهُ؟ فَذهَبْتُ مَعَ خَالِي أَبِي النَّجِيْبِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِجَنْبِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، قَالَ: فَالتَفَتَ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ، وَقَالَ لِي: يَا عُمَرُ، مَا هُوَ مِنْ زَادَ القَبْرِ، مَا هُوَ مِنْ زَادِ القَبْرِ، فرَجَعْتُ عَنْ ذلِكَ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّيْنِ: وَرَأَيْتُ هَذِهِ الحِكَايَةَ مُعَلَّقَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ ابْنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيِّ رحمه الله انْتَهَى.
= أَشَارَ إِلَى أَنَّ اعْتِقَادَ ابنِ حَنْبَلٍ
…
بِصُحْبَةِ عِقْدِ الأَوْلِيَاءِ جَدِيْرُ
وَكُلُّ أَخِي نُسْكٍ لِذِي الخَلْقِ لَمْ يَكُنْ
…
يَدِيْنُ بِهِ فِي القَلْبِ فَهْوَ مَكُوْرُ
وَإِنَّ اعْتِقَادَ الشَّافِعِيِّ لِمَثْلُهُ
…
وَمَنْ حَادَ عَنْ هَذَا فَذَاكَ غَرُوْرُ
بِهَذَا يَدِيْنُ اللهَ يَحْيَى بنَ يُوْسُفٍ
…
إِلَى أَنْ تُوَارِيْهِ ثَرًى وَصُخُوْرُ
وَيَرْجُو بِهِ يَوْمَ الحِسَابِ نَجَاتَهُ
…
فَفِيْهِ لَهُ حِصْنٍ عَلَيْهِ سُتُوْرُ
(1)
في (ط): "الفَارُوْقِيُّ" تَحْرِيْفٌ. وَعِزِّ الدِّيْنِ الفَارُوثيِّ هَذَا مَنْسُوبٌ إِلَى "الفَارُوْثَ" بِضَمِّ الرَّاءِ، ثُمَّ وَاوُ سَاكِنَةٌ، وَآخِرُهُ ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ، قَرْيَةٌ عَلَى دِجْلَةَ. مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 259) وَاسِطِيٌّ، شَافِعِيُّ، مُقْرِئٌ، مُحَدِّثٌ، كَانَ خَطِيْبَ دِمَشْقَ (ت: 694 هـ) وَقَفْتُ لَهُ عَلَى "مَشْيَخَةٍ" ضِمْنَ مَجْمُوعٍ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بِـ "دِمَشْقَ". وَلَهُ كِتَابُ "إِرْشَادِ المُسْلِمِيْنَ لِطَرِيْقَةِ شَيْخِ المُتَّقِيْنَ" مَطْبُوعٌ. أَخْبَارُهُ فِي: تذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1475)، وَمَعْرِفَةِ القُرَّاءِ الكِبَارِ (6912)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (5/ 3)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 34)، وَالوَافِي بِالوفَيَاتِ (6/ 219)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (5/ 425).
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ فِي "تَارِيخهِ" سَمِعتُ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدٍ السَّهْرَوَرْدِيَّ، شَيْخَ الصُّوْفِيَّةِ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَتَفَقَّهُ فِي شَبَابِي بالمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ، فَخَطَرَ لِي أَنْ أَقْرَأَ شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الكَلَامِ، وَعَزَمْتُ عَلَى ذَلِكَ فِي نَفْسِي مِنْ غَيْرِ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ، وَاتَّفَقَ أنِّي صَلَّيْتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ مَعَ عَمِّي أَبِي النَّجِيْبِ فِي الجَامِعِ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرُ مُسَلِّمًا، فَسَأَلَهُ عَمِّي الدُّعَاءَ لِيْ، وَذَكَرَ لَهُ أَنِّي مُشْتَغِلٌ بِالفِقْهِ، قَالَ: وَقُمْتُ وَقَبَّلْتُ يَدَهُ فَأَخَذَ بِيَدِي وَقَالَ: تُبْ مِمَّا عَزَمْتَ عَلَى الاِشْتِغَالِ بِهِ، فَإِنَّكَ تُفْلِحُ، ثُمَّ سَكَتَ وَتَرَكَ يَدِيْ، قَالَ: وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَزْمِي عَنِ الاِشْتِغَالِ، حَتَّى تَشَوَّشَتْ عَلَيَّ جَمِيْعُ أَحْوَالِي، وَتَكَدَّرَ وَقْتِي عَلَيَّ، فَعَلِمْتُ أَنَّ ذلِكَ لِمُخَالَفَةِ الشَّيْخِ، قَالَ: فَتُبْتُ إِلَى اللهِ مِنْ ذلِكَ اليَوْمِ، وَرَجَعْتُ عَنْهُ، فَصَلَحَتْ حَالِي، وَطَابَ قَلْبِي.
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ السَّيْفِ بْنِ المَجْدِ الحَافِظِ
(1)
: سَمِعْتُ الشَّيْخَ الزَّاهِدَ عَلِيَّ بْنَ سَلْمَانَ البَغْدَادِيَّ، المَعْرُوْفَ بِـ "الخَبَّازِ"
(2)
بِرِبَاطِهِ بِالجَانِبِ الغَرْبِيِّ مِنْ "بَغْدَادَ" يَحْكِي عَنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجيْلِيِّ، وَنَاهِيْكَ بِهِ، فَإِنَّهُ صَاحِبُ المُكَاشَفَاتِ، وَالكَرَامَاتِ الَّتِي لَمْ تُنْتَقَلْ لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يَكُوْنُ وَلِيٌّ للهِ تَعَالَى إِلَّا عَلَى اعتِقَادِ أَحْمَدَ، رضي الله عنه.
(1)
هُوَ أَحْمَدُ بنُ عِيسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ قُدَامَةَ المَقْدَسِيُّ، حَفِيْدُ الشَّيخِ مُوَفَّقِ الدِّينِ، صَاحِبِ "المُغْنِي"، تُوُفِّيَ السَّيْفُ سَنَةَ (643 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّف فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
المُتَوَفَّى سَنةَ (656 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّف في مَوْضِعِهِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ النَّجَّارِ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ الله بْنُ أَبِي الحَسَنِ الجُبَّائِيُّ
(1)
، وَنَقَلتُهُ مِن خَطِّهِ قَالَ: كَانَ شَيْخُنَا عَبْدُ القَادِرِ الجِيْلِيُّ يَقُوْلُ: الخَلْقُ حِجَابُكَ عَنْ نَفْسِكَ، وَنَفْسِكَ حِجَابُكَ عَنْ رِبِّكَ، مَا دُمْتَ تَرَى الخَلْقَ لَا تَرَى نَفْسَكَ، وَمَا دُمْتَ تَرَى نَفْسَكَ لَا تَرَى رَبَّكَ، وَقَالَ: مَا ثَمَّ إِلَّا خَلْقٌ وَخَالِقٌ، فَإِنِ اخْتَرْتَ الخَالِقَ فَقُلْ كَمَا قَالَ
(2)
: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77)} ثُمَّ قَالَ: مَنْ ذَاقَهُ فَقَدْ عَرَفَهُ، فَاعْتَرَضَهُ سَائِلٌ، فَقَالَ: يَا سَيِّدِي، مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ مَرَارَةُ الصَّفْرَاءِ كَيْفَ يَجِدُ حَلَاوَةَ الذَّوْقِ؟ قَالَ: يَتَعَمَّدُ قَيْئَ الشَّهَوَاتِ مِنْ قَلْبِهِ، وَقَالَ: طَالَبَتْنِي نَفْسِي يَوْمًا بِشَهْوَةٍ مِنَ السُّوْقِ، فَكُنْتُ أُدَافِعُهَا، وَأَخْرُجُ مِنْ دَرْبٍ إِلَى دَرْبٍ، وَأَطْلُبُ الصَّحَارَى. فَبَينَا أَنَا أَمْشِي إِذْ رَأَيْتُ وَرَقَةً فَأَخَذْتُهَا، فَإِذَا فِيْهَا مَكْتُوبٌ مَا لِلأَقْوِيَاءِ وَالشَّهَوَاتِ؟ إِنَّمَا هِيَ لِلْضُّعَفَاءِ منْ عِبَادِي، لِيَتَقَوَّوا بِهَا عَلَى طَاعَتِي، فَخَرَجَتْ تِلْكَ الشَّهْوَةِ مِنْ قَلْبِي، قَالَ: وَكُنْتُ أَقْتَاتُ بِخَرْنُوْبِ الشَّوْكِ، وَقُمَامَةِ البَقْلِ، وَوَرَقِ الخَسِّ مِنْ جَانِبِ النَّهْرِ وَالشَّطِّ، وَبَلَغَتِ الضَّائِقَةَ فِي غَلَاءٍ نَزَلَ بِـ "بَغْدَادَ" إِلَى أَنْ بَقِيْتُ أَيَّامًا لَمْ آكُلْ فِيْهَا طَعَامًا، بَلْ كُنْتُ أَتَتَبَّعُ المَنْبُوذَاتِ أَطْعَمُهَا، فَخَرَجْتُ يَوْمًا مِنْ شِدَّةِ الجُوْعِ إِلَى الشَّطِّ لَعَلِّي أَجِدُ وَرَقَ الخَسِّ أَوِ البَقْلِ، أَوْ غَيْرَ ذلِكَ فَأَتَقَوَّتُ بِهِ، فَمَا ذَهَبْتُ إِلَى مَوْضِعِ إِلَّا وَغَيْرِي قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ، وَإِنْ وَجَدْتُ أَجِدُ الفُقَرَاءَ
(1)
في (ط): "الجبالى" تَحْرِيْفٌ. وَالجُبَّائِيُّ المذْكُوْرُ ابنُ أَخِي دَعْوَانَ (ت: 542 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ - فِيْمَا أَظُنُّ -، وَاللهُ أَعْلَمُ.
(2)
سورة الشُّعراء، الآية:77.
يَتَزَاحَمُونَ عَلَيْهِ فَأتْرُكَهُ حَياءً
(1)
، فَرَجَعْتُ أَمْشِي وَسْطَ البَلَدِ، فَلَا أُدْرِكُ مَنْبُوْذًا إِلَّا وَقَدْ سُبِقْتُ إِلَيْهِ، حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى مَسْجِدِ يَانِس
(2)
بِسُوْقِ الرَّيَاحِيْنَ
(3)
بِـ "بَغْدَادَ" وَقَدْ أَجْهَدَنِي الضَّعْفُ، وَعَجَزْتُ عَنِ التَّمَاسُكِ، فَدَخَلتُ إِلَيْهِ وَقَعَدْتُ فِي جَانِبٍ مِنْهُ، وَقَدْ كِدْتُ أُصَافِحُ المَوْتَ، إِذْ دَخَلَ شَابٌّ أَعْجَمِيٌّ وَمَعَهُ خُبْزٌ صَافِي
(4)
وَشِوَاءٌ، وَجَلَسَ يَأْكُلُ، فَكُنْتُ أَكَادُ كُلَّمَا رَفَعَ يَدَهُ بِاللُّقْمَةِ أَنْ أَفْتَحَ
(5)
فَمِي مِنْ شِدَّةِ الجُوعِ، حَتَّى أَنكَرْتُ ذلِكَ عَلَى نَفْسِي، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ وَقُلْتُ: مَا هَهُنَا إِلَّا اللهُ، أَوْ مَا قَضَاهُ مِنَ المَوْتِ، إِذْ التَفَتَ إِليَّ العَجَمِيُّ فَرَآنِي، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ يَا أَخِي، فَأَبَيْتُ فَأَقْسَمَ عَلَيَّ فَبَادَرَتْ نَفْسِي فَخَالفْتُهَا، فَأَقْسَمَ أَيْضًا، فَأَجَبْتُهُ، فَأَكَلْتُ مُتَقَاصِرًا، فَأَخَذَ يَسْأَلُنِي: مَا شُغْلُكَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ وَبِمَنْ تَعْرِفُ؟ فَقُلْتُ: أَنَا مُتَفَقِّهٌ مِنْ "جِيْلَانَ" فَقَالَ: وَأَنَا مِنْ "جِيْلَانَ" فَهَلْ تَعْرِفُ شَابًّا جِيلَانِيًّا يُسَمَّى عَبْدَ القَادِرِ، يُعْرَفُ بِسَبْطِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّوْمَعِيِّ الزَّاهِدِ؟ فَقُلْتُ: أَنَا هُوَ، فَاضْطَرَبَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ وَصَلْتُ إِلَى "بَغْدَادَ" وَمَعِي بَقِيَّةُ نَفَقَةٍ لِيْ، فَسَأَلْتُ عَنْكَ فَلَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ، وَنَفِذَتْ
(1)
في (ط): "حُبًا".
(2)
في (ط): "مسجد ياسين" خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ المُحَقِّقُ عَلَى الوَجْهِ الصَّحِيْحِ فِي تَرْجَمَةِ مَحْمُوْدِ بنِ عَلِيٍّ الدَّقُوقِيِّ (ت: 733 هـ)، وَتَرْجَمَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَلِيٍّ الخُضَرِيِّ (ت: 765 هـ)، وَتَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْدٍ المُقْرِئ (ت: 766 هـ). الَّذِي ذَكرَهُمَا اسْتِطْرَادًا.
(3)
في (ط): "الرَّيْحَانِيِّن" وانظر خَبَرَ احْتِراقِ السُّوْقِ في حَوادِت (512) في كتُبِ التَّوَارِيْخِ.
(4)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ؟! بِإِثْبَاتِ اليَاءِ.
(5)
هكَذَا: "أَنْ أَفْتَحَ" وَخَبَرُ "كَادَ" لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ "أَنْ" عَلَى الصَّحِيْحِ؟!.
نَفَقَتِي، وَلِيْ ثَلَاثَةُ أَيَّامِ لَا أَجِدُ ثَمَنَ قُوْتِي، إِلَّا مِمَّا كَانَ لَكَ مَعِي، وَقَدْ حَلَّتْ لِي المَيْتَةُ، وَأَخَذْتُ مِنْ وَدِيْعَتِكَ هَذَا الخُبْزَ وَالشِّوَاءَ، فَكُلْ طَيِّبًا، فَإِنَّمَا هُوَ لَكَ، وَأَنَا ضَيْفُكَ الآنَ، بَعْدَ أَنْ كُنْتَ ضَيْفِي، فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: أُمُّكَ وَجَّهَتْ لَكَ مَعِي ثَمَانِيَةُ دَنَانِيْرَ، فَاشْتَرَيتُ مِنْهَا هَذَا لِلْاضْطِرَارِ، فَأَنَا مُعْتَذِرٌ إِلَيْكَ، فَسَكَّتُهُ، وَطَيَّبْتُ نَفْسَهُ، وَدَفَعْتُ إِلَيْهِ بَاقِي الطَّعَامِ، وَشَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ بِرَسْمِ النَّفَقَةِ، فَقَبِلَهُ وانْصَرَفَ.
قَالَ وَكُنْتُ أُعَامِلُ بَقْلِيًّا كُلُّ يَوْمٍ بِرَغِيْفٍ وَبَقْلٍ، فَبَقِيَ لَهُ عَلَيَّ، فَضِقْتُ وَمَا أُقْدِرُ عَلَى مَا أُوَفِّيْهِ، فَقِيْلَ لِي: امْضِ إِلَى المَكَانِ الفُلَانِيِّ، فَمَضَيتُ فَوَجَدْتُ قِطْعَةُ ذَهَبٍ، فَوَفَيْتُ بِهَا البِقْلِيُّ، فَكُنْتُ أَشْتَغِلُ بِالعِلْمِ، فَيَطْرُقُنِي الحَالُ، فَأَخْرَجَ إِلَى الصَّحَارَى، لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَأَصْرَخُ وَأَهُجُّ
(1)
عَلَى وَجْهِي، فَصَرَختُ لَيْلَةً، فَسَمِعَنِي العَبَّارُوْنَ، فَفَزِعُوا، وَجَاءُوا فَعَرَفُوْنِي، فَقَالُوا: عَبْدُ القَادِرِ المَجْنُوْنُ، أَفْزَعْتَنَا، وَكَانَ رُبَّمَا أُغْشِيَ عَلَيَّ، فَيَغْسِلُوْنِي وَيَحْسَبُوْنَ أَنِّي مِتُّ، مِنَ الحَالِ الَّتِي تَطْرُقُنِي، وَرُبَّمَا أَرَدْتُ الخُرُوْجَ مِنْ "بَغْدَادَ" فَيُقَالُ لِيْ: ارْجِعْ، فَإِنَّ لِلْنَّاسِ فِيْكَ مَنْفَعَةٌ. وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ الخَشَّابِ قَالَ: كُنْتُ أَشْتَغِلُ بِالعَرَبِيَّةِ، وَأَسْمَعُ بِمَجْلِسِ عَبْدِ القَادِرِ فَلَا أَتَفَرَّغُ لَهُ، فَجِئْتُ يَوْمًا فَسَمِعْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ: ضَاعَ اليَوْمُ مِنِّي، فَقَالَ عَلَى المِنْبَرِ: وَيْلَكَ، تُفَضِّلُ الاِشْتِغَالِ بِالنَّحْوِ عَلَى مَجَالِسِ الذِّكْرِ، وَتَخْتَارُ ذلِكَ؟ إِصْحَبْنَا، نُصَيِّرَكَ سِيْبَوَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ
(1)
هَكَذَا هِي عِنْدَ العَامَّةِ فِي نَجْدٍ الآنَ، وَمَعْنَاهَا: أَشْرُدُ، وَلَعَلَّهَا مَأْخُوْذَةٌ مِنَ الهَجْهَاجِ، قَالَ فِي اللِّسَانِ (هَجَجَ):"وَالهَجْهَاجُ: النَّفُوْرُ".
يُعْنِيْنِي بِكَلَامِهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الأَخْفَشَ
(1)
يَقُولُ: كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ فِي وَسَطِ الشِّتَاءِ وَقُوَّةِ بَرْدِهِ، وَعَلَيْهِ قَمِيْصٌ وَاحِدٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ طَاقِيَةٌ، وَالعَرَقُ يَخْرُجُ مِنْ جَسَدِهِ، وَحَوْلَهُ مَنْ يُرَوِّحُهُ، بِالمَرْوَحَةِ كَمَا يَكُوْنُ فِي شدَّةِ الحَرِّ
(2)
.
وَأَخْبَارُ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ كَثِيْرَةٌ، اقتَصَرْنَا مِنْهَا عَلَى هَذَا.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: تُوُفِّيَ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ، لَيْلَةَ السَّبْتِ ثَامِنَ - وَقَالَ غَيْرُهُ: تَاسِعَ - رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، بَعْدَ المَغْرِبِ، وَدُفِنَ منْ وَقْتِهِ بِمَدْرَسَتِهِ، وَبَلَغَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَسَمِعْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ عِنْدَ مَوْتِهِ: رِفْقًا رِفْقًا، ثُمَّ يَقُوْلُ: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، أَجِيءُ إِلَيْكُمْ، أَجِيءُ إِلَيْكُمْ.
وَسَمِعتُ مَنْ يَحْكِي أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ: أَنَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ، مَا وَعَدَنَا بِهَذَا. قَالَ غَيْرُهُ: صَلَّى عَلَيْهِ وَلَدُهُ عَبْدُ الوَهَّابِ
(3)
، وَقَبْرُهُ ظَاهِرٌ يُزَارُ بِمَدْرَسَتِهِ بِـ "بَغْدَادَ" - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -. وَرَثَاهُ نَصْرٌ النُّمَيْرِيُّ - غَدَاةَ دَفْنِهِ - بِقَصِيْدَةٍ أَوَّلُهَا
(4)
.
(1)
لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ.
(2)
حَدِّثْ وَلَا حَرَجَ؟!.
(3)
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 593 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(4)
قُلْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ الوَزِيرِ ابنِ هُبَيْرَةَ إنَّ هَذِهِ القَصِيْدَةِ لَمْ تَرِدْ في مَجْمُوعِ شِعْرِ نَصْرٍ فِي "دِيوانِ الرَّاعي" لا فِي مُقَدِّمَتِهِ وَلا فِي مُسْتَدْرَكِهِ؛ لأنَّ مُحَقِّقَ الدِّيْوَانِ وَجَامِعَهُ ذَكَرَ في مُقَدِّمَتِهِ شِعْرَ نَصْرٍ.
مُشْكِلُ الأَمْرِ ذَا الصَّبَاحُ الجَدِيْدُ
…
مَا لَهُ ذَاكَ السَّنَا المَعْهُوْدُ
وَمَرَامِي الأَبْصَارِ مِنْ كُلِّ قُطْرٍ
…
مُظْلِمَاتٌ عَلَى النَّوَاظِرِ سُوْدُ
مَطْلَعُ الشَّمْسِ فِيْهِ دَاجٍ كَأَنْ قَدْ
…
كُوِّرَتْ أَوْ أَتَى عَلَيْهَا خُمُوْدُ
أَتُرَى حَلَّتِ المُنُوْنَ بِمُحْيِيْ الدِّيْـ
…
ــنِ حَقًّا فَمَا لِنُوْرِهِ [مِنْ]
(1)
خُمُوْدِ
مَا أَرَى الأَمْرَ غَيْرَ ذَاكَ وَلنْ يُوْ
…
جَدُ حَبْرٌ
(2)
وَمِثْلُهُ مفْقُوْدُ
ذُو المَقَامِ العَلِيِّ فِي الزُّهْدِ وَلَا
…
يُنْكِرُ قَوْلَ المُحِبِّ فِيهِ الحَسُوْدُ
وَالفَقِيْهُ الَّذِي تَعَذَّرَ أَنْ يُـ
…
ــلْفَى
(3)
لَهُ فِي الوَرَى جَمِيْعًا نَدِيْدُ
تَتَرَامَى إِلَيْهِ فِي العِلْمِ بِاللـ
…
ــهِ وَبِالحُكْمِ فِي الفَتَاوَى الوُفُوْدُ
مُعْرِضُ الطَّرْفِ وَالضَّمِيْرِ عَنِ الدُّنْـ
…
ــيَا تَصَدَّى لِوَصْلِهِ وَتَحِيْدُ
مُخْلِصٌ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِهِ للّـ
…
ــهِ مَا إِنْ عَلَيْهِ فِيْهَا مَزِيْدُ
لَمْ يَزُغْ عَنْ طَرِيْقَةِ السَّلَفِ الصَّا
…
لِحِ وَالمُقْتَفِي بِهِمْ مَسْعُوْدُ
وَرَعٌ كَامِلٌ وَزُهْدٌ صَحِيْحٌ
…
وَتُقًى وَافِرٌ وَعَهْدٌ وَكِيْدُ
(1)
زِيَادَةٌ يَقْتَضِيْهَا السِّيَاقُ حَذَفَهَا النُّسَّاخُ؛ لأنَّ وُجُوْدَهَا يَجْعَلُ فِي البَيْتِ إِقْوَاءً، وَهُوَ مِنْ عُيُوْبِ القَافِيَةِ، لَكِنَّ كَثِيْرًا مِنَ الشُّعَرَاءِ يَرْتَكِبُوْنَهُ، وَأَهْلُ الفَنِّ يَتَسَامَحُوْنَ بهِ، وَيُهَوِّنُوْنَ مِنْ شَأْنِهِ. وَفِي قَافِيَةِ البَيْتِ "خُمُوْدُ" وَهِيَ كَذلِكَ فِي البَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ فَلَعَلَّهَا فِي البَيْتِ السَّابِقِ "جُمُوْدُ" بِالجِيْمِ.
(2)
في (ط): "صَبْرٌ"، وهي في هامش (أ) قِرَاءَة نُسخةٍ أُخْرَى. وَيُقَالُ للعَالِمِ: حِبْرٌ وَحَبْرٌ بِكَسْرِ الحَاءِ وَفَتْحِهَا.
(3)
فِي (ط): "يُلْقَى" بالقَافِ، وَإِنَّمَا هِيَ "يُلْفَى" بالفَاءِ، أَي: يُوْجَدُ، قَالَ تَعَالَى:{إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69)} {مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا. . .} .
وَكَلَامٌ يَرُوْقُ كَالدَّرِّ نَاطِفُهُ
(1)
…
بَأَعْنَاقِهَا الحِسَانُ الغِيْدُ
أَوْ كَنُوْرِ الرَّبِيْعِ أَبْدَاهُ لِلأَبْـ
…
ــصَارِ بِالأَبْرَقِيْنَ رَوْضٌ مَجُوْدُ
يَخْشَعُ القَلْبُ عِنْدَهُ وَيَظَلُّ الـ
…
ــدَّمْعُ يَجْرِي وَتَقْشَعِرُّ الجُلُوْدُ
وَاعْتِقَادٌ مَعْ غَيْرِهِ لَيْسَ يَرْضَى
…
عَمَلًا مِنْ عِبَادَةِ المَعْبُوْدُ
يَلْتَقِي النُّجْحَ مُلْتَقِيْهِ وَيُعْطَى
…
عِنْدَهُ غَايَةَ المُرَادِ المُرِيْدُ
حَالَ مِنْ دُوْنِهِ الحِمَامُ فَلِدِّيْـ
…
ــنِ خُمُوْلٌ وَلِلْعُلَى تَبْدِيْدُ
وَلَعَمْرِيْ لَقَدْ مَضَى وَهُوَ عِنْدَ الـ
…
ــلَّهِ وَالنَّاسِ
(2)
كُلِّهِمْ مَحْمُوْدُ
طَيِّبَ الذِّكْرِ وَالأَحَادِيْثِ لَمْ يُدَ
…
نَّسِ بِلُؤْمٍ رِدَاؤهُ وَالبُرُوْدُ
شَكَتِ المَكْرُمَاتُ لَمَّا تَشَكَّى
…
وَمَضَى إِذْ مَضَى التُّقَى وَالجُوْدُ
هَذِهِ نَكْبَةٌ تَسَاوَى قَرِيْبُ النَّا
…
سِ فِي شُرْبِ كَأْسِهَا وَالبَعِيْدُ
بَكَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ فِيْهَا
…
أَسَفًا وَاعْتَرَى النَّسِيْمَ رُكُوْدُ
وَقَلِيْلٌ إِنْ أَضْحَتْ عِنْدَهَا الأَرْ
…
ضُ بِمَا فَوْقَ مَنْكِبَيْهَا تَمِيْدُ
مَاتَ مَنْ كَانَتِ الأَقَالِيْمُ تُسْـ
…
ــقَى الغَيْثَ أَغْوَارُهَا بِهِ وَالنُّجُوْدُ
وَلَو أنَّ النُّفُوسَ تُفْدَى لَمَا مَا
…
تَ وَمِنَّا عَلَى الثَرَى مَوْجُوْدُ
سَيِّدُ الأَوْلِيَاءِ فِي الشَّرْقِ وَالغَرْ
…
بِ وَبَحْرُ الفَضَائِلِ المَوْرُوْدُ
وَذَكَرَ بَاقِي القَصِيْدَةِ، وَلَهُ فِيْهِ مَرْثِيَةٌ أُخْرَى. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ
(1)
في (ط): "ناطقة"، و"النَّطْفُ وَالنُّطْفُ: اللُّؤلُؤُ الصَّافِي اللَّوْنِ، وَقِيْلَ: الصِّغَارُ مِنْهَا" اللِّسَان (نَطَفَ) وَانْظُرْ وَزْنَ البَيْتِ؟!.
(2)
العَطْفُ بِالوَاوِ فِي هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ شَرْعًا، وَإِنَّمَا يُعْطَفُ بِـ "ثُمَّ".
ابنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمَانَ الحَنْبَلِيُّ
(1)
بِـ "بَغْدَادَ" أَخْبَرَكُمْ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ ثَامِرِ بْنِ حُصَيْنِ (أَنَا) أَبُو طَالِبٍ عبْدُ اللَّطِيْفِ بْنُ مُحَمَّدٍ القَطِيْعِيُّ.
(ح) وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ الحَمَوِيِّ
(2)
(1)
هُوَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمَانَ بنِ أَحْمدَ الشَّيْرَجِيُّ البَغْدَادِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت: 765 هـ)، مِن شُيُوخِ الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ، وَشُيُوخِ أَبِيهِ شِهَابِ الدِّينِ. يُرَاجِعُ: مُعْجَمُ ابنِ رَجَبٍ "المُنْتقَى" رقم (231)، وَالدُّرَرُ الكَامِنَةُ (1/ 182)، وَالمَقْصَدُ الأَرْشَدُ (1/ 181)، وَتَارِيْخُ ابنِ قَاضِي شُهْبَةَ (1733)، وَفِيْهِ وَفَاتُهُ سَنَةَ (766 هـ)، وَالسُّحُبُ الوَابِلَةُ (1/ 224).
(2)
مِنْ شُيُوْخِ المُؤَلِّفِ وشُيُوخِ أَبِيْهِ كَمَا فِي المُنْتَقَى مِنْ مُعْجَمِ شُيُوخِهِ رقم (186)(ت: 757 هـ). والحَدِيْثُ المَذْكُوْرُ هُنَا ذَكَرَهُ الهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ (3/ 211)، وَقَالَ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ" وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيْحِ، قُلْتُ - القَائِلُ الهَيْثَمِيُّ -: لَهُ حَدِيْثٌ فِي الصَّحِيْحِ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، وَهُوَ فِي البُخَارِيِّ (6/ 80)، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ رقم (2605)، مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (561 هـ):
159 -
سَعِيْدَةُ بِنْتُ أبي غَالِبٍ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ البَنَّاءِ، ذَكَرَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (78). تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ أَبِيْهَا (ت: 527 هـ)، وَجَدِّهَا الحَسَنُ (ت: 471 هـ).
160 -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ الأَنْصَارِيُّ الهَرَوِيُّ، حَفِيْدُ شَيْخِ الإِسْلَامِ الأنْصَارِيِّ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّحْبِيْرِ (1/ 363)، وَالمُنْتَخَبِ (2/ 935)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (78).
161 -
وَعُمَرُ بنُ ثَابِتِ بنِ عَلِيٍّ، أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الشَّمَحْلِ" سَمِعَ أبَا مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطَ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ العَلَّافِ. وَعَنْهُ عُمَرُ القُرَشِيُّ، وأَحْمَدُ بنُ طَارِقٍ الكَرْكِيُّ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"كَانَ دِيْوَانِيًّا، مُتَمَوِّلًا فَبَنَى مَدْرَسَةَ للحَنَابِلَةَ، دَرَّسَ فِيْهَا أَبو حَكِيْمُ النَّهْرَوَانِيُّ، ثُمَّ ابنُ الجَوْزِيِّ، ثُمَّ قُبِضَ عَلَيْهِ، وصُوْدِرَ، وبِيْعَتْ المَدْرَسَةُ، وَلَمْ تَثْبُتْ وَقْفِيَّتُهَا، وَصَارَتْ دَارَ الأَمِيْرِ". وَقَالَ الصَّفَدِي: "كَانَ يتَولَّى بَعْضَ الأَعْمَالِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الدِّيْوَانِيَّةِ، وَعَلَتْ مَرْتَبَتُهُ، وارْتَفَعَ شَأْنُهُ، وَصَارَ لَهُ قُرْبٌ مِنَ الدَّوْلَةِ وَاخْتِصَاصٌ
…
وقَالَ عَنْ مَدْرَسَتِهِ المَذْكُورَةِ: "وَجَعَلَ فِيْهَا خِزَانَةَ كُتُبٍ نَفِيْسَةٍ، ثُمَّ قُبِضَ عَلَيْهِ، وَسُجِنَ إِلَى أَنْ هَلَكَ
…
وأُخِذَتِ الكُتُبُ الَّتي كَانَتْ بِهَا. أَخْبَارُهُ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (5/ 57)، وَالمُنْتَظَمِ (10/ 201)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 236)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 98)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (104)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (22/ 44)، وَ (الشَّمَحْلِ) - بِفَتْحِ الشِّيْنِ المُعْجَمَةِ وَالْمِيْمِ -، وإِسْكَانِ الحَاءِ المُهْمَلَةِ. قَالَ أَبُو المَكَارِمِ بنُ الآمِدِيِّ يَهْجُوْهُ:
لَسْتُ أَهْجُوْكَ يَا خَبِيْثُ بِشَيْءٍ
…
غَيْرِ قَوْلي هَذَا الفَتَى ابنُ الشَّمَحْلِ
162 -
وَمُشَرَّفُ بنُ أَبي سَعْدٍ مُحَمَّدِ - وَقِيْلَ: ثَابِتٍ - بنِ إِبْرَاهِيمَ الخَبَّازُ، وَالِدُ ثَابِتِ بنِ مُشَرَّفٍ المُحَدِّثُ المَشْهُوْرُ (ت: 619 هـ) ذَكَرَ مُشَرَّفًا الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ في تَكْمَلَةِ الإِكْمَالِ (5/ 354) وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في المُشْتَبَهِ (263)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 199)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (109)، وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ. فَأَخُوْهُ: عَلِيُّ بنُ أبي سَعْدٍ (ت: 562 هـ) مُحَدِّثٌ مَشْهُوْرٌ. وَابْنُهُ: ثَابِتُ بنُ مُشَرَّفٍ (ت: 619 هـ) مَشْهُوْرٌ جِدًّا. وَابْنَتُهُ: عَزِيْزَةُ بِنْتُ مُشَرَّفٍ (ت: 619 هـ) قَبْلَ أَخِيْهَا. ومِمَّن لَهُ صِلَةُ قَرَابَةٍ بِهَذِهِ الأُسْرَة الكَرِيْمَةِ المُحَدِّثُ المَشْهُورِ: يَحْيَى بنُ أَسْعَدَ بنِ بُوْشٍ (ت: 593 هـ) وَهُوَ حَنْبَلِيُّ سَيَأْتِي ذِكْرُهُ في اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى فِي سَنَةِ وَفَاتِهِ، فَقَد ذُكِرَ في تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ سَمِعَ من خَالِهِ عَلِيِّ بنِ أَبي سَعْدِ الخَبَّازِ، وَهُوَ أَخُو مُشَرَّفٍ فَهَلْ مُشَرَّفٌ، خَالُهُ أَيْضًا؟ يَجُوْزُ ذلِكَ. ولابنِ بُوْشٍ سِبْطٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ نَذْكُره فِي تَرْجَمَتِهِ ثُمَّ نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
163 -
وَمُفْلِحُ بنُ يَحْيَى بنِ عَبَّادٍ الأَنْبَارِيُّ، ذَكَرَهُ العِمَادُ الكَاتِبُ الأَصْبَهَانِيُّ فِي خَرِيْدَةِ القَصْرِ (4/ 1/ 402) قَالَ:"وَكَانَ خِصِّيْصًا بِالوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّيْنِ بنِ هُبَيْرَةَ يُصَلِّي بِهِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَيَتَوَلَّى لَهُ أَخْذَ الزَّكَاةِ مِنْ غَنَمِ "الخَالِدِيَّةِ" وَهُوَ عَامِلُ المَنْثَرِ، وَأَكْثَرُ شِعْرِهِ فِيْهِ. . .".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= - وَيُذْكَرُ هُنَا: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ هُبَيْرَةَ، ابنُ الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّيْنِ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في تَرْجَمَةِ عَمِّهِ مَكِّيٍّ (ت: 567 هـ) وَمَحَلُّهُ هُنَا.
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (562 هـ) أَحَدًا، وَفِيْهَا:
164 -
وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ البَارِزيُّ البَزَّارُ البَغْدَادِيُّ، قَالَ الحَافِظُ بنُ النَّجَّارِ:"كَانَ .. شَيْخًا، صَالِحًا، عَلَى طَرِيْقَةِ السَّلَفِ"، وَذَكَرَ الحَافِظُ ابنُ النَّجَّارِ أَنَّهُ ابنُ خَالِهِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ الصَّابُوْنيِّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الصَّابُونِيِّ إِمَامٌ مَشْهُورٌ، حَنْبَلِي المَذْهَبِ (ت: 556 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ، سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ في مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ عَبْدِ الوَاحِدِ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 224)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 468)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (124).
165 -
وَعُبيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَسَنِ بنِ الجَوْزِيِّ، أَبُو مَنْصُوْرٍ، وَكِيْلُ الوَزِيْرِ أبي المُظَفَّرِ بنِ هُبَيْرَةَ، لَا أَعْرِفُ صِلَةً تَرْبِطُهُ بِالحَافِظِ ابنِ الجَوْزِيِّ. أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (126).
166 -
وَعَلِيُّ بنُ أَبي سَعْدٍ مُحَمَّدٍ - وَقِيْلَ ثَابِتٌ - بنِ إبْرَاهِيْمَ الخَبَّازُ بنُ شِسْتَانَ الأَزَجِيُّ المُلَقَّبُ بِـ "المُفِيْد"، أَخُو مَشَرَّفٍ السَّابِقِ الذِّكْرِ فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى السَّنَةِ المَاضِيَةِ، وَعَمُّ ثَابِتِ بنِ مُشَرَّفٍ المُحَدِّثِ المَشْهُوْرِ (ت: 619 هـ)، وَخَالُ يَحْيَى بنِ أَسْعَدَ بنِ بُوْشٍ الحَنْبَلِيِّ (ت: 593 هـ). أَخْبَارُ عَلِيٍّ في: المُنْتَظَمِ (10/ 221)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 271)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (128).
167 -
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بنِ ثَابِتٍ الكِيْزَانِيُّ، المِصْرِيُّ الوَاعِظُ، اسْتَدْرَكَهُ ابنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ فِي هَامِشِ نُسْخَةِ (أ) عَنْ تَارِيْخِ ابنِ رَسُوْلٍ "نُزْهَةِ العُيُونِ. . ." وَلَهُ أَخْبَارٌ كَثِيْرَةٌ، وَتَرْجَمَتِهُ حَافِلَةٌ، وَلَهُ شِعْرٌ كَثِيْرٌ جَمَعَهُ الدُّكتور عَلِي صَافِي حُسَيْن وَنَشَرَهُ في دَارِ المَعَارِفِ بِمِصرَ. أَخْبَارُهُ فِي: خَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْمِ شُعَرَاءِ مِصْرَ"(2/ 18)، وَالمُحَمَّدُوْنَ مِنَ الشُّعَرَاءِ (153)، وَوَفَياتِ الأَعْيَانِ (4/ 461)، وَالوَافي بالوَفَيَاتِ (1/ 347)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 454). وَعَدَّهُ السُّبْكِيُّ شَافِعِيًّا، فَتَرْجَمَ لَهُ في طَبَقَاتِهِ (4/ 65).
بِـ "دِمَشْقَ" أَخْبَرَكُمْ أَبُو إِسْحَقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ، وَأَبُو طَالِبِ بْنُ القَطِيْعِيِّ، قَالَا:(أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عبْدُ القَادِرِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الجِيْلِيُّ، (أَنَا) أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ البَاقِلَّانِيُّ (أَنَا) أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ (أَنَا) أَحْمَدُ يَعْنِي: ابْنَ سَلْمَانَ النَّجَادَ، (ثَنَا) الحَسَنُ، يَعْنِي ابْنَ مُكْرَمٍ (ثَنَا) عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ (ثَنَا) يُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيْهِ رضي الله عنه قَالَ "قَلَّمَا كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يخْرُجُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا إِلَّا يَوْمَ الخَمِيْسِ".
= 168 - وَمَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هُبَيْرَةَ، الخَطِيْبُ، أَبُو غَالِبٍ، مُحِبُّ الدِّيْنِ، أَخُو الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّينِ، مِنْ قُدَمَاءِ الأُمَرَاءِ، وَكَانَ كَاتِبًا شُجَاعًا، مُحِبًّا لِلأَئِمَّةَ وَالوُعَّاظِ، وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَكَانَ زَاهِدًا، عَابِدًا، يَخْطُبُ بِقَرْيَتِهِ". أَخْبَارُهُ في: مَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 32)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 183)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (141). وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ مَكِّيًّا (ت: 568 هـ) في مَوْضِعِهِ. وَيُرَاجَعُ: هَامِشُ تَرْجَمَةِ الوَزِيْرِ "عَوْنِ الدِّيْنِ".
وَلَعَلَّ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
- عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الكُرْجِيِّ، أَبُو المُظَفَّرِ الأَزَجِيُّ، أَخُو مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ. كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (126).
- وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلِيْلٍ، أَبُو العبَّاسِ الجَوْسَقِيُّ، المُقْرِئُ، خَطِيْبُ "صَرْصَرَ". ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (113). فَإذَا صَحَّ أَنَّهُ حَنْبَليٌّ فَأَخُوْهُ الخَلِيْلُ بنُ عَلِيٍّ (ت: 536 هـ) مُتَرْجَمٌ في "تَكْمِلَةِ المُنْذِرِيِّ".
وَممَّنْ يُذْكَرُ هُنَا:
- ظَفَرُ بنُ الوَزِيْرِ يَحْيَى بنِ هُبَيْرَةَ. ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في تَرْجَمَةِ عَمِّه مَكِّيِّ بنِ مُحَمَّدٍ
145 - أَحْمدُ بْنُ عُمَرَ
(1)
بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ خَلَفٍ القَطِيْعِيُّ، الفَقِيْهُ، الوَاعِظُ، أَبُو العَبَّاسِ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَيْ عَشَرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا.
سَمِعَ الحَدِيْثَ بِنَفْسِهِ - بَعْدَ مَا كَبُرَ - مِنْ عَبْدِ الخَالِقِ بْنِ يُوْسُفَ، وَالفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ الإِسْفِرَائِيْنِيِّ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَابنِ نَاصِرٍ الحَافِظِ، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي يَعْلَى بنِ القَاضِي أَبِي خَازِمٍ، وَلَازَمَهُ حَتَّى بَرَعَ فِي الفِقْهِ، وَأَفْتَى وَنَاظَرَ، وَوَعَظَ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ ابنِ البَلِّ بِـ "الرَّيَّانِ"
(2)
، وَوَعَظَ بِهَا أَيْضًا، وَأَشْغَلَ الطَّلَبَةَ، وَأَفَادَ.
= (ت: 563 هـ) وَمَحَلُّهُ هُنَا.
(1)
145 - أَبُو العَبَّاسِ القَطِيْعِيُّ: (512 - 563 هـ):
أخبارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 32)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 49)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 247)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 272). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 223)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 428)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 192)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (149)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 259)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 207) (6/ 344). وابْنُهُ: أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أحْمَدَ (ت: 634 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ صَاحِبُ "التَّارِيْخ" الَّذِي يَنْقُلُ عَنْهُ المُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ. وابْنُهُ الآخَرُ: عَلَيُّ بنُ أَحْمَدَ (ت: 608 هـ) لَمْ يَذْكُرُهُ المُؤَلِّفُ، نَذْكُرُهُ في مَوْضِعِهِ من اسْتِدْرَاكِنَا إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَ"القَطِيْعِيُّ" نِسْبَةٌ إِلَى "قَطِيْعَةِ العَجَمِ" بِـ "بَغْدَادَ" فِي طَرَفِ الْمَدِيْنَةِ بَيْنَ "بَابِ الحَلْبَةِ" وَ"بَابِ الأَزَجِ" وَ"الرَّيَّانَ" وَالقَطِيْعَة هَذِهِ مَحِلَّةٌ كَبِيْرَةٌ عَظِيْمةٌ، فِيْهَا أَسْوَاقٌ، كَأَنَّهَا مَدِيْنَةٌ بِرَأْسِهَا. وَقَدْ نُسِبَ إِلَيْهَا قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ. . ." كَذَا قَالَ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ في مُعجم البُلدان (4/ 428). وَذَكَرَ قَطَائِعَ أُخَرَ.
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُ ابنِ البَلِّ وَمَدْرَسَتِهِ وَحَيِّهِ "الرَّيَّانَ".
قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِعٍ: كَانَ فَقِيْهًا، مُفْتِيًا، ذَكِيًّا، فِطْرِيًّا، قَدْ تَأَدَّبَ، وَقَرَأَ التَّفْسِيْرَ، وَوَعَظَ، وَكَانَ اعْتِقَادُهُ جَيِّدًا.
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: بَرَعَ فِي الفِقْهِ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلَ الخِلَافِ، وَكَانَ حَسَنَ المُنَاظَرَةِ، جَرِيْئًا فِي الجِدَالِ، وَيَعِظُ النَّاسَ عَلَى المِنْبَرِ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ ثَامِنَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "الحَلْبَةِ"
(1)
شَرْقِيِّ "بَغْدَادَ" وَهُوَ وَالِدُ أَبي الحَسَنِ القَطِيْعِيِّ، صَاحِبُ "التَّارِيْخِ" وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ وَالِدِهِ هَذَا إِلَّا حَدِيْثًا وَاحِدًا، وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ مُصَنَّفَاتٍ كَثِيْرَةً. قُلْتُ: مِنْهَا: كِتَابُ "المَنْخُوْلِ
(2)
فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ".
146 - هِبَّةُ اللهِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ
(3)
بنِ كَامِلِ بنِ حُبَيْشٍ البَغْدادِيُّ، الصُّوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو عَلِيٍّ.
سَمِعَ الحَدِيْثَ مِنَ القَاضِي أَبي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ البَاقِي، وَغَيْرِهِ. وَتَفَقَّهَ علَى أَبِي يَعْلَى بنِ القَاضِي، وَتَقَدَّمَ فِي رِبَاطٍ بِـ "دَرْبِ رَيْحَانَ"
(4)
عَلَى
(1)
في (ط): "الجلبة".
(2)
في (ط): "النُّحول".
(3)
146 - ابنُ حُبَيْشٍ البَغْدَادِيُّ (؟ - 563 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 32)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 75)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 247)، وَمُختَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّد" (1/ 272). وَيُرَاجَعُ: الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (27/ 321)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 169)(6/ 344).
(4)
في (ط): "بدرزيجان" وَلَعلَّ المَقْصُودَ "دَرْبُ الرَّيْحَان" وَهِيَ مَحِلَّةٌ مِنْ مَحَالِّ "بَغْدَادَ" أو الرَّيَاحِيْنَ. ذَكَرْتُهَا في هَامِشِ الطَّبَقَاتِ (3/ 144) في تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ العَطَّارِ، وَهُوَ غَيْرُ "دَرْبِ الرَّيْحَان" بـ "دِمَشْقَ" الوَارِدِ ذِكْرُهُ في تَرْجَمَةِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ طَالِبٍ =
جَمَاعَةِ المُتَصَوِّفَةِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَتُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ
= التَّمِيْمِيِّ (ت: 487 هـ) كَمَا سَبَقَ في مَوْضِعِهِ مِن كِتَابِ ابنِ رَجَبٍ هَذَا. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَ"دَرْزِيْجَانُ" تَقدَّمَ ذِكْرُهَا، وَلَا أظنُّهَا مَقْصُوْدَةً هُنَا.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (563):
169 -
الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بن حَمَّادٍ، أَبُو القَاسِمِ الجُبَّائِيُّ، أَخُو دَعْوَان (ت: 542 هـ)، الَّذي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَبَقَ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"مِنْ كِبَارِ الحَنَابِلَةِ. وَ"جُبَّا" مِنْ قُرَى السَّوَادِ. رَوَى عَنْ أَبي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ، وَأُبَيٍّ النَّرْسِيِّ، رَوَى عَنْهُ أَبُو مُحَمَّدِ بنُ الأَخْضَر وَغَيْرُهُ". أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (155)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 38).
170 -
وَأَخُوْهُ: سَالِمُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَمَّادٍ أَبُو البَرَكَاتِ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ فِي الأَنْسَابِ (3/ 177) قَالَ: سَمِعْتُ مِنْهُ الحَدِيْثَ بِـ "بَغْدَادَ". وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 201).
171 -
وَمُحَمَّدُ بنُ أحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ حَمْدِي، أَبُو الفَرَجِ. أَخْبَارُهُ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 102)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 6)، قَالَ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ:"قَالَ القُرَشِيُّ - فِيْمَا قَرَأْتُهُ بِخَطِّهِ - أَبُو الفَرَجِ بنُ حَمْدِي الحَنْبَلِيُّ، كَانَ فَاضِلًا، ثِقَةً، كَتَبْتُ عَنْهُ شَيْئًا يَسِيْرًا" وَابنُ حَمْدِيٍّ هَذَا مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ: فَأَخُوْهُ أحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدِيِّ (ت: 576 هـ). وَقَرِيْبُهُ: سَعْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بن الحَسَنِ بنِ حَمْدِيّ البَزَّارُ (ت: 557 هـ)، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ عَمُّهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في اسْتِدْرَاكِنَا. وَابْنُهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعْدِ اللهِ
…
(ت: 614 هـ). وَأُخْتُهُ: فَاطِمَةُ بنتُ سَعْدِ اللهِ
…
(ت: 611 هـ). وَعَمُّهُ - فِيْمَا يَظْهَرُ أَيْضًا -: الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، أَخُو سَعْدِ اللهِ، قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ:"أَحَدُ العُدُوْلِ بِمَدِيْنَةِ السَّلَامِ، كَثيْرُ التِّلَاوَةِ وَالعِبَادَةِ، سَمِعَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَحَدَّثَ". وَعَتِيْقُهُ: بُزْغُشُ الرُّوْمِيُّ (ت: 616 هـ) مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالرِّوَايَةِ، كَانَ صَالِحًا، صَحِيْحَ السَّمَاعِ. وَهَؤُلَاءِ جَمِيْعًا لَمْ يَذْكُرْهُمُ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ نَسْتَدْرِكُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ أَحْمَدَ، قَرِيْبًا مِنْ بِشْرٍ الحَافِي، وَذَكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ، وَابْنِ القَطِيْعِيِّ.
147 - سَعْدُ اللهِ بنُ نَصْرِ بْنِ سَعِيْدٍ
(1)
، المَعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ الدَّجَاجِيِّ" وَ"ابْنِ الحَيَوَانِيِّ"، الفَقِيْهُ، الوَاعِظُ، المُقْرِئُ، الصُّوْفِيُّ، الأَدِيْبُ، أَبُو الحَسَنِ، وَيُلَقَّبُ بِـ "مُهَذَّبِ الدِّينِ".
وُلِدَ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانينَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ بنِ الجَرَّاحِ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطُ، وَسَمِعَ مِنْهُمَا، وَمِن أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ العَلَّافِ، وَأَبِي القَاسِمِ بْنِ بَيَانٍ، وَابْنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبِي الغَنَائِمِ النَّرْسِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ حَتَّى بَرَعَ، وَقَدْ
(1)
147 - سَعْدُ اللهِ الدَّجَاجِيُّ: (482 - 564 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 32)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 430)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 248)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 273). وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 99)، وَالأَنْسَابُ (4/ 333)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 228)، وَالتَّقْيِيْدُ لابنِ نُقطة (293)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 524)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (190)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 483)، وَمَعْرِفَةُ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 532)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1320)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 77)، وَالمُشْتَبَهُ (1/ 239)، وَتَبْصِيْرُ المُنْتَبِهِ (2/ 555)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (3/ 498)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (15/ 186)، وَفَوَاتُ الوَفَيَاتِ (1/ 341)، وَالتَّعْلِيْقَةُ فِي أَخْبَارِ الشُّعَرَاءِ لابْنِ جَمَاعَةَ (ورقة: 118)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 258)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 303)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (4/ 1/ 75)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 212)(6/ 352)، وَالتَّاجُ المُكَلَّلُ (203). ذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنَهُ مُحَمَّدَ بنَ سَعْدِ اللهِ (ت: 601 هـ) في مَوْضِعِهِ. وَابْنُهُ الآخَرُ: حَسَنُ بنُ سَعْدِ اللهِ (ت:؟). وَحَفِيْدُهُ: عَبْدُ الحَقِّ بنُ حَسَنِ بنِ سَعْدِ اللهِ (ت: 622 هـ)، نَسْتَدْرِكُهُ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
رَوَى عَنْهُ كِتَابَهُ "الهِدَايَةَ" تَصْنِيْفَهُ، وَ"قَصِيْدَتَهُ" فِي السُّنَّةِ وَغَيْرَهَا
(1)
، وَرَوَى عَنِ ابنِ عَقِيْلٍ كِتَابَ "الاِنْتِصَارِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالحَدِيثِ".
قَالَ ابنُ الخَشَّابِ: هُوَ فَقِيْهٌ، وَاعِظٌ، حَسَنُ الطَّرِيْقَةِ، سَمِعْتُ مِنْهُ.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: تَفَقَّهَ، وَنَاظَرَ، وَدَرَّسَ، وَوَعَظَ، وَكَانَ لَطِيْفَ الكَلَامِ، حُلْوَ الإِيْرَادِ، مُلَازِمًا لِمُطَالَعَةِ العِلْمِ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقَالَ ابنُ نُقْطَةَ: شَيْخٌ، فَاضِلٌ، صَحِيْحُ السَّمَاعِ، (ثَنَا) عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوْخِنَا، وَكَانَ ثِقَةً.
وَقَالَ صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ شَيْخًا، حَسَنًا، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، وَكَانَ يَعِظُ، وَيُقْرِئُ القُرْآنَ، وَيُسْمِعُ الحَدِيْثَ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ مِنْ أَعْيَانِ الفُقَهَاءِ الفُضَلَاءِ، وَشُيُوْخِ الوُعَّاظِ النُّبَلَاءِ، مَلِيْحَ الوَعْظِ، حَسَنَ الإِيْرَادِ، حَلْوَ العِبَارَةِ، حَسَنَ النَّثْرِ وَالنَّظْمِ
(2)
. وَكَانَ يُخَالِطُ الصُّوفِيَّةٍ، وَيَحْضُرُ مَعَهُمْ سَمَاعَ الغِنَاءِ، وَكَانَ مِنْ ظِرَافِ المَشَايِخِ. وَسُئِلَ عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدَسِيُّ فَقَالَ: كَانَ شَيْخًا حَسَنًا، مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا وَوُعَّاظِهِمْ، صَحِبَ أَبَا الخَطَّابِ، وَابْنَ عَقِيْلٍ، وَرَوى عَنْهُمَا، سمِعْنَا عَلَيْهِ.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: أَنْبَأَنَا سَعْدُ اللهِ بنُ نَصْرٍ قَالَ: كُنْتُ خَائِفًا مِنَ الخَلِيْفَةِ لِحَادِثٍ نَزَلَ، فَأَغْفَيْتُ، فَرَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنِّي فِي غُرْفَةٍ أَكْتُبُ شَيْئًا، فَجَاءَ
(1)
كَذَا؟! صَوَابُهُ: "وَغَيْرَهُمَا".
(2)
في (د): "النَّظم والنَّثْر".
رَجُلٌ فَوَقَفَ بِإِزَائِي، وَقَالَ: اكْتُبْ مَا أُمْلِي عَلَيْكَ، وَأَنْشَدَ:
إِدْفَعْ بِصَبْرِكَ حَادِثَ الأَيَّامِ
…
وَتَرَجَّ لُطْفَ الوَاحِدِ العَلَّامِ
لَا تَيْأَسَنَّ وَإِنْ تَضَايَقَ كَرْبُهَا
…
وَرَمَاكَ رَيْبُ صُرُوْفِهَا بِسِهَامِ
وَلَهُ
(1)
تَعَالَى بَيْنَ ذلِكَ فَرْجَةٌ
…
تَخْفَى عَنِ
(2)
الأَبْصَارِ والأَوْهَامِ
كَمْ مَنْ نَجَا مِنْ بَيْنِ أَطْرَافِ القَنَا
…
وَفَرِيْسَةٌ سَلِمَتْ مِنَ الضِّرْغَامِ
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: وَسُئِلَ فِي مَجْلِسِ وَعْظِهِ - وَأَنَا أَسْمَعُ - عَن أَخْبَارِ الصِّفَاتِ، فَنَهَى عَنِ التَّعَرُّضِ لَهَا، وَأَمَرَنَا بِالتَّسْلِيمِ، وَأَنْشَدَ:
أَبَى العَاتِبُ
(3)
الغَضْبَانُ يَا نَفْسُ أَنْ يَرْضَى
…
وَأَنْتِ الَّتِي صَيَّرْتِ طَاعَتَهُ فَرْضَا
فَلَا تَهْجِرِي مَنْ لَا تَطِيْقِيْنَ هَجْرَهُ
…
وَإِنْ هَمَّ بِالهِجْرَانِ خَدَّيْكِ وَالأَرْضَا
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيُّ: وَأَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي السَّرَايَا، قَالَ: أَنْشَدَنِي سَعْدُ اللهِ بنُ الدَّجَاجِيِّ لِنَفْسِهِ:
مَلَكْتُمْ مُهْجَتِي بَيْعًا وَمَقْدِرَةً
(4)
…
فَأَنتُمْ اليَوْمَ أَغْلَى لِي وَأَغْلَالِي
عَلَوْتُ فَخْرًا وَلكِنِّي ضَنِيْتُ هَوًى
…
فَأَنْتُمْ اليَوْمَ أَعْلَى لِي وَأَعْلَالِي
وَزَادَ غَيْرُ ابنِ القَطِيْعِيِّ فِي رِوَايَتِهِ بَيْتًا ثَالِثًا:
(1)
في (د): "فله". وَالفَرْجَةُ - بِالفَتْحِ - الفَرَجُ مِنَ الهَمِّ وَشِبْهِهِ فِي المَعْنَوِيَّاتِ، وَالفُرْجَةُ - بِالضَمِّ -: في الحِسِّيَّاتِ كفُرْجَةُ الحَائِطِ وَشِبْهِهِ. وَقِيْلَ: هُمَا لُغَتَانِ، وَأَنْشَدَ أَهْلُ اللُّغَةِ:
رُبَّمَا تَكْرَهُ النُّفُوْسُ مِنَ الأَمْـ
…
ـــرِ لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ العِقَالِ
(2)
في (أ) و (د): "عَلَى".
(3)
في (ب) وَ (د): "الغائب" وَصُحِّحَتْ عَلَى هَامِشِ (أ) قِرَاءَةُ نُسْخةٍ أُخْرَى.
(4)
في (د): "معذرة" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّهُ خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
أَوْصَى لِيَ البَيْنُ أَنْ أَشْقَى بِحُبِّكُمُ
…
فَقَطَّعَ البَيْنُ أَوْصَى لِي وَأَوْصَالِي
وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا:
(1)
لِي لَذَّةٌ فِي ذِلَّتِي وَخُضُوْعِي
…
وَأُحِبُّ بَيْنَ يَدَيْكَ سَفْكَ دُمُوْعِي
وَتَضَرُّعِي فِي رَأْيِ عَيْنِكَ رَاحَةٌ
…
لِي مِنْ جَوًى قَدْ كُنَّ بَيْنَ ضُلُوْعِي
مَا الذُّلُّ لِلْمَحْبُوْبِ فِي حُكْمِ الهَوَى
…
عَارٌ وَلَا جَوْرُ الهَوَى بِبَدِيْعِ
هَبْنِي أَسَأْتُ فَأَيْنَ عَفْوُكَ سَيِّدِي
…
عَمَّنْ رَجَاكِ لِقَلْبِهِ المَوْجُوْعِ
جُدْ بِالرِّضَى مِنْ عَطْفِ لُطْفِكَ وَاغْنِهِ
…
بِجَمَالِ وَجْهِكَ عَنْ سُؤَالِ شَفِيْعِ
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: كَانَ ابنُ
(2)
الدَّجَاجِيِّ، قَدْ نَاظَرَ، وَوَعظَ، وَأَفْتَى، وَصَنَّفَ، لَهُ فَضْلٌ وَدِيْنٌ، وَخَاطِرٌ بَغْدَادِيٌّ، بَلَغَنِي أَنَّهُ حَضَرَ بِالدِّيوَانِ العَزِيْزِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الفُقَهَاءِ، فَاسْتَدَلَّ شَخْصٌ بِحَدِيْثٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ ابنُ البَغْدَادِيِّ الحَنَفِيُّ: هَذا الحَدِيْثُ لَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الخَصْمُ: قَدْ أَخْرَجَهُ البُخَارِي وَمُسْلِمٌ، فَقَالَ ابنُ البَغْدَادِيُّ: قَدْ طَعَنَ فِيْهِمَا أَبُو حَنِيْفَةَ، فَقَالَ ابنُ الدَّجَاجِيُّ: هَلْ كَانَ مَعَ أَبي حَنِيْفَةَ مَلْحَمَةٌ؟ وَقَدْ قَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدٌ، وَابْنُ الأَخْضَرِ، وَابنُ سُكَيْنَةَ، وَالشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَابْنُ عَمَادٍ الحَرَّانِيُّ، وَالأَنْجَبُ الحَمَّامِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
تُوُفِّيَ آخِرَ نَهَارَ يَوْمِ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
(1)
بعدها في (ط) فقط: "رحمه الله" وَالأَبْيَاتُ فِي "التَّعْلِيْقَةِ" لابنِ جَمَاعَةَ.
(2)
في (أ) وَ (ب): "وَكَانَ هَذَا ابن الدَّجَاجي. . .".
وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ إِلَى جَانِبِ رِبَاطِ الزَّوْزَنِيِّ بِمَقْبَرَةِ الرِّبَاطِ. قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: دُفِنَ هُنَاكَ إِرْضَاءً لِلْصُّوفِيَّةِ؛ لأَنَّهُ أَقَامَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً فِي حَيَاتِهِ، فَبَقِيَ عَلَى ذلِكَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَمَا زَالَ الحَنَابِلَةُ يَلُوْمُوْنَ وَلَدَهُ عَلَى هَذَا، يَقُوْلُوْنَ: مِثْلُ هَذَا الرَّجُلُ الحَنْبَلِيُّ أَيَّ شَيءٍ يَصْنَعُ عِنْدَ الصُّوْفِيَّةِ؟ فَنَبَشَهُ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ بِاللَّيْلِ. قَالَ: وَكَانَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ عِنْدَ وَالِدَيْهِ، وَدُفِنَ عَلَيْهِمَا بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه.
148 - مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ
(1)
بنِ الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيلَ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي البَرَكَاتِ، المَعْرُوفِ بـ "ابْنِ الحُصْرِيِّ"
(2)
ذَكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ، وقَالَ: صَدِيْقُنَا.
وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ
(1)
148 - أَبُو بكْرٍ بنُ الحُصْرِيِّ: (510 - 564 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 32)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 502)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 248)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 272). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 229)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 306) فِي تَرْجَمَةِ وَلَدِهِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 594 هـ)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 381)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاج إِلَيْهِ (1/ 137)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 214)(6/ 355).
وابنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 594 هـ) لم يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأَخُوْهُ: عُمَرُ بنُ المُبَارَكِ بن الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ (ت: 582 هـ) لم يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ. نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
في (أ) وَ (ب)"الحضرى" وكذا في (ط).
يَحْيَى بنِ البَنَّا، وَأَبي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ البَاقِي، وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي يَعْلَى
(1)
، وَنَاظَرَ، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِقَرْيَةِ "عَبْدِ اللهِ" مِنْ "وَاسِطَ"
(2)
.
وَذَكَرَ القَطِيْعِيُّ: أَنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ المَزْرَفِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ السَّمْنَانِيِّ، وَأَبِي مَنْصُوْرِ بنِ خَيْرُونَ، وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ مِنْهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ، وَنَاظَرَ، وَدَرَّسَ، وَأَفْتَى. قَالَ: وَجَرَى ذِكْرُهُ يَوْمًا عِنْدَ الوَزِيْرِ أَبِي المُظَفَّرِ بنِ يُونُسَ
(3)
- وَعِنْدَهُ الفُقَهَاءُ وَالعُلَمَاءُ عَلَى اخْتِلَافِ
(1)
في المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 138)"وَانْحَدَرَ مَعَهُ إِلَى "وَاسِطَ" لَمَّا تَوَلَّى قَضَاءَهَا".
(2)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 387) قَالَ: "ما أَدْرِي مَنْ عَبْدُ اللهِ؟ إِلَّا أَنَّهَا مَدِيْنَةٌ ذَاتُ أَسْوَاقٍ، وَجَامِعٍ كَبِيْرٍ، وَعِمَارَةٍ وَاسِعَةٍ، تَحْتَ مَدِيْنَةِ "وَاسِطَ" بَيْنَهُمَا نَحْوَ خَمْسَةِ فَرَاسِخَ، بِهَا قَبْرٌ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ قَبْرُ مَسْرُوْقِ بنِ الأَجْدَعِ الهَمْدَانِيِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ".
وفي "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ": "وَتَولَّى قَضَاءَهَا، وَكَانَ عِنْدَهُ كِبْرٌ وَتِيْهٌ، ذَكَرَ صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ في "تَارِيْخِهِ" أَنَّه كَانَ مُقِيْمًا بِمَسْجِدِ بِـ "بَابِ الأَزَجِ" يَؤُمُّ فِيْهِ الصَّلَوَاتِ فَأَذَّنَ المُؤَذِّنُ لِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ، وَقَعَدَ يَنْتَظِرُهُ فَأَبْطأَ، فَقِيْلَ لَهُ: أَقِمِ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: كَيْفَ أُقِيْمُ وَالإِمَامُ مَا حَضَر؟! فَوَافَقَ ذِكْرُ الإِمَامِ حُضُوْرَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ ذلِكَ قَالَ: أَلِمِثْلِي يُقَالُ الإِمَامُ؟! فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ المُؤَذِّنُ وَالحَاضِرُوْنَ فَلَمْ يَقْبَلِ العُذْرَ، وَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا غَضَبًا، وانْتَقَلَ مِنْ ذلِكَ المَوْضِعِ، فَأَتُوا إِلَيْهِ، وَسَأَلُوْهُ فَأَبَى، فَاسْتَقَرَّ أَنَّهُمْ يُبْعِدُوْنَ المُؤَذِّنَ، فَعَادَ بَعْدَ الشِّدَّةِ، وَهُوَ يَقُوْلُ وَيُكَرِّرُ أَلِمِثْلِي يُقَالُ: الإِمَامُ؟! ثُمَّ إنَّ المُؤَذِّنَ صَارَ يُؤَذِّنُ في مِئْذَنَةٍ قَرِيْبَةٍ مِن هَذَا الْمَسْجِدِ، وَيَقُوْلُ فِي تَسْبِيْحِهِ: أَنْتَ المَوْلَى مِنْ هَؤُلَاءِ، أَلِمِثْلِي يُقَالُ: الإِمَامُ، أَلِمِثْلِي يُقَالُ: الإِمَامُ، فَعَادَ غَضِبَ وَتَأَهَّبَ للنَّقلَةِ ثَانيًا، حَتَّى ضَمِنَ لَهُ الجَمَاعةُ أَنَّهُم يَمْنَعُوْنَ المُؤَذِّنَ".
(3)
عُبَيْدُ اللهِ بنُ يُوْنُسَ بنِ أَحْمَدَ (ت: 581 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
مَذَاهِبِهِمْ - فَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا. فَاسْتَكْثَرَ بَعْضُ الحَاضِرِيْنَ ذلِكَ الثَّنَاءَ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: وَاللهِ لَقَدْ كَانَ أَدْيَنَ مِنِّي؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِمَسْجِدِهِ، ثُمَّ يقْرَأُ عَلَيْهِ القُرَآنَ وَالفِقْهَ مِنْ بُكْرَةٍ إِلى وَقْتِ الضُّحَى، ثُمَّ يَدْخُلُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَتَشَاغَلُ بِالعِلْمِ إِلى أَن يَعُوْدَ إِلَى مَسْجِدِهِ، دَائِمًا لَا يَقْطَعُ زَمَانُهُ إِلَّا بِطَاعَةٍ.
تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فَجَاءَةً
(1)
فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَدُفِنَ بِـ "مقبرَةِ الزَّرَّادِيْنَ" مِنْ "بَابِ الأَزَجِ". وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابنُ الجَوْزِيِّ مَنَامًا رَآهُ لِشَيْخِهِ ابنِ نَاصِرٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي تَرْجَمَتِهِ.
149 - عُثْمَانُ بنُ مَرْزُوقِ
(2)
بنِ حُمَيْدِ بنِ سَلَامَةَ
(3)
القُرَشِيُّ، الفَقِيْهُ، العَارِفُ الزَّاهِدُ، أَبُو عَمْرٍو،
نَزِيلُ الدِّيَّارِ المِصْرِيَّةِ. صَحِبَ شَرَفَ الإِسْلَامِ عَبْدَ الوَهَّابِ بنَ الحَنْبَلِيِّ
(4)
بِـ "دِمَشْقَ" وَتَفَقَّهَ، وَاسْتَوْطَنَ "مِصْرَ" وَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ، وَأَفْتَى بِهَا، وَدَرَّسَ، وَنَاظَرَ، وَتَكَلَّمَ عَلَى المَعَارِفِ وَالحَقَائِقِ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ تَرْبِيَةُ المُرِيْدِيْنَ بِـ "مِصْرَ" وَانْتَمَى إِلَيْهِ خَلْقٌ كَثيْرٌ مِنَ الصُّلَحَاءِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ
(1)
في "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ" عَنْ صَدَقَةَ بنِ الحُسَيْنِ: "سَقَطَ في الرَّكعَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ العَصْرِ، فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ فتَقَيَّأ فَمَاتَ في رَجَبٍ .... وَلَهُ أَرْبَعٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً".
(2)
149 - أَبُو عَمْرِو بنُ مَرْزُوْقٍ: (؟ - 564 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نصْرِ اللهِ (ورقة: 32)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 200)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 251)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 273). وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابْنَهُ سَعْدَ بنَ عُثْمَانَ (ت: 592 هـ)، في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
(3)
في (أ) وَ (ب) وَ (ج): "سلام"، وَفي (د) وَ (هـ):"سَلامة".
(4)
في (ط): "الجيلى" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
المَشَايِخُ، وَحَصَلَ لَهُ قَبُولٌ تَامٌّ، مِنَ الخَاصِّ وَالعَامِّ، وَانْتَفَعَ بِصُحْبَتِهِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَكَانَ يُعَظِّمُ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ، وَيُقَالُ: إنَّهُ اجْتَمَعَ بِهِ هُوَ وَأَبُو مَدْيَنَ بِـ "عَرَفَاتٍ" وَلَبِسَا مِنْهُ الخِرْقَةَ، وَسَمِعَا مِنْهُ "جُزْءًا" مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ وَرَوَاهُ. حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَطْرُوْحٍ المِصْرِيُّ
(1)
الحَنْبَلِيُّ
(2)
، وَأَبُو الثَّنَاءِ حَمْدُ
(3)
بنُ مَيْسَرَةَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوسَى بنِ غَنَائِمٍ
(4)
الغُدْرَانِيُّ
(5)
الحَنْبَلِيُّ، المِصْرِيُّ، الكَامِخِيُّ، وَكَانَا صَالِحِينَ، وَكَانَ الأَوَّلُ مُقْرِئًا، حَسَنَ التَّلَفُّظِ بِالقُرآنِ، وَكَانَ الثَّانِي كَثِيرَ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيْحِ، حَدَّثَ عَنْهُ المُنْذِرِيُّ. قَرَأَ عَلَى الأَوَّلِ القُرآنَ. وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو لَهُ كَرَامَاتٌ، وَأَحْوَالٌ وَمَقَامَاتٌ، وَكَلَامٌ حَسَنٌ عَلَى لِسَانِ أَهْلِ الطَّرِيْقَةِ. فَمِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ: الطَّرِيْقُ إِلَى مَعْرِفَةِ اللهِ وَصِفَاتِهِ: الفِكْرُ، وَالاعْتِبَارُ بِحُكْمِهِ وَآيَاتِهِ، وَلَا سَبِيْلَ لِلأَلْبَابِ إِلَى مَعْرِفَةِ كُنْهِ ذَاتِهِ، وَلَوْ تَنَاهَتْ الحِكَمُ الإِلَهِيَّةِ فِي حَدِّ العُقُوْلِ،
(1)
في (ط) و (أ) و (هـ): "المُقْرِئُ" وَمَا أثْبَتُّه من (ج) و (د)، وفي (ب) القِرَاءَةُ مُحْتَمَلَةٌ. وَأَبُو الثَّنَاءِ مَحْمَوْدُ بنُ مَطْرُوْحٍ، حَنْبَلِيٌّ، مُقْرِئٌ، مِصْرِيٌّ (ت: 594 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، اسْتَدْرَكْتُهُ عَلَيْهِ في مَوْضِعِه، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
في (ط): "الجِيْليُّ" تَحْرِيْفٌ.
(3)
في (ط): "أَحْمَدُ" تَحْرِيْفٌ.
(4)
في (ط): "غَنَّام" تَحْرِيْفٌ.
(5)
عن (ب) وفي مَا عَدَاهَا: "الغدرائي" وَحَمْدُ بنُ مَيْسَرَةَ (ت: 600 هـ)، هَذَا حَنْبَلِيٌّ لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، اسْتَدْرَكْتُهُ عَلَيْهِ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيأْتِي، وَنَذْكُرُ هُنَاكَ نِسْبَتَهُ (الغُدْرَانِيَّ) وَ (الكَامِخِيَّ) إِذَا تَيَسَّرَ ذلِكَ إِنْ شَاءَ اللهِ تَعَالَى.
وَانْحَصَرَتْ القُدَرُ الرَّبَّانِيَّةِ فِي دَرَكِ العُلُوْمِ، لَكَانَ ذلِكَ تَقْصِيْرًا فِي الحِكْمَةِ، وَنَقْصًا فِي القُدْرَةِ، لَكِنْ احْتَجَبَتْ أَسَرَارُ الأَزَلِ عَنِ العُقُوْلِ، كَمَا احْتَجَبَتْ سُبُحَاتِ الجَلَالِ عَنِ الأَبْصَارِ، فَقَد رَجَعَ مَعْنَى الوَصْفِ فِي الوَصْفِ، وَعَمِيَ الفَهْمُ عَنِ الدَّرَكِ، وَدَارَ المَلِكِ فِي المُلْكِ، وَانْتَهَى المَخْلُوْقُ إِلَى مِثْلِهِ، وَاشْتَدَّ الطَّلَبُ إِلَى شَكْلِهِ {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}
(1)
. فجَمِيْعُ المَخْلُوْقَاتِ مِنَ الذُّرَّةِ إِلَى العَرْشِ سُبُلٌ مُتَّصِلَةٌ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَحِجَجٌ بَالِغَةٌ عَلَى أَزَليَّتِهِ، وَالكَوْنُ جَمِيْعُهُ أَلْسُنٌ نَاطِقَةٌ بِوَحْدَانِيَّتِهِ، وَالعَالِمُ كُلُّهُ كِتَابُ يُقْرَأُ، حُرُوْفٌ أَشْخَاصُهُ المُتَبَصِّرُوْنَ عَلَى قَدْرِ بَصَائِرِهِمْ.
وَمِنْ كَلَامِهِ أيْضًا: مَنْ لَمْ يَجِدْ فِي قَلْبِهِ زَاجِرًا فَهُوَ خَرَابٌ. وَمَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ لَمْ يَغْتَرَّ بِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى صُحْبَةِ مَوْلَاهُ ابْتَلَاهُ بِصُحْبَةِ العَبِيْدِ، ومَنْ انْقَطَعَتْ آمَالُهُ إِلَّا مِنْ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَبْدٌ حَقِيْقَةً، وَالدَّعْوَى مِنْ رُعُوْنَةِ النَّفْسِ، وَاسْتِلْذَاذُ البَلَاءِ تَحَقُّقٌ بِالرِّضَا، وَحِلْيَةُ العَارِفِ الخَشْيَةُ وَالهَيْبَةُ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحَاكَاةَ أَصْحَابِ الأَحْوَالِ قَبْلَ إِحْكَامِ الطَّرِيْقِ، وَتَمَكَّنِ الأَقْدَامِ؛ فَإِنَّهَا تَقْطَعُ بِكُمْ، وَدَلِيْلُ تَخْلِيْطِكَ صُحْبَتُكَ لِلْمُخَلِّطِيْنَ، وَدَلِيْلُ وَحْشَتِكَ أُنْسُكَ بِالمُسْتَوْحِشِيْنَ. وَكَانَ يَتَمَثَّل بِهَذهِ الأَبْيَاتِ:
يَا غَارِسَ الحُبِّ بَيْنَ القَلْبِ وَالكَبِدِ
…
هَتَكْتَ بِالصَّدِّ سِتْرَ الصَّبْرِ وَالجَلَدِ
يَا مَنْ تَقُوْمُ مَقَامَ المَوْتِ فِرْقَتُهُ
…
وَمَنْ يَحِلُّ مَحَلَّ الرُّوْحِ فِي الجَسَدِ
قَدْ جَاوَزَ الحُبُّ فِي أَعْلَا مَرَاتِبِهِ
…
فَلَوْ طَلَبْتُ مَزِيْدًا مِنْهُ لَمْ أَجِدِ
(1)
سورة طه، الآية:108.
إذَا دَعَى النَّاسُ قَلْبِي عَنْكَ مَالَ بِهِ
…
حُسْنُ الرَّجَاءِ فَلَمْ يَصْدُرْ وَلَمْ يَرِدِ
إِنْ تَرْضَنِي لَمْ أُرِدْ مَا دُمْتَ لِي بَدَلًا
…
وَإِنْ تَغَيَّرْتَ لَمْ أَسْكُنْ إِلَى أَحَدِ
وَحُكِيَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي إسْحَقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُزَيْبِلٍ
(1)
الضَّرِيْرِ، الفَقِيهِ الشَّافِعِيِّ الزَّاهِدِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى - قَالَ: كَانَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو بنُ مَرْزُوقِ، مِنْ أَوْتَادِ "مِصْرَ" كَانَ شَائِعَ الذِّكْرِ، ظَاهِرَ الكَرَامَاتِ، زَادَ النَّيْلُ سَنَةً زِيَادَةً عَظِيْمَةً، كَادَتْ "مِصْرَ" تَغْرَقُ، وَأَقَامَ عَلَى الأَرْضِ، حَتَّى كَادَ وَقْتُ الزَّرْعِ يَفُوْتُ، فَضَجَّ النَّاسُ بِالشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو بنِ مَرْزُوقٍ بِسَبَبِ ذلِكَ، فَأَتَى إِلَى شَاطِيءِ النِّيْلِ، وَتَوَضَّأَ مِنْهُ، فَنَقَصَ فِي الحَالِ نَحْوَ ذِرَاعَيْنِ، وَنَزَلَ عَنِ الأَرْضِ حَتَّى انْكَشَفَتْ، وَزَرَعَ
(2)
النَّاسُ فِي اليَوْمِ الثَّانِي
(3)
. قَالَ: وَفِي بَعْضِ السِّنِيْنَ لَمْ يَطْلَعِ النِّيلُ أَلْبَتَّةَ، وَفَاتَ أَكْثَرُ وَقْتِ زِرَاعَتِهِ، وَغَلَتِ الأَسْعَارُ، وَظُنَّ الهَلَاكُ، وَضَجُّوا بِالشَّيْخِ أَبي عَمْرِو بنِ مَرْزُوقٍ، فَجَاءَ إِلَى شَاطِيءِ النِّيْلِ، وَتَوَضَّأَ فِيْهِ بِإبْرِيْقٍ كَانَ مَعَ خَادِمِهِ، فَزَادَ النِّيْلُ فِي ذلِكَ اليَوْمِ، وَتَعَاقَبَتْ زِيَادَتُهُ إِلَى أَنْ انْتَهَتْ إِلَى حَدِّهِ، وَبَلَغَ اللهُ بِهِ المَنَافِعُ، وَبَارَكَ فِي زَرْعِ النَّاسِ تِلْكَ السَّنَةِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ نَاصِحِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ نَجْمِ بنِ الحَنْبَلِيِّ قَالَ: حَكَى
(1)
في (أ) وَ (ب) وَ (ط)"مرسيل" وإنَّما هُوَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُزَيْبلِ بنِ نَصْرٍ القُرَشِيُّ، المَخْزُوْمِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المُقْرِئ، الضَّرِيْرُ (ت: 597 هـ) أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 403)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (279)
…
وَغَيْرِهَا.
(2)
في (ط): "وزع" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(3)
كَلَامٌ غَيرُ مَقْبُوْلٍ؟!
لِي الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ عَلِيُّ بنُ نَجَا قَالَ: زُرْتُ الشَّيْخَ عُثْمَانَ بنَ مَرْزُوقٍ بِـ "مِصْرَ" فَقَالَ: يَجِيءُ أَسَدُ الدِّينِ شِيْركُوْهُ إِلَى هَذِهِ البِلَادِ وَيَرُوْحُ، وَلَا يَحْصُلُ لَهُ شَيءٌ، ثُمَّ يَعُوْدُ يَجِيْءُ وَيَرُوْحُ، وَلَا يَأْخُذُ البَلَدَ، ثُمَّ يَجِيْءُ فَيَأْخُذُ - مَا أَدْرِي قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ - فَيَمْلِكُ "مِصْرَ" فَجَرَى الأَمْرُ كَمَا ذَكَرَ.
فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ فَقَالَ: وَاللهِ يَا وَلَدِي مَا أَعْلَمُ الغَيْبَ، وإِنَّمَا لِي عَادَةٌ: أَنْ أَرَى رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَرَاهُ فِي بَعْضِ الجَمْعِ، فَيُخْبِرُنِي. قُلْتُ: لَعَلَّهُ أَرَادَ فِي المَنَامِ
(1)
.
قَالَ النَّاصِحُ: وَسَمِعْتُ خَادِمَ الشَّيْخِ عُثْمَانَ بنِ مَرْزُوقٍ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِـ "سَيْفِ السُّنَّةِ" وَعَلَيْهِ آثَارُ الصَّلَاحِ، وَقَالَ لَهُ زَيْنُ الدِّينِ بنُ نَجَا: أَتَعْرِفُ الأَبْيَاتَ الَّتِي أُنْشِدَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِحَضَرَةِ الشَّيْخِ عُثْمَانَ بنِ مَرْزُوقٍ، فَسَمِعَ وَبَكَى؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُلْهَا، فَقَالَ
(2)
:
فَدَيْتُ مَنْ وَاصَلَنِي
…
مُحْتَفِيًا فِي وَصْلِهِ
كُنَّا عَلَى وَعْدٍ فَمَا
…
كَدَّرَهُ لِمَطْلِهِ
وعَادَ عِنْدِي كُلُّهُ
…
مُشْتَغِلًا بِكُلِّهِ
مَا خِلْتُ أَنْ يُصْلُحَ مِثْـ
…
ــلِي فِي الهَوَى لِمِثْلِهِ
وَإنَّمَا جَادَ عَلَـ
…
ـيَّ مِنْعِمًا بِفَضْلِهِ
وَلَمْ أَكُنْ أَهْلًا لَهُ
…
لكنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ
(1)
كَلامٌ لا يُقْبَلُ، لا في المَنَامِ وَلَا في اليَقَظَةِ؟!
(2)
في (ج): "كَدَّرَهُ المَطْلِهِ".
وَذكَر النَّاصِحُ فِي تَرْجَمَةِ وَلَدِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بنِ مَرْزُوقٍ سَعْدٍ - وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شاءَ اللهُ تَعَالَى
(1)
- أَنَّ وَالِدَهُ - يَعْنِي الشَّيْخَ أَبَا عَمْرٍو - كَانَ يَذْكُرُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ فِي أَفْعَالِ العِبَادِ: إِنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوْقَةٍ. وَكَذَا حَكَى ابنُ القَطِيْعِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ" قَالَ: حَكَى لِي أَبُو مُحَمَّدِ بنُ سَعِيْدٍ البَزَّارُ التَّاجِرُ، قَالَ: كُنْتُ بِـ "مِصْرَ" وَوَقَعَ بِهَا فِتْنَةٌ بَيْنَ وَالِدِ الشَّيْخِ سَعْدٍ - يَعْنِي عُثْمَانَ بنَ مَرْزُوقٍ - وَبَيْنَ ابنِ
(2)
الكِيْزَانِيِّ، وَتلْكَ الفِتْنَةَ كَانَتْ سَبَبَ قُدُوْمِ سَعْدٍ إِلَى "بَغْدَادَ" فَقُلْتُ لَهُ: مَا كَانَتْ؟ فَقَالَ: كَانَ عُثْمَانُ بُن مَرْزُوقٍ يَقُوْلُ: أَفْعَالُ العِبَادِ قَدِيْمَةٌ، وَكَانَ لَهُ بِـ "مِصْرَ" قَبُوْلٌ، وَبِـ "مِصْرَ" يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ آخَرُ لَهُ قَبُولٌ، يُعْرَفُ بِـ "ابْنِ الكِيْزَانِيِّ أَبُو عَبْدِ اللهِ" يَقُوْلُ: لَيْسَتْ قَدِيْمَةً، فَثَارَتْ الفِتَنُ، فَقَالُوا: طَرِيْقُ الحَقِّ أَنْ يُكْتَبَ إِلَى "بَغْدَادَ" فِي ذلِكَ، فَكَتَبُوا إِلَى عُلَمَاءِ "بَغْدَادَ" فَأَفْتَوْهُمْ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ بِحِدَثِهَا، فَقَالَ سَعْدٌ - يَعْنِي: ابْنَ الشَّيْخِ عُثْمَانَ بنِ مَرْزُوْقٍ
(3)
-: الآنَ قَدْ شَكَكْتُ فِي هَذَا الأَمْرِ، وَالمَكْتُوْبُ لَا يُقَلَّدُ، وَلَا بُدَّ مِنَ المُضِيِّ إِلَى "بَغْدَادَ" وَأَسْمَعُ مَقَالَةَ العُلَمَاءِ، وَأَعُوْدُ أُخْبِرُ أَبي بِذلِكَ، فَدَخَلَ "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ مَقَالَةَ العُلَمَاءِ، فَمَاتَ أَبُوهُ بـ "مِصْرَ" وبَلَغَهُ وَفَاتَهُ، فَأَقَامَ بِـ "بَغْدَادَ".
قُلْتُ: وَذَكَرَ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطِ ابنِ الجَوْزِيِّ فِي "مِرْآةِ الزَّمَانِ" أَنَّ أَبَا
(1)
في وَفَيَاتِ سَنَةِ (592 هـ).
(2)
ساقط من (ط) وَابنُ الكِيْزَانِيِّ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ ثَابِتٍ (ت: 562 هـ) تَقَدَّمَ فِي اسْتِدْرَاكِنَا.
(3)
في (ط): "مرزق" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
عَبْدِ اللهِ بنَ الكِيْزَانِيِّ كَانَ يَقُوْلُ: إِنَّ أَفْعَالَ العِبَادِ قَدِيْمَةٌ، فَحِيْنَئِذٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي نِسْبَةِ هَذا القَوْلِ: هَلْ هُوَ إِلَى ابنِ الكِيْزَانِيِّ، أَوْ إِلَى ابْنِ مَرْزُوْقٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ مَرْزُوْقٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ ذلِكَ، وَلَعَلَّ ذلِكَ أَلْزَمُوْهُ بِهِ؛ لِقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّفْظَ بِالقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإِنَّ هَذَا القَوْلَ يَقُوْلُهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَرُبَّمَا نَسَبُوْهُ إِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالصَّحِيْحُ الصَّرِيْحُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ كَانَ يُبَدِّعُ قَائِلَ ذلِكَ، وَلَعَلَّهُ لَمَّا الْتَزَمَ هَذَا القَوْلُ الضَّعِيْفُ طَرَدَهُ فِي سَائِرِ الأَفْعَالِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيْقَةِ الحَالِ. ثُمَّ وَجَدْتُ لأَبِي عَمْرِو بنِ مَرْزُوقٍ مُصَنَّفَاتٍ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ، وَرَأَيْتُهُ يَقُوْلُ: إِنَّ الإِيمَانَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، أقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ، وَإِنَّ حَرَكَاتِ العِبَادِ مَخْلُوْقَةٌ، لَكِنَّ القَدِيْمَ يَظْهَرُ فِيْهَا كَظُهُوْرِ الكَلَامِ فِي أَلْفَاظِ العِبَادِ. وقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابنِ تَيْمِيةَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: وَثَمَّ جَمَاعَاتٌ مُنْتَسِبُونَ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، ويَقُولُوْنَ أَشْيَاءَ مُخَالِفَةً لِمَا كَانَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو عَلَيْهِ، وَهَذَا الشَّيْخُ كَانَ يَنْتَسِبُ إِلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ، وَهَؤلَاءِ يَنْتَسِبُونَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَيَقُوْلُوْنَ أَقْوَالًا مُخَالِفَةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، بَلْ وَلِسَائِرِ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَلِشَيْخِهِمُ الشَّيْخِ أَبِي
(1)
عَمْرٍو، وَهَذَا الشَّيْخُ أَبُو
(2)
عَمْرٍو شَيْخٌ مِنْ شُيُوْخِ أَهْلِ العِلْمِ وَالدَّيْنِ، وَلَهُ أُسْوَةٌ أَمْثَالُهُ، وَإِذَا قَالَ قَوْلًا قَدْ عَلِمَ أَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ بِخِلَافِهِ وَجَبَ
(1)
في (ب): "أبو".
(2)
في (ج): "أبي".
تَقْدِيْمُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ عَلَى قَوْلِهِ، مَعَ دِلَالَةِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى قَوْلِ الأَئِمَّةِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ القَوْلُ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ، وَلِقَوْلِ الأَئِمَّةِ، وَلِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؟! وَذلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: لَا نَقْطَعُ، وَلَا نَقُولُ قَطْعًا، وَيَقُوْلُونَ: نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ اللهِ، وَلَا نَقْطَعُ، وَنَقُوْلُ: السَّمَاءُ فَوْقَنَا، وَالأَرْضُ تَحْتَنَا، وَلَا نَقْطَعُ بِذلِكَ، وَيَرْوُوْنَ فِي ذلِكَ أَثَرًا عَنْ عَلِيٍّ، أَوْ حَدِيْثًا مَرْفُوعًا، وَهُوَ مِنَ الكَذِبِ المُفْتَرَى. قَالَ: وَأَصْلُ شُبَهِهِمْ أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَسْتَثْنُوْنَ فِي الإِيْمَانِ، فَيَقُوْلُ أَحَدُهُمْ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَعَلَى ذلِكَ كَانَ أَهْلُ الثَّغْرِ - "عَسْقَلَانَ"، وَمَا يَقْرُبُ مِنْهَا - فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ سَكَنَهَا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ الفِرْيَابِيُّ
(1)
وَكَانَ يَأْمُرُ بِذلِكَ، وَكَانَ شَدِيْدًا عَلَى المُرْجِئَةِ، وَعَامَّةُ هَؤُلَاءِ القَوْمِ جِيْرَانُ "عَسْقَلَانَ" ثُمَّ صَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَسْتَثْنِي فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَيَقُوْلُ: صَلَّيْتُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يَكُوْنَ أَتَى بِالصَّلَاةِ كَمَا أُمِرَ، وَلَا تُقُبِّلَتْ مِنْهُ، فَيَسْتَثْنِيْ خَوْفًا مِنْ ذلِكَ. وصَنَّفَ فِي ذلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الثَّغْرِ مُصَنَّفًا، وَشَيْخُهُمْ أَبُو عَمْرِو بنُ مَرْزُوْقٍ، غَايَتُهُ أَنْ يَتْبَعَ هَؤُلَاءِ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ وَلَا أَحَدٌ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَمْتَنِعُوْنَ أَنْ يَقُوْلُوا: لِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مَوْجُوْدٌ هَذَا مَوْجُوْدٌ قَطْعًا، لكِنْ لَمَّا مَاتَ أَحْدَثَ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ الاِسْتِثنَاءَ فِي كُلِّ شَيءٍ حَتَّى فِي الإِخْبَارِ عَنِ المَاضِي وَالحَاضِرِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوْخِ: أَنَّهُ كَانَ يَسْتَثْنِي فِي
(1)
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ وَاقِدِ بنِ عُثْمَانَ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلَامِ (ت: 212 هـ) مِنْ ثِقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ. أَخْبَارُهُ فِي: الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ (8/ 119)، وَالأَنْسَابِ (9/ 290)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (10/ 114)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (1/ 376)، وَالشَّذَرَاتِ (2/ 28).
كُلِّ شَيءٍ كَأَنَّهُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - فِي الخَبَرِ عَنِ الأُمُوْرِ المُسْتَقْبَلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
(1)
: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(2)
: "وَإنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحقُونَ" وَصَارُوا يَمْتَنِعُوْنَ عَنِ التَّلَفُّظِ بِالقَطْعِ، مَعَ أَنَّهُمْ مُحِقُّوْنَ بِقُلُوْبِهِمْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ اللهِ، وَلَا يَشُكُّوْنَ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
(3)
، وَلكِنْ يَكْرَهُوْنَ لَفْظَ القَطْعِ، وَهَذا جَهْلٌ مِنْهُمْ. وَالوَاجِبُ عَلَيْهِمْ مُوَافَقَةُ جَمَاعَةِ المُسْلِمِيْنَ فَإِنَّ قَوْلَ القَائِلِ: أَقْطَعُ بِذلِكَ، مِثْلَ قَوْلِهِ: أَشْهَدُ بِذلِكَ، وَأَجْزِمُ، وَأَعْلَمُ بِذلِكَ، وَأَطَالَ الشَّيْخُ الكَلَامَ فِي ذلِكَ.
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بنُ مَرْزُوقٍ بِـ "مِصْرَ" سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ،
(1)
سورة الفتح، الآية:27.
(2)
رَوَاهُ مُسْلمٌ، رَقَم (975) فِي الجَنَائِزِ، وَالنَّسَائِيُّ (4/ 94) فِي الجَنَائِزِ مِنْ حَدِيْثِ بُرَيْدَةَ بنِ الحُصيْبِ، وَأَبُو دَاوُدَ رَقَم (3237) فِي (الجَنَائِزِ) مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. هَامِش "المَنْهَج الأحْمَد"(1/ 263).
(3)
ساقط من (د).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (564 هـ):
172 -
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ مُبَادِرٍ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو بَكْرٍ الدَّقَّاقُ الأَزَجِيُّ. ذَكَرَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ، وَسَمِعَ مِنْهُ ابنُ الأَخْضَرِ. أَخْبَارُهُ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 188)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (2/ 539)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (186).
173 -
وَرَضِيَّةُ بِنْتُ الحَافِظِ أَبي عَلِيٍّ البَرَدَانِيِّ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِيْهَا وَأَهْلِ بَيْتَهَا. أَخْبَارُهَا في: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 261)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (190).
174 -
وَمُحَمَّدُ بنُ أحْمَدَ بنِ الفَرَجِ الدَّقَّاقُ، أَبُو المَعَالِي البَغْدَادِيُّ، ابنُ أُخْتِ مُحَمَّدِ بنِ نَاصِرٍ السَّلَامِيِّ (ت: 550 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 6)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (205).
وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِيْنَ، وَدُفِنَ بِـ "القَرَافَةِ" شَرْقِيِّ قَبْرِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، وَقَبْرُهُ ظَاهِرٌ يُزَارُ، رحمه الله.
150 - أَحمَدُ بنُ صَالِحِ
(1)
بنِ شَافِعِ بنِ صَالِحِ بنِ حَاتِمِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الجِيْلِيُّ، الحَافِظُ، أَبُو الفَضْلِ، بنُ أَبِي المَعَالِي بنِ أَبِي مُحَمَّدٍ،
مُفِيْدُ العِرَاقِ، وَقَدْ
(1)
150 - أَبو الفَضْلِ الجِيْلِيُّ (520 - 565 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 33)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 118)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 254)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 274). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (23010)، وَالتَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (143)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 489)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 359)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 183)، وَالعِبَرُ (4/ 190)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 572)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (217)، وَالتَّوْضِيْحُ (2/ 198)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 378)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 421)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (4/ 1/ 105)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 215)(6/ 356).
وأَبُوْهُ: صَالِحُ بنُ شَافِعٍ (ت: 543 هـ)، وجَدُّه: شَافِعُ بنُ صَالِحٍ (ت: 480 هـ) ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعَيْهِمَا، وَتَقَدَّمَ الحَدِيْثُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ جَدِّهِ. وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنَهُ: مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ صَالِح بنِ شَافِعٍ (ت: 624) في مَوْضِعِهِ. وَسَتَأْتِي ابنَتُهُ: لَبَابَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ (ت: 626 هـ) في اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَزَوْجَتُهُ: أُمِّ مُحَمَّدٍ عَفِيْفَةُ بِنْتُ المُبَارَكِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بن مَشَّقٍ الْبَغْدَاديَّةُ (ت: 604 هـ) كَذَا قَالَ المُنْذِرِيُّ في التَّكْمِلَةِ (2/ 132) وَقَالَ: "وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ". وَلَهَا أَخْبَارٌ يَأْتِي ذِكْرُهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنِ اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، كَمَا يَأْتِي ذِكْرُ أَبِيْهَا المُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدِ (ت:؟)، وَأَخِيْهَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ المُبَارَكِ (ت: 605 هـ)، وَزَوْجَةِ أَخِيْهَا: عَائِشَةُ وَتُدْعَى فَرْحَةَ بِنْتُ أَبِي طَاهِرٍ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ البِنْدَارِ (ت: 611 هـ). وَابْنُ أَخِيْهَا: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُبَارَكِ أَبُو نَصْرٍ (ت: 593 هـ).
تَقَدَّمَ
(1)
ذِكْرُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ.
وُلِدَ فِي ثَامِنَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلى أَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الخَيَّاطِ وَغَيْرِهِ، وَبَكَّرَ بِهِ أَبُوْهُ فِي سَمَاعِ الحَدِيْثِ، فَأَسْمَعَهُ مِنْ أَبِي غَالِبِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي الحُسَينِ بنِ الفَرَّاءِ، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ الحَرِيْرِيِّ، وَأَبِي البَدْرِ الكَرْخِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَوَالِدِهِ صَالِحِ بنِ شَافِعٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ. وَطَلَبَ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَلَازَمَ أَبَا الفَضْلِ بنَ نَاصِرٍ الحَافِظَ، حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مَا كَانَ عِنْدَهُ، وَاخْتُصَّ بِصُحْبَتِهِ، وَكَانَ يَقْتَفِي أَثَرَهُ، وَيَسْلُكُ مَسْلَكَهُ، ثُمَّ أَكْثَرَ الأَخْذَ عَنْ أَصْحَابِ ابنِ البَطِرِ، وَطِرَادٍ
(2)
وَطَبَقَتِهِمَا. وَبَالَغَ فِي الطَّلَبِ حَتَّى سَمِعَ مِنْ أَصْحَابِ ابنِ بَيَانٍ، وَابْنِ نَبْهَانَ، ثُمَّ مِنْ أَصْحَابِ ابنِ الحُصَيْنِ، وَابْنِ كَادِشٍ، وَطَبَقَتِهِمَا، وَلَمْ يَزَلْ مُشْتَغِلًا بِالطَّلَبِ وَالسَّمَاعِ، إِلَى أَنْ مَاتَ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ الحِسَانَ، وَلَمْ يُحَدِّثْ إِلَّا بِاليَسِيْرِ؛ لأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ حَافِظًا، مُتْقِنًا، ضَابِطًا، مُحَقِّقًا، حَسَنَ القِرَاءَةِ، صَحِيْحَ النَّقْلِ، ثَبْتًا، حُجَّةً، نَبِيْلًا، وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، تَقِيًّا، مُتَمَسِّكًا بِالسُّنَّةِ، عَلَى طَرِيْقَةِ السَّلَفِ، وَصَنَّفَ "تَارِيْخًا" عَلَى السِّنِيْنَ، بَدَأَ فِيْهِ بِالسَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَهِيَ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، إِلَى بَعْدَ السِّتَيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، يَذْكُرُ السَّنَةَ وَحَوَادِثَهَا، وَمَنْ تُوُفِّيَ فِيْهَا، وَيَشْرَحُ أَحْوَالَهُمْ، وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّضْهُ.
(1)
في (أ)، (ب)، (د):"سبق".
(2)
فوقها في (د): "ابن".
وَقَدْ نَقَلْتُ عَنْهُ مِنْ هَذَا الكِتَابِ كَثِيْرًا، يَعْنِي ابنُ النَّجَّارِ بِهَذَا الكِتَابِ "تَارِيْخَهُ" المُذَيَّلَ عَلَى "تَارِيْخِ بَغْدَادَ".
(قُلْتُ): وَأَنَا فَقَدْ نَقَلْتُ مِنْ "تَارِيْخِ ابْنِ شَافِعٍ" فِي هَذَا الكِتَابِ فَوَائِدَ مِمَّا وَقَعَ لِيْ مِنهُ، فَإِنَّهُ وَقَعَ لِي مِنْهُ عِدَّةُ أَجْزَاءِ مِنْ مُنْتَخَبِهِ لابْنِ نُقْطَةَ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابنُ نُقْطَةَ فِي كِتَابِهِ "الاسْتِدْرَاكِ"
(1)
وَنَعَتَهُ بِـ "الحَافِظِ"، وقَالَ: كَانَ مَوْصُوْفًا بِحُسْنِ القِرَاءَةِ لِلْحَدِيْثِ
(2)
، وكَانَ صَالِحًا، ثِقَةً، مَأْمُونًا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ منْهُ: هُوَ مُتْقِنٌ.
وَسُئِلَ عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ فَقَالَ: كَانَ حَافِظًا، ثِقَةً، يَقْرَأُ الحَدِيْثَ قِرَاءَةً حَسَنةً، مُبَيَّنَةً، صَحِيْحَةً، بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، إِمَامٌ فِي السُّنَّةِ، وَكَانَ شَاهِدًا، مُعَدَّلًا، بَلَغَنِي أَنَّهُ دُعِيَ إِلَى الشَّهَادَةِ لِلْخَلِيْفَةِ بِمَا لَا يَجُوْزُ، فَامْتَنَعَ مِنَ الشَّهَادَةِ، وطَرَحَ الطَّيْلَسَانُ، وَقَالَ: مَا لَكُمْ عِنْدَنَا إِلَّا هَذَا.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: أَنْشَدَنِي عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَلِيٍّ الأَمِيْنُ أَنْشَدَنِي أَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِعٍ:
فِي زُخْرُفِ القَوْلِ تَزْيِيْنٌ لِبَاطِلِهِ
…
وَالقَوْلَ قَدْ يَعْتَرِيْهِ سُوْءُ تَعْبِيْرِ
تَقُوْلُ هَذا مُجَاجُ
(3)
النَّحْلِ تَمْدَحُهُ
…
وإِنْ تَعِبْ قُلْتَ هَذَا قَيْءُ زُنْبُوْرِ
مَدْحًا وَذَمًا وَمَا جَاوَزْتَ وَصْفَهُمَا
…
حُسْنُ البَيَانِ يُرِي الظَّلْمَاءَ كَالنُّوْرِ
تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الظُّهْرِ ثَالِثَ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
(1)
ذُكِرَ فِي مَصَادِرِ التَّرْجَمَةِ بِاسْمِ (تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ).
(2)
تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّيْنِ ابنِ هُبَيْرَةَ أَنَّهُ هُوَ قَارِيء الحَدِيْثِ فِي مَجْلِسِهِ.
(3)
في (ب): "محاج"، وفي (ج):"محاج".
وَكَانَ مَرَضُهُ البِرْسَامَ وَالسِّرْسَامَ
(1)
سِتَّةَ أَيَّامٍ، وَأُسْكِتَ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَشُدَّ تَابُوْتُهُ بِالحِبَالِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَدُفِنَ عَلَى أَبِيْهِ فِي دَكَّةِ قَبْرِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه.
151 - عَلِيُّ بنُ ثَرْوَانَ
(2)
بن زَيْدِ بن الحَسن
(3)
بن سَعيْدِ
(4)
بنِ عِصْمَةَ بنِ حِمْيَرَ الكِنْدِيُّ البَغْدَادِيُّ، النَّحْوِيُّ، الأَدِيْبُ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ،
ابنُ عَمِّ
(1)
في (ب) وَ (ج)"السِّرسام وَالبِرْسَام".
(2)
في (أ) وَ (ب) وَ (ط): "بَرْدَوَان".
(3)
في (ط): "الحسين".
(4)
151 - شَمْسُ الدِّين الكِنْدِيُّ: (في حدود 500 - 565 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ الله (ورقة: 33)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 216)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 256)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 274). وَيُرَاجَعُ: خَرِيْدَةُ القَصْرِ "قِسْمُ شُعَرَاءِ الشَّامِ"(1/ 310)، وَمُعْجَمُ الأُدَبَاءِ (12/ 275)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (64)، وَإِنْبَاهُ الرُّوَاة (2/ 235)، وَتَلْخِيْصُهُ لابنِ مَكْتُوْمٍ (129)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (3/ 230)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 110)، وَطَبَقَاتُ النُّحَاةِ لابنِ قَاضِي شُهْبَةَ (2/ 142)، وَبُغْيَةُ الوُعَاةِ (2/ 152)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 216)(6/ 357).
- وابنُ عَمِّهِ الآخَرُ: عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ (ت: 599 هـ) أَخُو زَيْدٍ، نَذْكُرُهُ في مَوْضِعِهِ من الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، قَالَ أبُو شَامَةَ في ذَيْل الرَّوْضَتَيْنِ (33) "وَهُوَ وَالِدُ أَمِيْنِ الدِّيْنِ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ الَّذِي وَرِثَ عَمَّهُ تَاجَ الدِّينِ". أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: لَمْ أَقِفْ عَلَى أخْبَارِ وَلَدِهِ أَمِيْنِ الدِّيْنِ هَذَا، فَلَعَلَّه لَمْ يَشْتَهِرْ بِعِلْمٍ.
الشَّيْخِ تَاجِ الدِّيْنِ أَبِي اليُمَنِ زَيْدٍ
(1)
سَمِعَ بِـ "بَغْدَاد"
(2)
، وقَرَأَ، وَكَتَبَ الطِّبَاقَ بِخَطِّهِ عَلَى يَحْيَى بنِ البَنَّاءِ
(3)
وَغَيْرِهِ، وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنِّي وَقَفْتُ عَلَى قِرَاءَتِهِ لِـ "الهِدَايَةِ" عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَقَرَأَ النَّحْوَ وَاللُّغَةَ عَلَى ابنِ الجَوَالِيْقِيِّ، ثُمَّ قَدِمَ "دِمَشْقَ"، وَأَدْرَكَ شَرَفَ الإِسْلَامِ ابنَ الحَنْبَلِيِّ وَصَحِبَهُ، وَكَانَ فَاضِلًا، أَدِيْبًا، حَسَنَ الخَطِّ، كَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا مِنْ الأَدَبِ، وَمِنْ دَوَاوِيْنَ العَرَبِ، وَحَظِيَ عِنْدَ السُّلْطَانِ نُوْرِ الدِّيْنِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الفَرَجِ بنِ الحَنْبَلِيِّ: كَانَ عَارِفًا بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، قِيْلَ: كَانَ أَعْلَمَ بِهَا مِنْ ابنِ عَمِّهِ أَبِي اليُمَنِ، وَيَقُوْلُ الشِّعْرَ، وَهُوَ حَنْبَلِيُّ، مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَتَبَ مِنَ الرَّقَائِقِ
(4)
وَالكَلَامِ الوَعْظِيِّ الكَثِيْرَ، وَطَلَبَ مِنْ شَرَفِ الإِسْلَامِ أَنْ يَجْلِسَ بِمَدْرَسَتِهِ لِلْوَعْظِ، فَأَذِنَ لهُ فِي ذلِكَ، فَغَلَبَهُ الحَيَاءُ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الإِيْرَادِ، ثُمَّ نَزَلَ وَتَرَكَ الوَعْظَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "دِمَشْقَ". وَمِنْ شِعْرِهِ:
هَتَكَ الدَّمْعُ بِصَوْتِ هَتِفٍ
…
كُلَّمَا أَضْمَرْتَ مِنْ سِرٍّ خَفِي
(1)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "هُوَ الَّذِي أَفَادَ تَاجَ الدِّيْنِ، وَأَحْضَرَهُ مَجَالِسَ الأَدَبِ، وَحَثَّهُ مِنَ الصِّغَرِ عَلَى العِلْمِ". وَأَبُو اليَمَنِ زَيْدُ بنُ الحَسَنِ (ت: 613 هـ) كَانَ حَنْبَلِيًّا ثُمَّ تَحَوَّلَ حَنَفِيًّا.
(2)
أَصْلُهُ مِنْ بَلَدِ "الخَابُوْرِ" وَمَوْلِدُهُ بِـ "بَغْدَاد".
(3)
سَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أبي البَرَكَاتِ هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البُخَارِيِّ، وَأَبي القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ" كَذَا في "تَكْمِلَةِ إِكْمَالِ الإِكْمَالِ" لابنِ الصَّابُونِيِّ.
(4)
في (ط): "الدَّقائق".
يَا أَخِلَّائِي عَلَى الخَيْفِ أَمَا
…
تَتَّقُوْنَ اللهَ فِي حَثِّ المُطِي
وَلَهُ أَيْضًا:
دَرَّتْ عَلَيْكِ غَوَادِي المُزْنِ يَا دَارُ
…
وَلَا عَفَتْ مِنْكِ آيَاتٌ وَآثَارُ
دَعَاءُ مِن لَعِبَتْ أَيْدِي الغَرَامِ بِهِ
…
وَسَاعَدَتْهَا صَبَابَاتٌ وَتِذْكَارُ
وَقَصَدَ بَعْضَ الأَكَابِرِ مَرَّةً فَلَمْ يُصَادِفْهُ، فَكَتَبَ عَلَى بَابِ دَارِهِ حَفْرًا بِسِكِّيْنٍ:
(1)
(1)
في "ذَيْلِ تاريخ بَغْدَادِ": "أَنْشَدَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ هِبَةِ اللهِ الثَّعْلَبِيُّ بِـ "دِمَشْقَ" أَنْشَدَنَا أَبُو المُظَفَّرِ أُسَامَةُ بنُ مُرْشِدِ الكِنَانِيُّ لأَبي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ ثَرْوَانَ الكِنْدِيِّ" وَأَنْشَدَ البَيْتَيْنِ.
وَفِي "خَرِيْدَةِ القَصْرِ": "ومن جُمْلَةِ ذلِكَ أَنَّهُ قَصَدَ بَعْضَ رُؤَسَاءِ "الزَّبَدَانِيِّ" وَهُوَ الأَمِيْرُ حَجِّيُّ بنُ عُبيْدِ اللهِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَكَتَبَ عَلَى بَابِهِ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ أَنْشَدَنِيْهِمَا التَّاج البَلْطِيُّ بِـ "مِصْرَ" وفي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ" لابنِ النَّجَّارِ: "قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُثْمَانَ المَخْزُوْمِيِّ بِـ "القَاهِرَةِ" عَنْ أَبِي الفَتْحِ عُثْمَانَ بنِ عَيْسَى بنِ مَنْصُوْرٍ البَلَطِيُّ النَّحْوِيُّ، أَنْشَدَنَا عَلِيُّ بن ثَرْوَانَ الكِنْدِيُّ لِنَفْسِهِ بِـ "دِمَشْقَ" وَكَانَ قَدْ قَصَدَ جَمَالَ الدَّوْلَةِ حجا (؟) بنَ عَمِّ الأَمِيْنِ مُبيْنِ الدَّوْلَةِ حَاتِمٍ، فَلَمْ يُصَادِفْهُ فَعَمِلَ بَيْتَيْنِ. . .".
(فَائِدَةٌ): لَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ أَحَدًا مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ، وَفِي "ذَيْل تاريخ بَغْدَادَ" لابنِ النَّجَّارِ:"رَوَى عَنْهُ أَبُو المَوَاهِبِ الحَسَنُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مَحْفُوْظِ بنِ صَصْرَى التَّغْلِبِيُّ في "مُعْجَمِ شُيُوْخِهِ"، وقَرَأَ عَلَيْهِ الصَّائِنُ أَبُو الحُسَيْنِ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ الشَّافِعِيُّ الْمَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ عَسَاكِرٍ" كِتَابَ "المُعَرَّبِ" لابنِ الجَوَالِيْقِيِّ"، وَكَانَ الصَّائِنُ أَسَنَّ مِنْهُ"، وسَاقَ سَنَدًا إِلَيْهِ عَنْ سَالِمِ بنِ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ مَحْفُوْظِ التَّغْلِبِيِّ عَنْ وَالِدِهِ عَنْهُ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (565 هـ):
175 -
خُطْلُخُ، أَبُو عَلِيٍّ الدَّبَّاسُ مَوْلَى أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتِيْلَ. وَمَعْنَى خُطْلُخ بالتُّركِيَّة: القَحْطُ وَالمَجَاعَةُ. أَخْبَارُهُ في: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 58)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (223).
176 -
وَعُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَقَاقَا، أَبُو عُمَرَ النَّجَّارُ، بَغْدَادِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ =
حَضَرَ الكِنْدِيُّ مَغْنَاكُمْ فَلَمْ
…
يَرَكُمْ مِنْ بَعْدِ كَدٍّ وَتَعَبْ
لَوْ رَآكُمْ لَتَجَلَّى هَمُّهُ
…
وَانْثَنَى عَنْكُمْ بِحُسْنِ المُنْقَلَبْ
152 - مُحَمَّدُ بنُ حَامِدِ
(1)
بن حَمْدِ
(2)
بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، الوَاعِظُ، الحَنْبَلِيُّ، أَبُو سَعِيْدٍ. وَيُعْرفُ بـ "سُرْمُسُ".
سَمِعَ أَبَا مَسْعُوْدٍ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ السُّوْذَرْجَانِيَّ
(3)
، وَأَبَا مُطِيْعٍ المِصْرِيَّ
(4)
= النَّجَّارِ في ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (2/ 225)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (227).
(1)
في (د): "جابر".
(2)
152 - أَبُو سَعِيْدٍ الأَصْبَهَانِيُّ (سُرْمُسُ): (؟ - 566 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ الله (ورقة: 33)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 401)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 257)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 274). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 246) تَرْجَمَ لَهُ مَرَّتَيْنِ؟!، وَنَقَلَ ذلِكَ عَنِ ابنِ المَارِسْتَانِيَّةَ، وَصَحَّحَ أَنَّهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 217)(6/ 360).
(3)
"السُّوْذَرْجَانِيُّ" بالذَّالِ المُعْجَمَةِ، وَهِيَ فِي (ط) بِالدَّالِ المُهمَلَةِ. قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ في الأَنْسَابِ (7/ 185):"بِضَمِّ السِّيْنِ المُهْمَلَةِ، وَالذَّالِ المَفْتُوْحَةِ المُعْجَمَةِ، وسُكُوْنِ الرَّاءِ، وَفِي آخِرِهَا النُّوْنُ، هَذِهِ النِّسْبَةُ إِلَى "سُوْذَرْجَانَ" وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "أَصْبَهَانَ". وَأَبُو مَسْعُوْدٍ المَذْكُوْرُ (ت: 494 هـ) وَكَنَّاهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِي في "الأَنْسَابِ" أبا سَعْدٍ؟! وَأَخُوه أَحْمَدُ، مُحَدِّثٌ مَشْهُورٌ (ت: 496 هـ)، خَرَجَ مِنْهَا جَمَاعَةٌ مِنَ المُحَدِّثِينَ. . .". وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (3/ 316).
(4)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبْدِ الْعَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ الضَّبِّيُّ المَدِيْنِيُّ المِصْرِيُّ (ت: 497 هـ).
أَخْبَارُهُ فِي: سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (19/ 176)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 67)، وَالشَّذَرَاتِ (3/ 407).
والدُّوْنِيُّ
(1)
، وَيَحْيَى بنَ مَنْدَه، وَجَمَاعَةً، وَبِـ "بَغْدَادَ"
(2)
أَبَا القَاسِمِ بنَ السَّمَرْقَنْدِيِّ. وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَحَدَّثَ بِـ "بَغْدَادَ" وَغَيْرِهَا. وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ الوُعَّاظِ، وَلَهُ القَبُوْلُ التَّامُّ عِنْدَ العَوَامِّ.
تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بُرْدَيَانَ
(3)
فِي جِوَارِ قَبْرِ الإِمَامِ أَبِي مَسْعُوْدٍ الرَّازِيِّ
(4)
.
(1)
في (ج): "الدُّوبي" وفي (ط): "الدُّرني" ومَا أَثْبَتُّهُ هُوَ الصَّحِيْحُ، وَهُو عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ حَمْدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، أَبُو مُحَمَّدٍ (ت: 501 هـ)، مَنْسُوْبٌ إِلى "الدُّوْنِ" من أَعْمَالِ "هَمَذَانَ" عَلَى عَشَرَةِ فَرَاسِخَ مِنْهَا مِمَّا يَلِي مَدِيْنَةِ "الدِّيْنَوَرَ". يُرَاجَعُ: اللُّبَابُ (1/ 517)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ لابنِ نُقْطَةَ (2/ 609)، والتَّقْيِيدُ لَهُ (2/ 89)، وَالتَّبْصِيرُ (2/ 574). وَفِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (2/ 556، 557)، ذَكَرَ (الدُّوْنَ) وَ"الدُّوْنَةَ"، وَنَسَبَ إِلَيْهَا المَذْكُوْرَ هُنَا فِي الأُوْلَى، كَمَا نَسَبَهُ إِلَيْهَا في الثَّانِيَةِ أَيْضًا هُوَ وَوَالِدَهُ أَحْمَدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن كَذَا؟! وَذَكَرَ وَفَاتَهُ سَنَةَ (481 هـ)، وَيُلَاحَظُ تَحْرِيْفُ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيْهِ (حَمْدٍ) وَ (الحَسَنِ)؟! وَمِمَّا يُؤَكِّدُ أَنَّهُ المَقْصُوْدُ أنَّ الحَافِظَ يَحْيَى بنَ مَنْدَه ذَكَرَهُ في "تَارِيْخِ أَصْبَهَان" لَهُ، وَقَالَ:"قَدِمَ "أَصْبَهَانَ" مِرَارًا" وَالمُتَرْجَمُ هُنَا أَصْبَهَانِيُّ، فَلَعَلَّ لِقَاءَهُ إيَّاهُ يَكُوْنُ غَالِبًا هُنَاكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
(2)
في (د)"ببغداد" دُوْنَ وَاوٍ.
(3)
في (د): "مرديان".
(4)
هُوَ أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ بنِ خَالِدٍ الرَّازِيُّ، أَبُو مَسْعُوْدٍ الضَّبِّيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، مِن ثِقَاتِ المُحَدِّثِين وَأَئِمَّتِهِمْ، تَرْجَمَ لَهُ القَاضِي أَبُو الحُسَين فِي الطَّبَقَاتِ (1/ 129) وَخَرَّجْتُ تَرْجَمَتَهُ هُنَاك.
153 - النَّفِيْسُ بنُ مَسْعُودِ
(1)
بنِ أَبِي سَعْدِ بنِ عَلِيٍّ، المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ صَعَوَةَ" السَّلَامِيُّ، الفَقِيْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ
قرَأَ القُرْآنَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَوَعَظَ. وَاحْتُضِرَ فِي شَبَابِهِ، فَتُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعِ شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِمَائَةَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عِنْدَ جَامِعِ السُّلْطَانِ بِالجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه، وَذَكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ، وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: تَفَقَّهَ علَى ابنِ المَنِّيِّ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَسَمِعَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ.
(1)
153 - ابنُ صَعَوَةَ السَّلَامِيُّ: (؟ - 566 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 33)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 69)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 258)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 275). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 236)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 143)(في تَرْجَمَةِ وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 163)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 217) (6/ 360). وَفِي (ط):"المَعْرُوْفُ بِأَبِي صَعْوَةَ". وابنُهُ مُحَمَّدُ بنُ النَّفِيْسِ (ت: 604 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. وَ (صَعْوَة) بِفَتح الصَّاد، وَسُكُوْنِ العَيْنِ المُهْمَلَتَيْنِ، وفَتْحِ الوَاوِ، بَعْدَهَا تَاءُ تَأْنِيْثٍ، لَقَبٌ لِجَدِّهِ مَسْعُوْدٍ، كذَا قَالَ المُنْذِرِي في التَّكْمِلَةِ (2/ 143).
- وَعُرِفَ دَاوُدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ (ت: 616 هـ) بـ "ابن صَعَوَةَ". تَارِيْخُ الإِسْلامِ (288).
- كَمَا لُقِّبَ العَبَّاسُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْمَاطِيُّ، وَطَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ الأَقْسَاسِيُّ بِـ "صَعَوَةَ" كَذَا فِي كَشْفَ النِّقَابِ لابنِ الجَوْزِيِّ (1/ 300)، وَنُزهَة الأَلْبَابِ للحَافِظِ ابن حَجَرٍ (1/ 425). وَلَم يَذْكُرَا وَالِدَ صَاحِبِنَا، وَاسْتَدْرَكَهُ السِّنْدِيُّ فِي هَامِشِ نُسْخَةٍ مِن "نُزْهَة الأَلْبَابِ" وَأُدخِلَ فِي الأَصْلِ، وَكَتَبَهُ المُحَقِّقُ فِي الهَامِشِ، وَحَسَنًا فَعَلَ.
قَالَ: "وَصَعَوَةُ" بِفَتْحِ الصَّادِ وَالعَيْنِ المُهْمَلَتَيْنِ
(1)
، وَبَعْدَهَا تَاءُ تَأْنِيثٍ - لَقَبٌ لِجَدِّهِ
(2)
مَسْعُودٍ.
154 - فِتْيَانُ بنُ مَيَّاحِ
(3)
بنِ حَمْدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ المُبَارَكِ بنِ الحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ الحَرَّانِيُّ، الضَّرِيْرُ، المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الكَرَمِ.
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ عَلَى مَا بَلَغَنِي.
قُلْتُ: وَهَذَا بَعِيْدٌ. وَلَعَلَّهُ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. قَالَ: وَقَدِمَ "بَغْدَاد" وَسمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي البَرَكَاتِ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيِّ، وَصَالِحِ بنِ شَافِعٍ، وَأَبِي زَيْدٍ الحَمَوِيِّ
(4)
، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ بِمَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَادَ إِلَى بَلَدِهِ، فَأَفْتَى وَدَرَّسَ بِه إِلَى أَنْ مَاتَ. سَمِعَ مِنْهُ أَبُو المَحَاسِنِ القَاضِي القُرَشِيُّ.
قُلتُ: كَانَ بَارِعًا فِي عِلْمِ القِرَاءَاتِ، وَلَهُ مُصَنِّفٌ فِي عِلْمِ التَّجْوِيْدِ
(5)
(1)
جَاءَ الضَّبْطُ في (ط) - مَعَ قلَّة ضَبْطِهِ - بِالْفَتْحَةِ عَلَى الصَّادِ والعَيْنِ مَعًا، وَالوَاوُ مُهْمَلَةٌ مِنَ الضَّبْطِ. وَ (الصَّعْوَةُ) طَائِرٌ صَغِيْرٌ، مَعْرُوْفٌ، وَهُو عَلَى تَسْمِيَتِهِ عِنْدَ العَامَّةَ الآنَ فِي نَجْدِ.
(2)
قَوْلُهُ هُنَا: "لَقَبٌ لِجَدِّهِ" هِيَ عِبَارَةُ الحَافِظِ المُنْذِرِيِّ الَّذي تَرْجَمَ لِمُحَمَّدِ بنِ النَّفِيسِ بنِ مَسْعُوْد، وَكَانَ عَلَى المُؤَلِّفِ أَنْ يُغَيِّرِ العِبَارَةَ فَيَقُوْلُ: لَقَبٌ لأَبِيْهِ مَسْعُوْدٍ.
(3)
154 - أَبُو الكَرَمِ فِتْيَانُ: (513 - 566 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ الله (ورقة: 33)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 316)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 259)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 275). وَيُرَاجَعُ: الشَّذَرَاتُ (6/ 361).
(4)
سَيَأْتِي التَّعْرِيْفُ بِهِ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الجَيْشِ (ت: 676 هـ).
(5)
وَمَعَ هَذَا لَمْ يُتَرْجَمْ فِي طَبَقَاتِ القُرَّاءِ؟!
وَقَالَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ ابنِ تَيْمِيَّةِ فِي أَوَّلِ "تَفْسِيْرِهِ"، وَقَدْ ذَكَرَ شُيُوْخَهُ فِي العِلْمِ - فَأَوَّلُ مَا قَالَ: كُنْتُ بُرْهَةً مَعَ شَيْخِنَا الإِمَامِ، الوَرِعِ أَبِي الكَرَمِ فِتْيَانَ بنِ مَيَّاحٍ، وَكَانَ طَويْلَ البَاعِ فِي عِلْمِ اللُّغَةِ وَالإِعْرَابِ، مَبْسُوْطًا فِي الإِغْرَاقِ فِيْهِمَا وَالإِغْرَابِ
(1)
، يَشُقُّ الغُبَارَ فِي عِلْمِ القُرآنِ، وَمُعَانَاةِ المَعَانِي فَهْمًا، وَاللُّغَاتِ، وَإِحْكَامِ
(2)
فَهْمِ الأَحْكَامِ، وَالوُقُوفِ عَلَى مَوَارِدِ الحَلَالِ وَالحَرَامِ.
(1)
في (ط): "والأعراب".
(2)
في (ط): "وأحكام. . .".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (566 هـ):
177 -
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحَمَّد بنِ يُوْسُفَ، أَبُو جَعْفَرٍ، منَ البَيْتِ اليُوْسُفِيِّ المَشْهُوْرِ. يُرَاجَعُ: تَارِيْخُ إرْبِلَ (1/ 214)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ للذَّهَبِيِّ (244)، وَالمُختَصَرُ المُحْتَاج إِلَيْهِ (1/ 187).
178 -
وطَاهِرُ بنُ صَدَقَةَ بنِ الخَضِرِ بنِ كُلَيْبٍ، وَهُوَ عَمُّ المُحَدِّثِ المَشْهُوْرِ عَبْدِ المُنْعِمْ بنِ كُلَيْبٍ الْحَرَّانِيِّ (ت: 596 هـ)، ذَكَرَهُ ابنُ الدُّبَيْثِي في "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ" كَمَا فِي المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 120)، وَقَالَ:"عَمُّ شَيْخِنَا عَبْدُ المُنْعِمِ. سَمِعَ أَبَا عُثْمَانَ بنَ مَلَّهْ، وأَبَا الوَفَاءِ بنَ عَقِيْلٍ، وَأَبَا طَالِبِ بنَ يُوْسُفَ، وَكَانَ مُتْقِنًا لِلْفَرَائِضِ. . .".
179 -
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ، الوَاعِظُ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ البَرْنِيِّ". مِنْ بَيْتٍ مَشْهُوْرٍ بِالعِلْمِ وَالوَعْظِ، يُعْرَفُ أَيْضًا بِـ "ابنِ الأَشْقَرِ". ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مِنْهُمُ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ (ت: 622 هـ). وَوَالِدُهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ (ت:؟) ذَكَرَهُ ابنُ نُقْطَةَ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (1/ 375) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ. وَأُخْتُهُ: سِتُّ الدَّارِ (ت: 588 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهَا فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
180 -
وَيَحْيَى بنُ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، أَبُو القَاسِمِ الوَكِيْلُ، وَالِدُهُ مِنْ كِبَارِ المُحَدِّثِيْنَ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في الاسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (498 هـ)، وَكَذلِكَ عَمُّهُ أَحْمَدُ =
وَعَدَّهُ أَبُو الفَتْحِ بنُ عَبْدُوْسٍ مِنْ شُيُوْخِهِ وَشُيُوْخِ حَرَّانَ وَفُقَهَائِهَا وَعُلَمَائِهَا.
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: حَدَّثَ فِتْيَانُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخمْسِمَائَةَ، وَدَخَلْتُ "حَرَّانَ" سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقَالُوا: تُوُفِّيَ عَنْ قَرِيْبٍ رحمه الله.
قُلْتُ: وَفِيْهِ أَيْضًا نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الشَّيْخَ فَخْرَ الدِّينِ بنِ تَيْمِيَّةَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَازَمَ أَبَا الحَسَنِ بنَ عَبْدُوْسٍ بَعْدَ مَوْتِ فُتْيَانَ هَذَا، وَهَذَا يُشْعِرُ بِتَقَدُّمِ وَفَاتِهِ عَلَى وَفَاةِ ابنِ عَبْدُوْسٍ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ مُلَازَمَتَهُ لابنِ عَبْدُوْسٍ كَانَتْ بَعْدَ مُلَازَمَتِهِ لِفِتْيَانَ، لَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
155 - عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
(1)
بنِ أَحمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نَصْرِ بنِ الخَشَّابِ البَغْدَادِيُّ،
= ابنُ بُنْدَارٍ (497 هـ). أَخْبَارُ يَحْيَى كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا في الكَامِلِ فِي التَّارِيْخِ (11/ 366)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (20/ 505)، وَتَارِيْخِ ابنِ الوَرْدِيِّ (2/ 121)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (12/ 264)، وَحُسْنِ المُحَاضَرَةِ (2/ 233)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 218).
ولَعَلَّ منَ الحَنابِلَةِ - أيضًا - في وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
- أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَالِكٍ، أَبُو بَكْرِ بنِ أبي إِسْحَقَ العَاقُولِيُّ، الأَزَجِيُّ، الوَزَّانُ، سَمِعَ مِنَ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ البُسْرِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ البَنْدَنِيْجِيُّ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (242). فَأهْلُ بَابِ الأَزَجِ حَنَابِلَةٌ غَالِبًا.
(1)
155 - أَبُو مُحَمَّدِ بن الخَشَّابِ: (492 ظَنًّا - 567 هـ):
إمَامُ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ المَشْهُوْرُ، عَلَّامَةُ وَقْتِهِ، وَسِيْبَوَيْهِ زَمَانِهِ، أَحَدُ الأَرْبَعَةِ المَشَاهِيْرِ في "بَغْدَادَ""ابنُ الخَشَّابِ"، و"ابنُ الدَّهَّان"، وَ"ابنُ الشَّجَرِيِّ، وَ"ابنُ الجَوَالِيْقِيِّ". أَخْبَارُهُ فِي: مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ (641)، ومُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 34)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 8)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 260)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ":(1/ 275). وَيُرَاجَعُ: خَرِيْدَةُ القَصْرِ "قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ"(3/ 1/ 5)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 238)، وَمُعْجَمُ الأُدَبَاءِ (12/ 47)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 375)، وَإِنْبَاهُ الرُّوَاةِ (2/ 99)، وَتَلْخِيْصُهُ لابنِ مَكْتُوْمٍ (ورقة: 88)، وَاخْتِصَارُهُ لِمَجْهُوْلٍ (ورقة: 50)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 288)، وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (3/ 102)، وَالمُخْتَصَرُ فِي أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 52)، وَالعِبَرُ (4/ 196)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (267)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 523)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 127)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (171)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (234)، وَالمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (257)، وَتَارِيْخُ ابنِ الوَرْدِيِّ (2/ 124)، وَتَتمَّةُ المُخْتَصَرِ (2/ 124)، وَمَسَالِكُ الأَبْصَارِ (4/ 2/ 311)"مَخْطُوْطٌ"، وَفَوَاتُ الوَفَيَاتِ (2/ 156)، وَالوَافي بِالوَفَيَاتِ (17/ 14)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 381)، وَإِشَارَةُ التَّعْيِيْنِ (159)، وَالبُلْغَةُ فِي تَارِيْخِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ (105)(مَسْرُوْقٌ مِنْ سَابِقِهِ؟!)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (4/ 189)، وَطَبَقَاتُ النَّحْوِيِّين لابنِ قَاضِي شُهْبَة (2/ 17)"مَخْطُوْطٌ" وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 65)، وَتَارِيْخُ الخُلَفَاءِ (448)، وَبُغْيَةُ الوُعَاةِ (2/ 29)، وَتَلْخِيْصُهَا لابنِ حُمَيْدٍ النَّجْدِيِّ (ورقة: 46)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 220)(6/ 365)، وَالفَلَاكة وَالمَفْلُوكُون (78).
وفي "خَرِيْدَةِ القَصْرِ" وَغَيْرِهَا: "عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ" مُكَرَّرٌ ثَلاثًا.
قَالَ العِمَادُ الكَاتِبُ في "خَرِيْدَةِ القَصْرِ": "شَيْخُنَا في عِلْمِ الأَدَبِ، أَعْلَمُ النَّاسِ بِكَلَامِ العَرَبِ، وَأَعْرَفُهُمْ بِعُلُومٍ شَتَّى؛ مِنَ النَّحْوِ، وَاللُّغَةِ، وَالتَّفْسِيْرِ، وَالْحَدِيْثِ، وَالنَّسَبِ، الطَّوْدُ السَّامِي، وَالْبَحْرِ الطَّامِي، وَكَانَ فَضْلُهُ عَلَى أَفَاضِلِ الزَّمَانِ كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَى النُّجُوْمِ، وَالبَحْرِ عَلَى الغُدْرَانِ، وَلَهُ المُؤَلَّفَاتُ العَزِيْزَةُ، وَالمُصَنَّفَاتُ الحَرِيْزَةُ، وَالغُرَرُ المُفِيْدَةُ، وَالفِكَرُ المَجِيْدَةُ، إِذَا كَتَبَ كِتَابًا بِخَطِّهِ يُشْتَرَى بِالمِئِيْنِ، وَتَتَنَافَسُ عَلَيْهِ بَوَاعِثُ المُسْتَفِيْدِيْنَ، وَمُعْظَمُ قِرَاءَاتِي عَلَيْهِ في "بَغْدَادَ" في كُتُبِ الأَدَبِ
اللُّغَوِيُّ، النَّحْوِيُّ، المُحَدِّثُ، الإِمَامِ أَبُو مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الكَرَمِ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ ظَنًّا. وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ الرَّبَعِيِّ، وَأَبِي الغَنَائِمِ النَّرْسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ مَنْدَه، وَطَلَبَ بِنَفْسِهِ، وَقَرَأَ الكَثِيْرَ عَلَى ابنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي العِزِّ بنِ كَادِشٍ، وَأَبِي غَالِبِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي القَاسِمِ الحَرِيْرِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ البَاقِي، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَالمَزْرَفِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ الزَّاغُونِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاءِ، وَخَلْقٍ مِنَ الطَّبَقَةِ، وَلَمْ يَزَلْ يَقْرَأُ حَتَّى قَرَأَ عَلَى أَقْرَانِهِ.
وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ نُقْطَةَ فِي أَوَّلِ "اسْتِدْرَاكِهِ"
(1)
مِنَ الحُفَّاظِ الَّذِينَ يُعْتَمَدُ عَلَى ضَبْطِهِمْ، وَقَرَنَهُ مَعَ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي العَلَاءِ، وَابْنِ عَسَاكِرِ. وَأَخَذَ اللُّغَةَ وَالعَرَبِيَّةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ جُوَامَرْدَ
(2)
القَطَّانِ، وَأَبِي الحَسَنِ الفَصيْحِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ المُحَوَّلِيِّ،
= وَالشِّعْرِ، وَبَعَثَ تَحْسِيْنُهُ وَتَنْقِيْحُهُ وَتَصْحِيْحُه لِكَلِمَاتِي عَلَى تَجْوِيْدِي النَّظْمَ وَالنَّثْرَ. وَهُوَ أَلْيَنُ سَجِيَّةً مِنَ المَاءِ العَذْبِ، وأَخْشَنُ حَمِيَّةً مِنْ غِرَارِ العَضْبِ، ومَا أَظُنُّ الوُجُوْدَ يَسْمَحُ بِمِثْلِهِ، وَأَنَّ الدَّهْرَ العَقِيْمَ يُنْتِجُ أَحَدًا في فَضَائِلِهِ، كَانَ كَثيْرَ الإِفَادَةِ، غَزِيْرَ الإِجَادَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَنْبُو عَنْ جَوَابِ سُؤَالِ المُمْتَحِنِيْنَ نِبْوَةَ المُسْتَحْقِرِ المُهِيْنِ، وَيَعِزُّ عَلَى المُتَكَبِّرِ، وَيَذِلُّ لِلْمُتَكَرِّمِ، مُتَوَاضِعٌ عِنْدَ العَامَّةِ، مُتَرَفِّعٌ عَلَى المُلُوْكِ وَالخَاصَّةِ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -:
181 -
أَخُوْهُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بن الخَشَّابِ، ذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّار في ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَاد (3/ 26)، وذَكَرَ أَنَّهُ تُوُفَي بَعْدَ أَخِيْهِ بِسِنِيْنَ كَثِيْرَةٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ سَنَةَ وَفَاتِهِ.
(1)
يُرَاجَعُ: مُقَدِّمَةِ تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ.
(2)
في (ط): "حوامرد" وهو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُوَامَرْدَ الشِّيْرَازِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ المَوْلِدِ وَالدَّارِ، أَبُو بَكْرٍ القَطَّانُ النَّحْوِيُّ (ت: 510 هـ). أَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (6/ 360)، =
وَأَبِي مَنْصُورٍ الجَوَالِيْقِيِّ، وَأَبِي السَّعَادَاتِ بنِ الشَّجَرِيِّ، وَقَرَأَ الحِسَابَ وَالهَنْدَسَةَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَاقِي، وَالفَرَائِضَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ المَزْرَفِيِّ. وَشَارَكَ فِي أَنْوَاعِ العُلُوْمِ، وَبَرَعَ فِي كَثِيْرٍ مِنْهَا.
قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: انْتَهَى إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّةَ: أَكْثَرْتُ
(1)
التَّرَدُّدَ إِلَى مَجْلِسِ شَيْخِنَا العَلَّامَةِ، حُجَّةِ الإِسْلَامِ، أَبِي مُحَمَّد بنِ الخَشَّابِ لِتَحْصِيْلِ فَنَّيْ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَمَا بَلَغَ أَحَدٌ مِنْ أَبْنَاءِ عَصْرِهِ فِيْهِمَا مَا بَلَغَهُ.
وَسُئِلَ عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ فَقَالَ: كَانَ إِمَامًا فِي عَصْرِهِ فِي عِلْمِ العَرَبِيَّةِ، وَالنَّحْوِ
(2)
وَاللُّغَةِ، وَكَانَ عُلَمَاءُ أَهْلِ عَصْرِهِ يَسْتَفْتُونَهُ فِيْهِمَا، وَيَسْأَلُوْنَهُ عَنْ مُشْكِلَاتِهَا، وَحَضَرْتُ كَثِيْرًا مِنْ مَجَالِسِهِ لِلْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَلكِنْ لَمْ أَتَمَكَّنْ مِنَ الإِكْثَارِ عَلَيْهِ؛ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ عَلَيْهِ، وَكَانَ حَسَنَ الكَلَامِ فِي السُنَّةِ وَشَرْحِهَا.
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالنَّحْوِ، حَتَّى يُقَالُ: إِنَّه كَانَ فِي دَرَجَةِ أَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ، قَالَ: وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ وَاللُّغَةِ، وَالمَنْطِقِ، وَالفَلْسَفَةِ، وَالحِسَابِ، وَالهَنْدَسَةِ، وَمَا مِنْ عِلْمٍ مِنَ العُلُوْمِ إِلَّا كَانَتْ لَهُ فِيْهِ يَدٌ حَسَنَةٌ.
وَقَالَ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ: رَأَيْتُ قَوْمًا مِنْ نُحَاةِ "بَغْدَادَ" يُفَضِّلُوْنَهُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ قَالَ: وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيرَ، وَتَفَقَّهَ فِيْهِ، وَعَرَفَ صَحِيْحَهُ
= وَإنْبَاهُ الرُّوَاة (3/ 52)، وَبُغْيَةِ الوُعَاةِ (1/ 22)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 87).
(1)
في (ط): "أكثر".
(2)
عِلْمُ العَرَبِيَّةِ هُوَ نَفْسُهُ عِلْمُ النَّحْوِ؟!
مِنْ سَقِيْمِهِ، وَبَحَثَ عَنْ أَحْكَامِهِ، وَتَبَحَّرَ فِي عُلُوْمِهِ.
وَذَكَرَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: لَهُ مَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ بِالحَدِيْثِ، وَيَقْرَأُ الحَدِيْثَ قِرَاءَةً سَرِيْعَةَ، حَسَنَةً، صَحِيْحَةً، مَفْهُوْمَةً، وَيُدِيْمُ القِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ فُتُوْرٍ، سَمِعَ الكَثِيْرَ بِنَفْسِهِ، وَجَمَعَ الأُصُوْلَ الحِسَانَ مِنْ أَيِّ وَجْهِ اتَّفَقَ لَهُ، وَكَانَ يَضِنُّ بِهَا. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا شُجَاعٍ البِسْطَامِيَّ
(1)
يَقُوْلُ: قَرَأَ عَلَيَّ ابنُ الخَشَّابِ "غَرِيْبَ الحَدِيْثِ" لِلْقُتَبِيِّ
(2)
قِرَاءَةً مَا سَمِعْتُ قَبْلَهَا بِمِثْلِهَا فِي الصِحَّةِ وَالسُّرْعَةِ، وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الفُضَلَاءِ لِسَمَاعِهَا، وَكَانُوا يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَأْخُذُوا عَلَيْهِ فَلْتَةَ لِسَانٍ، فَمَا قَدَرُوا عَلَى ذلِكَ.
قَالَ السَّمْعَانِيِّ
(3)
: وَكَتَبْتُ عَنْهُ "جُزْءًا" مِنْ حَدِيْثِ أَبِي الحَسَنِ بنِ
(1)
أَبُو شُجَاعٌ البِسْطَامِيُّ، ثُمَّ البَلْخِيُّ، عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نَصَرٍ - بِالتَّحْرِيْكِ - (ت: 562 هـ) قَالَ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ: "مُنَاظِرٌ، مُحَدِّثٌ، مُفَسِّرٌ، وَاعِظٌ، أَدِيْبٌ، شَاعِرٌ، حَاسِبٌ .. " أَخْبَارُهُ فِي: الأَنسَابِ (2/ 214)، وَإِنْبَاهِ الرُّوَاةِ (2/ 102)"فِي تَرْجَمَةِ ابنِ الخَشَّابِ"، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 452)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبكِيِّ (7/ 248)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 376)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 206).
(2)
فِي (أ) و (ط): "المُقتفى" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَصُحِّحَتْ في هَامِشِ (أ) وَفي (ب) و (د):"للمصفى" وَمَا أَثْبَتُّهُ هُو الصَّحِيْحُ، وَالقُتَبِيُّ أَوِ القُتَيْبِيُّ هُوَ ابنُ قُتَيْبَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمٍ بنِ قُتَيْبَةَ الدِّيْنَوَرِيُّ (ت: 276 هـ) وَكِتَابُهُ فِي "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ" مَشْهُوْرٌ، طُبِعَ الجُزْءِ الأَوَّل مِنه فِي تُونُسَ "الدَّارِ التُّونِسِيَّةِ لِلنَّشرِ" سَنَةَ (1979 م) ثُمَّ حَقَّقَهُ الدُّكتور عبدُ الله الجُبُوْرِي، وَنَشَرَهُ فِي وِزارَةِ الأَوْقَافِ العِرَاقِيَّةِ بِـ "بَغْدَادَ"(ط) مَطْبَعَة العَانِي سَنَةَ (1397 هـ) كَامِلًا في ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ.
(3)
لَمْ يَرِدْ فِي مُعْجَمَى الحَافِظِ السَّمْعَانِيِّ (المُنْتَخَبِ) وَ (التَّحْبِيْرِ)؟!
مَخْلَدٍ
(1)
، كَانَ يَرْوِيْهِ عَنِ الرَّبِعِيِّ، حَدَّثَنَا بِلَفْظِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ وَابنُ السَّمْعَانِيِّ إِنَّمَا رَآهُ وَلَهُ نَحْوَ الأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ": سَمِعْتُ ابنَ الأَخْضَرِ الحَافِظِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ الخَشَّابِ يَقُوْلُ: إِنِّي مُتْقِنٌ فِي ثَمَانِيَةِ عُلُوْمٍ، مَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ عَنْ عِلْمٍ مِنْهَا وَلَا أَجِدُ لَهَا أَهْلًا. وَذَكَرَ غَيْرُهُ - عَنِ ابنِ الأَخْضَرِ - قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا وَهُوَ مَرِيْضٌ، وَعَلَى صَدْرِهِ كِتَابٌ يَنْظُرُ فِيْهِ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: ذَكَرَ ابنُ جِنِّي
(2)
مَسْأَلَةً فِي النَّحْوِ، وَاجْتَهَدَ أَنْ يَسْتَشْهِدَ عَلَيْهَا
(1)
هُوَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ الأَزْدِيُّ الوَاسِطِيُّ البَزَّارُ (ت: 468 هـ) قَالَ الحَافِظُ السِّلَفِيُّ: سَأَلْتُ خَمِيْسًا الحَافِظَ عَنِ ابنِ مَخْلَدٍ فَقَالَ: سَمِعَ بِإِفَادَةِ أَبِيْهِ، وَكَانَ ثِقَةً، جَيِّدَ الخَطِّ، جَيِّدَ الأُصُوْلِ" سُؤَالَاتُ السِّلَفِي (25)، وَيُرَاجَعُ: الأنْسَابُ (2/ 278)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (18/ 411)، وَ (الرَّبَعِيُّ) المَذْكُوْرُ هُو علِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ المَعْرُوفُ بـ "ابنِ عُرَيْبَةَ" البَغْدَادِيُّ الشَّافِعِيُّ (ت: 502 هـ) وَفِي تَرْجَمَتِهِ: سَمِعَ أَبَا الحَسَنِ بنَ مَخْلَدٍ البَزَّارَ. وَذَكَرُوا أَنَّ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّابِ. أَخْبَارُهُ فِي: العِبَرِ (4/ 5) وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاء (19/ 194)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 18)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّة للسُّبْكِيِّ (7/ 223)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 4). وَلَا أَعْرِفُ لَهُ "جُزْءًا" فِي الحَدِيْثِ مَشْهُوْرًا، وَإنَّمَا الجُزْءُ المَشْهُورُ مِنْ تَألِيفِ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ الدُّوْرِيِّ (ت: 331 هـ) وَهُو غَيْرُ مَقْصُوْدٍ هُنَا، ذَكَرْتُهُ للتَّمْيِيْزِ فَكِلَاهُمَا (مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ) وَكِلَاهُمَا لَهُ جُزْءٌ. وَجُزْءُ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ الدُّوْرِيُّ مَوْجُوْدٌ لَهُ نُسْخَةٌ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّة (جُزْءٌ مِن فَوائِدِ ابنِ مَخلدٍ) ضِمْنَ مَجْمُوْعٍ هُنَاكَ رَقْمُهُ (268/ 1) مَكْتُوبٌ سَنَةَ: 597 هـ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(2)
الإِمَامُ المَشْهُوْرُ أَبُو الفَتْح عُثْمَانُ (ت: 392 هـ) صَاحِبُ "الخَصَائِصِ" وَ"سِرِّ صِنَاعَةِ الإِعْرَابِ" وَغَيْرِهِمَا مِنَ المُؤَلَّفَاتِ المُفِيْدَةِ النَّافِعَةِ.
بِبَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ فَلَمْ يَحْضُرُهُ، وَإِنِّي لأَعْرِفُ عَلَى هَذِهِ المَسْأَلَةِ سَبْعِيْنَ بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ، كُلُّ بَيْتٍ مِن قَصِيْدَةٍ تَصْلُحُ أَنْ يُسْتَشْهَدَ
(1)
بِهِ عَلَيْهَا. وَوَصَفَهُ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالتَّفْسِيرِ وَالحَدِيْثِ، وَالفَرَائِضِ وَالحِسَابِ وَالقِرَاءَاتِ.
قَالَ ابنُ القَطِيعِيِّ: كَانَ الغَالِبُ عَلَى عُلُوْمِهِ عِلْمَ النَّحْوِ وَضُرُوْبِهِ وَأَنْوَاعِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ عُلُوْمٍ جَمَّةٍ، أَنْهَاهَا، وَشَرَحَ الكَثِيْرَ مِنْ عُلُوْمِهِ، وَكَانَ ضِنِّيْنًا بِهَا، مَعَ لُطْفِ مُخَالَطَةٍ، وَعَدَمِ تَكَبُّرٍ، وإِطْرَاحِ تَكَلُّفٍ، مَعَ تَشَدُّدٍ فِي السُّنَّةِ، وَتَظَاهُرٍ بِهَا فِي مَحَافِلَ عُلُوْمِهِ، وَمَجَالِسَ تَلَامِيْذِهِ وَأَصْحَابِهِ، يَنْتَحِلُ مَذْهَبِ الإِمامِ أَحْمَدَ، وَيَنْتَصِرُ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ المَذَاهِبِ، وَيُصَرِّحُ بِبَرَاهِيْنِهِ وَحُجَجِهِ عَلى ذلِكَ.
وَذَكَرَ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ قَالَ: كَانَ الحَافِظُ ابنُ نَاصِرٍ ابنَ عَمَّةِ أُمَّ ابنِ الخَشَّابِ، قَالَ ابنُ الخَشَّابِ: قَالَتْ لِي أُمِّي: يَا بُنَيَّ، مَا أَرَاكَ تُصَلِّي صَلَاةَ الرَّغَائِبِ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا أُمِّي، أَنَا أُوْثِرُ مِنَ الصَّلَوَاتِ مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ لَمْ تَرِدْ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَتْ: لَا أَسْمَعُ ذلِكَ مِنْكَ، فَاسْأَلْ لِي ابنَ عَمَّتِي: فَاتَّفَقَ أَنِّي لَقِيْتُهُ، فَقُلْتُ: الوَالِدَةُ تُسَلِّمُ عَلَيْكَ، وَتسْأَلُكَ عَنْ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ: هَلْ وَرَدَتْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ؟ فَقَالَ لِي: فَهَلَّا أَخْبَرْتَهَا بِحَقِيْقَةِ ذلِكَ؟ فَقُلْتُ: قَدْ أَبَتْ إِلَّا أَنْ أُخْبِرَهَا عَنْكَ، فَقَالَ: سَلِّمْ عَلَيْهَا، وَقُلْ لَهَا: أَنَا أَسَنُّ مِنْهَا، فَإِنَّهَا أُحْدِثَتْ فِي زَمَنِي وَعَصْرِيْ، وَقَدْ مَضَتْ بُرْهَةٌ وَلَا أَرَى
(1)
في (ط): "يشتشهد" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
أَحَدًا يُصَلِّيْهَا، وَإِنَّمَا وَرَدَتْ مِنَ "الشَّامِ"، وَتَدَاوَلَهَا النَّاسُ حَتَّى أَجْرَوْهَا مُجْرَى مَا وَرَدَ مِنَ الصَّلَوَاتِ المَأْثُوْرَةِ.
وَلاِبْنِ الخَشَّابِ تَصَانِيْفُ مِنْهَا كِتَابُ "المُرْتَجَلِ فِي شَرْحِ الجُمَلِ" للزَّجَّاجِيِّ
(1)
؟ وَقَدْ تَرَكَ فِيْهِ أَبْوَابًا مِنْ وَسَطِ الكِتَابِ لَمْ يَشْرَحْهَا، وَكِتَابُ "الرَّدِّ عَلَى ابنِ بَابْشَاذ
(1)
هَكَذَا فِي الأُصُوْلِ كُلِّهَا "الزَّجَّاجِيُّ"، وَالصَّحِيْحُ أَنَّ "المُرْتَجَلَ .. " فِي شَرْحِ جُمَلِ عَبْدِ القَاهِرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُرْجَانِيِّ (ت: 471 هـ) وَجُمَلُ عَبْدِ القَاهِرِ وَشَرْحُهَا المُرْتَجَلُ مَطْبُوْعَان فِي دِمَشْقَ بتَحْقِيْقِ عَلِي حَيْدَر سَنَةَ 1392 هـ. وَإِنَّمَا تَبَادَرَ إِلَى ذِهْنِ المُؤلِّفِ كِتَابَ الزَّجَّاجِيِّ؛ لأَنَّهُ الأَشْهَرُ، وَكِتَابُ الجُرْجَانِيِّ هَذَا مَشْهُوْرٌ أَيْضًا لكِنَّهُ أَقَلُّ شُهْرَةً مِنْ كِتَابِ الزَّجَّاجِيِّ، شَرَحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنهُم المُتَرْجَمُ هُنَا ابنُ الخَشَّابِ، وَمِنهُم: شَمْسُ الدِّين مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ البَعْلِيُّ (ت: 709 هـ) وَاسْمُهُ (الفَاخِرُ فِي شَرْحِ جُمَلِ عَبْدِ القَاهِرِ) لَدَيَّ مِنْهُ نُسَخًا، وَحَقَّقَهُ بَعْضُ الأَفَاضِلِ فِي "مِصْرَ" وَلَمْ يُنْشَرْ حَتَّى عَام: 1424 هـ وَسَتَرِدُ تَرْجَمَةُ البَعْلِيُّ فِي مَوضِعِهَا مِنَ الكِتَابِ فَهُوَ حَنْبَلِيٌّ.
وَمِنْهَا: شَرْحُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ القَيْصَرِيِّ (ت: 758 هـ) اطَّلَعْتُ عَلَى نُسْخَةٍ مِنْهُ. وَمِنْهَا: شَرْحُ شِهَابِ الدِّيْنِ أَحْمَد الثَّعَالِبيِّ الطَّرَابُلُسِيُّ (ت: بعد 787 هـ) وَمِنْهَا: شَرْحُ عَاشِقٍ الإِزْنِيْقِيِّ (ت: 945 هـ)
…
وَغَيْرِهَا. وقَدْ خَلَطَ الأُسْتَاذُ عَلِي حَيْدَر فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ "الجُمَلِ" للِجُرْجَانِيِّ فَذَكَرَ بعَضَ شُرُوْحِ "جُمَلِ الزَّجَّاجِيِّ" عَلَى أَنَّهَا شُرُوْحٌ لِـ "جُمَلِ الجُرْجَانِيِّ" وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ شُرُوْحِ جُمَلِ الجُرْجَانِيِّ عَلَى الصَّحِيْحِ غَيْرَ شَرْحِ ابنِ الخشَّابِ هَذَا وَشَرْحِ البَعْليِّ؟! وَالمَكَانُ هُنَا لَا يَتَّسِعُ للإِطَالَةِ وَالتَّفْصِيْلِ، واعْتِمَادُهُ عَلى "كَشْفِ الظُّنُونِ" وَالبَاحِثُ يَجِبُ عَلَيه التَّحَرِّي والتَّمْحِيْصُ وَالتَّحْقِيْقُ، وَالتَّثَبُّتُ مِنْ صِحَةِ المَعْلُومَاتِ التِي تَرِدُ فِي الأثْبَاتِ وَالفَهَارِس؛ فَهَؤُلَاءِ بِحثُهم عَامٌّ فِي سَائِرِ الكُتُبِ، فَالخَطَإِ عِنْدهم مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَبَحْثُهُ خَاصٌّ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ دَقِيْقًا، مُتَحَرِّيًا، وَأَكْثَرُ انْضبَاطًا، فَالخَطَأُ فِيْهِ فَاحِشٌ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ.
فِي شَرْحِ الجَمَلِ"
(1)
وَكِتَابُ "الرَّدِّ عَلى أَبِي زكَرِيَّا التِّبْرِيْزِيِّ فِي تَهْذِيْبِ إِصْلَاحِ المَنْطِقِ لابنِ السِّكِّيْتِ" وَكِتَابُ "أَغْلَاطِ الحَرِيْرِيِّ فِي مَقَامَاتِهِ"
(2)
وَشَرَحَ "اللُّمَعَ" لابْنِ جِنِّيِ إِلَى بَابِ النِّدَاءِ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ
(3)
، وَشَرَحَ "مُقَدِّمَةِ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ" فِي أَرْبعِ مُجَلَّدَاتٍ
(4)
. وَيُقَالُ: إِنَّهُ وَصَلَهُ عَلَيْهَا بِأَلْفِ دِيْنَارٍ، وَلَهُ "جَوَابُ المَسَائِلِ الإِسْكَنْدَرَانِيَّةِ" فِي الاِشْتِقَاقِ
(5)
. وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ ضَيِّقَ
(1)
كَذَا (د): وَهُوَ الصَّحِيْحُ وفِي (ط) وَالأُصُوْلِ الأُخْرَى: "ابن نَادستا" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ. وَ"ابنُ بَابْشَاذ" اسْمُهُ طَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ (ت: 469) نَحْوِيٌّ مِصْرِيٌّ، مِنْ أَصْلٍ عِرَاقِيٍّ، مَشْهُوْرٌ، لَهُ أَخْبَارٌ فِي إِنْبَاه الرُّوَاةِ (2/ 95)، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (12/ 17)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (1/ 494)، وَبُغيةِ الوُعَاةِ (2/ 17) .. وَغَيْرِهَا وَشَرْحُهُ عَلى جُمَلِ الزَّجَّاجِيِّ مَشْهُوْرٌ أَيْضًا، لَهُ نُسَخٌ كَثِيْرَةٌ أَجْوَدُهَا فِي مَكْتَبَة فَيْضُ اللهِ رقم: 1948، والفاتكان رقم: 1091، وبَارِيس رقم: 4067، والظَّاهِرِيَّة رقم: 1687، وَحَقَّقَهُ بعْضُ الفُضَلَاءِ فِي "مِصْرَ" أَيْضًا، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّه طُبِعَ، كَمَا لَا أَعْلَمُ لِكِتَابِ ابنِ الخَشَّابِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ وُجُوْدًا الآنَ.
(2)
رَدَّ الإِمَامُ العَلَّامَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجبَّارِ بنِ بَرِّيِّ النَّحْوِيُّ المَقْدِسِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ (ت: 582) عَلَى ابنِ الخَشَّابِ، وَانْتَصَرَ للحَرِيْرِيِّ. وَمآخِذُ ابنِ الخَشَّابِ عَلَى الحَرِيْرِيِّ وَرَدُّ ابن بَرِّيِّ عَلَيْهِ أُلْحِقَا فِي هَامِش طَبْعَةِ "المَقَامَاتِ الحَرِيْرِيَّة" في "اسطنبول" بِتَحْقيق العَلَّامَةِ عَلَاءِ الدِّين الآلُوْسِيِّ، ثُمَّ طُبِعَ مُلْحَقًا بِهَامِشِهَا أَيْضًا في المَطْبَعَةِ الحُسَيْنِيَّةِ بِـ "مِصْرَ" سَنَةَ 1343 هـ.
(3)
لا أعْلَمُ الآنَ لَهُ الآنَ وُجُوْدًا.
(4)
تَقَدَّمَ الحَدِيْثُ عَنْهُ فِي تَرْجَمَةِ الوَزِيرِ عَوْنِ الدِّيْنِ بنِ هُبَيْرَةَ فَليُرَاجِعْ مَنْ شَاءَ ذلِكَ هُنَاكَ.
(5)
لَمْ أقِفْ عَلَيْهِ. وَمِنْ مُؤلفَاتِ ابنِ الخَشَّابِ: "اللُّمَعُ فِي الكَلَامِ عَلَى لَفْظَة آمِيْنَ" فِي مَكْتَبَةِ كُوبرلي بتُركِيا، نَشَرَهَا زَمِيْلُنَا الدّكْتُور سُلَيْمانُ العَائِد، وَمِنْهَا: كِتَابُ "المُعْتَمَدِ" =
العَطَنِ فِي تَصَانِيْفِهِ لَا يُتِمُّهَا، وَإِنَّ كَلَامَهُ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ قَلَمِهِ. وَكَانَ ابنُ الخشَّابِ يَكْتُبُ خَطًّا حَسَنًا، وَيَضْبِطُ ضَبْطًا مُتْقِنًا، فَكَتَبَ كَذلِكَ كَثِيْرًا مِنَ الأَدَبِ وَالحَدِيثِ وَسَائِرِ الفُنُوْنِ، وَحَصَّلَ مِنَ الكُتُبِ وَالأُصُوْلِ وَغَيْرِهَا مَالَا يَدْخُلُ تَحْتَ الحَصْرِ، وَمِنْ خُطُوْطِ الفُضَلَاءِ وَأَجْزَاءِ الحَدِيثِ شَيْئًا كَثِيْرًا. وَذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ: أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَأَصْحَابِ الحَدِيْثِ إِلَّا وَكَانَ يَشْتَرِيْ كُتُبَهُ كُلَّهَا، فَحَصَلَتْ أُصُوْلُ المَشَايِخِ عِنْدَهُ. وَذَكَرَ عَنْهُ: أَنَّهُ اشْتَرَى يَوْمًا كُتُبًا بِخَمْسِمَائَةِ دِيْنَارٍ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ، فَاسْتَمْهَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، ثُمَّ مَضَى وَنَادَى عَلَى دَارِهِ، فَبَلَغَتْ خَمْسِمَائَةِ دِيْنَارٍ، [فَنَقَضَ سَاجَهَا]
(1)
وَبَاعَهُ بِخَمْسِمَائَةِ دِيْنَارٍ، وَوَفَّى ثَمَنَ الكُتُبِ
(2)
، وَبَقِيَتْ لَهُ الدَّارُ، وَلَمَّا مَرِضَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِوَقْفِ كُتُبَهُ، فَتَفَرَّقَتْ وَبِيْعَ أَكْثَرُهَا، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا عُشْرَهَا، فتُرِكَتْ فِي رِبَاطِ "المَأْمُوْنِيَّةِ"
(3)
وَقْفًا.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ الخَلْقُ الكَثِيْرُ الحَدِيْثَ وَالأَدَبَ، وَانْتَفَعُوا بِهِ وَتَخَرَّجَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَسَمِعَ مِنْهُ كِبَارُ الأَئِمَّةِ، وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ مِنَ الحُفَّاظِ وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدِ بنُ الأَخْضَرِ يَقُوْلُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ:(ثَنَا) حُجَّةُ الإِسْلَامِ أَبُو مُحَمَّدِ بنُ الخَشَّابِ، وَكَذلِكَ يَقُوْلُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنَ المَقْدَسِيُّ فِي تَصَانِيْفِهِ
= في النَّحْوِ، يَنْقُلُ عَنْهُ ابنُ إِيَازٍ البَغْدَادِيُّ فِي "قَوَاعِدِ المُطَارَحَةِ" لَهُ.
(1)
في (ط): "فَنَقد صَاحِبها".
(2)
سَيَأتِي نَحْوَ ذلِكَ فِي تَرْجَمَةِ عَلَاءِ الدِّيْنِ الهَمَذَانِيِّ العَطَّارِ (ت: 569 هـ)
(3)
مِنْ أَحْيَاءِ "بَغْدَادَ" تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا.
حِيْنَ يَرْوِي عَنِ ابْنِ الخَشَّابِ. وَكَانَ ثِقَةً فِي الحَدِيْثِ وَالنَّقْلِ، صَدُوْقًا، حُجَّةً، نَبِيْلًا.
وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يُذْكَرُ عَنْهُ نَوْعُ تَفْرِيْطٍ فِي الدِّينِ، وَأَنَّهُ كَانَ قَلِيْلَ الفِقْهِ، بِحَيْثُ إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مَا هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ رُكْنٌ، فَضُحِكَ مِنْهُ
(1)
، وَكَانَ - سَامَحَهُ الله - قَلِيْلَ المُبَالَاةِ بِحِفْظِ نَامُوْسِ
(2)
العِلْم وَالمَشْيَخَةِ بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ يَلْعَبُ بِالشَّطْرنْجِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ مَعَ العَوَامِّ، وَيُمَازِحُ السُّفَهَاءِ، وَيَقِفُ فِي الشَّوَارِعِ عَلى حِلَقِ المُشَعْبِذِيْنَ وَأَصْحَابِ اللَّهْوِ، وَاللَّعَّابِيْنِ بِالقُرُوْدِ وَالدِّبَابِ مِنْ غَيْرِ مُبَالَاةٍ. وَإِذَا عُوْتِبَ عَلَى ذلِكَ يَقُوْلُ: إِنَّهُ يَنْدُرُ مِنْهُمْ نَوَادِرَ لَا يَكُوْنُ أَحْسَنَ وَلَا أَلْطَفَ مِنْهَا، وَمَعَ ذلِكَ فَكَانَ لَا يَخْلُو كُمُّهُ مِنْ كُتُبِ العِلْمِ. وَكَانَ رُؤَسَاءُ زَمَانِهِ وَوُزَرَاءُ وَقْتِهِ يَوَدُّوْنَ مُجَالَسَتَهُ، وَيَتَمَنَّوْنَ مُحَاضَرَتَهُ فَلَا يَفْعَلُ. قَالَ مَسْعُوْدُ بنُ البَادِرِ: كُنْتُ يَوْمًا بَيْنَ يَدَي المُسْتَضِيءِ
(3)
، فَقَالَ لِي: كُلُّ مَنْ نَعْرِفُهُ قَدْ ذَكَّرَنَا بِنَفْسِهِ، وَوَصَلَ إِلَيْهِ بِرُّنَا، إِلَّا ابنَ الخَشَّابِ، فَأَخْبِرْهُ، فَاعْتَذَرْتُ عَنْهُ بِعُذْرِ اقْتَضَاهُ الحَالُ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَعَرَّفْتُ ابنَ الخَشَّابِ ذلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ:
وَرَدَ الوَرَى سِلْسَالَ جُوْدِكَ فَارْتَوَوا
…
فَوَقَفْتُ دُوْنَ الوِرْدِ وِقْفَةَ حَائِمِ
(1)
كلَامٌ لَا يُعْقَلُ وَلَا يُقْبَلُ؟!
(2)
في (ط): "قاموس".
(3)
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ، بُوْيِعَ بِالخِلَافَةِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وخَمْسِمَائَةَ، وأَمُّهُ أَرْمِيِنِيَّة. وَفِي زَمَنِهِ عَادَت الخُطْبَةُ لِبَني العَبَّاسِ فِي "مِصْرَ"، تُوفِّيَ سَنَة (575 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: الفَخْرِيِّ (319)، وَمَآثرِ الإِنَافَةِ (2/ 50)، وَتَارِيْخِ الخُلَفَاءِ (476)، وَأَلَّفَ ابنُ الجَوْزِيِّ "المِصْبَاحُ المُضِيْءُ فِي خِلَافَةِ المُسْتَضِيْءُ" مَطْبُوعٌ.
ظَمْآنَ أَطْلُبُ خِفَّةً مِنْ زَحْمَةٍ
…
وَالوِرْدُ لا يَزْدَادُ
(1)
غَيْرَ تَزَاحُمِ
قَالَ ابنُ البَادِرِ: فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ فَعَرَضْتُهَا عَلَى المُسْتَضِيء، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِمَائَتَيْ دِيْنَارٍ وَقَالَ: لَوْ زَادَنَا زِدْنَاهُ. وَكَانَ مُتَبَذِّلًا فِي لِبَاسِهِ وَمَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا جَارِيَةٌ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ بَخِيْلًا مُقَتِّرًا عَلَى نَفْسِهِ، وَكَانَ يَعْتَمُّ العِمَّةَ، فَتَبْقَى مُعْتَمَةً أَشْهُرًا حَتَّى تَتَّسِخَ أَطْرَافُهَا مِنْ عَرَقِهِ، فَتَسْوَدَّ وَتَتَقَطَّعَ مِنَ الوَسَخِ، وَتَرْمِي عَلَيْهَا العَصَافِيرُ ذرَقَهَا، وَكَانَ إِذَا رَفَعَهَا عَنْ رَأْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ لُبْسَهَا تَرَكَهَا عَلَى رَأْسِهِ كَيْفَ اتَّفَقَ، فَتَجِيْءُ عذَبَتُهَا تَارَةً مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَتَارَةً عَنْ يَمِيْنِهِ، وَتَارةً عَنْ شِمَالِهِ، فَلَا يُغَيِّرُهَا، فَإِذَا قِيْلَ لَهُ فِي ذلِكَ يَقُوْلُ: مَا اسْتَوَتِ العِمَّةُ عَلَى رَأْسِ عَاقِلٍ قَطُّ. وَكَانَ رحمه الله ظَرِيْفًا مَزَّاحًا، ذَا نَوَادِرَ. فَمِنْ نَوَادِرِهِ: أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ سَأَلَهُ يَوْمًا، فَقَالَ: القَفَا يُمَدُّ أَوْ يُقْصَرُ؟ فَقَالَ: يُمَدُّ ثُمَّ يُقْصَرُ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَمَّا صَنَّفَ الكَمَالُ الأَنْبَارِيُّ
(2)
كِتَابَ "المِيْزَانِ" فِي النَّحْوِ
(1)
في (ط): "يزاد".
(2)
الإِمَامُ العَلَّامَةُ أَبُو البَرَكَاتِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بن أَبي سَعِيْدٍ الأَنْبَارِيُّ، النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ المَشْهُوْرُ، كَمَالُ الدِّيْنِ (ت: 577 هـ) صَاحِبُ "الإنْصَافِ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ" فِي النَّحْوِ، وَ"أَسْرَارِ العَرَبيَّةِ" وَ"نُزْهَةُ الأَلبَّاءِ" وغَيْرِهَا، مُؤَلَّفاتُهُ كَثِيْرَةٌ، وَشُهْرَتُهُ وَاسِعَةٌ، وَعِلْمُهُ غَزِيْرٌ. أَخْبَارُهُ فِي: إِنْبَاهِ الرُّوَاة (2/ 169)، وَمِرْآةِ الجِنَانِ (3/ 308)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 70)، وَبُغْيَةِ الوُعَاةِ (2/ 86) وَغَيْرِهَا، وَكِتَابُهُ "المِيْزَانُ" يُعرَفُ بِـ "مِيْزَانِ العَرَبِيَّة" مُخْتَصَرٌ في وُرَيْقَاتٍ اطَّلَعْتُ عَلَيه، وَأُنْسِيْتُهُ الآنَ أظُنُّه في مَجْمُوْعٍ في مَكْتَبَةِ عُمُوْمِيَّة بايَزِيْد بتُركيا؟! وَشَرَحَهُ ابنُ الخَبَّازِ الإِربليُّ النَّحْوِيُّ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْن (ت: =
عُرِضَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: احْمِلُوا هَذَا المِيْزَانَ إِلَى المُحْتَسِبِ فَفِيْهِ عَيْنٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا فِي دَارِهِ فِي وَقْتِ القَيْلُوْلَةِ وَالحَرِّ الشَّدِيْدِ وَقَدْ نَامَ، إِذْ طُرِقَ عَلَيْهِ البَابُ طَرْقًا مُزْعِجًا، فَانْتَبَهَ فَخَرَجَ مُبَادِرًا، وَإِذَا رَجُلَانِ مِنَ العَامَّةِ، قَالَ: مَا خَطْبُكُمَا؟ فَقَالَا: نَحْنُ شَاعِرَانِ، وَقَدْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَصِيْدَةً وَزَعَمَ أنَّهَا أَجْوَدُ مِنْ قَصِيْدَةِ صَاحِبِهِ، وَقَدْ رَضِيْنَا بِحُكْمِكَ، فَقَالَ: لِيَبْدَأَ أَحْدُكُمَا. قَالَ: فَأَنْشَدَ أَحَدُهُمَا قَصِيْدَتَهُ وَهُوَ مُصْغٍ إِلَيْهِ، حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، وَهُمْ الآخَرُ بِالإِنْشَادِ، فَقَالَ لَهُ ابنُ الخشَّابِ: عَلَى رِسْلِكَ، فَشِعْرُكَ أَجْوَدُ، فَقَالَ: كَيْفَ خَبَرْتَ شِعْرِي وَلَمْ تَسْمَعْهُ؟ فَقَالَ: لأَنَّهُ لَا يَكُوْنُ شَيْءٌ أَبْخَسَ مِنْ شِعْرِ هَذَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ بَعْضَ المُعَلِّمِيْنَ كَانَ يَقْرأُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الأَدَبِ، فَجَاءَ فِيْهِ قَوْلُ العَجَّاجِ
(1)
:
= 637 هـ) وَغَيْرُهُ. وَقَوْلُ ابنِ الخَشَّابِ: "احْمِلُوا هَذا المِيْزَانَ إِلَى المُحْتَسِبِ" كَانَ الخُلَفَاءُ وَالأُمَرَاءُ وَالسَّلاطِينُ يَكِلُوْنَ تَفَقُّدَ المَوَازِيْنِ وَالمَكَايِيْلِ إِلَى رِجَالِ الحِسْبَةِ، وَهُمْ مَا يُعْرَفُ الآنَ عِنْدَنَا فِي المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعودِيَّةِ بِرِجَالِ هَيْئَةِ الأَمْرِ بالمَعْرُوْفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ. وَتَغْيِيْرُ المَكَايِيْلِ وَالمَوَازِيْنِ إِفْسَادٌ فِي الأَرْضِ، وَسَبَبٌ فِي مَنْعِ القَطْرِ؛ لأنَّ فيهَا بَخْسًا للنَّاسِ أَشْيَاءَهُمْ كَمَا جَاءَ فِي القُرآن الكَرِيم:{أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)} [هود] وَعَيْنُ المِيْزَانِ، وَلِسَانُهُ، وَقَلْبُهُ وَاحِدٌ، وَهِيَ الإِشَارَةُ الَّتِي تَدُلُّ علَى اعْتِدَالِهِ.
(1)
رَاجِزٌ إِسْلَامِيُّ مَعْرُوْفٌ، والبَيْتَان في ديوانه (310).
أَطَرَبًا وَأَنْتَ قِنَّسْرِيُّ
وَإِنَّمَا يَأْتِيْ الصِّبَى الصَّبِيُّ
فَقَرَأَ المُعَلِّمُ: وَإِنَّمَا يَأْتِي الصَّبِيُّ الصَّبِيَّ، فَقَالَ ابنُ الخَشَّابِ: هَذَا عِنْدَكَ فِي الكُتَّابِ - وَفَّقَكَ اللهُ - فَأَمَّا عِنْدَنَا فَلَا، فَاسْتَحْيَى المُعَلِّمُ.
وَمنْهَا: مَا حَكَاهُ ابنُ الأَخْضَرِ
(1)
قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَهُ - وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الحَنَابِلَةِ - فَسَأَلَهُ مَكِّيُّ الغَرَّادُ
(2)
: عِنْدَكَ كِتَابُ "الخَيَالِ" فَقَالَ: يَا أَبْلَهُ، مَا تَرَاهُمْ حَوْلِي؟
وَمِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ بِـ "بَغْدَادَ" رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: العَتَّابِيُّ نَحْوِيٌّ
(3)
، وَكَانَ يَدَّعِي مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ فَوْقَ مَا عِنْدَهُ، فَاجْتَمَعَ ابنُ الخَشَّابِ مَرَّةً بَـ "ابنِ العَصَّارِ"
(4)
اللُّغَوِيِّ عِنْد قُدُوْمِهِ مِنْ "مِصْرَ"، فَقَالَ ابنُ الخَشَّابِ: مَا رَأَيْتَ مِنْ عَجَائِبِ "مِصْرَ"؟ قَالَ: رَأَيْتُ أَشْيَاءً ذَكَرَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَرَأَيْتُ فِيْهَا حِمَارًا عَتَّابِيًّا، فَقَالَ
(1)
عَبْدُ العَزِيْزُ بنُ المُبَارَكِ (ت: 611 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
فِي (ط): "القَرَّاد" خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ عَالِمٌ حَنْبَلِيُّ (ت: 593 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّف فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
لَعَلَّهُ يُرِيْدُ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ زِبْرِجٍ، أَبُو مَنْصُوْرٍ العَتَّابِيُّ النَّحْوِيُّ (ت: 556 هـ).
أَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (7/ 40)، وَبُغْيَةِ الوُعَاةِ (1/ 173)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 152)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 88).
(4)
في (ط)"القَصَّارِ" خَطَأٌ ظَاهِرٌ قَالَ السُّيُوْطِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ: "العَصَّارُ بالعَينِ" وَهُوَ عَلِيُّ بنُ عَبد الرَّحِيْمِ بنِ الحَسَنِ السُّلَمِيُّ الرَّقَّيُّ، مُهَذَّبُ الدِّين. انْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّئَاسَةُ فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ (ت: 576 هـ). أَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (14/ 11)، وَبُغْيَةِ الوُعَاةِ (2/ 175). وَيُرَاجَعُ: التَّوضِيْحُ لابنِ نَاصِرِ الدِّيْن (6/ 283)، وَفِي مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ:"سَافَرَ الكَثِيْرَ إِلَى الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ".
ابنُ الخَشَّابِ: مَاذَا عَجَبٌ؛ فَإِنَّ عِنْدَنَا بِـ "بَغْدَادَ" عَتَّابِيًّا حِمَارًا
(1)
. وَلابْنِ الخَشَّابِ شِعْرٌ كَثِيْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْهُ مَا أَلْغَزَهُ فِي الكِتَابِ:
وَذِي أَوْجُهٍ لَكِنَّهُ غَيرُ بَائِحٍ
…
بسِرٍّ وَذُو الوَجْهَيْنِ لِلسِّرِّ مُظْهِرُ
تُنَاجِيْكَ بِالأَسْرَارِ أَسرَارُ وَجْهِهِ
…
فَتسْمَعُهَا مَا دُمْتَ بِالعَيْنِ تَنْظُرُ
وَلَهُ لِغْزٌ فِي الشَّمْعَةِ:
صَفْرَاءُ لَا مِنْ سَقَمٍ مَسَّهَا
…
كَيْفَ وَكَانَتْ أُمُّهَا الشَّافِيَهْ
عَارِيَةٌ بَاطِنُهَا مُكْتَسٍ
…
فَاعْجَبْ لَهَا عَارِيَةً كَاسِيَهْ
وَمِنْهُ - وَأَنْشَدَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ - فِي المَدِيْحِ:
تَلْقَاهُ إِمَّا عَالِمًا أَوْ مُعْلِمًا
(2)
…
يَوْمِيْ
(3)
حِجَاجٍ أَوْ عَجَاجٍ ألهَبَا
فَمُجَادِلٌ يُهْدِي غَوِيًا مُشْغِبًا
…
وَمُجَدَّلٌ يُرْدِي كَمِيًّا مُحْرِبَا
وَيُنْسَبُ إِلَيهِ قَصِيْدَةٌ طَوِيْلَةٌ فِي الأَلْغَازِ وَالعَوِيْصِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ العُلُوْمِ، قِيْلَ: إِنَّهُ كَتَبَهَا إِلَى بَعْضِ فُضَلَاءِ عَصْرِهِ مُمْتَحِنًا لَهُ، وَمُعَجِّزًا، وَأَظُنُّهُ ابنَ الدَّهَّانِ
(4)
.
(1)
في (ب) و (د)"حِمَارٌ عَتَّابِيُّ" بالرَّفْعِ، صَوَابُهَا:"عتَّابِيًا حِمَارًا" بِالنَّصْبِ.
(2)
في (ط): "مُتَعَلِّمًا". وَالمُعْلِمُ: الَّذِي شَهَرَ نَفْسَهُ بِعَلَامَةٍ؛ إِدْلَاءً بِشَجَاعَتِهِ وَإِعْلامًا بِمَكَانِهِ، قَالَ عَنْتَرَةُ [ديوانه: 211]:
وَمَشَكِّ سَابِغَةٍ هَتَكْتُ فُرُوْجَهَا
…
بِالسَّيْفِ عَنْ حَامِي الحَقِيْقَةِ مُعْلِمِ
(3)
في (جـ): "يدمى" وفي (د)"برمى".
(4)
ظنُّ المُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَيْسَتِ القَصِيْدَةُ مُوَجَّهَةً إِلَى ابنِ الدَّهَّانِ، "سَعِيْدِ بنِ المُبَارَكِ" (ت: 569 هـ)، بَلْ هِيَ مُوَجَّهَةٌ إِلَى مَنْ يُسَمِّيْهِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَهُوَ عَبْدُ الرَّحِيْمِ الأَنْبَارِيُّ كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ المَصَادِرِ. وَلَمْ أَقِفِ الآنَ عَلَى تَرْجَمَتِهِ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَلَا أَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عَبْدَ الرَّحْمَنَ بنَ الأَنْبَارِيَّ، كَمَالَ الدِّين أَبُو البَرَكَاتِ (ت: 577 هـ) وَسَمَّاهُ عَبدِ الرَّحِيمِ لِلتَّعْمِيَةِ، وَسَبَقَ أَنْ ذَكَرَ ابنُ الخَشَّابِ كِتَابَهُ:"المِيْزَان" وَتَهَكَّمَ بِهِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلى فَسَادِ مَا بَيْنِهِمَا، وَتُعْرَفُ القَصِيْدَةُ بِـ "القَصِيْدَةِ البَدِيْعَةِ الجَامِعَةِ لأَشْتَاتِ الفَضَائِلِ" وَتُوْجَدُ فِي مَجْمُوعٍ فِي دَارِ الكُتُبِ المَصْرِيَّة، كَمَا تُوْجَدُ فِي مَكْتَبَةِ جِسْتَرْبِيْتِي، وَرَأَيْتُهَا بِمَكْتَبَةٍ خَاصَّةٍ، بِخَطٍّ جَمِيْلٍ مُتْقَنٍ. وَنَقَلَهَا السُّبْكِيُّ في "طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ" وَالسُّيُوطِيُّ فِي كِتَابِهِ "تُحْفَةِ الأَدِيْبِ فِي نُحَاةِ مُغْنِي اللَّبِيْبِ" المُجَلَّدُ الأَوَّلُ، وَرَقَة 172 فَمَا بَعْدَهَا (بِخَطِّ مُؤَلِّفِهِ). وَمِنْ أَجْوَدِ مَا رَأَيْتُ مَا جَاءَ فِي آخِرِ كِتَابِ "التَّذْكِرَةِ النَّحْوِيَّةِ" للزَّرْكَشِيِّ نُسْخَةِ كُوبَرلي (بِخَطِّ مُؤَلِّفِهَا) رقم (1458) قَالَ: الصَّاحِبُ بَهَاءُ الدِّيْنِ بنُ الفَخْرِ عِيْسَى بنِ أَبِي الفَتْحِ الإِرْبِلِيُّ: هَذِهِ المَسَائِلُ لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَرْبَابَ العُلُوْمِ عَرَفَ شَيْئَا مِنْهَا، وَهِيَ مَائَةَ وَاثْنَا عَشَرَ بَيْتًا تَأْلِيْفُ العَلَّامَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ الخَشَّابِ النَّحْوِيِّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - وَهكَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ "جَامِعِ الفُنُونِ" وَهِيَ هَذِهِ:
سَلَا صَاحِبَيَّ الجِزْعَ عَن أَيْمَنِ الحِمَى
…
عَنِ الظَّبَيَاتِ الخُرَّدِ البِيْضِ كَالدُّمَى
وَعُوْجَا عَلَى أَهْلِ الخِيَامِ بـ "حَاجِرٍ"
…
وَ"رَامَةَ" مِنْ أَرْضِ "العِرَاقِ" فَسَلِّمَا
وَإِنْ سَفَرَتْ رِيْحُ الشِّمَالِ عَلَيْكُمَا
…
وَرِيْحُ الصَّبَا فِي مَرِّهَا فتَحَكَّمَا
فَبَيْنَ خِيَامِ الحَيِّ أَغْيَدُ فِي الحَشَا
…
مَرِيْضُ جُفُوْنٍ لِلصَّحِيْحِ قَدَ اسْقَمَا
يُرِيْكَ الدَّيَاجِي إِنْ مَا غَدَا مُتجَهِّمًا
…
وَشَمْسُ الضُّحَى إِنْ مَا بَدَا مُتَبَسِّمَا
وَيَفْتَرُّ عَنْ دُرٍّ مُصَانٍ بَهَاؤُهُ
…
وَيَحْرُسُ بِالظَّلْمِ المُمَنَّعِ وَاللُّمَا
كَأَنَّ قَضِيْبَ البَانِ فِي مَيَسَانِهِ
…
رَأَى قَدَّهُ لَمَّا انْثَنَى فتَعَلَّمَا
إِذَا الرِّيحُ جَالَتْ حَوْلَ عِطْفَيْهِ أَصْبَحَتْ
…
تَهُبُّ نَسِيْمًا مَا أَرقَّ وَأَنْعَمَا
ثُمَّ يَقُوْلُ:
وَحُثَّا إِلَى عَبْدِ الرَّحِيْمِ رَكَائِبًا
…
يُخَلْنَ قِسِيَّ النَّبْعِ قُوِّمْنَ أَسْهُمَا
فَتًى جُمِعَتْ فِيْهِ الفَضَائِلُ كُلُّهَا
…
وَنَالَ العُلَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يتَكَلَّمَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= .... .... .... ....
…
.... .... .... ....
إِذَا جِئْتُمَاهُ فَامْنَحَاهُ تَحِيَّةً
…
مُلُوْكِيَّةً أَوْ كبِّرَاهُ وَعَظِّمَا
وَقُوْلَا لَهُ اسْمَعَ مَا نَقُوْلُ وَلَا تَكُنْ
…
ضَجُوْرًا بِهِ مُسْتَثْقِلًا مُتَبَرِّمَا
رَأَيْنَاكَ أَثْنَاءَ قَوْلِكَ مُعْجَبًا
…
بِكَوْنِكَ أوْفَى النَّاسِ فَهْمًا وَأَعْلَمَا
فإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابَةِ وَاثِقًا
…
بِنَفْسِكَ فِيْهَا لَا تَخَافُ تَهَضُّمَا
فَمَا أَلِفٌ مِنْ بَعْدِ يَاءٍ مَرِيْضَةٌ
…
مُصَاحِبَةٌ عَيْنًا تَخَوَّنَهَا العَمَى
.... .... .... ....
…
.... .... .... ....
وَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ البَلَاغَةِ جَامِعَ الـ
…
لُّغَاتِ بِأَنْوَاعِ الأَقَاوِيْلِ قَيِّمَا
فَمَا كَلِمَاتٌ هُنَّ عُرْبٌ صَرَائِحٌ
…
يَعُوْدُ فَصِيْحًا إِنْ شَدَاهُنَّ أَعْجَمًا
وَإنْ قُلِبَتْ أَعْيَانُهُنَّ وَصُحِّفَتْ
…
تَرَى مُصْقَعًا فِيهِنَّ مَنْ كَانَ أَبْكَمَا
.... .... .... ....
…
.... .... .... ....
وَإِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَدَّعِي عَرَبِيَّةً
…
وَتَحْقِرُ فِي النَّحْوِ الإِمَامَ المُقَدَّمَا
فَمَا لَفْظَةٌ إِنْ أُعْرِبَتْ أَصْبَحَتْ لَقًا
…
يَعَافُ لَهَا المَرْءُ البَلِيْغُ التَّكَلُّمَا
وَإِنْ أُهْمِلَ الإِعْرَابُ فِيْهَا فَمَنْ غَدَا
…
بِشَيْءٍ سِوَاهَا نَاطِقًا كَانَ مُفْحَمَا
ثُمَّ اسْتَمَرَّ فِي عَرْضِ مُشْكِلَاتِ بَعْضِ العُلُوْمِ فَقَالَ:
وَإِنْ كُنْتَ فِي عِلْمِ العَرُوضِ وَوَزْنِهِ
…
وَجَمْعِ القَوَافِي فِي الوَرَى مُتَقَدِّمَا
.... .... .... ....
…
.... .... .... ....
وَإنْ كُنْتَ فِي القُرْآنِ أَتْقَنَ حَافِظٍ
…
وَأَدْرَى بِأَصْنَافِ الخِلَافِ وَأَفْهَمَا
فَمَنْ جَعَلَ "الأَحْزَابَ" تِسْعِيْنَ آيَةً
…
وَزَادَ عَلَى العَشْرِ عَشْرًا مُتَمِّمَا
وَعَمَّنْ رَوَى ابنُ الحَاجِبِيَّةِ وَحْدَهُ
…
قِرَاءَتَهُ حَتَّى عَلَى النَّاسِ قُدِّمَا
وَمَنْ حَقَّقَ الهَمْزَاتِ فِي سُوْرَةِ "النِّسَا"
…
وَلَيَّنَهَا في "العَنْكَبُوْتِ" وَأَدْغَمَا
.... .... .... ....
…
.... .... .... ....
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَمَنْ قَالَ فِي القُرْآنِ عِشْرُوْنَ سَجْدَةً
…
وَسِتٌّ وَيَرْوِي ذَاكَ عَمَّنْ تَقَدَّمَا
وَمَنْ شَدَّدَ "النُّوْنَ" الَّتِي قَبْلَ "ربِّهِ"
…
وَخَفَّفَ "لكِنَّ" الَّتِي بَعْدَهَا "رَمَى"
وَمَنْ وَصَلَ الآيَاتِ جَحْدًا لِقَطْعِهَا
…
وَمَدَّ "الضُّحَى" مِنْ بَعْدِ مَا قَصَرَ السَّمَا
وَمَنْ حَذَفَ اليَاءَاتِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ
…
وَأَنْكَرَ فِي القُرْآنِ تَضْعِيْفَ رُبَّمَا
ثُمَّ قَالَ:
وَإِنْ كُنْتَ ذَا فِقْهٍ بِدِيْنِ مُحَمَّدٍ
…
عَلَى ذِكْرِهِ فَاللهَ صَلِّ وَسَلِّمَا
وَمَنْ جَعَلَ الإِجْمَاعَ فِي السَّمْعِ حُجَّةً
…
وَصَيَّرَهُ كَالصَّرْفِ ظَنًّا مُرَجَّمَا
وَمَنْ رَدَّ مَا قَالَ ابنْ عَبَّاسِ عَامِدًا
…
وَدَانَ بِمَا قَالَ ابنِ حَفْصٍ تَوَهُّمَا
ثُمَّ قَالَ:
وَإِنْ كُنْتَ فِي حِفْضِ النُّبُوَّاتِ أَوْحَدًا
…
وَتَجْمَعُ مِنْ أَخْبَارِهَا مَا تَقَسَّمَا
فَمَنْ فَرَضَ التَّعْفِيرَ قَبْلَ صَلَاتِهِ
…
وَأَوْجَبَ فِي إِثْرِ الرُّكُوْعِ التَّيَمُّمَا
وَمَنْ ذَا يَرَى فَرْضَ الرَّبِيْعَيْنِ بَعْدَ أَنْ
…
يصُوْمَ جُمَادَى كُلَّهُ وَالمُحَرَّمَا
ثُمَّ قَالَ:
وَإِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَدَّعِي عِلْمَ سِيْرَةٍ
…
وَحِفْظًا لأَخْبَارِ الأَوَائِلِ مُحْكِمَا
فَمَنْ صَامَ عَنْ أَكْلِ الطَّعَامَ نَهَارَهُ
…
مَعَ اللَّيْلَ يَطْوِي الصَّوْم حَوْلًا مُحَرِّمَا
وَمَنْ طَافَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِيْنَ حِجَّةً
…
عَلَى صَاحَةٍ لَيسَتْ تُسَاوِيَ دِرْهَمَا
وَفِي يَدِهِ أَمْوَالُ قَارُوْنَ كُلُّهَا
…
وَنُمْرُوْدَ كَنْعَانٍ وَأَمْوَالُ عَلْقَمَا
ثُمَّ خَتَمَ بِقَوْلِهِ:
لَعَمرُكَ أَنَّا قَدْ سَأَلنَاكَ هَذِهِ
…
وَلَمْ نَقْصِدِ المَعْنى العَوِيْصَ المغَمْغَمَا
فَفَكِّرْ وَلَا تَعْجَبْ بِمَا أَنَا قَائِلٌ
…
وَسِرْ مُنْجِدًا تَبْغِي الجَوَابَ مُهَيِّمَا
فَإنْ كُنْتَ فِيْمَا قَدْ سَأَلْنَا بَيَانَهُ
…
أَصَبَّ فَحَقٌّ أَنْ تُعَزَّ وَتُكْرَمَا
فَمَا لَكَ عِلْمٌ بِالأُمُوْرِ وإِنَّمَا
…
قُصَارَاكَ أَن تَرْوِي كَلَامًا مُنَظَّمَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَإِنْ كُنْتَ أَخْطَأْتَ الجَوَابَ وَلَمْ تُجِبْ
…
فَحَقُّكَ أَنْ يُحْنَى عَلَيْكَ وَتُرْحَمَا
قَالَ النَّاقِلُ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّيْنِ بنَ تَيْمِيَّةَ وَقَفَ علَى هَذِهِ الأَبْيَاتِ فَقَالَ: يُمْكِنُ الإِجَابَةُ عَمَّا فِيْهَا مِنَ المَسَائِلِ لكِنْ لَيْسَ لِي فَرَاغٌ لِلإِجَابَةِ عَنْهَا".
يَقُوْلُ الفَقِيْرُ إلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سُلَيْمَانَ العُثَيْمِين - عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فِي النَّصِّ السَّابِقِ بَهَاءُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الإِرْبِلِيُّ، أَدِيْبٌ (ت 693 هـ) يُرَاجَعُ: الحَوَادِثُ الجَامِعَةُ (519)، وَ"جَامِعُ الفُنُوْنِ" أَظُنُّ المَقْصُوْدَ كِتَابًا لأَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ بنِ شَبِيْبٍ الحَرَّانِيِّ (ت 695 هـ)[ذكَرَهُ المُؤلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ] وَمِنَ الكِتَابِ نُسْخَةٌ فِي بَارِيسَ، وَقَفْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أَجِدْهَا فِيْهِ، فَهَلْ هُوَ المَقْصُوْدُ؟! وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ تَدُلُّ علَى مَعْرِفَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَاطِّلَاعِهِ الوَاسِعِ عَلَى العُلُومِ وَالمَعَارِفِ فِي عَصْرِه، وَإِجَادَتِهِ التَّامَّةِ لَهَا، وَتَكْشِفُ لَنَا سِرَّ تزَاحُمِ الطَّلَبَةِ عَلَيْهِ، وَحِرْصِهِمْ على الأَخْذِ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ مَا يُعَبِّرُ عَنْهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ بنُ قُدَامَةَ بِقَوْلِهِ:"وَحَضَرْتُ كَثِيْرًا منْ مَجَالِسِهِ لِلْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ، وَلكِنْ لَمْ أَتَمَكَّنْ مِنْ الإِكْثارِ عَلَيْهِ؛ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ" .. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ هَذِهِ الأَبْيَاتِ وَدِقَّةِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ المَسَائِلِ العَوِيْصَةِ المُبْهَمَةِ أَنَّ شَيْخَ الإِسْلَامِ ابنَ تَيْمِيَّةَ أَرَادَ التَّصَدِّي لِلإِجَابَةِ عَنْ مَا فِيْهَا، وَذلكَ يَدُلُّ بِلَا شَكٍّ عَلَى عَجْزِ كَثِيْرٍ مِنَ العُلَمَاءِ عَنْ مَعْرِفَةِ أَسْرَارِهَا؛ لِذَا جَاءَ فِي نُسْخَةِ دَارِ الكُتُبِ المِصْرِيَّةِ:"قَالَ القَيْسِيُّ رحمه الله لَمْ نَرَ مَنْ شَرَحَ هَذِهِ القَصِيْدَةَ إِلَى الآنِ" وَالقَيْسِيُّ هُوَ تَاجُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْد القَادِرِ بنِ مَكْتُومٍ القَيْسِيُّ النَّحْوِيُّ (ت 749 هـ) أَحَدُ طَلَبَةِ أَبِي حَيَّان الأَنْدَلُسِيِّ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ (ت 745 هـ) صَاحِبِ "البَحْرِ المُحِيْطِ" وَغَيْرِهِ، وَابنُ مَكْتُوْمٍ مِنْ أعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالنَّحْوِ، وَأَبْصَرِهِمْ بِتَرَاجِمِ النُّحَاةِ، وَأَكْثَرُهُمْ مَعْرِفَةً بِالمُصَنَّفَاتِ فِيهِ أَلَّفَ مُخْتَصَرًا لِـ "البَحْرِ المُحِيْطِ" لِشَيْخِهِ أَبي حَيَّانَ اسْمُهُ "الدُّرُّ اللَّقِيْطِ مِنَ البَحْرِ المُحِيْطِ" وَاخْتَصَرَ "إِنْبَاهُ الرُّوَاةِ" لِلْقِفْطِيِّ، وَأَلَّفَ "الجَمْعَ المُتَناه .. " فِي تَرَاجِمِ النَّحْوِيين، وَتَذْكِرَةً اسْمُهَا "قَيْدُ الأَوَابِدِ" نَقَلَ عَنْ هَذِهِ الأَخِيْرَةِ السُّيُوطِيُّ فِي
وَمِمَّا يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَصِيْدَةٌ نُونِيَّةٌ، مِنْهَا:
وَاذكُرْ إِذَا قُمْتَ يَوَمَ العَرْضِ مُنْتَفِضًا
…
مِنَ التُّرَابِ بِلَا قُطْنٍ وَلَا كَفَنِ
وَجِيءَ بِالنَّارِ قَدْ مُدَّ الصِّرَاطُ عَلَى
…
حَافَاتِهَا تَتَلَظَّى فِعْلَ مُغْتَبِنِ
وَتَنْشُرُ الصُّحْفُ فِيهَا كُلَّ مُحْتَقِبٍ
…
مِنَ المَخَازِي وَمَا قَدَّمْتَ مِنْ حَسَنِ
قَدْ كُنْتَ تَنْسَى وَتِلْكَ الصُّحْفُ مُحْصِيَةٌ
…
مَا كُنْتَ تَأْتِي وَلَمْ تُظْلَمْ وَلَمْ تُخَنِ
هُنَاكَ إِنْ كُنْتَ قَدْ قَدَّمْتَ مُدَّخَرًا
…
تُسْقَى مِنَ الحَوضِ مَاءٌ غَيْرُ ذِي أَسَنِ
عِنْدَ الجَزَاءِ تَعَضَّ الكَفَّ مِنْ نَدَمٍ
…
عَلَى تَخَطِّيْكَ فِي سِرٍّ وَفِي عَلَنِ
لَا تَرْكَنَنَّ إِلَى الدُّنْيَا فَفِي جَدَثٍ
…
يَكُوْنُ دَفْنُكَ بَيْنَ الطِّيْنِ وَاللَّبِنِ
وَاسْتَنَّ بِالسَّلَفِ المَاضِي وَكُنْ رَجُلًا
…
مبَرَّأً مِنْ دَوَاعِي الغَيِّ وَالفِتَنِ
وَدَعْ مَذَاهِبَ قَوْمٍ أَحْدَثَتْ إِثْمًا
…
فِيها خِلَافٌ عَلَى الآثَارِ وَالسُّنَنِ
قالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: مَرِضَ ابنُ الخَشَّابِ نَحْوًا مِنْ عِشْريْنَ يَوْمًا، فَدَخَلَتْ عَليْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمَيْنِ، وَقَدْ يَئِسَ مِنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ لِي: عِندَ اللهِ أَحتَسِبُ نَفْسِي.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ثَالِثَ رَمَضَانَ سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عَلَى بَابِ جَامِعِ السُّلْطَانِ يَومَ السَّبْتِ، وَدُفِنَ بِمَقبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ قَرِيْبًا مِنْ بِشْرٍ الحَافِي رضي الله عنهما. وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ الجُبَّائِيُّ العَبْدُ الصَّالِحُ قَالَ: رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَيَّامٍ وَوَجْهُهُ يُضِيْءُ، فَقُلْتُ
= "تُحفَةِ الأَرِيْبِ" بِخَطِّهِ عَنْ خَطِّ ابنِ مَكْتُومٍ القَيْسِيِّ القَصِيْدَة بِأَكْمَلِهَا. وَيُقَالُ: "قَلَّ أَنْ تَجِدَ كِتَابًا تَمَلَّكَهُ ابنُ مَكْتُوْمٍ إِلَّا وَعَلَى غُلَافِهِ تَرْجَمَةٌ لِمُؤَلِّفِهِ بِخَطِّ ابنِ مكْتُومٍ. وَقَدْ رَأَيْتُ ذلِكَ كَثِيرًا، مِنْ ذلِكَ نُسْخَةُ مِن "المَحْصُولِ فِي شَرْحِ الفُضُوْلِ" لابنِ إِيَازٍ
…
لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي، قُلْتُ: وَأَدْخَلَكَ الجَنَّةَ؟ قَالَ: وَأَدْخَلَنِي الجَنَّةَ، إِلَّا أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنِّي، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْرَضَ عَنْكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ العُلَمَاءِ تَرَكُوا العَمَلَ سَامَحَهُ اللهُ وَغَفَرَ لَهُ.
156 - مَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هُبَيْرَةَ البَغْدَادِيُّ
(1)
الأَدِيْبُ أَبُو جَعْفَرٍ.
كَانَ فَاضِلًا،
(1)
156 - مَكِّيُّ بنُ هُبَيْرَةَ (قبل: 470 - 567 هـ):
أَخبارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقة: 35)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 41)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 263)، وَمُخْتَصَرِهِ (الدُّرِّ المُنضَّدِ) (1/ 276). وَيُرَاجَعُ: خَرِيْدَةُ القَصْرِ "قِسْمُ شُعَرَاء العِرَاقِ"(1/ 121)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (3/ 310)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ للذَّهَبِيِّ (110)"وَفَيَات سَنَةِ 561 هـ"، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 224) (6/ 371). وَجَعَلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" وفَاتَهُ سَنَةَ (561 هـ)؟! وَلَقَبُهُ:"فَخْرُ الدَّوْلَةِ" كَذَا في "مَجْمَعِ الآدَابِ"، وَفِي "خَرِيْدَةِ القَصْرِ" فَخرُ الدِّيْنِ قَالَ:"الأَجَلُّ فَخْرُ الدِّيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ مَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هُبَيْرَةَ، أَخُو الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّينِ" قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ: "كَانَ أَسَنَّ مِنْ أَخِيهِ الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّيْنِ
…
وَكَانَ فَاضِلًا، وَلَوْ سَمِعَ عَلَى مِقْدَارِ عُمُرِهِ لَسَمِعَ مِنْ أَصْحَابِ المُخَلِّصِ".
- وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ أخَاهُ الوَزِيْرَ العَادِلَ عَوْنَ الدِّينِ يَحْيَى (ت: 560 هـ). وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكِ أَخِيْهِمَا مَحْمُوْدِ بنِ مُحَمَّدِ، مُحِبِّ الدِّيْنِ أَبِي غَالِبٍ (562 هـ).
182 -
ولَهُمْ أَخٌ رَابِعٌ هُوَ عَبْدُ الوَاحِدِ، عَرَفْتُهُ مِن خِلَالِ تَرْجَمَةِ ابْنِهِ السَّدِيْدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ المُتَرْجَمِ فِي خَرِيْدَةِ القَصْرِ (1/ 120)، ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى تَرْجَمَتِهِ فِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ" لابنِ النَّجَّارِ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ، وَلَا أَدْرِيْ هَلْ عَبْدُ الوَاحِدِ هُوَ نَفْسُهُ أَبُو الفَرَجِ الَّذي رَثَاهُ أَخُوْهُ مَكِّيٌّ كَمَا جَاءَ فِي خَرِيْدَةِ القَصْرِ (1/ 121)؟! تَقَدَّمَتِ القَصِيْدَةُ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ الوَزِيْرِ. وابْنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَكِّي، أَبُو عَبْدِ اللهِ (ت 588 هـ). وَابْنُهُ الآخَرُ: عَلِيُّ بنُ مَكِّيِّ، غَرْسُ الدَّوْلَةِ (ت 586 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُمَا المُؤلِّفُ. ولَهُ ابنٌ ثَالِثٌ هُوَ: أَحْمَدُ بنُ =
عَارِفًا بِالأَدَبِ. نَظَمَ "مُخْتَصَرَ الخِرَقِيَّ" وَقُرِئَ عَلَيْهِ مَرَّاتٌ
(1)
. تُوُفِّيَ بِنَوَاحِي "المَوْصِلِ" سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ.
= مَكِّيِّ، عَرَفْنَاهُ مِنْ تَرْجَمَةِ ابْنِهِ مَكِّيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَكِّيِّ (ت: بَعْدَ 621 هـ) الَّذي ذَكَرَهُ ابنُ المُسْتَوْفِي فِي تَارِيخِ إِرْبِلَ (1/ 362). وَحَفِيْدُهُ: مَكِّيُّ بنُ أَحْمَدَ بنُ مَكِّي (ت: 621 هـ) المَذْكُوْرُ. نَذْكُرْهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِن الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى.
(1)
جَاءَ فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ" لابنِ الفُوَطِيِّ: "الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، كَانَ فَاضِلًا، أَدِيْبًا، فَقِيْهًا، زَاهِدًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَسَبُهُ فِي ذِكْرِ أَخِيهِ، وَكَانَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ مَكِّيّ يَقُوْلُ الشِّعْرَ، وَنَظَمَ كِتَابَ "مُخْتَصَرِ الخِرَقِيِّ" عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَمِنْ شِعْرِه فِي مِرْثِيَّةِ أَخِيْهِ:
سَمَحَ الزَّمَانُ بِنَدْبِهِ
…
لَمَّا أُصِيبَ بِنَدْبِهِ
وَبَكَتْهُ عَيْنَا تِرْبِهِ
…
لَمَّا ثَوَى فِي تُرْبِهِ
يَا شَامِتًا بِمَمَاتِهِ
…
إِنْ لَمْ تَمُتْ فَاشْمَتْ بِهِ
يَا مَنْ يَدُلُّ مَحِلُّهُ
…
رُدَّ المُطِيَّ وَعُجْ بِهِ
هَذَا الهُبَيْرِيُّ الَّذِيْ
…
زَهَتِ القُلُوْبَ بِقُرْبِهِ
وفِي "خَرِيْدَةِ القَصْرِ": "تُوُفِّيَ فِي زَمَانِ أَخِيهِ" وَهَذَا غَيْرُ صَحِيْحٍ؛ وَهَذِهِ العِبَارَةُ لَمْ تَتَّفِقْ عَلَيْهَا نُسَخُ "الخَرِيْدَةِ" الخَطِيَّة كَمَا أَوْضَحَ المُحَقِّقُ الفَاضِلُ رحمه الله فِي الهَامِشِ قَالَ: "الزِّيَادَةُ مِن (ط) ": فَلَعَلَّهَا ليْسَتْ مِن كلامِ المُؤَلِّفِ أَصْلًا، وَرِثَاهُ لَهُ دَلِيْلُ ذلِكَ. وفِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" للحَافِظِ الذَّهَبِيِّ ذَكَرَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (561 هـ؟!) وَهَذَا خَطَأٌ - فِيْمَا يَظْهَرُ - لأَنَّ ابنَ الفُوطِيِّ ذَكَرَ فِي "مُعْجَمِ الأَلْقَابِ""أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الوَزِيْرُ [أَخُوْهُ] خَرَجَ مِنْ "بَغْدَادَ" عَلَى سَبِيلِ السِّيَاحَةِ وَالتَّنَزُّهِ، وَسَكَنَ "المَوْصِلَ" مُدَّةً، ثُمَّ صَارَ يَنْتَقِلُ فِي نَوَاحِيْهَا وَبُلْدَانِ "الجَزِيْرَةِ" إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِقَرْيَةِ "باوشنايا" بِنَوَاحِي "المَوْصِلِ" فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ" وَهَذَا يَتَّفِقُ مَعَ مَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قُلْتُ: وَأَظُنُّهُ
(1)
أَخَا الوَزِيْرِ أَبِي المُظَفِّرِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ "فَخْرَ الدَّوْلَةِ" وَكَأَنَهُ
(2)
خَرَجَ مِنْ "بَغْدَاد" بَعْدَ مَوْتِ الوَزِيْرِ. وَكَانَ لِلْوَزِيْرِ وَلَدَانِ؛
157 - أَحَدُهُمَا: عِزُّ الدِّينِ مُحَمَّدٌ
(3)
، وَكَانَ فَاضِلًا، كَبِيْرَ الشَّأْنِ، نَابَ عَنْ وَالِدِهِ
(1)
هَذَا الظَنُّ وَصَلَ الآنَ إِلَى دَرجَةِ اليَقِيْنِ بعْدَ الوُقُوفِ عَلَى النُّصُوصِ الصَّحِيْحَةِ الصَّرِيْحَةِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "كَانَ أَسَنَّ مِنْ أَخِيْهِ الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّيْنِ" وَقَالَ: "وَخَافَ عِنْدَمَا سُقِيَ أَخُوْهُ فَنَزَحَ مِنْ "بَغْدَادَ". . .
(2)
في (ج) و (هـ): "كأَنَّهُ".
(3)
157 - عِزُّ الدِّيْنِ بنُ هُبَيْرَةَ (؟ - 561 هـ):
قلْنَا فِيْمَا سَبَقَ - كَانَ يَنبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - أَنْ يَخُصَّهُ بِالتَّرْجَمَةِ هُوَ وَأَخَاهُ ظَفَرًا؛ لأَنَّ لَهُمَا مِنَ الأَخْبَارِ وَالفَضْلِ وَالرِّئَاسَةِ مَا يُؤَهِّلُهُمَا لِذلِكَ، وَإِذَا كَانَ ابنُ رَجَبٍ لَا يَرَى ذلِكَ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرُهُمَا فِي تَرْجَمَةِ وَالِدِهِمَا، وَكَذلِكَ فَعَلَ العُلَيْمِيُّ في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُسَوِّغُ ذِكْرُهُمَا فِي تَرْجَمَةِ عَمِّهِمَا فَلَمْ تَتَّفِقْ سَنَةُ وفَاتِهِمَا سَنَةَ وَفَاتِهِ مَثَلًا
…
؟! وَكَانَ يَنْبَغِي لِلمُؤَلِّفِ ابنِ رَجَبٍ رحمه الله أَنْ يُتَرْجِمَ لابْنَيْ المُتَرْجَمِ هُنَا مَكِّيٍّ وَهُمَا: (عَلِيٌّ) وَ (مُحَمَّدٌ) وَلَهُمَا ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ، وَفِيْهِمَا فَضْلٌ، وَلَهُمَا تَقَدُّمٌ؟! أَوْ عَلَى الأَقَلِّ يَذْكُرُهُمَا في تَرْجَمَةِ أَبِيْهِمَا، لكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، فَكَانَ ذلِكَ مُسْتَدْرَكًا علَيْهِ رحمه الله وَعَفَا عنْهُ. أَخْبَارُ عِزِّ الدِّيْنِ مُحَمَّدٍ في: خَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْم شُعَرَاءِ العِرَاقِ"(1/ 100)، وَالمُنْتَظَمِ (10/ 218)، وَمُعْجَمِ الأَلْقَابِ (1/ 332)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 200) وَالفَخْرِيِّ فِي الأَحْكَامِ السُّلطَانِيَّةِ (282) وَالكَامِلِ (11/ 87) وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (12/ 234) وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (5/ 198)، وَتَرْجَمَ لهُ ابنُ النَّجَّارِ وابنُ الدُّبَيْثِي في ذَيْلَيْهِمَا عَلَى "تَارِيخ بَغَداد".
قَالَ ابنُ الفُوَطِيِّ: "ذَكَرَهُ الحَافِظُ مَجْدُ الدِّين؟ [مُحِبُّ الدِّيْنِ] بنُ النَّجَّارِ فِي "تَارِيخِه وَقَالَ: نَابَ عَنْ وَالِدِهِ مُدَّةَ وِزَارَتِهِ، وَكَانَ شَابًّا ظَرِيْفًا، عَبِقًا بِالرِّئَاسَةِ فَاضِلًا، =
فِي الوِزَارَةِ، قُبِضَ عَلَيْهِ، وَقُتِلَ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ.
158 - والآخَرُ: شَرَفُ الدِّينِ ظَفَرٌ
(1)
، نَابَ عَنْ وَالِدِهِ فِي الوَزَارَةِ أَيْضًا، وَكَانَ
= لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالأَدَبِ، وَلَهُ أَشْعَارٌ. وَسَمِعَ "صَحِيْحُ البُخَارِيِّ" عَنْ أَبِي الوَقْتِ، وَحُبِسَ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ إِلَى يَوْمِ وِلَايَةِ المُسْتَضِيْءِ بِأَمْرِ اللهِ، فَأُخْرِجَ المَحْبُوْسِيْنَ وَمَا خَرَجَ، فَعُرِفَ حِيْنَئِذٍ أَنَّهُ دَرَجَ" وَهَذِهِ العِبَارَةُ الأَخِيْرَةُ هِيَ عِبَارَةُ العِمَادِ الأَصْبَهَانِيِّ فِي "خَرِيْدَةِ القَصْرِ" قَالَ:"وَلَهُ شِعْرٌ كَثِيْرٌ، وَقَلَّمَا نَظَمَ شَيْئًا إِلَّا وَعرَضَهُ عَلَيَّ، أَوْ سَيَّرَهُ إِلَيَّ، لكِنَّنِي فَقَدْتُهُ، وَلَوْ وَجَدْتُهُ أَوْرَدْتُهُ. وَأَوْرَدَ لَهُ الصَّفَدِيُّ فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ" بَيْتَيْنِ عَزَاهُمَا إِلَى "تَتِمَّةِ الخَرِيْدَةِ" - وَكَانَتْ عِنْدَهُ نُسْخَةٌ مِنْهَا بِخَطِّ مُؤَلِّفِهَا العِمَادِ - وَأَوْرَدَ لَهُ مَقْطُوْعَةً عَنِ ابنِ النَّجَّارِ، وَقَالَ بَعْدَ إِنْشَادِهِ: "قُلْتُ: شِعْرٌ مُنْحَطٌ" وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَلعَلَّ العِمَادَ تَرَكَهُ لِذلِكَ، وَقَالَ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ فِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ" نَابَ أَبُو عَبْدِ اللهِ هَذَا عَنْ أَبِيْهِ أَيَّامَ وِزَارَتِهِ، وخَلَفَهُ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الأَشْغَالِ فِي حَالِ حَضَرِهِ وَسَفَرِهِ، وَكَانَ سَمِعَ الحَدِيْثَ مَعَ أَبِيْهِ، وَلَمْ يَرْوِ شَيْئًا. لاِشْتِغَالِهِ بِخِدْمَةِ الدِّيْوَانِ العَزِيْزِ - مَجَّدَهُ اللهُ - مُدَّة حَيَاةِ أَبِيهِ. . .".
وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي "المُنْتَظَمِ" إِنَّ عِزَّ الدِّيْنِ بنَ هُبَيْرَةِ وَأَخَاهُ شَرَفَ الدِّيْنِ ظَفَرًا اعْتُقِلَا بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيْهِمَا قَالَ فِي حَوَادِثِ سَنَةِ (561 هـ): "وَفِي رَبِيْعٍ الآخِرِ هَرَبَ عِزُّ الدِّينِ بنُ هُبَيْرَةِ وَكَانَ مَحْبُوْسًا، وَنصَبَ سُلَّمًا وَصَعَدَ عَلَيْهِ فِي جَمَاعَةٍ، فَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ دَارِ الخِلَافَةِ، وَنُوْدِيَ عَلَيْهِ فِي الأَسْوَاقِ وَأَنَّ مَنْ أَطْلَعَنَا عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا، وَمَنْ أَخْفَاهُ أُبِيْحَ مَالُهُ، فَجَاء رَجُلٌ بَدَوِيٌّ فَأَخْبَرَهُمْ إِنَّهُ فِي جَامِعِ بَهْلِيْقَا، وَكَان البَدَوِيُّ صَدِيْقًا لِلوَزِيرِ فَأَطْلَعَهُ هَذَا الصَّبِيُّ عَلى حَالِهِ، فَضَمِنَ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ بِهِ، فلَمَّا أُخِذَ ضُرِبَ ضَرْبًا وَجِيْعًا، وَأُعِيدَ إِلَى السِّجْنِ، ثُمَّ رُمِيَ فِي مَطمُوْرَةٍ، وَحَدَّثَنِي بَعْضُ الأَتْرَاكِ - وَكَانَ مَحْبُوسًا عِنْدَهُمْ - أَنَّهُمْ صَاحُوا بابنِ الوَزِيْرِ مِن المَطْمُورَةِ فتَعَلَّقَ بِحَبْلٍ وَصَعَدَ فَمَدُّوْهُ، وَجَلَسَ وَاحِدٌ مِنهُمْ عَلَى رِجْلَيْهِ وَآخَرُ عَلَى رَأْسِهِ وَخُنِقَ بِحَبْلٍ" وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ: 561 هـ.
(1)
158 - شَرَفُ الدِّيْنِ بنُ هُبَيْرَةَ (؟ - 562 هـ) =
أَدِيْبًا بَارِعًا، لَهُ نَظْمٌ حَسَنٌ جِدًّا، قُبِضَ عَلَيْهِ، وَقُتِلَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَمِنْ نَظْمِهِ:
(1)
= أخْبَارُهُ فِي: خَرِيْدَةِ القَصْرِ (1/ 101)، وَالمُنْتَظَمِ (10/ 220)، وَالوَافِي بِالوفَياتِ (16/ 543)، وَفَوَاتِ الوَفَيَاتِ (2/ 141)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (12/ 243)، وَتُذْكَرُ أَخْبَارُهُ مَعَ أَخِيْهِ عِزِّ الدِّينِ مُحَمَّدٍ في كَثِيْر مِنَ المَصادر، وَمِنْ أَوْلَادِهِمَا: أَحْمَدُ بنُ ظَفَرِ بنِ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 620 هـ). وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بن يَحْيَى بن مُحَمَّدٍ (ت: 609 هـ). وَعُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى (ت:؟). نَذْكُرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ مِنَ الاسْتِدرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. مَاعَدَا عُمَرَ فَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجمَةِ أَبِيهِ لِجَهْلِ سَنَةِ وَفَاتِهِ. قَالَ العِمَادُ الأَصْبَهَانِيُّ فِي "خَرِيْدَةِ القَصْرِ" عَنْ ظَفَرٍ: "كَانَ جَذوَةَ نَارٍ؛ لِذَكَائِهِ وَحِدَّةِ خَاطِرِهِ، وَجَوْدَةِ قَرِيْحَتِهِ، يَشْتَعِلُ ذَكَاءً، وَيَتَوَقَّدُ فِطْنَةً، وَهُو مُحِبُّ لِلفَضْلِ وَالتَّحَلِّي بِهِ، وَامْتُحِنَ بِالحَبْسِ أَيَّامَ وَالِدِهِ سِنِيْنَ بِقَلْعَةِ "تَكْرِيْتَ" ثُمَّ تَخَلَّصَ. ولَمَّا تُوُفِّيَ الوَزِيْرُ رَقَى عَنْهُ إِلَى الإِمَامِ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى الخُرُوجِ مِنْ "بَغْدادَ" مُختَفِيًا فَقُبِضَ وَحُبِسَ". وَكَانَ سَجْنُهُ فِي قَلعَةِ "تَكْرِيْتَ" سَنَةَ (548 هـ) وَسَبَبُ سَجْنِهِ مُفَصَّلٌ فِي المُنتَظَمِ (10/ 152، 153)، وَتخَلُّصُهُ مِنَ السِّجْنِ سَنَةَ 551 هـ وَخَرَجَ أَخُوْهُ وَالمَوْكِبُ يَتَلَقَّوْنَهُ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. يُرَاجَعُ: الكَامِلُ في التَّارِيْخِ (11/ 87)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 234). وَالمُنْتَظَمُ (10/ 165) قَالَ:"وفي رَبِيْعٍ الآخِرِ خُلِّيَ سَبِيلُ أَبِي البَدْرِ بنِ الوَزِيْرِ مِنَ القَلْعَةِ، وَكَانَ بَيْنَ أَخْذِهِ وَإِطلَاقِهِ ثَلاثُ سِنِيْنَ وَأَرْبعَةُ أَشهُرٍ". وَعَنْ حَبْسِهِ بَعْدَ وَفَاةِ والِدِهِ قَالَ ابنُ الجَوَزِىِّ فِي المُنتظَمِ (10/ 220): "وَفِي يَوِمِ الأَرْبِعَاءِ ثَامِنَ عَشَرَ صَفَرٍ أُخْرِجَ ابنُ الوَزِيْرِ الكَبِيْرِ المُسَمَّى شَرَفَ الدّيْنِ مِنْ حَبْسِهِ مَيْتًا فدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ بِـ "بَابِ البَصْرَةِ". . .".
(1)
قَال العِمَادُ الكَاتِبُ الأَصْبَهَانِيُّ فِي "الخَرِيْدَةِ": "دَخَلتُ يَومًا إِلَيْهِ بِـ "بَغْدَادَ" قَبْلَ نَكْبَتِهِ بِسَنَةٍ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمسِمَائَةَ فَأنْشَدَنِي قَصِيْدَةً عَمِلَهَا عَلَى وَزْنِ قَصِيْدَةِ مِهْيَارٍ التي أَوَّلُهَا [دِيْوَانُهُ 102]: =
أَخْلَفَ الغَيْثُ مَوَاعِيْدَ الخُزَامَى
…
فَقِفِ الأَنْضَاءَ نَسْتَسْقِي
(1)
الغَمَامَا
وَأَبِحْنِي سَاعَةً مِنْ عُمُرِي
…
نَمْلأُ
(2)
الدَّارَ شِكَاةً وَسَلَامَا
وَخُذِ اليَمْنَةَ مِنْ أَعْلَى الحِمَى
…
تَلْقَ بِالغَوْرِ
(3)
حَمِيْمًا وَحِمَامَا
= بَكَّرَ العَارِضُ تَحْدُوْهُ النُّعَامَى
…
فَسُقِيْتِ الغَيْثَ يَا دَارَ أُمَامَا
وَسَأَلَنِي أَنْ أَعْمَلَ قَصِيْدَةِ علَى وَزْنِهَا وَرَوِيِّهَا وَهِيَ:
أَخْلَفَ الغَيْثُ مَوَاعِيدَ الخُزَامَى
…
.... .... .... البيت
وَأَوْرَدَ القَصِيْدَةَ، وَقَصِيدَتَهُ هُوَ الَّتِي سَأَلَهُ أَنْ يَعْمَلَهَا، وَنَمَاذِجَ كَثِيْرَةً مِنْ شِعْرِهِ، وَوَصَفَهُ الصَّفَدِيُّ بِأَنَّهُ:"كَانَ شَابًّا، ظَرِيْفًا، لَطِيْفًا، أَدِيبًا، فَاضِلًا، يُنَظِمُ الشِّعْرَ، قَالَ: "وَسَمِعَ مِنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِي، وَيَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّرَّاحِ وَغَيْرِهِمَا، وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ، .. " وَأَنْشَدَ نَمَاذِجَ مِنْ شِعْرِهِ، اخْتَارَهَا مِنْ "خَرِيْدَة القَصْرِ" فِيْمَا أَظُنُّ.
- وَلِلْوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ ابنٌ ثَالثٌ اسْمُهُ مَسْعُوْدٌ (ت 607 هـ)، وُلِدَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيْهِ، نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
في (ط): "تسقى".
(2)
ساقط من (ط).
(3)
في (ط): "بالفَوْرِ".
وَيَسْتَدْرِكُ عَلَى المُؤلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (567 هـ):
183 -
وَجِيْهُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ المُبارَكِ بنِ مُوْسَى السَّقَطِيُّ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (509 هـ) وَسَيَأتِي ذِكْرُ ابْنِهِ هِبَةِ اللهِ بنِ وَجِيْهٍ فِي الاسْتِدْرَاكِ عَلَى وفَيَاتِ سَنَةِ (627 هـ) وَوَجِيْهٌ هَذَا يُكَنَى أَبَا العَلَاءِ، ذُكِرَ فِي مُعْجَمِ الأَبْرَقُوْهِيِّ فِي شُيُوْخِ عِزِّ النِّسَاءِ بِنْتِ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بن كَرَمٍ البَنْدَنِيْجِيِّ وَرَقَة (110) سَمِعَ أَبَاهُ، وَالحُسَيْنِ بنَ عَلِيٍّ البُسْرِيَّ، وَأَبَا سعْدِ بنَ خُشَيْشٍ، وَأَبَا القَاسِم الرَّبَعِيَّ، وَالعَلَّافَ وَغَيْرَهِمْ، وَرَوَى عَنْهُ ابنُ الأَخْضَرِ، وَطَاهِرٌ الأَزَجِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بنُ قُدَامَةَ وَآخَرُوْنَ. قَالَ الحَافِظُ السَّمْعَانِيُّ: كَتَبْتُ عَنْهُ =
أَصِفِ الأَشْوَاقَ فِي تِلْكَ الرُّبَى
…
وَأُعَاطِي التُّرْبَ سَقْيًا وَالتِثَامَا
159 - أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
(1)
بنِ شُنَيْفِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، الدَّارْقَزِيُّ، المُقْرِئُ، أَبُو الفَضْلِ.
قَرَأَ القُرَآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي طَاهِرِ بنِ سِوَارٍ، وَثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطِ، وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْهُمْ، وَمِنْ أَبِي غَالِبٍ القَزَّازِ، وَعَلِيِّ بنِ نَبْهَانَ، وَيَحْيَى بنِ مَنْدَهْ الحَافِظِ، وَتَفَقَّهَ فِي
= أَحَادِيْثَ، وَقَالَ لِي أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ: هُوَ أَبَرُّ مِنْ أَبيهِ". أَخْبَارُهُ فِي: الأَنْسَابِ (7/ 153)، وَمُعْجَمِ ابنِ عَسَاكِرٍ (2/ 1204)، وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (6/ 133)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 529)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 66)، وَلِسَانِ المِيْزَانِ (6/ 218)، والمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 218)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (302)
…
وَغَيْرِهَا.
184 -
وَابْنُهُ: المُبَاركُ بنُ وَجِيْهٍ، أَبُو البَرَكَاتِ السَّقَطِيُّ. ذَكَرَهُ ابنُ نُقْطَةَ الحَافِظُ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (6/ 134) وَلَمْ يَذْكُر وَفَاتَهُ، قَالَ:"حَدَّثَ عَن أَبِي الغَنَائِمِ مُحَمَّدِ بن مَسْعُوْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ السَّدْنَكِ بِالحُضُوْرِ".
(1)
159 - ابنُ شُنَيْفٍ الدَّارْقَزِّيُّ: (472 - 568 هـ):
أَخبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 35)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 171)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 264)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 276). وَيُرَاجَعُ: العِبَرُ (4/ 202)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1323)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلَامِ (234)، وَمَعْرِفَةُ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 525)، وَتَارِيْخُ الإسْلامِ (307)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 204)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 404)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 218)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 226)(6/ 374). تَقَدَّمَ الحَدِيْثُ عَنْ أُسْرَتِهِ، وَضَبْطُ لَفْظِهِ (شُنَيْفٍ) وَ (الدَّيْلَمِيِّ) فِي تَرْجَمَةِ قَرِيْبُهُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ شُنَيْفٍ (ت 528 هـ). وَ (الدَّارَقَزِّيُّ) نِسْبَةً إِلَى (دَارِ القَزِّ) مِنْ مَحَالِّ (بَغْدَادَ) سَبَقَ ذِكرُهَا أَيْضًا.
المَذْهَبِ، وَحَصَّلَ مِنْهُ طَرَفًا صَالِحًا، وَأَقْرَأَ بِالرِّوَايَاتِ جَمَاعَةً، وَحَدَّثَ وَطَالَ عُمُرُهُ، وَأَضَرَّ فِي آخِرِ وَقْتِهِ
(1)
، وَتَفَرَّدَ بِعُلُوِّ الإِسْنَادِ فِي القِرَاءَاتِ
(2)
.
قَالَ القَطِيْعِيُّ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ وَالصَّلَاحِ.
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ شَيْخًا، فَاضِلًا، مُتَدَيِّنًا، صَدُوْقًا، أَمِيْنًا.
تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ بَقَيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُونَ سَنَةً رحمه الله
(3)
وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ".
(1)
لمْ يَذْكُرْه الصَّفَدِيُّ في "نَكْتِ الهِمْيَانِ".
(2)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيخِ الإِسْلَام": "قُلْتُ: هَذَا أَسْنَدُ مَنْ بَقِيَ فِي القِرَاءَاتِ فِي طبَقَةِ سِبْطِ ابنِ الخَيَّاطِ، وَأَبي الكَرمِ الشَّهْرَزُوْرِي، وَالعَجَبُ مِنَ البَغْدَادِيِّيْنَ كَيْفَ لَمْ يَزْدَحِمُوا عَلَى هَذَا وَيَقْرَأُوا عَلَيْهِ؟! وَقَالَ فِي "مَعْرِفَةِ القُرَّاءِ": "أَسْنَدُ مَنْ بَقِيَ بِـ "بَغْدَادَ" فِي "القِرَاءَاتِ" وَنَقَلَ عَنِ ابنِ النَّجَّارِ قَوْلَهُ فِيه: "كَانَ صَدُوْقًا، فَاضِلًا، مُتَدَيِّنًا" وَقَالَ ابِنُ الجَزَرِيِّ فِي "غَايَةِ النِّهَايَةِ": "ثِقَةٌ، إِمَامٌ، مُسْنِدٌ".
(3)
تَأَخَّرت جُمْلَةُ الدُّعَاءِ فِي (ط) بَعْدَ قَوْلِهِ: "بَابِ حَرْبٍ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (568 هـ):
185 -
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ بنِ أَحْمَدَ اليُوْسُفِيُّ، مِنَ البَيْتِ اليُوْسُفِيِّ الكَبِيْرِ الشَّهِيْرِ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ الحَقِّ، وَعَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وَهُوَ أَصْغَرُ الإِخْوَةِ وَأَدْبَرُهُمْ
…
اسْتَوْطَنَ "المَوْصِل" وَلَهُ ذِكْرٌ فِي تَزْوِيْرِ السَّمَاعَاتِ، أَفْسَدَ بهَا أَحْوَالَ شُيُوْخٍ، وَاخْتَلَطَ سَمَاعُهُمْ بِتَزْوِيْرهِ، فَتَرَكَ النَّاسُ حَدِيْثَهُمْ. أَخْبَارُهُ في ذَيْلِ تَارِيخ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 87) وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 81)، وَمِيْزَانِ الاعْتِدَالِ (3/ 613)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (323)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 219)، وَلِسَانِ المِيْزَانِ (5/ 244).
160 - الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ
(1)
بنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلِ بنِ سَلَمَةَ
(1)
160 - أَبُو العَلَاءِ الهَمَذَانِيُّ المُقْرِئُ (488 - 569 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ (641)، وَمُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 35)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 312)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 265)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 277). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ عَسَاكِرٍ (1/ 234)، وَالمُنْتَظَمُ (10/ 248)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيخِ (11/ 411)، وَمُعْجَمُ الأُدَبَاءِ (8/ 5)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 601)، وَالتَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (239)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 300)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (3/ 369)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 84)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (235)، وَالعِبَرُ (4/ 206)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 276)، وَمَعْرِفَةُ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 542)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 40)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (334)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1324)، والمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (207)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (11/ 384)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 286)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 389)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (1/ 499)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 204)، وَالفَلاكَةُ وَالمَفْلُوكِيْنَ (13)، وَطَبَقَاتُ النَّحْوِيِّيْن لابنِ قَاضِي شُهْبَةَ (ورقة: 124)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 72)، وَبُغْيَةُ الوُعَاةِ (1/ 494)، وَطَبَقَاتُ المُفَسِّرِيْنَ (473)، وَطَبَقَاتُ المُفَسِّرِيْنَ لِلدَّاودِيِّ (1/ 128)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 231)(6/ 382)، وَالتَّاجُ المُكَلَّلُ (206). لَقَبُهُ:"قُطْبُ الدِّين" كَمَا فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ" لابنِ الفُوَطِيِّ.
واشْتُهِرَ لَهُ مِنَ الوَلَدِ:
- أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ (ت: 604 هـ). وَعَبْدُ البَرِّ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 624 هـ). وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ، أَبُو بَكْرٍ (ت: 582 هـ). وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَد بنَ الحَسَنِ (ت: 609 هـ). وَعَاتِكَةُ بِنْتُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَد بنِ الحَسَنِ (ت: 609 هـ). وفَاطِمَةُ بنتُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَد بنَ الحَسَنِ (ت: 617 هـ). وَأَخُوْهُ لأُمِّهِ وَابْنُ عَمِّهِ: مُحَمَّدُ بنُ =
ابنِ عَثْكَلٍ بنِ حَنْبَلِ بنِ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيُّ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الأَدِيْبُ
= مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ العَطَّارُ الهَمَذَانِيُّ (ت: 575 هـ) لَهُ ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ.
هَؤْلَاءِ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالرِّوَايَةِ والفَضْلِ، لَهُمْ أَخْبَارٌ، لَمْ يَذْكُرْهُمْ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ رحمه الله نَذْكُرُهُ فِي مَوَاضِعِهِمْ مِنِ اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
- واشْتُهِرَ مِنْ أَبْنَاءُ بِنْتِهِ عَاتِكَةَ:
- عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّشِيْدِ بنِ عَلِيٍّ بنِ بُنَيْمَانَ، أبُو بَكْرٍ الهَمَذَانِيُّ (ت 637 هـ) تَوَلَّى القَضَاءَ فِي الجَانِبِ الشَّرْقِيِّ فِي "بِغْدَادَ"، وَنَابَ فِي القَضَاءِ فِي الجَانِبِ الغَرْبِيِّ عَنْ أَخِيْهِ عَلِيٍّ الآتي، وَأَعَادَ بِالمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ بِـ "بَغْدَادَ" وَهِيَ مِنْ مَدَارِسِ الشَّافِعِيَّة، وَلَهُ ذِكْرٌ وأَخْبَارٌ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 544)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 66)، والوَافِي بِالوفَيَاتِ (18/ 73)، وَطبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للإِسْنَوِيِّ (2/ 533)، وَذَيْلِ التَقْيِيْدِ (2/ 87)
…
وَغَيْرِهَا.
- وَأَخُوهُ: عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّشِيدِ بن عَلِيٍّ القَاضِي أَبُو الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 621 هـ) قَدِمَ "بَغْدَادَ" وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي الخَيْرِ القِزْزِيْنِيِّ فِي النِّظَامِيَّةِ بـ "بَغْدَادَ" وَخَرَجَ إِلَى "الشَّامِ" وَ"مِصْرَ" ثُمَّ عَادَ إِلَى "هَمَذَانَ" فَوَلِيَ قَضاءَهَا، ثُمَّ قَدِمَ "بَغْدَادَ" وَوَلِيَ قَضَاءَ الجَانِبُ الغَرْبِيِّ مِنْهَا، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ "تَسْتُر" واسْتَوْطَنَهَا، وَبهَا مَاتَ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 117)، وَالعِبَرِ (5/ 84)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 128)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (70)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 95).
- وَأَخُوهُمَا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّشِيدِ بنِ عَلِيٍّ أَبُو أَحْمَدَ المُقْرِئُ (ت: 621 هـ) اشْتُهِرَ بِالقِرَاءَاتِ وَالحَدِيْثِ، وَاشْتَغَلَ بِالتِّجَارَةِ، وَدَخَلَ بلَادَ الرُّوْمِ وَتُوُفِّيَ بِـ "أَقْسَرَا" وَقِيْلَ بِـ "قُوْنِيَّةَ". أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ إِرْبِلَ (1/ 199)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 117)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (75)، وَلا أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ مِنَ الحَنَابِلَةِ؛ لِذَا لَمْ أسْتَدْرِكْهُمْ، بَلْ أَجْزِمُ أَنَّ "عَبْدَ الحَمِيْدِ" وَ"عَلِيًّا" مِنَ الشَّافعِيَّةِ، رحمهم الله جَمِيْعًا.
اللُّغَوِيُّ، الزَّاهِدُ، أَبُو العَلَاءِ، المَعْرُوْفُ بِـ "العَطَّارِ" شَيْخُ "هَمَذَانَ".
وُلِدَ بَكرَةَ يَوْمِ السَّبْتِ رَابِعَ عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، وَقَرأَ القُرآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ وَغَيْرِهِ بِـ "أَصْبَهَانَ"، وَعَلَى أَبِي العِزِّ القَلَانِسِيِّ، بِـ "وَاسِطَ"، وَبِـ "بَغْدَادَ" عَلَى البَارِعِ الدَّبَّاسِ، وَأَبِي بَكْرٍ المَزْرَفِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدُّوْنِيِّ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَهُوَ أَوَّلُ سَمَاعِهِ، ثُمَّ سَمِعَ بِـ "أَصْبَهَانَ" مِنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَلَازَمَهُ مُدَّةً. وَسَمِعَ بِـ "خُرَاسَانَ" مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الفَرَاوِيِّ وَغَيْرِهِ. وَارْتَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" فَسَمِعَ مِنْ أَبي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ، وَأَبِي عَلِيِّ بنِ نَبْهَانَ، وَأبِي عَلِيِّ بنِ المَهْدِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ اليُوْسُفِيِّ، وَابنِ الحُصَيْنِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ. وَدَخَلَ "بَغْدَادَ" مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْمَعَ ابْنَهُ، ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ الثَّلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، فَأَكْثَرَ بِهَا، ثُمَّ دَخَلَهَا بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَأَقْرَأَ بِهَا القُرَآنَ، قَرَأَ عَلَيْهِ ابنُ سُكَيْنَةَ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى "هَمَذَانَ"، وَعَمِلَ دَارًا لِلْكُتُبِ، وَخِزَانَةً وَقَفَ جَمِيعَ كُتُبهِ فِيهَا، وَكَانَ قَدْ حَصَّلَ الأُصُوْلَ الكَثِيْرَةَ، وَالكُتُبَ الكِبَارَ الحِسَانَ بِالخُطُوْطِ المُعْتَبَرَةِ، وَانْقَطَعَ إِلَى إِقْرَاءِ القُرآنِ، وَرِوَايَةِ الحَدِيْثِ إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ وَحَدَّثَ بِأَكْثَرَ مَسْمُوْعَاتِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ الكِبَارُ وَالأَئِمَّةُ الحُفَّاظُ، وَرَوَوا عَنْهُ، مِنْهُمْ: ابنُ عَسَاكِرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الحَمَّامِيُّ الوَاعِظُ، وَأَبُو المَوَاهِبِ بنُ صَصْرَى، وَعَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيرَازِيُّ، وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ
ابنُ المُقَيَّرِ
(1)
وَرَوَى عَنهُ إِجَازَةً.
قَالَ ابنُ السَّمْعَانِيِّ فِي حَقِّهِ: حَافِظٌ مُتْقِنٌ، وَمُقْرِئٌ فَاضِلٌ، حَسَنُ السِّيْرَةِ، مَرْضِيُّ الطَّرِيْقَةِ، عَزِيْزُ النَّفْسِ، سَخِيٌّ بِمَا يَمْلِكُ، مُكْرِمٌ لِلْغُرَبَاءِ، يَعْرِفُ القِرَاءَاتِ وَالحَدِيْثَ، وَالأَدَبَ مَعْرِفَةً حَسَنَةً. سَمِعْتُ مِنْهُ.
وَذَكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي "طَبَقَاتِ الأَصْحَابِ" الَّتِي فِي آخِرِ "المَنَاقِبِ"، وَفِي "التَارِيْخِ" وَقَالَ فِيْهِ: كَانَ حَافِظًا، مُتْقِنًا، مَرْضِيَّ الطَّرِيْقَةِ، سَخِيًّا، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ القِرَاءَاتُ وَالتَّحْدِيْثُ، وَذَكَرَ فِي آخرِ كِتَابِهِ "التَّلْقِيْحِ" أَنَّ أَبَا العَلَاءِ كَانَ هُوَ مُحَدِّثَ عَصْرِهِ وَمُقْرِءَهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ: شَيْخُنَا الحَافِظُ أَبُو العَلَاءِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُعَرَّفَ، بَلْ تَعَذَّرَ وُجُوْدُ مِثلِهِ فِي أَعْصَارٍ كَثِيْرَةٍ، عَلَى مَا بَلَغَنَا مِنْ سِيْرَةِ العُلَمَاءِ وَالمَشَايِخِ، أَرْبَى عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِ فِي كَثْرَةِ السَّمَاعِ
(2)
، مَعَ تَحْصِيْلِ أُصُوْلِ مَا سَمِعَ، وَجَوْدَةِ النُّسَخِ، وَإِتْقَانِ مَا كَتَبَ بِخَطِّهِ، فَإِنَّهُ مَا كَانَ يَكْتُبُ شَيْئًا إِلَّا مُتْقَنًا مُعْرَبًا، وَبَرَعَ عَلَى حُفَّاظِ عَصْرِهِ فِي حِفْظِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالحَدِيْثِ مِنَ الأَنْسَابِ وَالتَّوَارِيْخِ وَالأَسْمَاءِ وَالكُنَى، وَالقِصَصِ وَالسِّيَرِ، وَلَقَدْ كُنَّا يَوْمًا فِي مَجْلِسِهِ، وَقَدْ جَاءَتْهُ فَتْوَى فِي أَمْرٍ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَأَخَذَ
(1)
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ الأَزْجِيُّ (ت 643 هـ) حَنْبَلِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤلِّفُ، استَدركته في مَوْضِعِهِ.
(2)
في (د) و (هـ): "السَّمَاعات" وهِي مُصَحَّحةٌ في هامش (ج).
الفَتْوَى وَكَتَبَ فِيْهَا مِنْ حِفْظِهِ - وَنَحْنُ جُلُوْسٌ - دَرْجًا
(1)
طَوِيْلًا يَذْكُرُ فِيهِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَنَسَبَهُ، وَمَوْلِدَهُ، وَوَفَاتَهُ، وَأَوْلَادَهُ، وَمَا قِيْلَ فِيْهِ مِنْ شِعْرِ، وَغَيْرُ ذلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ.
وَلَهُ التَّصَانِيْفَ الكَثِيْرَةَ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ عُلُوْمِ الحَدِيْثِ، وَالزُّهْدِيَّاتِ وَالرَّقائِقِ وَغَيْرِ ذلِكَ. وَمِنْ جُمْلَةِ مَا صَنَّفَ "زَادُ المُسَافِرِ" نَحْوًا
(2)
مِنْ خَمْسِيْنَ مُجَلَّدَةٍ. وَكَانَ إِمَامًا فِي القُرآنِ وَعُلوْمِهِ، وَحَصَّلَ مِنَ القِرَاءَاتِ المُسْنَدَةِ مَا إِنَّهُ صَنَّفَ العَشَرَةَ وَالمُفْرَدَاتِ. وَصَنَّفَ "الوَقْفَ وَالإِبْتِدَاءَ"، وَ"التَّجْوِيْدَ" وَ"المَاءَاتِ"
(3)
، وَ"العَدَدَ"، وَ"مَعْرِفَةَ القُرَّاءِ"، وَهُوَ نَحْوًا مِنْ عِشْرِيْنَ مُجَلَّدًا، وَاسْتُحْسِنَتْ تَصَانِيْفُهُ، وَكُتِبَتْ وَنُقِلَتْ إِلَى "خُوَارَزْمَ" وَإِلَى "الشَّامِ". وَبَرَعَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ كَثيْرَةٌ فِي القِرَاءَاتِ، وَكَانَ إِذَا جَرَى ذِكْرُ القُرَّاءِ يَقُوْلُ: فُلَانٌ مَاتَ عَامَ كَذَا، وَفُلَانٌ مَاتَ فِي سَنَةِ كَذَا، وَفُلَانٌ يَعْلُو إِسْنَادُهُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا. وَكَانَ إِمَامًا فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، سَمِعْتُ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَفِظَ فِي اللُّغَةِ كِتَابَ "الجَمْهَرَةِ"
(4)
وَخَرَجَ لَهُ تَلَامِذَةٌ فِي العَرَبِيَّةِ أَئِمَّةٌ يُقْرِؤُوْنَ بِـ "هَمَذَانَ" وَبَعْضَ أَصْحَابِهِ رَأَيْتُهُ. وَكَانَ مِنْ مَحْفُوْظَاتِهِ كِتَابَ "الغَرِيْبَيْنِ" لِلْهَرَوِيِّ إِلَى أَنْ قَالَ:
(1)
الدَّرْجُ: مَا يُعَادِلُ مَلْزَمَةً (سِتَّ عَشْرَةَ صَفْحَةً).
(2)
في (ب) و (ج): "نَحْو".
(3)
في (ط): "المِئَات" وَكذلكَ في (ج) تحريف ظَاهر، وفِي هامش (أ) جَمعُ "مَا" وهُو الصَّحيحُ، وألَّفَ أَبُو بكرٍ الأَنْبَارِيُّ، وابنُ خَالَويه وغيرهما في المَاءَاتِ كُتُبًا.
(4)
يَعْنِي "جَمْهَرَةَ اللُّغَةِ" لابنِ دُرَيْدٍ الأَزْدِيِّ (ت: 210 هـ).
وَكَانَ عَفِيْفًا مِنْ حُبِّ المَالِ، مُهِيْنًا لَهُ، بَاعَ جَمِيْعَ مَا وَرِثَهُ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التُّجَّارِ فَأَنْفَقَهُ فِي طَلَبِ العِلْمِ حَتَّى سَافَرَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَ"أَصْبَهَانَ" مَرَّاتٍ مَاشِيًا يَحْمِلُ كُتُبَهُ علَى ظَهْرِهِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَبِيْتُ بِـ "بَغْدَادَ" فِي المَسَاجِدِ، وَآكُلُ خَبْزَ الدُّخْنِ. وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ بنَ نَبْهَانَ
(1)
الأَدِيْبَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ الحَافِظَ أَبَا العَلَاءِ فِي مَسْجِدِ مِنْ مَسَاجِدِ "بَغْدَادَ" يَكْتُبُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رِجْلَيْهِ؛ لأَنَّ السِّرَاجَ كَانَتْ عَالِيَةً، ثُمَّ نَشَرَ اللهُ تَعَالَى ذِكْرَهُ فِي الآفَاقِ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ فِي قُلُوْبِ المُلُوْكِ وَأَرْبَابِ المَنَاصِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالعِلْمِيَّةِ وَالعَوَّامِّ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَمُرُّ بِـ "هَمَذَانَ"، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ رَآهُ إِلَّا قَامَ، وَدَعَا لَهُ حَتَّى الصِّبْيَانَ وَاليَهُوْدِ، وَرُبَّمَا كَانَ يَمْضِي إِلَى بَلَدِهِ "مُشْكَانَ" فَيُصَلِّي بِهَا الجُمُعَةَ، فَيَتَلَقَاهُ أَهْلُهَا خَارِجَ البَلَدِ؛ المُسْلِمُوْنَ عَلَى حِدَةٍ، وَاليَهُوْدُ عَلَى حِدَةٍ وَيَدْعُوْنَ لَهُ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ البَلَدَ، وَكَانَ يُفْتَحُ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا جُمَلٌ فَلَمْ يَدَّخِرْهَا، بَلْ يُنْفِقْهَا عَلَى تَلَامِذَتِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ رُسُوْمٌ لِأَقْوَامٍ، وَمَا كَانَ يَبْرَحُ عَلَيْهِ أَلْفُ دِيْنَارٍ هَمَذَانِيَّةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنَ الدَّيْنِ مَعَ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُفْتَحُ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَطْلُبُ لِأَصْحَابِهِ مِنَ النَّاسِ، وَيُعِزُّ أَصْحَابَهُ وَمَنْ يَلُوْذُ بِهِ، وَلَا يَحْضُرُ دَعْوَةً حَتَّى يَحْضُرَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ مِنْ أَمْوَالِ الظَّلَمَةِ، وَلَا قَبِلَ مِنْهُمْ مَدَرَةً قَطُّ، وَلَا رِبَاطًا، وَإِنَّمَا كَانَ يُقْرِئُ فِي دَارِهِ وَنَحْنُ فِي مَسْجِدِهِ سُكَّانٌ، وَكَانَ يُقْرِئُ نِصْفَ نَهَارِهِ الحَدِيْثَ، وَنصْفَهُ القُرآنَ وَالعِلْمَ، وَكَانَ لَا يَخْشَى السَّلَاطِيْنَ، وَلَا تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ
(1)
كَذَا في (أ) و (هـ) و (ط) وفي (ب) و (جـ) و (د): "بنيمان".
يَعْمَلَ فِي مَحِلَّتِهِ
(1)
مُنْكَرًا وَلَا سَمَاعًا، وَكَانَ يُنْزِلُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَنْزِلَتَهُ، حَتَّى تَآلَفَتِ القُلُوْبُ عَلَى مَحبَّتِهِ، وَحَسُنَ الذِّكْرُ لَهُ فِي الآفَاقِ البَعِيْدَةِ، حَتَّى أَهْلِ "خُوَارَزْمَ" الَّذِيْنَ هُمْ مُعْتَزِلَةٌ مَعَ شِدَّتِهِ فِي الحَنْبَلِيَّةِ
(2)
، وَكَانَ حَسَنَ الصَّلَاةِ، لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ مَشَايِخِنَا أَحْسَنَ صَلَاةً مِنْهُ. وَكَانَ مُشَدِّدًا فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ، لَا يَدَعُ أَحَدًا يَمَسُّ مَدَاسَهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ زَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ. قَالَ: وَكَانَتْ ثِيَابُهُ قِصَارًا، وَأَكْمَامُهُ قِصَارًا، وَعِمَامَتُهُ نَحْوٌ مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، وَكَانَتِ السُّنَّةُ شِعَارَهُ وَدِثَارَهُ، اعْتِقَادًا وَفِعْلًا، بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ مَجْلِسَهُ رَجُلٌ، فَقَدَّمَ رِجْلُهُ اليُسْرَى، كَلَّفَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيُقَدِّمَ اليُمْنَى، وَلَا يَمَسُّ الأَجْزَاءَ إِلَّا عَلَى وُضُوْءٍ، وَلَا يَدَعُ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ تَعْظِيْمًا لَهَا، إِلَى أَنْ قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ أَثِقُ بِهِ يَحْكِي. قَالَ: رَأَى السِّلَفِيُّ طَبَقَةً بِخَطِّ الحَافِظِ، فَقَالَ: هَذَا خَطُّ أَهْلِ الإِتْقَانِ، وَسَمِعْتُهُ يَحْكِي عَنْهُ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ، فَقَالَ: قَدَّمَهُ دِيْنُهُ. قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِهِ يَحْكِي عَنْ أَبِي الحَسَنِ عَبْدِ الغَافِرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِلحَافِظِ أَبي العَلَاءِ، لَمَّا دَخَلَ "نَيْسَابُوْرَ": مَا دَخَلَ "نَيْسَابُوْرَ" مِثْلَكَ. وَسَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ يَقُوْلُ - وَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ سَافَرَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ - إِنْ رَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ الحَافِظَ أَبَا العَلَاءِ ضَاعَتْ سَفْرَتُهُ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ، وَقَالَ القَاسِمُ بنُ
(1)
في (ط) و (أ): "مَجْلِسِهِ".
(2)
في (ط): "الحنبلة" خطأ طباعة.
عَسَاكِرِ الحَافِظُ: سَمِعْتُ التَّاجَ المَسْعُوْدِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا العَلَاءِ الهَمَذَانِيَّ يَقُولُ لِرَجُلٍ اسْتَأْذَنَهُ فِي الرِّحْلَةِ: إِنْ عَرَفْتَ أَحَدًا أَعْرَفَ مِنِّي فَحِيْنَئِذٍ آذَنُ لَكَ أَنْ تُسَافِرَ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنْ تُسَافِرَ إِلَى ابنِ عَسَاكِرٍ، فَإِنَّهُ حَافِظٌ كَمَا يَجِبُ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ نَاصِحِ الدِّينِ بنِ الحَنْبَلِيِّ: أَمَّا حُرْمَةُ الحَافِظِ أَبِي العَلَاءِ، وَمَكَانَتَهُ فِي العَامَّةِ وَالخَاصَّةِ فَمَشْهُوْرَةٌ، وَكَرَامَاتِهِ كَذلِكَ.
وَمنْ نَوَادِرِ الحَافِظِ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي فِي اليَوْمِ الوَاحِدِ ثَلَاثِيْنَ فَرْسَخًا.
حَدَّثَنِي الإِمَامُ طَلْحَةُ بنُ مُظَفَّرٍ العَلْثِيُّ قَالَ: بِيْعَتْ كُتُبُ ابنِ الجَوَالِيْقِيِّ فِي "بَغْدَادَ" فَحَضَرَهَا الحَافِظُ أَبُو العَلَاءِ الهَمَذَانِيُّ، فَنَادَوا عَلَى قِطْعةٍ مِنْهَا: بِسِتِّينَ دِيْنَارًا، فَاشْتَرَاهَا الحَافِظُ أَبُو العَلَاءِ الهَمَذَانِيُّ، بِسِتِّينَ دِيْنَارًا، وَالانْظَارَ مِن يَوْمِ الخَمِيْسَ، إِلَى يَوْمِ الخَمِيْسِ، فَخَرَجَ الحَافِظُ، وَاسْتَقْبَلَ طَرِيْقَ "هَمَذَانَ"، فَوَصَلَ فَنَادى عَلَى دَارٍ لَهُ، فَبَلَغَتْ بِسِتِّيْنَ دِيْنَارًا، فَقَالَ: بِيْعُوا، قَالُوا تَبْلُغُ أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ، قَالَ: بِيْعُوا، فَبَاعُوا الدَّارَ بِسِتِّيْنَ دِيْنَارًا فَقَبَضَهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "بَغْدَادَ" فَدَخَلَهَا يَوْمَ الخَمِيْسِ، فَوَفَّى ثَمَنَ الكُتُبِ، وَلَمْ يَشْعُرْ أَحَدٌ بِحَالِهِ إِلَّا بَعْدَ مُدَّةً
(1)
.
تُوُفِّيَ رحمه الله لَيْلَةَ الخَمِيْسِ تَاسِعَ عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ النَّجَّارِ، عَنِ الحَافِظِ أَبِي جَعْفَرِ
(1)
تَقَدَّمَ نَحْوَ ذلِكَ في تَرْجَمَةِ ابنِ الخَشَّابِ السَّابِقَةِ.
ابنِ الحَمَّامِيِّ الوَاعِظِ، وَذَكَرَ مَكِّيُّ بنُ بُنْجِيْرٍ
(1)
، وَابْنِ الجَوْزِيِّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الخَمِيسِ لِتِسْعَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ جُمَادَى الأُولَى. قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: وَبَلَغَنِي: أَنَّهُ رُئِيَ فِي المَنَامِ فِي مَدِيْنَةٍ جَمِيعُ جُدْرَانِهَا مِنَ الكُتُبِ، وَحَوْلَهُ كُتُبٌ لا تُحَدُّ، وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِمُطَالَعَتِهَا، فَقِيْلَ لَهُ: مَا هَذِهِ الكُتُبُ؟ قَالَ: سَأَلْتُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَشْغَلَنِي بِمَا كُنْتُ أَشْتَغِلُ بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَأَعْطَانِي. وَرَأَى لَهُ شَخْصٌ آخَرُ: أَنَّ يَدَيْنِ خَرَجَتَا مِنْ مِحْرَابِ مَسْجِدِهِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ اليَدَانِ؟ فَقَالَ: هَذِهِ يَدَا آدَمَ بَسَطَهُمَا لِيُعَانِقَ أَبَا العَلَاءِ الحَافِظَ، قَالَ: وَإِذَا بِأَبِي العَلَاءِ قَدْ أَقْبَلَ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، وَقَالَ: يَا فُلَانُ: أَرَأَيْتَ ابْنِي أَحْمَدَ حِيْنَ قَامَ عَلَى قَبْرِي يُلَقِّنُنِي، أَمَا سَمِعْتُهُمْ يَقُوْلُوْنَ حَتَّى صِحْتُ عَلَى المَلَكَيْنِ فَمَا قَدَرَا أَنْ يَقُوْلَا لِي شَيْئًا وَرَجَعَا، رضي الله عنه.
(1)
ساقِطٌ من (ط) و (د) وفي (أ)، (ج)، (هـ):"بحير" وفي (ب)"تمحيد" وَذَكَرَ في كِتَابِهِ "التَّمْهيدِ"(وَرَقَة: 54) عَبْدَ المَلِكِ بن مَكِّي بنِ بُنْجِيْرٍ الشَّعْرِيَّ الشَّعَّارَ. فَلَعَلَّهُ وَالِدُهُ أَوْ مِنْ ذَوِيْ قَرَابَتِهِ؟!، أَمَّا مَكِّيُّ نَفْسُهُ فَهُوَ مَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَكِّيِّ بنِ بُنْجِيْرِ بنِ الشَّعَّارِ الأَصْفَهَانِيُّ، المُحَدِّثُ، عِمَادُ الدِّينِ، أَبُو الحَرَمِ. كَذَا ذَكَرَهُ ابنُ الفُوَطِيِّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (2/ 179)، وَقَالَ:"سَمِعَ جَمِيعَ كِتَابِ "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ وَطَبَقَةِ الأَصْفِيَاءِ" لأَبِي نُعَيْمٍ
…
عَلَى الشَّيْخِ زَيْنِ الدِّيْنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ شَهْرَدَار بنِ شِيْرَوَيْهِ الدَّيْلَمِيِّ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْن وَخَمْسِمَائَة، وَكَانَ كَثِيْرَ السَّمَاعِ لِكُتُبِ الأَحَادِيْثِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَدْ كَتَبَ الكَثِيْرَ بِخَطِّهِ أَيْضًا". وَالتَّسْمِيَةُ بِـ "بُنْجِيْرٍ" مَشْهُوْرَةٌ، مِنْهُم: الشَّيْخُ بُنْجِيْرُ بنُ مَنْصُوْرٍ الهَمَذَانِيُّ، صَاحِبُ جَعْفَرٍ الأَبْهَرِيِّ، وَغَيْرُهُ.
161 - دَهْبَلُ بنُ علِيِّ
(1)
بنِ مَنْصُورِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ كَارِهٍ" البَغْدَادِيُّ، الحَرِيْمِيُّ، الخَبَّازُ، أَبُو الحَسَنِ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، وَسَمِعَ مِنَ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ البُسْرِيِّ، وَأَبِي غَالِبٍ القَزَّازِ، وَأَبِي عَلِيِّ بنِ المَهْدِيِّ، وَابْنِ بَيَانٍ، وَابنِ نَبْهَانَ وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ فِي كِتَابِهِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ المَقْدِسِيُّ: كَانَ فَقِيْهًا مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا، وَكَانَ يَحْضُرُ فِي حَلْقَةِ الفُقَهَاءِ فِي جَامِعِ المَنْصُوْرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا (أَثَنَا)
(2)
بِكِتَابِ "الخَرَاجِ"
(3)
لِيَحْيَى بنِ آدَمَ.
(1)
161 - دَهْبَلُ بنُ كَارِهٍ (495 - 569):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 34)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 171)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 264)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 276). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ لابنِ نُقْطَةَ (1/ 575)(5/ 76)، وَالتَّقْيِيْدُ لَهُ (325)، وَذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ في التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 464) فِي تَرْجَمَةِ وَلَدِهِ عَبْدِ اللهِ، وَالحَافِظِ الذَّهَبِيُّ فِي سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (21/ 46) ذَكَرَهُ وَلَمْ يُتَرْجِمُ لَهُ، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 766)، وَالمُشْتَبَهُ للذَّهَبِيِّ (1/ 288)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (340)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (14/ 32)، وَالتَّوْضِيْحُ (4/ 42)، وَالتَّبْصِيْرُ (2/ 562).
- وابنُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ دَهْبَلِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ كَارِهٍ (ت: 599). وَأَخُوْهُ لَاحِقُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ كَارِهٍ (ت: 573 هـ). لَمْ يَذْكُرْهُمَا المُؤَلَفُ وَيأتي ذِكْرُهُمَا في مَوْضِعَيْهِمَا مِنَ الاسْتِدْرَاك إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
في (ط): "أتى" خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّهَا فِي الأَصْلِ:"أَثَنِي".
(3)
في (ط): "الجَرَّاحُ" خطأُ طِبَاعَةٍ، وَكِتَابُ "الخَرَاجِ" هَذَا مَشْهُوْرٌ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ =
وَقَالَ أبُو المَحَاسِنِ القُرَشِيُّ: كَانَ فَقِيْهًا، حَسَنًا، فَاضِلًا، زَاهِدًا، صَادِقًا، ثِقَةً. وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّهُ أَضَرَّ بِأَخَرَةٍ. وَقَالَ ابنُ نُقْطَةَ
(1)
: هُوَ ثِقَةٌ، صَالِحٌ.
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: كَانَ فَقِيْهًا، حَنْبَلِيًّا، ثِقَةً، حَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: تَفَقَّهَ عَلى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَسَمِعَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَحَدَّثَ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ ابنُ الأَخْضَرِ، وَجَمَاعَةٌ، تَوُفِّيَ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ مُحَرَّمٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "مَقْبَرَةِ بابِ حَربٍ".
وَ"دَهْبَلُ" بِفَتْحِ الدَّال المُهْمَلَةِ، وَالبَاءِ المُوَحَّدَةِ، بَيْنَهُمَا هَاءٌ سَاكِنَةٌ
(2)
.
162 - عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ بَدِيْلِ
(3)
بنِ الخَلِيْلِ الجِيْلِيُّ، المُقْرِئُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
ذَكَرَهُ
= إِمَامٌ، مُقْرِئٌ، فَقِيْهٌ، ثِقَةٌ، مِنْ شُيُوْخِ الإِمَامِ أَحْمَدَ (ت: 203). أَخْبَارُهُ في: طَبَقَاتِ ابنِ سَعْدٍ (6/ 402)، وَهُوَ مُتَرْجَمٌ في طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (3/ 520) وَخَرَّجْتُ تَرْجَمَتَهُ هُنَاكَ، وَكِتَابُهُ "الخَرَاجُ"(ط) في "لَيْدَن" سَنَةَ (1314)، ثُمَّ طُبِعَ بتَصْحِيْحِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ شَاكِرٍ سَنَةَ (1347 هـ)، فِي المَطْبَعَةِ السَّلَفِيَّة بالقَاهِرَةِ بِـ "مِصْرَ". ثمَّ أُعِيْدَ طَبْعُهُ فِي "لَيْدَنَ" مَرَّةً ثَانِيَةً سَنَةَ (1378 هـ). وَلَهُ نُسَخٌ خَطِّيَّةٌ مُعْتَبَرَةٌ، مِنْهَا في المَكْتَبَةِ الوَطَنِيَّةِ بِـ "بَارِيْسَ" نُسْخَةٌ جَلِيْلَةٌ مَكْتُوْبَةٌ سَنَةَ (489 هـ).
(1)
ذَكَرَهُ في "التَّقْييدِ" هُوَ وَأَخَاهُ لَاحِقًا، وَقَالَ:"وَسَمَاعُهُمَا صَحِيْحٌ"، وَذَكَرَهُ في "تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ"، فَقَالَ:"وَهُوَ فَقِيْهٌ، مُقْرِئٌ، حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَشْيَاخِنَا، وهُوَ ثِقَةٌ".
(2)
و"كَارِهٌ" اسمُ فَاعِلٍ مِنَ الكَرَاهِيَةِ.
(3)
162 - عَبْدُ الصَّمَدِ بَدِيْلٍ (؟ - 569 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 34)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 124)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 268)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 277). وَيُرَاجَعُ: الشَّذَرَاتُ (4/ 233)(6/ 385).
ابنُ القَطِيْعِيِّ، فَقَالَ: قَدِمَ "بَغْدَادَ" وَنَزَلَ "بَابَ الأَزَجِ"، وَقُرِئَ عَلَيْهِ القُرآنَ بِالرِّوَايَاتِ الكَثِيْرَةِ، وَرَوَاهَا عَنْ أَبِي العَلَاءِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيِّ.
قُلْتُ: وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي العَلَاءِ الحَدِيْثَ، قَالَ: وَكَانَ عَالِمًا، ثِقَةً، ثَبْتًا، فَقِيْهًا، مُفْتِيًا، وَكَانَ اشْتِغَالُهُ بِالفِقْهِ عَلى وَالِدِيْ رحمه الله وَنَاظَرَ، وَدَرَّسَ، وَأَفْتَى، وَكَتَبَ إِلَيَّ - وَأَنَا مُسَافِرٌ - كِتَابًا ذَكَرَ فِيْهِ مَا أَحْبَبْتُ ذِكْرَهُ لِبَرَكَتِهِ: اللهَ اللهَ، كُنْ مُقْبِلًا، مُدِيْمًا علَى شَئُوْنِكَ، مُشْتَغِلًا بِمَا أَنْتَ بِصَدَدِهِ، وَلَا تَكُنْ مُضَيِّعًا أَنْفَاسًا مَعْدُوْدَةً، وَأَعْمَارًا مَحْسُوْبَةً، وَاجْعَلْ مَا لَا يَعْنِيْكَ دُبُرَ أُذُنِكَ، وَاغْمِضْ عَيْنَيْكَ عَمَّا لَيْسَ مِنْ حَظِّهَا، وَاطْلُبْ مِنْ رَيْحَانَةِ مَا حَلَّ لَكَ، وَدَعْ مَا حَرُمَ عَلَيْكَ، وَبِذلِكَ تَغْلِبُ شَيْطَانَكَ، وَتَحُوْزُ مَطَالِبَكَ، وَالسَّلَامُ، تُوُفِّيَ رحمه الله سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِالقُرْبِ مِنْ قَبْرِ بِشْرٍ الحَافِي. قَالَ: وَ"بَدِيْلُ" بِفَتْحِ البَاءِ، وَذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارِ فَقَالَ: صَحِبَ القَاضِي أَبَا يَعْلَى بنَ أَبِي خَازِمٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ، وَكَانَ خِصِّيْصًا بِهِ قَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ القُرْآنَ، وَكَانَ مُقْرِئًا مُجَوِّدًا، فقِيْهًا فَاضِلًا، صَالِحًا، مُتَدَيِّنًا، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ سَلْخَ رَبِيْعٍ الأَوَّلَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، كَذَا نَقَلَهُ عَنْ تَمِيْمٍ بنِ البَنْدَنِيْجِيِّ
(1)
.
163 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ النَّفِيْسِ
(2)
بنِ الأَسْعَدِ الغِيَاثِيُّ، الفَقِيْهُ المُقْرِئُ
(1)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (597 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(2)
163 - ابنُ النَّفِيسِ الغِيَاثِيُّ (؟ - بعد 560 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 34)، =
أَبُو بَكْرٍ، وَيُعْرَفُ بِـ "الأَعَزِّ" البَغْدَادِيُّ. كَانَ فِي ابْتِداءِ أَمْرِهِ يُغَنِّي، وَلَهُ صَوْتٌ حَسَنٌ، ثُمَّ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ، وَقرَأَ القُرْآنَ فِي زَمَنٍ يَسِيْرٍ، وَتَعَلَّمَ الخَطَّ فِي أَيَامٍ قَلَائِلَ، وَحَفِظَ كِتَابَ "الخِرَقِيِّ" وَأَتْقَنَهُ، وَقَرَأَ مَسَائِلَ الخِلَافِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الفُقَهَاءِ، وَكَانَ ذَكِيًّا جِدًّا، يَحْفَظُ فِي يَوْمِ وَاحِدٍ مَا لَا يَحْفَظُهُ غَيْرُهُ فِي شَهْرٍ، وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيِّ، وسَعْدِ الخَيْرِ الأَنْصَارِيِّ، وَعَسْكَرِ بنِ أُسَامَةَ النَّصِيْبِيِّ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَسَافَرَ إِلَى "الشَّامِ" وَسَكَنَ "دِمَشْقَ" مُدَّةً، وَأَمَّ بِالحَنَابِلَةِ فِي جَامِعِهَا، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى دِيَارِ "مِصْرَ" فَاسْتَوْطَنَهَا إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ، وَحَدَّثَ، وَكَانَ فَقِيْهًا فَاضِلًا، قَارِئًا مُجَوَّدًا، مَلِيْحَ التِّلَاوَةِ، طَيِّبَ النَّغْمَةِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ بنِ اللَّتِّي
(1)
عَنْهُ: كَانَ قَوِّيًّا فِي دِيْنِ اللهِ مُتَمَسِّكًا بِالآثَارِ، لَا يَرَى مُنْكَرًا وَلَا يَسْمَعُ بِهِ إِلَّا غَيَّرَهُ،
= وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 112)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 268)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 277). وَيُرَاجَعُ: الشَّذَرَاتُ (4/ 233)(6/ 368). وَلَمْ أَقِفْ بَعْدُ عَلَى نِسْبَتِهِ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ هِيَ؟
(1)
ابنُ اللَّتِّي هَذَا مُتَرْجَمٌ فِي المُخْتَصَرِ المُحْتَاج إِلَيْهِ (1/ 90)، وَذَكَرَ وَفَاتَهُ سَنَةَ (568 هـ) وَزَادَ بَيْنَ "عَلِيٍّ" وَ"زَيْدِ""عُمَرَ" وَهُوَ عَمُّ المُحَدِّثِ المَشْهُوْرُ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ بن زَيْدِ، أَبُو المُنَجَّى (ت: 635 هـ) صَاحِبُ "المَشْيَخَةِ" الَّتِي خَرَّجَهَا لَهُ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ البَرْزَالِيُّ قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلامِ (241) وَسَمِعَ بِإِفَادَةِ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ. . .".
أَقُولُ - وَعَلَى الله أَعْتَمِدُ -: قَوْلُ ابنِ اللَّتِّيِّ هُنَا: "وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ أَبْوَابًا مِنَ الخِرَقِيِّ" يدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ، فَهَلْ ابنُ أَخِيهِ كَذلِكَ؟! أَظُنُّ ذلِكَ وَلَا أَسْتَيْقِنُهُ، لِذَا لَمْ أَسْتَدْرِكْهُمَا، وَاللهُ أَعْلَم.
لَا يُحَابِي فِي قَوْلِ الحَقِّ أَحَدًا، قَالَ: وصَحِبْتُهُ، وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ مُعْتَقَدًا فِي السُّنَّةِ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ أَبْوَابًا مِنَ "الخِرَقِيِّ" قَالَ: وَخَرَجَ مِنْ "بَغْدَادَ" سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ وَقِيْلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ بِـ "مِصْرَ" بَعْدَ سَنَةِ سِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - رَوَى عَنْهُ أَبُو الجُوْدِ حَاتِمُ بنُ سِنَانِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحَبْليُّ
(1)
أَناشِيْدَ.
164 - يَحْيَى بنُ نَجاحِ بنِ سُعُوْدِ
(2)
بنِ عَبْدِ اللهِ اليُوسُفِيُّ
(3)
، المُؤدِّبُ، الأَدِيْبُ،
(1)
(الحَبْلِيُّ) مَنْسُوْبٌ إِلَى (حَبْلَةَ) مَوْضِعٌ بِـ "الشَّامِ" منْ مُضَافَاتِ "الرَّمْلَةِ". . . بِفَتْحِ الحَاءِ المُهْمَلَةِ، وَسُكُوْنِ البَاءِ المُوَحَّدَةِ، وَبَعْدَ اللَّامِ المَفْتُوْحَةِ تَاءُ تَأْنِيْثٍ" كَذَا قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ في التَّكْملة (1/ 440)، وَذَكَرَ حَاتِمًا المَذْكُوْرَ هُنَا فِي وَفَيَاتِ (598 هـ) قَالَ: "لَقِيْتَهُ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِيَ السَّمَاعُ مِنْهُ".
(2)
في (ط) و (د): "مَسْعُوْدٌ".
(3)
164 - أَبُو البَرَكَاتِ يَحْيَى بنُ نَجَاحٍ (؟ - 569 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 36)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 112)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 269)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 278). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 249)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (269)، وَالتَّوْضِيْحُ (1/ 456)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 236)(6/ 389).
- أَخُوْهُ: مُحَمَّدُ بنِ نَجَاحِ بن سُعُوْدٍ: (ت: 575 هـ).
- وَأَخُوْهُ أَيْضًا: عَلِيُّ بنُ نَجَاح بنِ سُعُوْدٍ: (ت: 597 هـ). نَذْكُرْهُمَا فِي اسْتِدْرَاكِنَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَرَجَّحتُ أَنْ يَكُونَ جَدُّهُ (سعُوْدٌ اليُوْسُفِيُّ) الَّذِي يُسْنِدُ إِلَيْهِ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبِي يَعْلَى فِي الطَّبَقَات (1/ 253، 2/ 517، 3/ 404) بِـ "سُعُودِ اليُوسُفِيَّ" وَ"سُعُودٍ الحَبَشِيُّ" وَ"سُعُوْدٍ الصُّوْفِيَّ" وَقُلْتُ آنَذَاكَ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ. وَبَعْدَ البَحْثِ وَقَفْتُ عَلَى شَيءٍ مِنْ أَخْبَارِهِ - فِيْمَا أَظُنُّ - فَقَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ مَجْمَعِ الآدَابِ فِي مُعْجَمِ الأَلْقَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (5/ 565): "مُؤْتَمَنُ الدَّوْلَةِ أَبُو اليُمَنِ =
الشَّاعِرُ، أَبُو البَرَكَاتِ. سَمِعَ مِنْ أَبِي العِزِّ بنِ كَادِشٍ وَغَيْرِهِ، قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: سَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ، ثُمَّ قَرَأَ النَّحْوَ وَاللُّغَةَ، وَكَانَ غَزِيْرَ الفَضْلِ، يَقُوْلُ الشِّعْرَ الحَسَنَ، وَقَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الأَدَبِ وَالعِلْمِ، وفِيْهِ فَضْلٌ، وَلَهُ خَطٌّ حَسَنٌ، وَشِعْرٌ رَقِيْقٌ، سَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الطَّلَبَةِ، وَكَانَ حَنْبَلِيَّ المَذْهَبِ، حَسَنَ الاعْتِقَادِ
(1)
.
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا أَبُو البَقَاءِ الفَقِيهِ
(2)
قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو البَرَكَاتِ يَحْيَى بنُ نَجَاحٍ اليُوْسُفِيُّ لِنَفْسِهِ:
أَقِلًا مِنْكَ ذَا الجَفَا أَمْ دَلَالُ
…
كُلُّ يَوْمٍ يَرُوْعُنِي مِنْكَ حَالُ
أَعَذُوْلٌ يُغْرِيْكَ أَمْ غِرَّة
(3)
المَعْـ
…
ــشُوْقِ أَمْ هكَذَا يَتِيْهُ الجَمَالُ
نَظْرَةً كُنْتَ يَوْمَ ذَاكَ فَإِنِّي
…
صِرْتُ فِي القَلْبِ عَثْرَةً لَا تُقَالُ
أَنَا عَرَّضْتُ مُهْجَتِي يَوْمَ سَلْعٍ
…
لِلْهَوَى فَالغَرَامِ دَاءٌ عُضَالُ
عَبَثًا تَقْتُلُ النُّفُوْسَ وَلَا تَحْـ
…
ـــسَبُ، إِلَّا أَنَّ الدِّمَاءَ حَلَالُ
= سُعُوْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَبَشِيُّ المُسْتَرْشِدِيُّ، أُسْتَاذُ الدَّارِ. . . ." وَمَا أظُنُّهُ إِلَّا المَذْكُوْرَ. وَلَا يَمْنَعُ أنْ يُنْسَبَ (اليُوسُفِيُّ) إِلَى وَلَاءِ ابنِ يُوسُفَ وَ (المُسْتَرْشَدِي) لِخِدْمَتِهِ المُسْتَرْشدَ، وَ (الحَبَشِيُّ) إلى أَصْلِهِ وَعِرْقِهِ، وَ (الصُّوْفِيُّ) إِلَى منْزَعِهِ ومَشْرَبِهِ السُّلُوْكِيِّ، وَبَعْدَ ذلِكَ كُلِّهِ (الحَنْبَلِيُّ) نِسبَة إِلَى مَذْهَبِهِ الفِقْهِيَّ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(1)
قَالَ ابنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ فِي "التَّوْضِيْح".
(2)
هُوَ أَبُو البَقَاءِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ (ت: 616 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ من تَلَامِيْذِهِ.
(3)
في (ط): "غرة".
مِنْ عَجِيْبٍ أَنْ لَا يَطِيْشُ لَهَا سَهْـ
…
ـــمٌ وَلَمْ تَدْرَ قَطُّ كَيْفَ النِّضَالُ
لِيَ قَلْبٌ قَدِ اسْتَرَاحَ مِنَ العَذْ
…
لِ وَسَمْعٌ تَكُدُّهُ العُذَّالُ
وَهِيَ قَصِيْدَةٌ طَوِيْلَةٌ.
تُوُفِّيَ رحمه الله يَوْمَ السَّبْتِ لإِحْدَى عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَوَالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، كَذَا ذَكَرَهُ القَطِيْعِيُّ، وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ
(1)
: تُوُفِّيَ فِي أَوَاخِرِ شَوَّالٍ.
وَ"اليُوْسُفِيُّ" نِسْبَةً إِلَى وَلَاءِ بَيْتِ ابنِ يُوسُفَ، وَكَانَ جَدُّهُ سُعُوْدٌ
(2)
مَوْلَى الشَّيْخِ الأَجَلِّ، أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ يُوسُفَ
(3)
، رحمه الله
(4)
.
165 - حَامِدُ بنُ مَحْمُود
(5)
بنِ حَامِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَمْرٍو الحَرَّانِيُّ، الخَطِيْبُ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، أَبُو الفَضْلِ، المَعْرُوفُ بِـ "ابنِ أَبِي الحَجَرِ" وَيُلَقَّبُ تَقِيَّ الدِّينِ،
شَيْخُ "حَرَّانَ" وَخَطِيْبُهَا، وَمُفْتِيْهَا وَمُدَرِّسُهَا.
(1)
ساقط من (ج).
(2)
في (ط) وَ (د): "مَسْعُودٌ". وَيُرَاجَعُ: مُقَدِّمَةُ "الطَّبَقَاتِ".
(3)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (460 هـ)، وَهو أبو الأُسْرَةِ المشْهُوْرَةِ بِكَثْرَةِ العُلَمَاءِ تَقَدَّمَ في أَوَّلِ اسْتِدْرَاكِنَا.
(4)
بعدها في (ط) و (د): "تَعَالَى".
(5)
165 - أَبُو الفَضْلِ بنُ أبي الحَجَرِ (513 - 569 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 36)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 353)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 270)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 178). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 254)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 235)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (392)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 237)(6/ 392)، وَ (الحَجَرُ) بِفَتْحِ الحَاءِ وَالجِيْمِ.
- وَابْنُهُ: إِلْيَاسُ بنُ حَامِدِ (ت: 592 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ بـ "حَرَّانَ"، فِيْمَا قَرَأْتُهُ بِخَطِّ الإِمَامِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ تَيْمِيَّةَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ خَطِّ أَحْمَدَ بنِ سَلَامَةَ بنِ النَّجَّارِ الحَرَّانِيِّ الزَّاهِدِ
(1)
. وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ بِهَا مِنْ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيِّ الحَافِظِ، وَيَحْيَى بنُ حُبَيْشٍ الفَارِقِيِّ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ الحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِم، وَتَفَقَّهَ بِهَا، وَبَرَعَ وَنَاظَرَ، وَلَقِيَ بِهَا الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ، وَلَازَمَهُ، فَرَآهُ الشَّيْخُ يَوْمًا يَمْشِي عَلَى سَجَّادَتِهِ، عَلَى بِسَاطٍ لِلْشَّيْخِ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ: كَأَنِّي بِكَ، وَقَدْ دُسْتَ عَلَى بِسَاطِ السُّلْطانِ. كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ حَمْدَانَ الفَقِيْهِ
(2)
.
وَقَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ بنُ الحَنْبَلِيِّ رضي الله عنه: حَدَّثَنِي وَلَدُهُ إِلْيَاسُ - يَعْنِي: وَلَدَ أَبِي الفَضْلِ حَامِدٍ - قَالَ: وَخَرَجَ وَالِدِي مَعَ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ فِي زِيَارَةٍ، وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ، وَانْفَرَدَ وَالِدِي عَنْهُ، وَرَفعَ ثَوْبَهُ عَلَى قَصَبَةٍ، فَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: الفَقِيْهُ حَامِدٌ الحَرَّانِيُّ، فَقَالَ: هَذَا يَكُوْنُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالمُلُوْكِ، وَكَانَ كَمَا قَالَ.
وَذَكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي "تَارِيخِهِ" فَقَالَ: صَدِيْقُنَا، قَدِمَ "بَغْدَادَ" وَتَفَقَّهَ وَنَاظَرَ، وَعَادَ إِلَى "حَرَّانَ" وَأَفْتَى، وَدَرَّسَ، وَكَانَ وَرِعًا، بِهِ وسْوَسَةٌ فِي الطَّهَارَةِ.
وَذَكَرَ ابنُ القَطِيْعِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ" نَحْوًا مِنْ ذلِكَ، وَقَالَ: كَانَ تَالِيًا لِلْقُرآنِ، كَتَبْتُ عنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً.
(1)
أَحْمَدُ بنُ سَلَامَةَ هَذَا (ت: 646 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(2)
أَحْمَدُ بنُ حَمْدَانَ بنِ شَبِيْبٍ الحَرَّانِيُّ (ت: 695 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّةَ فِي أَوَّلِ "تَفْسِيْرِهِ" وَبَعْدَ رُجُوْعِي إِلَى "حَرَّانَ" كُنْتُ كَثِيْرَ المُبَاحَثَةِ لِشَيْخِنَا الإِمَامِ، البَارِعِ، أَبِي الفَضْلِ، حَامِدِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ أَبِي الحَجَرِ رحمه الله فِي مُشْكِلِ الآيَاتِ، وَحَلِّ مَا فِيْهَا مِنَ الإِشْكَالَاتِ، وَكَانَ رحمه الله إِذَا شَرَعَ فِي التَّفْسِيْرِ وَالتَّذْكِيرِ شَبِيْهًا بِالجَوَادِ المُفْرِطِ، وَالجَوَادِ القَطْقَطِ
(1)
، يُوْسِعُ المَسَامِعِ هَدِيْرُ شَقَاشِقِهِ
(2)
، وَيُزَعْزِعُ المَسَامِعُ زَجْرُ رَوَاشِقِهِ
(3)
، هَذَا مَعَ مَا كَانَ قَدْ مَنَحَهُ اللهُ مِنَ الرَّشَاقَةِ وَعُسُوْلَةِ المَنْطِقِ وَاللَّبَاقَةِ. وَقَال الشَّيْخُ نَاصِحُ الدِّينِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: كَانَ شَيْخَ "حَرَّانَ" فِي وَقْتِهِ، بَنَى نُوْرُ الدِّينِ مَحْمُوْدٌ المَدْرَسَةَ فِي "حَرَّانَ" لأَجْلِهِ، وَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، وَدَرَّسَ بِهَا، وَتَولَّى عِمَارَةَ جَامِعِ "حَرَّانَ" فَمَا قَصَّرَ فِيْهِ، قِيْلَ: إِنَّهُ رَاحَ إِلَى الرُّوْمِ، وَتَوَلَّى نَشْرَ
(4)
الخَشَبِ بِنَفْسِهِ، وَكَانَ نُوْرُ الدِّينِ
(1)
تَقُوْلُ العَرَبُ: جَاءَتِ الخَيْلُ قَطَائِطَ؛ قِطَعًا قِطَعًا، قَالَ عَلْقَمَةُ بنُ عَبْدَةَ:
وَنَحْنُ جَلَبْنَا مِنْ ضَرِيَّةَ خَيْلَنَا
…
وَنُكْلفُهَا حَدَّ الإِكَامِ قَطَائِطَا
وَالجَوَادُ الأُوْلَى: الكَرِيْمُ، وَالأُخْرَى: الفَرَسُ
(2)
في (هـ): "هَذا وشقائق"، وفي (أ) وَ (ب) وَ (ج):"هَدْرَ"، جَاءَ في اللِّسان:(هَدَرَ)"وَهَدَرَ الْبَعِيْرُ يَهْدِرُ هَدْرًا، وَهَدِيْرًا، وَهُدُوْرًا: صَوَّتَ فِي غَيْرِ شَقْشَقَةٍ" وَجَاءَ في اللِّسانِ: (شَقَقَ) "وَالشَقْشَقَةُ: لَهَاةُ البَعِيْرِ، وَلَا تَكُوْنُ إِلَّا للعَرَبِيِّ مِنَ الإِبِلِ، وَقِيْلَ: هِيَ شَيْءٌ كَالرِّئَةِ يُخْرِجُهَا البَعِيْرُ مِنْ فِيْهِ إِذَا هَاجَ، وَالْجَمْعُ شَقَاشِقٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الخُطَبَاءُ شَقَاشِقَ، شَبَّهُوا المِكْثَارَ بِالبَعِيْرِ الكَثِيْرِ الهَدْرِ
…
ثُمَّ قَال: وَشَقْشَقَ الفَحْلُ شَقْشَقَةً: هَدَرَ".
(3)
الرَّشْقُ: الرَّمْيُ بِالسَّهْمِ وَالنَّبْلِ. وَالمَشْقُ: الطَّعْنُ بِالسِّنَانِ.
(4)
في (د) وَ (هـ): "شَرْيَ".
مَحْمُودٌ يُقْبِلُ عَلَيْهِ، وَلَهُ فِيْهِ حُسْنُ ظَنٍّ
(1)
، وَكَانَ عِنْدَهُ وِسْوَاسٌ فِي الطَّهَارَةِ، وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَنَزَلَ بِمَدْرَسَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَسَمِعَ دَرْسَهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَجَاءَ إِلَى "دِمَشْقَ" فِي حَوَائِجَ إِلَى نُوْرِ الدِّينِ، وَنَزَلَ عِنْدَنَا فِي المَدْرَسَةِ، وَأَضَافَهُ وَالِدِي.
وَقَالَ ابنُ حَمْدَانَ: كَانَ شَيْخَ "حَرَّانَ"، وَخَطِيْبَهَا وَمُدَرِّسَهَا، وَلأَجْلِهِ بُنِيَتْ المَدْرَسَةُ النُّوْرِيَّةِ بِـ "حَرَّانَ"، وَلَهُ "دِيْوَانُ خَطَبٍ". وَقِيْلَ: إِنَّ أَكْثَرَهَا كَانَ يَرْتَجِلُهَا إِذَا صَعِدَ إِلَى المِنْبَرِ، فَلَمَّا وَلَّاهُ السُّلْطَانُ نُوْرُ الدِّيْنِ الشَّهِيْدُ قَالَ: بِشَرْطِ أَنْ تَتْرُكَ المَظَالِمَ وَالضَّمَانَاتِ، وَتُوَرِّثَ ذَوِي الأَرْحَامِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذلِكَ. وَكَانَ وَلَدُهُ الفَقِيْهُ إِلْيَاسَ إِذَا غَابَ عَنِ المَدْرَسَةِ يَوْمًا، لَا يُعْطِيْهِ خُبْزَهُ، وَيَقُوْلُ: هُوَ كَالمُسْتَأْجِرِ قَالَ: وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى نَظَرِهِ فِي الجَامِعِ وَأَوْقَافِهِ شَيْئًا، حَتَّى إِنَّ غُلَامَهُ اشْتَرَى نِجَارَةً
(2)
كَمَا اشْتَرَاهُ العَوَامُّ مِنْ نِجَارَةِ الجَامِعِ
(1)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ": "قَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ الحَاجِبِ قَالَ: ذَكَرَ لِي شَيْخُنَا عُمَرُ بنُ مُنَجَّى أَنَّهُ قَدِمَ "دِمَشْقَ" فِي دَوْلَةِ نُوْرِ الدِّيْنِ فَأَخَذَ وَالِدِي إِلَى "حَرَّانَ" قَالَ ابنُ الحَاجِبِ: وَذَكَرَ لِيْ عَدْلٌ حَرَّانِيٌّ أَنَّ ابنَ حَامِدٍ هَذَا كَانَ مِنْ أَعْيَانِ البَلَدِ، وَوَجَدَ مِنَ الجَاهِ فِي أَيَّامِ نُوْرِ الدِّيْنِ مَا لَا يَجِدُهُ غَيْرُهُ، وَاسْتَنَابَهُ فِي جَمِيْعِ أُمُوْرِ البَلَدِ، وَأَمَرَهُم أَنْ يَكْتُبُوا لَهُ تَوْقِيْعًا بِذلِكَ، فَلمَّا حَضَرَ عِنْدَ الدِّيْوَانِ وَرَأَوا بِزَّتَهُ وَسَمْتَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَاذَا يَوْمُ مَعَاشٍ، ذَا يَوْمُ صَخْرَةٍ، فَفَهِمَ وَتَلَا: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ}، وتَبَسَّمَ، فَاسْتَحْيَوا".
(2)
في (ط): "تجارة" و"من تجارة" وَيُصَحِّحه مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فَلَمْ يَأْكُلْ مَا خُبِزَ فِي بَيْتِهِ"؛ لأَنَّ نِجَارَةَ الخَشَبِ مِمَّا يُوْقَدُ بِهِ؛ لأَنَّهُ كَانَ يَخْشَى أَنْ يُتَّهَمَ أَنَّهُ جَامَلَ غُلَامَهُ فِي =
فَلَمْ يَأْكُلْ مَا خُبِزَ فِي بَيْتِهِ، وَسِيْرَتُهُ فِي الوَرَعِ وَالزُّهْدِ مَشْهُوْرَةٌ بِـ "حَرَّانَ" مِنْ بَيْنِ أَهْلِهَا. قُلْتُ: أَخَذَ عَنْهُ العِلْمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ "حَرَّانَ" مِنْهُمُ الخَطِيْبُ فَخْرُ الدِّيْنِ بنُ تَيْميَّةَ، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدُوْسٍ وَغَيْرُهُمَا، وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ جَمَاعَةٌ مِنَ الطَّلَبَةِ وَالرَّحَّالِيْنَ، مِنْهُمْ: أَبُو الحَسَنِ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِيْنَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ القَطِيْعِيِّ سَنَةَ سِتٍّ
= الثَّمَنِ، أَوْ أَعْطَاهُ دُوْنَ مُقَابِلٍ، وَرَعًا مِنْهُ وَزُهْدًا، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
ويُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةَ (569 هـ):
186 -
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ المُؤَدِّبُ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ"(330) قَالَ: صَحِبَ أَبَا الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيَّ الفَقِيْهَ، وَسِمَعَ مِنْهُ".
187 -
وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الأَسْوَدِ بنِ البَلِّ، مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ حَنْبَلِيَّةٍ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مِنْهُم: "مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ نَصْرِ بنِ البَلِّ (ت: 611 هـ). أَخْبَارُ عَلِيٍّ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (3/ 308)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 121)، وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (1/ 315)، وَنَتَحَدَّثُ عَن أُسْرَتِهِ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ المَذْكُوْرِ.
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (570 هـ) أَحَدًا، وَفِيْهَا:
188 -
أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ سَعْدٍ، أَبُو الْعَبَّاسِ المُرَقَّعَاتِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، رَوَى عَنْ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ (ت: 543 هـ)، وَهُوَ جَدُّهُ لأُمِّهِ - وَقَدْ سَبَقَ فِي اسْتِدْرَاكِنَا - كَانَ مُلَازِمًا لِخِدْمَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجَيْلَانِيِّ، وَكَانَ يَبْسُطُ لَهُ المُرَقَّعَةَ الَّتي يَجْلِسُ عَلَيْهَا؛ لِذلِكَ نُسِبَ كَذلِكَ. وَسَيَأْتِي ابنُهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أَحْمَدَ (ت: 624 هـ) فِي استِدْرَاكِنَا، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
189 -
وَسَعِيْدُ بنُ صَافِي، أَبُو شُجَاعٍ، البَغْدَادِيُّ الحَاجِبُ، الجَمَالِيُّ، كَان وَالِدُهُ "صَافِي" (ت: 545 هـ) مَوْلَى ابنِ جَرْدَةَ (ت: 476 هـ)، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمَا فِي اسْتِدْرَاكِنَا. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وَكَتَبَ الكَثِيْرَ بِخَطِّهِ، رَوَى عَنْهُ ابنُ الأَخْضَرِ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بنُ قُدَامَةَ. أَخْبَارُهُ في: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 86)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (394).
وَسِتِّينَ. وَرَوى عَنْهُ فِي "تَارِيْخِهِ" وَقَالَ: تُوُفِّيَ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَالٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ" وَكَذَا ذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِـ "حَرَّانَ" سَنَةَ سَبْعِيْنَ. وَقَرأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - قَالَ: نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الزَّاهِدِ أَحْمَدَ بنِ سَلَامَةَ بنِ النَّجَّارِ: تُوُفِّيَ الفَقِيْهُ حَامِدُ بنُ مَحْمُودِ بنِ أَبِي الحَجَرِ - وَكَانَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالبَرَاعَةِ وَالفَصَاحَةِ - سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: عِنْدِيْ فِي هَذَا نَظَرٌ؛ لأَنَّ الشَّيْخَ الفَخْرَ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُذَاكِرُهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى "حَرَّانَ". وَذَكَرَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ ابنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ "تَرْغِيْبُ المَقَاصِدِ"
(1)
أَنَّ شَيْخَهُ حَامِدَ بنَ أَبِي الحَجَرِ اخْتَارَ: أَنَّ الفَاسِقَ تَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ.
166 - المُبَارَكُ بنُ الحَسَنِ
(2)
بنِ طِرَادٍ البَامَاوَرْدِيُّ الفَرَضِيُّ، أَبُو النَّجْمِ بنِ
(1)
اسْمُهُ كَامِلًا: "تَرْغِيْبُ القَاصِدِ فِي تَقْرِيْبِ المَقَاصِدِ" يَأْتِي فِي تَرْجَمَتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
166 - ابنُ القَابِلَةِ البَامَاوَرْدِيُّ: (505 - 571 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 36)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 14)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 272)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 79)، وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ (91)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 240) (6/ 398). وَابْنُهُ: عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ المُبَارَكِ بنِ الحُسَيْنِ (ت: 610 هـ). وَابْنُهُ الآخَرُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ بنِ الحُسَيْنَ (ت: 615 هـ). لَمْ يَذْكُرْهُمَا الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ رحمه الله نَذْكُرْهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِن اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وفي مُعْجَم البُلْدَانِ (1/ 392)"بَامَاوَرْدُ" بِفَتْحِ الوَاوِ، نَاحِيَةٌ بِـ "فَارِسَ" .. وَلَمْ يُحَدِّدْ مَوْقِعَهَا عَلَى غَيْرِ عَادَتِهِ، وَذَكَرَ مِنَ المَنْسُوبِيْنَ إِلَيْهَا "عُبَيْدَ اللهِ" وَ"عَبْدَ الرَّحِيْمِ" ابْنَي المُتَرْجَمِ هُنَا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُوَ، وَلَمْ =
أَبِي السَّعَادَاتِ، المَعْرُوفِ بِـ "ابْنِ القَابِلَةِ"
(1)
. وُلِدَ سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا. وَسَمِعَ مِنْ طَلْحَةَ العَاقُوليِّ سَنَةَ عَشْرٍ، وَهُوَ أَقْدَمُ سَمَاعٍ وُجِدَ لَهُ، وَمِنَ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاءِ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَالقَاضِيْ أَبِي بَكْرٍ، وَابنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي الفَضْلِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ يُوسُفَ، وأَبِي غَالِبٍ المَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ عَارِفًا بِعِلْمِ الفَرَائِضِ وَالمَوَاقِيْتِ.
وَذَكَرَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ، وَقَالَ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً. قَالَ: وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالفَرَائِضِ، وَالحِسَابِ وَالدَّوْرِ، حَسَنَ العِلْمِ بِالجَبْرِ وَالمُقَابَلَةِ، وَغَامِضِ الوَصَايَا وَالمُنَاسَخَاتِ، حَنْبَلِيُّ المَذْهَبِ، أَمَّارًا بِالمَعْرُوْفِ، شَدِيْدًا عَلَى أَهْلِ البِدَعِ، عَارِفًا بِمَوَاقِيْتِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ لِعَشْرٍ بَقَيْنَ مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "مَقْبَرَةِ الطَّبَرِيِّ"، بِقَرْيَةِ "الرَّادِيَانِ"
(2)
ظَاهِرَ "بَغْدَاد"، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
= تَرِدِ النِّسبَةُ في "الأَنْسَابِ" لأَبي سَعْدٍ السَّمْعَانِيِّ، وَلَا في "اللُّبَابِ" لابنِ الأثِيْرِ، ولم يُوْرِدَهَا الرُّشَاطِيُّ في "أَنْسَابِهِ" وَوَرَدَتْ النِّسْبَةُ في "الاكْتِسَابِ" للخَيْضَرِيِّ، وَ"لُبُّ اللُّباب" للسُّيوْطيِّ، وَنَقَلًا عَنْ "مُعْجَمِ البُلْدَانِ" - فِيْمَا أَظُنُّ - دُوْنَ زِيَادَةٍ تُذْكَرُ، زَادَ الخَيْضَرِيُّ:"وسُكُوْن الرَّاءِ وَمُهْمَلَةٍ" وتَحَرَّفَتْ فِي نُسْخَتِي من "الاكْتِسَابِ" إِلَى: "البَابَاوَرْدِيِّ"؟
(1)
في (ط): "المُقابلة" تَحْرِيْفٌ ظَاهرٌ، لَعَلَّه خَطَأُ طبَاعَةٍ.
(2)
في (ط) وَ (د): "الزَّاويان" وفي (هـ): "الزَّادمان".
167 - مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي
(1)
بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ حُسَيْنِ بنِ شَرِيْفٍ المُجَمِّعِيُّ المَوْصِلِيُّ، أَبُو المَحَاسِنِ.
ذَكَرَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ فَقَالَ: أَحَدُ فُقَهَاءِ الحَنَابِلَةِ المَوَاصِلَةِ، وَرَدَ "بَغْدَاد" وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي يَعْلَى مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَّاءِ، وَسَمِعَ بِهَا الحَدِيْثَ وَالأَدَبَ، وَكَانَ تَالِيًا لِكِتَابِ اللهِ، وَجَمَعَ كِتَابًا اشْتَمَلَ عَلى "طَبَقَاتِ الفُقَهَاءِ مِنْ أَصحَابِ أَحْمَدَ".
قُلْتُ: وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي "شَرْحِ غَرِيْبِ أَلْفَاظِ الخِرِقِيِّ" قَالَ: وَكَانَ بِالمَوْصِلِ عُمَرُ المُلَّا
(2)
مُقَدَّمًا فِي بَلَدِهِ، فَاتَّهَمَهُ بِشَيءٍ مِنْ مَالِهِ، وَكَانَ خِصِّيْصًا بِهِ، وَضَرَبَهُ إِلَى أَنْ أَشْفَى
(3)
، ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى بَيْتِهِ وَبَقِيَ أَيَّامًا يَسِيْرَةً، وَتُوُفِّيَ فِي
(1)
167 - ابنُ شَرِيْفٍ المَجْمِعِيُّ (؟ - 571):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 37)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 445)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 272)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 279)، وَيُرَاجَعُ: شَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 240)(6/ 398).
لَمْ أَجِدْ تَقْيِيْدًا وَضَبْطًا لِـ "المجمعي" وَهَلْ هِيَ بِالتَّخْفِيْفِ أَوْ بِالتَّثْقِيْلِ؟ وَإِذَا كَانَتْ مُثَقَّلَةً (مُشَدَّدَةً) هَلْ هِيَ بِالمُشَدَّدَةِ المَكْسوْرَةِ أَوْ المَفْتُوحَةِ؟ وفي العَرَبِ "مُجَمِّعٌ" بالكَسْرِ، وَهُوَ الكَثِيْرُ، وَرُبَّمَا قِيْلَ:"مُجَمَّعٌ" بِالفَتْحِ، لِذَا ضَبَطْتُهَا عَلَى الأَشْهَرِ. يُرَاجَعُ: ذَيْلُ مُشْتَبَهِ النِّسْبَةِ لابنِ رَافِعٍ (40). وَكِتَابُهُ: "طَبَقَات الفُقَهَاء. . ." لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَلَا أَعْلَمُ أنَّ أَحَدًا مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ وَقَفَ عَلَيْهِ، أَو اقْتَبَسَ مِنْهُ، وَكَذلِكَ "شَرْحُ غَرِيْبُ أَلْفَاظِ الخِرَقِيِّ" وَهُمَا مُهِمَّانِ في بَابَيْهِمَا.
(2)
لم أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ.
(3)
أَيْ: قَرُبَ مِنَ المَوْتِ.
رَجَبٍ أَوْ شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "المَوْصِلِ" رحمه الله.
وَهَذَا عُمَرُ
(1)
كَانَ يُظْهِرُ الزُهْدِ وَالدِّيَانَةِ، وَأَظُنُّهُ كَانَ يَمِيْلُ إِلَى المُبْتَدِعَةِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذِهِ الحِكَايَةِ أَيْضًا: ظُلْمُهُ وَتَعَدِّيْهِ.
168 - عَلِيُّ بنُ عَسَاكِرِ
(2)
بنِ المُرَحِّبِ بنِ العَوَّامِ، البَطَائِحِيُّ، المُقْرِئُ النَّحْوِيُّ،
(1)
كذا في الأصول، وفي (ط):"وعُمَرُ هَذَا".
(2)
168 - ابنُ عَسَاكِرٍ البَطَائِحِيُّ (489 - 572 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 37)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 240)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 273)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 279)، وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 267)، وَمُعْجَمُ الأُدَبَاءِ (14/ 61)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 435)، وَإِنْبَاهُ الرُّوَاةِ (2/ 298)، وَتَلْخِيْصُهُ لابنِ مَكْتُوْمٍ (146)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 132)، وَالعِبَرُ (4/ 215)، وَدُوَلُ الإِسْلَامِ (2/ 86)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 548)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (100)، وَمَعْرِفَةُ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 541)، وَالإِعْلامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (236)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (174)، وَالمُشْتَبَهُ (2/ 5182)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (21/ 314)، وَنَكْتُ الهِمْيَانِ (214)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 296)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 556)، وَطَبَقَاتُ النَّحْوِيِّيْن لابنِ قَاضِي شُهْبَةَ (2/ 169)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (8/ 109)، وَتَبْصِيْرُ المُنْتَبَهِ (4/ 1275)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 80)، وَبُغْيَةُ الوُعَاة (2/ 179)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 242)(6/ 401).
وَجَدُّهُ "المُرَحِّبُ""بِضَمِّ المِيْمِ، وَفَتحِ الرَّاءِ، وَالحَاءِ المُهْمَلَةَ المُشَدَّدَةِ، تَلِيْهَا المُوَحَّدَةِ" كَذَا قَيَّدَهَا ابنُ نَاصِرِ الدِّين فِي "التَّوْضِيْحِ". وَ"البَطَائِحِيُّ" مَنْسُوبٌ إِلى (البَطَائِحِ) جَمْعُ البَطِيْحَةِ. قَالَ يَاقُوت فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (1/ 534): "وَهِيَ أَرْضٌ وَاسِعَةٌ بَيْنَ "وَاسِطَ" وَ"البَصْرَةِ"، وَكَانَتْ قَدِيْمًا قُرىً مُتَّصِلَةً، وَأَرْضًا عَامِرَةً. . . ." وَيُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (2/ 239)، وَاللُّبَابُ (1/ 159). قَالَ يَاقُوتٌ الحَمَوِيُّ في "مُعْجَمِ =
أَبُو الحَسَنِ، الضَّرِيْرُ. وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ - أَوْ سَنَةَ تِسْعِيْنَ - عَلَى الشَكِّ مِنْهُ. وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي العِزِّ القَلَانِسِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الدَّبَّاسِ البَارِعِ، وَسِبْطِ الخَيَّاطِ، وَأَبي بَكْرٍ المَزْرَفِيِّ، وَأَبي سَعْدٍ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبِي طَالِبِ بنِ يُوسُفَ، وَأَبي الحُسَيْنِ بِنِ الفَرَّاءِ. وَقَرَأَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي البَرَكَاتِ عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الزَّيْدِيِّ
(1)
بِـ "الكُوفَةِ"، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ ابْنِ الحُصَيْنِ، وأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الزَّاغُونِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ البَاقِي، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَالمَزْرَفِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَغَيْرهمْ. وَكَانَ
= الأُدَبَاءِ" وَالقِفْطِيُّ فِي "إِنْبَاه الرُّواة": "وَهُوَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى "البَطَائِحِ" تُعْرَفُ بِـ "المُحَمَّدِيَّة" قَرِيْبَةٍ من "الصَّلِيْقِ". . . ." وَذَكَرَ القِفْطِيُّ أَنَّهُ وُلِدَ بِهَا، قَالَ: "وَكَانَ نَسَبُهُ في عَبْدِ القَيْسِ وفي "مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ": "وَكَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ" وَ"المُحَمَّدِيَّة" في مُعجَمِ البُلدان (5/ 77)، وَ (الصَّلِيْقُ) في مُعْجَمِ البُلْدَانِ أَيْضًا (3/ 480) قَالَ:"مَوَاضِعُ كَانَتْ في بَطِيْحَةِ "وَاسِطَ" بَيْنَهَا وَبَيْنَ "بَغْدَادَ". . ." قَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ": "قَدِمَ بَغْدَادَ صَغِيْرًا وَاسْتَوْطَنَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا".
(1)
عَالِمٌ نَحْوِيُّ مَشْهُوْرٌ، وَأَبُوهُ أَيضًا، أَدِيْبٌ، شَاعِرٌ، وَنَحْوِيٌّ أَيْضًا. مَوْلِدُهُ أَبِي البَرَكَاتِ سَنَةَ (442 هـ) وتُوُفِّيَ سَنَةَ (539 هـ)، شَرَحَ "اللُّمَعَ" لأبي الفَتْحِ بنِ جِنِّي شَرْحًا جَيِّدًا وَقَفْتُ عَلَى ثَلَاث نُسَخٍ خَطِّيَّةٍ منه، واسْمُهُ "البَيَانُ" حَقَّقَهُ الأَخُ الكَرِيْمُ عَلَاءَ الدِّين حَمَويَّة رِسَالَةَ (ماجستير) في كُلِّيةِ اللُّغةِ العَرَبِيَّةِ بِجَامِعَةِ أُمِّ القُرَى، سَنَةَ 1404 هـ، وَعَرَضَهُ عَلَى مَجْمَعِ اللُّغةِ العَرَبِيَّةِ لِلنَشْرِ هُنَالِكَ، وَلَا أَدْرِي بَعْدَ ذلِكَ مَا تَمَّ لَهُ. أَخْبَارُ أبي البَرَكَاتِ في: الأَنْسَابِ (6/ 341)، وَالمُنْتَظَمِ (10/ 114)، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (15/ 257)، وَإِنْبَاهِ الرُّوَاةِ (2/ 324). وَبَلَغَنِي أَنَّه طُبِعَ هَذَا العَامِ 1423 هـ فَي دَارِ عَمَّارٍ فِي الأُرْدُن.
مِنْ أَئِمَّةِ القُرَّاءِ
(1)
وَصَنَّفَ فِي القِرَاءَاتِ عِدَّةَ مُفْرَدَاتٍ
(2)
، وَكَانَ
(3)
بَارِعًا فِي العَرَبيَّةِ، ثِقَةً، جَلِيْلًا، صَالِحًا.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ إِمَامًا كَبِيْرًا فِي مَعْرِفَةِ القِرَاءَاتِ وَوُجُوْهِهَا وَعِلَلِهَا وَطُرُقِهَا وَضَبْطِهَا وَتَجْوِيْدِهَا، وَحُسْنِ الأَدَاءِ وَالإِتْقَانِ، وَالصِّدْقِ وَالثِّقَةِ، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ بِالنَّحْوِ. وَكَانَ مُتَدَيِّنًا، جَمِيلَ السِّيْرَةِ، مَرْضِيَّ الطَّرِيْقَةِ. انْتَهَى.
(1)
قَالَ ابنُ الجَزَرِيِّ فِي "غَايةِ النِّهَايَةِ": "إِمَامٌ، كَامِلٌ، ثِقَةٌ، شَيْخُ العِرَاقِ" وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ": "رَوَى الكَثِيْرَ، وَتَصَدَّرَ لِلإقْرَاءِ وَقَرَأَ القِرَاءَاتَ مُدَّةً طَوِيْلَةً، وَكَانَ بَارِعًا فِيْهَا، جَيِّدَ المَعْرِفَةِ بِالعَرَبيَّةِ، ثِقَةً، صَحِيْحَ السَّمَاعِ، أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ" وَوَصَفَهُ في "سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ" بِأَنَّهُ: "الإِمَامُ، مُقْرِئُ العِرَاقِ"، وَقَالَ الصَّفَدِيُّ في "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ"":"وَكَانَ إِمَامًا كَبِيْرًا فِي القِرَاءَاتِ وَوُجُوْهِهَا وَعِلَلِهَا وَطُرُقِهَا، حَسَنَ الأَدَاءِ وَالإِتْقَانِ وَالثِّقَةِ وَالصِّدْقِ، وَكَانَ يَعْرِفُ النَّحْوَ جَيِّدًا، وَكَانَ حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ".
(2)
قَالَ الحَافِظَانِ الذَّهَبِيُّ وابنُ الجَزَرِيِّ: "لَهُ مُصَنَّفٌ فِي القِرَاءَاتِ".
يَقُوْلُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سُلَيْمَان العُثَيْمِين - عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَقَفْتُ عَلَى كِتَابِهِ "الخِلَافِيَّاتِ في عِلْمِ القِرَاءَاتِ" في مَكْتَبَةِ خَرَاجِي أُوغلو في تُركيَّا رقم (708) نُسْخَةٌ جَيِّدَةٌ مَكْتُوبَةٌ سَنَةَ (635 هـ) في (128) وَرَقَة، وقَدْ ضَمَّنَ الوَزِيْرُ عَوْنُ الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ هُبَيْرَةَ كِتَابَ البَطَائِحِيِّ هَذَا كِتَابَهُ المَعْرُوْفِ بِـ "الإِفْصَاحِ عَنْ مَعَانِي الصِّحَاحِ" عَنْدَ ذِكْرِ القِرَاءَاتِ في أَحَدِ أَجْزَائِهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ مَنْ أَرَادَ تَحْقِيْقَ الكِتَابِ فَهُوَ نُسْخَةٌ ثَانِيَةٌ لَهُ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(3)
ساقط من (أ) وَ (ج).
وَقَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدَسِيُّ عَنْهُ
(1)
: كَانَ مُقْرِئَ "بَغْدَادَ" فِي وَقْتِهِ، وَكَانَ عَالِمًا بِالعَرَبيَّةِ، إِمَامًا فِي السُّنَّةِ. قَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ جَمَاعَةٌ مِنَ الكِبَارِ مِنْهُمْ: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَفٍ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الجُمَّيْزِيُّ
(2)
. وَحَدَّثَ عَنهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: الحَافِظُ ابنُ الأَخْضَرِ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ، وَعَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ البَنْدَنِيْجِيُّ، وَالشَّيْخُ مُوفَّقُ الدِّيْنِ، وَالشِّهَابُ بنُ رَاجِحٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: الخَلِيْفَةُ النَّاصِرُ العَبَّاسِيُّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ أَيْضًا: الوَزِيْرُ بنُ هُبَيْرَةَ، وَأَكْرَمَهُ وَنَوَّهَ بِاسْمِهِ، وَكَانَ الوَزِيْرُ قَدْ
(1)
النَّصُّ عَنِ ابْنِ قُدَامَةَ فِي "سِيَرِ أَعلام النُّبَلاءِ" هَكَذَا: "قَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ: سَمِعْنَا مِنَ البَطَائِحِيِّ "الإِبَانَةَ" لابنِ بَطَّةَ وَ"الزُّهْدَ" لأَحْمَدَ، وَكَانَ مُقْرِئُ "بَغْدَادَ" .. ".
(2)
في (ط)"الجمرى" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَالمَقْصُوْدُ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ سَلَامَةَ اللَّخْمِيُّ الشَّافِعِيُّ المِصْرِيُّ، بَهَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ (ت: 549 هـ) وَصَفَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ بِأَنَّهُ "شَيْخُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، العَلَّامَةُ، المُفْتِي، المُقْرِئُ". وَذَكَرَ أَنَّهُ: ابنُ بِنْتُ الشَّيخِ أَبي الفَوَارِسِ الجُمَّيْزِيِّ، وَأَنَّهُ تَلَا عَلَى الشَّاطِبِيِّ خَتَمَاتٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَى العِرَاقِيِّ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ. . ." أَخْبَارُهُ فِي: سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 253)، وغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 583)، وَحُسْنِ المُحَاضَرَةِ (1/ 413)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 246). وَ (الجُمَّيْزِيُّ)"بِضَمِّ الجِيْمِ، وَفَتْحِ المِيْمِ المُشَدَّدَةِ، وَسُكُوْنِ المُثَنَّاة من تَحْتِ، وَكَسْرِ الزَّاي" كَذَا قَيَّدَهُ ابنُ نَاصِرِ الدِّين في التَّوضِيْحِ (2/ 438). قَالَ ابنُ نُقْطَةَ الحَنْبَلِيُّ في إِكْمَالِ الإِكْمَالِ (2/ 154)"وَالجُمَّيْزُ: شَجَرٌ يَكُوْنُ بِـ "مِصْرَ" رَأَيْتُهُ بِالسَّاحِلِ، قَرِيبًا مِنْ "غَزَّة" وَثَمَرَتُهُ تُشْبِهُ التِّيْنَ." وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرَ في التَّبْصِيْرِ (1/ 154)"نِسْبَةٌ إِلَى بَيْعِ الجُمَّيْزِ".
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: وَفِي مَكَّةَ - شَرَّفَهَا اللهُ تَعَالَى - حَيٌّ اسمُهُ "الجُمَّيْزَةَ"، قَرِيْبٌ من المِعْلَاةِ شَرْقِيِّهَا، وَالشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يُذْكَرُ.
قَرأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: مَسْعُوْدُ بنُ الحُسَيْنِ الحِلِّيُّ
(1)
، وَادَّعَى أَنَّهُ قَرَأَ علَى ابنِ سِوَارٍ، وَأَسْنَدَ الوَزِيْرُ القِرَاءَاتِ عَنهُ عَنِ ابنِ سِوَارٍ فِي كِتَابِ "الإِفْصَاحِ" فَحَضَرَ البَطَائِحِيُّ دَارَ الوَزِيْرِ وَابْنُ شَافِعٍ يَقْرَأُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ:"وَأَمَّا رِوَايَةُ عَاصِمٍ فَإِنَّكَ قَرَأْتَ بِهَا عَلَى مَسْعُوْدِ بنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: قَرَأْتُ بِهَا عَلَى ابنِ سِوَارٍ" وَكَانَ البَطَائِحِيُّ قَاعِدًا فِي غِمَارِ النَّاسِ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِيْنَئِذٍ مَعْرُوْفًا، وَلَا لَهُ مَا يَتَجَمَّلُ بِهِ، فَقَامَ وَقَالَ: هَذَا كَذِبٌ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ، وَبَلَغَ الوَزِيْرُ الخَبَرَ، فَطَلَبَهُ وَطَلَبَ مَسْعُوْدًا وَحَاقَقُوْهُ، فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلُ "بَغْدَادَ" إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ ابنِ سِوَارٍ بكَثِيْرٍ، وَأَحْضَرَ البَطَائحِيُّ نُسْخَةً مِنَ "المُسْتَنِيْرِ" بِخَطِّ ابنِ سِوَارٍ، فَقُوْبِلَ بِخَطِّهَا الخَطِّ الَّذِي مَعَ مَسْعُوْدِ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ خَطُّ ابنِ سِوَارٍ، فَبَانَ الفَرْقُ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ البَطَائِحِيُّ: هُوَ خَطُّ مُزَوَّرٌ بِخَطِّ ابن
(2)
رُوَيْجٍ الكَاتِبِ. وَكَانَ خَطُّهُ شَبِيْهًا بِخَطِّ ابنِ
(1)
في (ط): "الحَنْبَلِيُّ" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ مَسْعُوْدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ هِبَةِ اللهِ، أَبُو المُظَفَّرِ الشَّيْبَانِيُّ الحِلِّيُّ الضَّرِيْرُ (ت: 564 هـ). أَخْبَارُهُ في: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 187)، وَمِيْزَانِ الاعْتِدَالِ (4/ 99)، وَمَعْرِفَةِ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 536)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (2/ 294)، وَلِسَانِ المِيْزَانِ (6/ 25). قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي طَاهِرِ بنِ سِوَارٍ فَافْتُضِحَ، قَالَ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ: سَأَلْتُهُ: مَتَى قَرَأْتَ عَلَى ابنِ سِوَارٍ؟ فَقَالَ: سَنَةَ سِتٍّ، فَقُلْتُ: إِنَّ ابنَ سِوَارٍ، تُوُفِّي قَبْلَ هَذَا بِعَشْرِ سِنِيْنَ".
(2)
في (ط): "أبي" وَ"رويح" بِالحَاءِ المُهْمَلَةِ "بِرَسْم القلم"، وَكَذلِكَ فِي "غَايَة النِّهاية" وَفي "مَعْرِفَةِ القُرَّاءِ الكِبَارِ":"ابنُ رُوَيجٍ الكَاتِبُ" كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ.
سِوَارٍ، فَأَهَانَ الوَزِيْرُ [ابنُ هُبَيْرَةَ]
(1)
مَسْعُوْدًا، وَمَنَعَهُ مِنَ الصَّلَاةِ بِالنَّاسِ، وَقَالَ لَهُ: لَوْلَا أَنَّكَ شَيْخٌ لَنَكَّلْتُ بِكَ، ثُمَّ قَرَأَ الوَزِيْرُ عَلَى البَطَائِحِيِّ، وَأَسْنَدَ عَنْهُ القِرَاءَاتِ، وَعَلَا قَدْرَهُ. وَذَكَرَ مَضْمُوْنَ هَذِهِ الحِكَايَةِ ابنُ النَّجَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ البَنْدَنِيْجِيِّ
(2)
، وَكَانَ شَاهِدًا
(3)
لِلْقِصَّةِ، وَصَارَ لِلْبَطَائِحِيِّ بَعْدَ ذلِكَ اتِّصَالًا بِالدَّوْلَةِ، وَيَدْخُلُ بَوَاطِنَ دَارِ الخِلَافَةِ، وَكَانَ ضَرِيْرًا يُحْفِي شَارِبَهُ
(4)
وَوَقَفَ كُتُبَهُ بِمَدْرَسَةِ الحَنَابِلَةِ بِـ "بَابِ الأَزَجِ".
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الجَوَالِيْقِيِّ
(5)
بِجَامِعَ القَصْرِ، وَدُفِنَ
(1)
مُعَلَّقَةٌ بَيْنَ السَّطْرَيْنِ فِي (هـ).
(2)
مَا ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ مُختَصَرٌ لِلقصَّة، وَهِيَ مُفَصَّلَةٌ عَنِ ابنِ النَّجِّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ البَنْدَنِيْجِيِّ في "مَعْرِفَةِ القُرَّاءِ" وَ"غَايَةِ النِّهَايَةِ" في ذِكْرِهَا إِطَالَةٌ تَجِدْهَا فِيْهِمَا إِنْ شِئْتَ.
(3)
في (أ) وَ (ج): "مُشَاهِدًا".
(4)
لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: "يُحْفِي شَارِبَهُ" أَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ؟! إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ أَنَّهُ يُبَالِغُ في ذلِكَ حَتَّى يَلْفِتَ النَّظَرَ، أَوْ يَحْلِقَهُ حَلْقًا.
(5)
إِسْمَاعِيْلُ بنُ الجَوَالِيْقِيِّ (ت: 575 هـ)، وَلَدُ الإِمَامِ أَبي مَنْصُوْرٍ مَوْهُوْبِ بنِ أَحْمَدَ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ صَفَحَاتٍ قَلَائِلَ. قَالَ يَاقُوتٌ الحَمَوِيُّ في "مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ":"قَالَ صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَدَّادُ فِي "تَارِيْخِهِ" وَكَانَ سَبَبُ وَفَاةِ البَطَائِحِيِّ أَنَّهُ ظَهَرَ بِهِ نَاصُوْرٌ مما يَلِي تَحْتَ كَتِفِهِ فَبَقِيَ بِهِ مُدَّةً طَوِيْلَةً يَنْزُ إِلَى خَارِجِ البَدَنِ، ثُمَّ انْفَتَحَ إِلَى بِاطِنِهِ فَهَلَكَ بهِ، وَأَوْصَى لِطُغْدِيٍّ صَاحِبِهِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ، وَيَقْرَبُهُ من جِهَةِ النِّسَاءِ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَوَقَفَ كُتُبَهُ عَلَى مَدْرَسَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ =
بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
169 - مُسْلِمُ بنُ ثَابِتِ
(1)
بنِ القَاسِمِ بنِ أَحْمَدَ بنِ النَّخَّاسُ البَزَّازُ البَغْدَادِيُّ
= الجِيْلِيِّ، وَخَلَّفَ مِقْدَارَ أَرْبَعِمَائَةَ دِيْنَارٍ، وَدَارًا في دَارِ الخِلَافَةِ".
أَمَّا "طُغْدِيُّ" المَذْكُوْرُ فَهُوَ رَبِيْبُهُ طُغْدِيُّ بنُ خُتْلُعٍ الأَمِيْرِيُّ، مَنْسُوْبٌ إِلَى وَلَاءِ بَعْضِ السَّادَةِ أَوْلَادِ الخُلَفَاءِ، ربَّاهُ البَطَائِحِيُّ المُتَرْجَمُ، وَعَلَّمَهُ القُرْآنَ، وَأَقْرَأَهُ القِرَاءَاتِ، وَسَمَّعَهُ الكَثِيْرَ، وَسَمَّاهُ عَبْدُ المُحْسِنِ (ت: 589 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
(1)
169 - ابنُ جُوَالِقَ (494 - 572 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابن نَصْرِ اللهِ (ورقة: 37)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 30)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 274)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 280). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 268)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (111)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 202)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 243) (6/ 404). وفي (ط):"النَّحَّاس" مَرْسُوْمٌ بِالحَاءِ المُهْمَلَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالخَاءِ المُعْجَمَةِ. وَ (الجُوَالِقُ) "بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، الأَخِيْرَةُ عَنِ ابنِ الأَعْرَابِيِّ: وِعَاءُ من الأَوْعِيَةِ مَعْرُوْفٌ مُعَرَّبٌ،
…
وَالْجَمْعُ جَوَالِقُ، بِفَتْحِ الجِيْمِ، وَجَوَالِيْقُ" يُرَاجع: اللِّسان: (جَلَقَ)، وفي قَصْدِ السَّبِيْلِ (1/ 403، 404). قَالَ: "الجُوَالِقُ: بِكَسْرِ الجِيْمِ وَاللَّامِ، أَوْ بِالضَمِّ وفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا: وِعَاءٌ مَعْرُوْفٌ مُعَرَّبُ "جُوَال" وَقِيْلَ: مُعَرَّبُ "كُوَالَه" وَقَالَ سِيْبَوَيْهِ: جَوَالِقُ بِالفَتْحِ، وَهُوَ نَادِرُ الجَمْعِ وَ"جَوَالِيْقُ"، وَلَمْ يُجَوِّز "جَوَالِقَاتٍ". . ." ويُراجع: الكِتَابُ (ط) هارون (3/ 615).
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "فَقِيْهٌ، إِمَامٌ، حَنْبَلِيُّ، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِّي، وَتَوَكَّلَ لِبَعْضِ الأُمَرَاءِ، وَعَلَتْ سِنُّهُ، وَحَدَّثَ بِالكَثِيْرِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ سَوْسَنٍ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ، وابنِ نَبْهَانَ، وَأُبَيٍّ النَّرْسِيِّ وَجَمَاعَةٍ
…
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدِ بنُ قُدَامَةَ، وَنَصْرُ بنُ عَبْد الرَّزَّاقِ الجِيْلِيُّ، وَأَبُو البَقَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الهَمَذَانِيُّ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالْحُسَيْنُ بنُ مَسْعُوْدٍ البَيِّعُ، وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي نَصْرِ بنِ الوَتَّارَةِ وَآخَرُوْنَ".
- وَوَالِدهُ: ثَابِتُ بنُ زَيْدِ بنِ القَاسِمِ، أَبُو البَرَكَاتِ بنُ جُوَالِقَ (ت: 543 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي اسْتِدْرَاكِنَا. وَابْنُهُ: عَبْدُ اللهِ بن مُسَلَّمِ بنِ ثَابِتٍ (ت: 600 هـ)، سَيَأْتِي فِي اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَةِ (572 هـ):
190 -
الحَسَنُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاء، مِنْ أَحْفَادِ الإِمَامِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاء (ت: 471 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَوَالِدُهُ سَعِيْدٌ (ت: 550)، وَجَدُّهُ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ (ت: 527 هـ). تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمَا فِي اسْتِدْرَاكِنَا، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ابنِهِ: غِيَاتُ بنُ الحَسَنِ بن سَعِيْدٍ (ت: 594 هـ). وَأَمَّا أَخُوْهُ: مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ (ت:؟)(فَلَمْ تُنْقَلْ أَخْبَارُهُ) عَرَفْنَاهُ مِنْ تَرْجَمَةِ ابْنِهِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ (ت: 671 هـ). وَحَفِيْدَتُهُ: نُوْرُ بنتُ غِيَاثٍ. يَأْتِي ذِكْرُهَا مَع وَالِدِهَا غِيَاثٍ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَالْحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ هَذَا قَالَ عَنْهُ الحَافِظُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ: "مِنْ أَهْلِ الحَرْبِيَّةِ، من بَيْتِ حَدِيْثٍ ثِقَاتٍ، أَثْبَاتٍ، سَمِعَ أَبَا مُحَمَّدٍ جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ بنِ السَّرَّاج، وأَبَا غَالِبٍ بنَ البَقَّالِ، وَأَبَا سَعْدِ بنَ خُشَيْشِ، وأَبَا غَالِبِ الذُّهْلِيَّ، وَحَدَّث عَنْهُمْ، وَسَمِعَ مِنْهُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الزَّيْدِيُّ، وَعُمَرُ القُرَشِيُّ، وابنُ مَشَّقٍ، وَقَالَ لِي عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الأَخْضَرِ: سَمِعْتُ مِنْهُ، وَمِنْ أَبِيْهِ سَعِيْدٍ، وَابْنُهُ غِيَاثٌ أَدْرَكْنَاهُ وَلَمْ يُقَدِّرْ لَنَا السَّمَاعَ مِنْهُ، قَرَأْتُ عَلَى نُوْرٍ بِنْتِ غِيَاثِ بنِ حَسَنٍ. . .".
يَقُوْلُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن سُلَيْمَان العُثيَمين - عَفَا الله عَنْهُ -: يُنْظَرُ في الأَمْرِ هَلْ سَمِعَ عَلَى ابْنِ السَّرَّاجِ وابْنِ البَقَّالِ
…
وقَدْ تُوُفِّيَا مَعًا سَنَةَ (500 هـ)؟! والحَافِظُ الذَّهَبِيُّ أَيْضًا يُرَجِّحُ وَفَاتَهُ سَنَةَ (581 هـ)، وَذَكَرَ ابنُ الفُوطِيِّ وَفَاتَهُ فِيهَا، فَهَلْ سَمِعَ مِنْهُمَا أَوْ رَوَى عَنْهُمَا إِجَازَةً؟ وَلَمْ يُذْكَرْ في سِيْرَةِ حَيَاتِهِ أَنَّهُ كَانَ مُعَمَّرًا. أَخْبَارُهُ في: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 278)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (1/ 122)، وَذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي
المَأْمُوْنِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي البَرَكَاتِ، وَيُعْرَفُ بِـ "ابنِ جُوَالِقَ" بِضَمِّ الجِيْمِ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَلِيِّ بنِ نَبْهَانَ، وَتَفَقَّهَ علَى أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ، وَنَاظَرَ، وَتَطَلَّسَ
(1)
، ذَكَرَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ، وَقَالَ: سَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الطَّلَبَةِ، وَكَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ. قُلْتُ: رَوى عَنْهُ ابنُ الأَخْضَرِ. تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَحدِ عِشْرِيْنَ ذِيْ الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ".
170 -
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
(2)
بنِ المُبَارَكِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَكْرُوْسِ بنِ سَيْفٍ
= تَارِيْخِ الإِسْلامِ تَحْقِيْقُ عُمَرُ تَدْمُرِي وَفَيَاتِ (572 هـ)(95)، ووفيات (582 هـ)(103)، كَمَا ذَكَرَهُ في سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 265) (في تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ) وَلَقَبُه:(عِزُّ الدِّيْنِ).
191 -
بَشِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهِنْدِيُّ، أَبُو الخَيْرِ، مَوْلَى عَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ سَمِعَ مَعَ مَوْلَاهُ .. مِن أَبي سَعْدِ بنِ خُشَيْشٍ، وَأبي القَاسم بنِ بَيَان، وكانَ صَالِحًا. رَوَى عَنْهُ ابنُ الأَخْضَرِ وَغَيْرِهِ .. ". أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلَامِ للذَّهَبِيِّ (95).
192 -
ومُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ أَحْمَدَ بن عَلِيٍّ النَّرْسِيِّ، أَبُو الفَتْحِ، الأَزَجِيُّ، الضَّرِيْرُ، أَخْبَارُهُ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 73)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاج إِلَيْهِ (1/ 78)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (107) وَغَيْرِهَا، وَبَيْتُهُ بَيْتُ عِلْمٍ كَبِيْرٌ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"مِنْ بَيْتِ حَدِيْثٍ وَعَدَالَةٍ" وَهِيَ نَفْسُهَا عِبَارَةُ ابنِ الدُّبَيْثِيِّ.
- وَقَرِيْبُهُ مَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، يَأْتِي فِي اسْتِدْرَاكِ وَفَيَاتِ سَنَةِ (606 هـ) وَلَعَلَّهُ أَخُوْهُ؟!
(1)
أَيْ: لَبِسَ الطَّيْلَسَانَ، كسَاءٌ أَسْوَدُ، وَهُوَ اشْتِقَاقٌ غَرِيْبٌ، فَالطَّيْلَسَانُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. يُرَاجَعُ: قَصْدُ السَّبِيْلِ (2/ 272). وَيُقَالُ: تَطَيْلَسَ وَتَطَلْيَسَ؟! وَيُقَالُ: فِيْهِ طَيْلَسُ، قَالَ المرَّارُ بنُ سَعِيْدٍ الفَقْعَسِيُّ:
فَرَفَعْتُ رَأْسِي فِي الخَيَالِ فَمَا أَرَى
…
غَيْر المُطِيِّ وَظُلمةٍ كَالطَّيْلَسِ
(2)
170 - أَبُو العَبَّاسِ بنُ بَكْرُوْسٍ (501 - 573 هـ): =
الدِّيْنَوَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، أَبُو العَبَّاسِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ أَبِي العِزِّ. وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِـ "ابنِ الحَمَّامِيِّ". الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ. قَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى جَمَاعَةٍ. سَمِعَ مِنِ ابْنِ كَادِشٍ، وَأَبِي بَكْرٍ المزْرَفِيِّ. وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ. وَكَانَ رَفِيْقَ نَاصِحِ الإِسْلَامِ أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ فِي سَمَاعِ الدَّرْسِ عَلَى الدَّيْنَوَرِيِّ، وَلَهُ مَدْرَسَةٌ بِـ "دَرْبِ القَيَّارِ"
(1)
بـ "بَغْدَادَ" بِنَاهَا، وَكَانَ يُدَرِّسُ بِهَا. تَفَقَّهَ علَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُم: الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّةَ. وَحَدَّثَ، رَوَى عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ.
وَقَرَأَتُ بِخَطِّ نَاصِحِ الدِّيْنِ بنِ الحَنْبَلِيِّ: كَانَ فَقِيْهًا، زَاهدًا، عَابِدًا مُفْتِيًا، وَسَمِعْتُهُ يتَكَلَّمُ فِي حَلَقَةِ شَيْخِنَا ابنِ المَنِّيِّ، وَعَلَيْهِ مِنْ نُوْرِ العِبَادَةِ وَهَدْيِ الصَّالِحِيْنَ مَا يَشْهَدُ لَهُ. وَسُئِلَ عَنْهُ الشَّيْخُ مُوفَّقُ الدِّيْنِ فَقَالَ: كَانَ فَقِيْهًا، صَاحِبَ مَسْجِدٍ وَمَدْرَسَةٍ يَتَكَلَّمُ فِيْهَا فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ وَيُدَرِّسُ،
= أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 37)، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابنُ مُفْلِحٍ في "المَقْصَدِ"، وَهُوَ فِي المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 275)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 280). ويُراجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 276)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 206)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 344)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (116)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (8/ 113)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 244)(6/ 406)، وَ (الحَمَّامِيُّ) فِي نَسَبِهِ بِتَشْدِيْدِ المِيْمِ.
(1)
لَمْ يَذْكُرْهُ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ في "مُعْجَمِ البُلْدَانِ" بِرَسْمِ "دَرْبِ القَيَّارِ" وَفِي تَكْمِلَةِ المُنْذِرِيِّ (2/ 188)"دَرْبُ القَيَّارِ بِبَغْدَادَ" وَلَمْ يُحَدِّدْهُ، وَنَسَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخَ أبَا الفَتْحِ عَبْدَ السَّلَامِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّي بنِ بَكْرُوْسٍ البَغْدَادِيَّ القَيَّارِيَّ الحَمَّامِيَّ (ت: 606 هـ)، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ ذَوِي قَرَابَةِ المُتَرْجَمِ فَهُو قيَّارِيُّ، حَمَّامِيُّ بَغْدَادِي مِثْلُهُ، نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَكَانَ يَتَزَهَّدُ، وَكَانَ مُتَزَوِّجًا بِابْنَةِ ابنِ الجَوْزِيِّ
(1)
وَمَا عَلِمْنَا مِنْهُ إِلَّا الخَيْرَ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ خَامِسَ صَفَر سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَكَانَ يَوْمُهُ مَشْهُودًا، وَرَأَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي المَنَامِ بَعْدَ مَوْتِ أَحْمَدَ بنِ بَكْرُوْسٍ وَهُوَ يَقُولُ: مَاتَ عَابِدُ النَّاسِ، وَشَاعَ هَذَا المَنَامُ فِي النَّاسِ، قَرأْتُهُ بِخَطِّ ابنِ الحَنْبَلِيِّ.
171 - وَكَانَ أَبُوْهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ
(2)
رَجُلًا صَالِحًا كَثِيْرَ الحَجِّ، سَمِعَ الحَدِيْثَ فِي كِبَرِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ.
172 - وَلأَبِي العَبَّاسِ وَلَدٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ
(3)
يُكَنَى أَبَا بَكْرٍ،
سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ وَعَمِّهِ عَلِيٍّ
(4)
زَمَنَ ابنِ البَطَّيِّ، وَيَحْيَى بنِ بُنْدَارٍ، وَطَبَقَتِهِمْ، وَكَانَ فَقِيْهًا،
(1)
قالَ سِبْطُ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي "مِرْآةِ الزَّمَانِ": "زَوَّجَهُ جَدِّي سِتَّ العُلَمَاءِ أَكْبَرُ بَنَاتِهِ".
(2)
171 - وَالِدُ ابنِ بكْرُوْسٍ (؟ -؟):
ذكَرَهُ المُنْذِرِيُّ في التَّكْمِلَةِ (1/ 297) في تَرْجَمَةِ حَفِيْدِهِ قَالَ: "وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ شَيْخٌ، صَالِحٌ، سَمِعَ مِنْ غَيْرِ واحِدٍ." وَقَالَ في التَّكْمِلَةِ (2/ 296) في تَرْجَمَةِ (إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ) ابنِ أَخِ المُترْجَمِ: "وَجَدُّهُ أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ، شَيْخٌ، صَالِحٌ، كَثِيْرُ الحجِّ، سَمِعَ عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ من غَيْرِ واحدٍ".
(3)
172 - ابنُ بكْرُوْسٍ (؟ - 593 هـ):
ابْنُهُ هَذَا لَهُ ذِكْرٌ وأَخْبَارٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى المُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - أَنْ يَفْرِدَهُ بِالتَّرْجَمَةِ، نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(4)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (576 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ بَعْدَ صَفَحَاتٍ، كَمَا ذَكَرَ ابنَ أَخِيْهِ هَذَا إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَلِيٍّ (ت: 610 هـ) في مَوْضِعِهِ أَيْضًا. كَمَا ذَكَرَ حَفِيْدَ أَخِيْهِ: عَلِيَّ بنَ إِبْرَاهِيْمَ (645 هـ). وَسِبْطُهُ: أَحْمَدُ، وَيُسَمَّى "هِبَةَ الكَرِيْمِ"، بنَ عُمَرَ الغَزَّالُ (ت: 601 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ =
صَالِحًا. وَتُوُفِّيَ شَابًّا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ.
173 - صَدَقَةُ بنُ الحُسَينِ
(1)
بنِ الحَسَنِ بنِ بُخْتِيَارِ بنِ الحَدَّادِ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، الأَدِيْبُ، الشَّاعِرُ، المُتَكَلِّمُ، الكَاتِبُ، المُؤَرِّخُ، أَبُو الفَرَجِ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي السَّعَادَاتِ المُتَوَكِّلِيِّ، وَأَبِي الوَفَاءِ بنِ عَقِيْلٍ الإِمَامِ، وَأَبِي الحَسَنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ المُبَارَكِيُّ
(2)
، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ عَلَى ابنِ عقِيْلٍ، ثُمَّ مِنْ بَعْدَهُ عَلَى ابنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَبَرعَ فِي الفِقْه، فُرُوْعِهِ وَأُصُوْلِهِ، وَقَرَأَ عِلْمَ الجَدَلِ وَالكَلَامِ،
= فِي تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ (ت: 615 هـ). وَعَتِيْقُهُ: يَاقُوْتٌ، أَبُو الدُّرِّ الحَمَّامِيُّ، صَاحِبُ عِلْمٍ وَفَضْلٍ (ت: 602 هـ). وابنُ عَتِيْقِهِ: مَسْعُوْدُ بنُ يَاقُوْتٍ (ت: 612 هـ) نَذْكُرهُمَا فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي مَوْضِعَيْهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
168 - صَدَقَةُ بنُ الحُسَيْنِ (477 - 573 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 37)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 446)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 276)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 280). وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 276)، وَصَيْدُ الخَاطِرِ (239)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 449)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 344)، وَالمُخْتَصَرُ فِي أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 61)، وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (6/ 253)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 66)، وَمِيْزَانُ الاعْتِدَالِ (2/ 310)، وَالمُغْنِي فِي الضُّعَفَاءِ (1/ 307)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (119)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 109)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (12)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (16/ 292)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (236)، وَتَارِيْخُ ابنِ الوَرْدِيِّ (2/ 88)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 298)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (3/ 184)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 245)(6/ 406).
(2)
في (ط): "المُبَارَكُ".
وَالمَنْطِقِ وَالفَلْسَفَةِ، وَالحِسَابِ، وَمُتَعَلَّقَاتِهِ مِنَ الفَرَائِضِ وَغَيرِهَا. وَكَتَبَ خَطًّا حَسَنًا صَحِيْحًا، وَقَالَ الشِّعْرَ المَلِيْحَ
(1)
، وَأَفْتَى وَنَاظَرَ وَانْقَطَعَ بِمَسْجِدِهِ بِـ "البَدْرِيَّةِ"
(2)
شرْقَيِّ "بَغْدَادَ" يَؤُمُّ النَّاسَ فِيهِ، وَيَنْسَخُ وَيُفْتِي، وَيَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ يَقْرَأُوْنَ عَلَيْهِ فُنُوْنَ العِلْمِ، وَبَقِيَ علَى ذلِكَ نَحْوًا مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً، حَتَّى تُوُفِّيَ. وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا: الوَزِيْرُ أَبُو المُظَفَّرِ بنُ يُونُسَ
(3)
. وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو المَعَالِي بنُ شَافِعٍ، وَالفَقِيْهُ يَعِيْشُ بنُ مَالِكِ بنِ رَيْحَانَ، وَلَهُ مَسَائِلُ مُفْرَدَةٌ مِنْ أُصُوْلِ الدِّينِ، وَجُزْءٌ سَمَّاهُ "ضَوْءَ السَّارِي إِلَى معَرِفَةِ البَارِي".
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ حَسَنَةٌ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ، وَقَدْ جَمَعَ "تَارِيْخًا" عَلَى السِّنِيْنَ، بَدَأَ فِيْهِ مِنْ وَقْتِ وَفَاةِ شَيْخِهِ ابنِ الزَّاغُوْنِيِّ
(4)
سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ مُذَيِّلًا بِهِ عَلَى تَارِيْخِ شَيْخِهِ، وَلَمْ يَزَلْ يَكْتُبُ فِيْهِ إِلَى قَرِيْبٍ مِنْ وَقْتِ وَفَاتِهِ، يَذْكُرُ فِيهِ الحَوَادِثَ، وَالوَفَيَاتِ، وَقَدْ نَسَخَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا لِلنَّاسِ مِنْ سَائِرِ الفُنُوْنِ، وَكَانَ قُوْتُهُ مِنْ أُجْرَةِ نَسْخِهِ، وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا، وَلَا سَكَنَ مَدْرَسَةً، وَلَمْ يَزَلْ قَلِيْلَ الحَظِّ، مُنْكَسِرَ الأَغْرَاضِ،
(1)
أَوْرَدَ الصَّفَدِيُّ في "الوَافِي بالوَفَيَاتِ" مُقَطَّعَاتٍ مِنْ شِعْرِهِ - إِنْ صَحَّ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ - وَقَالَ: "قُلْتُ: شِعْرُ فَاسِدِ العَقِيْدَةِ".
(2)
"البَدْرِيَّة" تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَبْرُوْدِيِّ (ت 531 هـ) أَنَّهَا حَيٌّ فِي شَرْقِيِّ "بَغْدَادَ".
(3)
عُبَيْدُ اللهِ بن يُوْنُس (ت: 593 هـ) حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(4)
مَرَّ تَارِيْخِ ابنِ الزَّاغُونِيِّ فِي تَرْجَمَتِهِ.
مُتَنَغِّصُ العَيْشِ، مُقَتَّرًا عَلَيْهِ أَكْثَرَ عُمُرِهِ. وَكَانَ الوَزِيْرُ ابنُ رَئِيْسِ الرُّؤسَاءِ سَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الحِكْمَةِ فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ صَدَقَةَ النَّاسِخُ لَهُ يَدٌ قَوِيَّةٌ فِي ذلِكَ، فَأَنْفَذَهَا إِلَيْهِ، فَكَتَبَ فِيْهَا جَوَابًا حَسَنًا شَافِيًا، اسْتَحْسَنَهُ الوَزِيْرُ، وَسَأَلَ عَنْ حَالِهِ، فَأُخْبِرَ بِفَقْرِهِ، فَأَجْرَى لَهُ مَا يَقُوْتُهُ، وَعَلِمَتِ الجِهَةُ "بَنَفْشَا"
(1)
بِحَالِهِ - يَعْنِي جِهَةِ الخَلِيْفَةِ - فَصَارَتْ تَفْتَقِدُهُ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ، بِمَا يَكُوْنُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنَ الأَطْعِمَةِ الفَاخِرَةِ وَالحَلْوَى، فَيَعْجَزُ عَنْ أَكْلِهِ، فَيُعْطِيْهِ لِمَنْ يَبِيْعَهُ لَهُ، فَكَانَ رُبَّمَا شَكَى حَالَهُ لِمَنْ يَأْنَسُ بِهِ، فَيُشَنِّعُ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ فِيْهِ غَرَضٌ، وَيَقُوْلُ: هُوَ يَعْتَرِضُ عَلَى الأَقْدَارِ، وَيَنْسِبُهُ إِلَى أَشْيَاءَ، اللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيْقَتِهَا.
قَالَ: وَحَكَى لِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: دَخَلَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى صَدَقَةَ، وَإِلَى جَانِبِهِ مِرْكَنٌ
(2)
، وَعَلَيْهِ خِرْقَةٌ مَبْلُوْلَةٌ، قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا الذُّبَابُ، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذا المِرْكَنُ؟ قَالَ: فِيْهِ حَلْوَى السُّكَّرِ يَابِسَةٌ، قَدْ نَقَّعْتُهَا فِي المَاءِ لِتَلِيْنَ وَأَقْدِرُ علَى أَكْلِهَا؛ لِذَهَابِ أَسْنَانِي، وَأَعْجَبَكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ لِي أَسْنَانٌ صِحَاحٌ قَوِيَّةٌ لَمْ يُقَدِّرْنِي القَدْرُ علَى التَّمْرِ، فَلَمَّا كَبُرْتُ وَذَهَبَتْ أَسْنَاني رُزِقْتُ هَذِهِ الحَلْوَى اليَابِسَةَ، لأَزْدَادَ بِنَظَرِي إِلَيْهَا وَعَجْزِي عَنْ أَكْلِهَا
(1)
هِيَ فتَاةٌ للمُسْتَضِيءِ بِاللهِ الخَلَيْفَةُ العَبَّاسِيُّ، وَكَانَتْ أَحَبَّ سَرَارِيْهِ إِلَيْهِ، مَشْهُوْرَةٌ بِأَعْمَالِ الخَيْرِ، أَوْقَفَتْ مَدْرَسَةً بِـ "بَابِ الأَزَجِ" وَعَمَرَتْ عِدَّةَ مَسَاجِدَ، تُوُفِّيَت سَنَةَ (598 هـ) رَحِمَهَا اللهُ. أَخْبَارُهَا فِي: كِتَابِ جِهَاتِ الأَئِمَّةِ الخُلَفَاءِ لابنِ السَّاعِي (111)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 422)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 510)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (10/ 293)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 34).
(2)
المِرْكَنُ: شِبْهُ تَوْرٍ مِنْ أَدَمٍ يُتَّخَذُ لِلْمَاءِ
…
اللِّسَان (رَكَنَ) وَالتوْرُ: إِنَاءٌ يُشْرَبُ بِهِ.
حَسْرَةً، فَكَانَ النَّاسُ يَنْسِبُوْنَهُ بِهَذَا الكَلَامِ وَبِمَا كَانَ يَعْلَمُ مِنَ العُلُومِ القَدِيْمَةِ إِلَى أَشْيَاءَ، لَعَلَّهُ بَرِيءٌ مِنْهَا.
قُلْتُ: يُشِيْرُ بِذلِكَ ابنُ النَّجَّارِ إِلَى الشَّيْخِ أَبي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ، فَإِنَّهُ حَطَّ عَلَيْهِ فِي "تَارِيْخِهِ" حَطًّا بَلِيْغًا، وَذَكَرَ لَهُ أَشْعَارًا رَدِيْئَةً، تَتَضَمَّنُ الحَيْرَةَ وَالشَّكَّ، وَكَلِمَاتٍ تتَضَمَّنُ الاعْتِرَاضَ عَلَى الأَقْدَارِ، وَقَالَ: هَذَا مِنْ جِنْسِ اعْتِرَاضاتِ ابنِ الرَّوَانْدِيِّ، وَنَسَبَهُ أَيْضًا إِلَى تَعَاطِي فَوَاحِشَ، وَإِلَى المَسْأَلَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَّةٍ، وَأَنَّهُ خَلَّفَ ثَلَاثَمِائَةَ دِيْنَارٍ. وَقَالَ: لَمَّا كَثُرَ عُثُوْرِيْ عَلَى هَذَا مِنْهُ، وَعَجَزَ تأْوِيْلِي لَهُ، هَجَرْتُهُ سِنِيْنَ، وَلَم أُصَلِّ عَلَيهِ حِيْنَ مَاتَ. وَالشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ رحمه الله ثِقَةٌ فِيْمَا يَنْقُلُ، وإذَا ثَبَتَ أَوِ اشْتُهِرَ عَنْ أَحَدٍ مِثْلَ هَذِهِ الأُمُوْرِ فَهَاجِرُهُ وَذَامُّهُ مُصِيْبٌ
(1)
فِيْمَا يَفْعَلُ.
وَقَالَ ابنُ القَطِيْعِيُّ: كَانَ بَيْنَهُ وَبيْنَ ابنِ الجَوْزِيِّ مُبَايَنَةٌ شَدِيْدَةٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَقُوْلُ فِي صاحِبِهِ مَقَالَةً، اللهُ أَعلَمُ بِهَا
(2)
. قَالَ: وَسَمِعْتُ الوَزِيْرَ ابنَ يُوْنُسَ - وَمَجْلِسُهُ حَفِلٌ بِالعُلَمَاءِ - يُثْنِي عَلَى صَدَقَةَ، وَيُنْكِرُ علَى ابنِ الجَوْزِيِّ قَدْحَهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ: صَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِ صَدَقَةَ، فَمَا سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، وَقَالَ: الوَاجِبُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، لَا مِنْ إِلَى جَانِبِهِ، وَأَيْنَ حُضُوْرُ قَلْبِ ابنِ الجَوْزِيِّ مِنْ سَمَاعِ قِرَاءَةِ غَيْرِهِ؟! ثُمَّ مَنْ جَعَلَ هِمَّتَهُ إِلَى تتَبُّعِ شَخْصٍ إِلَى
(1)
في (ط): "مَعِيْبٌ".
(2)
ابنُ الجَوزِيِّ مُعَاصِرُهُ، وَمِنْ أَنْدَادِهِ وَأَضْدَادِهِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيْهِ مُنْفَرِدًا؟! فَيَبْقَى الأَمْرُ بِحَاجَةٍ إِلَى نَظَرٍ وَتَثَبُّتٍ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ.
هَذَا الحَدِّ فِي الصَّلَاةِ، دَلَّ بِفِعْلهِ عَلَى عَدَاوَتِهِ، وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُمَا.
قُلْتُ: هَذَا مِنْ أَسْهَلِ مَا أَنْكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَتَأَمَّلُهُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَكُوْنُ فِي أَوْقَاتٍ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَا أَرَى شَفَتَهُ
(1)
تَتَحَرَّكُ أَصْلًا، لَمْ يَقُلْ: لَمْ أَسْمَعَهُ يَقْرَأُ.
وَأَمَّا الفُتْيَا الَّتِي عَرَفَهُ الوَزِيْرُ بِسَبَبِهَا، فَقَدْ ذَكَرَهَا يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ فِي كِتَابِهِ قَالَ: جَرَى بَيْنَ
(2)
الوَزِيْرِ أَبِي الفَرَجِ ابنِ رَئِيْسِ الرُّؤسَاءِ وَزِيْرُ المُسْتَضِيءُ مَسْأَلَةً فِي العِلْمِ: هَلْ هُوَ وَاحِدٌ، أَمْ أَكْثَرُ، وَكَانَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، كَابْنِ الجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذلِكَ؟ فَكُلٌّ كَتَبَ بِخَطِّهِ: إِنَّ العِلْمَ وَاحِدٌ، فَلَمَّا فَرَغُوا، قَالَ: تُرَى هَهُنَا مَنْ هُوَ قَيِّمٌ بِهَذَا العِلْمِ غَيْرُ هَؤلَاءِ؟ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الحَاضِرِيْنَ: هَهُنَا رَجُلٌ يُعْرَفُ بِصَدَقَةَ النَّاسِخِ، يَعْرِفُ هَذا الفَنَّ مَعْرِفَةً لَا مَزِيدَ عَلَيْهَا، فَنَفَذَ بِالفَتْوَى، وَفِيْهَا خُطُوْطُ الفُقَهَاءِ، وَقَالَ: انْظُرْ فِي هَذِهِ، وَقُلْ مَا عِنْدَكَ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا فَكَّرَ طَوِيْلًا، مُتَعَجِّبًا مِنِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَا لَا أَصْلَ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ القَلَمَ، وَكَتَبَ: العِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمٌ غَرِيْزِيُّ، وَعِلْمٌ مُكْتسَبٌ.
فَأَمَّا الغَرِيْزِيُّ: فَهُوَ الَّذِي يُدْرَكُ عَلَى الفَوْرِ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ كَقَوْلِنَا: وَاحِدٌ وَوَاحِدٌ، فَهَذَا يُعْلَمُ ضَرُوْرَةً أَنَّهُ اثْنَانِ.
(1)
في (أ) و (ط): "شَفَتَيْهِ". وَلَوْ كَانَتْ كَذلِكَ لَقَالَ: "تتَحَرَّكَانِ".
(2)
في (د): بياضٌ بمقدار كَلِمَتَيْنِ، وفي بَعْضِ نُسَخِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ":"بَيْنَ بَنِي الوَزِيْرِ" وَهُوَ الصَّوَابُ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَعِلْمٌ مُكْتَسِبٌ: وَهُوَ مَا يُدْرَكُ بِالطَّلَبِ، وَالفِكْرَةِ وَالبَحْثِ، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ، وَأَنْفَذَ الخَطَّ إِلَى الوَزِيرِ. فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ أُعْجِبَ بِهِ، وَقَالَ: أَيْنَ يَكُوْنُ هَذَا الرَّجُلُ؟ فَعُرِّفَ حَالُهُ وَفَقْرُهُ، فَاسْتَدْعَاهُ إِلَيْهِ، وَتَلَقَّاهُ بِالبِشْرِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خُلْعَةً حَسَنَةً، وَأَعْطَاهُ أَرْبَعِيْنَ دِيْنَارًا، فَفَرِحَ فَرَحًا عَظِيْمًا، وَقَالَ: يَا مَوْلَايَ، قَدْ حَضَرَ لِي بَيْتَانِ، قَالَ أَنْشِدْهُمَا فَقَالَ:
وَمِنَ العَجَائِبِ وَالعَجَائِبُ جَمَّةٌ
…
شُكْرٌ بَطِيءٌ عَنْ نَدَى مُتَسَرِّعِ
وَلَقَدْ دَعَوْتُ نَدَى سِوَاكَ فَلَمْ يُجِبْ
…
فَلأَشْكُرَنَّ نَدَىً أَجَابَ وَمَا دُعِيْ
فَاستَحْسَنَ ذلِكَ، وَمَا زَالَ يَبَرُّهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، سَامَحَهُ اللهُ.
تُوُفِّيَ صَدَقَةُ يَوْمَ السَّبْتِ ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِرَحْبَةِ الجَامِعِ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ". وَقِيْلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَحَدِ، رَابِعَ عَشَرَ. وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ رُئِيَ لَهُ مَنَامَاتٌ غَيْرُ صَالِحَةً، وَأَنَّهُ عُرْيَانٌ، وَأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مَسْجُوْنٌ مُضَيِّقٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَاللهُ تَعَالَى يُسَامِحُهُ وَيَتَجَاوَزُ عَنْهُ. وَذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ عَنْ عَلِيٍّ الفَاخِرَانِيِّ الضَّرِيْرِ
(1)
، قَالَ: رَأَيْتُ صَدَقَةَ النَّاسِخَ فِي
(1)
علِيُّ بنُ هِلَالِ بنِ خَمِيْسٍ الوَاسِطِيُّ الفَاخَرَانِيُّ الضَّرِيْرُ (ت: 591 هـ) حَنْبَلِيٌّ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوضِعِهِ كَمَا سَيأْتِي.
يُسْتَدْرَكُ عَلى المُؤلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (573 هـ).
193 -
لَاحِقُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَنْصُورِ بنِ كَارَهٍ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخُو دَهْبَلٍ السَّالِفِ الذِّكرِ فِي كَلَامِ المُؤلِّفِ في وفيات سنة (569 هـ)، وَلَمْ يَذْكُرْ لَاحِقًا هَذَا وَهُوَ أَشْهَرُ مِنْ أَخِيْهِ، =
المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي بَعْدَ شِدَّةٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ عِلْمِ الأُصُولِ؟ فَقَالَ: لَا تَشْتَغِلُ بِهِ، فَمَا كَانَ شَيءٌ أَضَرَّ عَليَّ مِنْهُ، وَمَا نَفَعَنِي إلَّا خَمْسُ قُصَيْبَاتٍ
(1)
- أَوْ قَالَ: تُمَيْرَاتٍ - تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَى أَرْمَلَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا المَنَامُ حَقٌّ، وَمَا كَانَتْ مُصِيْبَتُهُ إِلَّا مِنْ عِلْمِ الكَلَامِ، وَلَقَدْ صَدَقَ القَائِلُ: مَا ارْتَدَى أَحَدٌ بِالكَلَامِ فَأَفْلَحَ، وَبِسَبَبِ شُبَهِ المُتَكَلِّمِيْنَ وَالمُتَفَلْسِفَةِ، كَانَ يَقَعُ لَهُ أَحْيَانًا حِيْرَةٌ وَشَكٌ، يَذْكُرُهَا فِي أَشْعَارِهِ، وَيَقَعُ لَهُ مِنَ الكَلَامِ وَالاعْتِرَاضِ مَا يَقَعُ. وَقَدْ رَأَيْتُ لَهُ مَسْأَلَةً فِي القُرآنِ، قَرَّرَ فِيْهَا: أَنَّ مَا فِي المُصْحَفِ لَيْسَ بِكَلَامِ اللهِ، حَقِيْقَةً، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْهُ، وَدِلَالَةٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى كَلَامَ اللهِ مَجَازًا. قَالَ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا، وَبَيْنَ المُخَالِفِيْنَ فِي ذلِكَ، إِلَّا أَنَّ عِنْدَنَا أَنَّ مَدْلُوْلَهُ هُوَ كَلَامُ اللهِ الَّذِي هُوَ الحُرُوْفُ وَالأَصْوَاتُ، وَعِنْدَهُمْ مَدْلُوْلُ الكَلَامِ الَّذِي هُوَ المَعْنَى القَائِمُ بِالذَّاتِ.
174 - أَحْمَدُ بنُ أَبِي غَالِبِ
(2)
بنِ أَبِي عِيْسَى بنِ شَيْخُونَ الأُبْرُوْدِيُّ الحَبَابِيْنِيُّ،
= أَخْبَارُهُ فِي: العِبَرِ (4/ 218)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (136)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 36)، وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ لابْنِ الصَّابُوْنِيِّ (309)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (4/ 426).
ولَعَلَّ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (573 هـ):
- عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلِيْفَةَ بن طَبِيْبٍ، أَبُو حَفْصٍ العَطَّارُ المُقْرِئُ. أَخْبَارُهُ في: ذَيْلِ تَارِيخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (5/ 137).
(1)
تَصْغِيْرُ قَصَبَاتٍ يَبْدُو أَنَ المَقْصُوْدَ بِهَا ثِيَابٌ مِنْ كِتَّانَ، وَاحِدُهَا قَصَبِيٌّ، أَوْ هِيَ المِعَى وَمَا يُخْرَجُ مِنْ جَوْفِ الذَّبِيْحَةِ، وَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْوَنِ مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ.
(2)
174 - أَبُو العَبَّاسِ الجَبَابِيْنِيَّ (؟ - 574 هـ): =
أَبُو العَبَّاسِ، الفَقِيْهُ، الضَّرِيْرُ، كَذَا نَسَبَهُ ابنُ النَّجَّارِ.
وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي غَالِبٍ، مِنْ قَرْيَةٍ بِـ "دُجَيْلٍ"، يُقَالُ لَهَا:"الجَبَابِيْنُ"
(1)
. دَخَلَ "بَغْدَادَ" فِي صِبَاهُ، وَحَفِظَ القُرآنَ، وَقرَأَهُ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الخَيَّاطِ، وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ، وَمِنْ سَعْدِ الخَيْرِ الأَنْصَارِيِّ، وَمِنْ جَمَاعَةٍ دُوْنَهُمَا. وَقَرَأَ الفِقْهَ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ بَكْرُوْسٍ، وَحَصَّلَ مِنْهُ طَرَفًا صَالِحًا، وَلَمَّا مَاتَ ابنُ بَكْرُوْسٍ، خَلَفَهُ فِي مَسْجِدِهِ وَمَدْرَسَتِهِ، وَكَانَ صَالِحًا، مُتَدَيِّنًا، وَمَاتَ شَابًّا، لَمْ يَرْوِ شَيْئًا. ذَكَرَ ذلِكَ ابنُ النَّجَّارِ. وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: قَرَأَ القُرآنَ وَسَمِعَ الحَدِيْثَ، وَتَفَقَّهَ، وَنَاظَرَ، وَكَانَ فِيْهِ دِيْنٌ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبي بَكْرٍ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ المَارِسْتَانِيِّ
= أخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 37)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 153)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 279)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 281)، وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 287)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 276)، وَنَكْتُ الهِمْيَانِ (114)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 246) (6/ 408). وهو في (ب):"حَمْدُ".
(1)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 114). قَالَ: "بِالفَتْحِ، وَبَعْدَ الأَلِفِ بَاءٌ أُخْرَى، وَيَاءٌ سَاكِنَةٌ، وَنُوْنٌ، مِنْ قُرَى "دُجَيْلٍ" مِنْ أَعْمَالِ "بَغْدَادَ". . ." وَذَكَرَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي غَالِبٍ، وَذَكَرَ فِي نَسَبِهِ "سَمجُون" بَدَلَ "شَيْخُوْن" وَقَالَ: "وَتَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ بنِ بَكْرُوْسٍ؟! وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي العِبَارَةِ سَقْطًا يُوَضِّحُهُ مَا جَاءَ فِي تَرْجَمَتِهِ هُنَا. وَجَاءَ فِيْهِ وَفَاتَهُ سَنَةَ (554 هـ) خَطَأٌ ظَاهِرٌ؟! وَهُوَ المَقْصُوْدُ هُنَا بِدَلِيْلِ رَفْعِ نَسَبِهِ، وَذِكْرِ شُيُوْخِهِ.
بِخَطِّهِ قَالَ: دَخَلْتُ علَى أَحْمَدَ الجَبَابِيْنِيِّ عَائِدًا، فَأَنْشَدَنِيِّ مُتَمَثِّلًا
(1)
:
سَيبكي عَلَى بَاكِي الغِنَى بَعْدَ مَوْتِهِ
…
وَيَبْكِيْ عَلَى بَاكِي البَكِيِّ إِلَى الحَشْرِ
فَنَفْسِي أَعِدِّي فَضْلَ زَادٍ مِنَ التُّقَى
…
فَإِنَّكِ فِي الدُّنْيَا وَرِجَلَاكِ فِي القَبْرِ
تُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَاشِرَ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخْمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(1)
في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ"، وَفِيْهِ: "عليَّ
…
العين" وَ"بَاكِي البُكَاءِ".
يُسْتَدرَكُ عَلَى المُؤلِّف رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (574 هـ):
194 -
إِبْرَاهِيمُ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ؛ وَالِدُ البَهَاءِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 624 هـ). ابنُهُ البَهَاءُ مِنْ كِبَار عُلَمَاءِ الحَنَابِلَة، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. انفَرَدَ بذِكْر أَبِيْهِ هَذَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ، عَنْ خَطِّ الحَافِظِ الضِّيَاءِ، وَهُوَ عَمُّهُ، كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيْلُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
195 -
عَبْدُ الرَّحِيمِ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ، أَبُو نَصْرٍ مِنَ البَيْتِ اليُوسُفِيِّ الكَبِيْرِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"مِنْ بَيْتِ حَدِيْثٍ وَصَلَاحٍ، حَدَّثَ عَنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَان، وَابنِ نَبْهَان. . .". أخبَارُهُ في: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِليْهِ (3/ 42)، وَالعِبَرِ (4/ 220)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (150)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 248). وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ عَبْدِ الحَقِّ في وَفَيَاتِ سَنَةِ (575 هـ) وَتَقَدَّمَ أَبُوْهُ، وَجَدُّهُ، وَأَبُو جَدِّهِ، وَجَدُّ جَدِّهِ.
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ بَعْدِ سَنَةِ (574 هـ):
196 -
عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي سَعْدِ الحَسَنِ بنِ سُكَّرٍ الدِّرْزِيْجَانِيُّ، تَقَدَّمَ ذِكْرَهُ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ جَعْفَرِ الدَّرْزَيجانِيِّ (ت: 506 هـ).
175 - المُظَفَّرُ بنُ مُحَمَّدِ
(1)
بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ الفَرَّاءِ أَبُو مَنْصُورِ بنِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى بنِ القَاضِي أَبِي خَازِمٍ بنِ القَاضِي الكَبِيْرِ أَبِي يَعْلَى،
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ، وَاشتَغَلَ بالفِقْهِ أُصُوْلًا وَفُرُوعًا، وَبَرَعَ وَنَاظَرَ، وَتأَدَّبَ، وَقَالَ الشِّعْرَ الجَيِّدَ، وَمِنْ شِعْرِهِ
(2)
:
لَسْتُ أَنْسَى مِنْ سُلَيْمَى قَوْلَهَا
…
يَوْمَ جَدَّ البَيْنُ مِنِّي وَبَكَتْ
قَطَعَ اللهُ يَدَ الدَّهْرِ لَقَدْ
…
قَرْطَسَتْ إِذْ بِالنَّوَى شَمْلِي رَمَتْ
فَجَرَى دَمْعِيَ لَمَّا سَمِعَتْ
…
وَوَعَتْ أُذُنَايَ مِنهَا مَا وَعَتْ
يَا لَهَا مِنْ قَوْلَةٍ عَنْ نَاظِرِيْ
…
نَوْمَةً طُوْلَ حَيَاتِي قَدْ نَفَتْ
وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا:
يَا رَبَّةَ الطَّرْفِ الكَحِيْلِ الَّذِي
…
يَرْمِي مِنِّي الأَكْبَادَ بِالنَّبْلِ
(1)
175 - أَبُو مَنْصُورِ بنُ أَبِي يَعْلَى (536 - 575 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتصَر الذَّيْلِ عَلَى طَبقات الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 38)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 16)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 281)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنضَّدِ" (1/ 281). وَيُرَاجَعُ: الشَّذَرَاتُ (4/ 254)(6/ 419)، تَقدَّمَ ذِكْرُ أَبِيْهِ (أَبِي يَعْلَى الصَّغِير) (ت: 560) وَأَهْلُ بَيْتِهِ هُنَاكَ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ أَخِيْهِ أحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 611 هـ) في اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
شِعْرٌ رَدِيْءٌ إِلَى الغَايَة؟! وَكَذلِكَ مَا بَعْدَهُ. وَالبَيْتُ الأَخِيْرُ مِنْ قَوْلِ ابنِ الدُّمَيْنَةِ [ديوانه: 15]:
وَلَوْ قُلْتِ طَأْ فِي النَّارِ أَعْلَمُ أَنَّهُ
…
هَدًى مِنْكِ أَوْ مُدْنٍ لَنَا مِنْ وِصَالِكِ
لَقَدَّمْتُ رِجْلِي نَحْوَهَا فَوَطِئتُهَا
…
هُدًى مِنكَ لِي أَوْ غَيَّةً مِنْ ضَلالِكِ
وَهَذَا المَعْنَى مَطْرُوْقٌ.
وَرَبَّةَ الخَدِّ الأَسِيْلِ الَّذِي
…
يَفْعَلُ فِعْلَ الصَّارِمِ المَجْلِي
هُوَيْتُكُمْ وَالقَلْبُ ذُوْ صِحَّةٍ
…
وَاليَوْمَ قَدْ أَصْبَحَ ذَا خَبْلِ
كَانَ خَلِيًّا فَارِغًا فَانْثَنَى
…
بِكُمْ عَنْ العَالِمِ فِي شُغْلِ
عُوْفِيْتُمُ مِنْ سُقُمٍ حَلَّ بِي
…
وَلَا رَأَتْكُمْ مُقْلَتِيْ مِثْلِي
لَا تَقْتُلُوا عَبْدًا أَسِيْرًا غَدَا
…
وَهُوَ لَكُمْ أَطْوَعُ مِنْ نَعْلِ
وَاللهِ لَوْ جِئْتُ وَمَنْ دُوْنَكُمْ
…
نَارٌ ثَوَتْ تُعْمَلُ فِي الجَزْلِ
وَقُلْتُمُ طَأْهَا وَوَطِّيءْ لَهَا
…
يُرْضِيْكُمْ أَقْحَمْتُهَا رِجْلِي
تُوُفِّيَ رحمه الله فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ، يَوْمَ الجُمُعَةِ لِخَمْسَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِـ " بَابِ حَرْبٍ".
176 - مُحَمَّدُ بنُ أبِي غَالِبِ بنِ أَحمَد
(1)
بنِ مَرْزُوْقِ بنِ أَحْمَدَ البَاقَدَارِيُّ،
(1)
176 - أَبُو بَكرٍ البَاقَدَارِيُّ (؟ - 575):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 37)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 283)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنضَّدِ" (1/ 282). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 388)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 134)، فِي تَرجَمَةِ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 402)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 146)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (181)، وَالعِبَرُ (4/ 225)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 163)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (175) وَالشَّذَرَاتُ (4/ 252)(6/ 412).
- وَابْنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ (ت: 604 هـ) مُحَدِّث، لَهُ ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ.
- وَابنَتُهُ: عَجِيْبَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ضَوْءُ الصَّبَاحِ (ت: 647 هـ) مِنْ أَسْنَدِ شُيُوْخِ "بَغْدَادَ" نَذْكُرُهُمَا في مَوْضِعَيْهِمَا فِي اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
البَغْدَادِيُّ، الضَّرِيْرُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو بَكْرٍ. وُلِدَ بِـ "بَاقِدَارَ"
(1)
قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "بَغْدَادَ" وَقَدِمَ "بَغْدَادَ" فِي صِبَاهُ، فَتَلَا عَلَى جَمَاعَةٍ، وَسَمِعَ الحَدِيثَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الخَيَّاطِ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَابنِ الطَّلَّايَةِ وَأَبِي الوَقْتِ، وَابْنِ نَاصِرٍ الحَافِظِ، وَطَبَقَتِهِمْ، وَأَكْثَرَ السَّمَاعَ عَلَيْهِمْ، وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الزَّيْدِيُّ الحَافِظُ، وَغَيْرُهُ.
وَذَكَرَهُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ
(2)
الحَافِظُ، فَقَالَ: انْتَهَى إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ رِجَالِ الحَدِيْثِ وَحِفْظُهُ، وَعلَيْهِ كَانَ المُعْتَمَدُ فِيْهِ.
وَقَالَ أَبُو الفُتُوْحِ نَصْرُ بنُ الحُصْرِيِّ الحَافِظُ
(3)
: كَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ الأَئِمَّةِ.
قَالَ الدُّبَيْثِيُّ
(4)
: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوْخِنَا يَذْكُرُوْنَ أَبَا بَكْرٍ البَاقِدَارِيَّ، وَيَصِفُوْنَهُ بِالحِفْظِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ وَالمُتُوْنِ، معَ كَوْنِهِ ضَرِيْرًا مَقْصُوْرًا، إلَّا أَنَّهُ كَانَ حُفَظَةً، حَسَنَ الفَهْمِ، بَلَغَنِي أَنَّ ابنَ نَاصِرِ كَانَ يُرَاجِعُهُ فِي أَشْيَاءَ، وَيَصِيْرُ إِلَى قَوْلِهِ، وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ العَظِيْمِ المُنْذِرِيُّ: كَانَ أَحَدَ حُفَّاظِ
(1)
فِي "التَّكْمِلَةِ": "بَاقَدَارَى"، وَفِي "مُعْجَمِ البُلدَان":"بَاقِدَارَى" بِكَسْرِ القَافِ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، وَأَلِفٍ، وَرَاءٍ مَفْتُوحَةٍ، مَقْصُوْرٌ مِنْ قُرَى "بَغْدَادَ" قُرْبَ "أَوَانَا" بَيْنَهَا وَبَيْنَ "بَغْدَادَ" أَرْبَعُوْنَ مِيْلًا".
(2)
في (أ) و (هـ): "ابنُ المَدِيْنِيِّ" وَالمُثْبَتُ هُوَ الصَّحِيْحُ كَمَا فِي "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ"، وَ"تَارِيخِ الإِسْلامِ".
(3)
كَلَامُ أَبي الفُتُوْحِ في "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ" وَ"تَارِيخِ الإِسْلامِ".
(4)
في المَصْدَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ.
"بَغْدَادَ" المَشْهُوْرِيْنَ بِمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، وَالتَّقَدُّمِ
(1)
مَعَ ضَرَرِهِ، حَدَّثَ وَخَرَّجَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البَاقِدَارِيُّ: رَوَى أَبُو بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ، يَقُوْلُ فِيْهَا: حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا سَعْدٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، بِأَسَانِيْدَ مُتَّصِلَةٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ لا أَدْرِي مَنْ إِسْحَقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَلَا سَعْدٌ؟ فَأَمْعَنْتَ النَّظَرَ، وَأَجَدْتُ التَّفْتِيْشَ، فَلَمْ أَجِدْهُ إِلَّا فِيْمَا قُرِئَ عَلى المُبَارَكِ بنِ أَبِي نَصْرٍ البَزَّازُ - وَأَنَا أَسْمَعُ - قِيْلَ لَهُ: حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، (ثَنَا) أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، قَالَ
(2)
فِي ذِكْرِ إِسْحَقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الشِّيْرَازِيِّ: (أَنَا) أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ المَحَامِلِيُّ إِمْلاءً (ثَنَا) مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الصَّوَّافُ. (ثَنَا) أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ البَرْدَعِيُّ (ثَنَا) إِسْحَقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الشِّيْرَازِيُّ (ثَنَا) جَدِّي سَعْدُ بنُ الصَّلْتِ (ثَنَا) الأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ
(3)
: "جَمَعَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ
(1)
في (ط): "وَالمُتَقَدِّم" وَالنَّصُّ فِي كِتَابِ المُنْذِرِيِّ هكَذَا: "أحَدُ حُفَّاظِ "بَغْدَادَ" المَشْهُوْرِيْنَ بِحِفْظِ الحَدِيْثِ وَمَعْرِفَةِ رِجَالِهِ وَالتَّقَدُّم فِيه مَعَ ضَرَرِهِ
…
حَدَّثَ وَخَرَّجَ".
(2)
في (ط): "قَالَ حَدَّثنَا ذكر إسْحَقُ".
(3)
الحَدِيْثُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (1/ 491)"بَابُ الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الحَضَرِ"(كِتَابُ المُسَافِرِيْنَ)، وَأخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ (1/ 276) وَالتِّرْمِذِيُّ (عَارِضَةُ الأَحْوَذِيِّ)(1/ 303)، وَالنَّسَائِي كَمَا فِي المُجْتَبَى (1/ 234)، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (1/ 223، 345، 346)، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ (1/ 490)، بِرِوَايَةِ "مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلا سَفَرٍ".
وَلَا مَطَرٍ، فَقِيْلَ لابنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذلِكَ؟ قَالَ: كَيْ لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ"، وَجَمَعَ أَبُو بَكْرٍ فِي هَذَا "جُزْءًا".
قُلْتُ: إِسْحَقُ هَذَا يُعْرَفُ بِـ "شَاذَانَ" وَهُوَ إِسْحَقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ النَّهْشَلِيُّ الفَارِسِيُّ
(1)
، وَهُوَ ابنُ بِنْتِ سعْدِ بنِ الصَّلْتِ قَاضِي فَارِسَ، رَوَى عَنْ جَدِّهِ أَبي أُمِّهِ سَعْدِ بنِ الصَّلْتِ، وَأَبي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَالأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ. قَالَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَى أَبِي، وَإِلَيَّ، وَهُوَ صَدُوْقٌ.
تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ البَاقِدَارِيُّ لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَهُوَ فِي سِنِّ الكُهُوْلَةِ. وَدُفِنَ بِـ "الشَّوْنِيْزِيَّةِ"، بِتُرْبَةِ مَقْبَرَةِ أَبِي القَاسِمِ الجُنَيْدِ، وَهُوَ وَالِدُ عَجيْبَةَ مُسْنِدَةِ "العِرَاقِ".
177 - المُبارَكُ بنُ عَلِيِّ
(2)
بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدُ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَّاخُ البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ "مَكَّةَ المُكَرَّمَةَ"، وَإِمَامُ الحَنَابِلَةِ بِالحَرَمِ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
(1)
يُرَاجَعُ: الجَرْحُ وَالتَّعْدِيْلُ (2/ 211)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (12/ 382)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (8/ 394)، وَالشَّذَرَاتُ (2/ 152).
(2)
177 - أَبُو مُحَمَّدٍ الطَّبَّاخُ (؟ - 575 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ الله (ورَقَة: 38)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 16)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 281)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنضَّدِ"(1/ 281)، وَيُرَاجَعُ: المُنْتَظَمُ (10/ 216)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِليْهِ (3/ 172)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (237)، وَالعِبَرُ (4/ 226)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (2/ 286)، وَالعِقْدُ الثَّمِيْنِ (7/ 119)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكِ (2/ 177)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 253)(6/ 418).
سَمِعَ الكَثِيْرُ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي سَعْدِ بنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبِي العِزِّ بنِ كَادِشٍ، وَابنِ
(1)
الحُصَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ المَزْرَفِيِّ، وَأَبِي
(2)
غَالِبِ بنِ البَنَّاءِ، وَالقَاضِيْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاءِ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَبُهْرَامِ بنِ بُهْرَامِ بنِ فَارِسٍ البَيِّعُ، وَأَبِي بَكْرٍ اللَّفْتُوَانِيِّ الأَصْبَهَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَعُنِيَ بِالطَّلَبِ، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَكَانَ صَالِحًا، دِيِّنًا، ثِقَةً، وَهُوَ كَانَ حَافِظَ الحَدِيْثِ بِمَكَّةَ فِي زَمَانِهِ، وَالمُشَارَ إِلَيْهِ بِالعِلْمِ بِهَا. وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ مِنَ القُدَمَاءِ، مِنْهُمْ: ابنُ السَّمْعَانِيِّ، وسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، مِنهُمْ: أَبُو القَاسِمُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ الفَرَّاءِ، [وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَّاءِ]
(3)
، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ عَبْدُوْسٍ الحَرَّانِيُّ، وَالوَزِيْرُ ابنُ يُونُسَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الأَرْتَاحِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَتُوُفِّيَ فِي ثَامِنِ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِمَكَّةَ. وَكَانَ يَوْمُ جِنَازَتِهِ مَشْهُوْدًا، رحمه الله.
178 - إِسْمَاعِيلُ بنُ مَوْهُوبِ
(4)
بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الخَضِرِ
بنِ الحَسَنِ بنِ
(1)
في (ط): "أبي".
(2)
في (ط): "ابن".
(3)
ساقط من (أ) و (ب).
(4)
178 - ابنُ الجَوَالِيْقِيِّ (512 - 575):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ الله (ورَقَةَ: 38)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 457)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 280)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 271). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ الأُدَبَاءِ (7/ 45) وَإِنْبَاهُ الرُّواةِ (1/ 230)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ =
مُحَمَّدِ بنِ الجَوَالِيْقِيِّ، الأَدِيْبُ ابنُ الأَدِيْبِ، أَبُو مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ. وُلِدَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاءِ، وَأَبِي العِزِّ بنِ كَادِشٍ، وَأَبِي غَالِبِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ وَغَيْرِهمْ. وَقَرَأَ القُرآنَ وَالأَدَبَ عَلَى أَبِيْهِ، وَكَانَ عَالِمًا بِاللُّغَةِ، وَالعَرَبِيَّةِ، وَالأَدَبِ، وَلَهُ سَمْتٌ حَسَنٌ، وَقَامَ مَقَامَ أَبِيْهِ فِي دَارِ الخِلَافَةِ.
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: سَمِعْتُ ابنَ الجَوْزِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْنَا وَلَدًا أَشْبَهَ أَبَاهُ مِثْلَهُ حَتَّى فِي مَشْيِهِ وَأَفْعَالِهِ.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مُنْتَصِفَ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: هُوَ أَحَدُ الفُضَلَاءِ النُّسَّاكِ، سَمِعَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَحَدَّثَ.
وَقَالَ الدُّبَيْثِيُّ: شَيْخٌ، فَاضِلٌ، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالأَدَبِ، وَقُوْرٌ، حَسَنُ
= (8/ 226)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (162)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 247)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 305)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (9/ 230)، وَبُغْيَةُ الوُعَاةِ (1/ 457)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 249)(6/ 413)، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ [في الأَصْلِ] وَجَدِّهِ [في الاسْتِدْرَاكِ] وَذَكَرْنَا أَهْلَ بَيْتِهِ فِي هَامش تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ المُتَوَفَّى سَنَة (540 هـ).
- وَأَخُوهُ هُوَ إِسْحَقُ بنُ مَوْهُوبٍ (ت: 575 هـ). وَأُخْتَهمَا: خَدِيْجَةُ (ت: 598 هـ). وَابْن أَخِيْه عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ إِسْحقَ (ت: 636 هـ). وَأَخُوْهُ: الحَسَنُ بنُ إِسْحَقَ (ت: 625 هـ). وَأَخُوهُمَا: أَحْمَدُ بنُ إِسْحَقَ (ت: 578 هـ). لَمْ يَذْكُرْهُمُ المُؤَلِّفُ نَذْكُرُهُم فِي مَوْضِعِهِمِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
الطَّرِيْقَةِ، وَاخْتُصَّ بِخِدْمَةِ الخُلَفَاءِ فِي أَيَّامِ المُسْتَضِيْءِ.
سَمِعَ مِنْهُ عُمَرُ القُرَشِيُّ، وَالمُبَارَكُ بنُ أَبِي شَتْكِيْنَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ مِنْ أَعْيَانِ العُلَمَاءِ بِالأَدَبِ، صَحِيْحَ النَّقْلِ
(1)
، كَثِيْرَ المَحْفُوْظِ، حُجَّةً، ثِقَةً، نَبِيْلًا، مَلِيْحَ الخَطِّ، قَرَأَ الأَدَبَ عَلَى أَبِيْهِ حَتى بَرَعَ فِيْهِ
(2)
، وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ القَصْرِ الشَّرِيْفِ، يُقْرِئُ فِيْهَا الأَدَبَ
(1)
رَأَيْتُ كُتُبًا كَثِيْرَةً بِخَطِّهِ المُتْقَنِ النَّيِّرِ وَرِوَايَتِهِ.
(2)
(فائِدَةٌ): جَاءَ فِي "ذَيْلِ تَارِيخ بَغْدَادَ" لابنِ الدُّبَيْثِيِّ: "أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بنُ مَوْهُوْبِ بنِ الجَوَالِيْقِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ الحُصَيْنِ [وَأَوْصَلَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ إِبْرَاهِيمَ بنِ مُحَمَّدِ نِفْطَوَيْهِ]:
إِقْبَلْ مَعَاذِيرَ مَنْ يَأْتِيْكَ مُعْتَذِرًا
…
إِنْ بَرَّ عِنْدَكَ فِيْمَا قَالَ أَوْ فَجَرَا
فَقَدْ أَطَاعَكَ مَنْ أَرْضَاكَ ظَاهِرُهُ
…
وَقَدْ أَجَلَّكَ مَنْ يَعْصِيْكَ مُسْتَتِرَا
[عن مُلْحَقَاتِ الجُزْءِ الأوَّلِ مِنَ المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (41)].
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وفَيَاتِ سَنَةِ (575 هـ):
197 -
أَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مَطَرٍ، أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ البَغْدَادِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ حَفِيْدَهُ أَحْمَدَ بنَ أَكْمَلَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ فِي وَفَيَاتِ سَنَة (634 هـ). وَجَدُّهُ هَذَا مِن أَهْلِ العِلْمِ وَالرِّوَايَةِ، سَمِعَ أَبَا الغَنَائِمِ النَّرْسِيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدَ بنَ مَرْزُوْقٍ. وَرَوَى عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَن، وَآخَرُوْنَ. أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (160). وَاشْتُهِرَ بالعِلْمِ وَلَدَاهُ: أَكْمَلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 617 هـ). وَأفْضَلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ بن عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 609 هـ). نَذْكُرُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
198 -
وإِسْحَقُ بنُ مَوْهُوبٍ، أَبُو طَاهِرٍ الجَوَالِيْقِيُّ، أَخُو إِسْمَاعِيْلَ السَّالِفِ الذِّكْرِ، وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ التَّرجَمَةِ هُنَاكَ بَعْضُ وَلَدِهِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ (517 هـ) سَمِعَ ابنَ الحُصَيْنِ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَزَاهِرَ بنَ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيَّ، وَأَبَا غَالِبِ بنِ البَنَّاءِ. أَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (6/ 88)، وَإِنْبَاهِ الرُّوَاةِ (1/ 230)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 355)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (162)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (8/ 427).
199 -
وشَافِعُ بنُ صَالِحٍ بنِ شَافِعِ بنِ صَالِحِ بنِ حَاتِمِ الجِيْلِيُّ، أَخُو أَحْمَدَ بنِ صَالِحِ صَاحِبِ "التَّارِيخ" (ت: 565 هـ) وَهُوَ الأَكْبَر ذَكَرَهُ المُؤلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالحَدِيْثُ عَن أُسْرَتِهِ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ جَدِّهِ شَافِعِ بنِ صَالِحٍ (ت: 480 هـ) فَلْيُرَاجِعُ مَنْ شَاءَ ذلِكَ هُنَالِكَ، وَشَافِعُ بنُ صَالِحٍ هَذا الحَفِيْدُ مِنْ عُدُوْلِ "بَغْدَادَ" سَمِعَ أَبَا سَعْدٍ بنَ الطُّيُوْرِيِّ، وَهِبَةَ اللهِ الشُّرُوْطِيِّ، وَأَجَازَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ وَغَيْرِهِ. وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. أَخْبَارُهُ فِي المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلِيْهِ (2/ 102)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (169) وَفِي مَصَادِرِ تَخْرِيجِ التَّرْجَمَةِ فِي هَامِشِهِ خَطَأٌ بَيِّنٌ، خَلَطَ بَيْنَهُ وبَيْن جَدِّهِ؟! مَا عَدَا "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ". فَإِنَّ الإِحَالَةَ فِيْهِ صَحِيْحَةٌ. وابنُهُ صَالِحُ بنُ شَافِعِ بنِ صَالِحِ بنِ شَافِعِ بنِ صَالِحِ بنِ حَاتِمٍ (ت: 637 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
200 -
وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلَانِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن، ابنُ الإِمَامِ المَشْهُوْرِ. ذَكَرهُ فِي المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِليه (3/ 53) وَقَالَ: سَمِعَ أَبَا مَنْصُورٍ القَزَّازَ، وَأبا الحَسَنِ بنِ صِرْمَا، وَمَا أَظُنُّهُ حَدَّثَ." وَفِي القَلَائِدَ للتَّادفي (53) أنَّهُ تَفَقَّهَ عَلى وَالِدِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ .. تُوُفِّيَ وَهُوَ شَابٌّ".
قَالَ ابنَ حُمَيْدٍ فِي هَامِشِ نُسْخَة (أ) وَرَقَة (161): "مِمَّا مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَيَّ أَنَّ عِنْدِي أَوَّل كِتَابَ "الهِدَايَةِ" فِي الفِقْهِ لأبِي الخَطَّابِ، وَعَلَيْهِ خَطُّ عَبْدِ القَادِرِ بِقِرَاءَةِ وَلَدِهِ عَبْدِ الجَبَّارِ عَلَيْهِ فِيْهِ. . .".
201 -
عبدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ بنِ أَحمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحمَّدِ بنِ يُوسُفَ، أَبُو الحُسَيْنِ مِنَ البَيْتِ اليُوسُفِيِّ الكَبِيْرُ. تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ وَكَثيْرٍ مِن أَهْلِ بَيْتِهِ. قَالَ ابنُ شَافعٍ: هُوَ أَثْبَتُ أَقْرَانِهِ، قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ حَافِظًا لِكِتَابِ اللهِ، دَيِّنًا، ثِقَةً، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَحَدَّثَ، وَهُوَ مِنْ بَيْتِ المُحدِّثِينَ. أَخْبَارُهُ كَثِيْرَةٌ مِنْهَا فِي الكَامِلِ فِي التَّارِيْخِ (11/ 461)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 70)، وَالعِبَرِ (4/ 224)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 552)، وَذَيْلِ التَّقْيِيْدِ (2/ 115)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 86)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 251)، وَغَيْرِهَا.
202 -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَكْرَانِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، الدَّاهِرِيُّ، الضَّرِيْرُ، الخَفَّافُ، وَالِدُ عَبْدِ السَّلَامِ المُحَدِّثُ المَشْهُوْرُ، قَرَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى سِبْطِ ابنِ الخَيَّاطِ، وَسَمِعَ أَبَا غَالِبِ بنَ البَنَّاءِ، وَتُوفِّيَ رَاجِعًا مِنَ الحَجِّ. وَ"الدَّاهِرِيَّةُ" مِنْ قُرَى السَّوَادِ كَمَا فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (2/ 496) وَذَكَرَ أَبَا مُحَمَّدٍ، وَابْنَهُ عَبْدَ السَّلَامِ. أخْبَارُ عَبْدِ اللهِ في: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 130)، وَمَعْرِفَةِ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 572)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (170)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 405). وَوَلَدُهُ عَبْدُ السَّلَامِ بنُ عَبْدِ الله (ت: 628 هـ) يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِن اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
203 -
وَعَبْدُ المُحْسِنِ بن تُرَيْكٍ الأَزَجِيُّ البَيِّعُ، أَبُو الفَضلِ. سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ النَّرْسِيَّ، وَابنَ بَيَانٍ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ البَنْدَنِيْجِيُّ، وَأَخُوْهُ تَمِيْمُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ العَزِيزِ بنُ الأَخْضَرِ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَنَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَكُلُّهُمْ مِنَ الحَنَابِلَةِ، مَاتَ يَوْمَ عَرَفَةَ. أَخَبَارُهُ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 87)، وَالعِبَرِ (4/ 224)، وَالتَّوْضِيْحِ (2/ 446)، وَالتَّبْصِيْرِ (1/ 18).
204 -
وَابْنَتُهُ: سِتُّ النَّعمِّ بِنْتُ عَبْدِ المُحْسِنِ الأَزَجِيَّةُ، مُحَدِّثَةٌ، أَجَازَت للمُطَعِّمِ
…
وَغَيْرِهِ، تُوُفِّيَت فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، ذَكَرَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (462) وَفِيهِ:"بِنْتُ النَّعِمِ"؟!
205 -
وَأَخُوْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ تُرَيْكِ بنِ عَبْدِ المُحسِن، حَدَّثَ عَن أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ وَغَيْرِهِ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ الحَنْبَلِيُّ فِي إِكْمَالِ الإِكْمَالِ (1/ 445)، وَابنُ نَاصرِ الدِّيْنِ في التَّوْضِيْحِ (2/ 446)، وَالمُنْذِرِيُّ في التَّكْمِلَةِ (3/ 205) فِي تَرْجَمَةِ ابْنِهِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ. وَلَمْ يَذْكُرُوا وَفَاتَهُ.
- وابنُ أَخِيْهِ: أَبُو المُظَّفَّرِ يُوْسُفَ بنُ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 624 هـ).
- وَابنُ أَخِيْهِ: أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ إبْرَاهِيْمَ (ت: 620 هـ) نَذْكُرُهُمْ جَمِيْعًا مِن مَوَاضِعِهِمْ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
206 -
عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ، أَخُو الشَّيْخِ المُوَفَّقِ، وَأبي عُمَرَ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِم. وَهُوَ وَالِدُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ المَعْرُوفِ بِـ "شَرَفِ الدِّينِ" (ت: 613 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأُخْتَاهُ: سَارَةَ، وَزَيْنَبُ، لَهم ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ، واشْتِغَالٌ بِالعِلْمِ تَعلُّمًا وتَعْلِيمًا، وَبِالحَدِيثِ سَمَاعًا وَإِسْمَاعًا. مَاتَ عُبَيْدُ اللهِ وَلَمْ يتجَاوَز الخَامِسَةَ وَالعِشْرِيْنَ رحمه الله. أَخْبَارُهُ فِي تَاريخ الإِسْلَامِ (172) عَن ابنِ أُختِهِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ. وَابْنُهُ شَرَفُ الدِّينِ أَحْمَد (ت: 613 هـ) ذَكَرَهُ المُؤلِّف رحمه الله فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ زَوْجُ ابِنةِ عَمِّهِ المُوَفَّقِ. وَيَأْتي ذِكْرُ أُخْتَيْهِ في مَوْضِعِهِمَا مِن الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَلِشَرَفِ الدِّيْنِ ذُرِّيَّةٌ مِن أَهْلِ العِلْمِ يَاْتِي ذِكْرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ وفي تَرْجَمَتِهِ، ثُمَّ أَذْكُرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
207 -
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمدَ بنِ الفَرَج، أَبُو مَنْصُوْرٍ الدَّقَّاقُ البَغْدَادِيُّ، ابنُ أُخْتِ الحَافِظِ ابنِ نَاصِرِ السَّلَامِي (ت: 550 هـ) وَهُوَ أَحَدُ الإِخْوَةِ الأَرْبَعَةِ، ذَكَرْتُهُمْ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ ابنِ نَاصِرٍ، أَخْبَارُهُ في المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 9) وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (177). وَابْنَتُهُ: عَفِيْفَةُ بِنْت أَبِي مَنْصُوْرٍ، أُمُّ سَارَةَ البَغْدَادِيَّة، ذَاتُ عِلْمٍ وَرِوَايَةٍ (ت: 638 هـ).
208 -
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ سَهْلٍ العَطَّارُ الهَمَذَانِيُّ، أَبُو بَكْرٍ، العَطَّارُ، أَخُو الشَّيْخِ الحَافِظِ أَبِي العَلَاءِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 569 هـ) لأُمِّهِ وَابْنِ عمِّهِ قَدِمَ "بَغْدَادَ" سَنَةَ عِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ مِن ابنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ القَاضِي وَغَيْرِهِمَا، وَسَمِعَ مِنْهُ بَنُو أَخِيْهِ، وَكَتَبَ إِلَيْنَا بِالإجَازَةِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذلِكَ بِيَسِيْرٍ" كَذَا فِي المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 118).
كُلَّ جُمُعَةٍ، وَكَانَ يُكَتِّبُ أَوْلَادَ الخُلَفَاءِ، وَيُقْرِؤُهُمْ الأَدَبَ، وَكَانَ عَلَى مِنْهَاجِ أَبِيْهِ فِي حُسْنِ السَّمْتِ، وَالدِّيَانَةِ والنَّزَاهَةِ، وَالعِفَّةِ، وَقِلَّةِ الكَلَامِ، وَالرِّوَايَةِ. رَوَى لَنَا عَنْهُ ابنُ الأَخْضَرِ، وَأَثنَى عَلَيهِ ثَنَاءً كَثِيْرًا.
179 - أَحمَدُ بنُ أَبِي الوَفَاءِ
(1)
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ
بنِ
= 209 - وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحمَّدِ بنِ عُثْمَانَ، أَبُو الفَضْلِ بنُ الدَّبَّابِ البَابَصْرِيُّ الدُّبَّاسُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُصَيْنِ، وَأَحْمَدَ بنِ المُجَلِّي، وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ أَحَمَدَ بنِ صَالِحِ الجِيْلِيُّ، وَكَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، كَثِيْرَ الصِّدْقِ. وَ"آلُ الدَّبَّابِ" أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ حَنْبَلِيَّةٌ، ذَكَرَ المُؤَلِّف مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَابَصْرِيُّ الوَاعِظُ (ت: 685 هـ). أَخْبَارُ أَبِي الفَضْل فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (186).
210 -
مُحَمَّدُ بنُ نَجَاحِ بنِ سُعُوْدٍ اليُوْسُفِيُّ، أَخُو يَحْيَى (ت: 569 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَبَقَ. وَسَيَأْتِي أَخُوْهُمَا عَلِيُّ بنُ نَجَاحٍ فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِ سَنَة (597 هـ) إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَلَعَلَ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
- مَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ الشَّعَّارُ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"ذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارِ فَقَالَ: كَانَ حَافِظًا، ذَا فَهْمٍ ثَاقِبٍ وَإِدْرَاكٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الحَافِظِ أَبِي العَلاءِ العَطَّارِ، خِصِّيْصًا بِهِ، مُقَدَّمًا عِنْدَهُ". وَالحَافِظُ أَبُو العَلَاءِ مِنْ كِبَارِ الحَنَابِلَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُوْمٌ.
(1)
179 - ابنُ أَبي الوَفَاءِ (490 - 576 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقَة: 38)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 205)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 283)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 282). وَيُرَاجَعُ: بُغيَةُ الطَّلَبِ فِي تَارِيْخِ حَلَبَ (3/ 1293)، وسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (21/ 103)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (160، 195)، وَالعِبَرُ (4/ 222)، =
مُحَمَّدِ بنِ الصَّائِغِ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، أَبُو الفَتْحِ، نَزِيْلُ "حَرَّانَ" وُلِدَ بِـ "بَغْدَادَ" سَنَةَ تِسعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ. قَالَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو المُحَاسِنِ القُرَشِيُّ عَنْهُ: سَنَة سَبْعِيْنَ. وَلَزِمَ أَبَا الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيَّ، وَخَدَمَهُ وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ
(1)
، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَمِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ بَيَانٍ
(2)
، وَسَافَرَ إِلَى "حَلَبَ" وَسَكَنَهَا، ثُمَّ اسْتَوْطَنَ "حَرَّانَ" إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ، وَكَانَ هُوَ المُفْتِي وَالمُدَرِّسُ بِهَا.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ الفِقْهَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّةَ، وَحَدَّثَ بِـ "حَلَبَ" وَبِـ "حَرَّانَ". سَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمِنْ غَيْرِهِمْ، مِنْهُمْ: أَبُو الفَتْحِ بنُ عَبْدُوسٍ، وَالشَّيْخُ العِمَادُ المَقْدِسِيُّ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ المَقْدِسِيُّ، وَمَحْمُوْدٌ بنُ الصَّقَّالِ
(3)
، وَأَبُو الحَسَنِ بنِ القَطِيْعِيِّ. وَرَوَى عَنْهُ
= وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 228)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (8/ 230)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 249)(6/ 412)، وَهُوَ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (575، 576)، وَفِي "العِبَرِ" وَ"الشَّذَرَاتِ" سَنَةِ (575 هـ)؟! وَتَوَسَّعَ ابنُ العَدِيْمِ رحمه الله فِي "بُغْيَةِ الطَّلَبِ" فِي ذِكْرِ مَنَاقِبِهِ وَفَضْلِهِ. وَذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِي أَنَّ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ أَحْمَدَ، وَابْنُهُ هَذَا لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ.
(1)
وَلُقِّبَ بِـ "غُلَامِ أَبِي الخَطَّابِ" كَمَا فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَام". وَالغُلَامُ: التِّلمِيْذُ الكَثِيْرُ المُلَازَمَةِ لِشَيْخِهِ. وَاشتُهِرَ: "غُلامُ ابنِ المَنِّيِّ" وَ"غُلَامُ ثَعْلَب" وَ"غُلَامُ خَلِيْلِ" وَ"غُلَام الخَلَّالِ". . . وَغَيْرِهِم.
(2)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "رَوَى عَنهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَالحَافِظُ يُوسُفُ بنُ أَحمَدَ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ صَصْرَى، وإِبْرَاهِيمُ بنُ أَبي الحَسَنِ الزَّيَّاتُ، وَأَخَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَبَرَكَاتٌ، وَعَلِيُّ بنُ سَلَامَةَ الخَيَّاطُ، وَعِمَادُ بنُ عبدِ المُنْعِمِ بنُ مَنِيْعٍ، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ الفَقِيْهُ، وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ أحْمَدَ".
(3)
بَعْدَهَا فِي (ط): "وَأَبُو الحَسَنِ الصَّقَّال".
فِي "تَارِيْخِهِ". قَالَ: وَأَنْشَدَنِي أَبُو الخَطَّابِ الكَلْوَاذَنِيُّ لِنَفْسِهِ:
أَنَا شَيْخٌ وَلِلْمَشَايِخِ بِالآ
…
دَابِ عِلْمٌ يَخْفَى عَلَى الشُّبَّانِ
فَإِذَا مَا ذَكَرْتَنِي فَتَأَدَّبْ
…
فَهْوَ قَرْضٌ يُرَدُّ بالمِيْزَانِ
وَرَوى عَنْهُ ابنُ صَصْرَى فِي "مُعْجَمِهِ"
(1)
وَابنُ الأُسْتَاذِ
(2)
، وَغَيْرُهُمَا.
تُوُفِّيَ رحمه الله بِـ "حَرَّانَ" سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ فِيْمَا ذَكَرَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ، وذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ
(3)
.
(1)
هوَ الحُسَيْنُ بنُ أَبِي الغَنَائِمِ هِبَةِ اللهِ بنِ مَحفُوْظِ بنِ الحَسَنِ .. بنِ صَصْرَى التَّغْلِبِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ، أَبُو القَاسِمِ القَاضِي، شَمْسُ الدِّيْنِ (ت: 626 هـ) مِن أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ، كَبِيْرَةٍ، مَشْهُوْرَةٍ فِي بِلَادِ الشَّامِ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ":"وَخَرَّج لَهُ البَرْزَالِيُّ "مَشْيَخَةً" فِي سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا بِالسَّمَاعِ وَالإِجَازَةِ" وَهِيَ المَقْصُوْدَةِ هُنَا بِقَوْلِهِ "فِي مُعْجَمِهِ" أَخبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 240)، وَسير أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 282)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (13/ 80) وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 272)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (5/ 118).
(2)
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بن عَلْوَانُ الأَسَدِيُّ الحَلَبِيُّ المَعرُوفُ بِـ "ابنِ الأُسْتَاذِ"(ت: 623 هـ) ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 177) وَعَدَّ فِي شُيُوْخِهِ ابنَ أَبِي الوَفَاءِ. أَخْبَارُهُ في: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 201)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 303) وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (5/ 153)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 114)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 108).
(3)
سَاقِطٌ مِنْ (ط) وَبَعْدَهُ بَيَاضٌ في جَمِيْعِ الأُصُوْلِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا المُعْتَمَدَةِ وَغَيْرِ المُعْتَمِدَةِ، وَجَاءَ فِي هَامِشِ (أ) بخَطِّ ابنِ حُمَيْدٍ النَّجْدِيِّ:"هَذَا البَيَاضُ وَالَّذِي تَقَدَّمَ أَوْ سَيأْتِي فِي أَصْلِ المُصَنِّفِ بِخَطِّهِ، وَهِيَ عِنْدَ سِيْدِي السَّيِّدِ السُّنُوْسِيِّ".
يَقُولُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحمَن بنُ سُلَيْمَانَ العُثَيْمِيْن - عَفَا اللهُ عَنْهُ -: السَّيِّدُ السُّنُوْسِيُّ هُوَ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ (ت: 1276 هـ) كَانَ مُقِيْمًا بِـ "مَكَّةَ" شَرَّفَهَا اللهُ =
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلَ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البَعْلِيُّ (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمنَ بن إبْرَاهِيم المَقْدِسِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَتْح أَحْمَد بن أَبِي الوَفَاءِ الفَقِيْهُ (ح) قَالَ شَيْخُنَا الأَنْصَارِيُّ وَأَنْبَأَنَاهُ عالِيًا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ حُضُورًا (أَنَا) أبُو الفَرَجِ عَبْدُ المنْعِمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَرَّانِيُّ قَالَا: (أَنَا) أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَيَانٍ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ بنُ مَخْلَدٍ (أَنَا) أَبُو عَلِيٍّ الصَّفَّارُ (ثَنَا) الحَسَنُ بنُ عَرفَةَ
(1)
.
= تَعَالَى، مَالِكِيَّ المَذْهَبِ، عَالِمٌ بِالحَدِيْثِ وَرِجَالِهِ. نَقَلَ الشَّيْخُ جَمِيْلٌ الشَّطِّيُّ فِي "مُخْتَصَرِ طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة" لَهُ عَنْ عَمِّهِ الشَّيْخِ مُرَادٍ الشَّطِّيِّ فِي مُسْوَّدَةٍ لَهُ فِي "طَبقَاتِ الحَنَابِلَةِ" أَيْضًا أَنَّ ابنَ حَمَيْدٍ لَازَمَ السُّنُوْسِيَّ سِنِيْنَ عَدِيْدَةً، وَرَوَى عَنْهُ حَدِيْثَ الأَوَّلِيَّةِ، وَأَنَّهُ أَجَازَهُ فِي ثَبَتِهِ المُسَمَّى بـ "البُدُوْرِ الشَّارِقَةِ فِيْمَا لَنَا مِنْ أَسَانِيْدِ المَغَارِبَةِ وَالمَشَارِقَةِ" وَذَكَرَ الكتَّانيُّ فِي "فِهْرِسِ الفَهَارِسِ" أَنَّ السُّنُوْسِيَّ هَذَا "لَهُ هِمَّةٌ عَالِيَةٌ، وَرَغْبَةٌ عُظْمَى فِي العِلْمِ، وَجَمْعِ الكُتُبِ وَشِرَائِهَا وَاسْتِنْسَاخِهَا، وَمَهْمَا سَمِعَ بِمُعَاصِرٍ أَلَّفَ كِتَابًا فِي الحَدِيْثِ إِلَّا وَكَتَبَ لَهُ عَلَيْهِ، علَى بُعْدِ الدِّيَّارِ وَطُولِ المَسَافَةِ" يُرَاجِع: مُخْتصر نَشْرِ النَّوْرِ وَالزَّهَرِ (423) وَمُختَصَرِ طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (192) وَفِهْرِسِ الفَهَارِسِ (2/ 1042)، وَعُلَمَاءِ نَجْدٍ (3/ 867) وَأَنْتَ تَرَى أَنَّ عَصْرَ السُّنُوْسِيِّ قَرِيْبٌ مِن عَصْرِنَا فَهَلْ نُسْخَةِ الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ مَا زَالَتْ مَوْجُوْدَةً، أَوْ عَدَتْ عَلَيْهَا عَوَادِي الزَّمَنِ؟ وَمَا زِلْتُ أُفَتِّشُ عَنْهَا وَأَسْأَلُ أَهْلَ المَعْرِفَةِ وَالخِبْرَةِ - وَهُمْ فِي أَيَّامِنَا قَلِيْلٌ جِدًّا - وَأَرْجُو اللهَ أَنْ نُوفَّقَ فِي العُثُوْرِ عَلَيْهَا للاسْتِئْنَاسِ بِهَا، وَإِلَّا فَعِنْدَنَا - وَللهِ الحَمْدُ - مِنَ النُّسَخِ مَا تَطْمَئِنُّ إِليهِ النَّفْسُ، فِي إِخْرَاجِ نَصٍّ صَحِيْحٍ، نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى التَّوْفِيقَ وَالتَّسْدِيْدَ، وَالإِعَانَةَ وَالهِدَايَةَ إِلَى كُلِّ صَوَابٍ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيْهِ.
(1)
لَمْ يَذْكُرِ الحَدِيْثَ، وَبَعْدَهُ البَيَاضُ الَّذِي تَقَدَّمَ التَّنْبِيْهُ عَلَيْهِ.
180 - عَلِيُّ بنُ مُحمَّدِ
(1)
بنِ المُبَارَكِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَكْرُوْسٍ، البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ،
أَخُو أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ السَّابِقِ ذِكْرُهُ
(2)
.
وُلِدَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ثَالِثَ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِمَائَةَ وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنِ
(1)
180 - أَبُو الحَسَنِ بنُ بَكْرُوْسٍ (504 - 576 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 39)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 255)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 284)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنضَّدِ" (282). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 65)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 135)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (219، 220)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 264)(6/ 422)، كَرَّرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في "عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ" وَ"عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُبَارَك"، وَهُوَ يُدْرِكُ ذلِكَ؛ لِذَا قَالَ فِي الأُولى:"كَذَا سَمَّاهُ ابنُ مَشَّقَ وَسَيُعَادُ" وَجَعَلَ وِلَادَتَهُ سَنَةَ تِسْعٍ؟! وَقَالَ: "شَيْخٌ، صَالِحٌ، سَمِعَ الكَثِيرَ بِنَفْسِهِ" وَزَادَ فِي شُيُوْخِ سَمَاعِهِ: "أَبَا الغَنَائِمِ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ المُهتَدِي بِاللهِ، وَهِبَةَ اللهِ الشُّرُوْطِيَّ" قَالَ: "وَرَوَى عَنهُ: مُوَفَّقُ الدِّيْنِ بنُ قُدَامَةَ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِلْيَاسُ الإِرْبِليُّ". قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: "وَهُوَ أَخُو أَحْمَدَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَعَلِيٌّ الأَصْغَرُ، قَرَأَ الفِقْهَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، وَالفَرَائِضَ وَالحِسَابَ عَلَى الحُسَيْنِ الشَّقَّاقِ" وَزَادَ فِي شُيُوْخِهِ: أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ المَزْرَفِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ البَاقِي البَزَّازَ وَقَالَ:"وَلَمْ يَزَلْ يَقْرَأ عَلَى المَشَايِخِ إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ، وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ، وَكَانَ صَدُوْقًا، صَالِحًا، مُتَدَيِّنًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، حَافِظًا لِكِتَابِ اللهِ، يَفْهَمُ طَرَفًا صَالِحًا مِنَ الفِقْهِ".
- وَابْنُهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ (ت: 610 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
- وَحَفِيْدُهُ: عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ (ت: 645 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا.
(2)
في وفيات سنة (573 هـ).
ابْنِ الحُصَيْنِ، وَالمزْرَفِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأَبِي غَالِبِ المَاوَرْدِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ، وَزَاهِرِ بنِ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَبَرَعَ، وَأَفْتَى وَنَاظَرَ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ أَخِيْهِ آخِرًا، وَصَنَّفَ فِي المَذْهَبِ، وَلَهُ كِتَابُ "رُءُوْسِ المَسَائِلِ" وَكِتَابُ "الأَعْلامِ" وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: أَبُو الحَسَنِ بنِ القَطِيْعِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ فِي "تَارِيْخِهِ" وَلَزِمَ بَيْتَهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ لِمَرَضٍ حَصَلَ لَهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ ثَالِثِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، رضي الله عنه.
181 - عَلِيُّ بْنُ أَبِي المَعَالِي المُبَارَكِ
(1)
وَقِيلَ: أَحْمَدُ - بْنُ أَبِي الفَضْلِ بنِ أَبِي القَاسِمِ بْنِ الأَحْدَبِ، الوَرَّاقُ، الدَّارْقَزِّيُّ، ثُمَّ المُحَوَّلِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ،
(1)
181 - ابْنُ غَرِيْبَةَ المُحَوَّلِي (506 - 577 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ، وَرَقة (39) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 269)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 287)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 285). وَيُرَاجَعُ: المُشْتَبَهُ (457)، وَالتَّوْضِيْحُ (6/ 255)، وشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (9/ 433).
(الدَّارَقَزِي) نِسْبَةٌ إِلَى "دَارِ القَزِّ" مِنْ مَحَالِّ "بَغْدَادَ" وَقَدْ تَقَدَّمَتْ، وَ"المُحَوَّلِيُّ" نِسْبَةٌ اِلَى "المُحَوَّلِ" بُلَيْدَةٌ حَسَنَةٌ، طَيِّبَةٌ، نَزِهَةٌ، كَثِيْرَةُ البَسَاتِيْنَ وَالفَوَاكِهِ وَالأَسْوَاقِ وَالمِيَاهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ "بَغْدَاد" فَرْسَخٌ، كَذَا فِي مُعْجَمِ البُلْدَانَ (5/ 79)، وَفِي نَسَبِهِ "الوَرَّاقُ" مَعْرُوْفٌ، وَ"ابْنُ غَرِيْبَة" بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ المَفْتُوْحَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ المُهْمَلَةِ، وَسُكُوْنِ اليَاءِ آخِرِ الحُرُوْفِ، وَفَتْحِ البَاءِ المُوَحَّدَةِ، بَعْدَهَا تَاءُ تَأْنِيْثِ.
- وَابْنُهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ (ت: 590 هـ) قَاضِي "المُحَوَّلِ".
- وَحَفِيْدُهُ - فِيْمَا أَظُنُّ -: عَبْدُ الخَالِقُ بْنُ أَبِي الفَضْلِ بنِ أَبِي المَعَالِي المُحَوَّلِيُّ (ت: 622 هـ). نَذْكُرُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
المَعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ غَرِيْبَةَ" وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: رَأَيْتُ نَسَبَهُ بِخَطِّ ابْنِ مَشَّقَ
(1)
: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحمَدَ بنِ أَبِي القَاسِمِ، أَبُو الحَسَنِ بْنُ أَبِي المَعَالِي بْنِ أَبِي الفَضْلِ.
وُلِدَ فِي مُنْتَصَفِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ الكَثِيرَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بْنِ الحُصَيْنِ، سَمِعَ مِنْهُ "المُسْنَدَ" بِكَمَالِهِ، وَمنْ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَالقَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ بْنِ الفَرَّاءِ، وَأَبِي غَالِبِ بْنِ البَنَّاءِ
(2)
وَأَبِي القَاسِمِ بْنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَسَمِعَ بِـ "مَرْوَ" مِنَ الخَطِيْبِ أَبِي الفَتْحِ الكُشْمِيْهَنِيِّ
(3)
، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ عَلَى أَبِي القَاسِمِ بنِ قُشَامِيِّ
(4)
، وَأَبِي الفَضْلِ بْنِ شُنَيْفٍ
(5)
،
(1)
فِي "التَّوْضِيحِ" لابْنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ: "سَمِعَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَشَّقَ".
(2)
في (ط): "الفَرَّاء" تَحْرِيْفٌ وَاضِحٌ.
(3)
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ (ت: 548 هـ) مُحَدِّثٌ، رَوَى "صَحِيْحَ البُخَارِيِّ" قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:"كَانَ شَيْخَ "مَرْوَ" فِي عَصْرِهِ، تَفَقَّهَ عَلَى جَدِّي، وَصَاهَرَهُ عَلَى بِنْتِ أَخِيْهِ
…
وَكَانَ لِي مِثْلَ الوَالِدِ لِلْمَوَدَّةِ الأَكِيْدَةِ .. سَمِعْتُ مِنْهُ الكَثِيْرَ، وَأَضَرَّ فِي الآخِرِ. . ." أَخْبَارُهُ فِي: المُنْتَخَبِ (3/ 1487)، وَالتَّحْبِيْرِ (2/ 150)، وَالتَّقْيِيْد (79)، وَسِير أعْلَام النُّبلاء (20/ 251)، وَطَبَقَات الشَّافِعِيَّة للسُّبْكِيِّ (4/ 77)، وَالنُّجُومُ الزَّاهِرة (5/ 305)، والشَّذَرَات (4/ 150). وَ (الكُشْمِيْهَنِيُّ) قَالَ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي الأَنْسَابِ (10/ 436): "بِضَمِّ الكَافِ، وَسُكُوْنِ الشِّيْنِ، وَكَسْرِ المِيْمِ، وَسُكُوْنِ اليَاءِ المَنْقُوْطَةِ مِنْ تَحْتِهَا بِاثْنَتَيْنِ، وَفَتْحِ الهَاءِ، وَفِي آخِرِهَا النُّوْنُ، هَذِهِ النِّسْبَةِ إِلَى قَرْيَةٍ مِن قُرَى "مَرْوَ" عَلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ مِنْهَا، فِي الرَّمْلِ إِذَا خَرَجْتَ إِلَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ" وَيُرَاجَع: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 526).
(4)
في (ط): "قثامي" وسَبَق تَصْحِيحُهُ فِي تَرْجَمَتِهِ.
(5)
في (ط)، و (أ)، و (ب)، و (جـ):"سَيْف" وسَبَقَ التَّنْبِيْهُ عَلَى مِثْلِ ذلِكَ مِرَارًا.
وَقَرَأَ الفَرَائِضَ عَلَى القَاضِي أَبِي بَكْرٍ. وَكَانَ ثِقَةً، صَحِيْحَ السَّمَاعِ، ذَا عَقْلٍ وَتَجْرِبَةٍ، وَلَّاهُ الوَزِيْرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ المَظَالِمَ، يَرْفَعُهَا إِلَيْهِ، وَانْقَطَعَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ بِـ "المُحَوَّلِ" إِلَى أَنْ مَاتَ، وَأُفْلِجَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِـ "شُهُوْرٍ"
(1)
، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ فَقِيهًا، فَاضِلًا، حَسَنَ الكَلَامِ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَكَانَ يَكْتُبُ خَطًّا رَدِيْئًا، وَسَمِعَ مِنْهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ، وَابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَابْنُ الغَزَّالِ [وَرَوَى عَنْه]
(2)
ابْنُ الجَوْزِيِّ حِكَايَاتٌ عِدَّةٌ.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الأَحَدِ حَادِي عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "المُحَوَّلِ"، وَحُمِلَ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ فَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه بِـ "بَابِ حَرْبٍ".
182 - دُلَفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
(3)
بْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بنِ التَّبَّانِ
(4)
الأَزَجِيُّ، الفَقِيهُ أَبُو الخَيْرِ.
سَمِعَ مِنْ ابْنِ نَاصِرٍ، وَسَعْدِ الخَيْرِ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ الصَّبُوْرِ
(1)
في (ط): "بِشَهْرٍ".
(2)
مُصَحَّحَةٌ عَلَى هامِش (أ)، و (جـ).
(3)
182 - أبُو الخَيْرِ التَّبَّانُ (؟ - بَعد 577 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ ورَقة (39)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 387)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 286)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنضَّدِ" (1/ 285). وَيُرَاجَعُ: الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (14/ 27).
(4)
في (ط): "البَتَّان" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
الهَرَوِيِّ، وَأَبِي حَفْصٍ الحَرْبِيِّ
(1)
وَغَيْرِهِمْ. وَصَحِبَ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ "بَغْدَادَ" وَدَخَلَ "خُرَاسَانَ" وَأَقَامَ بِـ "نِيْسَابُوْرَ"، فَقَرَأَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الفَقِيهِ
(2)
وَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي البَرَكَاتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الفَزَارِيِّ. وَدَخَلَ "خُوَارَزْمَ" وَمَضَى إِلَى "سَمَرْقَنْدَ" وَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي المَعَالِي مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ المَدِيْنيِّ، وَأِبي القَاسِمِ مَحْمُوْدِ بْنِ عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ، وَحَدَّثَ هُنَاكَ. وَرَوَى عَنْهُ أَبُو سَعْدِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي "ذَيْلِهِ" حِكَايَاتٍ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو المُظَفَّرِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي "مَشْيخته" وَأَبُو بَكْرٍ الفَرْغَانِيِّ خَطِيْبِ "سَمَرْقَنْدَ"، وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
(1)
كَذَا فِي (ط) وَالأُصُوْلِ المُعَتَمَدَةِ، وَفِي هَامِشِ نُسْخَةِ (و):"الحِيْرِيُّ".
(2)
بَعْدَهَا فِي هَامِشِ نُسْخَةِ (و): "الشَّافِعِي".
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (578 هـ) أَحَدًا، وَفِيْهَا:
211 -
يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُف بنِ عُمَرَ بنِ الحُسَيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَرْبِيُّ المُقْرِئُ، مِنْ تَلَامِيْذِ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبِي يَعْلَى، وَأَبِي العِزِّ عُبَيْدِ اللهِ بنِ كَادِشٍ، وَحَدَّثَ بِـ "المُسْنَدِ" عَن أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ، وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ المَزْرَفِيِّ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (2/ 320)، وَالتَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (1/ 160)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 230)، وَمَعْرِفَةِ القُرَّاءِ (2/ 560)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (2/ 391).
ويُذْكَرُ هُنَا:
- عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ القَاضِيْ أَبِي خَازِمِ بْنِ أَبِي يَعْلَى الفَرَّاءُ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ أَخِيْهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلِيٍّ الآتِي فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (580 هـ) وَلَمْ يَخُصُّهُ بِالتَّرْجَمَةِ، وَمَحَلُّهُ هُنَا.
183 - كَرَمُ بْنُ بُخْتِيَارِ
(1)
بْنِ عَلِيِّ البَغْدَادِيُّ، الرُّصَافِيُّ، الزَّاهِدُ، أَبُو الخَيْرِ، وَقِيلَ: أَبُو عَلِيٍّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وتسْعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بْنِ الحُصَيْنِ، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: ابنُ القَطِيْعِيِّ
(2)
.
وَقَال النَّاصِحُ بْنُ الحَنْبَلِيِّ: سَمِعْتُ مِنهُ جْزْءًا بِقِرَاءَةِ الشَّيْخِ طَلْحَةَ العَلْثِيِّ، قَالَ: وَزُرْتُهُ يَوْمًا، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى جَنْبِهِ، والفَقِيْهُ ابْنُ فَضْلَانَ - يَعْنِي: شَيخَ الشَّافِعِيَّةِ -
(3)
عِنْدَهُ يَزُوْرُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِ الشَّيْخِ كَرَمٍ يُقَبِّلُهَا تَبَرُّكًا، وَكَانَ زَاهِدًا، مِنْقَطِعًا بِـ "الرُّصَافَةِ".
وَقَالَ القَطِيْعِيُّ: كَانَ زَاهِدًا، وَرِعًا، سَرِيعَ الدَّمْعَةِ، كَثِيرَ العِبَادَةِ، وَفِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ تَصْدُرُ مِنْهُ كَلِمَاتٍ عَلَى خَاطِرِ الحَاضِرَ عِنْدَهُ.
(1)
183 - كَرَمُ بنُ بُخْتِيَارٍ: (بِحُدُودِ 594 - 579 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصرِ اللهِ وَرقَة (39)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 327)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 288)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 286). وَيُرَاجَعُ: الكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 503)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 162)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (290).
(2)
سَمِعَ مِنْهُ ابنُ مَشَّقَ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ الأَخْضَرِ، وَأَحمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ البَزَّارُ وَغَيْرُهُمْ.
(3)
هُوَ يَحْيَى الوَاثِقُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الفَضْلِ بن هِبَةِ اللهِ بْنِ بَرَكَةَ البَغْدَادِيُّ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ (ت: 595 هـ). قَالَ لَهُ ابْنُ هُبَيْرَة: لا يَحْسُنُ أَنْ تَكْتُبَ بِخَطِّكَ إِلَى الخَلِيْفَةِ "الوَاثِقِ"؛ لأَنَّهُ لَقَبُ خَلِيْفَةٍ، قَالَ: فَكَتَبَ يَحْيَى. أَخبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِلمُنْذِرِيِّ (1/ 304)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 246)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 257)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (7/ 322)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 153)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 321). وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ المُسْتَنْصِريَّةِ (ت: 631 هـ).
وَقَالَ الدُّبَيْثِيُّ: كَانَ أَحَدَ الشُّيُوْخِ المَوْصُوْفِينَ بِالصَّلَاحِ. وَتُوفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ سَادِسَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فِي دَكَّةِ بِشْرٍ الحَافِي، وَكانَ حَنْبَلِيًّا.
184 - إِسْمَاعِيْلُ بْنُ نُبَاتَةَ،
(1)
الفَقِيهُ، المُلَقَّبُ "وَجِيهَ الدِّيْنِ".
قَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: سَمِعَ دَرْسَ عَمِّي الإِمَامِ بَهَاءِ الدِّينِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شَرَفِ الإِسْلامِ
(2)
لَمَّا قَدِمَ مِنْ "خُرَاسَانَ" وَعَلَّقَ عَنْهُ مِنْ تَعْلِيْقِ أَبِي الفَضْلِ الكَرْمَانِيِّ، ثُمَّ سَمِعَ دَرْسَ وَالِدِيْ، وَحَفِظَ "الهِدَايَةَ" لأَبِي الخَطَّابِ، حِفْظًا مُتْقَنًا، وَحَفِظَ "أُصُوْلُ الفِقْهِ" لِلْبُسْتِيِّ
(3)
، وَحَفِظَ كَثِيْرًا مِنْ مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ، وَكَانَ يَدْرُسُ القُرْآنَ كَثِيرًا، وَيَقوْمُ بِهِ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَكَانَ يُصَلِّي الفَجْرِ عَلَى "نَهْرِ بَرَدَى" بِحَضْرَةِ القَلْعَةِ، وَيُصَلِّي
(1)
184 - وَجِيْهُ الدِّيْنِ بنُ نُبَاتَةَ (؟ - قَبْلَ 580 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابن نَصْرِ اللهِ (ورقة: 39)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 275)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 286)، وَمُخْتَصَرِهِ (1/ 285). وَيُرَاجَعُ: القَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (2/ 471).
(2)
تقَدَّمَ ذِكُرُهُ في مَوْضِعِهِ رَقم (114).
(3)
لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَلَمْ أَعْرِفْ مُؤَلِّفَهُ بَعْدُ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (579 هـ):
212 -
مَحْمُوْدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ صَدَقةَ بْن الشَّعَّارِ، أَبُو المَجْدِ الحَرَانِيُّ البَغْدَادِيُّ، وَالِدُ إِبْرَاهِيْمَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الاسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (564 هـ). أَخْبَارُ مَحْمُوْدٍ فِي: مَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (65)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 185)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (298)، وَغَيْرِهَا.
العَصْرَ عَلَى عَيْنِ "بَعْلَبَّكَ" وَبِالعَكْسِ، وَرُبَّمَا قَرَأَ فِي طَرِيْقِهِ القُرَآنَ - أَوْ كِتَابَ "الهِدَايَةِ" - الشَكُّ مِنِّي. قَالَ: وَلَمَّا قَدِمْتُ مِنْ "بَغْدَادَ" سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، وَتكَلَّمْتُ فِي المَسْأَلَةِ فَرِحَ بِي. وَمَاتَ قَبْلَ الثَّمَانِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِالجَبَلِ، جِوَارَ "دَيْرِ الحَوْرَانِيِّ" رحمه الله.
185 - عَبْدُ اللهِ
(1)
بْنُ عَلِيِّ
(2)
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بنِ الفَرَّاءِ، القَاضِيْ، أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي الفَرَجِ بْنِ القَاضِي أَبِي خَازِمِ بنِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى.
وُلِدَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ رَابِعَ عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَأَسْمَعَهُ أَبُوْهُ الكَثِيْرَ فِي صِبَاهُ مِنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَأَبِي مَنْصُوْرِ بْنِ خَيْرُوْنَ،
(1)
كذَا فِي الأُصُوْلِ، وَصَوَابُهُ:"عُبَيْدُ اللهِ".
(2)
180 - أَبُو القَاسِمِ بْنُ الفَرَّاءِ (527 - 580).
أخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ، ورقة (39) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 46)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 288)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 286). وَيُرَاجَعُ: مَشْيَخَةُ النَّعَّالِ (70)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (4/ 463)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 92)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 180)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (4/ 109)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 264)(6/ 434). مِنْ "آلِ أَبِي يَعْلَى" العُلَمَاءِ المَشَاهِيْرِ، قَالَ ابنُ الفُوَطِيِّ:"أَحَدُ المُعَدَّلِيْنَ هُوَ، وَأَبُوه، وَجَدُّهُ، وَجَدُّ أَبِيْهِ، وَجَدُّ جَدِّهِ". وَلَقَبُهُ: "مَجْدُ القُضَاةِ".
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: قُلْتُ: رَوَى عنْهُ الشَّيْخُ المُوفَّقُ وَقَالَ: كَانَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِن ذُرِّيَةِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى مِمَّنْ لَهُ حِشْمَةٌ وَجَاهٌ وَمَنْصِبٌ".
وَعَبْدِ الخَالِقِ بنِ البَدَنِ، وَأَبِي سَعْدٍ الزَّوْزَنِيِّ، وَأَبِي البَدْرِ الكَرْخِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الخَيَّاطِ. وَسَمِعَ هُوَ بِنَفْسِهِ مِنِ ابْنِ نَاصِرٍ الحَافِظِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ البَنَّاءِ، وَخَلْقٍ مِنْ أَصْحَابِ القَاضِي، وَابْنِ البَطِرِ، وَطِرَادٍ، وَطَبقَتِهِمْ. وَبَالَغَ فِي السَّمَاعِ وَالإِكْثَارِ، حَتَّى سَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ. وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَحَصَّلَ الكُتُبَ وَالأُصُوْلَ الحِسَانَ الكَثِيْرَةَ
(1)
، وَتَفَقَّهَ، وَكَتَبَ فِي الفَتَاوَى مَعَ أَئِمَّةِ عَصْرِهِ، وَشَهِدَ عنْدَ أَبِي الحَسَنِ بْنِ الدَّامَغَانِيِّ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَكَانَتْ دَارُهُ مَجْمَعًا لأَهْلِ العِلْمِ، يَحْضُرَهَا المشَايِخُ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمْ وَتَحْضُرُ النَّاسُ مَنْزِلَهُ لِلسَّمَاعِ، ويُنْفِقُ عَلَيْهِمْ بِسَخَاءِ نَفْسٍ، وَسَعَةِ صَدْرٍ. وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ. سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ عَمِّهِ أبُو العَبَّاسِ أَحْمَدَ
(2)
، وَأَبُو الحَسَنِ الزَّيْدِيُّ، وَابْنُ الأَخْضَرِ، وَرَوَى عنْهُ، وَكَانَ يَصِفُهُ كَثيْرًا بِالسَّخَاءِ، وَسَعَةِ النَّفْسِ، وَالبَذْلِ وَالعَطَاءِ، وَحُسْنِ الخُلُقِ، وَلُطْفِ المُعَاشَرَةِ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ القَطِيعِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ" وَأَجَازَ لِلْخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ، وَخَرَّجُوا لَه عُنْهُ فِي كِتَابِ "رُوْحِ العَارِفِينَ"
(3)
.
(1)
في (ط): "الكَبِيرَةُ" وَفِي (أ)، و (ب) غَيْرُ مَنْقُوْلَةٍ.
(2)
أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ (ت: 611 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّف في موْضِعِهِ.
(3)
جُمِعَتْ الإِجَازَاتُ الَّتِي أُعْطيَتْ للخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ فِي كِتَابٍ اسْمُهُ: "رُوْحُ العَارِفِيْنَ". قالَ سِبْطُ ابن الجَوْزِيِّ فِي مرآة الزَّمَان (8/ 354)، في حَوادث (607 هـ) قَالَ:"وَفِيهَا أَظْهَرَ الخَلِيْفَةُ الإِجَازَة الَّتِي أُخِذَتْ لَهُ مِنَ الشُّيُوْخِ، وَذَكَرَهُم فِي كِتَابِهِ "رُوْحُ العَارِفِيْن"، وَقَدْ شَرَحْتُ هَذَا الكِتَابِ، وَهُوَ وَقَفُ دَارِ الحَدِيْثِ الأشْرَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ، ودَفَعَ الخَلِيْفَةُ إِلَى كُلِّ مَذْهَبٍ إِجَازَةً عَلَيْهَا مَكتُوبٌ بِخَطِّهِ: "أَجَزْنَا لَهُمْ مَا سَأَلُوْهُ عَلَى شَرْطِ الإِجَازَةِ =
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ نَاصِحِ الدِّينِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلَيْهِ كِتَابَ "صَحِيْحِ التِّرْمِذِيِّ" بِسَمَاعِهِ مِنَ الكَرُّوْخِيَّ، بِقِرَاءَةِ الشَيْخِ طَلْحَةَ العِلْثِيِّ، وَأَجْزَاءَ أُخَرَ. وَكَانَ جَمِيْلًا، جَلِيْلًا، مُحْتَرِمًا، وَفَاضِلًا، وَمِنْ أَعْيَانِ العُدُوْلِ بِـ "بَغْدَادَ".
وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ "الرَّوْضُ النَّضِرُ فِي حَيَاةِ أَبِي العَبَّاسِ الخَضِرِ" وَكَانَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ جَلِيْلَةٌ أَصِيْلَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَخَطُّ الإِمَامِ أَحْمَدَ كَانَ أَيْضًا عِنْدَهُ، حَكَاهُ الشَّيْخُ طَلْحَةُ
(1)
فِي غَالِبِ ظَنِّي، وَكَانَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ قَدْ عَلَاهُ الشَّيْبُ الكَثِيْرُ. وَكُنْتُ لَا أَشْبَعُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى جَمَالِ وَجْهِهِ، وَحُسْنِ أَطْرَافِهِ، وَسَكِيْنَةٌ عَلَيْهِ، وَلَزِمَهُ دَيْنٌ كَثِيرٌ، وَحَمَلَ مِنْهُ الهَمَّ الغَزِيْرَ.
وَقَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: جَمَعَ بَيْنَ حُسْنِ الرَّأْيِ وَالسَّمْتِ، وَعَارِفٌ بِأَحْكَامِ الشَّرِيْعَةِ، مِنَ الشَّهَادَةِ وَالقَضَاءِ، مَهِيْبُ المَجْلِسِ، لَمْ يَزَلْ مَنْزِلَهُ مَحَلًّا
= الصَّحِيْحَةِ، وَكَتَبَ العَبْدُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ" وَسُلِّمَتْ إِجَازَةُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إلَى شَيْخِنَا ضِيَاءِ الدِّيْنِ عَبدُ الوَهَّابِ بْنِ عَلِيٍّ الصُّوْفِيِّ، وَإِجَازَةُ أصْحَابِ أَبِي حَنِيْفَةَ إِلَى الضِّيَاءِ أَحْمَدَ بْنِ مَسعُودِ التُّرْكُسْتَانِيِّ، وَإِجَازَةِ أَصْحَابِ أَحمَدَ إِلَى أَبِي صَالِحِ نَصْرِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ [الجِيْلِيُّ]، وَإِجَازَة أَصْحابِ مَالِكٍ إِلَى التَّقِيِّ عَلِيِّ بْنِ جَابِرٍ الزَّاهِدِ المَغْرِبِيِّ". وَيُرَاجَعُ: كَشْفُ الظُّنُوْنِ (1/ 915)، وَمِنْهُ نُسْخَتَانِ خَطِّيَّتانِ فِي مَكْتَبَةِ إِكْسفُورد بِبريطَانْيَا، وَنُسْخَتَانِ فِي مَكْتَبَةِ جِسْتَرِبيتي، اطَّلَعْتُ عَلَى إِحْدَاهَا يَظْهَرُ أَنَّهَا مُجَرَّدَةٌ مِنَ الأَصْلِ لَيْسَ فِيْهَا إِلا الأَحَادِيْثَ دُوْنَ سَنَدٍ، وَالنَّاصِرُ لدينِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَن المُسْتَضِيء بُويعَ بِالخِلَافَةِ سَنَة (575 هـ)، وَتُوفي سَنَة (622 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: الفَخْرِيِّ (635)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 106)، وَخُلاصَةِ الذَّهَبِ (280)، وَمَآثِرِ الإِنَافَةِ (2/ 56). وَأَلَّفَ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي مَنَاقِبِهِ "المُصْبَاح المُضِيء فِي خِلافَةِ المُسْتَضِيء".
(1)
هُوَ طَلْحَةُ بنُ مُظَفَّرِ بنِ غَانِمٍ العَلْثِيُّ (ت: 593 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
لِقِرَاءَةِ الحَدِيْثِ وَتَدْرِيْسِ الفِقْهُ بِحَضْرَةِ الشُّيُوْخِ، وَجَمَاعَةِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، مَعْرُوْفٌ بِالكَرَمِ وَالإِفْضَالِ، وَلَهُ الأُصُوْلُ الحَسَنَةُ، وَالفَوَائِدُ الجَمَّةُ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ عَالِيًا وَنَازِلًا، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ أَنوَاعًا مِنَ العُلُومِ، وَحَمَلَهُ بَذْلُ يَدِهِ، وَكَرَمُ طَبْعِهِ عَلَى أَنَّهُ اسْتَدَانَ مَا لا يُمْكِنُهُ الوَفَاءُ، فَغَلَبَهُ الأَمْرُ حَتَّى بَاعَ مُعْظَمَ كُتُبِهِ، وَخَرَجَ عنْ يَدِهِ أَكْثَرُ أَمْلَاكِهِ، وَاخْتَفَى فِي بَيْتِهِ لِمَا فَدَحَهُ مِنَ الدُّيُوْنِ، وَبَلَغ بِهِ الحَالُ إِلَى أَنِ اغْتِيْلَ فِي شَهَادَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ بِتَعْرِيفِ بَعْضَ الحَاضِرِينَ، وَأَنْكَرَتْ المَرْأَةُ المَشْهُوْدُ عَلَيْهَا ذلِكَ الإِشْهَادُ وَكَانَ ذلِكَ سَبَبًا لِعَزْلِهِ عَنِ الشَّهَادَةِ، فَهُوَ عَدْلٌ فِي رِوَايَتِهِ، ضَعِيفٌ فِي شَهَادَتِهِ
(1)
.
وتُوُفِّيَ رحمه الله يَوْمَ الجُمُعَةِ يَوْمَ عِيْدِ الأَضْحَى سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ عِندَ آبَائِهِ.
186 - وأَبُوهُ القَاضِيْ أَبُو الفَرَجِ
(2)
عَلِيُّ بْنُ القَاضِيْ أَبِي حازِمٍ.
حَدَّثَ بِإِجَازَتِهِ
(1)
قالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيخِ الإِسْلامِ"، شَهِدَ عَلَى القَضَاءِ، ثُمَّ عَزَلَ لَمَّا ظَهَرَتْ مِنْهُ أَشْيَاءَ لَا تَلِيْقُ بِأَهْلِ الدِّينِ قَبلَ مَوتهِ بِقَلِيلٍ، وَفِي "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إلَيْهِ" عُزِلَ مِنَ العَدَالَة؛ لمَا ظَهَرَ مِن دَنَسِهِ وَخَلَاعَتِهِ، وَتَنَاوُلِهِ مَا لَا يَجُوْزُ، وَفِي هَامشِهِ عَنِ الأَصْلِ، "ذَيْلِ تَاريْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ"، فَكَانَ عَلَى عَدَالَتِهِ إِلَى أَنْ عَزَلَهُ قَاضِي القُضاةِ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الدَّامَغَانِيِّ .. في وِلَايَتِهِ الأَخِيرَةِ قَبْلَ وَفَاتِهِ - أَعْنِي ابْنِ الفَرَّاءِ - بِيَسِيْرٍ؛ لِمَا ظَهَرَ مِنْ تَخْلِيْطِهِ وَدَنَسَهِ، وَارْتِكَابُهُ مَا لَا يَلَيْقُ بِالعَدَالَةِ مِنَ الهَمزِ، وَاللَّمْزِ، وَالخَلَاعَةِ، وَتَنَاوُلُ مَا لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ
…
وَلَم يُحَدِّثُ إِلَّا بِاليَسِيْرِ".
(2)
186 - أَبو الفَرَجِ بْنُ أَبِي يَعْلَى (؟ - 546 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبقَاتِ الحَنَابِلَةِ (وَرَقَةُ: 39)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 289)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 286).
مِنَ العَاصِمِّي، وَأَبِي الفَضْلِ بْنِ خَيْرُونَ، وَابْنِ الطُّيُورِيِّ، وَغَيْرِهِمْ وَسَمِعَ مِنهُ ابْنُهُ هَذَا، وَأَبُو العَبَّاسِ القَطِيْعِيُّ الفَقِيْهُ، وَالحُسَيْنُ بْنُ مَهْجَلٍ
(1)
وَغيْرُهُمْ، وَتُوُفِّيَ فِي لَيْلَةِ الأَحَدِ ثَانِي عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
وَوَهِمَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي نِسْبَتِهِ، فَقَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ عُبَيدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحُسَيْنِ، وَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعِ آخِرَ عَلَى الصَّوَابِ، وَقَالَ: سَمِعَ الحُسَيْن بْنَ طَلْحَةَ، فَمَنْ دُوْنَهُ. كَتَبْتُ عنْهُ أَحَادِيْثَ.
187 - وَعَمُّهُ القَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ عبْدُ الرَّحِيْمِ
(2)
، ابْن القَاضِي أَبِي خَازِمٍ.
سَمِعَ مِنَ القَاضِي أَبِيْهِ، وَعَمِّهِ أَبِي الحُسَيْنِ، وَابْنِ
(3)
الحُصَيْنِ، وَأَبِي العِزِّ بْنِ كَادِشٍ، وَأَسْعَدَ بْنِ صَاعِدٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَحَدَّثَ.
كَتَبَ عَنْهُ ابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِمَائَةَ وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ عِشْرِينَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ
(1)
بَيَاضٌ فِي (د)، وابنُ مَهْجَلٍ هُوَ الحُسَيْنِ بْنُ علِيٍّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ الضَّرِيْرُ (ت: 582 هـ).
أَخْبَارُهُ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 39)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (136)، وَنَكْتِ الهِمْيَانِ (144).
(2)
187 - أَبُو مُحَمَّدِ بنُ أَبِي يَعْلَى (509 - 578 هـ):
أخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (39)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 289)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 286). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ للمُنْذِرِيِّ (2/ 33) فِي تَرْجَمَةِ ابنهِ عَبْدِ المُنْعِمِ (ت: 604 هـ) قَالَ: "وَكَانَ يُعْرَفُ بِـ "العليه". . .".
(3)
في (ط): "وأبي".
وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ عنْدَ آبَائِهِ، وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ سَمِعُوا الحَدِيثَ أَيْضًا
(1)
(1)
مِنْهُم ابْنُهُ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، أَبُو طَالِبٍ (ت: 604 هـ)، وَابنَتُهُ يَاسَمِيْنُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَمَةُ الرَّحْمَنِ، سِبْطَةُ أَبي الفَتْحِ بنِ شَاتِيْلَ، لَهَا أَخْبَارٌ (ت: 636 هـ)، نَذْكُرُهُمَا فِي مَوْضِعيهِمَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
ويُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (580 هـ):
213 -
مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ بُخْتِيَارِ، أَبُو بَكْرِ الأَزَجِيُّ، ابْنُ الرَّزَّازِ، المُقْرِئُ، الضَّرِيْرُ، النَّحْوِيُّ، أَمَّ بِمَسْجِدِ دَعْوَانَ بِـ "بَاب الأَزَجِ". "دَعْوَان" حَنْبَلِيُّ (ت: 542)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 263)، وَإِنْبَاهِ الرُّوَاةِ (3/ 123)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 46)، وَمَعْرِفَةِ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 552)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (2/ 136).
214 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَجَا بنِ شَاتِيْلٍ الدَّبَّاسُ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ قَرِيْبِهِ حَمْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَجَا، أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَاتِيْلٍ (ت: 548)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّف فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةِ، سَيَأْتِي ذِكْرُ أَبِيْهِ فِي اسْتِدْرَاكِ السَّنَة الَّتِي تَلِي هَذِهِ السَّنَة لأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَهُ. أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ "مُلْحَقُ المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ"(2/ 314).
215 -
وَمُقْبِلُ بنُ فِتْيَانَ بنِ مَطَرِ بنِ المَنِّيِّ، أَبُو البَدْر، أَخُو شَيْخِ الحَنَابِلَةِ بِـ "بَغْدَادَ" أَبِي الفَتْحِ نَصْرِ بْنِ فتيان (ت: 583 هـ)،- ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأتِي -. أَخْبَارُ مُقْبِلٍ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 197). وَلِمُقْبِلٍ هَذَا ابنٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالفَضْلِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي البَدْرِ مُقْبِلِ بنِ فِتْيَانَ (ت: 649) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيأْتِي.
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (581 هـ) أحَدًا، وَفِيْهَا:
216 -
حَيَاةُ بنُ قَيْسِ بنِ رَحَّالِ بنِ سُلْطَانَ، الأَنْصَارِيُّ الحَرَّانِيُّ الزَّاهِدُ، شَيْخُ "حَرَّانَ" هُوَ والِدُ وَجَدُّ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ كَبِيْرَةٍ سَيَمُرُّ مَعَنَا ذِكْرُ بَعْضِهِمْ فِي مَوَاضِعِهمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَقَدْ جُمِعَتْ سِيْرَتُهُ فِي نَحْوِ مُجَلَّدٍ قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "كَانَتْ عِنْدَ ذُرِّيَتِهِ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فَلَمَّا اسْتَوْلَتِ التَّتَارُ الغَازَانِيَّةُ عَلَى الشَّامِ نُهِبَتْ فِيْمَا نُهِبَ بِـ "الصَّالِحِيَّةِ". . .". أَخْبَارُهُ في: العِبَرِ (4/ 243)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 181)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (104)، ودُول الإسْلَامِ (2/ 91)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (13/ 226)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 269)، سَيَأْتِي ابنُهُ عُمَرَ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (605 هـ).
217 -
وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّد بنِ نَجَا بِنِ شَاتِيْلَ، أَبُو الفَتْحِ البَغْدَادِيُّ الدَّبَّاسُ، وَالِدُ مُحَمَّدٍ السَّابِقِ الذِّكْرِ. أَخْبَارُهُ كَثِيْرَةٌ مِنها فِي: مَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (3، 74)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 66)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِليْهِ (2/ 181)، وَالعِبَرِ (4/ 244)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 117)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1336)، وَالنُّجُومِ الزَّاهِرَةِ (6/ 101)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 272). وَسِبْطَتُهُ: يَاسَمِيْنُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ أَبِي خَازِمِ بنِ أَبِي يَعْلَى الفَرَّاء (ت: 636 هـ)، تقَدَّمَ ذِكْرُهَا في تَرْجَمَةِ وَالِدِهَا (ت: 578 هـ)، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّفِ فِي سَنَةِ وَفَاتِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَمَوْلَاهُ: خُطْلُخٌ الدَّبَّاسُ (ت: 565 هـ). تَقدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوضِعِهِ.
وَيُذْكَرُ هُنَا:
- وَيُونُسُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يُوْنُسَ، أَبُو مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ، وَالِدُ الوَزِيْرِ أَبِي المُظَفِّر عُبَيْدِ اللهِ (ت: 593 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. أَخْبَار يُوْنُسَ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 253)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (132). ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِهِ، وَمَحَلُّهُ هُنَا.
وممن يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مِنَ الحَنابِلَةِ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ:
218 -
أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيْلُ الحَرَّانِيُّ. وَكَانَ زَاهِدًا، مَشْهُوْرًا بِالزُّهْدِ، شُجَاعًا، مُجَاهِدًا، كَثِيْرَ الحَجِّ، وَالبِرِّ، وَالإِحْسَانِ، وَأَعْمَالِ الخَيْرِ، يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ فِي رَحًى لَهُ. أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيخ الإسلام، بَعدَ وَفَيَاتِ سَنَةِ (580 هـ) ص (338)، ونَقَلَ فِي أَخْبَارِهِ عَنْ الحَافِظ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، عَنْ فِتْيَانَ بنِ مَيَّاحٍ الحَرَّانِيِّ حَنْبَلِيٌّ (ت:
188 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَامِعِ
(1)
بْنِ غَنَيْمَةَ بْنِ البَنَّاءِ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ المَيْدَانِيُّ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، أَبُو الغَنَائِمِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا غَنِيْمَةُ
(2)
، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا. وَسَمِعَ الحَدِيثَ مِنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ اليُوْسُفِيُّ، وَابْنِ الحُصَيْنِ، سَمِعَ عَلَيْهِ "المُسْنَدَ" كُلَّهُ، وَالقَاضِيْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ البَاقِي، وَأَبِي السَّعَادَاتِ
= 566 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَبَقَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ الرُّهَاوِيَّ لكِنَّهُ قَالَ:"ذَكَرَهُ الحَافِظُ فَقَالَ: كَانَ مِنْ مَفَارِيْدِ الزَّمَانِ. . ." وَكَانَ قَدْ قَالَ قَبْلَ ذلِكَ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدُ بْنُ كَيْشَلَةَ الحَرَّانِيُّ الزَّاهِدُ: "قَالَ الرُّهَاوِيُّ. . ." ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يَذْكُرُهُ وَيَمْدَحُهُ. . ." وَالرُّهَاوِيُّ الحَافِظُ مَشْهُوْرٌ، حَنْبَلِيٌّ (ت: 612 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
219 -
وَأَبُو الوَفَاءِ، شَيْخُ أَهْلِ "آمِدَ" في زَمَانِهِ قَالَ الحَافِظُ الرُّهَاوِيُّ:"تَكَرَّرْتُ إِلَيْهِ مُدَّةِ مَقَامِي بِـ "آمِدَ" فَرَأَيْتُ مِنْهُ عَقْلًا وَافِرًا وَحِلْمًا، وَتَوَاضُعًا، وَسَخَاءً، وَتَأَلُّفًا للنَّاسِ علَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ". مَصْدَرُهُ هُوَ مَصْدَرُ سَابِقِهِ فَحَسْبُ.
(1)
188 - ابنُ جَامِعٍ الأَزَجِيُّ (500 تَقْرِيْبًا - 582 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 39)، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابنُ مُفْلِحٍ فِي "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ"، وَهُوَ فِي المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 291)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 291). وَيُرَاجَعُ: مَشْيَخَةُ النَّعَّالِ (77)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 280)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 56)، وَالتَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (342)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 196)، وَالمُشْتَبَهُ فِي الرِّجَالِ (2/ 623)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 129)، وَالتَّوْضِيْحُ (6/ 194)، وَالتَّبْصِيْرُ (1050)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 274)(6/ 450)، وَتَاجُ العَرُوْسِ (مَيَدَ). وَابْنُهُ: عَبْدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 622 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
قَالَ المُنْذِرِيُّ: "وَكَانَ يَكْتُبُ بِخَطِّهِ: عَبْدُ الرّحْمَن غَنِيْمَةَ يَجْمَعُ بَيْنَ الاسْمَيْنِ".
المُتَوَكِّلِيِّ، وَالحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ الخَلَّالُ وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ علَى أبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرَيِّ، وَقَرَأَ الخِلَافَ عَلَى أَسْعَدَ المَيْهَنِيِّ وغَيْرِهِ، وَأَفْتَى، وَنَاظَرَ، وَدَرَّسَ بِمَسْجِدِهِ، وَكَانَ عَارِفًا بِالمَذْهَبِ، صَالِحًا، تَقِيًّا.
قَالَ ابْنُ الدُّبِيثِيِّ: كَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، فَقِيْهًا، مُنَاظِرًا عَلى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ. وقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، وَرِعًا، زَاهِدًا، مَلِيْحَ المُنَاظَرَةِ، حَسَنَ المَعْرِفَةِ بِالمَذْهَبِ وَالخِلَافِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَنْهُ: كَانَ فَقِيْهًا مِنْ أَصْحَابِنَا، وَتَوَلَّى مَدْرَسَةَ ابْنِ بَكْرُوْسٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَمَضَيْنَا إِلَيْهِ مَعَ الشَّيْخِ أَبِي الفَتْحِ - يَعْنِي ابْنِ المَنِّيِّ - عَلَى عَادَةِ فُقَهَاءِ "بَغْدَادَ" وَتَكَلَّمْتُ يَوْمَئِذٍ فِي مَسْأَلَةِ قَتْلِ المُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، وَكَانَ يَسْكُنُ بِـ "المَيْدَانِ"
(1)
مِنْ بَابِ "الأَزَجِ" وَلِذلِكَ قِيْلَ فِي نَسَبِهِ: "المَيْدَانِيِّ". سَمِعَ مِنْهُ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ، وَابْنُ الدُّبِيْثِيِّ، وابْنُ القَطِيْعِيِّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ الشَّيْخُ مُوفَّقُ الدِّيْنِ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ المَقْدِسِيَّانِ، وَالمُوفَّقُ بْنُ صُدَيْقٍ، وَعُمَرُ بنُ شُحَانَةَ
(2)
الحَرَّانِيَّانِ، وَابْنُ الأَخْضَرِ، وَأَحْمَدُ بنُ البَنْدَنِيْجِيُّ، وَابْنُ الغَزَّالِ الوَاعِظُ، وَأَجَازَ لِلْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ ثَامِنَ شَوَّالِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(1)
يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 279).
(2)
في (ط): "شُخَانَه"، وَهُو عُمَرُ بنُ بَرَكَاتٍ الحَرَّانِيُّ (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
189 - عَلِيُّ بْنُ عُكْبَرَ
(1)
بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَبُو الحُسَيْنِ، الضَّرِيْرُ، المُقْرِئُ،
(1)
189 - ابنُ عُكْبَرٍ الأَزَجِيُّ (؟ - 582 هـ):
أَخبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ، (ورقة: 39)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 241)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 354)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 291)، وَيُرَاجَعُ: شَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 274)(6/ 450).
في (و): "عَسْكَرُ" وفي "الشَّذَرَاتِ": "مَكِّيُّ" تَحْرِيْفٌ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَياتِ سَنَةَ (582 هـ):
220 -
أَحمدُ بْنُ أبِي بَكْر بنِ المُبَارَكِ بنِ الشِّبْلِ، أَبُو السُّعُودِ، الحَرِيْمِيُّ، العطَّارُ، الزَّاهِدُ، صَاحِبُ الشَّيخِ عبْدِ القَادِرِ. أَخْبَارُهُ في: مِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 389)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 58)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 228)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 269)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 274).
221 -
وَعَبْدُ الغَنِيِّ بْنُ الحَافِظِ أَبي العَلَاءِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ، العَطَّارُ، أَبُو مُحَمَّدٍ. تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةَ (569 هـ)، وَذَكَرْنَا أَهْلَ بَيْتِهِ فِي هَامِش تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ. أَخْبَارُ عَبْدِ الغَنِيِّ فِي المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 82)، وَتَارِيخِ الإِسْلامِ (143).
222 -
وَعُمَرُ بنُ المُبارَكِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ الحُصْرِيُّ، أَخُو مُحَمَّدِ بنِ المُبَارَكِ (ت: 564 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَعُمَرُ هَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابْنُ النَّجَّارِ فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (5/ 155)، وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ، هَامِشِ المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 137).
223 -
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ النَّرْسِيُّ، أَبُو الفَتْحِ الأَزَجِيُّ الضَّرِيْرُ ذَكَرَهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ كَمَا فِي المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 87)، وَلمْ يَذْكُرُهُ الصَّفَدِيُّ فِي "نَكْتِ الهِمْيَانَ"؟!. وَهُوَ أخُو مَحْمُوْدٍ (ت: 606 هـ) وَوَالِدُهُمَا عَبْدُ البَاقِي (ت: 545 هـ) اسْتَدْرَكْتُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا.
الأَزَجِيُّ، الفَقِيْهُ، قَرَأَ القُرْآنَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ مِنِ ابْنِ نَاصِرٍ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ يَحْفَظُ طَرَفًا مِنَ المَذْهَبِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ وَالصَّلَاحِ. ذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ بنِ الفَرَّاءِ، وَأَنَّهُ قَالَ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ عَاشِرَ شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" إِلَى جَانِبِ شَيْخِهِ أَبِي حَكِيْمٍ. رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
190 - عَبْدُ المُغِيْثُ بْنُ زُهَيْرِ [بن زُهيرِ]
(1)
بْنِ عَلَوِيٍّ الحَرْبِيُّ
(2)
، المُحَدِّثُ،
(1)
ساقِطةٌ من (ط) و (أ)، مَوْجُودَةٌ فِي سَائِر الأُصُوْلِ، وَقَدْ أَكَّدَهَا النَّاسِخُ فِي نُسْخَةِ (د) وَغَيْرِهَا مِنَ النُّسَخِ غَيْرِ المُعْتَمَدَةِ فَوَضَعَ فَوْقَهَا "صح" ليُدَلِّلَ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتِ سَهْوًا مِنَ النَّاسِخِ، وَكَذلِكَ وُضِعَتْ هَذِهِ العَلَامَةُ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ المَصَادِرِ المَخْطُوطَةِ الَّتِي تَرْجَمَتْ لَهُ؛ لِتَأْكِيْدِ وُجُوْدِهَا وَتِكْرَارِهَا.
(2)
190 - عَبْدُ المُغِيْثِ بْنُ زُهَيْرٍ (500 تَقْرِيْبًا - 583 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 39)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 136)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 292)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنضَّدِ" (1/ 291). ويُرَاجَعُ: تَارِيْخُ دِمَشْقَ (37/ 34)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 562)، وَمَشْيَخَةُ النَّعَّالِ (78)، وَالتَّقْيِيْدُ (388)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 2)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 63)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 94)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (240)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 159)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (156)، وَالعِبَرُ (4/ 249)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (19/ 149)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 328)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 106)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوكُ (2/ 203)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 275)، (6/ 452).
- وابنُهُ عَبدُ المُعِيْدُ بنُ زُهَيرِ بْنِ زُهَيْرِ بنِ عَلَوِيِّ الحَرْبِيُّ (ت: 595 هـ). وَحَفِيْدُهُ: =
الزَّاهِدُ، أَبُو العِزِّ بْنِ أَبِي حَرْبٍ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا
(1)
، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بْنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي العِزِّ بْنِ كَادِشٍ، وَأَبِي غَالِبٍ وَأَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنَيْ
(2)
أَبِي عَلِيِّ بْنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بْنِ الفَرَّاءِ، وَالمَرْزُوفِيِّ، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَهِبَةِ اللهِ الحَرِيْرِيِّ
(3)
، وَأَبِي القَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ
= مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المُعِيْدِ بنِ عَبْدِ المُغِيْثِ بنِ زُهَيْرِ بنِ زُهَيْرِ (ت: 624 هـ). وَابنُ حَفِيْدِهِ: عَبْدُ المُغِيْثِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المُعِيْدِ بن عَبْدِ المُغِيْثِ (ت: 685 هـ). وَابْنُ أَخِيْهِ عَبْدُ المُجِيْبِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زُهَيْرٍ (ت: 604 هـ)، وَابْنَهُ ابنِ أَخِيْهِ خَالِصَةُ بِنْتُ عَبْدِ المُجِيْبِ (ت: 640 هـ) نَذْكُرُهُمْ جَمِيْعًا فِي موَاضِعِهِمْ مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
كَذَا هُنَا، وَجَزَمَ بِذلِكَ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ، وَمِثْلُهُ، في "تَارِيْخِ الإسْلَامِ"، قَالَ:"كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسِمَائَةَ" وَفِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ" لابنِ النَّجَّارِ: "سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيدٍ الحَافِظَ. وَيَقُولُ: سَأَلتُ عَبْدَ المُغِيْثِ بنَ زُهَيْرٍ الحَرْبِيَّ عَنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ: فِي سَنَةِ خَمْسِمَائَةَ إِنْ شَاءَ اللهُ. أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: اسْتِثْنَاؤُهُ المَشِيْئَةَ دَلِيْلٌ عَلَى عَدَمِ جَزْمِهِ؛ لِذلِكَ قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي "التَّكْمِلة": "مَوْلِدُهُ - تَخْمِينَا - سَنَةَ خَمْسِمَائَةَ".
(2)
في (ط): "ابن"، وَيُنْظر:"ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ" لابنِ النَّجَّارِ.
(3)
في (ط): "الجَرِيْرِيُّ"، وَإِنَّمَا هُوَ "الحَرِيْرِيُّ"- بِالحَاءِ المُهْمَلَةِ - كَمَا هوَ مُثْبَتٌ وَهُوَ هِبَةُ اللهِ بنُ أَحمَدَ بنِ عُمَرَ الحَرِيْرِيُّ، أَبُو القَاسِمِ المَعْرُوْفُ بِـ "ابن الطَّبِرِ" (ت: 531 هـ) عَنْ مَا يَزِيْدُ عَلَى سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَنَةٍ رحمه الله. أَخْبَارُهُ فِي: المُنْتَظَمِ (10/ 71)، وَمَشْيَخَةِ ابنِ الجَوْزِيِّ (61)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (12/ 212)، وَالعِبَرِ (4/ 85)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (2/ 349)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 97)، وَهُوَ حَنْبَلِيٌّ اسْتدْرَكْتُهُ فِي مَوْضِعِهِ، فَهُوَ خَالُ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَنمَاطِيِّ (ت: 538 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَبَقَ.
الأَنْمَاطِيِّ، وَزَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى المَشَايِخِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ حَتَّى سَمِعَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ بْنِ الفَرَّاءِ، وَكَانَ صَالِحًا مُتَدَيِّنًا، صَدُوْقًا أَمِيْنًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، جَمِيْلَ السِّيْرَةِ، حَمِيْدَ الأَخْلاقِ، مُجْتَهِدًا فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالآثَارِ، مَنْظُوْرًا إِلَيْهِ بِعَيْنِ الدِّيَانِةِ وَالأَمَانَةِ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَحَدَّثَ، وَلَمْ يَزَلْ يُفِيْدُ النَّاسَ إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ، وَبُوْرِكَ لَهُ حَتَّى حَدَّثَ بِجَمِيْعِ مَرْوِيَّاتِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ الكِبَارُ.
قَالَ الدُّبَيْثِيُّ: عُنِيَ بِطَلَبِ الحَدِيْثِ وَسَمَاعِهِ، وَجَمَعَهُ مِنْ مَظَانِّهِ. فَسَمِعَ الكَثِيْرَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشُّيُوْخُ، وَكَتَبَ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَخَرَّجَ، وَصَنَّفَ، وَكَانَ ثِقَةً، صَالِحًا، صَاحِبَ طَرِيْقَةٍ حَمِيْدَةٍ، وَحَدَّثَ بِالكَثِيْرِ، وأَفَادَ الطَّلَبَةَ، سَمِعْنَا مِنْهُ، وَكَتَبْنَا عَنْهُ، وَنِعْمَ الشَّيْخُ كَانَ.
وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي كِتَابِهِ شِعْرًا، وَقَالَ عَنْهُ: رَفِيْقُنَا. وَرَوَى عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ المَقْدِسِيُّوْنَ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ، وَحَدَّثَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِيْنَ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ نَاصِحِ الدِّيْنِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ: سَمِعْتُ مِنْ عَبْدِ المُغِيْثِ "طَبَقَاتِ أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَدَ" لأَبِي الحُسَيْنِ بْنِ القَاضِي، بِسَمَاعِهِ مِنْهُ
(1)
، بِقِرَاءَةِ طَلْحَةَ العَلْثِيِّ بِـ "بَغْدَادَ" وَكَانَ - يَعْنِي عَبْدَ المُغِيْثِ - حَافِظًا، زَاهِدًا، وَرِعًا،
(1)
حقَّقتُ الطَّبَقَاتِ لابنِ أَبِي يَعْلَى، وَنُشِرَ سَنَةَ (1419 هـ) مِن رِوَايَةِ عَبْدِ المُغِيثِ بن زُهَيْرٍ هَذَا.
كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ قَصِيْرًا.
وَقَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ عَنْهُ: اجْتَهَدَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ، وَجَمْعِهِ، وَصَنَّفَ وَأَفَادَ، وَحَدَّثَ بِالكَثِيْرِ، (ثَنَا) عَنْهُ الفَقِيْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ حَمْدُ بْنُ صُدَيْقٍ بِـ "حَرَّانَ"
(1)
.
وَقَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: كَانَ أَحَدَ المُحَدِّثِيْنَ مَعَ صَلَابَتِهِ فِي الدِّيْنِ، وَاشْتِهَارِهِ بِالسُّنَّةِ، وَقِرَاءَةِ القُرْآنَ. وَجَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ "المُنْتَظَمِ" - يَعنِي: أَبَا الفَرَجِ بْنَ الجَوْزِيِّ - نُفْرَةٌ كَانَ سَبَبُهَا الطَّعْنُ عَلَى يَزِيْدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ عَبْدُ المُغِيْثِ يَمْنَعُ مِنْ سَبِّهِ، وَصَنَّفَ فِي ذلِكَ كِتَابًا
(2)
وَأَسْمَعَهُ. وَصنَّفَ الآخَرُ كِتَابًا
(1)
في "التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ": "وَكَانَتْ لَهُ مِنْهُ إِجَازَةٌ".
قَالَ الحَافِظُ ابنُ عَسَاكِرٍ: "وَقَدِمَ "دِمَشْقَ" مُضَارِبًا فِي تِجَارَةٍ لِسَعْدِ الخَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْدَلُسِيِّ، وَتَوَلَّى فِي مَدْرَسَةِ الحَنَابِلَةِ، وَرَوَى شَيْئًا مِنَ الحَدِيْثِ فِي حَلْقَتِهِمْ، وَهُوَ الآنَ حَيٌّ بِـ "بَغْدَادَ".
(2)
سَمَّاهُ ابنُ الأَثِيْرِ فِي "الكَامِلِ" وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي مُؤَلَّفَاتِهِ "فَضَائِلَ يَزِيْدَ" قَالَ ابنُ الأَثِيْرِ: "أَتَى فِيْهِ بِالعَجَائِبِ"، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ:"أَتَى فِيْهِ بِالمَوْضُوْعَاتِ"، وَقَالَ في "تَارِيْخِ الإسْلَامِ":"وَصَنَّف كِتَابًا في مَنَاقِبِ يَزِيْدُ أَتَى فِيْهِ بالعَجَائِبِ، وَلَوْ لَمْ يُصنِّفْهُ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَعَمِلَهُ رَدًّا عَلَى ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَوَقَعَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ لأَجْلِ "يَزِيْدَ"، نَسْأَلَ اللهَ أَنْ يُثَبِّتَ عُقُوْلَنَا؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ لا يَزَالُ بِعَقْلِهِ حَتَّى يَنْتَصِبَ لِعَدَاوَةِ "يَزِيْدَ" أَوْ يَنْتَصِرُ لَهُ؛ إِذْ لَهُ أُسْوَةٌ بِالمُلُوكِ الظَّلَمَةِ"، يُرِيْدُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله مِنْ بَعْضِ مُلُوْكِ الأُمَمِ السَّابِقَةِ، أَمَّا أَهْلُ الإسْلَامِ فَلَمْ يتقَدَّمْهُ إِلَّا الخُلَفَاءُ الأَرْبَعَةُ وَوَالِدُهُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِيْنَ، وَهُمْ - وَاللهِ - أَهْلُ العَدْلِ وَالإِنْصَافِ، وَالفَضْلِ، لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا. . ." وَقَدْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الذَّهَبِيُّ هَذِهِ؛ لِذَا عَلَّقَ عَلَيْهَا الأُسْتَاذ العَلَّامَةُ مُصْطَفَى جَوَادِ فِي هَامِش "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إليْهِ" مُجْتَهِدًا جَزَاهُ اللهُ خَيْرًا =
سَمَّاهُ
(1)
: "الرَّدُّ عَلَى المُتَعَصِّبِ العَنِيْدِ المَانِعِ مِنْ ذَمِّ يَزِيْدَ" وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، وَمَاتَ عَبْدُ المُغِيْثِ وَهُمَا مُتَهَاجِرَانِ.
قُلْتُ: هَذِهِ المَسْأَلَةُ وَقَعَ بَيْنَ عَبْدِ المُغِيْثِ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ بِسَبَبِهَا فِتْنَةٌ، وَيُقَالُ: إِنَّ عَبْدَ المُغِيْثِ تَبِعَ أَبَا الحَسَنِ بْنِ البَنَّاءِ فَقِيْلَ: إِنَّهُ صَنَّفَ فِي مَنْعِ ذَمِّ "يَزِيْدَ" وَلَعْنِهِ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ صَنَّفَ فِي جَوَازِ ذلِكَ. وَحَكَى فِيْهِ:
= لكِنَّهُ قَالَ - عَنْ المُغِيْثِ رَادًّا علَى الذَّهَبِيِّ - فَالرَّجُلُ مُتَّهَمٌ بِوَضْعِ الحَدِيْثِ فَكَيْفَ يَكوْنُ صَالِحًا، صَاحِبَ سُنَّةٍ؟! ".
يقُوْلُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانُ العُثَيْمِيْنَ - عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَمْ يَكُنْ عَبْدُ المُغِيْثِ مُتَّهِمًا بِالوَضْعِ، وَإِنَّمَا رَوَى فِي كِتَابِهِ أَحَادِيْثَ مَوْضُوْعَةً وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا، فَهوَ لَمْ يَتَعَمَّدِ الكَذِبَ وَلا الوَضْعَ، حَاشَاهُ عَنْ ذلِكَ، وَهُوَ لَمَّا رَوَاهَا لَم يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا مَوْضُوْعَةٌ، وَتَرِدُ فِي كُتُبِ كَثِيْرٍ مِن ثِقَاتِ أَهْلِ العِلْمِ أَحَادِيْثُ مَوْضُوْعَةٌ يَظُنُّوْنَهَا صَحِيْحَةً، فَيَظْهَرُ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا وَأَمْعَنَ النَّظَرَ فِي أَسَانِيدِهَا عَدَمُ صِحَّتِهَا، وَلَا يَقْدَحُ ذلِكَ فِي صَلَاحِهِ وَاتِّبَاعِهِ السُّنَّةَ، لكِنْ إِذَا كَثُرَ ذلِكَ عنْدَهُ دَلَّ عَلَى ضَعْفِهِ فِي الفَنِّ، وَعَدَمِ تَحْقِيْقِهِ فِيهِ، وَهكَذَا كَانَ الشَّيْخُ عَبْدُ المُغِيْثِ - عَفَا اللهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ - قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَلِعَبْدِ المُغِيثِ غَلَطَاتٌ تَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ عِلْمِهِ، قَالَ مَرَّةً: مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ صَحَابِيٌّ. وَصَحَّحَ حَدِيْثَ الاِسْتِلْقَاءِ وَهُوَ مُنْكَرٌ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذلِكَ، فَقَالَ: إِذَا رَدَدْنَاهُ كَانَ فِيْهِ إِزْرَاءٌ عَلَى مَنْ رَوَاهُ؟! ". أَقُوْلُ: هَذَا لَيْسَ جَوَابَ أَهْلِ الحَدِيْثِ الحَرِيْصِيْنَ عَلَى نَقْدِهِ! فَرَحِمَهُ اللهُ وَعَفَا عَنْهُ.
(1)
كِتَابُ ابْنِ الجَوْزِيِّ هَذَا مَا زَالَ مَخْطُوطًا مِنْهُ نُسْخَةٌ فِي لَيْدن رقم (908)، وَأُخرى فِي بِرْلِيْن رقم (9708)، وثَالِثةٌ فِي أَوْقَاف بَغداد رقم (186 - 12223)، ورابعة في جامِعَة طَهْرَانَ رقم (1228) .. وَغَيْرُهَا، ولا أَعلَمُ أَنَّهُ طُبع. وَأَمَّا كِتَاب عَبْدِ المُغِيْثِ فَلَا أَعْلَمُ لَهُ وُجُوْدًا.
أَنَّ القَاضِيْ أَبَا الحُسَيْنِ
(1)
صَنَّفَ كِتَابًا فِيْمَنْ يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ، وَذَكَرَ مِنْهُمْ "يَزِيْدُ"، وَذَكَرَ كَلَامَ أَحْمَدَ فِي ذلِكَ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ إِنَّمَا فِيْهِ لَعْنُ الظَّالِمِيْنَ جُمْلَةَ، لَيْسَ فِيْهِ تَصْرِيْحٌ بِجَوَازِ لَعْنِ "يَزِيْدَ" مُعَيِّنًا. وَقَدْ ذَكَرَ القَاضِيْ فِي "المُعْتَمَدِ"
(2)
نُصُوْصَ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي هَذِهِ المسْأَلَةَ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ فِيْهَا خِلَافًا عَنْهُ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ يَحْيَى بْنِ الصَّيْرَفِيِّ، الفَقِيْهِ الحَرَّانِيِّ
(3)
، قَالَ: حُكِيَ لِي: أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الإِمَامِ أَحْمَدَ - يَعْنِي الشَّيْخَ عَبْدَ المُغِيثِ - وَأَنَّ الخَلِيْفَةَ النَّاصِرَ، وَافَاهُ فِي ذلِكَ اليَوْمِ عِنْدَ قَبْرِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ عَبْدُ المُغِيْثِ الَّذِي صَنَّفَ مَنَاقِبَ يَزِيْدَ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ أَقُولَ: إِنَّ لَهُ مَنَاقِبَ، وَلكِنْ مِنْ مَذْهَبِي: أَنَّ الَّذِي هُوَ خَلِيْفَةُ المُسْلِمِيْنَ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ فِسْقٌ لَا يُوْجِبُ خَلْعَهُ. فَقَالَ: أَحْسَنْتَ يَا حَنْبَلِيُّ، وَاسْتَحْسَنَ مِنْهُ هَذَا الكَلَامَ، وَأَعْجَبَهُ غَايَةَ الإِعْجَابِ
(4)
.
(1)
في (أ) و (ط): "أَبا الحَسَنِ" وَهُوَ القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ بن أَبِي يَعْلَى (ت: 526 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
هوَ القَاضِيْ ابن أَبِي يَعْلَى الكَبِيْر، وَكِتابه هَذَا مَذْكُوْرٌ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الطَّبَقَاتِ (3/ 382) وَطُبِعَ طَبْعَة لَا تَحْمِلُ تَارِيخًا بِتَحْقِيْقِ وَدِيعْ حَدَّاد، فِي دَارِ المَشْرِقِ بِبَيْرُوْتَ.
(3)
تُوفِّي سَنَة (678 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(4)
ذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ هَذِهِ الحِكَايَةُ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ" عَنْ شَيْخِ الإِسْلَامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ بِعَرْضٍ مُخْتَلِفٍ، قَالَ:"حَكَى ابْنُ تَيْمِيَّةَ شَيْخُنَا قَالَ: إِنَّ الخَلِيْفَةَ النَّاصِرَ لَمَّا بَلَغَهُ نَهْيَ عَبْدِ المُغِيثِ عَنْ سَبِّ يَزِيْدَ تَنَكَّرَ وَقَصَدَهُ وَسَأَلَهُ عنْ ذلِكَ، فَتَبَالَهَ عَنْهُ وَقَالَ: يَا هَذَا إِنَّمَا قَصَدْتُ كَفَّ الأَلْسِنَةِ عَنْ لَعْنِ الخُلَفَاءِ، وَإِلَّا لَوْ فَتَحْنَا هَذَا لَكَانَ خَلِيْفَةُ الوَقْتِ أَحَقَّ بِاللَّعْنِ؛ لأَنَّهُ يَفْعَلُ كَذَا، وَيَفْعَلُ كَذَا، وَجَعَلَ يُعَدِّدُ خَطَايَاهُ، قَالَ: يَا شَيْخُ أُدْعُ لِيْ وَقَامَ".
قَالَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ: وَلَقَدْ حَكَى لِي شَيْخُنَا مُحِبُّ الدِّيْنِ أَبُو البَقَاءِ: أَنَّ الشَّيْخَ جَمَالَ الدِّيْنِ بْنِ الجَوْزِيِّ كَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي لأَرْجُو مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ أَجْتَمِعَ أَنَا وَعَبْدُ المُغِيْثِ فِي الجَنَّةِ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ المُغِيْثِ مِنْ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، فَرَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا.
قُلْتُ: وَوَقَعَ أَيْضًا تَنَازُعٌ بَيْنَ عَبْدِ المُغِيْثِ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خلْفَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ رضي الله عنه. فَصَنَّفَ عَبْدُ المُغِيْثِ تَصْنِيْفَيْنِ فِي إِثْبَاتِ ذلِكَ، تَبَعًا لأَبِي عَلِيٍّ البَرَدَانِيِّ
(1)
، وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنِ الجَوْزِيِّ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ
(2)
: "آفَةُ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ وَالرَّدِّ عَلَى عَبْدِ المُغِيْثِ". وَكَانَ عَبْدُ المُغِيْثِ قَدْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْرًا خَلْفَ هَدَفِ الإِمَامِ أَحْمَدَ الَّذِي هُوَ مَدْفُوْنٌ فِيْهِ. فَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: لا يَجُوْزُ ذلِكَ؛ لأَنَّهَا بُقْعَةٌ مُسَبَّلَةٌ، فَلَا يَجُوزُ تَحْجِيْرُهَا، وَلأَنَّ تِلْكَ البُقْعَةِ لَا تَخْلُو مِنْ دَفِيْنِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا" فَقَالَ عَبْدُ المُغِيْثِ: حَفَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ عَظْمًا فَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: تِلْكَ بَلِيَتْ، وَبَقِيَ رَضَاضُهَا المُحْتَرَم، وَلَا يَجُوْزُ نَبْشُهَا، قَالَ: وَلأَنَّكَ إِذَا وُضِعْتَ فِي هَذَا القَبْرِ تكُوْنُ رِجلَاكَ عِنْدَ رَأْسِ أَحْمَدَ؛ إِذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلَّا الهَدفَ، وَهَذَا سُوْءُ أَدَبٍ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ المَرُّوْذِيَّ قَالَ: ادْفُنُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ، كَمَا كُنْتُ أَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْهِ؟ قَالَ: فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى مَا قُلتُ، وَمَرَّ مَعَ هَوَاهُ.
قُلْتُ: إِذَا بَلِيَ المَيِّتُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَظْمٌ وَلَا أَثَرٌ، فَظَاهِرُ المَذْهَبِ:
(1)
تَقَدَّمَ ذلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ، تُوُفِّيَ أَبُو عَلِيٍّ البَرَدَانِيُّ سَنَةَ (498 هـ) رقم (46)(1/ 220).
(2)
منْهُ نُسْخَةٌ فِي المَشْهَدِ الرَّضَوِي (4/ 12)، رقم (34) عن مؤلفات ابن الجَوْزِيِّ ص (83).
جَوَازُ نَبْشِ قَبْرِهِ وَالدَّفْنِ فِيْهِ، خِلَافَ مَا قَالَهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ.
وَصَنَّفَ عَبْدُ المُغِيْثِ: "الاِنْتِصَارُ لِمُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ" أَظُنُّهُ ذَكَرَ فِيْهِ: أَنَّ أَحَادِيْثُ "المُسْنَدِ" كُلَّهَا صَحِيْحَةٌ، وَقَدْ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ قَبْلَهُ أَبُوْ مُوسَى
(1)
. وَبِذلِكَ أَفْتَى أَبُو العَلَاءِ الهَمَذَانِيُّ، وَخَالَفَهُمْ الشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الجَوْزِيِّ. وَلِلْشَّيْخِ عَبْدِ المُغِيْثِ مُصَنَّفَ فِي حَيَاةِ الخَضِرِ فِي خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، وَلَهُ كِتَابُ "الدَّلِيْلُ الوَاضِحِ فِي النَّهْيِ عَنِ ارْتِكَابِ الهَوَى الفَاضِحِ" يَشْتَمِلُ عَلَى تَحْرِيْمِ الغِنَاءِ وآلَاتِ اللَّهْوِ، وَذَكَرَ فِيْهِ: تَحْرِيْمِ الدُّفِّ بِكُلِّ حَالٍ، فِي العُرْسِ وَغَيْرِهِ. وَأَجَابَ عنْ حَدِيْثِ
(2)
: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ" بِأَنَّ معْنَاهُ: أَعْلِنُوا إِعْلَانًا يَبْلُغُ مَا يَبْلُغُ صَوْتِ الدُّفِّ لَوْ ضُرِبَ بِهِ؛ لِتَمْحُوَ سُنَّةِ الجَاهِلِيَّةِ مِنْ نِكَاحِ البَغَايَا المُسْتَتَرِ بِهِ، وَأَجَابَ عَنْ حَدِيْثِ الجَارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا تُغَنِّيَانِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بِأَنَّهُمَا لَمْ يَكونَا مُكَلَّفَتَيْنِ لِصِغَرِهِمَا، قَالَ: وَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ عَلَى تَسْمِيَتِهِ "مِزْمَارِ
(3)
الشَّيْطَانِ" وَرُبَّمَا أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيْفٌ. وَلِلْشَيْخِ عَبْدِ المُغِيْثِ قَصِيْدَةٌ فِي السُنَّةِ رَوَاهَا عَنْهُ
(1)
لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُوْنَ قَبْلَهُ فَهُوَ مُعَاصِرُهُ وَهُوَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المَدِيْنِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ (ت: 581 هـ) وَاسْمُ كِتَابِهِ: "المَصْعَدُ الأَحْمَدُ. . ."، وَقَدْ طُبِعَ مِرَارًا.
(2)
أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (3/ 418، 4/ 259)، كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ "مَا جَاءَ فِي إِعْلَانِ النِّكَاحِ"، عَارِضَة الأحوذِي (4/ 307)، وَابنُ مَاجَه في سُنَنِه (1/ 611)، وَالنَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ (النِّكاح)، بَاب "إعْلَانِ النِّكاحِ بِالصَّوْتِ وَضَرب الدُّفِّ" المُجْتبى (6/ 104).
(3)
في (أ): "مَزبُوز".
ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، يَقُولُ فِيهَا
(1)
:
أَفِقْ أَخَا اللُّبِّ مِنْ سُكْرِ الحَيَاةِ فَقَدْ
…
آنَ الرَّحِيْلُ وَدَاعِي المَوْتِ قَدْ حَضَرَا
هَلْ أَنْتَ إِلَّا كآحَادِ كَالَّذِيْنَ مَضَوا
…
بِحَسْرَةِ الفَوْتِ لَمَّا اسْتَيْقَنَ الخَبَرَا
وَأَنْتَ تَحْرِصُ فِيْمَا أَنْتَ تَارِكُهُ
…
إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ يَوْمًا حَقِّقِ النَّظَرَا
أَيَّامُ عُمْرِكَ كَنْزٌ لَا شَبِيْهَ لَهُ
…
وَأَنْتَ تَشْرِي بِه
(2)
الحَصْبَاءَ وَالمَدَرَا
تُوُفيَ رحمه الله لَيْلَةَ الأَحَدِ ثَالِثَ عَشَرَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الخَلْقُ الكَثِيْرُ، منَ الغَدِ بِـ "الحَرْبِيَّةِ" وَدُفِنَ بِـ "دَكَّةِ" قَبْرِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مَعَ الشُّيُوْخِ الكِبَارِ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.
(1)
رَوَاهَا الحَافِظُ الضِّيَاءُ فِي مَجْمُوْع لَهُ بِخَطِّهِ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ. قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ فِي "مَجْمُوْعِهِ" المَذْكُوْرِ: ". . . أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، أَبُو [العِزِّ] عَبْدُ المُغِيْثِ بنُ زُهَيْرِ بنِ زُهَيْرٍ الحَرْبِيُّ قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا سَائِرًا فِي خَرَابٍ كَانَ عَامِرًا فَحَضَرَتْنِي أَبْيَاتٌ ثُمَّ تَوَارَتْ. وَأَنْشَدَنَا خَالِي الإِمَام الرَّبَّانِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ مِن لَفْظِهِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ عَبْدُ المُجِيْبِ بنُ أَبِي القَاسِمِ بنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: أَنْشَدَنِي عَمِّي عَبْدُ المُغِيْثِ بنُ زُهَيْرٍ:
يَا مَنْ غَدَا فِي عُلُوِّ القَدْرِ مُفْتَخِرًا
…
وَبِالمَكَارِمِ وَالأَفْضَالِ مُشْتَهِرًا
وَأَوْرَدَ لَهُ الحَافِظُ ابنُ عَسَاكِرٍ فِي "تَارِيخ دمَشق" وَالصَّفَدِيُّ فِي الوَافِي بِالوَفَيَاتِ قَوْلَهُ:
يَا عِزَّ مَنْ سَمَحَتْ لَهُ أَطْمَاعُهُ
…
إِنْ بَاتَ ذَا عَدَمٍ خَفِيْفَ المِزْوَدِ
فَاليَأْسُ عِزٌّ فَادَّرِعْهُ وَصِلْ بِهِ
…
نَيْلَ السِّيَادَةِ فِي سَبِيْلٍ أَقْصَدِ
وَالحُرُّ مَن نَزَلَتْ بِهِ أَزْمَانَهُ
…
فِي حُبِّ مَكْرُمَةٍ وَحُسْنِ تَسَدُّدِ
(2)
ساقط من (ط).
وَذَكَرَ ابْنُ النَّجَّارِ فِي تَرْجَمَةِ دَاوُدَ بنِ أَحْمَدَ الضَّرِيْرِ الظَّاهِرِيِّ
(1)
: أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ يَعْقُوْبَ بنَ يُوسُفَ الحَرْبِيَّ
(2)
يَقُوْلُ: رَأَيْتُ عَبْد المُغِيْثِ بْنَ زُهَيْرٍ الحَرْبِيَّ فِي المَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقُلتُ لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِك؟ فَقَالَ:
العِلْمُ يُحْيِي أُناسًا فِي قُبُورِهُمُ
…
وَالجَهْلُ يُلْحِقُ أَحْيَاءً بِأَمْوَاتِ
191 - نَصْرُ بْنُ فِتْيَانَ
(3)
بنِ مَطَرٍ النَّهْرَوَانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، أَبُو الفَتْحِ،
(1)
دَاوُدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيْسَى، أَبُو سُلَيْمَانَ الضَّرِيْرُ (ت: 615) قَالَ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ: "قَرَأَ بِشَيءٍ من القِرَاءَاتِ عَلَى أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شُنَيْفٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَسَاكِرٍ، وَانْتَحَلَ فِي الفِقْهِ مَذْهَبَ دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ الأَصْفَهَانِيِّ، وَأَخَذَ ذلِكَ مِنَ الكُتُبِ، وَاشْتَغَلَ بِالأَدَبِ، وَكَانَ يَذُبُّ عَنْ أَبِي العَلَاءِ المَعَرِّي". يُرَاجَعُ: المُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 64).
(2)
يَعْقُوبُ بنُ يُوسُفَ بنِ عُمَرَ، أَبُو مُحَمَّدٍ المُقْرِئُ الحَرْبِيُّ (ت: 587 هـ) حَدَّثَ مُدَّةً، وَكَانَ ثِقَةً، قَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ الكَثِيْرَةِ عَلَى البَارِعِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي بَكْرٍ المَزْرَفِيِّ
…
أَخْبَارُهُ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 230)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (2/ 391).
(3)
191 - أَبُو الفَتْحِ بنُ المَنِّيِّ: (501 - 583 هـ):
مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ المَذْهَبِ وَمُحَدِّثِيْهِم، الزَّاهِدُ، الوَرِعُ، شَيْخُ العِرَاقِ. أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 39)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 62)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 294)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 292). وَيُرَاجَعُ: الكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (11/ 563)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (4/ 462)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 70)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (33)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (1/ 344، 2/ 855، 3/ 115)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 212)، وَالعِبَرُ (4/ 251)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (166)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (240)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 137)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 95)، وَالمُشْتَبَهُ (2/ 461)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 426)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 329)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (2/ 203)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 106)، =
الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، المَعْرُوفُ بِـ "ابنِ المَنِّيِّ"، نَاصِحُ الإِسْلَامِ، وَأَحَدُ الأَعْلَامِ، وَفَقِيْهُ العِرَاقِ عَلَى الإِطْلَاقِ.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: وَرَأَيْتُ فِي أَكْثَرِ مَسْمُوْعَاتِهِ: يُكْتَبُ لَهُ أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بْنِ هِبَةِ اللهِ، المَعْرُوْفُ بِـ "فِتْيَانَ" بنِ مَطَرٍ. قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ؟ فَقَالَ: سَنَةَ إِحدَى وَخَمْسِمَائَةَ
(1)
، وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا قَالَهُ المُنْذِرِيُّ: أَنَّهُ وُلِدَ - ظَنًّا - قَبْلَ سَنَةِ خَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الدَّنِفِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَمِنَ القَاضِيْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ البَاقِي، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيِّ، وَأِبي الحَسَنِ بْنِ الزَّاغُونِيِّ
(2)
، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَأَبِي القَاسِمِ بْنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي نَصْرٍ اليُونَارْتِيِّ، وَأَبِي غَالِبِ بْنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ البَارِعِ، وَالحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ الخَلَّالِ، وَالأَرْمَوِيِّ، وَابْنِ نَاصِرٍ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، وَلَازَمَهُ حَتَّى بَرَعَ فِي الفِقْهِ، وَتَقَدَّمَ
= وَالشَّذَرَاتُ (4/ 277)، (6/ 455). أَخُوهُ مُقْبِلُ بنُ فِتْيَانَ (ت: 580 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَابنُ أَخِيْهِ مُحَمَّدُ بنُ مُقْبِلٍ (ت: 649 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّف في مَوْضِعِهِ. وَابنُ أُخْتِهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ المُبَارَكِ بنِ عَلِيِّ، أَبُو مُحَمَّدِ بن نُعَيْجَةَ (ت: 604 هـ) يَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَ (المَنِّيُّ) نِسْبَةٌ إِلَى "المَنَّ" وَ"المَنَى" وَهُوَ وِحْدَةُ وَزْنٍ مَعْرُوفَةٌ. وَ"فِتْيَانُ""بِكَسْرِ الفَاءِ، وَسُكُوْنِ التَّاءِ المُعْجَمَةِ مِنْ فَوْقِهَا باثْنَتَيْنِ، وَفَتْحُ اليَاءِ، وَآخِرُهُ نُوْنٌ" كَذَا قَيَّدَهُ ابنُ نُقْطَةَ الحَنْبَلِيُّ فِي "تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ".
(1)
بَعْدها في (أ): "وَسَمعَ الحَدِيثَ" مُقْحَمَةٌ مُكَرَّرَةٌ؛ لأَنَّهَا وَرَدَت بَعْدَ سَطْرٍ.
(2)
في (ط): "الزاغواني".
عَلَى أَصْحَابِهِ، وَأَعَادَ لَهُ الدَّرْسَ، وصَرَفَ هِمَّتَهُ طُوْلَ عُمُرِهِ إِلَى الفِقْهِ، أُصُوْلًا وَفُرُوْعًا، مَذْهَبًا وَخِلَافًا، وَاشْتِغَالًا وإِشْغَالًا، وَمُنَاظَرَةَ، وَتَصَدَّرَ لِلتَّدْرِيسِ وَالاِشْتِغَالِ وَالإِفَادَةِ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَقَصَدَهُ الطَّلَبَةُ مِنَ البِلَادِ، وَشُدَّتْ إِلَيْهِ الرِّحَالُ فِي طَلَبِ الفِقْهِ، وَتَخَرَّجَ بِه أَئِمَّةٌ كَثِيْرُوْنَ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ الإِمَامِ نَاصِحِ الدِّيْنِ بنِ الحَنْبَلِيِّ وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُهُ بْنَ المَنِّيِّ، فَقَالَ: رَحَلْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُ مَسْجِدَهُ بِالفُقَهَاءِ وَالقُرَّاءِ مَعْمُوْرًا، وَكُلُّ فَقِيْهِ عنْدَهُ مِنْ فَضْلِهِ وَإِفْضَالِهِ مَغْمُوْرًا، فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي بِرَبْعِهِ، وَحَطَطْتُ زَامِلَةَ بُغْيَتِي عَلى شَرْعِهِ، فَوَجَدْتُ الفَضْلَ الغَزِيْرَ، وَالدِّيْنَ القَوِيْمَ المُنِيْرَ، وَالفَخْرَ المُسْتَطِيْلَ المُسْتَطِيرَ، وَالعَالِمَ الخَبِيْرَ، فتَلَقَّانِيْ بِصَدْرٍ بِالأَنْوَارِ قَدْ شُرِحْ، وَمَنْطِقٍ بِالأَذْكَارِ قَدْ ذُكِرَ وَمُدِحْ، وَبِبَابٍ إِلَى كُلِّ بَابٍ مِنَ الخَيْراتِ قَدْ شُرِعَ وَفُتِحْ، فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، حَفِظَ القُرْآنَ العَظِيْمَ وَهُوَ فِي حَدَاثَةٍ مِنْ سِنِّهِ، وَلَاحَتْ عَلَيْهِ أَعْلامُ المَشْيَخَةِ، فَرَجَحَ مَنُهْ، عَلَى كُلِّ فَنٍّ بِفَضْلِ اللهِ وَمَنِّهِ.
قَالَ لِيَ المُهَذَّبُ بْنُ قَيْدَاسٍ
(1)
: كُنَّا نُسَمِّي شَيْخَكَ شَيْخُ صِبَى - يَعْنِي فِي صِبَاهُ - لِعَقْلِهِ وَوَقَارِهِ، وَتَرْكِهِ اللَّعِبَ. ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَنْقُلْ عنْهُ أَنَّهُ لَعِبَ وَلَا لَهَا، وَلَا طَرَقَ بَابِ طَرْبِ، وَلَا مَشَى إِلَى لَذَّةٍ وَمُشْتَهَى.
حَدَّثَنِي شَيْخُنَا الإِمَامُ نَاصِحُ الإِسْلَامِ بنُ المَنِّيِّ قَالَ: حَصَلَ لِيْ مِنْ مِيْرَاثِ وَالِدِيْ عِشْرُوْنَ دِيْنَارًا، فَاشْتَرَيْتُ بِهَا شَيْئًا وَبِعْتُهُ فَأَرْبَحْتُ، فَخِفْتُ أَنْ
(1)
لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ بعْدُ.
تَحْلُو لِيَ التِّجَارَةُ فأَشْتَغِلَ بِهَا، فَنَوَيْتُ الحَجَّ فَحَجَجْتُ، وَتَجَرَّدْتُ لِلْعِلْمِ، فَسَمِعْتُ دَرْسَ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ صَاحِبِ الشَّيْخِ أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَاذَانِيِّ
(1)
. قَالَ: فتفَقَّهَ بِه، وَمَالَ الفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ شَيْخِهِ إِلى الاِشْتِغَالِ عَلَيْهِ، وَدَرَّسَ بَعْدَ مَوْتِ شَيْخِهِ. قَالَ لِي: تَقَدَّمْتُ فِي زَمَنِ أَقْوَامٍ مَا كُنْتُ أَصْلُحُ أَنْ أُقَدِّمَ مَدَاسَهُمْ، وَقَالَ لِي: رحمه الله: مَا أَذْكُرُ أَحَدًا قَرَأَ عَلَيَّ القُرْآن إِلَّا حَفِظَهُ، وَلا سَمِعَ دَرْسِيَ الفِقْهَ إِلَّا انْتَفَعَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَظِّي مِنَ الدُّنْيَا.
قَالَ ابْنُ الحَنْبَلِيِّ: أَفْتَى وَدَرَّسَ نَحْوًا
(2)
مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً، مَا تزَوَّجَ وَلَا تَسَرَّى، وَلَا رَكِبَ بَغْلَة وَلَا فَرَسًا، وَلَا مَلَكَ مَمْلُوْكًا، وَلَا لَبِسَ الثِّيَابَ الفَاخِرِ إِلَّا لِبَاسَ التَّقْوَى، وَكَانَ أَكْثَرَ طَعَامِهِ يُشَرَّبُ لَهُ فِي قَدَحٍ مَاءَ البَاقِلَّاء، وَكَانَ إِذَا فُتِحَ علَيْهِ بِشَيءٍ فَرَّقَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ. وَكَانَ لا يَتَكَلَّمُ فِي الأُصُوْلِ، وَيَكْرَهُ مَنْ يُتَكَلَّمَ فِيْهِ، سَلِيْمَ الاعْتِقَادِ، صَحِيْحَ الاِنْتِقَادِ فِي الأَدِلَّةِ الفَرُوْعِيَّةِ، وَكُنَّا نَزُوْرُ مَعَهُ فِي بَعضِ السِّنِيْنَ قَبْرَ الإِمَامِ أَحْمَدَ. وَسَمِعْتُ الشَّيْخَ الإِمَامَ جَمَالَ الدِّيْنِ بْنَ الجَوْزِيِّ وَقَدْ رَآهُ يَقُوْلُ لَهُ: أَنْتَ شَيْخُنَا. وَأَضَرَّ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ سَنَة، وَثَقُلَ سَمْعُهُ. وَكَانَتْ
(3)
"تَعْلِيْقَةُ الخِلَافِ" عَلَى ذِهْنِهِ، وَفُقهَاءُ الحَنَابِلَةِ اليَوْمَ فِي سَائِرِ البِلَادِ يَرْجِعُوْنَ إِلَيْهِ، وَإِلَى أَصْحَابِهِ.
قُلْتُ: وَإِلَى هَذَا الأَمْرُ عَلَى ذلِكَ، فَإِنَّ أَهْلَ زَمَانِنَا إِنَّمَا يَرْجِعُونَ فِي
(1)
سَاقِطٌ من (أ).
(2)
سَاقِطٌ من (هـ).
(3)
فِي (ط): "وَكَانَ" وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ "تَعْلِيْقَةٌ" فِي الخِلافِ.
الفِقْهِ مِنْ جِهَةِ الشُيُوْخِ وَالكُتُبِ إِلَى الشَّيْخَيْنِ: مُوَفَّقِ الدِّيْنِ المَقْدِسِيِّ، وَمَجْدِ الدِّيْنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الحَرَّانِيِّ.
فَأَمَّا الشَّيْخُ مُوَفَّق الدِّيْنِ: فَهُوَ تِلْمِيذُ ابْنِ المَنِّيِّ، وَعَنْهُ أَخَذَ الفِقْهَ.
وَأَمَّا ابْنُ تَيْمِيَّةَ: فَهُوَ تِلْمِيذُ تِلْمِيْذِهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحَلَّاوِيِّ. وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُ فُضَلَاءِ أَصْحَابِهِ لَهُ "سِيْرَةٌ" طَوِيْلَةٌ، وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِيْسَى البُزُوْرِيُّ الوَاعِظُ
(1)
وَقَفْتُ عَلَى بَعْضِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ فِيْهَا. قَالَ: وَكَانَ رحمه الله كَثِيْرَ الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ لِلْقُرْآنِ لَا سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ، مُكْرِمًا للصَّالِحِيْنَ، مُحِبًّا لَهُمْ، لَيْسَ فِيْهِ تِيْهُ الفُقَهَاءِ، وَلَا عُجْبُ العُلَمَاءِ. إِنْ مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ تَلَامِذَتِهِ، وَمَعَارِفِهِ عَادَهُ، أَوْ كَانَتْ لَهُمْ جَنَازَةٌ شَيَّعَهَا مَاشِيًا غَيْرَ رَاكِبٍ، عَلَى كِبَرِ السِّنِّ، وَضَعْفِ البِنْيَةِ، زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا، يَقْنَعُ مِنْهَا بِالبُلغَةِ، وَإِذَا جَاءَهُ فُتُوْحٌ أَوْ جَائِزَةٌ مِنْ بَيْتِ المَالِ وَزَّعَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَإِنْ نَالَهُ مِنْهَا شَيءٌ أَعَادَهُ عَلَيْهِمْ فِي غُضُوْنِ الأَيَّامِ، قَالَ: وَلَقَدْ (ثَنِي) مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ جَاءَتْهُ صِلَةٌ مِنْ بَعْضِ الصُّدُوْرِ نَحْوَ أَرْبَعِيْنَ دِيْنَارًا فَفَرَّقَهَا
(2)
فِي يَوْمِهِ بَيْنَ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَا أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ قَالَ لِي: يَا فُلَانُ، لَوْ كُنَّا عَزَلْنَا مِنْ ذلِكَ الذَّهَبِ قِيْرَاطَيْنِ لِلْحَمَّامِ؟ وَكَانَ قُوْتُهُ كُلَّ يَوْمٍ قُرْصَيْنِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَفُتُّهُمَا
(3)
، وَقَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّهُ يَسْتَفْضِلُ
(1)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (604 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
في (ط): "أَفقَرَّقها".
(3)
كَذَا فِي (أ) و (ج) و (هـ) وفِي (ب): "يقتهما" وفي (د) بياض، وفي (و)، وهي =
مِنْهُمَا بَعْضَ الأَيَّامِ مَا يَدْفَعُهُ إِلَى السَّقَّا، وَكَانَ مُعْظَمُ إِدَامِهِ أَنْ يُشْتَرَى لَهُ بِرَغِيْفٍ مَاءُ البَاقِلَّا، وَمَا رَأَيْتُهُ جَعَلَ عَلَيْهِ دُهْنًا قَطُّ، رَاضِيًا بِذلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ. وَكَانَ يَخْدِمُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ، لَا يُثقِلُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا يُكَلِّفُهُمْ شَيْئًا. اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدِ أَحَدِهِمْ فِي الطَّرِيْقِ، وَلَقَدْ كُنَّا عنْدَهُ يَوْمًا جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأُوْذِنَ بِالصَّلَاةِ، فَنَهَضَ بِنَفْسِهِ فَاسْتَقَى المَاءَ لِلْتَّطْهِيْرِ، وَمَا تَرَكَ أَحَدًا مِنَّا يَنُوْبُهُ فِي ذلِكَ، وَلَقَدْ قَدَّمْتُ لَهُ نَعْلَهُ يَوْمًا فَشَقَّ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يَقُوْلُ: أَيْشٍ هَذَا؟ أَيْشٍ هَذَا؟ مِثْلُكَ لَا نُسَامِحُهُ فِي هَذَا.
وَسُئِلَ عنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ فَقَالَ: شَيْخُنَا أَبُو الفَتْحِ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، حَسَنَ النِّيَّةِ وَالتَّعْلِيْمِ، وَكَانَتْ لَهُ بَرَكَةٌ فِي التَّعْلِيْمِ، قَلَّ مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ إِلَّا انْتَفَعَ، وَخَرَجَ مِنْ أَصْحَابِهِ فُقهَاءٌ كَثِيْرُونَ، مِنْهُمْ مَنْ سَادَ، وَكَانَ يَقْنَعُ بِالقَلِيْلِ، وَرُبَّمَا يكْتَفِي بِبَعْضِ قُرْصِهِ، وَلَمْ يتزَوَّجْ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرآنَ، وَكَانَ يُحِبُّنَا وَيَجْبُرُ قُلُوْبَنَا، وَيَظْهَرُ مِنهُ البِشْرَ إِذَا سَمِعَ كَلامَنَا فِي المَسَائِلِ، وَلَمَّا انْقَطَعَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ عَنِ الدَّرْسِ؛ لاِشْتِغَالِهِ بِالحَدِيْثِ، جَاءَ إِلَيْنَا، وَظَنَّ أَنَّ الحَافِظَ انْقَطَعَ لِضِيْقِ صَدْرِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي "المُنْتَظَمِ": أَنَّ المُسْتَضِيءَ فِي أَوَّلِ خِلَافَتِهِ جَعَلَ لِلْشَّيْخِ أَبِي الفَتْحِ حَلْقَةً بِالجَامِعِ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَمَرَ بِبِنَاءِ دَكَّةٍ لَهُ فِي جَامِعِ القَصْرِ، وَجَلَسَ فِيْهَا لِلْمُنَاظَرَةِ سَنَة أَرْبَع وَسَبْعِيْنَ، وَلَهُ "تَعْلِيْقَةٌ" فِي الخِلَافِ كَبِيْرةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ الفِقْهَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، قَدْ ذَكَرَ أَعْيَانَهُمْ ابْنُ
= نسخةٌ غيرُ مُعْتَمَدَةٍ: "يَفُتُّهما" - كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ - وَهِي أَقْرَب إِلَى الصَّوابِ.
البُزُوْرِيِّ فِي "سِيْرَتِهِ" عَلَى حُرُوْفِ المُعْجَمِ.
فَمِنْ أَكَابِرِهِمْ وَأَعْلامِهمْ مِنَ الشَّامِيِيْنَ: الشَّيخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ، وَرَحَل إِلَيْهِ إِلَى "بَغْدَادَ" وَالحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَأَخُوْهُ الشَّيْخُ العِمَادُ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالشِّهَابُ بْنُ رَاجِحٍ، وَنَاصِحُ الدِّيْنِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ.
وَمِنْ أَكَابِرِ البَغْدَادِيِّيْنَ: أَبُو بَكْرِ بْنُ الحَلَّاوِيِّ، وَالفَخْرُ إِسْمَاعِيْلُ
(1)
، وَقَاضِيْ القُضَاةِ أَبُو صَالِحٍ نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ المُنْعِمِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ البَاجِسْرَائِيُّ، وَابْنُ أَخِيْهِ أَبُوَ عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُقْبِلِ بْنِ المَنِّيِّ.
وَمِنَ الحَرَّانِيِّيْنَ: الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ بْنُ تَيْمِيَّةَ، والمُوَفَّقُ بنُ صُدَيْقٍ، وَنَجْمُ الدِّيْنِ بْنُ الصَّيْقَلِ، وَمِمنْ قَرَأَ عَلَيْهِ السَّيْفُ الآمِدِيُّ الأُصُوْلِيُّ، ثُمَّ تَحَوَّلَ شَافِعِيًّا، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، وَرَوَى عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَبَهَاءُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ المَقْدِسِيَّانِ، وَابْنُ القَطِيْعِيِّ فِي "تَارِيخِهِ".
قَالَ جَامِعُ "سِيْرَتِهِ" دَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الأَحَدِ خَامِسَ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِيْنَ، فَقَال لِي: رَأَيْتُ فِي المَنَامِ مِنْذُ أَيَّامٍ كَأَنَّ حَلْقَةً كَبِيْرَةً فِي وَسَطِ الرَّحْبَةِ، وَفِيْهَا أَوْلَادُ المُحْتَشِمِيْنَ، وَكَانَ فِي وَسَطِهَا رَجُلٌ يَقُوْلُ:
وَاعْلَمُوا أَنَّ النَّوَى قَدْ كَدَّرَتْ
…
صَفْوَ اللَّيَالِي فَاحْذَرُوا أَنْ تَنْدَمُوا
قَالَ: فَالْتَفَتُّ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّيْخِ، وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا المَنَامُ كَأَنَّهُ يَنْعَى إِلَى الشَّيخِ نَفْسَهُ، فَعَاشَ الشَّيخُ بَعْدَ ذلِكَ تَمَامَ ثَلَاثَةِ أَوْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا هُوَ
(1)
هُو المَعروف بِـ "غُلامُ ابنِ المَنِّيِّ" إِسْمَاعِيلُ بن عَلِيٍّ (ت: 610 هـ) ذكرهُ المُؤلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأتِي.
ظَاهِرٌ. قَالَ: وَابْتَدَأَ بِهِ المَرَضُ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ، وَكَانَ مَرَضَهُ الإسْهَالُ، وَذلِكَ مِنْ تَمَامِ السَّعَادَةِ؛ لأنَّ مَرَضَ البَطْنِ شَهَادَةٌ، وَلَمَّا ازْدَادَ مَرَضُهُ أَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عِيَادَتِهِ مِنَ الأَكَابِرِ وَالعُلَمَاءِ، وَالتَّلَامِذَةِ وَالأَصْحَابِ. فَحَدَّثَنِي صَاحِبُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ
(1)
، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى تَمْرِيْضَهُ، قَالَ لِي الشَّيْخُ يَوْمَ الخَمِيْسِ ثَانِي رَمَضَانَ: أَيْ فَخْرُ، آخِرُ تَعَبِكَ مَعِي يَوْمَ الأَحَدِ؟ قَالَ: وَهكَذَا كَانَ، فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ رَابِعَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَدَفَنَّاهُ يَوْمَ الأَحَدِ، يَعْنِي خَامِسَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. قَالَ: وَنُوْدِيَ فِي النَّاسِ بِمَوْتِهِ، فَانْثَالَ مِنَ الخَلَائِقِ وَالأُمَمِ عَدَدٌ يَفُوْتُ الإِحْصَاءَ، فَازْدَحَمَ النَّاسُ، وَخِيْفَ مِنَ الفِتَنِ، فَنَفَذَ الوُلَاةُ الأَجْنَادَ وَالأَتْرَاكَ بِالسِّلَاحِ، وَفُتِحَ لَهُ جَامِعُ القَصْرِ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ ازْدِحَامًا هَائِلًا، وَحَمَلَهُ أَصْحَابُهُ وَغِلْمَانُهُ
(2)
. وَحَكَى لِي بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ فِي حَالِ حَمْلِ سَرِيْرِهِ لَمْ يَبْقَ فِي رِجْلِ أَحَدٍ مِنهُمْ مَدَاسٌ إِلَّا وَشَذَّ؛ لِفُرْطِ الزِّحَامِ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ دَفْنِهِ أُعِيْدَتْ إِلَيْهِمْ لَمْ يَفْقِدُوا مِنْهَا شَيْئًا، وَقُدِّمَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ سَعْدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَرْزُوقٍ المِصْرِيُّ
(3)
إِمَامًا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، بَعْدَمَا اجْتَهَدَ المَمَالِيْكُ وَالأَتْرَاكُ وَالأَجْنَادُ فِي إِيْصَالِهِ إِلَى عِنْدَ
(4)
نَعْشِهِ، وَكَانَ النَّاسُ قَدِ ازْدَحَمُوا عَلَى الشَّيْخِ سَعْدٍ
(1)
هُو المَعْرُوفُ بـ "غُلَامِ ابنِ المَنِّي" السَّابِقِ الذِّكْرِ.
(2)
هم طَلَبَتُهُ المُلَازِمِيْنَ لَهُ.
(3)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (592 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(4)
مضرُوبٌ عليها بِالقَلم في (أ).
أَيْضًا يَتَبَرَّكُوْنَ بِهِ، حَتَّى خِيْفَ عَلَيْهِ الهَلَاكُ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ قَدْ قُدِّمَتْ إِلَى عنْدِ المِنْبَرِ وَالشُّبَّاكِ. وَحَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ طُنْطَاشٍ
(1)
البَزَّارُ قَالَ: لَمَّا وَصَلَ الشَّيْخُ سَعْدٌ إِلَى جِنَازَةِ الشَّيْخِ أَمْسَكَ عَنِ التَّكْبِيْرِ، وَأَطَالَ الوُقُوْفَ حَتَّى سَكَنَ النَّاسُ وَسَكَتُوا، وَهَدَأَتِ الأَصْوَاتُ بِحَيْثُ لَمْ يُسْمَعْ سِوَى التَّكْبِيْرِ، ثُمَّ كَبَّرَ فَأَعْجَبَ النَّاسُ مَا فَعَلَ، فَلَمَّا صُلِّيَ عَلَيْهِ عَادَ الزِّحَامُ وَالخِصَامُ وَالاحْتِشَادُ فِي أَبْوَابِ الجَامِعِ عَلَى وَجْهٍ مَا شُوْهِدَ مِثْلُهُ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ أَوْصَى أَنْ يُدْفنَ فِي دَارِ بَعْضِ أَهْلِهِ جَنْبَ مَسْجِدِهِ، فَحُمِلَ إِلَى المَوْضِعِ، وَدُفِنَ فِيْهِ، وَفُتِحَ مَوْضِعٌ فِي المَسْجِدِ إِلَى قَبْرِهِ لِزِيَارَةِ النَّاسِ.
وَقَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: حَضَرَ جِنَازَتَهُ قَاضِي القُضَاةِ أَبُو الحَسَنِ بْنُ الدَّامَغَانِيِّ
(2)
، وَدُفِنَ بِدَارِهِ المُلَاصِقَةِ لِمَسْجِدِهِ، ثُمَّ قُطِعَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ مِنَ الدَّارِ وَأُدْخِلَ إِلَى مَسْجِدِهِ بِـ "المَأْمُونِيَّةِ" رَأْسِ "دَرْبِ السَّيِّدَةِ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَذكَرَ جَامِعُ سِيْرَتِهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الحَافِظُ أَبُوْ بَكْرٍ مُحَمَّدُ [بنُ مُوْسَى] بْنِ عُثْمَانَ الحَازِمِيُّ
(3)
، وَكَتَبَهُ لِي بِخَطِّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ الشَّيْخَ الإِمَامَ، الفَقِيْهَ، أَبَا الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ فِي المَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَأَنَّهُ فِي مَوْضِعٍ كَبِيْرٍ وَاسِعٍ، وَهُوَ
(1)
لم أَقِف عَلى تَرجمته.
(2)
هُوَ القَاضِي عَلِيُّ بنُ أَحمَدَ، الفَقِيْهُ الحَنَفِيُّ (ت: 583 هـ) يُلَقِّبُونَهُ قَاضِي القُضَاة وَلِيَ هَذَا المَنْصِبَ بَعْدَ أَبِي القَاسِمِ الزَّيْنَبِيِّ سَنَة (543 هـ) ثُم عُزِلَ، وَوَلِيَ القَضَاءَ ثَانِيَةً سَنَةَ (570 هـ) وَهُوَ مِن بَيْتِ عِلْمٍ وَقَضَاءٍ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 74)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 115) وَالجَوَاهِرِ المُضِيَّةِ (1/ 350)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (4/ 276).
(3)
هُوَ الإِمَامُ، المَشْهُوْرُ، المُحَدِّثُ (ت: 584 هـ).
فَرْحَانٌ مَسْرُوْرٌ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ شَدِيْدَةُ البَيَاضِ، وَعلَى رَأْسِهِ طُرْحَةٌ، فَجَعَلْتُ أُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَأُكَلِّمُهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا ثَمَّ سِتْرٌ كَبِيْرٌ. وَكَلَامٌ هَذَا مَعْنَاهُ لَمْ أَحْفَظْهُ.
قَالَ صَاحِبُ "سِيْرَتِهِ"
(1)
: وَرَأَيْتُهُ أَنَا فِي المَنَامِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ كَالمُعْتِبِ، وَكَأَنَّهُ يَقُوْلُ لِيْ: اسْتَبْشِرْ بِقُدُوْمِي، وَمَا زَالُوا مِنْ صَلَاةِ المَغْرِبِ يَضْرِبُوْنَ بِالصَّوَالِي، وَلَوْ رَأَيْتَ الجَمْعَ الَّذِي كَانَ، وَكَلامًا آخَرَ لَمْ أَفْهَمْهُ. رضي الله عنه. قَال: وَرَثَاهُ رَفِيْقُنَا النَّجْمُ عَبْدُ المُنْعِمِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الصَّقَّالِ الحَرَّانِيُّ
(2)
أَحَدُ أَصْحَابِهِ، وَأَمْلَاهُ عَليَّ مِنْ لَفْظِهِ:
إِلَامَ يُشْجِيْكَ ذِكْرُ الرَّبْعِ وَالطَّلَلِ
…
وَيَسْتَخِفُّ نُهَاكَ الغِنْجُ
(3)
فِي المُقَلِ
فَإِنْ دَعَاكَ دَدٌ
(4)
لَبَّيْتَ دَعْوَتَهُ
…
مُدَلَّهًا غَيْرَ مِنْقَادٍ إِلَى العَذَلِ
ذَرِ الهَوَى فَعَطَايَاهُ مُعَاطِبَةٌ
…
وَجُوْدُهُ بِالمُنَى شَرٌّ مِنَ البَخَلِ
وَلَا تُصِخْ لِقَرِيْضٍ بَعْدَهَا أَبَدًا
…
وَإِنْ تَوَحَّدَ فِي مَدْحٍ وَفِي غَزَلِ
مَا لَمْ تَرِثِ قَوَافِيْهِ الَّتِي جَمَعَتْ
(5)
…
صِفَاتَهُ الغُرَّ بَيْنَ العِلْمِ وَالعَمَلِ
وَمَنْ غَدَا نَاصِرَ الإِسْلَامِ يَحْرُسُهُ
…
بِهِمَّةٍ لَمْ تُقَصِّرْ عَنْ سَمَا زُحَلِ
وَطَالَمَا خَدَمَ الرَّحْمَنَ مُعْتَكِفًا
(6)
…
عَلَى العِبَادَةِ لا يَنْصَاعُ لِلْكَسَلِ
(1)
في (ب)، و (ج)، و (هـ):"السِّيْرَةِ" وَكَذلِكَ هيَ في هامش (أ).
(2)
المُتَوفَّى سَنَة (601 هـ) حَنْبَلِيٌّ لَمْ يَذْكُرْه المُؤَلِّفُ، سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ إِنِ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(3)
في (ط): "بَهَاكَ الفَنجِ" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَالنُّهَى: العَقْلُ، الغِنْجُ: الجَذْبُ.
(4)
في (ط): "ددد" بِزِيَادة دالٍ فَلَعَلَّهَا خَطَأُ طِبَاعَةٍ، والدَّدُ: اللَّهوُ وَاللَّعِبُ.
(5)
هكَذَا فِي الأُصُوْلِ وَوَزْنُهُ غَيْرُ مُسْتَقِيْمٍ.
(6)
في (ط): "مُتَعكِفًا" و"يَنْسَاغُ".
إِنْ رَوَّق
(1)
اللَّيْلُ جَافَى الحَبْرُ مَضْجَعَهُ
…
يَتْلُو بِدَمْعٍ غَزِيْرِ وَاكِفٍ هَطِلِ
أَوْ أَتْحَفَ الجَوَّ أَنْوَارَ الضِّيَا ابْنُ ذُكَا
(2)
…
غَدَا لِتَدْرِيْسِ عِلْمٍ وَاسِعٍ جَلَلِ
وَإنْ بَدَا مُشْكِلٌ فِي الشَّرْعِ مُنْغَلِقٌ
(3)
…
أَتَى بِهِ ظَاهِرًا حَقًّا عَلى عَجَلِ
وَاهًا
(4)
لِمَا حَازَ مِنْ عِلْمِ وَكَمْ قَدِمَتْ
…
إِلَى خَصَائِصِهِ يَهْمَاءُ
(5)
مِنْ رَجُلِ
(1)
رَوَّقَ: أَلقى بِظَلَامِهِ، كَأَنَّهُ أَلْقَى بِرُوَاقِهِ وهُوَ سِتْرَهُ، قَالُوا: رَوَّقَ اللَّيْلُ: إِذَا مَدَّ رِوَاقَ ظُلْمَتِهِ، وَأَلْقَى أَرْوِقَتَهُ". يُرَاجَعُ: اللِّسَان: "رَوَقَ". و"جَافَى": لَمْ يَلْزَمْ مَكَانَهُ
…
كَالجَنْبِ يَجْفُو عَنِ الفِرَاشِ، قَالَ تَعَالَى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إنَّ جَنْبِي عَنِ الفِرَاشِ لَنَابٍ
…
كَتَجافِي الآسِرِّ فَوْقَ الضِّرَابِ
(2)
ابنُ ذُكَاءِ: الصُّبْحُ، وَأَبُو ذُكَاءِ: هُوَ الشَّمْسُ، قَالَ الرَّاجِزُ:
فَوَرَدَتُ قَبل انْبِلَاجِ الفَجْرِ
وَابنُ ذُكَاءٍ كَامِنٌ فِي كَفْرِ
كَذَا فِي ثِمَارِ القُلُوْبِ للثَّعَالِبِيِّ (264)، و"ذُكَاءُ" مَمْدُوْدٌ قَصَرَهُ هُنَا لإِقَامَةِ الوَزْنِ. يُرَاجَعُ: المَقْصُوْرُ وَالمَمْدُوْدُ لأبِي عَلِيٍّ القَالِي (475)، وَمِثْلُهُ:"الضِّيَاءُ" أَيْضًا قَصَرَهُ لإقَامَةِ الوَزْنِ. يُرَاجَعُ: المَقْصُوْرُ وَالمَمْدُوْدُ لأبي علِيٍّ القَالي أيضًا (432).
(3)
في (ط): "مُتَغَلِّقٌ".
(4)
كلمة بِمَعْنى التَّلَهُّفِ، قَالَ أَبُو النَّجْمِ [ديوانه: 227] وَيُرْوَى لِغَيْرِهِ:
وَاهًا لِرَيَّا ثُمَ وَاهًا وَاهَا
هِيَ المُنَى لَوْ أَنَّنَا نِلْنَاهَا
(5)
في (ط): "بَهْمَاءَ" وَاليَهْمَاءُ: الأَرْضُ الَّتِي لا يُهْتَدَى فِيْهَا لِطَرِيْقٍ. يُراجع: المَقْصُوْرُ المَمْدُوْدُ لأَبِي عَلِيٍّ القَالي (378)، وَالشَّاعِرُ هُنَا يَقْصُدُ مَسْأَلَةٌ مُبْهَمَةٌ كَالأَرْضِ الَّتِي لَا يُهتَدَى فِيْهَا لِطَرِيْقِ، وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِ العَرَبِ (بَهْمَاء) بِمَعْنَى مَسْأَلَةٍ مُبْهَمَةٍ؟! فَلَعَلِّي لم أَهتَدِ إِلَى ذلكَ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
فَيَشْهَدُ الفَضْلُ مَبْذُوْلًا لِطَالِبِه
…
وَيُدْرِكُ الفَضْلَ فِي أَحْلَى مِنَ العَسَلِ
فَمَا انْثَنَى عُمُرُهُ المَحْرُوسُ
(1)
عَن زَلَلٍ
…
وَاعْتَاقَهُ
(2)
الحَيْنُ عنْ قَوْلٍ وَعنْ عَمَلٍ
حَتَّى أَفَادَ صِحَابًا كُلُّهُمْ بَطَلٌ
…
يَوْمَ الجِدَالِ عَرِيْقُ الأَصْلِ فِي الجَدَلِ
إِنْ تَأْتِهِ تَلْقَ لَيْثًا فِي عَرِيْنَتِهِ
…
ذَا هِمَّةٍ غَيْرَ نَزَّاعٍ إِلَى الفَشَلِ
يُرِيْكَ قِسَّ إِيَادٍ مِنْ فَصَاحَتِهِ
…
وَيُحْسِنُ القَوْلَ فِي الأَحْكَامِ وَالعِلَلِ
يُفَرِّقُونَ جُمُوْعَ الخَصْمِ فِي دَعَةٍ
…
تَفْرِيْقَ شَمْلِ جُمُوْعِ الكُفْرِ سَيْفَ عَلِي
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ البَعْلِيُّ
(3)
(ثَنَا) عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَلْوَانَ
(1)
في هَامِشِ (و): "لَوْ قَالَ: المَيْمُوْنُ كَانَ أَصْوَبَ". أَقُوْل - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: صِحَّةُ هَذِهِ العِبَارَة: "لَكَانَ أَكْثَرَ صَوَابًا" وَهَذِهِ العِبَارَةُ الَّتِي صَوَّبَ بِهَا كَاتبها لا تَصِحُّ مَعَ قوْلِهِ: "عَنْ زلَلٍ".
(2)
في (ط): "واعتناقه" و"الخير" في (أ) و (ب) و (د)، وفي (هـ):"الحيْنُ"، وفي (و):"الجُبنُ"، و"الحَيْنُ" فِي كَثير من النُّسخ غَيْرِ المُعْتَمَدَةِ، وَكَذلِكَ هي في "المَنهج الأحمد". وَمَعْنَاهُ: المَوْتُ وَالهَلَاكُ، فَيَكُوْنُ المَقْصُوْدُ: عَاقَهُ المَوْتُ.
(3)
مِنْ شُيُوْخِ المُؤَلِّفِ، ذَكَرَهُ العُلَيمِيُّ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ"(5/ 176)، مَعَ مَنْ لَم يُذْكَرْ تَارِيخُ وَفَاتِهِ، وَلَم يُخَرِّجْ مُحَقِّقُهُ تَرْجَمَتَهُ، وَلَا عَرَّفَ بِهِ، وَهُوَ مَشْهُوْرٌ جِدًّا. ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي الدُّرَرِ الكَامِنَةِ (1/ 231)، وَإِنْبَاء الغمر (1/ 160)، وابنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِي تَارِيْخِهِ (1/ 231)، وَأَبُو زُرْعَةَ فِي ذَيل العِبَرِ (2/ 405)، وابنُ العِمَادِ فِي الشَّذَرَاتِ (6/ 250)، وابنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ فِي السُّحبِ الوَابلة (1/ 162) وَالعَجَبُ أَنَّ مُحَقِّقَ "المَنْهَج الأَحْمَد" هُوَ نَفْسُهُ خَرَّجَ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبْعَتِهِ لِـ "الشَّذَرَاتِ"(8/ 431)؟! وَذَكَرُوا وَفَاتَهُ سَنَةَ (777 هـ)، وَذَكَرُوا فِي شُيُوْخِهِ القَاضِي عَبْدَ الخَالِقِ بنَ عَلْوَانَ، وَهُوَ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلَامِ بنِ سَعِيدِ بنِ عَلوَانَ البَعْلَبَكِّيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، تَاجُ الدِّيْنِ (ت: =
(ثَنَا) أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ: قرَأْتُ عَلَى شَيْخِنَا أَبي الفَتْحِ نَصْرِ بنِ فِتْيَانَ، أَخْبَرَكُمْ الإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ بْنُ الزَّاغُوْنِيِّ (أَنَا) أَبو القَاسِمِ بْنُ البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ بَطَّةَ (ثَنَا) عَبْدُ اللهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ [(ثَنَا) مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ العَلَاءِ (ثَنَا) عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، عنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَقَ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: "رَأَيْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، بُرْدًا خَلِقًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: تَطْرَحُ هَذَا البُرْدَ وَتَلْبَسُ غَيْرَهُ، فَقَعَدَ وَطَرَحَ البُرْدَ عَلَى وَجْهِهِ، وَجَعَلَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ قَوْلِي يَبْلُغُ هَذَا مِنْكَ مَا قُلْتُهُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا البُرْدَكَسَانِيْةِ خَلِيْلِي، قُلْتُ: وَمَنْ خَلِيْلُكَ؟ قَالَ: عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، إِنَّ عُمَرَ نَاصَحَ اللهَ تَعَالَى فَنَصَحَهُ". اجْتَمَعَ فِي هَذَا الإِسْنَادِ خَمْسَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الحَنَابِلَةِ: أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ]
(1)
، وَابْنُ بَطَّةَ، وَابْنُ الزَّاغُوْنِيِّ، وَابْنُ المَنِّيِّ، وَالشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، رضي الله عنهم أَجْمَعِيْنَ.
192 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ
(2)
بنِ عَلِيِّ بْنِ الزَّيْتُوْنِيِّ، الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ،
= 696 هـ) فَقِيْهٌ، شَافِعِيٌّ، مِنْ شُيُوْخِ الحَافِظِ الذَّهَبِيِّ، وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (300)، وَهُوَ مِنْ جُلَّةِ شُيُوْخِي عِلْمًا، وَدِيْنًا، وَصَلَاحًا، وَعُلُوَّ إِسْنَادٍ، وَتَوَاضُعًا وَأَدَبًا، وَمُرُوْءَةً. . .". وَيُرَاجِعُ أَيْضًا: مُعْجَمُ شُيُوْخِ الذَّهبِيِّ (281)، وَالمُعْجَمُ المُخْتَصُّ لَهُ (134)، وَغَيْرُهُمَا.
(1)
هُوَ أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي دَاوُدَ (ت: 275 هـ) كَمَا أَوْضَحَ المُؤَلِّفُ. وَيُرَاجَعُ: الطَّبَقَاتُ (1/ 427)
(2)
192 - أَبُو الحَسَنِ البَرَنْدَاسِيُّ (فِي حُدُودِ: 483 - 583 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابن نَصرِ اللهِ (ورقة: 41)، =
المَعْرُوْفُ بِـ "البَرَنْدَاسِيُّ". وَ"بَرَنْدَاسُ" قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "بَغْدَادَ"
(1)
.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ؟ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ، وَلكِنَّنِي خَتَمْتُ القُرْآنَ سنَةَ ثَمَانِ وَخَمْسِمَائَةَ، قَالَ: وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَذَكَرَ عَبْدُ المُغِيْثِ: أَنَّهُ سَمِعَ جَمِيْعَ "مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ" مِنْهُ، وَسَمِعَ مِنَ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ بْنِ الفَرَّاءِ وَغيْرِهِمَا. وَتَفَقَّهَ، وَنَاظَرَ، وَأَفْتَى، وَدَرَّسَ.
قُلْتُ: وَلَمَّا بَنَى الوَزِيْرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ مَدْرَسَتَهُ بِـ "بَابِ البَصْرَةِ" وَلَّاهُ تَدْرِيْسَهَا، فَكَانَ يُدَرِّسُ بِهَا
(2)
وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: كتَبْتُ عَنْهُ. وَكَانَ قَلِيْلَ الرِّوَايَةِ، ثِقَةً، صَالِحًا، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: اسْتَيْقَظْتُ مِنْ مَنَامِي وَأَنَا أُنْشِدُ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ، وَلَا أَعْلَمُ قَدْ قِيْلَا قَبْلِي، أَوْ أَنَشْدْتُهُمَا لِنَفْسِي، إِلَّا أَنِّي لَمْ أَسْمَعُهَا مِنْ أَحَدٍ، وَهُمَا هَذَانِ:
(3)
= وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 256)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 300)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 136)، وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ (415)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 24)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلةِ (1/ 131)، وَمَشْيَخَةُ النَّعَّالِ (95)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (245)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 286) (6/ 470). وَلَقَبُهُ:"قُدْوَةُ الشَّرِيْعَةِ" كَمَا فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (3/ 341).
(1)
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: "قَرْيَةٌ عَلَى نَهْرِ عِيْسَى فَوْقَ "المُحَوَّلِ"، وَذَكَرَ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ في مُعْجَمِ البُلْدَانِ (1/ 481) "بُرُوْنَدَاس" بضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَانِيْهِ
…
وَقَالَ: اسْمُ مَقْبَرَةِ بِـ "أَوَانَا". . ." وَلَم أَجدْ ضَبْطًا لِنِسْبَتِهِ، وَضَبَطْتُّهَا اجْتِهَادًا. فَأَرْجُو أَنْ أَكُوْنَ مُصِيْبًا.
(2)
تَقدَّم ذَلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ.
(3)
لَمْ يُوْرِدْهَا الحَافِظُ عِزُّ الدِّينِ الكِنَانِيُّ العَسْقَلَانِيُّ الحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِهِ "تَنْبِيْهِ الأَخْيَارِ إِلَى مَا قِيْلَ فِي المَنَامِ مِنَ الأَشْعَارِ"؟ وَهِيَ فِي العزْلَةِ لأَبِي سُلَيْمَان الخطَّابِيِّ (52)، مَعَ اخْتِلَافِ =
لَيْتَ السِّبَاعَ لَنَا كَانَتْ مُجَاوِرَةً
…
وَلَيْتَنَا لَا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدًا
إِنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَى فِي مَوَاطِنِهَا
…
وَالنَّاسُ لَيْسَ بِهَادٍ شَرُّهُمْ أَبَدًا
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: وَهَذَانِ البَيْتَانِ فِي "العُزْلَةِ" لِلْخَطَّابِيِّ، بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الرَّبِيْعِ، عَن الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَنْشَدَهُمَا، وَلَفْظُهُ "لَيْتَ الكِلَابَ".
وَأَنْشَدَهُمَا أَبُو بَكْرٍ بْنِ المَرْزُبَانِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ العَنْبَرِيِّ
(1)
"إِنَّ السِّبَاع" و"إِنَّنَا لَا نَرَى" وَزَادَهُمَا ثَالِثًا:
فَاهْرُبْ بِنَفْسِكَ وَاسْتَأْنِسْ بِوَحْدَتِهَا
…
تَلْقَى السُّعُوْدَ إِذَا مَا كُنْتَ مُنْفَرِدًا
قُلْتُ: وَهذِهِ فِي "العُزْلَةِ" لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا
(2)
.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ. وَفِي سَنَةَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِيْنَ عُمِلَتْ دَعْوَةٌ لِلْصُّوْفِيَّةِ وَالعُلَمَاءِ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَكَلَ وَانْصَرَفَ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَضَرَ
= فِي رِوَايَةِ الأَخِيْرِ، وَلَمْ يَعْزُهُمَا إِلَى ابنِ أَبِي الدُّنْيَا. وَيُنْظَر: شِعْرُ الشَّافِعِيِّ (259) جَمَعَه وَحَقَّقَهُ صَدِيْقَنَا الدُّكتُوْر مُجَاهد مُصْطَفَى بَهْجَتْ، وَقَدْ تَنَازَعَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ عَدَدٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ يُرَاجِعُ "شِعْرُ الشَّافِعِيِّ" المَذْكُوْر.
(1)
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، أَبُو بَكْرٍ العَنْبَرِيُّ (ت: 412 هـ) "كَانَ شَاعِرًا، ظَرِيْفًا، أَدِيْبًا، حَسَنَ العِشْرَةِ، صَلِفَ النَّفْسِ، مَلِيْحَ الشِّعْرِ .. " كَذَا وَصَفَهُ الحَافِظُ الخَطِيْبُ فِي تَارِيْخ بَغْدَادَ (3/ 36). وَيُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (9/ 70). قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ مُعْجَمِ مَشَايِخ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بنِ مَحْمُودٍ الحَرَّانِيِّ بِخَطِّهِ. قَالَ أَنْشَدَنِي شَيْخُنَا أَبُو الحَسَنِ البَرَنْدَاسِيُّ - لِغَيْرِهِ - وَلَمْ يُسَمِّهِ:
أَمَا لَوْ قَصَدْتَ اللهَ فِي كُلِّ حَاجَةٍ
…
بِصِدْقِ يَقِيْنٍ لَمْ تَفُتْكَ المَطَالِبُ
وَلكِنَّمَا أَمَّلْتَ مَنْ لَيْسَ مِثْلُهُ
…
يُؤَمَّلُ فَانْسَدَّتْ عَلَيْكَ المَذَاهِبُ
(2)
يُرَاجَعُ: "العُزْلَة" لابن أَبِي الدُّنْيَا.
السَّمَاعَ، وَكَانَ البَرَنْدَاسِيُّ مِمَّنْ عَجَزَ عنِ الخُرُوْجِ مَعَ مَنْ أَكَلَ وَانْصَرَفَ، فَأَقَامَ وَأُغْلِقَ البَابَ دُوْنَهُ، وَحَضَرَ السَّمَاعَ، فَحَيْثُ عَلِمَ أَهْلُ "بَابِ البَصْرَةِ" تَخَلُّفَهُ دُوْنَ جَمِيع أَصْحَابِهِ كَابْنِ الجَوْزِيِّ، وَابْنِ عَبْدِ القَادِرِ، قَالُوا: فِيْهِ الشِّعْرَ، وَهَجَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ عَوَامِّهِمْ. فَأَنْشَدَنِي الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الخِيَارِيِّ لِنَفْسِهِ فِيهِ:
أَيُّهَا الشَّيْخُ مَنْ يُنَافِقُ خَلْوَهْ
…
يُظْهِرِ اللهُ ذلِكَ الفِعْلَ جَلْوَهْ
كُنْتَ تُفْتي أَنَّ السَّمَاعَ حَرَامٌ
…
كَيْفَ حَلَّ السَّمَاعَ يَوْمَ الدَّعْوَهْ
عِشْتَ مَا عِشْتَ بَيْنَ زُهْدٍ وَنُسكٍ
…
وَتَسَمَّيْتُ فِي الشَّرِيْعَةِ
(1)
قُدْوَهْ
(1)
يُشِيْرُ إِلَى لَقَبِهِ "قُدْوَةِ الشَّرِيْعَةِ" كَمَا سَبَقَ.
وَيُذكَرُ هُنَا:
- عَبْدُ الغَنِيِّ بنِ أَبِي بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ المَعْرُوفُ بِـ "ابنِ نُقْطَة" وَالِدُ المُحَدِّثِ المَشْهُوْرِ الحَافِظِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الغَنِي (ت: 628 هـ) صَاحِبُ "التَّقْيِيْدِ" وَ"تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ". ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِهِ، وَهَذَا مَحَلُّهُ. أَخْبَارُهُ في: ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (28)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 84)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 68)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (155)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (4/ 278). وَذَكَرَ المُؤلِّفُ ابْنَهُ مُحَمَّدًا (629 هـ) في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، ويَأتِي ابنُهُ الآخَرُ أَبُو مَنْصُوْرٍ (ت: 597 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَيَأْتِي فِي تَرْجَمَةِ الحَافِظِ شَرْحُ هَذِهِ النِّسْبَةِ "ابنُ نُقْطَةَ".
يسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَة (583 هـ):
224 -
مَحْفُوظُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ الإِمَامِ العَلَّامَةِ مَحْفُوْظِ بنِ أَحْمَدَ، الكَلْوَذَانِيُّ البَغْدَادِي، ذَكَرَ المُؤلِّفُ أَبَاهُ أَحْمَدَ (ت: 538 هـ)، وَجدَّه مَحْفُوظًا (ت: 510 هـ)، وَعَمَّهُ مُحَمَّدًا (ت: 533 هـ). قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "سَمِعَ ابنَ الحُصَيْنِ، وَحَدَّثَ، وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ عُدُوْلِ "بَغْدَادَ". . .". أَخْبَارُهُ فِي: المُخْتَصرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 171)، وَالتَّكْمِلَةِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 75)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (164).
225 -
وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَواهِبِ بنِ إِسْرَائِيلَ البَرَادَنِيُّ، أَبُو الفَتْحِ. أَخْبَارُهُ فِي: مَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (82)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 17)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 160)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 106).
226 -
وَنَصْرُ اللهِ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَبُو السَّعَادَاتِ بنِ زُرَيْقٍ الشَّيْبَانِيُّ القَزَّازُ، مُسْنِدُ "بَغْدَادَ" فِي وَقْتِهِ، مِنْ بَيْتِ الرِّوَايَةِ وَالحَدِيثِ. أَبُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَن (ت: 535 هـ) وَجَدُّهُ أَبو غَالِبٍ مُحَمَّدُ (ت: 508 هـ) تَقَدَّمَ، واشْتُهِرَ كَثِيرٌ مِنَ العُلَمَاءِ من هَذَا البَيْتِ، وَأُمُّ نَصْرِ اللهِ هِيَ شَمْسُ النَّهَارِ بِنْتُ أَبِي عَلِيٍّ البَرَادَانِيِّ (ت: 515 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي اسْتِدْرَاكِنَا، وَجَدُّهُ لأُمِّهِ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بن مُحَمَّد البَرَدَانِيُّ (ت: 498 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (584 هـ) أحَدًا، وَفِيْهَا:
227 -
إِبْرَاهِيْمَ بنُ سُفْيَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْدَه، أَبُو إسْحَقَ كَرِيْمُ الدِّيْنِ، العَبْدِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ. قَالَ ابنُ النَّجَّارِ:"سَمِعَ كَثِيْرًا وَأَسْمَعَ أَوْلَادَهُ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَكَانَ مَوْصُوْفًا بِالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَحُسْنِ الطَّريْقَةِ وَالدِّيَانَةِ" وَهُوَ مِن بَيْتِ "آل مَنْدَه" البَيْتِ العِلْمِيِّ الكَبِيْر، أَخْبَاره في تَاريخ الإسلام (69)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (4/ 61) سَبَقَ ذِكْره رقم (31). وَوَالِدُهُ سُفيَانُ بنُ إِبْرَاهِيمَ مِنْ شُيُوْخِ الحَافِظِ ابنِ عَسَاكِرٍ كَمَا فِي مُعْجَمِهِ (1/ 394)، وَلَهُ ذِكرٌ في ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (3/ 17)، وجَدُّهُ إِبْرَاهِيمُ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 490 هـ) لَهُ ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ سَبَقَ استِدْرَاكُهُ فِي مَوْضعه، وأَبُو جَدِّهِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ (ت: 475 هـ) سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ، أَيْضًا ثُمَّ وَالِدُ عَبْدِ الوَهَّابِ: مُحمَّدُ بنُ إِسْحَقَ (ت: 395 هـ) ثُمَّ وَالِدُهُ إِسْحَقُ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 341)، ثُمَّ وَالِدُهُ جَدُّ الأُسْرَةِ الأَعْلَى الحَافِظُ الكَبِيْرُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى (ت: 301 هـ) تِلْمِيْذُ الإِمَامِ أَحْمَدَ رحمهم الله جَمِيْعًا -. ذَكَرَهُمُ القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ فِي "الطَّبَقَاتِ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 228 - وَوَلَدُهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْم بن سُفْيَانَ بنِ مَنْدَه. ذَكَرَهُ ابنُ الفُوَطِيِّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (4/ 220)، وَلَمْ يَذْكُر وَفَاتَهُ، قَالَ: "المُحَدِّثُ،
…
مِن أَوْلَادِ المُحَدِّثِيْن، وَالعُلَمَاءِ المَذْكُوْرِيْنَ".
229 -
وَضَاعِنُ بن مُحَمَّد بن مَحْمُوْدِ بنِ الفَرَج الزُّبَيْرِيُّ، الأَزَجِيُّ، الخَيَّاطُ. أَخْبَارُهُ في: مَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (85)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 85)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 126)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (182)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 108).
230 -
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي الوَحْشِ الحَرَّانِيُّ، التَّاجِرُ السَّفَّارُ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: شَيْخٌ، صَالِحٌ، صَدُوقٌ، مُعَمَّمٌ، جَلِيْلٌ
…
وَنَقَلَ عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ أَنَّهُ سَكَنَ "دِمَشْقَ" وَبَنَى بِهَا مَدْرَسَةً أَوْقَفَهَا عَلَى الحَنَابِلَةِ" وَفِي سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 194)، أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِهَذِهِ المَدْرَسَةِ. أَخْبَارُهُ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 131)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 89)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 93)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1355)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (197)، وَالمُسْتَفَاد مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (28)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 109)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 282).
وَيُذْكَرُ هُنَا:
- عُمَرُ بنُ نِعْمَةَ بنِ يُوْسُفَ الرُّوْبِيُّ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمةِ ابْنهِ مَكِّيِّ، وَمَحَلُّهُ هُنَا. وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابْنَيْهِ: مَكِّيِّ بنَ عُمَرَ (ت: 634 هـ)، وَإِسْمَاعِيلَ بنَ عُمَرَ (ت: 606 هـ) فِي مَوْضِعَيْهِمَا كَمَا سَيَأْتِي.
- ومُحَمَّدُ بنُ أَبِي المَعَالِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ قَايِدٍ الأَوَانِيُّ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنُ عَمِّهِ: أَحمَدَ بْنَ يَحْيَى بنِ قَايِدٍ الأَوَانِيِّ (ت: 630 هـ)، وَذَكَرَ مُحَمَّدًا هَذَا فِي تَرْجَمَتِهِ، وَمَحَلُّهُ هُنَا. أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (1/ 69)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 195)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 352)، وَالتَّوْضِيْحِ (1/ 279).
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (585 هـ) أَحَدًا، وَفِيْهَا:
ثُمَّ خَلَعَتْ العِذَارَ فِي اللَّهْوِ وَالرَّقْـ
…
ــصِ وَبَيْنَ البِلَى وَبَيْنَكَ خُطْوَهْ
كُنْتَ حَقًّا لَوْ رَقَصَ الطِّفْلُ حَوْ
…
قَلْتَ وَأَنْكَرْتَ بِارْتِعَادٍ وَسَطْوَهْ
كَيْفَ جَازَ الجُلُوْسُ بَيْنَ حُدَاةٍ
…
لَمْ يَفُتْ فِي سَمَاعِهِمْ غَيْرُ قَهْوَهْ
لَا تُبَهْرِجْ فَلَيْسَ عِنْدَكَ عُذْرٌ
…
يَلْزَمُ القَوْمُ مَا أَتَوا بِكَ عُنْوَهْ
إِنَّمَا أَنْتَ حِيْنَ خَبَّرْتَ أَنَّ الرَّقـ
…
ــصَ مِنْ بَعْدِهِ صَحَاحُ
(1)
وَكِسْوَهْ
وَدَجَاجٌ وَحَلْوَةٌ
(2)
حَثَّكَ البُخْـ
…
ــلُ فَلَا تَعْتَذِرْ بِقَوْلِكَ شَقْوَهْ
وَدَعِ الآنَ شُغْلَكَ بِالفِقْـ
…
ــهِ وَخُذْ فِي لِبَاسِ دَلْقٍ وَرُكْوَهْ
قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الجَوْزِيِّ يَقُوْلُ: دَخَلَ البَرَنْدَاسِيُّ الدَّعْوَةَ وَأَكَلَ، وَأَرَادَ الاِنْصِرَافَ مَعَنَا، فَأُغْلِقَ البَابُ دُوْنَهُ، وَمَا عَلِمَ حَقِيْقَةَ مَا يَجْرِي وَحَصَلَ هُنَاكَ، لَا أَنَّهُ اخْتَارَ هَذَا.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسِتِّ عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيْعِ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. وَقَدْ ذكَرَهُ المُنْذِرِيُّ الحَافِظُ فِي "وَفَيَاتِهِ" فِيْمَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ فَقَالَ:
= 231 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ عَلِيِّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الجَوْزِيِّ، أَخُو الشَّيْخِ الإِمَام أَبِي الفَرَج المَشْهُوْرِ، كَانَ مُزَوِّقًا دَهَّانًا، سَمَّعُهُ أَخُوْهُ مِن هِبَةِ اللهِ بنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي غَالِبٍ المَاوَرْدِيِّ، رَوَى عَنْهُ ابنُ أَخِيْهِ أَبُو القَاسِمِ عَلِيٌّ، وَأَبُو الحَسَنِ القَطِيْعِيُّ، سَقَطَ مِن الصَّقَالَةِ فَزَمِنَ مُدَّةً. وَاشْتُهِرَ ابنُهُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِالعِلْمِ أَيْضًا (ت: 608 هـ) يَأْتِي فِي اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (1/ 110)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 128).
(1)
الصَّحَاحُ - بِالفَتْح - الدَّرَاهم الصَّحِيْحَةُ.
(2)
فِي (ط): "وَدَجَاجٍ وَبَطٍّ".
وَفِي السَّادِسِ عَشَرَ مِنْ شَهرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ تُوُفِّيَ الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ المُقْرِئُ الضَّرِيْرُ، وَدُفِنَ عِنْدَ قِبْلَةِ جَامِعِ المَنْصُوْرِ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأَبِي غَالِبِ بْنِ البَنَّاءِ، وَغيْرِهِمْ وَحَدَّثَ، وَأَقْرَأَ، فَخَالَفَ مَا ذَكَرَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ فِي مَدْفَنِهِ، فَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّحِيْحِ مِنْ ذلِكَ. وَأَمَّا قَوْلِهِ: إِنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ فَغَلَطٌ مَحْضٌ؛ فَإِنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ يَكُوْنُ قَدْ جَاوَزَ المَائَةَ بِسِتِّ سِنِيْنَ، فَأَيْنَ آثَارُ ذلِكَ مِنْ تَفَرُّدِهِ عَنْ أَقْرَانِهِ بِالسَّمَاعِ مِنَ الشُّيُوْخِ، ثُمَّ قَدْ سَبَقَ أَنَّ القَطِيْعِيَّ سَأَلَهُ عَنْ مَوْلِدِهِ؟ فَذَكَرَ مَا يَدُلُّ علَى أَنَّهُ قَبْلَ الخَمْسِمَائَةَ بِنَحْوِ سَنَتَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيْحُ. وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ ضَرِيْرٌ، وَلَمْ يَصِفْهُ القَطِيْعِيُّ بِذلِكَ.
193 - نَجْمُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ
(1)
بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشِّيْرَازِيُّ
(1)
193 - نَجْمُ بنُ الحَنْبَلِيِّ (498 - 586 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 42)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 53)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 301)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنضَّدِ" (1/ 293). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 132)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (256)، وَالدَّارِسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِسِ (2/ 68)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (2/ 574)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 285)، (6/ 469)، وَفِيْهِ وَفِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ"، نَجْمُ الدِّيْنِ؟! وَهُوَ مِنْ بَيْتِ "آل الحَنْبَلِيِّ" الأُسْرَةِ الدِّمَشقِيَّةِ، الشِّيْرَازِيَّةِ الأَصْلِ، الأَنْصَارِيَّةِ، الخَزْرَجِيَّةِ، السَّعْدِيَّةِ العُبَادِيَّةِ، المَشْهُورَةِ بِالعِلْمِ وَالفَضْلِ تَقَدَّمَ جَدُّهُ أَبُو الفَرَجِ (ت: 486 هـ) وَوَالِدُهُ شَرَفُ الإِسْلَامِ عَبْدُ الوَهَّابِ (ت: 536 هـ)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ إِخْوَتَهُ، وَلِنَجْمِ الدِّينِ أَوْلَادٌ اشْتُهِرَ مِنْهُمْ: =
الأَصْلِ، الدِّمَشْقِيُّ، الأَنْصَارِيُّ، الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ أَبُو العَلَاءِ بْنُ شَرَفِ الإِسْلَامِ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ، شَيْخُ الحَنَابِلَةِ بِـ "الشَّامِ" فِي وَقْتِهِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ وَلَدِهِ نَاصِحِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحَمَنِ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، وَأَفْتَى وَدَرَّسَ وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، إِلَى أَنْ مَاتَ، وَعَاشَ هَنِيًّا مُرَفَّهًا، لَمْ يَلِ وِلَايَةً مِنْ جِهَةِ سُلْطَانٍ، وَمَا زَالَ مُحْتَرَمًا، مُعَظَّمًا، مُمَتِّعًا، قَوِيًّا. قَالَ لِي قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بِسَنَةٍ: رَأَيْتُ الحَقَّ عز وجل فِي مَنَامِيْ، فَقَالَ لِي: يَا نَجْمُ أَمَا عَلَّمْتُكَ وَكُنْتَ جَاهِلًا؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: أَمَا أَغْنَيْتُكَ وَكُنْتَ فَقِيْرًا؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: أَمَا أَمَتُّ سِوَاكَ وَأَحْيَيْتُكَ؟ وَجَعَلَ يُعَدِّدُ النِّعَمَ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ مَا أَعْطَيْتُ مُوْسَى بْنَ عِمْرَانَ. وَلَمَّا مَرِضِ مَرَضَ المَوْتِ، رَآنِي وَقَدْ بَكَيْتُ، فَقَالَ: أَيْشٍ بِكَ؟ فَقُلْتُ: خَيْرٌ، فَقَالَ: لا تَحْزَنْ عَلَيَّ؛ أَنا مَا تَوَلَّيْتُ قَضَاءً، وَلَا شُحْنَكِيَّةً، وَلَا حُبِسْتُ، وَلَا ضُرِبْتُ، وَلَا دَخَلْتُ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا ظَلَمْتُ أَحَدًا، فَإِنْ كَانَ لِي ذُنُوْبٌ، فَبَيْنِي وَبَيْنَ اللهِ عز وجل، وَلِيْ سِتُّوْنَ سَنَةً أُفْتِي النَّاسَ، وَاللهِ مَا حَابَيْتُ فِي دِيْنِ اللهِ تَعَالَى. وَكَانَ يَقُوْلُ - قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ - سَنَتِي سَنَةُ سِتٍّ
(1)
وَثَمَانِيْنَ، إِلَى أَنْ دَخَلَتْ
= عَبْدُ الرَّحْمَنِ المَشْهُورِ بِـ "نَاصِحِ الدِّينِ"(ت: 634 هـ). وَأحْمَدُ بنُ نَجْمٍ المَشْهُوْرُ بِـ "بَهَاءِ الدِّينِ"(ت: 626 هـ). وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بن نجم (ت: 619 هـ). وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نَجْمٍ (ت:؟) وَالِدُ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المَذْكُوْرُ فِي مُعْجَمِ الدِّمْيَاطِيِّ وَعُقُوْدِ الجُمَانِ. وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ نَذْكُرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
في هامش (و): "لَعَلَّهَا نَيِّفٌ".
سَنَةُ سِتٍّ [وَثَمَانِيْنَ]
(1)
، فَقَالَ: هَذِهِ سَنَتِي، فَقُلْنَا: كَيْفَ تَقُوْلُ هَذَا؟ قَالَ: هِيَ سَنَةُ أَبِي وَجَدِّي؛ لأَنَّ أَبَاهُ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَجَدُّهُ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ، وَكَانَ الأَمْرُ كَمَا قَالَ. قَالَ: وَكَانَ الشَّيْخُ المُوَفَّقُ وَأَخُوْهُ أَبُو عُمَرَ، إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ سَأَلَا وَالِدِي. قَالَ: وَخَرَّجَ لَهُ أَبُو الخَيْرِ سَلَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَدَّادُ
(2)
"مَشْيَخَةً"
(3)
وَسَمِعْنَاهَا عَلَيْهِ بِقِرَاءَتِهِ. وَذَكَرَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي "وَفَيَاتِهِ" أَنَّ لَهُ إِجَازَةً مِنْ أَبِي الحَسَنِ بْنِ الزَّاغُوْنِيِّ وَغَيْرِهِ، قَالَ: وَتُوُفِّيَ ثَانِي عِشْرِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "سَفْحِ قَاسِيُوْنَ". وَقَالَ غَيْرُهُ: شَيَّعَهُ خَلَائِقُ.
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَخِيهِ بَهَاءُ الدِّيْنِ عَبْدِ المَلِكِ
(4)
، وَكَانَ لَهُ أَيْضًا عِدَّةُ إِخْوَةٍ.
194 - مِنْهُمْ: الشَّيْخُ سَدِيْدُ الدِّيْنِ عَبْدُ الكَافِي بْنُ شَرَفِ الإِسْلَامِ
(5)
(1)
فِي الأُصُوْلِ: "وَثَلاثِيْنَ"، وَفِي هَامِشِ الأَصْلِ:"هكَذَا؟ وَلَعَلَّهُ إِلَى أَنْ دَخَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ".
(2)
فِي (ط): "أَبُو الحُسَيْنِ" تَحْرِيْفٌ، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو الخَيْرِ المُتَوَفَّى سَنَةَ (594 هـ) حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المُؤلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
في (ط): "شَيخه" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(4)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (545 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(5)
194 - عَبْدُ الكَافِي (؟ - بعد 580):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 54)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 304)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 295).
- ولَهُ ابْنٌ اسْمُهُ عَبدُ الوَهَّابِ. مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (411)، ولِعَبْدِ الوَهَّاب وَلَدَانِ: أَحَدُهُمَا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ وَيُسَمَّى سَعْدًا (ت: 656 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. =
قَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ: كَانَ فَقِيْهًا مُتَطَهِّرًا، وَوَعَظَ فِي شَبَابِهِ، وَكَانَ يَذْكُرُ الدَّرْسَ فِي الحَلْقَةِ، مُسْتَنِدًا إِلَى خِزَانَةِ أَبِيْهِ، وَكَانَ صَيِّتًا، وَرُبَّمَا خَطَبَ فِي الإِمْلَاكَاتِ المُعْتَبَرَةِ، وَكَانَ شُجَاعًا شَدِيْدًا، مَاتَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَالخَمْسِمَائَةَ، وَقَبْرُهُ تَحْتَ "مَغَارَةِ الدَّمِ".
195 - ومِنْهُمْ: الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الحَقِّ
(1)
بْنِ شَرَفِ الإِسْلَامِ،
قَالَ النَّاصِحُ: كَانَ فَقِيْهًا، عَاقِلًا، عَفِيْفًا، حَسَنَ العِشْرَةِ، كَثِيْرَ الصَّدَقَةِ، رَحِيْمَ القَلْبِ، سَافَرَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَقرَأَ كِتَابَ "الهِدَايَةِ" عَلَى الشَّيْخِ أَحْمَدَ الحَرَّانِيِّ
(2)
الحَنْبَلِيِّ، وَدَخَلَ بِلَادَ العَجَمِ، وَرَأَى أَئِمَّةَ خُرَاسَانَ، وَعَادَ إِلَى "دِمَشْقَ" وَصَحِبَ أَخَاهُ، وَ [هُوَ] الَّذِي يُسْمِعُ دَرْسَهُ، وَيَعِيْدُ لَهُ، وَهُوَ بَيْنَ
= وَالآخَرُ: عَبْدُ اللهِ، ذَكَرَهُ عَرَضًا فِي "عُقُوْدِ الجُمَانِ" لابنِ الشَّعَّارِ المَوْصِلِيِّ (1/ ورقة: 79).
(1)
195 - شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الحَقِّ (؟ -؟):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَد الأرشد (3/ 54)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 304)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 295).
- ولَهُ ابنٌ اسمُهُ عَبْدُ المَلِكِ بنِ عَبْدِ الحَقِّ (ت: 641 هـ) ذَكَرَهُ الحُسَيْنِيُّ فِي صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (ورقة: 5) يَأْتِي فِي اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَابْنُهُ الآخَرُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الحَقِّ، لَهُ ابْنَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ هِيَ: سِتُّ العَبِيْدِ (694 هـ). وَابْنُهُ عَبْدُ المَلِكِ (ت: 641 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَحَفِيْدُ ابْنِهِ هَذَا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الوَفَاءِ (ت: 693 هـ) يَأْتِي فِي اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
فِي المَنْهَجِ الأَحْمَدِ: "الحَزْنِيُّ".
يَدَيْهِ كَالحَاجِبِ. وَمَاتَ
…
(1)
وَدُفِنَ بِـ "سَفْحِ قَاسِيُوْنَ".
196 - وَمِنْهُمْ: الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ
(2)
بنُ شَرَفِ الإِسْلَامِ
كَانَ فَقِيْهًا، فَرَضِيًّا، يَعْرِفُ الغَزَوَاتِ، وَيُعَبِّرُ المَنَامَاتِ، وَيَتَّجِرُ، وَلَا يَدَاخِلُ المَلِكَ وَتُوُفِّيَ، وَدُفِنَ بِـ "البَابِ الصَّغِيْرِ".
197 - وَمِنْهُمْ: الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَبْدُ الهَادِيْ
(3)
بْنُ شَرَفِ الإِسْلَامِ
كَانَ فَقِيْهًا وَاعِظًا، شُجَاعًا، حَسَنَ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ، شَدِيْدًا فِي السُنَّةِ، شَدِيْدَ القُوَى، يُحْكَى لَهُ حِكَايَاتٌ عَجِيْبَةٌ فِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ؛ مِنْهَا: أَنَّهُ بَارَزَ فَارِسًا مِنَ الإِفْرَنْجِ، فَضَرَبَهُ بِدَبُّوْسٍ فَقَطَعَ ظَهْرَهُ وَظَهْرِ الفَرَسِ فَوَقَعَا جَمِيْعًا، وَكَانَ فِي صُحْبَةِ أَسَدِ الدِّيْنِ شِيْرَكُوْهُ
(4)
إِلَى "مِصْرَ" وَشَاهَدَهُ جَمَاعَةٌ رَفَعَ الحَجَرَ الَّذِي عَلَى بِئْرِ
(1)
بَيَاضٌ في (أ)، و (ب)، و (و).
(2)
196 - شَرَفُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ (؟ -؟):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 55)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 305)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 295). وَيُرَاجَعُ: الدَّارِسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِسِ (2/ 69).
(3)
197 - عِزُّ الدِّيْنِ عَبْدُ الهَادِي (؟ -؟):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 55)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 305)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 295). وَابْنُهُ تَمَّامُ بنُ عَبْد الهَادِي (ت: 620 هـ) يَأْتِي في اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(4)
شِيْركُوْهُ بنُ شَادِي بنِ مَرْوَانَ بنِ يَعْقُوْبَ، المَلِكُ المَنْصُوْرُ، أَسَدُ الدِّيْنِ (ت: 564 هـ) مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ السُّلْطَانِ نُوْر الدِّيْن، سَيَّرَهُ إِلَى "مِصْرَ" عَوْنًا لِشَاوَرَ، وَلَم يَتَّفِق مَعَ شَاوَرَ فَعَادَ إِلَى "دِمَشْقَ" ثُمَّ عَادَ إِلَى "مِصْرَ" مَعَ أَخِيْهِ صَلَاحِ الدِّيْنِ فَتَوَلَّى الوِزَارَةَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ. أَخْبَارُهُ فِي: الاعْتِبَارِ (14)، وَالنُّكَتِ العَصْرِيَّةِ (78)، وَالكَامِلِ فِي التَّارِيْخِ =
جَامِعِ "دِمَشْقَ" فَمَشَى بِهِ خُطُوَاتٍ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَكَانِهِ، وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي هَذَا البَابِ غَرِيْبَةٌ، وَبَنَى مَدْرَسَةً بِـ "مِصْرَ"، وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَتُوُفِّيَ بِـ "مِصْرَ".
وَمِمَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ فَتَاوَى نَجْمِ الدِّيْنِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ: أَنَّ مَنْ أَرادَ أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ، فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثَ بَتَاتٍ، وَأَرَادَ أَنْ يَقُوْلَ: إِنْ لَمْ أَتَحَوَّلْ مِنَ الدَّارِ، ثُمَّ تَفَكَّرَ فِي ضَرَرِ التَّحْوِيْلِ، فَسَكَتَ عَلَى قَولِهِ: بَتَاتٌ، إِعْرَاضًا عَنِ اليَمِيْنِ بِالكُلِيَّةِ، لَا إِرَادَةً لِوُقُوْعِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذلِكَ الإِيْقَاعُ، بَلْ قَصَدَ التَّعْلِيْقَ، ثُمَّ سَكَتَ عَقِيبَ ذِكْرِ الطَّلَاقِ، لَا قَاصِدًا لَهُ، بَلْ أَرَادَ إِبْطَالَ اليَمِيْنِ، فَإِنَّهُ يَدِيْنُ فِي ذلِكَ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي البَاطِنِ، وَبِمِثْلِ هَذَا صَرَّحَ صَاحِبُ "المُحَرَّرِ" فِيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا، وَلَا أَعْلَمُ فِي ذلِكَ نَصًّا لأَحَمَدَ، وَلَا لأَحَدٍ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا. وَقِيَاسُ نُصُوْصِ أَحْمَدَ وَأُصُوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَدِيْنُ فِي ذلِكَ، بِحَيْثُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ وُقُوْعُ الطَّلَاقِ بِهِ، ولَوْ وُجِدَ شَرْطُهُ الَّذِي أَرَادَ تَعْلِيْقُهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ المَنْصُوْصَ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَواضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الحَلِفَ بِالطَلَاقِ لَيْسَ بِيَمِيْنٍ، وَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الأَيْمَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ طَلَاقٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ، وَلَوْ قَصَدَ بِتَعْلِيْقِهِ الحَضَّ وَالمَنْعَ، وَحِيْنَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ حُكْمُ هَذَا حُكْمَ مَنْ طَلَّقَ، وَقَالَ: نَوَيْتُ تَعْلِيْقَ الطَّلَاقِ بِشَرْطٍ. وَالمَذْهَبُ فِي ذلِكَ عِنْدَ القَاضِيْ وَمَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ يَدِيْنُ فِي ذلِكَ، وَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ فِي البَاطِنِ
= (11/ 341)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 381).
إِلَّا بِوُجُوْدِ الشَّرْطِ، وَهَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الحُكْمِ؟ خَرَّجُوْهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَنَصُّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّى
(1)
: عَلَى أَنَّهُ لَا يَدِيْنُ، كَقَوْلِ أَبي حَنِيْفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَتَأَوَّلَهُ القَاضِيْ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الحُكْمِ، وَهُوَ تأْوِيْلٌ بَعِيْدٌ. فَعَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةُ مُهَنَّى يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الحَالِ، وَإِنْ أَرَادَ الحَلِفَ بِهِ، ثُمَّ تَرَكَهُ، وَعَلَى المَذْهَبِ عِنْدَ القَاضِيْ وَأَصْحَابِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ
(2)
حَتَّى يُوْجَدَ الشَّرْطُ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَرَادَ تَعْلِيْقَ الطَّلَاقِ بِشَرْطٍ يَأْتِي لَا مَحَالَةَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ تَعْلِيْقَهُ، فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيْقَ يَمِيْنٌ عَلَى أَشْهَرِ الوَجْهَيْنِ لِلأَصْحَابِ، بَلْ أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقَدْ حُكِيَ عنْهُ صَرِيْحًا، فَيَكُوْنُ تَعْلِيْقُ الطَّلَاقِ عِنْدَهُ كُلُّهُ يُسَمَّى يَمِيْنًا، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الطَّلَاقِ، لَا حُكْمُ الأَيْمَانِ، فَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِالشَّرْطِ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ اليَمِيْنَ بِالطَّلَاقِ، فتلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ قَطَعَ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ بِذلِكَ، وَلَوْ وُجِدَ الشَّرْطُ أَنْ يَقُوْلَ هَهُنَا فِي التَّعْلِيْقِ بِمَا يَأْتِي لَا مَحَالَةَ كَذلِكَ، وَهُوَ فِي غَايَةِ البُعْدِ. وَقَدِ اسْتَوْفَيْنَا الكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي كِتَابِنَا المُسَمَّى بِـ "الكَشْفِ وَالبَيَانِ عَنْ مَقَاصِدِ النُّذُوْرِ وَالأَيْمَانِ" وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ.
198 - عَبدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ
(3)
بنِ أَبِي بَكْرٍ المَقْدِسِيُّ، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، أَبُو القَاسِمِ،
(1)
مُهَنَّى بنُ يَحْيَى الشَّامِي، مِن كِبَارِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ. يُرَاجَعُ: الطَّبَقَاتُ (2/ 432)، وَتَخْرِيج تَرْجَمَتِهِ هُنَاكَ.
(2)
ساقِط من (أ).
(3)
198 - سيْفُ الدِّينِ المقْدِسِيُّ (557 - 586 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 43)، =
سَيْفُ الدِّيْنِ. وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "قَاسِيُوْنَ". وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ"، وَسَمِعَ بِهَا مِنْ جَمَاعَةٍ، وَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ فِي مَعْرِفَةِ المَذْهَبِ وَالخِلَافِ وَالمُنَاظَرَةِ، وَقَرَأَ النَّحْوَ عَلَى أَبِي البَقَاءِ
(1)
، وَحَفِظَ "الإِيْضَاحَ" لأَبِي عَلِيٍّ، وَقَرَأَ العَرُوْضَ، وَلَهُ فِيْهِ تَصْنِيْفٌ
(2)
.
= وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 305)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 296)، وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ (290)، وَالَوافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 370)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 285)(6/ 468)، ولَهُ ذِكْرٌ في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِية (399).
مِنَ الأُسْرَةِ العِلْمِيَّةِ المَقْدِسِيَّةِ الأَصْلِ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيَّةِ يُعَرَفُوْنَ بِـ "آل سَعْدِ بنِ مُفْلِحٍ" أُسْرَةٌ سعْدِيَّةٌ، عُبَادِيَّةٍ، أَنْصَارِيَّةٌ، مُرْتَبِطَةٌ بِالمُصَاهَرَةِ مَعَ "آلِ قُدَامَةَ" وَ"آلِ عَبْدِ الغَنِي" وَسَيَأْتِي أَنَّ زَوْجَةَ المُوفَّقِ بنِ قُدَامَةَ منْهم، وَهُمْ غَيْرُ "آل مُفْلِحٍ" الرَّامِيْنِيِّ المَقْدِسِيُّ أَيْضًا أُسْرَةُ شَمْسِ الدِّينِ صَاحِبِ "الفُرُوعِ" وَأَوْلَادِهِ وَأَحْفَادِهِ الَّذِينَ منهم صَاحِبُ "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ".
232 -
وَوَالِدُهُ أَبو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَبِي بكرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعدِ بْنِ مُفْلِحٍ السَّعْدِيُّ، تَرْجَمَ لَهُ عُمَرُ بنُ الخَضِرَ فِي تَارِيخ دُنَيْسِرٍ (82)، وَقَالَ:"قَدِمَ عَلَيْنَا""دُنَيْسِرٍ" فَسَمِعْنَا مِنْهُ بهَا مِنْ أَبِي السَّعادَاتِ
…
بنِ القَزَّازِ وَغَيْرِهِ. . ." وَأَوْرَد عَنْهُ سَنَدًا وَرَوَى عَنهُ حَدِيثًا. وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ. وَلمْ يَذْكُرْهُ المُؤلِّفُ هُنَا فَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ. وأَخُوْهُ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ (ت: 616 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤلِّفُ نَسْتَدْرِكُهُ فِي موْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ. وَأَخوَاهُ أَيْضًا أَحْمَدُ (ت:؟) وَأَبُو بَكْرٍ (ت:؟). مُعْجَم السَّمَاعَاتِ (399). وَأَبْنَاءُ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ المَذْكُورِ؛ أَحْمَدُ وَعبدُ الله، نُورِدُهُم في تَرْجَمَةِ أَبِيْهِم وَهُمْ في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (191).
(1)
عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ (ت: 616 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ: "تَصَانِيف".
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: اشْتَغَلَ بِالفِقْهِ وَالخِلَافِ وَالفَرَائِضِ وَالنَّحْوِ، وَصَارَ إِمَامًا، عَالِمًا، ذَكِيًّا، فَطِنًا، فَصِيْحًا، مَلِيْحَ الإِيْرَادِ، حَتَّى إِنِّي سَمِعْتُ بَعْضَ النَّاسِ يَقُوْلُ عَنْ بَعْضِ الفُقَهَاءِ أَنَّهُ قَالَ: مَا اعْتَرَضَ السَّيْفُ عَلَى مُسْتَدِلٍّ إِلَّا ثَلَمَ دَلِيْلَهُ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ فِي المَسْأَلَةِ - غَيْرَ مُسْتَعْجِلٍ - بِكَلَامٍ فَصِيْحٍ، مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ وَلَا تَتَعْتُعٍ. وَكَانَ رحمه الله حَسَنَ الخَلْقِ وَالخُلْقِ، أَنْكَرَ مُنْكَرًا بِـ "بَغْدَادَ" فَضَرَبَهُ الَّذِي أَنْكَرَ عَلَيْهِ، وَكَسَرَ ثَنِيَّتَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ مُكِّنَ مِنْ ذلِكَ الرَّجُلِ، فَلَمْ يَقْتَصَّ مِنْهُ. قَالَ: وَسَافَرْتُ مَعَهُ إِلَى "بَيْتِ المَقْدِسِ" فَرَأَيْتُ مِنْهُ مِنْ وَرَعِهِ، وَحُسْنِ خُلُقِهِ مَا تَعَجَّبْتُ مِنْهُ. قَالَ: وَشَهِدْنَا غَزَاةً مَعَ صَلَاحِ الدِّينِ، فَجَاءَ ثَلَاثَةُ فُقَهَاءٍ، فَدَخَلوا خَيْمَةَ أَصْحَابِنَا فَشَرَعُوا فِي المُنَاظَرَةِ، وَكَانَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ وَالبَهَاءُ حَاضِرِيْنَ، فَارْتَفَعَ كَلَامُ أُوْلئِكَ الفُقَهَاءِ، وَلَمْ يَكُنِ السَّيْفُ حَاضِرًا، ثُمَّ حَضَرَ فَشَرَعَ فِي المُنَاظَرَةِ، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ انْقَطَعُوا مِنْ كَلَامِهِ.
وَسَمِعْتُ البَهَاءِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فِيْهِ مِنَ الذَّكَاءِ وَالفِطْنَةِ مَا يُدْهِشُ أَهْلَ "بَغْدَادَ" وَكَانَ يَحْفَظُ دَرْسَ الشَّيْخِ إِذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَكُنْتُ أَنَا أَتْعَبُ حَتَّى أَحْفَظَهُ، وَكَانَ مُبَرِّزًا فِي عِلْمِ الخِلَافِ، وَكَانَ وَرِعًا، يَتَعَلَّمُ مِنَ العِمَادِ، وَيَسْلُكُ طَرِيْقَهُ.
وَسُئِلَ عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّق الدِّيْنِ، فَقَالَ: سَافَرَ إِلَى "بغْدَادَ" صَغِيْرًا، وَسَمِعَ بَهَا كَثِيْرًا، وَتَفَقَّهَ بِهَا، وَصَارَ فَقِيْهًا حَسَنًا، حَسَنَ الكَلَامِ فِي المُنَاظَرَةِ،
فَصِيْحَ اللِّسَانِ، حَسَنَ الخَطِّ، وَقرَأَ فِي العَرَبِيَّةِ، وَشَرَعَ هُوَ وَالمُحِبُّ أَبُو البَقَاءِ فِي تَصْنِيْفِ كِتَابٍ فِيْهَا ثُمَّ قَدِمَ "الشَّامَ"، وَخَرَجَ إِلَى الغَزَاةِ مَعَنَا، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى "حَرَّانَ"، وَتُوُفِّيَ بِهَا شَابًّا - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي حَيَاةِ أَبِيْهِ، تُوُفِّيَ بِـ "حَرَّانَ" فِي شَوَّالٍ سَنةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَرَثَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ النَّجِيْبِ
(1)
بِقَوْلِهِ:
عَلَى مِثْلِ عَبْدِ اللهِ يُفْتَرِضُ الحُزْنُ
…
وَتُسْفَحُ آمَاقٌ وَلَمْ يَغْتَمِضْ جَفْنُ
عَلَيْهِ بَكَى الدِّيْنُ الحَنِيْفِيِّ وَاكِفًا
(2)
…
كَمَا قَدْ بَكَاهُ الفِقْهُ وَالذِّهْنُ وَالحُسْنُ
وَهِيَ طَوِيْلَةٌ، وَرَثَاهُ جِبْرِيْلُ المِصِّيْصِيُّ
(3)
المِصْرِيُّ بِقَوْلِهِ:
(1)
لمْ أَقِف علَى تَرْجَمَتِهِ الآنَ.
(2)
في (ط): "واكنفا".
(3)
كذَا فِي الأُصُوْلِ، وَفِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ" للصَّفَدِيِّ، المُصْعَبِي، وذَكَرَ الصَّفَدِيُّ أَيْضًا فِي الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (11/ 46)، فِي تَرْجَمَتِهِ "الصَّعْبِيُّ" وَكَذَا فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ" وَهَذَا هُوَ الصَّحِيْحِ؛ وَبِهَذَا النَّسَبِ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (601 هـ) وَيَأتِي تَفْصِيْلُ ذلِكَ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (586 هـ):
233 -
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو الحَسَن، سَيْفُ السُّنَّةِ البُرَبْهِيُّ، السَّكْسَكِيُّ، الكِنْدِيُّ، صَاحِبُ "البُرْهَان". نَصَّ صَاحِبُ "السُّلُوْكِ" عَلَى حَنْبَلِيَّتِهِ.
234 -
وَعَلِيُّ بنُ مَكِّيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هُبَيْرَةَ، ابْنُ أَخِي الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّينِ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 560 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَيُلَقَّبُ عَلِيٌّ هَذَا: "غَرْسَ الدَّولَةِ" تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ وَعَمَّهِ وَأَهْلُ بَيْتِهِ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ وَعَمِّهِ. وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيٍّ (ت: 588 هـ) فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَعَلِيٌّ هَذا ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابن النَّجارِ فَقَالَ: "كَانَ أَدِيْبًا، فَاضِلًا، بَلِيْغًا، مَلِيْحَ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، لَهُ: "رِسَالَةٌ فِي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الصَّيْدِ وَالقَنْصِ" مَلِيْحَةٌ، رَوَاهَا لَنَا عَنْهُ عبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ الغَزَّال الوَاعِظُ"، [حَنْبَلِيٌّ (ت: 615 هـ) ذَكَرَهُ المُؤلِّفُ فِي موْضِعِهِ]، وَأَنْشَدَ لَهُ:
هَذا الرَّبِيْعُ يُسْدِي مِن زَخَارِفِهِ
…
وَشْيًا يَكَادُ عَلَى الأَلْحَاظِ يَلْتَهِبُ
كَأَنَّهَا هيَ أَيَّامُ الوَزِيْرِ غَدَتْ
…
مُجَلَّيَاتٍ بِمَا يُعْطِي وَمَا يَهَبُ
وأَنْشَدَ لَهُ أَيْضًا:
نَسَجَ الرَّبِيعُ لِرَبْعِهَا دِيْبَاجَةً
…
مِن جَوْهَرِ الأَنْوَارِ بِالأَنْوَاءِ
بَكَتِ السَّمَاءُ بِهَا رَذَاذَ دُمُوْعِهَا
…
فَغَدَتْ تَبَسَّمُ عَنْ نُجُوْمِ سَمَاءِ
وَأَنْشَدَ لَهُ أَيْضًا:
مَا تُرِيْدُ الحَمَامِ فِي كُلِّ وَادٍ
…
مِنْ عَمِيْدِ صَبٍّ بِغَيْرِ عَمِيْدِ
كُلَّمَا أُخْمِدَتْ لَهُ نَارُ شَوْقٍ
…
هَاجَهَا بِالبُكَاءِ وَالتَّغْرِيْدِ
وَفِيْهِ: "هيجتها" وَالتَّصْحِيحُ مِن "مَجْمَعِ الآدَابِ" وَأَنْشَدَ لَهُ فِي صفَةِ فَهْدَيْنِ لِلْصَّيدِ:
يَتَعَاوَرَانِ مِنَ الغُبَارِ مَلَاءَةً
…
بَيْضَاءَ مُحْدَثَةً هُمَا نَسَجَاهَا
تُطْوَى إِذَا وَطِئَا مَكَانًا جَاسِئًا
…
وَإِذَا السَّنَابِكُ أَسْهَلَتْ نَشَرَاهَا
وَهُمَا مَشْهُوْرَانِ مِنْ شَوَاهِدِ البَلَاغَةِ.
قَالَ ابنُ الفُوَطِيِّ فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ": ذَكَرَهُ شَيْخُنَا تَاجُ الدِّينِ أَبُو طَالِبٍ [ابنِ السَّاعِي] فِي "تَارِيخِهِ" وَقَالَ: هُوَ ابنُ أَخِي الوَزِيْر عَوْنِ الدِّينِ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ، وَلِيَ صَدْرِيَّةِ الدِّيْوَانِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَعُزِلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ
…
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَهرِ رَمَضَانَ سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ يُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 190)، ومَجْمَعِ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (2/ 412)، وذَكَرَه ابنُ الدُّبَيْثِيِّ في "ذَيْلِ تَاريْخِ بَغْدَادَ" لَهُ، وَلَمْ يَرِدْ فِي "المُخْتَصَر المُحْتَاج إِلَيْهِ" وَلَا
صَبْرِي لِفَقْدِكَ عَبْدَ اللهِ مَفْقُوْدُ
…
وَوُجْدُ قَلْبِي عَلَيْكَ الدَّهْرَ مَوْجُوْدُ
عَدِمْتُ صَبْرِيَ لَمَّا قِيْلَ إِنَّكَ فِي
…
قَبْرٍ بِحَرَّانَ سَيْفَ الدِّيْنِ مَفْقُوْدُ
نَبْكِيْ عَلَيْكَ بِشَجْوٍ بِالدِّمَاءِ كَمَا
…
تَبْكِي التَّعالِيْقُ حَقًّا وَالمَسَانِيْدُ
وَلِلْمَشَايِخِ تَعْوِيْلَ عَلَيْكَ كَمَا
…
لِلْطَّيْرِ فِي الدَّوْحِ تَغْرِيْدٌ وَتَعْدِيْدُ
وَذَكَرَ بَاقِيْهَا. وَهِيَ سِتَّةٌ وَعِشْرُوْنَ بَيْتًا.
199 - يَحْيَى بْنُ مُقْبِلِ
(1)
بْنِ أَحمَدَ بْنِ بَرَكَةَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ
= فِي "تَكْمِلَةِ المُنْذِرِيِّ" وَلَا فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ؟!
235 -
وَغَالِبُ بنُ ثَعْلَبِ بنِ جَعفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ السَّرَّاجِ، أَبُو الرِّضَا بنُ أَبِي المَعَالِي ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ، وَقَالَ: هُوَ مِنْ بَيتِ الحَدِيْثِ، حَدَّثَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَجَدُّهُ.
يَقُوْلُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سُلَيْمَانَ العُثَيْمِينَ - عَفَا اللهُ عَنْهُ -: تَقَدَّمَ ذِكْرُ جَدِّهِ جَعْفَرِ بنِ السَّرَّاجِ (ت: 500 هـ) فِي كَلَامِ المُؤَلِّفِ ابنِ رَجَبٍ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - وَذَكَرْتُ فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ وَلَدَاهُ ثَعْلَبًا وَغَالِبًا، أَبَا الرِّضَا، نَقْلًا عَنِ "المَشْيَخَةِ البَغْدَادِيَّةِ" لِلحَافِظِ السِّلَفِيِّ، هُوَ ابن أَخِيْهِ أَخَذَ اسْمَ عَمِّهِ وَلَقَبِهِ. أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَة لِلْمُنْذِريِّ (1/ 127)، وَيُرَاجَعُ: المُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 156)، وفِيهِ:"قَالَ عَبْدُ اللهِ بنِ الخَبَّازِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَلَسْتُ مِن قَوْلِ عَبْدِ اللهِ عَلَى ثِقَةٍ؛ لِكَثْرَةِ وَهْمِهِ".
(1)
199 - أبُو طَاهِرِ بنُ الصَّدْرِ (517 - 587 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (43)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 111)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 307)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 296)، وَيُرَاجَعُ: مَشْيَخَةُ النَّعَّالِ (109) وَالتَّكْمِلَةُ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 163)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (1/ 494)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 251)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (288)، وَشَذَرَاتُ =
ابْنِ الحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ علِيِّ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّجَّادِ بْنِ طَلحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ
(1)
التَّيمِيُّ القُرَشِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الحَرِيْمِيُّ
(2)
، أَبُو طَاهِرِ بْنِ أَبِي القَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ الصَّدْرِ". وَهُوَ لَقَبُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَذْكُوْرِ فِي نَسَبِهِ. وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِـ "ابْنِ الأَبيَضَ". وُلِدَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْع عَشْرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَنَاظَرَ فِي حِلَقِ الفُقَهَاءِ، وَحَدَّثَ. قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: كَتَبْتُ عَنْهُ. وَكَانَ ثِقَةً. قَالَ: وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعِ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ". وَقَال المُنْذِرِيُّ: تُوُفِّيَ فِي العُشْرِ الأَخِيْرِ مِنْ ذِي القَعْدَةِ. قَالَ ابْنُ الجَوْزِيُّ فِي كِتَابِ "الرَّد علَى المُتَعَصِّبِ العَنِيْدِ المَانِعِ مِنْ ذَمِّ يَزِيْدَ" حَدَّثَنِي أَبُو طَاهِرِ بْنُ الصَّدْرِ الفَقِيْهِ: أَنَّ
= الذَّهَبِ (4/ 9292)(6/ 479). وفي (ط): "عبيد الملك". تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ: مُقْبِلِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 556 هـ). وَعَمِّهِ سَلَامَةَ بنِ أَحْمَدَ (ت: 558 هـ). وَسَيَأْتِي بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى اسْتِدْرَاكُ وَلَدَيْهِ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَحْيَى بنِ مُقْبِلٍ (ت: 605 هـ) وَعَبْدِ الخَالِقِ بنِ يَحْيَى بنِ مُقْبِلٍ (ت: 610 هـ) فِي مَوْضِعَيْهِمَا. وَحَفِيْدَتُهُ: بَرَكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الخَالِقِ. ذَكَرَهَا الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (1/ ورقة: 165) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهَا، نَذْكُرُهَا مَعَ أَبِيْهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَمِن ذَوِي قَرَابَتِهِ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ السَّلامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ السَّلامِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 456 هـ). ذَيْل تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 104).
(1)
في (ط): "عَبْدِ اللهِ".
(2)
في (ط): "الجَريمي" وَكَذلِكَ هِي فِي (أ) وَصُحِّحَتْ عَلَى هَامِشِهِ.
هَذَا الشَّيْخُ - يَعْنِي عبْدَ المَغِيْثِ الحَرْبِيِّ -
(1)
زَوَّجَ رَجُلًا، فَقَالَ لَهُ: زَوَّجْتُكَ بِحَقِّ وَكَالَتِي بِنْتُ أَخِي فُلَانٍ قَالَ الفَقِيْهُ: فَلَقِيْتُ المُتَزوِّجَ فَقُلْتُ لَهُ: مَا انْعَقَدَ لَكَ عَقْدٌ، وَلَا يَحِلُّ لَكَ قُرْبَانَ المَرْأَةِ؛ لأَنَّ أَبَا هَذِهِ المَرْأَةِ لَهُ أَرْبَعُ بَنَاتٍ، وَهَذَا العَاقِدُ مَا سَمَّى المُزَوَّجَةَ. فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ عدَمِ فَهْمِهِ لِلْفِقْهِ
(2)
.
(1)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ المُغِيثِ بن زُهَيْرٍ الحَرْبِيِّ (ت: 583 هـ).
(2)
لا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ عَدَمُ فَهْمِهِ لِلْفِقْهِ، بَلْ هُوَ سَهْوٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -، وَيَلْزَمُ مِنهَا أَنَّ ابنَ الجَوْزِيِّ مُتَتَبِّعٌ لِسَقَطَاتِ الشَّيْخِ عَبْدِ المُغِيْثِ، حَرِيْصٌ عَلَى نَشْرِهَا؟! غَفَرَ اللهُ لَهُمَا، وَعَفَا عَنَّا وَعَنْهُمَا.
يسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَةِ (587 هـ):
236 -
إِبْرَاهِيْمُ بنُ برَكَةَ بنِ إبْرَاهِيْمَ بنِ طَاقَوَيْهِ، أَبُو إِسْحَقَ الأَزَجِيُّ البَيِّعُ الدِّيْرعَاقُوْلِيُّ ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (1/ 162) وَقَالَ:"وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ لَهُ نَسَبًا بِالإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبلٍ رضي الله عنه مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ" وَلَمْ يَكُنْ مَحْمُوْدَ السِّيْرَةِ فَقَد ذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالمَرْضِيِّ فِي دِيْنِهِ، وَنَقَلَ عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الخَمْرَ. أَخْبَارُهُ فِي: مُعْجَمِ ابنِ خَلِيلٍ (وَرَقَة: 164)، وَالتَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (1621)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 229)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (262)، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى حَنْبَلِيَّتِهِ اتِّصَالُهُ نَسَبًا بِالإِمَامِ أَحْمَدَ، وَأَغْلَبُ شُيُوْخِهِ مِن الحَنَابِلة، وَنسْبَتُهُ إِلَى "بَابِ الأَزَجِ" مَحَلَّةُ الحَنَابِلَةِ، وَدَفْنِهِ بِمَقْبَرةِ "بَابِ حَرْبٍ" وَهِيَ مِن مَدَافِنِهِمْ وَلَمْ يُنْسَبْ فِي المَصَادِرِ إِلَى مَذْهَبٍ آخَرَ، هَذه مُجْتَمِعَةٌ رَجَّحَتْ أَنَّهُ مِنهم؛ لِذَا اسْتَدْرَكْتُهُ.
237 -
وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَقَ بنِ مَوْهوْبٍ الجَوَالِيْقِيُّ، أَبُو العَبَّاسِ، حَفِيْدُ الشَّيْخِ الإِمَامِ العَلَّامَةِ اللُّغَوِيِّ الكَبِيْرِ أَبِي مَنْصُوْرٍ. قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ:"اخْتَرَمَتْهُ المَنِيَّةُ شَابًّا" تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبيْهِ فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (575 هـ) وَعَمِّه إِسْمَاعِيْلُ (ت: 575 هـ) ذَكَرَهُ المُؤلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَذَكر المُؤَلِّفُ جَدَّهُ أَبَا مَنْصُوْرٍ مَوْهُوْبَ بنَ أَحْمَدَ (ت: 540 هـ) =
200 - نَصْرُ بْنُ مَنْصُوْرِ
(1)
بْنِ الحَسَنِ بْنِ جَوْشَنِ بْنِ مَنْصُوْرِ بْنِ حُمَيْدِ
بْنِ
= فِي مَوضِعِهِ. أَخْبَارُ أَحْمَدَ في التَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 164)، وإِنبَاهِ الرُّوَاةِ (1/ 30)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 238). وَسَيَأْتِي ابنُهُ مَوْهُوْبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَقَ (ت: 654 هـ)، وأَخَوَاهُ: الحَسَنُ بنُ إسْحَقَ (ت: 625 هـ) وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَقَ (ت: 636 هـ) فِي مَوَاضِعِهِمْ مِنَ الاستِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
238 -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلَانِي، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"كَانَ أَكْبَرَ أَوْلَادِ الشَّيخِ، سَمِعَ هِبَةَ اللهِ بنَ الحُصَيْنِ، وَأَبَا غَالِبِ بنَ البَنَّاءِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ حَدَّثَ، وَلَمْ يَكُنْ مُشْتَغِلًا بِالعِلْمِ". أَخْبَارُهُ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 149)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 152)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (267).
239 -
مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الرَّاذَانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"كَانَ مِنْ أَوْلَادِ المَشَايِخِ". أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ الحَسَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (546 هـ). وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله جَدَّهُ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ بنِ جَعْفَرٍ (ت: 494 هـ). أَمَّا هَذَا المُسْتَدْرَكُ هُنَا فَأَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقلة (1/ 156)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (276)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاج إِلَيْهِ (1/ 34).
(1)
195 - نَصْرُ بنُ مَنْصُوْرٍ النُّمَيْرِيُّ (الشَّاعِرُ)(501 - 588 هـ):
أَخبَارُهُ فِي: مُختَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 43)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 66)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 308)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 296). وَيُرَاجَعُ: خَرِيْدَةُ القَصْرِ "قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ"(3/ 2/ 455)، ومُعْجَمُ ابنِ خَلِيْل (وَرَقَة: 231)، وَمُعْجَمُ الأُدَبَاءِ (19/ 222)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 270)، وَالرَّوْضَتَيْن (2/ 211)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (10/ 170) وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (5/ 383)، وَمَجْمَعُ الآدَابَ لابنِ الفُوَطِيِّ (4/ 413) فِي ترَجَمَةِ ابْنِهِ عِيْسَى، وَسِيرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 213)، وَمِرَآةِ الجِنَانِ (3/ 438)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ =
أُثَالِ
(1)
ابْنِ وَرْدِ
(2)
بنِ عَطَّافِ بْنِ بِشرِ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ عُبَيْدٍ الرَّاعِي بْنِ الحُصَيْنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ قَطَنِ بْنِ رَبِيْعَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نُمَيْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازِنِ بْنِ مَنْصُوْرِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ
(3)
بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ
(4)
بْنِ مُضَرِ بْنِ نِزَارٍ، النُّمَيْرِيُّ
(5)
، الأَدِيْبُ الشَّاعِرُ، أَبُو المُرْهِفِ،
= (3/ 213)، وَنَكْتُ الهِمْيَانِ (300)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 352)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 438)، والنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 118)، وَشَذَّرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 297) (6/ 485). وَابْنُهُ: كَمَالُ الدِّينِ عِيْسَى بنُ نَصْرِ بنِ مَنْصُورٍ (ت: 597 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وأُمُّهُ: نَبْتَةُ بِنْتُ سَالِمِ بنِ مَالِكِ، صَاحِبِ "رَحَبَةِ الشَّامِ" بنِ بَدْرَانَ بنِ مُقَلِّدِ بن مُسَيِّبِ بْنِ رَافِعِ بنِ مُقَلَّدِ العُقَيْلِيِّ، وَالِدُهَا وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِن أُمَرَاءِ العَرَبِ بِـ "الشَّامِ" وَتَحَرَّفَتْ "نَبْتَةُ" فِي سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ إِلى "بَنَّة" وَقَالَ عَنْ وَالِدِهَا ابنُ صَاحِبِ "المَوْصِلِ".
(1)
في (ط): "ثال" وَالتَّسْمِيَةُ بِـ "أُثَالٍ" وَ"أُثَالَةَ" كَثِيرٌ عِنْدَ العَرَبِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
يُؤَرِّقُنِي أَبُو حَنَشٍ وَطَلْقٌ
…
وَعَمَّارٌ وَآوِنَة أُثَالَا
(2)
في خَرِيْدَةِ القَصْرِ "وَرْدِ" وفِي أُصُوْلِهَا الخَطِّيَّةِ: "وزر" وَصَحَّحَها المُحَقِّقُ عَفَا الله عنْهُ وغَفَرَ لَهُ - عَنْ "وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ". وَمِنَ الجَائِزِ أَنَّ مَا فِي "الوَفَيَاتِ" هُوَ الخَطَأُ.
(3)
في (ط): "حصفة".
(4)
كَذَا؟ وَإِنَّمَا هُو "قَيْسُ عَيْلَان" وفِي (ط): "غَيْلَان" وَنَسَبَهُ يَاقُوتٌ الحَمَوِيُّ فِي "مُعجم الأُدَبَاء""العَيْلَانيُّ" وَهِي نِسْبَةٌ غَرِيْبَةٌ، إِنْ كَانَ نَسَبَهُ إِلَى "عَيْلَان" مِنْ "قَيْسِ عَيْلَان"؛ لأَنَّ المَشْهُوْرَ أَنْ يُنْسَبُ إمَّا إلَى قَبِيْلَتِهِ فَيُقَالُ:"النُّمَيْرِيُّ" أَوْ إِلَى جِذْمِهِ فَيُقَالُ: "القَيْسِيُّ". هَذَا المَشْهُوْرُ، أَمَّا النِّسْبَةُ إِلَى العَجُزِ فَغَرِيْبٌ قَلِيْلٌ فِي هَذِهِ القَبِيْلَةِ خَاصَّةً.
(5)
جَدُّه الأَعْلَى عُبَيْدٌ بنُ حُصَيْنٍ المَعْرُوفِ بِـ "الرَّاعِي" شَاعِرٌ، أُمَوِيٌّ، مَشْهُوْرٌ، وَكَانَ سَيِّدًا، وَإِنَّمَا قِيْلَ لَهُ "الرَّاعِي" لِجَوْدَةِ وَصْفِهِ الإِبِلِ؛ لِذلِكَ يُقَالُ:"رَاعِي الإِبِلِ النُّمَيْرِيُّ" وَقَالَ ابنُ دُرَيْدٍ فِي "الاشْتِقَاق"(179)، لُقِّبَ بِذلِكَ لِبَيْتٍ قَالَهُ. وَكَانَ الرَّاعِي يُفَضِّلُ الفَرَزْدَقَ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عَلى جَرِيْرٍ، بَلْ إِنَّهُ هَجَا جَرِيْرًا بِقَصِيْدَةٍ عُرِفَتْ بِـ "الدَّامِغَةِ" (دِيْوَانُهُ: 213)، فَهَجَاهُ جَرِيْرٌ هِجَاءً مُرًّا مُقْذِعًا، بِقَصِيْدَةٍ مِنْهَا البَيْتُ السَّائِرُ المَشْهُوْرُ عَلَى الأَلْسِنَةِ.
فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ
…
فَلَا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلَا كِلَابَا
وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي الطَّبَقةِ الأُوْلَى مِنْ فُحُوْلِ الإِسْلَامِيِّين، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الأَصْمَعِيُّ ذلِكَ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ (90 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: الأَغَانِي (20/ 168)، وَالمُؤْتَلِفِ وَالمُخْتَلِفِ (122)، وَالشِّعْرِ وَالشُّعَرَاءِ (415)، وَخَزَانَةِ الأَدَبِ (1/ 502)
…
وَغَيْرِهَا. وَلَهُ دِيْوَانُ شعْرٍ كَبِيْرٌ - فِيمَا أَظُنُّ - يُضَاهِي دِيْوَانَ جَرِيْرٍ أَوِ الفَرَزْدَقَ أَوِ الأَخْطَلَ لكِنَّهُ مَفْقُوْدٌ فَالمُتَبَقِّي من شِعْرِهِ يَدُلُّ عَلَى ذلِكَ وَقَدِ اهْتَمَّ بِشِعْرِ الرَّاعِي كُلٌّ مِنَ الأَصْمَعِيِّ (ت: 210 هـ) وَتِلْمِيْذِهِ أَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ (248)، وأَبِي الحَسَنِ الأَثْرَمِ (ت: 232 هـ) وَالبَاهِلِيِّ (ت: 231 هـ) وَجَمَعَ شِعْرَهُ أَبُو سَعِيْدٍ السُّكَّرِيُّ (ت: 248 هـ) وَثَعْلَبٌ (ت: 292 هـ) وَأَبُو بَكْرِ بنُ الأنْبَارِيِّ (ت: 328 هـ) وَنَسَخَ دِيْوَانَ الرَّاعِي ابنُ دُرَيدٍ (ت: 310 هـ) وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ تِلْمِيْذُهُ أَبُو عَلِيٍّ القَالِي (ت: 356 هـ) فَلَعلَّهُ أَدْخَلَهُ مَعَهُ إلى "الأنْدَلُسِ" لِذلِكَ رَوَاهُ ابنُ خَيْرٍ الإشْبِيْلِيُّ في فِهْرِسْتِهِ (397).
وَلَمَّا لَمْ يَبِنْ أَثَرٌ لأَيِّ مَجْمُوْعٍ مِنْ شِعْرِ الرَّاعِي، أَوْ رِوَايةٍ مِن رِوَايَاتِهِ المُسْنَدَةِ اهتَمَّ العُلَمَاءُ المُعَاصِرُوْنَ بِجَمْعِ شِعْرِهِ مِنَ المَصَادِرِ المُخْتَلِفَةِ، فَجَمَعَ أُسْتَاذُنَا مُحَمَّد نَبِيْهِ حِجَاب كِتَابًا عَنْ حَيَاةِ الرَّاعِي وَشِعْرِهِ، وَطبع في القَاهرة سَنَةَ (1963 م) وَفِي سَنَةِ (1964 م) جَمَعَ المُسْتَشْرِقُ الإِيْطَالِيُّ جُيوفَانِي أُومان شِعْرَ الرَّاعِي وَنُشِرَ في نابولي في مِجَلةٍ اسْتِشْرَاقِيَّة، وَفي العَام نَفْسِهِ (1964 م) صَدَرَ بِـ "دمشق" شِعْرُ الرَّاعِي النُّمَيْرِيِّ وَأَخبَارُهُ فِي مَجْمَعِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ جَمَعَهُ الدُّكتُور نَاصر الحَاني، وَرَاجَعَهُ عِزُّ الدِّين التَّنُوخِي. وَفِي سَنَةِ (1966 م) نَشَرَ المُسْتَشْرِقُ الإيْطَالِيُّ السَّابِقُ الذِّكْرِ تَتِمَّةً لِمَا جَمَعَهُ مِنْ شِعْرِ الرَّاعِي. وَوُجِّهَتِ انتقَادَاتٌ وَمَلْحُوْظَاتٌ وَاسْتِدْرَاكَاتٌ عَلَى طَبْعَةِ دمشق المَذْكُوْرَةَ - لأَنَّهَا هِيَ الأَشْهَرُ -؛ بِأَنَّهَا لَا تَفِي بِالغَرَضِ وَأَعَادَ الفَاضِلَان الدُّكتور نُوري حَمُّودِي =
وَأَبُو الفَتْحِ أَيْضًا كَذَا نَقَلْتُ نَسَبَهُ مِنْ خَطِّ القَطِيْعِيِّ. وَقَالَ: أَمْلَاهُ عَلَيَّ
(1)
، وَقَالَ لِي: وُلِدْتَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "الرَّافِقَةِ" بِقُرْبِ "رَقَّةِ الشَّامِ"
(2)
.
= القَيْسِي، وَهِلال نَاجي جَمْعَ شِعْرِ الرَّاعِي بِأَوفَى مِن طَبْعَةِ دِمشقَ أَضَافَا إِلَيْهَا إِضَافَاتٍ كَثِيرةً مِنْهَا قَصَائِدُ كَامِلَةٌ عَنْ جُزْءٍ مَخْطُوْطٍ مِن "مُنْتَهَى الطَّلَبِ. . ." لابنِ مَيْمُون وُجِدَ في جَامِعة "ييل" بِالوِلَايَاتِ المُتَّحِدَّةِ الأَمرِيْكِيَّةِ، وَصَدَرَتْ طَبْعَتُهُمَا فِي المَجْمَعِ العِلْمِيِّ العِرَاقِيِّ سَنَةَ (1400 هـ - 1980 م) وَبَعْدَهَا بِأَشْهُرٍ سَنَةَ (1401 هـ - 1980 م) صَدَرَ بِـ "بَيْرُوت""دِيْوَانَ الرَّاعِي"، جَمْعُ وَتَحْقِيْقُ المُسْتَشْرِقِ الأَلْمَانِيِّ رَايْنهرَت في بَيْروت وَكَانَتْ بَيني وَبَيْنَهُ مُرَاسَلَةٌ فَأتْحَفَنِي بِهَا، مَعَ مَجْمُوعَةٍ من نَشَرَاتِهِ، قَابلتها بِالشُّكرِ، وَنَشَرَهُ المَعْهَدُ الأَلْمَانِيُّ لِلأَبْحَاثِ الشَّرْقِيَّةِ، وَتَتَبَّعْتُ الطَّبْعَتَيْنِ الأَخِيْرَتَيْن فَوَجَدْتُ الاسْتِدْرَاكَ عَلَيْهِمَا مُمْكِنًا، فَقَدْ وَقَعَ إِلَيَّ أَبَيَاتًا لَمْ تَرِدْ فِيْهِمَا، وَهكَذَا شَأْنُ الدَّوَاوِيْن المَجْمُوْعَةِ، وَالكَمَالُ للهِ وَحْدَهُ. وَفِي مُقَدِّمَةِ طَبْعَةِ المَجْمَعِ العِلْمِيِّ العِرَاقِيِّ (ص 14) فَمَا بَعْدَهَا تَعْرِيْفٌ بِصَاحِبِنَا المُتَرْجَمِ هُنَا نَصْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَجَمَعَا شِعْرَهُ - وَإِنْ كَانَ قَلِيْلًا - وَرَجَعَا إِلَى كِتَابِنَا هَذَا "الذَّيل عَلَى طَبَقَات الحَنَابِلة"، وَفَاتَهُمَا مَقْطُوْعَاتٌ لَهُ في تَرْجَمَةِ الوَزِير عَوْنِ الدِّيْنِ يحْيى بنِ هُبَيْرَةَ (ت: 560 هـ)، وَفِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلَانِيِّ (ت: 561 هـ)، نَبَّهْتُ عَلَيْهَا هُنَاكَ وَاللهُ المُسْتَعَان. وَذَكَرَا وَلَدَهُ عِيْسَى (ت: 597 هـ) عَنْ تَلْخِيْصِ مَجْمَعِ الآدَاب لابنِ الفُوَطِيِّ (ت: 720 هـ) وَلَم يَذْكُرَا أَنَّهُ كَانَ شَاعِرًا كَأَبِيْهِ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابنُ الفُوْطِيِّ مَقْطُوْعَةً في رِثَاءِ أَبِيْهِ، وَكُتِبَ عَنْ شِعْرِ الرَّاعِي رَسَائِل كَثِيْرَة لَا يَتَّسِعُ المَقَامُ لِذِكْرِهَا. وَلا أَظُنُّ أَنَّ لِذِكْرِهَا هُنَا مَزِيْدَ فَائِدَةٍ.
(1)
قَالَ العِمَادُ الأَصْبَهَانِيُّ فِي "خَرِيْدَةِ القَصْرِ": "كَتَبَ لِي نَسَبَهُ بِإِمْلَائِهِ" وَعَنِ العِمَادِ فِي "وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ"، وَبَعْدَ "نِزَارٍ" فِيْهِمَا:"بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَان" وَهَذَا مَعْلُوْمٌ.
(2)
الرَّقَّةُ: قَاعِدَةُ دِيَارِ مُضَرَ. يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (3/ 67). وَفِي سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ: =
كَانَ النُّمَيْرِيُّ مِنْ أَوْلَادِ أُمَرَاءِ العَرَبِ، نَشَأَ بِالشَّامِ، وَخَالَطَ أَهْلَ الأَدَبِ، وَقَالَ الشِّعْرَ الفَائِقَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ. وَأَصَابَهُ جُدَرِيُّ وَلَهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةٍ، فَضَعُفَ بَصَرُهُ
(1)
، حَتَّى كَانَ لَا يَرَى إِلَّا مَا قَرُبَ مِنْهُ، ثُمَّ قَدِمَ "بَغْدَادَ" لِمُعَالَجَةِ بَصَرِهِ
(2)
، فَآيَسَهُ الأَطِبَّاءُ مِنْهُ، فَعَمِيَ، فَاَقَامَ بِـ "بَغْدَادَ"، وَسَكَنَ بِـ "بَابِ الأَزَجِ"
(3)
، فَحَفِظَ القُرْآنَ العَظِيْمَ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنِ ابنِ الحُصَيْنِ، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيِّ وَأبِي الحَسَنِ بْنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَيَحْيَى بْنِ حُبَيْشٍ الفَارِقِيِّ، وابْنِ نَاصِرٍ وَغَيْرِهِمْ. وَبِـ "الكُوْفَةِ" مِنْ أَبِي الحَسَنِ بْنِ غَبَرَةَ
(4)
، وَتَفَقَّهَ فِي مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ. وَقَرَأَ العَرَبِيَّةَ وَالأَدَبَ عَلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ بْنِ الجَوَالِيْقِيِّ، وَصَحِبَ العُلمَاءَ وَالصَّالِحِيْنَ. كَالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ،
= "كَانَتْ لأَبِيْهِ قَلْعَةُ نَجْمٍ".
(1)
في بَعْضِ المَصَادِرِ: "أَضَرَّ بِصِبَاهُ".
(2)
في "سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ": "ثُمَّ اختَلَفَتْ عَشِيْرَتُهُ وَاخْتَلَّ نِظَامُهَا فَقَدم "بَغْدَادَ". . .".
(3)
في "مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ"(مَخْطُوط)(ورقة: 231) أَنَّ مَنْزِلَهُ بِـ "قَرَاحِ ابنِ جَهِيرٍ" بِـ "بَابِ الأَزَجِ".
(4)
في (ط): "غَيره" والصَّحِيْحُ المُثْبِتُ، قَالَ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ الحَنْبَلِيُّ فِي إِكْمَالِ الإكمال (4/ 362): "أَمَّا غَبَرَةُ بِفَتْحِ الغَيْنِ المُعْجَمَةِ وَبِالبَاءِ المُعْجَمَةِ بِوَاحِدَةٍ وَالرَّاء أَيْضًا، فَهُوَ
…
وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلَوِيِّ بن غَبَرَةَ الحَارِثيُّ الكُوْفِيُّ. . ." وَهُوَ مُتَرْجَمٌ فِي سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلاء (20/ 333) وَزَادَ في نَسَبِهِ "مُحَمَّدًا" ثَالِثًا. وَقَالَ: "الهَاشِمِيُّ الحَارِثِيُّ
…
وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَةِ ابنِ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ. وَذَكَرَ وَفَاتَهُ سَنَةَ (556 هـ). وَيُرَاجَعُ: التَّوضِيْحُ لابنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ (6/ 412)، وَالتَّبْصِيْرُ للحَافِظِ ابنِ حَجَرٍ (3/ 1038).
وَغَيْرِهِ، وَمَدَحَ الخُلَفَاءِ وَالوُزَرَاءَ، وَلَهُ "دِيْوَانُ شِعْرٍ" حَدَّثَ بِهِ
(1)
، وَكَانَ فَصِيْحَ القَوْلِ حَسَنَ المَعَانِي، ذَا دِيْنٍ وَصَلَاحٍ، وَتَصَلُّبٍ فِي السُّنَّةِ.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: مَنَعَ الوَزِيْرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ الشُّعَرَاءَ مِنْ إِنْشَادِ الشِّعْرِ بِمَجْلِسِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ النُّمَيْرِيُّ قَصِيْدَةً سَمِعْتُهَا مِنْ لَفْظِ النُّمَيْرِيِّ، فَكَتَبَ الوَزِيْرُ عَلَى رَأْسِهَا بِخَطِّهِ: لَوْ كَانَ الشُّعَرَاءُ كُلُّهُمْ مِثْلَهُ فِي دِيْنِهِ وَقَوْلِهِ لَمْ يُمْنَعُوا، وَإِنَّمَا يَقُوْلُوْنَ مَا لَا يَحِلُّ الإِقْرَارُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فَالصَّدِيْقُ، وَمَا يَذْكُرُ يُوْقَفُ عَلَيْهِ، وَرُسُوْمُهُ تُزَادُ وَلَا تُنْقَصُ، وَالسَّلَامُ. وَقَدْ حَدَّثَ النُّمَيْرِيُّ بِحَدِيْثِهِ وَشِعْرِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ القَطِيْعِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى عَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ مُقْبِلٍ اليَاسِرِيُّ، وَبَهَاءُ الدِّيْنِ عَبدُ الرَّحْمَنِ المَقْدِسِيُّ،
(1)
رَوَاهُ عنه ابنُهُ عِيْسَى كَمَا فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (4/ 413) وَفي تَرْجَمَةِ إِبْراهيْمَ بنِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ حَسَّانَ البَغْدَادِيِّ المقْرِئِ، عِمَادِ الدِّينِ أَبِي الفَضْلِ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (2/ 6)، قَالَ: "وَكَانَ يَرْوِي دِيْوَانَ الأَدِيْبِ نَصْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ النُّمَيْرِيِّ، قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: أَنْشَدَنِي لَهُ:
كُلَّمَا عَنَّفُوا عَلَيْكَ وَلَامُوا
…
عَصَفَ الوَجْدُ بِي وَلَجَّ الغَرَامُ
تَتَهَادَى دُمُوْعُ عَيْنِي لِذِكْرَا
…
كِ كُلَّمَا انْبَتَّ بِالجُمَانِ النِّظَامُ
وَمنهَا:
غَيَّرَتْ حَالِي اللَّيَالِي وَهَلْ حَا
…
لٌ عَلَيْهَا مَعَ اللَّيَالِي دَوَامُ
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعتَمِدُ -: هَذِهِ الأَبْيَاتُ لَمْ تَرِدْ فِي تَرْجَمَتِهِ وَشِعْرِهِ فِي مُقَدِّمَةِ دِيْوَانِ الرَّاعِي الَّذي أَشَرْنَا إِلَيْهِ سَابِقًا. وَفِي تَرْجَمَتِهِ سَالِمِ بنِ مَنْصُوْرٍ، أَبُو الغَنَائِمِ العَرَبَانِيِّ فِي تَكْمِلَةِ المُنْذِرِيِّ (2/ 135) قَالَ:"وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي المُرْهِفِ نَصْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ النُّمَيْرِيِّ بِشَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ".
وَابْنُ الدُّبَيْثِيُّ، وَيُوْسُفُ بْنُ خَلِيْلٍ
(1)
وَغَيْرُهُمْ.
وَتُوُفِّيَ يَومَ الثُّلَاثَاءِ عِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ عِنْدَ الشُّهَدَاءِ، رحمه الله، وَمِنْ شِعْرِهِ - وَقَدْ سُئِلَ عنْ مَذْهَبِهِ وَاعْتِقَادِهِ؟ فَأَنْشَدَ -:
أُحِبُّ عَلِيًّا وَالبَتُوْلَ وَوُلْدَهَا
…
وَلَا أَجْحَدُ الشَّيْخَيْنِ حَقَّ التَّقَدُّمِ
وَأَبْرَأُ مِمَّنْ نَالَ عُثْمَانَ بِالأَذَى
…
كَمَا أَبْرَأُ مِنْ وَلَاءِ ابْنِ مُلْجِمِ
وَيُعْجِبُنِي أَهْلَ الحَدِيْثَ لِصَدْقِهِمْ
…
فَلَسْتُ إِلَى قَوْمٍ سِوَاهمْ بمُنْتَمِي
وَقَدْ رَوَى البَيْتُ الثَّالِثُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ. وَمِنْ شِعْرِهِ - وَقَرَأْتُهُ بِخَطِّ السَّيْفِ بْنِ المَجْدِ الحَافِظِ -:
سَبَرْتُ شَرَائِعَ العُلَمَاءِ طُرًّا
…
فَلَمْ أَرَ كَاعْتِقَادِ الحَنْبَلِيِّ
فَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ سِرًّا وَجَهْرًا
…
تَكُنْ أَبَدًا عَلَى النَّهْجِ السَّوِيِّ
هُمْ أَهْلُ الحَدِيْثِ وَمَا عَرَفْنَا
…
سِوَى القُرْآنِ وَالنَّصِّ الجَلِيِّ
وَمِمَّا أَنْشَدَهُ عَنْهُ ابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَقَالَ: أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:
وَكَفَى مُؤْذِنًا بِاقْتِرَابِ
(2)
الأَجَلْ
…
شَبَابٌ تَوَلَّى وَشَيْبٌ نَزَلْ
(1)
جَاءَ فِي مُعْجَمِ يُوْسُف بنِ خَلِيْلٍ: ورَقَة (231): "أَخْبَرَنَا أَبُو المُرْهَفِ نَصرُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ الحَسَنِ بنِ جَوْشَنِ بنِ مَنْصوْرِ بنِ حُمَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، الأَدِيبُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِـ "بَغْدَادَ" بِمَنزِلهِ بِـ "قَرَاحِ جَهِيْرٍ" بِـ "بَابِ الأَزَجِ" قُلْت لَهُ: أَخْبَرَكُمُ القَاضِي أَبُوْ بَكْرٍ مُحَمَدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وأَنْتَ تَسْمَعُ، فَأَقَرَّ بِهِ. . .".
(2)
في (د): "بإقراب" وَصُحِّحَتْ على الهَامِشِ قِرَاءَة نُسخة أُخرى.
وَمَوْتُ اللَّدَاتِ
(1)
، وَهَلْ بَعْدَهُ
…
بَقَاءٌ يُؤَمِّلُهُ مَنْ عَقَلْ
إِذَا ارْتَحَلَتْ قُرَنَاءُ الفَتَى
…
عَلَى حُكْمِ رَيْبِ المَنُوْنِ ارْتَحَلْ
هُوَ المَوْتُ لَا مُحْتَمَى
(2)
لِلْنُّفُوْ
…
سِ مِنْ خَطْبِهِ بِالرُّقَى وَالحِيَلْ
إِذَا صَالَ كَانَ سَوَاءً عَلَيْـ
…
ــهِ مَنْ عَزَّ مِنْ كُلِّ حَيٍّ وَذَلَّ
فَيَا وَيْحَ نَفْسِي أَمَا تَرْعَوِيْ
…
وَقَدْ ذَهَبَ العُمْرُ إِلَّا الأَقَلَّ
وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا:
أَذَاعَتْ بِأَسْرَارِيَ الأَدْمُعُ
…
غَدَاةَ استَقَلُّوا وَمَا وَدَّعُوا
جَزِعْتُ لِمَا أَعْتَزَّ مِنْ بَيْنِهِمْ
…
وَمَا كُنْتُ مِنْ مُؤْلِمٍ أَجْزَعُ
تَوَّلَوا فَمَا قَرَّ لِي بَعْدَهُمْ
…
فُؤَادٌ، وَلَا جَفِّ لِي مَدْمَعُ
وَأُقْسِمُ لَا حِلْتُ عَنْ عَهْدِهِمْ
…
وَفَوا لِيَ بِالعَهْدِ أَوْ ضَيَّعُوا
أَأَحْبَابَنَا هَلْ لِعَصْرٍ مَضَى
…
لَنَا وَلَكُمْ باللَّوَى مَرْجِعُ
كَأَنَّ عَلى كَبِدِي بَعْدَكُمْ
…
مِنَ الشَّوْقِ نَارُ غَضًا تَسْفَعُ
ولِيْ مُقْلَةٌ مُنْذُ فَارَقْتُكُمْ
…
إِذَا هَجَعَ النَّاسُ لَا تَهْجَعُ
يُؤَرِّقُنِي كُلُّ بَرْقٍ أَرَاهُ
…
مِنْ نَحْوِ أَوْطَانِكُمْ يَلْمَعُ
(1)
في (ط): "اللَّذَات" وَأَشْكَلَتْ عَلى نَاسِخِ (د) فَأَسقَطَهَا فيما يَظْهَرُ. وَفِي (أ) كَمَا هُوَ مُثْبِتٌ، وَكَتَبَ نَاسِخُ الأَصْلِ فِي الهَامِش:"صَوابُهُ: "اللَّدَاتُ" بِفَتْحِ الدَّالِ المُهْمَلَةِ، جَمْعُ لَدَةٍ، أَيْ: الأَتْرَابُ. كَاتِبُهُ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ، مُفْتِي الحَنَابِلَةِ بِـ "مَكَةَ المُشَرَّفَةِ لَطَفَ اللهُ بِهِ فِي جَمِيْعِ الأُمُوْرِ" وَمَا قَالَهُ صَحِيْحٌ. وَفِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ". "وَمَوْتٌ للذَّات"، كَذَا ضَبَطَهَا المُحَقِّقُ؟!
(2)
في (ط): "لَا تَحْتَمِي".
وَكَمْ لِيَ مِنْ عَاذِلٍ فِيْكُمُ
…
يُطِيْلُ المَلَامَ فَلَا أَسْمَعُ
وَقَالَ: وَمِنْ شِعْرِهِ فِي الغَزَلِ:
وَلَمَّا رَأَى وَرْدًا بِخَدَّيْهِ يُجْتَنَى
…
وَيُقْطَفُ أَحْيَانًا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ
أَقَامَ عَلَيْهِ حَارِسًا مِنْ جُفْوْنِهِ
…
وَسَلَّ عَلَيْهِ مُرْهَفًا مِنْ عِذَارِهِ
وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا:
يُزَهِّدُنِي فِي جَمِيْعِ الأَنَا
…
مِ قِلَّةُ إِنْصَافِ مَنْ يُصْحَبُ
وَهَلْ عَرَفَ النَّاسُ ذُو نُهْيَةٍ
(1)
…
فَأَمْسَى لَهُ فِيْهُمُ مَرْغَبُ
هُمُ النَّاسُ مَا لَمْ تُجَرِّبْهُمُ
…
وَطُلْسُ الذِّئَابِ
(2)
إِذَا جُرِّبُوا
وَلَيْتَكَ تَسْلَمُ عِنْدَ البِعَا
…
دِ مِنْهُمْ فَكَيْفَ إِذَا يَقْرُبُوا
201 - أَحْمَدُ بْنُ الحُسَيْنِ
(3)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، أَبُو العَبَّاسِ،
(1)
في (ط): "نَهْبَة" وَالنُّهْيَةُ: العَقْلُ.
(2)
في (ط): "الذُّبَاب" وَ"طُلْسٌ" جَمعُ أَطْلَسَ صِفةٌ للذِّئبِ قَالَ الفَرَزْدَقُ:
وَأَطْلَسَ عَسَّالٍ وَمَا كَانَ صَاحِبًا
…
دَعَوْتُ لِنَارٍ مُوْهِنًا فَأَتَانِي
(3)
201 - أَبُو العَبَّاسِ العِرَاقِي (؟ - 588 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصرِ اللهِ (ورقة: 43)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 98)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 292)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 297). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ خَليلٍ (188)، وَالتَّكْمِلَةُ لوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 180)، وَمَعْرِفَةُ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 561)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (292)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 352)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 50)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 293)(6/ 480).
- وابنُهُ إِسْمَاعِيلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ، رَشِيْدُ الدِّيْنِ (ت: 652 هـ) مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالفَضْلِ، مِنْ شُيُوْخِ الحَافِظِ الدِّمْيَاطِيِّ، نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعالَى.
المَعْرُوْفُ بِـ "العِرَاقِيِّ" نَزِيْلُ "دِمَشْقَ".
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدِ سِبْطِ الخَيَّاطِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَهْلُوْنَ، وَأَبِي الفَتْحِ الكَرُّوْخِيِّ، وَسَعْدِ الخَيْرِ الأَنْدَلُسِيِّ، وَمَهَرَ فِي عِلْمِ القِرَاءَاتِ. وَلَقِيَ المُهَذَّبَ بْنَ مُنَيِّرٍ
(1)
الشَّاعِرَ بِـ "حَلَبَ"، وَرَوَى عَنْهُ.
وَقَدِمَ "دِمَشْقَ" سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ، فَسَكَنَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ وَتَصَدَّرَ لِلإقْرَاءِ تَحْتَ النَّسْرِ بِالجَامِعِ، فَخَتَمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَأَمَّ بِمَسْجِدِ الخَشَّابِيْنَ
(2)
، وَأَقَامَ بِهِ سِنِيْنَ. قَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ: كَانَ إِمَامًا فِي السُّنَّةِ، دَاعِيًا إِلَيْهَا، إِمَامًا فِي القِرَاءَةِ، وَكَانَ دَيِّنًا، يَقُوْلُ: شِعْرًا حَسَنًا، وَشَرَحَ "عِبَادَاتِ الخِرَقِيِّ" بِالشِّعْرِ.
قُلْتُ: وَكَانَ مُتَشَدِّدًا فِي السُّنَّةِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ مَنَعَ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ مِن الاجْتِمَاعِ بابْنِ عَسَاكِرٍ الحَافِظِ وَالسَّمَاعِ مِنْهُ، وَنَدِمَ الحَافِظُ عَلَى ذلِكَ، وَكَانَ يَقُوْلُ: كَانَ عِنْدَنَا فِي "الحَرْبِيَّةِ" قَوْمٌ مِنَ المُتَشَدِّدِينَ يُسَمَّوْنَ: السَّبْعَةَ، لَا يُسَلِّمُوْنَ عَلَى مَنْ سَلَّمَ - إِلَى سَبْعَةٍ -
(3)
عَلَى مُبْتَدِعٍ. وَرَأَيْتُ "جُزْءًا" فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ يُعَيِّرُ الحَنَابِلَةَ بِالفَقْرِ وَقِلَّةِ المَنَاصِبِ.
وَرَوَى عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ خَلِيْلٍ
(4)
.
(1)
تَقَدَّم التَّعْرِيْفُ بِهِ.
(2)
الأعْلَاقُ الخَطِيْرَةُ "مَدِيْنَة دِمَش"(103)، وَثِمَارُ المَقَاصِدِ (70).
(3)
في (ط): و (د): "شِيْعَة" وَيُصَحِّحُهُ مَا قَبْلَهُ.
(4)
جَاءَ فِي "مُعْجَمِ ابنِ خَليلٍ": "أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِـ "دِمَشْقَ" فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ قُلْتُ لَهُ. . . .".
وَتُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "دِمَشْقَ" وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِيْنَ. وَقَالَ الضِّيَاءُ: مَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، وَهُوَ وَهْمٌ؛ فَإِنَّ نَاصِحَ الدِّيْنِ بنَ الحَنْبَلِيِّ ذَكَرَ أَنَّهُ زَارَ مَعَهُ "القُدْسَ" سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، أَوْ سَنَةَ ثَمَانٍ - الشَّكُّ مِنْهُ - وَذَكَرَ: أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ. قَالَ: وَقَالَ لِي: قَدِمْتُ مِنْ "بَغْدَادَ" لأَجْلِ زِيَارَةِ "القُدْسِ" وَلَمْ يُتَّفِقْ لِي زِيَارَتُهُ إِلَى هذِهِ المُدَّةِ.
202 - عُبَيْدُ اللهِ
(1)
بنُ أَحْمدُ
(2)
[بن عَلِي بنِ عليِّ]
(3)
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلَامَةِ السِّيْبِيُّ
(4)
البَغْدَادِيُّ، الوَرَّاقُ، المُحَدِّثُ، المُقْرِئُ، الزَّاهِدُ، أَبُو جَعْفَرِ
بنِ
(1)
في (ط)، و (أ)، و (ب)، و (هـ):"عَبْدُ اللهُ"، وإِنَّمَا هُوَ عُبَيْدُ اللهِ، وَلَهُ أَخٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ هُوَ وَالِدُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ (ت: 613 هـ) الآتي.
(2)
202 - أَبُو جَعْفَرِ بنِ السَّمِيْنِ (523 - 588 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُختصر الذَّيل عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 43)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 14)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 312)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 297). وَيُرَاجَعُ: ذَيْل تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 19)، وَمَشْيَخَةُ النَّعَّالِ (111)، وَالتَّكْمِلَةُ للمُنْذِرِيِّ (1/ 175)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 189)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (301)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 293)(6/ 481)، وَسَبَقَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (549 هـ) وَسَيَأْتِي ابنُ أَخِيْهِ أَحْمَدُ بن عَبْدِ اللهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (613 هـ).
(3)
سَاقِط من (ط)، وَقَدْ أَكَّدَهَا النَّاسِخُ فِي نُسْخَةِ (و)، فَوَضَعَ فَوْقَهَا عَلَامَةَ التَّصْحِيْحِ.
(4)
في (ط): "السَّبْتِي"، تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى "السِّيْبِ"، ذَكَرَ المُنْذِرِيُّ فِي "التَّكْمِلَةِ" عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَقَالَ: إِنَّهَا مِن قُرَى "بَغْدَادَ". وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (3/ 333) قَالَ: "وَهِيَ كَوْرَةٌ مِنْ سَوَادِ الكُوْفَةِ. . .".
أَبِي المَعَالِي بنِ السَّمِيْنِ، نَزِيْلُ "المَوْصِلَ" وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ الكَثِيْرَ مِنْ هِبَةِ اللهِ الحَرِيْرِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ البَاقِي، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَعَلِيِّ بْنِ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ، وَأَبِي الفَتْحِ الكَرْخِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ
(1)
بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وأَخِيْهِ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ الطَّلَّايَةِ، وَغَيْرِهِمْ
(2)
. وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ لِنَفْسِهِ وَلِلنَّاسِ، وَخَرَّجَ التَّخَارِيْجَ، وَحَدَّثَ بِالكَثِيْرِ بِـ "بَغْدَادَ" وَ"المَوْصِلِ" وَكَانَ صَالِحًا، ثِقَةً، دَيِّنًا، صَدُوْقًا، مِنْ أَهْلِ التَّقَشُّفِ وَالصَّلَاحِ وَالنُّسُكِ، يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ. تُوُفِّيَ فِي العُشْرِ الأَخِيْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "المَوْصِلِ". وَدُفِنَ بِـ "تَلْ تَوْبَةَ"
(3)
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
(4)
.
203 - عَلِيُّ بنُ مَكِّيِّ
(5)
بنِ جَرَّاحِ بنِ عَلِيِّ بنِ وَرْخِزٍ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ،
(1)
في (ط): "أَبِي الحُسَيْنِ".
(2)
ومِنْهُمْ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنِ يُوسُفَ، وَأَخُوْهُ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَذَارِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو العَبَّاسِ سَعِيدُ بنُ أَحمَدَ بنِ البَنَّاءِ. ذَكَرَهُمْ ابنُ النَّجَّارِ.
(3)
مُعجم البُلدان (2/ 48).
(4)
في (ج) و (د).
(5)
203 - أَبُو الحَسَنِ بنُ وَرْخِزٍ: (؟ - 588 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 34) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 270)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 308)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" =
الزَّاهِدُ، أَبُو الحَسَنِ. تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَأَبِي يَعْلَى بنِ أَبِي خَازِمٍ
(1)
، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ، وَأَفْتَى وَنَاظَرَ، وَكَانَ زَاهِدًا، عَابِدًا.
تُوُفِّيَ يَوْمَ حَادِي عِشْرِينَ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ".
204 - عَلِيُّ بنُ أَبِي العِزِّ
(2)
بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ البَاجِسْرَائِيُّ، الفَقِيهُ، الزَّاهِدُ،
= (1/ 296). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 189)، والشَّذَرَاتُ (4/ 293) (6/ 485) ولابْنِ وَرْخِزٍ أُسرَةٌ عِلْمِيَّةٌ مِنْهُم:
- ابْنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ (ت: 622 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
- وَمِنْهُم: عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ (ت: 674 هـ) ذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"(1/ ورقة: 252)، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتُهُ، وَهُوَ فِي المُنْتَخَبِ المُخْتَارِ (71)
…
وَغَيْرِهِ فِي وَفَيَاتِ السَّنَةِ المَذْكُوْرَةِ. وَقَالَ: أَخُو عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحِيْمِ.
وَيَظْهَرُ أَنَّ أَخَاهُ عَبْدَ الرَّحِيْمِ بنَ أَبِي القَاسِمِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَكِّيِّ (ت: 700 هـ) ذَكَرَهُ ابنُ الفُوَطِيِّ في مَجْمَعِ الآدَابِ (1/ 221)"عِزُّ الدِّين"، وَلَمْ يَذْكُرهُ المُؤَلِّفُ.
- وَمِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ أَسْعَدَ بنِ مَكِّيِّ بنِ وَرْخِزٍ البَغْدَادِيُّ المُحَدِّثُ (ت: 682 هـ) ذَكَرَهُ ابنُ مُفْلِحٍ فِي المَقْصَدِ الأَرْشَد (2/ 121).
- وَابْنُهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (ت: بَعد 720 هـ) - فِيمَا أَظُنُّ - ذَكَرَهُ ابنُ الفُوَطِيِّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (1/ 233)، وَلَم يذْكُرْ وَفَاتَهُ، فَلَعَلَّهُ كَانَ حَيًّا زَمَنَ تَأْلِيْفِ الكِتَابِ، لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ نَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَضَبَطَ الدِّمْيَاطِيُّ (وَرْخِزًا) بِكَسْرِ الخَاءِ بِخَطِّ يَدِهِ.
(1)
تَأَخَّرَتْ هَذِهِ العِبَارةُ في (أ).
(2)
204 - ابنُ أَبِي العِزِّ البَاجِسْرَائِيُّ (؟ - 588 هـ): =
أَبُو الحَسَنِ، وَكَانَ يَسْكُنُ بِمَدْرَسَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَسَمِعَ الكَثِيرَ مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ، سَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الفُقَهَاءِ، وَكَانَ صَالِحًا، وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، ذَا عِبَادَةٍ وَزُهْدٍ، جَمَعَ كِتَابًا فِي تَفْسِيرِ القُرْآنِ الكَرِيمِ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ.
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ
(1)
الخَمِيسِ حَادِيْ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالمُصَلَّى بِـ "بَابِ الحَلْبَةِ" وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رحمه الله
(2)
.
= أخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرقَة: 43)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 241)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 313)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 296). وَيُرَاجَعُ: الشَّذَرَاتُ (6/ 482) وفِيه (البَاجَرَائِيُّ).
(1)
في (أ): "يوم" وَصُحِّحَتْ عَلَى الهَامِشِ قِرَاءَة نُسْخَةٍ أُخْرَى.
(2)
بَعْدهَا في (ط): "تَعالَى".
يُسْتَدْرَكُ علَى المُؤَلِّفِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (588 هـ):
240 -
عَوْنُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ شُنَيْفٍ البَغْدَادِيُّ، الدَّارْقَزِّيُّ، سَمِعَ مِنَ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَاقِي البَزَّازِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 528 هـ) وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ التَّرْجَمَةِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
241 -
وَسِتُّ الدَّارِ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ الأَشْقَرِ، الحَرْبِيَّةُ، البَغْدَادِيَّةُ، يُعْرَفُ آلُ بَيْتِهَا بِـ "ابنِ البَرْنِيِّ" وَهُوَ بَيْتٌ مَشْهُورٌ بِالعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مِنْهُمْ: إِبْرَاهِيمُ بنُ المُظفَّرِ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَرْنِيُّ (ت: 622 هـ) نَذْكُرُ فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِن أَهلِ بَيْتِهِ مِنَ السَّادَةِ العُلَمَاءِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
242 -
وَاشْتُهِرَ والِدُهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ بِالعِلْمِ، قَالَ ابنُ نُقْطَةَ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (1/ 375)، حَدَّثَ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ نَصْرِ بن الحَسَنِ الشَّاشِيِّ، حَدَّثَ عَنْهُ مُظَفَّرُ بنُ =
205 - طُغْدِيُّ بنُ خُتْلغِ
(1)
بنِ عَبْدِ اللهِ الأَمِيْرِيُّ المُسْتَرْشِدِيُّ
- نِسْبَةً إِلَى
= إِبْرَاهِيمَ البَرْنِيُّ" وَلَمْ يَذْكُر وَفَاتَهُ. أَخْبَارُهُ فِي المُشْتَبَهِ (1/ 58)، وَالتَّبْصِيْرِ (1/ 417). وَأَخُوْهَا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ الوَاعِظُ (ت: 566 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي اسْتِدْرَاكِنَا. أَخْبَارُهَا فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 177)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 261)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (298)، وَالمُشْتَبَهِ (1/ 58)، وَالتَّوْضِيْحِ (1/ 417)، وفي "المُشتَبَهِ" جَعَلَ أَبَاهَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ وَصَحَّحَهُ ابنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ فِي "التَّوْضِيْحِ".
243 -
وَزَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّابُوْنِيِّ الخَفَّافِ المَالِكِيِّ، وَتُدْعَى "المُبَارَكَةَ" ولَقَبُهَا "سِتُّ النَّاسِ"، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهَا (ت: 556 هـ) في اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِهَا، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهَا عَبْدِ الخَالِقِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (592 هـ) إِن شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَهِي وَالِدَةُ عُمَرَ بنِ كَرَمٍ الدِّيْنَوَرِيِّ (ت: 629 هـ) سَمِعَتْ مِنْ أَبِي القَاسِمِ هِبَةِ اللهِ بنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي غَالِبٍ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ البَنَّاءِ وَأَبِي الأَعَزِّ قِرَاتكين بنِ الأَسْعَدِ بنِ المَذْكُوْرِ الأَزَجِيِّ. . .". أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (1/ 176)، وَالمُختَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 261)، وَالمُشْتَبَهِ (2/ 566)، وَتَارِيْخِ الإسْلَامِ (297).
وَلَعَلَّ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ سَنَة (588 هـ):
- فَارِسُ بنُ أَبِي القَاسِمِ بنِ فَارِسِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، البَغْدَادِيُّ الحَفَّارُ مِنْ تَلَامِيذِ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبِي يَعْلَى، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ. أَخبَارُهُ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 159)، وَالتَّقْيِيْدِ (426)، وَالتَّكْمِلَةِ للِمُنْذِرِيِّ (1/ 157).
- وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ هِبَّةِ اللهِ بنِ أَبِي يَاسِرٍ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي حَبَّةَ الحَرَّانِيُّ، مِن تَلَامِيْذِ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبِي يَعْلَى، وَهِبَةِ اللهِ بنِ الطَّبِرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المَزْرَفِيِّ. حَدَّثَ بِـ "مُسْنَدِ أَحْمَدَ" بِـ "حَرَّانَ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (372)، وَالتَّكْمِلَةِ للْمُنْذِري (2/ 169)، وَمَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (110)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (21/ 227).
(1)
205 - طُغْدِيُّ بنُ خُتْعٍ (534 - 589 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقة: 43)، =
وَلَاءِ بَعْضِ الأُمَرَاءِ مِنْ وَلَدِ المُسْتَرْشِدِ - البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، الفَرَضِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، المُحَدِّثُ، وَيُسَمَّى (عَبْدَ المُحْسِنِ) أَيْضًا، نَزِيلُ "دِمَشْقَ".
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ العَشَرَةِ عَلَى أَبِي الحَسَنِ البَطَائِحِيِّ، وَكَانَ رَبِيْبُهُ فَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهُ، وَأَسْمَعَهُ مِنَ الأُرْمَوِيِّ، وَابْنِ نَاصِرٍ الحَافِظِ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ الزَّاغُونِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المَكِّيِّ، وَسَعِيدِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَأَبِي القَاسِمِ هِبَةِ اللهِ بنِ الحَاسِبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحِبَ أَبَا الفَضْلِ بنَ نَاصِرٍ الحَافِظَ، وَأخَذَ عَنْهُ عِلْمَ الحَدِيْثِ، وَأُصُوْلَ السُّنَّةِ، وَقَرَأَ الفَرَائِضَ عَلَى أَبِي النَّجْمِ بنِ القَابِلَةِ، وَبَرَعَ فِيْهَا حَتَّى صَارَ فِيْهَا إِمَامًا مُتَوَحِّدًا، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى "دِمَشْقَ" وَسَكَنَهَا إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ، وَحَدَّثَ بِـ "بَغْدَادَ" وَ"حَرَّانَ" وَ"دِمَشْقَ" وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ "صَحِيحَ البُخَارِيِّ". رَوَى عَنْهُ ابنُ خَلِيْلٍ الحَافِظِ
(1)
.
= وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 549)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 313)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 298). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 160)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 122)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 181)، وَتَارِيخُ الإِسْلامِ (335)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (16/ 453)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (3/ 388)، وَلَقَبُهُ "قُطْبُ الدِّينِ" وَتَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيِّ بنِ عسَاكِرِ البَطَائِحِيِّ (ت: 572 هـ) أَنَّ البَطَائِحِيَّ زَوْجُ أُمِّهِ، وَأَنَّهُ هُو الَّذِي رَبَّاهُ، وَسَمِعَ بِإِفَادَتِهِ، وَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَكَانَ طُغْدِيٌّ يَخْدُمُهُ. كَمَا أَشَارَ إِلَى ذلِكَ هُنَا.
(1)
جَاءَ فِي "مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ": "أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ طُغْدِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ الفَرَضِيُّ البَغْدَادِيُّ قَرَاءَةً عَلَيْنَا مِنْ لَفْظِهِ بِـ "دِمَشْقَ" فِي ذِي القَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ اثْنَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. . .".
قَرَأْتُ بِخَطِّ نَاصِحِ الدِّيْنِ بنِ الحَنْبَلِيِّ فِي حَقِّهِ: المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الفَرَضِيُّ، الزَّاهِدُ، كَانَ قَيِّمًا بِمَعْرِفَةِ البُخَارِيِّ، بِرِجَالِهِ وَأَلْفَاظِ غَرِيْبِهِ، وَشَرْحِ مَعَانِيْهِ، قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، وَسَمِعَ بِقَرَاءَتِي جَمَاعَةٌ كَثِيْرَةٌ، وَكَانَ قَيِّمًا بِأُصُوْلِ السُّنَّةِ، وَمَقَالَةِ أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكَانَ مُتَعَبِّدًا، مُعْتَزِلًا لِلنَّاسِ، حَضَرَ مَعِي فَتْحَ البَيْتِ المُقَدَّسِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَوْلَادِ الدِّمَشْقِيِّيْنَ الحِسَابَ، وَالفَرَائِضَ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُنِي إِلَى أَنْ حَجَجْتُ سَنَةَ تِسْع وَثَمَانِينَ، وَرَجعْتُ منَ الحَجِّ فَوَجَدْتُهُ قَدْ مَاتَ رحمه الله، وَدُفِنَ فِي تُرْبَةِ عَمِّي عَبْدِ الحَقِّ بِالجَبَلِ.
قُلْتُ: وَذَكَرَ المُنْذِرِيُّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الدُّبَيْثِيُّ أَنَّهُ بَلَغَهُمْ وَفَاتُهُ، وَذَكَرَ القَطِيْعِيُّ: أَنَّهُ بَلَغَهُمْ بِـ "بَغْدَادَ" حِيْنَ مَوْتِهِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ فَيَكُونُ قَوْلُ ابنِ الحَنْبَلِيِّ: حَجَجْتُ سَنَةَ تِسْعٍ فِيْهِ تَسَامُحٌ، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ رَجَعَ مِنَ الحَجِّ إِلَى "دِمَشْقَ" سَنَةَ تِسْعٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ، لكِنَّهُ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ أَنَّ أَوَّلَ سَنَةٍ حَجَّ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ.
206 - بَدَلُ بنُ أَبِي طَاهِرِ
(1)
بنِ شِيْردَشَهْرَ بنِ حَاكَاهُ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الجِيْلِيُّ، الفَقِيهُ، المُقْرِئُ، أَبُو مُحَمَّدٍ،
نَزِيْلُ "بَغْدَادَ".
(1)
206 - بَدَلُ الجِيْلِيُّ (؟ - 589 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرقة: 43)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 287)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 315)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 298) وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ - رَحِمهُ اللهُ تَعالَى - مَصْدَرَهُ فِي هذِهِ التَّرْجَمَةِ؟! وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (1/ 253).
قَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبي العَلَاءِ الهَمَذَانِيُّ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الصَّيْدَلَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَطِيْبِ الكُشْمَيْهَنِيِّ المَرْوَزِيِّ وَتَفَقَّهَ بِـ "بَغْدادَ" عَلَى ابنِ بَكْرُوْسٍ، وَأَقْرَأَ النَّاسَ، وَحَدَّثَ، قَرَأَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَاتِ الكَثِيْرَةِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الدُّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَسَمِعَ مِنْهُ القَاضِي أَبُو العَبَّاسِ ابنُ الفَرَّاءِ، وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الخَمِيْسِ رَابِعَ عَشَرَ ذِيْ الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، رحمه الله
(1)
.
207 - مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ علِيِّ
(2)
بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الأَصْبَهَانِيُّ
(1)
في (ط) و (ج) و (د).
يُسْتَدرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (589 هـ):
244 -
شَمْسُ النَّهَارِ بِنْتُ أَبِي البَرَكَاتِ غَالِبِ بنِ كَامِلٍ البَغْدَادِيَّةُ، مِنْ بَيْتِ العِلْمِ وَالرِّوَايَةِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَهْلِ بَيْتِهَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ عَمِّهَا (المُبَاركِ بنِ كَامِلٍ ت: 543 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. ذَكَرَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (335)، وَقَالَ: "رَوَتْ عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَعْلَى الفَرَّاءِ، تُوُفِّيَتْ فِي تَاسِعِ رَبِيعٍ الآخِرِ. وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 185)، دُوْنَ زِيَادَةً.
(2)
207 - مُصْلِحُ الدِّين الجُوْرْتَانِيُّ (500 - 590 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقة: 43)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 351)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 317)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 299). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 146)، والتَّقْيِيْدُ (1/ 43)، والتَّكْمِلَةُ لِوفَيَات النَّقَلَةِ (1/ 204)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيُّ (1/ 129)، والمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 14)، ومَجْمَعُ الآدَابِ (5/ 249)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1456)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (388)، وَالعِبَرُ (4/ 274)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2/ 108)، وَذَيْلُ =
الجُوْرْتَانِيُّ الحَمَّامِيُّ
(1)
، العَابِدُ، الأَدِيبُ، مُصْلِحُ الدِّينِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مِنْ أَهْلِ "أَصْبَهَانَ" وَ"جُوْرْتَانَ" مِنْ قُرَاهَا.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِمَائَةَ فِي رَجَبٍ، وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ، وَأَبِي نَهْشَلٍ عَبْدِ الصَّمَدِ العَنْبَرِيِّ، وَسَعِيدِ بنِ أَبِي الرَّجَاءِ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: وَكَانَ فَقِيْهًا فَاضِلًا، كَامِلَ المَعْرِفَةِ بِالأَدَبِ، وَأَكْثَرُ أُدَبَاءِ "أَصْبَهَانَ" مِنْ تَلَامِذَتِهِ، وَكَانَ مُتَدَيِّنًا، حسَنَ الطَّرِيْقَةِ، صَدُوْقًا.
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الحَنْبَلِيُّ
(2)
بِـ "أَصْبَهَانَ" يَقُوْلُ: كَانَ جَدِّي لأُمِّي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَنْبَلِيُّ المَعْرُوفُ بِـ "المُصْلِحِ" قَبْلَ عَقْدِ الثَّمَانِيْنَ مِنْ عُمُرِهِ يَخْتِمُ القُرآنَ فِي يَوْمَيْنِ، فَلَمَّا جَاوَزَ الثَّمَانِيْنَ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ يَوْمٍ القُرْآنَ، وَكَانَتْ قِرَاءَتُهُ بِاللَّيْلِ قِرَاءَةَ تَذَكُّرٍ وَتَفَكُّرٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ الخَبَّازِيَّ المَدِيْنِيَّ جَارُنَا - وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ، مُلَازِمًا لِلْمَسْجِدِ فِي أَكْثَرِ
= التَّقْيِيْدِ (1/ 58)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 304) (6/ 497). وَمِنْ أَحْفَادِهِ: مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ بنِ المُصْلِحِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ (ت: 632 هـ) يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الاسْتِدْرَاكِ عَلَى المُؤَلِّفِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
في (ج) و (ط): "ابن الحمامي".
(2)
في (ط) و (د): "الخَلِيلي" وَإنَّمَا هُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحمَّدِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ الحَنْبَلِيُّ، يَكثر ابنُ النَّجَّارِ فِي "تَارِيْخِه" مِنَ العَزوِ إِلَيهِ، وَالإِسْنَاد عَنهُ، وَهوَ نَفْسُهُ سِبْطَهُ المَذْكُورُ هُنَا، نَقَلَ ابنُ الفُوَطِيِّ عَنْ "تَارِيخِ ابنِ النَّجَّارِ" قَوْلَهُ:"قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الحَنْبَلِيَّ بِـ "أَصْبَهَانَ" يَقُوْلُ: كَانَ جَدِّي لأُمِّي المُصْلِحُ. . .".
أَوْقَاتِهِ، لَمْ تَكُنْ تَفُوْتُهُ صَلَاةُ الجَمَاعَةِ إِلَّا نَادِرًا - يَقُوْلُ: لَمَّا بَلَغَ مُصْلِحُ الدِّيْنِ عَقْدَ الثَّمَانِيْنَ قَالَ: أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُمْهِلَنِي إِلَى التِّسْعِيْنَ، وَأَنْ يوَفِّقَنِي كُلَّ يَوْمٍ لِخَتْمَةٍ، فَاسْتُجِيْبَتْ دَعْوَتُهُ، فَكَانَ يَخْتِمُ كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةٌ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَسَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَحمَدَ الحَمَّامِيَّ الحَنْبَلِيَّ يَقُوْلُ: قَامَ عَمِّي
(1)
- يَعْنِي: مُحَمَّدُ بنَ أَحْمَدَ المُصْلِحَ - لَيْلَةً لِوُرْدِهِ قَبْلَ الوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَقُوْمُ فِيْهِ لِوُرْدِهِ فِي سَائِرِ لَيَالِيْهِ، قَالَ: فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ - وَأَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَاليَقْظَانِ - أَيُّهَا المُصْلِحُ، مَا أَسْرَعَ ما قُمْتَ اللَّيْلَةَ.
حَدَّثَ المُصْلحُ بِـ "أَصْبَهَانَ" وَ"بَغْدَادَ" حِيْنَ قَدِمَهَا حَاجًّا
(2)
، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو المَحَاسِنِ القُرَشِيُّ، وَمَاتَ قَبْلَهُ لِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةٍ، وَالشَّرِيْفُ الزَّيْدِيُّ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ. وَرَوَى عنْهُ مِنْ أَهْلِ "بَغْدَادَ" أَحْمَدُ البَنْدَنِيْجِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ سَعِيْدٍ المُقْرِئُ
(3)
وَغَيْرُهُمَا.
(1)
لَا أَدْرِي كَيْفَ يَكُوْنُ عَمُّهُ وَوَالِدُهُ (مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ)؟! إِلَّا أَنْ يَكُوْنَ أَبُوهُ يُسَمَّى مُحَمَّدًا عَلَى اسْمِ عَمِّهِ أَيْضًا، أَوْ هُوَ أَخُوْهُ مِنْ أُمِّهِ؟! وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِ الحُسَيْنِ هَذَا.
(2)
قَالَ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ: "قَدِمَ "بَغْدَادَ" حَاجًّا، وَحَدَّثَ بِهَا فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِينَ وَخَمْسِمَائَةَ. . ." وَنَقَلَ ابنُ الفُوَطِيِّ فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ" عَنِ ابنِ النَّجَّارِ قَوْلَهُ: "قَدِمَ "بَغْدَادَ" طَالِبًا بِالحَجِّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ وَلَمْ يُحَدِّثْ حَتَّى عَادَ مِنَ الحَجِّ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، فَحَدَّثَ بِاليَسِيرِ. . ." أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: لَعَلَّ سَنَةَ "تِسْعٍ" في "تَارِيخ ابنِ الدُّبَيْثِيِّ"، مُحَرَّفَة عَن "سَبْعٍ" مِنَ النُّسَّاخِ، أَوْ هِيَ وَهْمٌ مِنْهُ رحمه الله لأَنَّهَا كَذلِكَ فِي "المُخْتصَر المُحْتَاجِ إِلَيْهِ" أَيضًا؟!.
(3)
يُوْسُفُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مُسَافِرِ بنِ جَمِيْلٍ المُقْرِئُ، البَغْدَادِيُّ، البَنَّاءُ (ت: 601 هـ). ذَكَرَهُ =
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَمِعْتُ أَبَا البَرَكَاتِ بنَ الرُّوَيْدَشْتِيِّ
(1)
بِـ "أَصْبَهَانَ" يَقُولُ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَنْبَلِيِّ - يُعْرَفُ بِـ "الحَمَّامِيِّ" - أُسْتَاذُ الأَئِمَّةِ فِي يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ ثَالِثَ عَشَرَ شَهْرَ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، قَالَ: وَذَكَرَ لَنا سِبْطَهُ: أَنَّهُ دُفِنَ بِدَارِهِ، ثُمَّ نُقِل إِلَى "بَابِ دَرْيَةَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: لَيْلَةَ الحَادِيْ عَشَرَ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابنُ نُقْطَةَ، وَقَالَ: لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ حَادِي عَشَرَ. قَالَ المُنْذِرِيُّ: وَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ وَلَدُهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
(2)
،
= المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ رَقم (243)(3/ 68).
(1)
مَنْسُوْبٌ إِلَى "رُوَيْدَشْتُ" قَالَ فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (3/ 89): "رُوْذَدِشْتُ، وَيُقَالُ: رُوَيْدَشْتُ، وَيُقَالُ: رُوْدَشْتُ، كُلُّهُ لِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى "أَصْبَهَانَ" وَقَالَ ص (119) "رُزَيْدَشْتُ" بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَفَتْحِ ثَانِيهِ، ثُمَّ يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتِ، وَدَالٌ مُهْمَلَةٌ، وَشِيْنٌ مُعْجَمَةٌ، وَتَاءٌ مُثَنَاةٌ مِنْ فَوْقِ: قَرْيَةٌ مِن قُرَى "أَصْبَهَانَ" وَعَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِهَا يَشْتَمِلُ عَلَى قُرًى وَضِيَاعٍ كَثِيْرَةٍ، وَهِيَ "رُوْذَدِشْتُ" وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا".
(2)
عَلَّقَ الدُّكْتورُ بَشَّارُ مَعْرُوفٌ فِي هَامِشِ "التَّكمِلَةِ" عَلَى نَصِّ المُؤَلِّفِ هَذَا فَقَالَ: "هَذَا النَّصُّ مُضْطَرِبٌ جِدًّا؛ ذلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ هُوَ وَالِدُهُ وَلَيْسَ وَلَدَهُ، وَأَنَّ ابنَ رَجَبٍ أَوْرَدَ هَذَا القَوْلَ فِي تَرْجَمَةِ الابْنِ فَكَأَنَّهُ قَصَدَهُ بِهِ، ثمَّ إِنَّ المُنْذِرِيَّ قَالَ هَذِهِ المَقَالَةَ فِي تَرْجَمَةِ الابْنِ. . .".
أَقُولُ - وَعَلى اللهِ أَعْتَمِدُ -: الصَّحِيْحُ أَنَّ كَلَامَ الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ صَحِيْحٌ لَا اضْطِرَابِ فِيهِ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ ابنُهُ لَا أَبُوْهُ. وَقَدْ ذَكَرَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بَعْدَ ذلِكَ (1/ 213)، وَقَالَ:"وَكَانَتْ وَفَاتُهُ قَبْلَ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِيَسِيرٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا وَفَاةَ وَالِدِهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ" فَقَالَ: وَالِدُهُ، وَلَمْ يَقُل: وَلَدُهُ؟! فَكَيْفَ يَكُوْنُ أَبَاهُ؟! =
وَكَانَ سَمِعَ سَعِيدَ بنَ أَبِي رَجَاءٍ وَغَيْرَهُ. قُلْتُ: وَكَانَ يُلَقَّبُ أَمِيْنَ الدِّينِ.
208 - مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
(1)
بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَلْحَةَ نَصْرِ بنِ أَحْمَدَ
= يَقُولُ الفَقِيرُ إلَى اللهِ تَعالى عَبْدُ الرَّحمنِ بنُ سُلَيْمَان العُثَيْمِيْنِ - عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنهُ -: إِنْ كَانَ الدُّكْتُوْرُ الفَاضِلُ بَشَّارٌ يَعْتَقِدُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ هُوَ وَالِدُ مُحَمَّدٍ لَا وَلَدَهُ فَالأَوْلَى بِالتَّخْطِئَةِ المُنْذِرِيُّ إِذًا، لَا ابنُ رَجَبٍ؟! وَكِلَاهُمَا عَلَى صَوَابٍ، وَالمُخْطِئُ هُو الدُّكْتُوْرُ، عَفَا اللهُ عَنْهُ، وَسَامَحَهُ، وجَزَاهُ اللهُ خَيْرًا عَلَى اجْتِهَادِ، ثُمَّ أَحَالَ الدُّكْتُوْرُ بَشَّارٌ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ إِلَى "مُعْجَمِ البُلْدَانِ" وَالمَذْكُوْرُ فِي "المُعْجَمِ" هُوَ مُحَمَّدٌ؟! لَا أَحْمَدُ وَهَذِهِ ثَانِيَةٌ، وَقَدْ تنَبَّهَ لِذلِكَ مُحَقِّقُ "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" لِلحَافِظِ الذَّهَبِيِّ فَقَالَ:"وَفيهِ أَضَافَ صَدِيْقُنَا الدُّكْتُور بَشَّار عَوَّاد مَعْرُوْف "مُعْجَمَ البُلْدَانِ" إِلَى مَصَادِرهِ فَوَهِمَ بِذلِكَ؛ لأَنَّ المَذْكُوْرَ فِي "المُعْجَم" هُوَ المُصْلِحُ مُحَمَّدٌ، وَالِدُ صَاحِبِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَسَيَأْتِي بِرَقم (403) وَهُوَ المَوْلُودُ سَنَةَ (405 هـ) وَلَمْ يَذْكُرْ يَاقُوْتٌ أَحْمَدَ". أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: لَكِنَّ المُحَقِّقَ الفَاضِلَ - جَزَاهُ اللهُ خَيْرًا - أَصْلَحَ خَطَأً، وَأَخْطأَ هُوَ خَطَأً أَكْبَرَ مِنه فَذَكَرَ سَنَةَ مَوْلِدِ المُصْلِحِ مُحَمَّدٍ (405 هـ) وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا سَنَة (500 هـ) كَمَا ذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ نَفْسُهُ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَلَا مُبَرِّرَ لاِنْقِلَابِ الرَّقْمِ أَوْ خَطَإِ الطِّبَاعَةِ، لأنَّ الخَطَأَ وَاضِحٌ، وَاللهُ يَعْفُو وَيُسَامِحُ. وَقَدْ أَفْرَدَ الحَافِظُ المُنْذريُّ، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ تَرْجَمَةَ أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ يُضِيْفَا إِلَى أَخْبَارِهِ شَيْئًا.
(1)
208 - أبُوَ عَبْدِ اللهِ الإِشْكِيْذَابَانِيُّ (528 - 590 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 44)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 422)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 318)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 301). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 237)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 213)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 237)، وَالعِقْدُ الثَّمِيْنِ (2/ 52)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 304)(6/ 497)، وَ (الإِشْكِيْذَبَانِيُّ) مَنْسُوْبٌ إِلَى "إِشْكِيْذَبَانَ" بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالكَاف، =
ابنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ البَرْمَكِيُّ الهَرَوِيُّ الإِشْكِيْذَابَانِيُّ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَيُقَالُ: أَبُو الفَتْحِ، نَزِيْلُ "مَكَّةَ"، وَإِمَامُ حَطِيْمِ الحَنَابِلَةِ بِهَا.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ بِـ "هَمَذَانَ" مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَأَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ سَعْدِ بنِ حِمَّانَ، وَأَبِي المَحَاسِنِ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّمَّاكِ، وَبِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي المَعَالِي بنِ النَّحَّاسِ، وَأَبِي المُعَمَّرِ بنِ الهَاطِرِ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وخَلْقٍ كَثِيْرٍ وَبِـ "مِصْرَ" مِنْ أَبي الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ قَاسِمٍ الزَّيَّاتِ. وَبِـ "الاِسْكَنْدَرِيَّةِ" مِنَ الحَافِظِ السِّلَفِيِّ، وَحَدَّثَ بِـ "مَكَّةَ" وَ"مِصْرَ" وَ"الاسْكَنْدَرِيَّةِ"، وَأَقَامَ بِـ "مَكَّةَ" فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَأَمَّ بِهَا فِي مَوْضِعِ الحَنَابِلَةِ سِنِيْنَ، وَحَدَّثَ عنْهُ أَبُو الثَّنَاءِ
(1)
حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ الأَرْتَاحِيُّ.
قَالَ نَاصحُ الدِّيْنِ بنُ الحَنْبَلِيُّ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، سَمِعْتُ مِنْهُ بِقِرَاءَتِهِ "جُزْءًا" بِـ "مَكَّةَ" وَكَانَ فِي عَزْمِي أَنَّنِي أَدْخُلُ "اليَمَنَ" وَقَدْ هيَّأْتُ هَدِيَّةً لِصَاحِبِهَا مِنْ طَرَفِ "دِمَشْقَ" فَاسْتَشَرْتُهُ، فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ، ثُمَّ قَالَ: قَرَأْنَا هَهُنَا جُزْءًا مِنْ أَيَّامٍ، فَجَاءَ فِيْهِ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ عَلَامَةُ قَبُوْلِ الحَجِّ: أَنَّ الإِنْسَانَ يَنْصَرِفُ
= وَيَاءٍ سَاكِنَةٍ، وَفَتْحِ الذَّالِ المُعْجَمَةِ، وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ، وَأَلفٍ وَنُوْنٍ، قَرْيَةٌ بَيْنَ "هَرَاةَ" وَ"بُوشَنْج" كَذَا في مُعْجَمِ البُلْدَانِ (1/ 237)، وَذَكَرَ صَاحِبَنَا المُتَرْجَمَ هُنَا. أقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: وَمِن تَلَامِيْذِهِ عَالِمُ اليَمَنِ المَشْهُوْرُ بِـ "سَيْفِ السُّنَّةِ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البُرَيْهِيُّ السَّكْسَكِيُّ الكِنْدِيُّ (ت: 586 هـ) المُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ فِي اسْتِدرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّفِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(1)
في (ط): "أَبُو البَنَاءِ" تَحْرِيْفُ طِبَاعَةٍ. وَأَبُو الثَّنَاءِ المَذْكُوْرُ حَنْبَلِيٌّ (ت: 612 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِهِ أَحْمَدَ بنِ حَامِدٍ (ت: 659 هـ).
عَنْ "مَكَّةَ" غَيْرَ طَالِبٍ لِلْدُّنْيَا، فَزَهِدْتُ فِي "اليَمَنِ"، وَرَجَعْتُ عَنْ ذلِكَ العَزْمِ، قَالَ: وَذلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: سَمِعَ مِنْهُ وَالِدِي سَنَةَ تِسْعِيْنَ. فَإِمَّا أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، أَوْ بَعْدَهَا بِيَسِيْرٍ. قَالَ: وَ"الإِشْكِيْذَابَانِيُّ" بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وَسُكُوْنِ الشِّيْنِ المُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الكَافِ، وَسُكُوْنِ اليَاءِ آخِرِ الحُرُوْفِ، وَفَتْحِ الذَّالِ المُعْجَمَةِ، وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوْحَةٌ، وَبَعْدَ الأَلِفِ نُوْنٌ. وَذَكَرَهُ الفَاسِيُّ
(1)
فِي "تَارِيْخِهِ"، وَقَالَ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ بِـ "مَكَّةَ".
209 - وذَكَرَ المُنْذِرِيُّ مِمَّنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ: الشَّيْخُ الأَجَلُّ أَبُو الحَرَم
(2)
مَكِّيُّ بنُ نَابِتٍ
- بالنُّونِ - بنِ زَهْرَةَ الحَنْبَلِيُّ الفَزَارِيُّ
(3)
بِـ "مِصْرَ" لَيْلَةَ السَّابِعُ
(4)
(1)
هُوَ تَقِيُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَد الحَسَنِيُّ الفَاسِيُّ مُؤرِّخُ مكة (ت: 832 هـ). وَتَارِيْخُهُ "العِقْدُ الثَّمِيْنُ" سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي مَصَادِرِ التَّرْجَمَةِ.
(2)
209 - ابنُ نَابِتٍ الفَزَارِيُّ (؟ - 590 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَنْهَج الأَحْمَدِ (3/ 316)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنضَّدِ"(1/ 299)، وَلَم يَرِدْ فِي "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ". وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 203)، وَالتَّوْضِيْحُ (2/ 10). وفي (ط):"إِمَامُ الحَرَمِ"، وَأَبُو الحَرَمِ كُنْيَةٌ غَالِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يُسَمَّى بِـ "مَكِّي"، كَأَبِي حَفْصٍ لَعُمَرَ، وَأَبُو الحَسَنِ لِعَلِيِّ
…
وَأَمْثَالِهَا كَثِيرٌ.
(3)
كَذَا هُنَا فِي الأُصُوْلِ كُلِّهَا، وَمِثْلُهُ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" وَ"مُخْتَصَرِهِ"، وفِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ، "الغضارِيُّ" وَ (الفَزَارِيُّ) مَنْسُوْبٌ إِلَى "فَزَارَةَ" القَبِيْلَةِ المَعْرُوْفَةِ.
(4)
فِي التَّكْمِلَةِ: "وفِي لَيْلَة السَّادِسِ مِنْ رَبِيعٍ الآخِرِ. . .".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (590 هـ):
245 -
جَاكِيْرُ الزَّاهِدُ، واسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ دَشَمٍ الكُرْدِيُّ الحَنْبَلِيُّ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الذَّهَبِيُّ. مِنْ أَصْحَابِ الطُّرُقِ الصُّوْفِيَّةِ، يَبْدُو أَنَّهُ فَارِغٌ مِن العِلْمِ، وَلِلْمُؤَلِّفِ كُلَّ الحَقِّ في إِسْقَاطِهِ، وَلَوْلَا أَنِّي التَزَمْتُ الاسْتِدْرَاكَ عَلَى المُؤَلِّف كُلَّ مَنْ نُسِبَ إِلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ مَا ذَكَرْتُهُ. يُرَاجَعُ فِي أَخْبَارِهِ: المَنْهَجُ الأَحْمَدُ (3/ 315)، وَمُخْتَصَرُهُ "الدُّرُّ المُنَضَّدُ"(1/ 298)، وفِيهما:"ابن رُسْتمٍ" وَلَعَلَّهَا أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ، وَالعِبَرُ (4/ 275)، وَسِيَرُ أَعَلامِ النُّبَلاءِ (21/ 261)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 471).
246 -
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الفَرَجِ اليُوسُفِيُّ البَغْدَادِيُّ، منْ بَيْتِ (مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ) المَشْهُوْرِ بِالعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ، أَجَازَ لَهُ جَدُّهُ، وَسَمِعَ مِنْ هِبَةِ اللهِ بنِ الحُصَينِ، وَابنِ الطَّبِرِ، وَقَاضِي المَارِسْتَانِ
…
وَرَوَى عَنهُ ابنُ خَلِيْلٍ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ. أَخْبَارُهُ فِي: مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 178) وَمَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (118)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 211)، والتَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (1/ 206)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (380).
247 -
وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَقْدِسِيُّ الجَمَّاعِيْلِيُّ، وَالِدُ الإِمَامِ العَلَّامَةِ المَعْرُوْفِ بِـ "البُخَارِيِّ" وَالحَافِظِ الضِّيَاءِ، سَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" وَحَدَّثَ قَالَ ابنُهُ الضِّيَاءُ: قُتِلَ مَظْلُوْمًا. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (382).
248 -
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَامِدٍ، أَبُو البَرَكَاتِ الصَّائِغُ الحَرْبِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (387)، قَالَ:"سَمِعَ بِإِفَادَةِ مُؤَدِّبِهِ أَبِي البَقَاءِ مُحَمَّدِ بنِ طَبَرْزَدَ مِنْ عَلِيِّ بنِ طِرَادٍ، وَأَبِي مَنْصُوْرِ بنِ خَيْرُوْنَ، وَجَمَاعَةٍ، وَرَوى عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ. . .".
أَقُولُ - وعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: أبُو البَقَاءِ مُحَمَدُ بنُ طَبَرْزَدٍ (ت: 542) وَأَخُوْهُ عُمَرُ (ت: 607 هـ) حَنْبَلِيَّانِ، مُسْتَدْرَكَانِ علَى المُؤَلِّفِ، سَبَقَ اسْتِدْرَاكُ مُحَمَّدٍ، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ عُمَرَ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
249 -
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَد، أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي الحَسَنِ المَعْرُوفُ بِـ "ابنِ غَرِيْبَةَ" ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ عَلِيًّا (ت: 578 هـ) في مَوْضِعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وابْنُهُ مُحَمَّدٌ هَذَا ذَكَرَهُ
مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذلِكَ.
210 - إِسْمَاعِيلُ بنُ أَبِي سَعْدِ
(1)
بنِ عَلِيٍّ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شَاه شَاه البَنَّاءُ الأَصْبَهَانِيُّ، المُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ، يُعْرَفُ بِـ "طَاهِرِيتِه".
سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَحَصَّلَ الأُصُولَ، حَدَّثَ بِـ "بَغْدَادَ" - قَدِمَهَا حَاجًّا - عَنْ فَاطِمَةَ الجُوْزْدَانِيَّةَ
(2)
،
= الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ في التَّكْمِلَةِ (1/ 209)، وَقَالَ:"العَدْلُ" قَاضِي "المُحَوَّلِ"، وَلَمْ يُفَصِّلْ أَخبَارَهُ، وهُوَ فِي تَارِيْخِ ابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 135)، وَالمُشْتَبَهِ (457).
(1)
210 - طَاهِريته (؟ - 591 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 44)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 268)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 319)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 301)، وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 219)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 249)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 206)، (6/ 501)، لَقَبُهُ:"طَاهرِنيه" بناء على ما جَاءَ في "الشَّذَرَات" وفي هامش "التَّكملة لوفَيَاتِ النَّقَلَةِ" قَالَ مُحَقِّقُهُ الفَاضِلُ الدُّكْتُوْرُ بَشَّارُ عَوَّاد: "فِي الذَّيلِ لابنِ رَجَبٍ (طَاهِرِيته) بِالتَّاءِ ثالِثِ الحُرُوفِ، وَفِي "شَذَرَاتِ ابنِ العِمَادِ" (طَاهِرنية) بِتَقْدِيمِ النُّونِ، وَكُلُّهُ تَصْحِيْفٌ". أَقُولُ: - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: هُوَ إِنَّمَا رَسَمَهَا فِي الأَصْلِ (طَاهِريته) كَمَا هِيَ هُنَا دُوْنَ تَغْيِيْرٍ فَأَيْنَ التَّصْحِيْفُ وَأَيْنَ المُصَحَّفُ وَأَيْنَ الصَّوَابُ؟! وفِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ": "طَاهِرِيَّة".
(2)
"الجُوْزْدَانِيَّةُ" بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وسُكُوْنِ الوَاوِ والزَّاي مَعًا، وفَتْحِ الدَّالِ المُهْمَلَةِ، وَبَعدَ الأَلِفِ نُوْنٌ مَكْسُورَةٌ، نِسْبَةٌ إِلَى "جُوْزْدَانَ" قَرْيَةٌ بِـ "أَصْبَهَانَ" كَذَا قَالَ ابنُ نَاصِرِ الدِّيْن فِي التَّوْضِيْحِ (2/ 537)، وَقَالَ:"مِنْهَا مُسْنِدَةُ "أَصْبَهَانَ" فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ بنِ عَقِيْلٍ الجُوْزْدَانِيِّ حَدَّثَتْ بِـ "مُعْجَمَيْ الطَّبَرَانِيُّ" الكَبِيْرِ وَالصَّغِيْرِ
…
وَذَكَرَ وَفَاتَهَا سَنَةَ (524 هـ). وَيُرَاجَعُ: سِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (19/ 504).
وَفَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيِّ
(1)
سَمِعَ مِنْهُ أَبُو الفُتُوْحِ بنُ الحُصْرِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ طَارِقٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الغَزَّالِ، وَكَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، صَدُوْقًا، تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
211 - عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ عَبْدِ الغَالِبِ
(2)
بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرِ بنِ خَلِيْفَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ الشَّيْبَانِيُّ البَغْدَادِيُّ الوَرَّاقُ، الفَقِيْهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
وُلِدَ فِي رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ، ذَكَرَهُ القَطِيْعِيُّ عَنْهُ. وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنَ القَاضِي أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ البَاقِي، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ السَمَرْقَنْدِيِّ وَابْنِ الطَّلَّايَةِ، وَأَبِي الحَسَنِ، وَأَبي بَكْرِ ابْنَيِ
(3)
الزَّاغُونِيِّ، وَالأُرْمَوِيِّ، وَسَمِعَ بِـ "هَمَذَانَ" مِنْ أَبِي الخَيْرِ البَاغْبَانَ، وَغَيْرِهِ، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ، وَقَالَ: كَانَ لَهُ صَلَاحٌ، وَدِيْنٌ وَافِرٌ، وَرَوَى عَنْهُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ،
(1)
مُحَدِّثَةٌ، بَغْدَاديَّةٌ، أَصْبَهَانِيَّةٌ مَشْهُوْرَةٌ (ت: 539 هـ). أَخْبَارُهَا في: العِبَر (4/ 109) وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 276).
(2)
211 - أَبُو مُحَمَّدِ بنُ عَبْدِ الغَالِبِ (517 - 591 هـ):
أخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 44)، والمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 151) وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 319)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 301). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ، (ورقة: 201)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 183)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 234)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (69)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 307)(6/ 501).
قَال ابنُ النَّجَّارِ: "مِنْ أَهْلِ "النَّصْرِيَّةِ" ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ "بَغدَادَ". . . وسَمِعَ مِنْهُ أَصْحَابُنَا، وَتُوُفِّيَ قَبْلَ طَلَبِي للحَدِيْثِ.
(3)
في (ط): "ابن".
وَابْنُ خَلِيْلٍ الحَافِظُ
(1)
، فَقَالَ:(أَثَنَا) الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ المُؤْمِنِ الفَقِيْهُ الحَنْبَلِيُّ، وَأَجَازَ لِمُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ أَبِي الدِّيْنَةِ
(2)
.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، قَالَ: وَكَتَبَ إِلَيَّ ابنُ شَرِيْكٍ، أَنَّهُ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ العِيْدِ، سنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ.
قُلْتُ: وَكَذَا ذَكَرَ المُنْذِرِيُّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ عَرَفَةَ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ.
وَذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ عَنِ ابْنِ الدَّبِيْثِيِّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ثَامِنَ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ، وَعَنْ غَيْرِهِ: أَنَّهُ دُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ".
212 - عَلِيُّ بنُ هِلَالِ
(3)
بنِ خَمِيْسٍ الواسِطِيُّ الفَاخَرَانِيُّ الضَّرِيْرُ، الفَقِيْهُ،
(1)
نَصُّهُ فِي "مُعْجَمِهِ": "أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ عَبدِ الغَالِبِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرِ بنِ خَلِيْفَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ الشَّيْبَانِيُّ، الوَرَّاقُ، الفَقِيْهُ الحَنْبَلِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِـ "بَغْدَادَ" قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي. . .".
(2)
في (ط)"الدِّبْيَة" وَصَوَابُهُ: "الدِّيْنَةُ" وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: "الدِّيْنِيُّ" وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ حَنْبَلِيَّةٍ نَتَحَدَّثُ عَنْهَا فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَتْحِ (ت: 652 هـ) الآتِيَةُ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(3)
212 - ابنُ هِلَالٍ الفَاخِراني (؟ - 591 هـ).
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 44)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 273)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 320)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 301). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 235)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 289)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (70)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 307)(6/ 502).
- وابنُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ هِلَالٍ (ت: 645 هـ) نَذْكُرُهُ في مَوْضِعِه مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. قَالَ الحَافِظُ ابنُ النَّجَّارِ عَنِ المُتَرْجَمِ: "قَدِمَ "بَغْدَادَ" وَاسْتَوْطَنَهَا، =
أَبُو الحَسَنِ، وَيُلَقَّبُ بِـ "مُعِيْنِ الدِّينِ"
(1)
. ذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ، فَقَالَ: تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ بْنِ عَبْدِ الخَالِقِ، وَأَبِي الفَتْحِ صَدَقَةِ بنِ الحُسَيْنِ النَّاسِخِ، وَخَدِيْجَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ النَّهْرَوَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَحَدَّثَ. وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى "الفَاخَرَانِيَّةِ": قَرْيَةٌ مِنْ سَوَادِ "وَاسِطٍ"
(2)
.
تُوُفِّيَ فِي حَادِي عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
(3)
.
213 - حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ
(4)
بنِ حَامِدٍ الصَّفَّارُ الأَصْبَهَانِيُّ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ،
= وَقَرأَ القُرآنَ، وتَفَقَّهَ علَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ
…
وَكَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، مُتَدَيِّنًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ الحَدِيْثَ، وَلَا أَعْرِفُهُ، قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي القَاسِمِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ الشَّيْبِيِّ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ هِلَالِ بنِ خَمِيْسٍ الفَاخِرَانِيُّ الوَاسِطِيُّ:
صُبِغَتْ دَوَاتُكَ مِنْ يَوْمَيْكَ فَاشْتَبَهَتْ
…
عَلَى الأَنَامِ بِبِلَّوْرٍ وَمَرْجَانِ
فَيَوْمُ سِلْمِكَ مُبَيَضٌّ بِصَفْوِ يَدٍ
…
وَيَومُ حَرْبِكَ قَانٍ بِالدَّمِ القَانِي
(1)
لَمْ يَرِدْ فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ" لابنِ الفُوَطِيِّ مَعَ مَنْ يُلَقَّبُ: "مُعِيْنُ الدِّيْنِ"؟!.
(2)
لَمْ يَذْكُرْهَا يَاقُوْتٌ في مُعْجَمِ البُلْدَانِ؟!
(3)
قَالَ الحَافِظُ ابنُ النَّجَّارِ: "وَذَكَرَ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ أَبِي نَصْرٍ البَاجِسْرَائِيُّ الفَقِيْهُ أَنَّهُ رَأى الفَاخَرَانِيَّ فِي المَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: احْتَرَمَنِي كَمَا يُحْتَرَمُ الفُقَهَاءَ، وَأَذِنَ لِي أَنْ آكُلَ وَأَشْرَبَ، وَلَا أَبُوْلُ وَلَا أَتَغَوَّطُ"، وَعَبْدُ المُنْعِمِ البَاجِسْرَائِيُّ (ت: 612 هـ) حَنْبَلَيٌّ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(4)
213 - حَامِدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ (؟ -؟):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 44)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3521)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 71)، وَمُخْتَصَرِهِ:"الدُّرِّ المُنَضَّدِ" =
الإِمَامُ، نَجِيْبُ الدِّينِ
(1)
، أَبُو عبْدِ الله. سَمِعَ أَبَاهُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ
(2)
، وَأَبَا طَاهِرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي نَصْرٍ الهَرَوِيَّ بِـ "هَاجِرٍ"
(3)
، وَأَبَا الخَيْرِ البَاغْبَانِ، وَمَسْعُوْدًا الثَّقَفِيَّ
= (1/ 323)، وَيُرَاجَعُ: الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (11/ 278) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ.
(1)
في (ط): "مُحِبُّ الدِّين".
(2)
يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ وَالِدَهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ أقفُ الآنَ علَى أَخْبَارَهُ.
(3)
في (أ): "مُهاجر"، وفي بَقيَّة الأُصُوْلِ:"بِهَاجِرٍ" وَلَعَلَّ صِحَّةَ العِبَارَةِ هكَذَا: المعْرُوْفُ بِـ "هَاجِرٍ" كَمَا جَاءَ فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ". قَالَ: "سَمِعَ أَبَاهُ، وأَبَا طَاهِرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي نَصْرٍ التَّاجِرَ المعْرُوْفَ بِـ "هَاجِرٍ. . ." وفِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (5/ 184)، قَالَ: "أبُو طَاهرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرِ بنِ أَبِي القَاسِمِ بنِ عَلِيِّ بنِ هَاجِرٍ الأَصْبَهَانِيِّ، سَمِعَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ مَنْدَه، وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْبِ بِالإِجَازَةِ، حَدَّثَنَا عَنْهُ بِـ "أَصْبَهَانَ" غَيْرُ وَاحِدٍ.
يَقُولُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سُلَيْمَان العُثَيْمِين - عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَكَلَامُ الحَافِظِ ابنِ نُقْطَةَ يُفِيْدُ أَنَّ "هَاجِرًا" جَدُّهُ الأَعْلَى، لَا أَنَّهُ لَقَبٌ لَهُ هُوَ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَة (591 هـ):
250 -
ذَاكِرُ بنُ كَامِلِ بنِ أَبِي غَالِبٍ الخَفَّافُ ذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله أَخَاهُ المُبَارَكَ بنَ كَامِلٍ (ت: 543 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ التَّرْجَمَةِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ أَغْفَلَ المُؤَلِّفُ رحمه الله ذِكْرَ أَخِيْهِ هَذَا، مَعَ أَنَّهُ مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"بَغْدَادِيٌّ مَشْهُوْرٌ". وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: "كَانَ صَالِحًا، مُتَدَيِّنًا، كَثِيْرَ الصَّمْتِ. . .". أَخْبَارُهُ فِي التَّقيِيْدِ لابنِ نُقْطَةَ (268)، وَالتَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 224)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 66)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (60)، وَالسِّيَرِ (21/ 250)، وَالعِبَرِ (4/ 276)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (14/ 36)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 306).
251 -
وَعَبْدُ اللهِ بنِ صَالِح بنِ سَالِم بنِ خَمِيْسٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَزَجِيُّ البَغْدَادِيُّ الخَبَّازُ، سَمعَ مِنَ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَاقِي، وَإِسْمَاعِيلَ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ. هَلْ هُوَ قَرِيْبُ =
وَالرُّسْتُمِيِّ، وَعَبْدَ الجَلِيْلِ كُوْتَاهَ، وَجَمَاعَةً بِـ "أَصْبَهَانِ"، وَبِـ "هَمَذَانَ" أَبَا زُرْعَةَ المَقْدِسِيَّ، وَأَبَا العَلَاءِ العَطَّارَ، وَقَدِمَ "بَغْدَادَ" حَاجًّا سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَسَمِعَ بِهَا مِنْ جَمَاعَةٍ. وَقَرَأَ عَلَى ابْنِ الجَوْزِيِّ "مَنَاقِبَ الإِمَامِ أَحْمَدَ" لَهُ، وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ، كَتَبَ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ النَّفِيْسِ الرَّزَّازُ. ذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارِ وَقَالَ: كَانَ فَقِيْهًا، حَنْبَلِيًّا، فَاضِلًا، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ وَالأَدَبِ. وَذَكَرَ أَبُو الفَرجِ بنُ الحَنْبَلِيِّ أَنَّهُ لَقِيَهُ بِـ "أَصْبَهَانَ"، وَقَالَ: كَانَ فَقِيْهًا عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، عَارِفًا بِالمَذْهَبِ وَالخِلافِ، مُحَدِّثًا، وَوَصَفَهُ بِالمُرُوْءَةِ التَّامَّةِ.
214 - سَعْدُ بنُ عُثْمَانَ
(1)
بنِ مَرْزُوْقِ بنِ حُمَيْدِ بنِ سَلَامَةَ
(2)
القُرَشِيُّ، المِصْرِيُّ
= عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ سَالِمِ بنِ يَحْيَى بنِ خَمِيْسٍ (ت: 661 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ؟.
أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلة (1/ 223)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 162).
252 -
وَهِبَةُ اللهِ بنُ صَدَقَةَ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ ثَابِتِ بنِ عُصْفُوْرٍ، الأَزَجِيُّ الصَّائِغُ أَبُو البَقَاءِ، حَدَّثَ، وَخَرَّجَ، وَأَلَّفَ "الرَّدَّ عَلَى الرَّافِضَةِ"، وَ"الرَّدَّ عَلَى أَبِي الوَفَاءِ بنِ عَقِيْلٍ"، فِي نُصْرَةِ الحَلَّاجِ. أَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ ابنِ خَلِيل (ورقة: 234)، وَمَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (12)، والمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 223). فِي مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ:"أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بن صَدَقَةَ بن ثَابِتِ بنِ عُصْفُوْرٍ الأَزَجِيُّ الحَنْبَلِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بـ "بَابِ الأَزَجِ" عَلَى بَابِ دَارِهِ .. ".
(1)
214 - سَعْدُ بنُ مَرْزُوقٍ (؟ - 592 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرقة: 44)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 427)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 320)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 302). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 248)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 141)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (90)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ (ت: 564 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
فِي (ط): "سَلام" وَيُرَاجَعُ تَرْجَمَةُ وَالِدِهِ عُثْمَان.
المَوْلِدِ، البَغْدَادِيُّ الدَّارِ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، أَبُو الخَيْرِ
(1)
، ابنِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ
(2)
. خَرَجَ مِنْ "مِصْرَ" قَدِيْمًا، وَاسْتَوْطَنَ "بَغْدَادَ" وَقَدْ سَبَقَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ سَبَبُ قُدُوْمِهِ إِلَى "بَغْدَادَ"، وَتَفَقَّهَ بِهَا فِي المَذْهَبِ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَلَازَمَ دَرْسَهُ، وسَمِعَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدِ بنِ الخَشَّابِ وَغَيْرِهِ، وَحَصَلَ لَهُ القَبُوْلُ التَّامِّ مِنَ الخَاصِّ وَالعَامِّ، وَكَانَ وَرِعًا، زَاهِدًا، عَابِدًا.
قَرَأْتُ بِخَطِّ نَاصِحِ الدِّيْنِ بنِ الحَنْبَلِيُّ فِي حَقِّهِ: كَانَ مُشْتَغِلًا بِحِفْظِ كِتَابِ "الوَجْهَيْنِ وَالرِّوَايَتَيْنِ" تَصْنِيْفُ القَاضِي أَبِي يعْلَى
(3)
، وَكَانَ مِنَ الزُّهْدِ، وَالصَّلَاحِ، وَالتَّطْهِيْرِ، وَالتَّوَرُّعِ فِي المَأْكُوْلِ، عَلَى صِفَةٍ تُعْجِزُ كَثِيْرًا مِنَ المُجْتَهِدِيْنَ فِي العِبَادَةِ. وَكَانَ يَمْشِي مُطْرِقَ الرَّأْسِ، يَلْتَقِطُ الأَوْرَاقَ المَكْتُوْبَةِ، حَتَّى اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْ ذلِكَ شَيْءٌ كَثِيْرٌ، فَيَحْمِلُهُ بِحَمَّالٍ إِلَى الشَّاطِيءِ فَيَتَوَلَّى غَسْلَهُ، وَيُرْسِلُهُ مَعَ المَاءِ، وَكَانَ لَا يَسْتَقْضِي أَحَدًا حَاجَةً إِلَّا أَعْطَاهُ أَجْرَهُ، وَلَوْ أَشْعَلَ لَهُ سِرَاجًا. وَذَاكَرْتُهُ - فِي خَلْوَةٍ - فِي القَوْلِ بِخَلْقِ أَفْعَالِ العِبَادِ، فَأَقَرَّ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ مَذْهَبِ وَالِدِهِ فِي ذلِكَ، فَسُرِرْتُ بِذلِكَ.
وَرَأى رَجُلٌ فِي "بَغْدَادَ" النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَقُوْلُ: لَوْلَا الشَّيْخُ سَعْدٌ
(1)
في (ط): "أَبُو الحُسَيْن".
(2)
ساقط من (أ).
(3)
يُرَاجَعُ: الطَّبَقَاتُ (3/ 384)، في تَرْجَمَةِ القَاضِي، وَيُلَاحَظُ انقلابُ اسمِ الكِتَابِ فَالمَشْهُوْرُ هو "كِتَابُ الرِّوَايَتَيْنِ. . ." وَأَلَّفَ القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ بنُ أَبِي يَعْلَى (ت: 526 هـ) كِتَابَ: "التَّمَامِ لِكِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالوَجْهَيْنِ" تُراجع تَرْجَمَتُهُ فِي هَذَا الكِتَابِ.
نَزَلَ بِكُمْ بَلَاءٌ، أَوْ كَمَا قَالَ، ثُمَّ سَعَى الشَّيْخُ سَعْدٌ إِلَى الجُمُعَةِ وَمَا عِنْدَهُ خَبَرٌ بِهَذَا المَنَامِ، فَانْعَكَفَ النَّاسُ بِهِ يَتَبَرَّكُوْنَ بِهِ، وَازْدَحَمُوا، فَرَمَوْهُ مَرَّاتٍ، وَكَأَنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي قُلُوْبِ النَّاسِ؟ وَهُوَ يَقُوْلُ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الفِتْنَةِ أَيْشٍ بِي؟ أَيْشٍ بِالنَّاسِ؟ حَتَّى ضُرِبَ النَّاسُ عَنْهُ وَخَلُصَ مِنْهُمْ.
وَقَالَ القَادِسِيُّ: هُوَ أَحَدُ الزُّهَّادِ، الأَبْدَالُ الأَوْتَادُ، وَمَنْ تُشَدُّ إِلَيْهِ الرِّحَالُ، وَمَنْ كَانَ للهِ عَلَيْهِ إِقْبَالٌ، الصَّائِمُ فِي النَّهَارِ، القَائِمُ فِي الظَّلَامِ. قَدِمَ "بَغْدَادَ" وَسَكَنَ بِرِبَاطِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَمَا كَانَ يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا، وَلَا يَغْشَى بَابَ أَحَدٍ مِنَ السَّلَاطِينِ، كَانَ يُنْفَذُ لَه فِي كُلِّ عَامٍ شَيْءٌ مِنْ مُلْكٍ لَهُ بِـ "مِصْرَ" يَكْفِيْهِ طُوْلَ سَنَتِهِ. حَكَى لِي وَالِدِي، قَالَ: كُنْتُ أَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ كَثِيْرًا، فَأَتَيْتُهُ يَوْمًا، فَهَجَسَ فِي نَفْسِي أنَّ لِي مُدَّة أَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ، وَمَا حَلَفَ عَلَيَّ قَطُّ، وَلَا قَدَّمَ لِي شَيْئًا، فَمَا اسْتَتْمَمْتُ كَلَامِي حَتَّى قَالَ لِي: أَيْ أَحْمَدُ، وَاللهِ مَا أَرْضَى لَكَ طَعَامِي، لأَنَّهُ طَعَامُ شَقًى، قَالَ: وَأَخَذَنِي مِنَ الوَجْدِ شَيءٌ عَظِيمٌ، ثُمَّ دَخَلَ لِيُخْرِجَ لِي مِنَ الزَّادِ، فَقُلْتُ: لَوْ أَخْرَجَ إِلَيَّ رَغِيْفَ فَضْلَةٍ، لأَنْتَغِضَ
(1)
بِهِ لأَقُوْمَ، فَقَالَ عَجِلًا مِنْ دَاخِلِ البَيْتِ: أَيْ شَيْخُ أَحْمَدُ، بَلْ رَغِيْفَانِ، قَالَ: فَزَادَ تَحَيُّرِي وَدَهْشَتِي، وَكَانَ الشَّيْخُ سَعْدٌ كَثِيْرَ البُكَاءِ وَالخُشُوْعِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ عَبْدًا، صَالِحًا، مَشْهُوْرًا بِالعِبَادَةِ، وَالمُجَاهَدَةِ
(1)
يَجُوْزُ أَنْ تَكُوْنَ بِالعَيْنِ المُهْمَلَةِ، وَالنَّعْضُ: التَّحْرِيْكُ، قَالَ تَعَالَى:{فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} [الإسراء، الآية: 51]، وَيَجُوْزُ أَنْ تَكُوْنَ بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ وَيَكُوْنَ المَعْنَى: أَصَبْتُ مِنْهُ شَيْئًا.
وَالوَرَعِ، وَالتَّقَشُّفِ، وَالقَنَاعَةِ، وَالتَّعَفُّفِ، وَكَانَ خَشِنَ العَيْشِ، مُخْشَوْشِنًا، كَثِيرَ الانْقِطَاعِ عَنِ النَّاسِ، وَكَانَ عَلَى غَايَةٍ مِنَ الوَسْوَسَةِ، وَالمُبَالَغَةِ فِي الطَّهَارَةِ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: (ثَنِي) يُوْسُفُ بْنُ سَعِيْدٍ
(1)
المُقْرِئُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا المِصْرِيَّ
(2)
الزَّاهِدَ يَقُولُ: تَجَشَّأْتُ مَرَّةً، فَصَعَدَ إِلَى حَلْقِي شَيءٌ مِنَ الجَشَإِ، فَغَسَلْتُ حَلْقِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَابْتَلَعْتُهُ، ثُمَّ غَسَلْتُ فَمِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أُخَرَ وَأَبْصُقُهُ.
قُلْتُ: سَامَحَهُ اللهُ تَعَالَى، هَذِهِ زَلَّةٌ فَاحِشَةٌ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: كَانَ يُحْمَلُ إِلَيْهِ مَا يَقْتَاتُ بِهِ مِنْ "مِصْرَ" مِنْ جِهَّةٍ كَانتْ لَهُ بِهَا. وَقِيلَ: إِنَّ شَيْخَهُ ابْنَ المَنِّيِّ لَمَّا احْتُضِرَ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ سَعْدٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ، وَأَنَّ النَّاسَ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ للْتَبَرُّكِ بِهِ حَتَّى كَادَ يَهْلَكُ
(3)
.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: تُوُفِيَ فِي سَادِسِ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، سَاجِدًا في صَلَاتِهِ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ.
وَذَكَرَ القَطِيعِيُّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ الدَّيرِ"
(1)
في (ط): "سَعِيدُ بنُ يُوسُفَ" كَأَنَّهُ انْقَلَبَ الاسمُ عَلَى النَّاسِخِ، وَإِنَّمَا هُوَ يُوْسُفُ بنُ سَعِيْدٍ البَنَّاءُ الأَزَجِيُّ (ت: 601)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ رَقم (243)(3/ 68).
(2)
في (ط): "سَعْدُ".
(3)
تَقَدَّمَ ذلِكَ في تَرْجَمَةِ أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِيِّ (ت: 583).
بِالقُرْبِ مِنْ مَعْرُوْفٍ الكَرْخِيِّ، رَحمَةُ اللهِ عَلَيْهِ
(1)
، وَكَذَا القَادِسِيُّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَابِعَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ سَاجِدًا، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِمَدْرَسَةِ عَبْدِ القَادِرِ، ثُمَّ مِرَارًا عِدَّةً بِظَاهِرِ "الحَلْبَةِ" ثُمَّ حَمَلَ إِلَى "بَابِ حَرْبٍ" لِيُدْفَنَ بِهِ، وَكَانَ قَدْ حُفِرَ لَهُ بِهِ قَبْرٌ، فَأَقْبَلَ خُدَّامُ أُمِّ الخَلِيْفَةِ، وَاسْتَخْلَصُوْهُ مِنَ العَامَّةِ، وَرَدُّوْهُ إِلَى مَقَابِرِ مَعْرُوْفٍ، إِلَى التَّلِّ المُقَابِلِ لِبَابِ تُرْبَةِ أُمِّ الخَلِيْفَةِ، وَكَانَ يَوْمُ مَوْتِهِ مَشْهُوْدًا، وَتَابُوْتُهُ بِالحِبَالِ مَشْدُوْدًا، رحمه الله. وَذَكَر ابْنُ النَّجَّارِ: أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيْهَا: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89)}
(2)
.
215 - إِلْيَاسُ بنُ حَامِدِ
(3)
بْنِ مَحْمُوْدِ بنِ حَامِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الحَجَرِ الحَرَّانِيُّ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، تَقِيُّ الدِّينِ، أَبُو الفَضْلِ ابْنِ الإِمَامِ أَبِي الفَضْلِ،
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَبيْهِ. سَمِعَ إِلْيَاسُ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي هَاشِمٍ عِيْسَى بْنِ أَحْمَدَ
(1)
ساقِط مِن (ط).
(2)
سُورة الواقعة.
(3)
215 - إِلْيَاسُ الحَرَّانِيُّ (؟ - 592):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 45)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 282)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 322)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 302). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 235)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 266)، وَالتَّوْضِيْحُ (3/ 127)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 309)، (6/ 505)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ حَامِدًا (ت: 570 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
الدُّوْشَابِيُّ
(1)
، وشُهْدَةَ، وَغَيْرِهِمَا.
(1)
في (ط): "الرُّوْشَابِيُّ" بالرَّاء، والصَّحِيْحُ هُو المُثْبِتُ، قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي الأَنْسَابِ (5/ 363)، "بِضَمِّ الدَّالِ المُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ الشِّيْنِ المُعْجَمَةِ، وَفِي آخِرِهَا البَاءُ المَنْقُوْطَةُ بِوَاحِدَةٍ، هَذِهِ النِّسْبَةُ إِلَى "دُوْشَابٍ" وَهُوَ الدِّبْسُ بِالعَرَبِيَّةِ، وَبَيْعُهُ أوْ عَمَلُهُ" وَذَكرَ الشَّرِيْفَ أَبا هَاشِمٍ عِيْسَى بنَ أَحْمَدَ المَذْكُورَ هُنَا، وَقَالَ:"مِنْ أَهْلِ "بَابِ الأَزَجَ" شَرْقِيِّ "بَغْدَادَ" سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنَ بنَ أَبِي القَاسِمِ البُسْرِيَّ، كَتَبْتُ عنْهُ حَدِيْثَيْنِ بإِفَادَةِ أَبي المُعَمَّرِ الأَنْصَارِيِّ بِـ "بَغْدَادَ". . ." وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ؛ لأنَّهُ تُوُفِّيَ بَعْدَهُ، وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ فَأَهْلُ "بَابِ الأَزَجِ" حَنَابِلَةٌ فِي الغَالِبِ، وَالرُّوَاةُ عَنهُ أَغْلَبُهُمْ مِنَ الحَنَابِلَةِ. أَخْبَارُهُ فِي: المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 152)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 83)، وَالعِبَرِ (4/ 255)، والشَّذَرَاتِ (4/ 252)، وَلَمْ أَسْتَدْرِكْهُ فِيْمَا سَبَقَ؛ لِعَدَمِ الجَزْم بِذلِكَ، وَهُوَ شَرِيْفٌ، هَاشِمِيٌّ، عَبَّاسِيٌّ، هَرَّاسٌ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّف رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (592 هـ):
253 -
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، ابنُ العَالِمِ المَشْهُوْرِ، سَمعَ مِنْ وَالِدِهِ، وَمِنْ الشَّيْخِ سَعِيْدِ بنِ البَنَّاءِ، رَحَلَ إِلَى "وَاسِطَ" وَتُوُفِّيَ بِهَا. أَخْبَارُهُ فِي: المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 322)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 302). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 272)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 231)، وَتارِيْخُ الإِسْلَامِ (86)، وقَلَائدُ الجَوَاهِر (44).
254 -
وَعَبْدُ الخَالِقِ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدِ الصَّابُونِيُّ المَالِكِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ المَوْلِدِ، الخَفَّافُ، الضَّرِيْرُ، وَيُقَالُ فِي نَسَبِهِ: الطَّائِيُّ، الأَنْبَارِيُّ أَيْضًا، وَعَبْدُ الخَالِقِ هَذَا مِنْ مَشَاهِيْرِ الحَنَابِلَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رحمه الله وَهُوَ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ، لِشُهْرَتِهِ وَتَمَيُّزِهِ. وَنِسْبَتُهُ (الحَنْبَلِيُّ) فِي المَصَادِرِ مُسْتَفِيْضَةٌ، وَنِسْبَتُهُ (المَالِكِيُّ) إِلَى قَرْيَتِهِ (المَالِكِيَّةَ) علَى بَابِ "بَغْدَادَ" مُقَابِلِ بَابِ (الظَّفَرِيَّةِ) كَذَا قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ. وَيُرَاجِعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 52)، وَنصُّوا عَلَى أنَّهُ الحَنْبَلِيُّ حَتَّى لَا يُظَنَّ أَنَّهُ مَالِكِيُّ =
قالَ نَاصِحُ الدِّينِ بنُ الحَنْبَلِيُّ: وَكَانَ رَفِيْقِي فِي دَرْسِ شَيْخِنَا ابْنِ المَنِّيِّ، وَسَكَنَ "المَوْصِلَ" إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الحَدِيْثِ بِهَا، وَكَانَ حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، وَحَدَّثَ، سَمِع مِنْهُ بَدَلٌ التِّبْرِيْزِيُّ.
توُفِّيَ فِي سَلْخِ شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "المَوْصِلِ" كَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ المُنْذِرِيُّ: وَقِيلَ: بَلْ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِيْنَ.
216 - مَكِّيُّ بنُ أَبِي القَاسِمِ
(1)
عَبْدُ اللهِ بنِ مَعَالِي بنِ عَبْدِ البَاقِي بْنِ الغَرَّادِ
(2)
= المَذْهَبِ، وَأَهْمَلَهُ تَبَعًا لِلْمُؤَلِّفِ العُلَيْمِيُّ فِي "المَنْهَجِ الأَحمَدِ" وَوَالِدُهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 556 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي استِدْرَاكِنَا، وَذَكَرْنَا مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ هُنَاكَ. قَالَ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ:"وَهُوَ مُكْثِرٌ، صَحِيْحُ السَّمَاعِ" وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: "وَكَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ، مِنْ بَيْتِ الحَدِيْثِ، سَمعَ مِنْهُ الحُفَّاظِ" أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ لابنِ نُقْطَةَ (379)، وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ لَهُ (1/ 357)(5/ 501)، وَمُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 181)، وَمَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (128)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ لِلْمُنْذِرِيِّ (1/ 268)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 450)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 234)، وَالعِبَرِ (4/ 279)، وَالمُشْتَبَهِ (2/ 566)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (1/ 274)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 309)
…
وَغَيرها.
(1)
216 - مَكِّيُّ الغَرَّادُ (529 - 593 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة 45)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 39)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 323)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 302). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (451)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (4/ 306)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 274)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (228)، ومَشيَخَةُ النَّعَّالِ (130)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 195)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (147)، وَمِيْزَانُ الاعْتِدَالِ (4/ 179)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبِهِ (6/ 215)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 315)، (6/ 516).
(2)
في (ط): "العَرَّادُ" العَيْنُ مُهمَلَةٌ، وَوَرَدَ في مَوَاضِعِ سَابِقَةٍ في (ط):"القراد" وَكَذَا =
البَغْدَادِيُّ، المَأْمُوْنِيُّ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، أَبُو إِسْحَقَ، وَيُقَالُ: أَبُو الحَرَم أَيْضًا.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ نَاصِرٍ، وَالأُرمَوِيِّ، وَالكَرُّوْخِيِّ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وَهِبَةِ اللهِ الشِّبْلِيِّ، وَسعْدِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ الزَّاغُونِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ.
= وَرَدَتْ فِي مَوَاضِع مِنْ "تَارِيخِ الإِسْلَامِ" وَكُلُّهَا تَحْرِيْفُ طِبَاعَةٍ، قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ، وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ المُهْمَلَةِ وَفَتْحِهَا، وَبَعْدَ الأَلِفِ دَالٌ مُهْمَلَةٌ، وَهُوَ مَنْ يَعْمَلُ البُيُوْتَ مِنَ القَصَبِ فِي أَعْلَى المَنَازِلِ"، وَعُرِفَ بِـ "الغَرَّادِ" بَعْدَ المُتَرْجَمِ هُنَا: مُحَمَّدُ بنُ عَوَضِ بنِ سَلَامَةَ، أَبُو بَكْرٍ الغَرَّادُ (ت: 645 هـ) وَخَلَفُ بنُ عَلِيٍّ الغَرَّادُ (ت: 607 هـ) وَغَيْرِهِمَا. وَعُرِفَ قَبل المُتَرْجَمِ لَبِيْدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عمر الغرَّادُ الخَبَّازُ، مِنْ شُيُوخِ ابْنِ عَسَاكِرِ كَمَا فِي مُعْجَمِهِ (2/ 838). وَبَرَكَةُ بنُ عَلِيٍّ بن تَغْلِبٍ الغَرَّادُ
…
وَغَيْرِهِمَا، وَنسَبُهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي لِسَانِ المِيْزانِ "البَوَارِيُّ"، وَرَدَّ عَلَيْهِ الحَافِظُ ابنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ فِي "التَّوْضِيْحِ"، فَقَالَ: وَهُوَ خَطَأٌ صَوَابُهُ: البُوْرَانِيُّ بِضَمِّ المُوَحَّدَةِ، وَتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الأَلِفِ، وَقَبْلَ يَاء النِّسْبَةِ نُونٌ. وَتَحَدَّثَت عَنْ هَذِهِ النِّسْبَةِ فِي هَامِشِ كِتَابِ الطَّبَقَاتِ (1/ 152).
(فَائِدَةٌ): مَكِّيُّ مَنسُوْبٌ إِلَى "مَكَّةَ" شَرَّفَهَا اللهُ تَعَالَى، وَهُوَ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ كَثِيْرٌ، وَرَأَيْتُ فِي مُعْجَمِ الحَافِظِ الدِّمْيَاطِيِّ (2/ ورَقَة 76)، مِنْ شُيُوخِهِ: عُثْمَانُ بنُ أَبِي بَكْرِ بنِ مَعَالِي بنِ يَكِّيِّ - بِاليَاءِ آخِرِ الحُرُوْفِ - أَبُو عَمْرٍو البَغْدَادِيُّ الغَرَّادُ".
فَهُوَ غَرَّادٌ مِثْلُهُ، بَغْدَادِيٌّ مِثْلُهُ، لَكِنَّ صَاحِبَنَا "مَكِّيٌّ" بِالمِيْمِ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ؛ لأَنَّهُ يُكَنَى أَبَا الحَرَمِ، وَهِيَ كُنْيَةٌ لِكُلِّ مَنْ يُسَمَّى "مَكِّيَّ" كَمَا سَبَقَ.
وَذَكَرَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"(1/ ورقة: 84) مُحَمَّدِ بنُ مَوْهُوْبِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ مَكِّيِّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ الغَرَّادُ، وَلَمْ يَذْكُر وَفَاتَهُ، فَهَلْ هُوَ من أَحْفَادِ المُتَرْجَمِ هُنَا؟ لَعَلَّهُ كَذلِكَ.
وَاعْتَنَى بِهَذَا الشَّأْنِ
(1)
، قَرَأَ عَلَى الشُّيُوْخِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، ولَمْ يَزَلْ يَقْرَأُ وَيَسْمَعُ إِلى آخِرِ عُمُرِهِ، وَهُو ثِقَةٌ، وَكَانَ لَهُ مَسْجِدٌ كَبِيْرٌ بِـ "المَأْمُونِيَّةِ" يَؤُمُّ فِيْهِ، وَيَقْرَأُ الحَدِيْثَ علَى المَشَايِخِ، وَكَانَ يَقْرَأُ أَيْضًا بِجَامِعِ القَصْرِ
(2)
، وَهُوَ ثِقَةٌ، صَحِيْحُ السَّمَاعِ، وَقَدْ نَسَبَهُ القَطِيْعِيُّ إِلَى التَّسَاهُلِ وَالتَّسَامُحِ، وَذُكِرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَنَّهُ وُجِدَ بِخَطِّهِ طَبَقَةٌ أَنْكَرَهَا، وَوَثَقَهُ ابْنُ نُقْطَةَ، وَقَالَ: إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيْهِ شَيْخُنَا ابْنُ الحُصْرِيِّ
(3)
؛ لأَنَّهُ قَالَ: كَانَ يَكْتُبُ سَمَاعَ أَقْوَامٍ كَانُوا يَتَحَدَّثُوْنَ إِلَى جَانِبِ حَلْقَتِهِ، فَأَمَّا سَمَاعُهُ فَصَحِيْحٌ. وَقَالَ القَادِسِيُّ: كَانَ صَالِحًا، خَيِّرًا، دَيِّنًا، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ
(4)
. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ
(1)
ساقط من (أ).
(2)
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: "لَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ وَيَقْرَأُ حَتَّى سَمِعْنَا بِقَرَاءَتِهِ كَثِيْرًا، وَكَانَتْ لَهُ حَلَقَةٌ بِجَامِعِ القَصْرِ، لِقِرَاءَةِ الحَدِيثِ، يَحْضُرُ فِيْهَا المشَايِخُ عِنْدَهُ"، وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ أَيْضًا:"وَكَانَ صَالِحًا مُتَدَيِّنًا، مَحْمُوْدَ الفِعَالِ، مُحِبًّا لِلطُّلَابِ، مُتَواضِعًا، لهُ شِعْرٌ".
(3)
فِي (ط): "ابن الحَضَرِيِّ".
(4)
قالَ ابْنُ النَّجَّارِ: "وَسَأَلْتُ شَيْخَنَا ابنَ الأَخْضَرِ عَنْهُ فَأَسَاءَ الثَّنَاءَ علَيْهِ، وَكَذَا ضَعَّفَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ الجِيْلِيُّ، وَقَالَ: كَتَبَ اسْمُهُ فِي طَبَقَةٍ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذلِكَ، وَرَاجَعْتُهُ فَأَصَرَّ"، وَيَظْهَرُ أنَّ الحَافِظَ ابْنَ رَجَبٍ كَانَ يَمِيْلُ إِلَى تَعْدِيْلِهِ وَالسُّكُوْتِ عَنْ مَا قِيلَ فِيه؛ لأَنَّهُ حَذَفَ قَوْلَهُ:"فَرَاجَعْتُهُ فَأَصَرَّ".
وَقَالَ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ: "كَانَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِيُّ يَذُمُّهُ وَيَنْهَى عَنِ السَّمَاعِ بِقِرَاءَتِهِ" وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: "تَكَلَّمَ فِيهِ شَيْخُنَا ابنُ الأَخْضَرِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، وَسَأَلْتُ عَنهُ أَبُو الفُتُوحِ نَصْرِ بنَ الحُصْرِيِّ بِـ "مكَةَ" فَضَعَّفَهُ وَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ بِالجَامِعِ وَإِلَى جَانِبِ حَلْقَتِهِ جَمَاعَةٌ يَتَحَدَّثُونَ وَلَا يَسْمَعُونَ، وَيَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ. [قَالَ =
ابْنُ خَلِيلٍ، وَقَالَ
(1)
: أَنْبَأْنَا أبُو الحَرَمِ مَكِّي بنُ أَبِي القَاسمِ الفَقِيْهِ الحَنْبَلِيِّ. وَقَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الزَّيْدِيِّ الحَافِظِ الزَّاهِدُ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ "جُزْءَا" الشَّيْخُ الإِمَامُ العالِمُ الحَافِظُ، أَبُو إِسْحَقَ مَكِّيُّ. وَرَوى عَنْهُ اليَلْدَانِيُّ
(2)
، وَأَجَازَ لابنِ أَبِي الدِّيْنَةِ
(3)
.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الجُمَعَةِ سَادِسَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ،
= ابنُ نُقْطَةَ]: أَمَّا مَا شَاهَدْتُهُ أَنَا فَإِنَّهُ وَقَعَ إِلَيَّ نُسْخَةُ بِـ "كِتَابِ الزَّكَاةِ وَاللَّفْظَةُ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ فِي جُزْءٍ عَتِيْقٍ وَقَدْ نَقَلَ مَكِّيُّ عَلَيْهِ سَمَاعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الأُرْمَوِيِّ فَعَارَضْتُ بِهِ أَصْلُ الأُرْمَوِيِّ فَأَصْلَحْتُ فِيهِ مِائَةَ مَوْضِعٍ أَوْ أَكْثَرَ حَتَّى قَارَبْتُ مُوَافَقَةَ الأَصْلِ [قَالَ ابنُ نُقْطَةَ]: وَغَايَةُ مَا أَخَذَهُ الجَمَاعَةُ عَلَيْهِ فَأَصْلُهُ التَّسَاهُلُ لَا غَيْرُ، فَأَمَّا الَّذِي سَمِعَهُ وَحَدَّثَ بِهِ فَصَحِيْحٌ، وَاللهُ يُسَامِحُنَا وَإِيَّاهُ".
(1)
نَصُّهُ فِي مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 228) قَالَ: "أَخْبَرَنَا أَبُو الحَرَمِ مَكِّيُّ بنُ أَبِي القَاسِمِ بنِ مَعَالِي بنِ عَبْدِ البَاقِي، الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيُّ، البَغْدَادِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِـ "بَغْدَادَ" قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمُ القَاضِي أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ الفَقِيْهُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ. . .".
(2)
في (ط): "البلداني" و"اليَلْدَانِيُّ" بِاليَاءِ. وَهُوَ المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُسْنِدُ الرَّحَّالُ، تَقِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي النَّهَمِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبدِ المُنعِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ اليَلْدَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ (ت: 655) وَفِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (5/ 504): ". . . "يَلْدَانُ" مِنْ قُرَى "دِمَشْقَ". . .". أَخْبَارُ اليَلْدَانِيُّ فِي: ذيْل الرَّوْضَتَيْنِ (195)، وَصِلَةِ التَّكْمِلَةِ للحُسَيْنِيِّ (ورَقَة: 26)، وَذَيْلِ مِرْآةِ الزَّمَانِ (1/ 70)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 311)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 197)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (7/ 59)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 299).
(3)
هُوَ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ أَبِي الدِّيْنَةِ، وَيُقَالُ: الدِّيْنِيِّ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" مُجَاوِرًا قَبْرَ بِشْرٍ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
217 - عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ
(1)
بْنِ أَبِي صَالِحٍ الجِيْلِيُّ، ثُمَّ البَغْدادِيُّ الأَزَجِيُّ، الفَقِيْهُ، الوَاعِظُ، سَيْفُ الدِّينِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، ابنِ القُدْوَةِ الزَّاهِدِ أَبِي مُحَمَّدٍ،
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَالِدِهِ، وَأَمَّا هُوَ فَوُلِدَ فِي ثَانِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
وَذَكَرَ أَبُو شَامَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ مِنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وابْنِ السَّمرْقَنْدِيِّ، وَسِنُّهُ يَحْتَمِلُ السَّمَاعَ مِنِ ابْنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَالحُضُوْرَ مِنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، لكِنْ لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ ذَكَرُوا ذلِكَ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِحَالِهِ، وَلَوْ كَانَ ذلِكَ صَحِيْحًا لَقَدَّمُوا هَذَيْنِ عَلَى بَقِيَّةِ شُيُوخِهِ
(2)
وَلكِنْ ذَكَرَ ابْنُ القَادِسِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ، وَأَبِي غَالِبِ بنِ البَنَّاءِ، وَغَيْرِهِمْ،
(1)
217 - سَيْفُ الدِّينِ الجِيلِيُّ (522 - 593 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابن نَصْرِ اللهِ (ورَقة: 45)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 152)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 4)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 304)، وَيُرَاجَعُ التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 288)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 181)، وَمَشْيَخَةُ النَّعَّالِ (132)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ لأَبِي شَامَة (12)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 454)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 347)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (19/ 306)، وَالدَّلِيْلُ الشَّافِي (1/ 433)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 314)(6/ 516).
وَاشْتُهِرَ لَهُ مِنَ الوَلَدِ: عَبْدُ السَّلَامِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 611 هـ). وَدَاوُدَ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 648 هـ). وَسلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت:؟).
(2)
رَدُّهُ هَذَا علَى أَبِي شَامَةَ فِيهِ تَعَسُّفٌ، فَقَدْ نَقَلَ بَعْدَ ذلِكَ عَنِ ابْنِ القَادِسِيِّ سَمَاعُهُ عِنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَالقَادِسِيُّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ؟!
وَأَسْمَعَهُ وَالِدُهُ فِي صِبَاهُ مِنْ أَبِي غَالِبِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَأَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ صِرْمَا، وَسَعِيْدِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي الوَقْتِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَرَأَ الفِقْهَ علَى وَالِدِهِ حَتَّى بَرَعَ فِيْهِ، وَدَرَّسَ نِيَابَةً عَنْ وَالِدِهِ بِمَدْرَسَتِهِ، وَهُوَ حَيٌّ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى العِشْرِيْنَ مِنْ عُمُرِهِ، ثُمَّ استَقَلَّ بِالتَّدْرِيسِ بِهَا بَعْدَهُ، ثُمَّ نُزِعَتْ مِنْهُ لابْنِ الجَوْزِيِّ؛ لأَجْلِ عَبْدِ السَّلَامِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
(1)
ثُمَّ رُدَّتْ إِلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِ ابْنِ يُونُسَ.
قَالَ ابنُ القَادِسِيِّ: كَانَ فَقِيْهًا مُجَوِّدًا، زَاهِدًا وَاعِظًا، وَلَهُ قَبُوْلٌ حَسَنٌ، وَتوَلَّى المَظَالِمَ للنَّاصِرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وثَمَانِينَ، وَكَانَ كَيِّسًا، ظَرِيْفًا مِنْ ظُرَفَاءِ أَهْلِ "بَغْدَادَ" مُتَمَاجِنًا
(2)
وَلَمْ يَكُنْ فِي أَوْلَادِ أَبِيْهِ أَفْقَهَ مِنْه، كَانَ فَقِيْهًا فَاضِلًا، حَسَنَ الكَلَامِ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، لَهُ لِسَانٌ فَصِيْحٌ فِي الوَعْظِ، وَإِيْرَادٌ مَلِيْحٌ، مَعَ عُذُوْبَةِ أَلْفَاظٍ، وَحِدَّةِ خَاطِرِ، وَكَانَ ظَرِيْفًا، لَطِيفًا، مَلِيْحَ النَّادِرَةِ، ذَا مَزْحٍ، وَدُعَابَةٍ، وَكَيَاسَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ مُرُوْءَةٌ، وَسَخَاوَةٌ، وَجَعَلَهُ الخَلِيْفَةُ النَّاصِرُ عَلَى المَظَالِمِ، وَكَانَ يُوْصِلُ إِلَيْهِ حَوَائِجَ النَّاسِ، ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ النَّجَّارِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّهُ يُرْسَلُ بِهِ مِنَ الدِّيْوَانِ إِلَى "الشَّامِ"، وَأَنَّ الخَلِيْفَةَ النَّاصِرُ بَنَى "رِبَاطَ الخِلَاطِيَّةِ" لَهُ، وَكَانَ لَهُ القَبُوْلُ التَّامُّ عِنْدَ العَامَّةِ أَيْضًا. قَالَ نَاصِحُ الدِّينِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: قَالَ الشَّيْخُ طَلْحَةُ - يَعْنِي العَلْثِيَّ - قَلَمُهُ
(1)
ينْظَرُ اتِّهَامُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالزَّنْدَقَةِ، وَخِلَافُهُ مَعَ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَالوَزِيْرِ ابْنِ يُونُسَ فِي ترْجَمَةِ ابن الجَوْزِيِّ (ت: 597 هـ) وَتَرْجَمَةِ عَبْدِ السَّلَامِ (ت: 611 هـ) الآتِيَتَيْنِ.
(2)
قالَ أَبُو شَامَةَ: "وَكانَتْ مَجَالِسُ وَعْظهِ تَمْضِي فِي الهَزَلِ وَالمُجُونِ".
سَدِيْدٌ فِي الفَتْوَى. قَالَ أَبُو شَامَةَ: قِيْلَ لَهُ يَوْمًا فِي مَجْلِسِ وَعْظِهِ: مَا تَقُولُ فِي أَهْلِ البَيْتِ؟ قَالَ: قَدْ أَعْمَوْنِي، وَكَانَ أَعْمَشَ، أَجَابَ عَنْ بَيْتِ نَفْسِهِ، وَقِيْلَ لَهُ يَوْمًا: بِأَيِّ شَيءٍ تَعْرِفُ المُحِقَّ مِنَ المُبْطِلِ؟ قَالَ: بِلَيْمُوْنَةٍ، أَرَادَ: مَنْ تَخَضَّبَ يَزُوْلُ خِضَابُهُ بِلَيْمُوْنَةٍ.
وَقَالَ ابنُ البُزُوْرِيِّ: وَعَظَ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ شَخْصٌ: مَا سَمِعْنَا بِمِثْلِ هَذَا، فَقَالَ: لَا شَكَّ يَكُوْنُ هَذَيَانَ، وَكَانَ لَهُ نَوَادِرُ كَثيرَةٌ، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ: ابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الغَزَّالِ الوَاعِظِ، وَابْنُ خَلِيْلٍ
(1)
، وَأَجَازَ لِمُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بْنِ أَبِي الدِّيْنَةِ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ خَامِسِ عِشْرِيْنَ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِمَدْرَسَةِ وَالِدِهِ، وَحَضَرَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الحَلْبَةِ
(2)
عِنْدَ عَبْدِ الدَّائِمِ الوَاعِظِ الَّذِي تُنْسَبُ المَقْبَرَةُ إِلَيْهِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
218 - طَلْحَةُ بنُ مُظَفِّرِ
(3)
بنِ غَانِمِ بنِ مُحَمَّدٍ العَلْثِيُّ، الفَقِيْهُ، الخَطِيْبُ،
(1)
جَاءَ فِي مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ: "أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الإِمَامِ الزَّاهِدِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ القَادِرِ بنِ أَبِي صَالِحِ الجِيْلِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِـ "بَغْدَادَ" قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو غَالِبٍ. . .".
(2)
في (ط): "الجلَبة".
(3)
218 - طَلْحَةُ العَلْثِيُّ: (؟ - 593 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقَة: 45)، =
المُحَدِّثُ الفَرَضِيُّ، النَّضَّارُ، المُفَسِّرُ، الزَّاهِدُ، الوَرِعُ، العَارِفُ، تَقِيُّ الدِّينِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، نَقَلْتُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ لَهُ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ نَاصِحِ الدِّيْنِ بنِ الحَنْبَلِيِّ، قَالَ: نَشَأَ فِي "العَلْثِ" وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "بَغْدَادَ"
(1)
وَحَفِظَ الكِتَابَ العَزِيزَ؛ وَقَرَأَ عَلَى عَلِيٍّ البَطَائِحِيِّ، وَالبُرْهَانِ بنِ الحُصْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَرَأَ الفِقْهَ عَلَى نَاصِحِ الإِسْلَامِ أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، فَصَارَ مُعِيْدًا عَلَيَّ وَعَلَى غَيْرِي، يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يُعِيْدُ لَهُمْ دُرُوسَ الشَّيْخِ، قَالَ: وَانْتَفَعْنَا بِهِ كَثِيرًا، وَسَمِعَ الحَدِيثَ الكَثِيرُ، وَقَرَأَ "صَحِيْحَ مُسْلِمٍ" فِي ثَلَاثِ مَجَالِسَ، وَكَانَ يَقْرَأُ كِتَابَ "الجَمْهَرَةِ" عَلَى ابْن القَصَّارِ
(2)
فَمِنْ سُرْعَةِ قِرَاءَتِهِ وَفَصَاحَتِهَا، قَالَ ابْنُ القَصَّارِ: هَذَا طَلْحَةُ يَحْفَظُ هَذَا الكِتَابِ؟ قَالُوا: لَا، وَكَانَ يَقْرَأُ الحَدِيْثَ فَيَبْكِي، وَيَتْلُو القُرآنَ فِي الصَّلَاةِ وَيَبْكِي، وَكَانَ مُتَوَاضِعًا، لَطِيفًا، أَدِيبًا فِي مُنَاظَرَتِهِ، لَا
= وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 461)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 6)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 304). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 164)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (وَرَقَة: 61)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 295)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 121)، وَالمُشْتَبَهُ (2/ 468)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (130)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (6/ 318)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 313)(6/ 512)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنَ عَمِّه مِنْ بُعْدٍ: إِسْحَقَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ غَانِمٍ العَلْثِيَّ (ت: 634 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
(1)
سَيَذْكُرُهَا المُؤَلِّفُ بَعْدَ قَلِيْلٍ.
(2)
تَقَدَّمَ التَّعريفُ بِهِ فِي تَرجَمَةِ ابْنِ الخَشَّابِ (ت: 569 هـ). وَ"الجَمْهَرَةُ" هِي جَمْهَرَةِ اللُّغَة لابْن دُرَيْدٍ الأزدي (ت: 310 هـ) مُعْجَمٌ لُغَوِيٌّ، مَشْهُوْرٌ.
المُحَدِّثُ الفَرَضِيُّ، النَّضَّارُ، المُفَسِّرُ، الزَّاهِدُ، الوَرِعُ، العَارِفُ، تَقِيُّ الدِّينِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، نَقَلْتُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ لَهُ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ نَاصِحِ الدِّيْنِ بنِ الحَنْبَلِيِّ، قَالَ: نَشَأَ فِي "العَلْثِ" وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "بَغْدَادَ"
(1)
وَحَفِظَ الكِتَابَ العَزِيزَ؛ وَقَرَأَ عَلَى عَلِيٍّ البَطَائِحِيِّ، وَالبُرْهَانِ بنِ الحُصْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَرَأَ الفِقْهَ عَلَى نَاصِحِ الإِسْلَامِ أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، فَصَارَ مُعِيْدًا عَلَيَّ وَعَلَى غَيْرِي، يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يُعِيْدُ لَهُمْ دُرُوسَ الشَّيْخِ، قَالَ: وَانْتَفَعْنَا بِهِ كَثِيرًا، وَسَمِعَ الحَدِيثَ الكَثِيرُ، وَقَرَأَ "صَحِيْحَ مُسْلِمٍ" فِي ثَلَاثِ مَجَالِسَ، وَكَانَ يَقْرَأُ كِتَابَ "الجَمْهَرَةِ" عَلَى ابْن القَصَّارِ
(2)
فَمِنْ سُرْعَةِ قِرَاءَتِهِ وَفَصَاحَتِهَا، قَالَ ابْنُ القَصَّارِ: هَذَا طَلْحَةُ يَحْفَظُ هَذَا الكِتَابِ؟ قَالُوا: لَا، وَكَانَ يَقْرَأُ الحَدِيْثَ فَيَبْكِي، وَيَتْلُو القُرآنَ فِي الصَّلَاةِ وَيَبْكِي، وَكَانَ مُتَوَاضِعًا، لَطِيفًا، أَدِيبًا فِي مُنَاظَرَتِهِ، لَا
= وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 461)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 6)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 304). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 164)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (وَرَقَة: 61)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 295)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 121)، وَالمُشْتَبَهُ (2/ 468)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (130)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (6/ 318)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 313)(6/ 512)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنَ عَمِّه مِنْ بُعْدٍ: إِسْحَقَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ غَانِمٍ العَلْثِيَّ (ت: 634 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
(1)
سَيَذْكُرُهَا المُؤَلِّفُ بَعْدَ قَلِيْلٍ.
(2)
تَقَدَّمَ التَّعريفُ بِهِ فِي تَرجَمَةِ ابْنِ الخَشَّابِ (ت: 569 هـ). وَ"الجَمْهَرَةُ" هِي جَمْهَرَةِ اللُّغَة لابْن دُرَيْدٍ الأزدي (ت: 310 هـ) مُعْجَمٌ لُغَوِيٌّ، مَشْهُوْرٌ.
فِي "تَارِيْخِهِ"
(1)
حِكَايَةً، وَقَالَ:(ثَنِي) طَلْحَةُ بنُ مُظَفَّرٍ الفَقِيْهُ: أَنَّهُ وُلِدَ عِنْدَهُمْ بـ "العَلْثِ" مَوْلُوْدٌ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَخَرَجَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَضْرَاسٍ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: تُوُفِّيَ فِي ثَالِثِ عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ بِزَاوِيَتِهِ بِـ "العَلْثِ" وَدُفِنَ هُنَاكَ، رحمه الله.
"وَالعَلْثُ" نَاحِيَةٌ قَرِيْبَةٌ مِنَ "الحَضِيْرَةِ" مِنْ نَوَاحِي "دُجَيْل"
(2)
وَهِيَ بِفَتْحِ العَيْنِ المُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ اللَّامِ، وَبَعْدَهَا ثَاءٌ مثَلَّثَةٌ.
وَخَلَّفَ الشَّيْخُ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ، وَهُمْ: أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ قُدْوَةً، صَالِحًا، عَالِمًا. وَمُكَارِمٌ، وَمُظَفَّرٌ، وَكُلُّهُمْ سَمِعُوا الحَدِيْثَ وَحَدَّثُوا
(3)
.
= الحَسَنِ بنِ المُقَرَّبِ. . .".
(1)
المُنْتَظَمُ (10/ 265).
(2)
مُعجَمُ البُلْدَان (4/ 164)، وَذَكرَ المُتَرجَمَ.
(3)
رَأَيْتُ خَطَّ مُظَفَّرٍ عَلَى الجُزْءِ الخَامِسِ مِنْ "أَمَالِي أَبِي يَعْلَى" نُسخَةَ الظَّاهِرِيَّةِ.
255 -
وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِمَّنْ يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (2/ 20) وقَالَ:"عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ طَلْحَةَ بنِ مُظَفَّرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ غَانِمِ بنِ العَلَاءِ بنِ طَالِبٍ، أَبُو الفَرَجِ التَّيْمِيُّ العِرَاقِيُّ العَلْثِيُّ، قَرَأْتُ على الشَّيْخِ الصَّالِحِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن طَلْحَةَ بِـ "العَلْث" قَرْيَةٌ مِنْ عَمَلِ "دُجَيْلٍ" فِي الكَرَّةِ الأُولَى
…
ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ "جُزْءَ ابنِ عَرَفَةَ" بِسَمَاعِهِ مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، وَغَيْرِ ذلِكَ بِسَمَاعِهِ مِنَ عَبْدِ المُغِيْثِ بنِ زُهَيْرٍ الحَرْبِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الجَوزِيِّ، وَكَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، صَحِيحَ السَّمَاعِ" وَلَمْ يَذْكر وَفَاته.
219 - مَحْمُودُ بنُ أَحْمَدَ
(1)
بنِ نَاصِرٍ البَغْدَادِيُّ الحَرْبِيُّ
(2)
، الحَذَّاءُ، أَبُو البَرَكَاتِ، وَيُقَالُ: أَبُو الثَّنَاءِ،
سَمِعَ مِنِ ابْنِ الطَّلَّايَةِ، وَعبْدِ الخَالِقِ بنِ يُوسُفَ، وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَأَقْرَأَ الفِقْهَ، وَحَدَّثَ. تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" رحمه الله.
220 - عُبَيْدُ اللهِ
(3)
بْنُ يُونُسَ
(4)
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ هِبَةِ اللهِ البَغْدَادِيُّ
(1)
219 - أَبُو البرَكَاتِ بنُ الحَذَّاءِ (؟ - 593 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقَة: 45)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 544)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 5)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 303). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 278)، وَتَارِيخُ الإِسْلامِ (147)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 147)(6/ 516).
(2)
في (ط): "الحرمي".
(3)
في (ط): "عَبْدُ اللهِ".
(4)
220 - الوَزِيرُ ابنُ يُونُسَ: (؟ - 593 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصرِ اللهِ (ورَقَة: 45)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 75)، والمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (3/ 323)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 303). وَيُرَاجَعُ: الكَامِلُ في التَّارِيْخِ (11/ 562)، (12/ 24)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 438)، وَخُلَاصَةُ الذَّهَبِ المَسْبُوْكِ (283)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (9)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 169)، وَمُخْتَصَرُ التَّارِيْخِ لابنِ الكَازَرُونِيِّ (249)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (136)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (21/ 299)، وَالعِبَرُ (4/ 281)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 183)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (308)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 476)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (4/ 117)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 142)، وَشَذَرَاتُ =
الأَزَجِيُّ، الفَقِيْهُ، الفَرضِيُّ، الأُصُوْلِيُّ المُتَكَلِّمُ، الوَزِيْرُ، وَزِيْرُ الخَلِيفَةِ النَّاصِرِ، جَلَالُ الدِّينِ، أَبُو المُظَفَّرِ بنُ أَبِي مَنْصُورِ بنِ أَبِي المَعَالِي.
221 - كَانَ وَالِدُهُ وَكِيْلًا لأُمِّ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ، وَكَانَ ذَا صَدَقَاتٍ، وَإِفْضَالٍ علَى العُلَمَاءِ،
سَمِعَ مِنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَحَدَّثَ، وَحَجَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَتَمَتَّعَ عَمَلًا بِالمَذْهَبِ، وَعَادَ، وَلَزِمَ بَيْتَهُ، وَنَابَهُ وَلَدُهُ هَذَا وَتُوُفِّيَ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَشَيَّعَهُ الأَعْيَانُ، وَدُفِنَ بِـ "المَدَائِنِ" إِلَى جَانِبِ قَبْرِ حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، رضي الله عنه.
وَأَمَّا وَلَدُهُ هَذَا أَبُو المُظَفَّرِ: فَإِنَّهُ اشْتَغَلَ بِالعِلْمِ، وَرَحَلَ فِي طَلَبِهِ إِلَى "هَمَذَانَ" وَقَرَأَ بِهَا بِبعْضِ الرِّوَايَاتِ علَى الحَافِظِ أَبِي العَلَاءِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ، مِثْلَ أَبِي الوَقْتِ، وَأَبي بَكْرِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَنَصْرٍ العُكْبُرِيِّ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ عَلَى أَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ، ثُمَّ عَلَى صَدَقَةَ بنِ الحُسَيْنِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا القُرْآنَ، وَعَلَى صَدَقَةَ الأُصُوْلَ وَالكَلَامَ، وَاخْتَلَفَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ العُلَمَاءِ فِي طَلَبِ فُنُوْنٍ جَمَّةٍ مِنَ العُلُوْمِ، وَبَرَعَ فِي
= الذَّهَبِ (4/ 313)، (6/ 513).
تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وفَيَاتِ سَنَة (581 هـ)، وسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ أُخْتِهِ: فَاطِمَةَ فِي وَفَيَات سَنَة (614 هـ). وَعَمُّهُ: يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ وَلَدَيْهِ أَحْمَدَ وَزَيْدِ الآتيين. وَقَالَ: سَمِعَ وَحَدَّثَ، وَقَالَ: إنَّهُ سَمِعَ مِنْ ابنِ الحُصَيْنِ. وَأَبْنَاءُ عَمِّهِ يَحْيَى: أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (603 هـ). وَزَيْدُ بنُ يَحْيَى فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (621 هـ)، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ يَحْيَى فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (600 هـ).
عِلْمِ الفَرَائِضِ وَالحِسَابِ وَالأَصْلَيْنِ وَالهَنْدَسَةِ، وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي أَوْهَامِ أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ فِي الفَرَائِضِ وَالوَصَايَا، وَكِتَابًا فِي أُصُوْلِ الدِّينِ وَالمَقَالَاتِ، وَحَدَّثَ بِهِ فِي وِلَايَتِهِ الأَخِيْرَةِ، وَسَمِعَهُ مِنْهُ الفُضَلَاءُ، وَلَمْ يَتِمَّ سَمَاعَهُ، وَسَمِعَ مِنهُ الحَدِيْثَ عبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَفٍ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ القَطِيْعِيِّ، وَبَالَغَ فِي مَدْحِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَقَالَ: جُمِعَ فِيهِ خِصالٌ، الخَصْلَةُ مِنْهُنَّ تَكُوْنُ فِي الرَّجُلِ فَيَكُوْنُ مِنَ الكَامِلِينَ؛ إِذْ كَانَ اللهُ رَزَقَهُ حِفْظَ القُرْآنِ، وَالعِلْمَ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ، وَالفَرَائِضَ، وَالكِتَابَ وَالحِسَابَ، وَالعِلْمَ بِالنَّحْوِ، وَالسُّنَّةِ، وَالأَخْبَارِ، وَأعْطَاهُ مِنْ شَرَفِ الأَخْلَاقِ، وَكَرَمِ الأَعْرَاقِ، وَالمَجْدِ المُؤَثَّلِ، وَالرَّأْيِ المُحَصَّلِ، وَالفَضْلِ وَالنَّجَابَةِ، وَالفَهْمِ وَالإِصَابَةِ، وَالقَرِيحَةِ الصَّافِيَةِ، وَالمَعْرِفَةِ بِكُلِّ فَضْلٍ وَفَضِيْلَةٍ، وَالسُّمُوِّ إِلَى كُلِّ دَرَجَةٍ رَفِيْعَةٍ نَبِيْلَةٍ مِنْ مَحْمُوْدِ الخِصَالِ، وَالفَضْلِ وَالكَمَالِ مَا يَطُوْلُ شَرْحُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ تَنَقُّلَهُ فِي الوِلَايَاتِ حَتَّى وَلَّاهُ الخَلِيْفَةُ الوَزَارَةَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثِ وَثَمَانِيْنَ، وَجَلَسَ الخَلِيْفَةُ لَهُ وَخَوَاصُّ الدَّوْلَةِ لِخِلْعَتِهِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الدِّيْوَانِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَمِيْعُ أَرْبَابِ الدَّوْلَةِ: قَاضِي القُضَاةِ أَبُو الحَسَنِ بنُ الدَّامَغَانِيِّ، وَالنَّقِيْبَانِ، وَجَمِيعُ الأُمَرَاءِ. وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا وَعْثًا ذَا وَحْلٍ
(1)
، وَهُمْ مُشَاةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانَ قَاضِي القُضَاةِ قَدْ تَوَقَّفَ فِي قَبُوْلِ شَهَادَةِ ابْنِ يُونُسَ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا إِلَّا بِكُرْهٍ، حَتَّى صَارَ مِنْ شُهُوْدِهِ، فَكَانَ يَمْشِي فِي ذلِكَ اليَوْمِ وَيَعْثُرُ، وَيَقُوْلُ: لَعَنَ اللهُ طُوْلَ العُمُرِ، وَمَاتَ القَاضِي رحمه الله فِي آخِرِ تِلْكَ السَّنَةِ.
(1)
في (ب): "وجل".
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ أَرْسَلَ الخَلِيْفَةُ النَّاصِرُ الوَزِيْرَ ابْنَ يُونُسَ مَعَ عَسْكَرٍ عَظِيْمٍ لِمُحَارَبَةِ السُّلْطَانِ طُغْرُلَ بنِ أَرْسَلَانَ
(1)
فَلَقِيَهُمْ طُغْرُلَ بِقُرْبِ "هَمَذَانَ" فَتَفَرَّقَ عَسْكَرُ الوَزِيْرُ، وَثَبَتَ وَبِيَدِهِ سَيْفٌ مَشْهُوْرٌ وَمُصْحَفٌ، فَلَمْ يُقْدِمُوا عَلَيْهِ، حَتَّى أَخَذَ بَعْضُ خَوَاصِّ السُّلْطَانِ بِعِنَانِ دَابَّتِهِ وَقَادَهَا إِلَى خَيْمَتِهِ، ثُمَّ أَنْزَلَهُ وَأَجلَسَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي خَوَاصِّهِ وَوَزِيْرِهِ، فَلَزِمَ مَعَهُمْ قَانُوْنَ الوِزَارَةِ، وَلَمْ يَقُمْ لَهُمْ فَعَجِبُوا مِنْ فِعْلِهِ، وَكَلَّمَهُمْ بِكَلَامِ خَشِنٍ، وَقَالَ لَهُمْ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ لَمَّا بَلَغَهُ عَيْثَكُمْ
(2)
فِي البِلَادِ، وَخُرُوْجَكُمْ عَنِ الأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ أَمَرَ بِمُجَاهَدَتِكُمْ، فَاحْتَرَمُوْهُ وَأَكْرَمُوْهُ، وَبَقِيَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً، وَكَانَ فِي تِلْكَ المُدَّةِ يَسْرِدُ الصِّيَامَ، وَيُدِيْمُ التَّهَجُّدَ وَالتِّلَاوَةَ، وَيُحَافِظُ عَلى الجَمَاعَاتِ فِي الفَرَائِضِ، ثُمَّ نَقَلُوْهُ مَعَهُمْ إِلَى بَعْضِ بِلَادِ "أَذْرَبِيْجَانَ"
(1)
هُو طغْرِيل شَاه بنُ أَرْسَلَان بنُ طُغْرِيل بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه، السُّلطَانُ آخِرُ مُلُوكِ السَّلْجُوقِيَّةِ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"هوَ الَّذِي خَرَجَ علَى الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ فَخَافَهُ أَهْلُ "بَغْدَادَ" فَسَارَ وَزِيْرُ الخَلِيفَةِ ابنُ يُونُسَ فِي جَيْشِ "بَغْدَادَ" .. وَكَاتَبَ خُوَارَزْمُ شَاه الخَليْفَةَ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُسَلْطِنَهُ وَيُقَلِّدَهُ فَفَعَلَ، وَسَارَ خُوَارَزمُ شَاه بِعَسَاكِرِهِ وَقَصَدَ طُغْرِيْلَ، فَكَانَ المُصَافُّ بَيْنَهُمَا عَلَى الرَّيِّ، فَقُتِلَ طُغْرُلُ وَقُطِعَ رَأْسُهُ، وَبُعِثَ بِهِ إِلَى "بَغْدَادَ" فَدَخلُوا بِهِ علَى رُمْحٍ
…
وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُوْرَةً، فِيْهِ إِقْدَامٌ وَشَجَاعَةٌ زَائِدَةٌ" وَكَانَتْ وَفَاتهُ سَنَةَ (590 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: الكَامِلِ فِي التَّارِيخِ (12/ 106)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (6)، وَالمُخْتَصَرِ فِي أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 89)، وَسِيَرِ أعَلامِ النُّبلَاءِ (21/ 267)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (376)، وَالنَّصُّ مُقْتَبَسٌ مِنْهُ، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (16/ 456)، وَمَآثِرِ الإِنَافةِ (2/ 58)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 134)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 301).
(2)
في (ط): "عَبَثَكُمْ"، وَفِي (ب):"غِشِّكُم".
فَتَلَطَّفَ فِي التَّخَلُّصِ مِنْهُمْ حَتَّى خَلُصَ، فَسَارَ إِلَى "المَوْصِلِ" وَكَانَ الخَلِيْفَةُ قَدْ اسْتَوْزَرَ فِي هَذِهِ المُدَّةِ غَيْرَهُ
(1)
، وَكَانَ هَذَا الوَزِيْرُ الجَدِيْدُ قدْ بَعَثَ إِلَى أَقْطَارِ البِلَادِ فِي إِهْلَاكِ ابْنِ يُونُسَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى "المَوْصِلِ" خَرَجَ أَمِيْرُهَا وَسَأَلَهُ المَقَامَ؛ لِيَقْبِضَ عَلَيْهِ، فَانْفَلَتَ مِنْهُ، وَنَزَلَ فِي سَفِيْنَةٍ وَبَعْضُ حَوَاشِيْهِ، وَانْحَدَرُوا لَيْلًا إِلَى "تَكْرِيْتَ"، فَفَعَلَ بِهِ مَنْ فِي قَلْعَتِهَا كَمَا فَعَلَ صَاحِبُ "المَوْصِلِ" فَتَفَلَتْ مِنْهُمْ أَيْضًا، وَوَصَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" فَانْتَقَلَ إِلَى بَعْضِ سُفُنِهَا، وَتَنَكَّرَ، وَوَصَلَ إِلَى بَيْتِهِ بِـ "بَابِ الأَزَجِ" ثُمَّ شَاعَ خَبَرُهُ، فَطَلَبَهُ الخَلِيْفَةُ إِلَى دَارِهِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي هَذِهِ المُدَّةِ يُدَرِّسُ القُرْآنَ، وَيُدَارِسُ الفِقْهَ وَيَتَحَفَّظُ مَا كَانَ نَسِيَهُ مِنْ أَنْوَاعِ العُلُوْمِ، ثُمَّ وَلَّاهُ الخَلِيْفَةُ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ أَمْرَ المَخْزَنِ وَالدِّيْوَانِ، ثُمَّ جَعَلَهُ أُسْتَاذَ الدَّارِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ، وَفِي وِلَايَتِهِ هَذِهِ عُقِدَ المَجْلِسُ لِقَاضِي القُضَاةِ العَبَّاسِيِّ، وَأَحْضَرَ القُضَاةَ وَالعُلَمَاءَ، أَفْتُوا وَأَثْبَتُوا فِسْقَهُ لِقَضِيَّةٍ كَانَ قَدْ حَكَمَ فِيْهَا، وَعَزَلَهُ، وَبَقِيَ عَلَى وِلَايَتِهِ إِلَى رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعِينَ، فَعُزِلَ وَقُبِضَ عَلَيْهِ، وَذلِكَ فِي وِلَايَةِ ابْنِ القَصَّابِ الوِزَارَةِ
(2)
.
(1)
يَظْهَرُ أَنَّ الوَزِيْرَ الجَدِيدَ هُوَ ابْنُ القَصَّابِ الآتِي فَإِنَّهُ وَلِيَ النِّيَابَة فِي الوِزَارَةِ سَنَةِ (584 هـ) فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ وَلِيَ الوِزَارَةَ سَنَةَ (590 هـ)، فِي رَجَبٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ.
(2)
عَلِمْنَا أَنَّ ابْنَ القَصَّابِ وَلِيَ الوِزَارَةَ فِي رَجَبٍ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ منْ أَوَّلِيَّاتِهِ القَبْضَ عَلَى ابنِ يُونُسَ؛ لأَنَّهُ يَشْعُرُ بِخَطَرِهِ عَلَيْهِ، وَابْنُ القَصَّابِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ بنِ أَحْمَدَ بنِ القَصَّابِ البَغْدَادِيُّ، مُؤَيَّدُ الدِّيْنِ (ت: 592 هـ) كَانَ أَبُوهُ قَصَّابًا أَعْجَمِيًّا بِـ "سُوْقِ الثُّلَاثَاء"، وَلَعَلَّ أَبْرَزَ مَا فِي حَيَاتِهِ أَنَّهُ سَارَ فِي العَسَاكِرِ فَافْتَتَحَ "هَمَذَانَ" وَ"أَصْبَهَانَ" وَحَاصَرَ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "الرَّيَّ"، وَبَعْدَ عَوْدَتِهِ وَلِيَ الوِزَارَةَ، كَأَنَّهُ حَقَّقَ مَا لَمْ يُحَقِّقه سَابِقُهُ ابنُ يُونُسَ، وَسَارَ فِي جَيْشٍ عَظِيْمٍ إِلَى "هَمَذَانَ"، فَجَاءَهُ المَوْتُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ (592 هـ) وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِيْنَ". أَخْبَارُهُ فِي: الكَامِل لابنِ الأَثِير (12/ 52)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 95)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 262)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (4/ 168)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 12)، وَالفَخْرِيِّ (324)، وَمَآثِرِ الإِنَافَةِ (2/ 58)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 136)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 211).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (593 هـ):
256 -
عِيْسَى بنُ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ أَبِي صَالِحِ الجِيْلِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَزِيْلُ "مِصْرَ" تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَخِيْهِ "عَبْدِ الوَهَّابِ" فِي وَفَيَاتِ هَذَا العَامِ، سَمِعَ عِيْسَى أَبَاهُ وَبِـ "دِمَشْقَ" عَلِيَّ بنَ مَهْدِيِّ الهِلَالِيَّ، وَوَعَظَ بِـ "مِصْرَ" وَحَصَلَ لَهُ قَبُوْلٌ، وَرَوَى عَنْهُ حَمْدُ بنُ مَيْسَرَةَ. أَخْبَارُهُ فِي المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (5/ 74)، فِي ذِكرِ مَنْ لَمْ تُؤَرِّخ وَفَاتُهُ، وَذَكَرَ فِي الهَامِشِ عَنْ حَاجِي خَلِيْفَةَ وَفَاتُهُ سَنَةَ (573 هـ؟!) وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسلَامِ (141)، فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ.
257 -
ومُحَمَّدُ بنُ أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العِزِّ المُبَاركِ بنِ بَكْرُوسٍ، أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ أَحْمَدَ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 573 هـ) وَنَوَّهْنَا هُنَاكَ بِذِكْرِ جَدِّهِ مُحَمَّدٍ، سَمِعَ مُحَمَّدٌ هَذَا الحَفِيْدُ أَبَا مُحَمَّدٍ بن الخَشَّابَ وَغَيْرَهُ، وَتُوُفِّيَ شَابًّا. أَخبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَة لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 297)، وَذَيْلِ، وَتَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 136)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (142).
258 -
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ البَاقِي النَّرْسِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ العَدْلُ، قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: "مِنْ بَيْتِ الحَدِيْثِ، حَدَّثَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَجَدُّهُ، وَمِنَ المُعَدَّلِيْنَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَجَدُّهُ، وَلِيَ الحِسْبَةَ بِمَدِيْنَةِ السَّلَام هُوَ وَأَبُوْهُ وَجَدُّهُ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ جَدِّهِ فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (545 هـ). وَأَبِيْهِ فِي الاسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (548). أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقلَةِ (1/ 292)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاج إِلَيْهِ (1/ 15) وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2/ 106).
وَكَانَ ابنُ القَصَّابِ رَافِضِيًّا خَبِيْثًا، وَكَانَ النَّاصِرُ يَمِيْلُ إِلَى الشِّيْعَةِ، فَسعَى فِي القَبْضِ عَلَى ابْنِ يُونُسَ، وَنَفَى الشَّيْخَ أَبَا الفَرَجِ
(1)
إِلَى "وَاسِطَ" وَبَقِيَ ابْنُ يُونُسَ مُعْتَقِلًا إِلَى سَنةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ، فَأُخْرِجَ فِي سَابِعَ عَشَرَ
= 259 - وَمُحَمَّدُ بنُ أبِي بكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ المُبَارَكِ بنِ مَشَّقٍ البَابَصْرِيُّ، أَبُو نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ، سَمِعَ أَبَا الحُسَيْنِ بنَ عَبْدِ الحَقِّ، وَشُهْدَةَ وَطَبَقَتَهُمَا، وَتُوُفِّيَ شَابًّا فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ، وَوَالدُهُ وَجَدُّهُ وَأُخْتُهُ منْ أَهْلِ العِلْمِ وَالفَضْلِ، يَأْتِي اسْتِدْرَاكِ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (605 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: مَجْمَع الآدَابِ (5/ 30).
260 -
يَحْيَى بنُ أَسْعَدَ بنِ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُوْشٍ البَغْدَادِيُّ، سَمعَ الكَثِيْرَ بِإِفَادَةِ خَالِهِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَسْعَدِ بنِ الخَبَّازِ وَقِرَاءَتِهِ حَتَّى كَانَ أَكْثَرَ أَقْرَانِهِ سَمَاعًا، وَحَدَّثَ نَحْوًا مِنْ أَرْبعينَ سَنَةً، وَصَفَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ بِـ "أَبِي القَاسِمِ الأَزَجِيِّ الحَنْبَلِيِّ الخَبَّازِ" سَمِعَ "المُسْنَد" بِكَمَالِهِ علَى ابْنِ الحُصَيْن قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِي: كَانَ سَمَاعُهُ صَحِيْحًا. وَشُهْرَتُهُ بَيْنَ المُحَدِّثِيْنَ وَاسِعَةٌ، وَإِهْمَالُ المُؤَلِّفِ لَهُ خَطَأٌ ظَاهِرٌ. أَخْبَارُهُ فِي: مَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (133)، والتَّقْيِيْدِ لابنِ نُقْطَةَ (486)، وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ لَهُ (1/ 432)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 190)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (12)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 455)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 243)، وَتَارِيخِ الإِسْلامِ (152)، وَالمُعِينِ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (181)، وَالإِعْلَامِ بِوفَيَاتِ الأعْلامِ (244)، وَدُوَلِ الإِسْلامِ (2/ 77)، وَالعِبَرِ (4/ 283)، وَتَوضِيْحِ المُشْتَبِهِ (1/ 650)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 140)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (4/ 315)، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ خَالِهِ عَلِيُّ بنُ أَبِي سَعْدٍ فِي المُستَدْرَك علَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (562 هـ)، وَهُوَ أَخُو مُشَرَّفٍ (ت: 562 هـ) وَالِدُ ثَابِتِ بنِ مُشَرَّفٍ (ت: 619 هـ) وَلابْنِ بَوْشٍ سِبْطٌ مِن أَهْلِ العِلْمِ هُوَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الكَرَمِ (ت: 636 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعهِ.
(1)
يعْنِي ابنَ الجَوْزِيِّ.
صَفَرَ مَيْتًا، وَدُفِنَ بِـ "السِّرْدَابِ" رحمه الله وَسَامَحَهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ مَحْمُوْدًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَجْتَمِعُوْنَ عَلَى حَمْدِ شَخْصٍ وَلَا ذَمِّهِ، وَأَمَّا أَبُو شَامَةَ فَبَالَغَ فِي ذَمِّهِ وَالحَطِّ عَلَيْهِ بِأُمُوْرٍ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا حُجَّةً، وَإِنَّمَا قَالَ: وَيُقَالُ إنَّهُ فَعَلَ كَذَا، وَمِثْلُ هَذَا القَدْحِ لَا يَكْفِي فِي مُسْتَنَدِهِ وَيُقَالُ كَذَا، وَكَذلِكَ ابنُ القَادِسِيِّ فِي "تَارِيخِهِ" يَذُمُّهُ كَثِيْرًا، وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ آذَى أَبَاهُ فَصَارَ ذَا غَرَضٍ مَعَهُ، وَأَمَّا ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ فَقَالَ: كَانَ فِيْهِ فَضْلٌ، وَحُسْنُ سَمْتٍ وَوَقَارٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا عُزِلَ فِي المَرَّةِ الأَخِيْرَةِ أَقَامَ بِمَنْزِلِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ القَادِسِيِّ: أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ عَلَيْهِ اسْتُفْتِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ تَسَبَّبَ إِلَى كَسْرِ عَسْكَرِ الخَلِيْفَةِ، وَقَتْلِهِمْ وَنَهْبِهِمْ، وَأَظْهَرَ مَوْتَ الخَلِيْفَةِ وَهُوَ حَيٌّ، فَكَتَبَ ابْنُ فَضْلَانَ
(1)
كَلَامًا مَضْمُوْنَةً: إِبَاحَةُ دَمِ مَنْ فَعَلَ هَذَا، وَكَتَبَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ غَرَامَةُ مَا خَانَ فِيْهِ، وَتُقَامُ عَلَيْهِ السِّيَاسَةُ الرَّادِعَةُ، وَذَكَرَ أنَّهُ بَعْدَ القَبْضِ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ، نُقِلَ إِلَى مَحْبَسٍ ضَنْكٍ وَعْرٍ بِـ "التَّاجِ" وَقِيْلَ: إنَّهُ ضُيِّقَ عَلَيْه وَقُيِّدَ. قَالَ: وَكَانَ فَقِيْهًا، أُصُولِيًّا، جَدَلِيًّا، عَالِمًا بِالحِسَابِ، وَالفَرَائِضِ، وَالهَنْدَسَةِ، وَالجَبْرِ، وَالمُقَابَلَةِ، وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي الأُصُوْلِ، وَكَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ كُلَّ أُسْبُوْعٍ، وَيَحْضُرُهُ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ، إِلَّا أَنَّهُ شَانَ أَفْعَالَهُ بِسُوْءِ أَعْمَالِهِ؛ بِأَغْرَاضِهِ الفَاسِدَةِ، وَالحَسَدِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ، وَالطَّرَائِقِ الَّتِي كَانَتْ غَيْرَ مَرْضِيَّةٍ، فَأَبْغَضَهُ النَّاسُ، وَسَبُّوْهُ، وَكَانَ فِيْهِ سَوْدَنَةٌ وَجُنُوْنٌ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الثُلَاثَاءِ سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ سَنَةَ
(1)
تَقَدَّمَ التَّعْرِيْفُ بِهِ.
ثَلَاثٍ وَتِسْعِيْنَ، وَدُفِنَ بِـ "السِّرْدَابِ" بِدَارِ الخِلَافَةِ.
222 - الحَسَنُ بنُ مُسْلِمِ
(1)
بنِ الحسَنِ، وَيُقَالُ: أَبِي الحَسَنِ بنِ أَبِي الجُوْدَ الفَارِسيُّ، ثُمَّ الحَوْرِيُّ، الزَّاهِدُ أَبُو عَلِيٍّ،
زَاهِدٌ وَقْتِهِ، أَصْلهُ مِنْ "حَوْرَى"
(2)
(1)
222 - أَبُو الحَسَنِ الحَوْرِيُّ الفَارِسِيُّ (504 - 594 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 46)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 339)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 7)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 305). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (وَرَقَة: 150)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 258)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 91، 383)، (4/ 527)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (12/ 138)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 456)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (13)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 300)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 26)، وَالعِبَرُ (4/ 283)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 301)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (158)، وَكَرَّرَهُ ص (236)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (309)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 77)، وَالمُشْتَبَهُ (2/ 493)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (12/ 270)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوكُ (2/ 247)، وَالتَّوْضِيْحُ لابنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ (2/ 533)، (7/ 10، 8/ 152)، وَالتَّبْصِيْرُ للحَافِظِ ابنِ حَجَرٍ (1/ 374)
…
وَغَيْرها، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 316)(6/ 517) و"مُسَلَّمٌ" بِضَمِّ المِيْمِ، وَفَتحِ السِّيْن، وَتَشْدِيْدِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا.
- وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنَ أَخِيهِ: عَبْدُ الكَرِيْمِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُسَلَّمٍ (ت: 635 هـ) فِي مَوضِعِهِ. وَأَمَّا ابنُ أَخِيهِ أَيْضًا: خَطَّابُ بنُ أَبِي بكْرِ بنُ مُسلَّمٍ (ت:؟). ثُمَّ ابنُ أَخِيْهِمَا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عبْدِ اللهِ المُبَارَكُ بن مُسَلَّمٍ المَوْلُوْدُ سَنَةَ (612 هـ) فَأَذْكُرُهُمَا فِي هَامِش تَرْجَمَةِ عَبْدِ الكَرِيْمِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعالَى؛ لِجَهْلِ سَنَةِ وَفَاتَيْهِمَا.
(2)
في (ط): "حَوْرَاءَ" وَفِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (2/ 365)، ولَمْ يَضْبُطْهَا بالشَّكْل وَلَا قَيَّدَهَا، وَفِي "التَّوضِيْحِ" لابنِ نَاصِرِ الدِّينِ. قَالَ:"قُلْتُ: هِيَ مَقْصُورَةٌ مِنْ قُرَى "دُجَيْلٍ" مِنْ =
قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "دُجَيْلٍ" مِنْ سَوَادِ "بَغْدَادَ" ثُمَّ انْتَقَلَ مِنهَا إِلَى قَرْيةٍ يُقَالُ لَهَا: "الفَارِسِيَّةِ" مِنْ "نَهْرِ عِيْسَى" وَكَانَ يَكْتُبُ فِي الإِجَازَةِ "الفَارِسِيُّ"، ثُمَّ الحَوْرِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِمَائَةَ، وَقَرَأَ القُرْآنَ وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي البَدْرِ الكَرْخِيِّ وَغَيْرِهِ وَصَحِبَ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالعِبَادَةِ وَالاِنْقِطَاعِ إِلَى اللهِ عز وجل، وَكَانَ كَثِيْرَ البُكَاءِ، دَائِمَ العِبَادَةِ، عَلَى مِنْهَاجِ السَّلَفِ، ذَا كَرَامَاتٍ، وَيُقَالُ: إنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَتمَةً
(1)
.
ذَكَرَهُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ فَقَالَ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، كَثِيْرَ العِبَادَةِ، مُنْقَطِعًا إِلَى الاِشْتِغَالِ بِالخَيْرِ، قَدْ قَرَأَ القُرآنَ، وَتَفَقَّهَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى طَرِيْقَةٍ حَمِيْدَةٍ، رَوَى عَنِ الكَرْخِيِّ، وَنِعْمَ الرَّجُلُ كَانَ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ أَبي الفَرَجِ بنِ الحَنْبَلِيِّ الدِّمَشْقِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ طَلْحَةَ - يَعْنِي العَلْثِيَّ - يَقُوْلُ: للشَّيْخِ حَسَنٌ هَذَا عُشْرُوْنَ سَنَةً مَا رُئِيَ نَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا
(2)
. قَالَ: وَكَانَ مَشْهُوْرًا، تَزُوْرُهُ العَامَّةُ وَالخَاصَّةُ، وَزُرْنَاهُ فِي قَرْيَتِهِ "الفَارِسِيَّةِ"
(3)
، وَبِتْنَا عِنْدَهُ، وَتَحَدَّثَ مَعنَا، وَفَرِحَ بِنَا وَقَالَ - وَقَدْ خِضْنَا فِي أَخْبَارِ الصِّفَاتِ -: قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: أَخْبَارُ الصِّفَاتِ صَنَادِيقُ
= أَعْمَالِ "بَغْدادَ". . ." وَاتَّفَقُوا علَى أَنَّهَا بِفَتْحِ الحَاءِ.
(1)
لَا يَفْقَهُ القُرْآنَ مَنْ يَخْتِمُهُ قَبْلَ ثَلَاثٍ.
(2)
هَذَا إنْ ثَبَتَ عَنْهُ - فَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ، وَ"لَنْ يُشَادَّ الدِّيْنَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ".
(3)
فِي مُعْجَمِ البُلْدَان: "مَنْسُوْبَةٌ إِلَى رَجُلٍ اسْمُهُ "فَارِسٌ" قَرْيَةٌ غَنَّاءَ، نَزِهَةٌ، ذَاتُ بَسَاتِينَ مُوْنِقَةٍ، وَرِيَاضٍ، مُشْرِفَةٌ، علَى ضِفَّةِ "نَهْرِ عِيْسَى" بَعْدَ "المُحَوَّلِ" مِنْ قُرَى "بَغْدَادَ" بَيْنَهُمَا فَرْسَخَانِ" وَذَكَرَ المُتَرْجَمَ هُنَا.
مُقْفَلَةٌ، مَفَاتِيحُهَا بِيَدِ الرَّحْمَنِ.
وَذَكَرَهُ أَبُو شَامَةَ، فَقَالَ: كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ، لَازِمًا لِطَرِيْقِ السَّلَفِ، أَقَامَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا
(1)
، كَذَا قَالَ، وَهُوَ بَعِيْدٌ جِدًّا مِنْ حَالِهِ. وَذَكَرَ مِنْ بَعْضِ كَرَامَاتِهِ مِنْ تَسْخِيْرِ السِّبَاعِ لَهُ، وَلَيْسَ تَحْتَهُ كَبِيْرُ أَمْرٍ. قَالَ: وَسَمِعَ قَاضِي المَارِسْتَانِ، وَابْنَ الحُصَيْنِ، وَابْنَ الطُّيُوْرِيِّ، وَغَيْرَهُمْ، كَذَا قَالَ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا ابْنُ نُقْطَةَ، وَلَا الدُّبَيْثِيُّ، وَلَا القَطِيْعِيُّ، وَلَا المُنْذِرِيُّ، فَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ لَهُ هَذَا؟! نَعَمْ كَانَ فِي زَمَنِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَسنِ الفَارِسِيُّ الصُّوْفِيُّ، منْ صُوفِيَّةِ رِبَاطِ الزَّوْزَنِيِّ، رَوى عَنِ القَاضِيْ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ، فَلَعَلَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ، وَهَذَا تُوُفِّيَ بَعْدَ الحَسَنِ بنِ مُسلَّمٍ بِسَنَتَيْنِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ
(2)
، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ القَادِسِيِّ ذَكَر: أَنَّ الحَسَنَ هَذَا سَمِعَ مِنْ قَاضِي المَارِسْتَانِ. قَالَ: وَكَانَ أَحَدَ الزُّهَّادِ الأَوْتَادِ، والأَبْدَالِ العُبَّادِ، المَوْصُوْفِيْنَ بِالتُّقَى وَالسَّدَادِ، يَصُوْمُ النَّهَارِ، وَيَقُوْمُ اللَّيْلَ، بَقِيَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يُكَلِّمْ فِيْهَا أَحَدًا، كَثِيْرَ الاِجْتِهَادِ فِي العِبَادَةِ، كَثِيْرَ البُكَاءِ، غَزِيْرَ الدَّمْعَةِ، رَقِيْقَ القَلْبِ، لَهُ الفِرَاسَةُ الصَّائِبَةُ.
(1)
وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ، وَلَعَلَّهُ لَا يَثْبُتُ عَنْهُ، وَكَيْفَ يَتَّفِقُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ:"عَلَى مَنْهَجِ السَّلَفِ" وَهَلْ هَذَا مِنْ هَدْيِ السَّلَفِ وَمَنْهَجِهِمْ، وَسَيَأْتِي نَقْلُ المُؤَلِّفِ هَذَا أَيْضًا عَنِ ابنِ القَادِسِيِّ فَيَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ الانْتِقَادُ وَارِدًا عَلَيْهِ أَيْضًا، وَقَدْ رَدَّ المُؤَلِّفُ هَذَا هُنَاكَ؟!
(2)
ترَجَمَةُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا فِي التَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 360)، وَسِيرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 335)، ذَكَرَهُ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ، وَالمُخْتَصرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 282)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (236).
حَدَّثَنِي وَالِدِي قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ شَخْصٌ وَهُمَا يَتَحَادَثَانِ فِي الزِّرَاعَةِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا زَاهِدٌ، وَهُوَ يَتَكَلَّمُ فِي حَدِيْثِ الدُّنْيَا؟! فَالْتَفَتَ إِلَيَّ عَاجِلًا، وَقَالَ: أَيْ أَحْمَدُ، مَا نَصِلُ إِلَى الآخِرَةِ إِلَّا بِالدُّنْيَا. وَهَذِهِ الحِكَايَةُ تَرُدُّ قَوْلَهُ: إنَّهُ كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ
(1)
أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَحَدَّثَ الحَسَنُ بنُ مُسلَّمٍ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، وَرَوَى عَنْهُ ابنُ خَلِيل
(2)
وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الأَحَدِ حَادِي عَشَرَ المُحَرَّمِ سَنَة أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "الفَارِسِيَّةِ"
(3)
وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِرِبَاطٍ لَهُ بِهَا، وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ يَومَ عَاشُوْرَاءَ، وَقِيْلَ: يَوْمَ ثَانِي عَشَرَ المُحَرَّمِ، وَالأَوَّلُ الأَصَحُّ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ نُقْطَةَ، وَالدُّبَيْثِيُّ، وَالقَادِسِيُّ، وَالمُنْذِرِيُّ.
223 - سَلَامَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
(4)
بْنِ سَلَامَةَ الحَدَّادُ القَبَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، المُحَدِّثُ،
(1)
لَمْ يَقُلْ لَمْ يَتكَلَّمْ، وَإِنَّمَا قَالَ: لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا؟! وَالفَرْقُ بَيْنَ العِبَارَتَيْنِ ظَاهِرٌ.
(2)
جَاءَ فِي مُعجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 150): "أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُسَلَّمِ بنِ أَبِي الحَسَنِ الفَارِسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِـ "بَغْدَادَ" قِيْلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو البَدْرِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الكَرْخِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ. . .".
(3)
في (ط): بـ "القادِسِيَّة".
(4)
223 - سَلَامَةُ الحَدَّادُ (؟ 594 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 46)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 410)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 8)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 305). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 306)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 158)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (5/ 154)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (244)، وَالإِشَارَةُ =
أَبُو الخَيْرِ، وَيُلَقَّبُ تَقِيَّ الدِّيْنِ، سَمِعَ مِنْ أَبِي المَكارِمِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ هِلَالٍ، وَابْنِ المَوَازِيْنِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ مَشَايِخِ "دِمَشْقَ" وَعَنِيَ بِالحَدِيْثِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وقَرَأَ، وَخَرَّجَ التَّخَارِيْجَ للْشُّيُوْخِ، وَأَمَّ بِحَلْقَةِ الحَنَابِلَةِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَكَانَ ثِقَةً، صَالِحًا، فَاضِلًا، وَابْنُ نُقْطَةَ الحَافِظُ يَعْتَمِدُ عَلَى خَطِّهِ، وَيَنْقُلُ عَنْهُ فِي "اسْتِدْرَاكِهِ".
قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ عَنْهُ: كَانَ حَسَنَ السَّمْتِ، يُحِفَ شَارِبَهُ، وَيُقَصِّرُ ثَوْبَهُ، وَيَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ، يَعْمَلُ القَبَّانِيْنَ
(1)
، وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي تَصْحِيْحِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ، قَالَ: قَالَ لِي القَاضِيْ ابْنُ الزَّكِّيِّ: تُعْجِبُنِي
= إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (309)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (161)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (15/ 331)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 316)، (6/ 316)، وَلَقَبُهُ:"مُخَلَّصُ الدِّيْنِ" كَمَا في مَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 154). وَهُوَ وَالِدُ أَحْمَدَ بنِ سَلَامَةَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَامَةَ الحَدَّادِ (ت: 678 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ، وَلَا ذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ، وَهُوَ فِي المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 103) يَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(فَائِدَةٌ) فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ": كَانَ أَدِيْبًا، فَاضِلًا، قَالَ: يُقَالُ لِلْقِطْعَةِ مِنَ اللَّحْمِ: بِضْعَةٌ وَقِدْرَةٌ، وَمِنَ اللَّبَنِ كُثْبَةٌ، ومِنَ التَّمْرِ: كُتْلَةٌ، وَمِنَ الكَبِدِ: فِلْذَةٌ، وَمِنَ الحَدِيدِ زُبْرَةٌ، وَمِنَ الغَزْلِ: كُبَّةٌ، وَمِنَ الشَّعْرِ: خِصْلَةٌ، وَمِنَ القُطْنِ: فِرْصَةٌ، وَمِنَ الرُّمْحِ: قِصْدَةٌ، وَمِنَ السِّوَاكِ: قِصْمَةٌ، وَمِنَ النَّارِ: جُذْوَةٌ، وَمِنَ التُّرَابِ: حُثْوَةٌ، وَمِنَ الجُلُوْدِ: فِلْعَةٌ، وَمِنَ الأَرْضِ: شِقْصٌ وَقِطْعَةٌ، وَمِنْ كُلِّ مَا يُكْسَرُ: كِسْرَةٌ، وَمِنْ كُلِّ مَا يُشَقُّ: شَقَّةٌ وَفَلْقَةٌ".
(1)
جَمْعُ قَبَّانٍ، وَهُوَ المِيْزَانُ.
طَرِيْقَةُ أَبِي الخَيْرِ، يَعْنِي: سَلَامَةَ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ خَلِيْلٍ فِي "مُعْجَمِهِ"
(1)
فَقَالَ:
(1)
مُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (ورَقَة: 159)، وَفَيْهِ:"أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبو الخَيْرِ سَلَامَةُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بنَ سَلَامَةَ الحَدَّادُ الحَنْبَلِي قِرَاءَةً عَلَيْهِ. . .".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤلِّف رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَة (594 هـ):
261 -
أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَاسِرٍ الغَزَّالُ البَغْدَادِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الحَنْبَلِيِّ" كَذَا قَالَ ابنُ الفُوَطِيِّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 42) وفيه: "ابنُ أَبِي يَاسِين". يُرَاجَعُ: المُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (173).
262 -
إِسْحَقُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي يَاسِرٍ أَحْمَدَ بنِ بُنْدَارِ بنِ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو القَاسِمِ الدِّيْنَوَرِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ، التَّاجِرُ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ البَقَّالِ" وَيُعْرَفُ بِـ "ابْنِ الشَّاةِ الحَلَّابَةِ" تَقَدَّمَ ذِكْرُ جَدِّهِ العَلَّامَةِ أَبِي يَاسِرٍ أَحْمَدَ بنَ بُنْدَارٍ (ت: 497 هـ) فِي اسْتِدْرَاكِنَا. وُلِدَ أَبو القَاسِمِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، سَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ وَأَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَعَلِيِّ بنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمْ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ خَلِيْلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَسَافَرَ كَثِيْرًا للتِّجَارَةِ
…
وَهُوَ مِنْ بَيْتٍ مَعْرُوْفٍ بِالرِّوَايَةِ وَالأَمَانَةِ" كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (156). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ ابنِ خَلِيلٍ (ورَقَة: 143)، التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 302)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 250).
263 -
وتَمَنِّي بِنْتُ عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عِيسَى الطَّيْبِيِّ الجَمْرِيِّ وَهِيَ وَالِدَةُ أَحْمَدَ (ت: 615 هـ)، وَتَمِيمٍ (ت: 597 هـ) ابْنَي أَحْمَدَ بنِ البَنْدَنِيْجِيِّ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهَا عُمَرَ (ت: 523 هـ) فِي اسْتِدْرَاكِنَا. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكمِلَة لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 304). وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابْنَيْهَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
264 -
وَغِياثُ بنُ الحَسَنِ بنِ سَعِيدِ بنِ أَبِي غَالِبِ بنِ البَنَّاءِ، أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ، مِنْ بَيْتِ العِلْمِ، وَالرِّوَايَةِ، قَالَ الحَافِظُ ابنُ الأَخْضَرِ: "سَمِعْتُ مِنْهُ، وَمِنْ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ، سَمِعَ جَدَّ أَبِيْهِ أَبَا غَالِبٍ، وَابْنَ الحُصَيْنِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ جَحْشَوَيْهِ. أَخبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَياتِ النَّقَلَةِ (1/ 311)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 156)، وَتَارِيْخِ =
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو الخَيْرِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ لَفْظِهِ.
وَتُوُفِّيَ فِي سَابِعِ عِشْرِيْنَ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "سَفْحِ قَاسِيُوْنَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
= الإِسْلامِ (166)، وَالمُعِيْنِ في طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (184)، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ أَهْلِ بَيْتِه فِي تَرْجَمَةِ جَدِّهِ الأَعْلَى: الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ (ت: 471 هـ) وَسَتَأْتِي ابْنَتُهُ نُوْرُ بِنْتُ غِيَاثٍ (ت:؟) فِي مَوْضِعِهَا مِنِ اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
265 -
وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، الحُصْرِيُّ البَغْدَادِيُّ الأَصْلِ، قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ:"سَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي الوَقْتِ عَبْدِ الأَوَّلِ بنِ عِيْسَى، وَوَلِيَ قَضَاءَ "نَهْرِ عِيْسَى" بـ "بَغْدَادَ" وَقَضَاءَ قَرْيَةِ "عَبْدِ اللهِ"، وَهِي نَاحِيَةٌ قَرِيْبَةٌ مِنْ "وَاسِطَ".
أَقُولُ - وَعَلَى اللهِ أَعتَمِدُ -: ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ "مُحَمَّدًا"(ت: 564 هـ)، وَأَنَّهُ أَيْضًا وَلِيَ قَضَاءَ قَرْيَةِ "عَبْدِ اللهِ" وَتَقَدَّمَ استِدْرَاكُ عَمِّهِ "عُمَرَ" (ت: 582 هـ). أَخْبَارُهُ هُوَ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقَلَة (1/ 305)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (170).
266 -
ومُحَمَّدُ بنُ أَبِي المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بنِ أَبِي عِمَامَةَ، أَبُو بَكْرٍ الأَزَجِيُّ، البَزَّارُ، سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيَّ وَغَيْره. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِ أَهْلِ بَيْتِهِ. اَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 311)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 165)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (170).
267 -
وَمَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَطْرُوحٍ، بنِ مَحْمُوْدٍ، أَبُو الثَّنَاءِ المِصِّيْصِيُّ الأَصْلِ، المِصْرِيُّ، المُقْرِئُ، المُؤَدِّبُ، الحَنْبَلِيُّ، الصَّالِحُ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ وَقَالَ:"حَدَّثَ عَنِ الشَّرِيْفِ أَبِي الفُتُوْحِ الخَطِيْبِ، وَالفَقِيْهِ أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بنِ مَرْزُوْقٍ" تَقَدَّمَ ذِكْرهُ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ مَرْزُوقٍ، وَوَعَدْنَا بِذِكْرِهِ هُنَا، وَهَذَا أَوَانُ الوَفَاءِ بِالوَعْدِ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَياتِ النَّقَلَة (1/ 306)، وَتَارِيخ الإِسْلَامِ (171). وَجَاءَ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (579) مَحْمُوْدُ بنُ مَطْرُوْحِ بنِ مَحْمُوْدٍ الحَنْبَلِيُّ.
224 - مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
(1)
بْنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ عَبْدِ المَلِكَ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ، الوَاعِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى - أَوْ اثْنَتَيْنِ - وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ منْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَلِيِّ الحَمَّامِيِّ، وَالحَسَنِ الرُّسْتُمِيِّ، وَعَبْدِ الجَلِيْلِ بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظِ، وَأَبِي
(2)
الخَيْرِ البَاغْبَانِ، وَمَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ العَبَّاسِيِّ، وَهِبَةِ اللهِ بنِ الشِّبْلِيِّ
(3)
، وَكَانَ لَهُ قَبُوْلٌ كَثِيْرٌ عِنْدَ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَقَدِمَ "بَغْدَادَ" غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَمْلَى بِجَامِعِ القَصْرِ عَشْرَ مَجَالِسَ، كَتَبْتُ عَنْهُ
(4)
.
(1)
224 - مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأَصْبَهَانِيُّ (531 - 595 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقة: 46)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 445)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 9)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 350). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 242)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابْنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 53)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (5/ 650)، وَالمُختَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 71)، وَالعِبَرُ (4/ 287). وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 43)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 320)(6/ 523).
(2)
في (ط): "وأبو".
(3)
في (ط): "الشبكي" تَحْرِيْفٌ ظَاهرٌ.
(4)
لَا يُدْرَى مَنِ الكَاتِبُ عَنْهُ فِي نَصِّ المُؤَلِّفِ، فَلَا يُوْجَدُ لِلضَّمِيْرِ عَائِدٌ مُتَقَدِّمٌ، وَمُسْتَحِيْلٌ أَنْ يَكُوْنَ لِلمُؤَلِّفِ نَفْسِهِ، فَالنَّصُّ - فِيْمَا يَظْهَرُ - لابْنِ النَّجَّارِ فَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ الصَّفَدِيُّ فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ" قَوْلَ:"كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ شَيْخًا، فَاضِلًا، صَدُوْقًا، مُتَدَيِّنًا".
يُسْتَدْرَكُ علَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَة (595 هـ):
268 -
عَبْدُ المُعِيْدِ بنُ عَبْدِ المُغِيْثِ بنِ زُهَيْرِ بنِ زُهَيْرٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَرْبِيُّ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله وَالِدَهُ فِيْمَا سَبَقَ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (583 هـ) ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الإِسْلَامِ (187)، وَصَفَهُ بِـ "الحَنْبَلِيِّ" وَقَالَ: سَمَّعَهُ أَبُوْهُ مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَهِبَةِ اللهِ الشِّبْلِيِّ وَجَمَاعَةٍ، وَقِيْلَ: إنَّهُ حدَّثَ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 326)، وَسَيَأْتِي ابنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المُعِيْدِ (ت: 624 هـ) وَحَفِيْدُهُ عَبْدُ المُغِيْثِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المُعِيْدِ بنِ عَبْدِ المُغِيْثِ (ت: 685 هـ) فِي مَوْضِعَيهِمَا مِن اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
269 -
وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَتْحِ، أَبُو جَعْفَرٍ الطَّرَسُوْسِيُّ، ثُمَّ الأَصْبَهَانِيُّ الحَنْبَلِيُّ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (199)، وَقَالَ:"مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِ عَصْرِهِ فِي مِصْرَ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمَلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 327)، وَالإِعْلَامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلَامِ (245)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (21/ 245)، وَالعِبَرِ (4/ 287)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 154)، وَالشَّذَرَاتِ (6/ 320).
270 -
وَمُحَمَّدُ بنُ ذَاكِرِ بنِ كَامِلٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الخَفَّافُ، مِنْ بَيْتِ عِلْمٍ وَرِوَايَةٍ، تَقَدَّمَ الحَدِيْثُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي تَرْجَمَةِ عَمِّهِ المُبَارَكِ بنِ كَامِلٍ (ت: 543 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ ذَاكِرِ بنِ كَامِلٍ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (591 هـ). أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 343)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (201)، وَالوافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 66).
(تَصْحِيحٌ) وَذَكَرَ العُلَيْمِيُّ فِي المَنْهَجِ الأَحْمَد: خَدِيْجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ العِمَادِ فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَالَ:"وَالِدَةُ الشَّيخ مُوَفَّقِ الدِّينِ بنِ قُدَامَةَ"؟! وَعَلَّقَ المُحَقِّقُ الفَاضِلُ فِي الهَامِشِ فَقَالَ: "وَهُوَ خَطَأٌ فَوَفَاتُهَا سَنَة (695 هـ) وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ. . .". أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: هَذَا صَحِيْحُ، لكِنَّ المُحَقِّقَ الفَاضِلَ لَمْ يُصَحِّحْ خَطَأَ قَوْلِهِ:"وَالِدَةُ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ بْنِ قُدَامَةَ"؟! فَكَيْفَ تَكُوْنُ وَالِدَتَهُ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهَا البِرْزَالِي (ت: 737 هـ)، عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ هُوَ؟! وَكَيْفَ تَكُوْنُ وَالِدَتُهُ أَيْضًا وَهَذِهِ سَنَةُ وَفَاتِهَا وَتُوفِّي ابْنُهَا مُوَفَّقُ الدِّيْنِ بنُ قُدَامَةَ سَنَةَ (620 هـ)؟! فَكَانَ يَنْبَغِي للمُحَقِّقِ الفَاضِلِ أَنْ يَدْفَعَ هَذَا أَيْضًا، وَذَكَرَهَا الحَافِظَانِ البَرْزَالِيُّ، وَالذَّهَبِيُّ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (695 هـ) قَالَ
سَمِعَ مِنْهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ، وَابْنِ النَّجَّارِ، وَقَالَ: كَانَ شَيْخًا فَاضِلًا، مُتَدَيِّنًا، صَدُوْقًا، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي وَلَدُهُ عَبْدُ المُعِزِّ
(1)
الوَاعِظُ بِـ "أَصْبَهَانَ" أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الرَّابِعِ وَالعِشرِينَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "أَصْبَهَانَ" رحمه الله.
225 - عَبْدُ العزِيزِ بنُ ثَابِتِ
(2)
بنِ طَاهِرٍ البَغْدَادِيُّ، المَأْمُونِيُّ، الشَّمْعِيُّ، الخَيَّاطُ، المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، أَبُو مَنصُوْرٍ، وَيُلَقَّبُ "تَاجَ الدِّيْنِ".
قرَأَ القُرْآنَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي المَكَارِمِ البَادَارَائِيُّ، وَأَبِي الحَسَنِ
= البَرْزَالِيُّ: "وَفِي يَوْمَ الجُمُعَة سَادِسِ شَهْرِ رَجَبٍ تُوُفِّيَتِ الشَّيْخَةُ، الصَّالِحَةُ، أُمُّ عَبْدِ اللهِ، خَدِيْجَةُ بِنْتُ الشَّيْخِ الإِمَامِ، شَيْخِ الإِسْلَامِ قَاضِي القُضَاةِ شَمْس الدِّينِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الشَّيْخِ
…
وَالِدَةُ مُوَفَّقِ الدِّينِ بْنِ رَاجِحٍ المُتَقَدِّمِ. . ." فَهِي وَالِدَةُ مُوَفَّق الدِّينِ بنِ رَاجِحٍ، لَا مُوَفَّقِ الدِّينِ ابنُ قُدَامَةَ، ثُمَّ قَالَ الحَافِظُ البِرْزَالِيُّ: قَرَأْتُ عَلَيْهَا أَربَعَةَ مَجَالِسَ. . .". وَوَالِدُهَا مُحَمَّدُ بنُ العِمَادِ (ت: 676 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي مَوْضِعِهِ. وَابْنُهَا مُوَفَّقُ الدِّينِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ محَمَّدِ بنِ رَاجِحٍ المَقْدِسِيُّ تُوُفِّيَ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهِ وَالِدَتُهُ قَبْلَها بِمَا يَزِيْدُ عَلى شَهْرَيْنِ نَذْكُرُهُمَا هي وَابْنَهَا فِي مَوْضِعِهِمَا مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
وَلَدُهُ هَذَا لَمْ أَقِفِ الآنَ عَلَى أَخْبَارِهِ؟
(2)
225 - أَبُو مَنْصُوْرٍ المَأْمُوْنِيُّ (؟ - 596 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقة: 47)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 125)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 10)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 306)، وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوفَيَاتِ النَّقلَةِ (1/ 360)، وَالشَّذرَاتُ (4/ 327)(6/ 533). وَ (الشَّمْعِيُّ) نِسْبَةٌ إِلَى "الشَّمْعِيَّةِ" مَحَلَّةٌ بِـ "بَغْدَادَ" كَمَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ.
ابْنِ يُوسُفَ، وَابْنِ الخَشَّابِ، وَشُهْدَةَ، وَأَكْثَرَ عَنِ المُتَأَخِّرِيْنَ بَعْدَهُمْ، وَقَرَأَ الفِقْهَ عَلَى الشَّيْخِ أبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ مِنَ الحَدِيْثِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ يُقْرِئُ النَّاسَ القُرْآنَ، وَيَؤُمُّ بِمَسْجِدِهِ بِـ "الشَّمْعِيَّةِ"
(1)
: مَحِلَّةٌ بِـ "بَغْدَادَ"
(1)
لَمْ يَذْكُرْهَا يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ فِي "مُعْجَمِ البُلْدَان"، وَهُوَ بِـ "المَأْمُوْنِيِّ" أَشْهَرُ.
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةَ (596 هـ):
271 -
حَمَّادُ بنُ مَزْيَدَ بنِ خَلِيْفَةَ، أَبُو الفَوَارِسِ، البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، فَخْرُ الدِّيْنِ الضَّرِيْرُ، قَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عَسَاكِرٍ البَطَائِحِيُّ، وَسَعْدِ اللهِ بنِ نَصْرِ بنِ الدَّجَاجِيِّ، وسَمعَ الحَدِيْثَ مِنْ أبي بَكْرِ مُحَمَّدِ بنِ المُقَرَّبِ الكَرْخِيِّ وَجَمَاعَةٍ، وَأَمَّ النَّاسَ بِالصَّلَوَاتِ بِمَسْجِد ابنِ جَرْدَةَ بـ "الجَوْهَرِيِّيْنَ" مُدَّةً، وَأَقْرَأَ فِيْهِ النَّاسَ .. وَكَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، وَرِعًا، زَاهِدًا، ضَرِيْرًا .. دُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" كَذَا فِي مَجْمَعِ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (3/ 14). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 358)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرُ (9/ 32)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (239)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 50)، وَنَكْتُ الهِمْيَانِ (148)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2/ 49)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 259).
272 -
وعَبْدُ المُنعِمِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ سَعْدِ بنِ صَدَقَةَ بنِ الخَضِرِ بنِ كُلَيْبٍ، الحَرَّانِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ المَوْلِدِ وَالدَّارِ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَرَجِ بنُ أَبِي الفَتْحِ، التَّاجِرُ، الآجُرِّيُّ، نِسْبَةً إِلَى "دَرْبِ الآجُرِّ" بِـ "خَرَابَةِ ابْنِ جَرْدَةَ" مِنْ مَحَالِّ "بَغْدَادَ" لِسُكنَاهُ فِيهِ، وَحَجَّ سَبْعَ حِجَجٍ، وَفَاتَتْهُ الثَّامِنَةُ إِعْتَاقَ فِي البَحْرِ وَلَمْ يُدْرِكِ الوُقُوْفَ بِـ "عَرَفَةَ" وَأَثْنَى عَلَيْهِ طُلَّابُهُ وَمُتَرْجِمُوْهُ، قَالَ الحَافِظُ ابنُ النَّجَّارِ:"سَمِعْتُ مِنْهُ الكَثِيرَ، وَقَرأْتُ عَلَيْهِ كَثِيْرًا بِالسَّمَاعِ وَالإِجَازَةِ، وَكُنْتُ كَثِيْرَ المُلَازَمَةِ لَهُ، وَكَانَ صَدُوْقًا، أَمِيْنًا، حَسَنَ الأَخْلَاقِ، مَلِيْحَ المُجَالَسَةِ، دَمِثًا، مِنْ مَحَاسِنِ الزَّمَانِ، وَبَقِيَّةِ النَّاسِ" وَوَصَفَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ بِـ "الشَّيْخِ المُسْنِدِ" وَقَالَ: "حَدَّثَ بِالكَثِيْرِ، وَأَجَازَ لِيْ إِجَازَةً مُطْلَقَةً فِي ذِي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّحْلَةُ فِي الأَقْطَارِ وَأَلْحَقَ الصِّغَارَ بِالكِبَارِ، لَا يُشَارِكُهُ فِي شُيُوْخِهِ وَمَسْمُوْعَاتِهِ أَحَدٌ، وَكَانَ صَحِيْحَ الذِّهْنِ وَالحَوَاسِّ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَلَهُ إِجَازَاتٌ حَسَنَةٌ
…
وَكَانَ مُحِبًّا لِلرِّوَايَةِ صَبُوْرًا علَى أَصْحَابِ الحَدِيثِ".
وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ: "سَمِعَ مِنْهُ الأَئِمَّةُ وَالحُفَّاظُ، وَرَحَلَ إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ مِنَ الأَقْطَارِ، وَكَانَ سَمَاعُهُ صَحِيْحًا"، وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"الشَّيْخُ، الجَلِيْلُ، الأَمِيْنُ، مُسْنِدُ العَصْرِ"، وَمِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ وَالحُفَّاظِ الَّذِينَ سَمِعُوا مِنْهُ: أَبُو الفَرَجِ بنِ الجَوزِيِّ، وَابْنُهُ مُحْيِي الدِّينِ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بنُ الأَخْضَرِ، وَأَبُو الفُتُوْحِ بنِ الحُصْرِيِّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ البَنْدَنِيْجِيِّ، وَالحَافِظُ ابنُ المَدِيْنِيِّ، وابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَاليَلْدَانِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ سَلَامَةَ الحَرَّانِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ ابنِ الجَوْزِيِّ، وَالنَّجِيْبُ الحَرَّانِي وَأَخُوْهُ العِزُّ
…
وَغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ.
وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ حَنْبَلِيَّةٍ، وَكَانَ وَالِدُهُ تَاجِرًا، كَانَ يَسْكُنُ "دَرْبَ الآجُرِّ" مِنْ "بَغْدَادَ" ثُمَّ ارْتَحَلَ وَدَخَلَ مَعَهُ "مِصْرَ" شَابًّا، وَسَكَنَ ثَغْرَ "دِمْيَاطَ" مُدَّةً كَمَا يَقُوْلُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ، وَكَانَ عَمُّهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ - وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ - لكِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَسْمَعَهُ عَلَى الشُّيُوخِ، كَمَا يَقُوْلُ ابنُ النَّجَّارِ، وفِي شُيُوْخِهِ كَثْرَةٌ؛ لأنَّهُ رَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ وَالتِّجَارَةِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مُبَكِّرًا وَعُمُرُهُ سِتُّ سِنِيْنَ.
وَسَمِعَ عَلَى أَغْلَبِ شُيُوْخِ عَصْرِهِ، جَمَعَهُمْ فِي "مَشْيَخَةٍ" الَّتِي خَرَّجَهَا تَاجُ الدِّيْنِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ (ت: 608 هـ) قَالَ ابنُ الفُوَطِيِّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (3/ 184) - فِي تَرْجَمَةِ فَخْرِ الدِّيْنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي نَصْرٍ الهَمَذَانِيِّ القَارِئِ - سَمِعَ مَشْيَخَةَ شَمْسِ الدِّيْنِ
…
بنِ كُلَيْبٍ بِقِرَاءَةِ مُخَرِّجها تَاجِ الدِّينِ
…
". أَقُوْلُ: مَشْيَخَتُهُ مَشْهُوْرَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الفَنِّ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ "مَشْيَخَتُهُ" مَرْوِيَّةٌ. . ." وَرَوَاهَا الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ فِي المَجْمَعِ المُؤَسِّسِ (1/ 304، 305) رقم (229). وَهِي عِدَّةُ أَجْزَاءٍ قَالَ الحَافِظُ: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ". . . بِسَمَاعِهِ مِنَ النَّجِيبِ سِوَى الجُزءِ الخَامِسِ، وَالسَّادِسِ وَالسَّابِعِ"، وَرَوَاهَا الرَّوْدَانِيُّ فِي صِلَةِ الخَلَفِ بِمَوْصُوْلِ السَّلَفِ (375)، وَالكَتَّانِيُّ فِي فِهْرِسِ الفَهَارِس (631، 632)، وَانْتَقَى مِنْهَا بَعْضُ العُلَمَاءِ. يُرَاجَعُ: المَجْمَع المُؤَسِّسِ (1/ 456، 467، 2/ 500)، وَمِن هَذَا المُنْتَقَى نُسْخَةٌ فِي مَجَامِيعِ المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بِـ "دِمَشْقَ" رقم (1139)، الرِّسَالَة رقم (5)، فِي (22) وَرَقَة مِن (78 - 99)، عَلَيْهَا سَمَاعٌ قَبْلَ وَفَاةِ المُؤَلِّف مُؤَرِّخٌ سَنَةَ (595 هـ) وَسَمَاعُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الهَادِي مُؤَرَّخٌ سَنَةَ (877 هـ) وَسَمَاعَاتٌ أُخْرَى كَثِيْرَةٌ، وَهِيَ نُسْخَةٌ جَيِّدَةٌ، بِخَطٍّ وَاضِحٍ مَشْكُوْلٍ، وَعُنْوَانُهَا:"أَحَادِيثُ مُنْتَخَبَةٌ مِنْ مَشْيَخَةِ ابنِ كُلَيْبٍ الحَرَّانِيِّ" وَفِي المَكْتَبَةِ المَذْكوْرَةِ نُسْخَةٌ بِعُنْوَانِ: "أَحَادِيْثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" مَكْتُوبَةٌ سَنَةَ (586 هـ) هَلْ هِيَ نُسْخَةٌ أُخْرَى؟! تُرَاجَعُ.
وَممَّن اشْتُهِرَ بِالْعِلْمِ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ:
273 -
ابنُهُ: عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت:؟) ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ النَّجَارِ فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (5/ 116) فَقَالَ
…
أَبُو حَفْصِ بنُ شَيْخِنَا أَبِي الفَرَجِ التَّاجِرِ - وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ - حَكَى عَنْ وَالِدِهِ حِكَايَةً كَتَبَهَا عَنْهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ بَكْرُوْسٍ الشَّاهِدُ، تُوُفِّيَ شَابًّا قَبْلَ وَالِدِهِ بِزَمَنٍ .. " وَأَوْرَدَ الحِكَايَةَ"، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ، فَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ عَلَيْهِ.
274 -
وَابْنُهُ الآخَرُ: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 596 هـ) في العَامِ الَّذي مَاتَ فِيْهِ أَبُوْهُ؛ لَكِنَّهُ مَاتَ بَعْدَهُ، فِي مُسْتَهَلِّ شَعْبَانَ، وَتُوُفِّي وَالِدُهُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ، ولَمْ يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ أَيْضًا. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 358)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 90)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (241).
275 -
وَابْنُ أَخِيْهِ: عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ كُلَيْبٍ (ت في حدود 610 هـ) يَأْتِي فِي اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قَرَأَ عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَحَدَّثَ بِاليَسيْرِ مِنْ رِوَايَاتِهِ؛ لأَنَّهُ مَاتَ فِي أَوَّلِ سِنِّ الكُهُوْلَةِ. قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ صَالِحًا، وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، كَثِيْرَ العِبَادَةِ، آثَارُ الصَّلَاحِ لَائِحَةٌ عَلَى وَجْهِهِ.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: كَانَ رَفِيْقُنَا فِي سَمَاعِ دَرْسِ ابْنِ المَنِّيِّ، وَبَلَغَ مِنَ الزُّهْدِ وَالعِبَادَةِ إِلَى حَدٍّ يُقَالُ بِهِ تُمْسَكُ "بَغْدَادُ" وَكَانَ لَطِيْفًا فِي صُحْبَتهِ، خَرَجْنَا نَزُوْرُ قَبْرَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، ثُمَّ عَدَلْنَا إِلَى الشَّطِّ، فَنَزلَ الفُقَهَاءُ
= - وَعَمُّه: طَاهِرُ بنُ سَعْدِ بنِ صَدَقَةَ بنِ كُلَيْبٍ (ت: 566 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في اسْتِدْرَاكِنَا. أَخْبَارُ عَبْدُ المُنْعِم بنُ كُلَيْبٍ في: مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 199)، وَالكَامِلِ في التَّارِيْخِ (12/ 159)، وَالتَّقْيِيْدِ (377)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 348)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 166)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (18)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 26)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (3/ 227)، وَدُوَلِ الإِسْلَامِ (2/ 78)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (21/ 258)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (254)، وَالإِعْلامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (254)، وَالمُعِيْنِ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (182)، وَالإِشَارَةِ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (310)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 90)، وَالعِبَرِ (4/ 293)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 23)، وَالعَسْجَدِ المَسْبُوكِ (2/ 259)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 159)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 327)، وَاسْتَدْرَكَهُ ابْنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ عَلَى هَامِشِ نُسْخَةِ (أ) نَقْلًا عن "مِرْآةِ الزَّمَانِ"، وَتَارِيْخِ ابنِ رَسُوْلٍ "نُزْهَةِ العُيُون. . ." (2/ ورقة: 74). وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابنُ مُفْلِحٍ في "المَقْصَدِ" وَذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ فِي المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 9) وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 306)، وَإِنَّمَا أَطَلْتُ في ذِكْرِهِ لأَنَّهُ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الحَنَابِلَةِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ رحمه الله؟! وَلَا ذَكَرَ أَحَدًا مِن أَهْلِ بَيْتِهِ.
يَسْبَحُوْنَ فِي الشَّطِّ، فَقَالُوا للْشَّيْخِ أَبِي مَنْصُوْرٍ: انْزِلْ مَعَنَا، فَنَزَعَ ثَوْبَهُ، وَنَزَلَ يَسْبَحُ مَعَهُمْ، وَلَعِبُوا فِي المَاءِ، فَعَمِلَ مِثْلَهُمْ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الفُقَهَاءِ؛ أَيْنَ الشَّيْخُ مَحْمُوْدٌ النَّعَّالُ
(1)
يُبْصِرُكَ؟ فَقَالَ: يَا مَسْكِيْنُ، الحَقُّ تَعَالَى يُبْصِرُنَا. فَطَابَ بَعْضُ الجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ التَّاسِعَ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَخمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رحمه الله.
226 - تَمِيْمُ بنُ أَحْمَدَ
(2)
بنِ أَحْمَدَ بنِ كَرَمِ بنِ غَالِبِ بنِ قَتِيْلٍ البَنْدَنِيْجِيُّ،
ثمَّ
(1)
مَحْمُودُ بنُ عُثْمَانَ بنِ مَكَارِمٍ النَّعَّالُ (ت: 609 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
226 - تَمِيْمٌ البَنْدَنِيْجِيُّ (543 - 597 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 47)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 291)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 10)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 306). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (267)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ لَهُ (1/ 314)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 386)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرُ (57)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 65)(ذَكَرَهُ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ)، وَمِيْزَانُ الاعْتِدَالِ (1/ 359)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (311)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 267)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (280)، وَالعِبَرُ (4/ 297)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (10/ 410)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (2/ 71)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 180)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 329)، (6/ 536).
- ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ كَرَمٍ (ت: 615 هـ) في مَوْضِعِهِ.
- وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدَتِهِمَا تَمَنِّي بِنْتِ عُمَرَ بن إِبْرَاهيم الطَّيْبِيِّ الجَمْرِيِّ (ت: 594).
- وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ أُخْتِهِ عِزُّ النِّسَاءِ بِنْت أَحْمَدَ (ت: 621 هـ)، وَابْنِهِ مُحَمَّدِ بنِ تَمِيْمٍ (ت: 643 هـ) في مَوضِعَيْهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. =
البَغْدَادِيُّ الأَزَجِيُّ، المُفِيْدُ، أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي بَكْرِ بنِ أَبِي السَّعَادَاتِ
(1)
.
= - وَلِمُحَمَّدِ بنِ تَمِيْمٍ هَذَا فَتَاةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالفَضْلِ اسمُهَا شِيْرِيْنُ الهِنْدِيَّةُ (ت: 640 هـ) ذَكَرَهَا الأبَرْقُوْهِيُّ في مُعْجَمِهِ (ورقة: 53) وَقَالَ: "فتَاةُ شَيْخِنَا مُحَمَّدِ بنِ تَمِيْمٍ البَنْدَنِيْجِيِّ" وسَتأَتِي في اسْتِدْرَاكنا أَيْضًا.
- وَمِنْ ذَوِيْ قَرَابَتِهِ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي المُظَفَّرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي البَرَكَاتِ المُبَارَكِ بنِ كَرَمِ بنِ غَالِبٍ (ت: 631 هـ). وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بن أَبِي البَرَكَاتِ المُبَارَكِ بنِ كَرَمِ بنِ غَالِبٍ أَبُو الفَرَجِ البَنْدَنِيْجِيُّ (ت: 599 هـ)، وَعَبْدُ اللَّطِيْف بنُ أَبِي المُظَفَّرِ بنِ أَبِي مُحَمَّدٍ
…
(ت: 632 هـ)، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بن أَحْمَدَ بنِ كَرَمِ (ت: 654 هـ)، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ بنِ كَرَمِ بنِ غَالِبٍ البَنْدَنِيْجِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابن عُفَيْجَةَ" (ت: 625 هـ). لَهُمْ ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ نَذْكُرُهُمْ فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّفِ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي مَوَاضِعِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وفي (ط): "البنديجي" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، و"البَنْدَنِيْجِيُّ" مَنْسُوْبٌ إِلَى "البَنْدَنِيْجَيْنِ" قَالَ يَاقُوْتٌ في مُعْجَمِ البُلْدَانِ (1/ 592) عَلَى لَفْظِ التَّثنيةِ، وَلَا أَدْرِي مَا "بَنْدَنِيْجُ" مُفْرَدُهُ؟ إلَّا أَنَّ حَمْزَةَ الأَصْبَهَانِيَّ قَالَ: بِنَاحِيَةِ العِرَاقِ مَوْضِعٌ يُسَمَّى "وَنْدَنِيْكَانَ" وَعُرِّبَ عَلَى "البَنْدَنِيْجَيْنِ" وَلَم يُفَسِّرْ مَعْنَاهُ، وَهِيَ بَلْدَةٌ مَشْهُوْرَةٌ مِنْ طَرَفِ "النَّهْرَوَانِ" مِنْ نَاحِيَةِ "الجَبَلِ" مِنْ أَعْمَالِ "بَغْدَادَ". . . وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا خَلْقٌ مِنَ العُلَمَاءِ، مُحَدِّثُوْنَ، وَشُعَرَاءُ، وَفُقَهَاءُ، وَكُتَّابٌ".
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: تُعْرَفُ الآن بِـ "مَنْدَلِي" في شَرْقِ العِرَاقِ قَرْيَةٌ مِنَ الحُدُوْدِ الإيْرَانِيَّةِ. مِنْ أَشْهَرِ المَنْسُوْبِيْن إِلَيْهَا وَأَقْدَمِهِم: اليَمَانُ بن أَبِي اليَمَانِ البَنْدَنِيْجِيُّ (ت: 284 هـ) صَاحِبُ "التَّقْفِيَةِ في اللُّغَةِ" الأَدِيْبُ، اللُّغَوِيُّ، الشَّاعِرُ، وَغَيْرُهُ.
(1)
زَادَ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ: "يُقَالُ لَهُ ابنُ بَكِيْرٍ
…
بِفَتْحِ البَاءِ وَكَسْرِ الكَافِ" وَفِي نَسَبِهِ "قَتِيْلٌ": "بِفَتْحِ القَافِ، وَكَسْرِ التَّاءِ ثَالِثِ الحُرُوْفِ، وَسُكُوْنِ اليَاءِ، آخِرِ الحُرُوْفِ، وَبَعْدَهَا لَامٌ" كَذَا قَيَّدَهُ المُنْذِرِيُّ رحمه الله فِي "التَّكْمِلَةِ".
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا، قَالَهُ ابنُ القَطِيعِيِّ وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ. وقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: قَرَأْتُ بِخَطِّهِ قَالَ: وُلِدْتُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ.
وَسَمِعَ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَأَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَالوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ، وَالقَاضِي أَبِي يَعْلَى بنِ أَبِي خَازِمِ بنِ الفَرَّاءِ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بنِ المَادِحِ، وَالمُبَارَكِ بنِ خُضَيْرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرَّبِ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وَالكَرُّوْخِيِّ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ، وَمِمَّنْ بَعْدَهُمْ
(1)
، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا لِنَفْسِهِ وَلِلْنَّاسِ، وَأَفَادَ أَهْلَ البَلَدِ، وَالغُرَبَاءِ كَثِيْرًا، وَكَانَ يَعْتَنِي بِحِفْظِ أَسْمَاءِ الشُّيُوْخِ، وَمَعْرِفَةِ مَرْوِيَاتِهِمْ، وَمَوَالِيْدِهِمْ وَوَفَيَاتِهِمْ، وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ؛ لأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الشَّيْخُوْخَةِ. سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَتَكَلَّمَ فِيْهِ هُوَ وَشَيْخُهُ ابنُ الأَخْضَرِ
(2)
وَأَجَازَ لِلْحَافِظِ
(1)
ذَكَرَ مِنْهُمُ المُنْذِرِيُّ: هِبَةُ اللهِ الشِّبْلِيُّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ الفَضْلِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الشَّاعِرُ". يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ عِبَارةُ ابنِ النَّجَّارِ اختَصَرَهَا المُؤَلِّفُ؛ لِيَتَجَنَّبَ فِيْهَا عِبَارَة الطَّعْنِ عَلَى المُتَرْجَمِ فِي قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بالعِلْمِ، وَتَسَاهُلِهِ فِي الرِّوَايَةِ، وَنَقَلَ الصَّفَدِيُّ عِبَارَةَ ابنِ النَّجَّارِ فَقَالَ: "وَكَتَبَ بِخَطِّهِ للنَّاسِ وَلِنَفْسِهِ كَثِيْرًا، وَكَانَ يُفِيْدُ الطَّلَبَةَ وَيَسْعَى مَعَهُمْ إِلَى الشُّيُوْخِ، وَكَانَ يَحْفَظُ أَسْمَاءَ الكُتُبِ وَالأَجْزَاءِ المَرْوِيَّةِ فِي ذلِكَ الوَقْتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهَا الغُرَبَاءِ، وَيُعِيْرُهُمُ الأُصُوْلَ، وَكَانَ يَعْرِفُ أَحْوَالَ الشُّيُوْخِ الَّذِيْنَ أَدْرَكَهُمْ وَيَحْفَظُ مَوَالِيدَهُمْ وَوَفَيَاتِهِمْ، وَلَهُ فِي ذلِكَ هِمَّةٌ وَافِرَةٌ، مَعَ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بالعِلْمِ".
(2)
لَمْ يَذْكُر المُؤَلِّفُ رحمه الله مَاذَا قَالَ عَنْهُ ابنُ النَّجَّارِ ولَا ابنُ الأَخْضَرِ، وَنَقَلَ الصَّفَدِيُّ فِي "الوَافِي بالوَفَيَاتِ" عَنِ ابنِ النَّجَّارِ قَوْلَهُ: "سَمِعْتُ مَعَهُ، وَبِإِفَادَتِهِ كَثِيْرًا، وَسَمِعْتُ =
المُنْذِرِيِّ
(1)
.
تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ ثَالِثَ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رحمه الله.
227 - عْبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ
(2)
بنِ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ
= مِنْهُ جُزْءًا وَاحِدًا اتِّفَاقًا، وَكَانَ مُتَسَاهِلًا في الرِّوَايَةِ، يَنْقُلُ السَّمَاعَاتِ مِنْ حِفْظِهِ عَلَى الفُرُوْعِ مِنْ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ بِالأُصُوْلِ، رَأَيْتُ مِنْهُ ذلِكَ مِرَارًا، وَأَذْكُرُ مَرَّةً وَأَنَا وَاقِفٌ مَعَهُ إِذْ أَتَاهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ بِـ "جُزْءٍ" فَأَرَاهُ إِيَّاهُ وَسَأَلَهُ: هَلْ هُوَ مَسْمُوعٌ فِي ذلِكَ الوَقْتِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ لَهُ: هُوَ سَمَاعُ فُلَان بنِ فُلَانٍ، وَتَقَدَّمَ إِلَى دُكَّانِ خَبَّازٍ وَأَخَذَ مِنْهُ دَوَاةً وَقَلَمًا، وَنَقَلَ لَهُ عَلَى ذلِكَ الجُزْءِ، وَكَانَ صَحِيْفَةُ سَمَاعِ ذلِكَ الشَّيْخِ مِنْ حِفْظِهِ وَدَفَعَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: اذْهَبْ فَاسْمَعْهُ، فَأَخَذَهُ ذلِكَ الطَّالِبُ وَمَضَى، وَاشْتُهِرَ ذلِكَ مِنْهُ، فَامْتَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ مِنَ السَّمَاعِ بِنَقْلِهِ" وَزَادَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرَ فِي "لِسَانِ المِيْزَانِ":"كَالحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ، وَالحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ، وَقَدْ نَقَلَ سَمَاعَ أَبِي القَاسِم بن البَسِيْطِ، مِنِ ابن كَادِشٍ لِـ "جُزْءٍ" مِنَ "التَّرْغِيْبِ" لابْنِ شَاهِيْنَ عَلَى نُسْخَةٍ كَامِلَةٍ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ نُسْخَةٍ مُنْتَخَبَةٍ - وَبَانَ أَنَّهَا نَاقِصَةٌ - عِدَّةَ أَحَادِيْثَ فَبَطَلَ سَمَاعُنَا للزَّائِدِ. سَأَلْتُ ابنُ الأَخْضَرَ عَن تَمِيْمٍ وَأَخِيْهِ أَحْمَدَ فَضَعَّفَهُمَا جِدًّا، وَرَمَاهُمَا بالكَذِبِ".
(1)
قَالَ المُنْذِرِيُّ: "وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ كَتَبَ بِها إِلَيْنَا مِن "بَغْدَادَ" في جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ".
(2)
227 - الإِمَامُ ابنُ الجَوْزِيِّ (508 - 597 هـ):
إِمَامُ الوُعَّاظِ، العَالِمُ، المُؤَلِّفُ، المُكْثِرُ، العَلَّامَةُ، المُحَدِّثُ، المُفَسِّرُ، مِنْ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الإسْلَامِ تَأَلِيْفًا، وَأَكْثَرِهِمْ شُهْرَةً وَتَعْرِيْفًا، مُؤَلَّفَاتُهُ ذَائِعَةٌ، وَأَخْبَارُهُ مُنْتَشِرَةٌ شَائِعَةٌ، تَجِدُهَا في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 47)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 93)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 11)، وَمُخْتَصره "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (1/ 307). وَيُرَاجَعُ: الكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (12/ 7)، وَالتَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (343)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ لَهُ (2/ 291)، وَمَشْيَخَةُ الحَرَّانِيِّ الكُبْرَى (وَرَقَة: 18)، وَمَشْيَخَةُ النَّعَّالِ (140)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (وَرَقَة: 178)، وَرِحْلَةُ ابنِ جُبَيْرٍ (196)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 481)، وَالرَّوْضَتَيْنِ (2/ 245)، وَآثَارُ البِلادِ (316)، وَالمُخْتَصَرُ فِي أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 101)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 394)، وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (3/ 140)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرِ (9/ 67)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 375)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (278)، وَالعِبَرُ (4/ 297)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (182)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1342)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (311)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 205)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 186)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (4/ 2/ 210)، وَالمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (284)، وَالوَفَيَاتُ لابنِ قُنْفُذٍ (301)، وَتَارِيْخُ الخَمِيْسِ (2/ 410)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 489)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 375)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (268)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 174)، وَطَبَقَاتُ المُفَسِّرِيْنِ للسُّيُوطِيِّ (17)، وَطَبَقَاتُ المُفَسِّرِيْنَ للدَّاوُدِيِّ (1/ 270)، وَتَارِيْخُ الخُلَفَاءِ (457)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 329)(6/ 537)، وَمُفْتَاحُ السَّعَادَةِ (1/ 207)، وَالرِّسَالَةُ المُسْتَطْرَفَةُ (45)، وَتَارِيْخُ عُلَمَاءِ المُسْتَنْصِرِيَّةِ (1/ 143).
وَأُسْرَةُ ابنِ الجَوْزِيِّ أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ، فَوَالِدُهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ (ت: 514 هـ) سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ عَنِ ابنِ خَلِّكَانِ في "وَفَيَاتِ الأعْيَانِ". وَكَذلِكَ أَخُوْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (ت: 585 هـ). وَلَهُمَا أَخٌ ثَالِثٌ هُوَ عَبْدُ اللهِ ذَكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ حَيْثُ قَالَ هُنَا: "سَمَّانِي وَأَخَوَايَ شَيْخُنَا ابنُ نَاصِرٍ "عَبْدَ اللهِ" وَ"عَبْدَ الرَّحْمَن" وَ"عَبْدَ الرَّزَّاق" وَإِنَّمَا كُنَّا نُعْرَفُ بالكُنَى" وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ؛ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ بالعِلْمِ. وَابنُ أَخِيْهِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (ت: 630 هـ) وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= واشْتُهِرَ بالعِلْمِ مِنْ أَوْلَادِ ابنِ الجَوْزِيِّ وَأَحْفَاده وَذَوِيْ قَرَابَتِهِ ابنُهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، أَبُو بَكْرٍ (ت: 554 هـ). وابنُهُ الآخَرُ: عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، أبُو القَاسِمِ (ت: 630 هـ). ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ في تَرْجَمَةِ أَبِيْهِمَا، وَلَم يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بالتَّرْجَمَةِ؟! وَأَخُوْهُمَا: يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ (ت: 656 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ؛ لأنَّهُ كَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ.
وَمِنْ أَحْفَادِهِ: الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 629 هـ). وَابنُهُ: عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ (ت: 675 هـ). وَابنُهُ الآخَرُ: مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بن عَلِيٍّ (ت:؟). وَعَبْدُ الرَّحْمَن بنُ يُوسُفَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 656 هـ). وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ يُوسُفَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 656 هـ). وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوسُفَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 656 هـ). وَهَؤُلَاءِ الثَّلاثَةُ ذَكَرَهُمُ المُؤَلِّفُ رحمه الله في تَرْجَمَةِ أَبِيْهِم، وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُم بالتَّرْجَمَةِ. وَأَخُوْهُم: وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن (ت: 667 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ نَسْتَدْرِكُهُ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَمِنْ أَحْفَادِ ابنِ الجَوْزِيِّ رحمه الله: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 688 هـ). وَأَخُوْهُ: عَبْدُ القَادِرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ يُوْسُفَ (ت:؟). نَذْكُرُ الأَوَّل مِنْهُمَا في الاسْتِدْرَاكِ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَنَذْكُرُ ابْنُهُ مَعَهُ؛ لِجَهْلِ سَنَةِ وَفَاتِهِ لِي الآنَ. وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ (ت: 670 هـ).
وَاشْتُهِرَ لابنِ الجَوْزِيِّ سِتُّ بَنَاتٍ:
- إِحْدَاهُنَّ - وَهِيَ أَكْبَرُهُنَّ -: سِتُّ العُلَمَاءِ، زَوْجَةُ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنُ مُحَمَّدِ بن بَكْرُوْسٍ الحَمَّامِيُّ الفَقِيْهِ (ت: 573 هـ) تَقَدَّم ذِكْرُهُ، قَالَ سِبْطُ ابنِ الجَوْزِيِّ في "مِرْآةِ الزَّمَانِ" في تَرْجَمَتِهِ (8/ 344):"وَزَوَّجَهُ جَدِّي سِتِّ العُلَمَاءِ، أَكْبَرُ بَنَاتِهِ". وَالثَّانِيَةُ: رَابِعَةُ، وَهِيَ والِدَةُ سِبْطِ ابنِ الجَوْزِيِّ، وَهُوَ مَشْهُوْرٌ، زُفَّتْ إِلَى زَوْجِهَا يَوْمَ
ابنِ حُمَّادِي
(1)
بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ بنِ النَّضِرِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيْقِ - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - القُرَشِيُّ، التَّمِيْمِيُّ، البَكْرِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الحَافِظُ، المُفَسِّرُ، الفَقِيْهُ، الوَاعِظُ، الأَدِيْبُ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَرَجِ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الجَوْزِيِّ" شَيْخُ وَقْتِهِ، وَإمَامُ عَصْرِهِ.
وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ النِّسْبَةِ، فَقِيْلَ: إِنَّ جَدَّهُ "جَعْفَرًا"
(2)
نُسِبَ إِلَى فُرْضَةِ مِنْ فُرَضِ "البَصْرَةِ" يُقَالُ لَهَا: "جَوْزَةُ"، وَفَرُضَةُ النَّهْرِ: ثُلْمَتُهُ الَّتِي يُسْتَقَى
= الأرْبَعَاء ثَانِي عَشَرَ المُحَرَّم سَنَةَ (572 هـ) كَمَا فِي المُنْتَظَمِ (10/ 262). وَالثَّالِثَةُ: لَعَلَّهَا شَرَفُ النِّسَاءِ زَوْجَةُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بُزْغُش بنِ عَبْدِ الله العِيَبِيِّ (ت: 612 هـ)، حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. وَالرَّابِعَةُ: زَيْنَبُ. وَالخَامِسَةُ: جَوْهَرَةُ. وَالسَّادِسَةُ: سِتُّ العُلَمَاءِ الصُّغْرَى. ذَكَرَهُنَّ السِّبْطُ جَمِيْعًا في "المِرْآةِ" وَعَنْهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ".
- وأُخْتُهُ لأُمِّهِ: فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي الفَائِزِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الطُّوَيْرِ، أُمُّ البَهَاءِ البَغْدَادِيَّةُ، البَزَّازُ أَبُوْهَا (ت: 605 هـ) نَذكُرُهَا في مَوْضِعِهَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَوَالِدُهَا: المُظَفَّرُ، أَبُو الفَائِزِ (ت: 600 هـ). يُرَاجَعُ: التَّوْضِيْحُ (1/ 324) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
بِضَمِّ الحَاءِ، وَتَشْدِيْدِ المِيْمِ. وَفِي تَكْمِلَةِ الإكْمَالِ لابن نُقْطَةِ الحَنْبَلِيِّ (2/ 291) أَوْرَدَهُ في سِيَاقِ نَسَبِهِ "حُمَّادًا" عَنْ مُعْجَمِ القَاضِي أبي المَحَاسن عُمَرُ بن عَلِيٍّ القُرَشِيِّ الدِّمَشْقِيُّ. قَالَ: فَسَأَلْتُ عَنْ ذلِكَ ابْنَيْهِ فَقَالَا: هُو (حُمَّادِي) بِزِيَادَةِ يَاءٍ.
(2)
فِي الأُصُوْلِ: "جعفر".
مِنْهَا
(1)
، وَفُرْضَةُ البَحْرِ: مَحَطُّ السُّفُنِ، ذَكَرَ هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ المُنْذِرِيُّ: هُوَ نِسْبَةٌ إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: "فُرْضَةُ الجَوْزِ"، وَذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ بنِ أَبِي الجَيْشِ:
(2)
أَنَّهُ مَنْسُوْبٌ إِلَى مَحِلَّةٍ بِالبَصْرَةِ تُسَمَّى "مَحِلَّةَ الجَوْزِ". وَقِيْلَ: بَلْ كَانَتْ بِدَارِهِ فِي "وَاسِطَ" جَوْزَةٌ، لَمْ يَكُنْ بِـ "وَاسِطَ" جَوْزَةٌ سِوَاهَا.
وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي مَوْلِدِهِ، فَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِمَائَةَ، وَقَالَ القَادِسِيُّ: ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَخِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِذلِكَ، وَقِيْل: سَنَةَ تِسْعٍ، وَقِيْلَ: سَنَةَ عَشْرٍ، وَوُجِدَ بِخَطِّهِ: لَا أُحَقِّقُ مَوْلِدِيْ، غَيْرَ أَنَّهُ مَاتَ وَالِدِي فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَقَالَتِ الوَالِدَةُ: كَانَ لَكَ مِنَ العُمُرِ نَحْوَ ثَلَاثِ سِنِيْنَ. فَعَلى هَذَا يَكُونُ مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، أَوِ اثْنَيْ عَشْرَةَ، وقَالَ ابنُ القَطِيعِيِّ: سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ؟ فَقَالَ: مَا أُحِقُّ الوَقْتَ، إِلَّا أَنَّنِي أَعْلَمُ أَنِّي احْتَلَمْتُ فِي سَنَةِ وَفَاةِ شَيْخِنَا ابنِ الزَّاغُوْنِي، وَكَانَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. قُلْتُ: هَذَا يُؤْذِنُ أَنَّ مَوْلِدَهُ بَعْدَ العَشْرِ. وَوُجِدَ بِخَطِّهِ تَصْنِيْفٌ لَهُ فِي الوَعْظِ، ذَكَرَ أَنَّهُ صَنَّفَهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَقَالَ: وَلِيْ مِنَ العُمُرِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: وَحَكَى لِي أَنَّهُ كَانَ يُسَمَّى "المُبَارَكَ" إِلَى سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ وَقَالَ: سَمَّانِي وأَخَوَيَّ
(3)
شَيْخُنَا ابنُ نَاصِرٍ: عَبْدَ اللهِ،
(1)
يُرَاجَعُ: اللِّسان (فَرَضَ).
(2)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (676 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
في (ط): "وأخواي" وَالمُثْبَتُ من (أ)، وفي (ب) و (د)، و (هـ):"وإخوتي".
وَعبْدَ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ. وإِنَّمَا كُنَّا نُعْرَفُ بِالكُنَى.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِـ "بَغْدَادَ" بِـ "دَرْبِ حَبِيْبٍ"
(1)
فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَالِدُهُ - وَهُوَ صَغِيْرٌ - كَفَلَتْهُ أُمُّهُ وَعَمَّتُهُ، وَكَانَ أَهْلُهُ تُجَّارًا فِي النُّحَاسِ، فَلِهَذَا يُوْجَدُ فِي بَعْضِ سَمَاعَاتِهِ القَدِيْمَةِ: ابنُ الجَوْزِيِّ الصَّفَّارُ، وَلَمَّا تَرَعْرَعَ حَمَلَتْهُ عَمَّتُهُ إِلَى مَسْجِدِ أَبِي الفَضْلِ بنِ نَاصِرٍ، فَاعْتَنَى بِهِ، وَأَسْمَعَهُ الحَدِيْثَ، وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ أَوَّلَ سَمَاعَاتِهِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَقَرَأَهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ القُرَّاءِ، وَقَدْ قَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ فِي كِبَرِهِ بِـ "وَاسِطَ" عَلَى ابْنِ البَاقِلَّانِيِّ، وَسَمِعَ بِنَفْسِهِ الكَثِيْرَ، وَقَرَأَ، وَعُنِيَ بِالطَّلَبِ، قَالَ فِي أَوَّلِ مَشْيَخَتِهِ
(2)
: حَمَلَنِي شَيْخُنَا ابنُ نَاصِرٍ إِلَى الأَشْيَاخِ فِي الصِّغَرِ، وَأَسْمَعَنِي العَوَالِيَ، وَأَثْبَتَ سَمَاعَاتِي كُلَّهَا بِخَطِّهِ، وَأخَذَ لِي إِجَازَاتٍ مِنْهُمْ، فَلَمَّا فَهِمْتُ الطَّلَبَ كُنْتُ أُلَازِمُ مِنَ الشُّيُوخِ أَعْلَمَهُمْ، وَأُوْثِرُ مِنْ أَرْبَابِ النَّقْلِ أَفْهَمَهُمْ، فَكَانَتْ هِمَّتِي تَجْوِيْدَ العُدَدِ، لَا تَكْثِيْرَ العَدَدِ، وَلَمَّا رَأَيْتُ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ يُؤَثِّرُ الاطِّلَاعَ عَلَى كِبَارِ مَشَايِخِي ذَكَرْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدِيْثًا، ثُمَّ ذَكَرَ فِي هَذِهِ "المَشْيَخَةِ" لَهُ سَبْعَةً وَثَمَانِيْنَ شَيْخًا.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ غَيْرِهِمْ، لكِنَّهُ اقْتَصَرَ علَى أَكَابِرِ الشُّيُوْخِ وَعَوَالِيْهِمْ
(3)
،
(1)
تَقَدَّم ذكر "دَرْبُ حَبِيْبٍ".
(2)
أَوَّل المَشْيَخَة نَاقِصٌ في النُّسْخَة الَّتي حَقَّقَهَا مُحَمَّدُ مَحْفُوظ، وَقَدِ اسْتَدْرَكَ النَّقْصَ مِنْ نَصِّ ابنِ رَجَبٍ هَذَا. وَحَسَنًا فَعَلَ.
(3)
في (ط): "وَمَوَالِيْهِمْ" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ.
فَمِنْهُمْ ابنُ الحُصَيْنِ، وَالقَاضِيْ أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ المَزْرَفِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الحَرِيْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّيْنَوَرِيُّ، وَأَبُو السَّعَادَاتِ المُتَوَكِّلِيُّ، وَأَبُو غَالِبِ بنُ البَنَّاءِ، وَأَخُوْهُ يَحْيَى، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
(1)
البَارِعُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المُوَحِّدُ، وَأَبُو غَالِبٍ المَاوَرْدِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبُو مَنْصُوْرِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَأَبُو القَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ الكَرُّوْخِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ خَطِيْبُهَا، وَأَبُو سَعْدٍ الزَّوْزَنِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ البَغْدَادِيُّ، وَيَحْيَى بنُ الطَّرَّاحِ، وَإِسْمَاعِيلُ بنُ أَبِي صَالِحِ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُعَلَّى العَلَوِيُّ الهَرَوِيُّ الوَاعِظُ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مَنْدَهْ، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، كَالمُتَوَكِّلِيِّ
(2)
وَالدَّيْنَوَرِيِّ. وَسَمِعَ الكُتُبَ الكِبَارَ، كـ "المُسْنَدِ" وَ"جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ" وَ"تَارِيْخِ الخَطِيْبِ". وَلَهُ فِيْهِ فَوَاتُ جُزْءٍ وَاحِدٍ. وَسَمِعَ "صَحِيْحَ البُخَارِيِّ" عَلَى أَبِي الوَقْتِ، وَ"صَحِيْحَ مُسْلِمٍ" بِنُزُوْلٍ، وَمَا لَا يُحْصَى مِنَ الأَجْزَاءِ مِنْ تَصَانِيْفِ
(3)
ابنِ أَبِي الدُّنْيَا وَغَيْرِهَا، وَوَعَظَ وَهُوَ صَغِيْرٌ جِدًّا. قَالَ: حَمَلَنِي ابنُ نَاصِرٍ إِلَى أَبِي القَاسِمِ العَلَوِيِّ الهَرَوِيِّ فِي سَنَةَ عِشْرِيْنَ، فَلَقَّنَنِي كَلِمَاتٍ مِنَ الوَعْظِ، وَجَلَسَ لِوَدَاعِ أَهْلِ "بَغْدَادَ" مُسْتَنِدًا إِلَى الرِّبَاطِ الَّذِي عِندَ السُّوْرِ فِي "الحَلْبَةِ" وَرَقَّانِي
(1)
سَاقِطٌ من (أ).
(2)
فِي (ط): "المتوكل" خَطَأُ طِبَاعَةٍ، وَتَقَدَّم قَبْلَ أَسْطُرٍ عَلَى الصَّحِيْحِ.
(3)
في (ط) و (ب): "تَصْنِيف" ولفظة "من" ساقطةٌ من (ط). وفي (أ): "وَمِنْ تَصَانِيْفِ".
يَوْمَئِذٍ المِنْبَرَ، فَقُلْتُ الكَلِمَاتِ، وَحُرِزَ الجَمْعُ بِخَمْسِيْنَ أَلْفًا.
ثُمَّ صَحِبَ أَبَا الحَسَنِ بنَ الزَّاغُوْنِيِّ، وَلَازَمَهُ، وَعَلَّقَ عَنْهُ الفِقْهَ وَالوَعْظَ.
وَذَكَرَ القَادِسِيُّ: أَنَّهُ تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي حَكِيْمٍ، وَأَبِي يَعْلَى بْنِ الفَرَّاءِ.
وَكَذَا ذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ: أَنَّهُ بَعْدَ وَفَاةِ ابنِ الزَّاغُوْنِيِّ قَرَأَ الفِقْهَ، وَالخِلَافَ وَالجَدَلَ، وَالأُصُوْلَ، عَلَى أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، وَالقَاضِيْ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيْرِ، وَأَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ، وَصَارَ مُعِيْدَ
(1)
المَدْرَسَةِ، وَقَرَأَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ الجَوَالِيْقِيِّ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ ابنُ الزَّاغُوْنِيِّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ طَلَبَ حَلْقَتَهُ، فَلَمْ يُعْطَهَا لِصِغَرِهِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ فِي ذلِكَ العَامِ قَدِ احْتَلَمَ كَمَا تَقَدَّمَ فَحَضَرَ بَيْنَ يَدَيْ الوَزِيْرُ، وَأَوْرَدَ فَصْلًا فِي المَوَاعِظِ، فَأُذِنَ لَهُ فِي الجُلُوْسِ فِي جَامِعِ المَنْصُوْرِ، قَالَ: فَتَكَلَّمْتُ فِيْهِ، فَحَضَرَ مَجْلِسِي أَوَّلَ يَوْمٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الكِبَارِ مِنَ الفُقَهَاءِ، مِنْهُمْ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ شُنَيْفٍ
(2)
، وَأَبُو عَلِيِّ بنُ القَاضِي، وَأَبُو بَكْرِ بنُ عِيسَى، وَابنُ قُشَامِي
(3)
وَغَيْرُهُمْ، ثُمَّ تَكَلَّمْتُ فِي "مَسْجِدِ مَعْرُوْفٍ"، وَفِي "بَابِ البَصْرَةِ" وَبِـ "نَهْرِ المُعَلَى"، فَاتَّصَلَتِ المَجَالِسُ، وَقَوِيَ الزِّحَامُ، وَقَوِيَ اشْتِغَالِيِّ بِفُنُوْنِ العُلُوْمِ، وَسَمِعْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيِّ الفِقْهَ، وَعَلَى أَبِي مَنْصُوْرِ بنِ الجَوَالِيْقِيِّ اللُّغَةَ، وَتَتَبَّعْتُ مَشَايِخَ الحَدِيْثِ، وَانْقَطَعَتْ مَجَالِسُ أَبِي عَلِيٍّ الرَّاذَانِيِّ - يَعْنِي الَّذِي أَخَذَ
(1)
في (ط): "مُفِيْد". وَالمَدْرَسَةُ هِيَ مَدْرَسَةُ أَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ (ت: 556 هـ).
(2)
في (ط): "سيف".
(3)
في (ط): "قُثَامِي" وَتَقَدَّم التَّنبيه عَلَى مِثْلِ ذلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ.
حَلْقَةَ شَيْخِهِ ابْنِ الزَّاغُوْنِيِّ- وَاتَّصَلَتْ مَجَالِسِي؛ لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِي بِالعِلْمِ.
وَاشْتُهِرَ أَمْرُ الشَّيْخِ أَبُو الفَرَجِ مِنْ ذلِكَ الوَقْتِ، وَأَخَذَ فِي التَّصْنِيْفِ وَالجَمْعِ، وَقَدْ كَانَ بَدَأَ بِالتَّصْنِيْفِ مِنْ قَبْلِ ذلِكَ. وَذَكَرَ أَنَّهُ سَرَدَ الصَّوْمَ مُدَّةً، وَاتَّبَعَ الزُهَّادَ، ثُمَّ رَأَى العِلْمَ أَفْضَلُ مِنْ كُل نَافِلَةٍ فَانْجَمَعَ عَلَيْهِ، وَنَظَرَ فِي جَمِيع الفُنُوْنِ، وَأَلَّفَ فِيْهَا، وَكَانَتْ أَكْثَرُ عُلُوْمِهِ يَسْتَفِيْدُهَا مِنَ الكُتُبِ، وَلَمْ يُحْكِمْ مُمَارَسَةَ أَهْلِهَا فِيْهَا، وَعَظُمَ شَأْنُ الشَّيْخِ فِي وِلَايَةِ الوَزِيْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَكَانَ يَتكلَّمُ عِنْدَهُ فِي دَارِهِ كُل
(1)
جُمْعَةٍ، وَلَمَّا وَلِيَ المُسْتَنْجِدَ الخِلَافَةَ خَلَعَ عَلَيْهِ خُلْعَةً مَعَ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأكَابِرِ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الجُلُوْسِ بِجَامِع القَصْرِ. قَالَ: فتكَلَّمْتُ، وَكَانَ يُحْزَرُ جَمْعُ مَجْلِسِي عَلَى الدَّوَامِ بِعَشْرَةِ آلَافٍ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا.
قَالَ: وَظَهَرَ أَقْوَامٌ يَتكَلَّمُوْنَ بِالبِدَعِ وَيَتَعَصَّبُوْنَ فِي المَذَاهِبِ، فَأَعَانَنِي اللهُ سبحانه وتعالى عَلَيْهِمْ، وَكَانَتْ كَلِمَتُنَا هِيَ العُلْيَا، وَكَانَ الشَّيخُ رحمه الله يُظْهِرُ فِي مَجَالِسِهِ مَدْحَ السُّنَّةِ، وَالإِمَامَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابَهِ، وَيَذُمُّ مَنْ يُخَالِفُهُمْ، ويُصَرِّحُ بِمَذَاهِبِهِمْ فِي مَسَائِلِ الأُصُوْلِ، لَاسِيَّمَا فِي مَسْألةِ القُرْآنِ، وَكَلَامُهُ فِي كُتُبِهِ الوَعْظِيَّةِ فِي ذلِكَ كَثيْرٌ جِدًّا. وَقَالَ يَوْمًا عَلَى المِنْبَرِ: أَهْلُ البِدَع يَقُوْلُوْنَ: مَا فِي السَّمَاءِ أَحَدٌ، وَلَا فِي المُصْحَفِ قُرْآنٌ، وَلَا فِي القَبْرِ نَبِيٌّ:{ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ}
(2)
. وَقَدِمَ مَرَّةً إِلَى "بَغْدَادَ" وَاعِظٌ يُقَالُ: لَهُ
(1)
في هامش نسخة (أ): "فِي كُلِّ
…
" قراءة نُسخة أُخرى.
(2)
سورة النُّور، الآية:58.
البَرَوِيُّ
(1)
فتعَصَّبَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الحَنَابلَةِ كَثيرًا، فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ حَتَّى هَلَكَ، وَكَانَ فِي تِلْكَ الأيَّامِ قَدْ غَدَا سَاعٍ
(2)
أَسْوَدُ لِلْشِّيعَةِ، وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، فَانْبَطَّ وَوَقَعَ مَيْتًا، فَضَاقَتْ صُدُوْرُهُمْ لِذلِكَ، فَجَلَسَ الشَّيْخُ عَقِيْبَ ذلِكَ، وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ: كَمْ أَبْرَقَ مُبْتَدِعٌ بِأَصْحَابِ أَحْمَدَ وَأَرْعَدَ، فَحَظِيَ يَوْمًا لَهُ وَهُوَ بِالعَيْشِ الأرْغَدِ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أَبْعَدْ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَمُوْتَ، وإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُحْرَدَ، مَاتَ البَرَوِيُّ وانْبَطَّ الأسْوَدُ.
وَمِنْ كَلَامِهِ فِي بَعْضِ المَجَالِسِ: مَنْ مُبْلِغٌ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَل، إِنْ زَرَعَ كَيْفَ أَقُوْلُ مَا لَمْ يَقُلْ سُنْبُلْ؟
وَقِيْلَ لَهُ مَرَّةً: قَلِّلْ مِنْ ذِكْرِ أَهْلِ البِدَعِ مَخَافَةَ الفِتَنِ، فَأَنْشَدَ:
(3)
(1)
البَرَوِيُّ هَذَا اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ (ت: 567 هـ) فَقِيْهٌ، مُفْتٍ، شَافَعِيُّ المَذْهَبِ، خُرَاسَانِيٌّ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: قَدَمِ "بَغْدَادَ" وأَقْبَلُوا عَلَيْهِ كَثيْرًا فَمَاتَ بَعْدَ أَشْهُرٍ". أَخْبَارُهُ في: المُنتَظَمِ (10/ 239)، وَوَفَيَاتِ الأعْيَانِ (4/ 225)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 577)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبكِيِّ (6/ 389).
(2)
في (أ): "اتباع".
(3)
البَيتان لِمَجْنُوْنِ لَيْلَى في ديوانِهِ (94) وَفِيْهِ: "أَخَذَ أَبُوْهُ بِيَدِهِ إِلَى مَحْفَلٍ مِنَ النَّاسِ فِي أَيَّامِ الحَجِّ فَسَألهُمْ أبُوْهُ أَنْ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى لَهُ بالفَرَجِ، فَلَمَّا أَخَذَ النَّاسُ فِي الدُّعَاءِ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
ذَكَرْتُكِ وَالحَجِيْجُ لَهُمْ أَجِيْجٌ
…
بِمَكَّةَ وَالقُلْوْبُ لَهَا وَجِيْبُ
فَقُلْتُ وَنَحْنُ فِي بَلَدٍ حَرَامٍ
…
بِهِ للهِ أَخْلَصَتِ القُلُوْبُ
أَتُوْبُ إِلَيْكَ يَا رَحْمَن مِمَّا
…
عَمِلْتُ فَقَدْ تَظَاهَرَتِ الذُّنُوْبُ =
أَتُوْبُ إِلَيْكَ يَا رَحْمَنُ مِمَّا
…
جَنَيْتُ، فَقَدْ تَعَاظَمَتِ الذُّنُوبُ
وَأَمَّا مَنْ هَوَى لَيْلَى وَتَرْكِي
…
زِيَارَتَهَا فَإِنِّي لَا أَتُوْبُ
وَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا فِيْكَ عَيْبٌ إِلَّا أنَّكَ حَنْبَلِيٌّ، فَأَنْشَدَ:
(1)
وَعَيَّرَيي الوَاشُوْنَ أَنِّي أُحِبُّهَا
…
وَتلْكَ شِكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا
ثُمَّ قَالَ: أهَذَا عَيْبِي، وَمَا
(2)
عَيْبٌ فِي وَجْهٍ نُقِّطَ صَحْنُهُ بِالخَالِ؟ وَأَنْشَدَ
(3)
:
وَلَا عَيْبَ فِيْهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ
…
بِهِنَّ فُلُوْلٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائِبِ
وَكَتَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فِي رُقْعَةٍ: وَاللهِ مَا أَسْتَطِيعُ أَرَاكَ، فَقَالَ أَعْمَشٌ وَشَمْسٌ كَيْفَ يَرَاهَا؟ ثُمَّ قَالَ: إِذَا خَلَوْتَ فِي البَيْتِ غَرَسْتُ الدُّرَّ فِي أَرْضِ القَرَاطِيْسِ، وَإِذَا جَلَسْتَ لِلنَّاسِ دَفَعْتَ بِدِرْيَاقِ
(4)
العِلْمِ سُمُوْمَ الهَوَى؛ أَحْمِيْكُمْ عَنْ
= فَأَمَّا مِنْ هَوَى لَيْلَى وَتَرْكِي
…
زِيَارَتهَا فَإِنِّي لَا أَتُوْبُ
فَكَيْفَ وَعِنْدَهَا قَلْبِيْ رَهِيْنٌ
…
أَتُوْبُ إِلَيْكَ مِنْهَا أَوْ أُنِيْبُ
وَفِي ذَيْلِ الأمَالِي (92) نَسَبَهُ إِلَى نُمَيْرِ بنِ كُهَيْلٍ الأسَدِيِّ؛ لِذلِكَ رَوَاهُ:
*فَأَمَّا مِنْ هَوَى سُعْدَى وَتَرْكِي*
(1)
البَيْتُ لأبِي ذُؤَيْب الهُذَلِيِّ فِي شَرْحِ أَشْعَارِ الهُذَلِيين (1/ 70).
(2)
في (ط): "ولا .. ".
(3)
البَيْتُ للنَّابِغَةِ الدُّبْيانِيِّ في ديوانه (60).
(4)
التِّرْيَاقُ: -بالكَسْرِ- دَوَاءُ السُّمُوْمِ، فَارِسِيٌّ، مُعَرَّبُ تِرْيَاك، أَو رُوْمِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَفِيْهِ لُغَاتٌ: الدِّريَاقُ، وَالطِّرْيَاقُ كَمَا في اللِّسان (تَرَقَ) وَ (طَرَقَ). يُرَاجَعُ: المُعَرَّبُ للجَوَالِيْقِيِّ (190)، وقَصْدُ السَّبِيْلِ للمُحِبِّي (1/ 335). وَ"التِّرْيَاقُ" أَيْضًا مِنْ أَسْمَاءِ الخَمْرِ، ذَكَرَ ذلِك ابنُ دِحْيَةَ في "تَنْبِيْهِ البَصَائِرِ إِلَى أَسْمَاءِ أَمِّ الكَبَائِر" وَالفَيْروزاباديُّ في "الجَلِيْس الأنِيْسِ في أَسْمَاء الخَنْدَرِيْسِ" وَغَيْرُهُمَا مِمَّن جَمَعَ أَسْمَاءَ الخَمْرِ.
طَعَامِ البِدَعَ، وَتَأْبَوْنَ إِلَّا التَّخْلِيْطَ، وَالطَّبِيْبُ مَبْغُوضٌ.
وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ مُعِيدًا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ، وَكَانَ قَدْ قَرَأَ عَلَيْهِ الفِقْهَ أَيْضًا وَالفَرَائِضَ بِالمَدْرَسَةِ الَّتِي بَنَاهَا ابنُ الشَّمَحْلِ
(1)
بـ"المَأْمُوْنِيَّةِ" وَكَانَ لأبِي حَكِيْمٍ مَدْرَسَةٌ بِـ"بَابِ الأزجَ" فَلَمَّا احْتُضِرَ أَسْنَدَهَا إِلَى أَبِي الفَرَجِ، فَأَخَذَهَا جَمِيْعًا بَعْدَهُ.
وَفِي خِلَافَةِ المُسْتَضِيءِ
(2)
قَوِيَ اتِّصالُ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ، وَصَنَّفَ لَهُ الكِتَابَ الَّذِي سَمَّاهُ
(3)
"المِصْبَاحُ المُضِيْءُ فِي دَوْلَةِ المُسْتَضِئُ" وَصَنَّفَ كِتَابًا آخَرَ لَمَّا خُطِبَ لِلْمُسْتَضِيءِ بِمِصْرِ، وَانْقَطَعَ أَثَرُ العُبَيْدِيِيِّنَ عَنْهَا، سَمَّاهُ:"النَّصْرُ عَلَى مِصْرَ" وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ، حِظِيَ
(4)
عِنْدَهُ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ أَنْ يَجْلِسَ لِلْوَعْظِ فِي "بَابِ بَدْرٍ" بِحَضَرَةِ الخَلِيْفَةِ، وَأَعْطَاهُ مَالًا
(5)
.
قَالَ الشَّيْخُ: فَأَخَذَ النَّاسُ أَمَاكِنَ مِنْ وَقْتِ الضُّحَى لِلْمَجْلِسِ بَعْدَ
(1)
في (ط): "السمحل" بالسِّين، وإِنَّمَا هُوَ الشَّمَحْلُ بالشِّيْنِ المُعْجَمَةِ المُشَدَّدَةِ وهو عُمَرُ ابنُ ثابِتٍ (ت: 561 هـ) حَنْبَلِيٌّ، لم يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، اسْتَدْرَكْتُهُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَبَقَ.
(2)
أَمِيْر المُؤمِنِيْنَ أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، بُوِيع بالخِلَافَةِ فِي ثَانِي القَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْن وَخَمْسِمائَة، وَطَالَت خِلَافَتُهُ، تُوُفِّي سَنَةَ (622 هـ). أَخْبَارُهُ في: مَآثِرِ الإِنَافَةِ (2/ 56)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 106)، وَتَارِيْخِ الخُلَفَاءِ (480)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (635)، وَخُلاصَةِ الذَّهَبِ المَسْبُوْكِ (280)، وَالفَخْرِيِّ (322).
(3)
مَشْهُوْرٌ مَطْبُوع سَبَقَ ذِكْرُهُ.
(4)
في (ط): "حضر".
(5)
المُنتظَمُ (10/ 24).
العَصْرِ وَكَانَتْ هُنَاكَ دِكَّاكٌ فَأُكْرِيَتْ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَكْتَرِي مَوْضِعًا لِنَفْسِهِ بِقِيْرَاطَيْنِ
(1)
وَثَلَاثَةٍ
(2)
. قَالَ: وَكُنْتُ أَتَكَلَّمُ أُسْبُوْعًا، وَأَبُو الخَيْرِ القَزْوِيْنيِّ
(3)
أُسْبُوْعًا، وَجَمْعِي عَظِيْمٌ وَعِندَهُ عَدَدٌ يَسِيْرٌ، ثُمَّ شَاعَ أَنَّ أَمِيْرَ
(1)
في (ط): "بقراطين".
(2)
في المُنتظَمِ: "ثَمَّ".
(3)
أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يُوْسُفَ، أَبُو الخَيْرِ القَزْوِيْنِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الوَاعِظُ، رَضِيُّ الدِّيْنِ (ت: 590 هـ) مَوْلدُهُ بِـ"قَزْوِيْنَ" وَقَدِمَ "بَغْدَادَ" سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَوَعَظَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَلَدِهِ، وَقَدِمَهَا ثَانِيَةً قَبْلَ السَّبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَحَدَّثَ بالكُتُبِ الكِبَارِ كـ"صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" وَ"مُسْنَدِ إِسْحَاقَ" وَ"تَارِيْخِ نَيْسَابُوْرَ" للحَاكِمِ، وَ"السُّنَنِ الكَبِيْرِ" للبَيْهَقِيِّ، وَ"دَلَائِلَ النُّبُوُّة"، وَ"البَعْثِ والنُّشُوْرِ" لَهُ أَيْضًا، وَأَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِسَ، وَوَعَظَ، وَنَفَقَ كَلَامُهُ عَلَى النَّاسِ، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ؛ لِحُسْنِ سَمْتِهِ، وَحَلَاوَةِ مَنْطِقِهِ، وَكَثْرَةِ مَحْفُوْظَاتِهِ. ثُمَّ قَدِمَ ثَانِيًا، وَعَقَدَ مَجْلِسَ الوَعْظِ، وَصارَتْ وُجُوْهُ الدَّوْلَةِ مُلْتَفِتَةً إِلَيْهِ، وَكَثُرَ التَّعَصُّبُ لَهُ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالخَوَاصِّ، وَأَحَبُّهُ العَوَامُّ
…
قَالَ المُنْذِرِيُّ: أَنْبأَنِي البُزُوْرِيُّ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالوَعْظِ بِـ"بَابِ بَدْرٍ" الشَّرِيْفِ. قَالِ الذَّهَبِيُّ: هُوَ مَكَانٌ كَانَ يَحْضُرُ فِيْهِ وَعْظَهُ الإِمَامُ المُسْتَضِيْء مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَتَحْضُرُ الخَلَائِقُ، فَكَانَ يَعِظُ فِيْهِ القَزْوِيْنِيُّ مَرَّةً، وَابنُ الجَوْزِيِّ مَرةً
…
". وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ فَأَقَامَ بِهَا مُشْتَغِلًا بالعِبَادَةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ في المُحَرَّم سَنَةَ تِسْعِيْنَ. أَخْبَارُهُ في: الأنْسَابِ (8/ 178)، وَرِحْلَةِ ابنِ جُبَيْرٍ (197)، وَالتَّقْيِيْدِ (131)، وَمَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (116)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 443)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 200)، وَالتَّدْوِيْنِ فِي أَخْبَارِ قَزْوِيْنِ (2/ 144)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّة لِلسُّبكى (6/ 7)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 9)، وَذَيْلِ التَّقْيِيْدِ (1/ 297)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 305)، وَالنَّصُّ فِي المُنْتَظَمِ (10/ 240) وبَعْدَ قَوْلهِ: =
المُؤْمِنِيْنَ لَا يَحْضُرُ إِلَّا مَجْلِسِي [وَذلِكَ فِي الأشْهُرِ الثَّلَاثَةِ]
(1)
.
قَالَ:
(2)
ثُمَّ تُقُدِّم إِلَيَّ بِالجُلُوْسِ بِـ"بَابِ بَدْرٍ" يَوْمَ عَرَفَةَ، فَحَضَرَ النَّاسُ مِنْ وَقْتِ الضُّحَى، وَكَانَ الحَرُّ شَدِيْدًا، وَالنَّاسُ صِيَامٌ، قَالَ: وَمِنْ أَعْجَبِ مَا جَرَى أَنَّ حَمَّالًا حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ "دَارَ بُوْنَةَ"
(3)
مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ ظَلِّلَ بِهَا مِنَ الشَّمْسِ عَشَرَةُ أَنْفُسٍ، فَأَعْطَوْهُ خَمْسَ قَرَارِيْطَ، وَاشْتَرَيْتُ مَرَاوِحَ كَثيرَةً بِضُعْفِ ثَمَنِهَا، وَصَاحَ رَجُلٌ يَوْمَئِذٍ: قَدْ سُرِقَ مِنِّي الآنَ مَائَةَ دِيْنَارٍ فِي هَذِهِ الزَّحْمَةِ، فَوَقَّعَ لَهُ أَمِيْرُ المُوْمِنِيْنَ بِمَائَةِ دِيْنَارٍ.
قَالَ [: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَقَدْتُ المَجَلِسَ بِجَامِعِ المَنْصُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَحَضَرَ مِنَ الجَمْعِ مَا حُرِزَ بِمَائَةِ أَلْفٍ، وَجَرَى فِي سَنَةِ تِسْع مِثْلُ ذلِكَ أَيْضًا.
قَالَ]
(4)
: وَسَألنِي أَهْلُ "الحَرْبِيَّةِ" أَنْ أَعْقِدَ عِنْدَهُمْ مَجْلِسًا لِلْوَعْظِ لَيْلَةً، فَوَعَدْتُهُمْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ سَادِسَ
(5)
رَبِيعٍ الأوَّلِ -يَعْنِي سَنَةَ تِسْعٍ- وَانْقَلَبَتْ "بَغْدَادَ" وَعَبَرَ أَهْلُهَا عُبُوْرًا زَادَ عَلَى نِصْفِ شَعْبَانَ زِيَادَةً كَثيْرَةً
(6)
= "أُسْبُوْعًا": "إِلَى آخِرِ رَمَضَانَ".
(1)
لَيْسَ في "المُنتظَمِ".
(2)
المُنتظَمُ (10/ 241) حَوَادِثُ سَنَةِ (568 هـ).
(3)
في "المُنْتَظَمِ": "دار نوبه".
(4)
المُنتظَمُ (1/ 243) حَوَادِثُ سَنَةِ (569 هـ).
(5)
الَّذِي في "المُنْتَظَمِ": "سادس عشر" وَقَوْلُهُ: "يَعْنِي سَنَةَ تِسْع" لَيْسَ مِنْ كَلَامِ ابنِ الجَوزِيِّ.
(6)
في (ط): "كَبِيْرَةٌ" وَمَا فِي الأُصُوْل يُصَحِّحُهُ "المُنْتَظَم".
فَعَبَرْتُ
(1)
إِلَى "بَابِ البَصْرَةِ" فَدَخَلْتُهَا بَعْدَ المَغْرِبِ، فَتَلَقَّانِي أَهْلُهَا بِالشُّمُوع الكَثيْرَةِ، وَصَحِبَنِي مِنْهَا خَلْق عَظِيْم فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ "بَابِ البَصْرَةِ" رَأَيْتُ أَهْلَ "الحَرْبِيَّةِ" قَدْ أَقْبَلُوا بِشُمُوْعٍ لَا يُمْكِنُ إِحْصَاؤُهَا، فَأُضِيْفَتْ إِلَى شُمُوع أَهْلِ "بَابِ البَصْرَةِ"، فَحُزِرَتْ بِأَلْفِ شَمْعَةٍ، وَمَا رَأَيْتُ البَرِيَّةَ إِلَّا مَمْلُوْءَةً بِالأضْوَاءِ
(2)
، وَخَرَجَ أَهْلُ المَحَالِّ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَنْظُرُوْنَ وَكَانَ الزِّحَامُ فِي البَرِيَّةِ كَالزِّحَامِ بِـ"سُوْقِ الثُّلَاثَاءِ"، فَدَخَلْتُ "الحَرْبِيَّةَ" وَقَدِ امْتَلأَ الشَّارِعُ وَأُكْرِيَتِ الرَّوَاشِيْنُ مِنْ وَقْتِ الضُّحَى، وَلَوْ قِيْلَ: إنَّ الَّذِيْنَ خَرَجُوا يَطْلُبُونَ المَجْلِسَ وَسَعَوْا فِي الصَّحْرَاءِ بَيْنَ "بَابِ البَصْرَةِ" وَ"الحَرْبِيَّةِ" مَعَ المُجْتَمَعِيْنَ فِي المَجْلِسِ كَانُوا ثَلَاثِمَائَةَ أَلْفٍ مَا أَبْعَدَ القَائِلُ.
قَالَ
(3)
: وَفِي هَذَا الشَّهْرِ خَتَنَ الوَزِيْرُ ابنُ رَئيْسِ الرُّؤَسَاءِ أَوْلَادَهُ، وَعَمِلَ الدَّعْوَةَ العَظِيْمَةَ وَأَنْفَذَ إِلَيَّ أَشْيَاءَ كَثِيْرَةً، وَقَالَ: هَذَا نَصِيْبُكَ؛ لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تَحْضُرُ مَكَانًا يُغَنَّى فِيْهِ.
ثُمَّ إِنَّ الشَّيْخَ أَبَا الفَرَجِ بَنَى مَدْرَسَةً بِـ"دَرْبِ دِيْنَارٍ"، وَدَرَّسَ بِهَا سَنَةَ سَبْعِيْنَ، وَذَكَرَ أَوَّلَ يَوْمِ تَدْرِيْسِهِ بِهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ دَرْسًا مِنْ فُنُوْنِ العِلْمِ.
قَالَ
(4)
: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ انْتَهَى تَفْسِيْرِيْ فِي القُرْآنِ فِي المَجْلِسِ عَلَى
(1)
ساقطٌ من (ب).
(2)
في "المُنْتَظَمِ": "إلَّا مَمْلُوْءَةً ضَوْءًا".
(3)
المُنْتَظَمُ (1/ 243)، وَابنُ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ سَبَقَ التَّعْرِيْفُ بِهِ في تَرْجَمَةِ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ.
(4)
المُنْتَظَمُ (10/ 251) وفيه: "وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ سَابِعِ عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى انْتَهَى =
المِنْبَرِ، إِلَى أَنْ تَمَّ، فَسَجَدْتُ عَلَى المِنْبَرِ سَجْدَةَ الشُّكْرِ، وَقُلْتُ: مَا عَرَفْتُ أَنَّ وَاعِظًا فَسَّرَ القُرْآنَ كُلَّهُ فِي مَجْلِسِ الوَعْظِ مُنْذُ نَزَلَ القُرْآنُ، ثُمَّ ابْتَدَأْتُ فِي يَوْمِئِذٍ
(1)
فِي خَتْمَةٍ أُفَسِّرُهَا عَلَى التَّرْتِيْبِ، وَاللهُ قَادِرٌ علَى الإِنْعَامِ وَالإِتمَامِ، وَالزِّيَادَةِ مِنْ فَضلِهِ.
قَالَ
(2)
: وَتُقُدِّمَ إِلَيَّ بِالجُلُوْسِ تَحْتَ "المَنْظَرَةِ" فِي رَجَبٍ، فَتَكَلَّمْتُ يَوْمَ الخَمِيْسِ خَامِسَ رَجَبٍ بَعْدَ العَصْرِ، وَحَضَرَ السُّلْطَانُ
(3)
وَأَخَذَ النَّاسُ أَمَاكِنَهُمْ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الفَجْرِ، وَأُكْرِيَتْ دَكَاكِيْنٌ، فَكَانَ مَوْضِعُ كُلِّ رَجُلٍ بِقِيْرَاطٍ، حَتَّى إِنَّهُ اكْتُرِيَ دُكَّانًا لِثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيْرَاطًا، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُمْ سِتَّةَ قَرَارِيْطَ حَتَّى جَلَسَ مَعَهُمْ، وَكَانَ النَّاسُ يَقِفُوْنَ يَوْمَ مَجْلِسِي مِنْ "بَابِ بَدْرٍ" إِلَى "بَابِ النُّوبِي"
(4)
كَأَنَّهُ العِيْدُ، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَنْظُرُوْنَ قَطْعَ المَجْلِسِ.
قَالَ
(5)
: وَفِي شَعْبَانَ سُلِّمَتِ إِلَىَّ المَدْرَسَةُ الَّتِي لِلْجِهَةِ "بَنَفْشَا"
= تَفْسِيْرِي للقُرْآنِ" وَبَقِيَّةُ العِبَارَةِ مُخْتَلِفَةٌ في لَفْظِهَا.
(1)
ساقطٌ من (ط) مَوْجُوْدَة في المُنْتَظَمِ أَيْضًا.
(2)
المُنتظَمُ (1/ 252) حَوَادِثُ سَنَةَ (570 هـ).
(3)
في "المُنْتَظَمِ": "فَحَضَرَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ".
(4)
في "المُنْتَظَمِ": "إِلَى بَابِ العِيْدِ
…
" سَهْوٌ وَاضِحٌ.
(5)
المُنتَظَمُ (10/ 252، 258): "وَبَنَفْشَا" من جِهَاتِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ من الإمَاءِ سَبَقَ التَّعْرِيْفُ بِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً، كَثيْرَةَ البِرِّ والإحْسَانِ. وَعِبَارَتُهُ ص (253): "وَفِي يَوْمِ الخَمِيْسِ خَامس عِشرين شَعْبَان سُلِّمَتْ إِلَيَّ المَدْرَسَةُ الَّتِي كَانَتْ لِنِظَامِ الدِّيْن =
وَكَانَتْ قَدْ سَلَمَتْهَا إِلَى أَبِي جَعْفَرِ بنِ الصَّبَّاغٍ
(1)
فَبَقِيَ المِفْتَاحُ مَعَهُ أَيَّامًا، ثُمَّ اسْتَعَادَتْ مِنْهُ المِفْتَاحُ، وَسَلَّمَتْهُ إِلَيَّ مِنْ غيْرِ طَلَبٍ كَانَ مِنِّي، وَكَتَبَتْ علَى حَائِطِهَا اسْمَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَأَنَّهَا مُفَوَّضَةٌ إِلَى نَاصِرِ السُّنَّةِ ابنِ الجَوْزِيِّ، وَتُقُدِّمَ إِلَيَّ بِذِكْرِ الدَّرْسِ فِيْهَا، وَحَضَرَ قَاضِي القُضَاةِ، وَحَاجِبِ البَابِ وَفُقَهَاءِ "بَغْدَادَ" وَخُلِعَتْ عَلَيَّ خُلْعَةٌ، وَخَرَجَ الدُّعَاةُ بَيْنَ يَدَيَّ وَالخَدَمُ، وَوَقَفَ أَهْلُ "بَغْدَادَ" مِنْ "بَابِ النُّوْبِيِّ" إِلَى بَابِ المَدْرَسَةِ كَمَا يَكُوْنُ فِي العِيْدِ وَأَكْثَرَ.
وَكَانَ عَلَى بَابِ المَدْرَسَةِ أُلُوْفٌ، وَأَلْقَيْتُ يَوْمَئِذٍ دُرُوْسًا كَثيْرةً، مِنَ الأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ، وَدَخَلَ عَلَى قُلُوْبِ أَهْلِ المَذَاهِبِ غَمٌّ عَظِيْمٌ. وَتُقُدِّمَ بِبِنَاءِ دَكَّة لَنَا فِي جَامِعِ القَصْرِ، فَانْزَعَجَ لِهَذَا
= أَبِي نَصْرِ بنِ جَهِيْرٍ، وَكَانَتْ وَصَلَتْ مُلْكِيَّتِهَا إِلَى الجِهَةِ المُسَمَّاة "بَنَفْشَة" فَجَعَلَتْهَا مَدْرَسَةً وَسَلَّمَتْهَا إِلَى أَبِي جَعْفَرِ
…
" وَقَوْلُهُ: "وَكَتَبَتْ في كِتَابِ الوَقْفِ
…
" جَاءَ في "المُنْتَظَمِ" ص (258) هكَذَا: "وَفِي رَمَضَانَ كُتِبَ عَلَى حَائِطِ المَدْرَسَةِ -الَّتِي أَوْقَفَتْهَا الجِهَةُ وَسَلَّمَتْهَا إِلَيَّ- بِخَطِّ القَطَّاعِ في الآجُرِّ: وَقَفَتْ هَذهِ المَدْرَسَةَ المَيْمُوْنَةَ الجِهَةُ المُعَظَّمَةُ الشَّرِيْفَةُ الرَّحِيْمَةُ، بِدَارِ الرَّوَاشِيْنِيِّ في أَيَّامِ سَيِّدِنَا وَمَوْلانَا الإمَامِ المُسْتَضِيءِ بِأَمْرِ اللهِ، أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، عَلَى أَصْحَابِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلِ، وَفَوَّضَتِ التَّدْرِيْسَ بِهَا إِلَى نَاصِرِ السُّنَّةِ
…
" ثُمَّ يَعُوْدُ بَقِيَّةُ النَّصِّ إِلَى ص (253). فَالنَّصُّ في "المُنْتَظِمِ" في مَوْضِعَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ؟!
(1)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِي، أَبُو جَعَفَرٍ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ (ت: 585 هـ) وَلِيَ القَضَاءَ بِـ"حَرِيْمِ دَارِ الخِلَافَةِ" فَلَمْ تُحْمَدْ سِيْرَتُهُ فَعُزِلَ. أَخْبَارُهُ في: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابْنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 57)، وَمَشْيَخَةِ النَّعَّالِ (94)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 72)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِي (6/ 148)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 64).
جَمَاعَةٌ مِنَ الأكَابِرِ، وَقَالُوا: مَا جَرَتْ عَادَةُ الحَنَابِلَةِ بِدَكَّةٍ، فَبُنِيَتْ، فَجَلَسْتُ فِيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ ثَالِثَ رَمَضَانَ. وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيْفَةَ فِي الإِفْطَارِ بِالأكْلِ -يَعْنِي نَاسِيًا-
(1)
وَاعتَرَضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ، وَازْدَحَمَتِ العَوَّامُّ حَتَّى امْتَلأَ صَحْنُ الجَامِعِ، وَلَمْ يُمْكِنْ الأكْثَرِيْنَ حُصُوْلُ النَّظَرِ إِلَيْنَا، وَحُفِظَ النَّاسُ بِالرَّجَّالَةِ، خَوْفًا مِنْ فِتْنَةٍ، وَمَا زَالَ الزِّحَامُ علَى حَلْقَتِنَا كُل جُمُعَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مَجَالِسَهُ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ بِـ"بَابِ بَدْرٍ" وَحُضُوْرَ الخَلِيْفَةِ عِنْدَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَازْدِحَامَ النَّاسِ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَكَانَ يَعِظُ هُوَ وَأَبُو الخَيْرِ القَزْوِيْنِيِّ.
قَالَ
(2)
: وَبَعَثَ إِلَيَّ بَعْضُ الأُمَرَاءِ مِنْ أَقَارِبِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ [فَقَالَ]
(3)
: وَاللهِ، مَا أَحْضُرُ أَنَا وَلَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ غَيْرَ مَجْلِسِكَ، وَإِنَّمَا تَلْمَحَنَا مَجْلِسَ غَيْرِكَ يَوْمًا وَبَعْضَ يَوْمٍ آخَرَ.
قَالَ
(4)
: حَدَّثَنِي بَعْضُ خَدَمِ الخَلِيْفَةِ أَنَّ الخَلِيْفَةَ حَضَرَ يَوْمًا المَجْلِسَ مُتَحَامِلًا؛ لِمَرَضٍ حَصَلَ لَهُ، وَلَوْلَا شِدَّةُ مَحَبَّتِكَ لَمَا حَضَرَ؛ لِمَا كَانَ اعْتَرَاهُ مِنَ الألَمِ.
وَحَدَّثَنِي صَاحِبُ المَخْزَنِ
(5)
، قَالَ: كَتَبَ إِليَّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي
(1)
المُنتظَمُ (10/ 253).
(2)
المُنتظَمُ (10/ 258).
(3)
عن "المُنتظَمِ".
(4)
المُنتظَمُ (10/ 258).
(5)
هُوَ أَبُو بَكْرِ بنُ نَصْرٍ، ظَهِيْرُ الدِّين العَطَّارُ كَمَا في "المُنْتَظَمِ"(10/ 259)، وَكَمَا سَيَأْتِي في كَلَامِ المُؤَلِّفِ بَعْدَ أَسْطُرٍ قَوْلُهُ:"في دَارِ ظَهِيْرِ الدِّيْنِ صَاحِبِ المَخْزَنِ" وَنَصُّ حَدِيْثِ صَاحِبِ المَخْزَنِ في المُنْتَظمِ (10/ 258).
كَلَامٍ كُنْتُ ذَكَرْتُهُ: هَلْ وَقَعَ مَا ذَكَرَهُ فُلَانٌ بِالغَرَضِ؟ فَكَتَبَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ: مَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فُلَانٌ مَزِيْدٌ، قَالَ
(1)
: وَكَانَ الرَّفْضُ فِي هَذِهِ الأيَّامِ قَدْ كَثُرَ، فَكَتَبَ صَاحِبُ المَخْزَنِ إِلَى الخَلِيْفَةِ: إنْ لَمْ تُقَوِّ يَدُ ابْنِ الجَوْزِيِّ لَمْ يُطَقْ دَفْعَ البِدَعِ، فَكَتَبَ الخَلِيْفَةُ بِتَقْوِيَةِ يَدِيْ، فَأَخْبَرْتُ النَّاسَ ذلِكَ عَلَى المِنْبَرِ، وَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، قَدْ بَلَغَهُ كَثْرَةُ الرَّفْضِ، وَقَدْ خَرَجَ تَوْقِيْعُهُ بِتَقْوِيَةِ يَدِي فِي إِزَالَةِ البِدَعِ، فَمَنْ سَمِعْتُوْهُ مِنَ العَوَامِّ يَنْتَقِصُ الصَّحَابَةَ فَأَخْبَرُوْنِي حَتَّى أَنْقُضَ دَارَهُ، وَأُخَلِّدَهُ الحَبْسَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الوُعَّاظِ حَذَّرْتُهُ إِلَى المِثَالِ، فَانْكَفَّ النَّاسُ.
قَالَ
(2)
: وَتَكَلَّمْتُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِـ"بَابِ بَدْرٍ" فَكَانَ مَجْلِسًا عَظِيمًا، تَابَ فِيْهِ خَلْقٌ كَثيْرٌ، وَقُطِعَتْ شُعُوْرٌ كَثِيْرَة، وَكَانَ السُّلْطَانُ حَاضِرًا، ثُمَّ فِي يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، تَكَلَّمْتُ بِـ"بَابِ بَدْرٍ" وَامْتَلأَ المَكَانُ مِنَ السَّحَرِ، وَطَلَعَ الفَجْرُ وَلَيْسَ لأحَدٍ طَرِيْقٌ، فَرَجَعَ النَّاسُ، وَامْتَلأَتِ الطُّرُقُ بِالنَّاسِ قِيَامًا، يَتَأَسَّفُوْنَ عَلَى فَوْتِ الحُضُوْرِ، وَقَامَ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي المَجْلِسَ، فَبَعَثَ أَمِيرُ المُؤْمِنِيْنَ فَكَتَبْتُ ظُلَامَتَهُ.
(1)
المُنْتَظَمُ (10/ 259)، وفي تَرْجَمَةِ ابنِ القَزْوِيْنِيِّ (ت: 590 هـ) فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (371) قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وَفِي أَيَّامِ مَجْدِ الدِّيْنِ ابنِ الصَّاحِبِ صَارَتْ "بَغْدَادُ" بِـ"الكَرْخِ" (كَذَا؟) وَجَمَاعَةٌ مِنَ الحَنَابِلَةِ تَشَيَّعُوا حَتى أَن ابنَ الجَوْزِيِّ صَارَ يَسْجَعُ وَيُلْغِزُ، إلَّا رَضِيَّ الدِّيْنِ القَزْوِيْنِيَّ فَإِنَّهُ تَصَلَّبَ في دِيْنهِ وَتَشَدَّدَ".
(2)
المُنتَظَمُ (10/ 260).
قالَ
(1)
: وَفِي جُمَادَى الآخِرَةِ، عَبَرْتُ إِلَى جَامِعِ المَنْصُوْرِ فَوَعَظْتُ فِيْهِ بَعْدَ العَصْرِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَحُرِزَ الجَمْعُ مَائَةَ أَلْفٍ، وَرَجَعْنَا إِلَى "نَهْرِ مُعَلَّى" وَالنَّاسُ مُمْتَدُّونَ مِنْ "بَابِ البَصْرَةِ" -كَالشِّرَاكِ- إِلَى الجِسْرِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، ثُمَّ ذَكَرَ مَجَالِسَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَرِيْبًا مِمَّا تَقَدَّمَ بِـ"بَابِ بَدْرٍ".
قَالَ: وَكَانَ يَوْمُ المَجْلِسِ تُغْلقُ أَبْوَابُ المَكَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ لِشِدَّةِ الزِّحَامِ، فَإِذَا جِئْتُ بَعْدَ العَصْرِ فُتِحَ لِي، وَزَاحَمَ مَعِي مَنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُزَاحِمَ.
قَالَ
(2)
: وَفِي رَمَضَانَ تُقُدِّمَ إِلَيَّ بِالجُلُوسِ فِي دَارِ ظَهِيْرِ الدِّيْنِ صَاحِبِ المَخْزَنِ، وَحَضَرَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وَأُذِنَ لِلْعَوَامِّ فِي الدُّخُولِ، وَتَكَلَّمْتُ فَأَعْجَبَهُمْ، حَتَّى قَالَ ظَهِيْرُ الدِّينِ: قَدْ قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ: مَا كَأنَّ هَذَا الرَّجُلُ آدَمِيٌّ؛ لِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الكَلَامِ، وَذَكَرَ مَجَالِسَهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَسَنَةَ أَرْبَعٍ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.
قَالَ
(3)
: وَتَكَلَّمْتُ يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ تَحْتَ مَنْظَرَةٍ "بَابِ بَدْرٍ" وَأَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ حَاضِرٌ، فَقُلْتُ: لَوْ أنَي مَثُلْتُ بَيْنَ يَدَيْ السُّدَّةِ
(4)
الشَّرِيْفَةِ لَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، كُنْ للهِ سُبْحَانَهُ مَعَ حَاجَتِكَ إِلَيْهِ، كَمَا كَانَ لَكَ مَعَ غِنَاهُ عَنْكَ، إِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ أحَدًا فَوْقَكَ، فَلَا تَرْضَى أَنْ يَكُوْنَ أَحَدٌ أَشْكَرَ لَهُ
(1)
المُنتظَمُ (10/ 263) وفيه: "وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ غُرَّة جُمَادَى الآخِرَةِ
…
".
(2)
المُنْتَظَمُ (10/ 265) وفيه: "وَفِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ حَادِي عَشَرَ رَمَضَانَ
…
".
(3)
المُنتظَمُ (10/ 283).
(4)
السُّدَّةُ: مَدْخَلُ البَابِ، أَوْ عَتَبَةُ البَابِ، وَمِنْهُ القَوْلُ المَشْهُوْرُ:"مَنْ يَغْشَ سُدَدَ السُّلْطَانِ يَقُمْ وَيَقْعُدْ". وَإِلَيْهَا يُنْسَبُ السُّدِّيُّ المَشْهُوْرُ.
مِنْكَ، فتصَدَّقَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَوْمَئِذٍ بِصَدَقَاتٍ، وَأَطْلَقَ مَحْبُوْسِيْنَ.
قَالَ
(1)
: وَتَقَدَّمَ أَمِيْرُ المُؤمِنِيْنَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِعَمَلِ لَوْحٍ يُنْصَبُ عَلى قَبْرِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَنُقِضَتِ السُّتْرَةُ جَمِيْعُهَا، وَبُنِيَتْ بِآجُرٍّ مَقْطُوْعٍ جَدِيْدٍ، وَبَنَى لَهَا جَانِبَانِ، وَبَنَى اللَّوْحَ الجَدِيْدَ، وَفِي رَأْسِهِ مَكْتُوبٌ: هَذَا مَا أَمَرَ بِعَمَلِهِ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا [أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ]
(2)
الإمَامُ المُسْتَضِئُ بِاللهِ، وَفِي وَسَطِهِ مَكْتُوْبٌ: هَذَا قَبْرُ تَاجِ السُّنَّةِ، وَحِيْدِ الأُمَّةِ، العَالِي الهِمَّةِ، العَالِمِ، العَابِدِ، الفَقِيْهِ، الزَّاهِدِ. زَادَ القَطِيْعِيُّ: الوَرِعِ المُجَاهِدِ، العَامِلِ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَةِ رَسُوْلِ اللهِ. قَالَ: وَاسْتَعْظَمَ كَثيْرٌ مِنَ النَّاسِ أَمْرَهُ بِكِتَابَةِ "الإمَامِ أَحْمَدَ" عَلَى لَوْحِهِ، فَإِنَ عَادَةَ الخُلَفَاءِ لَا يُقَالُ لِغَيْرِ الخَلِيْفَةِ: إِمَامُ، الإِمَامِ أَبي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ رحمه الله، وَكُتِبَ تَارِيْخ وَفَاتِهِ، وَآيَةُ الكُرْسِيِّ
(3)
.
قَالَ
(4)
: وَتَكَلَّمْتُ فِي جَامِعِ المَنْصُوْرِ هَذِهِ الأيَّامِ فَبَاتَ لَيْلَتَهُ فِي الجَامِعِ خَلْقٌ كَثيْرٌ، وَخُتِمَتُ الخَتَمَاتُ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ بِكَثْرَة، فَحُرِزَ بِمَائَةِ أَلْفٍ، وَتَابَ خَلْقٌ كَثيْرٌ، وَقُطِعَتْ شُعُوْرُهُمْ، ثُمَّ نَزَلَتُ فَمَضَيْتُ إِلَى قَبْرِ
(1)
المُنتظَمُ (10/ 283) سَنَةَ (574 هـ) وَفِيْهِ: "وَفِي أَوَائِلِ جُمَادَى الآخِرَةِ تَقَدَّمَ أَمِيْرُ المُؤْمِنيْنَ
…
".
(2)
ساقطٌ من "المُنْتَظَمِ" وفيه: "المُسْتَضِيْءُ بِأَمْرِ اللهِ".
(3)
بَغدَهَا في "المُنْتَظَمِ": "حَوْلَ ذلِكَ". أَقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: وَلَا شَكَّ أَنَّ الكِتَابَةَ عَلَى القَبْرِ مِنَ البِدَعِ الَّتِي لَا تَجُوْزُ، لا عَلَى قَبْرِ أَحْمَدَ وَلا قَبْرِ غَيْرِهِ.
(4)
"المُنْتَظَمُ": "وَوَعِدْتُ بالجُلْوْسِ في جَامِعِ المَنْصُوْرِ فتكَلَّمْتُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الأوْلَى فَبَاتَ
…
".
أَحْمَدَ، فَتَبِعَنِي خَلْقٌ كَثيْرٌ حُرِزُوا بِخَمْسَةِ آلَافٍ.
قَالَ
(1)
: وَبُنِيَ لِلْشَّيْخِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ دَكَّةٌ فِي مَوْضِعِ جُلُوْسِهِ فِي الجَامِعِ، فتأَثَّرَ أَهْلُ المَذَاهِبِ مِنْ ذلِكَ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ لِي: هَذَا بِسَبَبِكَ، فَإِنَّهُ مَا ارْتَفَعَ هَذَا المَذْهَبُ عِنْدَ السُّلْطَانِ حَتَّى مَالَ إِلَى الحَنَابِلَةِ إِلَّا بِسَمَاعِ كَلَامِكَ، فَشَكَرْتُ اللهَ تَعَالَى عَلَى ذلِكَ، وَلَقَدْ قَالَ لِيْ صَاحِبُ المَخْزَنِ: مَا يَخْرُجُ إِلَيَّ شَيْءٌ مِنْ عِنْدِ السُّلْطَانِ فِيْهِ ذِكْرُكَ إِلَّا وَيُثْنِي عَلَيْكَ، وَقَالَ لَهُ يَوْمًا نَجَاحٌ
(2)
الخَادِمُ: أَنْتَ تتَعَصَّبُ لِفُلَانٍ، فَقَالَ لَهُ: وَاللهِ مَا يَتَعَصَّبُ لَهُ سَيِّدُكَ إِلَّا بِقَدْرِ مَا أَتَعَصَّبُ
(3)
لَهُ خَمْسِيْنَ مَرَّةٍ، وَمَا يُعْجِبُهُ كَلَامَ غَيْرِهِ.
وَكَانَ الوَزِيْرُ ابْنُ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ يَقُوْلُ: مَا دَخَلْتُ قَطُّ عَلَى الخَلِيْفَةِ إِلَّا أَجْرَى ذِكْرَ فُلَانٍ يَعْنِينِي.
قَالَ الشَّيْخُ
(4)
: وَصَارَ لِي اليَوْمَ خَمْسُ مَدَارِسَ، وَمَائَةٌ وَخَمْسِيْنَ
(5)
مُصَنَّفًا فِي كُلِّ فَنٍّ وَقَدْ تَابَ عَلَى يَدِي أَكْثَرُ مِنْ مَائَةِ أَلْفٍ، وَقَطَعْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ
(6)
آلَافِ طَائِلَةٍ، وَلَمْ يَرَ وَاعِظٌ
(7)
مِثْلَ جَمْعِي، فَقَدْ حَضَرَ مَجْلِسِيَ الخَلِيفَةُ
(1)
المُنْتَظَمُ (10/ 284).
(2)
في (ط): "بختاج".
(3)
في (ط): "يَتَعَصَّبُ".
(4)
المُنْتَظَمُ (10/ 284).
(5)
كَذَا في الأُصُوْلِ، وَصِحِّتُهَا "خَمْسُون"، وفي المُنْتَظَمِ:"ومائة وثلاثون".
(6)
في "المُنْتَظَمِ": "عشرين ألفًا".
(7)
في (أ): "وعظ" وفي "المُنْتَظَمِ": "لِوَاعِظٍ".
وَالوَزِيْرُ، وَصَاحِبُ المَخْزَنِ، وَكِبَارُ العُلَمَاءِ [وَالحَمْدُ للهِ عَلَى نِعَمِهِ]
(1)
. وَذَكَرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ
(2)
أَنَّهُ تَكَلَّمَ يَوْمًا بِحَضْرَةِ الخَلِيْفَةِ، وَحَكَى لَهُ مَوْعِظَةَ شَيْبَانَ لِلْرَّشِيْدِ، قَالَ: وَقُلْتُ لَهُ فِي كَلَامِي: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إِنْ تَكَلَّمْتُ خِفْتُ مِنْكَ، وَإِنْ سَكَتُّ خِفْتُ عَلَيْكَ، وَأَنَا أُقَدِّمُ خَوْفِي عَلَيْكَ عَلَى خوْفِي مِنْكَ.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: سَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِهِ قَالَ: لَمَّا سَمِعَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ المُسْتَضِىْءُ ابنَ الجَوْزِيِّ يُنْشِدُ تَحْتَ دَارِهِ
(3)
.
سَتَنْقُلُكَ المَنَايَا عَنْ دِيَارِكْ
…
وَيُبْدِلُكَ الرَّدَى دَارًا بِدَارِكْ
وَتَتْرُكُ مَا عُنِيْتَ بِهِ زَمَانًا
…
وَتُنْقَلُ مِنْ غِنَاكَ إِلَى افْتِقَارِكْ
فَدُوْدُ القَبْرِ فِي عَيْنَيْكَ يَرْعَى
…
وَتَرْعَى عَيْنُ غَيْرِكَ فِي دِيَارِكْ
فَجَعَلَ المُسْتَضِىْءُ يَمْشِي فِي قَصْرِهِ وَيَقُوْلُ: إِيْ وَاللهِ: وَتَرْعَى عَيْنُ غَيْرِكَ فِي دِيَارِكَ! وَيُكَرِّرُهَا وَيَبْكِي حَتَّى اللَّيْلِ.
وَحَاصِلُ الأمْرِ: أَنَّ مَجَالِسَهُ الوَعْظِيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَظِيْرٌ، وَلَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، وَكَانَتْ عَظِيْمَةَ النَّفْعِ، يَتَذَكَّرُ بِهَا الغَافِلُوْنَ، وَيتَعَلَّمُ مِنْهَا الجَاهِلُوْنَ، وَيَتُوْبُ فِيْهَا المُذْنِبُوْنَ، وَيُسَلِمُ فِيْهَا المُشْرِكُوْنَ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي "تَارِيْخِهِ" أَنَّهُ تَكَلَّمَ مَرَّةً، فتابَ فِي المَجْلِسِ عَلَى يَدِهِ نَحْوَ مَائَتَيْ رَجُلٍ، وَقُطِعَتْ شُعُوْرُ مَائَةٍ وَعِشْرِيْنَ مِنْهُمْ.
(1)
ساقطٌ من "المُنْتَظَمِ".
(2)
المُنتَظَمُ (10/ 285).
(3)
الأبْيَاتُ في المَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 18). لكِنْ هَلْ هِيَ لابنِ الجَوْزِيِّ؟!
وَقَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ "القُصَّاصِ وَالمُذَكِّرِيْنَ"
(1)
لَهُ: مَا زِلْتُ أَعِظُ النَّاسَ وَأُحَرِّضُهُمْ عَلَى التَّوْبَةِ وَالتَّقْوَى، فَقَدْ تَابَ عَلَى يَدَيَّ إِلَى أَنْ جَمَعْتُ هَذَا الكِتَابَ أَكْثَرُ مِنْ مَائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ، وَقَدْ قُطِعَتْ مِنْ شُعُوْرِ الصِّبْيَانِ اللَّاهِيْنَ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ طَائِلَةٍ، وَأَسْلَمَ عَلَى يَدِي أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ.
قَالَ: وَلَا يَكَادُ يُذَكَرُ لِي حَدِيْثٌ إِلَّا وَيُمْكِنُنِي أَنْ أَقُوْلَ: صَحِيْحٌ، أَوْ حَسَنٌ، أَوْ مُحَالٌ، وَلَقَدْ أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أَرْتَجِلَ المَجْلِسَ كُلَّهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَحْفُوْظٍ، وَرُبَّمَا قُرِئَتْ عِنْدِيْ فِي المَجْلِسِ خَمْسَ
(2)
عَشَرَةَ آيَةٍ، فآتِي عَلَى كُلِّ آيَةٍ بِخُطْبَةٍ تُنَاسِبُهَا فِي الحَالِ.
وَقَالَ سِبْطُهُ أَبُو المُظَفَّرِ: أَقَلُّ مَا كَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَرُبَّمَا حَضَرَ عِنْدَهُ مَائَةَ أَلْفٍ، وَأَوْقَعَ اللهُ لَهُ فِي القُلُوْبِ القَبُوْلَ وَالهَيْبَةَ، وَكَانَ زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا، مُتَقَلِّلًا مِنْهَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ عَلَى المِنْبَرِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ: كَتَبْتُ بِإِصْبِعَيَّ هَاتَيْنِ أَلْفَي مُجَلَّدَةٍ، وَتَابَ علَى يَدَيَّ مَائَةُ أَلْفٍ، وَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيَّ عُشْرُوْنَ أَلْفَ يَهُوْدِيٍّ وَنَصْرَانِيِّ.
قَالَ: وَكَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ
(3)
سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا
(1)
مِنْهُ نُسْخَةٌ في لَيْدن رقم (998/ 3) وَطُبِعَ بِتَحْقِيْقِ مَارلين سوارتر في بَيْرُوت، دَارِ المَشْرِفِ، سَنَةَ (1971 م)، ثُمَّ طُبِعَ بِتَحْقِيْقِ صَدِيْقِنَا الفَاضِلِ الدُّكْتُور قَاسم السَّامرائي في الرِّياض، دَار أُمَيَّة للنَّشر والتَّوزيع سَنَةَ (1403 هـ -1983 م) كَمَا طُبِعَ في العامِ نَفْسِهِ بِتَحْقِيْق الدُّكتور مُحَمَّد لُطفي الصَّبَّاغ في بَيْرُوت، المكتب الإسْلَامِيِّ.
(2)
في (ط): "خَمْسَةَ".
(3)
فِي "المِرْآةِ"(8/ 482): "كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ" وَمِثْلُهُ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (292).
إِلَى الجَامِع لِلْجُمُعَةِ وَلِلْمَجْلِسِ، وَمَا مَازَاحَ أَحَدًا قَطُّ، وَلَا لَعِبَ مَعَ صَبِي، وَلَا أكَلَ مِنْ جِهَةٍ لَا يتيَقَّنُ حِلَّهَا، وَمَازَالَ علَى ذلِكَ الأُسْلُوْبِ حَتَّى تَوفَّاهُ اللهُ تَعَالَى.
وَقَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: انْتَفَعَ النَّاسُ بِكَلَامِهِ، فَكَانَ يَتُوْبُ فِي المَجْلِسِ الوَاحِدِ مَائَةٌ وَأَكْثَرُ فِي بَعْضِ الأيَّامِ، وَكَانَ يَجْلِسُ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فِي السَّنَةِ فتُغْلَقُ المَحَالُّ، وَيُحْرَزُ الجَمْعُ بِمَائَةِ أَلْفٍ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ الإِمَامِ نَاصِحِ الدِّيْنِ بنِ الحَنْبَلِيَّ الوَاعِظِ فِي حَقِّ الشَّيْخِ أَبي الفَرَجِ: اجْتَمَعَ فِيْهِ مِنَ العُلُوْمِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي غَيْرِهِ، وَكَانَتْ مَجَالِسُهُ الوَعْظِيَّةُ جَامِعَةً لِلْحَسَنِ وَالإِحْسَانِ بِاجْتِمَاعِ ظِرَافِ "بَغْدَادَ" وَنِظَافِ النَّاسِ، وَحُسْنِ الكَلِمَاتِ المُسَجَّعَةِ، وَالمَعَانِي المُوْدَعَةِ فِي الألْفَاظِ الرَّائِجَةِ، وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ بِالأصْوَاتِ المُرَجَّعةِ، وَالنَّغَمَاتِ المُطْرِبَةِ، وَصَيْحَاتِ الوَاجِدِينَ، وَدَمَعَاتِ الخَاشِعِيْنَ، وَإِنَابَةِ النَّادِمِيْنَ، وَذِلِّ التَّائِبِيْنَ، وَالإحْسَانِ بِمَا يُفَاضُ علَى المُسْتَمِعِيْنَ، مِنْ رَحْمَةِ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ.
وَوَعَظَ وَهُوَ ابنُ عَشْرِ سِنِيْنَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَلَمْ يَشْغَلْهُ عَنِ الاِشْتِغَالِ بِالعِلْمِ شَاغِلٌ، وَلَا لَعِبَ وَلَا لَهَا، وَلَا سَافَرَ إِلَّا إِلَى "مَكَةَ" وَلَقَدْ كَانَ فِيهِ جَمَالٌ لأهْلِ "بَغْدَادَ" خَاصَّةً، وَلِلْمُسْلِمِيْنَ عَامَّةً، وَلِمَذْهَبِ أَحْمَدَ مِنْهُ مَا لِصَخْرَةِ بَيْتِ المَقْدِسِ مِنَ "المَقْدِسِ" حَضَرْتُ مَجَالِسَهُ الوَعْظِيَّةِ بِـ"بَابِ بَدْرٍ" عِنْدَ الخَلِيْفَةِ المُسْتَضِئِ، وَمَجَالِسَهُ بِـ"دَرْبِ دِيْنَارِ" فِي مَدْرَسَتِهِ وَمَجَالِسَهِ بِـ"بَابِ الأزجِ" عَلَى شَاطِئِ "دِجْلَةَ" وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ "مَنَاقِبَ الإِمَامِ أَحْمَدَ" وَبَعثْتُ إِلَيْهِ مِنْ
"دِمَشْقَ" فَنَقَلَ سَمَاعِي بِخَطِّهِ وَسَيَّرَهُ إِلَيَّ، وَحَضَرْتُ مَعَهُ فِي دَعْوتَيْنِ، فَكَانَ طَيِّبَ النَّفْسِ عَلى الطَّعَامِ، وَكَانَتْ مَجَالِسُهُ أَكْثَرَ فَائِدَةً مِنْ مُجَالَسَتِهِ.
وَذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ فِي "ذَيْلِهِ عَلَى تَارِيْخِ ابنِ السَّمْعَانِيِّ"
(1)
فَقَالَ: شَيْخُنَا الإِمَامُ جَمَالُ الدِّيْنِ بنُ الجَوْزِيِّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي فُنُوْنِ العِلْمِ، مِنَ التَّفَاسِيْرِ، وَالفِقْهِ، وَالحَدِيْثِ، وَالوَعْظِ، وَالرَّقَائِقِ، وَالتَّوَارِيْخِ، وَغَيْرِ ذلِكَ، وَإِلَيْهِ انْتَهَتْ مَعْرِفَةُ الحَدِيْثِ وَعُلُوْمِهِ، وَالوُقُوْفُ عَلَى صَحِيْحِهِ مِنْ سَقِيْمِهِ، وَلَهُ فِيْهِ المُصَنَّفَاتُ مِنَ المَسَانِيْدِ وَالأبْوَابِ وَالرِّجَالِ، وَمَعْرِفَةِ مَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي أَبْوَابِ الأحْكَامِ وَالفِقْهِ، وَمَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ مِنَ الأحَادِيْثِ الوَاهِيَةِ المَوْضُوعَةِ، وَالاِنْقِطَاعِ وَالاِتَصَالِ، وَلَهُ فِي الوَعْظِ العِبَارَةُ الرَّائِقَةُ، وَالإِشَارَاتُ الفَائِقَةُ، وَالمَعَانِي الدَّقِيْقَةُ، وَالاِسْتِعَارَةُ الرَّشِيْقَةُ.
وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ كَلَامًا، وَأَتَمَّهُمْ نِظَامًا، وَأَعْذَبَهُمْ لِسَانًا، وَأَجْوَدَهُمْ بَيَانًا، وَبُوْرِكَ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَعَمَلَهِ، فَرَوى الكَثيْرَ، وَسَمِعَ النَّاسَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَحَدَّثَ بِمُصَنَّفَاتِهِ مِرَارًا، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي بِـ"وَاسِطَ" لِنَفْسِهِ
(2)
:
يَا سَاكِنَ الدُّنْيَا تأَهـ
…
ـهَبْ وَانْتَظِرْ يَومَ الفِرَاق
وَأَعِدَّ زَادًا لِلرَّحِيْـ
…
ـلِ فَسَوْفَ يُحْدَى بِالرِّفَاقِ
وَابْكِ الذُّنُوْبَ بِأَدْمَعٍ
…
تَنْهَلُّ مِنْ سُحُبِ المَآقِي
(1)
تَارِيْخُ ابنِ الدُّبَيْثِيِّ "ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ"(ورقة: 122) نُسخة باريس رقم (5922).
(2)
الأبْيَاتُ فِي ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (22)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبلاءِ (21/ 373).
يَا مَنْ أَضَاعَ زَمَانَهُ
…
أَرَضِيْتَ مَا يَفْنَى بِبَاقِي
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي [:
إذَا رَضِيْتُ بِمَيْسُوْرٍ مِنَ القُوْتِ
…
أَصْبَحْتُ فِي النَّاسِ حُرًّا غَيْرَ مَمْقُوْتِ
يَاقُوْتَ نَفْسِي إِذَا مَا دَرَّ خِلْفُكِ]
(1)
لِي
…
فَلَسْتُ آسَى علَى دُرٍّ وَيَاقُوْتِ
وَقَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ
(2)
: كَانَ ابنُ الجَوْزِيِّ لَطِيْفَ الصُّوْرَةِ، حُلْوَ الشَّمَائِلِ رَخِيْمَ النَّغْمَةِ، مَوْزُوْنَ الحَرَكَاتِ وَالنَّغَمَاتِ، لَذِيْذَ المُفَاكَهَةِ، يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ مَائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيْدُوْنَ، لَا يُضَيِّعُ مِنْ زَمَانِهِ شَيْئًا، يَكْتُبُ فِي اليَوْمِ أَرْبَعَةُ كَرَارِيْسِ، وَيرْتَفِعُ لَهُ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ كِتَابَتِهِ مَا بَيْنَ خَمْسِيْنَ مُجَلَّدًا إِلَى سِتِّيْنَ، وَلَهُ فِي كُلِّ عِلْم مُشَارَكَةٌ، لكِنَّهُ كَانَ فِي التَّفْسِيْرِ مِنَ الأعْيَانِ، وَفِي الحَدِيْثِ مِنَ الحُفَّاظِ، وَفِي "التَّارِيْخِ" مِنَ المُتَوَسِّعِيْنَ، وَلَدَيْهِ فِقْهٌ كَافٍ، وَأَمَّا السَّجْعُ الوَعْظِيُّ فَلَهُ فِيْهِ مَلَكَةٌ قَوِيَّةٌ، إِنِ ارْتَجَلَ أَجَادَ، وَإِنْ رَوَى أَبْدَعَ، وَلَهُ فِي الطِّبِّ كِتَابُ "اللُّقَطِ" مُجَلَّدَانِ، وَكَانَ يُرَاعِي حِفْظِ صِحَّتِهِ، وَتَلْطِيْفِ مَزَاجِهِ وَمَا يُفِيْدُ عَقْلَهُ قُوَّةً، وَذِهْنَهُ حِدَّةً، جُلُّ غِذَائِهِ الفَرَارِيْجُ
(1)
في (ط): "خَلْقُكِ" وَالخِلْفِ: وَاحِدُ أَخْلَافِ النَّاقَةِ الَّتِي تُحْلَبُ.
(2)
عَبْدُ اللطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بن عَلِي البَغْدَادِيُّ، المُوْصِلِيُّ الأصْلِ (ت: 629 هـ)، سَمِعَ مِنِ ابنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيُّ، وَشُهْدَةَ، وَعَبْدِ الحَقِّ، وَرَوَى عَنْهُ البِرْزَالِيُّ وَالمُنْذِرِيُّ، وَالضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ، وَابنُ النَّجَّارِ
…
وَخَلْقٌ كَثيْرٌ، مُحَدِّثٌ، لُغَوِيٌّ، نَحْوِيُّ، مُؤَرِّخٌ، طَبِيْبٌ بَارِعٌ. أَخْبَارُهُ في: التَّقْيِيْدِ (382)، وَإِنْبَاهِ الرُّوَاهِ (2/ 193)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 297)، وَعُيُوْنِ الأنْبَاءِ (2/ 201)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 320)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1414)، وَالعِبَرِ (5/ 115).
وَالمَزَاوِيْرُ، وَيَعْتَاضُ عَنِ الفَاكِهَةِ بِالأشرِبَةِ وَالمَعْجُوْنَاتِ وَلِبَاسُهُ أَفْضَلُ لِبَاسٍ، الأبْيَضُ النَّاعِمُ المُطَيَّبُ، وَنَشَأَ يتِيْمًا عَلَى العَفَافِ وَالصَّلَاحِ، وَلَهُ ذِهْنٌ وَقَّادُ، وجَوَابٌ حَاِرٌ، وَمُجُوْنٌ لَطِيْفٌ
(1)
، وَمُدَعَبَاتٌ حُلْوَةٌ، لَا يَنْفَكُّ مِنْ جَارِيَةٍ حَسْنَاءَ.
وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ الشَّيْخَ أَبَالفَرَجِ تَشَرَّبَ "حَبَّ البِلَادِ" فَسَقَطَتْ لِحْيَتَهُ، فَكَانَتْ قَصِيْرَةً جِدًّا، وَكَانَ يَخْضِبُهَا بِالسَّوَادِ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَصَنَّفَ فِي جَوَازِ الخِضَابِ بِالسَّوَادِ مُجَلَّدًا.
وَذَكَرَهُ ابنُ البُزُوْرِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ"
(2)
وَأَطْنَبَ فِي وَصْفِهِ، وَقَالَ: أَصْبَحَ فِي مَذْهَبِهِ إِمَامًا يُشَارُ إِلَيْهِ، وَيُعْقَدُ الخِنْصَرِ فِي وَقْتِهِ عَلَيْهِ، وَدَرَّسَ بِعِدَّةِ مَدَارِسَ، وَبَنَى لِنَفْسِهِ مَدْرَسَةً بِـ"دَرْبِ دِيْنَارٍ" وَوَقَفَ عَلَيْهَا كُتُبَهُ، وَبَرَعَ فِي العُلُوْمِ، وَتَفرَّدَ بِالمَنْثُورِ وَالمَنْظُومِ، وَفَاقَ عَلَى أُدَبَاءِ عَصْرِهِ، وَعَلَا عَلَى فُضلَاءِ دَهْرِهِ، وَلَهُ التَّصَانِيْفُ العَدِيْدَةُ، سُئِلَ عَنْ عَدَدِهَا؟ فَقَالَ: زِيَادَةٌ عَلَى ثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ مُصَنَّفًا، مِنْهَا مَا هُوَ عُشْرُوْنَ مُجَلَّدًا وَمِنْهَا مَا هُوَ كُرَّاسٌ وَاحِدٌ، وَلَمْ يُتْرَكْ فَنًّا مِنَ الفُنُوْنِ إِلَّا وَلَهُ فِيْهِ مُصَنَّفًا، كَانَ أَوْحَدَ زَمَانِهِ، وَمَا أَظُنُّ الزَّمَانَ يَسْمَحُ بِمِثْلِهِ.
قَالَ: وَكَانَ إِذَا وَعَظَ اخْتَلَسَ القُلُوْبَ، وَتَشَقَّقَتِ النُّفُوْسُ دُوْنَ الجُيُوْبِ،
(1)
فِي (ط): "لَطِيْفَةٌ".
(2)
عبْدُ الرَّحْمَن بنُ عِيْسَى البُزُوْرِيُّ البَابَصرِيُّ البَغْدَادِيُّ (ت: 604 هـ) مِنْ أَشْهَرِ تَلَامِيْذِ ابنِ الجَوْزِيِّ. قَالَ القَادِسِيُّ: "كَانَ تِلْمِيْذَ شَيْخِنَا ابنِ الجَوْزِيِّ" ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأَتِي قَالَ المُؤَلِّفُ هُنَاكَ: "وَكَانَ خِصِّيْصًا بِهِ، ثُمَّ تَهَاجَرَا وَتَبَايَنَا إِلَى أَنْ فَرَّقَ المَوْتُ بَيْنَهُمَا" جَمَعَ سِيْرَةَ ابنِ المَنِّي وَطَبَقَاتِ أَصْحَابِهِ عَلَى حُرُوْفِ المُعْجَمِ.
وَذَكَرَهُ العِمَادُ الكَاتِبُ فِي "الخَرِيْدَةِ"
(1)
، وَابْنُ خَلِّكَانَ، وَالحَمَوِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَأَبُو شَامَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ اشْتِهَارُهُ بِالعُلُوْمِ وَالفَضَائِلِ يُغْنِي عَنِ الإِطْنَابِ فِي ذِكْرِهِ، وَالإِسْهَابِ فِي أَمْرِهِ، فَلَقَدْ بَلَغَ ذِكْرُهُ مَبْلَغَ اللَّيلِ، وَسَارَتْ بِتَصَانِيْفِهِ الرُّكْبَانُ إِلَى أَقْطَارِ الأرْضِ، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهَا انْتِفَاعًا بَيِّنًا.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ -بَعْدَ ذِكْرِ نُبْذَةً مِنْ أَسْمَاءِ مُصَنَّفَاتِهِ- مَنْ تَأَمَّلَ مَا جَمَعَهُ بَانَ لَهُ حِفْظُهُ وَإِتْقَاُنهُ، وَمِقْدَارُهُ فِي العِلْمِ، وَكَانَ رحمه الله مَعَ هَذِهِ الفَضَائِلِ وَالعُلُومِ الوَاسِعَةِ ذَا أَوْرَادٍ وَتأَلُّهٍ، وَلَهُ نَصِيْبٌ مِنَ الأذْوَاقِ الصَّحِيْحَةِ، وَحَظٌّ مِنْ شُرْبِ حَلَاوَةِ المُنَاجَاةِ، وَقَدْ أَشَارَ هُوَ إِلَى ذلِكَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الوَعْظِ وَالمَعَارِفِ لَيْسَ بِكَلَامِ نَاقِلٍ أَجْنَبِيٍّ مُجَرَّدٍ عَنِ الذَّوْقِ، بَلْ كَلَامُ مُشَارِكٍ فِيْهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابنُ القَادِسِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ" أَنَّ الشَّيْخَ كَانَ يَقُوْمُ اللَّيْلَ، وَيَصُوْمُ النَّهَارَ، وَلَهُ مُعَامَلَاتٌ، وَيَزُوْرُ الصَّالِحِيْنَ إِذَا جُنَّ اللَّيْلُ، وَلَا يَكَادُ يَفْتُرُ
(2)
عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَلَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَتْمَةٌ يَخْتِمُ فِيْهَا القُرآنَ
(3)
كَذَا قَالَ: وَهَذَا بَعِيْدٌ جِدًّا، مَعَ اشْتِغَالِهِ بِالتَّصَانِيْفِ.
قَالَ: وَرَأَى رَبَّ العِزَّةِ فِي مَنَامِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَمَعَ هَذَا فَلِلْنَّاسِ فِيْهِ رحمه الله كَلَامٌ مِنْ وُجُوهٍ:
(1)
لَمْ أَجِدْ لَهُ ذِكْرًا في "الخَرِيْدَةِ" قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ، فَلَعَلَّهُ في "ذَيْلِ الخَرِيْدَةِ"؟!
(2)
بَعْدَهَا في (ط): "إِذَا جَنَّ اللَّيْلُ، وَلَا يَكَادُ يَفْتُرُ" مكررة.
(3)
تَقَدَّمَ عَنْ سِبْطِهِ أَبِي المُظَفَّرِ أَنَّهُ يَخْتِمُ القُرآنَ فِي كُل أُسْبُوعٍ؟!
مِنها: كَثْرَةُ أَغْلَاطِهِ فِي تَصَانِيْفِهِ، وَعُذْرَهُ فِي هَذَا وَاضِحٌ، وَهوَ أَنَّهُ كَانَ مُكْثِرًا مِنَ التَّصَانِيْفِ، فَيُصَنِّفُ الكِتَابَ وَلَا يَعْتَبِرُهُ، بَلْ يَشْتَغِلُ بِغَيْرِهِ، وَرُبَّما كَتَبَ فِي الوَقْتِ الوَاحِدِ فِي تَصَانِيْفِ عَدِيْدَةٍ، وَلَوْلَا ذلِكَ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ هَذِهِ المُصَنَّفَاتُ الكَثيْرَةُ. وَمَعَ هَذَا فَكَانَ تَصْنِيْفُهُ فِي فُنُوْنٍ مِنَ العُلُوْمِ بِمَنْزِلَةِ الاِخْتِصَارِ مِنْ كُتُبٍ فِي تِلْكَ العُلُوْمِ، فَيَنْقُلُ مِنَ التَّصَانِيْفِ منْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُتْقِنًا لِذلِكَ العِلْمِ مِنْ جِهَةِ الشُّيُوْخِ وَالبَحْثِ، وَلِهَذَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا مُرَتِّبٌ، وَلَسْتُ بِمُصَنِّفٍ.
وَمنها: مَا يُوْجَدُ فِي كَلَامِهِ مِنَ الثَّنَاءِ، وَالتَّرَفُّعِ وَالتَّعَاظُمِ، وَكَثْرَةِ الدَّعَاوَى وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ عِندَهُ مِنْ ذلِكَ طَرَفٌ، وَاللهُ يُسَامِحُهُ.
مِنها: وَهُو الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نَقِمَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِ أَصْحَابِنَا وَأَئِمَّتِهِمْ مِنَ المَقَادِسَةِ وَالعَلْثيِّيْنَ مِنْ مَيْلِهِ إِلَى التَّأْوِيْلِ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ، وَاشْتَدَّ نُكْرُهُمْ عَلَيْهِ فِي ذلكَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي ذلِكَ مُضْطَرِبٌ مُخْتَلِف، وَهُوَ وَإنْ كَانَ مُطَّلِعًا عَلى الأحَادِيْثِ وَالآثَارِ فِي هَذَا البَابِ، فَلَمْ يَكُنْ خَبِيْرًا بِحِلِّ شُبْهَةِ المُتَكَلِّمِيْنَ، وَبَيَانِ فَسَادِهَا، وَكَانَ مُعَظِّمًا لأبِي الوَفَاءِ بنِ عَقِيْلٍ، يُتَابِعُهُ فِي أَكْثَرِ مَا يَجِدُ في كَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَرَدَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ المَسَائِلِ، وَكَانَ ابنُ عَقِيْلٍ بَارِعًا فِي الكَلَامٍ، وَلَمْ يَكُنْ تَامَّ الخِبْرَةِ بِالحَدِيْثِ وَالآثَارِ، فَلِهَذَا يَضْطَرِبُ فِي هَذَا البَابِ، وَتتَلوَّنُ فِيْهِ آرَاؤُهُ، وَأَبُو الفَرَجِ تَابِعٌ لَهُ فِي هَذَا التَلَوُّنِ.
قَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ: كَانَ ابْنُ الجَوْزِيِّ إِمَامُ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي الوَعْظِ وَصَنَّفَ فِي فُنُونِ العِلْمِ تَصَانِيْفَ حَسَنَةً، وَكَانَ صَاحِبَ قَبُوْلٍ،
وَكَانَ يُدَرِّسُ الفِقْهَ وَيُصَنِّفُ فِيْهِ، وَكَانَ حَافِظًا لِلْحَدِيْثِ، وَصَنَّفَ فِيْهِ، إِلَّا أَنَّنَا لَمْ نَرْضَ تَصَانِيْفَهُ فِي السُّنَّةِ، وَلَا طَرِيْقَتَهُ فِيْهَا -انْتَهَى-
(1)
وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- إِذَا رَأَى تَصْنِيْفًا وَأَعْجَبَهُ صَنَّفَ مِثْلَهُ فِي الحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي ذلِكَ الفَنِّ عَمَلٌ؛ لِقُوَّةِ فَهْمِهِ، وَحِدَّةِ ذِهْنِهِ، فَرُبَّمَا صَنَّفَ لأجْلِ ذلكَ الشَّيءَ وَنَقِيْضَهُ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ لَهُ مِنَ الوُقُوْفِ عَلَى تَصَانِيْفِ مَنْ تَقَدَّمَهُ، وَقَدْ كَانَ شَيْخُهُ ابْنُ نَاصِرٍ يثْنِي عَلَيْهِ كَثِيْرًا، وَلَمَّا صَنَّفَ أَبُو الفَرَجِ كِتَابَهُ المُسَمَّى بِـ"التَلْقِيْحِ"
(2)
وَلَهُ إِذْ ذَاكَ نَحْوَ الثَّلَاثِيْنَ مِنْ عُمُرِهِ، عَرَضَهُ عَلَى ابْنِ نَاصِرٍ، فَكَتَبَ عَلَيْهِ: قَرَأَ عَلَيَّ هَذَا الكِتَابِ جَامِعُهُ الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، أَبُو الفَرَجِ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ أَجَادَ تَصْنِيْفَهُ، وَأَحْسَنَ تَأْلِيْفَهُ، وَجَمَعَهُ وَلَمْ يُسْبَقْ إِلَى مِثْلِ هَذَا الجَمْعِ؛ فَقَدْ طَالَعَ كُتُبًا كَثِيْرَةً، وَأَخَذَ أَحْسَنَ مَا فِيْهَا مِنَ اليَاقُوْتِ وَاللُّولُؤِ، فَنَظَمَهُ عِقْدًا زَانَ بِه التَّصَانِيْفَ، الَّتِي تَجَمَّعَتْ منَ التَّوَارِيْخِ، وَمَعَرِفَةِ الصَّحَابَةِ وَأَسْمَائِهِمْ وَكُنَاهُمْ، وَأَعْمَارِهِمْ، وَأَبَانَ عَنْ فَهْمٍ وَعِلْمٍ غَزِيْرٍ، مَعَ اخْتِصَارٍ يَحُضُّ عَلَى الحِفْظِ وَالعَمَلِ بِالعِلْمِ، فَنَفَعَهُ اللهُ بِعِلْمِهِ، وَنَفَعَ بِهِ، وَبَلَّغَهُ غَايَةَ العُمُرِ؛ لِيَنْفَعَ المُسْلِمِيْنَ، وَيَنْصُرَ السُّنَةَ وَأَهْلَهَا، وَيَدْحَضَ البِدَعَ وحِزْبَهَا.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ: وَلَقَدْ كُنْتُ أَرُدُّ أَشْيَاءَ عَلَى شَيْخِنَا أَبِي الفَضْلِ بِنِ
(1)
وَمِمَّا أَخَذَهُ عَلَيْهِ ابنُ الأثِيْرِ أَنَّهُ: "كَانَ كَثِيْرِ الوَقِيْعَةِ فِي النَّاسِ لَاسِيَّمَا العُلَمَاءِ المُخَالِفِيْنَ لِمَذْهَبِهِ".
(2)
اسمُه "تَلْقِيْحُ فُهُوْمُ أَهْلِ الأثَرِ في فُنُوْنِ المَغَازِي والسِّيَرِ" مَطْبُوعٌ.
نَاصِرٍ، فَيَقْبَلُهَا مِنِّي. وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيزِ بنُ الأخْضَرِ، عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ، كَانَ يَقُوْلُ عَنِّي: إِذَا قَرَأَ علَيَّ فُلَانٌ اسْتَفَدْتُ بِقِرَاءَتِهِ، وَأَذْكَرَنِي مَا قَدْ نَسِيْتُهُ.
وَأَمَّا تَصَانِيْفَهُ فَكَثيْرَةٌ جدًّا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهَا مَائَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ، أَوْ مَائَةٌ وَخَمْسُوْنَ، وَزِيَادَةَ عَلى ثَلَاثِمَائَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقَدْ قِيْلَ: أَكْثَرُ مِنْ ذلِكَ. قَالَ الإِمَامُ أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةِ فِي "أَجْوِبَتِهِ المِصْرِيَّةِ": كَانَ الشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ مُفْتِيًا، كَثِيْرَ التَّصْنِيْفِ وَالتَّأْلِيْفِ، ولَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي أُمُوْرٍ كَثِيْرَةٍ، حَتَّى عَدَدْتُهَا فَرَأَيْتُهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ مُصَنَّفٍ
(1)
، وَرَأَيْتُ بَعْدَ ذلِكَ لَهُ مَا لَمْ أَرَهُ.
قَالَ: وَلَهُ مِنَ التَّصَانِيْفِ فِي الحَدِيْثِ وَفُنُوْنِهِ مَا لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهُ، قَدْ انْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ، وَهُوَ كَانَ منْ أَجْوَدِ فُنُونِهِ: وَلَهُ فِي الوَعْظِ وَفُنُونِهِ مَا لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهُ. وَمِنْ أَحْسَنِ تَصَانِيْفِهِ: مَا يَجْمَعُهُ مِنْ أَخْبَارِ الأوَّلِيْنَ، مِثْلُ المَنَاقِبِ الَّتِي صَنَّفَهَا، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، كَثِيْرُ الاطِّلَاع عَلَى مُصَنَّفَاتِ النَّاسِ، حَسَنَ التَّرْتِيْبِ وَالتَّبْوِيْبِ، قَادِرٌ عَلَى الجَمْعِ وَالكِتَابَةِ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ المُصَنِّفِيْنَ فِي هَذِهِ الأبْوَابِ تَمْيِيْزًا؛ فَإِنَّ كَثيْرًا مِنَ المُصَنِّفِيْنَ فِيْهِ لَا يُمَيِّزُ الصِّدْقَ فِيْهِ مِنَ الكَذِبِ. وَكَانَ الشَّيخُ أَبُو الفَرَجِ فِيْهِ مِنَ التَمْيِيْزِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ لَهُ تَمْيِيْزٌ
(1)
يعْنِي مَجْمُوع كُتُبِهِ وَرَسَائِلِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ في هَذَا مُبَالَغَةً ظَاهِرَةَ، وَقَدْ جَمَعَ الأُسْتَاذُ الفَاضِلُ صَدِيْقُنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ العَلْوَجِي مُؤَلَّفَاتِ ابنِ الجَوْزِيِّ فِي مُصَنَّفٍ خَاصٍّ باسم (مُؤَلَّفَاتِ ابن الجَوْزِيِّ) وَأَوْصَلَهَا إِلَى (574) مُصَنَّفًا مَعَ أَنَّ جَمْعَ الأُسْتَاذِ لَا يَخْلُو مِن مُكَرَّرٍ؛ لأنَّهُ يُوْرِدُ الكِتَاب بعُنْوَانَيْنِ أَو أَكْثَر، وَهُوَ يُدْرِكُ أَنَّه مُكَرَّرٌ أَحْيَانًا، وَمَعَ هَذَا يُعْطِيْهِ رَقَمًا
…
؟!. وَبِحَذْفِ المُكَرَّرِ يَنْقُصُ هَذَا الرَّقمُ كَثيْرًا.
وَخِبْرَةٌ، لكِنْ يَذْكُرُ فِي "الحِلْيَةِ" أَحَادِيْثَ كَثيْرَةٌ مَوْضُوْعَةٌ، فهَذِهِ المَجْمُوْعَاتُ الَّتِي يَجْمعُهَا النَّاسُ فِي أَخْبَارِ المُتَقَدِّمِيْنَ مِن أَخْبَارِ الزُّهَّادِ وَمَنَاقِبِهِمْ، وَأَيَّامِ السَّلَفِ وَأَحْوَالِهِمْ، مُصَنَّفَاتُ أَبِي الفَرَجِ أَسْلَمُ فِيْهَا مِنْ مُصَنَّفَاتِ هَؤُلَاءِ، وَمُصَنَّفَاتُ أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيِّ أَكْثَرُ تَحْرِيْرًا بِحَقِّ
(1)
ذلِكَ من بَاطِلِهِ مِنْ مُصَنَّفَاتِ أَبِي الفَرَجِ؛ فَإِنَّ هَذَيْنِ كَانَ لَهُمَا مَعْرِفَةٌ بِالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، وَالبَيْهَقِيُّ أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ، وَأَبُو الفَرَجِ أَكْثَرُ عُلُوْمًا وَفُنُونًا.
قَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ": نَاوَلَنِي ابنِ الجَوْزِيِّ كِتَابًا بِخَطِّهِ فِيْهِ فِهْرَسْتُ التَّصَانِيْفِ لَه
(2)
، وَأَظُنُّ ابنَ القَطِيْعِيِّ زَادَ فِيْهَا أَشْيَاءَ أُخَرَ.
قَال أَبُو الفَرَجِ: أَوَّلُ مَا صَنَّفْتُ وَألَفْتُ - وَلِيَ مِنَ العُمُرِ نَحْوَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةٍ.
(ثَبَتَ التَّصَانِيْفِ المُتَعَلِّقَةِ بِالقُرْآنِ وَعُلُوْمهِ) كِتَابُ "المُغْنِي" فِي التَّفْسِيْرِ، أَحَدٌ وَثَمَانُوْنَ جُزْءًا، كِتَابُ "زَادَ المَسِيْرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيْرِ" أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ، كِتَابُ "تَيْسِيْرِ البَيَانِ فِي تَفْسِيْرِ القُرْآنِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "تَذْكِرَةِ الأرِيْبِ فِي تَفْسِيرِ الغَرِيْبِ" مُجَلَّدٌ، وَ"غَرِيْبُ الغَرِيْبِ" جُزْءٌ، كِتَابُ "نُزْهَةِ العُيُوْنِ النَّوَاظِرِ فِي الوُجُوْهِ وَالنَّظَائِرِ" مُجَلَّدٌ، وَاخْتَصَرْتُ مِنْ هَذَا الكِتَابِ كِتَابًا يُسَمَّى بِـ"الوُجُوْهِ النَّوَاضِرِ فِي الوُجُوْهِ وَالنَّظَائِرِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "الإشَارَةِ إِلَى القِرَاءَةِ المُخْتَارَةِ" أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ، كِتَابُ "تَذْكِرَةِ المُنْتَبِهِ فِي عُيُوْنِ المُشْتَبِهِ" جُزْءٌ، كِتَابُ "فُنُوْنِ الأفْنَانِ
(1)
في (ط): "لحق".
(2)
في (ط): "لي".
فِي عُيُوْنِ عُلُوْمِ القُرْآنِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "وَرْدُ الأغْصَانِ فِي فُنُوْنِ الأفْنَانِ" جُزْءٌ، كِتَابُ "عُمْدَةِ الرَّاسِخِ فِي مَعْرِفَةِ المَنْسُوخِ وَالنَّاسِخِ" خَمْسَةُ أَجْزَاءِ "المُصَفَّى بِأَكُفِّ أَهْلِ الرُّسُوخِ مِنْ عِلْمِ النَّاسِخِ وَالمَنْسُوخِ" جُزْءٌ.
(ثَبَتَ التَّصَانِيْفِ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ) كِتَابُ "مُنْتَقَدِ المُعْتَقِدِ" جُزْءٌ، كِتَابُ "مِنْهَاجِ الوُصُوْلِ إِلَى عِلْمِ الأُصُوْلِ" خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ، كِتَابُ "بَيَانِ غَفْلَةِ القَائِلِ بِقِدَمِ أَفْعَالِ العِبَادِ" جُزْءٌ "غَوَامِضُ الإلهيَّاتِ" جُزْءٌ "مَسْلَكُ العَقْلِ" جُزْءٌ، "مِنْهَاجُ أَهْلِ الإصَابَةِ""السَّرُّ المَصُوْنُ" مُجَلَّدٌ "دَفْعُ شُبَهِ التَّشْبِيهِ" أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ "الرَّدُّ علَى المُتَعَصِّبِ العِنيدِ".
(ثَبَتُ التَّصَانِيْفِ فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ وَالزُّهْدِيَّاتِ) كِتَابُ "جَامِعِ المَسَانِيدِ بِأَلْخَصِ الأسَانِيْدِ" كِتَابُ "الحَدَائِقِ" أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ جُزْءً، كِتَابُ "نَقِيِّ
(1)
النَّقْلِ" خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ، كِتَابُ "المُجْتَبَى" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "النُّزْهَةِ" جُزْآنِ، كِتَابُ "عُيُوْنِ الحِكَايَاتِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "مُلْتَقَطِ الحِكَايَاتِ" ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا، كِتَابُ "إِرْشَادِ المُرِيْدِيْنَ فِي حِكَايَاتِ السَّلَفِ الصَّالِحِيْنَ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "رَوْضَةِ النَّاقِلِ" جُزْء، كِتَابُ "غُرَرِ الأثَرِ" ثَلَاثُوْنَ جُزْءًا، كِتَابُ "التَّحْقِيْقِ فِي أَحَادِيْثِ التَّعْلِيْقِ" مُجَلَّدَانِ، كِتَابُ "المَدِيْحِ" سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ، كِتَابُ "المَوْضُوْعَاتِ مِنَ الأحَادِيثِ المَرْفُوعَاتِ" مُجَلَّدَانِ، كِتَابُ "العِلَلِ المُتَنَاهِيَةِ فِي الأحَادِيْثِ الوَاهِيَةِ" مُجَلَّدَانِ، كِتَابُ "إِخْبَارِ أَهْلِ الرُّسُوْخِ فِي الفِقْهِ وَالتَّحْدِيْثِ بِمِقْدَارِ المَنْسُوخِ مِنَ الحَدِيْثِ" جُزْءٌ، كِتَابُ "السَّهْمِ المُصِيبِ" جُزْاَنِ "أَخَايِرُ الذَّخَائِرِ"
(1)
في (ط): "نفي".
ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ "الفَوَائِدُ عَنِ الشُّيُوخِ" سِتُّونَ جُزْءًا، "مَنَاقِبُ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ" مُجَلَّدٌ "مَوْتُ الخَضِرِ" مُجَلَّدٌ "مُخْتَصَرَهُ" جُزْءٌ "المَشْيَخَةُ" جُزْءٌ "المُسَلْسَلَاتُ" جُزْءٌ "المُحْتَسَبُ فِي النَّسَبِ"
(1)
مُجَلَّدٌ "تُحْفَةُ الطُّلَّابِ" ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ "تَنْوِيْرُ مُدْلَهِمِّ الشَّرَفِ" جُزءٌ "الألْقَابُ"
(2)
جُزْءٌ. إِلَى هُنَا.
زَادَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ: كِتَابُ "فَضَائِلِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ" مُجَلَّدٌ "فَضَائِلُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ" مُجَلَّدٌ "فَضَائِلُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيَّبِ" مُجَلَّدٌ "فَضَائِلُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ" مُجَلَّدُ "مَنَاقِبُ الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ" أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ "مَنَاقِبُ بِشْرٍ الحَافِي" سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ "مَنَاقِبُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمِ" سِتَّةُ أَجْزَاءٍ "مَنَاقِبُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ" مُجَلَّدٌ "مَنَاقِبُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ" مُجَلَّدٌ "مَنَاقِب مَعْرُوْفٍ الكَرْخِيِّ" جُزْآنِ "مَنَاقِبُ رَابِعَةَ العَدَوِيَّةِ" جُزْءٌ "مُثيْرُ العَزْمِ السَّاكِنِ إِلَى أَشْرَفِ الأمَاكِنِ" مُجَلَّدٌ "صَفْوَةُ الصَّفْوَةِ" خَمْسُ مُجلَّدَاتٍ "مِنْهَاجُ القَاصِدِيْنَ" أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ "المُختَارُ مِنْ أَخْبَارِ الأخْيَارِ" مُجَلَّدٌ "القَاطِعُ لِمُحَالِ اللِّجَاجِ
(3)
بِمُحَالِ الحَلَّاجِ
(4)
" جُزْءٌ، "عُجَالَةُ المُنْتَظِرِ لِشَرْحِ حَالِ الخَضِرِ"
(5)
جُزْءٌ، كِتَابُ "النِّسَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِآدَابِهِنَّ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "عِلْمِ الحَدِيْثِ المَنقُوْلِ فِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَّ الرَّسُولَ"
(1)
عَلَى طَرِيْقَةِ أَبِي سَعْدٍ السَّمْعَانِيِّ.
(2)
عَلَى طَرِيْقَةِ الشِّيْرَازِيِّ، والحَافِظِ ابنِ حَجَرِ والسَّخَاوِيِّ.
(3)
في (ط): "اللحجاج".
(4)
في (ط): "الحجاج".
(5)
يُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ هُوَ نَفْسُهُ كِتَابَ "مَوْتِ الخَضِرِ" السَّالِفِ الذِّكْرِ.
جُزْءٌ، كِتَابُ "الجَوْهَرِ"، كِتَابُ "المُغْلَقِ".
(ثَبَتُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّوارِيخِ): "تَلْقِيْحُ فُهُومِ أَهْلِ الأثَرِ فِي عُيُونِ التَّوَارِيِخِ وَالسِّيَرِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "المُنْتَظَمِ في تَارِيخِ المُلُوْكِ وَالأُمَمِّ" عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ، كِتَابُ "شُذُوْرِ العُقُودِ فِي تَارِيخِ العُهُودِ
(1)
" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "طَرَائِفِ الظَّرائِفِ فِي تَارِيخِ السَّوَالِفِ" جُزْءٌ، "مَنَاقِبُ بَغْدَادَ" مُجَلَّدٌ.
(ثَبَتَ المُصَنِّفَاتِ فِي الفِقْهِ)"الإِنْصَافُ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ" كِتَابُ "جُنَّةُ النَّظِرِ وَجَنَّةُ النَّظَرِ" وَهِيَ دُوْنَ تِلْكَ، كِتَابُ "عُمَدِ الدَّلَائِلِ فِي مُشْتَهِرِ المَسَائِلِ" وَهِي التَّعْلِيْقَةُ الصُّغْرَى، كِتَابُ "المُذْهَبِ فِي المَذْهَب"، "مَسْبُوْكُ الذَّهَبِ" مُجَلِّدٌ، كِتَابُ "النُّبْذَةِ" جُزْءٌ، كِتَابُ "العِبَادَاتِ الخَمْسِ" جُزْءٌ، كِتَابُ "أَسْبَابِ الهِدَايَةِ لأرْبَابِ البِدَايَةِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "كَشْفِ الظُلْمَةِ عَنِ الضِّيَاءِ فِي رَدِّ دَعْوَى إِلْكِيَا
(2)
"، كِتَابُ "رَدِّ اللَّوْمِ وَالضَّيْمِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الغَيْمِ" جُزْءٌ.
(ثَبَتَ المُصَنَّفَاتِ فِي عُلُومِ الوَعْظِ)، كِتَابُ "اليَوَاقِيْتِ فِي الخُطَبِ" مُجَلَّدٌ "المُنْتَخَبُ فِي النُّوَب" مُجَلَّدٌ "مُنْتَخَبُ المُنْتَخَب" مُجَلَّدٌ، مُصَنَّفَاتُهُ فِي الوَعْظِ أَكْثَرُ مِنْ مَائَةِ مُجَلَّدَةٍ قَالَهُ ابنُ القَادِسِيِّ "مُنْتَخَلُ المُنْتَخَبِ" مُجَلَّدٌ "نَسِيْمُ الرِّيَاضِ" مُجَلَّدٌ "اللُّولُؤُ" مُجَلَّدٌ "كَنْزُ المُذَكِّرِ" مُجَلَّدُ، كِتَابُ "الأزَجِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "اللَّطَائِفِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "كُنُوْزِ الرُّمُوْزِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "المُقْتَبِسِ"
(3)
(1)
في (ط): "المعهود".
(2)
ساقطٌ من (ط).
(3)
سَبَقَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ.
مُجَلَّدٌ، "زَيْنُ القِصَصِ" مُجَلَّدٌ، "مَوَافِقُ المُرَافِقِ" مُجَلَّدٌ، "شَاهِدٌ وَمَشْهُودٌ" مُجَلَّدٌ "وَاسِطَاتُ العُقُوْدِ مِنْ شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ" مُجَلَّدٌ "اللَّهَبُ" جُزآنِ "المُدْهِشُ" مُجَلَّدَانِ "صَبَا نَجْدٍ" جُزْءٌ "مُحَادَثَةُ العَقْلِ" جُزْءٌ "لَقْطُ الجُمَانِ" جُزْءٌ "المُقْعَدُ
(1)
المُقِيْمُ" جُزْءٌ، كِتَابُ "إِيْقَاظِ الوَسْنَانِ مِنَ الرَّقَدَاتِ بِأَحْوَالِ الحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ" جُزْآنِ "نَكْتُ المَجَالِسِ البَدْرِيَّةِ" جُزْآنِ "نُزْهَةُ الأدِيْبِ" جُزْآنِ "مُنتهَى المُنتهَى" مُجَلَّدٌ "تَبْصِرَةُ المُبْتَدِيءُ" عُشْرُوْنَ جُزْءًا، كِتَابُ "اليَاقُوْتَةِ" جُزْآنِ، كِتَابُ "تُحْفَةِ الوُعَّاظِ" مُجَلَّدٌ.
(ثَبَتُ تَصَانِيْفِهِ
(2)
فِي فُنُونٍ) "ذَمُ الهَوَى" مُجَلَّدَانِ "صَيْدُ الخَاطِرِ" خَمْسَةٌ وَسِتُّوْنَ جُزْءً، كِتَابُ "إِحْكَامُ الأشْعَارِ بِأَحْكَامِ الأشْعَارِ" عُشْرُوْنَ جُزْءًا، كِتَابُ "القُصَّاصِ وَالمُذَكِّرِيْنَ" كِتَابُ "تَقْوِيْمِ اللِّسَانِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "الأذْكِيَاءِ" مُجلَّدٌ "الحَمْقَى" مُجَلَّدٌ "تَلْبِيْسُ إِبْلِيْسَ" مُجَلَّدَانِ "لَقْطُ المَنَافِعِ فِي الطِّبِ" مُجَلَّدَانِ، "الشَّيْبُ وَالخِضَابُ" مُجَلَّدٌ "أَعْمَارُ الأعْيَانِ" جُزْءٌ "الثَّبَاتُ عِنْدَ المَمَاتِ" جُزْآنِ "تَنْوِيْرُ الغَبَشِ فِي فَضْلِ السُّوْدِ وَالحَبَشِ" مُجَلَّدٌ "الحَثُّ عَلَى حِفْظِ العِلْمِ وَذِكْرِ كِبَارِ الحُفَّاظِ" جُزْءٌ "أَشْرَافُ المَوَالِي" جُزْآنِ، كِتَابُ "إِعْلَامِ الأحْيَاءِ بِأَغْلَاطِ الإِحْيَاءِ
(3)
" كِتَابُ "تَحْرِيْمِ المُحِلِّ المَكْرُوْهِ" جُزْءٌ، كِتَابُ "المَصْبَاحِ المُضِيْءِ لِدَعْوَةِ الإِمَامِ المُسْتَضِئِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ "عَطْفِ العُلَمَاءِ عَلَى الأُمَرَاءِ وَالأُمَرَاءِ
(1)
في (ط): "القعد".
(2)
في (ط): "تصانيف".
(3)
في (ط): "الأحياء". والمَقْصُوْدُ كتابُ "إحياءِ عُلُوْمِ الدِّيْنِ للغَزَالِي، وَهُوَ مَعْرُوْفٌ.
عَلَى العُلَمَاءِ" جُزْءٌ، كِتَابُ "النَّصْرِ عَلَى مِصْرَ" جُزْءٌ "المَجْدُ العَضُدِيُّ" مُجَلَّدٌ "الفَجْرُ النُّوْرِيِّ" مُجَلَّدٌ "مَنَاقِبُ السِّتْرِ الرَّفِيع" جُزْءٌ "مَا قُلْتُهُ مِنَ الأشْعَارِ" جُزْءٌ
(1)
"المَقَامَاتُ" مُجَلَّدٌ "مِنْ رَسَائِلِيْ" جُزْءٌ "الطِّبُّ الرُّوْحَانِيُّ" جُزْءٌ.
فَهَذَا مَا نَقَلَهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ مِنْ خَطِّهِ، وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ، وَزَادَ فِيْهِ، وَمعَ هَذَا فَلأَبي الفَرَجِ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَةٌ غَيْرُ مَا ذَكَرَ فِي هَذَا الفِهْرِسْتِ، كَأَنَّهُ صَنَّفَهَا بَعْدَ ذلِكَ. فَمِنْهَا: كِتَابُ "بَيَانِ الخَطَأِ وَالصَّوَابِ عَنْ أَحَادِيْثِ الشِّهَابِ" سِتَّةَ عَشَرَ جُزْءًا، كِتَابُ "البَازِ الأشْهَبِ المُنَقَضِّ عَلى مَنْ خَالَفَ المَذْهَبِ" وَهُوَ تَعْلِيْقَة فِي الفِقْهِ كَبِيْرٌ، كِتَابُ "الوَفَا بفَضَائِلِ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم" مُجَلَّدَانِ، كِتَابُ "النُّورِ فِي فَضَائِلِ الأيَّامِ وَالشُّهُوِر" مُجَلَّدٌ "تَقْرِيْبُ الطَّرِيْقِ الأبْعَدِ، فِي فَضَائِلِ مَقْبَرَةِ أَحْمَدَ" كِتَابُ "مَنَاقِبِ الإمَامِ الشَّافِعِيِّ" كِتَابُ "العُزْلَةِ" كِتَابُ "الرِّيَاضَةِ" كِتَابُ "مِنْهَاجِ الإِصَابَةِ فِي مَحَبَّةِ الصَّحَابَةِ""فُنُونُ الألْبَابِ" "الظُّرَفَاء وَالمُتَمَاجِنيْنِ
(2)
" "تَقْوِيْمِ اللِّسَانِ"
(3)
"مَنَاقِبُ أَبِي بَكْرٍ" مُجَلَّدٌ "مَنَاقِبُ عَلِيٍّ" مُجَلَّدٌ "فَضَائِلُ
(1)
هَذَا يُعَارِضُ نَقْلَ المُؤَلِّفِ الآتِي عَنْ سِبْطِهِ وَأَبِي شَامَةَ قَوْلهِمَا: "قِيْلَ: إِنَّهَا عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ؟! وَلَمْ يُعَقِّبْ عَلَيْهَا المُؤَلِّفُ ابنُ رَجَب كَعَادَتِهِ فِي التَّعْقِيْبِ عَلَى أَبِي شَامَةَ؛ لأنَّهُ يَأْنْسُ بِصحَّتِهَا، وَيَجْعَلُ عُهْدَتهَا عَلَيْهِمَا. أَمَّا أَنَا فَأَسْتَبْعِدُ ذلِكَ، بَلْ أُنْكِرُهُ، وأُحَمَّلُ ابنَ رَجَبَ تَبِعَةَ ذلِكَ النَّقْلِ غَيْرِ المَقْبُوْلِ، فَلَوْ كَانَ همُّهُ كُلُّهُ الشِّعْرَ مَا كَتَبَ عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ، لَاسيَّمَا أَنَّ ابنَ الجَوْزِيِّ لَمْ يَشْتَهِرْ بالشِّعْرِ، وَكِبَارُ شُعَرَاء العَرَبِيَّةِ عَلَى مرِّ عُصوْرِهَا المكثريْنَ مِنَ الشِّعْرِ لَم تَصِلْ أَشْعَارُهُم إِلَى هَذَا القَدْرِ؟! وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(2)
في (ط): "المتحابين".
(3)
سبق ذكره؟!
العَرَبِ" مُجَلَّدٌ "دُرَّةُ الإِكْلِيْلِ فِي التَّارِيخِ" أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ.
ذَكرَهُ سِبْطُهُ: "الأمْثَالُ" مُجَلَّدٌ "المَنْفَعَةُ فِي المَذَاهِبِ الأربَعَةِ" مُجَلَّدَانِ "المُخْتَارُ مِنَ الأشْعَارِ" عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ "رُؤُوسِ القَوَارِيْرِ" مُجَلَّدَانِ "المُرْتَجَلُ فِي الوَعْظِ" مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ "نَسِيْمُ الرِّيَاضِ" مُجَلَّدٌ "ذَخِيْرَةُ الوَاعِظِ" أَجْزَاءٌ "الزَّجْرُ المَخُوْفُ""الإنْسُ وَالمَحَبَّةُ""المُطْرِبُ المُلْهِبُ""الزَّنْدُ الوَرِيِّ فِي الوَعْظِ النَّاصِرِيِّ" جُزْآنِ "الفَاخِرُ فِي أَيَّامِ الإِمَامِ النَّاصِرِ" مُجَلَّدٌ "المَجْدُ الصَّلَاحِيُّ" مُجَلَّدٌ "لُغَةُ الفِقْهِ" جُزْآنِ، وَقِيْلَ: إِنَّ لَهُ غَيْرَهُ، "عَقْدُ الخَنَاصِرِ فِي ذَمِّ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ" وَكِتَابٌ في "ذَمِّ عَبْدِ القَادِرِ""غَرِيْبُ الحَدِيْثِ" مُجَلَّدٌ "مُلَحُ الأحَادِيْثِ" جُزْآنِ "الفُصُوْلُ الوَعْظيَّةُ عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ""سَلْوَةُ الأحْزَانِ" عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ "المَعْشُوْقُ فِي الوَعْظِ""المَجَالِسُ اليُوْسُفِيَّةِ فِي الوَعْظِ" كَتَبَهَا لاِبِنْهِ يُوْسُفَ "الوَعْظُ المَقْبَرِيُّ" جُزْءٌ "قِيَامُ اللَّيْلِ" ثَلَاثَةُ أَجزَاءٍ "المُحَادَثَةُ" جُزْءٌ "المُنَاجَاةُ" جُزْءٌ "زَاهِرُ الجَواهِرِ فِي الوَعْظِ" أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ "كَنْزُ المُذَكِّرِ""النُّحَاةُ الخَوَاتِيْمُ" جُزْآنِ "المُرْتَقَى لِمَنْ اتَّقَى"، وَتَصَانِيْفُ أُخَرُ غَيْرُ هَذِهِ. وَسَمِعْتُ أَنَّ لَهُ "حَوَاشِيَ علَى صِحَاحِ الجَوْهَرِيِّ"، وَمَا أُخِذَ عَلَيْهَا، وَاخْتَصَرَ فُنُونِ ابنِ عَقِيْلٍ فِي بِضْعَةَ عَشَرَ مُجَلَّدًا، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ العُلَمَاءِ صَنَّفَ مَا صَنَّفَ هَذَا الرَّجُلُ.
وَمنْ لَفْظِ كلَامِهِ الحَسَنِ فِي المَجَالِسِ: قَالَ: قَالَ يَوْمًا وَقَدْ طَرِبَ أَهْلُ مَجْلِسِهِ: فَهِمْتُمْ فَهِمْتُمْ، وَقَامَ إِلَيْهِ سَائِلٌ، فَقَالَ: كَيْفَ أُصَادِقُ مَنْ ذَا وَقْتُهُ؟ فَقَالَ: مَا ذَا وَقْتُهُ.
وَقَالَ يَوْمًا: شَهَوَاتُ الدُّنْيَا أُنْمُوذَج، وَالأُنْمُوذَجُ يُعْرَضُ وَلَا يُقْبَضُ.
وَقَالَ مَرَّهًّ: مَنْ وَقَفَ علَى صِرَاطِ الاِستِقَامَةِ، وَبِيَدِهِ مِيْزَانُ المُرَاقَبَةِ، وَمَحَكُّ الوَرَعِ يَسْتَعْرِضُ أَعْمَالَ النَّفْسِ، وَيَرُدُّ البَهْرَجَ إِلَى كِيْرِ التَّوْبَةِ، سَلِمَ مِنْ رَدِّ النَّاقِدِ يَوْمَ التَّنْقِيْضِ.
وَقَالَ يَوْمًا: بَقَايَا الشَّهَوَاتِ، فِي سُوْقِ الهَوَى مُتَبَهْرِجَاتٌ، يُمْسِكْنَ ثِيَابَ الطَّبْعِ، فَإِنْ خَرَجَ الزَّاهِدُ مِنْ بَيْتِ عُزْلَتِهِ خَاطَرَ بِذُنُوْبِهِ.
وَسَأَلَهُ رَجُل يَوْمًا: أَيُّمَا أَفْضَلُ، أُسَبِّحُ، أَم أَسْتَغْفِرُ؟ فَقَالَ: الثَّوْبُ الوَسِخُ أَحْوَجُ إِلَى الصَّابُوْنِ مِنَ البُخُوْرِ.
وَقَالَ فِي حَدِيْثِ "أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِيْنِ إِلَى السَّبْعِيْنِ" إِنَّمَا طَالَتْ أَعْمَارُ الأوَائِلِ لِطُوْلِ البَادِيَةِ، فَلَمَّا شَارَفَ الرَّكْبُ بَلَدَ الإِقَامَةِ قِيْلَ: حُثُّوا المُطِيَّ.
وَمنْ كلَامِهِ الحَسَنِ: مَنْ قَنِعَ طَابَ عَيْشُهُ، وَمَنْ طَمِعَ طَالَ طَيْشُهُ.
وَقَالَ لِصَاحِبٍ لَهُ: أَنْتَ فِي أَوْسَعِ العُذْرِ مِنَ المُتَأَخِّرِ عَنِّي لِثِقَتِي بِكَ، وَفِي أَضْيَقِهِ مِنْ شَوْقِي إِلَيْكَ.
وَسَأَلَهُ سَائلٌ فَأَجَابَ، فَقَالَ السَّائِلُ: مَا فَهِمتُ، فَأَنْشَدَ:
عَلَيَّ نَصْبُ المَعَانِيْ فِي مَنَاصِبِهَا
…
فَإِنْ كَبَتْ دُوْنَهَا الأفْهَامُ لَمْ أُلَمِ
وَسُئِلَ: كَيْفَ ضَرَبَ عُمَرُ بِالدُّرَّةِ الأرْضَ؟ فَقَالَ: الخَائِنُ خَائِفٌ، وَالبَرِئُ جَرِئٌ. وَذَكَرَ الوَفَاءَ، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ الوَفِيَّ وَمَا فِيَّ.
وَتَابَ عَلى يَدِهِ يَوْمًا بَعْضُ الخَدَمِ، فَقَالَ: لِمَّا عَدِمَ آلَةُ الشَّهْوَةِ صُلَحَ
لِصُحْبَةِ المُلُوْكِ، فَخَرَجَ الخَادِمُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: مَنْ يُعْطِيْهِ قِصَّةً يُوْصِلُهَا؟ وَقَالَ: الدُّنْيَا دَارُ الإلَهِ، وَالمُتَصَرِّفُ فِي الدَّارِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا لِصُّ.
وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا وَصَّى عنْدَ مَوْتهِ، فَقَالَ: يَا مُفَرِّطِيْنَ مَا تُطَيِّنُوْنَ سُطُوْحَكُمْ إِلَّا فِي كَانُونَ.
وَسَأَلهُ سَائل: أَيَجُوْزُ أَنْ أُفْسِحَ لِنَفْسِي فِي مُبَاحِ المَلَاهِي؟ فَقَالَ: عِنْدَ نَفْسِكَ مِنَ الغَفْلَةِ مَا يَكْفِيْهَا، فَلَا تَشْغَلْهَا بِالمَلَاهِي مَلَاهِي.
قَالَ يَوْمًا فِي قَوْلِ فِرْعَوْنَ
(1)
: {وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} : وَيْحَهُ، افْتَخَرَ بِنَهْرِ مَا أَجْرَاهُ، مَا أَجْرَاهُ!.
وَقُرِئَ بَيْنَ يَدَيْهِ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}
(2)
فَقَالَ: لَا تَحُلُّو رُزْمَةً رَفِيْعَةً، فَمَا عِنْدَنَا مُشْتَرِي.
وَسُئِلَ يَوْمًا: مَا تَقُوْلُ فِي الغِنَاءِ؟ فَقَالَ: أُقْسِمُ بِاللهِ لَهُوَ لَهْوٌ، وَقَالَ: مَا عَزَّ يُوُسُفَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا ذَلَّ بِهِ مَاعِزٌ.
وَقَالَ: مَا نَفَشَتْ غَنَمُ العُيُوْنِ النَّوَاظِرِ فِي زُرُوْعِ الوُجُوْهِ النَّوَاضِرِ إِلَّا وَأُغِيْرَ علَى السَّرْحِ. وَقَالَ: المُتَعَرِضُ لِلْنِّبْلَهْ أَبْلَهْ.
وَقُرِئَ بينَ يَدَيْهِ يَوْمًا: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)}
(3)
فَقَالَ: وَاللهِ هَذَا تَوْقِيعٌ بِخَرَابِ البُيُوْتِ.
(1)
سُوْرَةُ الزُّخْرُفِ، الآية:51.
(2)
سُوْرَةُ السَّجْدَةِ، الآية:16.
(3)
سُوْرَةُ الرَّحْمَنِ.
وَقَالَ يَوْمًا فِي مُنَاجَاتِهِ: إِلهِي لَا تُعَذَبْ لِسَانًا يُخْبِرُ عَنْكَ، وَلَا عَيْنًا تُنْظَرُ إِلَى عُلُوْمٍ تَدُلُّ علَيْكَ، وَلَا قَدَمًا تَمْشِيْ إِلَى خِدْمَتِكَ، وَلَا يَدًا تكتُبُ حَدِيْثَ رَسُوْلِكَ. فَبِعِزَتِكَ لَا تُدْخِلْنِي النَّارَ؛ فَقَدْ عَلِمَ أَهْلُهَا أَنِّي كُنْتُ أَذُبُّ عَنْ دِيْنِكَ.
وَمِنْهُ: ارْحَمْ عَبْرَةَ تَرَقْرَقُ عَلَى مَا فَاتَهَا مِنْكَ، وَكَبِدًا تَحْتَرِقُ عَلَى بُعْدِهَا عَنْكَ، إِلهِي، عِلْمِي بِفَضْلِكَ يُطْعِمُنِي فِيْكَ، وَيَقِيْني بِسَطْوتِكَ يُؤَيِّسُنِي مِنْكَ، وَكُلَّمَا رَفَعْتُ سِتْرَ الشَّوْقِ إِلَيْكَ، أَمْسَكَهُ الْحَيَاءُ مِنْكَ، إِلهِي، لَكَ أَذِلُّ، وَبِكَ أُذَلُّ، وَعَلَيْكَ أَدِلُّ، وَأَنْشَدَ:
أَحْيَى بِذِكْرِكَ سَاعَةً وَأَمُوْتُ
…
لَوْلَا التَّعَلُّلُ بِالمُنَى لَفَنِيْتُ
وَلِلشَّيْخِ أبِي الفَرَجِ أشْعَارٌ حَسَنَةٌ كثيْرَةٌ، قَالَ أَبُو شَامَةَ: قِيْلَ: إِنَّهَا عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ
(1)
، فَمِمَّا أَنْشَدَهُ عَنْهُ القَطِيْعِيُّ
(2)
:
وَلَمَّا رَأَيْتُ دِيَارَ الصَّفَاءِ
…
أَقْوَتْ مِنِ اخْوَانِ أَهْلِ الصَّفَاءِ
سَعَيْتُ إِلَى سَدِّ بَابِ الوِدَادِ
…
وَأَحْزَنَ قَلْبِي وَفَاةُ الوَفَاءِ
فَلَمَّا اصطَحَبْنَا وَعَاشَرْتُكُمْ
…
عَلِمْتُ أَنَّ رَأْيي وَرَائِي
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:
(3)
(1)
هَذه مُبَالَغَة بلا شَكَّ، وَهِيَ غَيْرُ مَقْبُوْلَةٍ، وَسَبَقَ ذِكْرُ كِتَابِهِ:"مَا قُلْتُهُ مِنَ الاْشْعَارِ" وَأَنَّهُ جُزْءٌ. قَارِن بِمَا جَاءَ هُنَا؟!
(2)
الأبْيَاتُ فِي المُسْتَفَادِ من ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (285)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 30)، وفي الأصْلِ:"الصَّفا" وَ"الوَفَا" بِتَسْهِيْلِ الهَمْزَةِ.
(3)
الأبياتُ في ذَيل الرَّوضتين (24)، والمنهج الأحمد (4/ 31).
يَا صَاحِبِي هَذِي رِيَاحُ أَرْضِهِمْ
…
قَدْ اخْبَرَتْ شَمَائِلَ الشَّمَائِلِ
نَسِيْمُهُمْ سُحَّيْرِىَ الرِّيْحُ مَا
…
تُشْبِهُهُ رَوَائِحَ الأصَائِلِ
مَا لِلصَّبَا مُوْلَعَةٌ بِذِي الصِّبَا
…
أَوْ صَبًا فَوْقَ الغَرَامِ القَاتِلِ
مَا لِلْهَوَى العُذْرِيِّ فِي دِيَارِنَا
…
أَيْنَ العُذَيْبُ مِنْ قُصُوْرِ بَابِلِ
لَا تَطْلُبُوا ثَارَاتِنَا يَا قَوْمَنَا
…
دِيَارُنَا فِي أَذْرُعِ الرَّوَاحِلِ
للهِ دَرُّ العَيْشِ فِي ظِلَالِهِمْ
…
وَلَّى وَكَمْ أَسْأَرَ فِي المَفَاصِلِ
وَاطَرَبِي إِذَا رَأَيْتُ أَرْضَهُمْ
…
هَذَا وَفِيْهَا رُمِيَتْ مَقَاتِلِي
يَا دُرَّةَ الشَّيْخِ سَقَيْتِ أَدْمُعِي
…
وَلَا ابْتُلِيْتِ بِالهَوَى تَمَايَلِي
(1)
مَيْلُكِ عَنْ زَهْوٍ وَمَيْلِي عَنْ أَسًى
…
مَا طَرَبُ المَخْمُوْرِ مِثْلَ الثَّاكِلِ
قَالَ وأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ
(2)
:
سَلَامٌ عَلَى الدَّارِ الَّتِي لَا نَزُوْرُهَا
…
عَلَى أَنَّ هَذَا القَلْبِ فِيْهَا أَسِيْرُهَا
إِذَا مَا ذَكَرْنَا طِيْبَ أَيَّامِنَا بِهَا
…
تَوَقَّدَ فِي نَفْسِ الذُّكُوْرِ سَعِيْرُهَا
رَحَلْنَا وَفِي سِرِّ الفُؤَادِ ضَمَائِرٌ
…
إِذَا هَبَّ نَجْدِيُّ الصَّبَا يَسْتَثيْرُهَا
مَحَتْ
(3)
بَعْدَكُم تِلْكَ العُيُوْنُ دُمُوْعَهَا
…
فَهَلْ مِنْ عُيُوْنٍ بَعْدَهَا تَسْتَعِيْرُهَا
أَتَنْسَى رِيَاضَ الرَّوْضِ بَعْدَ فِرَاقِهَا
…
وَقَدْ أَخَذَ المِيْثَاقُ مِنْكَ غَدِيْرُهَا
يُجَعِّدُهُ مَرُّ الشَّمَالِ وَتَارَةً .. يُغَازِلُهُ كَرُّ الصَّبَا وَمُرُوْرُهَا
(1)
في (ط): "مَسَائلي".
(2)
المنهج الأحمد (4/ 31).
(3)
في (ط): "سَحَتْ".
أَلَا هَلْ إَلَى شَمِّ الخُزَامَى وَعَرْعَرٍ
…
وَشَيْحٍ بِوَادِي الأَثْلِ أَرْضٌ يَسِيْرُهَا
أَلَا أَيُّهَا الرُّكْبُ العِرَاقِيُّ بَلِّغُوا
…
رِسَالَةَ مَحْزُوْنٍ حَوَاهُ سُطُوْرُهَا
إِذَا كَتَبَتْ أَنْفَاسُهُ بَعْضَ وَجْدِهَا
…
عَلَى صَفْحَةِ الذِّكْرَى مَحَاهُ زَفِيْرُهَا
تَرَفَّقْ رَفِيْقِي هَلْ بَدَتْ نَارُ أَرْضِهِمْ
…
أَمِ الْوَجْدُ يُذْكِي نَارُهُ وَيُثِيْرُهَا
أَعِدْ ذِكْرَهُمْ فِهْوَ الشِّفَاءَ وَرُبَّمَا
…
شَفَى النَّفْسُ أَمْرٌ ثُمَّ عَادَ يَضِيْرُهَا
أَلَا أَيْنَ أَيَّامِ الوِصَالِ الَّتِي خَلَتْ
…
وَحَيْثُ خَلَتْ حَلَّتْ وَجَاءَ مَرِيْرُهَا
سَقَى اللهُ أَيَّامًا مَضَتْ وَلَيَالِيًا
…
تَضَوَّعَ رَيَّاهَا وَفَاحَ عَبِيْرُهَا
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:
(1)
إِذَا جُزْتَ بِالْغَوْرِ
(2)
عَرِّجْ يَمِيْنَا
…
فَقَدْ أَخَذَ الشُّوْقُ مِنَّا يَمِيْنَا
وَسَلِّمْ عَلَى بَانَةِ الوَادِيَيْنِ
…
فَإِنْ سُمِعَتْ أَوْ شَكَتْ أَنْ تَبِيْنَا
وَمِلْ نَحْوَ غُصْنٍ بِأَرْضِ النَّقَى
…
وَمَا يُشْبِهُ الأيْكُ تِلْكَ الغُصُوْنَا
وَصِحْ فِي مَغَانِيْهُمُ أَيْنَ هُمْ
…
وَهَيْهَاتَ أَمُّوا طَرِيْقًا شَطُوْنَا
وَرَوِّ
(3)
ثَرَى أَرْضَهُمْ بالدُّمُوْعِ
…
وَخَلِّ الضُّلُوْعَ عَلَى مَا طُوِيْنَا
أَرَاكَ يَشُوْقُكَ وَادِي الأَرَاكِ
…
أَلِلدَّارِ تَبْكِي أَمْ الظَّاعِيْنَا
سَقَى اللهُ مَرْتَعَنَا بِالْحِمَى
…
وَإِنْ كَانَ أَوْرَثَ دَاَءً دَفِيْنَا
وَعَاذِلَةٍ فَوْقَ دَاءِ المُحِبِّ
…
رُوَيْدًا رُوَيْدًا بِنَا قَدْ بَلِيْنَا
(1)
المنهج الأحمد (4/ 32).
(2)
في (ط): "بالفور".
(3)
في (ط): "ورق".
لِمَنْ تَعْذِلِيْنَ أَمَا تَعْذُرِيْنَ
…
فَلَوْ قَدْ تَبِعْتِ دَفَعْتِ الأنِيْنَا
إِذَا غَلَبَ الحُبُّ ضَاعَ العِتَابُ
…
تَعِبْتِ وأَتْعَبْتِ لَوْ تَعْلَمِيْنَا
وَمِمَّا يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنَ الشِّعْرِ:
(1)
تَمَلَّكُوا وَاحْتكَمُوا
…
وَصَارَ قَلْبِي لَهُمُ
تَصَرَّفُوا فِي مُلْكِهِمْ
…
فَلَا يُقَالُ ظَلَمُوا
إِنْ وَاصَلُوا مُحِبِّهمْ
…
أَوْ قَطَعُوا فَهُمْ هُمُ
اصْبِرْ لِمَا شَاءُوا وَإِنْ
…
سَاءَ الَّذِيْ قَدْحَكَّمُوُا
يَا أَرْضَ سَلْعٍ خَبِّرِي
…
وَحَدِّثِيْنِيْ عَنْهُمُ
يَالَيْتَ شِعْرِي إِذْ حَدَوا
…
أَأَنْجَدُوا أَمْ اتْهَمُوا
تَشْتَاقُهُمْ أَرْضُ مِنًى
…
وَتَشْتَكِيْهِمْ زَمْزَمُ
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ المَيْدُوْمِيُّ بِـ"بِمِصْرَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ سَمَاعًا قَالَ: قُرِئُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي الفَرَجِ بِنِ الجَوْزِيِّ، وأَنَا أَسْمَعُ لِنَفْسِهِ
(2)
:
(1)
ذيل الرَّوْضَتَيْنِ (24)، والمنهج الأحمد (4/ 32).
(2)
الأبياتُ في "مَشْيَخَةِ الحَرَّانِيِّ"(ورقة: 21)، وفي مُخْتَصَرِ طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لِلنَّابُلُسِيِّ (387)، وَعَنْهُ في المَنْهَجِ الأحْمَدِ (2/ 375)، قَالَ النَّابُلُسِيُّ: "أَخْبَرَنَا أبو الفَتْحِ مُحَمَّدُ ابنِ مُحَمَّدٍ المَيْدُوْمِيُّ رحمه الله بالقُدْسِ الشَّرِيْفِ قَالَ: أَخبَرَنَا الشَّيخُ نَجِيْبُ الدِّيْن أَبُو الفَرَج عَبْدُ اللَّطِيْفِ الحَرَّانِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنَا الإمَامُ الحَافِظُ أَبُو الفَرَج بنُ الجَوْزِيِّ، رحمه الله:
يَا نَادِبًا أَطْلَالَ كُلِّ نَادِ
…
وَبَاكِيًا فِي إِثْرِ كُلِّ حَادِ
وَسَاقَهَا بِكَمَالِهَا، وَفِيْهَا بَعْدَ ذِكْرِ بَعْضِ أَصْحَابِ الإمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنه:
وَانْحَازَ عِلْمُ الكُل فَاعْلَمْهُ إِلَى الـ
…
ـقَاضِي أِبي يَعْلَى عَلَى السَّدَادِ =
يَا نَادِبًا أَطْلَالَ كُلِّ نَادِي
…
وَبَاكِيًا فِي إِثْرِ كُلِّ حَادِي
مُسْتَلْبُ القَلْبِ بِحُبِّ غَادَةٍ
…
غَدَتْ غَدَاةَ
(1)
البَيْنِ بِالفُؤَادِي
مَهْلًا فَمَا الَّلذَّاتُ إِلَّا خِدَعٌ
…
كَأَنَّهَا طَيْفُ خَيَالٍ غَادِي
أَيْنَ المُحِبُّ وَالْحَبِيْبُ بَعُدَا
…
وَأَنْذَرَا مِنْ بَعْدُ بِالبَعَادِ
فَكُلُّ جَمْعِ فِإِلَى تَفَرُّقٍ
…
وَكُلُّ بَاقٍ فَإِلَى نَفَادِ
مَوَاعِظٌ بَليِغَةٌ فَيَا لَهَا
…
مَوَاعِظٌ وَارِيَةُ الزِّنَادِ
قَرَأَ عَلَى الشَّيْخِ أَبي الفَرَجِ العِلْمَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ طَلْحَةُ العَلْثِي، وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ تَيْمِيَّةَ، خَطِيْبُ "حَرَّانَ" وَذَكَرَ فِي أَوَّلِ "تَفْسِيْرِهِ" أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ "زَادَ المَسِيْرِ" فِي التَّفْسِيْرِ قِرَاءَةَ بَحْثٍ وَمُرَاجَعَةٍ. وَسمعَ الحَدِيْثَ وَغَيْرَهُ مِنْ تَصَانِيْفِهِ مِنْهُ خَلْقٌ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً مِنَ الأئِمةِ وَالحْفَّاظِ والْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ، مِنْهُمْ وَلَدُهُ الصَّاحِبُ مُحْيِي الدِّينِ، وَسِبْطُهُ
= كَانَتْ عُلُوْمُ أَحْمَدٍ كَأَحْرُفٍ
…
مُفْتَرِقَاتٍ لَا تَرَى مِنْ هَادِ
فَضَمَّهَا بِعِلْمِهِ فَأَصْبَحَتْ
…
قَوْلًا مُفِيْدَ الأمْرِ بِالإيْرَادِ
وَصَحْبَهُ لَا تَنْسَهُمْ فَإِنَّهُمْ
…
كَانُوا كَنُوْرِ البَدْرِ فِي السَّوَادِ
وَلاِبنِهِ وَابْنِ ابْنِهِ فَضَائِلٌ
…
بِفَضْلِهَا تَمْلأُ كُلِّ نَادِ
عِتْرَتُهُ تَشَابَهَتْ أَبْعَاضُهَا
…
وَهكَذَا خَالِصَةُ الأوْلَادِ
فَفَخْرُهُمْ يَنْطِقُ عَنْهُ عِلْمُهُمْ
…
بِأَلْسُنٍ قَوَاضِبٍ حِدَادِ
أنَّ أَبَا يَعْلَى غَدَا كَجَدِّهِ
…
فَاعْجَبْ لِقِسْمِ الجَوْهَرِ المِفْرَادِ
مَهْلًا فَلَوْ كُنْتُ أَرَى تناسُخًا
…
لقُلْتُ هَذَا ذَاكَ بِاعْتِقَادِ
(1)
في (ط): "فَإِنَّ".
أَبُو المُظَفَّرِ الوَاعِظِ، والشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وابنُ الدُّبَيْثِي، وَابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَابنُ خَلِيْلٍ، وَابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالنَّجِيْبُ عَبْدُ الَّلطِيْفِ الحَرَّانِيُّ، وَهُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ بِالسَّمَاعِ.
وَرَوَى عَنْهُ آخَرُوْنَ بِالإِجَازَةِ، آخِرُهُمْ الفَخْرُ عَلِيُّ بنُ البُخَارِيِّ. وَقَدْ نَالَتْهُ مِحْنَةٌ فِي آخِرِ عُمُرِهِ رحمه الله وَحَدِيْثُهَا يَطُوْلُ، وَمُلَخَصُّهَا:
قَدْ عُقِدَ مَجْلِسٌ لِلرُّكْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الْجِيْليِّ، وَأُحْرِقَتْ كُتُبُهُ، وَكَانَ فِيْهَا مِنَ الزَّنْدَقَةِ وَعِبَادَةِ النُّجُوْمِ وَرَأيِ الأوَائِلِ شَيْءٌ كَثيْرٌ، وَذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ العُلَمَاءِ، وَانْتَزَعَ الوَزِيْرُ مِنْهُ مَدْرَسَةَ جَدِّهِ، وَسَلَّمَهَا إِلَى ابْنِ الجَوْزِيِّ، فَلَمَّا وَليَ الوِزَارَةَ ابنُ القَصَّابِ -وَكَانَ رَافِضِيًّا خَبِيْثًا- سَعَى فِي القَبْضِ عَلَى ابنِ يُوْنُسَ، وَتَتبَّعَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لَهُ الرُّكْنُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنِ ابنِ الجَوْزِيِّ فَإنَّهُ نَاصِبِيٌّ، وَمِنْ أَوْلَادِ أَبي بَكْرٍ، فَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِ ابْنِ يُوْنُسَ، وَأَعْطَاهُ مَدْرَسَةَ جَدِّي، وَأُحْرِقَتْ كُتُبِي بِمَشُوْرَتهِ؟ فَكَتَبَ ابنُ القَصَّابِ إِلَى الخَلِيْفَةِ النَّاصرِ، وَكَانَ النَّاصرُ لَهُ مَيْلٌ إِلَى الشِّيْعَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَيْلٌ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ، بَلْ قَدْ قَيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَقْصِدُ أَذَاهُ، وَقِيْلَ: إِنَّ الشَّيْخَ رُبَّمَا كَانَ يُعَرِّضُ فِي مَجَالِسِهِ بِذَمِّ النَّاصرِ، فَأَمَرَ بِتَسْلِيْمِهِ إِلَى الرُّكْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، فَجَاءَ إِلَى دَارِ الشَّيْخِ وَشَتَمَهُ، وَأَغْلَظَ عَلَيْهِ وَخَتَمَ عَلَى كُتُبِهِ وَدَارِهِ، وَشَتَّتَ عِيَالَهُ. فَلَمَّا كَانَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ حُمِلَ فِي سَفِيْنَةٍ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا عَدُوَّهُ الرُّكْنُ، وَعلَى الشَّيْخِ غِلَالَةٌ بِلَا سَرَاوِيْلَ، وَعَلَى رَأْسِهِ تَخْفِيْفةٌ، فَأُحْدِرَ إِلَى "وَاسِطَ"، وَكَانَ نَاظِرُهَا
شِيْعِيًّا، فَقَالَ لَهُ الرُّكْنُ: مَكِّنِي مِنْ عَدُوِّي لأرْمِيَهُ فِي المَطْمُوْرَةِ، فَزَبَرَهُ
(1)
، فَقَالَ: يَا زِنْدِيْقُ، أَرْمِيْهِ بِقَوْلكَ، هَاتِ خَطِّ الخَلِيْفَةِ، وَاللهِ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِي لَبَذَلْتُ رُوْحِي وَمَالَي فِي خِدْمَتِهِ، فَعَادَ الرُّكْنُ إِلَى "بَغْدَادَ".
قَالَ ابنُ القَادِسِيِّ: لَمَّا حَضَرُوا "وَاسطَ" جُمِعَ النَّاسُ، وادَّعَى ابنُ عَبْدِ القَادِرِ عَلَى الشَّيْخِ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي وَقْفِ المَدْرَسَةِ، وَاقْتَطَعَ مِنْ مَالِهَا كَذَا وَكَذَا -وَكَذَبَ فِيْمَا ادَّعَاهُ-، وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ -وَصَدَقَ وَبَرَّ- وَأُفْرِدَ للشَّيْخِ دَارٌ بِـ"دَرْبِ الدِّيْوَانِ"، وَعَلَى بَابِهَا بَوَّابٌ. وَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَدْخُلُوْنَ عَلَيْهِ، وَيَسْتَمِعُوْنَ مِنْهُ، وَيُمْلِي عَلَيْهِمْ. وَكَانَ يُرْسِلُ أَشْعَارًا كَثيْرَةً إِلَى "بَغْدَادَ"، وأَقَامَ بِهَا خَمْسَ سِنِيْنَ يَخْدِمُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ، وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ وَيَطْبَخُ، وَيَسْتَقِي المَاءَ مِنَ البِئْرِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ خُرُوْجٍ إِلَى حَمَّامٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِيْنَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ بَقِيَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فِي السَّفِيْنَةِ حتَّى وَصَلَ إِلَى "وَاسطَ" لَمْ يَأْكُلْ فِيْهَا طَعَامًا.
وَذَكَرَ عَنْهُ انَهُ قَالَ: قَرَأْتُ بِـ"وَاسطَ" مُدَّةَ مَقَامِي بِهِا كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةً، مَا قَرَأْتُ فِيْهَا سُوْرَةَ يُوْسُفَ مِنْ حُزْنِي عَلَى وَلَدِي يُوْسُفَ.
والَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الفَرَجِ بنُ الحَنْبَلِيِّ عَنْ طَلْحَةَ العَلْثِيِّ: أَنَّ الشَّيْخَ كَانَ يَقْرَأُ فِي تِلْكَ المُدَّةِ مَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ أَوْ أَرْبَعَةً مِنَ القُرْآنِ، وَبَقِيَ عَلَى ذلِكَ مِنْ سَنَةِ تِسْعِيْنَ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، فَأُفْرِجَ عَنْهُ، وَقَدِمَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَخَرَجَ خَلْقٌ كَثيْرٌ يَوْمَ دُخُوْلهِ لِتَلَقِّيْهُ، وَفَرِحَ بِهِ أَهْلُ "بَغْدَادَ"
(1)
أي: نَهَرَهُ.
فَرَحًا زَائِدًا، وَنُوْدِيَ لَهُ بِالجُلُوْسِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَصَلَّى النَّاسُ الجُمُعَةَ، وَعَبَرُوا يَأْخُذُوْنَ مَكَانَاتِ مَوْضِعِ المَجْلِسِ عِنْدَ "تُرْبَةِ أُمِّ الخَلِيْفَةِ"، فَوَقَعَ تِلكَ اللَّيْلَةَ مَطَرٌ كَثيْرٌ مَلأَ الطُرُقَاتِ، فَأُحْضِرَ فِي اللَّيْلِ فَرَّاشُونَ وَرَوْزَجَارِيَّةٌ، فَنَظَّفُو مَوْضِعَ الجُلُوْسِ وَفَرَشُوا فِيْهِ دِقَاقَ الحَصْبَى
(1)
وَالبَوَارِيَ، وَمَضَى النَّاسُ وَقْتَ المَطَرِ إِلَى قَبْرِ مَعْرُوْفِ تَحْتَ السَّابَاطِ، حَتَّى سَكَنَ المَطَرُ، ثُمَّ جَلَسَ الشَّيْخُ بُكْرَةَ السَّبْتِ وَعَبَرَ الخَلْقُ، وَحَضَرَ أَرْبَابُ المَدَارِسِ وَالصُّوْفِيَّةِ وَمَشَايِخِ الرّبُطِ، وَامْتَلأَتِ البَرِّيَّةِ حَتَى مَا كَانَ يَصِلُ صَوْتُ الشَّيْخِ إِلَى آخِرِهِمْ.
وَكَانَ السَّبَبُ فِي الإفْرَاجِ عَنِ الشَّيْخِ، أَنَّ وَلَدَهُ مُحْيِي الدِّينِ يُوْسُفَ تَرَعْرَعَ وَأَنْجَبَ
(2)
، وَقَرَأَ الوَعْظَ وَوَعَظَ، وَتَوَصَّلَ، وَسَاعَدَتْهُ أُمُّ الخَلِيْفَةِ، وَكَانَتْ تتَعَصَّبُ لِلْشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ، فَشَفَعَتْ فِيْهِ عنْدَ ابْنَهَا النَّاصِرُ، حَتَّى أَمَرَ بِإِعَادَةِ الشَّيْخِ، فَعَادَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَجَلَسَ عِنْدَ "تُرْبَةِ أُمِّ الخَلِيْفَةِ" لِلَوَعْظِ، وَأَنْشَدَ:
(3)
شَقِيْنَا بِالنَّوَى زَمَنًا فَلَمَّا
…
تَلَاقَيْنَا كَأَنَّا مَا شَقِيْنَا
سَخِطْنَا عِنْدَمَا جَنَتِ اللَّيَالِي
…
فَمَازَالَتْ بِنَا حَتَّى رَضِيْنَا
سَعِدْنَا بِالوِصَالِ وَكَمْ شَقِيْنَا
…
بِكَاسَاتِ الصُّدُوْدِ وَكَمْ فَنِيْنَا
فَمَنْ لَمْ يَحْيَ بَعْدَ المَوْتِ يَوْمًا
…
فَإِنَّا بَعْدَ مَا مِتْنَا حَيِيْنَا
(1)
في (ط): "الجُصّ" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ.
(2)
لعلها: "وَنَجَبَ". أَيْ: أَصْبَحَ نَجِيْبًا.
(3)
الأبياتُ في المنهج الأحمد (4/ 36).
وَلَمْ يَزَلِ الشَّيْخُ عَلَى عَادَتِهِ الأُوْلَى فِي الوَعْظِ، وَنَشْرِ العِلْمِ وَكِتَابَتِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ.
قَالَ سِبْطُهُ أَبُو المُظَفَّرِ: جَلَسَ جَدِّي يَوْمَ السَّبْتِ سَابِعِ شَهْرِ رَمَضَانَ -يَعْنِي سَنَةَ سَبع وتسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ- تَحْتَ تُرْبَةِ أمِّ الخَلِيْفَةِ المُجَاوِرَةِ لِمَعْرُوفٍ الكَرْخِيِّ، وَكُنْتُ حَاضِرًا، فَأَنْشَدَ أَبْيَاتًا، قَطَعَ عَلَيْهَا المَجْلِسُ، وَهِيَ هَذِهِ
(1)
:
اللهَ أَسْأَلُ أَنْ يُطَوِّلَ مُدَّتِي
…
وَأَنَالُ بِالإنْعَامِ مَا فِي نِيَّتِي
لِيْ هِمَّةٌ فِي العِلْمِ مَا مِنْ مِثْلِهَا
…
وَهِي الَّتِي جَنَتِ النُّحُوْلَ هِيَ الَّتِي
خُلِقَتْ مِنَ القَلَقِ العَظِيْمِ إِلَى المُنَى
…
دُعيَتْ إِلَى نَيْلِ الكَمَالِ فَلَبَّتِ
كَمْ كَانَ لِيْ مِنْ مَجْلِسٍ لَوْ شُبَّهَتْ
…
حَالَاتُهُ لَتَشَبَّهَتْ بِالجَنَّةِ
اشْتَاقَهُ لَمَّا مَضَتْ أَيَّامُهُ
…
عَلَلًا وَتُعْذَرُ نَاقَةٌ إِنْ حَنَّتِ
يَا هَلْ لِلَيْلَاتٍ بِجَمْعٍ عَوْدَةٌ
…
أَمْ هَلْ إِلَى وَادِي مِنًى مِنْ نَظْرَةِ
قَدْ كَانَ أَحْلَى مِنْ تَصَارِيْفِ الصِّبَى
…
وَمِنَ الحَمَامِ مُغَنِّيًا فِي الأيْكَةِ
فيْهِ البَدِيْهَاتِ الَّتِي مَا نَالَهَا
…
خَلْقٌ بِغَيْرِ مُخَمَّرٍ وَمُبَيَّتِ
بِرَجَاحَةٍ وَفَصَاحَةٍ وَمَلَاحَةٍ
…
تَقْضِيْ لَهَا عَدْنَانُ بِالعَرَبِيَّةِ
وَبَلَاغَةٍ وَبَرَاعَة وَيَرَاعَةٍ
…
ظَنَّ النَبَاتِيْ أَنَّهَا لَمْ تَنْبُتِ
وَإِشَارَةٍ تُبْكِي الجُنَيْدَ وَصَحْبَهُ
…
فِي رِقَّةٍ مَا نَالَهَا ذُو الرُّمَّةِ
قَالَ أبُو شَامَةَ: هَذِهِ الأبْيَاتُ أَظُنُّهَا كَانَ نَظَمَهَا في أَيَّامِ مِحْنَتِهِ، إِذْ كَانَ مَحْبُوْسًا بِـ"وَاسِطَ"؛ فَمَعَانِيْهَا دَالَّةٌ عَلى ذلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ أبُو المُظَفَّرِ: ثُمَّ نَزَلَ عَنِ المِنْبَرِ، فَمَرِضَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَتُوُفِّيَ
(1)
الأبياتُ في ذيل الرَّوْضَتَيْنِ (25)، والسير (21/ 378)، والمنهج الأحمد (4/ 36).
لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بَيْنَ العِشَائَيْنِ، فِي دَارِهِ بِـ"قَطُفْتَا"
(1)
.
قَالَ: وَحَكَتْ لِي والِدَتِي أَنَّهَا سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ قَبْلَ مَوْتهِ: أَيْشٍ أَعْمَلُ بِطَوَاوِيْس؟ يُرَدِّدُهَا. قَدْ جِئْتُمْ لِي هَذِهِ الطَّوَاوِيْس، وَحَضَرَ غَسْلَهُ شَيْخُنَا ضِيَاءُ الدِّيْنِ بنُ سُكَيْنَةَ
(2)
. وَضِيَاءُ الدِّيْنِ بنُ الجُبَيْرِ
(3)
وَقْتَ السَّحَرِ، وَاجْتَمَعَ أَهْلُ "بَغْدَادَ" وَغُلِّقَتِ الأسْوَاقُ، وَجَاءَ أَهْلُ المَحَالِّ، وَشَدَدْنَا التَّابُوْتَ بِالحِبَالِ، وَسَلَّمْنَاهُ إِلَيْهِمْ، فَذَهَبُوا بهِ إِلَى تَحْتِ التُّرْبَةِ مَكَانَ جُلُوْسِهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ أَبُو القَاسِمِ عَلِيٌّ اتًّفَاقًا؛ لأنَّ الأعْيَانَ لَمْ يَقْدِرُوا علَى الُوُصُوْلِ إِلَيْهِ، ثُمَّ ذَهَبُوا بِه إِلَى جَامِعِ المَنْصُوْرِ، فَصَلَّوا عليْهِ، وَضَاقَ بِالنَّاسِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، لَمْ يَصِلْ إِلَى حُفْرَتِهِ عِنْدَ قَبْرِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ
(1)
في (ط): "يَقَطُفْتَا" وَ"قَطُفْتَا" بالفَتْحِ، ثُمَّ الضَمِّ، وَالفَاءُ سَاكِنَةٌ، وَتَاءٌ مُثَنَاةٌ من فَوْقِ، وَالقَصْرُ
…
مَحِلَّةٌ، كَبِيْرَةٌ، ذَاتُ أَسْوَاقٍ بالجَانِبِ الغَرْبِيِّ من "بَغْدَادَ" كَمَا في مُعْجَمِ البُلدَانِ (4/ 424).
(2)
هُوَ الإمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الفَقِيْهُ، الكَبِيْرُ، شَيْخُ الإسْلَامِ، أَبُو أَحْمَدَ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ سُكَيْنَةَ، البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ (ت: 607 هـ). و"سُكَيْنَةُ" هِيَ وَالِدَةُ أَبِيْهِ. أَخْبَارُهُ في: التَّقِيِيْدِ (373)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 354)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 201)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (70)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 502)، وَطَبَقَاتِ الشَافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (5/ 136)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 480).
(3)
فِي (أ) و (ط): "الجبير" وَالحُبَيْرُ تَصْغِيْرُ حَبْرٍ. وهو يَحْيَى بنُ المُظَفَّر بن نُعَيْم بنِ عَلِي البَغْدَادِيُّ، البَدْرِيُّ، الزَّاهِدُ (ت: 607 هـ) حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، قَالَ: وَيُلَقَّبُ صَفِيِّ الدِّيْنِ، وَهُنَا ضِيَاء الدِّيْن؟! وَكَذلِكَ هُوَ في مَصَادِرِ تَرْجَمَتِهِ، يَأْتِي تَصْحِيْح ذلِكَ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
حَنْبَلٍ إِلَى وَقْتِ صَلَاةِ الجُمُعَةِ، وَكَانَ فِي تَمُّوْزٍ، وَأَفْطَرَ خَلْقٌ كَثيْرٌ مِمَّنْ صَحِبَهُ، رَمَوْا أَنْفُسَهُم فِي خَنْدَقِ "الطَّاِهرِيَّةِ"
(1)
. فِي المَاءِ، وَمَا وَصَلَ إِلَى حُفْرَتهِ مِنَ الكَفَنِ إِلَّا القَلِيْلُ، وَنُزِّلَ فِي الحُفْرَةِ وَالمُؤَذِّنُ يَقُوْلُ: اللهُ أَكْبَرُ، وَحَزِنَ النَّاسُ عَلَيْهِ حَزْنًا شَدِيْدًا، وَبَكَوْا عَلَيْهِ بُكَاءً كَثيْرًا، وَبَاتُوا عِنْدَ قَبْرِهِ طُوْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ يَخْتِمُوْنَ الخَتَمَاتِ بِالقَنَادِيْلِ وَالشُمُوْعِ وَالجَمَاعَاتِ
(2)
. قَالَ: ورَآهُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ المُحَدِّثُ أَحْمَدُ بنُ سَلْمَانَ الحَرْبِيَّ
(3)
عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ يَاقُوْتٍ مُرَصَّعٍ بِالجَوْهَرِ، وَالمَلَائِكَةُ جُلُوْسٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالحَقُّ تَعَالَى حَاضِرٌ يَسْمَعُ كَلَامَهُ.
قُلْتُ: وَأَنْبَأَنِي أَبُو الرَّبِيع عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الجَيْشِ
(4)
(1)
قَالَ يَاقُوْتٌ في مُعجم البُلدان (4/ 9): "قريةٌ بِـ"بَغْدَادَ" يَسْتَنْقِعُ فِيْهَا المَاءُ في كُل عَامٍ إِذَا زَادَتْ دِجْلَةُ فَيَظْهَرُ فِيْهَا السَّمَكُ المَعْرُوْفُ بـ"البُنِّيِّ" فَيَضْمَنُهُ السُّلْطَانُ بِمَالٍ وَافِرٍ، وَلِسَمَكِهَا فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ .... ".
(2)
مَعْلُوْمٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنَ البِدَعِ.
(3)
أَحْمَدُ بنُ سَلْمَانَ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَلْمَانَ بنِ أَبِي شَرِيْكٍ، أَبُو العَبَّاسِ، المُقْرِئُ، الحَربيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ"السُّكَّرِ" مُقْرِئُ، مُحَدِّثٌ، ثِقَةٌ، خَرَّجَ "مَشْيَخَة" لأهْلِ "الحَرْبِيَّةِ" سَمِعَ بِـ"مَكَّةَ" و"دِمَشْقَ" و"بَيْتِ المَقْدِسِ" (ت: 601 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 56)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 154)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 580)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 58)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 188)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 2).
(4)
ويُدْعَى "عَبدِ المُنْعِمِ" أيضًا، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وهُو من شُيُوخ المُؤَلِّفِ وَشُيُوْخِ أَبِيْهِ، وَقُلْنَا: إِنَّ المُؤَلِّفَ لَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ. وفَاتُهُ سَنَةَ (742 هـ)، نَسْتَدْرِكْهُ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى وَوَالِدُهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ أَحْمَدَ (ت 676 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قَالَ عَفِيْفُ الدِّيْنِ مُعْتُوْقٌ القَيْلَوِيُّ
(1)
: رَأَيْتُ فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ قَائِلًا: يَقُوْلُ:
لعَمْرُكَ قَدْ أُوْذِي وَعُطِّلَ مِنْبَرٌ
…
وَأَعْيَى عَلَى المُسْتَفْهِمِيْنَ جَوَابُ
قَالَ: فَانْتَبَهْتُ منْ نَوْمِي، فَقُلْتُ: تُرَى أَيُّ شَيءٍ قَدْ جَرَى؟ فَجَاءَنَا الخَبَرُ وَقْتَ العَصْرِ بِمَوْتِ الشَّيْخِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، فَقُلْتُ:
(1)
في (ط): "القَلْيُوْبِيُّ"؟ هُوَ مُعْتُوْقُ بنُ مَنِيع، أَبُو المَوَاهِبِ، الأدِيْبُ، خَطِيْبُ "قَيْلُوْيَةَ" قَرَأَ الأدَبَ عَلَى ابنِ الخَشَّابِ، وَالكَمَالِ ابنِ الأنْبَارِيِّ، وَابْنِ العَصَّارِ، وَلَهُ شِعْرٌ، وَخُطَبٌ (ت: 606 هـ). أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 185)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 269)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 53)، قَالَ:"وَلَهُ دِيْوَانُ شِعْرٍ"، وَفِي "التَّكْمِلَةِ":"وَحَدَّثَ بِشَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ" قَالَ ابنُ السِّاعِي في "الجَامِعِ المُخْتَصَرِ": فَمِنْ شَعْرِهِ قَوْلُهُ:
أَخَيَالُ عَلْوَةَ وَالمَزَارُ بَعِيْدُ
…
وَافَى وَدُوْنَكَ حَزْنُهُ وَالبِيْدُ
يَطْوِي فِجَاجُ الأرْضِ وَهِيَ عَرِيْضَةٌ
…
وَهْنًا وَيَبْخَلُ مَرَّةَ وَيَجُوْدُ
أَنَّى يُلِمُّ بِسَاهِرٍ لَمْ تَغْتَمِضْ
…
عَيْنَاهُ فَهْوَ عَنِ الكَرَى مَصْدُوْدُ
كَالحَائِمِ الصَّدْيَانِ يَنْظُرُ دُوْنَهُ
…
مَاءٌ وَلَيْسَ لَهُ إِلَيْهِ وُرُوْدُ
مِنْ دُوْنهِ زُرْقُ الأسِنَّةِ وَالظُّبَى
…
وَأَسَاوِدٌ مِنْ حَوْلهِ وَأُسُوْدُ
مَا الطَّعْنَةُ النَّجْلَاءُ دُوْنَ وُرُوْدِهِ
…
إِنْ جَاءَهُ وَالضَّرْبَةُ الأخْدُوْدُ
أَمْ هَاجَ ذلِكَ يَوْمَ جَوِّ سُوَيْقَةٍ
…
وَهَوَاكَ ذَاكَ الصَّائِحُ الغِرِّيْدُ
يَدْعُو الهَدِيْلَ وَيَدَّعِيْ فَيَرُدَّ مَا
…
قَدْ يَدَّعِيْهِ خِضَابُهُ وَالجِيْدُ
مَا كُنْتُ أَعْلَمُ قَبْلَ يَوْمِ سُوَيْقَةٍ
…
أَن الضَّرَاغِمَ تَسْتَبِيْهَا البِيْدُ
وَإِذَا الكَمِيُّ غَدَا بِهِ مُتَلثِّمًا
…
يُصْمِي مَقَاتِلَهُ الفَتَاةُ الرُّوْدُ
وَلَمْ يَبْقَ مَنْ يُرْجَى لإِيْضاحِ مُشْكِلٍ
…
وَأَصْبَحَ رَبْعُ العِلْمِ وَهْوَ خَرَابُ
ثُمَّ قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ: أَصْبَحْنَا عَمِلْنَا عَزَاهُ، وَتَكَلَّمْتُ فِيْهِ، وَحَضَرَ خَلْقٌ عَظِيْمٌ. وأَنْشَدَ القَادِرِيُّ
(1)
العَلَوِيُّ:
الدَّهْرُ عَنْ طَمَع يَغُرُّ وَيَخْدَعُ
…
وَزَخَارِفُ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ تُطْمِعُ
وَأَعِنَّةُ الآمَالِ يُطْلِقُهَا الرَّجَا
…
طَمَعًا وَأَسْيَافُ المَنِيَّةِ تَقْطَعُ
وَالمَوْتُ آتٍ وَالحَيَاةُ مَرِيْرَةٌ
…
وَالنَّاسُ بَعْضُهُمُ لِبَعْضٍ يَتْبَعُ
وَاعْلَمْ بِأَنكَ عَنْ قَلِيْلٍ صَائِرٌ
…
خَبَرًا فَكُنْ خَبَرًا بِخَيْرٍ يُسْمَعُ
لِعُلَا أَبِي الفَرَجِ الَّذِي بَعْدَ التُّقَى
…
وَالعِلْمِ يَوْمَ حَوَاهُ هَذَا المَجْمَعُ
حَبْرٌ عَلَيْهِ الشَّرْعُ أَصْبَحَ وَالِهًا
…
ذَا مُقْلَةٍ حَرَّى عَلَيْهِ تَدْمَعُ
مَنْ لِلْفَتَاوَى المُشْكِلَاتِ وَحَلِّهَا
…
مِنْ ذَا لِخَرْقِ الشَّرْعِ يَوْمًا يُرْقَعُ
مَنْ لِلْمَنَابِرِ أَنْ يَقُوْمَ خَطِيْبُهَا
…
وَلِرَدِّ مَسْأَلَةٍ يَقُوْلُ فَيُسْمَعُ
مَنْ لِلْجِدَالِ إِذَا الشِّفَاهُ تَقَلَّصَتْ
…
وَتَأَخَّرَ القَوْمَ الهِزَبْرُ المِصْقَعُ
مَنْ لِلْدَّيَاجِي قَائِمًا دَيْجُوْرُهَا
…
يَتْلُو الكِتَابَ بِمُقْلَةِ لَا تَهْجَعُ
أَجْمَالَ دِيْنِ مُحَمَّدٍ مَاتَ التُّقَى
…
وَالعِلْمُ بَعْدَكَ وَاسْتَحَمَّ المَجْمَعُ
يَا قَبْرُهُ جَادَتْكَ كُلُّ غَمَامَةٍ
…
هَطَّالَةٍ رَكَّانَةٍ لَا تُقْلِعُ
قَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ الصَّلَاةِ فَتِهْ بِهِ
…
وَانْظُرْ بِهِ يَا رَمْلُ مَاذَا يَصْنَعُ
يَا أَحْمَدٌ خُذْ أَحْمَدَ الثَّانِي الَّذِي
…
مَازَالَ عَنْكَ مُدَافِعًا لَا يَرْجِعُ
أَقْسَمْتُ لَوْ كُشِفَ الغِطَا لَرَأَيْتُمْ
…
وَفْدَ المَلَائِكَ حَوْلَهُ تَتَشَرَّعُ
(1)
زَادَ مُحَقِّقُ "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" لَفْظَةَ "عَبْدٍ" وَحَذَفَ اليَاء فَأَصْبَحَتْ "عَبْدَ القَادِرِ"؟!
وَمُحَمَّدٌ يَبْكِي عَلَيْهِ وَآلُهُ
…
خَيْرُ البَرِيَّةِ وَالبَطِيْنُ الأنْزَعُ
وَذَكَرَ تَمَامَ القَصِيْدَةِ: قَالَ: وَمِنَ العَجَائِبِ: أَنَا كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ قَبْرِهِ بَعْدَ انْفِضَاضِ العَزَاءِ، وَإِذَا بِخَالِي مُحْيِي الدِّيْنِ يُوْسُفَ قَدْ صَعَدَ مِنَ الشَطِّ، وَخَلْفَهُ تَابُوْتٌ، فَعَجِبْنَا وَقُلْنَا: تُرَى مَنْ مَاتَ فِي الدَّارِ؟ وإِذَا بِهَا خَاتُوْنُ أُمُّ وَلَدِ جَدِّي، وَالِدَةُ مُحْيِي الدِّيْنِ، وَعَهْدِي بِهَا فِي لَيْلَةِ الجُمُعَةِ الَّتِي مَاتَ فِيْهَا جَدِّي فِي عَافِيَةٍ، قَائِمَةٌ لَيْسَ بِهَا مَرَضٌ، فَكَانَ بَيْنَ مَوْتهَا وَمَوْتهِ يوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَعَدَّ النَّاسُ ذلِكَ مِنْ كَرَامَاتِهِ؛ لأَنَّهُ كَانَ مُغْرًى بِهَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ. وَأَوْصَى جَدِّي أَنْ يُكْتَبَ عَلَى قَبْرِهِ:
(1)
يَا كَثيْرَ العَفْوِ عَمَّنْ
…
كَثُرَ الذَّنْبُ لَدَيْهِ
جَاءَكَ المُذْنِبُ يَرجُو الصَّـ
…
ـفْحَ عَنْ جُرْمِ يَدَيْهِ
أَنَا ضَيْفٌ وَجَزَاءُ الضَّـ
…
ـيْفِ إِحْسَانٌ إِلَيْهِ
فَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَغَفَرَ لَهُ، وَرَحِمَ سَائِرَ عُلَمَاءِ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَ أَبُو المُظَّفَرِ: وَكَانَ لَهُ مِنَ الأوْلَادِ الذُّكُوْرِ ثَلَاثَةٌ، أَوَّلُهُمْ:
228 - أَبُو بكْرِ عَبْدُ العَزِيزِ
(2)
وَهُوَ أَكْبَرُ أَوْلَادِهِ،
تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَسَمعَ أَبَا الوَقتِ، وَابْنَ نَاصِرٍ، وَالأُرْمَوِيَّ، وَجَمَاعَةً مِنْ مَشَايِخِ وَالِدِهِ.
وَسَافَرَ إِلَى "المَوْصِلِ"، وَوَعَظَ، وَحَصَلَ لَهُ القَبُولُ التَّامُّ، فَيُقَالُ: إِنَّ
(1)
الأبْيَاتُ فِي: ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (26)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبُلاءِ (21/ 380)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 98)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 39).
(2)
تَقَدمَ ذِكْرُهُ فِي هَامِشِ وَفَيَاتِ سَنَةِ (554 هـ).
بَنِي الشَّهْرَزُوْرِيِّ حَسَدُوْهُ، فَدَسُّوا إِلَيْهِ مَنْ سَقَاهُ السُّمَّ، فَمَاتَ بِـ"المَوْصِلِ" سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ.
229 - وَالثَّانِيْ: أَبُو القَاسِمِ عَلِيٌّ:
كَتَبَ الكَثيْرَ، وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ البَطِيِّ وَغَيْرِهِ
(1)
. وَكَانَتْ طَرِيْقتهُ غَيْرُ مُرْضِيَّةٍ، وَهَجَرَهُ أَبُوْهُ سِنِيْنَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثِيْنَ وَسِتِمَائَةَ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً
(2)
.
وَأَبُوُ مُحَمَّدٍ يُوْسُفُ: أُسْتَاذُ دَارٍ المُسْتَعْصِمِ، وَسنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الكِتَابِ.
وَممَّا يُذْكَرُ مِنْ مَناقِبِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ: مَا ذَكَرَهُ هُوَ فِي "تَارِيْخِهِ"
(3)
فِي تَرْجَمَةِ مُرْجَانَ الخَادِمِ، وَكَانَ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ وَشَيْئًا مِنَ الفِقْهِ
(4)
، وَتزَهَّدَ، وَلَهُ مَكَانَةٌ عِنْدَ الخَلِيْفَةِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَتَعَصَّبُ علَى الحَنَابِلَةِ فَوْقَ الحَدِّ، حَتَّى إِنَّ الوَزِيْرَ ابنَ هُبَيْرَةَ عَمِلَ بِـ"مَكَّةَ" حَطِيْمًا يُصَلِّي فِيْهِ إِمَامُ الحَنَابِلَةِ، فَمَضَى مُرْجَانُ وَقَلْعَهُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الخَلِيْفَةِ، قَالَ أَبُو الفَرَجِ: وَنَاصَبَنِيْ دُونَ الكُلِّ، وَبَلغَنِّي أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَقْصُوْدِي قَلْعَ المَذْهَبِ، فَلَمَّا
(1)
قَالَ ابنُ الجَوْزِي في "المُنتظَمِ"(10/ 257) في وَفَيَاتِ سَنَةِ (571 هـ): "وَتزَوَّجَ حِيْنَئِذٍ وَلَدِي أَبُو القَاسِمِ بابْنَةِ الوَزِيْرِ يَحْيَى بنِ هُبَيْرَةَ، وَكَانَ الخَاطِبَ ابنُ المُهْتَدِي". وَأَحْفادُهُ وَذُوو قَرَابَتِهِ تَقَدَّم ذِكْرُهُمْ فِي هَامِشِ صَدْرِ التَّرْجَمَةِ.
(2)
سَيَأْتِي ذِكْرُهُ في سَنَةِ وَفَاتِهِ من الاسْتِدْرَاكِ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(3)
المُنْتَظَمُ (10/ 213)، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في هَامِشِ تَرْجَمَةِ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ (ت: 560 هـ).
(4)
في "المُنْتَظَمِ": "وَيَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ
…
" وَبَقِيَّةُ النَّصِّ مُخْتَلِفُ العِبَارَةِ عَنْ مَا جَاءَ هاهنَا، فَلَعَلَّ المُؤَلِّفَ نَقَلَهُ بِمَعْنَاهُ.
مَاتَ الوَزِيْرُ ابنُ هُبَيْرَةَ سَعَى إِلَى الخَلِيْفَةِ، فَقَالَ: عِنْدَهُ كُتُبٌ مِنْ كُتُبِ الوَزِيْرِ، فَقَالَ الخَلِيْفَةُ: هَذَا مُحَالٌ؛ فَإِنَ فُلَانًا كَانَ عِنْدَهُ أَحَدَ عشَرَ دِيْنَارًا لأبِي حَكِيْمٍ، وَكَانَ حَشَرِيًّا، فَمَا فَعَلَ فِيْهَا شَيْئًا، حَتَّى طَالَعَنَا، قَالَ: فَنَصَرَنِي اللهُ عَلَيْهِ وَدَفْعِ شَرَّهُ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي سَعْدُ اللهِ البَصْرِيُّ -وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَكَانَ مُرْجَانُ حِيْنَئِذٍ فِي عَافِيَةٍ- قَالَ: رَأَيْتُ مُرْجَانَ فِي المَنَامِ وَمَعَهُ اثْنَانِ، كُلُّ وَاحِدٍ قَدْ أَخَذَ بِيَدِ، فَقُلْتُ إِلَى أَيْنَ؟ قَالَا: إِلَى النَّارِ، قُلْتُ: لِمَاذَا؟ قَالَا: كَانَ يُبْغِضُ ابنَ الجَوْزِيِّ. قَالَ: وَلَمَّا قَوِيَتْ عُصْبَتُهُ لَجَأتُ إِلَى اللهِ تَعَالَى لِيَكْفِيْنِي شَرُّهُ، فَمَا مَضَتْ إِلَّا أَيَّامٌ حَتَّى أَخَذَهُ السَّلَّالُ فَمَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتِّيْنَ بَعْدَ ابنِ هُبَيْرَةَ بِأَشْهُرٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَيْدُوْمِيُّ
(1)
بِـ"فِسْطَاطِ مِصْرَ"(أَنَا) عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ الحَرَّانِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ الحَافِظُ (أَنَا) القَاضيْ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأصْبَهَانِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ (أَنَا) عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُوْسَى بنِ شَمَّةَ سَنَةَ سَبع وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمَائَةَ (أَنَا) أَبُو بكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُقْرِئِ (أَنَا) أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ؛ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ قَالَا:(ثَنَا) عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ (أَنَا) شُعْبَةُ، وَهُشَيْمٌ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ العَزيْزِ بنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ
(2)
: "كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الخَلَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذَ بِكَ
(1)
في (ط): "الميدوي" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَالمَيْدُوْمِيُّ مِنْ شُيُوْخِ المُؤَلِّفِ، تَقَدَّم ذِكْرُهُ مِرَارًا.
(2)
النصُّ مِنْ قَوْلهِ: " (أَنَا) القَاضِي أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ
…
" في مَشْيَخَةِ ابنِ =
مِنَ الخُبْثِ وَالخَبَائِثِ" أَخْرَجَهُ (خ) عَنْ آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ، وَ (م) عَنْ يَحْيَى، عَنْ هُشَيْمٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَبِهِ قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ:
(1)
وَ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
= الجَوْزِيِّ (90، 91)، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ، وَقَوْلُهُ هُنَا: "عَنْ عَبْدِ الرَّزاقِ عن مُوْسَى بن شَمَةَ
…
" كَذَا في (ط) وَصَوَابُهُ: عَن عَبْدِ الرَّزاقِ بنِ عُمَرَ بن مُوْسَى بنِ شَمَةَ. وَهُوَ كَذَا في مَشْيَخَةِ ابنِ الجَوْزِيِّ، وَكَذَا هُوَ في تَرْجَمَتِهِ في التَّقْيِيْدِ (2/ 108)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (18/ 149)،
…
وَغَيْرِهِمَا، قَالَ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ الحَنْبَلِيُّ في تكمِلَةِ الإكْمَالِ (3/ 441): "أَمَّا (شَمَةُ) بِفَتْحِ الشِّيْنِ المُعْجَمَةِ وَالمِيْمِ المُخَفَّفَةِ وَالهَاءِ، فَهُو أَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الرَّزاقِ بنُ عُمَرَ بنِ مُوْسَى بنِ شَمَةَ الأصْبَهَانِيُّ
…
" ثُمَّ قَالَ ابنُ نُقْطَةَ: "وَنَقَلْتُهُ مِن خَط الحَافِظِ أبي العَلَاءِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ بِكَسْرِ الشَّيْنِ وَتَخْفِيْفِ المِيْمِ. وَيُرَاجَعُ: سِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ، والتَّوْضِيْحُ لابنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ (361) -في غَيْرِ المَذْكُوْرِ هُنَا-، وَالتَّبْصِيْرُ للحَافِظِ ابنِ حَجَر (2/ 789). وَالحَدِيْثُ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ (1/ 48) كِتَابُ (الوُضُوْءِ)، بَابُ "مَا يَقُوْلُ عِنْدَ دُخُوْلِ الخَلَاءِ"، وَمُسْلِمٌ في صَحِيْحِهِ (1/ 283)، وأَخْرَجَهُ أَحْمَد في مُسْنَدِهِ (3/ 99)، وَابنُ الجَعْدِ في مُسْنَدِهِ (379)، وأَبو عَوَانَةَ في مُسْنَدِهِ (1/ 316)، وَأَبُو يَعْلَى في مُسْنَدِهِ (7/ 10)
…
وَغَيْرُهُمْ.
(1)
رَوَاهُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ (1/ 228، 361)، وَالبُخَارِي في (الإِيْمَانِ)، بابُ "أَدَاءِ الخُمْسِ"(1/ 120 - 125)، وَهُوَ أَيْضًا عِنْدَهُ في (العِلْمِ)، بابُ "تَحْرِيْضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْتَظُوا الإيمَانَ"، وَفِي (مَوَاقِيْتِ الصَّلَاةِ) بَابُ "قَوْلهِ تَعَالَى:{مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ} "، وَفِي (الزَّكَاةِ) بَابُ "وُجُوْبِ الزَّكَاةِ"، وَفِي (الجِهَادِ) بَابُ "أَدَاءِ الخُمُسِ مِنَ الدِّيْنِ"، وَفِي (الأنْبِيَاءِ) بَابُ "نِسْبَةِ اليَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ"، وَفِي (المَغَازِي) بَابُ "وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ"، وَفِي (الأدَبِ) بَابُ "قَوْلِ الرَّجُلِ: مَرْحَبًا"، وَفي (خَبَرِ الوَاحِدِ) بَابُ "وِصَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وُفُوْدَ العَرَبِ أَنْ يُبْلِغُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ
…
"، وَفِي (التوْحِيْدِ) بَابُ =
الدِّيْنَوَرِيُّ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ القَزْوِيْنِيُّ (أَنَا) أَبُو بكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَاذَانَ (ثَنَا) أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ (ثنا) أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ (ثنا) يَحْيَى ابنُ سَعِيْدٍ، عَنْ شُعْبَةَ (ثَنِي) أَبُو جَمرَةَ
(1)
، سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:"إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَمَرَهُمْ بِالإيْمَانِ باللهِ، قَالَ: "أَتدْرُوْنَ مَا الإِيْمَانُ بِاللهِ؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إلهَ إِلَّا
= "قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} "، وأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ في بَابِ "الأمْرِ بالإيْمَانِ باللهِ تَعَالَى" رقم (17)، وأَبُو دَاوُدَ في (السُّنَةِ) بَاب "في رَدِّ الأرْجَاءِ" رقم (4677) ورقم (3692)، في (الأشْرِبَةِ) بَابٌ في "الأدْعِيَةِ"، وَالترْمِذِيُّ رقم (2614)، في (الإيْمَانِ) بَابُ "مَا جَاءَ في إِضَافَةِ الفَرَائضِ إِلَى الإيْمَانِ"، والنَّسَائِيُّ في (الإيْمَانِ) بَابُ "أَدَاءِ الخُمُسِ"(8/ 120)، كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسِ رضي الله عنهما. كُلُّه عَن هَامِشِ "المَنْهَجِ الأحْمَدِ".
وَالنَّصُّ هُنَا لابنِ الجَوْزِيِّ في مَشْيَخَتِهِ (64) في ذِكْرِ شَيْخِهِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيِّ (ت: 521 هـ) وَأَوَّلُ الإسْنَادِ مَخْرُوْمٌ في المَشْيَخَةِ والنَّصُّ هُنَا يُصَحِّحُهُ، لَو تَنَبَّهَ لَهُ مُحَققُ "المَشْيَخَةِ"؟!.
(1)
وَفِي (ط): "ثَنِي أَبُو حَمْزَةَ، سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ
…
" صَوَابُهُ أَبُو جَمْرَةَ كَمَا أَثْبَثُّ، وَهُوَ أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بنُ عِمْرَانَ بنِ عِصَامٍ، وَقِيْلَ: ابنِ عَاصِمِ بن وَاسِع الضَّبُعِيُّ البَصْرِيُّ. رَوَى عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَإِيَاسِ بنِ قتَادَةَ البَكْرِيّ
…
وَعَبْدِ اللهِ بن عَبَّاسِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَأَبِيْهِ عِمْرَان
…
كَذَا ذَكَرَهُ المِزِيُّ في تَهْذِيْبِ الكَمَالِ (29/ 362، 363)، وَذَكَرَ في الرُّوَاةِ عَنه شُعْبَةَ. وثَّقَهُ أَحْمَدُ، وابنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا. يُرَاجَعُ: ثِقَاتُ ابنِ حِبَّان (5/ 476)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (5/ 243)، وَتَهْذِيْبُ التَّهْذِيْبِ (10/ 431)، وَالشَّذَرَاتُ (1/ 175).
اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيْتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا الخُمُسَ مِن المَغْنَم". أَخْرَجَهُ (خَ) عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَ (مِ) عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ أَبي شَيْبَةَ، عَنْ غُنْدُرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.
"ذِكْرُ شَئٍ مِنْ فَتَاوِيْهِ وَفَوَائِدُهُ":
ذُكِرَ: أَنَّهُ اسْتُفْتِيَ فِي زَمَنِ المُسْتَضِئِ فِي إِقَامَةِ الجُمُعَةِ بِـ"جَامِع ابنِ المُطَّلِبِ" بِـ"بَغْدَادَ" قَالَ: فَلَمْ أَرَ جَوَازَهُ؛ لأنَّ الجُمُعَةَ إِنَّمَا جُعِلَتْ لِتَكُوْنَ عَلَمًا لِلإِسْلَامِ بِكَثْرَةِ الجُمُوع، وَإِظْهَارِ مَا يَكْبِتَ المُشْرِكِيْنَ، فَإِذَا كَانَ فِي كُلِّ مَحَل جُمْعَةٌ، صَارَتْ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ. قَالَ: وَأَجَازَ ذلِكَ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الفِقْهِ، وَعَلَّلَ بأَنَّ كُل مَحَلَّةٍ صَارَتْ مُنْقَطِعَةً عَنْ غَيْرِهَا؛ لِلخَرَابِ الَّذِي اسْتَوْلَى عَلى الأرْضِ، فَأَشْبَهَتِ القُرَى، قَالَ: وَلَا أَرْتَضِي هَذَا التَّعْلِيْلَ.
قُلْتُ: وهَذَا يَقْتَضِيْ اتِّفَاقِهِمْ علَى أَنَّهُ مَعَ اتِّصَالِ العِمَارَةِ لَا يَجُوْزُ ذلِكَ، لكِنَّ هَذَا مَعَ عَدَمِ الحَاجَةِ.
وَذَكَرَ أَنَّهُ اسْتُفْتِيَ فِي رَجُلٍ مِنَ الفُقَهَاءِ، قَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ قَاتَلَتْ عَلِيًّا رضي الله عنهما فَصَارَتْ مِنَ البُغَاةِ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ تَوْقِيع المُسْتَضِئِ بِتَعْزِيْزِهِ. قَالَ: فَقُلْتُ -بَعْدَ مَا قَالَ الفُقَهَاءُ عَلَيْهِ-: هَذَا رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِالنَّقْلِ، وَقَدْ سَمِعَ أَنَّهُ قَدْ جَرَى قِتَالٌ، وَلَعَمْرِي أَنَّهُ قَدْ جَرَى قِتَالٌ، وَلكِنَّ مَا قَصَدَتْهُ عَائِشَةُ وَلَا عَلِيٌّ، إِنَّمَا أَثَارَ الحَرْبَ سُفَهَاءُ الفَرِيْقَيْنِ، وَلَوْلَا عِلْمِنَا بِالسِّيَرِ لَقُلْنَا مِثْلَ مَا قَالَ، وَتَقْرِيْرُ مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُرَّ بِالخَطَأِ بَيْنَ الجَمَاعَةِ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ. قَالَ: فَكَتَبَ إِلَى الخَلِيْفَةِ بِذلِكَ، فَوَقَّعَ: إِذَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالخَطَأِ،
فَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَاوِدَ، ثُمَّ أُطْلِقَ.
وَذَكَرَ فِي كتَابَهِ "تَلْبِيْسُ إِبْلِيْسُ"
(1)
إِنْكَارَ الذِّكْرِ بِاللَّيْلِ عَلَى المَآذِنِ، وَنَحوِهَا، فَإِنَّهُ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ مَنْ يَقُوْمُ بِلَيْلٍ كَثِيْرٍ عَلَى المَنَارَةِ، فَيَعِظُ وَيُذَكِّرُ، وَيَقْرَأُ سُوْرَةً مِنَ القُرْآنِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ، فَيَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ نَوْمِهِمْ، وَيَخْلِطُ عَلَى المُتَهَجِّدِيْنَ قِرَاءَتَهُمْ، وَكُلُّ ذلِكَ مِنَ المُنْكَرَاتِ.
(1)
تَلْبِيْسُ إِبْلِيْسَ (137).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَةِ (597 هـ):
276 -
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَبُو غَالِبٍ بنِ الحُصَيْنِ الشَّيْبَانِيُّ، نِظَامُ الدِّيْنِ الكَاتِبُ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِ أَهْلِ بَيْتِهِ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 398)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 301)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 70)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 74)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (307) .. وَغَيْرِهَا.
277 -
وَعَلِيُّ بنُ أحْمَدَ بنِ وَهْب الأزَجِيُّ، البَزَّارُ، كَانَ فَقِيْهًا، صَحِبَ الشَّيْخَ عَبْد القادر، وَصَارَ أَحَدَ المُعِيْدِيْنَ لِدَرْسِهِ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 387)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (3/ 168)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (308).
278 -
وَعِيْسى بنُ نَصْرِ بنِ مَنْصُورٍ النُّمَيْرِيُّ الشَّاعِرُ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَه نَصْرًا (ت: 588 هـ). أَخْبَارُ عِيْسَى في: الكامِلِ فِي التَّارِيْخِ (12/ 171)، وَالعَسْجَدِ المَسْبُوْكِ (2/ 269)، وَالجَامعِ المُخْتَصَرِ (9/ 69)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 399).
279 -
وَفَضَائلُ بنُ فَضَائل، المَقْدِسِيُّ، المِرْدَاوِيُّ، الْفَقِيْهُ. أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (311).
280 -
وَأَبُو مَنْصُورٍ بنُ أَبي بَكْرِ بنِ شُجَاعِ بن نُقْطَةَ، المُزَكْلِشُ، أَخُو الشَّيْخِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِى صَاحِبِ "التَّقْييْدِ" بَغْدَادِيُّ ظَرِيْفٌ، كَانَ يُنْشِدُ فِي الأسْوَاقِ، وَيُمَسْخِرُ، وَيَلْعَبُ، وَكَانَ يُسَحِّرُ النَّاسَ في رَمَضَانَ. أَخْبَارُهُ في: مِرْآة الزَّمان (8/ 509)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (28)، وَتَارِيْخِ الإسْلامِ (328).
230 - هِبة الله بنِ عَبدِ الله
(1)
بْنِ هِبَةُ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ السَّامُرِّيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الحَرِيْمِيُّ، ثُمَّ الأزَجِيُّ، الفَقِيْهُ الوَاعِظُ أَبُو غَالِبِ بنِ أَبي الفَتْحِ.
سَمِعَ مِنْ أَبِي البَدْرِ الكَرْخِيِّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَمِنْ سَعْدِ الخَيْرِ الأنْصَارِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ عُمَرَ الحَرْبِيِّ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَأَفْتَى، وَتَكَلَّمَ فِي المَسَائِلِ، وَوعَظَ، وَكَانَ مُقِيْمًا بِمدْرَسَةِ أَبِي حَكِيْمٍ، وَلَازَمَ أَبَا الفَرَجِ بنَ الجَوْزِيِّ.
قَالَ القَادِسِيُّ: كَانَ فَقِيْهًا مُجَوِّدًا، وَاعِظًا، خَيِّرًا، دَيِّنًا، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ، وَرَوى عَنْهُ ابنُ خَلِيْلٍ فِي "مُعْجَمِهِ"
(2)
.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الخَمِيْسِ ثَانِي عَشَرَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ
(1)
230 - هِبَةُ اللهِ السَّامُرِّيُّ (؟ -598 هـ):
أَخْبَارُهُ في: المَقْصَدِ الأرْشَدِ (3/ 76)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 43)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 313). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 410)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 234)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (4/ 268)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 224)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 338)(6/ 55). وذَكَرَ مُحَقِّقُ "التَّكْمِلَةِ لوفَيَاتِ النَّقلةِ" أنَّه مُتَرْجَمٌ في "تَارِيْخِ الإسْلَامِ" نُسْخَةُ أَحْمَدَ رقم (7917)، وَكَذلِكَ وَقَعَ فِي هَامِشِ "مَجْمَعِ الآدَابِ"، ولمْ تَرِدْ تَرْجَمَتِهِ فِي المَطْبُوع مِنْ "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ" تَحْقِيْقِ الدُّكْتُوْر عُمَر عَبْدِ السَّلَامِ تَدْمُري؟! لَقَبُهُ "كَمَالُ الدِّين" كَمَا فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ" و"السَّامُرِّيُّ" نِسْبَة إِلَى "سامرا". وَذَكَرَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِي ابْنَهُ عَلِيٌّ فِي مُعْجَمِهِ (2/ 110) وَلَمْ يَذْكُر وَفَاته، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ حَفِيْدَهُ كَمَالُ الدِّيْنِ هِبَةِ اللهِ ابنِ عَلِي (ت: 698 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
في مُعْجَم ابنِ خَلِيْلِ: "أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِب هِبَةُ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ السَّامُرِّيُّ الْفَقِيْهُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِـ"بَغْدَاد" قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو البَدْرِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُورٍ الْكَرْخِي قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ
…
".
مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، قَرِيبًا مِنْ بِشْرٍ الحَافِي، رضي الله عنهم أَجْمَعِيْنَ.
231 - حَمَّادُ بنُ هِبَةِ الله بنِ حَمَّادِ
(1)
بنِ الفَضْلِ
(2)
الفُضَيْلِيُّ الحَرَّانِيُّ، التَّاجِرُ، السَّفَّارُ، المُحَدِّثُ، المُؤَرِّخُ، أَبُو الثَّنَاءِ.
وُلِدَ فِي رَبِيْعٍ الأوَّلِ سَنَةَ إِحْدى عَشَرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ"حَرَّانَ".
وَسَمِعَ بِـ"بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأبِي بَكْرِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وسَعِيْدِ بنِ البَنَّاءِ، وَجَمَاعَةٍ. وَبـ"هَرَاةَ" مِنْ مَسْعُوْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ غَانِمٍ،
(1)
231 - حَمَّادٌ الحَرَّانِى (511 - 598 هـ):
أَخْبَارُهُ في: المَقْصَدِ الأرْشَدِ (1/ 364)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 43)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 314). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ (258)، وَبُغْيَةُ الطَّلَبِ (6/ 518)، وَالتَّكْمِلَةُ للمُنْذِرِيّ (1/ 438)، وَمَشْيَخَةُ النَّجِيْبِ الحَرَّانِيِّ (الشَّيْخُ الثَّاني عَشَرَ)، وَتكمِلَةُ إِكْمَالِ الإكْمَالِ (259)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (3/ 492)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 51)، وَالعِبَرُ (4/ 302)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (346)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 385)، وَالإشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (311)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 511)، وَالبِدَايَةُ وَالنَّهَايَةُ (13/ 33)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (13/ 154)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (4/ 2)(241)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرُ (3/ 658)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 181)، والشَّذَرَاتُ (4/ 335)(6/ 545)، ولَقَبُهُ:"قَوَامُ الدِّيْنِ" كَمَا فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ".
- وَممَّنْ يَجْدُرُ ذِكْرُهُ هُنَا: مُحَمَّدُ بنُ عِمَادِ الْحَرَّانِيُّ التَّاجِرُ (ت: 632 هـ)، فَقَدْ ذَكَرَ العُلَمَاءُ المُؤَرِّخُوْنَ أَنَّهُ ابنُ أُخْتِ حَمَّادٍ هَذَا. نَذكُرُهُ في مَوْضِعِهِ من الاستدراك إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى.
(2)
كذَا فِي الأصُوْلِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ "الفُضَيْلُ" وَإِلَيْه يُنْسَبُ "الفُضَيْلِيُّ" كَمَا أَثْبَتَ المُؤَلِّفُ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَعَبْدِ السَّلَامِ بنِ أَحْمَدَ بَكْبَرَةَ
(1)
، وَبِـ"مِصْرَ" مِنِ ابْنِ رِفَاعَةَ السَّعْدِيِّ، وَبِـ"الإِسْكَنْدَرِيةِ" مِنَ الحَافِظِ السِّلَفِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَجَمَعَ "تَارِيْخًا" لِـ"حَرَّانَ"، وَحَدَّثَ بِهِ فِيْمَا ذَكَرَهُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يكْمِلُهُ، وَجَمَعَ "جُزْءًا فِيْمَنَ اسْمُهُ حَمَّادٌ"، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ
(2)
، وَحَدَّثَ بِـ"بَغْدَادَ" وَ"مِصْرَ" وَ"الإسْكَندَرِيَّةِ" وَ"حَرَّانَ".
رَوَى عَنْهُ الشَّيخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَعَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، وَالعَلَمُ السَّخَاوِيُّ المُقْرِئُ، وَالحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَابنُ عَبدِ الدَّائِمِ، وَالنَّجِيْبُ الحَرَّانِيُّ
(3)
، وَغَيْرُهُمْ.
(1)
في (ط): "بكيرة" وَإِنَّمَا هُوَ (بَكْبَرَةُ)"بِفَتْحِ الْبَاءِ المُكَرَّرَةِ بَيْنَهُمَا كَافٌ سَاكِنَةٌ، وَبَعْدَ الْبَاءِ الثَّانِيَةِ رَاءٌ مَفْتُوْحَةٌ" كَذَا قَالَ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ الْحَنْبَلِيُّ في تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (1/ 312)، وَذَكَرَ أَبَا الْفَتْحِ عَبْدَ السَّلَامِ بنَ أَحْمَدَ
…
وَقَالَ: حَدَّثَ عَنْهُ حَمَّادُ الحَرَّانِيُّ
…
" وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ (2/ 111)، وَالتَحْبِيْرُ (1/ 447)، وَالمُشْتَبَهُ (1/ 90)، وَالتَّوْضِيْحُ (1/ 596)، وَالتَّبْصِيْرُ (1/ 101).
(2)
أَنْشَدَ لَهُ الصَّفْدِيُّ فِي "الوَافِي بالوَفَيَاتِ":
غَمَزْتُهَا اقْتَضِي إِنْجَازَ مَا وَعَدَتْ
…
وَمِنْ عُيُوْنِ الأعَادِي حَوْلَنَا مَدَدُ
فَأَرْسَلَتْ طَرْفَهَا نَحْوِي مُخَالَسَةً
…
بِمَا أُحِبُّ وَلَمْ يَشْعُرْ بِنَا أَحَدُ
وَأَنْشَدَ لَهُ السِّبْطُ في "المِرْآةِ" ابنُ الفُوَطِي في "مَجْمَعِ الآدَابِ" وَابنُ كَثيْرِ فِي "الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ" والصَّفَدِيُّ في "الوَافِي بِالْوَفَيَاتِ" وَغَيْرُهُمْ:
تَنَقُّلُ المَرْءِ فِي الآفَاقِ يُكْسِبُهُ
…
مَحَاسِنًا لَمْ تَكُنْ فِيْهِ بِبَلْدَتِهِ
أَمَا تَرَى بَيْذَقُ الشَّطْرنْجِ أَكْسَبَهُ
…
حُسْنُ التَّنَقُلِ فِيْمَا فَوْقَ رُتْبَتِهِ
(3)
ذَكَرَهُ النَّجِيْبُ عَبْدُ الَّلطِيْفِ الحَرَّانِيُّ فِي "مَشْيَخَتِهِ" الكُبْرَى (الشَّيْخُ الثَّانِي عَشَرَ)(ورقة: 35 - 37)، وَالصُّغْرَى (ورقة: 48)، قَالَ في "الكُبْرَى": "أَخْبَرَنَا أَبُو الثَّنَاءِ حَمَّادُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ حَمَّادِ بن الْفُضَيْلِ الحَرَّانِيُّ التَّاجِرُ، بِقِرَاءَةِ وَالِدِي عَلَيْهِ وَأَنَا أَسَمَعُ فِي ذِي =
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الأرْبِعَاءِ، ثَانِي عِشْرِيْنَ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ"حَرَّانَ" وَدُفِنَ بِهَا، رحمه الله.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ المَيْدُوْمِيُّ بـ"مِصْرَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ
(1)
(أَنَا)
= الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَع وتسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِمَدِيْنَةِ "حَرَّانِ" قَالَ: "أَنَا أَبُو القَاسِمِ سعِيْدُ بنُ أَبي غَالِبٍ
…
".
وَقَالَ فِي (الصُّغْرَى): "أَبُو الثنَاءِ هَذَا مِنْ أَعْيَانِ المُحَدِّثِيْنَ وَفُضَلَائِهِمْ، وثقاتِهِمْ، وَنُبَلَائِهِمْ. سَجعَ الْحَدِيْثَ الكَثيْرَ، وَرَحَلَ تَاجِرًا إِلَى "الْعِرَاقِ" وَ"خُرَاسَانَ" وَ"الشَّامِ" وَ"مِصْرَ" فَسَمِعَ بِـ"بَغْدَادَ" مِنْ أَبَوَي الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ الحَافِظِ، وَهِبَةِ اللهِ بن الحُصَيْنِ الحَاسِبِ، وَأَبِي الْبَرَكَاتِ الأنْمَاطِيِّ، وَأَبي الْفَضلِ بنِ نَاصِرِ، وَأَبِي بَكْرِ ابنِ الزَّاغُونيِّ، وأبي القَاسِمِ بنِ الْبَنَّاءِ، وأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وأبي الفَتْحِ بنِ الْبَطِّيِّ، وأبي بَكْرِ بنِ النَّقُورِ، وأَبِي مُحَمَدِ بن الخَشَّابِ وَغَيْرِهِم. وَبِـ"هَرَاةَ" مِنْ أبي الفَتْحِ عَبْدِ السَّلَامِ بنِ أَحْمَدَ بن بَكْبَرَةَ، وَأَبي المَحَاسِنِ مَسْعُوْدِ بنِ مُحَمَدٍ الغَانِمِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَبِـ"دِمَشْقَ" مِنَ الحَافِظِ أَبِي الْقَاسِمِ بنِ عَسَاكِرٍ وغَيْرِهِ، وَبِـ"مِصرَ" مِنْ أَبوَيْ مُحَمَدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ رِفَاعَةَ السَّعْدِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَرِّيٍّ النَّحْوِيِّ، وَبِـ"الإسْكَنْدَرِيَّةِ" مِنْ أبِي طَاهِرِ السِّلَفِى، وَالإمَامُ أَبي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ وَغَيْرِهِمَا. وَبَلَغَنِي أَنَ لَهُ إِجَازَةً من أَبِي بَكْرٍ الأنْصَارِيِّ وَأَبي شُجَاعٍ الْبِسْطَامِيِّ. وَحَدَّثَ بِـ"بَغْدَادَ" وَ"دِمَشْقَ" وَبِـ"مِصْرَ" وَ"الاسْكَنْدَرِيَّةِ" وَ"حَرَّانَ" وَغَيْرِهَا سَجعَ مِنْهُ بِـ"بَغْدَادَ" عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العُلَيْمِيُّ أَيْضًا. وَهَوَ أَوَّلُ شَيْخٍ سَمِعْتُ مِنْهُ الْحَدِيْثَ، وَكَانَ سَمَاعِي مِنْهُ بِـ"حَرَّانَ" قَبْلَ رَحِيْلِنَا إِلَى "الْعِرَاقِ" وَكَانَ لَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، وَجَمَعَ "تَارِيْخًا" لِـ"حَرَّانَ" ذَكَرَ فِيْهِ مَنْ دَخَلَهَا مِنَ العُلَمَاءِ، وَصَنَّفَ كِتَابًا جَمَعَ فِيْهِ مَنِ انْدَرَجَ تَحْتَ إِسْنَادِ مَنِ اسمُهُ حَمَّاد".
(1)
السَّنَدُ في مَشْيَخَةِ الحَرَّانِيِّ الْكُبْرَى، وَفِيْهِ " .... حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ السُّلَمِيُّ قَالَ: مَرَرْتُ بِأَبي نُوَاسٍ فَقَالَ لِي: تَعَالَ اُكْتُبْ، فَقُلْتُ: أُنْشِدُكَ اللهَ أَنْ لا تُسْمِعُنِي مَكْرُوْهًا، فَقَالَ: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَنَا أَعْرِفُ طَرِيْقتَكَ، اكْتُبْ، فَكَتَبْتُ:
أَلَا رُبَّ وَجْهٍ فِي التُّرَابِ عَتِيْقِ
…
...... الأبيات
ويُرَاجَعُ: ديْوَان أَبي نُواسِ، تَحقيق: إيفالد فاغنر (2/ 159) رِوَايَتُهُ هَكذَا:
أَيَا رُبَّ وَجْهٍ فِي التُّرَابِ عَتِيْقِ
…
وَيَارُبَّ حُسْنِ فِي التُّرَابِ رَفِيْقِ
وَيَا رُبَّ حَزْمِ فِي التُّرَابِ وَنَجْدَةٍ
…
وَيَارُبَّ رَأْي فِي التُّرَابِ زنيْقِ
أَرَى كُلَّ حَيٍّ هَالِكًا وَابْنَ هَالِكٍ
…
وَذَا نَسَبٍ فِي الهَالِكِيْنَ عَرِيْقِ
فَقُلْ لِلْقَرِيْبِ الدَّارِ إِنَّكَ ظَاعِنٌ
…
إِلَى مَنْزِلٍ نَائِي المَحَلِّ سَحِيْقِ
إِذَا امْتَحَنَ الدُّنْيَا لَبِيْبٌ تَكَشَّفَتْ
…
لَهُ عَنْ عَدُوٍّ فِي ثِيَابِ صَدِيْقِ
سَلَكَنْا مِنَ الدُّنْيَا بِكُل طَرِيْقِ
…
فَيَوْمَانِ يَوْمًا فُسْحَةٍ وَمَضِيْقِ
(فَائِدَةٌ): قَالَ المُبَرِّدُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ رَجَاءٍ يَقُوْلُ: كَمَا أُنْشِدَ الْمَأْمُوْنُ:
*إِذَا امْتَحَنَ الدُّنْيَا لَبِيْبٌ .. *
قَالَ: قَاتَلَ اللهُ أَبَا نُوَاسِ لَوْ وَصَفَتِ الدُّنْيَا نَفْسَهَا لَمَا اهْتَدَتْ لِمِثْلِ قَوْلِ هَذَا الرَّجُلِ فِيْهَا".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَةِ (598 هـ):
281 -
وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ الشَّيخ الإِمَامِ الْعَلَّامَةِ مَوْهُوْبٍ بنِ أَحْمَدَ الْجَوَالِيْقِيِّ، رَوَتْ عَنْ أَبِيْهَا، وابنِ نَاصِرٍ، وَرَوَى عَنْهَا ابنُ النَّجَّارِ، وقَالَ: كَانَتْ صَادِقَةً، كَثِيْرَةَ الْعِبَادَةِ. ذَكَرَهَا الْحَافِظُ الذَّهَبِيِّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (347، 349) وأَعَادَ ذِكْرَهَا باسْمِ (شَمَائِل) فَلَعَلَّهُ لَقَبٌ لَهَا، وَذَكَرَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ رَوَى عَنْهَا الْحَافِظُ الضِّيَاءُ. وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 430). وقَالَ: وَهِيَ زَوْجُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ عَبْدِ اللطِيْفِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ ابنِ أَبي سَعْدِ وَكَنَاهَا بِـ"أُمِّ الحُسْنِ" بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَسْكِين السِّيْنِ المُهْمَلتين، وَآخِرُهُ نُوْنٌ. وَزَوْجُهَا الْمَذْكُورُ (ت: 596 هـ). أَخْبَارُهُ في: مِرآةِ الزَّمَانِ (8/ 473)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (17)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 370)، وَالجَامِعِ المُخْتَصرِ لابنِ السَّاعِي (9/ 37)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 334) .. وَغَيْرِهَا. وَصَفَهُ الحَافِظُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الذَّهَبِيُّ بِأَنَّهُ "كَانَ شَيْخًا عَامِّيًّا، بَلِيْدًا، عَرِيًّا من العِلْمِ". وقَالَ: "وَتَمَشْيَخَ بِرِبَاطِ جَدِّهِ بَعْدَ أَخِيْهِ" كَانَ وَالِدُهُ وَأَخُوْهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَلا أَظُنُّه حَنْبَلِيًّا؛ لِذَا لَمْ أَسْتَدْرِكْهُ.
282 -
وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيْدَرَةَ بنِ المُحْسِّنِ بنِ أَحْمَدَ بِنِ المُبَارَكِ السُّلَمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، جَدُّهُ لأُمِّهِ الحُسَيْنُ بنُ الْحَسَنِ، أَبُو القَاسِمِ الأسَدِيُّ الْمَعْرُوْفُ بِـ"ابنِ البُنِّ" ذَكَرَهُ الْحَافِظَانِ الْمُنْذِرِيُّ في التَّكْملةِ (1/ 422)، وَالْذَّهَبيُّ في تاريخ الإسلام (359) وَنَصَّا علَى أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ المَذْهَبِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"كَانَ عَطَارًا بِـ"دِمَشْقَ" وَرَوَى عَنْهُ يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ
…
".
أقُوْلُ -وَعَلَى اللهُ أَعْتَمِدُ-: ذَكَرَهُ ابنُ خَلِيْلِ فِي مُعْجَمِهِ (ورقة: 202) قَالَ: "أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيْدَرَةَ
…
الْعَطَّارُ الدِّمَشْقِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِهَا، قُلْتُ: أَخْبَرَكُمْ جَدُّكَ لأمِّكَ أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بنُ الْحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الأسَدِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ، فَأَقَرَّ بِهِ
…
" وأَمَّا جَدُّهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَذْكُوْرُ، فَإِنَّهُ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ (ت: 551 هـ) تَرْجَمَ لَهُ الإسْنَوِيُّ في طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّهِ (1/ 255)، وَيُرَاجَعُ: التَّحْبِيْرُ (1/ 227)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 246)، وَالعِبَرُ (4/ 143)، وَدُوَلُ الإسْلامِ (2/ 68)، وَالنُّجُومُ الزُّاهِرَةُ (5/ 324)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 158).
283 -
وَفَرْحَةُ بِنْتُ قَرَاطَاش بنِ طُنْطَاشَ الظَّفَرِيِّ الْعَوْنِيِّ. ذَكَرَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ وَقَالَ: كَانَ أَبُوْهَا مَوْلَى عَوْنِ الدِّيْنِ بنِ هُبَيْرَةَ الوَزِيْرِ، كُنْيَتُهَا أُمُّ الْحَيَاءِ. رَوَتْ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ ابنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، رَوَى عَنْهَا ابنُ خَلِيْلٍ، وَالضِّيَاءُ الْمَقْدسِيُّ، والنَّجِيْبُ الْحَرَّانِيُّ، وَبِالإجَازَةِ الِفَخْرُ بنُ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرُهُ. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (1/ 435)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (363)، وَالمُشْتَبَهِ (2/ 489)، وَالتَّوْضِيْحِ (9/ 443).
وَيُذْكَرُ هُنَا:
- مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَليِّ بنِ نَصْرِ بنِ البَلِّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الدُّوْرِيُّ، ذَكَرَهُ الْحَافِظُ في التَّكْمِلَةِ (1/ 434) وقالَ: "سَمِعَ مِنْ أبي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الْبَاقِي بنِ سَلْمَانَ
حَمَّادُ بنُ هِبَةِ اللهِ بِـ"حَرَّانَ"(أَنَا) إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ الحَافِظُ (أَنَا) مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الطَّبَرِيُّ (أَنَا) هِلَالٌ الحَفَّارُ، (أَنَا) عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، (ثَنَا) مُحَمَّدُ بنُ أَحَمَدَ بنِ البَرَاءِ (حَدَّثَنِي) مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ صَاحِبُ البَصْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو نُوَاسٍ:
أَلَا رُبَّ وَجْهٍ فِي التُّرَابِ عَتِيْقِ
…
أَلَا رُبَّ رَامٍ فِي التُّرَابِ رَفِيْقِ
أَرَى كُلَّ حَيٍّ هَالِكًا وَابْنَ هَالِكٍ
…
وَذُو حَسَبِ فِي الهَالِكِيْنَ عَرِيْقِ
فَقُلْ لِمُقِيْم الدَّارِ إِنَّكَ ظَاعِنٌ
…
إِلَى سفَرٍ نَائِي المَحَلِّ سَحِيْقِ
إِذَا امْتَحَنَ الدُّنْيَا لِبَيْبٌ تَكَشَّفَتْ
…
لَهُ عَنْ عَدُوٍّ فِي ثِيَابِ صَدِيْقِ
232 - مُحَمَّد بنُ عُثْمَانَ
(1)
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ البَاقِي بنِ العُكْبَرِيِّ
= وغَيْرِهِ وأقْرَأَ الْحِسَابَ وَالْفَرَائِضِ مُدَّةً، وَكَانَ عَارِفًا بِهِمَا، وَبِالْمَسَاحَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتَهُ فِي حَيَاةِ أَبَيْهِ" وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةِ حَنْبليَّةٍ مَشْهُورَةٍ. ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ وَمَحَلُّهُ هُنَا.
وَمِمَّنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
284 -
عَبْدُ السَّلَامِ بنُ أحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بن عَبْدِ السَّلَامِ الْبَغْدَادِيُّ الْحَرْبِيُّ الْمُؤَدِّبُ. سَمعَ من أَبِي بَكْرٍ الأنْصَارِيِّ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ ابن يُوْسُفَ وَرَوَى عَنْهُ ابنُ خَلِيْلٍ، وابن الدُّبَيْثيِّ، والضِّيَاء، وَالنَّجيْبُ عَبْدُ اللَّطِيفِ وَالْتَّقِيُّ اليَلْدَانِيُّ. وَبِالإِجَازة ابنُ أَبي الخَيْرِ وابنُ الْبُخَارِيِّ. أَغْلَبُ شُيُوْخِهِ وَتَلَامِيْذه حَنَابِلَةٌ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 434)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 37)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (356).
(1)
232 - ابنُ عَبْدِ البَاقِي العُكْبَرِيُّ (538 - 599 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 464)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 44)، وَمُخْتَصَرِهِ =
البَغْدَادِيُّ الظَّفَرِيُّ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، الوَاعِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ. ذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ: جَارُنَا بـ"الظَّفَرِيَّةِ"، حَفِظَ القُرْآنَ فِي صِبَاهُ، وَقَرَأَهُ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي بَكْرِ بنِ البَاقِلَّانِي الوَاسِطِيِّ، وَعلَى عَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرَانَ الدَّاهِرِيِّ، وَتَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلِ، وَقَرَأَ العَرَبِيَّةَ عَلَى أَبِي البَرَكَاتِ الأنْبَارِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بنِ الخَشَّابِ، وَصَحِبَ شَيْخَنَا أَبَا الفَرَجِ ابنَ الجَوْزِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مُصَنَّفَاتِهِ فِي الوَعْظِ وَغَيْرِهِ.
وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المُرَقَّعَاتِيِّ، وَعَبْدِ الحَقِّ ابنِ عَبْدِ الخَالِقِ بنِ يُوْسُفَ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَمِنْ خَلْقٍ كَثيْرٍ دُوْنَهُمْ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثيْرًا مِنَ الكُتُبِ وَالأجْزَاءِ، وَكَانَ يَعْقِدُ مَجْلِسَ الوَعْظِ بِـ"جَامِعِ ابنِ بَهْلِيْقَا" فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، فَبَقِيَ عَلَى ذلِكَ مُدَّةً طَوِيْلَةً، ثُمَّ انْقَطَعَ فِي بَيْتِهِ، لَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا إِلَى الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ، وَكَانَ يُكْثِرُ الجُلُوْسَ فِي المَقَابِرِ، سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ يَسْمَعُ بِقِرَاءَتِي عَلَى مَشَايِخِنَا، وَكَانَ صَدُوْقًا، مُتَدَيِّنًا، عَفِيْفًا، قَلِيْلَ المُخَالَطَةِ للنَّاسِ، مُحِبًّا لِلْخَلْوَةِ وَالانْزِوَاءِ، فَقِيْهًا، فَاضِلًا، كَثِيْرَ المَحْفُوْظِ لِلأحَادِيْثِ وَحِكَايَاتِ السَّلَفِ، وَيَعْرِفُ طَرَفًا صَالِحًا مِنَ
= "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 314)، وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 456)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 105)، وَمَشْيَخَةُ الحَرَّانِيِّ الكُبْرَى (وَرَقَة: 123)، وَالصُّغْرَى (وَرَقَة: 89)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 86)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 343) (6/ 557). هَلْ هُوَ المُلقَبُ بِـ"المُعَلِّمِ" المَذْكُوْرُ في مَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 357) قَالَ:"أَبُو عْبَدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الْعُكْبَرِيُّ الْمُحَدِّثُ"؟ وَقَالَ رَوَى بِسَنَدِهِ عَنْ سلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ
…
" وأَوْرَدَ حَدِيْثًا، يَظْهَرُ أَنَّهُ هُوَ، جَعَلَ أَبَاهْ "أَحْمَدَ بنَ عُثْمَانَ".
الحَدِيْثِ، وَقَدْ جَمَعَ "مُعْجَمًا" لِشُيُوْخِهِ الَّذِيْنَ سَمِعَ مِنْهُمْ فِي خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ رَوَى عَنْهُ حَدِيْثًا عَنْ شُهْدَة
(1)
، ثُمَّ قَالَ: ذَكَرَ أَنَّ مَوْلدَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ جُمَادَى الأَوْلَى سَنَةَ تِسْعِ وتىسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ، وَدُفِنَ بِـ"الجَدِيْدَةِ" مِنْ "بَابِ أَبْرِزْ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قُرِئَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ المَيْدُوْمِيِّ بـ"مِصْرَ" وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الفَرَجِ
(2)
الحَرَّانِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ العُكْبَرِيُّ الوَاعِظُ، مِنْ لَفْظِهِ وَحِفْظِهِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي شَيْخِي ابنُ البَاقِلَّانِيِّ المُقْرِئُ الوَاسِطِيُّ:
كُتْبِي لأِهْلِ العِلْمِ مَبْذُوْلَةٌ
…
أَيْدِيْهُمُ مِثْلُ يَدِي فِيْهَا
مَتَى أَرَادُوْهَا بِلَا مِنَّةٍ
…
عَارِيَةً فَلْيَسْتَعِيْرُوْهَا
حَاشَايَ أَنْ أَكْتُمُهَا عَنْهُمُ
…
بُخْلًا كَمَا غَيْرِيَ يُخْفِيْهَا
أَعَارَنَا أَشْيَاخَنَا كُتْبُهُمْ
…
وَسُنَّةُ الأشْيَاخِ نُحْيِيْهَا
وَقَدْ رَوَى هَذِهِ الأبْيَاتُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ
(3)
عَنِ ابنِ البَاقِلَّانِيِّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي خَمِيْسٌ الحُوْزِيِّ لِنَفْسِهِ
(4)
.
(1)
قَالَ ابنُ الدُّبيثيِّ: "وَمَا أَظُنُّهُ رَوَى شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ فَيَسِيْرًا".
(2)
في (أ): "أبو الفتوح".
(3)
أَدَبُ الإِمْلاءِ وَالاسْتِمْلاءِ لَهُ (185).
(4)
مُقَدِّمَةُ سُؤَالاتِ الْحَافِظِ السَّلِفِّي (9).
233 - عَلِيُّ بنُ إِبراهِيْمَ
(1)
بنِ نَجَا بنِ غَنَائِمٍ الأنْصَارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، الفَقِيْهُ، الوَاعِظُ، المُفَسِّرُ، زَيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ بنِ رَضِيِّ الدِّيْنِ أَبِي طَاهِرٍ، المَعْرُوْفُ بـ"ابنِ نُجَيَّةَ"
(2)
نَزِيْلُ "مِصْرَ" سِبْطُ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ الشِّيْرَازِيِّ الحَنْبَلِيِّ
(3)
. وُلِدَ بِـ"دِمَشْقَ" سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِمَائَةَ فِيْمَا ذَكَرَهُ ابنُ نُقْطَةَ وَالمُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَة عَشْرٍ، وَسَمِعَ بـ"دِمَشْقَ" مِنْ
(1)
234 - ابنُ نَجَا الأَنْصَارِيُّ الْوَاعِظُ (508 - 599 هـ):
أَخْبَارُهُ في: المَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 208)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 45)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 314). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (402)، وَتكمِلَةُ الإِكْمَالِ لَهُ (1/ 456)(6/ 20)، وَتَكْمِلَةُ إِكْمَالِ الإِكْمَالِ (335)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (3/ 12)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 515)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 463)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (34)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرِ (9/ 110)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 118)، وَالعِبَرُ (4/ 407)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأعْلامِ (9/ 110)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (184)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 393)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (312)، وَالمُشْتَبَهُ (1/ 112)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 34)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (2/ 279)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (2/ 33)، وَتَبْصِيْرُ المُنْتَبِهِ (1/ 197)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَة (6/ 183)، وَتُحْفَةُ الألْبَابِ (334)، وَحُسْنُ المُحَاضَرَةِ (1/ 264)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (4/ 340) (6/ 554). وَاشتُهِرَ لابنِ نَجَا وَلَدَانِ أَحَدُهُمَا: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ، لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ. وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَلِيٍّ، أَبُو سعْدِ الْخَيْرِ الأنْصَارِيُّ (ت: 643 هـ) في مُعْجَمِ الدِّمْيَاطِيِّ وَغَيْرِهِ. وَلَهُ حَفِيْدٌ هُوَ: أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَلِي (ت: 643 هـ) أيضًا نَذْكُرُهُمَا في مَوْضِعَيْهِمَا مِن اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّف رحمه الله إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
نُجَيَّةُ بِالنُّوْنِ وَالْجِيْمِ، النُّوْنُ مَضْمُوْمةٌ، وَالْجِيْمُ مَفْتُوْحَةٌ. كَذَا في "المُشْتَبَهِ" وَ"التَّوْضِيْحِ".
(3)
هُوَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرَازِيُّ (ت: 486 هـ) تَقَدَّم ذِكْرُهُ فِي مَوضْعِهِ.
أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بن قُبَيْسٍ
(1)
، وَسَمِعَ دَرْسَ خَالِهِ شَرَفَ الإسْلَامِ عَبْدِ الوَهَّابِ
(2)
، وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَسَمِعَ التَّفْسِيْرَ مِنْهُ، وَأَحَبَّ الوَعْظَ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ، فَاشْتَغَلَ بِهِ. قَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ: قَالَ لِي: حَفَّظَنِي خَالِي مَجْلِسَ وَعْظٍ، وَعُمْرِي يَوْمَئِذ عَشْرُ سِنِيْنَ ثُمَّ نَصَبَ لِي كُرْسِيًّا فِي دَارِهِ، وَأَحْضَرَ لِي جَمَاعَتَهُ، وَقَالَ: تَكَلَّمْ، فَتَكَلَّمْتُ، فَبَكَى. قَالَ: وَكَانَ ذلِكَ المَجْلِسُ يَذْكُرُ بَعْضَهُ وَهُوَ ابنُ تِسْعِيْنَ، وَكَانَ بَطِيْءَ النِّسْيَانِ، وَكَانَ أَسْمَاءُ الفُصُوْلِ الَّذِي يَحْفَظُ مُجَلَّدَةً، وَكَانَ لَا يَخْطُبُ فِي مَجْلِسِهِ، وَإِنَّمَا يَدْعُو عَقِيْبَ القِرَاءَةَ
(3)
، ثُمَّ يَقْرَأُ آيَاتٍ مِنَ القُرْآن فَيُفَسِّرَهَا، وَيُوَسِّعَ فِي ذِكْرِهِ، ثُمَّ يَذْكُرَ فُصُوْلًا، وَعِنْدَهُ مِنْ كَلَامِ العَرَبِ وَالعَجَمِ، فَيُلَقِّنَ مِنَ الفُصُوْلِ مَا يَخْتَارُ.
وَبَعَثَهُ نُوْرُ الدِّيْنِ مُحَمُوْدُ بنُ زِنْكِيُّ رَسُوْلًا إِلَى "بَغْدَادَ" سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ هُنَاكَ أُهْبَةٌ سَوْدَاءُ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ يَلْبَسُهَا فِي الأعْيَادِ، وَسَمِعَ هُنَاكَ الحَدِيْثَ مِنْ سَعْدِ الخَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ الأنْصَارِيِّ
(4)
(1)
في (ط): "قيس" تَحْرِيْفٌ، وَهُوَ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوْفُ بِـ"ابنِ قُبَيْسٍ" المَالِكِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْفَقِيْهُ الْفَرَضيُّ النَّحْوِيُّ (ت: 530 هـ). أَخْبَارُهُ في: تَارِيْخِ دِمَشْقَ (41/ 237)، وَإِنْبَاهِ الرُّوَاهِ (2/ 232)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 18)، وَالعِبَرِ (4/ 82)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (5/ 259)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 95).
(2)
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الشَّيْرَازِيُّ (ت: 536 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
في (ط): "القراء".
(4)
سَعْدُ الْخَيْرِ بنُ مُحَمَّدِ بن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ الأنْصَاريُّ، الْبَلَنْسِيُّ، الأنْدلسيُّ (ت: 541 هـ): أَصْلُهُ من "الأنْدَلُسِ"، وطَافَ البِلَادِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى "الصِّيْنِ"، وَاسْتَقَرَّ في "أَصْبَهَانَ" =
كَثيْرًا، وَصَاهَرَهُ عَلَى ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ
(1)
، وَنَقَلَهَا مَعَهُ إِلَى "مِصْرَ"، وَانْتَقَلَتْ كُتُبُ سَعْدَ الخَيْرِ إِلَيْهِ، وَمِنْ عَبْدِ الصَّبُوْرِ بنِ عَبْدِ السَّلَامِ الهَرَوِيِّ، وَعَبْدِ الخَالِقِ بنِ يُوْسُفَ وَغَيْرِهِمْ، وَاجْتَمَعَ هُنَاكَ بالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأكَابِرِ، وَوَعَظَ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ.
قَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَوَّلُ مَجْلِسٍ جَلَسْتُهُ فِي "بَغْدَادَ" فِي جَامِعِ المَنْصُوْرِ، فَنَزَلْتُ سَحَرًا إِلَى الجَامِعِ مُتَنكِّرًا، حَتَّى أَرَى هَيْئَةَ المَجْلِسِ وَأَسْمَعُ مَا يُقَالُ، وإِذَا رَجَلٌ أَعْمَى قَدْ جَلَسَ عَلَى دَرَجِ المِنْبَرِ، فَذَكَرَ مِنَ الفُصُوْلِ مِنْ كَلَامِ التَّمِيْمِيِّ وَابْنِ عَقِيْل وَغَيْرِهِمَا جَمِيع مَا قَدْ حَرَّرْتُهُ لِلْمَجْلِسِ، وَتَعِبْتُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَصَابَنِي هَمٌّ، وَمَا بَقِيَ لِي زَمَنٌ أَحْفَظُ غَيْرَ ذلِكَ، فَاسْتَخَرْتُ اللهَ تَعَالَى، ثُمَّ جَلَسْتُ وَتَكَلَّمْتُ، وَذَكَرْتُ حِكَايَةً طَابَ بِهَا المَجْلِسُ.
قَالَ: وَسَمْعُتُهُ يَقُوْلُ: أَوَّلُ مَا دَخَلْتُ "بَغْدَادَ" جَاءَنِي الشَّيْخُ أَبُو الفَضْلِ بنُ شَافِع وَتَعَصَّبَ لِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ الشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ مُهَنِّئًا بِالسَّلَامَةِ، وَتَحَدَّثنا، فَقَالَ لِي: تَحْفَظُ شَيْئًا مِنْ شِعْرِ ابنِ الكِيْزَانِيِّ؟
(2)
فَأَنْشَدْتُهُ لَهُ:
= وَتزَوَّجَ بِهَا، وَوُلِدَ لَهُ بِهَا فَاطِمَةُ الآتِيَةُ زَوْجُ المُتَرْجَمِ. أَخْبَارُهُ في: الأنْسَابِ (2/ 297)، وَالمُنْتَظَمِ (10/ 121)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 116)، وَالعِبَرِ (3/ 112)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (20/ 158)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (15/ 189).
(1)
فَاطِمَةُ بنتُ سَعْدِ الْخَيْرِ، أُمُّ عَبْدِ الْكَرِيْمِ، شَيْخَةٌ، صَالِحَةٌ، مُحَدَّثَةٌ، جَلِيْلَةُ الْقَدْرِ (ت: 600 هـ) لَهَا ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ، نَذْكُرُهَا في مَوْضِعِهَا من الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"تزَوَّجَ بِهَا الرَّئيسُ زَيْنُ الدِّيْنِ ابنُ نَجِيَّةَ الْوَاعِظُ، وسَكَنَ بِهَا بِـ"دِمَشْقَ" ثمَّ بِـ"مِصْر".
(2)
مُحَمَّدُ بنُ إِبْراهِيْمَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المِصْرِيُّ (ت: 560 هـ) حَنْبَلِيُّ، اسْتَدْرَكْتُهُ عَلَى المُؤَلِّفِ =
رَأَتْنِي خَاضِبًا شَيْبِي
…
فَسَمَّتْنِي أَبَا العَيْبِ
فَظَهَرَ الغَيْظُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَامَ فَذَهَبَ
(1)
، فَقَالَ ابنُ شَافِعٍ: أَيْشٍ عَمَلْتَ؟ هَذَا أَوَّلُ مَنْ جَاءَكَ مِنَ الحَنَابِلَةِ لَقِيْتَهُ بِمَا يَكْرَهُ، فَقُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: هُوَ يَخْضِبُ، فَقُلْتُ: واللهِ مَا عَلِمْتُ، وَلَا حَضَرَنِي مِنْ شِعْرِ ابنِ الكِيْزَانِيِّ إِلَّا هَذَا. ثُمَّ عَادَ ابنُ نُجَيَّةَ وانْتَقَلَ إِلَى "مِصرَ" مِنْ قَبْلِ دَوْلَةِ صَلَاحِ الدِّيْنِ، وَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ، وَكَانَ يَعِظُ بِهَا بـ"جَامِعِ القَرَافَةِ" مُدَّةً طَوِيْلَةً، وَلَهُ فِيْهَا وَجَاهَةٌ عَظِيْمَةٌ عِنْدَ المُلُوْكِ.
وَقَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ: كَانَ ذَا رَأْي صَائِب، وَكَانَ صَلَاحُ الدِّيْنِ -يَعْنِي يُوْسُفَ بنَ أَيُّوْبٍ- يُسَمِّيْهِ عَمْرَو بنَ العَاصِ، وَيَعْمَلُ بِرَأْيِهِ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ صَلَاحُ الدِّيْنِ يُكَاتِبُهُ، وَيَحْضُرُ مَجْلِسَهُ هُوَ وأَوْلَادُهُ: العَزِيْزُ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ لَهُ جَاهٌ عَظِيْم، وَحُرْمَةٌ زَائِدَةٌ.
وَقَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ: كَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ بـ"مِصرَ" لَا يَخْرُجُوْنَ عَمَّا يَرَاهُ لَهُمْ زَيْنُ الدِّيْنِ -يَعْنِي ابنَ نُجَيَّةَ- وَكَثيْر مِنْ أَرْبَابِ الدُّوْلَةِ. وَقَالَ لَهُ المَلِكُ العَزِيْزُ عُثْمَانُ بنُ صَلَاحِ الدِّيْنِ
(2)
: إِذَا رَأَيْتَ مَصْلَحَة فِي شَيْءٍ فاكْتُبْ إِلَيَّ
= فِي مَوْضِعِهِ، وَذَكَرْتُ هُنَاكَ أَنَّ لَهُ دِيْوَانَ شِعْر جَمَعَهُ عَلِي صَافِي حُسَيْن وَطُبعَ فِي دَارِ المَعَارِفِ بـ"مِصْرَ".
(1)
ألَّفَ ابْنُ الجَوزِيِّ كِتَابًا في الشَّيْبِ وَالخِضَابِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في تَرْجَمَتِهِ، وَلَعَل هَذِهِ الْقِصَّةَ وَالحِكَايَةَ هِيَ الَّتِي دَفَعَتْهُ إِلِى تَأْلِيْفِهِ.
(2)
هُو السُّلْطَانُ المَلِكُ العَزِيْز أَبُو الفَتْحِ وَأَبُو عَمْرٍو (ت: 595 هـ) صَاحِبُ عَدْلٍ وَمُرُوْءَةٍ وَدِيْنٍ، وَلَهُ سَمَاعٌ لِلحَدِيْثِ. أَخْبَارُهُ في: الكَامِلِ فِي التَّارِيْخِ (12/ 140)، وَالتَّارِيْخِ =
بِهَا، فَأَنَا مَا أَعْمَلُ إلَّا بِرَأْيِكَ.
وَقَضِيَّتُهُ مَعَ عُمَارَةَ اليَمَنِيُّ
(1)
وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى السَّعْيِ مِنْ إِعَادَةِ دَوْلَةِ
= البَاهِرِ (194)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (16)، وَمُفَرِّجِ الكُرُوْبِ (3/ 82)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 291).
(1)
هُوَ عُمَارَةُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدَانَ الْحَكَمِيُّ، المَذْحِجِيُّ، الْيَمَنِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَجْمُ الدِّيْنِ، الشِّاعِرُ الْمَشْهُوْرُ (ت: 569 هـ) يَظْهَرُ أَنَّ مَولدَهُ بِـ"الْيَمَنِ" سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَتَعَلَّمَ بِـ"زبَيْدَ" وَحَجَّ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَيَّرَهُ أَمِيْرُ مَكَّةَ قَاسِمُ بنُ هَاشِم ابنِ فُلَيْتَةَ رَسُوْلًا إِلَى "مِصْرَ" إِلَى المَلِكِ الفَائِزِ، وَامْتَدَحَهُ بِقَصيْدَةٍ مَشْهُوْرَةٍ أَوَّلُهَا:
الْحَمْدُ لِلِعِيْسِ بعْدَ الْعَزْمِ وَالهِمَمِ
…
حَمْدًا يَقُوْمُ بِمَا أَوْلَتْ مِنَ النِّعَمِ
قَالَ الْعِمَادُ الأصْبَهَانِيُّ فِي "الْخَرِيْدَةِ": "وَكَانُوا أَدْخَلُوا مَعَهُمْ رَجُلًا مِنَ الأجْنَادِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ "مِصْرَ"، فَحَضَرَ عِنْدَ صَلَاحِ الدِّيْنِ وَأَخْبَرَهُ بِمَا جَرَى ..... ".
كَانَ عُمَارَةَ اليَمَنِيُّ سُنِّيًّا مُتَعَصبًا، شَدِيْدَ التَّعَصُّبَ للسُّنَّةِ، لَا يَرْضَى سَبَّ الصَّحَابَةِ، وَلَا يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِ يُسَبُّ فِيْهِ الصَّحَابَةُ، وَلَهُ فِي ذلِكَ أَخْبَارٌ مَشْهُوْرَةٌ، وَلَمَّا قَدِمَ صَلَاحُ الدِّيْن رحمه الله إِلَى "مِصْرَ" مَدَحَهُ عُمَارَةُ بِقَصَائِدَ، لكِنَّهُ -فِيْمَا أَظُنُّ- لَمْ يَجِدْ مَا أَمَّلَهُ فِي صَلَاحِ الدِّيْنِ وَلَا فِي كَاتِبِهِ وَوَزِيْرِهِ الْقَاضِي الْفَاضِلِ، فَلَعَل ذلِكَ سَبَبُ خُرُوْجِهِ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ الْعِمَادُ الأصْبَهَانِيُّ فِي "الْخَرِيْدَةِ": "وَعَمِلَ فِيْهِ تَاجُ الدِّيْنِ الْكِنْدِيُّ، أَبُو اليُمْنِ -بَعْدَ صَلْبِهِ-:
عُمَارَةُ فِي الإسْلَامِ أَبْدَى خِيَانَةً
…
وَبَايَعَ فِيْهَا بَيْعَةً وَصَلِيْبَا
وَأَمْسَى شَرِيْكَ الشِّرْكِ فِي بُغْضِ أَحْمَدٍ
…
فَأَصْبَحَ فِي حُبِّ الصَّليْبِ صَلِيْبَا
وَكَانَ خَبِيْتَ المُلْتَقَى إِنْ عَجَمْتَهُ
…
تَجِدْ مِنْهُ عُوْدًا فِي النِّفَاقِ صَلِيْبَا
سَيَلْقَى غَدًا مَا كَانَ يَسْعَى لأجْلِهِ
…
وَيُسْقَى صَدِيْدًا فِي لَظًى وَصَلِيْبَا
قَالَ أَبُو شَامَةَ: "الصَّلِيْبُ الأوَّلُ النَّصَارَى، وَالثَّانِي بِمَعْنَى مَصلُوْبٍ، وَالثَّالِثُ: مِنَ =
العُبَيْدِيِّيْنَ مَعْرُوْفَةٌ، وَهُم
(1)
: عَبْدُ الصَّمَدِ الكَاتِبِ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ كَامِلٍ القَاضِي
(2)
،
= الصَّلَابَةِ، وَالرَّابعُ: وَدَكُ الْعِظَامِ، وَقِيْلَ: هُوَ الصَّدِيْدُ
…
".
أَقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: الأبْيَاتُ فِي مَجْمُوع شِعْرِ زَيْدٍ الْكِنْدِيِّ الَّذِي جَمَعَهُ الدُّكتور سَامِي مَكِّي العَانِي، وَالأستاذ هِلَال نَاجِي وَطُبعَ في بَغْدَادَ سَنَةَ (1977 م) ص (47). وَمِنْ قَصيْدَتِهِ السَّالِفَةِ فِي مَدْحِ الفَائِزِ الْبَيْتُ المَشْهُوْرُ:
لَيْتَ الْكَوَاكِبَ تَدْنُو لِي فَأَنْظمَهَا
…
عُقُوْدَ مَدْح فَلَا أَرْضَى لَكُمْ كَلِمِي
وَقَدِ انتَقَدَ الْعُلَمَاءُ قَوْلَهُ: "الْحَمْدُ لِلْعيْسِ" فَالْحَمْدُ لَا يَكُوْنُ إِلَّا للهِ. وَقِيْلَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُعَدُّ مِنْ أَكَابِرِ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الثَّرْوَةِ، وَمِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ الَّذِيْنَ أَفْتَوا، وَمِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ الأدَبِ. أَلَّفَ "النُّكَتِ الْعَصْرِية فِي أَخْبَارِ الوُزَرَاء المِصْرِيَّةِ" وهو مَطْبُوع مَشْهُوْرٌ، يَتَضَمَّنُ أَخْبَارَهُ، وأَخْبَارَ أُسْرَتِهِ، وَعَلَاقَتِهِ بِرِجَالِ عَصْرِهِ مِنَ المُلُوْكِ وَالأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ، وَمَا جَرَى بَيْنَهُمْ مِنْ مُرَاسَلَاتٍ شِعْرِيَّةٍ، وَمُكَاتَبَاتٍ نَثْرِيَّةٍ. وَدِيْوَانُ شِعْرِهِ كَانَ مَعْرُوْفًا، قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"صَاحِبُ الدِّيْوَانِ المَشْهُوْرِ". أَقُوْلُ: دِيْوَانُهُ مَطْبُوْعٌ. وأَلَّفَ ذُو النُّونِ المِصْرِيُّ كِتابًا عَنْ حَيَاةِ عِمَارَةَ وَشِعْرِهِ طُبع بالقاهرة سَنَةَ (1966 م)، وَكَتَبَتْ سَمِيْرَة سَلامى مِن جَامعَةِ دِمَشْق رِسَالَةَ مَاجِسْتِيْر عَنْ حَيَاتِهِ وَشِعْرِهِ، كَمَا كَتَبَ الأَسْتَاذُ الدُّكْتُوْرُ جَوَاد عَلُّوش رِسَالَةَ دكتوراه عَنْ حَيَاتِهِ وَشِعْرِهِ أيضًا. أَخْبَارُهُ في: خَرِيْدَةِ الْقَصْرِ (قِسْمِ شُعَرَاءِ الشَّامِ)(3/ 101)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 302)، وَوَفَيَاتِ الأعْيَانِ (3/ 431)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (2/ 590)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (12/ 274)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (22/ 384)، وَبُغْيَةِ الوُعَاهِ (2/ 214)، وَحُسْنِ المُحَاضَرَةِ (1/ 406)، وَتَارِيْخِ ثَغْرِ عَدَنَ (1/ 165)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 234).
(1)
الَّذي سَبَقَ فِي نَصِّ الحَافِظِ الْذَّهَبِى أَنَّهُم ثَمَانِيَةٌ، وَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةٌ، وَالْعِبَارَةُ هُنَا: "وَهُمْ
…
" وَلَمْ يَقُلْ: وَمِنْهُم؟!
(2)
هُوَ هِبَةُ اللهِ بنُ كَامِلِ، أَبُو القَاسِمِ المِصْرِيُّ، دَاعِي الدُّعَاة قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "كَانَ عَالِمًا، فَاضِلًا، أَدِيْبًا، شَاعِرًا، مُتْقِنًا، من كِبَارِ عُلَمَاءِ الدَّوْلَةِ المِصْرِيَّةِ، وَكَانَ عِنْدَهُمْ =
وَابْنُ عَبْدِ القَوِيِّ دَاعِيَ الدُّعَاةِ، وَعُمَارَةَ الشَّاعِرُ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الجُنْدِ وَالأعْيَانِ، وَكَانُوا قَدْ عَيَّنُوا خَلِيْفَةً وَوَزِيْرًا، وَتَقَاسَمُوا الدَّوْرَ، واتَّفَقُوا عَلَى اسْتِدْعَاءِ الفِرِنْجَ إِلَى "مِصْرَ"، لِيَشْتَغِلَ بِهِمْ صَلَاحُ الدِّيْنِ وَيَخْلُوا لَهُمُ الوَقْتُ؛ لِيَتِمَّ أَمْرُهُمْ وَمَكْرُهُمْ، فَأَدْخَلُوا في الشُّوْرَى مَعَهُمُ زَيْنَ الدِّيْنِ ابنَ نَجِيَّةَ، فَأَظْهَرَ لَهُمْ أَنَّهُ مَعَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى صَلَاحِ الدِّيْنِ فَأَخْبَرَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ مَا لابْنِ كَامِلٍ مِنَ الحَوَاصِلِ وَالعَقَارِ، فَبَذَلَهُ لَه
(1)
، وَأَمَرَهُ بِمُخَالَطَتِهِمْ، وَتَعْرِيْفِ شَأْنِهِمْ، فَصَارَ يُعَلِّمُهُ بِكُلِّ مُتَجَدِّدٍ. وَيُقَالُ: إِنَّ القَاضِي الفَاضِلُ اسْتَرَابَ مِنْ بَعْضِ أُولَئِكَ الجَمَاعَةِ، فَأَحْضَرَ ابنُ نَجَا الوَاعِظُ، وَأَخْبَرَهُ الحَالَ، فَطَلَبَ مِنْهُ كَشْفَ الأمْرِ، فَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِمْ، فَبَعَثَهُ إِلَى صَلَاحِ الدِّيْنِ، فَأَوْضَحَ لَهُ الأمْرَ، فَطَلَبَ صَلَاحُ الدِّيْنِ الجَمَاعَةَ وَقَرَّرَهُمْ، فَأَقَرُّوا، فَصَلَبَهُمْ بَيْنَ القَصْرَيْنِ. وَلَمَّا كَانَ السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّيْنِ فِي "الشَّامِ" سَنَةَ ثَمَانِيْنَ كَتَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّيْنِ كِتَابًا يُشَوِّقُهُ إِلَى "مِصْرَ"، وَيَصِفُ مَحَاسِنَهَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ كِتَابًا بِإِنْشَاءِ العِمَادِ الكَاتِبِ، يَتَضَمَّنُ تَفْضِيْلَ "الشَّامِ" عَلَى "مِصْرَ". وَفِي آخِرِهِ: وَنَحْنُ
= في الرُّتبةِ الْعُلْيَا، وَكَانَ أَحَدَ الجَمَاعَةِ الَّذِيْنَ سَعَوا في إِعَادَةِ دَوْلَةِ بني عُبَيْدٍ، فَظَفِرَ بِهِم السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّيْن، فَأَوَّلُ مَا صُلِبَ دَاعِيَ الدُّعَاة، وَعُمَارَةَ اليَمَنِي، نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ".
أقُول -وعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: سَبَبُ خُرُوْجِ هَذَا ظَاهِرٌ. أَخْبَارُهُ في: خَرِيْدَةِ الْقَصْرِ قِسْمِ (شُعَرَاءِ مِصْرَ)(1/ 186)، وَسَنَا البَرْقِ الشَّامِيِّ (1/ 148)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 299)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (27/ 313)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 303)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 235).
(1)
أَرْجُو أَنْ لَا يَصِحَّ هَذَا؛ لأنَّ ذلِكَ يُشكِكُ فِي صِحَّةِ قَصْدِ الشَّيْخِ رحمه الله فَكَأَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذلِكَ لِهَذَا الْهَدَفِ؟! لا لِنُصْرَةِ السُّنَةِ وَالقَائِمِيْنَ عَلَيْهَا.
لَا نَجْفُوا الوَطَنَ كَمَا جَفْوتَهُ "وَحُبُّ الوَطَنِ مِنَ الإيْمَانِ"
(1)
. وَلَمَّا فتحَ صَلَاحُ الدِّيْنِ "القُدْسَ" كَانَ مَعَهُ، وَتَكَلَّمَ أَوَّلَ جُمْعَةٍ أُقِيْمَتْ فِيْهِ عَلَى كُرْسِيِّ الوَعْظِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا. وَذَكَرَ أَبُو شَامَةَ: أَنَّ الشِّهَابَ الطُّوْسِيَّ
(2)
لَمَّا دَخَلَ "مِصْرَ" كَانَ يَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْنِ الدِّيْنِ العَجَائِبَ مِنَ السِّبَابِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الطُّوْسِيَّ كَانَ أَشْعَرِيًّا، وَهَذَا حَنْبَلِيٌّ، وَكِلَاهُمَا وَاعِظٌ. قَالَ: وَجَلَسَ ابنُ نُجِيَّهَ يَوْمًا فِي "القَرَافَةِ" بِالجَامِعِ، فَوَقَع عَلَيْهِ وَعَلَى جَمَاعَةٍ مِمَّنْ عِنْدَهُ السَّقْفَ، فَعَمِلَ الطُوْسِيُّ خُطْبَةً، وَذَكَرَ فِيْهَا قَوْلَهُ تَعَالَى
(3)
: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} ، وَجَاءَ يَوْمًا كَلْبٌ يَشُقُّ الصُّفُوْفَ، فَقَالَ ابنُ نُجَيَّةَ هَذَا: مِنْ هُنَاكَ، وَأَشَارَ إِلَى مَكَانِ الطُّوْسِيِّ. وَذَكَرَ نَاصِحُ الدِّيْنِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: أَنَّ ابنَ نَجَا نَشَأَ لَهُ وَلَدٌ حَسَنُ الصُّوْرَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَخَذَ فِي سَبِيْلِ اللَّهْوِ، فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَاتَ، فَحَضرَ النَّاسُ وَالدَّوْلَةُ لأجْلِهِ، فَلَمَّا وَضَعُوا سَرِيْرَهُ فِي المُصَلَّى
(1)
هَذَا لَيْسَ بِحَدِيْثِ كَمَا قَدْ يُفْهَمُ، وَيُرَاجَعُ: كَشْفُ الخَفَاءِ (1/ 413)، قَالَ:"قَالَ الصَّغَانِيُّ: مَوْضُوع، وَقَالَ فِي "المَقَاصِدِ": لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ
…
".
(2)
مُحَمدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ مُحَمَّدِ، شِهَابُ الديْنِ، أَبُو الفَتْحِ الطُّوْسِيُّ، الْفَقِيْهُ الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ "مِصْرَ" (ت: 596 هـ) قَالَ أَبُو شَامَةَ: "
…
سَافَرَ إِلَى "مِصْرَ" وَوَعَظَ، وَأَظْهَرَ مَذْهَبَ الأشْعَرِيِّ، وَثَارَتْ عَلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ، وَكَانَ يَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْنِ الدِّين بنُ نُجَيَّةَ الْعَجَائِبَ مِنَ السِّبَابِ وَنَحْوِهِ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 364)، وَالرَّوْضَتَيْنِ (2/ 240)، وَذَيْلِهَا (18)، وَوَفَيَاتِ الأعْيَانِ (4/ 224)، وَالعِبَرِ (4/ 294)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِي (4/ 185)، وَذَيْلِ التَّقْيِيْدِ (2/ 397)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 327).
(3)
سُورَةُ النَّحْلِ، الآية:26.
نَصَبُوا لِلشَّيْخِ كُرْسِيًّا إِلَى جَانِبِهِ، فَصَعَدَ عَلَيْهِ، وَحَمَدَ اللهَ تَعَالَى وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا وَلَدِي بَلَغَ مِنَ العُمُرِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ فِيْهَا قَلَمٌ إلَّا بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، بَقِيَ لَهُ ثَلَاثُ سِنِيْنَ، نِصْفُهَا نَوْمٌ، بَقِيَ عَلَيْهِ سَنَةٌ وَنصْفٌ، قَدْ أَسَاءَ فِيْهَا إِلِيَّ وَإِلَيْكَ، فَأَمَّا جِنَايَتُهُ عَلَيَّ فَقَدْ وَهَبْتُهَا لَهُ، بَقِيَ الَّذِي لَكَ فَهَبْهُ لِي، فَصَاحَ النَّاسُ بِالبُكَاءِ، وَنَزَلَ فَصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَانَ زَيْنُ الدِّيْنِ كَرِيْمًا، وَلَهُ سُمَاطٌ يُؤكَلُ عِنْدَهُ، وَتَوْسِعَةٌ في النَّفَقَةِ.
وَقَالَ أَبُو
(1)
المُظَفَّرِ سِبْطُ ابنِ الجَوْزِيِّ: كَانَ ابنُ نُجَيَّةَ قَدِ اقْتَنَى أَمْوَالًا عَظِيْمَةً، وَتنعَّمَ تنعُّمًا زَائِدًا، بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ فِي دَارِهِ عِشْرُوْنَ جَارِيَةً لِلْفِرَاشِ، كُلُّ جَارِيَةٍ تُسَاوِي أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَمَّا الأطْعِمَةُ فَكَانَ يُعْمَلُ فِي دَارِهِ مَا لَا يُعْمَلُ فِي دُوْرِ المُلُوْكِ، وَتُعْطِيْهِ المُلُوْكُ وَالخُلَفَاءُ أَمْوَالًا عَظِيْمَةً كَثيْرَةً. قَالَ: وَمَعَ هَذَا مَاتَ فَقِيْرًا، كَفَّنَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ. والَّذِي ذَكَرَهُ نَاصِحُ الدِّيْنِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: أَنَّ ابنَ نَجَا ضَاقَ صَدْرُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ، وَأَنَّ المَلِكَ العَزِيْزَ عُثْمَانَ لَمَّا عَرَفَ ذلِكَ أَعْطَاهُ مَا يَزِيْدُ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافِ دِيْنَارٍ مِصْرِيَّةٍ. قَالَ: وَقَالَ لِي: مَا احْتَجْتُ فِي عُمُرِيْ إلَّا مَرَّتَيْنِ.
قَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ: قَالَ لِي وَالِدِي: زَيْنُ الدِّيْنِ سَعِدَ بِدُعَاءِ وَالِدَتِهِ، كَانَتْ صَالِحَةً حَافِظَةً، تَعْرِفُ التَّفْسِيْرَ. قَالَ زَيْنُ الدِّيْنِ: كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ خَالِي التَّفْسِيْرَ، ثُمَّ أَجِيْءُ إِلَيْهَا، فَتَقُوْلُ: أَيْشٍ فَسَّرَ أَخِي اليَوْمَ؟ فَأَقُوْلُ: سُوْرَةُ كَذَا وَكَذَا، فَتَقُوْلُ: ذَكَرَ قَوْلَ فُلَانٍ، وَذَكَرَ الشَّيْءَ الفُلَانِيَّ؟ فَأَقُوْلُ: لَا، فَتَقُوْلُ:
(1)
في (ط): "ابن".
تَرَكَ هَذَا، وَسَمِعْتُ وَالِدِي يَقُوْلُ: كَانَتْ تَحْفَظُ كِتَابَ "الجَوَاهِرِ"
(1)
وَهُوَ ثَلَاثُوْنَ مُجَلَّدَةً، تَأْلِيْفَ وَالِدِهَا الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ، وَأُقْعِدَتْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً فِي مِحْرَابِهَا.
حَدَّثَ الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ بنُ نَجَا بـ"بَغْدَادَ" وَ"دِمَشْقَ"، وَ"مِصْرَ"، و"الإسْكَنْدَرِيَّةِ" وَغَيْرِهَا
(2)
، وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْق كَثِيْر، وَحَكَى عَنْهُ الحَافِظُ السِّلَفِيُّ فِي "مُعْجَمِ شُيُوْخِ بَغْدَادَ"
(3)
. وَرَوَى عَنْهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِي، وَابنُ خَلِيْلٍ
(4)
، وَالضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سُلَيْمَانَ، وَخَطِيْبُ "مَرْدَا" وَجَمَاعَة، وَأَجَازَ لِلْمُنْذِرِيِّ
(5)
، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الخَيْرِ سَلَامَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي الدِّيْنَةِ
(6)
.
وَتُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ -قَالَ المُنْذِرِيُّ: فِي سَابِعِهِ، وَقَالَ ابنُ نُقْطَةَ: فِي ثَامِنِهِ-
(1)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ جَدَّه لأُمِّهِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ الشِّيْرَازِيِّ (ت: 486 هـ).
(2)
قَالَ المُنْذِرِيُّ فِي "التَّكْمِلَةِ
…
": "حَدَّثَ عن أبي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُنَيِّرٍ الشَّاعِرِ بِشَيءٍ من شِعْرِهِ".
(3)
تتَبَّعْتُ نُسْخَتِي مِنَ "المَشْيَخَةِ الْبَغْدَادِيَّة" لِلْحَافِظِ السِّلَفِيِّ وهي مُصَوَّرةُ مَكْتَبَةِ الأُسكُوْريَال فَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُ فَلَعَلِّي لَمْ أُحْسِنِ التَّتبُّعَ.
(4)
مُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 208) قَالَ: "أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَجَا بنِ غَنَائِمٍ، الأنْصَارِيُّ، الْوَاعِظُ، الدِّمَشْقِيُّ، الْحَنْبَلِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِـ"فِسْطَاطِ مِصْرَ" قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ قُبَيْسٍ، الْغَسَّانِيُّ، المَالِكِيُّ قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ بِـ"دِمَشْقَ" فَأَقَرَّ بِهِ، (ثنا) الْحَافِظُ أَبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِى بنِ ثَابِتٍ الْخَطِيْبُ" وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيْثًا وَلَا أثَرًا؟!
(5)
قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي "التَّكمِلَةِ
…
" "ولَنَا مِنْهُ إِجَازَةُ كَتَبَ بِهَا لَنَا بِـ"القَاهِرَةِ" في سَنَةِ سِتٍّ وتسْعِيْنَ وخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ كَلَامِهِ في مَجْلِسِ وَعْظِهِ.
(6)
في (ط): "الدبيةِ" تَصْحِيفٌ. وابنُ أَبي الدِّيْنَةِ وَيُقَالُ: "الدِّيْنِيُّ" تَقَدَّمَ مِرَارًا مُحَرَّفًا أَيْضًا.
سَنَةَ تِسْع وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ"الشَّارِعِ"، ظَاهِرَ "القَاهِرَةِ" وَدُفِنَ بِسَفْحِ "المُقَطَّمِ".
وَقَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: مَاتَ بَعْدَ السِّتِّمَائَةِ. وَهُوَ وَهْمٌ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ هَذِهِ التَّوَارِيْخَ مِنْ حِفْظِهِ، وَقَدْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِهَا. قَالَ: وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ سَارِيَةَ، بِجِوَارِ عِزِّ الدِّيْنِ ابنِ خَالِهِ
(1)
، عَنْ وَصِيَّةٍ مِنْهُ، وَكَانَ يَوْمَ دَفْنِهِ مَشْهُوْدًا لِكَثْرَةِ الخَلْقِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ كَثيْرًا.
234 - إبرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ
(2)
بنِ أَحْمَدَ بنِ الصَّقَّالِ الطَّيْبِيِّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ
(1)
عَبْدُ الْهَادِي بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عزُ الدِّيْنِ الشِّيْرَازِيُّ (ت:؟) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ نَجْمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 586 هـ). وَلَمْ نَعْرِفْ مِنْ أَخْبَارِ عِزِّ الدِّيْنِ هَذَا أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَ، إِلَّا أَنَنَا اسْتَدْرَكْنَا وَلَدَهُ تَمَّامَ بنَ عَبْدِ الهَادِي (ت: 620 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ في تَرْجَمَةِ عِزِّ الدِّين أَنَّه صَحِبَ أَسَدَ الدِّيْنِ شِيْركُوه إِلَى "مِصْرَ" وَأَنَّهُ بَنَى مَدْرَسَةَ بِـ"مِصْرَ" مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا.
(2)
234 - ابنُ الصَّقَّالِ الطِّيْبِيُّ (525 - 599 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 50)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (1/ 315)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 48)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 315)، وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 467)، وَمْجَمُع الَآداِب (5/ 582)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 234)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (382)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 339) (6/ 552). قَالَ ابنُ الفُوَطِيِّ:"ذَكَرَهُ الحَافِظُ سَدِيْدُ الدِّيْنِ أَبُو مُحَمَّدِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ شَيْخِنَا إِبْرَاهِيْمَ بنِ الخَيِّرِ المُقْرِئُ، وَقَالَ فِي "فَوَائِد وَمَشْيَخَتِهِ": أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الوَزَّانُ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ، الإِمَامُ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الصَّقَالِ، الفَقِيْهُ الحَنْبَلِيُّ لِنَفْسِهِ: =
الأزَجِيُّ، الفَقِيْهُ، الإمَامُ، أَبُو إسْحَاقَ، مُفْتِي "العِرَاقِ"، وَيُلَقَّبُ "مُوَفَّقَ الدِّيْنِ".
وُلِدَ فِي خَامِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، كَذَا ذَكَرَهُ القَطِيْعِيِّ عَنْهُ. وَقَالَ المُنْذِريُّ: فِي نِصْفِ شَوَّالٍ.
وَسَمِعَ مِنِ ابنِ الطَّلَّايَةِ، وَابنِ نَاصِر، وَأَبِي بَكْرِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ، وأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَأَبِي عَلِيِّ بنِ شَاتِيْلَ، وَأَبِي المُعَمَّرِ الأنْصَارِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ البَنَّاءِ، وَعَبْدِ الخَالِقِ بنِ يُوْسُفَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ العَبَّاسِيِّ النَّقِيْبِ، وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحُسَيْنِ بن جَعَفْرٍ الجَوْزَقَانِيِّ الهَمَذَانِيِّ، قَدِمَ عَلَيْهِمْ "بَغْدَادَ" سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ و
(1)
خَمْسِمَائَةَ، وَكِتَابًا جَمَعَهُ وَسَمَّاهُ "التَّرْغِيْبَ". وَقَرَأَ الفِقْهَ عَلَى القَاضِي أَبِي يَعْلَى بنِ أَبِي خَازِمٍ، وَأَبِي حَكِيْم النَّهْرَوَانِيِّ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي
= آهِ مِمَّا فِي فُؤَادِي
…
آهِ مِمَّا قَدْ أَجَنَّا
لَوْ تَبَقَّى [لِيْ] مَدَى الدَّهـ
…
ـرِ وَحُزْنِي لَيْسَ يَفْنَى
وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فَقِيْهًا فَاضِلًا".
- وَلَهُ بِنْتٌ اسمُهَا فَاطِمَةُ، لَهَا ابنٌ اسمُهُ مُحَمَّد بُنُ مَعَالِي بن مُحَمَّدِ بن مَعَالِي الحرموي؟ كذَا جَاءَ في سَمَاعِ نُسْخَةِ الظَّاهِرِيَّةِ من "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ" لابنِ قُتيْبَةَ، قَالَ: وأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ المُوَفقِ أبي إسْحَاقِ إِبْرَاهِيْمَ بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّقَّالِ؟ كَذَا وَإنَّمَا هُوَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَد، وَكَثيْرٌ من رجال السَّنَدِ قَرَأَهَا المُحَققُ د/ عبدُ اللهِ الجُبُوريُّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا الصَّحِيْحِ؟! وَأَغْلَبُهُمْ مِنَ الحَنَابِلَةِ لَهُمْ ذِكْرٌ في كِتَابِنَا هَذَا، إِمَّا فِي أَصْلِ الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ، وإمَّا في المُسْتَدْرَكِيْنَ عَلَيْهِ.
(1)
ساقط من (ط).
الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ أَيْضًا، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ مَذْهَبًا وَخِلَافًا وَجَدَلًا
(1)
، وَأَتْقَنَ عِلْمَ الفَرَائِضِ، وَالحِسَابِ، وَشَدَا طَرَفًا مِنَ العَرَبِيَّةِ، وَكَتَبَ خَطًّا حَسَنًا، وَدَرَّسَ، وَأفْتَى وَنَاظَرَ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ العُدُوْلِ، وَشُهُوْدِ الحَضْرَةِ، وَأَعْيَانِ المُفْتِيْنَ
(2)
المُعْتَمَدِ عَلَى فَتَاوِيْهِمْ، وَأَقْوَالِهِمْ فِي المَجَالِسِ وَالمَحَافِلِ، مَتِيْنَ الدِّيَانَةِ، حَسَنَ المُعَاشِرَةِ، طَيِّبِ المُفَاكَهَةِ.
قَالَ القَادِسِيُّ: كَانَ خَيِّرًا، صَالِحًا، حَسَنَ الطَرِيْقَةِ، جَمِيْلَ السِّيْرَةِ، بَعِيْدَ المِثَالِ، وَإِياهُ عَنَى الصَّرْصَرِيُّ بِقَوْليِ فِي قَصِيْدَتِهِ الَّلامِيَّةِ المَعْرُوْفَةِ، فِي مَدْحِ الإمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ:
(3)
وَمَنْ يَتْبَعِ المَنِّى أَوْحَدَ وَقْتِهِ
…
أَبَا الفَتْحِ وَالصَّقَّالِ فِي الفِقْهِ يَنْبَلُ
حَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ ابنُ القَطِيْعِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَالحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَابنُ النَّجَّارِ.
تُوُفِّيَ آخِرَ يَوْمِ الاثْنَيْنِ، ثَانِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْع وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ عِنْدَ المَنْظَرَةِ بِـ"بَابِ الأزجَ" وَحُمِلَ عَلَى الرُّؤُوْسِ، وَدُفِنَ بِـ"بَابِ حَرْبٍ" وَشَيَّعَهُ خَلْقٌ عَظِيْمٌ، رحمه الله، وَقِيْلَ: كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي مُسْتَهَلِّ ذِيْ الحِجَّةِ. وَ"الطِّيْبِيُّ" مَنْسُوْبٌ إِلَى بَلْدَةٍ قَدِيْمَةٍ بَيْنَ "وَاسِطَ"
(1)
في (ط): "جدالا".
(2)
في (ط): "المفتيين".
(3)
ديوانه (458).
وَ"الأهْوَازِ" تُسَمَّى "الطِّيْبَ"
(1)
.
235 - مُحَمَّدُ بنُ إِبْراهِيْمَ
(2)
بنِ [أَحْمَد بن]
(3)
عَبْدِ الرَّحْمَنَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ ابنِ مَنْصُوْرٍ المَقْدِسِيُّ، الزَّاهِدُ، أَبُو بكْرٍ، وَيُلَقَّبُ جَمَالَ الدِّيْنِ، أَخُو
(4)
البَهَاءِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
الآتِي ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ بِـ"دِمَشْقَ"، وَدَخَلَ مَعَ أَخِيْهِ "بَغْدَادَ"، وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، وَاشْتَغَلَ وَحَصَّلَ فُنُوْنًا مِنَ العِلْمِ، ثُمَّ عَادَ، وَكَانَ فِقِيْهًا، زِاهِدًا، وَرِعًا، كَثيْرَ الخَشْيَةِ وَالخَوْفِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، حَتَّى كَانَ يُعْرَفُ بِـ"الزَّاهِدِ"، وَكَانَ يُبَالِغُ فِي الطَّهَارَةِ، وَأَمَّ بِـ"دِمَشْقَ" بِمَسْجِدِ "دَارِ البَطِّيْخِ"
(5)
وَهُوَ مَسْجِدُ السَّلَّالِيْنَ.
حَدَّثَ مُدَّةً، وَحَجَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى "القُدْسِ" فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ
(1)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 60).
(2)
235 - أبُو بكرٍ المَقْدِسِيُّ (563 - 599 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 333)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (41/ 49)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 315)، وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ (474)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 344)(6/ 558)، وَلَهُ ذِكرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمشقيَّة (489).
(3)
زِيَادَةٌ من تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ الَّذِي سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (574 هـ) وَأَخِيْهِ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْمَشْهُورِ بِـ"الْبَهَاءِ"(ت: 624 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
(4)
في (ط): "ابنِ أخو" وَلَفْظَةُ "ابنِ" زِيَادَةٌ لا مَعْنَى لَهَا، وَلَيْسَتْ في الأُصُوْلِ.
(5)
يُرَاجَعُ: الأعْلَاقُ الخَطِيْرَةُ (102، 104)، وثمَارُ المَقَاصِدِ (69).
بِـ"نَابُلُسَ" سَنَةَ سَبع وتسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
(1)
.
236 - عَبيْدُ اللهِ بنُ عَليِّ
(2)
بنِ نَصْرِ بنِ حُمْرَةَ بنِ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ التَّيْمِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ"ابنِ المَارِسْتَانِيَّةِ" الأدِيْبُ، الفَقهُ، المُحَدِّثُ، المُؤَرِّخُ، أَبُو بكْرٍ، وَيُلَقَّبُ فَخْرَ الدِّيْنِ.
كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ رضي الله عنه، وَيَذْكُرُ شَيْئًا مُتَّصِلًا إِلَيْهِ، وَقَدْ قَرَأْتُ بِخَطِّهِ فِي نَسَبِهِ:"المُحَمَّدِيَّ"، وَلَا أَدْرِي إِلَى مَا هَذِهِ النِّسْبَةِ
(3)
؟. ذَكَرَ أَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
(1)
زَوْجَتُهُ مَرْيَمُ بِنْتُ خَلَفِ بنِ رَاجِحٍ المَقْدِسيُّ، وَلَهُ من الْوَلَدِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وإِبْرَاهيم ابنُ مُحَمَّدِ، وَصَفِيَّة بنتُ مُحَمَّدٍ، أمُّهم مَرْيَمُ المَذْكُورَةُ وَهِيَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ أَخُوْهَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ رَاجِح (ت: 618 هـ) وابنُ أَخِيْهَا مُوْسَى بنُ مُحَمَّدٍ بنِ خَلَفٍ (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ في مَوْضِعَيْهِمَا .. وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ من هَذه الأسْرَةِ.
(2)
237 - ابنُ المَارِسْتَانِيَّة (541 - 599 هـ):
المُؤَرِّخُ، كَاتِبُ سِيْرَةِ الْوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ. أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 50)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 71)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 49)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 315)، وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ لابنِ نُقْطَةَ (2/ 58)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 95)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (34)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرِ لابنِ السَّاعِي (9/ 111)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 469)، وَعُيُوْنُ الأنْبَاءِ (1/ 203)، وَتَارِيْخُ مُخْتَصَرِ الدُّوَلِ (238)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (3/ 3)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 187)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 397)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (394)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (19/ 390)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 35)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوكُ (280)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (4/ 108)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 339)(6/ 552).
(3)
لَعَلَّهُ يَقْصدُ أَنَّهُ مَنْسُوْبٌ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ رضي الله عنهما هَذَا إذَا =
وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي المُظَفَّرِ بنِ الشِّبْلِيِّ، وَابنِ البَطِّيِّ، وَيَحْيَى بنِ ثَابِتٍ بنُ بُنْدَارٍ، وَعَبْدِ الحَقِّ بنِ عَبْدِ الخَالِقِ، وَشُهْدَةَ، وَأَبي الفَتْحِ بنِ شَاتِيْلَ. وَقَرَأَ كَثيْرًا عَلَى المَشَايخِ المُتَأَخِّرِيْنَ بَعْدَهُمْ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَعُنِيَ بِهَذَا الفَنِّ، وَطَلَبَ العِلْمَ فِي صِبَاهُ، فتفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ. وَقَرَأَ الأدَبَ، وَكَانَ أَدِيْبًا، فَاضِلًا، فَصِيْحًا، مَلِيْحَ العِبَارَةِ، بَلِيْغًا، حَسَنَ التَّصْنِيْفِ، ذَكَرَ ذلِكَ ابنُ النَّجَّارِ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّر سِبْطُ ابنِ الجَوْزِيِّ: أَحَدُ الفُضَلَاءِ المَعْرُوْفِيْنَ بِجَمْعِ الحَدِيْثِ وَالطِّبِّ، وَالنُّجُوْمِ، وَعُلُوْمِ الأوَائِلِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَصَنَّفَ كِتَابًا سَمَّاهُ "دِيْوَانَ الإسْلَامِ في تَارِيْخِ دَارِ السَّلَامِ" قَسَّمَهُ ثَلَاثِمَائَةٍ وَسِتِّيْنَ كِتَابًا، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ، وَصَنَّفَ "سِيْرَةَ الوَزِيْرِ ابنِ هُبَيْرَةَ"
(1)
.
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ قَدْ قَرَأَ كَثيْرًا مِنْ عِلْمِ الطِّبِّ، وَالمَنْطِقِ وَالفَلْسَفَةِ، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ
(2)
صَدَاقَةٌ وَمُصَاحَبَةٌ، فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيْهِ الوِزَارَةُ اخْتُصَّ بِهِ، وَقَوِيَ جَاهُهُ، وَبَنَى دَارًا بِـ"دَرْبِ الشَّاكِرِيَّةِ" وَسَمَّاهَا: دَارَ العِلْمِ، وَجَعَلَ فِيْهَا خِزَانَةَ كُتُبٍ، وَوَقَفَهَا عَلَى طُلَّابِ العِلْمِ، وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ القَصْرِ، يَقْرَأُ فِيْهَا الحَدِيْثَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَحْضُرُ عِنْدَهُ النَّاسُ، فَيَسْمَعُوْنَ مِنْهُ، وَرَتَّبَ نَاظِرًا عَلَى أَوْقَافِ المَارِسْتَانِ العَضُدِيِّ، فَلَمْ تُحْمَدْ
= صَحَّت نِسْبَتُهُ إِلَى تَيْمٍ، وَمِنْ ثَمَّ إِلَى أَبِي بَكْرٍ.
(1)
ذَكَرَهَا المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَةِ ابنِ هُبَيْرَةَ وَنَقَلَ عَنْهَا هُنَاكَ.
(2)
حَنْبَلِيٌّ (ت: 593 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
سِيْرَتُهُ، فَقُبِضَ عَلَيْهِ، وَسُجِنَ فِي المَارِسْتَانِ مُدَّةً مَعَ المَجَانِيْنِ مُسَلْسَلًا، وَبِيْعَتْ دَارُ العِلْمِ بِمَا فِيْهَا مِنَ الكُتُبِ مَعَ سَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَقُبِضَتْ، وَبَقِيَ مُعْتَقَلًا مُدَّةً، ثُمَّ أُطْلِقَ، فَصَارَ يُطَبِّبُ النَّاسَ، وَيَدُوْرُ عَلَى المَرْضَى فِي مَنَازِلِهِمْ، وَصَادَفَ قَبُوْلًا فِي ذلُكَ، فَأَثْرَى، وَعَادَ إِلَى حَالَةٍ حَسَنَةً، وَحَصَّلَ كُتُبًا كَثيْرَةً، ثُمَّ إِنَّهُ انْتُدِبَ للتَّوَجُّهِ فِي رِسَالَةٍ مِنَ الدِّيْوَانِ، فَخُلِعَ عَلَيْهُ خُلْعَةٌ سَوْدَاءُ؛ قَمِيْصٌ وَعِمَامَةٌ، وَطُرْحَةٌ، وَأُعْطِيَ سَيْفًا وَأُرْكِبَ مَرْكُوْبًا جَمِيْلًا، وَتَوَجَّهُ إِلَى "تِفْلِيْسَ"
(1)
فِي صَفَرَ سَنَةَ تِسْع وتسْعِيْنَ إِلَى الأمِيْرِ أَبِي بَكْرِ بنِ إِيْلد كزين البَهْلَوَان، زَعِيْمُ تِلْكَ البِلَادِ، فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ هُنَاكَ. قُلْتُ: القَبْضُ عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ عَزْلِ ابنِ يُوْنُسَ وَالقَبْضِ عَلَيْهِ، وَتتَبُّعِ أَصْحَابِهِ، وَفِي تِلْكِ الفِتْنَةِ كَانَتْ مِحْنَةُ ابنُ الجَوْزِيِّ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ
(2)
. وَبَالَغَ ابنُ النَّجَّارِ فِي الحَطِّ عَلَيْهِ بِسَبَبِ ادِّعَائِهِ النَّسَبَ إِلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ
(3)
، وَبِسَبَبِ أنَّهُ رَوَى عَنْ مَشَايخَ
(1)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 42)، قَالَ يَاقُوْتٌ: بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيُكْسَرُ بَلَدٌ بِـ"أرْمِيْنِيَّةِ" الأوْلَى
…
مَدِيْنَةٌ قَدِيْمَةٌ أَزلِيَّةٌ
…
افْتَتَحَهَا المُسْلِمُوْنَ فِي أَيامِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رضي الله عنه كَانَ قَدْ سَارَ حَبِيْبُ بنُ مَسْلَمَةَ إِلَى "أَرْمِيْنِيَّة". وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ مَا اسْتَعْجَمَ (316). وَلَا تَزَالُ اليَوْمَ عَلَى تَسْمِيَتِهَا، وَهِيَ عَاصِمَةُ جُمْهُوْرِيَّةِ "جُرْجِيَا" إِحْدَى الدُّولِ المُسْتَقِلَّةِ عَنِ الاتَّحادِ السُّوفيتي السَّابِقِ.
(2)
كأنَّ المُؤَلِّفَ يُريْدُ الدِّفَاعَ عَنهُ فِيْمَا قِيْلَ: إنَّهَا لَمْ تُحْمَدْ سِيْرَتُهُ لمَّا كَانَ نَاظِرًا لأوْقَافِ المَارسْتَانِ العَضُدِيِّ.
(3)
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: "وَرَأَيْتُ المَشَايخَ الثِّقَاتِ من أَصْحَابِ الحَدِيْثِ وَغَيْرِهِمْ يُنكِرُوْنَ نَسَبَهُ هَذَا، وَيَقُوْلُوْنَ: إِنَّ أبَاهُ وأُمَّهُ كَانَا يُخْدِمَانِ المَرْضَى بِالمَارِسْتَانَ البتشي (؟) كَذَا =
لَمْ يُدْرِكْهُمْ، كَأَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ. قَالَ: وَاخْتَلَقَ
(1)
طِبَاقًا عَلَى الكُتُبِ بِخُطُوْطٍ مَجْهُوْلَةٍ، تَشْهَدُ بِكَذَبِهِ وَبِزُوْرِهِ
(2)
، وَجَمَعَ مَجْمُوْعَاتٍ فِي فُنُوْنٍ مِنَ التَّوَارِيْخِ وَأَخْبَارِ النَّاسِ، مَنْ نَظَرَ فِيْهَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ كَذِبِهِ وَقُبْحِهِ وَتَهَوُّرِهِ، مَا كَانَ مَخْفِيَّا عَنْهُ، وَبَانَ لَهُ تَرْكِيْبُهُ الأسَانِيْدَ عَلَى الحِكَايَاتِ وَالأشْعَارِ وَالأخْبَارِ
(3)
، إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ حَدَّثَ بِكَثيْرٍ مِمَّا اخْتَلَقَهُ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ لَمْ يَلْقَهُمْ.
سَمعَ مِنْهُ الغُرَبَاءُ، وَمَنْ لا يَعْرِفُ طَرِيْقَةَ الحَدِيْثِ، وَرَأَيْتُهُ كَثِيْرًا، وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ شَيْئًا. قَالَ: وَقَدْ نَقَلْتُ فِي هَذَا الكِتَابِ مِنْ خَطِّهِ وَقَوْلهِ وَرِوَايَتِهِ أَشْيَاءَ، العُهْدَةُ عَلَيْهِ فِي صِحَّتِهَا؛ فَإِنِّي لَا أَطْمَئِنُّ إِلَى صِحَّتِهَا، وَلَا أَشْهَدُ بِحَقِيْقَةِ بُطْلَانِهَا
(4)
، ثُمَّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَنْبِلِي بـ"أَصْبَهَانَ" عَنْ مَعْمَرِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ الفَاخِرِ القُرَشِيِّ، وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي
= (التُّتُشِيِّ) في أَسْفَلِ الْبَلَدِ، وَكَانَ أَبُوْهُ مَشْهُوْرًا بِـ"فُرَيْج" تَصْغِيْرُ أَبي الفَرَجِ عَامِيًّا، لَا يَفْهَمُ شيئًا، وأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ نَسَبِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَأَنْكَرَ ذلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُ ادَّعَى نَسَبًا إِلَى قَحْطَانَ، وَادَّعَى لأبِيْهِ سَمَاعًا لأبي بَكْرِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الْبَاقِي الأنْصَاريِّ، وَسَمِعْتُهُ مِنْهُ، وَكَذلِكَ ادَّعى لِنَفْسِهِ سَمَاعًا من أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الأَرْمَوِيِّ، وَكُل ذلِكَ بِاطِلٌ.
(1)
فِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ": "وَأَلْحَقَ" وَمَا عِنْدَنَا هُوَ الصَّحِيْحُ بدَلِيْلِ مَا جَاءَ في نَصِّ ابنِ النَّجَّارِ الَّذي نَقَلَهُ الصَّفَدِيُّ في "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ" مِنْ نَاحِيَةٍ، وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ بَعْدَ ذلِكَ:"وَقَدْ حَدَّثَ بِكَثيْر مِمَّا اختَلَقَهُ".
(2)
فِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ": "وتزويره" وفي هَامِشِهِ قِرَاءَةُ نُسْخَةٍ أُخْرَى يُوافق مَا هاهنَا.
(3)
بَعْدَهَا فِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ": "فَيُخْفِي بَيْنَهُ الْكَذِبَ وَالأخْلَاق؟ [الاختِلَاقِ] وَيَأْبَى اللهُ -سُبْحَانَهُ- إِلَّا إِظْهَارَ مَا أَخْفَاهُ، نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ تَسْوِيْلِ الشَّيْطَانِ".
(4)
بَعْدَهَا فِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ": "وَاللهُ أَعْلَمُ بِالصَّحِيْحِ".
أَبُو بكْرٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ نَصْرِ بنِ حُمْرَةَ
(1)
التَّيْمِيُّ لِنَفْسِهِ
(2)
:
أَفْرَدَتْنِي بِالهُمُوْمِ
…
ذاكَ دَلٍّ وَنَعِيْم
أَوْدَعَتْ قَلْبِي سُقَامًا
…
وَالحَشَا نَارَ الجَحِيْم
لَيْسَ لِي شُغْلٌ سِوَاهَا
…
مِنْ خَلِيْلٍ وَحَمِيْم
هِيَ دَاءٌ لِلْمُعَانِى
…
وَدَوَاءٌ لِلسَّقِيْم
شَغَلَتْ قَلْبِي بِأَمْرٍ
…
مُقْعَدٍ فِيْهَا مُقِيْم
قُلْتُ: العَجَبُ أَنَّهُ تَبَرَّأ وَتنزَّهُ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ نَفْسُهُ، ثُمَّ رَوَى عَنِ اثْنَيْنِ عَنْهُ؟! وَلَقَدْ بَالَغَ فِي الحَطِّ عَلَيْهِ، وَزَادَ فِي ذلِكَ اعْتِرَافُهُ بِأَنَّهُ نَقَلَ عَنْهُ فِي هَذَا الكِتَابِ أَشْيَاءَ، وَلَعَلَّهُ لَا يَبِيْنُ فِي بَعْضِهَا أَوْ كَثيْرٍ مِنْهَا أَنَّهَا مِنْ جِهَتِهِ، وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى كِتَابِهِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي "سِيْرَةِ ابنِ هُبَيْرَة" فَلَمْ أَجَدْ فِيْهُ مَا يُنْكَرُ، بَلْ غَالِبُ مَا نَقَلَ فِيْهِ مِنَ الحِكَايَاتِ عَنِ الوَزِيْرِ مِنْ كَلَامِهِ قَدْ نَقَلَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ. وَكَذلِكَ بَالَغَ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ" فِي الحَطِّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ ادَّعَى الحِفْظَ وَسَعَةَ الرِّوَايَةِ عَمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ، وَلَمْ يُوْجَدُ بَعْدُ. وَتَابَعَهُ عَلَى ذلِكَ المُنْذِرِيُّ، وَهَذَا
غَيْرُ صَحِيْحٌ؛ فَإِنَّ أَقْدَمَ مَنْ ادَّعَى السَّمَاعَ مِنْهُ الأُرْمَوِيُّ. وَهُوَ كَانَ مَوْجُوْدًا فِي حَيَاتِهِ، وَسَمَاعُهُ مِنْهُ مُمْكِنٌ، ثَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ مِنْهُ، أَوْ
(1)
في (ط): "حمزة" وَقَدْ قَيَّدَهَا المُؤَلِّفُ كَمَا سَيَأْتِي.
(2)
الأبْيَاتُ فِي "ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ" وَعَنْهُ في "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ" يَجُوْزُ أَنْ تَكُوْنَ القَافيَةُ مُطْلَقَةً، وَيَجُوْزُ أَنْ تَكُوْنَ مُقَيَّدَةً.
لَمْ يُعْرَفْ، وَنَحْوِ ذلِكَ
(1)
. وَمِنْ مُبَالَغَتِهِ فِي الحَطِّ قَالَ أَبُو شَامَةَ: هَذَا غُلُوٌّ مِنْ قَائِلِهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مَطْعُوْن فِيْهِ مِنْ جِهَتَيْنِ:
- مِنْ جِهَةِ ادِّعَائِهِ النَّسَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ؛ فَإِنَّ هَذَا أَنْكَرَهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَيْهِ، وَاشْتُهِرَ إِنْكَارُهُ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ
(2)
:
(1)
كَلامُ الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ رحمه الله جَيِّدٌ، وَدِفَاعٌ في مَحَلِّهِ.
(2)
هُوَ أَبُو جعْفَرِ بنُ الوَاثِقِيِّ كَمَا فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ" قَالَ مُحَقِّقُهُ في الهَامِشِ بعْدَ قَوْلِ الصَّفْدِيِّ: "وَبَالَغَ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ في الطَّعْنِ عَلَيْهِ، وَزَادَ في غُلُوِّهِ فِيْهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيْقَةِ الْحَالِ؟! قَالَ المُحَقِّقُ الْفَاضِلُ: "الوَاضِحُ أَنَ الصَّفِديِّ يَنْقُلُ شِعْرَ الوَاثِقِيِّ عَنِ ابنِ الدُّبَيْثيِّ، لكِنَّ اخْتِصَارَ ابنِ الدُّبَيْثيِّ للذَّهَبِيِّ جَعَلَ التَّرْجَمَةَ تَرِدُ في بِضْعَةِ أَسْطُرِ، فَلَا يُمْكِنُ الحُكْمَ فِيْمَا قَالَهُ الصَّفْدِيُّ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الصَّفْدِيُّ قَدْ نَقَلَ هَذَا الْحَكمَ عَن "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" للذَّهَبِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالمَيْلِ إِلَى الحَنَابِلَةِ، ولَمْ أَسْتَطِع مُرَاجَعَةَ تَرْجَمَتِهِ فِي الذَّهَبِيِّ".
يَقُولُ الْفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سُليمان العثيمين -عَفَا اللهُ عَنْهُ-: لَا دَلِيْلَ عَلَى أَنَّ الصَّفَدِيَّ يَنْقُلُ شِعْرَ الوَاثِقِيِّ عَنِ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ فَإِنْ كَانَ ذلِكَ عِنْدَهُ هُوَ وَاضِحًا فَلَيْسَ عِنْدِي بِوَاضِحٍ؟! فَالصَّفَدِيُّ لَمَّا نَقَلَ أَخْبَارَ الوَاثِقِيِّ فِي الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 206) نَقَلَهَا عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ وَلَمْ يَنْقُلْهَا عَنِ ابنِ الدُّبَيْثِيِّ وَقَالَ عَنْهُ -نَقْلًا عَنِ ابنِ النَّجَّارِ-: "وَكَانَ كَثيْرَ الهِجَاءِ، خَبِيْثُ الِّلسَانِ" فَهَذَا مِنْ خُبْثِ لِسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ الوَاثِقِيُّ رحمه الله غَسَلَ دِيْوَانَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ. كَأَنَّهُ نَدِمَ. وَهُوَ أَحْمَدُ بنُ عَلِي بنِ عِيْسَى ابنِ هِبَةِ اللهِ
…
من وَلَدِ الخَلِيْفَةِ الوَاثِقِ (ت: 593 هـ). ولم يَنْقُلِ الصَّفَدِيُّ الْحُكْمَ عن الذَّهَبِيِّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" فتَرْجَمَةِ ابنِ المَارسْتانيَّة في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" تَخْلُو تَمَامًا مِنْ مِثْل ذلِكَ. وَلَمْ يَكُنِ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ يَمِيْلُ إِلَى الْحَنَابِلَةِ؟!، بَلْ هُوَ مُنْصِفٌ لَهُمْ غَيْرُ مُتَجَنٍّ عَلَيْهِم فَحَسْبُ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
دعَ الأنْسَابَ لَا تَعْرِضْ لِتَيْمٍ
…
فَأَيْنَ الهِجْنُ مِنْ وَلَدِ الصَّمِيْمِ
لَقَدْ أَصْبَحْتَ مِنْ تَيْمٍ دَعِيًّا
…
كدَعْوَى حَيْصَ بَيْصَ إِلَى تَمِيْم
- وَمِنْ جِهَةِ ادِّعَائِهِ سَمَاعَ مَا لَمْ يَسْمَعْ؛ فَإِنَّ هَذَا صَحِيْح عَنْهُ. قَالَ ابنُ نُقْطَةَ: سَأَلْتُ أَبَا الفُتُوْحِ الحُصْرِيَّ عَنْهُ بِـ"مَكَّةَ"؟ فَقَالَ: سَامَحَهُ اللهُ، كَانَ صَدِيْقِي، وَكَانَ يُكْرِمُنِي، وَكَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ. حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الشَّرِيْفُ الزَّيْدِيُّ أَنَّهُ استَعَارَ مِنْهُ "مَغَازِي الأُرْمَوِيِّ" فَرَدَّهَا إِلَيْهِ وَقَدْ طَبَّقَ عَلَيْهَا السَّمَاعَ عَلَى كُلِّ جُزْءِ، وَلَمْ يَسْمَعْهَا.
قَالَ ابنُ نُقْطَةَ: وَكَانَ شَيْخُنَا ابنُ الأخْضَرِ الحَافِظُ يَنْهَى أَنْ يَقْرَأَ أَحَدٌ عَلَى شَيْخٍ بِطَبَقةٍ تَكُوْنُ بِخَطِّهِ، أَوْ بِخَطِّ أَبِي بَكْرِ بنِ سِوَارٍ، وَذَكَرَ حِكَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ بنِ عَبْدِ الخَالِقِ أَنَّهُ كَذَّبَهُ، وَقَالَ: إِنَّهُ سَمعَ لِنَفْسِهِ مِنْهُ أَجْزَاءً لَمْ يَقْرَأَهَا عَلَيْهِ
(1)
.
وَأَمَّا مَا نَسَبُوْهُ إِلَيْهِ مِنْ تَرْكِيْبِ الأسَانِيْدِ، وَتَصَرُّفِهِ بالكَذِبِ فِي تَصَانِيْفِهِ،
(1)
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: "وَسَمِعْتُ نَصْرَ بنَ عبْد الرَزَّاقِ الجِيْلِي أبَا صَالِحٍ يَقُوْلُ: اجْتَازَ ابنُ المَارِسْتَانِيَّةَ عَلَى بَاب مَسْجِدٍ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ عَلَى أبي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ بنِ عَبْدِ الخَالِقِ بن يُوْسُفَ، فَلَمَّا رَآهُ نَهَضَ إِلَيْهِ، وَأَخَذَ عُكَّازَتَهُ وَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِهَا، وَقَالَ: وَيْلَكَ تَسْتَعِيْرُ منِّي أَجْزَاءً ثُمَّ تَرُدُّهَا عَلَيَّ، وقَدْ سَمِعْتَ عَلَيْهَا تَسْتَغْفِلُنِي؟! أَنْتَ مَتَى قَرَأْتَهَا عَلَيَّ، وَيَشْتِمُهُ حَتَّى قَامَ بَعْضُ الْعَوَامِّ وخَلَّصَهُ مِنْهُ.
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ عَبْدُ الْعَزِير بنُ الأخْضَرِ الْعَدْلُ قَالَ: سَمِعْتُ وَالِدِي يَقُوْلُ: قَامَ أَبُو الْحُسَيْن بنُ يُوْسُفَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عِنْدَنَا في حَلْقَةِ ابن نَاصِرٍ بِجَامعِ القَصْرِ فَقَالَ: اشْهَدُوا علَيَّ أنَّ ابنَ المَارسْتَانِيَّةِ كَذابٌ، وَأَنَّ سَمَاعَهُ عَلَيَّ غَيْرُ صَحِيْحٍ، وَنَحْوَ هَذَا الْكَلَامِ.
حَتَّى إِنَّ ابنَ الدُّبَيْثِيِّ قَالَ: لَوْ تَمَّ كِتاُبهُ "دِيْوَانُ الإسلَامِ" لَظَهَرَتْ فَضَائِحُهُ، فَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ. وَقَدْ ذَكَرَ ابنُ نُقْطَةَ: أَنَّهُ رَأَى بَعْضَ تَارِيْخِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيْهِ طَعْنًا، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابنُ القَادِسِيِّ عَنْهُ: كَانَ خَطِيْبًا، بَلِيْغًا، شَاعِرًا، حَافِظًا، مُحَدِّثًا، فَصِيْحًا. سَافَرَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أُمَمٍ لَا تُحْصَى وَاسْتَشْهَدَهُمْ، وَصنَّفَ عِدَّةَ مُصَنَّفَاتٍ فِي التَّوَارِيْخِ وَغَيْرِهَا، وَلَهُ "تَارِيْخُ مَدِيْنَةِ السَّلَامِ" عَلَى وَضْعِ كِتَابِ الخَطِيْبِ، وَهُوَ كِتَابٌ نَفِيْسٌ، وَقَدْ ذَكَرَ فِيْهِ أَقْوَامًا، ذَكَرَ أَنَّهُمْ لَا يُعْرَفُوْنَ، وَقَدْ عَظَّمَهُمْ هُوَ وَوَصَفَهُمْ. وَقَدْ طَعَنَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ عَلَيْهِ وَجَرَّحُوْهُ، مِنْهُمْ شَيْخُنَا ابنُ الجَوْزِيِّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ ابنُ الأخْضَرِ. وَحَدَّثَ بِـ"بَغْدَادَ" وَرَوَى عَنْ أَبي الوَقْتِ، وَقَرَأَ عَلَى أَبي مُحَمَّدٍ بنِ الخَشَّابِ.
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ السِّبْطُ: كَانَ ابنُ المَارِسْتَانِيَّةَ هُوَ الَّذِي قَرَأَ كُتُبَ عَبْدِ السَّلَامِ ابنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ يَوْمَ أُحْرِقَتْ، كَانَ يَقْرَأُ الكِتَابَ، وَيُقُوْلُ: يَا عَامَّةُ، هَذَا عَبْدُ السَّلَامِ يَقُوْلُ: مَنْ بَخَّرَ زُحَلَ بِكَذَا وَكَذَا، وَقَالَ: يَا إِلهِي يَا عِلَّةَ العِلَلِ، نَالَ مَا أَرَادَ، فَيَلْعَنَهُ النَّاسُ وَيَضُجُّوْنَ بِذلِكَ، فَلَمَّا خُلِعَ عَلَى ابنِ المَارِسْتَانِيَّةِ، وَأُرْسِلَ إِلَى "تِفْلِيْسَ" خَرَجَ مِنْ دَارِ الوَزِيْرِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الحُجَّابُ، وَأَرْبَابُ الدَّوْلَةِ فَوَقَفَ لَهُ عَبْدُ السَّلَامِ وَتَقَدَّمَ إِلِيْهِ، وَقَالَ لَهُ سِرًّا فِيْمَا بَيْنَهُمَا: السَّاعَةَ مَنْ بَخِّرُ زُحَلَ أَنَا أَوْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا.
وَتُوُفِّيَ ابنُ المَارِسْتَانِيَّةَ في رُجُوْعِهِ مِنْ "تَفْلِيْسَ" بِمَوْضِع يُعْرَفُ بـ"خَرَجْ بِنْدَ" لَيْلَةَ الأحَدِ غُرَّةَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ هُنَاك، سَامَحَهُ اللهُ. وَقَالَ القَادِسِيُّ: تُوُفِّيَ بـ"حرخَتِيْد" فِي سَلْخِ ذِي
القَعْدَةِ. وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، وَهُوَ وَهْمٌ.
وَ"حُمْرَةُ" في نَسَبِهِ بِضَمِّ الحَاءِ المُهْمَلَةِ
(1)
، وَسُكُوْنِ المِيْمِ، وَفَتْحِ الرَّاءِ المُهْمَلَةِ، كَذلِكَ قَيَّدَهُ ابنُ النَّجَّارِ، وَابْنُ نُقْطَةَ، والمُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
وَرَأَيْتُ بِخَطِّهِ "حَمْزَةَ" وَفَوْقَ الزَّاي نُقْطَة، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى ذلِكَ، وَقِيْلَ لَهُ: ابنُ المَارِسْتَانِيَّةَ؛ لأنَّ أبَوَيْهِ كَانَا قَيِّمَيْ المَارِسْتَان التُّتُشِيِّ
(2)
بـ"بَغْدَادَ".
237 - نَصْرُ الله بنُ عَبْدِ العَزِيز
(3)
بنِ صَالحٌ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عمَّارِ بنِ عَبْدُوْسٍ
(1)
يراجع: تكملة الإكمال (2/ 57).
(2)
في (ط): "التنسي".
(3)
237 - أبُو الفَتْحِ بنُ عَبْدُوسِ (؟ - قبل 600 هـ).
أَخْبَارُهُ في: المَقْصَدِ الأرْشَدِ (3/ 55)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 51)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 317). وَوَرَدَ ذِكْرُهُ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (622). وفِي "المَقْصَدِ":"عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ صَلاح" بَدَل "عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صَالِحٍ". وفي "ط": "ابنِ مُحَمَّدِ عبد عُثمان .. " وفي "المَنْهَجِ": "عمار".
- كَمَا وَرَدَ فِي المُعْجَمِ المَذْكُوْرِ (379) عَبْدُ العَزِيْزِ بنِ صَالحٌ بنِ عَبْدُوْسٍ الحَرَّانِيُّ، أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ الدِّيْنِ، شَمْسُ الدِّيْنِ، عِز الإسْلَامِ، فَهَلْ هوَ وَالِدُهُ؟! يَظْهَرُ ذلِكَ.
(فَائِدَةٌ): عَاصَرَهُ: نَصْرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إبْرَاهِيْم بن عَبْدُوْسِ، أَبُو الفَتْحِ الكَاتِبُ الأزَجِيُّ (ت: 606 هـ)، فَهُوَ ابنُ عَبْدُوْسٍ، وَاسْمُهُ نَصْرٌ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْفَتْحِ، وَوَفَاتُهُ قَرِيْبَةٌ مِنْ وَفَاتِهِ، لكِنْ مِنَ الْمُؤَكَدِ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ، فَهَذَا أَزَجِيٌّ، وصاحِبُنَا حَرَّانِيٌّ وفي سِيْرَةِ حَيَاتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ، وَاللهُ أَعْلَم. وَكَوْنُ هَذَا أَزَجِيًّا يُرَشِّحُ كَوْنُهُ حَنْبَلِيًّا مِثْلُهُ.
- وقَبْلَهُمَا: نَصْرُ بنُ عَلِى بنِ مُحَمَّدِ بنِ هِبَةِ اللهِ، أَبُو الفَتْحِ الْحَرَّانِيُّ (ت:؟) لَمْ يُعْرَفْ تَاريخ وَفَاتِهِ، ذَكَرَهُ الصَّفَدِيُّ فِي الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (27/ 74) عَنِ ابنِ النَّجَّارِ قَالَ: كَتَبَ عَنْهُ أَبُو نَصْرِ هِبَةُ اللهِ بنُ عَلِي المُجَلِّي شَيْئًا مِنْ شِعْرِهِ، وَغَيْرِ ذلِكَ، وَأَنْشَدَ لَهُ =
الحَرَّانِيُّ، الفَقِهُ، الزَّاهِدُ، شمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ، أَحَدُ شُيُوْخ "حَرَّانَ" وَفُقَهَائِهَا.
أَخَذَ العِلْمَ بهَا عَنْ جَمَاعَةٍ، كَأَبي الحَسَنِ بنِ عَبْدُوْسٍ، وَأَبِي الفَضْلِ حَامِدِ بنِ أَبِي الحَجَرِ، وَأَبِي الكَرَمِ فِتْيَانَ بنِ مَيَّاحٍ. وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ دَرْسَ أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَسَمعَ بِهَا الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطَّيِّ، وَأَبي الفَضْلِ بنِ شَافِعٍ، وَفَوَارِسِ بنِ مَوْهُوْبِ بنِ الشَّبَّاكِيَّةِ
(1)
، والمُبَارَكُ
(2)
بنِ الطَّبَّاخِ، وَغَيْرِهمْ، ثُمَّ عَادَ إِلَى "حَرَّانَ".
قَالَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: لَقِيْتُهُ بِـ"دِمَشْقَ" وَ"حَرَّانَ"، وَكَانَ فَقِيْهًا، صَالِحًا، يَنْقُلُ المَذْهَبَ جَيِّدًا، وَكَانَ يُنْكِرُ المُنكرَ، ضَرَبَهُ مُظَفَّرُ بنُ زَيْنِ
= ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ تَجدها هُنَاكَ.
أَقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أعْتَمِدُ-: كِتَابَةُ هِبَةِ اللهِ بنِ المُجَلِّي (ت: 488 هـ) عَنْهُ تَدُلُّ عَلَى تَقَدَّمِ وَفَاتِهِ، وإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ؛ لأنَّ اسْمَهُ نَصْر، وَكُنْيَتَهُ أَبُو الفَتْحِ، وَنسْبَتَهُ الْحَرَّانِيُّ وهُوَ مَجْهُولُ الْوَفَاةِ مِثْلُهُ، وَلكنَ تَقَدُّمَ وَفَاتِهِ وعَمُوْدَ نَسَبِهِ يَقْطَعَانِ بِأَنَّهُ غَيْرُهُ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَهِبَةُ اللهِ بنُ المُجَلِّي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَهَذَا أَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ حَنْبَلِيًّا.
- وَجَاءَ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيةِ (622): نَصْرُ الدِّيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدُوْسٍ الحَرَّانِيُّ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ. وَهَذَا مُثْلُهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ حَنْبَلِيًّا.
- وَهُنَاكَ عَبْدُوْسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْسٍ، أَبُو الفَتْحِ أَيْضًا، الرَّوزبَارِيُّ الهَمَذَانِيُّ (ت: 490 هـ) وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَلَا عَلَاقَةَ لَهُمْ بِالْمَذْكُوْرِ، وَإِنَّمَا الشَّيءُ بالشيءِ يُذْكَرُ.
- وَمنْ آلِ عَبْدُوْسٍ الحَرَّانِيَّيْنِ: أَخْوَالُ شَيْخِ الإسْلَامِ تَقِي الدِّيْنِ بنِ تَيْمِيَّة رحمه الله نَذْكُرُهُمْ في هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (569 هـ) كَمَا في المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 159).
(2)
فِي (ط): "المُبَرِّدُ"؟! وَهُوَ المُبَارَكُ بنُ عَلِيِّ (ت: 575 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ رقم (177).
الدِّيْنِ عَلَى الإنْكَارِ، ثُمَّ نَدِمَ واسْتَغْفَرَ مِنْهُ، وأَحْسَنَ القَاضِي الفَاضِلُ ظَنَّهُ بِهِ.
وَكَانَ أَبْيَضَ قَصِيْرًا جِدًّا، وَشَعْرُ لِحْيَتِهِ أَحْمَرُ، وَحَكَى لِي أَنَّهُ يَأْخُذُ اللَّحْمَةَ مِنَ المِقْلَى، فَيَضعُهَا فِي فِيْهِ، وَلَا يَتَضَرَّرُ بِذلِكَ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ حَمْدَانَ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، فَقِيْهًا فَاضِلًا، وَهُوَ شَيْخُ شَيْخِنَا نَاصِحِ الدِّيْنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ أَبي الفَهْمِ
(1)
. أَنْكَرَ مَرَّةً عَلَى مُظَفَّرِ الدِّيْنِ
(2)
صَاحِب "إِرْبِلَ"
(1)
توفي سنة (641 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
كُوْكُبُورِيُّ بنُ عَلِى بنِ بَكْتَكِيْنَ التُّرْكُمَانِى، أَبُو سَعِيْدٍ، مُظَفَّرُ الدِّيْنِ (ت: 630 هـ) كَانَ مُحِبًّا لِلْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ، شُجَاعًا، مُظَفرًا عَلَى لَقَبِهِ، مِنَ المُلُوْكِ الأكَابِرِ، وَكَانَ وَزِيْرَهُ المُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْتَوفي الإرْبِلِيُّ الإِمامُ الْمُؤَرِّخُ الأدِيْبُ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ "التَّمَامِ في شَرْحِ دِيْوَانَيْ المُتَنَبِّي وَأَبي تَمَّامٍ" وَ"تَارِيْخ إِرْبل" وَغَيْرِهَا، وَكَانَ وَزِيْرُهُ هَذَا كَثيْرَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَتَعْظِيْمِهِ في مُصَنَّفَاتِهِ، وَكَانَ الْخَلِيْفَةُ المُسْتَنصِرُ العَبَّاسِيُّ قَدْ شَافَهَهُ بِالدُّعَاءِ، وَخَلَع عَلَيْهِ مَلَابِسَهُ، وَكَانَ صَلَاحُ الدِّيْنِ الأيُّوبِيُّ يَثِقُ بِهِ، وَوَلَّاهُ عِدَّةَ وِلَايَاتٍ، وَزَوَّجَهُ بِأُخْتِهِ رَبِيْعَة خَاتُون، وَشَهِدَ مَعَهُ مَوَاقِفَ كَثيْرَةً تَدُلُّ عَلَى نَخْوَةٍ، وَمُرُوْءَةٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَشَهِدَ مَعَهُ يَوْمَ "حِطِّيْنَ"، وَكَانَ قَدْ أَوْصَى أَنْ يَنْقُلَ تَابُوتُهُ إِلَى "مَكَّةَ" ليُدْفَنَ هُنَاكَ. وَكَانَ كَرِيْمًا، جَوَادًا، مُفْرِطًا فِي الكَرَمِ وَالإِحْسَانِ إِلَى الفُقَرَاءِ وَالزَّمْنَى، يَزُوْرُهُم بنَفْسِهِ كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس وَيُفَرِّقُ عَلْيِهم الأمْوَالَ، ويُمَازِحُهُم، وَبَنَى دُورًا للنِّسَاءِ وَالأرَامِلِ وَالْعَجَزَةِ والضُّعَفَاءِ وَالمَلَاقِيْطِ، وَكَانَ لَهُ من أَعْمَالِ الخَيرِ والبِرِّ شَيْءٌ كَثيْرٌ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَمِيْلُ إِلَى الصُّوفِيَّةِ، وَيَزُوْرُهُمْ ويَحْضُرُ سَمَاعَهُمْ، وَيَأْنْسُ بِهِمْ كَثيرًا، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "لَمْ تَكُنْ لَهُ لَذَّةٌ سِوَى السِّمَاع
…
" وَاسْتَقْدَمَ الفُقَهَاءِ، وَالأُدَبَاءِ وَالشُّعَرَاءِ وَالمُحَدِّثِيْنَ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِم وَنَفِقَتْ سُوْقُ الأدَبِ، وَالعِلْمِ، وَالحَدِيْثِ فِي بَلَدِهِ، وَكَانَ يَحْتَفِلُ بِبِدْعَةِ "المُوْلدِ" احْتِفَالًا بَالِغًا، وَتزَينُ البَلَدُ بِالشُّموع
…
وأَلَّفَ لَهُ ابنُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيُّ كِتَابًا مَشْهُورًا في هَذَا سَامَحَهُمَا اللهُ وَعَفَا عَنَّا وَعَنْهُمَا، وَلَو جُمِعَتْ أَخْبَارُهُ لَجَاءَتْ فِي مُجَلَّدٍ =
لَمَّا كَانَتْ لَهُ "حَرَّانَ"، وَأَرَاقَ لَهُ خَمْرًا، فَأَحْضَرَهُ، وَقَالَ: أتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، بالظُّلْمِ وَالفِسْقِ، أَوْ مَعْنَى ذلِكَ، فَهَمَّ بِضَرْبِهِ، فَأُشِيْرَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَفْعَلَ؛ لأجْلِ العَامَّةِ وَمَيْلِهِمْ إِلَيْهِ. وَلَهُ كِتَابُ "تَعْلِيْمِ العَوَامِّ
(1)
مَا السُّنَّةُ فِي السَّلَامِ"
= ضَخْمٍ، وَمُدِحَ بِشِعْرٍ كَثيْرٍ جِدًّا. أَخْبَارُهُ فِي: مِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 680)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 354)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (61)، وَمُفَرِّجِ الكُرُوْبِ (4/ 48)، وَوَفَيَاتِ الأعْيَانِ (4/ 113)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 291)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 334)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 136)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 138) وَأَثْنَى عَلَيْهِ ابنِ خَلِّكَان ثَنَاءً جَمِيْلًا.
(1)
في (ط)"العوم"، وفي "المَقْصَدِ":"الإسلام" بدل "السَّلام" كِلَاهُمَا خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وَفَيَاتِ سنَةِ (599 هـ):
285 -
عبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ المُبَارَكِ بنِ كَرَمِ بنِ غَالبٍ، أَبُو الفَرَجِ البَنْدَنِيْجِيُّ، من ذَوِي قَرَابَةِ تَمِيْمٍ، (ت: 597 هـ)، وَأَحْمَدَ (ت: 615 هـ) ابْنِيْ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ البَنْدَنِيْجيِّ الَّذِيْنِ ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعَيْهِمَا. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 444)، وَتَارِيْخِ الإسْلامِ (393).
286 -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَهْبلِ بنِ عَلِى بنِ مَنْصُوْرِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ كَارِهٍ البَغْدَادِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ دَهْبَلٍ (ت: 569 هـ) في مَوْضِعِهِ، كَمَا تَقَدَّم ذِكْرُ عَمَّهِ لاحِقِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ (ت: 573 هـ) فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ. أَخْبَارُ عَبْدِ اللهِ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 464)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 393)(ذِكْرٌ فَقَط)، وَالمُخْتَصَر المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 143)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (389)، وَالمُشْتَبَهِ (1/ 288)، وَالتَّوْضِيْحِ (4/ 42).
287 -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ الْحَسَنِ بنِ زَيْدِ الكِنْدِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخُو زَيْدٍ بنِ الحَسَنِ الكِنْدِيِّ الإِمَامُ، النَّحْوِيِّ، الُّلغَوِيِّ، القَارِئُ الْمَشْهُورِ (ت: 613 هـ)، كَانَ زَيْدٌ حَنْبَلِيًّا فتَحَوَّلَ إِلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيْفَةَ. وَعَمُّهُمَا: عَلِيُّ بنُ ثَرْوَانَ بنِ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ (ت: 565 هـ) حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَن عبدِ اللهِ هَذَا: =
وَسَبَبُ تَصْنِيْفِهِ لَهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ أَبُو المَعَالِي بنُ المَنجَّى قَاضِيًا عَلَى "حَرَّانَ" أَمَرَ المُؤَذِّنِيْنَ بِالجَهْرِ بالتَّسْلِيْمَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَكَانُوا إِنَّمَا يَجْهَرُوْنَ بالأُوْلَى خَاصَّةً، وَذَكَرَ نُصُوْصَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ فِي ذلِكَ، وَالأحَادِيْثَ وَالآثَارَ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، وَبَالَغَ فِي الإنْكَارِ عَلَيْهِ، وَحَدَّثَ بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ بِـ"حَرَّانَ"، وَسَمِعَهُ مِنْهُ ابنُ أَبِي الفَهْمِ وَغَيْرُهُ. وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ أَحْمَدُ بنُ سَلَامَةَ النَّجَّارُ، وَغَيْرُهُ.
= "تَاجِرٌ، مُتَمَيِّزٌ، سَمْحٌ، جَوَادٌ
…
سَمِعَ مِنْ ابنِ نَاصِرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ البنَّاءِ، وَعَبْدِ المَلِكِ ابنِ عَليٍّ الهَمَدَانِيِّ، وأَجَازَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ الطبِرِ وَجَمَاعَة، وَحَدَّثَ بِـ"دِمَشقَ" روَى عَنْهُ الحَافِظُ الضِّياءُ وَغَيْرُهُ
…
وَهُوَ وَالِدُ أَمِيْنِ الدِّيْنِ أَحْمَدَ الَّذي وَرِثَ عَمَّهُ تَاجَ الدِّيْنِ، وَبَقِيَ إِلَى قَرِيْب الأرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ". أَخْبَارُ عَبْدِ اللهِ في: ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (33)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 514)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 424)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 140)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (489)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 393).
288 -
وَالنَّفِيْسُ بنُ هِبهُ اللهِ بنِ وَهْبَانَ بن رُومِيِّ، أَبُو جَعْفَرٍ، السُّلَمِيُّ، الحَدِيْثِيُّ، البُزُوْرِيُّ، وَالِدُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ النَّفِيْسِ بنِ هِبَةِ اللهِ (ت: 618 هـ) الَّذي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأتي، وَأَخِيْهِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ هِبَةِ اللهِ (ت: 622 هـ). وَأَخُوْهُ أَسْعَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ (ت: 614 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِن الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأَخْبَارُ النَّفِيْسِ فِي: عُقُوْد الجُمان لابنِ الشَّعَّارِ (3/ 358)
…
وَغَيْرِهِ. وَنسْبَتُهُ (الحَدِيْثيُّ) إِلى (الحَدِيْثَةِ) قَلْعَةٌ حَصِيْنَةٌ عَلَى الفُرَاتِ كَمَا فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (2/ 265). رَوَى عَنْهُ النَّفِيْسُ، ابنُ خَلِيْلٍ، وَالضِّيَاءُ، وَالنَّجِيْبُ، وَبِالإِجَازَةِ: شَمْسُ الدِّيْنِ بنُ أَبي عُمَرَ، والفَخْرُ. قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقًا، فَاضِلًا، خَيِّرًا، دَيِّنًا، كَثيْرَ التِّلاوَةِ، حَسَنَ الأخْلَاقِ، مُتَوَاضِعًا، سَلِيْمَ البَاطِنِ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 446)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (420)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (27/ 164)، وَ"تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ" وَ"التَّوْضِيْحِ".
قَالَ ابنُ الحَنْبَلِيِّ: مَاتَ ابنُ عَبْدُوْسَ قَبْلَ السِّتِّمَائَةَ بـ"آمِدَ" رحمه الله.
آخِرُ (الجُزْءِ الأوَّلِ)، يَتْلُوْهُ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- في (الجُزْءِ الثَّانِي) تَرْجَمَةُ الشَّيْخِ، الإِمَامِ، العَالِمِ، الحَافِظِ، تَقِيِّ الدِّيْنِ، أَبي مُحَمَّدٍ، حَافِظِ الوَفْتِ، عَبْدِ الغَنيِّ ابنِ عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيِّ رحمه الله وَكَانَ الفَرَاغُ مِنْ كِتَابَتِهِ فِي لَيْلَةٍ يُسْفِرُ صَبَاحُهَا عَنْ سَلْخِ شَهْرِ جُمَادَى الآخِرَةِ مِنْ شُهرِ سَنَةِ سَبع وَثَلاثِيْنَ وَثَمَانِمَائَةَ عَلَى يَدِ كَاتِبِهِ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ شَاءَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ أَقَلِّ عِبَادِ اللهِ وَأَحْوَجُهُم إِلَى رَحْمَتِهِ محَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ عَلِيِّ بنِ صَالِحٍ الشَّهِيْرِ بِـ"ابنِ سُلَاتَةَ" الحَنْبَلِيِّ مَذْهَبًا وَمُعْتَقَدًا، الطَّرَابُلُسِيِّ، الشَّامِيِّ، عَفَا اللهُ عَنْهُ وَعَنْ وَالِدَيْهِ، وَعَنْ مَشَايِخِهِ، وَعَنْ جَمِيع المُسْلِمِيْنَ. وَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
(1)
.
(1)
هَذَا هُوَ نَاسِخُ أَغْلَبُ هَذ النُّسْخَة الَّتِي رَمَزْنَا إِلَيْهَا بِـ"أ" وَفِيْهَا خُرُوْم مُصْلَحَة بخَطٍّ مُغَايرٍ -وَرُبَّمَا بِقَلَمٍ مُغَايرٍ- وَهِيَ قَلِيْلَة. وَهُوَ عَالِم، فَاضِل، تَرْجَم فِي: الضَّوْءِ اللَّامِعِ (7/ 179)، والسُّحُبِ الوَابِلَةِ (2/ 898).
يقُوْلُ مُحَقِّقُهُ الفَقِيْرُ الَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ سُلَيْمَان العُثيمِيْن عَفَا اللهُ عَنْهُ:
تَمَّ بحَمْدِ اللهِ وَحُسْنِ تَوْفِيْقِهِ الجُزْءُ الثَّانِي مِنَ الكِتَابِ
يَتْلُوْهُ فِي الَجُزْءِ الثَّالث تَرْجَمَةُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت: 600 هـ)
وَكَانَ الفَرَاغُ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ وَتَصْحِيْحِهِ وَالتَّعْلِيْقِ عَلَيْهِ فِي لَيْلَةِ الثُّلاثَاءِ السَّادِسَ عَشَر مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ 1424 هـ فِي مَنْزِلِي بمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللهُ وَهَذِهِ التَّجْزِأة مِنْ عَمَلِ المُحَقِّقَ