الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
(1)
238 - عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
(2)
بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرِ بنِ رَافِعِ بنِ حَسَنِ بنِ
(1)
بعدها في (ط): "وَفَيَاتُ المَائَةِ السَّابِعَةِ من سَنَةِ 601 إِلَى سَنَةِ 700 هـ، وَهَذِهِ العِبَارَةُ غَيْرُ مَوْجُوْدَةٍ فِي الأُصُوْلِ، وَمَعَ ذلِكَ فَهِيَ غَيْرُ صَحِيْحَةٍ؛ لأنَّ الوَفَيَاتِ فِي هَذَا الْجُزْءِ تَبْدَأُ مِنْ وَفَيَاتِ سَنَةِ (600 هـ) وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(2)
230 - الحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ (541 - 600 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 51) وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 152)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (3/ 53)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 317). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 185)، وَالتَّقْيِيْدُ (370)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (46)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 519)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (وَرَقَة: 184)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 17)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرُ (9/ 140)، وَالمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغَدَادَ (302)، وَطَبَقَاتُ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ (4/ 147)، وَسِيْرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 443)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1372)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (442)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 80)، وَالعِبَرُ (4/ 313)، وَالإشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (313)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأعْلامِ (247)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (3/ 499)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 38)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْك (2/ 289)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 185)، وَحُسْنُ المُحَاضَرَةِ (1/ 354)، وَطَبَقَاتُ الحُفَّاظِ (485)، وَالفَلاكَةُ وَالمَفْلُوْكِينَ (68)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (2/ 319)، وَالشَّذَرَاتُ (4/ 345).
جَعْفَرٍ الجَمَّاعِيْلِيُّ، المَقْدِسِيُّ، الحَافِظُ، الزَّاهِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُلَقَّبُ تَقِيُّ الدِّيْنِ، حَافِظُ الوَقْتِ وَمُحَدِّثُهُ.
وُلِدَ بـ"جَمَّاعِيْلَ" مِنْ أَرْضِ "نَابُلُسَ" مِنَ الأرْضِ المُقَدَّسَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: أَظُنُّهُ فِي رَبِيع الآخِرِ مِنَ السَّنَةِ؛ لِمَا حَدَّثتْنِي
= (آلُ عَبْدِ الغَنِيِّ) أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ كَبِيْرَةٌ، كَثيْرَةُ عَدَدِ العُلَمَاءِ، فَوَالِدُهُ: عَبْدُ الوَاحِدِ كَانَ مِنَ الدَّفْعَةِ الأُوْلَى مِنَ المَقَادِسَةِ الذيْن هَاجَرُوا إِلَى "دِمَشْقَ". وَزَوْجَتُهُ أُمُّ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ سَعِيْدَةُ بنْتُ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ، أُخْتُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ، وَهِيَ جَدَّةُ الحَافِظِ الضِّيَاء أُمُّ أُمِّهِ. وَزَوْجَةُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِى: رَابِعَةُ بِنْتُ خَالِهِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ (ت: 620 هـ).
وَاشْتُهِرَ لِلحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ، لَهُمْ مِنَ الأوْلَادِ وَالأحْفَادِ مَا يَزِيْدُ عَلَى أَرْبَعِيْنَ نَفْسًا، ذُكُوْرًا وَإِنَاثًا، كُلُّهُم مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَيَصْعُبُ ذِكْرُهُم في هَذَا المَوْضِعِ؛ لِذَا سَأَذْكُر هُنَا أَوْلَادَهُ دُوْنَ أَحْفَادِهِ، وأَذْكُرُ أَحْفَادَهُ فِي تَرَاجِمِ آبَائِهِمْ .... وَهكَذَا.
وَاشْتُهِرَ لِلحَافِظِ مِنَ الوَلَدِ:
- مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِى، عِزُّ الدِّيْنْ، أبُو الفَتْحِ (ت: 613 هـ). وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الغَنِى، جَمَالُ الدِّينِ أَبُو مُوْسَى (ت: 629 هـ). وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الغَنِى، أَبُو سُلَيْمَانَ (ت: 643 هـ).
وَاشْتُهِرَ لِلْحَافِظِ عَبْدِ الغَنِي مِنَ الإخْوَةِ وَالأخَوَاتِ:
- إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَشْهُوْرُ بِـ"العِمَادِ" عِمَادُ الدِّيْنِ (ت: 614 هـ) وَهُوَ أَشْهَرُهُم، تَرْجَمَ لَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَهُو مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الحَنَابِلَةِ، وَهُو أَصْغَرُ من أَخِيْهِ الحَافِظِ، وَلَهُ أَوْلادٌ وأَحْفَادٌ من أَهْلِ الْعِلْمِ. وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ (المُقْرِئُ). وَعُبيدِ اللّهِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ. وَتَقِيَّةُ بنتُ عَبْدِ الوَاحِدِ. وَزَيْنة بِنْتُ عَبْدِ الوَاحِدِ. وَرَحْمَةُ بنْتُ عَبْدِ الوَاحِدِ. ذَكَرَهُمْ جَمِيْعًا ابنُ طُوْلُوْنَ الدِّمَشْقِيُّ فِي "الْقَلَائِدِ الجَوْهَرِيَّةِ" عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ.
وَالِدَتِي
(1)
قَالَتْ: الحَافِظُ أَكْبَرُ مِنْ أَخِي المُوَفَّقِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهَرٍ، وَمُوْلدُ المُوَفَّقِ فِي شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ المَذْكُوْرَةِ. وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: ذَكَرَ عَنْهُ أَصْحَاُبهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْلدَهُ سَنَةَ أَرْبَع وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَكَذَا ذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ فِي "تَارِيْخِهِ" أَنَّهُ سَأَلَ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ عَنْ مَوْلدِهِ فَقَالَ: إِمَّا فِي سنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. قَالَ الحَافِظُ: وَالأظْهَرُ أَنَّهُ فِي سَنَةَ أَرْبَع
(2)
. وَقَدِمَ "دِمَشْقَ" صَغِيْرًا بَعْدَ الخَمْسِيْنَ
(3)
، فَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي المَكَارِمِ بنِ هَلَالٍ، وَأِبي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَأَبي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ أَبِي جَمِيْلٍ القُرَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. ثُمَّ رَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ، هُوَ والشَّيْخُ المُوَفَّقُ، فَأَقَامَا بِـ"بَغْدَادَ" أَرْبَعَ سِنِيْنَ، وَكَانَ المُوَفَّقُ مِيْلُهُ إِلَى الفِقْهِ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ ميْلُهُ إِلَى الحَدِيْثِ، فَنَزَلَا عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَكَانَ يُرَاعِيْهِمَا، وَيُحْسِنُ
(1)
وَالِدَةُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ هِيَ أُمُّ أَحْمَدَ رُقَيَّةُ بِنْتُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ، أُخْتُ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، وَالشَّيْخِ مُوَفَقِ الدِّيْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، وَرَابِعَةَ وَالِدَةِ الحَافِظِ.
(2)
عَلَّقَ ابنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ فِي هَامِشِ النُّسخة (أ) بِقَوْلهِ: "الظَّاهِرُ أَنَّ أَقَارِبَهُ أَحْفَظُ لِمَوْلدِهِ" وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ العِمَادِ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 614 هـ): "وُلِدَ بِـ"جَمَّاعِيْلَ" سَنَةَ ثَلَاث وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَخِي الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ أَكْبَرُ مِني بِسَنَتَيْنِ".
(3)
دُخُوْلُهُ "دِمِشْقَ" كَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ، جَاءَ في القَلَائِدِ الْجَوْهَرِيَّةِ (1/ 69) "وَبِهِ قَالَ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ: وَسَأَلْتُ خَالِيَ الإِمَامَ أبَا عُمَرَ عَنْ هِجْرَتِهِمْ إِلَى "دِمَشْقَ" فِي أَيِّ سَنَةٍ كَانَتْ؟ فَقَالَ: كَانَتْ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ، يَعني وَخَمْسِمَائَةَ" وَكَانَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ في الدَّفْعَةِ الأُوْلَى مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، وَكَانَ عَدَدُهُم خَمْسَةٌ وَثَلاثُوْنَ نَفْسًا عَلَى قَوْلٍ. وَلَمَّا عَدَّدَ أَسْمَاءَهُم قَالَ: "وَأَبُو عَبْدِ الغَنِيِّ عَبْدُ الوَاحِدِ بنِ عَلِى بنِ سُرُوْرِ وَزَوْجَتُهُ
…
وَعَبْدُ الغَنِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمُ
…
أَوْلَادُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِي .. ".
إِلَيْهِمَا، وَقَرَآ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ، وَحَكَى الشَّيْخُ المُوَفَّقُ أَنَّهُمَا أَقَامَا عِنْدَهُ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِيْنَ
(1)
يَوْمًا، ثُمَّ مَاتَ، وَأَنَّهُمَا كَانَا يَقْرآنِ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ دَرْسَيْنِ مِنَ الفِقْهِ، فَيْقَرَأُ هُوَ مِنَ "الخِرَقِيِّ" مِنْ حِفْظِهِ، وَالحَافِظُ مِنْ كِتَابِ "الهِدَايَةِ".
قَالَ الضِّيَاءُ: وَبَعْدَ ذلِكَ اشْتَغَلَا بالفِقْهِ وَالخِلَافِ عَلَى ابنِ المَنِّيِّ، وَصارَا يَتَكَلَّمَانِ فِي المَسْألةِ، وَيُنَاظِرَانِ، وَسَمِعَا مِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّي، وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرَّبِ
(2)
الكَرْخِيِّ، وَأَبي بَكْرِ بنِ النَّقُوْرِ، وَهِبَةِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بنِ هِلَالٍ الدَّقَّاقِ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ عَادَا إِلَى "دِمَشْقَ". ثُمَّ رَحَلَ الحَافِظُ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ إِلَى "مِصْرَ" وَ"الإسْكَنْدَرِيَّة" وَأَقَامَ هُنَاكَ مُدَّةً، ثُمَّ عَادَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "الإسْكَنْدَرِيَّة" سَنَةَ سَبْعِيْنَ، وَسَمِعَ بِهَا مِنَ الحَافِظِ السِّلَفِيِّ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ، حَتَّى قِيْلَ: لَعَلَّهُ كَتَبَ عَنْهُ أَلْفَ جُزْءٍ، وَسَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا. وَسَمِعَ بـ"مِصْرَ" مِنْ أَبِي مُحَمَّدِ بنِ بَرِّيِّ النَّحْوِيِّ وَجَمَاعَةٍ، ثُمَّ عَادَ إِلَى "دِمَشْقَ" ثُمَّ سَافَرَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ إِلَى "أَصْبَهَانَ" وَكَانَ قَدْ خَرَجَ إِلَيْهَا وَلَيْسَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيْلُ فُلُوْسٍ، فَسَهَّلَ اللهُ لَهُ مَنْ حَمَلَهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ حَتَّى دَخَلَ "أَصْبَهَانَ"، وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، وَسَمِعَ بِهَا الكَثيْرَ، وَحَصلَ الكُتُبَ الجَيِّدَةَ، ثُمَّ
(1)
عَلَّقَ ابنُ حُمَيْدِ بِخَطَهِ في هَامِشِ نُسْخَةِ (أ) مَا يُفْهِمُ مِنْهُ أَنَّهَا خَمْسُونَ يَوْمًا.
(2)
في (أ)"المقر" بِسُقُوْطِ البَاءِ من آخِرِهِ؛ لِذَا تَحَرَّفَتْ في (ط) إِلَى "المُقرئ" وَهُوَ أَحْمَدُ ابنُ المُقَرَّبِ الكَرْخَيُّ (ت: 563 هـ) مُحَدَّثٌ مَشْهُوْرٌ، تكرَّرَ ذِكْرُهُ فِي كَثيْرٍ من التَّرَاجِمِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا. وَذَكَرُوا في تَرْجَمَتِهِ أن الْحَافِظَ عَبْدِ الغَنِيِّ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ.
رَجَعَ، وَسَمعَ بِـ"هَمَذَانَ" مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ القُوْمِسَانِيِّ
(1)
، وَالحَافِظِ أَبي العَلَاءِ، وَغَيْرِهِمَا. وَبِـ"أَصْبَهَانَ" مِنَ الحَافِظَيْنِ: أَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيِّ، وَأَبِي سَعْدٍ الصَّائِغِ وَطَبَقَتِهِمَا. وَسَمعَ بِـ"المَوْصِلِ" مِنْ خَطِيْبِهَا أَبِي الفَضْلِ الطُّوْسِيِّ. وَكَتَبَ بِخَطِّهِ المُتْقَنِ مَا لَا يُوْصَفُ كَثْرَةً، وَعَادَ إِلَى "دِمَشْقَ" وَلَمْ يَزَلْ يَنْسَخُ، وَيُصَنِّفُ، وَيُحَدِّثُ وَيُفِيْدُ المُسْلِمَيْنَ، وَيَعْبُدُ اللهَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ عَلَى ذلِكَ.
وَقَدْ جَمَعَ "فَضَائِلَ الحَافِظِ وَسِيْرَتَه" الحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ فِي جُزْأَيْنِ، وَذَكَرَ فِيْهَا: أَنَّ الفَقِيْهِ مَكِّيَّ بنَ عُمَرَ بنِ نِعْمَةَ المِصْرِيِّ
(2)
جَمَعَ "فَضَائِلَهُ" أَيْضًا.
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: كَانَ شَيْخُنَا الحَافِظُ لَا يَكَادُ أَحدُ يَسْألهُ عَنْ حَدِيْثٍ إلَّا ذَكَرَهُ لَهُ وَبَيَّنَهُ، وَذَكَرَ صِحَّتَهُ أَوْ سَقَمَهُ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْ رَجُل إلَّا قَالَ: هُوَ فُلَانُ بنُ فُلَانٍ الفُلَانِيُّ، وَيَذْكُرُ نَسَبَهُ.
وَأَنَا أَقُوْلُ: كَانَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ يَقُوْلُ: كُنْتُ يُوْمًا بِـ"أَصْبَهَانَ" عِنْدَ الحَافِظِ أَبِي مُوْسَى
(3)
، فَجَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ بَعْضِ الحَاضِرِيْنَ مُنَازَعَةٌ فِي
(1)
في (ط): "القرماني"؟! وَهُوَ أَيْضًا مُحَدِّثٌ تُوُفِّيَ قَبْلَ سَنَةَ (580 هـ)، مَنْسُوْبٌ إِلَى "قُوْمَسَانَ" مِنْ نَوَاحِي "هَمَذَانَ" يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 469).
(2)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (634 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ، كَمَا سَيأتي.
(3)
هُوَ الْحَافِظُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكرِ بْنِ عِيْسَى (ت: 581)، وَمَعَ هَذَا قَالَ الْحَافِظُ ابنُ النَّجَّارِ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ غَانِمٍ الحَافِظَ يَقُوْلُ: كَانَ شَيْخُنَا الحَافِظُ أَبُوْ مُوْسى يُفَضِّلُ أَبَا بَكْرٍ الحَازِمِيَّ عَلَى عَبْدِ الغَنِيِّ الْمَقْدِسِيِّ، وَيَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ شَابًّا أَحْفَظَ مِنْهُ".
حَدِيْثٍ، فَقَالَ: هُوَ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِي"، فَقُلْتُ: لَيْسَ هُوَ فِيْهِ، قَالَ: فَكَتَبَ الحَدِيْثَ فِي رِقْعَةٍ وَرَفَعَهَا إِلَى الحَافِظِ أَبِي مُوْسَى يَسْألهُ عَنْهُ، قَالَ: فَنَاوَلَنِي الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى الرِّقْعَةَ وَقَالَ: مَا تَقُوْلُ، هَلْ هَذَا الحَدِيْثُ فِي "البُخَارِي"، أَمْ لَا؟ قَالَ: فَخَجِلَ الرَّجُلُ وَسَكَتَ. قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ -وَأَنَا بِمَدِيْنَةِ "مَرْوَ"- كَأَنَّ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ جَالِسٌ، وَالإمَامُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، يَقْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ جُزءٍ، أَوْ كِتَابٍ، وَكَانَ الحَافِظُ يَرُدُّ عَلَيْهِ شَيْئًا، أَوْ مَا هَذَا مَعْنَاهُ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّاهِرِ
(1)
إِسْمَاعِيْلَ بنَ ظَفَرٍ النَّابُلُسِى يَقُوْلُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الحَافِظِ -يَعْنِي عَبْدَ الغَنِي- فَقَالَ: رَجُلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّكَ تَحْفَظُ مَائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، فَقَالَ: لَوْ قَالَ أَكْثَرَ لَصَدَقَ.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَشَاهَدْتُ الحَافِظَ غَيْرَ مَرَّةٍ بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" يَسْألهُ بَعْضُ الحَاضِرِيْنَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، اقْرَأْ لَنَا أَحَادِيْثَ مِنْ غَيْرِ أَجْزَاءٍ، فَيَقْرَأُ الأحَادِيْثَ بِأَسَانِيْدِهَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ. وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ بنَ الحَافِظِ
(2)
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِنَا يَقُوْلُ: إِنَّ الحَافِظَ سُئِلَ: لَمِ لَا تَقْرَأُ الأحَادِيْثَ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ؟ فَقَالَ: إِنِّنِي أَخَافُ العُجْبَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الحَافِظِ
(3)
، قَالَ: سَمِعْتُ
(1)
في (ط): "أَبَا طَاهِرِ بنَ إِسْمَاعِيْلَ" وَهُوَ حَنْبَلِيٌّ (ت: 639 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيْحِ.
(2)
هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الْغَنِى (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
تُوُفّيَ سَنَةَ (643 هـ) في الْعَامِ الَّذِي مَاتَ فيه عَمُهُ السَّابِقُ الذِّكْرِ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
عَلِيَّ بنَ فَارِسٍ الزَّجَّاجَ العَلْثِيّ
(1)
الشَّيْخَ الصَّالِحُ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ الحَافِظُ مِنْ بِلَادِ العَجَمِ، قُلْتُ: يَا حَافِظُ، مَا حَفِظْتَ بَعْدُ، مَائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ؟ فَقَالَ: بَلَى، أَوْ مَا هَذَا مَعْنَاهُ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ
(2)
عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ عَبْدِ المَلِكِ الشَّيْبَانِيَّ بِـ"مَرْوَ" يَقُوْلُ: سَمِعْتُ التَّاجَ الكِنْدِيَّ -يَعْنِي أَبَا اليُمْنِ- يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِثْلَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ. وَسَمِعْتُ أَبَا الثَّنَاءِ مَحْمُوْدُ بنُ هَمَّامٍ الأنْصَارِيَّ
(3)
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ التَّاجَ الكِنْدِيَّ يَقُوْلُ: لَمْ يَرَ الحَافِظُ -يَعْنِي عَبْدَ الغَنِيِّ- مِثْلَ نَفْسِهِ.
قُلْتُ: وَذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ عَنْ يُوْسُفَ بنِ خَلِيْلٍ، قَالَ: قَالَ تَاجُ الدِّيْنِ الكِنْدِيُّ: رَأَيْتُ ابنَ نَاصِرٍ، وَالحَافِظَ أَبَا العَلَاءِ الهَمَذَانِيُّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الحُفَّاظِ مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ.
(1)
لم أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله حَفِيْدَ أَخِيْهِ -فِيْمَا أَظُنُّ- عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ العَلْثِيَّ (ت: 685 هـ). وَذَكَرَ ابنُ مُفْلحٍ في المَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 122)، ابنَ أَخِي عَبْدِ الرَّحِيْم هَذَا وَاسْمُهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِس العَلْثِيَّ (ت: 693 هـ) نَذْكُرُهُ في مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
في (و): "أَبَا مُحَمَّدِ بنَ عَبْدِ الْعَزِيْزِ".
(3)
مَحْمُوْدُ بنُ هَمَّامِ بنِ مَحْمُوْد الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، المُحَدِّثُ، عَفِيْفُ الدِّيْنِ، أبُو الثَّنَاءِ، الأنْصَارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، المُقْرِئُ، الضَّرِيْرُ الشَّافِعِيُّ (ت: 631 هـ). قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الضِّيَاءُ حِكَايَاتٌ" أَخْبَارُه فِي: التكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 365)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (85)، وَنَكْتِ الهِمْيَانِ (287).
ثُمَّ قَالَ الضِّيَاءِ: سَمِعْتُ أَبَا العِزِّ مُفَضَّلَ بنَ عَلِيِّ الخَطِيْبَ الشَّافِعِيَّ
(1)
قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ الأصْحَابِ يَقُوْلُ: إِنَّ أَبَا نِزَارٍ -وَهُوَ الإمَامُ رَبِيْعَةُ بنُ الحَسَنِ اليَمَنِيُّ الشَّافِعِيُّ
(2)
- قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ الحَافِظَ السِّلَفِيَّ، وَالحَافِظَ أَبَا مُوْسَى، وَكَانَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ أَحْفَظَ مِنْهُمَا، قَالَ: وَشَاهَدْتُ فِي "فَضَائِلِ" الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ للإِمَامِ الفَقِيْهِ مَكِّيِّ بنِ عُمَرَ المِصْرِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا نَزَارٍ رَبِيْعَةَ بنَ الحَسَنِ الصَّنْعَانِيَّ يَقُوْلُ: قَدْ حَضَرْتُ الحَافِظَ أَبَا مُوْسَى، وَهَذَا الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ بنَ عَبْدِ الوَاحِدِ، فَرَأَيْتُ عَبْدَ الغَنِيِّ أَحْفَظَ مِنْهُ.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَأَنْشَدَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ ظَفَرٍ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو نزَارٍ رَبِيْعَةُ ابنُ الحَسَنِ فِي الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ
(3)
:
يَا أَصْدَقَ النَّاسِ فِي بَدْوٍ وَفِي حَضَرٍ
…
وَأَحْفَظَ النَّاسِ فِيْمَا قَالَتِ الرُّسُلُ
إِنْ يَحْسِدُوْكَ فَلَا تَعْبَأْ بِقَائِلِهِمْ
…
هُمُ الغُثَاءُ وَأَنْتَ السَّيِّدُ البَطَلُ
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا:
إِنْ قِيْسَ عِلْمُكَ فِي الوَرَى بِعُلُوْمِهِمْ
…
وَجَدُوْكَ سَحْبَانًا وَغَيْرُكَ بَاقِلُ
(1)
مُفَضَّلُ بن عَلِيٍّ الشَّافِعِيُّ، الْفَقِيْهُ (ت: 643 هـ) قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "كَانَ عَالِمًا، صَالِحًا، صَيِّنًا، مُتَحَرِّيًا، صَاحبَ سُنَةٍ وَمَعْرِفَةٍ". أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ للحُسَيْنِيِّ (ورقة: 36)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 348).
(2)
رَبِيْعَةُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ الشَّافِعِيُّ، كَانَ إِمَامًا، عَالِمًا، حَافِظًا، ثِقَةً، أَدِيْبًا، شاعِرًا (ت: 609 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 251)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبُلاءِ (23/ 14)، وَالعِبَرِ (5/ 31)، وَطَبقَاتِ الشَّافِعِيِّةِ للسُّبْكِيِّ (5/ 55)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 37).
(3)
عَنِ المُؤَلِّفِ في المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 54)، وَالشَّذَرَاتِ (6/ 562).
قَالَ: وَشَاهَدْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ أَبِي مُوْسَى المَدِيْنيِّ عَلَى كِتَابِ "تَبْيِيْنِ الإصَابَةِ لأوْهَامٍ حَصَلَتْ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ" الَّذِي أَمْلَاهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَقَدْ سَمِعَهُ عَلَيْهِ أَبُو مُوْسَى، وَأَبُو سَعْدٍ الصَّائِغُ
(1)
، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ يَنَال تُرْك
(2)
، وَخَلق كَثيْر، يَقُوْلُ أَبُو مُوْسَى -عَفَا اللهُ عَنْهُ-: قَلَّ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الأصْحَابِ يَفْهَمُ هَذَا الشَّأْنَ كَفَهْمِ الشَّيْخِ الإمَامِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ
(3)
أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيِّ، زَادَهُ اللهُ تَوْفِيْقًا، وَقَدْ وُفِّقَ لِتَبْيِيْنِ هَذِهِ الغَلَطَاتِ، وَلَوْ كَانَ الدَّارُقْطْنِيُّ وَأَمْثَالُهُ فِي الأحْيَاءِ
(4)
لَصوَّبُوا فِعْلَهُ، وَقَلَّ مَنْ يَفْهَمُ فِي زَمَانِنَا لِمَا فَهِمَ، زَادَهُ اللهُ عِلْمًا وَتَوْفِيْقًا.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَكُلُّ مَنْ رَأَيْنَا فِي زَمَانِنَا مِنَ المُحَدِّثِيْنَ مِمَّنْ رَأَى الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ -وَجَرَى ذِكْرُ حِفْظِهِ وَمُذَاكَرَاتِهِ
(5)
- قَالَ: مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ، أَوْ نَحْوَ
(1)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ حُسَيْن أَبُو سَعْدٍ الأصْبَهَانِيُّ الصَّائِغُ (ت: 581 هـ)، إِمَامٌ، حَافِظٌ، مُفِيْدٌ، مُسْنِدٌ. قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "رَوَى عَنْهُ السَّمْعَانِيُّ وَعَبْدُ الغَنِى المَقْدِسِيُّ، وَأَبُو نزَارٍ رَبِيْعَةُ اليَمَنِيُّ
…
" أَخْبَارُهُ فِي: سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 129)، وَالعِبَرِ (4/ 246)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 273).
(2)
في (ط): "نبال برك" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبي مَنْصُورٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَنَال الأصْبَهَانِيُّ، الصُّوْفِيُّ (ت: 585 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: العِبَرِ (4/ 255)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 124)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (21/ 172)، وَوَالِدُهُ أَبُو مَنْصُوْرِ أَحْمَدُ مِنَ أَهْلِ الْعِلْمِ تُوُفِّيَ سَنَةَ (536 هـ).
(3)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ، وَصَوَابُها:"تَقِيُّ الدِّيْنِ" كَمَا فِي صَدْرِ تَرْجَمَتِهِ، وَكُتِبَ عَلَيْهَا فِي (أ)(كَذَا).
(4)
في (ط): (الإحياء).
(5)
في (ط): (مُذْكَرَاتِهِ).
هَذَا. قَالَ: وَسَمِعْتُ الحَافِظَ -أَوْ مَنْ يَحْكِيْ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى السِّلَفِيِّ سَأَلَنِي عَنْ أَشْيَاءٍ، وَقَالَ: مَنْ هُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ؟ فَقُلْتُ: المُخَلِّصُ
(1)
. وَسمِعْتُ الحَافِظَ يَقُوْلُ: كُنْتُ عِنْدَ ابنِ الجَوْزِيِّ يَوْمًا، فَقَالَ وَزِيْرَةُ
(2)
بنُ مُحَمَّدٍ الغَسَّانِى، فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ وَرِيْزَةُ، فَقَالَ: أَنْتُمْ أَعْرَفُ بِأَهْلِ بَلَدِكُمْ، وَحَكَى حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ مَنْ سَلَفَ فِي هَذَا المَعْنَى.
وَذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارِ فِي "تَارِيْخِهِ" فَقَالَ: حَدَّثَ بِالكَثيْرِ، وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ حَسَنَةً فِي الحَدِيْثِ، وَكَانَ غَزِيْرَ الحِفْظِ، مِنْ أَهْلِ الإتْقَانِ وَالتَّجْوِيْدِ، قَيِّمًا بِجَمِيع فُنُوْنِ الحَدِيْثِ، عَارِفًا بِقَوَانِيْنِهِ، وَأُصُوْلهِ، وَعِلَلِهِ، وَصَحِيْحِهِ،
(1)
مُحَدِّثٌ مَشْهُوْرٌ، قَالَ الْحَافِظُ الخَطِيْبُ:"كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْنًا"(ت: 393 هـ). أَخْبَارُهُ في: تَارِيْخِ بَغْدَادَ (2/ 322)، وَالمُنْتَظَمِ (7/ 225)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (16/ 478)، وَالشَّذَرَاتِ (3/ 144)، وَالرِّسَالَةِ المُسْتَطْرَفَةِ (90).
(2)
في (ط): "فَقَالَ وَزِيره: أينَ مُحَمَّد الغَسَّانِي؟ " وَهُوَ تَحْرِيْفٌ شَنيعٌ جَعَلَ لَفْظَةَ "ابن""أَيْنَ" أَدَاةَ اسْتِفْهَامٍ، وَوَضَعَ عَلَامَةَ الاسْتِفْهَامِ، وَجَعَلَ "وريزه" الأُولى، و"وزيره" الثانية، والصَّحيح العَكْسُ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:" (وَرِيْزَة) بَرَاءٍ ثُمَّ زَاي"، وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ نَاصِرِ الدِّين في التَّوْضِيْحِ (9/ 184)"قُلْتُ أَوَّلُهُ مَفْتُوْحٌ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ، تَلِيْهَا مُثَنَاةٌ تَحْتُ سَاكِنَةٌ، ثمَّ الزَّايُ مَفْتُوْحَةٌ، ثُمَّ هَاءٌ" وفي تاج العَرُوْسِ (وَرَزَ) قَالَ: "و (وَرِيْزَةُ) أَوَّلُهُ مَفْتُوْحٌ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ، تَلِيْهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتُ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ الزَّايَ مَفْتُوْحَةٌ، ثُمَّ هَاءٌ" وَقَيَّدَهُ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في التَّبصْيرِ (4/ 147) بِضَمِّ الوَاوِ، وَفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى التَّصْغِيْرِ، تَبِعِ فيه الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ (وَرِيْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الحِمْصِيُّ الغَسَّانِيُّ من أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله لَهُ ذِكْرٌ وأَخْبَارٌ (ت: 261 هـ). يُرَاجَعُ: طَبَقَاتُ الحَنَابِلَةِ (2/ 501) وَخَرَّجْتُ تَرْجَمَتَهُ هُنَاكَ.
وَسَقِيْمِهِ، وَنَاسِخِهِ، وَمَنْسُوْخِهِ، وَغَرِيْبِهِ، وَمُشْكِلِهِ
(1)
، وَفِقْهِهِ، وَمَعَانِيْهِ، وَضَبْطِ أَسْمَاءِ رُوَاتِهِ، وَمَعْرِفَةِ أَحْوَالِهِمْ. وَكَانَ كَثِيْرَ العِبَادَةِ، وَرِعًا، مُتَمَسِّكًا بالسُّنَّةِ، عَلَى قَانُوْنِ السَّلَفِ، وَلَمْ يَزَلْ بِـ"دِمَشْقَ" يُحَدِّثُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، إِلَى أَنْ تَكَلَّمَ فِي الصِّفَاتِ وَالقُرْآنِ بِشَيْءٍ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ أَهْلُ التَّأوِيْلِ مِنَ الفُقَهَاءِ، وَشَنَّعُوا بِهِ عَلَيْهِ، وَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ بِدَارِ السُّلْطَانِ، حَضرَهُ القُضَاةُ والفُقَهَاءُ، فَأَصَرَّ عَلَى قَوْلهِ، وَأَبَاحُوا إِرَاقَةَ دَمِهِ، فَشَفَعَ فِيْهِ جَمَاعَةٌ إِلَى السُّلْطَانِ مِنَ الأُمَرَاءِ والأكْرَادِ، وَتَوَسَّطُوا أَمْرَهُ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ "دِمَشْقَ" إِلَى دِيَارِ "مِصْرَ" فَأُخْرِجَ إِلَى "مِصْرَ" وَأَقَامَ بِهَا خَامِلًا إِلَى حِيْنَ وَفَاتِهِ
(2)
.
وَسَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ خَلِيْل بِـ"حَلَبَ" يَقُوْل عَنْ عَبْدِ الغَنِيِّ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتًا، دَيِّنًا، مَأْمُوْنًا، حَسَنَ التَّصْنِيْفِ، دَائِمَ الصِّيَامِ، كَثِيْرَ الإيْثَارِ، كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثَلَاثِمَائَةَ رَكْعةٍ، وَيَأْمُرُ بالمَعْرُوْفِ وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، دُعِيَ إلَى أَنْ يَقُوْل: لَفْظِي بالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ فَأَبَى، فَمُنِعَ مِنَ التَّحْدِيْثِ بِـ"دِمَشْقَ" فَسَافَرَ إِلَى "مِصْرَ" فَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ السَّيْفِ
(3)
بنِ المَجْدِ قَالَ أَبُو الرَّبِيع سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الإسْعِرْدِيُّ
(4)
:
(1)
في (ط): "وشكله".
(2)
هَذَا غَيْرُ صَحِيْحٍ، فَقَدْ نَقَلَ المُؤَلِّفُ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي "مِصْرَ" ما يُنَافِي ذلِكَ تَمَامًا.
(3)
سَيْفُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى بنِ مُوَفِّقِ الدِّيْنِ عَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(4)
حَنْبَلِيٌّ (ت: 639 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
سَمِعْتُ عَبْدَ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ الحَافِظُ يَقُوْلُ لِلْحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ: سَمِعْتُ وَسَمِعْنَا، وَحَفِظْتَ، وَنَسِيْنَا.
وَقَالَ أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودُ بنُ هَمَّامٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ أَمِيْرك الجُوَيْنِيَّ المُحَدِّثَ يَقُوْلُ: مَا سَمِعْتُ السِّلَفِيَّ يَقُوْلُ لأحَدٍ "الحَافِظُ"، إلَّا لِعَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ.
وَقَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءِ: كَانَ رحمه الله مُجْتَهِدًا عَلَى طَلَبِ الحَدِيْثِ، وَسَمَاعِهِ للنَّاسِ مِنْ قَرِيْبٍ وَغَرِيْبٍ، فَكَانَ كُلُّ غَرِيْب يَأْتِي يَسْمَعُ عَلَيْهِ، أَوْ يَعْرَفُ أَنَّهُ يَطْلُبُ الحَدِيْثَ يُكْرِمُهُ وَيَبَرُّهُ، وَيُحْسِنُ إِلَيْهِ إِحْسَانًا كَثِيْرًا، وَإِذَا صَارَ عِنْدَهُ طَالِبٌ يَفْهَمُ شَيْئًا، أَمَرَهُ بِالسَّفَرِ إِلَى المَشَايخَ بِالبِلَادِ، وَأَحْيَى اللهُ بِهِ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ سَمِعَ حَدِيْثًا مِنْ أَصْحَابِنَا كَانَ يَسُبُّهُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِنَا كَانَ طَلَبُهُمْ حَسَدًا لَهُ؛ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ حِرْصِهِ وَكَثْرَةِ طَلَبِهِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الإمَامَ الحَافِظَ أَبَا إِسْحَقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ العِرَاقِيَّ
(1)
، يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ الحَدِيْثَ فِي "الشَّامِ" كُلِّهِ، إلَّا بِبَرَكَةِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ؛ فَإِنَّنِي كُلّ مَنْ سَأَلْتُهُ يَقُوْلُ: أَوَّلُ مَا سَمِعْتُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي حَرَّضَنِي، وَذَكَرَ جَمَاعَةً مِنَ المُحَدِّثِيْنَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَفُضِّلُ الرِّحْلَةَ للسَّمَاعِ عَلَى الغَزْوِ، وَعَلَى سَائِرِ النَّوَافِلِ. قَالَ: وَكَانَ رحمه الله يَقْرَأُ الحَدِيْثَ يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" وَلَيْلَةَ الخَمِيْسِ بالجَامِعِ أَيْضًا، وَيَجْتَمِعُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ يَقْرَأُ وَيَبكِي، وَيُبكِى النَّاسَ بُكَاءً كَثيْرًا، حَتَّى إِنَّ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مَرَّةً، لَا
(1)
هُوَ المَعْرُوْفُ بِـ"ابنِ الأزْهَرِ الصَّرِيْفِيْنيُّ"(ت: 641 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
يَكَادُ يَتْرُكَهُ، لِكَثْرَةِ مَا يَطِيْبُ قَلْبُهُ، وَيَنْشَرِحُ صَدْرُهُ فِيْهِ، وَكَانَ يَدْعُو بَعْدَ فَرَاغِهِ دُعَاءً كَثِيْرًا. وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنِ نَجَا الوَاعِظَ
(1)
بِـ"القَرَافَةِ" يَقُوْل عَلَى المِنْبَرِ: قَدْ جَاءَ الإمَامُ الحَافِظُ، وَهُوَ يُرِيْدُ أَنْ يَقْرَأَ الحَدِيْثَ، فَأَشْتَهي أَنْ تَحْضُرُوا مَجْلِسَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَبَعْدَهَا أَنْتُمْ تَعْرِفُوْنَهُ، وَيَحْصُلُ لَكُمُ الرَّغْبَةُ، فَجَلَسَ أَوَّل يَوْمٍ وَكُنْتُ حَاضِرًا بِجَامِعِ "القَرَافَةِ" فَقَرَأَ أَحَادِيْثَ بِأَسَانِيْدِهَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، وَقَرَأَ جُزْءًا، فَفَرِحَ النَّاسُ بِمَجْلِسِهِ فَرَحًا كَثِيْرًا، فَقَال ابنُ نَجَا: قَدْ حَصَلَ الَّذِي كُنْتُ أُرِيْدُهُ فِي أَوَّل مَجْلِسٍ.
وَسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ بِـ"مِصْرَ" بِمَسْجِدِ المَصْنَعِ يَقُوْلُ: إِنَّ النَّاسَ بَكَوا حَتَّى غُشِيَ عَلَى بَعْضِهِمْ، قَال: وَقَال بعْضُ المِصْرِيِّيْنَ: مَا كُنَّا إلَّا مِثْلَ الأمْوَاتِ حَتَّى جَاءَ الحَافِظُ، فَأَخْرَجَنَا مِنَ القُبُوْرِ.
وَسَّمِعْتُ الإمَامَ أَبَا الثَنَاءِ مُحْمُوْدَ بنَ هَمَّامٍ الأنْصَارِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الفَقِيْهِ نَجْمًا -هُوَ الإمَامُ العَالِمُ نَجْمُ بنُ الإمَامِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ الإمَامِ أَبي الفَرَجِ الحَنْبَلِيُّ
(2)
- يَقُوْل -وَقَدْ حَضَرَ مَجْلِسَ الحَافِظِ-: يَا تَقَيَّ الدِّيْنِ، وَاللّهِ لَقَدْ جَمَّلْتَ الإسْلَامَ، وَأُقْسِمُ وَاللهِ، لَوْ أَمْكَنَنِي مَا فَارَقْتُ مَجْلِسًا مِنْ مَجَالِسِكَ.
قَالَ الضِّيَاءُ: سَأَلْتُ خَالِيَ الإِمَامَ مُوَفَّقَ الدِّيْنِ عَنِ الحَافِظِ، فَكَتَبَ بِخَطِّهِ -وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ-: كَانَ جَامِعًا لِلْعِلْمِ وَالعَمَلِ، وَكَانَ رَفِيْقِي فِي الصِّبَا، وَفِي طَلَبِ العِلْمِ، وَمَا كُنَّا نَسْتَبِقُ إِلَى خَيْرٍ إلَّا سَبَقَنِي إِلَيْهِ إلَّا القَلِيْلَ، وَكَمَّلَ
(1)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (599 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(2)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (586 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
اللّهُ فَضِيْلَتَهُ بِابْتِلَائِهِ بِأَذَى أَهْلِ البِدْعَةِ، وَعَدَاوَاتِهِمْ إِيَّاهُ، وَقِيَامِهِمْ عَلَيْهِ، وَرُزِقَ العِلْمَ، وَتَحْصِيْلَ الكُتُبِ الكَثِيْرَةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَمَّرْ حَتَّى يَبْلُغَ غَرَضَهُ فِي رِوَايتِهَا، وَنَشْرِهَا، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَسَمِعْتُ الإمَامَ الزَّاهِدَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مَحْمُوْدِ بنِ جَوْهَرٍ البَعْلِيَّ
(1)
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ العِمَادَ
(2)
-يَعْنِي أَخَا الحَافِظِ- يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ مُحَافَظَةً عَلَى وَقْتِهِ مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ.
قَال الضِّيَاءُ: كَانَ شَيْخُنَا الحَافِظُ رحمه الله لَا يَكَادُ يُضَيِّعُ شَيْئًا مِنْ زَمَانِهِ بِلَا فَائِدَةٍ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُصلِّي الفَجْرَ، وَيُلَقِّنُ النَّاسَ القُرآنَ، وَرُبَّمَا أقْرَأَ شَيْئًا مِنَ الحَدِيْثِ، فَقَدْ حَفِظْنَا مِنْهُ أَحَادِيْثَ جَمَّةً تَلْقِيْنًا، ثُمَّ يَقُوْمُ يَتَوَضَّأُ، فَيُصَلِّيَ ثَلَاثَمَائَةَ رَكْعَةً بِالفَاتِحَةِ وَالمُعَوِّذَتَيْنِ
(3)
إِلَى قَبْلِ وَقْتِ الظُّهْرِ، ثُمَّ يَنَامُ نَوْمَةً يَسِيْرَةً إِلَى وَقْتِ الظُّهْرِ، وَيَشْتَغِلُ إِمَّا بالتَّسْمِيع
(4)
لِلْحَدِيْثِ، أَوْ بِالنَّسْخِ إِلَى المَغْرِبِ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا أَفْطَرَ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا صَلَّى مِنَ المَغْرِبِ إِلَى عِشَاءِ الآخِرَةِ، فَإِذَا صَلَّى العِشَاءَ الآخِرَةِ نَامَ إِلَى نِصفِ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَامَ كَأَنَّ إِنْسَانًا يُوْقِظُهُ، فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي لَحْظَةً
(1)
حنْبلِيٌّ (ت: 648 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، أَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 614 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ أَخو المُتَرْجَمِ هُنَا الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَلَقَبُهُ (عِمَادُ الدِّين).
(3)
يَرِدُ فِي مَنَاقِبِ الْعُلَمَاءِ مِنَ المُبَالَغَاتِ وَالتَجَاوُزَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتي لا يُمْكِنُ أَنْ يُسَلَّمَ بِهَا، وَلَا بِصِحَّةِ نِسْبَتِهَا إِلَى المُتَرْجَمِ.
(4)
في (ط): "للتَّسميع بِالحَدِيْثِ".
كَذلِكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى كَذلِكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى إِلَى قُرْبِ الفَجْرِ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأ فِي اللَّيْلِ سَبع مَرَّاتٍ أَوْ ثَمَانٍ
(1)
، أَوْ أَكْثَرَ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذلِكَ فَقَالَ: مَا تَطِيْبُ لِي الصَّلَاةُ إلَّا مَا دَامَتْ أَعْضَائِي رَطْبَةً، ثُمَّ يَنَامُ نَوْمَةً يَسِيْرَةً إِلَى الفَجْرِ، وَهَذَا دَأَبُهُ، وَكَانَ لَا يَكَادُ يُصَلِّي صَلَاتَيْنِ مَفْرُوْضَتَيْنِ بُوِضُوْءِ وَاحِدٍ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا عَبْدِ اللّهِ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ غَانِمٍ
(2)
بِـ"أَصْبَهَانَ" يَقُوْلُ: كَانَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ عِنْدَنَا، وَكَانَ يَقُوْل لِي: تَعَال حَتَّى نُحَافِظَ عَلَى الوُضُوْءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَكَانَ يَسْتَعْمِلُ السِّوَاكَ كَثِيْرًا حَتَّى كَأَنَّ أَسْنَانَهُ البَرَدُ.
وَسَمِعْتُ أَبَا الثَّنَاءِ مَحْمُوْدُ بنُ سَلَامَةَ الحَرَّانِيُّ
(3)
التَّاجِرُ بِـ"أَصْبَهَانَ" غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: كَانَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ نَازِلًا عِنْدِي بـ"أَصْبَهَانَ"، وَمَا كَانَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إلَّا القَلِيْلَ، بَلْ يُصَلِّي، وَيَقْرَأُ، وَيَبْكِي، حَتَّى رُبَّمَا مَنَعَنَا النَّوْمَ إِلَى
(1)
في (ط): "أو ثمانية".
(2)
لم أقف عَلَيْهِ بَعْدُ.
(3)
لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ أَخُو الشَّيْخِ مَعَالِي بنُ أَبي الخَيْرِ سَلَامَةَ بنِ عَبْدِ اللّهِ بنِ عَلِيِّ بنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيِّ التَّاجِرِ، العَطَّارِ الحَنْبلِيِّ العَدْلِ (ت: 640 هـ)، وَأَخُوْهُمَا مُحَمَّدُ بنُ سَلَامَةَ بنِ عَبْدِ اللّهِ (ت: 634 هـ) ذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ مَعَالِيَ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" وَقَالَ: وَسَمِعَ بِـ"أَصْبهَانِ" مِنْ أَبِي الفَتْحِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الخِرَقِيُّ، وَأَحْمَدَ بنِ يَنَالَ التُّرك، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الصَّائِغُ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَأبو الفَتْحِ ابنُ شَاتِيْلٍ .. قَالَ: مَاتَ في شَعْبَانَ، وَمَاتَ أَخُوْهُ حَمْدٌ قَبْلَهُ. إذًا فَلَهُمْ أَخٌ رَابعٌ هُوَ حَمْدٌ، إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُحَمَّدٌ، لَحِقَ اللَّفْظَةَ تَحْرِيْفٌ.
السَّحَرِ. وَسَمِعْتُ الحَافِظَ يَقُوْلُ: أَضَافَنِي رَجُلٌ بِـ"أَصْبَهَانَ"، فَلَمَّا قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ لَمْ يُصَلِّ، فَقِيْلَ: هُوَ شَمْسِيٌّ -يَعْنِي يَعْبُدُ الشَّمْسَ- فَضَاقَ صَدْرِي، ثُمَّ قُمْتُ بِاللَّيْلِ أُصَلِّي وَالشَّمْسِيُّ يَسْتَمِعُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ جَاءَ إِلَيَّ الَّذِي أَضَافنِي وَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسِيَّ يُرِيْدُ أَنْ يُسْلِم، فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ فَأَسْلَمَ، وَقالَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ: لَمَا سَمِعْتُكَ تَقْرَأَ القُرْآنَ وَقَعَ الإسْلَامُ فِي قَلْبِي. قَالَ: وَكَانَ الحَافِظُ لَا يَرَى مُنْكَرًا إلَّا غَيَّرَهُ بِيَدِهِ أَوْ لِسَانِهِ، وَكَانَ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللّه لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ مَرَّةً يُهْرِيْقُ خَمْرًا، فَجَبَذَ صَاحِبَهُ السَّيْفَ، فَلَمْ يَخَفْ مِنْ ذلِكَ، وَأَخَذَهُ مِنْ يَدِهِ، وَكَانَ رحمه الله قوِيًّا فِي بَدَنِهِ وَفِي أُمْرِ الله، وَكَثيْرًا مَا كَانَ بِـ"دِمَشْقَ" يُنْكِرِ المُنْكَرَ، وَيَكْسُرُ الطَّنَابِيْرَ
(1)
وَالشَّبَّابَاتِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّحَّانَ
(2)
، قَالَ: كَانَ بَعْضُ أَوْلَادِ صَلَاحِ الدِّيْنِ قَدْ عُمِلَتْ لَهُمْ طَنَابِيْرُ، وَحُمِلَتْ إِلَيْهِمْ، وَكَانُوا فِي بَعْضِ البَسَاتِيْنِ يَشْرَبُوْنَ، فَلَقِيَ الحَافِظ الطَّنَابِيْرَ تُحْمَلُ إِلَيْهِمْ، فَكَسَرَهَا وَدَخَلَ المَدِيْنَةِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا لَحِقَهُ قَوْمٌ كَثيْرٌ بِعُصيٍّ، وَمَعَهُ رَجُلٌ، فَلَحِقُوا صَاحِبَهُ، وَأَسرَعَ الحَافِظُ، فَقَالَ لَهُمُ الرَّجُلُ أَنَا مَا كَسَرْتُ شَيْئًا، هَذَا الَّذِي كَسَرَ، قَالَ: فَإِذَا رَجُلٌ يَرْكُضُ فَرَسًا، فَتَرَجَّلَ عَنِ الفَرَسِ، وَجَاءَ إِلَيَّ وَقَبَّلَ يَدَيِ، وَقَالَ: يَا شَيْخُ، الصِّبْيَانُ مَا عَرَفُوْكَ.
(1)
طَنَابِيْرُ: جَمْعُ الطُّنْبُوْرِ بِالضَّمِّ كَعُصْفُورٍ، وَالطِّنْبَارُ بِالكَسْرِ. فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. يُرَاجَعُ: شَفَاءُ الغَلِيْلِ (175)، وَقَصْدُ السَّبِيلِ (2/ 265)، وَالتَّاجُ (طنبر).
(2)
لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ الآنَ.
وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يُحَدِّثُ عَنِ الأمِيْرِ دِرْبَاسٍ المِهْرَانِيُّ
(1)
، أَنَّهُ كَانَ دَخَلَ مَعَ الحَافِظِ إِلَى المَلِكِ العَادِلِ، فَلَمَّا قَضَى المَلِكُ كَلَامَهُ مَعَ الحَافِظُ جَعَلَ يَتَحَدَّثُ مَعَ الحَاضِرِيْنَ فِي أَمْرِ "مَارْدِيْنَ"
(2)
وَحِصَارِهَا، وَكَانَ حَاصَرَهَا قَبْلَ ذلِكَ، فَسَمِعَ الحَافِظُ كَلَامَهُ، فَقَالَ: أَيْشٍ هَذَا، وأَنْتَ بَعْدُ تُرِيْدُ قِتَالَ المُسْلِمِيْنَ، مَا تَشْكُرُ اللّهَ فِيْمَا أَعْطَاكَ إِمَامًا؟، قَالَ: وَسَكَتَ المَلِكُ العَادِلُ، فَمَا أَعَادَ وَمَا أَبْدَى
(3)
، ثُمَّ قَامَ الحَافِظُ وَقُمْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا خَرَجْنَا قُلْتُ لَهُ: أَيْشٍ هَذَا؟ نَحْنُ كُنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، ثُمَّ تَعْمَلُ هَذَا العَمَلَ؟ فَقالَ: أَنَا إِذَا رَأَيْتُ شَيْئًا لَا أَقْدِرُ أَصْبِرُ.
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بنِ أَحْمَدَ الطَّحَّانَ قَالَ: كَانَ فِي دَوْلَةِ الأفْضَلِ
(4)
بنِ صَلَاحِ الدِّيْنِ قَدْ جَعَلُوا المَلَاهِيَ عِندَ دَرَج جَيْرُوْنَ
(5)
، فَجَاءَ الحَافِظُ فَكَسَرَ شَيْئًا كَثيْرًا مِنْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَصَعِدَ المِنْبَرَ يَقْرَأُ الحَدِيْثَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ رَسُوْلٌ مِنَ القَاضِي يَأْمُرُهُ بالمَشْيِ إِلَيْهِ، يَقُوْلُ حَتَّى يُنَاظِرَهُ فِي الدِّفِّ وَالشَّبَّابَةِ، فَقَالَ الحَافُظُ: ذلِكَ عِنْدِي حَرَامٌ، وَقَالَ: أَنَا لَا أَمْشِي إِلَيْهِ، إِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ فَيَجِيْءُ هُوَ، ثُمَّ قَرَأَ الحَدِيْثَ، فَعَادَ الرَّسُوْلُ فَقَالَ: قَدْ قَالَ: لَابُدَّ مِنَ المَشْيِ
(1)
لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ الآنَ.
(2)
يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 46). مَدِيْنَةٌ مَشْهُوْرَةٌ هِيَ الآنَ في الجُنُوبِ الغَرْبِيِّ من تُرْكِيَا.
(3)
في (ط): "ولا بدى".
(4)
المَلِكُ الأفضَلُ هُوَ عَلِيُّ بنُ صَلَاحِ الدِّيْنِ الأيوبيِّ.
(5)
مُقَابِلُ البَابِ الشَّرْقيِّ للجَامِعِ الأُمَوِيِّ.
إِلَيْهِ، أَنْتَ قَدْ بَطَّلْتَ هَذِهِ الأشْيَاءَ عَلَى السُّلْطَانِ، فَقَالَ الحَافِظُ: ضَرَبَ اللّهُ رَقَبَتَهُ، وَرَقَبَةَ السُّلْطَانِ، قَالَ: فَمَضَى الرُّسُوْلُ، وَخِفْنَا أَنْ تَجْرِيَ فِتْنَةٌ، قَالَ: فَمَا جَاءَ أَحَدٌ بَعْدَ ذلِكَ.
قَال الضِّيَاءُ: وَكَانَ قَدْ وَضَعَ اللهُ لَهُ الهَيْبَةَ فِي قُلُوْبِ الخَلْقِ.
سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ فَضَائِلَ
(1)
بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرٍ المَقْدِسِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُوْنَ بِـ"مِصْرَ" أَنَّ الحَافِظَ كَانَ قَدْ دَخَلَ عَلَى المَلِكِ العَادِل، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ لَهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي اليَوْمِ الثَّانِي مِنْ دُخُوْلهِ عَلَيْهِ إِذِ الأُمَرَاءُ قَدْ جَاءُوا إِلَى الحَافِظِ إِلَى "مِصْرَ" فَقَالُوا آمَنَّا بِكَرَامَتِكَ يَا حَافِظُ، وَذَكَرُوا أَنَّ العَادِلَ قَالَ: مَا خِفْتُ مِنْ أَحَدٍ مَا خِفْتُ مِنْ هَذَا، فَقُلْنَا: أَيُّهَا المَلِكُ، هَذَا رَجُلٌ فَقِيْهٌ، أَيْشٍ خِفْتَ مِنْ هَذَا؟ قَال: لَمَّا دَخَلَ مَا خُيِّلَ إِلَيَّ إلَّا أَنَّهُ سَبُعٌ يُرِيْدُ أَنْ يَأْكُلَنِي، فَقُلْنَا: هَذِهِ كَرَامَةُ الحَافِظِ. قَال: وَشَاهَدْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ، يَذْكُرُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ العَادِل ذلِكَ، قَال: وَمَا أَعْرِفُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ رَأَى الحَافِظَ إلَّا أَحَبَّهُ حُبًّا شَدِيْدًا، وَمَدَحَهُ مَدْحًا كَثِيْرًا.
سمَمِعْتُ أَبَا الثَّنَاءِ مَحْمُوْدَ بنَ سَلَامَةَ الحَرَّانِيَّ بِـ"أَصْبَهَانَ" قَال: كَانَ الحَافِظُ بِـ"أَصْبَهَانَ" يَصْطَفُّ النَّاسُ فِي السُّوْقِ فَيَنْظُرُوْنَ إِلَيْهِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَوْ أَقَامَ الحَافِظُ بِـ"أَصْبَهَانَ" مُدَّةً وَأَرَادَ أَنْ يَمْلِكَهَا
(1)
في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّة (470) أَبُو الفَضَائِلِ بنُ مُحَمَّدِ بن فَضَائِلِ وَذَكَرَ أَخَاهُ عَلِيًّا. ويَظْهَرُ مِنْ نَسَبِهِمَا أَنَّهمَا ابْنَا عَمِّ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، فَوَالِدُهُمَا مُحَمَّدٌ بنُ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرٍ أَخُو عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرٍ، وَالِدِ عَبْدِ الغَنِيِّ.
لَمَلَكَهَا، يَعْنِي مِنْ حُبِّهِمْ لَهُ، وَرَغْبَتِهِمْ فِيْهِ، وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى "مِصْرَ" أَخِيْرًا كُنَّا بِهَا، فَكَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلَى الجَامِعِ لَا نَقْدِرُ نَمْشِي مَعَهُ مِنْ كَثْرَةِ الخَلْقِ، يتَبَرَّكُوْنَ بِهِ، وَيَجْتَمِعُوْنَ حَوْلَهُ
(1)
.
قَالَ: وَكَانَ رحمه الله لَيْسَ بِالأبْيَضِ الأمْهَقِ
(2)
، بَلْ يَمِيْلُ إِلَى السُّمْرَةِ، حَسَنَ الشَّعْرِ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، وَاسِعَ الجَبِيْنِ، عَظِيْمَ الخَلْقِ، تَامَّ القَامَةِ، كَأَنَّ النُّوْرَ يَخْرُجُ مِنْ وَجْهِهِ، فَكَانَ قَدْ ضَعُفَ بَصَرُهُ مِنْ كَثْرَةِ البُكَاءِ وَالنَّسْخِ وَالمُطَالَعَةِ، وَكَانَ حَسَنَ الخُلُقِ، رَأَيْتُهُ وَقَدْ ضَاقَ صَدْرُ بَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي مَجْلِسِهِ وَغَضبَ، فَجَاءَ إِلَى بَيْتِهِ وَتَرَضَّاهُ، وَطَيَّبَ قَلْبَهُ.
وَكُنَّا يَوْمًا عِنْدَهُ نَكْتُبُ الحَدِيْثَ، وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ أَحْدَاثٌ، فَضَحِكْنَا مِنْ شَيْءٍ وَطَالَ الضَّحِكُ، فَرَأَيْتُهُ يَتَبَسَّمُ مَعَنَا ولَا يَحْرِدُ
(3)
عَلَيْنَا، وَكَانَ سَخِيًّا، جَوَادًا، كَرِيْمًا، لَا يَدَّخِرُ دِيْنَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَمَهْمَا حَصَلَ لَهُ أَخْرَجَهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي بِقُفَافِ الدَّقِيْقِ إِلَى بُيُوْتِ المُحْتَاجِيْنَ، فَيَدُقُّ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يَفْتَحُوْنَ البَابَ تَرَكَ مَا مَعَهُ وَمَضَى؛ لِئَلَّا يَعْرِفَهُ أَحَدٌ. وَقَدْ كَانَ يُفْتَحُ لَهُ بِشَئٍ مِنَ الثِّيَابِ وَالبُرُدِ فَيُعْطِي النَّاسَ، وَرُبَّمَا كَانَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ مُرَقَّعٌ، وَقَدْ أَوْفَى غَيْرَ مَرَّةٍ سِرًّا مَا يَكُوْنُ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ مِنَ الدَّيْنِ، وَلَا يُعْلِمُهُمْ بِالوَفَاءِ. قَالَ الشَّيْخُ
(1)
قَارِنْ بِقَوْلِ ابنِ النَّجَّارِ المُتَقَدِّمِ: "فَأُخْرِجَ إِلَى "مِصرَ" وَأَقَامَ بِهَا خَامِلًا إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ".
(2)
شَدِيْدُ البَيَاضِ.
(3)
الحَرْدُ هُنَا: الغَضَبُ.
المُوَفَّقُ عَنْهُ: كَانَ جَوَادًا، يُؤثِرُ بِمَا تَصِلُ إِلَيْهِ يَدُهُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً.
وَسَمِعْتُ أَبَا الثَّنَاءِ مَحْمُوْدَ بْنَ هَمَّامٍ يَحْكِي عَنْ رَجُلٍ كَانَ بِمَسْجدِ الوَزِيْرِ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ المُوَفَّقِ شَيْءٌ، فَلَمْ يُعْطُوْهُ جَامَكيَةً
(1)
قَالَ: فَبَقِيْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَيْسَ لَنَا شَيءٌ، فَدَخَلْتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أُصَلِّي، وَسَلَّمْتُ بَعْدَ العَصْرِ عَلَى الحَافِظِ، فَقَالَ لِي: اقْعُدْ، فَقَعَدْتُ، فَلَمَّا قَامَ مَشَيْتُ مَعَهُ إِلَى خَارِجِ الجَامِعِ، فَنَاوَلَنِي نَفَقَةً وَقَالَ: اشتَرْ لِبَيْتِكَ شَيْئًا وَمَضَى، فَاشتَرَيْتُ نِصْفَ خَرُوفٍ مَشْوِيٍّ وَخُبْزًا كَثِيْرًا، وَحَلْوَاءَ، وَاكْتَرَيْتُ حَمَّالًا وَمَضَيْتُ إِلَى أَهْلِي، فَعَدَدْتُ مَا بَقِيَ فَإِذَا هُوَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ وَقَعَ بِـ"مِصْرَ" غَلَاءٌ وَهُوَ بِهَا، فَكَانَ يُؤثِرُ بِعَشَائِهِ عِدَّةَ لَيَالِي وَيَطْوِي، قَالَ: وَقَالَ لِي أَبُو الفَتْحِ وَلَدُهُ
(2)
: وَالِدِي يُعْطِي النَّاسَ الكَثِيْرَ، وَنَحْنُ لَا يَبْعَثُ إِلَيْنَا شَيْئًا، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَبْلَغُ مَا سَأَلَ العَبْدُ رَبَّهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءٍ؛ رِضْوَانُ اللّهِ عز وجل، وَالنَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ الكَرِيْمِ، وَالفِرْدَوْسِ الأعْلَى. وَسَمِعْتُ خَالِيَ أَبَا عُمَرَ قَالَ: قَالَ الحَافِظُ: يُقَالُ: مِنَ العِصْمَةِ أَنْ لَا تَجِدَ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ أَعْظَمُ العِصْمَةِ؛ فَإِنَّهَا عِصْمَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيَّ
(3)
قَالَ: سَأَلْتُ الحَافِظَ، فَقُلْتُ: هَؤُلَاءِ المَشَايِخُ يَحْكِي عَنْهُمْ مِنَ الكَرَامَاتِ مَا لَا
(1)
الجَامَكيةُ: المُرَتَّبُ الشَّهْرِي أو السَّنَوِي.
(2)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 613 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(3)
المُتَوَفِّى سنة (624 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ أيضًا.
يُحْكَى عَنِ العُلَمَاءِ، أَيْشٍ السَّبَبُ فِي هَذَا؟ فَقَالَ: اشْتِغَالُ العُلَمَاءِ بِالعِلْمِ كَرَامَاتٌ كَثِيْرَةٌ، أَوْ قَالَ: تُرِيدُ لِلْعُلَمَاءِ كَرَامَةً أَفْضَلَ مِنِ اشْتِغَالِهِمْ بِالعِلْمِ؟! وَقَدْ كَانَ لِلْحَافِظِ كَرَامَاتٌ كَثيْرَةٌ.
قَالَ الضِّيَاءُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَلِيٍّ العِرَاقِيَّ
(1)
، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ الدِّمْيَاطِيُّ قَالَ: اكْتَرَيْتُ فِي مَرْكَبٍ فَرَأَيْتُهُ عَائِبًا، فَضَاقَ صَدْرِي فَذَكَرْتُ قِصَّتَهُ لِلْحَافِظِ، فَكَتَبَ لِي كِتَابًا وَقَالَ: اتْرُكْهُ فِيْهِ: فَإِذَا قَضَيْتَ سَفَرَكَ وَخَرَجْتَ مِنْهُ فَخُذْ الكِتَابَ وَلَا تترُكْهُ فِيْهِ، فَمَضَيْتُ وَعَلَّقْتُهُ فِي المَرْكَبِ، فَمَضَيْنَا فِي سَفَرِنَا، فَلَمَّا نَزَلْنَا مِنْهُ وَأَخَذْنَا قُمَاشَنَا وَلَمْ يَبْقَ فِيْهِ شَيءٌ ذَكَرْتُ الكِتَابَ، فَأَخَذْتُهُ مِنْهُ، فَمِنْ سَاعَتِهِ دَخَلَ المَاءَ فِيْهِ، وَغَرَقَ
(2)
.
وَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ فَضَائِلُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ،
(3)
حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّي بَدْرَانُ بْنُ أَبي بَكْرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُوْرٍ، أَنَّ الحَافِظَ قَامَ لَيْلَةً لِيَتَوَضَّأَ عَلَى البِرْكَةِ، وَمَاؤُهَا مَقْطُوعٌ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَشتَهِي الوُضُوْءَ إِلَّا مِنَ البِرْكَةِ، ثُمَّ صَبَرَ قَلِيْلًا، فَإِذَا المَاءُ قَدْ خَرَجَ مِنَ الأُنْبُوْبِ، فَانْتَظَرَ حَتَّى فَاضَتِ البَرَكَةِ، ثُمَّ انْقَطَعَ المَاءَ
(1)
يَظْهَرُ أنَّهُ هُوَ المُحَوَّليُّ الآتي.
(2)
الإسْرَافُ في نَقْلِ مِثْلِ هَذِهِ الدَّعَاوَى ظَاهِرَةٌ فِي كُتُبِ المَنَاقِبِ وَالتَّرَاجِمِ، وَحَدَّثْ وَلَا حَرَجَ، وَمِنْهَا مَا لَا تَقْبَلُهُ العُقُوْلُ وَالفِطَرُ السَّلِيْمَةِ؟!
(3)
بَدْرَانِ بنُ أَبي بَكْرٍ هَذَا هُوَ ابنُ عَمِّ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، فَوَالِدُهُ أَبُو بَكْرٍ هُوَ بِكُل تأْكِيْدٍ أَخُو عَبْدِ الوَاحِدِ، وَالِدِ الْحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وفي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (428) عَلِيُّ ابنُ أَبي بَكْرِ بنِ عَلِي بن سُرُوْرٍ، وَهُوَ أَخو بَدْرَانَ المَذْكُوْرُ هُنَا. وَبِهَذَا يَثْبُتُ أَنَّ فَضَائِلَ ابنَ مُحَمَّدٍ وَأَخَاهُ عَلِيُّا المَذْكُوْرينِ هُمَا ابنَا عَمِّ الحَافِظِ أَيْضًا. وَعَلِيٌّ (ت: 617 هـ).
فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: هَذِهِ -وَاللّهِ- كَرَامَةٌ لَكَ، فَقَالَ لِي: قُلْ: أَسْتَغْفِرُ اللّهَ، هَذَا المَاءُ لَعَلَّهُ كَانَ مُحْتَبَسًا، لَا تَقُلْ هَذَا
(1)
.
وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ جُنْدِيٌّ بِـ"القُدُسِ" أَنَّ الحَافِظَ نَزَلَ عِنْدَهُمْ بِـ"القُدْسِ"، وَكَانَ فِي دَارِهِمْ صِهْرِيْجٌ قَدْ نَقَصَ مَاؤُهُ، قَالَ: فَقَالَ لِي الحَافِظُ لَيْلَةً: قَدْ ضَيَّقنَا عَلَيْكُمْ فِي المَاءِ، فَقُلْتُ: بَلْ يَجْعَلُ اللّهُ فِيْهِ البَرَكَةَ، فَقَالَ: نَعَمْ جَعَلَ اللّهُ فِيْهِ البَرَكَةَ، فَلَمَّا كَانَ الفَجْرُ إِذَا بِالمَاءِ قَدْ زَادَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ.
وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ المُقْرِئَ
(2)
قَالَ: كَانَ لأهَلِ بَيْتِي ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ الحَافِظِ يَدَّخِرُوْنَهُ لِلْمَوْتِ، وَمِلْحَفَةٌ مِنْ أثَرِ أُمِّهِ، قَالَ: فَسُرِقَ مَا فِي بَيْتِنَا مِنَ الثِّيَابِ، فَفَتَّشُوا عَلَى الثَّوْبِ وَالمِلْحَفَةِ فَلَمْ يَجِدُوْهُمَا، فَحَزِنُوا عَلَيْهِمَا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَجَدُوْهُمَا فِي الصُّنْدُوْقِ، وَقَدْ كَانُوا فتَّشُوا قَبْلَ ذلِكَ وَلَمْ يَجِدُوْهُمَا.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَكُنْتُ أَنَا وَجَمَاعَةٌ نَسْمَعُ عَلَى الحَافِظِ بِالمُصَلَّى الَّذِي بِجَبَلِنَا فِي شِدَّةِ الحَرِّ، فَقَالَ: لَوْ كُنَّا نَقُوْمُ مِنْ هَذَا الحَرِّ إِلَى المَسْجِدِ، فَهَمَمْنَا بِالقِيَامِ وَلَعَلَّ بَعْضَنَا قَامَ، فَإِذَا سَحَابَةٌ قَدْ غَطَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: اقْعُدُوا، فَرَأَيْتُ بَعْضَ أَصحَابِنَا يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ، وَيُسِرُّونَ
(3)
الكَلَامَ بَيْنَهُمْ
(1)
هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تُفَسَّرَ مِثْلَ هَذِهِ الظَّواهِرِ، وَلَا يُسَارَعُ إِلَى ادِّعَاءِ الكَرَامَةِ فِي كُل شَيْءٍ.
(2)
هُوَ الْمَعْرُوْفُ بِـ"الرَّضِيِّ"(ت: 635 هـ) حَنْبَلِيُّ اسْتَدْرَكْتُهُ عَلَى المُؤَلِّفِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(3)
في (ط): "يَسْرُدُوْنَ".
إِنَّ هَذِهِ كَرَامَةٌ، وَيَقُوْلُونَ: مَا كَانَ يُرَى فِي السَّمَاءِ سَحَابَةٌ، وَذَكَرَ الضِّيَاءُ أَشْيَاءَ كَثِيْرَةً مِنْ هَذَا الجِنْسِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الحَافِظَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في النَّوْمِ يَمْشِي وَأَنَا أَمْشِي خَلْفَهُ، إِلَّا أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ رَجُلًا. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ المُحَوَّليَّ
(1)
عَنْ رَجُلٍ فَقِيْهٍ -وَكَانَ ضَرِيْرًا، وَيُبْغِضُ الحَافِظَ- فَرَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في النَّوْمِ، وَمَعَهُ الحَافِظُ وَيَدُهُ فِي يَدِهِ فِي جَامِعِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، وَهُمَا يَمْشِيَانِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: يَا رَسُوْلَ اللّهِ: حَدَّثْتُ عَنْكَ بِالحَدِيْثِ الفُلَانِيِّ؟ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: صَحِيْحٌ، وَيَقُوْلُ: حَدَّثْتُ عَنْكَ بالحَدِيْثِ الفُلَانِيِّ والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: صَحِيْحٌ، حَتَّى عَدَدْتُ مَائَةَ حَدِيْثٍ، قَالَ: فَأَصْبَحَ فتَابَ مِنْ بُغْضِهِ.
وسَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا مُوْسَى بْنَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِي قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ: رَأَيْتُ الحَافِظَ فِي النَّوْمِ يَمْشِيْ مُسْتَعْجِلًا، فَقُلْتُ: إِلَى أَيْنَ؟ فَقَالَ: أَزُوْرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي المَسْجِدِ الأقْصَى، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ أَصْحَاُبهُ، فَلَمَّا رَأَى الحَافِظَ قَامَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ، قَالَ: فَبَقِيَ الحَافِظُ يَشْكُو إِلَيْهِ مَا لَقِيَ وَيَبْكِي، وَيَقُوْلُ: يَا رَسُوْلَ اللّهِ: كَذَبْتُ فِي الحَدِيْثِ الفُلَانِيِّ؟ وَالحَدِيْثِ الفُلَانِيِّ؟ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: صَدَقْتَ يَا عَبْدَ الغَنِيِّ، صَدَقْتَ يَا عَبْدَ الغَنِيِّ.
(1)
لَعَلَّهُ هو أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللّهِ بنِ عَلِي العرِاقِيُّ السَّالِفُ الذِّكْرِ.
(ذِكْرُ تَصَانِيْفِهِ):
كِتَابُ "المِصْبَاح فِي عُيُونِ الأحَادِيْثِ الصِّحَاحِ"
(1)
ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعَوْنَ جُزْءًا، يَشْتَمِلُ عَلَى أَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَيْنِ، كِتَابُ "نِهَايَةِ المُرَادِ مِنْ كَلَامِ خَيْرِ العِبَادِ"
(2)
لَمْ يُبيِّضْهُ كُلَّهُ، فِي السُّنَنِ، نَحْوَ مَائتيْ جُزْءٍ، كِتَابُ "اليَوَاقِيْتِ" مُجَلَّدٌ، كِتَابُ:"تُحْفَةِ الطَّالِبِيْنَ فِي الجِهَادِ وَالمُجَاهِدِيْنَ"
(3)
، كِتَابُ "الآثَارِ المَرْضِيَّةِ فِي فَضَائِلِ خَيْرِ البَرِيَّةِ"
(4)
أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ، كِتَابُ:"الرَّوْضَةِ" أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ، كِتَابُ "الذِّكْرِ" جُزْآنِ، كِتَابُ "الأسْرَارِ"
(5)
جُزْآنِ، كِتَابُ "التَّهَجُّدِ" جُزْآنِ، كِتَابُ "الفَرَجِ" جُزْآنِ، كِتَابُ "الصِّلَاتِ مِنَ الأَحْيَاءِ إِلَى الأمْوَاتِ"
(6)
جُزْآنِ، كِتَابُ "الصِّفَاتِ" جُزْآنِ "مِحْنَةُ الإمَامِ أَحْمَدَ" ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ
(7)
، كِتَابُ "ذَمِّ الرِّيَاءِ"
(1)
منهُ نُسْخَةٌ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّة رقم (1308). وفي (ط): "ثَمَانِيَة وَأَرْبعين".
(2)
أَجْزَاءُ منه في المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيةِ بِخَطِّهِ مجموع رقم (108، 1024، 1025).
(3)
في المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيةِ أَيْضًا مَجْمُوع رقم (95)(17 - 33) بعنوان (فَضْلِ الجِهَادِ)؟!
(4)
في المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيةِ كَمَا في المُنتخب من مَخطوطات كُتُبِ الحَدِيْثِ رقم (1324).
(5)
في (أ): "الإسراء" وَيظهر أنَّها مُحَرَّفةٌ عن "الأشراط" فَيَكُوْنُ هُوَ كِتَابَ "أَشْرَاطِ السَّاعَةِ" المَذْكُوْرُ في الرِّسالة المُسْتَطْرَفَةِ (49).
(6)
يَجُوْزُ أَنْ يَكونَ "الصَّلَاةَ"، وَلَهُ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ كِتَابُ "الصَّلَاةِ" أَوْ "أَخْبَارِ الصَّلَاةِ" نُسْخَتَانِ كِلْتَاهُمَا بِخَطِّه. يُرَاجَعُ: المُنْتَخَبُ رقم (1307، 1325) وَيَظْهَرُ أنَّهما كِتَابَانِ مُخْتَلِفَانِ؛ لأَنَّ كُلَّ نُسْخَةٍ مِنْهُمَا بِخَطِّهِ، وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهُمَا تَخْتَلِفَانِ عَنْ كِتَابِنَا المَذْكُوْرُ هُنَا فَلتُراجَع.
(7)
طُبعَ عام 1407 هـ.
جُزْءٌ كَبِيْرٌ، كِتَابُ "ذَمِّ الغَيْبَةِ" جُزْءٌ ضَخْمٌ، كِتَابُ "التَّرْغِيْبُ فِي الدِّعَاءِ"
(1)
جُزْءٌ كَبِيْرٌ، كِتَابُ "فَضَائِلِ مَكَّةَ" أَرْبَعةُ أَجْزَاءٍ، كِتَابُ "الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنكَرِ"
(2)
جُزْءٌ، كِتَابُ "فَضَائِلِ رَمَضانَ"
(3)
جُزْءٌ، وَجُزْءٌ فِي "فَضَائِلِ عَشرِ ذِي الحِجَّةِ" وَجُزْءٌ فِي "فَضَائِلِ الصَّدَقَةِ" وَجُزْءٌ فِي "فَضَائِلِ الحَجِّ" وَجُزْءٌ فِي "فَضَائِلِ رَجَبٍ" وَجُزْءٌ فِي "وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" وَجُزْءٌ فِي "الأقْسَامِ الَّتِي أَقْسَمَ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم" وَكِتَابُ "الأرْبَعِيْنَ" وَكِتَابُ "الأرْبَعِيْنَ" آخَرُ، وَكِتَابُ "الأرْبَعِيْنَ مِنْ كَلَامِ رَبِّ العَالَمِيْنَ" وَكِتَابُ "الأرْبَعِيْنَ" بِسَنَدٍ وَاحِدٍ، وَكِتَابُ "اعْتِقَادِ الإمَامِ الشَّافِعِيِّ" جُزْءٌ كَبِيْرٌ، وَكِتَابُ "الحِكَايَاتِ"
(4)
سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ، وَكِتَابُ "غَنْيَةِ الحُفَّاظِ فِي تَحْقِيْقِ مُشْكِلِ الألْفَاظِ" فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَكِتَابُ "الجَامِعِ الصَّغِيْرِ لأحْكَامِ البَشِيْرِ النَّذِيْرِ" لَم يُتمَّهُ، وَخَمْسَةُ أَجْزَاء مِنْ كِتَابٍ لَمْ يُتِمَّهُ، عَلَى صِفَةِ كِتَاب "مَنْ صَبَرَ ظَفَرَ" وَجُزْءٌ "فِي ذِكْرِ القُبُوْرِ" وَأَجْزَاءٌ أَخْرَجَهَا مِنَ الأحَادِيْثِ وَالحِكَايَاتِ، كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي المَجَالِسِ، تَزِيْدُ عَلَى مِائَةِ جُزْءٍ، وَجُزْءٌ فِي "مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيْزِ" هَذِهِ كُلُّهَا بِالأسَانِيْدِ.
ومِنَ الكُتُبِ بِلَا إِسْنَادٍ: كِتَابُ "الأحْكَامِ عَلَى أَبْوَابِ الفِقْهِ" سِتَّةُ أَجْزَاءٍ
(5)
،
(1)
طُبعَ في دَارِ العَاصِمَةِ في الرِّياض.
(2)
طُبعَ عام 1416 هـ، ثمَّ أُعِيْدَ طَبْعُهُ سنة 1417 هـ.
(3)
في المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ منه نُسْخَتَانِ نَاقِصَتَانِ في المَجْمُوع رقم (55، 71).
(4)
لَعَلَّهُ المَوْجُوْدُ في المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ رقم (4541) الجُزءُ الخَامِسُ منه بعُنْوَانِ "الأحَادِيْثِ وَالأخْبَارِ وَالحِكَايَاتِ".
(5)
لعَلَّهُ هُوَ عُمْدَةُ الأحْكَام الكُبْرَى (ط) سنة 1422 هـ في دَارِ الثَّبَاتِ.
كِتَابُ "العُمْدَةِ فِي الأحْكَامِ"
(1)
، مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ البُخَارِي وَمُسْلِمٌ، جُزْآنِ، وَكِتَابُ "دُرَرُ الأثَرِ علَى حُرُوفِ المُعْجَمِ "تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ، كِتَابُ "سِيْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم"
(2)
جُزْءٌ كَبِيْرٌ، كِتَابُ "النَّصِيْحَةِ فِي الأدْعِيَةِ الصَّحِيْحَةِ"
(3)
جُزْءٌ، كِتَابُ "الاقْتِصَادِ فِي الاعْتِقَادِ" جُزْءٌ كبِيْرٌ، كِتَابُ "تَبْيِيْنِ الإِصَابَةِ لأوْهَامٍ حَصَلَتْ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ"
(4)
الَّذِي أَلَّفَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الأصْبَهَانِيُّ فِي جُزْءٍ كبِيْرٍ، وَكِتَابُ "الكَمَالِ فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ"
(5)
يَشْتَمِلُ عَلَى رِجَالِ الصَّحِيْحَيْنِ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنِّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَه
(1)
طُبع مَرَّات: طُبعَ فِي دَارِ المَعَارِفَ بمِصْرَ سَنَة 1374 هـ، وَطُبعَ فِي المَكْتَبَةِ السَّلَفِيَّة فِي مِصْرَ أَيْضًا سَنَة (1396 هـ). وَطُبعَ فِي دَارِ الفِكْرِ بِبَيْرُوت، سَنَة 1404 هـ، وَحَقَقهُ مَحْمُود وَعَبْد القَادِر الأرْنَاؤُوط وَطُبعَ بِدَارِ المَأْمُون بِدِمَشْق سَنَة 1405 هـ آخرها -فِيْمَا أَعْلَمُ- سَنَة 1419 هـ فِي دَارِ المَعَارِفِ بالرِّيَاضِ، وَهُو مِنْ أَشْهَرِ مُؤَلَّفَاتِهِ، وَلَهُ عِدَّةُ شُرُوْح.
يَقُوْلُ الفَقِيْرُ الَى اللّهِ تَعَالَى عَبْد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان العُثيمين -عَفَا اللّهُ عَنْهُ-: وَمِنْ أَجْوَدِ شُرُوْحِ "العُمْدَةِ" شَرْحُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ مَرْزُوْقٍ التِّلِمْسَانِي، المَالِكِيُّ، نَزِيلُ مِصْرَ (ت: 781 هـ) وَاسْمُهُ: "تَيْسِيْرُ المَرَامِ فِي شَرْحِ عُمْدَةِ الأحكَامِ" رَأَيْتُهُ في مَكْتَبَةِ أَيَا صُوْفيَا بتُركِيا رقم (1331)، وَهُو في دَارِ الكُتُبِ المِصْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
(2)
لَعَلَّهُ هُو "الدُّرَّةُ المُضِيِّةُ في السِّيرَةِ النَّبَوِيةِ" لَهُ نُسْخَةٌ في باريس رقم (1966) طُبعَ جُزْءٌ منه في بَيْرُوت.
(3)
مَطْبُوْعٌ؟!.
(4)
يظهرُ أنَّه مِنْ أَهَمِّ مُؤَلفاتِهِ، قَالَ الحَافِظَ الذَّهَبيُّ:"يَدُلُّ عَلَى بَرَاعَتِهِ وَحِفْظِهِ".
(5)
هَذَّبَهُ وَزَادَ عَلَيْهِ وَكَمَّلَهُ وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الحَافِظُ المِزِّيُّ في كِتَابِهِ العَظِيْمِ "تَهْذِيْبِ الكَمَالِ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ" طُبَعَ في مُؤَسَّسةِ الرسَالَةِ بَيْنَ سَنَةِ (1400 - 1413 هـ). وَهَذَّبَ كِتَابِ الحَافِظِ المِزِّيّ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ. وَأَكْمَلَهُ الحَافِظُ مُغْلِطَاي، طُبعَ فِي 12 مُجَلَّدًا.
فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ، وَفِيْهِ إِسْنَادٌ.
(ذِكرُ مِحْنَتَهُ):
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: سمعت الإِمَامَ أَبَا مُحَمَّدٍ عُمَرَ بْنَ سَالِمٍ بنِ مُحَمَّدٍ الأنْصَارِيَّ المُعَبِّرَ
(1)
يَقُوْلُ: رَأَيتُ فِي النَّوْمِ -يَعْنِي قَبْلَ الفِتْنَةِ الَّتِي جَرَتْ لِلْحَافِظ- كَأَنَّ قَائِلًا يَقُوْلُ لِي: يُمْنَعُ الحَافِظُ مِنَ القِرَاءَةِ، وَيَجْرِي عَلَى أَصْحَابِهِ شِدَّةٌ، وَيَمْشِي إِلَى "مِصْرَ" وَبِهَا يَمُوْتُ، وَهُوَ مِنَ الأرْبَعَةِ، وَالشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ -وَسَمَّى رَجُلَيْنِ مِنَ العِرَاقِ- وَلَمْ أَحْفَظْ اسْمَاهُمَا، فَلَمَّا انْتَبَهْتُ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي: الحَالُ مِثْلَ مَا رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ، وَلَمْ أَرْجِعْ أَرَاهُ بَعْدَ ذلِكَ.
وَسَمِعْتُ الإمَامَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ المَقْدَسِيَّ
(2)
قَالَ: سَمِعْتُ الحَافِظَ يَقُوْلُ: سَأَلْتُ اللّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنِي مِثْلَ حَالِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَقَدْ رَزَقَنِي صَلَاتَهُ، قَالَ: ثُمَّ ابْتُلِيَ بَعْدَ ذلِكَ، وَأُوْذِيَ.
وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الإمَامَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللّهِ بْنَ أَبي الحَسَنِ الجُبَّائِي
(3)
بِـ"أَصْبَهَانَ" يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ قَدْ أَخَذَ عَلَى الحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَنْدَهْ أَشْيَاءً فِي كِتَابِ "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ" وَكَانَ الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ يَشْتَهِي أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ -يَعْنِي: فِي كِتَابِ "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ"- فَمَا كَانَ يَحْسِنُ، فَلَمَّا جَاءَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ إِلَى "أَصْبَهَانَ" أَشَارَ إِلَيْهِ بِذلِكَ، قَالَ:
(1)
لما أَقف عَلَى أَخْبَارِهِ؟
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ص (22).
(3)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (605 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
تَأْخُذُ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ فِي كِتَابهِ: "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ" نَحْوًا مِنْ مِائتيْنِ وَتِسْعِيْنَ مَوْضِعًا، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ الصَّدْرُ عَبْدُ اللطِيْفِ بْنُ الخُجَنْدِيُّ
(1)
طَلَبَ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ، وَأَرَادَ إِهْلَاكَهُ فَاخْتَفَى الحَافِظُ.
وَسَمِعْتُ أَبَا الثَّنَاءِ مَحْمُودَ بْنَ سَلَامَةَ الحَرَّانِيُّ قَالَ: مَا أَخْرَجْنَا الحَافِظَ
(1)
عَبْدُ الَّلطِيفِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللطيفِ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبيُّ الأزْدِيُّ الخُجَنْدِيُّ الأصْبَهَانِيُّ الشَّافِعِيُّ (ت: 580 هـ) قَالَ الأسْنَوِيُّ في طَبَقَاتِ الشَّافِعيَّةِ (1/ 491): "كَانَ رَئيسَ أَصْبَهَانَ في العِلْمِ، وَكَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، مُقَدَّمًا، مُعَظَّمًا عِنْدَ الوُزَرَاءِ وَالسَّلاطِيْنِ".
أقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ "أَصْبَهَانَ"، قَالَ الأسْنَوِيُّ أَيْضًا في طَبَقَاتِهِ (1/ 490):"كَانَ إِمَامًا، عَالِمًا، مُنَاظِرًا، كَأَنَّمَا يَتَسَاقَطُ الدُّرُّ مِنْ فِيْهِ إِذَا تَكَلَّمَ، فَكَانَ صَدْرَ العِرَاقِ -فِي زَمَنِهِ- عَلَى الإِطْلَاقِ، جَوَادًا، مَهِيْبًا، مُتَقَدِّمًا عِنْدَ السَّلاطِيْنِ، يَصْدُرُوْنَ عَنْ رَأْيِهِ، وَرَدَ "بَغْدَادَ" وَتَوَلَّى تَدْرِيْسَ "النِّظَامِيَّةِ" وَوَعَظَ بِهَا، وَبِجَامِعِ القَصْرِ، وَكَانَ مَهِيْبًا، ذَا حِشْمَةٍ، وَكَانَ بِالوُزَرَاءِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْعُلَمَاءِ، يَمْشِيْ وَالسُّيُوفُ حَوْلَهُ مَشْهُوْرَةٌ"(ت: 552 هـ). وَلِعَبْدِ اللَّطيفِ ابنٌ من أَهْلِ الْعِلْمِ والفَضْلِ والرِّوَايَةِ والرِّئاسَةِ، ذَكَرَهُ الأسنويُّ وَغَيْرُهُ، قَالَ:"وانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الشَّافِعِيَّةِ بِـ"أَصْبَهَانَ" بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ. وَرَدَ "بَغْدَاد" فأَنْعَمَ عَلَيْهِ الخَلِيْفَةُ بِمَا لَمْ يُنْعِمْ بِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَمْثَالِهِ، وَرَتَّبَ لَهُ مَا يَفُوْقُ الحَصْرَ، وَتَوَلَّى نَظَرَ "النِّظَامِيَّة" وَالنَّظَرَ في أَحْوَالِ الفُقَهَاءِ، ثمَّ خَرَجَ مَعَ الوَزِيْرِ إِلَى "أَصْبَهَانَ"
…
".
وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ ذلِكَ كُلَّه للتَّدْلِيْلِ عَلَى قَوْلِ المُؤَلِّفِ، وَذلِكَ أَنَ بَيْتَ الجُخَنْدِيِّ
…
"رُؤَسَاءُ البَلَدِ" وَ (الخُجَنْدِيُّ) بِضَمِّ الخَاءِ المُعْجَمَةِ، وَفَتْحِ الجِيْمِ، وَسُكُوْنِ النُّوْنِ وَفِي آخِرِهَا الدَالٌ. هَذِهِ النَّسْبَةُ إِلَى "خُجَنْدَ" وَهِيَ بَلْدَةٌ كَبِيْرَةٌ، كَثيْرَةُ الخَيْرِ عَلَى طَرَفِ "سِيْحُوْنَ" من بِلَادِ المَشْرِقِ، وَيُقَالُ لَهَا بِزِيَادَةِ التَّاءِ "جُخَنْدَة" أَيْضًا. كَذَا قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ في الأنْسَابِ (5/ 52)، وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 397).
مِنْ "أَصْبَهَانَ" إِلَّا فِي إِزَارٍ، وَذلِكَ أَنَّ بَيْتَ الخُجَنْدِيُّ أَشَاعِرَةٌ، كَانُوا يَتَعَصَّبُونَ لأبِي نُعَيْمٍ، وَكَانُوا رُؤَسَاءَ البَلَدِ.
قُلْتُ: هَذَا فِي غَايَةِ الجَهْلِ وَالهَوَى، وَإِلَّا فَمَا الَّذِي يتَعَلَّقُ بِهَذَا مِنَ المَذَاهِبِ وَاخْتِلَافِ المَقَالَاتِ؟
قَالَ الضِّيَاءُ: وَسَمِعْتُ الحَافِظَ يَقُوْلُ: كُنَّا بِـ"المَوْصِلْ" نَسْمَعُ "الجَرْحَ وَالتَّعْدِيْلِ" لِلْعُقَيْلِيِّ
(1)
فَأَخَذَنِي أَهْلُ "المَوْصِلْ"، وَحَبَسُوْنِي، وَأَرَادُوا قَتلِي مِنْ أَجْلِ ذِكْرِ أَبي حَنِيْفَةَ فِيْهِ، قَالَ: فَجَاءَنِي رَجُل طَوِيْل وَمَعَهُ سَيْف، فَقُلْتُ: لَعَلَّ هَذَا يَقْتُلَنِي وَأَسْتَرِيْحَ، قَالَ: فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَطْلَقُونِي.
قَالَ: وَكَانَ يَسْمَعُ هُوَ وَالإِمَامُ ابْنُ البَرْنِيِّ الوَاعِظُ
(2)
فَأَخَذَ ابْنُ البَرْنِيِّ الكُرَّاسَ الَّتِي فِيْهَا ذِكْرِ أَبِي حَنِيْفَةَ فَاشْتَالَهَا، فَأَرْسَلُوا وَفتَّشُوا الكِتَابَ فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، فَهَذَا سَبَبُ خَلَاصِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
(1)
أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ مُوْسَى بنِ حَمَّادٍ العُقَيْلِيُّ المَكِيُّ (ت: 322 هـ) مَنْسُوْبٌ إِلَى عُقَيْلِ بنِ كَعْبِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ عَامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ بنَ مُعَاوِيَةَ بنِ بَكْرِ، مُحَدِّثٌ ثِقَةٌ، مِنْ أَهْلِ "الحِجَازِ"، وَإِقَامَتُهُ بِـ"مَكَّةَ" وَوَفَاتُهُ بِهَا، مُتَّفَقٌ عَلَى حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ، مُؤَلِّفٌ مُكْثِرٌ منَ التَّأْلِيْفِ، أَشْهَرِ مُؤَلِفَاتِهِ كَتاُب "الضُّعَفَاءِ الكَبِيْر" مَطْبُوعٌ. وَكِتَابُهُ في "الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ" لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَلَا أَعْلَمُ الآنَ لَهُ وُجُوْدًا، وَغَيْرُهُمَا. أَخْبَارُهُ في: تَذْكِرة الحُفَّاظِ (3/ 833)، وَالعِبَرِ (2/ 194)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبلاءِ (5/ 236)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 291)، وَطَبَقَاتِ الحُفَّاظِ (346)، وَالشَّذَرَاتِ (2/ 295)، وَالرِّسَالَةِ المُسْتَطْرَفَةِ (144)، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي أَخْبَارِهِ مِا يَتَنَاسَبُ مَعَ مَنْزِلَتِهِ العِلْمِيَّةِ؟!
(2)
إِبْرَاهِيمُ بنُ المُظَفَّرِ (ت: 622 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
قَالَ: وَكَانَ الحَافِظُ يَقْرَأُ الحَدِيْثَ بِـ"دِمَشْقَ"، وَيَجْتَمِعُ الخَلْقُ عَلَيْهِ، وَيَبْكِي النَّاسُ، وَيَنْتَفِعُوْنَ بِمَجَالِسِهِ كَثيْرًا، فَوَقَعَ الحَسَدُ عِنْدَ المُخَالِفِيْنَ بِـ"دِمَشْقَ"، وَشَرَعُوا يَعْمَلُوْنَ وَقْتًا يَجْتَمِعُونَ فِي الجَامِعِ، وَيُقْرَأُ عَلَيْهِمُ الحَدِيْثُ، وَيَجْمَعُونَ النَّاسَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ، فَهَذَا يَنَامُ، وَهَذَا قَلْبُهُ غَيْرُ حَاضِرٍ، فَلَمْ تَشْتَفِ قُلُوبُهُمْ بِذلِكَ، فَشَرَعُوا فِي المَكِيْدَةِ بِأَنْ أَمَرُوا الإمَامَ النَّاصِحَ أَبَا الفَرَجِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ نَجْمِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ الوَاعِظ بِأَنْ يَجْلِسَ يَعِظَ فِي الجَامِعِ تَحْتَ "قُبّهِ النَّسْرِ" بَعْدَ الجُمُعَةِ وَقْتَ جُلُوْسِ الحَافِظِ، فَلَمَّا بَلَغَنِي ذلِكَ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: هَذِهِ مَكِيْدَةٌ وَاللّهِ، مَا ذلِكَ لِحُبِّهُمُ النَّاصِحَ، وإنَّمَا يُرِيْدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا شَيْئًا، فَأَوَّل ذلِكَ أَنَّ الحَافِظَ وَالنَّاصِحَ أَرَادَا أَنْ يَخْتَلِفَا لِلْوَقْتِ، ثُمَّ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَجْلِسَ النَّاصِحُ بَعْدَ صَلَاةِ الجُمُعَةِ، ثُمَّ يَجْلِسُ الحَافِظُ بَعْدَ العَصْرِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْضُ الأيَّامِ، وَالنَّاصِحُ قَدْ فَرَغَ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ الإمَامَ أَحْمَدَ رحمه الله فِي مَجْلِسِهِ، فَدَسُّوا إِلَيْهِ رَجُلًا نَاقِصَ العَقلِ مِنْ بَيْتِ ابْنِ عَسَاكِر، فَقَال لِلْنَّاصِحِ كَلَامًا مَعْنَاهُ: إِنَّكَ تَقُوْلُ الكَذِبَ عَلَى المِنبَرِ، فَضُرِبَ ذلِكَ الرَّجُلُ وَهَرَبَ، فَأُتْبِعَ، فَخَبِئَ فِي "الكَلَّاسَةِ"
(1)
، فتمَّتْ لَهُمُ المَكِيْدَةِ بِهَذِهِ الوَاقِعَةِ، فَمَشَوا إِلَى الوَالِي وَقُولُوا
(2)
لَهُ: هَؤُلَاءِ الحَنَابِلَةُ مَا قَصْدُهُمْ إِلَّا الفِتْنَةَ، وَاعْتِقَادُهُمْ يُخَالِفُ
(1)
مَدْرَسَةٌ مِنْ مَدَارِس الشَّافِعِيَّةِ بـ"دِمَشْقَ". يُرَاجَعُ: الأَعْلَاقُ الخَطِيْرَةِ لابنِ شَدَّادٍ "مَدِيْنَةُ دِمَشْقَ"(84)، وَالدَّارسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِسِ (1/ 340).
(2)
في (ط): "وقلوا" خطَأ طباعته.
اعْتِقَادَنَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ جَمَعُوا كُبَرَاءَهُمْ، وَمَضَوا إِلَى "القَلْعَةِ" إِلَى الوَالِي، وَقَالُوا: نَشْتَهِي أَنْ يَحْضُرَ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ، وَكَانَ مَشَايِخُنَا قَدْ سَمِعُوا بِذلِكَ، فَانْحَدَرُوا إِلَى "دِمَشْقَ" خَالِي الإمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَأَخِي الإمَامُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ البُخَارِيُّ
(1)
وَجَمَاعَةُ الفُقَهَاءِ، وَقَالُوا: نَحْنُ نُنَاظِرُهُمْ، وَقَالُوا لِلْحَافِظِ: اقْعُدْ أَنْتَ لَا تَجِيْءُ فَإِنَّكَ حَادٌّ، وَنَحْنُ نَكْفِيْكَ فَاتَّفَقَ أَنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَى الحَافِظِ مِنَ القَلْعَةِ وَحْدَهُ فَأَخَذُوْهُ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَصْحَابُنَا بِذلِكَ، فَنَاظَرُوهُ، وَكَانَ أَجْهَلُهُمْ يُغْرِي بِهِ فَاحْتَدَّ وَكَانُوا قَدْ كَتَبُوا شَيْئًا مِنْ اعْتِقَادَاتِهِمْ وَكَتَبُوا خُطُوطَهُمْ فِيْهِ، وَقَالُوا لَهُ: اكْتُبْ خَطُّكَ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَالُوا لِلْوَلي: الفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى شَيءٍ وَهُوَ يُخَالِفُهُمْ، وَكَانَ الوَالِي لَا يَفْهَمُ شَيْئًا فَاسْتَأْذَنُوْهُ فِي رَفْعِ مِنْبَرِهِ فَأَرْسَلُوا الأسْرَى فَرَفَعُوا مَا فِي جَامِعِ "دِمَشْقَ" مِنْ مِنْبَرِ وَخِزَانَةٍ وَدَارَبْزِيْنَ، وَقَالُوا: نُرِيْدُ أَنْ لَا نَجْعَلَ فِي الجَامِعِ إِلَّا صَلَاةَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَكَسَرُوا مِنْبَرَ الحَافِظِ، وَمَنَعُوْهُ مِنَ الجُلُوسِ، وَمَنَعُوا أَصْحَابَنَا مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَقَامِهِمْ فِي الجَامِعِ، فَفَاتَهُمْ صَلَاةُ الظُّهْرِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاصِحَ ابْنِ الحَنْبَلِيِّ جَمَعَ السُّوْقَةَ وَغَيْرَهُمْ، وَقَالَ: إِنْ لَمْ يُخَلُّوْنَا نُصَلِّي بِاخْتِيَارِهِمْ صَلَّيْنَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ، فَبَلَغَ ذلِكَ القَاضِي -وَهُوَ كَانَ صَاحِبَ الفِتْنَةِ- فَأَذِنَ لَهُمْ بِالصَّلَاةِ، وَخَافَ أَنْ يُصَلَّى بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَكَانَ الحَنَفِيَّةُ قَدْ حَمَوْا مَقْصُوْرَتَهُمْ بِالجُنْدِ.
(1)
في (ط): "أبي" هُوَ أَخُو الحَافِظِ الضِّيَاءِ، وَاسْمُ أَخِيْهِ هَذَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 623 هـ) وَهُوَ وَالِدُ المُحَدِّثِ المَشْهُورِ فَخْرِ الدِّيْنِ عَلِى بنِ أَحْمَدَ بنِ البُخَارِيِّ (ت: 690 هـ).
ثُمَّ إِنَّ الحَافِظَ ضَاقَ صَدْرُهُ، وَمَضَى إِلَى "بعْلَبَكَّ" فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً يُقْرِأُ الحَدِيْثَ، وَكَانَ المَلِكُ العَادِلُ فِي بِلَادِ الشَّرْقِ، فَقَالَ أَهْلُ "بَعْلَبَكَّ" لِلْحَافِظِ: إِنِ اشْتَهَيْتَ جِئْنَا مَعَكَ إِلَى "دِمَشْقَ" نُؤْذِي مِنْ آذَاكَ، فَقَالَ: لَا، ثُمَّ إِنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى "مِصْرَ" وَلَمْ يَعْلَمْ أَصْحَابُنَا بِسَفَرِهِ، فَبَقِيَ مُدَّةً بِـ"نَابُلُسَ" يُقْرِأُ الحَدِيْثَ. قَالَ الضِّيَاءُ: وَهَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَكُنْتُ أَنَا فِي ذلِكَ الوَقْتِ بِـ"مِصْرَ" أَسْمَعُ الحَدِيْثَ. قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ المُخَالِفِيْنَ هَذِهِ القَضِيَّةَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ: فَقَالَ: اجْتَمَعَ الشَّافِعِيَّةُ وَالحَنَفِيَّةُ وَالمَالِكَيَّةُ عِنْدَ المُعَظَّمِ عِيْسَى
(1)
، وَالصَّارِمِ بُزْغُشَ
(2)
وَالِي القَلْعَةِ، وَكَانَا يَجْلِسَانِ بِدَارِ العَدْلِ لِلْنَّظَرِ فِي المَظَالِمِ، قَالَ: وَكَانَ مَا اشْتُهِرَ مِنْ إِحْضَارِ اعْتِقَادِ الحَنَابِلَةِ، وَمُوَافَقَةِ أَوْلَادِ
(1)
هُوَ عِيْسَى بنُ أَبِي بَكْرِ بنِ أَيوبَ، ابنُ أَخي صَلَاحِ الدِّيْنِ (ت: 624 هـ) صَاحِبُ "دِمَشْقَ" وَ"بَيْتِ المَقْدِسِ" وَغَيْرِهِمَا. وَمَعَ أَنَّهُ مِنَ السَّلَاطِيْن وَالمُلُوكِ هُوَ مِنَ الفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ لَازِمَ تَاجَ الدِّيْنِ الْكِنْدِيِّ .. وَقَرَأَ عَلَيْهِ "الكِتَابَ" لِسِيْبَويْهِ، وَكِتَابَ "الحُجَّةِ فِي القِرَاءَاتِ" لأبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ وَ"الحَمَاسَةَ" وَحَفِظَ "الإيْضَاحَ" عَلَيْهِ، وَسَمِعَ "مُسْنَد الإِمَام أحمدَ بن حَنْبَلٍ" وَلَهُ "دِيْوَانُ شِعْرٍ" وَمُصنَّفٌ في العَرُوْضِ، وَجَعَلَ لِمَنْ عَرَضَ "المُفَصَّلَ" مَائَةَ دِيْنَارٍ، وَلِمَنْ عَرَضَ "الجَامَعَ الكَبِيْرَ" مَائِتيْ دِيْنَارٍ. وَكَانَ قَدْ شَرَحَهُ بِمُعَاوَنَةِ غَيْرِهِ. وَكَانَ حَنَفِيًّا مُتَعَصِّبًا لِمَذْهَبِهِ. أَخْبَارُهُ فِي: الكَامِلِ (12/ 195)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 644)، وَمُفَرِّجُ الكُرُوْبِ (4/ 208)، وَالجَوَاهِرِ المُضِيَّةِ (1/ 402)، وَحُسْنِ المُحَاضَرَةِ (1/ 219)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 115).
(2)
صَارِمُ الدِّيْنِ بُزْغُشُ العَادِلِيُّ الأمِيْرُ (ت: 608 هـ) أَخْبَارُهُ فِي ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (80)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرِ للمَقْرِيْزِيِّ (2/ 411).
الفَقِيْهِ نَجْمِ الدِّيْنِ الحَنْبَلِيِّ
(1)
الجَمَاعَةِ، وَإِصرَارِ الفَقِيْهِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ عَلَى لُزُومِ مَا ظَهَرَ بِهِ مِنِ اعْتِقَادِهِ، وَهُوَ الجِهَةُ وَالإسْتِوَاءُ وَالحَرْفُ، وَأَجْمَعَ الفُقَهَاءُ عَلَى الفَتْوَى بِكُفْرِهِ، وَأَنَّهُ مبْتَدِعٌ، لَا يَجُوْزُ أَن يُتركَ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ، وَلَا يَحِلُّ لِوَليِّ الأمْرِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ المَقَامِ مَعَهُمْ، وَسَأَل أَنْ يُمْهَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّام؛ لَيَنْفَصِلَ عَنِ البَلَدِ، فَأُجِيْبَ.
وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّهُمْ أَخَذُوا عَلَيْهِ مَوَاضِعَ، مِنْهَا قَوْلُهُ: وَلَا أُنزِّهُهُ تَنْزِيْهًا يَنْفِي حَقِيْقَةَ النُّزُوْل، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: كَانَ اللهُ وَلَا مَكَانَ، وَلَيْسَ هُوَ اليَوْمُ عَلَى مَا كَانَ، وَمِنْهَا: مسْأَلَةُ الحَرْفِ وَالصَّوْتِ، فَقَالُوا لَهُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا قَدْ كَانَ، فَقَدْ أَثْبَتَ لَهُ المَكَانَ، وَإِذَا لَمْ تُنَزِّهْهُ تَنْزِيْهًا تَنْفِي حَقِيْقَةَ النُّزوْلِ، فَقَدْ أَجزَتْ عَلَيْهِ الاِنْتِقَال، وَأَمَّا الحَرْفُ وَالصَّوْتُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْ إِمَامِكَ الَّذِي تَنْتَمِي اِلَيْهِ فِيْهِ شَيءٌ، وَإِنَّمَا المَنْقُوْلُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَلَامُ اللّهِ عز وجل غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَارْتَفَعَتِ الأصْوَاتُ، فَقَال لَهُ صَارِمُ الدِّيْنِ: كُلُّ هَؤُلَاءِ عَلَى ضَلَالٍ، وَأَنْتَ عَلَى الحَقِّ؟! قَال: نَعَمْ. ثُمَّ ذَكَرَ مَنْعَهُمْ مِنَ الصَّلَاةِ بِالجَامِعِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ الغَنِيِّ إِلَى "بَعْلَبَكَ" ثُمَّ سَافَرَ إِلَى "مِصْرَ" فَنَزَلَ عِنْدَ "الطَّحَانِيْنَ" وَصَارَ يُقْرِأُ الحَدِيْثَ، فَأَفْتَى فُقَهَاءُ "مِصْرَ" بِإِبَاحَةِ دَمِهِ، وَكَتَبَ أَهْلُ "مِصْرَ"
(1)
مِنْهُمْ: نَاصِحُ الدِّين عَبْد الرَّحْمَنِ بن نَجْمٍ (ت: 634 هـ). وبهاءُ الدِّيْنِ أحْمَدَ بنُ نَجْمٍ (ت: 626 هـ). وَشِهَابُ الدِّين عَبْدِ الكَرِيْمِ بنُ نَجْمٍ (619). وَإِسْمَاعِيْل (ت:؟). هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِيْنَ عَرَفْتُهُم مِنْ أَوْلَادِ الفَقِيهِ نَجْمِ بنِ الحَنْبَلِيِّ حَتَى الآنَ، وَقَدْ ذَكَرَهُمُ المُؤَلِّفُ فِي مَوَاضِعِهِمْ إِلَّا إِسْمَاعِيْلَ. وَلَهُمْ أَوْلادٌ وَأَحْفَادٌ.
إِلَى الصَّفِيِّ بْنِ شُكْرٍ
(1)
وَزِيْرُ العَادِلِ: أَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ عَقَائِدَ النَّاسِ، وَيَذْكُرُ التَّجْسِيْمَ عَلَى رَؤُوْسِ الأشهَادِ، فَكَتَبَ إِلَى وَالِي "مِصْرَ" بِنَفْيِهِ إِلَى "المَغْرِبِ" فَمَاتَ قَبْلَ وُصُوْلِ الكِتَابِ.
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: "أَجْمَعَ الفُقَهَاءُ عَلَى الفَتْوَى بِكُفْرِهِ، وَأَنَّهُ مُبْتَدِعٌ" فَيَا للّهِ العَجَبُ، كَيْفَ يَقَعُ الإجْمَاعُ، وَأَحْفَظُ أَهْلِ وَقْتِهِ لِلْسُّنَّةِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِهَا هُوَ المُخَالِفُ؟ وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَاضِي القُضَاءِ الشَّامِيُّ الشَّافِعِيُّ
(2)
لَمَّا عُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ بِـ"بَغْدَادَ" وَنَاظَرَهُ الغَزَالِيُ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى خِلَافِ مَا عَمِلْتَ بِهِ، فَقَالَ الشَّامِيُّ: إِذَا كُنْتُ أَنَا الشَّيْخُ فِي هَذَا الوَقْتِ أُخَالِفكُمْ عَلَى مَا تَقُوْلُوْنَ، فَبِمَنْ يَنْعَقِدُ الإِجْمَاعُ؟! بِكَ، وَبِأَصْحَابِكَ؟! هَذَا مَعَ مُخَالَفَةِ فَقِيْهِ الإسْلَامِ فِي وَقْتِهِ الَّذِي يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يَدْخُلِ "الشَّامَ" بَعْدَ الأوْزَاعِيِّ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَمَعَهُ خَلْقٌ مِنْ أَئِمَّةِ الفُقَهَاءِ، وَالمُنَاظِرِيْنَ، وَالمُحَدِّثِيْنَ، هَذَا فِي "الشَّامِ" خَاصَّةً، دَعْ المُخَالِفِيْنَ لِهَؤُلَاءِ، المُجتَمِعِيْنَ فِي سَائِرِ بِلَادِ المُسْلِمِيْنَ -"بَغْدَادَ" وَ"مِصْرَ" وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَمْصَارِ المُسْلِمِيْنَ- مَعَ إِجْمَاعِ السَّلَفِ المُنْعَقِدِ عَلَى مُوَافَقَةِ هَؤُلَاءِ المُخَالِفِيْنَ لَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ فِي المُخَالِفِيْنَ لِلْحَافِظِ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِالسُّنَةِ وَالحَدِيْثِ وَالآثَارِ.
وَلَقَدْ عُقِدَ مَرَّةً مَجْلِسٌ لِشيْخِ الإِسْلامِ أَبِي العَبَّاسِ بْنِ تَيْمِيَّةَ، فَتَكَلَّمَ
(1)
صَفِيُّ الدِّيْنِ بنُ شُكْرٍ الدُّمَيْرِيُّ، وَزِيْرُ العَادِلِ، ثُمَّ الكَامِل. ذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (81) وَالسُّلُوْكُ (1/ 1/ 176)، وَحُسْنُ المُحَاضَرَةِ (2/ 216).
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. يراجع: (1/ 91).
فِيْهِ بَعْضُ أَكَابِرِ المُخَالِفِيْنَ، وَكَانَ خَطِيْبُ الجَامِعِ، فَقَالَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللّهِ أَخُو الشَّيْخِ: كَلَامُنَا مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَمَّا أَنْتَ فَأَنا أَكْتُبُ لَكَ أَحَادِيْثَ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ، وَأَحَادِيْثَ مِنَ المَوْضُوعَاتِ -وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَكَلَامًا مِنْ سِيْرَةِ عَنْتَرَةَ- فَلَا تُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا، أَوْ كَمَا قَالَ، فَسَكَتَ الرَّجُلُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: "إِنَّ الحَنْبَلِيِّ وَافَقُوا الجَمَاعَةَ" فَهَذَا إِمَّا أَنْ يَكُوْنَ صَحِيْحًا، أَوْ غَيْرَ صَحِيْحٍ، فَإِنْ كَانَ صَحِيْحًا، فَهُوَ تَقِيَّةٌ وَنفَاقٌ مِنْهُمْ، وَإِلَّا فَكَلَامُ بني نَجْمِ الدِّيْنِ الحَنْبَلِيِّ، وَكَلَامُ أَبِيْهِمْ فِي إِثْبَاتِ الصَّوْتِ كَثيْرٌ مَوْجُودٌ، وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللّهُ مِمَّا نَقَلَهُ النَّاصِحُ الحَنْبَلِيُّ خَاصَّةً فِي إِثْبَاتِ الَصَّوْتِ مَا نَذْكُرُهُ فِي مَوَاضِعِهِ.
وَأمَا قَوْلُهُ: "وَلَا أُنَزِّهُهُ تَنزيْهًا يَنْفِي حَقِيْقَةَ النُّزُوْلِ"، فَإِنْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ فَهُوَ حَقٌّ، وَهُوَ كَقَوْلِ القَائلِ: لَا أُنَزِّهُهُ تَنْزِيْهًا يَنْفِي حَقِيْقَةَ وُجُوْدِهِ، أَوْ حَقِيْقَةَ كَلَامِهِ، أَوْ حَقِيْقَةَ عِلْمِهِ، أَوْ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَنَحْوَ ذلِكَ.
وَأَمَا المَكَانُ فَفِيْهِ نِزَاعٌ وَتَفْصِيْلٌ، وَفِي "الصَّحِيْحَيْنِ" إِثْبَاتُ لَفْظِ المَكَانِ، وَأَمَّا الانْتِقَالُ: فَفِيْهِ جَوَابَانِ:
أحَدُهُمَا: لَا نُسَلِّمُ لُزُوْمَهُ؛ فَإِنَّ نُزُوْلَهُ لَيْسَ كَنُزُوْلِ المَخْلُوْقِيْنَ، وَلِهَذَا نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الأئِمَّةِ أَنَّهُ يَنْزِلُ، وَلَا يَخْلُو مِنْهُ العَرْشُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا مَبنِيٌّ علَى إِثْبَاتِ الأفْعَالِ الاخْتِيَارِيَّةِ، وَقِيَامُهَا بِالذَّاتِ، وَفِيْهَا قَوْلَانِ لأهْلِ الحَدِيْثِ المُتَأَخِّرِيْنَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ.
وَأمَّا إِنْكَارُ إِثْبَاتِ الصَّوْتِ عَنِ الإِمَامِ الَّذِي يَنْتَمِي إِلَيْهِ الحَافِظُ، فَمِنْ
أَعْجَبِ العَجَبِ، وَكَلَامُهُ فِي إِثْبَاتِ الصَّوْتِ كَثيْر جِدًّا. قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الإمَامِ أَحْمَدَ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ: [
…
]
(1)
وَالمَقْصُودُ ههنَا الإشَارَةُ إِلَى مَا وَقَعَ فِي حَقِّ الحَافِظِ مِنَ التَّحَامُلِ عَلَيْهِ، وَالتَّعَصُّبِ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الإِمَامِ الحَافِظِ الذَّهَبِيِّ -رَدًّا عَلى مَنْ نَقَلَ الإِجْمَاعَ عَلَى تَكفِيْرِهِ-
(2)
أَمَّا قَوْلُهُ: "أَجْمَعُوا" فَمَا أَجْمَعُوا، بَلْ أَفْتَى بِذلِكَ بَعْضُ
(1)
بَيَاضٌ فِي جَمِيع النُّسَخِ، وَيَظْهَرُ أَنَ المُؤَلِّفَ رحمه الله لَمْ يَقِفْ عَلَى كِتَابِ "السُّنَةِ" لِعَبْدِ اللهِ بنِ الإمَامِ أَحمَدَ أَثْنَاءَ كِتَابَةِ هَذِهِ العِبَارَةِ، ثُمَّ سَهَى عَنْهَا بَعْدَ ذلِكَ وَبَقِيَ مَكَانُهَا بَيَاضًا، وَفِي (ط) أَضَافَ إِلَى الأصْلِ نَصَّ كَلَامِ عَبْدِ اللهِ بن الإمَامِ أَحْمَدَ من كِتَابِهِ "السُّنَّة" أَمَّا أَنَا فَلَا أَرَى ذلِكَ سَائِغًا، وَمَنْ أَرَادَ ذلِكَ فَلْيُرَاجِعْهُ في كِتَابِ "السُّنَّةِ".
(2)
الَّذي قَالَ بإِجْمَاعِ الفُقَهَاءِ عَلَى الْفُتْيَا بِتَكْفِيْرِهِ، وَأَنَّه مُبْتَدِعٌ لَا يَجُوْزُ أَنْ يُترَكَ بَيْنَ المُسْلِمِيْن
…
هُوَ سِبْطُ ابنِ الجَوْزِيِّ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ قَالَ فِي "السِّيَرِ": قُلْتُ: قَدْ بَلَوْتُ عَلَى أَبي المُظَفَّر المُجَازَفَةَ، وَقِلَّةَ الوَرَع فِيْمَا يُؤَرِّخُهُ، وَاللهُ المَوْعِدُ، وَكَانَ يَتَرَفَّضُ، رَأَيْتُ لَهُ مُصَنَّفًا في ذلِكَ فِيْهِ دَوَاهٍ، وَلَوْ أَجْمَعَتِ الفُقَهَاءِ عَلَى تَكفِيْرِهِ، كَمَا زَعَمَ لَمَا وَسِعَهُمْ إِبْقَاؤُهُ حَيًّا، فَقَدْ كَانَ عَلَى مَقَالَتِهِ بِـ"دِمَشْقَ" أَخُوْهُ العِمَادُ، وَالشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَأَخُوْهُ القِدْوَةُ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ، وَالعَلَّامَةُ شَمسُ الدِّيْنِ البُخَارِيُّ، وَسَائِرُ الحَنَابِلَةِ، وَعِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الأثَرِ، وَكَانَ بِالْبَلَدِ -أَيْضًا- خَلْقٌ مِنَ العُلَمَاءِ لَا يُكَفِّرُوْنَهُ. نَعَمْ، وَلَا يُصَرِّحُوْنَ بِمَا أَطْلَقَهُ من العِبَارَةِ لَمَّا ضَايَقُوْهُ".
وقَالَ فِي "تَارِيخ الإسْلَامِ": "قُلْتُ: إِجْمَاعُ الفُقَهَاءِ عَلَى الفُتْيَا بِتَكْفِيْرِهِ كَلَامٌ نَاقِصٌ، وَهُوَ كَذِبٌ صَرِيْحٌ، إِنَّمَا أَفْتَى بِذلِكَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الَّذِيْنَ تَعَصَّبُوا عَلَيهِ، وَأَمَّا الشَّيْخُ مُوَفِّقُ الدِّيْنِ، وَأَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ شَيْخَا الحَنَفِيَّة وَالحَنَابِلَةِ، فَكَانَا مَعَهُ، لكِنْ نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الظُّلْمِ وَالجَهْلِ".
أَئمَّةِ الأشَاعِرَةِ مِمَّنْ كَفرُوْهُ، وَكَفَّرَهُمْ هُوَ، وَلَمْ يَبْدُ مِنَ الرَّجُلِ أَكْثَرُ مِمَّا يَقُولُهُ خَلْقٌ مِنَ العُلَمَاءِ الحَنَابِلَةِ وَالمُحَدِّثِيْنَ مِنْ أَنَّ الصِّفَاتِ الثَّابِتَةِ مَحْمُوْلَةٌ عَلَى الحَقِيْقَةِ، لَا عَلَى المَجَازِ، أَعْنِي أَنَّهَا تَجْرِي علَى مَوَارِدَهَا، لَا يُعَبَّرُ عَنْهَا بِعِبَارَاتٍ أُخْرَى، كَمَا فَعَلَتْهُ المُعْتَزِلَةُ، أَوِ المُتَأَخِّرُوْنَ مِنَ الأشْعَرِيَّةِ، هَذَا مَعَ أَنَّ صِفَاتِهِ تَعَالَى لَا يُمَاثِلُهَا شَيءٌ.
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: وَجَاءَ شَابٌّ مِنْ أَهْلِ "دِمَشْقَ" بِفَتَاوَى مِنْ أَهْلِهَا إِلَى صَاحِبِ "مِصْرَ" -وَهُوَ العَزِيْزُ عُثْمَانُ -وَمَعَهُ كُتُبٌ أَنَّ الحَنَابِلَةَ يَقُوْلُوْنَ كَذَا وَكَذَا
(1)
، مِمَّا يُشَنِّعُونَ بِهِ، وَيَفْتَرُوْنَهُ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ ذلِكَ الوَقْتُ قَدْ خَرَجَ نَحْوَ "الإسْكَندَرِيَّةِ" يَتَفَرَّجُ، فَقَالَ: إِذَا رَجَعْنَا مِنْ هَذِهِ السَّفْرَةُ أَخْرَجْنَا
(2)
مِنْ بِلَادِنَا، مَنْ يَقُوْلُ بِهَذِهِ المَقَالَةِ؟ فَلَمْ يَرْجِع إِلَّا مَيِّتًا؛ فَإِنَّهُ عَدَا بِهِ الفَرَسُ خَلْفَ صَيْدٍ، فَشَبَّ بِهِ الفَرَسُ وَسَقَطَ عَلَيْهِ، فخَسَفَ صَدْرَهُ، كَذَا حَدَّثَنِي شَيْخُنَا يُوْسُفُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى غَسْلَهُ، وَأَقَامُوا
(3)
وَلَدَهُ مَوْضِعَهُ، وَأَرْسَلُوا إِلَى الأفْضلِ بْنِ صَلَاحِ الدِّيْنِ -وَكَانَ بِـ"صَرْخَدِ" فَجَاءَ وَأَخَذَ "مِصْرَ" وَذَهَبَ إِلَى "دِمَشْقَ" فَلَقِيَ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ فِي الطَّرِيْقِ، فَأَكْرَمَهُ إَكْرَامًا كَثيْرًا وَبَعَثَ يُوْصِي بِهِ بِـ"مَصْرَ". فَلَمَّا وَصَلَ الحَافِظُ إِلَى
(1)
أَوْرَدَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ نَصَّ المُؤَلِّفِ هَذَا عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ أَيْضًا في تَرْجَمَةِ المَلِكِ العَزِيز عُثْمَانَ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (188).
(2)
في (ط): "أَخْرَجنَاكَ".
(3)
في (ط): "وأقام".
"مِصْرَ" تُلُقِّيَ بِالبِشْرِ وَالإِكْرَامِ، وَأَقَامَ بِهَا يُسْمِعُ الحَدِيْثَ بِمَوَاضِعَ مِنْهَا، وَبِـ"القَاهِرَةِ" وقَدْ كَانَ بِـ"مِصْرَ" كَثيْرٌ مِنَ المُخَالِفِيْنَ، لكِنْ كَانَتْ رَائِحَةُ السُّلْطَانِ تَمْنَعُهُمْ مِنْ أَذَى الحَافِظِ لَوْ أَرَادُوْهُ، ثُمَّ جَاءَ المَلِكُ العَادِلُ، وَأَخَذَ "مِصْرَ" وَأَكْثَرَ المُخَالِفُوْنَ عِنْدَهُ علَى الحَافِظِ، وَسَمِعْتُ أَنَّ بَعْضَهُمْ بِذَلَ فِي قَتْلِ الحَافِظِ خَمْسَةَ آلَافِ دِيْنَارٍ، قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ كَتَبَهُ إِلَى "دِمَشْقَ": وَالمَلِكُ العَادِلُ اجْتَمَعْتُ بِهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْه إِلَّا الجَمِيْلَ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ وَأَكْرَمَني، وَقَامَ لِي وَالْتَزمَنِي، وَدَعَوْتُ لَهُ، ثُمَّ قُلْتُ: عِنْدَنا قُصُوْرٌ، فَهُوَ الَّذِي يُوْجِبُ التَّقْصِيْرَ، فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ لَا تَقْصِيْرٌ وَلَا قُصُورٌ، وَذَكَرَ أَمْرَ السُّنَّةِ، فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ شَيْءٌ يُعَابُ فِي أَمْرِ الدِّيْنِ، وَلَا الدُّنْيَا، وَلَابُدَّ لِلْنَّاسِ مِنْ حَاسِدِيْنَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَيْبَةِ العَادِلِ لَهُ، وَاحْتِرَامِهِ، وَتَعَجُّبِ النَّاسِ مِنْ ذلِكَ. قَالَ: ثُمَّ سَافَرَ العَادِلُ إِلَى "دِمَشْق" وَبَقِيَ الحَافِظُ بِـ"مِصْرَ" وَالمُخَالِفُوْنَ لَا يَتْرُكُونَ الكَلَامَ فِيْهِ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَزَمَ المَلِكُ الكَامِلُ علَى إِخْرَاجِهِ مِنْ "مِصْرَ" وَاعْتُقِلَ فِي دَارٍ سَبع لَيَالٍ، فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ رَاحَةً بِـ"مِصْرَ" مِثْلَ تِلْكَ اللَّيَالِي. وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الغَنِيِّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الشُّجَاعُ بْنُ أَبِي زِكْرِيِّ الأمِيْرُ، قَالَ: قَالَ لِي المَلِكُ الكَامِلُ يَوْمًا: هَاهُنَا رَجُلٌ فَقِيْهٌ، قَالُوا: إِنَّهُ كَافِرٌ، قُلْتُ: لَا أَعْرِفُهُ، قَالَ: بَلَى، هُوَ مُحَدِّثٌ، فَقُلْتُ: لَعَلَّهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، هَذَا هُوَ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا المَلِكُ، العُلَمَاءُ أَحَدُهُمْ يَطْلُبُ الآخِرَةَ، وَالآخَرُ يَطْلُبُ الدُّنْيَا، وَأَنْتَ هاهنَا بَابُ الدُّنْيَا، فَهَذَا الرَّجُلُ جَاءَ إِلَيْكَ، أَوْ
أَرْسَلَ
(1)
إِلَيْكَ شَفَاعَةً، أَوْ رُقْعَةً يَطْلُبُ مِنْكَ شَيْئًا؟ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: أَيُّهَا المَلِكُ: وَاللّهِ هَؤُلَاءِ القَوْمُ يَحْسِدُوْنَهُ، فَهَلْ فِي هَذِهِ البِلَادِ أَرْفَعُ مِنْكَ؟ قَالَ: لَا، فَقُلْتُ: هَذَا الرَّجُلُ أَرْفَعُ العُلَمَاءِ، كَمَا أَنْتَ أَرْفَعُ النَّاسِ هاهنَا، فَقَالَ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا كَمَا عَرَّفْتَنِي هَذَا.
ثُمَّ إِنِّي أَرْسَلْتُ رُقْعَةً إِلَى المَلِكِ
(2)
الكَامِلِ أُوْصِيْهِ بِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ تَجِيءُ، فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ، وَإِذَا عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: شَيْخُ الشُّيُوْخِ، يَعْنِي: ابْنَ حَمُّوْيَه
(3)
وَعِزُّ الدِّيْنِ الزِّنْجَارِيُّ
(4)
، فَقَالَ لِي المَلِكُ: نَحْنُ فِي أَمْرِ الحَافِظِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا المَلِكُ، القَوْمُ يَحْسِدُوْنَهُ، ثُمَّ بَيْنَنَا هَذَا الشَّيْخُ أَعْنِي شَيْخَ الشُّيُوخِ، وَقُلْتُ: بِحَقِّ كَذَا وَكَذَا، هَلْ سَمِعْتَ مِنَ الحَافِظِ كَلَامًا يُخْرِجُ عَنِ الإِسْلَامِ؟ فَقَالَ: لَا وَاللهِ، مَا سَمِعْتُ مِنْهُ إِلَّا كُلَّ جَمِيْلٍ، وَمَا رَأَيْتُهُ قَطُّ، ثُمَّ تَكَلَّمَ ابْنُ الزِّنْجَارِيِّ، فَمَدَحَ الحَافِظَ مَدْحًا كَثيْرًا، وَمَدَحَ تَلَامِذَتَهُ، وَقَالَ: أَنَا أَعْرِفُهُمْ، فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَهُمْ، فَقُلْتُ: وَأَنَا أَقُوْلُ شَيْئًا آخَرَ، فَقَالَ:
(1)
في (ط): "وَيُرسل .. ".
(2)
في (ط): "المك" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(3)
هُوَ عبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمُّوْيَهْ الجُوَينيُّ البُحَيْرآباذيُّ الصُّوفِي، أَبُو سَعْدٍ (ت: 588 هـ). أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (1/ 178)، وَالمُخْتَصرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 76)، وَتكمِلَةِ إِكْمَالِ الإكْمَالِ (80)، وَتَارِيْخِ ابنِ الفُرَاتِ (4/ 2/ 97).
(4)
في (ط): "الزَّنْجَانِيُّ" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ في المَوْضِعَيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ الزِّنْجَارِيُّ بالرَّاءِ، وَهُوَ عِثْمَانُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عِزُّ الدِّيْنِ الزِّنْجَاريُّ الأمِيْرُ، من أُمَرَاءِ الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ. يُرَاجَعُ: مَجْمَعُ الآدَابِ (1/ 248).
مَا هُوَ؟ فَقُلْتُ: لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيءٌ يَكْرَهُهُ، حَتَّى يُقْتَلَ مِنَ الأكْرَادِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، قَالَ: فَقَالَ: لَا يُؤذى الحَافِظُ، فَقُلْتُ: اكْتُبْ خَطَّكَ بِذَاكَ، فَكَتَبَ.
وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَصحَابِنَا يَقُوْلُ: إِنَّ الحَافِظَ أَمَرَ أَنْ يَكْتُبَ اعْتِقَادَهُ، فَكَتَبَ: أَقُوْلُ كَذَا؛ لِقَوْلِ اللهِ كَذَا، وَأَقُوْلُ كَذَا؛ لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَا، حَتَّى فَرَغَ مِنَ المَسَائِلَ الَّتِي يُخَالِفُوْنَ فِيْهَا، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا المَلِكُ الكَامِلُ، قَالَ: أَيْشٍ فِي هَذَا؟ يَقُوْلُ بِقَوْلِ اللّهِ عز وجل، وَقَوْلِ رَسُوْلهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: فَخَلَّى عَنْهُ. ثمَّ ذَكَرَ الضِّيِاءُ طَرَفًا مِنْ فَرَاسَتِهِ
(1)
، وَهِيِ مُلْتَحِقَةٌ بِنَوع مِنْ كَرَامَاتِهِ.
فَمِنْهَا مَا قَالَ: سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ رَضْوَانَ بْنِ ثَرْوَانَ العَدَوِيَّ
(2)
يَقُولُ: لَمَّا كَانَ الحَافِظُ يَجْلِسُ فِي الجَامِعِ بَعْدَ العَصْرِ، كَانَ المِنْبَرُ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ فِيْهِ قِصَرٌ، وَكَانَ النَّاسُ يُشْرِفُونَ إِلَيْهِ، فَخَطَرَ فِي نَفْسِي لَوْ كَانَ يُرْفَعُ قَلِيْلًا، وَكَانَ الحَافِظُ عَلَى المِنْبَرِ يَقْرَأُ فِي جزْءٍ، فترَكَ القِرَاءَةَ، فَقَالَ: بَعْضُ الإِخْوَانِ يَشْتَهِي أَنْ يَعْلَى هَذَا المِنْبَرِ قَلِيْلًا، فَلَمَّا كَانَ الغَدُ زَادَ بَعْضُ الجَمَاعَةِ فِي رِجْلَي
(3)
المِنْبَرِ قَلِيْلًا. قَالَ: وَسمِعْتُ الحَافِظُ أَبَا مُوسَى بْنِ الحَافِظِ قَالَ: كُنتُ عِنْدَ وَالِدِي، وَهُوَ يَذْكُرُ فَضَائِلَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَ وَالِدِي مِثْلَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: أَيْنَ نَحْنُ مِنْ أُوْلئكَ؟
وَسَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى أَيْضًا يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ بِـ"دِمْيَاطَ" قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا
(1)
بعدها في (ط): "وَهِي نَوع مِنْ فَرَاسَتِهِ".
(2)
لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ.
(3)
في (ط): "رجل".
عِنْدَ الحَافِظِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كُنْتُ أَشْتَهِي لَوْ أَنَّ الحَافِظَ يُعْطِيْنِي الثَّوْبَ الَّذِي يَلِي جَسَدَهُ حَتَّى أُكَفَّنَ فِيْهِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ القِيَامَ، قَالَ: لَا تَبْرَحُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ الجَمَاعَةُ خَلَعَ ثَوْبَهُ الَّذِي يَلِي جَسَدَهُ وَأَعْطَانِيْهِ، قَالَ: فَبَقِيَ الثَّوْبُ عِنْدَنَا، وَكُلُّ مَنْ مَرِضَ أَوْ وُجِعَ رَأْسُهُ تَرَكُوْهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْرَأَ بِإِذْنِ اللّهِ تَعَالَى
(1)
.
وَسَمِعْتُ أَبَا الرِّضَى مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الرَّحمَنَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيَّ
(2)
قَالَ: وَقع لِي أَنْ أَسْأَلَ الحَافِظَ عَنْ شَيءٍ مِنْ ذِكْرِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَضَيتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ جَمَاعَةً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ وَقَعَدْتُ، فَذَكَرَ مَا كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْألهُ عَنْهُ وَبَيَّنَهُ.
وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ فَارِسَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الدِّمَشْقِيَّ
(3)
يَذْكُرُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ آخَرَ قَالَ: خَرَجْنَا جَمَاعَةً إِلَى الجَبَلِ، فَقَعَدْنَا عَلَى النَّهْرِ، فَقَالَ بَعْضُنَا: اشْتَهَيْنَا لَوْ أَنَّ الحَافِظَ جَاءَ وَمَعَهُ جُزْءٌ يَقْرَأُ لَنَا فِيْهِ أَخْبَارًا، فَقَالَ آخَرُ: ويَجِيْئُ مَعَهُ بِحَلَاوَةٍ، فَلَمْ نَلْبَثْ إِلَّا وَالحَافِظُ قَدْ جَاءَ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُنَا: لَوْ كُنْتَ جِئْتَ مَعَكَ بِشَيءٍ تَقْرَأُ لَنَا فِيْهِ؟ فَأَخْرَجَ جُزْءًا مِنْ كُمِّهِ، وَقَالَ: قَدْ جِئْتُ بِالجُزْءِ وَالحَلَاوَةِ.
(1)
لَعَل هَذَا لَا يَثْبُتُ عَنِ الشَّيْخِ.
(2)
أَبُو الرِّضَى هَذَا ابنٌ للشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ المقْدِسِي المَعْرُوْفِ بِـ"البَهَاءِ"(ت: 624 هـ) شَارِح "العُمْدَةِ" المَشْهُوْرُ. وَلأبي الرِّضَاء هَذَا ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (525). وَسَيَأتِي اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 614 هـ).
(3)
لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ.
وَسَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا مُوْسَى يَقُوْلُ: قَالَتْ لِي وَالِدَتِي: قَدَّمْنَا يَوْمًا لِوَالِدِكَ طَبِيْخًا مِنْ طَبِيْخِ فُلَانٍ لِرَجُلٍ سَمَّاهُ لِي، وَكَانَ الحَافِظُ لَا يَشْتَهِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ، فَأَخَذَ لُقْمَةً وَرَفَعَهَا إِلَى فِيْهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا مِنْ طَبِيْخِ فُلَانٍ، ارْفَعُوهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا.
قَالَ الضِّيَاءُ: فَسَأَلْتُ خَالَتِي رَابِعَةَ بِنْتَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ -امْرَأَةَ الحَافِظِ- بَعْدَ ذلِكَ عَنْ هَذِهِ الحِكَايَةِ فَحَدَّثَنِي بِهَا.
قَالَ: وسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ المَقْدِسِيَّ قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عنْدَ الحَافِظِ بِـ"القَاهِرَةِ" فَدَخَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ دِيْنَارَيْنِ فَدَفَعَهُمَا إِلَيْهِ، فَدَفَعَهُمَا الحَافِظُ إِلَيَّ، وَقَالَ: مَا كَانَ قَلْبِي يَطِيْبُ بِهِمَا، فَسَأَلْتُ الرَّجُلَ أَيْشٍ شُغْلُكَ؟ فَقَالَ: أَنَا أَكتُبُ علَى النُّطْرُوْنِ، وَالنُّطْرُونُ بِـ"مِصْرَ" مَاءٌ يُجَمَّدُ مِثْلُ المِلْحِ
(1)
وَعَلَيْهِ ضَمَانٌ.
وَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ -وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا- قَالَ: كُنْتُ مَرَّةً قَدْ تَخَرَّقَتْ
(2)
ثِيَابِي، فَجِئْتُ يَوْمًا بِـ"دِمَشْقَ" لِلْحَافِظِ
(3)
، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي لَكَ حَاجَةٌ أَحْمِلُهَا إِلَى الجَبَلِ؟ قَالَ: نَعَمْ، خُذْ مَعَكَ هَذَا الثَّوْبَ، فَحَمَلْتُهُ إِلَى الجَبَلِ، فَلَمَّا صَعَدْتُ، جِئْتُ بِالثَّوْبِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اقْعُدْ فَصِّلْ لَكَ ثَوْبَيْنِ وَسَرَاوِيْلَ، فَفَصَّلْتُ ثَوْبَيْنِ وَسَرَاوِيْلَ، وَفَضلَتْ فَضْلَةٌ فَأَخَذَهَا.
(1)
لَمْ أَجد لَهُ ذِكْرًا فِي مَعَاجِمِ اللُّغَةِ وَلا فِي كُتُب المُعرَّبَاتِ لَا فِي "نطر" ولا "نظر"؟!
(2)
في (طَ): "تَحَرَّقَتْ".
(3)
في (ط): "للحافظ".
سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا مُوسَى قَالَ: مَرِضَ وَالِدِي رحمه الله فِي رَبِيع الأوَّلِ سَنَةَ سِتِّمَائَةَ مَرَضًا شَدِيدًا مَنَعَهُ مِنَ الكَلَامِ وَالقِيَامِ، وَاشْتَدَّ بِهِ مُدَّةَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَكُنْتُ كَثيْرًا مَا أَسْألُهُ: مَا تَشْتَهِي؟ فَيَقُولُ: أَشْتَهِي الجَنَّةَ، أَشتَهِي رَحْمَةَ اللّهِ تعَالَى، لَا يَزِيْدُ عَلَى ذلِكَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ جِئتُ إِلَيْهِ، وَكَانَ عَادَتِي أَبْعَثُ مَنْ يَأْتِي كُلَّ يَوْمِ بُكْرَةً بِمَاءٍ حَارٍّ مِنَ الحَمَامِ يَغْسِلُ أَطْرَافَهُ، فَلَمَّا جِئْنَا بِالمَاءِ علَى العَادَةِ مَدَّ يَدَهُ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيْدُ الوُضُوْءَ، فَوَضَّأْتُهُ وَقْتَ صَلَاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللّهِ، قُمْ فَصَلِّ بِنَا وَخَفِّفْ، فَقُمْتُ فَصَلَّيْتُ بِالجَمَاعَةِ، وَصَلَّى مَعَنَا جَالِسًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ جِئْتُ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَدْ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَقَالَ لِي: اقْرَأْ عنْدَ رَأْسِي سُورَةَ (يس)، فَقَرَأْتُهَا، فَجَعَلَ يَدْعُو اللهَ وَأَنَا أُؤَمِّنُ، فَقُلْتُ: هاهنَا دَوَاءٌ قَدْ عَمِلْنَاهُ تَشْرَبُهُ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ مَا بَقِيَ إِلَّا المَوْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَشْتَهِي شَيْئًا؟ قَالَ: أَشتَهِي النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ اللّهِ تَعَالَى، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ عَنِّي رَاضٍ؟ قَالَ: بَلَى وَاللّهِ، أَنَا عَنْكَ رَاضٍ، وَعَنْ إِخْوَانِكَ، وَقَدْ أَجَزْتُ لَكَ وَلإِخْوَانِكَ وَلابْنِ أُخْتِكَ إِبْرَاهِيْمَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى يَقُوْلُ: أَوْصانِي أَبي عِنْدَ مَوْتهِ: لَا تُضَيِّعُوا هَذَا العِلْمَ الَّذِي تَعِبْنَا عَلَيْهِ -يَعْنِي الحَدِيْثَ- فَقُلْتُ: مَا تُوْصِي بِشَيءٍ؟ قَالَ: مَا لِي علَى أَحَدٍ شَيْءٌ، وَلَا لأحَدٍ عَلَيَّ شَيْءٌ، قُلْتُ: تُوْصِيْنِي بِوَصِيَّةٍ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ، أُوْصِيْكَ بِتَقوَى اللّهِ، وَالمُحَافَظَةِ علَى طَاعَتِهِ، فَجَاءَ جَمَاعَةٌ يَعُوْدُوُنَهُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ، وَجَعَلُوا يَتَّحَدَّثُونَ، فَفَتَحَ عَينَيْهِ وَقَالَ: مَا هَذَا الحَدِيْثُ؟ اذْكُرُوا اللّهَ تَعَالَى، قُوْلُوْا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالُوهَا، ثُمَّ
قَامُوا، فَجَعَلَ يَذْكُرُ اللهَ، وَيُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِذِكْرِهِ وَيُشِيْرُ بِعَيْنَيْهِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَقَال لَهُ: مَا تَعْرِفُنِي يَا سَيِّدِي؟ فَقَالَ: بَلَى، فَقُمْتُ لأُنَاوِلَهُ كِتَابًا مِنْ جَانِبِ المَسْجِدِ، فَرَجَعْتُ وَقَدْ خَرَجَتْ رُوْحُهُ، وَذلِكَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيع الأوَّلِ مِنْ سَنَةِ سِتِّمَائَةَ، وَبَقِيَ لَيْلَةً الثَّلَاثَاء فِي المَسْجِدِ، وَاجْتَمَعَ الغَد خُلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الأئِمَّةَ وَالأُمَرَاءِ مَا لَا يُحْصِيْهِمْ إِلَّا اللهُ عز وجل، وَدَفَنَّاهُ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ بِـ"القَرَافَةِ" مُقَابِلَ قَبْرِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو ابْنِ مَرْزُوْقٍ
(1)
فِي مَكَانٍ ذَكَرَ لِي خَادِمُهُ عَبْدُ المُنْعِمِ أَنَّهُ كَانَ يَزُوْرُ ذلِكَ المَكَانَ، وَيَبْكِي فِيْه إِلَى أَنْ يَبُلَّ الحَصَى، وَيَقُوْلُ: قَلْبِي يَرْتَاحُ إِلَى هَذَا المَكَانِ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ، وَأَلْحَقَهُ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
قُلْتُ: وَوَقَعَ لابْنِ الحَنْبَلِيِّ فِي وَفَاتِهِ وَهْمٌ، فَقَالَ: سَنَةَ خَمسٍ وِتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَرَثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ الإمَامُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ المَقْدِسِي
(2)
الأدِيْبُ بِقَصِيدَةٍ طَوِيْلَةٍ، أَوَّلُهَا
(3)
:
(1)
حَنبَلِيٌّ (ت: 564 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(2)
حَنبَلِيٌّ (ت: 560 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(3)
الأبْيَاتُ فِي "المَنْهَجِ الأحْمَدِ" عَنِ المُؤَلِّفِ، وَأَنْشَدَ الحَافِظُ الذهَبِيُّ في "تَارِيْخِهِ" قَالَ: أَنْشَدَنَا ابنُ خَوْلان، أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللّهِ الْحَافِظُ سَنَةَ سِتٍّ وَعَشْرِيْنَ وَسِتِّمائةَ، أَنَشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللّهِ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ لِنَفْسِهِ يَرْثِي الحَافِظَ.
هَذَا الَّذِي كُنْتُ يَوْمَ البَيْنِ أَحْتَسِبُ
…
فَلْيَقْضِ دَمْعُكَ عَنِّي بَعْضَ مَا يَجِبُ
لَمْ يُبْقِ فِى الأسَى وَالسُّقْمُ جَارِحَةٌ
…
نَفْسٌ تَذُوْبُ وَقَلْبٌ بَعْدَ ذَا يَجِبُ =
هَذَا الَّذِي كُنْتُ يَوْمَ البَيْنِ أَحْتَسِبُ
…
فَلْيَقْضِ دَمْعِي عَنْكَ بَعْضَ مَا يَجِبُ
يَا سَائِرِيْنَ إِلَى مِصْرٍ بِرَبِّكُمْ
…
رِفْقًا عَلَيَّ فَإِن الأجْرَ مُكْتَسَبُ
قُوْلُوا لِسَاكِنِهَا حُيِّيْتَ مِنْ سَكَنٍ
…
يَا مُنْيَةَ النَّفْسِ مَاذَا الصَّدُّ وَالغَضَبُ
بِالشَّامِ قَوْمٌ وَفِي بَغْدَادَ قَدْ أَسِفُوا
…
لَا البُعْدُ أَخْلَقَ بَلْوَاهُم وَلَا الحَقِبُ
قَدْ كُنْتَ بِالكُتْبِ أَحْيَانًا تُعَلِّلُهُمْ
…
فَالَيْوْمَ لَا رُسُلٌ تَأْتِي وَلَا كُتُبُ
أُنْسِيْتَ عَهْدَهُمُ أَمْ أَنْتَ فِي جَدَثٍ
…
تَسْفِي وَتَبْكِي عَلَيْكَ الرِّيْحُ وَالسُّحُبُ
بَلْ أَنتَ فِي جَنَّةٍ تَجْنِي فَوَاكِهَهَا
…
لَا لَغْوَ فِيْهَا وَلَا غَوْلٌ وَلَا نَصَبُ
يَا خَيْرَ مَنْ قَالَ بَعْدَ الصَّحْبِ حَدَّثنَا
…
وَمَنْ إِلَيْهِ التُّقَى وَالدِّيْنُ يَنْتَسِبُ
لَولَاكَ مَادَ عَمُوْدُ الدِّيْنِ وَانْهَدَمَتْ
…
قَوَاعِدُ الحَقِّ وَاغْتَالَ الهُدَى عَطِبُ
فَاليَوْمَ بَعْدَكَ جَمْرُ الغَيِّ مُضْطَرِمٌ
…
بَادِي الشَّرَارِ وَرُكْنُ الرُّشْدِ مُضْطَرِبُ
فَلْيَبْكِيَنْكَ رَسُوْلُ اللّهِ مَا هَتَفَتْ
…
وُرْقُ الحَمَامِ وَتَبْكِي العُجْمُ وَالعَرَبُ
= تَاللّهِ لَارُمْتَ صبْرًا عَنْهُمُ أَبَدًا
…
وَفِي الْحَيَاةِ فَمَالِيْ دُوْنَهَا أَرَبُ
لَا تَعْجَبَنْ لِوَفَاتِي بَعْدَهُمْ أَسَفًا
…
وَالشَّمْلُ مُجْتَمِعٌ وَالأُنْسُ مُنْتَسِبُ
وَالْعَيْشُ غَضٌّ وَعَيْنُ الدَّهْرِ رَاقِدَةٌ
…
وَالبَيْنُ رَثٌّ وَأَثْوَابُ الهَوَى قُشُبُ
وَالدَّارُ مَا نَزَحَتْ وَالوُرْقُ مَا صَدَحَتْ
…
وَحَبَّذَا بِكُمُ الأجْزَاعُ وَالكُثُبُ
إِنْ تُمْسِ دَارُهُمُ عَنَي مُبَاعِدَةً
…
فَإِنَّ مَسْكَنَهُمْ فِي القَلْبِ مُقْتَرِبُ
زَادَ الحَافِظُ الذَّهَبيُّ هَذه الأَبْيَاتِ مُتَتَالِيَةً، وَزَادَ فِي ثَنَايَا القَصِيْدَةِ قَوْلُهُ:
مَنْ لَمْ يَعِظْهُ بَيَاضُ الشَّعْرِ أَيْقَظَهُ
…
سَوَادُ عَيْشٍ فَلَا لَهْوٌ وَلَا طَرَبُ
الصَّبْرُ أَهْوَنُ مَا تُمْطَى غَوَارِبُهُ
…
وَالأجْرُ أَعْذَبُ مَا يُجْنَى وَيُحْتَلَبُ
إِنْ تَحْسَبُوْهُ كَرِيْهَ الطَّعْمِ أَيْسَرُهُ
…
سُمُّ مُذَافٌ فَفِي أَعْقَابِهِ الضَّرْبُ
لَمْ يَفْتَرِقْ بِكُمَا حَالٌ، فَمَوْتُكُمَا
…
فِي الشَّهْرِ وَاليَوْمِ هَذَا الفَخْرُ وَالحَسَبُ
أَحْيَيْتَ سُنَّتَهُ مِنْ بَعْدِ مَا دُفِنَتْ
…
وَشِدَّتَهَا وَقَدِ انْهَدَّتْ لَهَا رُتَبُ
وَصُنْتَهَا عَنْ أَبَاطِيْلِ الرُّوَاةِ لَهَا
…
حَتَّى اسْتَنَارَتْ فَلَا شَكٌّ وَلَا رِيَبُ
مَا زِلْتَ تَمْنَحُهَا أَهْلًا وَتَمْنَعَهَا
…
مَنْ كَانَ يُلْهِيْهِ عَنْهَا الثَّغْرُ وَالشَّنَبُ
قَوْمٌ بِأَسْمَاعِهِمْ عَنْ سمْعِهَا صَمَمٌ
…
وَفِي قُلُوبِهِمُ مِنْ حِفْظِهَا قُضُبُ
تَنُوبُ عَنْ جَمْعِهَا مِنْهُمْ عَمَائِمُهُمْ
…
أَيْضًا وَيُغْنِيْهُمُ عَنْ دَرْسِهَا اللَّقَبُ
يَا شَامِتِيْنَ وَفِيْنَا مَا يَسُوْؤُهُمْ
…
مْسْتَبْشِرِيْنَ وَهَذَا الدَّهْرُ مُحْتَسِبُ
لَيْسَ الفَنَاءُ بِمَقْصُوْرٍ عَلَى سَبَبٍ
…
وَلَا البَقَاءُ بِمَمْدُوْدٍ لَهُ سَبَبُ
مَا مَاتَ مَنْ عِزُّ دِيْنِ اللّهِ يَعْقِبُهُ
…
وَإِنَّمَا المَيْتُ مِنْكُمْ مَنْ لَهُ عَقِبُ
وَلَا تَقَوَّضَ بَيْتٌ كَانَ يَعْمِدُهُ
…
مِثْلُ العِمَادِ وَلَا أَوْدَى لَهُ طُنُبُ
عَلَا العُلَى بِجَمَالِ الدِّيْنِ بَعْدَكُمَا
…
تُحْيِي العُلُوْمَ بِمُحْييْ الدِّيْنِ وَالقُرَبُ
وَتَسبِقُ الخَيْلَ تَالِيْهَا وَإِنْ بَعُدَتْ
…
وَغَايَةَ السَّبْقِ لَا تَعْيَى لَهُ النُّجُبُ
مِثْلُ الدَّرَارِي السَّوَارِي شَيْخُنَا أَبَدًا
…
نَجْمٌ يَغُوْرُ وَيَبْقَى بَعْدَهُ شُهُبُ
مِنْ مَعْشِرٍ هَجَرُوا الأوْطَانَ وَانْتَهَكُوا
…
حُمْرَ الخُطُوْبِ وَأَبْكَارَ العُلَى خَطَبُوا
شُمُّ العَرَانِيْنَ مُلْحٌ لَوْ سَأَلتَهُمُ
…
بَذْلَ النُّفُوْسِ لَمَا هَابُوا بأَنْ يَهَبُوا
بِيْضٌ مَفَارِقُهُمْ، سُوْدٌ عَوَاتِقُهُمْ
…
يَمْشِي مُسَابِقُهُمْ مِنْ حَظِّهِ التَّعَبُ
نُوْرٌ إِذَا سَألُوا نَارٌ إِذَا حَمَلُوا
…
سُحْبٌ إِذَا نَزَلُوا أُسْدٌ إِذَا رَكِبُوا
المَوْقِدُوْنَ وَنَارُ الحَرْبِ خَامِدَةٌ
…
وَالمُقَدِمُوْنَ وَنَارُ الحَرْبِ تَلْتَهِبُ
هَذَا الفَخَارُ فَإِنْ تَجْزَعْ فَلَا جَزَعٌ
…
عَلَى المُحِبِّ وَإِنْ تَصْبِرْ فَلَا عَجَبُ
قَالَ الضِّيَاءُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَقَ إِبْرَاهِيْمَ بْنَ مَحْمُودٍ البَعْلِيَّ
(1)
قَالَ: جَاءَ قَوْمٌ مِنَ التُّجَّارِ إِلَى الشَّيْخِ العِمَادِ -وَأَنَا عِنْدهُ- فَحَدَّثُوْهُ أَنَّ النُّوْرَ يُرَى علَى قَبْرِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ كُلَّ لَيْلَةَ، أَوْ كُلَّ لَيْلَةِ جُمْعَةٍ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الحَافِظُ أَبَا مُوسَى بنَ الحَافِظِ قَالَ: حَدَّثَنِي صَنِيْعَةُ المَلِكِ هِبَةُ اللهِ بْن عَلِيِّ بْنِ حَيْدَرَةَ، قَالَ: لَمَّا خَرَجْتُ لِلصَّلَاةِ عَلَى الحَافِظِ لَقِيَنِي هَذَا المَغْرِبِيُّ -وَأَشَارَ إِلَى رَجُلٍ مَعَهُ- وَقَالَ: إِلَى أَيْنَ تَرُوْحُ؟ فَقُلْتُ: إِلَى الصَّلَاةِ علَى الحَافِظِ، فَجَاءَ مَعِي، وَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ غَرِيْبٌ، وَرَأَيتُ البَارِحَةَ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي فِي أَرْضٍ وَاسِعَةٍ، وَفِيْهَا قَوْمٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيْضٌ، وَهُمْ كَثيْرُوْنَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيْلَ لِي: هَؤُلَاءِ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ، نَزَلُوا لِمَوْتِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ هُوَ الحَافِظُ؟ فَقِيْلَ لِي: اقْعُدْ عِنْدَ الجَامِعِ حَتَّى يَخْرُجَ صنِيْعَةُ المَلِكِ، فَامْضِ مَعَهُ، قَالَ: فَلَقِيْتُهُ وَاقِفًا عِنْدَ الجَامِعِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الإمَامَ أَبَا العَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الغَنِيِّ
(2)
-سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ- قَالَ: رَأَيْتُ البَارِحَةَ الكَمَالَ -يَعْنِي أَخِي عَبْدَ الرَّحِيْمِ
(3)
، وَكَانَ تُوُفِّيَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ- فِي النَّوْمِ، وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ،
(1)
هُوَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ جَوْهَرٍ (ت: 648 هـ) حَنْبَلِيٌّ سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
هو حَفِيْدُ الحَافِظِ عَبْدَ الغَنِيِّ (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلَّفُ في مَوْضِعِهِ.
(3)
عبدُ الرَّحِيْم بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ، الْفَقِيْهُ، كَمَالُ الدِّيْنِ، المَقْدِسِيُّ (ت: 612 هـ) أَخُو الحَافِظِ الضِّياءِ، وَشَمْسِ الدِّيْنِ أَحْمَدَ البُخَارِيِّ، وَكَمَالِ الدِّيْنِ هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ رحمه الله نَسْتَدْرِكْهُ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى.
فَقُلْتُ لهُ: يَا فُلَانُ، أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: فِي جَنَّةِ عَدْنٍ، فَقُلْتُ: أَيُّمَا أَفْضَلُ: الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ، أَوِ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ؟ فَقَالَ: مَا أَدْرِي، وَأَمَّا الحَافِظُ فَكُلُّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ يُنْصَبُ لَهُ كُرْسِيٌّ تَحْتَ العَرْشِ، وَيُقْرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ، وَيُنْثَرُ عَلَيْهِ الدُّرُّ وَالجَوْهِرُ، وَهَذَا نَصِيْبِي مِنْهُ، وَكَانَ فِي كُمِّهِ شَيءٌ، وَقَدْ أَمْسَكَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهَا.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّيْخَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الكُرْدِيَّ
(1)
بِـ"حَرَّانَ" يَقُوْلُ: رَأْيْتُ الحَافِظَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: لَهُ يَا سَيِّدِي، أَلَيْسَ قَدْ مُتَّ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللّهَ عز وجل بَقَى عَلَيَّ وِرْدِي مِنَ الصَّلَاةِ.
سَمِعْتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سُرُورٍ [يُحَدِّثُ عَنِ الشَّيْخِ الزَّاهِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَشَمٍ المُقْرِيء]
(2)
، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ بِـ"مِصْرَ" -وَكَانَ يُبْغِضُ الحَافِظُ- أَنَّهُ رَأَى قَائِلًا يَقُوْلُ لَهُ فِي المَنَامِ: إِنْ أَرَادَ اللّهُ بِكَ خَيْرًا فَأَنْتَ تَكُوْنُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ: يَدْخُلُ الجَنَّةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَو قَالَ: عَلَى أَثَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الإمَامَ عَبْدَ السَّاتِرِ بْنَ يُوسُفَ بْنِ عَلِيٍّ العَجَمِيُّ
(2)
قَالَ: رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ أَصْحَابَنَا فِي الجَنَّةِ وَأَنَا مَعَهُمْ، قُلتُ: مِثْلُ مَنْ؟ قَالَ: مِثْلُ الشَّيْخِ أَبي عُمَرَ، وَالمُوَفَّقِ، وَالحَافِظِ، وَكَأَنَّ النَّارَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَلَهَا قتَامٌ وَظِلَامٌ، وَهيَ تَقْرُبُ إِلَيْنَا حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَصِلَ إِلَيْنَا، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا حَافِظُ، اخْرُجْ إِلَيْهَا، فَخَرَجَ الحَافِظُ -رَجُلٌ طَوِيْلٌ فِيْهِ سُمْرَةٌ، وَوَصَفَهُ
(1)
لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرَاجِمِهِمْ.
(2)
لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرَاجِمِهِمْ.
بِجَمِيع صِفَتِهِ، قَالَ: وَلَمْ أُبْصِرِ الحَافِظَ قَطُّ- وَمَعَهُ نَهْرٌ مِثْلَ نَهْرِ يَزِيْدَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَبَقِيَ يَجِيءُ مِنْهَا حِجَارَةٌ، فَتَقَعُ فِي ذلِكَ النَّهْرِ فَتَطْفَئُ، وَتَبْقَى مِثْلَ الطَّوَاحِيْنَ السُّوْدِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الضِّيَاءُ غَيْرَ ذلِكَ مِنَ المَنَامَاتِ المَرْئِيَّةِ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، رضي الله عنه.
وَقَدْ سَمِعَ الحَدِيْثَ مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ الخَلْقُ الكَثيْرُ، وَحَدَّثَ بِأَكْثَرِ البِلَادِ الَّتِي دَخَلَهَا، كـ"بَغْدَادَ" وَ"دِمَشْقَ" وَ"مِصْرَ" وَ"دِمْيَاطَ" وَ"أَصْبَهَانَ"
وَحَدَّثَ بِـ"الإسْكَنْدَرِيَّةِ" سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَرَوى عَنْهُ خَلْقٌ كَثيْرٌ، مِنْهُمْ: وَلَدَاهُ أَبُو الفَتْحِ، وَأَبُو مُوسَى، وَعَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، والشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَالحَافِظُ الضِّيَاءِ، وَابْنُ خَلِيْلٍ
(1)
وَالفَقِيْهُ اليُونيْنِيُّ، وَيَعِيْشُ بْنُ رَيْحَانَ الفَقِيْهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَكِّيِّ الشَّارِعِيُّ، وَأَحْمَدُ ابْنُ حَامِدٍ الأرْتَاحِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَزُّوْنَ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ عَلاقٍ
(2)
، وَآخِرُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُهَلْهِلٍ الحُسَيْنِيُّ
(3)
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بالإجَازَةِ أَحمَدُ بْنُ أَبِي الخَيْرِ سَلَامَةَ الحَدَّادُ
(4)
.
(1)
قَالَ ابنُ خَلِيْلٍ في مُعْجَمِهِ (ورقة: 184): "أَخْبَرَنَا الإمَامُ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغَنِيِّ ابنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بن عَلِي بنِ سُرُوْرِ المَقْدِسِي قِرَاءَةَ عَلَيْهِ بِـ"دِمَشْقَ" أَخْبَرَكُمْ أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي
…
".
(2)
في (ط)"علاف" لعلَّه خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(3)
(ت: 674 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(4)
(ت: 678 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ وَهُوَ حَنْبَلِيٌّ نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى.
ذكرُ شَيءٍ مِنْ فَتَاوَى الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ وَمَسَائلِهِ نقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ
(1)
السَّيْفِ ابْنِ المَجْدِ:
- سُئِلَ عَنْ حَدِيْثِ
(2)
: "مَنْ قَالَ: لَا الَهَ الَّا اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ" هَلْ هُوَ مَنْسُوخٌ؟
(1)
في (ط)"حط" خَطَأٌ في طِبَاعةٍ.
(2)
رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيْحِهِ رَقَم (169)(1/ 392) مِنْ حَدِيْثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه وَالبَزَّارُ مِنْ حَدِيْثِ أَبي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، وَهُوَ حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ (5/ 236) مِنْ حَدِيْثِ مُعَاذٍ رضي الله عنه بِلَفْظِ "مَنْ شَهِدَ أن لَا إِلهَ إلَّا اللهَ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ" وَأَخْرَجَهُ بِمَعْنَاهُ أَحْمَدُ فِي المُسْنَدِ (5/ 166)، وَالبُخَارِيُّ رَقَم (5827) وَفِي (الإيْمَانِ) بَابُ "الثِّيَابِ البِيْضِ". وَمُسْلِمٌ رقم (94)(154) فِي (الإيْمَانِ) بَابُ "مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَةَ" مِنْ حَدِيْثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأحْمَدِ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفيات سنة (600 هـ):
289 -
إِسْمَاعِيْلَ بن أبِي تُرَابِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ وَكَّاسٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، البَغْدَادِيُّ القَّطَّانُ. أَخَبَارُهُ في: التَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 43)، وَالمُخْتَصرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 243)، وَتَارِيْخِ الإسْلَامِ (427) وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ حَنْبَليٌّ، اسْتَدْرَكَهُ ابنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُ في هَامِشِ نُسْخَةِ (أ) عَنْ تَارِيْخِ ابنِ رَسُوْلٍ "نُزْهَةِ العُيُون
…
" وَعَنْهُ في المُلْحَقِ ص (458).
290 -
وَإسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ نِظَامُ الدِّيْنِ. ذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ في "المَنْهَجِ الأحْمَدِ"(5/ 53)، وَالمُنّذِرِيُّ في التَّكْمِلَةِ (2/ 7)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ في وَفَيَاتِ سَنَةِ (603 هـ)، وَنَذْكُرُ في هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ إِنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى. وَلإسْمَاعِيْلَ هَذَا ذِكْرٌ في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (219).
291 -
وَحَمْدُ بنُ مَيْسَرَةَ بنِ حَمْدِ بنِ مُوْسَى بنِ غَنَائِمٍ، أَبُو الثَّنَاءِ الشَّامِيُ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، الخَلَّالُ، الكَامَخِيُّ، الغَدْرُوَانِيُّ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ في التَّكمِلَةِ (2/ 17)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=وَقَالَ: "
…
ابنُ غَنَائِمِ الشَّافِعِيُّ .. " ثُمَّ قَالَ في السَّطْرِ الَّذي يَلِيْهِ: "
…
الكَامَخِيُّ الحَنْبَليُّ" وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإسْلامِ (433) وَقَالَ: "الحَنْبَلِيُّ، الرَّجُلُ الصَّالِحُ" وَلَمْ يَذْكُرِ الحَافِظُ المُنْذِرِيِّ رحمه الله إِلَى أَيِّ شَيءٍ نِسْبَتُهُ. أَمَّا (الكَامَخِيُّ) فَنِسْبَةٌ إِلَى الكَامَخِ، وَهُوَ الإدَامُ بِالفَارِسِيَّةِ ثُمَّ عُرِّبَ، جَاءَ فِي قَصْدِ السَّبِيْلِ (2/ 382) "الكَامَخُ -كَهَاجَر-: إِدَامٌ يُقَالُ لَهُ: المَرِّيُّ، أَوْ الرَّدِيءُ مِنْهُ، فَارِسِيٌ مُعَرَّبٌ، كَأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، جَمْعُهُ كَوَامِخٌ، وَفِي "الشِّفَاءِ" الكَامَخُ: مُخَلَّلٌ يُشَهِّي الطَّعَامَ مُعَرَّبٌ كَامَهْ" وَيُرَاجَعُ: المُعَرَّبُ لِلْجَوَالِيقي (346)، وَشِفَاءُ الغَلِيْلِ (226). وَمَا وَرَدَ في "الشِّفَاءِ" هُوَ الأقْرَبُ؛ لأنَّ صَاحِبَنَا يُنسَبُ "الخَلَّالُ الكَامَخِيُّ". وَأَمَّا (الغَدْرُوَانِيُّ) فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا.
292 -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلَّمِ بنِ ثَابِتِ بنِ زَيْدِ بنِ القَاسِمِ، أَبُو حَامِدٍ، النَّحَّاسُ، البَغْدَادِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ"ابنِ جُوَالِقِ" الوَكِيْلُ. (النَّحَّاسُ) بِالخَاءِ المُعْجَمَةِ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله وَالِدَهُ في وَفَيَاتِ سَنَةِ (572 هـ). أَخْبَارُ عَبْدِ اللهِ في: التَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 38)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 173)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (439).
293 -
وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ المَقْدِسِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (461) وَقَالَ:"وَهو وَالِدُ الزَّيْنِ أَحْمَدَ، وَالجَمَالِ عَبْدِ اللّهِ".
أَقُولُ -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: وَهُوَ أَيضًا وَالِدُ العِزِّ عَبْدِ العَزِيْزِ (ت: 634 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَالشَّرَفِ مُحَمَّدٍ (ت: 641 هـ) الآتي في الاسْتِدْرَاكِ. وَلِعَبْدِ المَلِكِ ذِكْرٌ في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (408) هُوَ وَابْنُ عَمِّهِ عُمَرُ بنُ أَبي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ اللّهِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ، يُرَاجَعُ المُعْجَمُ المَذْكُورُ أَيْضًا ص (449) وَعُمَرُ هَذَا هُوَ ابنُ خَالَةِ الشَّيْخِ أبي عُمَرَ بنِ قُدَامَة، وَأَخِيْهِ المُوَفَّقِ، وَهُوَ وَالِدُ عَبْدِ اللهِ بنُ عُمَرَ (ت: 586 هـ) الَّذي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في مَوْضِعِهِ. وَتُوُفِّي عُمَرُ سَنَةَ (602 هـ) سَيَأْتِي في اسْتِدْرَاكنا وَهُوَ أَيْضًا وَالِدُ مَرْيَمَ زَوْجَةِ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ. وَأمَّا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُثْمَانَ، زَيْنُ الدِّين (ت: 640 هـ) فَلَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَحْمَدَ (ت: 698 هـ) كَمَا سَيَأتِي في مَوْضِعِهِ. إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
- وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّف أَيْضًا أَخَاهُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ المَلِكِ جَمَالَ الدِّيْنِ، وَلَهُ وَلإخْوتِهِ ذِكْرٌ في السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (187، 379، 398، 539).
294 -
وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ هِبَةِ الكَرِيْم بنِ خَلَفِ بنِ المُبَارَكِ بنِ البَطِرِ، وَالِدُهُ هِبَةُ الكَرِيْمِ (ت: 548 هـ) سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ عَبْدِ المُنْعِمِ في التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النُّقَلَةِ (2/ 46)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 180)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 92)، قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: "أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ هِبَةِ الكَرِيْمِ بنِ الحَنْبَلِيِّ
…
" وَقَالَ: "سَأَلْتُ ابْنَ الحَنْبَلِيِّ عَنْ مَوْلدِهِ فَقَالَ
…
".
295 -
وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ يَحْيىَ بنِ أحْمَدَ بنِ عُبَيدِ اللهِ بنِ هِبَةِ اللهِ، البَيِّعُ، الأزَجِيُّ، ابنُ عَمِّ الوَزِيْرِ عُبَيْدِ اللّهِ بنِ يُوْنُسَ (ت: 593 هـ) الَّذي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ، أَخُو أَحْمَدَ (ت: 603 هـ) وَزَيْدٍ (ت: 621 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكِهِمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُهُ في: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَاد (1/ 180)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 44)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (463)، وَذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الجِيْليِّ أَنَّهُ غَيْرُ مَرْضِيِّ الطَّرِيْقَةِ.
296 -
وَفَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ الخَيْرِ بنِ مُحَمَّدِ بن سَهْلِ الأنْصَارِيِّ البَلَنْسِيِّ، وَهِيَ زَوْجَةُ الوَاعِظِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ نُجَيَّة الحَنْبَلِيِّ (ت: 599 هـ) الَّذي سَبَقَ ذِكْرُهُ في مَوْضِعِهِ. مَوْلِدُهَا بِـ"أَصْبَهَانَ" وَقَدِمَ بِهَا أَبُوْهَا إِلَى "بَغْدَادَ" فَسَمِعَتْ هُنَاكَ مِنْ ابنِ الحُصَيْنِ، وَزَاهِرٍ الشَّحَّامِي، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ البَنَّاءِ .. وَغَيْرِهِمْ، وَأَجَازَ لَهَا خَلْقٌ. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 14)، وَتَكْمِلَةِ الإكْمَالِ (338)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 269)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 411)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (469)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1469)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 186)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 347).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 297 - وَمُحَمَّدُ بنُ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ عَبدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ قُدَامَةَ، أَبُو الفَضْلِ، تُوُفِّيَ شَابًّا وَعُمُرُهُ سِتًّ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً. قَالَ الضِّيَاءُ:"مَاتَ بِـ"هَمَذَانَ" وَكَانَ شَابًّا، ظَرِيْفًا، فَقِيْهًا، تَفَقَّهَ عَلَى وَالِدِهِ، وَسَافَرَ إِلَى "بَغْدَادَ"، وَاشْتَغَلَ بِالخِلَافِ عَلَى الفَخْرِ إِسْمَاعِيْلَ غَلَامِ بنِ المَنِّيِّ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ. أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (476).
298 -
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنِ أَبي صَالِحٍ الجِيْلِيُّ، أَبُو الفَضْلِ. لَمْ يَثُنِ عَلَيْهِ الحَافِظُ ابنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ:"لَمْ تَكُنْ طَرِيْقَتُهُ مَرْضِيَّةً، وَكَانَ خَالِيًا من العِلْمِ". أَخْبَارُهُ في: المَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 46)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (476)، وَقَلَائِدِ الجَوَاهِرِ (44).
299 -
وَأَخُوْهُ يَحْيىَ بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَبُو زكَرِيَّا، وَهُوَ أَصْغَرُ الإِخْوَةِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ، وَحَدَّثَ عَن ابن البَطِّيِّ، وَتُوُفِّيَ بـ"بَغْدَادَ" كَهْلًا. أَخْبَارُهُ في: المَنْهَجِ الأحْمَدِ (2/ 34)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (486)، وَقَلائِدِ الجَوَإهِرِ (44).
300 -
وَمَرْيَمُ بِنْتُ أبي الفَائِزِ المُظَفَّرِ بنِ دَاوُدَ الأزَجِيِّ. أَخْبَارُهَا فِي التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 9)، وَالمُخْتَصرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 272)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (482)، وَالتَّوْضِيْحِ (1/ 324)، وَذَكَرَ أبَاهَا المُظَفَّرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ في اسْتِدْرَاكنا عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (593 هـ).
301 -
وَهِبة اللهِ بنُ أَبي المُعَمَّر الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ البَلِّ، أَبُو المَعَالِي بنُ أَبي الأسْوَدِ البَغْدَادِيُّ، البَيِّعُ، لَقَبُهُ عزُّ الدِّينِ، ويُنْسَبُ "الرَّيَّانِيَّ" إِلَى حَيٍّ يُعْرَفُ بِـ"الرَّيَّانِ" في "بَغْدَادَ" تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ، حَنْبَليَّةٍ مَشْهُورَةٍ تُعْرَفُ بِـ"آلِ ابنِ البَلِّ" وَآلِ "أبي الأسْوَدِ" نَذْكُرُهَا في هَامِشِ تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بنِ عَليِّ بنِ نَصرٍ (ت: 611 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ هِبَةِ اللهِ فِي: التَّكملة للمُنْذِرِيِّ (2/ 32)، وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (1/ 315)، ومَجْمَعِ الآدَابِ (1/ 363)، وَالمُشتَبَهِ (1/ 300)، وَالتَّوْضِيْحِ (2/ 55)، (4/ 103). قَالَ ابنُ الفُوَطِيِّ:"يُعْرَفُ بِـ"ابنِ الأسْوَدِ، كَانَ شَيْخًا، حَسَنًا، مِنْ أَوْلَادِ الأَكَابِرِ وَالأَعْيَانِ، سَمِعَ كِتَابَ "أَخْبَارُ مَنْ قتَلَهُ الحُبُّ" تَصْنِيْفِ =
فَأَجَابَ: بَلْ هُوَ مُحْكَمٌ ثَابِتٌ، لكِنْ زِيْدَ فِيْهِ، وَضُمَّ إِلَيْهِ شُرُوطٌ أُخَرُ، وَفَرَائِضَ فَرَضَهَا اللّهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَذَكَرَ قَوْلَ الزُّهْرِيُّ فِي ذلِكَ.
- وَسُئِلَ عَمَّنْ كَانَ فِي زِيَادَةٍ مِنْ أحْوَالِهِ، فَحَصَلَ لَهُ نَقْصٌ؟
فَأَجَابَ: أَمَّا هَذَا، فَيُرِيْدُ المجِيْبُ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَرْبَابِ الأحْوَالِ وَأَصْحَابِ المُعَامَلَةِ، وَأَنَا أَشْكُو إِلَى اللّهِ تَقْصِيْرِي وَفُتُوْرِي عَنْ هَذَا وَأَمْثَالِهِ مِنْ أَبْوَاب الخَيْرِ.
وَاقُولُ -وَبِاللهِ التَّوْفِيْقِ-: إِنَّ مَنْ رَزَقَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْ عَمَلٍ أَوْ نُوْرِ قَلْبٍ، أَوْ حَالَةِ مَرْضِيَّةٍ فِي جَوَارِحِهِ وَبَدَنِهِ، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا، وَلْيَجْتَهِدْ فِي تَقْيِيْدِهَا بِكَمَالِهَا، وَشُكْرِ اللهَ عَلَيْهَا، وَالحَذَرِ عنْ زَوَالِهَا بِزَلَّةٍ أَوْ عَثْرَةٍ، وَمَنْ فَقَدَهَا فَلْيُكْثِرِ مِنَ الاِسْتِرْجَاعِ، وَيَفْزَعْ إِلَى الاِستِغْفَارِ وَالاِسْتِقَالَةِ، وَالحُزْنِ عَلَى مَا فَاتَهُ، وَالتَّضَرُّع إِلَى رَبِّهِ، وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي عَوْدِهَا إِلَيْهِ، فَإِنْ عَادَتْ، وَإِلَّا عَادَ إِلَيْهِ ثَوَابُهَا وَفَضْلُهَا إِنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى.
- وَسُئِلَ مَرَّةً أُخْرَى فِي مَعْنَى ذلِكَ؟
فَأَجَابَ: أَمَّا فُقْدَانِ مَا نَجِدُهُ مِنَ الحَلَاوَةِ وَاللَّذَةِ، فَلَا يَكُوْنُ دَلِيْلًا
= أَبي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ المَرْزُبَان، وسَمعَ مِنَ القَاضِي مُحَمَّدِ بن عَبْدِ البَاقِي الأنْصَارِيِّ النَّصْرِيِّ "مُسْنَدَهُ" وَرَوَى عَنْهُ".
- وأَمَّا يُوْسُف بنُ سَعِيْدِ بن مُسَافِرِ بن جَمِيْل الأزَجيُّ، المُقْرِئُ، البَنَّاءُ، القَطَّانُ، فَذَكَرَهُ الُمَؤلِّفُ في آِخِر تَرْجَمَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الأرْتَاحِيُّ (ت: 601 هـ) وَسَيَأتِي، وَقَدْ ذُكِرَتْ وَفَاتَه أَيْضًا فِي هَذِهِ السَّنَة (600 هـ).
عَلَى عَدَمِ القَبُوْلِ؛ فَإِنَّ المُبْتَدِيءَ يَجِدُ مَالًا يَجِدُ المُنْتَهِي، فَإِنَّهُ رُبَّمَا مَلَّتِ النَّفْسُ وَسئِمَتْ لِتَطَاوُلِ الزَّمَانِ، وَكَثْرَةِ العِبَادَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُوْلِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ كَثْرَةِ العِبَادَةِ وَالإفْرَاطِ فِيْهَا، وَيَأْمُرُ بِالاِقْتِصَادِ؛ خَوْفًا مِنَ المَلَلِ، وَقَدْ رُوِيَ:"أَنَّ أَهْلَ اليَمَنِ لَمَّا قَدِمُوا "المَدِيْنَةَ" جَعَلُوا يَبْكُوْنَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: هكَذَا كُنَّا حَتَّى قَسَتِ القُلُوْبُ".
وَسُئِلَ عَنْ يَزِيْدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ؟ فَأَجَابَ: خِلَافَتُهُ صَحِيْحَةٌ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: بَايَعَهُ سِتُّونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ: ابنُ عُمَرَ، وَأَمَّا مَحَبَّتُهُ: فَمَنْ أَحَبَّهُ فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يُحِبُّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ ذلِكَ؛ لأنَّهُ لَيْسَ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ صَحِبُوا رَسُوْلَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَلْتَزِمُ مَحَبَّتَهُمْ إِكْرَامًا لِصُحْبَتِهِمْ، وَلَيْسَ ثَمَّ أَمْرٌ يَمْتَازُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ خُلفَاءِ التَّابِعِيْنَ، كَعبْدِ المَلِكِ وَبَنِيْهِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْوُقُوعِ فِيْهِ؛ خَوْفًا مِنَ التَّسَلُّقِ إِلَى أَبيْهِ، وَسَدًّا لِبَابِ الفِتْنَةِ.
وَقَالَ: رُوِيَ عَنْ إِمَامِنَا أَحْمَدَ: أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَالَ: الإيْمَانُ مَخْلُوقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ قَالَ: قَدِيْمٌ، فَهُو مُبْتَدِعٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا كَفَّرَ مِنْ قَالَ بِخَلْقِهِ؛ لأنَّ الصَّلَاةَ مِنَ الإيْمَانِ، وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى قِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ، وَذِكُرِ اللّهِ عز وجل، وَمَنْ قَالَ بِخَلْقِ ذلِكَ كَفَرَ، وَتَشْتَمِلُ عَلَى قِيَامٍ وَقُعُوْدٍ وَحَرَكَةٍ وَسُكُوْنٍ، وَمَنْ قَالَ بِقِدَمِ ذلِكَ ابْتَدَعَ.
وَسُئِلَ عَنْ دُخُولِ النِّسَاءِ الحَمَّام؟ فَأَجَابَ: إِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ عُذْرٌ فَلَهَا أَنْ تَدْخُلَ الحَمَّامِ لأجْلِ الضَّرورَةِ، وَالأحَادِيْثُ فِي هَذَا أَسَانِيْدُهَا مُتَقَارِبَةٌ،
قَدْ جَاءَ النَّهْيُ وَالتَّشْدِيدُ فِي دُخُوْلهِنَّ، وَجَاءَتِ الرُّخْصَةُ لِلْنُّفَسَاءِ وَالسَّقِيمَةِ، وَالَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي: أَنَّهَا إِذَا دَخَلَتْ مِنْ عُذْرٍ فَلَا بَأْسَ إِنْ شَاءَ اللّهُ، وَإِنِ اسْتَغْنَتَ عَنِ الدُّخُوْلِ، وَكَانَ لَهَا عَنهُ غِنَاءٌ، فَلَا تَدْخُلُ، وَهَذَا رَأْيُنَا فِي أَهْلِنَا، وَمَنْ يَأْخُذْ بِقَوْلنَا، نَسْأَلُ اللهِ التَّوْفِيقَ وَالعَفْوَ وَالعَافِيَةَ.
239 - مُحَمَّدُ بُنُ سَعْدِ الله
(1)
بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الدَّجَاجِيُّ الوَاعِظُ، أَبُو نَصْرِ ابْنِ أَبي الحَسَنِ،
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَالِدِهِ
(2)
.
(1)
239 - ابنُ الدَّجَاجِيِّ الوَاعِظُ (524 - 601 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصرِ اللّهِ (54)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 414)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 67)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 321). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإكْمَالِ (2/ 524)، وَعُقُودُ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ المَوْصِلِيِّ (6/ ورقة 114)، وَذِيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (52)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 58)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 286)، وَمَشْيَخَةُ الحَرَّانِيِّ "الكُبْرى" (ورقة: 69) وَ"الصُّغْرَى"(ورقة: 40)، وَالجَامعُ المُخْتَصَرُ (9/ 155)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 53)، والمُشْتَبَهُ (1/ 239)، وَتَارِيخُ الإِسْلامِ (71)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 42)، وَالْوَافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 91)، وَالتَّوْضِيْحُ (2/ 498)، وَالتَّبْصِيْرُ (2/ 657)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 187) وأَحَالَ مُحَقِّقُ "تَارِيْخِ الإسْلامِ" إِلَى "تَارِيْخِ إِرْبِلَ"(284) وَالْمَذْكُوْرُ في "تَارِيْخِ إِرْبِلَ" هُوَ عَبْدُ الحَقِّ بنِ حَسَنٍ وَهُوَ ابنُ أَخِيْهِ؟!. وَيُقَالُ في نِسْبَتِهِ "الدَّجَاجِيُّ" وَ"الحَيَوَانِيُّ".
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (564 هـ) وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَخَاهُ حَسَنًا (ت:؟) وابَن أَخِيْهِ عَبْدَ الحَقِّ بنَ حَسَنٍ (ت: 622 هـ) وَرَفَعَ ابنُ الشَّعَّارِ نَسَبَهُ هكَذَا: مُحَمَّدُ بنُ سَعَدِ اللهِ ابنِ نَصْرِ بنِ سَعْيدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبي الحَسَنِ الدَّجَاجِيُّ البَغْدَادِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ"الحَيَوَانِيُّ" قَالَ:"وَكَانَ وَاعِظًا"، حَنْبَليًّا، شَاعِرًا، مُحَدِّثًا، له خُطَبٌ، وَفُصُولٌ في الوَعْظِ، وَأَشْعَارٌ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مَدَحَ بِهَا الإمَام النَّاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ أَبي العبَّاسِ أَحْمَدَ رضي الله عنه .... وَكَانَ شَيْخًا، مَلِيْحًا، فِيْهِ صَلَاحٌ وَفَضْلٌ .. وَمِنْ شِعْرِهِ يَمْدَحُ النَّاصِرَ لدِيْنِ اللهِ، وَيَذْهَبُ فِيْهِ مَذْهَبَ أبي الفَتْح البُسْتِي في المُجَانَسِ المُتَشَابِهِ القَوَافِي، وَأَنْشَدَنِي مِنْهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ الوَاسِطِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو نَصْرٍ ابنُ الدَّجَاجِيِّ لِنَفْسِهِ.
تَقُوْلُ عُنْسِي حِيْنَ أَدْمَيْتُهَا .. الأبيات.
قَالَ: وَقَالَ فِيْهِ أَيْضًا:
إِمَامٌ أَعَادَ العَدْلَ مِنْ بَعْدِ فَقْدِهِ
…
وَأَحْيَا رَمِيْمَ المُكْرَمَاتِ بِرِفْدِهِ
…
الأبيات.
قالَ: وَأَنْشَدَنِي الصَّاحِبُ الوَزِيْرُ أَبُو البَرَكاتِ بنُ المُسْتَوْفِي بِـ"إِربلَ" قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ اللهِ لِنَفْسِهِ إِجَازَةً، يَمْدَحُ الوَزِيْرَ جَلَالَ الدِّيْنِ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بن أبي مَنْصُوْرٍ الأَصْبَهَانِيَّ:
أَثِرْ إِلَى جَنبَاتِ المُنْحَنَى إِبلِيِ
…
وَاحْلُلْ بِعَزْمِكَ عَنْهَا مُحْكَمَ العُقُلِ
وَخَلِّهَا تَسْحَبُ الأرْسَانَ مِنْ مَرَحٍ
…
دُوْنَ الثَّنِيَّةِ بَينَ [
…
] وَالأَملِ
فَإِنَّ رِيْحَ الصَّبَا من نَحْوِ كَاظِمَةٍ
…
قَدْ فَاحَ مِنْهُ غَرَامٌ جَدَّ يَشْتَعِلِ
حَنَّتْ إِلَى مَرْبَعِ الأُلَّافِ فَانْتَبَهَتْ
…
أُخْتَاهُمَا وَاعْتَرَاهَا مُغْلَقِ الخَبَلِ
إِلَى مَرَابِعِ صِدْقٍ طَالَمَا حُمِدَتْ
…
مَا بَيْنَهُنَّ غَدَايَا العَلِّ وَالنَّهَلِ
فَهِجْنَ لِيْ لَوْعَةً مِنْ مِثْلِ وَقْدَتِهَا
…
يَرْفَضُّ مِنْ عَبَرَاتِي كُلُّ مُنْهَمِلِ
فَبَاتَ بِي مِثْلُ مَا بَاتَتْ تُكَابِدُهُ
…
......... الأبيات
وَهِيَ طَوِيْلَةٌ عِدَّتُهَا تِسْعَةٌ وَثَلَاثُوْنَ بَيْتًا، وَفِيْهَا المَثَلُ السَّائِرُ "لَيْسَ التَّكَحُّلُّ في العَيْنَيْنِ كَالكَحَلَ" قَالَ: وَأَنْشَدَنِيْهِ عَنْهُ الشَّيْخُ الحَافِظُ أبُو عَبْد اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُودٍ.
نَفْسُ الفَتَى إِنْ صَلَحَت أَحْوَالَهَا
…
الأبْيَاتُ
قَالَ الصَّلاحُ الصَّفَدِيُّ بَعْدَ إِنْشَادِ هَذِهِ الأبْيَاتِ: "قُلْتُ: اشْتَغَلَ بِالجِنَاسِ عَنِ
وُلِدَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وسَمِعَ بِإِفَادَةِ أَبيْهِ، وَبِنَفْسِهِ مِنْ أَبِيْه، وَأَبي جَعْفَرٍ السَّمْنَانِيِّ، وَالقَاضِي أَبي بَكْرٍ، وَأَبِي مَنْصُورٍ القَزَّازِ، وَأَبِي القَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَرَحَلَ إِلَى "الكُوْفَةِ" فَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي الحَسَنِ بْنِ غَبَرَةَ
(1)
الحَارِثيِّ قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ. وَقَالَ الدُّبَيْثِيُّ: شيْخٌ حَسَنٌ، فِيْهِ فَضلٌ وَتَميُّزٌ.
وَقَالَ القَادِسِيُّ: كَانَ صَالِحًا خَيِّرًا، فَاضِلًا، وَاعِظًا، يَقْرِضُ الشِّعْرَ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ مِنْ أَعْيَانِ المَشَايِخِ، وَوُجُوْهِ وُعَّاظِ "مَدِيْنَةِ
(2)
السَّلَامِ" مَلِيْحَ الوَعْظِ، حَسَنَ الإيْرَادِ، حُلْوَ الألْفَاظِ، كَيِّسًا، مُتَوَدِّدًا، حَسَنَ الأخْلَاقِ، مُتَوَاضِعًا، فَاضِلًا، صَدُوْقًا، وَلَهُ النَّثْرُ وَالنَّظْمُ الجَيِّدُ، وَكَانَ يَتكَلَّمُ فِي عَزَاءِ الخُلفَاءِ وَالأفَاضِلِ وَالأَمَاثِلِ، وَلَهُ تَقَدُّمٌ وَمَكَانَةٌ، وَمِمَّا ذُكِرَ لَهُ مِنَ الشِّعْرِ قَوْلُهُ -أَنْشَدَهُ عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ-:
نَفْسُ الفَتَى إِنْ صَلُحَتْ أَحْوَالُهَا
…
كَانَتْ إِلَى نَيْلِ التُّقَى أَحْوَى لَهَا
وَإِنْ تَرَاهَا سُدِّدَتْ أَقْوَالُهَا
…
كَانَتْ إِلَى حَمْلِ العُلَا أَقْوى لَهَا
فَلَوْ تَبَدَّتْ حَالُ مَنْ لَهَا لَهَا
…
فِي قَبْرِهِ عِنْدَ البِلَى لَهَا لَهَا
= الإيْطَاءِ الَّذِي وَقَعَ فِيْهِ، وَلَمْ يَجْزِمْ "تَرَاهَا" الوَاقِعَةَ بَعْدَ "إِنِ" الشَّرْطِيَّةِ".
وَقَالَ النَّجِيْبُ الحَرَّانِيُّ في "مَشْيَخَتِهِ الصُّغْرَى": "أَبُو نَصْرٍ هَذَا رَجُلُ فَاضِلٌ صَدُوْقٌ، مِنْ أَعْيَانِ المَشَايِخِ، وَوُجُوْهِ الوُعَّاظِ بِمَدِيْنَةِ الَسَّلَامِ، سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ .. ".
(1)
في (ط): "غيره" وَسَبَقَ تَصْحِيْح ذلِكَ.
(2)
في (ط): "مدنية" خطأ طباعة.
وَلَهُ:
تَقُوْلُ عُنْسِي حِيْنَ
(1)
أَدْمَيْتُهَا
…
بِالمَسِيْرِ رِفْقًا بِنَا يَا هَاشِمِي
إِنْ شِئْتَ أَنْ تَلْقَى الغِنَى وَالمُنَى
…
عُجْ بِإِمَامٍ مِنْ بَنِي هَاشِمِ
فَقُلْتُ إِذْ لَاحَ سَنَا بَرْقِهِ
…
يَا نُوْقُ هَذَا نُوْرُهُ هَاشِمِي
قَالَ ابْنُ القَطِيعِيِّ: أَنْشَدْتُهُ هَذِهِ الأبْيَاتِ:
مَنْ لَمْ يَعُدْكَ إِذَا مَرِضْـ
…
ــتَ فَلَا تَعُدْهُ وَلَا كَرَامَهْ
فَإِنِ الإلَهُ أَمَاتَهُ
…
فقَدِ اسْتَرَحَتْ مِنَ المَلَامَهْ
وَإنِ الإلَهُ أَقَامَهُ
…
فَالعُذْرُ تَهْنِيْكَ السَّلَامَهْ
فَقَالَ مُرْتَجِلًا:
(2)
(1)
في (ط): "يقُول عِيْسَى أدميتها" وَ (هَاشِمِيُّ) في القَوَافِي، كُلُّ وَاحِدَةٍ لَهَا مَعْنًى، فَالأوَّلُ "هَاشِمِيُّ" من الهَشْمِ وهُوَ الكَسْرِ، وَالثَّانِي "هَاشِمِيٌّ" مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَالثَّالِثُ "هَا" حَرْفُ تَنْبِيْهِ وَ"شِمِي" مِنْ شَامَ البَرْقَ يَشُوْمُهُ: إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ.
(2)
وَأَنْشَدَ لَهُ ابنُ الشَّعَّارِ:
إِنَّ الوِلَايَةَ لَا تَدُوْمُ لِوَاحِدٍ
…
إِنْ كُنْتَ تُنْكِرُهَا فَأَيْنَ الأوَّلُ
فَاغْرِسْ مِنْ الفِعْلِ الجَمِيْلِ غَرَائِسًا
…
فَإِذَا عُزِلْتَ فَإِنَّهَا لَا تُعْزَلُ
وَقَالَ أَبُو غَالِبٍ نَصْرُ بنُ تُرْكِيِّ بنِ خَزْعَل بن تُرْكِيِّ بنِ عَلِي بن الحَسَنِ الحَنْظَلِيُّ التَّمِيْمِيُّ، البَصْرِيُّ، المِسْكِيُّ التَّاجِرُ، أَنْشَدَنِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ اللّهِ بنِ الدَّجَاجِيِّ لِنَفْسِهِ:
يَا غَائِبَ القَلْبِ فِي نَقْصٍ وَفِي لَعِبِ
…
وَذَاهِبَ العُمْرِ في حِرْصٍ وَفِي تَعَبِ
لَا تَغْرُرَنْكَ المُنَى جَهْلًا بِطُوْلِ مُنىً
…
وَيَلْزَمَنْكَ العَنَا بِالزُّوْرِ وَالكَذِبِ
صَاحِبْ فَصَاحَةَ دُنْيَانَا بِمَوْعِظَةٍ
…
تُغْنِي أَخَا الُّلبِّ فِيْهَا عَنْ أَخٍ وَأَبِ =
وَأَنَا عَلَى هَذَا أَكُوْ
…
نُ مَدَى الحَيَاةِ إِلَى القِيَامَهْ
حَدَّثَ بِالكَثيْرِ بِـ"بَغْدَادَ" وَ"وَاسِطَ" وَ"المَوْصِلَ" وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ، وَرَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالنَّجِيْبُ الحَرَّانِيُّ
(1)
، وَأَخُوْهُ عَبْدُ العَزِيْزِ.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ خَامِسَ عَشَرَ مِنْ رَبِيع الأوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَستُّمَائَةَ، وَنُوْدِيَ لَهُ بِجَمِيْعِ مَحَالِّ "بَغْدَادَ" فَاجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ مِنْ الغَدِ، فَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ السُّلْطَانِ، وَدُفِنَ بِـ"بَابِ حَرْبٍ"
(2)
.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْح المَيْدُومِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ (أَنَا) أَبُو نَصْرِ بْنُ الدَّجَاجِيِّ، (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَبَرَةَ
(3)
(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلَّانَ (أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوَانِيُّ
(4)
= لَا تَغْتَرِرْ بِنَسِيءِ الغَافِلِيْنَ وَخَذْ
…
زَادًا يُنَجِّيْكَ مِنْ هَوْلٍ وَمِنْ عَطَبِ
النَّاسُ فِي حَسَدٍ وَالعَيْشُ في نَكَدٍ
…
وَالشَّمْلُ فِي بَدَدٍ وَالتُّرْبُ في تَرَبِ
اسْمَعْ مَقَالَتَهَا وَافْرَعْ جِنَايَتَهَا
…
وَاقْطَعْ مُقَارِبَهَا بِالنَّوْحِ وَالحَرَبِ
أَحْبِبْ أَنِبْ أَقْبِلْ أَقِلْ أذل إسمع أَفِقْ
…
أَجْدِرْ تَحَفَّظْ يَقِيْظًا أَحْسِنْ دَلَّ تَبِ
(1)
مَشْيَخَة الحَرَّانِي الكُبْرَى (ورقة: 69).
(2)
قَالَ ابنُ الشَّعَّارِ: "وَبِالإسْنَادِ، وَآثَرَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى قَبْرِهِ:
أَيُّهَا الزَّائِرُوْنَ بَعْدَ فَنَائِي
…
جَدَثَا ضَمَّنِي وَقَبْرًا عَمِيْقَا
سَتَرَوْنَ الَّذِي رَأَيْتُ مِنَ الأمْـ
…
ـــرِ عَيَانًا وَتَسْلُكُوْنَ الطَّرِيْقَا
(3)
في (ط): "غَيْرَة" وَسَبَقَ تَصْحِيْحُ ذلِكَ.
(4)
في (ط): "النَّهْرَوَانِي" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَفِي الأَنْسَاب لأبي سَعْدٍ السَّمْعَانِيِّ (12/ 324)"بِفَتْحِ الهَاءِ وَالرَّاءِ وَالوَاوِ، وَفِي آخِرِهَا النُّوْنُ هَذِهِ النِّسْبَةِ .. " وَتَرَكَ مَكَانَهُ بَيَاضًا. وَذَكَرَ القاضِيَ أَبا عَبْدِ اللهِ الجُعْفِيَّ المَذْكُوْرَ هُنَا، وَقَال: "كَانَ إِمَامًا فَاضِلًا، جَلِيْلَ =
(ثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ رِيَاح
(1)
الأَشْجَعِيُّ، (ثَنَا) عَلِيُّ بْنُ المُنْذِرِ الطَّرِيْقِيُّ
(2)
(ثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ فَضِيْلِ بْنِ غَزْوَانَ (ثَنَا) أَبِي، عنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:"مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، حَتَّى قُبِضَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم"
(3)
.
240 - عَبْدُ المُنعِمِ بِنُ عَلِيِّ
(4)
بْنِ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ هِبَةِ اللهِ النُّمَيْرِيُّ الحَرَّانِيُّ
= القَدْرِ، مُفْتِيًا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيْفَةَ رحمه الله ثِقَةً، صَدُوْقًا، وَكَانَ مَنْ عَاصَرَهُ مِنَ الكُوْفييْنَ يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ في الكُوْفَةِ من زَمَن عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه إِلَى وَقْتِهِ أَفْقَهَ مِنْهُ" وَذَكَرَ في الرُّوَاةِ عَنِ ابنَ عَلَّانَ. وفي سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (17/ 101) ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بن جَعْفَرِ بنِ رِيَاحٍ الأَشْجَعِىِّ.
(1)
في (ط)"رباح" وإِنَّما هُو "رِيَاحٍ" بَاليَاءِ المَنْقُوْطَةِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا كَمَا فِي "السَّيَرِ".
(2)
في (ط): "الطريفي" وَإِنَّمَا هُوَ "الطَّرِيْقِيُّ" بِالقَافِ بَدَلُ الفَاءِ قَالَ الحَافِظُ أَبو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي "الأَنْسَابِ"(8/ 239) "الطَّرِيْقِيُّ المَنْسُوْبُ إِلَى هَذِهِ النَّسْبَةِ عَلِيُّ بنُ المُنْذِرِ
…
مَنْ أَئِمةِ الكُوْفَةِ" سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ الفَضِيْلِ
…
".
(3)
رَوَاهُ البُخَارِي (9/ 478) في (الأَطْعِمَةِ) بَابُ "مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَأْكُلُوْنَ" وَمُسْلِمٌ رقم (2976) فِي (الزُّهْدِ). والتَّرْمِذِيُّ (2359) في (الزُّهْدِ) بَابُ "مَا جَاءَ في مَعِيْشَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" من حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(4)
240 - نَجْمُ الدِّيْنِ الحَرَّانِيُّ (؟ - 601 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (54)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 68)، وَمُخْتَصَرِهِ (الدُّرِّ المُنَضَّدِ) (1/ 321). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 172)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (4) (ورقة: 76)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 524)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (51)، وَالتَّكمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 59)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرُ (9/ 156)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 92)، وَالعِبَرُ (5/ 2)، وَتَارِيْخُ الإسْلامِ (58)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 187)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 3)(7/ 7). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أُسْرَتُهُ أُسْرَةُ عِلْمٍ فَقَدْ ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ مَحْمُوْدًا في آخِرِ تَرْجَمَتِهِ، وَقَوْلُ المُؤَلِّفِ هُنَا:"قَدِمَ "بَغْدَادَ"
…
وَمَعَهُ وَالِدَاهُ؛ النَّجِيْبُ عَبْدُ الَّلطِيْفِ، وَالعِزُّ عَبْدُ العَزِيْزِ" كَذَا ذَكَرَهُمَا عَرَضًا فِي تَرْجَمَةِ أَبِيْهِمَا، وَهُمَا مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ، وَرُوَاةِ الحَدِيْثِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يُتَرْجِمْ لَهُمَا المُؤَلِّفُ -عَفَا اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ يَعْرِفُهُمَا؟! وَمِثْلُهُ فَعَلَ ابنُ مُفْلِحٍ فِي "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ" وَتَرْجَمَ العُلَيْمِيُّ لِعَبْدِ الَّلطِيْفِ (ت: 672 هـ) وَوَضَعَهُ في غَيْرِ طَبَقَتِهِ إِذْ جَعَلَ وَفَاتَهُ سنة (772 هـ)؟! وَتَرْجَمَ لَهُ في الجُزْءِ الخَامِسِ (140) وَلَمْ يَتَنَبَّه لذلِكَ مُحَقِّقُ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" فَلَمْ يُعَلِّقْ عَلَيْهِ؟! مَعَ أَنَّ العُلَيْمِيَّ نَفْسَهُ تَرْجَمَ لِحَفِيْدِهِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ الَّلطِيْفِ (ت: 769 هـ). وَأَخْطَأَ مُحَقِّقُ "المَنْهجِ الأَحْمَدِ" ثَانَيِةً حَيْثُ أَحَالَ في تَرْجَمَةِ عَبْدِ المُنْعِمِ إِلَى أَنَّ عَبْدَ الَّلطِيْفِ مُتَرْجَمٌ في الجُزْءِ الخَامِسِ رقم (1362) وَالصَّحِيْحُ أَنَّ رَقْمَ تَرْجَمَتِهِ (1369) وَالَّلطِيْفُ الَّذِي يَدْعُو إِلَى العَجَب وَرُبَّمَا إِلَى السُّخْرِيَةِ أَنَّ الرَّقْمَ (1362) غَيْرُ مَوْجُوْدٍ أَصْلًا فِي تَحْقِيْقِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" ففيه (1361) ثُمَّ (1363) وَلَيْسَ فِيْهِمَا أَوْ فِيْمَا قَرُبَ مِنْهُمَا أَيٌّ مِنْ (آلِ الحَرَّانِيِّ) لا عَبد الَّلطِيْفِ وَلَا غَيْرُهُ.
قُلْتُ: إِنَّ الحَافِظَ ابنَ رَجَبٍ -عَفَا اللهُ عَنْهُ- لَمْ يُتَرْجِمْ لِعَبْدِ الَّلطِيْفِ بن عَبْدِ المُنْعِمِ (ت: 672 هـ)، وأَقُوْلُ هُنَا: إِنَّ ابنَ حُمَيْدٍ النَّجْدِيَّ اسْتَدْرَكَهُ عَلَى ابنِ رَجَبٍ في هَامِشِ نُسْخَةِ (أ) وَرَقَة (195) عَنْ "حُسْنِ المُحَاضَرَةِ" وَأُلْحِقَ فِي الجُزءِ الثَّانِي مِنَ "الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ" الَّذي نَشَرَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ حَامد الفَقِي (2/ 461)، نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأَخُوْهُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ المُنْعِم (ت: 686 هـ) مِنْ كِبَارِ المُحَدِّثِيْنَ أَيْضًا، لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُوْنَ في طبقات الحَنَابِلَةِ، وَهُوَ صَاحِبُ "مَشْيَخَةٍ" مَشْهُوْرةٍ نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، اسْتَدْرَكَهُ ابنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ في المُلْحَقِ
الفَقِيْهُ، الوَاعِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُلَقَّبُ نَجْمُ الدِّيْنِ
(1)
، مِنْ أَهْلِ "حَرَّانَ".
رَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" فِي صِبَاهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ لِطَلَبِ العِلْمِ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلَ، وَأَبِي السَّعَادَاتِ القَزَّازِ، وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، حَتَّى حَصَّلَ طَرَفًا صَالِحًا مِنَ المَذْهَبِ وَالخِلَافِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى "حَرَّانَ" ثُمَّ قَدِمَ "بَغْدَادَ" مَرَّةً أُخْرَى سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمَعَهُ وَالَدَاهُ
= بِنُسْخَتِهِ مِنَ "الذَّيْلِ" وهو في المُلْحَقِ بِطَبْعَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ حَامِد الفَقِي (2/ 463).
وَمِنْ أَحْفَادِهِ: عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ الَّلطِيْفِ (ت: 691 هـ). وَيُوْسُفَ بنُ عَبْدِ الَّلطِيْفِ (ت:؟). وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الَّلطِيْفِ (ت:؟). وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدُ الَّلطِيْفِ (ت:؟). وَهاذَانِ الأَخِيْرَانِ ذَكَرَهُمَا الحَافِظُ ابنُ حَجَر في "فِهْرِسْتِهِ". وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ الَّلطِيْفِ (ت: 769 هـ) وَهَذَا بَعْدَ الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ، تَرْجَمَهُ العُلَيْمِيُّ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" وابنُ حُمَيْدٍ في "السُّحبِ الوَابِلَةِ".
وَمِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ:
- مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ عُمَرَ بنُ يَلْدَقَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الصَّيْقَلِ الْحَرَّانِيُّ (ت: 713 هـ) ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (2/ 205) وَقَالَ: "قَرَابَةُ "النَّجِيْبِ" وَكَانَ خَيَّاطًا، يُلَقَّبُ فَخْرَ الدِّيْنِ
…
" وَهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُوْنَ في طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ، نَسْتَدْرِكْهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
- وَذَكَرَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في الدُّرَرِ الكَامِنَةِ (4/ 7) مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ ابنِ أَبِي بَكْرِ بنِ أَيُّوب المَعْرُوْفِ بِـ"ابنِ المُلُوْكِ"(ت: 756 هـ) وَقَالَ: "سَمِعَ جَدَّهُ لأُمِّهِ العِزَّ الحَرَّانِيَّ" وابنُ المُلُوْكِ هَذَا لَمْ يَكُنْ حَنْبَليًّا، ولَوْ كَانَ حَنْبَلِيًّا، فَهُوَ بَعْدَ سَنَة (751 هـ) فَلَا يَلْزَمُ اسْتِدْرَاكُهُ عَلَى الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- وَاللهُ أَعْلَمُ. وَإِنَّمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ؛ لأنَّ لَهُ صِلَةَ قَرَابَةٍ بِالمَذْكُوْرِ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(1)
وَيُلَقَّبُ "مُعِيْنَ الدِّيْنِ" أَيْضًا كَمَا في مَجْمَعَ الآدَابِ لابْنِ الفُوطِيِّ (5/ 691).
النَّجِيْبُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ، وَالعِزُّ عَبْدُ العَزِيْزِ، فَسَمِعَ، وَأَسْمَعَهُمَا الكَثِيْرَ، وَقَرَأَ عَلَى الشُّيُوخِ، وَكَتَبَ، وَحَصَّلَ، وَنَاظَرَ فِي مَجَالِسِ الفُقَهَاءِ، وَحِلَقِ المُنَاظِرِيْنَ، وَدَرَّسَ، وَأَفَادَ الطَّلَبَةَ، وَاسْتَوْطَنَ "بَغْدَادَ" وَعَقَدَ بِهَا مَجْلِسَ الوَعْظِ بِعِدَّةِ أَمَاكِنِ
(1)
. ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ النَّجَّارِ وَقَالَ: كَانَ مَلِيْحَ الكَلَامِ فِي الوَعْظِ، رَشِيْقَ الأَلْفَاظِ، حُلْوَ العِبَارَةِ، كَتَبْنَا عَنهُ شَيْئًا يَسِيْرًا، وَكَانَ ثِقَةً، صَدُوْقًا، مُتَحَرِّيًا حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، مُتَدَيِّنًا، مُتَوَرِّعًا، نَزِهًا عَفِيْفًا، عَزِيْزَ النَّفْسِ مَعَ فَقْرٍ شَدِيْدٍ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ حَسَنَةٌ، وَشِعْرٌ جَيِّدٌ، وَكَلَامٌ فِي الوَعْظِ بَدِيْعٌ، وَكَانَ حَسَنَ الأَخْلَاقِ، لَطِيْفَ الطَّبْعِ مُتَوَاضِعًا، جَمِيْلَ الصُّحْبَةِ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ: كَانَ صَالِحًا، دَيِّنًا
(2)
، نَزِهًا، عَفِيْفًا، كَيِّسًا، لَطِيْفًا، مُتَوَاضِعًا، كَثيْرَ الحَيَاءِ، وَكَانَ يَزُوْرُ جَدِّي، وَيَسْمَعُ مَعَنَا الحَدِيْثَ،
وَذَكَرَ أَنَّهُ اسْتَوْطَنَ "بَغْدَادَ" لِوَحْشَةٍ جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَطِيْبِ "حَرَّانَ" ابْنِ تَيْمَيَّةَ، فَإِنَّهُ خَشِيَ مِنْهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَشْعَرَ ذلِكَ مِنْهُ عَادَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَسَكَنَهَا، قَالَ: وَحَضَرْتُ مَجَالِسَهُ بِـ"بَابِ المَشْرَعَةِ" وَكَانَ يَقْصُدُ التَّجَانُسَ فِي كَلَامِهِ، وَسَمِعْتُهُ يُنْشِدُ
(3)
:
(1)
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: "وَكَانَ يَسْكُنُ بِـ"دَرْبِ نَصِيْرٍ" وَسَكَنَ عِنْدَنَا مُدَّةً بِـ"الظَّفَرِيَّةِ" وَعَقَدَ مَجْلِسَ الوَعْظِ بِـ"مَسْجِدِ ابنِ الوَاسِطِيِّ" ثُمَّ كَثُرَ النَّاسُ فَانْتَقَلَ إِلَى المَسْجِدِ الكَبِيْرِ بِشَارِعِ "الظَّفَرِيَّةِ"، وَلَمَّا عَادَ إِلَى "دَرْبِ نَصِيْرٍ" صَارَ يَجْلِسُ فِي "مَسْجِدِ ابنِ حَمْدِي" عِنْدَ "مَشْرَعَةِ الصَّبَّاغِيْنَ".
(2)
في (ط): "دنيا" خطأ طباعة.
(3)
وَرَدَا فِي أَغْلَبِ مَصَادِرِ التَّرْجَمَةِ.
وَأَشْتَاقُكُمْ يَا أَهْلَ وُدِّي وَبَيْنَنَا
…
كَمَا زَعَمَ البَيْنُ المُشِتُّ فَرَاسِخُ
فَأَمَّا الكَرى عَنْ نَاظِرِي فَمُشَرَّدٌ
…
وَأَمَّا هَوَاكُمْ فِي فُؤَادِي فَرَاسِخُ
وَذَكَرَهُ النَّاصِحُ بْنُ الحَنْبَلِيِّ، فَقَال: اشْتَغَلَ بِالفِقْهِ، وَسَمِعَ دَرْسَ شَيْخِنَا ابْن المَنِّيِّ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَاشْتَغَلَ بِالوَعْظِ، وَفُتِحَ عَلَيْهِ بِالنَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَرَجَعَ إِلَى "حَرَّانَ" وَوَعَظَ بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى "دِمَشْقَ" وَحَضَرَ مَجْلِسِي، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَجْلِسَ فَامْتَنَعَ وَقَال: مَا أَجْلِسُ فِي بَلَدٍ تَجْلِسُ أَنْتَ فِيْهِ، كَأَنَّهُ يُكْرِمُنِي بِذلِكَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى "بَغْدَادَ".
وَقَالَ ابْنُ القَادِسِيِّ: كَانَ دَيِّنًا، صَالِحًا، ذَا مَعْرِفَةٍ، عَذْبَ العِبَارَةِ، مَلِيْحَ الكَلَامِ، كَيِّسًا، مُتَوَاضِعًا، عَقَدَ مَجَالِسَ الوَعْظِ بِـ"بَغْدَادَ".
قُلْتُ: وَقَدْ سَبَقَ فِي تَرْجَمَةِ شَيْخِهِ ابْنِ المَنِّيِّ مَرْثِيَّةً لَهُ فِيْهِ
(1)
وَكَانَ يُفْتِي بِـ"بَغْدَادَ" مَعَ أَكَابِرِ فُقَهَائِهَا.
(1)
تَقَدَّمَتْ فِي تَرْجَمَتِهِ، وفي (عُقُوْدِ الجُمَانِ) لابنِ الشَّعَّارِ:"أَنْشَدَنِي أَبُو الفَضْلِ عُمَرُ بنُ عَلِيَّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ هُبَيْرَةَ، قَالَ: أَنْشَدَنِي وَالِدِي قَالَ: كَتَبَ إِليَّ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الصَّيْقَلَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ رَحَلْتُ مِن مَدِيْنَةِ "حَرَّانَ" وَأَقَمْتُ بِـ"مِصْرَ" صَدْرَ كِتَابٍ:
وَكُنَّا نُرَى "حَرَّانَ" أَطْيَبَ مَنْزِلٍ
…
فَمُذْ غِبْتُمُ عَنْهَا اسْتَبَانَتْ عُيُوْبُهَا
وَبَانَ لَنَا صِدْقُ الَّذي قَالَ قَبْلُنَا
…
"هَوَى كُلُّ نَفْسٍ حَيْثُ حَلَّ حَبِيْبُهَا"
وَالشَّطْرُ الأَخِيْرُ ضَمَّنَهُ شَطْرَ بَيْتٍ لِمَجْنُوْنِ لَيْلَى، وَصَدْرُهُ فِي دِيْوَانِهِ (72، 73):
* فَلَا تَعْذِلُوْنِي فِي الخِطَارِ بِمُهْجَتِي *
وَلَهُ صُدُوْرٌ أُخْرَى فِي دِيْوَانِهِ أَيْضًا، تُراجع هُنَاكَ، وَالخِطَارُ: المُخَاطَرةُ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الخَمِيْسِ سَادِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ
(1)
سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّمَائَةَ، وَنُوْدِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي البَلَدِ، فَاجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ مِنَ الغَدِ بِجَامِعِ القَصْرِ، فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ، وَكَانَ الجَمْعُ مُتَوَافِرًا، ثُمَّ صُلِّيَ نَوْبَةً ثَانِيَةً بِالمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ، وَدُفِنَ بِـ"بَابِ حَرْبٍ" وَأَظُنُّهُ قَارَبَ الخَمْسِيْنَ، أَوْ بَلَغَهَا، رحمه الله
(2)
.
241 - قُلْتُ: وَلَهُ أَخٌ يُقَالُ لَهُ: مَحْمُودٌ، يُكْنَى أَبَا الثَّنَاءِ
(3)
، كَانَ فَقِيْهًا، بَارِعًا، رَأَيْتُ لَهُ تَصْنِيْفًا، سَمَّاهُ:"الإِنْبَا عَنْ تَحْرِيْمِ الرِّبَا" تَكَلَّمَ فِيْهِ علَى بَيعِ الفِضَّةِ المَغْشُوَشَةِ بِالخَالِصَةِ، وَرَأَيْتُ لَهُ سَمَاعًا عَلَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الوَفَاءِ الفَقِيْهِ
(4)
"جُزْءَ ابنِ عَرَفَةَ" وَعلَى حَمَّادٍ الحَرَّانِيِّ، وَرُبَّمَا قِيْلَ فِي نَسَبِ كُلِّ مِنْهُ وَمِنْ أَخِيْهِ: ابْنُ الصَّيْقَلِ وَابْنُ الصَّقَّالِ.
(1)
في (ط)"رَبِيْعٍ الآخِرِ".
(2)
فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ: "رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ".
(3)
241 - أخُوْهُ مَحْمُودٌ هَذَا لَمْ يَقِفِ المُؤَلِّفُ رحمه الله عَلَى أَخْبَارِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ سَنَةَ وَفَاتِهِ؛ لِذَا لَمْ يُفْرِدْهُ بِالتَّرْجَمَةِ، وَحَسَنًا فَعَلَ. وَجَاءَ في هَامِشِ نُسْخَةِ (أ) بِخَطِّ ابنِ حُميدٍ النَّجْدِيِّ:"عِنْدِي بِخَطِّه كِتَابُ "الجَدَلِ" لابنِ عَقِيْلٍ تَارِيْخُهُ سنة (564 هـ)
…
".
أَقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: هَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الآنَ بِدَارِ الكُتُبِ المِصْرِيَّة (رقم 159) أُصُول تَيْمُوْر، وَقدْ نَقَلَهَا الحَرَّانِيُّ المَذْكُوْرُ مِنْ خَطِّ مُصَنِّفِهَا كَمَا جَاءَ عَلَى النُّسْخَةِ، وَهِيَ النُّسْخَةُ الوَحِيْدَة الَّتِي طُبِعَ الكِتَابُ اعْتِمَادًا عَلَيْهَا. يُرَاجَعُ: هَامِشُ تَرْجَمَةِ ابنِ عَقِيْلٍ (ت:513 هـ) السَّابِقَةِ رقم (67)(1/ 316).
(4)
حَرَّانِيٌّ حَنْبَلِيٌّ (ت: 576 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
242 - مُحَمَّدُ بْنُ حَمَد بْنِ حَامِدِ
(1)
بْنِ مُفَرِّحِ بْنِ غِيَاث الأَنْصَارِيُّ، الأَرْتَاحِيُّ المِصْرِيُّ، أَبُوَ عبْدِ اللهِ بْنُ أَبِي الثَّنَاءِ.
(1)
242 - أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَرْتَاحِيُّ: (507 - 601 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 54) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 402)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 70)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرُّ المُنَضَّدِ" (1/ 322). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 170)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 72)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلِ (وَرَقَةَ: 222)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (21/ 415)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (70)، وَالعِبَرُ (5/ 2)، وَدُوَلُ الإِسْلَامِ (2/ 180)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (248)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (334)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (186)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (1/ 120)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرِ (5/ 608)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 188)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 46)(7/ 12).
(الأَرْتَاحِيُّ) نِسْبَةٌ إِلَى "أَرْتَاحَ" بِالفَتْحِ ثُمَّ السُّكُوْنِ، وَتَاءٌ فَوْقَهَا نُقْطَتَانِ، وَأَلِفٌ، وَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ، حِصْنٌ مَنِيْعٌ، وَكَانَ مِنَ العَوَاصِمِ مِنْ أَعْمَالِ "حَلَبَ". يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلدَانِ (1/ 169)، وَذَكَرَ يَاقُوْتٌ المُتَرْجَمَ هُنَادُونَ سِوَاهُ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ، وَمِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ:
- حَامِدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الأَرْتَاحِي (ت: 612 هـ).
- وَابْنُهُ أَحْمَدُ بْنُ حَامِدِ الأَرْتَاحِيُّ (ت: 659 هـ).
ذَكَرَ المُؤَلِّفُ الثَّانِي مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ سِبْطُ المَذْكُوْر هُنَا، كَمَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَتِهِ الآتِيَةِ، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ فِي تَرْجَمَتِهِ.
وَمِنْ هَذِهِ الأُسْرَةِ لاحِقُ بنُ عَبْدُ المُنْعِمِ بنِ قَاسِمِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْدِ بنِ حَامِدِ بنِ مُفَرِّج بنِ غِيَاثٍ الأرْتَاحِيُّ (ت: 658 هـ)، وأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدٍ (ت: 629 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُمَا المُؤَلِّفُ رحمه الله أَسْتَدْرِكُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِمَائَةَ تَخْمِيْنًا. وَسَمِعَ بِـ"مِصْرَ" مِنْ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ ابْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ الأَرْتَاحِيِّ العَابِدِ وَغَيْرِهِ، وَبـ"مَكَّةَ" مِنَ المُبَارَكِ بْنِ الطَّبَّاخِ، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ عُمَرِ المَوْصِلِيُّ الفَرَّاءُ، وَتَفَرَّدَ بِإِجَازَتِهِ، وَحَدَّثَ بِهَا بِشَيءٍ كَثِيْرٍ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: كَتَبَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الحُفَّاظِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ البَلَدِ، وَالوَارِدِيْنَ عَلَيْهَا، وَحَدَّثُوا عَنْهُ، وَهُوَ أَوَّلُ شَيْخٍ سَمِعْتُ مِنْهُ الحَدِيْثَ، وَنَعَتَهُ بِالشَّيْخِ، الأَجَلِّ، الصَّالِحِ، أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ الأَجَلِّ الصَّالِحِ أَبِي الثَّنَاءِ حَمْدٍ. قَالَ: وَهُوَ مِنْ بَيْتِ القُرآنِ وَالحَدِيْثِ وَالصَّلَاحِ، حَدَّثَ مِنْ بَيْتِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَقْرَأَ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ خَلِيْلٍ فِي "مُعْجَمِهِ"
(1)
وَنَعَتَهُ بِـ"الإِمَامِ".
تُوُفِّيَ فِي العِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّمَائَةَ بِـ"مِصْرَ" وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِتُرْبَتِهِمْ، بِسَفْحٍ جَبَلِ المُقَطَّمِ، رحمه الله.
243 - وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ سَلْخِ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّمَائَةَ تُوُفِّيَ يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ البَنَّاءُ الأَزَجِيُّ
(2)
الحَنْبَلِيُّ،
المُحَدِّثُ، وَدُفِنَ يَوْمَ الأَحَدِ مُسْتَهَلِّ المُحَرَّمِ،
(1)
جَاءَ فِي مُعْجَم ابْنِ خَلِيْلِ: "أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنُ حَمْدِ بنِ حَامِدٍ بْنِ مُفَرِّجِ بْنِ غِيَاثٍ بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ بِدَارِهِ فِي "فِسْطَاطِ مِصْرَ" قُلْتُ لَهُ: أَنْبَأَكُمْ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ الفَرَّاءُ فَأَقَرَّ بِهِ
…
".
(2)
243 - ابْنُ البَنَّاءِ الأَزَجِيُّ (546 - 601 هـ):
أَخْبارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 54)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 135)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 70)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرُّ المُنَضَّدِ"(1/ 322)، وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 49)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرَ (9/ 140)، =
سَمِعَ كَثِيْرًا وَكَتَبَ بِخَطِّهِ
(1)
.
244 - جِبْرِيْلُ بنُ صَارِمِ
(2)
بْنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ سَلَامَةَ الصَّعْبِيُّ، المِصْرِيُّ، أَبُو الأَمَانَةِ،
الأَدِيْبُ. قَدِمَ "بَغْدَادَ" سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَهُوَ فَقِيْرٌ، فتفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَقَرَأَ الخِلَافَ، وَصَارَ يَتَكَلَّمُ فِي المَسَائِلِ مَعَ الفُقَهَاءِ، وَجَالَسَ النُّحَاةَ، وَحَصَّلَ طَرَفًا صَالِحًا مِنَ الأَدَبِ، وَقَالَ الشِّعْرَ الجَيِّدَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ، وَمَدَحَ الخَلِيفَةَ النَّاصِرَ بِعِدَّةِ قَصَائِدَ، وَأَثرَى، وَنَبُلَ مِقْدَارُهُ، وَاشْتُهِرَ ذِكْرُهُ، فَنَفَذَ مِنَ الدِّيْوَانِ فِي رِسَالَةٍ إِلَى
= وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 232)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (487)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابْنَهُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ (ت: 642 هـ) فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيأْتِي، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ يُونُسَ (ت: 621 هـ) فِي وَفَيَاتِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
جَاء فِي "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إلَيْهِ": "سَمِعَ الكَثِيرَ بِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ، سَمِعَ مِنْ ابْنِ البَطِيِّ، وَشُهْدَةَ، وَابْنِ يُوسُفَ، وَابْنِ شَاتِيْلَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَكَانَ فِيهِ تَخْلِيْطٌ، سَامَحَهُ اللهُ. وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَتُوُفِّيَ فِي سَلْخِ سَنَةِ سِتِّمَائَةَ".
(2)
244 - جِبْريْلُ بْنُ صَارِمٍ (؟ - بَعْدَ 605 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَر الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةَ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقة: 54)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 297)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 71)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 323). وَيُرَاجَعُ: الجَامِعُ المُخْتَصَرُ (9/ 262)، وَتَارِيْخُ ابْنِ الدُّبَيْثِيِّ نُسْخَة بَارِيْس (ورَقَة: 150)، مَجْمَعُ الآدَابِ (2/ 50)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (11/ 46)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 2)(7/ 6) وَلَقَبُهُ "عِمَادُ الدِّيْنِ". وَ (الصَّعْبِيُّ) مَنْسُوْبٌ إِلَى (الصَّعْبِ) وَفِي العَرَبِ صَعْبُ بنُ السَّكَاسِكُ بنِ أَشْرَسَ بنِ كِنْدَةَ. وَهُنَاكَ صَعْبُ بنُ يَشْكُرَ بنِ رُهْمِ بنِ أَفْرَكَ في "بَجِيْلَة" وَلَا أَدْرِي إِلَى أَيٍّ مُنْهُمَا نُسِبَ المَذْكُوْرُ هُنَا. وَرُبَّمَا كَانَ مَنْسُوْبًا إِلَى غَيْرِهِمَا.
خَوَارَزْمِ شَاهْ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ مَشَايِخِ "خُرَاسَانَ" وَحَصَّلَ نُسَخًا بِمَا سَمِعَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَقَدْ صَارَ لَهُ الغِلْمَانُ التُّرْكُ وَالمَرَاكِبُ، وَلَمْ يَزَلْ يُرْسَلُ مِنَ الدِّيْوَانِ إِلَى خُوَارَزْمَ شَاه إِلَى أَنْ قُبِضَ عَلَيْهِ؛ لِسَبَبٍ ظَهَرَ مِنْهُ، فَسُجِنَ بِدَارِ الخِلَافَةِ، وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ عَنِ النَّاسِ، رَوَى عَنْهُ مِنْ شِعْرِهِ ابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَعَلِيُّ بْنُ الجَوْزِيِّ، وَلَمْ أَقِفْ علَى وَفَاتِهِ
(1)
، وَمِمَّا أَنْشَدَهُ عَنْهُ ابْنُ القَطِيْعِيِّ -وَكَنَّاهُ أَبَا الآثَارِ-:
(2)
(1)
قَالَ ابْنُ السَّاعِي فِي الجَامِعِ المُخْتَصَر (9/ 262) فِي حَوَادِثِ سَنَةَ (605 هـ)، "وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعِ عِشْرِي رَبِيْعِ الآخِرِ وَصَلَ العِمَادُ جِبْرِيْلُ المِصْرِيُّ المُنَفَّذُ إِلَى خُوَارَزم شَاه عَلَاءِ الدِّيْن مُحَمَّدٍ، وَوَصَلَ مَعَهُ رَسُوْلٌ مِنْهُ، وَتَلَقَّاهُ المَرْكَبُ الشَّرِيْفُ الدِّيْوَانِيُّ عَلى عَادَتِهِ فِي ذلِكَ".
(2)
البَيْتَانِ فِي "المَنْهَج الأَحْمَد" وَ"الشَّذرَاتِ" عَنِ المُؤَلِّفِ، وَهُمَا أَيْضًا فِي "الجَامِعِ المُخْتَصَرِ"، وَ"الوَافِي بِالوَفَيَاتِ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفُ رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَةِ (601 هـ).
302 -
أَحْمَدُ بْنُ سَالِمٍ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، أَبُو العَبَّاسِ المَقْدِسِيُّ، المَرْدَاوِيُّ، الزَّاهِدُ، سَمِعَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ بَرِّي. أَخْبَارُهُ فِي تَارِيخ الإِسْلَامِ (43) قَالَ:"وَعَمِلَ لَهُ الضِّيَاءُ تَرْجَمَةَ طَوِيْلَةٍ"، وَالمَقْصَدِ الأرَشْدِ (1/ 112)، وَالقَلَائِدِ الجَوْهَرِيَّةِ (2/ 561)، وَذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ اسْتِطْرَادِ فِي تَرْجَمَةِ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّينِ بْنِ قُدَامَةَ (ت: 621 هـ) فَقَالَ:
"أَحْمَدُ بْنُ سَالِمٍ هَذَا مَرْدَاوِيٌّ، كَانَ عَالِمًا، عَامِلًا، ذَا كَرَامَاتٍ كَثِيْرَةٍ
…
".
303 -
وَذَاكِرُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الفَرَجِ الحَرْبِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ"ابْنِ البَرْنِيِّ" الحَدِيْثُ عَنْ نِسْبَتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ تَأْتِي فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ أَخِيْهِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ المُظَفَّرِ (ت: 621 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ ذَاكِرِ اللهِ فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيَّ (2/ 57)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ لابْنِ نُقْطَةَ (1/ 375)، وَالجَامِعِ المُخْتَصِرِ (9/ 155)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 68)، وَالتَّوْضِيْحِ (1/ 417).
304 -
وضِيَاءُ بْنُ صَالِحِ بْنِ كَامِلِ بْنِ أبِي غَالِبٍ، أَبُو المُظَفَّرِ، البَغْدَادِيُّ، الخَفَّافُ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ عَمَّهُ "المُبَارَكَ بْنَ كَامِل" (ت: 543 هـ) فِي مَوْضِعه وَذكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أُسْرَتِهِ مَنِ اشْتُهِرَ بِالعِلْمِ هُنَاكَ فَلْيُرَاجِعْ مَنْ أَرَادَ ذلِكَ هُنَالِكَ.
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "أَجَازَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ ابْنِ الخَيَّاطِ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بْنُ خَيْرُوْنَ وَجَمَاعَةٌ، وَسَكَنَ "دِمَشْقَ" وَقَدْ وَرَدَ "بَغْدَادَ" تَاجِرًا سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَحَدَّثَ وَرَجَعَ، وَبِـ"دِمَشْقَ" تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 71)، وَمَجمَعِ الآدَابِ (3/ 500) وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (54)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 117) وَلَقَبُهُ: "قَوَامُ الدِّيْنِ".
305 -
وَعَائِشَةَ وَتُدْعَى (فَرْحَةَ) بِنْتُ أَبِي طَاهِرٍ عَبْدِ الجَبَّارِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بنُ البُنْدَارِ، أُمُّ الحَيَاءِ، مِنْ بَيْتِ حِدِيْثٍ وَرِوَايةٍ، رَوَتْ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ الأَشْقَرِ، وَهِيَ زَوْجَةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَشَّقٍ المُحَدِّثِ. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمَلَةِ (2/ 66)، وتَارِيخ الإِسْلَامِ (54، 67)، وَزَوْجُهَا مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَك بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بن حُسَيْنٍ البَغْدَادِي، البَيَّعُ المَعرُوفُ بِـ"ابْنِ مَشَّقَ" (ت: 605 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
306 -
وَعُمَرُ بْنُ سَعْدِ اللهِ بْنِ عَبْدٍ. أَبُو حَفْصٍ الدَّلَّالُ، المَعْرُوْفُ بِـ"ابْن الحَنْبَليِّ". ذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارِ في ذَيْلِ تَارِيخِ بَغداد (5/ 85).
307 -
وَيَاقُوتُ الحَمَّامِيُّ، أَبُو الدُّرِّ، عَتِيْقُ أَبِي العِزِّ ابْنِ بَكْرُوْسٍ، شَيْخٌ بغْدَادِيٌّ، سَمِعَ مِنْ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ الطَّرَّاحِ، وَأَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ صِرْمَا، وَحَدَّثَ أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 67)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (77)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 255).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= - وَيُذْكَرُ هُنَا: أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، وَيُسمَّى هِبَةَ الكَرِيْمِ.
ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ الَّذِي تُوُفِّيَ بَعْدَهُ سَنَةَ (615 هـ) يُرَاجع في مَوْضِعِهِ، ومَحَلُّهُ هُنَا.
- وَأَمَّا يُوْسُفُ بْنُ المُبَارَكِ بْنِ كَامِلٍ الخَفَّافُ، المُتَوَفَّى فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَقَدْ ذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ، عَنِ الحَافِظِ ابْنِ النَّجَّارِ، قَوْلَهُ:"وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ النِّظَامِيَّةِ" يَعْنِي بِـ"بَغْدَادَ"
أَقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَحَوَّلَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لأَنَّهُ مِنْ شَرْطِ التَّدْرِيْسِ بِهَا، وَأَبُوهُ المُبَارَكُ بْنُ كَامِلٍ:(ت: 543) مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الحَنَابِلَةِ، ذَكَرَهُ المُؤَلِفُ فِي مَوْضِعَهِ وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتهِ مِمَّنْ انْتَسَبَ إِلى العِلْمِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ ضِيَاءِ بْنِ صالِحٍ الَّذِي سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي وَفَيَاتِ هَذِه السَّنَةِ. أَمَّا هُوَ فَقَدْ ذَمَّهُ ابْنُ النَّجَّارِ فَقَالَ:"وَكَانَ أمِّيِّا لَا يُحْسِنُ الكِتَابَةَ، وَلَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنَ العِلْمِ، وَكَانَ عَسِيْرًا فِي الرِّوَايَةِ، سَيِّيءَ الخُلُقِ، مُتَبرِّمًا بِأَصْحَابِ الحَدِيْثِ، كُنَّا نَلْقَى مِنْهُ شِدَّةً حَتَّى نَسْمَعَ مِنْهُ، وَكَانَ فَقِيْرًا، مُدْقِعًا، يَأْخُذُ عَلَى الرِّوَايَةِ، مَعَ هَذَا فَإِنَّ ابنِ النَّجَّارِ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ كَثيْرًا فِي "تَارِيْخِهِ" وَذَكَرَ غُيْرُهُ أَنَّهُ: "كَانَ صَالِحًا، حَافِظًا لِكِتَابِ اللهِ" وَمَعَ هَذَا سَمِعَ عَلَيْهِ كِبَارَ المُحَدِّثِيْنَ مِنْهُمْ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ خَلِيْلِ، وَالضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ، وَالنَّجِيْبُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ الحَرَّانِيُّ، وَأَخُوهُ العِزُّ عَبْدُ العَزِيْزِ، وَالتَّقِيُّ اليَلْدَانِيُّ
…
وَغَيرُهُمْ.
وخَرَّجَ لَهُ الحَافِظُ ابْنُ النَّجَّارِ (مشْيَخَةً) فِي ثَلَاثَةِ أَجْزَاء. أَخْبَارُهُ فِي: مَشْيَخةِ النَّجِيب الحَرَّانِيُّ (الكبرى)(وَرقة: 71)، وَالضُغْرَى (ورَقَة: 42)، وَمُعْجَمِ ابنِ خَلِيلٍ (ورقة: 238) وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 60)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبلَاءِ (21/ 417)، وَالعِبَرِ (5/ 3)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 236)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 188)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 6).
لَا غَرْوَ إِنْ أَضَحْتِ الأَيَّامُ تُوْسِعُنِي
…
فَقْرًا، وَغَيْرِي بِالإِثْرَاءِ مَوْسُوْمُ
فَالحَرْفُ فِي كُلِّ حَالٍ غَيْرُ مُنْتَقَصٍ
…
وَيَدْخُلُ الاسْمَ تَصْغِيْرٌ وَتَرْخِيْمُ
245 - عَلِيُّ بْنُ عَمَرِ
(1)
بنِ فَارسٍ الحَدَّادُ البَاجِسْرَائيُّ
(2)
، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ،
= وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (602 هـ) أَحَدًا، وَفِيْهَا:
308 -
عبْدُ العَزِيْزِ بْنُ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، أَبُو بكْرٍ، تَفَقَّهَ عَلى وَالِدِهِ وَسَمِعَ مِنْهُ، وَمِنْ أَبِي مَنْصُورٍ القَزَّازِ، وَغَيْرهِمَا، وَحَدَّثَ، وَوَعَظَ، وَدَرَّسَ، وَتَخَرَّجَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ .. ". أَخْبَارُهُ فِي المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 75)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 46).
309 -
عُمَرُ بْنُ أَبِي بكرٍ بنِ عَبْدِ الله بْنِ سَعْدٍ:، أَبُو عَبْدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ، ابْنُ خَالَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ وَأَخِيْهِ المُوَفَّقِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَلَدِهِ عَبْدِ اللهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (586 هـ). أَخْبَارُ عُمَرَ فِي: التَّكْمِلَة لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 81)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 184)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (101)، وَاخْتُهُ مَرْيَمُ بْنتِ أَبِي بَكْر (ت: 612 هـ) هِي زَوْجَةُ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ أمُّ ابْنِهِ عِيْسَى.
- وَلَعلَّ مِنْهُمْ: ضِيَاءُ بْنُ أَبِي القَاسِمِ أَحْمَدَ بْنِ الحُسَيْنِ، أَبُو عَلِيِّ بْن الخُرَيْفَةِ البَغْدَادِيُّ السَّقْلَاطُوْنيُّ، النَّجَّارُ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: كَانَ جَارًا لأَبِي بَكْرٍ قَاضِي المَارِسْتَان فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَسَمِعَ أَيضًا مِنَ القَاضِي أبي الحُسَيْن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَّاءِ .. ". أَقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: هُمَا مَعْرُوْفَانِ مِنْ كِبَارِ الحَنَابِلَةَ. اَخْبَارُهُ فِي: التَقْيِيْدِ لابنِ نُقطَةَ (302)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 86)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (21/ 418)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 191)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 8).
- وَيَظْهَرُ أَنَّ مِنْهُمْ: صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَارِسٍ الأَزَجِيُّ. أَخْبَارُهُ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (1/ 219)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقَلَة (2/ 86)، وَمَجْمَعِ الآدَاب (4/ 159).
(1)
في (ط): "عَمْرو".
(2)
237 - أبُو الفَرَجِ البَاجِسْرَائيُّ (؟ -603 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقَة: 54)، =
الأَزَجِيُّ الفَرَضِيُّ، أَبُو الفَرَجِ.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبي حَكِيمٍ النَّهْرَوَانِيِّ، وَقَرَأَ الفَرَائِضَ وَالحِسَابَ، وَكَانَ فِيْهِ فَضْلٌ وَمَعْرِفَةٌ، وَتَقَلَّبَ فِي الخِدَمِ الدِّيْوَانِيَّةِ، ذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ وَقَالَ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ رَابِعِ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَشْهَدِ عُبَيْدِ اللهِ، بِالجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ "بَغْدَادَ" -رَحِمَهُ اللّهُ تَعَالَى-.
246 - عَبْدُ الحَلِيْمِ بْنُ مُحَمَّدِ
(1)
بْنِ أَبِي القَاسِمِ بْنِ الخَضِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ تَيْمِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ فَخْرِ الدِّيْنِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ وَالِدِه.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ بِـ"بَغْدَادَ" مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، وَابْنِ المَعْطُوْشِ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بْنِ سُكَيْنَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَأَقَامَ بِـ"بَغْدَادَ" مُدَّةً طَوِيْلَةً، وَقَرَأَ الفِقْهَ، وَالأُصُوْلَ، وَالخِلَافَ، وَالحِسَابَ،
= وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 181)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 72)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 323). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 109)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (3/ 84)، وَتَارِيْخُ الإسْلَامِ (123) وَالمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيخِ بَغْدَادَ (279)، وَالشَّذَارَتُ (5/ 10) (7/ 19). لَقَبُهُ:"فَخْرُ الِدِّيْنِ" وَزَادَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "الحَدَّاد، الفَقِيْهِ" وَنِسْبَتُهُ (البَاجِسْرَائِيُّ) سَبَقَتْ.
(1)
246 - أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ تَيْمِيَّةَ (573 - 603 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابْنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقَة: 54)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 244)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 72)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 324). وَيُرَاجَعُ: المُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيخ بَغْدَاد (279)، وَسَيَأْتِي الحَدِيثُ عَنْ أُسْرَتِهِ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ فَخْرِ الدّيْنِ مُحَمَّدٍ (ت: 622 هـ) إن شَاءَ اللهُ فَهُوَ الأَشْهَرُ.
وَالهَنْدَسَةَ، وَالفَلْسَفَةَ، وَالعُلُوْمَ القَدِيْمَةَ، حَتَّى بَرَعَ فِي ذلِكَ كُلِّهِ، ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ النَّجَّارِ أَنَّ الحَافِظَ ضِيَاءَ الدِّيْنِ سَمِعَ مِنْهُ "جُزْءَ ابْنِ عَرَفَةَ"
(1)
عَنِ ابْنُ كُلَيْبٍ.
وَتُوُفِّيَ سَادِسَ شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّمَائَةَ بِـ"حَرَانَ" رحمه الله.
وَذَكَرَ وَالِدُهُ فِي كِتَابِهِ (التَّرْغِيْبِ) أَنَّ لِوَلَدِهِ عَبْدِ الحَلِيْمِ -هَذَا- كِتَابًا سَمَّاهُ "الذَّخِيْرَةَ" وَذَكَرَ عَنهُ فُرُوْعًا فِي دَقَائِقِ الوَصَايَا، وَعَوِيْصِ المَسَائِلِ الدَّوْرِيَّةِ، وَنَحْوِهَا.
247 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ
(2)
بْنِ أَبِي صَالِحٍ الجِيْلِيُّ البَغْدَادِيُّ، الحَلَبِيُّ،
(1)
"جُزْءُ ابْنِ عَرَفَةَ" مَطْبُوعٌ، بِمَكْتَبَةِ دَارِ الأَقْصَى فِي الكُوَيْتِ سَنَةَ (1406 هـ). وَاسْمُ ابْنِ عَرَفَةَ الحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ بْنِ يزِيْدَ، أَبُو عَلِيِّ البَغْدَادِيُّ، المُؤَدِّبُ (ت: 257 هـ). أَخْبَارُهُ في: الجَرْحِ والتَّعْدِيْلِ (3/ 31)، وَطَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (1/ 376). وَتَخْرِيْجُ تَرْجَمَتِهِ هُنَاكَ.
(2)
247 - الفَقِيْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْن عَبْدِ القَادِرِ (528 - 603 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 54)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 155)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 73)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 324)، وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (351)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 116)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (58)، وَمَشْيَخَةُ النَّعَّالِ (143)، وَمَشْيَخَةُ النَّجِيْبِ الحَرَّانِيِّ (الكُبْرَى) (وَرَقَة: 84)، وَالصُّغْرَى (وَرَقَة: 66)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرُ لابنِ السَّاعِي (9/ 214)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (21/ 426)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (119)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (315)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِين (186)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلَامِ (248)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1385)، وَالعِبَرُ (5/ 6)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 62)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 46)، وَمِرَآةُ الجِنَانِ (4/ 4)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ =
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو بَكْرِ بْنِ الزَّاهِدِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَالِدِهِ،
= (6/ 192)، وَقَلَائِدُ الجَوَاهِرِ (43)، وَشَذَّرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 9)(7/ 18).
يَقُولُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ سُلَيْمَان العُثيمِيْنَ -عَفَا اللهُ عَنْهُ-: عَرَفْتُ مِنْ أَوْلَادِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ تِسْعَةً؛ سَبْعَةُ رِجَالٍ وَامْرَأَتَانِ هُمْ عَلَى تَرْتيْبِ وَفَيَاتِهِمْ كَالتَّالِي:
- إِسْمَاعِيْلُ بْنُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَبُو مُحَمَّدٍ (ت: 600 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
- وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَبُوَ القَاسِم (ت: 606) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ.
- سَعَادَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (ت: 622 هـ) لم يَذْكُرْهَا المُؤَلِّفُ.
- عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (ت: 614 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِفُ.
- عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (ت: 628 هـ) لَمْ يَذْكُرها المُؤلِّفُ.
- نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، القَاضِي (ت: 633 هـ) ذَكَرَ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
- عَبْدُ القَادِرِ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَبُو مُحَمَّدٍ (ت: 634 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ.
- أَبُو المُحَاسِنِ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (ت: 656 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ.
- فَضْلُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (ت:؟) لَمْ يَذكُرْهُ المُؤَلِّفُ نَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ القَاضِي نَصرٍ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى؛ لِجَهْلِ سَنَةِ وَفَاتِهِ لِي الآنَ. وَلِبَعْضِهِمْ أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ، نَذْكُرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. ظَهَرَ لِي بَعْدَ ذلِكَ أَنَّهُ هُوَ أَبُو المَحَاسِنِ لا غَيْرُهُ.
- وَزَوْجَتُهُ: تَاجُ النِّسَاءِ بِنْتُ فَضَائِلِ بنِ عَلِيٍّ التَّكْرِيْتِيُّ (ت: 613 هـ) ذَاتُ عِلْمٍ وَفَضْلٍ، رَوَتْ عَنِ الشَّيْخ عَبْدِ القَادِرِ، وَابنِ البَطِّيِّ، وَرَوَى عَنْهَا ابْنُهَا القَاضِي، أَبُو صَالِحٍ نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 385)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (139).
- وَأَخُوْهَا: عَلِيُّ بنُ فَضَائِلِ بنِ عَلِي التَّكْرِيْتِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الأَزَجِيُّ (ت: 612 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَبَيْتُهُم مَشْهُوْرٌ بِكَثْرَةِ العُلَمَاءِ.
وَأَخِيْهِ عَبْدِ الوَهَّابِ
(1)
.
وُلِدَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَشِيَّةَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ"بَغْدَادَ"، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ بِإِفَادَةِ وَالِدِهِ، وَبِنَفْسِهِ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صِرْمَا، وَأَبِي الفَضْلِ الأُرْمُوِيِّ، وَابْنِ نَاصِرٍ الحَافِظِ، وَأَبِي بَكْرٍ بْنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي الكَرَمِ الشَّهْرَزُوْرِيَّ، وَأَحْمَدَ ابنِ طَاهِرٍ المَيْهَنِيِّ، وَسَعِيْدِ بْنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي الوَقْتِ وَطَبَقَتِهِمْ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى وَالِدِهِ، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالمَذْهَبِ، وَلكِنْ مَعْرِفَتُهُ بِالحَدِيْثِ غَطَّتْ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِالفِقْهِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ حَافِظًا، ثِقَةً، مَأْمُونًا.
وَقَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: لَمْ أَرَ بِـ"بَغْدَادَ" أَحَدًا فِي تَيَقُّظِهِ وَتَحَرِّيْهِ مِثْلَهُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ الدُّبَيْثِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ حَافِظًا، مُتْقِنًا، ثِقَةً، صَدُوْقًا، حَسَنَ المَعْرِفَةِ بِالحَدِيْثِ، فَقِيْهًا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، كَثيْرَ العِبَادَةِ، مُنْقَطِعًا فِي مَنْزِلهِ عَنِ النَّاسِ، لَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي الجُمُعَاتِ، مُحِبًّا لِلرِّوَايَةِ، مُكْرِمًا لأَهْلِ العِلْمِ، سَخِيًّا بِالفَائِدَةِ، ذَا مُرُوْءَةٍ، مَعَ قِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ، وَأَخْلَاقٍ حَسَنَةٍ، وَتَوَاضُعٍ، وَكَيَسٍ، وَكَانَ خَشِنَ العَيْشِ، صَابِرًا عَلَى فَقْرِهِ، عَزِيْزَ النَّفْسِ، عَفِيْفًا، عَلَى مِنْهَاجِ السَّلَفِ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ زَاهِدًا، عَابِدًا، وَرِعًا، لَمْ يَكُنْ فِي
(1)
وَالِدُهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةَ (561 هـ)، وَأَخُوهُ عَبْدُ الوَهَّابِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (593 هـ).
أَوْلَادِ الشَّيْخِ مِثْلُهُ، وَكَانَ مُقْتَنِعًا مِنَ الدُّنْيَا بِاليَسِيْرِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِيْمَا دَخَلَ فِيْهِ غَيْرُهُ مِنْ إِخْوَتِهِ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ: حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الدُّبَيْثِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ؛ وَالنَّجِيْبُ عَبْدُ اللَّطِيفِ، وَالتَّقِيُّ اليَلْدَانِىُّ
(1)
وَابْنُهُ قَاضِي القُضَاةِ أَبُو صَالِحٍ، وَآخرُونَ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ سَادِسَ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسُتُّمَائَةَ، وَحُمِلَ مِنَ الغَدِ عَلَى الرُّءُوسِ، وَصُلِّيَ عَلَيهِ بِالمُصَلَّى، ثُمَّ بِجَامِعِ "الرُّصَافَةِ"، وَبِمَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ، وَشَيَّعَهُ الخَلْقُ الكَثِيْرِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، رضي الله عنه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتح المَيْدُوْمِيُّ بِـ"مِصْرَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ (أثَنَا) الحَافِظُ أَبُو بكْرٍ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ عَبْدِ القَادِرِ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ صِرْمَا (أَنَا) أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ البَاقِي بْنُ مُحَمَّدٍ العَطَّارُ (أَنَا) أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، قَالَ: قُرِيءَ عَلَى أَبي كُرَيْبٍ، وَأَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:"أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ وَغَرِّبَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وَأَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائيُّ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ
(2)
.
(1)
فِي (ط): "البلداني" وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيْهُ عَلَيْهِ.
(2)
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ (4/ 44)(كِتَابُ الحُدُوْدِ)، بَابُ "مَا جَاءَ فِي النَّفِي"، وَأَخرَجه النِّسَائِي فِي سُنَنِهِ الكُبْرَى:(4/ 323)، أَبُوْابُ التَّعْزِيْرِ وَالشُّهُوْدِ، بَابُ "التَّغْرِيْبِ"، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَهُوَ فِي المُسْتَدْرك لِلْحَاكِمِ (4/ 269)، وَالسُّنَنِ الكُبْرَى لِلْبَيْهَقِي (8/ 223).
يُسْتَدْرَكُ علَى المُؤَلَّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنِةَ (603 هـ):
310 -
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ هِبَةِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، الخَازِنُ، فَخرُ الدِّينِ، أَبُو المَعَالِي بْنُ عَمِّ الوَزِيْرِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ (ت: 593 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "مِنْ بَيْتِ العَدَالَةِ وَالرِّوَايَةِ" وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: "وَحَدَّثَ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ مِنَ الكُتُبِ الكِبَارِ وَالأَجْزَاءِ كَتَبَ: "الطَّبَقَاتِ الكَبِيْرَةَ" لِمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ كَاتِبِ الوَاقِدِيِّ، وَ"مُسْنَدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ" وَ"صَحِيْحَ البُخَارِيِّ" و"صَحِيْحَ مُسْلِمٍ" وَ"الأَغَانِيَ" لأَبِي الفَرَجِ الأَصْبَهَانِيِّ، وَغَيْرَ ذلِكَ
…
". وَذَكَرَ الحَافِظُ ابْنُ نُقْطَةَ الحَنْبَلِيُّ: أَنَّهُ رَوَى "البُخَارِيَّ" عَنْ عَبْدِ الأَوَّلِ، وَسَمَاعَهُ صَحِيْحٌ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (1/ 217)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 213)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 109)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (2/ 558)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 226)، وَتَارِيخِ الإِسْلَامِ (108)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (8/ 232).
311 -
وَذَكَرَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ وَالِدَهُ يَحْيَىَ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَقَالَ:"سَمِعَ وَحَدَّثَ".
وَذَكَرَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ أَخَوَاهُ عَبْدَ المُنْعِمِ (ت: 600 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ وَزَيْدًا (ت: 621 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
312 -
وَسَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ مُفْلِحٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ، المُؤَذِّنُ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسلامِ: 114، وَقَالَ:"تُوُفِّيَ كَهْلًا".
يَقُولُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ سُلَيْمَانَ العُثَيْمِيْنَ -عَفَا اللهُ عَنْهُ-: هُوَ وَالِدُ الكَاتِبِ الأَدِيْبِ الشَّاعِرِ، مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَخِيْهِ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ (ت: معًا 650 هـ) ذَكَرَ المَؤَلِّفُ مُحَمَّدًا فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَاسْتَدْرَكْتُ أَحْمَدَ عَلَى المُؤَلِّفِ فِي مَوْضِعِهِ أَيْضًا. وَلِسَعْدٍ هَذَا أَخَوَانِ هُمَا:(عُثْمَانُ)، وَ (عَمْرٌو) كَمَا فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ (321)، وَلِعَمْرٍو ابْنَانَ هُمَا (أَحْمَدُ) وَ (مُحَمَّدٌ). لَهُمَا ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 313 - وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرِ بْنِ أَبِي الفَتْحِ الحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالَوِيْهِ الصَيْدَلانِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، الأَصْبَهَانِيُّ، سِبْطُ حُسَيْنِ بْنِ مَنْدَه، يعْرَفُ بِـ"سِلَفَةَ" مُحَدِثٌ كَبِيْرٌ، سَمِعَ "المُعْجَمَ الكَبِيْرَ" لِلْطَّبَرَانِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ كِبَارُ الحُفَّاظِ، وَسَمِعَ مِنْهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ شَيْئًا كَثِيْرًا، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَةِ جَدِّهِ لأُمِّهِ حُسَيْنِ بْنِ مَنْدَه؟! وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ (آلِ مَنْدَه) الأَصْبَهَانِيِّيْنَ الحَنَابِلَةِ المَشَاهِيْرِ، أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَة لِلْمُنْذِرِيِّ (2/ 121)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 433)، وَتذكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1386)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (21/ 430)، وَذَيْلِ التَّقْيِيْدِ (1/ 83)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 193)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 10)، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ ابْن خَلِيل (ورَقَة: 213)، وَلَقَبُهُ "المُفَضَّلُ". وَضَبْطُ "سِلْفَةَ" فِي نُزْهَةِ الأَلْقَابِ (1/ 371).
314 -
وَمَرْيَمُ الرُّومِيَّة: أُمُّ أَوْلَادِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلَانِي وَمَوْلَاتُهُ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: سَمِعَتْ مِنْ أَبِي مَنْصُورٍ القَزَّازِ، لكِنْ لَمْ تَرْوِ"، أَخْبَارُهَا فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (132).
وَلَعَلَّ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
- عَتِيْقُ بنُ أَبِي الفَضْلِ، أَبُو بكْرٍ البَنْدَنِيْجِيُّ، الأَزَجِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكمِلَةِ (2/ 111)، سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ، وَمِنَ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ القَادِرِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ الجِيْلِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ يُعْرَفُ بِـ"مَعْتُوْقٍ" وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ (122).
- وَيُذْكَرُ هُنَا: مَحُمُوْدُ بْنُ سَالِمِ بْنِ مَهْدِي، البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، الضَّرِيْرُ، المَعْرُوفُ بِـ"الخَيِّرِ" أَبُو الثَّنَاءِ، وَيُقَالُ: أَبُو الشُّكْرِ، ذَكَرَهُ المَؤَلِّفُ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 648 هـ) وَهَذَا مَوْضِعُهُ، وَهُوَ مُتَرْجَمٌ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (2/ 468)، وَالتَّكْمِلَةِ (2/ 99)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيهِ (3/ 182)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (132).
315 -
وَلَهُ ابنٌ آخَرُ اسْمُهُ: إِسْمَاعِيْلُ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابْنُ نُقْطَةَ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (2/ 468)، قَالَ:"شَابٌّ قَدْ سَمِعَ الحَدِيْثَ مَعَنَا بِأَخَرَةٍ" وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ أَخْبَارِهِ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَتَمَيَّزْ بَعْدُ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
248 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِيْسَى
(1)
بْنِ أَبِي الحَسَنِ، عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ البُزُوْرِيِّ
(1)
248 - ابْنُ البُزُوْرِيِّ الوَاعِظُ (539 - 604 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لاْبن نَصْرِ اللهِ (وَرقَة: 54)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 75)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 325). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (1/ 401)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 537)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (62)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 137)، وَالجَامِعُ المُخْتَصرُ (9/ 249)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 208)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (149)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 50)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 17)، (7/ 24). وَأَخُوهُ عُمُرُ بْنُ عِيْسَى (ت: 618 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(تَمْيِيْزٌ) هُنَاكَ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ الوَاعِظُ التَّاجِرُ السَّفَّارُ، المُؤَرِّخُ مَحْفُوظُ ابنُ مَعْتُوْقٍ البُزُوْرِيُّ الَّذِي ذَيَّلَ عَلَى "المُنْتَظَمِ" فَأفَادَ، رَأَى مِنْهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ ثَلَاثَ مُجَلَّدَاتٍ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ كَبِيْرٌ، وَقَالَ: إِنَّهَا سَلِمَتْ فِي خِزَانَتِهِ الَّتِي بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، قَالَ:"وَكَانَ فِيْهَا جُمْلَةً مُفِيدَةً" وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِ الحَافِظِ الذَّهَبِيِّ، وَقَالَ ابْنُ الفُوَطِيِّ: إِنَّهُ "وَقَفَ كُتُبَهُ عَلَى تُرْبَتِهِ الَّتِي أَنْشَأهَا بِـ"الصَّالِحِيَّةِ" وَدُفِنَ بِهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّمِائَةَ" وَكَانَ حَصَّلَ الكُتُبَ النَّفِيْسَةَ شِرَاءً وَاسْتِنْسَاخًا. وابْنُهُ العَلَّامَةُ الوَاعِظُ: نَجْمُ الدِّيْنِ مَعْتُوْقٌ البُزُوْرِيُّ. وابْنُهُ الآخَرُ كَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْتُوْقٍ البُزُوْرِيُّ. وَحَفِيْدُهُ: مَحْفُوْظُ بْنُ مَعْتُوْقِ بْنِ مَحْفُوْظِ عِزُّ الدِّيْنِ البُزُوْرِيُّ. هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ لَهُمْ ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ، وَلَا أَعْرِفُ صِلَةَ قَرَابةٍ تَرْبِطُهُمْ بِالمَذْكُوْرِ المُتَرْجِمِ هُنَا، وَهُمْ مِنَ الشَّافِعِيَّة نَصَّ علَى ذلِكَ مُتَرْجِمُوْهُمْ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُمْ لِلْتَّميِيْزُ فَحَسْبُ؛ لِئَلا يَظُنَّ أَنَّ الكِتَابَ أَخَلَّ بِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ. وَتَذْيِيْلُ محْفُوْظٍ علَى "المُنْتَظَمِ" لابنِ الجَوْزِيِّ قَدْ يُوْهِمُ أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ مِثْلُهُ. وَلَيْسَ الأَمْرُ كَذلِكَ.
البَغْدَادِيُّ، البَابَصْرِيُّ، الوَاعِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو الفَرَجِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَهِبَةِ اللهِ الشِّبْلِيِّ
(1)
، وَأَبِي المُظَفَّرِ بْنِ التُّرَيْكِيِّ
(2)
، وَأَبِي مُحَمَّدٍ المَادِحِ، وَأَبِي المَعَالِي بْنِ النَّحَّاسِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَرَأَ الوَعَظَ، وَالفِقْهَ، وَالحَدِيْثَ، علَى الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوزِي، وكَان خِصِّيْصًا بِهِ، ثُمَّ تَهَاجَرَا، وَتَبَايَنَا إلَى أَنْ فَرَّقَ المَوْتُ بَيْنَهُمَا.
قَالَ سِبْطُ ابْنُ الجَوْزِيِّ: ثُمَّ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِمُضَاهَاةِ جَدِّي، وَكَنَّى نَفْسَهُ بِكُنْيَتِهِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ سَفْسَافُ
(3)
أَهْلِ "بَابِ البَصْرَةِ" وَانْقَطَعَ عَنْ جَدِّي، وَلَمَّا جَاءَ مِنْ "وَاسِطَ" مَا جَاءَ إِلَيْهِ، وَلَا زَارَهُ، وَتزَوَّجَ صَبِيَّةً وَهُوَ فِي عَشْرِ السَّبْعِيْنَ، فَاغْتَسَلَ فِي يَوْمِ بَارِدٍ، فَانْتَفَخَ ذَكَرُهُ، فَمَاتَ.
وَقَالَ القَادِسِيُّ: كَانَ تِلْمِيْذُ شَيْخِنَا ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَصَحِبَهُ مُدَّةً، وَانْتَفَعَ بِهِ، ووَعَظَ بِجَامِعِ المَنْصُورِ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ بَعْضَ الأَيَّامَ عَلَى الكُرْسِيِّ: إِنَّ الثُّعْبَانَ لَمْ يَلْدَغْ أَبا بَكْرِ الصِّدِّيْقَ، وَلَمْ يَصَحَّ ذلِكَ، فَذَكَرْنَا ذلِكَ لِشَيْخِنَا ابنِ الجَوْزِيِّ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الحَدِيْثِ قَدْ ذَكَرَهُ الَّلالَكَائِيُّ
(4)
، وَكَانَ مِنْ
(1)
في (ط)"ابن السُّبكي".
(2)
في الأُصُولِ كُلِّهَا "مَا عَدَا"(ج)"البَرمكي" وَصَوَابُهَا: "التُّرَيْكِيُّ" كَمَا هُوَ مُثْبِتٌ وَهُوَ أَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحمَدَ الهَاشِمِيَّ (ت: 555 هـ) كَمَا فِي سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (20/ 359). وَهُوَ حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
السفساف: الحقير.
(4)
هُوَ الإِمَامُ الحافِظُ، المُجَوَّد، المُفْتِي، المُحَدِّثُ، هِبَةُ اللهِ بْن الحَسَنِ بنِ مَنْصُورِ، أَبُو القَاسِمِ الطَّبرِيُّ، الرَّازِيُّ، الشَّافِعِيُّ، اللَّالَكَائِيُّ، مُفِيْدُ "بِغْدَادَ" فِي وَقْتِهِ (ت: 418 هـ). أَخْبَارُهُ في =
سَادَةِ أَهْلِ الحَدِيْثِ، وَأَنَّ ابنَ عِيْسَى قَالَ كَلِمَاتٍ كَتَبَهَا مِنْ عِنْدِي. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: إِنَّ مَشْهَدَ المُسْتَقَةِ
(1)
لَمْ يَصِحَّ أَنَّ عَلِيًا اشْتَرَاهُ بِمُسْتُقَتِهِ، وَذَكَرَ قِصَّتَهُ، وَأَنَّ الرَّافِضَةَ وَضَعُوا ذلِكَ، قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ شَيْخُنَا ابْنِ الجَوْزِيِّ بِكَذِبِهِ؛ لِمَا بَانَ لَهُ مِنْهُ. قُلْتُ: لَا رَيْبَ فِي وُقُوعِ العَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا.
قَالَ: وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى قَرْيَةِ "بُزُوْرَ"
(2)
قَرْيَةٌ بِـ"دُجَيْلٍ" وَقَالَ ابنُ القَطِيْعِيِّ: رَفِيْقنَا، كَانَ فِيْهِ دِيْنٌ، وَأَنْشَدَنِي مِنْ شِعْرِهِ شَيْئًا.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَتَفَقَّهَ علَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَوَعَظَ، وَكَانَ صَالِحًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، خَشِنَ العَيْشِ، غَزِيْرَ الدَّمْعَةِ عِنْدَ الذِّكْرِ، كَتَبْتُ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي جَمَعَ "سِيْرَةَ ابْنِ المَنِّيِّ وَطَبَقَاتِ أَصْحَابِهِ"، وَذَكَرَ فِيْهَا: أَنَّهُ لَزِمَهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ، وَكَلَامُهُ فِيْهَا يَدُلُّ عَلَى فَصَاحَتِهِ، وَمَعْرِفَتِهِ بِالفِقْهِ وَالأُصُوْلِ وَالجَدَلِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الحَافِظُ الضِّيَاءِ، فَقَالَ: شَيْخُنَا، الإِمَامُ، الوَاعِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَلكِنَّ ابْنَ الجَوْزِيِّ وَأَصْحَابَهُ يَذُمُّوْنَهُ.
= تَارِيخِ بَغْدَادَ (14/ 70)، وَالمُنْتَظَمِ (8/ 34)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (17/ 419)، وَالشَّذَرَاتِ (3/ 211)، وَالرِّسَالَةِ المُسْتَطْرَفةِ (37)، وَكِتَابُهُ في السُّنَّةِ مَشْهُوْرٌ، وَشَرَحَهُ، وَيُعْرَفُ بِـ"شَرْحِ أَصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ" نَشَرَهُ زَمِيْلُنَا الفَاضِلُ: أَحْمَد سَعْد حَمْدَان الغَامِدِي فِي دَار طَيِّبَة فِي الرِّيَاض.
(1)
المُسْتَقَةُ: -بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا- فَرْوٌ طَوِيْلُ الكُمَّيْنِ، وَهِيَ تَعْرِيْبُ مُشْتَه، كَذَا فِي النِّهَايَة لاْبنِ الأَثِيْرِ (4/ 326). وَيُرَاجَعُ: المُعَرَّبُ (308)، وَقَصْدُ السَّبِيْلِ (1/ 466).
(2)
لَمْ يَذْكُرْهَا يَاقُوتٌ في "مُعْجَمِ البُلْدَانِ".
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ السَّادِسِ مِنْ شَعْبَانَ
(1)
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِجَامِعِ المَنْصُورِ، وَحَمَلَهُ النَّاسُ عَلَى رُءُوسهِمْ إِلَى بَابِ حَرْبٍ، وَدُفِنَ هُنَاكَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-.
249 - مُحَمَّدُ بْنُ النَّفِيْسِ
(2)
بْنِ مَسْعُودِ بْنِ أَبِي سَعْدِ بْنِ عَلِيٍّ السَّلَامِيُّ، الطَّحَّانُ الفَقِيْهُ، الأَدِيْبُ، أَبُو سَعْدِ بْنِ الفَقِيْهِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَيُلَقَّبُ "شَمْسُ الدِّيْنِ"
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَالِدِهِ.
وُلِدَ أَبُو سَعْدٍ فِي رَبِيْعِ الآخِرِ
(3)
سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ،
(1)
في بعض الأصول: "شوال".
(2)
348 - ابنُ النَّفِيْسِ السَّلَامِي (553 - 604):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 54)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 530)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 76)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 326). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (3/ 589)، وعُقُوْدُ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (6/ 207، 254)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 143)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (161)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (5/ 133)، وَالتَّوْضِيْحُ (5/ 431)، تَرْجَمَ لَهُ ابنُ الشِّعَّارِ مَرَّتَيْنِ، نَقَلَ أَخبَارَهُ فِي الأُوْلَى عَن ابنِ القَطِيْعِيِّ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَنِ ابنِ النَّجَّارِ وَالقَطِيْعِيِّ مَعًا، تَقَدَّم ذِكْرُ وَالِدِهِ فِي وَفَياتِ سَنَةِ (566)، وَعُرِفَ وَالِدُهُ بـ"ابنِ صَعْوَةَ" وَتَقْيِيْدُهَا هُنَاكَ.
(3)
في (ج): "الأوَّلِ".
يُسْتَدَرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَةِ (604 هـ).
316 -
أَحمَدُ بْنُ الحَافِظِ أَبِي العَلَاءِ الحَسَنُ بْنِ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ، العَطَّارُ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (569 هـ). قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"كَانَ حَسَنَ السَّمْتِ، فَقِيْهًا، فَاضِلًا، أَدِيْبًا". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 127)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إِلَيْه (1/ 178)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (138).
317 -
وَحَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بن الفَرَجِ بْنِ سَعَادَةَ الرُّصَافِيّ، الوَاسِطِيُّ الأَصْلِ، أَبُو عَليٍّ المُكَبِّرُ النَّسَّاجُ، مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ، وَرُوَاةِ الحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ:"حَدَّثَنَا ابن نُقْطَةَ، حَدَّثنا أَبُو الطَّاهرِ بنُ الأَنْمَاطِيِّ بِـ"دِمَشْقَ" قَالَ: حَدَّثَنِي حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: لَمَّا وُلِدْتُ مَضَى أَبِي إِلَى الشَّيخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ وَقَالَ لَهُ: قَدْ وُلِيَ وَلَدٌ فَمَا أُسَمِّيهِ؟ قَالَ: سَمِّه حَنْبَلَ، وَإذَا كَبِرَ سَمِّعْهُ "مُسْنَدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ" قَالَ: فَسَمَّانِي كَمَا أَمَرَهُ، فَلَمَّا كَبِرْتُ سَمَّعَنِي "المُسْنَدَ" وَكَانَ هَذَا بِبَرَكَةِ مَشُوْرَةِ الشَّيْخِ فَرَوَى "المُسْنَدَ" بِـ"بَغْدَادَ" وَ"المَوْصِلَ" وَ"إِرْبِلَ" وَ"دِمشْقَ" قَالَ ابْنُ الأَنْمَاطِيِّ: "فَاجْتَمَع إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ لَا نَعْلَمُهَا اجْتَمَعَتْ فِي مَجْلِسِ سَمَاعٍ قَبْلَ هَذَا بِـ"دِمَشْقَ" بَلْ لَمْ تَجْتَمِعْ قَطُّ لأَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى "المُسْنَدَ". وَذَكَرَ ابنُ الأَنْمَاطِيِّ أَنَّ وَالِدَهُ عَبْدَ اللهِ قَدْ وَقَفَ نَفْسَهُ عَلَى السَّعْيِ فِي مَصَالِحِ المُسْلِمِيْنَ، وَالمَشْيِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ، وَكَانَ أَكْبَرُ هَمِّهِ تَجْهِيْرُ مَنْ يَمُوْتُ عَلى الطُّرُقِ"، وَأَخْبَارُ حَنْبَل كَثِيْرَةٌ مِنْهَا فِي: التَّقْيِيْدِ لابنِ نُقْطَةَ (259)، وَتَارِيخِ إِرْبِلَ (1/ 162)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 125)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 245)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (62)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 536)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (21/ 431)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (142)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 54)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 195)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 12)، وَلَهُ ذكرٌ فِي مُعْجَم ابنِ خَلِيْلٍ (ورَقَة: 153)، وَمَشْيَخَتَيْ النَّجِيْبِ الحَرَّانِيِّ "الكُبْرَى" (وَرَقَة: 72)، وَ"الصُّغْرَى" (ورَقَة: 42)، وَمَشْيَخَة ابنِ البُخَارِي (الشَّيخُ الخَامِس).
318 -
وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ سَالِمِ بْنِ بَاقَا، أَبُو مُحَمَّدٍ السِّيْبِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ، التَّاجِرُ، العَدْلُ، المَعْرُوفُ بِـ"ابْنِ الدُّويْكِ" ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ عَبْدَ العَزِيْزِ (ت: 630 هـ) فِي مَوْضِعِه. أَخْبَارُ عَبْدِ اللهِ فِي: التَّكْمِلَةِ (2/ 132)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 247)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (4/ 340)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 134)، وَتَارِيخِ الإِسْلَامِ (147).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 319 - وَعبْدُ المُجِيْبِ بْنُ أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُهَيْرٍ الحَرْبِيُّ، ابْنُ أَخِي الشَّيْخ عَبْدِ المُغِيْثِ ابْن زُهَيْرٍ (ت: 583 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله: "شَيْخٌ، صَالِحٌ، حَافِظٌ لِلْقُرْآنِ .. قَدِمَ عَلَى المَلِكِ العَادِلِ رَسُوْلًا مِنَ الدِّيْوَانِ العَزِيْزِ، وَزَارَ "بَيْتَ المَقْدِسِ" سنةَ (600 هـ)، وسَمِعَ بِإفَادَةِ عَمِّهِ الشَّيْخِ عَبْدِ المُغِيْثِ
…
وحَدَّثَ بِـ"مِصْرَ" وَ"الشَّامِ" وَتُوُفِّيَ بِـ"حَمَاةَ". أَخْبَارُهُ فِي: مِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 537)، وذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (62)، وَفِيْهِ:(عَبْدُ المَجِيْدِ) تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَالتَّكْمِلَة لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 126)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 254)، والعِبَرِ (5/ 10)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبلَاءِ (21/ 472)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (151)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إلَيْهِ (3/ 95)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 195)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 12)، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَم ابنِ خَلِيْلٍ، وَمَشْيَخَتَيْ عَبْدِ اللَّطِيْفِ الحَرَّانِيِّ "الكُبْرَى" وَ"الصُّغْرَى"، وَمَشْيَخَة ابن البُخَارِيِّ
…
وَهُوَ الشَّيْخُ الأَوَّلُ مِنَ المُلْحَقِ (3/ 1939). وَابْنَتُهُ خَالِصَةُ سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهَا فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (640 هـ).
320 -
وَعَفِيْفَةُ بِنْتُ المُبَارَكِ بْنُ مُحَمَّدِ بنِ مَشَّقٍ، أُخْتُ المُحَدِّثُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدٍ الآتِي فِي اسْتِدْرَاكِ وَفَيَاتِ سَنَةِ (605 هـ)، أَخْبَارُهُمَا فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 133)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (153). قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ:"وَهِيَ زَوْجُ أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحِ بْنِ شَافِعٍ الجِيْلِيِّ، وَأُمُّ وَلَدِهِ أَبي المُعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ".
321 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ الحَافِظِ أَبِي بكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَرْزُوْقيٍ البَاقِدَارِيُّ، أَخُو عَجِيْبَةَ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ أَبَا بَكْرٍ (ت: 575 هـ) فِي مَوْضِعِهِ وسَتَأْتِي أَخْتُهُ عَجِيْبَةُ فِي الاِسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِ سَنَة: 647 هـ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله سَمِعَ أَبَا الفَتْحِ بْنَ البَطِّيِّ، وَأَبَا زُرْعَةَ، وَخَلْقًا كَثِيْرًا، وَبَلَغَتْ أَثْبَاتُ مَسْمُوْعَاتِهِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِيْنِ جُزْءًا" لأَنَّ أَبَاهُ بَالَغَ فِي إِفَادَتِهِ، وَتُوُفِّيَ أَبُوْهُ وَهُوَ شَابٌّ، فَاشْتَغَلَ بِالمَعِيْشَةِ، وَتَرَكَ الطَّلَبَ، وَمَاتَ كَهْلًا، فَلَمْ يُحْتَجْ إِلَى مَسْمُوْعَاتِهِ، قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: "وَمَنِ العَجَبِ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ شَيْئًا البَتَّةَ" وَسَبَقَ أَنْ ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَنَّ وَالِدَهُ مَاتَ فِي سِنِّ الكُهُوْلَةِ أَيْضًا. أخْبَارُهُ
وَقَرَأَ القُرْآنَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الرَّحْبِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الخَشَّابِ النَّحْوِيِّ، وَشُهْدَةَ، وَقَرَأَ الفِقْهَ علَى ابْنِ المَنِّيِّ.
وَذَكَرَهُ القَطِيْعِيُّ فَقَالَ: شَابٌّ حَسَنُ الخَلْقِ وَالخُلُقِ، مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ وَالفِقْهِ، كَانَ يَسْمَعُ مَعَنَا الحَدِيْثَ.
وَقَال ابْنُ القَادِسِيِّ: كَانَ فَقِيْهًا، حَسَنًا، خَيِّرًا مُتَمَيِّزًا.
= فِي: مُعْجَمِ البُلْدَانِ (1/ 388)، وَالتَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 134)، وَالمُخْتصَرِ المُحْتَاج إِلَيْه (1/ 125)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (160)، وَسَبَقَتْ نِسْبَتُهُ فِي تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ، وَأَنَّ (القَافَ) يَجُوْزُ فِيْهَا الفَتْحُ وَالكسْرُ، رِوَايَتَانِ.
322 -
عَبْدُ المُنْعِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ ابن مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ الفَرَّاءُ البَغْدَادِيُّ، مِنْ (آلِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى) ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ عَبْدَ الرَّحِيْمِ (ت: 578 هـ) فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ أَخِيْهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلِيٍّ (ت: 580 هـ) وَبَيْتُهُمْ مَشْهُوْرٌ بِالعِلْمِ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكمِلَةِ لِلْمُنْذِرِيِّ (2/ 133)، قَالَ: "وَلَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الرِّوَايَةِ، وَأُخْتُهُ يَاسَمِيْنَ (ت: 636 هـ) نَذْكُرْهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَلَعَلَّ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
- طَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْن أَبِي بَكْرٍ البَقَّالُ، أَبُو بكْرٍ الأَزْجِيُّ، أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِلْمُنْذِرِيِّ (2/ 124)، وَتَارِيخِ الإِسْلَامِ (147).
- وعَبْدُ الوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ سُلْطَانِ، أَبُو الفَضْلِ الأزَجِيُّ البَيِّعُ المُقْرِئُ الأُسْتَاذُ. قَالَ الحَافِظُ ابْنُ النَّجَّارِ:"قَرَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ القِرَاءَاتِ فَأَكْثَرُوا، وَكَانَ صَدُوقًا، نَزِهًا، عَفِيْفًا" أَخْبَارُهُ كَثِيْرَةٌ مِنْهَا فِي: ذَيْلِ تَارِيخ بَغْدَادَ لابْنِ النَّجَّارِ (1/ 245)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقلةِ (2/ 129)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 246)، وَمَعْرِفَةِ القُرَّاءِ الكبَارِ (2/ 584)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 474)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 195)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 413).
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: حَدَّثَ بِشَيْءٍ مِنْ تَأْلِيْفِهِ، تُوُفَّيَ لَيْلَةَ ثَانِي عِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَستِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بمَقْبَرةِ "الزَّرَّادِيْنَ"، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ القَادِسِيِّ، وَزَادَ: لَيْلِةَ الجُمُعَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَقَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: فِي ذِي القَعْدَةِ.
قُرِئَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ المَيْدُوْمِيِّ بِـ"مِصْرَ" وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ سَمَاعًا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ النَّفِيْسِ منْ شِعْرِهِ لِنَفْسِهِ
(1)
:
رِقَّ يَا مَنْ قَلْبُهُ حَجَرٌ
…
لِجُفُونٍ حَشْوُهَا سَهَرُ
ولِجِسْيم مَا لِنَاظِرِهِ
…
مِنْهُ إِلَّا الرَّسْمُ وَالأثَرُ
فَغَرَامِي لَوْ تَحَمَّلَهُ
…
صَخْرُ رَضْوَى كَادَ يَنْفَطِرُ
إِنَّ لَوْمِي فِي هَوَاك لَمِنْ
…
شَرِّ مَا يَأْتِي بِهِ القَدَرُ
يَا بَدِيْعًا جَلَّ عَنْ شَبَهٍ
…
مَا يُدَانِي حُسْنَكَ القَمَرُ
صِلْ وَوَجْهُ الدَّهْرِ مُقْتَبِلٌ
…
فَزَمَانُ الوَصَلِ مُخْتَصَرُ
وَقَدْ كَتَبَهَا القَطِيْعِيُّ عَنْهُ، وَزَادَ بَيْتًا آخَرَ، وَهُوَ:
كَمْ رَأَيْنَا وَجْنَةٌ فَتَنَتْ
…
فَمَحَى آثَارَهَا الشَّعَرُ
250 - عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الحَسَنِ
(2)
بنِ أَبي الفَرَجِ الجُبَّائِيُّ، الطَّرَابُلُسِيُّ، الشَّامِيُّ،
(1)
الأبْيَاتُ في: (عُقُوْدِ الجُمَان) في مَوْضِعِيْهِ.
(2)
250 - أَبُو مُحَمَّدٍ الجُبَّائيُّ الزَّاهِدُ (521 - 605 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 55)، =
الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، نَزِيْلُ "أَصْبَهَانَ" وَسَمَّى المُنْذِرِيُّ جَدَّهُ أَبَا الفَضْلِ، وَالأوَّلُ أَصَحُّ.
قَالَ القَطِيْعِيُّ: سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلدِهِ فَقَالَ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا. وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: مَوْلدُهُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ أَوْ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
وَقَالَ القَطِيْعِيُّ: سَأَلْتُهُ عَنْ نَسَبِهِ فَقَالَ لِي: نَحْنُ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: "الجُبَّةُ" مِنْ نَاحِيَةِ "بَشَرَّى" مِنْ أَعْمَالِ "طَرَابُلُسَ" فِي جَبَلِ "لُبْنَانَ" وَكُنَّا قَوْمًا نَصَارَى، فتوُفِّيَ أَبِي وَنَحْنُ صِغَارٌ، وَكَانَ أَبِي مِنْ عُلَمَاءِ النَّصَارَى، وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ فِيْهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ الغَيْبَ، فَلَمَّا مَاتَ نَفَذْتُ إِلَى المُعَلِّمِ، فَقَالَتْ وَالِدَتِي: وَلَدِي الكَبِيْرُ لِلْكَسْبِ وَعِمَارَةِ أَرْضِنَا، وَوَلَدِي الصَّغِيْرُ يَضْعَفُ عَنِ الكَسْبِ وَأَشَارَتْ إِلَيَّ، وَلَنَا أَخُ أَوْسَطُ، فَقَالَ المُعَلِّمُ: أَمَّا هذَا الصَّغِيْرُ يَعْنِيْنِي فَلَا يَتَعَلَّمُ العِلْمَ، وَلكِنَّ هَذَا -وَأَشَارَ إِلَى أَخِي- فَأَخَذَهُ وَعَلَّمَهُ؛ لِيَكُونَ مَقَامَ أَبِي، فَقَدَّرَ اللهُ أَنْ وَقَعَتْ حُرُوبٌ، فَخَرَجْنَا مِنْ قَرْيَتِنَا، فَهَاجَرْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَكَانَ فِي قَرْيَتِنَا جَمَاعَةٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ، فَإِذَا سَمِعْتُهُمْ أَبْكَى، فَلَمَّا دَخَلْتُ أَرْضَ الإِسْلَامِ أَسْلَمْتُ، وَعُمْرِي أَحَدَ عَشَرَ
= وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 28)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 77)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 326)، وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 126)، والتَّقْيِيْدُ (329)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 153)، وَالعِبَرُ (5/ 12)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (175)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (21/ 488)، وَالمُشْتَبَهُ (1/ 127)، وَالمُخْتَصرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 178)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 130)، وَالتَّوْضِيْحُ (2/ 143)، وَقَلائِدُ الجَوَاهِرِ (129)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 15).
سَنَةً، ثُمَّ بَلَغَنِي إِسْلَامُ أَخِي الكَبِيْرِ، وَتُوُفِّيَ مُرَابِطًا، ثُمَّ أَسْلَمَ أَخِي الصَّغِيْرُ الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُهُ المُعَلِّمُ، وَدَخَلْتُ "بَغْدَادَ" فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائةَ.
قُلْتُ: وَقَدْ أَصَابَهُ سَبْيٌ وَاسْتُرِقَّ. فَذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ -وَنَقَلْتهُ مِنْ خَطِّهِ- قَالَ: كَانَ مَمْلُوْكًا، فَقَرَأَ القُرْآنَ فِي حَلْقَةِ الحَنَابِلَةِ يَعْنِي بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" فَحَفِظَهُ، وَحَفِظَ شَيْئًا مِنْ عِبَادَاتِ المَذْهَبِ الحَنْبَلِيِّ، فَقَامَ قَوْمٌ إِلَى الشَّيْخِ زَيْنِ الدِّيْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ نَجَا الوَاعِظِ
(1)
، وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِ الوَعْظِ، فَقَالُوا: هَذَا الصَّبِيُّ قَدْ حَفِظَ القُرآنَ وَهوَ عَلَى خَيْرٍ، نُرِيْدُ أَنْ نَشْتَرِيَهُ وَيَعْتِقُ، فَاشْتُرِيَ مِنْ سَيِّدِهِ وَأُعْتِقَ، وَسَافَرَ عَنْ "دِمَشْقَ" وَطَلَبَ "هَمْذَانَ"
(2)
وَلَقِيَ الحَافِظَ أَبَا العَلَاءِ الهَمَذَانِيُّ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ، وَقَرأَ عَلَيْهِ القُرآنَ، وَسَمِعَ الحَدِيثَ، وَصَارَ عِنْدَ الحَافِظِ مُصَدَّرًا يُقْرِيءُ النَّاسَ، وَيَأْخُذُ عَلَيْهِمْ، وَاشْتُهِرَ بِالخَيْرِ وَالعِلْمِ، وَدَخَلَ العَجَمَ، وَسَمِعَ الكَثيْرَ، وَرَجَعَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ حَدِيْثُهَا، وَلَقِيَ مَشَايِخَهَا، قَالَ: وَلَقِيْتُهُ بـ"بَغْدَادَ" وَاسْتَزَارَنِي إِلَى بَيْتِهِ، وَقَالَ لِجَمَاعَتِهِ: أَنَا مَمْلُوْكُ بَيْتِ الحَنْبَلِيِّ
(3)
، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى "أَصْبَهَانَ".
وَقَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدَسِيُّ: كَانَ -يَعْنِي الجَبَّائِيَّ- رَجُلًا
(1)
المُتوفى سَنَة (599 هـ) تقَدَّمَ ذكره في مَوضعه.
(2)
فِي (ط): "هَمَدان" بالدَّال المُهْمَلَةِ وَأَبُو العَلاءِ المَذْكُوْر هُو الحسن بن أحمد (ت: 569 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
ذَكَرَ المُؤَلِّفُ هُنَا أَنَّ الذِي أَعْتَقَهُ ابْنُ نَجَا، وَابْنُ نَجَا لَيْسَ مِنْ آلِ "ابنِ الحَنْبَلِيِّ" لكِنَّ أُمَّهُ مِنْ "آلِ ابنِ الحَنْبَلِيِّ" فَهِيَ بنْتُ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً كَذَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَتَيْهِمَا كَمَا سَبَقَ. و"ابْنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُمْ".
صَالِحًا، وَهُوَ مِنْ "جُبَّةَ طَرَابُلُسَ" وَسُبِيَ مِنْ "طَرَابُلُسَ" صَغِيْرًا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ ابْنُ نُجَيَّةٍ وَأَعْتَقَهُ، فَسَافَرَ إِلَى "بَغْدَادَ" ثُمَّ إِلَى "أَصْبَهَانَ" وَكَانَ يَسْمَعُ مَعَنَا الحِدِيْثَ، انْتَهَى. سَمِعَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِـ"بَغْدَادَ" مِنِ ابْن نَاصِرٍ الحَافِظُ
(1)
، والأُرْمَوِيِّ، وَابْنِ الطَّلَّايَةِ وَسَعِيْدِ بْنِ البَنَّاءِ، وَدَعْوَانَ بْنِ عَليِّ الجُبِّيَّ
(2)
، وَأَبِي عَلِيٍّ حَمْدِ بْنِ شَاتِيْلَ القَاضي، وَأَبِي المُعَمَّرِ الأنْصَارِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ بِـ"أَصبَهَانَ" مِنْ أَبِي الخَيْرِ البَاغْبَانِ
(3)
، وَمَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ بِـ"بَغْدَادَ" عَلى أَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ، وَأَخَذَ عَنْهُ القِطْعَةَ الَّتِي كَتَبَهَا مِنْ "شَرْحِ الهِدَايَةِ" وَصَحِبَ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ الجِيْلِيَّ مُدَّةً، مَائِلًا إِلَى التَّزَهُّدِ وَالصَّلَاحِ وَالخَيْرِ وَالاِنْقِطَاعِ، وَانْتَفعَ بِهِ، وَكَانَ يَحْكِي عَنْهُ كَثيْرًا مِنْ أَحْوَالِهِ وَكَرَامَاتِهِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الحَسَنِ الجُبَّائِيُّ وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ كِتَابَ (حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ) عَلَى شيْخِنَا أَبي الفَضْلِ بْنِ نَاصِرٍ، فَرَقَّ قَلْبِي، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَشْتَهِي أَنْ أَنْقَطِعَ عَنِ الخَلْقِ، وَأَشْتَغِلَ بِالعِبَادِ، وَمَضَيْتُ وَصَلَّيْتُ خَلْفَ الشَّيْخَ عَبْدِ القَادِرِ، فَلَمَّا صَلَّى جَلَسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ: إِذَا أَرَدْتَ الاِنْقِطَاعَ فَلَا تَنْقَطِعُ حَتَّى تتَفَقَّهَ وَتُجَالِسَ
(1)
سَاقِط من (ط).
(2)
في (ط): "الحسني" وَدَعْوَانُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَمَّادٍ الجُبَّائِيُّ، وَيُقَالُ: الجُبِّيُّ، حَنْبَلِيٌّ (ت: 542 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَهوَ مَنْسُوبٌ إِلَى قَرْيَةٍ بِسَوَادِ "بَغْدَادَ" عِنْدَ "العَقْرِ" علَى طَرِيْقِ "خُرَسَانَ" كَمَا سَبَقَ في تَرْجَمَتِهِ. وَلَيْسَ مِن جُبَّةِ طَرَابُلُسَ.
(3)
في (ط): "البَاغيانِي"، وَأَشَارَ فِي الهَامِش إِلَى القِرَاءَةِ الأُخْرَى وَهِي الصَّحِيْحَة وَسَبَقَ شَرْحُ مَعْنَاهَا.
الشُّيُوْخَ وَتَتَأَدَّبَ بِهِمْ، فَحِيْنَئِذٍ يَصْلُحُ لَكَ الاِنْقِطَاعَ، وَإِلَّا فتمْضِي وَتَنْقَطِعُ قَبْلَ أَنْ تتَفَقَّهَ، وَأَنْتَ فُرَيْخٌ مَا رَيَّشْتَ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيكَ شَيءٌ مِنْ أَمْرِ دِيْنِكَ تَخْرُجُ مِنْ زَاوِيَتِهِ، وَتَسْأَلَ النَّاسَ عَنْ أَمْر دِيْنِكَ، يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الزَّاوِيَةِ أَنْ يَكُوْنَ كَالشَّمْعَةِ يَسْتَضَاءُ بِنُوْرهِ.
قَالَ: وَكَانَ الشَّيْخُ يَوْمًا يَتَكَلَّمُ فِي الإِخْلَاصِ وَالرُّيَاءِ وَالعَجَبِ، وَأَنَا حَاضِرٌ فِي المَجْلِسِ، فَخَطَرَ فِي نَفْسِي، كَيْفَ الخَلَاصُ مِنَ العَجَبِ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ الشَّيْخُ، وَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الأَشْيَاءَ مِنَ اللهِ، وَأَنَّهُ وُفَقَّكَ لِعَمَلِ الخَيْرِ، وَأَخْرَجْتَ نَفْسَكَ مِنَ الشِّيْنِ سَلِمْتَ مِنَ العَجَبِ.
قَالَ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ -وَكَتَبْتُهُ مِنْ خَطِّهِ- كَانَتْ حُرْمَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ الجُبَّائِيِّ كَبِيْرَةٌ بِـ"بَغْدَادَ" فَلَمَّا دَخَلْتُ "أَصْبَهَانَ" سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَجَدْتُهُ بِهَا وَهُوَ عَظِيْمُ الحُرْمَةِ، فَكَانَ كُلَّ يَوْمٍ يَأْتِي إِلَى زِيَارَتي، وَبِجَاهِهِ سَمِعْتُ عَلى الحَافِظِ أَبِي مُوْسَى
(1)
الجُزْءَ مِنَ "السُّبَاعِيَّاتِ"، فَإِنَّهُ كَانَ مَرِيْضًا، وَقَدْ حُجِبَ النَّاسُ عَنْهُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى حَجْبِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ، فَدَخَلْنَا مَعَهُ، فَأَخَذَ الإِذْنَ مِنَ الحَافِظِ أَبِي مُوسَى لِي فِي القِرَاءَةِ علَيْهِ، وَكَانَ إِذَا مَشَى فِي السُّوْقِ قَامَ لَهُ أَهْلُ السُّوْقِ. وَحَكَى لِي الشَّيْخُ طَلْحَةُ -يَعْنِي العَلْثِيَّ- أَنَّ لِلشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ -يَعْنِي الجُبَّائِيَّ- رِيَاضَاتٌ وَمُجَاهَدَاتٌ يَطُوْلُ ذِكْرُهَا.
وَحَدَّثَنِي الشَّيْخُ طَلْحَةُ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي المَنَامِ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَيُثَابُ الرَّجُلُ عَلَى قِرَاءَةِ القُرْآنِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ،
(1)
هُوَ الإِمَامُ أَبُو مُوسَى المَدِيْنِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ الحَافِظُ (ت: 581 هـ).
بِفَهْمٍ وَبِغَيْرِ فَهْمٍ؟ فَقَالَ: بِفَهْمٍ وَبِغَيْرِ فَهْمٍ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ كَلَامُ اللهِ بِحَرْفٍ وَبِصَوْتٍ؟ فَقَالَ: وَهَلْ يَكُوْنُ كَلَامٌ بِغَيْرِ حَرْفٍ وَصَوْتٍ؟! وَهَلْ يَكُوْنُ كَلَامٌ بِغَيْرِ حَرْفٍ وَصَوْتٍ؟! قَالَ: وَهَذَا المَنَامُ عِنْدِي بِخَطِّ الشَّيْخِ طَلْحَةَ، رحمه الله.
حَدَّثَ الجُبَّائِيُّ رحمه الله بِـ"بَغْدَادَ" وَ"أَصْبَهَانَ" وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ عِدَّةَ مَنَامَاتٍ فِي كُتُبِهِ، وَقَالَ: كَانَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ. وَسَمِعَ مِنْهُ القَطِيْعِيُّ وَغَيْرُهُ بِـ"بَغْدَادَ" وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ خَلِيْلٍ فِي "مُعْجَمَهِ"
(1)
سَمِعَ مِنْهُ بِـ"أَصْبَهَانَ". وَتُوُفِّيَ فِي ثَالِثِ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّمَائَةَ بِـ"أَصْبَهَانَ" ذَكَرَهُ ابنُ نُقْطَةَ وَالمُنْذِرِيُّ، وَقَالَ القَطِيْعِيُّ: فِي مُسْتَهَلِّ الشَّهْرِ المَذْكُوْرِ.
أَخْبَرنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بِنُ أَبِي الحَسَنِ الجُبَّائِيُّ -إِذْنًا- (أَثَنَا) أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنُ أَبِي غَالِبِ بْنِ الطَّلَّايَةِ (أَنَا) أَبُو الَقَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ الأَنْمَاطِيُّ (أَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن الذَّهَبِيُّ (ثَنَا) عَبْدُ اللهِ ابْنُ مُحَمَّدٍ (ثَنَا) عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ (ثَنَا) حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ
(1)
جَاءَ فِي مُعْجَمِ ابْنِ خَلِيل: "أَخْبَرَنا الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ أبِي الحَسَنِ بْنِ أَبِي الفَرَجِ، الجُبَّائِيُّ، الشَّامِيُّ، الفَقِيْهُ، الحنْبَلِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَليْهِ بِـ"أَصْبَهَانَ" قلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمُ الإِمَامُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبِ بْنِ الطَّلَّايَةِ، الوَرَّاقُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ بِـ"بَغْدَادَ" فَأَقَرَّ بِهِ
…
".
أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
(1)
"أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيْدُ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَخًا لِي فِي قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: هَلْ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُّبُهَا؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنَّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ تَعَالَى، قَالَ: إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ: أَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيْهِ".
251 - عَلِيُّ بْنُ رَشِيْدِ
(2)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَسيتا الحَرْبَوِيُّ،
مِنْ أَهْلِ "حَرْبَى الدُّجَيْلِ" مِنْ سَوَادِ "بَغْدَادَ"
(3)
.
قَدِمَ "بَغْدَادَ" فِي صِبَاهُ وَصَحِبَ عَمَّهُ لأُمِّهِ أَبَا المَعَالِي سَعْدَ بنَ عَلِيٍّ
(1)
رَوَاهُ مُسْلِمٌ رقم (2567) فِي (البِرِّ وَالصِّلَةِ)، بَابُ "فَضْلِ الحُبِّ فِي اللهِ تَعَالى"، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدَ فِي المُسْنَدِ: 2/ 292، 408، 462، 508، كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
251 - ابْنُ رُشَيْدٍ الحَرْبَوِيُّ (؟ - 605 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابْنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 55)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 224)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 79)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 326). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 274)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 163)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرُ (9/ 281)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (4/ 466)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 125)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (182)، وَالوَافِي بالوَفَيَاتِ (21/ 106)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 17)(7/ 32).
(3)
جَاءَ فِي مُعْجَمِ البُلْدَان (2/ 274)"حَرْبِي" مَقْصُوْرٌ، وَالعَامَّةُ تَتَلَفَّظُ بِهِ مُمَالًا، بُلَيْدَةٌ فِي أَقْصَى "دُجَيْلٍ" بَيْنَ "بَغْدَادَ" وَ"تَكْرِيْتَ" مُقَابِلُ "الحَظِيْرَةِ" .. وَقَدْ نُسِبَ إِلَيْهَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالبَّنَاهَةِ مِنْهُمْ: أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ رَشِيْدِ
…
". وَهُوَ المَذْكُوْرُ هُنَا.
الحَظِيْرِيُّ
(1)
، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الأَدَبَ، وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَنَصْرٍ العُكْبَرِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَشَهِدَ عِنْدَ الحُكَّامِ، وَتَوَكَّلَ لِلْخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ وَمَنْزِلَتَهُ، ثُمَّ عُزِلَ عَنْ الوَكَالَةِ، وَكَانَ ذَا طَرِيْقَةٍ حَمِيْدَةٍ، وَحُسْنِ سَمْتٍ وَاسْتِقَامَةٍ، وَعِفَّةٍ، وَنَزَاهَةٍ، فَاضِلًا، خَيِّرًا، يَكْتُبُ خَطًّا حَسَنًا عَلَى طَرِيْقَةِ ابْنِ مُقْلَةَ
(2)
حَدَّثَ بِشَيءٍ يَسِيْرٍ. سَمِعَ مِنْهُ إِسْحَاقُ العَلْثِيُّ، وَكَانَ
(1)
فِي (ط): "الحَاظِرِي"، تَحْرِيْفٌ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ علِىِّ الوَرَّاقُ الكُتُبِيُّ الحَظِيْرِيُّ (ت: 568 هـ) أَدِيْبٌ مَشْهُورٌ، مِنْ أَهْلِ "الحَظِيْرَةِ" البَلْدَةِ المُجَاوِرَةِ لِـ"حَرْبِى" السَّالِفَةِ الذِّكْرِ، وَهُوَ شَاعِرٌ جَيِّدُ الشِّعْرِ، عَذْبُ الأَلْفَاظِ، وَكَانَ دَلَّالًا في الكُتُبِ، أَلَّفَ "زِيْنَةُ الدَّهْرِ" جَعَلَهُ ذَيْلًا لِـ"دُمْيَةِ القَصْرِ" لِلْبَاخَرْزِيِّ، وَرَأَيْتُ نُسَخًا كَثيْرَةً لِكِتَابَهِ "لُمَحِ المُلَحِ" فِيه مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّة، وَنَثْرِيَّةٍ، كَمَا اطَّلَعْتُ علَى كِتَابٍ لَهُ فِي الأَحَاجِي وَالأَلْغَازِ، وَلَهُ دِيْوَانُ شِعْرٍ فُقِدَ، وَلا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا جَمَعَ شَعْرَهُ. أَخْبَارُهُ فِي: جَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ"(4/ 28/1)، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (11/ 194)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (20/ 580)، وَخِزَانَةِ الأَدَبِ (3/ 118)
…
وَغَيْرِهَا.
(2)
ابْنُ مَقْلَة الكَاتِبُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِى بنِ الحُسَيْنِ، أَبُو عَلِيِّ (ت: 328) مِنَ الوُزَراءِ، وَالشُّعَرَاءِ، وَالأُدَبَاءِ، يُضْرَبُ بِجَوْدَةِ خَطِّهِ المَثَلُ. قَالَ الثَّعَالبِيُّ فِي وَصْفِهِ:"مَا رَأَى الرَّؤُوْنَ مِثْلَهُ فِي ارْتِفَاعِهِ عَنِ الوَصْفِ وَجَرْيِهِ مَجْرَى السِّحْرِ". قَالَ الصَّاحِبُ ابْنُ عَبَّادٍ:
خَطُّ الوَزِيْرِ ابْنِ مُقْلَهْ
…
بُسْتَانُ قَلْب وَمُقْلَهْ
وَقَالَ الثَّعَالِبيُّ:
خَطُّ ابْنُ مُقْلَةَ مَنْ أَرْعَاهُ مُقْلَتَهُ
…
رَدَّتْ جَوَارِحُهُ لَوْ حُوَّلَتْ مُقَلَا
فَالدُّرُ يَصْفَرُّ لَاسْتِحْسَانِهِ حَسَدًا
…
وَالبَدْرُ يَحْمَرُّ مِنْ أَنْوَارِهِ خَجَلَا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَقَالَ أَيْضًا:
سَقَى اللهُ عَيْشًا مَضَى وَانْقَضَى
…
بِلَا رَجْعَةٍ أَرْتَجِيْهَا ونُقْلَهْ
كَوَجْهِ الحَبِيْبِ وَقَلْبِ الأَدِيْبِ
…
وَشِعْرِ الوَليْدِ بِخَطِّ ابْن مُقْلَهْ
وَقَدْ تَمَثَّلَ بِهِ شُعَرَاءٌ كَثيْرُونَ جِدًّا، وَالمَكَان لَا يَسْمَحُ بِالمَزِيْدِ. وَرَأَيْتُ رِسَالَةً فِي الخَطِّ مَنْسُوبَةً إِلَيْهِ فِي بَعْضِ المَجَامِيعِ، وَأَلَّفَ الأُسْتَاذُ: هِلَالُ نَاجي "ابنُ مُقْلَةَ خَطَّاطًا وَأَدِيْبًا وَإِنْسَانًا" وَجَمَعَ شِعْرَهُ، وَطُبعَ سَنَة (1991 م) في بَغْدَادَ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَات سَنة (605 هـ):
323 -
عَبْدُ الرَّحْمَن بْن يَحْيَىَ بنِ مُقْبِلِ بْنِ أَحْمَدَ بْن الصَّدْرِ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ يَحْيَى فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (587 هـ)، وَاسْتَدْرَكْتُ جَدَّهُ مُقْبِلَ بنَ أَحْمَدَ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (556 هـ)، كَمَا اسْتَدْرَكْتُ عَمَّ أَبِيْهِ سَلَامَةَ بْنَ أَحْمَدَ في وَفَيَاتِ سَنَة (558 هـ)، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ عَبْدِ الخَالِقِ بن يَحْيَى فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (610 هـ) إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 164)، وَتارِيْخِ الإسْلَامِ (176).
324 -
وَعَبْدُ المُعِزِّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُعِزِّ بْنِ عَبْدِ الوَاسِعِ بْنِ عبْدِ الهَادِي الهَرَوِيُّ، مِنْ أَحْفَادِ شَيْخِ الإِسْلَامِ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ (ت: 481 هـ). قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِي: "وَهوَ مِنْ بَيْتِ الصَّلَاحِ وَالتَّصَوُّفِ، وسَلَفُهُ مَوْصُوْفٌ بِالأَوْصَافِ الجَمِيْلَةِ، وَالخِلَالِ الجَلِيْلَةِ". أَخْبَارُهُ فِي التَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 150)، والمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 96)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (178).
325 -
وَعُمَرُ بْنُ حَيَاةِ بْنِ قَيْسٍ الحَرَّانِيُّ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَة (581 هـ). أخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 150)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (184)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (22/ 457).
326 -
وَفَاطِمَةُ بْنْتُ أَبِي الفَائِزِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الطُّوَيْرِ، أُمُّ البَهَاءِ البَغْدَادِيَّةُ، أُخْتُ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ ابْنِ الجَوْزِيِّ لأُمِّهِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "سَمَّعَهَا أَخُوْهَا لأُمِّهَا العَلَّامَةُ =
يَكْرَهُ الرِّوَايَةَ، وَيُقِلُّ مُخَالَطَةَ النَّاسِ.
ذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وقَالَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ ثَامِنَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسُتِّمَائَةَ، وَصُلّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِالمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ، وَدُفِنَ بِـ"بَابِ حَرْبٍ" قَالَ: وَأَظُنُّهُ قَارَبَ السَّبْعِيْنَ، رحمه الله.
252 - إسْمَاعيْل بْنُ عُمَرَ
(1)
بْنِ نِعْمَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ شَبِيْبٍ الرُّؤْبِيُّ، المِصْرِيُّ،
= أَبُو الفَرَجِ بْنُ الجَوْزِيِّ مِنْ أَبِي مَنْصُوْرِ بْنِ خَيْرُوْنَ، وَأَبِي سَعْدٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّوْزَنَيِّ، وَرَوَى عَنْهَا ابْنُ خَلِيْلٍ، وَالضِّيَاءُ، وَالنَّجِيْبُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ
…
". أَخْبَارُهَا فِي: مِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 270)، وَتَارِيْخِ الإِسلَام (186). وَلَا أَدْرِي هَلْ هِيَ وَالِدَةُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ الحَسَنِ بنِ بَرَكَةَ الحَمَّامِيُّ المَعْرُوْفِ بِـ"الحَافِظِ" ابنُ أُخْتِ الإِمَامِ الوَاعِظِ ابنِ الجَوْزِيِّ (ت: 609 هـ)؟.
327 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ الحَافِظِ أَبِي العَلَاءِ العَطَّارُ الهَمَذَانِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدُهُ الحَسَنَ ابْنَ أَحْمَدَ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (569 هـ)، وَذَكَرْنا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 148)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 36)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (190).
328 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ المُبَارَكِ بْنِ مَشَّقَ، أَبُو بكْرٍ البَغْدَادِيُّ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ صَاحِبُ "المَشْيَخَةِ". قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَسَمَّعَهُ أَبُوهُ مِنْ طَائِفَةٍ، وَسَمِعَ هُوَ، وَعُنِي بِالرِّوَايةِ أَتمَّ عِنَايَةٍ، وَجَمَعَ "مُعْجَمًا" وَبَلَغَتْ أَثْباتُهُ وَمَسْمُوْعَاتُهُ سِتَّ مُجَلَّدَاتٍ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ اُخْتِهِ عَفِيْفَةُ فِي وَفَياتِ سَنَةِ (604 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 159)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ (9/ 279)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (21/ 440)، وَمِيْزَانِ الاعْتِدَالِ (4/ 23)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (192)، وَمِرْآةِ الجِنَانِ (4/ 5)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 382)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (9/ 196)، وَلِسَانِ المِيْزَانِ (5/ 357)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 18)، ولَهُ ذِكْرٌ فِي مَشْيَخَتَي النَّجِيْبِ الحَرَّانِي "الكُبْرَى" وَ"الصُّغْرَى".
(1)
252 - أبُو الطَّاهِرِ الرُّؤبِيُّ (551 - 606 هـ): =
العَطَّارُ الأدِيْبُ، البَارِعُ، أَبُو الطَّاهِرِ بْنِ أَبِي حَفْصٍ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْدِيْرًا، وَكَانَ بَارِعًا فِي الأَدَبِ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ أَدَبِيَّهٌ، مِنْهَا:"مَائَةُ جَارِيَةٍ وَمائَةُ غُلَامٍ"
(1)
، وَغَيْرِ ذلِكَ، وَكَانَ بَارِعًا فِي مَعْرِفَةِ العَقَاقِيْرِ، ذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ وَقالَ: رَأَيْتُهُ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِي السَّمَاعُ مِنْهُ، وكَتَبْتُ شَيْئًا مِنْ شِعْرِهِ عَنِ الفَقِيْهِ أَبِي الحَرَمِ مَكِّيِّ بْنِ عُمَرَ [.
وَتُوُفِّيَ فِي عِشْرِيْنَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّمَائَةَ بِـ"مِصْرَ" وَدُفِنَ إِلَى جنْبِ أبِيهِ بِـ"سَفْحِ المُقَطَّمِ" عَلَى جَانِبِ "الخَنْدَقِ"، وَكَانَ أَبُوْهُ رَجُلًا صَالِحًا مُقْرِئًا، وَأَخُوهُ مَكِّيُّ هُوَ الَّذِي ذَكَرَ الضِّيَاءُ أَنَّهُ جَمَعَ سِيْرَةَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ، وَذَكَرْنَا ذلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَكِّيٍّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى]
(2)
.
253 - أسْعَدُ، ويُسَمَّى مُحَمَّدَ المُنَجَّي
(3)
بْنِ بَرَكَاتِ بْنِ المُؤَمِّلِ التَّنُوخِيُّ
= أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِالذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 55)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 270)، وَالمَنْهَج الأَحْمَدِ (4/ 80)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 327). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 171)، وَتَارِيخُ الإِسْلَامِ (203)، وَتارِيخُ ابنِ الفُرَّاتِ (5/ 99)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرُ (2/ 206)، وَبغيةُ الوُعَاهِ (1/ 452)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 19)(7/ 37).
(1)
أَلَّفَ عَلَى مِنْوَالِهِ القَاضِي زَيْنُ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ المُظَفَّرِ بنِ الوَرْدِيِّ (ت: 749 هـ) كِتَابَهُ "الكَلامَ عَلَى مَائَةِ غُلامٍ وَالكَوَاكِبَ السَّارِيَةِ فِي مَائِةِ جَارِيَةِ" مِنْهُ نُسْخَةٌ فِي مَكْتَبَةِ البَلَدِيَّةِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ رَقَم (1744) بِخَطِّ نَسْخٍ جَمِيْلٍ مَكْتُوْبٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِقَلِيْلٍ سَنَةَ (764 هـ). وَأَلِّفَ صَلاحُ الدِّيْنِ الصَّفَدِيُّ (ت: 764 هـ)"الحُسْنُ الصَّرِيْحُ فِي مَائَةِ مَلِيْحٍ" لَهُ نُسَخٌ مِنْهَا فِي دَارِ الكُتُبِ المِصْرِيَّةِ رَقَم (5120 أدب) بِخَطِّهِ.
(2)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (634 هـ) ص (460).
(3)
253 - أَبُو المَعَالِي بنُ المُنَجَّى (519 - 606 هـ): =
المَعَرِّيُّ
(1)
، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، القَاضِي، وَجِيْهُ الدِّيْنِ، أَبُو المَعَالِي، وَيُقَالُ فِي أَبِيْهِ:
= أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 279)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 81)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 328). وَيُرَاجَعُ: التَّكمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 176)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (وَرَقَة: 143)، وَتَارِيْخُ إِرْبَلَ (1/ 243)، وَبُغْيَةُ الطَّلَبِ (4/ 1580)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (200)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 436)، وَالعِبَرُ (5/ 17)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (316)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (249)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 6)، وَالدَّارِسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِسِ (2/ 114)، وَالقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (421)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 18) (7/ 36). وَجَاءَ فِي هَامِشِ "مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ" مُلَخَّصًا لتَرجَمَتِهِ مَنْقُوْلٌ مِنْ خَطِّ الحَافِظِ البَرْزَالِيِّ جاءَ فِيْهِ:"وَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا فَغَيَّرَه بِـ"أَسْعَدَ"
…
". وَهُوَ وَالِدُ أُسْرَةٍ كَبِيْرَةٍ كَثِيْرَةِ عَدَدِ العُلَمَاءِ وَالعَالِمَاتِ، وَهِيَ أُسْرَةٌ دِمَشْقِيَّةٌ، مَعَرِيَّةُ الأَصْلِ، تَنُوْخِيَّةُ القَبِيْلَةِ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وفي أَوْلَادِهِ عُلَمَاءُ كُبَرَاءُ" ذَكَرَ المُؤَلِّف عَدَدًا مِنْهُمْ، وَاسْتَمَرَّتِ الأُسْرَةُ تَحْمِلُ لِوَاءَ العِلْمِ بَعْدَ المُؤَلِّفِ -ابنِ رَجَبٍ- زَمَنًا، وَقَدْ ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَلَدَيْهِ: عُثْمَانُ بنُ أَسْعَدَ بنِ المُنَجَّى (ت: 641 هـ). وعُمَرُ بنُ أَسْعَدَ بنِ المُنَجَّى (ت: 644 هـ). وَلَهُمَا أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ نَذْكُرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهم، وَكُلُّهُمْ مِنْ ذُرِّيَةِ المَذْكُوْرِ. وَأَمَّا أَخُوْهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ المُنَجَّى (ت: 615 هـ) فَلَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ اسْتَدْرَكْتُهُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى، ولَا أَعْلَمُ أَحَدًا اشْتُهِرَ بِالعِلْمِ مِنْ نَسْلِهِ، رحمه الله.
(1)
في (ط): "المقرئ" وفي (ب)"المغربي" وَكِلاهُمَا خطأٌ؛ فَهُوَ مَنْسُوْبٌ إلى "مَعَرَّةِ النُّعْمَانِ" البَلْدَةِ المَشْهُوْرَة في "الشَّامِ"، وَهُوَ تَنُوْخِيُّ القَبِيْلَةِ وَ"المَعَرَّةُ" تَسْكُنُهَا "تَنُوْخ" بِكَثْرَةٍ و"تَنُوْخُ" اسْمٌ لِعِدَّةِ قَبَائِلَ، اجْتَمَعُوا وَتَحَالَفُوا عَلَى التَّوَازُرِ وَالتَّنَاصُرِ. قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيِّ فِي الأنْسَابِ (3/ 90):"وَجَمَاعَةُ مِنْهُمْ نَزَلَتْ "مَعَرَّة النُّعْمَان" وَأَكْثَرُهُمْ كَانُوا فُضَلَاءَ عُلَمَاءَ". وَقَبِيْلَةُ (تَنُوْخ) مِنْ (كِنْدَة) وَ (لَخْمِ) وَ (جُذَامَ) وَ (عَبْدِ القَيْسِ) وَ (قُضَاعَةَ) وَ (تَيْم اللهِ بنِ أَسَدِ بنِ وَبْرَةَ). يُرَاجَعُ: جُمْهَرَةُ أَنْسَابِ العَرَبِ (353)، و (215، 380، 461). وَالنُّعْمَانُ الَّذِي تُضَافُ إِلَيْهِ "المَعَرَّة" النُّعْمَانُ بنُ =
أَبُو المُنَجَّى و
(1)
فِي جَدِّهِ: أَبُو البَرَكَاتِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ بِـ"دِمَشْق" مِنْ أَبِي القَاسِمِ نَصْرِ ابْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُقَاتِلٍ السُّوْسِيِّ، وَبِـ"بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ المَنْدَائِيِّ
(2)
، وَأَنُوُشَتْكِيْنَ
(3)
الرَّضْوَانِيِّ، وَالنَّقِيْبِ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ ابْنِ مُحَمَّدٍ العَبَّاسِيِّ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: وَتَفَقَّهَ بِـ"بَغْدَادَ" عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مُدَّةً، وَحَصَّلَ طَرَفًا مِنْ مَعْرِفَةِ المَذْهَبِ.
وَقَالَ الدُّبَيْثِيُّ
(4)
: ارْتَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَتَفَقَّهَ بِهَا، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَأَخَذَ الفِقْهَ عَنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ وَغَيْرهِ، وَتَفَقَّهَ بِـ"دِمَشْقَ" عَلَى شَرَفِ الإِسْلَامِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ الشَّيْخِ أَبي الفَرَجِ، أَخَذَ عَنْهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ
(5)
، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ نَاصِحِ الدِّيْنِ بْنِ أبِي
(6)
الفَرَجِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ فِي حَقِّهِ،
= عَدِيِّ بنِ غَطَفَان بنِ عَمْرِو بنِ بَرِيْح بنِ خُزَيْمَةِ بنِ تَيْمِ اللهِ (وَهُوَ تنوْخُ) وَيُعْرف النُّعْمَانُ بِلَقَبِهِ: "السَّاطِعِ" هَذَا عَلَى القَوْلِ الرَّاجِحِ.
(1)
ساقطٌ من (ط).
(2)
في (ط) و (ب): "المايدائي".
(3)
في (أ) وَ (ب): "أبي شتيكن" وفي (ط): "أبي مسكين".
(4)
في (ط): "الدبيسي".
(5)
في (ط) و (أ): "الموفق".
(6)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ، وَالصَّحِيْحُ أَنَّ "ابن" زَائِدَةٌ وَأَسْقَطَهَا فِي (ط) وَلَمْ يُشِرْ.
كَانَ رَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" فَقَرَأَ علَى الفَقِيْهِ أَحْمَدَ الحَرْبِيِّ الحَنْبَلِيِّ
(1)
كِتَابَ "الهِدَايَةِ" وَكَتَبَ خَطَّهُ لَهُ بِذلِكَ، وَعَادَ إِلَى "دِمَشْقَ" وَكَانَ رَأَى شَرَفَ الإِسْلَامِ
(2)
جَدِّي، وَانْتَمَى
(3)
إِلَيْهِ، وَطَلَبَ الفَقِيْهُ حَامِدُ بْنُ أَبِي الحَجَرِ
(4)
شَيْخُ "حَرَّانَ" قَاضِيًابِ "حَرَّانَ" مِنْ نُوْرِ الدِّيْنِ -وَنُوْرُ الدِّيْنِ يَوْمَئِذٍ صَاحِبُ "دِمَشْق"- فَأَشَارَ بِهِ
(5)
، فَسُيِّرَ إِلَى "حَرَّانَ" قَاضِيًا، فَأَقَامَ مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "دِمَشْقَ" فَأَقَامَ مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "حَرَّانَ" قَاضِيًا، وَقَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ أَيْضًا، كَانَ أَبُو المَعَالِي بْنُ المُنَجَّى يُدَرِّسُ فِي المِسْمَارِيَّةِ
(6)
يَوْمًا وَأَنا يَوْمًا، ثُمَّ اسْتَقَلَّيْتُ بِهَا فِي حَيَاتِهِ، وَكَانَ لَهُ اتِّصَالٌ بِالدَّوْلَةِ، وَخِدْمَةِ السَّلَاطِيْنَ وَأَسَنَّ وَكَبُرَ، وَكُفَّ بَصرُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ، مِنْهَا: كِتَابُ "الخُلَاصَةِ فِي الفِقْهِ" مُجَلَّدٌ، وَكِتَابُ "العُمْدَةِ" فِي الفِقْهِ أَصْغَرُ مِنْهُ، وَكِتَابُ "النِّهَايَةِ فِي شَرْحِ الهِدَايَةِ" فِي بِضْعَةَ عَشَرَ مُجَلَّدًا. وَفِيْهَا فُرُوعٌ وَمَسَائِلُ كَثِيْرَةٌ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ فِي المَذْهَبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ يَنْقُلُهَا
(1)
أَحْمَدُ بنُ أبي غَالِبِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 555 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
هُوَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 536 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
في (ط): "وانتهى".
(4)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (570 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(5)
في (ج): "فأشاروا".
(6)
المِسْمَارِيَّةُ: مَدْرَسَةٌ أَنْشأَهَا وَأَوقَفَهَا الحَسَنُ بنُ مِسْمَارٍ الهِلَالِيُّ (ت: 546 هـ)، يُرَاجُع: الدَّاِرُس (2/ 89)، وَالأعْلاقُ الخَطِيْرَةِ (مَدِيْنَةُ دِمَشْقَ)(257).
مِنْ كُتُبِ غَيْرِ الأَصْحَابِ، وَيُخَرِّجُهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيْهِ المَذْهَبُ عِنْدَهُ
(1)
، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنهُمْ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ خَلِيْلٍ
(2)
فِي "مُعْجَمِهِ" وَابْنُ البُخَارِيِّ
(3)
.
وَتُوُفِّيَ فِي ثَانِي عِشْرِيْنَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَستِّمِائَةَ
(4)
وَدُفِنَ بِسَفْحِ
(1)
في (ط): "عِنْدَهُ المَذْهَبُ عِنْدَهُ" وَلَهُ حَوَاشٍ عَلَى "المُسْتَوْعَبِ" للسَّامُرِّيِّ ذَكَرَهَا المُؤَلِّفُ ابنُ رَجَبٍ في تَرْجَمَةِ ابْنِهِ عُمَرَ بنِ أَسْعَدَ (ت: 641 هـ) الآتي.
(فَائِدَةُ): قَالَ تَقِيُّ الدِّيْنِ الفَاسِيُّ فِي ذَيْلِ سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (تَعْرِيْفِ ذَوِي العُلَاء
…
) (وَرَقَة: 61) -عِنْدَ ذِكْرِ المُجَدِّدِيْنَ عَلَى مَرِّ العُصُوْرِ فَذَكَرَ الَّذِيْنَ عَلَى رَأْسِ السِّتِّمَائَةَ الفَخْرَ الرَّازِيَّ، أَوْ الشَّيْخَ أَسْعَدَ بنَ مَحْمُوْدٍ العِجْلِيَّ، ثُمَّ قَالَ: "وَبِتَقْدِيْرِ كَوْنِ العِجْلِيِّ غَيْرِ مُحَدَّدٍ لا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ القَاضِي الإِمَامُ وَجِيْهُ الدِّيْنِ أَسْعَدُ بنُ المُنَجَّى التَّنُوْخِيُّ الحَنْبَلِيُّ مُجَدَّدًا؛ لِتَقَدُّمِهِ فِي الفِقْهِ عَلَى الفَخْرِ الرَّازِيِّ، وَمَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ أَيْضًا، وَلا مَانِع مِنْ أَنْ يَكُوْنَ المُجَدِّدُ حَنْبَلِيًّا أَوْ مَالِكِيًّا أَوْ حَنَفِيًّا إِذَا كَانَ مُجَوِّدًا، وَاتَّفَقَتْ وَفَاتُهُ فِي
رَأْسِ المَائَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيْهَا".
(2)
جَاءَ في "مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ": "أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو المَعَالِي أَسْعَدُ بنُ أَبي المُنَجَّى بن أَبِي البَرَكَاتِ بنِ المُؤَمَّلِ المَعَرِّيُّ التَّنُوْخِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ بِـ"دِمَشْقَ" قِيْلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو القَاسِمِ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِلِ بن مَطْلُوْدٍ السُّوْسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ .. ".
(3)
جَاءَ في مَشْيَخَةِ ابنِ البُخَارِيِّ (1/ 387)"أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ القَاضِي، الإِمَامُ، أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدٌ، وَيُسَمَّى -أيضًا- أَسْعَدَ بنَ أَبِي المُنَجَّى بنِ أَبي البَرَكَاتِ، وَقِيْلَ: ابن بَرَكَات ابنِ المُؤَمَّل التَّنُوْخِيُّ المَعَرِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَعْبَان من سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّمَائَةَ بِـ"دِمَشْقَ" وَتَفَرَّدَتُّ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ
…
".
(4)
فِي ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (203)، جَعَلَ وَفَاتُه سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ؟!
قَاسِيُونَ، رحمه الله.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ ابْنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ (أَنَا) أَبُو المَعَالِي أَسْعَدُ بْنُ المُنَجَّى التَّنُوْخِيُّ (أَنَا) أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيْزِ العَبَّاسِيُّ (أَنَا) أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَكِّيُّ (أَنَا) أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ أَحْمَدَ ابْنِ فِرَاسٍ المَكِّيُّ (ثَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيْدَ المُقْرِئُ (ثَنَا) جَدِّي (ثَنَا) سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
(1)
"صَبَّحَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "خَيْبَرَ" فَخَرَجُوا إِلَيْنَا وَمَعَهُمْ المَسَاحِي، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالخَمِيْسُ، وَرَجَعُوا إِلَى الحِصْنِ يَسْعَوْنَ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يدَيْهِ وَقَالَ: اللهُ أَكبَرُ، خَرِبَتْ "خَيْبَرُ" -ثَلَاثًا- إِنَا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِيْنَ، قَالَ: فَأَصَبْنَا فِيْهَا حُمُرًا، فَطَبَخْنَاهَا، فَإِذَا مُنَادِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُوْمِ الحُمُرِ؛ فَإِنَّهَا رِجْسٌ".
قَرَأْتُ بِخَطِّ السَّيْفِ بْنِ المَجْدِ الحَافِظِ قَالَ: حَدَّثَنِي الإِمَامُ رحمه الله
(1)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7/ 359) في (المَغَازِي)، بَابُ "غَزْوَةِ خَيْبَرَ"، وَفِي (صَلَاةِ الخَوْفِ)، بَابُ "التَّبْكِيْرِ وَالغَلَسِ في الصُّبْحِ"، وفي (الجِهَادِ) بَابُ "دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الإسلامِ وَالنُّبُوَّةِ"، وَبَابُ "التَّبْكِيرِ عِنْدَ الحَرْبِ"، وَمُسْلِمٌ رقم (1365) في (الجِهَادِ)، بَابُ "غَزْوَةِ خَيْبَرَ"(3/ 1426)، وَمَالِكٌ في المُوَطأ (2/ 468)، وَالتِّرمِذِيُّ رقم (1550) وَالنَّسَائِيُّ (1/ 272)، وَأَحْمَدُ في المُسْنَدِ (2/ 102، 161، 164، 168، 206، 246، 263)، كُلُّهُمْ من حَدِيْثِ أَنَسٍ رضي الله عنه .. " هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
يَعْنِي الشَّيخَ مُوَفَّقَ الدِّيْنِ -حَدَّثَنِي القَاضِي أَبُو المَعَالِي أَسْعَدُ بْنُ المُنَجَّى قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي البَيَانِ
(1)
، وَقَدْ جَاءَهُ ابْنُ تَمِيْمٍ فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ، الحَنَابِلَةُ إِذَا قِيْلَ لَهُمْ: مِنْ أَينَ لَكُمْ أَنَّ القُرَآنَ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ؟ قَالُوا: قَالَ اللهُ تَعَالَى: {الم} ، {حم} ، {كهيعص} ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فَأَعْرَبَه فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ" وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: "يَجْمَعُ اللهُ الخَلَائِقَ" وَذكَرَ الحَدِيْثَ. وَأَنْتُمْ إِذَا قِيْلَ لَكُمْ: مِنْ أَيْنَ قُلْتُمْ إِنَّ القُرْآنَ مَعْنًى فِي النَّفْسِ؟ قُلْتُمْ: قَالَ الأَخْطَلُ
(2)
:
إِنَّ الكَلَامَ مِن الفُؤَادِ، وَإِنَّمَا
…
جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الفُؤَادِ دَلِيْلًا
فَالحَنَابِلَةُ أَتَوْا بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقَالُوا: قَالَ اللهُ تَعَالَى، وَقَالَ رَسُوْلُهُ، وَأَنْتُمْ قُلْتُمْ: قَالَ الأَخْطَلُ، شَاعِرٌ نَصْرَانِيٌّ خَبِيْثٌ، أَمَا اسْتَحْيَيْتُمْ مِنْ هَذَا
(1)
هُوَ نَبَأُ بنُ مُحَمَّدِ بن مَحْفُوْظٍ (ت: 551 هـ) وَابْنُ تَمِيْمٍ هَذَا لَمْ أَعْرِفْهُ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ مُحَمَّدَ بنَ تَمِيْمٍ الحَرَّانِيَّ؛ لِتَأَخُّرِ زَمَنِهِ عَنِ ابنِ المُنَجى. وَفِي تَرْجَمَةِ نَبَأٍ ذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ هَذِهِ الحِكَايَةَ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الَّلفْظِ، وَذَكَرَ ابنَ تَمِيْمٍ وَقَالَ: الَّذي يُدْعَى الشَّيْخَ الأَمِيْنَ، وَذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ مِمَّنْ رَوَى عَنْ أَبِي البَيَانِ القَاضِي أَسْعَدُ بنُ المُنَجَّى. يُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ تَرْجَمَةِ أَبي البَيَانِ (68)، وَتَرْجَمَتُهُ -أيضًا- في: مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (19/ 213)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 227)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبلاءِ (20/ 226)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (7/ 318).
(2)
في (ج): "لَفِي الفُؤَادِ" وَهِيَ روَايَةٌ، وَلَمْ يَرِدِ البَيْتُ في دِيْوَانِ شِعْرِهِ، وَأَوْرَدَهُ الجَاحِظُ في البَيَان وَالتَّبْيِيْنِ (1/ 218) وَأَوْرَدَ بَعْدَهُ:
لَا يُعْجِبَنَّكَ من خَطِيْبٍ قَوْلُهُ
…
حَتَّى يَكُوْنَ مَعَ البَيَانِ أَصِيْلًا
وَلَمْ يَنْسِبْهُمَا إِلَيْهِ، وَنَسَبَهُما ابنُ هِشَامٍ الأَنْصَارِيُ في شَرْحِ شُذُوْرِ الذَّهَبِ (27) وَغَيْرُهُ.
القَبِيْحِ؟ جَعَلْتُمْ دِيْنكُمْ مُبِيِّنًا عَلَى قَوْلِ نَصْرَانِيِّ، وَخَالَفْتُمْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى، وَقَوْلَ الرَّسُوْلِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ كَمَا قَالَ
(1)
.
وَقَدْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الخَشَّابِ النَّحْوِيُّ: فَتَّشْتُ دَوَاوِيْنَ الأَخْطَلِ
(2)
العَتِيْقَةِ، فَلَمْ أَجِدْ فِيْهَا هَذَا البَيْتَ، فَقَال أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ
(3)
، إِنَّمَا قَالَ
(1)
هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ مُقْنِعٍ، فَنَصْرَانِيَّتُهُ وَخُبْثُهُ لَا تَمْنَعَانِ مِنَ الاحْتِجَاجِ بِشِعْرِهِ، وَقَدْ احْتَجَّ المُفَسِّرُوْنَ وَاللُّغَويُّونَ وَالنُّحاةُ بِشعْرِ الأَخْطَلِ، ومَنْ هُوَ أَخْبَثُ من الأخْطَلِ، وَلَمْ يَرُدُّهُ أَحَدٌ مِنْهُم؛ لِنَصْرَانِيَّتهِ وَخُبْثِهِ؟! وَالرَّدُّ المَقْبُوْلُ هُوَ مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بنُ الخَشَّابِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ في شِعْرهِ أَصْلًا. وَإِذَا ثَبَتَتْ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ فَرَدُّ أَبي نَصْرٍ السِّجْزِيِّ أَنَّ الرِّوَايَةَ مُغَيَّرَةٌ، وكَثِيْرًا مَا يَفْعَلُ ذلِكَ بَعْضُ رُوَاةِ الشِّعْرِ وَالمُحْتَجِّيْنَ بِهِ؛ لأَغْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَالدَّليلُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُرْوَى: "إنَّ الكلام لَفِي الفُؤادِ
…
".
(2)
يَقْصُدُ أَبُو مُحَمَّدٍ نُسَخًا مِنْ دِيْوَانِهِ، أَوْ رِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةً من دِيْوَانِهِ.
(3)
عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَاتِمِ بنِ أَحْمَدَ الوَائِلِيُّ السُّجْزِيُّ (ت: 444 هـ) شَيْخُ الحَرَم بـ"مَكَّةَ" وَمُؤَلِّفُ "الإبَانة الكُبْرى" في أَنَّ القُرْآن غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: دَالٌّ عَلَى سِعَةِ عِلْمِ الرَّجُلِ بفَنِّ الأَثَرِ، وَوَصَفَهُ بِـ"الإِمَامِ، الحَافِظِ، المُجَوَّدِ شَيْخِ السُّنَّةِ". أَخْبَارُهُ في: تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (3/ 118)، وَالعِبَرِ (3/ 206)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبلاءِ (17/ 654)، وَالجَوَاهِرِ المُضِيَّةِ (2/ 495)، وَالعِقْدِ الثَّمِيْنِ (5/ 307).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (606 هـ):
329 -
عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاق بنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، أَبُو القَاسِمِ. أَخْبَارُهُ في: المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 81)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 174)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (205)، وَالقَلائِدِ للتَّادِفِيِّ (46).
330 -
وَعَبْدُ السَّلَامِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بكْرُوْسٍ، أبُو الفَتْحِ الحَمَّامِيُّ، القَيَّارِيُّ، البَغْدَادِيُّ، أَخْبَارُهُ في: التَّكمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 188)، وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (280)، وَالمُخْتَصَرِ =
الأَخْطَلُ: "إِنَّ البَيَانَ مِنَ الفُؤَادِ" فَحَرَّفُوهُ، وَقَالُوا: إِنَّ الكَلَامَ.
254 - المُبَاركُ بْنُ أنُوشتكين بْنِ عَبْدِ اللهِ النَّجْميُّ،
(1)
السَّيِّدِيُّ، البَغْدَادِيُّ،
= المُحْتَاجِ إِلِيْهِ (3/ 39)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (205)، وَالمُشْتَبَهِ (2/ 415)، وَالتَّوْضِيْحِ (7/ 167)، وَالقَيَّارِيُّ: مَنْسُوبٌ إِلى "دَرْبِ القَيَّارِ" مِنْ مَحَالِّ "بَغْدَادَ".
331 -
وَعَبْدُ الهَادِي بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ، جَدُّ الأُسْرَةِ المَعْرُوْفَةِ (آلِ عَبْدِ الهَادِي) وَهُمْ مِنْ (آلِ قُدَامَةَ)، أَخْبَارُهُ في: تَارِيْخِ (205)، وَالقَلَائِدِ الجَوْهَرِيَّةِ (75).
332 -
وَعُثْمَانُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مِقْدَامٍ المَقْدِسِيُّ، أَخُو عَبْدِ الهَادِي السَّالِفِ الذِّكْرِ، وَكَانَا من المُهَاجِرِيْنَ الأَوَائِلِ إِلَى "دِمَشْقَ" مِنْ "بَيْتِ المَقْدِسِ"، وأَخُوْهُمَا: عَبْدُ المَلِكِ بنُ يُوْسُفَ، في القَلائِدِ الجَوْهَرِيةِ (1/ 75) أَخْبَارُ عُثمَانَ في: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (206)، يَظْهَرُ إِنَّهُ عَنِ الحَافِظِ الضَّيَاءِ.
333 -
وَمَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِالبَاقِي بن أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ النَّرْسِيُّ، أَبُو عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ. تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ في الاسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (545 هـ). أَخْبَارُ مَحْمُوْدٍ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقلةِ (2/ 179)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (4/ 28)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 83)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (229).
334 -
وَالمُؤَيَّدُ وَاسْمُهُ هِشَامُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الإخْوَة ثمَّ الأصْبَهَانِي المُعَدَّلُ، بيتُهُمْ مَشْهُوْرٌ مِنْ بُيُوتِ العِلْمِ، يَنْتَمِي نَسَبًا إِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (457)، وَالتَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 181)، وَالعِبَرِ (5/ 19)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (232)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 198)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 284)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 198)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 23).
(1)
254 - أَبُو القَاسِمِ النَّجْمِيُّ (بعد 540 - 607 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 15)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 82)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 272). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (441)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (ورقة: 226)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 198)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ =
المُعدَّلُ، الأَدِيْبُ، أَبُو القَاسِمِ.
وُلِدَ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِقَلِيْلٍ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي المُظَفَّرِ التُّرَيْكِيِّ
(1)
، الخَطِيْبِ، وَهِبَةِ اللهِ بْنِ الشِّبْلِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الخَشَّابِ، وَأَبي مُحَمَّدِ بْنِ المَادِحِ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَرَأَ الأَدَبَ علَى أَبِي الحَسَنِ العَصَّارِ
(2)
وَجَالَسَ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ الخَشَّابِ، وَغَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالأَدَبِ.
وَقَالَ القَادِسِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ فَاضِلًا، وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي القَاسِمِ الشَّهْرَزُوْرِيِّ، وَكَانَ وَكِيْلَ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ بِـ"بَابِ طِرَادٍ" وَبَقِيَ عَلَى ذلِكَ إِلَى مَوْتِهِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً، عَالِمًا، فَاضِلًا، مُتَمَيِّزًا، أَدِيْبًا، حَنْبَلِيَّ المَذْهَبِ، خَيِّرًا، دَيِّنًا، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ خَلِيْلٍ فِي "مُعْجَمِهِ"
(3)
.
تُوُفِّيَ فِي حَادِي عَشَرَ صَفَرٍ سَنَةَ سَبعٍ وَسِتِّمِائَةَ، ذَكَرَهُ ابْنُ نُقْطَةَ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَزَادَ: وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِـ"بَابِ حَرْبٍ". وَذَكَرَ القَادِسِيُّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ رَابِعَ
= (3/ 168)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (279)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 31) (7/ 57). وفي (ط):"أبي شتيكين" بدل "أنوشتكين".
(1)
في (ط): "البرمكي". وَسَبَقَ تَصْحِيْحُ مِثْلِ ذلِكَ.
(2)
في (ط)(أ) وَ (ب): "القصار".
(3)
جَاءَ فِي مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ: "أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُبَارَكُ بنُ أَنُوشَتْكِيْنَ بنِ عَبْدِ اللهِ النَّجْمِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بـ"بَغْدَادَ" قِيْلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الهَاشِمِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ
…
".
عَشَرَ صَفَرٍ، قَالَ: وَصَلَّى عَلَيْهِ بِجَامِعِ القَصْرِ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعْيَانِ، رحمه الله.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: وَهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى وَلَاءِ خَادِمٍ يُقَالُ لَهُ: نَجْمٌ، مَمْلُوْكُ السَّيِّدَةِ أُخْتِ المُسْتَنْجِدِ بِاللهِ.
255 - مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
(1)
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ مِقْدَامَ بْنِ نَصْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
(1)
255 - الشَّيْخُ أبُو عُمَرَ المَقْدِسِيُّ (528 - 607 هـ):
أَخْبَارُهُ في: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 346)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 83)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 328)، ويُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 546)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 202)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (71)، وَمُعْجَمُ ابنِ خَلِيْلٍ (وَرَقَة: 223)، وَمَشْيَخَةُ ابنِ البُخَارِيِّ (1/ 419)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 5)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (266)، وَالعِبَرُ (5/ 25)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (317)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (187)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 114)، وَالأَعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (149)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 15)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 58)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2/ 116)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرُ (5/ 272)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (5/ 1/ 116)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 201)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 27)(7/ 50).
جَدُّ أَغْلَبِ العُلَمَاءِ مِن (آلِ قُدَامَةَ)، وَهوَ الأَخُ الشَّقِيْقُ لِلشَّيخِ المُوَفَّقِ، وَأَمَّا أَخُوْهُمَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ فَلأَبِيْهِمَا؛ فَوَالِدَتُهُمَا: سَعِيْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الفَتْحِ، مِنْ "مَرْدَا" وَأُمُّ أَخِيْهِمَا عُبَيْدُ اللهِ: سَعِيْدَةُ أَيْضًا بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ بْن شَبِيْبٍ، من "دَيرِ عُوَيْرِفَ" وَأَخَوَاتُهُمْ (رُقَيَّةُ)، وَ (فَاطِمَةُ)، وَ (رَابِعَةُ)، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ فِي هَامِشِ وَفَيَاتِ سَنَةِ (558 هـ).
وَمِنْ خِلَالِ الوُقُوْفِ عَلَى أَخْبَارِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ضَلِيْعًا فِي العِلْمِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُرُوزُ فِي الفِقْهِ كَأَخِيهِ المُوَفَّقِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ اطلاع وَاسِع فِي الحَدِيْثِ وَالرَّوَايَةِ كَالحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَإِنَّمَا كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، عَابِدًا، مُحَبَّبًا إِلَى النَّاسِ، وَرِعًا، زَاهِدًا، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ وَغَيرُهَا أَعْطَتْهُ شُهْرَةً وَمَكَانَةَ فِي نُفُوْسِ النَّاسِ، فَعَظَّمُوْهُ، وَاحتَرَمُوْهُ، وَبَالَغَ =
الجَمَّاعِيْلِيُّ، المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الصَّالِحِيُّ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ. قَالَ ابْنُ أُخْتِهِ الحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ
(1)
مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ"جَمَّاعِيْلَ" شَاهَدْتُهُ بِخَطِّ وَالِدِهِ، وَهَاجَرَ بهِ وَالِدُهُ وَبِأَخِيْهِ الشَّيْخِ المُوَفَّقُ وَأَهْلِهِمْ إِلَى "دِمَشْقَ" سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ
(2)
لاِسْتِيْلَاءِ الفِرِنْجَ عَلَى الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ، فَنَزَلُوا بِـ"مَسْجِدِ أَبِي صَالِحٍ"
(3)
ظَاهِرِ "بَابِ شَرْقِي" فَأَقَامُوا
= مُتَرْجِمُوهُ فِي وَصْفِهِ بِكُلِّ جَمِيْلٍ، وَأَطْنَبُوا فِي ذِكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.
وَاشْتُهِرَ لَهُ مِنَ الأَوْلَادِ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ (ت: 684 هـ)، وشَرَفُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهُ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 643 هـ) وَعُمَرُ بْن مُحَمَّدٍ (ت؟) وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ (ت؟) وَإِبْرَاهِيْمَ بنُ مُحَمَّدٍ (ت؟) وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ (ت؟)، وَحَبِيْبَة بنْتُ مُحَمَّدٍ (ت؟) وَزَيْنَبُ بِنتُ مُحَمَّدٍ (ت؟)، وعَائِشةُ بِنتُ مُحَمَّدٍ (ت؟) وَخَدِيجَةُ "الكُبْرَى" بنتُ مُحَمَّدٍ (ت؟) وَخَدِيْجَةُ "الصُّغْرَى"، وَلَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ أَكْبَرُهُنَّ أُمُّ عُمَرَ فَاطِمَة بِنْتُ أَحمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَمَّةُ الحَافِظِ الضَّيَاءِ، وَهِيَ أُمُّ عُمَرَ، وَخَدِيْجَة الكُبْرَى، وَآمِنَة.
ثُمَّ طَاوُوسُ، وَهِيَ مِنَ "إِلْبِيْرَةَ" مِنْ أَرْضِ "بَيْتِ المَقْدسِ"، ثُمَّ فَاطِمَةُ بِنتُ أَبِي المَجد مِنْ أَهْلِ "دِمَشْقَ" وَهِي أُمُّ عَبْدِ اللهِ، وَزَيْنَبَ. ثُمَّ آمِنَةُ بِنْتُ أَبي مُوسَى وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَن وَأَحْمَدَ، وَعائِشَةَ وَحَبِيْبَةَ، وَخَدِيْجَةَ "الصُّغْرَى"، وَلَهُ مِنَ الأَحْفَادِ وَالأَسْبَاطِ أَعْدَادٌ كَبِيْرَةٌ جِدَّا، أَغْلَبُهُمْ مِنْ أَهلِ العِلْمِ، نَذْكُرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
جَمَعَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ كِتَابًا مُخْتَصرًا فِي مَنَاقِبِهِ طُبِعَ سَنَةَ (1418) فِي بْيُروت داِر ابِن حَزْمٍ وَأَظُنُّهُ مُسْتَلًّا مِنْ كِتَابِ "سِيَرِ المَقَادِسَةِ"، وَلَعَلَّهُ هُوَ نَفْسُهُ "الحِكَايَات المُقْتَبِسَة
…
" أو كِتَابُ "سَبَبِ هِجْرَةِ المَقَادِسَةِ
…
" تَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُمَا وَأَخَذَتْ أَسْمَاءً.
(2)
هِجْرَةُ المَقَادِسَةِ فِي القَلَائِدِ الجَوْهَرِيَّةِ (1/ 68).
(3)
أَبُو صَالِحِ هُوَ مُفْلحُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، شَيْخٌ، عَابِدٌ، صَالِحٌ، حَنْبَلِيُّ المَذْهَبِ (ت: 330 هـ) وَفِي القَلَائِدِ الجَوْهَرِيَّةِ (1/ 251)، نَقَلَ عَنِ "العِبَر" للحَافِظِ الذَّهَبِيِّ، وَتَارِيخِ ابنِ =
بِهِ مُدَّةً نَحْوَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ انْتَقَلُوا إِلَى "الجَبَلِ". قَالَ أَبُو عُمَرَ: فَقَالَ النَّاسُ: الصَّالِحِيَّةُ، يَنْسِبُونَا إِلَى "مَسْجِدِ أَبِي صَالِحٍ" لَا أَنَّا صَالِحُوْنَ.
قَالَ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ -وَنَقَلَتْهُ مِنْ خَطِّهِ-: أَنْزَلَهُمْ وَالِدِي فِي "مَسْجِدِ أَبي صَالِحٍ" فَاستَوْخَمَ المَسْجِدُ عَلَيْهِمْ، فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ قَرِيْبُ أَرْبَعِيْنَ نَفْسًا، فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ وَالِدِي بِالاِنْتِقَالِ إِلَى "الجَبَلِ" حَيْثُ هُمُ الآنَ، فَانْتَقَلُوا إِلَيْهِ، وَكَانَ رَأْيًا مُبَارَكًا.
حَفِظَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ القُرْآنَ وَقَرَأَهُ بِحَرْفِ أَبِي عَمْرٍو، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ وَالِدِهِ، وَأَبِي المَكَارِمِ بنِ هِلَالٍ، وَأَبِي تَمِيْمٍ سَلْمَانَ بْنِ الرَّحْبِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بْنِ عَبْدِ الخَالِقِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَبِي الفَتْحِ عُمَرَ بْنِ عَليِّ
= قَاضِي شُهْبَةَ الأَسَدِيَّ أَنَّهُ تُوُفَّيَ سَنَةَ: (530 هـ) وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (294)، وَسِيَر أَعلَامِ النُّبلَاء (15/ 84)، أنَّ وَفَاتَهُ سَنَةَ (330 هـ) وَهُوَ الصَّحِيْحُ؛ لأَنَّ ابْنَ زَبْرٍ (ت: 379 هـ)، ذَكَرَهُ فِي "وَفَيَاتِهِ" أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيخِ دِمَشْقَ لِلْحَافِظِ ابْنِ عسَاكِرِ (69/ 221)، ومُخْتَصَرِهِ لابنِ مَنْظُوْرٍ (29/ 16)، ودُوَلِ الإِسْلامِ (1/ 203)، وَمِرْآةِ الجِنَانِ (2/ 298)، وَالبِدَايَةِ والنِّهَايَةِ (11/ 204)، والنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (3/ 275)، وَالدَّارِسِ في تَارِيْخِ المَدَارِسِ (2/ 102)، والشَّذَرَاتِ (2/ 328).
وَالمَسْجِدُ المَذْكُورُ قَدِيْمٌ، كَانَ يَلْزَمُهُ أَبُو بَكْرِ سَنَدُ [بنُ] حَمْدَوَيْهِ الزَّاهِدُ، ثُمَّ خَلَّفَهُ عَليْهِ صَاحِبُهُ أَبو صَالِحٍ المَذْكُورُ، كَذَا قَالَ ابنُ شَدَّادٍ فِي الأَعْلاقِ الخَطِيْرَةِ "مَدِيْنَة دِمَشْقَ"(137)، قَالَ:"فَنُسِبَ إِلَيْهِ، سَكَنَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّالِحِيْنَ، فِيْهِ بِئْرٌ، وَلَهُ وَقَفٌ وَإِمَامٌ". وَيُرَاجَعُ ثِمَارُ المَقَاصِدِ (108)، وَالمُرُوْجُ السُّنْدُسِيَّةُ
…
قَالَ ابنُ عَبْد الهَادِي: قُلْتُ: هَذَا المَسْجِدُ الَّذِي نَزَلَهُ المَقَادِسَةُ عِنْدَ هِجْرَتِهِمْ إِلَى "دِمَشْقَ" فَاسْتَوْخَمَ عَلَيْهِمْ، وَمَاتَ مِنْهُمْ خَلْقٌ
…
".
ابْنِ حَمُّوْيَه، وَأَبِي المَعَالِي بْنِ صَابِرٍ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الكِنَانِيِّ
(1)
، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الحَرَّانِيِّ، وَأَبي الفَهْمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ الأَزْدِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ مَحْمُودٍ الثَّقَفِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ. وَقَدِمَ "مِصْرَ" فَسَمِعَ بِهَا مِنَ الشَّرِيْفِ أَبِي المَفَاخِرِ سَعِيْدِ بْنِ الحَسَنِ المَأْمُوْنِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ بَرِّيِّ النَّحْوِيِّ، وَخَرَجَ لَهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ "أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثًا" مِنْ رِوَايَاتِهِ، وَحَدَّثَ بِهَا.
وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: الضِّيَاءُ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَرَوَي عَنْهُ ابْنُ خَلِيْلٍ
(2)
، وَوَلَدُهُ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَاضِي القُضَاةِ، وَحَفِظَ مِنْهُ "مُخْتَصَرَ الخِرَقِيِّ" فِي الفِقْهِ
(3)
. وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَقَرَأَ النَّحْوَ عَلَى ابْنِ بَرِّي بِـ "مِصْرَ" وَأَظُّنُّهُ
(1)
في (ط): "الكتاني وَإِنَّمَا هُوَ "الكِنَانِي"" كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ، تَرجَمَتُهُ فِي "تَارِيخِ الإِسْلَامِ"(330)، وَفيَات مَا بَيْنَ (571 - 580)، وَالله تعَالَى أَعْلَم، وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ ابْنِ صَصْرَى وَابْنِ خَلِيْلٍ
…
وَغَيْرِهِمَا.
(2)
جاء في مُعْجَمِ ابنِ خَلِيْلٍ: "أَخْبَرَنَا الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عُمَرَ، مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ المَقدِسِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَليْهِ بـ "دِمَشْقَ" قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بن المُسْلَّم بنِ هِلَالٍ الأَزْدِيُّ. . .". وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ البُخَارِيِّ جَاءَ فِي "مَشْيَخَتِهِ" أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ مُحمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ مِقْدَامَ بْنِ نَصْرٍ المَقْدِسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي ثَالِثِ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّمَائَةَ بِالجَامِعِ المُظَفَّرِيِّ بِسَفْحِ جَبَلِ قَاسِيُونَ".
(3)
وَلَدُهُ هَذَا شَمْسُ الدَّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَصْغَرِ أَوْلَادِهِ، فَلَعَلَّهُ سَمِعَ عَلَيْهِ فِي الصِّغَرِ، وَلَمْ يُكْثِرْ؛ لأَنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ (597 هـ).
حَفِظَ "اللُّمَعَ"
(1)
لابْنِ جِنِّيِّ. وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا، مِنْ ذلِكَ:"الحِلْيَةُ" لأَبِي نُعَيْمٍ، وَ"تَفْسِيْرُ البَغَوِيِّ"، وَ"المُغْنِيِّ" فِي الفِقْهِ لأَخِيْهِ الشَّيْخُ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ، وَ"الإِبَانَةُ" لابْنِ بَطَّةَ، وَكَتَب مَصَاحِفَ كَثِيْرَةً لأَهْلِهِ، وَكَتَبَ "الخِرَقِيَّ" للنَّاسِ، وَالكُلُّ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ، وَكَانَ سَرِيْعَ الكِتَابَةِ، وَرُبَّمَا كَتَبَ فِي اليَوْمِ كُرَّاسَيْنِ بِالقَطْعِ الكَبِيْرِ.
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءِ
(2)
: وَكَانَ اللهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ مَعْرِفَةَ الفِقْهِ، وَالفَرَائِضِ، وَالنَّحْوِ، مَعَ الزُّهْدِ، وَالعَمَلِ، وَقَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ. قَالَ: وَكَانَ لَا يَكَادُ يَسْمَعُ دُعَاءً إِلَّا حَفِظَهُ وَدَعَا بِهِ، وَلَا يَسْمَعُ ذِكْرَ صَلَاةٍ إِلَّا صَلَّاهَا، وَلَا يَسْمَعُ حَدِيْثًا إِلَّا عَمِلَ بِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ مَائَةَ رَكْعَةٍ
(3)
، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيْرٌ، وَكَأَنَّهُ أَنْشَطُ الجَمَاعَةِ، وَكَانَ لَا يَتْرُكُ قِيَامَ اللَّيْلِ مِنْ وَقْتِ شُبُوْبِيَّتِهِ، وَسَافَرَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ
(4)
، فَقَامَ فِي اللَّيْلِ يُصَلِّي وَيَحْرِسُ الجَمَاعَةَ، وَقَلَّلَ
(5)
الأَكْلَ في مَرَضِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، حَتَّى عَادَ كَالعُوْدِ، وَمَاتَ وَهُوَ عَاقِدٌ عَلَى أَصَابِعِهِ
(1)
مُخْتَصَرٌ مَشْهُوْرٌ فِي النَّحْوِ، سَبَقَ ذِكْرهُ فِي تَرْجَمَةِ ابنِ الخَشَّابِ (ت: 567 هـ).
(2)
مَنَاقِب الشَّيْخِ (28).
(3)
أَلَيْسَ هَذَا كُلُّهُ مِنَ البِدَعِ؟! هَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا سَابِقًا.
(4)
في "المَنَاقِبِ": "سَافَرْتُ مَرَّةً مَعَ خَالِي الإِمَامِ أَبِي عُمَرَ إِلَى الغَزَاةِ، فَبِتْنَا عِنْدَ قَرْيَةٍ، فَأَرَادَ بَعْضُنَا أَنْ يَسْهَرَ وَيَحْرِسَنَا، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: نَمْ، وَقَامَ هُوَ يُصَلِّي" وَانْظُر مَا بَعْدَهَا.
(5)
في "المَنَاقِب": "وَسَمِعْتُ أُم عَبْدَ اللهِ آسِيَة بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَهِي الَّتِي كَانَتْ تُلَازِمُهُ فِي مَرَضِهِ تَقُولُ: إِنَّهُ قَلَّلَ الأَكْلَ. . ."، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. وَآسيَةُ هَذِهِ بِنْتُ بِنْتِهِ كَمَا جَاءَ فِي المَنَاقِبِ (34)، وَهِيَ بِنْتِ مُحَمَّد بن خَلَفٍ بنِ رَاجِحٍ المَقْدِسِيِّ.
يُسَبِّحُ. قَالَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ زَوْجَتِهِ قَالَتْ: كَانَ يَقُوْمُ اللَّيْلَ، فَإِذَا جَاءَهُ النَّوْمُ عِنْدَهُ قَضِيْبُ يَضْرِبُ بِهِ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَيَذْهَبُ عَنْهُ النَّوْمُ. قَالَ: وَكَانَ كَثِيْرَ الصِّيَامِ سَفَرًا وَحَضَرًا.
قَالَ وَلَدُهُ عَبْدُ الله: إِنَّهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ سَرَدَ الصَّوْمَ، فَلَامَهُ أَهْلُهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَصُوْمُ أَغْتَنِمُ أَيَّامِي؛ لأَنِّي إِنْ ضَعُفْتُ عَجَزْتُ عَنِ الصَّوْمِ، وإِنْ مِتُّ انْقَطَعَ عَمَلِي، وَكَانَ لَا يَكَادُ يَسْمَعُ بِجِنَازَةٍ
(1)
: إِلَّا حَضَرَهَا، وَلَا بِمَرِيْضٍ إِلَّا عَادَهُ وَلَا جِهَادٍ
(2)
إِلَّا خَرَجَ فِيْهِ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ كُلَّ لَيْلَةٍ سُبْعًا مُرَتِّلًا، وَيَقْرَأُ فِي النَّهَارِ سُبْعًا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، فَإِذَا صَلَّى الفَجْرَ
(3)
قَرَأَ آيَاتِ الحِرْسِ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنَ التَّسْبِيْحِ، وَكَانَ قَدْ كَتَبَ فِي ذلِكَ كُرَّاسَةً، وَهِيَ مُعلَّقَةٌ فِي المِحْرَابِ، وَرُبَّمَا قَرَأَ فِيْهَا خَوْفًا مِنَ النُّعَاسِ، ثُمَّ يَقْرَأُ وَيُلَقِّنُ إِلَى ارْتفَاعِ النَّهَارِ، ثُمَّ يُصَلِّي الضُّحَى صَلَاةً طَوِيْلَةً، وَكَانَ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ طَوِيْلَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا فِي اللَّيْلِ، وَالأُخْرَى فِي النَّهَارِ، يُطِيْلُ فِيهِمَا السُّجُوْدَ، وَيُصَلِّي بَعْدَ أَذَانِ الظُّهْرِ، قَبْلَ سُنَّتِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِي الأُولَى أَوَّلُ {الْمُؤْمِنُونَ} ، وَفِي الثَّانِيَّةِ آخِرِ {الْفُرْقَانَ} ، وَكَان يُصَلِّي بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَقْرَأُ فِيْهِنَّ {السَّجْدَةَ} و {يس} ، و {تَبَارَكَ} ، و {الدُّخَان} وَيُصَلِّي كُلَّ لَيْلَةِ
(1)
في "المَنَاقِبِ": "قَرِيْبَةً كَانَتْ أَوْ بَعِيْدَةً" وَفِي "تَارِيخِ الإسْلَامِ": "قَرِيْبَةٍ أَو بَعِيْدَةٍ".
(2)
في "المَنَاقِبِ": و"تَارِيْخ الإِسْلَام": "وَلَا يَكَادُ يَسْمَعُ".
(3)
بَعْدَ هَذِهِ العِبَارَةِ فِي "المَنَاقِبِ" و"تَارِيخِ الإِسلام": "وَفَرَغَ مِنَ الدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيحِ".
جُمُعَةٍ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ صَلَاةَ التَّسْبِيْحِ [ويُطِيْلُهَا، وَيُصَلِّي يَوْمَ الجُمُعةِ رَكْعَتَيْنِ بِمِائَةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}]
(1)
وَكَانَ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ رَكْعَةً نَافِلَةً، وَلَهُ أَوْرَادٌ كَثيْرَةٌ، وَكَانَ يَزُوْرُ القُبُوْرَ كُلَّ جُمُعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ]، وَلَا يَنَامُ إِلَّا عَلَى وُضُوْءٍ، وَيُحَافِظُ علَى سُنَنٍ وَأَذْكَارٍ عِنْدَ نَوْمِهِ مِنَ التَّسْبِيْحِ، وَالتَّكْبِيْرِ، وَالتَّحْمِيْدِ، وَقِرَاءَةِ "تبَارَكَ" وَغَيْرِهَا مِنَ القُرْآنِ، وَيَقُوْلُ بَيْنَ سُنَّةِ الفَجْرِ وَالفَرْضِ أَرْبَعِيْنَ مَرَّةً: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ
(2)
. وَكَانَ لَا يَتْرُكُ غُسْلَ الجُمُعَةِ
(3)
وَلَا يَخْرُجُ إِلَى الجُمُعَةِ إِلَّا وَمَعَهُ شَيْءٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَكَانَ يَحْمِلُ هَمَّ أَصْحَابِهِ، وَمَنْ سَافَرَ مِنهُمْ تَفَقَّدَ أَهْلَهُ، وَكَانَ يَتَفَقَّدُ الأَشيَاءَ النَّافِعَةِ، مِثْلَ النَّهْرِ، وَالسِّقَايَةِ، وَغَيْرِ ذلِكَ مِمَّا فِيْهِ نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِيْنَ، وَكَانَ يُؤَثِّرُ بِمَا عِنْدَهُ لأَقَارِبِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَيَتَصَدَّقُ كَثِيْرًا بِبَعْضِ ثِيَابِهِ، حَتَّى يَبْقَى فِي الشِّتَاءِ بِجُبَّةٍ بِغَيْرِ قَمِيْصٍ، وَكَثِيْرًا مِنْ وَقْتِهِ بِغَيْرِ سَرَاوِيْلَ وَكَانَتْ عِمَامَتُهُ قِطْعَةَ بِطَانَةٍ، فَإِذَا احْتَاجَ أَحَدٌ إِلَى خِرْقَةٍ، أَوْ مَاتَ صَغِيْرٌ قَطَعَ مِنْهَا لَهُ، وَكَانَ يَلْبَسُ الخَشِنَ، وَيَنَامُ عَلَى الحَصِيْرِ، وَكانَ ثَوْبُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ، وَكُمُّهُ إِلَى رُسْغِهِ، وَرُبَّمَا تَصَدَّقَ بالشَّيءِ وَأَهْلُهُ مُحْتَاجُوْنَ إِلَيْهِ، وَمَكَثَ مُدَّةً لَا يَأْكُلُ أَهْلُ الدَّيْرِ إِلَّا مِنْ بَيْتِهِ يَجْمَعُ الرِّجَالَ نَاحِيَةً وَالنِّسَاءَ نَاحِيَةً، وَكَانَ إِذَا جَاءَ شَيْءٌ إِلَى بَيْتِهِ فَرَّقَهُ علَى الخَاصِّ وَالعَامِّ، وَكَانَ يَقُوْلُ: لَا عِلْمَ إِلَّا مَا دَخَلَ
(1)
هَلْ هَذِهِ مَشْرُوْعَةٌ؟! بَلْ كُلُّهَا مِنَ البِدَعِ؟!
(2)
هَذَا كُلُّهُ فِي "المَنَاقِبِ" وَعَنْهُ في "تَارِيخِ الإِسْلامِ" وَأَغْلَبُهُ بِدَعٌ لَا أَسَاسَ لَهَا فِي الشَّرْعِ.
(3)
هَذَا غَرِيْبٌ؟! فَهَلْ هَذِهِ مِنْ مَنَاقِبِهِ؟! وَهُوَ شَأْنُ كُلِّ مُحْتَلِمٍ؟!.
مَعَ صَاحِبِهِ القَبْرَ. وَيَقُوْلُ: إِذَا لَمْ تَتَصَدَّقُوا لَا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ عَنْكُمْ، وَإِذَا لَمْ تُعْطُوا السَّائِلَ أَنْتُمْ أَعْطَاهُ غَيْرُكُمْ، وَكَانَ يُحِبُّ اللَّبَنَ المُصَفَّى بِخِرْقَةٍ، فَعَمِلَ لَهُ مِنْهُ مَرَّةً فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، فَقِيْلَ لَهُ، فَقَالَ: تَرَكْتُهُ لِحُبِّي إِيَّاهُ، ثُمَّ لَمْ يَأْكُلْهُ بَعْدَ ذلِكَ، وَكَانَ إِذَا خَطَبَ تَرِقُّ القُلُوْبُ، وَيَبْكِي بَعْضُ النَّاسِ بُكَاءً كَثِيرًا، وَكَانَ لَهُ هَيْبَةٌ عَظِيْمَةٌ فِي القُلُوْبِ، حَتَّى كَانَ أَحَدُ الطَّلَبَةِ يُرِيْدُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيءٍ فَمَا يَجْسُرُ أَنْ يَسْأَلَهُ، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ سَكَتُوا، وَخَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ، وَإِذَا عَبَرَ فِي طَرِيْقٍ وَالصِّبْيَانُ يَلْعَبُوْنَ هَرَبُوا، وَإِذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ لَا يَجْسُرُ أَحَدٌ أَنْ يُخَالِفَهُ، وَكَانَ كَثِيْرًا مَا يَكْتُبُ إِلَى أَرْبَابِ الوِلَايَاتِ شَفَاعَاتٍ لِمَنْ يَقْصِدُهُ، فَقَالَ لَهُ المُتَوَلِّي يَوْمًا: إِنَّكَ تَكْتُبُ إِلَيْنَا فِي قَوْمٍ لَا نُرِيْدُ أَنْ نَقْبَلَ فِيْهِمْ شَفَاعَةً، وَنَشْتَهِي أَنْ لَا نَرُدَّ رُقْعَتَكَ، فَقَالَ: أمَّا أَنَا فَقَدْ قَضَيْتُ حَاجَةَ مَنْ قَصَدَنِي، وَأَنْتُمْ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا وَرَقَتِي وَإِلَّا فَلَا، فَقَالَ لَهُ: لَا نَرُدَّهَا أَبَدًا، وَاحْتَاجَ النَّاسُ فِي سَنَةٍ إِلَى المَطَرِ، فَطَلَعَ مَعَهُمْ إِلَى "مَغَارَةِ الدَّمِ" وَمَعَهُ نِسَاءٌ مِنْ مَحَارِمِهِ، وَاسْتَسْقَى وَدَعَا، فَجَاءَ المَطَرُ حِيْنَئِذٍ، وَجَرَتْ الأَوْدِيَةُ شَيْئًا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ مِنْ مُدَّةٍ، وَلَهُ كَرَامَاتٌ كَثِيْرَةٌ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَالَ: جِئْنَا مَرَّةً إِلَى عِنْدَهُ، وَنَحْنُ ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ جِيَاعٌ، فَقَدَّمَ إِلَيْنَا سُكُرُّجَةُ
(1)
فِيْهَا لَبَنٌ، وَكُسَيْرَاتٌ، فَأَكَلْنَا وَشَبِعْنَا، وَأَنا أَنْظُرُ إِلَيْهَا
(1)
بِضَمَّتَيْنِ، وَشَدَّ الرَّاءِ المَفْتُوْحَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمَّهَا، والصَّوَابُ:"أُسْكُرُّجَةُ" بالهَمْزَةِ، فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبُ:"سُكُرَه" إِنَاءُ صَغِيْرٌ يُسْتَعْمَلُ فِي المُشَهِّيَاتِ والهَاضُوْمَاتِ عَلَى المَوَائِدِ حَوْلَ الطَّعَامِ. . ." قَصْد السَّبِيْلِ (2/ 142). وَيُرَاجَعُ: (1/ 185)، والمُعَرَّبُ (75)، =
كَأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَسَمِعْتُ الإِمَامَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ
(1)
يَقُولُ: دَعَانِي الشَّيْخُ مَرَّةً، وَكُنْتُ أَخَافُ مِنْ ضَرَرِ الأَكْلِ، فَابْتَدَأَنِي وَقَالَ: إِذَا قَرَأَ الإِنْسَانُ قَبْلَ الأَكْلِ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}
(2)
(3)
، ثُمَّ أَكَلَ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ.
وَسَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ الحَسَنِ بْنِ النَّحَّاسِ
(4)
، يَقُوْلُ: كَانَ وَالِدِي يُحِبُّ الشَّيْخَ أَبَا عُمَرَ، فَقَالَ لِي يَوْمَ جُمَعَةٍ: أَنَا أُصَلِّي الجُمُعَةَ خَلْفَ الشَّيْخِ، وَمَذْهَبِي أَنَّ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} مِنَ الفَاتِحَةِ، وَمَذْهَبُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الفَاتِحَةِ، وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ فِي صَلَاتِي شَيْءٌ، فَمَضَيْنَا إِلَى المَسْجِدِ، فَوَجَدْنَا الشَّيْخَ، فَسَلَّمَ عَلَى وَالِدِي وَعَانَقَهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَخِي، صَلِّ وَأَنْتَ طَيِّبُ القَلْبِ؛ فَإِنَّنِي مَا تَرَكْتُ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فِي نَافِلَةٍ، وَلَا فَرِيْضةٍ، مُنْذُ أُمِّمْتُ بِالنَّاسِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَالِدِي وَقَالَ: احْفَظْ.
وَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يُرْسِلُ إِلَى الشَّيْخِ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا فَيَقْبَلُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَرَّةً دِيْنَارَيْنِ فَرَدَّهُمَا فَتَأَلَّمَ، ثُمَّ فَكَّرَ فِيْهِمَا، فَوَجَدَهُمَا مِنْ جِهَّةِ غَيْرِ
= وَالنِّهَايَةُ (2/ 384).
(1)
لَعَلَّهُ مُحَمَّدُ بنُ أَبي بَكْرِ بنِ عُمَرَ الخِلَاطِيُّ، نَاصِرُ الدِّيْنِ.
(2)
سورة آل عمران، الآية:18.
(3)
سورة قريش. هَلْ فِي ذلِكَ أَثَرٌ مَرْوِيٌّ؟!
(4)
ابن النَّحَّاس لم أقِف على أَخْبَارهِ.
طَيِّبَةٍ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ غَيْرَهُمَا فَقَبِلَهُمَا.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُثْمَانَ
(1)
، قَالَ: جَاءَ رَجُلَانِ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، فَقَالَا لَهُ: إِنَّ قُرَاجَى [قَدْ أَخَذَ فُلَانًا وَحَبْسِهِ، فَادْعُ عَلَيْهِ، فَبَاتَا عِنْدَ الشَّيْخِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ قَالَ: قُضِيَتِ الحَاجَةُ، وَإِذَا جَنَازَةُ قُرَاجَى]
(2)
عَابِرَةٌ، وأَطَالَ الضِّيَاءُ تَرْجَمَةَ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، وَكَذلِكَ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ ابنِ الجَوْزِيِّ فِي "المِرْآةِ" وَقَالَ: كَانَ مُعْتَدِلَ القَامَةِ، حَسَنَ الوَجْهِ، عَلَيْهِ أَنْوَارُ العِبَادَةِ، لَا يَزَالُ مُبْتَسِمًا، نَحِيْلَ الجِسْمِ مِنْ كَثْرَةِ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ، قَالَ: وَكَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ "الجَبَلِ" لِزِيَارَةِ القُبُوْرِ، أَوْ غَيْرِ ذلِكَ جَمَعَ الشِّيْحَ مِن "الجَبَلِ" وَرَبَطَهُ بِحَبْلٍ، وَحَمَلَهُ إِلَى بُيُوْتِ الأَرَامِلِ وَاليَتَامَى، وَيَحْمِلُ فِي اللَّيْلِ إِلَيْهِمْ الدَّراهِمْ وَالدَّقِيْقِ، وَلا يَعْرِفُوْنَهُ، قَالَ: وَمَا نَهَرَ أَحَدًا، وَلَا أَوْجَعَ قَلْبَ أَحَدٍ، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا زَاهِدٌ، وَلَكِنْ فِي الحَرَامِ، وَلَمَّا نَزَلَ صَلَاحُ الدِّيْنِ عَلَى "القُدْسِ" كَانَ هُوَ وَأَخُوهُ المُوَفَّقُ وَالجَمَاعَةُ فِي خَيْمَةٍ، فَجَاءَ العَادِلُ إِلَى زِيَارَتِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَمَا قَطَعَهَا، وَلَا الْتَفَتَ إِلَيْهِ، وَلَا تَرَكَ وِرْدَهُ، وَكَانَ يَصْعَدُ المِنْبَرَ فِي "الجَبَلِ" وَعَلَيْهِ ثَوْبُ خَامٍ مَهْدُوْلُ
(1)
أَحْمَدُ بن عَبد المَلِكِ بن عُثْمَان بن عَبْد اللهِ مِنْ (آلِ قُدامة) المَقادِسة، زَيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو العبَّاسِ، مِنْ أَهْلِ العِلْم هُوَ وَأَبُوهُ، وَبَيته مَشْهُوْرٌ بِالعِلْمِ، وَالدَّلِيْلُ علَى أَنَّ المَذْكُور مِنْ أَهلِ العِلْمِ وَصْفه بِـ "الإِمَامِ"، وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا المُؤَلِّفُ؟! وَالخَبَرُ فِي "المَنَاقِبِ" وَ"تَارِيخ الإِسْلَام"، وَفِيْهِمَا:"جَاءَ أَبُو رَضْوَانَ وَرَجُلٌ آخَرُ - سَمَّاهُ - الشَّيْخَ أَبَا عُمَرَ. . .".
(2)
في (ط): "قراج".
الجَيْبِ، وَفِي يَدِهِ عَصًا، وَالمِنْبَرُ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُ مَرَاقٍ، وَكَانَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَيَحْضُرُ الغَزَوَاتِ مَعَ صَلَاحِ الدِّينِ.
وَكَانَ أَخُوْهُ المُوَفَّقُ يَقُوْلُ عَنْهُ: هُوَ شَيْخُنَا، رَبَّانًا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا، وَعَلَّمَنَا، وَحَرِصَ عَلَيْنَا، وَكَانَ لِلْجَمَاعَةِ كَالوَلَدِ يَقُومُ بمَصَالِحِهِمْ، وَمَنْ غَابَ مِنْهُمْ خَلفَهُ فِي أَهْلِهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبِي أَحْمَدُ قَدْ تَخَلًّى عَنْ أُمُوْرِ الدُّنْيَا وَهمُوْمِهَا، فَكَانَ المَرْجِعُ فِي مَصَالِحِ الأَهْلِ إِلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي هَاجَرَ بِنَا، وَسَفَّرَنَا إِلَى "بَغْدَادَ" وَبَنَى الدَّيْرَ، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ "بَغْدَادَ" زَوَّجَنَا وَبَنَى لَنَا دُوْرًا خَارِجَةً عَنِ الدَّيْرِ وَكَفَانَا هُمُوْمَ الدُّنْيَا، وَكَانَ يُؤثِرُنَا، وَيَدَعُ أَهْلَهُ مُحْتَاجِيْنَ، وَبَنَى المَدْرَسَةَ وَالمَصْنَعَ بِعُلُوِّ هِمَّتِهِ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَمَا كَتَبَ لأَحَدٍ وَرَقَةً للْحُمَى إِلَّا شَفَاهُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ أبو المُظَفرِ
(1)
: وَكَرَامَاتُهُ كَثِيْرَةٌ، وَفَضَائِلُهُ غَزِيْرَةٌ، فَمِنْهَا: أَنِّي صَلَّيْتُ يَوْمَ جُمُعَةٍ بِجَامِعِ الجَبَلِ فِي أَوَّلِ سنَةِ سِتٍّ وَسِتِّمَائَةَ، وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ اليُوْنَانِي
(2)
إِلَى جَانِبِي، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ الخُطْبَةِ وَأَبُو عُمَرَ يَخْطُبُ نَهِضَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ مُسْرِعًا، وَصَعَدَ إِلَى مَغَارَةٍ قَرِيْبَةٍ وَكَانَ نَازِلًا بِهَا، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ احْتَاجَ إِلَى الوُضُوْءِ، أَوْ آلَمَهُ شَيءٌ، فَلَمَّا صَلَّيتُ الجُمُعَةَ صَعَدْتُ وَرَاءَهُ، وَقُلْتُ لَهُ:
(1)
في (ط): "أَبُو المُظَرِ" خَطَأ طِباعة.
(2)
اليُونَانِي: هُوَ "اليُونيْنِي" مَنْسُوبٌ إِلَى "يُونِيْنَ" مِنْ قُرَى "بَعْلَبَكَّ" مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 517)، يُنْسَبُ إِلَيْهَا كَثِيْرٌ مِنَ الحَنَابِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَعَبْدُ اللهِ المَذكُور هُنَا. لَعَلَّهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ جَعْفَرٍ (ت: 617 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
خَيْرٌ مَا الَّذِي أَصَابَكَ؟ فَقَالَ: هَذَا أَبُو عُمَرَ، مَا تَحِلُّ خَلْفَهُ صَلَاةٌ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: لأَنَّهُ يَقُوْلُ علَى المِنْبَرِ مَا لَا يَصْلُحُ. قُلْتُ: وَمَا الَّذِي يَقُوْلُ؟ قَالَ المَلِكُ العَادِلُ، وَهُوَ ظَالِمٌ، فَمَا يَصْدُقُ، وَكَانَ أَبُو عُمَرَ يَقُوْلُ فِي آخِرِ الخُطْبَةِ: اللَّهُمَّ، أَصْلِحْ عَبْدَكَ المَلِكَ العَادِلَ سَيْفَ الدِّيْنِ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَيُّوبٍ، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ خَلْفَ أَبِي عُمَرَ لَا تَصِحُّ، فَيَا لَيْتَ شِعْرِي خَلْفَ مَنْ تَصِحُّ؟ وَبَيْنَا نَحنُ فِي الحَدِيْثِ، وَإِذَا بِالشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ قَدْ دَخَلَ وَمَعَه مِئْزَرٌ، فَسَلَّمَ وَحَلَّ المِئْزَرَ، وَفِيْهِ رَغِيْفٌ وَخِيَارَتَانِ، فَكَسَرَ الجَمِيعَ، وَقَالَ:{بِسْمِ اللَّهِ} الصَّلَاةُ
(1)
، ثُمَّ قَالَ ابْتِدَاءً، قَدْ جَاءَ فِي الحَدِيْثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
(2)
قَالَ: "وُلِدْتُ فِي زَمَنِ المَلِكِ العَادِلِ كِسْرَى" فَنَظَرَ إِلَى الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ: وَتَبَّسَمَ، وَمَدَّ يَدَهُ فَأَكَلَ، وَقَامَ أَبُو عُمَرَ فَنَزَلَ، فَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ: مَاذَا إِلَّا رَجلٌ صَالِحٌ.
قَالَ أَبُو المَظَفَّرِ: وَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا: أَوَّلُ مَا قَدِمْتُ "الشَّامَ" مَا كَانَ يَرُدُّ أَحَدًا فِي شَفَاعَتِهِ إِلَى مَنْ كَانَ، وَقَدْ كَتَبَ وَرَقَةٍ إِلَى المَلِكِ المُعَظَّمِ عِيسَى بْنِ العَادِلِ، وَقَالَ فِيْهَا: إِلَى الوَالِدِ المَلِكِ المُعَظَّمِ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَكْتُبُ هَذَا وَالمَلِكُ المُعَظَّمُ علَى الحَقِيْقَةِ هُوَ اللهُ تَعَالَى؟ فَتَبَسَّمَ ورَمَى بِالوَرَقَةِ، وَقَالَ: تَأَمَّلَهَا وَإِذَا بِهِ لَمَّا كَتَبَ "المَلِكِ المُعَظِّمِ" كَسَرَ الظَّاءَ، فَصَارَ المُعَظِّمِ،
(1)
يَعْنِي؛ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، وَهُوَ الإذْنُ بِالأَكْلِ.
(2)
هَذَا حَدِيْثٌ بَاطِلٌ، لَا أَصلَ لَهُ، قَالَ البَيْهَقِيُّ فِي شُعبِ الإِيْمَانِ رقم:(5195)، فِي بُطْلَانِهِ مَا يَرْوِيْهِ بَعْضُ الجُهَّالِ عَنْ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم:"وُلِدْتُ فِي زَمَنِ المَلكِ العَادِلِ" عن هامش المنهج الأحمد"، وَيُرَاجع: المَقَاصِد الحَسَنَة (454).
وقَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكوْنَ يَوْمًا قَدْ عَظَّمَ اللهَ تَعَالَى، فَعَجِبْتُ مِنْ وَرَعِهِ وَتَحَفُّظِهِ فِي مَنْطِقِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا.
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ: وَأَصَابَنِي قُوْلَنْجُ
(1)
عَانَيْتُ مِنْهُ شِدَّةً، فَدَخَلَ عَلَيَّ أَبُو عُمَرَ وَبِيَدِهِ خَرُّوْبٌ شَامِيٌّ مَدْقُوقٌ، فَقَالَ: اسْتَفَّ هَذَا، وَكَان عِنْدِي جَمَاعَةٌ، فَقَالُوا: هَذَا يَزِيْدُ القُولَنْجَ وَيَضُرُّهُ، فَمَا الْتَفَتُّ إِلَى قَولِهِمْ، فَأَخَذْتُهُ مِنْ يَدِهِ فَأَكَلْتُهُ، فَبَرِأْتُ فِي الحَالِ. قَالَ: وَحَكَى الجَمَالُ البُصْرَاوِيُّ الوَاعِظُ قَالَ: أَصَابَنِي قُوْلَنْجُ فِي رَمَضَانَ، فَاجْتَهَدُوا فِي أَنْ أُفْطِرَ، فَلَمْ أَفْعَلْ، وَصَعَدْتُ إِلَى "قَاسِيُوْنَ" فَقَعَدْتُ مَوْضِعَ الجَامِعِ اليَوْمَ، وإِذَا بِالشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ قَدْ أَقْبَلَ مِنَ الجَبَلِ، وَبِيَدِهِ حَشِيْشَةٌ، فَقَالَ: شُمَّ هَذِهِ تَنْفَعُكَ، فَأَخَذْتُهَا وَشَمَمْتُهَا، فَبَرِأْتُ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ النَّاصِحِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ: كَانَ أَبُو عُمَرَ فَقِيْهًا، زَاهِدًا، عابِدًا، كَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا مِنْ كُتُبِ الحَدِيْثِ، وَالفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكِتَابَ "المُغْنِي" لأَخِيْهِ، وَكَانَ مَعَ ذلِكَ لَهُ أَوْرَادٌ مِنَ الصَّلَاةِ وَالتِّلَاوَةِ، يَقُوْمُ بِهَا، وَحَجَّ وَغَزَا وَكَانَ شَيْخَ جَمَاعَتِهِ، مُطَاعًا فِيْهِمْ، مُحْتَرِمًا عِنْدَ نُوْرِ الدِّينِ مَحْمُوْدِ بْنِ زَنْكِيِّ، وَزَارَهُ وَبَنَى لَهُمْ فِي الجَبَلِ مَسْجِدًا وَسِقَايَةً.
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ آثَارٌ جَمِيْلَةٌ، مِنْهَا:"مَدْرَسَتُه" بِالجَبَلِ، وَهِيَ وَقْفٌ
(1)
جَاءَ فِي تَاج العَرُوس "قَلَجَ""القُوْلَنْجُ: عَجَمِيَّةٌ، وَقَدْ تُكْسَرُ لَامُهُ أَوْ هُوَ مَكْسُوْرُ اللَّامِ، وَتُفْتَحُ القَافُ وَيُضَمُّ، مَرَضٌ مَشْهُوْرٌ مِعَوِيٌّ، مَنْسُوْبٌ إِلَى المِعَى، مُؤْلِمٌ جِدًّا، يَعْسُرُ مَعَهُ خُرُوْجُ الثَّفَلِ وَالرِّيْحِ".
علَى القُرْآنِ وَالفِقْهِ، وَقَدْ حَفِظَ القُرْآنَ فِيْهَا أُمَمٌ لَا يُحْصَوْنَ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عُمَرَ قُطْبٌ، وَأَقَامَ قُطْبَ الوَقْتِ قَبْلَ مَوْتِهِ سِتَّ سِنِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ: كَانَ علَى مَذْهَبِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، حَسَنَ العَقِيْدَةِ، مُتَمَسِّكًا بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالآثَارِ المَرْوِيَّةِ وَغَيْرِهَا كَمَا جَاءَتْ، مِنْ غَيْرِ طَعْنٍ عَلَى أَئِمَّةِ الدَّيْنِ وَعُلَمَاءِ المُسْلِمِيْنَ. وَيَنْهَى عَنْ صُحْبَةِ المُبْتَدِعِيْنَ، وَيَأْمُرُ بِصُحْبَةِ الصَّالِحِيْنَ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ
(1)
:
أُوْصِيْكُمْ فِي القَوْلِ بِالقُرْآنِ
…
بِقَوْلِ أَهْلِ الحَقِّ وَالإِتْقَانِ
لَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ وَلَا بِفَانِي
…
لكِنْ كَلَامُ المَلِكِ الدَّيَّانِ
آيَاتُهُ مُشْرِقَةُ المَعَانِي
…
مَتْلُوَّةٌ فِي اللَّفْظِ بِاللِّسَانِ
مَحْفُوْظَةٌ فِي الصَّدْرِ وَالجَنَانِ
…
مَكْتُوْبَةٌ فِي الصُّحْفِ بِالبَنَانِ
وَالقَوْلُ فِي الصِّفَاتِ يَا إِخْوَانِي
…
كَالذَّاتِ وَالعِلْمِ مَعَ البَيَانِ
إِمْرَارُهَا مِنْ غَيْرِ مَا كُفْرَانِ
…
مِنْ غَيْرِ تَشْبِيْهِ وَلَا عُدْوَانِ
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ
(2)
:
(1)
هَذِهِ الأَبْيَاتُ مِنْ أُرْجُوْزَةٍ أَوْرَدَهَا الحَافِظُ الضِّيَاءُ فِي مَنَاقِبِهِ (76)، قَالَ: أَنْشَدَنَا الإِمَامُ الحَافِظُ أَبُو مُوسَى عَبْدُ الله بنُ الحَافِظِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا خَالِي الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عُمَرَ لِنَفْسِهِ:
إِنِّي أَقُوْلُ فَاسْمَعُوا بَيَانِي
…
يَا مَعْشَرَ الأَصْحَابِ وَالخِلَّانِ
تَجِدْهَا هُنَاكَ، وَأَوْرَدَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيخِ الإِسْلَامِ"، ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا.
(2)
لَمْ يَرِدَا فِي مَنَاقِبِهِ، وَهُمَا عَنِ المُؤلِّفِ فِي "المَنهَجِ الأَحْمَدِ"، وَأَوْرَدَهُمَا أَبُو شَامَةَ المَقْدِسِيُّ فِي "ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ"، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "السِّيَرِ"، وَ"التَّارِيْخِ"، وَالمَقْرِيْزِيُّ فِي "المُقَفَّى الكَبِيْرِ".
أَلَمْ يَكُ مَلْهَاةُ عَنِ اللَّهْوِ أَنَّنِي
…
بَدَالِيَ شَيْبُ الرَّأْسِ وَالضَّعْفُ وَالأَلَمْ
أَلَمَّ بِي الخَطْبُ الَّذِي لَوْ بَكَيْتُهُ
…
حَيَاتِيَ حَتَّى يَنْفَدُ الدَّمْعُ لَمْ أُلَمْ
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ: وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ: أَنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسِي بِـ "قَاسِيُوْنَ" فِي الجَامِعِ، مَعَ أَخِيْهِ المُوَفَّقِ، وَالعِمَادِ، وَالجَمَاعَةِ، وَكَانَ قَاعِدًا فِي البَابِ الكَبِيْرِ، وَجَرَى الكَلَامُ فِي رُؤْيَةِ اللهِ تَعَالَى وَمُشَاهَدَتِهِ، وَاسْتغْرَقْتُ فِي ذلِكَ، وَكَانَ وَقْتًا عَجِيْبًا، وَأَبُو عُمَرَ جَالِسٌ إِلَى جَانِبِ أَخِيْهِ المُوَفَّقِ، فَقَامَ وَطَلَبَ بَابَ الجَامِعِ، وَلَمْ أَرَهُ، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ شَخْصٌ يُرِيْدُ الخُرُوْجَ مِنَ الجَامِعِ، فَصِحْتُ عَلَى الرَّجُلِ: اقْعُدْ، فَظَنَّ أَبُو عُمَرَ أَنَّنِي أُخَاطِبُهُ، فَجَلَسَ علَى عَتَبَةِ بَابِ الجَامِعِ الجُوَّانِيَّةِ إِلَى أَنْ فَرَغَ المَجْلِسُ، ثُمَّ حُمِلَ إِلَى الدَّيْرِ، فَكَانَ آخِرُ العَهْدِ بِهِ، وَأَقَامَ مَرِيْضًا أَيَّامًا، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِنْ أَوْرَادِهِ، فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّةَ الاثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ رَبِيْعِ الأَوَّلِ، يَعْنِي سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّمِائَةَ، جَمَعَ أَهْلَهُ، وَاستَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَوَصَّاهُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَمُرَاقَبَتِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِقِرَاءَةِ "يَس" وَكَانَ آخِرُ كَلَامِهِ
(1)
: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)} ، وَتُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - وَغُسِّلَ فِي السَّحَرِ، وَمَنْ وَصَلَ إِلَى المَاءِ الَّذِي غُسِّلَ بِهِ نَشَّفَ بِهِ النِّسَاءُ مُقَانِعَهُنَّ، وَالرِّجَالُ عَمَائِمَهُمْ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ جَنَازَتِهِ أَحَدٌ مِنَ القُضَاةِ، وَالعُلَمَاءِ، وَالأُمَرَاءِ، وَالأَعْيَانِ، وَعَامَّةِ الخَلْقِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، وَلَمَّا خَرَجُوا بِجَنَازَتِهِ مِنَ الدَّيْرِ كَانَ يَوْمًا شَدِيْدَ الحَرِّ، فَأَقْبَلَتْ غَمَامَةٌ فَأَظَلَّتِ النَّاسَ إِلَى قَبْرِهِ، وَكَانَ يُسْمَعُ مِنْهَا
(1)
سُورَةُ البقرة.
دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، وَلَوْلَا المُبَارِزُ المُعْتَمِدُ، وَالشُّجَاعُ بْنُ مُحَارِبٍ، وَشِبْلُ الدَّوْلَةِ الحُسَامِيُّ مَا وَصَلَ إِلَى قَبْرِهِ مِنْ كَفَنِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا أَحَاطُوا بِهِ بِالسُّيُّوْفِ وَالدَّبَابِيْسِ، وَكَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِلَيْلَةٍ رَأَى إِنْسَانٌ كَأَنَّ "قَاسِيُوْنَ" قَدْ وَقَعَ أَوْ زَالَ مِنْ مَكَانِهِ فَأَوَّلُوْهُ بِمَوْتِهِ، وَلَمَّا دُفِنَ رَأَى بَعْضُ الصَّالِحِيْنَ فِي مَنَامِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُوْلُ: مَنْ رَأَى أَبَا عُمَرَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ فَكَأَنَّمَا رَأَى الكَعْبَةَ، فَاخْلَعُوا نِعَالَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَصِلُوا إِلَيْهِ، وَمَاتَ عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةٍ، وَلَمْ يُخَلِّفْ دِيْنَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا قَلِيْلًا، وَلَا كَثِيْرًا، وَقالَ غَيْرُهُ: حُرِزَ مَنْ حَضَرَ جَنَازَتَهُ، فَكَانُوا عِشْرِيْنَ أَلْفًا.
وَذَكَرَ الضِّيَاءُ عَنْ عَبْدِ المَوْلَى بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عِنْدَ قَبْرِ الشَّيْخِ سُوْرَةَ "البَقَرَةِ"، وَكَانَ وَحْدَهُ، فَبَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
(1)
: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} قَالَ: فَغَلِطْتُ، فَرَدَّ علَيَّ الشَّيْخُ مِنَ القَبْرِ؟! قَالَ: فَخِفْتُ وَفَزِعْتُ وَارْتَعَدْتُ وَقُمْتُ، ثُمَّ مَاتَ القَارِئُ بَعْدَ ذلِكَ بِأَيَّامٍ، وَهَذِهِ الحِكَايَةُ مَشْهُورَةٌ
(2)
، قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي "مُذَيَّلِهِ": أَوَّلُ مَا وَقَفْتُ علَى قَبْرِهِ وَزُرْتُهُ وَجَدْتُ - بِتَوْفِيْقِ اللهِ تَعَالَى عز وجل رِقَّةً عَظِيْمَةً، وَبُكَاءً صَالِحًا، وَكَانَ مَعِي رَفِيْقٌ لِي، وَهُوَ الَّذِي عَرَّفَنِي قَبْرَهُ، وَجَدَ أَيْضًا مِثْلَ ذلِكَ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا الثِّقَاتِ: أَنَّهُ رَأَى الإِمَامَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي المَنَامِ، فَسَأَلَهُ إِلَى أَيْنَ تَمْضِي؟ فَقَالَ: أَزُوْرُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، فَأَتْبَعْتُهُ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ،
(1)
سُورَة البَقَرة، الآية:68.
(2)
قَالَ أَصْدَقُ القَائِلِيْنَ: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)} .
فَدَخَلَ دَارًا فَسَأَلْتُ: لِمَنْ هِيَ؟ فَقِيْلَ: للشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، رحمه الله.
وَقَدْ رَثَاهُ الأَدِيْبُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ
(1)
المَقْدِسِيُّ
(2)
بِقَصِيْدَةٍ مِنْهَا:
أَبَعْدَ أَنْ فَقَدَتْ عَيْنِي أَبَا عُمَرٍ
…
تَضُمُّنِي فِي بَقَايَا العُمْرِ عُمْرَانُ
ما لِلْمَسَاجِدِ مِنْهُ اليَوْمَ مُقْفِرَةً
…
كَأَنَّهَا بَعْدَ ذاكَ الجَمْعِ قِيْعَانُ
مَا لِلْمَحَارِيْبِ بَعْدَ الأُنْسِ مُوْحِشَةً
…
كَأَنَّ لَمْ يُتْلَ فِيْهَا الدَّهْرَ قُرْآنُ
تَبْكِي عَلَيْهِ عُيُوْنُ النَّاسِ قَاطِبَةً
…
إِذْ كَانَ فِي كُلِّ قَلْبِ مِنْهُ نِيْرَانُ
وَكُلَّ حَيٍّ رَأَيْنَا فَهْوَ ذُو أَسَفٍ
…
وَكُلُّ مَيْتٍ رَآهُ فَهْوَ فَرْحَانُ،
لَا زَالَ يَسْقِي ضَرِيْحٌ أَنْتَ سَاكِنُهُ
…
سحَائِبٌ غَيْثُهَا عَفْوٌ وَغُفْرَانُ
كَمْ مَيِّتٍ ذِكْرُهُ حَيٌّ وَمُتَّصِفٍ
…
بِالحَيِّ مَيْتٌ لَهُ الأَثْوَابُ أَكْفَانُ
(1)
في (ط): "سَعِيْد".
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ (ت: 650 هـ)، وَتَرْجَمَ لَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، والقَصِيْدَةُ فِي "المَنَاقِبِ" وَهيَ طَوِيْلَةٌ وَأَوَّلُهَا:
يَا عَاذِلَيَّ أَفِيْقَا مِنْ كَلَامِكُمَا
…
وَعَلِّلَانِي فَإِنِّي اليَوْمَ سَكْرَانُ
وَأَنْشَدَ لَهُ مَقْطوْعَةً أُخْرَى علَى لِسَانِ وَلَدِهِ الشَّيْخِ شَمْسِ الدَّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عُمَرَ؛ لأَنَّهُ كَانَ صَغِيْرًا لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ. أَوَّلُهَا:
لَا تَعْجَبُوا مِنْ تَبَارِيْحِي وَمِنْ فِكَرِي
…
هَدَّ الأكَابِرَ مَا لَاقَيْتُ في صِغَرِي
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: "أَنْشَدَنَا أَبُو المَفَاخِرِ الفَضْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَسْعَدَ بنِ أَحمَدَ المُزْدَقَانِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي وَالِدي أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدَ لِنَفْسِهِ فِي الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، وَيَذْكُرُ أَخَاهُ المُوَفَّقُ وَيعَزِّيْهِ:
دَمِي مَعْ دُمُوعِي يَومَ بَيْنِهِمْ هَمَى
…
وَذُو الوَجْدِ قَدْ تَجْرِي مَدَامِعُهُ دَمَا
وَهِي طَوِيْلَةٌ تَجِدُهَا هُنَاكَ.
256 - وَكَانَ وَالِدُهُ الشَّيْخُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ خَطِيْبُ
(1)
"جَمَّاعِيْلَ"
رَجُلًا صَالِحًا، زَاهِدًا، عَابِدًا، صَاحِبَ كَرَامَاتٍ، وَأَحْوَالٍ وَعِبَادَاتٍ وَمُجَاهَدَاتٍ، قَرَأَ فِي رَمَضَانَ خَمْسًا وَسِتِّيْنَ خَتْمَةً، وَكَانَ عَلَيْهِ مَهَابَةٌ عَظِيْمَةٌ، لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا قَبَّلَ يَدَهُ.
قَالَ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبَلِيُّ: كَانَ لَهُ قَدَمٌ فِي العِبَادَةِ وَالصَّلَاحِ، سَمِعْتُ وَالِدِي يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ نَبِيٌّ يُبْعَثُ فِي زَمَانِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ كَانَ هُوَ، وَقَدْ حَدَّثَ وَرَوَى عَنْهُ وَلَدَاهُ: أَبُو عُمَرَ، وَالمُوَفَّقُ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةَ.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ جَبَلِ قَاسِيُوْنَ، وَإِلَي جَانِبِهِ دُفِنَ وَلَدُهُ أَبُو عُمَرَ، رَحِمَهُمَا اللهُ.
قُرِئَ علَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيِّ - وَأَنَا أَسْمَعُ - أَخْبَرَكُمْ القَاضِي أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ قُدَامَةَ (أَنَا) وَالِدِي الزَّاهِدُ أَبُو عُمَرَ
(2)
.
257 - يَحْيَى بْنُ أَبِي الفَتْحِ،
(3)
بْنِ عُمَرَ الطَّبَّاخُ الحَرَّانِيُّ، الضَّرِيْرُ، المَقْدِسِيُّ،
(1)
256 - سبَقَ أَنْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ عَلَى المُؤَلِّفِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (558 هـ). وَمَصَادِرُهُ هُنَاكَ وَنَوَّهْنَا هُنَاكَ بِذِكْرِهِ هُنَا.
(2)
هكَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَمْ يَذْكُر حَدِيْثًا، وَلَا أَثَرًا، وَلَا حِكَايَةً، وَلَا أَنْشَدَ شِعْرًا.
(3)
257 - ابْنُ الطَّبَّاخُ الحِرَّانِيُّ: (؟ - 607 هـ).
أخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 87)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 91)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 329)، وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 554)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ =
الفَقِيْهُ، أَبُو زكَرِيَّا. رَحَلَ، وَقَرَأَ القُرْآنَ بِـ "وَاسِطَ" بِالرِّوَايَاتِ عَلَى القَاضِي أَبِي الفَضْلِ هِبَةِ اللهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ قَاسِمٍ الوَاسِطِيِّ وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ بِهَا الحَدِيْثَ مِنَ القَاضِي أَبي طَالِبٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الكِنَانِيِّ، وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الخَشَّابِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ بْنِ عَبْدِ الخَالِقِ، وَشُهْدَةَ، فِي آخَرِيْنَ، وَتَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" فِي المَذْهَبِ، وَرَجَعَ إِلَى "حَرَّانَ" وَحَدَّثَ بِهَا، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطِ ابْنِ الجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ، وَتُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّمِائَةَ بِـ "حَرَّانَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
258 - يَحْيَى بْنُ المُظَفَّرِ
(1)
بْنِ نُعَيْمِ بْنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ، البَدْرِيُّ، الزَّاهِدُ، أَبُو زَكَرِيَّا المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ الحُبَيْرِ" وَيُلَقَّبُ "صَفِّيُّ الدِّيْنِ".
وُلِدَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنِ ابْنِ نَاصِرٍ، وَأَبِي الوَقْتِ وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ يُسَافِرُ فِي التِّجَارَةِ إِلَى
= النَّقَلَةِ (2/ 213)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (285)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 31)، (6/ 57).
(1)
258 - صَفِيُّ الدِّيْنِ بْنُ الحُبَيْرِ (540 - 607 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 92)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 91)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 329). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (487)، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ لَهُ، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 218)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرُ (9/ 248)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 250)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (284)، وَالمُشْتَبَهُ (1/ 63)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (1/ 349)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 31)(7/ 57)، وَ"الحُبَيْرُ" تَصْغِيْرُ حَبْرٍ، لَقَبُ جَدِّهِ.
وَأَخُوهُ: عَلِيُّ بْنُ مُظَفَّرِ بْنِ عَلِيِّ بْن نُعَيْمٍ (ت: 626 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ رحمه الله نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
"الشَّامِ"، ثُمَّ انْقَطَعَ فِي بَيْتِهِ بِـ "البَدْرِيَّةِ" مَحِلَّةٌ مِنْ مَحَالِّ "بَغْدَادَ" الشَّرْقِيَّةِ بِدَارِ الخِلَافَةِ، وَكَانَ كَثِيْرَ العِبَادَةِ، حَسَنِ الهَيْئَةِ وَالسَّمْتِ، كَثِيْرَ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالنُّسُكَ، ذَا مُرُوْءَةٍ، وَتَفَقُّدٍ لِلأَصْحَابِ، وَتَوَدُّدٍ إِلَيْهِمْ.
وَذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي السَّفَرِ إِذَا نَزَلَ النَّاسُ وَاسْتَقَرُّوا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، وَتَنَحَّى قَلِيْلًا عَنِ القَافِلَةِ، وَبَسَطَ سَجَّادَةً لَهُ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ حَتَّى يَدْخُلَ الوَقْتُ، فَيُصَلِّيَ، قَالَ: وَكَانَ كَثيْرَ العِبَادَةِ، مُلَازِمًا لِمَنْزِلهِ، لَا يَخْرُجُ مِنْهُ لِمَسْجِدهِ
(1)
إِلَّا لِتَأْدِيَةِ الفَرَائِضِ، ثُمَّ يَرْجِعُ، وَأَثْنَى علَى مَوَدَّتِهِ وَمُرُوءَتِهِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ نُقْطَةَ وَغَيْرُهُ بِالصَّلَاحِ، وَانْتَفَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ ومِنْ مَمَالِيْكِ الخَلِيْفَةِ، وَبُنِيَتْ لَهُ دَكَّةٌ فِي آخِرِ عُمُرِهِ بِأَمْرِ الخَلِيْفَةِ بِجَامِعِ القَصْرِ لِقِرَاءَةِ الحَدِيْثَ عَلَيْهَا.
وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الاِثْنَيْنِ ضُحَى تَاسِعَ عِشْرِيْنَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّمِائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" وَتَبِعَهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
- وَكَانَ لَهُ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ
(2)
كَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا فِي المَذْهَبِ،
(1)
في (ط): "إِلَى مَسْجِدِهِ".
(2)
تُوُفِّيَ مُحَمَّدٌ سَنَةَ (639 هـ)، لَهُ أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 586)، والمُخْتصَرِ المُحْتَاج إِليهِ (1/ 161) وَغَيْرِهِمَا.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وفيات سنة (607 هـ):
335 -
إسْمَاعِيْلُ بْنُ حَمزَةَ بْنِ المُبَارَكِ، أَبُو البَرَكَاتِ بْنُ الطَّبَّالِ الأَزَجِيُّ. لَمْ يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ - كَمَا تَرَى - وَلَا ذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" وَذَكَرَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 260)، وَرَفَعَ نَسَبَهُ هكَذَا: إِسْمَاعِيْلُ بْنُ حَمزَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الحُسَيْنِ؟! وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ. فَابْنهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ حَمْزَةَ (ت: 646 هـ). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَحَفِيْدُهُ - فِيْمَا يَظْهَرُ -: إِسمَاعِيل بن أَحمَد بن إِسْمَاعِيْلَ (ت: 708 هـ) لَم يَذْكُرهما ابنُ رَجَبٍ، وَلَا العُلَيْمِيُّ، وَهَذَا الحَفِيْدُ ذَكَرَهُ ابنُ مُفْلِحٍ فِي المَقصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 256)، نَذْكُرُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
336 -
وَقَرِيْبُهُ: عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أحْمَدَ (ت؟) ذَكَرَهُ ابْن الفُوطِيِّ فِي مَجْمَع الآدَابِ (1/ 253)، وَذَكَرَ مَوْلِدَهُ سَنَةَ (657 هـ) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ.
وَلِلمُسْتَدْرَكِ هُنَا إِسْمَاعِيْلُ بْنُ حَمْزَةَ أَخْبَارٌ فِي عُقُوْدِ الجُمَانِ لابنِ الشِّعَّارِ (1 وَرَقَة: 177) وَذَكَرَ نَمَاذِجَ مِنْ شِعْرِهِ، والتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 205)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 240)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (243)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (9/ 115).
337 -
وَدُرَّةَ بِنْتُ صَالِحِ بْنِ كَامِلِ بْنِ أَبِي غَالِبٍ الخَفَّافِ، ذَكَرْنَا أَهْلَ بَيْتِهَا فِي تَرْجَمَةِ عَمِّهَا:"المُبَارَك بن كَامِل ت: 543"، وَاسْتَدْرَكْنَا وَالِدَهَا صَالِحَ بْنَ كَامِلٍ (ت: 543 هـ) فِي مَوْضِعِه، أَخْبَارُهَا فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 209)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 261)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (248).
338 -
وَسُكَيْنَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ المَقْدِسِيَّةُ، أُمُّ عَبْدِ العَزِيْزِ، ذَكَرَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسلَامِ (250)، عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ، وَبَيْتُهَا مَشْهُوْرٌ.
339 -
وَالمُحَدِّثُ الكَبِيْرُ المَشْهُورُ: عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مُعَمرِ بْنِ طَبَرْزَدَ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِي: "المُسْنِدُ الكَبِيْرُ" رُحْلَةُ الآفَاقِ صَاحِبُ حَنْبَلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّصَّافِيُّ قَالَ ابْنُ المُسْتَوفَى فِي "تَارِيخِ إِرْبِلَ" وَكَانَ حَسَنَ الأَخْلَاقِ، لَطِيْفًا مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ الحَنَابِلَةِ" وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَسَمِعَ الكَثِيْرَ بِإِفَادَةِ أَخِيهِ أَبِي البَقَاءِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ بِنَفْسِهِ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ وَحَفِظَهَا إِلَى وَقْتِ الحَاجَةِ إِلَيْهِ"، ثُمَّ ذَكَرَ شُيُوْخَهُ وَمَسْمُوْعَاتِهِ وَفِيْهَا كَثْرَةٌ، وَذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ وَذَكَرَ عَدَدًا مِنهُمْ وَقَالَ: "وَعَلِيُّ بْنُ أَحمَدَ بْنِ البُخَارِيِّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: الكَمَالُ عَبْدُ الرَّحْمَن المُكَبِّرُ، شَيْخُ المُسْتَنْصِرِيَّةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يَقُولُ الفَقِيْرُ إلَى اللهِ تَعَالَى عَبدُ الرَّحْمَن بْنُ سُلَيْمَانَ العُثَيمِيْنَ - عَفَا اللهُ عَنْهُ -: جَاءَ فِي مَشْيَخَةِ ابْنِ البُخَارِيِّ: "أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو حَفْصٍ عمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدٍ بن مَعْمَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَسَّانَ المُؤَدِّبُ، البَغْدَادِيُّ، الدَّارقَزِيُّ المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ طَبَرْزَدٍ" قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبع وَسِتِّمَائَةَ. . ." وَأَطَالَ فِي ذِكْرِ مَرْوِيَاتِهِ، المَشْيَخَةَ (1/ 501، 640) وَأَمَّا الكَمَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنُ فَهُوَ: عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ البَزَّارُ المُعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ الفُوَيْرِهِ"(ت: 697 هـ) عَالِمٌ، مُقْرِئٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ حَافِلَةٌ وَأَخْبَارٌ، كَانَ مُعَمَّرًا قَارَبَ المِائَةَ، وَهُوَ شَيْخُ المُسْتَنْصَرِيَّة فِي الحَدِيْثِ بِـ "بَغْدَادَ". لِعُلُوِّ إِسْنَادِهِ، حَنْبَلِيٌّ تَرْجَمَ لَهُ ابْنِ مُفْلِحٍ فِي المَقْصَد الأَرْشَد (2/ 92)، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ القُرَّاءِ تَرْجَمَ لَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ، وَابْنُ الجَزَرِيِّ فِي كِتَابيْهِمَا فِي تَرَاجِم القُرَّاءِ، لَهُ مُعْجَمُ شُيُوْخٍ حَافِلٌ اسْمُهُ "نَشْرُ نَفَحَاتِ التَّلْطِيْفِ مِنْ مَرْوِيَّاتِ ابْنِ عَبْدِ اللَّطِيْفِ". خَرَّجَهُ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ القَلَانِسِيُّ نَزِيْدُ تَرْجَمَتَهُ وُضُوْحًا فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
نعُوْدُ إِلَى تَرْجَمَةِ الشَّيْخِ عُمَرَ بْنِ طَبَرْزَدَ: قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: "وَهُوَ مُكْثِرٌ، صَحِيْحُ السَّمَاعِ، ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ" وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: "وَرَدَ
…
دِمَشْقَ وَحَدَّثَ بِهَا، وَازْدَحَمَتْ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ، تَفَرَّدَ بِعِدَّةِ مَشَايِخَ وَأَجْزَاءٍ وَكُتُبٍ، وَكَانَ مُسْنِدَ أَهْلِ زَمَانِهِ" وَوَصَفَهُ أَبُو شَامَةَ بِأَنَّهُ:"كَانَ خَلِيْعًا، مَاجِنًا" وَكَثُرَ الطَّعْنُ عَلَيْهِ فِي دِيْنِهِ وَتَهَاوُنِهِ مِنْ أَبِي شَامَة، وَغَيْرِهِ فِي نَقْلِهَا إِطَالَةٌ، تَجِدُهَا فِي مَصَادِرِهَا، وَجَمَعَ لَهُ ابْنُ الدُّبَيْثِي "مَشْيَخَةً" عَن ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِيْنَ شَيْخًا، وَحَدَّثَ بِهَا مِرَارًا. قَالَ المُنْذِرِيُّ: فِي جُزْءَيْنِ وَبَعْضُ ثَالِثٍ، وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ غَيْرُهُم. وَعاشَ تِسْعِينَ سَنَةٍ وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ.
- وَأَخُوْهُ أَبُو البَقَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَمَّرٍ (ت: 542 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ.
- وَخَتْنُهُ عَلَى بِنْتِهِ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْن عَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ السَّمِيْذِيِّ (ت: 609 هـ)، وَهُوَ نَفْسه أَفْضَلُ بْنُ أَبِي بَكر
…
السَّمِيْذِيُّ. أَخْبَارُ ابْنِ طَبَرْزَدٍ كَثِيْرَةٌ جِدًّا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالمَصَادِرُ حافِلَةٌ نَذْكُرُ منهَا فِي: مُعْجَمِ البُلْدَانِ (2/ 422)(دَار القَزِّ)، وَالتَّقْيِيْدِ لابنِ نُقْطَةَ (397)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 207)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (70)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (3/ 452)، وَالمُسْتَفَادِ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (210)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 537)، وَتَارِيْخِ إِرْبِلَ (1/ 159)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 639)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (259)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (21/ 507)، وَمِيْزَانِ الاعْتِدَالِ (3/ 323)، وَالعِبَرِ (5/ 24)، وَدُوَلِ الإِسْلامِ (2/ 113)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 106)، وَالبِدَايَةِ وَالنَّهَايَةِ (13/ 61)، وَلِسَانِ المِيْزَانِ (4/ 329)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 26).
والطَّبَرْزَدُ كَسَفَرْجَلَ - بالدَّال المُهْمَلَةِ وَالذَّالِ المُعْجَمَةِ - صِفَةُ سُكَّرٍ، وَبِهِ سُمِّيَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ، فَارِسِيٌّ، مُعَرَّبٌ. يُرَاجَعُ: المُعَرَّبُ للجَوَالِيْقِيِّ (276)، وَقَصْدُ السَّبِيْلِ (2/ 252).
340 -
وَمُظَفَّرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو مَنْصُوْرٍ الحَرْبِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ البَرْنيِّ".
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "حَدَّثَ عَن جَدِّهِ لأُمِّهِ عَبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الأَشْقَرِ .. وَكَانَ سَمَاعُهُ صَحِيْحًا" ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَلَدَهُ إِبْرَاهِيْمَ بْنَ المُظَفَّرِ (ت: 622 هـ) فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي. أَخْبَارُ المُظَفَّرِ فِي: تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ لابنِ نُقْطَةَ (1/ 375)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 212)، وَالعِبَرِ (5/ 26)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (283)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاج إِلَيْهِ (2/ 192)، وَتَوْضِيْحِ المُشْتَبَهِ (1/ 417)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 30).
341 -
وَجَدُّهُ لأُمِّهِ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَلِيٍّ الأَشْقَرَ، حَنْبَلِيٌّ، بَرْنيٌّ مِثْلُهُ قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ في تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (1/ 375): حَدَّثَ عَنْهُ المُظَفَّرُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ وَسَبَقَ أَنِ اسْتَدَرَكْنَا أَخَاهُ ذَاكِرَ اللهَ بْنَ إِبْرَاهِيْمَ فِي وَفَيَاتِ (601 هـ) وَسَيَأْتِي المَزِيدُ مِنَ التَّفْصِيلِ عَنْ أُسْرَتِهِ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُظَفَّرِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
342 -
وَمَسْعُوْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هُبَيْرَةَ، ابْنُ الوَزِيْرِ المَشْهُوْرِ يَحْيَى بْنُ هُبَيْرَةَ (ت: 560 هـ) وَيُقَالُ إِنَّهُ تُوُفِّيَ أَبُوْهُ وَهُوَ حَمْلٌ، فَوُلِدَ بَعْدَ وَفَاتِهِ. قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ:
فَانْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لأَجْلِ الدُّنْيَا، وَوَلِيَ القَضَاءَ، وَقِيْلَتْ فِيْهِ الأَشْعَارُ.
وَ"الحُبَيْرُ" بِضَمِّ الحَاءِ المُهْمَلَةِ وَفَتْحِ البَاءِ المُوَحَدَّةِ وَسُكُونِ اليَاءِ آخِرِ الحُرُوفِ وَبِالرَّاءِ المُهْمَلَةِ.
259 - أَسْبَاهْ مِيْرُ بْنُ مُحَمَّدِ
(1)
بْنِ نُعْمَانَ الحَرَّانِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ.
تَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَنَزَلَ عِنْدَهُ، وَلَازَمَ الاِشْتِغَالَ بِمَدْرَسَتِهِ
= "سَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ، وَتَفَقَّهَ، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَحَدَّثَ وَصَنَّفَ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 213).
(1)
259 - أَسْبَاهُ مِيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (؟ - 608 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 92)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 330). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 223)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (290)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 33)، (7/ 61).
وَيُسْتَدْرَكُ علَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (608 هـ):
343 -
عَلِيُّ بنُ أَحمَدَ بْنِ عَمَرَ بْنِ حُسَيْنِ، أَبُو القَاسِمِ القَطِيْعِيُّ. الصَّفَّارُ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: كَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ الحَنَابِلَةِ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ والِدَهُ فِي وفَيَاتِ سَنَةِ (563 هـ) كَمَا ذَكَرَ أَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ في وَفَيَاتِ (634 هـ). أَخْبَارُ عَلِيٍّ فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (3/ 122)، وَالتَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 224)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 116)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (300).
344 -
وَعَلِيُّ بنُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الحَسَنِ بنِ الجَوْزِيِّ، الدَّهَّانُ، ابنُ أَخِي أَبِي الفَرَجِ الإِمَامِ الوَاعِظِ المَشْهُوْرِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ عَمِّهِ، أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت 597 هـ) كَمَا تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (585 هـ) أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 223)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 128)، وَالمُشْتَبَهِ للذَّهَبِيِّ (1/ 189)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (300)، وَالتَّوْضِيْحِ (2/ 520).
إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ، وَسَمِعَ ابْنُ المَادِحِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ بِاليَسِيْرِ، وَعُمِّرَ، وَسَمِعَ مِنْهُ ابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ حَادِي عَشَرَ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رحمه الله، وَكَانَ أَصَابَهُ صَمَمٌ شَدِيْدٌ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ شيْخًا، صَالِحًا، مُشْتَغِلًا بِالعِلْمِ وَالخَيْرِ، مَعَ عُلُوِّ سِنِّهِ، وَأَظُنُّهُ نَاطَحَ المِائَةَ، رحمه الله.
260 - مَحْمُوْدُ بْنُ عُثْمَانَ
(1)
بْنِ مَكَارِمٍ النَّعَّالُ، البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، الفَقِيْهُ،
(1)
260 - مَحْمُودٌ النَّعَّالُ الزَّاهِدُ (523 - 609 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصدِ الأَرْشَدِ (2/ 548)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 93)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 330). وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 562)، وَفِيْهِ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ مَكَارِمِ، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (82)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 240)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 14)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (348)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 64)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 207)، وَالقَلائِدُ للتَّاذِفِيِّ (118)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 38)(7/ 71).
345 -
ابْنُهُ إِسْمَاعِيْلُ بْنُ مَحمُودٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّعَارِ فِي عُقُوْدِ الجُمَانِ (1/ 302)، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ، وَوَصَفَهُ بِـ "الوَاعِظِ" قَالَ:"شَابٌّ، فَاضِلٌ، خَيِّرٌ، لَمْ يَزَلْ مُوَاظِبًا عَلى الاِشْتِغَالِ بِعِلْمِ الوَعْظِ، وَالجُلُوْسِ بِرِبَاطٍ مَنْسُوْبٍ إِلَى وَالِدِهِ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ الإِمَامُ الظَّاهِرُ بِأَمْرِ اللهِ رضي الله عنه، وَأَذِنَ لَهُ فِي الجُلُوْسِ بِـ "بَابِ بَدْرٍ" الشَّرِيْفِ، وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ أَبي صَالِحٍ نَصرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُ، وَأَثْبَتَ تَزْكِيَتَهُ، أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ يَمْدَحُ الإِمَامَ المُسْتَنْصِرَ بِاللهِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ خَلَّدَ اللهُ دَوْلَتَهُ.
يَا صَاحِبَيَّ بِأَعْلَامِ العُذَيْبِ صَفَا
…
شَوْقِي إِلَى مَنْهَلٍ بِالأَبْرَقَيْنِ صَفَا
وَأَوْرَدَهَا هُنَاكَ، كَمَا أَوْرَدَ لَهُ قَصَائِدَ وَمُقَطَّعَاتٍ أُخْرَى، وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الدُّمْيَاطِيُّ فِي =
الوَاعِظُ، الزَّاهِدُ، أَبُو الثَّنَاءِ، وَيُقَالُ: أَبُو الشُّكْرِ، وَيُلَقَّبُ نَاصِرُ الدِّيْنِ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" وَقَرَأَ القُرْآنَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ البَطِّيِّ، وَحَدَّثَ، وَحَفِظَ "مُخْتَصَرِ الخِرَقِيِّ" وَقَرَأَ علَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَصَحِبَ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ، وَتَأَدَّبَ بِهِ، وَكَانَ يُطَالِعُ الفِقْهَ وَالتَّفْسِيْرَ، وَيَجْلِسُ فِي رِبَاطِه لِلْوَعْظِ، وَكَانَ رِبَاطُهُ مَجْمَعًا لِلْفُقَرَاءِ وَأَهْلِ الدِّيْنِ، وَلِلْفُقَهَاءِ الحَنَابِلَةِ الَّذِيْنَ يَرْحَلُونَ إِلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ لِلْتَفَقُّهِ عَلَيْهِ، فَكَانُوا يَنْزِلُوْنَ بِهِ، حَتَّى كَانَ الاِشْتِغَالُ فِيْهِ بِالعِلْمِ أَكْثَرَ مِنَ الاِشْتِغَالِ بِسَائِرِ المَدَارِسِ.
وَكَانَ الرِّبَاطُ شَعْثُ الظَّاهِرِ، عَامِرًا بِالفُقَهَاءِ وَالصَّالِحِيْنَ، سَكَنَهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَأَخُوْهُ الشَّيْخُ العِمَادُ، وَالحَافِظُ عَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَكَابِرِ الرَّحَّالِيْنَ لِطَلَبِ العِلْمِ.
قَالَ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ: وَلَمَّا قَدِمْتُ "بَغْدَادَ" سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ نَزَلْتُ الرِّبَاطَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِ بَيْتٌ خَالٍ، فَعَمَرْتُ بِهِ بَيْتًا وَسَكَنْتُهُ، وَكَانَ
= مُعْجَمِهِ (1 ورقة: 155)، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ أَيْضًا.
346 -
وابْنُهُ الآخِرُ يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (2) ورقة (202)، قَالَ يَحْيَى بْنُ الشَّيْخِ مَحْمُودِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي المَكَارِمِ النَّعَّالُ، أَبُو زَكَرِيَّا البَغْدَادِيُّ، أَخُو إِسْمَاعِيْلَ، قَرَأْتُ علَى يَحْيَى بْنِ مَحْمُودٍ بِرِبَاطِ وَالِدِهِ بِـ "القَصِيْرِيَّةِ" شَرْقَي "بَغْدَادَ" ثُمَّ قَالَ: قَرَأْتُ علَى يَحْيَى هَذَا وَأَخِيْهِ "جُزْءَ ابنِ عَرَفَةَ" بِسمَاعِهِمَا مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، بِسَنَدِهِ، وَ"جُزْءَ أَبِي سَعْدٍ البَغْدَادِيِّ" بِسَمَاعِهِمَا مِنْ أَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ، وَغَيْرِ ذلِكَ" وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ أَيْضًا. وَهُمَا مِمَّنْ يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ.
الشَّيْخُ مَحْمُوْدٌ وَأَصْحَابُهُ يُنْكِرُوْنَ المُنْكَرَ، وَيُرِيْقُوْنَ الخُمُوْرَ، وَيَرْتَكِبُوْنَ الأَهْوَالَ فِي ذلِكَ، حَتَّى إِنَّهُ قَامَ أَنْكَرَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الأُمَرَاءِ، وَبَدَّدَ خُمُوْرَهُمْ، وَجَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِتَنٌ، وَضُرِبَ مَرَّاتٍ، وَهُوَ شَدِيْدٌ فِي دِيْنِ اللهِ، لَهُ إِقْدَامٌ وَجِهَادٌ، وَكَانَ كَثِيْرَ الذِّكْرِ، قَلِيْلَ الحَظِّ مِنَ الدُّنْيَا، وَكَانَ يُسَمَّى "شُحْنَةَ الحَنَابِلَةِ"، ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ الحَنْبَلِيِّ وَقَالَ: كَانَ يُهَذِّبُنَا وَيُؤَدِّبُنَا، وَانْتَفَعْنَا بِهِ كَثِيْرًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ صَالِحًا خَيِّرًا، مَوْصُوفًا بِالزُّهْدِ وَالصَّلَاحِ، وَالظَّرَافَةِ، وَكَانَتْ لَهُ قِصَصٌ فِي إِنْكَارِهِ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَتْ لَهُ رِيَاضَاتٌ وَمُجَاهَدَاتٌ، وَسَاحَ فِي بِلَادِ "الشَّامِ" وَغَيْرِهَا وَكَانَ يُؤْثِرُ أَصْحَابَهُ، وَانْتَفَعَ بِه خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ مَهِيْبًا، لَطِيْفًا، كَيِّسًا، بَاشًّا، مُبْتَسِمًا، يَصُوْمُ الدَّهْرَ، وَيَخْتِمُ القُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ غَزْلِ عَمَّتِهِ.
تُوُفِّيَ فِي لَيْلَةِ الأَرْبِعَاءِ عَاشِرِ صَفَرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّمَائَةَ عَنْ أَزْيَدِ مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً. وَدُفِنَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِرِبَاطِهِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى - وَقِيْلَ: كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ التَّاسِعِ.
261 - يَحْيَى بْنُ سَالِمِ
(1)
بْنِ مُفْلحٍ البَغْدادِيُّ، نَزِيْلُ "المَوْصِلِ"، أَبُو زكَرِيَّا،
(1)
261 - ابْنُ مُفْلِحٍ البَغْدَادِيُّ (؟ - 609 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 94)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 94)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 330). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 259)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (351)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 39)(7/ 73).
ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَأَنَّهُ تَفَقَّهَ بِهَا علَى صَدَقَةَ بْنِ الحُسَينِ الحَدَّادِ، وَحَدَّثَ بِـ "المَوْصِلِ". وَتُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَستِّمِائَةَ بِـ "المَوْصِلِ" وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الجَامِعِ العَتِيْقِ.
262 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ
(1)
بْنِ حامِدِ اليَغْنَوِيُّ
(2)
، أَبُو الحَسَنِ بْنِ النَّجَّارِ، الفَقِيهُ.
قَرَأَ الفِقْهَ وَالخِلَافَ علَى الفَخْرِ إِسْمَاعِيْلَ صَاحِبِ ابْنِ المَنِّيِّ، وَتكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ فَأَجَادَ، وَقَرَأَ طَرَفًا صَالِحًا مِنَ الأَدَبِ، وَقَالَ الشِّعْرَ، وَكَانَ يَكْتُبْ خَطًّا حَسَنًا، وَسَافَرَ عَنْ "بَغْدَادَ"، وَدَخَلَ "دِيَارَ بَكْرٍ" وَوَلِيَ القَضَاءَ بِـ "آمِدَ"، وَأَقَامَ بِهَا إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ، وَكَانَ صِهْرًا لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ عَلَى ابْنَتِهِ.
تُوُفِّيَ بِـ "آمِدَ" فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّمَائَةَ رحمه الله وَقَدْ جَاوَزَ الأَرْبَعِيْنَ. قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أُنْشِدْتُ لَهُ
(3)
:
(1)
262 - أَبُو الحَسَنِ اليَغْنَوِيُّ (؟ - 609 هـ):
أَخبارُهُ في: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 258)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 94)، وَمُخَتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 330). ويُرَاجَعْ: الشَّذَرَاتُ (5/ 37)(7/ 70).
(2)
في (ط): "البَغَوِيُّ" وَمَا أَثْبَتُهُ هُوَ الصَّحِيْحُ مَنْسُوبٌ إِلَى قَرْيَةِ "يَغْنَى" مِن قُرَى "نَخْشَبَ" مِنْ بِلَادِ مَا ورَاءِ النَّهْرِ. يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 502).
(3)
الأبْيَاتُ عَنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" و"الشَّذَرَاتِ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَة (609 هـ):
347 -
أَفْضَلُ بْنُ أَحمَدَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الهَاشِمِيُّ، الشَّرِيْفُ، أَبُو محَمَّدٍ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَة (2/ 239)، قَالَ:"وَوَالِدُهُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ، سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَحَدَّثَ".
أَقُولُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (575 هـ)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - ابنَ أَخِيْهِ أَحْمَدَ بْنَ أَكْمَلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْعُود (ت: 634 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، وَنَذْكُرُ فِي هَامِشِ تَرجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ هُنَاكَ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، أَخْبَارُ أَفْضَلَ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 239) وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 256)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (326).
348 -
وأَفْضَلُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، الدَّارَقَزِّيُّ السَّمِيْذِي، ابْنُ أُخْتِ عُمَرَ بْنِ طَبَرْزَدَ (ت: 607 هـ) وَزَوْجُ ابْنَتِهِ، وَسَبَقَ اسْتِدْرَاكُ عُمَرَ بنَ طَبَرْزَدَ. ذَكَرَهُ الحَافِظ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (326) وَكَرَّرَهُ بِاسْمِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ص (346) وَلَعَلَّ اسْمُهُ مُحَمَّدًا، وَأَفْضَلَ لَقَبُهُ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 240)، والمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 106).
349 -
وَعَاتِكَةُ بِنْتُ الحَافِظِ أَبِي العَلَاءِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيِّ، العَطَّارِ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهَا (ت: 569) فِي مَوْضِعِهِ، وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَهَا أَوْلَادٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ ذَكَرْنَاهُمْ هُنَاكَ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَكَانَ سَمَاعُهَا صَحِيْحًا، وَهِيَ شَيْخَةٌ، صَالِحَةٌ" أَخْبَارُهَا فِي التَّقْيِيْدِ (500) والتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 254)، وَالمُخْتَصرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 268)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (331) وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (16/ 561).
350 -
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَوَاهِبٍ البَغْدَادِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ غُلَامِ العُلْبِيِّ" تَقَدَّمَ استِدْرَاكُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (577 هـ). وابْنُ العُلْبِيِّ: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ (ت: 503) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
- أَمَّا ابْنُهُ مَوَاهِبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت:؟) فَقَدْ ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ" وَذَكَرَ أَنَّهُ شَافِعِيُّ المَذْهَبِ فَلَا يَلْزَمُ ذِكْرُهُ. أَخْبَارُ عَبْدُ الرَّحْمَن فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِري (2/ 262) والمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 192)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (333).
351 -
وَعَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ البَلِّ، أَبُو الحَسَنِ الدُّوْرِيُّ، الوَاعِظُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= المُجَلِّدُ، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ نُقْطَةَ:"سَمِعْنَا مِنْهُ، وَكَانَ شَيْخًا مَسْتُوْرًا" وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله عَمَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ (ت: 611 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، نَذْكُرُ أَهْلَ بَيْتِهِ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ المَذْكُوْرِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُ عَلِيٍّ فِي: تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (1/ 315)، وَالتَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 248)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 124)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (338)، وَالمُشْتَبَهِ (1/ 115)، وَالتَّوْضِيْحِ (2/ 55).
352 -
وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الوَزِيْرِ عَوْنِ الدِّيْنِ يَحْيَى بْنِ هُبَيْرَةَ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله وَالِدَهُ، وَجَدَّهُ الوَزِيْرُ فِي وَفَيَاتِ سَنَة (560 هـ) وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ جَدِّهِ مَنْ عَرَفْنَا مِن أَهْلِ بَيْتِهِ، أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 248)، وَتَارِيْخِ الإسْلامِ (240).
ذَكَرَ المُؤَلِّفُ حَفِيْدَهُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى بن عَلِيٍّ (ت: 689 هـ)، وَابْنُهُ عُمَرُ لَهُ ذِكْرٌ فِي "عُقُوْدِ الجُمَانِ" لابنِ الشَّعَّارِ فِي سَنَدِ رَوَايَةٍ.
353 -
وَعَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بنِ الحَسَنِ بْنِ بَرَكَةَ البَغْدَادِيُّ الحَمَّامِيُّ المعْرُوْفُ بِـ "الحَافِظِ" ابنُ أُخْتِ الإِمَامِ الوَاعِظِ ابنِ الجَوْزِيِّ، وَعُرِفَ بِـ "الحَافِظِ"؛ لأَنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ الثِّيَابَ فِي الحَمَّامِ، لَا أَنَّهُ مِنْ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ. أَخبَارُهُ فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 303)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 148)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 258)، وَالشَّذرات (5/ 37). وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ فَاطِمَةَ بِنْتُ أَبِي الفَائِزِ أُخْتُ ابنِ الجَوْزِيِّ لأُمِّهِ فَهَلْ هِيَ وَالدة المَذْكُوْرِ هُنَا؟! يُراجع الاسْتِدْرَاكُ عَلَى وَفَيَات سَنَةِ (605 هـ).
354 -
يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ غَنِيْمَةَ، الإِمَامُ، أَبُو زَكَرِيَّا بْنِ حَوَاوَا الخَيَّاطُ المُقْرِئُ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:". . . نَظَرَ فِي العَرَبِيَّةِ، وَتَفَقَّهَ لأَحْمَدَ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 256)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (351)، وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ (595 هـ).
- وَأَمَّا عَبْدُ المَلِكِ بنُ المُبَارَكَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ المُتَوَفَّى فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَهُوَ القَاضِي أَبُو مَنْصُورِ بنِ القَاضِي أَبِي عَلِيٍّ، فَذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ، فِي آخر
لَوْ صُبَّ مَا أَلْقَى عَلَى صَخْرَةٍ
…
لَذَابَتِ الصَّخْرَةُ مِنْ وَجْدِهَا
أَوْ أُلْقِيَتْ نِيْرَانُ قَلْبِي عَلَى
…
دِجْلَةَ لَمْ يَقْدِرِ النَّاسُ عَلَى وِرْدَهَا
أَوْ ذَاقَتِ النَّارُ غَرَامِي بِكُمْ
…
لَمْ تتَوَارَ النَّارُ فِي زَنْدِهَا
لَوْ لَمْ تُرَجِّ الرُّوْحُ رُوْحَ اللِّقَا
…
لَكَانَ رُوْحُ الرُّوْحْ فِي فَقْدِهَا
263 - مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيِّ
(1)
بْنِ أَبِي الرَّجَاءِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الفَضْلِ الأَصْبَهَانِيُّ، المَلِيْحِيُّ
(2)
المُحَدِّثُ، المُؤَدِّبُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، تَقِّيُّ الدِّيْنِ،
مُحَدِّثُ "أَصْبَهَانَ" وَمُفِيْدُهَا. سَمِعَ مِنْ أَبِي الخَيْرِ البَاغْبَانَ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الرُّسْتُمِيِّ، وَمَحْمُوْدِ بْنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ فُوَرَّجَةَ
(3)
، وَمَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، وَقَرَأَ الكَثِيْرَ بِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَخَرَّجَ، وَأَفَادَ الطَّلَبَةَ بِـ "أَصْبَهَانَ"
= وَفَيَاتِ سَنَةِ (540 هـ)، وَذَكَرَ وَفَاة الابنِ هَذَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَهَذَا مَحَلُّهُ، وَقَدْ خَرَّجْتُ تَرْجَمَتَهُ هُنَاكَ، وإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ هُنَا للتَّنْبِيْهِ؛ لِئَلَّا يُطْلَبَ فَلَا يُوْجَدُ.
(1)
263 - مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّي المَلَنْجِيُّ (؟ - 610 هـ).
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 55)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 503)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 95)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 331). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ (112)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 268)، وَالعِبَرُ (5/ 37)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1395)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (251)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 110)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (386)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 42)، (7/ 79).
(2)
هكَذَا فِي الأُصُوْلِ كُلِّهَا، وَصَوَابُهُ "المِلَنْجِيُّ"، مَنْسُوْبٌ إِلَى "مِلَنْجَةَ" بالكَسْرِ، ثُمَّ الفَتْحِ، وَنُوْنٍ سَاكِنَةٍ، وَجِيْمٍ، مِحِلَّةٌ بِـ "أَصْبَهَانَ". يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 226)، وَالأَنْسَابُ (11/ 473).
(3)
في (ط): "قورجة".
وَحَدَّثَ، وَأَجَازَ لِلْحَافِظِ المُنْذِرِيِّ
(1)
، وَلأَبِي الحَسَنِ بْنِ
(2)
البُخَارِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ شَيْبَانَ، وَقَدْ رَوَيَا عَنْهُ بِالإِجَازَةِ. تُوُفِّيَ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنَ المُحَرَّمِ سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةَ بِـ "أَصْبَهَانَ" رحمه الله.
وَمِمَّا زَادَهُ عَلَى المُسَلْسَلَاتِ، لِلْحَافِظِ أَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيِّ:(أَنَا) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُ الخَالِقِ بْنِ أَبِي شُكْرٍ الجَوْهَرِيُّ - بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ - (أَنَا) أَبُو أَحْمَدَ حَمْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيَّةَ (أَنَا) أَحْمَدُ بْنُ فَضْلٍ البَاطَرْقَانِيُّ إمْلَاءً (ثَنَا) عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ (ثنا) عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ بنِ عِيْسَى (ثَنَا) عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ البَغْدَادِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الخَلَّالَ - جَارًا لَنَا - قَال: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: "تُضْرَبُ علَى قَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأَعْنَاقُ، كَمَا تُضْرَبُ عَلَى كِتَابِ اللهِ الأَعْنَاقُ، وَأَنَّهُ إِذَا صَحَّ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الحَدِيْثَ، ثُمَّ كَذَّبَ بِهِ كَاذِبٌ تُضْرَبُ عُنُقُهُ". وَهَذَا الإِسْنَادُ فِيْهِ جَهَالَةٌ، وَإِنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الخَبَرَ المُتَلَقَّى بِالقَبُوْلِ وَالتَّصدِيْقِ يُوْجِبُ العِلْمَ، فَالمُكَذِّبُ بِهِ كَالمُكَذِّبِ بِمَا عُلِمَ مِنَ الدِّيْنِ بِالتَّوَاتُرِ. وَقَدْ حَكَى أَبُو الفَضْلِ التَّمِيْمِيُّ
(3)
: أَنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ كَانَ يُفَسِّقُ مَنْ
(1)
قَالَ المُنْذِرِيُّ: "جَدَّ، وَأَفَادَ الطَّلَبَةَ، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ".
(2)
فِي (ط): "البُخَاري" وَالمَقْصُوْدُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ البُخَارِيِّ المُحَدِّثُ الحَنْبَلِيُّ المَقْدِسِيُّ المَشْهُوْرُ (ت: 696 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنَّما هُوَ ابنُ البُخَارِيِّ، وَالبُخَارِيُّ أَبُوْهُ.
(3)
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الحَارِثِ التَّمِيْمِيُّ (ت: 410 هـ). يُرَاجَعُ: طَبَقَاتُ الحَنَابِلَةِ (3/ 325).
خَالَفَ خَبَرَ الوَاحِدِ، مَعَ التَّمَكُّنِ مِنِ اسْتِعْمَالِهِ، وَكَانَ يُضَلِّلُ مَنْ خَالَفَ الإِجْمَاعَ وَالتَّوَاتُرَ.
وذَكَرَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي "المُجَرَّدِ": أَنَّ خَبَرَ الوَاحِدِ المُتَلَقَّى بِالقَبُوْلِ يُفِيْدُ العِلْمَ، وَلَا يُفَسَّقُ مَنْ خَالَفَهُ، إِلَّا إِذَا أُجْمِعَ عَلَى العَمَلِ بِهِ، وَأَظُنُّ ابْنَ حَزْمٍ حَكَى عَنْ إِسحَقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ مِثْلَ هَذَا الكَلَامِ المَرْوِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بِالإِسْنَادِ الَّذِي فِيْهِ جَهَالَةٌ.
264 - إِسْمَاعِيْلُ بْنُ عَلِيِّ
(1)
بْنِ حُسَيْنٍ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، المَأْمُوْنِيُّ،
(1)
264 - فَخْرُ الدِّينِ غُلَامُ ابْنُ المَنِّيِّ (549 - 610 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصرِ الذَّيْلِ على طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقَة: 55)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 268)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 97)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 331). وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 565)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (1 ورقة: 280)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 272)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (84)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (2/ 562)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (22/ 28)، وَالعِبَرُ (5/ 34)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (319)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (386) وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (9/ 157)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 65)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 244)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (1/ 424)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 210)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 42)(7/ 76)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله وَلَدَهُ عَبْدَ اللهِ (ت: 634 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
355 -
وَلَهُ وَلَدٌ آخَرُ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، وَلَقَبُهُ شَمْسُ الدِّيْنِ، قَالَ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ:"وَوَلَدُهُ شَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ، قَدِمَ "الشَّامَ" بَعْدَ سَنَةِ عِشْرِيْنَ، وَتَعَانَى الوَعْظَ، وَكَانَ فَاسِقًا، مُجَاهِرًا، خَبِيْثَ اللِّسَانِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مُرْدَانٌ مِن أَبْنَاءِ النَّاسِ، يَزْعُمُ أَنَّهُمْ مَمَالِيْكُهُ، وَبَدَتْ مِنهُ هَنَاتٌ قَبِيْحَةٌ، وَكَانَ يَضْرِبُ الزَّغْلَ، وَهَجَا قَاضِي "دِمَشْقَ" ابنَ الخُوَيِّيِّ، =
الفَقِيْهِ الأُصُوْلِيُّ، المُنَاظِرُ، المُتَكَلِّمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُلَقَّبُ "فَخْرُ الدِّيْنِ" وَيُعْرَفُ بِـ "ابْنِ الرَّفَّاءِ"
(1)
، وَبِـ "ابْنِ المَاشِطَةِ"، وَاشْتُهِرَ تَعْرِيْفُهُ بِـ "غُلَامِ ابْنِ المَنِّيِّ".
وُلِدَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثُ مِنْ شَيْخِهِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَلَاحِقِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ كَارِهٍ، وَشُهْدَةَ
(2)
، وَغَيْرِهِمْ، وَقَرَأَ الفِقْهَ وَالخِلَافَ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَلَازَمَهُ حَتَّى بَرَعَ، وَصَارَ أَوْحَدَ زَمَانِهِ فِي عِلْمِ الفِقْهِ، وَالخِلَافِ، وَالأَصْلَيْنِ، وَالنَّظَرِ، وَالجَدَلِ، وَدَرَّسَ بَعْدَ شَيْخِهِ بِمَسْجِدِهِ بِـ "المَأْمُوْنِيَّةِ" وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ القَصْرِ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ فِيْهَا الفُقَهَاءُ لِلْمُنَاظَرَةِ، وَكَانَ حَسَنَ الكَلَامِ، جَيِّدَ العِبَارَةِ، فَصِيْحَ اللِّسَانِ، رَفِيْعَ الصَّوْتِ
(3)
. وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الخِلَافِ وَالجَدَلِ،
= وَمُحْتَسِبَهَا الصَّدْرَ البَكْرِيَّ، وَالنَّاصِحَ ابْنَ الحَنْبَلِيِّ، وَكَانَ يُؤذِي النَّاسَ وَيَفْتَرِي، ثُمَّ عَادَ إِلَى "بَغْدَادَ" فَقَطَعَ الخَلِيْفَةُ "المُسْتَنْصِرُ" لِسَانَهُ وَطُوِّفَ بِهِ، فتَكَلَّمَ وَهَذَى، ثُمَّ عَادَ إِلَى السِّعَايَةِ بِالنَّاسِ فَنُفِيَ إِلَى "وَاسِطَ"، وَأُلْقِيَ فِي مَطْمُوْرَةٍ حَتَّى مَاتَ" كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الحَافِظ الذَّهَبِي فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (361)، في ترْجَمَةِ وَالِدِهِ، وَقَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ هُوَ قَالَ: "الشَّيخُ، شَمْسُ الدِّيْنِ، قَطَعَ الخَلِيْفَةُ لِسَانَهُ، وَأَلْقَاهُ فِي مَطْمُوْرَةٍ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّمَائَةَ"؟! .. ". وَأَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمُ بْنُ عَلِيٍّ (ت: 613 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(1)
في (ط): "الوفاء" خَطَأٌ، وَمِثْلُهُ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
جَاءَ في الوَافِي بِالوَفَيَاتِ عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ قَوْلُهُ: "وَوُجِدَ سَمَاعُهُ فِي "مَشْيَخَةِ الكَاتِبَةِ شُهْدَةَ" فَسَمِعَهَا مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الغُرَبَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَمْ أُكَلِّمُهُ قَطٌّ".
(3)
قَالَ ابنُ الشَّعَّارِ: "وَكَانَ فَقِيْهًا، حَنْبَلِيًّا، وَاعِظًا، مُصَنِّفًا، مُتَوَحِّدًا فِي عِلْمِ الخِلَافِ وَالأُصُولِ، وَالنَّظَرِ، وَالجَدَلِ، نَاظَرَ، وَأَفْتَى، وَدَرَّسَ حَتَّى بَرَعَ فِي جَمِيْعِ ذلِكَ، سَمِعَ =
مِنْهَا: "التَّعْلِيقَةُ" المَشْهُوْرَةُ، وَ"المُفْرَدَاتُ"، وَمنْهَا: كِتَابُ "جَنَّةِ النَّاظِرِ وَجُنَّةِ المُنَاظِرِ" فِي الجَدَلِ، وَاشْتَغَلَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَتَخَرَّجُوا بِهِ
(1)
. وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، وَأَجَازَ لِعَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ المُقْرِئِ، وَوَلَّاهُ الخَلِيْفَةُ النَّاصِرُ النَّظَرَ فِي قُرَاهُ وَعَقَارِهِ الخَاصِّ، ثُمَّ صَرَفَهُ.
وَقَدْ حَطَّ عَلَيْهِ أَبُو شَامَةَ، وَنَسَبَهُ إِلَى الظُّلْمِ فِي وِلَايَتِهِ، وَأَظُنُّهُ أَخَذَ ذلِكَ مِنْ "مِرْآةِ الزَّمَانِ" وَكَذلِكَ ابْنُ النَّجَّارِ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ حَسَنَ العِبَارَةِ، جَيِّدَ الكَلَامِ فِي المُنَاظَرَةِ، مُقْتَدِرًا علَى رَدِّ الخُصُوْمِ، وَكَانَتْ الطَّوائِفُ مُجْمَعَةٌ عَلَى فَضْلِهِ وَعِلْمِهِ، وَكَانَ يُدَرِّسُ فِي مَنْزِلِهِ، وَيَحْضُرُ عِنْدَهُ الفُقَهَاءُ، قَالَ: وَرُتِّبَ نَاظِرًا فِي "دِيْوَانِ المُطَبَّقِ" مُدَيْدَةً، فَلَمْ تُحْمَدْ سِيْرَتُهُ، فَعُزِلَ وَاعْتُقِلَ مُدَّةً بِالدِّيْوَانِ، ثُمَّ أُطْلِقَ، وَلَزِمَ مَنْزِلَهُ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ فِي دِيْنِهِ بِذَاكَ.
ذَكَرَ لِي وَلَدُهُ
(2)
أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللهِ، فِي مَعْرِضِ المَدْحِ أَنَّهُ قَرَأَ المَنْطِقَ وَالفَلْسَفَةَ علَى ابْنِ مُرَقِّشٍ الطَّبِيْبُ النَّصْرَانِيُّ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَعْلَمُ مِنْهُ بِتِلْكَ العُلُوْمِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ إِلَى بَيْعَةِ النَّصَارَى، قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ
= الحَدِيْثَ مِن جَمَاعَةٍ وَصَنَّفَ كُتُبًا مُفِيْدَةً. . .".
(1)
ذَكَرَ ابنُ الشِّعَّارِ مِنْ مُصنَّفَاتِهِ: ". . . وَكِتَابٌ فِي الجَدَلِ سَمَّاهُ: "نُورُ المِصْبَاحِ فِي بَيَانِ الاِصْطِلاح"، وَكِتَابُ: "صَحِيْحِ المَنْقُوْلِ وَصَرِيْحِ المَعْقُولِ" وَكِتَابُ: "الأَرْبَعِيْنَ مَسْأَلَةٍ فِي الخِلَافِ"، وَكِتَابُ: "المُوْجِزُ فِي الفَرَائِضِ"، وَكِتَابُ: "الإِيْجَازِ فِي تَفْسِيْرِ الإِعْجَازِ"، وَهُوَ تَفْسِيْرُ القُرآنِ العَزِيْزِ إِلَى غَيْرِ ذلِكَ".
(2)
فِي "تَارِيْخِ الإسْلامِ" -عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ - وَذَكَرَ لِي وَلَدَاهُ .. ، وَسَبَقَ أَنْ ذَكَرْنَا أَنَّ لَهُ وَلَدَيْنِ، هُمَا: عَبْدُ اللهِ، وَمُحَمَّدٌ، وَكَنَصِّ المُؤَلِّفِ عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ".
أَثِقُ بِهِ مِنَ العُلَمَاءِ يَذْكُرُ أَنَّهُ صَنَّفَ كِتَابًا سَمَّاهُ "نَوَامِيْسَ الأَنْبِيَاءِ" يَذْكُرُ فِيْهِ أَنَّهُمْ كَانُوا حُكَمَاءَ، كَهِرْمِسَ، وَأَرُسْطَاطَالِيْسَ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ بَعْضَ تَلَامِيْذِهِ الخِصِّيْصِيْنَ بِهِ عَنْ ذلِكَ فَمَا أَثْبَتَهُ وَلَا أَنْكَرَهُ، وَقَال: كَانَ مُتَسَمِّحًا فِي دِيْنِهِ، مُتَلَاعِبًا بِهِ، وَلَمْ يَزِدْ علَى ذلِكَ.
قَالَ: وَكَانَ دَائِمًا يَقَعُ فِي الحَدِيْثِ، وَفِي رُوَاتِهِ، وَيَقُوْلُ: هُمْ جُهَّالٌ، لَا يَعْرِفُوْنَ العُلُوْمَ العَقْلِيَّةَ، وَلَا مَعَانِيَ الأَحَادِيْثِ الحَقِيْقِيَّةِ، بَلْ هُمْ مَعَ اللَّفْظِ الظَّاهِرِ، وَيَذُمُّهُمْ، وَيَطْعَنُ عَلَيْهِمْ، وَمِمَّا أَنْشَدَهُ ابْنُ النَّجَّارِ مِنْ شِعْرِهِ:
(1)
(1)
البَيْتَانِ فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ"، عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ، وَفِي "عُقُودِ الجُمَّانِ" أَنْشَدَنِي أَبُو طَالِبٍ أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيْهَا. قَالَ الصَّفَدِيُّ بَعْدَ إِنشَادِهِمَا: قُلْتُ: شِعْرٌ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ التَّوَسُّطِ، وَمَعْنَاهُ الأَوَّلُ مَأْخُوْذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
لَهْفِي عَلى خَمْسِيْنَ عَامًا مَضَتْ
…
كَانَتْ أَمَامِي ثُمَّ خَلَّفْتُهَا
لَوْ أَنَّ عُمْرِي مَائَةٌ هَدَّنِي
…
تَذَكُّرِيْ أَنِّيَ أَنْصَفْتُهَا
وَأَنْشَدَ لَهُ ابْنُ الشِّعَّارِ: قَالَ: "أَنْشَدَنِي وَلَدُهُ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللهِ بِمَدِيْنَةِ "إِرْبِلَ" فِي شَهْرِ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، قَالَ: أَنْشَدَنِي وَالِدِي لِنَفْسِهِ:
أَجِرْنِي إِلَهِي فَدَائِي عُضَالُ
…
وَقَدْ طَالَ سُقْمِي وَطَالَ المَطَالُ
وَحَارَ الأُسَاةُ وَلَوْ أَدْرَكُوا
…
دَوَاءً بِدَاءٍ لِجِسْمِي لَقَالُوا
وَمَلَّ زِيَارَتِيَ العَائِدُوْنَ
…
وَأَهْلُ المَوَدَّةِ حَالُوا وَمَالُوا
وَأَنْتَ الذَّخِيْرَةُ لِي إِنْ نَأَتْ
…
إِذَا عَرَضُوا جُمْلَةً وَاسْتَقَالُوا
فَجُدْلِي بِمَا أَنْتَ أَهلٌ لَهُ
…
فَلَمْ يَبْقَ مِنِّي إِلَّا الخَيَالُ
وَأَن لَا تَذَرْني لَقًا لِلْهَوَانِ
…
فَرَاجِيْكَ يَا سَيِّدِي لَا يُدَالُ =
دَلِيْلٌ عَلَى حِرْصِ ابْنِ آدَمَ أَنَّهُ
…
تَرَى كَفَّهُ مَضْمُوْمَةٌ وَقْتَ وَضْعِهِ
وَيَبْسُطُهَا عِنْدَ المَمَاتِ إِشَارَةً
…
إِلَى صُفْرِهَا مِمَّا حَوَى بَعْدَ جَمْعِهِ
وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّمَائَةَ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ القَادِسِيِّ، وَأَبُو شَامَةَ، وَذَكَرَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَامِنِ رَبِيْعِ الآخِرِ، وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِدَارِهِ بِـ "دَرْبِ الجُبِّ"، ثُمَّ نُقِلَ بَعْدَ ذلِكَ إِلَى "بَابِ حَرْبٍ"، رحمه الله وَسَامَحَهُ.
وَذَكَرَ ابْنُ القَادِسِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ": أَنَّهُ وُجِدَ بِـ "بَغْدَادَ" يَهُوْدِيٌّ تزَوَّجَ بِمُسْلِمَةٍ، وَأَوْلَدَهَا وَلَدَيْنِ، فَخَافَ اليَهُوْدِيُّ فَأَسْلَمَ، فَجُمِعَ الفُقَهَاءُ، وَاسْتُفْتُوا فِي أَمْرِهِ، قَالَ: فَقِيْلَ: إِنَّ الفَخْرَ إِسْمَاعِيْلَ غُلَامَ ابْنِ المَنِّيِّ قَالَ:
= وَإِنْ كُنْتُ أَسْأَلُ رَبًّا سِوَاكَ
…
فتَعْلِيْلُ قَلْبٍ بِهِ وَاشْتِغَالُ
فَأَنْتَ الطَّبِيْبُ وَأَنْتَ الحَبِيْبُ
…
وَأَنْتَ المُجِيْبُ وَأَنْتَ المَآلُ
فَشُكْرًا وَإِنْ حَمَلَتْ أَضْلُعِيْ
…
سُقَامًا تَدَكْدَكُ مِنْهُ الجِبَالُ
وَقَالَ أَيْضًا: وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا، قَالَ: أَنْشَدَنِي وَالِدِي لِنَفْسِهِ:
عَدَدْتُ سِتِّيْنَ عَامًا لَوْ أَكُوْنُ عَلَى
…
تَيَقُّنٍ أَنَّهَا الثُّلْثَانِ مِنْ عُمْرِي
لَسَاءَنِي أَنَّ بَاقِي العُمْرِ أَيْسَرُهُ
…
وَآخِرُ الكَأْسِ لَا يَخْلُو مِنَ الكَدَرِ
وَهَذَانِ البَيْتَانِ أَنْشَدَهُمَا الصَّفَدِيُّ فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ" عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ، وَأَنْشَدَ بَعْدَهُمَا:
لَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ أَنَّ المَوْتَ يَنْقُلُنَا
…
عَنْ طَيْبِ دَارٍ أَلِفْنَاهَا إِلَى الحُفَرِ
حَقُّ البِلَاءِ لَنَا قَبْلَ البَلَاءِ وَإِنْ
…
نُجْرِي المَدَامِعَ مِنْ خوْفٍ وَمِنْ حَذَرِ
فَلَيْتَنَا لَمْ نَزَلْ أَرْوَاحُنَا عَدَمًا
…
وَلَمْ يَكُنْ خَلْقُنَا مِنْ عَالَمِ الصُّوَرِ
الإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ.
265 - مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ
(1)
بْنِ جُوْخَانَ البَغْدَادِيُّ، القَطُفْتِيُّ
(2)
الضَّرِيْرُ، الفَقِيْهُ، أَبُو بَكْرٍ.
سَمِعَ الحَدِيْثَ مِنِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَشُهْدَةَ، وَحَدَّثَ بِيَسِيْرٍ، وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَقرَأَهُ تَجْوِيْدًا، وَأَقْرَأَهُ، وَتَفَقَّهَ علَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ.
وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ سَلْخَ رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رحمه الله وَقدْ نَاطَحَ السَّبْعِيْنَ.
266 - هِلَالُ بنُ مَحْفُوْظِ بنِ هِلَالٍ
(3)
الرَّسْعَنِيُّ الجُزُرِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو النَّجْمِ.
(1)
265 - ابْنُ جُوْخَانَ القَطُفْتِيُّ (؟ - 610 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 56)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 402)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 98)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 331). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 256)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 286)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 43)(7/ 79).
(2)
في (ط): "القسطعتي" وَ"القَطُفْتِيُّ" مَنْسُوْبٌ إِلَى "قَطُفْتَا" بالفَتْحِ ثُمَّ الضَّمِّ، وَالفَاءُ سَاكِنَةٌ، وَتَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقٍ، وَالقَصْرُ، مَحِلَّةٌ كَبِيْرَةٌ ذَاتُ أَسْوَاقٍ بِالجَانِبِ الغَرْبِيِّ مِنْ "بَغْدَادَ" كَذَا فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (4/ 424).
(3)
266 - هِلَالُ بْنُ مَحْفُوظٍ (؟ - 610 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقة: 56)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 81)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 99)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 332). وَيُرَاجَعُ: عُقُوْدُ الجُمَّان لابنِ الشَّعَّارِ (9 ورقة: 56)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 290)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (393)، وَالشَّذرَاتُ (4/ 55)(7/ 81). =
رَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ بِهَا مِنْ شُهْدَةَ الكَاتِبَةَ، وَغَيْرِهَا، وَتَفَقَّهَ بِهَا، وبَيْتُهُ بـ "الجَزِيْرةِ" بَيْتُ مَشْيَخَةٍ وَصَلَاحٍ، حَدَّثَ بِـ "رَأْسِ العَيْنِ". وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَسِتِّمَائَةَ، رحمه الله.
= وَلَا أَدْرِي مَا صِلَتُهُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَحْفُوْظ بنِ هِلَالٍ الرَّسْعَنِيِّ المَعْرُوْفِ بِـ "السَّيْفِ"(ت: 691 هـ) وَأَخِيْهِ هِلَالِ بنِ مَحْفُوْظِ بنِ هِلَالٍ الرَّسْعَنِيِّ (ت: بعد 689 هـ) ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في "تَارِيْخ الإسْلَامِ" وَقَالَ: "أَخُو الشَّيْخِ سَيْفِ الدِّيْنِ"، وَلَعَلَّهُمَا حَفِيْدَا المَذْكُوْرِ. وَذَكَرَ الحَافِظُ البِرْزَالِيُّ فِي المُقْتَفَى (1/ ورقة: 64) يُوْسُفَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَحْفُوْظِ بنِ هِلالٍ فَلَعَلَّهُ ابنُ السَّيْفِ (ت: 691 هـ) نَذْكُرُهُمْ جَمِيْعًا فِي اسْتِدْرَاكِنَا، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قالَ ابْنُ الشَّعَّارِ: ". . . أَبُو النَّجْمِ الرَّسْعَنِيُّ المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ السَّرَّاجِ، كَانَ فَقِيْهًا، حَنبَلِيَّ المَذْهَبِ، قَارِئًا لِلْقُرْآنِ العَزِيْزِ، مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ، وَالوَرَعِ، وَالدَّيْنِ، وَالخَيْرِ، تَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" عَلَى المَذْهَبِ الأَحْمَدِيِّ
…
وَتُوُفَيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتَمَائَةَ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ، أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ رِزْقِ اللهِ بْنِ أَبي بَكْرِ بْنِ خَلَفٍ المُحَدِّثُ الرَّسْعَنِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيُّ بِـ "المَوْصِلِ" فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمَائَةَ مِنْ لَفْظِهِ وَحِفْظِهِ. قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو النَّجْمِ هِلَالُ بْنُ مَحْفُوظٍ الرَّسْعَنِيُّ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ نَدَبَهُ الأَمِيْرُ عِمَادُ الدِّيْنِ أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ المَشْطُوْبِ الكُرْدِيُّ المِهْرَانِيُّ أَنْ يَجْعَلَ نَظَرَهُ فِي وَقْفٍ بَنَاهُ بِـ "رَأْسِ العَيْنِ" فَامْتَنَعَ وَأَبَى، وَطَلَبَ مِنْهُ الاسْتِغْنَاءَ وَالإِقَالَةَ، وَكَتَبَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ إِلَيْهِ، وَأَنْشَدَنِيْهَا، وَهِيَ مِنْ قِيْلِهِ:
أقِلْنِي أَيُّهَا القَمَرُ المُنِيْرُ
…
فَلَسْتُ كَمَا يَظُنُّ بِي الأَمِيْرُ
تَعَاظَمَتِ الأَمَانَةُ فِي أُرَاهَا
…
أَتَحْسَبُ أَنَّهُ أَمْرٌ يَسِيْرٌ
سَمَاوَاتُ وَأَرْضٌ مَعَ جِبَالٍ
…
وَأُحْدٌ قَدْ أَبَى وَأَبَى ثَبِيْرُ
إِذَا عَجَزَتْ جِبَالُ الأَرْضِ عَنْهَا
…
فَكَيْفَ يَطِيْهَا رَجُلٌ كَبِيْرٌ
267 - مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ
(1)
بْنِ مُحَمَّدِ بنِ كَرَمٍ السَّلَامِيُّ المُعَدَّلُ، أَبُو العَشَائِرِ، ابْنِ التَّلُوْليِّ
(2)
. سَمِعَ مِنْ ابْنِ البَطِّيِّ، وَجَمَاعَةٍ
(3)
، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَقَرَأَ طَرَفًا مِنَ العَرَبِيَّةِ عَلَى ابْنِ الخَشَّابِ
(4)
. وَشَهِدَ عنْدَ قَاضِي القُضَاةِ العَبَّاسِي
(5)
، وَكَانَ يَؤُمُّ بِمَسْجِدٍ بِالجَانِبِ الغَرْبِيِّ مِنْ "بَغْدَادَ".
وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ قَوْمٌ مِنَ الطَّلَبَةِ، وَكَانَ غَالِيًا فِي التَّسَنُّنِ، حَتَّى إِنَّهُ يَقُوْلُ أَشْيَاءَ لَا يَلْزَمُهُ التَّلَفُّظُ بِهَا، بَلْ يَضُرُّهُ، مِنْهَا: أَنَّ عَلِيًا شَرِبَ
(1)
267 - أَبُو العَشَائِرِ ابْنِ التَّلُوْلِيِّ (؟ - 610 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرقَة: 56)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 475)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 99)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 332). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 148)، والمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 101)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 178)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 63)، (7/ 80).
(2)
زَادَ الصَّفَدِيُّ فِي وَصْفِهِ قَوْلَهُ: "اللَّبَّانُ
…
مِنْ أَهْلِ "قَطُفْتَا". . .". وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: "منْ أَهْلِ الجَانِبِ الغَرْبِيِّ".
(3)
مِنْهُمْ: أَبُو تَمَّامٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ شَقْرَانَ، وَأَبُو الرِّضا مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرٍ الشَّيْحِيِّ، فِي "تَارِيخ ابْنِ الدُّبَيْثِيِّ":"الشَّيْمِي" تَحْرِيْفٌ.
(4)
فِي الوَافِي بِالوَفَيَاتِ: "العَشَّابُ" تَحْرِيْفٌ أَيْضًا، وَقَالَ: وَ"صَحِبَ ابْنَ العَطَّارِ صاحِبَ المَخْزَنِ.
(5)
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: "وَقَبِلَ قَاضِي القُضَاةِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ شهَادَتَهُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ عِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ سنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَزَكَّاهُ العَدْلَانِ؛ أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ الحَرَّانِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحمَدَ بْنِ حَمَّادٍ الأَنْبَارِيِّ، إِلَّا أَنَّهُ عُزِلَ بَعْدَ ذلِكَ بِقَلِيْلٍ، وَرَوَى شَيْئًا يَسِيْرًا، سَمِعَ مِنْهُ أَصْحَابُنَا، وَقَدْ جَالَسْتُهُ، وَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ شَيْئًا، وَغَابَ عَنِّي خَبَرُهُ بَعْدَ سَنَةِ عَشْرٍ وَستمَائَةَ".
الخَمْرَ، وَأَنَّ بِلَالًا خَيْرًا مِنْ مُوْسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَمِنْ أَبِيْهِ، وَكَانَ ذلِكَ فِي وِزَارَةِ القُمِّيِّ الشِّيْعِيِّ
(1)
، فَنَفَاهُ إِلَى "وَاسِطَ" وَكَانَ نَاظِرُهَا
(2)
غَالِيًا فِي
(1)
هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ القُمِّيُّ الوَزِيْرُ، أَبُو الحَسَنِ (ت: 630 هـ). أخْبَارُهُ فِي: سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 246)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (1/ 147) وَغَيْرِهِمَا.
(2)
اسمُهُ ابْنُ عَبَّادٍ كَمَا فِي "الوَافِي بِالوَفَيَاتِ".
يُسْتَدْرَكُ علَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَياتِ سنَةِ (610 هـ):
356 -
الحُسَيْنُ بْنُ سَعِيْدِ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ شُنَيْفٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّارَقَزِّيُّ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: وَكَانَ أَبوهُ حَنْبَلِيًّا، صَالِحًا.
أَقُولُ - وَعَلى اللهِ أَعْتَمِدُ - ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (554 هـ). أَخْبَارُ الحُسَيْنِ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 267)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (4/ 143) وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 34)، وَالعِبَرِ (5/ 35)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (265) .. وَغَيْرِهَا.
357 -
وَعَبْدُ الخَالِقِ بْنُ يَحْيَى بْنُ مُقْبِلِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَرَكَةَ بْنِ الصَّدْرِ، أَبُو الفَضْلِ، وَيُعْرَفُ بـ "ابْنِ الأَبْيَضِ" قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"مِنْ بَيْتِ الرِّوَايَةِ".
أَقُولُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ يَحْيَى فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (578 هـ) وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. أَخْبَارُ عَبْدِ الخَالِقِ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقَلَة (2/ 268)، والمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 56)، وَتَارِيْخِ الإسْلامِ (372).
358 -
وَبِنْتُهُ: بَرَكَةُ. ذَكَرَهَا الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (1/ ورقة: 165).
359 -
وَعَبْدُ الرَّحِيْم بْنُ المُبَارَكِ بْنَ الحَسَنِ بنِ طِرَادٍ الأَزَجِيُّ القَطِيْعِيُّ المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ القَابِلَةِ"، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (571 هـ) وَيُعْرَفُ وَالِدُهُ بِـ "البَامَاوَرْدِيِّ"، وَسيَأْتِي أَخُوْهُ عُبَيْدُ اللهِ فِي الاِسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (626 هـ) إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ فِي: التَّكمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 286)، والمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيهِ (3/ 27)، =
التَّشَيُّعِ، فَأَخَذَهُ وَطَرَحَهُ فِي مَطْمُوْرَةٍ، إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا، وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةَ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
268 - إبْرَاهِيْمُ بنُ
(1)
عَلِيِّ
(2)
، بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُبارَكِ بْنِ أَحمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرُوْسٍ البَغْدَادِيُّ الفَقِيْهُ، المُعَدَّلُ، أَبُو إِسْحَقَ، وَقِيْلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُلَقَّبُ "شَمْسُ الدِّيْنِ"،
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَبِيْهِ
(3)
وَعَمِّهِ.
وُلِدَ لَيْلَةَ ثَامِنَ عِشْرِيْنَ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
وَذَكَرَ القَادِسِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": أَنَّ وَالِدَهُ سَمَّاهُ "عَبْدَ الرَّحْمَنِ"، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَهُ أَنْ يُسَمِّيهِ "إِبْرَاهِيْمَ"، وَيُكَنِّيهِ "أَبَا مُحَمَّدٍ".
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عَمِّهِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِيْهِ وَعَمِّهِ، وَمِنْ أَبِي
= وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (373)، وَذَكَرَهُ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ فِي: مُعْجَمِ البُلْدَانِ فِي "بَامَاوَرْدَ".
360 -
عُثْمَانُ بنُ ابْرَاهِيمَ بنِ فَارِسِ بنِ مُقَلَّدٍ السِّيْبِيُّ، أَبُو عَمْرٍو الأَزَجِيُّ، الخَبَّارُ. أَخُو إِسْمَاعِيْلَ (ت: 614 هـ) الآتي فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُ عُثْمَانَ في: التَّقْيِيْدِ (400)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 192)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 187)، وَتَارِيْخِ إِرْبِلَ (1/ 376)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (376).
(1)
في (ط): "إِبْرَاهيمُ بْنُ مُحَمَّد علي. . .".
(2)
268 - شَمْسُ الدِّيْنِ بْنَ بَكْرُوْسٍ (557 - 611 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْن نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 56)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدَ (4/ 100) وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 333) وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 570)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَينِ (87)، وَالتَّكمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 295)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 233)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (66)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 68).
(3)
تُوُفِّيَ أَبُوْهُ سَنَةَ (586 هـ) وَتُوُفِّيَ عَمُّهُ أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ سَنَةَ (573 هـ) تَجِدْهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا.
الفَتْحِ بْنِ البَطِّيِّ، وَجَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ، وَكَتَبَ الطِّبَاقَ بِخَطِّهِ، وَاشْتَغَلَ بِالمَذْهَبِ عَلَى أَبِيْهِ وَعَمِّهِ، وَبِالخِلَافِ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَلَازَمَهُ مُدَّةً لِسَمَاعِ دَرْسِهِ، حَتَّى بَرَعَ، وَأَفْتَى، وَنَاظَرَ، ثُمَّ أَقْبَلَ علَى إِلْقَاءِ الدُّرُوْسِ بِمَدْرَسَتِهِمْ بِـ "دَرْبِ القَيَّارِ"
(1)
، وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ ابْنِ الشَّهْرَزُوْرِيِّ، وَوَلِيَ نَظَرَ وُقُوفَ الجَامِعِ، ثُمَّ وَلِيَ النِّيَابَةَ بِـ "بَابِ النُّوبِيِّ" سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّمَائَةَ، فَغَيَّرَ لِبَاسَهُ، وَتَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهُ، وَأَسَاءَ السِّيْرَةِ بِكَثْرَةِ الأَذَى، وَالمُصَادَرَةِ، وَالجِنَايَاتِ لِلنَّاسِ، وَالسَّعْيِ بِهِمْ، ولَمْ تَكُنْ تَأْخُذُهُ فِي ذلِكَ لَوْمَةَ لَائِمٍ
(2)
.
قَالَ ابْنُ القَادِسِيِّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ دُلَفٍ الخَازِنُ
(3)
، قَالَ: كَانَ ابْنُ بَكْرُوْسٍ يلَازِمُ قَبْرَ مَعْرُوْفٍ الكَرْخِيِّ، فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَدْعُو أَكْثَرَ الأَوْقَاتِ: اللَّهُمَّ مَكِّنِّي مِنْ دِمَاءِ المُسْلِمِيْنَ وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا، قَالَ: فَمَكَّنَهُ اللهُ مِنْ ذلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ السَّاعِي: حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيْزِ
(4)
النَّاسِخُ، أَنَّهُ وَعَظَ ابْنَ بَكْرُوْسٍ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ: اعْلَمْ أَنِّي فَرَشْتُ حَصيْرًا فِي جَهَنَّمَ، قَالَ: فَقُمْتُ مُتَعَجِّبًا مِنْ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذلِكَ، إِلَى أَنْ قُبِضَ عَلَيْهِ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَضُرِبَ حَتَّى تَلِفَ، فَمَاتَ لَيْلَةَ الخَمِيْسِ ثَامِنِ جُمَادَى الأُوْلَى مِنَ السَّنَةِ المَذْكُوْرَةِ.
(1)
في (ط): "بِدَرْبِ العَيَّارِ".
(2)
فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ"، ولَبِسَ الثَّوْبَ المُزَنَّدَ، وَتَقَلَّدَ السَّيْفَ، وَظَلَمَ وَفَتَكَ.
(3)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (637)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(4)
هُوَ نَفْسُهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ دُلَفٍ السَّالِفُ الذِّكْرِ.
وَقَالَ ابْنُ القَادِسِيِّ: وَكَانَ النَّاسِخُ صَاحِبًا لَهُ، فَقُبِضَ عَلَيْهِ مَعَهُ، وَحُبِسَ وَضُرِبَ، وَقُرِّرَ عَلَيْهِ مَالٌ، ثُمَّ أُطْلِقَ وَلَمْ يُأْخَذْ مِنهُ شَيءٌ، ذَكَرَ القَادِسِيُّ: أَنَّهُ أَنْشَدَ قَبْلَ مَوْتِهِ، مُستَشهِدًا لِغَيْرِهِ:
قَضَيْتُ نَحْبِي فَسُرَّ قَوْمٌ
…
بِهِمُ غَفْلَةٌ وَنَوْمُ
قَدْ كَانَ يَوْمِي عَلَيَّ حَتْمٌ
…
أَلَيْسَ لِلْشَّامِتِيْنَ يَوْمُ
فَقَرَأَ سُوْرَةَ "يس"، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
(1)
: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)} جَعَلَ يُكَرِّرُهَا إِلَى أَنْ مَاتَ. قَالَ: وَاجْتَمَعَ النَّاسُ لِخُرُوجِ جَنَازَتِهِ، وَأُغْلِقَ "بَابُ النُّوْبِيِّ" فَأُخْرِجَتْ جَنَازَتُهُ نِصْفَ اللَّيْلِ مِنْ "بَابِ العَامَّةِ" وَحُمِلَ إِلَى "بَابِ أَبْرِزَ" فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ "مَشْهَدِ أَوْلَادِ الحَسَنِ"، سَامَحَهُ اللهُ وَتَجَاوَزَ عَنْهُ.
وَذَكَرَ المُنْذِرِيُّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي ثَامِنَ عَشَرَ الشَّهْرِ، وَدُفِنَ فِي لَيْلَةِ تَاسِعَ عَشَرِهِ، وَقَدْ وَجَدَ أَبُو شَامَةَ فِي ابْنِ بَكْرُوْسٍ مَجَالًا لِلْمَقَالِ، فَقَالَ فِيْهِ وَأَطَالَ، وذَكَرَ أَنَّهُ رُمِيَ بِهِ فِي دِجْلَةَ، وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ بِحَالٍ.
269 - عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ
(2)
بْنِ عَبْدِ القَادِرِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ الجِيْلِيُّ
(1)
سُورة يس.
(2)
269 - رُكْنُ الدَّيْنِ الجِيْليُّ: (؟ - 611 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 56)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 156)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 101)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 133). وَيُرَاجَعُ: الكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (12/ 305)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 571)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 303)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (88)، وَتَارِيْخُ الحُكَمَاءِ (228)، =
البَغْدَادِيُّ، أبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي مَنْصُوْرِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَيُلَقَّبُ بِـ "الرُّكْنِ"، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ
(1)
.
وُلِدَ لَيْلَةَ ثَامِنَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ جَدِّهِ، وَمِنْ أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسحَقَ بْنِ الصَّابِيِّ، وَأَبِي الفَتْحِ بْنِ البَطِّيِّ، وَشُهْدَةَ، وَابْنِ شَاتِيْلٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ المُقَرَّبِ، وَأَبِي المَكَارِمِ البَادَرَائِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَبِي الحَسَنِ البَرَانْدَاسِيُّ
(2)
الفَقِيْهِ وَغَيْرِهِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَخَطُّهُ رَدِيءٌ، وَتَفَقَّهَ علَى جَدِّهِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَعَلَى أَبِيْهِ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ جَدِّهِ بِـ "المَدْرَسَةِ الشَّاطِئِيَّة"
(3)
= وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 377)، وَالجَامِعُ المُخْتَصَرُ (9/ 82، 118، 147، 284)، وَالمُخْتَصَرُ فِي أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 116)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 55)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (72)، وَمِيْزَانُ الاعْتِدَالِ (2/ 130)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 39)، وَفَوَاتُ الوَفَيَاتِ (2/ 324)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 429)، وَتَارِيْخُ ابنِ الوَرْدِيِّ (2/ 132)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 68)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (2/ 347)، وَالقَلائِدُ للتَّادِفِيِّ (45)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 192)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 45)(7/ 83).
(1)
أَبُوْهُ عَبْدُ الوَهَّابِ (ت: 593 هـ)، وَجَدُّهُ الشَّيخُ عَبْدُ القَادِرِ في (ت: 561 هـ) ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ.
(2)
في (ط) و (أ) و (ب): "البراديسي" ولَعَلَّ المَقْصُوْدَ: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّيْتُوْنِيُّ البَرَانْدَاسِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيُّ (ت: 586 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(3)
في (ط): "الشَّاطِبيَّة" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَالمَدْرَسَةُ الشَّاطِئِيَّةُ أَنْشَأَتْهَا جِهَةُ الخَلِيْفَةِ "بَنَفْشَا" بِبَابِ الأَزَجِ، وَأَوْقَفَتْهَا عَلَى الحَنَابلَةِ وَ"بنَفْشَا" فَتَاةٌ لِلْمُسْتَضِيْءِ العبَّاسِيِّ، وَكَانَتْ مَشْهُوْرَةً بِأَعْمَالِ البِرِّ وَالخَيْرِ، وقدْ تَقَدَّمَ الحَدِيْثُ عَنها فِيْمَا مَضَى. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَقَفَتْ مَدْرَسَةً بِـ "بَابِ الأَزَحِ وَعَمَرَتْ عِدَّةَ مَسَاجِدَ، وَكَانَتْ كَثِيْرَةَ الرَّغْبَةِ فِي أَفْعَالِ =
وَوَلِيَ عِدَّةَ وَلَايَاتٍ، وَكَانَ أَدِيْبًا، كَيِّسًا، مَطْبُوْعًا عَارِفًا بِالمَنْطِقِ وَالفَلْسَفَةِ وَالتَّنْجِيْمِ، وَغَيْرِ ذلِكَ مِنَ العُلُوْمِ الرَّدِيْئَةِ، وَبِسَبَبِ ذلِكَ نُسِبَ إِلَى عَقِيْدَةِ الأَوَائِلِ حَتَّى قِيْلَ: إِنَّ وَالِدَهُ رَأَى عَلَيْهِ يَوْمًا ثَوْبًا بُخَارِيًّا فَقَالَ: وَاللهِ هَذَا عَجِيْبٌ مَا زِلْنَا نَسْمَعُ البُخَارِي ومُسْلِم، فَأَمَّا البُخَارِي وَكَافِرٌ فَمَا سَمِعْنَاهُ، وَكَانَ أَبُوْهُ كَثيْرَ المُجُوْنِ
(1)
وَالمُدَاعَبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَكَانَ عَبْدُ السَّلَامِ أَيْضًا
(2)
غَيْرَ ضَابِطٍ لِلِسَانِه، وَلَا مَشْكُوْرٍ فِي طَرِيْقَتِهِ وَسِيْرَتِهِ، يُرْمَى بِالفَوَاحِشِ وَالمُنْكَرَاتِ، وَقَدْ جَرَتْ عَلَيْهِ مِحْنَةٌ فِي أَيَّامِ الوَزِيْرِ ابْنِ يُوْنُسَ، وَحُكِمَ بِفِسْقِهِ، وَأُحْرِقَتْ كُتُبُهُ، وَكَانَ سَبَبُ ذلِكَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ كَانَ جَارًا لِأوْلَادِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ فِي حَالِ فَقْرهِ، فَكَانُوا يُؤْذُوْنَهُ غَايَةَ الأَذَى، فَلَمَّا وَلِيَ ابْنُ يُوْنُسَ وَتَمَكَّنَ شَتَّتَ شَمْلَهُمْ، وَبَعَثَ بِبَعْضِهِمْ إِلَى المَطَامِيْرِ بِـ "وَاسِطَ" وَبَعَثَ فَكبَسَ دَارَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا كُتُبًا مِنْ كُتُبِ الفَلَاسِفَةِ، وَ"رَسَائِلِ إِخْوَانِ الصَّفَا"
(3)
وَكُتُبِ السِّحْرِ، وَالنَّارَنْجَةِ، وَعِبَادَةِ النُّجُوْمِ، وَاسْتَدْعَى ابْنُ
= البِرِّ". وَ (بَابُ الأَزَجِ) مِنْ مَحَالِّ الحَنَابِلَةِ بِـ "بَغْدَادَ" وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنُ رَجَبٍ أَنَّ مِمَّنْ دَرَّسَ بِهَا القَاضِي أَبُو صَالحٍ نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، أَبُو صَالِحٍ الجِيْلِيُّ هَذَا هُوَ ابنُ عَمِّ الرُّكْنِ المُتَرْجَمِ هُنَا، ثُمَّ دَرَّسَ فِيْهَا تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ الجَوْزِيِّ
…
وَلَعَلَّهَا سُمِّيَتْ الشَّاطِئِيَّةَ؛ لأَنَّهَا عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ.
(1)
المُجُوْنُ هُنَا المِزَاحُ.
(2)
بعدها في (ط) فقط: "لم يفتا".
(3)
يُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الحُكَمَاءِ، وَكَشْفُ الظُّنون (1/ 902) وَهِيَ مَشْهُوْرَةٌ.
يُوْنُسَ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أُسْتَاذُ الدَّارِ
(1)
- العُلَمَاءَ وَالفُقَهَاءَ، وَالقُضَاةَ، وَالأَعْيَانَ، وَكَانَ ابْنُ الجَوْزِيِّ مَعَهُمْ، وَقَرَأَ فِي بَعْضِهَا مُخَاطَبَةَ زُحَلَ يَقُوْلُ: أَيُّهَا الكَوْكَبُ المُنِيْرُ
(2)
، أَنْتَ تُدَبِّرُ الأَفْلَاكَ، وَتُحْيِيْ وَتُمِيْتُ وَأَنْتَ إِلَهُنَا، وَفِي حَقِّ المِّرِيْخِ مِنْ هَذَا الجِنْسِ، وَعْبدُ السَّلَامِ حَاضِرٌ، فَقَالَ ابنُ يُونُسَ: هَذَا خَطُّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لِمَ كَتَبْتَهُ؟ قَالَ: لِأَرُدَّهُ عَلَى قَائِلِهِ
(3)
ومَنْ يَعْتَقِدُهُ، فَأَمَرَ بِإِحْرَاقِ كُتُبِهِ، فَجَلَسَ قَاضِي القُضَاةِ وَالعُلَمَاءُ - وَابْنُ الجَوْزِيِّ مَعَهُمْ - عَلَى سَطْحِ مَسْجِدٍ مُجَاوِرٍ لِجَامِعِ الخَلِيْفَةِ، يَوْمَ الجُمُعَةِ وَأَضْرَمُوا تَحْتَ المَسْجِدِ نَارًا عَظِيْمَةً، وَخَرَجَ النَّاسُ مِنَ الجَامِعِ فَوَقَفُوا عَلَى طَبَقَاتِهمْ، وَالكُتُبُ علَى سَطْحِ المَسْجِدِ، وَقَامَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ المَرَسْتَانِيَّةِ فَجَعَلَ يَقْرَأُ كِتَابًا كِتَابًا، مِنْ مُخَاطَبَةِ الكَوَاكِبِ وَنَحْوِهَا، وَيَقُوْلُ: اِلعَنُوا مَنْ كَتَبَهُ وَمَنْ يَعْتَقِدُهُ
(4)
وَعَبْدُ السَّلَامِ حَاضِرٌ، فَيَضَجَّ العَوَامُّ بِاللَّعْنِ، فَتَعَدَّى اللَّعْنُ إِلَى الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، بَلْ وَإِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَظَهَرَتِ الأَحْقَادُ الصَّدْرِيَّةُ، وَقَالَ الخُصُوْمُ أَشْعَارًا، مِنْهَا قَوْلُ المُهَذَّبِ الرُّوْمِيِّ
(5)
سَاكِنِ "النِّظَامِيَّةِ":
(1)
في (ط): "أُسْتَاذًا لِدَارِ العُلَمَاءِ. . .".
(2)
في (ط) و (ج): "المضيء المنير".
(3)
نَقَلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنِ ابنِ النَّجَّارِ: "فَأَقَرَّ أَنَّهُ كَتَبَهُ مُعْجبًا لَا مُعْتَقِدًا".
(4)
في (ط): "كتبها" وَ"يعتقدها".
(5)
هو يَاقُوْتُ بنُ عَبْدِ اللهِ، مُهَذَّبُ الدَّيْنِ، أَبُو الدُّرِّ، الرُّوْمِيُّ. أَحَدُ شُعَرَاءِ العَصْرِ وَأُدَبَائِهِ المُجِيْدِيْنَ، نَشَأَ بِـ "بَغْدَادَ" وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَعُنِيَ بالتَّحْصِيْلِ في "المَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ" فَقَرَأَ بِهَا العُلُوْمَ العَرَبِيَّةِ وَالأَدَبِيَّةِ عَلَى جَمَاعَةٍ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ الشِّعْرُ، وَكَانَ حَسَنَ الخَطِّ =
لِيَ شِعْرٌ أَرَقُّ مِنْ دِيْنِ رُكْنِ الدِّيْـ .... ـــنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَفْظًا وَمَعْنَى
زُحَلِيًّا يَشْنَى
(1)
عَلِيًّا وَيَهْـ .... ـــوَى آلَ حَرْبٍ حِقْدًا عَلَيْهِ وَضِغْنَا
مَنَحَتْهُ النُّجُوْمُ إذْ رَامَ سَعْدًا
…
وَسُرُوْرًا نَحْسًا وَهَمَّا وَحُزْنَا
سَارَ احْتِرَاقُ كُتْبِهِ سَيْرَ شِعْرِي
…
فِي جَمِيْعِ الأَقْطَارِ سَهْلًا وَحَزْنَا
أَيُّهَا الجَاهِلُ الَّذِي جَهِلَ الحَـ
…
ــقَّ ضَلَالًا وضَيَّعَ العُمْرَ غَبْنَا
رُمْتَ جَهْلًا مِنَ الكَوَاكِبِ بالتَّبْخِـ .... ـــيرِ عِزًّا فَنِلْتَ ذُلًّا وَسِجْنَا
مَا زُحَيْلٌ وَمَا عُطَارِدُ وَالمرِّ
…
يخُ وَالمُشْتَرِي تُرَى يَا مُعَنَّى
كُلُّ شَيْءٍ يُوْدِي وَيَفْنَى سِوَى اللَّـ
…
ـــهِ فَإنَّهُ لَيْسَ يَفْنَى
ثُمَّ حَكَمَ القَاضِي بتَفْسِيْقِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَرَمْي طَيْلَسَانِهِ، وَأُخْرِجَتْ مَدْرَسَةُ
= وَالضَّبْطِ، وَلَهُ دِيْوَانُ شِعْرِ لطِيْفٍ. بَلَغَتْنَا وَفَاتُهُ فِي رَبِيعِ الآخِرِ سَنَةَ اثنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتّمائَةَ" كذا في مُعْجَمِ الأدَبَاءِ (6/ 1804) (ط) الدُّكتور إحسان. وَلَهُ أَخْبَارٌ في: التَّكْمِلَة لِوَفِيَّاتِ النَّقَلَةِ (3/ 148)، وَتَارِيْخِ الإسْلَامِ (139)، وأَحَالَ مُحَقِّقُهُ إلَى عُقُودِ الجُمَانِ لابن الشَّعَّار (9 ورقةُ: 57)، وَهَذا خَطَأٌ فالوَرَقَةُ (157) وَهَذَا وَاضِحٌ هَيِّنٌ، لَكِنَّ المُتَرْجَمَ فِي "عُقُودِ الجُمَانِ" غَيْرُهُ وإنْ كَانَ يُوَافِقُ اسْمَهُ وكُنْيَتَهُ فَيَغْلِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ يُسَمَّى بِـ "يَاقُوتٍ" أَبُو الدُّرِّ، وَالمُتَرْجَمُ فِي "العُقُودِ" مَوْصِلِيٌّ، وَهَذَا بَغْدَادِيُّ، وَذَاكَ مَوْلَى المَلِكِ الظَّاهِرِ عِزِّ الدِّين؛ لِذَا يُنْسَبُ (العِزِّيُّ) وَهَذَا مَوْلَى أبِي نَصْرٍ الجِيْلِيِّ، وَذَاكَ تُوُفِّيَ بِـ "الموْصِلِ" سَنَةَ (638 هـ)، وَهَذَا بِـ "بَغْدَادَ" تُوُفِّيَ بِـ "المَدرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ". قَالَ ابْنُ الشَّعَّارِ عَنِ الأوَّلِ:"تُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِـ "المَوْصِلِ" وَدُفِنَ غَرْبِيَّ المَدِيْنَةِ. . ." وقَال الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنِ الثَّانِي - وَهُوَ صَاحِبُنَا المَذْكُوْرُ هُنَا -: "وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ بِـ "المَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ" فَوُجِدَ فِيْهِ مَيْتًا في جُمَادَى الأُولَى .. " يَعْنِي سَنَةَ (622 هـ).
(1)
كَذَا، وَأَظُنُّهَا "ينثى" أَيْ: يَذْكُرُهُ بِسُوْءٍ.
جَدِّهِ مِنْ يَدِهِ، وَيَدِ أَبِيْهِ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَفُوِّضَتْ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ، فَذَكَرَ فِيْهَا الدَّرْسَ مُدَّةً، ذَكَرَ ذلِكَ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ. وَذَكَرَ مَعْنَاهُ ابْنُ القَادِسِيِّ، وَزَادَ: إِنَّ عَبْدَ السَّلَامِ أُوْدِعَ الحَبْسَ مُدَّةً، وَلَمَّا أُفْرِجَ عَنْهُ أُخِذَ خَطُّهُ بِأَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ اللهِ، وَأَنَّ الإِسْلَامَ حَقٌّ، وَمَا كَانَ فِيْهِ بَاطِلٌ، وَأُطْلِقَ، ثُمَّ لَمَّا قُبِضَ عَلَى ابْنِ يُونُسَ رُدَّتْ مَدْرَسَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ إِلَى وَلَدِهِ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَرُدَّ مَا بَقِيَ مِنْ كُتُبِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّتِي أُحْرِقَ
(1)
بَعْضُهَا، وَقُبِضَ علَى الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ بِسَعْيِ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَنَزَلَ مَعَهُ عَبْدُ السَّلَامِ فِي السَّفِيْنَةِ إِلَى "وَاسِطَ" وَاسْتَوْفَى مِنْهُ بِالكَلَامِ، وَالشَّيْخُ سَاكِتٌ، وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى "وَاسِطَ" عُقِدَ مَجْلِسٌ حَضرَ فِيْهِ القُضَاةُ، وَالشُّهُوْدُ، وَادَّعَى عَبْدُ السَّلَامِ عَلَى الشَّيْخِ بِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي
(2)
وَقْفِ المَدْرَسَةِ، وَاقْتَطَعَ مِنْ مَالِهَا، وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ ذلِكَ، وَكُتِبَ مَحْضَرًا بِمَا جَرَى، وَأُمِرَ الشَّيْخُ بِالمَقَامِ بِـ "وَاسِطَ" وَرَجَعَ عَبْدُ السَّلَامِ.
قَالَ ابْنُ القَادِسِيِّ: أُفْرِدَ لِشَيْخِنَا دَارٌ بِـ "وَاسِطَ" فِي "دُرَيْبَةِ
(3)
الدِّيْوَانِ"، وَأُفْرِدَ لَهُ مَنْ يَخْدِمُهُ، وَكَانَ عَبْدُ السَّلَامِ مُدَاخِلًا لِلْدَّوْلَةِ، مُتَوَاصِلًا إِلَيْهِمْ، فَسَعى حَتَّى رُتِّبَ عَمِيْدًا
(4)
بِـ "بَغْدَادَ" وَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَرُدَّ إِلَيْهِ اسْتِيْفَاءُ مَالِ
(1)
في (أ): "أُحْرِقَت".
(2)
ساقط من (ط).
(3)
في (ط): "درسة".
(4)
بَعْدَهَا في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" للحَافِظِ الذَّهَبِيِّ عَنِ ابنِ النَّجَارِ: "مُسْتَوْفيًا للمُكْسِ وَالضَّرَائِبِ، =
الضَّمَانِ، وَأُعْطِيَ الدَّارَ المُقَابِلَةِ لِـ "بَابِ النُّوْبِي"، وَجُعِلَتْ دِيْوَانَهُ، وَكَانَ ذلِكَ سَنَةَ سِتِّمَائَةَ.
وَذَكَرَ أَبُو المُظَفَّرِ أَنَّهُ قُبِضَ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَاسْتُصْفِيَتْ أَمْوَالُهُ حَتَّى أَصْبَحَ يَسْتَعْطِي مِنَ النَّاسِ، وَفِي هَذِهِ المُدَّةِ سُلِّمَتْ المَدْرَسَتَانِ اللَّتَانِ
(1)
بِيَدِهِ إِلَى ابنِ عَمِّهِ أَبِي صَالِحٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ تَوَكَّلَ لأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ - وَكَانَ وَلِيَّ العَهْدِ - وَرَدَّ إِلَيْهِ النَّظَرَ فِي أَمْلَاكِهِ وَأَقْطَاعِهِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ فِي رِسَالَةٍ مِنَ الدِّيْوَانِ إِلَى صَاحِبِ "إِرْبِلَ". وَذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فِي "تَارِيْخِهِ" وَذَمَّهُ ذَمًّا بَلِيْغًا
(2)
، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِشَيءٍ.
تُوُفِّيَ فِي ثَالِثِ رَجَبٍ - وَقِيْلَ: فِي خَامِسِهِ، وَفِي "تَارِيْخِ ابْنِ النَّجَّارِ" يَوْمَ الجُمُعَةِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبٍ - سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ، بِمَقْبَرَةِ "الحَلْبَةِ" شَرْقيِّ "بَغْدَادَ".
= وَمُكِّنَتْ يَدُهُ، وشَرَعَ فِي الظُّلْمِ وَالعَسْفِ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ حُبِسَ وَغُرِّمَ. . .".
(1)
في (أ) و (ب) و (ط)"التي".
(2)
وَذَمَّهُ - أيضًا - سِبْطُ ابنِ الجَوْزِيِّ قَالَ: "قَالَ لِي خَالِي أَبُو القَاسِمٍ عَلِيٌّ يَوْمًا بَعْدَ مَوْتِ جَدِّي بِيَسِيْرٍ: لِي صَدِيْقٌ يَشْتَهِي أَنْ يَرَاكَ، وَلَمْ يُعَرِّفْنِي مَنْ هُوَ، فمَشَيْتُ مَعَهُ فَأَدْخَلَنِي دَارًا، فَشَمَمْتُ رَائِحَةَ الخَمْرِ، وَإِذَا الرُّكْنُ عَبْدُ السَّلَامِ وَعِنْدَهُ مُرْدَانٌ، وَهُوَ في حَالَةٍ قَبِيْحَةٍ، فَلَمْ أَقْعُدْ، وَخَرَجْتُ، فَصَاحَ خَالِي وَالرُّكْن، فَلَمْ أَلْتَفِتْ، فتَبِعَنِي خَالِي وَقَالَ: خَجَّلتَنِي مِنَ الرَّجُلِ؟! فَقُلْتُ: لَا جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، وَأَغْلَظْتُ لَهُ" قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وَكَانَ صَدِيْقًا لِعَلِيِّ بنِ جَمَالِ الدِّيْنِ بنِ الجَوْزِيِّ، وَالجَامِعُ بَيْنَهُمَا قِلَّةُ الدِّيْنِ".
270 - مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ
(1)
بْنِ نَصْرِ بْنِ البَلِّ الدُّوْرِيُّ، الوَاعِظُ، أَبُو المُظَفَّرِ، وَيُلَقَّبُ "مُهَذَّبُ الدِّيْنِ".
وُلِدَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، أَوْ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "الدُّوْرِ"، وَهِيَ دُوْرُ الوَزِيْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ بِـ "دُجَيْلَ"، وَنَشَأَ بِهَا، ثُمَّ قَدِمَ "بَغْدَادَ" فِي شَبِيْبَتِهِ، وَاسْتَوْطَنَهَا، فَسَمِعَ بِهَا مِنِ ابنِ نَاصِرٍ الحَافِظِ، وَابْنِ الطَّلَّايَةِ، وَالوَزِيْرِ ابْنِ
(1)
269 - أَبُو المُظَفَّر بنُ البَلِّ الوَاعِظُ (516 - 611 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 476)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 103)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ". وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ لابنِ نُقْطَةَ (1/ 315)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (12/ 315)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (6/ ورقة: 89)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (88)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 308)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 10)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 75)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 180)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (2/ 55)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 28)(7/ 88).
(آلُ البَلُّ) أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ عَرِيْقَةٌ، اشْتُهِرَ مِنها: أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بن أَبي الأَسْوَدِ بنِ البَلِّ (ت: 569 هـ). وَابْنَتُهُ: خَدِيْجَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ (ت: 620 هـ). وَابنُ أَخِيْهِ أَبُو المَعَالِي هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي المُعَمَّرِ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ بنِ البَلِّ (ت: 600 هـ). وَابنُ أَخِيْهِ الآخَرُ هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبي الأَسْوَدِ (ت: 606 هـ). وَابنُ أخي المُتَرْجَمَ هُنَا أَبوُ الحَسَن عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بن البَلِّ (ت: 609 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُمْ كُلُّهُمْ إِلَّا خَدِيْجَةَ سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهَا في مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
- وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ هُنَا في آخِرِ التَّرْجَمَةِ: ابنُ المُتَرْجَمِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ (ت: 598 هـ) وَقَدْ نَوَّهْنَا بِذِكْرِهِ في مَوْضِعِهِ فِيْمَا سَبَقَ. وَابْنَتُهُ عَائِشَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ (ت: 641 هـ) نَسْتَدْرِكُهَا فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
أَبِي نَصْرِ بْنِ جَهِيْرٍ
(1)
، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الزَّغُونِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَجَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى الشُّيُوْخِ، وَقَالَ الشِّعْرَ الحَسَنَ، وَفُتِحَ عَلَيْهِ فِي الوَعْظِ، وَوَعَظَ بِعِدَّةِ أَمَاكِنَ، حَتَّى صَارَ يُضَاهِي أَبَا الفَرَجِ بنَ الجَوْزِيِّ، وَيُزَاحِمُهُ فِي أَمَاكِنِهِ، وَوَعَظَ عِنْدَ "تُرْبَةِ أَمِّ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ"، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، فَكَانَ يَجْلِسُ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ، وَيَجْلِسُ أَبُو الفَرَجِ يَوْمَ السَّبْتِ، ثُمَّ أُذِنَ للدُّوْرِيِّ بِالجُلُوْسِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَاجْتَمَعَ الخَلْقُ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ ابْنَ الجَوْزِيِّ هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ، فَلَمَّا رَأَوْا الدُّوْرِيَّ انْصَرَفَ كَثِيْرٌ مِنْهُمْ، وَسَبُّوا الدُّوْرِيَّ، وَأَصْحَابَهُ، وَخِيْفَ مِنْ وُقُوْعِ
(2)
فِتْنَةٍ، فَبَعَثَ أُسْتَاذَ الدَّارِ ابنُ يُونُسَ وَأَحْضَرَ ابْنَ الجَوْزِيِّ، وَطَيَّبَ قَلْبَهُ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ السُّلْطَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِهَذِهِ الحَالِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ تَلْبِيْسٌ، ثُمَّ رَأَوْا المَصْلَحَةَ فِي مَنْعِ جَمِيْعِ الوُعَّاظِ، فَمُنِعُوا.
وَلَمَّا اعْتُقِلَ الشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ بِـ "وَاسِطَ"
(3)
خَلَا لِلْدُّوْرِيِّ الجَوَّ، فَكَانَ يَعِظُ مَكَانَهُ عِنْدَ التُّرْبَةِ، وَاتَّفَقَ أَنَّ الشَّيْخَ لَمَّا رَجَعَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَدَخَلَهَا يَوْمَ السَّبْتِ تَاسِعَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، فَوَصَلَ البَشِيْرُ بِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ، وَالدُّوْرِيُّ يَعِظُ مَكَانَهُ، فَبَادَرَ النَّاسُ مِنَ المَجْلِسِ لِتَلَقِّيْهِ، فَجَعَلَ الدُّوْرِيُّ يَقُوْلُ: مَا هَذِهِ الأَهْوِيَةُ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا عَاكِفُوْنَ، وَقُطِعَ عَلَيْهِ المَجْلِسُ،
(1)
آلُ جَهِيْرٍ بَيْتُ وَزَارَةٍ مَشْهُوْرٌ. يُرَاجَعُ خَرِيْدَةُ القَصْرِ (قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ)(1/ 77). فَمَا بَعْدَهَا.
(2)
في (ط)"قُوْع" خَطَأُ طباعةٍ.
(3)
سَبَقَ ذِكْرُ سَبَبِ اعْتِقَالِهِ في تَرْجَمَتِهِ، وَفِي تَرْجَمَةِ رُكْنِ الدِّيْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الجِيْلِيِّ السَّابِقَةِ قَبْلَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ.
ثُمَّ ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ القَادِسِيِّ، فَقَال مَا سَمِعْتُهُ يُنْشِدُ فِي مَجْلِسِهِ:
(1)
يَا أَكْرَمَ البَشَرِ الَّذِي مَا زِلْتُ فِي
…
عُمُرِي لَهُ أُهْدِي الثَّنَاءَ وَأَمْدَحُ
أَتْعَبْتَ وَصَّافِيْكَ فِيْكَ فَلَجْلَجَ الـ
…
مُثْنِي وَأَعْرَبَ فِي عُلَاكَ المُفْصِحُ
وَالبَدْرُ تَمَّ وَأَنْتَ أَكْمَلُ صُوْرَةٍ
…
وَالبَحْرُ عَمَّ وَأَنْتَ مِنْهُ أَسْمَحُ
قَال أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ - وَقَرَأْتُهُ بِخَطِّهِ -: كَانَ - يَعْنِي الدُّوْرِيَّ - وَاعِظًا حَسَنًا، وَكَانَ يُضَاهِي ابْنَ الجَوْزِيِّ فِي وَعْظِهِ، وَكانَ فَصِيْحًا فِي إِيْرَادِهِ، وَلَهُ نَظْمٌ
(2)
وَنَثْرٌ، سَمِعْتُهُ يَتَكَلَّمُ، وَقَالَ: - وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ - بِاللهِ عَلَيْكَ يَا جَامِعَ المَنْصُوْرِ، هَلْ تَسْمَعُ قَطُّ مِثْلَ وَعْظِ الدُّوْرِيِّ؟! وَقَالَ:
أَخَافُكَ حَتَّى لَا أَظُنُّ سَلَامَةً
…
وَأَرْجُوْكَ حَتَّى لَا أَظُنُّ هَلَاكَا
وَهَا أَنَا رَهْنٌ فِي يَدَيْكَ وَمُحْسِنٌ
…
بِكَ الظَنَّ فَاجْعَلْ لِلأَسِيْرِ فِكَاكَا
فَمَا نِلْتُ مِمَّا أَرْتَجِيْهِ لِمَوْتَتِي
…
سِوَاكَ وَلَا قَدْرَ الأَرَاكَ سِوَاكَا
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ: يُعَانِي الوَعْظَ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ صَنْعَتِهِ، وَكَانَ يُضَاهِي جَدِّي حَتَّى قِيْلَ لَهُ: أَيُّمَا أَعْلَمُ: أَنْتَ أَمْ أَبُو الفَرَجِ؟ فَقَالَ: مَا
(1)
عَنِ المُؤَلِّفِ في "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
مِنْ شِعْرِهِ الأَبْيَاتُ المَشْهُوْرَةُ:
يَتُوْبُ عَلَى يَدِي قَوْمٌ عُصَاةٌ
…
أَخَافَتْهُمْ مِنَ البَارِي ذُنُوْبُ
وَقَلْبِي مُظْلِمٌ مِنْ طُوْلِ مَا قَدْ
…
جَنَى فَأَنَا عَلَى يَدِ مَنْ أَتُوْبُ
كَأَنِّي شَمْعَةٌ مَا بَيْنَ قَوْمٍ
…
تُضِيءُ لَهُمْ وَيُحْرِقُهَا اللَّهِيبُ
كَأَنِّي مَخِيْطٌ يَكْسُو أُنَاسًا
…
وَجِسْمِي مِنْ مَلَابِسِهِ سَلِيْبُ
وَأَنْشَدَ لَهُ ابنُ الشَّعَّارِ أَشْعَارًا في "عُقُوْدِ الجُمَانِ" تَجِدْهَا هُنَاكَ.
أَرْضَاهُ يَقْرَأُ عَلَيَّ الفَاتِحَةَ، فَبَلَغَ ذلِكَ أَبَا الفَرَجِ، فَقَالَ: مَا أَقْرَأُ عَلَيْهِ الفَاتِحَةَ، بَلْ أَقْرَأُ عَلَيْهِ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} قَالَ: وَكَانَ يَتَعَصَّبُ لَهُ حَاكَةُ
(1)
"قَطُفْتَا" وَكَانَ يَنْتَحِلُ أَشْعَارَ النَّاسِ، ادَّعَى يَوْمًا بَيْتَيْنِ لِنَفْسِهِ، وَأَنْشَدَهُمَا عَلَى المِنْبَرِ، وَهُمَا لأَبِي الفَتْحِ البُسْتِيِّ.
قُلْتُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ إِنْشَادِهِ شِعْرَ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَدَّعِيْهِ لِنَفْسِهِ
(2)
، وَقَدْ كَانَ مَوْصُوْفًا بِالصَّلَاحِ وَالدِّيَانَةِ. قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا مُتَعبِّدًا، قَالَ المُنْذِرِيُّ: حَدَّثَ وَعُمِّرَ، وَعَجِزَ عَنِ الحَرَكَةِ، وَلَزِمَ بَيْتَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا مُتَعَبِّدًا.
وَ"البَلُّ" بِفَتْح البَاءِ المُوَحَّدَةِ، وَتَشْدِيْدِ اللَّامِ.
قلْتُ: وَكَانَ يَحْضُرُ المَجَالِسَ المَعْقُوْدَةِ مَعَ أَكَابِرِ الفُقَهَاءِ، وَيُفتِي مَعَهُمْ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ أَفْتَى بِفِسْقِ قَاضِي القُضَاةِ العَبَّاسِيِّ
(3)
وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي تَزْوِيرِ الكِتَابِ الَّذِي أَنْكَرَ شُهُوْدُهُ الشَّهَادَةَ بِهِ عِنْدَ القَاضِي، وَاعْتَرَفَ المُثْبِتُ لَهُ أَنَّهُ مُزَوَّرٌ، وَلَا أَصْلَ لَهُ، وَأَنَّ القَاضِي ارْتَشَى لِأَجْلِ إِثْبَاتِهِ.
وَمِمَنْ أَفْتَى بِفِسْقِ القَاضِي وَذَوِيْهِ فِي ذلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا: ابْنُ الجَوْزِيِّ،
(1)
في (ط): "حاكم"، وفي (ب):"خالد" كِلَاهُمَا تَحْرِيْفٌ.
(2)
دِفَاعٌ غَيْرُ جَيِّد وَلَا هُوَ مَقْبُوْلٌ؛ لأنَّ الرَّجُلَ يَقُوْلُ: ادَّعَى لِنَفْسِهِ بَيْتَيْنِ أَنْشَدَهُمَا عَلَى المِنْبَرِ .. " فَلَوْ أَنْشَدَهُمَا دُوْنَ دَعْوَى صَحَّ أَنْ نَقُوْلَ: "لَا يَلْزَمُ مِنْ إِنْشَادِهِ شِعْرَ غَيْرِهِ. . .".
(3)
هوَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ.
وَابْنُ الصَّقَالِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَفِيَّةِ بِدَارِ أُسْتَاذِ الدَّارِ
(1)
ابْنِ يُونُسَ.
تُوُفِّيَ ابْنُ البَلِّ رحمه الله يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ بِـ "النِّظَامِيَّةِ" وَتَقَدَّمَ لِلْصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَبُو صَالِحِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَحُمِلَ فَدُفِنَ بِرِبَاطِهِ بِـ "قَطُفْتَا" عَلَى "نَهْرِ عِيْسَى" بِالجَانِبِ الغَرْبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
271 - وَكَانَ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ
(2)
يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللهِ،
كَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ بِالحِسَابِ وَأَنْوَاعِهِ، وَالمِسَاحَةِ، وَالفَرَائِضِ، وَقِسْمَةِ التَرِكَاتِ، وَأَقْرَأَ ذلِكَ مُدَّةً، وَسَمِعَ منِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَغَيْرِهِ، وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ ابْنِ الشَّهْرَزُوْرِيِّ. تُوُفِّيَ شَابًّا فِي حَيَاةِ أَبيْهِ، يَوْمَ الاثْنَيْنِ رَابِعَ عِشْرِيْنَ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ بِـ "قَرَاحِ ابنِ أَبِي الشَّحْمِ"
(3)
شَرْقَيِّ "بَغْدَادَ"، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
272 - أَحمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ
(4)
بنِ الحُسَيْنِ الفَرَّاءُ
(5)
البَغْدَادِيُّ،
(1)
في (ط): "الدَّارين ابن. . .".
(2)
271 - تَقَدَّم ذِكْرُهُ في الاسْتِدْرَاكِ في مَوْضِعِهِ.
(3)
في (ط): "السحم".
(4)
ساقط من (ط).
(5)
272 - جَمَالُ الدِّيْنِ بنُ أَبي يَعْلَى: (بعد 540 - 611 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 172)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 105)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 334). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 309)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 109)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (63)، وَالوَافِي بِالوَفَياتِ (8/ 123)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 44)(7/ 83).
القَاضِي، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ، ابْنُ القَاضِي أَبِي يَعْلَى ابْنِ القَاضِي أَبِي خَازِمِ
(1)
ابْنِ القَاضِي أَبي يَعْلَى الكَبِيْرِ
(2)
.
مَوْلِدُهُ بِـ "وَاسِطَ" إِذْ كَانَ أَبُوْهُ قَاضِيًا بِهَا، بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِقَلِيْلٍ، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ مِنْ وَالِدِهِ، وَمِنْ أِبي بَكْرِ بْنِ الزَّاغُونِيِّ، وَسَعِيْدِ بْنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ لِنَفْسِهِ وَلِلْنَّاسِ، وَشَهِدَ عِنْدَ ابْنِ الدَّامَغَانِيِّ.
قَالَ ابْنُ القَادِسِيِّ: كَانَ خَيِّرًا مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ وَالصِّيَانَةِ، وَالعِفَّةِ وَالدِّيَانَةِ، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ السَّاعِيِّ
(3)
.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ ثَانِي عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، ودُفِنَ عِنْدَ آبَائِهِ بِـ "بَابِ حَرْبٍ".
273 - مُحَمَّدُ بْنُ مَعَالِي
(4)
بْنِ غَنِيْمَةَ، البَغْدَادِيُّ، المَأْمُوْنِيُّ، المُقْرِئُ،
(1)
في (ط): "حازم" تَصْحِيْفٌ ظَاهِرٌ، لَعَلَّهُ من أَخْطَاءِ الطِّباعةِ.
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ مرَارًا، وَوَالِدُهُ هُوَ المَعْرُوْفُ بِـ "أبي يَعْلَى الصَّغِيْرِ" (ت: 560 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(3)
في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ": "رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الدُّبَيْثِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالطَّلَبَةُ، وَأَجَازَ لِابْنِ مُسَدَّى وَجَمَاعَةٍ".
(4)
273 - أَبُو بَكْرٍ بنُ الحَلَّاوِيِّ: (بَعْدُ 530 - 611 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 503)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 105)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 335). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 214)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (2/ 166)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 241)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 24)، =
الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الحَلَّاوِيِّ، وَيُلَقَّبُ "عِمَادَ الدِّيْنِ" كَانَ لَا يَتَحَقَّقُ مَوْلِدَهُ، وَقِيْلَ: إِنَّهُ بَعْدَ الثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. سَمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ الكَرُّوْخِيِّ، وَأَبِي الفَضْلِ بْنِ نَاصِرٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَسَعِيْدِ بْنِ البَنَّاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَهُوَ مِنْ فُقَهَاءِ
(1)
أَصْحَابِهِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ مَعْرِفَتُهُ، مَعَ الدِّيَانَةِ، وَالوَرَعِ، وَالاِنْقِطَاعِ عَنِ النَّاسِ.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ، لَهُ مَكَانٌ فِي الوَرَعِ، مُقِيْمٌ بِمَسْجِدِهِ بِـ "المَأْمُوْنِيَّةِ" مُقْبِلٌ عَلَى مَا يَنْفَعُهُ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِه، وَالتَّفَرُّدِ وَالعُزْلَةِ.
وَأَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ القَادِسِيِّ كَثِيْرًا، وَقَالَ: كَانَتْ لَهُ اليَدُ البَاسِطَةُ فِي
= وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (90)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (251)، وَالإِشْارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْلامِ (319)، وَالعِبَرُ (5/ 39)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (5/ 40)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 212)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 48)(7/ 89).
- وَذَكَرَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ في التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 356، 357) عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مَعَالِي بنِ غَنِيْمَةَ (ت: 612 هـ) وَأَخَاهُ عَبْدَ الوَاحِدِ بنَ مَعَالِي بنِ غَنِيْمَةَ (ت: 601 هـ) فَقَدْ يُظَنُّ أَنَّهُمَا أَخَوَاهُ، وَلَيْسَ الأَمْرُ كَذلِكَ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذلِكَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ المَذْكُورِ هُنَا مُحَمَّدِ بنِ مَعَالِي:"وَمِمَّا يُسْتَفَادُ أَنَّ فِي البَغْدَادِيِّيْنَ عَبْدَ العَزِيْزِ وَعَبْدَ الوَاحِدِ ابْنَي مَعَالِي بنِ غَنِيْمَةَ، سَمِعَا وَحَدَّثَا، .. وَقَدْ يَظُنُّ مَنْ يَرَى اتِّفَاقَ النَّسَبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مَعَالِي بنِ غَنِيْمَة هَذَا أَخُوْهُمَا، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ فَلْيُعْرَفْ ذلِكَ".
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعتمدُ -: لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي أَنَّ عَبْدَ العَزِيْزِ وَأَخَاهُ عَبْدُ الوَاحِدِ من الحَنَابِلَةِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ وَالأَثَرِ وَالرِّوَايَةِ التي اشْتُهِرَ بِهَا الحَنَابِلَةُ آنَذَاكَ؛ لِذلِكَ لَمْ أَسْتَدْرِكْهُمَا.
(1)
في (ط): "فقهاه" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
المَذْهَبِ وَالفُتْيَا، وَكَانَ مُلَازِمًا لِزَاوِيَتِهِ فِي المَسْجِدِ، قَلِيْلَ المُخَالَطَةِ إِلَّا لِمَنْ عَسَاهُ يَكُوْنُ مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ، مَا أَلَمَّ بِبَابِ أَحَدٍ مِنْ أَرْبَابِ الدُّنْيَا، وَمَا قَبِلَ لأَحَدٍ هَدِيَّةً، وَكَانَ أَحَدَ الأَبْدَالِ الَّذِيْنَ يَحْفَظُ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ النَّاصِحِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ: الشَّيْخُ، الإِمَامُ عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ الخَيَّاطُ، وَكَانَ زَاهِدًا، عَالِمًا، فَاضِلًا، مُشْتَغِلًا بِالكَسْبِ مِنَ الخِيَاطَةِ، وَمُشْتَغِلًا بِالعِلْمِ، وَيُقْرِئُ القُرْآنَ احْتِسَابًا، قَالَ لِي: تُشْكِلُ علَيَّ المَسْأَلَةَ، فَآتِي الشَّيْخَ أَبَا الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ لأَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَتَنْكَشِفُ لِي وَأَفْهَمَهَا قَبْلَ جَوَابِ الشَّيْخِ، يُشِيْرُ إِلَى بَرَكَةِ الشَّيْخِ
(1)
، وَكُنْتُ أَنَا أَقْرَأُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ يَقُوْلُ: خُذْ عَلَيَّ، فَيُنَاوِلَنِي "مُقَدِّمَةَ الخَبْرِيِّ"
(2)
فِي الفَرَائِضِ، فَيَقْرَؤُهَا مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ مُتَطَهِّرًا، وَمُشَدِّدًا فِي الطَّهَارَةِ. وَكَانَ الإِمَامُ الظَّاهِرُ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ النَّاصِرِ قَدْ أَحْسَنَ بِهِ الظَّنَّ، وَصَحِبَهُ فِي الزِّيَادَةِ، وَانْتَفَعَ الظَّاهِرُ بِصُحْبَتِهِ كَثِيْرًا. وَرتَّبَ كِتَابَ "جَامِعِ المَسَانِيْدِ" تَأْلِيْفِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ عَلَى أَبْوَابِ الفِقْهِ، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى شَيْخِنَا ابْنِ المَنِّيِّ مِنْ "كِفَايَةِ المُفْتِي" لابْنِ عَقِيْلٍ
(3)
.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: كَانَ وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، عَارِفًا بِمَذْهَبِهِ، وَحَدَّثَ، وَقَرَأَ،
(1)
لَعَلَّهُ يُشِيْرُ بِذَلكَ إِلَى حِدَّةِ ذِهْنِهِ هُوَ؛ لأنَّه يُشْغِلُ فِكْرَهُ فيها حَتَّى يَنْجَلِي لَهُ الأَمْرُ.
(2)
هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَبُو حَكِيْمٍ الخَبْرِيُّ (ت: 476 هـ) جَدُّ الحَافِظُ مُحَمَّدِ بنِ نَاصِرٍ لأُمِّهِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في هَامِشِ تَرْجَمَةِ ابنِ نَاصِرٍ (ت: 550 هـ).
(3)
في (ط): "لابنِ مُقْبِلٍ" وَهُوَ مِنْ كُتُبِ أَبِي الوَفَاءِ عَلِيِّ بنِ عَقِيْلٍ (ت: 513 هـ) المَشْهُوْرَةِ.
وَأَمَّ بِالنَّاسِ فِي الصَّلَوَاتِ مُدَّةً، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، كَتَبَ بِهَا إِلَيْنَا مِنْ "بَغْدَادَ".
قُلْتُ: وَلَهُ تَصَانِيْفُ مِنْهَا: "المُنِيْرَةُ فِي الأُصُوْلِ" وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّيْنِ أَبُو البَرَكَاتِ بْنُ تَيْمِيَّةَ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا: أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ الصَّيْرَفِيِّ، وَسَمِعَ مِنْهُ هُوَ وَابْنُ القَطِيْعِيِّ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ ثَامِنَ عِشْرِيْنَ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَحضَرَ غَسْلَهُ أَبُو صَالِحِ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" قَبْلَ صَلَاةِ الجُمُعَةِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (أَنَا) أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَعَالِي - إِذْنًا - (أَنَا) أَبُو بَكْرِ بْنُ الزَّاغُوْنِي (أَنَا) الحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ طَلْحَةَ (أَنَا) الحَسَنُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ المُنْذِرِ، (أَنَا) عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ (ثَنَا) الحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ الحُبَابِ (ثَنَى) المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه
(1)
: "أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَامَ عَلَى حَصِيْرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَسَدِهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: يَا رَسُوْلَ اللهِ لَوْ أمَرْتَنَا أَنْ نَبْسِطَ لَكَ، وَنَفْعَلَ
(1)
رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، رقم (2378) في (الزُّهْدِ): بَابُ "مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ"، وَأَحْمَدُ في المُسْنَدِ (1/ 391، 441)، وَابنُ مَاجَه رقم (4109) من حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي المُسْنَدِ (1/ 301)، وَابنِ حِبَّان رقم (6352) وَالحَاكِمِ (4/ 309 - 310) وَهُوَ حَدِيْثٌ صحِيْحٌ". عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
قَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَالِي وَلِلْدُّنْيَا، مَا أَنَا وَالدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا".
وَمِنْ فَتَاوَى ابْنِ الحَلَّاوِيِّ: أَنَّ مَنْ كَرَّرَ النَّظَرَ حَتَّى أَمْذَى أَفْطَرَ، وَوَافَقَهُ الفَخرُ إِسْمَاعِيْلُ، وَخَالَفَهُمَا أَبُو البَقَاءِ العُكْبَرِيُّ.
وَاخْتَارَ أَنَّ مُهْدِي ثَوَابِ الأَعْمَالِ لِلْمَوْتَى يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَثَبْتَنِي عَلَى هَذَا العَمَلِ فَاجْعَلْ ثَوَابَهِ لِفُلَانٍ.
274 - عَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ مَحمُودِ
(1)
بْنِ المُبَارَكِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الأَخْضَرِ الجُنَابِذِيُّ،
(1)
274 - الحافِظُ ابنُ الأَخْضَرِ (524 - 611 هـ):
أَخْبَارُهُ في: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 182)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 107)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 335). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 121)، وَالكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (12/ 126)، وَالتَّقْيِيْدُ (364)، وَالتَّكْمِلَةُ لِلمُنْذُرِيِّ (2/ 317)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (88)، وَمَشْيَخَةُ النَّجِيْبِ الحَرَّانِيِّ "الكُبْرَى" (وَرَقَةُ: 130) وَ"الصُّغْرَى"(وَرَقَة: 46)، وَالمُخْتَصَرُ فِي أَخْبَارِ البَشَرِ (3/ 122)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 86)، وَالعِبَرُ (5/ 38)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (74)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 31)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (319)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (251)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1383)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (188)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 47)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 68)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 21)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 211)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 46) (7/ 85). والِدُهُ مَحْمُوْدُ بنُ المُبَارَك بنِ مَحْمُوْدٍ (ت: بَعْدَ 535 هـ) سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ. وَأُخْتُهُ بَدْرُ التَّمَامِ بِنْتُ مَحْمُوْدٍ (ت: 619 هـ). سيأتي استدراكها.
361 -
وابنُهُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ (ت:؟). ذَكَرَهُ ابنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ فِي التَّوْضِيْحِ (2/ 454) وَقَالَ: أَبُو القَاسِمِ عَلِيٌّ، وَيُنْعَتُ بِـ "الجَمَالِ" سَمِعَ مِن أَبيْهِ، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ =
ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، البَزَّارُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرِ بْنِ أَبِي القَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، وَيُلَقَّبُ:"تَقِيَّ الدِّيْنِ"، مُحَدِّثُ العِرَاقِ.
وُلِدَ يَوْمَ الخَمِيْسِ ثَامِنَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمسِمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ سَنَةَ ثَلَاثِيْنَ وَخمْسِمَائَةَ، سَمِعَ بِإِفَادَةِ أَبِيْهِ، وَأُسْتَاذِهِ ابْنِ بَكْرُوْسٍ مِنَ القَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ البَاقِي، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَيَحْيَى بْنِ الطَّرَّاحِ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ بنِ خَيْرُوْنَ، وَأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ البَغْدَادِي، وَسَعْدِ الخَيْرِ الأَنْصَارِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ هُوَ بِنَفْسِهِ مِنْ أَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الزَّاغُوْنيِّ، وَسَعِيْدِ بْنِ البَنَّاءِ، وَابْنِ نَاصِرٍ الحَافِظِ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَطَبَقَتِهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَيْضًا، وَبَالَغَ فِي الطَّلَبِ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ بِخَطِّهِ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَلَازَمَ أَبَا الحَسَنِ بْنَ بَكْرُوْسٍ الفَقِيْهَ، وَانْتَفَعَ بِه، وَأَبَا الفَضْلِ بْنَ نَاصِرٍ، وَعَنْهُ أَخَذَ عِلْمَ الحَدِيْثِ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ بِخَطِّهِ المَلِيْحِ المُتْقَنِ
(1)
لِنَفْسِهِ، وَتَوْرِيْقًا لِلْنَّاسِ فِي شَبَابِهِ،
= صِرْمَا، وَعُمَرَ بنَ طَبَرْزَدَ وَآخَرِيْنَ. وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" (2/ 100) وَقَالَ: عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ المُبَارَك أَبُو القَاسِمِ
…
البَغْدَادِيُّ، المُحَدِّثُ ابنُ المُحَدِّثِ، العَدْلُ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الأَخْضَرِ". . ." وَذَكَرَ مَوْلِدَهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ (كَذَا؟) وَصَوَابُهَا: وَخَمْسِمَائَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ. وَسِبْطُهُ جَلَالُ الدِّيْنِ أَبُو بكْرٍ (ت: 701 هـ). ذَكَرَهُ الحَافِظُ البِرْزَالِي فِي "المُقْتَفَى"(2/ ورقة: 57).
(1)
خَطُّهُ في المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ، نَسَخَ جُزْءًا مِنْ "أَمَالِي أَبِي بَكْرِ بنِ الأَنْبَارِيِّ" وَفِي "تَارِيْخِ الإسْلَامِ": وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَغَالَى فِي أَثْمَانِهَا، وَحَدَّثَ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ سَنَة".
وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ القَصْرِ، يَقْرَأُ بِهَا فِي كُلِّ جُمْعَةٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَهِيَ حَلْقَةُ ابْنِ نَاصِرٍ، أَخَذَهَا بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ شَافِعٍ، وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ وَيَقْرَأُ عَلَى الشُّيُوْخِ لإِفَادَةِ النَّاسِ إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: صَنَّفَ مَجْمُوْعَاتٍ حَسَنَةً فِي كُلِّ فَنٍّ، وَلَمْ يَكُنْ فِي أَقْرَانِهِ أَكْثَرُ سَمَاعًا مِنْهُ، وَلَا أَحْسَنُ أُصُوْلًا، كَأَنَّهَا الشَّمْسُ وُضُوْحًا، وَعَلَيْهَا أَنْوَارُ الصِّدْقِ، وَبَارَكَ اللهُ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ حَتَّى حَدَّثَ بِجَمِيْعِ مَرْوِيَّاتِهِ، صَحِبْتُهُ مُدَّةً طَوِيْلَةً، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فِي حَلَقَتِهِ بِالجَامِعِ، وَفِي دُكَّانِهِ الكَثِيْرَ مِنَ الكُتُبِ الكِبَارِ وَالأَجْزَاءِ، وَأَكْثَرَ مَا جَمَعَهُ وَخَرَّجَهُ، عَلَّقْتُهُ عَنْهُ، وَاسْتَفَدْتُ مِنْهُ كَثِيْرًا
(1)
، وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، نَبِيْلًا، مَا رَأَيْتُ فِي شُيُوْخِنَا - سَفَرًا وَلَا حَضَرًا - مِثْلَهُ فِي كَثْرَةِ مَسْمُوْعَاتِهِ، وَمَعْرِفَتِهِ بِمَشَايِخِهِ، وَحُسْنِ أُصُوْلِهِ، وَحِفْظِهِ، وَإِتْقَانِهِ، وَكَانَ أَمِيْنًا، ثَخِيْنَ السِّتْرِ، مُتَدَيِّنًا، جَمِيْلَ الطَّرِيْقَةِ، عَفِيْفًا، أُرِيْدَ عَلَى أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ القُضَاةِ فَأَبَى ذلِكَ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، وَأَلْطَفِهِمْ طَبْعًا، وَمِنْ مَحَاسِنِ البَغْدَادِيِّيْنَ وَظُرَفَائِهِمْ، مَا يَمَلُّ جَلِيْسُهُ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتًا، مَأْمُونًا، كَثِيْرَ السَّمَاعِ، وَاسِعَ الرِّوَايَةِ، صَحِيْحَ الأُصُوْلِ، مِنْهُ تَعَلَّمْنَا وَاسْتَفَدْنَا، مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ.
وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ
(2)
: جَمَعَ فِي الحَدِيْثَ، وَبَوَّبَ، وَخَرَّجَ، وَكَانَ
(1)
في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" عَنِ الحَافِظِ ابنِ النَّجَّارِ: "قَرَأْتُ عَلَيه كَثِيرًا في حَلْقَتِهِ، وَفي حَانُوْتِهِ لِلْبَزِّ بِـ "خَانِ الخَلِيْفَةِ" وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، نَبِيْلًا. . .".
(2)
تَارِيْخُ ابنِ الدُّبَيْثِيِّ (ورقة: 147) نسخة باريس رقم (5922).
ثِقَةً، صَدُوْقًا، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِهَذَا الشَّأْنِ، وَلَمْ أَرَ فِي شُيُوْخِنَا أَوْفَرَ شُيُوْخًا مِنْهُ، وَلَا أَعَزَّ سَمَاعًا، مَعَ مَعْرِفَةٍ بِحَدِيْثِهِ وَشُيُوْخِهِ، وَفَهْمِ مَا يَرْوِيْهِ، وَسَمِعْنَا مِنْهُ، وَقَرَأْنَا، وَانْتَفَعْنَا بِهِ، وَنِعْمَ الشَّيْخُ كَانَ.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: صَنَّفَ كِتَابًا سَمَّاهُ: "تَنْبِيْهَ اللَّبِيْبِ" فَأَبَانَ فِيْهِ عَنْ عِلْمٍ غَزِيْرٍ، وَحِفْظٍ كَثِيْرٍ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: صَنَّفَ الكُتُبَ الحِسَانَ، فِي الأَبْوَابِ وَالشُّيُوخِ وَالفَضَائِلِ، وَقَالَ: تَصَانِيْفُهُ تَدُلُّ عَلَى فَهْمِهِ، وَضَبْطِهِ، وَحُسْنِ مَعْرِفَتِهِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: حَدَّثَ مُدَّةً طَوِيْلَةً نَحْوًا مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ مُفِيْدَةً، وَانْتَفَعَ بِهِ جَمَاعةٌ، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، وَكَانَ حَافِظَ "العِرَاقِ" فِي وَقْتِهِ. قَالَ: وَ"الجُنَابَذَ"
(1)
- يَعْنِي: الَّتِي يُنْسَبُ إِلَيْهَا - بِضَمِّ الجِيْمِ، وَفَتْحِ النُّونِ، وَبَعْدَ الأَلِفِ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوْحَةٌ، وَذَالٌ مُعْجَمَةٌ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "نَيْسَابُوْرَ".
(1)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 191). وَ (الجُنَابِذِيُّ) مَنْسُوْبٌ إِلَى "جُنَابِذَ" عَلَى وَزْنِ سُرَادِقٍ، نَاحِيَةٌ مِنْ نَوَاحِي "نَيْسَابُوْرَ". يُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (3/ 306)، وَاللُّبَابُ (1/ 239)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 264). وَذَكَرَ المُتَرْجَمَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، قَالَ: "شَيْخُنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ [مَحْمُوْدِ] بنِ المُبَارَكِ
…
يَسْكُنُ "دَرْبَ القَيَّارِ" مِنْ مَحَالِّ "نَهْرِ المُعَلَّى" فِي شَرْقِيِّ "بَغْدَادَ" سَمِعَ الكَثِيْرَ فِي صِغَرِهِ بِإِفَادَةِ أَبِيْهِ، وَعَلِيِّ بنِ بكتَاشٍ، وَأَكْثَرَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ فِي أَقْرَانِهِ أَوْفَرَ هِمَّةً مِنْهُ وَلا أَكْثَرَ طَلَبًا
…
قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنْ شُيُوْخِ "بَغْدَادَ" الَّذِيْنَ أَدْرَكْنَاهُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَمَاعِهِ، مَعَ ثِقَةٍ، وَأَمَانَةٍ، وَصِدْقٍ، وَمَعْرِفَةٍ تَامَّةٍ، وَكَانَ حَسَنَ الأَخْلاقِ، مَزَّاحًا، لَهُ نَوَادِرُ حُلْوَةٌ، وَصَنَّفَ مُصَنَّفَاتٍ كَثِيْرَةً فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ مُقَيَّدَةً، وَكَانَ مُتَعَصِّبًا لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ، وَأَجَازَ لِي، وَنِعْمَ الشَّيْخُ رحمه الله".
قُلْتُ: وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ
(1)
: "المَقْصَدُ الأَرْشَدُ فِي ذِكْرِ مَنْ رَوَى عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ" فِي مُجَلَّدَيْنِ، أَجْزَاءٌ عَدِيْدَةٌ، كِتَابُ:"تَنْبِيْهِ اللَّبِيْبِ وَتَلْقِيْحِ فَهْمِ المُرِيْبِ فِي تَحْقِيْقِ أَوْهَامِ الخَطِيْبِ وَتَلْخِيْصِ وَصْفِ الأَسْمَاءِ فِي اخْتِصَارِ الرَّسْمِ وَالتَّرْتِيْبِ"، أَجْزَاءٌ كَثِيرَةٌ، رَأَيْتُ مِنْهُ الجُزْءَ العِشْرِيْنَ، وَقَدْ تَتَبَّعَ فِيْهِ الأَوْهَامَ الَّتِي ذَكَرَهَا الخَطِيْبُ لِلأَئِمَّةِ الحُفَّاظِ، وَأَجَابَ عَنْهَا، وَفِي بعْضِ أَجْوِبَتِهِ تَعَسُّفٌ شَدِيْدٌ، وَبَعْضُهَا لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ، وَلَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ بِحَالٍ، وَفِي بَعْضِهَا فَوَائِدُ حَسَنَةٌ، وَذَكَرَ فِي هَذَا الجُزْءِ أَوْهَامًا لاِبْنِ السَّمْعَانِيِّ صَاحِبِ "الذَّيْلِ"، وَوَقَعَ لابْنِ الأَخْضَرِ فِي هَذَا الجُزْءِ وَهْمٌ فَاحِشٌ، وَهُوَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ البُخَارِيَّ رَوَى حَدِيْثَ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ" الحَدِيْثَ بِتَمَامِهِ فِي النِّكَاحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سَلِيْمٍ الكُوْفِيِّ، عَنْ جَعْفَرٍ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ
(1)
وَخَرَّجَ "مَشْيَخَةً" لأبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ (عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ)(ت: 317 هـ) كَمَا خَرَّجَ "مَشْيَخَةً" لأبِي بَكْرِ بنِ النَّقُّوْرِ (عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ)(ت: 565 هـ) لَهَا نُسَخٌ عِدَّةٌ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بِـ "دِمَشْقَ" وَدَارَ الكُتُبِ المِصْرِيَّةِ، وَاسْمُهَا "الفَوَائِدِ الحِسَانُ عَنِ الشُّيُوخِ الثِّقَاتِ"، وَحَقَّقَهَا مُسْعَد عَبْدِ الحَمِيْد السَّعْدَنِي، وَنَشَرَهَا فِي مَكْتَبَةِ أَضْوَاءِ السَّلَفِ فِي الرِّيَاضِ (1418 هـ)، وَخَرَّجَ أَيْضًا شُيُوْخَ الكَاتِبَةَ، المُحَدِّثَةَ، المَشْهُوْرَةَ شُهْدَةَ بِنْتَ أَحْمَدَ بنِ الفَرَجِ الدِّيْنَوَرِيِّ المَعْرُوْفِ بِـ "الإِبَرِيِّ" (ت: 574 هـ) وَهِيَ مِنْ شُيُوْخِهِ، وَاسْمُهُ "العُمْدَةُ مِنَ الفَوَائِدِ وَالآثَارِ وَالصِّحَاحِ وَالغَرَائِبِ فِي مَشْيَخَةِ شُهْدَةَ" طُبِعَ بِتَحْقِيْقِ الدُّكْتُور رِفْعَت فَوْزِي عَبْدِ المُطَّلِبِ فِي مَكْتَبَةِ الخَانْجِي بِـ "مِصْرَ" سَنَة (1415 هـ).
اللهُ عَنْهُ - وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ، وَكَذلِكَ كَتَبَ عَلَيْهِ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ بِخَطِّهِ؛ وَهُوَ كَمَا قَالَ: فَإِنَّ اللَّيْثَ هَذَا هُوَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَهَذَا أَمْرٌ وَاضِحٌ. وَفِي كَلَامِهِ سَجْعٌ كَثِيْرٌ، وَتَكَلُّفٌ شَدِيْدٌ. وَمِنْ تَآلِيْفِهِ:"فَضَائِلُ شَعْبَانَ" وَ"طُرُقُ جُزْءِ الحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ" جُزْءٌ كَبِيْرٌ.
وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ الأَخْضَرِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الأَئِمَّةِ وَالحُفَّاظِ المُتَقَدِّمِيْنَ، منْهُمْ: أَبُو المَحَاسِنِ القُرَشِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ العُلَيْمِيُّ الدِّمَشْقِيَانِ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ المَقْدَسِيُّ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي تَصَانِيْفِهِ حِكَايَاتٌ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ نُقْطَةَ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَابْنُ خَلِيْلٍ
(1)
والزَّيْنُ خَالِدٌ
(2)
النَّابُلُسِيُّ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَكَابِرِ الحُفَّاظِ، وَابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ الأَخْضَرِ، وَالنَّجِيْبُ الحَرَّانِيُّ
(3)
، وَأَخُوْهُ عَبْدُ العَزِيْزِ، وَيَحْيَى بْنُ الصَّيْرَفِيِّ
(1)
قَالَ فِي مُعْجَمِهِ (ورقة: 185) قَالَ: "أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ المَبارَكِ بنِ الأَخْضَرِ، البَزَّازُ البَغْدَادِيُّ بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ بِـ "بَغْدَادَ" قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ المُدِيْرُ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الطَّرَّاحِ" قِرَاءةً عَلَيْه وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ. . .".
(2)
في (ط): "خلف".
(3)
جَاءَ في مَشْيَخَتِهِ الكُبْرَى (ورقة: 113)(الشَّيْخُ الثَّامِنُ وَالسِّتُّوْنَ): "أَخْبَرَنَا الحَافظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي نَصْرٍ مَحْمُوْدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ المُبَارَكِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ الأَخْضَرِ، الجُنَابَذِيُّ، البَغْدَادِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ غَيْرَ مَرَّةٍ إِحْدَاهَا بِقِرَاءَةِ وَالِدِي عَلَيْهِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ". . .".
الفَقِيْهِ، وَالمِقْدَادُ القَيْسِيُّ، وَخَلْقٌ
(1)
. وَآخِرُ مَنْ روَى عَنْهُ بالإِجَازَةِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ البَغْدَادِيُّ البَزَّارُ
(2)
.
تُوُفِّيَ رحمه الله لَيْلَةَ السَّبْتِ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ، فِي سَادِسِ شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَفُتِحَ لَهُ جَامِعُ القَصرِ مِنَ الغَدِ، وَحَضَرَهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَالأَعْيَانِ، وَقَرَأَ الدِّيْوَانُ، وَمُنِعَ مِنْ شَدِّ تَابُوْتهِ، وَحُمِلَ بِوَقَارٍ وَسَكِيْنَةٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" عِنْدَ قَبْرِ أَبِي بَكْرٍ المَزْرَفِيِّ
(3)
، رحمه الله.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ المَيْدُوْمِيُّ، بِـ "مَصْرَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ، (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدِ بنِ الأَخْضَرِ الحَافِظُ (أَنَا) أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ البَاقِي (أَنَا) أَبُو إِسْحَقَ البَرْمَكِيُّ حُضُوْرًا (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدِ بنُ مَاسِي (أَنَا) أَبُو مُسْلِمٍ البَلْخِيُّ، (ثَنَا) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ (ثَنَا) سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
(4)
"لَا هِجْرَةَ بَيْنَ المُسْلمِيْنَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ"، أَوْ قَالَ:"ثَلَاثَ لَيَالٍ".
(1)
وَمِنْهُم عَلَمُ الدِّيْنِ الأَنْدَلُسِيُّ، وَإِسْرَائِيْلُ بنُ أَحْمَدَ القُرَشِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُنَيْمَان الهَمَذَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الجِيْلِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ ميران سِبْطُ العَاقُوليِّ، وَعَلِيُّ بن عَدْلَانَ النَّحْوِيُّ المَوْصِلِيُّ، وعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زُرَيْقٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الدَّارِيُّ الخَلِيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بن النَّشَفِ الوَاسِطِيُّ، وَغَيْرُهُمْ كَثِيْرٌ.
(2)
هُوَ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الفُوَيْرِهِ"(ت: 697 هـ) تَقَدَّمَ التَّعْرِيْفُ بِهِ، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(3)
في (ط): "المرزفي" تَصْحِيْفٌ ظَاهِرٌ.
(4)
"ذَكَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ المُتَّقِي الهِنْدِيُّ في كَنْزِ العُمَّالِ رقم (1487) (9/ 47)، وَنَسَبَهُ للخَرَائِطِيِّ فِي "مَسَاوِئ الأخْلَاقِ"، والخَطِيْبُ عَنْ أَنَسٍ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ رقم (2562) =
275 - عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ يَعِيْشَ
(1)
بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ يَحْيَى الحَرَّانِيُّ الفَقِيْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ. سَمِعَ بِـ "حَرَّانَ" مِنْ أَبِي يَاسِرٍ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ أَبِي حَبَّةَ،
وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" سَنَةَ أَرْبَعَ وَتِسْعِيْنَ، فَسَمِعَ مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، وَابْنِ
(2)
الجَوْزِيِّ وَطَبَقَتِهِمَا، وَقَرَأَ المَذْهَبَ وَالخِلَافَ حَتَّى تَمَيَّزَ، وَأَقَامَ بِـ "بَغْدَادَ" مُدَّةً، ثُمَّ عَادَ إِلَى "حَرَّانَ" فَأَقَامَ بِهَا، ثُمَّ قَدِمَ "بَغْدَادَ" حَاجًّا سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّمَائَةَ، وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ ابْنِ أَبِي حَبَّةَ، وَسَمِعَ مِنْهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ، وَرَجَعَ إِلَى "حَرَّانَ" فَتُوفِّيَ بِهَا سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَكَانَ شَابًّا رحمه الله ذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ.
= بِلَفْظِ: "لَا هِجْرَةَ فَوْقَ ثَلَاثٍ" مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. وَهُوَ عِنْدَ البُخَارِيِّ (10/ 413) في (الأَدَبِ) بَابُ "الهِجْرَةِ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ"". وَمُسْلِمٌ (2560) في (البِرِّ وَالصِّلَةِ) بَابُ "تَحْرِيْمِ الهَجْرِ فَوْقَ ثَلَاثٍ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ". وَأبُو دَاوُدَ رقم (4911) في (الأَدَب) بَابٌ "فِيْمَنْ هَجَرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ" كُلُّهُمْ من حَدِيْثِ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه بلفظ: "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ. . ." وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ رقم (4914) مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه". عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(1)
275 - ابْنُ يَعِيشٍ الحَرَّانِيُّ (؟ - 611 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 109)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 336)، وَالشَّذَرَاتِ (7/ 78)، وهُمَا عَنِ المُؤَلِّفِ، وَهُو عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ، وَلَمْ أَجِدْهُ في مَصْدَرِ آخَرَ، ولَمْ أَجِدْ لَهُ قَرَابَاتٍ مِنَ العُلَمَاءِ.
(مَلْحُوظَةٌ) لَمْ أَجِدِ الآنَ مَا أسْتَدْرِكْهُ عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (611 هـ).
(2)
في (ط): "وَأبِي".
276 - عْبْدِ القَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ
(1)
الفَهْمِيُّ الرُّهَاوِيُّ، ثُمَّ الحَرَّانِيُّ، المُحَدِّثُ الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، مُحَدِّثُ الجَزِيْرَةِ.
وُلِدَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "الرُّهَا" ثُمَّ أَصَابَهُ سَبْيٌ لَمَّا فَتَحَ زَنْكِي وَالِدُ نُوْرِ الدِّيْنِ "الرُّهَا" سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِيْنَ، فَاشْتَرَاهُ بَنُو فَهْمٍ الحَرَّانِيُّونَ وَأَعْتَقُوهُ، كَذَا قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ وَابْنُ النَّجَّارِ.
وَذَكَرَ الدُّبَيْثِيُّ وَأَبُو شَامَةَ: أَنَّهُ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنَ "المَوْصِلِ"، فَأَعْتَقَهُ.
(1)
276 - الحَافِظُ عَبْدُ القَادِرِ الفَهْمِيُّ الرُّهَاوِيُّ (536 - 612 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 157)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 109)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 136). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (3/ 120)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 131)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (90)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 332)، وَالتَّقْيِيْدِ (352)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (107)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (22/ 71)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1387)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 87)، وَالعِبَرُ (5/ 41)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 81)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِينَ (188)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (251)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (32)، وَالمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (307) وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 23)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (19/ 40)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 69)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (2/ 138)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (5/ 1/ 182)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 214)، وَطَبَقَاتُ الحُفَّاظِ (490)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 50)، (7/ 92). وَ"الرُّهَاوِيُّ" مَنْسُوْبٌ إِلَى "الرُّهَا" بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَالمَدِّ وَالقَصْرِ، مَدِيْنَةٌ بِـ "الجَزِيْرَةِ" بَيْنَ "المَوْصِلِ" وَ"الشَّامِ". يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (3/ 120)، وَهِيَ الآنَ فِي الجُمْهُوْرِيَّةِ التُّرْكِيَّةِ.
- وَابْنَتُهُ: زُهْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ القَادِرِ (ت: 632 هـ) ذَكَرَهَا الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ في: "التَّكْمِلَةِ"، وَسَمَّاهَا زَهْرَاءُ نَسْتَدْرِكُهَا في مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ مَوْلَى لِبَنِي أَبِي الفَهْمِ الحَرَّانِيِّيْنَ
(1)
.
قَالَ القَطِيْعِيُّ: قَالَ لِي: طَلَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ: أَنَّهُ تَعَلَّمَ القُرْآنَ، فَأعْتَقَهُ سيِّدُهُ، وَقَرَأَ كِتَابَ "الجَامِعِ الصَّغِيْرِ" فِي المَذْهَبِ، وَهُوَ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَنَفَعَهُ، وَرَأَيْتُ لَهُ مُصَنَّفًا فِي الفَرائِضِ وَالحِسَابِ، وسَافَرَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، سَمِعَ الحَافِطُ عَبْدُ القَادِرِ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي عَلِيٍّ الرَّحْبِيِّ، وَابْنِ الخَشَّابِ اللُّغَوِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ بْنِ عَبْدِ الخَالِقِ، وَأَخِيْهِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَشُهْدَةَ، وَجَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ، وَبِـ "هَمَذَانَ" مِنَ الحَافِظِ أَبِي العَلَاءِ الهَمَذَانِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ بنِ طَاهِرٍ المَقْدِسِيِّ، وَجَمَاعَةٍ، وَبِـ "أَصْبَهَانَ" مِنْ أَبِي القَاسمِ فُوَرَّجَةَ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الرُّسْتُمِيُّ
(2)
وَمَسْعُوْدِ بنِ الحَسَن الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي المُطَهِّرِ الصَّيْدَلَانِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلَانِيِّ، وَرَجَاءٍ المَعْدَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ، وَمِنْ الحُفَّاظِ بِهَا، كَأَبِي مَسْعُوْدٍ عَبْدِ الرَّحيْمِ بْنِ أَبِي الوَفَاءِ، وَمَعْمَرِ بنِ الفَاخِرِ، وَأَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيِّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الصَّايِغِ.
وَدَخَلَ "خُرَاسَانَ" فَسَمِعَ بِـ "نَيْسَابُوْرَ" مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ
(1)
وَكَانَ الحَافِظُ الرُّهَاوِيُّ مِنْ أَبَوَيْنِ أَفْرَنْجِيَّينِ، فَيَظْهَرُ أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ، وَبَقِيَتْ أُمُّهُ عَلَى دِيْنِهَا، في "تَارِيْخِ إِرْبِلَ". "أَبُوهُ عَبْدُ اللهِ كَانَ فَرنجِيًّا .. " وَنَقَلَ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ كُوْكُبُوْرِيِّ بنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَزُوْرُهُ بِـ "حَرَّانَ" وَأَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا يَزُوْرُ أمَّهُ، وَهِيَ إفَرَنْجِيَّةٌ عَلَى دِيْنها، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ لَا تَعْرِضُ عَلَيْهَا الإِسْلَامَ؟ فَقَالَ: هِيَ امْرَأَةٌ كَبِيْرَةٌ، وَلَا تَرْجِعُ عَنْ دِيْنَهَا أَبَدًا، فَلَا يُفِيْدُ قَوْلِي لَهَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ تَزُوْرُهَا؟ فَقَالَ: أَعْلَمُ أَنَّهَا تَشْتَاقُ إِلَيَّ فَأَزُوْرُهَا لِتَبُلَّ شَوْقَهَا، أَوْ كَمَا قَالَ".
(2)
في (ط): "الرستحي" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ.
عُمَرَ الطُّوْسِيِّ وَطَبَقَتِهِ، وَبِـ "مَرْوَ" مِنْ أَبِي الفَتْحِ المَسْعُوْدِيِّ، وَبِـ "سِجِسْتَانَ" مِنْ أَبِي عَرُوْبَةَ عَبْدِ الهَادِي بنِ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدِ، وَبِـ "هَرَاةَ" مِنْ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ، وَمِن أَبِي الفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرِ الخَازِميِّ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الصَّفَّارِ، وَعَبْدِ الجَلِيْلِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ، خَاتِمَةِ أَصْحَابِ بَيْبِي
(1)
، وَجَمَاعَةٍ، وَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنَ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ بْنِ عَسَاكِرٍ، وَشَيْخِ الشُّيُوْخِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ حَمُّوْيَةَ، وَأَبِي المَعَالِي بْنِ صَابِرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَبِـ "مِصْرَ" مِنْ ابْنِ بَرِّيِّ النَّحْوِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الرَّحْبِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَبِـ "الإِسْكَنْدَرِيَّةِ" مِنَ الحَافِظِ السِّلَفِيِّ وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ بِـ "وَاسِطَ" مِنْ أَبِي طَالِبِ بْنِ الكِنَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ، وَبِـ "المَوْصِلِ" وَ"حَرَّانَ" مِنْ أَبِي الفَضْلِ الطُّوْسِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ سَعْدُونَ وَغَيْرِهِمَا، وَسَمِعَ بِبِلَادٍ أُخْرَى، "كَبُوشَنْجَ" وَ"زِنْجَانَ" وَ"تُسْتَرَ" وَ"الكَرَجِ"
(2)
وَ"البَصْرَةِ"، وَكَانَ يَمْشِي فِي أَسْفَارِهِ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَكُتُبُهُ مَحْمُوْلَةٌ مَعَ النَّاسِ، وَرُبَّمَا كَانَ طَعَامُهُ مِنْ عِنْدِهِمْ أَيْضًا، لِفَقْرِهِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ مِنَ الكُتُبِ وَالأَجْزَاءِ، وَأَقَامَ بِـ "دِمَشْقَ" بِمَدْرَسَةِ ابْنِ الحَنْبَلِيِّ مُدَّةً، حَتَّى نَسَخَ "تَارِيْخَ ابنِ عَسَاكِرٍ" بِخَطِّهِ، وَسَمِعَهُ عَلَيْهِ، ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ النَّاصِحِ. وَأَقَامَ بِـ "المَوْصِلِ" مُدَّةً، وَوَلِيَ بِهَا مَشْيَخَةَ
(1)
هِيَ بَيْبِي الهُرْثُمِيَّةَ، أمُّ الفَضْلِ، بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ بن عَلِيٍّ الهَرَوِيُّ وَفَاتُهَا سَنَةَ (477 هـ)، أَخْبَارُهَا فِي: سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (1/ 1/ 403)، وَهِيَ مَشْهُوْرَةٌ بِجُزْئِهَا الحَدِيْثِيِّ، وَقَدْ طُبِعَ في الكُوَيْتِ بِدَارِ الخُلَفَاءِ سَنَةَ (1406 هـ).
(2)
في (ط): "الكرخ".
"دَارِ الحَدِيْثِ المُظَفَّرِيَّةِ"، وَحَدَّثَ بِهَا بِأَكْثَرِ مَسْمُوْعَاتِهِ، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهَا إِلَى "حَرَّانَ" وَسَكَنَهَا إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ. قَالَ ابنُ الحَنْبَلِيِّ: وَوَقَفَ عَلَيْهِ مُظَفَّرُ الدِّيْنِ صَاحِبِ "إِرْبِلَ" أَرْضًا بِأَرْضِ "حَرَّانَ" وَبَعَثَ مَعَهُ مَرَّةً مَالًا يَفُكُّ بِهِ الأُسَارَى مَعَ أَجْنَادٍ مِنْ "إِرْبِلَ" فَاجْتَمَعْنَا بِهِ بِـ "دِمَشْقَ".
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ عَالِمًا، ثِقَةً، مَأْمُوْنًا، صَالِحًا، إِلَّا أنَّهُ كَانَ عَسِرًا فِي الرِّوَايَةِ
(1)
. لَا يُكْثِرُ عَنْهُ إِلَّا مَنْ أَقَامَ عِنْدَهُ.
وَقَالَ الدُّبَيْثِيُّ: كَانَ صَالِحًا، كَثِيْرَ السَّمَاعِ، ثِقَةً، كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ كَثِيْرًا، وَأَجَازَ لَنَا مِرَارًا.
وَقَالَ ابْنُ خَلِيْلٍ
(2)
: كَانَ حَافِظًا ثَبْتًا، كَثِيْرَ التَّصْنِيْفِ، مُتْقِنًا، خُتِمَ بِهِ عِلْمَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ حَافِظًا، مُتْقِنًا، فَاضِلًا، عَالِمًا، وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، زَاهِدًا، عَابِدًا، صَدُوْقًا، ثِقَةً، نَبِيْلًا، عَلَى طَرِيْقَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، لَقِيْتُهُ بِـ "حَرَّانَ"، وَكَتَبْتُ عَنْهُ جُزْءًا وَاحِدًا، انْتَخَبْتُهُ مِنْ عَوَالِي مَسْمُوْعَاتِهِ فِي رِحْلَتِي الأُوْلَى.
وَقَالَ المُنْذِريُّ: جَمَعَ مَجَامِيْعَ مُفِيْدَةً، مِنْهَا: كِتَابُ "الأَرْبَعِيْنَ"
(3)
الَّذِي خَرَّجَهُ بِأَرْبَعِيْنَ إِسنَادًا، لَا يَتَكَرَّرُ فِيْهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، مِمَّا سَمِعَهُ فِي أَرْبَعِيْنَ مَدِيْنَةً، وَهُوَ كَبِيْرٌ فِي مُجَلَّدَتَيْنِ، قَالَ: وَكَانَ حافِظًا،
(1)
فِي "تَارِيْخِ إِرْبِلِ" بِأَنَّهُ: "كَانَ فِي أَخْلَاقِهِ بعْضُ الشَّرَاسَةِ وَعِندَهُ شَيءٌ مِنْ كِبْرٍ".
(2)
معجم ابن خليل (ورقة: 117).
(3)
تُوجَدُ قِطْعَةٌ مِنهُ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ.
ثِقَةً، رَاغِبًا فِي الانْفِرَادِ عَنْ أَرْبَابِ الدُّنْيَا، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ صَالِحًا، مَهِيْبًا، زَاهِدًا، نَاسِكًا، خَشَنَ العَيْشِ، صَدُوْقًا، وَرِعًا.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: كَانَ رَجُلًا، وَرِعًا، صَالِحًا، مَهِيْبًا، لَهُ تَصَانِيْفَ فِي الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: مِنْ تَصَانِيْفِهِ: كِتَابُ "المَادِحِ وَالمَمْدُوْحِ" يَتَضَمَّنُ تَرْجَمَةَ شَيْخِ الإِسْلَامِ الأَنْصَارِيِّ، وَفَضَائِلَهُ، وَذَكَرَ مَنْ مَدَحَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالمَادِحِيْنَ لَهُ مِنْ تَرَاجِمِهِمْ وَحَدِيْثِهِمْ، وَكَذلِكَ مَادِحُو مَادِحِيْهِ، وَطَالَ الكِتَابُ بِذلِكَ، وَأَكْثَرُهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِشَيْخِ الإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى سَبِيْلِ الاسْتِطْرَادِ، وَإِنْ كَانَ فِي ذلِكَ فَوَائِدٌ. وَمِنْ مُصَنَّفَاتِهِ:"الأَرْبَعُوْنَ البُلْدَانِيَّةُ" المُتَبَايِنَةُ الأَسَانِيْدِ
(1)
وَلَمْ يَسْبِقْ إِلَى ذلِكَ وَلَا يَطْمَعُ أَحَدٌ فِي لِحَاقِهِ؛ لِخَرَابِ البُلْدَانِ، وَانْقِطَاعِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَكْثَرِ تِلْكَ البِلَادِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: وَلَهُ أَوْهَامٌ نَبَّهْتُ عَلَى مَوَاضِعَ مِنْهَا، فِي "الأَرْبَعِيْنَ" لَهُ، وَتَكَرَّرَ عَلَيْهِ فِي تَبَايُنِ الأَسَانِيْدِ أَرْبَعُ مَوَاضِعَ، وَقَدْ حَدَّثَ بِالكَثِيْرِ بِبِلَادٍ شَتَّى. حَدَّثَ بِـ "بَغْدَادَ" قَدِيْمًا، وَسَمِعَ مِنْهُ ابْنُ القَطِيْعِيِّ، وَتَمِيْمُ بْنُ البَنْدَنِيْجِيِّ، وَحَدَّثَ بِـ "الاِسْكَنْدَرِيَّةِ" فِي حَيَاةِ السِّلَفِيِّ
(2)
رحمه الله وَحَدَّثَ بِـ "المَوْصِلِ" وَ"إِرْبِلَ"، وَ"حَرَّانَ" وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الحُفَّاظِ الأَئِمَّةِ، مِنْهُمْ أَبُو عَمْرو
(3)
بْنُ الصَّلَاحِ، وَحَدَّثَ
(1)
لعَلَّهُ هُوَ السَّابِق الذِّكْر.
(2)
في (ط): "السَّامِري".
(3)
في (ط) و (أ): "عُمَرَ"، وهُوَ عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ عُثْمَانَ بنِ مُوْسَى الكُرْدِيُّ الشَّهْرَزوْرِيُّ المَوْصِلِيُّ، أَبُو عَمْرٍو المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الصَّلَاحِ" (ت: 643 هـ) الإِمَامُ، العَلَّامَةُ، المُحَدِّثُ =
عَنْهُ ابْنُ نُقْطَةَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البَرَدَانِيُّ، وَالضِّيَاءُ، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَالصَّرِيْفِيْنِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بْنُ ظفَرٍ
(1)
، وَالشِّهَابُ القُوْصِيُّ، وَابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمِ
(2)
الأَنْبَارِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ الصَّيْرَفِيِّ الفَقِيْهَانِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ الصَّيْقَلِ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ حَمْدَانَ الفَقِيْهُ، وَهُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ
(3)
.
تُوُفِّيَ رحمه الله يَوْمَ السَّبْتِ ثَانِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ".
نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الإِمَامِ أَبِي العَبَّاسِ بْنِ تَيْمِيَّةَ رحمه الله قَالَ: رَأَيْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ سِرَاجِ الدِّيْنِ بْنِ شُحَانَةَ
(4)
الحَرَّانِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا الفَتْحِ نَصْرَ اللهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بنِ عُمَرَ الفَرَّاءَ الحَرَّانِيَّ، يَقُوْلُ: رَأَيْتُ الحَافِظَ عَبْدَ القَادِرِ رحمه الله بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَيَّامِ قَلِيْلَةٍ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَسْجِدِ الشَّيْخِ، وَفِي يَدِهِ مُجَلَّدٌ، وَهُوَ يَسْمَعُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا شَيْخُ عَبْدَ القَادِرِ، مَا قَدْمِتَّ؟ قَالَ: بَلَى،
= المَشْهُوْرُ، صَاحِبُ "المُقَدِّمَةِ فِي عُلُوْمِ الحَدِيْثِ"، أَخْبَارُهُ فِي: وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (2/ 243)، وَتَذَكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1430)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 140)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (8/ 326)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 354)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 221).
(1)
في (ط): "خَلف".
(2)
في (ط): "بن سلمان".
(3)
أَحْمَدُ بنُ حَمْدَانَ بنِ شَبِيْبٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَرَّانِي (ت: 695 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. قَالَ هُنَاكَ: "وَسَمِعَ الكَثِيْرَ بِـ "حَرَّانَ" مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، وَهُوَ آخِرُ منْ رَوَى عَنْهُ".
(4)
في (ط)"شُجَانة" تَحْرِيْفٌ، وَهُوَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
وَتَحْسَبُ أَنِّي أُبْطِلُ السَّمَاعَ، فَلَا أَزَالُ أَسْمَعُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَخْبَرَنَا المُعَمَّرُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، (أَنَا) الفَقِيْهُ أَبُو زَكَرِّيَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الحَرَّانِيُّ - حُضُوْرًا - (أَنَا) الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الرُّهَاوِيُّ (أَنَا) نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ الهَرَوِيُّ (أَنَا) أَبُو عَامِرٍ مَحْمُوْدُ بنُ القَاسِمِ الأَزْدِيُّ (أَنَا) عَبْدُ الجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ (أَنَا) العَبَّاسُ المَحْيَوِيُّ (أَنَا) أَبُو عِيْسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيْسَى بْنِ سَوْرَةَ الحَافِظُ، (ثَنَا) هَنَّادٌ، وَقُتَيْبَةُ، وَمَحْمُوْدُ ابْنُ غَيْلَانَ، قَالُوا:(ثَنَا) وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ.
(ح)(قَالَ)(ثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، (ثَنَا) ابْنُ مَهْدِي، (ثَنَا) سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيْلٍ، عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
: "مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُوْرُ، وَتَحْرِيْمُهَا التَّكْبِيْرُ، وَتَحْلِيْلُهَا التَّسْلِيْمُ".
277 - عَبْدُ المُنْعِمُ بْنُ مُحَمَّدِ
(2)
بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ البَاجِسْرَائِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الفَقِيْهُ، أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ.
(1)
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي المُسْنَدِ (1/ 123، 129)، وَأُبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ رقم (61) في (الطَّهَارَةِ) بابُ "فَرض الوُضُوءِ"، وَالتِّرْمِذِيُّ رقم (3) في "الطَّهَارَة" وابنُ مَاجَه (275)، مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَهُوَ حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
277 - أَبُو مُحَمَّدٍ البَاجِسْرَائِيُّ: (549 - 612 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 182)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 112)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 336). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 176)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 335)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (112)، وَالشَّذَرَاتُ (5)(7/ 94).
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، أَوْ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "بَاجِسْرَا".
وَقَدِمَ "بَغْدَادَ" فِي صِبَاهُ، فَسَمِعَ مِنْ شُهْدَةَ وَغَيْرِهَا، وَقَرَأَ الفِقْهَ علَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَلَازَمَهُ حَتَّى بَرَعَ، وَقَرَأَ الأُصُوْلَ وَالخِلَافَ، وَالجَدَلَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَلِيِّ البوقَانِيِّ الشَّافِعِيِّ، وَصَحِبَ أَبَا إِسْحَقَ بْنَ الصَّقَّالِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَصَارَ مُعِيْدًا بِمَدْرَسَتِهِ، ثُمَّ دَرَّسَ بِمَسْجِدِ شَيْخِهِ ابْنِ المَنِّيِّ بِـ "المَأْمُوْنِيَّةِ" مُدَّةً، وَكَانَ يَؤُمُّ فِي الصَّلَاةِ بِـ "مَسْجدِ الآجُرَّةِ". وَشَهِدَ عنْدَ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي الفَضَائِلِ بْنِ الشَّهْرَزُوْرِيِّ
(1)
وَتَوَلَّى بِالدِّيْوَانِ وَكَانَتْ لَهُ حَلَقَةٌ بجَامِعِ القَصْرِ يَتَكَلَّمُ فِيْهَا فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَيَحْضُرُ عِنْدَهُ الفُقَهَاءُ، وَكَانَ فَقِيْهًا فَاضِلًا حَافِظًا لِلْمَذْهَبِ
(2)
، حَسَنَ الكَلَامِ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، مُتَدَيِّنًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ: سَمِعَ مَعَنَا أَخِيْرًا مِنْ مَشَايِخَنَا، فَأَكْثَرَ، وَكَانَ حَسَنَ الأَخْلَاقِ، مُتَوَدِّدًا، حَدَّثَ بِيَسِيْرٍ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِي أَنْ أَكْتُبَ عنْهُ شَيْئًا، رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الدُّبَيْثِيِّ.
وَقَالَ القَادِسِيُّ: كَانَ فَقِيْهًا، مُنَاظِرًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، لَهُ سَمْتٌ
(3)
وَوَقَارٌ وَعفَافٌ، مَعَ دِيْنٍ، نَاظَرَ، وَأَفْتَى، وَقَد رَوَى عَنْهُ ابْنُ السَّاعِيِّ بِالإِجَازَةِ، وَقَالَ:
(1)
القَاسِم بنُ يَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ (ت: 599 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (35)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (417)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكِيِّ (4/ 298، 7/ 272)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 35)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 342).
(2)
في "تَارِيْخِ ابنِ النَّجَّارِ": "حَافِظًا لِكِتَابِ اللهِ لِلْمَذْهَبِ"؟!.
(3)
فِي (ط): "سمة".
أَنْشَدَنِي هَذَيْنِ البَيتَيْنِ
(1)
:
إِذَا أَفَادَكَ إِنْسَانٌ بِفَائِدَةٍ
…
مِنَ العُلُوْمِ فَأَدْمِنْ شُكْرَهُ أَبَدًا
وَقُلْ فُلَانٌ جَزَاهُ اللهُ صَالِحَةً
…
أَفَادَنِيْهَا وَأَلْقِ الكِبْرَ وَالحَسَدَا
قَالَ: وَكَانَ دَيِّنًا، صَالِحًا، مُتَوَرِّعًا، مُتَحَفِّظًا
(2)
، فِي الطَّهَارَةِ.
تُوُفِّيَ رحمه الله يَوْمَ الاثْنَيْنِ، ثَامِنَ عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ الأَكْثَرُونَ: تُوُفِّيَ فِي سَابِعَ عَشَرَ الشَّهْرَ، وَقَالَ القَادِسِيُّ: صُلِّيَ عَلَيْهِ بِـ "بَابِ جَامِعِ المَدِيْنَةِ"، لاِمْتِنَاعِ الحَنَابِلَةِ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِـ "النِّظَامِيَّةِ"
(3)
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: وَ"بَاجِسْرَا" قَرْيَةٌ كَبِيْرَةٌ مِنْ نَواحِي "بَغْدَادَ"، بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا عَشَرَةُ فَرَاسِخُ، وَهِيَ بِفَتْحِ البَاءِ المُوَحَّدَةِ، وَبَعْدَ الأَلِفِ جِيْمٌ مَكْسُوْرَةٌ، وَسِيْنٌ مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ، وَرَاءٌ مَفْتُوْحَةٌ
(4)
، وَقَدْ وَقَعَ فِي ضَبْطِ الحَافِظِ عَبْدِ المُؤْمِنِ الدِّمْيَاطِيِّ بِفَتْحِ الجِيْمِ، فَإِنْ كَانَ فِيْهَا لُغَتَانِ، كَمَا فِي "جَسْرٍ" وَإِلَّا فَالمَعْرُوفُ الكَسْرُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
278 - عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ بُزْغُشَ
(5)
بْنِ عبْدِ اللهِ العِيَبِيُّ، المُقْرِئُ، البَغْدَادِيُّ،
(1)
عَنْ المُؤَلِّف فِي "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ"، وَ"المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
في (ط): "محتفظًا".
(3)
مِنْ مَدَارِسِ الشَّافِعِيَّةِ بِـ "بَغْدَادَ".
(4)
تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذِهِ النِّسْبَةِ فِي أَوَّلِ الكِتَابِ.
(5)
278 - عَبْدُ الوَهَّابِ العِيَبِيُّ (543 - 612 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 122)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 113)، وَمُخْتَصَرِهِ =
أبُو الفَتْحِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، خَتَنُ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْدِيْرًا، وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ الكَثِيْرَةِ عَلَى سَعْدِ اللهِ بْنِ الدَّجَاجِيِّ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ الصَّابُونِيِّ، وَأَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُنَيْفٍ
(1)
، وَعَلِيِّ بْنِ عَسَاكِرٍ البَطَائِحِيِّ وَإِسْمَاعِيْلَ بْنِ بَرَكَاتٍ الغَسَّانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ غَيْرِهِمْ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ: مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَار، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَقَرَأَ الخِلَافَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ حَسَنَ المَعْرِفَةِ بِالقُرْآنِ مُجَوِّدًا، مَلِيْحَ التِّلَاوَةِ، حَسَنَ الأَدَاءِ، طَيِّبَ النَّغْمَةِ، ضَابِطًا، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالوَعْظِ، يَتَكَلَّمُ فِي تَعَازِي الأَكَابِرِ،
= "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 337). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ (373)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (1/ 329)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 352)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 59)، وَمَعْرِفَةُ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 602)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (112)، وَالمُشْتَبَهُ (2/ 443)، وَالتَّوْضِيْحُ (6/ 162، 7/ 230، 9/ 212)، وَغَايَةُ النِّهَايَةُ (1/ 478)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 51)(7/ 95).
362 -
وفِي "التَّوضِيْحِ" لابنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ: قَالَ: "وَابْنَتُهُ: أَمَةُ الوَهَّابِ، سَمِعَتْ عَبْدَ اللهِ بنَ مَمْتِيْسٍ السَّرَّاجَ، قُلْتُ: ذَكَرْتُهَا مَعَ أَبِيْهَا فِي حَرْفِ اليَاءِ آخِرِ الحُرُوْفِ". وَقَالَ هُنَاكَ: ". . . وَاسْمُهَا حُرَّةُ بِضَمِّ الحَاءِ المُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ الرَّاءِ المُشَدَّدَةِ، يَلِيْهَا هَاءٌ، أَجَازَتْ مِن "بَغْدَادَ" لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَشْيَاخِ شُيُوْخِنَا" وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهَا. وَأَمَةُ الوَهَّابِ حُرَّةُ هَذِهِ لَمْ يَذْكُرْهَا المُؤَلِّفُ فَهِيَ مُسْتَدْرَكَةٌ عَلَيْهِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(1)
في (ط): "سَيف".
وَيُحسِنُ الكَلَامَ فِي مسَائِلِ الخِلَافِ، وَكَانَ يُصَلِّي إِمَامًا فِي المَسْجِدِ الجَدِيْدِ بِـ "سُوقِ الخَبَّازِيْنَ" عِنْدَ عَقْدِ الحَدِيْدِ
(1)
.
قُلتُ: وَيُعْرَفُ المَسْجِدُ بِـ "مَسْجِدِ قُطَيْنَةِ" لأَنَّ عَبْدَ الوَهَّابِ - هَذَا - كَانَ يُلَقَّبُ قُطَيْنَةَ
(2)
؛ لِبَيَاضِهِ، فَنُسِبَ المَسْجِدُ إِلَيْهِ.
قالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، مُتَدَيِّنًا، فَقِيْرًا، صَبُوْرًا، وَزَمِنَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَانْقَطَعَ فِي بَيْتِهِ مُدَّةً.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: هُوَ ثِقَةٌ، لَكِنَّهُ أَخْرَجَ أَحَادِيْثَ مِمَّا قَرُبَ سَنَدُهُ، وَلَا يَعْرِفُ الرِّجَالَ، فَرُبَّمَا أَسْقَطَ مِنَ الإِسْنَادِ رَجُلَانِ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ لَا يَدْرِي
(3)
.
وَقَالَ القَادِسِيُّ: كَانَ قَارِئًا، مُجَوِّدًا، مَلِيْحَ الصَّوْتِ، حَسَنَ الأَدَاءِ، وَاعِظًا، شَاعِرًا، فَقِيْهًا، لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِإِنْشَاءِ الخُطَبِ، وَنَظَمَ فِي القُرْآنِ أَرَاجِيْزَ كَثِيرَةً، وَقَدْ قَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الخَمِيْسِ خَامِسَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ مُحْيِي الدِّيْنِ بْنِ الجَوْزِيِّ بِمَدْرَسَتِهِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(1)
في (ط): "الجَديد".
(2)
فِي نُزْهَةِ الأَلْبَابِ فِي الأَلْقَابِ للحَافِظِ ابْنِ حَجرٍ (2/ 95) قَالَ: (قُطَيْنَةُ) - بِالتَّصغِيْرِ - هُوَ عَبْدُ الوَهَّابِ بن بُزْغُشٍ البَغْدَادِيُّ. . .".
(3)
جَاءَ فِي "التَّوْضِيْحِ": "وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ "جُزْءًا" مِمَّا قَرُبَ سَنَدُهُ، فَوَهِمَ فِي رِجَالٍ سَقَطَتْ بَعْضُ الأَسَانِيْدِ، وَقَرَأَهَا عَلَيْهِ مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِذلِكَ، وَمِمَّنْ سَمِعَ هَذَا الجُزْءَ مِنْهُ أَبُو الشُّكْرِ مَحْمُوْدُ بنُ شَعْبَانَ بنِ مَحْمُوْدٍ المُقْرِئُ، وَصَالِحُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَحْمَدَ المَلَطِيُّ. . .".
وَ"بُزْغُشِ" بِالبَاءِ المُوَحَدَّةِ المَضْمُوْمَةِ، وَبِالزَّايِ، وَالغَيْنِ، والشِّيْنِ المُعْجَمَاتِ وَ"العِيَبِيُّ" بِكَسْرِ العَيْنِ المُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ اليَاءِ آخِرِ الحُرُوْفِ، وَكَسْرِ البَاءِ المُوَحَّدَةِ، وَنُسِبَ كَذلِكَ؛ لأَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَحْمِلُ "العِيَبَ" الَّتِي فِيْهَا كُتُبُ الرَّسَائِلِ؛ لأَنَّهُ كَانَ "فَيْجَا" أَيْ: سَاعِيًا قَالَهُ المُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ
(1)
.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الشَّيْبَانِيُّ
(2)
بِـ "بَغْدَادَ"(أنَا) أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ البَزَّارُ (أَنَا) عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ بُزْغُشٍ - كِتَابَةً - (أَنَا) أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (أَنَا) أَبُو مَنْصُوْرٍ المُقَوّمِيُّ (أَنَا) أَبُو القَاسِمِ بْنُ المُنْذِرِ (ثَنَا) عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ سَلَمَةَ، (ثَنَا) ابْنُ مَاجَهْ (ثَنَا) عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ (ثَنَا) وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوْقٍ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيْقِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:
(3)
"خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى
(1)
الفَيْجُ: رَسُوْلُ السُّلْطَان عَلَى رِجْلَيْهِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَقِيْلَ: هُوَ الَّذِي يَسْعَى بِالكُتُبِ. يُرَاجَعُ: المُعَرَّبُ للجَوَالِيْقِيِّ (291)، وَقَصْدُ السَّبيْلِ (2/ 348)، وَشفَاءُ الغَلِيْل للخَفَاجِي (199).
(2)
تقدَّمَ ذكره مِرَارًا.
(3)
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ رقم: (3836)، في (الدُّعَاءِ) بَاب "دُعَاءِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم"، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ، وَالجُمْلَةُ الأُوْلَى مِنَ الحَدِيْثِ:"لَا تَفْعَلُوا كَمَا تَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا" صَحِيْحَةٌ، لَهَا شَاهِدٌ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ رضي الله عنه عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي الكُبْرَى رَقَم (535)، و (1123)، وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ رَقَم (1240)، بِلَفْظِ:"إِنْ كِدْتُمْ أَنْ تَفْعَلُوا فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّوْم يَقُوْمُوْنَ عَلَى مُلُوْكِهِمْ وَهُمْ قُعُوْدٌ، فَلَا تَفْعَلُوا" عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (612 هـ):
363 -
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَبُو القَاسِمِ بنِ الأَبْرَادِيِّ، التَّاجِرُ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ في التكملة (2/ 324)، وَقَالَ:"وَوَالِدُهُ مُحَمَّدٌ تَفَقَّهَ عَلى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنه عَلَى أَبِي الوَفَاءِ عَلِيِّ بْنِ عَقِيْلٍ، وَسَمِعَ مِنْه وَمِنْ غَيرِهِ وَحَدَّثَ، وَجَدَّهُ أَبُو البَرَكَاتِ أَحْمَدَ، سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَحَدَّثَ"، وَذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِـ "دِمَشْقَ" وَنَقَلَ عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ أَنَّهُ:"كَانَ شَيْخًا، مُتَيَقِّظًا". وَيُرَاجَعُ: المُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 211)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (95)، وَالتَّوْضِيْحُ (1/ 130).
أَقُولُ - وعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ: (554 هـ) كَمَا ذَكَرَ جَدَّهُ أَبَا البَرَكَاتِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (531 هـ).
364 -
وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ، كَمَالُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ، أَخُو الحَافِظِ الضِّيَاءِ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (106)، عَنْ أَخِيْهِ الضِّيَاءِ وَنَسَبَهُ:"الحَنْبَلِي" وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَم السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّة (375)، ويَظْهَرُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ كَهْلًا؛ لِأنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ:(572 هـ)، وَذَكَرَ أَخْبَارَهُ. وَزَوْجَتُهُ: فَاطِمَةُ بِنْتُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِّي. وَاشْتُهِرَ ابْنَاهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ شَمْسُ الدِّينِ (ت: 688 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ كَمَالُ الدِّيْنِ (ت؟)، لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (181).
365 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الفَرَجِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ، أَبُو نَصْرٍ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ أَخِي نَصْرٍ" العُكْبَرِيُّ الأَصْلِ البَغْدَادِيُّ الدَّبَّاسُ، ذكَرَ المُؤَلِّفُ جَدَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ (ت: 473 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ هُنَاكَ "عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ"؟! لكِنَّهُ فِي مَصَادِرِ التَّرجَمَةِ "عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ". أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 327)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (1/ 61)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 61).
366 -
وَعَلِيُّ بنُ فَضَائِلِ بْنِ عَلِيٍّ التَّكْرِيْتِيُّ، ثُمَّ الأَزَجِيُّ، المَلَّاحُ، أَخُو تَاجِ النِّسَاءِ بِنْتِ فَضَائِلٍ الآتِي اسْتِدْرَاكُهَا فِي وَفَيَاتِ السَّنَةِ التَّالِيَة (613 هـ)، وَتَاجُ النِّسَاءِ هَذِهِ هِي زَوْجَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ، وَالِدَةُ القَاضِي أَبِي صَالِحٍ نَصْرٍ. وَعَلِيُّ هَذَا حَدَّثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَبِي حَامِدٍ عَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ عَلِيٍّ البَيِّعِ، وَرَوَى عَنْهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ،
عَصًا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ قُمْنَا، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا، قُلْنَا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! لَوْ دَعَوْتَ اللهَ لَنَا؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، وَارْضَ عَنَّا، وَتَقَبَّلْ مِنَّا، وَأَدْخِلْنَا الجَنَّةَ، وَنَجِّنَا مِنَ النَّارِ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ، فَكَأَنَّنَا أَحْبَبْنَا أَنْ يَزِيْدَنَا، فَقَالَ: أَوَلَيْسَ قَدْ جَمَعْتُ لَكُمُ الأَمْرَ؟ ".
= وَالدُّبَيْثِيُّ وَالزَّكِيُّ البِرْزَالِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. أخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 329)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 133). وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ.
367 -
وَمَرِيَمُ بِنْتُ أَبِي بكْرِ بْنِ عبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ المَقْدِسِيِّ، امْرَأَةُ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ بنِ قُدَامَةَ، أُمِّ ابْنِهِ عِيْسَى، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: كَانَتْ خَيِّرَةً، صَالِحَةً، رَوَتْ بِالإِجَازَةِ عَنْ يَحْيَى بنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ، وَروَى عَنْهَا الضِّيَاءُ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنُ، أَخْبَارُهَا فِي تَارِيخ الإِسلام (127) عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ.
368 -
وَمَسْعُوْدُ بْنُ يَاقُوْتَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَبُو الخَيْرِ، عَتِيْقُ ابْنِ بَكْرُوْسٍ الحَمَّامِيُّ. قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ:"سَمِعَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، وَحَدَّثَ" وَابْنُ بَكْرُوْسٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ المُبَارَكِ، حَنْبَلِيٌّ (ت: 573 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ مَسْعُوْدٍ فِي التَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 334). وَتَقدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ يَاقُوْتِ بنِ عَبْدِ اللهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (602 هـ).
وَلَعَلَّ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
- عَبْدَ المَلِكِ بْنَ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الغَنَائِمِ البَرَدَانِيَّ، ثُمَّ البَغْدَادِيَّ، سَمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ البَطِّيِّ، وَحَدَّثَ رَوَى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ. أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَياتِ النَّقَلَةِ (2/ 350)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 390)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (111)، وَالمُخْتصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 36).
وَيُذْكَرُ هُنَا:
- حَامِدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدِ بنِ حَامِدٍ الأَرْتَاحِيُّ: ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَةِ وَلَدِهِ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ (ت: 659 هـ) نَذْكُرُ أَخْبَارَهُ وَمَصَادِرَ تَرْجَمَتِهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
279 - إِبْرَاهِيْمُ بْنُ عَلِيِّ
(1)
بْنِ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ، أَبُو إِسْحَقَ، أَخُو الفَخْرِ إِسْمَاعِيْلَ غُلَامِ بْنِ المَنِّيِّ.
سَمِعَ الحَدِيْثَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَخِيْهِ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَكَانَ فَقِيْهًا صَالِحًا، تُوُفِّيَ ثَانِي عَشَرَ رَبِيْعَ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ عِنْدَ أَخِيْهِ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، رضي الله عنه.
280 - إِسْمَاعِيْلَ بْنُ عُمَرَ
(2)
بنِ أَبِي بَكْرٍ المَقْدِسِيُّ، أَبُو إِسْحَقَ، وَأَبُو القَاسِمِ، وَأَبُو الفَضْلِ، وَيُلَقَّبُ "مُحِبُّ الدِّيْنِ".
سَمِعَ بِـ "دِمَشقَ" مِنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَبِـ "مِصْرَ" مِنْ البُوْصِيْرِيِّ، وَالحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَبِـ "بَغْدَادَ" مِنِ ابْنِ الأَخْضَرِ وَطَبَقَتِهِ، وَبِـ "أَصْبَهَانَ" مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ مَكِّيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الجَابِيِّ
(3)
، وَطَبَقَتِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ الرُّسْتُمِيِّ، وَمَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَتْ رِحْلَتُهُ مَعَ الضِّيَاءِ بَعْدَ
(1)
279 - أَخُو غُلَامِ بْنِ المَنِّيِّ: (؟ - 613 هـ):
أخْبَارُهُ فِي: المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 114)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 337). وَيُرَاجَعُ: شَذَرَاتُ الذَّهَبِ (7/ 99)، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ"، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ أَخِيْهِ الفَخْرِ إِسْمَاعِيْلَ (ت: 610 هـ).
(2)
280 - مُحِبُّ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ (؟ - 613 هـ):
أخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 271)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 115)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 337). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 385)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (139)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 54)، (7/ 99)، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (220) وَسَيَأْتِي اسْتِدرَاك أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ
…
(ت: 616 هـ).
(3)
في (ط): "الجاني".
السِّتِّمَائَةَ، وَعُنِي بِالحَدِيْثِ، وَقَرَأَ، وَوَصَفَهُ جَمَاعَةٌ بِـ "الحَافِظِ" وَتَفَقَّهَ، وَحَدَّثَ. وَتُوُفِّيَ فِي ثَامِنَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَأَظُنُّهُ كَانَ شَابًّا.
281 - مُحَمَّدُ بْن عَبْدِ الغَنِّيِّ
(1)
بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُوْرٍ المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحَافِظُ، أَبُو الفَتْحِ بنِ الحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَيُلَقَّبُ "عِزُّ الدِّيْنِ".
وُلِدَ فِي أَحَدِ الرَّبِيْعَيْنِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "دِمَشْقَ" وَأَسْمَعَهُ
(1)
281 - عِزُّ الدِّيْنِ بْنُ الحَافِظِ: (566 - 613 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 446)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 115)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 337). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 91)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 385)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (99)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (1/ 314)، وَالعِبَرُ (5/ 47)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (165)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (188)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (252)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1041)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 42)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (320)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 82)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 28)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 74)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (5/ 1/ 218)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 266)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 218)، وَطَبَقَاتُ الحُفَّاظِ (495)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (568)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 56)، (7/ 104).
وَاشْتُهِرَ لَهُ مِنَ الأَوْلَادِ: (أَحْمَدُ)، وَ (إِبْرَاهِيْمُ)، وَ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ)، وَ (عَبْدُ الغَنِّي)، وَ (مُحَمَّدٌ)، وَ (عَبْدُ اللهِ). تَرْجَمَ المُؤَلِّفُ رحمه الله لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 661 هـ) وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ إِبْرَاهِيْمَ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (622 هـ).
وَأَمَّا أَحْفَادُهُ فَلِأحْمَدَ: (عَبْدُ اللهِ) وَ (مُحَمَّدٍ). وَلإِبْرَاهِيْمَ: (مُحَمَّدٌ). وَلِعَبْدِ الرَّحمَنِ: (مُحَمَّدٌ) وَ (أَحمَدَ) و (خَدِيْجَةُ). وَمِنْ حَفِيْدَاتِهِ: سِتُّ العَرَبِ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ العزِّ مُحَمَّدٍ (ت: 722 هـ) نَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
بِهَا وَالِدُهُ فِي صِغَرِهِ مِنْ أَبِي المَعَالِي بْنِ صَابِرٍ، وَالخَضِرِ بْنِ طَاوُوْسَ، وَأبِي المَجْدِ البَانِيَاسِيِّ، وَارْتَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" سَنَةَ ثَمَانِيْنَ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلَ، وَنَصْرِ اللهِ القَزَّازِ وَغَيْرِهِمَا، وَارْتَحَلَ إِلَى "أَصْبَهَانَ" بَعْدَ التِّسْعِيْنَ، فَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي الفَتْحِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاغِدِيِّ، وَمَسْعُوْدٍ الحَمَّالِ، وَأَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ وَطَبَقَتِهِمْ، وَعَادَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً يَسْمَعُ مِنْ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ وَطَبَقَتِهِ، وَقَرَأَ بِهَا "مُسْنَدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ"، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ فِي المَرَّةِ الأُوْلَى، وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَبِي البَقَاءِ
(1)
مِنَ الفِقْهِ وَاللُّغَةِ، وَسَمِعَ بِـ "مِصْرَ" مِنْ أَبِي القَاسمِ البُوصَيْرِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَمِعْنَا مَعَهُ، وَبِقِرَاءَتِهِ كَثِيْرًا، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا، وَحَصَّلَ كَثِيْرًا مِنَ الأُصُولِ شِرَاءً، وَاسْتَنْسَخَ كَثِيْرًا مِنَ الكُتُبِ وَالأَجْزَاءِ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيْثًا وَاحِدًا، فِي مَجْلِسِ شَيْخِنَا أَبِي أَحْمَدَ الأَمِيْنِ - يَعْنِي ابْنَ سُكَيْنَةَ -
(2)
وَهُوَ الَّذِي سَأَلَ عَنْهُ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، حَافِظًا لِلْحَدِيْثِ مَتْنًا وَإِسْنَادًا، عَارِفًا بِمَعَانِيْهِ وَغَرِيْبِهِ، وَمُشْكِلِهِ، مُتْقِنًا لأَسَامِي المُحَدِّثِيْنَ، وَكُنَاهُمْ، وَمِقْدَارِ أَعْمَارِهِمْ، وَمَا قِيْلَ فِيْهِمْ مِنْ جَرْحٍ وَتَعْدِيْلٍ، وَمَعْرِفَةِ أَنْسَابِهِمْ، وَاخْتِلَافِ أَسْمَائِهِمْ، مَعَ ثِقَةٍ، وَعَدَالَةٍ، وَصِدْقٍ، وَأَمَانَةٍ، وَحُسْنِ طَرِيْقَةٍ، وَدِيَانَةٍ، وَجَمِيْلِ سِيْرَةٍ، وَرِضَى أَخْلَاقٍ، وَتَوَدُّدٍ وَكَيَسٍ، وَمُرُوْءَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَتَعَمُّدٍ لِقَضَاءِ حُقُوْقِ الإِخْوَانِ، وَمُسَاعَدَةِ الغُرَبَاءِ.
(1)
عَبْدُ اللهِ بْنُ الحُسَيْنِ العُكْبُرِيُّ (ت: 616 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: - كَانَ رحمه الله حَافِظًا، فَقِيْهًا، ذَا فُنُوْنٍ، وَكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ قِرَاءَةً، وَأَسْرَعَهُمْ، وَكَانَ غَزِيْرَ الدَّمْعَةِ عِنْدَ القِرَاءَةِ، وَكَانَ مُتْقِنًا، ثِقَةً، سَمْحًا، جَوَادًا، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ كَلَامًا حَسَنًا، وَكَانَ يَقْرَأُ الحَدِيْثَ لِلْنَّاسِ كُلَّ لَيْلَةِ جُمْعَةٍ فِي مَسْجِدِ دَارِ البَطِّيْخِ
(1)
بِـ "دِمَشْقَ" قَالَ الذَّهَبِيُّ: يَعْنِي "مَسْجِدَ السَّلَّالِيْنَ" وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِمُجَالَسَتِهِ، ثُمَّ انْتَقَلَ مِن الجَامِعِ إِلَى مَوْضِعِ وَالِدِهِ، فَكَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَوَصَفَهُ بِالمُرُوْءَةِ التَّامَّةِ، وَالدِّيَانَةِ المَتِيْنَةِ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: صَحِبَ المَلِكَ المُعَظَّمَ عِيْسَى، وَسَمِعَ بِقِرَاءَتِهِ الكَثِيْرَ، وَكَانَ حَافِظًا، دَيِّنًا، زَاهِدًا، وَرِعًا.
قُلْتُ: وَخَرَّجَ تَخَارِيْجَ، كَـ "الأَمالِي"، وَجَدْتُ مِنْهَا: الجُزْءَ التَّاسِعَ وَالأَرْبَعِيْنَ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ: تَقِيُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ، وَعِزُّ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ، وَالشِّهَابُ القُوْصِيُّ
(2)
، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَرَ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَآخَرُونَ.
تُوُفِّيَ رحمه الله لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ تَاسِعَ عَشَرَ، وَقِيْلَ: العِشْرِيْنَ - مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَستِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِسَفْحِ جَبَلِ "قَاسِيُوْنَ"
(3)
، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(1)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(2)
في (ط): "القومي". وَإِنَّمَا هُوَ القُوْصِيُّ، تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ مِرَارًا.
(3)
في (ط): "قايسون".
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُنَّا نَقْرَأُ عنْدَهُ لَيْلَةَ مَاتَ، فَرَأَيْتُ نُوْرًا عَلَى بَطْنِهِ مِثْلَ السِّرَاجِ فَكُنْتُ أَقُوْلُ: تُرَى يَرَاهُ أَحَدٌ غَيْرِي أَمْ لَا؟ ذَكَرَهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَذَكَرَ لَهُ مَنَامَاتٍ صَالِحَةً مُتَعَدِّدَةً، مِنْهَا: عَنْ مَسْعُوْدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ شُكْرٍ أَنَّهُ رَآهُ بَعْدَ مَوْتهِ فِي المَنَامِ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ البَدْرُ، وَقَالَ الرَّائِي: مَا رَأَيْتُ فِي الدُّنْيَا أَحَدًا عَلَى صُوْرَتِهِ، وَلَهُ شَعْرٌ بَائِنٌ، مِنْ تَحْتِ عِمَامَتِهِ، لَمْ أَرَ شَعْرًا مِثْلَ سَوَادِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عِزَّ الدِّيْنِ، كَيْفَ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَرَآهُ آخَرُ، فَقَالَ لَهُ: بِاللهِ عَلَيْكَ، مَاذَا لَقِيْتَ مِنْ رَبِّكَ؟ قَالَ: كُلَّ خَيْرٍ جَمِيْلٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ
(1)
: رَأَيْتُهُ - يَعْنِي العِزَّ - فِي المَنَامِ فَقَالَ لِي: جاءَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَضَى لِي كُلَّ حَاجَةٍ، وَمَنَامَاتُ أُخَرُ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيُّ
(2)
(أَنَا) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (أَنَا) أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ - (أَنَا) أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بْنُ أَحْمَدُ بْنِ الحَسَنِ الحَدَّادُ المُقْرِئُ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ - (أَنَا) الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمدَ بْنِ إِسْحَقَ الأَصْبَهَانِيُّ. (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ
(1)
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ رَاجِحٍ المَقْدِسِيُّ (ت: 638 هـ)، مِنْ أُسْرَةٍ حَنْبَلِيَّةٍ مَشْهُوْرَةٍ، لكِنَّهُ تَحَوَّلَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ أَبيهِ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ (ت: 618 هـ) وَقَدْ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَبْنَاءُ أَحْمَدَ وَأَحْفَادُهُ بَقُوا عَلَى حَنْبَلِيَّتِهِمْ.
(2)
يَظْهَرُ أَنَّه هُوَ المَعْرُوْفُ بِـ "صَلَاحِ الدِّيْنِ بنِ أَبِي عُمَرَ"(ت: 780 هـ). أَخْبَارُهُ في: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 363)، وَالجَوْهَرِ المُنَضَّدِ (130)، وَالسُّحُبِ الوَابِلَةِ (2/ 831).
ابْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ (أَنَا) بِشْرُ بنُ يُونُسَ بْنِ حَبِيْبِ بْنِ عَبْدِ القَاهِرِ العِجْلِيُّ، (ثَنَا) أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ (ثَنَا) شُعْبَةُ، عَنْ قتادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ
(1)
: "رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِيْنَ جُزْءًا مِنَ النُبُوَّةِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُثَنَّى، وَابْنِ بَشَّارٍ، كِلَاهُمَا عَنْ غُنْدُرٍ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.
282 - أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ
(2)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ،
(1)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ (12/ 330)، فِي (التَّعْبِيْرِ)، بَابُ "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِيْنَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ"، وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ رَقم (2264)، في (الرُّؤيَا)، وَالتِّرْمِذِيُّ رقم (2272)، وَأَبُو دَاوُدَ رقم (5018) فِي (الأَدَبِ)، بَابُ "مَا جَاءَ فِي الرُّؤْيَا" كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ التِّرْمِذِيُّ:"وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي رَزِيْنِ العُقَيْلِيِّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بْن عَمْرِو بنِ عَوْفِ بن مَالِكٍ، ابْن عُمر". عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
282 - شَرَفُ الدِّينِ المَقْدِسِيُّ: (573 - 613 هـ).
أخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 123)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 117)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 338). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 388)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (133)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 175)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (458)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 54)(7/ 100)، مِنْ "آلِ قُدَامَةَ المَقَادِسَةِ" وَوَالِدُهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ (ت: 575 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي اسْتِدْرَكِنَا، وَوَالِدُهُ هَذَا أَخُو الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ أحمَدَ، وَالفَقِيْهِ المَشْهُورِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ عَبْدُ الله بنُ أَحْمَدَ، وَهُمَا أَخَوَاهُ لأَبِيْهِ.
وَلَهُ وَلَدَانِ؛ هُمَا: أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ (ت: 687) وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد (ت:؟).
369 -
وَحَفِيْدَتُهُ: زَيْنَبُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ: ذَكَرَهَا الفَاسِيُّ فِي ذَيْلِ التَّقْيِيْدِ =
الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الفَرَجِ بْنِ كُلَيْبٍ وَغَيْرِهِ، وَحَدَّثَ، وَكَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، ثِقَةً، عَالِمًا، دَيِّنًا، جَمَعَ اللهُ لَهُ بَيْنَ حُسْنِ الخَلْقِ وَالخُلُقِ وَالدِّيْنِ، وَالأَمَانَةِ وَالمُرُوْءَةِ، وَقَضَاءِ حَوَائِجِ الإِخْوَانِ، وَالكَرَمِ، وَالإِحْسَانِ لِلْضُّعَفَاءِ وَالمَرْضَى، وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ، وَالتَّهَجُّدِ، وَكَانَ يَقُوْلُ الحَقَّ وَلَا يُحَابِي أَحَدًا.
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ رَابِعَ عَشْرَ ذِي القَعْدَةَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ، بِـ "سَفْحِ قَاسِيُوْنَ" وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ حَسَنَةٌ جِدًّا، وَرَثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ هَؤُلَاءِ، الثَّلَاثَةُ الأَخْيَارُ المَقْدِسيُّوْنَ: المُحِبُّ، وَالعِزُّ، وَالشَّرَفُ فِي مُدَّةٍ مُتَقَارِبَةٍ رَثَاهُمْ شيْخُ الإِسْلَامِ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ بِقَوْلِهِ:
(1)
= (2/ 371). وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهَا. وَمِنْ حَفِيْدَاتِهِ: فَاطِمَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ (ت: 732 هـ) لَمْ يَذْكُرْهَا المُؤَلِّفُ، نَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعَيْهَا مِنَ الِاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَلَهُ أَحْفَادٌ غَيْرُ هَؤُلَاءِ.
(1)
القَصِيْدَةُ فِي تَرْجَمَةِ (المُوَفَّقِ بْنِ قُدَامَةِ)، كَمَا أَنَّهَا فِي عُقُوْدِ الجُمَان (3/ 165)(المَطبُوع)، وَهِيَ فِي تَاريخ الإسلام (134)، فِي تَرْجَمَةِ (شَرَفِ الدِّيْنِ) وَعَنِ المُؤَلِّفِ فِي المَنْهَجِ الأَحمَدَ. وَزَادَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ": وَقَالَ الصَّلَاحُ مُوْسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ:
عَزَّ العَزَاءُ وَبَانَ الصَّبْرُ وَالجَلَدُ
…
لَمَّا نَأَتْ دَارُ مَنْ تَهْوَى وَقَدْ بَعِدُوا
وَالعَيْنُ وَاللهِ هَذَا وَقْتُ عَبْرَتِهَا
…
فَإِنَّ أَحْبَابَهَا كَانُوا وَقَدْ فُقِدُوا
سَارُوا وَمَا وَدَّعُوْنِي يَوْمَ بَيْنِهِمُ
…
يَا لَيْتَهُمْ لِغَرَامِي بَعْدَهُمْ شَهِدُوا
أَبْكِيْهُمُ بِدُمُوْعٍ قَدْ بَخِلْتُ بِهَا
…
عَلَى سِوَاهُمْ فَقَدْ أَوْدَى بِيَ الكَمَدُ
قَالَ: وَمِنْهَا: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَأَنْتَ يَا شَرَفٌ لِلدِّيْنِ لَيْسَ لَنَا
…
مِنْ بَعْدِكَ اليَوْمَ لَا جَمْعٌ وَلَا عَدَدٌ
قَدْ كُنْتَ وَاسِطَةَ العِقْدِ الَّذِي انْتَظَمَتْ
…
بِهِ المَعَالِيَ إِنْ حَلُّوا وَإِنْ عَقَدُوا
قَدْ كُنْتَ ذَا خَشْيَةٍ للهِ مُتَّقِيًا
…
تَقُوْمُ بِاللَّيْلِ وَالنُّوَامُ قَدْ رَقَدُوا
يُسْتَدْرَكُ عَلى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (613 هـ).
370 -
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّمِيْنِ، أَبُو المَعَالِي، جَاءَ فِي المُخْتَصَرِ المُحْتَاج إليه (1/ 188)، "مِنْ أَوْلَادِ المُحَدِّثِيْنَ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ السَّدْنَكَ كَتَبْنَا عَنْهُ" ذَكَرَ المُؤَلِّفُ عَمَّهُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ أَحْمَدَ (ت: 588 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، وَاسْتَدْرَكْتُ جَدَّهُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ (ت: 549 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
371 -
وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُبَارَكِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الجَوْدِ الكَاغِدِيُّ، أَبُو العَبَّاسِ، سَمِعَ أَبَا الوَقْتِ، وَأَحمَدَ بْنَ الطَّلَّايَةِ، وَكَانَ خَالَ أَبِيْهِ، رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِيُّ وَغَيْرُهُ، وَ (ابْنُ الطَّلَّايَةِ) حَنْبَلِيٌّ مَشْهُوْرٌ (ت: 548 هـ). ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ الكَاغِدِيِّ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 365)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 200)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (136)، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَهُوَ أَخُو المُبَارَكِ شَيْخِ الأَبْرَقُوْهِيِّ". وَالمُبَارَكُ في مُعْجَمِ الأَبْرَقُوْهِيِّ (ورقة: 119) وَذَكَرَ وَفَاتَهُ سَنَةَ (623 هـ)، نَذْكُرْهُ فِي الاسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
372 -
أَسْعَدُ بْنُ هِبَةِ اللهِ بْنِ وَهْبَانَ الحَدِيْثِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، البُزُوْرِيُّ، رَوَى عَنْ أَبِي الوَقْتِ، وَرَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِيُّ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْييد (215)، وَالتَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 380)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 252)، تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَخِيْهِ النَّفِيْسِ بْنِ هِبَةِ اللهِ (ت: 599 هـ) فِي الِاسْتِدْراكِ عَلَى وَفَيَاتِهَا. وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابْنَ أَخِيْهِ عَبْدَ الرَّحِيْمِ بنَ النَّفِيْسِ (ت: 618 هـ) في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَاسْتَدْرَكْتُ أَخَاهُ عَبْدَ العَزِيْزِ (ت: 622 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
373 -
وَتَاجُ النِّسَاءِ بِنْتُ فَضَائلِ بْنِ عَلِيٍّ التَكْرِيْتِيِّ، تَرْوِي عَنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ، وَهِيَ زَوْجَةُ ابْنِهِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَالِدَةُ القَاضِي أَبِي صَالِحٍ نَصْرٍ (ت: 633 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ
مَاتَ المُحِبُّ وَمَاتَ العِزُّ وَالشَّرَفُ
…
أَئِمَّةٌ سَادَةٌ مَا مِنْهُمُ خَلَفُ
كَانُوا أَئِمَّةَ عِلْمٍ يُسْتَضَاءُ بِهِمْ
…
لَهْفِي عَلَى فَقْدِهِمْ لَوْ يَنْفَعُ اللَّهَفُ
مَا وَدَّعُوْنِي غَدَاةَ البَيْنِ إِذْ رَحَلُوا
…
بَلْ أَوْدَعُوا قَلْبِيَ الأَحْزَانَ وَانْصَرَفُوا
شَيَّعْتُهُمْ وَدُمُوْعُ العَيْنِ وَاكِفَةٌ
…
لِبَيْنِهِمْ وَفُؤَادِي حَشْوُهُ أَسَفُ
أُكَفْكِفُ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنِي فَيَغْلِبُنِي
…
وَأُحْضِرُ الصَّبْرَ فِي قَلْبِي فَلَا يَقِفُ
وَقُلْتُ رُدُّوا سَلَامِي أَوْ قِفُوا نَفَسًا
…
رِفْقًا بِقَلْبِي فَمَا رَدُّوا وَلَا وَقَفُوا
وَلَمْ يَعُوْجُوا علَى صَبٍّ بِهِمْ دَنِفٍ
…
يُخْشَى عَلَيْهِ لِمَا قَدْ مَسَّهُ التَّلَفُ
أَحْبَابَ قَلْبِيَ مَا هَذَا بِعَادَتِكُمْ
…
مَا كُنْتُ أَعْهَدُ هَذَا مِنْكَ يَا شَرَفُ
بَلْ كُنْتَ تُعْظِمُ تَبْجِيْلِي وَمَنْزِلَتِي
…
وَكُنْتَ تُكْرِمُنِي فَوْقَ الَّذِي أَصِفُ
وَكُنْتَ عَوْنًا لَنَا فِي كُلِّ نَازِلَةٍ
…
تَظَلُّ أَحْشَاؤُنَا مِنْ هَمِّهَا تَجِفُ
= أَخِيْهَا عَلِيِّ بنِ فَضَائِلٍ فِي السَّنَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا. أَخْبَارُهَا فِي التَّكْمِلَة لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 270)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (139).
374 -
وَشُجَاعُ بنُ مُفَرِّجُ بْنِ قُصَّةَ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ، الجَبَلِيُّ، مِنْ أَهْلِ جَبَلِ "قَاسِيُونَ" سَمِعَ مِنْ أَبِي المَعَالِي بْنِ صَابِرٍ وَغَيْرِهِ، وَرَوى عَنْهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَالفَخْرُ عَلِيٌّ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ (2/ 387)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (148).
375 -
وَضَوْءُ الصَّبَاحِ: اسْمُهَا لَامِعَةُ، وَقِيْلَ: نُوْرُ العَيْنِ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ المُبَارَكِ بنِ كَامِلٍ الخَفَّافِ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهَا المُبَارَكَ بْنَ كَامِلٍ (ت: 543 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَهْلِ بَيْتِهَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ وَالِدِهَا. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ لِلمُنْذِرِيِّ (2/ 381)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (150).
وَكُنْتَ تَرْعَى حُقُوْقَ النَّاسِ كُلِّهِمُ
…
مَنْ كُنْتَ تَعْرِفُ أَوْ مَنْ لَسْتَ تَعْتَرِفُ
وَكَانَ جُوْدُكَ مَبْذُوْلًا لِطَالِبِهِ
…
جُنْحَ اللَّيَالِي إِذَا مَا أَظْلَمَ السُّدَفُ
وَلِلْغَرِيْبِ الَّذِي قَدْ مَسَّهُ سَغَبٌ
…
وَلِلْمَرِيْضِ الَّذِي أَشْفَى بِهِ الدَّنَفُ
وَكُنْتَ عَوْنًا لِمِسْكِيْنٍ وَأَرْمَلَةٍ
…
وَطَالِبٍ حَاجَةً قَدْ جَاءَ يَلْتَهِفُ
283 - إِبْرَاهِيْمُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
(1)
بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورٍ المَقْدِسِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الفَقِيهُ، الزَّاهِدُ، الوَرِعُ، العَابِدُ، الشَّيْخُ، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو إسْحَقَ، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ،
(1)
283 - العِمَادُ المَقْدِسِيُّ (543 - 614 هـ).
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 226)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 119)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 339). وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 586)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 413)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (104)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (2/ 9)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 47)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (182)، وَالعِبَرُ (5/ 49)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (252)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (321)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 231)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 29)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 49)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 77)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 220)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (5/ 1/ 223)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (459)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 53)(7/ 105)، تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت: 600 هـ). وَابْنُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ: قَاضِي الدِّيَار المِصْرِيَّة، المَشْهُوْرُ بِـ "ابْنِ العِمَادِ" (ت: 676 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَابْنَتُهُ: خَدِيْجَةُ بِنْتُ إِبْرَاهِيْمَ: لَهَا ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (289). وَنَقَلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ قَوْلَهُ: "تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ، وَاحِدَة بَعْدَ وَاحِدَةٍ، مِنْهُنَّ خَدِيْجَةُ بِنْتُ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، وَآخِرُهُنَّ عَزِيَّةُ بِنْتُ عبْدِ البَاقِي بن عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ القَاضِي شَمْسَ الدِّيْنِ مُحَمَّدًا، قَاضِيَ "مِصْرَ" وَالعِمَادَ أَحْمَدَ بْنِ العِمَادِ".
أَخُو الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِّيِّ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وُلِدَ بِـ "جَمَّاعِيْلَ" سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَخِي الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَتَيْنِ. وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَهَاجَرَ إِلَى "دِمَشْقَ" مَعَ جَمَاعَتِهِمْ سَنَةَ إِحدَى وَخَمْسِيْنَ؛ لِاسْتِيْلَاءِ الفَرَنْجِ عَلَى أَرْضِهِمْ، وَقَرَأَ القُرْآنَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي المَكَارِمِ بْنِ هِلَالٍ، وَعَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ عَلِيِّ الخِرَقِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَحَفِظَ "غَرِيْبَ القُرْآنِ" العَزِيْزِيِّ
(1)
، وَ"مُخْتَصَرَ الخِرَقِيِّ" فِي الفِقْهِ، ورَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" مَرَّتَيْنِ، أَوْلَاهُمَا مَعَ الشَّيْخِ المُوفِّقِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، فَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ البَطَائِحِيِّ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الخَشَّابِ، وَصَالِحِ بْنِ الرِّخْلَةِ
(2)
وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، والشَّيْخِ عَبْدِ المُغِيْثِ الحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ بِـ "المَوْصِلِ" مِنْ خَطِيْبِهَا أَبِي الفَضْلِ الطُّوْسِيِّ، وَتَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" عَلَى أَبِي الفَتْح بْنِ المَنِّيِّ، حَتَّى بَرَعَ، وَنَاظَرَ، وَأَفْتَى، وَرَجَعَ إِلَى "دِمَشْقَ"، وَأَقْبَلَ علَى إِشْغَالِ النَّاسِ وَنَفْعِهِمْ.
قَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ - فِي حَقِّ العِمَادِ، لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ -: كَانَ مِنْ خِيَارِ
(1)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ: "العَزِيْزِيُّ" وَصَوَابُهَا: "العُزَيْرِيُّ"، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْرٍ السِّجْسَتَانِيُّ (ت: 330 هـ) كَذَا قَيَّدَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي المُشْتَبَهِ (459). وَيُرَاجَعُ: التَّوْضِيْح لابْنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ (6/ 270) وَكِتَابُهُ هَذَا مُخْتَصَرٌ مُفِيْدٌ فِي غَرِيْبِ القُرْآنِ، مَشْهُورٌ عِنْدَ العُلَمَاءِ، يَحْفَظُهُ الشُّدَاةُ مِنْ طَلَبَةِ العِلْمِ فِي المَشْرِق وَبِلَادِ المَغْرِبِ وَالأَنْدَلُسِ عَلَى السَّوَاءِ، وَلا يَزَالُ إِلَى اليَوْمِ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَيُطْبَعُ فِي هَوَامِشِ بَعْضِ طَبَعَاتِ المَصَاحِفِ.
(2)
في (ط): "الرَّحْلَة" وَإِنَّمَا هُوَ بِالخَاءِ المُعْجَمَةِ وَهُوَ مَشْهُوْرٌ مُتَرْجَمٌ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (20/ 540) وَغَيْرِهِ.
أَصْحَابِنَا، وَأَعْظَمِهِمْ نَفْعًا، وَأَشَدِّهِمْ وَرَعًا، وَأَكْثَرِهِمْ صَبْرًا عَلَى تَعْلِيْمِ القُرْآنِ وَالفِقْهِ، وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى السُّنَّةِ، وَتَعْلِيمِ العِلْمِ وَالدِّيْنِ، وَكَانَ يُقْرِئُ الضُّعَفَاءِ الفُقرَاءِ، وَيُطْعِمُهُمْ وَيَبْذُلُ لَهُمْ نَفْسَهُ، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ تَوَاضُعًا، وَاحْتِقَارًا لِنَفْسِهِ، وَخوْفًا مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَمَا أَعْلَمُ أَنَّنِي رَأَيْتُ أَشَدَّ خَوْفًا مِنْهُ، وَكَانَ كَثِيْرَ الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ للهِ تَعَالَى، وَكَانَ يُطيْلُ الرُّكُوْعَ والسُّجُوْدِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَقْصُدُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ يَعْذِلُهُ فِي ذلِكَ، وَنُقِلَتْ لَهُ كَرَامَاتٌ كَثِيْرَةٌ.
وَقَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: كَانَ عَالِمًا بِالقُرْآنِ، وَالنَّحْوِ، وَالفَرَائِضِ، وَغَيْرِ ذلِكَ مِنْ العُلُوْمِ، وَصَنَّفَ كِتَابَ "الفُرُوْقِ فِي المَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ" وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي "الأَحْكَامِ" لكِنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ، وَكَانَ مَلِيْحًا، وَكَانَ مِنْ كَثْرَةِ إِشْغَالِهِ وَاشْتِغَالِهِ لَا يَتَفَرَّغُ لِلْتَّصْنِيْفِ وَالكِتَابَةِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّيْخَ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ يَقُوْلُ: مَا نَقْدِرُ نَعْمَلُ مِثْلَ العِمَادِ رحمه الله كَانَ يَتَأَلَّفُ النَّاسَ وَيُقْرِؤُهُمْ، حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا رَدَّدَ علَى إِنْسَانٍ كَلِمَاتٍ يَسِيْرَةٍ مِنْ سَحَرَ إِلَى الفَجْرِ.
وَقَال الضِّيَاءِ: كَانَ رحمه الله يَتَأَلَّفُ النَّاسَ، وَيَلْطَفُ بِالغُرَبَاءِ وَالمَسَاكِيْنِ، حَتَّى صَارَ مِنْ تَلَامِيْذِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَكْرَادِ وَالعَرَبِ وَالعَجَمِ، وَكَانَ يَتَفَقَّدُهُمْ، وَيَسْأَلُ عَنْهُمْ، وَعَنْ حَالِهمْ، وَلَقَدْ صَحِبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَنْوَاعِ المَذَاهِبِ، فَرَجَعُوا عَنْ مَذَاهِبِهِمْ لِمَا شَاهَدُوا مِنْهُ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُوْنَ عَنْهُ، وَيَذْكُرُوْنَ لَنَا مِنْ كَرَامَاتِهِ، وَكَرَمِهِ، وَحُسْنِ عِشْرَتِهِ، وَكَانَ سَخِيًّا، جَوَادًا، كَثِيْرَ المَعْرُوْفِ، حَتَّى كَانَ بَيْتُهُ مَأْوَى للنَّاسِ، وَكَانَ يَنْصَرِفُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى بَيْتِهِ مِنَ الفُقَرَاءِ
جَمَاعَةٌ كَثِيْرَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَيُقَدِّمُ إِلَيْهِمْ مَا حَضَرَ.
قَالَ: وَكَانَ لَا يَكَادُ يَفْتُرُ مِنَ الِاشْتِغَالِ؛ إِمَّا بِالقُرْآنِ، أَوْ الحَدِيْثِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنَ العُلُوْمِ وَأَقَامَ بِـ "حَرَّانَ" مُدَّةً، وَانْتَفَعُوا بِهِ، وَكَانَ يَشْتَغِلُ بِـ "الجَبَلِ" إِذَا كَانَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ بِالمَدِيْنَةِ، فَإِذَا صَعَدَ المُوَفَّقُ "الجَبَلَ" نَزَلَ هُوَ فَاشْتَغَلَ بِالمَدِيْنَةِ، وَكَانَ يَقْعُدُ فِي جَامِعِ "دِمَشْقَ" مِنَ الفَجْرِ إِلَى العِشَاءِ، لَا يَخْرُجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، يُقْرِئُ النَّاسَ القُرْآنَ وَالعِلْمَ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ مَنْ يَشْتَغِلُ عَلَيْهِ اشْتَغَلَ بِالصَّلَاةِ، وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى السُّنَّةِ وَتَعْلِيْمِ العِلْمَ وَالدِّيْنِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَصْحَابِ.
قَالَ: وَمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي شَيءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَلَا تَعَرَّضَ لَهَا، وَلَا نَافَسَ فِيْهَا، وَقَدْ يُفْتَحُ لأَصْحَابِنَا بَعْضَ الأَوْقَاتِ بِشَيءٍ مِنَ الدُّنْيَا، فَمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَهُمْ يَوْمًا قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ، وَمَا عَلِمْتُ أَنَّهُ دَخَلَ يَوْمًا إِلَى سُلْطَانٍ وَلَا إِلَى وَالٍ، وَلَا تَعَرَّفَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا كَانَتْ لَهُ رَغْبَةٌ فِي ذلِكَ. قَالَ: وَكَانَ مُحَافِظًا علَى الصِّدْقِ وَالوَرَعِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ: كَيْفَ وَلَدُكَ؟ فَقَالَ: يُقَبِّلُ يَدَكَ، فَقَالَ: لَا تَكْذِبُ، وَكَانَ كَثِيْرَ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، لَا يَرَى أَحَدًا يُسِيْءُ صَلَاتَهُ إِلَّا قَالَ لَهُ وَعَلَّمَهُ، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أنَّهُ خَرَجَ مَرَّةً إِلَى قَوْمٍ مِنَ الفُسَّاقِ فَكَسَرَ مَا مَعَهُمْ فَضَرَبُوْهُ، وَنَالُوا مِنْهُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَأَرَادَ الوَالِي ضَرْبَ الَّذِيْنَ نَالُوا مِنْهُ، فَقَالَ: إِنْ تَابُوا وَلَزِمُوا الصَّلَاةَ فَلَا تُؤْذِهِمْ، وَهُمْ فِي حِلِّ مِنْ قِبَلِي، فَتَابُوا وَرَجَعُوا عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ.
قَالَ: وَرَأَيْتُهُ رُبَّمَا يَكُوْنُ فِي مَسْجِدٍ، فَإِذَا أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ شَعْرَةً، أَوْ
مِنْ أَنْفِهِ شَيْئًا جَعَلَ ذلِكَ فِي عِمَامَتِهِ، وَرُبَّمَا بَرَى قَلَمًا فَيَتَحَفَّظُ مِنَ القُلَامَةِ، وَلَا يَدَعَهَا فِي المَسْجِدِ، وَكَانَ إِذَا أَفْتَى فِي مَسْأَلَةٍ يَتَحَرَّزُ فِيْهَا احْتِرَازًا كَثِيْرًا، حَتَّى كَانَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ يَتَعَجَّبُ مِنْ فَتَاوِيْهِ، وَكَثْرَةِ احْتِرَازِهِ فِيْهَا، وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُوْلُ: كَانَ يَكُوْنُ عَلَى ثَوْبِهِ غُبَارٌ، فَيَقُولُ لِي: اذْهَبْ فَانْفُضْهُ خَارِجَ المَسْجِدِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هِبَةِ اللهِ الدِّمَشْقِيَّ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ عَبْدَ اللهِ البَطَائِحِيَّ رحمه الله يَقُوْلُ: أَشْكَلَتْ عَلَيَّ مَسْأَلَةً فِي الوَرَعِ، فَمَا وَجَدْتُ مَنْ أَفتَانِي فِيْهَا إِلَّا العِمَادَ - وَكَانَ رحمه الله لَا يَرَى أَنْ يُخْرَجَ الحَصِيْرُ مِنَ المَسْجِدِ لِيُجْلَسَ عَلَيْهَا خَارِجَ المَسْجِدِ، وَالحَصِيْرُ الَّتِي لِلْمِحْرَابِ لَا يُجْلَسُ عَلَيْهَا خَارِجَ المِحْرَابِ.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي المَجْدِ الحَرْبِيَّ
(1)
يَقُوْلُ: كَانَ الشَّيْخُ العِمَادُ عِنْدَنَا بِـ "الحَرْبِيَّةِ" - يَعْنِي بِـ "بَغْدَادَ" - وَكَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَلَمْ يُسَمِّ، خَرَجَ فَسَمَّى ثُمَّ دَخَلَ، وَسَمِعْتُ مِنْ شَيْخِنَا وَإِمَامِنَا مُوَفَّقِ الدِّيْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيَّ، يَقُوْلُ: عُمْرِي أَعْرِفُهُ - يَعْنِي الشَّيْخَ العِمَادَ - وَكَانَ بَيْتُنَا قَرِيْبًا مِنْ بَيْتِهِمْ - يَعْنِي فِي أَرْضِ المَقْدِسِ - وَلَمَّا جِئْنَا إِلَى هُنَا، فَمَا افْتَرَقْنَا إِلَّا أَنْ يُسَافِرَ أَحَدُنَا، مَا عَرَفْتُ أَنَّهُ عَصَى اللهَ مَعْصِيَةً.
وَسَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا إِبْرَاهِيْمَ مَحَاسِنَ بْنَ عَبْدَ المَلِكِ التَّنُوْخِي
(2)
يَقُوْلُ: كَانَ الشَّيْخُ العِمَادُ جَوْهَرَةَ العَصْرِ، وَذلِكَ أَنَّ وَاحِدًا يُصَاحِبُ شَخْصًا مُدَّةً
(1)
لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ.
(2)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
رُبَّمَا تَغَيَّرَ عَلَيْهِ، وكَانَ الشَّيْخُ العِمَادُ مَنْ صَاحَبَهُ لَا يَرَى مِنْهُ شَيْئًا يَكْرَهُهُ قَطُّ، كُلَّمَا طَالَتْ صُحْبَتُهُ ازْدَادَ بِشْرُهُ، وَرَأَى مِنْهُ مَا يَسُرُّهُ، وَهَذَا شَيءٌ عَظِيْمٌ، وَلَيْسَ يَكُوْنُ كَرَامَةً أَعْظَمَ مِنْ هَذَا.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَلَعَلَّهُ مَا قَعَدَ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلَّا حَصَلَ لَهُ مَنْفَعَةٌ فِي العِلْمِ وَالزُّهْدِ، أَوِ اقْتِبَاسِ شَيْءٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ أَوْ أَوْرَادِهِ، وَغَيْرِ ذلِكَ، وَكَانَ يَذُمُّ نَفْسَهُ ذَمًّا كَثِيْرًا، وَيَحْقِرُهَا وَيَقُوْلُ: أَيْشٍ يَجِيْءُ مِنِّي أَنَا؟ وَكَانَ كَثِيْرَ التَّوَاضُعِ.
سَمِعْتُ الشَّيْخَ مُوَفَّقَ الدِّيْنِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مَنِ اجْتَمَعَ فِيْهِ مِن خِلَالِ كَانَتْ فِي الشَّيْخِ العِمَادِ كَانَ أَكْثَرَ ذَمًّا لِنَفْسِهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ حَضَرَتْ عِنْدَهُ مَرَّةً، وَقَدْ أَخَذَتْهُ الرِّيْحُ، وَكَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الكَلَامِ فَوَقَفْتُ، فَلَمَّا قَدَرَ عَلَى الكَلَامِ شَرَعَ فِي ذَمِّ نَفْسِهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ فَسَادَ قَلْبِي، وَجَعَلَ يَنُوْحُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَا كَذَا، أَنَا كَذَا حَتَّى أَبْكَانِي.
وَسَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا عَبْدِ اللهِ يُوسُفَ بْنَ عَبْدِ المُنْعِمِ بْنِ نِعْمَةَ المَقْدِسِيَّ
(1)
يَقُولُ: كُنْتُ أَكْتُبُ طَبَقَاتِ السَّمَاعِ علَى الشَّيْخِ العِمَادِ، فَكنْتُ أَكْتُبُ: الشَّيْخُ، الإمَامُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، الوَرِعُ، فَخَاصَمَنِي عَلَى ذلِكَ خُصُوْمَةً كَثِيْرَةً. ثُمَّ ذَكَرَ الضِّيَاءُ مِنْ كَرَمِهِ وَحُسْنِ عِشْرَتِهِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ كَانَتْ تَكُونُ لَهُ الحَاجَةُ إِلَيْهِ فَيَمْضِيَ إِلَى بَيْتِهِ فَيُقِيْمَ عِنْدَهُ اليَوْمَ وَاليَوْمَيْنِ، قَالَ: وَمَا رَأَيْتُهُ يَشْكِي مِنْ ذلِكَ شَيْئًا، قَالَ: وَمَا أَظُنُّ أَنِّي دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَطُّ، إِلَّا عَرَضَ علَيَّ الطَّعَامَ.
قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ هَذَا دَأْبَهُ، مِنْ وَقْتِ مَا عَقَلْنَا، وَكَانَ يَتَفَقَّدُ النَّاسَ، وَيَسْأَلُ
(1)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (638 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
عَنْ أَحْوَالِهِمْ كَثِيْرًا، وَرُبَّمَا بَعَثَ إِلَى النَّاسِ نَفَقَةً سِرًّا.
وَذَكَرَ عِدَّةَ حِكَايَاتٍ عَنْهُ، مِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَابَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِهِ أَرْسَلَ إِلَى بَيْتِهِ النَّفَقَةَ وَغَيْرَهَا، وَرُبَّمَا جَاءَ بِنَفْسِهِ إِلَيْهِمْ، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يُرْسِلُ إِلَيْهِ يَشْتَرِي لَهُ حَاجَةً، فَرُبَّمَا زَادَ علَى ثَمَنِهَا مِنْ عِنْدِهِ، وَلَا يُعْلِمُهُ بِذلِكَ، وَكَانَ يَلْقَى النَّاسَ بِالبِشْرِ الدَّائِمِ.
قَالَ: وسَمِعْتُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: رُبَّمَا كُنَّا نُؤْذِيْهِ فَمَا يَغْضَبُ عَلَيْنَا، وَيَقُوْلُ: الذَّنْبُ لِي، وَأَنَّهُ كَانَ يَدْعُو لِمَنْ ظَلَمَهُ وَيَحْسِنُ إِلَيْهِ.
قَالَ: وَلَقَدْ كَانَ أَعَارَ دَارَهُ الَّتِي فِي "الدَّيْرِ" لاِبْنِ أَخِيْهِ عِزِّ الدِّيْنِ أَبِي الفَتْحِ
(1)
مُدَّةً يَسْكُنُ فِيْهَا، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَى سُكْنَاهَا قَطُّ، وَتَرَكَهَا لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرَهَا. قَالَ: وَكَانَ مِنْ إِكْرَامِهِ لأَصْحَابِهِ وَمَعارِفِهِ يَظُنُّ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ مَا عِنْدَهُ مِثْلَهُ، مِنْ كَثْرَةِ مَا يَأْخُذُ بِقَلْبِهِ وَيُكْرِمُهُ.
وَلَقَدْ سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ المُحْسِنِ بِنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ المِصْرِيَّ
(2)
، يَقُوْلُ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ القَابِلَانِ مِنْ "مَنْبِجَ"، جَاءَ إِلَى الشَّيْخِ العِمَادِ، فَمَرِضَ، فَكَانَ يَقْعُدُ عِنْدَ رَأْسِهِ بِاللَّيْلِ، وَيَقْرَأُ وِرْدَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ.
وَسَمِعْتُ عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الدَّائِمِ المِصْرِيَّ الكِنَانِيَّ
(3)
يَقُوْلُ: كُنَّا يَوْمًا نَمْشِي مَعَ الشَّيْخِ العِمَادِ إِلَى دَعْوَةٍ فَلَقِيَ فِي السُّوْقِ رَجُلًا أَعْمَى يَسْأَلُ،
(1)
هُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت: 613 هـ) تَقَدَّم ذِكْرُهُ.
(2)
لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ.
(3)
لم أقف عَلَى أَخْبارهِ أَيْضًا.
فَقَالَ: يَا فُلَانُ: تَعَالَ مَعَنَا قَالَ: فَاسْتَحْيَى الضَّرِيْرُ كَثِيْرًا مِنْ أَجْلِ سُؤَالِهِ، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْنَا إِلَى البَيْتِ انْبَسَطَ الشَّيْخُ مَعَ الضَّرِيْرُ، وَقَالَ: يَا فُلَانُ، كُلُّنَا سُؤَّالٌ، وَمَا زَالَ يَقُوْلُ لَهُ حَتَّى زَالَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الحَيَاءِ.
قَالَ: وَكَانَ رُبَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى أَحَدِنَا وَنَصَحَهُ وَحَرَّضَهُ عَلَى فِعْلِ الخَيْرِ وَالِاشْتِغَالِ، حَتَّى كَانَ قَلْبُ الشَّخْصِ يَطِيْرُ مِنْ كَثْرَةِ دُخُوْلِ كَلَامِهِ فِي القَلْبِ.
قَالَ: وَأَوْصَانِي وَقْتَ سَفَرِي، فَقَالَ: أَكْثِرْ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنَ، وَلَا تتْرُكُهُ فَإِنَّهُ يَتَيَسَّرُ لَكَ الَّذِي تَطْلُبُهُ عَلَى قَدْرِ مَا تَقْرَأُ، قَالَ: فَرَأَيْتُ ذلِكَ وَجَرَّبْتُهُ كَثِيْرًا، فَكُنْتُ إِذَا قَرَأْتُ كَثِيْرًا تَيَسَّرَ لِي مِنْ سَمَاعِ الحَدِيْثِ وَكِتَابَتِه الكَثِيرَ، وَإِذَا لَمْ أَقْرَأْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لِي.
قَالَ: وَكَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ المَكْتُوْبَةِ، تَفَلَ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَاستَعَاذَ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ، وَكَبَّرَ تَكْبِيْرَةً يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِذلِكَ، ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ، قَالَ: فَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَحْسَنَ صَلَاةً مِنْهُ، وَلَا أَتَمَّ مِنْهَا بِخُشُوعٍ وَخُضُوْعٍ، وَحُسْنِ قِيَامٍ وَقُعُوْدٍ وَرُكُوْعٍ، وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ لَهُ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ بِالتَّخْفِيْفِ، وَقَالَ لِمُعَاذٍ
(1)
: "أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟ " فَلَا يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِمْ،
(1)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 162 - 164)، فِي (صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)، بَابُ "إِذَا طَوَّلَ الإِمَامُ، وَكَانَ للرَّجُلِ حَاجَةٌ فَخَرَجَ وَصَلَّى"، وَبَابُ "مَا إِذَا شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ"، وَبَابُ "مَا إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا"، وَمُسْلِمٌ رَقم (465) فِي (الصَّلَاةِ) بَابُ "القِرَاءَةِ فِي العِشَاءِ"، وَأَبُو دَاوُدَ رقم (790) فِي (الصَّلَاةِ)، بَابٌ "فِي تَخْفِيف الصَّلَاةِ"، والنَّسَائِيُّ فِي المُجْتَبى (2/ 97، 98) فِي (الإِقَامَة)، بَابُ "خُرُوْجِ الرَّجُلِ مِنْ صَلَاةِ الإِمَامِ وَفَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ"، مِنْ حَدِيْثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رضي الله عنهما. عَنْ هَامشِ "المَنْهَج الأَحْمَد".
وَيَسْتَدِلُّ عَلَيْهِمْ بِأَحَادِيْثَ أُخَرَ مِنْهَا
(1)
: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَكُوْنُ فِي الرَّكْعَةِ الأُوْلَى حَتَّى يَمْضِي أَحَدُنَا إِلَى البَقِيعِ، وَيَقْضِي حَاجَتَهُ، وَيَأْتِي وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرْكَعْ، وَقَوْلُ أَنَسٍ:
(2)
"لَمْ أَرَ أَحَدًا أَشْبَهُ صَلَاةً بِرَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا الفَتَى - يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيْزِ رضي الله عنه قَالَ الرَّاوِي: فَحَزَرْنَا فِي رُكُوْعِهِ وَسُجُوْدِهِ عَشْرَ تَسْبِيْحَاتٍ" وَبِحَدِيْثِ
(3)
"كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوْعِ انْتَصَبَ قَائِمًا حَتَّى يَقُوْلُ القَائِلُ: قَدْ نَسِيَ".
قَالَ: وَقِيْلَ عَنْ شَيْخِنَا: إِنَّهُ كَانَ يُسَبِّحُ عَشْرًا، يَتَأَنَّى فِي ذلِكَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنَ طَرْخَانَ
(4)
، يَقُوْلُ: كُنَّا نُصَلِّي يَوْمًا خَلْفَ الشَّيْخِ العِمَادِ، وَإِلَى جَانِبِي رَجُلٌ كَأَنَّهُ كَانَ مُسْتَعْجِلًا، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الصَّلَاةِ، حَلَفَ لَا صَلَّيْتُ خَلْفَهُ أَبَدًا، وَذَكَرَ حَدِيْثَ مُعَاذٍ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَحْفَظُ
(1)
رَوَاهُ مُسْلِمٌ رَقم (454) فِي (الصَّلَاةِ)، بَابُ "القِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ". وَالنَّسَائِيُّ فِي المُجْتَبى (2/ 164)، فِي (الافْتِتَاحِ)، بَابُ "تَطْوِيْلِ القِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الأُوْلَى"، مِنْ حَدِيْثِ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه. عَنْ هَامِش "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (2/ 225)، فِي (صِفَةِ السُّجُوْدِ)، بَابُ "عَدَدِ التَّسْبِيْحِ فِي السُّجُوْدِ" مِنْ حَدِيْثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(3)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (2/ 249)، فِي (صِفَةِ الصَّلَاةِ)، بَابُ "المُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ"، وَ"بَابُ الاطْمِئْنَانِ حِيْنَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ"، وَمُسْلِمٌ رَقم (472) فِي (الصَّلَاةِ) بَابُ "اعْتِدَالِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ"، وَأَبُو دَاوُدَ رقم (583) فِي (الصَّلَاةِ)، بَابُ "طُوْلِ القِيَامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ"، مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(4)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (637 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
إِلَّا هَذَا؟! وَرَوَيْتُ لَهُ الأَخْبَارَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي تَطْوِيْلِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ إِنِّي قَعَدْتُ عِنْدَ الشَّيْخِ العِمَادِ، وَحَكَيْتُ لَهُ، وَقُلْتُ لَهُ: أَنَا أُحِبُّكَ، وَأَشْتَهِي أَنْ لَا يُقَالُ فِيْكَ شَيءٌ، فَلَوْ خَفَّفْتَ؟ فَقَالَ: لَعَلَّهُمْ يَسْتَرِيْحُوْنَ مِنِّي وَمَنْ صَلَاتِي قَرِيْبًا، يَا سُبْحَانَ اللهِ! الوَاحِدُ مِنْهُمْ لَوْ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ سُلْطَانٍ طُوْلَ النَّهَارِ مَا ضَجِرَ، وَإِذَا وَقَفَ أَحَدُهُمْ بَيْنَ يَدَيَّ رَبِّهِ سَاعَةً ضَجِرَ.
قَالَ: وَكَانَ يَقْضِي صَلَوَاتٍ، فَرُبَمَّا قَضَى فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ صَلَوَاتِ أَيَّامٍ عَدِيْدَةٍ حَتَّى كَانَ بَعْضُ مَنْ يَحْكِي يَقُوْلُ: رُبَّمَا قَضَى الشَّيْخُ فِي عُمُرِهِ صَلَاةَ كَذَا وَكَذَا، مَائَةَ سَنَةٍ، وَقَالَ رحمه الله: فَاتَتْنِي صَلَاةُ العَصْرِ، وَكُنْتُ قَبْلَ أَنْ أَبْلُغَ، وَقَدْ أَعَدْتُهَا مَائَةَ مَرَّةٍ، وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أُعِيْدُهَا أَيْضًا.
قُلْتُ: الكَلَامُ فِي هَذَا: هَلْ مَشْرُوعٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: وَكَانَ يَصُوْمُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، قَالَ: وَكَانَ كَثِيْرَ الدُّعَاءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، قَالَ: وَكَانَ إِذَا دَعَا كَأَنَّ القَلْبَ يَشْهَدُ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ مِنْ كَثْرَةِ ابْتِهَالِهِ وَإِخْلَاصِهِ، وَكَانَ إِذَا شَرَعَ فِي الدُّعَاءِ لَا يَكَادُ يَقْطَعُهُ، وَلَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُهُ وَجيْرَانُهُ، فَيَدَعُو وَهُمْ حَاضِرُوْنَ، وَيَسْتَبْشِرُونَ بِذلِكَ، وَكَانَ يُفْتَحُ عَلَيْهِ مِنَ الأَدْعِيَةِ شَيءٌ ما سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِهِ قَطُّ، وَرُبَّمَا بَكَى بَعْضُ الحَاضِرِيْنَ عِنْدَ دُعَائِهِ، وَذَكَرَ مِنْ تَوَخِّيْهِ أَوْقَاتَ الإِجَابَةِ وَأَمَاكِنَهَا، وَيُوَاظِبُ عَلَى الدُّعَاءِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ بِمَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ مِنْ "بَابِ الصَّغِيْرِ" وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا الدُّعَاءِ، أَوْ أَسْرَعَ إِجَابَةً مِنْهُ، يَا أَللهُ يَا أَللهُ، أَنْتَ اللهُ، بَلَى وَاللهِ، أَنْتَ اللهُ، لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، اللهُ اللهُ اللهُ، وَاللهِ إِنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ.
وَكَانَ يُكْثِرُ فِي دُعَائِهِ مِنْ قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلَنَا صَالِحًا، وَاجْعَلْهُ لِوَجْهِكَ الكَرِيْمِ خَالِصًا، وَلَا تَجْعَلْ لأَحَدٍ فِيْهِ شَيْئًا، اللَّهُمَّ وَخَلِّصْنِي مِنْ مَظَالِمِ نَفْسِي، وَمَظَالِمِ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ المَوْتِ، وَلَا تُمِتْنِي وَلأَحَدٍ عَلَيَّ مَظْلَمَةٌ يَطْلُبُنِي بِهَا بَعْدَ المَوْتِ، وَإِذَا قَضَيْتَ بِالمَوْتِ - وَلَا بُدَّ مِنَ المَوْتِ - فَاجْعَلْهُ عَلَى تَوْبَةٍ نَصُوْحٍ - بَعْدَ الخَلَاصِ مِنْ مَظَالِمِ نَفْسِي، وَمَظَالِمِ العِبَادِ - قَتْلًا فِي سَبِيْلِكَ عَلَى سُنَّتِكَ، وَسُنَّةِ رَسُوْلِكَ صلى الله عليه وسلم، شَهَادَةً يَغْبِطُنِي بِهَا الأَوَّلُوْنَ وَالآخِرُوْنَ، وَاجْعَلْ النُّقْلَةَ إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَمُسْتَرَاحٍ فِي جَنَّاتِ النَّعِيْمِ، وَلَا تَجْعَلْهَا إِلَى نُزُلٍ مِنْ حَمِيْمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيْمٍ.
وَمِنْ دُعَائِهِ: أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الكَرِيْمِ، وَوَجْهِكَ المُنِيْرِ، وَمُلْكِكَ القَدِيْمِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَرْزُقَنِي رِضْوَانَكَ الأَكْبَرَ، وَالفِرْدَوْسَ الأَعْلَى، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهِمَا مِنْ قَوْلٍ وَعمَلٍ وَنِيَّةٍ، وَالخَاتِمَةَ بِأَفْضَلِ خَاتِمَةٍ تَخْتِمُ بِهَا لِعِبَادِكَ الصَّالِحِيْنَ، وَالعِلْمَ وَالعَمَلَ بِهِ، وَالحِلْمَ وَالحُكْمَ، وَالفِهْمَ، وَالحِفْظَ، وَالغِنَى عَنِ النَّاسِ، وَزَوالَ الوِسْوَاسِ، وَالشُّبُهَاتِ وَالنَّجَاسَاتِ، وَالدَّيْنِ وَالحَاجَةِ إِلَى النَّاسِ، وَالتَزَيُّنِ بِمَا يَشِيْنُنِي عِنْدَكَ، اللَّهُمَّ طَهِّرْ أَلْسِنَتَنَا مِنَ الكَذِبِ، وَالغِيْبَةِ، وَالنَّمِيْمَةِ، وَقُلُوبَنَا مِنَ النِّفَاقِ، والغِلِّ، وَالغِشِّ، وَالحَسدِ، وَالكِبَرِ، وَالعُجْبِ، وَأَعْمَالِنَا مِنَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَبُطُونَنَا مِنَ الحَرَامِ وَالشُّبْهَةِ، وَأَعْيُنَنَا مِنَ الخِيَانَةِ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُوْرُ، فِي دُعَاءٍ كَثِيْرٍ.
وَذَكَرَ جمْلَةً مِنْ كَرَامَاتِهِ وَكَلَامِهِ عَلَى الخَوَاطِرِ وَالمُغَيَّباتِ
(1)
، فَذَكَرَ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي خَلْفَ الشَّيْخِ العِمَادِ فِي السُّوْقِ الكَبِيْرِ، فَإِذَا صَوْتُ طُنْبُورٍ
(2)
، فَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى عِنْدِ صَاحِبِهِ قَالَ الشَّيْخُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيْمِ، وَنَفَضَ كُمَّهُ، فَرَأَيْتُ صَاحِبَ الطُّنْبُوْرِ قَدْ وَقَعَ وَانْكَسَرَ طُنْبُوْرُهُ، فَقِيْلَ لِصَاحِبِ الطُّنْبُوْرِ: أَيْشٍ بِكَ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ المُحْسِنِ بْنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ الشَّيْخِ العِمَادِ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّ النَّاسَ لَا يَعْلَمُوْنَ مِنْ بعْضِهِمْ بَعْضًا إِلَّا الظَّاهِرَ، وَأَنَّ سَرَائِرَ الخَلْقِ لَا يَعْلَمُوْنَهَا، وَإِذَا الشَّيْخُ قَدْ دَارَ إِلَيَّ، وَقَالَ: قَالَ - أَظُنُّهُ الفُضَيْلُ - لَا تَعْمَلُ شَرًّا أَوْ سُوْءًا فَتَمْقُتَكَ قُلُوْبُ الصَّالِحِيْنَ.
وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِدْرِيْسَ الطَّحَّانَ
(3)
، قَالَ: كَانَ لِي ابْنٌ مَرِيْضٌ، فَقُلْتُ: أَدْعُو بِدُعَاءِ مقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ مَائَةَ مرَّةٍ، فَدَعَوْتُ بِهِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَيْهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَإِلَى الحَاضِرِينَ وَقَالَ: دُعَاءٌ بِلَا عَمَلٍ لَا يَنْفَعُ، أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: وَحَكَتْ زَوْجَةُ الشَّيْخِ، قَالَتْ: كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ يُكْثِرُ أَنْ يَقُوْلَ: قَدْ قَرُبَ الأَمْرُ، مَا بَقِيَ إِلَّا القَلِيْلُ.
وَذَكَرَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ فِي كِتَابِ "الحِكَايَاتِ المُقْتَبِسَةِ مِنْ كَرَامَاتِ مَشَايِخِ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ" فَصْلًا فِي كَرَامَاتِهِ - وَقَرَأْتُهُ بِخَطِّهِ - قَالَ: وَسَمِعْتُ
(1)
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} .
(2)
تَقَدَّمَ شَرْحُ الطُّنْبُورِ فِي تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ الحَافِظِ عبد الغَني.
(3)
لَمْ أَقِف علَى تَرْجَمَتِهِ وَلَعلَّهُ مِنَ العُبَّادِ لا مِنَ العُلَمَاءِ.
الشَّيْخَ المُجَابَ الدَّعْوَةِ أَبَا أَحْمَدَ نَصْرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ المِرْدَاوِيَّ
(1)
بِهَا يَقُوْلُ: جَاءَ إِلَى عِنْدَنَا الشَّيْخُ العِمَادُ، وَكُنْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَسأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءٍ، فَكُنْتُ أَسْتَحْيِي، فَكَانَ يَبْتَدِئُ وَيَذْكُرُ كُلَّ مَا أُرِيْدُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ
(2)
قَالَ: كُنْتُ كَثِيْرًا مَا أَجِيءُ إِلَيْهِ، وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أَقُوْلَ شَيْئًا، فَيَسْبِقُنِي فَيَتَحَدَّثُ بِبِعْضِهِ، فَإِذَا رَآنِي قَدِ ابْتَدَأْتُ فِيْهِ سَكَتَ، وَلَمْ يُرِنِي أَنَّهُ يُرِيْدُ ذلِكَ.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَكُنْتُ أَجِدُ فِي قَلْبِي قَسْوَةً، وَكُنْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَشْكُو إِلَيْهِ ذلِكَ، فَابْتَدَأَنِي لَيْلَةً وَذَكَرَ قَسْوَةَ القَلْبِ، وَقَالَ: كَيْفَ يَلِيْنُ القَلْبُ إِذَا لَمْ يَكُنِ العَمَلُ بِإِخْلَاصِ النِّيَّةِ؟ وَتَكَلَّمَ كَلَامًا كَثِيْرًا مِمَّا كُنْتُ أَجِدُ فِي نَفْسِي، وَفَرِحْتُ بِكَلَامِهِ، وَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي أَبُو الحَسَنِ بنُ مُشْرِفٍ العَطَّارُ
(3)
، قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَفَاتَتْنِي الصَّلَاةُ - يَعْنِي الفَجْرِ - ثُمَّ اغْتَسَلْتُ وَقَضَيْتُهُمَا فِي النَّهَارِ، وَأَتَيْتُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مَعَهُ، فَوَجَدْتُهُ فِي التَّشَهُّدِ، فَصَلَّيْتُ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا فُلَانُ، تَفُوْتُكَ فِي يَوْمٍ صَلَاتَانِ؟ فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي أَنَا تَائِبٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِنَا يَقُوْلُ: كُنْتُ رُبَّمَا احْتَجْتُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ المَلْبُوْسِ أَوْ أَشْتَهِي شَيْئًا مِنَ المَأْكُوْلِ، فَمَا أَعْلَمُ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيَّ الشَّيْخُ
(1)
لَمْ أَقِف علَى تَرْجَمَتِهِ وَلَعلَّهُ مِنَ العُبَّادِ لا مِنَ العُلَمَاءِ.
(2)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (635 هـ) حَنْبَلِيٌّ، لَمْ يَذْكُرُه المُؤَلِّفُ، نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(3)
لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ.
- يَعْنِي العِمَادَ - بِالَّذِي أَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَوْ أَشْتَهِيْهِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيْعِ سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الإِسْعِرْدِيُّ
(1)
وَغَيْرُهُ، أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ الشَّيْخِ فِي مَسْجِدِهِ يَوْمًا، فَقَالَ لِرَجُلٍ: اخْرُجْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ اللَّذَيْنِ خَلْفَ المَسْجِدِ، وَاطْرُدْهُمَا مِنْ هَاهُنَا، فَخَرَجَ فَإِذَا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَتَحَدَّثَانِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيْعِ أَيْضًا، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ أَيْضًا فِي المَسْجِدِ، فَكَانَ يَوْمَ يُفْتَحُ لِي بِشَيءٍ لَا يُطْعِمُنِي شَيْئًا، وَيَوْمَ لَا يُفْتَحُ لِي بِشَيْءٍ يُرْسِلُ إِلَيَّ بِشَيءٍ. قَالَ: جَرَى لِي هَذَا مَعَهُ كَثِيرًا.
وَحَدَّثنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ
(2)
: أَنَّ رَجُلًا فَرَّقَ فِي المُصَلَّى عَلَى الحَاضِرِيْنَ زَبِيْبًا، وَفَرَّقَ آخَرُ تَمْرًا، أَظُنُّهُ لِلإِفْطَارِ، وَكَانَ الَّذِي فَرَّقَ التَّمْرَ مَالَهُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، فَأَخَذَ الشَّيْخُ التَّمْرَةَ، فَشَمَّهَا ثُمَّ تَرَكَهَا، وَأَخَذَ الزَّبِيْبَ فَأَفْطَرَ عَلَيْهِ.
وَسَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلَ بْنَ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ
(3)
قَالَ: أَخَذْتُ يَوْمًا مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ أَجْزَاءً كَانَتْ لِي عِنْدَهُ وَإِجَازَاتٍ، فَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا أَخَذْتُ إِجَازَةً لَمْ تَكُنْ مَعِي، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى عِنْدِ الشَّيْخِ، فَأَبْصَرَ الأَجْزَاءَ، ثُمَّ شَالَ الإِجَازَةَ الَّتِي اخْتُلِطَتْ مَعِي، فَقَالَ: مَنْ أَعْطَاكَ هَذِهِ؟ ثُمَّ عَزَلَهَا،
(1)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (639 هـ) حنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(3)
هُوَ المُحِبُّ (ت: 613 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهَا كَرَامَةٌ فِي حَقِّهِ. وَذَكَرَ مِنْ تَيْسِيْرِ القُرْآنِ وَالعِلْمِ عَلَى مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ أَمْرًا عَجِيْبًا. قَالَ: وَسَمِعْتُ ظَرِيفَةَ بِنْتَ إِبْرَاهِيْمَ
(1)
تَقُوْلُ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ سَالِمٍ
(2)
: أَنَا أَعْرِفُ فِي الجَبَلِ خَمْسَةٌ منَ الصَّالِحِيْنَ أَوْ قَالَ: مِنَ الأَوْلِيَاءِ - فَسَمَّى مِنْهُمُ الإِمَامَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ الوَاحِدِ. أَحْمَدُ بْنُ سَالِمٍ - هَذَا - مَرْدَاوِيٌّ
(3)
كَانَ عَالِمًا عَامِلًا، ذَا كَرَامَاتٍ كَثِيْرَةٍ، ذكَرَهَا أَيْضًا فِي هَذَا الكِتَابِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ: أَنَّ زَوْجَتَهُ عَائِشَةَ بِنْتَ خَلَفِ بْنِ رَاجِحٍ، حَدَّثَتْهُ: أَنَّهَا رَأَتْ فِي النَّوْمِ قَائِلًا يَقُوْلُ: قُوْلُوا لِلْعِمَادِ يَدْعُو لَكُمْ، فَإِنَّهُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّتِي تَقُوْمُ بِهِمُ الأَرْضُ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ" وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثَنَاءً كَثِيْرًا، وَقَالَ: مَا تَحَرَّكَ بِحَرَكَةٍ، وَلَا مَشَى خُطْوَةً، وَلَا تَكَلَّمَ كَلِمَةً إِلَّا للهِ تَعَالَى، وَكَانَ يَتَعَبَّدُ بِالإِخْلَاصِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ مِرَارًا فِي الحْلْقَةِ بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" وَالخَطِيْبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ، فَيَقُوْمُ وَيَأْخُذُ الإِبْرِيْقَ وَيَضَعُ بُلْبُلَتَهُ عَلَى فِيْهِ عَلَى رُؤُوْسِ الأَشْهَادِ، وَيُوِهِمُ النَّاسَ أَنَّهُ يَشْرَبُ، وَإِنَّهُ لَصَائِمٌ. قَالَ: وَكَانَ يَحْضُرُ مَجَالِسِي دَائِمًا بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" وَ"قَاسِيُوْنَ" وَيَقُوْلُ: صَلَاحُ الدِّيْنِ يُوْسُفَ فَتَحَ السَّاحِلَ، وَأَظْهَرَ الإِسْلَامَ، وَأَنْتَ يُوسُفُ، أَحْيَيْتَ السُّنَّةَ بِـ "الشَّامِ"، يُشِيْرُ بِذلِكَ إِلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو المُظَفَّرِ عَلَى المِنْبَرِ مِنْ
(1)
لَعلَّهَا مِنْ بَنَاتِهِ.
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَرجَمَةِ أَخِيْهِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ.
(3)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (601 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
كَلَامِ جَدِّهِ فِي إِمْرَارِ الصِّفَاتِ وَإِثْبَاتِهَا.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: هُوَ الَّذِي سَنَّ الجَمَاعَةَ فِي الصَّلَواتِ المَقْضِيَّةِ، فَكَانَ يُصَلِّي بِالجَمَاعَةِ بِحَلَقَتِهِمْ، بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ مَا قَدَّرَهُ اللهُ تَعَالَى، وَبَقِيَ ذلِكَ بَعْدَهُ مُدَّةً.
وَذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ البُزُوْرِيُّ الوَاعِظُ
(1)
، فِي "طَبَقَاتِ أَصْحَابِ ابْنِ المَنِّيِّ" فِي سِيْرَتِهِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَثِيْرًا، وَكَذلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّازِقِ الرَّسْعَنِيُّ فِي "تَفْسِيْرهِ"
(2)
: يَذْكُرُهُ كَثِيْرًا، وَيُثْنِي عَلَيهِ وَيُعَظِّمُهُ، وَيَذْكُرُ مِنْ فَوَائِدِهِ وَكلَامِهِ.
قَالَ الضِّيَاءُ: تُوُفِّيَ رحمه الله لَيْلَةَ الخَمِيْسِ، وَقْتَ عِشَاءِ الآخِرَةِ، السَّادِسَ عَشْرَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: السَّابِعَ عَشَرَ، وَدُفِنَ يَوْمَ الخَمِيْسِ، وَكَانَ صَلَّى تِلْكَ اللَّيْلَةِ المَغْرِبِ بِالجَامِعِ،
(1)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (604 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَنَقَلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنِ البُزُوْرِيِّ قَوْلَهُ فِيْهِ: "فَقُهَ، وَبَرَعَ، وَكَمُلَ، وَجَمَعَ بَيْنَ العِلْمِ وَالعَمَلِ، أَحَدُ الوَرِعِيْنَ الزُّهَّادِ، وَصَاحِبُ لَيْلٍ وَاجْتِهَادٍ، مُتَوَاضِعٌ، صَلِفٌ، ظَرِيْفٌ، قَرَأَ القُرْآنَ بِالقِرَاءَاتِ، وَلَهُ المَعْرِفَةُ الحَسَنَةُ بِالحَدِيْثِ، مَعَ كَثْرَةِ السَّمَاعِ، وَاليَدُ البَاسِطَةُ فِي الفَرَائِضِ وَالنَّحْوَ، إِلَى غَيْرِ ذلِكَ مِنَ الفَضَائِلِ لَهُ الخَطُّ المَلِيْحُ المُشْرِقُ بِنُوْرِ التَّقْوَى.
وَلَيْسَ عَلَى اللهِ بِمُسْتَنْكِرٍ
…
أنْ يَجْمَعَ العَالَمَ فِي وَاحِدِ
هَذَا مَعَ طِيْبِ الأَخْلَاقِ، وَحُسْنِ العِشْرَةِ، فَمَا ذَاقَ فَمٌ المَودَّةَ أَعْذَبَ منْ أَخْلَاقِهِ، فَسُبْحَانَ مَنْ صَبَّرَنِي عَلَى فِرَاقِهْ.
(2)
تُوُفِّيَ الرَّسْعَنِيُّ سَنَةَ (661 هـ) واسْمُ تَفْسِيْرِهِ: "رُمُوْزُ الكُنُوْزِ .. " سَيَأْتِي الحَدِيْثُ عَنْهُ فِي مَوْضِعِهِ عِنْدَ ذِكْرِ المُؤَلِّف لَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
ثُمَّ مَضَى إِلَى البَيْتِ، وَكَانَ صَائِمًا، فَأَفْطَرَ عَلَى شَيْءٍ يَسِيْرٍ، وَحَكَى عَنْهُ: أَنَّهُ جَاءَهُ المَوْتُ، جَعَلَ يَقُوْلُ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، بِرَحمَتِكَ أَسْتَغِيْثُ، فَأَغِثْنِي، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وَتَشَهَّدَ وَمَاتَ رحمه الله. قَالَ: وَلَمَّا خَرَجَتْ جِنَازَتُهُ إِلَى الجَامِعِ اجْتَمَعَ خَلْقٌ كَثيْرٌ، فَمَا رَأَيْتُ الجَامِعَ إِلَّا كَأَنَّهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ كَثْرَةِ الخَلْقِ، وَتُرِكَتْ جِنَازَتُهُ فِي قِبْلَةِ الجَامِعِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ شَيْخُنَا، وَكَانَ المُعْتَمَدُ يَطْرُدُ النَّاسَ عَنْهُ، وَإِلَّا كَانُوا مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يَتَبَرَّكُ بِهِ يُخَرِّقُوْنَ الكَفَنَ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَى جِنَازَتِهِ بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا حَتَّى كَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَهْلَكُ، وَخَرَجَ إِلَى الجَبَلِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مَا رَأَيتُ جَنَازَةً قَطُّ أَكْثَرَ خَلْقًا مِنْهَا، وَخَرَجَ القُضَاةُ وَالعُدُوْلُ وَمَنْ لَا نَعْرِفُهُمْ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ غَيرُ مَرَّةٍ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى.
وَقَالَ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ: غُسِّلَ وَقْتَ السَّحَرِ، وَأُخْرِجَتْ جِنَازَتُهُ إِلَى جَامِعِ "دِمَشْقَ" فَمَا وَسِعَ النَّاسَ الجَامِعُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ المُوفَّقُ بِحَلْقَةِ الحَنَابِلَةِ بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيْدٍ، وَكَانَ يَوْمًا لَمْ يُرَ فِي الإِسْلَامِ مِثْلَهُ، كَانَ أَوَّلُ النَّاسِ عِنْدَ "مَغَارَةِ الدَّمِ" وَ"رَأْسِ الجَبَلِ" إِلَى "الكَهْفِ"، وَآخِرُهُمْ بِـ "بَابِ الفَرَادِيْسِ" وَلَوْلَا المُبَارِزُ المُعْتَمَدُ وَأَصْحَابُهُ لَقَطَّعُوا أَكْفَانَهُ، وَمَا وَصَلَ إِلَى "الجَبَلِ" إِلَّا آخِرَ النَّهَارِ، قَالَ: وَتَأَمَّلْتُ النَّاسَ مِنْ أَعْلَى "قَاسِيُوْنَ" إِلَى "الكَهْفِ" قَرِيْبِ "المَيْطُوْرِ"
(1)
لَوْ رَمَى إِنْسَانٌ عَلْيْهِمْ إِبْرَةً لَمَا ضَاعَتْ.
(1)
فِي (ط): "المَنْظُوْر" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا هُوَ "المَيْطُوْرُ" كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ، قالَ يَاقُوتُ فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (5/ 282) "من قُرى "دِمَشْقَ" قَالَ عَرْقَلَةُ بْنُ جَابِرٍ بْن نُمَيْرٍ الدِّمَشْقِيُّ: =
فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ نِمْتُ وَأَنَا مُتَفَكِّرٌ فِي جِنَازَتِهِ، وَذَكَرْتُ أَبْيَاتَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ الَّتِي أَنْشَدَهَا فِي المَنَامِ
(1)
:
نَظَرْتُ إِلَى رَبِّي كِفَاحًا، فَقَالَ لِي
…
هَنِيْئًا رِضَائِي عَنْكَ يَا ابْنَ سَعِيْدِ
فَقَدْ كُنْتَ قَوَّامًا إِذَا أَقْبَلَ الدُّجَى
…
بِعِبْرَةِ مُشْتَاقٍ وَقَلْبِ عَمِيْدِ
= وَكَمْ بَيْنَ أَكْنَافِ الثُغُوْرِ مُتَيَّمٌ
…
كَئِيْبُ غَزَتْهُ أَعْيُنٌ وَثُغُوْرٌ
وَكَمْ لَيْلَةٍ بِالمَاطِرُوْنَ قَطَعْتُهَا
…
وَيَوْمٍ إِلَى المَيْطُوْرِ وَهُوَ مَطِيْرُ
وَهِيَ مِنْ غُوْطَةِ "دِمَشْقَ". قَالَ العِمَادُ الكَاتِبُ مُؤَلِّفُ "الخَرِيْدَة
…
" وَغَيْرهَا:
لَوْلَا جَسَارَةُ قَلْبِي مَا ثَبَتُّ عَلَى الْـ
…
ــعُبُوْرِ مِنْ طَرَبٍ فِي جَسْرِ جَسْرِيْنِ
يُصْبِيْكَ مَيْطُوْرُهَا طَوْرًا وَنَيْربُهَا
…
طَوْرًا وَيُوْلِيْكَ إِحْسَانًا بِتَحْسِيْنِ
وَقَالَ تَاجُ الدِّيْنِ الصَّرْخَدِيُّ:
وَامْطِرْ دُمُوْعَكَ بِالمَيْطُوْرِ وَابْكِ عَلَى
…
زَمَانَ لَهْوٍ قَطَعْنَاهُ بِعُرْنِيْنِ
وَ"المَيْطُوْرُ" كَانَ مَرْزَعَةً لِيَحْيَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَزِيْدَ بْنِ الحَكَمِ، وَكَانَ يَسْكُنُ "أَرْزُونَا" وَهُوَ المَيْطُوْرُ الشَّرْقِيُّ، وَبُنِيَتْ بِـ "المَيْطُوْرِ" مَدرَسَةً بِـ "جَبَلِ الصَّالِحيَّة" أَوْقَفَتْهَا السِّتُّ فَاطِمَةُ خَاتُوْنَ بِنْتُ السَّلَّالِ سَنَةَ تِسْعٍ وعِشْرِيْنَ وَسِتَّمَائَةَ". يُرَاجَعُ: الأَعْلاقُ الخَطِيْرَةُ "مَدِيْنَة دِمشق"(143): وَالقَلَائِدُ الجَوهَرِيَّةُ (217)، وَغُوْطَةُ دِمَشْقَ (181) وَفِيْهِ:"المَيْطُوْرُ: فِي أَرْضِ "الصَّالِحِيَّةِ" آخِرُ حُدُوْدِهَا تَحْتَ نَهْرِ يَزِيْدَ، وَيَقُوْلُ دهمان: إِنَّ المَيْطُوْرَ شَمَالِيِّ حُوْر تَلْعَةَ، وَلَا يَزَالُ فِي تِلْك الجِهة بُسْتَانٌ يُدْعَى بُسْتَان النَّيْطُوْرِ بِالنُّوْنِ".
(1)
الأَبْيَاتُ فِي "مِرْآةِ الزَّمَانِ"، وَ"ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ"، وَ"تَارِيْخِ الإِسْلَامِ"، وَهِي فِي "تَنْبيهِ الأَخْيَارِ عَلَى مَا قِيْلَ فِي المَنَامِ مِنَ الأَشْعَارِ"، وَ"المَنْهَجِ الأَحْمَدِ"، وَ"الشَّذَرَاتِ"، وَ"القَلَائِدِ الجَوْهَرِيَّةِ" عَنِ المُؤَلِّفِ.
فَدُوْنَكَ فَاخْتَرْ أَيَّ قَصْيرٍ أَرَدْتَهُ
…
وَزُرْنِي فَإِنِّي مِنْكَ غَيْرَ بَعِيْدٍ
وَقُلْتُ: أَرْجُو أَنَّ العِمَادَ يَرَى رَبَّهُ كَمَا رَآهُ سُفْيَانُ عِنْدَ نُزُوْلِ حُفْرَتِهِ، وَنِمْتُ فَرَأَيْتُ العِمَادَ فِي النَّوْمِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ، وَعِمَامَةٌ خَضْرَاءُ، وَهُوَ فِي مَكَانٍ مُتَّسِعٍ كَأَنَّهُ رَوْضَةٌ، وَهُوَ يَرْقَى فِي دَرَجٍ مُرْتَفِعَةٍ، فَقُلْتُ: يَا عِمَادَ الدِّيْنِ، كَيْفَ بِتَّ؟ فَإِنِّي وَاللهِ مُتَفَكِّرٌ فِيْكَ، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَتَبَسَّمَ عَلَى عَادَتِهِ، وَقَالَ:
رَأَيْتُ إِلَهِي حِيْنَ أُنْزِلْتُ حُفْرَتِي
…
وَفَارَقْتُ أَصْحَابِي وَأَهْلِي وَجِيْرَتِي
فَقَالَ جُزِيْتَ الخَيْرَ عَنِّي فَإِنَّنِي
…
رَضِيْتُ فَهَا عَفْوِي لَدَيْكَ وَرَحْمَتِي
رَأَيْتُ زَمَانًا تَأْمَلُ الفَوْزَ وَالرِّضَا
…
فَوُقِّيْتَ نِيْرَانِي وَلَقِيْتَ جَنَّتِي
قَالَ: فَانْتَبَهْتُ مَرْعُوْبًا، وَكَتَبْتُ الأَبْيَاتَ.
وَذَكَرَ الضِّيَاءُ هَذَا المَنَامَ عَنْ أَبِي المُظَفَّرِ السِّبْطِ، وَذَكَرَ مَنَامَاتٍ أُخَرَ.
مِنْهَا: أَنَّهُ رُؤِيَ فِي النَّوْمِ عَلَى حِصَانٍ فَقِيْلَ لَهُ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: أَزُوْرُ الجَبَّارَ، وَرَآهُ آخَرُ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ فَقَالَ:
(1)
{يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)} . قَالَ: وَسَمِعْتُ الفَقِيْهَ الإِمَامَ أَبَا مُحَمَّدٍ عُثْمَانَ بْنَ حَامِدٍ بْنِ حَسَنٍ المَقْدِسِيَّ
(2)
يَقُوْلُ: رَأَيْتُ الحَقَّ عز وجل فِي النَّوْمِ، وَالشَّيْخُ العِمَادُ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَوَجْهُهُ مِثْلُ البَدْرِ، وَعَلَيْهِ لِبَاسٌ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ.
(1)
سُورَةُ يَس.
(2)
لَمْ أَقِف عَلَى أَخْبَارِهِ، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَم السَمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (414).
قَالَ: وَسَمِعْتُ الفَقِيْهَ الإِمَامَ عَبْدَ الحمِيْدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنَ مَاضِي المَقْدِسِيَّ
(1)
يَقُوْلُ: شَمَمْتُ منْ قَبْرِ الشَّيْخِ العِمَادِ مَرَّتَيْنِ رَائِحَةً طَيِّبَةً، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. وَقَدْ حَدَّثَ بِالكَثِيْرِ، وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الحُفَّاظِ وَالأَئِمَّةِ، كَالضِّيَاءِ، وَالمُنْذِرِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ خَلِيْلٍ
(2)
وَابْنُ البُخَارِيِّ
(3)
.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ بنُ البُخَارِيِّ، (أَنَا) أَبُو إِسْحَقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوْسِيُّ (أَنَا) جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ، (أَنَا) الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ، (ثَنَا) أَبُو عَمْرِو بنِ السِّمَاكِ، (ثَنَا) حَنْبَلٌ، (ثَنَا) مُوْسَى بْنُ إِسْمَاعِيْلَ أَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ (ثَنَا) سَعِيْدُ بنُ سَلَمَةَ المَدِيْنِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
(4)
"كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأمِّ زَرْعٍ" ثُمَّ أَنْشَأَ
(1)
لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعات الدِّمَشْقِيَّةِ (353). وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابْنَهُ عَبْدَ السَّاتِرِ بْنَ عَبْدِ الحمِيْدِ (ت: 679 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، كَمَا سَيَأْتِي.
(2)
جَاءَ فِي "مُعْجَمِ ابْنِ خَلِيْلٍ": "أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ إِبْرَاهِيْمُ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورٍ المَقْدِسِيُّ الفَقِيْه
…
".
(3)
مَشْيَخَةِ ابْنِ البُخَارِي (2/ 1015) وَفِيهِ: "أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، أَبُو إسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو إِسْحَقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ عَليِّ بْنِ سُرُورٍ بن رَافِعِ بْنِ حَسَنِ بْنِ جَعْفَرٍ، المَقْدِسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ فِي ذِي الحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّمَائَةَ بِجَامِع "دِمَشْقَ".
(4)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (9/ 220، 241) فِي: (النِّكَاحِ) بَابُ "حُسْنِ المُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ"، وَمُسْلِمٌ رَقم (2448) فِي (فَضَائلِ الصَّحَابَةِ)، بَابُ "ذِكْرُ حَدِيْثِ أُمِّ زَرْعٍ" مِنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ =
يُحَدِّثُ حَدِيْثَ أُمِّ زَرْعٍ وَصَوَاحِبِهَا، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ بِطُوْلِهِ.
وَرَثَاهُ الصَّلَاحُ مُوْسَى بْنُ شِهَابٍ المَقْدِسِيُّ بِأَبْيَاتٍ مِنْهَا:
(1)
يَا شَيْخَنَا يَا عِمَادَ الدِّيْنِ قَدْ قَرَحَتْ
…
عَيْنِي وَقَلْبِيَ مِنْكَ اليَوْمَ مَتْبُوْلُ
أَوْحَشْتَ وَاللهِ رَبْعًا كُنْتَ تَسْكُنُهُ
…
لَكِنَّهُ الآنَ بِالأَحْزَانِ مَأْهُوْلُ
كَمْ لَيْلَةٍ بِتَّ تُحْيِيْهَا وَتَسْهَرُهَا
…
وَالدَّمْعُ مِنْ خَشْيَةٍ للهِ
(2)
مَسْبُوْلُ
= رضي الله عنها وَقَدْ أَلَّفَ القَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله كِتَابًا فِي شَرْحِ هَذَا الحَدِيْثِ سَمَّاهُ: "بُغْيَةَ الرَّائِدِ لِمَا تَضَمَّنَهُ حَدِيْثُ أَمِّ زَرْعٍ مِنْ الفَوائِدِ"، وَطُبِعَ فِي المَغْرِبِ، وَمَعَهُ شَرْحُ الحَافِظِ السُّيُوْطِيِّ لِلْحَدِيْثِ. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَد".
(1)
فِي ذَيل الرَّوْضَتَيْنِ، وعَن المُؤلِّف في المَنْهَج الأَحْمَد، وَمُوسَى بْنُ شِهَابٍ بنِ رَاجحٍ المقدسي (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
في (ط): "خشية الله".
يُسْتَدْرَكُ علَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَة (614 هـ):
376 -
إِبْرَاهِيْمُ بْنُ الشَّيْخِ بَهَاءِ الدِّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ الفَقِيْهُ، أَبُو إسْحَقَ، ابْنُ أُخْتِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ، مَاتَ كَهْلًا قَبْلَ أَبُوْهُ، وَقَدْ تزَوَّجَ وَوُلِدَ لَهُ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (182)، وَالِدُهُ البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحمَنِ مَشْهُوْرٌ (ت: 624 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
- وَأَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الرِّضَى (ت؟). تقَدَّمَ ذِكْرُهُ في تَرْجَمَةِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (525).
377 -
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بْنَ فَارِسٍ بنِ مُقَلَّدٍ السَّيْبِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، الخَبَّازُ، نَزِيْلُ "دُنَيْسِرٍ". أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيخِ دُنَيْسِرٍ (51)، وَالتَّقْيِيْدِ (213)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 411)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 561)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 239)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (191)، وَلَقَبُهُ:"مُؤْتَمَنُ الدِّيْنِ" نَصَّ فِي "تارِيخِ دُنَيْسِرٍ" عَلَى أَنَّهُ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حَنْبَلِيٌّ، وَهُوَ أَخُو عُثْمَانَ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 610 هـ) الَّذِي تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ.
378 -
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْدِي، البَزَّازُ الخِرَقِيُّ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ أَبِيْهِ سَعْدٍ (ت: 557 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (213)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 420)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 240)، وَالمُشْتَبَهِ (2/ 397)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (192)، وَالتَّوْضِيْحِ (2/ 397).
379 -
وَتَاجُ النِّسَاءِ بِنْتُ رَضِيِّ بنِ مُحَمِّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَشْقَرِ.
380 -
وَذَيَّالُ بْنُ أَبِي المَعَالِي بنِ رَاشِدِ بنِ نَبْهَانَ بنِ مُرَجَّى، أَبُو عَبْدِ المَلِكِ العِرَاقِيُّ، الزَّاهِدُ، العَارِفُ، ذَكَرَهُ ابنُ مُفْلِحٍ فِي المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 389). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 214)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (195)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (14/ 51)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوكُ (2/ 359)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (2/ 438)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (5/ 1/ 224)، وأَلَّفَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ جُزْءًا في فَضَائِلِهِ مَوْجُوْدٌ في المَكْتَبَة الظَّاهِرِيَّة بِدِمَشْقَ، ابنُهُ عَبْدُ المَلِك بنُ ذيَّالٍ (ت: 640 هـ). نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
381 -
وَعَبْدُ الرَّحْمَن بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، حَدَّثَ عَنْ نَصْرِ بْنِ نَصْرٍ العُكْبُرِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ البَنَّاءِ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِقْبَالٌ علَى الحَدِيْثِ وَلَا عَلَى أَهْلهِ". أَخْبَارُهُ فِي: المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 119)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 338)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 392)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (201)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 203). وَفِيْهِمَا: عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ عَبْدِ الرَّزَّاق
…
وَقَالَ: "أَخُو قَاضِي القُضاةِ عِمَادِ الدِّيْنِ نَصْرٍ الآتي ذِكْرُهُ". وَالقَاضِي نَصْرٌ (ت: 633 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
382 -
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الغَسَّالُ، وَالِدُهُ عَبْدُ الغَنِيِّ (ت: 644 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ أَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ جَدَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ (ت: 509 هـ) فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي: التَّكْمِلَةِ =
وَسَجْدَةٍ طَالَ مَا طَالَ القَنُوْتُ بِهَا
…
قَدْ زَانَهَا مِنْكَ تَكْبِيْرٌ وَتَهْلِيْلُ
284 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ
(1)
بْنِ أَبِي نَصْرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ بْنِ الغَزَّالِ
= لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 405)، والمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 204)، والتَّوضِيْحِ (2/ 229)، وَفِي تَارِيْخِ إِرْبِلَ (1/ 129)، ذَكَرَ مَعْلُومَاتٍ مُفِيْدَةً جِدًّا عَنْ المُتَرجِمِ، وَذَكَرَ عَنْ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ أَنَّ وَفَاتَهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَنَقَلَ ذلِكَ عَنِ ابْنِ الدُّبَيْثِيِّ، وَأَنَّهُ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ سَادِسُهُ.
383 -
وَعُثْمَانُ بْنُ نَصْرِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنَ القَزَّازُ. أَخْبَارُهُ فِي ذَيْلِ تَاريخ بَغْدَادَ لابْنِ النَّجَّارِ (2/ 242). قَالَ: "مِنْ أَوْلادِ المُحَدِّثِيْنَ، حَدَّثَ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ وَجَدُّ أَبِيهِ".
384 -
وَفَاطِمَةُ بِنْتُ يُوْنُسَ، أُخْتُ الوَزِيْرُ عُبَيْدِ اللهِ (ت: 593 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَقَبُهَا "سِتُّ النَّعَمِ" أَجَازَ لَهَا أَبُو الوَقْتِ، كَتَبَ عَنْهَا الدُّبَيثِيُّ، وَكَانَتْ شَيْخَةٌ، صَالِحَةٌ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (211).
385 -
مُحَمَّدُ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الحَلْوَانِيُّ، وَالِدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدٍ (ت: 546 هـ) وجَدُّهُ مُحَمَّدُ بْنُ علِيٍّ (ت: 505 هـ)، ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعَيْهِمَا. سَمَّعَهُ أَبُوهُ مِنْ أَبِي المَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بنِ السَّمِيْنِ وَغَيْرِهِ. أَخْبَارُهُ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 43)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 417)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (216).
386 -
وَيُوسُفُ بْن أَبِي الحَسَنِ المَقْدِسِيُّ، الإِمَامُ الصَّالِحُ، أَبُو الحَجَّاجِ، رَوى عَنْ أَبِي المَعَالِي بْن صَابِرٍ، وَرَوَى عَنْهُ الضِّيَاءُ، وَابْن أَخِيهِ الفَخْرُ، وَابنُ أَخِيْهِ أَيْضًا الشَّمْسُ بنُ الكَمَالِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُؤْمِنٍ وَغَيْرِهِمْ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ (2/ 214)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (266).
(1)
284 - شِهَابُ الدِّينِ الغَزَّالُ (544 - 615 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 101)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 127)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 339)، وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ (345)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 438)، =
البَغْدَادِيُّ، الوَاعِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُلَقَّبُ بِـ "شِهَابِ الدِّيْنِ".
وُلِدَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ بِإِفَادَةِ أَبِيْهِ، وَبِنَفْسِهِ، مِنَ الحَافِظِ ابْنِ نَاصِرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ البَنَّاءِ. وَنَصْرِ بْنِ نَصْرٍ العُكْبَرِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الزَّاغُونِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الرُّطَبِيِّ وَالنَّقِيْبِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ العبَّاسِيِّ، وَأبِي الوَقْتِ، وَالمُبَارَكِ بْنِ السَّرَّاجِ، وَابْنِ المَادِحِ، وَهِبَةِ اللهِ بْنِ الشِّبْلِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ البَطِّيِّ، وَخَلْقٍ كَثيْرٍ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ بِخَطِّهِ، وَلَهُ فِي الخَطِّ طَرِيْقَةٌ حَسَنَةٌ مَعْرُوفَةٌ، ووَعَظَ مُدَّةً، وَرَأَيْتُ بِخَطِّهِ جُزْءًا مِنْ "أَخْبَارِ الحَلَّاجِ"، الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَمْعُهُ، وَيَرْوِي فِيْهِ بِالأَسَانِيْدِ عَنْ شُيُوْخِهِ، وَمَالَ إِلَى مَدْحِ الحَلَّاجِ وَتَعْظِيْمِهِ، وَاسْتَشْهَدَ بِكَلَامِ ابْنِ عَقِيْلٍ فِي تَصْنِيْفِهِ القَدِيْمِ الَّذِي تَابَ مِنْهُ، وَلَقَدْ أَخْطَأَ فِي ذلِكَ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: وَسَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ سَرِيْعَ القِرَاءَةِ وَالكِتَابَةِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لُحَنَةً، قَلِيْلَ المَعْرِفَةِ بِأَسْمَاءِ المُحَدِّثِيْنَ. قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ شَيْخِنَا أَبِي الفُتُوْحِ نَصْرِ بْنِ الحُصْرِيِّ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ الغَزَّالِ لَا يَحْتَجُّ بِقِرَاءَتِهِ وَلَا بِخَطِّهِ، وَهُوَ سَاقِطٌ
(1)
. وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، وَأَجَازَ لِلْمُنْذِرِيِّ،
= وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 204)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (245)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 64)، (7/ 116)، وَفِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ للحَافِظِ الذَّهَبِيِّ:"الغَزَّالِي".
(1)
في المُخْتَصَرِ المُحْتَاحِ إِلَيْهِ: "وَكَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ، لكِنَّ أَبَا الفُتُوْحِ بْنَ الحُصْرِيِّ كَانَ سَيِّءَ القَوْلِ فِيْهِ، يُحَذِّرُ مِنْهُ، وَيَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ السَّمَاعِ مِنْهُ، وَلَا أَعْلَمُ لأَيِّ شَيْءٍ".
وَعَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ
(1)
:
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ نِصْفَ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشَرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رحمه الله.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) يَحْيَى بْنُ الصَّيْرَفِيَّ الفَقِيْهُ (أَنَا) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الوَاعِظُ (أَنَا) أَبُو الوَقْتِ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُدِيُّ (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ الحَمَوِيُّ (أَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَطَرٍ، (ثَنَا) البُخَارِيُّ (ثَنَا) المَكِّيُّ
(2)
(ثَنَا) يَزِيْدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ
(3)
: "كَانَ جِدَارُ المَسْجِدِ عِنْدَ المِنْبَرِ، مَا كَادَتْ الشَّاةُ تَجُوْزُهَا".
285 - وكَانَ لَهُ وَلَدٌ نَجِيبٌ، اسْمُهُ: أَحْمَد وَيُسَمَّى هِبَةَ الكَرِيْمِ
(4)
أَيْضًا، أَبَا نَصْرٍ،
(1)
ومِمَّنْ رَوَى عَنْهُ الزَّكِيُّ البِرْزَالِيُّ، وَابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَالضِّيَاء، وَفِي التَّكْمِلَةِ لِلْمُنْذِرِيِّ:"وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ كَتَبَ بِهَا إِلَيْنَا مِنْ "بَغْدَادَ" فِي المُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، يَعْنِي سَنَةَ وَفَاتِهِ.
(2)
فِي (ط): "ثَنَا البُخَارِيُّ المَالِكِيّ"؟!
(3)
رَوَاهُ بِنَحْوِهِ البُخَارِيُّ (1/ 475، 476) في (سُتْرَةِ المُصَلِّي)، بَابُ "قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةَ"، وَبَابُ "الصَّلَاةِ إِلَى الاسْطُوَانَةِ" وَمُسْلِمٌ رقم (509)، فِي (الصَّلَاةِ)، بَابُ "دُنُوِّ المُصَلِّي مِنَ السُّتْرَةِ" وَأَبُو دَاوُدَ رقم:(1082) فِي (الصَّلَاةِ)، بَابُ "مَوْضِعِ المِنْبَرِ"، مِنْ حَدِيْثِ سَلَمَةِ بنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(4)
285 - هِبَةُ الكَرِيْمِ الغَزَّالِ (580 - 601 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 128)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 340). وَيُرَاجَعُ: الجَامِعُ المُخْتَصَرُ (9/ 153)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 55)، وأَبُو العَبَّاسِ بنُ بَكْرُوْسٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 5743 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَكَانَ سِبْطَ أَبِي العَبَّاسِ بْنِ بَكْرُوْسٍ الفَقِيْهِ المُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ. وُلِدَ سَنَةَ ثمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ الكَثِيْرَةِ عَلَى أَصْحَابِ سِبْطِ الخَيَّاطِ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَوَعَظَ النَّاسَ عَلَى المِنْبَرِ، وَاعْتَنَى بِهِ وَالِدُهُ، وَأَسْمَعَهُ الكَثِيْرَ مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، وَابْنِ بُوشٍ، وَذَاكِرِ بْنِ كَامِلٍ، وَابْنِ المَعْطُوْشِ، وَابْنِ الجَوْزِيَّ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الصَّابُونِيِّ، وَطَبَقَتِهمْ، وَطَلَبَ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَقَرَأَ عَلَى الشُّيُوْخِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا، وَكَانَ حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، مُتَدَيِّنًا، ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ: سَمِعَ مِنَّا كَثِيْرًا، وَاصْطَحَبْنَا مُدَّةً، وَكَانَ طَيِّبَ الأَخْلَاقِ، لَطِيْفًا، حَسَنَ العِشْرَةِ، كَيِّسًا، اسْتلَبَتْهُ يَدُ المَنُوْنِ فِي عُنْفُوانِ شَبَابِهِ، وَقَدْ جَاوَزَ العِشْرِيْنَ؛ لأنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الخَمِيْسِ خَامِسَ المُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّمَائَةَ، قَالَ: وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَتَقَدَّمَ لِلْصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالِدُهُ، وَحُمِلَ إِلَى "بَابِ حَرْبٍ" فَدُفِنَ هُنَاكَ.
قَالَ: وَرَأَيتُهُ فِي المَنَامِ، وَعَلَيهِ ثِيَابٌ فَاخِرَةٌ، قَمِيْصٌ فُوْطٍ جَدِيْدٍ، وَبِغِيَارٍ أَبْيَضَ مَلِيْحٍ، فَسَأَلْتُهُ مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي، وَقَلِيْلُ العَمَلِ يَنْفَعُ عِنْدَ اللهِ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ عَذَابِ القَبْرِ أَحَقٌّ هُوَ؟ قَالَ: لَا، فَقُلْتُ لَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً عَذَابُ القَبْرِ حَقٌّ، وَجَبَذْتُهُ جَبْذَةً
(1)
، كَالمُنْكَرِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا مَا رَأَيْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمُنْكَرٌ وَنَكِيْرٌ؟ قَالَ: إِيْ وَاللهِ حَقٌّ، نَزَلَا عَلَيَّ وَسَأَلَانِي، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(1)
يقَالُ: جَذَبَ وَجَبَذَ بِمَعْنًى.
286 - أَحْمَدُ بْنُ أَحمَدَ
(1)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ كَرَمِ بْنِ غَالِبِ بْنِ قَتِيْلٍ البَنْدَنِيْجِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، المُعَدَّلُ، أَبُو العَبَّاسِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ أَبي السَّعَادَاتِ، المَعْرُوفُ بِـ "ابْ
نِ البَنْدَنِيْجِيِّ".
وُلِدَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَتَلَقَّنَ القُرْآنَ مِنْ أَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ، وَقَرَأَهُ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي الحَسَنِ البَطَائِحِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بنِ الزَّاغُونِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَهِبَةِ اللهِ بْنِ الشِّبْلِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ المَادِحِ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ، وَالمُبَارَكِ بْنِ خُضَيْرٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَابْنِ البَطِّيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ، وَخَرَّجَ، وَأَفَادَ. وَوَسَمَهُ جَمَاعَةٌ بِـ "الحَافِظِ" مِنْهُمُ المُنْذِرِيُّ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ وَافِرَ السَّمَاعِ، كَثِيْرَ الشُّيُوْخِ، حَسَنَ الأُصُوْلِ،
(1)
286 - ابْنُ البَنْدَنِيْجِيُّ (541 - 615 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 76)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 129)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 340). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 442)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 173)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (228)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 64)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْلامِ (322)، وَالعِبَرُ (5/ 54)، وَالمُغْنِي فِي الضُّعَفَاءِ (1/ 33)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 31)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 224)، وَالتَّوْضِيْحُ (7/ 252)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (1/ 134)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 37)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (2/ 108)، وَمُعْجَمُ الشَّافِعِيَّةِ رقم (20)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 62)، (7/ 111).
ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ تَمِيْمًا (ت: 597 هـ) في مَوْضِعِهِ، وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ أَهلِ العِلْمِ، فَلْيُرَاجِعْ مَنْ شَاءَ ذلِكَ هُنَاكَ.
حَدَّثَ بِالكَثِيْرِ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ
(1)
.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مُكْثِرًا مِنَ الرِّوَايَةِ وَالحِفْظِ، وَكَانَ أَحَدَ شُهُوْدِ "بَغْدَادَ" شَهِدَ عِنْدَ ابْنِ الدَّامَغَانِيِّ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، ثُمَّ عُزِلَ عَنِ الشَّهَادَةِ لَمَّا عُزِلَ قَاضِي القُضَاةِ العَبَّاسِيِّ؛ فَإِنَّ خَطَّهُ وُجِدَ عَلَى الكِتَابِ الَّذِي عُزِلَ القَاضي بِسَبَبِهِ بِالعَرْضِ، وَاعْتَذَرَ بِأَنَّ القَاضِي أَخْبَرَهُ بِمُعَارَضَتِهِ بِأَصْلِهِ، فَرَكَنَ إِلَى قَوْلِهِ
(2)
: وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقَائِقِ الأُمُوْرِ، ثُمَّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّمَائَةَ
(1)
زَادَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ"، وَحَصَّلَ الأُصُولَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وعُنِيَ بالرِّوَايَةِ أَتَمَّ عِنَايَةٍ، وَبَالَغَ فِي الطَّلَبِ
…
وَعُنِي بِالفَهْمِ وَضَبْطِ الأَسْمَاءِ، وَتَحْقِيْقِ الأَلْفَاظِ، وَالمُؤْتَلِفِ وَالمُخْتَلِفِ، وَحَصَّلَ طَرفًا مِنَ العَرَبِيَّةِ، وَكَانَتْ قِرَاءَتَهُ صحِيْحَةً فَصِيْحَةً، مُنَقَّحَةً، بِنَغْمَةٍ مُطْرِبَةٍ وَأَدَاءٍ عَذْبٍ".
(2)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وُجِدَ خَطُّهُ عَلَى سِجِلٍّ بَاطِلٍ، فَطُوْلِبَ بِأَصْلِهِ، فَذَكَرَ أَنَّ قَاضِي القُضَاةِ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيَّ قَالَ لَهُ: أَنَا شَاهَدْتُ الأَصْلَ فَاكْتُبْهُ، فَرَكَنَ إِلَى قَوْلِهِ فَأُحْضِرَ إِلَى دَارِ الخِلَافَةِ، وَرُفِعَ طَيْلَسَانِهِ، وَكُشِفَ رَأْسَهُ، وَأُرْكِبَ جَمَلًا، وَطِيْفَ بِهِ وَبِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ، وَصُفِعُوا، وَنُوْدِيَ عَلَيْهِمْ: "هَذَا جَزَاءُ مَنْ يَشْهَدُ بِالزُّوْرِ"، وَحُبِسُوا مُدَّةً، وَذلِكَ في سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ. وَلَمْ يَزَلْ أَحْمَدُ البَنْدَنِيْجِيُّ، خَامِلًا إِلَى أَنْ ظَهَرَتْ الإِجَازَةُ لِلْخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ، وَكَانَ أَخُوْهُ تَمِيْمٌ قَدْ تَوَلَّى أَخْذَهَا فَذَكَرَ حَالَهُ لِلنَّاصِرِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِزُوْرٍ مَحْضٍ، بَلْ رَكَنَ إِلَى قَوْلِ القَاضِي، وَأَنَّ أُسْتَاذَ الدَّارِ ابْنَ يُونُسَ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْزِيْرِهِ، فَأَمَرَ الخَلِيْفَةُ النَّاصِرُ فَأُعِيْدَ إِلَى العَدَالَةِ، فَشَهِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّمَائَةِ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ بنِ الدَّامَغَانِيِّ فَقَبِلَهُ مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ، حَكَى ابْنُ النَّجَّارِ هَذَا، وَقَالَ: قَرَأْتُ علَيْهِ كَثِيْرًا، وَكُنْتُ أَرَاهُ كَثِيْرَ التَّحَرِّي، لَا يَتَسَامَحُ فِي حَرْفٍ، وَمَعَ هَذَا أُصُوْلُهُ كَانَتْ مُظْلِمَةً، وَكَذلِكَ خَطُّهُ وَطِبَاقُهُ، وَكَانَ سَاقِطَ المُرُوْءَةِ، دَنِيءَ =
- لَمَّا ظَهَرَتْ إِجَازَةُ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوْخِ، وَكَانَ ابْنُ البَنْدَنِيْجِيِّ وَأَخُوهُ - تَمِيْمٌ المُتَقَدِّمُ - ذِكْرُهُ هُمَا اللَّذَانِ اسْتَجَازَا لَهُ، وَكَانَتْ عِنْدَ وَلَدِ تَمِيْمٍ فَرَوَى بِهَا الخَلِيْفَةُ، وَأَجَازَ لِلأَعْيَانِ - أُعِيْدَ ابْنُ البَنْدَنِيْجِيِّ إِلَى عَدَالَتِهِ بِتَزْكِيَتِهِ الأُوْلَى وَتَقَدَّمَ.
وَتُوُفِّيَ رحمه الله لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ وَقِيْلَ: لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ".
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ - بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ - بِـ "بَغْدَادَ"(أَنَا) أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ البَزَّازُ (أَنَا) أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ المُعَدَّلُ الحَاجِبُ كِتَابَةً (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ سَعْدُ اللهِ بنُ نَصْرٍ الحَيَوَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ (أَنَا) أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا إِمْلاءً (ثَنَا) عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ (ثَنَا) مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ، (ثَنَا) أَسَدُ بْنُ مُوسَى، (ثَنَا) ابْنُ لَهِيْعَةَ، (ثنا) دَرَّاجٌ، عَنْ أَبِي الهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
"إنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ، لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا
= النَّفْسِ، وَسِخَ الهَيْئَةِ، تَدُلُّ أَحْوَالُهُ عَلَى تَهَاوُنِهِ بِالأُمُوْرِ الدِّيْنِيَّةِ، وَتُحْكَى عَنْهُ أَشْيَاءُ قَبِيْحَةٌ، وَسَأَلْتُ شَيْخَنَا ابنَ الأَخْضَرِ عَنْهُ وَعَنْ أَخِيهِ تَمِيْمٍ، فَضَعَّفَهُمَا، وَصَرَّحَ بِكَذِبِهِمَا".
(1)
رَوَاهُ أَحْمَدُ (3/ 29، 41)، وَالحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ (4/ 261)، فِي (التَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه وَصحَّحَهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَهُوَ حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، ذَكَرَهُ الهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ (10/ 207)، وَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعلْى، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ، وَأَحَدُ إِسْنَادَيْ أَحْمَدَ، رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيْحِ، وَكَذلِكَ أَحَدُ إِسْنَادَيْ أَبِي يَعْلَى. عَنْ هَامِش "المَنْهَج الأحمد".
دَامَتِ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ، قَالَ: الرَّبُّ عز وجل: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي".
287 - وتُوُفِّيَ مَعَهُ فِي ثَالِثَ عَشَرَ مِنَ السَّنَةِ: أَبُو مُحَمَّدِ عَبْدُ الكَافِي
(1)
بْنُ
(1)
287 - عَبْدُ الكَافِي الشَّامِيُّ: (؟ - 615 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 1/ 340)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 123)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 130)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرَّ المُنضَّدِ" (1/ 340). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ (2/ 444)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (247)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 62).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَة 615 هـ:
387 -
عَائشِةُ بِنْتُ صَالِحِ بْنِ كَامِلٍ الخَفَّافِ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "اسْتَجَازَ لَهَا عَمُّهَا مِنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الآبْنُوْسِيِّ، وَأَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ، وَحَدَّثَتْ. وَعَمُّهَا هُوَ المُبَارَكُ بْنُ كَامِلٍ (ت: 543 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّف فِي موْضِعِهِ، وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ. أَخْبَارُ عَائِشَةَ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 446)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 267)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (240).
388 -
وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَبِيْبٍ: أَبُو الحُصَيْنِ، المَقْدِسِيُّ، المُؤَذِّنُ بِـ "الجَبَلِ" رَوَى عَنْ أَبِي نَصْرِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بْنِ يُوسُفَ، وَرَوى عَنْهُ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ وَغَيْرهُ. أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 440)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (241).
389 -
وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ المُنَجَّى بْنَ بَرَكَاتِ بنِ المُؤَمَّل، أَبُو مُحَمَّدٍ التَّنُوْخِيُّ، المَعَرِّيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ القَاضِي أَسْعَدَ (ت: 606) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ عَبْدِ الوَهَّابِ فِي: التَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 429)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (249)، وَمَشْيَخَةِ ابنِ البُخَارِيِّ (2/ 1087)(الشَّيخُ الثَّالِثُ وَالعِشْرُوْنَ).
390 -
وَعُبَيْدِ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ بْنِ الحَسَنِ بنِ طِرَادٍ البَامَاوَرْدِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ القَابِلَةِ" الأَزَجِيُّ، حَدَّثَ عَنْ يَحيَى بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدُهُ المُبَارَكُ (ت: 571 هـ) =
بَدْرِ بْنِ حَسَّانَ الأَنْصَارِيُّ، الشَّامِيُّ الأَصْلِ، المِصرِيُّ، النَّجَّارُ، الحَنْبَلِيُّ، وَكَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، كَثيْرَ الصِّيَامِ وَالتَّعَبُّدِ. سَمِعَ مِنَ البُوصِيْرِيِّ، وَالأَرْتَاحِيِّ،
= فِي مَوْضِعِهِ، وَاسْتَدْرَكْتُ أَخَاهُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ (ت: 610 هـ). أَخْبَارُ عُبَيْدِ اللهِ، فِي: مُعْجَمِ البُلْدَانِ (1/ 392)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 107)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 452)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 125)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (250).
391 -
وَغُبَيْسُ بْنُ مُقْبِلِ بْنِ غُبَيْسٍ الضَّرِيْرُ الحَنْبَلِيُّ، بَغْدَادِيٌّ، رَوَى عَنْ شُهْدَةَ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "المُشْتَبَهِ" وَفِي "التَّكْمِلَةِ"، قَرَأَ القُرْآنَ الكَرِيْمَ عَلَى أَبي الحَسَنِ علَيِّ بْنُ عَسَاكِرٍ البَطَائِحِيِّ، وَسَمِعَ مِنْهُ
…
وَأَبِي أَحْمَدَ كَرَمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
…
وَامْتَنَعَ مِنَ الرِّوَايَةِ. يُرَاجَعُ: التَّوْضِيْحُ (6/ 144)، وَالتَّبْصِيْرُ (3/ 920)، وَهُوَ فِي التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (2/ 449)، وَالمُشْتَبَهِ (2/ 440)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (254)، وَفِي "التَّكْمِلَةِ"(وَغُبَيْسٌ) بِضَمِّ الغَيْنِ المُعْجَمَةِ، وَفَتْحِ البَاءِ المُوَحَدَّةِ، وَسُكُوْنِ اليَاءِ آخِرِ الحُرُوْفِ، وَبَعْدَهَا سِيْنٌ مُهْمَلَةٌ، وَفِي "التَّبْصِيْرِ" تَصَحَّفَتْ إِلَى "غَنْبَس"، وَجَعَلَ سَنَةَ وَفَاتِهِ سَنَةَ (625 هـ)؟!
- وَأَمَّا عِيْسَى بْنُ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ بنُ قُدَامَةَ، مَجْدُ الدِّيْنِ، أَبُو المَجْدِ وَالِدُ الحَافِظِ سَيْفِ الدِّيْنِ أَحمَدَ (ت: 643 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَمُحَمَّدٍ (ت: 643 هـ)، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت:؟)، وَعَائِشَةَ (ت: 697 هـ)، الذي قَالَ عنه الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: "وَكَانَ فَقِيْهًا، إِمَامًا، خَطِيْبًا، عَفِيْفًا، مُتَوَرِّعًا، مَحْبُوبًا إِلَى النَّاسِ، ذَا بَشَاشَةٍ، وَحُسْنِ خُلُقٍ، وَكَانَ مَلِيْحَ الكِتَابَةِ، خَطَبَ مُدَّةً بِالجَامِعِ المُظَفَّرِيِّ، وَسَعَى فِي مَصَالِحِهِ
…
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: رَوَى عَنْهُ وَالِدُهُ، وَالحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَالشَّمْسُ مُحَمَّدُ بْنُ الكَمَالِ، وَآخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِنْتُهُ عَائِشَةُ شَيْخَتُنَا" فَذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِيهِ المُوَفَّق (ت: 620 هـ) وَمَحَلُّهُ هُنَا. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 430)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (254)
…
وَغَيْرِهِمَا.
وَعَبْدِ الغَنِيِّ الحَافِظِ، وَرَبِيْعَةَ بْنِ نِزَارٍ، وَغَيْرِهِمْ، عَلَّقَ عَنْهُ المُنْذِرِيُّ شَيْئًا.
تُوُفِّيَ وَلهُ نَحْوَ السِّتِّيْنَ، وَدُفِنَ بِـ "سَفْحِ المُقَطَّمِ".
288 - عَبْدُ الله بْنِ الحُسَيْنِ
(1)
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ
(1)
288 - أَبُو البَقَاءِ العُكْبُرِيُّ (538 - 616 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 30)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 130)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 340). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 160)، وَإِنْبَاهُ الرُّوَاةِ (3/ 133)، وَتَلْخِيْصُهُ لابنِ مَكْتُوْمٍ (92)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 461)، وَعُقُودُ الجُمَانِ (3/ 169)(المَطْبُوع)، وَالذَّيْلُ عَلَى الرَّوْضَتَيْنِ (119)، وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (3/ 100)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (5/ 17)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (293)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 91)، وَالعِبَرُ (5/ 61)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (189)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (253)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (322)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 120)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 140)، وَتَارِيْخُ ابنِ الوَرْدِيِّ (2/ 138)، وَمِرآةُ الجِنَانِ (4/ 32)، وَنَكْتُ الهِمْيَانِ (178)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 139)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 85)، وَالمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (265)، وَالوَفَيَاتُ لابنِ قُنْفُذٍ (302)، وَتَارِيْخُ الخَمِيْسِ (2/ 411)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوكُ (2/ 367)، وَطَبَقَاتُ النَّحْوِيِّيْنَ لابنِ قَاضِي شُهْبَةَ (وَرَقَة: 165)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 246)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (10) (وَرَقَة: 2، 3)، وَبُغْيَةُ الوُعَاةِ (2/ 37)، وَطَبَقَاتُ المُفَسِّرِيْنِ (1/ 221)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 67)، (7/ 121).
وَعَرَفْتُ مِنْ أَوْلَادِ الشَّيْخِ أَبي البَقَاءِ: عَبْدَ الرَّحمَنِ، زَينَ الدِّيْنِ (ت: 634 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَمُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، أَبَا عَبْدِ اللهِ (ت:؟). وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنَ عَبْدِ اللهِ، أَبَا نَصْرٍ (ت:؟)، وَرَدَ ذِكْرُهُمَا فِي سَمَاعِ كِتَابِ أَبِيْهِمَا "المَشُوفِ المُعَلَمِ
…
" حَيْثُ سَمِعَهُ أَخُوْهُمَا عبْدُ الرَّحْمَن عَلَى أبِيهِ. وَمِنْ أَحْفَادِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ =
الأَزَجِيُّ، المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، المُفَسِّرُ، الفَرَضِيُّ، اللُّغَوِيُّ، النَّحْوِيُّ، الضَّرِيْرُ، مُحِبُّ الدِّيْنِ، أَبُو البَقَاءِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي البَقَاءِ.
وُلِدَ بِـ "بَغْدَادَ" سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، هكَذَا قَالَ غَيْرُ واحِدٍ، وَذَكَرَ الدُّبَيْثِيُّ: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِيْنَ، وَقَالَ القَطِيْعِيُّ: سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلَاثِيْنَ.
وقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ البَطَائِحِيُّ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ البَطِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ النَّقُّوْرِ، وَابْنِ هُبَيْرَةَ الوَزِيْرِ. وَقَرَأَ الفِقْهَ علَى القَاضِي أَبِي يَعْلَى الصَّغِيْرِ، وَأَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَاوَانِيُّ حَتَّى بَرَعَ فيه. وَأَخَذَ النَّحْوَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الخَشَّابِ. وَأَبِي البَرَكَاتِ بْنِ نَجَاحٍ. وَاللُّغَةَ عَنْ ابْنِ القَصَّابِ. وَبَرَعَ فِي فُنُوْنٍ عَدِيْدَةٍ مِنَ العِلْمِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ الكَثِيْرَةَ، وَرَحَلَتْ إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ مِنَ النَّوَاحِي، وَأَقْرأَ، المَذْهَبَ وَالفَرَائِضَ، وَالنَّحْوَ، وَاللُّغَةَ، وَانْتَفَعَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبلِيِّ المُلَقَّبُ بِـ "نَاصِحِ الدِّيْنِ" كَانَ - يَعْنِي أَبَا البَقاءِ - إِمَامًا فِي عُلُوْمِ القُرْآنِ، إِمَامًا فِي الفِقْةِ، إِمَامًا فِي اللُّغَةِ، إِمَامًا فِي النَّحْوِ، إِمَامًا فِي العَرُوْضِ، إِمَامًا فِي الفَرَائِضِ، إِمَامًا فِي الحِسَابِ، إِمَامًا فِي مَعْرِفَةِ المَذْهَبِ، إِمَامًا فِي المَسَائِلِ النَّظَرِيَّاتِ، وَلَهُ فِي هَذهِ الأَنْوَاعِ مِنَ العُلُومِ مُصَنَّفَاتٌ مَشْهُوْرَةٌ، قَالَ: وَكَانَ مُعِيْدًا للِشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ في المَدْرَسَةِ.
= (ت 656 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ وَالحَسَنُ بن مْحَمْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابنُ سَابِقِهِ
وَكَانَ مُتَدَيِّنًا، قَرَأْتُ عَلَيْهِ كِتَابَ "الفَصِيْحِ" لِثَعْلَبٍ مِنْ حِفْظِي، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ كِتَابِ "التَّصْرِيْفِ"
(1)
لاِبْنِ جِنِّي.
وَقَالَ الإِمَامُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَبِي الجَيْشِ: كَانَ يُفْتِي فِي تِسْعَةِ عُلُوْمٍ، وَكَانَ وَاحِدَ زَمَانِهِ فِي النَّحْوِ، وَاللُّغَةِ، وَالحِسَابِ، وَالفَرَائِضِ، وَالجَبْرِ وَالمُقَابَلَةِ وَالفِقْهِ، وَإِعْرَابِ القُرْآنِ، وَالقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ، وَلَهُ فِي كُلِّ هَذِهِ العُلُوْمِ تَصَانِيْفٌ، كِبَارٌ، وَصِغَارٌ، وَمُتَوَسِّطَاتٌ، وَذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ كَثِيْرًا.
وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: كَانَ متَفَنِّنًا فِي العُلُوْمِ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ حَسَنَةٌ فِي إِعْرَابِ القُرْآنِ وَقِرَاءَاتِهِ المَشْهُورَةِ، وَإِعْرَاب الحَدِيْثِ، وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ، وَنِعْمَ الشَّيْخُ كَانَ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ كَثِيْرًا مِنْ مُصَنَّفَاتِهِ، وَصَحِبْتُهُ مُدَّةَ طَوِيْلَةً، وَكَانَ ثِقَةً، مُتَدَيِّنًا، حَسَنَ الأَخْلَاقِ مُتَوَاضِعًا، كَثِيْرَ المَحْفُوْظِ، وَكَانَ مُحِبًّا لِلاِشْتِغَالِ وَالإِشْغَالِ، لَيْلًا وَنَهَارًا، مَا يَمْضِي عَلَيْهِ سَاعَةٌ إِلَّا وَوَاحِدٌ يَقْرَأُ عَلَيْهِ، أَوْ يُطَالِعُ لَهُ، حَتَّى ذُكِر لِي أَنَّهُ بِاللَّيْلِ تَقْرَأُ لَهُ زَوْجَتُهُ فِي كُتُبِ الأَدَبِ وَغَيْرِهَا، قَالَ: وَبَقِيَ مُدَّةً مِنْ عُمُرِهِ فَقِيْدَ النَّظِيْرِ مُتَوَحِّدًا فِي
(1)
هوَ المَعْرُوفُ بِـ "التَّصْرِيْفِ المُلُوْكِيِّ" مُختَصَرٌ لطِيْفٌ جِدًّا، مُفِيدٌ إِلَى الغَايَةِ، شَرَحَهُ أَبُو البَقَاءِ يَعِيْشُ بنُ عَلِيِّ بن يَعِيْش الإِمَامُ المَشْهُورُ شَارِح المُفَصَّلِ (ت: 643 هـ) كَمَا شَرَحَهُ قَبْلَ ذلِكَ أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ ثَابِتٍ الثَّمَانِيْنِيُّ (ت: 442 هـ) وَهُوَ مِنْ تَلَامِيْذِ ابنِ جِنِّي المُصَنِّفُ، وَهُمَا مَطْبُوعَانِ مَشْهُورَانِ، وَشَرَحَهُ غَيْرُهُمَا مِنَ العُلَمَاءِ مِنْهُمْ: أَبُو السَّعَادَاتِ بنُ الشَّجَرِيِّ (ت: 542 هـ)، وَالقَاسِمُ بنُ القَاسِمِ بنِ عُمَرَ الوَاسِطِيُّ (ت: 626 هـ).
فُنُونِهِ الَّتِي جَمَعَهَا مِنْ عُلُوْمِ الشَّرِيْعَةِ وَالآدَابِ، وَالحِسَابِ، فِي سَائِرِ البِلَادِ، وَذَكَرَ لِي: أَنَّهُ أضَرَّ فِي صِبَاهُ بِالجُدَرِيِّ، وَذكَرَ تَصَانِيْفَهُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ أَبُو البَقَاءِ
(1)
إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَنِّفَ كِتَابًا: أُحْضِرَتْ لَهُ عِدَّةُ مُصَنَّفَاتٌ فِي ذلِكَ الفَنِّ، وَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَإِذَا حَصَّلَهُ فِي خَاطِرِهِ: أَمْلَاهُ، فَكَانَ بَعْضُ الفُضَلَاءِ يَقُوْلُ: أَبُو البَقَاءِ تِلْمِيْذُ تَلَامِيْذِهِ، يَعْنِي: هُوَ تَبَعٌ لَهُمْ فِيْمَا يُلْقُوْنَهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ المَرَاتِبِيُّ:
(2)
سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا البَقَاءِ يَقُوْلُ: جَاءَ إِلَيَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالُوا: انْتَقِلْ إِلَى مَذْهَبِنَا وَنُعْطِيْكَ تَدْرِيْسَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ بِالنِّظَامِيَّةِ، فَأَقْسَمْتُ وَقُلْتُ: لَوْ أَقَمْتُمُونِي وَصَبَبْتُمْ عَلَيَّ الذَّهَبَ حَتَّى أَتَوَارَى، مَا رَجَعْتُ عَنْ مَذْهَبِي.
"ذِكْرُ تَصَانِيْفِهِ":
"تَفْسِيْرُ القُرْآنِ"، "البَيَانُ فِي إِعْرَابِ القُرْآنِ"
(3)
فِي مُجَلَّدَيْنِ، "إِعْرَابُ الشَّوَاذِّ"
(4)
،
(1)
في (ط): "أَبُو القاء" خطَأ طِبَاعَة.
(2)
فِي (ط): "المزاني" تَحْرِيْفٌ، وَالنَّصُّ أَكْثَرُ وُضُوحًا فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"قَرَأتُ بِخَطِّ السَّيْفِ بن المَجْدِ، سَمِعتُ المَرَاتِبِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا البَقَاءِ. ." وَ (المَرَاتِبِيُّ) هُوَ مُحَمَّدُ بنُ مَحمُودِ بْنِ عَبْدِ المُنعِمِ المَرَاتِبِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ (ت: 644 هـ) حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، قَالَ المُؤَلِّفُ ابنُ رَجَبٍ هُنَاكَ: صَحِبَ بِـ "بَغْدَادَ" أَبَا البَقَاءِ العُكْبَرِيَّ وَأَخَذَ عَنْهُ".
(3)
كَذَا هُنَا، وَالمَشْهورُ "التِّبْيَانُ
…
" وَبِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ طُبِع فِي القَاهِرة سَنَةَ (1976 م)، وَطُبِعَ قبْلَ ذلِكَ مِرَارًا باسم "إِملاء ما مَنَّ بِهِ الرَّحْمَن
…
".
(4)
طُبِعَ أَخِيْرًا سَنَة (1417 هـ) بدار عالم الكتب، بيروت.
"مُتَشَابِهُ القُرْآنِ""عَدَدُ الآي""إِعْرَابُ الحَدِيْثِ"
(1)
كِتَابُ "التَّعْلِيْقِ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ" فِي الفِقْهِ "شَرْحُ الهِدَايَةِ" لأَبِي الخَطَّابِ
(2)
فِي الفِقْهِ، كِتَابُ "المَرَامِ فِي نِهَايَةِ الأَحْكَامِ" فِي المَذْهَبِ، كِتَابُ "مَذَاهِبِ الفُقَهَاءِ""النَّاهِضُ فِي عِلْمِ الفَرَائِضِ""بُلْغَةُ الرَّائِضِ فِي عِلْمِ الفَرَائِضِ" وَ"كِتَابٌ آخَرُ فِي الفَرَائِضِ" لِلْخُلَفَاءِ "المُنَقَّحُ مِنَ الخَطَلِ فِي عِلْمِ الجَدَلِ"
(3)
"الاعْتِرَاضُ علَى دَلَيْلِ التَّلَازُمِ وَدَلِيْلِ التَّنَافِي" جُزْءٌ "الاِسْتِيْعَابُ فِي عِلْمِ الحِسَابِ" "اللُّبَابُ فِي [عِلَلِ]
(4)
البِنَاءِ وَالإِعْرَابِ" "شَرْحُ الإِيْضَاحِ"
(5)
"شَرْحُ اللُّمَعِ"
(6)
"شَرْحُ التَّلْقِيْنِ" فِي النَّحْوِ "التَّلْخِيْصُ" فِي النَّحْوِ
(1)
طُبِع مِرَارًا. وَاسْمُهُ: "إِعْرَابُ مَا يُشْكِلُ
…
" وَهُوَ عَلَى "جَامِعِ المَسَانِيْدِ
…
" لابنِ الجَوْزِيِّ.
(2)
يُرَاجَعُ: هَامِش تَرْجَمَةِ أَبي الخَطَّابِ مَحْفُوْظِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 510 هـ) لِمَعْرِفَةِ شُرَّاحِ "الهِدَايَةِ".
(3)
اخْتَصَرَهُ تِلْمِيْذُهُ صَفِيُّ الدِّيْنِ عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ عَبْدِ الحَقِّ البَغْدَادِيُّ (ت: 739 هـ)، ونَقَلَ عَنْهُ الطُّوْفِيُّ فِي "الصَّعْقَةِ الغَضَبِيَّة".
(4)
هَكَذَا اسمُ الكِتَابِ عَلَى نُسَخِهِ الخَطِّيَةِ، وَقَدِ اطَّلَعتُ علَى سَتِّ نُسَخٍ خَطِّيَّةِ مِنَ الكِتاب، وَكُنْتُ قَدْ عَقَدْتُ العَزْمَ علَى إِخْرَاجِهِ إِلَّا أَنَّنِي علِمْتُ أَنَّ أَخِي الفَاضِلَ خَلِيْلَ بُنْيَّان الحَسُّوْنَ مِنْ جَامِعَة "بَغْدَاد" قَدْ حَقَّقَهُ في رِسَالَةٍ عِلْمِيَّةٍ أَظُنُّهُ فِي جَامِعَةِ القَاهِرَةِ فَصَرَفْتُ النَّظَرَ عَنْ إِخْرَاجِهِ، وَعَلِمْتُ مِنْهُ - حَفِظَهُ اللهُ - أَنَّهُ سَيَخْرُجُ ضِمْنَ مَطْبُوعَاتِ وَزَارَةِ الأَوْقَافِ العِرَاقِيَّةِ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ خَرَجَ الكِتَابُ مُحَقَّقًا مَطْبُوعًا فِي مَرْكَزِ جُمْعَةَ المَاجِدِ بِتَحْقِيْقِ غَازي مُختار وَذلِكَ سَنَةَ (1416 هـ) اعْتَمَدَ في إِخْرَاجِهِ عَلَى نُسْخَتَيْنِ؟!
(5)
هُوَ شَرْحُ "الإِيْضَاحِ وَالتَّكْمِلَةُ" لأَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ، لَهُ ثَلَاثُ نُسَخٍ خَطِّيَة، أَجْمَلُهَا وَأَحْسَنُهَا في مَكْتَبَةِ الفَاتح بتُركيا رقم (4909) حَقَّقَ الدُّكتور عَبْدُ الرَّحمَن الحُمَيْدِي فِي جَامِعَةِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُوْدٍ فِي الرِّيَاضِ، الجُزْء الأوَّل، وَلَم يُنْشَر بعْدُ.
(6)
اسْمُهُ: "المُتَّبَعُ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ"، وَ"اللُّمَعُ فِي عِلْمِ العَرَبِيَّةِ"، لأَبِي الفَتْحِ بنِ جِنِّيِّ (ت: =
"الإِشَارَةُ" فِي النَّحْوِ "تَعْلِيْقٌ عَلَى مُفَصَّلِ الزَّمَخْشَرِيِّ"
(1)
"شَرْحُ الحَمَاسَةِ"
(2)
"غَوَامِضُ الأَلْفَاطِ اللُّغَوِيَّةِ لِلْمَقَامَاتِ الحَرِيْرِيَّةِ"
(3)
"شَرْحُ خُطَبِ ابْنِ نُبَاتَةَ"
(4)
"شَرْحُ بَعْضِ قَصَائِدِ رُؤْبَةَ، "شَرْحُ لُغَةِ الفِقْهِ" أَمْلَاهُ عَلَى ابْنِ النَّجَّارِ الحَافِظِ "شَرْحُ دِيْوَانِ المُتَنَبِّي"
(5)
"مَسَائِلُ مُفْرَدَةٌ""أَجْوِبَةُ مَسَائِلَ وَرَدَتْ مِنْ "حَلَبَ" "المَشُوْفُ
(6)
المُعَلَمُ فِي تَرْتِيْبِ إِصْلَاحِ المَنْطِقِ عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ" "تَلْخِيْصُ
= 392)، وَشَرْحُ أَبِي البَقَاءِ مِنَ الكُتُبِ الَّتي وَصَلَتْنَا، وَلَهُ أربعُ نُسَخٍ خَطِّيَّةٍ، وَألَّفَ ابنُ إيازٍ النَّحْوِيُّ البَغْدَادِيُّ (ت: 681 هـ) "مَآخِذَ المُتَّبَعِ" أَوِ "التَّعْلِيقَ علَى المُتَّبَعِ" يَظْهَرُ أَنَّهَا انْتِقَادَاتٌ لِكِتَابِ أَبِي البَقَاءِ، ذَكَرَ ذلِكَ في كِتَابَيْهِ:"قَوَاعِد المُطَارَحَةِ"(وَرقة: 13، 31) وَغَيْرِهِمَا، مِنْ نُسْخَةِ دَارِ الكُتُبِ المِصْرِيَّة، و"المَحْصُوْلِ فِي شرَح الفُصُوْلِ"، انظُر مَثلًا ورقة (103)، مِن نُسْخَةِ كُوْبَرْلِي بتُركيَّا رقم (1491)، وَطُبِعَ كِتَابُ أَبِي البَقَاءِ في جَامِعَةِ قَاريُوْنُس بليبيا سَنَةَ (1994 م).
(1)
نُسِبَ إِلَى أَبِي البَقَاء عِدَّةُ نُسَخٍ في مَكْتَبَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَقَفْتُ عَلَيْهَا جَمِيْعًا، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي نِسْبَةَ أَيِّ نُسْخَةٍ منها إلى أَبِي البَقَاءِ؟!
(2)
لَهُ نُسَخٌ مُخْتَلِفَة ذَكَرْتُهَا فِي مُقَدِّمة كِتَابِهِ: "التَّبيِيْن عَنْ مَذَاهِبِ النَّحْوِيين".
(3)
لَهُ نُسَخٌ مُخْتَلِفَةٌ، جَيِّدةٌ وطُبِعَ الجُزء الأوَّل منه في بَغْدَادَ.
(4)
لَهُ نُسَخٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَحَقَّقَتْهُ إِحْدَى طَالِبَاتِ كُلِّيَةِ البَنَاتِ بِجِدَّة، ولم يُطْبَعْ بَعْدُ.
(5)
هُوَ فِي الغَالِبُ - إِعْرَابُ دِيْوَانِ المُتَنَبِّي لَا شَرْحُهُ، وَالمَطْبُوعُ بِاسْمِ شَرْحِ دِيْوَانِ المُتَنَبِي لأَبِي البَقَاء هِي نِسْبَةٌ خَطَأ بِلَا رَيْبَ، وَالمَكَانُ هُنَا لَا يتَّسِعُ لتَفْصِيْلِ ذلك، وَقَدْ انْتَهَى إِلَى هذِهِ الحَقِيْقَةِ كثِيرٌ من أَهلِ العِلْمِ وَالفَضل. في مُقَدِّمَتِهِم الدُّكتور مُصْطَفَى جَوَاد، رحمه الله.
(6)
في (ط): "المَشُوْقِ" وَطُبِعَ كِتَابُ أَبِي البَقَاءِ في مَركَزِ البَحْثِ العِلْمِيِّ فِي جَامِعَةِ أُمِّ القُرَى بِمَكَّةَ المُكَرَّمَة سنة (1403 هـ).
أَبْيَاتِ شِعْرٍ لأَبِي عَلِيٍّ" "تَهْذِيْبُ الإِنْسَانِ بِتَقْوِيْمِ اللِّسَانِ" "الإِعْرَابُ عَنْ عِلَلِ الإِعْرَابِ"
(1)
وَغَيْرِ ذلِكَ. وَمِنْ شِعْرِهِ يَمْدَحُ الوَزِيْرَ ابْنَ القَصَّابِ:
(2)
بِكَ أَضْحَى جِيْدُ الزَّمَانِ مُحَلَّى
…
بَعْدَ مَا كَانَ مِنْ حُلَاهُ مُخَلَّى
لَا يُجَارِيْكَ فِي نِجَارِيْكَ خَلْقٌ
…
أَنْتَ أَغْلَى قَدْرًا وَأَعْلَى مَحَلًّا
عِشْتَ تُحْيِي مَا قَدْ أُمِيْتَ مِنَ الفَضْـ
…
ــلِ وَتَنْفِيَ جَوْرًا وَتَطْرُدُ مَحْلَا
قَالَ ابْنُ السَّاعِي: ذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو البَقَاءِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ قَطُّ سِوَى هَذِهِ الأَبْيَاتِ كَذَا قَالَ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: أَنْشَدَنِي أَبُو البَقَاءِ لِنَفْسِهِ:
(3)
(1)
لَعَلَّهُ هُوَ نَفْسُهُ: "اللُّبَابُ فِي عِلَلْ البِنَاءِ وَالإِعْراب" السَّالِفُ الذِّكْرِ.
(2)
قَالَ الصَّفَدِيُّ إِنَّهَا فِي مَدْحِ ابْنِ المَهْدِيِّ، وَابْنُ القَصَّابِ تَقَدَّمَ ذِكره، وابن مَهْدِي هُوَ نَاصِرُ بْنُ مَهْدِي العَلَوِيُّ المَازَنْدَرَانِيُّ الوَزِيْرُ، تَقَلَّدَ الوِزَارَةَ بِـ "بَغْدَادَ" سَنَة (602 هـ) ثُمَّ قُبِضَ عَلَيْهِ سَنَةَ (604 هـ) وبَقِيَ بِـ "بَغْدَادَ" إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ:(617 هـ) يُرَاجَعُ: الكَامِلُ (12/ 400) وَمُفرِّجُ الكُرُوْبِ (4/ 91)، وَالفَخْرِيُّ (325)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 47)، والعَسْجَدُ المَسْبُوكُ (2/ 383).
(3)
عَنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَج الأحمد" وَهِي تُوَافِقُ فِي رَوِيِّها وَوَزْنِهَا وَمَعْنَاهَا قَصِيْدَةً فِي أَزْهَارِ الرِّياضِ للقَاضِي عِيَاضٍ (1/ 310، 311)، نُسِبَت إِلَى لِسَانِ الدِّيْنِ بنِ الخَطِيْبِ، صَاحِبِ "الإحَاطَةِ في أَخْبَارِ غَرْنَاطَةِ"، الإِمَامِ المَشْهُوْرِ (ت: 776 هـ) قَالَ: أَوْ لِبَعْضِ المَشَارِقَةِ، وَنَسَبَهَا الصَّفَدِيُّ إِلَى ابْنِ القَوَّاسِ.
يَقُولُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ سُلَيْمَان العُثَيْمِينَ - عَفَا اللهُ عَنْهُ -: الَّذِي أَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ القَصِيْدةِ لَيْسَتْ لأَبِي البَقَاءِ؛ لأَنَّ أُسْلُوْبَهَا يَخْتَلِفُ عَنَ المَقْطُوْعَاتِ الَّتِي نُسِبَتْ إِلَيْهِ؛ وَلأَنَّ ابنَ الشَّعَّارِ قَالَ فِي كِتَابِهِ عُقُوْدِ الجُمَالِ (3/ 169)، وَكَانَ قَلِيْلَ الإِلْمَامِ بِقَوْلِ الشِّعْرِ. قَالَ ابْنُ الشَّعَّارِ: "وَكَتَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الفُضَلَاءِ هَذِهِ الأَبْيَاتِ وَسَأَلَهُ =
أَشْكُو إِلَى اللهِ مَا أَلْقَى مِنَ الكَمَدِ
…
وَمِنْ فِرَاقِ حَبِيْبٍ فَتَّ فِي عَضُدِي
وَهَى اصْطِبَارِي وَهَا دَمْعِي يَنِمُّ عَلَى
…
بَرْحِ الهَوَى بِي وَأَنْ قَدْ خَانَنِي جَلَدِي
قَدْ كُنْتُ وَالشَّمْلُ مَلْمُوْمًا بِهِمْ فَرَقًا
…
مِنَ الفِرَاقِ وَإِشْفَاقِي عَلَى الرَّصْدِ
فَكَيْفَ حَالِي وَقَدْ شَطَّ المَزَارُ بِهِمْ
…
عَنِّي وَبُدِّلَ قُرْبُ الدَّارِ بِالبَعَدِ
طَارَ الفُؤَادُ شُعَاعًا سَاعَةَ احْتَمَلُوا
…
وَأَلَّفَ البَيْنَ بَيْنَ الجَفْنِ وَالسُّهُدِ
أَنَّى أَلَذُّ بِعَيْشٍ بَعْدَ بُعْدِهِمُ
…
وَالرُّوْحُ فِي بَلَدٍ وَالجِسْمُ فِي بَلَدِ
يَا وَيْحَ قَلْبِيَ مِنْ شَوْقٍ أُكَابِدُهُ
…
ضَعِفْتُ عَنْهُ فَمَنْ ذَا آخِذٌ بِيَدِي
حُكْمُ الهَوَى جَائِرٌ عُدْوَانُهُ هَدَرٌ
…
قَتْلَاهُ ظُلْمًا بِلَا عَقْلٍ وَلَا قَوَدِ
قَدْ رَقَّ قَلْبِي ظَلُوْمٌ مَا يَرِقُّ لَهُ
…
مِنَ الغَرَامِ الَّذي أَحْنَى عَلَى كَبِدِي
= الجَوَابَ عَنْهَا وَهِي:
مَرَّ بِنَا شَادِنٌ فَقُلْنَا
…
مَالاسْمُ يَا أَيُّهَا الغَزَالُ
فَقَالَ ثُلْثٌ ثَمَانِ عَشْرٍ
…
تُضْرَبُ فِي مِثْلِ مَا يُقَالُ
تُجْعَلُ آحَادُهَا حِسَابًا
…
وَيَجْبُرُ النَّاقِصَ الكَمَالُ
فَبَيِّنُوْهُ فَمِثْلِ هَذَا
…
يَعْجُزُ عَنْ كَشْفِهِ الرِّجَالُ
فَأَجَابَهُ أَبُو البَقَاءِ:
يَا حَاسِبًا مَالَهُ مِثَالُ
…
غَوَّصْتَ وَاسْتَعْجَمَ السُّؤَالُ
إِنِّي أَرَى مَا سَأَلْتَ عَنْهُ
…
مُبَيِّنًا مَا بِهِ اعْتِلَالُ
الاِسْمُ عِيْسَى بِمُقْتَضَى مَا
…
ذَكَرْتَ فَلْيُفْهَمِ المَقَالُ
تِسْعِيْنَ فَاعْدِدْ حُرُوفَ عيْسَى
…
مِنْ بَعْدِ سِتِّيْنَ وَالكَمَالُ
هَذَا جَوَابٌ لَهُ اتِّجَاهٌ
…
وَغيْرُ هَذَا لَهُ مُحَالُ
أَحْنَى الضُّلُوعَ علَى قَلْبٍ تَمَلَّكَهُ
…
مَنْ لَيْسَ يَحْنُو عَلَى صَبٍّ بِهِ كَمِدِي
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي أَبُو البَقَاءِ العُكْبَرِيُّ لِنَفْسِهِ:
صَادَ قَلْبِي عَلَى العَقِيْقِ غَزَالٌ
…
ذُو نِفَارٍ وِصَالُهُ مَا يُنَالُ
فَاتِرُ الطَّرْفِ تَحْسَبُ الجَفْنَ مِنْهُ
…
نَاعِسًا وَالنُّعَاسُ مِنْهُ مُدَالُ
أَخَذَ عَنْهُ العَرَبِيَّةِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَأَخَذَ عَنْهُ الفِقْهَ جَمَاعَةٌ منَ الأَصْحَابِ، كَالمُوَفَّقِ بْنِ صُدَيْقٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى الحَرَّانِيَّينِ. وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالضِّيَاءُ، وَابْنُ الصَّيْرَفِيُّ، وَبِالإِجَازَةِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ: الكَمَالُ البَزَّارُ البَغْدَادِيُّ
(1)
.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الأَحَدِ ثَامِنَ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ، بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أخْبَرنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) أَبُو زكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الحَرَّانِيُّ حُضُوْرًا (أَنَا) أَبُو البَقَاءِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ البَاقِي (أَنَا) مَالِكُ بْنُ أَحْمَدَ البَانِيَاسِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبي الفَوَارِسِ الحَافِظُ (ثَنَا) أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلَّادٍ (ثَنَا) أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ مِلْحَانَ (ثَنَا) يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيْدَ، عَنْ سَعِيْدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: "مَنْ
(1)
أَحْصَيْتُ بَعْضُ الآخِذِيْنَ عَنْ أَبِي البَقَاءِ فِي مُقَدِّمَة كِتابه: "التَّبيين
…
" فَزَادُوا علَى أَرْبَعِيْنَ عَالِمًا، ثُمَّ عَثَرْتُ علَى آخِرِيْنَ بَعْدَ ذلِكَ.
نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ عز وجل لَيْسَتْ لَهُ حُجَّةٌ، وَمَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"
(1)
.
"ذِكْرُ شَيءٍ مِنْ فوَائِدِهِ وَكَلَامِهِ فِي الفِقْهِ وَغَيْرِهِ"
- ذَكَرَ أَبوُ البَقَاءِ فِي "شَرْحِ الهِدَايَةِ" وَجْهًا بِدُخُوْلِ الاِسْتِحَاضَةِ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ، وَقَدْ حَكَاهُ قَبْلَهُ القَاضِي فِي "شَرْحِ المَذْهَبِ".
- وَحَكَى فِيْمَا إِذَا حَكَّ أَسْفَلَ الخُفِّ بِعُوْدٍ وَنَحْوِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ، فَهَلْ يَقُوْمُ مَقَامَ دَلْكِهِ بِالأَرْضِ فِي طَهَارَتهِ أَوِ العَفْوِ عَنْهُ، وَجْهَيْنِ.
- وَقَالَ فِيْهِ: الكَلْبُ وَالحِمَارُ الأَهْلِيِّ وَالوَحْشِيِّ سَوَاءٌ فِي قَطْعِ الصَّلاةِ، قَالَ: وَقَالَ الشَّرِيْفُ: رَأَيْتُ فِي بَعْضِ نُسَخٍ: "المُجَرَّدِ" يَقْطَعُ الحِمَارُ الأَهْلِيُّ.
وَقَالَ فِيْهِ: لَمْ أَجِدْ لأَصْحَابِنَا فِي بَعْضِ الآيَةِ الَّتِي يَجُوْزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَتِهَا حَدًّا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ: إِنَّهُ يَجُوْزُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَثُرَ البَعْضُ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ آيَاتٍ مُتَوَسِّطَةٍ، وَالأَمْرُ مَحْمُوْلٌ عنْدِي عَلَى غَيْرِ ذلِكَ، وَهُوَ أَنْ يُحْمَلَ البَعْضُ عَلَى مِقْدَارِ دُوْنَ آيَةِ مُتَوَسِّطَةٍ، إِذَا كَانَ كَلَامًا تَامًّا غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ.
وَحَكَى ابنُ الصَّيْرَفِيِّ أَيْضًا، عَنْ أَبِي البَقَاءِ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتَارُ جَوَازَ أَخْذِ بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الزَّكَاةِ إِذَا مُنِعُوا حَقَّهُمْ مِنْ خُمُسِ الغَنِيْمَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ أَيْضًا: خَرَّجْتُ جَوَازَ دَفْعِ الرِّشْوَةِ إِلَى القَاضِي
(1)
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (2/ 70، 93، 97، 154)، وابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي السُّنَّةِ رقم (1075)، (1076)، وَإِسنَادُهُ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ ابنُ حبَّانَ فِي صَحِيْحِه رقم (4578) وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ رقم (1851) مِن حَدِيثِ عبد الله بن عُمَر رَضيَ اللهُ تعالى عَنْهُمَا. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
الظَّالِمِ لِدَفْعِ ظُلْمِهِ عَلَى عَامِلِ الخَرَاجِ، وَذَاكَرْتُ بِذلِكَ شَيْخِي أَبَا البَقَاءِ فَلَمْ يُصَوِّبْهُ، قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ عَقِيْلٍ فِي "فُنُوْنِهِ" صَرَّحَ بِمَا خَرَّجْتُهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا البَقَاءِ يَقُوْلُ: فِيْمَنْ رَأَى رَجُلًا نَائِمًا، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ: لَا يُوْقِظُهُ؛ لأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ، قَالَ: وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي حَكِيْمٍ.
قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي الخَطَّابِ: أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الخَطَّابِ عَنْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ يُوْقِظُهُ، قَالَ: وَحَكَى عَنْ شَيْخِنَا أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ مِثْلَ ذلِكَ، قَالَ: وَرَأَيْتُ فِي "فُنُوْنِ ابْنِ عَقِيْلٍ" هَذِهِ المَسْأَلَةَ، وَقَدْ جَرَتْ فِيْهَا مُذَاكَرَاتٌ بَيْنَ ابْنِ عَقِيْلٍ وَرَجُلٍ آخَرَ مُعَيَّنٍ، وَاخْتَلَفَا فِي ذلِكَ.
وَمِنْ كَلَامِهِ فِي "حَوَاشِي المُفَصَّلِ"
(1)
، "أَفْعَلُ" تُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَضْلَ المَذْكُوْرِ زَائِدٌ عَلَى فَضْلِ مَنْ أُضِيْفَ إِلَيْهِ "أَفْعَلَ" فَهَذَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، بِـ "مِنْ" كَقَولِكَ: زَيْدٌ أَفْضَلُ مِنْ عَمْرٍو، وَهَذَا لَا يُثَنَّى، وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ، لِعِلَّةٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا، وَبِالإِضَافَةِ كَقَوْلِكَ: زَيْدٌ أَفْضَلُ القَوْمِ، وَهَذَا لَا يُضَافُ إِلَى مُضَافٍ إِلَى ضَمِيرِهِ، فَلَا تَقُوْلُ: زَيْدٌ أَفْضَلُ إِخْوَتِهِ، وَبِالأَلِفِ وَاللَّامِ، كَقَوْلِكَ: زَيْدٌ الأَفْضَلُ.
(1)
سَمَّاهُ هُنَا "حَوَاشِيَ" وَسَبَقَ لَهُ أَنْ ذَكَرهُ بِاسْمِ "تَعْلِيْق .. " وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَيُسْتَبْعَدُ مَعَهُمَا أَنْ يَكُوْنَ شَرْحًا مُتَكَامِلًا كَمَا يُفْهَمُ مِن معْنَى الشَّرْحِ؛ لِذلِكَ اسْتَبْعَدْتُ كَثِيْرًا مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ مِنَ الشُّرُوْحِ المُتكَامِلَةِ؛ لِهَذَا وَلِغَيْرِهِ.
وَالوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُوْنَ "أَفْعَلُ" لِلْزِّيَادَةِ، بَلْ لاِشْتِهَارِ المَذْكُورِ بِالفَضْلِ وَتَخْصِيْصِهِ مِنْ دُوْنِهِمْ، كَقَولِكَ: زَيْدُ أَفْضَلُ القَوْمِ، كَمَا تَقُوْلُ: فَاضِلٌ، وَعَلَى هَذَا: يَجُوْزُ أَنْ يُضَافَ إِلَى مُضَافٍ إِلَى ضَمِيْرِهِ، كَقَوْلكَ: زَيْدٌ أَفْضَلُ قَوْمِهِ، وَأَحْسَنُ إِخْوَتِهِ، أَيْ: هُوَ الفَاضِلُ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَهَذَا يُثَنَّى وَيُجْمَعُ وَيُؤَنَّثُ.
- وَمِنْهُ: الفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارِي لَهُ دِرْهَمٌ، بِإِسْقَاطِ الفَاءِ، أَي: إِنَّهُ مَعَ إِثْبَاتِهَا يَكُوْنُ ضَامِنًا لَهُ الدِّرْهَمُ عَلَى دُخُوْلِهِ، وَمَعَ سُقُوْطِهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ دِرْهَمًا، لَا أَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ شَيْئًا.
وَقَالَ: الفَرْقُ بَيْنَ "وَاوِ مَعَ""وَاوِ العَطْفِ" يَتَبَيَّنُ بِقَوْلِكَ: "قُمْ أَنْتَ وَزَيْدٌ" إِذَا رَفَعْتَ "زَيْدٌ" كُنْتَ آمِرًا لَهُمَا بِالقِيَامِ، لأَنَّ حُكْمَ العَطْفِ أَنْ يُشَرِّكَ بَيْنَ المَعْطُوفِ وَالمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي العَامِلِ، وَإِذَا نَصَبْتَ كُنْتَ آمِرًا المُخَاطَبَ أَنْ يُتَابِعَ زَيْدًا فِي القِيَامِ، وَلَسْتَ آمِرًا زَيْدًا بِالقِيَامِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُمْ لَمْ يَلْزَمِ المُخَاطَبُ القِيَامَ؛ لأَنَّ هَذَا هُوَ حُكْمُ "مَعَ".
- وَمِنْ كَلَامِهِ - وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ - "لَوْ" تَقَعُ فِي الكَلَامِ عَلى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: امْتِنَاعُ الشَّيءِ لاِمْتِنَاعِ غَيْرِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُوْنَ بِمَعْنَى "إِنِ" الشَّرْطِيَّةِ، كَقَولِهِ تَعَالَى:
(1)
{وَلَأَمَةٌ
(1)
سُورة البقرة، الآية:221.
مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}.
وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى "أَنْ" النَّاصِبَةِ لِلْفِعْلِ المُسْتَقْبَلِ، وَلكِنَّهَا لَا تَنْصِبُ، وَهُوَ كَثِيْرٌ فِي القُرْآنِ وَالشِّعْرِ، كَقَولِهِ تَعَالَى:
(1)
{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)} {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي}
(2)
وَلَا يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ لِلْامْتِنَاعِ؛ إِذْ لَا جَوَابَ لَهَا، وَلأَنَّ "وَدَّ" لَا تُعَلَّقُ عَنِ العَمَلِ؛ إِذْ لَيْسَ مِنْ بَابِ العِلْمِ وَالظَّنِّ، وَلأَنَّ "أَنْ" قَدْ جَاءَتْ بَعْدَهَا صَرِيْحَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(3)
{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} وَإِنَّمَا لَمْ تَنْصِبْ؛ لأَنَّ "لَوْ" قَدْ تَعَدَّدَتْ مَعَانِيْهَا، فَلَمْ تَخْتَصَّ، وَجَرَتْ مَجْرَى "حَتَّى" فِي الأفْعَالِ.
وَالقِسْمُ الأَوَّلِ يَرِدُ فِي اللُّغَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ تَدُلَّ عَلَى كَلَامٍ لَا نَفْيَ فِيْهِ، كَقَوْلِكَ: لَوْ قُمْتَ قُمْتُ، وَيُفِيْدُ ذلِكَ امْتِنَاعُ قِيَامِكَ لَامْتِنَاعِ قِيَامِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَدْخُلَ عَلَى نَفْيَيْنِ، فَيَصِيْرُ المَعْنَى إِلَى إِثْبَاتِهِمَا، كَقَوْلِكَ: لَوْ لَمْ تَزُرْنِي لَمْ أُكْرِمْكَ، أَي: أَكْرَمْتُكَ لأنَّكَ زُرْتَنِي، فَانْقَلَبَ النَّفْيُ هَهُنَا إِثْبَاتًا، لأَنَّ "لَوْ" امْتِنَاعٌ، وَالاِمْتِنَاعُ نَفْيٌ، وَالنَّفْيُ إِذَا دَخَلَ عَلَى النَّفيِ صَارَ إِيْجَابًا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُوْنَ النَّفْيُ فِيْمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ دُوْنَ جَوَابِهَا، كَقَوْلِكَ: لَوْ لَم تَشْتُمْهُ لأَكْرَمَكَ، فَالشَّتْمُ وَاقِعٌ، وَالإِكْرَامُ مُنْتَفٍ، وَالاِمْتِنَاعُ أَزَالَ النَّفْيَ،
(1)
سورة القلم.
(2)
سورة المعارج، الآية:11.
(3)
سورة البقرة، الآية:266.
وَبَقِيَ الإِيْجَابُ بِحَالِهِ.
وَالرَّابِعُ: عَكْسُ الثَّالِثِ، وَهُوَ قَوْلُكَ: لَوْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ لَمْ تُسِيءْ إِلَيْهِ، وَالمَعْنَى مَعْلُومٌ.
وَالخَامِسُ: أَنْ تَقَعَ لِلْمُبَالَغَةِ، فَلَا تُفِيْدُ مَفَادُهَا فِي الوُجُوْهِ الأُوَلِ، كَقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه:"نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْبٌ، لَوْ لَمْ يَخَفِ اللهَ لَمْ يَعْصِهِ"، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ خَوْفٌ لَمَا عَصَى، فَكَيْفَ يَعْصِي وَعِنْدَهُ خَوْفٌ؟ وَلَوْ لَمْ يُرِدِ المُبَالَغَةَ لَكَانَ مَعْنَى ذلِكَ: أَنَّهُ يَعْصِي اللهَ، لأنَّهُ يَخَافُهُ.
وَقَالَ أَيْضًا: "لَوْ" فِي المَوْضِعِ اللُّغَوِيِّ تُعَلِّقُ فِعْلًا بِفِعْلٍ، وَالفِعْلُ الأَوَّلُ عِلَّةُ الثَّانِي، إِلَّا أَنْ يَكُوْنَ هُنَا قَرِيْنَةٌ صَارِفَةٌ تَصرِفُهَا عَنْ هَذَا الأَصْلِ، وَهُوَ أَنْ يَدُلَّ المَعْنَى عَلَى إِرَادَةِ المُبَالَغَةِ، كَقَوْلِكَ: لَوْ أُهِيْنَ زَيْدٌ لأَحْسَنَ إِلَى مَنْ يُهِيْنَهُ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ إِذَا أُكْرِمَ كَانَ أَوْلَى بِالإِحْسَانِ، لَا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُهَنْ لَمْ يُحْسِنْ.
- وَمِنْ كَلَامِهِ: "بَلْهَ" تُسْتَعْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُوْنَ بِمَعْنَى "غَيْرِ".
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُوْنَ بِمَعْنَى "دَعْ" فَتَكُوْنَ مَبْنِيَّةً علَى الفَتْحِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى "كَيْفَ" فَإِنْ دَخَلَتْ "مِنْ" عَلَيْهَا كَانَتْ مُعْرَبَةً، وَجُرَّتْ بِمِنْ.
- وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الفَارِسيَّ حَكَى عَنْ أَبِي زَيْدٍ
(1)
، القَلْبَ، فَيُقَالُ:
(1)
هُوَ أَبُو زَيْدٍ، سَعِيْدُ بنُ أَوْس بنِ ثَابتٍ الأَنْصَارِيُّ (ت: 215 هـ تقريبًا) مُؤَلِّف "النَّوَادِرِ =
"بَهْلَ" إِلَّا أَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ مِثْلَ: "بَلْهَ" لأَنَّهَا فَرْعٌ.
وَقَالَ أَبُو البَقَاءِ: سَأَلَنِي سَائِلٌ عَنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
: "إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ" فَقَالَ: أَيَجُوْزُ فِي "الرُّحَمَاءُ" الرَّفْعُ والنَّصْبُ؟ وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّ الرَّفْعَ غَيْرُ جَائِزٍ، فَأَحَبْتُ: بِأَنَّ الوَجْهَيْنِ جَائِزَانِ.
أَمَّا النَّصْبُ: فَلَهُ وَجْهَانِ، أَقْوَاهُمَا: أَنْ تَكُوْنَ "مَا" كَافَّةً لِـ "إِنَّ" عَنِ العَمَلِ فَلَا يَكُوْنُ فِي "الرُّحَمَاءُ" عَلَى هَذَا إِلَّا النَّصْبُ، لأَنَّ "إِنَّ" إِذَا كُفَّتْ عَنِ العَمَلِ وَقَعَتْ بَعْدَهَا الجُمْلَةُ ابْتِدَائِيَّةً، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَمَلٌ، فَيَتَعَيَّنُ حِيْنَئِذٍ نَصْبُ "الرُّحَمَاءِ" بِـ "يَرْحَمُ" إِذْ لَمْ يَبْقَ لهَا تَعَلُّقٌ بِـ "إِنَّ"، وَمِثْلُهُ
(2)
: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَ، وَفَائِدَةُ دُخُوْلِ "مَا" عَلَى هَذَا الوَجْهِ: إِثْبَاتُ المَذْكُوْرِ، وَنَفْيِ مَا عَدَاهُ، فَتَثْبُتُ الرَّحْمَةُ لِلْرُّحَمَاءِ دُوْنَ غَيْرِهِمْ.
وَالوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُوْنَ "مَا" زَائِدَةٌ، وَ"إِنَّ" بِمَعْنَى "نَعَمْ" وَزِيَادَةُ "مَا" كَثِيْرًا، وَوُقُوْعُ "إِنَّ" بِمَعْنَى "نَعَمْ" كَثِيْرٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
(3)
{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} فِي أَحَدِ القَوْلَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، حِيْنَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ:
= فِي اللُّغَةِ". أَخْبَارُهُ فِي: نُزْهَةِ الأَلِبَّاءِ (86)، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (11/ 214).
(1)
الحَدِيْث مَشْهُوْرٌ جِدًّا، وَهُوَ مِنَ الأَحَادِيْثِ المُسَلْسَلَةِ بِالأَوَّلِيَّةِ.
(2)
سورة البقرة، الآية:173.
(3)
سورة طه، الآية:63.
لَعَنَ اللهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إِلَيْكَ، فَقَالَ:
(1)
"إِنَّ وَرَاكِبَهَا" وَهُوَ كَثِيْرٌ فِي الشِّعْرِ.
فَإِنْ قِيْلَ: إِنَّمَا يَجِيْءُ ذلِكَ بَعْدَ كَلَامٍ تَكُوْنُ جَوَابًا لَهُ، وَلَمْ تَسْبِقْ مَا يُجَابُ عَلَيْهِ بِـ "نَعَمْ".
قِيْلَ: إِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَفْظًا فَهُوَ سَابِقٌ تَقْدِيْرًا، فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لِلْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ مَنْ يَرْحَمِ الخَلْقَ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَهَذَا مِمَّا يَجُوْزُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ.
وَأَمَّا الرَّفْعُ: فَجَائِزٌ جَوَازًا حَسَنًا، وَفِيْهِ عِدَّةُ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ "مَا" بِمَعْنَى الَّذِي، وَالعَائِدُ إِلَيْهَا مَحذُوْفٌ، و"الرُّحَمَاءُ" خَبَرُ "إِنَّ" وَالتَّقْدِيْرُ: إِنَّ الفَرِيْقَ الَّذِي يَرْحَمُهُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءُ.
فَإِنْ قِيْلَ: يَلْزَمُ مِنْ ذلِكَ: أَنْ تَكُونَ "مَا" هُنَا لِمَنْ يَعْقِلُ؟
فَفِيْهِ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ "مَا" قَدِ اسْتُعْمِلَتْ بِمَعْنَى "مَنْ" كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
(2)
{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ، وَهُوَ كَثِيْرٌ فِي القُرْآنِ، وَمِنْهُ
(3)
: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6)} فِي أَصَحِّ القَوْلَيْنِ. وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ عَنِ العَرَبِ: "سُبْحَانَ مَا سَبَّحْتُنَّ لَهُ" و"سُبْحَانَ مَا سَخَّرَكُنَّ لَنَا".
وَالثَّانِي: أَنَّ "مَا" تَقَعُ بِمَعْنَى "الَّذِي" بِلَا خِلَافٍ، و"الَّذِي" تُسْتَعْمَلُ
(1)
الرَّجُلُ هُوَ فُضَالَةُ بنُ شَرِيْكٍ. يُرَاجَعُ: "الجَنَى الدَّانِي"(398)، وَالمُغْنِي (37).
(2)
سورة النِّساء، الآية:3.
(3)
سورة الشَّمس.
فِيْمَنْ يَعْقِلُ، وَفِيْمَنْ لَا يَعْقِلُ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذلِكَ بِمَا يَتَّصِلُ بِهَا، وَكَذلِكَ فِي "مَا" لَا سِيَّمَا إِذَا اتَّصَلَ بِهَا مَا يَصيْرُ وَصْفًا، وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ "مَا" و"الَّذِي" فِي أَنَّ "الَّذِي" يُوْصَفُ بِلَفْظِهَا، وَ"مَا" لَا يُوْصَفُ بِلَفْظِهَا.
فَإِنْ قِيْلَ: كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا وَ"الرُّحَمَاءُ" جَمْعٌ، وَ"مَا" بِمَعْنَى "الَّذِي" مُفْرَدَةٌ، وَالمُفْرَدُ لَا يُخْبَرُ عَنْهُ بِالجَمْعِ؟
قِيْلَ: "مَا" يَجُوْزُ أَنْ يُخْبَرَ عَنْهَا بِلَفْظِ المُفْرَدِ تَارَةً، وَبِلَفْظِ الجَمْعِ أُخْرَى، مِثْلُ "مَنْ" وَ"كُلٍّ" قَالَ تَعَالَى:
(1)
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} ، وَقَالَ في آية أُخْرَى
(2)
: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} ، وَكَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
(3)
{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)} وَقَالَ فِي "كُلٍّ"
(4)
: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)} ، {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}
(5)
، فَالإِفْرَادُ مَحْمُوْلٌ عَلَى لَفْظِ "مَنْ" وَ"مَا" وَ"كُلٍّ" وَالجَمْعُ مَحْمُولٌ عَلَى مَعَانِيْهَا.
وَأَمَّا "الَّذِي" فَقَدِ اسْتُعْمِلَتْ مُفْرَدَةً لِلْجِنْسِ، وَرَجَعَ الضَّمِيْرُ تَارَةً إِلَى لَفْظِهَا مُفْرَدًا، وَتَارَةً إِلَى مَعْنَاهَا مَجْمُوْعًا، قَالَ تَعَالَى:
(6)
{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ
(1)
سورة الأنعام، الآية:25.
(2)
سورة يونس، الآية:42.
(3)
سورة البقرة.
(4)
سورة النَّمل.
(5)
سورة مريم.
(6)
سورة البقرة.
الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)}، فَجَاءَ الضَّميْرُ مُفْرَدًا وَمَجْمُوْعًا، وَقَالَ تَعَالَى:
(1)
{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)} ، فَأعَادَ الضَّمِيْرَ بلَفْظِ الجَمْعِ، فكَذلكَ فِي قَوْلِهِ:"إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءُ" وَلَكَ عَلَى هَذَا الوَجْهِ أَن تَجْعَلَ "إِنَّ" العَامِلَةَ، وَأَنْ تَجْعَلَهَا بِمَعْنَى "نَعَمْ" عَلَى مَا سَبَقَ.
الوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وُجُوهِ "مَا" الَّتِي يَجُوْزُ مَعَهَا رَفْعُ "الرُّحَمَاءِ": أَنْ تَكُوْنَ "مَا" نَكِرَةٌ مَوْصوْفَةٌ فِي مَوْضِعِ فَرِيْقٍ أَوْ قَبِيْلٍ، وَ"يَرْحَمُ" صَفَةٌ لَهَا، وَ"الرُّحَمَاءُ" الخَبَرُ، وَالعَائِدُ مِنَ الصِّفَةِ إِلَى المَوْصوْفِ مَحْذُوْفٌ، تَقْدِيْرُهُ: إِنَّ فَرِيْقًا يَرْحَمْهُ اللهُ: الرُّحَمَاءُ.
فَإِنْ قِيْلَ: كَيْفَ يَصِحُّ الابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ، وَالإِخْبَارُ بِالمَعْرِفَةِ عَنْهَا؟ قِيْلَ: النَّكِرَةُ هُنَا قَدْ خُصِّصَتْ بِالوَصْفِ، وَ"الرُّحَمَاءُ" لَا يُقْصدُ بِهِمْ قَصْدَ قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، فَكَانَ فِيْهِ كَذلِكَ نَوْعُ إِيْهَامٍ، فَلَمَّا قَرُبَتْ [النَّكِرَةُ هُنَا بِالصِّفَةِ مِنَ المَعْرِفَةِ، وَقَرُبَتِ المَعْرِفَةُ]
(2)
مِنَ النَّكِرَةِ بِمَا فِيْهَا مِنْ إبْهَامٍ صَحَّ الإِخْبَارُ بِهَا عَنْهَا، عَلَى أَنَّ كَثِيْرًا مِنَ النَّكِرَاتِ يُجْرَى مَجْرَى المَعَارِفِ فِي بَابِ الإِخْبَارِ إِذَا حَصَلَتْ مِنْ ذلِكَ فَائِدَةٌ، وَالفَائِدَةُ هُنَا حَاصِلَةٌ.
الوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُوْنَ "مَا" مَصْدَرِيَّةً، وَفِي تَصْحِيْحِ الإِخْبَارِ عَنْهَا بِـ "الرَحَمَاءِ" ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.
(1)
سورة الزُّمر.
(2)
في (ط): "قرنت" فيهما.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ المَصْدَرُ هُنَا بِمَعْنَى المَفْعُوْلِ، تَقْدِيْرُهُ: إِنَّ مَرْحُوْمَ اللهِ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءُ، وَمِنْهُ:
(1)
{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} ، أَيْ: مَخْلُوقُهُ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَكَ أَنْ تَجْعَلَ "مَا" مِنْ قَوْلِهِ:
(2)
{وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72)} ، مَصْدَرِيَّةٌ: أَيْ كِتْمَانُكُمْ، وَكِتْمَانُكُمْ بِمَعْنَى مَكْتُوْمَكُمْ؛ لأَنَّ الكِتْمَانَ لَا يَظْهَرُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ المَكْتُومُ.
الوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ المُضَافَ إِلَى المَصْدَرِ، أَوْ إِلَى الخَبَرِ: مَحْذُوْفٌ، تَقْدِيْرُهُ: إِنَّ ذَوِي رَحْمَةِ اللهِ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءُ، أَيْ: المُسْتَحِقُوْنَ لَهَا، أَوْ إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ حَقُّ الرُّحَمَاءِ، وَمِثْلُ هَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
(3)
{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ} هَلْ تَقْدِيْرُهُ: وَلكِنَّ ذَا البِرِّ مَنْ آمَنَ، أَوْ لكِنَّ البِرَّ بِرُّ مَنْ آمَنَ؟
الوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا تُقَدِّرَ حَذْفَ مُضَافٍ، غَيْرَ أَنَّكَ تَجْعَلُ "الرُّحَمَاءُ" هُمُ الرَّحْمَةُ عَلَى المُبَالَغَةِ، كَمَا قَالُوا: رَجُلٌ عَدْلٌ، وَرَجُلٌ زَوْرٌ، وَرَجُلٌ عِلْمٌ، وَقَوْمٌ صَوَّمٌ، إِذَا كَثُرَ مِنْهُمْ ذلِكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الخَنْسَاءِ
(4)
:
تَرْتَعُ مَا رَتَعَتْ، حَتَّى إِذَا إِدَّكَرَتْ
…
فَإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وإِدْبَارُ
فثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ امْتِنَاعَ الرَّفْعِ فِي "الرُّحَمَاءِ" وَاللهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(1)
سورة لقمان، الآية:11.
(2)
سورة البقرة.
(3)
سورة البقرة، الآية:177.
(4)
دِيْوَانُهَا شَرْحُ ثَعْلَبٍ (383).
289 - يَحْيَى بْنُ يحْيَى الأَزَجِيُّ الفَقِيْهُ
(1)
، صَاحِبُ كِتَابِ "نِهَايَةِ المَطْلَبِ فِي عِلْمِ المَذْهَبِ"
وَهُوَ كِتَابٌ كَبِيْرٌ جِدًّا، وَعِبَارَتُهُ جَزْلَةٌ، حَذَا فِيْهِ حَذْوَ "نِهَايَةِ المَطْلَبِ" لإِمَامِ الحَرَمَيْنِ الجُوَيْنِيُّ الشَّافِعِيِّ
(2)
، وَأَكْثَرُ اسْتِمْدَادُهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَقِيْلٍ فِي "الفُصُوْلِ" وَمِنَ "المُجَرَّدِ" وَفِيْهِ تَهَافُتٌ كَثِيْرَةٌ، حَتَّى فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ، وَبَابِ المِيَاهِ، حَتَّى إِنَّهُ ذَكرَ فِي فُرُوْعِ الآجُرِّ المَجْبُوْلِ بِالنَّجَاسَةِ كَلَامًا سَاقِطًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَصَوَّرْ هَذِهِ الفُرُوْعَ، وَلَمْ يَفْهَمْهَا بِالكُلِّيَّةِ، وَأَظُنُّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ اسْتِمْدَادُهُ مِنْ مجَرَّدِ المُطَالَعَةِ، وَلَا يَرْجِعُ إِلَى تَحْقِيْقٍ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ: أَنَّهُ قَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى ابْنِ كُلَيْبٍ الحَرَّانِيِّ. وَلَمْ أَعْلَمْ لَهُ تَرْجَمَةً، وَلَا وَجَدْتُهُ مَذْكُورًا فِي تَارِيْخٍ، وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ تُوُفِّيَ بَعْدَ السِّتِّمَائَةَ بِقَلِيْلٍ. وَرَأَيْتُ فِي كَلَامِ ابْنِ الوَلِيْدِ المُحَدِّثُ
(3)
: أَنَّ هَذَا الأَزَجِيَّ كَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَزُهَّادِهِمْ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذلِكَ.
290 - مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
(4)
بْنِ الحُسَيْنِ السَّامُرِّيُّ، الفَقِيْهُ، الفَرَضِيُّ،
(1)
289 - يَحْيَى بن يَحْيَى (؟ - بعد 600 هـ):
أخبارُهُ في: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 113)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 52)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 317). وَيُرَاجَعُ: المَدْخَلُ لابنِ بَدْرَانِ (211).
(2)
عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ (ت: 478 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(3)
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، أَبُو مَنْصُورِ بنِ الوَلِيْدِ البَغْدَادِيُّ الحَرِيْمِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ
(4)
290 - أَبُو عَبْدِ اللهِ السَّامُرِّيُّ (535 - 616 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 423)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 136)، وَمُخْتَصَرِهِ =
أَبُو عَبْدِ اللهِ وَيُلَقَّبُ "نَصِيْرُ الدِّيْنِ"، وَيُعْرَفُ بِـ "ابْنِ سُنَيْنَةَ" - بِسِيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُوْمَةٍ، وَنُونَيْنِ مَفْتُوْحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ - هكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ نُقْطَةَ
(1)
، وَقَالَ: وَجَدْتُهُ بِخَطِّ شَيْخِنَا ابْنِ الأَخْضَرِ، وَقَالَ القَطِيْعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحُسَينِ بْنِ القَاسِمِ المَعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ بسيْنَة" وَهُوَ تَصْحِيْفٌ، وَنَسَبَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ إِدْرِيْسَ المَعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ سُنَيْنَةَ". وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "سَامُرَّا"، وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي حَكِيْمٍ النَّهْرَوَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّطِيْفِ
(2)
بْنِ أَبِي سَعْدِ بِـ "بَغْدَادَ" وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي حَكِيْمٍ، وَلَازَمَهُ مُدَّةً، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ وَالفَرَائِضِ، وَصَنَّفَ فِيْهَا تَصَانِيْفَ مَشْهُوْرَةً مِنْهَا: كِتَابُ "المُسْتَوْعِبَ"
(3)
فِي
= "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 342). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (3/ 236)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 27)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 470)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (5/ 354)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 144)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (316)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 70)(7/ 126)، وَالمَدْخَلُ لابنِ بَدْرَانَ (217). وَرَفَعَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ نَسَبَهُ هكَذَا:"مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ" وَ"السَّامُرِّيُّ" في نَسَبِهِ سَبَقَتْ.
(1)
تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (3/ 236).
(2)
في (ط): "عبد اللطف" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(3)
حُقِّقَ جُزْؤُهُ الأَوَّلُ في جَامِعَةِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُوْدِ الإِسْلَامِيَّةِ، وَحَقَّقَ الجُزْءَ الثَّانِي صَدِيْقُنَا فَضِيْلَةُ الشَّيْخِ الدُّكْتور عَبْدُ الرَّحْمِنِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّاوُد - حَفِظَه الله - رِسَالَة عِلْمِيَّةٌ بِجَامعةِ الإمام مُحَمَّدُ بن سُعُوْدٍ أَيْضًا، وَلَمْ يُنْشَرْ بَعْدُ. وَوَصَفَهُ الشَّيْخ عَبْدُ القَادِرِ بنُ بَدْرَان في المَدْخَلِ الكِتَابَ بأنَّهُ "مُخْتَصَرُ الأَلْفَاظِ كَثِيْرُ الفَوَائِدِ وَالمَعَانِي. قَالَ: وَبِالجُمْلَةِ فَهُوَ كِتَابٌ أَحْسَنُ مَتْنٍ صُنِّفَ فِي مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وأَجْمَعُهُ".
الفِقْهِ وَكِتَابُ "الفُرُوْقِ"
(1)
، وَكِتَابُ "البُسْتَانِ" فِي الفَرَائِضِ. وَوَلِيَ القَضَاءَ بِـ "سَامُرَّا" وَأَعْمَالِهَا مُدَّةً
(2)
، ثُمَّ وَلِيَ القَضَاءَ وَالحِسْبَةَ بِـ "بَغْدَادَ" ثُمَّ عُزِلَ عَنِ القَضَاءِ، وَبَقِي عَلَى الحِسْبَةِ، ثُمَّ عُزِلَ عَنْهَا وَوَلِي إِشْرَافَ دِيْوَانِ الزِّمَامِ، وَعُزِلَ أَيْضًا، وَلُقِّبَ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ "مُعَظَّمَ الدِّيْنِ"
(3)
وَلَمَّا عُزِلَ عَنْهُ أُلْزِمَ بَيْتَهُ مُدَّةً، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ فِي العَوْدِ إِلَى بَلَدِهِ، فَعَادَ إِلَيْهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "بَغْدَادَ" فِي اَخِرِ عُمُرِهِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ شَيْخًا جَلِيْلًا، فَاضِلًا، نَبِيْلًا، حَسَنَ المَعْرِفَةِ بِالمَذْهَبِ وَالخِلَافِ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِيْهِمَا حَسَنَةٌ، وَمَا أَظُنُّهُ رَوَى شَيْئًا مِنَ الحَدِيْثِ. وَذَكَرَ ابْنُ السَّاعِي المُؤَرِّخُ: أَنَّهُ كَتَبَ عَنْهُ، وَأَجَازَ لِلْشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بْنِ الزَّجَّاجِ
(4)
.
وتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ السَّابِعِ عَشْرَي رَجَبٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِـ "النِّظَامِيَّةِ"، وَأَمَّ النَّاسَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ دُلَفٍ
(5)
وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ".
وَفِي كِتَابَيْهِ "المُسْتَوْعَبَ" وَ"الفُرُوقُ" فَوَائِدُ جَلِيْلَةٌ، وَمَسَائِلُ غَرِيْبَةٌ،
(1)
طُبعَ الجُزْء الأَوَّل مِنْهُ.
(2)
فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ": "وَلِيَ القَضَاءَ بِـ "سَامُرَّاء" سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ وَبَقِيَ قَاضيًا سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَة".
(3)
مَجْمَعُ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (5/ 354).
(4)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (685 هـ) حَنْبَلِيُّ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(5)
توفي سنة (637 هـ) حَنْبَلِيٌّ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِه.
وَرَأَيْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ الوَلِيْدِ المُحَدِّثُ
(1)
رِسَالَةً إِلَيْهِ يُعَاتِبُهُ فِيْهَا عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ أَحَادِيْثَ الصِّفَاتِ لَا تُقْبَلُ؛ لِكَوْنِهَا أَخْبَارَ آحَادٍ، وَبَسَطَ القَوْلَ فِي ذلِكَ عَلَى طَرِيْقَةِ أَهْلِ الحَدِيْثِ، وَمَلأَهَا بِالأَحَادِيْثِ وَالآثَارِ المُسْنَدَةِ.
291 - عُثْمَانُ بْنُ مُقْبِلِ
(2)
بْنِ قَاسِمٍ اليَاسِرِيُّ:
(3)
، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، الوَاعِظُ أَبُو عَمْرٍو، وَيُلَقَّبُ:"جَمَالُ الدِّيْنِ"،
مِنْ أَهْلِ "اليَاسِرِيَّةِ" قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "بَغْدَادَ" عَلَى "نَهْرِ عِيْسَى". قَدِمَ "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ بِهَا مِن ابْنِ الخَشَّابِ، وَشُهْدَةً، وَطَبَقَتِهِمَا، وَمَنْ دُوْنَهُمَا، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَتَفقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَتَكَلَّمَ فِي المَسَائِلِ وَوَعَظَ.
قَالَ النَّاصِحُ بنُ الحَنْبَلِيِّ: سَمِعَ درْسَ شَيْخِنَا ابْنِ المَنِّيِّ سِنِينَ، وسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ، وَسَمِعْتُ بَقِرَاءَتِهِ، وَوَعَظَ، وَلَازَمَ الوَعْظَ، وَتَقَدَّمَ فِي الوَعْظِ إلَى غَايَةٍ تَمَيَّزَ بِهَا عَنْ نَظَائِرِهِ، فِي صَلَاحٍ وَدِيْنٍ وَسَمْتٍ.
(1)
تَقدَّمَ قَبْلَ صَفْحَتَيْنِ.
(2)
في (ط)"مقل" خطأ طباعةٍ.
(3)
291 - ابْنُ مُقْبِلٍ اليَاسِرِيُّ: (550 - 616 هـ).
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 202)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 137)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 343). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 488)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابْنِ النَّجَّارِ (2/ 240)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفِيَّاتِ النَّقَلَةِ (2/ 486)، وَالمُشْتَبَهُ (1/ 42)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 113)، وَتَارِيْخُ الإسْلَامِ (303)، وَالوَافِي بِالوَفِيَّاتِ (19/ 512)، وَالتَّوْضِيْحُ لابنِ نَاصِرِ الدِّيْنِ (1/ 325)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 69).
- أَخُوْهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُقْبِل بنِ قَاسِم اليَاسِرِيُّ (ت: 627 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، نَسْتَدْرِكْهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَذَكَرَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ فِي شُيُوْخِهِ، وَقَالَ: لَهُ تَصَانِيْفُ، وَقَدْ حَدَّثَ، وَسَمِعَ منْهُ جَمَاعَةٌ، وَأَظُنُّ ابْنَ الصَّيْرَفِيِّ الحَرَّانِيَّ سَمِعَ مِنْهُ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَقُوْلُ عَنْهُ: شَيْخُنَا، وَقَرَأَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّازِقِ
(1)
الرَّسْعَنِيُّ.
قَالَ ابْنُ الحَنْبَلِيِّ: حَدَّثَنِي الحَافِظُ تَقِيُّ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ بْنُ الأَزْهَرِ الصَّرِيْفِيْنِيُّ قَالَ: مَاتَ - يَعْنِي اليَاسِرِيَّ - يَوْمَ الخَمِيْسِ ضُحَى نَهَارَ الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ. قَالَ الحَافِظُ: وَحَضَرْتُ جِنَازَتَهُ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ القَصْرِ فِي خَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَجَمٍّ غَفِيْرٍ، بِحَيْثُ لَمْ أُشَاهِدْ عِدَادَ جِنَازَةٍ أَكْثَرَ خَلْقًا مِنْهَا، وَامْتَلأَ الجَامِعُ بِحَيْثُ لَا يَكَادُ الإِنْسَانُ
(1)
في (ط): "عبد الرزاق".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ 616 هـ:
392 -
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ، الفَقِيْهُ، نَجْمُ الدَّيْنِ، أَبُو عَبْد اللهِ المَعْرُوْفُ بِـ "القَاضِي" المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَكَانَ فَقِيْهًا، حَافِظًا، وَاعِظًا، حَصَّلَ مِنَ السَّمَاعِ وَالكُتُبِ شَيْئًا كَثِيْرًا"، قَالَ ابنُ المُسْتَوْفَى في تَارِيْخِ إِرْبل:"أَحَدُ المَقَادِسَةِ الَّذِيْنَ رَحَلُوا في طَلَبِ الحَدِيْثِ، وَأَخَذُوْهُ عَنْ مَشَايِخ "العِرَاقِ" وَ"نَيْسَابُوْرَ" وَغَيْرِهِمْ سَكَنَ "المَوْصِلَ" فتَوَلَّى دَارِ الحَدِيْثِ بِهَا
…
" قَالَ: وَأَلَّفَ كِتَابًا سَمَّاهُ: "المَجْدَ المُظَفَّرِيَّ" ذَكَرَ فِيْهِ طَرَفًا مِنْ أَخْبَارِ الأُمَرَاءِ، وَأَبْوَابًا في ذِكْرِ العَدْلِ وَذَمِّ الظُلْمِ وأَدْعَيِةٍ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 466)، وَتَارِيْخِ إِرْبِلَ (1/ 168)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (319)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 86)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرِ (6/ 409). وَمُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (551)، وَهُوَ ابنُ خَالَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُورٍ الْمَقْدِسِيُّ.
393 -
وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَاقَا، أَبُو نَصْرٍ، سِبْطُ ابنِ الجَوَالِيْقِيِّ، أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 484)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 130، 132)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (320).
يَجِدُ إِلَّا مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: إِنَّهُ دُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
292 - مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي المَكَارِمِ الفَضْلُ
(1)
بْنُ بُخْتِيَارِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ البَعْقُوْبِيُّ
(2)
، الخَطِيْبُ، الوَاعِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَيُلَقَّبُ "بَهَاءُ الدِّيْنِ" وَيُعْرَفُ بِـ "الحُجَّةِ".
ذَكَرَ أَنَّ مَوْلِدَهُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "بَعْقُوْبَا"
(3)
. وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلٍ، وَعَبْدِ المُغِيْثِ الحَرْبِيِّ، وابْنِ الجَوْزِيِّ وَطَبَقَتِهِمْ. وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ وَغَيْرِهِمَا، وَوَلِيَ الخَطَابَةَ بِبَلْدَةِ "بَعْقُوْبَا" وَوَعَظَ، وَسَكَنَ "دَقُوْقَا"
(4)
، وَحَدَّثَ بِهَا وَبِـ "إِرْبِلَ" وَغَيْرِهِمَا، وَحَدَّثَ بِأَحَادِيْثَ فِيْهَا وَهْمٌ، فَعَرَفَ الخَطَأَ فِيْهَا فَتَرَكَ رِوَايَتَهَا
(5)
، ذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ، قَالَ: وَقَدْ تُتُبِّعَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذلِكَ، قَالَ:
(1)
292 - الحُجَّةُ البَعْقُوْبِيُّ (543 - 617 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 504)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 138)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 343). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (2/ 165)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (6/ ورقة 222)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 13)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 190)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 107)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (379)، وَمِيْزَانُ الاعْتِدَالِ (4/ 9)، وَالمُغْنِي فِي الضُّعَفَاءِ (2/ 624)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (5/ 342)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 76)(7/ 136).
(2)
في (ط): "اليَعْقُوبِي".
(3)
في (ط)"يَعْقُوْبَا" وكلاهُمَا تَحْرِيْفٌ. وَ"بَعْقُوْبَا" مَدِيْنَةٌ في شَمَالِ شَرْقِيِّ "بَغْدَادَ" يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 537)، وَهِيَ لَا تَزَالُ عَلَى تَسْمِيَتِهَا، زُرْتُهَا مِرَارًا.
(4)
مَدِيْنَةٌ بَيْنَ "إِرْبِلَ" وَ"بَغْدَادَ"، يُنسَبُ إِلَيْهَا بَعْضُ الحَنَابِلَةِ. يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 532).
(5)
هَذَا الكَلَامُ مُفَادٌ مِنْ كَلَامِ ابنِ الدُّبَيْثِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: "وَكَانَ قَدْ حَدَّثَ بِأَحَادِيْثَ مِنْ "سُنَنِ =
وَصَنَّفَ كِتَابَ "غَرِيْبِ الحَدِيثِ" وَحَدَّثَ بِهِ بِـ "إِرْبِلَ"
(1)
.
قُلْتُ: وَصَنَّفَ "شَرْحَ العِبَادَاتِ الخَمْسِ
(2)
" لأَبِي الخَطَّابِ وَقَرَأَهُ عَلَى
= أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ النَّسَائِيِّ" ذَكَرَ أَنَّهَا ثُلَاثِيَّات للنَّسَائِيِّ، وَكَانَتْ وَهْمًا وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ لَهُ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ إِبْرَاهِيْم بنِ بَدْرٍ المَذْكُوْرِ، فَعَرَفَ الخَطَأَ فِي ذلِكَ فَتَرَكَ رِوَايَتَهَا" وَنَقَلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنِ الحَافِظِ ابنِ النَّجَّارِ قَوْلَهُ: "وَرَوَى بِهَا عَنْ أَبي الوَقْتِ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ مَجَاهِيْلَ، وَظَهَرَ كَذِبُهُ وَتَخْلِيْطُهُ" وَقَالَ ابنُ نُقْطَةَ: "لَمْ يَكُنْ ثِقَةً، وَكَانَ جَاهِلًا، بِضَاعَتُهُ التَّزْوِيْرُ".
(1)
فِي "تَارِيْخِ إِرْبِلَ": "وَسَمِعَهُ عَلَيْهِ بِـ "إِرْبِلَ" جَمَاعَةٌ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ".
(2)
طُبِعَ في مَكْتَبَةِ العُبَيْكَان في الرِّياض سَنَةَ (1415 هـ) بِتَحْقِيْقِ صَدِيْقِنَا الفَاضِلِ الشَّيْخِ فَهْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ ثُنيَّان العُبَيْكَان - حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى - وَأَصْلُهُ لأَبِي الخَطَّابِ مَحْفُوْظِ بنِ أَحْمَدَ الكلْوَذَانِيِّ (ت: 510 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (617 هـ):
394 -
أَكْمَلُ بنُ أَحْمَدَ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بن مَطَرٍ الهَاشِمِيُّ البَغْدَادِيُّ، ذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِهِ (331)، وَذَكَرَهُ مَرَّةً أُخْرَى (338) باسْمِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ
…
وقَالَ: هُوَ الأَكْمَلُ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله ابْنَهُ أَحْمَدَ بنَ أَكْمَلَ (ت: 634 هـ) حَدَّثَ أَكْمَلُ عَنْ أَبي الوَقْتِ وَغَيْرِهِ. وَرَوى عَنه الدُّبَيْثِيُّ وَأَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 19)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (331)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 257)، وَأَبُوهُ أَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْدٍ (ت: 575 هـ)، وَأَخُوْهُ أَفْضَلُ بنُ مَسْعُوْدٍ (ت: 609 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُمَا. وَمِنْهُمْ: أَكْمَلُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عُمَرَ الهَاشِمِيُّ (ت: 629 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ.
395 -
الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ الحَنْبَليُّ الغَزَّالُ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الخِيَارِيِّ" مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، ذَكَرَهُ ابنُ الفُوَطِيِّ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ. أَخْبَارُهُ فِي: تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (2/ 478)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 599)، قَالَ ابنُ الفُوَطِيِّ: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَجَدَّتُهُ لأُمِّهِ: سِتُّ السُّعُوْدِ أَمَةُ الوَهَّابِ بِنْتُ أَبِي نَصْرٍ هِبَةِ اللهِ بنِ عَلِيِّ المُجَلِّي، وَمِرْآةِ الجِنَانِ (8/ 2/ 611)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (124)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (2/ 33)، وَتَوْضِيْحِ المُشْتَبَهِ (2/ 462) وَغَيْرِهَا.
396 -
وَابْنُهُ: أَبُو الحَسَنِ عَليٌّ، سَمِعَ مِنْ يَحْيَى بنِ بُوْشٍ وَغَيْرِهِ. تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 478).
397 -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ جَعْفَر بنِ مُحَمَّدٍ اليُوْنينيُّ الزَّاهِدُ المَعْرُوفُ بِـ "أَسَدِ الشَّامِ"، لَهُ أَخْبَارٌ كَثيرةٌ وَنَوَادِرَ مِنْ حِكَايَاتِ الزُّهَادِ وَالعُبَّادِ، لَهُ أَخْبَارٌ تَجِدْهَا فِي مِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 2/ 612)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (125)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 101)، وَمِرْآةِ الجِنَانِ (4/ 38)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 93)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 316)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 249)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 73).
398 -
وَعَلِيُّ بنُ أَبِي بكْرِ بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرٍ، الإمامُ، الفَقِيْهُ، مَجْدُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ المَقْدِسِيُّ الجَمَّاعِيْلِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، ابنُ عَمِّ الحَافِظ عَبْدِ الغَنِيِّ، فَهُوَ ابْنُ أَخِي بَدْرَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرٍ المَذْكُوْرِ في تَرْجَمَةِ الحَافِظِ، وَهُمَا ابْنَا عَمِّ فَضَائِل بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرٍ، وَأَخُوْهُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُرُوْرٍ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنْ عَلِيِّ بن أبي بَكْرٍ:"سَمِعَ مِنْ ابنِ كُلَيبٍ، وَرَحَلَ إِلَى "أَصْبَهَان" فَسَمِعَ بِهَا مِنْ جَمَاعَةٍ، وَرَوَى عَنْهُ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ، وَقَالَ: كَانَ إِمَامًا، دَيِّنًا، فَقِيْهًا، حَصَّلَ الفِقْهَ وَالحَدِيْثَ، وَكَانَ كَثِيْر الاجْتِهَادِ في نَفْعِ النَّاسِ من الإقْرَاءِ وَالاشْتِغَالِ بِالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 18)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (357).
399 -
وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الحَافِظِ أَبي العَلَاءِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ العَطَّارُ. ذكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله وَالِدَهَا في وَفَيَاتِ سَنَةِ (569 هـ)، وَذَكَرَتُ في هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْتُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 29)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (357).
400 -
وَهِبَةُ بنُ أبي العَلَاءَ وَجِيْهِ بنِ هِبَةِ بنِ المُبَارَكِ بنِ السَّقْطِيِّ، أَبُو البَرَكَاتِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِيْهِ في الاسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (567 هـ)، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ جَدَّهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (509 هـ).
أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ، وَكَتَبَ لَهُ عَلَيْهِ:"قَرَأَهُ عَلَيَّ مُصَنِّفُهُ الشَّيْخُ الأَجَلُّ العَالِمُ، الفَقِيْهُ، بَهَاءُ الدِّيْنِ، حُجَّةُ الإِسْلَامِ، قِرَاءَةَ عَالِمٍ بِمَا فِيْهِ مِنْ غَرَائِبِ الفَوَائِدِ، وَعَجَائِبِ الفَرَائِدِ" وَكَتَبَ لَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا الفَخْرُ إِسْمَاعِيْلَ
(1)
، وَأَثْنَى عَلَى تَصْنِيْفِهِ كَثِيْرًا.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى - وَقِيْلَ: الآخِرَةِ - سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، بِـ "دَقُوْقَا"، وَدُفِنَ بِهَا - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
293 - عَبْدُ الغَنِيِّ بْنُ قَاسِمِ
(2)
بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَيَّاشٍ، الهِلْبَاوِيُّ
(3)
، المَقْدِسِيُّ الأَصْلِ، المِصْرِيُّ، الفَقِيْهُ الزَّاهِدُ، أَبُو القَاسِمِ،
مِنْ أَهْلِ "مِصْرَ". سَمِعَ بِهَا مِنَ البُوْصَيْرِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الأَرْتَاحِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بْنِ نَجَا الوَاعِظِ، وَزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الخَيْرِ، وَعَبْدِ المُجِيْبِ بْنِ زُهَيْرٍ الحَرْبِيِّ، وَرَبِيْعَةَ اليَمَنِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَانْقَطَعَ إِلَى الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ عِنْدَ قُدُوْمِهِ "مِصْرَ" وَلَازَمَهُ، وَكَتَبَ عَنْهُ كَثِيْرًا مِن مُصَنَّفَاتِهِ وَغَيْرِهَا، ذَكَرَ ذلِكَ المُنْذِرِيُّ، وَقَالَ: سَمِعَ مَعَنَا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوْخِنَا، وَصَحِبَ جَمَاعَةً مِنَ المَشَايِخِ، وَكَانَ صَالِحًا،
= أَخْبَارُ هِبَةِ اللهِ هَذَا في التَّكْملة لوَفَيَاتِ النَّقلَةِ (3/ 30)، وتاريخ الإسلام (386).
(1)
هُوَ غُلَامُ ابنِ المَنِّيِّ السَّالِفُ الذِّكْرِ.
(2)
293 - عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ قَاسِمٍ (؟ - 618 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 175)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (40/ 140)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 344). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 35)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (407)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 81)(7/ 143).
(3)
في (ط)"الهناوي" تَحْرِيْفٌ.
مُقْبِلًا عَلَى مَصَالِحِ نَفْسِهِ، مُنْفَرِدًا، قَانِعًا بِاليَسِيْرِ، يُظْهِرُ التَّجَمُّلَ مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الفَقْرِ، وَحَدَّثَ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ ثَانِي عَشَرَ صَفَرَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِسَفْحِ "جَبَلِ المُقَطَّمِ" عَلَى شَفِيْرِ الخَنْدَقِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
294 - محَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ رَاجحِ
(1)
بْنِ بِلَالِ بنِ هِلَالِ بْنِ عِيْسَى بْنِ مُوسَى
(1)
294 - مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ المَقْدِسِيُّ: (550 - 618 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 405)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 140)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 344). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ (66)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 2/ 622)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (6/ ورقة: 245)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 36)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (130)، وَمَشْيَخَةُ ابنِ البُخَارِيِّ (2/ 1273)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (419)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 156)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (190)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (324)، وَالعِبَرُ (5/ 75)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 44)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 45)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 96)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرُ (5/ 630)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 251)، وَالقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (400، 463)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 82)(7/ 145). وَوَالِدُهُ خَلَفُ بنُ رَاجِحٍ مِنْ أَوَائِلِ المُهَاجِرِيْن إِلَى "دِمَشْقَ" من الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ وَسَكَنَ "الصَّالِحِيَّةَ" هُوَ وامْرَأَتُهُ مُؤْمِنَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ سُرُوْرٍ، أُخْتُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ. وكَانَ ابْنُهُ الشِّهَابُ مُحَمَّدٌ المُتَرْجَمُ مَعَهُمَا، وَذلِكَ بَعْدَ انتِقَالِ آلِ قُدَامَةَ إِلَيْهَا بِسَنَتَيْن تَقْرِيْبًا. وَأُخْتُهُ: عَائِشَةُ بِنْتُ خَلَفٍ، زَوْجَةُ عَبْدُ الرَّحْمن بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ (ت: 635 هـ). وَأُخْتُهَا مَرْيَمُ بِنْتُ خَلَفٍ (ت: 633 هـ). وَابْنُهُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ (ت: 638 هـ) تَحَوَّلَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَابْنَتُهُ: خَدِيْجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ (ت: 677 هـ). وأُخْتُهَا آسِيَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ (ت: 633 هـ).
ابنِ الفَتْحِ بْنِ زُرَيْقٍ المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الفَقِيْهُ، المُنَاظِرُ، شِهَابُ الدِّيْنِ أَبو عَبْدِ اللهِ. وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "جَمَّاعِيْلَ" ثُمَّ قَدِمَ "دِمَشْقَ"
(1)
وَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي المَكَارِمِ بنِ هِلَالٍ، وَقَدِمَ "مِصْرَ" فَسَمِعَ بِـ "الإِسْكَنْدَرِيَّةِ" مِنَ السِّلَفِيِّ، وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ"
(2)
فَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي مُحَمَّدِ بنِ الخَشَّابِ، وَأَبِي الحُسَينِ اليُوسُفِيِّ، وَشُهْدَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ، وَتَفَقَّهَ بِهَا فِي المَذْهَبِ، وَالخِلَافِ علَى ابْنِ المَنِّيِّ، حَتَّى بَرَعَ، وَكَانَ بَحَّاثًا، مُنَاظِرًا مُفَحِمًا لِلْخُصُوْمِ، ذَا حَظٍّ مِنْ صَلَاحِ وَأَوْرَادٍ، وَسَلَامَةِ صَدْرٍ، أَمَّارًا بِالمَعْرُوفِ نَهَّاءً عَنِ المُنْكَرِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثيْرًا مِنَ الحَدِيْثِ وَغَيْرِهِ مِنَ العُلُوْمِ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: لَقِيْتُهُ بِـ "دِمَشْقَ" وَسَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ كَثِيْرَ المَحْفُوْظَاتِ، مُتَحَرِّيًا فِي العِبَادَاتِ، حَسَنَ الأَخْلَاقِ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ: كَانَ زَاهِدًا
(3)
، عَابِدًا، وَرِعًا، فَاضِلًا فِي فُنُوْنِ العُلُوْمِ، وَحَفِظَ "مَقَامَاتِ الحَرِيْرِيِّ" فِي خَمْسِيْنَ لَيْلَةً، فَتَشَوَّشَ خَاطِرُهُ، وَكَانَ مِمَّا يَغْسِلُ بَاطِنُ عَيْنَيْهِ قَدْ قَلَّ نَظَرُهُ، وَكَانَ سَلِيْمَ الصَّدْرِ، مِنَ الأَبْدَالِ، مَا خَالَفَ أَحَدًا قَطُّ، رَأَيْتُهُ يَوْمًا - وَقَدْ خَرَجَ مِنْ جَامِعِ الجَبَلِ - فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: مَا تَرُوْحُ إِلَى "بَعْلَبَكَّ"؟ فَقَالَ: بَلَى، فمَشَى مِنْ سَاعَتِهِ إِلَى "بَعْلَبَكَّ" بِالقُبْقَابِ.
(1)
مَعَ وَالِدَيْهِ كَمَا قُلْنَا بَعْدَ هِجْرَةِ آلِ قُدَامَةَ بِسَنَتَيْنِ تَقْرِيْبًا.
(2)
سَنَةَ ستٍّ وَستِّين وَخَمْسِمَائَةَ مَعَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ.
(3)
في (ط): "زَاهِدٌ
…
".
قَالَ أَبُو شَامَةَ: كُنْتُ أَرَاهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ يَجْلِسُ عَلَى دَرَجِ المِنْبَرِ السُّفْلِيِّ بِجَامِعِ الجَبَلِ وَبِيَدِهِ كِتَابٌ مِنْ كُتُبِ الحَدِيْثِ، أَوْ أَخْبَارِ الصَّالِحِيْنَ يَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاسِ إِلَى أَنْ يُؤَذِّنَ المُؤَذِّنُ لِلْجُمُعَةِ.
وَتُوُفِّيَ يوْمَ الأَحَدِ سَلْخَ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانِ عَشَرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُوْنَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -، وَذَكَرَ المُنْذِرِيُّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي تَاسِعَ عَشَرَ صَفَرٍ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ، وَذَكَرَ بَعْدَهُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ الشَّهْرِ. وَرَوى عَنْهُ ابْنُ البُخَارِيِّ
(1)
.
- وَوَلَدُهُ
(2)
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ، وَيُلَقَّبُ بِـ "النَّجْمِ"، تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ المَنِّيِّ، وَبَرَعَ، ثُمَّ صَارَ شَافِعِيًّا، وَوَلِيَ قَضَاءَ "دِمَشْقَ"، نِيَابَةً، ثُمَّ عُزِلَ، وَلَهُ تَصَانِيْفَ.
295 - عَليُّ بْنُ نَابِتِ بْنِ طَالِبِ الطَّالَبَانِيُّ
(3)
، البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، الفَقِيْهُ،
(1)
رَوَى عَنْهُ الضِّيَاءُ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَابنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالقُوْصِيُّ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالفَخْرُ عَلِيٌّ، وَالشَّمْسُ بنُ الكَمَالِ، وَأَبُو بَكْرِ بنُ طُرْخَان، وَالتَّقِيُّ بنُ الوَاسِطِيُّ، وَالشَّمْسُ عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ الزَّيْنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَإِبْرَاهيمُ بنُ حَمْدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بنُ الأَنْمَاطِيِّ. وَحَدَّثَ عَنْهُ العِمَادُ بنُ الحَافِظِ، وَالعِزُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ المُنَادِي، وَالعِزُّ أَحْمَدُ بنُ العِمَادِ، وَالشَّمْسُ مُحَمَّدُ بنُ الوَاسِطِيِّ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ المَجْدِ عِيْسَى.
(2)
في (ط)"ووالده".
(3)
295 - ابْنُ ثَابِتٍ الطَّالَبَانِيُّ (؟ - 618):
أخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 217، 272)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 142)، وَمُخْتَصَرِهِ:"الدُّرِّ المُنضَّدِ"(1/ 345). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (1/ 525)(4/ 37)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 242)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 240)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 56)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (5/ 282)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 145)، =
الوَاعِظُ أَبُو الحَسَنِ، وَيُلَقَّبُ "مُوَفَّقَ الدِّيْنِ"
(1)
.
سَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ صَالِحِ بْنِ الرَّخْلَةِ
(2)
، وَشُهْدَةَ، وَسَمِعَ بِـ "المَوْصِلِ" مِنْ خَطِيْبِهَا أَبِي الفَضْلِ، وَتَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَاشْتَغَلَ بِـ "المَوْصِلِ" بِالخِلَافِ عَلَى ابْنِ يُونُسَ الشَّافِعِيِّ، فَأَقَامَ بِـ "حَرَّانَ" مُدَّةً عِنْدَ الخَطِيْبِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، ثُمَّ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ نَكَدٌ، فَقَدِمَ "دِمَشْقَ" ثُمَّ رَجَعَ، وَأَقَامَ بِـ "رَأْسِ العَيْنِ" مِنْ أَرْضِ "الجَزِيْرَةِ"، وَوَعَظَ هُنَاكَ، وَحَدَّثَ، وَانْتُفِعَ بِهِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: وَسَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ، قَالَ: وَذَكَرَ لِي ابْنُ شُحَانَةَ
(3)
الحَرَّانِيُّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ في شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَسِتِّمائَةَ بِـ "رَأْسِ العَيْنِ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ: "وَنَابِتٌ" يَعْنِي أَبَاهُ أَوَّلُهُ نُوْنٌ، وَكَذَا قَالَ المُنْذِرِيُّ، وَزَادَ:
= وَالمُشْتَبَهُ (1/ 109)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (2/ 10)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 81)، (7/ 114).
(1)
لَقَّبَهُ في "مَجْمَعِ الآدَابِ""مُظَفَّرَ الِدِّيْنِ" وَعُرِفَ بِـ "المُفِيْدِ"، وَفِي "مَجْمَعِ الآدَابِ" أَيضًا: "كَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، أَدِيْبًا، أَنْشَدَ:
إِنِّي لِمَا أَنَا فِيْهِ مِنْ مُنَافَسَتِي
…
فِيْمَا شُغِفْتُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الكُتُبِ
لَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ المَوْتَ يُدْرِكُنِي
…
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْقَضِي مِنْ جَمْعِهَا أَرَبِي
وَلَيْسَ يَنْفَعُنِي مِمَّا حَوَتْهُ يَدِي
…
شَيْءٌ مِنَ الفِضَّةِ البَيْضَاءِ وَالذَّهَبِ
وَلَا أُؤَمِّلُ زَادًا فِي المَعَادِ سِوَى
…
عِلْمٍ عَمِلْتُ بِهِ أَوْ رَأْفَةً بِأَبِي
(2)
في (ط): "الرحلة" بِالحَاءِ وَهُوَ تَصْحِيْفٌ سَبَقَ ذِكْرُهُ.
(3)
في (ط): "شحامة"، تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ، إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ الرَّحمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ شُحَانَةَ الحَرَّانِيُّ (ت: 643 هـ) مَعْرُوْفٌ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَ"الطَّالَبَانِيُّ" بِفَتْحِ الطَّاءِ المُهْمَلَةِ، وَبَعْدَ الأَلِفِ لَامٌ مَفْتُوحَةٌ، وَبَاءٌ مُوَحَدَّةٌ، وَبَعْدَ الأَلِفِ الثَّانِيَةِ نُونٌ مَكْسُوْرَةٌ.
وَلَهُ كَلَامٌ فِي بَيْعِ الفُلُوْسِ النَّافِقَةِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَنَّهُ يَجُوْزُ النَّسَاءُ فِيْهَا قَالَ: كَمَا يَجُوْزُ بَيْعُ غَيْرِهَا مِنَ الرَّصَاصِ
(1)
وَالحَدِيْدِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ.
قَالَ: وَمَنَعَ أَحْمَدُ مِنَ السَّلَفِ فِي الفُلُوْسِ، لَا يَصِحُّ جُمْلَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الأَصْحَابُ: أَنَّهَا أَثمَانٌ، لأَنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُوْهًا أُخَرَ، مِنْهَا: أَنَّهُ لَمْ يُجَوِّزِ السَّلَمَ فِي الفُلُوْسِ عَدَدًا، لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الخِفَّةِ وَالثُّقْلِ، فَأَمَّا وَزْنُهَا فَقِيَاسُ المَذْهَبِ صِحَّتُهُ. قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ المَنْعِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا أَثْمَانٌ لَجَوَّزَهُ، إِذَا جُعِلَ رَأْس مَالِ السَّلَمِ فِيْهَا غَيْرُ الأثْمَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُنَعَ مِنَ السَّلَمِ فِيْهَا بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي نُقِلَتْ عَنْهُ: أَنَّهُ مَنَعَ مِنَ النَّسَاءِ فِي أَمْوَالِ الرِّبَا، سَوَاءً اتَّفَقَ الجِنْسُ أَوِ اخْتَلَفَ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُ جَوَازَ النَّسَاءِ مَعَ اخْتِلَافِ الجِنْسِ، وَهُوَ الصَّحِيْحُ مِنَ المَذْهَبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَنَعَ مِنَ السَّلَمِ فِيْهَا إِذَا كَانَتْ نَافِقَةً، خَوْفًا مِنْ تَحْرِيْمِ السُّلْطَانِ لَهَا قَبْلَ المَحَلِّ، فَيَصِيْرُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُوْجَدَ وَأَنْ لَا يُوْجَدَ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ. قَالَ: وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا أَثْمَانًا؛ لأَنَّ الثَّمِيْنَةَ تَخْتَصُّ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا أَبُو الخَطَّابِ فِي "هِدَايَتِهِ" وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيْلٍ فِي "الفُصُوْلِ": أَنَّ التَّفَاضُلَ يَحْرُمُ فِي بَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِمِثْلِهِ بِعِلَّةِ كَوْنِهِ مَوْزُوْنٌ جِنْسٌ، فَيَتَعَدَّى إِلَى كُلِّ مَوْزُوْنٍ، وَلَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرَ لَمَا جَازَ إِسْلَامُ النَّقْدَيْنِ فِي الحَدِيْدِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ، وَقَدْ
(1)
في (ج): "من العُرُوضِ. . .".
زَعَمَ أَنَّهُ أَجَازَ ذلِكَ اسْتِحْسَانًا، وَهَذَا لَا يَسْتَقِيْمُ؛ لأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الوَزْنَ ثَبَتَ كَوْنُهُ غَلَّةً بِإِيْمَاءِ صَاحِبِ الشَّرْعِ
(1)
، وَهِيَ مُقَدِّمَةٌ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ بِإِجْمَاعِ الفُقَهَاءِ، ثُمَّ احْتَجَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ ثَمَنًا بِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ فِي نَفَاقِهَا وَكَسَادِهَا بِاخْتِلَافِ البُلْدَانِ وَالأَزْمَانِ، بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ، وَبِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مُطْلَقَةً، وَبِأَنَّهَا فِي الغَصْبِ وَالإِتْلَافِ تُقَوَّمُ بِالنَّقْدَيْنِ لَا بِالفُلُوْسِ. ثُمَّ أَرْسَلَ ابْنُ الطَّالَبَانِيِّ هَذَا
(2)
الكَلَامِ إِلَى الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ المَقْدِسِيِّ، فَكَتَبَ عَلَيْهَا: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ فُرُوْعِيَّةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ، لَا حَرَجَ عَلَى المُجْتَهِدِ فِيْهَا إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ ذلِكَ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُنْكَرَ عَلَى مُجْتَهِدٍ اجْتِهَادُهُ، وَإِنَّمَا يَتَبَاحَثُ الفُقَهَاءُ، لِيُعْرَفَ الصَّوَابَ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ - يَعْنِي ابْنَ الطَّالَبَانِيِّ - مِنْ كَوْنِ الفُلُوْسِ لَيْسَتْ ثَمَنًا أَصْلِيًّا صَحِيْحٌ لِمَا بَيَّنَهُ؛ وَلأَنَّهَا لَا تَكُوْنُ رَأْسَ مَالٍ فِي الشَّرِكَةِ وَالمُضَارَبَةِ. وَأَمَّا مَنْعُ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه مِنَ السَّلَمِ فِيْهَا: فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ المُوَفَّقُ فِيْهَا مُحْتَمَلٌ، لَوْلَا أَنَّ الإِمَامَ
(3)
أَحْمَدَ قَدْ عَلَّلَ ذلِكَ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ الصَّرْفَ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ مِنْهُ علَى سَبِيْلِ الوَرَعِ، لِشَبَهِ الفُلُوْسِ بِالأَثْمَانِ فِي المُعَامَلَةِ بِهَا، وَجَرَيَانِهَا مَجْرَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيْرِ، وَأَمَّا أَنَا فَإِنَّنِي مُتَوَقِّفٌ فِي الفُتْيَا فِي هَذهِ المَسْأَلَةِ، وَلَسْتُ مُنْكِرًا عَلَى مَنْ وَافَقَ فِيْهَا، وَلَا عَلَى مَنْ خَالَفَ مَنْ عَمَلِ بِفُتْيَاهُ.
(1)
في بعدها في (ج): "إليه".
(2)
في (ج): "بِهَذَا. . .".
(3)
في (ط): "لَوْلَا أَنَّ الإمام أن. . .".
قُلْتُ: أَمَّا كَوْنُ الفُلُوْسِ أَثْمَانًا عِنْدَ نِفَاقِهَا: فَهُوَ قَوْلُ كَثِيْرٍ مِنَ الأَصْحَابِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَبُو الخَطَّابِ فِي "خِلَافِهِ الصَّغِيْرِ" وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا أَثْمَانًا بِكُلِّ حَالٍ، كَصَاحِبِ "المُبْهِجِ"
(1)
وَخَالَفَ فِي ذلِكَ ابْنُ عَقِيْلٍ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ "فُصُوْلِهِ" وَنَصَرَ أَنَّهَا عُرُوْضٌ بِكُلِّ حَالٍ، كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الطَّالَبَانِيِّ. وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ ابْنُ الطَّالَبَانِيِّ عَنْ أَبِي الخَطَّابِ فِي "هِدَايَتِهِ" أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الأَثْمَانَ هِي الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ خَاصَّةً - فَهَذَا ذَكَرَهُ تَفْرِيْعًا عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالثَةِ فِي عِلَّةِ رِبَا الفَضْلِ، وَأَمَّا عَلَى المَذْهَبِ المَشْهُوْرِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ النَّقْدَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ المَوْزُوْنَاتِ، وَالعِلَّةُ فِيْهَا الوَزْنُ، كَمَا صَرَّحَ بِذلِكَ غَيْرُهُ منَ الأَصْحَابِ، بَلْ كَلَامُ أَبِي الخَطَّابِ فِي "خِلَافِهِ الصَّغِيْرِ" يَقْتَضِي أَنَّ العِلَّةَ فِي النَّقْدَيْنِ الوَزْنُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَأَنَّ الخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي عِلَّةِ الأَصْنَافِ الأَرْبَعَةِ البَوَاقِي، وَهكَذَا قَالَ القَاضِيْ فِي "خِلَافِهِ الكَبِيْرِ" وَابْنُهُ أَبُو الحُسَيْنِ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَيَةِ ابْنِ القَاسِمِ
(2)
وَسِنْدِي الخَوَاتِيْمِيِّ
(3)
"رِطْلُ حَدِيْدٍ بِرِطْلَيْنِ حَدِيْدٍ لَا يَجُوْزُ، قِيَاسًا عَلَى الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ" فَنَصَّ عَلَى أَنَّ عِلَّتَهُمَا الوَزْنُ.
وَبِالجُمْلَةِ: فَالمَذْهَبُ المَشْهُوْرُ أَنَّ عِلَّةَ رِبَا الفَضْلِ فِي النَّقْدَيْنِ الوَزْنُ، وَعِلَّةُ الرِّبَا فِي الأَرْبَعَةِ البَوَاقِي الكَيْلُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيْلٍ، وَلَمْ يَنْفَرِدِ ابْنُ عَقِيْلٍ بِهَذَا كَمَا ذَكَرَ، بَلْ كُلُّ الأَصْحَابِ يُوَافِقُوْنَهُ على هَذَا النَّقْلِ، وَإِنْ
(1)
هُوَ أَبُو الفَرَج عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ الشِّيْرَازِيُّ (ت: 486 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
طبقات الحنابلة (1/ 135).
(3)
طبقات الحنابلة (1/ 455).
كَانَ مِنْ مُتَأَخِّرِيْهِمْ مَنْ رَجَّحَ أَنَّ عِلَّةَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ كَوْنُهُمَا نُقُوْدًا، أَوْ كَوْنُهُمَا جَوْهَرِي الأَثْمَانِ، وَلِهَذَا قَالُوا: فِي رِبَا النَّسَاءِ إِنَّهُ يَحْرُمُ فِي كُلِّ مَكِيْلٍ بِيْعَ بِمَكِيْلٍ، أَوْ مَوْزُوْنٍ بَيْعَ بِمَوْزُونٍ، وَإِنِ اخْتَلَفَ الجِنْسَانِ، وَاسْتَثْنَوا مِنْ ذلِكَ بَيْعُ العُرُوْضِ المَوْزُوْنَةِ بِالنَّقْدَيْنِ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُوْرٍ
(1)
فِي "مَسَائِلِهِ" عَنِ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ
(2)
جَوَازَ السَّلَفِ فِي الفُلُوْسِ، فَإِنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ: قَالَ: - يَعْنِي سُفْيَانُ - السَّلَفُ فِي الفُلُوْسِ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا، يَقُوْلُونَ: يَجُوْزُ بِرُؤُوْسِهَا، قَالَ: - يَعْنِي أَحْمَدَ - إِنْ تَجَنَّبَهُ رَجُلٌ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُوْنَ بِهِ بَأْسٌ، وَإِنْ اجْتَرَأَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُوْنَ بِهِ بَأْسٌ. قَالَ سَعِيْدُ بْنُ المُسَيَّبِ: لَا رِبَا إِلَّا فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوْزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ، قَالَ إِسْحَقُ يَعْنِي ابْنَ رَاهَوَيْهِ لَا بَأْسَ بِالفِلْسِ بِالفِلْسِ، يَدًا بِيَدٍ، وَلَا بَأْسَ بِالسَّلْمِ فِي الفُلُوْسِ، إِذَا كَانَ يُمْكِنُهُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، رَآهُ قَوْمٌ كَالصَّرْفِ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ.
296 - عَبْدُ الرَّحِيْمِ بْنُ النَّفِيْسِ
(3)
بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ وَهْبَانَ بْنِ رُوْمِيِّ بْنِ سَلْمَانَ
بْنِ
(1)
طبقات الحنابلة (1/ 303). وَهُو إِسْحَقُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ بَهْرَامَ.
(2)
هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ كَمَا سَيَأتِي.
(3)
296 - ابنُ النَّفِيسِ الحَدِيْثِيُّ (570 - 618 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 112)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 143)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنضَّدِ" (3451). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 267)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 65)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 234)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ لابنِ الشِّعَّارِ (3/ 322)، وتَارِيْخُ دُنَيْسِرٍ (95)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 148)، وَالمُسْتَفَادُ من ذَيْلِ تَارِيْخِ =
مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمَانَ بْنِ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ، السُّلَمِيُّ، الحَدِيْثِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، أَبُو نَصْرِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ.
= بَغْدَادَ (292)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 397)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 80)، (7/ 142).
- وَوَالِدُهُ: النَّفِيْسُ بنُ هِبَةِ اللهِ (ت: 599 هـ) تَقدَّمَ ذِكْرُهُ فِي اسْتِدْرَاكِنَا. وَعَمُّهُ: أَسْعَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ (ت: 614 هـ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي اسْتِدْرَاكِنَا أَيْضًا. وَأَخُوْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ بنِ النَّفِيْسِ (ت: 622 هـ) سَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي اسْتِدرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ يَاقُوتٌ الحَمَوِيُّ: "صَدِيْقُنَا وَرَفِيْقُنَا، الإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ النَّفِيْسِ بنِ وَهْبَانَ، اصْطَحِبْنَا مُدَّةً بِـ "بَغْدَادَ" وَ"مَرْوَ" وَ"خُوَارَزْمَ" فِي السَّمَاعِ علَى المَشَايِخِ، وَكَانَتْ بَيْنَنَا مَوَدَّةٌ صَادِقَةٌ، وَكَانَ عَارِفًا بِالحَدِيْثِ وَرِجَالِهِ وعُلُوْمِهِ، عَارِفًا بِالأَدَبِ، قَيِّمًا بِاللُّغَةِ جِدًّا، وَخُصُوْصًا لُغَة الحَدِيْثِ، وَمَعَ ذلِكَ كَانَ فَقِيهًا مُنَاظِرًا، حَسَنَ العِشْرَةِ، مُتَوَدِّدًا، مَأْمُوْنَ الصُّحْبَةِ، صَحِيْحَ الخَاطِرِ، مَعَ دِيْنٍ مَتِيْنٍ، خَلَّفْتُهُ بِـ "خُوَارِزْمَ" سَنَة: (617 هـ) فَقَتَلَهُ التَّتَارُ بِهَا شَهِيْدًا، وَمَا رَوَى إِلَّا القَلِيْلَ.
وَفِي "تَارِيخِ دُنَيْسِرٍ" قَالَ: "فَاضِلٌ، عَارِفٌ بِكَثِيْرٍ مِنْ عُلُومِ الحَدِيثِ، وَالأَنْسَابِ، وَالأَسْمَاءِ المُشْكِلَةِ مِنْ أَسْمَاءِ رُوَاةِ الحَدِيثِ، وَقَدْ صَنَّفَ في ذلِكَ، وَلَهُ فِي الإِنْشَاءِ وَالتَرَسُّلِ والنَّظْمِ تَصَرُّفٌ، أَقَامَ بِـ "دُنَيْسرَ" مُدَّةً، وَعُلِّقَ عَنْهُ بِهَا فَوائِدُ، وَسُمِعَ مِنْهُ، وَلَمْ أَسْمَعُ أَنَا مِنْهُ بِهَا، بَلْ بِغَيْرِهَا مِنْ نَظمِهِ وَنَثْرِهِ، وَنَحْوِهِ".
ذَكَرَ ابْنُ الشَّعَّارِ فِي عُقُوْدِ الجُمَانِ (3/ 322)(المطبوع)، وقَالَ:"كَانَ مِنْ "حَدِيْثَةِ النُّوْرَةِ" عَلَى فَرَاسِخَ مِنَ "الأَنْبَارِ" قَلْعَةٌ حَصِيْنَةٌ في وَسَطِ الفُرَاتِ وَالمَاءُ مُحِيْطٌ بِهَا
…
وَقَالَ: طَافَ البُلْدَانَ، وَسَمِعَ بِـ "مِصْرَ" وَ"الحِجَازَ" وَ"الشَّامَ" وَرَحَلَ إِلَى "خُرَاسَانَ" وَأَقَامَ بِـ "مَرْوَ" وَكَانَ طَالِبًا، ثِقَةً، حَافِظًا، مُتْقِنًا، عَارِفًا باللُّغَةِ، قَيِّمًا بِهَا، تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه. . . ." وَقَوْلُهُ:"عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ .. " خَطَأٌ ظَاهِرٌ.
وُلِدَ فِي عَاشِرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ". وَقَرَأَ القُرْآنَ، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلَ، وَأَبِي السَّعَادَاتِ القَزَّازِ، وخَلْقٍ، وَطَلَبَ بِنَفْسِهِ، وَأَمْعَنَ وَبَالَغَ، وَارْتَحَلَ فِي الطَّلَبِ إِلَى "الشَّامِ" وَ"الجَزِيْرَةِ" و"دِيَارِ مِصْرَ" وَ"العِرَاقَ" وَ"خُرَاسَانَ"، وَ"مَا وَرَاءَ النَّهْرِ"، وَ"خُوارَزْمَ". وَسَمِعَ بِـ "وَاسِطَ" مِنْ ابْنِ المَنْدَائِيِّ، وَبِـ "إِرْبِلَ" مِنْ ابْنِ طَبَرْزَدِ، وَبِـ "نَيْسَابُورَ" مِنَ المُؤَيَّدِ، وَ"بَهْرَاةَ" مِنْ أَبِي رَوْحٍ، وَبِـ "مَا وَرَاءَ النَّهْرِ" مِنْ طَائِفَةٍ، وَبِـ "أَصْبَهَانَ" مِنْ أَصْحَابِ زَاهِرٍ وَغَيْرِهِ، وَبِـ "دِمَشْقَ" مِنَ الكِنْدِيِّ، وَابْنِ الحَرَسْتَانِيِّ وَجَمَاعَةٍ، وَبِـ "مِصْرَ" مِنْ جَمَاعَةٍ، وَلَقِيَ بِـ "الِاسْكَنْدَرِيَّةِ" ابْنِ المُفَضَّلِ. وَكَتَبَ بِخطِّهِ الكَثِيْرَ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَحَصَّلَ مِنَ الأَدَبِ طَرَفًا صَالِحًا، وَحَدَّثَ بِـ "بَغْدَادَ" وَ"دِمَشْقَ" وَغَيْرِهِمَا.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ مَلِيْحَ الخَطِّ، صَحِيْحَ النَّقْلِ وَالضَّبْطِ، فَاضِلًا، حَافِظًا، مُتْقِنًا، ثِقَةً، صَدُوْقًا، لَهُ النَّظْمُ وَالنَّثْرُ الجَيِّدُ، وَكَانَ مِنْ أَكْمَلِ النَّاسِ ظُرْفًا وَلُطْفًا، وَحُسْنَ خُلُقٍ، وَطِيْبَ عِشْرَةٍ، وَتَوَاضُعَ، مَعَ كَمَالِ مُرُوْءَةٍ، وَمُسَارَعَةٍ إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ الإِخْوَانِ. قَالَ: وَعَلَّقْتُ عَنْهُ بِـ "بَغْدَادَ" وَ"مَرْوَ" شَيْئًا كَثِيْرًا مِنْ شِعْرِهِ، وَشِعْرِ غَيْرِهِ، فَمِنهُ:
(1)
(1)
وَمِنْ شِعْرِهِ قَالَ ابْنُ الشَّعَّارِ فِي "عُقُوْدِ الجُمَّانِ" أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الغَنِّيِّ بنُ نُقْطَةَ البَغْدَاديُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ وَهْبَانَ لِنَفْسِهِ:
لِيْ صَاحِبٌ لَمْ أُؤَكِّدْ عَقْدَ خُلَّتِهِ
…
إِلَّا وَقَابَلَنِي فِي حَلِّهَا دَأَبَا
يَزْوَرُّ عَنْ جِهَةِ الإِنْصَافِ مَقْصَدُهُ
…
جَهْلًا فَإِنْ سُمْتُهُ حِفْظَ الوِدَادِ أَبِي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دَارَيْتُهُ زَمَنًا رَعْيًا لِذِمَّتِهِ
…
رَجَاءَ أَنْ يَرْعَوِي عَنْ غَيِّهِ فَنَبَا
فَحَيْثُ عِيْلَ بِهِ صَبْرِي وَأَعْجَزَنِي
…
قَطَعْتُ مِنْ وُدِّهِ المَخْلُوْلَقِ السَّبَبَا
وَقُلْتُ رُحْ غَيْرَ مَصْحُوْبٍ إِلى سَقَرٍ
…
فَكَمْ أُكَابِدُ فِيْكَ الوَيْلَ وَالحَرَبَا
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا، قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو نَصْرٍ لِنَفْسِهِ، وَكَتبَهَا إلَى المُفِيدِ يُونُسَ بنِ أَبِي بَكرٍ البَغْدَادِيُّ الفَقِيْهِ الحَرْبِيِّ يَتَقَاضَاهُ بِوَعْدِ الِاجْتِمَاعِ:
مَا هَكَذَا كَانَ ظَنِّي
…
مَعَ المُفِيْدِ الأَجَلِّ
انْجَزَتَ وَعْدَ التَّلَاقِي
…
لَكِنْ بِلَيٍّ وَمَطْلِ
وَعَدْتَنِي مِنْكَ قُرْبًا
…
يُنْسِي الهُمُوْمَ ويُبْلي
فَبُتُّ أَرْقُد طَيْفَ الـ
…
خَيَالِ جَهْدَ المُقِلِّ
أُجْفَى وَأُقْصَى وَيَحْظَى
…
غَيْرِي بِلَذَّةِ وَصْلِ
يَا قَوْمَنَا نَاصِفُوْنَا
…
مَاذَا قَضِيَّةُ عَدْلِ
قَالَ: حَدَّثَنِي القَاضِي الإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ العُقَيْلِيُّ قَال: خَرَجْتُ يَوْمًا مِنْ سَمَاعِ الحَدِيْثِ علَى شَيْخِنَا أَبِي هَاشِمِ عَبْدُ المُطَّلِّبِ بنُ الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ الحَلَبِيُّ، وَمَعِي أَبُو نَصْرٍ عَبْدِ الرَّحِيمِ بنُ وَهبَانَ فَنَاوَلَنِي فِي الطَّرِيْقِ رُقْعَةً بِخَطِّهِ مِنْ شِعْرِهِ فِي فَضْلِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَتَأَمَّلْتُهَا وَأَخْرَجْتُهَا وَكَتَبْتُهَا مِنْ خَطِّهِ وَفِي "تَارِيخِ دُنَيْسِرٍ""أَنْشَدَنِي أَبُو نَصْرِ بنُ وَهْبَانَ لِنَفْسِهِ فِي مَدْحِ الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَأَهْلهِ بِـ "إِرْبِلَ".
عِلْمُ الحَدِيْثِ أَجَلُّ عِلْمٍ يُذْكَرُ
…
وَلَهُ خَصَائِصُ فَضْلُهَا لَا يُنْكَرُ
رُكْنٌ مِنَ أرْكَانِ الشَّرِيْعَةِ مُوْثَقٌ
…
وَبِهِ الكِتَابُ المُسْتَبِيْنُ يُفَسَّرُ
وَهُوَ الطَّرِيْقُ إِلَى الهُدَى وَضِيَاؤُهُ
…
لِدِيَاجِيَ الرَّيْبِ المُرِبِّ يُنَوِّرُ
وَهُوَ الذَّرِيْعَةُ فِي مَعَالِمِ دِيْنِنَا
…
وَبِهِ الفَقِيْهُ اللَّوْذَعِيُّ يُعَبِّرُ
وَلَوْلَاهُ لَمْ يُعْرَفْ لِقَوْمٍ سِيْرَةٌ
…
فَلِسَانُهُ عَنْ كُلِّ قَرْنٍ يُخْبِرُ =
سَلُوا فُؤَادِي هَلْ صَفَا
…
شِرْبُهُ مُذْ نَأَيْتُمْ عَنْهُ أَوْرَاقَا
= وَرِجَالُهُ أَهْلُ الزَّهَادَةِ وَالتُّقَى
…
وَهُمْ بِتَحْقِيْقِ المَنَاقِبِ أَجْدَرُ
وَقَفُوا نُفُوسُهُمْ عَلَيْهِ فَجِدُّهُمْ
…
لَا يَنْثَنِي وَدَوِيُّهُمْ لَا يَفْتُرُ
يَنْفُوْنَ عَنْهُ إفْكَ كُلِّ مُعَانِدٍ
…
بِدَلَائِلٍ مُتَلأْلِآتِ تُزْهِرُ
وَيَقُوْنَهُ شُبَهَ الشُّكُوْكِ بِجَهْدِهِمْ
…
فَيَظَلُّ بَعْدَ الشَّكِّ وَهُوَ مُشَهَّرُ
وَيُمَيِّزُوْنَ صَحِيْحَهُ وَسَقِيْمَهُ
…
بِمَقَالَةٍ تِبْيَانُهَا لا يَقْصُرُ
للهِ دَرُّهُمْ رِجَالًا مَا لَهُمْ
…
فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مَبَانٍ تُعْمَرُ
فِي اللهِ مَحْيَاهُمْ وَفِيْهِ مَمَاتَهمْ
…
وَهُمْ علَى كَلَفِ المَشَقَّةِ صُبَّرُ
قَنِعُوا بِمُجْزِئُ قُوْتِهِمْ مِنْ دَارِهِمْ
…
وَرَضُوا بِأَطمَارِ رِثَاثٍ تَسْتُرُ
مَا ضَرَّهُمْ مَا فَاتَ مِنْ دُنْيَاهُمْ
…
فَلَذِيْذُ عَيْشِهِمُ الهَنِيءُ مُؤَخَّرُ
قَالَ ابْنُ الشَّعَّارِ: أَنْشَدَنَا القَاضِي الإِمَامُ، الكَامِلُ، زَيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلْوَانَ الأَسَدِيُّ رحمه الله بَمَنْزِلِهِ المَعْمُوْرِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، قَالَ أَنْشَدَنِي عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ وَهْبَانَ لِنَفْسِهِ:
أَرَاكَ تَنْظُرُ قَوْلِي
…
فَتَزْدَرِيْنِي لأَجْلِهِ
وَقَدْ حَوَى لَوْذَعِيًّا
…
سَلَبْتَ مُحْسِنَ فَضْلِهِ
يَكْفِيْكَ فَضْلًا وَقَوْلًا
…
فِي عَقْدِ أَمْرٍ وَحَلِّهْ
إِمَّا بَلَوْتَ حُسَامًا
…
فَانْظُرْ إِلى حَدِّ نَصْلِهْ
وَلَا يَغُرَّنْكَ مِنْهُ
…
غِمْدٌ جَدِيدٌ لِصَقْلِهْ
بَلِ اخْتَبِرْ قُطُبَيْهِ
…
تُحِطْ بِكُنْهِ مَحَلِّهْ
وَأَوْلِهِ مِنْ شَفِيقٍ
…
حَمْدًا وَذَمًّا بِفِعْلِهْ
هَذَا هُوَ الرُّشدُ فَاسْلُكْ
…
مِنْهُ مَنَاهِجَ عَدْلِهِ
وَلَهُ مُقَطَّعَاتٌ أُخَرُ فِي "تَارِيخِ إِرْبِلَ".
وَهَلْ يُسَلِّيْهِ إِذَا غِبْتُمُ
…
إِنْ أَوْدَعَ التَّسْلِيمُ أَوْرَاقَا
وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وَافَتْ صَحِيْفَةُ أَفْضَالٍ مُضَمَّنَةٍ
…
مِنَ التَّشَوُّقِ أَصْنَافًا وَأَوْصَافَا
تَطَوُّلًا مِنْ خَلِيْلٍ لَا أَرَى بَدَلًا
…
مِنْهُ عَلَى حَالَتَيْهِ صَدَّ أَوْ صَافَى
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: عَلَّقْتُ عَنْهُ بِـ "مِصْرَ" فَوَائِدَ وَسَمِعْتُ شَيْئًا مِنْ شِعْرِهِ وَكَانَ حَادَّ الخَاطِرِ، جَيِّدَ القَرِيْحَةِ، فَقِيْهًا، مُتَأَدِّبًا، شَاعِرًا، قُتِلَ شَهِيْدًا سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ فِي فِتْنَةِ الكُفَّارِ بِـ "خُرَاسَانَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قُرِئَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ المَيْدُوْمِيِّ - بِـ "مِصْرَ" وَأَنَا أَسْمَعُ - أَخْبَرَكُمْ أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ - سَمَاعًا - قَالَ: أَنْشَدَنَا رَفِيْقُنَا أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ شَيْخِنَا أَبِي جَعْفَرٍ النَّفِيْسِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ وَهْبَانَ الحَدِيْثِيُّ لِنَفْسِهِ
(1)
:
تَبْلَى يَدِي بَعْدَ مَا خَطَّتْ أَنَامِلُهَا
…
كَأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ طَوْعًا لَهَا القَلَمُ
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ نُوْحِي حَسْرَةً وَأَسًى
…
عَلَى زَمَانِكِ إِذْ وِجْدَانَنَا عَدَمُ
وَاسْتَدْرِكِي فَارِطَ الزَّلَّاتِ وَاغْتَنِمِيْ
…
شَرْخَ الشَّبِيْبَةِ، فَالأَوْقَاتُ تُغْتَنَمُ
وَقَدِّمِي صَالِحًا تَزْكُو عَوَاقِبُهُ
…
يَوْمَ الحِسَابِ إِذَا مَا أَفْلَسَ الأُمَمُ
"وَالحَديِثِيُّ" نِسْبَةٌ إِلَى "الحَدِيْثَةِ" مَدِيْنَةٌ عَلَى شَاطِئِ الفُرَاتِ
(2)
.
(1)
المَشْيَخَةُ الكُبْرى لِلنَّجِيْبِ الحَرَّانِي ورقة (124)، وَالمَشْيَخَةُ الصُّغْرَى وَرَقة (90) وَأَنْشَدَ فِيهِمَا الأَبْيَات وَقَالَ فِي الصُّغْرَى:"أَبُو نَصْرٍ هَذَا طَالِبٌ، فَاضِلٌ، رَحَّالٌ، عُنِيَ بِسَمَاعِ الحَدِيْثِ وَكِتَابَتِهِ".
(2)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 267).
297 - نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ
(1)
بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الفَرَجِ أَحْمَدَ بنِ الحُصَرِيِّ، الهَمَذَانِيُّ البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الزَّاهِدُ، الأَدِيْبُ، أَبُو الفُتُوحِ بْنِ أَبِي الفَرَجِ، وَيُلَقَّبُ:"بُرْهَانَ الدِّيْنِ"،
نَزِيْلُ "مَكَّةَ" وَإِمَامُ حَطِيْمِ الحَنَابِلَةِ بِهَا
(2)
.
وُلِدَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي الكَرَمِ الشَّهْرَزُوْرِيِّ، وَمَسْعُوْدِ بْنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي المَعَالِي بْنِ السَّمِيْنِ، وَسَعْدِ اللهِ بْنِ الدَّجَاجِيِّ، وَجَمَاعَةٍ غَيْرِهِمْ.
(1)
297 - أَبُو الفُتُوْحِ الحُصْرِيُّ (536 - 618 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 67)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 145)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 345). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدِ (466)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 69)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (133)، وَالعِبَرُ (5/ 77)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (466)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 163)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 241)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 124)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (190)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1382)، وَالإِعْلامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (255)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (324)، وَالمُسْتَفَادُ مِن ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ (410) وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 99)، وَغَايَةُ النِّهَايَةُ (2/ 338)، وَالعِقْدُ الثَّمِيْنِ (7/ 332)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (2/ 296)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (2/ 393)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 253)، وَطَبَقَاتُ الحُفَّاظِ (489)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 83)، (7/ 146). ابْنُهُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنِ نَصْرٍ (ت: 688 هـ) نَسْتَدركه في مَوضِعه إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى. وَابْنُهُ الآخَر: مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ (ت:؟) ذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ". نَسْتَدْرِكُهُ مَعَ أَخِيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ. وَابنَتُهُ: ستُّ الأَهَلِ (ت: 689) ستَأْتِي في مَوْضِعِهَا مِنَ الِاسْتِدْرَاكِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" عَنِ الحَافظِ ابْنِ النَّجَّارِ "وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ زِيَادَةً عَلَى عِشْرِيْنَ سَنَةً".
وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَالنَّقِيْبِ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ الحُسَيْنِيِّ، وَهِبَةِ اللهِ بْنِ الشِّبْلِيِّ، وَأَبِي المُظَفَّرِ بْنِ التُّرَيْكِيِّ، وَابْنِ المَادِحِ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَالمُبَارَكِ بْنِ خُضَيْرٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ المُقَرَّبِ، وَابْنِ البَطِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ النَّقُّوْرِ، وَابْنِ الخَشَّابِ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَشُهْدَةَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنَ البَغْدَادِيِّيْنَ، وَالغُرَبَاءِ، وَعَنِي بِهَذَا الشَّأْنِ. وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ، وَلَمْ يَزَلْ يَقْرَأُ وَيَسْمَعُ، وَيُفِيْدُ إِلَى أَنْ عَلَتْ سِنُّهُ، وَاشْتَغَلَ بِالأَدَبِ، وَحَصَّلَ طَرَفًا صَالِحًا مِنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ "بَغْدَادَ" إِلَى "مَكَّةَ" سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، فَاسْتَوْطَنَهَا، وَأَمَّ بِهَا الحَنَابِلَةِ، وَكَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، مُتَعَبِّدًا.
وَقَالَ الدُّبَيْثِيِّ: كَانَ ذَا مَعْرِفَةِ بِهَذَا الشَّأْنِ - يَعْنِي الحَدِيْثَ - وَنِعْمَ الشَّيْخُ كَانَ، عِبَادَةً، وَثِقَةً. وَقَال ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ حَافِظًا، ثِقَةً.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ حَافِظًا، حُجَّةً، نَبِيْلًا، جَمَّ الفَضَائِلِ، كَثِيْرَ المَحْفُوْظِ منْ أَعْلَامِ الدِّيْنِ، وَأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، كَثِيْرَ العِبَادَةِ وَالتَّهَجُّدِ وَالصِّيَامِ.
وَقَالَ ابْنُ مُسَدِّي: كَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ الأَثْبَاتِ، مُشَارًا إِلَيْهِ بِالحِفْظِ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ السِّبْطُ: سَمِعْتُ مِنْهُ بِـ "مَكَّةَ" وَكَانَ مُتَعبِّدًا، لَا يَفْتُرُ مِنَ الطَّوَافِ، صَالِحًا، ثِقَةً.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ: سَمِعْتُ عَلَيْهِ جُزْءًا فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَكَانَ إِمَامًا فِي عُلُوْمِ القُرْآنِ، وَمُحَدِّثًا حَافِظًا، وَعَابِدًا. قَالَ لِي المَلِكُ المُحْسِنُ أَحْمَدُ بْنُ المَلِكِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّيْنِ: مَا رَأَيْتُ أَعْبَدَ مِنْ البُرْهَانِ بْنِ الحُصْرِيِّ
كَانَ يَعْتَمِرُ فِي رَمَضَانَ ثَلَاثَ عُمَرٍ فِي نَهَارِهِ وَثَلَاثَ عُمَرٍ فِي لَيْلِهِ
(1)
. وَقَالَ لِي شَيْخُنَا طَلْحَةُ العِلْثِيُّ - بِـ "بَغْدَادَ" سَنَةَ أَرْبَعٍ، أَوْ خَمْسٍ، وَسَبْعِيْنَ - مَا فِي "بَغْدَادَ" مِثْلُ البُرْهَانِ بْنِ الحُصْرِيِّ فِي عِلْمِ القِرَاءَاتِ، مَا تَقْدِرُ تَقْرَأُ عَلَيْهِ سُوْرَةً كَامِلَةً مِنْ شِدَّةِ تَحْرِيْرِهِ.
حَدَّثَ أَبُو الفُتُوْحِ بْنُ الحُصْرِيِّ بِالكَثِيْرِ بِـ "بَغْدَادَ" وَ"مَكَّةَ" وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الأَئِمَّةِ والحُفَّاظِ، وَغَيْرِهِمْ عَنْهُ
(2)
.
وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ نُقْطَةَ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالضِّيَاءُ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَابنُ خَلِيْلٍ، وَالسَّيْفُ البَاخَرْزِيُّ، وَالتَّاجُ ابْنُ القَسْطَلَّانِيِّ، وَمِقْدَادٌ القَيْسِيُّ، وَهُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، سَمِعَ مِنْهُ كَثِيْرًا بِـ "مَكَّةَ" مِنْ ذلِكَ "سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ" بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي طَالِبِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ العَلَوِيِّ نَقِيْبِ "البَصْرَةِ"، بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي عَلِيٍّ التُسْتَرِيِّ، وَالَّذِي ذكَرَهُ عُمَرُ القُرَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوْجَدْ لِلْعَلَوِيِّ سَمَاعٌ مِنَ "السُّنَنِ" إِلَّا الجُزْءَ الأَوَّلَ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّ العَلَوِيَّ طُوْلِبَ بِأَصْلِ سَمَاعِهِ بِـ "بَغْدَادَ"، فَانْحَدَرَ إِلَى "البَصْرَةِ" وَاجْتَهَدَ فَلَمْ يَجِدْ سَمَاعَهُ إِلَّا فِي الجُزْءِ الأَوَّلِ، ذَكَرَهُ ابْنُ نُقْطَةَ، قَالَ: وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الفُتُوْحِ بْنُ الحُصْرِيِّ أَنَّ سَمَاعَهُ ظَهَرَ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ ذلِكَ غَيْرُهُ.
قُلْتُ: الحَافِظُ أَبُو الفُتُوْحِ ثِقَةٌ، لَا مَغْمَزَ فِيْهِ، وَالعَلَوِيُّ غَيْرُ مُتَّهِمٍ، وَقَدِ
(1)
هَلْ مِثْلُ هَذَا مَشْرُوعٌ؟!
(2)
وَرَوى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الأَنْدَلُسِ الوَارِدِيْنَ إِلَى الحَرَمَيْنِ، وَاسْتَجَازَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يُرَاجَعُ: الذَّيْلُ، وَالتَّكْمِلَةُ لابنِ عَبْدِ المَلِكِ المُرَاكِشِيِّ.
ادَّعَى سَمَاعَ الكِتَابِ، وَلكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِي ذلِكَ الوَقْتِ إِلَّا سَمِاعَ الجُزْءِ الأَوَّلِ. فَاحْتَاطُوا وَقَرَأُوا عَلَيْهِ البَاقِي بِالإِجَازَةِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، فَلَا يَبْعُدُ ظُهُوْرُ سَمَاعِهِ لِلْبَاقِي بَعْدَ ذلِكَ، كَمَا جَرَى فِي "سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ" وَيَصِيْرُ السَّمَاعُ مُتَّصِلًا، لَا إِجَازَةَ فِيهِ علَى الصَّحِيْحِ، بَلِ الجُمْهُوْرُ عَلَى جَوَازِ القِرَاءَةِ لِلْكِتَابِ كُلِّهِ بِالسَّمَاعِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الشَّيْخِ الثِّقَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذِهِ المَسْأَلَةِ
(1)
، وَفَتَاوَى العُلَمَاءِ فِيْهَا، وَاللهُ أعْلَمُ.
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: تُوُفِّيَ شَيْخُنَا الحَافِظُ الإِمَامُ، إِمَامُ الحَرَمِ، أَبُو الفُتُوْحِ بِـ "المَهْجَمِ"
(2)
فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَذَكَرَ ابْنُ مُسَدِّي:
(1)
في التَّرْجَمَة رقم (19)(1/ 190).
(2)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 265).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (618 هـ).
401 -
بَهِيَّةُ بِنْتُ طَرْخَان بنِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيِّ، أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ذَكَرَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (397)، وَقَالَ:"إِمْرَأَةٌ، صَالِحَةٌ، عَابِدَةٌ، لَهَا أَوْرَادٌ وَتَهَجُّدٌ، رَوَتْ بِالإِجَازَةِ عَنْ سَعْدِ الخَيْرِ" أَخُوْهَا مُحَمَّدُ بنُ طَرْخَانَ (ت: 637 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
402 -
وَعُمَرُ بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي الحَسَنِ البُزُوْرِيِّ البَغْدَادِيُّ، أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَاعِظِ (ت: 604 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ عُمَرَ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (5/ 143)، والتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 55)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 103)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (415).
403 -
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ، النَّاصِحُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ. كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (418) وَنَقَلَ أَخْبَارُهُ عَنْ الحَافِظِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الضِّيَاءِ المَقْدِسِيِّ.
404 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَامَةَ بنِ نَصْرِ بنِ مِقْدَامٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ، العَطَّارُ. أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 55)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (421) وَوَالِدُهُ مِنْ أَوَائِلِ المُهَاجِرِيْنَ إِلَى "الصَّالِحِيَّةِ" وَمَعَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ هَذَا. قَالَ ابْنُ طُوْلُوْنَ نَقْلًا عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ "وَجَاءَ أَبُو عَبْدِ الوَاحِدِ
…
سَلَامَةُ بنُ نَصْرِ بْنِ مِقْدَامٍ مِنْ "جَمَّاعِيْلَ" بِأَوْلَادِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيْمَ، وَمُحَمَّدٍ، وَمَكِيَّةَ، وَزَوْجَتِهِ مُبَارَكَةَ" وَيَتَّصِلُ نَسَبُهُ بِآلِ قُدَامَةَ بِجَدِّهِ "نَصْرِ بنِ مِقْدَامٍ".
405 -
وَمُوسَى بنُ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ، أَبُو نَصْرٍ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ. سَكَنَ "العُقَيْبَةَ" مِنْ "دِمَشْقَ" وَرَوَى عَنْهُ البِرْزَالِيُّ، وَالضِّيَاءُ، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَالسَّيْفُ بنُ المَجْدِ، وَابْنُ الحَاجِبِ، والشِّهَابُ القُوْصِيُّ، وَالزَّكِيُّ المُنْذِرِيُّ، والفَخرُ عَلِيُّ، والتَّقِيُّ بنُ الوَاسِطِيِّ
…
وَغَيْرُهُمْ من كِبَارِ الأَئِمَّةِ الحُفَّاظِ، وَمَعَ هَذَا وَصَفَهُ ابْنُ النَّجَّارِ بِأَنَّهُ:"كَانَ خَالِيًا مِنَ العِلْمِ" وَهُمْ يُفَرِّقُوْنَ بَيْنَ صِحَّةِ الرِّوايَةِ وَسَعَتِهَا، وَالعِلْمِ بِمَا يُرْوَى وَمَعْرِفَتِهِ وَتَفْسِيْر مَعْنَاهُ، وَالإِلْمَامِ بِمَدْلُوْلِهِ، وَاتِّسَاعِ دَائِرَةِ الثَّقَافَةِ العِلْمِيَّةِ؛ بِمَعْرِفَةِ العُلُوْمِ الأُخْرَى مِنْ فِقْهٍ، وَتَفسِيْرٍ، وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، وَالتَّارِيْخِ، وَعُلُوْمِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهَا. أَخْبَارُهُ فِي المَنْهج الأحْمَدِ (4/ 141)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 344) وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 46)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 196)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (22/ 150)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (431)، وَالعِبَرِ (5/ 75)، وَدُوَلِ الإِسْلامِ (2/ 123)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 252)، وَالقَلَائِدِ لِلتَّادِفِيِّ (44) وَبَهْجَةِ الأَسْرَارِ (115)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 82)، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الشَّيْخِ.
406 -
أَبُو بَكْرِ بنُ المُظَفَّرِ بنِ إِبرَاهِيمَ البَرْنِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (437)، قَالَ: نَزَلَ "المَوْصِلَ" مَعَ أَخِيْهِ أَبِي إِسْحَقَ، وَحَدَّثَ عَنْ عَتِيْقِ بنِ صِيْلَا".
أَقولُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: أَخُوْهُ أَبُو إِسْحَقَ إِبْرَاهِيم بنُ المُظَفَّرِ (ت: 622 هـ)
أَنَّهُ قَصَدَ اليَمَنَ فَأَدْرَكَهُ أجَلَهُ بِـ "المَهْجَمِ" فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ مِنَ السَّنَةِ، وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ نُقْطَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ. وَقَالَ ابْنُ الحَنْبَلِيِّ: مَاتَ بِـ "المَهْجَمِ" مِنْ أَرْضِ "اليَمَنِ" فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، وَقِيْلَ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَهَذَا القَوْلُ الثَّانِي نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَيْضًا، وَكَانَ خُرُوْجُهُ إِلَى "اليَمَنِ" بِأَهلِهِ لِقَحْطٍ وَقَعَ بِـ "مَكَّةَ" وَكَانَ ذَا عَائِلَةٍ، فَنَزَحَ بِهِمْ إِلَى اليَمَنِ فِي البَحْرِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَكَنَ "المَهْجَمَ" إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ، رضي الله عنه.
298 - عَبْدُ الكَرِيْمِ بْنُ نَجْمِ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
(1)
بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الشِّيْرَازِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ الحَنْبَلِيِّ الفَقِيْهُ، أَبُو الفَضَائِلِ بنِ أَبِي العَلَاءِ بنِ شَرَفِ الإِسْلَامِ، وَيُلَقَّبُ شِهَابَ الدِّيْنِ،
أَخُو نَاصِحِ الدِّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الآتِي
(2)
ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى،
= ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
407 -
أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ أَبِي الفَضْلِ المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ، إِمَامُ جَامِعِ "كَفْر بَطْنَا". ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسَلام (438)، وَابْنُهُ أَحْمَدُ (ت: 692 هـ). وَحَفِيْدُهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحمَدَ (ت: 702 هـ) نَذْكُرُهُمَا في مَوْضِعَيْهِمَا مِنَ الِاسْتِدرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
298 - شهَابُ الدِّيْنِ ابنُ الحَنْبَلِيُّ (563 - 619 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 56)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 177)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 147)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 345). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 71)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (133)، وَتَارِيْخُ الإسْلامِ (452)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 99)، وَالدَّارِسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِسِ (2/ 71)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةِ (427، 464)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 85)، (7/ 163)، مِنْ (آلِ الحَنْبَلِيِّ)، الأُسْرَةُ الدِّمَشْقِيَّةُ الشِّيْرَازِيَّةُ الأَصْلِ الأَنْصَارِيَّةُ.
(2)
وَأَخُوهُمَا: بَهَاءُ الدِّينِ أَحْمَدَ بنُ نَجْمٍ (ت: 626 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَذَكَرَ =
وَهُوَ أَصْغَرُ مِنَ النَّاصِحِ بِتِسْعِ سِنِيْنَ
(1)
. سَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ نَصْرِ اللهِ القَزَّازِ، وَأَجَازَ لَهُ الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ التُّرْكُ، وَعَبْدُ الحَقِّ بْنِ عَبْدِ الخَالِقِ. وَتَفَقَّهَ وَبَرَعَ، وَأَفْتَى، وَنَاظَرَ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ جَدِّهِ بِـ "دِمَشْقَ".
قَالَ أَبُو شَامَةَ: هُوَ أَخُو البَهَاءِ وَالنَّاصِحِ، وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ
(2)
، وَكَانَ أَبْرَعَهُمْ فِي الفِقْهِ وَالمُنَاظَرَةِ، والمُحَاكَمَاتِ، بَصِيْرًا بِمَا يَجْرِي عنْدَ القُضَاةِ فِي الدَّعَاوَى وَالبَيِّنَاتِ.
وَقَالَ ابْنُ السَّاعِي فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، خَيِّرًا، عَارِفًا بِالمَذْهَبِ وَالخِلَافِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَكَانَ ذَا قُوَّةٍ وَشَهَامَةٍ، وَانْتَزعَ مَسْجِدَ الوَزِيْرِ مِنْ يَدِ العَلَمِ
(3)
= المُؤَلِّفُ وَالِدَهُمْ نَجْمَ بنَ عَبْدِ الوَهَّاب (ت: 586 هـ) وَجَدَّهُمْ عَبْدَ الوَهَّابِ (ت: 536 هـ) وَأَبَا جَدِّهِمْ "أَصْلِ الأُسْرَةِ" عَبْدَ الوَاحِدِ (ت: 486)، كَمَا ذَكرَ المُؤَلِّفُ: المُظَفَّرَ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَلَدَ المَذْكُوْرِ هُنَا (ت: 667 هـ) وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ دَاوُدَ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ (ت:؟)، لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَم السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (299). وَلا حَفِيْدَهُ سُلَيْمَانَ بنَ المُظَفَّرِ (ت: 687 هـ). سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
سَيَأتِي فِي كَلَام المُؤلِّفِ أَنَّ أَخَاهُ نَاصِحَ الدِّيْنِ عَبْدَ الرَّحْمَن وُلِدَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ سَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
(2)
وَلَهُمْ أَخٌ رَابِعٌ هُوَ: إِسْمَاعِيْلُ، وَالِدُ أَحمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المَذْكُور فِي "مُعْجَم الحَافِظِ الدِّمْيَاطِيِّ"، وَ"عُقُودُ الجُمَّان" لابنِ الشَّعَّارِ وَغَيْرِهِمَا.
(3)
في (أ): (ط): "العَالِم" وَإِنَّمَا هُوَ العَلَمُ وَهُوَ: عَلَمُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ السَّخَاوِيُّ (ت: 643 هـ) الإِمَامُ، المُفَسِّرُ، المُقْرِئُ، النَّحْوِيُّ، اللُّغَوِيُّ، المَشْهُور، صَاحِبُ "جَمَالِ القُرَّاءِ" وَ"سَفَرِ السَّعَادَةِ" وَ"شَرْحِ المُفضَّلِ" وَغَيْرِهَا.
يُستَدْرَكُ علَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (619 هـ): =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 408 - بَدْرُ التَّمَامِ بِنْتُ مَحْمُوْدِ بنِ المُبَارَكِ بنِ الأَخْضَرِ، أُخْتُ الحَافِظِ عَبْدِ العَزِيْزِ (ت: 611 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَهِيَ أُمُّ أَوْلَادِ الأَدِيْبِ أَبِي المَعَالِي الحَظِيْرِيِّ. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 85) وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (445).
409 -
وَثَابتُ بنُ مُشَرَّفِ بنِ أَبِي سَعْدٍ الأَزَجِيُّ المَعرُوفُ بِـ "ابْنِ شِسْتَانَ" أَبُو سَعْدٍ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، مُحَدِّثٌ مَشهُوْرٌ، لَهُ "مُسَلْسَلُ العِيْدَيْنِ" مَخْطُوْطٌ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بِـ "دِمَشْقَ" مَجْمُوع رقم 17 (170 - 176)، (80 - 81). أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (225)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 89)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 597)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 152)، وَالعِبَرِ (5/ 76)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (445)، وَالتَّوْضِيْحِ (5/ 93)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 254)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 84).
410 -
وَأُخْتُهُ عَزِيْزَةُ بِنْتُ مُشَرِّفٍ تُوُفِّيَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا قَبْلَ أَخِيْهَا بِأَيَّامٍ. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالدِهِمَا مُشَرَّفٌ في وَفَيَاتِ سَنَةِ (561 هـ). وَأَخْبَارُ عَزِيْزَةَ فِي: التَّكْمِلَةِ (3/ 86)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (446)، وَالمُشْتَبَهِ (2/ 457)، والتَّوْضِيْحِ (5/ 93).
411 -
وَزُغْلِيُّ بنُ طِنْطَاش بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ العَوْنِيُّ: مَوْلَى عَوْنِ الدِّيْنِ يْحَيى بِن مُحَمَّدِ بن هُبَيْرَةَ الوَزِيْرِ (ت: 560 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 91).
412 -
عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيسَ الرَّوْحَانِيُّ البَعْقُوْبِيُّ الزَّاهِدُ، صَحِبَ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ، وَكَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، زَاهِدًا، عَابِدًا، مُتَأَلِّهًا، كَبِيْرَ القَدْرِ، مِنْ أَعْيَانِ شُيُوْخِ العِرَاقِ فِي زَمَانِهِ. كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ. وَذَكَرَهُ الصَّرْصَرِيُّ فِي شِعْرِهِ وَصَرَّحَ بِحَنْبَلِيَّتِهِ فِي قَوْلِهِ:
وَالحَنْبَلِيُّ بن إِدْرِيْسَ الوَلِيِّ [و] كَالـ
…
ــبَزَّارِ حَبْرٌ بِنُوْرِ العِلْمِ مَحْبُوْرُ
وَيُرَاجَعُ: الدِّيْوَانُ (37، 45، 77، 159، 163، 178، 314، 318، 613، 644) كَذَا فِي فِهْرِسِ الدِّيْوَانِ، وَهُنَاكَ مَوَاضِعَ أُخْرَى لَمْ يَذْكُرْهَا المُحَقِّقُ؛ مِنْهَا: ص (184) وَغَيْرُهَا.
السَّخَاوِيِّ، وَبَقِيَ لِلحَنَابِلَةِ إِلَى الآنَ. قَالَ المُنْذِرِيُّ: حَدَّثَ، وَلَقِيتُهُ بِـ "دِمَشْقَ" فِي الدَّفْعَةِ الأُوْلَى، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِي السَّمَاعُ مِنهُ، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ. تُوُفِّيَ فِي سَابِعِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ منَ الغَدِ بِـ "سَفْحِ قَاسِيُونَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
299 - عبْدُ الحَمِيْدِ بْنُ مُرِّي
(1)
بْنِ نَامِي، المَقْدِسِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو أَحْمَدَ،
= أخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 88)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 151)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (455)، وَالعِبَرِ (5/ 77)، وَالإِشَارَةِ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (325)، وَالإِعْلامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (255)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 253)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 85).
413 -
وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ المَعْرُوْفِ بِـ "الدَّبَّابِ" البَغْدَادِيُّ البَابَصْرِيُّ، أَبُو الحَسَنِ، وَهُوَ جَدُّ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ (ت: 685 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِلْمُنْذِرِي (3/ 88)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (455)، وَالمُشْتَبَهِ (1/ 283)، وَالتَّوْضِيْحِ (4/ 16).
414 -
وَمِسْمَارُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى، أَبُو بَكْرِ المَعْرُوْفِ بِـ "ابن العُوَيْسِ"، البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، النَّيَّارُ، نَزِيْلُ "المَوْصِلِ" وَمُسْنِدُهَا. قِيْلَ: اسْمُهُ مُحَمَّدُ، وَلَقَّبَهُ الوَزِيْرُ ابنُ هُبَيْرَةَ بِـ "مِسْمَارٍ"؛ لأَنَّهُ كَانَ يَرَاهُ يَسْمَعُ وَهُوَ جَالِسٌ سَاكِنٌ، فَقَالَ: كَأَنَّهُ مِسْمَارٌ؛ وَكَانَ شَيْخًا، مُتَدَيِّنًا، خَيِّرًا، مَشْهُوْرًا، وَوَصفَه ابنُ نُقطة بأنَّه شَيخٌ، صَالِحٌ، ثِقَةٌ، وَأَنَّ سَمَاعَهُ صَحِيْحٌ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (463)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 83)، وَتَارِيْخِ إِرْبِلَ (1/ 198)، وَفِيْهِ وَفَاتِهِ سَنَةَ (616 هـ)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 154)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (464)، وَالعِبَرِ (5/ 77)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1403)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 205)، وَالنَّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 253).
(1)
299 - عَبْدُ الحَمِيدُ بْنَ مُرِّي المَقْدِسِيُّ (؟ - 620 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 56)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 117)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 147)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (1/ 346). ويُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 362)(قَرَاوي)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 315)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 99)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (499)، وَالمُشْتَبَهُ (2/ 500)، وَالتَّوْضِيْحُ (7/ 53)، وَالتَّبْصِيْرُ (3/ 110)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 32)(7/ 163). وَ (القَرَاوِيُّ)(الحَسَّانِي) نِسْبَةً إِلَى "قَرَاوَى بَنِي حَسَّان" مِنْ أَرْضِ "بَيْتِ المَقْدِسِ" وَكَانَ أَصْلهُ مِنْهَا، ثُمَّ هَاجَرَ بِهِ أَبُوْهُ إِلَى "صَالِحِيَّةِ دِمَشْقَ" إِذْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَوَائِلِ المُهَاجِرِيْنَ إِلَيْهَا مَعَ (آلِ قُدَامَةَ) وَغَيْرِهِمْ جَاءَ فِي القَلَائِدِ الجَوهَرِيَّة فِي تَارِيخِ الصَّالِحِيَّةِ (1/ 76)، - نَقْلًا عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ - وَجَاءَ أَبو عَابِدٍ مُرِّيُّ بنُ مَاضِي بن نَامِي، وأَوْلَادُهُ:(عَابِدٌ)، وَ (رِزْقُ اللهِ)، وَ (عَبْدُ الحَمِيْدِ)، وَوُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ.
أَقُولُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: وَقَدْ رَحَلَ المُتَرجَمُ فِي طَلَبِ العِلْمِ إِلَى "بَغْدَادَ" وَ"المَوْصِلَ" وَ"إِرْبِلَ" وَاسْتَقَرَّ بِـ "بَغْدَادَ" وَبِهَا تُوُفِّيَ.
415 -
وَأَخُوْهُ أَحْمَدُ ذَكَرَهُ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ، قَالَ:"وَقَرَاوَى أَيْضًا: قَرْيَةٌ مِنْ أَعْمَالِ "نَابُلُسَ" يُقَالُ لَهَا: "قَرَاوَى بَنِيْ حَسَّانَ" وَيُنسَبُ إِلَيْهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَمِيْدِ وَأَحْمَدُ ابْنَا مُرِّي بنِ مَاضِي القَرَاوِيُّ الحَسَّانِيُّ. . .".
(تَحْقِيْقٌ) هُنَاكَ سَمِيُّهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ مُحمَّدِ بنِ مَاضِي المَقْدِسِيُّ النَّابُلُسِيُّ (639 هـ)، مُحَدِّثٌ، حَنْبَلِيُّ مِثْلُهُ، مُعَاصِرٌ لَهُ، سَمِعَ الحَدِيثَ، وَأَسْمَعَ أَوْلَادَهُ وَهمْ:(عَبْدُ الرَّحْمَنِ) وَ (عبْدُ الرَّحِيْمِ)، وَ (عَبْدُ الحَافِظِ)، وَ (عبْدُ الخَالِقِ) وَ (عبْدُ السَّاتِرِ)، و (عَبْدُ القَادِرِ)، و (عِيْسَى)، وَ (يَحْيَى)، وَ (أَبُو بَكْرٍ)، وَ (مُوسَى)، وَ (عبْدُ الدَّائِمِ). ذُكِرُوا فِي السَّمَاعات الدِّمَشْقِيَّةِ (244، 351، 351، 353، 354، 362، 374، 377، 383، 459، 614، 631). وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ مِنْهُمْ (عَبْدُ السَّاتِرِ)(ت: 676 هـ) وَ (عِيسَى)(ت: 686 هـ)، وَاسْتَدْرَكْتُ (عَبْدَ الرَّحِيْمِ) فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (677 هـ)، وَذَكَرَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 655 هـ) فَلَعَلَّهُ أَخُوْهُمْ أَيْضًا.
- وَمِنْ ذَوي قَرَابَتِهِمْ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُرِّي بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيُّ
نَزِيْلُ "بَغْدادَ". سَمِعَ الكَثِيْرَ مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ وَطَبَقَتِهِ
(1)
، وَحَدَّثَ عَنْهُ بِـ "نُسْخَةِ ابْنِ عَرَفَةَ"، سَمِعَهَا مِنْهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ حَسَنَ الأَخْلَاقِ، صَالِحًا، خَيِّرًا، مُتَوَدِّدًا.
تُوُفِّيَ فِي لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنْ الغَدِ بِـ "بَابِ حَرْبٍ". قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَأَظُنُّهُ جَاوَزَ الخَمْسِيْنَ بِيَسِيْرٍ،
= الحَوْرَانِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت: 667 هـ) نَذْكرُه فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
(1)
فِي "تَارِيْخِ إِربَلَ" لابنِ المُسْتَوْفِي: "وَكَتَبَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ عُمَرَ الحَرَّانِيُّ، هُوَ ابْنُ شُحَانَةَ، وَنَاوَلَنِيْهِ قَالَ:
…
سَكَنَ "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ بِهَا أَبَا الفَرَجِ بنَ كُلَيْبٍ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ بُوْشٍ، وَأَبَا المَعَالِي بنَ المُعَمَّرِ، وَأَبَا الفَرَجِ بنَ الجَوْزِيِّ، وَبِـ "المَوْصِلِ" أَبَا المَعَالِي بنَ الهِيْتِيِّ، وَأَبَا الطَّاهِرِ بنَ الطُّوْسِيِّ، وَابْنَ هَبَلٍ، وَبِـ "دِمَشْقَ" أَبَا المَعَالِي نَجْمَ الدِّيْنِ بنَ عَبدَ الوَهَّابِ الأَنْصَارِيَّ، وَأَبَا الطَّاهِرِ بَرَكَاتَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الخُشُوْعِيَّ، وَغَيْرَهُمْ.
وَقَالَ ابنُ المُسْتَوْفِي وَاسْتَنْشَدْتُهُ مِنْ شِعْرِهِ فَأَنْشَدَنِي: وَكَتَبَهُ بِخَطِّهِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ.
مُظَفَّرَ الدِّيْنِ هَذَا قَاصِدًا رَجُلٌ
…
نَادَاكَ وَهُوَ بِحَمْلِ الفَقْرِ مَوْصُوْبُ
أَبَانَهُ الدَّهْرُ عَنْ رَبْعٍ فَأَبعَدَهُ
…
وَمَنْ يُحَارِبُ هَذَا الدَّهْرَ مَحْرُوْبُ
وَأَنْتَ أَكْرَمُ مَنْ طَافَ الوُفُوْدُ بِهِ
…
وَمَنْ إِلَى شَرَفِ العَلْيَاءِ مَنْسُوْبُ
يَا مَنْ أَعَادَ عُيُوْنَ الدَّهْرِ مُبْصِرَةً
…
قَمِيْصُ نَائِلِهِ وَالمَجْدُ يَعْقُوْبُ
وَمَنْ لَهُ شَرَفٌ مَا مِثْلُهُ شَرَفٌ
…
علَى قُلُوْبِ عِبَادِ اللهِ مَكْتُوْبُ
وَعِرْضُهُ عَنْ جَمِيْعِ الذَّمِّ مُمْتَنِعٌ
…
وَمَالَهُ فِي ذَوِي الحَاجَاتِ مَوْهُوْبُ
وَكُنْتُ أُوْعِدُ نَفْسِي مِنكَ بُغْيَتَهَا
…
وَاليَوْمَ هَا أَنْتَ وَالدُّنْيَا وَأَيُّوْبُ
قَالَ: وَرَدَ "إِرْبِلَ" غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَقَامَ بِدَار الحَدِيْثِ بِـ "المَوْصِلِ". . .".
وقَالَ المُنْذِرِيُّ: "وَحَدَّثَ، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، وَكَانَ حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، صَالِحًا".
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
300 - عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَدَ
(1)
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ مِقْدَامَ بْنِ نَصْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الصَّالِحِيُّ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ،
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلَامِ، وَأَحَدُ الأَعْلَامِ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخُو الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ.
ولِدَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "جَمَّاعِيْلَ"، وَوَهِمَ الدُّبَيْثِيُّ فِي ذِكْرِ مَوْلِدِهِ. وَقَدِمَ "دِمَشْقَ" مَعَ أَهْلِهِ وَلَهُ عَشْرُ سِنِيْنَ، فَقَرَأَ القُرْآنَ
(2)
،
(1)
300 - المُوَفَّقُ بنُ قُدَامَةَ (541 - 620 هـ):
مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ الإِسْلَامِ، الإِمَامُ، البَارِعُ، المُفْتِي، المُجْتَهِدُ، الزَّاهِدُ، الوَرِعُ، شَيْخُ الإسْلَامِ. أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 56)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 15)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 148)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 346). وَيُرَاجَعُ: التَّقْيِيْدُ (330)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 186)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 107)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 2/ 627)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ (3/ 163)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (139)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (6/ 615)، وَمَشْيَخَةُ ابنِ جَمَاعَةِ (1/ 121)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (483)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 165)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 124)، وَالعِبَرُ (5/ 79)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (325)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (255)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (190)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 134)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 47)، وَفَوَاتُ الوَفَيَاتِ (1/ 433)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (465)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (2/ 395)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 256)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 88)، (7/ 155)، تَقَدَّمَ الحَدِيْثُ عَنْ أُسْرَتِهِ في هَامِشِ تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ الشَّيخِ أَبِي عُمَرَ (ت: 607 هـ)، وَقُلْنَا هُنَاكَ إِنَّ أَغْلَبَ العُلَمَاءِ مِنْ آلِ قُدَامَةَ كَانُوا مِنْ نَسْلِ أَخِيْهِ الشَّيْخِ أَبي عُمَرَ، ثُمَّ مِنْ نَسْلِ أَخِيْهِ عُبَيْدِ اللهِ.
(2)
"تَفَقَّهَ علَى أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ بِقِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو، وَقَرَأَ علَى أَبِي الحَسَنِ =
وَحَفِظَ "مُخْتَصَرَ الخِرَقِّي" وَاشْتَغَلَ، وَسَمِعَ مِنْ وَالِدِهِ، وَأَبِي المَكَارِمِ بْنِ هِلَالٍ، وَأَبِي المَعَالِي بْنِ صَابِرٍ وَغَيْرِهِمْ، وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" هُوَ ابْنُ خَالَتِهِ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِّيِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ، وَسَمِعَا الكَثِيْرَ مِنْ هِبَةِ اللهِ الدَقَّاقِ، وابْنِ البَطِّيِّ، وَسَعْدِ اللهِ الدَّجَاجِيِّ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَابْنِ تَاجٍ القُرَّاء
(1)
، وَابْنِ شَافِعٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ ثَابِتٍ، وَالمُبَارَكِ بْنِ خُضَيْرٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ النَّقُوْرِ، وَشُهْدَةَ
(2)
، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ
(3)
، وَسَمِعَ بِـ "مَكَّةَ" مِنَ المُبَارَكِ بنِ الطَّبَّاخِ، وَبِـ "المَوْصِلِ" مِنْ خَطِيْبِهَا أَبِي الفَضْلِ
(4)
.
(5)
وَأَقَامَ عِنْدَ الشَّيْخِ عْبدِ القَادِرِ بِمَدْرَسَتِهِ
= البَطَائِحِيِّ بِقِرَاءَةِ نَافِعٍ".
(1)
في (ط): "الفَرَّاء" وَهُوَ ابنُ تَاجِ القُرَّاءِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَن (563 هـ).
(2)
في (ط): "شُهْد" وَهِيَ شُهْدَةَ بِنْتُ أَحْمَدُ الإِبَرِيُّ (ت: 574 هـ).
(3)
في (ط): "كثيرة".
(4)
وَمِنْهُم: أَحْمَدُ بنُ المُقرَّبِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّحْبِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ البَاجِسْرَائِيُّ، وَأبُو المَنَاقِبِ حَيْدَرُ بنُ عُمَر العَلَوِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بنُ الخَشَّابِ، وَمَعْمَرُ بْنُ الفَاخِرِ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ الحُسَيْنِ البَارِزِيُّ، وَعُمَرُ بنُ بَيْنَمَانَ الدَّلَالُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّكَنِ، وَالمُبَارَكُ بنُ مُحمَّدٍ البَاذَرَائِيُّ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الخَطِيْبِيُّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ المُحَدِّثِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الخَطِيْبِيُّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ المُحَدِّثِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَخَدِيْجَةُ النَّهْرَاوَانِيَّةُ، وَنَفِيْسَةُ البَزَّارَةُ". وَذَكَرَ ابنُ شَاكِرٍ فِي فَوَاتِ الوَفَيَاتِ (2/ 159) أَنَّ لَهُ "مَشْيَخَةً" فِي جُزْءٍ ضَخْمٍ، وَسَيَذْكُرُهَا المُؤَلِّفُ فِي ذِكْرِ مُصَنَّفَاتِهِ.
(5)
مُكَرر في (ط).
مُدَّةً يَسِيْرَةً
(1)
، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنَ "الخِرَقِّي"(5) ثُمَّ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ، فَلَازَمَ أَبَا الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ المَذْهَبَ، وَالخِلَافِ، وَالأُصُوْلَ حَتَّى بَرَعَ، وَأَقَامَ بِـ "بَغْدَادَ" نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِ سِنِيْنَ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الضِّيَاءُ، عَنْ أُمِّهِ، وَهِيَ أُخْتُ الشَّيْخِ
(2)
، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "دِمَشْقَ"، ثُمَّ عَادَ إِلَى "بَغْدَادَ" سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، كَذَا قَالَ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ.
وَذَكَرَ النَّاصِحُ ابْنُ الحنْبَلِيِّ: أَنَّهُ حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَرَجَعَ مَعَ وَفْدِ العِرَاقِ إِلى "بَغْدَادَ"، وَأَقَامَ بِهَا سَنَةً، فَسَمِعَ دَرْسَ ابْنِ المَنِّيِّ، قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا قَدْ دَخَلْتُ "بَغْدَادَ" سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَاشْتَغَلْنَا جَمِيْعًا عَلى الشَّيْخِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "دِمَشْقَ"، وَاشْتَغَلَ بِتَصْنِيْفِ كِتَابِ "المُغْنِي" فِي شَرْحِ "الخِرَقِيِّ" فَبَلَغَ الأَمَلَ فِي إِتْمَامِهِ، وَهُوَ كِتَابٌ بَلِيْغٌ فِي المَذْهَبِ، عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ، تَعِبَ عَلَيْهِ، وَأَجَادَ فِيْهِ وَجَمَّلَ بِهِ المَذْهَبَ. وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَانْتَفَعَ بِعِلْمِهِ طَائِفَةٌ كَثِيْرَةٌ، قَالَ: وَمَشَى عَلَى سَمْتِ أَبِيْهِ وَأَخِيْهِ فِي الخَيْرِ وَالعِبَادَةِ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالُ بِالفِقْهِ وَالعِلْمِ.
وَقَالَ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ: كَانَ إِمَامًا فِي فُنُوْنٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ
(1)
سبَقَ في ترْجَمَةِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعِيْنَ يَومًا، وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ المُوفَّقِ أَنَّهُمَا أَدْرَكَا مِنْ حَيَاةِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ خَمْسِيْنَ يَوْمًا. وَنَقَلَ فِي مَوْضِعٍ آخر عن الحَافِظ الضِّيَاءِ فِي سِيْرَةِ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ أَنَّهُمَا أَقَامَا خَمْسِيْنَ لَيْلَةَ، وَمَاتَ، ثُمَّ أَقَامَ عِنْدَ أَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ، ثُمَّ انْتَقَلَا إِلى رِبَاطِ الشَّيْخِ مَحْمُوْدٍ النَّعَّالِ، وَاشْتَغَلَا علَى ابنِ المَنِّيِّ.
(2)
اسْمُهَا رُقَيَّةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بنُ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ (ت: 621 هـ).
- بَعْدَ أَخِيْهِ أَبِي عُمَرَ، وَالعِمَادِ - أَزْهَدُ وَلَا أَوْرَعُ مِنْهُ، وَكَانَ كَثِيْرَ الحَيَاءِ، عَزُوْفًا عَنِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا، هَيِّنًا، لَيِّنًا، مُتَوَاضِعًا، مُحِبًّا لِلْمَسَاكِيْنِ، حَسَنَ الأَخْلَاقِ، جَوَادًا، سَخِيًّا، مَنْ رَآهُ كأَنَّهُ رَأَى بَعْضَ الصَّحَابَةِ، وَكَأَنَّمَا النُّوْرُ يَخْرُجُ مِنْ وَجْهِهِ، كَثِيْرَ العِبَادَةِ، يَقْرَأُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ سُبْعًا مِنَ القُرْآنِ، وَلَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْ السُّنَّةِ فِي الغَالِبِ إلَّا فِي بَيْتِهِ، اتِّبَاعًا لِلْسُّنَّةِ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجَالِسِي دَائِمًا فِي جَامِعِ "دِمَشْقَ" وَ"قَاسِيُوْنَ". وَقَالَ أَيْضًا: شَاهَدْتُ مِنَ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، وَأَخِيْهِ المُوَفَّقِ، وَنَسِيْبِهِ العِمَادِ مَا نَرْوِيْهِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالأَوْلِيَاءِ الأَفْرَادِ، فَأَنْسَانِي حَالُهُمْ أَهْلِي وَأَوْطَانِي، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِمْ عَلَى نِيَّةِ الإِقَامَةِ، عَسَى أَنْ أَكُوْنَ مَعَهُمْ فِي دَارِ المَقَامَةِ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ إِمَامَ الحَنابِلَةِ بِالجَامِعِ، وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، نَبِيْلًا، غَزِيْرَ الفَضْلِ، كَامِلَ العَقْلِ، شَدِيْدَ التَّثَبُّتِ، دَائِمَ السُّكُوْتِ، حَسَنَ السَّمْتِ، نَزِهًا، وَرِعًا، عَابِدًا عَلَى قَانُوْنِ السَّلَفِ، عَلَى وَجْهِهِ النُّوْرُ، وَعَلَيْهِ الوَقَارُ وَالهَيْبَةُ، يَنْتَفِعُ الرَّجُلُ بِرُؤْيَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَهُ، صَنَّفَ التَّصَانِيْفَ المَلِيْحَةَ فِي المَذْهَبِ وَالخِلَافِ، وَقَصَدَهُ التَّلَامِذَةُ وَالأَصْحَابُ، وَسَارَ اسْمُهُ فِي البِلَادِ، وَاشْتُهِرَ ذِكْرُهُ، وَكَانَ حَسَنَ المَعْرِفَةِ بِالحَدِيْثِ، وَلَهُ يَدٌ فِي عِلْمِ العَرَبِيَّةِ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الحَاجِبِ الحَافِظِ
(1)
فِي "مُعْجَمِهِ": هُوَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ، وَمُفْتِي
(1)
هُوَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بن مَنْصُوْرِ بنِ الحَاجِبِ الأَمِيْنِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، المُحَدِّثُ، صَاحِبُ "المُعْجَمِ" الكَبِيْرِ، الَّذِي جَمَعَ فِيْهِ شُيُوْخَهُ، تُوُفِي شَابًّا سَنَة (630 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (3/ 346)، وَالعِبَرِ (5/ 121)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 137). وَالنَّصُّ هُنَا فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ =
الأُمَّةِ، خَصَّهُ اللهُ بِالفَضْلِ الوَافِرِ، وَالخَاطِرِ المَاطِرِ، وَالعِلْمِ الكَامِلِ، طَنَّتْ فِي ذِكْرِهِ الأَمْصَارُ، وَظَنَّتْ بِمِثْلِهِ الأَعْصَارُ، قَدْ أَخَذَ بِمَجَامِعِ الحَقَائِقِ النَّقْلِيَّةِ وَالعَقْلِيَّةِ، فَأَمَّا الحَدِيْثُ، فَهُوَ سَابِقُ فُرْسَانِهِ، وَأَمَّا الفِقْهُ فَهُوَ فَارِسُ مَيْدَانِهِ، أَعْرَفُ النَّاسِ بِالفُتْيَاءِ، وَلَهُ المُؤَلَّفَاتُ الغَزِيْرَةُ، وَمَا أَظُنُّ الزَّمَانَ يَسْمَحُ بِمِثْلِهِ، مُتَوَاضِعٌ عِنْدَ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ، حَسَنَ الاعْتِقَادِ، ذُو أنَاةٍ وَحَلْمٍ وَوقَارٍ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ عَامِرًا بِالفُقَهَاءِ وَالمُحَدِّثِيْنَ وَأَهْلِ الخَيْرِ، وَصَارَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ يَقْصِدُهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَكَانَ كَثِيْرَ العِبَادَةِ، دَائِمَ التَّهَجُّدِ، لَمْ يُرَ مِثْلُهُ، وَلَمْ يَرَ مِثْلَ نَفْسِهِ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ شَيْخُ الحَنَابِلَةِ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ إِمَامًا مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَعَلَمًا مِنْ أَعْلَامِ الدِّيْنِ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ، صَنَّفَ كُتُبًا حِسَانًا فِي الفِقْهِ وَغَيْرِهِ، عَارِفًا بِمَعانِي الأَخْبَارِ وَالآثَارِ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ، وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيْهِ أَبِي عُمَرَ هُوَ الَّذِي يَؤُمُّ بِالجَامِعِ المُظَفَّرِيِّ، وَيَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذَا حَضَرَ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَعَبْدُ اللهِ بْنِ أَبي عُمَرَ
(1)
هُوَ الخَطِيبُ وَالإِمَامُ، وَأَمَّا بِمِحْرَابِ الحَنَابِلَةِ بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" فَيُصَلِّي فِيْهِ المُوَفَّقُ إِذَا كَانَ حَاضِرًا فِي البَلَدِ، وَإِذَا مَضَى إِلَى الجَبَلِ صَلَّى العِمَادُ أَخُو عَبْدِ الغَنِيِّ، وَبَعْدَ مَوْتِ العِمَادِ، كَانَ
= (486) حَرْفًا بِحَرْفٍ مَا عَدَا قَوْلِهِ: "طَنَّتْ في ذِكْرِهِ"، فَفِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ "بِذِكْرِهِ".
(1)
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، شَرَفُ الدِّيْنِ، الخَطِيْبُ (ت: 643 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ ابنُ أَخِيْهِ.
يُصَلِّي فِيْهِ أَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، مَا لَمْ يَحْضُرِ المُوَفَّقُ، وَكَانَ بَيْنَ العِشَائَيْنِ يَتَنَفَّلُ حِذَاءَ المِحْرَابِ، وَجَاءَهُ مَرَّةً المَلِكُ العَزِيْزُ بنُ العَادِلِ يَزُوْرُهُ، فَصَادَفَهُ يُصَلِّي، فَجَلَسَ بِالقُرْبِ منْهُ إِلَى أَنْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ اجْتَمَعَ بِهِ، وَلَمْ يَتَجَوَّزْ فِي صَلَاتِهِ، وَكَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ العِشَاءِ الآخِرَةِ يَمْضِي إِلَى بَيْتِهِ بِـ "الرَّصِيْفِ"، وَمَعَهُ مِنْ فُقَرَاءِ الحَلْقَةِ مَنْ قَدَّرَهُ اللهُ تَعَالَى، فَيُقَدِّمُ لَهُمْ مَا تَيَسَّرَ يَأْكُلُوْنَهُ مَعَهُ.
وَمِنْ أَظْرَفِ مَا حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ فِي عِمَامَتِهِ وَرَقَةً مَصْرُوْرَةً فِيْهَا رَمْلٌ يُرَمِّلُ بِهِ مَا يَكْتُبُهُ لِلْنَّاسِ مِنَ الفَتَاوَى وَالإِجَازَاتِ وَغَيْرِهَا، فَاتَّفَقَ لَيْلَةً خُطِفَتْ عِمَامَتُهُ، فَقَالَ لِخَاطِفِهَا: يَا أَخِي خُذْ مِنَ العِمَامَةِ الوَرَقَةَ المَصْرُوْرَةَ بِمَا فِيْهَا وَرَدَّ العِمَامَةَ أَغُطِّي بِهَا رَأْسِي، وَأَنْتَ فِي أَوْسَعِ الحِلِّ مِمَّا فِي الوَرَقَةِ، فَظَنَّ الخَاطِفُ أَنَّهَا فِضَّةٌ وَرَآهَا ثَقِيْلَةً، فَأَخَذَهَا وَرَدَّ العِمَامَةَ، وَكَانَتْ صَغِيْرَةً عَتِيْقَةً، فَرَأَى أَخْذَ الوَرَقَةِ خَيْرًا مِنْهَا بِدَرَجَاتٍ، فَخَلَّصَ الشَّيْخُ عِمَامَتَهُ بِهذَا الوَجْهِ اللَّطِيْفِ. وَبَلَغَنِي منْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ الإِمَامِ أَبِي العَبَّاسِ بْنِ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: مَا دَخَلَ "الشَّامَ" - بَعْدَ الأَوْزَاعِيِّ - أَفْقَهَ مِنَ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ. وَقَدْ أَفْرَدَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ، سِيْرَةَ الشَّيْخِ فِي جُزْئَيْنِ، وَكَذلِكَ أَفْرَدَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ. قَالَ الضِّيَاءُ: كَانَ رحمه الله إِمَامًا فِي القُرْآنِ وَتَفْسِيْرِهِ، إِمَامًا فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ وَمُشْكِلَاتِهِ، إِمَامًا فِي الفِقْهِ، بَلْ أَوْحَدَ زَمانِهِ فِيْهِ، إِمامًا فِي عِلْمِ الخِلَافِ، أَوْحَدَ زَمَانِهِ فِي الفَرَائِضِ، إِمَامًا فِي أُصُوْلِ الفِقْهِ، إِمَامًا فِي النَّحْوِ، إمَامًا فِي الحِسَابِ، إِمَامًا فِي النُّجُوْمِ السَّيَّارَةِ وَالمَنَازِلِ، قَالَ:
وَلَمَّا قَدِمَ "بَغْدَادَ" قَالَ لَهُ الشَّيْخُ أَبُو الفَتْحِ بْنُ المَنِّيِّ: اسْكُنْ هُنَا؛ فَإِنَّ "بَغْدَادَ" مُفْتَقِرَةٌ إِلَيْكَ، وَأَنْتَ تَخْرُجُ منْ "بَغْدَادَ" وَلَا تَخْلُفْ فِيْهَا مِثْلَكَ. وَكَانَ شَيْخُنَا العِمَادُ يُعَظِّمُ الشَّيْخَ المُوَفَّقَ تَعْظِيْمًا كَثِيْرًا، وَيَدْعُو لَهُ، وَيَقَعُدُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَمَا يَقْعُدُ المُتَعَلِّمُ مِنَ العَالَمِ.
وَسَمِعْتُ الإِمَامَ المُفْتِي شَيْخَنَا أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ مَعَالَيِ بْنِ غَنِيْمَةَ
(1)
، بِـ "بَغْدَادَ" يَقُوْلُ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا فِي زَمَانِي أَدْرَكَ دَرَجَةَ الاِجْتِهَادِ إِلَّا المُوَفَّقَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بنَ الصَّلَاحِ المُفْتِي يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ
(2)
اليُوْنِيْنِيُّ: مَا أَعْتَقِدُ أَنَّ شَخْصًا مِمَّنْ رَأَيْتُهُ حَصَلَ لَهُ مِنَ الكَمَالِ فِي العُلُوْمِ وَالصِّفَاتِ الحَمِيْدَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الكَمَالُ سِوَاهُ، فَإِنَّهُ رحمه الله كَانَ كَامِلًا فِي صُوْرَتِهِ وَمَعْنَاهُ مِنَ الحُسْنِ وَالإِحْسَانِ، وَالحِلْمِ وَالسُّؤْدَدِ، وَالعُلُوْمِ المُخْتَلِفَةِ، وَالأَخْلَاقِ الجَمِيْلَةِ، وَالأُمُوْرِ الَّتِي مَا رَأَيْتُهَا كَمُلَتْ فِي غَيْرِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْ كَرَمِ أَخْلَاقِهِ، وَحُسْنِ عِشْرَتِهِ، وَوُفُوْرِ حِلْمِهِ، وَكَثْرَةِ عِلْمِهِ، وَغَزِيْرِ فِطْنَتِهِ، وَكَمَالِ مُرُوْءَتِهِ، وَكَثْرَةِ حَيَائِهِ، وَدَوَامِ بِشْرِهِ، وَعُزُوْفِ نَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا، وَالمَنَاصِبِ وَأَرْبَابِهَا مَا قَدْ عَجِزَ
(1)
مُحَمَّدُ بنُ مَعَالِي بنِ غَنِيْمَةَ البَغْدادِيُّ المَأْمُونِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الحَلَّاوِيُّ"(ت: 611 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
كَذَا في الأُصُوْلِ، وَفِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ""أَبُو عَبْدِ اللهِ" وَهُوَ الصَّحِيْحُ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ أَبي الحُسَيْن أَحْمَدَ بن عَبْدِ اللهِ بنِ عِيْسَى بن أَبِي الرِّجَالِ أَبُو عَبْدِ اللهِ اليُوْنيْنِيُّ البَعْلَبَكِيُّ (ت: 658 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَفِي تَرْجَمَتِهِ قَالَ المُؤَلِّفُ:"وَتَفَقَّهَ بِالشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ".
عَنْهُ كِبَارُ الأَوْلِيَاءِ، فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
(1)
: "مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى عَبْدٍ نَعْمَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُلْهِمَهُ ذِكْرَهُ" فَقَدْ ثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ إِلْهَامَ الذِّكْرِ أَفْضَلُ مِنَ الكَرَامَاتِ، وَأَفْضَلُ الذِّكْرِ مَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إِلَى العِبَادِ، وَهُوَ تَعْلِيْمُ العِلْمِ وَالسُّنَّةِ، وَأَعْظَمُ مِنْ ذلِكَ وَأَحْسَنُ مَا كَانَ جِبِلَّةً وَطَبْعًا، كَالحِلْمِ، والكَرَمِ وَالعَقْلِ، وَالحَيَاءِ، وَكَانَ اللهُ قَدْ جَبَلَهُ عَلَى خُلُقٍ شَرِيْفٍ، وَأَفْرَغَ علَيْهِ المَكَارِمَ إِفْرَاغًا، وَأَسْبَغَ علَيْهِ النِّعَمَ، وَلَطَفَ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ.
قَالَ [الضِّيَاءُ]
(2)
: وَكَانَ لَا يَكَادُ
(3)
يُنَاظِرُ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ يَتَبَسَّمُ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذَا الشَّيْخُ يَقْتُلُ خَصْمَهُ بِتَبَسُّمِهِ. قَالَ:
(4)
وَأَقَامَ مُدَّةً يَعْمَلُ حَلْقَةَ يَوْمِ الجُمُعَةِ بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" يُنَاظِرُ فِيْها بَعْدَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَرَكَ ذلِكَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ يَشْتَغِلُ علَيْهِ النَّاسِ مَنْ بُكْرَةٍ إِلَى ارْتِفَاعِ النَّهَارِ،
(1)
الحَدِيْثُ ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ في "التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ" مِنْ حَدِيْثِ أَبِي ذرٍّ الغِفَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِلَفْظِ: "مَا مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا وَللهِ عز وجل فِيْهِ صَدَقَةٌ يَمُنُّ بِهَا عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَمَا مَنَّ اللهُ عَلَى عَبْدٍ بأفْضَلَ من أَنْ يُلْهِمَهُ ذِكْرَهُ" وَقَالَ: رَوَاهُ ابنُ أَبِي الدُّنْيا، وَهُوَ ضَعِيْفٌ عَلَى اصْطِلَاح المُنْذِرِيِّ في صَدْرِ كِتَابِهِ المَذْكُوْرِ؛ لأَنَّهُ صَدَّرَ الحَدِيْثَ بِلَفْظَةِ "رُوِيَ" وَأَهْمَلَ الكَلَامَ عَلَيْهِ في آخِرِهِ". عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
زِيَادَةٌ مِن "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ" وَهِيَ زِيَادَةٌ مُهِمَّةٌ جِدًّا، وَلَوْلَا هَذِهِ الزِّيَادة لَكَانَ القَوْلُ رَاجِعًا إِلَى الشَّيْخِ اليُوْنِيْنِيِّ السَّالِفِ الذِّكْرِ في كَلَامِ المُؤلِّفِ.
(3)
ساقط من (ط).
(4)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ: "سَمِعْتُ الفَقِيْهُ أَحْمَدَ بنَ فَهْدٍ العَلْثِيَّ يَقُوْلُ: نَاظَرَ المُوَفَّقُ ابنَ فَضْلَانَ - يَعْنِي يَحْيَى بنَ مُحَمَّدِ الشَّافِعِيَّ - فَقَطَعَهُ. قُلْتُ: وَكَانَ ابنُ فَضْلَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ في المُنَاظَرَةِ".
ثُمَّ يُقْرَأُ عَلَيْهِ بَعْدَ الظُّهْرِ، إِمَّا مِنَ الحَدِيْثِ أَوْ مِنْ تَصَانِيْفِهِ إِلَى المَغْرِبِ، وَرُبَّمَا قُرِئَ عَلَيْهِ بَعْدَ المَغْرِبِ وَهُوَ يَتَعَشَّى، وَكَانَ لَا يَرَى لأَحَدٍ ضَجَرًا، وَرُبَّمَا تَضَرَّرَ فِي نَفْسِهِ وَلَا يَقُوْلُ لأَحَدٍ شَيْئًا.
(ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ كَرَامَاتِهِ):
قَالَ سِبْطُ ابنِ الجَوْزِيِّ: حَكَى أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ فَضْلٍ الأَعْنَاكِيُّ
(1)
قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ كَانَ لِي قُدْرَةٌ لَبَنَيْتُ لِلْمُوَفَّقِ مَدْرَسَةً، وَأَعْطَيْتُهُ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: فَجِئْتُ بَعْدَ أَيَّامٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: إِذَا نَوَى الشَّخْصُ نِيَّةً كُتِبَ لَهُ أَجْرُهَا.
وَحَكَى أَبُو الحَسَنِ بْنُ حَمْدَانَ الجَرَائِحِيُّ قَالَ: كُنْتُ أَبْغِضُ الحَنَابِلَةَ، لَمَّا شُنِّعَ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوْءِ الاعْتِقَادِ، فَمَرِضْتُ مَرَضًا شَنَّجَ أَعْضَائِي، وَأَقَمْتُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا أَتَحَرَّكُ، وَتَمَنَّيْتُ المَوْتَ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ العِشَاءِ جَاءَنِي المُوَفَّقُ، وَقَرَأَ عَلَيَّ آيَاتٍ وَقَالَ
(2)
: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} وَمَسَحَ علَى ظَهْرِيْ فَأَحْسَسْتُ بِالعَافِيَةِ، وَقَامَ: فَقُلْتُ: يَا جَارِيَةُ، افْتَحِي لَهُ البَابَ، فَقَالَ: أَنَا أَرُوْحُ مِنْ حَيْثُ جِئْتُ، وَغَابَ عَنْ عَيْنِي، فَقُمْتُ مِنْ سَاعَتِي إِلَى بَيْتِ الوُضُوْءِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ دَخَلْتُ الجَامِعَ، فَصَلَّيْتُ
(1)
في (ط): "الأَعْتَاكِي" تَحْرِيْفٌ، وَهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى "أَعْنَاكَ" بُلَيْدَةٌ مِنْ نَوَاحِي "حَوْرَان" مِنْ أَعْمَالِ "دِمَشْقَ". كَمَا فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ (1/ 264)، وَفِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ":"الشَّرِيْفُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ كَبَّاسٍ الأَعْنَاكِيُّ".
(2)
سُوْرَةُ الإِسْرَاءِ، الآية:82.
الفَجْرَ خَلْفَ المُوَفَّقِ، وَصَافَحْتُهُ، فَعَصَرَ يَدِيْ وَقَالَ: احْذَرْ أَنْ تَقُوْلَ شَيْئًا، فَقُلْتُ: أَقُوْلُ وَأَقُوْلُ.
وَقَالَ قَوَّامُ جَامِعِ "دِمَشْقَ": كَانَ لَيْلَةً يَبِيْتُ فِي الجَامِعِ، فَتُفْتَحُ لَهُ الأَبْوَابُ فَيَخْرُجُ وَيَعُوْدُ، فَتُغْلَقُ عَلَى حَالِهَا
(1)
.
وَحَدَّثَ العَفِيْفُ كَتَائِبُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ مَهْدِي البَانِيَاسِيُّ
(2)
- بَعْدَ مَوْتِ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ بِأَيَّامٍ - قَالَ: رَأَيْتُ الشَّيْخَ المُوَفَّقَ عَلَى حَافَةِ النَّهْرِ يَتَوَضَّأُ، فَلَمَّا تَوَضَّأَ أَخَذَ قُبْقَابَهُ وَمَشَى عَلَى المَاءِ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ، ثُمَّ لَبِسَ القُبْقَابَ - وَصَعَدَ إِلَى المَدْرَسَةِ - يَعْنِي مَدْرَسَةَ أَخِيْهِ أَبِي عُمَر، ثُمَّ حَلَفَ كَتَائِبٌ بِاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ، وَمَالِي فِي الكَذِبِ حَاجَةٌ، وَذلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ، فَقِيْلَ لَهُ: هَلْ كَانَتْ رِجْلَاهُ تَغُوْصُ فِي المَاءِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا كَأَنَّهُ يَمْشِي علَى وِطَاءٍ رحمه الله.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ الذَّهَبِيِّ: سَمِعْتُ رَفِيْقَنَا أَبَا طَاهِرٍ أَحْمَدَ الدُّرَيْبِيَّ
(3)
،
(1)
كَلَامٌ غَيْرُ مَقْبُوْلٍ بِحَالٍ.
(2)
عَالِمٌ، مُحَدِّثٌ (ت: 634 هـ) لَهُ أَخْبَارٌ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 453)، وَ"تَارِيْخِ الإِسْلامِ" وَهُوَ حَنْبَلِيٌّ لم يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَابْنُهُ أَحْمَدُ بنُ كَتَائِبٍ (ت: 661 هـ) في صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (206)، وَهَذِهِ الحِكَايَةُ شَيْءٌ لا يُتَصَوَّرُ إِلَّا بِوِسْوَاسِ الشَّيْطَان وَتَسْوِيْلِهِ. وَذَكَرَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ كَتَائِب فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ".
(3)
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الغَنِيِّ، شِهَابُ الدِّين البَعْلِيُّ الدُّرَيْبِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت: 735 هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، نَسْتَدْرِكُهُ في مَوْضِعِهِ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
سَمِعْتُ الشَّيْخَ إِبْرَاهِيْمَ بْنَ أَحْمَدَ بنِ حَاتِمٍ
(1)
- وَزُرْتُ مَعَهُ قَبْرَ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ - فَقَالَ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ مُحَمَّدًا اليُوْنِيْنِيُّ
(2)
شَيْخَنَا يَقُوْلُ: رَأَيْتُ الشَّيْخَ المُوَفَّقَ يَمْشِي عَلَى المَاءِ
(3)
.
ذِكْرُ تَصَانِيْفِهِ:
صَنَّفَ الشَّيْخُ المُوَفَّقُ رحمه الله التَّصَانِيْفَ الكَثِيْرَةَ الحَسَنَةَ فِي المَذْهَبِ، فُرُوْعًا وَأُصُوْلًا، وَفِي الحَدِيْثِ، وَاللُّغَةِ، وَالزُّهْدِ، وَالرَّقَائِقِ. وَتَصَانِيْفُهُ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ فِي غَايَةِ الحُسْنِ، أَكْثَرُهَا عَلَى طَرِيْقَةِ أَئِمَّةِ المُحَدِّثِيْنَ، مَشْحُوْنَةٌ بِالأَحَادِيثِ وَالآثَارِ، وَبِالأَسَانِيْدِ، كَمَا هِيَ طَرِيْقَةُ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَئِمَّةِ الحَدِيثِ، وَلَمْ يَكُنْ يَرَى الخَوْضَ مَعَ المُتَكَلِّمِيْنَ فِي دَقَائِقِ الكَلَامِ، وَلَوْ كَانَ بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَهَذِهِ طَرِيْقَةُ أَحْمَدَ وَالمُتَقَدِّمِيْنَ، وَكَانَ كَثِيْرَ المُتَابَعَةِ لِلْمَنْقُولِ فِي بَابِ الأُصُوْلِ وَغَيْرِهِ، لَا يَرَى إِطْلَاقَ مَا لَمْ يُؤْثَرْ مِنَ العِبَارَاتِ، وَيَأْمُرُ بِالإِقْرَارِ وَالإِسْرَارِ لِمَا جَاءَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنَ الصِّفَاتِ، مِنْ غَيْرِ تَفْسِيْرٍ وَلَا تَكْيِيْفٍ، وَلَا تَمْثِيْلٍ، وَلَا تَحْرِيْفٍ، وَلَا تَأْوِيلٍ وَلَا تَعْطِيْلٍ.
فَمِنْ تَصَانِيْفِهِ فِي أُصُولِ الدِّيْنِ: "البُرْهَانُ فِي مَسْأَلَةِ القُرْآنِ"
(4)
جُزْءٌ
(1)
هُوَ كَسَابِقِهِ بَعْلِيٌّ، حَنْبَلِيٌّ، لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ (ت: 712 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ في مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ السَّالِفُ الذِّكْرِ.
(3)
هِيَ فِرْيَةٌ كَسَابِقَتِهَا مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَان.
(4)
مَطْبُوْعٌ سَنَةَ (1418 هـ) في الرِّياض.
"جَوَابُ مَسْأَلَةٍ وَرَدَتْ مِنْ "صَرْخَدَ"
(1)
في القُرآنِ" جُزْءٌ "الاعْتِقَادُ" جُزْءٌ
(2)
"مَسْأَلَةُ العُلُوِّ"
(3)
جُزْآنِ "ذَمُّ التَّأْوِيْلِ" جُزْءٌ
(4)
"كِتَابُ القَدَرِ" جُزْآنِ "فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ" جُزْآنِ، وَأَظُنُّهُ:"مِنْهَاجَ القَاصِدِيْنَ فِي فَضْلِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ"
(5)
"رِسَالَةٌ" إِلَى الشَّيْخِ فَخْرِ الدِّيْنِ بنِ تَيْمِيَّةَ فِي تَخْلِيْدِ أَهْلِ البِدَعِ فِي النَّارِ
(6)
"مَسْأَلَةٌ" فِي تَحْرِيْمِ النَّظَرِ فِي كُتُبِ أَهْلِ الكَلَامِ.
وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ فِي الحَدِيْثِ: "مُخْتَصَرُ العِلَلِ" لِلْخَلَّالِ، مُجَلَّدٌ ضَخْمٌ "مَشْيَخَةُ شُيُوْخِهِ" جُزْءٌ، وَأَجْزَاءٌ كَثِيْرَةٌ خَرَّجَهَا.
وَمِنْ تَصَانِيفِهِ فِي الفِقْهِ "المُغْنِي فِي الفِقْهِ" عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ
(7)
، "الكَافِي" فِي الفِقْهِ أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ، "المُقْنَعُ فِي الفِقْهِ" مُجَلَّدٌ، "مُخْتَصَرُ الهِدَايَةِ"
(1)
صَرْخَدُ: مِنْ بِلَادِ "حَوْرَانَ" مِنْ أَعْمَالِ "دِمَشْقَ" مُعْجَمِ البُلْدَانِ (3/ 455).
(2)
لَعَلَّهُ هُوَ "لُمْعَةُ الاعْتِقَادِ" فَإِنَّ المُؤَلِّفَ ابنَ رَجَبٍ لَمْ يَذْكُرْ "لُمْعَةَ الاعْتِقَادِ" في مُؤَلَّفَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَطُبع "لُمْعَةُ الاعْتِقَادِ" في المَطْبَعَةِ المُنِيْرِيَّةِ بالقَاهِرَة سَنَةَ (1372 هـ) وَكَانَ قَدْ طُبِعَ قَبْلَ ذلِكَ فِي مَجْمُوْعٍ سَنَة (1340 هـ) وَهُوَ رِسَالَةٌ مُوْجَزَةٌ مُفِيْدَةٌ عَلَّقَ عَلَيْهَا ابْنُ العَمِّ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بنُ صَالِح العُثَيْمِينَ - رَحْمَةُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ - وَطُبِعَ سَنَةَ (1405 هـ).
(3)
مَطْبُوْعٌ في مَطْبَعَةِ المَنَارِ في القاهرة سَنَةَ (1322 هـ)، ثمَّ أُعِيْدَ طَبْعُهُ في دَوْلَةِ الكُوَيْتِ سَنَةَ (1406 هـ)، وطُبع ثَالِثَةً سَنَةَ (1409 هـ) بِتَحْقِيْقِ الدُّكْتُور أَحْمَد بن عَطِيَّة الغَامِدِيُّ.
(4)
طُبِعَ قَدِيْمًا بِمِصْرَ سَنَةَ (1329 هـ) ضِمْنَ مَجْمُوْعٍ فِي مَطْبَعَةِ كُرْدِسْتَان.
(5)
حَقَّقَهُ بَعْضُ طلبةِ الدِّرَاسَات العُليا في الجامعة الإِسْلَامِيَّة سنة (1412 هـ) وَلَمْ يُطْبَعْ بَعْدُ.
(6)
ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مُلَخَّصَهَا فِي تَرْجَمَةِ الفَخْرِ الآتية. وَطُبِعَ عِدَّةَ طَبَعَاتٍ.
(7)
مِنْ أَعْظَمِ كُتُبِ أَهْلِ الإسْلَامِ وَأَكْثَرِهَا فَائِدَةً، مَعْرُوْفٌ مَشْهُوْرٌ.
مُجَلَّدٌ
(1)
"العُمْدَةُ" مُجَلَّدٌ صَغِيْرٌ "مَنَاسِكُ الحَجِّ" جُزْءٌ "ذَمُّ الوَسْواسُ"
(2)
جُزْءٌ، وَفَتَاوَى وَمسَائِلُ مَنْثُورَةٌ، وَرَسَائِلُ شَتَّى كَثِيْرَةٌ.
وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ فِي أُصُولِ الفِقْهِ: "الرَّوضَةُ" مُجَلَّدٌ
(3)
.
وَلَهُ فِي اللُّغَةِ وَالأَنْسَابِ وَنَحْوَ ذلِكَ "قُنْعَةُ الأَرِيْبِ فِي الغَرِيْبِ" مُجَلَّدٌ صَغِيْرٌ
(4)
"التَبْيِيْنِ فِي نَسَبِ القُرَشِيِّيْنَ"
(5)
مُجَلَّدٌ "الاِسْتِبْصَارُ فِي نَسَبِ الأَنْصَارِ" مُجَلَّدٌ
(6)
.
وَلَهُ فِي الفَضَائِلِ وَالزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ وَنَحْوَ ذلِكَ "كِتَابُ التَّوَّابِيْنَ"
(7)
جُزْآنِ "كِتَابُ المُتَحَابِّيْنَ فِي اللهِ" جُزْآنِ
(8)
"كِتَابُ الرَّقَّةِ وَالبُكَاءِ"
(9)
جُزْآنِ "فَضَائِلُ عَاشُوْرَاءَ" جُزْءٌ "فَضَائِلُ العَشْرِ" جُزْءٌ.
وَانْتَفَعَ بِتَصَانِيْفِهِ المُسْلِمُوْنَ عُمُوْمًا، وَأَهْلُ المَذْهَبِ خُصُوصًا، وَانْتَشَرَتْ
(1)
اسمُهُ "الهَادِي" مَطْبُوْعٌ.
(2)
طُبِعَ سَنَةَ (1411 هـ).
(3)
"رَوْضَةُ النَّاظِرِ" مَشْهُوْر جِدًّا. وَلَهُمْ عَلَيْهِ شُرُوْحٌ. وَاخْتَصَرُهُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ البَعْلِيُّ.
(4)
طُبِعَ بِتَحْقِيْقِ الدُّكتُور عَلِي حُسين البَوَّاب سَنَةَ (1986 م)(دَارِ أُمِيَّة).
(5)
في (ط)"التَّديين" خَطَأُ طِبَاعَةٍ، وَالكِتَابُ مَطْبُوْعٌ بِتَحْقِيْقِ مُحَمَّد نَايف الدُّلَيْمِيِّ سَنَةَ 1402 هـ نَشَرَهُ المَجْمَع العِلْمي العِرَاقِيّ.
(6)
طُبِعَ في دار الفِكْرِ في بَيْرُوت بتَحقيق عَلِي نُوَيهض سَنَةَ (1392 هـ).
(7)
مَطْبُوْعٌ بدمشق سنة (1969 م).
(8)
مَطْبُوْعٌ في القَاهِرَةِ سَنَةَ (1387 هـ) وفي دِمَشْقَ سَنَةَ (1411 هـ).
(9)
طُبِعَ مَرَّتين.
وَاشْتُهِرَتْ بِحُسْنِ قَصْدِهِ وَإِخْلَاصِهِ فِي تَصْنِيْفِهَا، وَلَا سِيَّمَا كِتَابُ "المُغْنِي" فَإِنَّهُ عَظُمَ النَّفْعُ بِهِ، وَأُكْثِرَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: رَأَيْتُ الإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فِي النَّوْمِ وَأَلْقَى عَلَيَّ مَسْأَلَةً فِي الفِقْهِ، فَقُلْتُ: هَذِهِ فِي الخِرَقِيِّ، فَقَالَ: مَا قَصَّرَ صَاحِبُكُمْ المُوَفَّقُ فِي شَرْحِ الخِرَقِيِّ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ الذَّهَبِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ عَلَاءَ الدِّيْنِ المَقْدِسِيَّ - قُلْتُ وَقَدْ أَجَازَ لِي المَقْدِسِيُّ هَذَا - قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا العَبَّاسِ بْنِ تَيْمِيَّةِ - قَالَ الذَّهَبِيُّ
(1)
: وَأَظُنُّنِي سَمِعْتُ مِنْ شَيْخِنَا ابْنِ تَيْمِيَّةَ - يَقُوْلُ: قَالَ لِي الشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الفَزَارِيُّ
(2)
: كَانَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّيْنِ بنُ عَبْدِ السَّلَامِ شَيْخُنَا يُرْسِلُنِي أَسْتَعِيْرُ لَهُ "المُحَلَّى"
(3)
وَ"المُجَلَّى"، وَكِتَابُ "المُغْنِي" للْشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ بْنِ قُدَامَةَ فِي جَوْدَتِهَا وَتَحْقِيْقِ مَا فِيْهَا. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: لَمْ تَطِبْ نَفْسِي بِالفُتْيَا حَتَّى صَارَ عِنْدِي نُسْخَةُ "المُغْنِي"
(4)
. وَقَدْ سَبَقَ قَوْلُ النَّاصِحِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ فِي مَدْحِ "المُغْنِي"
(1)
في (ط): "الدُّبيْثِيّ" خَطَأٌ ظَاهِرٌ.
(2)
في (ط): "القَزَّازي" وإنَّما هو (الفَزَارِيُّ) نِسْبَةً إِلَى "فَزَارَة" القَبِيلَةِ العَرَبِيَّةِ المَعْرُوْفَةِ، وهو عَبْدُ الرَّحمن بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سِبَاعٍ الفَزَارِيُّ، تَاجُ الدِّين المِصْرِيُّ، ثمَّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ، مِنْ كِبَارِ أَئَمَّتِهِمْ، تَفَقَّهَ بِالشَّيْخِ عِزِّ الدِّين بنِ عَبْدِ السَّلَامِ المَذْكُوْرِ (ت: 690 هـ) أَخْبَارُهُ في: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبْكيِّ (5/ 413). وَابْنُهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 729 هـ) مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِهِمْ أَيْضًا. وَهُوَ نَحَوِيٌّ مَشْهُورٌ لَهُ فِيه تَآلِيْفُ.
(3)
هُمَا من تَأْلِيْفِ العَلَّامَةِ ابنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ، وَ"المُحَلَّى" مَطْبُوْعٌ مَشْهُوْرٌ.
(4)
جَاءَ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" لِلْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ: "وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عِزِّ الدِّيْنِ بنِ عَبْدِ السَّلَامِ =
مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يُسَامِي الشَّيْخَ فِي زَمَانِهِ. وَلِلْشَّيْخِ يَحْيَى الصَّرْصَرِيِّ فِي مَدْحِ الشَّيْخِ وَكُتُبِهِ، فِي جُمْلَةِ القَصِيْدَةِ الطَّوِيْلَةِ اللَّامِيَّةِ
(1)
:
وَفِي عَصْرِنَا كَانَ المُوَفَّقُ حُجَّةً
…
عَلَى فِقْهِهِ ثَبْتُ الأُصُوْلِ مُحَوَّلِي
كَفَى الخَلْقَ بِـ "الكَافِي" وَأَقْنَعَ طَالِبًا
…
بِـ "مُقْنَع" فِقْهٍ عَنْ كِتَابٍ مُطَوَّلِ
وَأَغْنَى بِـ "مُغْنِي" الفِقْهِ مَنْ كَانَ بَاحِثًا
…
وَ"عُمْدَتُهُ" مَنْ يَعْتَمِدْهَا يُحَصِّلِ
وَ"رَوْضَتُهُ" ذَاتُ الأُصُوْلِ كَرَوْضَةٍ
…
أَمَاسَتْ بِهَا الأَزْهَارُ أَنْفَاسَ شَمْأَلِ
تَدُلُّ عَلَى المَنْطُوْقِ أَوْفَى دِلَالَةٍ
…
وتَحْمِلُ فِي المَفْهُومِ أَحْسَنَ مَحْمَلِ
وَلِلْشَيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ نَظْمٌ كَثِيْرٌ حَسَنٌ
(2)
، وَقِيْلَ: إِنَّ لَهُ قَصِيْدَةً فِي عَوِيْصِ اللُّغَةِ طَوِيْلَةً، وَلَهُ مُقَطَّعَاتٌ مِنَ الشِّعْرِ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ:
(3)
أَتَغْفُلُ يَا ابْنَ أَحْمَدَ وَالمَنَايَا
…
شَوَارِعُ تَخْتَرِمْنَكَ عَنْ قَرِيْبِ
أَغَرَّكَ أَنَّ تَخَطَّتْكَ الرَّزَايَا
…
فَكَمْ لِلْمَوْتِ مِنْ سَهْمٍ مُصِيْبِ
كُؤُوْسُ المَوْتِ دَائِرَةٌ عَلَيْنَا
…
وَمَا لِلْمَرْءِ بُدٌّ مِنْ نَصِيْبِ
إِلَى كَمْ تَجْعَلِ التَّسْوِيْفَ دَأْبًا
…
أَمَا يَكْفِيْكَ إِنْذَارُ المَشِيْبِ
أَمَا يَكْفِيْكَ أَنَّكَ كُلُّ حِيْنٍ
…
تَمُرُّ بِغَيْرِ خَلٍّ أَوْ حَبِيْبِ
كَأَنَّكَ قَدْ لَحِقْتَ بِهِمْ قَرِيْبًا
…
وَلَا يُغْنِيْكَ إِفْرَاطُ النَّحِيْبِ
= شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّمَا كَانَ أَعْلَمَ فَخْرُ الدِّين بنُ عَسَاكِرٍ أَمِ الشَّيْخُ المُوَفَّقُ؟ فَغَضِبَ وَقَالَ: وَاللهِ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ كَانَ أَعْلَمَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِي من ابنِ عَسَاكِرٍ فَضْلًا عَنْ مَذْهَبِهِ".
(1)
دِيْوَانُهُ (458).
(2)
أَوْرَدَ ابنُ الشَّعَّارِ فِي "عُقُوْدِ الجُمَانِ" نَمَاذِجَ مِنْ شِعْرِهِ لا يَتَّسِعُ المَقَام هُنَا لِذِكْرِهَا.
(3)
الأَبْيَاتُ فِي عُقُوْدِ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَارِ (3/ 164)، وَهِيَ فِي كَثِيْرٍ مِنْ مَصَادِرِ التَّرْجَمَةِ.
قَالَ سِبْطُ ابنِ الجَوْزِيِّ: وَأَنْشَدَنِي المُوَفَّقُ لِنَفْسِهِ:
(1)
أَبَعْدَ بَيَاضِ الشَّعْرِ أَعْمُرُ مَسْكِنًا
…
سِوَى القَبْرِ إِنِّي إِنْ فَعَلْتُ لأَحْمَقُ
يُخَبِّرُنِي شَيْبِي بِأَنِّيَ مَيِّتٌ
…
وَشِيْكًا وَيَنْعَانِي إِلَيَّ فَيَصْدُقُ
يُخَرَّقَ عُمْرِي كُلُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
…
فَهَلْ مُسْتَطِيْعٌ رَتْقَ
(2)
مَا يَتَخَرَّقُ
كَأَنِّي بِجِسْمِي فَوْقَ نَعْشِي مُمَدَّدًا
…
فَمِنْ سَاكِتٍ أَوْ مُعَوِلٍ يَتَحَرَّقُ
إِذَا سَئَلُوا عَنِّي أَجَابُوا وَأَعْوَلُوا
…
وَأَدْمَعُهُمْ تَنْهَلُّ هَذَا المُوَفَّقُ
وَغُيِّبْتُ فِي صَدْعٍ مِنَ الأَرْضِ ضَيِّقٍ
…
وَأُوْدِعْتُ لَحْدًا فَوْقَهُ الصَّخْرُ مُطْبِقُ
وَيَحْثُو عَلَيَّ التُّرْبَ أَوْثَقُ صَاحِبٍ
…
وَيُسْلِمُنِي لِلْقَبْرِ مَنْ هُوَ مُشْفِقُ
فَيَا رَبِّ كُنْ لِيْ مُؤْنِسًا يَوْمَ وَحْشَتِي
…
فَإنِّي لِمَا أَنْزَلْتُهُ لَمُصَدَّقُ
وَمَا ضَرَّنِي إِنِّي إِلَى اللهِ صَائِرٌ
…
وَمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِي أَبَرُّ وَأَرْفَقُ
قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ:
لَا تَجْلِسَنَّ بِبَابِ مَنْ
…
يَأْبَى عَلَيْكَ دُخُوْلَ دَارِهْ
وَيَقُوْلُ حَاجَاتِي إِلَيْـ
…
ــه يَعُوْقُهَا إِنْ لَمْ أُدَارِهْ
(1)
الأَبْيَاتُ فِي "عُقُوْدِ الجُمَانِ لابْنِ الشَّعَّارِ (3/ 164)
…
وَغَيْرِهِ وَفِيْهَا زِيَادَةٌ وَنَقْصُ أَبْيَاتٍ، وَاخْتِلَافُ أَلْفَاظٍ، فِي ذِكْرِهَا إِطَالَةٌ قَدْ لَا تُفِيْدُ كَثِيرًا، وَمِمَّا زَادَهُ مِنَ الأَبْيَاتِ:
وَشَالُوا سَرِيْرِي ثُمَّ سَارُوا فَأَسْرَعُوا
…
وَنُوْدِيَ أَنْ لَا تَعْجَلُوا وَتَرَفَّقُوا
مُقِرٌّ بِأَنِّي ذُوْ ذُنُوْبٍ كَثِيْرَةٍ
…
أَسِيْرُ الخَطَايَا بِالإِسَاءَةِ مُوْثَقُ
وَمَا لِي سِوَى مَعْرُوْفِ رَبِّي وَجُوْدِهِ
…
وَمَا لِيَ إِلَّا فَضْلَهُ مُتَعَلَّقُ
(2)
في (ط): "رفق"، وفي "عُقُوْدِ الجُمَانِ":"رَفْوَ" ويُرَشِّحُ مَا اخْتَرْنَاهُ قَوْلُ الآخَرِ:
* اتَّسَعَ الخَرْقُ عَلَى الرَّاتِقِ *
وَاتْرُكُهُ وَأَقْصِدُ رَبها
…
تُقْضَى وَرَبُّ الدَّارِ كَارِهْ
تفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُمْ ابْنُ أَخِيْهِ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَالمَرَاتِبِيُّ. وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ خَلَائِقٌ مِنَ الأَئِمَّةِ وَالحُفَّاظِ وَغَيْرِهِمْ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الدُّبَيثِيِّ، وَالضِّيَاءُ، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَالمُنْذِرِيُّ
(1)
. وَحَدَّثَ بِـ "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ مِنْهُ بِهَا رَفِيْقُهُ أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ طَاهِرِ بْنِ ثَابِتٍ الخَيَّاطُ المُقْرِئَ سَنَةَ ثَمانٍ وَستِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ
(2)
.
تُوُفِّيَ رحمه الله يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَ عِيْدِ الفِطْرِ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَستِّمَائَةَ بِمَنْزِلِهِ بِـ "دِمَشْقَ" وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ، وَحُمِلَ إِلَى سَفْحِ قَاسِيُونَ، فَدُفِنَ بِهِ، وَكَانَ لَهُ جَمْعٌ عَظِيْمٌ، امْتَدَّ النَّاسُ فِي طُرُقِ الجَبَلِ فَمَلَؤُوْها
(3)
.
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ: حَكَى إِسْمَاعِيْلُ بْنُ حَمَّادٍ الكَاتِبُ البَغْدَادِيُّ
(4)
قَالَ: رَأَيْتُ لَيْلَةَ عِيْدِ الفِطْرِ كَأَنَّ مُصْحَفَ عُثْمَانَ قَدْ رُفِعَ مِنْ جَامِعِ "دِمَشْقَ" إِلَى السَّمَاءِ، فَلَحِقَنِي غَمُّ شَدِيْدٌ، فَتُوُفِّيَ المُوَفَّقُ يَوْمَ العِيْدِ.
(1)
قَالَ المُنْذِرِيُّ في التَّكْمِلة: "لَقِيْتُهُ بِـ "دِمَشْقَ" وَسَمِعْتُ مِنْهُ" وَتَرْجَمَتُهُ في "التَّكْمِلَةِ" لِلْمُنْذِرِي سَاذجةٌ، بَارِدَةٌ، لا تَتَنَاسَبُ مَعَ جَلَالِ الشَّيْخِ، وَفَضْلِ الحَافِظِ المُنْذِرِيِّ؟! وَقَالَ ابنُ خَلِيْلٍ في مُعْجَمِهِ:"أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِـ "دِمَشْقَ". . .". وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ البُخَارِيِّ كَمَا جَاء في مَشْيَخَتِهِ (2/ 371)، والنَّجِيْبُ الحَرَّانِيُّ كَمَا جَاءَ في "مَشْيَخَتِهِ" الكُبْرَى.
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (596 هـ).
(3)
في (ط): "فَمَلَؤُوْهُ".
(4)
لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ.
قَالَ: وَرَأَى أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ - أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الكَاتِبُ المَقْدِسِيُّ
(1)
، وَكَانَ أَحْمَدُ هَذَا مِنَ الصَّالِحِيْنَ - قَالَ: رَأَيْتُ لَيْلَةَ العِيْدِ مَلَائِكَةً يَنْزِلُونَ مِنَ السَّمَاءِ جُمْلَةً، وَقَائِلٌ يَقُوْلُ: انْزِلُوا بِالنَّوْبَةِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: يَنْقُلُوْنَ رَوْحَ المُوَفَّقِ الطَّيِّبَةَ فِي الجَسَدِ الطَّيِّبِ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ العَلَوِيُّ: رَأَيْتُ كَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَاتَ، وَقُبِرَ بِـ "قَاسِيُوْنَ" يَوْمَ عِيْدِ الفِطْرِ، قَالَ: وَكُنَّا بِـ "جَبَلِ بَنِي هِلَالٍ"
(2)
فَرَأَيْنَا عَلَى "قَاسِيُونَ" لَيْلَةَ العِيْدِ ضَوْءًا عَظِيْمًا، فَظَنَّنَا أَنَّ "دِمَشْقَ" قَدِ احْتَرَقَتْ، وَخَرَجَ أَهْلُ القَرْيَةِ يَنْظُرُوْنَ إِلَيْهِ، فَوَصَلَ الخَبَرُ بِوَفَاةِ المُوَفَّقِ يَوْمَ العِيْدِ، وَدُفِنَ بِـ "قَاسِيُونَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ: وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ: أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو العِزِّ يَحْيَى، وَأَبُو المَجْدِ عِيْسَى، مَاتُوا كُلُّهُمْ فِي حَيَاتِهِ، وَلَمْ أُدْرِكْ مِنْهُمْ غَيْرَ عِيْسَى، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ، وَلَهُ بَنَاتٌ. قَالَ: وَلَمْ يُعْقِبْ مِنْ وَلَدِ المُوَفَّقِ سِوَى عِيْسَى، خَلَّفَ وَلَدَيْنِ صَالِحَيْنِ وَمَاتَا، وَانْقَطَعَ عَقِبُهُ.
301 -
قُلْتُ: أَمَّا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدٌ: فَوُلِدَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَكَانَ شَابًّا، ظَرِيْفًا، فَقِيْهًا، تَفَقَّهَ علَى وَالِدِهِ، وَسَافَرَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَاشْتَغَلَ بِالخِلَافِ عَلَى الفَخْرِ إِسْمَاعِيْلَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "هَمَذَانَ" وَقَدْ كَمَّلَ سِتًّا
(1)
تُوُفِّيَ هُوَ وَأَخُوْهُ مُحَمَّدٌ سَنَةَ (650 هـ)، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مُحَمَّدًا، وَأَسْتَدْرِكُ أَخَاهُ أَحْمَدَ فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
جَاءَ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ": "رَأَيْنَا لَيْلَةَ الأَحَدِ فِي قَرْيَتِنَا "مُرْدَكَ" وَهِيَ فِي جَبَلِ بَنِي هِلَالٍ".
وَعِشْرِيْنَ سَنَةً رحمه الله
(1)
.
302 - وَأَمَّا أَبُو المَجْدِ عِيْسَى: فَيُلَقَّبُ "مَجْدَ الدِّيْنِ"
تَفَقَّهَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنْ جَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَمِنَ الوَارِدَيْنِ عَلَيْهَا، وَسَمِعَ بِـ "مِصْرَ" مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَالبُوْصِيْرِيِّ، وَالأرْتَاحِيِّ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الخَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَحَدَّثَ.
ذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ، وَقَالَ: وَلِيَ الخَطَابَةَ وَالإِمَامَةَ بِالجَامِعِ المُظَفَّرِيِّ بِسَفْحِ "قَاسِيُوْنَ" قَالَ: وَاجْتَمَعْتُ مَعَهُ بِـ "دِمَشْقَ"، وَسَمِعْتُ مَعَهُ مِنْ وَالِدِهِ، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ فِي خَامِسِهِ، أَوْ سَادِسِهِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى
(2)
.
(1)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في استِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (599 هـ). وخَلَّفَ بِنْتًا اسْمُهَا صَفِيَّةُ (ت: 682 هـ) ذَاتِ عِلْمٍ وَفَضْلٍ، وَهي زَوْجَةُ الشَّيْخِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ بن أنِ أَحْمَدَ بنِ فَضْلٍ، الوَاسِطِيِّ، الإِمَامِ، العَالِمِ، الحَنْبَلِيِّ (ت: 692 هـ) وهي أُمُّ أوْلَادِهِ مُحَمَّدٍ، وخَدِيْجَةَ، وَزَيْنَبَ، وَحَبِيْبَة، وَفَاطِمَةَ، وَآمِنة، يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (342). أَخْبَارُ صَفِيَّةَ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (102). سَيَأَتِي اسْتِدْرَاكُهَا فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
تقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (615 هـ). وَزَوْجَتُهُ آسِيَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 640 هـ) أُخْتُ الحَافِظِ الضِّيَاءِ، عَالِمَةٌ، فَاضِلَةٌ، لَهَا أَخبارٌ في تاريخ الإسلام (406)، وَغَيْرِهِ نَذْكُرُهَا في مَوْضِعِهَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَلَهُ أَوْلَادٌ مِنْهُمْ:(أَحْمَدُ)، وَ (عَائِشَةُ)، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ)، وَ (مُحَمَّدٌ). أَمَّا أَحْمَدُ فَهُوَ المَعْرُوْفُ بِـ "السَّيْفِ" (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. وَأَمَّا عَائِشَةُ (ت: 697 هـ) فَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهَا فِي مَوَضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عِيْسَى، ومُحَمَّدُ بن عِيْسَى فَلَمْ أَجِدْ لَهُمَا الآنَ أَخْبَارٌ، لَهُمَا ذِكْرٌ في مُعْجَم السَّمَاعَاتِ =
وَمِمَّا رُثِيَ بِهِ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ رحمه الله مَا قَالَهُ فِيْهِ الشَّيْخُ صَلَاحُ الدِّيْنِ أَبُو عِيْسَى مُوْسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ رَاجِحٍ المَقْدِسِيُّ
(1)
فِي قَصِيْدَةٍ لَهُ:
لَمْ يَبْقَ لِي بَعْدَ المُوَفَّقِ رَغْبَةٌ
…
فِي العَيْشِ إِنَّ العَيْشَ سُمٌّ مُنْقَعُ
صَدْرُ الزَّمَانِ وَعَيْنُهُ وَطِرَازُهُ
…
رُكْنُ الأَنَامِ الزَّاهِدُ المُتَوَرِّعُ
= الدِّمَشْقِيَّةِ (193، 349، 366، 459، 554) وَوَالِدَتُهُمْ آسِيَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَذْكُوْرَةُ. وَلِمُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى: صَفِيَّةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ بنِ عِيْسَى (ت: 682 هـ) عِنْدَهَا عِلْمٌ، وَلَهَا فَضْلٌ، وَرِوَايَةٌ، نَذْكُرُهَا في مَوْضِعِهَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(فَائِدةٌ) زَوْجَةُ الشَّيْخِ أُمُّ أوْلَادِهِ بِنْتُ عَمَّتِهِ مَرْيَمُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ عبد الله بن سَعْدٍ، وَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا عَاشَ منهم حَتَّى كَبُرَ: أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدٌ، وأَبُو المَجْدِ عِيْسَى، وَأَبُو العِزِّ يَحْيَى، وَصَفِيَّةُ، وَفَاطِمَةُ
…
كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" وَقَالَ: وَتَسَرَّى بِجَارِيَةٍ، ثُمَّ مَاتَتْ هِيَ وَزَوْجَتُهُ بَعْدَهَا، ثُمَّ تَسَرَّى بِجَارِيَةٍ وَجَاءَ مِنْهَا بِبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَتْ البِنْتُ، وَرَوَّحَ الجَارِيَةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ عَزِيَّةَ بِنْتُ إِسْمَاعِيْلَ وَتُوُفِّيَتْ قَبْلَهُ.
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: زَوْجَتُهُ أُمُّ أَوْلَادِهِ مَرْيَمُ، صَاحِبَةُ عِلْمٍ وَفَضْلٍ وَرِوَايَةٍ تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهَا عَلَى المُؤَلِّفُ في وَفَيَاتِ سَنَةِ 614 هـ.
وَبِنْتَاهُ "زَيْنَبُ" وَ"صَفِيَّةِ" يَبْدُو إِنَّ إِحْدَاهُمَا: وَالِدَةُ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ الله، شَرَفِ الدِّيْنِ، أَبِي العَبَّاسِ المَقْدِسِيُّ (ت: 687 هـ) جَدُّهُ عُبَيْدُ الله هُوَ أَخُو المُوَفَّقِ. وَالأُخْرَى: وَالِدَةُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت: 643 هـ) جَدُّهُ الحَافِظُ المَشْهُوْرُ عَبْدُ الغَنِيِّ بن عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيُّ؛ ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ، وَذَكَرَ ذلِكَ في تَرْجَمَتَيْهِمَا.
(1)
مُوْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْقَصِيْدَةُ عَنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
بَحْرُ العُلُوْمِ أَبُو الفَضَائِلِ كُلِّهَا
…
شَمْلُ الشَّرِيْعَةِ بَعْدَهُ لَا يُجْمَعُ
كَانَ ابْنُ أَحْمَدَ فِي مَقَامِ مُحَمَّدٍ
…
إِنْ هَالَهُمْ أَمْرٌ إِلَيْهِ يَفْزَعُوا
فَيُبِيْنُ مُشْكِلَهُ وَيُوْضِحُ سِرَّهُ
…
وَيَذُبُّ عَنْ دِيْنِ الإِلهِ وَيَدفَعُ
بِبَصِيْرَةٍ يَجْلُو الظَّلَامَ ضِيَاؤُهَا
…
يُبْدِي العَجَائِبَ نُوْرُهَا يَتَشَعْشَعُ
فَاليَوْمَ قَدْ أَضْحَى الزَّمَانُ وَأَهْلُهُ
…
غَرَضًا لِكُلِّ بَلِيَّةٍ تَتَنَوَّعُ
وَالعِلمُ قَدْ أَمْسَى كَأَنَّ بَوَاكِيًا
…
تَبْكِي عَلَيهِ وَحَبْلُهُ يَتَقَطَّعُ
وَتَعَطَّلَتْ تِلْكَ المَجَالِسُ، وَانْقَضَتْ
…
تِلْكَ المَحَافِلُ لَيْتَهَا لَوْ تَرْجِعُ
هَيْهَاتَ بَعْدَكَ يَا مُوَفَّقُ يُرْتَجَى
…
لِلْنَّاسِ خَيْرٌ أَوْ مَقَالٌ يُسْمَعُ
للهِ دَرُّكَ كَمْ لِشَخْصِكَ مِنْ يَدٍ
…
بَيْضَاءَ فِي كُلِّ الفَضَائِلِ تَرْتَعُ
قَدْ كُنْتَ عَبْدًا طَائِعًا لَا تَنْثَنِي
…
عَنْ بَابِ رَبِّكَ فِي العِبَادَةِ تُوْسِعُ
كَمْ لَيْلَةٍ أَحْيَيْتَهَا وَعَمْرَتَهَا
…
وَاللهُ يَنْظُرُ وَالخَلَائِقُ هُجَّعُ
تَتْلُو كِتَابَ اللهِ فِي جُنْحِ الدُّجَى
…
كَزَبُوْرِ دَاوُدَ النَّبِيِّ تُرَجِّعُ
لَوْ كَانَ يُمْكِنُ مِنْ فِدَائِكَ رُخْصَةٌ
…
لَفَدَتْكَ أَفْئِدَةٌ عَلَيْكَ تَقَطَّعُ
(ذِكْرُ نُبْذَةٍ مِنْ فَتَاوِيْهِ وَمَسَائِلِهِ مِنْ غَيْرِ كُتُبِهِ المَشْهُوْرَةِ):
قَرَأْتُ بِخَطِّ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، قَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إِذا اجْتَمَعَ جُنُبٌ وَحَائِضٌ، وَوَجَدَا مِنَ المَاءِ مَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا، قَالَ: إِنْ كَانَتِ المَرْأَةُ زَوْجَةً لِلرَّجُلِ، فَهِيَ أَحَقُّ؛ لأَنَّهَا تُبِيْحُ لَهُ الوَطْءَ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى بَدَلٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ، فَهُوَ أَحَقُّ؛ لأَنَّهُ يَسْتَبِيْحُ الصَّلَاةَ، وَهِيَ تَرْجِعُ إِلَى التَيَمُّمِ.
وَسُئِلَ إِذَا أُعْتِقَتِ الجَارِيَةُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا بِحَيْضَةٍ،
أَمْ بِثَلَاثٍ؟ قَالَ: إِنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ سَيِّدَهَا لَمْ يَكُنْ يَطَؤُهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الاِسْتِبْرَاءُ إِلَّا فِي صُوْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ فِيْمَا إِذَا اشْتَرَاهَا فَأَعْتَقَهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الاِسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ. وَإِنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ يَطَؤُهَا وَجَبَ علَيْهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا بِحَيْضَةٍ، وَإِلْحَاقُهَا بِالإِمَاءِ أَوْلَى مِنْ إِلْحَاقِهَا بِالحَرَائِرِ؛ لأَنَّ المَقْصُوْدَ هُوَ الاِسْتِبْرَاءُ، وَذلِكَ حَاصِلٌ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلأَنَّ الثَّلَاثَ إِمَّا عِدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ، أَوْ مَا يُشْبِهُهُ وَهُوَ الوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهمَا مُنْتَفٍ هُنَا.
وَقَالَ فِيْمَا إِذَا اتَّفَقَتْ التَّصْرِيَةُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ البَائِعِ يُتَخَيَّرُ، كَمَا يُتَخَيَّرُ لَوْ قَصَدَهَا، وَفِيْمَا إِذَا رَدَّهَا المُشْتَرِي بِعَيْبٍ سِوَى التَّصْرِيَةِ يَجِبُ الصَّاعُ مِنَ التَّمْرِ، قِيْلَ لَهُ: هِيَ مِنْ ضَمَانِهِ، فَيَكُوْنُ اللَّبَنُ بِمَنْزِلَةِ الخَرَاجِ؟ قَالَ: اللَّبَنُ وَرَدَ عَلَيْهِ العَقْدُ، وَكَانَ مَوْجُوْدًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ المَنَافِعِ وَالخَرَاجِ.
وَسُئِلَ: عَنِ الجَارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ هَلْ يَجُوْزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَتِهَا؟ فَقَالَ: لَا يَجُوْزُ ذلِكَ، وَخَالَفَ هَذَا مَا إِذَا كَانَ العَبْدُ مُشْتَرِكًا بَينَ نِسَاءٍ يَجُوْزُ لَهُنَّ النَّظَرُ إِلَيْهِ؛ لأَنَّ المُجَوِّزَ لِلْنَّظَرِ هَهُنَا هُوَ الحَاجَةُ إِلَى الاسْتِخْدَامِ، وَهُوَ مَوْجُوْدٌ فِي العَبْدِ المُشْتَرَكِ، وَالنَّظَرِ إِلَى عَوْرَةِ الجَارِيَةِ إِنَّمَا جَازَ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الوَطْءِ، وَهُوَ هَهُنَا مُنْتَفٍ لِلاشْتِرَاكِ.
وَسُئِلَ: إِذَا كَانَ علَى أَعْضاءِ وُضُوْئِهِ كُلِّهَا جِرَاحَةٌ، أَيُجْزِيْهِ أَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيْحَ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لَهُمَا تَيَمُّمًا وَاحِدًا؟ قَالَ: لَا، بَلْ يَغْسِلُ العُضْوَ الأَوَّلَ وَيَتَيَمَّمُ لَهُ، وَكَذلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ، فَيَتَيَمَّمُ أَرْبعِ تَيَمُّمَاتٍ.
وَقَالَ: فِيْمَنْ أَعْتَقَ أَبَاهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الأَقْيَسُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ، وَالمَذْهَبُ الإِرْثُ، وَقَالَ أَبُو الخَطَّابِ: إِذَا أَقرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعِتْقِ ابْنِ عَمِّهِ يَعْتِقُ وَلَا يَرِثُ. وَمِمَّا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ السَّيْفِ بنِ المَجْدِ مِنْ فَتَاوَى جَدِّهِ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ
وَقَدْ سُئِلَ: عَنْ مُعَامَلَةِ مَنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ؟ فَأَجَابَ: الوَرَعُ اجْتِنَابُ مُعَامَلَةِ مَنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ، فَإِنَّ مَنِ اخْتَلَطَ الحَرَامُ فِي مَالِهِ: صَارَ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ بِقَدْرِ مَا فِيْهِ منَ الحَرَامِ، إِنْ كَثُرَ الحَرَامُ كَثُرَتِ الشُّبْهَةُ، وَإِنْ قَلَّ قَلَّتْ، وَذَكَرَ حَدِيْثَ:"الحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ"
(1)
، وَأَمَّا فِي ظَاهِرِ الحُكْمِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ مُعَامَلَةُ مَنْ لَمْ يَتَعَيَّنِ التَّحْرِيْمُ فِي الثَّمَنِ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لأَنَّ الأَصْلَ أَنَّ مَا فِي يَدِ الإِنْسَانَ مُلْكُهُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: بِعِ الحَلَالَ مِمَّنْ شِئْتَ، يَعْنِي إِذَا كَانَتْ بِضَاعَتُكَ حَلَالًا فَلَا حَرَجَ عَلَيْكَ فِي بَيْعِهَا مِمَّنْ شِئْتَ، وَلكِنَّ الوَرَعَ تَرْكُ مُعَامَلَةِ مَنْ فِي مَالِهِ الشُّبُهَاتِ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(2)
: "دَعْ مَا يَرِيْبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيْبُكَ".
(1)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 117) في (الإِيْمَانِ) بَابُ "مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ"، وفي (البُيُوْعِ) بَابُ "الحَلَالُ بَيِّنٌ وَالحَرَامُ بَيِّنٌ". وَمُسْلِمٌ رقم (1599) في (المُسَاقَاة) بَابُ "أَخْذِ الحَلَالِ، وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ". وَابنُ حِبَّان في صَحِيْحِهِ رقم (721)، وَأبُو دَاوُدَ رقم (3329) في (البُيُوْعِ) وَابنُ مَاجَهْ في (الفِتَنِ) رقم (3984) مِنْ حَدِيْثِ النُّعْمَان بنِ بَشِيْرٍ رضي الله عنه. . . .". عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
رَوَاهُ التُّرمُذِيُّ رقم (2518) في (صِفَةِ القِيَامَةِ) باب رقم (60)، وَالنَّسَائِي فِي "المُجتبى"(8/ 327، 328) في (الأَشْرِبَةِ) بابُ "الحَثِّ عَلَى تَرْكِ الشُّبُهَاتِ"، مِنْ حَدِيْثِ الحَسَنِ بن عَلِيٍّ رضي الله عنهما، وَالحَاكِمُ في "المُسْتَدْرَكِ"(2/ 13، 4، 99) وَصَحَّحَهُ، =
وَسُئِلَ عَمَّا إِذَا تَعَيَّنَ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيْرٍ مِنَ الكَافِرِ، مَا الحُكْمُ فِي أَخْذِهِ مِنْهُمْ، يَعْنِي بِعَقْدٍ وَنَحْوِهِ؟ وَكَانَ قَدْ أَجَابَ قَبْلَهُ ابْنُ المُتَقَّنَةِ الرَّحْبِيِّ الشَّافِعِيِّ
(1)
: لَا يَجُوزُ ذلِكَ إِذَا تَعَيَّنَ. فَأجَابَ: الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ: الأَوْلَى تَرْكُهُ، وَيَجُوْزُ أَخْذُهُ إِذَا كَانَ جَائِزًا فِي دِيْنِهِمْ؛ لأَنَّنَا أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَى مَا يَعْتَقِدُوْنَ مِنْ دِيْنِهِمْ.
وَسُئِلَ عَنْ خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ: ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ أَوْ بِالقِيَاسِ؟
فَأَجَابَ ابْنُ المُتَقَّنَةِ: ثَبَتَتْ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَاتِّفَاقُهُمْ، فَكَتَبَ الشَّيْخُ المُوَفَّقُ: ثَبَتَتْ بِنَصِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَخْبَارٍ كَثِيْرَةٍ، ذَكَرَ بَعْضهَا.
وَسُئِلَ ابنُ المُتَقَّنَةِ فِي بَعْضِ ذِكْرِ الحَرْبِ تَكَرَّرَ "حَرْبٌ عَوَانٌ" مَا العَوَانُ فِي اللُّغَةِ؟ فَأَجَابَ: "العَوَانُ" أَشَدُّ مَا يَكُوْنُ، فَضَرَبَ الشَّيْخُ عَلَى الجَوَابِ، وَكَتَبَ: الحَرْبُ الَّتِي تَقَدَّمَهَا حَرْبٌ أُخْرَى.
قَالَ السَّيْفُ: وَكَتَبَ ابْنُ الجَوْزِيِّ عَنْ كَلَامِ شَيْخِ الإِسْلَامِ الأَنْصَارِيِّ كَانَ عَبْدُ اللهِ الأَنْصَارِيُّ يَمِيْلُ إِلَى التَّشْبِيْهِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، فَأَلْحَقَ جَدِّي: حَاشَاهُ مِنَ التَّشْبِيهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ ابنِ الجَوْزِيِّ فِيْهِ.
وَقَالَ فِي القَرْيَةِ الَّتِي فِيْهَا أَرْبَعُوْنَ يَسْمَعُوْنَ النِّدَاءَ مِنَ المِصْرِ إِنَّهُمْ مُخَيَّرُوْنَ بَيْنَ إِقَامَةِ الجُمُعَةِ بِهَا، وَبَيْنَ السَّعْيِ إِلَى المِصْرِ، قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى، لِلْخُرُوجِ
= وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالا، وَلِلْحَدِيْثِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَهُوَ حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ" عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(1)
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَن (ت: 577 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: خَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْمِ شُعَرَاءِ الشَّامِ"(2/ 241)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ (6/ 156).
مِنَ الخِلَافِ، قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةٌ فيْهَا أَرْبَعُوْنَ، وَقَرْيَةٌ فِيْهَا دُوْنَ الأَرْبَعِيْنَ فَإِنْ مَضَى الأَقَلُّ إِلَى الأَكْثَرِ فَأَقَامُوا عِنْدَهُمْ الجُمُعَةَ جَازَ، وَبِالعَكْسِ لَا يَجُوْزُ، وَإِنْ جَاءَ إِلَى أَهْلِ الأَرْبَعِيْنَ إِمَامٌ مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَقَامَ بِهِمْ الجُمُعَةَ جَازَ؛ لأَنَّهُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيهِ الجُمُعَةُ، فَجَازَ أَنْ يَكُوْنَ إِمَامًا لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ القَرْيَةِ.
وَنَقَلَ ابْنُ حَمْدَانَ الحَرَّانِيُّ:
(1)
أَنَّ قَاضِيَ "حَرَّانَ"
(2)
أَرْسَلَ سُؤَالًا إِلَى الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ فِي وَكِيْلِ الغَائِبِ، إِذَا طَالَبَ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ، فَادَّعَى المَدِيْنُ، أَنَّ مُوَكِّلَهُ قَدِ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ، فَهَلْ لِلْقَاضِي دَفْعُ الوَكِيْلِ وَمَنْعِهِ مِنَ الاسْتِيْفَاءِ، حَتَّى يَحْلِفَ المُوَكِّلُ أَنَّهُ مَا اسْتَوْفَى وَلَا أَبْرَأَ؟
فَأَجَابَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ: أَنَّ الوَكِيْلَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الاِسْتِيْفَاءِ مِنْ غَيْرِ يَمِيْنِ مُوَكِّلِهِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّ المُوَكِّلَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا مَا اسْتَحَقَّ الاِسْتِيْفَاءَ بِغَيْرِ يَمِيْنٍ، وَالوَكِيْلُ قَائِمٌ مَقَامَهُ. وَذَكَرَ ابْنُ حَمْدَانَ: أَنَّ النَّاصِحَ بنَ أَبِي الفَهْمِ
(3)
أَنْكَرَ ذلِكَ، وَقَالَ: لَا خِلَافَ فِي المَذْهَبِ أَنَّ الوَكِيْلَ لَا يَمْتَنِعُ مِن الاسْتِيْفَاءِ بِذلِكَ، وَأَخْرَجَ كَلَامَ القَاضِيْ وَابْنَ عَقِيْلٍ فِي "المُجَرَّدِ" بِمَا يَقْتَضِي ذلِكَ، وَذَكَرَ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ حَكَى فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ خِلَافًا بَيْنَهُمْ.
قَالَ النَّاصِحُ: وَقَدْ ذَكَرَ المُوَفَّقُ فِي "الكَافِي": أَنَّ الدَّعْوَى علَى
(1)
في (ط): "الحَرَّائِي" خَطَأُ طِبَاعَةٍ، وَابنُ حَمْدَانَ هُوَ أَحْمَدُ بنُ حَمْدَان بنِ شَبِيْبٍ الحَرَّانِيُّ (ت: 695 هـ) حَنْبَلِيٌّ ذَكَرَهُ المُؤلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ نَصْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الحَرَّانِيُّ (ت: 627 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(3)
هوَ عَبْدُ القَادِرِ بنُ عَبْدِ القَاهِرِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ أَبِي الفَهْمِ الحَرَّانِيُّ ناصِحُ الدِّيْنِ (ت: 634 هـ) حَنْبَلِيٌّ ذكره المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
الغَائِبِ لَا تُسْمَعُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَدَعْوَى المَدِيْنِ الإِبْرَاءُ والاِسْتِيْفَاءُ هَهُنَا دَعْوَى بِلَا بَيِّنَةٍ عَلَى غَائِبٍ، فَكَيْفَ تُسْمَعُ؟ ثُمَّ أَرْسَلَ هَذَا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ المُوَفَّقِ.
فَأَجَابَ: أَمَّا المَسْأَلَةُ الَّتِي فِي الوَكَالَةِ: فَإِنَّمَا أَفْتَيْتُ فِيْهَا بِاجْتِهَادِي، بِنَاءً علَى مَا ذَكَرْتُ مِنَ التَّعْلِيْلِ، فَإِذَا ظَهَرَ قَوْلُ الأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ بِخِلَافَةِ فَقَوْلُهُمْ أَوْلَى. وَالرُّجُوْعُ إِلَى قَوْلِهِمْ مُتَعَيِّنٌ، لكِنْ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُخْتَلَفٌ فِيْهَا، وَأَنَّهَا مِمَّا يَسُوْغُ فِيْهِ الِاجْتِهَادُ، وَأَمَّا قَوْلِي وَقَوْلُ الفُقَهَاءِ: لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لَا يُفِيْدُ شَيْئًا؛ إِذْ مَقْصُوْدُهَا القَضَاء علَى المُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِذَا خَلَتْ عَنْ بَيِّنَةً، وَلَمْ يَكُنِ المُدَّعَى عَلَيهِ حَاضِرًا، لَمْ تَفِدْ الدَّعْوَى شَيْئًا؛ إِذْ لَا يُمْكِنُ القَضَاءَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ
(1)
، وَلَا إِقْرَارٍ، وَلَا نُكُوْلٍ وَلَا رَدِّ يَمِيْنٍ، وَالدَّعْوَى هَهُنَا تُرَادُ لِلْمَنْعِ مِنَ القَضَاءِ عَلَيْهِ، وَذلِكَ مُمْكِنٌ مَعَ الغَيْبَةِ، وَسَمَاعِ الدَّعْوَى مُفِيْدٌ.
وَمِنْ مَبَاحِثِهِ الحَسَنَةِ: نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ بَهَاءِ الدِّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَقْدِسِيِّ: سُئِلَ شَيْخُنَا مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَنْ قَوْلِ الخِرَقِيِّ: وَإِنْ أَقَرَّ المَحْجُوْرُ عَلَيْهِ بِما يُوْجِبُ حَدًّا، أَوْ قِصَاصًا، أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لَزَمَهُ ذلِكَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي حَالِ حَجْرِهِ. مَا الفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ: الفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ إِقْرَارٌ بِالمَالِ، وَالمَالُ مَحْجُوْرٌ عَلَيْهِ فِيهِ، فَلَوْ قَبِلْنَا إِقْرَارَهُ فِي المَالِ أَدَّى ذلِكَ إِلَى فَوَاتِ مَصْلَحَةِ الحَجْرِ، وَهُوَ أَنَّهُ يُقِرُّ لِهَذَا بِدَيْنِ؛ وَلِهَذَا فَيَفُوْتُ عَلَيْهِ مَالُهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ الإِقْرَاءُ فِيْهِ، وَأَمَّا الإِقْرَارُ بِالحَدِّ وَالقِصَاصِ أَوْ
(1)
في (ط): "بنيه" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
طَلَاقِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ إِقْرَارٌ بِشَيءٍ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِيْهِ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لِوَلَدِهِ أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِذَا لَزِمَهُ الإِقْرَارُ فِي الحَدِّ وَالقِصَاصِ أَدَّى إِلَى فَوَاتِ حَقِّهِ، وَإِذَا لَزِمَهُ الإِقْرَارُ فِي المَالِ أَدَّى إِلَى فَوَاتِ حُقُوْقِ الغُرَمَاءِ؛ فَلَزِمَهُ الإِقْرَارُ علَى نَفْسِهِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِيْمَا يَعُوْدُ إِلَى غَيْرِهِ. فَقِيْلَ لَهُ: عَلَى هَذَا أَنَّ الإِقْرَارَ بِالحَدِّ أَيْضًا يُؤَدِّي إِلَى فَوَاتِ حُقُوْقِ الغُرَمَاءِ فِيْمَا إِذَا كَانَ الحَاكِمُ قَدْ أَخَذَهُ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ، علَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُوْلُ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَا صَنْعَةٍ، فَإِنَّ الحَاكِمَ يُؤْجِرُهُ لِيَقْضِيَ بَقِيَّةَ دَيْنِهِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ أَلْزَمْنَاهُ بِالإِقْرَارِ. فَقَالَ: إِنَّمَا يَفُوْتُ ضِمْنًا وَتَبَعًا، وَيَصِيْرُ كَمَا نَقُوْلُ فِي الزَّوْجَةِ: إِنَّهَا إِذَا أَقَرَّتْ بِالحَدِّ أَوِ القِصَاصِ لَزِمَهَا، وَإِنْ فَاتَ حَقُّ الزَّوْجِ. فَقِيْلَ لَهُ: فَمَا تَقُوْلُ فِي الحَامِلِ إِذَا أَقَرَّتْ بِمَا يُوْجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا، أَلَيْسَ إِنَّهُ يَنْتَظِرُ بِهَا حَتَّى تَلِدُ؟ فَقالَ: هَهُنَا يُمْكِنُ الجَمْعُ بَيْنَ الحَقَيْنِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيْهِ.
قُلْتُ: قَدْ يُقَالُ فِي صُوْرَةِ إيْجَارِ المُفْلِسِ لِوَفَاءِ بَقِيَّةِ دِيْنِهِ كَانَ يُمْكِنُ الجَمْعَ بَيْنَ الحَقَّيْنِ بِتَأْخِيرِ اسْتِيْفَاءِ القِصَاصِ إِلَى أَنْ يُوَفِّيَ الدَّيْنَ مِنْ كَسْبِهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الحَامِلَ أُخِّرَتْ لِئَلَا تَزْهَقَ بِالِاسْتِيْفَاءِ مِنْهَا نَفْسٌ مَعْصُوْمَةٌ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ الحَدُّ أَوِ القِصَاصُ علَيْهَا بِالإِقْرَارِ أَوِ البَيِّنَةِ، وَهَهُنَا لَوْ ثَبَتَ الحَدُّ أَوِ القِصَاصُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يُؤَخَّرْ إِلَى أَنْ يُوَفَّى بَقِيَّةَ الدَّيْنِ، فَكَذَا إِذَا ثَبَتَ بِالإِقْرَارِ فَإِنَّ التُّهْمَةَ فِي مِثْلِ هَذَا مُنْتَفِيَةٌ.
وَمِنْ فَتَاوِيْهِ المُتَعَلِّقَةِ بِعِلْمِ الحَدِيْثِ نَقَلتُهَا مِنْ خَطِّ الحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ البِرْزَالِيِّ رحمه الله سُئِلَ: هَلْ تَجُوْزُ الرِّوَايَةُ مِنْ نُسْخَةٍ غَيْرِ مُعَارِضَةٍ؟
فَأَجَابَ: إِذَا كَانَ الكَاتِبُ مَعْرُوْفًا بِصِحَّةِ النَّقْلِ وَقِلَّةِ الغَلَطَ جَازَتِ الرِّوَايَةُ. وَسُئِلَ: إِذَا لَمْ يَذْكُرِ القَارِئُ الإِسْنَادَ فِي أَوَّلِ الكِتَابِ، وَذَكرَهُ فِي آخِرِهِ، وَقَالَ: أَخْبَرَكَ بِهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، وَأَقَرَّ الشَّيْخُ بِذلِكَ فَهَلْ يُجْزِيْهِ؟
فَأَجَابَ: يَجُوْزُ إِذَا قَالَ لَهُ ذلِكَ عَقِيْبَ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ، وَإلَّا فَلَا.
وَسُئِلَ: هَلْ يَصِحُّ السَّمَاعُ بِقِرَاءَةِ الصَّبِيِّ وَالفَاسِقِ؟
فَأَجَابَ: إِنْ كَانَ لَهُ مُقَابِلٌ صَحَّ، وإِلَّا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَتِهِ.
وَسُئِلَ: هَلْ يَجُوْزُ الكِتَابَةُ والمُطَالَعَةُ، أَوِ الإِغْفَاءُ يَسِيْرًا، فِي وَقْتِ السَّمَاعِ أَوْ يَجُوْزُ لِلشَّيْخِ أَنْ يَكْتُبَ وَيَقْرَأُوْنَ عَلَيْهِ؟
فَأَجَابَ: مَا رَأَيْنَا أَحَدًا يَحْتَرِزُ منْ هَذَا.
وَسُئِلَ: إِذَا سَقَطَ مِنْ مَتْنِ الحَدِيْثِ حَرْفٌ، أَوْ حَرْفٌ وأَلِفٌ، هَلْ يَجُوْزُ إِثْبَاتُهَا؟ وَهَلْ يَجِبُ إِصْلَاحُ لَحْنٍ مِنْ جِهَةِ الإِعْرَابِ؟
فَأَجَابَ: يَجُوْزُ إِصْلَاحُهُ، قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: يُصْلِحُ اللَّحْنُ وَالخَطَأَ وَالتَّحْرِيْفُ فِي الحَدِيْثِ
(1)
.
(1)
إذا كَانَ المُصْلِحُ مُتَمَكِّنًا مِنَ العِلْمِ جِدًّا؛ لِذلِكَ لَا يَصِحُّ قَبُوْلُ هَذَا الكَلَام عَلَى إِطْلَاقِهِ؛ لِئَلَّا يَتَجَرَّأَ طَلَبَةُ العِلْمُ عَلَى الإِصْلَاحِ دُوْنَ رَوِيَّةٍ فَيُسِيْءُ مِنْ حَيْثُ أَرَادَ أَنْ يُحْسِنْ.
يسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّف رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَةِ (620 هـ):
416 -
أَحْمَدُ بنُ ظَفَرِ بنِ عَوْنِ الدِّيْنِ يَحْيَى بِن مُحَمَّدِ بنِ هُبَيْرة، حَفِيْدُ الوَزِيْرِ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ ظَفَرٍ (ت: 562 هـ). وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ جَدَّهُ الوَزِيْرَ عَوْنَ الدِّيْن يَحْيَى بنَ هُبَيْرَةَ (ت: 560 هـ) في مَوْضِعِهِ، وَذَكَرْنَا في هَامِشِ تَرْجَمَةِ الوَزِيْرِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَأَحْمَدُ هَذَا كانَ أَدِيْبًا، فَاضِلًا، رَئِيْسًا، سَمِعَ أَبَا الوَقْتِ، وابنَ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= نَاصِرٍ وَغَيْرَهُمَا، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ. وقَالَ المُنْذِرِيُّ:"وَحَدَّثَ، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، كَتَبَ بِهَا إِلَيْنَا مِنْ "بَغْدَادَ"، وَكَانَ مِنَ الأَعْيَانِ وَالأَمَاثِلِ، وَلَدَيْهِ فَضْلٌ غَزِيْرٌ، وَلَهُ إِنْشَاءٌ وَنَظْمٌ جَيِّدٌ، وَتَوَلَّى وِلَايَاتٍ" يُلَقَّبُ "كَمَالَ الدَّوْلَةِ"، وَ"كَمَالَ الدِّيْنِ"، وَ"تَاجَ الدِّيْنِ"، أَثْنَى عَلَيْهِ ابنُ الشَّعَّارِ في عُقُوْدِ الجُمَانِ مِنْ شُعَرَاءِ هَذَا الزَّمَانِ (1/ ورقة: 109) وَرَفَعَ نَسَبَهُ إِلَى مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ وَقَالَ: "أَبُو العبَّاسِ كَانَ أَمْثَلَ أُسْرَتِهِ أَدَبًا وَفَضْلًا، وَفَصَاحَةً وَنُبْلًا، شَاعِرًا، لَهُ حَظٌّ مِنْ عِلْمِ العَرَبِيَّةِ، وَانْتُدِبَ لإِنْشَاءِ مَقَامَاتٍ، فَصَنَعَ مَقَامَاتٍ حَذَا فِيْهَا حَذْوَ مَقَامَاتِ الحَرِيْرِيِّ، وَهِيَ تِسْعَ عَشْرَةَ مَقَامَة وَخُبِّرْتُ أَنَّهُ أَنْشَأَهَا في مُدَّةِ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا .. " وَذَكَرَ مَنَاصِبَهُ وَحَيَاتَهُ وَوَفَاتَهُ وَمَدْفَنَهُ بِـ "بَابِ البَصْرَةِ" عِنْدَ جَدِّهِ، وَأَوْرَدَ نَمَاذِجَ مِنْ شِعْرِهِ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 95)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (4/ 101)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 186)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (475)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 190).
417 -
وَتَمَّامُ بنُ عَبْدِ الهَادِي بنُ أبي البَرَكَاتِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَبي الفَرَجِ الأَنْصَارِيُّ الشِّيْرَازِيُّ الأَصْلِ الدِّمَشْقِيُّ الدَّارِ، نَزِيْلُ "مِصْرَ" من "آل ابنِ الحَنْبَلِيِّ" حُسَامُ الدِّيْنِ، سَمِعَ بِـ "الإِسْكَنْدَرِيَّةِ" مِنَ الحَافِظِ السِّلِفِيِّ قالَ المُنْذِريُّ:"وَحَدَّثَ، وَوَعَظَ، سَمِعْتُ منْهُ" أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفيات النَّقَلَةِ (3/ 111).
418 -
وَرَابِعَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيِّ، أُمُّ مُحَمَّدٍ، زَوْجَةُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِي بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 600 هـ) أُخْتُ المُوَفَّقِ، وَأَبي عُمَرَ وَعُبَيْدِ اللهِ آلِ قُدَامَةَ. كَانَتْ عَالِمَةً، فَاضِلَةً، مُحَدِّثَةً، قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ:"وَحَدَّثَتْ، وَلَنَا مِنْهَا إِجَازَةٌ، كَتَبَتْ بِهَا إِلَيْنَا من "دِمَشْقَ" غَيْرَ مَرَّةٍ، وكَانَتْ حَافِظَةً للقُرْآنِ الكَرِيْمِ، تُعَلِّمُ النِّسَاءَ، وَلَهَا اجْتِهَادٌ في فِعْلِ الخَيْرِ". أَخْبَارُهَا في: التَّكملة (3/ 109)، ومَشْيَخَةِ ابنِ البُخَاري (3/ 1903)(الشَّيْخَةُ الرَّابِعَةُ)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (479).
419 -
وَشَيْبَانُ بنُ تَغْلِبَ بنِ حَيْدَرَةَ بنِ طِرَادِ بنِ عَقِيْلِ بنِ وَثَّابِ بنِ شَيْبَانَ، أَبُو مُحَمَّدِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الشَّيْبَانِيُّ، المَقْدِسِيُّ، الصَّالِحِيُّ، المُؤَدِّبُ، الحَنْبَلِيُّ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (481)، وَقَالَ ابنُ الشَّعَّارِ في عُقُوْدِ الجُمَانِ (3/ 101)"مِنْ أَهْلِ "دِمَشْقَ" كَانَ شَيْخًا، فَقِيْهًا، أَدِيْبًا، شَاعِرًا، رَقِيْقَ الشِّعْرِ، طَيِّبَ الغَزَلِ .. " وَأَنْشَدَ لَهُ:
مَنْ ذَا يُخَلِّصُنِي مِنْ شَادِنٍ غَنِجٍ
…
يُمِيْتُ قَلْبِيَ أَحْيَانًا وَيُحْيِيْهِ
حُلْوُ الشَّمَائِلِ لَا أَبْغِي بِهِ بَدَلًا
…
وَلَا أُطِيْعُ عَذُوْلًا لَامَنِي فِيْهِ
مَنْ كَانَ مُقْتَبِسًا نَارًا فَوَجْنَتَهُ
…
أَوْ كَانَ مُلْتَمِسًا دُرًّا فَمِنْ فِيْهِ
دَعَى فُؤَادِيْ فَلَبَّاهُ لِشَقْوَتِهِ
…
لأَنَّهُ مَا رَأَى شَيْئًا يُضَاهِيْهِ
فَحُسْنُ صَبْرِيَ فَانٍ مِنْ تَذَكُّرِهِ
…
وَحُسْنُهُ دَائِمٌ لَا شَيْءَ يُفْنِيْهِ
أَمُوْتُ مِمَّا تُلَاقي مُهْجَتِي كَمَدًا
…
لَا أَسْتَطِيْعُ مِنَ الوَاشِيْنَ أُبْدِيْهِ
وَأَنْشَدَ لَهُ مُقَطَّعَاتٍ أُخْرَى جَمِيْلَةً تَجِدْهَا هُنَاكَ. وَابْنُهُ أَحْمَدُ بنُ شَيْبَانَ (ت: 685 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ، وَأَخُوهُ مُحَمَّدٌ مُعجم السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (176، 521)، وَحَفِيْدُهُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ (ت: 743 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ في موْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، أَخْبَارُ شَيْبَانَ في التَّكْمِلَةِ (3/ 102) وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (16/ 200).
420 -
وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَشَّقٍ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ في التَّكملةِ (3/ 110) فَذَكَرَ اسْمَهُ وَوَفَاتَهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذلِكَ شَيْئًا. وَ"آلُ مَشَّقَ" أُسْرَةٌ حَنْبَلِيةٌ مَشْهُوْرَةٌ.
421 -
عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ تُرَيْكِ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ بنُ تُرَيْكٍ، أَبُو القَاسِمِ الأَزَجِيُّ، مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مِنْهُم مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ التُّرَيْكِيَّ (ت: 555 هـ) فِي مَوْضِعِهِ. وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ عَمِّ المَذْكُوْرِ هُنَا عَبْدِ المُحْسِنِ بنِ تُرَيْكٍ الأزَجِيِّ (ت: 575 هـ) وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، مِنْهُمْ وَالِدُهُ إبْرَاهِيْمَ (ت:؟) وأَخُوْهُ يُوْسُفَ (ت: 624 هـ) وَعَلِيُّ هَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (505) وَقَالَ: "سَمِعَ مِنْ عَمِّهِ عَبْدِ المُحْسِنِ" ويُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (3/ 3)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 110).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 422 - وَمُسَافِرُ بنُ يَعْمَرَ بنِ مُسَافِرٍ، أَبُو الغَنَائِم المِصْرِيُّ، الجِيْزيُّ، المُنْزَلِقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، المُؤَدِّبُ، قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ:"وُلِدَ بِـ "المُنْزَلِقَةِ" قَرْيَةٌ من قُرَى جِيْزَةِ الفِسْطَاطِ" أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 96)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (514).
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ 621 هـ أَحَدًا، وَفِيْهَا:
423 -
أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، أَبُو العبَّاسِ، القَادِسِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الضَّرِيْرُ الحَنْبَلِيُّ المُقْرِئُ، وَالِدُ المُؤَرِّخ الَّذي ذَيَّلَ عَلَى "المُنْتَظَمِ" مِنْ أَهْلِ "القَادِسِيَّةِ" بَيْنَ "سَامرَّاء" وَ"بَغْدَادَ" لا مِنْ قَادِسيَّةِ "الكوفة" المَشْهُوْرَةِ، أَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ البُلْدَانِ (4/ 9)، وَتَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (4/ 529)، وَذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (143)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 130)، وَالمُشْتَبَهِ (2/ 492)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (54)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 104)، وَالتَّوْضِيْحِ (7/ 11)، وَالشَّذَرَاتِ (2/ 492). وابنُهُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الكُتْبِيُّ، صَاحِبُ "التَّارِيْخِ" الَّذي يَنْقُلُ عَنْهُ المُؤَلِّفُ (ت: 632 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
424 -
وَأحْمَدُ بنُ مُطِيْعِ بنِ أَحْمَدَ بن مُطِيْعٍ، أَبُو العبَّاسِ البَاجِسْرَائِيُّ، صَحِبَ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ، وقَرَأَ عَلَيْهِ كتابَ "الغُنْيَةِ" تَصْنِيْفَهُ، أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 116)، وَمُعْجَمِ الأَبَرْقَوْهِيِّ (وَرَقَة: 9)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (54).
425 -
وَأُمَةُ الرَّحِيْم بِنْتُ عَفِيْفِ بنِ المُبارَكِ بنِ حُسَيْن، سيِّدةُ العُلَمَاءِ البَغْدَادِيَّةُ الأَزَجِيَّة، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"كَانَ أَبُوْهَا حَنْبَلِيًّا نَاسِخًا، فَسَمَّعَهَا مِنْ أَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وَكَانَتْ صَالِحَةً خَيِّرَةً، رَوَتْ "المَائَةَ الشُّرَيْحِيَّةَ" وَأَجَازَتْ لِلكَمَالِ الفُوَيْرِهِ .. ورَوَى عَنْهَا ابنُ النَّجَّارِ. أَخْبَارُهَا في: التَّكْمِلَةِ (3/ 121)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (57).
426 -
وَوَالِدُهَا عَفِيْفُ بنُ المُبارَكِ النَّاسِخِ، وَهُوَ سِبْطُ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، ذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ في المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 209)، وَمُختصره "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 367)، وَقَالَ: "وَتَفَقَّه عَلَى جَدِّه وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَمِنِ ابنِ عَمِّهِ، وفي التَّكْمِلَةِ لِلمُنْذِرِيِّ (3/ 131)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَحَدَّثَ" فِي تَرْجَمَةِ ابْنَتِهِ المَذْكُوْرَةِ، وَلَمْ يَذْكُرَا تَارِيْخَ وَفَاتِهِ. وَرَأَيْتُ بِخَطِّهِ أَجْزَاءَ مِنْ كِتَابِ "المُغْنِي" لابنِ قُدَامَةَ.
427 -
وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ بنِ البَلِّ، حَدَّثَتْ عَنْ أَبي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ بِالإِجَازَةِ. تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهَا في وَفَيَاتِ سَنَةِ (569 هـ) وَذَكَرْتُ مَنْ عَرَفْتُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهَا في هَامِشِ تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بن نَصْرِ بنِ البَلِّ (ت: 611 هـ). أَخْبَارُ خَدِيْجَةَ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 122)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (58)، وَالتَّوْضِيْحِ (2/ 55).
428 -
وَرُقَيَّةُ بِنْتُ أحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ، أُخْتُ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ وَأَخِيْهِ أَبي عُمَرَ، وَوَالِدَةُ الحَافِظِ الضِّيَاءِ، وَأَخِيْهِ أَحْمَدَ البُخَارِيِّ، عَالِمَةٌ، فَاضِلَةٌ، لَهَا رِوَايَةٌ وأَخْبَارٌ، وَمَعْرِفَةٌ بِمَوَالِيْدِ المَقَادِسَةِ وَوَفَيَاتِهِمْ. أَخْبَارُهَا في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 124)، وَمَشْيَخَةُ ابنِ البُخَارِيِّ (3/ 1911)(الشَّيْخَةُ الخَامِسَةُ) وَهِيَ جَدَّتُهُ، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (59).
429 -
زَيْدُ بنُ المُعَمَّرِ يَحْيَى بنِ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، أَبُو بَكْرٍ الأزَجِيُّ، ابنُ عَمِّ الوَزِيْرِ ابنِ يُوْنُسَ (ت: 593 هـ)، أَخُو أَحْمَدَ (ت: 603 هـ) وَعَبْدِ المُنْعِمِ (ت: 600 هـ)، مُحَدِّثٌ، كَثيرُ الرِّوَايَةِ. ذَكَرَ ابنُ نُقْطَة مَسْمُوْعَاتَهُ ثُمَّ قَالَ:"وَسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ، كَثيْرٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَغَيْرِهِمْ، وَأَلْحَقَ اسْمَهُ فِي "نُسْخَةِ مُحَمَّدِ بنِ السَّرِيِّ التَّمَّارِ" في طَبَقَةٍ عَنِ ابنِ الزَّاغُونِيِّ، وفي "جُزْءِ لُوَيْن" عَلَى ابنِ فُوَرَّجَةَ، ومَا أَعْلَمُ أَنَّهُ حَدَّثَ بِشَيْءٍ مِنْ ذلِكَ المُلْحَقِ أَلْبَتَّةَ، ولَا قَرَأَهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَلكِنْ حَمَلَهُ عَلَى ذلِكَ الشَّرَهُ وَحُبُّ الرِّوَايَةِ". وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: "كَتَبْتُ عَنْهُ مِنْ سَمَاعِهِ الصَّحِيْحِ؛ لأنَّهُ كَانَ يَكْشُطُ اسْمَ أَخِيْهِ عَبْدِ المُنْعِمِ مِنْ طِبَاقِ السَّمَاعِ، وَيَكْتُبُ اسْمَهُ مَوْضِعَهُ بِقَلَمٍ غَلِيْظٍ، وَدَوَاةٍ رَدِيَّةٍ، فَعَلَ ذلِكَ عَلَى عِدَّةِ أَجْزَاءٍ من أُصُوْلِ أَخِيْهِ أَحْمَدَ" أَخْبَارُ زَيْدٍ في: التَّقْيِيْدِ (275)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 129)، وَمُعْجَمِ الأَبْرَقُوْهِيِّ (ورقة: 48)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (2/ 72)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 176)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (60)، وَمِيْزَانِ الاعْتِدَالِ (2/ 107)، والمُسْتَفَادِ (120)، وَالتَّوْضِيْحِ (1/ 347)، وَلِسَانِ المِيْزَانِ (2/ 512).
430 -
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبي البرَكَاتِ بنِ هِبَةِ اللهِ، أَبُو بَكْرِ المَعْرُوْفُ بِـ "السَّمِيْنِ" سَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بنِ عَسَاكِرٍ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ. لَا أَدْرِي مَا صِلَتُهُ بِـ "آلِ السَّمِيْنِ" الَّذِيْنَ مِنْهُم عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ (ت: 588 هـ) الَّذي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ عَبْدِ اللهِ في التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 128)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (63).
431 -
عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُعَمَّرِ بنِ عَسْكَرِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ الأَزَجِيُّ، المُخَرِّمِيُّ، المُؤَدِّبُ، سَمِعَ من أَبِيْهِ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرَّب وَغَيْرِهِمْ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 132)، وَمُعْجَمِ الأَبْرُقُوْهِيِّ (وَرَقَة: 83)، وَتَارِيْخِ الإسْلامِ (68)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 247)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 65).
432 -
وَكَانَ جَدُّه (عَسْكَرُ) صَاحِبًا لِلْقَاضِي أبي سَعْدٍ المُخَرِّمِيِّ (ت: 513 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَوَكِيْلًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَنِسْبَتُهُ (المُخَرِّمِيُّ) إِلَى أَبي سَعْدٍ المَذْكُوْرِ، لَا إِلَى المَحِلَّةِ المَشْهُوْرَةِ، وَسَبَقَ ذِكْرُهُ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ القَاضِي المَذْكُوْرِ عَنْ ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 259).
433 -
أَمَّا وَالِدُهُ (أَبُو الحَسَنِ مُعَمَّرٌ) فَذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ، وَقَالَ:"سَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ عَليُّ بن أَحْمَدَ بن بَيَانٍ، وَحَدَّثَ" وَلَمْ يَذْكُرْ تَارِيْخَ وَفَاتَهُ.
434 -
وَعِزُّ النِّسَاءِ (أَمَةَ العَزِيْزِ) بنتُ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بن كَرَمٍ البَنْدِنِيْجِيِّ، أُخْتُ تَمِيْمٍ (ت: 579 هـ) وَأَحْمَدَ (ت: 615 هـ) اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ في مَوْضِعَيْهِمَا. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 133)، وَمُعْجَمِ الأَبْرَقُوْهِيِّ (وَرَقَة: 110)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (70).
435 -
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّشِيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ بُنَيْمَان الهَمَذَانِيُّ، المُقْرِئُ، سِبْطُ الحَافِظِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَبِي العَلَاءِ الهَمَذَانِيِّ، أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (3/ 117)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (75).
436 -
وَأَخُوْهُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّشِيْدِ، كِلَاهُمَا تُوُفِّيَا في هَذَا العَامِ في شَهْرِ صَفَرٍ مُحَمَّدٌ فِي "أَقْسَرَا" في بِلَادِ الرُّوْمِ، وَعَلِيُّ في "تُسْتَرَ" من بِلَادِ العَجَمِ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِلْمُنْذِرِيِّ (3/ 117)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 128)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 95)، قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيِّ - في تَرْجَمَةِ مُحَمَّدٍ -:"وَأُمُّهُ أُمُّ العَلَاءِ فَاطِمَةُ ابنَةُ الحَافِظِ أَبي العَلَاءِ" وَقَالَ - في تَرْجَمَةِ عَلِيٍّ -: "وَهُوَ أَخُو مُحَمَّدٍ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ لأَبَوَيْهِ" وفي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ في تَارِيْخِ الإسلام (75) وأُمُّهُ عَاتِكَةُ؟! وَالْحَافِظُ أَبُو العَلَاءِ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ (ت: 569 هـ) حَنْبَلِيُّ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ، وَلَهُ ابْنَتَانِ، إِحْدَاهُمَا (عَاتِكَةُ، ت: 609 هـ) وَالأُخْرَى (فَاطِمَةُ، ت: 617 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا.
- وَلَهُمَا أخٌ ثَالِثٌ هو عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّشِيْدِ، (ت: 637 هـ) لا أَظُنُّهُ حَنْبَليًّا؛ لأنَّهُ أَعَادَ بِالمَدْرَسَةِ "النِّظَامِيَّة" وَهِيَ من مَدَارِسِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهَذَا يُشَكِّكُنَا في أَخَوَيْهِ المَذْكُورَيْنِ، وَلَمْ أَجِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا شَافِعِيَّانِ، فَأَبْقَيْتُهُمَا عَلَى الأَصْلِ؛ لأنَّ أُمَّهُمَا، وَجَدَّهُمَا حَنْبَلِيَّانِ، وَلَا أَدْرِ هَلْ هُوَ شَقِيْقُهُمَا فَتَكُوْنُ أُمُّه عَاتِكَةَ أيضًا عَلَى مَا ذُكِرَ؟!.
437 -
وَيُوْنُسُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مُسَافِرِ بنِ جَمِيْلٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظَانِ المُنْذِرِيِّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 351)، وَالذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (419)، وَقَالَ: أَخُو يُوْسُفَ ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ يُوْسُفَ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (601 هـ) وَابن أَخِيْهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ (ت: 642 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَمِمَّا يَغْلبُ عَلَى الظَّنِّ أنَّ من الحَنَابِلَةِ في وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
438 -
أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ، أبُو العَبَّاسِ البَرَدَانِيَّ الضَّرِيْرَ، وَقَدْ مَرَّ كَثِيْرٌ مِنْ البَرَدَانِيِّيْنَ أَسْمَاؤُهُم بَيْنَ (عَلِيٍّ) وَ (أَحْمَدَ) وَ (أَبِي عَلِيٍّ)، فَلَعَلَّهُ مِنْهُمْ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (3/ 121)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (53)، وَنَكْتِ الهِمْيَانِ (114)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 188).
وَسُئِلَ: إِذَا وُجِدَ فِي كِتَابِهِ اسْمًا مُصَحَّفًا أَوْ كَلِمَةٍ، وَهُوَ كذلِكَ فِي سَمَاعِ شَيْخِهِ، فَهَلْ يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ فِي كِتَابِهِ علَى الصَّوَابِ؟
أَجَابَ: لَهُ تَغْيِيْرُهُ وَاللهُ أَعْلَمُ.
303 - إبْرَاهِيْمُ بنُ المُظَفَّرِ
(1)
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ البَرْنِيِّ، البَغْدَادِيُّ
= 439 - وَأحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الغَنَائِمِ أَحْمَدَ بنِ صِرْمَا البَغْدَادِيُّ الأَزَجِيُّ المُشْتَرِي. سَمِعَ مِنْ أَبِي الفَضْلِ الأَرْمَوِيِّ، وَابْنِ الطَّلايَةَ، وَابْنِ نَاصِرٍ، وَعَبْدِ الخَالِقِ اليُوْسُفِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ البَنَّاءِ
…
وَغَيْرِهِمْ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (185)، وَالتَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 124)، وَالإِعْلامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (255)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (55)، وَالعِبَرِ (5/ 94)، وَالمُعِيْنِ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (191)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 226)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (8/ 291)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 260)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 94).
(1)
303 - أَبُو إسْحَقَ البَرْنِيُّ: (546 - 622 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 54)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 166)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 351). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإكْمَالِ (1/ 376)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 136)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 155)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ (1/ 26)، وَمُعْجَمُ الأَبْرَقُوْهِيِّ (وَرَقَة: 21)، وَالمُشْتَبَهُ (1/ 58)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (99)، وَالعِبَرُ (5/ 89)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (326)، وَالإِعْلامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (256)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (192)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 136)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 109)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 147)، وَالتَّوْضِيْحُ (1/ 417)، وَالتَّبْصِيْرُ (1/ 134)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (1/ 111)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 262)، وَتَارِيْخُ ابنِ الفُرَاتِ (10/ 60)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 99)، (7/ 175). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (ابنُ البَرْنِيُّ) مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ شَهِيْرَةٍ: فَوَالِدُهُ: المُظَفَّرُ بنُ إبْرَاهِيْمَ بنُ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ (ت: 607 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ. وَعَمُّه: ذَاكِرُ اللهِ بن إبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ عَلِيِّ (ت: 601 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ أَيْضًا. وَعَمَّتُهُ: سِتُّ الأدَبِ بِنْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ (ت؟). وَأَخُوْهُ: أَبُو بَكْرِ بنُ المُظَفَّرِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 618 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ. وَأخْتُهُ: زَاهِدَةُ بِنْتُ المُظَفَّرِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ فِي مُعْجَمِ الدِّمياطِيِّ (1/ وَرَقَة: 205).
وابْنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ إبْرَاهِيْمَ بنِ المُظَفَّرِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ (ت:؟).
(فَائِدَةٌ): لَمْ يَطَّلِعْ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ رحمه الله عِنْدَ كِتَابَةِ تَرْجَمَةِ ابنِ البَرْنِيِّ عَلَى "عُقُوْدِ الجُمَانِ مِنْ شُعَرَاءِ هَذَا الزَّمَانِ" لابنِ الشَّعَّارِ، وَ"تَارِيْخِ إِرْبِل" لابن المُسْتَوْفَى، وَفِيْهِمَا فَوَائِدُ عَنِ المَذْكُوْرِ تُلقِي الضَوْءَ عَلَى جَوَانِبَ مِنْ سِيْرَةِ حَيَاتِهِ لَا بَأْسَ بِإِيْرَادِهَا، قَالَ ابنُ الشَّعَّارِ:"إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُظَفَّرِ بنِ إبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ عَلِيِّ بنِ سُلَيْمَانَ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ البَرْنِيِّ" أَبُو إِسْحَقَ بنُ أَبي مَنْصُوْرٍ، المَوْصِلِيُّ المَوْلِدِ، البَغْدَادِيُّ المَنْشَإِ وَالأَصْلِ، رَأَيْتُهُ شَيْخًا، قَصِيْرًا، نَقِيَّ الشَّيْبَةِ، ضَعِيْفَ العَيْنَيْنِ، كَانَتْ وِلَادَتُهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيْقِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ غَرْبِيِّهَا، ظَاهِرَ البَلَدِ، بِمَقْبَرَةِ المُعَافَى بنِ عِمْرَانَ رضي الله عنه إِلَى جَانِبِ الشَّيْخِ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ الخَضِرِ المُلَّا المَوْصِلِيِّ، وَكَانَ وَاعِظًا، فَقِيْهًا عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ عَلَى مَشَايِخِ "دَارِ السَّلَامِ" كَأَبِي مُحَمَّدِ بنِ الخَشَّابِ النَّحْوِيِّ، وَأَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ، وَعَبْدِ المُغِيْثِ بنِ زُهَيْرٍ الحَرْبِيِّ، وَغَيْرِهِمْ مِن شُيُوْخِ الحَدِيْثِ، وَاشْتَغَلَ بِفَنِّ الوَعْظِ وَبَرَعَ فِيْهِ، وَكَانَ يَعِظُ النَّاسَ، نَزَلَ "المَوْصِلَ" وَسَكَنَهَا وَاتَّصَلَ بِأَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ مُهَاجِرٍ المَوْصِلِيِّ وَفَوَّضَ إلَيْهِ "دَارَ الحَدِيْثِ" الَّتي أَنْشَأَهَا بِـ "بَابِ سِكَّةِ أبي نُجَيْحٍ" وَانْتَفَعَ بِصُحْبَتِهِ، واشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَكَانَ يُسْمِعُ الحَدِيْثَ بِالدَّارِ المَذْكُوْرَةِ، ويُفْتِي عَلى المَذْهَبِ الحَنْبَلِيِّ، وَصَنَّفَ مُصَنَّفَاتٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كثِيْرَةٍ، وَلَهُ أَشْعَارٌ سَاقِطَةٌ، شَاهَدْتُهُ مِرَارًا عِدَّةً، وَحَضَرْتُ مَجْلِسَ وَعْظِهِ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِي الرِّوَايَةَ عَنْهُ" وَأَنْشَدَ لَهُ مَقْطُوْعَتَيْنِ.
وَقَالَ ابنُ المُسْتَوْفِي: "مِنْ أَهْلِ "الحَرْبِيَّةِ" وَيُعْرَفُ بِـ "ابن البَرْنِيِّ" حَنْبَلِيُّ المَذْهَبِ مِنَ المُغَالِيْنَ فِيْهِ، أَقَامَ بِـ "المَوْصِلِ" وَبِـ "دُوْرَ" وُلِدَ بِـ "بَغْدَادَ" وَنَشأَ بِهَا، وَرَدَ "إِرْبِلَ" بِأَخَرَةٍ، وَذلِكَ - فِيْمَا بَلَغَنِي - أَنَّهُ شَهِدَ في كِتَابٍ شَهَادَةً وَأَرَادُوْهُ عَلَى الرُّجُوْعِ عَنْهَا فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا، فَأَخْرَجُوْهُ مِنَ "المَوْصِلِ" فَأتَى "إِرْبِلَ" وَوَعَظَ بِهَا بالقَلْعَةِ، وَحَضَرَ مَجْلِسَ وَعْظِهِ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَبُو سَعِيْدٍ كَوْكبوري بنُ عَلِيِّ بن بُكْتُكِيْنَ، وأَحْسَنَ إِلَيْهِ، مُنْعِمًا عَلَيْهِ، ثُمَّ سَافَرَ، وَهُوَ الآنَ مُقِيْمٌ بِـ "سِنْجَارَ". . . وَبَنَى أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ المُهَاجِرِ بنِ عَلِيِّ دَارَ حَدِيْثِ بِـ "المَوْصِلِ" وَرَدَّ أَمْرَهَا إِلَيْهِ؛ لِيُسْمِعَ فِيْهَا، فَكَانَ يُسْمِعُ فِيْهَا الحَدِيْثَ، لَقِيْتُهُ، وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ بِـ "إِرْبِلَ" وَ"المَوْصِلَ" وَكَانَ عِنْدَهُ بَعْضُ اللُّطْفِ وَالدَّمَاثَةِ.
وَقَالَ ابنُ المُسْتَوْفِي: "وَلمَّا عَمِلَ ابنُ مُهَاجِرٍ دَارَ الحَدِيْثِ وَسَكَنَهَا ابنُ البَرْنِيِّ أَمَالَهُ عَنْ مَذْهَبِهِ - وَكَانَ شَافِعِيًّا - فَعَمِلَ فِيه طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ قُرَيْشٍ العَتَّابِيُّ البَغْدَادِيُّ يُخَاطِبُهُ، وَيُشِيْرُ إِلَيْهِ وَإِلَى ابنِ البَرْنِيِّ:
بِالْحَرْفِ وَالصَّوْتِ القَدِيْـ
…
ــمِ وَمَنْ يُشَبِّهُ بِالمِثَالِ
وَبِحُرْمَةِ الجِهَةِ التي اخْتُـ
…
ـــصَّتْ بِمَوْضِعِ ذِي الجَلَالِ
وَبِحَقِّ مَنْ مَنَعَ الحُسَـ
…
ــيْنَ بِكَرْبَلَا شُرْبَ الزُّلَالِ
وَبِحَقِّ مَوْلانَا يَزِيْـ
…
ــدَ أَخِي المَنَاقِبِ وَالمَعَالِي
وَبِكُلِّ مَطْوِيِّ الضَّمِيـ
…
ــرِ عَلَى التَّبَرْصُصِ وَالمُحَالِ
وَبِمَنْ ثَنَاكَ من التَّمَشْـ
…
ــعُرِ وَالتَّعَمُقِ فِي الجِدَالِ
وَبِكُلِّ مَنْ أَفْنَى جَمِيْـ
…
ــعَ العُمْرِ في قِيْلٍ وَقَالِ
وَأَرَاكَ أَنَّ الحَقَّ يُؤْ
…
خَذُ مِنْ حَنَابِلَةِ الرِّجَالِ
الحَرْبِيُّ، ثُمَّ المَوْصِلِيُّ، الوَاعِظُ المُحَدِّثُ، أَبُو إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، وَيُلَقَّبُ "بُرْهَانُ الدِّيْنِ".
وُلِدَ فِي ثَانِي عَشَر ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ بِـ "المَوْصِلَ" كَذَا ذَكَرَ المُنْذِرِيُّ، وَابْنُ السَّاعِي وَغَيْرِهِمَا.
وَقَالَ القَطِيْعِيُّ: كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "الحَرْبِيَّةِ". كَذَا قَالَ. وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: انْتَقَلَ إِلَى "المَوْصِل" قَدِيْمًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ بِـ "بَغْدَادَ" - وَهُوَ الأَشْبَهُ - فَإِنَّ أَبَاهُ بَغْدَادِيٌّ، وَلَا يُعْرَفُ أَنَّهُ سَكَنَ "المَوْصِلَ" وَقَدْ رَوَى عَنْهُ القَطِيْعِيُّ، وَقَالَ: قَالَ لِي: "البَرْنِيُّ"
(1)
لَقَبُ جَدِّي لأُمِّي
(2)
وَأَمَّا
= مِنْ كُلِّ مَنْ سَمِعَ الحَدِيْـ
…
ــثَ وَكُلِّ مَحْفُوْفِ السِّبَالِ
وَبِحُرْمَةِ الشَّيْخِ الحَدِ
…
يْدِ مُزِيْلِ أَغْطِيَةِ الضَّلَالِ
لَا تَنْسَ خَادِمَكَ المُوَ
…
الِيْ بِالدُّعَاءِ عَلَى التَّوَالِي
المُسْتَجِيْرُ بِجُوْدِ عَدْ
…
لِ يَدَيْكَ مِنْ جَوْرِ العِيَالِ
وَطَاهِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ قُرَيْشِ العتَّابِيُّ، شَاعِرٌ، ذَكَرَهُ ابنُ الشَّعَّارِ في عُقُوْده الجُمَانِ (3/ 114) (المَطْبُوْع) فَقَالَ:"مِنْ أَهْلِ "العَتَّابِيْنَ" وَهِيَ مَحِلَّةٌ مَشْهُوْرَةٌ غَرْبِيَّ "بَغْدَادَ" كَانَ يَتَفَقَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الإمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، وَكَانَ لَه طَبْعٌ يُطَاوِعُهُ فيْمَا يَرْوِيْهِ منْ صِنَاعَةِ الشِّعْرِ .. وَرَأَيْتُ لَهُ - مِنْ جَمْعِهِ - كِتَابًا مَطْبُوْعًا سَمَّاهُ: "غُنْيَةِ النَّديْمِ. . ." فِي وَصْفِ الخَمْرِ وَالغِنَاءِ
…
وَنَظَمَ قَصِيْدَةَ مُزْدَوَجَةً فِي أَهْلِ "مِصْرَ" أَوْدَعَهَا نُكَتًا طَرِيْفَةً. وَذَكَرَ وَفَاتَهُ سَنَةَ (609 هـ). وَأَوْرَدَ قَصِيْدَتَهُ فِي أَهْلِ مِصْرَ كَامِلَةً تَجِدْهَا هُنَاكَ.
(1)
في (ط): "البَراني".
(2)
جَدَّتُهُ أُمُّ أَبِيْهِ قَطْرُ النَّدَى بِنْتُ أَبِي نِزَارِ بن عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ عَلِيٍّ البَرْنِيُّ كَذَا ذَكَرَ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ في تَكْمِلَةِ الإكْمَالِ (1/ 377)، وَعَنْهُ فِي التَّوْضِيْحِ (418)، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ =
جَدِّي لأَبِي: فَيُعْرَفُ بِـ "الجمعي"، سَمِعَ أَبُو إِسْحَقَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ ابْنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بنِ المُعَمَّرِ الحُسَيْنِيُّ، وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ الرَّحْبِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّورِ، وَنَصْرِ اللهِ القَزَّازِ، وَشُهْدَةَ، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ بِهَا فِي المَذْهَبِ - لَعَلَّهُ عَلَى ابْنِ المَنِّيِّ - وَقَرَأَ الوَعْظَ عَلَى ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ "دَارِ الحَدِيْثِ" الَّتِي لابنِ مُهَاجِرٍ بِـ "المَوْصِلِ"، وَحَدَّثَ بِـ "المَوْصِلِ" وَ"سِنْجَارَ" ووَعَظَ.
قَالَ النَّاصِحُ ابْنُ الحَنْبَلِيِّ: كَانَ وَاعِظًا فَاضِلًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، لَمْ يَكُنْ بِـ "المَوْصِلِ" أَعْرَفُ بِالحَدِيْثِ وَالوَعْظِ مِنْهُ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: كَانَ فَاضِلًا، مُتَدَيِّنًا، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ السَّاعِي: شَيْخٌ خَيِّرٌ، قَدِمَ "بَغْدَادَ" مِرَارًا، وَأَنْشَدَنِي قِطَعًا مِن الشِّعْرِ. أَنْشَدَنِي فِي التَّوَاضُعِ إِمْلَاءً مِنْ حِفْظِهِ
(1)
:
كَمْ جَاهِلٍ مُتَواضِعٍ
…
سَتَرَ التَّوَاضُعَ جَهْلَهُ
وَمُمَيَّزٍ فِي عِلْمهِ
…
هَدَمَ التَّكَبُّرُ فَضْلَهُ
فَالكِبْرُ عَيْبٌ لِلْفَتَى
…
أَبَدًا يُقبِّحُ فِعْلَهُ
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا:
مَا هَذهِ الدُّنْيَا بِدَارِ مَسَرَّةٍ
…
فَتَخَوَّفَنْ مَكْرًا لَهَا وَخِدَاعَا
= يَكُوْنُ مَنْسُوبًا إِلَى جَدِّهِ لأُمِّهِ، وَوَالِدُهُ يُنْسَبُ هَذِهِ النِّسْبَةِ؟! وَيُمْكِنُ أَنْ تكُوْنَ جَدَّتَهُ أمَّ أَبِيْهِ لا جَدَّتَهُ هُوَ، فَتَكُوْنُ المَذْكُوْرَةَ، وَتَكُوْنُ النِّسبَةُ لَحِقَتْهُ، وَلَحِقَتْ أَبَاهُ مِنْ قَبْلُ، واللهُ أَعْلَمُ.
(1)
أَنْشَدَ لَهُ ابنُ الشَّعَّارِ في "عُقُودِ الجُمَانِ" مَقْطُوعَتَيْنِ تَجِدْهُمَا هُنَاكَ.
بَيْنَا الفَتَى فِيْهَا يُسَرُّ بِنَفْسِهِ
…
وَبِمَالِهِ يَسْتَمْتِعُ اسْتِمْتَاعَا
حَتَّى سَقَتْهُ مِنَ المَنِيَّةِ شَرْبَةً
…
لَا يَسْتَطِيعُ لِمَا عَرَاهُ دِفَاعَا
لَوْ كَانَ يَنْطِقُ قَالَ مِنْ تَحتِ الثَّرَى
…
فَلْيُحْسِنِ العَمَلَ الفَتَى مَا اسْطَاعَا
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ بِـ "المَوْصِلِ" فِي القَدْمَةِ الثَّانِيَةِ إِلَيْهَا، وَكَانَ فِيْهِ تَسَاهُلٌ فِي الرِّوَايَةِ، يُحَدِّثُ مِنْ غَيْرِ أُصُوْلٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ القَطِيعِيِّ: أَنَّهُ رَوَى بِـ "المَوْصِلِ""اعْتِلَالَ القُلُوْبِ" لِلْخَرَائِطِيِّ
(1)
عَنْ نَصْرِ اللهِ القَزَّازِ بِسَمَاعِهِ مِنِ ابْنِ العَلَّافِ، قَالَ: فَقُلْتُ: لَقَدْ حَرِصْنَا بِـ "بَغْدَادَ" عَلَى أَنْ نَجِدَ لَهُ أَصْلَ سَمَاعِ مِنْ ابْنِ العَلَّافِ فَلَمْ نَجِدْ، فَقَالَ: عَبْدُ المُغِيْثِ وَابْنُ شَافِعٍ ذَكَرَا لِي أنَّ هَذَا الكِتَابَ سَمَاعُهُ مِنْهُ، قَالَ: فَطَلَبْتُ مِنْهُ مَنْ سَمِعَ ذلِكَ مَعَهُ مِنهُمَا؟ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِي الطَّبَقَةِ مَشْهُوْرٌ بِالطَّلَبِ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ رَأَيْتُ ابْنَ القَزَّازِ فِي المَنَامِ، فَقَالَ لِي: اشْتَهَيْتُ أَنَّ كُلَّ نُسْخَةٍ بِهَذَا الكِتَابِ تُرْوَى عَنِّي أُحْرِقُهَا.
قُلْتُ: المُتَأَخِّرُوْنَ يَتَسَاهَلُوْنَ فِي هَذَا البَابِ كَثِيْرًا، وَيَسْمَعُوْنَ مِنْ غَيرِ أُصُوْلٍ، وَيْكَتَفُوْنَ بِقَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ: إِنَّ هَذَا الكِتَابَ سَمَاعُ فُلَانٍ، فَيَقْرَأُونَهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَهُمْ مُنْكَرًا. وَقَدْ أَجَازَ ابْنُ البَرْنِيِّ لِعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَبِي الجَيْشِ.
(1)
هُوَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدِ بن سَهْلِ السَّامُرِّيُّ (ت: 327 هـ)، أَخْبَارُهُ في: تَارِيْخِ بَغْدَادَ (2/ 139)، وَتذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (3/ 832)، وَكِتَابُهُ مَذْكُوْرٌ فِي كَشْفِ الظُّنُوْنِ (1/ 119) وَغَيْرِهِ.
وَتُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ سَنَةَ اثْنَتَينِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "المَوْصِلِ" وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ المُعَافَى بنِ عِمْرَانَ رضي الله عنه وَقَالَ ابنُ السَّاعِي: تُوُفِّيَ ثَانِي المُحَرَّمِ.
304 - محَمَّد بْن الخَضِرِ
(1)
بْنِ مُحَمَّدِ بنِ الخَضِرِ بنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ
(1)
304 - الفَخْرُ ابنُ تَيْمِيَّة (542 - 622 هـ):
أخبارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 54) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 406)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 167)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 352). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 372)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 96)، وَالتَّقْيِيْدُ (65)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (146)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 138)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ لابْنِ الشَّعَّارِ (6/ وَرَقَة: 267)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (3/ 137)، وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (4/ 386)، وَدُوَلُ الإِسْلَامِ (2/ 128)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (191)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 128)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (326)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (256)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 47)، وَالعِبَرُ (5/ 92)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 288)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (133)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 37)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 109)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوكُ (2/ 416)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 462)، وَطَبَقَاتُ المُفَسِّرِيْنَ لِلسُّيُوْطِيِّ (32)، وَطَبَقَاتُ المُفَسِّرِيْنَ لِلدَّاوُدِيِّ (2/ 144)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 102)(7/ 179).
(آلُ تَيْمِيَّةَ) مِنْ أَكْبَرِ الأُسَرِ العِلْمِيَّةِ في بِلَادِ الشَّامِ، وَلَعَلَّ لشُهْرَةِ شَيْخِ الإِسْلَامِ تَقِيِّ الدِّيْنِ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الحَلِيْمِ أثَرًا في اخْتِفَاءِ كَثيْرٍ مِنْ عُلَمَائِهِم فَهُوَ المَشْهُوْرُ بِـ "ابنِ تَيْمِيَّةَ" عِنْدَ الإِطْلَاق.
وَيُنْسَبُ (آلُ تَيْمِيَّةَ) إِلَى "نُمَيْرٍ" وَلَا أَدْرِي هَلْ هيَ تُنْسَبُ إِلَى القَبِيْلَةِ العَرَبِيَّةِ المَشْهُوْرَةِ، أَوْ تُنْسَبُ إِلى جَدِّ اسمُهُ "نُمَيْرٍ"؟ وَالثَّانِيَةُ هِيَ الأَقْرَبُ. وَيُنْسَبُ كَذلِكَ كَثِيْرٌ =
تَيْمِيَّةَ الحَرَّانِيُّ، الفَقِيْهُ، المُفَسِّرُ، الخَطِيْبُ، الوَاعِظُ، فَخْرُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ أَبِي القَاسِمِ، شَيْخُ "حَرَّانَ"، وَخَطِيْبُهَا.
وُلِدَ فِي أَوَاخِرِ شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، بِـ "حَرَّانَ"، وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى وَالِدِهِ وَلَهُ عَشْرُ سِنِيْنَ، وَكَانَ وَالِدُهُ زَاهِدًا، يُعَدُّ مِنَ الأَبْدَالِ. وَشَرَعَ فِي الاِشْتِغَالِ بِالعِلْمِ مِنْ صِغَرِهِ، وَتَرَدَّدَ إِلَى أَبِي الكَرَمِ فِتْيَانَ ابْنِ مَيَّاحٍ
(1)
، وَأَبِي الحَسَنِ بْنِ عَبْدُوْسٍ
(2)
، وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ ارْتَحَل إِلَى "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ بِهَا الحَدِيْثَ مِنَ المُبَارَكِ بْنِ خُضَيْرٍ، وَأَبي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ، وَسَعْدِ اللهِ بْنِ الدَّجَاجِيِّ
(3)
، وَيَحْيَى بْنِ ثَابِتٍ بنِ بُنْدَارٍ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ النَّقُوْرِ، وَأَبِي الفَضْلِ بْنِ شَافِعٍ، وَعَلِيِّ بْنِ عَسَاكِرٍ البَطَائِحِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ اليُوْسُفِيِّ، وَأَخِيْهِ أَبِي نَصْرٍ، وَأَبِي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلَ، وَشُهْدَةُ، وَغَيْرِهِمْ، وَسَمِعَ أَيْضًا بِـ "حَرَّانَ"
= منَ الأُسَرِ الحَرَّانِيَّةِ. وَفَخْرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الخَضِرِ - المَذْكُوْرُ هُنَا - هُوَ عَمُّ مَجْدِ الدِّيْنِ عبْدِ السَّلَامِ بنِ عَبْدِ اللهِ جَدَّ شيْخ الإِسْلَامِ تَقِيِّ الدِّيْنِ. فَجَدُّ آلِ تَيْمِيَةَ الأَعْلَى هُوَ أَبُو القَاسِمِ الخَضِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الخَضِرِ يَظْهَرُ أَنَّهُ هُوَ المُلَقَّبُ بِـ "ابنِ تَيْمِيَّةَ" وَ"تَيْمِيَّةُ" هِيَ أُمُّهُ أَوْ جَدَّتُهُ عَلَى الرِّوَايَاتِ المَذْكُورَةِ في ذلِكَ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مِنَ الصُّلَحَاءِ العُبَّادِ الزُّهَّادِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ العُلَمَاءِ. وَلِلفَخْرِ مِنَ الأَوْلَادِ: عَبْدُ الغَنِي بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 639 هـ). وَعَبْدُ الحَلِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 603 هـ) ذَكَرَهُما المُؤَلِّفُ في مَوْضِعَيْهِمَا.
(1)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (566 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(2)
عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ (ت: 559 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(3)
في (ط): "الزَّجَاجي" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
مِنْ أَبِي النَّجِيْبِ السَّهْرَوَرْدِيِّ، وَأَبِي الفَتْحِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي
(1)
الوَفَاءِ، وَأَبِي الفَضْلِ حَامِدِ بْنِ أَبِي الحَجَرِ. وَتَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" عَلَى أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بْنِ بَكْرُوْسٍ، وَبِـ "حَرَّانَ" عَلَى أَحْمَدَ بنِ أَبي الوَفَاءِ، وَحَامِدِ بْنِ أَبِي الحَجَرِ، وَأَخَذَ عَنْهُ التَّفْسِيْرَ أَيْضًا، وَلَازَمَ أَبَا الفَرَجِ بْنَ الجَوْزِيِّ بِـ "بَغْدَادَ"، وَسَمِعَ مِنْهُ كَثِيْرًا
(2)
مِنْ مُصَنَّفَاتِهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ "زَادَ المَسِيْرِ فِي التَّفْسِيْرِ" قِرَاءَةَ بَحْثٍ وَفَهْمٍ، وَقَرَأَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدِ بنِ الخَشَّابِ، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ وَالتَّفْسِيْرِ وَغَيْرهِمَا، وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ، وَجَدَّ فِي الاشْتِغَالِ وَالبَحْثِ، ثُمَّ أَخَذَ فِي التَّدْرِيْسِ وَالوَعْظِ وَالتَّصنِيْفِ، وَشَرَعَ فِي إِلْقَاءِ التَّفْسِيْرِ بُكْرَةَ كُلِّ يَوْمٍ بِجَامِعِ "حَرَّانَ" فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَوَاظَبَ علَى ذلِكَ حَتَّى قَرَأَ القُرْآنَ الكَرِيْمَ خَمْسَ مَرَّاتٍ، انْتَهَى آخِرُهَا إِلَى سَنَةِ عَشْرٍ وَسِتِّمَائَةَ، فَكَانَ مَجْمُوْعُ ذلِكَ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، ذَكَرَ ذلِك فِي أَوَّلِ "تَفْسِيْرِهِ" الَّذِي صَنَّفَهُ.
وَكَانَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ رَجُلًا صَالِحًا، يُذْكَرُ لَهُ كَرَامَاتٌ وَخَوَارِقٌ، وَوَلِيَ الخَطَابَةَ وَالإِمَامَةَ بِجَامِعِ "حَرَّانَ" وَالتَّدْرِيْسِ بِالمَدْرَسَةِ النُّوْرِيَّةِ بِهَا، وَبَنَى هُوَ مَدْرَسَةً بِـ "حَرَّانَ" أَيْضًا.
قَالَ النَّاصِحُ ابْنُ الحَنْبَلِيِّ: انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةِ "حَرَّانَ" وَلَهُ خُطْبَةُ الجُمُعَةِ، وَإِمَامَةُ الجَامِعِ، وَتَدْرِيْسِ المَدْرَسَةِ النُّوْرِيَّةِ، وَهُوَ وَاعِظُ البَلَدِ، وَلَهُ القُبُوْلُ مِنْ عَوَّامِ البَلَدِ، وَالوَجَاهَةُ عِنْدَ مُلُوكِهَا، وَكَانَ فِي مُلَازَمَتِهِ التَّفْسِيْرَ وَالوَعْظَ مَعَ
(1)
سَاقط من (ط)، ويُصَحِّحُهُ مَا بَعْدَهُ.
(2)
في (ط): "كثير".
الطَّرِيْقَةِ الظَّاهِرَةِ الصَّلَاحِ.
وَذَكَرَهُ ابنُ خَلِّكَانَ فِي "تَارِيْخِهِ"
(1)
وَقَالَ: ذَكَرَهُ مَحَاسِنُ بنُ سَلَامَةَ الحَرَّانِيُّ
(2)
فِي "تَارِيْخِ حَرَّانَ"، وَابْنُ المُسْتَوْفَى فِي "تَارِيخِ إِرْبِلَ" فَقَالَ: لَهُ القَبُوْلُ التَّامُّ عِنْدَ الخَاصِّ وَالعَامِّ، وَكَانَ بَارِعًا فِي تَفْسِيْرِ القُرْآنِ، وَجَمِيْعِ العُلُوْم، لَهُ فِيْهَا يَدٌ بَيْضَاءُ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: شَيْخٌ، ثِقَةٌ، فَاضِلٌ، صَحِيْحُ السَّمَاعِ، مُكْثِرٌ، سَمِعْتُ مِنْهُ بِـ "حَرَّانَ" فِي المَرَّتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَمِعْتُ مِنْهُ بِـ "بَغْدَادَ" وَ"حَرَّانَ" وَكَانَ شَيْخًا فَاضِلًا، حَسَنَ الأَخْلَاقِ، مُتَوَدِّدًا، صَدُوْقًا، مُتَدَيِّنًا.
وَقَالَ ابْنُ السَّاعِي: هُوَ مَوْصُوْفٌ بِالفَضْلِ وَالدِّيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ الفَقِيْهُ: كَانَ شَيْخَ "حَرَّانَ"، وَمُدَرِّسَهَا، وَخَطِيبَهَا وَمُفَسِّرَهَا مُغْرًى بِالوَعْظِ وَالتَّفْسِيْرِ، مُوَاظِبًا عَلَيْهِمَا.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: كَانَ عَارِفًا بِالتَّفْسِيْرِ، وَلَهُ خُطَبٌ مَشْهُوْرَةٌ، وَشِعْرٌ،
(1)
"وفيات الأعيان" مَذْكُوْرٌ فِي تَخْرِيْجِ التَّرْجَمَةِ".
(2)
كَذَا فِي الأُصُولِ، وفي بُغْيَةِ الطَّلَبِ في تاريخ حَلَب لابنِ العَدِيْمِ (3/ 1294): أَبُو المَحَاسنِ بن سَلَامَة. وفيه: "أَهْدَى إِليَّ الخَطِيْبُ سَيْفُ الدِّيْنِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَرَّانِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ تَيْمِيَّةَ" جُزْءًا بِخَطِّهِ فِيْهِ تَارِيْخٌ لأَبِي المَحَاسِنِ بنِ سَلَامَةَ بنِ خَلِيْفَةَ الحَرَّانِيِّ، جَعَلَهُ تَكْمِلَةً لِـ "تَارِيْخِ حَرَّانَ" الذي أَلَّفَهُ حَمَّادٌ الحَرَّانِيُّ، وَذَكَرَ لِيْ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ خَطِّ أبي المَحَاسِنِ المَذْكُوْرِ". وَأَكْثَرَ ابنُ الشَّعَّارِ فِي "عُقُوْدِ الجُمَانِ" مِنَ النَّقْلِ عَنْهُ، وَسَمَّاهُ مَحَاسِنَ بنَ سَلَامَةَ.
وَمُخْتَصَرٌ فِي الفِقْهِ، وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي بَلَدِهِ، وَتَوَلَّى الخَطَابَةَ بِهَا، وَدَرَّسَ بِهَا وَوَعَظَ، وَحَدَّثَ بِـ "بَغْدَادَ""وَحَرَّانَ"، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، وَكَانَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ قَدْ وَعَظَ بِـ "بَغْدَادَ" فِي مُدَّةِ اشْتِغَالِهِ بِهَا بِرِبَاطِ ابنِ النَّعَّالِ
(1)
، ثُمَّ حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّمَائَةَ، وَكَتَبَ مَعَهُ مُظَفَّرُ الدِّيْنِ صَاحِبُ "إِرْبِلَ" كِتَابًا إِلَى الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ بِالوَصِيَّةِ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ "مَكَّةَ" إِلَى "بَغْدَادَ" سَأَلَ الجُلُوْسَ بِـ "بَابِ بَدْرٍ" فَأُجِيْبَ إِلَى ذلِكَ، وَتُقُدِّمَ إِلَى مُحْيِي الدِّيْنِ يُوْسُفَ بْنِ الجَوْزِيِّ بِالحُضُوْرِ، وَكَانَ يَعِظُ بِذلِكَ المَكَانِ مَوْضِعَ أَبِيْهِ، فَحَضَرَ، وَقَعَدَ علَى دَكَّةِ المُحْتَسِبِ بِـ "بَابِ بَدْرٍ" وَحَضَرَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَوَعَظَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ، وَأَنْشَدَ فِي أَثْنَاءِ المَجْلِسِ:
وَابْنُ اللَّبُوْنِ إِذَا مَا لَزَّ فِي قَرْنٍ
…
لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَنَاعِيْسِ
(2)
وَقَالَ النَّاسُ: مَا قَصَدَ إِلَّا مُحْيِي الدِّيْنِ، لأَنَّهُ كَانَ شَابًّا، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ شَيْخٌ. وَلِلْشَيْخِ فَخْرُ الدِّيْنِ تَصَانِيْفٌ كَثِيْرَةٌ، مِنهَا "التَفْسِيْرُ الكَبِيْرُ" فِي مُجَلَّدَاتٍ كَثِيْرَةٍ،
(1)
في (ط): "ابنُ النَّقَّال" وَالمُثبتُ هُوَ الصَّحِيْحُ، وَرِبَاطُ مَحْمُوْدٍ النَّعَّالِ بِبَغْدَادَ مَشْهُوْرَةٌ، وَهُوَ دَارٌ من دُوْرِ العِلْمِ، تُراجع تَرْجَمَةِ مَحْمُوْدٍ النَّعَّال (ت: 609 هـ) الذي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(2)
قَائِلُهُ جَرْيْرٌ، وَهُوَ فِي دِيْوَانِهِ (1/ 28)، وَالْبَيْتُ مَشْهُورٌ في كُتُبِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالأَدَبِ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ في مُطَاوَلَةِ العَاجِزِ الضَّعِيْفِ للقَوِيِّ القَادِرِ، وَمِنْ أَحْسَنَ الظَّنَّ بالشَّيْخِ قَالَ: إِنَّما يَقْصِدُ إنَّه لَنْ يَسْتَطِيْعَ مُضَاهَاةِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ ابنِ الجَوْزِيِّ شَيْخُ الوُعَّاظِ، وَ"بَابُ بَدْرِ" كَانَ مِنْ مَحَالِّ وَعْظِهِ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الأَمَاكِنِ الَّتِي يُوْعَظُ بِهَا بِـ "بَغْدَادَ".
وهُوَ تَفْسِيْرٌ حَسَنٌ جِدًّا
(1)
، وَمِنْهَا ثَلَاثُ مُصنَّفَاتٌ فِي المَذْهَبِ، علَى طَرِيْقَةِ "البَسِيْطِ" وَ"الوَسِيْطِ" وَ"الوَجِيْزُ" لِلغَزَالِيِّ، أَكبَرُهَا "تَخْلِيْصُ المَطْلَبِ فِي تَلْخِيْصِ المَذْهَبِ" وَأَوْسَطُهَا "تَرْغِيْبِ القَاصِدِ فِي تَقْرِيْبِ المَقَاصِدِ" وَأَصْغَرُهَا "بُلْغَةُ السَّاغِبِ وَبُغْيَةُ الرَّاغِبِ"
(2)
وَلَهُ "شَرْحُ الهِدَايَةِ" لأَبِي الخَطَّابِ وَلَمْ يُتِمَّهُ، وَلَهُ "دِيْوَانُ الخُطَبِ الجُمْعِيَّةِ" وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَمُصَنَّفَاتٌ فِي الوَعْظِ، وَ"المُوْضِحُ" فِي الفَرَائِضِ، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ مُرَاسَلَاتٌ وَمُكَاتَبَاتٌ.
وَأَرْسَلَ الشَّيْخُ الفَخْرُ مَرَّةً يَسْأَلُ الشَّيْخَ المُوَفَّقَ عَمَّا ذَكَرَهُ فِي كُتُبِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ حَصْرِ جِهَاتِ ذوِي الأَرْحَامِ، وَمَا يَلْزَمُ قَوْلِ أَبِي الخَطَّابِ مِنَ الفَسَادِ.
وَوَقَعَ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ أَيْضًا تَنَازُعٌ فِي مَسْأَلَةِ تَخْلِيْدِ أَهْلِ البِدَعِ المَحْكُوْمِ بِكُفْرِهِمْ فِي النَّارِ، وَكَانَ الشَّيْخُ المُوَفَّقِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ الخُلُوْدُ، فَأَنْكَرَ ذلِكَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ الفَخْرُ وَقَالَ: إِنَّ كَلَامَ الأَصْحَابِ مُخَالِفٌ لِذلِكَ، وَأَرْسَلَ يَقُوْلُ لِلْشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ:"انْظُرْ كَيْفَ تَسْتَدْرِكُ هَذِهِ الهَفْوَةِ؟ " فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ كِتَابًا، أَوَّلُهُ:
أَخُوْهُ فِي اللهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ يُسَلِّمُ علَى أَخِيْهِ الإِمَامِ الكَبِيْرِ فَخْرِ الدِّيْنِ جَمَالِ الإِسْلَامِ، نَاصِرِ السُّنَّةِ، أَكْرَمَهُ اللهُ بِمَا أَكْرَمَ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ، وَأَجْزَلَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ عَطَاءَهُ، وَبلَّغَهُ أَمَلَهُ وَرَجَاءَهُ، وَأَطَالَ فِي طَاعَةِ اللهِ بَقَاءَهُ إِلَى أَنْ قَالَ:
(1)
وَأَلَّفَ ابْنُهُ عَبْدُ الغَنِيِّ (ت: 639 هـ) كِتَابًا فِي التَّفْسِيْرِ سَمَّاهُ "الزَّائِدَ عَلَى تَفْسِيْرِ الوَالِدِ" يَأْتِي فِي تَرْجَمَتِهِ.
(2)
نَشَرَهُ الدُّكتور بَكْرُ بنُ عَبدِ اللهِ أَبُو زَيْدٍ، وَطُبِعَ فِي مَجْمَع الفِقْهِ الإِسلامي سَنَةَ (1417 هـ).
إِنَّنِي لَمْ أَنْهَ عَنِ القَوْلِ بِالتَّخْلِيْدِ نَافِيًا لَهُ، وَلَا عِبْتُ القَوْلَ بِهِ مُنْتَصِرًا لِضِدِّهِ، وإنَّمَا نَهَيْتُ عَنِ الكَلَامِ فِيْهَا مِنَ الجَانِبَيْنِ إِثَبَاتًا أَوْ نَفْيًا؛ كَفًّا لِلْفِتْنَةِ بِالخِصَامِ فِيْهَا، وَاتِّبَاعًا لِلْسُنَّةِ فِي السُّكُوْتِ عَنْهَا، إِذْ كَانَتْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ مِنْ جُمْلَةِ المُحْدَثَاتِ، وَأَشَرْتَ علَيَّ مِنْ قِبَلِ نَصِيْحَتِي بِالسُّكُوْتِ عمَّا سَكَتَ عَنْهُ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وصَحَابَتُهُ، وَالأَئِمَّةُ المُقْتَدَى بِهِمْ مِنْ بَعْدِهِ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ - وَفَّقَهُ اللهُ - "إِنِّي كُنْتُ مَسْأَلة إِجْمَاعٍ، فَصِرْتُ مَسألَة خِلَافٍ"، فَإِنَّنِي إِذَا كُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حِزْبِهِ، مُتَّبِعًا لِسُنَّةِ، مَا أُبَالِي مَنْ خَالَفَنِي، وَلَا مَنْ خَالَفَ فِيَّ، وَلَا أَسْتَوْحِشُ لِفِرَاقِ مَنْ فَارَقَنِي، وإِنِّي لَمُعْتَقِدٌ أَنَّ الخَلْقَ كُلَّهُمْ لَوْ خَالَفُوا السُّنَّةَ وَتَرَكُوْهَا، وَعادَوْنِي مِنْ أَجْلِهَا، لَمَا ازْدَدْتُ لَهَا إِلَّا لُزُوْمًا، وَلَا بِهَا إِلَّا اغْتِبَاطًا، إِنْ وَفَّقَنِي اللهُ لِذلِكَ، فَإِنَّ الأُمُوْرَ كُلَّهَا بِيَدَيْهِ، وَقُلُوْبُ العِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ:"إِنَّ هَذِهِ المَسْأَلَةِ مِمَّا لَا تَخْفَى" فَقَدْ صَدَقَ وَبَرَّ، مَا هِيَ - بِحَمْدِ اللهِ - عِنْدِي خَفِيَّةٌ، بَلْ هِيَ مُنْجَلِيَةٌ مُضِيَّةٌ، وَلكِنْ إِنْ ظَهَرَ عِنْدَهُ - بِسَعَادَتهِ - تَصْوِيْبُ الكَلَامِ فِيْهَا، تَقْلِيْدًا لِلْشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ، وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ فَقَدْ تَيَقَّنْتُ تَصْوِيْبَ السُّكُوْتِ عَنِ الكَلَامِ فِيْهَا، اتِّبَاعًا لِسَيِّدِ المُرْسَلِيْنَ، وَمَنْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الخَلْقِ أَجْمَعِيْنَ، ثُمَّ لِخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالأَئِمَّةِ المَرْضِيِّيْنَ، لَا أُبَالِي مَنْ لَامَنِي فِي اتِّبَاعِهِمْ، وَلَا مَنْ فَارَقَنِي فِي وِفَاقِهِمْ، فَأَنَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
(1)
(1)
البَيْتُ لأَبي الشِّيْصِ الخُزَاعِيِّ في أَشْعَارِهِ الَّتِي جَمَعَهَا د/ عَبْدُ اللهِ الجُبُوريُّ وَنَشَرَهَا سَنَةَ (1387 هـ) ص (93).
أَجِدُ المَلَامَةَ فِي هَوَاكِ لَذِيْذَةً
…
حُبًّا لِذِكْرِكِ فَلْيَلُمْنِي اللُّوَّمُ
فَمَنْ وَافَقَنِي عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ، وَأَجَابَنَي إِلَى مُرَافَقَتِهِمْ وَمُوافَقَتِهِمْ فَهُوَ رَفِيْقِي وَحَبِيْبِي وَصَدِيْقِي، وَمَنْ خَالَفَنِي فِي ذلِكَ فَلْيَذْهَبْ حَيْثُ شَاءَ، فَإِنَّ السُّبُلَ كَثِيْرَةٌ، وَلكِنْ لَا حَظِرَةٌ [وَلَا خَطِرَةٌ]
(1)
وَقَوْلُهُ - بِسَعَادَتِهِ -: "إِنَّ تَعَلُّقَهُ بِأَنَّ لَفْظَ (التَّخْلِيْد) لَمْ تَرِدْ لَيْسَ بِشَيءٍ".
فَأَقُوْلُ: لَكِنِّي عِنْدِي أَنَا هُوَ الشَّيْءُ الكَبِيْرُ، وَالأَمْرُ الجَلِيْلُ الخَطِيْرُ، فَأَنَا أُوَافِقُ أَئِمَّتِي فِي سُكُوْتِهِمْ، كُمُوَافَقَتِي لَهُمْ فِي كَلَامِهِمْ، أَقُوْلُ إِذَا قَالُوا، وَأَسْكُتُ إِذَا سَكَتُوا، وَأَسِيْرُ إِذَا سَارُوا، وَأَقِفُ إِذَا وَقَفُوا، وَأَحْتَذِي طَرِيْقَهُمْ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ جَهْدِي، وَلَا أَنْفَرِدُ عَنْهُمْ خِيْفَةَ الضَّيْعَةِ إِنْ سِرْتُ وَحْدِي، فَأَمَّا قَوْلُهُ:"إِنَّ كُتُبَ الأَصْحَابِ القَدِيْمَةَ وَالحَدِيْثَةَ فِيْهَا القَوْلُ بِتَكْفِيْرِ القَائِلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ": فَهَذَا مُتَضَمِّنٌ أَنَّ قَوْلَ الأَصْحَابِ هُوَ الحُجَّةُ القَاطِعَةُ، وَهَذَا عَجَبٌ، أَتُرَى لَوْ أَجْمَعَ الأَصْحَابُ عَلَى مَسْأَلَةٍ فُرُوْعِيَّةِ، أَكَانَ ذلِكَ حُجَّةً يُقْتَنَعُ بِهَا، وَيُكْتَفَى بِذِكْرِهَا؟ فَإِنْ كَانَ فَخْرُ الدِّيْنِ يَرَى هَذَا فَمَا يَحْتَاجُ فِي تَصْنِيْفِهِ إِلَى ذِكْرِ دَلِيْلٍ سِوَى قَوْلِ الأَصْحَابِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى ذلِكَ حُجَّةً فِي الفُرُوْعِ، فَكَيْفَ جَعَلَهُ حُجَّةً فِي الأُصُوْلِ؟ وَهَبْ أَنَّا عَذَرْنَا العَامَّةَ فِي تَقْلِيْدِهِمْ الشَّيْخَ أَبَا الفَرَجِ وَغَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي دَلِيْلٍ، فَكَيْفَ يُعْذَرُ مَن هُوَ إِمَامٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي أَنْوَاعِ العُلُوْمِ؟ ثُمَّ إِنْ سَلَّمْنَا مَا قَالَ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَا اطَّلَعَ علَى جَمِيعِ تَصَانِيْفِ الأَصْحَابِ، ثُمَّ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ جَمِيْعَهُمُ اتَّفَقُوا
(1)
ساقط من (ط).
علَى تَكْفِيْرِهِمْ، فَهُوَ مُعَارِضٌ بِقَوْلِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمْ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ لَا يَرَوْنَ تَكْفِيْرَهُمْ إِلَّا أَبَا حَامِدٍ
(1)
. فَبِمَ يَثْبُتُ التَّرْجِيْحُ
(2)
ثُمَّ إِنِ اتَّفَقَ الكُلُّ عَلَى تَكْفِيْرِهِمْ، فَلَيْسَ التَّخْلِيْدُ مِنْ لَوَازِمِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قدْ أَطْلَقَ التَّكفِيْرَ فِي مَوَاضِعَ لَا تَخْلِيْدَ فِيْهَا، وَذَكَرَ حَدِيْثَ
(3)
"سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوْقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ" وَغَيْرُهُ مِنَ الأَحَادِيْثِ، وَقَالَ: قَالَ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ
(4)
: اخْتَلَفَ القَائِلُوْنَ بِتَكْفِيْرِ القَائِلِ بِخَلْقِ القُرآنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُفْرٌ يَنْقُلُ عَنِ المِلَّةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُفْرٌ لَا يَنْقُلُ عَنِ المِلَّةِ، ثُمَّ إِنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ الَّذِي هُوَ مِنْ
(5)
أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى أَهْلِ البِدَعِ - قَدْ كَانَ يَقُوْلُ لِلْمُعْتَصِمِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَيرَى طَاعَةَ الخُلفَاءِ الدَّاعِيْنَ إِلَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَصَلَاةَ الجُمَعِ وَالأَعْيَادِ خَلْفَهُمْ وَلَوْ سَمِعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ مَنْ يَقُوْلُ هَذَا القَوْلَ، الَّذِي لَمْ يَرِدْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ: لأَنْكَرَهُ أَشَدَّ الإِنْكَارِ، فَقَدْ كَانَ يُنْكِرُ أَقَلَّ مِنْ هَذَا،
(1)
هُوَ الإِمَامُ الغَزَالِيُّ (ت: 505 هـ).
(2)
في (ط): "الترجح".
(3)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (13/ 22) فِي (الفِتَنِ) بَابُ "قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كفَّارًا"" وَفِي (الأَدَبِ) بَابُ "مَا يُنْهَى عَنِ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ". وَمُسْلِمٌ رقم (64) في (الإِيْمَانِ) بَابُ "قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوْقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ". وَالتِّرْمِذِيُّ رقم (2636) في (الإِيْمَانِ)، وَالنَّسَائِيُّ في المُجْتَبَى (7/ 122)، في (تَحْرِيْمِ الدَّمِ) من حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه". عن هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(4)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(5)
ساقط من (ط).
ثُمَّ إِنْ عَلِمْتُمْ أَنْتُمْ هَذَا، أَفَيَحِلُّ لِي وَلِمِثْلِي مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ صِحَّةَ هَذَا القَوْلِ أَنْ يَقُوْلَ بِهِ؟ وَهَلْ فَرَضَ الجَاهِل بِشَيءٍ إِلَّا السُّكُوْتُ عَنْهُ؟ فَأَنَا مَا أَنْكَرْتُ هَذَا إِلَّا عَلَى الجَاهِلِ بِهِ.
أَمَّا مَنْ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى الأَسْرَارِ، وَعَلِمَ مَا يَفْعَلُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَلِيَّتِهِ فَمَا أَنْكَرْتُ عَلَيْهِ. وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْمُرَنِي أَنْ أَقُوْلَ بِمَقَالَتِي مَعَ جَهْلِي بِمَا قَدْ عَلِمَهُ، لكِنْ إِذَا اعْتَقَدْتُمْ هَذَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْكُمْ آثَارُ العَمَلِ بِهِ فِي تَرْكِ مُصَادَقَتِهِمْ، وَمُوَادَّتِهمْ وَزِيَارَتِهِمْ، وَأَنْ لَا تَعْتَقِدُوا صِحَّةَ وِلَايَتِهِمْ، وَلَا قَبُوْلَ كِتَابِ حَاكِمٍ مِنْ حُكَّامِهِمْ، وَلَا مَنْ وَلَّاهُ أَحَدٌ مِنهُمْ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ أَنَّ قَاضِيْكُمْ إِنَّمَا وِلَايَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَحَدِ دُعَاتِهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ - بِسَعَادَتِكَ -: "أُنْظُرْ كَيْفَ تَتَلَافَى هَذِهِ الهَفْوَةَ، وَتُزِيْلُ تَكْدِيْرَ الصَّفْوَةِ" فَإِنْ قَنِع مِنِّي بِالسُّكُوْتِ فَهُوَ مَذْهَبِي وَسَبِيْلِي، وَعَلَيْهِ تَعْوِيْلِي. وَقَدْ ذَكَرْتُ عَلَيْهِ دَلِيْلِي، وإِنْ لَمْ يَرْضَ مِنِّي إِلَّا أَنْ أَقُولَ مَا لَا أَعْلَمُ، وَأَسْلُكَ السَّبِيْلَ الَّذِي غَيْرُهُ أَسَدُّ وَأَسْلَمُ، وَأَخْلَعَ عِذَارِي فِي سُلُوْكِ مَا فِيهِ عِثَارِي، وَيُسْخِطُ علَيَّ البَارِي، فَفِي هَذَا التَّلَافِي تَلَافِي، وَتَكْدِيْرِ صَافِي أَوْ صَافِي، لَا يَرْضَاهُ لِي الأَخُ المُصَافِي، وَلَا مَنْ يُرِيْدُ إِنْصَافِي، وَلَا مَنْ سَعَى فِي إِسْعَافِي، وَمَا أُتَابِعُهُ وَلَوْ أَنَّهُ بِشْرٌ الحَافِي. إِلَى أَنْ قَالَ: وَاعْلَمْ أَيُّهَا الأَخُ النَّاصِحُ أَنَّكَ قَادِمٌ عَلَى رَبِّكَ، وَمَسْئُولٌ عَنْ مَقَالَتِكَ هَذِهِ، فَانْظُرْ مَنِ السَّائِلَ، وَانْظُرْ مَا أَنْتَ لَهُ قَائِلٌ، فَأَعِدَّ لِلْمَسْأَلَةِ جَوَابًا، وَادَّرِعْ لِلاعْتِذَارِ جِلْبَابًا، وَلَا تَظُنُّ أَنَّهُ يَقْنَعُ مِنْكَ فِي الجَوَابِ بِتَقْلِيْدِ بَعْضِ الأَصْحَابِ، وَلَا يُخَلِّصُكَ الاِعْتِذَارُ بِأَنَّ
الأَصْحَابَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الكُفَّارِ، وَلَازِمٌ هَذَا الخُلُوْدِ فِي النَّارِ، فَإِنَّ هَذَا الكَلَامَ مَدْخُوْلٌ، وَجَوَابٌ غَيْرُ مَقْبُوْلٌ. إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَنْتُمْ إِنْ كُنْتُمْ أَظْهَرُكُمْ اللهُ علَى غَيْبِهِ، وَبَرَّأَكُمْ مِنَ الجَهْلِ وَعَيْبِهِ، وَأَطْلَعَكُمْ عَلَى مَا هُوَ صَانِعٌ بِخَلْقِهِ، فَنَحْنُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ، قَدْ قَنِعْنَا بِقَوْلِ نَبِيِّنَا عليه السلام، وَسُلُوْكِ سَبِيْلِهِ، وَلَمْ نَتَجَاسَرْ عَلَى أَنْ نَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ، فَلَا تَحْمِلُوا قُوَّتِكُمْ عَلَى ضَعْفِنَا، وَلَا عِلْمِكُمْ عَلَى جَهْلِنَا، وَهِيَ رِسَالَةٌ طَوِيْلَةٌ، لَخَّصَتْ مِنْهَا هَذَا القَدْرَ.
أَخَذَ العِلْمَ عَنِ الشَّيْخِ فَخْرِ الدِّيْنِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ وَلَدُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغَنِيِّ خَطِيْبُ "حَرَّانَ" وَابْنُ عَمِّهِ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّيْنِ عَبْدِ السَّلَامِ
(1)
، وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الأَئِمَّةِ وَالحُفَّاظِ، مِنْهُمْ ابْنُ نُقْطَةَ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَسِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَحْفُوظٍ الرَّسْعَنِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ حَمْدَانَ الفَقِيْهُ، وَالأَبْرَقُوْهِيُّ
(2)
.
وَلَهُ شِعْرٌ كَثِيْرٌ حَسَنٌ، قَرَأْتُ بِخَطِّ وَلَدِهِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الغَنِيِّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الوَالِدُ رحمه الله لِنَفْسِهِ:
(3)
أَتَتْ رِحْلَتِي وَأَتَانِي المَسِيْرُ
…
وَزَادِي مِنَ النُّسْكِ نَزْرٌ حَقِيْرُ
وَقَلْبِي عَلَى جَمَرَاتٍ الأَسَى
…
مِنَ الخَوْفِ مِنْ خَالِقِي مُسْتَطِيْرُ
وَكَمْ زَلَّةٍ قَدْ تَقَحَّمْتُهَا
…
فَدَمْعِي لَهَا وَعَلَيْهَا غَزِيْرُ
(1)
هو ابنُ أَخِيْهِ لَا ابنُ عَمهِ؟! فَهُوَ عَبْدُ السَّلَامِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الخَضِرِ، والمُتَرْجَمُ مُحَمَّدُ بنُ الخِضرِ.
(2)
نُسْخَتِي مِنْ مُعْجَمِ الأَبْرَقُوهِيِّ مَخْرُوْمَةُ الطَّرَفَيْنِ سَقَطَ مِنها أَغْلَبُ أَسْمَاء المُحَمَّدِيْن في أَوَّلها.
(3)
عَنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
مَضَى عُمُرِي وَانْقَضَتْ مُدَّتِي
…
وَلَمْ يَبْقَ مِنْ ذَاكَ إِلَّا اليَسِيْرُ
كَأَنِّي بِكُمْ حَامِلِيْنَ السَّرِيْرَ
…
بِشَخْصِي وَنَاهِيْكَ ذَاكَ السَّرِيْرُ
تُقِلُّوْنَهُ شَرْجَعًا
(1)
مُثْقَلًا
…
عُلُوْمًا لِجَنْبَيْهِ مِنْهَا صَرِيْرُ
إِلَى مَنْزِلٍ لَيْسَ فِي رَبْعِهِ
…
أَنِيسٌ لِسَاكِنِهِ أَوْ نَصِيْرُ
سِوَى عَمَلٍ صَالِحٍ بِالتُّقَى
…
فَنِعْمَ الأَنِيْسُ وَنِعْمَ الخَفِيْرُ
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ بِـ "بَغْدَادَ":
(2)
أَرَى خَلْوَتِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
…
تَؤُوْلُ إِلَى نَقْصٍ وَتُفْضِي إِلَى ضَعْفِ
وَمَا ذَاكَ مِنْ كَرِّ اللَّيَالِي وَمَرِّهَا
…
وَلكِنْ صُرُوْفُ الدَّهْرِ صَرْفًا علَى صَرْفِ
فِرَاقٌ وَهَجْرٌ وَاخْتِرَامُ مَنِيَّةٍ
…
وَكَيْدُ حَسُوْدٍ لِلْعَدَاوَةِ لَا يُخْفِي
وَدَاءٌ دَخِيْلٌ فِي الفُؤَادِ مُقَلْقِلُ الضُّـ
…
ــلُوْعِ يَجِلُّ الخَطْبُ فِيْهِ عَنِ الوَصْفِ
وَعِشْرَةُ أَبْنَاءِ الزَّمَانِ وَمَكُرُهمْ
…
وَوَاحِدَةٌ مِنْهَا لِهَدِّ القُوَى تَكْفِي
بُلِيْتُ بِهَا مُنْذُ ارْتَقَيْتُ ذُرَى العُلَى
…
كَمَا البَدْرِ فِي النُّقْصَانِ مِنْ لَيْلَةِ النِّصْفِ
وَمَا بَرِحَت تَتْرَى إِلَى أَنْ بَلِيْتُ مِنْ
…
تَضَاعِيْفِهَا ضَعْفًا يَزِيْدُ علَى ضَعْفِ
وَأَصْبَحْتُ شِبْهًا بِالِهلَالِ صَبِيْحَةَ الثَّـ
…
ــلَاثِيْنَ أَخْفَاهُ المُحَاقُ عَلَى الطَّرْفِ
تُوُفِّيَ رحمه الله يَوْمَ الخَمِيْسِ عَاشِرَ صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ". كَذَا ذَكَرَهُ وَلَدُهُ عَبْدُ الغَنِيِّ. وَقَالَ كَثِيْرٌ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ حَادِي عَشَرَ صَفَرٍ. وَقَرَأْتُ بِخَطِّ وَلَدِهِ: لَمَّا مَاتَ الوَالِدُ كَانَ فِي الصَّلَاةِ؛
(1)
الشَّرْجَعُ: السَّرِيْرُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ المَيِّتُ.
(2)
عِنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
لأَنِّي ذَكَّرْتُهُ بِصَلَاةِ العَصْرِ، وَأَخَذْتُهُ إِلَى صَدْرِي، فَكَبَّرَ وَجَعَلَ يُحَرِّكُ حَاجِبَهُ وَشَفَتَيْهِ بِالصَّلَاةِ حَتَّى شَخَصَ بَصَرُهُ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَقَدْ ذَكَرَ وَلَدُهُ لَهُ مَنَامَاتٌ صَالِحَةٌ رُئِيَتْ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَهِيَ كَثيْرَةٌ جِدًّا، جَمَعَهَا فِي "جُزْءٍ". مِنْهَا: أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى وَالِدَهُ الشَيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ جَالِسًا عَلَى تَخْتٍ عَالٍ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ جَمِيْلَةٌ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي مَا هَذَا؟ فَقَرَأَ:
(1)
{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} وَرَآهُ آخِرُ فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي. وَرَأَى غَيْرُ وَاحِدٍ فِي مَنَامِهِ جَمَاعَةٌ مَعَهُمْ سُيُوْفٌ وَسِلَاحٌ وَرِوَايَاتٌ، فَسَئَلُوا عنْ حَالِهِمْ، فَقَالُوا: السُّلْطَانُ يَرْكَبُ وَنَحْنُ فِي انْتِظَارِهِ، فَقِيْلَ لَهُمْ: مَنِ السُّلْطَانُ؟ قَالُوا: الشَّيخُ الفَخْرُ.
قَالَ: وَحَدَّثَتْنِي ابْنَةُ عَمِّ وَالِدِي - وَكَانَتْ صَالِحَةً - قَالَتْ: رَأَيْتُ بَعدَ مَوْتِ الشَّيْخِ فِي مَنَامِي، كَأَنَّنِي أَسْمَعُ صَوْتَ ضَجَّةٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَقُلْتُ لِمَنْ عِنْدِي: مَا هَذَا الصَّوْتُ وَالضَّجَّةُ؟ قَالَ: هَذَا ضَجِيْجُ المَلَائِكَةِ لأَجْلِ انْقِطَاعِ التَّفْسِيْرِ وَتَعَطُلِهِ بِالجَامِعِ بَعْدَ وَفَاةِ الشَّيْخِ، وَرَآهُ رَجُلٌ آخَرُ لَيْلَةَ وَفَاتِهِ، وَهُوَ عَلَى أَحْسَنِ حَالَةٍ
(2)
، فَقَالَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ مِتَّ؟ قَال: بَلَى، وَلكِنْ أَنَا إِنْ شَاءَ اللهُ فِي الأَحْيَاءِ. وَرَآهُ آخَرُ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ جَمِيْلَةٌ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا قَدْ مِتَّ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: مَاذَا لَقِيْتَ مِنْ رَبِّكَ؟ قَالَ: وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: كَمْ
(1)
سورة الإنسان، الآية:13.
(2)
الحَالُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالأكْثَرُ التَّذْكِيْرُ، وَمِنَ التَّأْنِيْثِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
* عَلَى حَالَةٍ لَوْ أَنَّ في القَوْمِ حَاتِمًا *
نَنْتَظِرُكَ؟ كَمْ نَنْتَظِرُكَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: أَنَا وَاللهِ مُشْتَاقٌ، أَنَا وَاللهِ مُشْتَاقٌ. قَالَ الرَّائِي: فَأَخَذَنِي شِبْهُ الطَّرَبِ. وَانْزَعَجَ مِنْ مَنَامِهِ حَتَّى عَلِمَتْ بِذلِكَ زَوْجَتُهُ. وَرَأَى رَجُلٌ بَعْضَ المَوْتَى، فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ، وَعَنْ أَقَارِبِهِ؟ فَقَالَ: اللَّيْلَةَ يَنْزِلُ الفَخْرُ عِنْدَهُمْ مِنْ عِنْدِ الحَقِّ، وَكُلُّ لَيْلَةِ جُمُعَةِ يَنْزِلُ إِلَيْهِمْ، وَيَجْتَمِعُوْنَ إِلَيْهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى هَذَا المَنَامِ مِرَارًا.
ورَأَى رَجُلٌ الشَّيْخَ الفَخْرَ فِي نَوْمِهِ، وَقَدْ صَعَدَ إِلَى مِنْبَرِ جَامِعِ "حَرَّانَ" وَمَعَهُ مُصْحَفٌ فَفَتَحَهُ وَوَقَفَ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوْقَهُ عَلَى المِنْبَرِ يَقْرَأُ مِنْ ذلِكَ المُصْحَفِ.
وَرَأَى آخَرُ الشَّيْخَ الفَخْرَ مَعَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُمَا يَتَسَايَرَانِ، وَكَانَ هَذَا الرَّائِي قَدْ رَأَى فِي حَيَاةِ الشَّيْخِ رَجُلًا منَ الصَّالِحِيْنَ يَقُوْلُ لَهُ فِي نَوْمِهِ: مُرَّ إِلَى الشَّيْخِ الفَخْرِ، وَخُذْ لَكَ مِنْهُ عَهْدًا أَنْ يَشْفَعَ فِيْكَ غَدًا، فَإِنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ الشَّفَاعَةَ فِي كَذَا وَكَذَا.
وَرَأَى آخَرُ الشَّيْخُ الفَخْرَ فِي المَنَامِ، وَيَدُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَى الفَخْرِ، وَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي مَنْ هَذَا الَّذِي يَدُهُ فِي يَدِكَ؟ فَقَالَ: هَذَا المُوَفَّقُ الدِّمَشْقِيُّ المَقْدِسِيُّ، فَقُلْتُ: وَإِلَى أَيْنَ تَرُوْحُوْنَ؟ قَالَ: نَرُوْحُ نُفْتِيْهِمْ فِي قَضِيَّةٍ. قَالَ: فَدَخَلُوا مَسْجِدًا، فَرَأَيْتُ فِيْهِ حَيَاةَ بْنَ قَيْسٍ
(1)
وَابْنَاهُ فِي غَرْبِيِّ المَسْجِدِ، وَالشَّيْخُ الفَخْرُ شَرْقِيَّ المِحْرَابِ، وَالشَّيْخُ المُوَفَّقُ غَرْبِيَّهُ، وَهُمَا فَوْقَ تَخْتٍ، وَعَلَيْهِمَا خُلْعَتَانِ مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهُمَا قَطُّ، وَبَيْنَ أَيْدِيْهِمَا
(1)
المُتوَفَّى سَنَةَ (581 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ عَلَى المُؤَلِّفِ. وَأَمَّا إِبْنَاهُ؛ فَأَعْرِفُ ابْنَهُ عُمَرَ بن حَيَاةٍ، ولَا أَعْرِفُ الآخَرَ.
شَيْءٌ مَطْرُوْحٌ، ثُمَّ قَامَ الشَّيْخُ الفَخْرُ يُفَرِّقُ مِنْهُ عَلَى الحَاضِرِيْنَ، كَمَا يُفْعَلُ فِي المِلَاكِ، قَالَ الرَّائِي: فَقُلْتُ لِلْشَّيْخِ الفَخْرِ: يَا سَيِّدِي أَخْبِرْنِي المَوْتُ كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: وَاللهِ المَوْتُ وَقْتَ حُضُوْرِهِ صَعْبٌ شَدِيْدٌ، وَبَعْدَ المَوْتِ كُلُّهُ هَيِّنٌ، ثُمَّ قَالَ لِي: الصَّلَاةُ يَا عَبْدَ اللهِ، مَا شَيءٌ أَفْضَلُ مِنْهَا، فَمَنْ وَاظَبَ عَلَيْهَا وَحَافَظَ عَلَى السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ مَا يَلْقَى إِلَّا الخَيْرَ الكَثِيْرَ.
وَرَأَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وبَيْنَ يَدَيْهِ جِبْرِيْلُ، وَهُمَا جَالِسَانِ فِي مَوْضِعٍ بِـ "حَرَّانَ" فَسَأَلَ الرَّائِي رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا سَبَبُ حُضُوْرِكُمْ فِي هَذَا المَوْضِعِ؟ فَمَدَّ يَدَهُ وَأَشَارَ إِلَى نَحْوِ بَابِ دَارِ الشَّيْخِ الفَخْرِ، وَقَالَ: الفَخْرُ قَدْ مَاتَ. قَالَ: فَمَاتَ الشَّيْخُ الفَخْرُ فِي الجُمُعَةِ الأُخرَى.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ سَمَّاهُ - وَكَانَ فِيْهِ دِيْنٌ وَصَلَاحٌ - قَاَلَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ قَائِلًا يَقُوْلُ: الشَّيْخُ الفَخْرُ كَانَ صَادِقًا مَعَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: الشَّيْخُ الفَخْرُ كَانَ مِنَ الصِّدِّيْقِينَ، قَالَ: وَبعْدُ رَأَيْتُ كَأَنِّي دَخَلْتُ إِلَى الجَامِعِ، فَإِذَا الشَّيْخُ عَلَى الكُرْسِيِّ يتَكَلَّمُ، وَهُوَ يُرَدِّدُ هَذِهِ الأَبْيَاتِ:
(1)
طُوبَى لِعَبْدٍ أَحَبَّ مَوْلَاهُ
…
إِذَا خَلَا فِي الظَّلَامِ نَاجَاهُ
قَدْ كَشَفَ الحُجْبَ عَنْ بَوَاطِنِهِ
…
فَنُوْرُ مَوْلَاهُ قَدْ تَغَشَّاهُ
يَقُوْلُ يَا غَايَتِي وَيَا أَمَلِي
…
مَا خَابَ عَبْدٌ تَكُوْنُ مَوْلَاهُ
وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ فِي مَجَالِسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ يُرَدِّدُهَا كَثِيْرًا فِي كَلَامِهِ فِي الوَعْظِ، قَالَ: فَطَرِبْتُ لِسَمَاعِ صَوْتِهِ فِي المَنَامِ.
(1)
عَنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحمَد".
قَالَ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ - سَمَّاهُ - عَنْ زَوْجَتِهِ: أَنَّهَا رَأَتْ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ فِي المَنَامِ كَأَنَّهَا فِي مَوْضِعٍ فِيْهِ رِيَاضٌ وَخُضْرَةٌ، وَقَوْمٌ يَبْنُوْنَ فِيْهِ قَصْرًا عَالِيًا، وَبِقُرْبِهِ دُوْلَابٌ يَدُوْرُ، وَامْرَأَتَانِ قَائِمَتَانِ بِقُرْبِ القَصْرِ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ: فَفَهِمْتُ أَنَّهُمَا مِنَ الحُوْرِ العِيْنِ، فَسَأَلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ الَّذِي يُبْنَى؟ فَقِيْلَ لَهَا: لِلْفَخْرِ الفَقِيْهِ، قَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُ لَهُ بَابًا مَفْتُوْحًا، ثُمَّ رَأَيْتُ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ قَبْلَ وَفَاةِ الشَّيْخِ بِشَهْرٍ ذلِكَ القَصْرِ قَدْ فُتِحَ لَهُ بَابٌ، وَالحُوْرِيَّتَانِ عِنْدَ بَابِهِ. فَقَالَتْ: مَنْ يُرِيْدُ يَجِيءُ إِلَى هَذَا القَصْرِ؟ قَالُوا: الفَخْرُ صَاحِبُهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ - وَذَكَرَ عَنْهُ دِيْنًا وَخَيْرًا - قَالَ: رَأَيْتُ الشَّيْخَ وَكَأَنَّهُ فِي مَسْجِدِهِ مُسْتَنِدًا إِلَى رُكْنِ مِحْرَابِهِ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُوْنَ فِي عَقْدِ خَتْمَةٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ قُلْتُ لِلْشَّيْخِ: بِاللهِ يَا سَيِّدِي، هَلْ رَأَيْتَ اللهَ؟ قَالَ: إِيْ وَاللهِ. فَقُلْتُ لَهُ: فَنَحْنُ أَيْشٍ تَقُوْلُ فِيْنَا؟ قَالَ: أَنْتُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو الحَسَنِ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ البَقَّشِ النَّجَّارِ
(1)
- وَكَانَ يُلَازِمُ الشَّيْخَ لِسَمَاعِ الحَدِيْثِ - قَالَ: رَأَيْتُ الشَّيْخَ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي المَنَامِ عَلَى كُرْسِيٍّ يَعِظُ، وَتَحْتَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ كَثِيْرٌ، فَسَمِعْتُهُ يُنْشِدُ
(2)
:
تَجَلَّى الحَبِيْبُ لِأَحْبَابِهِ
…
فَطُوْبَى لِمَنْ كَانَ يُعْنَى بِهِ
فَلَمَّا تَجَلَّى لَهُمْ كَبَّرُوا
…
وَخَرُّوا سُجُودًا عَلَى بَابِهِ
(1)
لَمْ أَقِفُ عَلَى تَرْجَمَتِهِ.
(2)
عَنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
وَالمَنَامَاتُ الصَّالِحَةُ لَهُ كَثِيْرَةٌ، رحمه الله.
وَذَكَرَ المُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى "تَيْمِيَّةَ" فَذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ حَجَّ عَلَى دَرْبِ "تَيْمَاءَ"
(1)
فَرَأَى هُنَاكَ جُوَيْرِيَةً قَدْ خَرَجَتْ مِنْ خِبَائِهَا، فَلَمَّا رَجَعَ وَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ وَضَعَتْ جَارِيَةً فَلَمَّا رَآهَا قَالَ: يَا تَيْمِيَّةُ، كَأَنَّهُ يُشْبِهُهَا بِتِلْكَ الجُوَيْرِيَّةِ، فَلُقِّبَتْ بِذلِكَ. قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: ذَكَرَ لَنَا أَنَّ جَدَّهُ مُحَمَّدًا كَانَتْ أُمُّهُ تُسَمَّى تَيْمِيَّةَ، وَكَانَتْ وَاعِظَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ (أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبي القَاسِمِ بْنِ تَيْمِيَّةَ الخَطِيْبُ.
(ح) قَالَ الأنْصَارِيُّ (أَنَا) إِبْرَاهِيْمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ المَقْدِسِيُّ - حُضُوْرًا - (أَنَا) الإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ قَالَا: (أَنَا) أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ البَطِّيِّ (أَنَا) أَبُو الخَطَّابِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بنِ البَطِّيِّ.
(ح) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ: وَأَنْبَأْنَاهُ عَالِيًا خَطِيْبُ المَوْصِلِ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القَاهِرِ - إِجَازَةً - (أَنَا) بْنُ البَطِّيِّ، (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا البَيِّعُّ، (ثَنَا) الحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ (ثَنَا) العَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، (ثَنَا) يَحْيَى بْنُ إِسْحَقَ (ثَنَا) حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الخَطْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
(1)
مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 78).
ابْنِ يَزِيْدَ الخَطْمِيِّ قَالَ
(1)
"كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا وَدَّعَ الجَيْشَ قَالَ: أسْتَوْدِعُ اللهَ دِيْنَكُمْ وَأمَانَتَكُمْ وَخَوَاتِيْمَ أعْمَالِكُمْ".
305 - عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الزَّيْتُونِيُّ البَوازِيْجِيُّ،
(2)
أَبُو مُحَمَّدٍ،
(3)
هَكَذَا نَسَبَهُ ابْنُ السَّاعِي وَغَيْرُهُ. وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الفَرَجِ الزَّيْتُوْنِيُّ البَوَازِيْجِيُّ. سَمِعَ مِنَ الحَافِظِ مَعْمَرُ بْنُ الفَاخِرِ، وَيَحْيَى بْنُ ثَابِتِ
(4)
بْنِ بُنْدَارٍ، وَأَبِي عَلِيِّ بنِ الرَّحْبِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَحَدَّثَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ فِي ذِكْرِ "شُيُوْخِهِ بِالإِجَازَةِ": عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الزَّيْتُوْنِيُّ البَوَازِيْجِيُّ، سَمِعَ "مَشْيَخَةِ شُهْدَةَ" عَلَيْهَا، وَكَذَا وَجَدْتُ اسْمَهُ فِي طَبَقَةِ سَمَاعِهِ "جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ" عَلَى ابْنِ كُلَيْبٍ.
(1)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ رَقُم (2601) فِي (الجِهَادِ) بَابٌ "فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الوَدَاعِ"، وَابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (161) مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْن يَزِيْدَ الأَنْصَارِيِّ الخَطْمِيِّ رضي الله عنه وَإِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
فِي (ط): "البَوَازيحي" بِالحَاءِ المُهْمَلَة فِي المَوَاضِعِ كُلِّهَا، وَهُوَ خَطَأٌ ظَاهِرٌ؛ لأنَّ الرَّجُلَ مَنْسُوبٌ إِلَى "البَوَازِيْجِ" بَعْدَ الزَّايْ يَاءٌ سَاكِنَةٌ وَجِيمٌ، بَلَدٌ قُرْبَ "تَكْرِيْتَ". . . يُقَالُ لَهَا:"بَوَازِيْجَ المَلِكِ" مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 596).
(3)
305 - أَبُو مُحَمَّدٍ البَوَازِيْجِيُّ: (؟ - 622 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 61)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 20) وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 177)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 353). وَيُرَاجِعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 142)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (112)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 111)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 103)(7/ 181).
(4)
في (ط): "نَابِت" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ السَّاعِي: كَانَ مُقِيْمًا بِرِبَاطِ مَحْمُوْدٍ النَّعَّالِ، شَيْخٌ، خَيِّرٌ، مُسِنٌّ، صَالِحٌ، صَاحِبُ سَنَدٍ
(1)
وَرِوَايَةٍ، أَنْشَدَنِي مِنْ حِفْظِهِ:
ضَيِّقِ العُذْرَ فِي الضَّرَاعَةِ أَنَّا
…
لَوْ قَنِعْنَا بِقَسْمِنَا لَكَفَانَا
مَا لَنَا نَعْبُدُ العِبَادَ إِذَا كَا
…
نَ إِلَى اللهِ فَقْرُنَا وَغِنَانَا
وَذَكَرَ الحَافِظُ عُمَرُ بْنُ الحَاجِبِ، فِي "مُعْجَمِهِ" فِي تَرْجَمَةِ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ الصَّرِيْفِيْنِيِّ
(2)
، مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ تَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ البَوَازِيْجِيِّ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ النَّاصِحِ ابْنِ الحَنْبَلِيِّ: السَّيِّدُ البَوَازِيْجِيُّ، كَانَ دَخَلَ "بَغْدَادَ" قَبْلَ قُدُوْمِي إِلَيْهَا بِسَنَتَيْنِ. وَسَمِعَ دَرْسَ الشَّيْخِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَصَحِبَهُ، وَخَدَمَهُ وَكَانَ بِـ "بَغْدَادَ" مُدَّةَ مَقَامِي بِـ "بَغْدَادَ" وَسَافَرَ إِلَى "البَوَازِيْجِ" ثُمَّ عَادَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَكَانَ يُخِلُّ بِعَيْنِهِ، وَلَا يُخِلُّ بِدَيْنِهِ
(3)
.
قُلْتُ: غَالِبُ ظَنِّي: أَنَّهُ
(4)
هَذَا.
(1)
في (ط): "سُنَّةٍ" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ.
(2)
الصَّرِيْفِينِيُّ الَّذِي مِنَ الأصْحَابِ هُوَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ (ت: 641 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، لَكِنَّهُ "أَبُو إِسْحَقَ" لَا "أَبُو القَاسِمِ" ولَا شَكَّ أَنَّهُ هُوَ المَقْصُوْدُ لَا غَيْرُهُ؛ وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ تَفَقَّهَ عَلَى البَوَازِيْجِيِّ هَذَا، وَنَقَلَ فِي أَخْبَارِهِ عَنْ "مُعْجَمِ ابنِ الحَاجِبِ".
(3)
لم يَذْكُرْهُ صَلَاحُ الدِّيْنِ الصَّفَدِيُّ فِي كِتَابِهِ "الشُعُوْرِ بالعُوْرِ" ولَا اسْتَدْرَكَهُ مُحَقِّقُهُ الدُّكتور عَبْد الرَّزَّاقِ مَعَ مَا اسْتَدْرَكَ عَلَى الكِتَاب؟!
(4)
في (أ): "أَنَّ".
تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ البَوَازِيْحِيُّ يَوْمَ الجُمْعَةِ غُرَّةَ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ الحَلْبَةِ"
(1)
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
306 - مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ
(2)
بْنِ مَكِّيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ وَرْخِزٍ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ المُعَدَّلُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
- وَفِي "تَارِيْخِ ابْنِ السَّاعِي" أَبُو نَصْرٍ - بْنِ أَبي الحَسَنِ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَالِدِهِ
(3)
. تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَأَفْتَى، وَنَاظَرَ، وَأَعَادَ الدَّرْسَ لأُسْتَاذِ الدَّارِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَشَهِدَ عِنْدَ الزِّنْجَانِيِّ، وَرُتِّبَ مُشْرِفًا عَلَى وُكَلَاءِ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ. وَكَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، خَيِّرًا، دَيِّنًا، ثِقَةً، خَبِيْرًا بِالمَذْهَبِ، ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ السَّاعِي، وَقَالَ: أَنْشَدَنِي المُعَدَّلُ مُحَمَّدُ بْنُ وَرْخِزٍ، أَنْشَدَنِي أَبُو الفَضْلِ الأَشْعَرِيُّ
(4)
العَبَرْتِيُّ النَّحْوِيُّ:
(1)
في (ط): "الحيله".
(2)
306 - أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ وَرْخَزٍ (؟ - 622 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 61)، وَالمَقْصِدِ الأَرْشَدِ (2/ 477)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 177) وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 353)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 103)(7/ 181).
(3)
في وَفَيَاتِ سَنَةِ (588 هـ). وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أُسْرَتُهُ "آلَ وَرْخِزٍ" في الهَامِشِ.
440 -
وَأَخُوْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ في مُعْجَمِ الدِّمْيَاطِيِّ (1/ ورقة: 252) وَلَمْ يَذْكُر وَفَاتَهُ.
(4)
كَذَا فِي الأُصُولِ كُلِّهَا: "الأَشْعَرِي" وَلَعَلَّهَا مُحَرَّفَةٌ عَنْ "الأَسْعَدُ بْن" فَيَكُوْنُ: الأَسْعَدَ بْنَ العَبَرْتِيِّ النَّحْوِيَّ الأَدِيْبَ (ت: 589 هـ) وَهُوَ نَحْوِيٌّ بَغْدَادِيٌّ مِنْ أَهْلِ "بَابِ الأَزَجِ" مَحِلَّةِ الحَنَابِلَةِ، أَخَذَ النَّحْوَ عَنِ ابْنِ الخَشَّابِ، وَشَرَحَ كِتَاب "اللُّمَعِ" فِي عِلْمِ العَرَبِيَّةِ لابنِ جَنِّي عِنْدِي مِنْهُ نُسْخَةٌ مُخْتَصرٌ قَلِيْلُ الفَائِدَةِ، وَهُوَ أَدِيْبٌ، شَاعِرٌ، رَوَى ابْنُ الدُّبَيْثِي عَنْ =
يَجْمَعُ المَرْءُ ثُمَّ يَتْرُكَ مَا يَجْـ
…
ـــمَعُ
(1)
مِنْ كَسْبِهِ لِغَيرِ شَكُوْرِ
لَيْسَ يَحْظَى إِلَّا بِذِكْرٍ جَمِيْلٍ
…
أَوْ بِعِلْمٍ مِنْ بَعْدِهِ مَأْثُوْرِ
تُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ العِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
307 - أَحْمَدُ بنُ أَبِي المَكَارِمِ
(2)
بْنِ شُكْرِ بْنِ نِعْمَةَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ حَسَنٍ بنِ قُدَامَةَ بْنِ أَيُّوْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ، المَقْدِسِيُّ، الخَطِيْبُ، أَبُو العَبَّاسِ، خَطِيْبُ قَرْيَةِ "مَرْدَا" مِنْ عَمَ
لِ "نَابُلُسَ".
قَالَ الحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ - وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ - سَافَرَ إِلَى "بَغْدَادَ" فِي طَلَبِ العِلْمِ وَاشْتَغَلَ، وَحَصَّلَ فِي مُدَّةٍ يَسِيْرَةٍ مَا لَمْ يُحَصِّلْ غَيْرُهُ فِي مُدَّةٍ طَوِيْلَةٍ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَاتِيْلٍ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ بِقَرْيَةِ "مَرْدَا"،
= أَبِي القَاسِمِ هِبَةِ اللهِ بْنِ الحَسَنِ عَن العَبَرْتِيِّ مِنْ شِعْرِهِ. وَسَيَأْتِي في تَرْجَمَةِ هِبَةِ اللهِ الأشْقَرِ (ت: 634 هـ) قَوْلُ المُؤَلِّفِ هُنَاكَ: "وَحَدَّثَ عَنِ الأسْعَدِ العِبَرْتِي النَّحْوِيِّ بِأَبْيَاتٍ" وَفِيْهِ مَا يُرَجِّحُ مَا قُلْنَاهُ هُنَا، واللهُ أَعْلَمُ.
(1)
في (ط): "جمع".
(2)
307 - أَبُو العَبَّاسِ بْنُ أَبِي المَكَارِمِ المَقْدِسِيُّ (؟ - 622 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَر الذَّيْل عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةَ لابن نَصْرِ اللهِ (وَرَقة: 61)، والمَقْصَدِ الأَرْشَد (1/ 189)، وَالمَنْهَج الأَحْمَدِ (4/ 178)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 353). وَيُرَاجِعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 159)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (96)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 99)(7/ 175).
وَبِجَبَلِ "قَاسِيُونَ". وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الإِمَامَ عِمَادَ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ - غَيْرَ مَرَّةٍ - يَغْبِطُهُ بِما هُوَ عَلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الخَيْرِ، فَإِنَّهُ يَقُوْمُ بِمَصَالِحِ عَدِيْدَةٍ، مِنْهَا: إِقْرَاءُ القُرآنِ، وَالقِيَامُ بِالخَطَابَةِ وَالإِمَامَةِ، وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ المَسْجِدُ مِنْ سُرُجٍ وَغَيْرِ ذلِكَ، وَافْتِقَادُ الغُرَبَاءِ الوَارِدِيْنَ بِمَا يُصْلِحُهُمْ، وَلَا يَتَنَاوَلُ مِنْ وَقْفِ المَسْجِدِ شَيْئًا، كَمَا بَلَغَنِي. ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ كَرَامَاتٍ مِنْ تَكْثِيْرِ الطَّعَامِ فِي وَقْتِ احْتِيْجَ فِيْهِ إِلَى تَكْثِيْرِهِ، وَمِنَ المُعَافَاةِ مِنَ الصَّرَعِ بِمَا كَتَبَهُ. قَالَ المُنْذِرِيُّ: تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "مَرْدَا" رحمه الله.
308 - أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ،
(1)
المَوْصِلِيُّ الفَقِيْهُ الزَّاهِدُ، أَبُو العَبَّاسِ، المَعْرُوفُ بِـ "الوَتَّارَةِ"، وَيُقَالُ:"ابْنُ الوتَّارَةِ" وَسَمِّى ابْنُ السَّاعِي جَدَّهُ مُحَمَّدًا.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: سَمِعَ - عَلَى عُلُوِّ سِنِّهِ - مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ.
وَقَالَ النَّاصِحُ ابْنُ الحَنْبَلِيِّ: كَانَ يَعْرِفُ أَكثَرَ مَسَائِلَ "الهِدَايَةِ" لأَبِي الخَطَّابِ، وَيَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ، وَلِبَاسُهُ الثَّوْبُ الخَامُ، وَانْتَفَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَصَارَ لَهُ حُرْمَةٌ قَوِيَّةٌ بِـ "المَوْصِلِ"، وَاحْتِرَامٌ مِنْ جَانِبِ صَاحِبِهَا وَمَنْ بَعْدَهُ.
(1)
308 - ابْنُ الوَتَّارَة المَوْصِلِيُّ (؟ - 622 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 61)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 145)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 179)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 354). وَيُرَاجِعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 163)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 99)(7/ 185). وَهُوَ مُتَرْجَمٌ في "تَارِيْخِ ابنِ الفُرَاتِ".
قَالَ ابنُ السَّاعِي: شَيْخٌ، صَالِحٌ، كَثِيْرُ العِبَادَةِ، يُعْتَقَدُ فِيْهِ، وَيُتَبَرَّكُ بِهِ، أَمَّارًا بِالمَعْرُوْفِ، نَهَّاءً عَنِ المُنْكَرِ، بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِـ "المَوْصِلِ" فِي يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ رَابِعَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ.
وَقَالَ النَّاصِحُ وَالمُنْذِرِيُّ: تُوُفِّيَ فِي رَابِعَ عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ. وَقَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ، وَهُوَ وَهْمٌ.
309 - يَعِيْشُ بْنُ رَيْحَانَ
(1)
بْنِ مَالِكٍ،
كَذَا نَسَبَهُ الدُّبَيْثِيُّ وَغيْرُهُ، وَوَجَدْتُ بِخَطِّهِ: يَعِيْشُ بْنُ رَيْحَانَ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يَعِيْشُ بْنُ مَالِكِ بْنِ رَيْحَانَ. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَبِي الجَيْشِ: يَعِيْشُ بْنُ مَالِكِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ رَيْحَانَ، الأَنْبَارِيُّ، ثُمَّ البَغْدادِيُّ، الفَقِيْهُ الزَّاهِدُ، أَبُو المَكَارِمِ - وَيُقَالُ: أَبُو البَقَاءِ - وَالأَوَّلُ: أَشْهَرُ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الحَسَنِ بْنِ الدَّجَاجِيِّ كَثِيْرًا مِنَ الحَدِيْثِ وَمِنْ كُتُبِ المَذْهَبِ، وَرَوَاهَا عَنْهُ، كَـ "الهِدَايَةِ" لأَبِي الخَطَّابِ، وَ"الاِنْتِصَارِ"
(2)
لابْنِ عَقِيْلٍ.
وَسَمِعَ مِنْ صَدَقَةَ بْنِ الحُسَيْنِ أَيْضًا، وَمِنْ أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، وَعَبْدِ الحَقِّ
(1)
309 - يَعِيْشُ بن رَيْحَانَ (541 - 622 هـ):
أخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَةَ: 62)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 126)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 179)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 354). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 163)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 255)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (140)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 106)(7/ 175).
(2)
اسْمُهُ كَامِلًا: "الانْتِصَارُ لأَهْلِ الحَدِيْثِ" تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الوَفَاءِ بنِ عَقِيْلٍ (ت: 513 هـ)(1/ 345).
اليُوْسُفِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الرَّبِيع الغَرْنَاطِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ نَاصِرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حُسَيْنٍ الخُوَيِّيِّ
(1)
وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ مَوْصُوفًا بِالعِلْمِ وَالصَّلَاحِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: كَانَ مِنْ فُضَلَاءِ الفُقَهَاءِ، مُتَدَيِّنًا، مُعْتَزِلًا عَنِ النَّاسِ. وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ. وَحَدَّثَ.
وَذَكَرَ ابْنُ حَمْدَانَ الفَقِيْهُ: أَنَّ أَبَا الفَضْلِ حَامِدَ بْنَ أَبِي الحَجَرِ لَمَّا وَلَّاهُ السُّلْطَانُ نُوْرُ الدِّيْنِ التَّدْرِيْسَ وَالخِطَابَةَ بِـ "حَرَّانَ"، كَتَبَ إِلَيْهِ يَعِيْشَ هَذَا مِنْ "بَغْدَادَ" أَبْيَاتًا، وَهِيَ:
ظَعَنَ الَّذِيْنَ عَهِدْتَهُمْ
…
وَلَتظْعَنَنَّ كَمَنْ ظَعَنْ
يَا غَاسِلَنَّ ثِيَابَهُ
…
اغْسِلْ هَوَاكَ مِنَ الدَّرَنْ
مَا صَحَّ ظَاهِرُ مُبْطِنٍ
…
حَتَّى يُصَحِّحُ مَا بَطَنْ
وَلَرُبَّمَا احْتَلَبَتْ يَدَا
…
كَ دَمًا وَتَحْسَبُهُ لَبَنْ
وَكَانَ ابْنُ أَبِي الحَجَرِ يَتَوَسْوَسُ فِي طَهَارَتِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ كَثِيْرًا.
رَوَى عَنْهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَيَحْيَى بْنُ الصَّيْرِفِيِّ الفَقِيْهُ، وَأَجَازَ لِعَبْدِ الصَّمَدِ
(1)
فِي (ط): "الخُوْرِي". وَإِنَّمَا هُو "الخُوَيِّي" مَنْسُوْبٌ إِلَى "خُوَيّ" قَالَ يَاقُوْتٌ فِي "مُعْجَمِ البُلْدَانِ"(2/ 467): "بَلَدٌ مَشْهُوْرٌ مِنْ أَعْمَالِ أَذْرَبِيْجَانَ وَحِصْنٌ كَثِيْر الخَيْرِ وَالفَوَاكِهِ. . ." وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَةِ أَبي مُحَمَّدٍ المَذْكُوْرِ هُنَا وَيُوَافِقُ التَّصْحِيْحِ عَنِ الأُصُوْلِ مَا جَاءَ فِي مَصْدَرِ المُؤَلِّفِ "التَّكْمِلَةِ" لِلْمُنْذِرِيِّ (3/ 164).
ابْنِ أَبِي الجَيْشِ
(1)
.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الخَمِيْسِ خَامِسَ عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، كَذَا قَالَ المُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ السَّاعِي: أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الخَمِيْسِ، وَقَالَ: وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "جَامِعِ المَنْصُورِ".
310 - عمْرُو بنُ رَافِعِ
(2)
بْنِ عَلْوَان الزُّرَعِيُّ،
ذَكَرَهُ نَاصِحُ الدِّيْنِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ. قَالَ: قَدِمَ مِنْ "زُرَعَ"
(3)
فِي عَشْرِ السِّتِّيْنِ - يَعْنِي وَالخَمْسِمَائَةَ - وَهُوَ
(1)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "رَوَى عنْه الدُّبَيثِيُّ، وَالضِّيَاءُ، وَالكَمَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ شَيْخُ المُسْتَنْصِرِيَّةِ وَآخَرُونَ".
(2)
310 - عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ (؟ - 622 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 62)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 309) وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 180)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 354). وَيُرَاجِعُ: الشَّذَرَاتُ (5/ 103)(7/ 181).
(3)
في (ط): "قَدم ابن زرع" وَ"زُرَعُ" بَلْدَةٌ مِنْ عَمَلِ "حَوْرَانَ" كَانَتْ تُسَمَّى "زَرَّا" كَذَا فِي مُعْجَمِ البُلدَانِ (3/ 151)، يُنْسَبُ إِلَيْهَا جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الحَنَابِلَةِ سَيَأْتِي بَعْضُهُمْ في الأَصْلِ، وَبَعْضُهُمْ فِي الاِسْتِدْرَاكِ فِي مُقَدِّمَةِ هَؤُلَاءِ الإِمَامُ العَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المَعْرُوْفِ بِـ "ابْنِ قَيِّمِ الجَوْزِيَّةِ" (ت: 751 هـ).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَة (622 هـ):
441 -
إِبْرَاهِيْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ أبِي يَاسِرٍ، أَبُو إِسْحَقَ القَطُفْتِيُّ، المَوَاقِيْتِيُّ، الخَيَّاطُ، الأَزَجِيُّ، مِنْ أَهْلِ "قَطِيْعَةِ العَجَمِ" بِـ "بَابِ الأَزَجِ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (193)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 156)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (97)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالمُخْتَصَر المُحْتَاج إِلَيْهِ (1/ 231) وَالعِبَر (5/ 89)، والشَّذَرات (5/ 99).
442 -
وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ القَادِرِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ القَطُفْتِيُّ، وَالِدُ الشَّيْخِ الإِمَامِ العَلَّامَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ (ت: 676 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ أَحْمَدَ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 155)، وَتَارِيخِ الإِسْلَامِ (93).
443 -
وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ حَسَنٍ، أَبُو العَبَّاسِ المَرْدَاوِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَاريْخِ الإِسْلَامِ (95) قَالَ:"هَاجَرَ منْ "مَرْدَا" إِلَى "دِمَشْقَ" بِأَوْلَادِهِ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي المَعَالِي بْنِ صَابِرٍ، وَغَيْرِهِ، وَنَقَلَ عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ قَوْلَهُ: كَانَ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الأَمَانَةِ وَالخَيْرِ، وَالمُرُوْءَةِ والدِّيْنِ وَالعَقْلِ، وَالصَّلَاحِ، تَوَلَّى عِمَارَةَ الجَامِعِ بِـ "الجَبَلِ" فَأَحْسَنَ فِيْهَا" وَهُوَ فِي المَقْصَدِ الأَرشَد (1/ 210).
444 -
وَسَعَادَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الجِيْلِيُّ، ذَكَرَهَا الحَافِظُ المُنْذِرِيِّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 150)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (3/ 150)، وَوَالِدُهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ (ت: 603 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَجَدُّهَا الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ (ت: 561 هـ)، الإِمَامُ المَشْهُوْرُ.
445 -
وَعَبْدُ الحَقِّ بْنُ الحَسَنِ بْنِ سَعْدِ اللهِ بْنِ نَصْرٍ الدَّجَاجِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ جَدَّهُ سَعْدَ اللهِ (ت: 564 هـ)، وَعَمَّهُ مُحَمَّدًا (ت: 601 هـ) فِي مَوْضعَيْهِمَا. وَعَبْدُ الحَقِّ ذَكَرَهُ ابْنُ المُسْتَوفي فِي تَارِيْخِ إِرْبِلَ (1/ 284) فَقَالَ: "هُوَ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الحَقِّ
…
مِنْ بَنِي الدَّجَّاجِيِّ الحَنَابِلَةِ" وَأَوْرَدَ لَهُ قَصِيْدَتَيْنِ مِنْ شِعْرِهِ ثُمَّ قَالَ: "حَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ عَلَى جَدِّهِ أَبِي الحَسَنِ سَعْدِ اللهِ عِدَّةَ كُتُبٍ، عَنْ أَبِي الخَطَّابِ الكَلْوَذَانِيِّ". أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 152)، وَتَارِيخِ الإِسْلَامِ (113)، وَالمُشْتَبَهِ (1/ 335)، وَالتَّوْضِيْحِ (3/ 498)، وَمَعَ أَنَّهُ شَاعِرٌ لَمْ يُوْرِدْهُ ابْنُ الشِّعَارِ فِي "عُقُوْدِ الجُمَّانِ" مَعَ أَنَّهُ حَرِيْصٌ عَلَى إِيْرَادِ شُعَرَاءِ العِرَاقِ وَخَاصَّةً أَهْل "المَوْصِلِ" وَ"إِرْبِلَ" وَالوَارِدَيْنَ عَلَيْهِمَا؟!
446 -
وَعَبْدُ الحَقِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْن جَامِعِ بْن غَنِيْمَةَ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، البَنَّاءُ المَيْدَانِيُّ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 144)، وَوَالِده عَبْدُ الرَّحْمَنِ (ت: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 582 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
447 -
وَعَبْدُ الخَالِقِ بْنُ أَبِي الفَضْلِ بْنِ أَبِي المَعَالِي المُحَوَّليُّ المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ غَرِيْبَةَ" ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 148)، وَالحَافِظُ ابْنُ نُقّطَةَ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (4/ 142) قَالَ:"وَكَانَ يَسْكُنُ "المُحَوَّلَ" سَمِعْتُ مِنْهُ بِـ "بَغْدَادَ" أَحَادِيْثَ
…
وَسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ" وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله قَرِيْبُهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي المَعالِي (ت: 578) فِي مَوْضِعِهِ، وَلَعَل هَذَا حَفِيْدُهُ. وَيُرَاجَعُ: المُشْتَبَهُ (2/ 457)، وَالتَّوْضِيْحُ (6/ 255)، وَالتَّبْصِيْرُ (3/ 945).
448 -
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أحْمَدَ بْنِ المُبَارَكِ المُرَقَّعَاتِيُّ. ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (1523)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (115)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ. وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ أَحْمَدُ بْنُ المُبَارَكِ (ت: 570 هـ).
449 -
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ النَّفيْسِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ وَهْبَانَ السُّلَمِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (116)، وَالصَّفَدِيُّ فِي الوَافِي بِالوفَيَاتِ (18/ 564)، وَقَالَ:"يُعْرَفُ بِـ "شَمْسِ العَرَبِ" الشَّاعِرُ، المُحدِّثُ، نَزِيْلُ "دِمَشْقَ" أَخُو عَبْدِ الرَّحِيْمِ" وَذَكَرَهُ ابْنُ الشَّعَّارِ فِي عُقُودِ الجُمَانِ (3/ 358)، وَقَالَ:"كَانَ يُعَانِي نَوْعَ الأَدَبِ، وَيُعَاطِي نَظْمَ الشِّعْرِ، وَكَانَ لَطِيْفًا، مَطْبُوعًا، ذَا فَضْلٍ وَأَدَبٍ، وَمُرُوْءَةٍ، وَسَمَاحَةٍ. . ." وَأَوْرَدَ نَمَاذِجَ جَيِّدَةٍ مِنْ شِعْرِهِ، مِنْهُ:
هَاجَ وَجْدِي عِنْدَ تَغْرِيْدِ الحَمَامِ
…
فَصَبَا قَلْبِي إِلَى دَارِ السَّلَامِ
بَلْدَةٌ جَانَبْتُهَا لَا عَنْ قِلًى
…
وَإِلَيْهَا جَذَبَ الشَّوْقُ زِمَامِي
شَاقَنِي بِالكَرْخِ من غَرْبِيِّهَا
…
رَشَأٌ مِن سُقْمِ جَفْنَيْهِ سُقَامِي
مُخْطَفُ القَدِّ رَشِيْقٌ رَاشِقٌ
…
بِسِهَامِ اللَّحْظِ أَبْنَاءَ الغَرَامِ
قَالَ الصَّفَدِيُّ: "وَمَدَحَ جَمَاعَةً مِنْ مُلُوكِ بَنِي أَيُّوَبَ" ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ عَبْدَ الرَّحِيْمِ (ت: 618 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، وَاسْتَدْرَكْنَا وَالِدَهُمَا النَّفِيْسَ بْنَ هِبَةِ اللهِ (ت: 599 هـ) وَعَمَّهُ =
ابْنُ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةٍ، وَنَزَلَ عِنْدَنَا فِي المَدْرَسَةِ، هُوَ وَرُفْقَةٌ لَهُ، وَاشْتَغَلُوا عَلَى وَالِدِي، فَحَفِظُوا القُرْآنَ. وَسَمِعُوا دَرْسَهُ وَحَفِظُوا كِتَابَ "الإيْضَاحِ" - يَعْنِي لِلْشَّيْخِ أَبي الفَرَجِ جَدِّهِمْ - قَالَ: وَكَانَ هَذَا الفَقِيْهُ عَمْرٌو يَحْفَظُ كَثيْرًا وَسَرِيْعًا، تَلَقَّنَ سُورَةَ البَقَرَةِ فِي دَرْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَعَمِلَ الفَرَائِضَ، فَأَسْرَعَ فِي مَعْرِفَتِهَا. وَرَحَلَ إِلَى "حَرَّانَ" وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً مَدِيْدَةً يَشْتَغِلُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
= أَسْعَدَ بْنَ هِبَةِ اللهِ (ت: 614 هـ) في مَوْضِعَيْهِمَا وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
450 -
وَعبْدُ القَادِرِ بنُ مَعَالِي بْنِ غَنِيْمَةَ الحَلَّاوِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 159)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (116)، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ مُحَمَّدًا (ت: 611 هـ) فِي مَوْضِعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
451 -
وَعَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، مِنْ ذَوِي قَرَابَة (آل أَبِي عُمَرَ) المَقَادِسَةِ، وَلِعَبْدِ المَلِكِ هَذَا أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ كَثِيْرَةُ عَدَدِ العُلَمَاءِ وَالعَالِمَاتِ، لَهُمْ عَلَاقَةٌ مُصَاهَرَةٍ بِـ (آلِ أَبِي عُمَرَ)، ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 162)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (118)، وَأَخُوْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (540). وَابْنُهُ: عَبْدُ الرَّحِيْمِ بْن عَبْدِ المَلِكِ (ت: 680 هـ) نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَابْنَاهُ أَيْضًا: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ المَلِكِ لَهُما ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّة (375، 539، 631). وَالعِلْمُ فِي أُسْرَتِهِمْ كَثِيْرٌ.
452 -
وَمُحَمَّد بْن أَبِي سَعِيْدِ بن أَبِي طَاهِرٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ الحَنْبَلِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (137).
453 -
وَأبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بْن سَعْدِ بْن كُلَيْبٍ الحَرَّانِيُّ، مِنْ ذَوِي قَرَابَة عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَبْدُ الوَهَّابِ بْنِ كُلَيْبٍ (ت: 596 هـ) ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 161)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِي فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (141).
"دِمَشْقَ" ثُمَّ إِلَى "زُرَعَ" وَأَقَامَ بِهَا، يُفْتِي وَيَقِفُ عَلَى مَا يُنْدَبُ إِلَيْهِ مِنَ المِسَاحَةِ وَالحُدُوْدِ، ثُمَّ أَضَرَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ. وَمَاتَ بِـ "زُرَعَ" سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
311 - مُظَفَّرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
(1)
بْنِ جَمَاعَةَ بنِ عَلِيِّ بنِ شَامِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ نَاهِضِ بنِ عَبد الرَّزَّاقِ العَيْلَانِيُّ
- بِالعَينِ المُهْمَلَةِ - قَالَهُ المُنْذِرِي - الأَدِيْبُ الشَّاعِرُ العَرُوضِيُّ، الضَّرِيْرُ المِصْرِيُّ، أَبُو العِزِّ، وَيُلَقَّبُ "مُوَفَّقُ الدِّيْنِ"
(2)
.
وُلِدَ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقَيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "مِصْرَ". وَسَمِعَ الحَدِيث مِنْ أَبِي القَاسِم عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّد السِّبِيْيُّ
(3)
، وَمَحْمُوْدِ بنِ [طَاهِرِ بنِ]
(4)
أَحْمَدَ بنِ الصَّابُوْنِيِّ وَأَبِي طَاهِر بنِ يَاسِين، وَالبُوصِيْرِيِّ،
(1)
311 - مُوَفَّقُ الدِّيْنِ العَيْلَانِيُّ (544 - 623 هـ):
أَخْبَارُهُ في مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 62)، وَالمَقْصَدِ الأَرشَدِ (3/ 32)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 181)، ومُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 355). وَيُرَاجِعُ: مُعْجَمُ الأُدَبَاء (19/ 148)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 168)، وَوَفَيَاتُ الأعْيَانِ (5/ 213)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 54)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (174)، وَنَكْتُ الهِمْيَان (290)، وَبُغْيَةُ الوُعَاةِ (2/ 289)، وَحُسْنُ المُحَاضَرَةِ (1/ 271)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 110)، (7/ 194). وَ (العَيْلانِيُّ) لَعَلَّهُ مَنْسُوْبٌ إِلَى "عَيْلَانَ" مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَسَبِ غَيْرِهِ. والغالب في النسبة إليها:"القَيْسِيُّ" وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ النِّسْبَةَ فِي غَيْرِهِمَا من الحَنَابِلَةِ.
(2)
لَمْ يَذْكُرْهُ ابنُ الفُوَطِيِّ في "مَجْمَعِ الآدَابِ" في "مُوَفَّقِ الدِّيْنِ".
(3)
في (أ)، (ب)، (ط):"السبتي".
(4)
مُعَلَّقَة عَلَى الهَامِش فِي (أ).
وَغَيْرِهِمْ. وَلَقِيَ جَمَاعَةً مِنَ الأُدَبَاءِ، وَقَالَ الشِّعْرَ الجَيِّدَ، وَبَرعَ فِي عِلْمِ العَرُوْضِ، وَصَنَّفَ فِيه تَصْنِيْفًا مَشْهُوْرًا
(1)
دَلَّ عَلَى حَذْقِهِ، وَمَدَحَ جَمَاعَة كثِيْرَة مِنَ المُلُوكِ وَالوُزَرَاءِ، وَغَيْرِهِمْ، وَحَدَّثَ بِتَصْنِيْفِهِ، وَشَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ
(2)
.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: وَسَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ بَقِيَّةَ فُضَلَاءِ طَبَقَتِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ مَرَّةً عَلَى القَاضِي هِبَةِ اللهِ بْنِ سَنَاءِ المُلْكِ الشَّاعِرِ
(3)
، فَقَالَ لِي: يَا أَدِيْبُ، قَدْ صُغْتُ نِصْفَ بَيْتٍ، وَلِيَ أَيَّامٌ
(1)
كَشْفُ الظُّنُون (1/ 877)"رِسَالَةٌ فِي العَرُوْضِ" قَالَ المُنْذِرِيُّ: "سَمِعْتُهُ مِنْهُ رِوَايَةً".
(2)
أَوْرَدَ يَاقُوتٌ الحَمَوِيُّ نَمَاذِجَ مِنْ جَيِّدِ شِعْرِهِ فِي "مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ" وَمِثْلُهُ فِي "نُكَتِ الهِمْيَان" لِصَلَاحِ الصَّفَدِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ مَصادِرِ تَرْجَمَتِهِ، وَقَالَ يَاقُوتٌ:"وَلَهُ دِيْوَانُ شِعْرٍ".
(3)
هِبَةُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنُ سَنَاءِ المُلْكِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللهِ السَّعْدِيُّ أَبُو القَاسِمِ (ت: 608 هـ) شَاعِرٌ مَشْهُوْرٌ، مِنْ أَبْرَزِ شُعَرَاءِ وَأُدَبَاءِ عَصْرِهِ طُبِعَ لَهُ دِيْوَانٌ فِي مُجَلَّدٍ ضَخْمٍ، وَمَعَهُ مُقْدّمَة مُسْتَقِلَّةٌ عَنْهُ، فِي وَزَارَةِ الثَّقَافَةِ بِـ "مِصْرَ" سَنَة (1388 هـ) بِتَحْقِيْقِ مُحَمَّد إِبْرَاهِيْم نَصْرِ، وَمُرَاجَعَة الدكتُور حُسَيْن نَصَّار. وَجَاءَ فِي مُقَدِّمَةِ الدِّيْوَانِ (21) أَنَّ المَلِكَ العَادِلَ كَانَ فِي لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي جَالِسًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَاعِرٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ اسْمُهُ المُظَفَّرُ فَقَالَ لَهُ الكَامِلُ: أَجِزْيَا مُظَفَّرُ
* قَدْ بَلَغَ الشَّوْقُ مُنْتَهَاهُ *
قَالَ مُظَفَّرٌ: * ومَا دَرَى العَاذِلُونَ مَا هُوَ *
قَالَ الكَامِلُ: * وَلِي حَبِيْبٌ رَأَى هَوَانِي *
قَالَ مُظَفَّرٌ: * وَمَا تَغَيَّرْتُ مِنْ هَوَاهُ *
وَاسْتَمَرَّا عَلَى ذلِكَ، تَجِدْهَا هُنَاكَ، وَأَظُنُّ المُظَفَّرَ المَذْكُورَ هُوَ صَاحِبَنَا لِقَوْلِ المُؤَلِّفِ هُنَا:"وَمَدَحَ جَمَاعَةً كَثِيْرَةً مِنَ المُلُوْكِ وَالوُزَرَاءِ" فَلَهُ اخْتِلَاطٌ بِهِم إِذًا، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
أُفَكِّرُ فِي تَمَامِهِ قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ:
* بَيَاضٌ عَذَارِي مِنْ سَوَادِ عَذَارِهِ *
قُلْتُ: قَدْ حَصَلَ تَمَامُهُ:
* كَمَا جُلُّ نَارِي فِيْهِ مِنْ جُلَّنَارِهِ *
فَاسْتَحْسَنَهُ وَعَمِلَ عَلَيْهِ. وَمِنْ نَظْمِهِ: الأَبْيَاتُ المَشْهُوْرَةُ السَّائِرَةُ.
قَالُوا عَشِقْتَ وَأَنْتَ أعْمَى
…
ظَبْيًا كَحِيْلَ الطَّرْفِ أَلْمَى
وَحُلَاهُ مَا عَايَنْتَهَا
…
فَنَقُوْلُ قدْ شَغَفَتْكَ
(1)
وَهْمَا
وَخَيَالَهُ بِكَ فِي المَنَا
…
مِ فَمَا أَطَافَ وَلَا أَلَمَّا
مِنْ أَيْنَ أُرْسِلُ لِلْفُؤَا
…
دِ وَأَنْتَ لَمْ تَنْظُرْهُ سَهْمًا
وَمَتَى رَأَيْتَ جَمَالَهُ
…
حَتَّى كَسَاكَ هَوَاهُ سُقْمَا
وَالعَيْنُ دَاهِيَةُ الهَوَى
…
وَبِهِ تَنِمُّ
(2)
إِذَا تَنَمَّى
وَبِأَيِّ جَارِحَةٍ وَصَلْـ
…
ـــتَ لِوَصْفِهِ نَثْرًا وَنَظْمًا
فَأَجَبْتُ إِنِّي مُوْسَوِيُّ
…
العِشْقِ إِنْصَاتًا وَفَهْمًا
أَهْوَى بجَارِحَةٍ السَّمَا
…
عِ وَلَا أَرَى ذَاتِ المُسَمَّى
تُوُفِّيَ فِي سَحَرِ يَوْمِ الأَحَدِ تَاسِعِ المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "مِصْرَ"، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِسَفْحِ المُقَطَّمِ، رَحِمَهُ اللهُ تعَالَى.
(1)
في (ط): "شَغَفَتْكَ دَهْمَى".
(2)
كَذَا فِي الأُصُولِ، وَفِي "مُعْجَمِ الأُدَبَاءِ" وَغَيْرِهِ:"يَتِمُّ إِذَا سْتَتَّمَا".
312 - أَحمَدُ بْنُ مَحمُودِ
(1)
بنِ نَاصِرٍ البَغْدَادِيُّ، الحَرِيْمِيُّ، الحَذَّاءُ، أَبُو العَبَّاسِ بْنِ أَبِي البَرَكَاتِ،
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَالِدِهِ
(2)
.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْدِيْرًا. وَسَمِعَ بِإِفَادَةِ وَالِدِهِ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ البَطِّيِّ، وَيَحْيَى بْنِ ثَابِتٍ
(3)
بْنِ بُنْدَارٍ، وَسَعْدِ اللهِ بْنِ الدَّجَّاجِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرِ بْنِ القَاصِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ عَلَى وَالِدِهِ أَبِي البَرَكَاتِ، وَحَدَّثَ، وَأَجَازَ لِلْمُنْذِرِيِّ
(4)
.
قَالَ ابْنُ السَّاعِي: تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ حَادِي عِشْرِيْنَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ". وَالَّذِي قَدَّمَهُ المُنْذِرِيُّ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ المَذْكُورِ.
أَحْمَدُ بْنُ نَاصِرِ
(5)
بنِ أَحمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرٍ الإِسْكَافِيِّ، الفَقِيْهُ، أَبُو العَبَّاسِ
(1)
312 - أَبُو العَبَّاسِ بنُ نَاصِرٍ الحَرِيمِيُّ (543 - 623 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 62)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 187)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 183)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 355). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 174)، وَتَارِيْخ الإِسْلَامِ (145)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 107)(7/ 188).
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (593 هـ).
(3)
فِي (ط): "نَابتَ"، خَطأ طبَاعَةٍ.
(4)
قَالَ فِي التَّكْمِلَةِ: "وَحَدَّثَ، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ كَتَبَ بِهَا إِلَيْنَا مِن "بَغْدَادَ" فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ".
(5)
أَبُو العَبَّاسِ الإِسْكَافِيُّ (؟ - 623 هـ):
هوَ نَفْسُهُ السَّابِقُ، وَكَرَّرَهُ المُؤَلِّفُ سَهْوًا، وَتَبِعَ المُؤَلِّفَ ابْنُ نَصْرِ اللهِ فِي "مُخْتَصَرِهِ" =
ابْنِ أَبِي البَرَكَاتِ، الفَقِيْهُ الحَرْبِيُّ. قَرَأَ طَرَفًا مِنَ الفِقْهِ عَلَى وَالِدِهِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ البَطِّيِّ، وَيَحْيَى بْنِ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارٍ، وَسَعْدِ اللهِ بْنِ الدَّجَاجِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. كَتَبَ عَنْهُ ابنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ: كَانَ شَيْخًا حَسَنًا، فَهْمًا، مُتَيَقِّظًا.
تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ حَادِي عِشْرِيْنَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ"، رحمه الله.
313 - أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
(1)
بنِ أَحْمَدَ بْنِ عبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ
بْنِ
= وَابْنِ مُفْلِحٍ في "المَقْصَدِ" وَالعُلَيْمِيُّ فِي "المَنْهَجِ"، وَ"مُخْتَصَرِهِ"، وَابْنُ العِمَادِ فِي "الشَّذَرَاتِ"، وَالمُؤَلِّفُ رحمه الله تَبِعَ فِيْهِ الحَافِظَ الذَّهَبِيَّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ".
(1)
313 - البُخَارِيُّ المَقْدِسِيُّ والِدُ الفَخْرِ (564 - 623 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 62)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 129)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 184)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 356). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 177)، وَبُغْيَةُ الطَّلَبِ فِي تَارِيْخِ حَلَبَ (2/ 1011)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (143)، وَسِيَرُ أعَلامِ النُّبَلَاءِ (22/ 255)، وَالعِبَرُ (5/ 93)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (256)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (193)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 159)، وَالقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (414)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 107)، (7/ 187)، وَهُوَ أَخُو الحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ مُحَمَّدٍ (ت: 643 هـ) وَوَالِدُ فَخْرِ الدِّيْنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ (ت: 697 هـ) مِنْ أُسْرَةٍ مَقْدِسِيَّةٌ، دِمَشْقِيَّةٌ، عِلْمِيَّةٍ، كَبِيْرَةٍ، مَشْهُوْرَةٍ فِي بِلَادِ "الشَّامِ" تَرْتَبِطُ مَعَ أُسْرَةِ (آلِ قُدَامَةَ)(آلِ عَبْدِ الغَنِّيِّ) بِالمُصَاهَرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَرْتَبِطُ مَعَهُمَا فِي الأُصُوْلِ فَـ (آلُ قُدَامَةَ) أُسْرَةٌ عُمَرِيَّةٌ عَدَوِيَّةٌ قُرَشِيَّةٌ، وَ (آلُ البُخَارِيِّ) أُسْرَةٌ سَعْدِيَّةٌ أَنْصَارِيَّةٌ، وَ (آلُ عَبْدِ الغَنِّيِّ) لَمْ أَتَبَيَّن انْتِمَاءَهَا بَعْدُ. وَابْنُهُ الإِمَامُ =
مَنْصُورٍ السَّعْدِيُّ، المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، المَعْرُوفُ بِـ "البُخَارِيِّ" شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ أَخُو الحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ مُحَمَّدٍ، وَوَالِدُ الفَخْرِ عَلِيٍّ، مُسْنِدِ وَقْتِهِ.
وُلِدَ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "الجَبَلِ"، وَسَمعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنْ أَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَغَيْرِهِ. ورَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ مِنْ أَبي الفَتْحِ بنِ شَاتِيْلٍ وَابنِ الجَوْزِيِّ وَطَبَقَتِهِمْ. وَسَمِعَ بِـ "نَيْسَابُوْرَ" مِنْ عَبْدِ المُنْعِمِ الفُرَاوِيِّ، وَسَمِعَ بِـ "وَاسِطَ" مِنْ جَمَاعَةٍ
(1)
وَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ،
= المُحَدِّثُ المَشْهُوْرُ فَخْرُ الدِّيْنِ عَلِيٍّ (ت: 697 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(1)
قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ فِي تَارِيخِ حَلَبَ: "وَرَوَى عَنْهُ أَخُوْهُ الحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ
…
وَذَكَرَ لَهُ تَرْجَمَةً فِي "جُزْءٍ" جَمَعَ فِيهِ أَخْبَارَ المَقَادِسَةِ وَدُخُوْلَهُمْ إِلَى "دِمَشْقَ" وَقَعَ لِي بِخَطِّهِ
…
وَأَجَازَ لِي رِوَايَةَ ذلِكَ، قَالَ:". . . وَهُوَ مِمنْ يَشْتَغِلُ بِالعِلْمِ مِنْ صِغَرِهِ إِلَى كِبَرِهِ، وَبَرَزَ عَلَى أَقْرَانِهِ، وَدَخَلَ "خُرَاسَانَ" وَ"غَزْنَةَ" وَ"مَا وَرَاءَ النَّهْرِ" وَأَقَامَ مُدَّةً بِـ "بُخَارَى" وَلَحِقَ الرَّضِيَّ النَّيْسَابُورِيَّ، وَعَلَّقَ عَلَيْهِ الخِلَافَ، وَكَانَ قَبْلَ ذلِكَ قَدِ اشْتَغَلَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ رحمه الله سَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثيْرَ بِـ "دِمَشْقَ" وَ"بَغْدَادَ" وَ"وَاسِطَ" و"هَمَذَانَ" وَ"نَيْسَابُوْرَ"، وَ"هَرَاةَ"، و"بُخَارَى"، فَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ"، أَبَا المَعَالِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَابِرٍ، وَأَبَا الفَهْمِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ العَزِيْزِ الأَزْدِيَّ المَعْرُوفَ بِـ "ابْنِ أبِي العَجَائِزِ" وَأَبَا المَجْدِ الفَضْلَ بْنَ الحُسَيْنِ البَانِيَاسِيَّ، وَأبَا طَالِبٍ الخَضِرَ بْنَ هِبَةِ اللهِ بْنِ طَاوُوْسٍ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ النَّجَّارَ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ البَحْرَانِيَّ وَغَيْرَهُمْ، وَبِـ "بَغْدَادَ" سَمِعَ أَبَا الفَتْحِ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنَ شَاتِيْلٍ وَعبْدَ المُغِيْثِ بْنَ زُهَيْرٍ، وَأَبَا السَّعَادَاتِ نَصْرَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَن القَزَّازَ وَغَيْرَهُمْ وَبـ "نَيْسَابُورَ" أبَا البَركَاتِ عَبْدَ المُنْعِمِ الفُرَاوِيَّ وَخَلْقًا كَثِيْرًا يَطُوْلُ ذِكْرُهُمْ، وَأَقَامَ فِي سَفَرِهِ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةٍ، وَرَجَعَ إِلَى وَطَنِهِ، وَوَجَدَ أَصْحَابُنَا بِهِ رَاحَةً عَظِيْمَةً مِنْ قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ عِنْدَ السَّلَاطِيْنِ وَالحُكَّامِ وَالوُلَاةِ، مَعَ عِفَّةٍ، وَدَيْنٍ، =
وَأَقَامَ بِـ "بُخَارَى" مُدَّةً يَشْتَغِلُ بِالخِلَافِ عَلَى الرَّضِيِّ النَّيْسَابُوْرِيِّ
(1)
، وَلِهَذَا عُرِفَ بِالبُخَارِيِّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "الشَّامِ" وَسَكَنَ "حِمْصَ" مُدَّةً، وَيُقَالُ: إِنَّهُ وَلِي بِهَا القَضَاءَ، كَمَا ذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَنْكَرَ أَبُو القَاسِمِ بْنُ العَدِيْمِ ذلِكَ
(2)
.
قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَكَانَ إِمَامًا، عَالِمًا، مُفْتِيًا، مُنَاظِرًا، ذَا سَمْتٍ وَوَقَارٍ، وَكَانَ كَثيْرَ المَحْفُوظِ، حُجَّةً، صَدُوْقًا، كَثِيْرَ الاحْتِمَالِ، تَامَّ المُرُوْءَةِ، لَمْ يَكُنْ فِي المَقَادِسَةِ أَفْصَحُ مِنْهُ، وَاتَّفَقَتِ الأَلْسِنَةُ عَلَى شُكْرِهِ، وَشُهْرَتِهِ وَفَضْلِهِ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ يُغْنِي عَنِ الإِطنَابِ فِي ذِكْرِهِ.
حَدَّثَ البُخَارِيُّ بِـ "دِمَشْقَ" وَ"حِمْصَ" وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّازِقِ الرَّسْعَنِيُّ. وَرَوَى عَنْهُ أَخُوْهُ الضِّيَاءُ الحَافِظُ، وَوَلَدُهُ الفَخْرُ
= وَأَمَانَةٍ، وَقَلَّ مَنْ رَآهُ وَعَرَفَهُ إِلَّا أَحَبَّهُ مِنْ قَرِيْبٍ أَوْ بَعِيدٍ، حَتَّى إِنِّي سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يُخَالفُنَا أَنَّهُ قَالَ لِشَخْصٍ: لِمَ لَا تَكُوْنُوا مِثْلَ البُخَارِيِّ الَّذِي يَدْخُلُ حُبُّهُ القَلْبَ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ".
وَذَكَرَ ابْنُ العَدِيْمِ - عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ - أَسَانِيْدَهُ وَبَعْضَ مَنَاقِبِهِ.
(1)
لَمْ أَقِف عَلَى أَخْبَارِهِ، وَلَعَلَّهُ هُوَ الَّذِي عَنَاهُ صَدْرُ الأَفَاضِلِ الخُوَارَزْمِيُّ (ت: 617 هـ) بِقَوْلِهِ: "مَضَيْتُ إِلَى "بُخَارَى" طَالِبًا لِلْعِلْمِ، وَقَاصِدًا لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الرَّضِيِّ، وَاسْتَظْهَرَتْ أَنَّهُ هُوَ الإِمَامُ مُنْشِيءُ النَّظَرِ رَضِيُّ الدِّيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ الَّذِي ذكَرَهُ فِي كِتَابِهِ بَدَائِعُ المُلَحِ: وَرَقَة (60) يُرَاجَعُ: مُقدِّمةُ التَّخْمِيْرِ شَرْحِ المُفَصَّل فِي النَّحْوِ (1/ 20، 21).
(2)
قَالَ فِي تَارِيخِ حَلَبَ، وَذَكَرَ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَظِيْمِ بْنُ عَبْدِ القَوِيِّ المُنْذِرِيُّ فِي كِتَابِهِ "التَّكْمِلَةِ" أَنَّهُ وَلِيَ القَضَاءَ بِـ "حِمْصَ" وَلَيْسَ كَذلِكَ؛ وَإِنَّمَا وَلِيَ التَّحْدِيْثَ بِـ "حِمْصَ" فِي أَيَّامِ المَلِكِ المُجَاهِدِ شِيْركُوه بنِ مُحَمَّدٍ، أَحْضَرَهُ إِلَيْهَا لِلْتَّحْدِيْثِ، فَظَنَّ النَّاقِلُ أَنَّهُ وَلِيَ القَضَاءَ، وَكَانَ قَاضِي "حِمْصَ" صَالِحُ بْنُ أَبِي الشِّبْلِ، قَبْلَ وُصُوْلِ البُخَارِيِّ إِلَى "حِمْصَ" وَاسْتَمَرَّ فِي قَضَائِهَا إِلَى بَعْدَ وَفَاةِ البُخَارِيِّ، وَوَفَاةِ شِيْركُوه".
عَلِيٌّ، وَأَجَازَ لِلْمُنْذِرِيِّ. وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الخَمِيْسِ خَامِسَ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، كَذَا قَالَ المُنْذِرِيِّ، وَقَالَ ابْنُ العَدِيْمِ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ خَامِسَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ المَذْكُورِ
(1)
، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ إِلَى جَانِبِ خَالِهِ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (ثَنَا) وَالِدِي أَبُو العَبَّاسِ مِنْ لَفْظِهِ بِـ "حِمْصَ"(أَنَا) أَبُو الفَتْحِ بْنُ شَاتِلٍ (أَنَا) أَبُو القَاسِمِ بنُ بَيَانٍ (أَنَا) أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ (ثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ (ثَنَا) عَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ (ثَنَا) حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: عِنْدَنَا رِجَالٌ بِـ "العِرَاقِ" يَقُوْلُوْنَ: إِنْ شَاءُوا عَمِلُوا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يَعْمَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا دَخَلُوا الجَنَّةَ، وَإِنْ شَاءُوا دَخَلُوا النَّارَ، وَيَصْنَعُوْنَ مَا شَاءُوا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ:"أَخْبِرْهُمْ أَنِّي مِنْهُمْ بَرِيْءٌ، وَهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، ثُمَّ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيْلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَر الحَدِيْثَ"
(2)
.
(1)
قَالَ ابْنُهُ فِي مُعْجَمِ شُيُوْخِهِ (1/ 179): "وَهُوَ الأَصَحُّ".
(2)
رَوَى الجُمْلَةَ الأَخِيْرَةَ مِنْهُ: "أَخِبِرْهُمْ أَنِّي مِنْهُمْ بُرَاءُ وَهُمْ بُرَآءُ مِنِّي" مُسْلِمٌ فِي المُقَدِّمَةِ رقم: (8) فِي (الإِيْمَانِ) بَابُ "بَيَان الإِيْمَانِ وَالإِسْلَامِ وَوُجُوبِ الإِيْمَانِ بِإثْبَاتِ قُدْرَةِ اللهِ سبحانه وتعالى، وَبَيَان الدَّلِيْلِ عَلَى التَّبَرِّي مِمَّنْ لَا يُؤْمِنُ بِالقَدَرِ"، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ هَامِشِ "المَنْهَج الأَحْمَد".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (623 هـ):
454 -
إِبْرَاهِيْمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ: ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدهُ فِي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَفَيَاتِ سَنَةِ (613 هـ)، وَجَدَّهُ الحَافِظَ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (600 هـ) وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (162، 494) وَلإِبْرَاهِيْمَ إِخْوَةٌ هُمْ: (أَحْمَدُ) وَ (عَبْدُ الرَّحمَن) وَ (عَبْدُ الغَنِيِّ). وَتُوُفِّيَ إِبْرَاهِيْمُ شَابًّا. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 189)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (145).
455 -
وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ حَسَّانَ بْنِ مَاجِدٍ، الصَّحْرَاوِيُّ أَبُوْهَا، مِنْ أَهْلِ جَبَلِ "الصَّالِحِيَّةِ" رَوَتْ بِالإِجَازَةِ عَنْ هِبَةِ اللهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ البُوْقِي وَغَيْرِهِ، سَمِعَ مِنْهَا الشَّيْخُ الضِّيَاءُ، وَعُمَرُ بْنُ الحَاجِبِ" كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (151). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 186).
456 -
وَعَلِيُّ بنُ النَّفِيْسِ بْنِ بُورَنْدَاز بنِ الحُسَامِ البَغْدَادِيُّ، المَأْمُوْنِيُّ، أَحَدُ الحُجَّابِ بِالدِّيْوَانِ بِـ "بَغْدَادَ" مُحَدِّثٌ، سَمِعَ مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِي، وَأَبِي الفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ البَاقِي، وَابْنِ المَادِحِ
…
وَغَيْرِهِمْ، وَحَدَّثَ، وَأَجَازَ لِلْمُنْذِرِيُّ وَغَيْرِهِ، لَهُ مَسْجِدٌ يَؤُمُّ بِهِ فِي "المَأْمُونِيَّةِ". ذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابْنُهُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ (ت: 647 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
457 -
وَابْنُهُ الآخَرُ: النَّفِيْسُ بْنُ عَلِيٍّ، ذَكَرَهُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (2/ 178)، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتُهُ، وَقَالَ:"أَخُو عَبْدِ اللَّطِيْفِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ". أَخْبَارُ عَلِيٍّ فِي ذَيْلِ تَارِيخ بَغْدَادَ لابْنِ النَّجَّارِ (4/ 247)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 162)، وَمُعْجَمِ الأَبَرْقُوْهِيِّ (ورقة: 100)، وَالعِبَرِ (5/ 4)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 145)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلَاءِ (22/ 297)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 109).
458 -
وَعَبْدُ المُنْعِمِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ صَدَقَةَ بْنِ عَلِيِّ، أَبُو الفَضْلِ الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَ عَنْ أَبِي القَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرٍ، وَأَبِي الفَهْمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي العَجَائِزِ. أَخْبَارُهُ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 172)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (159).
459 -
وَالمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ القَاسِمِ المُبَارَكِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الجُوْدِ،
وَمنْ فَتَاوَى أَبِي العَبَّاسِ البُخَارِيِّ بِـ "حِمْصَ": سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَائَةَ قُرَاضًا، فَرَبِحَ سِتِّيْنَ، ثُمَّ أَخَذَ رَبُّ المَالِ مِنْهُ ثَمَانِيْنَ. ثُمَّ ثَمَانِيْنَ، ثُمَّ اتَّجَرَ المُضَارِبُ بِالبَاقِي، فَصَارَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَجَابَ: لَا يَجِبُ عَلَى المُضَارِبِ شَيْءٌ، بَلْ تَقَعَ الخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي بَقِيَتْ بَدَلًا عَنْ نَصِيْبِهِ، وَذلِكَ لأَنَّ المُضَارِبَ كَانَ يَسْتَحِقُّ خَمْسَةَ عَشَرَ، ضَرُوْرَةَ أَنَّ الثَّلَاثِينَ مِنَ الَّذِي أَخَذَ هِيَ الرِّبْحُ، وَكَانَ المُضَارِبُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ.
قُلْتُ: وَجْهُ هَذَا: أَنَّ رَبَّ المَالِ أَخَذَ نِصْفَ رَأْسِ المَالِ وَنِصْفَ الرِّبْحِ اسْتَحَقَّ العَامِلُ مِمَّا أَخَذَهُ مِنَ الرِّبْحِ، نِصْفَهُ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهُوَ رُبْعُ الرِّبْحِ، وَبَقِيَ رَأْسُ المَالِ فِي يَدِ المُضَارِبِ خَمْسُوْنَ، والثَّلَاثُوْنَ الزَّائِدَةَ رِبْحٌ، فَلَمَّا اتَّجَرَ فِيْهِ العَامِلُ وَخَسِرَ: جَبَرَ رَأْسَ المَالِ البَاقِي فِي يَدِهِ بِرِبْحِهِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ رِبْحِهِ، وَبَقِيَ لَهُ عَلَى رَبِّ المَالِ نَصِيْبُهُ مِمَّا أَخَذَهُ مِنَ الرِّبْحِ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ إِذْ هِيَ نِصْفُ مَا أَخَذَهُ مِنَ الرِّبْحِ، فَيَسْتَحِقُّهَا
= أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ، العَتَّابِيُّ، الوَرَّاقُ. تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ أَحْمَدَ (ت: 613 هـ) قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: وَهُمْ نُسَبَاءُ أَبِي العَبَّاسِ بْنِ الطَّلَّايَةِ" وَفِي "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيهِ" أَنَّ ابْنَ الطَّلَّايَةِ كَانَ خَالَ أَبِيْهِمَا" وَابْنُ الطَّلَّايَةِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ الحَرْبِيُّ (ت: 548 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيِّ: "وَكَانَ أَبُوْهُ وَجَدُّهُ أُمَنَاءَ القُضَاةِ بِمَحِلَّتِهِمْ". وَجَدُّهُ أَبُو القَاسِمِ المُبَارَكُ بْنُ عَلِيِّ العَتَّابِيُّ، سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَحَدَّثَ" (ت: 531 هـ). وَلَمْ أَجْزِمْ بِأَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ؛ لِذَا لَمْ أسْتَدْرِكْهُ فِي مَوْضِعِهِ.
عَلَيْهِ، وَلَا يَنْجَبِرُ بِهَا هَذَا الخُسْرَانُ؛ لأَنَّ مَا أَخَذَهُ رَبُّ المَالِ انْفَسَخَتْ فِيْهِ المُضَارَبَةُ، وَانْقَطَعَ حُكْمُهُ عَمَّا بَقِيَ فِي يَدِ العَامِلِ. وَظَاهِرُ مَا أَفْتَى بِهِ البُخَارِيُّ: يَقْتَضِي أَنَّ العَامِلَ أَخَذَ الخَمْسَةَ عَشَرَ البَاقِيَةَ فِي يَدِهِ عِوَضًا عَنْ نَصِيْبِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَى رَبِّ المَالِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ فِي نَظِيْرِ هَذِهِ المَسْأَلَةِ: أَنَّ العَامِلَ يَرُدُّ مَا فِي يَدِهِ إِلَى رَبِّ المَالِ، وَيُطَالِبُهُ بِحَقِّهِ مِمَّا أَخَذَهُ مِنَ الرِّبْحِ؛ لِئَلَّا يَكُوْنَ مُسْتَوْفِيًا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ مِنْ مَالِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ الحَقُّ.
314 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ
(1)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ
(1)
314 - البَهَاءُ المَقْدِسِيُّ (555 - 624 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابن نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 62)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 78)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 186). وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ (193)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 296)، وَالعِبَرُ (5/ 99)، والمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (193)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (328)، والإِعْلَامُ بِوَفيَاتِ الأَعْلَامِ، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 81)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 669)، وَالقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (475)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 114)، (7/ 200). وَأَخُوْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ، لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (355، 489). وَلَهُ أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَتُعْرَفُ أُسْرَتُهُمْ بِـ "آلِ المُحِبِّ". وَوَالِدُهُ: إِبْرَاهِيْمُ بْنُ أَحْمَدَ (ت: 574 هـ). وَابْنُهُ: إِبْرَاهِيْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 614 هـ). تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُمَا عَلَى المُؤَلِّفِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي مَوْضِعَيْهِمَا. وَابْنُهُ الآخَرُ مُحَمَّدٌ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 643 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُ الحَافِظِ البَهَاءِ هُنَا مُقْتَضَبَةٌ كَمَا تَرَى، وَقَدْ فَصَّلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي ذِكْرِ أَخْبَارِهِ وَنَقَلَ عَنْ خَطِّ السَّيْفِ بنِ المَجْدِ، وَالحَافِظِ الضِّيَاءِ، وَأَبِي الفَتْحِ عُمَرَ بنَ الحَاجِبِ فِي نَقْلِهَا إِطَالَةٌ تَجِدْهَا هُنَاكَ.
ابْنِ مَنْصُورٍ المَقْدِسِيُّ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، بَهَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنِ عَمِّ البُخَارِيِّ المَذْكُورِ قَبْلَهُ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ - وَيُقَالُ: سَنَةَ خَمْسٍ - وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" منْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ وَغَيْرِهِ
(1)
. وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ بِهَا مِنْ شُهْدَةَ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَطَبَقَتِهِمَا
(2)
، وَسَمِعَ بِـ "حَرَّانَ" مِنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الوَفَاءِ الفَقِيْهِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ تَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" عَلَى ابن المَنِّيِّ، وَتَفَقَّهَ بِـ "دِمَشْقَ" عَلَى الشَّيْخِ مُوفَّقِ الدِّيْنِ، وَلَازَمَهُ، وَعَلَّقَ عَنْهُ الفِقْه، وَاللُّغَة، وَقَرَأَ العَرَبِيَّةَ، وَصَنَّفَ فِي الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، وَالرَّقَائِق.
فَمِنْ تَصَانِيْفِهِ: "شَرْحُ العُمْدَةِ" لِلْشَّيْخِ مُوَفَّق الدِّينِ فِي مُجَلَّد، وَهُوَ شَرْحُ مُخْتَصَر، وَنَصَّ فِي أَوَّلِهِ: أَنَّ المَاءَ لَا يَنْجس حَتَّى يَتَغَيَّر مُطْلَقًا، وَيُقَالُ: إِنَّهُ شَرح "المُقنع" أَيْضًا
(3)
.
(1)
مِنْهُمْ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المِكْنَانِيُّ، وَالقَاضِي كَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الشَّهْرَزُوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَرَكَةَ الصِّلْحِيُّ، وَأَبُو الفَهْمِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي العَجَائِزِ.
(2)
مِنْهُمْ: أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الهَاشِمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدِي، العَدْلُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ النَّاعِمِ، وَأَحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ سَلَامَةَ المَنْبِجِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ شِيْرَوَيْهِ وَسَعْدُ اللهِ بْنُ الوَادِي، وَعَبْدُ المُحْسِنِ بْنُ التُّرَيْكِ، وَعَبْدُ المغِيْثِ بْنُ زُهَيْرٍ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَسِيْمٍ العَيْشُونِيُّ، وَنَصْرُ اللهِ القَزَّازُ، وَأَبُو العِزِّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَوَاهِبٍ، وَأَبُو الثَّنَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الزَّيْتُوْنِيِّ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ النَّادِرِ، وَالمُبَارَكُ بْنُ المُبَارَكِ بْنِ الحَكِيْمِ.
(3)
نَقَلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَن الحَافِظِ الضِّيَاءِ قَوْلَهُ: "وَشَرْحِ كِتَابَ "المُقْنِعُ" وَكِتَابَ "العُمْدَةِ" =
وَقَالَ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ: كَانَ يَؤُمُّ بِمَسْجِدِ الحَنَابِلَةِ بِـ "نَابُلُسَ"، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى "دِمَشْقَ" قَالَ: وَكَانَ صَالِحًا، وَرِعًا، زَاهِدًا، غَازِيًا، مُجَاهِدًا، جَوَّادًا، سَمْحًا.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: كَانَ فِيْهِ تَوَاضُعٌ، وَحُسْنُ خُلُقٍ، وَأَقْبَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ عَلَى الحَدِيْثِ إِقْبَالًا كُلِّيًّا، وَكَتَبَ مِنْهُ الكَثِيْرَ، وَحَدَّثَ بِـ "نَابُلُسَ" وَ"دِمَشْقَ" تُوُفِّيَ رحمه الله فِي سَابِعَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِـ "سَفحِ قَاسِيُونَ"، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ بَهَاءِ الدِّيْنِ، قَالَ الخِرَقِيُّ: وَإِذَا قَالَ لَهُ: يَا لُوْطِيُّ، وَقَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ مِنْ قَوْمٍ لُوْطٍ، فَلَا شَيءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: إِذَا قَذَفَ مَنْ كَانَ مُشْرِكًا وَقَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ زَنَى وَهُوَ مُشْرِكٌ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِ وَحُدَّ. سَأَلْتُ مُوَفَّقَ الدِّيْنِ عَنِ الفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: قَدْ قِيْلَ فِي الأَدِلَّةِ: إِنَّهَا عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ، وَأَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهِ كَالثَّانِيَةِ؛ لأَنَّ قَوْمَ لُوْطٍ قَدِ انْقَرَضُوا، وَهَذَا بَعِيْدٌ، وَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، فَلأَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ زَنَى وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَقَدْ أَلْحَقَ بِهِ العَارَ فِي الحَالِ بِقَوْلِهِ: يَا زَانِي، وَالزِّنَا عَارٌ فِي حَالَةِ الشِّرْكِ، وَقَدْ وَصَفَهُ بِهِ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى تَفْسِيْرِهِ، وَيُحَدُّ، وَأَمَّا إِذَا قَالَ: يَا لُوْطِيُّ، وَقَالَ: أَرَدْتُ أَنَّكَ مِنْ قَوْمِ لُوْطٍ فَقَدْ نَفَى عَنْهُ العَارَ؛ لأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ قَوْمِ لُوْطٍ لَا عَارَ فِيْهِ، وَقَدْ فَسَّرَ اللَّفْظَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
= لِشَيْخِنَا مُوَفَّقِ الدِّيْنِ" وَشَرْحُهُ لِـ "العُمْدَةِ" مَطْبُوعٌ مَشْهُوْرٌ.
315 - عَبْدُ اللهِ بْنُ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ
(1)
بْنِ أَبِي بَكْرٍ الحَرَّانِيُّ، المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، أَبُو بَكْرٍ، قَاضِي "حَرَّانَ".
رَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَتَفَقَّهَ بِهَا، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ شُهْدَةَ، وَابْنُ شَاتِيْلٍ وَطَبَقَتِهِمَا
(2)
، وَرَحَلَ إِلَى "وَاسِطَ"، وَقَرَأَ بِهَا القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ البَاقِلَّانِيِّ، وَأَبي طَالِبٍ الكَتَانِيُّ
(3)
وَجَمَاعَةٍ آخَرِيْنَ
(4)
. وَصَنَّفَ كُتُبًا فِي القِرَاءَاتِ، مِنْهَا:"التَّذْكِيْرُ"
(5)
فِي قِرَاءَةِ السَّبْعَةِ، وَمِنْهَا "مُفْرَدَاتٌ" فِي قِرَاءَةِ الأَئِمَّةِ،
(1)
315 - قَاضِي حَرَّانَ: (649 - 624 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابن نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 63)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 64)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 187)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 357). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ الأَبرقوهي (ورقة: 62)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (190)، وَالعِبَرُ (5/ 98)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (2/ 175)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلَامِ (257)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (328)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 462)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 269)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 113) (7/ 199). وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنَ حَفِيْدِهِ عَبْدَ الغَنِي بنَ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 709 هـ)، وَأَخُوْهُ (ابنُ حَفِيْدِهِ) أَيْضًا: أَحْمَدَ (706 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَمِنْ أَحْفَادِهِ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت: 718 هـ)، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نَصْرٍ (ت: 734 هـ) وَفِي أَوْلادِهِ وَأَحْفَادِهِ كَثِيْرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ سَيَمُرُّ ذِكْرُهُمْ فِي اسْتِدْرَاكَاتِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
مِنْهُمْ: عَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، وَعِيْسَى بن أَحْمَد الدُّوشَابِي، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّة.
(3)
فِي (ط): "الكِنَانِي".
(4)
مِنْهُمْ: "أَبُو بَكْرِ البَاقِلَّانِيِّ، وَابْنُ قُشَامٍ القَاضِي.
(5)
كَذَا في الأُصُوْلِ وَ"المَنْهَجِ الأحْمَدِ" وَهِيَ مُحَرَّفَةٌ عَنِ "التَّذْكِرَةِ" واسْمُهُ كَامِلًا: "تَذْكِرَةُ =
وَأَقْرَأَ القُرْآنَ، وَحَدَّثَ بِـ "حَرَّانَ"
(1)
. رَوَى عَنْهُ الأَبْرَقُوْهِيُّ
(2)
وَجَمَاعَةٌ.
= أُوْلِي الأَبْصَارِ فِي قِرَاءَةِ السَّبْعَةِ أَئِمَّةِ الأَمْصَارِ" فِي دَارِ الكُتُبِ المَصْرِيَّةِ رَقم (26081) نُسْخَةٌ مِنْهُ عَلَيْهَا خَطُّ المُؤَلِّفِ.
(1)
سَمِعَ مِنْهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَابْنُ الحَاجِبِ، وَالأَبْرَقُوهِيُّ وَقَالَ:"شَيْخُنَا القَاضِي أَبُو بَكْرٍ، مِنْ أَهْلِ "حَرَّانَ". . . وَأَقْرَأَ، وَحَدَّثَ، وَكَانَ مَحْمُودَ السِّيْرَةِ، صَحِيْحَ السَّمَاعِ"، وَذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ أَنَّهُ وَلِيَ القَضَاءَ بِبَلَدِهِ. . ." وَحُمِدَتْ سِيْرَتُهُ، وَفِي ذُرِّيَتِهِ قُضَاةٌ وَفُضَلَاءُ. . ."، وسِبْطُهُ أَبُو الغَنَائِم بنُ مَحَاسِنِ.
(2)
فِي مُعْجَمِ الأَبْرقُوْهِيِّ: "سُئِلَ عَنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (624 هـ):
460 -
إِسْمَاعِيْلُ بنُ الحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْن أَحْمَدَ النَّرْسِيُّ، أَبُو مَنْصُورٍ الدَّلَّالُ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ كَبِيْرَةٍ، مِنْ أَهْلِ الرِّوَايَةِ. أَخْبَارُهُ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (184).
461 -
وَحَمَّادُ بْنُ أَحمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بن صُدَيْقٍ الحَرَّانِيُّ ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 209)، وَقَالَ:"الشَّيْخُ الصَّالِحُ .. الحَنْبَلِيُّ". وَيُرَاجَعُ: بُغْيَةُ الطَّلَبِ (6/ 2709) تَرْجَمَةٌ حَافِلَةٌ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ حَمْدَ بْنَ أَحمَدَ .. (ت: 634 هـ) فِي مَوْضِعِهِ. وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِمَا عَبْدِ العَزِيْزِ (ت: 656 هـ) فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
462 -
وَصَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي طَاهِرٍ عَبْدِ الجَبَّارِ بْنِ أَبِي البَقَاءِ هِبَةِ اللهِ بْنِ القَاسِمِ بن البُنْدَارِ الحَرِيْمِيِّ، أُمُّ الخَيْرِ، مُحَدَّثَةٌ، مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ مَشْهُورَةٍ بِالرِّوَايَةِ، رَوَى عَنْهَا الأَبَرْقُوْهِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (وَرَقة: 54) "جُزْءَ البَانيَاسِيِّ" ذَكَرَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ وَقَالَ: "كَانَتْ صَالِحَةً، قَانِتَةً، عَابِدَةً". أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ (3/ 200) وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاج إِلَيه (3/ 265).
463 -
عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بنِ يُوْسُفَ المَقْدِسِيُّ أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 197)، وَتَارِيخِ الإِسْلَامِ (190)، عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ.
464 -
عَبْدُ البَرِّ بْنُ الحَافِظِ أَبِي العَلَاءِ الحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيِّ العَطَّارِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، مُحَدِّثٌ، رَوَى عَنْهُ الرَّحَّالَةُ، وَسَمِعَ "تَارِيخَ البُخَارِيِّ" الصَّغِيْرَ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ أَبَا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= العَلَاءِ (ت: 569 هـ) وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ وَفُضَلَائِهِمْ وَذَكَرْنَا مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ كَمَا سَبَقَ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ لابنِ نُقْطَةَ (391)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 263)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (192)، وَالعِبَرِ (5/ 99)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 29).
465 -
وَعَلِيُّ بْنُ يُونُسَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عِمَادِ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ، أَخُو الوَزِيْرِ عُبَيْدِ اللهِ (ت: 593 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُهُ فِي ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (4/ 335)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 214)، وَمَجْمَعِ الآدَاب (2/ 121)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (202).
466 -
وَأُخْتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا، مُحَدِّثَةٌ رَوَتْ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَبَرَةَ بِالإِجَازَةِ. أَخْبَارُهَا فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 205)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (206).
467 -
وَمُحَمَّدُ بْن عَبْدِ المُعِيْدِ بْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ المُغِيْثِ بْن زُهَيْرٍ الحَرْبِيُّ، سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ، وَمِنْ فَارِسِ الحَفَّارِ، وَحَدَّثَ، وَمَاتَ كَهْلًا. وَجَدُّهُ: عَبْدُ المُغِيْثِ بْن زُهَيْرٍ (ت: 583 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَوَالِدُهُ عَبْدُ المُعِيْدِ بْنُ عَبْدُ المُغِيْثِ (ت: 595 هـ) سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ ابْنِهِ: عَبْدَ المُغِيْثِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ت: 685 هـ). أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 211)، وَتَارِيخ الإِسْلَامِ (210).
468 -
وَيُوْسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ تُرَيْكٍ، أَبُو المَظَفَّرِ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 205)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (213)، وَقَالَا:"مِنْ بَيْتِ الحَدِيثِ".
أَقُولُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مِنْهُمْ: الشَّرِيْفُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ (ت: 555 هـ) وَوَالِدُ يُوْسُفَ هَذَا: إِبْرَاهِيْمُ بْنُ تُرَيْكٍ (ت:؟) لَهُ ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ أَخِيهِ عَبْدِ المُحْسِنِ (ت: 575 هـ) كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُ ابْنَةِ عَمِّهِ سِتُّ النَّعَمِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (640 هـ).
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ الفَقِيْهِ: سَمِعْتُ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ، قَالَ: وَكَانَ مَشْهُوْرًا بِالدِّيَانَةِ وَالصِّيَانَةِ، مُسْتَوْحِدًا فِي فَنِّهِ، وَفِي فُنُوْنِ القِرَاءَةِ، وَجَوْدَةِ أَدَائِهَا.
تُوُفِّيَ رحمه الله سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ".
316 - عبْدُ المُحْسِنِ بْنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ
(1)
بْنِ ظَافِرِ بْنِ رَافِعٍ، الحُصْنِيُّ، الحُصْرِيُّ، المِصْرِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
وُلِدَ فِي أَوَائِلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةِ بِـ "مِصْرَ" وَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي إِسْحَقَ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ البَغْدَادِيِّ، وَأَبِي رَوْحٍ المُطَهَّرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الحُبُوْشَانِيِّ
(2)
وَأَبِي نِزَارٍ رَبِيْعَةَ بْنِ الحَسَنِ اليَمَانِيِّ الحَافِظِ، وَعَبْدِ المُجِيبِ
= 469 - وَيُوْسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ صَابِرِ بْنِ نَائِلٍ الرَّبِعِيُّ البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، يُلَقَّبُ:"الكَرِيْمَ" ذَكَرَهُ ابْنُ الفُوْطِيُّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (4/ 87)، عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ قَالَ: "كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحمَدَ
…
عَلَّقتُ عَنْهُ شَيْئًا يَسِيْرًا. وَكَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، مُتَعَفِّفًا".
470 -
وَيُوْسُفُ بْنُ المُظَفَّرِ بْنِ شُجَاعٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ العَاقُوْلِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الأَزْجِيُّ، تِلْمِيْذُ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ وَمُرِيْدُهُ، سَمِعَ الحَدِيْث، وَحَدَّثَ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِلْمنْذِرِيِّ (3/ 198)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (214).
(1)
316 - ابْنُ رَافِعٍ الحُصْنِيُّ (583 - 625 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرقة: 63)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 159)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 188)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 357). ويُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 223)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 117)، (7/ 205).
(2)
في (ط): "الجيوشاني".
ابْنِ زُهَيْرٍ الحَرْبِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ العُثْمَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ. وَرَحَلَ إِلَى "دِمَشْقَ" فَتَفَقَّهَ بِهَا عَلَى الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ المَقْدِسِيِّ، وَانْقَطَعَ إِلَيْهِ مُدَّةً، وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ وَمِنْ أَبِي الفُتُوْحِ البَكْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَسَمِعَ بِـ "حَرَّانَ" مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، وَحَدَّثَ بِـ "حِمْصَ" وَبِـ "مِصْرَ". وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَحَصَّلَ كُتُبًا، وَتَوَجَّهَ إِلَى الحَجِّ، فَغَرِقَ فِي البَحْرِ، وَذَهَبَ جَمِيْعِ مَا مَعَهُ، وَعَادَ إِلَى "مِصْرَ" مُجَرَّدًا مِن جَمِيعِ مَا كَانَ مَعَهُ.
وَلَمْ يَزَلْ عَلَى سَدَادَ، وَأَمْرٍ جَمِيْلٍ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي ثَالِثِ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "مِصْرَ" وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِـ "سَفْحِ المُقَطَّمِ" عَلَى شَفِيْرِ الخَنْدَقِ بِقُرْبِ كَافُوْرٍ الإِخْشِيْدِيِّ
(1)
. ذَكَرَ ذلِكَ كُلَّهُ المُنْذِرِيُّ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ رَفِيْقُهُ.
317 -
قَالَ: وَفِي لَيْلَةِ ثَانِي عَشَرَ الشَّهْرِ المَذْكُورِ تُوُفِّيَ: الفَقِيْهُ أَبُو الفَضْلِ دَاوُدَ بْنُ رُسْتُمَ
(2)
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيْدٍ الحَرَّانِيُّ الحَنْبَلِيُّ بِـ "بَغْدَادَ" وَدُفِنَ
(1)
في (ط): "الأخشيد".
(2)
317 - دَاوُدُ بْنُ رُسْتُم (؟ - 625 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقة: 63)، وَالْمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 381)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 188)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 157). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 224)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (227)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 117)، (7/ 205).
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (625 هـ):
471 -
إِبْرَاهِيْمُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ شُنَيْفٍ، البَغْدَادِيُّ، الدَّارَقَزِّيُّ، مِنْ =
مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ". سَمِعَ مِنْ نَصْرِ اللهِ القَزَّازِ وَغَيْرِهِ وَحَدَّثَ، وَذَكَرَهُ
= (آلِ شُنَيْفٍ) أُسْرَةٌ مَشْهُوْرَةٌ تَحَدَّثْتُ عَنْهَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ شُنَيْفٍ (ت: 528 هـ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ جَدُّهُ. أَخْبَارُ إِبْرَاهِيْمَ فِي: التَّكْمِلَةِ لِلْمُنْذِرِيِّ (3/ 230).
472 -
وَذَكَرَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (ورَقَة: 323) شُنَيْفَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ يَظْهَرُ أَنَّهُ ابْنُ المَذْكُورِ هُنَا.
473 -
والحَسَنُ بْنُ إِسْحَقَ بْنِ مَوْهُوْبٍ الجَوَالِيْقِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ جَدَّهُ الإِمَامَ المَشْهُورَ أَبَا مَنْصُوْرٍ مَوْهُوبَ بْنَ أحْمَدَ (ت: 540 هـ) وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَوَالِدُهُ إِسْحَقُ (ت: 575 هـ) تَقَدَّم اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ وَالحَسَنُ المَذْكُوْرُ هُنَا مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ وَالأَدَبِ، مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ وَالصَّلَاحِ، وَكَانَ يَؤُمُّ بِأَمِيرِ المُؤْمِنِيْنَ المُقْتَفِي بِأَمْرِ اللهِ، وَوَصَفَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ بِأَنَّهُ:"مِنْ أَهلِ العِلْمِ وَالدِّيْنِ، لَهُ سَمْتٌ وَوَقَارٌ، وَسَمَاعُهُ صحِيْحٌ". وَتَفَرَّدَ بِسَمَاعِ بَعْضِ كُتُبِ الحَدِيْثِ وَ"دِيْوَانِ المُتَنَبِّي" وَرَوَى عَنْهُ عَنِ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ وكَثِيْرٌ كِبَارِ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ، وَإِغْفَالُ المُؤَلِّفِ لَهُ خَلَلٌ ظَاهِرٌ، قَالَ ابْنُ الفُوْطِيِّ عَنِ ابْنِ الدُّبَيْثِيِّ:"كَانَ أَدِيْبًا، فَاضِلًا، كَتَبْنَا عَنْهُ، وَصَنَّفَ مَجْمُوْعًا سَمَّاهُ "جَواهِرَ الأَدَبِ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْييْدِ (243)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 226)، وَمُعْجَمِ الأَبرقُوهِيِّ، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 598)، وَتَارِيخِ الإِسْلَامِ (226)، وَالعِبَرِ (5/ 130)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 278)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 77)، وَالإِعْلَامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (258)، وَالمُعِيْنِ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (9/ 126)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 271)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (5/ 117).
474 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ أَبِي عَطَّافٍ، أَبُو أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ الصَّالِحِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ (233):"وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الحَنَابِلَةِ، وَأَعْيَانِهِمْ، رَوَى عَنْهُ الضِّيَاءُ مُحَمَّدٌ وَغَيْرِهِ". وَيُرَاجِعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 225). وَذَكَرَ المُؤَلفُ أَخَاهُ سُلَيْمَانَ بنَ أَحْمَدَ (ت: 627 هـ) في مَوْضِعِهِ.
ابْنُ النَّجَّارِ، وَأَنَّهُ نَاطَحَ السِّتِّيْنَ.
318 - عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ
(1)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّانِرَايَا البَغْدَادِيُّ، الوَاعِظُ، الفَقِيْهُ،
المُعَدَّلُ، ثُمَّ الحَاكِمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو الفَضْلِ، وَيُقَالُ: أَبُو المَعَالِي. وَيُلَقَّبُ "مُوَفَّقُ الدِّينِ".
سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَابْنِ شَاتِيْلٍ، وَنَصْرِ اللهِ القَزَّازِ، وَابْنِ المَنِّيِّ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَبَرَعَ، وَنَاظَرَ، وَقَرَأَ الوَعْظَ عَلَى أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ، وَصَحِبَهُ، وَوَعَظَ بِـ "بَابِ بَدْرِ" تَحْتَ مَنْظَرَةِ الخِلَافَةِ، مِنْ زَمَانِ الخَلِيفَةِ النَّاصِرِ، مَعَ مُحْيِي الدِّيْنِ بْنِ الجَوْزِيِّ. قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ حَسَنَ الأَخْلَاقِ، فَاضِلًا.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: كَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، مُنَاظِرًا، وَلَهُ يَدٌ فِي الوَعْظِ
(2)
.
(1)
318 - مُوَفَّقُ الدِّيْنِ التَّانِرَايَا (؟ - 626 هـ):
أَخبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقة: 63)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 98)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 189)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 358). وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 317)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 246)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 620)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (251)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 197)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 119)(7/ 209).
(2)
قَالَ ابنُ المُسْتَوْفَى فِي تَارِيْخِ إِرْبِل: "هُوَ عَبْدُ الرَّحمَنُ بنُ عَلِيِّ بْنِ أَحمَدَ بْنِ التَّانِرَايَا البَغْدَادِيُّ، وَجَدْتُ بِخَطِّهِ فِي جُزْءٌ سَمَّاهُ "سِيْرَةَ العَبْدِ المُقْبِلِ وَالمَلِكِ الغَازِي سُلْطَان إِرْبِل" كَتَبَهَا فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، ذَكَرَ فِي أَثْنَائِهَا أَنَّهُ وَرَدَ "إِرْبِل" في شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخمِسِمَائَةَ". وَأَوْرَدَ لَهُ أَشْعَارًا تَجِدْهَا هُنَاكَ.
قُلْتُ: وَلَمَّا صُرِفَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّيْنِ السَّهْرَوَرْدِيُّ صَاحِبُ "العَوَارِفِ" عَنْ مَشْيَخَةِ رِبَاطِ الزَّوْزَنِيِّ بِمَدْرَسَةِ المَنْصُورِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّمَائَةَ فِي خِلَافَةِ النَّاصِرِ، جُعِلَ ابْنُ التَّانِرَايَا شَيْخًا لِلْرِّبَاطِ المَذْكُوْرِ، وَيَنْظُرُ فِي أَوْقَافِهِ، وَلَمَّا وَلِيَ قَاضِي القُضَاةِ أَبُو صَالِحٍ نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ فِي خِلَافَةِ الظَّاهِرِ، شَهِدَ عِندَهُ، ثُمَّ اسْتَنَابَهُ فِي الحُكْمِ بِحَرَيْمِ دَارِ الخِلَافَةِ.
وَقَدْ حَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنهُمْ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَأَجَازَ لِلْمُنْذِرِيِّ، وَلِعَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ، قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ: كَانَ أَصْلُهُ مِنَ العَجَمِ، وَسَبَبُ هَذَا اللَّقَبِ أَنَّ بَعْضَ أَجْدَادِهِ كَانَ يَقُوْلُ: إِنَّ بَيْتَنَا فِي التَّانِي رَايَا، فَلُقِّبَ هَذَا اللَّقَبَ
(1)
.
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الاِثْنَيْنِ الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ فَجْأَةً، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدِ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
319 - وفِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي حَادِي عِشْرِيْنَ ذِي القَعْدَةِ تُوُفِّيَ بَهَاءُ الدِّيْنِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمدُ بْنُ نَجْمِ
(2)
بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَنْبَلِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، أَخُو الشِّهَابِ،
(1)
ضَبَطَهُ الصَّفَدِيُّ بِقَوْلِهِ: "بِالتَّاءِ المُثَنَّاةِ، وَأَلِفٍ وَنُوْنٍ وَرَاءٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثَانِيَةٍ، وَيَاءٍ آخِرِ الحُرُوفِ، وَأَلْفٍ مَمْدُودَةٍ".
(2)
319 - بَهَاءُ الدِّيْنِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ (549 - 626 هـ).
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابن نَصْرِ الله (ورقة: 63) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 183)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 190)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 358). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِلْمُنْذِرِيِّ (3/ 253)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (158)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (245)، وَسِيَرُ أعْلَامِ النُّبَلَاءِ (83/ 8) وَالشَّذَرَاتُ (5/ 119)(7/ 210). مِنْ (آلِ ابْنِ =
وَالنَّاصِحِ، وَدُفِنَ بِـ "الجَبَلِ" وَكَانَ أَكْبَرَ الإِخْوَةِ
(1)
فَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. سَمِعَ مِنَ القَاضِي أَبِي الفَضْلِ بْنِ الشَّهْرَزُورِيِّ، وَحَدَّثَ عَنِ الحَيْصِ بَيْصَ
(2)
الشَّاعِرِ، وَأَجَازَ لِلْمُنْذِرِيِّ
(3)
.
= الحَنْبَلِيِّ) الأُسْرَةِ الدِّمَشْقِيَّةِ الشِّيْرَازِيَّةِ الأَصْلِ، السَّعْدِيَّةِ الأَنْصَارِيَّةِ، مِنْ أَكْبَرِ الأُسَرِ العِلْمِيَّةِ فِي بِلَادِ الشَّامِ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ نَجْمَ بْنَ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 586 هـ) وَجَدَّهُ عَبْدَ الوَهَّابِ بْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 536) وَأَبَا جَدِّهِ عَبْدَ الوَاحِدِ بنَ مُحَمَّدٍ (ت: 486 هـ) وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكِ ابْنِهِ يُوْسُفَ بْنِ أَحْمَدَ (ت: 636 هـ) وَابْنِهِ أَيْضًا: نَصْرِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ (ت: 643 هـ)، وَحَفِيْدِهِ نَجْمِ بْنِ يُوْسُفَ بْنِ أَحْمَدَ (ت:؟).
(1)
ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَوَيْهِ الشِّهَابَ عَبْدَ الكَرِيْمِ (ت: 619 هـ) وَالنَّاصِحَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ (ت: 634 هـ). وَلَهُمْ أَخٌ رَابِعٌ هُوَ إِسْمَاعِيْلُ، جَاءَ فِي عُقُوْدِ الجُمَانِ (3/ 230) فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ نَجْمٍ:"أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ نَجْمٍ الحَنْبَلِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو الفَرَجِ عَبْد الرَّحْمَنِ لِنَفْسِهِ. . .". وَيُفِيْدُ هَذَا النَّصُّ أَنَّ لَهُ ابنَ أَخٍ أَيْضًا.
(2)
أَبُو الفَوَارِسِ سَعْدُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ التَّمِيْمِيُّ (ت: 574 هـ) شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في تَرْجَمَةِ الوَزِيْرِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هُبَيْرَةَ (ت: 560 هـ).
(3)
قَالَ المُنْذِرِيُّ: "وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ كَتَبَ بِهَا إِلَيْنَا مِنْ "دِمَشْقَ" فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ" يَعْنِي سَنَةَ وَفَاتِهِ (626 هـ).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (626 هـ):
475 -
عُمَرُ بْنُ أَبِي الفَرَجِ القَادِسِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ فِي التَّوْضِيحِ (7/ 12) وَقَالَ:"الحَنْبَلِيُّ، الفَقِيْهُ".
476 -
ولُبَابَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحِ بْنِ شَافِعٍ الجِيْلِيُّ، أُمُّ الفَضْلِ البَغْدَادِيَّةُ، مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ شَهِيْرَةٍ، فَوَالِدُهَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ (ت: 565 هـ) وَجَدُّهَا صَالِحُ بنُ شَافِعٍ (ت: =
320 - سَلَامَةُ بْنُ صَدَقَةَ
(1)
بْنِ سَلَامَةَ بْنِ الصَّوْلِيِّ، الحَرَّانِيُّ الفَقِيْهُ، الفَرَضِيُّ أَبُو الخَيْرِ، وَيُلَقَّبُ "مُوَفَّقَ الدِّيْنِ".
سَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي السَّعَادَاتِ القَزَّازِ، وَغَيْرِهِ، وَتَفَقَّهَ بِهَا.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الفَتْوَى، مَشْهُورًا بِعِلْمِ الفَرَائِضِ، وَالحِسَابِ
= 543 هـ) وَأَبُو جَدِّهَا شَافِعُ بْنُ صَالِحٍ (ت: 480 هـ) ذَكَرَهُمْ المُؤَلِّفُ فِي مَواضِعِهمْ وَسَيَأْتِي أَخُوْهَا مُحَمَّدٌ فِي السَّنَةِ الآتِيَةِ. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 243)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (261).
477 -
وَأَمَةُ اللهِ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلِيٍّ الآبَنُوْسِيِّ، شَرَفُ النِّسَاءِ البَغْدَادِيَّةُ، مُحَدِّثَةٌ، مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ، تَفَرَّدَتْ بِرِوَايَةِ عِدَّةِ كُتُبٍ وَأَجْزَاءٍ مِنْ كُتُبِ الحَدِيْثِ، وَوَالِدُهَا (ت: 542 هـ) مُتَرْجَمٌ في المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 122)، وَلَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ. تَقَدَّم اسْتِدْرَاكُهُ في مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُهَا فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 239)، وَالعِبْرَ (5/ 106)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 357)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (246)، وَمِرْآةِ الجِنَانِ (4/ 59)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 273)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 119).
(1)
320 - سَلَامَةُ بْنُ الصَّوْلِي الحَرَّانِيُّ (؟ - 627 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي مُخْتَصَر الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 63)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 417)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 190)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 359). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 258)، وَمُعْجَمُ الأَبْرَقُوْهيِّ (ورقة: 51)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (284)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 104)(7/ 217)، وَجَاءَ فِي حَاشِيَةِ النُّسْخَةِ تَعْلِيْقٌ لأَحَدِهِمْ نَصُّهُ:"هُوَ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ الحَنْبَلِيُّ الحَرَّانِيُّ، مَاتَ بِهَا فِي مُحَرَّمٍ، وَكَانَ مَشْهُوْرًا بِالعِلْمِ وَالصَّلَاحِ، لَهُ لَطَائِفٌ".
أَقُولُ: - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ - لَمْ يَرِدْ لَهُ ذِكْرٌ فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ" لابنِ الفُوْطِيِّ فِي "مُوَفَّقِ الدِّيْنِ"؟!
وَالجَبْرِ وَالمُقَابَلَةِ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ كَثِيْرًا مِنَ "الطَّبَقَاتِ" لاِبْنِ سَعْدٍ. وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ مَا صَنَّفَهُ فِي الحِسَابِ وَالجَبْرِ وَالمُقَابَلَةِ، وَأَجْوِبَتُهُ فِي الفَتْوَى غَالِبًا "نَعَمْ" أَوْ "لَا".
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الأَبْرَقُوْهِيِّ، سَمِعَ مِنْهُ بِـ "حَرَّانَ".
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: لَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، وَقَالَ: وَ"الصَّوْليُّ" - بِفَتْحِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ - الإِسْكَافُ، هكَذَا يَقُوْلُ أَهْلُ بَلَدِهِ.
قُلْتُ: وَرَأَيْتُ عَلَى "مُقَدِّمَةِ الفَرَائِضِ" مِنْ تَصْنِيْفِهِ "ابْنَ الصوْلِيَّةِ"
(1)
وَلَمْ يَضْبِطِ الصَّادَ بِشَيءٍ، وَفِي هَذِهِ المُقَدِّمَةِ فَوَائِدٌ، مِنْهَا: أَنَّهُ قَالَ: تُنَزَّلُ العَمَّةَ أَبًا، وَعَمَّتُهُ عَمًّا، فَيَحْتَمِلُ عَمًّا لأَبَوَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِمَنْزِلَةِ أَخِيْهَا، وَهَذَا غَرِيْبٌ، وَيَلْزَمُ مِنْ تَنْزِيْلِ العَمَّةِ لِلأُمِّ عَمًّا لأُمِّ إِسْقَاطِهَا.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
321 - عَبْدُ اللهِ بْنُ مَعَالِي
(2)
بْنِ أَحْمَدَ الرَّيَّانِيُّ، المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، أبُو بَكْرٍ.
(1)
وَكَذلِكَ هُوَ فِي "مُعْجَمِ الأَبْرَقُوهِيِّ. . ." قَالَ: "الفَقِيْهُ، الفَرَضِيُّ الحَنْبَلِيُّ، المَعْرُوْفُ بـ "ابنِ الصَّوْلِيَّة".
(2)
321 - أَبُوْ بكْرٍ الرَّيَّانِيُّ (؟ - 627 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 63)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 63)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 139)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 343). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (3/ 126)، وَنَقَلَ عَنِ ابْنِ نُقْطَةَ، وَتَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 755)، وَالتَّكْمِلَةُ لِلْمُنْذِرِيِّ (3/ 262) وَالمُشْتَبَهُ (1/ 300)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (285)، وَالتَّوْضِيْحُ (4/ 103)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 124).
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ مِنِ ابنِ المَنِّيِّ، وَشُهْدَةَ، وَغَيْرِهِمَا، وَحَدَّثَ. قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ أَحَادِيْثَ، وَهُوَ شَيْخٌ حَسَنٌ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ صَالِحًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، وَشَهِدَ عِنْدَ القُضَاةِ. وَحَدَّثَ بِاليَسِيْرِ. تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ خَامِسِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ
(1)
وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ. وَهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى "الرَّيَّانِ" - بِفَتْحِ الرَّاءِ المُهْمَلَةِ وَتَشْدِيْدِ اليَاءِ آخِرِ الحُرُوفِ وَفَتْحِهَا، وَبَعْدَ الأَلِفِ نُوْنٌ - مَحِلَّةٌ بِشَرْقِيِّ "بَغْدَادَ" قَرِيْبَ "بَابِ الأَزَجِ".
322 - وفِي ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى مِنَ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الفَقِيْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ
(2)
بْنِ أَبِي عَطَّافٍ المَقْدِسِيُّ،
نَزِيْلُ "حَرَّانَ"، بِهَا تَفَقَّهَ، وَحَدَّثَ عَنْ
(1)
فِي (ط): "سَبْعَ عَشْرَةَ" وَكَتَبَ النَّاشِرُ فِي الهَامِشِ: "لَعَلَّهُ سَنَةَ (627 هـ) عَلَى الوَفَيَاتِ كَالَّذِي قَبْلَهُ وَفِي نُسْخَةٍ (617) فَلْيُحَرَّر. أقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمَدُ -: وَالَّذِي جَاءَ فِي مَصَادِرِ التَّرْجَمَةِ أَنَّهَا سَنَةَ (628 هـ) وَكَذلِكَ هُوَ فِي أَغْلَبِ أُصُوْلِ كِتَابِنَا، وَتَرْتِيْبُ وَفَيَاتِ الكِتَابِ يَقْتَضِي ذلِكَ، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ فِي "التَّوْضِيحِ". قُلْتُ: "وَجَدْتُ وَفَاتَهُ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ"، فَلَعَلَّ الحَافِظَ وَقَفَ عَلَى نُسْخَةِ الذَّيْلِ هَذِهِ. وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَوْ مَا نَقَلَ عَنْهَا هِيَ الَّتِي اعْتَمَدْهَا العُلَيْمِيُّ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ"؛ لِذَا أَوْرَدَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (617 هـ).
(2)
322 - ابْنُ أَبِي عَطَّافٍ المَقْدِسِيُّ (652 - 627 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 63)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 139)، وَمُخْتَصَرَهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 359). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 263)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (284)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 104)، (7/ 419)، وَذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ فِي المَنْهَجِ الأَحمَد، فِي وَفَيَاتِ سَنَة (617 هـ) فَقَدَّمَهُ عَلَى أَهْلِ طَبَقَتِهِ =
أَبي الفَتْحِ بْنِ أَبي الوَفَاءِ الفَقِيْهِ.
323 - مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
(1)
بْنِ صَالِحِ بْنِ شَافِعِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَاتِمٍ الجِيْلِيُّ،
= تَبَعًا لِلْمُؤَلِّفِ ابْن رَجَبٍ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذلكَ؛ لأَنَّ ابْنَ رَجَبٍ سَهَا فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَهُ فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى مِنَ السَّنَةِ تُوُفَيَ الفَقِيْه سُلَيْمَان. . ." وَابْنُ رَجَبٍ ذَكَرَهُمَا فِي طَبَقَتِهِمَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا زَلة قَلَمْ من الحَافِظ فَقَط، أَوْ مِنْ بَعْضِ نُسَّاخِ كِتَابِهِ، وَابْنُهُ: أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ (ت: 699 هـ) سَيَأْتِي فِي اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَسَبَقَ اسْتِدْرَاكُ أَخِيهِ - فِيْمَا أَظُنُّ - مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (625 هـ)، وَفِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّة (163، 460)، إِبْرَاهِيْمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَطَّافٍ المَقْدِسيُّ، وَأَخُوْهُ عِيْسَى. لا أَدْرِيْ مَا صِلَتُهُمَا بالمَذْكُوْرَيْنِ؟
(1)
323 - فَخْرُ الدِّينِ بْنُ شَافِعٍ (564 - 627 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 63)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 352)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 191)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 359). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 490)، وَذَيلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابْنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 157)، والتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 264)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (3/ 121)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 21)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَات الأَعْيَانِ (330)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 275)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 126)، (7/ 221)، مِنْ (آلِ شَافِعٍ)، الجِيْلِيِّن أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ بَغْدَادِيَّةٌ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَبَاهُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ (ت: 565 هـ). وَجَدُّهُ: صَالِحَ بْنَ شَافِعٍ (ت: 543 هـ) وَأَبَا جَدِّهِ شَافِعٍ بنَ صَالِح (ت: 480) وَسَبَقَ اسْتِدْرَاكُ أُخْتُهُ لُبَابَةَ فِي السَّنَةِ المَاضِيَةِ.
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّف رحمه الله ابْنُهُ:
478 -
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ (ت:؟) ذَكَرَهُ ابْنُ الفُوَطِيِّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (4/ 113)، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ قَالَ: "كَمَالُ الدِّينِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ =
ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، المُحَدِّثُ، المُعَدَّلُ، أَبُو المَعَالِي بْنِ أَبِي الفَضْلِ بْنِ أَبِي المَعَالِي، وَيُلَقَّبُ "فَخْرُ الدِّيْنِ" وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ آبَائِهِ.
وُلِدَ بِـ "بَغْدَادَ" لَيْلَةَ الجُمُعَةِ سَادِسَ عِشْرِيْنَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَتُوُفِّيَ وَالِدُهُ، وَلَهُ سَنَةٌ وَشُهُوْرٌ، فَتَوَلَّاهُ خَالُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَشَّقٍ
(1)
، وَأَسْمَعَهُ الكَثِيْرَ مِنْ خَلْقٍ، مِنْهُمْ: يَحْيَى بْنُ يُوْسُفَ السَّقْلَاطُوْنِيُّ، وَعَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ الرِّخْلَةِ، وَأَبُو العَبَّاسِ بْنُ بَكْرُوْسٍ، الفَقِيْهُ، وَأَبُو الفَتْحِ بْنُ الشَّرِيْكِ وَشُهْدَةُ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَقَرَأَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ بَيَانَ
(2)
، وَابْنِ نَبْهَانَ، وَأَبِي طَالِبٍ اليُوْسُفِيِّ وَطَبَقَتِهِمْ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ طَيِّبَ النَّغْمَةِ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ وَالحَدِيْثِ، مُوَاظِبًا
= ابْنِ صَالِحِ بْنِ شَافِعٍ الجِيْلِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، مِنْ بَيْتِ العَدَالَةِ، وَالعِلْمِ، وَالتَّحْدِيْثِ، سَمِعَ مَشَايِخَ وَقْتِهِ. . .".
- والشَّيءُ بِالشَّيءِ يُذْكَرُ، وَمِمَّنْ يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِيْمَنْ يُنْسَبُ (الجِيْلِيِّ) وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الأُسْرَةِ وَعَاصَرَ المُتَرْجم:
479 -
عَبْدُ الرَّحْمَن بْن نُعْمَانَ الجِيْلِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابْنُ نُقْطَةَ، وَقَالَ:"الجِيْلِيُّ الحَنْبَلِيُّ حَدَّثَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحمَدَ بنِ المَادِحِ، سَمِعْتُ مِنْهُ أَحَادِيْثَ". أَخْبَارُهُ فِي تَكْمِلَة الإِكْمَالِ (2/ 493)، وَالتَّبْصِيْر (1/ 296) وَلَمْ يَذْكُرَا وَفَاتَهُ.
(1)
مُحَمَّدُ بْنُ المُبَارَكِ بْنِ مُحَمَّدِ (ت: 605 هـ) اسْتَدْرَكْتُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
في (ط): "بنان".
عَلَى قِرَاءَةِ الحَدِيْثِ بِمَسْجِدِهِ بِـ "دَرْبِ المَطْبَخِ"، وَبِحَلْقَتِهِ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَيُفِيْدُ النَّاسَ إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ مُتَدَيِّنًا، صَالِحًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، جَمِيْلَ السِّيْرَةِ، سَاكِنًا، وَقُوْرًا، صَدُوْقًا، أَمِيْنًا، كَتَبْتُ عَنْهُ، وَنِعْمَ الرَّجُلُ كَانَ. وَلَقَدْ اصْطَحَبْنَا مُدَّةً فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: هُوَ ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ، مُكْثِرٌ حَسَنُ السَّمْتِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: كَانَ فَاضِلًا، مَرْضِيَّ السِّيْرَةِ.
قَالَ ابْنُ السَّاعِي: كَانَ ثِقَةً صَالِحًا، خَيِّرًا، كَثِيرَ السُّكُوْنِ، حَسَنَ السَّمْتِ، جَمِيْلَ الطَّرِيْقَةِ مِنْ بَيْتِ العَدَالَةِ وَالرِّوَايَةِ، وَلِيَ كِتَابَةَ "بَابِ طِرَادٍ" وَالخَزْنِ بِالدِّيْوَانِ، وَعُيِّنَ لِلْدُّخُوْلِ عَلَى وَلِيَّ العَهْدِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ الخَلِيْفَةُ الظَّاهِرُ، وَكَتَبَ عنْهُ ابْنُ السَّاعِي، وَأَجَازَ لِلْمُنْذِرِيِّ. رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَبِي الجَيْشِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الأَحَدِ رَابِعَ رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِـ "النِّظَامِيَّةِ" وَكَانَ الجَمْعُ مُتَوَافِرًا جِدًّا، وَحُمِلَ إِلَى "بَابِ حَرْبٍ" فَدُفِنَ عِنْدَ آبَائِهِ بِدَكَّةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، رضي الله عنه.
قُرِئَ عَلَى أَبي الرَّبِيْعِ عَلِيِّ
(1)
بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ وَأَنَا أَسْمَعَ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسَبْعِمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" - أَخبَرَكَ وَالِدُكَ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ:(ثَنَا) أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ
(1)
في (أ) و (ط): "محمد" خَطَأٌ ظَاهِرٌ.
أَحْمَدَ بنِ شَافِعٍ (أَنَا) أَبُو الفَرَجِ بْنُ كُلَيْبٍ (أَنَا) صَاعِدُ بْنُ سَيَّارٍ الهَرَوِيُّ (أَنَا) أَبُو عَامِرٍ الأَزْدِيُّ وَأَبُو المُظَفَّرِ البَغَاوَرْدَانِيُّ قَالَا: (أَنَا) الجَرَّاحِيُّ (أَنَا) المَحْبُوْبِيُّ، (ثَنَا) التِّرْمِذِيُّ (ثَنَا) أَحْمَدُ بْنُ مَنِيْعٍ، (ثَنَا) إِسْمَاعِيْلُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ (ثَنَا) سَعِيْدٌ الجَرِيْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَاية عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُوْلُ فِي الصَّلَاةِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ مُحْدَثٌ، إِيَّاكَ وَالحَدَثُ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ أَبْغَضَ إِلَيْهِ الحَدَثُ فِي الإِسْلَامِ - يَعْنِي مِنْهُ - قَالَ: وصَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعَ عُمَرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقُوْلُهَا، فَلَا تَقُلْهَا إِذَا صَلَّيْتَ، وَقُلْ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}
(1)
.
أَخْبَرَنَا - عَالِيًا - مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصارِيُّ بِـ "دِمَشْقَ"(أَنَا) يَحْيَى بْنُ أَبي مَنْصُوْرِ بْنِ الصَّيْرَفِيِّ الحَرَّانِيُّ الفَقِيْهُ حُضوْرًا (أَنَا) عَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ الحَافِظُ (أَنَا) نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ الهَرَوِيُّ (أَنَا) الأَزْدِيُّ فَذَكَرَهُ.
324 - أَحْمَدُ بْنُ فَهْدِ
(2)
بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ فَهْدٍ،
(3)
العَلْثِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو العَبَّاسِ
(1)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ رقم (244)، فِي (الصَّلَاةِ)، بَابُ "مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الجَهْرِ بِـ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ""، وَالنَّسَائيُّ فِي المُجْتَبَى (2/ 135)، في (الافْتتاح)، بَابُ "تَرْكِ الجَّهْرِ بِـ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ""، وَابْنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُغَفَّلِ مَجْهُوْلٌ، فَالإِسْنَادُ ضَعِيْفٌ. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأحْمَدِ".
(2)
في (ط): "أَحْمَد بنِ نَصْرٍ" تَحْرِيفٌ.
(3)
324 - ابْنُ فَهْدٍ العَلْثِيُّ (؟ - 627 هـ): =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابن نَصْرِ اللهِ (وَرقَة: 64)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 155)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 192)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 359). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 267)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (279)، والطَّبَقَاتُ السَّنِيَّةُ (2/ 7)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 123)(7/ 216).
وَذَكَرَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ أَنَّهُ حَنَفِيٌّ مَعَ أَنَّ فِي نُسْخَةٍ مِنْ كِتَابِهِ "الحَنْبَلِيُّ" كَمَا أَشَارَ المُحَقِّقُ فِي الهَامِشِ وَقَالَ: "وَيَبْدُو أَنَّ الاِخْتِلَافَ قَدِيْمٌ، فَقَدْ ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُوْنَ الحَنَفِيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ كَمَا تَرَى. . ." وَلَا أَدْرِي مَاذَا يَقْصُدُ بِالقِدَمِ أَيَقْصُدُ أَنَّهُ قَبْلَ المُنْذِرِيِّ، مَثَلًا، وَكَيْفَ يَصِحُّ ذلِكَ، وَالقُرَشِيُّ (ت: 775 هـ)، والتَّمِيْمِيُّ (ت: 1005 هـ) مُتَأَخِّرَانِ عَنِ المُنْذِرِيِّ، فَلَعَلَّهُمَا نَقَلَا عَنْهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُؤَلِّفًا قَدِيْمًا فِي طَبَقَاتِ الأَحْنَافِ حَتَّى يَصِحُّ لَهُ ذلِكَ، وَفِي كِتَابِهِ بِنُسْخَتَيْهِ القِرأَتَانِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ إِحْدَاهُمَا محَرَّفَةٌ عَنِ الأُخْرَى، وَفِي الحَنَابِلَة عَدَدٌ مِنَ العَلْثِيِيْن مِمَّنْ هُمْ فِي عَصْرِ المَذْكُوْرِ أَوْ قَرِيْبٍ مِنْ عَصْرِهِ، مِنْهُمْ طَلْحَةُ العَلْثِيُّ (ت: 593 هـ)، وَإِسْحَقُ العَلْثِيُّ (ت: 634 هـ)، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ العَلْثِيُّ (ت: 693 هـ)، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ العَلْثِيُّ (ت: 685 هـ)
…
وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا يُرَجِّحُ كَوْنُ المَذْكُوْرِ حَنْبَلِيًّا. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَذَكَرَ الحُسَيْنِيُّ فِي صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 8)، وَفَيَاتِ سَنَةِ (641 هـ)، عَبْدُ الغَنِيِّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَهْدٍ العَلْثِيُّ، وَهُوَ ابْنُ المَذْكُوْرِ، نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَصَرَّحَ الحُسَيْنِيُّ بِنِسْبَتِهِ:"الحَنْبَلِيّ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (627 هـ):
480 -
مُحَمَّدُ بْنُ عَطَاءِ اللهِ بْنِ خَلَفِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غُنَيٍّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، الكِلَابِيُّ، البَدَوِيُّ، الزَّاهِدُ، نَزِيْلُ سَفْحِ جَبَلِ "قَاسِيُونَ" سَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ صَدَقَةَ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ المَوَازِيْنِيِّ، وَلَازَمَ أَبَا الخَيْرِ سَلَامَةَ الحَدَّادِ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ وَصَارَ يَنُوْبُ فِي مِحْرَابِ الحَنَابِلَةِ، وَكَانَ مَعْدُوْدًا مِنَ العُبَّادِ الأَخْيَارِ، المُسَابِقِيْنَ إِلَى الطَّاعَاتِ، وَكَانَ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يُكَرِّرُ عَلَى "مُخْتَصَرِ الخِرَقِيِّ"، أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 261)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (296).
481 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ الفُوَطِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، شَيْخٌ صَالِحٌ، خَيِّرٌ، مَشْهُوْرٌ بِالأَمَانَةِ وَالدِّيْنِ كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ، وَذَكَر المُؤَلِّفُ ابنَهُ عَبْدَ القَاهِرِ بنَ مُحَمَّدِ (ت: 656 هـ) وَأُسْرَتُهُمْ مَعْرُوفَةٌ بِالعِلْمِ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ أَحْمَدَ (ت: 723 هـ)، المُؤَلِّفُ المَشْهُوْرُ صَاحِبٌ مَجْمَعِ الآدَابِ، وَغَيْرِهِ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَيْضًا. أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 269)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (295)، وَالمُشْتَبَهِ (2/ 525)، وَالتَّوْضِيْحِ (7/ 194)، وَطَبَقَاتِ النُّحَاةِ وَاللُّغَوِيين لابنِ قَاضِي شُهْبَةِ (وَرَقَة: 465).
482 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّفِيْسِ بنِ مُنْجِبِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، العَدْلُ، العَالِمُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ "ابْنُ الرَّزَّازِ" قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، عَلَى أَبِي إِسْحَقَ بْنِ الصَّقَّالِ
…
وَكَانَ ثِقَةً، نَبِيْلًا". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 265)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (297).
483 -
وَمُحَمَّدُ بنُ مُقْبِلِ بْن قَاسِمِ اليَاسِرِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ رحمه الله أَخَاهُ عُثْمَانَ بْنُ مُقْبِلٍ (ت: 616 هـ) فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ مُحَمَّد فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 264)، وَتَارِيخ الإِسْلَامِ (297).
484 -
وَهِبَةُ اللهُ بْنُ وَجِيْهِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ، أَبُو البَرَكَاتِ، ابْنُ السَّقَطِيِّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (299)، وَقَالَ: شَيْخٌ، حَسَنٌ، سَمِعَ ابْنَ البَطِّيِّ، وَمُحَمَّدَ بْنَ مَسْعُوْدِ بنِ السَّدْنَكِ، وَعَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ جَدَّهُ هِبَةَ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ (ت: 509 هـ) وَاسْتَدْرَكْتُ وَالِدَهُ وَجِيْهَ بْنَ هِبَةِ اللهِ (ت: 567 هـ). أَخْبَارُ هِبَةِ اللهِ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (299).
سَمِعَ مِنْ أَبِي شَاكِرٍ السَّقْلَاطُوْنِيِّ، وَعبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَامِعٍ الفَقِيْهُ، وَشُهْدَةَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ المَنِّيِّ، وَكَانَ حَسَنَ الكَلَامِ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَفِيْهِ صَلَاحٌ وَدِيَانَةٌ، وَلَهُ مَسْجِدٌ بِـ "الرَّيَّانِ" يُصَلِّي فِيْهِ، وَيُقْرِئُ النَّاسَ، وَكَانَ زَيُّهُ زَيَّ العَوَامِّ فِي مَلْبَسِهِ، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَستِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "الرَّيَّانَ" خَلْفَ مَسْجِدِهِ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَأَظُنُّهُ نَاطَحَ السَّبْعِيْنَ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
325 - عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ زَاكِي
(1)
بْنِ جُمَيْعٍ الحَرَّانِيُّ، الفَقِيْهُ، نَاصِحُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ
نَزِيْلُ "دِمَشْقَ". سَمِعَ بِـ "حَرَّانَ" مِنْ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ مُتَأَخِّرًا.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: كَانَ فَاضِلًا فِي الأَصْلَيْنِ والخِلَافِ، فِي الفُرُوعِ وَالعَرَبِيَّةِ، وَالنَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَغَيْرِ ذلِكَ. رَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ "الجَدَلَ الكَبِيْرَ" لابْنِ المَنِّيِّ، وَبَعْضَ "تَعْلِيْقَتِهِ" وَ"مُنْتَهَى السُّوْلِ" وَغَيْرَ ذلِكَ، وَكَانَ كَثِيْرَ المُرُوءَةِ وَالأَدَبِ، حَسَنَ الصُّحْبَةِ. وقُلْتُ فِي مَرْثِيَّتِهِ أَبْيَاتًا، مِنْهَا:
(2)
عَلَا مَنْزِلًا عَالٍ مِنَ المَجْدِ وَالنُّهَى
…
فَأَضْحَى وَلَا يَرْقَى لَهُ مَوْرِدَ الشُّرْبِ
(1)
325 - ابْنُ زَاكِي الحَرَّانِي (؟ - 628 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَر الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابن نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 64)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 137)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 193)، ومُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 360). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 292)، وَالقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (475) وَالشَّذَرَاتُ (5/ 128)(7/ 225).
(2)
عَنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
وَسَادَ لِسَادَاتِ الزَّمَانِ بِسُؤْدَدٍ
…
يَدُوْمُ دَوَامَ الدَّهْرِ فِي الشَّرْقِ وَالغَرْبِ
وَذَكَرَ المُنْذِرِيُّ: أَنَّهُ حَدَّثَ بِشَيءٍ مِنْ شِعْرِهِ، قَالَ: وَ"جُمَيْعٌ" بِضَمِّ الجِيْمِ وَفَتْحِ المِيْمِ.
وَتُوُفِّيَ فِي خَامِسِ ذِي القَعْدَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "دِمَشْقَ" وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِسَفْحِ قَاسِيُوْنَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
326 - سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ
(1)
بْنِ المُشَبِّكِ الحَرَّانِيُّ، الفَقِيْهُ، الأُصُولِيُّ، أَبُو الرَّبِيعِ، وَيُلَقَّبُ "كَمَالُ الدِّيْنِ".
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَرِعًا، فَاضِلًا فِي الأَصْلَيْنِ وَالخِلَافِ، وَالمَذْهَبِ، وَلَهُ تَصَانِيْفٌ كَثِيْرَةٌ فِي ذلِكَ كُلُّهُ، مِنْهَا "عِبَادَاتٌ"، وَ"مُخْتَصَرُ الهِدَايَةِ" وَ"الوِفَاقُ وَالخِلَافِ بَيْنَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ" وَ"مَسَائِلِ خِلَافٍ" وَ"أُصُولُ فِقْهِ"، وَغَيْرُ ذلِكَ.
قُلْتُ: رَأَيْتُ لَهُ كِتَابَ "الرَّاجِحُ" فِي أُصُوْلِ الفِقْهِ، قَالَ: وَمِنْهَا: "اعْتِقَادُ أَهْلِ حَرَّانَ"، وَ"نَفْيُ الآفَاتِ عَنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ"، وَ"صَرْفُ الاِلْتِبَاسِ عَنْ بِدْعَةِ قِرَاءَةِ الأَخْمَاسِ" وَغَيْرِ ذلِكَ.
قَالَ: وَعُدْتُهُ فِي مَرَضِهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا، مَاتَ زَمَنَ اشْتِغَالِي، وَنَدِمْتُ عَلَى مَا فَاتَنِي مِنْهُ.
(1)
326 - أَبُو الرَّبِيْعِ بْنُ المُشْبِّكِ (؟ - بَعْدَ 620 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْن نَصرِ اللهِ (وَرَقَة: 64)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 529)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 194)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 361).
تُوُفِيَ بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ يَعْنِي بِـ "حَرَّانَ".
قُلْتُ: أَظُنُّهُ مَاتَ فِي أوَّلِ هَذَهِ العَشْرِ
(1)
. وَاللهُ أَعْلَمُ.
(1)
في (ط): "هَذَا الشَّهْرِ" وَلَيْسَ فِي الكَلامِ شَهْرٌ؟!.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (628 هـ):
485 -
أَحْمَدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيُّ، أَبُو نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ. مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ شَهِيْرَةٍ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"وَهُوَ مِنْ بَيْتِ الحَدِيثِ وَالعَدَالَةِ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (139)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَة (3/ 286)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَام (302)، وسِيَر أعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 307)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 180)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 277)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 136).
486 -
وَحَمزَةُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسمَاعِيْلَ بْنِ حَمزَةَ الطَّبَّالُ الأَزَجِيُّ البَغْدَادِيُّ، مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ مَشْهُورَةٍ، جَدُّهُ إِسْمَاعِيْلُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الحُسَيْنِ (ت: 607 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ فِي السَّنَةِ التَّالِيَةِ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 292)، وَقَالَ: "حَدَّثَ هُوَ وَأَبُوهُ، وَجَدُّهُ وَكَانَ أَبُوْهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الطَّبَالِيْنَ بِدَارِ الخِلَافَةِ المُعَظَّمَةِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ.
487 -
عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهَا عَبْدَ الرَّزَّاقِ (ت: 603 هـ) وَجَدَّهَا عَبْدَ القَادِرِ (ت: 561 هـ). أَخْبَارُهَا فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 284)، وَتَارِيخِ الإِسْلامِ (316).
488 -
عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَكْرَانَ، أَبُو الفَضْلِ الدَّاهِرِيُّ، الخَفَّافُ الخَرَّازُ، مُحَدِّثٌ، كَبِيْرٌ، مَشهُورٌ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ (ت: 575 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: مُعجَمِ البُلْدَانِ (2/ 496)، وَالتَّقْيِيْدِ (353)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 283)، وَالعِبَرِ (5/ 112)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 121)، وَغَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 387)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 277)، وَبُغْيَةِ الوُعَاةِ (2/ 96)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 128)، وَالدَّاهِرِيَّةُ =
327 - خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدِ
(1)
الكِنَّرِيُّ، البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، أَبُو الذُّخْرِ.
وُلِدَ بِـ "كُنَّرِ" مِنْ قُرَى "بَغْدَادَ" سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَحَفِظَ بِهَا القُرْآنَ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ ثُمَّ سَافَرَ إِلَى "المَوْصِلِ" وَاسْتَوْطَنَهَا، وَسَمِعَ بِهَا مِنَ الخَطِيْبِ أَبِي الفَضْلِ الطُّوْسِيِّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَغَيْرِهِمَا.
وَحَدَّثَ، وَأَقْرَأَ القُرْآنَ، وَكتَبَ عَنْهُ النَّاسُ، وَكَانَ مُتَدَيِّنًا، صَالِحًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ. تُوُفِّيَ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "المَوْصِلِ"، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
328 - يُوْسُفُ بْنُ فَضْلِ اللهِ
(2)
بْنِ يَحْيَى السَّكَاكِيْنِيُّ الحَرَّانِيُّ، الأَدِيْبُ الزاهد،
= المَنْسُوبُ إِلَيْهَا قَرْيَةٌ مِنْ سَوادِ بَغْدَادَ. قَالَ يَاقُوْتٌ: "وَهُوَ حَيٌّ فِي وَقْتِنَا هَذَا سَنَةَ 620 هـ".
(1)
327 - أَبُو الذُّخْرِ الكِنَّرِيُّ (؟ - 629 هـ):
أَخبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 64)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 377)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 193)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 360). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 548)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 123)(7/ 217)، وَنِسْبَتُهُ إِلَى "كِنَّرَ" وَهِيَ قَرْيَةٌ كَبِيْرَةٌ مِنْ "بَغْدَادَ" مِنْ نَوَاحِي "دُجَيْلَ" بِالكَسْرِ وَتَشْدِيْدِ ثَانِيْهِ.
(2)
328 - أَبُو المُظَفَّرِ السَّكَاكِينِيُّ (؟ - 624 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرقَة: 64)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (3/ 143)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 194)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 361). وَيُرَاجَعُ: عُقُوْدُ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (10/ 244)، وَأَنَا أَنْقُلُ لَكَ مَا قَالَهُ ابْنُ الشَّعَّارِ فِي عُقُودِ الجُمَانِ، فَكُلُّ مَا فِيهِ مُفِيْدٌ قَالَ:". . . ذَكَرَهُ مَحَاسِنُ بْنُ سَلَامَةَ الحَرَّانِيُّ في تَارِيْخِهِ [تَارِيْخِ حَرَّانَ] وَقَالَ: كَانَتْ وَفَاةُ يُوْسُفَ السَّكَاكِيْنِيِّ بِـ "حَرَّانَ" ثَامِنَ عَشَرَ المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتَمَائَةَ، وَدُفِنَ بِمَنْزِلِهِ، وَوَقَفَ دَارَهُ فِي مَحِلَّةِ الجَلَاعِطَةِ دَارًا لِلْحَدِيْثِ، وَوَقَفَ كُتُبَهُ عَلَيْهَا، وَكانَ يَعْرِفُ شَيْئًا مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَالفِقْهِ، وَالفَرَائِضِ، وَالقِرَاءَاتِ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَعِلْمِ التَّجْوِيْدِ والتَّصْرِيْفِ وَشِعْرٍ، وَيُقْرِئُ النَّحْوَ، قَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ "حَرَّانَ" وَغَيْرِهَا، النَّحوَ، وَالتَّجْوِيْدَ، وَالوَقْفَ وَالاِبْتِدَاءَ، وَاجْتَمَعَ بِـ "بَغْدَادَ" بِأَبِي البَقَاءِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحُسَيْنِ العُكبُرِيِّ النَّحْوِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ النَّحْوِ وَالعَرَبِيَّةِ، وَكَانَ يَعْمَلُ السَّكَاكِيْنَ وَالمَغَازِلَ وَغَيْرِهَا بِيَدِهِ، وَيَأْكُلُ مِنْهَا، وَحَجَّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، وَكَانَ رَجُلًا عَاقِلًا، يَأْمُرُ بِالمعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، وَجَوَّدَ القُرْآنَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِي بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حِبَّانَ الحَرَّانِيِّ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ تَجْوِيدِ الشَّيْخِ أَبِي الكَرَمِ فِتْيَانَ بْنِ مَيَّاحٍ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الحَرَّانِيِّ، وَكَانَ شَيْخُهُ فِي التَّصَوُّفِ الشَّيْخِ أَبُو مُحَمَّدِ عَبْدُ اللهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بن يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ، صَاحِبِ الشَّيْخِ عَتِيْقِ بْنِ عَلِيٍّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ بِـ "دِمَشْقَ" وَ"بَغْدَادَ" وَ"حَرَّانَ" وَبَنَى المَسْجِدَ الَّذِي كَانَ يُعْرَفُ بِهِ عِنْدَ دَارِهِ، وَاشْتَرَى لَهُ مُلْكًا وَأَرَاد أَنْ يَزِيْدَ فِيْهِ فَأَدْرَكَهُ المَوْتُ، وَلَمْ يَشْتَرِ بِمَالِهِ لكِنْ بِجَاهِهِ وَوِسَاطَتِهِ، فَكَانَ يُقْرِئُ قَوْمًا مِنْ أَوْلَادِ الأُمَرَاءِ، وَسَمِعَ فِيْمَا سَمِعَ بِـ "حَرَّانَ" عَلَى أَبِي الثَّنَاءِ حَمَّادِ بْنِ هِبَةِ اللهِ الحَرَّانِيِّ، وَالحَافِظِ أَبي مُحَمَّدٍ عَبْدِ القَادِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرُّهَاوِيِّ، وَأَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ عُمَرَ الطَّبَّاخِ، وَانْتَقَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ القَادِرِ إِلَى جِوَارِ يُوْسُفَ السَّكَاكِيْنِيُّ وَبَنَى إِلَى جَانِبِ مَسْجِدِهِ دَارًا، وَسَكَنَهَا حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ يُسْمِعُ النَّاسَ فِي المَسْجِدِ الَّذِي يُصَلِّي فِيْهِ يُوْسُفُ، ثُمَّ أَوْرَدَ لَهُ قَصِيْدَةً لَامِيَّةً عَدَدُ أَبْيَاتِهَا مَائَتَانِ وَأَرْبعَةَ عَشَرَ بَيْتًا يَرْثِي فِيْها الشَّيْخُ الفَقِيْهُ، الإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنَ قُدَامَةَ المَقْدِسِيَّ، رَحْمَةُ اللهُ عَلَيْهِ، شَيْخَ الحَنَابِلَةِ فِي وَقْتِهِ بِـ "دِمَشْقَ" وَذَكَرَ فِيْهَا مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ فِيهَا فَضَائِلَ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ المَقْدِسِيِّ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى دِمَشْقَ إِلَى الفَقِيْهِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْن زَاكِي بْنِ جُمَيْعٍ الحَرَّانِيِّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - هَذَا آخِرُ كَلَامِ مَحَاسِنِ. أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ المُفِيْدُ أَبُو حفْصٍ عُمَرُ بْنُ مَكِّيِّ بْنِ سَرْجَاءِ بْنِ مُحَمَّدٍ المُقرِئُ القَلَانِسِيُّ الحَلَبِيُّ بِهَا، يَوْمَ الجُمُعَةِ العِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ قَالَ: أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ الصَّالِحُ
الزَّاهِدُ، أَبُو المُظَفَّرِ، وَأَبُو الحَجَّاجِ، سَمِعَ عَلَى الرُّهَاوِيِّ بِـ "حَرَّان" بَعْدَ السِّتِّمَائَةَ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فَقَالَ: كَانَ إِمَامَ البَلَدِ فِي وَقْتِهِ فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالتَّصْرِيْفِ، وَالقِرَاءَاتِ. وَلَهُ تَصْنِيْفٌ كَبِيْرٌ فِي الزُّهْدِ وَالوَرَعِ، وَلَهُ النَّظْمُ الكَثِيْرُ الحَسَنُ.
وَتُوُفِّيَ بِـ "حَرَّانَ" وَدُفِنَ بِدَارِهِ الَّتِي جَعَلَهَا دَارَ حَدِيْثٍ، وَوَقَفَ بِهَا خِزَانَتَهُ وَكُتُبَهُ. وَلَمْ تُؤَرَّخْ وَفَاتُهُ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَدْ سُمِعَ عَلَيْهِ شَيءٌ مِنْ نَظْمِهِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ" وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَفِقْ يَاذَا النُّهَى وَابْغِ الوِفَاقَا
…
فَقَدْ وَاللهِ أَفْلَحَ مَنْ أَفَاقَا
وَنَفْسَكَ أَيُّهَا المَغْرُوْرُ صُنْهَا
…
عَنِ الدُّنْيَا وَبُتَّ لَهَا طَلَاقَا
وَلَا تَرْكَنْ إِلَيْهَا فَهِيَ سِجْنٌ
…
سَفِيْهٌ مَنْ رَجَا مِنْهَا إِبَاقَا
وَلَا تَفْرَحْ بِزُخْرُفِهَا، فَإِنِّي
…
رَأَيْتُ تَمَامَ مَا تُعْطَى مُحَاقَا
وَلَكِنْ مَنْ تَلَفَّعَ ثَوْبَ زُهْدٍ
…
يَفُكُّ بِزُهْدِهِ عَنْهُ الوِثَاقَا
إِذَا مَا سَاعَةٌ لِلْحَشْرِ قَامَتْ
…
وَلَمْ يُرَ عِنْدَ صُبْحَتِهَا فُوَاقَا
= أَبُو المُظَفَّرِ يُوْسُفُ بْنُ فَضلِ اللهِ بْنِ يَحْيَى الحَرَّانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - لِنَفْسِهِ فِي صَفَرَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، بِـ "حَرَّانَ" هَذِهِ القَصِيْدَة فِي الزُّهْدِ، وَيَمْدَحُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. . ." وَأَوْرَدَ القَصِيْدَةَ المَوْجُوْدَةَ هُنَا ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَيْضًا يَرْثِي الشَّيْخَ المُوَفَّقَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيَّ، الفَقِيْهَ، الحَنْبَلِيَّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - مِنْ قَصِيْدَةٍ طَوِيْلَةٍ أَوَّلُهَا:
الحَمْدُ للهِ القَدِيْمِ الأَوَّلِ
…
مَا أَطَّ رَحْلُ مُسَافِرٍ مُتَحَوِّلِ
يَقْرُو إِلى أُمِّ القُرَى سَنَنَ القِرَى
…
سَنَّ القَرَى بِتَوَاضُعٍ وَتَدلُّلٍ
وَأَوْرَدَ مِنْهَا أَحَدَ عَشَرَ بيْتًا وَقَالَ: "وَهِيَ طَوِيْلَةٌ".
وَبُرِّزَتِ الجَحِيمُ لَهَا زَفِيْرٌ
…
وَحَلَّ عَذَابُهَا بِهِمْ وَحَاقَا
وَتُنْصَبُ لِلْعُصَاةِ وَقَدْ أَتَوْهَا
…
وَمَا وَافَوا بِصَالِحَةٍ رَهَاقَا
فَكُنْ حَذِرًا وُقَيْتَ حُلُوْلَ دَارٍ
…
يَكُوْنَ شَرَابُ سَاكِنِهَا غَسَاقَا
وَجَاهِدْ كَيْ تَصِيْرَ إِلَى نَعِيْمٍ
…
مُقِيْمٍ لَا تَخَافُ لَهُ فِرَاقَا
بِدَارٍ شُرْبُ سَاكِنَهَا رَحِيْقٌ
…
يُعَاطَى الكَأْسَ مُتْرَعَةً دِهَاقَا
مِنَ التَّسْنِيْمِ
(1)
وَالوِلْدَانُ تَسْعَى
…
بِهَا أَبَدًا صَبُوْحًا وَاغْتِبَاقَا
وَعِنْدَهُمْ حِسَانٌ قَاصِرَاتٌ
…
صَفَا وُدُّ الحِسَانِ لَهُمُ وَرَاقَا
وَأَنْهَارٌ بِهَا عَسَلٌ مُصَفَّى
…
وَمِنْ لَبَنٍ زَهَا الرَّائِي وَشَاقَا
وَمِنْ خَمْرٍ تَلَذُّ لِشَارِبِيْهَا
…
وَلَا تَغْتَالُ عَقْلًا إِذْ تُسَاقَى
وَمَاءٌ
(2)
لا يُرَى فِيهَا أُجُوْنٌ
…
إِذَا مَا اسْتَاقَهُ السَّاقِي وَذَاقَا
وَأَفْنَانُ القُطُوْفِ بِهَا دَوَانٍ
(3)
…
وَتَعْتَنِقُ الغُصُوْنَ بِهَا اعْتِنَاقَا
وَفِيْهَا مَا تَشْتَهِي
(4)
النَّفْسُ حَتْمًا
…
لِمَنْ لَمْ يَنْوِ فِي الدُّنْيَا نِفَاقَا
وَلَمْ يَأْتِ الخَطَايَا مُسْتَحِلًّا
…
وَلَا دَانَى فَوَاحِشُهَا شِقَاقَا
وَأَعْظَمُ مِنَّةٍ للهِ فْيهَا
…
عَلَى العَبْدِ التَّحِيَّةُ حِيْنَ لَاقَى
(1)
في (ط): "مِنَ التَّسليم" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ. وَيَشْهَدُ للتَّصْحِيْحِ {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)} .
(2)
في (ط): "وَمَالًا". وَيَشْهَدُ للتَّصْحِيْحِ قَوْلُ عَلْقَمَةَ بن عَبْدَةَ:
فَأَوْرَدَهَا مَاءً كَأَنَّ جِمَامَهُ
…
مِنَ الأُجْنِ حِنَّاءٌ مَعًا وَصَبِيْبُ
وَالمَاءُ الآجِنُ: المُتَغَيِّرُ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ.
(3)
في "عُقُودِ الجُمَانِ": "رَوَانٍ" تَحْرِيْفٌ أَيْضًا، ويشهد للتصحيح {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)} .
(4)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ؟ وَلَعَلَّ صَوَابَهَا: "تَشَهَّى". وَأَصْلُهُ "تَتَشَهَّى" فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ.
سَلَامٌ يَا عِبَادِي نِلْتُمُوْهُ
…
جَزَاءٌ مِنْ مَلِيْكِكُمُوا وَفَاقَا
فَخَرُّوا ثُمَّ كَادَ العَقْلُ مِنْهُمْ
…
وَقَدْ لَاقَوْهُ يَنْطَلِقُ انْطِلَاقَا
وَكَيْفَ القَلْبُ لَا يَنْشَقُّ مِنِّي
…
عَلَى هَذَا بِغُصَّتِهِ انْشِقَاقَا
وَحَوْلَ القَوْمِ أَشْجَارٌ وَرَوْضٌ
…
مِنَ المُرْجَانِ تَصْطَفِقُ اصْطِفَاقَا
وَحُوْرٌ مِنْ بُطُوْنِ الغَيْبِ تَبْدُو
…
فَتَعْتَلِقَ القُلُوْبَ بِهَا اعْتِلَاقَا
يُلَاعِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُرُوْرًا
…
بِوُدٍّ مَا أَتَوا فِيْهِ مَذَاقَا
فَمَنْ رَامَ الخُلُوْدَ بِدَارِ عَدْنٍ
…
يُشَمِّرُ فِي تَطَلُّبِ ذَاكَ سَاقَا
وَيُلْزِمُ نَفْسُهُ سَهَرَ اللَّيَالِي
…
وَيَكْلَفُ فِي العِبَادَةِ مَا أَطَاقَا
فَلَا وَاللهِ مَا نَالَ المَعَالِي
…
أَخُو دَعَة يَمُدُّ لَهُ رُوَاقَا
وَيُنْشِدُ مُسْتَظِلًّا فِي فِنَاهُ
…
أَيَدْرِي الرَّبْعَ أَيَّ دَمِ أَرَاقَا
بَلَى وَاللهِ مَنْ جَدَّ اجْتِهَادًا
…
وَسَابَقَ فِي رِضَى المَوْلَى سِبَاقَا
وَحَجَّ البَيتَ عَامًا بَعْدَ عَامٍ
…
وَأَعْمَلَ نَحْوَهُ عِيْسًا دِقَاقَا
وَلَمْ يَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا غُرُوْرًا
…
وَقَطَّعَ مِنْ عَلَائِقِهَا الرِّبَاقَا
وَلَا يُلْوِي عَلَى أَهْلٍ وَمَالٍ
…
وَحَنَّ إِلَى فِرَاقِهِمَا وَتَاقَا
فَطَوْرًا يَقْطَعُ البَيْدَاءِ شَامًا
…
وَطَوْرًا سَالِكًا فِيْهَا عِرَاقَا
وَفَارَقَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا مُطِيْعًا
…
وَأَقْبَلَ نَحْوَ أُخْرَاهُ اشْتِيَاقَا
وَعَانَى مِنْ أَلِيْمِ الشَّوْقِ وَجْدًا
…
وَكَابَدَ مِنْ تَلَهُّبِهِ احْتِرَاقَا
وَرَافَقَ مَنْ يُرَافِقُهُ بِرِفْقٍ
…
وَلَا يَشْكُو إِلَى أَحَدٍ رِفَاقَا
جَدِيْرًا أَنْ يَصِيْرَ إِلَى سُرُوْرٍ
…
يَلَذُّ بِهِ وَيَرْتَفِقُ ارْتِفَاقَا
فَيَا طُوْبَى لِمَنْ أَصغَى لِوَعْظِي
…
وَزَايَلَ غَيِّه ثُمَّ اسْتَفَاقَا
وَذَكَرَ بَاقِي القَصِيْدَةَ، وَهِيَ طَوِيْلَةٌ، رَوَاهَا عَنْهُ المُحَدِّثُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مَكِّيِّ بْنِ سَرْحَاءَ الحَلَبِيُّ القَلَانِسِيُّ. وَلَهُ مَرْثِيَّةٌ فِي الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ، رَوَاهَا عَنْهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ إِجَازَةً.
329 - يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ
(1)
بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوْبَ البَغْدَادِيُّ القَطُفْتِيُّ الفَقِيْهُ المُعَدَّلُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو زكَرِيَّا،
ابْنُ أَبِي سَعِيْدِ، ابْنِ أَبِي الحَسَنِ، المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ غَالِيَةَ" بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ.
ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ، وَحَصَّلَ طَرَفًا صَالِحًا مِنَ الفِقْهِ، وَنَظَرَ فِي عِلْمِ الحِسَابِ وَغَيْرِهِ، وَشَهِدَ عِنْدَ الحُكَّامِ. وَوَلِيَ خَبَرِيَّةِ "بَابِ النُّوْبِّي" ثُمَّ عُزِلَ، وَنَابَ فِي نَظَرِ المَارِسْتَانَ، وَكَتَبَ عَنْهُ ابْنُ السَّاعِي، وَسَمِعَ مِنْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ أَبِي الجُيْشِ أَبْيَاتًا للقَيْرَوانِيِّ، بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي مُحَمَّدِ الحَسَنِ بنِ عَبِيْدَةَ النَّحْوِيِّ
(2)
،
(1)
329 - أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ غَالِيَةَ (544 - 629 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابن نَصْرِ اللهِ (وَرقَة: 64)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 95)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 197)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنضَّدِ"(1/ 362).
(2)
الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ بَرَكَةَ بنِ عَبِيْدَةَ النَّحْوِيُّ، الفَرَضِيُّ، المُقْرِئُ، البَغْدَادِيُّ، الكَرْخِيُّ، وَ"عَبِيْدَةَ" بِفَتْحِ العَيْنِ (ت: 582 هـ). يُرَاجَعُ: إِنْبَاهُ الرُّوَاةِ (1/ 316)، وَبُغْيَةُ الوُعَاةِ (1/ 511)، وَتَقْيِيْدُ (عَبِيْدَةَ) في تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (2/ 102)، وَلَهُ أَخٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ اسْمُهُ عَلِيُّ بنُ عَلِيٍّ، لكِنَّ هَذَا الأَخِيْرَ لَمْ يَشْتَهِرْ بـ "النَّحْوِيِّ".
وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: هُوَ خَالِي، وَلَمْ يُؤَرِّخْ وَفَاتَهُ. وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَالسِّتِّمَائَةَ، أَوْ بَعْدَهَا.
وَفِي وَفَيَاتِ المُنْذِرِيِّ: وَفِي جُمَادَى الأُوْلَى - يَعْنِي سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ -
(1)
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ أَبُو يَحْيَى زكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى القَطُفْتِيُّ بِـ "بَغْدَادَ" وَدُفِنَ بِمَقْبَرةِ مَعْرُوْفٍ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ - أَوْ خَمْسٍ - وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. سَمِعَ مِنْ يَحْيَى بْنِ مَوْهُوبِ بْنِ السَّدْنَكِ
(2)
، وَحَدَّثَ، كَذَا سَمَاهُ. وَفِي اسْمِهِ تَخْبِيْطٌ فِي النُّسْخَةِ فَيُحَرِّرُ ذلِكَ.
330 - مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الغَنِيِّ
(3)
بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ شُجَاعِ بْنِ أَبِي نَصْرِ بْنِ البَغْدَادِيُّ
(1)
ذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ فِي: التَّكمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَة (3/ 263)، فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (627 هـ) وَلَيْسَ فِي النُّسْخَة تَخْبِيْطٌ، وَأَخْبَارُهُ هُنَاكَ مُقْتَضِبَةٌ، نَقَلَهَا عَنْهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (283)، فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (627) أَيْضًا وَهِيَ: أَكَثَرُ اخْتِصَارًا، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ غَيْرُ المُتَرْجَمِ هُنَا. فَلَعَلَّهُ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ ابْنَهُ. وَيُرَاجَعُ: شَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 215).
(2)
في (ط): "أَنسديك" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ.
(3)
330 - ابْنُ نُقْطَةَ الحَافِظُ (579 - 629 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابن نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 64)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 447)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 198)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 362). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 300)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 248)، وَوَفَيَاتُ الأَعْيَانِ (4/ 392)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (5/ 407)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (371)، وَسِيَرُ أعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 347)، وَالعِبَرُ (5/ 117)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1412) وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلَامِ (259)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفيَاتِ الأَعْيَانِ (331)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (194)، وَالمُشْتَبَهُ (2/ 671)، وَالوَافِي بِالوَفيَاتِ (3/ 267)، =
الحَافِظُ، أَبُوْ بَكْرِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ نُقْطَةَ"، وَيُلَقَّبُ "مُعِيْنَ الدِّيْنِ"، وَ"مُحِبَّ الدِّيْنِ" أَيْضًا.
وُلِدَ فِي عَاشِرِ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ يَحْيَى بْنِ بُوْشٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بْنِ سُكَيْنَةَ، وَعُمَرُ بْنُ طِبَرْزَدَ، وَابْنِ الأَخْضَرِ الحَافِظِ، وَأَحْمَدَ بْنِ الحَسَنِ العَاقُوْلِيِّ، وَخَلْقٍ.
وَرَحَلَ إِلَى البُلْدَانِ، فَسَمِعَ بِـ "وَاسِطَ" مِنْ أَبي الفَتْحِ بْنِ المَنْدَائِي، وَبِـ "إِرْبِلَ" مِنْ عَبْدِ اللَّطِيْفِ بْنِ أَبِي النَّجِيْبِ السَّهْرَوَرْدِيِّ، وَبِـ "أَصْبَهَانَ" مِنْ عَفِيْفَةَ الفَارِقَانِيَّةِ، وَزَاهِرِ بنِ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ
(1)
وَالمُؤَيِّدِ بْنِ الإِخْوَةِ، وَأَبِي الفَخْرِ بْنِ رَوْحٍ، وَجَمَاعَةٍ، وَبِـ "خُرَاسَانَ" مِنْ مَنْصُوْرِ بْنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الفُرَاوِيِّ، وَالمُؤَيِّدِ
= وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 68)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 133)، وَتَوْضِيْحُ المُشتَبَهِ (9/ 249)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 279)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 7/ 234).
489 -
ابْنُهُ لَيْثٌ: وَيُسَمَّى عَبْدَ الغَنِيِّ، مُحَدِّثٌ رَوَى عَنهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (2/ 146) قَالَ:"لَيْثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الغَنِيِّ، أَبُو مُوسَى بْنُ الحَافِظِ أَبِي بَكْرِ بْنِ نُقْطَةَ البَغْدَادِيِّ وَاسْمُهُ عَبْدُ الغَنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُوسَى عَبْدُ الغنِيِّ بن أَبِي بَكْرٍ المَدْعُو لَيْثًا بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ. . ." وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ وَكَانَ عَبْدُ الغِنيِّ لَيْثٌ يُحَدِّثُ عَنْ وَالِدِهِ بِمُصَنَّفَاتِهِ فَقَدْ جَاءَ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (1/ 464) أَنَّهُ سَمِعَ كِتَابَ "التَّقْيِيْدِ. . ." مِنْ وَالِدِهِ وَحَدَّثَ بِهِ، وَلِلَيْثٍ شُهْرَةٌ وَأَخْبَارٌ. وَلَقَبُهُ "مُحِبُّ الدِّيْنِ" كَمَا في مَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 22) وَسَمَّاهُ عَبْدَ الغَنِيِّ.
- وَلابْنِ نُقْطَةَ أَخٌ: هُوَ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ أَبِي بَكْرٍ (ت: 597 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
(1)
سَاقِطٌ مِن (ط).
الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ
(1)
، وَجَمَاعَةٍ، وَبِـ "دِمَشْقَ" مِنْ أَبِي اليُمَنِ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ الحَرَسْتَانِيِّ، وَدَاوُدَ بْنِ مُلَاعِبٍ،
(2)
وَغَيْرِهِمْ (1)، وَبِـ "مِصرَ" مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الفَخْرِ الكَاتِبِ، وَعَبْدِ القَوِيِّ بنِ الحُبَابِ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ السِّلَفِيِّ وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ بِـ "الاِسْكَنْدَرِيَّةِ" مِنِ ابْنِ عِمَادٍ الحَرَّانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ السِّلَفِيِّ، وَسَمِعَ بِـ "مَكَّةَ" مِنْ يَحْيَى بْنُ يَاقُوْتَ، وَبِـ "حَرَّانَ" مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ القَادِرِ، وَبِـ "حَلَبِ" مِنَ الاِفْتِخَارِ الهَاشِمِيِّ، وَبِـ "المَوْصِلِ" مِنْ جَمَاعَةٍ، وَبِـ "دَمَنْهُورَ"، وَ"دُنَيْسِرَ"
(3)
، وَبِلَادٍ أُخَرَ. وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ عِنَايَةً تَامَّةً، وَبَرَعَ فِيْهِ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ مُفِيْدَةً.
ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ الحَاجِبِ الحَافِظُ فِي "مُعْجَمِهِ" فَقَالَ: شَيْخُنَا هَذَا أَحَدُ الحُفَّاظِ المَوْجُودِيْنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ، طَافَ البِلَادَ، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ، وَصَنَّفَ كُتُبًا حَسَنَةً فِي مَعْرِفَةِ عُلُومِ الحَدِيْثِ، وَالأَنْسَابِ، وَكَانَ إِمَامًا، زَاهِدًا، وَرِعًا، ثِقَةً، ثَبْتًا، حَسَنَ القِرَاءَةِ، مَلِيحَ الخَطِّ، كَثِيْرَ الفَوائِدِ، مُتَحَرِّيًا فِي الرِّوَايَةِ، حُجَّةً فِيْمَا يَقُوْلُهُ، وَيُصَنِّفُهُ، وَيَنْقُلُهُ، ويَجْمَعُهُ، حَسَنَ النَّقْلِ، مَلِيْحَ الخَطِّ وَالضَّبْطِ، ذَا سَمْتٍ وَوَقَارٍ وَعَفَافٍ، حَسَنَ السِّيْرَةِ، جَمِيْلَ الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ،
(1)
في (ط): "المسعرية" وَفِي (د): "السعريه" وإنما هي: زَيْنَبُ الشَّعْرِيَّةُ، مُحَدِّثَةٌ مَشْهُورَة (ت: 615 هـ) لَهَا ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ.
(2)
ساقط من (د).
(3)
في (ط): "دنير" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
سَخِيَّ النَّفْسِ مَعَ القِلَّةِ، قَانِعًا بِاليَسِيْرِ، كَثيْرَ الرَّغْبَةِ إِلَى الخَيْرَاتِ. سَأَلْتُ ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ - يَعْنِي الحَافِظَ الضِّيَاءَ - عَنْهُ فَقَالَ: حَافِظٌ، دَيِّنٌ، ثِقَةٌ، صَاحِبُ مُرُوءَةٍ، كَرِيْمُ النَّفْسِ، كَثِيْرُ الفَائِدَةِ، مَشْهُوْرٌ بِالثِّقَةِ، حُلْوُ المَنْطِقِ. وَسَأَلْتُ البِرْزَالِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ، دَيِّنٌ، مُفِيْدٌ. انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: رَفِيْقُنَا الحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ نُقْطَةَ، سَمِعْتُ مِنْهُ وَسَمِعَ مِنِّي بِـ "جِيْزَةِ فِسْطَاطِ مِصْرَ" وَغَيْرِهَا. وَكَانَ أَحَدَ المَشْهُورِيْنَ بِكَثْرَةِ الطَّلَبِ وَالكِتَابَةِ وَالرِّحْلَةِ، وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ مُفِيدَةً.
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: دَخَلَ "خُرَاسَانَ" وَ"بِلَادَ الجَبَلِ"، وَ"الجَزِيْرَةِ"، وَ"الشَّامِ"، وَ"مِصْرَ"، وَلَقِيَ المَشَايِخَ، وَأَخَذَ عنْهُمْ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَعَلَّقَ التَّعَالِيْقَ النَّافِعَةَ، وَذَيَّلَ عَلَى "الإِكْمَالِ" لاِبْنِ مَاكُوْلَا فِي مُجَلَّدَيْنِ
(1)
، وَلَهُ كِتَابٌ آخَرُ لَطِيْفٌ فِي "الأَنْسَابِ"، وَلَهُ كِتَابُ:"التَّقْيِيْدِ بِمَعْرِفَةِ رُوَاةِ السُّنَنِ وَالمَسَانِيدِ"
(2)
وَلَهُ غَيْرُ ذلِكَ.
وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُتْقِنُ، مُحَدِّثُ "العِرَاقِ" أَبُو بَكْرِ بنُ نُقْطَةَ - وَذَكَرَ تَرْجَمَتَهُ، إِلَى أَنْ قَالَ:- وَكِتَابُهُ "المُسْتَدْرَكُ عَلَى إِكمَالِ بنِ مَاكُوْلَا" يُنْبِيءُ بِإِمَامَتِهِ وَحِفْظِهِ، وَكَانَ مُتْقِنًا، مُحَقِّقًا، لَهُ سَمْتٌ
(1)
طُبِعَ فِي مَرْكَزِ البَحْثِ العِلْمِيِّ بِجَامِعَةِ أُمِّ القُرَى بِاسمِ "تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ" بِتَحْقِيْقِ الدُّكْتور عَبْدِ القَيُّوم عَبد ربِّ النَّبِيِّ من سَنَةِ 1408 - 1418 هـ في ستِّ مجلداتٍ.
(2)
طُبِعَ فِي الهِنْدِ (دائرة المعارف) سَنَةَ 1403 هـ، ثم أُعِيْدَ صَفُّهُ ببيروت سنة 1407 هـ في "دَارِ الحَدِيْثِ" وَ"دَارِ الكُتُبِ العِلْمِيَّةِ" سنة 1408 هـ.
وَوَقَارٌ، وَفِيْهِ دِيْنٌ وَقَنَاعَةٌ، قَفَى أَثَرَ وَالِدِهِ فِي الزُّهْدِ وَالتَّقَشُّفِ، لَمْ أَلْقَ أَحَدًا يَرْوِي لِي عَنْهُ. قَالَ: وَرَوَى عَنْهُ المُنْذِرِيُّ، وَالسَّيْفُ بنُ المَجْدِ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بْنُ مَنْصُورٍ الأَثَرِيُّ، وَأَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَابْنُهُ اللَّيْثُ بْنُ نُقْطَةَ. وَذَكَرَ غَيْرَهُمْ.
وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الحَاجِبِ عَنِ ابْنِ الأَنْمَاطِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ نِسْبَتِهِ فَقَالَ: جَارِيَةٌ رَبَّتْ جَدَّتِي أُمِّ أَبِي، اسْمُهَا "نُقْطَةُ" عُرِفْنَا بِاسْمِهَا، وَقَدْ أَجَازَ لِفَاطِمَةَ بِنْتُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَتَأَخَّرَتْ وَفَاتُهَا.
تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي سِنِّ الكُهُوْلَةِ، بُكْرَةَ يَوْمِ الجُمُعَةِ ثَانِي عَشَرَ صَفَرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" وَدُفِنَ عِنْدَ قَبْرِ أَبِيْهِ.
331 - وَأَبُوهُ الزَّاهِدُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغَنِيِّ
(1)
كَانَ مِنْ أَكَابِرِ الزُّهَّادِ المَشْهُورِيْنَ بِالصَّلَاحِ وَالإيْثَارِ، وَلَهُ أَتْبَاعٌ وَمُرِيْدُوْنَ، وَبَنَتْ لَهُ أُمُّ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ مَسْجِدًا حَسَنًا بِـ "تَلِّ الزَّيْنَبِيَّةِ" بِـ "بَغْدَادَ" فَانْقَطَعَ
(2)
فِيهِ، وَكَانَ يَقْصِدُهُ النَّاسُ فَيَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمْ، وَزَوَّجَتْهُ بِجَارِيَةٍ مِنْ خَوَاصِّهَا، وَجَهَّزَتْهَا بِنَحْوِ عَشَرَةِ آلَافِ دِيْنَارٍ، فَمَا حَالَ الحَوْلُ وَعِنْدَهُمْ مِنْ ذلِكَ شَيْءٌ، بَلْ جَمِيْعُ ذلِكَ تَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ يَتَصَدَّقُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ، وَأَصْحَابُهُ صِيَامٌ لَا يَدَّخِرُ لَهُمْ عَشَاءً. وَيُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ مِنْ جَهَازِ زَوْجَتِهِ إِلَّا هَاوُنٌ، فَوَقَفَ سَائِلُ يُلِحُّ فِي الطَّلَبِ،
(1)
331 - أبو محمد عبد الغني (؟ - 583 هـ):
أشَرْنَا إِلَى تَرْجَمَتِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (583) فِيْمَا سَبَقَ.
(2)
تَأَخَّرَتْ هَذِهِ الكَلِمَةُ في (ط) إِلَى السَّطْرِ الثَّانِي بَعْدَ كَلِمَةِ "خَوَاصِّهَا".
وَيَصِفُ فَقْرَهُ وَحَاجَتَهُ، وَأَنَّهُ مُنْذُ كَذَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ الهَاوُنَ، وَقَالَ: خُذْ هَذَا كُلْ بِهِ فِي ثَلَاثِيْنَ يَوْمًا، وَلَا تُشَنِّعْ عَلَى اللهِ عز وجل.
وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ بْنِ التَّبَّانِ، وَمُظَفَّرِ بْنِ أَبِي نَصْرِ البَوَّابِ، وَغَيْرِهمَا.
وَتُوُفِّيَ فِي رَابِعِ جُمَادَى
(1)
الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ فِي مَوْضِعٍ مُجَاوِرٍ لِمَسْجِدِهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَنْبَأَنِي القَاسِم بْن مُحَمَّدٍ الحَافِظُ (أَنَا) أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَاسِطِيُّ الخَطِيْبُ (أَنَا) أَبُو بَكْرِ بنُ نُقْطَةَ الحَافِظُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ"(أَنَا) أَبُو بَكْرِ بْنُ رِيْدَةَ (أَنَا) الطَبَرَانِيُّ (أَنَا) أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فِيْلَ أنوبة
(2)
(ثَنَا) الحَسَنُ بنُ أَيُّوْبَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ
(3)
قَالَ:
(4)
"كانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ، وَلَا يَقْبلُ الصَّدَقَةَ".
332 - عَبْدُ اللهِ بْنِ عَبْدِ الغَنِيِّ
(5)
بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورٍ المَقْدِسِيُّ،
(1)
في (ط): "جماد".
(2)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ كُلِّهَا وَلَعَلَّهَا مُحَرَّفَة عَن "ثَنَا أَبُو تَوْبَةَ" فَقَدْ ذَكَرَ المُتَرْجِمُوْنَ لأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ أَنَّه يَرْوِي عَنْ أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيْعِ بنِ نَافِعٍ.
(3)
بَعدهَا فِي (د): "رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ".
(4)
رَوَاهُ أَحمَدُ فِي المُسنَدِ رقم: (17235) مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ المَازِنِيِّ رضي الله عنه وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(5)
332 - عَبْدُ اللهِ بْنُ الحَافِظ عَبْدِ الغَنِيِّ (581 - 629 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابن نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 64) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 40)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 200)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" =
ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحَافِظُ ابْنُ الحَافِظِ، أَبُو مُوْسَى بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَيُلَقَّبُ "جَمَالَ الدِّيْنِ". وُلِدَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
وَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الخِرَقِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الجَنْزَوِيِّ، والخُشُوْعِيِّ، وَرَحَلَ بِهِ أَخُوْهُ الحَافِظُ عِزُّ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ - المُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ - فَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، وَابْنِ المَعْطُوْشِ
(1)
وَبِـ "أَصْبَهَانَ"
= (1/ 363). وَيُرَاجَعُ: تَارِيخُ دُنَيْسِرَ (105)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 675)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 319)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (161)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (345)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 317)، وَالعِبَرُ (5/ 114)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفيَاتِ الأَعْيَانِ (331)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلَامِ (260)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (194)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1408)، وَمِرآةُ الجِنَانِ (4/ 68)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (17/ 293)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 133)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدُ (2/ 39)، وَالمُقَفَّى الكَبِيرُ (4/ 421)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 279)، وَطَبَقَاتُ الحُفَّاظِ (498)، وَالدَّارِسُ (1/ 47)، وَتَارِيْخُ الصَّالِحِيَّة "القَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ"(1/ 156)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 131)، (7/ 230).
ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدُهُ الحَافِظُ عَبْدَ الغَنِيِّ (ت: 600 هـ) وَأَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت: 613 هـ) كَمَا ذَكَرَ أخَاهُمَا عَبْدُ الرَّحمَنِ (ت: 642 هـ). وَأَوْلادُهُ: مُحَمَّدٌ (أَحْمَدُ) لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (185)، وَحَسَنٌ (ت: 659 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ وَ (عَبْدُ الرَّحْمَن) لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (363) وَ (عَبْدُ الغَنِّيِّ) لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (381)، وَ (مُحَمَّدٌ ت: 643 هـ)، لَهُ ذِكْرٌ في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (537)، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ.
(1)
في (ط): "المَعْطُوس" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
مِنْ مَسْعُوْدٍ الحَمَّالِ، وَخَلِيْلٍ الرَّارَانِي
(1)
وَأَبِي المَكَارِمِ
(2)
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَبِـ "مِصْرَ" مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الأرْتَاحِيِّ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الخَيْرِ، ثُمَّ ارْتَحَلَ ثانِيًا إِلَى "العِرَاقِ" فَسَمِعَ مِنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَأَبِي الفَتْحِ المَنْدَائِيِّ، وَطَبَقَتِهِمَا بِـ "بَغْدَادَ" وَ"وَاسِطَ"، وَمِنْ مَنْصُورٍ الفُرَاوِيِّ، وَالمُؤَيِّدِ الطُّوْسِيِّ، وَغَيرِهِمَا بِـ "نَيْسَابُوْرَ" وَسَمِعَ بِـ "المَوْصِلِ"، وَ"إِرْبِلَ"، وَبِـ "الحَرَمَيْنِ"، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَأَفَادَ، وَقَرَأَ القُرآنَ عَلَى عَمِّهِ الشَّيْخِ العِمَادِ، وَالفِقْهَ عَلَى الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ، وَالعَرَبِيَّةَ عَلَى أَبِي البَقَاءِ العُكْبَرِيِّ
(3)
.
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: اشْتَغَلَ بِالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، وَصَارَ عَلَمًا فِي وَقْتِهِ، وَرَحَلَ ثَانِيًا، وَمَشَى عَلَى رِجْلَيْهِ كَثِيْرًا، وَصَارَ قُدْوَةً، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِمُجَالِسِهِ الَّتِي لَمْ يُسْبِقْ إِلَى مِثْلِهَا.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: سَمِعْتُ الضِّيَاءَ يَصِفُ مَا قَاسَى أَبُو مُوْسَى مِنَ الشَّدَائِدِ، وَالجُوْعِ، وَالعَرَى فِي رِحْلَتِهِ إِلَى "نَيْسَابُورَ"، وَ"أَصْبَهَانَ".
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيُّ: حَافِظٌ، دَيِّنٌ، مُتَمَيِّزٌ. وَقَالَ الضِّيَاءُ عَنْهُ أَيْضًا: حَافِظٌ، مُتْقِنٌ، دَيِّنٌ، ثِقَةٌ، كَانَتْ قِرَاءَتُهُ سَرِيْعَةً صَحِيْحَةً مَلِيْحَةً.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ الحَافِظُ: لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ مِثْلَهُ فِي الحِفْظِ،
(1)
في (ط): "الدَارَني". وَالرَّارَانِي بِالرَّاءَيْنِ المَفْتُوْحَتَيْنِ. التَّوْضِيْحُ (4/ 86). وَذَكَرَ خَلِيْلًا.
(2)
في (ط): "المَكَام" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(3)
جَمَعَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ مَسْمُوْعَاتِهِ في "جُزْءٍ" مَوْجُوْدٍ في الظَّاهِرِيَّةِ بِخَطِّهِ مَجْمُوْع رقم (92)(158 - 176).
وَالمَعْرِفَةِ وَالأَمَانَةِ، وَكَانَ كَثِيْرَ الفَضْلِ، وَافِرَ العَقْلِ، مُتَواضِعًا، مَهِيْبًا، وَقُوْرًا، جَوَادًا، سَخِيًّا، لَهُ القُبُوْلُ التَّامُّ، مَعَ العِبَادَةِ وَالوَرَعِ وَالمُجَاهَدَةَ [كَأَنَّ كَلَامَهُ الضِّيَاءُ]
(1)
، وَكَانَ قَدْ عَوَّدَ النَّاسَ شَيْئًا لَمْ يَرَوْهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَذلِكَ: أَنَّ كُلَّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى قَرْضِ شَيءٍ يَمْضِي إِلَيْهِ، فَيَحْتَالُ لَهُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ مَا يَطْلُبُ، حَتَّى صَارَ عَلَيْهِ مِنْ ذلِكَ دُيُوْنٌ، وَكَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَرْجِعُ يُوْفِيْهِ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: وَلَوْ اشْتَغَلَ حَقَّ الاشْتِغَالِ مَا سَبَقَهُ أَحَدٌ، وَلكِنَّهُ تَارِكٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ
(2)
: عَقَد أَبُو مُوَسَى مَجْلِسَ التَّذْكِيْرِ، وَرَغَّبَ النَّاسَ فِي حُضُوْرِهِ، وَكَانَ جَمَّ الفَوَائِدِ، يُطَرِّزُ مَجْلِسَهُ بِالبُكَاءِ
(3)
وَالخُشُوع، وَإظْهَارِ الجَزَعِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: الحَافِظُ أَبُو مُوسَى، حَدَّثَ بِـ "دِمَشْقَ" وَ"مِصْرَ" وَغَيْرِهِمَا، اجْتَمَعْتُ بِهِ لَمَّا قَدِمَ "مِصْرَ" لِلغَزَاةِ بـ "ثَغْرِ دِمْيَاطَ".
قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَرَوَى عَنْهُ الضِّيَاءُ، وَابنُ أَبي عُمَرَ، وَابْنُ البُخَارِيِّ
(4)
وَجَمَاعةٌ كَثِيْرُوْنَ، وَآخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ إِجَازَةً: القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَان
(5)
، وَمَعَ هَذَا فَقَد غَمَزَهُ النَّاصِحُ بنُ الحَنْبَلِي، وَأَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ بنِ الجَوْزِيِّ
(1)
ساقِطٌ من (د).
(2)
فِي تَارِيخِ الإِسلَامِ وَقَرَأْتُ بِخَطِّ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ فِي تَرْجَمَتِهِ الجَمَالِ أَبِي مُوسَى قَالَ: وَعَقَدَ مَجْلِسَ التَّذْكِيْرِ. . .".
(3)
في (د): "بِالسَّخَاء".
(4)
مَشْيَخَةِ ابْنِ البُخَارِي (3/ 1533) الشَّيْخُ الثَّالِثُ وَالأَرْبَعُوْنَ.
(5)
سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ (ت: 715 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
بِالمَيْلِ إِلَى السَّلَاطِيْن
(1)
، وَالاِنْقِطَاعِ إِلَى المَلِكِ الصَّالِحِ.
وَالعَجَبُ: أَنَّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ كَانَا مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مَيْلًا إِلَى المُلُوْكِ، وَالتَّوَصُّلِ إِلَيْهِمْ، وَإِلَى بِرِّهِمْ بِالوَعْظِ وَغَيْرِهِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ القَائِلِ
(2)
:
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
…
عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيْمٌ
وَلَقَدْ كَانَ أَبُو مُوسَى أَتْقَى للهِ وَأَوْرَعَ، وَأَعْلَمَ مِنْهُمَا وَأَكْثَرَ عِبَادَةً، وَأَنْفَعَ لِلنَّاسِ، وَبَنى المَلِكُ الأَشْرَفُ "دَارَ الحَدِيْثِ" بِـ "السَّفْحِ عَلَى اسْمِهِ، وَجَعَلَهُ شَيْخَهَا، وَقَرَرَ لَهُ مَعْلُوْمًا، فَمَاتَ أَبُو مُوسى قَبْلَ كَمَالِهَا.
تُوُفِّيَ رحمه الله يَوْمَ الجُمُعَةِ، خَامِسَ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ "قَاسِيُوْنَ" رحمه الله.
وَرَآهُ بَعْضُهُم فِي النَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: أَسْكَنَنِي عَلَى بِرْكَةِ رِضْوَانَ. وَرَآهُ آخَرُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَقِيْتُ خَيْرًا، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ النَّاسُ؟ قَالَ: يَتَفَاوَتُوْنَ عَلَى قدْرِ أَعْمَالِهِمْ. وَرَآهُ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ: أُوْصِيْكَ بالدُّعَاءِ الَّذِي حَفَّظْتُكَ إِيَّاهُ فَاحْفَظْهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا بَقِيْتُ أَحْفَظُهُ، فَقَالَ لَهُ: هُوَ مَكْتُوْبٌ فِي الوَرَقَةِ الَّتِي كَتَبْتُهَا لَكَ، فَمَا نَفَعَنِي اللهُ
(3)
إِلَّا بِهِ، وَكَانَ الدُّعَاءُ:"اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتنِي وَأَنَا عَبْدُكَ" الحَدِيْثُ.
(1)
نَصُّ كَلَامِ السِّبْطِ: "وَكَانَ الجَمَالُ بنُ الحَافِظِ أَحْوَالُهُ مُسْتَقِيْمَةٌ حَتَّى خَالَطَ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيْلَ وَأَبْنَاءَ الدُّنْيَا فتَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهُ. . .".
(2)
هُوَ أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ. كَمَا فِي دِيْوَانِهِ (130) وَيُنْسَبُ إِلَى غَيْرِهِ.
(3)
بَعْدَهَا فِي (د): "تَعَالَى".
وَرَثَاهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ نِعْمَةَ
(1)
بِقَصِيْدَةٍ، يَقُوْلُ فِيْهَا:
(1)
تُوُفِّيَ سَنَةَ (638 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَالأَبْيَاتُ عَنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ"، وَأَنْشَدَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيخِ الإِسْلَامِ" قَالَ: وَأَنْشَدَنِي فِي رِثَائِهِ لأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بْنِ نِعْمَةَ المَقْدِسِيُّ، وَهُوَ أَخُو يُوْسُفَ المَذْكُورِ، وَتُوُفِّيَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ (656 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَهَذِهِ الأَبْيَاتُ:
هَذَا المُصَابُ قَدِيْمًا المَحْذُوْرُ
…
قَدْ شَاطَ مِنْهُ أَضْلُعٌ وَصُدُورُ
وَتَقَلَّبَتْ مِنْهُ القُلُوْبُ حَرَارَةً
…
وَالدَّمْعُ مِنْهُ سَاجِمٌ مَوْفُوْرُ
حَمْدًا فَكَمْ بَلْوًى بِفَقْدِ أَحِبَّةٍ
…
كَادَتْ لِفَقْدِهِمُ السَّمَاءُ تَمُوْرُ
كَانُوا نُجُوْمًا يَهْتَدِي السَّارِيْ بِهِمْ
…
بَلْ هُمْ عَلَى مَرَّ الزَّمَانِ بُدُوْرُ
فَقَدَتْ جَمَالَ الدِّينِ سِنَّةُ أَحمَدٍ
…
وَمَسَاجِدٌ وَمَجَالِسٌ وَصُدُوْرُ
مَنْ ذَا يَقُوْمُ بِوَعْظِهِ فِي قَلْبِ مَنْ
…
غَطَّى عَلَيْهِ غَفْلَةٌ وَغُرُوْرُ
حَتَّى تَلِيْنُ قُلُوْبُهُمْ مِنْ بَعْدِمَا
…
حَاكَى قَسَاوَتَهَا صَفًا وَصُخُوْرُ
مَنْ لِلْحَدِيْثِ وَأَهْلِهِ يَا خَيْرَ مَنْ
…
قَرَأَ الأَحَادِيْثَ الَّتِي هِيَ نُوْرُ
مَنْ لِلْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ مَنْ لِذِي الْـ
…
ــحَاجَاتِ إِنْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ أُمُوْرُ
أَمَّا القُبُوْرُ فَلَا تَزَالُ أَنِيْسَةٌ
…
بِمَكَانِ قَبْرِكَ وَالدِّيَارُ قُبُوْرُ
جَلَّتْ صَنَائِعُهُ فَعَمَّ مُصَابُهُ
…
فَالنَّاسُ فِيْهِ كُلُّهُمْ مَأْجُوْرُ
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ فِي وَفيَاتِ سَنَةِ (629 هـ):
490 -
أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي البَرَكَاتِ الأَزَجِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابن الطَّبَّالِ" أَبُو العَبَّاسِ، وَالِدُ حَمْزَةَ الَّذِي تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي العَامِ المَاضِي، وَسَيَأْتِي حَفِيْدُهُ إِسْمَاعِيْلُ بْنِ عَلِيٍّ شَيْخُ المُسْتَنْصِرَيَّةِ (ت: 708 هـ) فِي اسْتِدْرَاكِنَا، عَنِ المَقْصَد الأَرْشد (1/ 256)، وَغَيْرِهِ. أَخْبَارُ أَحْمَدَ فِي: التَّكْمِلَةِ لِلْمُنْذِرِيِّ (3/ 320)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (335)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 251).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 491 - وَأَكْمَلُ بْنُ مَسْعُوْدِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَمَّارٍ الهَاشِمِيُّ، مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ، ذَكَرَ المُؤَلِّف مِنْهُمْ: أَحْمَدَ بنَ مَسْعُوْدٍ (ت: 575 هـ) وَذَكَرْتُهُ فِي الاسْتِدْرَاكِ، وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَكْمَلُ المَذْكُورُ هُنَا. لَهُ أَخْبَارٌ فِي: التَّكْمِلَةِ لِلْمُنْذِرِيِّ (3/ 299)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (340).
492 -
وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ العَلَّامَةِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الجَوْزِيِّ، جَدُّهُ العَلَّامَةُ ابْنُ الجَوْزِيِّ الوَاعِظُ (ت: 597 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَوَالِدُهُ عَلِيٌّ (ت: 630 هـ) ذَكَرَهُ ابْنُ مُفْلحٍ فِي "المَقْصَدِ الأَرْشد"، وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ، رحمه الله:
493 -
ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عِزُّ الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الفُوْطِيِّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (1/ 301)، وَقَالَ:"البَغْدَادِيُّ الكاتِبُ الفَقِيْهُ". وسَيَأْتِي ابْنُهُ الآخَرُ: عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ (ت: 675 هـ) في مَوْضِعِهِ مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَبَقِيَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِمْ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ جَدِّهِ الحَافِظِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
494 -
وَعَبْدُ الرَّحمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدِ بْنِ مُفَرِّجِ بْنِ غِيَاثٍ الأَنْصَارِيُّ الأَرْتَاحِيُّ، مِنْ أُسْرَةٍ مِصْرِيَّةٍ، حَلَبِيَّةِ الأَصْلِ، حَنْبَلِيَّةٍ، مَشْهُوْرَةٍ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مُحَمَّدَ بْنَ حَمْدٍ (ت: 601 هـ) وَحَامِدَ بْنَ أَحمَد (ت: 612)، وَأَحْمَدَ بْنَ حَامِدٍ (ت: 659 هـ) وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ هَذَا، وَذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكمِلَةِ (3/ 300).
495 -
وَعُمَرُ بْنُ كَرَمِ بْنِ عَلِى بْنِ عُمَرَ الدِّيْنَوَرِيُّ البَغْدَادِيُّ، الحَمَّامِيُّ، جَدُّهُ لأُمِّهِ عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدُ بنِ الصَّابُوْنِيُّ (ت: 556 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَصَفَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عُمَرَ بِأَنَّهُ كَانَ شَيْخًا، مُبَارَكًا، صَحِيْحَ السَّمَاعِ وَالإِجَازَةِ" وَوَصفَهُ الأَبَرْقُوْهِيُّ فِي مُعْجَمِهِ ورقة (116) بِأَنَّهُ:"كَانَ مِنْ أَهْلِ العِبَادَةِ وَالعَفَافِ، مُنْقَطِعًا عَنِ النَّاسِ، خَاشِعًا عِنْدَ قِرَاءَةِ الحَدِيْثِ" وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: "سَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ، وَهُوَ شَيْخٌ صَالِحٌ"، وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ كبِيْرَةٍ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ، وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ، وَرَوَى "صَحِيْحَ البُخَارِيِّ" وَ"الدَّارِمِيَّ" وَ"عَبْدٍ" وَ"جَامِعَ التِّرْمِذِيِّ" وَأَجْزَاءَ كَثيْرَةٍ تَفَرَّدَ بِهَا عَنْ أَبِي الوَقْتِ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّقْيِيْدِ (399)، وَمُعْجَمِ الأَبْرقُوْهِيِّ (وَرَقَة: 116)، وَالتَّكمِلَة =
لَهْفِي عَلَى مَيِّتٍ مَاتَ السُّرُوْرُ بِهِ
…
لَوْ كَانَ حَيًّا لأَحْيَا الدِّيْنَ وَالسُّنَنَا
لَوْ كُنْتُ أُعْطَى بِهِ الدُّنْيَا مُعَاوَضَةً
…
إِذًا لَمَا كَانَتِ الدُّنْيَا لَهُ ثَمَنَا
يَا سَيِّدِي وَمَكَانَ الرُّوْحِ مِنْ جَسَدِي
…
هَلَّا دَنَا المَوْتُ مِنِّي حِيْنَ مِنْكَ دَنَا
333 - عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ
(1)
بنِ عُمَرَ بنِ سَالِمِ بنِ بَاقَا، أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ البَزَّارُ، المُعَدَّلُ، وَيُلَقَّبُ "صَفِيَّ الدِّيْنِ".
وُلِدَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ". وَقَرَأَ القُرْآنَ،
= لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 313)، وَذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (5/ 152)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (363)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 325)، والعِبَرِ (5/ 116)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 414)، والمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (3/ 103)، وَذَيْلِ التَّقْيِيْدِ (2/ 249)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 279)، وَشَذَّرَاتِ الذَّهَبِ (5/ 132). وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ قَرِيْبِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ كَرَمِ (ت: 654 هـ) فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
333 - صَفِيُّ الدِّيْنِ بْنُ بَاقَا (555 - 630 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 65)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 119)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 203)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 353). وَيُرَاجِعُ: التَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (365)، وَتَكْمِلَةُ الإِكمَالِ، والتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 349)، وَمُعْجَمُ الأَبْرَقُوْهِيِّ (ورقة: 77)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (390)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (22/ 351)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظ (4/ 1456)، وَالعِبَرُ (5/ 119)، وَالإعلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلَامِ (260)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (332)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (195)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (2/ 124)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 135)، (7/ 239). تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَد فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (604 هـ).
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَيحْيَى بنُ ثَابِتٍ
(1)
بنِ بُنْدَارٍ، وأَبي بَكْرِ بنِ النَّقُوْرِ، وَعَلِى بنِ عَسَاكِرٍ البَطَائِحِيِّ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي سَعْدٍ الخَبَّازِ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ بَكْرُوْسٍ الفَقِيْهِ، وَأَخِيْهِ أَبي الحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَرَأ طَرَفًا مِنَ الفِقْهِ عَلَى أَبي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَاسْتَوْطَنَ "مِصْرَ" إِلَى أَنْ مَاتَ، وَشَهِدَ بِهَا عِنْدَ القُضَاةِ
(2)
. حَدَّثَ بِالكَثِيْرِ إِلَى لَيْلَةِ وَفَاتِهِ
(3)
، وَكَانَ كَثِيْرَ التِّلَاوَةِ للقُرْآنِ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ شَيْخًا جَلِيْلًا، صَدُوْقًا، أَمِيْنًا، حَسَنَ الأخْلَاقِ مُتَوَاضِعًا
(4)
، سَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الحُفَّاظِ وَغَيْرِهِمْ، مِنْهُمُ ابنُ نُقْطَةَ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالمُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَحَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ كَثيْرٌ
(5)
.
وَتُوُفِّيَ سَحَرَ تَاسِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثِيْنَ وَسَتِّمَائَةَ بـ "القَاهِرَةِ" وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِـ "سَفْحِ المُقَطَّمِ"
(6)
، وَقَدْ سَمِعْنَا كَثِيْرًا مِنْ رِوَايَتِهِ وَحَدِيْثِهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
334 - وَفِي جُمَادَى الأُوْلَى
(7)
مِنَ السَّنَةِ المَذْكُوْرَةَ تُوُفِّيَ القَاضِي أَبُو المَعَالِي
(1)
في (ط): "نابت".
(2)
في "تَارِيْخِ الإسْلَامِ": "وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ دِرْبَاسٍ وَغَيْرِهِ".
(3)
قَالَ المُنْذِرِيُّ: "وَقُرِئَ عَلَيْهِ الحَدِيْثُ فِي لَيْلَةِ وَفَاتِهِ إِلَى قَرِيْبٌ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَفَارَقَهُمْ، وَتُوُفِّيَ فِي أَوَاخِرِ اللَّيْلَةِ".
(4)
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: "قَرَأْتُ عَلَيْهِ "سُنَنَ ابنِ مَاجَهْ" وَكَتَبْتُهَا بِخَطِّي عَنْهُ".
(5)
ذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" أَسْمَاءَ مَجْمُوْعَةٍ مِنَ الفُضَلَاءِ الَّذِيْنِ رَوَوا عَنْهُ، أَوْ حَدَّثُوْا عَنْهُ تَجِدْهُمْ هُنَاكَ.
(6)
زَادَ المُنْذِرِيُّ: "بِتُرْبَةِ الفَقِيْهِ رَسْلَانَ".
(7)
في (ط): "الأَول" خَطأُ طِبَاعَةٍ.
أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى
(1)
بن قَايِدٍ
(2)
الأَوَانِيُّ الحَنْبَلِيُّ
(3)
. وَلَّاهُ القَاضِي أَبُو صَالِحٍ الجِيْلِيُّ قَضَاءَ "دُجَيْلٍ"
(4)
، وَلَهُ نَظْمٌ حَدَّثَ بِبَعْضِهِ. تُوُفِّيَ بـ "أَوَانَا".
335 - وَكانَ ابنُ عَمِّهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبي المَعَالِي بنِ قايِدٍ
(5)
الأَوَانِيُّ
(6)
زَاهِدًا قُدْوَةً، ذَا كَرَامَاتٍ
(7)
. حَكَى عنْهُ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّيْنِ السَّهْرَوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ حِكَايَاتٌ. قَالَ النَّاصِحُ ابنُ الحَنْبَلِيِّ: زُرْتُهُ أَنَا وَرَفِيْقٌ لِي، فَقَدَّمَ لَنَا
(1)
في "تَكْمِلَةِ المُنْذِرِيِّ": "أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ، وَكَنَّاهُ "أَبَا المَعَالِي".
(2)
في (ط): "فائد" لَعَلَّهُ خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(3)
334 - ابنُ قَايِدٍ الأَوَانِيُّ (؟ -630 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُختصرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقة: 65)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (1/ 208)، والمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 202)، وَمُختَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 365). وَيُرَاجَعُ: التَّكمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقلةِ (3/ 341)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبِهِ (1/ 279)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 136)(7/ 639). وَ"ابنُ قَايِدٍ" بالقَافِ المَفْتُوْحَةِ، وَبَعْدَ الأَلِفِ يَاءٌ آخِرُ الحُرُوْفِ، وَدَالٌ مُهْمَلَةٌ. وَ"الأَوَانِيُّ" بِالفَتْحِ، والنُّوْنِ قَبْلَ يَاءِ النَّسَبِ، مَنْسُوْبٌ إِلَى "أَوَانَا" بُلَيْدَةٌ، كَثيْرَةُ البَسَاتِيْنَ وَالشَّجَرِ، نَزِهَةٌ، مِن نَوَاحِي "دُجَيْل بَغْدَادَ" بَيْنَهَا وَبَيْنَ "بَغْدَادَ" عَشَرَةُ فَرَاسِخٍ، مِنْ جِهَةِ "تَكْرِيْتَ". يُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (1/ 279)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 326).
(4)
في (ط): "جَيل" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(5)
في (ط): "فائد" كَمَا سَبَقَ.
(6)
في "تَكْمِلَةِ المُنْذِرِيِّ" أيضًا: ". . . الأَوَانِيُّ بِهَا، وَكَانَ قَاضِيْهَا، وَدُفِنَ بِهَا". فَهَلْ هُوَ قَاضِي "أَوَانَا" أَوْ قَاضِي "دُجَيْلَ"؟! أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: تَقَدَّمَ كَلَامُ يَاقُوْت الحَمَوِيِّ أَنَّ "أَوَانَا" مِنْ نَوَاحِي "دُجَيْلَ" فَلَعَلَّهُ قَاضِي النَّاحِيَةِ كُلِّهَا.
(7)
ابنُ عَمَّهُ هَذَا سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (584 هـ). وَبَقِيَّةُ التَّرْجَمَةِ لابنِ عَمِّهِ هَذَا.
العَشَاءَ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيْرَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا خُبْزٌ وَخَلٌّ وَبَقْلٌ، فَتَحَدَّثَ عَلَى الطَّعَامِ ثُمَّ قَال: ضَافَ بِعِيْسَى بنِ مرْيَم أَقْوَامٌ فَقَدَّمَ لَهُمْ خُبْزًا وَخَلًّا، وَقَالَ:"لَوْ كُنْتُ مُتَكَلِّفًا لأَحَدٍ شَيْئًا لَتَكَلَّفْتُ لَكُمْ" قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ عَرَفَ حَالِي. وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ المَلَاحِدَةِ فِي رِبَاطِهِ وَهُوَ جَالِسٌ وَحْدَهُ، وَهُوَ فِي يَوْمِ الخَمِيْسِ الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، فَقتَلَهُ فَتْكًا، رضي الله عنه، وَدُفِنَ بِرِبَاطِهِ، ثُمَّ قُتِلَ قَاتِلُهُ وَأُحْرِقَ
(1)
.
(1)
جَاءَ فِي سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (21/ 195): "قَدِمَ "أَوَانَا" وَاعِظٌ بَاطِنيٌّ فَنَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ فَحُمِلَ هَذَا في مَحَفَّةٍ، وَصَاحَ بِهِ يَا كَلْبُ انْزِلْ، وَرَجَمَتْهُ العَامَّةُ فَهَرَبَ. وَحُدِّثَ [سِنَانًا] (كَذَا؟!) [سِنَانٌ] بِمَا تَمَّ عَلَيْهِ، فَنَدَبَ لَهُ اثْنَيْنِ فَأَتَيَاهُ وَتَعَبَّدَا مَعَهُ أَشْهُرًا، ثُمَّ قتَلَاهُ، وَقتَلَا خَادِمَهُ وَهَرَبَا فِي البَسَاتِيْنَ، فَنكَرَهُمَا فَلَّاحٌ فَقَتَلَهُمَا بِمَرَّةٍ، ثُمَّ نَدِمَ لَمَّا رَآهُمَا بِزِيِّ الفُقَرَاءِ، ثُمَّ تُيُقِّنَ أَنَّهُمَا اللَّذَانِ قَتَلَا الشَّيْخَ بِصِفَتِهِمَا فَأُحْرِقَا". وَسِنَانٌ: هُوَ ابنُ سَلْمَانَ بنِ رَاشِدِ الدِّيْنِ كَبِيْرُ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (630 هـ):
496 -
أَسْمَاءُ بِنْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُفْيَانَ بنِ مَنْدَه، مِنْ بَيْتِ عِلْمٍ كَبِيْرٍ، ذَكَرْتُهُ فِي هَامِشِ تَرْجَمَةِ جَدِّهِمُ الأَعْلَى (مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَه ت: 301 هـ) في طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (2/ 385) وَوَالِدُهَا (إِبْرَاهِيْمُ ت: 584 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُهَا في: تَاريخ الإسْلَام (383).
497 -
واخْتُهَا: حُمَيْرَاءُ بِنْتُ إِبْرَاهِيْمَ: ذَاتُ عِلْمٍ وَرِوَايَةٍ، تُوُفِّيَتْ فِي العَامِ نَفْسِهِ.
498 -
واخْتُهُمَا: شَرِيْفَةُ بِنْتُ إِبْرَاهِيْمَ. ذَكَرَهُمَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (387، 388).
499 -
وأُخْتُهُنَّ تَقِيَّةُ بِنْتِ إِبْرَاهِيْمَ، ذَكَرَهَا ابنُ الصَّابُوْنِيِّ في تَكْمِلَةِ إِكْمَالِ الإِكْمَالِ =
336 - الحُسَيْنُ بنُ المُبَاركِ
(1)
بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مُسَلَّمِ بنِ مُوْسَى بنِ عِمْرَانَ
= (50)، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهَا. وأَخُوْهُنَّ: مَحْمُوْدُ (ت: 632 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
500 -
وَرِضوَانُ بنُ عَبْدِ الحَقِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَبُو النَّعِيْمِ الأَنْصَارِيُّ، الحَنْبلِيُّ، كَذَا قَالَ الحَافظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (387).
501 -
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلَامَةَ بنِ نَصْرِ بنِ مِقْدَامٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ، الصَّالِحِيُّ.
أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 330)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (389).
502 -
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَحْفُوْظِ بنِ أَبِي بكْرِ بْنِ أبي غَالِبٍ بنِ البَزَنِ، أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ الحَنْبَلِيُّ، المُقْرِئُ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 343)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (389)، وَالتَّوْضِيْحِ (1/ 395).
503 -
وَيُوْنُسُ بْنُ سَعِيْدِ بْنِ مُسَافِرِ بْنِ جَمِيْلٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، القَطَّانُ، قَالَ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ:"سَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمَاعُهُ صحِيْحٌ، وَكَانَ حَسَنَ التِّلَاوَةِ لِلقُرْآنِ" تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَخِيْهِ يُوْسُفَ (ت: 600 هـ) في الاسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِهَا.
- ويُذْكَرُ هُنَا: عَلِيُّ بنُ الإِمَامِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الجَوْزِيِّ، تَرْجَمَ لَهُ المُؤَلِّفُ رحمه الله في تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ وَهَذَا مَحَلُّهُ. وَأَفْرَدَهُ ابنُ مُفْلحٍ في المَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 233) بالتَّرْجَمَةِ. وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي: ذَيْلِ التَّقْيِيْدِ (2/ 37)، ومِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 678)، وَالتَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 350)، وَتارِيْخِ الإِسْلامِ (194)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 352)، وَالمُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيه (3/ 127)، وَالعِبَرِ (5/ 120)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 136)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 137).
(1)
336 - سِرَاجُ الدِّينِ الزَّبِيْدِيُّ (546 - 631 هـ):
أَخبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (65)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 347)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 204)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 365). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 361)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (60)، وَسِيَرُ أَعْلامِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= النُّبَلاءِ (22/ 357)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 103)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (333)، وَالعِبَرُ (5/ 124)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتاجُ إِلَيْهِ (2/ 44)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (13/ 30)، وذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (1/ 517)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 286)، وَالقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (2/ 429، 340)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 144)(6/ 252) وهو مُتَرْجَمٌ في الجَوَاهرِ المُضِيَّةِ (1/ 123)، وَالطَّبَقَاتُ السَّنِيَّةُ (3/ 156)، وَ (الزَّبيْدِيُّ) نِسْبَةٌ إِلَى "زَبِيْدٍ" فِي بِلَادِ اليَمَنِ، مَشْهُوْرَةٌ. قَالَ المُنْذِرِيُّ وَ (الزَّبِيْدِيُّ) هُوَ جَدُّهُ، أَبُو عَبْد اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، مِنْ أَهْلِ "زَبِيْدَ" المَعْرُوْفَةُ فِي "اليَمَنِ" قَدِمَ "بَغْدَادَ" وَسَكَنَهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّي بِهَا، وَعَقِبُهُ بها".
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: جَدُّهُمْ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ المُسَلِّمِ، لَهُ أَوْلَادٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، مِنْهُم: المُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَلَدُ صَاحِبِنَا الحُسَيْنِ هَذَا، وَأَخِيْهِ الحَسَنِ (ت: 629 هـ)، وَأَخِيْهِمَا يَحْيَى بنُ المُبَارَكِ (ت: 606 هـ). وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ (ت: 620 هـ) وعَائِشَةَ بنتِ إِسْمَاعِيْلَ (ت: 614 هـ) وَهَاجَرَ بِنْتِ إسْمَاعِيْلَ (ت: 622 هـ). وَعُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالِدُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ (ت: 608 هـ) وَهُمْ جَمِيْعًا عَلَى المَذْهَبِ الحَنَفِيِّ مَا عَدَا صَاحِبَنَا الحُسَيْنَ، وَلَهُم أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَكَانَ أَخُوْهُ الحَسَنُ حَنْبَلِيَّ المَذْهَبِ مِثَلُهُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ شَافِعيًّا، ثُمَّ اسْتَقَرَّ حَنَفِيًّا.
عَلَّقَ الشَّيْخُ زَاهِدٌ الكَوْثَرِيُّ فِي هَامِشِ ذَيْلِ تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (258) عَلَى وَصْفِ الزَّبِيْدِيِّ المَذْكُوْرِ بِـ "الحَنْبَلِيِّ" بِقَوْلِهِ: قَالَ الحَافِظُ الشَّمْسُ ابنُ طُوْلُونَ الحَنَفِيُّ في "الفِهْرِسْتِ الأَوْسَطِ" عِنْدَ ذِكْرِ أَسَانِيْدِهِ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ": "الحَنْبَلِيُّ - عَلَى الأَصَحِّ - كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرْجَمَتِهِ فِي "طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ" لابنِ رَجَبٍ، لَا الحَنَفِيُّ كَمَا تَوَهَّمَهُ الشَّمْسُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّخَاوِيُّ. وَهُوَ مَعْذُوْرٌ فَإِنَّهُمَا أَخَوَانِ، الحُسَيْنُ هَذَا، وَالآخَرُ الحَسَنُ، وَمُتَقَارِبَانِ في المَوْلِدِ وَالوَفَاةِ، وَسَمِعَا "الصَّحِيْحَ" عَلَى شَيْخٍ وَاحِدٍ، وَقَدِمَا "دِمَشْق" لِلْحَجِّ .. " وَغَايَةُ مَا عَمِلَهُ ابنُ رَجَبٍ أَنْ تَرْجَمَهُ فِي "ذَيْلِهِ" مِنْ غَيْرِ نَصٍّ خَاصٍّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بِمَذْهَبِهِ، وَالظَّاهِرِ أَنَّهُ يَعُدُّهُ حَنْبَلِيًّا، وَلَكِنْ قَدْ يُتَرْجِمُ في كِتَابِهِ بَعْضَ مَنْ لَهُ أَدْنَى صِلَةٍ بِالحَنَابِلَةِ؛ كَأَنْ يُرَافِقَهُمْ فِي الطَّلَبِ، أَوْ يَدْرُسَ فِي مَدَارِسِهِمْ أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ، إِمَّا وَهْمًا، أَوْ مُتَسَاهِلًا، كَمَا يَقَعُ مِثْلُ ذَلِكَ للتَّاجِ السُّبْكِيِّ فِي "طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ الكُبْرَى" وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَقَدْ اغْتَرَّ المُصَنِّفُ وَابنُ طُوْلُوْنَ بِظَاهِرِ صَنِيعِ ابنِ رَجَبٍ حَتَّى وَهَّمَ الثَّانِيَ الحَافِظَ السَّخَاوِيَّ الشَّافِعِيَّ المُتَفَرِّغَ لِلْحَدِيْثِ وَفُنُوْنِهِ".
وَفِي كَلَامِ الكَوْثَرِيِّ هَذَا جَهْلٌ وَتَخْلِيْطٌ ظَاهِرٌ، فَابنُ رَجَبٍ رحمه الله لَمْ يَنُصَّ عَلَى مَذْهَبِهِ؛ لأنَّ كُلَّ مَنْ فِي كِتَابِهِ حَنَابِلَةٌ، فَلَا حَاجَةً إِلَى نَصٍّ إِذًا، وَقَوْلُهُ:"وَالظَّاهِر" كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى بَلَادَةِ فَهْمٍ؛ لأَنَّهُ يَسْتَظْهِرُ فِي أَمْرٍ مُتَيَقَّنٍ، والأَمْرُ المُتَيَقَّنُ لَا يَسْتَظْهَرُهُ إِلَّا بَلِيْدُ فَهْمٍ. وَوَصَفَ السَّخَاوِيَّ بِأَنَّهُ مُتَفَرِّغٌ لِلحَدِيْثِ وَأَهْلِهِ، والسَّخَاوِيُّ جَدِيْرٌ بِالمَدْحِ وَالثَّنَاءِ، لَكِنَّهُ مَدَحَهُ؛ لأَنَّهُ يُوَافِقُ هَوًى فِي نَفْسِهِ، وَإِلَّا فَالإِمَامُ البُخَارِيَّ وَهُوَ مَنْ هُوَ فِي حِفْظِ الحَدِيْثِ وَأَهْلِهِ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ أَذَى الكَوْثَرِيِّ، ثُمَّ إنَّهُ وَصَفَ ابنَ طُوْلُوْنَ بِـ "الحَافظ" فَهُوَ عِنْدَهُ كَالسَّخَاوِيِّ، فَلِمَ لَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِهِ مَعَ أنَّهُ حَنَفِيٌّ مِثْلُهُ؟!، قَالَ الدُّكْتُور مُصْطَفى جَوَاد رحمه الله فِي هَامِشِ "المُختصر المُحتاج إليه" (2/ 45):"وفي حَاشِيَةِ الصَّفْحَةِ (258) من ذَيل "تَذْكرة الحُفَّاظ" كَلَامٌ عَلَى تَعْيِيْنِ مَذْهَبِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الهَوَى" وَوَصْفُ الكَوْثَرِيِّ الحَافِظَ ابنَ رَجَبٍ بِأَنَّهُ وَاهِمٌ أَوْ مُتَسَاهِلٌ جِنَايةٌ عَلَى الحَافِظُ، وَجهْلٌ مِنَ الكَوْثَرِيِّ بِمَصَادِرِ تَرْجَمَةِ الزَّبِيْدِيِّ، فَالحَافِظُ المُنْذِرِيُّ، وَالحَافظُ الذَّهَبِيُّ، والصَّلَاح الصَّفَدِيُّ .... وَغَيْرِهِمْ مِنَ المُتَقَدِّميْنِ عَلَى الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ نَسَبُوْهُ "الحَنْبَلِيِّ" فَهَلْ هَؤُلَاءِ وَاهِمُوْنَ أَوْ مُتَسَاهِلُونَ، وَالكَوْثَرِيُّ أَدْرَى بِهِ مِنْهُم؟! وَالمُنْذِرِيُّ مِنْ أَقْدَمِ مَنْ تَرْجَمَ لَهُ، وَهُوَ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ يَقُوْلُ:"الرَّبَعِيُّ، الزَّبِيْدِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ المَوْلِدِ وَالدَّارِ الحَنْبَلِيُّ. . .". وَقَوْلُ الكَوْثَرِيِّ: "وَلَكِنْ قَدْ يُتَرْجمُ فِي كِتَابِهِ بَعْضَ مَنْ لَهُ أَدْنَى شُبْهَةٍ بِالحَنَابِلَةِ. . .". أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: لَوْ كَانَ يَمْلِكُ الدَّلِيْلَ عَلَى ذلِكَ لَسَاق الأَمْثِلةَ، وَلَوْ بِصُوْرَةٍ سَرِيْعَةٍ؛ لكِنَّ الانْتِقَادَ سهْلٌ،
الرَّبَعِيُّ
(1)
الزَّبيْدِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ، البَابَصْرِيُّ، الشَّيْخُ، سِرَاجُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ أَبي بَكْرِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ - أَوْ سَبْعٍ - وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوايَاتِ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ جَدِّهِ، وَ
(2)
أَبِي الوَقْتِ، وَأَبِي الفُتُوْحِ الطَّائِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الغَرْنَاطِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ فِي المذْهَبِ، وَأَفْتَى وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ الوَزِيْرِ أَبِي المُظَفَّرِ بنِ هُبَيْرَةَ. وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالأَدَبِ، وَخُرِّجَتْ لَهُ "مَشْيَخَةٌ" وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ، مِنْهَا: كِتَابُ "البُلْغَةِ" فِي الفِقْهِ، وَلَهُ نَظْمٌ فِي اللُّغَةِ وَالقِرَاءَاتِ. وَكَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، دَيِّنًا، خَيِّرًا، حَسَنَ الأَخْلَاقِ، مُتَوَاضِعًا. قَرَأَ عَلَيْهِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنِ أَبِي الجَيْشِ القُرْآنِ بِكِتَابِ "السَّبْعَةِ" لأَبِي الخَطَّابِ الصُّوْفِيِّ
(3)
. وَحَدَّثَ بِـ "بَغْدَادَ" وَ"دِمَشْقَ"، وَ"حَلَبَ" وَغَيْرِهَا مِنَ البِلَادِ، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ أُمَمٌ، وَرَوى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ
= وَإِطْلَاقَ الكَلَامِ لَا يُكَلِّفُ، وَإِثْبَاتُهُ صَعْبُ المَنَالِ.
(1)
الرَّبَعِيُّ نِسْبَةً إِلَى "رَبِيْعَةَ الفَرَسِ" القَبِيْلَةُ العَرَبِيَّةُ المَعْرُوْفَةُ لِذَا يُقَالُ فِي نَسَبِهِ: "الفَرَسِيُّ" وَلا أَدْرِي إِلَى أَيِّ قَبَائِلِ رَبِيْعَةَ يُنْسَبُ؟! فَـ "رَبِيْعَةُ" شَعْبٌ كَـ "مُضَرَ" كَمَا يُنْسَبُ (البَابَصْرِيُّ) نِسْبَةً إِلَى "بَابِ البَصْرَةِ" حَيٌّ مِنْ أَحْيَاءِ "بَغْدَادَ" أَغْلَبُ سُكَّانِهِ مِنْ الحَنَابِلَةِ، وَهَذِهِ ثَانِيَةٌ.
(2)
في (ط): "جَدِّهِ أَبِي الوَقْتِ" بِسُقُوْطِ الوَاوِ.
(3)
هُوَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بن عَبْدِ اللهِ، أَبُو الخَطَّابِ الصُّوْفِيُّ، البَغْدَادِيُّ (ت: 476 هـ) عَالِمٌ بِالقِرَاءَاتِ، مُؤَلِّفٌ فِيْهَا، من مُؤَلَّفَاتِهِ "قَصِيْدَةٌ" في عَدَدِ الآي، وَ"قَصِيْدَةٌ" فِي السُّنَّةِ كَذَا قَالَ ابنُ الجَزَرِيِّ في غَايَةِ النِّهَايَةِ (1/ 85)، وَلَمْ يَذْكُرْ كِتَابَهُ فِي "السَّبْعَةِ" فَهل "السُّنَّة" في كِتَابِهِ مُحَرَّفَةٌ عَنِ "السَّبْعَةِ"؟! هُوَ الظَّاهِرُ، فَالكِتَابُ فِي القِرَاءَاتِ، واللهُ أَعْلَمُ.
مِنَ الحُفَّاظِ وَغَيْرِهِمْ، مِنْهُمُ الدُّبَيْثِيُّ، وَالضِّيَاءُ. وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ الحَجَّارِ الصَّالِحِيُّ
(1)
. سَمِعَ مِنْهُ "صَحِيْحُ البُخَارِيِّ" وَغَيْرِهِ.
(1)
هُوَ مُسْنِدُ الدُّنْيَا شِهَابُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي طَالِبِ بنِ نِعْمَةَ بنِ حَسَنٍ الصَّالِحِيُّ الحَجَّارُ (ت: 730 هـ) قَالَ فِي الشَّذَرَاتِ (8/ 162): "انْفَرَدَ بالرِّوَايَةِ عَنِ الحُسَيْنِ الزَّبِيْدِيِّ، وَبَيْنَ سَمَاعِهِ لِـ "الصَّحِيْحِ" وَمَوْتِهِ مَائَةُ سَنَةٍ". أَخْبَارُهُ فِي: مِنْ ذُيُوْلِ العِبَرِ (164)، وَمُعْجَمِ الشُّيُوْخِ للذَّهَبِيِّ (1/ 118)، وَالدُّرَرِ الكَامِنَةِ (1/ 142)، وَالقَلائِدِ الجَوْهَرِيَّةِ (412).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّف رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (631 هـ):
504 -
آمِنَةُ بِنْتُ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بن قُدَامَةَ، أمُّ أَحْمَدَ المَقْدِسِيَّةُ، أُختُ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّين عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَبِي عُمَرَ، عِنْدَهَا عِلْمٌ، وَلَهَا رِوَايَةٌ.
505 -
وأختها خَدِيْجَةَ مَاتَتْ فِي العَامِ نَفْسِهِ، أَخْبَارُهُمَا في التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (3/ 371)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (56).
506 -
وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ الحَرَّانِيِّ، وَالِدُهَا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ (ت: 560 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (630 هـ): لَا أَعْلَمُ مَتَى تُوُفِّيَت، إِنَّمَا كَتَبْتُهَا عَلَى التَّخْمِيْنِ هُنَا"؟!.
507 -
وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ شُنَيْفٍ، أَبُو الفَرَجِ الدَّارْقَزِّيُّ، مِنْ "آلِ شُنَيْفٍ" الأُسْرَةُ الحَنْبَلِيَّةُ، البَغْدَادِيَّةُ، الدَّارقَزِّيَّةُ، سَبَقَ الحَدِيْثُ عَنْهَا في تَرْجَمَةِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ شُنَيْفٍ (ت: 528 هـ) وَهُوَ جَدُّهُ. أَخْبَارُ عَبْدِ الوَاحِدِ هَذَا فِي التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (3/ 368)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (73).
وَلَم يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (632 هـ) أَحَدًا، وَفِيْهَا:
508 -
حَمْزَةُ بْنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بن قُدَامَةَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، المَقْدِسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، وَالِدُ القَاضِي تَقِيِّ الدِّينِ سُلَيْمَان، سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَلَمْ يُحَدِّثْ؛ لأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ، وَسَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللهُ - اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ (ت: 633 هـ)، وَأَوْلَادُهُ؛ دَاوُدُ (ت: 701 هـ) وَسُلَيْمَانُ (ت: 715 هـ) وَمُحَمَّدٌ (ت: 698 هـ) وَأَحْمَدُ (ت:؟) وَعَبْدُ اللهِ (ت:؟) وَالِدُ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ (ت: 716 هـ) الآتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَخِيْهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت:؟) وَهُمَا فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقيَّةِ (361، 394). وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ سَيَأْتِي ذِكْرُهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَخْبَارُ حَمْزَةَ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (98).
509 -
وَزُهْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الشَّيْخ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ، وَالِدُهَا عَبْدُ العَزِيْزِ (ت: 601 هـ) تَقَدَّمَ فِي اسْتَدْرَاكِنَا وَجَدُّهَا الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ مَشْهُوْرٌ جِدًّا (ت: 561 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أخْبَارُهَا في التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 390)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (100).
510 -
وَزُهْرَةَ بِنْتُ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ. رَوَتْ عَنْ أَبِيْهَا، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَبَاها عَبْدَ القَادِرِ (ت: 612 هـ) فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُهَا في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 400)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (100)، وَفِي "التَّكْمِلَةِ":"زَهْرَاء".
511 -
وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ بنِ المُصْلِحِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ الحَنْبَلِيُّ، كَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (128) قَالَ: "المُحَدِّثُ الوَاعِظُ، أَبُو المَاجِدِ،
…
سَمِعَ مِنْ جَدِّ أَبِيْهِ المُصْلِح جَمِيْعَ "الحِلْيَةِ" .. وَ"صَحِيْحُ مُسْلِمٍ". وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَبَا جَدِّهِ أَحْمَدَ بنَ المُصْلِحِ مُحَمَّدِ (ت: 590 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
512 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ عِمَادِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْلَى، أَبُو عَبْدِ اللهِ، الجَزَرِيُّ، الحَرَّانِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، التَّاجِرُ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ، وَمِثْلُهُ قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ وَغَيرُهُمَا. مُحَدِّثٌ، ثِقَةٌ، كَثِيْرُ المَحْفُوْظِ، عَالِمٌ، فَقِيْهٌ، صَالِحٌ، خَالُهُ حَمَّادُ بنُ هِبَةِ اللهِ الحَرَّانِي (ت: 598 هـ) مُؤَرِّخُ "حَرَّان" ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ ابنُ عِمَادٍ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيثيِّ (2/ 162)، وَالتَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (3/ 383)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 279)، وَالعِبَرِ (5/ 130)، وَالمُختَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (1/ 105)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1458)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 229)، وَذَيْلِ
تُوفِيَ فِي ثَالِثِ عِشْرِيْنَ صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائةَ، وَدُفنَ بِمَقْبَرَةِ جَامِعِ المَنْصُوْرِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى.
337 - نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
(1)
بنِ عبْدِ القَادِرِ بنِ أَبِي صَالِحِ بنِ جَنْكِي دَوْست
= التَّقْيِيْدِ (1/ 204)، وَالعَسْجَدِ المَسْبُوْكِ (2/ 48)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرِ (6/ 402)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 292)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 155) اسْتَدْرَكَهُ ابنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ في هَامِشِ نُسْخَتِهِ مِنَ "الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابلة" (ورقة: 167) عن السُّلْطَانِ ابنِ رَسُوْلٍ فِي "تَارِيْخِهِ" وَهُوَ فِي تَارِيخِ ابن رَسُوْلٍ "نُزْهَة العُيُون. . ."(2/ ورقة: 455).
513 -
ومَحْمُوْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُفْيَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ الحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنِ إِسْحَقَ بن مَنْدَةَ. مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ شَهِيْرَةٍ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا في تَرْجَمَةِ جَدِّه الأعلَى (مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَقَ: ت: 301 هـ) فِي "الطَّبَقَاتِ"، وَمَحْمُوْدٌ المَذْكُوْرُ هُنَا مُحَدِّثٌ لَهُ مَسْمُوْعَاتٌ مَشْهُوْرَةٌ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: هُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى الحَدِيْثَ - فِيْمَا أَعْلَمُ - مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ "جَمَالَ الدِّيْنِ". أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 400)، وَسِيَرِ أَعلامِ النُّبَلاءِ (22/ 382)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (4/ 1458)، وَدُوَلِ الإِسْلامِ (2/ 137)، وَالعِبَرِ (5/ 131)، وَذَيْلِ التَّقْيِيْدِ (2/ 273)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 292)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 155).
(1)
337 - القَاضِي أَبُو صَالحٍ الجِيْلِيُّ (564 - 633 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 65)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 56)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 173)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 365). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ الأَبْرَقُوْهِيِّ (132)، وَمَشْيَخَةُ النَّجِيْب الحَرَّانِيِّ (الكُبْرَى) (ورقة: 122)، وَتَارِيْخُ الخُلَفَاءِ لابنِ السَّاعِي (124)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 419)، وَالحَوَادِثُ الجَامِعِةُ (115)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (2/ 183)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (173)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (22/ 396)، وَالعِبَرُ (5/ 136)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 103)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 211)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (262) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (335)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (197)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1423)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 85) وَتَارِيْخُ الخَمِيْسِ (2/ 415) وَالقَلائِدُ للتَّادِفِيِّ (45) وَبَهْجَةُ الأَسْرَارِ (115)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (2/ 473)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (2/ 293)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 296)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 161)(7/ 281).
أَبُوهُ: الفَقِيْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (ت: 603 هـ)، وَجَدُّهُ: الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ (ت: 561 هـ). وَابْنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ (ت: 656 هـ) وَابْنُهُ الآخَر: يَحْيَى بْنُ نَصْرٍ (ت:؟) ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مُحَمَّدًا فِي مَوْضِعِهِ، كَمَا ذَكَرَ أَخَاهُ يَحْيَى فِي آخِرِ تَرْجَمَتِهِ، عنْ مُعْجَمِ الحَافِظِ الدِّمْيَاطِيِّ (1/ وَرقَة 203) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ، لَا هُوَ وَلَا الدِّمْيَاطِيُّ، وَذَكَرَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِي أُخْتَاهُمَا:"زَيْنَبُ" فِي المُعْجَمِ (1/ وَرَقَة 206)، وَشُهْدَةُ. وَقَالَ - عَنْ زَيْنَبَ -: أُخْتُ مَشَايِخِنَا شُهْدَةَ، وَمُحَمَّدٍ، وَيَحْيَى. وَحَفِيْدُهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ (ت: 707 هـ). وَحَفِيْدُهُ الآخَرُ: عَبْدُ القَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ، قُطْبُ الدِّيْنِ، أَبُو الوَفَاءِ (ت: 694 هـ) نَذْكُرُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا منَ الاِسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
514 -
وَذَكَرَ ابنُ الفُوَطِيِّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 98) مُحْيي الدِّيْنِ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَامِدٍ البَغْدَادِيَّ يُعْرَفُ بِـ "ابنِ الشَّقَّاقِ" المُقْرِئَ، الوَاعِظَ، وَيُعْرَفُ بِـ "ابنِ أُخْتِ أَبِي صَالِحٍ" نَصْرِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ، وَقَالَ: كَانَ مِن كِبَارِ العُلَمَاءِ وَالأفَاضِلِ، وَكَانَ مُتَشَدِّدًا فِي السُّنَّةِ، يَلْعَنُ أَهْلِ البِدْعَةِ ظَاهِرًا عَلَى مِنْبَرِ الوَعْظِ، لَا تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَلَهُ أَصْحَابٌ يَتَرَدَّدُوْنَ إِلَى مَجْلِسِهِ، وَجَرَتْ لَهُ بِهَذَا التَّعَصُّبِ نُكَتٌ أَوْجَبَتْ أَنْ مُنِعَ عَنِ الجُلُوْسِ، خَوْفَ الفِتْنَةِ مِنَ العَوَامِ، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ فِي ذلِكَ بِتَقْدِيْمٍ مِنَ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ، وَلَمَّا جَلَسَ ذَكَرَ قَصيْدَتَهُ وَهِيَ تَنِيْفُ عَلَى مَائَةٍ وَعِشْرِيْنَ، وَأَوَّلُهَا:
أَوْحَشَنَا أَصْحَابُنَا فِي المَجْلِسِ
…
فِي هَذِهِ المُدَّةِ إِذْ لَمْ نَجْلِسِ
وفيها: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فَالحَمْدُ للهِ عَلَى كَبْتِ العِدَى
…
وَدَحْضِ أَهْلِ الرَّفْضِ وَالتَّمَجُّسِ
مَا يَدْخُلِ البِدْعِيُّ فِي مَجْلِسِنَا
…
إِلَّا شَبِيْهِ السَّارِقِ المُخْتَلِسِ
(فَائِدَةٌ): يَقُوْلُ الفَقِيْرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ سُلَيْمَان العُثَيْمِيْنِ - عَفَا اللهُ عَنْهُ -: كَانَ القَاضِي أَبُو صَالِحٍ نَصْرٌ المُتَرْجَمِ هُنَا أَوَّل مَنِ ادَّعَى نَسَبَ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ إِلَى "بَنِي الحَسَنِ" وَقَدْ أَوْرَدَ عَنْهُ ابنُ الفُوْطِيِّ في "مَجْمَعِ الآدَابِ" في تَرْجَمَةِ جَدِّهِ المَذْكُوْرِ قَوْلَهُ:
نحْنُ مِنْ أَوْلَادِ خَيْرِ الحَسَنَيْنِ
…
مَنْ بِهِ أُصْلِحَ بَيْنَ الفِئَتَيْنِ
يُشْبِهُ المُخْتَارَ فِي أَعْلَاهُ وَإِنْ
…
كَانَ أَدْنَاهُ شَبِيْهًا بِالحُسَيْنِ
سِرُّ كِتْمَانٍ أَبِيْنَا أَصْلَهُ
…
إنَّهُ قَالَ بِأَنَّ الفَقْرَ زَيْنِيَ
وَرَوَى ابنُ السَّاعِيّ في "تَارِيْخ الخُلَفَاءِ" فِي خِلَافَةِ المُسْتَنْصِرِ العَبَّاسِيِّ رحمه الله قَالَ: "وَفِي أَوَائِلِ أَيَّامِ خِلَافَتِهِ عَزَلَ القَاضِيَ أَبَا صَالِحٍ نَصْرَ بنَ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ مِنْ مَنْصِبِ القَضَاءِ، وَبَعْدَ سِنِيْنَ شَاعَ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ نَصْرًا هَذَا ادَّعَى النَّسَبَ إِلَى الإمَامِ الحَسَنِ بنِ عَلِي بنِ أَبِي طَالبٍ - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - وَأَنَّهُ نَسَبَ جَدَّهُ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: هُوَ عَبْدُ القَادِرِ بنِ أَبِي صَالِحٍ عَبْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى جَنْكَادُوْست بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ المَحْضِ بنِ الحَسَنِ المُثَنَّى بنِ الإِمَامِ الحَسَنِ سِبْطِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ عَارَضَهُ فِي ذَلِكَ النَّقِيْبُ الأَتْقَى بنِ الأَعْرَجِ، وَالسَّيِّدُ طَاهِرُ بنُ طَبَاطَبَا، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الهَاشِمِيِّيْنَ، مَا بَيْنَ عَبَّاسِيٍّ، وَفَاطِمِيٍّ، وَجَعْفَرِيٍّ، وَطَلَبُوا مِنْهُ البيِّنَةَ الشَّرْعِيَّةَ عَلَى ذلِكَ، فَأَعْجَزَتِ البَيِّنَةُ أَبَا صَالِحٍ نَصْرًا، وَلَمْ يُثْبِتْ مَا ادَّعَاهُ، وَاعْتَزَلَ بعْدَ ذلِكَ النَّاسَ فَكَانَ لَا يَخْرُجُ لَا إِلَى سُوْقٍ، وَلَا إِلَى زِيَارَةِ أَحَدٍ، حَيَاءً مِنَ النَّاسِ، وَقَالَ فِيْهِ ابنُ المُظَفَّرِ:
إِذَا كَانَ الأَعَاجِمُ مِنْ قُرَيْشٍ
…
فَمَا فَضْلُ العَبِيْدِ عَلَى المَوَالِي
مَتَى صَارَ ابنُ "جَنْكَا" هَاشِمِيًّا
…
أَمِنْ "بَشْتِيْرَ" حَيْدَرَةُ الرِّجَالِ
أَمِ الشَّرَفُ المُؤَلِّقُ مِنْ عَلِيٍّ
…
بِهُرْمُزَ نَالَ عِقْدَ الاتِّصَالِ
وَقَدْ أطْلَقَ خَطَّهُ قَبْلَ ذلِكَ فِي كَثِيْرٍ مِنْ كُتُبِهِ بِأَنَّ جَدَّهُ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ مِنْ "آلِ بَشْتِيْرَ" بِيَاءٍ
الجِيْلِيُّ الأَصْلِ، البغْدادِيُّ، الفَقِيْهِ، المُنَاظِرُ، المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، الوَاعِظُ، قَاضِي القُضَاةِ، شَيْخُ الوَقْتِ، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو صَالِحِ بنِ أَبي بَكْرِ بنِ أَبي مُحَمَّدٍ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ.
وُلدَ فِي سَحَرَ رَابعِ عِشْرِيْ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ فِي صِبَاهُ، وسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ وَالِدِهِ، وَعَمِّهِ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَأَبِي
= تَحْتِيَّةٍ بَعْدَ التَّاء، بَطْنٌ مِنَ الهَرَامِزَةِ بِـ "كَيْلَانَ" وَحَكَاهُ آخَرُوْنَ بِبَاءٍ مَوَحَّدَةٍ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَتَبَ كِتَابًا إِلَى الشَّرِيْفِ ابْنِ مَيْمُوْنٍ نَقِيْبِ "مَكَّةَ" يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُدْخِلَهُمْ فِي "مُشَجَّرِهِ" مَعَ بَنِي الحَسَنِ عليه السلام فَكَتَبَ لَهُ فِي الجَوَابِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ: أَمَّا أَنْتَ فَعَرَفْنَاكَ قَاضِيًا، وَأَمَّا أَبُوْكَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَهُو رَجُلٌ فَقِيْهٌ صَالِحٌ، وَأَمَّا جَدُّكَ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ فَهُوَ شَيْخٌ صُوْفِيٌّ، تَقِيٌّ، يُتَبَرَّكُ بِهِ، وَيُطْلَبُ صَالِحُ دُعَائِهِ، وَنَسَبَهُ بَشْتِيْرِيٌّ كَمَا أَنْتَ أَطْلَقْتَ فِي بَعْضِ كُتُبِكَ، يَنْتَهِي إِلَى بَطْنٍ مِنَ الهَرَامِزَةِ بِـ "فَارِسَ" فَاتَّقِ الله ودَعَ الهَاشِمِيَّةَ لأَهْلِهَا، وَالسَّلَامُ. اهـ.
وَلَا زَالَتْ دَعْوَى أَبِي صَالِحٍ مَكْتُوْمَةً؛ لِأَنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ لَمْ يَقُلْ بِهَا الشَّيْخُ، وَلَمْ يَقُلْ بِهَا أَيْضًا أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ، وَأَبُو صَالِحٍ هُوَ أَوَّلُ قَائِلٍ بِهَا، وَقَدْ كَانَ عَمُّهُ عَبْدُ السَّلَامِ يُرْمَى بِبُغْضِ عَلِيٍّ عليه السلام وَإِلَى ذلِكَ أَشَارَ المُهَذَّبُ بِقَوْلِهِ فِيْهِ كَما سَبَقَ [تَاريخ الخُلَفَاءِ: 121]:
زَمَلِيًّا يَنْثِي عَلِيًّا وَيَهْوَى
…
آلَ حَرْبٍ حِقْدًا عَلَيْهِ وَضِغْنَا
إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ ابنُ السَّاعِي. [يَنْثي: يَذُمُّ. وَيُثْنِي: يَمْدَحُ].
وَفِي تَرْجَمَةِ فَضْلِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخُو الشَّيْخِ نَصْرِ اللهِ المُتَرْجَمِ هُنَا فِي مُعْجَمِ الحَافِظِ الدِّمْيَاطِيِّ (2/ 133)، رَفَعَ نَسَبَهُ إِلَى عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ثُمَّ قَالَ:"هكَذَا أَمْلَاهُ عَلَيَّ مِنْ لَفْظِهِ وَحِفْظِهِ، وَليْسَ بِمُتَّصِلٍ. . ."؟!.
هَاشِمٍ عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ الدُّوْشَابِيُّ
(1)
، وَسَعِيْدِ بنِ صَافِي الجَمَالِيِّ
(2)
، والأَسْعَدِ بنِ يَلْدرك، وَأَحْمَدَ بنِ المُبَارَكِ المُرَقَّعَاتِيِّ
(3)
، وَعَبْدِ الحَقِّ بنِ عَبْدِ الخالِقِ، وَمُسَلَّمِ بنِ ثَابِتِ بنِ النَّحَّاسِ، وَعَبْدِ المُحْسِنِ بنِ تُرَيْكٍ، وَشُهْدَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَأجَازَ لهُ أَبُو العَلَاءِ الهَمَذَانِيُّ، وَالسِّلَفِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَاشْتَغَلَ بالفِقْهِ عَلَى وَالِدِهِ، وَعَلَى أَبي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَقَرَأَ الخِلَافَ وَعِلْمَ النَّظَرِ عَلَى الفَخْرِ النَّوْقَانِيِّ
(4)
الشَّافِعِيِّ، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ، وَنَاظَرَ، وَتَكَلَّمَ فِي المَسَائِلِ الخِلَافِيَّةِ، وَأَجَادَ الكَلَامَ، وَكَانَ ذَا لَسَنٍ وَفَصَاحَةٍ، وَجَوْدَةِ عِبَارَةٍ، وَأَفْتَى، وَتَوَلَّى مَدْرَسَةَ جَدِّهِ، فَكَانَ يُدَرِّسُ وَيَعِظُ بِهَا، وَعَقَدَ مَجَالِسَ الإمْلَاءِ لِلْحَدِيْثِ، وَكانَ يُمْلِي الحَدِيْثَ مِنْ حِفْظِهِ والنَّاسُ يَكْتُبُوْنَ، وَأَمْلَى فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ. وَكَانَ عَظِيْمَ القَدْرِ، بَعِيْدَ الصِّيْتِ، مُعَظَّمًا عِنْدَ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ، مُلَازِمًا طَرِيْقَ النُّسُكِ وَالعِبَادَةِ، مَعَ حُسْنِ سَمْتٍ، وَكَيَسٍ، وَتَوَاضُعٍ، وَلُطْفٍ، وَبِشْرٍ، وَطِيْبِ مُلَاقَاةٍ، وَكَانَ مُحِبًّا لِلْعِلْمِ، مُكْرِمًا لأَهْلِهِ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى طَرِيْقَةٍ حَسَنَةٍ، وَسِيْرَةٍ رَضِيَّةٍ، وَكَانَ أَثَرِيًّا، سُنِّيًّا، مُتَمَسِّكًا بِالحَدِيْثِ، عَارِفًا بِهِ. وَقَدْ وَقَعَ مَرَّةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَائِفَةٍ مِنَ الأَصْحَابِ - كَأَبِي البَقَاءِ العُكْبَرِيِّ
(1)
في (ط)، و (أَ)، و (ب):"الدوشاني".
(2)
في (ط): "الحمالي" وَإِنَّمَا هُوَ "الجَمَالِي" بِالجِيْمِ، أَبُو شُجَاعٍ الحَاجِبُ (ت: 570 هـ) وَالِدُهُ صَافِي (ت: 545 هـ) مَوْلَى ابنِ جَرْدَةَ تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا.
(3)
في (ط): "المرقعاني".
(4)
في (ط): "التوقاني".
وَمُحْيِي الدِّيْنِ بنِ الجَوْزِيِّ
(1)
- مُنَازَعَةٌ فِي حَدِيْثٍ مِنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ، وَثَبَتَ هُوَ عَلَى إِقْرَارِهِ وَإِمْرَارِهِ كَمَا جَاءَ، مِنْ غَيْرِ تَأْوِيْلٍ، وَلَا إِنْكَارٍ، وَانْتَشَرَ الكَلامُ فِي ذلِكَ، حَتَّى خَرج الأَمْرُ مِنْ جِهَةِ الخِلَافَةِ بالسُّكُوْتِ مِنَ الجِهَتَيْنِ، حَسْمًا لِلْفِتْنَةِ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ الخَلِيْفَةُ النَّاصِرُ، وَولِيَ ابْنُهُ الظَّاهِرُ
(2)
- وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الخُلَفَاءِ، وَأَحْسَنِهِمْ سِيْرَةً، وَأَظْهَرِهِمْ صِيَانَةً وَصَلَاحًا وَعَدْلًا - أَزَالَ المُكُوْسَ، وَرَدَّ المَظَالمَ، وَاجْتَهَدَ فِي تَنْفِيْذِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ علَى وَجْهِهَا، حَتَّى قَالَ ابنُ الأَثِيْرِ
(3)
: لَوْ قَالَ القَائِلُ: مَا وَلِيَ بَعْدَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِثْلَهُ لَكَانَ هَذَا القَائِلُ صَادِقًا.
وَكَانَ رحمه الله يَخْتَارُ لِكُلِّ وِلَايَةٍ أَصْلَحَ مَنْ يَجِدُهُ. فَقَلَّدَ أَبَا صَالِحٍ هَذَا قَضاءَ القُضَاةِ بِجَمِيْعِ مَمْلَكَتِهِ
(4)
، وَيُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ إلَّا بِشَرْطِ: أَنْ
(1)
في (ط): "مُحيي الدِّينِ بن عربي" خَطَأٌ شَنِيْعٌ فَأَيْنَ ابْنَ عَرَبِي مِن الصُّحْبَةِ؟!
(2)
هُوَ الخَلِيْفَةُ أَبُو نَصْرٍ مُحمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، بُويِعَ بِالخِلَافَةِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ سَنَةَ: 622 هـ وَتُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ: 623 هـ. أَخْبَارُهُ فِي: الفَخْرِيِّ (329)، وَمَآثِر الإِنَافَةِ (2/ 74)، والبِدَايَة وَالنِّهَايَةِ (13/ 107)، وَمِرْآةِ الزَّمَانِ (8/ 642)، وَتَارِيْخِ الخُلَفَاءِ للسُّيُوْطِيِّ (490).
(3)
الكَامِلُ فِي التَّارِيْخِ (12/ 441).
(4)
شَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ بْن الحُسَيْنِ الدَّامَغَانِيُّ، وَذلِكَ سَنَةَ (603 هـ) كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الفُوْطِيِّ فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ"، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ القُضَاةِ بِمَدِيْنَةِ السَّلَامِ "بَغْدَادَ" فِي ثَامِنَ ذِي القِعْدَةِ سَنَةَ (622 هـ)، بَعْدَ عَزْلِ مُحْيي الدِّينِ بِنِ فَضلَانَ، وعُزِلَ عَنْ القَضَاءِ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ (623 هـ) عَنِ ابْنِ الفُوَطِيِّ أَيْضًا، وَفِي مُعْجَمِ الأَبْرَقُوهِيِّ (ورَقَة: 133) "ثُمَّ وَلَّاهُ الظَّاهِرُ بِأَمْرِ اللهِ قَضَاءَ القُضَاةِ بـ "بَغْدَادَ" فِي يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَقُرِئَ عَهْدُهُ فِي جَوَامِعِ =
يُوَرِّثَ ذَوِي الأَرْحَامِ، فَقَالَ لَهُ: أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَاتَّقِ اللهَ، وَلَا تَتَّقِ أَحَدًا سِوَاهُ. وَأَمَرَهُ أَنْ يُوْصِلَ إِلَى كُلِّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ حَقٌّ بِطَرِيْقٍ شَرْعِيٍّ حَقَّهُ، مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةٍ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِيْنَارٍ يُوْفِي بِهَا دُيُوْنَ مَنْ بِسِجْنِهِ مِنَ المَدْيُوْنِيْنَ الَّذِيْنَ لَا يَجِدُوْنَ وَفَاءً. وَلَمَّا خُلِعَ عَلَيْهِ، وَقُرِئَ عَهْدُهُ بِجَامِعِ قَصْرِ الخِلَافَةِ أَرْسَلَ إِلَى الخَلِيْفَةِ وَرَقَةً يَشْكُرُ فِيْهَا لِلْخَلِيْفَةِ، وَيَقُوْلُ: العَبْدُ يرْجُو مِنَ اللهِ تَعَالَى العَوْنَ عَلَى القِيَامِ بِأَعْبَاءِ تَكَالِيْفِهِ، فَقَدْ أَوْمَأَ إِلى ذلِكَ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الإِمَارةِ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أُوْتِيْتَهَا مِنْ غَيْرِ
= "بَغْدَادَ" الثَّلَاثَةِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ السَّوَادُ، إِلَى أَنِ انْصَرَفَ فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَ منْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فِي أَثْنَاءِ خِلَافَةِ المُسْتَنْصرِ بِاللهِ.
وَقَدِ امْتَدَحَهُ الأَدِيْبُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ هِبَةِ بنِ أَبي الحَدِيْدِ مُؤَلِّفُ "شَرْحُ نَهْج البَلَاغَة" فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِقَصِيْدَةٍ أَوَّلُهَا:
أَبَا صَالِحٍ مَا أَدَّعِي لَكَ سُؤْدَدٌ
…
فَيَطْعَنُ فِي دَعْوَايَ حَيٌّ مِنَ النَّاسِ
فَلَوْ أَجْمَعُوا فِي الدِّيْنِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى
…
كَمَالَكَ أُعْفُوا مِنْ شُكُوْكٍ وَوِسْوَاسِ
وَقَارُ أَبِي بَكْرٍ وَأَحْكَامُ حَيْدَرٍ
…
وَصِدْقُ أَبِي ذَرٍّ وَفُتْيَا ابنُ عَبَّاسِ
أَلَا لَا تَقُلْ كَانَ ابنُ مَعْرُوْفَ قَبْلَهُ
…
وَقَامَ شُرَيْحٌ أَوْ إِيَاسٌ بِقِسْطَاسِ
فَإِنَّهُمُ كَانُوا هِضَابًا مَنِيْعةً
…
وَكَالعِلْمِ المَشْهُوْرِ وَالجَبَلِ الرَّاسِي
وَهِيَ طَوِيْلَةٌ، ذَكَرَهَا ابنُ الشَّعَّارِ في "عُقُوْدِ الجُمَانِ" فِي تَرْجَمَةِ ابنِ أَبي الحَدِيْدِ تَجِدْهَا هُنَاكَ فاطلُبهَا إِنْ شِئْتَ.
(1)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (13/ 110) فِي (الأَحكَامِ)، بَابُ "مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الإِمارَةَ أَعَانَهُ اللهُ عَلَيْهَا"، وَ"بَابُ مَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ وُكِّلَ إِلَيْهَا"، وَفِي (الأَيْمَانِ وَالنُّذُوْرِ) فِي فَاتِحَتِهِ. وَمُسْلِمٌ رقم (1652)، فِي (الإِمَارَةِ) بَابُ "النَّهْيِ عَنْ طَلَبِ الإِمَارَةِ"، وَأَبُو دَاوُدَ رقم (2929) فِي =
مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا" وَيَتِمُّ هَذَا الإنْعَامُ بِأَنْ يجْرِيَ عَلَى اللَّفْظِ الأَشْرَفِ: قَلَّدْتُ نَصْرَ بنَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيَّ مَا يَقْوَى عَلَيْهِ؛ لِيَصِحَّ العَمَلَ وَالحُكْمَ شَرْعًا. ثُمَّ رَدَّ إِلَيْهِ النَّظَرَ فِي جَمِيْعِ الوُقُوْفِ العَامَّةِ، وُقُوْفُ المَدَارِسِ الشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَفِيَّةِ وَجَامِعَيْ السُّلْطَان وَابْنِ المُطَّلِبِ، فَكَانَ يُوَلِّي وَيَعْزِلُ فِي جَمِيعِ المَدَارِسِ، حَتَّى "النِّظَامِيَّة". وَلَمَّا تُوُفِّيَ الظَّاهِرُ أَقَرَّهُ ابْنَهُ المُسْتَنْصِرُ مُدَيْدَةً، وَاسْتَدْعَاهُ عِنْدَ المُبَايَعَةِ؛ لِيُثْبِتَ لَهُ وَكَالَةً، وَكَّلَهَا لِشَخْصٍ
(1)
فَلَمْ يَحْكُمْ فِيْهَا حَتَّى قَالَ لَهُ: وَلَّيْتَنِي مَا وَلَّانِي وَالِدُكَ؟ فَصَرَّحَ لَهُ بالتَّوْلِيَةِ. وَكَانَ رحمه الله فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ - يُؤَذِّنُ بِبَابِهِ فِي مَجْلِسِ الحُكْمِ وَيُصَلِّي جَمَاعَةً،
= (الخَرَاجِ وَالإِمَارَةِ)، وَالتِّرْمِذِيُّ رقم (1529)، فِي (النُّذُوْرِ)، وَالنَّسَائِيُّ فِي المُجْتَبَى (8/ 225) في (آدَابِ القَضَاءِ)، وَأَحْمَدُ فِي المُسْنَدِ (5/ 62، 63) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(1)
النَّصُّ أَكْثَر وُضُوْحًا فِي عُقُوْدِ الجُمَانِ لابْنِ الشَّعَّارِ (1/ ورقة: 151) فِي تَرْجَمَةِ الوَزِيْرِ ابْنِ النَّاقِدِ قَالَ: "فَبَقِيَ عَلَى ذلِكَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ الظَّاهِرُ رضي الله عنه، وَبُويِعَ وَلَدُهُ الإِمامُ المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ - أَعَزَّ اللهُ أَنْصَارَ دَوْلَتِهِ - فَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، وَفَضَّلَهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُ، وَأَحَضَرَهُ يَوْمَ المبَايَعَةِ، وَأَحْضَرَ قَاضِي القُضَاةِ أَبَا صَالحٍ نَصْرَ بْنَ عْبدِ الرَّزَّاقِ، وَقَالَ لَهُ أُسْتَاذُ الدَّارِ العَزِيْزَةِ أَبُو نَصْرٍ المُبَارَكُ بْنُ الضَّحَّاكِ - وَكَانَا قَائِمِيْنِ بَيْنَ الشُّبَّاكِ الشَّرِيْفِ - وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِأَمْرِ البَيْعَةِ
…
فَقَالَ لَهُ: إِن أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ وَكَّلَ أَبَا الأَزْهَرِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ النَّاقِدِ فِي كُلِّ مَا يَتَجَدَّدُ مِنْ بَيْعِ، وَإِقْرَارٍ، وَعِتْقٍ، وَابْتِيَاعٍ، فَقَالَ قَاضِي القُضَاةِ: أَهكَذَا يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنيْنَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ قَدْ وَلَّيْتُكَ مَا وَلَّاكَ وَالِدِي، فَنزلَ وَأَثْبَتَ الوَكَالَةَ الشَّرِيْفَةَ لَهُ بِالعِلْمِ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِثُبُوتِهَا عِنْدَ سَائِرِ المُعَدِّلِيْنَ. . .".
وَيَخْرُجُ إِلَى الجَامِعِ رَاجِلًا
(1)
، وَيَلْبَسُ القُطْنَ، وَكَانَ مُتَحَرِّيًا فِي القَضَاءِ، قَوِيَّ النَّفْسِ فِي الحَقِّ، عَدِيْمَ المُحَابَاةِ وَالتَّكَلُّفِ، حَتَّى إنَّهُ كَانَ يُمكِّنُ الشُّهُوْدَ مِنَ الكِتَابَةِ مِنْ دَوَاتِهِ، وَسَارَ سِيْرَةَ السَّلَفِ
(2)
، وَلَمَّا عَزَلَهُ المُسْتَنْصِرُ أَنْشَدَ
(1)
وفِي "مُعْجَمِ الأَبْرَقُوْهِيِّ"، تَتِمَّةٌ لِذلِكَ قَالَ:". . . مَعَ التَّوَاضُعِ التَّامِّ حَتَّى أَنَّهُ يَخْرُجُ إِلَى الجُمُعَةِ مَاشِيًا، وَإِذَا رَكِبَ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا مِنَ الصِّيَاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ" وَقَوْلُهُ هُنَا: "وَكَانَ يَلْبَسُ القُطْنَ" يَبْدُو أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ مِنْ أَهْلِ الثَّرْوَةِ وَالجِدَةِ، أَوِ الجَاهِ وَالسُّلْطَانِ، أَوْ أَهْلِ الوِلَايَاتِ كَالوُزَرَاءِ، وَالكُتَّابِ، وَالقُضَاةِ، وَأَرْبَابِ الدَّوْلَةِ يَلْبَسُوْنَ الثِّيَابَ وَالخِلَعَ مِنَ الحَرِيْرِ، أَوِ المُسَدَّى بِالحَرِيْرِ، لَعَلَّهُمْ يَسْتَجِيْزُونَ لُبْسَهُ علَى رَأَيٍ فِي ذلِكَ.
(2)
فِي "مُعْجَمِ الأَبَرْقُوْهِيُّ": "وَكَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ، ثِقَةً، كَثِيرَ التَّحَرِّي فِي الرِّوَايَةِ، مُحَقِّقًا لِمَا يُؤَدِّيْهِ، عَالِمًا، غَزِيرَ الفَضْلِ، لَهُ فِي المَذْهَبِ اليَدُ الطُّوْلَى، وَفِي الحَدِيْثِ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ، وَكَانَ حَسَنَ المُنَاظَرَةِ، مَلِيْحَ الكَلَامِ فِي فَنِّ الخِلَافِ".
وَنَقَلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنِ الحَافِظِ ابْنِ النَّجَّارِ قَوْلُهُ: "رَوَى الكَثِيْرَ، وَكَانَ ثِقَةً، مُتَحَرِّيًا، لَهُ فِي المَذْهَبِ اليَدُ الطُّوْلَى، وَكَانَ لَطِيْفَا، مُتَوَاضِعًا، مَزَّاحًا، كَيِّسًا، وَكَانَ مِقْدَامًا، رَجُلًا مِنَ الرِّجَالِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي دَارِ الوَزِيرِ القُمِّيِّ، وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ ذُو هَيْبَةٍ، فَقَامُوا لَهُ، وَخَدَمُوْهُ، فَقُمْتُ، وَظَنَنْتُهُ بَعْضَ الفُقَهَاءِ، فَقِيْلَ: هَذَا ابْنُ كَرَمٍ اليَهُودِيُّ، عَامِلُ دَارِ الضَّرْبِ، فَقُلْتُ لَهُ: تَعَالَ إِلَيَّ هُنَا فَجَاءَ، وَوَقَفَ بَينَ يَدَيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: وَيْلَكَ تَوَهَّمْتُكَ فَقِيْهًا، فَقُمْتُ إِكْرَامًا لِذلِكَ، وَلَسْتَ - وَيْلَكَ - عِنْدِي بِهَذِهِ الصِّفَةِ، ثُمَّ كَرَّرْتُ ذلِكَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَائِمٌ يَقُوْلُ: اللهُ يَحْفَظُكَ، اللهُ يُبْقِيْكَ، ثُمَّ قُلْتُ: اخْسَأْ هُنَاكَ بَعِيدًا عَنَّا، فَذَهَبَ".
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ رُسِمَ لَهُ بِرِزْقٍ مِنَ الخَلِيْفَةِ، وَأَنَّهُ زَارَ يَوْمَئِذٍ قَبْرَ الإِمَامِ أَحْمَدَ فَقِيْلَ لِي دُفِعَ رَسْمُكَ إِلَى ابْنِ تُومَا النَّصْرَانِيِّ فَامْضِ فَخُذْهُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَمْضِي، وَلَا أَطْلُبُهُ، فَبَقِيَ ذلِكَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ قُتِلَ - لَعَنَهُ اللهُ - فِي السَّنَةِ الأُخْرَى، وَأُخِذَ الذَّهَبُ مِنْ =
عِنْدَ عَزْلِهِ:
حَمِدْتُ اللهَ عز وجل لَمَّا
…
قَضَى لِي بالخَلَاصِ مِنَ القَضَاءِ
وللمُسْتَنْصِرِ
(1)
المَنْصُوْرِ أَشْكُرْ
…
وَأَدْعُو فَوْقَ مُعْتَادِ الدُّعَاءِ
وَلَا أَعْلَمَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا دُعِيَ بِـ "قَاضِي القُضَاةِ" قَبْلَهُ، وَلَا اسْتَقَلَّ مِنْهُمْ بِوِلَايَةِ قَضَاءِ القُضَاةِ بِمِصْرٍ غَيْرَهُ. وَأَقَامَ بَعْدَ عَزْلِهِ بِمَدْرَسَتِهِمْ يُدَرِّسُ وَيُفْتِي، وَيَحْضُرُ المَجَالِسَ الكِبَارَ وَالمحَافِلَ. ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ المُسْتَنْصِرُ رِبَاطًا بَنَاهُ بِـ "دَيْرِ الرُّوْمِ"
(2)
وَجَعَلهُ شَيْخًا بِهِ. وَكَانَ يُعَظِّمُهُ وَيُجِلُّهُ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِ أَمْوَالًا جَزِيْلَةً لِيُفَرِّقَهَا. وَقَدْ صَنَّفَ فِي الفِقْهِ كِتَابًا سَمَّاهُ "إِرْشَادَ المُبْتَدِئِيْنَ" وَأَمْلَى "مَجَالِسَ فِي الحَدِيْثِ" وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ "أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثًا"
(3)
. أَثْنَى عَلَيْهِ الحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَوَصَفَهُ بِالخَيْرِ
(4)
، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَانْتَفَعُوا بِهِ. وَفِيْهِ يقُوْلُ
= دَارِهِ فَنُفِّذَ إِلَيَّ".
(1)
في (ط): "وَلِلمُتنصر" خَطأُ طبَاعَةٍ.
(2)
"الحَوَادِثُ الجَامِعَةُ"، وَانْظُر هَامِشِ الكِتَابِ المَذْكُوْرِ فَفِيْهِ فَوَائِدُ.
(3)
في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ": "جَمَعَ لِنَفْسِهِ "أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثًا" سَمِعْنَاهَا مِنَ الأَبْرَقُوْهِيِّ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ جَدِّهِ، وَبِـ "الشَّاطِئِيَّةِ" وَتَكَلَّمَ فِي الوَعْظِ، وَأَلَّفَ فِي التَّصَوُّفِ .. ".
(4)
جَاءَ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ" سُئِلَ الضِّيَاءُ عَنْهُ فَقَالَ: فَقِيْهٌ، خَيِّرٌ، كَرِيْمُ النَّفْسِ، وَنَالَتْهُ مِحْنَةٌ، فَإِنَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ صَامُوا بِـ "بَغْدَادَ" رَمَضَانَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ ثَانِي لَيْلَةٍ رُقِبَ الهِلَالُ فَلَمْ يُرَ، وَلَاحَ خَطَأُ الشُّهُوْدِ، وَأَفْطَرَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي صَالِحِ، فَأَمْسَكُوا سِتَّةً مِنْ أَعْيَانِهِمْ فَاعْتَرَفُوا، فَعُزِّرُوا بِالدُّرَّةِ، وَحُبِسُوا، ثُمَّ أُخِذَ الَّذِيْنَ شَهِدُوا فَحُبِسُوا، وَضُرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِيْنَ، ثُمَّ إِنَّ قَاضِي "المُحَوَّلِ" أَفْطَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِيْنَ علَى حِسَابِ مَا شَهِدُوا، فَضُرِبَ وَطِيْفَ بِهِ، وَاحْتَمَى أَبُو صَالِحٍ بِـ "الرُّصَافَةِ" فِي بَيْتِ حَائِكٍ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ =
الصَّرْصَرِيُّ فِي قَصِيْدَتِهِ اللَّامِيَّةِ الَّتِي مَدَحَ فِيْهَا الإمَامَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابَهُ
(1)
:
وَفِي عَصْرِنَا قَدْ كَانَ في الفِقْهِ قُدْوَةً
…
أَبُو صَالِحٍ نَصْرٌ لِكُلِّ مؤَمِّلِ
وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ أَبِي الجَيْشِ، وَالنَّجِيْبُ الحَرَّانِيُّ
(2)
، وَالكَمَالُ البَزَّارُ.
تُوُفِّيَ سَحَرَ يَوْمِ الأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِـ "جَامِعِ القَصْرِ"، وَحَضَرَهُ خَلْقٌ كثِيْرٌ مِنَ الوُلَاةِ وَالأَعْيَانِ وَالعَوَامِّ، وَازْدَحَمُوا عَلَى حَمْلِهِ، وَارْتَفَعَتْ الأَصْوَاتُ حَوْلَ سَرِيْرِهِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، وَدُفِنَ بِدَكَّةِ الإمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ بِهَا سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ (أَنَا) وَالِدِي أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الصَّمَدِ غَيْرَ مَرَّةٍ (أَنَا) أَبُو صَالِحٍ نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: (أَنَا) أَبُو الخَيْرِ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الطَّالَقَانِيُّ (أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللهِ الفَرَاوِيُّ (أَنَا) عَبْدُ الغَافِرِ بنُ مُحَمَّدُ الفَارِسِيُّ (أَنَا) أَبُو أَحْمَدَ الجَلُّوْدِيُّ، (أَنَا) إِبْرَاهِيْمُ بنُ سُفْيَانَ (ثَنَا) مُسْلِمٌ، (ثَنَا) مُحَمَّدُ بنُ رُمْحٍ، (ثَنَا) اللَّيْثُ، عَنِ ابنِ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ
= خَلْقٌ مِنْ "بَابِ الأَزَجِ" فَمُنِعُوا مِنَ الدُّخُوْلِ إِلَيْهِ، ثُمَّ أُطْلِقَ بَعْدَ انْسِلَاخِ شَوَّالٍ".
(1)
ديوان الصَّرْصَرِيِّ (458).
(2)
فِي "مَشْيَخَةِ الحَرَّانِيِّ الكُبْرَى": "أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو صالِحٍ نَصْرُ بنُ شَيْخِنَا الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ الإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ القَادِرِ بنِ أَبِي صالِحٍ
…
قِرَاءَةً عَلَيْهِمَا وَأَنَا أَسْمَعُ، فِي شُهُوْرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" قَالَا. . .".
عنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ
(1)
: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، وَأَكثِرْنَ الاسْتِغْفَار،
(1)
رَوَاهُ مُسْلِمٌ رقم (79) فِي (الإِيْمَانِ) بَابُ "بَيَانِ نُقْصَانِ الإِيمَانِ بِنُقْصَانِ الطَّاعَاتِ" مِن حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما. وَرَوَاهُ البُخَارِي رَقم (304) ورقم (1462) مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (633 هـ):
515 -
آسِيَةُ بِنْتُ الشِّهَابِ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ رَاجِحٍ، زَوْجَةُ الحَافِظِ الضِّيَاءِ (ت: 643 هـ) ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهَا فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ: 618 هـ. وَزَوْجُهَا مَشْهُوْرٌ (ت: 643 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ،. أَخْبَارُهَا فِي التَّكْمِلةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 404) وَتَارِيْخِ الإِسلامِ (142).
516 -
وَآمِنَةُ بِنْتُ الحَافِظِ عَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ الأَخْضَرِ، وَتُلَقَّبُ: أَمَةَ الرَّحِيْمِ، رَوَتْ عَنْ شُهْدَةَ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، رَوَى عَنْهَا أَخُوْهَا عَلِيٌّ، وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهَا عَبْدَ العَزِيْزِ (ت: 611 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
517 -
وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي عُمَرَ بْنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو حَمْزَةَ، وَأَبُو طَاهِرٍ، المَقْدِسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ. تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَلَدِهِ حَمْزَةَ فِي الاِسْتِدْرَاكِ عَلَى السَّنَةِ السَّابِقَةِ، وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ (ت:؟) عَمُّ القَاضِي تَقِيُّ سُلَيْمَانَ. وَحَفِيدُهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ (ت: 742 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَابْنُهُ الآخَرُ: عُمَرُ بنُ أَحمَدَ بْنِ عُمَرَ (ت:؟)، لَهُ ذِكْرٌ فِي السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (282، 448)، وَوَالِدُهُ عُمَرُ بْنُ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ (ت:؟) لَمْ يَشْتَهِرْ بِعِلْمٍ، أَخْبَارُ أَحْمَدَ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 406)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (139)، وَالإِشَارَةِ إِلَى وَفيَاتِ الأَعْيَان (334)، وَالإِعْلَامِ بِوَفَيَاتِ الأَعْلَامِ (262)، وَالعِبَرِ (5/ 133)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 264).
518 -
وَمُحَمَّدُ بنُ رَجَبِ بْنِ عَلِيٍّ، أَبُو بَكْرٍ الحَارِثِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيُّ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (166) وَقَالَ:"مِنْ أَهلِ قَرْيَةِ "الحَارِثِيَّةِ" مِنْ أعْمَالِ "نَهْرِ عِيْسَى" سَكَنَ "بَغْدَادَ" وَتَفَقَّهَ، وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ الحَقِّ اليُوسُفِيِّ، وَأَبِي العِزِّ بْنِ مَوَاهِبِ =
فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ" وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
وَأَخْبَرَنَا بِهِ عَالِيًا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ بـ "دِمَشْقَ" غَيْرَ مَرَّةٍ. (أَنَا) القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ (ثَنَا) المُؤَيَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ (أَنَا) الفُرَاوِيُّ.
وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الشَّيْبَانِيُّ بِـ "بغْدَادَ" أَخْبَرَكُمْ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ البَزَّارُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنْتَ تَسْمَعُ قَال: أَنْشَدَنا القَاضِي أَبُو صَالِحٍ فِي عَقِبِ مَجْلِسٍ أَمْلَاهُ عَلَيْنَا لِنَفْسِهِ:
اعْبُدِ اللهَ رَاجِيًا رَحْمَةَ مِنْـ
…
ـــهُ وَلَا تَخْشَ غَيْرَ رَبِّ السَّمَاءِ
مَا أَتَاكَ الرَّسُوْلُ خُذْهُ وَدَعْ مَا
…
قَدْ نَهَى عَنْهُ تَحْظَ بالعَلْيَاءِ
وَاتَّقِ اللهَ مُخْلِصًا دَائِمًا تُصْـ
…
ـــبِحْ منَ الأَغْنِيَاءِ وَالعُلَمَاءِ
338 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمِ
(1)
بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ
= الخُرَاسَانِيِّ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ: كَانَ مُتَيَقِّظًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، مُتَدَيِّنًا".
519 -
وَمَرْيَمُ بِنْتُ خَلَفِ بْنُ رَاجِحٍ المَقْدِسِيُّ، أُمُّ أَحْمَدَ، عَمَّةُ آسِيَةَ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ رَوَتْ بِالإِجَازَةِ عَنْ الحَافِظِ أَبِي مُوسَى المَدِيْنِيِّ، وَكَتَبَ عَنْهَا ابْنُ الحَاجِبِ. أَخْبَارُها فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 405)، وَتَارِيْخِ الإسْلامِ (171).
(1)
338 - النَّاصِحُ ابْنُ الحَنْبَلِيِّ: (554 - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 65)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 113)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 209)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 367). وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 700) وَالتَّكْمِلَةُ لِوفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 429)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ (3/ 230) المَطْبُوْعُ، وَذَيلُ الرَّوْضَتَيْنِ (164) وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (196)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 6)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 20)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (335)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (197)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ =
ابنِ عَلِيِّ بن أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ السَّعْدِيُّ، العُبَادِيُّ، الشِّيْرَازِيُّ
= (4/ 1419)، وَالعِبَرُ (5/ 138) وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 291)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 146)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 86)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (2/ 103)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (2/ 479)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرُ للمَقْرِيْزِيِّ (4/ 80)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 298)، وَالدَّارِسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِسِ (2/ 62)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (240)، وَالشَّذرَاتُ (5/ 164)، (7/ 788).
ابْنُ الحَنْبَلِيِّ هَذَا مِنْ أُسْرَةِ (آلِ الحَنْبَلِيِّ) وِهيَ مِنْ أَكْبَرِ الأُسَرِ العِلْمِيَّةِ فِي بِلَادِ "الشَّامِ" وَهُمْ أَقْدَمُ مِنَ (المَقَادِسَةِ) فِي (دِمَشْقَ)، أُسْرَةٌ دِمَشْقِيَّةٌ، شِيْرَازِيَّةُ الأَصْلِ، أَنْصَارِيَّةٌ، سَعْديَّةٌ، عُبَادِيَّة الأُرْومَةِ، فَالمُتَرْجَمُ هُنَا سَلَيْلُ عِلْمِ وَفَضْلٍ، فَوَالِدُهُ نَجم (ت: 586) وَجَدُّهُ عَبْدُ الوَهَّابِ (ت: 536 هـ) وَأَبُو جَدِّهِ عَبْدُ الوَاحِدِ (ت: 486 هـ) ذَكَرَهُمْ المُؤَلِّفُ فِي مَوَاضِعِهِمْ، وَإِخْوَةُ المَذْكُورِ أَحْمَد (ت: 486 هـ) وَعَبْدُ الكَرِيْمِ (ت: 619 هـ) وَإسْمَاعِيْل (ت:؟) وَلَهُمْ مِنَ الأَوْلَادِ وَالأَحفَادِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ أَعْدَادٌ كَبِيْرَةٌ جِدًّا، ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَلِلْمُتَرْجَمِ عَبْدِ الرَّحمَنِ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 684 هـ)، وَعَبْدُ القَادِرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحمَن (ت؟)، لَهُمَا ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمشقيَّة (383، 397)، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ عَبْدِ اللهِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 672 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأُخْتُهُمْ العَالِمة أَمَةُ اللَّطِيف (ت: 653 هـ)، وَأُخْتُهَا: أَمَةُ الآخر (ت: 695 هـ) نَسْتَدْرِكُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَهُنَاكَ سِتُّ العَبِيْدِ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَافِي. جَدُّهَا لأُمِّها نَاصِحُ الدِّينِ بنُ الحَنْبَلِيِّ هَذَا، وَهِيَ أَيْضًا مِنْ (آلِ الحَنْبَلِيِّ). فَجَدُّهَا عَبْدُ الكَافِي بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: بَعْدَ 580 هـ) وَهُوَ أَخُو نَجْمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا. وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ نَذْكُرُهُمْ فِي تَرَاجِمِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. قَالَ ابنُ الشَّعَّارِ:"مِنْ أَشْهَرِ بَيْتٍ بِـ "دِمَشْقَ" فِي العِلْمِ وَأَكْبَرِهِ" وَتُوُفِّيَ ابنُ الشَّعَّارِ سَنَة (654 هـ) وَكَثُرَ العُلَمَاءُ في هَذَا البَيْتِ بَعْدَهُ كَثْرَة ظَاهِرَةً.
الأَصْلِ، الدِّمَشْقِيُّ، الفَقِيْهِ، الوَاعِظُ، نَاصِحُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَرَجِ بنِ أَبي العَلَاءِ بنِ أَبِي البَرَكَاتِ بنِ أَبِي الفَرَجِ، المَعْرُوْفُ بـ "ابنِ الحَنْبَلِيِّ".
وُلِدَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ سَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَة
(1)
بـ "دِمَشْقَ". وَسَمِعَ بِهَا مِنْ وَالِدِهِ، وَالقَاضِي أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ الشَّهْرَزُوْرِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ نَجَا الوَاعِظِ، وَأَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ العِرَاقِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَشَرَعَ فِي الاشْتِغَالِ، وَرَحَلَ إِلَى البِلَادِ، فَأَقَامَ بِـ "بَغْدَادَ" مُدَّةً، وَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي شَاكِرِ السَّقْلَاطُوْنِيِّ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَمُسَلَّمِ بنِ ثَابِتٍ الوَكِيْلِ، وَعِيْسَى الدُّوْشَابِيِّ
(2)
، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَتُجَنِّي الوَهْبَانِيَّةِ، وَنِعْمَةَ بنْتَ القَاضِي أَبِي خَازِمٍ
(3)
بنِ الفَرَّاءِ وغَيْرِهِمْ، فَمَنْ دُوْنَهُمْ فِي الطَّبَقَةِ، كَلَاحِقِ بنِ كَارِهٍ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ، وَعَبْدِ المُغِيْثِ الحَرْبِيِّ
(4)
. وَسَمِعَ بِـ "أَصْبَهَانَ" مِنَ الحَافِظِ أَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيِّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ؛ لأنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَمِنْ أَبِي العَبَّاسِ التُّرْكِ
(5)
. وَسَمِع بِـ "هَمَذَانَ" مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ الحَافِظِ أَبِي العَلَاءِ وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ بِـ "مَكَّةَ" وَغَيْرِهَا، وَسَمِعَ
(1)
فِي "عُقُوْدِ الجُمَانِ": "كَانَتْ وِلَادَتُهُ - فِيْمَا أَخْبَرَنِي - سَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ".
(2)
في الأُصُول: (الدوشاني) وتقَدَّم ذِكْرهُ مِرَارًا.
(3)
في (ط): "حازم".
(4)
في (د): "الحر" وترك بَعْدَهَا فَرَاغًا.
(5)
في (أ) و (ب): "التُّرْكِي" وَمَا أَثْبَتُّهُ هُوَ الصَّوَابُ وَهوَ أَحْمَدُ بْن أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَنَالُ التُّرْك.
بِـ "المَوْصِلِ" مِنَ الشَّيْخِ أَبِي أَحْمَدَ الحَدَّادِ الزَّاهِدِ شَيْئًا مِنْ تَصَانِيْفِهِ. وَدَخَلَ بِلَادًا كَثيْرَةً، وَاجْتَمَعَ بِفُضَلَائِهَا وَصالِحِيْهَا، وَفَاوَضَهُمْ، وَأَخَذَ عَنْهُمْ، وَقَدِمَ "مِصْرَ" مَرَّتَيْنِ. وَأَقَامَ بِـ "بَغْدَادَ" مُدَّةً يَشْتَغِلُ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ. وَقَرَأَ عَلَى أَبِي البَقَاءِ العُكْبَرِيِّ "الفَصِيْحَ" لِثَعْلَبٍ مِنْ حِفْظِهِ، وَبَعْضَ "التَّصْرِيْفِ" لابنِ جِنِّيٍّ، وَأَخَذَ عَنِ الكَمَالِ السِّنْجَارِيِّ
(1)
، وَالبَهْجَةِ الضَّرِيْرِ
(2)
، النَّحْوِيَّيْنِ، وَاشْتَغَلَ بِالوَعْظِ، وَبَرَعَ فِيْهِ، وَوَعَظَ مِنْ أَوَائِلِ عُمُرهِ، وَحَصَلَ لَهُ القَبُوْلِ التَّامُّ.
(1)
كَذَا فِي الأُصُولِ كُلِّهَا: "السِّنْجَارِيُّ" وَلعَل صَوَابُهَا "الأَنْبَارِيَّ" فَيَكُوْنُ المَقْصُوْدَ كَمَالُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو البَرَكَاتِ، العَالِمُ النَّحْوِيُّ، اللُّغَوِيُّ، المُتَمَيِّزُ (ت: 577 هـ) صَاحِبُ "الإِنْصَافِ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ" فِي النَّحْوِ، وَ"نُزْهَةِ الأَلِبَّا" وَ"أَسْرَارِ العَرَبِيَّةِ" وَغَيْرِهَا مِنَ المُؤَلَّفَاتِ الكَثِيْرَةِ النَّافِعَةِ. أَخْبَارُهُ فِي: إِنْبَاهِ الرُّواةِ (2/ 171)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 247)، وبُغْيَةِ الوُعاة (2/ 86)، وَالشَّذَرَاتِ (4/ 258).
(2)
مُحَمَّدُ بْنُ أَحمَد بنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ تَغْلِبَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الفِزْرِيْنِيُّ المُقْرِئُ، الضَّرِيْرُ المَعْرُوْفُ بِـ "البَهْجَةِ" (ت: 603 هـ) أَخْبَارُهُ فِي: مُعْجَمِ البُلْدَاِن (4/ 260)، وَإنْبَاهُ الرُّوَاةِ (3/ 53)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (2/ 100)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2/ 78)، وَنَكْتِ الهِمْيَانِ (1/ 237)، وبُغْيَةِ الوُعَاةِ (1/ 48)، وَهُوَ شَاعِرٌ لَهُ تَرْجَمَةٌ وَأَشْعَارٌ فِي عُقُودِ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (6/ ورقة: 255، 256) وَتَحَرَّفَتْ نِسْبَتُهُ فِي بَعْضِ مَصَادِرهِ إِلَى "القَزْوِيْنِيُّ" وَفِي "البُغيَةِ" إِلَى الفَزَارِي، وَنِسْبَتُهُ إِلَى "فِزْرَانِيَا" بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَسُكُونِ ثَانِيهِ، وَرَاءٍ، بَعْدَ الأَلِفِ نُوْنٌ مَكْسُوْرَةٌ، وَيَاءٌ آخِرُ الحُرُوْفِ، قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "نَهْرِ المَلِكِ" مِنْ نَوَاحِي "بَغْدَادَ" مُعْجَمُ البُلدَانِ (4/ 296)، وَإِنَّمَا تَحَرَّفَتْ إِلَى الفَزَارِيِّ؛ لأَنَّهُ يُقَالُ فِي نِسْبَتِهِ الفَزْرَانِيُّ، وَلَقَبُهُ "البَهْجَةُ" فِي نُزْهَةِ الأَلْبَابِ فِي الأَلْقَابِ (1/ 135) لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ.
وَقَدْ وَعَظَ بِكَثِيْرٍ مِنَ البِلَادِ الَّتِي دَخَلَهَا، كَـ "مِصْرَ"، وَ"حَلَبَ"، وَ"إِرْبِلَ" وَ"المَدِيْنَةِ النَّبَوِيَّةِ"، وَ"بَيْتِ المَقْدِسِ"، وَكَانَ لهُ حُرْمَةٌ عِنْدَ المُلُوْكِ وَالسَّلَاطِيْن، خُصُوْصًا مُلُوْك الشَّامِ بَنِي أَيُّوْبَ.
وَقَدِمَ "بَغْدَادَ" حَاجًّا سَنَةَ اثْنَتَي عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، وَأَكْرَمَهُ الخَلِيْفَةُ النَّاصِرُ، وَأَظُنُّهُ وَعَظَ بِهَا هَذِهِ السَّنَةَ، وَحَضَرَ فَتْحَ "بَيْتِ المَقْدِسِ" مَعَ السُّلْطَانَ صَلَاحِ الدِّيْنِ
(1)
. قَالَ: وَاجْتَمَعْتُ بِالسُّلْطَانِ فِي "القُدْسِ" بَعْدَ الفَتْحِ بِسَنَتَيْنِ، وَسَأَلَنِي عَنْ مَذْهَبِ الإمَامِ أَحْمَدَ فِي الخِضَابِ بالسَّوَادِ؟ فَقُلْتُ: مَكْرُوْهٌ. وَسَأَلَنِي عَنِ الكُفَّارِ إِذَا اسْتَوْلَوا عَلَى أَمْوَالِ المُسْلِمِيْنَ؟ فَذَكرْتُ المَذْهَبَ فِي ذلِكَ، فَاعْتَرَضَنِي بَعْضُ الفُقَهَاءِ الحَاضِرِيْنَ، وَجَرَى بيْنِي وَبَيْنَهُ مُجَادَلَةٌ، فَأَكْثَرَ مِنَ الصِّيَاحِ، فَصَاحَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ: اسْكُتْ، صَيْحَةً مُزْعِجَةً، فَسَكَتَ وَسَكَتْنَا لَحْظَةً، ثُم قَال لِي: تَمِّمْ كَلَامَكَ فَذَكَرْتُ، ثُمَّ سَكَتُّ، فَحَكَى السُّلْطَانُ قَالَ: كَانَ المُجِيْرُ [الفَقِيْهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ الجَمَالِ الحَنَفِيِّ، فَكَانَ الجَمَالُ يُبَقْبِقُ، وَالمُجِيْرُ]
(2)
يُحَقِّقُ. ثُمَّ سَأَلَنِي بَعْدَ ذلِكَ عَنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ فِي الشَّبَّابَةِ؟ ثُمَّ قَالَ: مَعَكُمْ غَيْرُ حَدِيْثِ ابنِ عُمَرَ؟ وَبَسَطَنِي فِي الكَلَامِ، حَتَّى ذَكَرْتُ لَهُ حُسْنَ أَصْوَاتِ أَهْلِ "أَصْبَهَانَ" وَذَكَرَ الطِّوَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ كَانُوا
(1)
يَا لَهَا مِنْ مَنْقَبَةٍ لَهُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - نَسْأَلُ اللهَ الكَرِيْمَ، رَبَّ العَرْشِ العَظِيْمِ أَنْ يُكْرِمَنَا بِشُهُودَ فَتْحِ البَيْتِ المُقَدَّسِ مِنْ يَدِ العِصَابَةِ الغَاصِبَةِ منْ حَفَدَةِ القِرَدَةِ وَالخَنَازِيْرِ الَّذِيْنَ بَغَوا وَطَغَوْا وَتَكَبَّرُوا، وَلكِنَنَّا - بِحَوْلِ اللهِ - فَوْقَهُمْ قَاهِرُوْنَ، وعَلَيْهِمْ مُنْتَصِرُوْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمتَّقِيْنَ".
(2)
في (ط): "المجبر" فِيْهِمَا. وَهِيَ مُخْتَصَر "مُجِيْر الدِّيْن".
يُسَمَّوْنَ "مُقْبِلي" وَتَوَقَّفَ فَقُلْتُ: الطَّعْنُ؟ فَقَالَ: الطَّعْنُ. فَكَأَنَّ بَعْضَ الحَاضِرِيْنَ نَفَسَ عَلَيَّ سُؤَالَ السُّلْطَانِ لِي، وَإِقْبالَهُ عَلَى كَلَامِي، فَقَالَ: مَنْ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ نَسْلٍ رَأَوُا رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَأَبُوْهُ أَبُو قُحَافَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبي بَكْرٍ. ثُمَّ قَالَ السُّلْطَانُ: هَاتُوا شَيْئًا، فَمَدُّوا لَهُ سُمَاطًا مُخْتَصَرًا جِدًّا، بعْدَ عِشَاءِ الآخِرَةِ بِسَاعَتَيْنِ، فَأَكَلْنَا مَعَهُ، فَقَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ: هَذَا مِنْ أَجْلِكَ، فَإِنَّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ مَا أَكَلَ بِاللَّيْلِ، ثُمَّ أَخَذَ يُثْنِي عَلَى وَالِدِي، وَيَقُوْلُ: مَا أَوْلَدَ إلَّا بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ. قَال: وَكَانَ عَارِفًا بِسِيْرَةِ وَالِدِيْ. وَدَرَّسَ النَّاصِحُ بِعِدَّةِ مَدَارِسَ، مِنْهَا "مَدْرَسَةُ جَدِّهِ شَرَفِ الإسْلَامِ"
(1)
، وَدَرَّسَ بِـ "المِسْمَارِيَّةِ"
(2)
مَعَ أَبِي المَعَالِي أَسْعَدَ بنِ المُنَجَّى
(3)
، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهَا وَحْدَهُ، وَعُزِلَ ابنُ المُنَجَّى، ثُمَّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ اسْتَقَرَّ بَنُو المُنَجَّى بِالتَّدْرِيْسِ بِهَا؛ بِحُكْمِ أَنَّ نَظَرَهَا لَهُم، ثُمَّ بَنَتْ لَهُ الصَّاحِبَةُ رَبِيْعَةُ خَاتُوْن
(4)
مَدْرَسَةً بِالجَبَلِ وَهِيَ المَعْرُوْفَةُ بِـ "الصَّاحِبِيَّةِ".
(1)
الدَّارِسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِسِ (2/ 50).
(2)
الدَّارس (1/ 14)(2/ 84)، وَوَاقِفُهَا الحَسَنُ بن مِسْمَارِ الهِلَالِيُّ (ت: 546 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ.
(3)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (606 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(4)
هِيَ رَبِيْعَةُ بِنْتُ أَيُّوبَ، أُخْتُ صَلَاحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بْنِ أَيُّوبَ، زَوْجَةُ الأَمِيْرِ الكَبِيْرِ سَعْدِ الدِّيْنِ بْن مَعِيْنِ الدِّيْنِ أنر، تُوُفِّيَتْ سَنَة (643 هـ)، وَبَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا سَعْدِ الدِّيْنِ زَوَّجَهَا أَخُوهَا مِنَ المَلِكِ مُظَفَّرِ الدِّيْنِ صَاحِبِ "إِرْبِلَ" فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ بـ "إِرْبِل" أَزْيَدُ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ قَدِمَتْ "دِمَشْقَ" وَكَانَ فِي خِدْمَتِهَا أَمَةُ اللَّطِيْفِ بِنْتُ النَّاصِحِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ فَأَحَبَّتْهَا، وَحَصَلَ لَهَا مِنْ مَحَبَتِهَا أَمْوَالٌ عَظِيْمَةٌ، وَأَشَارَتْ عَلَيْهَا بِبِنَاءِ "المَدرَسَةِ =
فَدَرَّسَ بِهَا سَنَةَ ثمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، وَحَضَرَتِ الوَاقِفَةُ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ. وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ المَذْهَبِ بَعْدَ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ، وَكَانَ يُسَامِيْهِ فِي حَيَاتِهِ.
قَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ: وَكُنْتُ قَدِمْتُ مِنْ "إِرْبِلَ" سَنَةَ وَفَاةِ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ، فَقَالَ لِي: قَدْ سُرِرْتُ بِقُدُوْمِكَ مَخَافَةَ أَنْ أَمُوْتَ وَأَنْتَ غَائِبٌ، فَيَقَعُ وَهْنٌ فِي المَذْهَبِ، وَخُلْفٌ بَيْنَ أَصحَابِنَا.
وَقَدْ وَقَعَ مَرَّاتٌ بَيْنَ النَّاصِحُ وَالشَّيْخِ المُوَفَّقِ اخْتِلَافٌ فِي فَتْوًى فِي السَّمَاعِ المُحْدَثِ، أَجَابَ فِيْهَا الشَّيْخُ المُوَفَّقُ بِإِنْكَارِهِ، فَكَتَبَ النَّاصِحُ بَعْدَهُ مَا مَضْمُوْنُهُ: الغِنَاءُ كَالشِّعْرِ، فِيْهِ مَذْمُوْمٌ وَمَمْدُوْحٌ، فَمَا قُصِدَ بِهِ تَرْوِيْحُ النُّفُوْسِ، وَتَفْرِيْجُ الهُمُوْمِ، وَتَفْرِيغُ القُلُوْبِ لِسَمَاعِ مَوْعِظَةٍ، وَتَحْريْكٍ لِتَذْكَرَةٍ فَلَا بَأْسِ بِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَذَكَرَ أَحَادِيْثَ فِي تَغنِّي جُوَيْرِيَاتِ الأنْصَارِ، وَفِي الغِنَاءِ فِي الأَعْرَاسِ، وَأَحَادِيْثَ فِي الحُدَاءِ. وَأَمَّا الشَّبَّابَةُ فَقَدْ سَمِعَهَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ لَا يَحْسُنُ القَدْحُ فِيهِمْ مِنْ مَشَايخِ الصُّوْفِيَّةَ وَأَهْلِ العِلْمِ، وَامْتَنَعَ منْ حُضُوْرِهَا الأَكْثَرُ. وَأَمَّا كَوْنُهَا أَشَدُّ تَحْرِيْمًا وَأَعْظَمُ إِثْمًا مِنْ سَائِرِ المَلَاهِي فَهَذَا قَوْلٌ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يَجْعَلُ المُخْتَلَفُ فِيْهِ كَالمُتَّفَقِ عَليْهِ؟ وَكَوْنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
= الصَّاحِبَةِ" بِـ "سَفْحِ قَاسِيُون" فَبَنَتْهَا وَوَقَفَتْهَا عَلَى النَّاصِحِ وَالحَنَابِلَةِ، كَذَا فِي الدَّارِس (2/ 62، 63)، وَذَكَرَ عَنِ ابْنِ شَدَّادٍ أَنَّ النَّاصِحَ أَوَّلُ مَنْ درَّسَ بِهَا. وَنَقَلَ عَنِ الأَسَدِيِّ [ابْن قَاضِي شُهْبَةَ] إنَّه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وِسِتِّمَائَةَ دَرَّسَ بِـ "الصَّاحِبَةِ" النَّاصِحُ بنُ الحَنْبَلِيِّ فِي شَهْرِ رَجَبٍ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَحَضَرَتِ الوَافِقَةُ وَرَاءَ السِّتْرِ".
سَدَّ أُذُنَيْهِ مِنْهَا مُشْتَرَكُ الدِّلَالَةِ؛ لأنَّهُ لَمْ يَنْهَ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ سَمَاعِهَا وَأَعْجَبُ مِنِ اسْتِدْلالِ الفَقِيْهِ المُوَفَّقِ لِذلِكَ قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَدُّ أُذُنَيْهِ لِغَيْرِهَا مِنَ المَلَاهِي فَيُشْعِرَ ذلِكَ بِجَوَازِ سَمَاعِ المَلَاهِي، ثُمَّ قَدْ بَالَغَ فِي تَحْرِيْمِ ذلِكَ، وَضَمَّ فَاعِلَهُ إِلَى حُكْمِ الكُفْرِ باللهِ تَعالَى، وَأَوْهَمَ بِمَا ذَكَرَ مِنَ الآيَاتِ أَنَّ هَذَا السَّمَاعَ يُخْرِجُ عَنِ الإسْلَامِ، وَهَذَا مِنَ الغُلُوِّ، فَكَانَ غُلُوُّهُ فِي الجَوَابِ أَشَدُّ خَطَرًا مِنْ غُلُوِّ المَذْكُوْرِيْنَ فِي السُّؤَالِ، وَأَمَّا اجْتِمَاعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي مَجْلِسٍ فَلَمْ يُذْكَرْ فِي السُّؤَالِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ إِذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَعْرُوْفٍ، فَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ جُمُعَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ، أَوْ سَمَاعِ موْعِظَةٍ، أَوِ الْتِقَاءٍ فِي مَجْلِسِ حُكْمٍ فَذلكَ غَيْرُ مُنْكَرٍ، وَهُوَ العَادَةُ الجَارِيَةُ فِي المَوَاسِمِ عِنْدَ هَذَا الفَقِيْهِ المُفْتِي وَجَمَاعَتِهِ، وَمَجَالِسِ التَّذْكِيْرِ فِي سَائِرِ بلَادِ الإسْلَامِ.
فَلَمَّا عَادَ جَوَابُهُ إِلَى الشَّيْخِ المُوَفَّقِ كَتَبَ فِي ظَهْرِهَا بِخَطِّهِ مَا مَضْمُونُهُ: كُنْتُ أَتَخَيَّلُ فِي النَّاصِحِ أَنَّهُ يَكُوْنُ إِمَامًا بَارِعًا، وَأَفْرَحُ بِهِ لِلْمَذْهَبِ؛ لِمَا فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ مِن شَرَفِ بَيْتِهِ، وَإِعْرَاقِ نَسَبِهِ فِي الإِمَامَةِ، وَمَا آتَاهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ بَسْطِ اللِّسَانِ، وَجَرَاءَةِ الجَنَانِ، وَحَدَّةِ الخَاطِرِ، وَسُرْعَةِ الجَوَابِ، وَكَثْرَةِ الصَّوَابِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكُوْنُ فِي الفَتْوَى مُبَرِّزًا عَلَى أَبِيْهِ وَغَيْرِهِ، إِلَى أَنْ رَأَيْتُ لَهُ فَتَاوَى غَيْرُهُ فِيْهَا أَسَدُّ جَوَابًا، وَأَكْثَرُ صَوَابًا، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ ابْتُلِيَ بِذلِكَ لِمَحَبَّتِهِ تَخْطِئَةَ النَّاسِ، وَاتِّبَاعِهِ عُيُوْبَهُمْ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُعَاقِبَ اللهُ العَبْدَ بِجِنْسِ ذَنْبِهِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَالنَّاصِحُ قَدْ شَغَلَ كَثِيْرًا مِنْ زَمَانِهِ بِالرَّدِّ عَلَى النَّاسِ فِي تَصَانِيْفِهِمْ، وَكَشْفِ مَا اسْتَتَرَ مِنْ خَطَايَاهُمْ وَمَحَبَّةِ بَيَانِ سَقَطَاتِهِمْ، وَلَا يَبْلُغُ
العَبْدُ حَقِيْقَةَ الإِيْمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، أَفَتَرَاهُ يُحِبُّ لِنَفْسِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَنْ يَنْتَصِبُ لِكَشْفِ سَقَطَاتِهِ، وَعَيْبِ تَصَانِيْفِهِ، وَإِظْهَارِ أَخْطَائِهِ؟ وَكَمَا لَا يُحِبُّ ذلِكَ لِنَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُحِبَّهُ لِغَيْرِهِ، سِيَّمَا لِلأَئِمَّةِ المُتَقَدِّمِيْنَ، وَالعُلَمَاءُ المُبَرِّزِيْنَ. وَقَدْ أَرَانَا اللهُ تَعَالَى آيَةً فِي ذَهَابِهِ عَنِ الصَّوَابِ فِي أَشْيَاءِ تَظْهَرُ لِمَنْ هُوَ دُوْنَهُ، فَمِنْ ذلِكَ فِي فُتْيَاهُ هَذِهِ خَطَأٌ فِي وُجُوهٍ كَثِيْرَةٍ.
مِنْهَا: أَنَّهُ إِنَّمَا أُذِنَ لَهُ بِقَرِيْنَةِ الحَالِ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ، فَعُدُوْلُهُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَبْلَهُ تَصَرُّفٌ فِي الكِتَابَةِ فِي وَرَقَةِ غَيْرِهِ، بِمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيْهِ، وَذلِكَ حَرَامٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّ قَرِيْنَةَ أَحْوَالِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا أَذِنُوا فِي الجَوَابِ بِما يُوَافِقُ
(1)
المُفْتِي قَبْلَهُ، فَالكِتَابَةُ بِخِلَافِ ذلِكَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيْهَا، وَلِذلِكَ أَحْوَجَ إِلَى قَطْعِ وَرَقَتِهِمْ، وَذَهَابِ فُتْيَاهُ مِنْهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ سَأَلُوا عَنِ السَّمَاعِ الجَامِعِ لِهَذِهِ الخِصَالِ المَذْكُورَةِ، عَلَى وَجْهٍ يُتَّخَذُ دِيْنًا وَقُرْبَةً؟ فَلَمْ يُجِبْ عَنْ ذَلِكَ، وَعَدَلَ إِلَى ذِكْرِ بَعْضِ الخِصَالِ المَذْكُورَةِ مُفْرَدَةً، عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ المَذْكُورَةِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنَ الجَوَابِ عَنْ بَعْضِ شَيءٍ الجَوَابُ عَنْ مَجْمُوْعِهِ، وَلَا مِنْ بَيَانِ حُكْمِهِ عَلَى صِفَةٍ بَيَانُ حُكْمِهِ عَلَى غَيْرِهَا، فَنَاصِحُ الدِّيْنَ سُئِلَ عَنِ السَّمَاعِ الجَامِعِ لِهَذِهِ القَبَائِحِ مُتَّخَذًا دِيْنًا وَقُرْبَةً، فَأَجَابَ: بِأَنَّ رَجُلًا قَدْ حَدَا للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَجَارِيَةً قَدْ نَدَبَتْ أَبَاهَا، وَأَشْبَاهَ ذلِكَ بِمَا لَيْسَ فِيْهِ جَوَابٌ أَصْلًا.
(1)
فِي (وَ): "وَافَقَ".
وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَسَّمَ الغِنَاءَ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَمْدُوْحٌ وَمَذْمُوْمٌ، ثُمَّ رَقَّاهُ إِلَى رُتْبَةِ المَنْدُوْبَاتِ وَالعِبَادَاتِ، فَجَاوَزَ فِيْهِ حُدَاء الشِّعْرِ، وَلَمْ يَقُلْ ذلِكَ سِوَى هَذِهِ الطَّائِفَةِ المَسْؤُلِ عَنْهَا، الَّذِيْنَ سَلَكُوا مَسْلَكَ الجَاهِلِيَّةِ فِي جَعْلِهِ لَهُمْ صَلَاةً وَدِيْنا، وَحَاشَى نَاصِحَ الدِّيْنِ مِنِ اتِّبَاعِهِمْ.
وَمِنْهَا: أَنَّ قِسْمَتَهُ غَيْرُ حَاصِرَةٍ، فَإِنَّ ثَمَّ قِسْمًا آخَرَ، غَيْرُ مَمْدُوْحٍ وَلَا مَذْمُوْمٍ، وَهُوَ المُبَاحُ الَّذِي لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى الآخَرِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ شَرَعَ مُسْتَدِلًّا علَى مَدْحِ الغِنَاءِ بِذِكْرِ الحُدَاءِ، شُرُوْعَ مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الحُدَاءِ وَالغِنَاءِ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ قَوْلِ الشِّعْرِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ. وَمَنْ هَذِهِ حَالُهُ لَا يَصْلُحُ لِلْفُتْيَا؛ فَإِنَّ المُفْتِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِاللِّسَانِ، لِسَانَ العَرَبِ وَلُغَتِهِمْ مِمَّا يُفْتِي فِيْهِ، وَظَاهِرُ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ، لَكِنْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ مَمَادِحُ الغِنَاءِ، فَعَدَلَ إِلَى مَا يُقَارِبُهُ، كَمَا قِيْلَ:"الأَقْرَعُ يَفْتَخِرُ بِجُمَّةِ ابْنِ عَمِّهِ"[وَ"ابْنُ الحَمْقَاءِ يَذْكُرُ خَالَتَهُ إِذَا عِيْبَ بِأُمِّهِ"]
(1)
. لكِنَّهُ إِنْ كَانَ - بِسَعَادَتِهِ - قَدْ عَلِمَ بِذلِكَ، ثُمَّ قَصَدَ التَّمْوِيهَ عَلَى مَنِ اسْتَرْشَدَهُ، وَتَعْمِيَةَ مَنْ قَصدَهُ وَقَلَّدَهُ فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذلِكَ، لَكِنْ كَانَ عَنْ غَفْلَةٍ مِنْهُ فَهُوَ نَوْعُ تَغَفُّلٍ، وَذلِكَ عَجِيْبٌ مِنْ مِثْلِهِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِحَدِيْثِ الجَوَارِي اللَّاتِي نَدَبْنَ آبَاءَهُنَّ، فَمَا فِيْهِ ذِكْرُ الغِنَاءِ، فَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لَهُنَّ فِي ذلِكَ، فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ مَا يُوْجِبُ المَدْحَ فِي حَقِّ عُقَلَاءِ الرِّجَالِ المُتَوَسِّمِيْنَ بِالدَّيْنِ وَالعِبَادَةِ، كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ
(1)
هُمَا مَثَلَانِ بِلا إِشكال، فَيَظْهَرُ أنَّهما مِنْ أَمْثَالِ العَوَامِّ في بِلادِ الشَّامِ آنذاك.
أَرْخَصَ لِعَائِشَةَ فِي اللَّعِبِ بِالبَنَاتِ
(1)
وَذلِكَ لَا يُوْجِبُ مَدْحَ لَعِبِ الرِّجَالِ العُقَلَاءِ بِاللُّعَبِ، وَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ، وَمَنْ رَأَى ذلِكَ، فَعَلَى سِيَاقِ قَوْلِهِ، كُلُّ مَا رُخِّصَ فِيْهِ لِلْصِّبْيَانِ، وَالجُوَيْرِيَاتِ
(2)
الصِّغَارِ فَهُوَ مَمْدُوْحٌ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ، كَاللَّعِبِ فِي الطُّرُقَاتِ، وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا غَيْرُهُ، يُنْكِرُوْنَ علَى الصِّبْيَانِ لَعِبَهُمْ، وَلَا فِعَالَهُمُ الَّتِي تُسْتَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهِمْ مِثْلُ المُصَافَعَةِ، وَالمُفَاقَسَةِ بِالبَيْضِ الأَحْمَرِ، وَالعَدْوِ فِي الطُّرُقَاتِ، وَحَمْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَأَشْيَاءَ، لَوْ فَعَلَهَا المُمَيِّزُ البَالِغُ، لَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَسَقَطَتْ عَدَالَتُهُ.
فَإِنْ قَالُوا: نَحْنُ إِنَّمَا نَحْتَجُّ بِسَمَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الجُوَيْرِيَاتِ، فَنَحْنُ نَسْمَعُهُ كَمَا سَمِعَهُنَّ.
قُلنَا: أَخْطَأْتُمْ فِي النَّظَرِ، وَجَهِلْتُمْ الفَرْقَ بَيْنَ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وفِعْلِكُمْ؛ فَإِنَّ المَنْقُوْلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم السَّمَاعُ لَهُ، وَأَنْتُمْ تَفْعَلُوْنَ الاسْتِمَاعَ؛ وَالسَّمَاعُ غَيْرُ الاسْتِمَاعِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَيْسَ العَجَبُ مِنْ جَاهِلٍ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الفِعْلَيْنِ، وَلكِنْ مِنْ إِمَامٍ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِلْفُتْيَا، وَعُدَّ أَنَّهُ هَادٍ لِلْمُسْلِمِيْنَ، وَمُرْشِدٌ لَهُمْ، وَهوَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ، حَتَّى جَعَلَ يَعْجَبُ مِنْ قَوْلِنَا:"لَا يَجِبُ سَدُّ الأُذُنَيْنِ مِنَ الأَصْوَاتِ المُحَرَّمَاتِ" وَقَالَ "هَذَا يُوْهِمُ إِبَاحَةُ الاِسْتِمَاعِ إِلَى المَلَاهِي"، وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَنْتَهِي إِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ، بَلْ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ الجُهَّالَ يَخْفَى عَلَيْهِمْ هَذَا؛ فَإِذَا بِهِ قَدْ خَفِيَ عَلَى أَحَد المُدَرِّسِيْنَ المُفتِينَ
(1)
المَقْصُودُ الدُّمَى الَّتي يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ.
(2)
في (ط): "الجوبرت" خطأ طباعة.
المُتَصَدِّرَيْنِ، حَتَّى عَدَّهُ عَجَبًا، وَأَعْجَبُ مِمَّا عَجِبَ مِنْهُ إِمَامٌ مُدَرِّسٌ مُفْتٍ، لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ السَّمَاعِ وَالاِستِمَاعِ، وَلَا بَيْنَ الغِنَاءِ وَالحُدَاءِ، وَلَا بَيْنَ حُكْمِ الصَّغِيْرِ وَالكَبِيْرِ!!
وأَمَّا خَبَرُ عَائِشَةَ فِي زَفَافِ المَرْأَةِ، فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ، فَلَمْ يُصَحِّحْهُ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَلَيْسَ فِيْهِ ذِكْرُ الغِنَاءِ، إِنَّمَا فِيْهِ قَوْلُ الشِّعْرِ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ غِنَاءٌ، فَلَا يَلْزَمُ مِنَ الرُّخْصَةِ فِيْهِ فِي العُرْسِ الَّذِي أُمِرَ فِيهِ بِالدُّفِّ وَالصَّوْتِ الرُّخْصَةُ فِيْهِ علَى الوَجْهِ الَّذِي يَفْعَلُهُ هَؤُلَاءِ.
وَمِنَ العَجَبِ اسْتِدْلَالُ الفَقِيْهِ علَى إِبَاحَةِ الشَّبَّابَةِ بِأَنَّهُ قَدْ سَمِعَهَا مِنْ الصُّوْفِيَّةِ، وَمَا مِنْ قَبِيْحَةٍ مِنَ القَبَائِحِ، وَلَا بِدْعَةٍ مِنَ البِدَعِ، إِلَّا قَدْ سَمِعَهَا مَشَايِخُ وَشَبَابٌ أَيْضًا، وقَدْ عَلِمَ النَّاصِحُ أَنْوَاعَ الأَدِلَّةِ، فَهَلْ وَجَدَ فِيْهَا فِعْلَ المَشَايِخِ مِنَ الصُّوْفِيَّةِ؟ وَإِنْ كَانَ هَذَا دَلِيْلًا فَلْيَضُمُّهُ إِلَى أَدِلَّةِ الشَّرْعِ المَذْكُوْرَةِ، لِيَكُوْنَ دَلِيْلًا آخَرُ، يُغْرَبُ بِهِ عَلَى مَنْ قَبْلَهُ، وَيَكُوْنُ هَذَا الدَّلِيْلُ مَنْسُوْبًا إِلَيْهِ، مَعْرُوْفًا بِهِ، وَلكِنْ لَا يَنْسِبُهُ إِلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ وَغَيْرَهُ مِنَ الأَئِمَّةِ بَرِيْئُونَ مِنْ هَذَا.
وَلِلنَّاصِحِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - تَصَانِيْفُ عِدَّةٌ، مِنْهَا: كِتَابُ "أَسْبَابِ الحَدِيثِ" فِي مُجَلَّدَاتٍ عِدَّةٍ، وَكِتَابُ "الاسْتِسْعَادِ بِمَنْ لَقِيْتُ مِنْ صَالِحِي العِبَادِ فِي البِلَادِ" وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ، وَنَقَلْتُ مِنْهُ فِي هَذَا الكِتَابِ كَثِيْرًا
(1)
، وَكِتَابُ "الأَنْجَادِ فِي الجِهَادِ" صَنَّفَهُ بِـ "حَلَبَ" وَقَالَ: لَمَّا فَرَغْتُ
(1)
جَمَعَ الدُّكْتُور إِحْسَانَ عَبَّاس النُّصُوْصَ الَّتِي أَوْرَدَهَا المُؤَلِّفُ فِي هَذَا الكِتَابِ وَأَضَافَ =
مِنْ تَصْنِيْفِهِ، رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنِّي جَالِسٌ، وَإِذَا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَرَّ بِي، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ قَدْرَ ذِرَاعٍ، فَقَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَرَدَدْتُ السَّلَامَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ اسْتَبْشَرْتُ، وَقُلْتُ: أُرِيْدُ السَّلَامَ عَلَيْهِ عِنْدَ حُجْرَتِهِ، شُكْرًا لَهُ، قَالَ: فَحَجْتُ ذلِكَ العَامَ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، قَدْ أَخَذَ عَلَى ابْنِ نُبَاتَةَ فِي خُطَبِهِ
(1)
كلِمَاتٌ منْ جِهَةِ اللُّغَةِ، وَفِي قَوْلِهِ:"الحَمْدُ لله الَّذِي اخْتَارَ البَقَاءَ لِنَفْسِهِ وَارْتَضَاهُ" قَالَ: وَكُنْتُ نَظَرْتُ فِي "خُطَبِ ابْنِ نُبَاتَةَ"، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ مَوَاضِعَ كَثِيْرَةً مِنْ حَيْثُ المَعَانِي، وَاعْتَذَرْتُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: "وَاخْتَارَ البَقَاءَ
= إِلَيهَا نَصَّيْنِ مِنْ "بُغْيَةِ الطَّلَبِ في تَارِيْخِ حَلَبَ" لابنِ العَدِيْمِ، وَطَبَعَهَا فِي كِتَابِ "شَذَّرَاتٍ مِنْ كُتُبٍ مَفْقُودَةٍ فِي التَّارِيخِ" فِي دَارِ الغَرْبِ الإِسْلامِيِّ بِـ "بَيْرُوت" سَنَةَ (1408 هـ). وَقَدْ خَرَّجَ مُحَقِّقُ "المَنْهَجِ الأَحمَدِ" عَنْ كِتَابِ "الاسْتِسْعَادِ. . ." وَإِنَّمَا رَجَعَ إِلَى جَمْعِ الدُّكْتُور هَذَا، وَمِنَ النَّاحِيَةِ العِلْمِيَّةِ لَا يَصِحُّ التَّخْرِيْجُ مِنْهَا وَهِيَ نَفْسُهَا النُّصُوْصُ المَوْجُودَةِ فِي "الذَّيْلِ" وَعَنْهُ بِلَفْظها - غَالِبًا - فِي "المَنْهَج الأَحْمَد" وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذلِكَ شَيْئًا. والنَّصَّيْنِ المَنْقُولَيْنِ عَنْ "بُغْيَةِ الطَّلَبِ" لِعَالِمِيْن مِنْ غَيْرِ الحَنَابِلَةِ، وَمَعَ طَبْعِ "بُغْيَةِ الطَّلَبِ" فُقِدَتْ فَائِدَتُهُمَا أَيْضًا. أَقُوْلُ: إِنَّ تَخْرِيْجَهُ مِنْ جَمْعِ الدُّكْتُور إِحْسَان كَأَنَّهُ خَرَّجَ مِنَ الكِتَابِ نَفْسِهِ فَعَادَ كَمَا بَدَأَ
رَأَى الأمْرَ يُفْضِي إِلَى أَوَّلِ
…
فَصَيَّرَ آخِرَهُ أَوَّلا
(1)
هُوَ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِقِيُّ (ت: 374 هـ) كَانَ خَطِيْبَ "حَلَبَ" أَيَّامَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وَاجْتَمَعَ بِأَبِي الطَّيِّبِ المُتَنَبِّي في بَلَاطِهِ، وَكَانَ يَحُثُّ عَلَى الجِهَادِ في خُطَبِهِ، وَهِيَ خُطَبٌ بَلِيْغَةٌ جَمَعَهَا في "دِيْوَانٍ" مَشْهُوْرٍ طُبِعَ فِي القَاهِرَةِ سنة (1286 هـ، 1292 هـ، 1309 هـ) وَبِبَيْرُوْتَ سنة (1311 هـ) وَشَرَحَهَا غيرُ وَاحِدٍ من العُلَمَاءِ منهم زَيْدُ بنُ الحَسَنِ الكِنْدِيُّ (ت: 613 هـ) وأَبُو البَقَاءِ العُكْبَرِيُّ (ت: 616 هـ) وَغَيْرُهُمَا.
لِنَفْسِهِ" وَحَمَلْتُهُ علَى مَحْمَلٍ يَصِحُّ، ثُمَّ قَرَأْتُ هَذَا الكِتَابِ علَى الكِنْدِيِّ بِحَضَرَةِ جَمَاعَةٍ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَصَارَ يَقُوْلُ فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ: مَا أَرَادَ هَذَا فَأَقُوْلُ: يَسْمَعُ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ تَمَامَ الفَصْلِ، فَإِنْ أَرَادَ كَذَا، فَبَاطِلٌ بِكَذَا، قَالَ: وَكَانَ مَجْلِسًا مَشْهُوْدًا.
وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": لِلْنَّاصِحِ "خُطَبٌ" و"مَقَامَاتٌ"، وَكِتَابُ "تَارِيْخِ الوُعَّاظِ" وَأَشْيَاءُ فِي الوَعْظِ
(1)
، قَالَ: وَكَانَ حُلْوَ الكَلَامِ، جَيِّدَ الإِيْرَادِ، شَهْمًا، مَهِيْبًا، صَارِمًا، وَكَانَ رَئِيْسَ المَذْهَبِ فِي زَمَانِهِ بِـ "دِمَشْقَ".
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، أَدِيْبًا، حَسَنَ الأَخْلَاقِ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ وَاعِظًا، مُتَوَاضِعًا، مُتَفَنِّنًا، لَهُ تَصَانِيْفُ، وَلَهُ بُنِيَتِ المَدْرَسَةُ الَّتِي بِـ "الجَبَلِ" لِلْحَنَابِلَةِ، يَعْنِي مَدْرَسَةِ "الصَّاحِبِيَّةِ".
قَالَ المُنْذِرِيُّ: قَدِمَ - يَعْنِي النَّاصِحُ - "مِصْرَ" مَرَّتَيْنِ، وَوَعَظَ بِهَا، وَحَدَّثَ، وَحَصلَ لَهُ بِهَا قَبُوْلٌ، وَحَدَّثَ بِـ "دِمَشْقَ" وَ"بَغْدَادَ" وَغَيْرِهِمَا وَوَعَظَ، وَدَرَّسَ، وَكَانَ فَاضِلًا، وَلَهُ مُصنَّفَاتٌ وَهُوَ مِنْ بَيْتِ الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ، وَحَدَّثَ هُوَ
(1)
وَمِنْ مُؤلِّفَاتِ النَّاصِح: "أَقْيِسَةُ المُصْطَفَى مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم" لَهُ في الأَزْهَر نُسْخَتَانِ إِحداهُما قَديمة نُسخَتْ سَنَةَ (716 هـ) وَالأُخْرَى حَدِيثَةٌ مَنْقُولَةٌ عَنْ سَابِقَتِهَا فَلَا قِيْمَةَ لَهَا مَعَ وُجُوْدِ أَصْلِهَا، وَطُبِعَ فِي مِصْرَ سَنَةَ (1393 هـ) وَأُعِيْدَ نَشْرُهُ فِي دَارِ الكُتِب الحَدِيْثَةِ سَنَةَ (1403 هـ) ثُمَّ فِي المَكْتَبَةِ العَصْرِيَّةِ بصَيدَا وبَيْرُوت سَنة (1415 هـ).
وَمِنْ مُؤَلَّفَاتِهِ: "استِخْرَاجِ الجِدَالِ فِي القُرْآنِ" طُبِعَ سَنَةَ (1400 هـ). بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُور زَاهِرٍ الأَلْمَعِيِّ.
وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ، وَجَدُّ أَبِيْهِ وَجَدُّ جَدِّهِ
(1)
لَقَيْتُهُ بِـ "دِمَشْقَ" وَسَمِعْتُ مِنْهُ.
قُلتُ: سَمِعَ مِنْهُ خَالِدٌ النَّابُلُسِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ الحَافِظُ، وَكَتَبَ عَنْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ بِـ "بَغْدَادَ" أَنَاشِيْدَ، وَسَمِعَ مِنْهُ بِـ "دِمَشْقَ" خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَخَرَّجَ لَهُ الزَّكِيُّ البِرْزَالِيُّ، وَرَوَى عَنْهُ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ ثَالِثَ المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "دِمَشْقَ" وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بَتُرْبَتِهِمْ بِسَفْحِ "قَاسِيُونَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ البَعْلِيُّ
(2)
وَغَيْرُ واحِدٍ قَالُوا: (ثَنَا) أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي العِزِّ بْنِ شَرَفٍ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) نَاصِحُ الدِّيْنِ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَجْمٍ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) الحَافِظُ أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المَدِيْنِيُّ بِـ "أَصْبَهَانَ"(أَنَا) يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ مَنْدَه الحَافِظُ (أَنَا) أَبُو بَكْرِ بْنُ رِيْدَةَ
(3)
(أَنَا) الطَّبَرَانِيُّ.
(ح) قَالَ المَدِيْنِيُّ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ (أَنَا) الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ (ثَنَا) حَبِيْبُ بْنُ الحَسَنِ قَالَا: (ثَنَا) أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الكَجِّيُّ (أَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ (ثَنَا) حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ "أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ النَّضِرِ
(1)
لَا أَعْلَم أَنَّ جَدَّ جَدِّهِ كَانَ مُحْدِثًا؟.
(2)
المُتَوَفَّى سَنَةَ (761 هـ)، وَهُوَ شَيْخُ المُؤَلِّفِ ابْن رَجَبٍ، وَشَيْخُ أَبِيْهِ أَيْضًا كَمَا فِي المُنْتَقَى مِنْ مُعْجَمهِ رقم (210). وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي: المَقْصد الأرشد (1/ 286)، وَالمَنْهج الأحمد (5/ 114)، والسُّحُب الوَابِلة (1/ 341).
(3)
في (ط): "ربدة".
لَطَمَتْ جَارِيَةً فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا، فَعَرَضُوا عَلَيْهِمْ الأَرْشَ فَأَبَوا، فَأَتَوَا رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ، فَجَاءَ أَخُوْهَا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَتُكْسَرُ سِنُّ الرُّبَيِّعِ؟! لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ نَبِيًّا لَا تُكْسَرُ سِنُّهَا، فَقَالَ: يَا أَنَسُ، كِتابُ اللهِ القِصَاصُ، فَعَفَا القَوْمُ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ"
(1)
. أَخْبَرَنَا عَالِيًا أَبُو الفَتْحِ المِصْرِيُّ - بِهَا - (أَنَا) أَبُو الفَرَجِ الحَرَّانِيُّ (أَنَا) أَبُو طَاهِرِ بْنِ المَغْطُوْشِ (أَخْبَرَنَا) أَبُو الغَنَائِمِ بْنُ المُهْتَدِي (أَنَا) أَبُو إِسْحَقَ البَرْمَكِيُّ الفَقِيْهُ (أَنَا) الكَجِّيُّ فَذَكَرَهُ.
339 - حَمْدُ بْنُ أَحْمَدَ
(2)
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَرَكَةَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صُدَيْقِ بْنِ صَرُّوْفٍ
(1)
رواه البُخَارِي (12/ 197) في (الدِّيَات) بَابُ "السِّن بِالسِّنِّ" وَفِي (الصُّلْحِ) بَابُ "الصُّلْحِ فِي الدِّيْنِ"، وَفِي "تَفْسِير سُورَة البَقرة، بَابُ قَوْله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} "، وَمُسْلِمٌ رقم (1635) فِي (الدِّيَّاتِ) بَابُ "القِصَاصِ مِنَ السِّنِّ"، وَالنَّسَائِي فِي المُجْتَبَى (8/ 28) في (القَسَامَة) مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه. عَن هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
339 - ابْنُ صُدَيْقٍ الحَرَّانِيُّ (553 - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 165)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 358)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 217)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 368). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ لابنِ نُقْطَةَ (3/ 574)، وَمُعْجَمُ الأَبْرَقُوْهِيِّ (ورقة: 24)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 292)، وبُغْيَةُ الطَّلَبِ (2/ 2922)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 434)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (185)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (335)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (262)، وَالعِبَرُ (5/ 137)، وَالمُشْتَبهُ (1/ 314)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1419) وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (13/ 159)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 163)(7/ 286)، =
الحَرَّانِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَيُلَقَّبُ "مُوَفَّقُ الدِّيْنِ".
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ". وَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي يَاسِرٍ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ أَبِي حَبَّةَ
(1)
، وَأَبِي الفَتْحِ بْنِ أَبِي الوَفَاءِ الفَقِيْهِ. وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" فَسَمِعَ بِهَا مِنْ عَبْدِ الحَقِّ
(2)
اليُوسُفِيِّ، وَابْنِ شَاتِيْلٍ، وَعَبْدِ المُغِيْثِ الحَرْبِيِّ، وَشَافِعِ بْنِ صَالِحٍ الجِيْلِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" عَلَى ابْنِ المَنِّيِّ، وَأَبِي البَقَاءِ العُكْبَرِيِّ، وابْنِ الجَوْزِيِّ، وَلَازَمَهُ وَأَخَذَ عنْه كَثِيْرًا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "حَرَّانَ" وَأَعَادَ بِـ "المَدْرَسَةِ" بِهَا مُدَّةً، وَحَدَّثَ بِـ "حَرَّانَ" وَ"دِمَشْقَ". سَمِعَ مِنْهُ بِـ "حَرَّانَ" المُنْذِرِيُّ، وَالأَبَرْقُوْهِيُّ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَقَالَ: كَانَ شَيْخًا صَالِحًا مِنْ قَوْمٍ صَالِحِيْنَ.
وَتُوُفِّيَ فِي سَادِسَ عَشَرَ صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "دِمَشْقَ" وَدُفِنَ بِسَفْحِ جَبَلِ "قَاسِيُوْنَ" رحمه الله.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ، وَالمُنْذِرِيُّ: وَ"صُدَيْقٌ" بِضَمِّ الصَّادِ، وَفَتْحِ الدَّالِ الخَفِيْفَةِ المُهْمَلَتَينِ زَادَ المُنْذِرِيُّ: وَ"صَرُّوْفٌ" بِفَتْحِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيْدِ الرَّاءِ المُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا، وَبَعْدَهَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ وَفَاءٌ.
= وَتَحَرَّفَ في بَعْضِ مَصَادِرِهِ إِلَى "أَحْمَدَ". وَأَخُوهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ حَمْدٍ (ت: 656 هـ) وَيُسَمَّى "ثَابِتًا"، ذكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمَهِ (2/ 48)، نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وأَخُوْهُمَا: حَمَّادُ بنُ أَحْمَدَ (ت: 624 هـ) تَقَدَّم فِي اسْتِدْرَاكِنَا.
(1)
في (ط): "حيه" تَصْحِيْفٌ.
(2)
في (ط): "الحق" خطأ طباعة.
340 - أَحْمَدُ بْنُ أَكْمَلَ
(1)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْعُوْدِ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ مَطَرِ بنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الخَطِيْبُ
(2)
، المُعَدَّلُ، أَبُو العَبَّاسِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي العَبَّاسِ.
وُلِدَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلٍ، وَأَبِي العَلَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَقِيْلٍ، وَوَفَاءَ بْنَ أَسْعَدَ، وَعَبْدَ الغَنِيِّ بْنِ أَبِي العَلَاءِ الهَمَذَانِيِّ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ لَهُ فَضْلٌ وَتَمَيُّزٌ، وَوَلِيَ خَطَابَةَ جَامِعِ السُّلْطَانَ، وَنَظَرَ دِيْوَانَ التَّرِكَاتِ، ثُمَّ صُرِفَ عَنِ الخَطَابَةِ، وَرُتِّبَ نَاظِرًا فِيْمَا يَتَعَلَّقُ بِالحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ، ثُمَّ صُرِفَ، وَبَقِيَ علَى نَظَرِهِ بِدِيْوَانِ التَّرِكَاتِ مُدَّةَ خِلَافَةِ النَّاصِرِ إِلَى أَنْ وَلِيَ الظَّاهِرُ فَصَرَفَهُ. وَذَكَرَ ابْنُ القَادِسِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": أَنَّ الفَقِيْهَ الإِمَامَ أَبَا بَكْرِ بْنَ الحَلَّاوِيِّ سَأَلَ مِنَ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ الإِجَازَةَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الحَنَابِلَةِ فَبَرَزَ مَرْسُومُ الخَلِيْفَةِ بِإِجَابَتِهِ إِلَى سُؤَالِهِ، مَا عَدَا ابْنَ الخَيَّاطِ فَإِنَّهُ يَسْعَى بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا
(1)
340 - أَبُو العبَّاسِ الهَاشِمِيُّ (570 - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 67) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 78)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 218)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 368). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 436)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (178)، وَالوَافِي بِالوَفَياتِ (6/ 256)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 167)(7/ 291). تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (617 هـ) وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَاسْتَدْرَكْنَاهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ.
(2)
كُتِبَ بَعْدَهَا في الهَامِش في (د): "الفَقِيه".
الكَلَامَ. قَالَ: وَابْنُ الخَيَّاطِ
(1)
: هُوَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ العَبَّاسِيُّ الشَّاهِدُ، وَهُوَ عَامِلٌ عَلى التَّرِكَاتِ الحَشَرِيَّةِ. سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ السَّاعِي وَغَيْرِهِ.
وَتُوُفِّيَ فِي ثَامِنَ رَبِيعٍ الأَوَّلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ عِنْدَ أَبيهِ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدْ حَدَّثَ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ وَعَمُّهُ أَفْضَلُ.
341 - عَبْدُ القَادِرِ بْنِ عَبْد القَاهِرِ
(2)
بْنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ أَبِي الفَهْمِ الحَرَّانِيُّ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، نَاصِحُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَرَجِ، شَيْخُ "حَرَّانَ" وَمُفْتِيْهَا، ابْنُ أَبِي مُ
حَمَّدِ بنِ أَبِي الفَرَجِ. وُلِدَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ
(1)
لَمْ أَقِفْ عَلَى أخْبَاره وَهُوَ حَنْبَلِيٌّ كَمَا يُفْهَم مِنْ كَلَامِ المُصَنِّفِ. فَلَعَلَّهُ يَقْصُدُ المُتَرْجَمَ.
(2)
341 - أبُو الفَرَجِ بْنُ أَبِي الفَهْمِ (564 - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 65)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 159)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 219)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 358). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 437)، وَمُعْجَمُ الأَبْرَقُوْهِيِّ (ورقة: 78)، والعِبَرُ (5/ 139) وَتَاريخُ الإسْلَامِ (200) وَالإِعْلَامُ بِوفَيَاتِ الأَعْلامِ (262)، وَالإِشَارَةُ اِلَى وَفَيَات الأَعْلامِ (336) وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 298)، وَشَذَّرَاتُ الذَّهَبِ (5/ 167)(7/ 292) وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (383).
وَ (آلُ أَبِي الفَهْمِ) أُسْرَةٌ مَشْهُوْرَةٌ بِـ "حَرَّانَ" فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ الحَافِظِ عبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ (ت: 611 هـ) أَنَّهُ مَوْلى "آلِ أَبِي الفَهْمِ" الحَرَّانِيْن وَذَكَر ابْنُ المُستَوْفَى فِي تَارِيخِ إِرْبلَ (1/ 41) أَبَا المَجْدِ أَسْعَدَ بنَ أَبِي الفَهْمِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الفَهْمِ الكِنَانِيُّ الحَرَّانِيُّ، حَاكِمُ "السُّوَيْدَاء" وَرَدَ "إِرْبِلَ" فِي خَامِسَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الأَوَّلَ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ رَسُولًا. . ." وَمِمَّا يَغْلِبُ علَى الظَّنِّ أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ؛ لِغَلَبَةِ المَذْهَبِ عَلَى أَهْلِ بَلَدِهِ وَأُسْرَتِهِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بِـ "حَرَّانَ". وَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي حَفْصِ بنِ طَبَرْزَدٍ، وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الخِرَقِيِّ، وَالخُشُوْعِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ يَحْيَى بْنِ بُوْشٍ وابْنِ كُلَيْبٍ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ، وَغَيرِهِمْ. وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ الكَثِيْرَ علَى الحَافِظِ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَأَجَازَ لَهُ ابْنُ شَاتِيْلٍ، وَنَصْرُ اللهِ القَزَّازُ، وَطَائِفَةٌ.
وَأَخَذَ العِلْمَ بِـ "حَرَّانَ" عَنْ أَبي الفَتحِ بْنِ عَبْدُوْسٍ وَغَيْرِهِ، وَرَأَيْتُ قِرَاءَتَهُ "لِلرَّوْضَةِ" عَلَى مُصَنِّفِهَا الشَّيْخِ المُوَفَّقِ. وَأَقْرَأَ وَحَدَّثَ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: لَقِيْتُهُ فِي الدَّفْعَةِ الثَّانِيَةِ بِـ "حَرَّانَ" وَسَمِعْتُ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ حَمْدَانَ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ "الخِرَقِيَّ" وَ"الهِدَايَةَ"، وَبَعْضَ "العُمْدَةِ" وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ كَثِيْرَةً مِنْهَا "جَامِعُ المَسَانِيدِ" لاِبْنِ الجَوْزِيِّ، وَكَانَ قَلِيْلَ الكَلَامِ فِيْمَا لَا يَعْنِيْهِ، وَكَثِيْرَ الدِّيَانَةِ وَالتَّحَرُّزِ فِيْمَا يَعْنِيْهِ، شَرِيْفَ النَّفْسِ، مَهِيْبًا، مَعْرُوْفًا بِالفَتْوَى فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَصَنَّفَ "مَنْسَكًا" وَسَطًا جَيِّدًا، وَكِتَابَ "المَذْهَبِ المُنَضَّدِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ" ضَاعَ مِنْهُ فِي طَرِيْقِ "مَكَّةَ" وَحَفِظَ "الرَّوْضَةَ" وَ"الهِدَايَةَ" وَغَيْرَهُمَا.
قُلتُ: "الرَّوْضَةُ" هَذِهِ هِيَ الفِقْهِيَّةُ
(1)
، لَا الأُصُوْلِيَّةُ.
قَالَ: وَذَكَرَ لِي أَنَّهُ يُكَرِّرُ أَكْثَرَ اللَّيَالِي عَلَى أَكْثَرِ "الهِدَايَةِ" وَكَانَ مُقِيْمًا بِمَسْجِدِهِ بِـ "حَرَّانَ" سِنِيْنَ كَثِيْرَةً، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ. وَطُلِبَ لِلْقَضَاءِ فَأَبَى، وَدَرَّسَ
(1)
الرَّوْضَة الفِقْهِيَّةِ؟! لَمْ أَعْرِفْهَا.
فِي آخِرِ عُمُرِهِ بِحُضُوْرِي عِنْدَهُ فِي "مَدْرَسَةِ بَنِي العَطَّارِ" الَّتِي عُمِرَتْ لأَجْلِهِ. فَلَمَّا نُهِبَتْ "حَرَّانَ" سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِيْنَ عُوْقِبَ فِي مَسْجِدِهِ، حَتَّى أُخِذَتْ وَدِيْعَةٌ كَانَتْ عِنْدَهُ مَعَ مَا أُخِذَ لَهُ.
وَتُوفِّيَ بَعْدَ ذلِكَ بِقَلِيْلٍ، حَدَّثَ وَأَجَازَ لأَبِي نَصْرٍ الشِّيرَازِيِّ المِزِّيِّ
(1)
. قَالَ المُنْذِرِيُّ: تُوُفِّيَ فِي الحَادِي عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَسَبَقَ فِي تَرْجَمَةِ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّينِ المَقْدِسِيِّ تَرَاجُعُهُمَا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الوَكَالَةِ، وَقَدْ تَنَازَعَ هُوَ والشَّيْخُ مَجْدُ الدِّيْنِ بنِ تَيْمِيَّةَ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ مَا إِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا، فَدَخَلَ أَوَّلَ مُدَّةِ الإِجَارَةِ، وَطَالَبَ المُسْتَأْجِرُ المُؤَجِّرَ بِتَسْلِيْمِ العَيْنِ المُؤَجَّرَةِ بَعْدَ دُخُوْلِ المُدَّةِ، فَقَالَ المُؤَجِّرُ: لَا، أُسَلِّمُهَا إِلَّا فِي غَدٍ، فَلَمْ يَصْبِرِ المُسْتَأْجِرُ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِفَسْحِ العَقْدِ لِذلِكَ. فَأَفْتَى النَّاصِحُ أَنَّ المُسْتَأْجِرَ يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الفَسْخِ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِ المُؤَجِّرِ مِنْ التَّسْلِيْمِ، وَتسْقُطُ الأُجْرَةُ مِنْ ذِمَّتِهِ. وَأَفْتَى الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّيْنِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ المُؤَجِّرُ مِنَ التَّحْوِيْلِ فِيْهَا؛ لأَنَّ التَّسْلِيْمَ يَجِبُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ العَادَةُ، كَالتَّسْلِيْمِ فِي البَيْعِ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُوْنَ فِي المَذْهَبِ فِيْها نَقْلٌ خَاصٌّ. فَكَتَبَ النَّاصِحُ وَرَقَةً، وَتَمَسَّكَ مِنْ كَلَامِ الأَصْحَابِ بِعُمُومَاتٍ بَارِدَةٍ، وَعَضَدَهَا بِمَبَاحِثَ جَامِدَةٍ، وَما أَفْتَى بِهِ أَبُو البَرَكَاتِ أَفْقَهَ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا ذَكَرَهُ الأَصْحَابُ فِي تَسْلِيْمِ الأَعْيَانِ المَبِيْعَةِ، وَفِي تَسْلِيْمِ المَرْأَةِ
(1)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "رَأَيْتُ شَيْخَنَا ابْنَ تَيْمِيَّةَ يُبَالِغُ فِي تَعْظِيْمِ شَأْنِهِ ومَعْرِفَتِهِ بِالمَذْهَبِ".
فِي النِّكَاحِ، لكِنْ قَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ مُضِيَّ جُزْءٍ مِنْ أَوْقَاتِ مُدَّةِ الإِجَارَةِ لَا يَتَلَافَى. فَإِنَّ المَعْقُوْدَ عَلَيْهِ فِيهَا هُوَ مَنَافِعُ الزَّمَنِ المُعَيَّنُ، فَلَا يَتَسَامَحُ بِتَفْوِيْتِ شَيءٍ مِنْهُ، بِخِلَافِ العَقْدِ عَلى العَيْنِ، أَوْ عَلَى مَنَافِعِهَا المُطْلَقَةِ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا الفَرْقِ بِأَنَّ تَفْوِيْتَ المَنَافِعِ المَمْلُوْكَةِ المُسْتَحَقَّةِ حَاصِلٌ فِي مُدَّةِ التَّأَخِيْرِ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا، فَلَا فَرْقَ.
وَقَدْ أَخَذَ عَنِ النَّاصِحِ ابْنِ أَبِي الفَهْمِ، ابْنُ تَمِيْمٍ، وَنَقَلَ عَنْهُ فِي "مُخْتَصَرِهِ" فَوَائِدَ عَدِيْدَةً، وَإِذَا قَالَ "قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الفَرَجِ" فَإيَّاهُ يَعْنِي، وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ يَعْنِي أَبَا الفَرَجِ الشِّيْرَازِيَّ، وَهِيَ هَفْوَةٌ عَظِيْمَةٌ
(1)
[لِتَقَدُّمِ زَمَنِ الشِّيْرَازِيِّ].
342 - يُوْسُفُ بْنُ أَحْمَدَ
(2)
بنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ، الحَلَاوِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو المُظَفَّرِ بْنُ الخَلَّالِ.
سمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلٍ
(3)
وَحَدَّثَ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ فَقِيْهًا صَالِحًا، فَاضلًا، مُقْرِئًا، مُتَدَيِّنًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ.
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ العِشْرِيْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ أَبْرِز" وَقَدْ بَلَغَ السِّتِّيْنَ، أَوْ جَاوَزَهَا رحمه الله أَجَازَ لاِبْنِ الشِّيْرَازِيِّ.
(1)
ساقِطٌ مِنْ أَغْلَب الأُصُولِ مُعَلَّقٌ فِي هَامِش (أ).
(2)
342 - أَبُو المُظَفَّرِ بْنُ الخَلَّالِ (؟ - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقَة: 68) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 128)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 221) وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 369). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 439)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (227).
(3)
وَرَوى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ الفَخرُ إِسْمَاعِيلُ بنُ عَسَاكِرٍ، وَفَاطِمَةُ بِنتُ سُلَيْمَانَ، وَسَعْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ وَجَمَاعَةٌ.
343 - إسْحَقُ بْنُ أَحْمَدَ
(1)
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَانِمٍ العَلْثِيُّ، الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو الفَضْلِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، ابنُ عَمِّ طَلْحَةَ بْنِ المُظَفَّرِ، الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ
(2)
. سَمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلٍ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى ابْنِ كُلَيْبٍ، وابْنِ الأَخْضَرِ. وَكَانَ قُدْوَةً، صَالِحًا، زَاهِدًا، فَقِيْهًا، عَالِمًا، أَمَّارًا بِالمَعْرُوفِ، نَهَّاءً عَنِ المُنْكَرِ، لَا يَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ، وَلَا تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، أَنْكَرَ عَلَى الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ فَمَنْ دُونَهُ، وَوَاجَهَ الخَلِيْفَةَ النَّاصِرَ وَصَدَعَهُ بِالحَقِّ.
قَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ بْنُ الحَنْبَلِيِّ - وَقَرَأْتُهُ بِخَطِّهِ -: هُوَ اليَوْمَ شَيْخُ "العِرَاقِ"، وَالقَائِمُ بِالإِنْكَارِ عَلَى الفُقَهَاءِ وَالفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ فِيْمَا تَرَخَّصُوا فِيهِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: قِيْلَ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَكْثَرُ إِنْكَارًا لِلْمُنْكَرِ مِنْهُ، وَحُبِسَ عَلَى ذلِكَ مُدَّةً.
قُلْتُ: وَلَهُ رَسَائِلُ كَثِيْرَةٌ إِلَى الأَعْيَانِ بِالإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ، والنُّصْحِ لَهُمْ، وَرَأَيْتُ بِخَطِّهِ كِتَابًا أَرْسَلَهُ إِلَى الخَلِيْفَةِ بِـ "بَغْدَادَ" وَأَرْسَلَ أَيْضًا إِلَى الشَّيْخِ عَلِيِّ بْنِ إِدْرِيْسَ الزَّاهِدِ
(3)
- صاحِبِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ - رِسَالَةً طَوِيْلَةً، تَتَضَمَّنُ
(1)
343 - إِسْحَقُ العَلْثِيُّ (؟ - 634 هـ):
أخباره في: مُختَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طبقاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 68)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 246)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 221)، ومُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 369). ويُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 441)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 10، 139)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (181)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 163)(7/ 285).
(2)
فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (593 هـ).
(3)
عَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ الرَّوْحَانِيّ، البَعْقُوْبِيُّ، الزَّاهِدُ (ت: =
إِنْكَارَ الرَّقْصِ وَالسَّمَاعِ وَالمُبَالَغَةِ فِي ذلِكَ، وَلَهُ فِي مَعْنَى ذلِكَ عِدَّةُ رَسَائِلَ إِلَى غَيْرِ وَاحِدٍ، وَأَرْسَلَ رِسَالَةً طَوِيْلَةً إِلَى الشَّيْخَ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ بِالإِنْكَارِ عَلَيْهِ فِيْمَا يَقَعُ فِي كَلَامِهِ مِنَ المَيْلِ إِلَى أَهْلِ التَّأْوِيْلِ يَقُوْلُ فِيْهَا: مِنْ عُبَيْدِ اللهِ إِسْحَقَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَانِمٍ العَلْثِيِّ، إِلَى عَبْدِ الرَّحمَنِ بنِ الجَوْزِيِّ - حَمَانَا اللهُ وَإِيَّاهُ مِنَ الاِسْتِكْبَارِ عَنْ قَبُولِ النَّصَائِحِ، وَوَفَّقَنا وَإِيَّاهُ لاِتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَبَصَّرَنَا بِالسُّنَّةِ السَّنِيَّةِ، وَلَا حَرَمَنَا الاهْتِدَاءَ بِاللَّفَظَاتِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَعَاذَنَا مِنَ الابْتِدَاع فِي الشَّرِيْعَةِ المُحَمَّدِيَّةِ. فَلَا حَاجَةَ إِلَى ذلِكَ، فَقَدْ تَرَكَنَا علَى بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ، وَأَكْمَلَ اللهُ لَنَا الدِّيْنَ، وَأَغْنَانَا عنْ آرَاءِ المُتَنَطِّعِيْنَ، فَفِي كِتَابِ اللهِ وَسنَّةِ رَسُوْلِهِ مُقْنِعٌ لِكُلِّ مَنْ رَغِبَ أَوْ رَهِبَ، وَرَزَقَنَا اللهُ الاِعْتِقَادَ السَّلِيْمَ، وَلَا حَرَمَنَا التَّوْفِيْقَ، فَإِذَا حُرِمَهُ العَبْدُ لَمْ يَنْفَعِ التَّعْلِيْمُ، وعَرَّفَنَا أَقْدَارَ نُفُوْسِنَا، وَهَدَانَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيْمِ، وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيْمٌ - وَبَعْدَ حَمْدِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَالصَّلَاةُ علَى رَسُوْلِهِ، فَلَا يَخْفَى أَنَّ "الدِّيْنَ النَّصِيْحَةُ" خُصُوصًا لِلْمَوْلَى الكَرِيْمِ، وَالرَّبِّ الرَّحِيْمِ، فَكَمْ قَدْ زَلَّ قَلَمٌ، وَعَثَرَ قَدَمٌ، وَزَلَقَ مُتَكَلِّمٌ، وَلَا يُحِيْطُونَ بِهِ عِلْمًا، قَالَ عزَّ مِنْ قَائِلٍ:
(1)
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8)} .
وَأَنْتَ يَا عَبْدَ الرَّحمَنِ فَمَا يَزَالُ يَبْلُغُ عَنْكَ، وَيُسْمَعُ مِنْكَ، وَيُشَاهَدُ
= 619 هـ) حَنْبَلِيٌّ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
(1)
سورة الحج.
فِي كُتُبِكَ المَسْمُوْعَةِ عَلَيْكَ، تَذْكُرُ كَثِيْرًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ العُلَمَاءِ بِالخَطَإِ، اعْتِقَادًا مِنْكَ أَنَّكَ تَصْدَعُ بِالحَقِّ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَلَا بُدَّ مِنَ الجَرَيَانِ فِي مَيْدَانِ النُّصْحِ، إِمَّا لِتَنْتَفِعَ إِنْ هَدَاكَ اللهُ، وَإِمَّا لِتَرْكِيْبِ حُجَّةِ اللهِ عَلَيْكَ، وَيَحْذَرُ النَّاسُ قَوْلَكَ الفَاسِدَ، وَلَا يَغُرُّكَ كَثْرَةُ اطِّلَاعِكَ عَلَى العُلُومِ "فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ" وَ"رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ"، وَ"رُبَّ بَحْرِ كَدِرٍ وَنَهْرٍ صَافٍ"، فَلَسْتَ بِأَعْلَمِ مِنَ الرَّسُولِ، حَيْثُ قَالَ لَهُ الإِمَامُ عُمَرُ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ؟ أَنْزَلَ القُرْآنَ
(1)
: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} وَلَوْ كَانَ لَا يُنْكِرُ مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ علَى مَنْ كَثُرَ عِلْمُهُ إِذًا لَتَعَطَّلَ الأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ، وَصِرْنَا كَبَنِي إِسْرَائِيْلَ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى:
(2)
{كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} بَلْ يُنْكِرِ المَفْضُوْلُ عَلى الفَاضِلِ، وَيُنْكِرُ الفَاجِرُ عَلى الوَليِّ، عَلَى تَقْدِيْرِ مَعْرِفَةِ الوَلِيِّ، وَإِلَّا فَأَيْنَ العَنْقَاءَ لَيُطْلَبَ؟ وَأَيْنَ السَّمَنْدَلُ
(3)
، ليُجْلَبَ؟ إِلَى أَنْ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ كَثُرَ النَّكِيْرُ عَلَيْكَ مِنَ العُلَمَاءِ وَالفُضَلَاءِ، وَالأَخْيَارِ فِي الآفَاقِ بِمَقَالَتِكَ الفَاسِدَةِ فِي الصِّفَاتِ، وَقَدْ أَبَانُوا وَهَاءَ مَقَالَتِكَ، وَحَكَوْا عَنْكَ أَنَّكَ أَبَيْتَ النَّصِيْحَةَ، فَعِنْدَكَ مِنَ الأَقْوَالِ الَّتِي لَا تَلِيْقُ بِالسُّنَّةِ مَا يَضِيْقُ الوَقْتُ عَنْ ذِكْرِهَا، فَذُكِرَ
(1)
سورة التوبة، الآية:84.
(2)
سورة المائدة، الآية:79.
(3)
قال الزَّبِيْدِيُّ: السَّمَنْدَلُ: كَسَفَرْجَلُ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ: طَائِرٌ بِالهِنْدِ لَا يَحْتَرِقُ بِالنَّارِ، وَيُقَالُ فِيْهِ أَيْضًا: السَّبَنْدَلُ بِالبَاءِ، عَنْ كُرَاعٍ. . ." تَاج العَرُوْسِ (سَمَنْدَلَ). ويُراجع: لِسَانُ العَرَبِ، والحيوان (6/ 434).
عَنْكَ أَنَّكَ ذَكَرْتَ فِي المَلَائِكَةِ المُقَرَّبِيْنَ، الكِرَامِ الكَاتِبِيْنَ، فَصْلًا زَعمْتَ أَنَّهُ مَوَاعِظُ، وَهُوَ تَشْقِيْقُ وَتَفْهِيْقٌ، وَتَكَلُّفٌ بَشِعٌ، خَلَا أَحَادِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَلَامِ السَّلَفِ الصَّالِحِ الَّذِي لَا يُخَالِفُ سُنَّةً، فَعَمِدْتَ وَجَعَلْتَهَا مُنَاظَرَةً مَعَهُمْ، فَمَنْ أَذِنَ لَكَ فِي ذلِكَ؟ وَهُمْ مُسْتَغْفِرُوْنَ للَّذِيْنَ آمَنُوا، وَلَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَةِ اللهِ، وَقَدْ قَرَنَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَتِهِمْ قَبْلَ أُوْلِي العِلْمِ، وَمَا عَلَيْنَا كَانَ الآدَمِيُّ أَفْضَلُ مِنْهمْ أَمْ لَا. فَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى.
فَشَرَعْتَ تَقُوْلُ: إِذَا ثَارَتْ نَارُ الحَسَدِ فَمَنْ يُطْفِيْهَا؟ وَفِي الغِيْبَةِ مَا فِيْهَا، مَعَ كَلَامٍ غَثٍّ. أَلَيْسَ مِنَّا فُلَانٌ؟ وَمِنَّا الأَنْبِيَاءُ وَالأَوْلِيَاءُ، مَنْ فَعَلَ هَذَا مِنَ السَّلَفِ قَبْلَكَ؟ وَلَوْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ مِنَ المَلَائِكَةِ: أَلَيْسَ مِنْكُمْ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ؟ أَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنِ ادَّعَى الرُّبُوْبِيَّةَ؟ فَعَمَّنْ أَخَذْتَ هَذِهِ الأَقْوَالِ المُحْدَثَةَ، وَالعِبَارَاتِ المُزَوَّقَةَ، الَّتِي لَا طَائِلَ تَحْتَهَا وَقَدْ شَغَلْتَ بِهَا النَّاسَ عَنِ الاشْتِغَالِ بِالعِلْمِ النَّافِعِ، أَحَدُهُمْ قَدْ أُنْسِيَ القُرْآنَ، وَهُوَ يُعِيْدُ فَضْلَ المَلَائِكَةِ وَمُنَاظَرَتِهِمْ، وَيَتَكَلَّمُ بِهِ فِي الآفَاقِ، فَأَيْنَ الوَعْظُ وَالتَّذْكِيرُ منْ هَذِهِ الأَقْوَالِ الشَّنِيْعَةِ البَشِعَةِ؟
ثُمَّ تَعَرَّضْتَ لِصِفَاتِ الخَالِقِ تَعَالَى، كَأَنَّهَا صَدَرَتْ لَا مِنْ صَدْرٍ سَكَنَ فِيْهِ احْتِشَامُ العَلِيِّ العَظِيْمِ، وَلَا أَمْلَاهَا قَلْبٌ مَلِيءٌ بِالهَيْبَةِ وَالتَّعْظِيْمِ، بَلْ مِنْ وَاقِعَاتِ النُّفُوْسِ البَهْرَجِيَّةِ الزُّيُوْفِ، وَزعَمَتْ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالأَخْيَارِ تَلَقَّوْهَا وَمَا فَهِمُوا، وَحَاشَاهُمْ مِنْ ذلِكَ، بَلْ كَفُّوا عَنِ الثَّرْثَرَةِ وَالتَّشَدُّقِ، لَا عَجْزًا - بِحَمْدِ اللهِ - عَنِ الجِدَالِ وَالخِصَامِ، وَلَا جَهْلًا بِطُرُقِ الكَلَامِ، وَإِنَّمَا
أَمْسَكُوا عَنْ الخَوْضِ فِي ذلِك عَنْ عِلْمٍ وَدِرَايَةٍ، لَا عَنْ جَهْلٍ وَعِمَايَةٍ.
وَالعَجَبُ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ السَّلَفِ وَلَا يَرَى الخَوْضَ فِي الكَلَامِ، ثُمَّ يُقَدِمُ عَلَى تَفْسِيْرِ مَا لَمْ يَرَهُ أَوَّلًا، وَيَقُوْلُ: إِذَا قُلْنَا كَذَا أَدَّى إِلَى كَذَا، وَيَقِيْسُ مَا ثَبَتَ مِنْ صِفَاتِ الخَالِقِ عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ، فَهذَا الَّذِي نَهَيْتَ عَنْهُ، وَكَيْفَ تَنْقُضُ عَهْدَكَ وَقَوْلَكَ بِقَوْلِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ؟ فَلَا تُشْمِتْ بِنَا المُبْتَدِعَةِ فَيَقُوْلُوْنَ: تَنْسِبُونَنَا إِلَى البِدَعِ وَأَنْتُمْ أَكْثَرُ بِدَعًا مِنَّا، أَفَلَا تَنْظُرُوْنَ إِلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَقَدْتُمْ سَلَامَةَ عَقْدِهِ، وَتُثْبِتُوْنَ مَعْرِفَتَهُ وَفَضْلَهُ؟! كَيْفَ أَقُولُ مَا لَمْ يُقَلْ، فَكَيْفَ يَجُوْزُ أَنْ تَتَّبِعَ المُتَكَلِّمِيْنَ فِي آرَائِهِمْ، وَتَخُوْضُ مَعَ الخَائِضِيْنَ فِيْمَا خَاضُوا فِيْهِ، ثُمَّ تُنْكِرُ عَلَيْهِمْ؟ هَذَا مِنَ العَجَبِ العَجِيْبِ؟! وَلَوْ أَنَّ مَخْلُوْقًا وَصَفَ مَخْلُوْقًا مِثْلَهُ بِصِفَاتٍ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَلَا خَبَرٍ صَادِقٍ لَكَانَ كَاذِبًا فِي إِخْبَارِهِ، فَكَيْفَ تَصِفُوْنَ اللهَ سَبْحَانَهُ بِشَيءٍ مَا وَقَفْتُمْ عَلَى صِحَّتِهِ، بَلْ بِالظُّنُونِ وَالوَاقِعَاتِ، وَتَنْفُوْنَ الصِّفَاتِ الَّتِي رَضِيَهَا لِنَفْسِهِ، وَأَخبَرَ بِهَا رَسُوْلُهُ بِنَقْلِ الثِّقَاتِ الأَثْبَاتِ، بِيُحْتَمَلُ، وَيُحْتَمَلُ؟!.
ثُمَّ لَكَ فِي الكِتَابِ الَّذِي أَسْمَيْتَهُ "الكَشْفُ لِمُشْكِلِ الصَّحِيْحَيْنِ" مَقَالَاتٌ عَجِيْبَةٌ، تَارَةً تَحْكِيْهَا عَنِ الخَطَّابِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ، أَطَّلَعَ هَؤُلَاءِ عَلَى الغَيْبِ؟ وَأَنْتُمْ تَقُوْلُوْنَ: لَا يَجُوْزُ التَّقْلِيْدُ فِي هَذَا، ثُمَّ ذَكَرَهُ فُلَانٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيْلٍ، فَنُرِيْدُ الدَّلِيلَ مِنَ الذَّاكِرِ أَيْضًا، فَهُوَ مُجَرَّدُ دَعْوَى، وَلَيْسَ الكَلَامُ فِي اللهِ وَصِفَاتِهِ بِالهَيِّنِ لَيُلْقَى إِلَى مَجَارِي الظُّنُوْنِ. إِلَى أَنْ قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ كَانَ ابْنُ عَقِيْلٍ العَالِمَ، وَإِذَا أَرَدْتَ صَارَ لَا يَفْهَمُ، أَوْهَيْتَ مَقَالَتَهُ لِمَا أَرَدْتَ.
ثمَّ قَالَ: وَذَكَرْتَ الكَلَامَ المُحْدَثَ عَلَى الحَدِيثِ، ثُمَّ قُلْتَ: والَّذِي يَقَعُ لِي، فَبِهَذَا تُقْدِمُ عَلى اللهِ وَتَقُولُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا، وَالَّذِي يَقَعُ لِي، تَتَكَلَّمُوْنَ فِي اللهِ عز وجل بِوَاقِعَاتِكُمْ تَخْبِرُوْنَ عَنْ صِفَاتِهِ؟! ثُمَّ مَا كَفَاكَ حَتَّى قُلْتَ: هَذَا مِنْ تَحْرِيْفِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، تَحَكُّمًا مِنْ غَيْرِ دَلِيْلٍ، وَمَا رَوَيْتَ عَنْ ثِقَةٍ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ غَيَّرَهُ الرَّاوِي، فَلَا يَنْبَغِي بِالرُّوَاةِ العُدُوْلِ أَنَّهُمْ حَرَّفُوا، وَلَوْ جَوَّزْتُمْ لَهُمْ الرِّوَايَةَ بِالمَعْنَى، فَهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الإِصَابَةِ مِنْكُمْ، وَأَهْلُ البِدَعِ إِذًا كَلَّمَا رَوَيْتُمْ حَدِيْثًا يَنْفُرُوْنَ مِنْهُ يَقُولُوْنَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَغْيِيْرِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَإِذَا كَانَ المَذْكُورِ فِي الصَّحِيْحِ المَنْقُوْلُ مِنْ تَحْرِيْفِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَقَوْلُكُمْ وَرَأْيُكُمْ فِي هَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ رَأْيِ بَعْضِ الغُوَاةِ. وَتَقُوْلُ: قَدِ انْزَعَجَ الخَطَّابِيُّ لِهَذِهِ الأَلْفَاظِ. فَمَا الَّذِي أَزْعَجَهُ دُوْنَ غَيْرِهِ؟! وَنَرَاكَ تَبْنِي شَيْئًا ثُمَّ تَنْقُضُهُ، وَتَقُوْلُ: قَدْ قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَتَنْسِبُ ذلِكَ إِلَى إِمَامِنَا أَحْمَدَ رضي الله عنه وَمَذْهَبُهُ مَعْرُوْفٌ فِي السُّكُوْتِ عَنْ مِثْلِ هَذَا، وَلَا يُفَسِّرُهُ، بَلْ صَحَّحَ الحَدِيْثَ، وَمَنَعَ مِنْ تَأْوِيْلِهِ. وَكَثِيْرٌ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْكَ العِلْمَ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ عَلِمَ بِمَا فِي عَيْبَتِهِ مِنَ العَيْبِ، وَذَمَّ مَقَالَتَكَ وَأَبْطَلَهَا، وَقَدْ سَمِعْنَا عَنْكَ ذلِكَ بِنَاءً علَى الوَاقِعَاتِ وَالخَوَاطِرِ. وَتَدَّعِي أَنَّ الأَصْحَابَ خَلَّطُوا فِي الصِّفَاتِ، فَقَدْ قَبَّحْتَ أكْثَرَ مِنْهُمْ، وَمَا وَسِعَتْكَ السُّنَّةُ، فَاتَّقِ اللهَ - سُبْحَانَهُ - وَلَا تَتَكَلَّمْ فِيهِ بِرَأْيِكَ؛ فَهَذَا خَبَرُ غَيْبٍ، لَا يُسْمَعُ إِلَّا مِنَ الرَّسُوْلِ المَعْصُوْمِ، فَقَد نُصِّبْتُمْ حَرْبًا لِلأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ، وَالَّذِيْنَ نَقَلُوهَا نَقَلُوْا شَرَائِعَ الإِسْلَامِ.
ثُمَّ لَكَ قَصِيْدَةٌ مَسْمُوْعَةٌ عَلَيكَ فِي سَائِرِ الآفَاقِ، اعْتَقَدَهَا قَوْمٌ، وَمَاتُوا بِخِلَافِ اعْتِقَادِكَ الآنَ فِيْمَا يَبْلُغُ عَنْكَ، وَسُمِعَ مِنْكَ، مِنْهَا
(1)
:
وَلَوْ رَأَيْتَ النَّارَ هَبَّتْ فَغَدَتْ
…
تُحْرِقُ أَهْلَ البَغْيِ وَالعِنَادِ
وَكُلَّمَا أُلْقِيَ فِيْهَا حَطَمَتْ
…
وَأَهْلَكَتْهُ وَهْيَ فِي ازْدِيَادِ
فَيَضَعُ الجَبَّارُ فِيْهَا قَدَمًا
…
جَلَّتْ عَنِ التَّشْبِيْهِ بِالأَجْسَادِ
فَتَنْزَوِي مِنْ هَيْبةٍ وَتَمْتَلِي
…
فَلَوْ سَمِعْتَ صَوْتَهَا يُنَادِي
حَسْبِيَ حَسْبِي قَدْ كَفَانِي مَا أَرَى
…
مِنْ هَيْبَةٍ أَذْهَبَتِ اشْتِدَادِ
فَاحْذَرْ مَقَالَ مُبْتَدِعٍ فِي قَوْلِهِ
…
يَرُوْمُ تَأْوِيْلًا بِكُلِّ وَادِيْ
فَكَيْفَ هَذِهِ الأَقْوَالِ: وَمَا مَعْنَاهَا؟ فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ تُحْدِثَ لَنا قَوْلًا ثَالِثًا، فَيَذْهَبُ الاعْتِقَادُ الأَوَّلُ بَاطِلًا، لَقَدْ آذَيْتَ عِبَادَ اللهِ وَأَضْلَلْتَهُمْ، وَصَارَ شُغْلُكَ نَقْلَ الأَقْوَالِ فَحَسْبُ، وَابنُ عَقِيْلٍ - سَامَحَهُ اللهُ - قَدْ حُكِيَ عَنْهُ: أَنَّه تَابَ بِمَحْضَرٍ مِنْ عُلَمَاءِ وَقْتِهِ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الأَقْوَالِ بِمَدِيْنَةِ السَّلَامِ - عَمَرَهَا اللهِ بِالإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ - فَهُوَ بَرِيءٌ - عَلَى هَذَا التَّقْدِيْرِ - مِمَّا يُوْجَدُ بِخَطِّهِ، أَوْ يُنْسَبُ إِليْهِ مِنَ التَّأْوِيْلَاتِ وَالأَقْوَالِ المُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ والسُّنَّةِ.
وَأَنَا وَافِدَةُ النَّاسِ وَالعُلَمَاءِ وَالحُفَّاظِ إِلَيكَ، فَإِمَّا أَنْ تَنْتَهِيْ عَنْ هَذِهِ المَقَالَاتِ، وَتَتُوْبَ التَّوْبَةَ النَّصُوْحَ، كَمَا تَابَ غَيْرُكَ، وَإِلَّا كَشَفُوا لِلنَّاسِ
(1)
يُرَاجَعُ في تَرْجَمَتِهِ مَقْطُوْعَةٌ أَوَّلُهَا:
يَا نَادِبًا أَطْلَالَ كُلِّ نَادِي
…
وَبَاكِيًا فِي إِثْرِ كُلِّ حَادِي
هَلْ هَذِهِ الأَبْيَاتِ مِنَ القَصِيْدَةِ نَفْسِهَا؟!
أَمْرَكَ، وَسَيَّرُوا ذلِكَ فِي البِلَادِ وَبَيَّنُوا وَجْهَ الأَقْوَالِ الغَثَّةِ، وَهَذَا أَمْرٌ تُشُوِّرَ فِيْهِ، وَقُضِيَ بِلَيْلٍ، وَالأَرْضُ لَا تَخْلُو مِنْ قَائِمٍ للهِ بِحجَّةٍ، وَالجَرْحُ لَا شَكَّ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيْلِ، وَاللهُ علَى مَا نَقُوْلُ وَكِيلٌ، وَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ.
وَإِذَا تَأَوَّلْتَ الصِّفَاتَ عَلى اللُّغَةِ، وَسَوَّغْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَأَبَيْتَ النَّصِيْحَةَ، فَلَيْسَ هُوَ مَذْهَبَ الإِمَامِ الكَبِيْرِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ، فَلَا يمْكِنُكَ الاِنْتِسَابُ إِلَيْهِ بَهَذَا، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَذْهَبًا، إِنْ مُكِّنْتَ مِن ذلِكَ، وَمَا زَالَ أَصْحَابُنَا يَجْهَرُوْنَ بِصَرِيْحِ الحَقِّ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَلَوْ ضُرِبُوا بِالسُّيُوْفِ، لَا يَخَافُوْنَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَلَا يُبَالُوْنَ بِشَنَاعةِ مُشَنِّعٍ، وَلَا كَذِبَ كَاذِبٌ، وَلَهُمْ مِنَ الاِسْمِ العَذْبُ الهَنِيُّ، وَتَرْكُهُمُ الدُّنْيَا وَإِعْرَاضُهُمْ عَنْهَا اشْتِغَالًا بِالآخِرَةِ مَا هُوَ مَعْلُوْمٌ مَعْرُوْفٌ.
وَلَقَدْ سَوَّدْتَ وُجُوْهَنَا بِمَقَالَتِكَ الفَاسِدَةِ، وَانْفِرَادِكَ بنَفْسِكَ، كَأَنَّكَ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ، وَلَا كَرَامَةَ لَكَ وَلَا نُعْمَى
(1)
، وَلَا نُمَكِّنُكَ مِنَ الجَهْرِ بِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَلَوْ اسْتُقْبِلَ مِنَ الرَّأْيِ مَا اسْتُدْبِرَ لَمْ يُحْكَ عَنْكَ كَلَامٌ فِي السَّهْلِ، وَلَا فِي الجَبَلِ، وَلكِنْ قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلْ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُوْلِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:
(2)
{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}
(1)
العَرَبُ تَقُولُ لِمَنْ طُلِبَ مِنْهُ فِعْلُ شَيْءِ فَاسْتَجَابَ: "أَفْعَلْهُ وَكَرَامَةً وَنُعْمَى عَيْنٍ" وَتَقُوْلُ خِلَافَ ذلِكَ: "لَا أَفْعَلُهُ وَلَا كَرَامَةَ وَلَا نِعْمَةَ عَيْنٍ" وَلِهَذَا القَوْلُ عِبَارَاتٌ أُخْرَى مُفَصَّلَةٌ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ.
(2)
سورة النِّساء، الآية:59.
وَلَمْ يَقُلْ: إِلَى ابْنِ الجَوزِيِّ.
وَتَرَى كُلَّ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْكَ نَسَبْتَهُ إِلى الجَهْلِ، فَفَضْلُ اللهِ أُوْتِيْتَهُ وَحْدَكَ؟! وَإِذَا جَهَّلْتَ النَّاسَ فَمَنْ يَشْهَدُ لَكَ أَنَّكَ عَالِمٌ؟ وَمَنْ أَجْهَلُ مِنْكَ، حَيْثُ لَا تُصْغِي إِلَى نَصِيْحَةِ نَاصِحٍ؟ وَتَقُوْلُ: مَنْ كَانَ فُلَانٌ، وَمَنْ كَانَ فُلَانٌ؟ مِنَ الأَئِمَّةِ الَّذِيْنَ وَصَلَ العِلْمُ إِلَيْكَ عَنْهُمْ، مَنْ أَنْتَ إِذًا؟ فَلَقَدْ اسْتَرَاحَ مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ، وَأَحْجَمَ عَنِ الخَوْضِ فِيْما لَا يَعْلَمُ، لِئَلَّا يَنْدَمُ.
فَانْتَبِهْ يَا مِسْكِيْنُ قَبْلَ المَمَاتِ، وَحَسِّنِ القَوْلَ وَالعَمَلَ، فَقَدْ قَرُبَ الأَجَلُ. للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ العَلِيِّ العَظِيْمِ.
وَلِلشَّيْخِ إِسْحَقَ أَجْزَاءٌ مَجْمُوْعَةٌ، وَأَرْبَعِيْنِيَّاتٌ حَدِيْثيَّةٌ، وَغَيْرُ ذلِكَ، وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ. وَذَكَرَ ابنُ الدَّوَالِيْبِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ.
وَتُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، أَظُنُّهُ بِـ "العَلْثِ". رضي الله عنه.
344 - هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ
(1)
بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، أَبُو القَاسِمِ المَعْرُوْفُ بِـ "الأَشْقَرِ"،
قَرَأَ القُرآنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ الرَّزَّازِ وَغَيْرِهِ.
(1)
344 - أَبُو القَاسِم الأَشْقَرُ (؟ - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ في: الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 68)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 74)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 216)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 368). وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ (225)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 169) (7/ 295). وَحَفِيْدُهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ هِبَةِ اللهِ (ت: 693 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ ابنُ السَّاعِي: كَانَ شَيْخًا فَاضِلًا، حَسَنَ التِّلَاوَةِ لِلقُرْآنِ، مُجِيْدًا لأَدَائِهِ، عَالِمًا بُوُجُوْهِ القِرَاءَاتِ وَطُرُقِهَا، وَتَعْلِيْلِهَا وَإِعْرَابِهَا، يُشَارُ إِلَيْهِ بِمعْرِفَةِ عُلُوْمِ القُرْآنِ، بَصِيْرًا بالنَّحْوِ، وَاللُّغَةِ، وَالعَرَبِيَّةِ. سَمِعَ شَيْئًا مِنَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ يَؤُمُّ بِالخَلِيْفَةِ الظَّاهِرِ، وَرَتَّبَهُ إِمَامًا بِـ "بَابِ بَدْرٍ" فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيْحِ، وَأُذِنَ لِلنَّاسِ فِي الدُّخُوْلِ للصَّلَاةِ، وَأَمَّ بِـ "مَسْجِدِ ابنِ حَمْدِي" وَغَيْرِهِ، وَرَتَّبَهُ الظَّاهِرُ مُشْرِفًا عَلَى دِيْوَانِ التَّرِكَاتِ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ الخَلِيْفَةُ الظَّاهِرُ، وَالوَزِيْرُ ابنُ النَّاقِدِ
(1)
، فَلَمَّا وَلِيَ الظَّاهِرُ الخِلَافَةَ، أَكْرَمَهُ وَأَجَلَّهُ، وَأَعْطَاهُ بَغْلَةَ أَبِيْهِ النَّاصِرِ فَرَكِبَهَا، وَلَمَّا وَلِيَ ابنُ النَّاقِدُ الوِزَارَةَ دَخَلَ عَلَيْهِ، فَنَهَضَ لَهُ، وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ، وَقَالَ: هَذَا شَيْخِي، قَرَأَتُ القُرْآنَ عَلَيْهِ. وَكَانَ يَدْخُلُ إِلَى المُسْتَنْصِرِ، فَيُقْرِئَهُ القُرْآنَ، وَكَانَ لَا يُقَبِّلُ الأَرْضَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذلِكَ، فَقَالَ: لَا يَنْبغِي ذلِكَ إِلَّا للهِ تَعَالَى
(2)
، فَحُجِبَ عَنِ الدُّخُوْلِ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: قَرَأَ عَلَيَّ القُرْآنَ أَرْبَابَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؛ إِسْحَقُ
(1)
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الأَزْهَرِ بنِ النَّاقِدِ، نَصِيْرُ الدِّيْنِ الوَزِيْرُ (ت: 642 هـ)، بَقِيَ فِي وِزَارَتِهِ عَلَى جَلَالَتِهِ وَمَهَابَتِهِ حَتَّى عَجَزَ عَنِ القِيَامِ وَالحَرَكَةِ حَتَّى تُوُفِّيَ. وَمِنْ مَنَاقِبِهِ أَنَّهُ وُجِدَ فِي خِزَانَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ صُنْدُوْقٌ مَمْلُوْءٌ ذَهَبًا وَرُقْعَةٌ مَكْتُوْبٌ فِيْهَا بِخَطِّهِ:"هَذَا مِنْ فَوَاضِلِ أَنْعُمِ مَوْلَانَا وَصَدَقَاتِهِ، وَهُوَ مِنْ اسْتِحْقَاقُ بَيْتِ المَالِ" فَأُمِرَ بِحَمْلِهِ إِلَى دَارِ التَّشْرِيْفَاتِ فَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ مَائَةُ أَلْفِ دِيْنَارٍ. أَخْبَارُهُ فِي: مِرآةِ الزَّمَانِ (8/ 747)، وَعُقُوْدِ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (1/ ورقة: 150)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 108)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 254)، وَالعَسْجَدِ المَسْبُوْكِ (527)
…
وَغَيْرِهَا.
(2)
يَعْنِي السُّجُوْدَ لا تَقْبِيْلَ الأَرْضِ.
العَلْثِيُّ، والشَّيْخُ عُثْمَانُ القَصْرِ
(1)
، وَأَمْثَالُهُمَا، وَالخَلِيْفَةُ، وَالوَزِيْرُ، وَصَاحِبِ المَخْزَنِ، وَكَانَ لأُمِّ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ فِيْهِ عَقِيْدَةٌ، فَمَرِضَ فَجَاءَتْهُ تَعُوْدُهُ، وَحَدَّثَ عَنِ الأَسْعَدِ العَبَرْتِيِّ النَّحْوِيِّ
(2)
بِأَبْيَاتٍ.
سَمِعَ مِنْهُ ابنُ النَّجَّارِ، وَابْنِ السَّاعِي وَغَيْرِهِمَا. وَأَجازَ لِعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَبِي الجَيْشِ. وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِيْنَ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
345 - مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
(3)
بنِ عُمَرَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ خَلَفٍ البَغْدَادِيُّ، القَطِيْعِيُّ
(1)
في "المنهج الأحمد" وَغَيْرُهُ: "القَصِيْرُ"، وَفِي مُعْجَمِ الألقابِ (4/ 216)"عُثْمَانُ القَصِيْرِيُّ" كله خطأ، وَالصَّحِيْحُ أَنَّهُ "عُثْمَانَ القَصْرِ" كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ. وَسَيَأْتِي تَعْلِيْلُ ذلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ الآتِي اسْتِدْرَاكُهَا في وَفَيَاتِ سَنَةِ (636 هـ).
(2)
تَقَدَّمَ التَّعْرِيْفُ بِهِ.
(3)
345 - أَبُو العَبَّاسِ القَطِيْعِيُّ (546 - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نصرِ اللهِ (ورقة: 68)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 353)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 228)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 369). وَيُراجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ الدُّبَيْثِيِّ (1/ 57)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 442)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 134)، وَالتَّقْيِيْدُ لابنِ نُقْطَةَ (58)، ومُعْجَمُ البُلْدَانِ (4/ 428)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (211)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 8)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1419)، وَدُوَلُ الإِسْلامِ (2/ 138)، وَالعِبَرُ (5/ 139)، والإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (262)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (226)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 19)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (2/ 130)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 86)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (1/ 69)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (5/ 64)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 298)، وَالشَّذَرَاتُ =
الأَزَجِيُّ، المُؤَرِّخُ، أَبُو الحَسَنِ بنِ أَبِي العَبَّاسِ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَبِيْهِ
(1)
. وُلِدَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَبَكَّرَ بِهِ وَالِدُهُ، وَأَسْمَعَهُ مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ الخِلِّ الفَقِيْهِ
(2)
، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ المَكِّيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَنَصْرِ بنِ نَصْرٍ العُكْبَرِيِّ، وَسَلْمَانَ بنِ حَامِدٍ الشَّحَّامِ، وَتَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ بالرِّوَايَةِ عَنْ هَؤُلَاءِ، وَأَسْمَعَهُ أَيْضًا مِنْ أَبِي الوَقْتِ "صَحِيْحَ البُخَارِيِّ" وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ بِهِ بِـ "بَغْدَادَ" كَامِلًا عَنْهُ سَمَاعًا، وَمِنْ جَمَاعَةٍ آخَرِيْنَ، ثُمَّ طَلَبَ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَسَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ بَعْدَ هَؤُلَاءِ، وَقَرَأَ عَلَى الشُّيُوْخِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَرَحَلَ، وَسَمِعَ بِـ "المُوْصِلِ" مِنْ خَطِيْبِها أَبِي الفَضْلِ وَغَيْرِهِ، وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، وَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنْ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ أَبِي الصَّقْرِ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ وَغَيْرِهِمَا، وَسَمِعَ بِـ "حَرَّان" مِنْ حَامِدِ بنِ أَبِي الحَجَرِ وَغَيْرِهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَلَازَمَ أَبَا الفَرَجِ بنَ الجَوْزِيِّ مُدَّةً، وَأَخَذَ عَنْهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَثِيْرًا مِنْ تَصَانِيْفِهِ وَمَرْوِيَّاتِهِ، وَجَمَعَ "تَارِيْخًا" فِي نَحْو خَمْسَةِ أَسْفَارٍ، ذَيَّلَ بِهِ عَلَى تَارِيْخِ أَبِي سَعْدِ بنِ السَّمْعَانِيِّ سَمَّاهُ "دُرَّةَ الإكْلِيْلِ فِي تَتِمَّةِ التَّذْيِيْلِ"
(3)
رَأَيْتُ أَكْثَرَهُ بِخَطِّهِ، وَقَدْ نَقَلْتُ مِنْهُ فِي هَذَا الكِتَابِ كَثِيْرًا، وَفِيْهِ فَوَائِدُ جَمَّةٌ، مَعَ أَوْهَامٍ وَأَغْلَاطٍ. وَقَدْ بَالَغَ ابنُ النَّجَّارِ فِي الحَطِّ عَلَى "تَارِيْخِهِ" هَذَا، مَعَ
= (5/ 162)(7/ 284، 294)، وَتَارِيْخُ عُلَمَاءِ المُسْتَنْصِرِيَّةِ (1/ 324).
(1)
في وَفَيَاتِ سَنَةِ (563 هـ).
(2)
فَقِيْهٌ شَافِعِيٌّ مَشْهُوْرٌ، اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ (ت: 552 هـ).
(3)
لأنَّ كِتَابَ ابنِ السَّمْعَانِيِّ ذَيْلٌ عَلَى تَارِيْخِ "بَغْدَادَ" لِلحَافِظِ الخَطِيْبِ.
أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْهُ، وَاسْتَفَادَهُ مِنْهُ، وَنَقَلَ مِنْهُ فِي "تَارِيْخِهِ" أَشْيَاء كَثِيْرَةً، بَلْ نَقَلَهُ كُلَّهُ، وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ مُحَقِّقًا فِيْمَا يَنْقُلُهُ وَيَقُوْلُهُ، وَكَانَ لُحَنَةً، قَلِيْلَ المَعْرِفَةِ بِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ. وَكَانَ قَدِ اسْتَنَابَهُ يُوْسُفُ بنُ الجَوْزِيِّ فِي الحِسْبَةِ بـ "بَابِ الأَزَجِ" وَ"سُوْقِ العَجَمِ"، وَمَا وَالاهُمَا، سِوَى "الحَرِيْمِ"
(1)
، فَأَقَامَ عَلَى ذلِكَ مُدَّةً يَسِيْرَةً ثُمَّ عُزِلَ. وَشَهِدَ عِنْدَ القُضَاةِ مُدَّةً، وَاسْتُخْدِمَ فِي عِدَّةِ خِدَمٍ؛ المَخْزِنِ وَغَيْرِهِ. وَنَظَرَ فِي "المَارِسْتَانَ التُّتُشِيِّ
(2)
"، ثُمَّ عُزِلَ عَنِ الشَّهَادَةِ، وَأَسَنَّ، وَانْقَطَعَ فِي مَنْزِلِهِ إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ. وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ، ثُمَّ تَرَكَ الخِضَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمُدَّةٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ فِي "تَارِيْخِهِ" أَنَّهُ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ المَذْهَبِ عَلَى القَاضِي أَبِي يَعْلَى بنِ القَاضِي أَبِي خَازِمٍ، وَحَضَرَ دَرْسَهُ، وَأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الخِلَافِ مَعَ الفُقَهَاءِ. قَالَ: وَحَمَلَنِي وَالِدِي إِلَى أَبِي النَّجِيْبِ السَّهْرَوَرْدِيِّ بِـ "جَامِعِ المَدِيْنَةِ" فِي يَوْمِ جُمَعَةٍ، وَأَنَا طِفْلٌ، فَاسْتَدَلَّ أَبُو النَّجِيْبِ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَذَكَرْتُ عَلَى دَلِيْلِهِ عِدَّةَ أَسْئِلَةٍ عَلَّمَنِي وَالِدِي إِيَّاهَا قَبْلَ ذلِكَ، فَلَمَّا أَنْهَيْتُ الكَلَامَ خَلَعَ قَمِيْصَهُ بِالجَامِعِ فَأَلْبَسَنِي إِيَّاهُ وَقَالَ: هَذِهِ خِرْقَةُ التَّصَوُّفِ، وَأَجَازَ لِي، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ بِذلِكَ. وَلَمَّا عَمَرَ المُسْتَنْصِرُ مَدْرَسَتَهُ المَعْرُوْفَةِ بِهِ جَعَلَ القَطِيْعِيَّ شَيْخَ دَارِ الحَدِيْثِ بِهَا
(3)
، وَكَانَ ابنُ النَّجَّارِ بِهَا
(1)
هِيَ مِنْ مَحَالِّ "بَغْدَاد" وَهُوَ حَرِيْمَان؛ حَرِيْمُ دَارِ الخِلَافَةِ، وَالحَرِيْمُ الطَّاهِرِيُّ.
(2)
فِي (ط): "التفشي". وَ"تُتُشُ" سَبَقَ التَّعْرِيْفُ بِهِ.
(3)
يُرَاجَعُ المَدْرَسَةُ المُسْتَنْصِرِيَّةُ (1/ 324).
مُعِيْدًا للِطَّلَبَةِ. وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الأَسْبَابِ الَّتِي أَوْجَبَتْ تَحَامُلَهُ عَلَيْهِ. وَقَدْ وَصَفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الحُفَّاظِ وَغَيْرِهِمْ بِـ "الحَافِظِ".
وَأَثْنَى عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ عَلَى "تَارِيْخِهِ" فَقَالَ: وَقَفْتُ عَلَى تَرَاجِمٍ مِنْ بَعْضِهِ، فَرَأَيْتُهُ قَدْ أَحْكَمَهَا، وَاسْتَوْفَى فِي كُلِّ تَرْجَمَةٍ مَا لَمْ يَعْمَلْهُ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ، يَدُلُّ عَلَى حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ، وَمَعْرِفَتِهِ بِهَذَا الشَّأْنِ
(1)
. وَحَدَّثَ بِالكَثِيْرِ بِـ "بَغْدَادَ" وَ"المَوْصِلِ" وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ كَثِيْرُوْنَ، مِنْهُمُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّيْنِ الوَاسِطِيُّ، وَالفَارُوثِيُّ
(2)
، وَالأَبْرَقُوْهِيُّ، وَالقَرَافِيُّ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ لِأرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ. وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِعِدَّةِ مَوَاضِعَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قُرِئَ عَلَى جَدِّي أَبِي أَحْمَدَ رَجَبِ بنِ الحَسَنِ
(3)
غَيْرَ مَرَّةٍ بِـ "بَغْدَادَ" - وَأَنَا حَاضِرٌ - فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالخَامِسَةِ أَخْبَرَكُمْ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَزَّارُ - سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ - أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ القَطِيْعِيُّ. (ح) وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ بِـ "دِمَشْقَ"(أَنَا) عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ الزَّجَّاجِ، (أَنَا) القَطِيْعِيُّ. (ح) وَأَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ الحَمَوِيِّ، (أَنَا) أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ
(1)
هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحَامُلِ ابن النَّجَّارِ عَلَيْهِ، رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
(2)
في (ط): "الفاروني".
(3)
لَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ المُؤَلِّفُ، وهو في معجم شُيُوخ أبيه "المنتقى" رقم (19).
بَلْبَانَ، (أَنَا) القَطِيْعِيُّ، (أَنَا) أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأوَّلِ بنُ عِيْسَى، (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُدِيُّ، (أَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ السَّرَخْسِيُّ، (أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللهِ الفَرَبْرِيُّ، (ثَنَا) البُخَارِيُّ، (ثَنَا) المَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، (ثَنَا) يَزِيْدُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ قَالَ
(1)
: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقُوْلُ: "مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". وأَنْشَدَ لِنَفْسِهِ فِي "تَارِيْخِهِ":
أَهْدَيْتُ قَلْبِي إِلَيْكُمْ خُذُوْهُ
…
وَقَتْلِي حَرَامٌ فَلَا تَقْرَبُوْهُ
وَهَا هُوَ ذَا عِنْدَكُمْ وَاقِفٌ
…
يَرُوْمُ الوِصَالِ فَلَا تَحْرِمُوْهُ
وَ [قَالَ] أَيْضًا - كَتَبَ بِهَا إِلَى أَبِي المُظَفَّرِ بنِ مُهَاجِرٍ فَقِيْهِ "المَوْصِلِ" -:
فِي كُلِّ يَوْمٍ نَقْلَةٌ وَرَحِيْلُ
…
وَشَوْقٌ لِقَلْبِي مُزْعِجٌ وَمُزِيْلُ
يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ يَعِزَّ وُصُوْلُنَا
…
إِلَى بَلَدٍ فِيْهِ الحَبِيْبُ نَزِيْلُ
346 - مَكِّيُّ بنُ عُمَرَ
(2)
بنِ نِعْمَةَ بنِ يُوْسُفَ بنِ سَيْفِ بنِ عَسَاكِرِ بنِ عَسْكَرِ بنِ شَبِيْبِ بنِ صَالِحٍ، الرُّوْبَتِيُّ المَقْدِسِيُّ الأَصْلِ، المِصْرِيُّ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ،
(1)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ رقم (109)، بَابُ "إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" مِنْ حَدِيْثِ سَلَمَة بنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
346 - مَكِّيُّ الرُّوْبَتِيُّ (548 - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 68)، وَالمَقْصدِ الأَرْشَدِ (3/ 40)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 230)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 370). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 450)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 169) (7/ 296). وَقَرِيْبُهُ: حَرَمِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ الرُّوْبَتِيُّ (ت: 639 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
أَبُو الخَيْرِ بنِ أَبِي حَفْصٍ.
وُلِدَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "مِصْرَ". وَسَمِعَ مِنْ وَالِدِهِ أَبِي حَفْصٍ، وَمِنْ أَبِي مُحَمَّدِ بنِ بَرِّيِّ النَّحْوِيِّ، وَأَبِي الفَتْحِ مَحْمُوْدِ بنِ أَحْمَدَ الصَّابُوْنِيِّ، وَأَبِي إِبْرَاهِيْمَ القَاسِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيِّ، وَهِبَةِ اللهِ
(1)
البُوْصِيْرِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الأَرْتَاحِيِّ، وَجَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ مِنْ أَهْلِ البَلَدِ وَالقَادِمِيْنَ عَلَيْهَا. وَسَمِعَ بِـ "مَكَّةَ" مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الهَرَوِيِّ الحَنْبَلِيِّ
(2)
، وَأَبِي الحَسَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي تَمَّامٍ الدَّبَّاسِ، وَأَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بنِ عُمَرَ بنِ بَهْلِيْقَا، وَيُوْنُسَ بنِ يَحْيَى الهَاشِمِيِّ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ بِـ "مِصْرَ".
قَالَ المُنْذِرِيُّ: اشْتُهِرَ بِمَعْرِفَةِ المَذْهَبِ، وَجَمَعَ مَجَامِيْعَ فِي الفِقْهِ وَغَيْرِهِ، وَانْتَفَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَحَدَّثَ، وَأَمَّ بِالمَسْجِدِ المَعْرُوْفِ بِهِ بِـ "دَرْبِ البَقَّالِيْنَ" بِـ "مِصْرَ" سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ يَبْنِي وَيَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ.
قُلْتُ: وَهُوَ الَّذِي جَمَعَ سِيْرَةَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الضِّيَاءُ فِي تَرْجَمَتِهِ.
وَتُوُفِّي فِي العِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "مِصْرَ" وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ إِلَى جَانِبِ وَالِدِهِ بِـ "شَفِيْرِ الخَنْدَقِ" بِسَفْحِ "المُقَطَّمِ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَ"الرُّوْبَتِيُّ" بِضَمِّ الرَّاءِ المُهْمَلَةِ، وَسُكُوْنِ الوَاوِ، بَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ
(1)
في (ط): "هِبَة البُوصيري".
(2)
كَذَا في الأُصُوْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ، كَذَا فِي سِلْسِلَةِ نَسَبِهِ فِي تَرْجَمَتِهِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ في وَفَيَاتِ سَنَةِ (591 هـ).
مَفْتُوْحَةٌ مُخَفَّفَةٌ، وَتَاءُ تَأْنِيْثٍ، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ مَنْسُوْبٌ
(1)
إِلَى "رُوْبَةَ" وَيَذْكُرُ نَسَبًا مُتَّصِلًا بِهِ، وَيَقُوْلُ: هُوَ صَحَابِيٌّ. قَالَ المُنْذِرِيُّ: وَلَسْتُ أَعْرِفُ "رُوْبَةَ" هَذَا، وَلَا رَأَيْتُ مَنْ ذَكَرَهُ. وَكَانَ بَعْضُ شُيُوْخِنَا يَقُوْلُ: إِنَّ "رُوْبَةَ" بَلَدٌ بـ "الشَّامِ". وَاللهُ عز وجل أَعْلَمُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَخِيْهِ أَبِي الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلَ الأَدِيْب
(2)
.
347 - وَأَبُوْهُمَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ
(3)
المَعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ البَنَّاءِ"،
كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، مُقْرِئًا، أَقْرَأَ القُرآن سِنِيْنَ كَثِيْرَةً بِـ "مِصْرَ" وَكَانَ صَابِرًا عَلَى تَعْلِيْمِ الطَّلَبَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا، مَعَ عُلُوِّ سِنِّهِ. وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي الفَتْحِ الكَرُّوْخِيِّ. وَتُوُفِّيَ فِي ثَامِنِ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "مِصْرَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
348 - عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
(4)
بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ،
(1)
في (ط) والأصول: "مَنْسُوْبًا".
(2)
في وفيات (606 هـ).
(3)
347 - أَبُو حَفْصِ بنِ البَنَّاءِ (؟ - 584 هـ):
تقَدَّمَ في اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى وَفَيَاتِهَا.
(4)
348 - وَلَدُ الفَخْرِ غُلَامِ ابن المَنِّيِّ (584 - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 68)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 24)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 232)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 371). وَيُرَاجَعُ: الحَوَادِثُ الجَامِعَةُ (31)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَّارِ (3/ 189)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 45)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (193)، وَلِسَانُ المِيْزَانِ (3/ 260)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 167) (7/ 293). ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ إِسْمَاعِيْلَ (ت: 610 هـ) فِي مَوْضِعِهِ.
ذَكَرَهُ ابنُ الشَّعَّارِ في "عُقُوْدِ الجُمَان" وَنَسَبَهُ: "الشَّيْبَانِيِّ" وَقَالَ: "شَابٌّ أَبْيَضُ =
الوَاعِظُ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو طَالِبِ بنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، المَعْرُوْفُ وَالِدُهُ بِـ "الفَخْرِ""غُلَامِ ابنِ المَنِّيِّ"، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ. سَمِعَ أبُو طَالِبٍ هَذَا مِنِ ابنِ كُلَيْبٍ وَغَيْرِهِ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَاشْتَغَلَ بالوَعْظِ وَوَعَظَ بِـ "بَغْدَادَ" وَ"مِصْرَ" وَحَدَّثَ، وَلَهُ نَظْمٌ. قَالَ المُنْذِرِيُّ: سَمِعْتُ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ شِعْرِه.
= اللَّوْنِ، رَبْعَةٌ، حَفِظَ القُرْآنَ الكَرِيْمَ عَلَى أَبِي شُجَاعِ بنِ المَقْرُوْنِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِيْهِ عَلَى مَذْهَبِ الإمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنه وَسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ عَلَى شُيُوْخٍ مِنْهُمْ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ عَلِيٍّ الجَوْزِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَبَرْزَدٍ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المِنْدَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ. لَقِيْتُهُ بِـ "إِرْبِلَ" سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ. وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ السَّبْتِ تَاسِعَ عَشَرَ مِن جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخمْسِمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ". . . وَهُوَ فَقِيْهٌ، مُنَاظِرٌ، عَالِمٌ بالتَّفْسِيْرِ، جَيِّدُ المُنَاظَرَةِ، وَاعِظٌ، حَسَنُ الكَلَامِ فِي الوَعْظِ، جَاري المَنْطِقِ. وَذَكَرَ لِي أَنَّهُ قَالَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ، وَخَبَّرَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ أَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي أَشْعَارِهِ، وَيَسْرِقُ أَقَاوِيْلَ النَّاسِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِصَحَّةِ ذلِكَ. وَجَرَتْ لَهُ حَادِثَةٌ بِـ "بَغْدَادَ" فِي أَيَّامِ المُسْتَنْصِرِ باللهِ - خَلَّدَ اللهُ مُلْكَهُ - فَأُوْدِعَ السِّجْنَ. . .".
وَفِي "الحَوَادِثِ الجَامِعَةِ" قَالَ مُؤَلِّفُهُ فِي حَوَادِثِ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ: "وَفِيْهَا نُقِلَ عَبْدُ اللهِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ صَاحِبِ ابنِ المَنِّيِّ الوَاعِظُ مَا اقْتَضَى أَنَّهُ أُحْضِرَ إِلَى دَارِ الوِزَارَةِ وَضُرِبَ مَائَةَ عَصًا، وَقُطِعَ لِسَانُهُ، وَحُمِلَ إِلَى "المَارِسْتَانَ العَضُدِيِّ" وَحُبسَ في حُجْرَةِ المَجَانِيْنَ، وَأُفْرِجَ عَنْهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ". وَلَمْ يَذْكُرْ لَا هُوَ وَلَا ابنُ الشَّعَّارِ سَبَبُ ذَلِكَ.
وَفِي "لِسَانِ المِيْزَانِ" قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ: "كَاد فَقِيْهًا، حَنْبَلِيًّا قَدِمَ "القَاهِرَةَ" فَوَعَظَ فِي "الجَامِعِ الأَزْهَرِ". ذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارِ في "المَشْيَخَةِ المُنْذِرِيَّةِ" وَقَالَ: طَوَّفَ البِلَادَ، وَمَا أَقَامَ بِبَلْدَةٍ إِلَّا وَأُزْعِجَ مِنْهَا لِسُوْءِ سِيْرَتِهِ. ذَكَرَ لِي أَنَّهُ سَمِعَ "جُزْءِ ابنِ عَرَفَةَ" مِنِ ابنِ كُلَيْبٍ. . .".
وَتُوُفِّيَ فِي ثَانِي عِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" وَهُوَ فِي سِنِّ الكُهُوْلَةِ.
349 - عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
(1)
بنِ عُثْمَانِ المَقْدِسِيُّ، الفَقِيْهِ، عِزُّ الدِّيْنِ أَبُو مُحَمَّدٍ.
(1)
349 - عِزُّ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ (؟ - 634 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 68)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 160)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 232)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 371). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 460)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (198)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (257)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 168)(7/ 293).
ولَقَبُهُ "عزُّ الدِّين" لَمْ يَرِدْ في "مَجْمَعِ الآدَابِ" لابنِ الفُوَطِيِّ؟! وَقَدِ اقْتَضَبَ المُؤَلِّف أَخْبَارَهُ، وقَدْ نَقَلَهَا عن الحَافِظِ المُنْذِرِيِّ في "التَّكْمِلَةِ" وَتَرَكَ قَوْلهُ:"اجْتَمَعْتُ بِهِ فِي الشَّامِ" وَفَصَّلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في أَخْبَارِهِ فَقَالَ: "مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ، تفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ المُوَفَّقِ، وَرَحَلَ إِلَى "أَصْبَهَانَ" وَسَمِعَ مِن أَبِي الفَخْرِ أَسْعَدِ بنِ سَعِيْدٍ وَغَيْرِهِ. وَرَوَى عَنْهُ المَجْدُ بنُ الحُلْوَانِيَّةِ، والشَّيْخُ شَمْسُ الدِّين بنُ أَبِي عُمَرَ، وَأَجَازَ للشَّيْخِ عَلِيِّ بنِ هَارُونَ، وللشِّهَابِ مُحَمَّدِ بنِ مُشَرَّفٍ، وَللشَّرَفِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُخَرَّمِيِّ وَغَيْرِهِ. قَرَأْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ الضِّيَاءِ:
…
الفَقِيْهُ، الإمَامُ، العَالِمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
…
وَكَانَ إِمَامًا، عَالِمًا، فَطِنًا، ذِكِيًّا، وَقَد أَلْقَى الدَّرْسَ مُدَّةً بِمَدْرَسَةِ شَيْخنَا أَبي عُمَرَ، وَكَانَ دَيِّنًا، خَيِّرًا، وَدُفِنَ بتُرْبَةِ خَالِ أُمِّهِ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ".
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ في اسْتِدْرَاكَنَا عَلَى وَفَيَاتِ سَنَةِ (600 هـ). وَإِخْوَانُهُ "مُحَمَّدٌ" وَ"عَبْدُ اللهِ" وَ"أَحْمَدُ" لَهُمْ ذِكْرٌ في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمشقيَّة (187، 379، 398، 539). وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ بَعْضِهِم.
يُستَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةَ (634 هـ):
520 -
خَدِيْجَةُ بنتُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ بن عَبدِ الحَمِيدِ الحَرَّانِيِّ. ذَكَرَهَا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ (3/ 461)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (186).
وَوَالِدُهَا: مُحَمَّدٌ (ت: 560 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
521 -
وَسُرْخَابُ بنِ زُرَيْرِ بنِ سُرْخَابِ بنِ أَبِي الفَوَارِسِ، الشَّرِيْفُ، أَبُو المَنَاقِبِ الحُسَيْنِيُّ الدِّيْنَوَرِيُّ، الصُّوْفِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، نَزِيْلُ "دِمَشْقَ" كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (188)، وَالمُنذرِيُّ في التَّكْمِلَةِ (3/ 432).
522 -
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الشَّيْخِ أَبِي البَقَاءِ عَبْدِ اللهِ بن الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ، سَمِعَ أَكْثَرَ مُؤَلَّفَاتِ وَالِدِهِ، وَسَمِعَ ابنَ كُلَيْبٍ، وَمَاتَ كَهْلًا. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ أَبَا البَقَاء (ت: 616 هـ)، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ ابْنِهِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن (ت بَعْدَ: 656 هـ). أَخْبَارُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 441)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (198).
523 -
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ نَصْرِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ سَلَامَةَ بنِ مَعَالِي، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَرَّانِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، الصَّفَّارُ، العَدْلُ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ الرُّبع" كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في تَارِيْخِ الإِسْلامِ (200)، وَالمُنْذِرِيِّ في التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 462).
524 -
عَبْدُ القَادِرِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ. أَخْبَارُهُ فِي: المَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 230)، وَالدُّرِّ المُنَضَّدِ (1/ 370) قَالَ:"عَبْدُ القَادِرِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ". وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 443)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (201).
525 -
وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ جَمَاعَةَ بنِ نَاصِرٍ، صَائِنُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَمْزِيُّ، المَقْدِسِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ، الشَّارِعِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، شَيْخٌ، صالِحٌ، خَيِّرٌ، صَحِبَ المَشَايخَ. أَخْبَارُهُ في: مُعْجَمِ الأَبَرْقُوْهِيِّ (ورقة: 88)، ونَصَّ عَلَى أَنَّهُ "حَنْبَلِيٌّ". وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإِسْلامِ (202)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 444)، وَتَكْمِلَةُ إِكْمَالِ الإِكْمَالِ (94).
526 -
وَعُمَرُ بنُ أَبِي البَرَكَاتِ عُبيْدِ الله بن هِبَةِ الله، أَبُو حَفْصٍ المَعْرُوْفُ بـ "ابنِ السَّمِيْنِ. من "آلِ السَّمِيْنِ". يُرَاجَعُ: وَفَيَاتُ سَنَةِ (588 هـ)، ووَفَيَاتُ سَنَةِ (613 هـ) من الاسْتِدْرَاكِ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 439)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (208).
سَمِعَ مِنْ أَسْعَدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ رَوْحٍ، وَعُمَرَ بنِ طَبَرْزَدٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ مُدَّةً، وَحَدَّثَ.
تُوُفِّيَ فِي حَادِي عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ.
350 - عَبْدُ الكَرِيْمِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ
(1)
بنِ مُسَلَّمِ بنِ أَبِي الحَسَنِ بنِ أَبِي الجُوْدِ
(2)
، الفَارِسِيُّ، الزَّاهِدُ، أَبُو بَكْرٍ. وَاسمُ أَبِيْهِ: المُبَارَكُ بنُ أَخِي الحَسَنِ بنِ مُسَلَّمٍ
= 527 - وَكَتَائِبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَهْدِي بنِ مُحَمَّدِ بن عَلِيِّ، أَبُو أَحْمَدَ البَانِيَاسِيُّ ثُمَّ الصَالِحِيُّ، مِنْ أَهْلِ "جَبَلِ الصَّالِحِيَّةِ" حَدَّثَ عَن أَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَأَبِي نَصْرٍ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ الخَالِقِ، وَكَانَ رَجُلًا خَيِّرًا، دَيِّنًا. رَوَى عَنْهُ الزَّكِيُّ البِرْزَالِيُّ، وَالضِّيَاءُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، والمَجْدُ بنُ الحَلْوَانِيَّةِ، وَالشَّمْسُ بنُ الكَمَالِ، وَالعِزُّ أَحْمَدُ بنُ العِمَادِ وَغَيْرِهِمْ".
أَخْبارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 453)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (209). وَابنُهُ أَحْمَدُ بنُ كَتَائِبَ (ت: 661 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
528 -
وَمُحَمَّدُ بنُ سَلَامَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَرَّانِيُّ العَطَّارُ، سَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ أبِي الوَفَاءِ. أَخْبَارُهُ في: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (214)، والمُقَفَّى الكَبِيْرِ (5/ 713)، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ مَعَالِي (ت: 640 هـ) فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
350 - ابنُ أَبِي الجُوْدِ الفَارِسِيُّ (563 - 635 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 68)، والمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 161)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 232)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 372). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 467)، وَالتَّوْضِيْحُ (2/ 533)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 171)(7/ 300).
529 -
خَطَّابُ بنُ أبِي بَكْرٍ بنِ مُسَلَّمٍ الحُوْرِيُّ ابنُ عَمِّ المَذْكُوْرِ. ذَكَرَهُ ابنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ فِي التَّوْضِيْحِ (2/ 533، 7/ 10) عَنْ أَبِي العَلَاءِ الفَرَضِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ.
(2)
في (ط): "الجَوَاد".
الزَّاهِدِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ
(1)
.
وُلِدَ سَنَة ثَلَاثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ
(2)
بِـ "الفَارِسِيَّةِ" قَرْيَةٌ عَلَى "نَهْرِ عِيْسَى".
(1)
في وَفَيَاتِ سَنَةِ (594 هـ).
(2)
في "التَّكملة" للمُنْذِرِيِّ: "ثَلاثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (635 هـ):
530 -
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، رَضِيُّ الدِّيْنِ، المَقْدِسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، المُقْرِئُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَالِدُ السَّيْفِ بنِ الرَّضِيِّ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"شَيْخٌ صَالِحٌ، تَالٍ لِكِتَابِ اللهِ، كَثِيْرُ الخَيْرِ وَالعِبَادَةِ، يُلَقِّنُ بِـ "الجَبَلِ" احْتِسَابًا للهِ تَعَالَى مِنْ نَحْوِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، خَتَمَ عَلَيْهِ القُرْآنَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ". لَهُ أَبْنَاءٌ وَحَفَدَةٌ مِنْ أَهْلِ العلْمِ وَبَيْتٌ مَشْهُوْرٌ بالعِلْمِ وَالفَضْلِ، مِنْهُمُ السَّيْفُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 692 هـ)، وَأَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ (ت: 656 هـ)، وَإِخْوَتُهُم أَحْمَدُ، مَجْدُ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ (ت؟)، وَإِبْرَاهِيْمُ (ت؟)، وَعِيْسَى (ت؟)، وَمُحَمَّدٌ (ت:؟) وَالِدُ أَبِي بَكْرٍ (ت: 738 هـ) وَأُخْتُهُم تَقِيَّةُ (ت؟) وَأَختُهُم الأخْرَى خَدِيْجَةُ (ت: 701 هـ). أَمَّا حَفَدَتُهُ فَنَذْكُرُهُم في تَرَاجِمِ آبَائِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَزَوْجَتُهُ: عَائِشَةُ بِنْتُ خَلَفِ بنِ رَاجِحٍ أُخْتُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ رَاجِحٍ (ت: 618 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 466)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (245)، والإِشَارَةِ إلى وَفَيَاتِ الأعيان (337)، وَالعِبَرِ (5/ 144)، وَالوَافي بِالوَفَيَاتِ (18/ 239)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (6/ 301)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 171).
وَبَعْدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ:
531 -
سَالِمُ بنُ نَافِعِ بنِ رِضْوَانَ النَّجْدِيُّ. ذَكَرَهُ ابنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ فِي التَّوْضِيْحِ فَقَالَ: "وَمِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى "نَجْدٍ" الفَقِيْهُ، وَلِيُّ الدِّيْنِ سَالِمُ
…
النَّجْدِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، سَمِعَ بِـ "البَصْرَةِ" مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي الحَسَنِ بنِ ثَابِتٍ الطَّيْبِيِّ، الضَّرِيْرِ فِي سَنَةِ =
وَقَرَأَ القُرْآنَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ البَرَدَانِيِّ، وَابْنِ بُوْشٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَحَدَّثَ. سَمِعَ مِنْهُ ابنُ النَّجَّارِ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ ابنِ أَبِي الجَيْشِ وَغَيْرِهِمَا، وَوَصَفَاهُ بِالصَّلَاحِ وَالدِّيَانَةِ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، مُنْقَطِعًا عَنِ النَّاسِ فِي قَرْيَتِهِ يَقْصُدُهُ النَّاسُ لِزِيَارَتِهِ وَالتَّبَرُّكِ بِهِ، وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الفُقَرَاءِ، وَيُضِيْفُ مَنْ يَمُرُّ بِهِ.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الخَمِيْسِ لِتِسْعٍ خَلَوْنَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةٍ، وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ عِنْدَ عَمِّهِ بِـ "الفَارِسِيَّةِ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
351 - عُثْمَانُ بنُ نَصْرِ بنِ منْصُوْرِ
(1)
بنِ هِلَالٍ البَغْدَادِيُّ، المَسْعُوْدِيُّ، الفَقِيْهُ، الوَاعِظُ، أَبُو الفُتُوْحِ. وَيُقَالُ: أَبُو الفَرَجِ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو، وَيُلَقَّبُ "ضِيَاءَ الدِّيْنِ" المَعْرُوْفُ بِـ "ابْنِ الوَتَّارِ".
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَعِيْسَى الدَّوْشَابِيِّ
(2)
، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
= خَمْسٍ وَثَلاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ".
(1)
351 - ابنُ الوَتَّارِ المَسْعُوْدِيُّ (550 - 636 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 69)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 204)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 233)، وَمُختَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 172). ويُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 148)، وَذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 243)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 507)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (295)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 314)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 180)(7/ 315).
(2)
في (ط): "الروشابي" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
عَبْدِ الرَّزَّاقِ السُّلَمِيِّ، وَمُسْلِمِ بنِ ثَابِتٍ الوَكِيْلِ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَخَدِيْجَةَ النَّهْرَوَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَوَعَظَ، وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي صَالِحٍ نَصْرِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَدَرَّسَ، وَأَفْتَى، وَكَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، إِمَامًا، عَالِمًا، حَسَنَ الأَخْلَاقِ. وَحَدَّثَ، وَأَجَازَ لِلْمُنْذِرِيِّ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَبِي الجَيْشِ، وَلِسُلَيْمَانَ بنِ حَمْزَةَ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالقَاسِمِ بنِ مُظَفَّرِ بنِ عَسَاكِرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي طَالِبٍ الحَجَّارِ.
وَتُوُفِّيَ فِي سَابِعِ عِشْرِيْنَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "بَابِ حَرْبٍ" وَقَدْ نَاهَزَ السَّبْعِيْنَ. وَالمَسْعُوْدِيُّ
(1)
نِسْبَةً إِلَى "المَسْعُوْدَةِ"
(1)
في (ط): "المسعوي" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَةِ (636 هـ):
532 -
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أحُمَدَ بنِ أَبِي الكَرَمِ بنِ عَلِيٍّ، أَبُو إِسْحَق، البَغْدَادِيُّ، الخَيَّاطُ الصُّوْفِيُّ، سِبْطُ يَحْيَى بنِ بُوْشٍ. سَمِعَ من جَدِّهِ، وَمِنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ. وَجَدُّه يَحْيَى سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (593 هـ). أَخْبَارُ إِبْرَاهِيْمَ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 504)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (280).
533 -
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَامِدِ بنِ قُنْبُرٍ - بِضَمِّ القَافِ وَالبَاءِ - بنِ هِنْدِيِّ، أَبُو إسْحَقَ، البَغْدَادِيُّ، النَّهْرِقَلِّيُّ، الحَنْبَلِيُّ، كَذَا قَالَ الحَافِظَانِ المُنْذِرِيُّ وَالذَّهَبِيُّ. يُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 512)، وَتَارِيخُ الإِسلامِ (281)، وَالمُشْتَبَهُ (2/ 535)، وَالتَّوضِيْحُ (7/ 250). وَنِسْبَتُهُ إِلَى "نَهْرِ القَلَّايين" مَحِلَّةٌ بِـ "بَغْدَادَ". مُعْجَمُ البُلْدَانِ (5/ 372).
534 -
وَعَبْدُ الرَّحْمَن بنُ إِسْحَقَ بنِ الإمَامِ أَبِي مَنْصُوْرِ مَوْهُوْبِ بنِ أَحْمَدَ الجَوَالِيْقِيُّ، جَدُّه صَاحِبُ "المُعَرَّبِ" الإِمَامُ المَشْهُوْرُ (ت: 540 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَوَالِدُهُ إِسْحَقَ (ت: 575 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ. أَخْبَارُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ في: التَّكْمِلَةِ =
مَحَلَّةٍ شَرْقِيَّ "بَغْدَادَ" مِنْ نَوَاحِي "المَأْمُوْنِيَّةِ".
352 - تَقِيُّ الدِّيْنِ بنُ طَرْخَانَ
(1)
بنِ أَبِي الحَسَنِ السُّلَمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ الصَّالِحِيُّ
= لِوَفَيَاتِ النَّقلةِ (3/ 517)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (291).
535 -
وَعَبْدُ القَادِرِ بنُ عَثْمَانَ بنِ أَبِي البَرَكَاتِ بنِ عَلِيِّ بنِ رِزْقِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ التَّمِيْمِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "شَيْخٌ، صَالِحٌ، مُعَمَّرٌ، من بَيْتِ مَشْيَخَةٍ وَعِلْمٍ. أَقُوْلُ: جَدُّهُ الأَعْلَى رِزْقُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 488 هـ) من كِبَارِ العُلَمَاءِ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ، وَذَكَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. أَخْبَارُ عَبْدِ القَادِرِ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 514)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (293).
536 -
وَعُثْمَانُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَحْمَدَ أَبُو عَمْرٍو البَغْدَادِيُّ، المِطَرِّزُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ رِبَاطِ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ بِالقَصْر؛ لِذَا يُلَقَّبُ "عُثْمَانَ القَصْرِ" وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ قَالَ: عُثْمَانُ القَصِيْرُ أَوِ القَصِيْرِيُّ؟! صَحِبَ عَبْدَ الغَنِيِّ بنَ نُقْطَةَ الزَّاهِدَ، وَسَمِعَ مِنْ ذَاكِرِ بنِ كَامِلٍ، وَعُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ التَّبَّان، وَعَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ. وَلِلنَّاسِ فِيْهِ اعْتِقَادٌ. أَخْبَارُهُ فِي: ذَيْلِ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (2/ 206)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 507)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (295)، وَالإِشَارَةِ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (339).
537 -
وَيَاسَمِيْنُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحِيْم بنِ أَبِي خَازِمٍ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَعْلَى مُحَمَّدِ بنُ الحُسَيْن بنِ الفَرَّاءِ، أَمَةُ الرَّحِيْمِ، سِبْطَةُ أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتِيْلٍ. أَخْبَارُهَا فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 515)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (311)، وَوَالِدُهَا ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (578 هـ) وَجَدُّهَا لِأُمِّهَا أَبُو الفَتْحِ عُبَيْدِ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بن شاتيل (ت: 580 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ.
(1)
352 - تَقِيُّ الدِّيْنِ بنُ طَرْخَانَ (561 - 637 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 69)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 234)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 373). وَيُرَاجَعُ: ذَيلُ الرَّوضَتَيْنِ (168)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 523)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (345)، =
الحَنْبَلِيُّ. وُلِدَ بِـ "الجَبَلِ" سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ
(1)
. وَسَمِعَ مِنْ أَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَيَحْيَى السَّلَفِيِّ، وَابْنِ صدَقَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ بِـ "مَكَّةَ" وَ"المَدِيْنَةِ" وَ"اليَمَنِ"، وَحَدَّثَ.
وَتُوُفِّيَ فِي تَاسِعِ مُحَرَّمٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "الجَبَلِ" رحمه الله.
= وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (340)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (264)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (2/ 495)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 317)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 186) (7/ 325). وَفِي المَصَادِرِ "مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ". وفي "التَّكْمِلَةِ" للمُنْذِرِيِّ:"ابنُ الشَّيْخِ الأجَلِّ أَبِي الخَيْرِ طَرْخَان" فَهَلْ كَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ؟! وفي "تاريخِ الإسلامِ" للحَافِظِ الذَّهَبِيِّ: "وَسَمَّعَ وَلَدَهُ أَبَا بَكْرٍ". وَاشتُهِرَ وَلَدُهُ الآخَرُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ (ت: 676 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَوَلَده: أَبُو بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 679 هـ). كَمَا اشْتُهِرَ مِنْ أَحْفَادِهِ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 736 هـ) وَأَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بن أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 789 هـ) وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 770 هـ). وَمِنْ هَذَا البَيْت أَبُو بَكْر بنُ الحَسَنِ بنِ طَرْخَانَ (ت: 694 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأَخْتُهُ بَهِيَّةُ بنْتُ طَرْخَانَ بنِ أَبِي الحَسَنِ (ت: 618 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهَا في مَوْضِعِهَا.
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وَخَرَّجَ لَهُ الشَّيْخُ الضِّيَاءُ "أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثًا" وَخَرَّجَ هو لِنَفْسِهِ "مَشْيَخَةً" كَبيْرَةً، وَكَانَ شَيْخًا، فَاضِلًا، فَقِيْهًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، مُتَوَدِّدًا إِلَى النَّاسِ. رَوَى عَنْهُ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ وَالمَجْدُ بنُ الحَلْوَانِيَّةِ، وَالفَخْرُ بنُ البُخَارِيِّ، وَأَبُو عَلِيِّ بنُ الخَلَّالِ، وَالعِزُّ أَحْمَدُ بنُ العِمَادِ، والشَّرَفُ أَحْمَدُ بنُ عَسَاكِرٍ، وابنُ عَمِّهِ الفَخْرُ إِسْمَاعِيْلَ، وَالتَّقِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَالشَّمْسُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ بنِ الوَاسِطِيِّ، وَجَمَاعَةٌ"
(1)
في (ط): "وَخَسِمَائَة" خَطَأ طِبَاعَةٍ.
353 - عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَفِ
(1)
بنِ أَبِي طَالِبِ بنِ دُلَفِ بنِ أَبِي القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ
(1)
353 - عَفِيْفُ الدِّيْن بنُ دُلَفٍ النَّاسِخُ (551 - 637 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 69)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 129)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 234)، ومُختَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 373). ويُراجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 526)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (4501)، وَالحَوَادِثُ الجَامِعَةُ (163)، وَمُعْجَمُ الأَبْرَقُوْهِيِّ (ورقة: 84)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (333)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 44)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (340)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (264)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (3/ 50)، وَالعِبَرُ (5/ 157)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (199)، وَمَعْرِفَةُ القُرَّاءِ الكِبَارِ (2/ 626)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 480)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (2/ 126)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 393)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 317)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 184)(7/ 322)، وَتَارِيْخُ عُلَمَاءِ المُسْتَنْصِريَّةِ (2/ 69) فَمَا بَعْدَهَا. وَابْنُهُ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ (ت: 640 هـ)، سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
538 -
وَابنُهُ: عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ "مُحِبُّ الدِّيْنِ"(ت؟) ذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ في مُعْجَمِهِ (2/ وَرَقَة: 121)، وَابنُ الفُوَطِيِّ في مَجْمَعِ الآداب (5/ 25) وَلَمْ يَذْكُرَا وَفَاتَهُ. قَالَ ابنُ الفُوَطِيِّ:"وَنَشَأَ مُحِبُّ الدِّيْنِ في خِدْمَةِ وَالِدِهِ، وَحَفِظَ القُرْآنَ المَجِيْدَ، وَقَرَأَ بالرِّوايَاتِ عَلَى المَشَايخِ، وَسَمِعَ أَبَاهُ وَغَيْرَهُ، وَحَجَّ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ عَنِ المُسْتَنْصِرِ باللهِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَأُنْعَمَ عَلَيْهِ بِخَمْسِمَائَةِ دِيْنَارِ وَخُلْعَةٍ نَفِيْسَةٍ، وَرُتِّبَ نَاظِرًا بِدِيْوَانِ الأَوْقَاف العَامَّةِ سَنَةَ ثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ".
539 -
وَذَكَرَ ابنُ الفُوَطِيِّ في مَجْمَعِ الآدَابِ (4/ 272) فِيْمَنْ يُلَقَبُ "كَمَالَ الدِّيْن" يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ دُلَفٍ البَغْدَادِيُّ المُعَدَّلُ أَنْشَدَ عَنْهُ أَبْيَاتًا لأبي الفَتْحِ البُسْتِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ أَخْبَارِهِ، وَلَا ذَكَرَ وَفَاتَهُ، فَهَلْ هُوَ ابنُ أَخِ المَذْكُوْرِ هُنَا؟! وَمِنْ ثَمَّ هَلْ هُوَ مُسْتَدْرَكٌ عَلَى المُؤَلِّفِ؟!. أَظُنُّ ذلِكَ.
المُقْرِئُ، النَّاسِخُ الخَازِنُ، أَبُو مُحَمَّدٍ. وَيُقَالُ: أَبُو الفَضْلِ. وَيُلَقَبُ "عَفِيْفَ الدِّيْنِ".
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى - أَوِ اثْنَتَيْنِ - وخَمْسِيْن وَخَمْسِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ الكَثِيْرَةِ عَلَى أَبي الحَارِثِ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ العَكبُرِيّ العَسْكَرِيّ وَأَبي جَعْفَرِ بنِ القَاصِّ
(1)
وَأَبي الحَسَنِ البَطَائِحِيِّ، وَصَاحَبَهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَثِيْرًا، وَعَلَى جَمَاعَةٍ آخَرِيْنَ. وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي عَلِيٍّ الرَّحْبِيِّ، وَالأَسْعَدِ بنِ يَلْدَرك، وَلَاحِقِ بنِ كَارِهٍ، وَشُهْدَةَ، وَخَدِيْجَةَ النَّهْرَوانِيَّةِ، وَابْنِ شَاتِيْلٍ، وَالقَزَّازِ، وَابنِ كُلَيْبٍ. وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ الكَثِيْرَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، وَسَمِعَ النَّاسُ بِقِرَائَتِهِ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ بِخَطِّهِ الحَسَنِ لِنَفْسِهِ وَلِلنَّاسِ تَوْرِيْقًا
(2)
. وَوَلِيَ نَظَرَ خِزَانَةِ الكُتُبِ بِمَسْجِدِ الشَّرِيْفِ الزَّيْدِيِّ، ثُمَّ خِزَانَةَ كُتُبِ التُّرْبَةِ السَّلْجُوْقِيَّةِ، ثُمَّ صُرِفَ عَنْهَا، ثُمَّ أُعِيْدَ إِلَيْهَا. وَشَهدَ عِنْدَ الزَّنْجَانِيِّ فِي وِلَايَتِهِ زَمَنَ النَّاصِرِ، وَكَانَ الخَلِيْفَةُ النَّاصِرُ لَمَّا أَذِنَ لِوَلَدِهِ الظَّاهِرِ بِرِوَايَةِ "مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ" عَنْهُ
(1)
في (ط): "القاصين".
(2)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "رَوَى عَنْهُ الرَّشِيْدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَبِالإجَازَةِ أَبُو المَعَالِي الأَبْرَقُوْهِيُّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَيَحْيَى بنُ سَعْدٍ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ وَجَمَاعَةٌ. وَمِنْ مَسْمُوْعَاتِهِ كِتَابُ "المُوَطَّإِ" مِن طَرِيْقِ القَعْنَبِيِّ، سَمِعَهُ مِنْ شُهْدَةَ، وَ"جُزْءُ الغُرَبَاءِ" للآجُرِّيِّ، سَمِعَهُ مِن أَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ. وَسِتُّ "مَجَالِس" أَبِي جَعْفَرِ بنِ البَخْتُرِي، سَمِعَهَا مِن شُهْدَةَ، وَ"مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ" لابنِ أَبِي الدُّنْيَا عَنْهَا، وَغَيْرِ ذلِكَ.
أَقُوْلُ - وَعَلَى الله أَعْتَمِدُ -: رَوَى عَنْهُ رَشِيْدُ الدِّين مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ السَّلَامِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت: 707 هـ)"مَشْيَخَةَ شُهَدَةَ" وَ"إِعْرَابَ القُرْآنِ" لأبِي إِسْحَقَ الزَّجَّاجِ وَ"إِصْلَاحَ المَنْطِقِ" لابْنِ السِّكِّيْتِ وَ"مَصَارِعَ العُشَّاقِ" لابنِ السَّرَّاجِ.
بِالإجَازَةِ. وَأَذِنَ لِأرْبَعَةِ نَفَرٍ مِنَ الحَنَابِلَةِ بِالدُّخُوْلِ إِلَيْهِ لِلسَّمَاعِ كَانَ عَبْدُ العَزِيْزِ هَذَا مِنْهُمْ، فَحَصَلَ لَهُ بِهِ أُنْسٌ، فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيْهِ الخِلَافَةُ وَلَّاهُ النَّظَرَ فِي دِيْوَانِ التَّرِكَاتِ الحَشَرِيَّةِ، فَسَارَ فِيْهَا أَحْسَنَ سِيْرَةٍ، وَرُدَّتْ تَرِكَاتٌ كَثِيْرَةٌ عَلَى النَّاسِ كَانَ قَدِ اسْتُوْلِيَ عَلَيْهَا بِمُسَاعَدَةِ الخَلِيْفَةِ الظَّاهِرِ عَلَى ذلِكَ. وَمِنْ جُمْلَةِ ذلِكَ: تَرِكَةُ رَجُلٍ مِنْ "هَمَذَانَ" مَاتَ بِـ "بَغْدَادَ"، فَتَصَرَّفَ دِيْوَانُ التَّرِكَاتِ فِي مِيْرَاثِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ، ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ أَثْبَتَ ابنُ عَمِّهِ نَسَبَهُ وَاسْتِحْقَاقَهُ للتَّرِكَةِ عِنْدَ الحَاكِمِ، فَأَنْهَى الحَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيْزِ فِي وِلَايَتِهِ إِلَى الظَّاهِرِ، فَتَقَدَّمَ بِتَسْلِيْمَ التَّرِكَةِ إِلَيْهِ بِمُوْجِبِ الشَّرْعِ، وَأَنْ لَا يُرَاجَعَ فِيْمَا هَذَا سَبِيْلُهُ، مَعَ ثُبُوْتِهِ شَرْعًا، وَكَانَتِ التَّرِكَةُ أُلُوْفًا مِنَ العَيْنِ، وَبَقِيَ الشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيْزِ عَلَى هَذَا مُدَيْدَةً، ثُمَّ سأَلَ أَنْ يُقِيْمَ بِرِبَاطِ الحَرِيْمِ مُنْقَطِعًا بِهِ إِلَى العِبَادَةِ، وَأَنْ يَكُوْنَ وَلَدُهُ الأَصْغَرَ عُمَرُ عِوَضَهُ فِي دِيْوَانِ التَّرِكَاتِ، فَأُجِيْبَ إِلَى ذلِكَ، وَرُتِّبَ الشَّيْخُ شَيْخًا بِالرِّبَاطِ المَذْكُوْرِ، فَأَقَامَ بِهِ إِلَى حِيْنَ وَفَاتِهِ. وَرُتِّبَ وَلَدُهُ فِي الدِّيْوَانِ، فَسَارَ بِسِيْرَةِ أَبِيْهِ فِيْهِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ النَّاصِح بنِ الحَنْبَلِيِّ: الشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيْزِ إِمَامٌ فِي القِرَاءَةِ، وَفِي عِلْمِ الحَدِيْثِ. سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ، وَهُوَ يَصُوْمُ الدَّهْرَ. لَقِيْتُهُ بِـ "بَغْدَادَ" فِي المَرَّتَيْنِ.
وَقَالَ ابنُ النَّجَّارِ: كَانَ كَثِيْرَ العِبَادَةِ، دَائِمَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ مُنْذُ كَانَ شَابًّا، وَإِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ، وَكَانَ مُسَارِعًا إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ، وَالسَّعْيِ بِنَفْسِهِ إِلَى دَوْرِ الأَكَابِرِ فِي الشَّفَاعَاتِ، وَفَكِّ العُنَاةِ، وإِطْلَاقِ
المُعْتَقَلِيْنَ، وَدَفْعِ المُؤَنِ وَالتَّنْقِيْلِ مِنْ جِهَةِ العُمَّالِ، يَفْعَلُ ذلِكَ مَعَ القَرِيْبِ وَالبَعِيْدِ وَالغَرِيْبِ بِصَدْرٍ مُنْشَرِحٍ، وَقَلْبٍ طَيِّبٍ. وَكَانَ مُحِبًّا لإيْصَالِ الخَيْرِ إِلَى النَّاسِ، وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ، كَثِيْرَ الصَّدَقَةِ وَالمَعْرُوْفِ، وَالمُوَاسَاةِ بِمَالِهِ حَالَ فَقْرِهِ وَقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ، وَبَعْدَ يَسَارِهِ وَسَعَةِ ذَاتِ يَدهِ، وَكَانَ عَلَى قَانُوْنٍ وَاحِدٍ فِي مَلْبَسِهِ لَمْ يُغَيِّرْهُ، وَفِي أَخْلَاقِهِ وَتَوَاضُعِهِ للنَّاسِ، كَتَبْتُ عَنْهُ. وَكَانَ ثِقَةً، صَدُوْقًا، نَبِيْلًا، غَزِيْرَ الفَضْلِ، أَحْسَنَ النَّاسِ تِلَاوَةً لِلْقُرْآنِ، وَأَطْيَبَهُمْ نَغَمَةً، وَكَذلكَ فِي قِرَاءَةِ الحَدِيْثِ
(1)
.
وقَالَ ابنُ السَّاعِي: كَانَ شَيْخًا صَالِحًا، عَابِدًا، مشْكُوْرَ السِّيْرَةِ، مَحْمُوْدَ الطَّرِيْقَةِ، لَمْ يَزَلْ مُوَاظِبًا عَلَى الخَيْرِ وَالعِبَادَةِ وَالتِّلَاوَةِ، وَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَيُدِيْمُ القِيَامَ بِاللَّيْلِ، قَلَّ أَنْ تَمْضِيَ عَلَيْهِ لَيْلَةٌ إلَّا وَخَتَمَ فِيْهَا القُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ لَهُ حُرْمَةٌ عِنْدَ الدَّوْلَةِ، خُصُوْصًا عِنْدَ المُسْتنْصِرِ، وَكَانَ لَا يَمَلُّ مِنَ الشَّفَاعةِ، وَقَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ، حَتَّى لَوْ قِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ غنِيٍّ وَلَا فَقِيْرٍ إلَّا قَضَاهُ حَاجَةً لَكَانَ حَقًّا، وَفَوَّضَ إِليْهِ المُسْتَنْصِرُ
(2)
أَمْرِ خِزَانَةِ الكُتُبِ بِمَدْرَسَتِهِ.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ القِرَاءَاتِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ أَبِي الجَيْشِ، وَسَمِعَ مِنْهُ الحَدِيْثَ، وَكَتَبَ عَنْهُ ابنُ النَّجَّارِ، وَابْنُ الحَاجِبِ.
وَقَالَ ابنُ نُقْطَةَ: كَانَ ثِقَةً، صَالِحًا.
(1)
رَوَى الحَافِظُ الذَّهَبِيِّ عَنِ ابنِ النَّجَّارِ قَوْلَهُ فِيْهِ: "لَمْ تَرَ العُيُوْنُ مِثْلَهُ".
(2)
في (ط): "المستضر" خطأ طباعة.
وقَالَ الضِّيَاءُ أَيْضًا: كَانَ خَيِّرًا، دَيِّنًا، لَهُ مُرُوْءَةٌ، مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ السَّادِسَ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وحُمِلَ لَيْلًا إِلَى تُرْبَةِ مَعْرُوْفٍ الكَرْخِيِّ، فَدُفِنَ إِلَى جَانِبهِ، تَحْتَ القُبَّةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ أَحَدٌ. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ العِشْرِيْنَ مِنْ صَفَرٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْلَةَ تَاسِعَ عَشَرَ. وَرَثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمُ الأَسْعَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَاتِبُ
(1)
بِقَصِيْدَةٍ، أَوَّلُهَا:
مَا قَضَى الحُزْنُ بِالمَدَامِعِ دَيْنًا
…
حِيْنَ حَازَ المُصَابُ رِزْءًا وَحَيْنَا
عَدِمَ الدِّيْنُ منْ فَتَى دُلَفٍ قَلْبـ
…
ـــًا وسَمْعًا لِلمَكْرُمَاتِ وَعَيْنَا
354 - أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ
(2)
بنِ الحَسَنِ بنِ طَلْحَةَ بنِ حَسَّانَ، البَصْرِيُّ
(1)
أَسْعَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، أَبُو المَجْدِ النَّشَّابِيُّ، الكَاتِبُ، الإِرْبِلِيُّ (ت: 656 هـ) كَاتِبُ الإِنْشَاءِ لِصَاحِبِ "إِرْبِلَ" نَفَّذَهُ صَاحِبُها رَسُوْلًا إِلَى الخَلِيْفَةِ الإِمَامِ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ، ثُمَّ مَدَحَ المُسْتَنْصِرَ بِمَدَائِحَ مَشْهُوْرَةٍ، وَكَانَ كَثِير الهِجَاءِ والذَّمِّ لأَربَابِ الدَّوْلَةِ، قَالَ ابنُ الشَّعَّارِ: وَنَثْرُهُ دُوْنَ شِعْرِهِ، اخْتَفَى أَيَّامَ التَّتَارِ بِـ "بَغْدَادَ" وسَلِمَ، وَمَاتَ في العَامِ نَفْسِهِ سَنَةَ (656 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: ذَيْلِ مِرْآةِ الزَّمانِ (1/ 111)، وعُقُودِ الجُمَانِ (1/ ورقة: 162)، وَالحَوَادِثِ الجَامِعَةِ (350)، وَفَوَاتِ الوَفَيَاتِ (1/ 165)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (9/ 35)، وَالمَنْهَلِ الصَّافِي (2/ 368)، وَالدَّلِيْلِ الشَّافِي (1/ 11).
(2)
354 - أَمِيْنُ الدِّيْنِ المُضَرِيُّ (573 - 638 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 70)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 173)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 236)، ومُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 374). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 554)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (8/ 46)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 202)(7/ 348). =
الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ المُضَرِيُّ، الفَقِيْهُ المُحَدِّثُ، المُعَدِّلُ، أَبُو بَكْرٍ، وَقَدْ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللهِ أَيْضًا، وَيُلَقَّبُ "أَمِيْنَ الدِّيْنِ".
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْدِيْرًا. وَطَلَبَ الحَدِيْثَ قَبْلَ التِّسْعِيْنَ
= يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةَ (637 هـ):
540 -
صَالِحْ بنُ شَافِعِ بنِ صَالِحِ بنِ شَافِعِ، أَبُو المَعَالِي الجِيْلِيُّ، ثُمَّ البَغْدادِيُّ، مِنْ بَيْتِ الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، بَيْتُهُم مَشْهُوْرٌ جِدًّا. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 532)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (329).
541 -
يحْيَى بنُ المُبَارَك بنِ عَلِيِّ بنِ المُبَارَكِ بن عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ بُنْدَارٍ المُخَرِّمِيُّ، الرَّئيْسُ، عِزُّ الدِّيْنِ البَغْدَادِيُّ، جَدُّهُ الأَعْلَى المُبَارَكُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْن (ت: 513 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، وَذَكَرْتُ فِي هَامِشِ تَرْجمَتِهِ مَنْ عَرَفْتُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَليُرَاجِعُ مَنْ شَاءَ ذلِكَ هُنَاكَ. أَخْبَارُ يَحْيَى في: مَجْمَعِ الآدَابِ (1/ 36)، وَالحَوَادِثِ الجَامِعَةِ (167)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (356). وَابْنُهُ أَبُو سَعْدٍ المُبَارَكُ بنُ يَحْيَى فَخْرُ الدِّيْنِ (ت: 664 هـ). وَابنُهُ الآخَرُ: عَلِيُّ بنُ يَحْيَى (ت: 646 هـ). وَأَخُوْهُمَا: عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ يَحْيَى (ت؟). نَذْكُرهُم فِي مَوَاضِعِهِم إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
542 -
وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَجْمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَنْبَلِيُّ، من "آل الحَنْبَلِيِّ" الأُسْرَةِ المعْرُوْفَةِ فِي بِلَادِ الشَّامِ. وَالِدُهُ أَحْمَدُ (ت: 626 هـ)، وَجَدُّهُ نَجْمٌ، وأَبُو جَدِّهِ، وَجَدُّ جَدِّهِ ذَكَرَهُمُ المُؤلِّفُ جَمِيْعًا فِي مَوَاضِعِهِمْ. أَخْبَارُ يُوْسُفَ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 537)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (356).
543 -
وَابْنُهُ: نَجْمُ بنُ يُوْسُفَ بنِ نَجْمٍ، أَبُو العَلَاءِ، وَأَبُو الثَّنَاءِ بنُ أَبِي الحَجَّاجِ الأَنْصَارِيُّ الشِّيْرَازِيُّ الأَصْلِ وَالمُحْتِدِ، الدِّمَشْقِيُّ الدَّارِ وَالمَوْلِدِ الحَنْبَلِيُّ، ابنُ عَمِّ مُظَفَّرِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ نَجْمِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ. كَذَا قَالَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (2/ ورقة: 174) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ. وَالصَّحِيْحُ أَنَّ مُظَفَّرًا ابنُ عَمِّ أَبِيْهِ.
وَخَمْسِمَائَةَ، فَسَمِعَ الكَثِيْرَ مِنِ ابنِ كُلَيْبٍ، وَذَاكِرِ بنِ كَامِلٍ، وَيَحْيَى بنِ بُوْشٍ، وَأَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ، وَابنِ المَعْطُوْشِ
(1)
، وَابْنِ سُكَيْنَةَ، وَابنِ الأَخْضَرِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ، وَجَدَّ وَاجْتَهَدَ فِي الطَّلَبِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا. وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ وَحَصَّلَ طَرَفًا صَالِحًا مِنَ الأَدَبِ، وَصَحِبَ مُحْيِي الدِّيْنِ بنِ الجَوْزِيِّ، وَاخْتُصَّ بِهِ، وَصَارَ حَاجِبًا لَهُ أَيَّامَ حِسْبَتِهِ، وَسَافَرَ مَعَهُ لَمَّا نُفِّذَ فِي الرَّسَائِلِ إِلَى "الشَّامِ" وَ"مِصْرَ" وَ"بِلَادِ الرُّوْمِ" وَ"بِلَادِ فَارِسَ" وَشَهِدَ عِنْدَ ابنِ اللَّمْغَانِيِّ
(2)
. وَلَهُ مَجْمُوْعَاتٌ وَتَخَارِيْجُ فِي الحَدِيْثِ، وَجَمَعَ الأَحَادِيْثَ "السُّبَاعِيَّاتِ" وَ"الثُّمَانِيَّاتِ" الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ، وَ"مُعْجَمًا" لِشُيُوْخِهِ، وَحَدَّثَ بِقِطْعَةٍ مِنْ مَسْمُوْعَاتِهِ بِـ "بَغْدَادَ" وَغَيْرِهَا. ذَكَرَ ذلِكَ ابنِ النَّجَّارِ، وَقَالَ: سَمِعْتُ مِنْهُ. وَهُوَ فَاضِلٌ، عَالِمٌ، ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، مُتَدَيِّنٌ، أَمِيْنٌ، نَزِهٌ، حَسَنُ الطَّرِيْقَةِ، جَمِيْلُ السِّيْرَةِ، طَاهِرُ السَّرِيْرَةِ، سَلِيْمُ الجَانِبِ، مُسَارِعٌ إِلَى فِعْلِ الخَيْرِ، مَحْبُوْبٌ إِلَى النَّاسِ، ثُمَّ رَوَى عَنْهُ حَدِيْثًا عَنِ ابنِ بُوْشٍ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: قَدِمَ "مِصْرَ"، وَحَدَّثَ بِهَا، سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيْثًا وَاحِدًا بِظَاهِرِ "السُّوَيْدَاءِ" قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِي.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو الرَّبِيْعِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ البَغْدَادِيُّ - سَمَاعًا بِهَا - أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الجَيْشِ، قَالَ: أَخْرَجَ شَيْخُنَا الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، العَدْلُ، أَمِيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ لِنَفْسِهِ "أَرْبَعِيْنَ
(1)
في (ط): "المغطوش".
(2)
في (ط): "اللمعاني".
حَدِيْثًا"، وَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِ. وَسَمِعَ مِنْهُ بِـ "بَغْدَادَ" مَنْصُوْرَ بنَ سَلِيْمٍ الإسْكَنْدَرِيَّ الحَافِظَ وَغَيْرَهُ. وَأَجَازَ لِلْبَهَاءِ القَاسِمِ بنِ مُظَفَّرِ بنِ عَسَاكِرٍ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الأَحَدِ ثَالِثِ شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
355 - يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ
(1)
بنِ نِعْمَةَ بنِ سُلْطَانَ بنِ سُرُوْرِ بنِ رَافِعِ بنِ حَسَنِ
(1)
355 - تَقِيُّ الدِّيْنِ النَّابُلُسِيُّ (586 - 638 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 69)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 173)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 237)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 374). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 564)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (378)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 202)(7/ 354).
وَمِنْ أَبْنَائِهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ (ت:؟) لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (364، 406). وَمُحَمَّدٌ عَفِيْفُ الدِّين، وَأُسْرَتُهُ تُعْرَفُ بِـ "ابنِ العَفِيْفِ" وَهُوَ وَالِدُ عَبْدِ اللهِ (ت: 737 هـ)، وَيَعْقُوْبَ (ت: 734 هـ). وَأَخُو المُسْتَدْرَكُ هُنَا: عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ (ت: 656 هـ)، وَابْنُهُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَن (ت: 702 هـ) ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعَيْهِمَا.
(تَنْبِيْهٌ): يُذْكَرُ هُنَا: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ المَقْدِسِيُّ، مِن (آلِ رَاجِحٍ) أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ مَقْدِسِيَّةِ الأَصْلِ، دِمَشْقِيَّةٍ حَنْبَلِيَّةٍ لكِنَّ المَذْكُورَ هُنَا تَحَوَّلَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَعِدَادُهُ مِنْهُم. يُرَاجَعُ: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للإِسْنَوَيِّ (1/ 448)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ لابنِ قاضِي شُهْبَة (2/ 304).
ويُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّف رحمه الله في وَفَيَاتِ سَنَة (638 هـ):
544 -
عَفِيْفَةُ بنْتُ أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الفَرجِ الدَّقَّاقِ، أُمُّ سَارَةَ البَغْدَادِيَّة، وَالِدُهَا ابنُ أُخْتِ الحَافِظِ مُحَمَّدِ بنِ نَاصِرٍ السَّلَامِيِّ تُوُفِّيَ وَالِدُهَا سَنَةَ (575 هـ) سَبَقَ =
ابنِ جَعْفَرٍ، المَقْدِسِيُّ النَّابُلُسِيُّ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ الله، وَيُلَقَّبُ "تَقِيَّ الدِّيْنِ".
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ - تَقْدِيْرًا - بِـ "بَيْتِ المَقْدِسِ". وَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنْ عُمَرَ بنِ طَبَرْزَدٍ، وَأَبي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ الحَرَسْتَانِيِّ، وَسِتِّ الكَتَبَةِ بِنْتِ بنِ الطَّرَّاحِ، وَجَمَاعَةٍ آخَرِيْنَ، وَتَفَقَّهَ.
= اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ هُوَ وَإِخْوَتُهُ الثَّلَاثَة؛ مُحَمَّدٌ أَيضًا أَبُو المَعَالِي (ت: 564 هـ) وَعَبْدُ اللهِ (ت؟) وَيُوْسُفُ (ت؟) وَعَفِيْفَةُ هَذِهِ ذَكَرَهَا الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 549)، والذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (371).
545 -
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ. أَبُو يُوْسُفَ الجَمَّاعِيْلِيُّ مِنْ (آلِ عَبْدِ المَلِكِ) بنِ قُدَامَةَ أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ من أَبْنَاءِ عَمِّ (آلِ أَبِي عُمَرَ) وَأَخَوَيْهِ المُوَفّقَ وَعُبَيْدِ اللهِ. وأَبُو المُتَرْجَمَ هُنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ يُوْسُفَ أَخُو عَبْدِ الهَادِي بنُ يُوْسُفَ جَدُّ "آلِ عَبْدِ الهَادِي" الأُسْرَةِ العِلْمِيَّةِ الحَنْبَلِيَّةِ المَشْهُوْرَةِ أَيْضًا، فَهُم جَمِيْعًا يَرْجِعُوْنَ إِلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ مِنْ (آلِ قُدَامَةَ بنِ مِقْدَامِ بنِ نَصْرٍ) وَهِيَ أُسْرَةٌ عُمَرِيَّةٌ مِنْ (آل عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه.
وَالظَّاهِرُ - واللهُ أَعْلَمُ - أَنَّ المَذْكُوْرَ هُنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ يُوْسُفَ (ت: 622 هـ) المَذْكُوْر في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّة (539) وَذَكَرَ إخْوَتَهُ: "أَحْمَدَ" وَ"عَبْدَ العَزِيْزِ" وَ"عَبْدَ اللهِ"؛ لأنَّ عَبْدَ المَلِكِ بنَ يُوْسُفَ مِنْ أَوَائِلِ المُهَاجِرِيْنَ إِلَى الصَّالِحِيَّةِ، وَقَدْ سَبَقَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (383). وَأَخْتُهُ: سَعِيْدَةُ بِنْتُ عَبْدِ المَلِكِ (ت: 640 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَممَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مِنَ الحَنَابِلَةِ:
546 -
مُظَفَّرُ بنُ أَبِي القَاسِمِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُبَارَك بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُخْتَارِ، العَدْلُ، الرَّئِيْسُ، أَبُو نَصْرٍ، البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، الدَّقَّاقُ، المَعْرُوْفُ بِـ "ابنِ السِّيْبِيِّ" ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (386)، وَقَالَ:"مِنْ بَيْتِ حَدِيْثٍ وَعَدَالَةٍ" وَكَثيْرٌ مِن "آلِ السِّيْبِيِّ" مِنَ الحَنَابِلَةِ، وَ"بَابُ الأَزَجّ" مَحَلَّتُهُمْ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: تَرَافَقْنَا فِي السَّمَاعِ كَثِيْرًا، وَوَلِيَ الإمَامَةَ بِالجَامِعِ الغَرْبِيِّ بِمَدِيْنَةِ "نَابُلُسَ" وَحَدَّثَ، وَهُوَ ابنُ عَمِّ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ، وَكَانَ عَلَى طَرِيْقَةٍ حَسَنَةٍ.
تُوُفِّيَ فِي عَاشِرِ ذِيْ القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِمَدِيْنَةِ "نَابُلُسَ".
356 - عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ مُحَمَّدِ
(1)
بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ تَيْمِيَّةَ الحَرَّانِيُّ،
(1)
356 - سَيْفُ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّة (581 - 639 هـ):
أَخْبَارُهُ في: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (ورقة: 69)، وَالمَقْصَدِ الأرشدِ (2/ 184)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 237)، ومُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 375). ويُرَاجَعُ: عُقُوْدُ الجُمَانِ (4/ ورقة: 14)، وَالتَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 570)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (404)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 79)، وَالعِبَرُ (5/ 161)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 204)(7/ 348).
مِنْ "آلِ تَيْمِيَّةَ" الحَرَّانِيِّيْنَ أُسْرَةُ شَيْخِ الإسْلَامِ تَقِيِّ الدِّيْنِ الإمَام المَشْهُوْر، فَوَالِدُ المُتَرْجَم هُنَا "مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، فَخْرُ الدِّينِ" هُوَ أَخُو عَبْدُ اللهِ بن أَبِي القَاسِمِ وَالِدُ المَجْدِ، فَالمُتَرْجَمُ إِذَا هُوَ ابنُ عَمِّ الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّيْنِ جَدِّ شَيْخ الإسْلَام وَالمُتَرْجَمُ هُنَا "عَبْدُ الغَنِيِّ" جَدُّ أُسْرَةٍ كَبِيْرَةٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ. فَلَهُ مِنَ الوَلَدِ:"عَبْدُ اللَّطِيْفِ"، وَ"عَبْدُ القَاهِر"، وَ"عَلِيٌّ"، وَ"أَبُو القَاسِمِ"، وَ"مُحَمَّدٌ". وَمِنْ أَحْفَادِهِ:"عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ"، وَ"عَبْدُ القَاهِرِ بنُ عَلِيٍّ"، وَ"جُوَيْرِية بِنْتُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ"، وَ"عَبْدُ الأحَدِ بنُ أَبِي القَاسِمِ"، وَ"عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ مُحَمَّدٍ"، وَ"إِبْرَاهِيْم بنُ مُحَمَّدٍ". وَمِنْ أَبْنَاءِ أحْفَادِهِ:"عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنِ عَلِيٍّ" وَكُلُّ هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ العُلَمَاءِ نَذْكُرُهُم في مَوَاضِعِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ ابن الشَّعَّارِ: ". . . أَبُو مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ بنُ الخَطِيْبِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَرَّانِيُّ، قَاضِي "حَرَّانَ" وَخَطِيْبُهَا وَمُفْتِيْهَا وَعَالِمُهَا وَفَقِيْهُهَا عَلَى المَذْهَبِ الأَحْمَدِيِّ، لَهُ وَلأسْلَافِهِ مَكَانَةٌ عِنْدَ أَهْلِ بَلَدِهِ وَجَاهٌ طَوِيْلٌ، سَمِعَ الحَدِيْثَ كَثِيْرًا، وَقَالَ الشِّعْرَ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحَسَنَ، وَتُوُفِّيَ بِـ "حَرَّانَ" بُكْرَةَ الأَحَدِ سَابِعَ عَشَرَ المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
وَقَالَ ابنُ الشَّعَّارِ: أَنْشَدَنِي القَاضِي الإمَا [مُ] أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي جَرَادَةَ الحَنَفِيُّ - أَيَّدَهُ اللهُ تَعَالَى - مِنْ لَفْظِهِ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، قَالَ: أَنْشَدَنِي القَاضِي، الخَطِيْبُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ تَيْمِيَّةَ لِنَفْسِهِ فِي المَلِكِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ أَبِي المُظَفَّرِ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ غَازِي بنِ يُوْسُفَ، سُلْطَانَ "حَلَبَ" - خَلَّدَ اللهُ مُلْكَهُ - وَقَدْ فَتَحَ مَدِيْنَةَ "حَرَّانَ" مِنْ أَيْدِي الخُوَارَزْمِيَّة - خَذَلَهُمُ اللهُ تَعَالَى - سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَوَفَدَ كُبَرَاءُ الحَرَّانِيِّيْنَ عَلَيْهِ مُهَنِّئِيْنَ لَهُ - وَهُوَ مِنْهُمْ - فَخَلَعَ عَلَيْهِمْ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَأَوْرَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي القَلْعَةِ فَصْلًا فِي الهَنَاءِ:
قَدْ شَفَا اللهُ غُلَّةَ الأَكْبَادِ
…
بِبُلُوْغِ المُنَى وَنَيْلِ المُرَادِ
وَتَبَدَّى الزَّمَانُ غَضًّا جَدِيْدًا
…
حَيْثُ وَفَّى سَوَالِفَ المِيْعَادِ
وَبَلَغْنَا المُنَى وَغَايَةَ مَا كُنَـ
…
ــا نُرَجِّيْهِ مِنْ ضُرُوْبِ الأَيَادِ
أَخْصَبَتْ أَرْضُنَا بِكُلِّ مَرَامٍ
…
وَأَضَاءَتْ لَنَا بُرُوْقُ الغَوَادِي
وَحَبَانَا بِجَوْدِهِ كُلُّ نَوْءٍ
…
وَأتَانَا بِسَيْلِهِ كُلُّ وَادِي
ثُمَّ قَالَ:
فتَنَهَّى السُّرُوْرُ فَالوَقْتُ مَصْـ
…
ــقُوْلُ الحَوَاشِي مُحَبَّرُ الأَبْرَادِ
إِنْ تَعِشْ إِنْتَعِشْ فَعِشْ أَلْفَ عَامٍ
…
كُلُّ عَامٍ عِيْدٌ مِنَ الأَعْيَادِ
أَنْتَ شِبْلُ السُّلْطَانِ حَقًّا وَمَا الـ
…
ــشِّبْلُ إِلَّا طَبَائِعِ الآسَادِ
فَتَوَلَّ البِلَادَ وَانْهَضْ بِعَزْمِ الْـ
…
ــجِدِّ فَالسَّعْدُ فِي نَمًا وَازْدِيَادِ
وَابْسُطِ العَدْلَ وَاعْتَمِدْ هِمَمَ الـ
…
ــأَخْيَارِ وَالصَّالِحِيْنَ وَالزُّهَّادِ
وَاغْتَنِمْ مِنْهُمُ الدُّعَاءَ فَمَا نَصْـ
…
ــرُكَ إِلَّا بِهِمَّةِ العُبَّادِ
وَتَحَقَّق أَنَّ الرَّعِيَّة في حَرَّا
…
نَ قَدْ أَخْلَصُوْكَ مَحْضَ الوِدَادِ
خَطِيْبُ "حَرَّانَ" وَابْنُ خَطِيْبِهَا، سَيْفُ الدِّيْنِ أَبُو مُحَمَّدٍ، ابنُ الشَّيْخِ فَخْرِ الدِّيْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَالِدِهِ.
وُلِدَ فِي ثَانِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ". وَسَمِعَ بِهَا مِنْ وَالِدِهِ، وَعَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَبِي حَبَّةَ، وَحَمَّادٍ الحَرَّانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَأَخَذَ العِلْمَ بِهَا عَنْ وَالِدِهِ. وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّمَائَةَ، فَسَمِعَ بِهَا مِنْ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ سُكَيْنَةَ وَضِيَاءِ بنِ الخُرَيْفِ، وَعُمَرَ بنِ طَبَرْزَدٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مِنِيْنَا، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ سُلْطَانَ، وَيَحْيَى بنِ الحُسَيْنِ الأَوَانِيِّ، وَأَبِي الفَرَجِ مُحَمَّدِ بنِ هِبَةِ اللهِ الوَكِيْلِ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الحَافِظِ، وَمِسْمَارِ بنِ العُوَيْسِ
(1)
، وَسَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَطَّافٍ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ العَاقُوْليِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَطَلَبَ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَأَخَذَ الفِقْهَ عَنِ الفَخْرِ إِسْمَاعِيْلَ غُلَامِ ابنِ المَنِّيِّ وَغَيْرِهِ. وَرَجَعَ إِلَى "حَرَّانَ"، وَقَامَ مَقَامَ أَبِيْهِ فِي وَظَائِفِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَكَانَ يَخْطُبُ وَيَعِظُ وَيُدَرِّسُ، وَيُلْقِي التَّفْسِيْرَ فِي الجَامِعِ عَلَى كُرْسِيٍّ.
قَالَ ابنُ حَمْدَانَ: الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، الفَاضِلُ، سَيْفُ الدِّيْنِ، قَامَ مَقَامَ وَالِدِهِ فِي التَّفْسِيْرِ، وَالفَتْوَى، وَالوَعْظِ، وَالخَطَابَةِ، وَكَانَ خَطِيْبًا فَصِيْحًا، رَئِيْسًا، ثَابِتًا، رَزِيْنَ العَقْلِ. وَلَهُ تَصْنِيْفُ "الزَّائِدُ عَلَى تَفْسِيْرِ الوَالِدِ" وَ"إِهْدَاءُ القُرَبِ إِلَى سَاكِنِي التُّرَبِ". قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَلَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَسَمِعْتُ
= فتَوَخَّ الإحْسَانَ جَهْدَكَ فِيْهِمْ
…
وَأَلْغِ قَوْلَ الحُسَّادِ وَالأَضدَادِ
وأَنْشَدَ لَهُ قَصِيْدَةً أُخْرَى فِي مَدْحِ السُّلْطَانِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَقَدْ خَلَعَ عَلَيْهِ. تَجِدْهَا هُنَاكَ.
(1)
في (ط): "الفُوَيْش"؟! وَمُسْمَارٌ المَذْكُوْرُ (ت: 619 هـ) حَنْبَلِيٌّ تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
بِقِرَاءَتِهِ عَلَى وَالِدِهِ كَثِيْرًا.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: لَقِيْتُهُ بِـ "حَرَّانَ" وَغَيْرِهَا، وَعَلَّقْتُ عَنْهُ بـ "نَهْرِ الجَوْزِ" بِالقُرْبِ مِنْ شَاطِئِ الفُرَاتِ شَيْئًا. وَأَجَازَ لِلْقَاضِي أَبي الفَضْلِ سُلَيْمَانَ بنِ حَمْزَةَ المَقْدِسِيُّ.
وَتُوُفِّيَ فِي سَابِعَ عَشَرَ المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعَ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ".
357 - أَحْمَدُ بنُ مَحْفُوْظِ
(1)
بنِ مُهَيَّا بنِ شُكْرِ بنِ الصَّافِيُوْنِيُّ
(2)
الرُّصَافِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، أَبُو العَبَّاسِ.
سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَعُنِيَ بِالسَّمَاعِ، وَكَتَبَ الطِّبَاقِ بِخَطِّهِ، وَهُوَ حَسَنٌ. وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي صَالِحٍ نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَكَانَ خَيِّرًا، صَالِحًا، مُتَعَبِّدًا، مِنْ خِيَارِ الطَّلَبَةِ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَحَدِ تَاسِعِ عِشْرِيْنَ صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "مَقْبَرَةِ مَعْرُوْفٍ الكَرْخِيِّ" رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
358 - سُلَيْمَانَ بنُ إِبرَاهِيْمَ
(3)
بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ رَحْمَةِ الإسْعِرْدِيُّ،
المُحَدِّثُ
(1)
357 - ابنُ الصَّافِيُوْنِيِّ (؟ - 639 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 69)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 238)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 376)، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابنُ مُفْلِحٍ في "المَقْصَدِ الأَرْشَدِ" وَهُوَ في الشَّذَرَاتِ (7/ 350).
(2)
في (ط): "الصَّابُوني".
(3)
358 - أَبُو الرَّبِيْعِ الإسْعِرْدِيُّ (567 - 639 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 69)، =
الخَطِيْبُ، أَبُو الرَّبِيْعِ. وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "إِسْعِرْدَ"
(1)
. وَرَحَلَ، وَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنَ الخُشُوْعِيِّ، وَابْنِ طِبَرْزَدٍ، وَجَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ، وَبِـ "مِصْرَ" مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَهِبَةِ اللهِ البُوْصِيْرِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الأَرْتَاحِيِّ، وَخَلْقٍ كَثيْرٍ، وَبِـ "الإسْكَنْدَرِيَّةِ" مِنْ أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلَّاسٍ، وَانْقَطَعَ إِلَى الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ مُدَّةً، وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ الكَثِيْرَ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا، وَكَانَ كَثِيْرَ الإفَادَةِ، حَسَنَ السِّيْرَةِ.
وَسُئِلَ عَنْهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ، فَقَالَ: خَيِّرٌ، دَيِّنٌ، ثِقَةٌ، وَأَقَامَ بِـ "بَيْتِ لَهْيَا"
(2)
= وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 407)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 239)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 376). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 576)، وَتَارِيْخُ الإسْلَامِ (400)، وَسِيرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 79)(لَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ)، وَالإشَارَةُ إلى وفَيَاتِ الأعْيَانِ (342)، والإعلامُ بوَفَيَاتِ الأعْلَامِ (265)، والعِبَرُ (5/ 160)، والمُشْتَبَهُ (1/ 26)، والتَّوْضِيْحُ (1/ 223)، والنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 344)، والشَّذَرَاتُ (5/ 204)(7/ 352). وَلَهُ ذِكْرٌ في مُعْجَمِ السَّمَاعاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (326).
وَ"الإِسْعِرْدِيُّ": مَنْسُوْبٌ إِلَى "إِسْعِرْدَ" مَدِيْنَةٌ مِنْ أَعْمَالِ أَرْمِيْنِيَّة. وَهِيَ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وَسُكُونِ السِّيْنِ، وَكَسْرِ العَيْنِ المُهْمَلَتَيْنِ، وَسُكُوْنِ الرَّاءِ، تَلِيْهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ. وَفِي (ط):"الأَسعردي" حَيْثُ ذُكِرَتْ. وابْنَتُهُ: زَيْنَبُ، مُحَدِّثَةٌ مَشْهُوْرَةٌ (ت: 705 هـ) نَسْتَدْرِكُهَا فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
فِي "تَوْضِيْحِ المُشْتَبَهِ" عَنْ عُمَرَ بنِ الحَاجِبِ الأَمِيْنِيِّ فِي "مُعْجَمِهِ": "سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ: سَنَةَ تِسْع وَستِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا. وَسَأَلْتُهُ عَنْ "رَحْمَةَ" مَا هُوَ؟ فَقَالَ: اسْمُ جَدَّتِي، وَبِهَا كَانَ جَدِّي يُعْرَفُ، وَنِسْبَتُهُ إِلَيْهَا".
(2)
بَيْتُ لِهْيَا: مِنْ قُرَى غُوْطَةِ دِمَشْقَ. مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 522)، وَكِتَابُ غَوْطَةِ دِمَشْقَ (164).
وَتَوَلَّى الخَطَابَةَ وَالإِمَامَةَ بِجَامِعِهِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ كَانُوا يُؤْذُوْنَهُ، فَيَكْشُطُوْنَ الدَّالَ مِنَ الإسْعِرْدِيِّ، وَيُعْجِمُوْنَ السِّيْنَ فَيَصِيْرُ الأَشْعَرِيَّ، فَيَغْضَبُ لِذلِكَ
(1)
.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: اجْتَمَعْتُ بِهِ، وَلَمْ يتَّفِقْ لِيَ السَّمَاعُ مِنْهُ، وَأَفَادَنَا إِجَازَةً جَمَاعَةٌ
(2)
مِنْ شُيُوْخِ المِصْرِيِّيْنَ وَغَيْرِهِمْ. شَكَرَ اللهُ سَعْيَهُ وَجَزَاهُ خَيْرًا.
وَتُوُفِّيَ فِي ثَانِي عِشْرِيْنَ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "بَيْتِ لَهْيَا" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَ"رَحْمَةَ" اسْمُ أُمِّ جَدِّهِ، وَبِهَا عُرِفَ جَدُّهُ.
359 - إِسْمَاعِيْلُ بنُ ظَفَرِ
(3)
بنِ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُفَرِّحِ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ ثَعْلَبِ بنِ عُنَيْبَةَ
(4)
بنِ ثَابِتِ بنِ بَكَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ شَرَفِ بنِ مَالِكِ بنِ المُنْذِرِ بنِ النُّعْمَانَ بنِ المُنْذِرِ، المُنْذِرِيُّ،
النَّابُلُسِيُّ الأَصْلِ، الدِّمَشْقِيُّ المَوْلِدِ،
(1)
لأَنَّهُ كَانَ سُنِّيًّا، حَنْبَلِيًّا، سَلَفِيَّ المُعْتَقَدِ.
(2)
في (ط): "وَجَمَاعَةٌ".
(3)
359 - إِسْمَاعِيْلُ بنُ ظَفَرٍ (574 - 639 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 69)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 262)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 239)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 376). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 586)، وَذَيْلُ الرَّوضَتَيْنِ (171)، وَبُغيةُ الطَّلَبِ لابنِ العَدِيْم (1657)، وَتَارِيْخُ الإسْلَامِ (394)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 81)، وَالإشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (342)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (265)، وَالمُعِيْنُ في طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (199)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (1/ 464)، والنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 344)، وَالقَلَائدُ الجَوْهَرِيَّةُ (390، 393)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 203)(7/ 351).
(4)
في (ط): "عُتيبة" وفي "تَارِيْخِ الإِسْلامِ": "ثَانِيْهِ نُوْنٌ".
المُحَدِّثُ، أَبُو الطَّاهِرِ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "دِمَشْقَ". وَارْتَحَلَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ إِلَى الأَمْصَارِ، فَسَمِعَ بِـ "مَكَّةَ" مِنِ ابنِ الحُصْرِيِّ. وَبِـ "مِصْرَ" مِنَ البُوْصِيْرِيِّ، وَالأَرْتَاحِيِّ، وَالحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَبِـ "بَغْدَادَ" مِنِ ابنِ كُلَيْبٍ، وَالمُبَارَكِ بنِ المَغْطُوْشِ، وَابنِ الجَوْزِيِّ، وَابنِ الأَخْضَرِ وَجَمَاعَةٍ. وَبِـ "إِصْبَهَانَ" مِنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الكَرَّانِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَبـ "خُرَاسَانَ" مِنْ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الفُرَاوِيِّ، وَالمُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ، وَجَمَاعَةٍ، وَبِـ "نَيْسَابُوْرَ" مِنْ أَبِي سَعْدٍ الصَّفَّارِ، وَمَنْصُوْرِ الفُرَاوِيِّ، وَالمُؤيَّدِ الطُّوْسِيِّ. وَسَمِعَ بِـ "حَرَّانَ" مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، وَانْقَطَعَ إِلَيْهِ مُدَّةً، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ بِخَطِّهِ، وَحَدَّثَ بالكَثِيْرِ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: سَمِعْتُهُ بِـ "حَرَّانَ" وَ"دِمَشْق". وَكَتَبَ عَنْهُ ابنُ النَّجَّارِ بِـ "بَغْدَادَ" وَقالَ: كَانَ شَيْخًا صَالِحًا.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: كَانَ عَبْدًا صَالِحًا، صَاحِبَ كَرَامَاتٍ، ذَا مُرُوْءَةٍ، مَعَ فَقْرٍ مُدْقعٍ، سَهْلَ العَارِيَّةِ، وَصَحِيْحَ الأُصُوْلِ، وَحَدَّثَ. وَرَوَى عَنْهُ الحُفَّاظُ: الضِّيَاءُ، والمُنْذِرِيُّ، وَالبَرْزَالِيُّ، والقَاضِي سُلَيْمَانُ بنُ حَمْزَةَ
(1)
.
(1)
قالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ هُوَ [الضِّيَاءَ] والزَّكِيَّانِ البِرْزَاليُّ وَالمُنْذِرِيُّ، وَالمَجْدُ بنُ الحُلْوَانِيَّةِ، وَالعِمَادُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المَاسِحِ، وَالحُسَامُ عَبْدُ الحَمِيْدِ اليُوْنِيْنِيُّ، وَالبَدْرُ حَسَنُ بنُ الخَلَّالِ، وَالعِمَادُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الطَّبَّالِ، وَالنَّجْمُ مُوْسَى الشَّقْرَاوِي، وَالشَّمْسُ مُحَمَّدُ بنُ الوَاسِطِيِّ، وَالعِزُّ أَحْمَدُ بنُ العِمَادِ، وَالفَخْرُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَسَاكِرٍ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ، وَبِالحُضُوْرِ العِمَادُ مُحَمَّدُ بنُ البَالِسِيِّ".
تُوُفِّيَ رحمه الله فِي رَابِعِ شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، بِسَفْحِ "قَاسِيُوْنَ" وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُمَرَ بنِ الحَمَوِيِّ
(1)
- بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ -، (أَنَا) أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَحْفُوْظٍ الأَزْدِيُّ، (أَنَا) أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ ظَفَرٍ، (أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيُّ، (أَنَا) أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصَّيْرَفِيُّ، (أَنَا) أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ شَاذَانَ، (أَنَا) أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ فُوْرَكَ القَبَّابُ، (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ عَلِيِّ بنُ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ، (ثَنَا) عَبَّادُ بنُ الوَلِيْدِ، (ثَنَا) مُطَهَّرُ بنُ الهَيْثَمِ بنِ الحَجَّاجِ الطَّائِيُّ، (ثَنَا) عَلْقَمَةُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ الضَّبُعِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال
(2)
: "كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يَكِلُ طَهُوْرَهُ
(1)
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الجُزْءِ الثَّانِي (209).
(2)
رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ رَقَم (362) في (الطَّهَارَةِ) بَابُ "تَغْطِيَةِ الإنَاءِ"، وَهُوَ حَدِيْثٌ ضَعِيْفٌ.
انظر: مِصْبَاح الزُّجَاجَةِ للبُوْصِيْرِيِّ رقم (151). عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ (639 هـ):
547 -
حَرَمِيُّ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ زَيْدِ بنِ نِعْمَةَ. الصَّالِحُ، أَبُو الحَرَمِ الرُّوْبَتِيُّ، المِصْرِيُّ، قَرِيْبُ مَكِّيِّ بنِ عُمَرَ (ت: 634 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَحَرَمِيُّ هَذَا لَهُ أَخْبَارٌ فِي: التَّكْمِلَةِ (3/ 574)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (397)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرِ (3/ 265).
548 -
وعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ مَاضِي بنِ وُحَيْشِ بنِ عَلِيِّ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (401)، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ "كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّيْن وَالصَّلَاحِ. قَالَ رَوَى عَنْهُ المَجْدُ بنُ الحَلْوَانِيَّةِ، وَأَبُو عَلِيِّ بنُ الخَلَّالِ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالعِمَادُ عَبْدُ الحَافِظِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ الوَاسِطِيُّ وَغَيْرُهُم". وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ للمُنْذِرِيِّ (3/ 581)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (342)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 344)، وَوَصَفَهُ المُنْذِرِيُّ بِـ "الحَنْبَلِيِّ وَقَالَ:"وَكَانَ الجَمْعُ في جَنَازَتِهِ كَثِيْرًا".
أَقُوْلُ - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: لَهُ ذِكْرٌ في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (353)، وَذَكَرَ أَوْلَادَهُ "عَبْدَ الرَّحْمَنِ"، وَ"عَبْدَ الرَّحِيْمِ"، وَ"عَبْدَ الحَافِظِ"، وَ"عَبْدَ الخَالِقِ"، وَ"عَبْدَ السَّاتِرِ"، وَ"عَبْدَ القَادِرِ"، وَ"عِيْسَى"، وَ"يَحْيَى"، وَ"أَبُو بَكْرٍ"، وَ"مُوْسَى"، وَ"عَبْدِ الدَّائِمِ"، ذُكِرُوا فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (244، 351، 353، 362، 374، 377، 383، 459، 614، 631). ذَكَرَ المُؤَلِّفُ مِنْهُم عَبْدَ السَّاتِرِ (ت: 676 هـ) وَعِيْسَى (ت: 686 هـ)، وَاسْتَدْرَكْتُ ابْنَهُ عَبْد الرَّحِيمِ (ت: 677 هـ) وَحَفِيْدَهُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الحَافِظِ (ت: 713 هـ)، وَذَكَرَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ: عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ (ت: 655 هـ) فَلَعَلَّهُ أَخُوْهُمْ أَيْضًا. وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ سَمِيَّهُ عَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ مَرِّيّ بنِ نَامِي المَقْدِسِيَّ (ت: 620 هـ) في مَوْضِعِهِ.
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (640 هـ) أَحَدًا، وَفِيْهَا:
549 -
آسِيَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيَّةُ، أُمُّ أَحْمَدَ، أُخْتُ الحَافِظِ الضِّيَاءِ، وَهِيَ وَالِدَةُ السَّيفِ أَحْمَدَ بنِ المَجدِ بنِ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ بنِ قُدَامَةَ، وَأُخْتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ المَجْدِ المُحَدِّثَةِ المَشْهُوْرَةِ. أَخْبَارُ آسِيَةَ في: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (431)، وَالعِبَرِ (5/ 164).
550 -
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ دُلَفِ بنِ أَبِي طَالِبٍ البَغْدَادِيُّ ضِيَاءُ الدِّيْنِ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (637 هـ). أَخْبارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ للمُنْذِرِيِّ (3/ 607)، وَتَارِيْخِ عُلَمَاءِ المُسْتَنْصِرِيَّةِ (2/ 70 - 77).
551 -
وَأحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدِ، الشَّيْخُ، زَيْنُ الدِّيْنِ أَبُو العَبَّاسِ، المَقْدِسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، الشُّرُوْطِيُّ، النَّاسِخُ، المُحَدِّثُ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ:"كَانَ مَلِيْحَ الخَطِّ، فَاضِلًا، فَقِيْهًا، سُئِلَ عَنْهُ الضِّيَاءِ فَقَالَ: مَا عَرَفْنَا مِنْهُ إلَّا الخَيْرَ". أَخْبَارُهُ في:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= تَارِيْخِ الإِسْلامِ (425)، وَالعِبَرِ (5/ 164)، وَالإِشَارَةِ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (342)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (5/ 207)، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي سِيَرِ أَعْلامِ النُّبلاءِ (23/ 85).
552 -
وَبَاتكينُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرُّوْمِيُّ، النَّاصِرِيُّ، مَنْسُوْبٌ إِلَى الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ، الأَمِيْرُ، أَبُو المُظَفَّرِ. أَنْشَأَ مَدْرَسَةً لِلحَنَابِلَةِ بِـ "البَصْرَةِ". أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيخِ إِربِلَ (1/ 408)، وَالجَامِعِ المُخْتَصَرِ لابنِ السَّاعي (75)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (3/ 172)، وَالوَافي بِالوَفَيَاتِ (10/ 66)، وَالعَسْجَدِ المَسْبُوكِ (2/ 513).
553 -
وَبَدْرَانُ بنُ شِبْلِ بنِ طَرْخَانَ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ، الشَّيْخُ، الصَّالِحُ، وَالِدُ عَبْدِ الحَافِظِ (ت: 698 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. قُتِلَ بَدْرَانُ فِي "نَابُلُس" مَعَ جُمْلَةِ مَنْ قُتِلَ فِيْها لَمَّا دَخَلَهَا الإفْرِنْج. أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 614)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (432).
554 -
وَخَالِصَةُ بِنْتُ عَبْدِ المُجِيْبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ زُهَيْرِ بنِ زُهَيْرٍ الحَرْبِيِّ، جَدُّهَا عَبْدُ اللهِ أَخُو الشَّيْخِ عَبْدِ المُغِيْثِ بنِ زُهَيْرٍ (ت: 583 هـ) وَلَمْ يَشْتَهِرْ جَدُّهَا بالعِلْمِ، واشتُهِرَ أَبُوْهَا عَبْدُ المُجِيْبِ (ت: 604 هـ) ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَا جَدِّهَا عَبْدَ المُغِيْثِ فِي مَوْضِعِهِ، وَتَقَدَّم اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهَا فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُهَا في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 600).
555 -
وَذَاكِرُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بن أَبِي حَبَّةَ الدَّقَّاقُ، أَبُو البَدْرِ. أَخْبَارُهُ في: تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (434)، أَخُو الشَّيْخِ عَبْدِ الوَهَّابِ (ت: 588 هـ) المُتَقَدِّمِ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
556 -
وَسَعِيْدَةُ بِنْتُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ يُوْسُفَ بنِ قُدَامَةَ، أُمُّ أَحْمَدَ المَقْدِسِيَّةِ، أُخْتُ مُحَمَّدٍ السَّالِفِ الذِّكْرِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (638 هـ). أخْبَارُهَا فِي: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (434)، وَالعِبَرِ (5/ 165). جَدُّهَا (ت: 588 هـ).
557 -
وَشِيْرِيْنُ الهِنْدِيَّة، مَوْلَاهُ مُحَمَّدِ بنِ تَمِيْمٍ البَنْدَنِيْجِيِّ، مَوْلَاهَا مُحَمَّدُ بنُ تَمِيْمٍ (ت: 643 هـ)، سَيَأْتِي فِي اسْتِدْرَاكنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَوَالِدُهُ تَمِيْمُ بنُ أَحْمَدَ (ت: 597 هـ) وَأَخُوْهُ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَد (ت: 615 هـ) ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ في مَوْضِعَيْهِمَا.
وَلَا صَدَقَتَهُ الَّتِي يَتَصَدَّقُ بِهَا إِلَى أَحَدٍ، يَكُوْنُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ".
360 - عُمَرُ بنُ أَسْعَدَ
(1)
بن المُنَجَّى بنِ بَرَكاتِ بنِ المُؤَمِّلِ، التَّنُوْخِيُّ، المُقْرِئُ،
= أَخْبَارُهَا في: مُعْجَمِ الأَبَرْقُوْهيِّ (ورقة: 53)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 614)، وَتَاريخِ الإسْلَامِ (436).
558 -
عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ، أَبُو مُحَمَّدِ المَرْدَاوِيُّ الطَّيَّانُ، الصَّالِحِيُّ. سُئِلَ عَنْهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ فَقَالَ: ثِقَةٌ، أَمِيْنٌ. أَخْبَارُهُ في: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (438)، وَالعِبَرِ (5/ 165).
559 -
وَعَبْدُ القَادِرِ بن ذَاكِرِ بن كَامِلٍ، أَبُو بَكْرٍ الخَفَّافُ، الأَعْرَجُ. وَالِدُهُ من كِبَار المُحَدِّثِيْنَ (ت: 591 هـ) وَعَمُّهُ المُبَارَكُ بنُ كَامِلٍ (ت: 543 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُ عَبْدِ القَادِرِ في: تَارِيْخِ الإِسْلامِ (441).
560 -
وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ ذَيَّالٍ المَقْدِسِيُّ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ أَبِيْهِ ذَيَّال (ت: 614 هـ) عَنِ المَقْصَدِ الأرْشَد (1/ 389). أَخْبَارُ عَبْدِ المَلِكِ في: تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (443).
561 -
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَرَجِ عَبْد الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحَمَّدِ بن يُوْسُفَ، أَبُو الحَسَنِ اليُوْسُفِيُّ البَغْدَادِيُّ. مِنْ بَيْتِ "آلِ يُوْسُفَ" المَشْهُوْرِ. تَقَدَّمَ ذِكْرُ كَثِيْرٍ من أَهْلِ بَيْتِهِ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 612)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (449).
562 -
وَمَعَالِي بنُ أَبِي الخَيْرِ سَلَامَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بن صَدَقَةَ، أَبُو الفَضْلِ الحَرَّانِيُّ، العَطَّارُ، الحَنْبَلِيُّ، العَدْلُ، التَّاجِرُ، المَعْرُوْفُ بـ "ابنِ سُوَيْطَةَ". أَخْبَارُهُ فِي: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 607)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (451)، ولَهُ ذِكْرٌ في "سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ" وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ مُحَمَّدٍ (ت: 634 هـ).
563 -
وَهِبَةُ اللهِ بن أَبِي بَكْرِ بنِ شُنَيْفِ بنِ نَجْمٍ، الدَّلَّالُ، مِنْ (آلِ شُنَيْفٍ) الدَّارَقَزِّيِّيْنَ، أُسْرَةٌ حَنْبَلِيَّةٌ مَشْهُوْرَةٌ. أَخْبَارُهُ في: التَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (3/ 600).
(1)
360 - شَمْسُ الدِّيْنِ بنُ المُنَجَّى (557 - 641 هـ): =
الحَرَّانِيُّ المَوْلِدِ، الدِّمَشْقِيُّ الدَّارِ، القَاضِي، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الفُتُوْحِ، وَأَبُو الخَطَّابِ بنِ القَاضِي وَجِيْهِ الدِّيْنِ أَبِي المَعَالِي، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَالِدِهِ.
وُلِدَ بِـ "حَرَّانَ" - إِذْ أَبُوْهُ قَاضِيْهَا فِي الدَّوْلَةِ النُّوْرِيَّةِ - سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَنَشَأَ بِهَا، وَتَفَقَّهَ عَلَى وَالِدِهِ، وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَبِي حَبَّةَ. وَقَدِمَ "دِمَشْقَ" وَسَمِعَ بِهَا مِنَ القَاضِيَيْنِ أَبِي سَعْدِ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَأَبِي الفَضْلِ بنِ الشَّهْرَزُوْرِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ صَدَقَةَ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَرَحَلَ إِلَى "العِراقِ" وَ"خُرَاسَانَ"، وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنِ ابنِ بُوْشٍ،
= أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 69)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 296)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 241)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 379). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ الرَّوضَتَيْنِ (173)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ للحُسَيْنِيِّ (وَرَقَة: 3)، وَالعِبَرُ (5/ 170)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (343)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (266)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 80)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (90)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1435)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (22/ 430)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 163)، وَالنُجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 349)، وَالقَلائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (370)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 210)(7/ 364). "آلِ المُنَجَّى" أُسْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ شَهِيْرَةٌ فِي بِلَادِ الشَّامِ تَنُوْخِيَّةُ الأُرُوْمَةِ، مَعَرِيَّةُ الأَصْلِ، ثُمَّ دِمَشْقِيَّةٌ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ أَسْعَد (ت: 606 هـ) وَقَالَ: وَيُسَمَّى مُحَمَّدًا، وَاسْتَدركَنَا عَمَّهُ عَبْدَ الوَهَّابِ (ت: 615 هـ) في مَوْضِعِهِ. وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ عُثْمَانَ بَعْدَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، وَعُمَرُ هُوَ الأَكْبَرُ، وَالذُّرِّيَّةِ مِنَ العُلَمَاءِ مِنْ نَسْلِ أَخِيْهِ المَذْكُوْرِ. أَمَّا هُوَ فَلَا أَعْلَمُ لَهُ وَلَدًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ إلَّا ابْنَهُ أَحْمَدَ (ت: 666 هـ) وَبِنْتًا عَالِمَةً فَاضِلَةً اسْمُهَا أُمُّ عَبْدِ اللهِ سِتُّ الوُزَرَاءِ وَزِيْرَةُ (ت: 716 هـ) مُحَدِّثَةٌ مَشْهُورَةٌ نَذكُرُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِن الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَابنِ سُكَيْنَةَ، وَاشْتَغَلَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ مَحْمُوْدِ بنِ المُبَارَكِ المَعْرُوْفِ بِـ "المُجَبِّرِ" الشَّافِعِيِّ، فِي عِلْمِ الخِلَافِ وَالنَّظَرِ، وَأَفْتَى، وَدَرَّسَ، وَكَانَ عَارِفًا بِالقَضَاءِ، بَصِيْرًا بالشُّرُوْطِ وَالحُكُوْمَاتِ، وَالمَسَائِلِ الغَامِضَاتِ، صَدْرًا، نَبِيْلًا، وَوِلِيَ القَضَاءَ بِـ "حَرَّانَ" قَدِيْمًا، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى "دِمَشْقَ" وَاسْتَوْطَنَهَا، وَدَرَّسَ بِهَا بِـ "المِسْمَارِيَّةِ". وَتَوَلَّى خِدَمًا دِيْوَانِيَّةً فِي الدَّوْلَةِ المُعَظَّمِيَّة، وَحَدَّثَ، رَوَى عَنْهُ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ بنُ العَدِيْمِ، وَسَعْدُ الخَيْرِ النَّابُلُسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الخَلَّالِ، وَوَزِيْرَةُ ابْنَتُهُ، وَهِيَ خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالسَّمَاعِ
(1)
.
وَأَجَازَ لابنِ الشِّيْرَازِيِّ. وَرَأَيْتُ نُسْخَةَ "المُسْتَوْعَبَ" وَقَدْ قَرَأَهَا عُمَرُ بنُ المُنَجَّى عَلَى وَالِدِهِ قِرَاءَةَ بَحْثٍ، وَعَلَيْهَا حَوَاشٍ عَلَّقَهَا عَنْهُ بِخَطِّهِ. مِنْهَا: أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ قَالَ: مُرَادُ الأَصْحَاب بِقَوْلِهِمْ: يُؤَجَّلُ العِنِّيْنُ سَنَةً السَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ، لَا الهِلَالِيَّةُ؛ لأَنَّ الشَّمْسَ تَجْمَعُ الفُصُوْلَ الأَرْبَعَ الَّتِي تَخْتَلِف فِيْهَا الفُصُوْلُ، وَتَتَغَيَّرُ فِيْهَا الأَمْزِجَةُ، فَيَحْصُلُ فِيْهَا مَقْصُوْدُ الاخْتِبَارِ، دُوْنَ الهِلَالِيَّةِ. وَهَذَا غَرِيْبٌ. وَلِعُمَرَ مُصَنَّفٌ فِي المَذْهَبِ سَمَّاهُ "المُعْتَمَدُ وَالمُعَوَّلُ" فِي مُجَلَّدٍ.
تُوُفِّيَ فِي سَابِع عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ. وَدُفِنَ بِسَفْحِ "قَاسِيُوْنَ" رحمه الله، كَذَا قَالَ أَبُو شَامَةَ. وَقَالَ الشَّرِيْفُ
(2)
: فِي ثَامِنَ عَشَرَ.
361 -
وَتُوُفِّيَ بَعْدَهُ فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الحِجَّةِ مِنَ السَّنَةِ: أَخُوْهُ عِزُّ الدِّيْنِ
(1)
مَوْلِدُهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ أَو أَوَائِل سَنَة أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ كَذَا قَالَ الحَافِظُ البَرْزَالِيُّ فِي المُقْتَفَى (2/ ورقة: 248). وَتُوُفِيَتْ سَنَةَ (716 هـ).
(2)
هُوَ الشَّرِيْفُ الحُسَيْنِيُّ مُؤَلِّفُ "صِلَةِ التَّكْمِلَةِ".
أَبُو الفَتْحِ، وَأَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ أَسْعدَ
(1)
، وَكَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، مُعَدَّلًا، دَرَّسَ بِـ "المُسْمَارِيَّةِ" عَنْ أَخِيْهِ نِيَابَةً، وَكَانَ تَاجِرًا ذَا مَالٍ وَثَرْوَةٍ
(2)
. سَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنَ ابنِ بُوْشٍ، وَابْنِ سُكَيْنَةَ، وَبِـ "مِصْرَ" مِنَ البُوْصِيْرِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ الطُّفَيْلِ، وَحَدَّثَ. سَمِعَ مِنْهُ ابنُ الحَاجِبِ الحَافِظُ، وَابْنُ الحُلْوَانِيَّةِ، وَوَالِدَاهُ: وَجِيْهُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ، وَزَيْنُ الدِّيْنِ المُنَجَّى، وَالحَسَنُ بنُ الخَلَّالُ، وَأَجَازَ لِسُلَيْمَانَ بنِ حَمْزَةَ القَاضِي.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ سبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
(1)
361 - عِزُّ الدِّيْنِ بنُ المُنَجَّى (567 - 641 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 670)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 245)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 380). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (173)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (84)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (19/ 467)، وَالدَّارِسُ (2/ 91)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 163)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 211)(7/ 366). ولَهُ ذِكْرٌ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 89).
وَاشْتُهِرَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وهُمْ:
- صَدْرُ الدِّيْنِ، أَبُو البَركَاتِ أَسْعَدُ بنُ عثْمَانَ (ت: 657 هـ). وَزَيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ المُنَجَّى بنُ عَثْمَانَ (ت: 695 هـ). وَجِيْه الدِّيْنِ أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ (ت: 701 هـ). ذَكَرَهُمُ المُؤَلِّفُ فِي مَوَاضِعِهِمْ، وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ نَذْكُرُهُمْ في تَرَاجِمِ آبَائِهِم إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
لَهُ وَقْفٌ مَشْهُوْرٌ نَشَرَهُ صَلَاحُ الدِّيْن المُنَجِّدِ بِالمَعْهَدِ الفَرَنْسِيِّ بِدِمَشْق سَنةَ (1368 هـ).
362 -
وَفِي جُمَادَى الآخِرَةِ مِنَ السَّنَةِ تُوُفِّيَ أَبُو الوَفَاء عَبْدُ المَلِكِ
(1)
بنُ عَبْدِ الحَقِّ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بن الحَنْبَلِي، وَدُفِنَ بـ "الجَبَلِ" أَيْضًا. وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ.
سَمِعَ بِـ "الإسْكَنْدَرِيَّةِ" مِنَ السِّلَفِيِّ، وَ"بِمَكَّةَ" مِنَ المُبَارَكِ بنِ الطَّبَّاخِ، وَبِـ "دِمَشْقَ" مِنْ أَبي الحُسَيْنِ بنِ المَوَازِيْنِيِّ، وَحَدَّثَ.
363 -
وَفِي سَابِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الأَمِيْرُ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُهَلْهِلُ
(2)
(1)
362 - عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَنْبَلِيِّ (555 - 641 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 70)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (1/ 161)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 244)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 379). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ للمُنْذِرِيِّ (3/ 622)، وَصِلَتُهَا للحُسَيْنِيِّ (ورقة: 5)، وَتَارِيْخُ الإسْلَامِ (83)، والإشَارَةُ إِلَى وفَيَاتِ الأعْيَانِ (343)، والإعلامُ بوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (266)، وسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 94)، والعِبَرُ (5/ 169)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1435)، والنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 349)، والشَّذَرَاتُ (5/ 212)(7/ 367). مِنْ "آلِ الحَنْبَلِيِّ" الأُسْرَةِ المَعْرُوْفَةِ سَبَقَ ذِكْرُهَا مِرَارًا، وَالدُهُ "عَبْدُ الحَقِّ" ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ "نَجْمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ" (ت: 586 هـ) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ ابْنَهُ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ المَلِك المَذْكُوْرُ في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّة (411)، وَسَيَأْتِي حَفِيْدُهُ مُحَمَّدٌ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ (ت: 693 هـ) فِي مَوْضِعِهِ مِنِ اسْتِدْرَاكِنَا عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2)
463 - مُهَلْهِلُ بنُ بَدْرَانَ (567 - 641 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 70)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 244)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 380). وَيُرَاجَعُ: =
ابنُ الأَمِيْرِ مَجْدِ المُلْكِ أَبِي الضِّيَاءِ بَدْرَانَ بنِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَافِعِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أَبِي الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ سَلَامَةَ بنِ طَارِقِ بنِ ثَعْلَبَ بنِ طَارِقِ بنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَّانَ بنِ ثَابِتٍ الحَسَّانِيُّ، الجِيْتِيُّ، النَّابُلُسِيُّ الأَصْلِ، المِصرِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ "المُقَطَّمِ". سَمِعَ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَالبُوْصِيْرِيِّ، وَالأَرْتَاحِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ نَجَا، وَالحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَلَازَمَهُ كَثِيْرًا، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَقَرَأَ بِلَفْظِهِ، وَحَدَّثَ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ: سَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ؟ فَذَكَرَ مَا يَدُلُّ - تَقْدِيْرًا - أَنَّهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "مِصْرَ".
364 -
وَفِي العِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ أَبُو مُحَمَّدِ عبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفِ
(1)
بنِ عَبْدِ الحَقِّ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ، وَيُلَقَّبُ بِـ "الضِّيَاءِ".
= التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ للمُنْذِرِي (3/ 627)، وَصِلَتُهَا للحُسَيْنِيِّ (ورقة: 6)، ومُعْجَمُ الدِّمْيَاطِيِّ (2/ 177)، والشَّذَرَاتُ (5/ 212)(7/ 367). وَرَفَعَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ نَسَبَهُ كَمَا هُوَ هُنَا، وَزَادَ مِنْ بَعْدَ "حَسَّانَ بنِ ثَابِتٍ" إِلَى ابنِ مَالِكٍ بنِ النَّجَّارِ، وَذَكَرَ وَفَاتَهُ بِـ "فِسْطَاطِ مِصْرَ". قَالَ:"وَ"جِيْتُ" بِكَسْرِ الجِيْمِ، وَسُكُوْنِ اليَاءِ آخِرَ الحُرُوْفِ، وَآخِرُهُ تَاءٌ، ثَالِثَةُ الحُرُوْفِ، قَرْيَةٌ مِن قُرَى "نَابُلُسَ". . .". وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (2/ 227). وَابْنُهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُهَلْهِلٍ (ت: 674 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
364 - عَبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفٍ (547 - 641 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 70)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 130)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 245)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 280). وَيُرَاجَعُ: التَّكْمِلَةُ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ للمُنْذِرِيِّ (3/ 328)، وَصِلَتُهَا للحُسَيْنِيِّ (ورقة: 7)، وَالعِبَرُ (5/ 168)، وَالمُعِيْنُ في طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ =
سَمِعَ الكَثِيْرَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنْ أَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَأَبي الفَهْمِ بنِ أَبِي العَجَائِزِ، وَابْنِ صَدَقَةَ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيِّ،، وَالجَرَوِيِّ، وَخَلْقٍ، وَبِـ "حَرَّان" مِنْ ابنِ أَبِي الوَفَاءِ، وَحَدَّثَ. وَكَانَ مَشْهُوْرًا بِالخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، وَعَجِزَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ عَنِ التَّصَرُّفِ رحمه الله
(1)
.
= (200)، وَتَارِيْخُ الإسْلَامِ (78)، وَالإشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (343)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 59)، والنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 349)، والشَّذَرَاتُ (5/ 211)(7/ 366).
وَلَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الحَقِّ، وَلِمُحَمَّدِ مِنَ الولَدِ: سُلَيْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَقِّ بنِ خَلَفٍ (ت: 694 هـ)، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَقِّ بنِ خَلفٍ (ت: 700 هـ)، وَبِنْتَاهُ: أَسْمَاءُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَقِّ بنِ خَلَفٍ (ت: 703 هـ)، وَأَمِيْنَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ (ت: 695 هـ)، وَابنُ حَفِيْدِهِ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّد، وَلَهُ سِبْطٌ هُوَ: يَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ
…
(1)
وَلِعَبْدِ الحَقِّ "مَشْيَخَةٌ" خَرَّجَهَا لَهُ الإمَامُ، العَالِمُ، زَكِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنُ أَبِي يَدَّاسٍ البِرْزَالِيُّ (ت: 636 هـ)، وَسُمِعَتْ هَذِهِ "المَشْيَخَةَ" عَلَى صَاحِبِهَا، وَعَلَى مُخَرِّجِهَا أَيْضًا عِدَّةَ سَمَاعَاتٍ لِمَجْمُوْعَةٍ مِن مُحَدِّثِي العَصْرِ وَفُقَهَائِهِ فِي بِلَادِ "الشَّامِ" وَكُتِبَتْ خُطُوْطُهُمْ وَسَمَاعَاتِهِمْ وَإِجَازَاتِهم عَلَيْهَا، ومِنْ أَهَمِّهِمْ: عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ مُحَمَّدٍ البَعْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عمَّارِ بنِ هَامِلٍ الحَرَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ بنِ أَبِي الفَضْلِ البَعْلِيُّ، وَمُظَفَّرُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ نَجْمٍ الحنْبَلِيُّ، وعَبْدُ اللهِ بنُ نَاصِح الدِّيْن الحَنْبَلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ كَثِيْرٌ. وَأَغْلَبُ هَؤُلَاءِ حَنَابِلَةٌ مَشَاهِيْرٌ، مُتَرْجَمُوْنَ فِي ذَيْلِ الطَّبَقَاتِ، وَاسْمُ هَذِهِ المَشْيَخَةِ:"سُلُوْكُ طَرِيْقِ السَّلَفِ في ذِكْر مَشَايخِ الشَّيْخِ المُعَمَّرِ أَبِي مُحَمَّدِ عَبْدِ الحَقِّ بنِ خَلَف" نُسْخَتُهُ في المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بـ "دِمَشْقَ" رقم (17)(مَجْمُوع 1 - 20)، وَلَمْ يَذْكرَهَا الكِتَّانِيُّ فِي "فِهْرِسِ الفَهَارِسِ".
365 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ
(1)
بنِ أَحْمَدَ
(2)
بنِ مُحَمَّدِ الصَّرِيْفِيْنِيُّ، الفَقِيْهِ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ أَبُو إِسْحَقَ، وَيُلَقَّبُ تَقِيَّ الدِّيْنِ،
نَزِيْلُ "دِمَشْقَ".
وُلِدَ لَيْلَةَ حَادِي عَشَرَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ - وَقِيْلَ سَنَة إِحْدَى - وَثَمَانِيْن وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "صَرِيْفِيْنَ" مِنْ قُرَى "بَغْدَادَ". وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى وَالِدِهِ، وَعَلَى أَبِي الفَضْلِ عَوْضٍ الصَّرِيْفِيْنِيِّ. وَدَخَلَ "بَغْدَادَ" وَسَمِعَ بِهَا مِنِ ابنِ الأَخْضَرِ، وَابْنِ طَبَرْزَدٍ، وَحَنْبَلٍ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَرَحَلَ إِلَى الأَقْطَارِ، وَسَمِعَ بِـ "أَصْبَهَانَ" مِنْ عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ الثَّقَفِيِّ، وَبِـ "نَيْسَابُوْرَ" مِنَ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، وَبِـ "مَرْوَ" مِنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ السَّمْعَانِيِّ، وَبِـ "هَرَاةَ" مِنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ، وَبِـ "بُوْشَنْجَ" مِنْ سُهَيْلِ بنِ مُحَمَّدٍ البُوْشَنْجِيِّ. وَسَمِعَ بِـ "الكَرَجِ" و"الدِّيْنُوَرَ"، وَ"نَهَاوَنْدَ"،
(1)
في (ط): "ابن الأزهري".
(2)
365 - ابنُ الأَزْهَرِ الصَّرِيْفِيْنِيُّ (581 - 641 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 70)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 233)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 242)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 379). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (173)، وَتَارِيْخُ إِرْبِلَ (1/ 405)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ لِلحُسَيْنِيِّ (وَرَقَة: 4)، وَتَارِيْخُ الإسْلَامِ (71)، وَالإشَارَةُ إِلَى وفَيَاتِ الأعْيَانِ (343)، وَالإِعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأَعْلامِ (266)، وَالعِبَرُ (5/ 167)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 89)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1433)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (200)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 141)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 163)، وَتَارِيْخُ الخُلَفَاءِ (476)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (1/ 86)، وَطَبَقَاتُ الحُفَّاظِ (500)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 349)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 209)(7/ 263). وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ (ت: 683 هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَ"تُسْتَرَ" وَ"طَبَسَ"
(1)
. وَسَمِعَ بِـ "المَوْصِلِ" مِنْ عَبْدِ المُحْسِنِ الطُّوْسِيِّ، وَبِـ "دِمَشْقَ" مِنَ الكِنْدِيِّ، وَابْنِ الحَرَسْتَانِيِّ، وَبِـ "بَيْتِ المَقْدِسِ" مِنَ الأَوْقِيِّ، وَبِبَلَدِ "الخَلِيْلِ" مِنَ الدَّرْبَنْدِيِّ
(2)
. وَسَمِعَ بِـ "حَرَّانَ" مِنَ الرُّهَاوِيِّ الحَافِظِ، وَصَحِبَهُ وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَسَمِعَ بِبُلْدَانٍ أُخَرَ. وَتَفَقَّهَ بِـ "بَغْدَادَ" عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ البَوَازِيْجِيِّ
(3)
. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ، وَجَالَسَ أَبَا البَقَاءِ العُكْبَرِيَّ. وَقَرَأَ الأَدَبَ عَلَى هِبَةِ اللهِ بنِ عُمَرَ الدُّوْرِيِّ
(4)
الكَوَّازِ، مِنْ أَصْحَابِ الحَسَنِ بن عَبْدَةَ النَّحْوِيِّ
(5)
.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ الحَافِظُ: كَانَ أَحَدَ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ، وَأَوْعِيَةِ العِلْمِ، إِمَامًا، فَاضِلًا، دَيِّنًا، صَدُوْقًا، خَيِّرًا، ثَبْتًا، ثِقَةً، حُجَّةً، وَاسِعَ الرِّوَايَةِ، ذَا سَمْتٍ وَوَقَارٍ وَعَفَافٍ، حَسَنَ السِّيْرَةِ، جَمِيْلَ الظَّاهِرِ، سَخِيَّ النَّفْسِ، مَعَ القِلَّةِ، كَثِيْرَ الرَّغْبَةِ فِي فِعْلِ الخَيْرَاتِ، سَافَرَ الكَثِيْرَ، وَاغْتَرَبَ، وَجَالَ فِي الآفَاقِ مِنَ "العِرَاقِ" وَ"خُرَاسَانَ" وَ"الجَزِيْرَةِ" وَ"الشَّامِ" وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَأَقْرَأَ، وَأَفَادَ، كَثِيْرُ التَّوَاضُعِ، سَلِيْمُ البَاطِنِ، وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَى ثِقَةٍ وَزُهْدٍ، وَوَرَعٍ. وَكَانَ شَيْخًا لِدَارِ حَدِيْثِ "مَنْبِجَ" ثُمَّ تَرَكَهَا، وَاسْتَوْطَنَ مَدِيْنَةَ "حَلَبَ"
(1)
في (ط): "طبيس"، وَ"طَبَسُ" في مُعْجَمِ البُلْدَانِ (4/ 23).
(2)
مَنْسُوْبٌ إِلَى "دَرْبَنْدَ"، جَاءَ في مُعْجَمِ البُلْدَانِ (2/ 511):"وَهُوَ بَابُ الأَبْوَابِ".
(3)
في (ط): "البوازيحي" وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى ذلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ.
(4)
في (ط): "الدودي" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(5)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ، وَلعَلَّهُ: الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ بَرَكَةَ بنِ عَبِيْدَةَ - بِفَتْحِ العَيْنِ - أَبُو مُحَمَّدٍ النَّحْوِيُّ، الفَرَضِيُّ (ت: 582 هـ) تَقَدَّمَ التَّعْرِيْفُ بِهِ.
وَوَلِيَ بِهَا دَارَ الحَدِيْثِ الَّتِي للصَّاحِبِ ابنِ شَدَّادٍ، وَكَانَ يُحَدِّثُ بِهَا وَيَتَكَلَّمَ عَلَى الأَحَادِيْثِ وَفِقْهِهَا وَمَعَانِيْهَا.
سَأَلْتُ ابنَ عَبْدِ الوَاحِدِ - يَعْنِي الحَافِظَ الضِّيَاءَ - عَنْهُ فَقَالَ: إِمَامٌ، حَافِظٌ، ثِقَةٌ، أَمِيْنٌ، دَيِّنٌ، حَسَنُ الصُّحْبَةِ، وَلَهُ مَعْرَفَةٌ بِالفِقْهِ. وسَأَلْتُ البَرْزَالِيُّ عَنْهُ فَقَالَ: حَافِظٌ، دَيِّنٌ، ثِقَةٌ. انْتَهَى.
وَنَقَلَ الذَّهَبِيُّ عَنِ المُنْذِرِيِّ، وَلَمْ أَجِدْ فِي "الوَفَيَاتِ" ذِكْرَ الصَّرِيْفِيْنِيِّ بِالكُلِّيَّةِ وَأَنَّهُ قَالَ عَنْهُ: كَانَ ثِقَةً، حَافِظًا، صَالِحًا، لَهُ جُمُوْعٌ
(1)
حَسَنَةٌ لَمْ يُتِمَّهَا، وَلكِنْ هَذَا قَالَهُ الشَّرِيْفُ الحُسَيْنِيُّ فِي "ذَيْلِهِ"
(2)
عَلَى كِتَابِ المُنْذِرِيِّ،
(1)
في الصِّلَةِ للحُسَيْنِيِّ: "جَمَعَ جُمُوْعًا كَثِيْرَةٍ
…
ولم
…
".
(2)
في الصِّلَةِ للحُسَيْنِي: "الكثير".
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (641 هـ):
564 -
عَائشِةُ بِنتُ أَبِي المُظَفَّرِ مُحمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ البَلِّ الدُّوْرِيِّ، الوَاعِظَةُ بنْتُ الوَاعِظِ، أَمَةُ الحَكَمِ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ والِدَهَا فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (611 هـ). أَخْبَارُهَا فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ لِلْحُسَيْنِي وَرَقَة (4) وَالعِبَرِ (5/ 168)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (77)، وَمِرْآة الجِنَانِ (4/ 104).
565 -
وَعَبْدُ الغَنِيِّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَهَدٍ العَلْثِيُّ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ والِدَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (627 هـ). أَمَّا هُوَ فَذَكَرَهُ الحُسَيْنِيُّ فِي صِلَةِ التَّكمِلَةِ (ورقَة: 8)، وَنَصَّ علَى أَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ، وَيُرَاجِعُ: تَكْمِلَةِ الإِكمَالِ لابْنِ نُقطة (4/ 342)، وَتَبْصِير المُنْتَبه (3/ 1019)، وَتَوْضِيْح المُشْتَبه (6/ 318).
566 -
وَعُثْمَانُ بنُ عَلِيِّ الصَّرْصَرِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي الدُّرَرِ الكَامِنَةِ (3/ 186) فِي تَرْجَمَةِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَطَّافٍ الحَنْبَلِيُّ (ت: 723 هـ) الآتي في اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، قَالَ جَدُّه لأُمِّهِ عُثْمَان. وَذَكَرَ وَفَاتَهُ وَقَالَ: "وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ =
وَزَادَ: كَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا، وَكَانَ مِنَ العَارِفِيْنَ بِهَذَا الشَّأْنِ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ عَالِمًا بِالحَدِيْثِ، دَيِّنًا، مُتَوَاضِعًا.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ نَاصِحِ الدِّيْنِ بنِ الحَنْبَلِيِّ سَبَبَ وَلَايَةِ الصَّرِيْفِيْنِيِّ "دَارَ الحَدِيْثِ" بِـ "حَلَبَ" قَالَ: كَانَ القَاضِي بَهَاءُ الدِّيْنِ بنُ شَدَّادٍ لَهُ عُلُوٌّ فِي إِعْلَاءِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ: أَيُّ المَذَاهِبِ خَيْرٌ؟ ثُمَّ كَتَمَ جَوَابَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ النَّاصِحُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ؛ لأنَّ تَعَصُّبَهُ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيْفَةَ مَا تَغَيَّرَ، وَمَالَ إِلَى الحَنَابِلَةِ، وَأَجْلَسَ التَّقيَّ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظَ الصَّرِيْفِيْنِيَّ فِي "دَارِ الحَدِيْثِ" وَقَالَ: نَدِمْتُ إِذْ وَسَمْتُهَا بِالشَّافِعِيَّةِ. قَالَ: وَلَوْ كَانَ الجَوَابُ "مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ" لأَظْهَرَهُ؛ لأنَّهُ كَانَ دَاعِيَةً إِلَيْهِ، مُبَالِغًا فِي تَعْظِيْمِهِ، وَإِظْهَارِهِ عِنْدَ المُلُوْكِ، وَالمُلُوْكُ عَلَى مَذْهَبِهِ.
وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى جُزْءٍ صَغِيْرٍ للحَافِظِ الصَّرِيْفِيْنِيِّ اسْتَدْرَكَهُ عَلَى الحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ فِي الجُزْءِ الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ فِيْهِ عَلَى الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ بنِ عَسَاكِرٍ، فِي كِتَابِ "ذِكْرُ المَشَايخِ النُّبَّل" فَاعْتَذَرَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ عَنِ ابنِ عَسَاكِرٍ، وَاسْتَدْرَكَ
= الشَّيْخَ عَبْد القَادِرِ، وَعُمِّرَ" وَأَغْلَبَ أَهْلِ "صَرْصَرَ" مِنَ الحَنَابِلَةِ.
567 -
ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُثْمَانَ المَقْدِسِيُّ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّالِحِيُّ، أَخُو أَحْمَدَ وَسَعِيْدَةَ السَّالِفَيْنِ فِي وَفَيَاتِ (640 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (98) وَوصَفَهُ بِـ "الحَنْبَلِيِّ".
568 -
وَنَصْرُ بْنُ رَضْوَانَ بْنِ ثَرْوَانَ الفِرْدَوْسِيُّ الدَّارِيُّ، المُقْرِئُ، الصَّالِحُ، المُلَقِّنُ بِالجَامِعَ بِحَلْقَةِ الحَنَابِلَةِ. أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ لِلْحُسَيْنِي (ورَقَة: 7)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (103).
عَلَى الضِّيَاءِ أَسْمَاءَ فَاتَتِ ابنِ عَسَاكِرٍ لَمْ يَسْتَدْرِكْهَا، وَقَدْ نَبَّهَ الحَافِظُ أَبُو الحَجَّاجِ المِزِّيُّ عَلَى أَوْهَامٍ كَثِيْرَةٍ فِيْهَا للصَّرِيْفِيْنِيِّ، بَلْ بَيَّنَ أَنَّ غَالِبَ مَا اسْتَدْرَكَهُ وَهْمٌ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: تُوُفِّيَ الحَافِظُ الصَّرِيْفِيْنِيُّ فِي خَامِسَ عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسُتِّمَائَةَ. وَحَضَرْتُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" وَشَيَّعْتُهُ إِلَى مُصَلَّى "بَابِ الفَرَادِيْسِ" وَدُفِنَ بِسَفْحِ "قَاسِيُوْنَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
366 - عَلِيُّ بنُ الأَنْجَبِ
(1)
بنِ مَا شَاءَ اللهُ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ العَلَوِيُّ، الحُسَيْنِيُّ، البَغْدَادِيُّ، المَأْمُوْنِيُّ، الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ، الجَصَّاصُ، أَبُو الحَسَنِ.
وُلِدَ أَوَائِلَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى ابنِ البَاقِلَّانِيِّ الوَاسِطِيِّ بِهَا
(2)
، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنِ ابنِ شَاتِيْلَ، وَشُهْدَةَ، وَابنِ بُوْشٍ، وَابنِ كُلَيْبٍ، وَغَيْرِهِمْ،
(1)
366 - ابْنُ مَا شَاءَ اللهُ (566 - 642 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ وَرَقَة (70)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 215)، والمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 246)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المنَضَّدِ" (1/ 381). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ تَارِيْخِ بَغْدَادَ لابنِ النَّجَّارِ (3/ 208)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (ورقة: 15)، وَتَارِيخُ الإسْلَامِ (131)، وَالمُشْتَبهُ (2/ 624)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 216)، (7/ 374).
(2)
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: "حَفِظَ القُرْآنَ الكَرِيْمَ وَجَوَّدَ قِرَاءَتَهُ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الفَتْحِ المَنِّي، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَقَرَأَ الأَدَبَ، وَكَتَبَ خَطًّا حَسَنًا، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلٍ فَمَنْ بَعْدَهُ، وَذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ الكَاتِبَةِ شُهْدَةَ، وَمِنْ عَبْدِ الحَقِّ بْنِ يُوْسُفَ، وَسَافَرَ إِلَى "وَاسِطَ" وَقَرَأَ بِهَا القُرْآنَ علَى أَبِي بَكْرِ بْنِ البَاقِلَّانِيِّ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَبِي الفَرَجِ بْنِ نَغُوْبَا وَغَيْرِهِ، عَلَّقْنَا عَنْهُ شَيْئًا يَسِيْرًا مِنَ الحَدِيْثِ وَالأنَاشِيْدِ. وَهُوَ فَاضِلٌ، كَثِيْرُ المَحْفُوظِ، دَمِثُ الأَخْلَاقِ، مَلِيْحُ المُحَاوَرَةِ لَطِيْفُ الطَّبْعِ، ظَرِيْفٌ".
وَتَفَقَّهَ عَلَى أبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَنَاظَرَ، وَحَدَّثَ.
وَرَوَى عَنْهُ ابنُ النَّجَّارِ، وَأَجَازَ لِسُلَيْمَانَ بنِ حَمْزَةَ، وَأَبِي نَصْرِ بنِ الشِّيْرَازِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ عَسَاكِرٍ.
وَتُوُفِّيَ فِي سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ.
367 - مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ
(1)
بنِ سَعِيْدِ بنِ مُسَافِرِ بنِ جَمِيْلٍ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ الأَدِيْبُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ.
وُلِدَ فِي سَابِعِ شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ
(1)
367 - ابْنُ جَمِيْلٍ الأَزَجِيُّ (573 - 642 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقَة: 70)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 539)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 246)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 381). وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ (ورقة: 16)، تَارِيْخْ الإِسْلَامِ (141)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 216)(7/ 375)، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (601 هـ)، وَاسْتَدْرَكْنَا عَمَّهُ يُوْنُسَ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (621 هـ).
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (642 هـ):
569 -
مُحَمَّدُ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ حَامِدِ بْنِ مَحْمُوْدِ بْنِ خُلَيْفِ السَّاحِلِيُّ الحَنْبَلِيُّ، كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ فِي تَكْمِلَةِ إِكْمَالِ الإِكْمَالِ (123) وَقَالَ:"كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، رَأَيْتُهُ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ بِسَفْحِ جَبَلِ قَاسِيُوْنَ ظَاهِرِ "دِمَشْقَ" بِإِفَادَةِ الحَافِظِ أَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيِّ رحمه الله. وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (141) وَقَالَ: "وَالِدُ شَيْخِنَا نَصْرُ اللهِ" وَنَقَلَ أَخْبَارُهُ عَنِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ أَيْضًا. وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ وَلَدِهِ نَصْرِ اللهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (695 هـ). وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
بِإِفَادَةِ وَالِدِهِ المُحَدِّثِ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العَلَاءِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ عَقِيْلٍ، وَأَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتِيْلٍ، وَنَصْرِ اللهِ القَزَّازِ، وَابنِ كُلَيْبٍ، وَأَبِي الغَنَائِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جَامِعِ بنِ غَنِيْمَةَ الفَقِيْهُ. وَكَانَ لَدَيْهِ فَضْلٌ وَأَدَبٌ، وَلَهُ تَصَانِيْف، وَحَدَّثَ. وَسَمِعَ مِنْهُ المُحِبُّ المَقْدِسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الدَّائِمِ.
وَتُوُفِّيَ فِي ثَالِثِ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" وَأَبُوهُ سَمِعَ الكَثِيْرَ مِنِ ابْنِ البَطِّيِّ وَطَبَقَتِهِ، وَعُنِيَ بِالطَّلَبِ. وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ. وَكَتَبَ بِخَطِّهِ إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ. وَحَدَّثَ
(1)
.
368 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ
(2)
بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُوْرٍ المَقْدِسِيُّ،
(1)
بعدها في (ط): "وتوفي".
(2)
368 - أَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ (583 - 642 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقَة: 70)، وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 103)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 247)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 382). وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 522)، فِي تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (176)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 23)، وَالعِبَرُ (5/ 176)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (174)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 159)، وَالقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (477)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 219)(7/ 381)، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشقِيَّةِ (247، 363). تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت: 600 هـ)، وَأَخِيْهِ مُحَمَّدٍ (ت: 613 هـ)، وَأَخِيْهِ عَبْدِ اللهِ (ت: 629 هـ). وَأَمَّا ابْنُهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت:؟) فَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَسْقِيَّةِ (327)، وَابْنُهُ الآخَرُ: حَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 659 هـ)، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. كَمَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ حَفِيْدَهُ: أَحْمَدَ بْنَ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ت: 710 هـ). وَالعِلْمُ فِي بَيْتِهِمْ كَثِيْرٌ كَمَا أَشَرْنَا فِي تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ.
الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، مُحْيِي الدِّيْنِ، أَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ الحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ - أَوْ أَرْبَعٍ - وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ فِي شَوَّالٍ. وَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنَ الخُشُوْعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَرَحَلَ، وَسَمِعَ بِـ "مِصْرَ" مِنَ البُوْصِيْرِيِّ وَالأَرْتَاحِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بْنِ يَاسِيْنَ، وَغَيْرِهِمَا، وَسَمِعَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ وَطَبَقَتِهِ. وَتَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ المُوَفَّقِ حَتَّى بَرَعَ فِي الفِقْهِ، وَكَانَ يَؤُمُّ مَعَهُ فِي جَامِع بَنِي أُمَيَّةَ بِمِحْرَابِ الحَنَابِلَةِ، وَأَفْتَى وَدَرَّسَ الفِقْهَ. وَكَانَ إمَامًا عَالِمًا، فَاضِلًا، وَرِعًا، حَسَنِ السَّمْتِ، دَائِمَ البِشْرِ، كَرِيْمَ النَّفْسِ، مُشْتَغِلًا بِنَفْسِهِ، وَبِإِلْقَاءِ الدُّرُوسِ المُفِيْدَةِ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَطَلَبَتِهِ. وسُئِلَ عَنْهُ الحَافِظُ الضِّبَاءُ؟ فَقَالَ: فَاضِلٌ، خَيِّرٌ، دَيِّنٌ، كَثِيْرُ التِّلَاوةِ.
وقَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَنَابِلَةِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ، وَحَدَّثَ، وَرَوى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ.
وَتُوُفِّيَ في تَاسِعٍ عِشْرَيْ صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْن وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ "قَاسِيُونَ"
(1)
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ (أَنَا) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (أَنَا) أَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ الحَافِظِ.
(ح) وَأَخْبَرَنَا عَالِيًا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ - بِـ "مِصْرَ" - (أَنَا) عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ عَلَّاقٍ؛ قَالَا: (أَنَا) أَبُو القَاسِمِ البُوْصَيْرِيُّ (أَنَا)
(1)
في (ط) وَ (أ): "قَايِسُون".
مُرْشِدُ بْنُ يَحْيَى المَدِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ حِمِّصَةَ (أَنَا) حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ الحَافِظُ (أَنَا) عِمْرَانُ بْنُ مُوْسَى الطَّبِيْبُ (ثَنَا) يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَكْرٍ (ثَنِي) اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى المَعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبَلِيِّ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
: "يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوْسِ الخَلَائِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًا. . ." وَذكَرَ حَدِيْثَ البِطَاقَةَ بِطُوْلِهِ.
369 - أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الغَنِيِّ
(2)
بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُوْرٍ.
(1)
قِطْعَةٌ مِنْ حَدِيْثٍ رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ (1/ 529)، وَصَحَّحَهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ رَقم (2641) وَأَوَّلُهُ عِنْدَهُ:"إِنَّ اللهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي. . ." وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَه، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيْحٌ وَانْظُرْ: جَامِع الأُصُوْلِ (10/ 458 - 459). عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(2)
369 - تَقِيُّ الدِّين المَقْدِسِيُّ (591 - 643 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيلِ عَلَى طبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقة: 70)، والمَقْصَدِ الأَرْشدِ (1/ 174)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 248)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 382). وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 770)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (176)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (ورَقَة: 27)، وَالعِبَرُ (5/ 174)، وَتَارِيخُ الإِسْلَامِ (154)، وَسِيَرُ أعْلَامِ النُّبَلَاء (23/ 212)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 108)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (8/ 55)، والنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 354)، والقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (470)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 217)(7/ 377).
وهُوَ حَفِيْدُ الحَافِظُ عَبْدِ الغَنِي (ت: 600 هـ)، وَابْن أَخِي سَابِقِهِ، ووَالِدُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عبْدِ الغَنِيِّ (ت: 613 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَأَوْلَادُهُ: "مُحَمَّدٌ"، وَ"عَبدُ اللهِ"، وَ"عَبْدُ الرَّحْمَنِ"، لَهُمْ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّة (505، 506، 359، =
المَقْدِسِيُّ، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، تَقِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ بْنُ الحَافِظِ عِزِّ الدِّيْنِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ الحَافِظِ الكَبِيْرِ أَبِي مُحَمَّدٍ.
وُلِدَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنْ أَبِي طَاهِرٍ الخُشُوْعِيِّ، وَحَنْبَلٍ الرُّصَافِيِّ، وَعُمَرَ بْنِ طَبَرْزَدٍ، وَالكِنْدِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَرَحَلَ فِي طَلَبِ الحَدِيثِ، وَسَمِعَ بِـ "أَصْبَهَانَ" مِنْ أَسْعَدَ بْنِ رَوْحٍ، وَالمُؤَيِّدِ بْنِ الأُخْوَةِ، وَعَفِيْفَةَ الفَارِقَانِيَّةِ، وَخَلْقٍ. وَبِـ "بَغْدَادَ" مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المَوْصِلِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَقَرَأَ الحَدِيْثَ بنَفْسِهِ كَثِيْرًا، وَإِلَى آخِرِ عُمُرِهِ. وَتَفَقَّهَ علَى الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ - وَهُوَ جَدُّهُ لأُمِّه - حَتَّى بَرَعَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ حَفِظَ كِتَابَ "الكَافِي" لَهُ، وَبِـ "بَغْدَادَ" عَلَى الفَخْرِ إِسْمَاعِيْلَ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ مَشْيَخَةُ المَذْهَبِ بِـ "الجَبَلِ".
قَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَنَابِلَةِ.
وَقَالَ الشَّرِيْفُ الحُسَيْنِيُّ: كَانَ أَحَدَ المَشَايخِ المَشْهُوْرِيْنَ
(1)
بِالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: سَأَلْتُ عَنْهُ الحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: حَصَّلَ مَا لَمْ يُحَصِّلُهُ غَيْرُهُ، وَحَدَّثَ، وَرَوَى عَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُشَرَّفٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَجَازَ لاِبْنِ الشِّيْرَازِيِّ
(2)
.
= 392). وَابْنَتُهُ: حَبِيْبَةُ (ت: 703 هـ) أَخْبَارُهَا فِي المُنْتَقَى لِلبَرْزَالِيِّ (2 وَرَقَة: 78)، وَمُعْجَم الذَّهَبِيِّ (2/ 218) وَهِيَ زَوْجَةُ الشَّيْخِ شَمْسُ الدِّيْنِ بْنُ أَبِي عُمَرَ (ت: 682 هـ)، صَاحِبِ "الشَّرْحِ الكَبِيْرِ"، نَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(1)
في (ط): "المَشْهُوين" خَطَأ طِبَاعةٍ.
(2)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وَكَانَ فَصِيْحًا، مَهِيْبًا، وَقُوْرًا، مَلِيْحَ الشَّكْلِ، حَسَنَ الأَخْلَاقِ، وَافِرَ الحُرْمَةِ، مُعَظِّمًا عِنْدَ الدَّوْلَةِ كَثِيْرَ الإِيْثَارِ، كَبِيْرَ المِقْدَارِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، (أَنَا) =
تُوُفِّيَ فِي ثَامِنَ عَشَرَ شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "سَفْحِ قَاسِيُوْنَ"، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
370 - عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدِ
(1)
بْنِ الوَلِيْدِ البَغْدَادِيُّ، الحَرِيْمِيُّ،
= أَبُو الفِدَاءِ بْنُ الخَبَّازِ أَنَّ الخُوَارَزْمِيَّةَ نَزَلَتْ حَوْلَ "دِمَشْقَ" وَخَافَ النَّاسُ، فَأَمَرَ الشَّيْخُ التَّقِيُّ بِتَدْرِيْبِ الطُّرُقِ فِي الجَبَلِ، وَتَحْصِيْلِ العُدَدِ، وَجَمْعِ الرِّجَالِ وَالاِحْتِزَازِ، ثُمَّ رَكِبَ الخَانَاتِ يَعْنِي مُقَدِّمِينَ [كذا] الخُوَارَزْميَّةِ، وَوَصَلُوا إِلَى "المَيْطُورِ" فَخَرَجَ التَّقِيُّ وَالنَّاسُ بِالعُدَدِ، فَإِذَا رَسُوْلٌ جَاءَ يُبَشِّرُ بِالأَمَانِ وَأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُوْنَ الجَبَلَ إِلَّا بِأَمْرِ الشَّيْخِ، فَمَضَى الشَّيْخُ وَالجَمَاعَةُ حَوْلَهُ بِالعُدَدِ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى تِلْكَ الحَوَارِيِّ شَرْقِيَّ الجَبَلِ وَالخَانَاتُ عَلَى خُيُولِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا الشَّيْخَ نَزَلُوا عَنِ الخَيْلِ وَالْتَقُوا الشَّيْخَ، وَرَحَّبُوا بِهِ، وَقَبَّلُوا يَدَهُ، ثُمَّ قَالُوا: طَيِّبُوا قُلُوْبَكُمْ فَإِنْ أَذَنْتُمْ لَنَا فِي العُبُوْرِ وَإِلَّا رَجَعْنَا. فَأَذِنَ لَهُمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي وَسَطِ السُّوْقِ، بَلْ فِي سَفْحِ الجَبَلِ إِلَى "العَقَبَةِ"، ثُمَّ إِلَى "المِزَّةِ" وَلَمْ يَتَأَذَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الجَبَلِ سِوَى حَسَنٍ، غُلَامِ الشَّرَفِ بْنِ المُعْتَمِدِ، قَاتَلَهُمْ فَقَتَلُوْهُ، ثُمَّ نُصِبَتْ أَعْلَامُهُمْ علَى أَمَاكِنِ مُرْتَفِعَةٍ أَمَانًا مِنْهُمْ، وَوَفَوا بِالأَمَانِ".
(1)
370 - أَبُو مَنْصُوْرِ بْنُ الولِيْدِ: (589 - 643 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيل عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 70)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 249)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 382). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (2/ 38)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (ورَقَة: 28)، وَتَارِيخُ إِرْبِل (1/ 405)، وَالمُعينُ في طَبَقَاتِ المُحَدِّثِين (201)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 213)، وَتَارِيخُ الإِسْلَامِ (172)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1432)، وَالمُشتَبهُ (1/ 151)، وَالتَّوْضِيْحُ (2/ 296)، وَالتَّبْصِيْرُ (1/ 251)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 219)(7/ 380)، وَتَارِيْخُ عُلَمَاء المُسْتَنْصِرِيَّةِ (1/ 331).
لَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ تَارِيْخَ مَوْلِدِهِ، وَفِي "تَارِيخِ إِرْبِل":"وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ وُلِدَ بِـ "بَغْدَادَ" فِي شَهْرِ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ: وَرَدَ "إِرْبِلَ" فِي =
الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مَنْصُوْرِ بْنِ أَبِي الفَضْلِ، أَحَدُ مَنْ عُنِيَ بِالحَدِيْثِ. سَمِعَ الكَثيْرَ بِـ "بَغْدَادَ" مِنْ خَلْقٍ مِنْهُمْ: الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الأَخْضَرِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بْنِ مِنِيْنَا، وَرَحَلَ، وَسَمِعَ بـ "حَرَّانَ" مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَبِـ "حَلَبَ" مِنَ الشَّرِيْفِ أَبي هَاشِمٍ الافْتِخَارِ وَغَيْرِهِ. وَبِـ "دِمَشْقَ" مِنْ أَبِي اليُمَنِ الكِنْدِيِّ فِي جَمَاعَةٍ. قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعَ بِـ "الشَّامِ"؛ وَبِلَادِ "الجَزِيْرَةِ" وَقَرَأَ الكَثِيْرَ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ. قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ تَمِيْمُ
(1)
بْنُ البَنْدَنِيْجِيِّ وَغَيْرِهِ: إِنَّ اسْمَهُ الَّذِي سُمِّيَ بِهِ "جُزَيْرَةَ" تَصْغِيْرُ "جَزَرَةٍ" بِالجِيْمِ وَالزَّاي.
وَقَال الشَّرِيْفُ أَبُو العَبَّاسِ الحُسَيْنِيُّ: كَانَ حَافِظًا، مُفِيْدًا، أَسْمَعَ النَّاسَ الكَثِيْرَ بِقِرَاءَتِهِ، وَكَانَ مَشْهُوْرًا بِسُرْعَةِ القِرَاءَةِ وَجَوْدَتِهَا، وَجَمَعَ، وَحَدَّثَ.
قُلْتُ: وَأَجَازَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ الحَاكِمِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعِيْسَى المُطَعِّمِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ، وَلَهُ تَخَارِيْجَ كَثِيْرَةٌ، وَفَوَائِدَ وَأَجْزَاءَ
(2)
وَلَهُ رِسَالَةٌ إِلَى السَّامُرِّيُّ صَاحِبِ "المُسْتَوْعَبِ" يُنْكِرُ عَلَيْهِ فِيْهَا
= مُحَرَّمٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَنَزَلَ بِـ "دَارِ الحَدِيْثِ" بِهَا، وَهُوَ حَافِظٌ، مُكِبٌّ عَلَى كِتَابَةِ الحَدِيْثِ، يَقْرَأُ حَسَنًا، أَخَذَ عَنْ مُعْظَمِ رِجَالِ "بَغْدَادَ" وَأَقَامَ عِدَّةَ سِنِيْنَ بِـ "حَرَّانِ".
(1)
كَذَا فِي الأُصُوْلِ، وَ"المَنْهَجِ الأَحْمَدِ"، وَفِي "التَّوْضِيح"، وَ"تَكْمِلَة الإِكمَال" لابْنِ نُقْطَة - وَالنَّصُّ لَهُ - عِبَارَتُهُ:"قَال لِي تَمِيْمٌ" فَتكُوْنُ صِحَّةُ العِبَارَةِ هُنَا هكَذَا: "قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ لِي تَمِيْمٌ. . ." فَأَبُو بَكْرٍ هُوَ ابْنُ نُقْطَةَ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت: 629 هـ)، وَتَمِيْمٌ هُو ابنُ أَحْمَدَ البَنْدَنِيْجِيُّ (ت: 597 هـ) وَهُمَا حَنْبَلِيَّانِ، ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعَيْهِمَا.
(2)
في "تَارِيخِ الإِسْلَامِ"، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ، وَتَارِيخ مُفِيْدٌ.
تَأْوِيْلَهُ لِبَعْضِ الصِّفَاتِ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ أَخْبَارَ الآحَادِ لَا تَثْبُتُ بِهَا الصِّفَاتِ. وَرَأَيْتُ لأَبِي البَقَاءِ العُكْبَرِيِّ مُصَنَّفًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ فِي إِثْبَاتِ الحَرَكَةِ للهِ، وَأَنَّهُ نَسَبَ ذلِكَ إِلَى أَحْمَدَ، وَلكِنَّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ بِذلِكَ ضَعِيْفَةٌ.
وَذَكَرَ ابْنُ السَّاعِي وَغَيْرُهُ: أَنَّ المُسْتَنْصِرَ بِاللهِ لَمَّا بَنَى مَدْرَسَتَهُ المَعْرُوفَةُ رَتَّبَ بِدَارِ الحَدِيْثِ بِهَا شَيْخَيْنِ، يَشْتَغِلَانِ بِعِلْمِ الحَدِيْثِ، أَحَدُهُمَا: أَبُو مَنْصُوْرِ بْنُ الوَليْدِ الحَنْبَلِيُّ هَذَا، وَالآخَرُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ النَّجَّارِ الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ "التَّارِيْخِ".
تُوُفِّيَ فِي ثَالِثِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "بَغْدَادَ" وَدُفِنَ خَلْفَ بِشْرٍ الحَافِي، بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ"، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
371 - مَحَاسِنُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ
(1)
بْنِ عَلِيِّ بْنِ نَجَا التَّنُوْخِيُّ الحَمَوِيُّ، ثُمَّ الصَّالِحِيُّ الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو إِبْرَاهِيْمَ.
سَمِعَ بِـ "دِمَشْقَ" مِنَ الخُشُوعِيِّ، وَتَفَقَّهَ علَى الشَّيْخِ مُوَفَقِ الدِّيْنِ حَتَّى بَرَعَ وَأَفْتَى، وَكَانَ فَقِيْهًا، عَارِفًا بِالمَذْهَبِ، قَلِيْلَ التَّعَصُّبِ، زَاهِدًا، مَا نَافَسَ فِي مَنْصِبٍ قَطُّ وَلَا دُنْيَا، وَلَا أَكَلَ مِنْ وَقْفٍ، بَلْ كَانَ يَتَقَوَّتُ مِنْ شَكَارَةٍ
(2)
تُزْرَعُ لَهُ بِـ "حَوْرَانَ". وَمَا آذَى مُسْلِمًا قَطٌّ، وَلَا دَخَلَ حَمَّامًا، وَلَا تَنَعَمَ فِي
(1)
371 - مَحَاسِنُ بْنُ نَجَا (؟ - 643 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 71)، والمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (3/ 23)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 250)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 383). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (177)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 29)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَام (222)، وَالدَّارِسُ (2/ 99)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 223)(7/ 387).
(2)
الشَّكَارَةُ: ضَرْبٌ مِنَ المُزَارَعَةِ، تَكُوْنُ لَهُ الأَرْضُ، وَيَزْرَعُهَا غَيْرُهُ بِجُزْءٍ مِنَ الخَارِجِ مِنْهَا.
مَلْبَسٍ وَلَا مَأْكَلٍ، وَلَا زَادَ عَلَى ثَوْبٍ وَعِمَامَةٍ فِي طُوْلِ عُمُرِهِ، وَكَانَ علَى خَيْرٍ كَثِيْرٍ، قَلَّ مَنْ يُمَاثِلُهُ فِي عِبَادَتِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَسُلُوْكِ طَرِيْقَتِهِ رحمه الله. قَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَحَدَّثَ.
وتُوُفِّيَ لَيْلَة الرَّابِعِ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِجَبَلِ "قَاسِيُونَ" وَدُفِنَ بِهِ. وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ: صَاحِبُ "المُهِمِّ"
(1)
عَبْدُ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الحَرْبِيُّ "كُتَيْلَةَ" وَقَالَ: ذَكَرَ لِي أَنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ تَحْرِيْكِ إِصْبِعِهِ المُسَبِّحَةِ فِي تَشَهُّدِهِ، كَانَ ذلِكَ عَبَثًا يُبْطِلُ صَلَاتَهُ. قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا: "يُشِيْرُ بِهَا مِرَارًا" يَعْنِي عِنْدَ الشَّهَادَتَيْنِ فَقَطْ.
372 - عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ
(2)
بْنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ الأَصْلِ، الصَّالِحِيُّ،
(1)
في (ط): "المُبْهَم"، وكَذَا جَاءَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ مَجْدِ الدِّيْنِ بنِ تَيْمِيَّةَ (ت: 652 هـ)، وَهُوَ هكَذَا "المهم" كَمَا جَاءَ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي مَوْضِعِهِمَا فِي وَفَياتِ سَنَةِ (681 هـ).
(2)
372 - شَرَفُ الدِّيْنِ بْنُ قُدَامَةَ (587 - 643 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 71) وَالمَقْصَدِ الأَرْشَدِ (2/ 54)، وَالمَنْهَجِ الأَحْمَدِ (4/ 250)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 383). وَيُراجَعُ: ذَيْلُ الرَّوْضَتَينِ (177)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (ورَقَة: 31)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (171) وَالعِبَرُ (5/ 176)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (345)، وَالقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (478) وَالشَّذَرَاتُ (5/ 218)، (7/ 379). وَالِدُهُ: أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ قُدَامَةَ، الإِمَامُ الزَّاهِدُ (ت: 607 هـ). وَأَخُوْهُ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ القَاضِي المَشْهُوْرُ صَاحِبُ "الشَّرْحِ الكَبِيْر"(ت: 682 هـ) ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ فِي موْضِعَيْهِمَا. وَاشْتُهِرَ مِنْ أَوْلَادِهِ: إِبْراهِيْمُ (ت: 666 هـ)، وَحَسَنٌ (ت: 695 هـ) وَالِدُ شَرَفِ الدِّيْنِ ابْنِ قَاضِي الجَبَلِ، وَعُمَرَ (ت:؟)، وَأَحمَدَ (ت:؟)، وَمُحَمَّدٌ (ت:؟) وَالِدُ عَبْدُ اللهِ =
الخَطِيْبُ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ.
وُلِدَ فِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ"دِمَشْقَ". وَسَمِعَ بِهَا مَنْ يَحْيَى بْنِ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ صَدَقَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الخِرَقِيِّ، وَالجَنْزَوِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ بِـ"بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ، وَابْنِ المَغْطُوْشِ، وَابْنِ سُكَيْنَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَبِـ"مِصْرَ" مِنَ البُوْصِيْرِيِّ، وَالأرْتَاحِىِّ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الخَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ علَى وَالِدِهِ، وعَمِّهِ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ، وَحَدَّثَ، وَخَرَّجَ لَهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ "جُزْءًا" عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ شيُوْخِهِ وَخَطَبَ بِجَامِعِ الجَبَلِ مُدَّةً، وَكَانَ شَيْخًا، حَسَنًا، يُشَارُ إِلَيْهِ بِالعِلْمِ وَالدِّيْنِ، وَالوَرَعِ، وَالزُّهْدُ، وَحُسْنِ الطَّرِيْقَةِ، وَقِلَّةِ الكَلَامِ.
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ عَنْهُ: كَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، دَيِّنًا، ثِقَةً، وَكَتَبَ عَنْهُ مَعَ تَقَدُّمِهِ. تُوُفِّيِ لَيْلَةَ الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِسَفْحِ "قَاسِيُونَ" وَدُفِنَ بهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
373 -
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أَيْضًا
(1)
تُوُفِّيَ صَلاح الدِّين أبو عِيسَى مُوسَى بْن مُحَمَّدِ
(2)
= ابنُ مُحَمَّدٍ (ت: 689 هـ)، وَزَيْنَبُ (ت: 746 هـ)، وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَأَحْفَادٌ، وَلَهُ بِنْتٌ ابْنُهَا مُحَمَّدُ ابْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ المَجْدِلِيُّ الشَّافِعِيُّ
…
(1)
في صِلَةِ التَّكْمِلَةِ فِي "29 جُمَادَى الآخِرَة".
(2)
373 - صَلَاحُ الدِّيْنِ بْنُ خَلَفٍ (583 - 643 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 71)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (3/ 10)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 251)، وَمخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 384). وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 32)، وَتَارِيخُ الإسْلَامِ (227)، وَسِيَرُ =
ابْنِ خَلَفِ بْنِ رَاجِحٍ، المَقْدِسِيُّ. كَانَ إِمَامًا، عَالِمًا، فَاضِلًا، زَاهِدًا. سَمِعَ يوْسُفَ بْنَ مَعَالِي الكِنَانِيَّ، وَمَحْمُودَ بْنَ عَبْدِ المُنْعِمِ وَالخُشُوعِيَّ. وَكَانَ مَوْلدُهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَأَجَازَ لاِبْنِ الشِّيْرَازِيِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا لَهُ فِيْمَا سَبَقَ مُرْثِيَةَ فِي الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ المَقْدِسِىِّ. وَذَكَرَ أَخُوْهُ القَاضِي نَجْمُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الشَّافِعِيُّ
(1)
قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي صُوْرَةِ أَخِي مُوْسَى، قَالَ: فَكَانَ أَثَرَ ذلِكَ أَنْ تَحَوَّلَ إِلَى حَالَةٍ عَظِيْمَةٍ فِي الخَيْرِ، وَالزُهْدِ، وَتَرْكِ الدُّنْيَا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
374 - نَصْرُ بْن أبِي السُّعُودِ بْنِ مُظَفَّرِ
(2)
بْنِ الخَضِرِ بْنِ بَطَّةَ البَعْقُوْبِىُّ الضَّرِيْرُ،
= أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 147) ذَكَرَهُ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ مُحَمَّدَ بْنَ خَلَفِ بْنِ رَاجحٍ (ت: 618 هـ) فِي مَوْضِعِهِ. وَابْنُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ مُوْسَى (ت: 717 هـ) نَذكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، ذَكَرَهُ البِرْزَالِيُ فِي المُقْتَفَى (2/ 263)، قَالَ فِي تَرْجَمَتِهِ:"وَكَانَ وَالِدُهُ فَقِيْهًا، وَقَرَأَ طَرَفًا مِنَ الخِلَافِ وَكَتَبَ الخَطَّ الحَسَنَ، ثُمَّ إِنَّهُ سَلَكَ طَرِيْقَةَ الفَقْرِ وَالتَّجْرِيْدِ، وَسَاحَ فِي البِلَادِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، يَسْلُكُ فِيْهِ مَسْلَكَ أَهْلَ التَّصَوُّفِ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَكَانَ وَلَدُهُ هَذَا رَضِيْعًا".
(1)
تُوُفِّيَ سَنَة (638 هـ). يُرَاجَعُ: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّة لِلأَسْنَوِيِّ (1/ 448)، وَطَبَقَات الشَّافِعِيَّة لابْنِ قَاضِي شُهْبَةَ (2/ 304).
(2)
374 - ابْنُ بَطةَ البَعْقوْبِيُّ (562 - 643 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصرِ اللهِ (وَرقَة: 71)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (3/ 59)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 252)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 384). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإكْمَالِ (1/ 306)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 31)، وَمُعْجَمُ الأبْرَقُوهيِّ (وَرَقَة: 134)، وَتَارِيْخُ الإسْلَامِ (230)، وَالتَّوْضيْحُ (1/ 559)، =
الفَقِيْهُ، تَاجُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ، مِنْ أَهْلِ "بَعْقُوْبَا"
(1)
وَفي كَثِيْرٍ مِنْ طِبَاقِ السَّمَاعِ يُنْسَبُ إِلَى "عُكْبَرَا"، وَفِي بَعْضِ الطِّبَاقِ سِبْطُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ بَطَّةَ
(2)
. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ بَعْضِ بَنَاتِهِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: وَكَانَ يُسَمَّى نَفْسَهُ عَلِيًّا فِي أَوَّلِ مَا سَمِعَ، ثُمَّ تَرَكَ ذلِكَ. دَخَلَ "بَغْدَادَ" فِي صِبَاهُ، فَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبِيْدَةَ، وَسَمِعَ بهَا الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ مِنَ المبَارَكِ بْنِ زُرَيْقٍ القَزَّازِ، وَأَبي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلٍ، وَعُمَرَ بْنِ أَبي بَكْرٍ التَّبَّانِ، وَابْنِ كُلَيْبٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَامِعِ بْنِ غَنِيْمَةَ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ، وَابْنِ الأخْضَرِ وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَبَرَعَ، وَأَفْتَى، ونَاظَرَ، وَأَعَادَ بِـ"المَدْرَسَةِ القَادِرِيَّةِ". وَرَوَى "مُخْتَصَرَ الخِرَقِيِّ" عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الخَالِقِ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الصَّابُوْنِيِّ، عَنْ ابْن كَادِشٍ، عنْ أَبي عَلِيٍّ المُبَارَكِيِّ، عَنِ ابْنِ سَمْعُونَ عَنْهُ.
= وَالتَّبْصِيْرُ (1/ 95)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 227)(7/ 294)، وَتاجُ العَرُوْسِ "عقب"، وَقَدْ اسْتَدْرَكْتُهُ عَلَى العُلَيْمِىِّ فِي "الدُرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 387) وَهُوَ مَذْكُوْرٌ فِي الأصْلِ؟! سَهْوًا، فَلْيُرَاجع لِلْتَّصْحِيْحِ.
(1)
فِي (ط)"اليَعْقُوبِيُّ" وَ"يَعْقُوبَا" وَكِلَاهُمَا تَصْحِيْفٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى "بَعْقُوْبَا" بِالبَاءِ المُوَحَّدَةِ التَّحْتيَّةِ، البَلْدَةِ المَشْهُوْرَةِ في "العِرَاقِ"، سَبَقَ ذِكْرُهَا.
(2)
يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ بَعْضِ حَفِيْدَاتِهِ؛ لأنَّ ابْنَ بَطَّةَ (عُبَيْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ ت: 387 هـ) مُتَقَدِّمُ الوَفَاةِ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُوْنَ مِنْ وَلَدِ بَعْضِ بَنَاتِهِ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَفِيْدًا لِغَيْرِ المَشْهُوْرِ هَذَا؛ فَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: حَدَّثَ وَكَانَ مُعِيْدًا لِلْفُقَهَاءِ، وَلَهُ شِعْرٌ أَنْشَدَنِي مِنْهُ أَبْيَاتًا، وَأَخَذَ عَنْهُ ابنُ النَّجَّارِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي "تَارِيْخِهِ" وَأَبُو المَعَالِي الأبْرَقُوهِيِّ
(1)
وَأَجَازَ لِعَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ القَاضِي، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَأَحْمَدَ الحَجَّارُ
(2)
.
تُوُفِّيَ فِي لَيْلَةِ الثَّاني وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسُتِّمَائَةَ بِـ"بَغْدَادَ" وَدُفِنَ فِي "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
375 - مُحَمَّدُ بْن عَبْدِ الوَاحِدِ
(3)
بنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ مَنْصُورٍ
(1)
جَاءَ فِي "مُعْجَمِ الأَبَرْقُوْهِي"(وَرَقَة: 134): "شَيْخُنَا أَبُو القَاسِمِ بْنُ بَطَّةَ مِنْ أَكَابِرِ العُلَمَاءِ بِـ"بَغْدَادَ" وَأَجِلَّائِهِمْ، مِنْ أَهْلِ "بَعْقُوبَا" قَرْيَةٍ مِنْ سَوَادِ "بَغْدَادَ" دَخَلَ "بَغْدَادَ" فِي صِبَاهُ، وَاشْتَغَلَ بِالعِلْمِ، فَقَرَأَ القُرْآنَ علَى أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبِيْدَةَ، وَعَلَى غَيْرِهِ، وَتَفَقَّهَ فِي مَذْهَبِ الإمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَاشْتَغَلَ بِالخِلَافِ حَتَّى تَقَدَّمَ فِيْهِمَا، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ ابْنِ شَاتِيْلٍ، وَأَبي الفَرَجِ عَبْدِ المُنْعِمِ بْنِ كُلَيْب وَمَنْ بَعْدَهُمَا مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالأدَبِ، وَلَهُ كَلَامٌ فِي مَعَانِي الحَدِيْثِ وَشَرْحِهِ. دَرَّسَ، وَأَفْتَى، وَنَاظَرَ، وَحَدَّثَ، يَغْلِبُ علَى الظَّنِّ أَنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ، وَلِيَ مِنْهُ إِجَازَةٌ بمَا يَرْوِيْهِ، وَذَكَرَ أَنَّ مَوْلدَهُ بِـ"بَعْقُوبَا" فِي رَبِيْعٍ الأوَّلِ مِنْ سَنَةِ اثْنَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَمَاتَ لَيْلَةَ الثَّانِي والعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ"بَغْدَادَ" وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِـ"بَاب حَرْبٍ".
(2)
وَفِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ" لِلْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ تَحْقِيْقُ الدُّكتور عُمَر عَبْدِ السَّلامِ تدمرى: "وَأَجازَ أَيْضًا لِمُطْعمٍ، وَلِسَعْدٍ وَالنَّجْدِيِّ، وَبِنْتِ مُؤْمِنٍ" وَصِحَّةُ العِبَارَةِ: "لِلْمُطَعِّمِ
…
وَالبَجَّدِيِّ" وَقَالَ: "وَكَانَ فَقِيْهًا، إمَامًا، مُفتِيًا، مُنَاظِرًا، أَدِيْبًا، نَحْوِيًّا، بَارِعًا فِي الخِلَافِ وَالفِقْهِ".
(3)
375 - الحَافِظُ الضِّياءُ (569 - 643 هـ): =
السَّعْدِيُّ، المَقْدِسِيُّ، الصَّالِحِيُّ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْن أَبِي أَحْمَدَ، مُحَدِّثُ عَصْرِهِ، وَوَحِيْدُ دَهْرِهِ، وَشُهْرَتُهُ تُغْنِي عَنِ الإطْنَابِ فِي ذِكْرِهِ، وَالاِشْتِهَارِ فِي أَمْرهِ.
وُلِدَ فِي خَامِسِ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، كَذَا وُجِدَ بِخَطِّهِ. وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى
= أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 71)، والمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 450)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 252)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 384). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (177)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 33)، وَتَارِيخُ الإسْلَامِ (208)، وَالعِبَرُ (5/ 179)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (203)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (345)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأعْلامِ (268)، وَدُوَلُ الإِسْلَامِ (2/ 146)، وَسِيَرُ أعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 126)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1405)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (4/ 65)، وَفَوَاتُ الوَفَيَاتِ (3/ 426) وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 169)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (1/ 170)، وَالمُقَفَّى الكَبِيْرِ (6/ 150)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 354)، والقَلَائِدُ الجَوْهَرِيَّةُ (1/ 76)، وَالدَّارِسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِس (2/ 91) وَالشَّذَرَاتُ (5/ 224)(7/ 387)، وَالرِّسَالَةُ المُسْتَطْرَفَةُ (24). أُمُّهُ: رُقَيَّةَ بِنْتُ أحْمَدَ بْنِ قُدَامَةَ (ت: 621 هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهَا فِي مَوْضِعِهَا، وَهِيَ أُخْتُ المُوَفَّقِ، وَأَبِي عُمَرَ، وَعُبَيْدِ اللهِ. وَزَوْجَتُهُ آمِنَةُ بِنْتُ حَمْزَةَ، أُخْتُ القَاضِي سُلَيْمَانَ، سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهَا فِي وَفَيَاتِ هَذَا العَامِ (643 هـ). وَأَخُوهُ: أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 623 هـ) المَعْرُوفُ بِـ"البُخَارِيِّ" وَأَسْرَتُهُمْ مَعْرُوْفَةٌ بِالعِلْمِ وَالفَضْلِ، وَهِيَ أُسْرَةٌ مقدِسِيَّةٌ أَنْصَارِيَّةُ الأصْلِ. وَأَخُوْهُ الآخَرُ: عَبْدُ الرَّحِيْمِ، لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (375).
مِنَ السَّنَةِ. وَسَمِعَ بِـ"دِمَشْقَ" مِنْ أبِي المَجْدِ البَانِيَاسِيِّ، وَالخَضِرِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ طَاوُوْسَ، وَأَحْمَدَ بْنِ المَوَازِيْنِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ بِـ"مِصْرَ" مِنَ البُوْصِيْرِيِّ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الخَيْرِ، وَجَمَاعَةٍ. وَسَمِعَ بِـ"بَغْدَادَ" الكَثِيْرَ مِنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَابْنِ المَعْطُوشِ، وَابْنُ سُكَيْنَةَ، وَابْنِ الأخْضَرِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَسَمِعَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلَانِيِّ وَطَبَقَتِهِ بِـ"أَصْبَهَانَ"، وَمِنْ عَبْدِ البَاقِي بْنِ عُثْمَانَ بِـ"هَمَذَانَ" وَمِنَ المُؤَيَّدِ الطُوْسِيِّ وَطَبَقَتِهِ بِـ"نَيْسَابُوْرَ" وَمِنْ أَبي رَوْحٍ بِـ"هَرَاةَ" وَمِنْ أَبي المُظَفَّرِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ بِـ"مَرْوَ". وَرَحَلَ مَرَّتَيْنِ إِلَى "أَصْبَهَانَ" وَسَمِعَ بِهَا مَا لَا يُوْصَفُ كَثْرَةً، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثيْرَ مِنَ الكُتُبِ الكِبَارِ وَغَيْرِهَا، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَتَبَ عَنْ أَزْيَدِ مِنْ خَمْسِمَائَةِ شَيْخٍ، وَحَصَّلَ أُصُوْلًا كَثِيْرَةً، وَأَقَامَ بِـ"هَرَاةَ" وَ"مَرْوَ" مُدَّةً، وَلَهُ إِجَازَةٌ مِنَ السِّلَفِيِّ وَشُهْدَةَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كُتِبَ عَنْهُ بِـ"بَغْدَادَ" وَ"نَيْسَابُوْرُ"، وَ"دِمَشْقَ" وَهُوَ حَافِظٌ، مُتْقِنٌ، ثَبْتٌ، ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، نَبِيْلٌ، حُجَّةٌ، عَالِمٌ بِالحَدِيثِ وَأَحْوَالُ الرِّجَالِ، لهُ مَجْمُوْعَاتٌ وَتَخْرِيْجَاتٌ، وَهُوَ وَرَعٌ، تَقِيٌّ، زَاهِدٌ، عَابِدٌ، مُحَتَاطٌ فِي أَكْلِ الحَلَالِ، مُجَاهِدٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَلَعَمْرِيْ مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ، فِي نَزَاهَتِهِ وَعِفَّتِهِ، وَحُسْنِ طَرِيْقَتِهِ فِي طَلَبِ العِلْمِ.
وَقَال عُمَرُ بْنُ الحَاجِبِ: شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ شَيْخُ وَقْتِهِ، وَنَسْيُج وَحْدِهِ، عِلْمًا، وَحِفْظًا، وَثِقَةً، وَدِيْنًا، منَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّيْنَ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ مِثْلِي. كَانَ شَدِيْدَ التَّحَرِّي فِي الرِّوَايَةِ
(1)
، مُجْتَهِدًا فِي العِبَادَةِ، كَثِيْرَ
(1)
بَعْدَهَا فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ" عَنْهُ: "ثِقَةٌ فِيْمَا يَرْوِيْهِ".
الذِّكْرِ، مُنْقَطِعًا عَنِ النَّاسِ، مُتَوَاضِعًا فِي ذَاتِ اللهِ
(1)
، سَهْلَ العَارِيَّةِ، رَأَيْتُ جَمَاعَةً مِنَ المُحَدِّثِيْنَ ذَكَرُوْهُ فَأَطْنَبُوا فِي حَقِّهِ، وَمَدَحُوْهُ بِالحِفْظِ وَالزُّهْدِ. سَأَلْتُ الزَّكِى البِرْزَالِي عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ، جَبَلٌ، حَافِظٌ، دَيِّنٌ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ -وَذَكَرَ بَعْضَ كَلَامِهِ المُتَقَدِّمِ-. وَقَالَ الشَّرَفُ بْنُ النَّابُلُسِيِّ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ شَيْخِنَا الضِّيَاءِ.
وَقَالَ أَبُو إسْحَاقَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ: كَانَ الحَافِظُ الزَّاهِدُ العَابِدُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ، رَفِيْقِي فِي السَّفَرِ، وَصَاحِبِيْ في الحَضَرِ، وَشَاهَدْتُ مِنْ كَثْرَةِ فَوَائِدِهِ، وَكَثْرَةِ حَدِيْثِهِ، وَتَبَحُّرِهِ فِيْهِ.
وَنَقَلَ الذَّهَبِيُّ عَنِ الحَافِظِ المِزِّيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: الضِّيَاءُ أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ وَالرِّجَالِ مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَلَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِهِ مِثْلُهُ.
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: الإمَامُ، العَالِمُ، الحَافظُ، الحُجَّةُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ، وَشَيْخُ السُّنَّةِ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، صَنَّفَ، وَصَحَّحَ وَلَيَّنَ، وَجَرَحَ وَعَدَّلَ، وَكَانَ المَرْجُوعُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
وَقَالَ الشَّرَيْفُ أَبُو العَبَّاسِ الحُسَيْنِيُّ: حَدَّثَ بِالكَثيْرِ مُدَّةً. وَخَرَّجَ تَخَارِيْجَ كَثِيْرَةً مُفِيْدَةً، وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ حَسَنَةً، وَكَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ هَذَا الشَأْنِ، عَارِفًا بِالرِّجَالِ وَأَحْوَالِهِمْ، وَالحَدِيْثِ وَصَحِيْحِهِ وَسَقِيْمِهِ، وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، طَارِحًا لِلْتَّكَلُّفِ.
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ أَيْضًا: بَنَى مَدْرَسَةً عَلَى بَابِ "الجَامِعِ المُظَفَرِيِّ" بِسَفْحِ
(1)
قَبْلَهَا فِي "تَارِيْخِ الإسْلَامِ": "صحِيْحُ الأُصُوْلِ".
"قَاسِيُوْنَ" وَأَعَانَهُ عَلَيْهَا بَعْضُ أَهْلِ الخَيْرِ، وَوَقَفَ علَيْهَا كُتُبَهُ وَأَجْزَأَهُ
(1)
.
وَقَالَ غَيْرُهُ: بَنَاهَا لِلْمُحَدِّثِيْنَ وَالغُرَبَاءِ الوَارِدِيْنَ، مَعَ الفَقْرِ وَالقِلَّةِ، وَكَانَ يَبْنِي مِنْهَا جَانِبًا، وَيَصبِرُ إِلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَهُ مَا يَبْنِي بِهِ، وَيَعْمَلُ فِيْهَا بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ أَحَدٍ فِيْهَا شَيْئًا، تَوَرُّعًا، وَكَانَ مُلَازِمًا لِجَبَلِ "الصَّالِحِيَّةِ" قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ البَلَدَ، أَوْ يُحَدِّثَ بِهِ، وَمَنَاقِبُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَإِنَّمَا أَشَرْتُ إِلَى نُبْذَةٍ مِنْهَا.
(ذِكْرُ تَصَانِيْفِهِ): كِتَابُ "الأحْكَامِ" يُعْوِزُ قَلِيْلًا
(2)
فِي نَحْوِ عِشْرِيْنَ جُزْءًا فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ، كِتَابُ "الأحَادِيْثِ المُخْتَارَةَ"
(3)
، وَهِيَ الأحَادِيْثُ الَّتِي يَصْلَحُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهَا سوَى مَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ، خَرَّجَهَا مِنْ مَسْمُوْعَاتِهِ، كَتَبَ
(1)
هِيَ المَعْرُوفَةُ المَشْهُوْرَةُ بِـ"المَدْرَسَةِ الضِّيَائِيَّةِ"، وَبَقِيَّةُ كُتُبِهَا الآنَ ضِمْن المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّة.
(2)
قَالَ الدُّكْتُوْرُ عَبْد اللهِ التُّرْكِي فِي كِتَابِهِ المَذْهَبِ الحَنْبَلِيِّ (2/ 257): لَدَيَّ نُسُخَةٌ خَطِيَّةٌ مِن الكِتَابِ تَقَعُ فِي (120) فِي حَجْمِ (15) سَطْرًا وَهِيَ نُسْخَةٍ كَامِلَةٍ، وَاضِحَةَ الخَطِّ، نَسَخَهَا لِنَفْسِهِ مُظَفَّرُ بْنُ الأمِيْرِ حَاجِ بْنِ المُؤَيَّدِ سَنَةَ (720 هـ).
أقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أعْتَمِدُ-: هَلْ مَا لَدَى الدُّكتُوْر أصْلٌ أَوْ صُوْرَةٌ؟! وَهَلْ هُوَ كَامِلٌ وَهُوَ فِي (120) وَرَقَة بِحَجْمِ (15) سَطْرًا؟! وَالمُؤَلِّفُ ابْنُ رَجَبٍ وَغَيْره يَقُوْلُ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتِ؟! وَكَيْفَ يَكُوْنُ الكِتَابُ كَامِلًا، وَالمُؤَلِّفُ ابْنَ رَجَبٍ وَغَيْرُهُ يَقُوْلُوْنَ: يُعْوِزُ قَلِيْلًا؟! بِمَعْنَى إِنَّهُ لَمْ يَتِمَّ أَصْلًا، وَقَدْ أَتَمَّهُ ابْنُ أَخِيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 688 هـ) كَمَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ فِي تَرْجَمتِهِ الآتِيَةِ. فَكَلامُ الدُّكتُورِ -حَفِظَهُ اللهُ- يَحْتَاجُ إِلَى إِعَادَةِ نَظَرٍ؟! فَلَعَلَّ مَا بِيَدِهِ مُخْتَصَرٌ عَنْهُ لِلمُؤَلِّفِ أَوْ لِغَيْرِهِ.
(3)
حَقَّقَهُ مَجْمُوْعَةٌ مِنَ الطَّلَبَةِ فِي رَسَائِل عِلْمِيَّةِ فِي جَامِعَةِ الإمَامِ فِي الرِّيَاضِ، وَطُبِعَ فِي سِتِّ مُجَلَّدَاتِ بِتَحْقِيْقِ الشَّيْخِ عبْدِ المَلِكِ بْنِ عَبْدَ اللهِ بْنِ دُهَيْش، وَهُوَ مَشْهُوْرٌ جِدًّا.
مِنْهَا تِسْعِيْنَ جُزْءًا وَلَمْ تَكْمُلْ. قَالَ بَعْضُ الأئِمَّةِ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ "صَحِيْحِ الحَاكِمِ" كِتَابُ "فَضَائِلِ الأعْمالِ" أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ
(1)
كِتَابُ "فَضَائِلِ الشَّامِ" ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ
(2)
كِتَابُ "مَنَاقِبِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ" أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ "صِفَةُ الجَنَّةِ" ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ
(3)
"صِفَةُ النَّارِ" جُزآنِ، "أَفْرَادُ الصَّحِيْحِ" جُزْءٌ وَ"غَرَائِبُهُ" تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ
(4)
"ذَمُّ المُسْكِرِ" جُزْءٌ "المُوْبِقَاتُ" أَجْزاءٌ كَثِيْرَةٌ "كَلَامُ الأمْوَاتِ" جُزْءٌ "شِفَاءُ العَلِيْلِ" جُزْءٌ "الهِجْرَةُ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ" جُزْءٌ "قِصَّةُ مُوسَى عليه السلام" جُزْءٌ "فَضَائِلُ القُرْآنِ" جُزْءٌ "الرُّوَاةُ عَنِ البُخَارِيِّ" جُزْءٌ "دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ""الإلهيَّاتُ" ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ "فَضَائِلُ الجِهَادِ" جُزْءٌ "النَّهْيُ عَنْ سَبِّ الأصْحَابِ" جُزْءٌ
(5)
"الحِكَايَاتُ المُسْتَطْرِفَاتُ"
(1)
حَقَّقَهُ بَعْضُ الطَّلَبَة فِي جَامِعَةِ أُمِّ القُرَى سَنَةَ (1403 هـ) وَطُبعَ عِدَّةَ طَبَعَات وَهُوَ مَشْهُوْرٌ أَيْضًا، وَأَشْهَرُ طَبَعَاتِهِ فِي مُؤَسَّسةِ الرِّسَالَةِ.
(2)
جُزْؤُهُ الثَّانِي فِي فَضائِلِ بَيْتِ المَقْدِسِ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّة بِـ"دِمَشْقَ" وَنَشَرَ فِي دَارِ الفِكْر سَنَة (1405 هـ).
(3)
جُزْؤُهُ الثَّالِث فِي مَجْمُوعٍ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّهِ بـ"دِمَشْقَ" رَقم (103)(77 - 89).
(4)
هَلْ هُوَ المَوْجُوْد فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ رَقم (348)(ق 551 - 55) بِعُنْوَانِ "تُسَاعِيَّاتِ مُسْلِمِ فِي صَحِيْحِهِ". هَلْ هُوَ أَوْ هُوَ جُزْءٍ مِنْهُ المَوْجُوْدُ فِي الظَّاهِرِيَّةِ بِعُنْوَانِ: "جُزْءٌ فِيْهِ مُوَافَقَاتُ حَدِيْثِ أَبِي الوَليْدِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، وَهِيَ نُسْخَةٌ بِخَطِّهِ عَلَيْهَا سَمَاعُ تِلْمِيْذِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بْنَ عَمَّارِ بْنِ هَامِلِ الحَرَّانِيُّ (ت: 671 هـ) مَجْمُوعُ رَقم (103)(34 - 59) وَابْنُ هَامِلٍ الحَرَّانِىُّ حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(5)
مَوْجُوْدٌ فِي مَجْمُوع فِي الظَّاهِرِيَّةِ رَقم (101)(ق 21 - 44).
أَجْزَاءٌ كَثيْرَةٌ
(1)
، فِيْهَا أَحَادِيْثٌ مُخَرَّجَةٌ، كِتَابُ "سَبَبِ هِجْرَةِ المَقَادِسَةِ إِلَى دِمَشْقَ وَكَرَامَاتُ مَشَايِخِهِمْ" نَحْوَ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ
(2)
، وَأَفْرَدَ لأكَابِرِهِمْ مِنَ العُلَمَاءِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِيْرَةٌ فِي أَجْزَاءٍ كَثيْرَةٍ، "أَطْرَافُ المَوْضُوعَاتِ" لاِبْنِ الجَوْزِيِّ، فِي جُزْأَيْنِ "تَحْرِيْمُ الغِيْبَةِ" جُزْءٌ "المَوْقِفُ وَالاِقْتِصَاصُ" جُزْءٌ "الاِسْتِدْراكُ، عَلَى المَشَايِخِ النُّبَّلِ" لاِبْنِ عَسَاكِرٍ جُزْءٌ
(3)
، كِتَابُ "الإِرْشَادِ إِلَى بَيَانِ مَا أَشْكَلَ مِنَ المُرْسَلِ فِي الإِسْنَادِ" جُزْءٌ كَبِيْرٌ، فِيْهِ فَوَائِدٌ جَلِيْلةٌ "المُوَافَقَاتِ" جَزْءٌ "طُرُقُ حَدِيْثِ الحَوْضِ النَّبَوِيِّ" جُزْءٌ "أَحَادِيْثُ الحَرْفِ وَالصَّوْتِ" جُزْءٌ "الأمْرُ بِاتِّبَاعِ السُّنَنِ وَاجْتِنَابِ البِدَعِ"
(4)
جُزْءٌ، كِتَابُ "مُسْنَدِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ" جُزْءٌ، كِتَابُ
(1)
مَوْجُوْدٌ فِي مَجَامِيع كَثِيْرَةٍ مِنَ المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بِعُنْوَانَاتٍ مُخْتَلِفةٍ، لَعَلَّهَا قِطَعٌ مِنْهُ.
(2)
تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَا يَغلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ جُزْءٍ مِنْهُ فِي مَنَاقِبِ الشَّيْخِ أَبي عُمَرَ (ت: 607 هـ) وَكَذلِكَ جُزءٌ مِنْهُ آخِرِ فِي الظَّاهِرِيَّة مَجْمُوع (1039)(ق 89 - 99) الجُزْءُ الثَّالِثُ. كَمَا سَبَقَ ذِكْر جُزْءٍ مِنْهُ فِي سِيرَةِ العِمَادِ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 614 هـ) فِي تَرْجَمَتِهِ نُسُخَتُهُ فِي الظَّاهِرِيَّةِ رقم (387) حَدِيْث (ق 158 - 162). لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ القطَعِ، وَالأمْرُ يَحْتَاجُ إِلَى مَزِيْدِ تَوْثِيْقٍ.
(3)
نُسْخَتُهُ فِي الظَّاهِرِيَّةِ مَجْمُوعْ (68)(ق 1 - 6) وَالمَشَايِخ النُّبَّلِ، مَطْبُوعٌ مَشْهُوْرٌ بِعُنْوَانِ:"المُعْجَم المُشْتَمل عَلَى المَشَايِخِ النُّبَّلِ".
(4)
لَهُ نُسْخَتَان فِي المَكْتَبَة الظَّاهِرِيَّة ضِمْنَ مَجْمُوعَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا رَقم (52)(ق 79 - 91) وَالأُخْرَى رقم عام (8778)(ق 171 - 179) مَكْتُوبَةٌ سَنَةَ (768 هـ) وَطُبعَ فِي دَارِ ابْنِ كَثيْرٍ فِي دِمَشْقَ بَيْرُوت عَام (1407 هـ) ثُمَّ طُبعَ فِي دَارِ ابْنِ القَيِّم فِي الدَّمامِ فِي المَمْلُكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ عامَ (1409 هـ)، وَممَا لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ رحمه الله مِنْ تَآلِيْفِ الحَافِظِ الضِّيَاءِ:"الشَّافِي فِي السُّنَنِ عَلَى الكَافِي"، خَرَّجَ فِيهِ أَحَادِيْثَ كتَابِ "الكَافِي" =
"الأمْرَاضِ وَالكَفَّارَاتِ وَالطِّبِّ وَالرُّقْيَاتِ".
رَوَى عَنْهُ ابْنُ نُقْطَةَ فِي "اسْتِدْرَاكِهِ" فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَنْبَلِيُّ بِـ"الجَبَلِ"، ظَاهِرِ "دِمَشْقَ"، وَابْنُ النَّجَّارِ فِي "تَارِيْخِهِ"، وَالبِرْزَالِيُّ وَعُمَرُ بْنُ الحَاجِبِ، وَابْنُ أَخِيْهِ الفَخْرُ بْنُ البُخَارِيِّ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ، وَابْنُ الفَرَّاءِ، والنَّجْمُ الشَّقْرَاوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بْنُ الخَبَّازِ، وَالحَسَنُ ابْنُ الخَلَّالِ، وَالدَّشْتِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعِيْسى المُطَعِّمُ، وَخَلْقٌ كَثيْرٌ.
تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الاِثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِسَفْحِ "قَاسِيُوْنَ" وَدُفِنَ بِهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
376 - عَبْدُ الرَّحمنِ بْنُ عُمَرَ
(1)
بْنِ بَرَكَاتِ بْنِ شُحَانَةَ الحَرَّانِيُّ، المُحَدِّثُ
= فِي الفِقْهِ لِمُوَفَّقِ الدِّيْنِ بْنِ قُدَامَةَ. مَخْطُوْطٌ فِي الظَّاهِرِيَّةِ رَقم (21)(ق 1 - 15) وَالثَّانِي رَقم (22)(ق 19 - 34) وَالجُزْءِ الثَّانِي (ق 35 - 50) بِخَطِّ مُؤَلِّفِهِ وَيُوْجَدُ خَمْسَ وَرَقَاتٍ مِنَ الجُزْءِ الثَّانِي فِي المَجْمُوعِ نَفْسَهُ وَهِيَ بِخَط مُؤَلفُهَا أَيْضًا. "وَأَحْكَامُ الصِّبَا" أَوِ "الصَّبِيِّ" فِي دَارِ الكُتُبِ المِصْرِيَّة رقم (906) حَدِيْثُ، الجُزْء الثَّانِي فِي (389) وَرَقَة يُرَاجع هَلْ هُوَ لَهُ؟! أَجْزَاءٌ حَدِيْثيَّةٌ وَ"الأحَادِيْثُ المُسَلْسَلَاتِ" وَ"أَحَادِيْثُ عَفَّانَ ابْنِ مُسْلمِ" وَ"أَحَادِيْثُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِ بَغْدَادَ" وَ"أَحَادِيْثُ مُنْتَقَاة علَى الشَّيْخِ أَبِي المَكَارِمِ" وَ"الإيْمَانُ وَمَعَانِي الإسْلَامِ" وَ"ثَبَتَ مَسْمُوعَاتِهِ" وَ"ثُلَاثِيَّاتُ مُسْنَدِ الإمَامِ أَحْمَدَ" وَ"جُزْءٌ فِي فَضْلِ الحَدِيْثِ" وَ"الرُّوَاةُ عَنْ مُسْلِمِ" وَ"ذِكْرُ العَقَبَةِ الأُوْلَى وَالثَّانِيَةِ وَعُمَرِهِ" وَ"ذِكْرُ مَا أُعْطِيَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم دُوْنَ الأَنْبِيَاءِ" وَ"ذِكْرُ المُصَافَحَةِ" وَهَذِهِ كُلُّهَا مَوْجُوْدَةٌ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ. وَالحَدِيْثُ عَنْهَا يَطُوْلُ وَهِيَ بِحَاجَةٍ إِلَى تَوْثيْقِ نِسْبَتِها إِلَيْهِ، وَالمَقَامُ لَا يَسْمَعُ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ.
(1)
376 - ابْنُ شُحَانَةَ الحَرَّانِيُّ (؟ -643 هـ): =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَخْبارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 72)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 102)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 255)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 385). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإِكْمَالِ (3/ 149)، عُقُوْدُ الجُمَانِ لابْنِ الشَّعَّارِ (3/ 308)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ لِلْحُسَيْنِي (ورَقَة: 32)، وَتَارِيْخُ إِرْبِل (1/ 334)، وتَارِيْخُ الإسْلَامِ (255)، وَسِيَرُ أَعْلَامُ النُّبلَاءِ (23/ 214)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1432)، وَالإعْلَامُ بوَفَيَاتِ الأعْلَامِ (268)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقاتِ المُحَدِّثِيْنَ (202) وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (18/ 200)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (5/ 64)، وَتَبْصيْرُ المُنْتَبهِ (2/ 276)، وَالمِنْهَلُ الصَّافِي (7/ 171)، وَالشَّذَارَتُ (5/ 220)(7/ 381).
قَالَ ابْنُ الشَّعَّارِ: "المُحَدِّثُ، المُؤَرِّخُ، سَمعَ الحدِيْثَ الكَثيْرَ بِـ"الشَّامِ" وَ"العِرَاقِ"، وَ"دِيَارِ مِصْرَ"، وَلَقِيَ مَشَايِخَ العِلْمِ وَالأدَبِ وَالحَدِيْثِ، وَأَخَذَ عَنْهُمْ، وَاسْتَفَادَ مِنْهُمْ، وَكَتَبَ، وَحَصَّلَ، وَجَمَعَ، وَأَلَّفَ بِـ"حَرَّانَ" تَارِيخًا كَبِيْرًا، ذَا مُجَلَّدَاتِ عِدَّةٍ، وَلَهُ شِعْرٌ، وَكَتَبَ لِي إِجَازَةً بِخَطِّهِ. أَنْشَدَنِي أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ بَدَلٍ التِّبْرِيْزِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُحَانَةَ لِنَفْسِهِ:
يَا قَاتِلِي لَوْ أَنَّ قَلْبَكَ جَلْمَدُ
…
وَشَكَوْتُ أَشْوَاقِي لَرَقَّ الجَلْمَدُ
فِيْكَ اكْتَسَبْتُ الذُّلَّ بَعْدَ مَهَابةٍ
…
وَبِكَ اشْتَفَى مِنِّي العَدُوُّ الأنْكَدُ
وَسَهِرْتُ فِي حُبِّيْكَ لَيْلِي لَمْ أَنَمْ
…
أَتُرَاكَ مِثْلِي سَاهِرًا لَا تَرْقُدِ
وَيْلَاهُ مِنْ نَارٍ بِقَلْبِي أُضْرِمَتْ
…
مَا إِنْ لَهَا إِلَّا رُضَابُكَ أَبْرَدُ
وَقُسِيُّ سِحْرٍ مِنْ لِحَاظِكَ فُوِّقَتْ
…
فَأُصِيْبَ قَلْبِي المُسْتَهَامُ المُكْمَدُ
وَدَمِي بِخَدِّكَ قَدْ أَقَرَّ بِمَقْتَلِي
…
فَعَلَامَ يَا مَوْلَايَ جَفْتُكَ يَجْحَدُ
وَفِي "عُقُوْدِ الجُمَانِ"(شَحَاتَةِ) علَى الشِّينِ فَتْحَةٌ وَبِالتَّاءِ بَدَل النُّوْنِ، وَهُوَ خَطَأٌ، قَالَ الحَافِظُ ابنُ نُقْطَةَ الحَنْبَلِيُّ فِي تَكْمِلَةِ الإِكْمَالِ (3/ 149): "وَأَمَّا (شُحَانَةُ) بِضَمِّ الشِّيْنِ المُعْجَمةِ، وَفَتْحِ الحَاءِ المُهْمَلَةِ، وَبَعْدَ الألِفِ نُوْنٌ، فَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بنِ
الحَافِظُ المُكْثِرُ، سرَاجُ الدِّيْن، أَبُو مُحَمَّدٍ، أَحَدُ مَنْ عُنِيَ بِعِلْمِ الحَدِيْثِ. سَمِعَ بِـ"حَرَّانَ" مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، وَبِـ"دِمَشْقَ" مِنِ ابْنِ الحَرْسَتَانِيِّ، وَابْنِ مُلَاعِبٍ وَغَيْرِهِمَا. وَبِـ"حَلَبَ" مِنَ الاِفْتِخَارِ الهَاشِمِيِّ، وَبِـ"المَوْصِلِ" مِنْ مِسْمَارِ بنِ العُوَيْسِ، وَبِـ"مِصْرَ" مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ رِفَاعَةَ، وَالسِّلَفِىِّ. وَدَخَلَ "بَغْدَادَ" سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةَ، فَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ الأُرْمَوِيِّ وَطَبَقَتِهِمْ، وَكتَبَ بِخَطِّهِ الكَثيْرَ، وَحَصَّلَ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: هُوَ شَابٌّ، ثِقَةٌ، حَسَنُ المُذَاكَرَةِ.
وَقَالَ الشَّرِيْفُ أَبُو العَبَّاسِ: حَصَّلَ كَثِيْرًا، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَكَانَ أَحَدَ المَشْهُوْرِيْنَ بِالطَّلَبِ وَالتَّحْصِيْلِ، وَتُوُفِّيَ قَبْلَ بُلُوغ أُمْنِيَتَّهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مِمَّنْ لَهُ الرِّحْلَةُ الوَاسِعَةُ فِي الطَّلَبِ، سَمِعَ مِنَ الجَمِّ الغَفِيْرِ، وَسَكَنَ آخِرَ عُمُرِهِ "مِيَّافَارِقِيْنَ" وَصَارَ صَاحِبَ ثَرْوَةٍ بَعْدَ الفَقْرِ.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ الفَقِيْهُ: كَانَ يَحْفُظُ كَثيْرًا مِنَ الأحَادِيْثِ وَغَيْرِهَا، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ، سَمِعْتُ بِقِرَاءَتِهِ كَثِيْرًا، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَتْ لَهُ بِنْتٌ عَمْيَاءُ تَحْفَظُ كَثيْرًا، إِذَا سُئِلَتْ عَنْ بَابٍ مِنَ العِلْمِ مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ: ذَكَرَتْ أَكْثَرَهُ، وَكَانَتْ فِي ذلِكَ أُعْجُوْبَةً، لَمْ يَبْلُغْ أَبُو مُحَمَّد رحمه الله أَوَانَ الرِّوَاية، وَقَدْ أَجَازَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ القَاضِي، وَلأبِي نَصْرِ بْنِ الشِّيْرَازِي.
= بَرَكَاتِ بْنِ شُحَانَةَ الحَرَّانِيُّ، شَابٌّ، سَمِعَ بِـ"دِمَشْقَ"
…
" وَهُوَ المَذْكُوْرُ هُنا، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ؛ لأنَّ الحَافِظَ ابنَ نُقْطَةَ مَاتَ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ.
وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرةَ سَنَةَ ثَلَاثَ وَأَرْبَعِيْنَ وَستِّمَائَةَ بِـ"مِيَّافَارِقِيْنَ" رحمه الله، وَ"شُحَانَةُ" بِضَمِّ الشِّيْنِ، وَفَتْح الحَاءِ المُهْمَلَةَ الخَفِيْفَةَ، وَبَعْدَ الألِفِ نُوْنٌ
(1)
.
377 - أحْمَدُ بْنُ عِيْسى بْنِ عَبْدِ الله
(2)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، المَقْدِسِيُّ الصَّالِحِيُّ،
المُحَدِّثُ الحَافِظُ، سيْفُ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ بْنِ مَجْدِ الدِّيْنِ أَبي المَجْدِ بْنِ شَيْخِ الإِسْلَامِ مُوَفَقِ الدِّيْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ. وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّمَائَةَ
(1)
هذَا ضَبْطُ ابنِ نُقْطَةَ كَمَا أَسْلَفْنَا.
(2)
377 - سَيْفُ الدِّيْنِ بْنُ قُدَامَةَ (605 - 643 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي مُخْتَصرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 72)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (1/ 151)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 255)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 386). وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ لِلْحُسَيْنِي (وَرَقَة: 35)، وَذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (175)، وَتَارِيْخُ الإسْلامِ (153)، وَالعِبَرُ (5/ 174)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (201)، وَالإشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (345)، وَالإعْلامُ بِوَفَيَاتِ الأعْلامِ (268)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (23/ 118)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (7/ 273)، وَمِرْآةُ الجِنَانِ (4/ 108)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 353)، وَطَبَقَاتُ الحُفاظِ (507)، وَتَارِيْخُ الصَّالِحِيَّةِ (435)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 217)، (7/ 377). هُوَ حَفِيْدُ المُوَفَّقِ بْنِ قُدَامَةَ الإمَامِ المَشْهُوْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ (ت: 620 هـ) وَوَالِدُهُ: عِيْسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ (ت: 615 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ أَبِيْهِ، وَاسْتَدْرَكْتُهُ فِي وَفَيَاتِهَا. وَأُمُّهُ: آسِيَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَاحِدِ بِنِ أَحْمَدَ، عَالِمَةٌ، فَاضِلَةٌ (ت: 640 هـ) وَهِيَ أُخْتُ الحَافِظِ الضِّيَاءِ السَّالِفِ الذِّكْرِ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهَا فِي مَوْضِعِهَا. وَمِنْ إِخْوَانِهِ:"عَبْدُ الرَّحْمَن"، وَ"عَائِشَةُ" (ت: 697 هـ)، وَمُحَمَّدُ (ت: 643 هـ) لَهُمْ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (193)، وَعَائِشَةُ، وَمُحَمَّدٌ سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ.
بِـ"الجَبَلِ". وَسَمِعَ مِنْ جَدِّهِ الكَثِيْرَ، وَمِنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بْنِ الحَرَسْتَانِيِّ، وَدَاوُدَ بْنِ مُلَاعِبٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ القَطَّانِ. وَطَبَقَتِهِمْ. وَرَحَلَ، وَسَمِعَ بِـ"بَغْدَادَ" مِنْ أَبي الفَتْحِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَعَلِيِّ ابْنِ بُوْرِنْدَاز
(1)
، وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ الجَوَالِيْقِيِّ، وَخَلْقٍ مِنَ أَصْحَابِ
(2)
ابْنِ نَاصِرٍ، وَأَبِي الوَقْتِ. وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ، وَخَرَّجَ. وَأَلَّفَ. قَالَ الحُسَيْنِيُّ: خَرَجَ وَحَدَّثَ، وَكَانَ حَسَنَ التَّخْرِيْجِ، فَاضِلًا. وَقالَ الذَّهَبِيُّ: كَتَبَ العَالِيَ وَالنَّازِلَ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ
(3)
، وَكَانَ ثِقَةً، حَافِظًا، ذَكِيًّا، مُتَيَقِّظًا، مَلِيْحَ الخَطِّ، عَارِفًا بِهَذَا الشَّأْنِ، عَامِلًا بِالأثَرِ، صاحِبَ عِبَادَةٍ، وَكَانَ تَامَّ المُرُوْءَةِ، أَمَّارًا بِالمَعْرُوْفِ، قَوَّالًا بِالحَقِّ، وَلَوْ طَالَ عُمُرُهُ لَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا، وَمَحَاسِنُهُ جَمَّةٌ.
وَأَلَّفَ مُجَلَّدًا كَبِيْرًا فِي الرَّدِّ علَى الحَافِظِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ لإبَاحَتِهِ لِلسَّمَاعِ
(4)
. وَفِي أَمَاكِنِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ طاهِرٍ فِي "صَفْوَةِ أَهْلِ التَّصَوُّفِ"
(1)
في (ط): "بورندان" وهو عَلِىُّ بنُ النَّفِيْسِ بُوْرِنْدَاز الحُسَامُ البَغْدَادِيُّ (ت: 649 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(2)
في (ط): "الأصحاب".
(3)
في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ": "وَصَنَّفَ وَخَرَّجَ، وَسَوَّدَ مُسَوَّدَاتٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَبْيِيْضَهَا، وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، بَصِيْرًا بِالحَدِيْثِ وَرِجَالِهِ، عَامِلًا بِالأثَرِ، صَاحِبِ عِبَادَة، وَتَهَجُّدٍ، وَإِنَابَةٍ".
(4)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ"، وَأَلَّفَ السَّيْفُ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- مُجَلَّدًا كَبِيْرًا فِي الرَّدِّ عَلَى الحَافِظِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ المَقْدِسِي لإِبَاحَتِهِ لِلْسَّمَاعِ. وَفِي أَمَاكِنِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ طَاهِرِ فِي "صَفْوَةِ أَهْلِ التَّصَوُّفِ"، وَقَدْ اخْتَصَرْتُ هَذَا الكِتَابِ علَى مِقْدَارِ الرُّبْعِ. وَمِنْ كِتَابِ السَّيْفَ هَذَا نُسْخَةٌ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ مَجْمُوعُ رَقم (92) (ق =
وَاخْتَصَرْتُ هَذَا الكِتَابِ عَلَى مِقْدَارِ الرُّبُعِ. وَانْتَفَعْتُ كَثِيْرًا بِتَعَالِيْقِ الحَافِظِ سَيْفِ الدِّيْنِ
(1)
-انْتَهَى-. وَلَهُ أَيْضًا مُصَنَّفٌ فِي الاعْتِقَادِ، فِيْهِ آثَارٌ كَثِيْرَةٌ وَفَوَائِدُ، وَلَهُ كِتَابُ "الأزْهَرِ فِي ذِكْرِ آلِ جَعْفَرِ" بْنِ أَبِي طَالبٍ وَفَضَائِلُهُمْ. وَحَدَّثَ وَرَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الدَّشْتِيُّ.
وَتُوُفِّيَ فِي مُسْتَهَلِّ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتَمِائَةَ
(2)
بِسَفْحِ "قَاسِيُونَ" وَدُفِنَ بِهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَلَهُ ثَمَانٌ وَثَلَاثُوْنَ سَنَةً.
378 - يَحْيَى بْن عَلِيِّ
(3)
بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَنَانِ الغَنَوِيُّ، البَغْدَادِيُّ،
الفَقِيْهُ،
= 197 - 225) لَعلَّهَا مُسَوَّدَةِ المُؤَلِّفِ.
(1)
مِنْهُ نُسْخَةٌ فِي الظَّاهِرِيَّةِ مَجْمُوع رقم (104) فِي (55) وَرَقَة، بِعُنْوَانِ "مِنْ تَعَالِيْقِ ابْنِ عِيْسَى المَقْدِسِيِّ" وَهُوَ أَوْرَاقٌ بِخَطِّهِ مُخْتَلِفَةُ التَّرْتِيْبِ تَدَاخَلَتْ مَعَ أَوْرَاقٍ مِنْ كُتُبِ أُخْرَى يَصعُبُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ. وَلِلْسِّيْفِ غَيْرُ مَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ كِتَابٌ فِي مَنَاقِبِ جَرِيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ فِي الظَّاهِرِيَّةِ (93)(ق 214 - 243) الجُزْءُ الثَّانِي، وَبِهِ يَتِمُّ الكِتَابُ، بِعُنْوَانِ "فَضَائِلِ جَرِيْرِ
…
".
(2)
فِي "تَارِيخِ الإِسْلَامِ": "وَتُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ كَفَّنَ خَلْقًا كَثيْرًا، وَتَدَيَّنَ لِذلِكَ وَسَعَى بِكُلِّ مُمْكِنٍ فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ. وَمَحَاسِنُهُ جُمَّةٌ".
(3)
378 - ابْنُ عَنَانٍ الفَرَضيُّ (571 - 643 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 72)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (3/ 101)، والمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 256)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 387). وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ (ورقة: 37)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (2/ 189)، وَتَكمِلَةُ الإِكْمَالِ لابنِ نُقْطَةَ (4/ 208)، الشَّذَرَاتُ (5/ 228)، (7/ 494)، وَكَرَّرْتُهُ فِي هَامِشِ "المَقْصَدِ الأرْشَدِ" سَهْوًا فَلْيُصَحَّحْ؛ وَذلِكَ أَنَّ ابْنَ مُفْلِحٍ لَمْ يُكَرِّرْ (عَلِيًّا) =
الفَرَضِيُّ، أَبُو بَكْرٍ، المَعْرُوْفُ بِـ"ابْنِ البَقَّالِ" وَيُلَقَّبُ "عِمَادُ
(1)
الدِّيْنِ".
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ تَقْرِيْبًا، وَطَلَبَ العِلْمَ فِي صِبَاهُ، وَسَمِعَ الكَثيْرَ مِنْ أِبي الفَتْحِ بْنِ شَاتِيْلٍ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْنِ كُلَيْبٍ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَقَرَأَ الفَرَائِضَ وَالحِسَابَ، وَتَصَرَّفَ فِي الأعْمَالِ السُّلْطَانِيَّةِ. وَكَانَ صَدُوْقًا، حَسَنَ السِّيْرَةِ. حَدَّثَ. وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. سَمِعَ مِنْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنِ
= فَظَنَنْتُهُ غَيْرَهُ.
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله ابْنُهُ:
570 -
عَبْدُ اللهِ ذَكَرَهُ ابنُ الفُوَطِيِّ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (1/ 211) فَقَالَ: "عِزُّ العُلَمَاءِ، المُفِيْدُ، أَبُو المُظَفَّرِ عَبْدُ اللهِ بنُ عِمَادِ الدِّيْنِ يَحْيَى بنِ عَلِيِّ بنِ عَلِىِّ (كَذَا؟!) [عَبْدِ البَاقِي] بنِ عَنَانٍ الغَنَوِيُ خَوَاجَة الدُّوَيْدَارِ. ذَكَرَهُ شَيْخُنَا تَاجُ الدِّيْنِ أَبُو طَالِبِ فِي "تَارِيْخِهِ" وَقَالَ: كَانَ أَدِيْبًا، شَاعِرًا، مُتَرَسِّلًا، ذَا فِطْنَةٍ وَذَكَاءٍ. رُتِّبَ خَوَاجَةَ لِلأمِيْرِ عَلاءِ الدِّيْنِ أَبِي شُجَاعٍ ألطبرس بنِ عَبْدِ اللهِ الدَّوَاتِىِّ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ عَلاءُ الدِّيْنِ إِلَى الصَّيْدِ فِي خِدْمَةِ المًسْتَعْصِمِ بِاللهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ فَسَقَطَ، وَحُمِلَ فِي مَحَفَّةٍ إِلَى "بَغْدَادَ" فَقَالَ عِزُ الدِّيْنِ:
إِنِّي أُعِيْذُكَ يَا مَوْلايَ مِنْ أَلَمِ
…
يَا ذَا النُّهَى وَالعُلا وَالجُوْدُ وَالكَرَمُ
يَا مَنْ سُطَاهُ أَرَتْنَا الأُسْدَ خَاضِعَةً
…
وَمَنْ عَطَايَاهُ أَغْنَتْنَا عَنِ الدِّيَمِ
وَحَسْبُنَا شَرَفًا أَنَا بِأعْيُنِنَا
…
نَفْدِيْكَ مِنْ أَلَمٍ يَلْقَاكَ فِي القَدَمِ
وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ. وَلَقَبَهُ (عِزُّ العُلَمَاءِ) وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا سَبْقَ قَلَمٍ فَالَّذِي قَبْلَهُ وَالَّذِي بَعْدَهُ (عِزُ الدِّيْنِ) فَلابُدَّ أَنَّهُ كَذلِكَ. وَيُؤَيِّدُ ذلِكَ قَوْلُهُ -قَبْلَ الأبْيَاتِ-: "قَالَ عِزُّ الدِّيْنِ".
(1)
في (ط): "عِبَاد الدِّينِ" خَطَأ طبَاعَةٍ.
أَبِي الجَيْشِ، وَأَجَازَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ القَاضِي
(1)
، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ،
(1)
في (ط): "النَّاضي" خطَأ طِبَاعَةٍ أَيْضًا.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (643 هـ):
571 -
أحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيْلَ بْنِ عَلِىِّ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْن نَجَا الأنْصَارِيُّ، حَفِيْدُ الوَاعِظُ المَشْهُوْرِ أَبِي الحَسَنِ (ت: 599 هـ) الَّذِي ذَكَرَهُ المَؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (ورَقة: 25)، وَتَارِيْخِ الإسْلَامِ (149)، وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ عَمَهِ "عَبْدِ الرَّحِيْمِ" فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ.
572 -
أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي بكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ الجَمَالُ، أَبُو العَبَّاسِ، وَأَبُو عُمَرَ المَقْدِسِيُّ، أَخُوُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللهِ الآتِيَتَيْنِ فِي الاِسْتِدْرَاكِ عَلَى هَذِهِ السَّنَةِ. ذَكَرَهُ الحُسَيْنِيُّ فِي صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 32)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإسْلَامِ (151).
573 -
وَيَظْهَرُ أَنَّ ابْنَهُ عَبْدَ اللهِ بنَ أحْمَدَ بنِ عُمَرَ (ت:؟) عِمَادَ الدِّيْنِ أَبَا بَكْرٍ المَذْكُوْرِ فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (2/ 82) وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ أَيْضًا.
574 -
آمِنَةُ بِنْتُ إبْرَاهِيْمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ "قَرَأْتُ وَفَاتَهَا بِخَطِّ الضِّيَاءِ فِي رَبِيْعِ الآخِرِ، وَقَالَ: كَانَتْ كَثيْرَةَ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ وَالصِّيَامِ، وَأَظُنُهَا رَوَتْ بِالإِجَازَةِ".
575 -
وَآمِنَةُ بِنْتُ حَمْزَةَ، أُخْتُ القَاضِي تَقِيِّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانَ، زَوْجَةُ الحَافِظِ الضِّيَاءِ.
576 -
وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ العِمَادِ إبْرَاهِيْمَ بْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: 614 هـ) وَالِدُهَا ذَكَرَهُ المَؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: "قَدْ سَمِعْتِ الحَدِيْثَ، وَلَا أَدْرِيْ هَلْ رَوَتْ أَمْ لَا؟ ".
577 -
زَيْنَبُ بِنْتُ أحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ. عَمَّةُ القَاضِي تَقِىِّ الدِّينِ سُلَيْمَانَ.
578 -
وَزَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ، أُمُّ مُحَمَّدٍ، أُخْتُ الحَافِظِ الضِّيَاءِ.
579 -
وَسَارَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ أُمُّ حَمْزَةَ، وَجَدَّةُ القَاضِي تَقِىِّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانَ. وَوَالِدُهَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ (ت: 575 هـ) أَخُو الحَافِظِ الفَقِيْهِ الإِمَامِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ، وَأَخِيْهِ أَبِي عُمَرَ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهَا فِي اسْتِدْرِكِنَا.
580 -
وَصَفِيَّةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الشَّيْخِ أَبي عُمَرَ، عَمَّةُ القَاضِي تَقِيِّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانَ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَأُخْتُ زَينَبَ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ.
581 -
وَصَفِيَّةُ بِنْتُ إسْحَقَ بْنِ الخَضِرِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "سَمِعَتْ الحَدِيْثَ، وَمَاتَتْ فِي رَبِيع الآخِرِ سَمِعَتْ "المُسْنَدَ" كُلَّهُ مِنْ حَنْبَلٍ، وَسَمِعَتْ مِنِ ابْنِ طَبَرْزَدٍ، وَكَانَتْ مِنْ نِسَاءِ الجَبَلِ". وَالمَقْصُوْدُ جَبَلُ الصَّالِحِيَّة "قَاسِيُونَ" وَأَغْلَبُ سُكَّانِهِ آنِذَاكَ مِنَ الحَنَابِلَةِ.
582 -
وَصَفِيَّةِ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أحْمَدَ، مُوَفَّقِ الدِّيْنِ بْنِ قُدَامَةَ (ت: 620 هـ) الإمَامِ الفَقِيْهِ المَشْهُوْرِ. سَيَأْتِي ذِكْرُ أُخْتِهَا "فَاطِمَة" فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
583 -
وَصَفِيَّةُ بِنْتُ النَّاصِحِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ سَعْدٍ، أُمُّ مُحَمَّدٍ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: سَمِعَ مِنْهَا الزَّكِيُّ البِرْزَالِيُّ، وَالسَّيْفُ بْنُ المَجْدِ، وَ (أَنَا) عَنْهَا القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ. ذَكَرَهُنَّ جَمِيْعًا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإسْلَامِ (158 - 167).
584 -
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ، وَالِدُهُ جَمَالُ الدِّيْنِ عَبْدِ اللهِ أَبُو مُوْسَى (ت: 629 هـ) وَجَدُّهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ الإمَامُ المَشْهُوْرِ (ت: 600 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ الإسْلَامِ (174) قَالَ: "تُوُفِّيَ شَابًّا" لَهُ ذِكْرٌ في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (346) وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ إِخْوَتِهِ فِي تَرْجَمَةِ وَالِدِهِ.
585 -
وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بْنُ عَلِىِّ بْنِ إبْرَاهِيْمَ بْنِ نَجَا، أَبُو سَعْدِ الخَيْرِ الأنْصَارِيُّ. ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ عَلِيًّا (ت: 599 هـ) فِي مَوْضِعِهِ، وَاسْتَدْرَكْنَا وَالِدَتَهُ فَاطِمَةَ بت سَعْدِ الخَيْرِ الأنْصَارِيَّة (ت: 600 هـ) فِي مَوْضِعِهَا، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ابْنِ أَخِيهِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ عَلِيٍّ فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (179)، وَسَمِعَ مِنْ وَالِدَيْهِ، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَتَهَاوَنَ بِهِ أَبُوهُ، وَلَمْ يُسْمِعْهُ فِي صِغَرِهِ، وَلَا اسْتَجَازَ لَهُ
…
وَقَدْ سَمعَ مِنْهُ الزَّكِيُّ المُنْذِرِيُّ. وَرَوَى عَنْهُ الدِّمْيَاطِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ وَرَقَة (25)، وَمُعْجَمُ الدُّمْيَاطِيِّ (2/ ورقة: 37).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 586 - عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ اليُوْنِيْنِيُّ، الزَّاهِدُ، وَالِدُ أَحْمَدَ (ت: 699 هـ) مِنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ اليُوْنِيْنِيِّ (أَسَدِ الشَّامِ)(ت: 617 هـ) قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "كَانَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ الأوْلِيَاءِ" أَخْبَارُهُ فِي: العِبَرِ (5/ 393)، وَتَارِيْخِ الإسْلَامِ (168)، وَالشَّذَرَاتِ (5/ 443).
587 -
عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ، أَخُو "أَحْمَدَ" وَ"مُحَمَّدٍ" المَذْكُوْرَيْنِ فِي الاِسْتِدْرَاكِ عَلَى وَفَيَاتِ هَذه السَّنَةِ، سَبَقَ ذِكْرُ "أَحْمَدَ" وَسَيَأْتِي ذِكْرُ "مُحَمَّدٍ". أَخْبَارُهُ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (17).
588 -
وَعُبيْدُ اللهِ بْنُ جُبَارَةَ المَرْدَاوِيُ الصَّالِحِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيُّ. تُوُفِّيَ بِالجَبَلِ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ. كَذَا قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (183).
589 -
عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِىِّ بْنِ مَنْصُوْرِ المَعْرُوفِ بِـ"ابْنِ المُقَيَّرِ" المُسْنِدُ، الصَّالِحُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الحَسَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، الأزَجِيُّ، المُقْرِئُ، النَّجَّارُ مُسْنِدُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، بَلْ مُسْنِدُ الوَقْتِ، مِنْ كِبَارِ المُحَدِّثِيْنَ. وَإِغْفَالُ المُؤَلِّفِ ذِكْرَهُ سَهْوٌ مِنْهُ رحمه الله لَا يُعْذَرُ فِيْهِ؛ لِشُهْرَتِهِ وَتَمَيُّزِهِ. وَقَدْ اسْتَدْرَكَه ابْنُ حُمَيْدٍ النَّجْدِيُّ فِي هَامِشِ نُسْخَةِ (أ) وَرَقَة (179) عَنْ "تَارِيخِ السُّلْطَانِ ابْنِ رَسُوْلٍ"، وَذَكَرَهُ ابنُ رَسُوْلٍ في تَارِيْخِهِ "نُزْهَةِ العُيُوْنِ" (2/ وَرَقَة: 122)، وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 35)، وَمُعْجَمُ الدِّمْيَاطِىِّ (2/ 92)، وَتَكْمِلَةُ إِكْمَالِ الإكْمَالِ (333)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (1432)، وَتَارِيخُ الإسْلَامِ (189)، وَالعِبَرُ (5/ 178)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 119)، وَدُوَلُ الإِسْلَامِ (2/ 149)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (21/ 34)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (6/ 355) وَالشَّذَرَاتُ (5/ 223)، وَ"المُقَيَّرُ" بِفَتْحِ اليَاء المُشَدَّدَةِ، ذَكَرَ ذلِكَ الزَّبِيْدِيُّ فِي تَاجِ العَرُوْسِ (3/ 501) "قَيَرَ" وَقَالَ: قِيْلَ: سَقَطَ بَعْضُ آبَائِهِ فِي حُفَيْرٍ فِيهِ قَارٌ فَقِيْلَ لَهُ: "المُقَيَّرُ" وَهَذَا إِنَّمَا أَخَذَهُ الزَّبِيْدِيُّ مِنْ "مُعْجَمِ الدِّمْيَاطِىِّ" فَإِنَّهُ ذَكَرَ ذلِكَ. وَحَفِيْدُهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ المُقْرِئُ ابْنُ المُقَيَّرِ (ت: 699 هـ) حَنْبَلِيٌّ مَشْهُورٌ، لَمْ يَذْكُرُهُ المُؤَلِّفُ، نَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 590 - وَفَاطِمَة بِنْتُ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بْنِ أَحمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْن قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ (ت: 620 هـ) أُخْتُ "صَفِيَّةَ" المَذْكُوْرَةِ فِي الاِسْتِدْرَاكِ علَى وَفَيَاتِ هَذه السَّنَةِ أَخْبَارُهَا فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (198).
591 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ سَالِمِ بْنِ أبِي عَبْدِ اللهِ، أبُو عَبْدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ المعْرُوْفُ بِـ"الَبَدْرِ" النَّاسِخُ، مِنْ أَهْلِ "جَبَلِ الصَّالِحِيَّةِ" ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (203) وَقَالَ:"سَمعَ مِنْ يُوْسُفَ بْنِ مَعَالِي، وَالخُشُوْعِيِّ، وَابْنِ طَبَرْزَدٍ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ مَلِيْحَ الخَطِّ، كَرِيْمَ النَّفْسِ." لَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (497)، هُوَ وَأَخُوْهُ "عَبْدُ اللهِ"(387).
592 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ تَمِيْمِ بْنِ أحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ كَرَمٍ، أَبُو القَاسِمِ البَنْدَنِيْجِيُّ، البَغْدَادِيُّ المُعَدَّلُ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وَالِدَهُ تَمِيْمًا (ت: 597 هـ) وَعَمَّهُ أَحْمَدَ بْنَ أَحْمَد (ت: 615 هـ). أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: تَارِيْخِ الإسْلَامِ (205)، وَذَكَرَه فِي سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 146) وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ.
593 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ شَيْبَانَ بْنِ تَغْلِبَ الصَّالِحِيُّ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ أَخَاهُ أَحْمَدَ (ت: 685 هـ) وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِمَا فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (620 هـ) أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (206) قَالَ: "أَخُو المُسْنَدِ المُعَمَّرِ أَحْمَدَ".
594 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِىِّ، أَخُو "عَبْدِ الرَّحْمَنِ" المُتَقَدِّمِ فِي اسْتِدْرَاكِنَا علَى وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ. وَأَخُوْهُمَا حسَنٌ (ت: 659 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، أَمَّا مُحَمَّدٌ هَذَا فَذَكَرَهُ الحافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (206).
595 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ البَهَاءِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ، الفَقِيْهُ، تَقِىُّ الدِّيْنِ، أَبُو الرِّضَا المَقْدِسِيُّ، وَالِدُهُ البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَاحِبُ شَرْحِ العُمْدَةِ (ت: 624 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَلْيُرَاجِعْ مَنْ شَاءَ ذلِكَ هُنَاكَ. ذَكَرَ الحُسَيْنِيُّ فِي صِلَةِ التَّكْمِلَةِ وَرَقَة (34) وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (207)، تَحْقِيْقُ الدُّكْتُور عُمَر عَبْد السَّلامِ تَدْمُرِي، وَأَحَالَ مُحَقِّقُهُ عَنْ "صِلَةِ التَّكْمِلَة" وَقَالَ:"وَفِيْهِ اسْمُهُ مَحْمُوْدٌ"؟! وَهَذَا غَيْرُ صَحِيْحٍ، وَاسْمُهُ فِيْهِ وَاضِحٌ جِدًّا "مُحَمَّدٌ" وَالنُّسْخَة هِي النُّسْخَةُ، وَهِيَ بِخَطِّ مُؤَلِّفهَا. وَهذَا غَرِيْبٌ مِنْهُ. وَلِمُحَمَّدِ هَذَا ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (525). وَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُ ابْنَتِهِ: آمِنَةُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (690 هـ).
596 -
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي بكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُفْلحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، فَخْرُ الدِّيْنِ، تَقَدَّمَ اسْتِدْراكُ أَخَوَيْهِ "عَبْدِ اللهِ" وَ"أَحْمَدَ" فِي وَفَياتِ هَذه السَّنَةِ. أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (24) وَتَارِيْخِ الإسْلَامِ (215) وَلَهُ ذِكْرٌ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 147). ابْنُهُ عَلِيٌّ (ت: 697 هـ). سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
597 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيْسَى بْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد بْنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ وَالِدُهُ المَجْدُ عِيْسَى (ت: 615 هـ) وَجَدُّهُ الشَّيْخُ المُوَفَّقِ صاحِبُ المُغْنِي (ت: 620 هـ) وَأَخُوْهُ السَّيْفُ أَحْمَدَ (ت: 643 هـ)، ذَكَرَهُمْ المُؤَلِّفُ فِي مَوَاضِعهِمْ وَسَيَأْتي اسْتِدْرَاكُ أُخْتِهِ "عَائشَةَ" فِي وَفَيَاتِ (ت: 697 هـ) وابنَتِهِ صَفِيَّةَ (ت: 682 هـ) إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، أَخْبَارُ مُحَمَّدٍ فِي: تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (216)، قَال:"أَخُو سَيْفُ الدِّيْنِ أَحْمَدَ. تُوُفِّيَ شَابًّا فِي جُمَادَى الأُوْلَى، وَكَانَ قَدْ تَفَقَّهَ عَلَى جَدِّهِ، وَمَا أَظُنُّهُ حَدَّثَ".
598 -
مُؤْمِنَةُ بنْتُ عَبْدِ الدَّائِمِ بْنِ نِعْمَةَ المَقْدِسِيَّةُ، أُخْتُ شِهَابِ الدِّيْنِ أَحْمَدَ (ت: 668 هـ) ذَكَرَهَا المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهَا. ذَكَرَهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلَامِ (228)، وَذَكَرَ لَهَا أُخْتًا فِي وَفَيَاتِ هذِهِ السَّنَةِ لَمْ يَتَّضِحْ اسْمُهَا فِي النُّسْخَةِ المَطْبُوْعَةِ بِتَحْقِيْقِ الدُّكتُور عُمَرَ عبْد السَّلامِ تَدْمُرِي.
599 -
وَنَاجِي بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ الغَنِىِّ بنِ أَبِي البَرَكاتِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ بن سَعِيْدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ"ابنِ الخَبَّازِ". ذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمَهِ (2/ 177) وَقَالَ:"وَاسْمُهُ عَبْدُ اللهِ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ نَاجِي بنِ الحَنْبَلِىِّ بِقِراءَتِي عَلَيْهِ بِـ"بَغْدَادَ"
…
" وَذَكَرَ وَفَاتَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِظَاهِرِ "القَاهِرَةِ" وَدُفِنَ بِسَفْحِ المُقَطَّمِ.
وَعِيْسَى المُطَعِّمِ وَغَيْرِهِمْ.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الأحَدِ سَلْخَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ. وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِـ"بَابِ حَرْبٍ".
379 - مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَبدِ المُنْعِم
(1)
البَغْدَادِيُّ المَرَاتِبِيُّ،
نَزِيْلُ "دِمَشْقَ"
= 600 - نَصْرُ اللهُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ نَجْمِ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَنْبَلِيُّ، مِنْ "آلِ ابنِ الحَنْبَلِيِّ" الأُسْرَةُ العِلْمِيَّةِ المَشْهُوْرَةِ فِي بِلَادِ الشَّامِ، كُلُّ آبَائِهِ تَرْجَمَ لَهُمْ المُؤَلِّفُ في مَوَاضِعِهِمْ، وَالِدُهُ: أَحْمَدُ بْنُ نَجْمٍ (ت: 626 هـ) أَخْبَارُ نَصْرِ اللهِ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 34)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (230).
601 -
وَأبُو بكرِ بْنُ أحمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، الخَبَّازُ. كَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (237)، وَقَالَ: وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. شَيْخٌ، حَسَنُ السَّمْتِ، مِنْ أَهْلِ "العُقَيْبَة"، يُعْرَفُ بِـ"القَاضِي".
(1)
379 - تَقِيُّ الدِّيْنِ المَرَاتِبِيُّ (؟ - 644 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقَة: 72)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 505)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 257)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 387). وَيُرَاجَعُ: ذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (179)، وَالعِبَرُ (5/ 184)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (158)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (5/ 11)، والبِدَايَةُ والنِّهَايَةُ (13/ 172)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 230)، (7/ 498). وَزَوْجَتُهُ: حَبِيْبَهُ بِنْتُ الشَّيْخ أَبي عُمَرَ (ت: 674 هـ). وَابْنُهُ: مَحْمُوْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ مَحْمُوْدٍ (ت: 716 هـ) نَذْكُرُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَلِمَحْمُوْدٍ بَنَاتٌ ذَكَرَهُنَّ البِرْزَالِيُ فِي "المُقْتَفَى". وَابْنتهُ: خَدِيْجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ (ت: 699 هـ)، وَأختُهَا: آمِنَةُ في وَفَيَاتِ سَنَةِ (699 هـ) أَيْضًا، نَذْكُرُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وفي (ط): "المَرَابِتِيُّ" خَطَأُ طِبَاعةٍ. وَ (المَرَاتِبِيُّ) مَنْسُوْبٌ إِلَى "بَابِ المَرَاتِبِ" =
الفَقِيْهُ، الإمَامُ، تَقِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، أَحَدُ فُضَلَاءِ الفُقَهَاءِ. صَحِبَ بِـ"بَغْدَادَ" أَبَالبَقَاءِ العُكْبَرِيَّ، وَأَخَذَ عنْهُ. ثُمَّ قَدِمَ "دِمَشْقَ" وَصَاحَبَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ، وَبَرَعَ وَأَفْتَى. قَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ عَالِمًا، فَاضِلًا، ذَا فُنُوْنٍ، وَلِيَ بِهِ صُحْبَةٌ قَدِيْمَةٌ، وَبَعْدَهُ لَمْ يَبْقَ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ مِثْلَهُ بِـ"دِمَشْقَ".
تُوُفِّيَ فِي الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
= وَهُوَ البَابُ الجَنُوْبِيُّ مِنْ أَبْوَابِ "بَغْدَادَ" ثُمَّ نَشَأَتْ حَوْلَهُ مَحِلَّةٌ مِنْ أَوْسَعِ وَأَجْمَلِ مَحَالِّ "بَغْدَادَ" يَسْكُنُهَا الوُزَرَاءُ، وَالقَادَةُ، وَالأُدَبَاءُ، وَعِلْيَةُ القَوْمِ، كَذَا فِي القَرْنِ الخَامِسِ الهِجْرِي، ثُمَّ أَصْبَحَ بَعْدَ ذلِكَ كَالمَهْجُوْرِ. وَيُنْسَبُ إِلَيْهِ كَثِيْرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالَفَضْلِ مِنْهُمْ المُتَرْجَمُ. يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (1/ 370).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (644 هـ):
602 -
ضَوْءُ بْنُ مُصْبحِ بْنِ فَتُّوْحٍ، جَمَالُ الدِّيْنِ، الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيُّ، الوَكِيْلُ. كَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإسْلَامِ (252)، فِي وَفَيَاتِ هَذَا العَامِ، وَقَالَ:"سَمِعَ مِنْ حَنْبَلٍ، وَحَدَّثَ هَذَا العَامِ، وَلَمْ يَلْقَهُ الدِّمْيَاطِيُّ، رَوَى لَنَا عَنْهُ إِسْحَقُ النَّحَّاسُ".
603 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ سَعْدِ اللهِ، أَبُو بَكْرِ الحَنْبَلِيُّ الحَبَلِيُّ، مُخَلَّصُ الدِّيْنِ، الفَقِيْهُ. أَخْبَارُهُ فِي: ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ (179)، وَمَجْمَعِ الآدَابِ (5/ 160)، وَتَارِيخِ الإسْلَامِ (257).
604 -
وَنَصْرُ اللهِ بْنُ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ رَسْلَانَ بْنِ فِتْيَانَ بْنِ كَامِلٍ الأنْصَارِيُّ الدِّمَشْقِىُّ الحَنْبَلِىُّ، العَدْلُ، المَعْرُوفُ بِـ"ابْنِ البَعْلَبَكِيُّ". كَذَا قَالَ الحُسَيْنِىُّ فِي صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 39).
605 -
وَيُوْسُفُ بْنُ إسْمَاعِيْلَ بْنِ ابْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَلْحَةَ، أَبُو العِزِّ المَقْدِسِىُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِىُّ، التَّاجِرُ. أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 39)، وَتَارِيخ الإِسْلَامِ (261).
وَسِتِّمَائَةَ بِـ"دِمَشْقَ" وَدُفِنَ بِسَفْحِ "قاسِيُونَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى.
قَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ الفَقِيْهِ، أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّيْنِ المَرَاتِبِىُّ لِغَيْرِهِ:
أَيَحْسُنُ أَنْ أَظْمَا وَأَحْوَاضُ بِرِّكُمْ
…
عِذَابٌ، وَمَنْ وُرَّادِهَا أَنَا مَعْدُوْدُ
يَعُوْمُ بِهَا غَيْرِي وَيَرْوَى وَإِنَّنِي
…
عَلَى ظَمَأٍ مِنْهَا مُذَادٌ وَمَطْرُوْدُ
380 - عَلِيُّ بنُ إبْراهِيْمَ
(1)
بْنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ المُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ بَكْرُوسِ بْنِ سَيْفٍ التَّمِيْمِيُّ الدِّيْنَوَرِيُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ بْنُ أَبِي مُحَمَّدِ ابْنِ أَبي الحَسَنِ.
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ
(2)
.
(1)
380 - أبُو الحَسَنِ بْنُ بَكْرُوسٍ (588 - 645 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 72)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 209)، والمَنْهَجِ الأحمَدِ (4/ 257)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 388). وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 44)، وَتَارِيخُ الإسْلَامِ (257)، وَالشَّذرَاتُ (5/ 232)، (7/ 401).
(2)
أَبُوهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (611 هـ) وَجَدُّهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (576 هـ) كَمَا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ عَمَّهُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بْنِ المُبَارَكِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (573 هـ).
وَممَّا يَغْلِبُ علَى الظَّنِّ أَنَّهُ مِنَ الحَنَابِلَةِ فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ:
606 -
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ العَبْدُوْنِيُّ الحَرَّانِيُّ، عَتِيقُ عَبْدُوْنَ الرُّهَاوِيِّ: ذَكَرَهُ الشَّرِيْفُ الحُسَيْنِيُّ فِي صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 44)، وَقَالَ: سَمِعَ بِـ"حَرَّانَ" مِنْ أَبِي يَاسِرٍ عَبْدِ الوَهَّابِ ابْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ أَبِي حَبَّةَ، وَسَمِعَ بِـ"بَغْدَادَ" مِنْ أَبِي القَاسِمِ ذَاكِرِ بْنِ كَامِلٍ الخَفَّافِ، وَأَبِي القَاسِمِ يَحْيَى بْنِ أَسْعَدَ بْنِ بُوْشٍ، وَأَبِي الفَرَجِ عَبْدِ المُنْعِمِ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ كُلَيْبٍ وَالإمَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِىِّ بْنِ الجَوْزِيِّ
…
وَكَانَ شَيْخًا، صَالِحًا، وَنَسَبَهُ بَعْضُهُمْ =
وُلِدَ فِي تَاسِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَأَسْمَعَهُ وَالِدُهُ الكَثِيْرَ -فِي صِغَرِهِ- مِنْ ابْنِ بُوْشٍ، وَابْنُ كُلَيْبٍ، وَتَفَقَّهَ، وَحَدَّثَ وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ القَزَّازُ، وَأَجَازَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ الحَاكِمِ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ سَادِسَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمائَةَ.
381 - أحْمَدُ بْنُ سلَامَةَ
(1)
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّجَّارُ، الحَرَّانِيُّ، المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ،
= فقَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ القَاهِرِ
…
" وَيُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الإسْلَامِ (273).
(1)
369 - أبُو العَبَّاسِ النَّجَّارِ الحَرَّانِيُّ (؟ - 646 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصرِ الذَّيْل عَلَى طَبَقَاتِ الحنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 72)، وَالمَقْصدِ الأرْشَدِ (1/ 112)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 258)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 388). وَيُرَاجَعُ: تَارِيخُ الإسْلَامِ (258)، وَالعِبَرُ (5/ 188)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 233)(7/ 404)، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّة (175). وَسِبْطُهُ: أبُو بكْرِ بْنُ يُوْسُفَ بْنِ خَضِرَ بْنِ حَرْبِ بْنِ مَفرِّجِ الحَرَّانِيُّ (ت: 714 هـ). وَسِبْطُهُ الآخَرُ: أحْمَدُ الحَرَّانِيُّ المَعْرُوف بِـ"المَنْجَنِيْقِي"(ت: 714 هـ) ذَكَرَهُمَا الحَافِظ البِرْزَاليُّ فِي المُقْتَفَى (2/ وَرَقَة: 63، 209)، وَذَكَرَ أَنَّهُمَا سِبْطَاهُ وَنَذْكُرُهُمَا فِي مَوْضِعَيْهِمَا مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (646 هـ):
607 -
عَلِيُّ بْنُ يَحْيىَ بْنِ المُخَرِّمِيِّ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَخُو المُبَارَكُ بْنُ يَحْيَى، فَخْرُ الدِّيْنِ (ت: 664 هـ) ذَكَرَ المُؤَلِّفُ جَدَّهُمَا الأعْلَى المُبَارَكَ بْنَ عَلِىِّ (ت: 513 هـ) وَذَكَرْنَا فِي هَامِشِ تَرْجَمَتِهِ مَنْ عَرَفْنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. أَمَّا جَمَالُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى هَذَا فَقَالَ صَاحِبُ الحَوادِثِ الجَامِعَة (280): "شَابٌّ، فَاضِلٌ، أَدِيْبٌ، حَافِظٌ للْقُرْآنِ المَجِيْدِ، كَانَ يَنُوْبُ أَخَاهُ فَخْرَ الدِّيْنِ المُبَارَكَ بْنَ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= المُخَرمِيِّ إِلَى أَنْ عُزِلَ، وَوُكِّلَ بِهِمَا، فَلَمَّا أُفْرِجَ عَنْهُمَا تَشَاغَلَ جَمَالُ الدِّيْنِ بِالعِلْمِ وَزِيَارَةِ أَصْحَابِهِ وَإِخْوَانِهِ، وَأَلَّفَ كِتَابًا مُخْتَصَرًا سَمَّاُهُ "نَتَائِجَ الأفْكَارِ" يَشْتَمِلُ عَلَى رِيَاضَةِ النَّفْسِ، وَمَدْحِ العَقْلِ، وَذَمِّ الهَوَى، وَكَانَ يَقُوْلُ شِعْرًا جَيِّدًا، وَلَهُ أَشْعَارٌ كَثيْرَةٌ، وَرَثَاهُ أَخُوهُ فَخْرُ الدِّيْنِ بِقَوْلهِ:
لَقَدْ شَفَّنِي وَجْدِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي
…
وَحَلَّ عَزَائِي بَعْدَ مَوْتِ المُخَرِّمِي
أَخِي وَابْنِ أُمِّي وَالذِي كَانَ نَاظِرِي
…
وَسَمْعِي وَرُوْحِي بَيْنَ لَحْمِي وَأَعْظُمِي
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، أَحَدُ الأذْكِيَاءِ المَوْصُوْفِيْنَ كَانَ مُتَوَقِّدَ القَرِيْحَةِ، وَمَاتَ شَابًّا، وَرَثَاهُ أَبُو المَعَالِي القَاسِمُ بْنُ أَبِي الحَدِيْدِ. وَقَدْ نَابَ عَنْ أَخِيهِ الرَّئِيْسِ أَبِي سَعْدٍ المُبَارَكِ فِي صَدْرِيَّةِ دِيْوَانِ الزِّمَامِ، فَلَمَّا عُزِلَ أَخُوْهُ أَقْبَلَ علَى عِلْمِ القُرْآنِ، وَالحَدِيْثِ، وَالعِبَادَةِ، وَكَانَ سُنِّيًّا أَثَرِيًّا رحمه الله".
أقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أعْتَمِدُ-: قَصِيْدَةُ أَبي المَعَالِي بْنِ أَبِي الحَدِيْدِ فِي "المُخْتَارِ مِنْ تَارِيخِ ابْنِ الجَزَرِي". أَخْبَارُ عَلِيٍّ المُخَرِّمِيِّ فِي: الحَوَادِثِ الجَامِعَةِ (280)، والمُخْتَارِ مِنْ تاريخ ابنِ الجَزَرِيِّ (214)، وَتَارِيْخِ الإِسْلَامِ (323) وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (13/ 175).
608 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيْلَ بنِ حَمْزَةِ بْنِ أَبِي البَرَكَاتِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنِ الطَّبَّالِ البَغْدَادِيُّ، الأزَجِيُّ، الدَّقَّاقُ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ والِدُهُ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (607 هـ) وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ. أَخْبَارُهُ هُو فِي: تَارِيْخ الإسْلَام (328).
609 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَوْشِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الإِسْعِرْدِيُّ، المُقْرِيءُ الحَنْبَلِيُّ، التَّاجِرُ، كَذَا قَالَ الحُسَيْنِيُّ فِي صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 48)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَاريخِ الإِسْلَامِ (330) وَهُوَ فِي المُقَفَّى الكَبِيْرِ (6/ 425).
وَلَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (647 هـ) أحَدًا، وَفِيْهَا:
610 -
إِبْرَاهِيْمُ بْنُ يَحْيىَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العَكِّيُّ الشَّقْرَاوِيُّ الحَنْبَلِيُّ، كَذَا قَالَ الحَافِظُ =
الصَّالِحُ، القُدْوَةُ، أَبُو العَبَّاسِ. سَمِعَ الكَثيْر مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الأجْزاءَ، وَالطِّبَاقَ، وَصَحِبَ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ المَقْدِسِيَّ، وَالحَافظَ عَبْدَ القَادِرِ الرُّهَاوِيَّ، وَالشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدَسِيَّ، وَسَمِعَ مِنْهُمْ، وَحَدَّثَ. وَسَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: سَمِعْتُ عَلَيْهِ كَثيْرًا، وَكَانَ مِنْ دُعَاةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَوُلَاتِهِمْ، مَشْهُوْرًا بِالزُّهْدِ، وَالوَرَعِ وَالصَّلَاحِ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسُتِّمَائَةَ بِـ"حَرَّانَ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
382 - إِبْرَاهِيمَ بْن مَحْمُود
(1)
بْنِ سَالِمِ بْنِ مَهْدِي بْنِ الحُسَيْنِ، البَغْدَادِيُّ،
= الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإسْلَامِ (336)، وَقَالَ: فَقِيْهٌ، صَالحٌ وَلِيَ الخَطَابَةَ فِي "البَرِّ" وَرَوَى عَنِ الخُشُوْعِيِّ، وَالحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَرَوَى لَنَا عَنْهُ النَّجْمُ، وَأَبُو بَكْرٍ الدَّشْتِيُّ، حَدَّثَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَا أَعْلَمُ مَتَى مَاتَ.
يَقُوْلُ الفَقِيْرُ إلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ سُلَيْمَانَ العُثَيْمِيْنَ: وَأَبْنَاؤُهُ: إِسْحَقُ ابنِ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 678 هـ)، ومُوْسَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ (ت: 702 هـ) ذَكَرَهُمَا المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعَيْهِمَا، وَيَحْيىَ بن إِبْرَاهِيْمَ (ت:؟) في مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّة (630). وَعَبْدُ القُدُّوْسِ (ت: 686 هـ) سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَعَطِيَّةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَالِدُ مُوْسَى بنُ عَطِيَّة، وَحَفِيْدُهُ يَحْيىَ بنُ مُوْسَى بنِ عطِيَّةَ. وَالعِلْمُ فِي أُسْرَتهِمْ كَثيْرٌ.
611 -
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بْنُ مَحْمُودٍ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ العَدَوِيُّ المُضَرِيُ الأصْلِ، الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (363) وَقَالَ: حَدَّثَ عَنْ حَنْبَلٍ وَابْن طَبَرْزَدَ
…
وَيُعْرَفُ بِـ"الإغْمَاتِيِّ" رَوَى عَنْهُ الدِّمْيَاطِيُّ، وَإِسْحَاقَ الصَّفَّارُ. يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ الدِّمْيَاطِيِّ (2/ ورقة: 50) وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 53).
(1)
382 - ابنُ الخَيِّر الأزَجِيُّ (563 - 648 هـ): =
الأزَجِيُّ المُقْرِيءُ، المُحَدِّثُ، المَعْرُوفُ بِـ"ابْنِ الخَيِّرِ" -وَهُوَ لَقَبٌ لأبِيْهِ مَحْمُودُ- بْنُ مُحَمَّدِ أَبُو مُحَمَّدِ بنُ أَبِي الثَّنَاءِ
(1)
. وُلِدَ فِي سَلْخِ ذِي الحِجَّةِ سنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَقَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوخِ، وَسَمِعَ فِي صِبَاهُ بِإِفَادَةِ وَالِدِهِ الكَثيْرَ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ بْنِ عَبْدِ الخَالِقِ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بنِ
(2)
عَلِي بْنِ شِيْرَوَيْهِ الخَبَّازِ، وَشُهْدَةَ
= أَخبَارُهُ فِي: مُختَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 72)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2831)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 259)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 389). وَيُرَاجَعُ: تَكْمِلَةُ الإكْمَالِ (2/ 468)، ومُعْجَمُ الدِّمْيَاطِي (1/ ورقة: 141)، وصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 61)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (380)، وَسِيَرُ أعْلَامِ النُّبلَاءِ (23/ 235)، وَالإشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (348)، وَالإعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأعْلَامِ (270)، وَالعِبَرُ (5/ 198)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (204)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1410) وَالمُشْتَبَهُ (1/ 194)، وَالمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 235)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (6/ 142)، وَغَايَةُ النِّهَايَةِ (1/ 27)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (1/ 454)، وَتَوْضِيْحُ المُشْتَبَهِ (3/ 479)، وَتَبْصِيرُ المُنْتَبهِ (553)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (7/ 22)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 240) (7/ 415). قَالَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِىُّ:"قَرَأْتُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَحْمُوْدٍ الخَيِّرِ بِـ"بَغْدَادَ" بِـ"بَابِ الأزجَ" وَهُوَ أَوَّلُ شَيْخٍ لَقِيْتُهُ بِـ"بَغْدَادَ" وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فِي الدَّخْلَةِ الأُوْلَى. أَخْبَرَتْكَ الجِهَةُ الكَاتِبَةُ فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ بِنْتُ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ الفَرَجِ بنِ عُمَرَ الدِّيْنَوَرِيِّ الإِبَرِيِّ بِقِرَاءَةِ الحَافِظِ عَبْدِ العَزِيْزِ [بنِ] الأخْضَرِ عَلَيْهَا
…
".
(1)
فِي (ط): "مَحْمُوْد بن مُحَمَّد بنِ الثَّنَاءِ".
(2)
سَاقِطٌ من (ط).
الكَاتِبَةِ، وَخَدِيْجَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ النَّهْرَوَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الفَتْحِ بْنُ البَطِّيِّ، وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ، وَكَانَ لَهُ بِهِ مَعْرِفَةٌ، وَقَرَأَ القُرْآنَ، وحَدَّثَ بِالكَثِيْرِ مُدَّةً، وَكَانَ أَحَدَ المَشَايخِ المَشْهُورِيْنَ بِالصَّلَاحِ، وَعُلُوِّ الإِسْنَادِ، دَائمَ البِشْرِ، مُشْتَغِلًا بِنَفْسِهِ، مُلَازِمًا لِمَسْجِدِهِ، حَسَنَ الأخْلَاقِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمَاعُهُ صَحِيْحٌ، وَهُوَ شَيْخٌ مُكْثِرٌ، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ. مِنْهُمْ ابْنُ الحُلْوَانِيَّةِ، وَابْنُ العَدِيْمِ، وَالدِّمْيَاطِيُّ
(1)
، وَبِالإِجَازَةِ جَمَاعةٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا: زَيْنَبُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ المَقْدِسِيِّ
(2)
.
وَتُوُفِّيَ آخِرَ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ سَابعَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه
(3)
.
383 - وَكَانَ وَالدُهُ شَيْخًا، صَالِحًا، ضَرِيْرًا،
حَدَّثَ عَنِ ابْنِ نَاصِرٍ وَغَيْرِهِ.
(1)
وَذَكَرَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ مِنْهُمْ أَيْضًا: جَمَالَ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيَّ، وَالخَطِيْبَ عِزَّ الدِّيْنِ الفَارُوثِىَّ، وَتَقِيَّ الدِّيْنَ بنَ الوَاسِطِيِّ، وَالشَّيْخَ مُحَمَّدًا السَّمْعِىَّ وَالشَّيْخَ مُحَمَّدًا القَزَّازَ، وَالشَّيْخَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ المَقْيَّرِ، وَأَبَا القَاسِمِ بْنَ بَلْبَانَ، وَأَبَا الحَسَنَ الغَرَّافِيَّ وَخَلْقًا كَثِيْرًا.
وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وَكَانَ شَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيُّ يَتَنَدَّمُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَدْرِ أَنَّ "جُزْءَ الحَفَّارِ" سَمَاعَهُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَالَ لَنَا: مَاتَ فِي سَابِعَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُوْدَةً، قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَكَتَبَ بِخَطَّهِ كَثيْرًا مِنَ الكُتُبِ المُطَوَّلَاتِ، وَلَقَّنَ خَلْقًا. كَتَبْتُ عَنْهُ شَيْئًا يَسِيْرًا عَلَى ضَعْفٍ فِيْهِ".
(2)
تُوُفِّيَتْ سَنَةَ (740 هـ) نَسْتَدْرِكُهَا فِي مَوْضعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(3)
في "مُعْجَمِ الدِّمْيَاطِىِّ": "وَمَاتَ بِهَا عَشِيَّة الثُّلَاثَاءِ
…
وَحَضَرْتُ ذلِكَ
…
".
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّمَائَةَ
(1)
.
384 - يوْسُفُ بْنُ خَلِيْلِ
(2)
بْنِ قُرَاجَا بْنِ عَبْدِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ، الأدَمِيُّ، المُحَدِّثُ الحَافِظُ، ذُو الرِّحْلَةِ الوَاسِعَةِ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَجَّاجِ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ"دِمَشْقَ". وَتَشَاغَلَ بِالكَسْبِ إِلَى الثَّلَاثِيْنَ مِنْ عُمُرِهِ
(3)
ثُمَّ طَلَبَ الحَدِيْثَ، وَتَخَرَّجَ بِالحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَاسْتَفْرَغَ فِيْهِ وُسْعَهُ، وَكَتَبَ مَا لَا يُوْصَفُ بِخَطِّهِ المَلِيْحِ المُتْقَنِ. وَرَحَلَ إِلَى الأقْطَارِ،
(1)
اسْتَدْرَكْتُهُ فِي وَفَيَاتِهَا، وَأَشَرْتُ هُنَاكَ إِلَى أَنَّهُ مَذْكُوْرٌ هُنَا.
(2)
384 - ابْنُ خَلِيْلٍ (555 - 648 هـ):
أَخْبَارُهُ فِيْ: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 72)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (3/ 133)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 260)، وَمُختَصرِهِ "الدُّرَ المُنَضَّدِ" (1/ 389). وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ لِلْحُسَيْنِي (وَرَقَة: 59)، وَالمُسْتَفَادُ مِنْ ذَيْلِ تَارِيخِ بَغْدَادَ (441)، وَتَارِيخُ الإِسْلَامِ (406)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 151)، وَالعِبَرُ (5/ 201)، وَالإشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَانِ (348)، وَالإعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأعْلَامِ (270)، وَتَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ (4/ 1410)، وَذَيْلُ التَّقْيِيْدِ (2/ 319)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (7/ 22)، والسُّلُوْكُ (1/ 2/ 381)، وَطَبَقَاتُ الحُفَّاظ للسُّيُوْطِيٍّ (495)، وَتَارِيْخُ الخُلَفَاءِ لَهُ (476)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 243)، (7/ 419)، وَتَارِيْخُ الصَّالِحِيَّةِ (436)، وَإِعْلَامُ النُّبَلَاءِ (4/ 399). وَأَخَوَاهُ يُوْنُسُ (ت: 668 هـ)، وَإبْرَاهِيْم (ت: 658 هـ) لَا أَعْلَمُ أَنَّهمَا حَنْبَلِيَّانِ.
(3)
في "تَارِيْخِ الإسْلَامِ": وَكَانَ مُشْتَغِلًا بِصنْعَتِهِ إِلَى أَنْ صَارَ ابْنَ نَيِّفٍ وَثَلَاثِيْنَ سَنَةً، فَأَخَذَ يَسْمَعُ الحَدِيْثِ.
سَمِعَ بِـ"دِمَشْقَ" مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَابْنِ أَبِي عُصْرُوْنَ، وَابْنِ المَوَازِيْنِىِّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِىِّ، وَالخُشُوْعِيِّ، وَالجَنْزَوِيِّ، وَالكِنْدِيِّ. وَسَمِعَ بِـ"بَغْدَادَ"
(1)
مِنِ ابنِ كُلَيْبٍ، وَابنِ بُوْشٍ
(2)
، وَذَاكِرِ بْنِ كَامِلٍ، وَأَبي مَنْصورِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَخَلْقٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَطَبَقَتِهِ، وَدَخَلَ "أَصْبَهَانَ"
(3)
، وَسَمِعَ بِهَا مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
(4)
الحَمَّالِ، وَالرَّارَانِيِّ
(5)
، وَاللَّبَّانِ، وَالكَرَّانِيِّ، وَالصَّيْدَلَانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاغِدِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّرَسُوْسِيِّ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبي عَلِيِّ بْنِ الحَدَّادِ، ثمَّ عَادَ إِلَى "دِمَشْقَ". وَرَحَلَ إِلَى "مِصْرَ" فَسَمِعَ بِهَا مِنَ البُوْصَيْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بْنِ يَاسِيْنَ وَغَيْرِهِمَا. وَكَانَ إِمَامًا، حَافِظًا، ثِقَةً، ثَبْتًا، عَالِمًا، وَاسِعَ الرِّوَايَةِ، جَمِيْلَ السِّيْرَةِ، مُتَّسِعَ الرِّحْلَةِ، تَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ بِأَشْيَاءَ كَثيْرَة عَنِ الأصْبَهَانِيِّيْنِ. وَخَرَّجَ، وَجَمَعَ لِنَفْسِهِ "مُعْجَمًا"
(6)
(1)
دُخُوْلُهُ "بَغْدَادَ" سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ.
(2)
في (ط): "ابْنُ يُوْنُس" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ بِـ"بَغْدَادَ" عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ الأزَجِيُّ، وَرَجَبُ بُنْ مَذْكُوْرٍ.
(3)
رَحِيْلُهُ إِلَى "أَصْبَهَانَ" سَنَةَ (591 هـ).
(4)
في "تَارِيخ الإسْلَامِ": "مِنْ مَسْعُودٍ".
(5)
في (ط): "الرازاني" خَطَأُ طِبَاعَةٍ، سَبَقَ تَصْحِيْحُهُ ص (396).
(6)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "سَمِعْتُهُ مِنِ ابْنِ الظَّاهِرِيِّ وَ"عَوَالِي" وَ"فَوائِدَ" كَثيْرَةً سَمِعْنَا عَامَّتَهَا. وَتَفَرَّدَ بِأَشْيَاءَ كَثيْرَةِ مِنْ حَدِيْثِ "أَصْبَهَانَ" لِخَرَابِهَا، وَاسْتِيْلَاءِ الهَلَاكِ عَلَيْهَا، مَعَ أَنَّهُ مَا رَحَلَ إِلَيْهَا حَتَّى مَضَى مِنْ عُمُرِهِ عُنْفُوَانِ الشَّبِيْبَةِ، وَصَارَ ابْنِ سِتٍّ وَثَلَاثِيْنَ سَنَةَ". أَقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: وَقَدْ وَقَفْتُ علَى نُسْخَةِ مِنْ "مُعْجَمِهِ" فِي مَكْتَبَةِ =
عَنْ أَزْيَدِ مِنْ خَمْسِمَائَةَ شَيْخٍ، وَثُمَانِيَّاتٍ
(1)
وَعَوَالِيَ
(2)
، وَفَوَائِدَ
(3)
غَيْرَ ذلِكَ.
وَاسْتَوْطَنَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ "حَلَبَ" وَتَصَدَّرَ بِجَامِعَهَا، وَصَارَ حَافِظًا، وَالمُشَارَ إِلَيْهِ بِعِلْمِ الحَدِيْثِ بِهَا. حَدَّثَ بِالكَثيْرِ مِنْ قِبَلِ السِّتِّمَائَةَ، وَإِلَى آخِرِ عُمُرِهِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ البِرْزَالِيُّ. وَمَاتَ قَبْلَهُ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ
(4)
سَنَةً، وَسَمِعَ مِنْهُ الحُفَّاظُ القُدَمَاءُ، كَابْنِ الأنْمَاطِيِّ، وَابْنِ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنِ نُقْطَةَ، وَابْنِ النَّجَّارِ، وَالصَّرِيْفِيْنِيِّ، وَعُمَرَ بْنِ الحَاجِبِ، وَقَالَ: هُوَ أَحَدُ الرَّحَّالِيْنَ، أَوْحَدُهُمْ فَضْلًا،
= المَتْحَف (طُوْبقَبُوسَرَاي) بتُركيا، تَدَاخَلَتْ أَوْرَاقُهَا بِكِتَابٍ آخَرَ، وَتَقَدَّمَتْ بَعْضُ أَوْرَاقُهَا عَلَى بَعْضِ، لَا يَنْقُصُهَا إِلَّا القَلِيْلَ، صَوَّرَتْهَا بِعْثَةُ الجَامِعَة العَرَبِيَّة (مَعْهَدُ المَخْطُوطَاتِ) وَنُسِبَت فِي فِهرَس المَعْهَدِ إِلَى "شَمْسِ الدِّيْنِ الحُسَيْنِيِّ؟ " وَهِيَ مِنْ مَصَادِرِي.
(1)
ثُمَانِيَّاتُهُ هَذِهِ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ مَجُمُوع (59)(ق 1 - 19) بِعُنْوَانِ: "الأحَادِيث الثَّمَانيَّات الأُوْلَى".
(2)
عَوَالِيْهِ هَذِهِ قَالَ عَنْهَا الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "خَرَّجَ لِنَفْسِهِ "الثُّمَانِيَّاتِ" وَأَجْزَاء عَوالِي كـ"عَوالِي هِشَام بْنِ عُرْوَةَ"، وَ"عَوَالِي الأعْمَشِ"، و"عَوَالِي أَبِي حَنِيْفَةَ"، وَ"عَوَالِي أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ"، وَفِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ مَجْمُوْعُ (7) (ق 43 - 48) وَنُسْخَةٌ ثَانِيَةٌ مَجْمُوْعٌ (61) (ق 120 - 121) "عَوَالِي أَبِي حَنِيْفَةَ" وَفِي المَكْتَبَة المَذْكُوْرَةِ مَجْمُوع (61) (ق 179 - 192) عَوَالِي "هِشَام بْن عُرْوَةَ".
(3)
فَوَائِدُهُ فِي دَارِ الكُتُبِ المِصرِيَّةِ رَقم (2024) حَدِيث في (46) وَرَقَة، وَلَعلَّهَا صَفْحَة؟! وَعَنْهَا في الدَّارِ نَفْسِهَا رقم (25620 ب). وَلَهُ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ "جُزْءٌ عَنْ عَشَرَةِ مَشَايِخِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَلِى الحَدَّادِ مَجْمُوع (12) (ق 158 - 197) وَ"المُنْتَخَب مِنْ كِتَابِ قَضَاءِ الحَوَائِج" مَجْمُوعْ رَقم (1373) (ق 162 - 163) وَلَهُ "تَارِيخٌ" وَ"رُبَاعِيَّاتٌ".
(4)
في (ط): "عشر". وَوَفَاةُ البِرْزَالِيِّ سَنَةَ (636 هـ) وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ.
وَأَوْسَعُهُمْ رِحْلَةً، نَقَلَ بِخَطِّهِ المَلِيْحِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الحَصْرِ، وَهُوَ طَيِّبُ الأخْلَاقِ، مَرْضِيُّ السِّيْرَةِ وَالطَّرِيْقَةِ، ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ، حَافِظٌ.
وَسُئِلَ عَنْهُ الحَافِظُ الضِّيَاءُ فَقَالَ: حَافِظٌ، مُفِيْدٌ، صَحِيْحُ الأُصُوْلِ، سَمِعَ وَحَصَّلَ الكَثِيْرَ، صَاحِبُ رِحْلَةٍ وَتطْوَافٍ. وَسُئِلَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ عَنْهُ، فَقَالَ: حَافِظٌ، ثِقَةٌ، عَالِمٌ بِمَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ، لا يَكَادُ يَفُوْتُهُ اسْمُ رَجُلٍ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ: هُوَ يَدْخُلُ فِي شُرُوْطِ الصَّحِيْحِ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بشَيءٍ كَثِيْرٍ بِـ"حَرَّانَ""وَأَصْبَهَانَ" رَوَى عَنْهُ الدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَالقَرَافِيُّ، وَالدِّمَشْقِيُّ، وَالسَّيْفُ الآمِدِيُّ، وَخَلْقٌ، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنهُ إِجَازَةً زَيْنَبُ بِنْتُ الكَمالِ
(1)
.
ثُوُفِّيَ سَحَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مُنْتَصفِ، وَقِيْلَ عَاشِرِ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ"حَلَبَ" وَدُفِنَ بِظَاهِرِهَا، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
385 - مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللهِ
(2)
بْنِ أَبي السَّعَادَاتِ الدَّبَّاسُ، الفَقِيْهُ، الإمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ،
أَحَدُ أَعْيَانِ فُقَهَاءِ "بَغْدَادَ" وَفُضَلَائِهِمْ.
(1)
سَبَقَ أَنَّ وَفَاتها سَنَة (740 هـ).
(2)
385 - أبُو عَبْدِ اللهِ الدَّبَّاسِ (؟ - 648 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لابْنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقَة: 72)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 261)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 389). وَيُرَاجَعُ: المُخْتَارُ من تَارِيخ ابْن الجَزَرِيِّ (229)، وَتَذْكِرَةُ الحُفاظِ (4/ 4111)، وَسِيَرُ أَعْلَامُ النُّبَلَاءِ (23/ 154)(ذَكَرَهُ وَلَمْ يُتَرْجَم لَهُ)، وَتَارِيخُ الإِسْلَامِ (402) وَالشَّذَرَاتُ (5/ 242)(7/ 418)، وَتَارِيخُ عُلَمَاءِ المُسْتَنْصَرِيَّةِ (139، 140).
سَمِعَ الحَدِيْثَ مِنِ ابْن شَاتِيْلٍ، وَابْنِ زُرَيْقٍ البَرَدَانِيُّ
(1)
، وابْنِ كُلَيْبٍ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ الكَثِيْرَ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَأَبي بَكْرٍ الأنْصَارِيِّ، وَدَرَسَ الفِقْهَ علَى إِسْمَاعِيْلَ بْنِ الحُسَيْنِ، صَاحِبِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ.
وَقَرَأَ عِلْمَ الخِلَافِ وَالأُصُوْلِ وَالجَدَلِ عَلَى النَّوْقَانِيِّ
(2)
، وَبَرَعَ فِي ذلِكَ، وَتَقَدَّمَ علَى أَقْرَانِهِ، وَتَكَلَّمَ وَهُوَ شَابٌّ فِي مَجَالِسِ الأئِمَّةِ، وَاسْتَحْسَنُوا كَلَامَهُ، وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي القُضَاةِ أَبِي صَالِحٍ، وَوَلِيَ الإعَادَةَ وَالإمَامَةَ بِالحَنَابِلَةِ بِـ"المُسْتَنْصَرِيَّةِ"، وَنَظَرَ المَارَسْتَانَ.
قَالَ ابْنُ السَّاعِي: قَرَأْتُ عَلَيْهِ "مُقَدِّمَةً فِي أُصُوْلِ الفِقْهِ" وَكَانَ صَدُوْقًا نَبِيْلًا، وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، حَسَنَ الطَّرِيْقَةِ، جَمِيْلَ السِّيْرَةِ، مَحْمُوْدَ الأفْعَالِ عَابِدًا، كَثيْرَ التِّلَاوَةِ لِلْقُرْآنِ، مُحِبًّا لِلْعِلْمِ وَنَشْرِهِ، صَابِرًا علَى تَعْلِيْمِهِ، لَمْ يَزَلْ عَلَى قَانُوْنٍ وَاحِدٍ، لَمْ تُعْرَفْ لَهُ صَبْوَةٌ مِنْ صِبَاهُ إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ، يَزُوْرُ الصَّالِحِيْنَ، وَيَشْتَغِلُ بِالعِلْمِ، لَطِيْفًا، كَيِّسًا، حَسَنَ المُفَاكَهَةِ، يُعْرِبُ كَلَامَهُ، وَيُفَخِّمُ عِبَارَتَهُ، قَلَّ أَنْ يَغْشَى أَحَدًا، مُقْبِلًا علَى مَا هُوَ بِصَدَدِهِ، وَكَانَ لَا يَنْسِبُ أَحَدًا مِنَ الأعْيَانِ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى النَّبْوَةِ، كَابْنِ الدَّامَغَانِيِّ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ، وَابْنِ الحُبَيْرِ، وَابْنِ اللَّمْغَانِيِّ، بَلْ يَقُوْلُ: تَكَلَّمْتُ عِنْدَ الدَّامَغَانِيِّ، وَاجتَمَعْتُ بِابْنِ الجَوْزِيِّ، وَنَاظَرْتُ الحُبَيْرَ، وَعَرَضَ عَلَيَّ اللَّمْغَانِيِّ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ فِي "تَارِيْخِهِ" وَوَصَفَهُ بِنَحْوِ مَا وَصَفَهُ ابْنُ السَّاعِي.
(1)
في (أ)، (ب):"البرذاني". وَلَعَلَّ صِحًةَ العِبَارَةِ: "ابن زُريق وَالبَرَدَانِيّ".
(2)
في (ط): "التوقاني".
تُوُفِّيَ فِي حَادِي عِشْرِيْنَ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ"بَابِ حَرْبٍ"، وَقَدْ نَاهَزَ الثَّمَانِيْنَ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَمَرَّ لَيْلَةً بِسُوْقِ المَدْرَسَةِ "النِّظَامِيَّةِ" لِيُصَلِّي العِشَاءَ الآخِرَةَ بِـ"المُسْتَنْصَرِيَّةِ" إِمَامًا فَخَطَفَ إِنْسَانٌ بِقْيَارَهُ
(1)
في الظَّلْمَاءِ وَعَدَا، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: عَلَى رِسْلِكَ،
(1)
البِقْيَارُ: جَاءَ فِي تَاجِ العَرُوْسِ: (بقر): "عَصًا بَقَّارِيَّةٌ: شَدِيْدَةٌ، وَفِي "التَّكملةِ" لِبَعْضِ العِصِيِّ" فَلَعَلَّ المَقْصُوْدَ هُنا: عَصَاهُ.
يُسْتَدْرَكُ علَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (648 هـ):
612 -
إبْرَاهِيْمُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ جَوْهَرٍ البَعْلَبَكِيُّ، البِقَاعِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، أَبُو إِسْحَقَ قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: تَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ المُوَفَّقِ وَغَيْرِهِ. أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَة (وَرَقة: 71)، فِي ذَيلِ مِرْآةِ الزَّمَانِ (1/ 37)، وَتَارِيْخِ الإسْلَامِ (381)، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (163). وَابْنَتُهُ: فَاطِمَة (ت: 714 هـ). وَابْنُهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَاتِ ابنِ أَبِي الفَضْلِ البَعْلِيُّ المَعْرُوْفُ بِـ"ابنِ القُرَيشةِ"(ت: 740 هـ) سيأتي استدراكهما.
613 -
وحَمْدَانُ بْنُ شَبِيْبِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ شَبِيْب بْنِ حَمْدَانَ بْن شَبِيْبِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ غِيَاثٍ الحَرَّانِيُّ. ذَكَرَهُ الحُسَيْنِيُّ فِي صِلَةِ التَّكْمِلَة (وَرَقَة: 57) وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنَيْهِ (أَحْمَدَ) وَ (شَبِيْبًا) فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (695 هـ). أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 57) وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ في مُعْجَمِهِ (1/ ورقة: 199)، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ (415) فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (649 هـ).
614 -
وَدَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، مِنْ أَحْفَادِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ. رَوَى عَنْهُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (1/ وَرَقَة: 199)، وَالحُسَيْنِي فِي صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 58) وَذَكَرَهُ العُلَيْمِيُّ فِي المَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 258)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ"(1/ 388)، وَفِيْهِمَا "دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ
…
" وَقَالَ: تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ وَجَدَّهِ.
أَقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أعْتَمِدُ-: وَالِدُهُ سُلَيْمَانُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِعِلْمٍ؛ لِذلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ =
وَهَبْتَكَ. قُلْ: قَبِلْتُ. وَفَشَى خَبَرُهُ بِذلِكَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ عِدَّةُ بِقَايِيْرَ، قِيْلَ: أَحَدَ عَشَرَ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهَا إِلَّا وَاحِدًا تَنَزُهًا، وَهَذَا مَشْهُوْرٌ بَيْنَ عُلَمَاءِ "بَغْدَادَ" عَنْهُ.
386 - عَبدُ اللَّطِيْفِ بْنُ عَلِيِّ بْن النَّفِيْسِ
(1)
بْنِ بُوْرِنْدَازِ بِنِ الحِسَامِ البَغْدَادِيُّ، المُحَدِّثُ، المُعَدَّلُ، أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ بْنِ أَبِي المُفَاخِرِ بْنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَيُلَقَّبُ "نُوْرَ الدِّيْنِ".
وُلِدَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَسَمِعَ مِنْ أَبِيهِ أبي الحَسَنِ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَمُوْسَانَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ مِنِيْنَا، وَأَجَازَ لَهُ ذَاكِرُ بْنُ كَامِلٍ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، وَقَرَأَ الكَثيْرَ عَلَى عُمَرَ بْنِ كَرَمٍ، وَمَنْ
= وَلَا العُلَيْمِيُّ، وَذَكَرَا جَدَّهُ وأَبَا جَدَّهِ. وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإسْلَامِ (393).
(1)
3866 - ابْنُ الحُسَامِ البَغْدَادِيُّ (589 - 649 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ علَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَة لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (ورَقَة: 73)، وَالمَقْصدِ الأرْشَدِ (2/ 171)، والمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 261)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 390). وَيُرَاجَعُ: مُعْجَمُ الدِّمْيَاطِىِّ (2/ ورقة: 4)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (ورقة: 60)، وتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (423)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 245) (7/ 424). وَتَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ وَالِدِهِ علِيُّ بْنُ النَّفِيْسِ (ت: 623 هـ) عَنِ التَّكْمِلَةِ (3/ 192).
وَيُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله أَخُوْهُ:
615 -
نفِيْسُ بْنُ عَلِىِّ (ت:؟) ذَكَرَهُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (2/ 187) فَقَالَ: "نَفِيْسُ بنُ عَلِيِّ بنِ بُوْرِنْدَاز، أَبُو مَنْصُوْرِ بنِ أبِي الحَسَنِ بن أَبِي المَفَاخِرِ بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ، أَخُو عَبْدِ اللَّطِيْفِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ
…
". وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ.
بَعْدَهُ، وَكَتَبَ الكَثيْرَ بِخَطِّهِ
(1)
.
قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" عَنْهُ: الحَافِظُ المُفِيْدُ، كَتَبَ الكَثيْرَ، وَأَفَادَ.
وَسَمِعَ مِنْهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ. وَذَكَرَهُ فِي "مُعْجَمِهِ"
(2)
وَأَجَازَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ
(1)
فِي هَامِشَ "مَجْمَعِ الآدَابِ"(1/ 162): "وَقَدْ وَجَدَ بِخَطِّهِ ثَبَتَ سَمَاعٍ لِكِتَابِ "رَشْفِ النَّصَائِحِ الإيْمَانِيَّةِ وَكَشْفِ فَضَائِحِ اليُوْنَانِيَّةِ" لِشَهَابِ الدِّيْنِ عُمَرَ السَّهْرَوَرْدِيِّ نُسخة خِزَانَةِ ورئيْسِ الكُتَّابِ (465) بِاسْتَانبول وَنَصُّهُ: قَرَأْتُ جَمِيْعَ كِتَابِ: "رَشْفِ النَّصَائِحِ الإيْمَانِيَّةِ وَكَشْفِ الفَضَائِحِ اليُوْنَانِيَّةِ" عَلَى مُصَنَّفِهِ شَيْخِنَا الأجَلِّ، العَالِمِ الأفْضَلِ، الكَامِلِ، العَارِفِ، الأمْجَدِ، أُنْمُوْذَج السَّلَفِ، وَعُدَّةِ الخَلَفِ، شِهَابِ الدِّيْنِ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّهْرَوَرْدِيِّ -أَبْقَاهُ اللهُ- فَسَمِعَ الأجَلُّ، العَالِمُ، الأصِيْلُ مَجْدُ الدِّيْنِ أَبُو مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُ العَزِيْزِ بن الحُسَيْنِ بنِ الخُوَيِيِّ الحَنْبَلِيُّ الدَّارِمِيُ
…
وَصَحَّ ذلِكَ فِي مَجَالِسَ آخِرِهَا الخَمِيْسِ سَادِسَ عَشَرَ شَوَّال سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِالرِّبَاطِ الشَّرِيْفِ بِـ"المَأْمُوْنِيَّةِ" بِـ"بَغْدَادَ" مَدِيْنَةِ السَّلامِ. كَتَبَهُ: عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَلِيِّ بنِ بُورِنْدَاز السَّلَفِيُّ الحَنْبَلِيُّ عَفَا اللهُ عَنْهُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ".
616 -
أقُوْلُ -وَعَلَى اللهِ أعْتَمِدُ-: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الحُسَيْن الخُوَيِّي الدَّارِمِيُّ عَالِمٌ حَنْبَلِيٌّ وَصَفَهُ هُنَا بِـ"العَالِمِ الأصِيْلِ" وَهُوَ مُعَاصِرٌ لِلمُتَرْجِمِ هُنَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، فَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ عَلَيْهِ. وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ الآنَ. وَخَرَّجَ المُتَرْجَمُ هُنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ "مَشْيَخَةً" لأبِيْهِ عَلِيٍّ (ت: 623 هـ) المُتَقَدِّمُ اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ. كَمَا خَرَّجَ "أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثًا" عَنْ سَبْعَةِ مَشَايِخَ لِلشَّيْخِ المُعَمَّرِ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الغَنَائِمَ بنِ صِرْمَا البَغْدَادِيّ (ت: 621 هـ) -تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ- وَهَذِهِ فِي المَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بدِمَشْقَ، رَقَم (163)، حَدِيْث (ق 2 - 21).
(2)
جَاءَ فِي "مُعْجَمِ الدِّمْيَاطِىِّ": "قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّطِيْفِ بنِ بُوْرِنْدَازٍ بِـ"المأْمُوْنِيَّةِ" شَرْقِىِّ "بَغْدَادَ" فِي الرِّحْلَةِ الأوْلَى
…
".
حَمْزَةَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الدَّائمِ، وَعِيْسَى المُطَعِّمِ، وَغَيْرِهِمْ
(1)
، وَشَهِدَ عِنْدَ مَحْمُوْدٍ الزِّنْجَانِيِّ. ثُمَّ إِنَّهُ امْتُحِنَ، لِقِرَائَتِهِ شَيْئًا مِنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ بِـ"جَامِعِ القَصْرِ"، فَسَعَى بِهِ بَعْضُ المُتَجَهِّمَةِ، وَحُبِسَ مُدَيْدَةً. وَأُسْقِطَتْ عَدَالَتُهُ، ثُمَّ أُفْرِجَ عَنْهُ، وَأَعَادَ عَدَالَتَهُ ابْنُ مُقْبِلٍ، ثُمَّ أُسْقِطَتْ، ثُمَّ أَعَادَ عَدَالَتَهُ قَاضِي القُضَاةِ أَبُو صَالِحٍ، فَبَاشَرَ دِيْوَانَ الوَكَالَةِ إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ.
تُوُفِّيَ بُكْرَةَ السَّبْتِ ثَالِثِ عِشْرِيْنَ رَبِيْعَ الآخِرِ -وَقِيْلَ: ثَامِنُ عِشْرِيْنَ- سَنَةَ تِسْعٍ
(2)
وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِمَسْجِدِهِ فِي "المَأْمُونِيَّةِ"، وَدُفِنَ بِـ"بَابِ حَرْبٍ" وَكَانَ لَهُ جَمْعٌ عَظِيْمٌ، وَشُدَّ تَابُوْتُهُ بِالحِبَالِ، وَأَكثَرَ العَوَّامِ الصِّيَاحِ فِي الجَنَازَةِ: هَذِهِ غَايَاتُ الصَّالِحِيْنَ. قَالَ ابْنُ السَّاعِي: وَلَمْ أَرَ مِمَّنْ كَانَ عَلَى قَاعِدَتِهِ فُعِلَ فِي جَنَازَتِهِ مِثْلَ ذلِكَ.
فَإِنَّهُ كَانَ كَهْلًا يَتَصَرَّفُ فِي أَعْمَالِ السُّلْطَانِ، وَيَرْكَبُ الخَيْلَ، وَيُحَلِّي فَرَسَهُ بِالفِضَّةِ عَلَى عَادَةِ أَعْيَانِ المُتَصَرِّفِيْنَ.
قُلْتُ: حَصَلَ لَهُ ذلِكَ بِبَرَكَةِ السُّنَّةِ. قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدَ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الجَنَائِزُ.
387 - مُحَمَّدُ بْنُ مُقْبلِ بْن فِتْيَان
(3)
بْنِ مَطَرِ بْنِ المَنِّيِّ النَّهْرَوَانِيُّ، البَغْدَادِيُّ،
(1)
مِنْهُم خَدِيْجَةَ بِنْتُ البَلِّ كَمَا فِي مَجْمَعِ الآدَابِ (1/ 539).
(2)
في (ط): "سَبْعٍ".
(3)
387 - سَيْفُ الدِّيْنِ بنُ المَنِّيِّ (567 - 649 هـ)
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 73)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 506)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 262)، وَمُخْتَصرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 390). وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 61)، وَمُعْجَمُ الدِّمْيَاطِىِّ (1/ ورقة: 82)، =
الفَقِيْهُ المُعَدِّلُ، أَبُو المُظَفَّرِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ، وَيُلَقَّبُ سَيْفَ الدِّيْنِ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي الإمَام أَبِي الفَتْح، شَيْخِ المَذْهَبِ
(1)
.
وُلِدَ فِي خَامِسِ رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ -وَقِيْلَ: تِسْعٍ- وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى ابْنِ البَاقِلَّانِيَّ بِـ"وَاسِطَ" وَسَمِعَ مِنَ الأسْعَدِ بْنِ يَلْدرِكَ
(2)
الجِبْرِيْلِيِّ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَأَبي الغَنَائِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ جَامِعِ بْنِ النَّبَاءِ، وَأَبي الفَوَارِسِ الشَّاعِرِ المَعْرُوفِ بِـ"حَيْصَ بَيْصَ"
(3)
وَغَيْرِهِمْ. وَتَفَقَّهَ علَى عَمِّهِ نَاصِحِ الإسْلَامِ أَبِي الفَتْحِ، وَحَصَّلَ طَرَفًا جَيِّدًا مِنَ الفِقْهِ. وَنَاظَرَ فِي المَسَائِلِ الخِلَافِيَّةِ وَأَفْتَى
(4)
، وَوَلِيَ الإِعَادَةَ لِلْحَنَابِلَةِ بِـ"المُسْتَنْصَرِيَّةِ"، وَشَهِدَ
= وَالعِبَرُ (5/ 204)، وَتَارِيْخُ الإِسْلَامِ (431)، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (23/ 252)، وَالمُعِيْنُ فِي طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ (206)، وَالإشَارَةُ إِلَى وَفَيَات الأعْيَانِ (249)، وَالإعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأعْلامِ (271)، والمُخْتَصَرُ المُحْتَاجُ إِلَيْهِ (1/ 150) وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (5/ 52)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (7/ 24)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 246)، (7/ 426)، وَتَارِيخُ عُلَمَاء المُسْتَنْصرِيَّة.
(1)
ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (583 هـ) كَمَا سَبَقَ اسْتِدْرَاكُ أَبِيهِ مُقْبِلٍ فِي وَفيَاتِ سَنَةِ (580 هـ).
(2)
في تَارِيخِ الإسْلَامِ "بَلدرك".
(3)
اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ الصَّيْفِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ الوَزِيْرِ يَحْيَى بْنِ هُبَيْرَةَ (ت: 560 هـ).
(4)
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "سَمِعَ مِنْهُ أَئِمَّةٌ وَفُضَلَاءُ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَعَلَا سِنُّهُ، وَقَدْ رَحَلَ إِلَى "وَاسِطَ" وَقَرَأَ بِالعَشَرَةِ علَى أَبِي بَكْرِ بْنِ البَاقِلَّانِيِّ، وَقَدْ أَمَّ بِمَسْجِدِ عَمِّهِ، وَخَدَمَ فِي دِيْوَانِ التَّشْرِيْفَاتِ، ثُمَّ شَهِدَ عَلَى القُضَاةِ، وَأَعَادَ بِالمُسْتَنْصَرِيَّةِ، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ، ثُمَّ تَرَكَهُ، قَالَهُ ابْنُ النَّجَّارِ".
عِنْدَ القُضَاةِ، وَوَلِيَ كِتَابَةَ دَارِ التَّشْرِيْفَاتِ. وَكَانَ فَقِيْهًا، فَاضِلًا، حَسَنَ المُنَاظَرَةِ، مُتَدَيِّنًا، مَشْكُوْرَ الطَّرِيْقَةِ، كَثيْرَ التِّلَاوَةِ لِلْقُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَحَدَّثَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ نُقْطَةَ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَابْنِ السَّاعِي، وَعُمَرُ بْنُ الحاجِبِ، وَبِالإِجَازَةِ جَمَاعَةٌ، آخِرُهُمْ زَيْنَبُ بِنْتُ الكَمَالِ المَقْدَسِيَّةِ
(1)
.
(1)
تَقَدَّمَ أَنَّ وَفَاتَهَا سَنَةَ (740 هـ) وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا: ابْنُ الحُلْوَانِيَّةِ، وَجَمَالُ الدِّينِ الشَّرِيْشِيُّ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ الدِّمْيَاطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَرَكَةَ الشَّمْعِيُّ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدُ القَزَّازُ، وَجَمَاعَةٌ، وَأَجَازَ لِمُحَمَّدٍ البَجَّدِيِّ، وَعَلِي بْنِ السَّكَاكِرِيِّ، وَبِنْتُ مُؤْمِنٍ.
يُسْتَدْرَكُ علَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (649 هـ):
617 -
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ الزَّرَّادِ، ابْنُ أُخْتِ الحَافِظِ ابْنِ نُقْطَةَ. أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 75).
618 -
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَانَ الحَرَّانِيُّ، ذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ في مُعْجَمِهِ (1/ 46).
619 -
وَالنَّفِيْسُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَجْمِ بْنِ الحُمُوْدِ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرِ بْنِ سَلَامَةَ البَغْدَادِيُّ الدَّارَقَزِّيُّ، الحَنْبَلِيُّ، الصُّوْفِيُّ. أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكمِلَةِ (وَرَقَة: 77)، وَتَاريخُ الإسْلَامِ (432).
وَممَّا يَغْلبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مِنَ الحَنابِلَةِ فِي وفَيَاتِ هذِهِ السَّنَةِ:
620 -
أعَزُّ بنُ فَضَائِلَ بنِ أبِي نَصْرِ بنِ غَبَاسُوْه، أَبُو نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ، البَابَصْرِيُّ، المُقْرِئُ، الغَضَارِيُّ، المَعْرُوْفُ بِـ"ابنِ العُلِّيْقِ" وَبِـ"ابن بُنْدَقَةَ" أَيْضًا. قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي نَصْرِ بنِ فَضَائِل عَلَى شَاطِئِ "دِجْلَةَ" بِمَنْزِلِ ابنِ وَضَّاح -رَحِمَهُمَا اللهُ- غَرْبِي "بَغْدَادَ" أَخْبَرَتْكَ الكَاتِبَةُ، العَالِمةُ، شُهْدَةُ بِنْت أَبِي نَصْرِ أَحْمَدَ بنِ الفَرجِ بنِ عُمَرَ الدِّيْنَوَرِيِّ الإبَرِيِّ
…
" هكَذَا ذَكَرَهُ الدِّمْيَاطِيُّ في مُعْجَمِهِ (1/ ورقة: 158، 159) وَقَالَ: قَرَأْتُ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ "مُوَطَأَ القَعْنَبِيِّ" بِسَماعِهِ مِنْ شُهْدَةَ. وَ"كَرَامَاتِ الأوْلِيَاءِ" للخَلَّالِ،
…
وَكِتَابَ "القدَرِ" لابنِ وَهْبٍ المِصْرِيِّ
…
وَ"تُحْفَةَ عِيْدِ الأضْحَى" لِزَاهِرٍ، بِسَمَاعهِ مِنِ =
تُوُفِّيَ في سَابِعِ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ. وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بِمَقْبَرَةِ "بَابِ حَرْبٍ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
388 - محمَّد بْنُ سعْد بْنِ عَبدِ الله
(1)
بْنِ سَعْدِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ مُفْلحِ بْنِ نُمَيْرٍ
= ابنِ حَمْدِي عَنْهُ. قَرأْتُ عَليْهِ غَيْرَ ذلِكَ عَنْ شُهْدَةَ وَغَيْرِهَا، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَيَحْيَى بنُ ثَابِتٍ وَغَيْرُهُمَا، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا، صحِيْحَ السَّمَاعِ وَالإجازَةِ. مَوْلدُهُ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبعِ وَسِتَيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ"بَغْدَادَ" وَتُوُفَيَ بِهَا لِسِتَّ عَشْرَةَ لَيْلَة خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَجَبَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتَمَائَةَ وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ تَحْتَ القُبَّةِ الخَضْرَاءِ عِنْدَ جَامعِ المَنْصُوْرِ غَربِي "بَغْدَاد". وَيُرَاجَعُ: سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ (23/ 238)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (9/ 290)، وَذَيلُ التَّقْيِيْدِ لِلفَاسِيِّ (1/ 484)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (7/ 24)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 244).
(1)
388 - ابْنُ سَعْدٍ الكَاتِبُ (571 - 650 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَةَ: 73)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 415)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 263)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 390). وَيُرَاجَعُ: مِرْآةُ الزَّمَانِ (8/ 523)، وَعُقُوْدُ الجُمَانِ لاِبْنِ الشَّعَّارِ (6/ 160)، وَصِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة 82)، وَمُعْجَمُ ابْنِ فَضْلِ اللهِ العُمَرِيِّ (وَرَقَة: 22)، وَالعِبَرُ (5/ 206)، وَالإِشَارَةُ إِلَى وَفَيَاتِ الأعْيَان (350)، وَالإِعْلَامُ بِوَفَيَاتِ الأعْلامِ (271)، وَسِيَرُ أَعْلَام النُّبَلَاءِ (23/ 249)، وَتَارِيْخُ الإسْلَامِ (450)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (3/ 91)، وَفَوَاتُ الوَفَيَاتِ (3/ 358)، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (13/ 182)، وَالعَسْجَدُ المَسْبُوْكُ (2/ 592)، والنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (7/ 26)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 450)(7/ 433)، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُعْجَمِ السَّمَاعَاتِ الدِّمَشْقِيَّةِ (520). وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" فِي القِطْعَةِ المَوْجُودَةِ فِي المَكْتَبَةِ الأزْهَرِيَّةِ، وَهِيَ مَلْزَمَتَانِ -تَقْرِيْبًا- شَارِدَتَانِ مِنْ نُسْخَةِ =
الأنْصَارِيُّ، المَقْدِسِيُّ الأصْلِ، الدِّمَشْقِيُّ، الكَاتِبُ الأَدِيْبُ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. سَمِعَ مِنْ يَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيُّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ الخِرَقِيِّ، وَالجَنْزَوِيُّ
(1)
، وَأَحْمَدَ بْنِ المَوَازِيْنيِّ، وَالخُشُوْعِيِّ، وَأَجَازَ لَهُ ابْنُ شَاتِيْل، وَالقَزَّازُ، وَالحَافِظُ أَبُو مُوْسَى، وَالسِّلَفِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ التُّرْكِ. وَكَانَ شَيْخًا، فَاضِلًا، وَأَدِيْبًا، حَسَنَ النَّظْمِ والنَّثرِ
(2)
،
= تُونُسَ مِنَ "المُعْجَمِ" بِالخَطِّ نَفْسِهِ، وَهُوَ خَطُّ مُؤَلِّفِهِ. وَابْنُهُ احْمَدُ (ت: 700 هـ)، وَابْنُهُ الآخَرُ: يَحْيى (ت: 721 هـ)، وَابْنَتُهُ: خَدِيْجَةُ (ت: 701 هـ) نَسْتَدْرِكُهمْ فِي مَوَاضِعِهمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَحَفِيْدُهُ المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيىَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ (ت: 759 هـ) مُخَرِّجُ "مُعْجَمِ السُّبْكِيِّ"
…
وَغَيْرِهِ. وَابْنتُهُ: زَيْنَبُ بِنْتُ مُحَمَّدِ ابْنِ يَحْيَى
…
وَغَيْرُهُمْ، وَالعِلْمُ فِي أُسْرَتِهِمْ كَثِيرٌ، وَتُعْرَفُ أَيْضًا بِـ"آلِ مُفْلحِ بْنِ نُمَيْرٍ".
(1)
في (ط): "الجيزي".
(2)
قَالَ الصَّفِدِيُّ فِي الوَافِي بِالوَفيَاتِ: "وَبَرَعَ فِي الأدَبِ وَحُسْنِ الخَطِّ وَكَتَبَ لِلصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، وَلِلْنَّاصِرِ دَاوُدَ
…
وَمِنْ شِعْرِهِ -وَكَتَبَ بِهِ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ الصَّالحِ-:
يَا مَالِكًا لَمْ أَجِدْ لِي مِنْ نَصِيْحَتِهِ
…
بُدًّا وَفِيْهَا دَمِي أَخْشَاهُ مُنْسَفِكًا
إِسْمَعْ نَصِيحَةَ مَنْ أَوْلَيْتَهُ نِعِمًا
…
يُخَافُ كُفْرَانَهَا إِنْ كُفَّ أَوْ تُرِكَا
وَاللهِ لَا امْتَدَّ مُلْكٌ مَدَّ مَالِكُهُ
…
عَلَى رَعِيَّتِهِ فِي ظِلِّهِ شَبَكَا
تَرَى الحَسُوْدَ بِهِ مُسْتَبْشِرًا فَرِحًا
…
مُسْتَغْرِبًا مِنْ بَوَادِي أَمْرِهِ ضَحِكَا
وَزِيْرُهُ ابْنُ غَزَالٍ وَالرَّفِيعُ لَهُ
…
قَاضِي القُضَاةِ وَوَالِي حَرْبِهِ ابْن بَكَا
وَثَعْلَبٌ وَفُضَيْلٌ مَنْ هُمَا وَهُمَا
…
أَهْلُ المَشُوْرَةِ فِيْمَا ضَاقَ أَوْ ضَنكَا
جَمَاعَةٌ بِهِمُ الآفَاتُ قَدْ نُشِرَتْ
…
وَالشَّرْعُ قَدْ مَاتَ وَالإسْلَامُ قَدْ هَلَكَا
مَا رَاقَبُوا اللهَ فِي سِرٍّ وَفِي عَلَنٍ
…
وَإِنَّمَا يَرْقُبُوْنَ النَّجْمَ وَالفَلَكَا
إِنْ كَانَ خَيْرًا وَرِزْقًا وَاسِعًا فَلَهُمْ
…
أَوْ كَانَ شَرًّا وَأَمْرًا سَيِّئًا فَلَكَا
مِنَ المَعْرُوْفِيْن بِالفَضْلِ وَالأدَبِ، وَالكِتَابَةِ، والدِّيْنِ، وَالصَّلَاحِ، وَنَظْمِ القَرِيْضِ، وَحُسْنِ الخَطِّ وَحُسْنِ الخِصالِ، وَلُطْفِ المَقَالِ. وَطَالَ عُمُرُهُ. وَوَزَرَ لِلْمَلِكِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيْلَ مُدَّةً. حَدَّثَ بِـ"دِمَشْقَ" و"حَلَبَ" كَتَبَ عَنْهُ ابْنُ الحَاجِبِ، فَقَالَ: سَأَلْتُ الحَافِظَ بْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ عَنْهُ فَقَالَ: عَالِمٌ، دَيِّنٌ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنُ حَمْزَةَ، وَالدِّمْيَاطِيِّ، قَالَهُ ابْنُ شَاكِرٍ. وَتُوُفَيَّ فِي ثَانِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِسَفْحِ "قَاسِيُوْنَ" وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ.
389 - وَتُوُفِّيَ أَخُوْهُ أَبو العبَّاس أَحمَد
(1)
فِي نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ.
(1)
389 - أبُو العَبَّاسِ بْنِ سَعْدٍ (؟ - 650 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لابْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 73)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 263)، وَمُخْتَصَرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 391) فِي تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ. وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكمِلَةِ (وَرَقَة: 82)، ومُعْجَمُ الدِّمْيَاطِيِّ (وَرَقَة: 99)، وَمُعْجَمُ ابْنِ فَضْلِ اللهِ (وَرَقَة 22).
يُسْتَدْرَكُ عَلَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (650 هـ):
621 -
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي المُعَالِي بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيِّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأنْصَارِيُّ البَعْلَبَكِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، التَّاجِرُ، عِمَادُ الدِّيْنِ. أَخْبَارُهُ فِي: صِلَةِ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 80)، وَمُعْجَمِ الدِّمْيَاطِيِّ (1/ ورقة: 78)، وَتَارِيْخِ الإسْلَامِ (455)، وَالمُقَفَّى الكَبِيرِ (7/ 271).
وتُوُفِّيَ -ظَنًّا- بَعْدَ سَنَةِ (650 هـ):
622 -
أَشْرَفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَشْرَفَ بنِ مُظَفَّرِ بْنِ أَبِي العِزِّ عَبْدِ السَّمِيعِ بْنِ أَبِي الفَضْلِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّزاقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ عُبَيْدِ اللهَ بنِ الفَضْلِ بْنِ العَبَّاسِ بْنِ عِيْسَى بْنِ مُوسَى بْنِ الأمِيْرِ عِيْسَى بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ الكَامِلِ بْنِ عَلِيِّ
…
بْنِ الحَبْرِ بْنِ العَبَّاسِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْن هَاشِمٍ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ العِزِّ القُـ[ـرَشِيُّ
…
]، البَغْدَادِيُّ الدَّارقَزِّيُّ، الخَطِيْبُ بِهَا، الحَنْبَلِيُّ، الفَقِيْهُ المَعْرُوْ [فُ
…
] كَذَا أَوْرَدَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (1/ وَرَقَة: 152) وَقَالَ: "قَرَأْتُ عَلَى أَشْرَفَ بْنِ مُحَمَّدٍ بِـ"دَارِ القَزِّ" غَربِيِّ "بَغْدَادَ" أَخْبَرَكَ أَبُو عَبْدِ [اللهِ] الحُسَيْنُ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ شُنَيْفٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَسَاقَ سَنَدًا، وَأَوْرَدَ حَدِيْثًا وَقَالَ: أَنْشَدَنَا أَشْرَفُ بْنُ مُحَمَّدِ بِـ"دَارِ القَزِّ" أَيْضًا فِي الرِّحْلَةِ الثَّانِيَة لِنَفْسِهِ:
زَهَدْتُ فِي الحُسْنِ خَوْفًا مِنْ مُشَارَكَةِ الـ
…
ـأ - غْيَارِ إِذْ كُلُّ عَيْنٍ تَشْتَهِي الحَسَنَا
فَقُلْتُ أَعْشَقُ مَنْ تُنْجِيْهِ وَحْشَتُهُ
…
عَنْ مَنْ يُشَارِكُنِي فِيهِ وَفِيْهِ غِنَى
لِكَيْ أُرِيْحَ فُؤَادِي بِالتَّفَرُّدِ فِي
…
حُبِّي [لَهُ] وَأُرِيْحَ العَيْنَ وَالأُذُنا
حَتَى إِذَا اخْتَرْتُ مَحْبُوبًا وَطِبْتُ بِهِ
…
نَفْسًا وَأَضْحَى لَدَيْهِ القَلْبَ مُرْتَهَنَا
تَوَاثَبَتْ هِمَمُ العُشَّاقِ قَاطِبَةً
…
إِلَى مَحَبَّتِهِ مِنْ هَاهُنَا وَهُنَا
فَلَوْ وَقَفْتُ لِكُلِّ النَّاسِ أَسْأَلُهُمْ
…
بِاللهِ هَلْ أَحَدٌ غَيْرِي بِهِ فُتِنَا
وَهَلْ تُرَى أَحَدٌ فِيهِ يُشَارِكُنِي
…
لَكَانَ كُلُّ امْرِيءٍ أَلْقَى يَقُوْلُ أَنَا
وأَنْشَدَ لَهُ مَقْطُوْعَتَيْنِ غَيْرَهَا. وَذَكَرَ مَوْلِدَهُ سَنَةَ
…
وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ [بِـ"دَارِ القَزِّ"] وَنَشَأَ بِهَا، وَرَحَلَ إِلَى "مَدِيْنَةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم" وَخَطَبَ علَى مِنْبَرِهِ ثَلَاثَ سِنِيْنَ وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى وَطَنِهِ، وَفَارَقْتُهُ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَهُوَ خَطِيْبُ "دَارِ القَزِّ"
…
". وَلَمْ يَذْكُرْهُ السَّخَاوِيُّ فِي "التُّحفة اللَّطِيْفَةِ" وَكَانَ يَلْزَمُهُ ذِكْرُهُ بِنَاءً عَلَى مَنْهَجِهِ.
623 -
وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَان بن نَصْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ عَلِي، أَبُو سَعِيْدٍ الأسَدِيُّ الرَّخَابَاذِيُّ الحَنْبَلِيُّ، الفَقِيْهُ. كَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمهِ (1/ ورقة: 47) قَالَ: "قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بِـ"بَغْدَادَ"
…
ثُمَّ قَالَ: "مَوْلدُ الرَّخَابَاذِيِّ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ والخَمْسِمَائَة
…
" وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ.
624 -
وَمُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بن عَطَّافِ بنِ أَحْمَدَ بن
رَوَى عَنْ الخُشُوْعِيِّ وَابْنِ طَبَرْزَدٍ.
390 - عليُّ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(1)
البَغْدَادِيُّ، البَابَصْرِيُّ، الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ ابْنِ أَبِي الفَرَجِ، وَيُلَقَّبُ "مُوَفَّقُ الدِّيْنِ".
سَمِعَ مَعَ أَبِيْهِ مِنْ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ صِرْمَا، وَأَبِي بَكْرِ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ هِبَةِ اللهِ البيِّعِ، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ مُعِيْدًا لِطَائِفَةِ الحَنَابِلَةِ بِـ"المَدْرَسَةِ المُسْتَنْصَرِيَّةِ".
حُبْشِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بن عَلِيِّ، أَبُو الفَضْلِ بنِ أَبِي مُحَمَّدِ بن أَبي القاسِمِ بنِ أَبِي الفَضْلِ الهَمَدَانِيُّ، الجَزَرِيُّ المَحْتِدَ، البَغْدَادِيُّ الدَّارِ وَالمَوْلدِ، الحَنْبَليُّ المُؤَدِّبُ. كَذَا ذَكَرَهُ الحَافظُ الدِّمْيَاطِيُّ في مُعْجَمِهِ (1/ 75) وَقَال: قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْدِ بِـ"المَدْرَسَةِ التُّتُشِيَّةِ" عَلَى رَأْسِ "دَرْبِ دِيْنَارِ الكَبِيْرِ" شَرْقِي "بَغْدَادَ" في رِحْلَتِي الثَّانِيةِ إِلَيْهِا
…
" وَلَمْ يَذْكُر وَفَاتَهُ.
(1)
390 - مُوَفَّقُ الدِّيْنِ البَابَصْرِيُّ (؟ - 651 هـ):
أَخْبَارُهُ فِي: مُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ لاِبْنِ نَصْرِ اللهِ (وَرَقَة: 115)، وَالمَقْصَدِ الأرْشَدِ (2/ 234)، وَالمَنْهَجِ الأحْمَدِ (4/ 264)، وَمُخْتَصِرِهِ "الدُّرِّ المُنَضَّدِ" (1/ 393). وَيُرَاجَعُ: صِلَةُ التَّكْمِلَةِ (وَرَقَة: 87)، وَمَجْمَعُ الآدَابِ (5/ 636)، وَتَاريخُ الإسْلَامِ (106)، وَالشَّذَرَاتُ (5/ 254)(7/ 439)، وَتَارِيخُ عُلَمَاءِ المُسْتَنْصَرِيَّةِ (234).
قَالَ ابْنُ الفُوْطِيِّ فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ": ذَكَرَهُ شَيْخُنَا تَاجُ الدِّيْنِ فِي "تَارِيْخِهِ"، وَقَالَ: قَدِمَ "بَغْدَادَ" وَتَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ الإمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَرُتِّبَ بِـ"المُسْتَنْصَرِيَّةِ" وَصَاهَرَ شَيْخَنَا جَمَالَ الدِّيْنِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يُوسُفَ بْنِ الجَوْزِيِّ؛ لِحُسْنِ ظَنِّهِ وَاعْتِقَادِهِ فِيْهِ، وَكَانَ مَوْصُوفًا بِالعَقْلِ وَحُسْنِ الطَّرِيْقَةِ. تُوُفِّيَ شَابًّا، وَلَمْ تُزَفَّ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ، وَلَا رَآهَا، تُوُفِّيَ فِي ثَانِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ".
تُوُفِّي فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ. وَدُفِنَ بِـ"بَابِ حَرْبٍ".
ذَكَرَهُ الشَّرِيْفُ عِزُّ الدِّيْنِ الحُسَيْنِيُّ الحَافِظُ. وَأَظُنُّهُ ابْنَ البَزُوْرِيِّ
(1)
الوَاعِظُ المُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ.
(1)
في (ط): "البردوي" وَالبُزُوْرِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ عِيْسَى (ت: 604 هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَلَا شكَّ أَنَّ ظَنَّ المُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، فَالرَّجُلُ غَيْرُ الرَّجُلِ؟!.
يُسْتَدْرَكُ علَى المُؤَلِّفِ رحمه الله فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ (651 هـ):
625 -
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الفَتْحِ بْنِ أبِي الحَسَنِ بْنِ أَحمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، المَعْرُوفُ بِـ"ابْنِ أَبِي الدِّيْنيِّ" كَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (1/ وَرَقَة 60)، وَذَكَرَ وَفَاتَهُ فِي ثَانِي مُحَرَّمٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِ الإسْلَامِ (110) فِي وَفَيَاتِ هَذِهِ السَّنَةِ إِلَّا أَنَّ فِيهِ:"ابْن أَبِي الدُّنْيَا"؟! وَسَيَأْتِي الحَدِيْثُ عَنْ أُسْرَتهِ فِي تَرْجمَةِ قَرِيْبِهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ (ت: 680 هـ) فِي اسْتِدْرَاكِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا أَخَّرْنَا ذلِكَ؛ لأنَّ ابْنَ يَعْقُوْبَ هُوَ الأشْهَرُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
يَقُوْلُ مُحَقِّقُهُ الفَقِيْرُ إلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ سُلَيْمَان العُثيمِيْن عَفَا اللهُ عَنْهُ:
تَمَّ بحَمْدِ اللهِ وَحُسْنِ تَوْفِيْقِهِ الجُزْءُ الثالث مِنَ الكِتَاب يَتْلُوْهُ فِي الَجُزْءَ الرابع تَرْجَمَةَ مجد الدين بن تيمية (ت: 652 هـ) وَكَانَ الفَرَاغُ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ وتَصْحِيْحِهِ وَالتَّعْلِيقِ عَلَيْهِ فِي لَيْلَةِ الثُّلاثَاءِ العِشْرِيْنَ مِنْ جمَادَى الآخِرِ سَنَةَ 1424 هـ فِي مَنزْلي بمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللهُ وَهَذِهِ التَّجْزِأة مِنْ عَمَلِ المُحَقِّقِ