الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الخامسة
رفع التردد في عقد الاصابع عند التشهد مع ذيلها
كلاهما للعلامة السيد محمد امين
الشهير بابن عابدين عليه رحمة
ارحم الراحمين
آمين
الرسالة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شهدت بوحدانيته جميع الموجودات * والصلاة والسلام على عبده رسوله صاحب المعجزات الواضحات * وعلى آله واصحابه ذوى الكرامات والخصوصيات * صلاة وسلامًا دائمين ما دامت الأرض والسموات (اما بعد) فيقول اسير الذنوب والخطيئات * محمد امين ابن عابدين عمه مولاه بهباته الوافرات * هذه رسالة جمعت فيها بعض كلام ائمتنا الثقات * فى الإشارة بالسبابة وعقد الاصابع في تشهد الصلوات * حملنى على جمعها ما رأيت من اطباق حنفية العصر على الاقتصار على الإشارة مع ترك العقد في جميع الاوقات * مع تصحيح علمائنا سنية الجمع بينهما بالدلائل الواضحات * {وسميتها رفع التردد * في عقد الاصابع عند التشهد} راجيا من خالق الأرض والسموات * حسن النية * وبلوغ الامنية * بالختم بالصالحات ورفع الدرجات * وأن يجعل آخر كلامي كلمتى الشهادة عند الممات * فإنه قريب مجيب سميع الدعوات * (قال) الإمام حافظ الدين النسفى فى متن الكنز وإذا فرغ من سجدتي الركعة الثانية افترش رجله اليسرى وجلس عليها ونصب يمناه وبسط اصابعه انتهى وهكذا عامة عبارات المتون والمتبادر منها أنه يبسط اصابعه من أول التشهد إلى آخره بدون عقد وإشارة عند التلفظ بالشهادة وصرح كثير من أصحاب الفتاوى بأن عليه الفتوى (وظاهر) كلام المحقق صدر الشريعة اختاره فإنه قال في متنه المسمى بالوقاية واضعًا يديه على فخذيه موجها اصابعه نحو القبلة مبسوطة وقال في شرحه وفيه خلاف الشافعي رحمه الله تعالى فإن السنة عنده أن يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى والابهام ويشير بالسبابة عند التلفظ بالشهادتين ومثل هذا جاء عن علمائنا أيضًا انتهى (وقال) العلامة التمرتاشي في متن التنوير ولا يشير بسبابته عند الشهادة وعليه الفتوى (وقال) شارحه العلامة الشيخ علاء الدين كما فى الولوالجية والتجنيس وعمدة المفتى وعامة الفتاوى لكن المعتمد ما صححه الشراح ولاسيما المتأخرون كالكمال والحلبي والبهنسي والباقاني وشيخ الاسلام الجد وغيرهم أنه يشير لفعله عليه الصلاة والسلام ونسبوه لمحمد والامام* بل في متن درر البحار وشرحه غرر الاذكار المفتى به عندنا أنه يشير باسطًا اصابعه كلها* وفي الشرنبلالية عن البرهان الصحيح أنه يشير بمسبحته وحدها يرفعها عند
النفى ويضعها عند الاثبات * واحترزنا بالصحيح عما قيل لا يشير لانه خلاف الدراية والرواية وبقولنا بالمسبحة عما قيل يعقد عند الاشارة اهـ * وفى العينى عن التحفة الاصح أنها مستحبة وفى المحيط سنة انتهى كلام الشيخ علاء الدين رحمه الله تعالى {وحاصله} اعتماد الاشارة بدون عقد وهو ما عليه الناس في زماننا ولكنه مخالف لما اطلعت عليه من كتب المذهب فان الذى ذكروه قولان احدهما عدم الاشارة اصلا وثانيهما الاشارة مع العقد * واما ما عزاه الى دور البحار وشرحه فالذي رأيته فيه خلافه كما ستقف عليه * واما عبارة البرهان فلا تعارض ما في عامة كتب المذهب ولنذكر ما تيسر لنا الوقوف عليه الآن من عبارات علمائنا ليظهر المقصود * بعون الملك المعبود * {فنقول} قال في منية المصلى ويشير بالسبابة اذا انتهى إلى الشهادتين وفى الواقعات لا يشير فان اشار يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى بالابهام ويقيم السبابة (وقال) في منية المصلى قبل ذلك ايضا ويضع يديه على فخذيه ويفرج اصابعه لا كل التفريج (قال) شارحها البرهان ابراهيم الحلبي هذا عندنا وعند الشافعى يبسط اصابع اليسرى ويقبض اصابع اليمني الا المسبحة لماروى مسلم عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اذا قعد فى التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين واشار بالسبابة* ولنا ما روى الترمذي من حديث وائل قلت لأنظرن الى صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وتسلم فلما جلس يعنى للتشهد افترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ونصب رجله اليمنى من غير ذكر زيادة. والمراد من العقد المذكور في رواية مسلم العقد عند الاشارة لا فى جميع التشهد الا يرى ما في الرواية الاخرى لمسلم وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض اصابعه كلها وأشار باصبعه التي تلى الابهام ولاشك ان وضع الكف لا يتحقق حقيقة مع قبض الاصابع فالمراد وضع الكف ثم قبض الاصابع بعد ذلك عند الاشارة وهو المروى عن محمد في كيفية الاشارة قال يقبض خنصره والتي تليها ويحلق الوسطى والابهام ويقيم المسجة وكذا عن ابى يوسف في الامالي وهذا فرع تصحيح الاشارة وعن كثير من المشايخ لا يشير اصلا وصححه في الخلاصة وهو خلاف الدراية والرواية اما الدراية فما تقدم في الحديث الصحيح ولا محل لها الا الاشارة واما الرواية فعن محمد ان ماذكره فى كيفية الاشارة هو قوله وقول ابى حنيفة ذكره فى النهاية وغيرها. قال نجم الدين الزاهدى لما اتفقت الروايات عن اصحابنا جميعا في كونها سنة وكذا عن الكوفيين والمدنيين وكثرت الآثار والاخبار
كان العمل بها اولى* والكفية المتقدمة من التحليق ذكرها الفقيه ابو جعفر قال في الجامع الصغير وقال غيره من اصحابنا يشير بثلاثة وخمسين اهـ وهذا موافق لصريح رواية مسلم* وصفة عقد ثلاثة وخمسين ان يقبض الوسطى والخنصر والبنصر ويضع رأس ابهامه على حرف مفصل الوسطى الاوسط وصفة الاشارة عن الحلوانى انه يرفع الاصبع عند النفي ويضعها عند الاثبات اشارة اليهما ويكره ان يشير بكلتا مسبحتيه لما روى الترمذى والنسائى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه ان رجلا كان يدعو باصبعيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احد احد اهـ كلام البرهان الحلبي (وقال) الامام السغناقى فى النهاية شرح الهداية ثم هل يشير بالمسجة اذا انتهى الى قوله اشهد ان لا اله الا الله ام لا فمن مشايخنا من يقول بانه لا يشير لان في الاشارة زيادة رفع لا يحتاج اليها فيكون الترك اولى لان مبنى الصلاة على السكينة والوقار وقال بعضهم يشير بالمسجة وقد نص محمد بن الحسن على هذا في كتاب المشيخة حدثنا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم انه كان يفعل ذلك اى يشير ثم قال نصنع بصنع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ونأخذ نفعله وهذا قول أبي حنيفة وقولنا ثم كيف يشير قال يقبض اصبعه الخنصر والتي تليها ويحلق الوسطى مع الابهام ويشير بسبابته هكذا روى الفقيه ابو جعفر الهندواني ان النبي صلى الله عليه وسلم كذا يشير وكأنه اراد بقبض الاصابع الاربعة اقامته المسبحة لاغير لتحقيق معنى التوحيد كذا في مبسوط شيخ الاسلام اهـ (وقال) الامام الكاشاني في البدائع شرح التحفة قال بعض اصحابنا لا يشير لان فيه ترك سنة وضع اليدو قال بعضهم يشير لان محمدا قال في كتاب المشيخة حدثنا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم انه كان يشير باصبعه فنفعل ما فعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ونصنع ما صنعه وهو قول أبي حنيفة وقولنا ثم كيف يشير قل اهل المدينة يعقد ثلاثة وخمسين ويشير بالمسبحة وذكر الفقيه ابو جعفر الهندواني انه يعقد الخنصر والبنصر ويحاق الوسطى مع الابهام ويشير بالسبابة وقال ان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا كان يفعل اهـ {وقال} فى الذخيرة البرهانية ثم اذا اخذ فى التشهد وانتهى الى قوله اشهد ان لآ اله الا الله هل يشير باصبعه السبابة من يده اليمنى لم تذكر هذه المسئلة في الاصل وقد اختلف المشايخ فيها منهم من قل لا يشير لان مبنى الصلاة على السكينة والوقار ومنهم من قال يشير وذكر محمد في غير رواية الاصول حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يشير قال محمد رحمه الله تعالى نصنع بصنع النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا قولى وقول أبي حنيفة ثم كيف يصنع عند الاشارة حكى عن الفقيه أبى جعفر أنه قال يعقد الخنصر والبنصر
ويحلق الوسطى مع الابهام ويشير بسبابته وروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ (وقال) في معراج الدراية شرح الهداية قال بعض مشايخنا لا يشير وفى الذخيرة وهو ظاهر الرواية وقال بعضهم يشير ثم ذكر عبارة محمد المذكورة وكيفية العقد المذكور وقال كذا روى الفقيه ابو جعفر انه عليه الصلاة والسلام هكذا يشير وهو احد وجوه قول الشافعي رحمه الله تعالى فى الاشارة وقال اهل المدينة يعقد ثلاثا وخمسين ويشير بالسبابة وهو احد وجوه قول الشافعي قال ابو جعفر ما ذهب اليه علماؤنا اولى لانه يوافق الحديث ولا يشبه استعمال الاصابع للحساب الذي لا يليق بحال الصلاة فكان أولى كذا في مبسوط شيخ الاسلام وفى تتمة اصحاب الشافعي لنا اي معشر الشافعية في كيفية قبض الاصابع ثلاثة اقوال* احدها ان يقبض الاصابع كلها الا المسبحة ويشير بها فعلى هذا فى كيفية القبض وجهان احدهما يقبض كأنه يعقد ثلاثة وخمسين وهو رواية ابن عمر عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والثاني يقبض كأنه يعقد ثلاثة وعشرين وهو رواية ابن الزبير عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم *والقول الثانى انه يقبض الخنصر والبنصر والوسطى ويرسل الابهام والمسبحة وهذه رواية أبي حميد الساعدى عن النبي صلى الله عليه وسلم* والقول الثالث انه يقبض الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى والابهام ويرسل المسبحة وهذه رواية وائل ابن حجر عنه عليه الصلاة والسلام* وهذه الاخبار تدل على ان فعله عليه الصلاة والسلام كان يختلف فكيف ما فعل اجزأء ولو ترك لا شئ عليه. وفي المجتبى لما كثرت الاخبار والآثار واتفقت الروايات عن اصحابنا جميعا في كون الاشارة سنة وكذا عن الكوفيين والمدنيين كان العمل بها اولى من تركها ويكره ان يشير بالسبابة "*" ولا يحركها وعن الحلواني يقيم اصبعه عند قوله لا اله ويضعها عند قوله الا الله ليكون النصب كالنفي والوضع كالاثبات اهـ كلام معراج الدراية {وقال} العلامة المحقق الشيخ كمال الدين بن الهمام في فتح القدير شرح الهداية وفي مسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض اصابعه كلها واشار باصبعه التي تلى الابهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى ولاشك أن وضع الكف مع قبض الاصابع لا يتحقق حقيقة فالمراد والله تعالى اعلم وضع الكف ثم قبض الاصابع بعد ذلك عند الاشارة وهو المروى عن محمد فى كيفية الاشارة قال يقبض خنصر موالنى تليها ويحلق الوسطى والإبهام ويقيم المسبحة وكذا عن أبي يوسف في الامالى و هذا
(*) قوله ولا يحركها اى بأن لا يرفعها ثم يضعها عند التشهد لانه فيه ترك سنة الرفع والوضع فيكره منه
فرع تصحيح الاشارة وعن كثير من المشايخ لا يشير اصلا وهو خلاف الدراية والرواية فمن محمد ان ما ذكره في كيفية الاشارة مما نقلناه قول أبي حنيفة ويكره ان يشير بمسبحتيه وعن الحلواني يقيم الاصبع عند لا اله ويضعها عند الا الله (وقال) الامام فخر الدين الزيلعي فى التبيين شرح الكنز واختلفوا في كيفية وضع اليد اليمنى ذكر ابو يوسف فى الامالى انه يعقد الخنصر ويحلق الوسطى والابهام ويشير بالسبابة وذكر محمد انه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يشير ونحن نصنع بصنعه عليه السلام قال وهو قول أبي حنيفة وكثير من المشايخ لا يرون الاشارة وكرهها في منية المفتى وقال فى الفتاوى لا اشارة فى الصلاة الاعند الشهادة في التشهد وهو حسن اهـ (ومثله) فى شرح الكنز للعينى (وقال) في شرح المنية الصغير وهل يشير عند الشهادة عندنا فيه اختلاف صحح فى الخلاصة والبزازية انه لا يشير وصحح في شرح الهداية انه يشير وكذا في الملتقط وغيره. وصفتها ان يخلق من يده اليمنى عند الشهادة الابهام والوسطى ويقبض البنصر والخنصر ويشير بالمسبحة او يعقد ثلاثة وخمسين بان يقبض الوسطى والبنصر والخنصر ويضع رأس ابهامه على حرف مفصل الوسطى الأوسط ويرفع الاصبع عند النفي ويضعها عند الاثبات اهـ (وقال) العلامة شمس الدين محمد القهستانى فى شرحه على مختصر النقاية ان عدم الاشارة ظاهر اصول اصحابنا كما فى الزاهدى وعليه الفتوى كما في المضمرات والولوالجي والخلاصة وغيرها وعن اصحابنا جميعا انه سنة فيحلق ابهام اليمنى ووسطاها ملصقا رأسها برأسها ويشير بالسبابة عند اشهد ان لا اله الا الله وعن الحلواني يرفع عند لا اله ويضع عند الا الله كالنفى والأثبات ويعتقد الخنصر والبنصر كما قال الفقيه ابو جعفر وقال غيره من اصحابنا انه يعقد عقدا ثلاثا وخمسين كما في الزاهدي اهـ (وقال) في الفتاوى الظهيرية ومتى اخذ فى التشهد فانتهى الى قوله اشهد ان لا اله الا الله هل يشير بسبابته من يده اليمنى اختلاف المشايخ فيه ثم كيف يصنع عند الاشارة حكى عن الفقيه أبي جعفر انه قال يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى مع الابهام ويشير بسبابته (وقال) العلامة القونوي في متن درر البحار ولا تعقد ثلاثة وخمسين ولانشير والفتوى خلافه (وقل) الشيخ البخاري في شرحه غرر الافكار (*)(ولا تعقد) يا فقيه (ثلاثة وخمسين) كما عقدها احمد موافقا
(*) قوله ولا تعقد نهى مجزوم اشار به الى خلاف الامام احمد وقوله ولا نشير مضارع مرفوع منفى اشار به الى خلاف الشافعي كما هو اصطلاح مؤلف هذا الكتاب حيث يشير إلى اختلاف الائمة باختلاف صيغ الكلام كما هو اصطلاح صاحب المجمع منه
للشافعي في احد اقواله (و) نحن (لا نشير) عند التهليل بالسبابة من اليمنى بل نبسط الاصابع لما مر وفي منية المفتى رفع سبابة اليمنى في التشهد عند التهليل مكروه * والفتوى اى المفتى به عندنا خلافه اي خلاف عدم الاشارة وهو الاشارة على كيفية عقد ثلاثة وخمسين كما قال به الشافعي واحمد وفى المحيط انها سنة يرفعها عندالنفى ويضعها عند الاثبات وهو قول أبى حنيفة ومحمد وكثرت به الاخبار والآثار فالعمل به اولي اهـ (وقال) العلامة محمد البهنسي في شرحه على الملتقى ويشير باصبعه على الصحيح عند النفي يرفعها ويضعها عند الأثبات ضاما خنصره وبنصره محلقا الوسطى مع الابهام كذا في الظهيرية وشرح النقاية وشرحى درر البحار قال في شرح النقاية وفى منية المفتى تكره الاشارة (وقال) العلامة الشيخ عمر بن نجيم فى النهر الفائق شرح كنز الدقائق وفي اطلاق البسط ايماء الى انه لا يشير بالسبابة عند الشهادتين عاقد الخنصر والبنصر والتي تليها محلقا الوسطى والابهام وهذا قول كثير من مشايخنا وعليه الفتوى كما فى عامة الفتاوى وجزم فى منية المفتى بكراهته ورده فى فتح القدير بأنه خلاف الرواية والدراية ففي مسلم كان عليه الصلاة والسلام يشير باصبعه التي تلى الابهام وقال محمد ونحن نصنع بصنعه عليه الصلاة والسلام وهو قول الامام وفى المجتبى لما اتفقت الروايات وعلم عن أصحابنا جميعا كونها سنة وكذا عن الكوفيين والمدنيين وكثرت الاخبار والآثار كان العمل بها اولى وفى التحفة الاشارة مستحبة وهو الاصح قاله العينى اهـ (وقال) العلامة المحقق شمس الدين محمد بن أمير حاج في شرحه على منية المصلى وقال في الواقعات لا يشير ونص فى الخلاصة على انه المختار وفي الفتاوى الكبرى على ان عليه الفتوى وعللوه بان فى الاشارة زيادة رفع لا يحتاج اليه فيكون الترك اولى لان مبنى الصلاة على السكينة والوقار - قلت والاول هو الصحيح فقد ذكر محمد في كتاب المشيخة حديثا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم انه كان يشير باصبعه فنفعل ما فعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ونصنع ماصنعه وهو قول أبي حنيفة وقولنا ذكره في البدائع. وفى الذخيرة وشرح الزاهدى هذا قولى وقول أبي حنيفة اهـ وروى عن أبي يوسف في الاملاء وقدمنا روايته عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من صحيح مسلم. واخرج ابن السكن في صحاحه عن ابن عمر أيضا رضى الله تعالى عنه انه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الاشارة بالاصبع اشد على الشيطان من الحديد* وعنه ايضا عن النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم قال هي مذعرة (*) للشيطان فتضآءل ما ذكروه من العلة ولا جرم ان قال الزاهدى لما اتفقت الروايات عن أصحابنا جميعا في كونها سنة وكذا عن الكوفيين والمدنيين وكثرت الآثار والاخبار كان العمل بها اولى * فان اشار يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى والابهام ويقيم السبابة وهو المروى عن أبي يوسف في الاملاء والمحكى عن أبي جعفر الهندواني. وفي البدائع وقال ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان هكذا يفعل (قلت) وهو كذلك فقد اخرج ابو داود والبيهقى وغيرهما عن وائل بن حجر رضى الله تعالى عنه ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عقد فى جلوسه للتشهد الخنصر والبنصر ثم حلق الوسطى بالابهام واشار بالسبابة* وفي رواية لابن حبان في صحيحه وقبض خنصره والتي تليها وجمع بين الابهام والوسطى ورفع التي تليها يدعو بها ولا يبعد ان يكون هذا هو المراد بما تقدم من رواية ابن عمر رضي الله عنهما في صحيح مسلم وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض اصابعه كلها واشار باصبعه التي تلى الابهام* ونقل في البدائع وغيرها عن اهل المدينة يعقد ثلاثة وخمسين ويشير بالمسبحة نقله في الجامع الصغير المرتب عن بعض اصحابنا ويشهد له ما تقدم ايضا من رواية ابن عمر في صحيح مسلم ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين واشار بالسبابة * ولعل هذا كان منه صلى الله تعالى عليه وسلم فى وقت وما تقدم كان منه فى وقت آخر فكل منهما جائز حسن* وفسر عقد ثلاثة وخمسين مع الاشارة بالمسبحة بإن يضع إبهامه على حرف راحته اسفل من المسبحة وفي شرح مسلم للنووى واعلم ان قوله عقد ثلاثة وخمسين شرطه عند اهل الحساب ان يضع الخنصر على البنصر وليس ذلك مرادا هنا بل المراد ان يضع الخنصر على الراحة ويكون على الصورة التي يسميها اهل الحساب تسعة وخمسين اهـ * ومنهم من قال لعل الحساب كان في الزمن الاول كذلك ومنهم من قال ان المشهور عند اهل الحساب ماذكره النووى ومن اهل الحساب من لا يشترط ذلك والله تعالى اعلم (تنبيه) ثم عمد الشافعية رضى الله تعالى عنهم يرفعها اذا بلغ الهمزة من قوله الا الله ويكون قصده بها التوحيد والاخلاص عند كلمة الاثبات* وفيه حديث خفاف رضى الله تعالى عنه ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يشير بها للتوحيد ذكره البيهقى * وقال شمس الائمة الحلوانى رحمه الله تعالى يقيم اصبعه عند قوله لا اله ويضعها عند قوله الا الله فيكون النصب كالنفي والوضع كالاثبات (قلت) وهو حسن والجواب عن الحديث المذكور ان في سنده رجلا مجهولا على انه غير
(*) الظاهر انها بالذال المعجمة من الذعر وهو الطرد منه
ظاهر الدلالة على ما ذكروه بل هو الظاهر فيما ذكره الحلوانى فان التوحيد مركب من نفى واثبات فيكون رفعها اشارة الى احد شقى التوحيد وهو نفى الالوهية عن غير الله تعالى ووضعها اشارة الى الشق الآخر وهو اثبات الالوهية لله تعالى وحده فتقع بها الاشارة الى مجموع التوحيد بخلاف قولهم فانه انما تقع بها الاشارة الى الشق الثاني منه فقط ويخلو وضعها من الفائدة وهو خلاف ظاهر اطلاق كان يشير بها الى التوحيد وجل اللفظ على الظاهر متعين مالم يوجد موجب لحمله على غير ظاهره ولم يوجد هنا* ثم قال الشافعية يسن ان تكون اشارته بالمسبحة الى جهة القبلة* وروى البيهقى فيه حديثا عن عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما ولا يجاوز بصره اشارته كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في صحيح ابن حبان وغيره (قلت) وكل منهما حسن ولعل مشايخنا لم يذكروا الاول ولم يصرحوا بالثانى لدخوله في قولهم يكون بصره في القعدة الى حجره والله سبحانه وتعالى اعلم* وقال المحاملي من الشافعية ويسن ان يجعل السبابة في حال الاشارة منحنية وقال بعضهم لما عن مالك ابن نمير الخزاعي عن ابيه انه قال رأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم واضعا ذراعه اليمني على فخذه الايمن رافعا اصبعه السبابة قد حناها شيئًا اخرجه ابوداود وصححه ابن حبان وغيره * قلت وليس هذا بصريح فى المطلوب فانه يحتمل ان رؤيته اياها كانت في حال امالتها للوضع بعد التمام لرفعها بل الظاهر ذلك والله تعالى اعلم اهـ كلام المحقق ابن امير حاج مع حذف شيء يسير من كلامه (فهذا) ما تيسر لى الآن جمعه من كلام ائمتنا رحمهم الله تعالى في هذه المسئلة (وحاصله) ان ظاهر الرواية عدم الاشارة اصلا وهو المتبادر من عبارات المتون* وروى عن ائمتنا الثلاثة ابى حنيفة وابى يوسف ومحمد أنه يشير عند التشهد وانه يعقد اصابعه على ما مر من اختلاف الكيفية وظاهر كلامهم أنه لا ينشرها بعد العقد بل يبقيها كذلك لان المذكور فى هذه الرواية العقد ولم يذكروا النشر بعده* ورجح المتأخرون هذه الرواية لتأيدها بالمروى عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم* ومعلوم ان مدار سعى المجتهد على العمل بما صح عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولذا نقل العلماء عن امامنا الاعظم وعن باقى الأئمة ان كل واحد منهم قال اذا صح الحديث فهو مذهبي كما نقله الحافظ ابن عبد البر وغيره فحيث صح ذلك عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان العمل به اولى ولذا قال الامام محمد فنصنع كما صنع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو قولى وقول ابي حنيفة فجعله قوله وقول شيخه الامام الاعظم لما صحت روايته وهو اخبر بقول ابى حنيفة فترجح
تلك الرواية الموافقة للمنقول عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وعن سائر الائمة المجتهدين فلا جرم ان صرح الشراح بترجيحها واعتمادها وان رجح غيرهم خلافها بناء على ما ذكروه من ان فى الاشارة زيادة عمل لا يحتاج اليه فان ذلك انما يصح علة لعدم الاشارة اذا لم يصح فيها عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم شيء اما بعد الصحة والثبوت فلا يصح اذ لا مجال للرأى مع النص ولذا قال المحقق ابن امير حاج فتضآءل ما ذكروه من العلة قال فى القاموس الضئيل كامير الصغير الدقيق الحقير والنحيف وتضآءل اخفى شخصه قاعدا وتصاغر والضؤلة بالضم الضعيف اهـ ملخصا* اي صغر وضعف ما ذكروه من التعليل في مقابلة النص الصحيح ولذا قال المحقق ابن الهمام ان عدم الاشارة خلاف الدارية والرواية (فان قلت) اذا تعارض ما فى المتون وما فى الشروح فالعمل على ما فى المتون والمنصوص عليه في المتون هو بسط الاصابع (قلت) تعبير المتون ببسط الاصابع يمكن حمله على ما فى الشروح بان يكون المراد بسط الاصابع فى ابتداء التشهد ولا ينافي ذلك سنية الاشارة والعقد عند التلفظ بالشهادة فيكون مقصود المتون بالتصريح ببسط الاصابع الايماء الى خلاف سيدنا الامام الشافعى رحمه الله تعالى كما هو العادة من التصريح بالقيود للاحتراز عن قول القائل بخلافها وهنا كذلك فان الامام الشافعي يقول بسنية عقد الاصابع من حين الجلوس للتشهد لاعند التلفظ بالشهادة* ويفيد ما قلناه ما مر عن النهاية من قوله ثم هل يشير الخ فلم يجعله مخالفا للتعبير ببسط الاصابع بل جعله من محتملاته وكذا ما قدمناه عن الزيلعي من قوله واختلفوا في كيفية وضع اليد اليمنى الخ بعد قول الكنز وبسط اصابعه (والحاصل) ان كلا من الاشارة وعدمها قولان مصححان فى المذهب والقول بها هو الموافق لما صح عن الشارع صلى الله تعالى عليه وسلم فلذا رجحه جمهور العلماء المتأخرين وان كان القول بعدمها هو الاقوى من حيث النقل عن اهل المذهب وقد علمت مما قررناه أن من قال بالاشارة يقول بالعقد ويدل عليه قول المحقق ابن الهمام والعلامة البرهان الحلبي هذا اى العقد فرع تصحيح الاشارة فقد صرحا بان القول بعقد الاصابع مفرع على تصحيح القول بالاشارة مع تصريحهما قبله بان ذلك هو المروى عن محمد في كيفية الاشارة* فدل على انه ليس ثم اشارة بدون عقد* ويدل عليه ايضا قول منية المصلى فان اشار عقد وكذا قوله البدائع ثم كيف يشير الخ وكذا قول الذخيرة ثم كيف يصنع عند الاشارة الخ فكلهم جعلوا الاشارة على كيفية خاصة وهي العقد المنقول عن ابى جعفر (فان قلت) ما نقلوه عن ابى جعفر يحتمل ان يكون قولا له خاصة
(قلت) يرد ذلك ما قدمناه عن معراج الدراية من قوله قال ابو جعفر ما ذهب اليه علماؤنا اولى الخ فقد نسب كيفية العقد الى علمائنا وحيث اطلق ذلك فالمراد بهم علماؤنا الثلاثة ابو حنيفة وابويوسف ومحمد كما صرحوا بذلك وكذا ما نقلناه عن البرهان الحلبي والمحقق ابن الهمام من ان محمدا نص على ان الكيفية المذكورة قول ابي حنيفة وكذا ما قدمناه عن القهستاني من قوله وعن اصحابنا جميعا انه سنة فيحلق الخ (فعلم) انه ليس لنا قول بالاشارة بدون عقد بل هما قولان عدم الاشارة اصلا والاشارة مع العقد فما مشى عليه فى الدر المختار تبعا للشرنبلالي عن البرهان قول ثالث لم يقل به احد فلا يعول عليه واما ما استند اليه من النقل عن درر البحار وشرحه فالموجود فيه خلافه وهو ان المفتى به الاشارة مع العقد كما اسمعناك عبارته وعبارة شرحه غرر الافكار ومثله ما في شرحه الآخر كما تقدم نقله في عبارة البهنسي حيث عزا ذلك الى شرحى درر البحار والذي سمعنا به من شراح درر البحار. اثنان احدهما الذي نقلت عنه والآخر للعلامة قاسم بن قطلوبغا تلميذ المحقق ابن الهمام فلم يبق له مستند الاعبارة البرهان للشيخ ابراهيم الطرابلسى صاحب الاسعاف وليس هو من اهل الترجيح والتصحيح بل هو من المتأخرين الناقلين فانه من اهل القرن العاشر واذا عارض كلامه كلام جمهور الشارحين من المتقدمين والمتأخرين فالعمل على ما قاله الجمهور فليراجع البرهان حتى يعلم هل قال ذلك تفقها من عنده او نقله عن احد من مشايخ المذهب فان وجدناه قاله تفقها فقد علمنا مخالفته للمنقول فلا يقبل وان كان نقله عن احد ننظر هل يعارض كلامه كلام جمهور اهل المذهب من اهل المتون والشروح الحاكين للقولين فقط (لكن) قد صرح العلامة الشيخ ابراهيم البيرى في شرحه على الاشباه والنظائر بانه اذا اختلف في مسئلة فالعبرة بما قاله الأكثر والله تعالى أعلم (خاتمة) في بيان الحساب بعقد الاصابع ينبغى التنبيه عليه لندرة وجوده فى الكتب مع الاحتياج اليه لوروده في احاديث التشهد وكذا فى حديث الصحيحين فتح البوم من ردم يأجوج ومأجوج هكذا وعقد تسعين وبيان معرفته هكذا * الواحد ضم الخنصر لاقرب باطن الكف منه ممم ضما ممم محكما * الاثنان ضم البنصر معها كذلك * الثلاثة ضمهما مع الوسطى * الاربعة ضمهما ورفع الخنصر* الخمسة ضم الوسطى فقط* الستة ضم البنصر فقط* السبعة ضم الخنصر فقط مدها حتى تصل الى لحمة اصل الابهام* الثمانية ضم البنصر معها كذلك* التسعة ضمهما مع الوسطى كذلك* العشرة جعل طرف السبابة على باطن نصف الابهام * العشرون ادخال الابهام بين السبابة والوسطى بحيث يكون ظفرها بين عقدتى السبابة * الثلاثون الزاق طرف السبابة
بطرف الابهام * الاربعون وضع باطن الابهام على ظاهر السبابة * الخمسون عطف الابهام كأنها راكعة * الستون تحليق السبابة على طرف الابهام الراكعة * السبعون وضع طرف الابهام على وسط السبابة مع عطف السبابة اليها قليلا * الثمانون مد الابهام والسبابة كأنهما ملصقتان خلقة * التسعون ضم طرف السبابة الى اصلها وعطف الابهام عليها ثم انقل الحساب الى اليد اليسرى واجعل المائة كعقد الواحد وهكذا (والحاصل) ان عقد الخنصر والبنصر والوسطى من اليمين للاحاد والسبابة والابهام للمشرات بتبديل كيفية الوضع وكذلك عقد الخنصر والبنصر والوسطى من اليسرى للمئات والسبابة والابهام منها الالوف فغاية ما تجمع اليمني من العدد تسعة وتسعون وما تجمعه اليسرى تسعمائة وتسعة آلاف (هذا) وقد يوجد فى بعض المواضع اختلاف في بعض الكيفيات التي ذكرناها وكأنه اختلاف اصطلاح والله تعالى اعلم (وهذا) آخر ما يسره المولى من هذه الرسالة على عبده الحقير محمد عابدين عفا عنه مولاه * واعطاء ما تمناه * وغفر الله تعالى له ولوالديه * ولمشايخه ولمن له حق عليه * والحمد لله اولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم وكان الفراغ منها فى شهر رجب الاصم سنة 1236 ست وثلاثين ومائتين والف والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين* وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين (وبعد) فيقول فقير رب العالمين * محمد عابدين * غفر الله تعالى له ولوالديه والمسلمين آمين * قد كنت جمعت رسالة سميتها رفع التردد* في عقد الأصابع عند التشهد * أثبت فيها تصحيح الاشارة مع العقد* نقلا عن كتب ائمتنا الخالية عن النقد* بعبارات صريحة منيعة* وتحقيقات منيفة بديعة* ثم اطلعت الآن على سالة مسماة بتزيين العبارة* لتحسين الاشارة* لخاتمة القراء والفقهاء والمحدثين. ونخبة المحققين والمدققين* سيدى منلا على القاري* عليه رحمة ربه البارى* فرأيته رجح فيها رواية الاشارة بالادلة القوية* من نصوص الفقهاء والسنة السنية حتى ادعى انها متواترة* لورودها من طرق عديدة متكاثرة* لكنه ذكر ان الاشارة بدون عقد قول عندنا ايضا* واشار الى انه لا يرضى* فاردت ان انقل بعض عباراته المهمة* لتكون لتلك الرسالة تتمة* قال اما ادلة الاشارة فمن الكتاب اجماعا قوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ} اى في طاعة من سواه وقد قال سبحانه وتعالى (من يطع الرسول فقد اطاع الله) ومن السنة احاديث كثيرة منها ما ذكره صاحب المشكاة عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال كان رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم اذا قعد فى التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين واشار بالسبابة وفسر العقد المذكور بان يعقد الخنصر والبنصر والوسطى ويرسل الابهام الى اصل المسبحة وفى رواية كان اذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع اصبعه اليمنى التي تلى الابهام يدعو بها اى يشير بها ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها رواه مسلم وهذا مختار بعض أئمتنا انه يشير من غير قبض الاصابع * قال صاحب المشكاة وعن عبد الله بن الزبير رضى الله تعالى عنهما قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اذا قعد يدعو اى يقرأ التحيات وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى واشار باصبعه السبابة ووضع ابهامه على اصبعه الوسطى ويلقم كفه اليسرى ركبته اي يدخل ركبته في راحة كفه اليسرى حتى صارت كاللقمة في كفه وهذا اختيار بعض أهل العلم رواه مسلم ايضا * وعن وائل بن حجر عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وحدمرفقه اليمنى عن فخذه اليمنى يعنى جعله منفردا عن فخذه وقبض ثنتين اى من الاصابع وهما الخنصر والبنصر وحلق حلقة اى اخذ ابهامها باصبعه الوسطى كالحلقة ثم رفع اصبعه اي المسبحة ورأيته يحركها اى يشير بها اشارة واحدة عند الجمهور وقت الشهادة واشارات متعددة عند الامام مالك من اول التحيات الى آخرها رواه ابو داود والدارمي وكذا النسائى * وهذا الحديث مأخذ جمهور علمائنا فيما اختاروه من الجمع بين القبض والاشارة وقالوا يرفع المسبحة عند قوله لااله ويضعها عند قوله الا الله لمناسبة الرفع للنفى وملايمة الوضع الاثبات حتى يطابق القول الفعل في التوحيد والتفريد * وعن عبد الله بن الزبير قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يشير باصبعه اذا دعا ولا يحركها رواه ابو داود والنسائي وقال النووى اسناده صحيح وهذا يدل على انه لا يحرك الاصبع اذا رفعها للاشارة الامرة وعليه جمهور العلماء ومنهم الامام الاعظم خلافا للامام مالك على ما سبق* وعن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه قال ان رجلا كان يدعو باصبعيه فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (احد احد) بكسر الحاء امر كرر للتأكيد بالوحدة من التوحيد اى اشر باصبع واحدة لان الذى تدعوه واحد واصله وحد قلبت الواو همزة رواه الترمذى والنسائى والبيهقى وعن نافع كان عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما اذا جلس فى الصلاة وضع يديه على ركبتيه واشار باصبعه
واتبعه بصره ثم قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (لهي اشد على الشيطان من الحديد) رواه احمد ومعنى الحديث ان الاشارة بالمسبحة اصعب على الشيطان من استعمال الحديد من السلاح فى الجهاد فكأنه بالاشارة يقطع طمع الشيطان من اضلاله ووقوعه فى الشرك فهذا ما ذكره صاحب المشكاة من الاحاديث في هذا الباب وقد جاء الحديث بطرق كثيرة مها عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما كان صلى الله تعالى عليه وسلم اذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه وقبض اصابعه كلها واشار باصبعه التي تلى الابهام ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى رواه مسلم ومالك فى الموطأ وابو داود والنسائى وقال الباجي روى سفيان بن عيينة هذا الحديث عن مسلم بن ابى مريم وزاد فيه وقال هي مذبة الشيطان لا يسهو احدكم مادام يشير باصبعه قال الباحى ففيه ان معنى الاشارة رفع السهو وقمع الشيطان الذي يوسوس وقيل ان الاشارة معناها التوحيد ذكره السيوطى (اقول) لا منافاة بينهما بل الجمع الحقيقى ان كون معناها التوحيد هو السبب لقمع الشيطان من الوسوسة وايقاع المؤمن في السهو والغفلة وعن وائل ابن حجز انه رأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جلس في الصلاة فافترش رجله اليسرى ووضع ذراعيه على فخذيه واشار بالسبابة يدعو رواه النسائي وفي رواية لابى داود والنسائى وحلق حلقة وفى رواية حلق الابهام والوسطى واشار بالسبابة وعنه ايضا ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمني ثم اشار بسبابته ووضع الابهام على الوسطى وحلق بها وقبض سائر اصابعه رواه عبد الرزاق وعنه ايضا وضع مرفقه الايمن على فخذه الايمن وعقد اصابعه وحلق حلقة في الثالثة وعن عاصم بن كليب عن ابيه عن جده قال دخلت على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يصلى قد وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى فقبض أصابعه وبسط السبابة وهو يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك رواه الترمذى وروى ابو يعلى عنه وقال فيه بدل بسط يشير بالسبابة وروى البيهقى وابن ماجة بإسناد صحيح ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عقد الخنصر والبنصر ثم حلق الوسطى والابهام انتهى ما اردنا نقله من الاحاديث التي ذكرها منلا على فى رسالته وقد اكثر فيها وحذفنا منها ماليس فيه ذكر العقد ثم قل فهذه احاديث كثيرة بطرق متعددة شهيرة فلاشك في صحة اصل الاشارة لان بعض أسانيدها موجود في صحيح مسلم وبالجملة فهو مذكور فى الصحاح الست مما كاد ان يصير متواترا بل يصح ان يقال انه متواتر معنى فكيف يجوز لمؤمن بالله ورسوله ان يعدل
عن العمل به فيأتي بالتعليل * فى معرض النص الجليل* وهو ما قيل نقلا عن بعض المانعين للاشارة بان فيها زيادة رفع لا يحتاج اليها فيكون الترك اولى لان مبنى الصلاة على الوقار والسكينة وهو مردود بانه لوكان الترك اولى لما فعله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو على صفة الوقار والسكينة في المقام الاعلى ثم لاشك ان الاشارة الى التفريد* مع العبادة بالتوحيد* نور على نور* وزيادة سرور* فهو محتاج اليه* بل مدار الصلاة والعبادة والطاعة عليه* ثم من ادلتها الاجماع اذلم يعلم من الصحابة ولا من علماء السلف خلاف فى هذه المسئلة ولا فى جواز هذه الاشارة. *ولا فى تصحيح هذه العبارة* بل قال به امامنا الاعظم وصاحباه وكذا الامام مالك والشافعي واحمد وسائر علماء الامصار والاعصار* على ماورد به صحاح الاخبار والآثار* وقد نص عليه مشايخنا المتقدمون والمتأخرون فلا اعتداد لما عليه المخالفون ولا اعتبار لما ترك هذه السنة الاكثرون* من سكان ما وراء النهر واهل خراسان والعراق والروم وبلاد الهند ممن غلب عليهم التقليد* وفاتهم التحقيق والتأييد (هذا) وقد ذكر الامام محمد فى موطأه اخبرنا مالك اخبرنا مسلم بن ابي مريم عن على بن عبد الرحمن المعاوى انه قال رآنى عبد الله بن عمر وانا اعبث بالحصى في الصلاة فلما انصرفت نهانى وقال اصنع كما كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصنع فقلت كيف كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصنع فقال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه وقبض باصابعه كلها واشار باصبعه التى تلى الابهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى قال محمد وبصنع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نأخذو هو قول ابي حنيفة رحمه الله تعالى عليه انتهى وهذا صريح بان الاشارة مذهب ابي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ومفهومه ان ابا يوسف مخالف لما قام عنده من الدليل* وماثبت لديه من التعليل* والله اعلم بصحته* وان لم يكن لنا معرفة بثبوته* لكن نقل الثمنى في شرح مختصر الوقاية انه ذكر ابو يوسف فى الامالى انه يعتقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى والابهام ويشير بالسبابة انتهى (فتحصل) ان المذهب الصحيح المختار اثبات الاشارة وان رواية تركها مرجوحة متروكة* قال الامام المحقق كمال الدين ابن الهمام من اجل شراح الهداية وفي صحيح مسلم كان صلى الله تعالى عليه وسلم اذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض اصابعه كلها واشار باصبعه التي تلى الابهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى ولاشك ان وضع الكف مع قبض الاصابع لا يتحقق حقيقة فالمراد والله تعالى اعلم وضع الكف ثم قبض الاصابع
بعد ذلك عند الاشارة وهو المروى عن محمد فى كيفية الاشارة حيث قال يقبض خنصره وبنصره والتي تليها ويحلق الوسطى والابهام ويقيم المسبحة وكذا عن ابي يوسف في الامالى وهذا فرع تصحيح الاشارة وعن كثير من المشايخ لا يشير اصلا وهو خلاف الرواية والدراية فمن محمد ان ما ذكره في كيفية الاشارة مما قلناه قول ابى حنيفة رحمه الله تعالى ويكره ان يشير بمسبحتيه وعن الحلوانى يقيم الاصبع عند لا اله ويضعها عند الا الله ليكون الرفع للنفى والوضع للاثبات انتهى كلام ابن الهمام* وقال السغناقي قد نص محمد على هذا يعنى الاشارة بالمسبحة فى كتاب المشيخة وروى فيه حديثا عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك ثم قال ونحن نصنع بصنع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ونأخذ بفعله وهو قول ابى حنيفة وقولنا ثم ذكر كيفية الاشارة كما ذكره ابن الهمام سابقا عن محمد واسندها ايضا الى ابى جعفر الهندواني وفى الزاهدى اتفقت الرواية عن اصحابنا الثلاثة جميعا انه سنة وكذا عن المدنيين والكوفيين وكثرت به الاخبار والآثار فكان العمل بها اولى وكذا نقل السروجى عن اصحابنا وكأنهم ما اعتبروا خلاف من خالف ولم يعتدوا برواية المخالف لمخالفته الآثار الصحيحة والروايات الصريحة وقد قل صاحب مواهب الرحمن في متنه ووضع يديه على فخذيه وبسط اصابعه واشار فى الصحيح ثم المعتمد عندنا أنه لا يعقد يمناه الاعند الاشارة لاختلاف الفاظ الحديث وبه يحصل الجمع بين الادلة فان بعضها يدل على ان العقد من اول وضع اليد على الفخذ وبعضها يشير الى ان لا عقد اصلا مع الاتفاق على تحقق الاشارة فاختار بعضهم أنه لا يعقد ويشير وبعضهم انه يعقد عند قصد الاشارة ثم رجع الى ما كان عليه (والصحيح) المختار عند جمهور اصحابنا انه يضع كفيه على فخذيه ثم عند وصوله الى كلمة التوحيد يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى والابهام ويشير بالمسبحة رافعا لها عند النفى وواضعا لها عند الاثبات ثم يستمر على ذلك لانه ثبت العقد عند الاشارة بلاخلاف ولم يوجد امر بتغييره فالاصل بقاء الشيء على ما هو عليه واستصحابه الى آخر امره وقال شارح المنية وصفة الاشارة ان يحلق من يده اليمنى عند الشهادة الابهام والوسطى ويقبض البنصر والخنصر ويشير بالمسبحة او يعقد ثلاثة وخمسين يعنى كالمشير الى هذا العدد بان يقبض الوسطى والبنصر والخنصر ويضع رأس ابهامه على حرف مفصل الوسطى الاوسط ويرفع الاصبع عند النفي ويضعها عند الاثبات انتهى وهو يفيد التخيير بين نوعى الاشارة الثابتين عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو قول حسن* وجمع مستحسن* فينبغى للسالك ان يأتى باحدهما مرة وبالآخر اخرى
وقد اغرب بعضهم حيث عد الاشارة من المحرمات وهذا خطأ عظيم * وجر جسيم * منشأه الجهل عن قواعد الاصول * ومراتب الفروع من النقول فهل يحل لمؤمن ان يحرم ما ثبت من فعله صلى الله تعالى عليه وسلم مما كاد نقله ان يكون متواترا * ويمنع جواز ما عليه عامة العلماء كابرا عن كابر مكابرا * والحال ان الامام الاعظم * والهمام الاقدم * قال لا يحل لاحد ان يأخذ بقولنا مالم يعرف مأخذه من الكتاب والسنة والله سبحانه وتعالى اعلم (فهذا) آخر ما اردنا ايراده من الرسالة التي الفها العلامة المحقق منلا على القارى نور الله تعالى مرقده* وجعل فى اعالى الجنان مقعده * وذلك في ربيع الاول من شهور سنة 1249 تسع واربعين ومائتين والف وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله واصحابه وتابعيهم * بإحسان على ممر الزمان وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين