الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا مِنْهُ [النساء: 1].
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (70)[الأحزاب: 70، 71].
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة .. (1).
(1)
ـد:
فإن كتاب «الروض المربع» ، للشيخ الحنبلي منصور بن يونس بن صلاح البهوتي، المتوفى سنة (1051 هـ)، هو شرح زاد المستقنع، للعلامة شرف الدين أبو النجا موسى بن أحمد بن سالم المقدسي الحجاوي، المتوفى يوم
(1)
جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الجمعة (1/ 234) برقم (867) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه. بلفظ: مختصر. وللحديث طرق أخرى.
الخميس الثاني عشر، من ربيع الأول سنة (690 هـ).
ويعتبر من أهم وأفضل شروح زاد المستقنع، وقد لقي قبولا بين العلماء، وطلبة العلم، وعامة الأمة، وبفضل من الله وتوفيقه، يسر الله لنا تخريج أحاديثه، بكتاب سميته (روضة الممتع في تخريج أحاديث الروض المربع).
وقد حرصت أن يكون التخريج متوسطا، بين الإطالة المملة، والاختصار المخل.
وكان منهجي العام في التخريج على النحو التالي:
1 -
عزو الحديث إلى من رواها من الأئمة المصنفين.
2 -
جمع طرق الحديث.
3 -
دراسة حال الرواة.
4 -
الكلام على الإسناد، وما فيه من علل.
5 -
جمع أقوال الأئمة، في الحكم على الحديث، خصوصا المتقدمين.
6 -
ذكر الشواهد للحديث.
7 -
ذكر جملة من الفوائد والتنبيهات المهمة، التي يقتضي الحال التنبيه عليها.
التوضيح:
أقوم أولًا بعزو الحديث إلى مضانه الأصلية، مستفيدًا من تخريجاتي للكتب السابق، والغالب في العزو وفق الطبعات المعتمدة، ثم دراسة الرجال وفق أقوال الأئمة، وقد حرصت على كتاب التقريب، لأنه هو الخلاصة، وحرره الحافظ ابن حجر تحريرًا بالغًا، ثم دراسة الإسناد وفق أقوال الأئمة، وقد حرصت على أحكام الأئمة المتقدمين، ولم نهمل أقوال المتأخرين
رحمهم الله، ثم بيان الاختلاف في الإسناد، والعلل، وقد أقدم الكلام على الأسانيد إذا كان اختلاف الطرق هو علة الحديث، ثم نقل أقوال الأئمة في الحكم على الحديث. وقد حاولت تحييد حكمي على الحديث خصوصًا، والاحتفاظ به لخاصة نفسي، لعلمي بضعف حالي وقلة علمي، وقصور بحثي.
ومن باب إسناد الفضل إلى أهله والعلم إلى مسنده، فقد استفدت من مجموعة من الكتب فائدة كبيرة خصوصًا في الآثار مثل كتاب: التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل، للشيخ: صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وكتاب: التحجيل في تخريج ما لم يخرج في إرواء الغليل، للشيخ: عبد العزيز بن مرزوق الطّريفي، وأيضًا استفدت من تخريجات الروض، فقد كانت هناك محاولات لتخريج الروض، وفيها اختصار، وإجمال، وغلب فيها جانب العزو. مثل تخريج الروض لمجموعة من العلماء، منهم شيخنا الشيخ خالد المشيقح، وشاركه مجموعة من مشائخنا الفضلاء. ومن كتاب القول الممتع في تخريج أحاديث الروض المربع للشيخ: سعيد الغامدي.
أما في العزو، فقد استفدت من كتب التخريج وكتب السنة، والمكتبات الشاملة، ومن الجوامع مثل: جامع المسند والمسانيد، وجامع الأصول لابن الأثير، ومن كتاب المسند الجامع لمجموعة من العلماء المعاصرين.
تنبيه:
لما كان الحكم على الحديث من الأمور العظيمة، التي لا تتهيأ إلا للعلماء، الراسخين في العلم، وما أقلهم في هذه الأزمان، ونظرا للفرق
الواسع، والبون الشاسع، بين الباحث المبتدئ كحالنا، والعالم الراسخ، سلكت منهج الهيثمي وغيره من الأئمة، في الحكم على ظاهر الإسناد.
وأقول أحيانا: ظاهر إسناده الصحة، احتياطا.
وحيث إن تصحيح الحديث، يبنى عليه أحكام وفتاوى، فقد اجتهدت أن لا أحكم على حديث بالصحة إلا إذا سبقني إليه إمام عالم معتبر، وكانت القرائن تقتضي التصحيح. وإن اختلف العلماء، اجتهدنا في النظر في ترجيح القرائن. ونحكم على ظاهر الإسناد.
أما الضعف فالأمر فيه ظاهر، والدليل على ضعفه، في الغالب واضح.
أما الآثار، فالأمر فيها واسع، وقد حاولت جاهدًا تطبيق قواعد التصحيح والتضعيف، على الآثار خصوصًا في المسائل المهمة. والغالب على منقولات التفسير المراسيل، يرى ذلك جليًا في مصنف عبد الرزاق، وابن أبي شيبة.
وقد جعلت حلة بحثي، وحسنه، والعمدة فيه، هو نقل أقوال الأئمة المتقدمين، الراسخين في العلم، أو من شهدت لهم الأمة بالعلم والإمامة، وقد يكونوا معاصرين لهذه الأزمان مثل الشيخ ابن باز والألباني رحمهما الله، وأسكنهما الفردوس الأعلى، لأن أقوالهم مباركة، وأحكامهم راسخة.
إقرار ووصية:
قد أذنت بالاستفادة من هذا الكتاب، وجميع كتبي، بالنقل الكامل، والاختصار، والتعقب، وحقوق طباعة كتبي لكل مسلم، فقد أذنت لطباعة كتبي للمكتبات، ودور النشر وللتوزيع الخيري وللأفراد، ولنا في هذا قدوة، فقد أجاز النووي في آخر كتاب الأذكار رواية ونشر كتابه لجميع المسلمين.
كما أنبه أن هذا الكتاب وجميع كتبي فيها من الملاحظات، ولأخطاء الكثيرة، وقد راجعت هذا الكتاب عدة مرات، وفي كل مرة أجد ما أتعجب منه، ولولا أنه دخلنا المشيب، وخشية إدراك المنية، لما أخرجته ..
لكن ها أنا اليوم أخرجه متوكلًا على الله، وعذري أنني حاولت أن أكون مجرد جامع لكن من يدخل في هذا العلم لا بد أن يخوض في بحوره، خصوصًا أنه كتاب لا يقرأه إلا المتخصص الذي يميز الخطأ من الصواب.
أخيرًا: نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه،
وأن يبارك فيه، وأن يعفو عن خطأنا وزللنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمدًا،
وعلى آله وصحبه
أجمعين.
(1)
كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه، ببسم الله الرحمن الرحيم، فهو أبتر. وفي رواية: بالحمد لله.
أخرجه الخطيب في أخلاق الراوي والسامع ـ حديث (2342)، والسبكي في طبقات الشافعية (1/ 43)، كلاهما من طريق أحمد بن محمد بن عمران، حدثنا محمد بن صالح البصري بها، حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك، حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، حدثنا مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن، الرحيم فهو أقطع.
قلت: إسناده ضعيف، لأن في إسناده، أحمد بن محمد، المعروف بابن الجندي، قال الخطيب في تاريخ بغداد (5/ 77): كان يضعف في روايته ويطعن في مذهبه. اهـ. وقال ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين (250): أحمد بن محمد بن عمران يظهر أنه ابن موسى أبو الحسن النهشلي ويعرف بابن الجندي. قال الخطيب كان يضعف في رواياته ويطعن في رواياته ويطعن عليه في مذهبه سألت عنه الأزهري فقال ليس بشيء. اهـ.
وقال الذهبي المغني عن الضعفاء (437): أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي أبو الحسن من آخر أصحاب ابن صاعد ضعيف عندهم شيعي .. اهـ.
وذكر العظيم آبادى في عون المعبود (13/ 127)، الحديث، وقال: وهو حديث حسن. اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر في لسان الميزان قول الذهبي (852): أحمد بن محمد بن عمران أبو الحسن بن الجندي كان آخر من بقي ببغداد من أصحاب
ابن صاعد شيعي قال الخطيب كان يضعف في روايته ويطعن عليه في مذهبه قال لي الأزهري ليس بشيء قلت روى عنه خلق يروى عن البغوي انتهى ثم قال: وقال العتيقي كان يرمي بالتشيع وأورد بن الجوزي في الموضوعات في فضل علي حديثا بسند رجاله ثقات إلا الجندي فقال هذا موضوع ولا يتعدي الجندي. أ. هـ.
وقال الألباني في الإرواء (1/ 29): وهذا سند ضعيف جدا، آفته ابن عمران هذا، ويعرف بابن الجندي، ترجمه الخطيب في تاريخه وقال (5/ 77): كان يضعف في روايته، ويطعن عليه في مذهبه (يعني التشيع)، قال الأزهري: ليس بشيء. وقال الحافظ في اللسان: وأورد ابن الجوزي في الموضوعات، في فضل علي، حديثا بسند رجاله ثقات، إلا الجندي، فقال: هذا موضوع ولا يتعدى الجندي.
ومحمد بن صالح بن مهران البصري أبو جعفر بن النطاح الهاشمي أبو التياح بالمثناة والتحتانية الثقيلة صدوق أخباري. كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب (5986).
وعبيد بن عبد الواحد بن شريك ذكره ابن حبان في الثقات (14123). وقال ابن حجر في اللسان (255): كان ثقة صدوقا. أ. هـ. وقال الخطيب في تاريخ بغداد 11/ 99: قال أبو مزاحم وكان أحد الثقات ولم أكتب عنه في تغيره شيئا. أ. هـ. ونقل الذهبي في سير أعلام النبلاء 13/ 365 قول الدارقطني: كان صدوقًا. أ. هـ.
وروي مرسلا، عن أبي سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال النسائي: والمرسل أولى بالصواب .. اهـ.
الحديث روي عن أبي هريرة مسندا على أربعة ألفاظ: ببسم الله، كما سبق، وبحمد الله، بالحمد، بذكر الله.
أما لفظ: (بحمد الله)، ورواية:(بالحمد فهو أقطع)، فقد رواه أبو داود (4842) قال: حدثنا أبو توبة قال: زعم الوليد، عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل كلام، لا يبدأ فيه بالحمد لله، فهو أجذم.
قال أبو داود: رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز، عن الزهرى، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. اهـ.
قلت: أبا توبة، الربيع بن نافع أبو توبة الحلبي نزيل طرسوس ثقة حجة عابد كما في التقريب (3245). لكن شيخه الوليد بن مسلم القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية خصوصًا عن الأوزاعي. وقوله (زعم) في الإسناد يظهر أن في هذا الإسناد شيء.
ورواه ابن ماجه (1/ 610) - النكاح- باب خطبة النكاح- حديث (1894) من طريق قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه بالحمد أقطع.
قال أبو داود: رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز، عن الزهرى، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. اهـ.
وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص 345) حديث (494)،
وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (1/ 102)، حديث (1، 2)، والدارقطني في سننه (1/ 229) - الصلاة حديث (1)، والبيهقي (3/ 209) - الجمعة- باب ما يستدل به على وجوب التحميد في خطبة الجمعة، من
حديث أبي هريرة.
وعزاه النووي في الأذكار (103)، والحافظ ابن حجر في فتح الباري (8/ 220): لأبي عوانة في مستخرجه، على صحيح مسلم.
قلت: الحديث مداره على قرة بن عبدالرحمن، صدوق له مناكير، قال الذهبي في الميزان (6886): قرة بن عبدالرحمن بن حيوئيل. خرج له مسلم في الشواهد. وقال الجوزجانى: سمعت أحمد يقول: منكر الحديث جدا. وقال يحيى: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بقوى .. اهـ. ومنهم من حسن حديثه، ولهذا حسن الحديث ابن الصلاح، والنووي، والعراقي، والحافظ ابن حجر، كما في الفتوحات الربانية على الأذكار النووية لابن علان (3/ 288 و 6/ 63).
وقد تفرد برواية الحديث، قرة بن عبدالرحمن المعافري، عن الزهري، وقرة لا يحتج به إلا في روايته، عن الزهري، لأنه ضعيف من قبل حفظه. وروايته، عن الزهري موثقة، قال الأوزاعي: ما أحد أعلم بالزهري منه. اهـ.
وقد اضطرب في لفظه، قال النووي في شرح مسلم (1/ 40): وفي رواية بحمد الله، وفي رواية بالحمد فهو أقطع، وفي رواية أجذم، وفي رواية لا يبدأ فيه بذكر الله، وفي رواية ببسم الله الرحمن الرحيم، روينا كل هذه، في كتاب الأربعين، للحافظ عبدالقادر الرهاوي، سماعا، من صاحبه الشيخ أبي محمد عبدالرحمن بن سالم الأنباري عنه، وروينا فيه أيضا، من رواية كعب بن مالك الصحابي رضي الله عنه، والمشهور، رواية أبي هريرة، وهذا الحديث، حسن، رواه أبو داود وابن ماجه في سننهما، ورواه النسائي في كتابه عمل اليوم والليلة، روي موصولا ومرسلا ورواية الموصول إسنادها جيد. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (8/ 220): في إسناده مقال، وعلى تقدير صحته، فالرواية المشهورة فيه بلفظ: حمد الله، وما عدا ذلك من الألفاظ التي ذكرها النووي، وردت في بعض طرق الحديث، بأسانيد واهية. اهـ.
ولهذا قال الألباني في الإرواء (1/ 31): ومما يدلك على ضعفه، زيادة على ما تقدم، اضطرابه فى متن الحديث، فهو تارة يقول: أقطع، وتارة يقول: أبتر، وتارة: أجذم، وتارة: يذكر الحمد، وتارة يقول: بذكر الله. ولقد أضاع السبكى جهدا كبيرا، فى محاولته التوفيق بين هذه الروايات، وإزالة الاضطراب عنها، فإن الرجل ضعيف كما رأيت، فلا يستحق حديثه مثل هذا الجهد! وكذلك لم يحسن صنعا، حين ادعى أن الأوزاعي تابعه، وأن الحديث يقوى بذلك؛ لأن السند إلى الأوزاعي ضعيف جدا، كما تقدم بيانه فى الحديث الذى قبله، فمثله لا يستشهد به، كما هو مقرر فى مصطلح الحديث. وقد رواه أحد الضعفاء الآخرين، عن الزهري بسند آخر، أخرجه الطبراني من طريق عبدالله بن يزيد، حدثنا صدقة بن عبدالله، عن محمد بن الوليد، عن الزهري، عن عبدالله بن كعب بن مالك، عن أبيه مرفوعا. اهـ.
ورواية الوليد، عن الأوزاعي فيها مبحث.
وروي مرسلا:
فقد أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 72) حديث (141) من حديث كعب بن مالك الأنصاري مرفوعا، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة حديث (345، 346)، وحديث (495، 496) من حديث الزهري مرسلا.
وأما لفظ: أبتر، أو قال: اقطع. فقد أخرجه أحمد (2/ 359) برقم
(8697)
من طريق يحيى بن آدم، ثنا ابن مبارك، عن الأوزاعي، عن قرة بن عبدالرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل كلام، أو أمر ذي بال، لا يفتح بذكر الله عز وجل، فهو أبتر، أو قال: اقطع.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه قرة بن عبدالرحمن وهو ضعيف كما سبق.
وأخرجه عبد الرزاق في الجامع (11/ 163) حديث (20208) من حديث معمر، عن رجل من الأنصار بنحوه.
قلت: في إسناده راو لم يسم.
الخلاصة:
المشهور في الحديث الإرسال ورجحه النسائي كما في تحفة الأشراف 13/ 368، وقال الدارقطني كما في العلل 1/ 229، و 8/ 29: والصحيح، عن الزهري المرسل. أهـ.
وتقرر عند العلماء مراسيل الزهري ضعيفة، كما جزم بذلك الشافعي، ويحيى بن سعيد القطان، وابن معين كما في شرح العلل لابن رجب 8/ 29.
* * *
(2)
وروي: من صلى علي في كتاب الله، لم تزل الملائكة تستغفر له، ما دام اسمي في هذا الكتاب.
رواه الطبراني في الأوسط (1835)، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا إسحاق بن وهب العلاف، قال: حدثنا بشر بن عبيدالله الدارسي، قال: حدثنا ابن يزيد بن عياض، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة تستغفر له، ما دام اسمي في ذلك الكتاب.
قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث، عن أبي هريرة، إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسحاق. اهـ.
ورواه الخطيب، كما في شرف أصحاب الحديث (59) قال: أخبرني أبو طالب مكي بن علي بن عبد الرزاق الحريري، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، إملاء، قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن محمود المقرئ، قال: حدثنا محمد بن مهران النيسابوري، قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن حميد البصري، بمكة، قال: حدثنا بشر بن عبيد، قال: حدثنا حازم بن بكر أبو علي، قال: حدثنا يزيد بن عياض، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة تستغفر له، مادام اسمي في ذلك الكتاب. قال بشر بن عبيد: وحدثنا محمد بن عبدالرحمن القرشي، عن عبدالرحمن بن عبد الله، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
قلت: بشر بن عبيد الدارسي متهم، أبعد ابن حبان فذكره في الثقات
(12645)
. وقال الذهبي في الميزان (1/ 320): كذبه الأزدي، وقال ابن عدي: منكر الحديث. اهـ.
لهذا قال الهيثمى (1/ 137): فيه بشر بن عبيد الدارسي، كذبه الأزدي وغيره. اهـ.
وأيضا يزيد بن عياض منكر الحديث. ذكره البخاري في التاريخ الكبير 8/ 351 وقال: منكر الحديث. اهـ. وأتهمه الإمام مالك كما في الجرح والتعديل 9/ 283.
وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة (42): حديث من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة تستغفر له، ما دام اسمي في ذلك الكتاب، في إسناده من لا يحتج به، وقد روي من طرق ضعيفة جدا. اهـ.
وأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب برقم (1697)، والرافعي في التدوين في أخبار قزوين (2/ 29) من طريقين: عن إبراهيم بن إسماعيل الزاهد، المعروف بالخزاز، عن عبد السلام بن محمد المصري، حدثنا سعيد بن عفير، حدثني محمد بن إبراهيم بن أمية القرشي، عن عبدالرحمن بن عبدالله الأعرج، عن أبي هريرة.
ورواه السمعاني في أدب الاستملاء (ص: 78) قال: حدثنا أبو طالب عبدالكريم بن عبد المنعم بن هبة الله الطرسوسي، من لفظه، بجامع حلب، ثنا والدي، ثنا أبو صالح محمد بن المهذب بن علي المعري، من لفظه، ثنا جدي أبو الحسين علي بن المهذب بن أبي حامد المعري، ثنا أبو بكر محمد بن هارون بن مالك الدينوري، حدثنا عبدالرحمن بن محمد بن سنان السعدي، ثنا هانئ بن يحيى، ثنا يزيد بن عياض الليثي، عن سعيد المقبري،
عن أبي هريرة.
قال ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 228): فيه يزيد بن عياض. قال يحيى: ليس بشيء. سئل مالك، عن ابن سمعان، فقال: كذاب، فقيل: فيزيد بن عياض، قال: أكذب، وأكذب. وقال النسائي: متروك الحديث، وفيه إسحاق بن وهب. قال الدارقطني: كذاب متروك، يحدث بالأباطيل. وقال ابن حبان: يضع الحديث. اهـ.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 32): وله، عن يزيد بن عياض، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا: من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة تستغفر له. وهذا موضوع. اهـ.
وروي عن ابن عباس:
أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم (1699): من طريق أحمد بن جعفر الهاشمي، عن سليمان بن الربيع، عن كادح بن رحمة، عن نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى علي في كتاب، لم تزل الصلاة جارية له، ما دام اسمي في ذلك الكتاب.
قلت: كادح بن رحمة متهم، قال أحمد الأصبهاني في الضعفاء (200): كادح بن رحمة الزاهد روى عن الثوري ومسعر أحاديث موضوعة روى عنه أبو الربيع الزهراني .. اهـ. وقال ابن حبان يروي عن الثقات المقلوبات حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها فاستحق الترك وقال أبو الفتح الأزدي: هو كذاب .. اهـ.
وقال ابن كثير في تفسيره (6/ 477): وقد ورد في الحديث من طريق كادح ابن رحمة، عن نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من صلى علي في كتاب، لم تزل الصلاة جارية له، ما دام اسمي في ذلك الكتاب. وليس هذا الحديث بصحيح من وجوه كثيرة، وقد روي من حديث أبي هريرة، ولا يصح أيضا، قال الحافظ أبو عبدالله الذهبي شيخنا: أحسبه موضوعا. وقد روي نحوه، عن أبي بكر، وابن عباس. ولا يصح من ذلك شيء، والله أعلم. وقد ذكر الخطيب البغدادي في كتابه: الجامع لآداب الراوي والسامع، قال: رأيت بخط الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله كثيرا ما يكتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم، من غير ذكر الصلاة عليه كتابة، قال: وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظا. اهـ.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 62): رواه الطبراني وغيره، وروي من كلام جعفر بن محمد موقوفا عليه، وهو أشبه. اهـ.
وقال الألباني في بيان ضعف حديث أبي هريرة وحديث ابن عباس كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة (3316): ضعيف جدا. أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (2/ 693/ 1670)، والرافعي في تاريخ قزوين (4/ 107)، بإسناد فيه من لم أعرفه، عن عبد السلام بن محمد المصري، حدثنا سعيد بن عفير، حدثني محمد بن إبراهيم بن أمية القرشي، عن عبدالرحمن بن عبدالله- الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره.
قلت (القائل الألباني): وهذا إسناد ضعيف جدا؛ فإنه مع الجهالة التي أشرت إليها، فإن عبدالسلام بن محمد الراوي، عن سعيد بن عفير، قال الدارقطني: ضعيف جدا، منكر الحديث.
وقال الخطيب: صاحب مناكير. ومحمد بن إبراهيم بن أمية القرشي؛
الظاهر أنه محمد بن إبراهيم القرشي، الذي في الميزان واللسان، عن رجل، وعنه هشام بن عمار؛ قال الذهبي: فذكر خبرا موضوعا، في الدعاء لحفظ القرآن، ساقه العقيلي. ثم ساق له الحديث الآتي برقم (3593)، وذكر الحافظ، عن العقيلي أنه قال فيه: مجهول. قلت: وليس له ذكر في باب (المحمدين) من النسخة المطبوعة. والله سبحانه وتعالى أعلم. وهو في مخطوطة الظاهرية (ص 369)، وليست تحت يدي الآن لأحدد مكانه منها، وإنما نقليه من الحديث المشار إليه آنفا، فقد كنت خرجته وأنا في دمشق. وحديث أبي هريرة هذا، معروف برواية بشر بن عبيد الدارسي؛ وهو مع كونه منكر الحديث، بين الضعف جدا؛ كما قال ابن عدي في الكامل (2/ 447 - 448)، وكذبه الأزدي، كما في الميزان واللسان؛ فقد اختلف عليه في إسناده؛ فقال إسحاق بن وهب العلاف: أخبرنا بشر بن عبيدالله الدارسي، قال: أخبرنا حازم بن بكر، عن يزيد بن عياض، عن الأعرج، عن أبي هريرة به. أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 99/ 1/ 2023 بترقيمي): حدثنا أحمد (يعني بن محمد الصيدلاني البغدادي) قال: أخبرنا إسحاق .. وقال: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسحاق.
قلت (القائل الألباني): وهو ثقة من شيوخ البخاري، وليس من شيوخ الطبراني، خلافا لظن ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 228)، وإنما العلة من شيخه الدارسي، وقد عرفت حاله. وحازم بن بكر لم أجد له ترجمة. وشيخه يزيد بن عياض كذبه مالك وغيره، فإعلاله به أولى؛ لأن الدارسي قد توبع كما يأتي. وقد رواه محمد بن عبدالله بن حميد البصري- ولم أجد له ترجمة أيضا
…
أنتهى ما نقله وقاله الألباني.
وعزاه الكناني في تنزيه الشريعة (1/ 261) للأصبهاني في ترغيبه، من حديث ابن عباس.
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 228).
ولا يصلح حديث ابن عباس شاهدا لحديث أبي هريرة، لأن إسناده واه جدا، فيه كادح بن رحمة، ونهشل بن سعيد كذابان، انظر: تنزيه الشريعة المرفوعة (1/ 261).
* * *
(3)
وقوله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم ولا فخر.
أخرجه مسلم (7/ 58) برقم (6002)، والترمذي برقم (3605)، وأحمد (4/ 107) برقم (17111)، وفي (17112) كلهم من طريق عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم، إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل، بني كنانة، واصطفى من بني كنانة، قريشا، واصطفى من قريش، بني هاشم، واصطفاني، من بني هاشم.
وفي رواية: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش، بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم. وفي رواية: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم، فأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع.
وعند الترمذي بلفظ: (يوم القيامة)، وليس فيه:(ولا فخر).
وروى الترمذي برقم (3148، 3615)، وأحمد (3/ 2) برقم (11000)، وابن ماجه (4308)، كلهم من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدى لواء الحمد ولا فخر، وما من نبى يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائى، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، قال: فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبونا آدم؛ فاشفع لنا إلى ربك. فيقول: إنى أذنبت ذنبا، أهبطت منه إلى الأرض، ولكن ائتوا نوحا. فيأتون
نوحا، فيقول: إنى دعوت على أهل الأرض دعوة، فأهلكوا، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقول: إنى كذبت ثلاث كذبات، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منها كذبة إلا ماحل بها، عن دين الله، ولكن ائتوا موسى. فيأتون موسى فيقول: إنى قد قتلت نفسا، ولكن ائتوا عيسى. فيأتون عيسى فيقول: إنى عبدت من دون الله، ولكن ائتوا محمدا، قال: فيأتونني فأنطلق معهم.
قال الترمذي: وقد روى بعضهم هذا الحديث، عن أبي نضرة، عن ابن عباس، الحديث بطوله. اهـ.
قلت: علي بن زيد بن جدعان تكلم فيه، قال العجلي في معرفة الثقات (1298 - على بن زيد بن جدعان بصرى يكتب حديثه وليس بالقوي وكان يتشيع وقال مرة لا بأس به. اهـ. ولكن للحديث طرق أخرى.
قال الألباني: صحيح. اهـ. كما في صحيح الجامع برقم (1468)، وقال في صحيح الترغيب برقم (3543): صحيح لغيره. اهـ. وصححه في صحيح الترمذي برقم (2859)، وصحيح ابن ماجه برقم (4308). وانظر: ضعيف الجامع (1316).
وأخرجه البخاري (4/ 105) - الأنبياء- باب قول الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ
…
}، (5/ 225) - التفسير- تفسير سورة بني إسرائيل، ومسلم (1/ 184) - الأنبياء- (حديث 327)، والترمذي (4/ 622) - صفة القيامة- باب ما جاء في الشفاعة- (حديث 2434)، وأحمد (2/ 435)، وأبو عوانة (1/ 171، 173)، وابن منده في الإيمان (3/ 828 - 830) - (حديث 88، 881، 882)، والبيهقي في دلائل النبوة (5/ 476 - 477)، والبغوي في شرح السنة (15/ 153) - الفتن- باب شفاعة الرسول الله صلى الله عليه وسلم (حديث 4332)،
بمعناه من حديث أبي هريرة، وهو جزء من حديث طويل.
وأخرجه أحمد (3/ 2)، الترمذي (5/ 308) - تفسير القرآن- (حديث 3148) - من حديث أبي سعيد الخدري.
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (2/ 369 - 370) - (حديث 793)، وأبو يعلى في مسنده (13/ 481) - (حديث 7493)، وابن حبان كما في الإحسان (8/ 137) - (حديث 6444) - من حديث عبدالله بن سلام.
* * *
(4)
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يأتي على الناس زمان، إلا والذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم.
أخرجه البخاري (7068)، والترمذي (2206)، وأحمد (3/ 117) برقم (12186)، كلهم من طريق الزبير بن عدي، قال: شكونا إلى أنس بن مالك ما نلقى من الحجاج، فقال: اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم عام، أو يوم، إلا الذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم، عز وجل، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.
* * *
كتاب الطهارة
(5)
روي أنه صلى الله عليه وسلم توضأ بماء آجن.
لم أجده بهذا اللفظ، وإنما أخرج البيهقي في سننه (1/ 269)، قال: حدثنا أبو عبدالله الحافظ، أنبأ أبو جعفر محمد بن عبدالله البغدادي، ثنا محمد بن عمرو بن خالد، ثنا أبي، ثنا ابن لهيعة، ثنا أبو الأسود، عن عروة بن الزبير: في قصة، أحد وما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، قال: وسعى علي بن أبي طالب إلى المهراس، فأتى بماء في مجنة، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب منه، فوجد له ريحا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا ماء آجن فمضمض منه، وغسلت فاطمة، عن أبيها الدم.
قلت: فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، وعروة بن الزبير، من صغار التابعين، لم يشهد الواقعة؛ فالإسناد منقطع.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه (6979)، وإسحاق بن راهويه كما في المطالب العالية (4378)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 260) من طرق، عن وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن عبدالله بن الزبير، عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعدين في أحد، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره، لينهض على صخرة فلم يستطع، فبرك طلحة بن عبيدالله تحته، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره، حتى جلس على الصخرة، قال الزبير: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أوجب طلحة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي
طالب رضي الله عنه، فأتى المهراس، وأتاه بماء في درقته، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب منه، فوجد له ريحا فعافه، فغسل به الدم الذي في وجهه، وهو يقول: اشتد غضب الله على من دمى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. هكذا لفظه، وليس فيه لفظ:(آجن). لكن يفهم من معناه، لهذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 135): وفي الباب حديث الزبير، في غسل النبي صلى الله عليه وسلم وجهه، من الدم الذي أصابه بأحد، بماء آجن أي متغير رواه البيهقي وغيره. اهـ.
وقال البيهقي في سننه (1/ 269) عن إسناد حديث الزبير: وهو إسناد موصول. اهـ.
وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (5/ 221) عن حديث الزبير: هذا إسناده صحيح. اهـ.
قلت: فيه وهب بن جرير، ثقة، وأبوه جرير بن حازم، ثقة، لكن له أوهام إذا حدث من حفظه.
أما محمد بن إسحاق، فهو مدلس، لكنه صرح بالتحديث، واختلف في حاله بين أهل العلم؛ فمنهم من مشاه، ومنهم من توقف في الاحتجاج به، خاصة في أحاديث الأحكام، بخلاف المغازي. ويحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، وثقه ابن معين والنسائي، لكن في سماعه من جده نظر، فجده توفي سنة ثلاث وسبعين، وهو توفي بعد المائة، وهو ابن ست وثلاثين، فيبعد سماعه منه.
* الخلاصة:
الحديث ضعيف؛ لأن فيه ابن لهيعة وهو ضعيف، وفي الإسناد انقطاع.
والحديث الثاني في إسناده محمد بن إسحاق وقد تكلم فيه.
(6)
قوله: إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء وفي راوية لم يحمل خبث. رواه أحمد وغيره.
رواه أبو داود (64)، وابن ماجه (517)، والترمذي (67)، وأحمد (2/ 27)، والبيهقي (1/ 261)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 15)، والدارمي (1/ 186)، والدارقطني (1/ 21)، كلهم، من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سئل عن الماء، يكون بالفلاة من الأرض، وما ينوبه من الدواب والسباع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء.
ورواه عن ابن إسحاق، كل من، يزيد بن هارون، وعبده بن سليمان، ومحمد بن أبي نعيم، وأحمد بن خالد الوهبي، ويزيد بن زريع، وابن المبارك، وأبومعاوية الضرير، وحماد بن سلمة، وعبد الرحيم بن سليمان الكندي، وسعيد بن زيد، وابن نمير، وإبراهيم بن سعد، وعباد بن عباد المهلبي، وجرير بن عبد الحميد، وزهير بن حرب، وزائدة بن قدامة، وغيرهم، وصرح ابن إسحاق بالتحديث عند الدارقطني.
لكن أعل الحديث بأربع علل:
الأولى: الاختلاف في إسناده؛ فقد رواه أبو داود (63)، والنسائي (1/ 46)، وعبد بن حميد في المنتخب (817)، وابن حبان (1018)، والحاكم (1/ 225)، والبيهقي (1/ 260 - 261)، كلهم، من طريق أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر، عن عبدالله المكبر، عن ابن عمر، بمثله، غير أنه قال: لم يحمل الخبث.
وقد رواه عن أبي أسامة هكذا، جمع منهم، عبد بن حميد، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، ومحمد بن عبادة، ويعقوب الدورقي، والحسين بن حريث، وموسى بن عبدالرحمن الكندي، وأبو عبيدة بن أبي السفر، وهناد بن السري، والحسن بن علي بن عفان العامري، وأحمد بن جعفر، وغيرهم.
ورواه النسائي (1/ 175) قال: حدثنا الحسين بن حريث المروزي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، بمثله مرفوعا، وتابع الحسين بن حريث في قوله: عبيد الله يحيى بن حسان، كما عند الدارمي (1/ 187)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 15).
وأيضا تابعهم، حوثرة بن محمد البصري كما عند ابن خزيمة (1/ 49).
وتابعهم أيضا، محمد بن عبدالله بن المبارك، وموسى بن عبدالرحمن المسروقي، وابن أبي شيبة كما عند ابن حبان (118)، ومشكل الآثار (3/ 266).
ورواه أبو داود (65)، وابن الجارود في المنتقى (46)، وأبوداود الطيالسي (1954)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 16)، كلهم، من طريق حماد، أخبرنا عاصم بن المنذرعبيدالله بن عبدالله بن عمر، قال: حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس.
وخالف حماد بن سلمة؛ حماد بن زيد، فرواه عن عاصم بن المنذر، عن أبي بكر بن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه موقوفا، كما قال الدارقطني (1/ 22)، فلما ذكر حديث حماد بن سلمة، قال: خالفه حماد بن زيد، فرواه
عن عاصم بن المنذر، عن أبي بكر بن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، موقوفا غير مرفوع، وكذلك رواه إسماعيل بن علية، عن عاصم بن المنذر، عن رجل لم يسمه، عن ابن عمر موقوفا أيضا. اهـ.
ورجح ابن معين الطريقين، فقال عباس الدوري، كما في تاريخ ابن معين (4/ 240): سمعت يحيى يقول: وسئل عن حماد بن سلمة، حديث عاصم بن المنذر بن الزبير، عن أبي بكر بن عبيدالله بن عبدالله بن عمر هذا خير الإسناد، أو قال يحيى: هذا جيد الإسناد. قيل له: فإن ابن علية لم يرفعه، قال يحيى: وإن لم يحفظه ابن علية؛ فالحديث جيد الإسناد، وهو أحسن من حديث الوليد بن كثير- يعني يحيى- في قصة الماء لا ينجسه شيء. اهـ.
ورواه البيهقي (1/ 261) من طريق شعيب بن أيوب، ثنا أبو أسامة، ثنا الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، بمثله مرفوعا.
قلت: ومجمل ما حصل في إسناده من اضطراب؛ أن الحديث مداره على الوليد بن كثير؛ فرواه مرة، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة، عن محمد بن عباد بن جعفر، وابن جعفر اختلف عليه؛ فتارة يروى عنه، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر المصغر، وتارة يروى عنه، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر.
ولهذا ضعف بعض العلماء، حديث القلتين؛ فقال ابن عبد البر في التمهيد (1/ 335): أما ما ذهب إليه الشافعي، من حديث القلتين، فمذهب ضعيف من جهة النظر، غير ثابت من جهة الأثر؛ لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم بالنقل. اهـ.
وقال أيضا ابن عبد البر في التمهيد (1/ 329): هو حديث، يرويه محمد بن إسحاق، والوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، وبعض رواة الوليد بن كثير، يقول فيه عنه: عن محمد بن عباد بن جعفر، ولم يختلف، عن الوليد بن كثير، أنه قال فيه: عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، يرفعه، ومحمد بن إسحاق يقول فيه: عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، وعاصم أيضا؛ فالوليد يجعله، عن عبدالله بن عبدالله، ومحمد بن إسحاق يجعله، عن عبيدالله بن عبدالله، ورواه عاصم بن المنذر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه؛ فاختلف فيه عليه أيضا؛ فقال: حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، وقال فيه: حماد بن زيد، عن عاصم بن المنذر، عن أبي بكر ابن عبيدالله، عن عبدالله بن عمر. وقال حماد بن سلمة فيه: إذا كان الماء، قلتين، أو ثلاثا، لم ينجسه شيء، وقال بعضهم: يقول فيه: إذا كان الماء قلتين، لم يحمل الخبث، وهذا اللفظ محتمل للتأويل، ومثل هذا الاضطراب في الإسناد، يوجب التوقف، عن القول بهذا الحديث، إلى أن القلتين غير معروفتين، ومحال أن يتعبد الله عباده بما لا يعرفونه. اهـ.
وقال أبو بكر بن العربي، في عارضة الأحوذي (1/ 84): وحديث القلتين، مداره على مطعون عليه، مضطرب في الرواية. اهـ.
قلت: ويظهر والله أعلم، أن الترجيح فيه ممكن؛ فلعل الصحيح في الإسناد، أن شيخ محمد بن جعفر هو عبيدالله المصغر، لا عبدالله المكبر؛ فقد رواه جمع من الثقات، عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير عنه، كما سبق.
وأيضا توبع الوليد بن كثير، على ذكر عبيدالله فقد تابعه محمد بن
إسحاق، ورواه عن محمد بن إسحاق جمع من الثقات كما سبق.
وروي عن محمد بن إسحاق، بأسانيد أخرى ضعيفة، رواه ابن عدي في الكامل، وابن حبان في الثقات، والدارقطني، وقد أعرضت عنها اختصارا، ولشدة ضعفها، فلا يحسن الوقوف عليها.
ويحتمل أن يكون كلاهما محفوظا، لهذا قال البيهقي (1/ 327)، لما روى إسناد شعيب بن أيوب: وكذلك رواه أبو الحسن الدارقطني- رحمه الله عن أبي بكر بن سعدان، عن شعيب، فالحديث محفوظ عنهما جميعا؛ إلا أن غير أبي أسامة، يرويه، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر؛ فكان شيخنا أبو عبدالله الحافظ يقول: الحديث محفوظ عنهما جميعا، وكلاهما رواه عن أبيه، وإليه ذهب كثير من أهل الرواية، وكان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي- رحمه الله يقول: غلط أبو أسامة في عبدالله بن عبدالله؛ إنما عبيدالله بن عبد الله، واستدل بما رواه عن عيسى بن يونس، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، إلا أن عيسى بن يونس أرسله، وروايته في كتاب إسماعيل بن سعد الكسائي، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس موصولا، ورواه عباد بن صهيب، عن الوليد، وقال، عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبيه موصولا، والحديث مسند الأصل .... اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 28): قال ابن منده: إسناده على شرط مسلم، ومداره على الوليد بن كثير، فقيل عنه: عن محمد بن جعفر بن الزبير
…
، وتارة يرويه، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، وتارة يرويه، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، والجواب: أن هذا ليس اضطرابا
فادحا؛ فإنه على تقدير أن يكون الجميع محفوظا؛ انتقال من ثقة إلى ثقة، ثم قال الحافظ ابن حجر: وعند التحقيق الصواب:
…
، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر المصغر، ومن رواه على غير هذا الوجه فقد وهم. اهـ.
وتعقبه الشيخ أحمد شاكر- رحمه الله في تعليقه على سنن الترمذي (1/ 99)، فقال: وما قاله الحافظ من التحقيق غير جيد، والذي يظهر من تتبع الروايات، أن الوليد بن كثير، رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير، وعن محمد بن عباد بن جعفر، وأنهما كلاهما، روياه، عن عبدالله وعبيد الله ابني عبدالله بن عمر، عن أبيهما .... اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 95): وقال الدارقطني في سننه وعلله: رواه الوليد بن كثير، عن المحمدين، فصح القولان، عن أبي أسامة، وصح أن الوليد بن كثير، رواه عن هذا مرة، وعن الآخر أخرى، وكذا قال الإمام الرافعي في شرح المسند: الظاهر عند الأكثرين، صحة الروايتين، وقال في التذنيب: الأكثرون صححوا الروايتين، وقالوا: إن عبدالله وعبيد الله روياه، عن أبيهما .... اهـ.
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 154): هذا صحيح؛ لأنه قد صح؛ أن الوليد بن كثير روى هذا الحديث، عن محمد بن جعفر بن الزبير، وعن محمد بن عباد بن جعفر، كلاهما، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر .... اهـ.
أما شيخ الوليد بن كثير؛ فيحتمل أنه محمد بن عباد بن جعفر، ويحتمل أن يكون، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ويحتمل الوجهين، وبكل وجه قال الأئمة؛ أما الوجه الأول، فهو عند أبي داود (63)، وابن الجارود في المنتقى
(44)
، والدارقطني (1/ 15 - 16)، والبيهقي (1/ 260)، والحاكم (1/ 225)، وابن جرير في التهذيب (1108)، وابن حبان (117)، كلهم من طريق أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله المكبر، عن أبيه مرفوعا.
ورواه عن أبي أسامة جماعة منهم: الحميدي، ومحمد بن سعيد القطان، وأبو×بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، وأحمد بن زكريا بن سفيان الواسطي، والحسن بن علي بن عفان، ومحمد بن عثمان الوراق، ومحمد بن حسان الأزرق، وسفيان، ووكيع، وعلي بن شعيب، وأبو مسعود أحمد بن عبد الحميد الحارثي، والحسين بن علي بن الأسود، وعلي بن أبي الخصيب، وغيرهم، وبهذا جزم أبوداود، فقال في السنن (1/ 64): قال عثمان والحسن، عن محمد بن عباد بن جعفر، وهو الصواب. اهـ.
ورجح أبو حاتم، أن الحديث لمحمد بن جعفر بن الزبير؛ فقد نقل ابن أبي حاتم كما في العلل (1/ رقم 96)، عن أبيه أنه قال: الحديث لمحمد بن جعفر بن الزبير أشبه. اهـ.
وكذا رجحه ابن منده؛ فقد نقل الزيلعي في نصب الراية (1/ 106) عنه، أنه قال: اختلف على أبي أسامة، فروي عنه، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، وقال: مرة، عن محمد بن جعفر بن الزبير، وهو الصواب؛ لأن عيسى بن يونس رواه عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل؛ فذكره .... اهـ.
ورجح الدارقطني كلا الوجهين؛ فقال في السنن (1/ 7): اتفق عثمان بن أبي شيبة، وعبد الله بن الزبير الحميدي، ومحمد بن حسان الأزرق،
ويعيش بن الجهم، ومحمد بن عثمان بن كرامة، والحسين بن علي الأسود، وأحمد بن عبدالحميد الحارثي، وأحمد بن زكريا بن سفيان الواسطي، وعلي بن شعيب، وعلي بن محمد بن أبي الخطيب، وأبو مسعود، ومحمد بن الفضيل البلخي؛ فرووه، عن أبي أسامة الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، وتابعهم الشافعي، عن الثقة عنده، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، وقال يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومن ذكرنا معه في أول الكتاب، عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير؛ فلما اختلف على أبي أسامة في إسناده، أحببنا أن تعلم بالصواب؛ فنظرنا في ذلك، فوجدنا شعيب بن أيوب، قد رواه عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير على الوجهين جميعا، عن محمد بن جعفر بن الزبير؛ ثم أتبعه، عن محمد بن عباد بن جعفر، فصح القولان جميعا، عن أبي أسامة، وصح أن الوليد بن كثير رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير، وعن محمد بن عباد بن جعفر جميعا، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه؛ فكان أبو أسامة، مرة يحدث به، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة يحدث به، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، والله أعلم. اهـ.
ولما رواه الحاكم في المستدرك (1/ 224 - 226) من طريق محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة، عن محمد بن عباد بن جعفر. قال: هذا خلاف لا يوهن هذا الحديث؛ فقد احتج الشيخان جميعا، بالوليد بن كثير، ومحمد بن عباد بن جعفر
…
، وإنما قرنه أبو أسامة إلى محمد بن جعفر، ثم حدث به، مرة، عن هذا، ومرة، عن ذاك.
ثم رواه الحاكم (1/ 226) من طريق شعيب بن أيوب، ثنا أبو أسامة، ثنا الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله به.
وقال عقبة: وقد صح وثبت بهذه الرواية، صحة الحديث، وظهر أن أبا أسامة، ساق الحديث، عن الوليد بن كثير، عنهما جميعا؛ فإن شعيب بن أيوب الصريفيني، ثقة مأمون، وكذلك الطريق إليه، وقد تابع الوليد بن كثير على روايته، عن محمد بن جعفر بن الزبير محمد بن إسحاق بن يسار القرشي. اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 28)، عن ابن منده، تصحيح الوجهين، وتبعه أيضا الحافظ ابن حجر.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 93): وأعل قوم الحديث بوجهين: أحدهما الاضطراب، وذلك من وجهين: أحدهما في الإسناد، والثاني في المتن؛ أما الأول: فحيث رواه الوليد بن كثير، تارة، عن محمد بن عباد بن جعفر، وتارة، عن محمد بن جعفر بن الزبير، وحيث روى تارة، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر بن الخطاب، وتارة، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر بن الخطاب. والجواب، عن هذا: أن هذا ليس اضطرابا؛ بل رواه محمد بن عباد، ومحمد بن جعفر، وهما ثقتان معروفان، ورواه أيضا عبيدالله، وعبد الله، ابنا عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وأرضاهم، عن أبيهما، وهما أيضا ثقتان، وليس هذا من الاضطراب، وقد جمع البيهقي طرقه، وبين رواية المحمدين، وعبدالله وعبيدالله، وذكر طرق ذلك كلها، وبينها، أحسن بيان، ثم قال: والحديث محفوظ، عن عبيدالله وعبدالله
…
، قال: وكذا كان
شيخنا أبوعبدالله الحافظ يقول: الحديث محفوظ عنهما، وكلاهما رواه عن أبيه .... اهـ.
العلة الثانية: قالوا: إن الحديث مضطرب متنا، وبيان هذا أن الحديث رواه أبو داود (63) من طريق موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد، أخبرنا عاصم بن المنذر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، قال: حدثني أبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس.
وتابع موسى بن إسماعيل، عن حماد، على ذكر القلتين، كل من عفان بن مسلم، ويزيد بن هارون، وأبو داود الطيالسي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، وعبيدالله بن محمد العيشي، والعلاء بن عبد الجبار، وبشر بن السري، كما عند ابن الجارود في المنتقى (46)، وأبي داود الطيالسي (954)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 66)، والدارقطني (1/ 22)، وابن المنذر في الأوسط (1/ رقم 189)، والبيهقي (1/ 262).
وخالفهم وكيع، ويزيد بن هارون، وهدبة بن خالد، وإبراهيم بن الحجاج، وأبو سلمة التبوذكي، وزيد بن الحباب، كلهم رووه، عن حماد به، بلفظ: إذا بلغ الماء قلتين، أو ثلاثا، لم يحمل الخبث، كما عند ابن ماجه (518)، وأحمد (2/ 23، 107)، والدارقطني (1/ 22)، وعبد بن حميد في المنتخب (818)، والحاكم (1/ 227)، وابن جرير في التهذيب (1112، 1113).
قلت: يظهر أن الاختلاف في متنه، وقع من حماد بن سلمة، فلا شك أنه إمام جليل، أطنب العلماء في مدحه والثناء عليه، ولكن انتقد عليه بعض الشيء، خصوصا إذا روى عن غير ثابت.
لهذا قال البيهقي: هو أحد أئمة المسلمين؛ إلا أنه لما كبر، ساء حفظه، تركه البخاري، وأما مسلم فاجتهد، وأخرج من حديثه، عن ثابت، ما سمع منه قبل تغيره .. اهـ.
وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وربما حدث بالحديث المنكر. اهـ.
ولعل من ذلك هذا الحديث؛ لأنه رواه جمع من الحفاظ عنه، بذكر القلتين، وخالفهم أيضا، جمع من الحفاظ، فرووه عنه بالشك.
ويظهر أن الراجح، هو لفظ القلتين، وذلك لأن الذين رووه، عن حماد، بذكر القلتين أكثر، ثم أيضا الحديث رواه جمع، من طريق أبي أسامة، وفيه ذكر القلتين، وسبق بيانه. لهذا لما رواه الحاكم (1/ 227) من طريق إبراهيم بن الحجاج، وهدبة بن خالد، قالا: ثنا حماد بن سلمة به، بلفظ: لو بلغ الماء قلتين، أو ثلاثا، لم ينجسه شيء.
قال الحاكم عقبه: هكذا، حدثنا، عن الحسن بن سفيان، وقد رواه عفان بن مسلم وغيره من الحفاظ، عن حماد بن سلمة، ولم يذكروا فيه: أو ثلاثا. اهـ.
ولما رواه البيهقي (1/ 262) من الطريق نفسه، قال عقبه: كذا قالا: أو ثلاث، وكذلك قاله يزيد بن هارون، وكامل بن طلحة، ورواية الجماعة الذين لم يشكوا أولى. اهـ.
وقال ابن الجوزي في التحقيق (1/ 47): قد اختلف، عن حماد؛ فروى عنه إبراهيم بن الحجاج، وهدبة بن خالد، وكامل بن طلحة؛ فقالوا: قلتين أو ثلاثا، وروى عنه عفان، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، وبشر بن السري، والعلاء بن عبد الجبار، وموسى بن إسماعيل، وعبيدالله بن محمد العيشي
إذا كان الماء قلتين، ولم يقولوا: ثلاثا، واختلف، عن يزيد بن هارون؛ فروى عنه ابن الصباح بالشك، وروى عنه أبو مسعود بغير شك، فوجب العمل على قول من لم يشك. اهـ.
وقال النووي في المجموع (1/ 114 - 115): وقد سلم أبو جعفر، إمام أصحاب أبي حنيفة، في الحديث والذب عنهم، صحة هذا الحديث، لكنه دفعه واعتذر عنه، بما ليس بدافع ولا عذر، فقال: هو حديث صحيح، لكن تركناه لأنه روي قلتين أو ثلاثا، ولا نعلم قدر القلتين؛ فأجاب أصحابنا: بأن الرواية الصحيحة المعروفة المشهورة قلتين، ورواية الشك شاذة غريبة هي متروكة، فوجودها كعدمها، وأما قولهم: لا نعلم قدر القلتين، فالمراد قلال هجر كما رواه ابن جريج، وقلال هجر كانت معروفة عندهم مشهورة، يدل عليه حديث أبي ذر في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم، عن ليلة الإسراء، فقال: رفعت لي سدرة المنتهى، فإذا ورقها مثل آذان الفيلة، وإذا نبقها مثل قلال هجر، فعلم بهذا أن القلال معلومة عندهم مشهورة، وكيف يظن أنه يحدد لهم أو يمثل، بما لا يعلمونه ولا يهتدون إليه؟! .... اهـ.
وروى الدارقطني (1/ 24)، عن يحيى بن عقيل، أن يحيى بن يعمر، قال له: هلال هجر؟ قال: قلال هجر. اهـ.
وقال البيهقي في المعرفة (1/ 331): قلال هجر، كانت مشهورة عند أهل الحجاز. وشهرتها عندهم شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى ليلة المعراج .... اهـ.
والحديث صححه جمع من الأئمة، كالشافعي، وأحمد بن خزيمة، وابن حبان، والطحاوي، والدارقطني، وابن منده.
وقال ابن معين، كما في التاريخ برواية الدوري (4/ 240): هذا جيد
الإسناد .... اهـ.
وهكذا نقل ابن عبد الهادي، في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 24)، عن ابن معين، وزاد فقيل له: ابن علية لم يرفعه، قال يحيى: وإن لم يحفظه ابن علية، فالحديث جيد الإسناد. اهـ.
وقال الحاكم (1/ 225): هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين؛ فقد احتجا جميعا بجميع رواته، ولم يخرجاه، وأظنهما والله أعلم، لم يخرجاه لخلاف فيه، على أبي أسامة على الوليد بن كثير. اهـ.
وقال ابن حزم في المحلى (1/ 151): صحيح ثابت، لا مغمز فيه. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (21/ 41)، عن حديث القلتين: وقد صح، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
ثم قال: أما حديث القلتين، فأكثر أهل العلم بالحديث، على أنه حديث حسن يحتج به، وقد أجابوا، عن كلام من طعن فيه. اهـ.
وصححه أيضا البيهقي (1/ 260). وحسنه النووي في المجموع (1/ 112).
وقال في الخلاصة (1/ 66): ورواه الثلاثة، وهو صحيح، صححه الحفاظ. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 96): وقال ابن الأثير في شرح المسند: لأجل هذا الاختلاف، تركه البخاري ومسلم؛ لأنه على خلاف شرطهما، لا لطعن في متن الحديث، فإنه في نفسه حديث مشهور، معمول به، ورجاله ثقات معدلون، وليس هذا الاختلاف مما يوهنه. اهـ.
ولما ذكر الخطابي في معالم السنن (1/ 58) الاختلاف في إسناده. قال:
وليس في ذلك ما يوجب توهين الحديث، وكفى شاهدا على صحته، أن نجوم الأرض من أهل الحديث، قد صححوه، وقالوا به، وهم القدوة وعليهم المعول في هذا الباب. اهـ.
والحديث صححه الألباني في الإرواء (2/ 60).
ورواه ابن أبي شيبة (1/ رقم 1537)، قال: حدثنا ابن علية، عن عاصم ابن المنذر، عن رجل، عن ابن عمر، قال: إذا بلغ الماء قلتين، لم يحمل نجسا، أو كلمة نحوها.
قلت: في إسناده رجل لم يسم، ورواه البيهقي (1/ 262) من طريق معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر موقوفا.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه ليث بن أبي سليم.
* * *
(7)
حديث إن الماء الطهور لا ينجسه شيء.
رواه أبو داود- الطهارة- باب ما جاء في بئر بضاعة (66)، والنسائي- المياه- باب ذكر بئر بضاعة (1/ 174)، والترمذي الطهارة- باب ما جاء في أن الماء لا ينجسه شيء (66)، وأحمد (3/ 31)، والبيهقي (1/ 4، 257)، والدارقطني (1/ 29 - 30)، كلهم من طريق أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبيدالله، عن أبي سعيد الخدري، أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ من بئر بضاعة؟ - وهي بئر يطرح فيها الحيض، ولحم الكلاب، والنتن- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماء طهور لا ينجسه شيء.
قال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 116) قال ابن منده: هذا إسناد مشهور. اهـ.
قلت: اختلف في عبيدالله في الإسناد؛ فقال الإمام أحمد في مسنده (3/ 31): لما رواه عن عبيدالله بن عبدالله به، وقال أبو أسامة: مرة عبيدالله بن عبدالرحمن .. اهـ.
وكذا وقع عند النسائي، والبيهقي، وعند أبي داود، عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج، ثم قال أبو داود عقبه: وقال بعضهم: عبدالرحمن بن رافع. اهـ.
ورواه أحمد (3/ 86)، قال: ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني سليط بن أيوب بن الحكم الأنصاري، عن عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري، ثم أحد بني عدي ابن النجار، عن أبي سعيد بنحوه مرفوعا. كذا رواه ابن إسحاق فقال: عبيد الله بن عبدالرحمن.
قلت: سليط مجهول، وقد اختلف عليه في إسناده، فقد رواه أبو داود (67)، والدارقطني (1/ 30)، والبيهقي (1/ 257)، كلهم من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سليط بن أيوب، عن عبيدالله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري، ثم العدوي، عن أبي سعيد الخدري بنحوه.
وتابع محمد بن سلمة، أحمد بن خالد الوهبي، عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 11)، واختلف فيه على أحمد بن خالد، فرواه الدارقطني (1/ 31) عنه، عن ابن إسحاق به، وفيه قال: عبدالله بن عبد الرحمن كذا المكبر.
ورواه البيهقي (1/ 257) من طريق عبدالله بن مسلمة، ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن مطرف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يتوضأ من بضاعة
…
بنحوه.
ولما ذكر ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 115) الطريق الأول، قال: وله طريق آخر، من رواية ابن إسحاق، عن سليط بن أيوب، واختلف على ابن إسحاق، في الواسطة التي بين سليط وأبي سعيد، فقوم يقولون: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وقوم يقولون: عبدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وقوم يقولون: عن عبدالرحمن بن رافع؛ فتحصل في هذا الرجل- يعني الراوي له، عن أبي سعيد- خمسة أقوال: عبيدالله بن عبيدالله بن رافع، وعبيدالله بن عبدالله بن رافع، وعبدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وعبيدالله بن عبدالرحمن ابن رافع، وعبدالرحمن بن رافع، وكيف ما كان؛ فهو من لا تعرف له حال، ولا كيف. اهـ.
واختلف عليه، فرواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 11) من طريق ابن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبيدالله بن عبدالرحمن، عن أبي سعيد الخدري قال: قيل يا رسول الله، أيستقي لك من بير بضاعة، وهي بير يطرح فيها عذرة الناس، ومحائض النساء، ولحم الكلاب؟ فقال: إن الماء .. الحديث.
رواه أبو داود الطيالسي (2199)، فقال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبيدالله، عن أبي سعيد بنحوه، مرفوعا.
ورواه الشافعي، كما في مسنده (35) قال: أخبرنا الثقة، عن ابن أبي ذئب، عن الثقة، عنه عمن حدثه، وعن عبيدالله بن عبدالله العدوي، عن أبي سعيد الخدري بنحوه.
ولما رواه البيهقي (1/ 257) من طريق أحمد بن شعيب، وعبد العزيز بن يحيى، قالا: محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سليط بن أيوب، عن عبيدالله بن عبدالرحمن
…
، به كما سبق، قال: كذا روياه، عن محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، وقيل: عن محمد بن سلمة في هذا الإسناد، عن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري، وقال: يحيى بن واضح، عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبيدالله بن عبدالله بن رافع، كما قال: محمد بن كعب.
وقال: إبراهيم بن سعد، وأحمد بن خالد الوهبي، ويونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وقيل: عن إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن عبدالله بن أبي سلمة، عن عبدالله بن عبدالله بن رافع، وقيل: عن سليط، عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه. اهـ.
وقال ابن الجوزي في التحقيق (15): قد رواه جماعة، عن أبي أسامة، فقالوا: عن عبيدالله بن عبدالله، ورواه سليط بن أيوب؛ فقال: عن عبدالرحمن بن رافع، وقال مرة: عن عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، ورواه يعقوب بن إبراهيم، فقال: عن عبيدالله، عن أبيه؛ فقد اضطربوا فيه، ورواه المقبري، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الدارقطني: والحديث غير ثابت، وقد ذكر أبوبكر عبدالعزيز في كتاب الشافي، عن أحمد أنه قال: حديث بئر بضاعة صحيح. اهـ.
وقال الترمذي (1/ 71): هذا حديث حسن، وقد جود أبو أسامة هذا الحديث؛ فلم يرو أحد، حديث أبي سعيد في بئر بضاعة، أحسن مما روى أبو أسامة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه، عن أبي سعيد. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 24): صححه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو محمد بن حزم، ونقل ابن الجوزي أن الدارقطني قال: إنه ليس بثابت، ولم نر ذلك في العلل له، ولا في السنن. اهـ.
وقال أيضا الحافظ: وقد ذكر في العلل الاختلاف فيه على ابن إسحاق وغيره، وقال في آخر الكلام عليه: وأحسن إسنادا، رواية الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب، يعني، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن رافع، عن أبي سعيد، وأعله ابن القطان بجهالة راويه، عن أبي سعيد، واختلاف الرواة في اسمه واسم أبيه. اهـ.
وقال المنذري كما في مختصر السنن (1/ 73 - 74)، لما ذكر الحديث: أخرجه الترمذي، والنسائي، وتكلم فيه بعضهم، وحكي، عن الإمام أحمد بن حنبل، أنه قال: حديث بئر بضاعة صحيح. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 115): وهذا الذي ذكره الشيخ، رواه الخلال أحمد بن محمد بن هارون أبو بكر، في كتاب العلل، عن أبي الحارث، عن أحمد. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 52): قال الإمام أحمد: هذا حديث صحيح، نقله الحافظ جمال الدين المزني في تهذيبه وغيره عنه. قال النووي في كلامه، على سنن أبي داود: صححه يحيى بن معين، والحاكم، وآخرون من الأئمة الحفاظ، وقال في الخلاصة: وقولهم مقدم على قول الدارقطني: إن هذا الحديث ليس بثابت. قلت: كذا نقل، عن الدارقطني هذه القولة أيضا ابن الجوزي في تحقيقه، ولم أرها في علله؛ بل ذكر في علله الاختلاف في إسناده، ثم قال: وأحسنها إسنادا، حديث الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبيدالله بن عبدالله بن رافع، عن أبي سعيد، وحديث ابن إسحاق، عن عبدالله بن أبي سلمة الماجشون، عن عبدالله به. اهـ.
وقال ابن القطان، في كتابه الوهم والإيهام (3/ 308): أمره إذا بين، يتبين منه ضعف الحديث لا حسنه، وذلك أن مداره على أبي أسامة، عن محمد بن كعب، ثم اختلف على أبي أسامة، في الواسطة التي بين محمد بن كعب وأبي سعيد، فقوم يقولون: عبدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج، وقوم يقولون: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج، وله طريق آخر من رواية ابن إسحاق، عن سليط بن أيوب، واختلف على ابن إسحاق، في الواسطة التي بين سليط وأبي سعيد؛ فقوم يقولون: عبدالله بن عبدالرحمن ابن رافع، وقوم يقولون: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وقوم يقولون: عن عبدالرحمن بن رافع، فتحصل في هذا الرجل الراوي له، عن أبي سعيد خمسة أقوال: عبدالله بن
عبيدالله بن رافع، وعبيد الله بن عبدالله بن رافع، وعبد الله بن عبدالرحمن بن رافع، وعبيد الله بن عبدالرحمن بن رافع، وعبد الرحمن بن رافع، وكيفما كان، فهو من لا تعرف له حال، ولا عين .... اهـ.
قلت: بل عينه معروفة، وإنما اختلف في اسمه، ونص ابن منده أنه مجهول، كما في التهذيب (7/ 26)، لهذا قال المنذري في مختصره على السنن (1/ 74)، عن حديث بضاعة: تكلم فيه بعضهم. اهـ.
قلت: ولحديث بضاعة شاهد كما سيأتي، لهذا قال ابن القطان في كتاب بيان الوهم والإيهام (3/ 309): ولحديث بئر بضاعة طريق حسن، من غير رواية أبي سعيد، من رواية سهل. اهـ وسيأتي.
وصحح الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 45) حديث أبي سعيد الخدري.
وروى الطبراني في الأوسط مجمع البحرين (1/ 309)، وأبو يعلى كما في المطالب (31)، والبزار في كشف الأستار (1/ 132)(249)، والطبري في تهذيب الآثار (2/ 709)، وكلهم من طريق شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الماء لا ينجسه شيء.
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن المقدام إلا شريك. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 214): رجاله ثقات. اهـ.
قلت: رجاله لا بأس بهم، غير شريك، هو ابن عبدالله بن أبي شريك النخعي، أبو عبدالله الكوفي القاضي، فهو صدوق يخطئ كثير، وقد تغير حفظه لما ولي القضاء. قال ابن معين: لم يكن شريك، عند يحيى يعني القطان، بشيء، وهو ثقة. ثقة. اهـ.
وقال أبو يعلى: قلت لابن معين: أيما أحب إليك. جرير أو شريك؟ قال: جرير. قلت: فشريك أو أبو الأحوص، قال: شريك. ثم قال: شريك ثقة، إلا أنه لا يتقن، ويغلط، ويذهب بنفسه على سفيان وشعبة. اهـ. وقال ابن المديني: شريك أعلم من إسرائيل، وإسرائيل أقل خطأ منه. اهـ. وقال يعقوب بن شيبة: صدوق، سيئ الحفظ جدا. اهـ. وقال الجوزجاني: شريك سيئ الحفظ، مضطرب الحديث مائل. اهـ. وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي زرعة: شريك يحتج بحديثه؟ قال: كان كثير الخطأ صاحب حديث، وهو يغلط أحيانا. اهـ.
ثم قال ابن أبي حاتم: وسألت أبي، عن شريك وأبي الأحوص، أيهما أحب إليك؟ قال: شريك، وقد كان له أغاليط. اهـ. وقال صالح جزرة: صدوق، ولما ولي القضاء، اضطرب حفظه. اهـ. وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ، وقال في موضع آخر: ليس بالقوي. اهـ.
وقال ابن القطان: كان مشهورا بالتدليس. اهـ.
وقد روي موقوفا.
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 26): رواه الطبراني في الأوسط، وأبو يعلى، والبزار، وأبو علي بن السكن، في صحاحه من حديث شريك، ورواه أحمد من طريق أخرى صحيحة، لكنه موقوف. اهـ.
وروى أحمد (6/ 172) من طريق يزيد بن الرشك، عن معاذة قالت: سألت عائشة، عن الغسل من الجنابة؟ فقالت: إن الماء لا ينجسه شيء، قد كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد.
وسنده صحيح وهو موقوف.
وروى قاسم بن أصبغ، كما ذكره ابن القطان، في بيان الوهم والإيهام (3/ 309)، وذكر إسناده ابن الملقن في البدر المنير (2/ 55)، فقال: قال قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن وضاح، ثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سكينة الحلبي بحلب، نا عبدالعزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد قالوا: يا رسول الله إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وفيها ما ينجي الناس، والمحايض، والجنب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماء لا ينجسه شيء، قال قاسم: هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة، وقال محمد بن عبدالملك بن أيمن: ثنا ابن وضاح، فذكر أيضا بإسناده ومتنه. انتهى كلام ابن الملقن، ونقله ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 118)، عن ابن القطان.
قلت: رجاله لا بأس بهم، غير عبد الصمد بن أبي سكينة؛ فقد وثقه ابن حزم، فقال في المحلى (1/ 155): ثنا عباس بن أصبغ، ثنا محمد بن عبدالملك بن أيمن، ثنا محمد بن وضاح، ثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سكينة، وهو ثقة، ثنا عبدالعزيز بن أبي حازم به. اهـ
ونقل ابن الملقن في البدر المنير (2/ 57)، وقبله ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 118)، أن ابن حزم قال في كتابه الإيصال: عبد الصمد بن أبي سكينة ثقة مشهور. اهـ.
وتعقبه ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 119)، فقال: عبد الصمد هذا، الذي ذكر ابن حزم أنه ثقة مشهور، تتبعت تراجم من اسمه عبد الصمد، في تاريخ الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الدمشقي؛ فلم أجد له في تلك التراجم ذكرا. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 25): ابن أبي سكينة
الذي يزعم ابن حزم أنه مشهور، قال ابن عبد البر، وغير واحد، إنه مجهول، ولم نجد عنه راويا إلا محمد بن وضاح. اهـ.
والحديث حسنه ابن القطان فقال في كتابه بيان الوهم والإيهام (1/ 309): ولحديث بئر بضاعة طريق حسن، من غير رواية أبي سعيد، من رواية سهل بن سعد. اهـ.
ورواه ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 108)، بإسناده إلى قاسم بن أصبغ، ثم قال: هذا اللفظ غريب في حديث سهل، ومحفوظ من حديث أبي سعيد الخدري، لم يأت به في حديث سهل غير ابن أبي حازم. اهـ.
ورواه الدارقطني (1/ 29)، قال: حدثنا محمد بن الحسين الحراني أبو سليمان، نا علي بن أحمد الجرجاني، نا محمد بن موسى الحرشي، نا فضيل بن سليمان النميري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الماء لا ينجسه شيء.
قال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 119): في إسناده من يحتاج إلى الكشف عنه. اهـ.
قلت: إسناده ليس بالقوي؛ لأن فضيل بن سليمان النميري تكلم فيه، قال ابن معين: ليس بثقة. اهـ. وقال أبو زرعة: لين الحديث، روى عنه ابن المديني. وكان من المتشددين. اهـ. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ليس بالقوة. اهـ. وقال النسائي: ليس بالقوي. اهـ. وقال صالح بن محمد: جزرة منكر الحديث. اهـ.
وبه أعله ابن الجوزي في التحقيق (12).
وأما محمد بن موسى بن نفيع الحرشي، قال الآجري: سألت أبا داود عنه
فوهاه وضعفه. اهـ، وقال أبو حاتم: شيخ. اهـ، وقال النسائي: صالح. اهـ.
ولهذا قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 75): لما ذكر الحديث: فضيل هذا، تكلم فيه يحيى، وأبو زرعة، وأبو حاتم، لكن احتج به الشيخان، ومحمد هذا، وهاه أبو داود ووثقه غيره. اهـ.
ورواه أبو يعلى في مسنده (13/ 511) برقم (7519) من طريق إسحاق بن راهويه، والبيهقي (1/ 259) من طريق علي بن بحر، والطبراني في الكبير (6/ رقم 6026) من طريق هشام، كلهم رووه، عن حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن أبيه قال: دخلنا على سهل بن سعد الساعدي في بيته، فقال: لو أني سقيتكم من بئر بضاعة لكرهتم، وقد والله أسقيت منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي.
وخالفهم أصبغ بن الفرج؛ فرواه عن حاتم، عن محمد بن أبي يحيى، عن أمه به. أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 12).
قلت: حاتم بن إسماعيل تكلم فيه.
وروى ابن ماجه (520) قال: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا شريك، عن طريف بن شهاب، قال: سمعت أبا نضرة يحدث، عن جابر بن عبد الله، قال: انتهينا إلى غدير، فإذا فيه جيفة حمار، قال: فكففنا عنه، حتى انتهى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الماء لا ينجسه شيء، فاستقينا، وأروينا، وحملنا.
قال مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 550): هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف رواية أبي سفيان طريف بن شهاب السعدي الأشهل. اهـ.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (216): هذا إسناد فيه طريف بن
شهاب، وقد أجمعوا على ضعفه، وله شاهد من حديث أبي سعيد، رواه الترمذي والنسائي. اهـ.
وقال الألباني في صحيح أبي داود تحت الحديث (59): طريف: هو أبو سفيان، وليس بالقوي؛ إلا أني أخرجته شاهدا لما تقدم. اهـ.
قلت: وهو عند الطحاوي، من طريق شريك عنه
…
به، عن جابر أو أبي سعيد
…
، على الشك. وهو عند ابن ماجه (1/ 186 - 187)، عن جابر .. ، بدون شك.
* * *
(8)
حديث: الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه، أو طعمه، أو لونه.
أخرجه ابن ماجه- الطهارة- باب الحياض- (521) قال: حدثنا محمود بن خالد، والعباس بن الوليد، الدمشقيان، قالا: حدثنا مروان بن محمد، حدثنا رشدين، أنبأنا معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة الباهلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه، وطعمه، ولونه.
قال الحافظ في بلوغ المرام: ضعفه أبو حاتم. اهـ.
وقال في التلخيص: قال الشافعي: ما قلت من أنه إذا تغير، طعم الماء، وريحه، ولونه، كان نجسا. يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله، وهو قول العامة، لا أعلم بينهم خلافا. اهـ.
وقال النووي: اتفق المحدثون على تضعيفه (1/ 131).
وضعفه أيضا السيوطي، والمناوي في الجامع الصغير (1/ 604).
وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 550): هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف رواية أبي الحجاج. اهـ.
وقال العيني في عمدة القاري (5/ 102): قال الدراقطني: إنما يصح هذا من قول راشد بن سعد، ولم يرفعه غير رشدين. قلت: وفيه نظر؛ لأن أبا أحمد بن عدي رواه في (الكامل) من طريق أحمد بن عمر، عن حفص بن عمر، حدثنا ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة، فرفعه، وقال: لم يروه عن ثور إلا حفص. قلت: وفيه نظر أيضا؛ لأن البيهقي رواه من
حديث أبي الوليد، عن الساماني، عن عطية بن بقية بن الوليد، عن أبيه، عن ثور، وقال البيهقي: والحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم في نجاسة الماء، إذا تغير بالنجاسة خلافا. اهـ ..
وقال الشيخ الألباني: (ضعيف). اهـ. انظر حديث (رقم: 1765) في ضعيف الجامع.
وروى البيهقي- الطهارة- باب نجاسة الماء الكثير إذا غيرته النجاسة- (1/ 259) من طريق مروان بن محمد، ثنا رشدين به، بلفظ: الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب عليه، طعمه، أو ريحه.
ورواه الدارقطني (1/ 28 - 29) من طريق يوسف الغضيضي، نا رشدين بن سعد أبو الحجاج به، بلفظ: لا ينجس الماء شيء، إلا ما غير ريحه، أو طعمه.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأنه تفرد برفعه رشدين بن سعد، وهو ضعيف. قال الميموني: سمعت أبا عبدالله يقول رشدين بن سعد: ليس يبالي، عن من روى، لكنه رجل صالح. قال: فوثقه الهيثم بن خارجة، وكان في المجلس فتبسم أبو عبدالله، ثم قال: ليس به بأس في أحاديث الرقاق. اهـ. وقال حرب: سألت أحمد عنه فضعفه، وقدم ابن لهيعة عليه. اهـ. وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. اهـ. وقال ابن الجنيد، عن ابن معين: ليس من حمال المحامل. اهـ. وقال عمرو بن علي، وأبو زرعة: ضعيف الحديث. اهـ. وقال أبو حاتم: منكر الحديث وفيه غفلة، ويحدث بالمناكير، عن الثقات، ضعيف الحديث، ما أقر به من داود بن المحبر، وابن لهيعة استر، ورشدين أضعف. اهـ. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال في موضع آخر: ضعيف الحديث لا
يكتب حديثه. اهـ.
ولهذا أعل الحديث الدارقطني، فقال في السنن (1/ 29): لم يرفعه غير رشدين، عن معاوية ابن صالح، وليس بالقوي .... اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 94): هذا الحديث ضعيف؛ فإن رشدين بن سعد جرحه النسائي، وابن حبان، وأبو حاتم، ومعاوية بن صالح، قال أبو حاتم: لا يحتج به. اهـ.
قلت: إعلاله بمعاوية بن صالح بن حدير الحمصي فيه نظر؛ لأنه وثقه الإمام أحمد، وابن معين، وابن مهدي، والعجلي، والنسائي، وأبو زرعة، ونقل الدوري، عن ابن معين أنه قال: كان يحيى بن سعيد لا يرضاه. اهـ. وقال يعقوب بن شيبة: قد حمل الناس عنه، ومنهم من يرى أنه وسط، ليس بالثبت ولا بالضعيف، ومنهم من يضعفه. اهـ. وقال ابن عدي: له حديث صالح، وما أرى بحديثه بأسا، وهو عندي صدوق، إلا أنه يقع في حديثه إفرادات. اهـ.
فالأولى إعلال الحديث برشدين بن سعد، وبه أعله الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 26).
وتابع رشدين بن سعد ثور بن يزيد؛ فقد رواه البيهقي (1/ 259)، قال: أخبرنا أبو عبدالله، أنا أبو الوليد، ثنا الشاماني، ثنا عطية بن بقية بن الوليد، ثنا أبي، عن ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد به، بلفظ: إن الماء طاهر إلا إن تغير ريحه، أو طعمه، أو لونه، بنجاسة تحدث فيها.
قلت: إسناده ليس بالقوي؛ لأن عطية بن بقية تكلم فيه، فقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 381)، فقال: عطية بن بقية بن الوليد
الحمصي روى عن أبيه، بقية ابن الوليد، كتبت عنه، ومحله الصدق، وكانت فيه غفلة. اهـ.
وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 527)، وقال: يخطئ ويغرب، يعتبر حديثه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلسة. اهـ. وذلك لأن ابنه بقية بن الوليد، مكثر من التدليس وقد عنعن.
وقد تابع الوليد بن بقية، حفص بن عمر، فقد رواه البيهقي (1/ 260)، وابن عدي في الكامل (2/ 389)، كلاهما من طريق حفص بن عمر، ثنا ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد به.
قلت: حفص بن عمر بن دينار أبو إسماعيل الأيلي. قال أبو حاتم: كان شيخا كذابا. اهـ.
وذكر ابن عدي، هذه المتابعة في ترجمته في الكامل (2/ 389 - 390) فقال: ولحفص بن عمر هذا، غير ما ذكرت من الحديث، وأحاديثه كلها؛ إما منكر المتن، أو منكر الإسناد، وهو إلى الضعف أقرب. اهـ.
وذكره ابن حبان في المجروحين (1/ 285)، وقال: حفص بن عمر الأيلي الذي يقال له الحبطي، يقلب الأخبار، ويلزق بالأسانيد الصحيحة المتون الواهية. اهـ.
وتعقبه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (2/ 395)، في قوله الحبطي فقال: وهم ابن حبان فجعل الأيلي هو الحبطي. اهـ.
وقد روي مرسلا. فقد أخرجه الدارقطني (1/ 9) من طريق معلي بن منصور، نا عيسى بن يونس، نا الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب عليه. ريحه، أو طعمه.
قال الدارقطني عقبة: مرسل، ووقفه أبو أسامة على راشد. اهـ.
ثم رواه الدارقطني (1/ 29) من طريق أبي أسامة، نا الأحوص بن حكيم، عن أبي عون وراشد بن سعد قالا: الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غير ريحه، أو طعمه.
ورجح أبو حاتم المرسل. فقال ابن أبي حاتم في العلل (97). سألت أبي، عن حديث رواه عيسى بن يونس، عن الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينجس الماء، إلا ما غلب عليه طعمه، ولونه، فقال أبي: يوصله رشدين بن سعد، يقول: عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورشدين ليس بقوي، والصحيح مرسل. اهـ.
ونقل ابن الملقن في البدر المنير (2/ 82) عن الدارقطني أنه قال في علله: هذا حديث يرويه رشدين بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن راشد، عن أبي أمامة مرفوعا، وخالفه الأحوص بن حكيم؛ فرواه عن راشد بن سعد مرسلا، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أبو أسامة: عن الأحوص، عن راشد قوله: لم يجاوز به راشدا. قال الدارقطني: ولا يثبت الحديث. اهـ.
وقد اختلف في إسناد الأحوص، فرواه عبد الرزاق (1/ 80) من طريق إبراهيم بن محمد، عن الأحوص بن حكيم، عن عامر بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينجس الماء، إلا ما غير .... فجعل بدل راشد بن سعد، عامر بن سعد، ويظهر أنه وهم، والله أعلم.
قلت: الأحوص بن حكيم ضعيف؛ قال عنه ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وقال النسائي: ضعيف. اهـ. وقال ابن المديني: ليس بشيء، لا يكتب حديثه. اهـ.
وساق له ابن عدي أحاديث، ثم قال: وليس فيما يرويه الأحوص حديث منكر، إلا أنه يأتي بأسانيد لا يتابع عليها. اهـ.
وقال النووي في المجموع (1/ 110)، عن حديث أبي أمامة: ضعيف، لا يصح الاحتجاج به، وقد رواه ابن ماجه، والبيهقي، من رواية أبي أمامة وذكرا فيه: طعمه، أو ريحه، أو لونه، واتفقوا على ضعفه، ونقل الإمام الشافعي رحمه الله، تضعيفه، عن أهل العلم بالحديث. اهـ.
وقال في الخلاصة (1/ 69): هذا الحديث أوله صحيح، لكن ضعيف الاستثناء. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 83): فتلخص أن الاستثناء المذكور ضعيف، لا يحل الاحتجاج به؛ لأنه ما بين مرسل وضعيف. اهـ.
ومع أن الحديث ضعيف؛ فإن الإجماع انعقد، على أن الماء إذا تغير لونه، أو طعمه، أو ريحه، بنجاسة، فهو نجس ولهذا قال البيهقي (1/ 260): الحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم في نجاسة الماء، إذا تغير بالنجاسة خلافا، والله أعلم. اهـ.
ثم روي عن الشافعي أنه قال: وما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء، ولونه، وريحه، كان نجسا، يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله، وهو قول العامة: لا أعلم بينهم فيه خلافا. اهـ.
ولهذا قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 83 - 84): فإذا علم ضعف الحديث، تعين الاحتجاج بالإجماع، كما قاله الشافعي، والبيهقي، وغيرهما من الأئمة. اهـ.
ونحوه قال النووي في المجموع (1/ 110).
ونقل ابن المنذر الإجماع عليه؛ فقال في الإجماع (ص 33): أجمع العلماء على أن الماء القليل أو الكثير، إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت طعما، أو لونا، أو ريحا، فهو نجس. اهـ.
وأيضا نقل الإجماع ابن هبيرة في الإفصاح (1/ 58).
ونقل ابن الجوزي في التحقيق (14)، عن الشافعي أنه قال: هذا الحديث لا يثبت أهل الحديث مثله، ولكنه قول العامة، لا أعلم بينهم فيه خلافا. اهـ.
* فائدة:
قال الخطابي في معالم السنن (1/ 33): قد يتوهم كثير من الناس، إذا سمع هذا الحديث، أن هذا كان منهم عادة، وأنهم كانوا يأتون هذا الفعل قصدا وتعمدا، وهذا ما لا يجوز أن يظن بذمي بل بوثني، فضلا، عن مسلم، ولم يزل من عادة الناس قديما وحديثا مسلمهم وكافرهم، تنزيه المياه وصونها، عن النجاسات، فكيف يظن بأهل ذلك الزمان، وهم أعلى طبقات أهل الدين، وأفضل جماعة المسلمين. والماء في بلادهم أعز، والحاجة إليه أمس، أن يكون هذا صنيعهم بالماء، وامتهانهم له، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من تغوط في موارد الماء ومشارعه، فكيف من اتخذ عيون الماء ومنابعه، رصدا لأنجاس، ومطرحا للأقذار، هذا ما لا يليق بحالهم، وإنما كان هذا من أجل أن هذه البئر، موضعها في حدور من الأرض، وأن السيول كانت تكسح هذه الأقذار، من الطرق والأفنية، وتحملها فتلقيها فيها، وكان الماء لكثرته؛ لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء، ولا يغيره، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن شأنها؛ ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة، فكان من جوابه لهم، أن الماء لا ينجسه شيء، يريد الكثير منه، الذي صفته صفة ماء هذه البئر في غزارته، وكثرة
جمامه؛ لأن السؤال إنما وقع عنها بعينها، فخرج الجواب عليها، وهذا لا يخالف حديث القلتين، إذ كان معلوما أن الماء في بئر بضاعة يبلغ القلتين، فأحد الحديثين يوافق الآخر، ولا يناقضه، والخاص يقضي على العام ويبينه، ولا ينسخه. اهـ.
* * *
(9)
عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، الذي لا يجري، ثم يغتسل منه. متفق عليه.
أخرجه البخاري (1/ 68)، والنسائي (1/ 197)، وابن خزيمة (66)، كلهم من طريق أبي الزناد أن عبدالرحمن بن هرمز الأعرج حدثه، أنه سمع أبا هريرة، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه.
وأخرجه مسلم (1/ 162)، والترمذي (68)، والنسائي (1/ 197)، وأحمد (2/ 316)، كلهم من طريق معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يبولن الرجل في الماء الدائم، ثم يغتسل منه أو يتوضأ.
وأخرجه أحمد (2/ 492 و 529)، قال: حدثنا روح. قال: حدثنا عوف، عن محمد بن سيرين وخلاس، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه.
وأخرجه أحمد (2/ 259)، والنسائي (1/ 49)، وفي الكبرى (56)، كلاهما من طريق عوف، عن خلاس، وعن عجلان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة.
وأخرجه أحمد (2/ 288)، قال: حدثنا زيد بن حباب، وفي (2/ 532)، قال: حدثنا حماد بن خالد، كلاهما- زيد، وحماد- عن معاوية بن صالح، قال سمع أبا مريم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الراكد، ثم يتوضأ منه.
وأخرجه ابن خزيمة (94)، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال:
أخبرنا أنس بن عياض، عن الحارث، وهو ابن أبي ذباب، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يتوضأ منه أو يشرب.
وروى ابن ماجه (345)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن المبارك، ثنا يحيى بن حمزة، ثنا ابن أبي فروة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبولن أحدكم في الماء الناقع.
قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن فيه إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة عبدالرحمن بن الأسود أبو سليمان الأموي. قال البخاري: تركوه. اهـ. وقال أحمد: لا تحل عندي الرواية عنه، وفي رواية: ليس بأهل أن يحمل عنه. اهـ. وقال ابن معين: حديثه ليس بذاك. اهـ. وقال إسماعيل القاضي، عن علي: منكر الحديث. اهـ.
وقال عمار: ضعيف ذاهب. اهـ. وقال عمرو بن علي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي: متروك الحديث. اهـ. زاد أبو زرعة: ذاهب الحديث. اهـ. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث. يروي أحاديث منكرة، ولا يحتجون بحديثه. اهـ.
وروى عبد الرزاق (1/ 255) عن معمر قال: أخبرني الأشعث، عن الحسن، عن عبدالله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبولن أحدكم في مستحمه، ثم يتوضأ فيه، فإن عامه الوسواس منه.
ومن طريق معمر، رواه أحمد (5/ 56)، وابن ماجه (304)، وأبو داود (27).
ورواه أحمد (5/ 56)، والترمذي (21)، والنسائي (1/ 34)، وابن حبان
(4/ 66)، كلهم من طريق عبدالله بن المبارك، عن معمر به.
قلت: أشعث، يحتمل أنه أشعث بن سوار الكندي، وهو ضعيف.
ويحتمل أنه أشعث بن عبدالله بن جابر الحراني، وهو ثقة؛ فكلاهما يروي عن الحسن، ويروي عنه معمر، وبالثاني جزم ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 463) فقال أشعث: هذا هو ابن عبدالله، ورد منسوبا في بعض الروايات .... اهـ.
ورواه الترمذي في العلل الكبير (1/ 103) من طريق معمر بن أشعث به.
ثم قال الترمذي: سألت محمدا، عن هذا الحديث. فقال: لا يعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه، ويرون أن أشعث هذا هو ابن جابر الحداني، وروى معمر فقال: عن أشعث، عن عبدالله بن الحسن. اهـ.
ولما ذكر عبد الحق الحديث، في الأحكام الوسطى (1/ 127) قال: لم يسمعه أشعث من الحسن، وقد روي موقوفا على عبدالله بن مغفل. اهـ.
وذكر ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (2/ 572)، عن عبد الحق، أنه قال في كتابه الكبير، بعد أن أورد الحديث بإسناد أبي داود، من رواية عبدالرازق، عن معمر، عن أشعث. قال: هذا الحديث أرسله الأشعث، عن الحسن، ولم يسمعه منه، وذكر العقيلي، عن يحيى القطان، قيل لأشعث: أسمعته من الحسن؟ قال: لا، ورواه شعبة، عن قتادة، عن عقبة بن صهبان، عن عبدالله بن مغفل موقوفا؛ ثم قال: ابن القطان: هذا نص ما ذكر، ومن خطه نقلته، وعلمنا منه، أن الذي رمي به الحديث المذكور، من الانقطاع، فيما بين الأشعث والحسن، هو ما ذكر العقيلي، عن يحيى القطان، فنظرنا في ذلك؛ فلم نجد عند العقيلي منه حرفا، وإنما الذي عنده: أن الحسن بن ذكوان قيل
له: سمعته من الحسن؟ يعني البصري. قال: لا، والحسن بن ذكوان، لا ذكر له في إسناد الحديث، الذي أورد من عند أبي داود
…
اهـ.
ونقله عنه بتمامه ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 464 - 465).
* * *
(10)
وروى الخلال بإسناده، أن عليا رضي الله عنه سئل عن صبي، بال في بئر، فأمرهم بنزحها.
أخرجه ابن أبي شيبة (1732)(1/ 162) الطهارة ـ باب الفأرة والدجاجة، وأشباههما تقع في البئر: قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن خالد بن سلمة، أن عليا سئل، عن صبي، بال في البئر؟ قال: تنزح.
قلت: أبا خالد الأحمر ليس بالقوي، كما قال ابن معين عنه: صدوق وليس بحجة، وفيه أيضا خالد بن سلمة، المعروف بالفأفأ، وثقه جماعة، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه.
وإسناده منقطع، لأن خالد بن سلمة من صغار التابعين، لم يدرك عليا، فالرواية عنه منقطعة.
قال ابن قدامة في المغني (1/ 56): وأخرجه الخلال بإسناد صحيح. اهـ.
* * *
(11)
نهى النبي: أن يتوضأ الرجل، بفضل طهور المرأة. رواه أبو داود وغيره، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان.
أخرجه أبو داود- الطهارة- باب النهي، عن الوضوء بفضل وضوء المرأة- (82)، وابن ماجه- الطهارة- (373)، والترمذي- الطهارة- باب ما جاء في كراهية فضل طهور المرأة- (64)، والنسائي- المياه- باب النهي، عن فضل وضوء المرأة- (1/ 179)، وأحمد (4/ 213) برقم (18018)، وفي (18020)، وفي (5/ 66) برقم (20933) كلهم من طريق شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو الغفاري؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة، أو قال: بسؤرها.
قال أبو عبدالرحمن النسائي: اسمه سوادة بن عاصم، يعني أبا حاجب. اهـ.
ورواه النسائي (1/ 179)، وأبو داود (82)، والترمذي (64)، وابن ماجه (373)، وأحمد (5/ 66)، والدارقطني (1/ 53)، والبيهقي (1/ 191)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 24)، وأبو داود الطيالسي (1252)، وابن حبان (4/ 71)، كلهم من طريق شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي حاجب، عن الحكم ابن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة، كذا رووه بهذا اللفظ، إلا أنه عند الطحاوي الشك بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ الرجل، بفضل المرأة، أو بسؤر المرأة، لا يدري أبو حاجب أيهما قال، وعند الترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة، أو قال بسؤرها.
لهذا قال البيهقي (1/ 191): وكان لا يدري عاصم فضل وضوئها، أو فضل شرابها. اهـ.
ورواه الترمذي (63) من طريق سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن رجل من بني غفار، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن فضل طهور المرأة.
وتابعه محمد بن جعفر، عن سليمان به، كما عند أحمد (5/ 66).
وشعبة كما عند البيهقي (1/ 191).
وإسماعيل بن علية، كما عند ابن أبي شيبة (1/ رقم 355).
قال الترمذي (1/ 69): هذا حديث حسن. وأبو حاجب اسمه سوادة بن عاصم، وقال محمد بن بشار في حديثه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة، ولم يشك فيه محمد بن بشار. اهـ.
ونقل ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 215) عن الأثرم أنه قال: قال أبوعبدالله: يضطربون فيه، عن شعبة، وليس هو في كتاب غندر، وبعضهم يقول: عن فضل سؤر المرأة، وبعضهم يقول فضل وضوء المرأة. اهـ. ونقل أيضا، عن البخاري أنه قال: ليس بصحيح. اهـ.
قلت: مداره على أبي حاجب، اسمه سوادة بن عاصم العنزي، وثقه ابن معين، والنسائي، وقال أبو حاتم: شيخ. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ. اهـ.
ثم أيضا اختلف في إسناده فقد روي موقوفا.
قال الدارقطني (1/ 53): أبو حاجب اسمه سوادة بن عاصم، واختلف عنه، فرواه عمران بن جرير، وغزوان بن حجير السدوسي، عنه موقوفا، من
قول الحكم، غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
ولهذا ضعف البخاري الحديث؛ فقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 134): سألت محمدا، عن هذا الحديث. فقال: ليس بصحيح. اهـ.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 184): سوادة بن عاصم أبو حاجب العنزي، بصري، كناه أحمد وغيره، ويقال: الغفاري، ولا أراه يصح، عن الحكم بن عمر. حدثني محمد بن بشار، نا أبو داود، نا شعبة، عن عاصم، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو- هو الأقرع- نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ بفضل وضوء المرأة .... اهـ.
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 160 - 161): قال أبوعيسى: حديث حسن، ولم يقل صحيح؛ لأنه روي موقوفا، وغير أبي عيسى يصححه؛ لأن إسناده صحيح، والتوقيف عنده لا يضر، والذي يجعل التوقيف فيه علة، أكثر وأشهر. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 300): أغرب النووي فقال: اتفق الحفاظ على تضعيفه. اهـ ولم أقف على قول النووي بعد البحث، لكن ذكر النووي الحديث في المجموع (2/ 191)، ونقل تضعيف البخاري؛ إعلال الدارقطني له بالوقف، ولم أجد هذا اللفظ عنه.
وأيضا ذكر الحديث في الخلاصة (1/ 200)، ثم نقل تحسين الترمذي، ثم تعقبه فقال: وخالفه الجمهور. اهـ.
وأعل هذه الأحاديث البيهقي، من باب مخالفة المتون، فقال في المعرفة (1/ 278): الأحاديث التي ذكرناها في الرخصة أصح، فالمصير إليها أولى، وبالله التوفيق. اهـ.
وقال الألباني في صحيح أبي داود (75): وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رجال مسلم؛ غير أبي حاجب- واسمه سوادة بن عاصم العنزي- وهو ثقة بلا خلاف. والحديث رواه البيهقي (1/ 191) من طريق المؤلف. وهو في مسند الطيالسي- رواية يونس بن حبيب عنه- برقم (1252)، لكن ليس في روايته تسمية الحكم بن عمرو؛ بل فيه: سمعت أبا حاجب، يحدث، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .. ، ثم قال يونس: هكذا، حدثنا أبو داود! قال عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو
…
ورواه البيهقي، عن يونس
…
به كما في المسند. وخالفه جمع من الثقات؛ فرووه كما رواه المصنف، عن ابن بشار. وكذلك رواه الترمذي، وابن ماجه، عن محمد بن بشار، وكذا البيهقي. ثم أخرجه النسائي (1/ 64)، والترمذي أيضا، وأحمد (5/ 66) من طرق عن أبي داود
…
به. فلعل أبا داود الطيالسي كان أحيانا يصرح باسم الصحابي، وأحيانا يبهمه. ثم أخرجه أحمد (4/ 213)، والطحاوي (14)، والبيهقي من طرق أخرى، عن شعبة
…
به مصرحا باسم الصحابي. وتابعه- عن عاصم-: قيس بن الربيع: عند الطحاوي. وتابع عاصما- عن أبي حاجب-: سليمان التيمي؛ إلا أنه لم يسم الصحابي؛ بل قال: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بني غفار: أخرجه البيهقي، والترمذي، وقال: حديث حسن. وأما البيهقي؛ فيظهر أنه حاول إعلاله بما رواه عن البخاري أنه قال: سوادة بن عاصم أبو حاجب العنزي؛ يعد في البصريين؛ ويقال: الغفاري، ولا أراه يصح، عن الحكم بن عمرو. وصرح الترمذي في العلل، عن البخاري، أنه قال، عن هذا الحديث: ليس بصحيح. قلت (القائل الألباني رحمه الله: وهذا من الإمام جرح مبهم؛
فلا يقبل، ولعل سوادة لم تثبت عنده عدالته، أو لقاؤه للحكم؛ فقد ثبت ذلك عند غيره كما سبق؛ وإنما يشترط التصريح باللقاء عند الجمهور، من المدلس فقط؛ خلافا للبخاري، كما مضى. ثم روى البيهقي الحديث من طرق أخرى، عن سوادة العنزي، عن الحكم
…
موقوفا عليه. وهذا ليس بعلة؛ فقد رفعه عنه ثقتان، وهي زيادة يجب قبولها، ولا يجوز هدرها. ولذلك لم يلتفت الحافظ إلى تضعيف الحديث، بل رد على من فعل ذلك، فقال في الفتح (1/ 240): أما حديث الحكم بن عمرو؛ فأخرجه أصحاب السنن، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وأغرب النووي فقال: اتفق الحفاظ على تضعيفه. انتهى ما نقله وقاله الألباني.
وروى ابن ماجه (374)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 24)، والدارقطني (1/ 116 - 117)، وابن حزم في المحلى (1/ 212)، كلهم من طريق معلي بن أسد، ثنا عبد العزيز بن المختار، ثنا عاصم الأحول، عن عبدالله بن سرجس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يغتسل الرجل بفضل وضوء المرأة، والمرأة بفضل الرجل، ولكن يشرعان جميعا.
ورواه البيهقي (1/ 192) من طريق مطير، ثنا إبراهيم بن الحجاج، ثنا عبدالعزيز بن المختار به مرفوعا.
قلت: عبد العزيز بن المختار ثقة، لكن خالفه شعبة، فرواه عن عاصم موقوفا على عبدالله بن سرجس، كما عند الدارقطني (1/ 117)، والبيهقي (1/ 192)، وعبد الرزاق (1/ 107).
ولما روى الدارقطني المرفوع، من طريق عبد العزيز بن المختار قال: خالفه شعبة، ثم رواه من طريق شعبة، عن عاصم به موقوفا. ثم قال: هذا
موقوف صحيح وهو أولى بالصواب. اهـ.
وقال ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (5/ 225): وعندي أن عبدالعزيز بن المختار قد رفعه وهو ثقة، ولا يضره وقف من وقفه، ولكن شيخ الدارقطني فيه هو عبدالله بن محمد بن سعيد، لا تعرف حاله، وهو أبو محمد المقرئ المعروف بابن الجمال، وقد ذكره الخطيب وعرف برواته، وتاريخ وفاته، غير حاله فلم يعرض لها، ولعله سيوجد فيه تعريف بحاله، أو يوجد الحديث بإسناد غيره إلى عبد العزيز بن المختار؛ فأما الآن فهو عندي غير صحيح، وأصح منه وأولى، بأن يكون في هذا الباب حديث حميد بن عبدالرحمن. اهـ.
قلت: شيخ الدارقطني توبع، فقد رواه الطحاوي، من طريق محمد بن خزيمة، ثنا المعلي به، وأيضا رواه ابن ماجه من طريق محمد بن يحيى، ثنا المعلي به.
لكن للأئمة موقف في زيادة الرفع، وأن الصواب الوقف.
وانتصر الغماري إلى ترجيح رواية الرفع، فقال في الهداية (1/ 303): لما نقل قول الدارقطني: بل رفعه صواب، وادعاء مخالف للقواعد، مع أنه دعوى مجردة، عن الدليل؛ فإن الذي رفعه ثقة، من رجال الصحيح؛ فزيادة الثقة مقبولة، مقدمة على رواية من وقفه .... اهـ.
وفيما قاله نظر؛ لأن زيادة الثقة ليست مقبولة مطلقا، بل لابد من النظر في القرائن، سواء كانت في الراوي، أو المروي، وكذلك موقف الأئمة النقاد من هذه الزيادة.
ولهذا فإن عبد العزيز بن المختار، ثقة من رجال الجماعة. وثقه ابن
معين، وأبوزرعة، والنسائي، وأبوحاتم، لكن ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ، وابن حبان معروف بسبر أحاديث الرواة.
وقال ابن معين في رواية ابن أبي خيثمة: ليس بشيء. اهـ. فهو وإن كان ثقة أخرج له الشيخان، فلا يعني قبول حديثه مطلقا، خصوصا إذا خالف؛ فلهذا رجح الأئمة رواية الوقف كما قال الدارقطني، وسبقه البخاري، فقد قال الترمذي في العلل الكبير (1/ 134): سألت محمدا
…
حديث عبدالله بن سرجس في هذا الباب فقال: هو موقوف ومن رفعه فهو خطأ. اهـ.
ونقل ابن القيم في كتابه تهذيب السنن (1/ 81): عن أبي عبيد أنه قال في كتاب الطهور: حدثنا علي بن معبد، عن عبيدالله بن عمرو، عن معمر، عن عاصم بن سليمان، عن عبدالله بن سرجس أنه قال: أترون هذا الشيخ- يعني نفسه- فإنه قد رأى نبيكم صلى الله عليه وسلم، وأكل معه، قال عاصم: فسمعته يقول: لا بأس أن يغتسل الرجل والمرأة من الجنابة، من الإناء الواحد، فإن خلت به فلا تقربه، فهذا هو الذي رجحه البخاري، ولعل بعض الرواة ظن أن قوله: فسمعته يقول من كلام عبدالله بن سرجس؛ فوهم فيه، وإنما هو من قول عاصم بن سليمان يحكيه، عن عبد الله. اهـ ونص ابن ماجه أيضا أن رفعه وهم.
ولما ذكر النووي في الخلاصة (1/ 200) حديث ابن سرجس؛ قال: حديث ضعيف. اهـ.
وروى أبو داود (81)، والنسائي (1/ 30)، وأحمد (4/ 111)، والبيهقي (1/ 190)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 24)، كلهم من طريق أبي عوانة، عن داود بن عبدالله الأودي، عن حميد بن عبدالرحمن، قال: لقيت
رجلا صحب النبي صلى الله عليه وسلم، كما صحبه أبو هريرة رضي الله عنه أربع سنين. قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعا، هذا لفظ النسائي، والبيهقي، وأحمد. ولم يذكر أبو داود، والطحاوي، الامتشاط والبول.
قلت: رجاله ثقات.
وصححه النووي في المجموع (2/ 191).
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 154): وقد اختلف في هذا المبهم، في هذه الرواية. فقيل: إنه عبدالله بن سرجس، وقيل: إنه الحكم بن عمرو الغفاري، وقيل: عبدالله بن مغفل المزني. اهـ.
ولهذا أعله البيهقي بالإرسال؛ فقال في السنن (1/ 90): هذا الحديث رواته ثقات، إلا أن حميدا لم يسم الصحابي الذي حدثه، فهو بمعنى المرسل، إلا أنه مرسل جيد، ولولا مخالفته الأحاديث الثابتة الموصولة قبله، وداود بن عبدالله الأودي لم يحتج به الشيخان، البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى. اهـ.
وقال في المعرفة (1/ 278): أما حديث داود بن عبدالله الأودي، عن حميد بن عبدالرحمن الحميري، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي، عن اغتسال المرأة
…
فإنه منقطع. وداود بن عبدالله ينفرد به، ولم يحتج به صاحبا الصحيح. اهـ. وفيما قاله نظر من وجهين:
أولا: أن هذا الحديث ليس بمرسل، بل هو موصول، وجهالة الصحابي لا تضر، ولهذا تعقب ابن دقيق العيد البيهقي، فقال في الإمام (1/ 155): وهذا الذي ذكره الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى تعليل ضعيف، أما قوله: إنه بمعنى المرسل، فإن أراد به، يشبه المرسل في أنه لم يسم فيه الصحابي فهذا صحيح،
لكنه لا يمنع خصمه من الاحتجاج، ذاهبا إلى أنه لا حاجة إلى تسمية الصحابي، بعد أن حكم بكونه صحابيا، لعدالة الصحابة كلهم، وإن أراد بأنه في معناه أنه لا يحتج به، كما لا يحتج بالمرسل، منعه الخصم لما ذكرناه. اهـ.
ونقل الزيلعي في نصب الراية (1/ 36) عن الأثرم، أنه سئل الإمام أحمد: إذا قال الرجل التابعي، حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمه، أيكون الحديث صحيحا؟ قال: نعم. اهـ.
ولما نقل ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 217) كلام البيهقي، تعقبه فقال: وهذا الحديث ليس بمرسل، وجهالة الصحابي لا تضر، وقيل: أن هذا الرجل الذي لم يسم، عبدالله بن سرجس، وقيل: عبدالله بن معقل، وقيل: الحكم بن عمرو الغفاري. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 300): دعوى البيهقي أنه في معنى المرسل مردودة؛ لأن إبهام الصحابي لا يضر، وقد صح التابعي بأنه لقيه. اهـ.
ثانيا: أن داود بن عبدالله الأودي الزعافري، وإن لم يخرج له الشيخان، فهو ثقة، وثقه ابن معين في رواية إسحاق بن منصور، وأيضا الإمام أحمد، وابن شاهين، والنسائي، وأبعد ابن حزم فضعفه، وهما منه.
لهذا قال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (1/ 217): وقد تكلم على هذا الحديث ابن حزم، بكلام أخطأ فيه، ورد عليه ابن مفوز، وابن القطان، وغيرهما، وقد كتب الحميدي إلى ابن حزم من العراق، يخبر بصحة هذا الحديث. اهـ.
وقال ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (5/ 226): داود هذا وثقه ابن معين، والنسائي، وغلط ابن حزم فيه غلطا قد بيناه عليه في أمثاله، وسبق
إلى ذلك أبو بكر ابن مفوز، وذلك أن ابن حزم قال: إن كان داود عم ابن إدريس فهو ضعيف، وإن كان غيره فهو مجهول، وابن عم ابن إدريس هو داود بن يزيد الأودي؛ فأما هذا فهو داود ابن عبدالله الأودي، وقد وثقه من ذكرنا وغيرهم، وقد كتب الحميدي إلى ابن حزم من العراق، يخبره بصحة هذا الحديث، وبين له أمر هذا الرجل؛ فلا أدري ارجع، عن قوله أم لا؟. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد (1/ 156): وقول البيهقي: داود بن عبدالله لم يحتج به الشيخان، غير ضار ولا مانع من الاحتجاج، وقد اعترف بأن الحديث رواته ثقات، وقد نقلنا أيضا توثيق داود، عن ابن معين والنسائي، وكم من موثق في الرواية لم يخرجا له في الصحيح، ولا التزما إخراج كل موثق. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (3/ 166) في ترجمته: لما ذكر ابن حزم الأندلسي، حديثه في الوضوء بفضل المرأة، قال: إن كان داود عم ابن إدريس فهو ضعيف، وإلا فهو مجهول، وقد رد ذلك ابن مفوز على ابن حزم، وكذلك ابن القطان الفاسي، قال ابن القطان: وقد كتب الحميدي إلى ابن حزم من العراق يخبره بصحة هذا الحديث، وبين له أمر هذا الرجل بالثقة، قال: فلا أدري أرجع، عن قوله أم لا. اهـ.
وقال أيضا في الفتح (1/ 300): ودعوى ابن حزم أن داود راويه، عن حميد بن عبدالرحمن، هو ابن يزيد الأودي، وهو ضعيف، مردودة؛ فإنه ابن عبدالله الأودي، وهو ثقة، وقد صرح باسم أبيه أبو داود وغيره. اهـ.
قلت: وصرح باسمه أيضا أحمد، والبيهقي، والطحاوي، ونقل ابن عبدالهادي في المحرر (1/ 86) عن الحميدي: أنه صححه. اهـ.
(12)
عن أبي هريرة رضي الله عنه: لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب. رواه
مسلم.
أخرجه مسلم (1/ 236) - الطهارة (97)، والنسائي (1/ 124 - 125) - الطهارة- باب النهي، عن اغتسال الجنب في الماء الدائم- (22، 1/ 176) - المياه- باب النهي، عن اغتسال الجنب في الماء الدائم- (731، 1/ 197) - الغسل- باب ذكر نهي الجنب، عن الاغتسال في الماء الدائم- (396)، وابن ماجه- الطهارة- باب الجنب ينغمس في الماء الدائم أيجزئه- (605)، وأبوعوانة (1/ 276)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 50 - 93)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 14) - الطهارة، والدارقطني (1/ 51 - 52) - الطهارة- باب الاغتسال في الماء الدائم، وقال: إسناد صحيح، وابن حزم في المحلي (1/ 211، 2/ 41)، والبيهقي (1/ 237) - باب الدليل على أنه يأخذ لكل عضو ماء جديدا ولا يتطهر بالماء المستعمل- كلهم من طريق عبدالله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج؛ أن أبا السائب مولى هشام ابن زهرة، حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟
قال: يتناوله تناولا. ولم يذكر النسائي زيادة: (كيف يفعل .... ).
والماء الراكد، وردت جملة من الأحاديث في النهي، عن البول فيه، أو الاغتسال فيه وهو جنب، وفي بعض الروايات تداخل: فقد روى البخاري (239)، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، قال: أخبرنا أبو الزناد، أن عبدالرحمن بن هرمز الأعرج، حدثه أنه سمع أبا هريرة، أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه.
ورواه البيهقي (1/ 238) من طريق أبي اليمان به، بلفظ: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل فيه.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 15) من طريق ابن عجلان، عن أبي الزناد به، بلفظ: لا يبولن أحدكم في الماء الراكد، ولا يغتسل فيه.
ثم رواه أيضا الطحاوي (1/ 15) من طريق عبدالله بن عياش، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أنه قال: ولا يغتسل فيه جنب.
ورواه مسلم (1/ 235)، وأبو داود (69)، وأحمد (2/ 362)، والدارمي (1/ 186)، والبيهقي (1/ 238)، كلهم من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه هكذا عندهم بهذا اللفظ. وعند أبي داود: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه.
ورواه مسلم (1/ 235)، والترمذي (68)، وأحمد (2/ 316)، والبيهقي (1/ 97، 238)، وأبو عوانة (1/ 276)، كلهم من طريق معمر بن راشد، عن همام بن منبه، قال: هذا ما، حدثنا أبو هريرة، عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا يبل في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل منه. اهـ.
ورواه أبو داود (70)، وابن ماجه (344)، وأحمد (2/ 433)، والبيهقي (1/ 238)، كلهم من طريق ابن عجلان المدني، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة.
وللحديث طرق وألفاظ عدة. فقد رواه أحمد (2/ 492) قال: ثنا محمد بن جعفر، وروح، قالا: ثنا عوف، عن محمد بن سيرين قال: روح وخلاس، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الدائم، ثم يتوضأ منه.
ورواه بن خزيمة (1/ 50)، وابن حبان (4/ رقم 1256)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 12)، كلهم من طريق يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا أنس بن عياض، عن الحارث وهو ابن أبي ذباب، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يتوضأ منه، أو يشرب منه.
وتابع يونس بن عبد الأعلى، ابن وهب، كما عند البيهقي (1/ 239).
ورواه أحمد (2/ 228) قال حدثني زيد بن الحباب، أن معاوية بن صالح قال: قال سمعت أبا مريم، يذكر، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الراكد، ثم يتوضأ منه.
ورواه أيضا أحمد (2/ 532) قال: حدثنا حماد بن خالد، ثنا معاوية بن صالح به.
* * *
(13)
حديث: إذا استيقظ أحدكم من نومه؛ فليغسل يديه قبل أن يدخلها في الإناء ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري، أين باتت يده. رواه مسلم.
رواه البخاري (162)، ومسلم (1/ 233)، ومالك في الموطأ (1/ 21)، وأبوعوانة في مسنده (1/ 263)، والبيهقي (1/ 45)، كلهم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استيقظ أحدكم، فليفرغ على يده ثلاث مرات، قبل أن يدخل يده في إنائه؛ فإنه لا يدري فيم باتت يده. هذا اللفظ لمسلم. وللبخاري: إذا توضأ أحدكم، فليجعل في أنفه ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه، فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدرى أين باتت يده.
ورواه ابن ماجه (395) قال: حدثنا إسماعيل بن توبة، حدثنا زياد بن عبدالله البكائي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم من النوم، فأراد أن يتوضأ، فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده، ولا على ما وضعها.
قال الطبراني في الأوسط (3335): لم يروه عن عبد الملك إلا زياد، تفرد به موسى، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد. اهـ.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (162): هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رواه الدارقطني في سننه من هذا الوجه، وله شاهد من الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة. اهـ.
وقال الألباني في ضعيف ابن ماجه (89): منكر؛ بزيادة ولا على ما وضعها، وهو في مسلم دونها. صحيح أبي داود (93): وهو في صحيح ابن
ماجه برقم (316). اهـ.
ورواه الدارقطني (1/ 49) من طريق محمد بن نوح، نا زياد البكائي به.
قلت: رجاله لا بأس بهم، وحسنه الدارقطني.
لكن أصل الحديث عند مسلم (1/ 233) من طريق معقل، عن أبي الزبير، عن جابر، عن أبي هريرة، أنه أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استيقظ أحدكم، فليفرغ على يده ثلاث مرات، قبل أن يدخل يده في إنائه. فإنه لا يدري أين باتت يده هكذا من مسند أبي هريرة.
وروى ابن ماجه (394)، وابن خزيمة (1/ 75)، والدارقطني (1/ 49 - 50)، والبيهقي (1/ 46)، كلهم من طريق ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة، وجابر بن إسماعيل، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها. اهـ. هذا لفظ ابن ماجه.
وزاد البقية: حتى يغسلها ثلاث مرات؛ فإنه لا يدري أين باتت يده، أو أين طافت يده. فقال له رجل: أرأيت إن كان حوضا. قال: فحصبه ابن عمر. وقال: أخبرك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: أرأيت إن كان حوضا.
قلت: في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف.
لكن تابعه جابر بن إسماعيل، كما هو ظاهر في الإسناد. وجابر بن إسماعيل لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه ابن وهب. ورمز له الحافظ ابن حجر في التقريب (86): مقبول. اهـ.
ثم أيضا ابن لهيعة الراوي عنه ابن وهب. فلعل هذه القرائن تشد الحديث، خصوصا أن للحديث شواهد.
ولهذا قال ابن خزيمة عقب روايته للحديث: ابن لهيعة ليس ممن أخرج حديثه في هذا الكتاب، إذا تفرد برواية. وإنما أخرجت هذا الخبر لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد. اهـ.
وقال الدارقطني: إسناده حسن. اهـ.
وقال البيهقي (1/ 46): لأن جابر بن إسماعيل مع ابن لهيعة في إسناده. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 463): هذا تعليل منه بحسنه، من حديث لم ينفرد ابن لهيعة .... اهـ.
ورواه الترمذي في العلل الكبير (1/ 107) من طريق عبدالله بن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره
…
الحديث.
قال الترمذي عقبه: سألت محمدا، عن هذا الحديث، فقال: وهم فيه؛ إنما روى ابن وهب هذا، عن جابر بن إسماعيل، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .... اهـ.
وقد صحح إسناد الحديث الألباني كما في الإرواء (1/ 183).
وروى ابن أبي شيبة (1/ رقم 1053)، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن أبي هريرة، قال: إذا استيقظ الرجل من نومه، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها.
قلت: رجاله ثقات، وإسناده ظاهره الصحة.
* * *
باب الآنية
(14)
روى البخاري، عن أنس رضي الله عنه: أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة.
أخرجه البخاري (3109) قال: حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن عاصم، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. قال عاصم: رأيت القدح، وشربت فيه.
وأخرجه البخاري (5638)، قال: حدثنا الحسن بن مدرك، قال: حدثنى يحيى بن حماد، أخبرنا أبو عوانة، عن عاصم الأحول، قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك، وكان قد انصدع، فسلسله بفضة، قال: وهو قدح جيد عريض، من نضار. قال: قال أنس: لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القدح أكثر من كذا وكذا. قال: وقال ابن سيرين: إنه كان فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب، أو فضة، فقال له أبو طلحة: لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتركه.
وأخرجه أحمد (3/ 139) برقم (12437)، و (3/ 155) برقم (12605)، و (3/ 259) برقم (13758)، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا شريك، عن عاصم، قال: رأيت عند أنس قدح النبي صلى الله عليه وسلم، فيه ضبة من فضة.
وأخرجه أحمد (3/ 139) برقم (12438)، و (3/ 155) برقم (12604)، و (3/ 259) برقم (13757)، قال: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا
شريك، عن حميد، قال: رأيت عند أنس بن مالك قدحا كان للنبي صلى الله عليه وسلم، فيه ضبة من فضة.
وأخرجه الترمذي، في الشمائل (195) قال: حدثنا الحسين بن الأسود البغدادي، حدثنا عمرو بن محمد، حدثنا عيسى بن طهمان، عن ثابت، قال: أخرج إلينا أنس بن مالك، قدح خشب، غليظا، مضببا بحديد، فقال: يا ثابت؛ هذا قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصححه الألبانى فى مختصر الشمائل (167)(ص 108).
* * *
(15)
حديث ابن عمر: من شرب في إناء ذهب، أو فضة، أو إناء فيه شيء من ذلك، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم. رواه الدارقطني.
رواه الطبراني في الصغير والأوسط كما في مجمع البحرين (7/ 106) قال: حدثنا علي بن الحسن بن هارون الحنبلي البغدادي، ثنا إسحاق ابن إبراهيم البغوي، ثنا العلاء بن برد بن سنان، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شرب في إناء من ذهب، أو إناء من فضة؛ فإنه يجرجر في بطنه نار جهنم.
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن برد، إلا ابنه. اهـ.
قلت: العلاء بن برد بن سنان الدمشقي تكلم فيه، فقد ضعفه أحمد بن حنبل، وقال محمد بن غيلان: ضرب أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو×خيثمة عليه، وأسقطوه. اهـ. وقال الأزدي: العلاء بن برد البصري أبو×عبدالله، ضعيف مجهول. اهـ.
ولهذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 77): فيه العلاء بن برد بن سنان، ضعفه أحمد. اهـ.
لهذا قال الألباني في الإرواء: وهو ضعيف، وأبوه صدوق. اهـ.
ورواه الدارقطني (1/ 40)، والبيهقي (1/ 28 - 29)، وابن الجوزي في التحقيق (112)، والحاكم في معرفة علوم الحديث (ص 131)، كلهم من طريق يحيى بن محمد الجاري، نا زكريا بن إبراهيم بن عبدالله بن مطيع، عن أبيه، عن عبدالله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب من إناء ذهب، أو فضة، أو إناء فيه شيء من ذلك، فإنما يجر في بطنه نار جهنم، قال الدارقطني
عقبه: إسناده حسن. اهـ.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه يحيى بن محمد الجاري اختلف فيه، وأيضا إبراهيم بن عبدالله بن مطيع وابنه فيهما جهالة.
أما يحيى بن محمد بن عبدالله بن مهران الجاري، فقد وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: ليس بحديثه بأس. اهـ. وقال البخاري: يتكلمون فيه. اهـ.
وأما زكريا بن إبراهيم بن عبدالله بن مطيع، فقد قال عنه الذهبي في ترجمة يحيى الجاري: ليس بالمشهور. اهـ.
وأما والده، فلم أجد له ترجمة، لكن قال الحافظ في الفتح (10/ 101)، لما ذكر الحديث: معلول بجهالة حال إبراهيم بن عبدالله بن مطيع وولده. اهـ.
ونقل، عن البيهقي أنه قال: الصواب ما رواه عبيدالله العمري، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفا: أنه كان يشرب في قدح فيه فضة. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 321): قال ابن القطان: حديث ابن عمر لا يصح، وزكريا هو وأبوه لا يعرف لهما حال. اهـ.
ولما روى البيهقي الحديث سكت عنه، وتعقبه ابن التركماني، فقال: سكت عنه، وفيه زكريا بن إبراهيم، عن أبيه، قال ابن القطان: هذا الحديث لا يصح، زكريا وأبوه لا يعرف لهما حال. اهـ.
والحديث ذكره الذهبي في الميزان (4/ 406)، فقال: هذا حديث منكر. اهـ.
وقد اختلف في إسناده، فقد قال البيهقي (1/ 29): أخبرناه أبو عبدالله
الحافظ في فوائده، عن الطوسي والفاكهي معا، فزاد في الإسناد بعد أبيه، عن جده، عن ابن عمر، وأظنه وهما؛ فقد أخبرناه أبو الحسن بن إسحاق، من أصل كتابه بخط أبي الحسن الدارقطني رحمه الله تعالي كما تقدم، وكذلك أخرجه أبوالحسن الدارقطني في كتابه، وكذلك أخرجه أبو الوليد الفقيه، عن محمد بن عبد الوهاب، عن أبي يحيى بن أبي ميسرة في كتابه، دون ذكر جده، والمشهور، عن ابن عمر في المضبب موقوفا. اهـ.
وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص 131): هذا حديث روي عن أم سلمة، وهو مخرج في الصحيح، وكذلك روي من غير وجه، عن ابن عمر، واللفظة أو إناء فيه شيء من ذلك لم نكتبها إلا بهذا الإسناد. اهـ.
وضعفه النووي في الخلاصة (1/ 81).
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى (21/ 85): إسناده ضعيف. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 85): زكريا بن إبراهيم بن عبدالله، غير معروف. ويحيى بن محمد الجاري، وثقه العجلي. وقال البخاري: يتكلمون فيه، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال: يغرب، وقال ابن عدي: ليس بحديثه بأس. وقال أبو عوانة الاسفراييني: ثنا عباس الدوري، ثنا يحي الزملي، ثنا يحيى بن محمد الجاري بساحل المدينة، ثقة، وقال ابن القطان: حديث ابن عمر لا يصح، وزكريا هو وأبوه لا يعرف لهما حال. .... اهـ.
ونقل ابن الملقن في البدر المنير (2/ 489)، عن السمعاني أنه قال في أما ليه: هذا حديث غريب، وقال الشيخ تقي الدين بن الصلاح: هذا حديث في إسناده نظر. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (43): سألت أبي، وأبا زرعة، عن حديث رواه حماد، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أو غيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الذي يشرب في آنية الفضة، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم قالا: هذا خطأ، إنما هو عن نافع، عن زيد بن عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت لأبي، ولأبي زرعة الوهم ممن هو، فقالا: من حماد. اهـ.
وأخرجه النسائي في الكبرى (6851)، قال: أخبرنا هشام بن عمار، عن صدقة، قال: حدثنا هشام. وفي (6852) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر، قال: سمعت بردا. كلاهما (هشام بن الغاز، وبرد بن سنان)، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب في آنية ذهب، أو فضة، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم.
قال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 103): هذا عندي خطأ لا شك فيه، ولم يرو ابن عمر، هذا الحديث قط والله أعلم، ولا رواه نافع، عن ابن عمر، ولو رواه عن ابن عمر ما احتاج أن يحدث به، عن ثلاثة، عن النبي صلى الله عليه وسلم .. اهـ.
وبين الألباني في الإرواء (1/ 70) أوجه ضعفه فقال: أخرجه ابن بشران فى الأمالى (ق 8/ 1)، والجرجانى فى تأريخه (109)، وكذا الدارقطنى فى سننه (ص 15)، وقال: إسناده حسن. كذا قال! وهو مردود، فإن الجارى هذا، قال البخارى: يتكلمون فيه، وأما ابن عدى فقال: ليس به بأس، ولما أورده الذهبى فى الميزان، ساق له هذا الحديث، وقال: هذا حديث منكر، وزكريا ليس بالمشهور.
قلت: (القائل الألباني)، ومثله أبوه إبراهيم. وقال الحافظ فى الفتح
(10/ 87): حديث معلول، بجهالة حال إبراهيم بن مطيع وولده.
قال البيهقي: الصواب، ما رواه عبيدالله العمرى، عن نافع، عن ابن عمر موقوفا: أنه كان يشرب فى قدح، فيه ضبة فضة. وإسناد هذا الموقوف على شرط الصحيح- كما قال فى التلخيص (ص 20) - ولكنه مخالف للحديث الآتى بعده فى الكتاب، فلا حجة فيه. اهـ.
ورواه أحمد (6/ 98)، وابن ماجه (3415)، كلاهما من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع، عن امرأة ابن عمر، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب في إناء فضة؛ فكأنما يجرجر في بطنه نار جهنم.
قلت: رجاله ثقات؛ رجال الشيخين، وامرأة ابن عمر، هي صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفية. أخرج لها مسلم، وأيضا البخاري في التعاليق، وقد وثقها العجلي، وابن حبان، وذكرها ابن عبد البر في الصحابة، وقال ابن منده: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح لها منه سماع. اهـ.
ونقل ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 273) عن ابن منده، أنه قال: هذا إسناده مجمع على صحته. رواه أيوب، وعبيد الله، وموسى بن عقبة، وابن عون، وجرير بن حازم، وعبدالرحمن السراج، وغيرهم، عن نافع، وكلها مقبولة على رسم الجماعة. اهـ.
وقال أيضا الألباني في الإرواء (1/ 68): ورجاله ثقات رجال الصحيحين، وامرأة ابن عمر، اسمها صفية بنت أبى عبيد، وقد أخرجا لها أيضا، فالإسناد صحيح. اهـ.
وأنكر الدارقطني إدراكها؛ فالحديث إسناده قوي، وظاهره الصحة، وصححه البوصيري، في تعليقه على زوائد ابن ماجه، واختلف في إسناده،
فروي من مسند ابن عمر. وهو وهم، قال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 103): ورواه خصيف، وهشام، والغازي، عن ابن عمر مرفوعا: من شرب في آنية الفضة
…
، قال: وهذا عندي خطأ لا شك فيه، لم يرو ابن عمر هذا الحديث قط، ولو رواه عن ابن عمر ما احتاج أن يحدث به، عن فلانة، وأما إسناده شعبة في هذا الحديث؛ فيحتمل أن يكون إسنادا لآخر، ويحتمل أن يكون خطأ وهو الأغلب. اهـ.
وأصل الحديث: رواه البخاري (5634)، ومسلم (3/ 1634)، وأحمد (6/ 300 - 302 - 304)، ومالك في الموطأ (2/ 294)، وابن ماجه (3413)، والدارمي (2/ 121)، والبيهقي (1/ 27)، وفي معرفة السنن أيضا (1/ 147)، كلهم من طريق نافع، عن زيد بن عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الذي يشرب في آنية الفضة، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم.
ورواه أيضا مسلم (3/ 1634) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، والوليد بن شجاع، عن علي بن مسهر، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن زيد بن عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر، عن أم سلمة مرفوعا به وزاد: إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب.
وذكر مسلم عدة طرق للحديث وقال: وليس في حديث أحد منهم، ذكر الأكل والذهب، إلا في حديث علي بن مسهر. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 62): تفرد بهذه الزيادة علي بن مسهر فيما قيل. اهـ.
وقال البيهقي (1/ 27): ذكر الأكل والذهب، غير محفوظ في غير رواية
علي بن مسهر، وقد رواه غير مسلم، عن أبي بكر ابن أبي شيبة، والوليد بن شجاع دون ذكرهما. والله عز وجل أعلم. اهـ.
ومن ذلك ما رواه الطبراني في الكبير (23/ رقم 926) من طريق عبيد بن غنام أبي بكر بن أبي شيبة، ولم يذكر الأكل والذهب.
قلت: أما لفظ الذهب، فقد أخرجها أيضا مسلم (3/ 1635)، قال: حدثني زيد بن يزيد أبو مؤمن الرقاشي، حدثنا أبو عاصم، عن عثمان- يعني ابن مرة- حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن، عن خالته أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شرب في إناء، من ذهب أو فضة، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم.
* * *
(16)
أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة مشركة. متفق عليه.
حديث: عمران بن الحصين رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توضؤا من مزاد مشركة.
قلت: هكذا أيضا ذكره المجد بن تيمية في المنتقى، وتبعه أيضا ابن عبدالهادي في المحرر (1/ 92)، والحافظ ابن حجر في البلوغ (23)، ولا نعلمه بهذا اللفظ، وقد وهم من وهم الحافظ ابن حجر في البلوغ وغيره من الأئمة، بأن هذا الحديث لا يوجد. وذلك لأن الحافظ ذكر معنى الحديث، ولم يرد اللفظ، بل إنه رحمه الله بين أن هذا المعني يوجد في حديث طويل كما نص، وقد ذكر ابن عبدالهادي أن هذا المعنى، مختصر من حديث طويل كما في المحرر (1/ 92).
والحديث رواه البخاري (3571)، ومسلم (1/ 474)، والبيهقي (1/ 32)، والدارقطني (1/ 200)، كلهم من طريق سليم بن زرير العطاردي، عن عمران بن الحصين، وذكر القصة بطولها، وقد روى هذه القصة بتمامها الدارقطني، وإليك نصها:
قال عمران بن الحصين: سار بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، ثم عرسنا، فلم نستيقظ إلا بحر الشمس، فاستيقظ منا ستة، قد نسيت أسماءهم، ثم استيقظ أبوبكر رضي الله عنه، فجعل يمنعهم أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: لعل الله أن يكون احتبسه في حاجته؛ فجعل أبو بكر يكثر التكبير، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: يا رسول الله ذهبت صلاتنا. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تذهب صلاتكم، ارتحلوا من هذا المكان، فارتحل فسار قريبا، ثم نزل فصلى فقال: أما إن الله
قد أتم صلاتكم. قالوا: يا رسول الله، إن فلانا لم يصل معنا، فقال له: ما منعك أن تصلى؟. قال: يا رسول الله أصابتني جنابة. قال: فتيمم الصعيد، وصله، فإذا قدرت على الماء فاغتسل، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا في طلب الماء؟ ومع كل واحد منا إداوة، مثل أذني الأرنب بين جلده وثوبه، إذا عطش رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرناه بالماء، فانطلق حتى ارتفع عليه النهار، ولم يجد ماء فإذا شخص. قال علي رضي الله عنه: مكانكم حتى ننظر ما هذا، قال: فإذا امرأة، بين مزادتين، من ماء، فقيل لها: يا أمة الله أين الماء؟ قالت: لا ماء، والله لكم استقيت أمس فسرت نهاري وليلي جميعا، وقد أصبحنا إلى هذه الساعة قالوا لها: انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: ومن رسول الله؟ قالوا: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: مجنون قريش؟ قالوا: أنه ليس بمجنون، ولكنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا هؤلاء دعوني، فوالله لقد تركت صبية لي صغارا، في غنيمة، قد خشيت أن لا أدركهم حتى يموت بعضهم من العطش؛ فلم يملكوها من نفسها شيئا، حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، فأمر بالبعير فأنيخ، ثم حل المزادة من أعلاها. ثم دعا بإناء عظيم فملأه من الماء، ثم دفعه إلى الجنب؛ فقال: أذهب فاغتسل. قال: وايم الله ما تركنا من إداوة، ولا قربة ماء، ولا إناء، إلا ملأه من الماء، وهي تنظر، ثم شد المزادة من أعلاها، وبعث بالبعير، وقال: يا هذه دونك ماءك؛ فوالله إن لم يكن زاد فيه ما نقص من مائك قطرة، ودعا لها بكساء؛ فبسط ثم قال لنا: من كان عنده شيء فليأت به؛ فجعل الرجل يأتي بخلق النعل، وبخلق الثوب، والقبضة من الشعير، والقبضة من التمر، والفلقة من الخبز، حتى جمع لها ذلك، ثم أوكاه لها، فسألها، عن قومها، فأخبرته قال: فانطلقت، حتى أتت قومها فقالوا: ما حبسك؟ قالت: أخذني مجنون قريش، والله إنه
لأحد الرجلين؛ إما أن يكون أسحر ما بين هذه وهذه، تعني السماء والأرض؟ أو إنه لرسول الله حقا، قال: فجعل خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير على من حولهم، وهم آمنون، قال: فقالت المرأة لقومها: أي قوم، والله ما أرى هذا الرجل إلا قد شكر لكم ما أخذ من مائكم. ألا ترون يغار أعلى من حولكم وأنتم آمنون به لا يغار عليكم، هل لكم في خير؟ قالوا: وما هو؟ قالت: نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فجاءت تسوق بثلاثين أهل بيت حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا.
* * *
باب الاستنجاء
(17)
حديث علي: ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدكم الكنيف أن يقول: بسم الله. رواه ابن ماجه، والترمذي، وقال ليس إسناده بالقوي.
رواه الترمذي- الصلاة- باب ما ذكر في التسمية عند دخول الخلاء- (606)، وابن ماجه- الطهارة- باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء- (297)، كلاهما من طريق محمد بن حميد، ثنا الحاكم بن بشير بن سلمان، ثنا خلاد الصفار، عن الحكم البصري، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول: بسم الله.
قال الترمذي (2/ 191): هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. اهـ.
وقال أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي (2/ 504): نحن نخالف الترمذي في هذا. ونذهب إلى أنه حديث حسن، إن لم يكن صحيحا، وقد ترجمنا رواته، وبينا أنهم ثقات .. اهـ. ورمز له السيوطي في الجامع الصغير (2/ 32)، بأنه حسن، وقال المناوي في الفيض (4/ 96 - 97): هو كما قال أو أعلى، فإن مغلطاي مال إلى صحته، فإنه لما نقل، عن الترمذي أنه غير قوي، قال: ولا أدري ما يوجب ذلك؛ لأن جميع من في سنده غير مطعون عليهم بوجه من الوجوه، بل لو قال قائل: إسناده صحيح لكان مصيبا. اهـ.
قلت: إسناده معلول؛ لأنه من رواية الحكم بن عبدالله النصري، وهو مجهول. لم يوثقه غير ابن حبان. وأيضا فيه أبو إسحاق السبيعي، وهو مدلس، وقد عنعن.
ثم أيضا محمد بن حميد الرازي، مختلف فيه.
وللحديث شواهد لا تخلوا من مقال.
ولهذا قال الألباني رحمه الله في الأرواء (1/ 88): هو خطأ منهم جميعا، مغلطاي، ثم السيوطي، ثم المناوي، ويضاف إليهم أحمد شاكر. فليس الحديث صحيحا، فإن له ثلاث علل: الأولى: عنعنة أبي إسحاق السبيعي
…
الثانية: الحكم بن عبدالله النصري، فإنه مجهول الحال، لم يوثقه غير ابن حبان
…
الثالثة: محمد بن حميد الرازي؛ فإنه وإن كان موصوفا بالحفظ؛ فهو مطعون فيه حتى كذبه بعضهم، كأبي زرعة وغيره. وأشار البخاري لتضعيفه جدا بقوله: فيه نظر ومن أثني عليه لم يعرفه، كما قال ابن خزيمة؛ ولهذا لم يسع الذهبي، وابن حجر، إلا أن يصرحا بأنه ضعيف .... اهـ.
وله شاهد من حديث أنس بن مالك، لا يفرح به: أخرجه الطبراني في الدعاء (2/ 966 - 368)، وفي الأوسط كما في مجمع الزوائد (1/ 205)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 136 - 273، 274)، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (3/ 1055، 6/ 2305).
وورد من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه أحمد بن منيع في مسنده، كما في المطالب العالية (1/ 16 - 38).
* * *
(18)
عن أنس رضي الله عنه: أن النبي كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث. متفق عليه.
رواه البخاري (142)، ومسلم (1/ 283)، والترمذي (5)، وابن ماجه (198)، وأبو داود (4 - 5)، والنسائي (1/ 20)، وأحمد (3/ 99 و 282)، وأبوعوانة (1/ 216)، والبيهقي (1/ 95)، والبغوي في شرح السنة (1/ 376)، وابن الجارود في المنتقى (28)، كلهم من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس: قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: اللهم أني أعوذبك من الخبث والخبائث.
ورواه ابن أبي شيبة (1/ رقم 5)، قال: حدثنا هشيم، عن أبي معشر- نجيح- عن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الكنيف، قال: بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه أبا معشر واسمه نجيح بن عبدالرحمن، وهو ضعيف. وأيضا هشيم مدلس. وقد عنعن.
ورواه ابن أبي حاتم، فقال في العلل (167): أخبرنا أبو محمد عبدالرحمن، قال: وحدثنا أبو زرعة، عن محمد بن المنكدر، عن أبي معشر، عن عبدالله بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء، يقول: بسم الله، اللهم أني أعوذ بك من الخبث والخبائث، فسمعت أبا زرعة يقول: هكذا أملاه علينا من حفظه، وقال أبي: في كتابه، عن أبي معشر، عن حفص، عن عمر بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 244): وقد روى العمرى هذا الحديث، من طريق عبد العزيز بن المختار، عن عبد العزيز بن صهيب بلفظ: الأمر: إذا دخلتم الخلاء فقولوا: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث وإسناده على شرط مسلم. وفيه زيادة التسمية ولم أرها في غير هذه الرواية. اهـ.
قلت: إسناد أبا معشر وارد عليه.
وقد وردت التسمية من حديث على بن أبي طالب.
وأخرجه النسائي، في عمل اليوم والليلة (77)، وفي (78)، وأحمد (4/ 373) برقم (19546)، وابن ماجة (296) كلهم من طريق القاسم الشيباني، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الخلاء، فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث.
قلت: رجاله ثقات رجال الشيخين، غير القاسم الشيباني، وهو ابن عوف، فمن رجال مسلم، والنسائي، وابن ماجه، وهو ممن يعتبر به، واختلف فيه على قتادة. وصححه ابن حبان (1406).
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 391 ـ 392): وقال الترمذي: في إسناده اضطراب، وسئل البخاري عنه فقال: لعل قتادة سمعه من القاسم بن عوف الشيباني والنضر بن أنس، عن أنس، ولم يقض في هذا بشيء. وقال الحافظ أبو بكر البزار: اختلفوا في إسناده. وقال ابن أبي حاتم في علله: قال أبو زرعة: هذا الحديث اختلفوا في إسناده. وقال عبد الحق: اختلف في إسناده، والذي أسنده ثقة.
قلت (القائل ابن الملقن): في هذه العبارة نظر؛ لأنه لم يرم بالإرسال حتى
يكون الحكم لمن أسنده، إنما رمي بالاضطراب، عن قتادة، وقد صححه ابن حبان والحاكم؛ فإنهما أخرجاه في صحيحيهما ولفظ ابن حبان كلفظ أحمد: فإذا أراد أحدكم أن يدخل
…
الحديث، وكذا أخرجه أحمد، قال ابن حبان: وهذا حديث مشهور، عن شعبة وسعيد جميعا، وهو مما تفرد به قتادة. ثم أخرجه من طريق آخر، ولفظه: فإذا دخلها أحدكم فليقل: اللهم إني أعوذ بك
…
الحديث، ولفظ الحاكم من طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس: إن هذه الحشوش محتضرة؛ فإذا أحدكم دخل الغائط فليقل: أعوذ بالله من الرجس النجس من الشيطان الرجيم. قال الحاكم: قد احتج مسلم بحديث لقتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم واحتج البخاري بعمرو بن مرزوق، وهذا الحديث مختلف فيه على قتادة، رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم- رفعه-: إن هذه الحشوش محتضرة؛ فإذا أحدكم دخلها فليقل: أعوذ بك من الخبث والخبائث، ثم قال: كلا الإسنادين من شرط الصحيح، ولم يخرجاه بهذا اللفظ. انتهى ما قاله ونقله ابن الملقن.
وقال الألباني: صحيح. اهـ. كما في تمام المنة (ص 75)، وصحيح سنن أبي داود برقم (4)، وتخريج المشكاة (357).
وروى أبو داود (6)، وابن ماجه (296)، وأحمد (4/ 369)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (75)، والبيهقي (1/ 96)، وابن خزيمة (1/ 38)، كلهم من طريق شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتي أحدكم الخلاء. فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث.
قلت: رجاله ثقات وإسناده ظاهره الصحة.
قال الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 91): سند صحيح. اهـ.
وقال في السلسلة الصحيحة (3/ 59): هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، أعله بعضهم. اهـ.
ورواه ابن ماجه (296)، وأحمد (4/ 373)، وابن أبي شيبة (1/ رقم 2)، كلهم من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن قاسم الشيباني، عن زيد بن أرقم مرفوعا، بلفظ: فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل: اللهم أني أعوذ بك من الخبث والخبائث.
قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (3/ 59): هذا إسناد على شرط مسلم. اهـ.
ورواه الترمذي في العلل الكبير (1/ 82 - 84) من طريق شعبة، عن قتادة به، ثم قال: سألت محمدا، عن هذا الحديث وقلت له: روى هشام الدستوائي، مثل رواية سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن هذه الحشوش محتضرة. ورواه معمر مثل ما روى شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم. قلت لمحمد: فأي الروايات عندك أصح؟. قال: لعل قتادة سمع منهما جميعا، عن زيد بن أرقم، ولم يقض في هذا بشيء. اهـ.
وقال عبد الحق في الأحكام الوسطى (1/ 124): اختلف في إسناد هذا الحديث، والذي أسنده ثقة. اهـ.
وقال الترمذي في السنن (1/ 91): حديث زيد بن أرقم في إسناده اضطراب. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 474): والاختلاف في إسناده: أن شعبة رواه عن قتادة، وابن علية، وأبو الجماهر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. ورواه يزيد بن زريع وجماعة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم. اهـ.
وروى ابن أبي شيبه 1/ رقم (3) قال: حدثنا محمد بن بشر العبدي، عن عبدالعزيز بن عمر، قال: حدثني الحسن بن مسلم بن يناق، عن رجل من أصحاب عبدالله بن مسعود، قال: قال عبد الله: إذا دخلت الغائط، فأردت التكشف؛ فقل: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس والخبث والخبائث والشيطان الرجيم.
قلت: إسناده ضعيف لأن فيه رجل لم يسم.
* * *
(19)
عن أبي أمامة: لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الشيطان الرجيم.
أخرجه ابن ماجه- الطهارة- باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء- (299)، والطبراني في الكبير (8/ 248 - 7849)، وفي الدعاء (2/ 960 - 367) كلاهما من طريق عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبدالرحمن، عن أبي أمامة بمثله.
قلت: إسناده ضعيف. عبيد الله بن زحر تكلم فبه، والأشهر على تضعيفه، ضعفه أحمد عنه فضعفه وقال: ابن معين ليس بشيء، وفي رواية عنه: كل حديثه عندي ضعيف وقال ابن المديني: منكر الحديث وقال الآجري عن أبي داود سمعت أحمد يعني ابن صالح يقول عبيدالله بن زحر ثقة وقال أبو زرعة لا بأس به صدوق وقال الحاكم لين الحديث وقال النسائي ليس به بأس وقال ابن عدي ويقع في أحاديثه ما لا يتابع عليه. و علي بن يزيد بن أبي زياد الألهاني أبو عبد الملك الدمشقي صاحب القاسم بن عبد الرحمن، قال الحافظ ابن حجر في التقريب (2311): ضعيف .. اهـ.
وأما القاسم بت عبد الرحمن، ذكره الخطيب في المفترق (1161) وقال: القاسم بن عبدالرحمن أبو عبدالرحمن الشامي مولى عبدالرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية حدث عن أبي أمامة الباهلي سماعا وأرسل الرواية عن جماعة من الصحابة حدث عنه يحيى بن الحارث الذماري وعبدالرحمن بن يزيد بن جابر وعلي بن يزيد و العلاء بن الحارث وغيرهم. أ. هـ.
وقال الذهبي في الميزان (6817): القاسم بن عبدالرحمن، أبو عبد
الرحمن الدمشقي، مولى آل معاوية وصاحب أبي أمامة. قال الإمام أحمد: روى عنه على بن يزيد أعاجيب، وما أراها إلا من قبل القاسم. وقال ابن حبان: كان يروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المعضلات. وقال الأثرم: ذكر لأبي عبدالله حديث عن القاسم الشامي، عن أبي أمامة- أن الدباغ طهور، فأنكره وحمل على القاسم .. أ. هـ.
وقال أبو الحسن (راوي السنن، عن ابن ماجه): وحدثنا أبو حاتم، حدثنا ابن أبي مريم، فذكر نحوه، ولم يقل في حديثه: من الرجس النجس. إنما قال: من الخبيث المخبث، الشيطان الرجيم. اهـ.
وقال علاء الدين مغلطاي، في شرح ابن ماجه (1/ 74): هذا الحديث إسناده ضعيف؛ لضعف روايته. اهـ.
وقال العيني في عمدة القاري (4/ 102): سنده ضعيف. اهـ.
وقال ابن طاهر المقدسي في الذخيرة (1/ 311): رواه على بن يزيد (الألهاني) الدمشقي، عن القاسم، عن أبي أمامة. وعلى متروك الحديث. اهـ.
وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه (1/ 44): هذا إسناد ضعيف، قال ابن حبان: إذا اجتمع في إسناد خبر، عبيدالله بن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم، فذاك مما عملته أيديهم. اهـ.
وقال الشيخ الألباني: (ضعيف) انظر حديث رقم (6354) في ضعيف الجامع.
وروى ابن أبي شيبه (1/ رقم 3) قال: حدثنا محمد بن بشر العبدي، عن عبدالعزيز بن عمر، قال: حدثني الحسن بن مسلم بن يناق، عن رجل من أصحاب عبدالله بن مسعود، قال: قال عبد الله: إذا دخلت الغائط، فأردت
التكشف؛ فقل: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس والخبث والخبائث والشيطان الرجيم.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه رجل لم يسم.
وروى ابن أبي شيبة (1/ رقم 4) قال: حدثنا عبدة بن سلمان، عن جويبر، عن الضحاك قال: كان حذيفة إذا دخل الخلاء، قال: أعوذ بالله من الرجس النجس، الخبث المخبث الشيطان الرجيم.
قلت: إسناده ضعيف. لأن فيه جويبر بن سعيد الأزدي، قال أحمد: كان وكيع إذا أتي على حديث جويبر، قال: سفيان، عن رجل لا يسميه استضعافا له. اهـ. وقال ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وضعفه جدا ابن المديني. وقال النسائي، وابن الجنيد، والدارقطني: متروك. اهـ
* * *
(20)
حديث عائشة: كان رسول الله إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك. رواه الترمذي وحسنه.
رواه أبو داود- الطهارة- باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء- (30)، والترمذي- الطهارة- باب ما يقول إذا خرج من الخلاء- (7)، وابن ماجه- الطهارة- (300)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (79)، وأحمد (6/ 155)، والحاكم (1/ 261)، والدارمي (1/ 174)، وابن حبان (1444)، وابن خزيمة (1/ 48)، والبيهقي (1/ 97)، كلهم من طريق إسرائيل بن يونس، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك.
قلت: رجاله ثقات. ويوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعرى، وثقه ابن حبان، والعجلي، والحاكم. وروى عنه إسرائيل بن يونس، وسعيد بن مسروق. وقد صحح الأئمة حديثه. فأرجو أن من حاله هكذا أن يقبل حديثه.
قال الترمذي (1/ 19): هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، وأبو بردة بن أبي موسى اسمه عامر بن عبدالله بن قيس الأشعري. ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال الحاكم (1/ 262): هذا حديث صحيح، فإن يوسف بن أبي بردة من ثقات آل أبي موسى، ولم نجد أحدا طعن فيه، وقد ذكر سماع أبيه من عائشة رضي الله عنها. اهـ ووافقه الذهبي.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (93): سمعت أبي يقول: أصح حديث في
هذا الباب- يعني في باب الدعاء عند الخروج من الخلاء- تحديث عائشة، يعني حديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 216 - 217): هذا حديث حسن صحيح .. وقال الدارقطني في الأفراد: تفرد به إسرائيل، عن يوسف، تفرد به يوسف، عن أبيه، وأبوه، عن عائشة. وقال البزار: لا نعلمه يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد. اهـ.
وقال النووي في المجموع (2/ 75): حديث عائشة صحيح. اهـ وكذا قال في الأذكار (ص 28)، والخلاصة (1/ 169 - 170).
وصححه ابن حبان وابن خزيمة، والحاكم، والذهبي، والنووي، كما في الأذكار (ص 28)، وحسنه الترمذي. وصححه الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 91).
* * *
(21)
رواه ابن ماجه عن أنس: كان رسول الله إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني.
أخرجه ابن ماجه (301) قال: حدثنا هارون بن إسحاق، حدثنا عبدالرحمن المحاربي، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، وقتادة، عن أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء، قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني.
قلت: إسماعيل بن مسلم المخزومي المكي، متروك، بسبب الاختلاط، قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 192): ثنا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي بن المديني قال سمعت يحيى- يعني القطان- وسئل عن إسماعيل بن مسلم المكي قال لم يزل مختلطا، كان يحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة ضروب. حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن إسماعيل المكي
…
حدثنا عبدالرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت ابا طالب قال قال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن مسلم المكي منكر الحديث .. حدثنا عبدالرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين انه قال: إسماعيل بن مسلم المكي ليس بشيء. أ. هـ.
وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 78، 79): هذا حديث ضعيف؛ لضعف رواية إسماعيل بن مسلم المخزومي المكي أبي ربيعة، .. وهو متروك الحديث، وقد اجتمع أهل العلم على ترك حديثه، وإنما يحدث عنه من لا يبصر الرجال. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 395، 398): وحديث أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وفي لفظ: الحمد لله الذي أحسن إلي في أوله وآخره- وفي اللفظ الأول: أخرجه ابن ماجه- وحديث عبدالله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم يعني: كان إذا خرج- قال: الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى منه قوته، وأذهب عني أذاه قال: غير أن هذه الأحاديث أسانيدها ضعيفة، ولهذا قال أبو حاتم الرازي: أصح ما فيه حديث عائشة. اهـ.
فالحديث ضعيف، ضعفه البوصيري، والمنذري، ومغلطاي في شرح ابن ماجه، وقال الدارقطني: حديث غير محفوظ، وهو عن أبي ذر موقوفا أصح. انظر: العلل المنتاهية (1/ 330)، ومصباح الزجاجة (1/ 44)، وفيض القدير (5/ 122)، وقال الشيخ الألباني في إرواء الغليل (53): ضعيف. اهـ.
وروى ابن أبي شيبة (1/ رقم 12) قال: حدثنا وكيع، عن زمعة، عن سلمة بن وهرام، عن طاووس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خرج أحدكم من الخلاء؛ فليقل: الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأمسك على ما ينفعني.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه زمعة بن صالح، وهو ضعيف.
ورواه الدارقطني (1/ 57) موصولا بلفظ: آخر. وأعله بأنه: لم يسنده غير المضري، وهو كذاب متروك. اهـ.
وروى ابن أبي شيبة (1/ رقم 12) قال: حدثنا وكيع، عن زمعة، عن سلمة بن وهرام، عن طاووس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خرج أحدكم من الخلاء؛ فليقل: الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأمسك على ما ينفعني.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه زمعة بن صالح، وهو ضعيف.
ورواه الدارقطني (1/ 57) موصولا بلفظ: آخر. وأعله بأنه: لم يسنده غير المضري، وهو كذاب متروك. اهـ.
وروى ابن أبي شيبة (1/ رقم 11) قال: حدثنا عبدة، عن جويبر، عن الضحاك قال: كان حذيفة يقول إذا خرج- يعني من الخلاء- الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني.
قلت: إسناده ضعيف لأن فيه جويبر بن سعيد، وسبق الكلام عليه، في باب: ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء.
وأخرج الترمذي (3270)، وعبد بن حميد (795)، وابن خزيمة (2781) كلهم من طريق عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف يوم الفتح على راحلته يستلم الأركان بمحجنه، ولما خرج لم يجد مناخا، فنزل على أيدي الرجال، ثم قام فخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: الحمد لله الذي أذهب عنكم عبية الجاهلية، وتكبرها بآبائها، الناس رجلان، بر تقي كريم على الله عز وجل، وفاجر شقي هين على الله عز وجل، ثم تلا:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} ، ثم قال: أقول هذا، واستغفر الله لي ولكم.
قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، إلا من هذا الوجه. وعبد الله بن جعفر يضعف، ضعفه يحيى بن معين وغيره، وعبد الله بن جعفر هو والد على بن المدينى. اهـ.
وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (2700)، ونقل قول الترمذي: .... عبد الله بن جعفر بن جعفر يضعف، ضعفه ابن معين وغيره، وهو والد
علي بن المديني. قلت: قد تابعه موسى بن عبيدة، عن عبدالله بن دينار به .... قلت: وموسى بن عبيدة ضعيف أيضا، فلعل أحدهما يتقوى بالآخر. اهـ.
وقال في صحيح الترمذي (2608): صحيح. اهـ.
وروى ابن السني في عمل اليوم والليلة (202)، قال: أخبرنا أبو عبدالرحمن، حدثنا الحسين بن منصور، حدثنا يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، عن منصور، عن الفيض، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن والأذى وعافاني.
قلت: الفيض وقيل أبو الفيض لم أميزه، وعزا الحديث المزي في تحفة الأشراف (9/ 194 - 195) برقم (12003) إلى النسائي، أنه رواه في عمل اليوم والليلة، عن حسين ابن منصور، عن يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، عن منصور، عن أبي الفيض به، عن بندار، عن غندر، عن شعبة، عن منصور، قال: سمعت رجلا يرفع الحديث إلى أبي ذر قوله. وعن بندار، عن ابن مهدي. وعن أحمد بن سليمان، عن محمد بن بشر، كلاهما، عن سفيان، عن منصور، عن أبي على الأزدي، عن أبي ذر قوله. اهـ. هكذا ذكر الاختلاف في رفعه ووقفه.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (45): سألت أبي، وأبا زرعة، عن حديث رواه شعبة، عن منصور، عن الفيض بن أبي حثمة، عن أبي ذر، أنه كان إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عنى الأذى. فقال أبو زرعة: وهم شعبة في هذا الحديث. ورواه الثوري. فقال: عن منصور، عن أبي على عبيد بن على، عن أبي ذر، وهذا الصحيح. وكان أكثر وهم شعبة في أسماء الرجال. وقال أبي: كذا قال سفيان، وكذا قال شعبة، والله أعلم أيهما
الصحيح، والثوري أحفظ، وشعبة ربما أخطأ في أسماء الرجال، ولا يدري هذا منه أم لا. اهـ.
وسئل الدارقطني في العلل (6/ رقم 1150)، عن هذا الحديث فقال: يرويه منصور بن المعتمر واختلف عنه. فرواه الثوري، عن منصور، عن أبي علي، عن أبي ذر، وقال: شعبة، عن منصور، عن فيض، عن رجل، عن أبي ذر، ووقفاه جميعا. ورواه عبدالله بن أبي جعفر الرازي، عن شعبة. فقال: عن منصور، عن أبي الفيض، عن رجل، عن أبي ذر، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب موقوف. اهـ.
وقال أيضا (6/ رقم 1096): يرويه شعبة واختلف عنه. فرواه عبدالله بن أبي جعفر الرازي، عن شعبة، عن منصور، عن أبي الفيض، عن سهل بن أبي خيثمة، وأبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هذا القول بمحفوظ، وغيره يرويه، عن شعبة، عن منصور، عن رجل يقال له الفيض، عن أبي خيثمة، عن أبي ذر موقوفا، وهو أصح. اهـ.
ورواه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 218): من طريق أبي علي الأزدي، عن أبي ذر موقوفا. ثم قال هذا حديث حسن، أخرجه النسائي في اليوم والليلة من رواية محمد بن بشر، عن سفيان الثوري، هكذا موقوفا. وأخرجه أيضا من طريق شعبة، عن منصور مرفوعا وموقوفا. لكن خالف في شيخ منصور، فقال: عن أبي الفيض، عن أبي ذر. وأبو الفيض لا يعرف اسمه ولا حاله، ورجح أبو حاتم الرازى رواية سفيان على رواية شعبة. وهذا ينفي عنه الاضطراب. اهـ.
ورواه ابن أبي شيبة (1/ رقم 10) من طريق عبدة بن سليمان وكيع، عن
سفيان، عن منصور، عن أبي علي، عن أبي ذر موقوفا.
ورواه ابن المنذر في الأوسط (1/ 359) من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي ذر بمثله موقوفا.
قال النووي في المجموع (2/ 75): حديث أبي ذر هذا ضعيف، رواه النسائي في كتابه عمل اليوم والليلة من طرق، بعضها مرفوع، وبعضها موقوف على أبي ذر، وإسناده مضطرب غير قوي. اهـ.
وضعفه أيضا النووي في الخلاصة (1/ 171 - 172).
* * *
(22)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إذا انتعل أحدكم، فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ باليسرى.
رواه البخاري (5855)، وأبو داود- اللباس- باب في الانتعال- (4193)، والترمذي اللباس- باب ما جاء به بأي رجل يبدأ إذا انتعل- (1780)، وأحمد (2/ 465)، والبيهقي (2/ 432)، كلهم من طريق مالك- وهو في الموطأ (2/ 916) - عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: إذا انتعل أحدكم، فليبدأ باليمين، فإذا نزع فليبدأ بالشمال، ولتكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع.
ورواه مسلم (3/ 1660)، وغيره من طريق الربيع، بن مسلم، عن محمد- يعني ابن زياد-، عن أبي هريرة بمثله مرفوعا.
ورواه البخاري (5855)، ومسلم (3/ 1660)، كلاهما من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا انتزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى أولاهما تنعل، وآخرهما تنزع. هذا اللفظ للبخاري. ولم يذكر مسلم البداءة باليمين.
لكن رواه (3/ 1660) من طريق الربيع بن مسلم، عن محمد- يعني ابن زياد- عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتعل أحدكم، فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ بالشمال، ولينعلهما جميعا، أو ليخلعهما جميعا.
وروى أبو داود (414)، والترمذي (1766)، كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لبستم، وإذا توضأتم، فأبدؤا بأيامنكم، هذا لفظ أبي داود.
وعند الترمذي بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس قميصا بدأ بميامنه.
قلت: رجاله ثقات. وإسناده صحيح.
ورواه عن الأعمش كل من شعبة وزهير.
قال النووي في رياض الصالحين (ص 336): حديث صحيح رواه أبوداود والترمذي؛ بإسناد صحيح. اهـ.
* * *
(23)
لما روى الطبراني في المعجم، والبيهقي، عن سراقة بن مالك، أمرنا رسول الله، أن نتكئ على اليسرى، وأن ننصب اليمنى.
أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 161) برقم (6605)، والبيهقي (1/ 96) الطهارة باب: ما يقول إذا أراد دخول الخلاء. كلاهما من طريق محمد بن عبدالرحمن المدلجي، عن رجل من بني مدلج، عن أبيه، عن سراقة بمثله.
قلت: في إسناده رجل لم يسم، ومحمد بن عبدالرحمن المدلجي، لم أجد له ترجمه.
ورواه ابن أبي شيبة كما في إتحاف الخيرة (477) قال: وحدثنا محمد بن عبدالله الأسدي، عن زمعة بن صالح، حدثني محمد بن عبد الرحمن، عن رجل من بني مدلج، عن أبيه، قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم، فجعل يقول: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فقال له بعض القوم: علمكم كيف تخرؤون؟ قال: نعم، أمرنا أن نتكئ على اليمنى وأن ننصب اليسرى.
ورواه أحمد بن منيع كما في إتحاف الخيرة (447) قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا زمعة
…
فذكره بإسناده ومتنه، إلا أنه قال: فأمرنا أن نتكئ على اليسرى، وننصب اليمنى.
قلت: الحديث ضعيف؛ لأن مداره على رجلين مجهولين. لهذا قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة التابعي. اهـ ..
* * *
(24)
عن أبي هريرة قال: من أتى الغائط فليستتر. رواه أبو داود.
رواه أحمد (2/ 371)، وأبو داود- الطهارة- باب الاستتار في الخلاء (35)، وابن ماجه- الطهارة باب الارتياد للغائط والبول- (337)، والبيهقي (1/ 94) كلهم من طريق ثور بن يزيد، عن حصين الحميري، عن أبي سعيد الخير، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن استجمر فليوتر، ومن فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن أكل فما تخلل فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن أتي الغائط فليستتر؛ فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبر؛ فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج.
قال أبو داود (1/ 56): رواه أبو عاصم، عن ثور قال: حصين الحميري، ورواه عبد الملك بن الصباح، عن ثور فقال: أبو سعيد الخير، قال أبو داود: أبوسعيد الخير هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
قلت: أبا سعيد هذا اختلف في اسمه، فقيل: أبو سعيد الخير، كما هو عند ابن ماجه، وقيل: أبو سعد الخير، كما هو عند أحمد. قال الذهبي: لا يعرف. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (1393): مجهول. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 300): مداره على أبي سعيد الحبراني الحمصي، ويقال: أبو سعد الخير الأنماري، واسمه: زياد. قاله المزي، وقيل: عامر بن سعد، وقيل: عمر بن سعد، رواه عن أبي هريرة. قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: أبو سعيد الحبراني سألت أبا زرعة عنه، فقال: لا
أعرفه. فقلت: ألقي أبا هريرة؟ فقال: على هذا يوضع. اهـ.
وقد تردد فيه الحافظ ابن حجر، فمرة ضعفه كما في التلخيص الحبير (1/ 102، 103)، ومرة حسنه كما في فتح الباري (1/ 257).
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 113): مداره على أبي سعد الحبراني الحمصي، وفيه اختلاف، وقيل: إنه صحابي، ولا يصح. والراوي عنه حصين الحبراني. وهو مجهول، قال أبو زرعة: شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات. وذكر الدارقطني الاختلاف في العلل. اهـ.
وأيضا الراوي عنه حصين الحميري، ويقال: الخبراني: مجهول.
وقال الشيخ الألباني: ضعيف. اهـ. انظر حديث (رقم: 5468) في ضعيف الجامع.
وروى ابن ماجه (333) قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا يحيى بن سليم، عن ابن حثيم، عن يونس بن خباب، عن يعلي بن مرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب إلى الغائط أبعد.
قلت: إسناده ضعيف. لأن فيه يعقوب بن حميد بن كاسب المدني، ضعفه ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، ويونس بن خباب الأسيدي مولاهم. وتكلم فيه ابن معين، وأتهمه الجوزجاني. وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث ليس بالقوي. اهـ. وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ. وقال أحمد بن حنبل: كان خبيث الرأي. اهـ.
وعند ابن ماجه أيضا (336) بنحوه، من حديث بلال بن الحارث وهو ضعيف؛ لأن في إسناده كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف المزني، وهو ضعيف جدا.
(25)
حديث: إذا بال أحدكم فليرتد لبوله. رواه أحمد وغيره.
أخرجه أبو داود- الطهارة- باب الرجل يتبوأ لبوله- (3)، وأحمد (4/ 396)، وفي (4/ 399)، وفي (4/ 414)، كلاهما من طريق أبي التياح الضبعي، عن رجل أسود طويل، قدم مع ابن عباس البصرة، فكتب إلى أبي موسى، فكتب إليه أبو موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي، فمال إلى دمثفي جنب حائط، فبال، ثم قال: كان بنو إسرائيل إذا بال أحدهم، فأصابه شيء من بوله، يتبعه فقرضه بالمقاريض. وقال: إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله.
- في رواية بهز: أبو التياح، عن شيخ له.
قال الحاكم في المستدرك (3/ 528): هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه رجل لم يسم. وبقية رجاله ثقات.
قال النووي رحمه الله في المجموع (2/ 83): حديث أبي موسى ضعيف، رواه أحمد، وأبو داود، عن رجل، عن أبي موسى. اهـ.
وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (230): وهذا إسناد ضعيف، لجهالة الشيخ الذي لم يسم، وقال المنذري في مختصره (1/ 15): فيه مجهول. مع أنه سكت أبو داود عليه، لكن قال النووي: وإنما لم يصرح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر!. ومنه تعلم أن رمز السيوطي له بأنه حسن؛ غير حسن، وأما المناوي فقال: رمز المؤلف لحسنه، فإن أراد لشواهده فمسلم، وإن أراد لذاته فقد قال البغوي وغيره: حديث ضعيف، ووافقه الولي العراقي، فقال: ضعيف لجهالة راويه.
قلت (القائل الألباني): ولم أجد له شواهد؛ بل ولا شاهدا يأخذ بعضده، فلست أدري ما هي الشواهد التي أشار إليها المناوي، ويؤيد ما ذكرته أنه لو كان له ما يقويه لما قال البغوي: حديث ضعيف. اهـ.
* * *
(26)
حديث: إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثا. رواه أحمد وغيره.
رواه ابن ماجه- الطهارة- باب الاستبراء بعد البول- (326)، وأحمد (4/ 347)، وأبو داود في المراسيل (4)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 382)، والبيهقي (1/ 113) - الطهارة- باب الاستبراء، عن البول، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (5/ 1894)، كلهم من طريق زمعة بن صالح، عن عيسى بن يزداد اليماني، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرات. زاد أحمد: قال زمعة مرة فإن ذلك يجزئ عنه.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه ثلاث علل.
أولا: يزداد والد عيسى اسمه يزداد بن فسا، قال ابن حبان في الثقات: يزداد يقال إن له صحبة. اهـ.
وجزم البخاري أنه ليس له صحبة. وقال أبو حاتم: حديثه مرسل كما في الجرح والتعديل (9/ 310)، والمراسيل (ص 238). وقال في العلل (89): لا صحبة له. اهـ. وقال ابن عدي: في التابعين. وقال ابن معين عنه: لا يعرف. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/ 44): قال أبو حاتم: حديث يزداد مرسل. ومنهم من يدخله في المسند. وقال ابن الأثير: قال البخاري: لا حجة له. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 345): قال الحافظ جمال الدين المزي في الأطراف: قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: هذا الحديث مرسل. وقال في كتابه تهذيب الكمال: اختلف في صحبة يزداد.
قلت (القائل ابن الملقن): ذكره في الصحابة: ابن منده، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وقال: قال ابن معين: لا يعرف عيسى ولا أبوه. وهو تحامل منه. وقال الحافظ أبو جعفر العقيلي: عيسى بن يزداد اليماني، عن أبيه لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به. قال البخاري: عيسى بن يزداد، عن أبيه، روى عنه زمعة، ولا يصح. ثم ذكر العقيلي هذا الحديث، وقال ابن حبان في ثقاته: يزداد بن فساءة، يقال: أن له صحبة، إلا أني لست أحتج بخبر زمعة بن صالح. قال النووي في شرح المهذب: هذا الحديث رواه أحمد، وأبو داود في المراسيل، وابن ماجه، والبيهقي، واتفقوا على أنه ضعيف وقال الأكثرون: هو مرسل، ولا صحبة ليزداد. قال: وممن نص على أنه لا صحبة له: البخاري في تاريخه، وأبو حاتم الرازي. اهـ.
ثانيا: عيسى بن يزداد جهله ابن معين، فقال: لا يعرف عيسى، ولا أبوه. اهـ. وقال العقيلى: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به. اهـ. وقال البخاري عنه وأبو حاتم: لا يصح حديثه. اهـ.، ووثقه ابن حبان.
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (5338): مجهول الحال. اهـ.
ولما نقل ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1589/ 2825)، قول ابن معين تعقبه فقال: وهو تحامل منه. اهـ.
وتعقب الألباني رحمه الله ابن عبد البر، فقال كما في السلسلة الضعيفة (4/ 124): لا وجه لهذا التعقب البتة، لاسيما وهو- أعني: ابن عبد البر- لم يعرفه إلا من الوجه الأول. فقال عقبه: لم يرو عنه غير عيسى ابنه، وهو حديث يدور على زمعة بن صالح. قال البخاري: ليس حديثه بالقائم، فإذا كان لم يرو عنه غير ابنه، وكان هذا لا يعرف، كما في الضعفاء للذهبي، أو
مجهول الحال كما في التقريب، وكان أبوه لم يصرح بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فأي تحامل- مع هذا- في قول ابن معين المذكور، لاسيما وهو موافق لقول أبي حاتم. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (89): سمعت أبي يقول في حديث رواه زمعة، عن عيسى بن يزداد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات. قال أبي هو عيسى بن يزداد بن فساء، وليس لأبيه صحبة، ومن الناس من يدخله في المسند على المجاز، وهو أبوه مجهولان. اهـ.
وقال العقيلي في الضعفاء (1/ 381): حدثني آدم بن موسى قال: سمعت البخاري قال: عيسى بن يزداد اليماني، عن أبيه، روى عنه زمعة بن صالح، ولا يصح. اهـ.
وقال ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (3/ 307): علته أن عيسى وأباه لا يعرفان، ولا يعلم لهما غير هذا. اهـ.
ثالثا: زمعة بن صالح متكلم فيه. قال البخاري عنه: يخالف في حديثه تركه ابن مهدي أخيرا. اهـ. وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عنه، فقال: لين واهي الحديث. اهـ. وقال النسائي عنه: ليس بالقوي، كثير الغلط، عن الزهري. وقال مرة عنه: ضعيف. وقال الساجي عنه: ليس بحجة في الأحكام. اهـ.
وقد تابع زمعة على هذا الحديث زكريا بن إسحاق، كما هو عند الإمام أحمد (4/ 347)، لكن وإن تابعه فالحديث ما زال ضعيف.
ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 108، 109) عن النووي قوله: اتفقوا على أن الحديث ضعيف. اهـ.
* * *
(27)
عن أبي قتادة لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه. متفق عليه.
رواه البخاري (153 - 154)، ومسلم (1/ 225)، وأبو داود- الطهارة- باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء- (32)، والترمذي- الطهارة- باب ما جاء في كراهية الاستنجاء باليمين- (15)، والنسائي- الطهارة- باب النهي، عن مس الذكر باليمين عند الحاجة- (1/ 25)، والطهارة- باب النهي، عن الاستنجاء باليمين- وابن ماجه (310)، وأبو عوانة (1/ 220)، وأحمد (5/ 300 - 295)، وابن خزيمة (79)، وابن حبان (4/ 282)، كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء هذا اللفظ لمسلم. وله أيضا: إذا دخل أحدكم الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ..
وفي لفظ البخاري قال: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه، ولا يتمسح بيمينه. وله أيضا: إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفس في الإناء.
قال ابن منده: مجمع على صحته. اهـ.
* فائدة:
قال الترمذي (1/ 27): وأبو قتادة الأنصاري اسمه الحارث بن ربعي. والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم: كرهوا الاستنجاء باليمين. اهـ.
(28)
عن أبي أيوب مرفوعا: إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا. متفق عليه.
أخرجه البخاري (145) - باب لا يستقبل القبلة ببول ولا غائط (1/ 48) برقم (144)، ومسلم- الطهارة- (1/ 154) برقم (530)، وأبو داود- الطهارة- باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة- (9)، وابن ماجه (318)، والترمذي- الطهارة- باب في النهي، عن استقبال القبلة بغائط أو بول- (8)، والنسائي (1/ 22)، وفي الكبرى (20)، وأحمد (5/ 416) برقم (23921)، وابن خزيمة (57)، كلهم من طريق ابن شهاب الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب الأنصاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا، أو غربوا. قال أبوأيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة، فننحرف، ونستغفر الله تعالى.
وأخرجه مالك الموطأ (519)، والنسائي (1/ 21)، وأحمد (5/ 414) برقم (23911)، وفي (5/ 415) برقم (23916)، وفي (5/ 419) برقم (23955)، كلهم من طريق إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، رافع بن إسحاق، مولى لآل الشفاء، وكان يقال له: مولى أبي طلحة، أنه سمع أبا أيوب الأنصاري، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بمصر، يقول: والله، ما أدري كيف أصنع بهذه الكرابيس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ذهب أحدكم الغائط، أو البول، فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها بفرجه.
قال الدارقطني في علله (6/ 115): يرويه إسحاق بن عبدالله بن أبي
طلحة عنه، حدث به عنه مالك بن أنس، وحماد بن سلمة، ومحمد بن يعقوب. رواه الأوزاعي، عن إسحاق، عن رجل لم يسمه، عن أبي أيوب. والقول قول مالك، ومن تابعه. اهـ.
وقال الألباني كما في صحيح وضعيف سنن النسائي (20): صحيح. اهـ.، وانظر: صحيح ابن ماجه (318)، والإرواء (48)، وصحيح الجامع (547).
وأخرجه أحمد (3/ 487) برقم (16080)، والدارمي (664 و 672)، كلاهما من طريق ابن جريج، قال: حدثني عبدالكريم بن أبي المخارق، أن الوليد بن مالك بن عبد القيس أخبره، أن محمد بن قيس مولى سهل بن حنيف، من نجي ساعدة أخبره، أن سهل أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أنت رسولي إلى أهل مكة قل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني، يقرأ عليكم السلام، ويأمركم بثلاث: لا تحلفوا بغير الله، وإذا تخليتم فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولا تستنجوا بعظم، ولا ببعرة.
قلت: الحديث صحيح بشواهده.
وهذا إسناد ضعيف جدا؛ فإن عبد الكريم بن أبي المخارق، ضعفه النقاد وتركه بعضهم، قال ابن حبان في المجروحين (2/ 144): كان فقيها يقول بالإرجاء، وكان كثير الوهم، فاحش الخطأ فيما يروى، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج بأخباره. اهـ.
وقال معمر كما في الجرح والتعديل (6/ 59): قال لى أيوب: لا تحمل، عن عبد الكريم أبى أمية فإنه ليس بشيء. اهـ.
وقال علي بن عمر الفلاس كما في الجرح والتعديل (6/ 59): كان يحيى وابن مهدى لا يحدثان، عن عبد الكريم المعلم. اهـ.
وعن يحيى بن معين كما في تاريخ ابن معين للدارمي (1/ 187): ليس بشيء. اهـ.
قال أحمد بن حنبل كما في الكامل لابن عدي (5/ 339): عبد الكريم أبوأمية البصري، ليس بشيء، العطار، المتروك، كان يدعو إلى الإرجاء، وقال أحمد بن حنبل: قد ضربت على حديثه، هو شبه المتروك. اهـ.
وقال العيني في مغانى الأخيار (3/ 31): وقال أبو بكر بن خزيمة: لست أحتج به لسوء حفظه. وقال الدارقطنى: مدنى متروك، وهو مغفل. وقال العجلى: لا بأس به، ومات فى أول خلافة أبى العباس، وكان قد وفد إليه. روى له البخارى فى كتاب أفعال العباد، والنسائى فى اليوم والليلة، والباقون سوى مسلم، وروى له أبو جعفر الطحاوى. وقال النسائي، والدارقطني: متروك. اهـ.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 646): وقد أخرج له البخاري تعليقا، ومسلم متابعة، وهذا يدل على أنه ليس بمطرح. اهـ.
وقال أبو عمر بن عبدالبر: بصرى، لا يختلفون في ضعفه، إلا أن منهم من يقبله في غير الأحكام خاصة، ولا يحتج به، وكان مؤدب كتاب، حسن السمت، غر مالكا منه سمته، ولم يكن من أهل بلده فيعرفه، كما غر الشافعي من إبراهيم ابن أبى يحيى حذقه ونباهته، وهو أيضا مجمع على ضعفه، ولم يخرج مالك عنه حكما بل ترغيبا وفضلا. اهـ.
وقال الحافظ في التقريب: ضعيف، له في البخاري زيادة في أول قيام الليل، من طريق سفيان، عن سليمان الأحول، عن طاووس، عن ابن عباس في الذكر عند القيام. قال سفيان: زاد عبد الكريم فذكر شيئا وهذا موصول بعدم له
المزي علامة التعليق، وله ذكر في مقدمة مسلم، وما روى له النسائي إلا قليلا. اهـ.
والوليد بن مالك، ترجمه البخاري في الكبير (4/ 2/ 152)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ (2/ 17، 18)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 552)، وقال الحسيني كما في التعجيل (1155): مجهول غير مشهور. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 485): رواه أحمد، وفيه عبد الكريم ابن أبي المخارق، وهو ضعيف. اهـ.
وروى أبو يعلى كما في المطالب (38)، قال: حدثنا القواريري، ثنا يوسف بن خالد، حدثني عمرو بن سفيان أبي البكرات، عن محفوظ بن علقمة، عن الحضرمي- وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن أعرابيا لقي النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه، عن الغائط. فقال: لا تستقبل القبلة، ولا تستدبرها، إذا استنجيت. قال: يا رسول الله كيف أصنع؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعترض بحجرين وضم الثالث.
قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن فيه يوسف بن خالد متروك، وشيخه مجهول.
قال ابن أبي حاتم في العلل (125): سألت أبا زرعة، عن حديث رواه عبيدالله القواريري
…
، فذكر الحديث بإسناده. ثم قال: فقلت لأبي زرعة: محفوظ ما حاله؟ قال: لا بأس به، ولكن الشأن في يوسف، كان يحيى بن معين يقول: يكذب. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في تعليقه على المطالب: يوسف متروك، وبهذا
الإسناد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجي الرجل بيمينه. وأخرجه ابن قانع في ترجمة حضرمي بن عامر الأسدي، مقتصرا على الثاني، وزاد: ولا تستقبل الريح. اهـ.
* * *
(29)
ويستنجي بحجر أو نحوه، ثم يستنجي بالماء؛ لفعله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وغيره، من حديث عائشة، وصححه الترمذي.
لم أجده بهذا اللفظ، ولعل الضمير في كلمة لفعله؛ عائد على الاستنجاء بالماء، وورد من حديث عائشة قالت: مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء؛ فإني أستحييهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
تخريج الحديث:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1629)، إسحاق بن راهويه في مسنده (1379)، وأحمد (6/ 95)، والترمذي (19)، والنسائي (88)(1/ 46)، وابن حبان في صحيحه (1443)، والبيهقي (1/ 105) من طرق عن قتادة، عن معاذة، عن عائشة أنها قالت: مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء، فإني أستحييهم منه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
قلت: رجاله ثقات. وإسناده قوي.
وتابع قتادة يزيد الرشك، عن معاذة، عن عائشة. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1644)، وأحمد (6/ 113)، والطبراني في مسند الشاميين (1283) من طرق عن يزيد الرشك، عن معاذة العدوية، قالت: قالت لنا عائشة بمثله.
رجال ثقات، لكن فيه عنعنة قتادة، وهو مدلس، وله متابعات، الأولى من طريق يزيد الرشك، والرشك وثقه أبوحاتم، وأبوزرعة، والترمذي، وتوسط فيه أحمد، والنسائي، واختلف على ابن معين فيه، وقال أبوأحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم.
ولقتادة أيضا متابعتان، عن الطبراني في الأوسط: الأولى برقم (4853): عن إسحاق بن سويد العدوي، عن معاذة العدوية. وسنده: حدثنا عبد الوارث بن إبراهيم أبو عبيد العسكري، قال: حدثنا حوثرة بن أشرس المنقري، قال: حدثنا إبراهيم بن مرثد العدوي، عن إسحاق بن سويد، فذكره.
ثم قال: لم يرو هذا الحديث، عن إسحاق بن سويد، إلا إبراهيم بن مرثد العدوي، تفرد به حوثرة بن أشرس.
- والثانية برقم (8948): عن عائشة بنت عرار، عن معاذة، وسنده: حدثنا مقدام، نا عبدالله بن يوسف ثنا عبدالله بن المغيرة، ثنا هشام بن حسان، عن عائشة بنت عرار. فذكره ثم قال: لم يرو هذا الحديث، عن عائشة بنت عرار إلا هشام بن حسان.
- وله طريق آخر، أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (1726) من طريق عيسى بن يونس، وأحمد (6/ 93)، والبيهقي (1/ 106) من وجوه، عن الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، عن عائشة: أن نسوة من أهل البصرة، دخلن عليها، فأمرتهن أن يستنجين بالماء، وقالت: مرن أزواجكن بذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله. وهو شفاء من الباسور، عائشة تقوله، أو أبو عمار.
أقوال أهل العلم:
قال ابن أبي حاتم في العلل (91): سمعت أبا زرعة يقول في حديث: رواه سعيد، عن قتادة، عن معاذة، عن عائشة: مروا أزواجكن، أن يغسلوا عنهم أثر الغائط والبول، فإني أستحييهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. وقلت لأبي زرعة: أن شعبة يروي عن يزيد الرشك، عن معاذة، عن عائشة موقوفا،
وأسنده قتادة. فأيهما أصح؟ قال: حديث قتادة مرفوع أصح، وقتادة أحفظ، ويزيد الرشك ليس به بأس .. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 537): ذكر الخلال، عن حرب، قال: قال الإمام أحمد: لم يصح؛ لأن غير قتادة لا يرفعه. اهـ.
ثم قال ابن دقيق العيد: يزيد الرشك، رواه عن معاذة، عن عائشة، ولم يرفعه. والإسناد الذي ذكر من جهة النسائي، كلهم ثقات على شرط الصحيحين، وقتادة أحفظ. اهـ.
وقال الدارقطني في العلل (3777): وسئل عن حديث معاذة، عن عائشة: مرن أزواجكن، أن يغسلوا عنهم أثر الخلاء والبول، فإني أستحي أن آمرهم بذلك، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. فقال: اختلف في رفعه على معاذة؛ فرواه، قتادة، عن معاذة مرفوعا. ورواه أيوب، عن أبي قلابة، عن معاذة، واختلف عنه في رفعه، فرفعه معمر، وحماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن معاذة، عن عائشة. ووقفه إبراهيم بن طهمان، عن أيوب. ورواه يزيد الرشك واختلف عنه، فرفعه أبان العطار، وعبد الله بن شوذب، عن يزيد الرشك، ووقفه شعبة، وحماد بن زيد، عنه. ورواه عاصم الأحول، عن معاذة، عن عائشة، موقوفا أيضا. ورواه ابن حسان، واختلف عنه. فرواه عمر بن المغيرة، عن هشام بن حسان، عن عائشة بنت عرار، عن معاذة، عن عائشة، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وتابعه زائدة، عن هشام بن حسان، على إسناده، إلا أنه وقفه على عائشة. ورواه عبدالله بن رجاء المكي، عن هشام، عن معاذة، عن عائشة، مرفوعا، وأسقط منه عائشة بنت عرار، ووقفه إسحاق بن سويد، عن معاذة، ورفعه صحيح. ورواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة،
مرفوعا، وكذلك قال الأوزاعي: عن أبي عمار، عن عائشة. اهـ.
وقال البيهقي في سننه (1/ 105)، وذكر رواية قتادة: ورواه أبو قلابة وغيره، عن معاذة العدوية، فلم يسنده إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقتادة حافظ. اهـ.
وقال البيهقي أيضا في سننه (1/ 106)، وذكر رواية أبي عمار: هذا مرسل، أبو عمار شداد، لا أراه أدرك عائشة. اهـ.
وقال النووي في المجموع (2/ 101): حديث صحيح، رواه أحمد، والترمذي، والنسائي. اهـ.
وقال الألباني في الإرواء (42): لا أصل له بهذا اللفظ. وهو وهم، تبع المصنف فيه بهاء الدين المقدسي، في العدة شرح العمدة (ص 33)، توفي سنة 6240 وإنما أخرجه الترمذي (1/ 30 - 31)، والنسائي (1/ 18)، وأحمد (6/ 95 و 113 و 120 و 130 و 171 و 236)، والبيهقي (1/ 107 - 108) من طريق قتادة، عن معاذة عنها، بلفظ: أن يغسلوا عنهم، بدل أن يتبعوا الحجارة بالماء. والباقي مثله سواء. وقال الترمذي: حيث حسن صحيح، وله طريق أخرى رواه أحمد (6/ 93)، والبيهقي، عن شداد أبي عمار، عن عائشة، أن نسوة أهل البصرة دخلن عليها، فأمرتهن أن يستنجين بالماء، وقالت: مرن أزواجكن بذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله، وهو شفاء من الباسور. ورجاله ثقات، لكنه منقطع. قال البيهقي عقبه: قال الإمام احمد رحمه الله: هذا مرسل أبوعمار شداد، لا أراه أدرك عائشة. قلت (القائل الألباني): ولكنه شاهد جيد للطريق الأولى. اهـ.
رجال الإسناد:
ـرجال الإسناد ثقات، إلا أن شداد بن عبدالله أبوعمار، كثير الإرسال، قال
أحمد لا أراه سمع من عائشة.
قلت: الحديث يظهر أنه صحيح بمجموع طرقه، فالطريق الأول: فيه عنعنة قتادة، وهو مدلس، ومتابعة الرشك، وتحتاج لإثبات سماعه من معاذة، الذي لم أتأكد منه، ومع هذا فهي متابعة جيدة.
والطريق الثاني: به انقطاع أيضا، بين شداد وعائشة رضي الله عنها، ولكن الحديث بمجموع طرقه هذا، يرتقي لمرتبة الصحيح.
وروى ابن ماجه (356) من طريق وكيع، عن شريك، عن جابر، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يغسل مقعدته ثلاثا. قال ابن عمر: فعلنا فوجدناه، دواء وطهورا.
قلت: إسناده ضعيف. لأن فيه شريك، وجابر الجعفي، وزيد العمي، وهم ضعفاء. وبهم أعله البوصيري في تعليقه على زوائد ابن ماجه.
ورواه ابن ماجه بإسناد قوي. فقال (354): حدثنا هناد بن السري، ثنا أبوالأحوص، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج من غائط قط، إلا مس ماء.
* * *
(30)
حديث المقداد المتفق عليه: يغسل ذكره ثم يتوضأ.
رواه البخاري (132)، ومسلم (1/ 247)، والنسائي (1/ 97)، كلهم من طريق منذر بن يعلي يكنى أبا يعلي، عن محمد بن علي بن الحنفية، عن علي بن أبي طالب قال: كنت رجلا مذاء، وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته؛ فأمرت المقداد فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ. هذا اللفظ لمسلم. وله أيضا قال: منه الوضوء.
وعند البخاري بلفظ: كنت رجلا مذاء، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله. فقال: فيه الوضوء.
وروي عن علي من أوجه وهذا أصحها، قال ابن أبي حاتم في العلل (56): سألت أبي، عن حديث رواه سعيد بن بشير، عن محمد بن عبدالرحمن، عن الأعمش، عن يحيى الخزاز، عن علي قال: كنت رجلا مذاء، فاستحييت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقداد بن الأسود فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبي: هذا خطأ بهذا الإسناد، إنما هو الأعمش، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية، عن علي. اهـ.
وسئل الدارقطني في العلل 4/ رقم (460)، عن حديث محمد بن الحنفية، عن علي: كنت رجلا مذاء. فقال: هو حديث يرويه الأعمش واختلف عنه. فرواه الثوري، وشعبة، وأبومعاوية، وهشيم، ووكيع، وجرير، عن الأعمش، عن منذر الثوري أبي يعلي، عن محمد بن الحنفية، عن علي، وخالفهم عبيدة بن حميد، رواه عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن علي. ولم يتابع على هذا القول. وحديث
ابن الحنفية هو الصحيح، هل ليس عبيدة بن حميد من الحفاظ؟ قال: بلى. اهـ.
ورواه مسلم (1/ 247)، والنسائي (1/ 214)، وابن خزيمة (1/ 15)، كلهم من طريق سليمان بن يسار، عن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب: أرسلنا المقداد بن الأسود، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله، عن الذي يخرج من الإنسان، كيف يفعل به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضأ وانضح فرجك.
ورواه أبو داود (207)، والنسائي (1/ 97)، وابن ماجه (505)، كلهم من طريق سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود، قال: أن علي بن أبي طالب أمره، أن يسأل له رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي، ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته، وأنا أستحيي أن أسأله. قال المقداد: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ذلك فقال: إذا وجد أحدكم ذلك، فلينضح فرجه، وليتوضأ وضوءه للصلاة. هذا لفظ أبي داود والنسائي.
ورواه النسائي (1/ 96)، وأبو داود (209)، كلاهما من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن علي قال: قلت للمقداد فذكر نحوه.
وسئل الدارقطني في العلل (3/ رقم 296)، عن حديث المقداد بن الأسود، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المذي. فقال: هو حديث يرويه محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المقداد بن الأسود، عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: حدث به يزيد بن هارون، عن ابن إسحاق كذلك، وخالفه أصحاب هشام بن عروة، منهم سفيان الثوري، وحماد بن زيد، ويحيى بن سعيد القطان، وابن جريج، وليث بن سعد، وعبدة بن سليمان، وأبو حمزة، ومفضل بن فضالة، وغيرهم، فرووه، عن هشام بن
عروة، عن أبيه، عن علي. ولم يذكروا فيه المقداد. وقولهم أولى بالصواب، من قول ابن إسحاق؛ لاتفاقهم على خلافه. والله أعلم. اهـ.
ورواه البخاري (269)، قال: حدثنا أبو الوليد، ثنا زائدة، عن أبي حصين، عن أبي عبدالرحمن، عن علي. قال: كنت رجلا مذاء، فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: توضأ، واغسل ذكرك. هكذا لم يسم السائل.
ورواه ابن حبان في صحيحه (3/ 389)، وفي الموارد (239) من طريق روح بن القاسم، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن إياس بن خليفة، عن رافع بن خديج، أن عليا أمر عمارا، أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن المذي. فقال: يغسل ذكره ويتوضأ. هكذا جعل السائل عمارا.
قلت: إسناد ابن حبان ليس بالقوي. لأن فيه إياس بن خليفة، وثقه ابن حبان.
وقال العقيلي: مجهول في الرواية، في حديثه وهم. اهـ. وقال الذهبي: لا يعرف. اهـ.
وقال الدارقطني في العلل (4/ رقم 441)، عن حديث عطاء هذا: هو حديث رواه عطاء بن أبي رباح. واختلف عنه. فرواه عمرو بن دينار، وابن جرير، وابن أبي نجيح، ومعقل بن عبيدالله، وعمر بن قيس، وطلحة بن عمرو. فرواه عن عمرو بن دينار، سفيان بن عيينة، ومعمر، فاتفقا أنه، عن عمرو، عن عطاء، عن عايش. ورواه ورقاء، عن عمرو، عن عايش، ولم يذكر بينهما عطاء. ورواه ابن جريج، وعمر بن قيس، عن عطاء، عن عايش، كقول ابن عيينة ومعمر. وأما ابن أبي نجيح فقال فيه: عن عطاء، عن إياس بن خليفة
البكري، عن رافع بن خديج، أن عليا أمر عمارا. وروى هذا الحديث علي بن المديني في مسند علي، عن بعض أصحابه، عن يزيد بن زريع، فوهم فيه رحمه الله، قال فيه: عن عطاء، عن حرملة بن إياس، وأظنه ذكره من حفظه. فأراد أن يقول: إياس بن خليفة، فقال: حرملة بن إياس، وذكره إبراهيم الحربي في الطهارة. فقال فيه: حرملة بن إياس كما قال علي: أظن أنه أطلع في كتاب علي بن المديني، فحكى مقالته، وإبراهيم بن نافع المكي، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء. وأما طلحة بن عمرو، فأرسله، عن عطاء، عن علي، والصواب ما قال عمرو بن دينار، وابن جريج، عن عطاء، والله أعلم. انتهى كلام الدارقطني.
لكن يشهد له ما سبق، وجمع ابن حبان بين هذه الروايات؛ فقال كما في الإحسان (3/ 390): قد يتوهم بعض المستمعين لهذه الأخبار، ممن لم يطلب العلم من مظانه، ولا دار في الحقيقة على أطرافه، بينهما تضاد أو تهاتر؛ لأن في خبر أبي عبدالرحمن السلمي: سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي خبر سليمان بن يسار، أنه أمر المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بينهما تهاتر؛ لأنه يحتمل أن يكون علي بن أبي طالب، أمر عمارا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فسأله. ثم أمر المقداد أن يسأل فسأله، وسأل بنفسه رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقوى هذا الجمع الحافظ ابن حجر فقال في الفتح (1/ 380): وجمع ابن حبان بين هذا الاختلاف، بأن عليا أمر عمارا أن يسأل، ثم أمر المقداد بذلك، ثم سأل بنفسه، وهو جمع جيد؛ إلا بالنسبة إلى آخره؛ لكونه مغايرا لقوله: إنه استحى، عن السؤال بنفسه لأجل فاطمة، فتعين حمله على المجاز، بأن بعض الرواة أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك، وبهذا جزم الإسماعيلي ثم النووي،
ويؤيد أنه أمر كل من المقداد وعمارا بالسؤال، عن ذلك، ما رواه عبد الرزاق من طريق عائش بن أنس قال: تذاكر علي والمقداد وعمار المذي، فقال علي: إنني رجل مذاء فاسألا، عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله أحد الرجلين، وصحح ابن بشكوال أن الذي تولى السؤال، عن ذلك هو المقداد، وعلى هذا فنسبة عمار إلى أنه سأل، عن ذلك محمولة على المجاز أيضا؛ لكونه قصده، لكن تولى المقداد الخطاب دونه. اهـ.
وروى البخاري (293)، ومسلم (1/ 270)، وأحمد (5/ 113 - 114)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 54)، وعبد الرزاق (957 - 958)، والبيهقي (1/ 164)، كلهم من طريق هشام بن عروة، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرني أبوأيوب، قال: أخبرني أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال في الرجل يأتي أهله ثم لا يزل، قال: يغسل ذكره ويتوضأ.
ورواه أبو داود (214)، قال: حدثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب، أخبرني عمرو- يعني ابن الحارث- عن ابن شهاب، حدثني بعض من أرضى، أن سهل بن سعد الساعدي، أخبره أن أبي بن كعب، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإسلام، لقلة الثياب. ثم أمر بالغسل ونهى ذلك.
قال أبو داود: يعني الماء من الماء .. اهـ.
قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي، ظاهره الصحة، وشيخ ابن شهاب يظهر أنه أبو حازم سلمة بن دينار، وهو ثقة. قال ابن خزيمة (1/ 114): وهذا الرجل الذي لم يسمه عمرو بن الحارث، يشبه أن يكون أبا حازم سلمه بن دينار؛ لأن ميسرة بن إسماعيل روى هذا الخبر، عن أبي غسان محمد بن
مطرف، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن مسلم بن الحجاج، وقال: حدثنا أبو جعفر الحمال .... اهـ.
ولما ذكر ابن رجب في شرحه للبخاري (1/ 382)، إسناد الزهري، أخبرني سهل به، ذكر الخلاف في سماع الزهري من سهل، ثم قال: وبتقدير أن يكون ذلك محفوظا. فقد أخبر الزهري، أن هذا الذي حدثه يرضاه، وتوثيق الزهري كاف في قبول خبره، وقد قيل: إنه أبو حازم الزاهد وهو ثقة جليل .... اهـ.
ورواه أبو داود (215)، قال: حدثنا مهران البزار الرازي، ثنا مبشر الحلبي، عن محمد أبي غسان، عن أبي حازم، عن سهل، بن سعد، حدثني أبي بن كعب، أن الفتيا التي كانوا يفتون: أن الماء من الماء. كانت رخصة، رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد.
قلت: رجال هذا الإسناد أيضا ثقات. ويظهر أن الحديث صحيح.
فقد أخرجه الترمذي (110)، وابن ماجه (609)، وأحمد (5/ 115)، وابن خزيمة (1/ 112)، والشافعي كما في مسنده (1421)، كلهم من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سهل بن سعد، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن خمسة عشر سنة في زمانه، حدثني أبي بن كعب:
…
فذكر بنحوه.
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 143): جزم موسى بن هارون، والدارقطني، بأن الزهري لم يسمعه من سهل. اهـ. وكذا قال ابن حزم.
لكن يرد عليه ما رواه ابن خزيمة (1/ 113) من طريق محمد بن جعفر، عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني سهل بن سعد بنحوه.
لكن قال ابن خزيمة عقبه: في القلب من هذه اللفظة، التي ذكرها محمد بن جعفر أعني قوله: أخبرني سهل بن سعد، وأهاب أن يكون هذا وهما من محمد بن جعفر، أو ممن دونه؛ لأن ابن وهب روى، عن عمرو بن الحارث، عن الزهري، قال: أخبرني من أرضى، عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 397): قال الإسماعيلي: هو صحيح على شرط البخاري، كذا قال، وكأنه لم يطلع على علته. فقد اختلفوا في كون الزهري سمعه من سهل. اهـ.
وقال ابن رجب في شرح البخاري (1/ 381): قيل أنه وهم في ذلك .... اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 143): أحاديث أهل البصرة، عن معمر، يقع فيها الوهم. لكن في كتاب ابن شاهين من طريق معلى بن منصور، عن ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، حدثني سهل. وكذا أخرجه بقي بن مخلد في مسنده، عن أبي كريب، عن ابن المبارك. قال ابن حبان: يحتمل أن يكون الزهري سمعه من رجل، عن سهل، ثم لقي سهلا، فحدثه أو سمعه من سهل، ثم ثبته فيه أبو حازم
…
أ. هـ
والحديث صححه الدارقطني (1/ 26)، ولما ذكر أبو حاتم في العلل (114): حديث أبي بن كعب، وحديث أبي سعيد الماء من الماء، قال: هو منسوخ. نسخه حديث سهل بن سعد، عن أبي بن كعب .... اهـ.
وروى البخاري (179 و 292)، ومسلم (1/ 270)، كلاهما من طريق يحيى بن أبي كثير، قال: أخبرني أبو سلمة؛ أن عطاء بن يسار أخبره، أن
زيد بن خالد الجهني أخبره، أنه سأل عثمان بن عفان قال: قلت: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته ولم يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره. قال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زاد البخاري: فسألت، عن ذلك علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيدالله، وأبي بن كعب رضي الله عنهم، فأمروه بذلك .. الحديث.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 397): الأثرم، عن أحمد، أن حديث زيد بن خالد، المذكور في هذا الباب معلول؛ لأنه ثبت، عن هؤلاء الخمسة، الفتوى بخلاف ما في هذا الحديث. وقد حكى يعقوب بن شيبة، عن علي بن المديني، أنه شاذ، والجواب، عن ذلك؛ أن الحديث ثابت من جهة اتصال إسناده وحفظ رواته
…
، وأما كونهم أفتوا بخلافه، فلا يقدح ذلك في صحته؛ لاحتمال أنه ثبت عندهم ناسخه، فذهبوا إليه، وكم من حديث منسوخ، وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية. اهـ.
وروى مالك في الموطأ (1/ 41)، عن زيد بن أسلم، قال: سمعت أبي يقول: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: إني لأجده ينحدر مثل الخريزة؛ فإذا وجد ذلك أحدكم فليغسل ذكره، وليتوضأ وضوءه للصلاة، يعني المذي.
قال ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 114)، إسناده صحيح، ورواه مالك مرفوعا، عن زيد بن أسلم. اهـ. ورواه عبد الرزاق (1/ رقم 605)، عن معمر، وعلي بن عيينة، عن زيد به.
* * *
باب السواك وسنن الوضوء
(31)
السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. رواه الشافعي وأحمد.
أخرجه أحمد (5/ 263) برقم (22625)، وابن ماجه (289)، كلاهما من طريق علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تسوكوا، فإن السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب، وما جاءنى جبريل إلا أوصانى بالسواك، حتى لقد خشيت أن يفرض علي، وعلى أمتى، ولولا أنى أخاف أن أشق على أمتى لفرضته لهم، وإنى لأستاك حتى لقد خشيت أن أحفى مقادم فمى.
ورواه عن علي بن يزيد كل من عبيد الله بن زحر، وابن أبي العاتكة.
قلت: علي بن يزيد الألهاني، وشيخه القاسم تكلم فيهما كما سبق. قال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 76): رواه ابن ماجه، عن ابن هشام بن عمار- وهو حافظ أخرج له البخاري محتجا به- عن محمد بن شعيب- وهو ابن شأبور الدمشقي، أخرج له الأربعة، ووثقه ابن المبارك، ودحيم. وقال أبوحاتم: هو أثبت من بقية وابن حمير، عن عثمان بن أبي العاتكة وهو الدمشقي القاص، ضعفه النسائي ووثقه غيره، عن علي بن يزيد، وهو الألهاني، ضعفه جماعة. وقال الذهبي في الميزان: صالح، عن القاسم بن عبدالرحمن أبوعبدالرحمن، لقي جماعة من الصحابة، ومنهم أبو أمامة رضي الله عنه. وأخرجه الطبراني في أكبر معاجمه، كذلك من حديث الوليد، بن مسلم، عن عثمان به مثله، إلا أنه قال: مطيبة، بدل مطهرة. ثم أخرجه من حديث
سعيد بن أبي مريم، نا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعا: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. وهذا سند واه. ثم أخرجه من حديث بقية، عن إسحاق بن مالك الحضرمي، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعا: السواك مطيبة للفم، مرضاة للرب. اهـ.
وضعفه مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 52). وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه (1/ 43): هذا إسناد ضعيف. اهـ.
وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (144)، وصحح طرفه: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب في صحيح الجامع (3695).
وقد ورد الحديث من عدة طرق نجملها فيما يلي:
أخرجه الشافعي في الأم (1/ 20)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (1116)، والحميدي في مسنده (162)، وأحمد (6/ 47، 62)، وأبو يعلى في مسنده (4598)، والبيهقي (1/ 34)، والبغوي في شرح السنة (199، 200) من طرق عن محمد بن إسحاق.
ورواه أحمد (6/ 124)، والنسائي (1/ 11)، عن يزيد بن زريع، كلاهما (ابن إسحاق ويزيد)، عن ابنه عبدالرحمن عنه.
ورواه الطبراني في الأوسط (276)، قال: حدثنا أحمد بن رشدين، قال: حدثنا روح بن صلاح، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن محمد بن عبدالله بن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1803)، والدارمي (1/ 184)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (936)، وأحمد (6/ 461)، وأبو يعلى (4569)، وابن
عبد البر في التمهيد (18/ 301)، كلهم من طرق، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة المدني، عن داود بن الحصين، عن القاسم، عن عائشة بنحوه.
ورواه البيهقي (1/ 34) من طريق عبدالله بن وهب، عن سليمان بن بلال، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن أبي عتيق، عن القاسم بن محمد عنها.
ورواه أبو نعيم في الحلية (7/ 94) قال: حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا عباد بن عبدالله العدني، ثنا يزيد بن أبي حكيم العدني، ثنا سفيان الثوري، عن محمد بن إسحاق، عن رجل، عن القاسم بن محمد، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: السواك مطهرة للفم، مرضاة لله، كذا رواه يزيد، ولم يسم الرجل، ورواه المؤمل بن إسماعيل وكناه.، حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثني عبدالله بن الليث المروزي، ثنا مؤمل بن اسماعيل، عن سفيان الثوري، وشعبة، عن محمد بن إسحاق، عن أبي عتيق التيمي، عن القاسم بن محمد، عن عائشة.
- طريق عبيد بن عمير:
وهو عند ابن خزيمة برقم (135) قال: أخبرنا أبو طاهر، نا أبو بكر، نا الحسن بن قزعة بن عبيد الهاشمي، نا سفيان بن حبيب، عن ابن جريج، عن عثمان بن أبي سليمان، عن عبيد بن عمير، عن عائشة.
الطريق الثاني: عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه رواه أحمد (1/ 3، 10)، والدارقطني في علله (1/ 277) من حديث حماد بن سلمة، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر به.
قال أبو يعلى في مسنده (4915) قال: سألت عبد الأعلى، عن حديث أبي بكر الصديق، فقال: هذا خطأ، وحدثني به قال: حدثنا حماد، عن ابن أبي
عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق .. اهـ.
الطريق الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب عز وجل.
وأخرجه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه (1070) قال: أخبرنا ابن زهير بتستر، حدثنا عبد القدوس بن محمد بن عبد الكبير، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد بن سلمة، عن عبيدالله بن عمر، عن المقبري، عن أبي هريرة.
الطريق الرابع: رواه ابن ماجه (285) قال: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن شعيب، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة.
ورواه الطبراني في مسند الشاميين (888) قال: حدثنا واثلة بن الحسن العرقي، ثنا كثير بن عبيد الحذاء، ثنا بقية، عن إسحاق بن مالك الحضرمي، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة.
الطريق الخامس: رواه الطبراني في الأوسط (7496)، عن بحر السقاء، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس.
أقوال أهل العلم:
قال ابن أبي حاتم في العلل (6): وسألت أبي، وأبا زرعة، عن حديث؛ رواه حماد بن سلمة، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. قالا: هذا خطأ، إنما هو ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة. قال أبو زرعة: أخطأ فيه حماد. وقال أبي: الخطأ من حماد، أو ابن أبي عتيق. اهـ.
وقال الدارقطني في العلل (3768): وسئل عن حديث عمرة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. فقال: يرويه محمد بن إسحاق، واختلف عنه؛ فرواه، عبدالله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن عبدالله بن أبي بكر بن حزم، عن عمرة، عن عائشة. ولم يتابع عليه. ورواه مؤمل، عن شعبة، والثوري، عن محمد بن إسحاق، عن رجل، عن القاسم، عن عائشة، وكذلك، قال مصعب بن المقدام، عن الثوري، عن ابن إسحاق، واختلف، عن ابن عيينة؛ فرواه، علي بن عبد الحميد الغضائري الحلبي، عن ابن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن مسعر، عن ابن إسحاق، عن عبدالله بن أبي عتيق، عن عائشة؛ وخالفه الحميدي، وغيره رووه، عن ابن عيينة، عن ابن إسحاق، ولم يذكروا فيه مسعرا، وقالوا: فيه، عن ابن أبي عتيق، عن عائشة، وابن أبي عتيق، هو عبدالله بن محمد بن أبي بكر الصديق، وقد سمع هذا الحديث من عائشة. وأبو محمد هو أبو عتيق. وكذلك رواه، ابن أبي عدي، عن ابن إسحاق. ورواه، داود بن الزبرقان، عن ابن أبي عتيق، عن القاسم، عن عائشة، وليس هو بمحفوظ. ورواه يزيد بن زريع، عن عبدالرحمن بن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة، فإن كان حفظ اسمه، فهو عبدالرحمن بن عبدالله بن أبي عتيق. والصحيح أن ابن أبي عتيق، سمعه، عن عائشة، وذكر القاسم فيه غير محفوظ. اهـ.
وسئل الدارقطني في العلل (69): عن حديث أبي عتيق محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، عن جده أبي بكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: السواك مطهرة للفم. فقال: يرويه حماد بن سلمة، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر. وخالفهم جماعة من أهل الحجاز، وغيرهم. فرووه، عن ابن أبي عتيق،
عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو الصواب. وابن أبي عتيق هذا هو: عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر. اهـ.
وقال النووي في المجموع (1/ 267): حديث صحيح، رواه أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، إمام الائمة، في صحيحه، والنسائي، والبيهقي، في سننهما، وآخرون بأسانيد صحيحة. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1113): عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب» رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجاله ثقات، إلا أن عبدالله بن محمد لم يسمع من أبي بكر. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1115): وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب، ومجلاة للبصر. رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، وفيه بحر بن كنيز السقاء، وقد أجمعوا على ضعفه. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1116): وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. رواه أبو يعلى بإسنادين، في أحدهما ابن إسحاق، وهو ثقة مدلس. ورجال الآخر رجال الصحيح. اهـ.
وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 52 - 54): هذا حديث إسناده معلل بأشياء، منها: عثمان بن أبي العاتكة سليمان بن حفص الأزدي الدمشقي القاضي، قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ضعيف، وقال أبوأحمد الحاكم: هو مع ضعفه نكتب حديثه، مع أن دحيما كان يثني عليه، وينسبه إلى الصدق، ولم ينكر حديثه، عن غير علي بن يزيد إلا من قبل علي، وقال أبوحاتم: لا بأس به، فكتبه من كثرة روايته، عن علي، وأما ما روى عن
علي فمقارب. ومنها علي بن زيد أبو عبد الملك الألهاني الدمشقي، قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حاتم الرازي: ضعيف الحديث، أحاديثه منكرة، وقال النسائي والأزدي والدارقطني: متروك، وقال يعقوب بن شيبة: واهي الحديث، وقال أحمد: هو ضعيف، ولما ذكره أبو مسهر قال: ما أعلم إلا خيرا. أما قوله: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. فهو في حديث عائشة عند ابن خزيمة والحاكم وابن حبان، وذكره البخاري تعليقا، وقال البغوي في شرح السنة: هذا حديث حسن، وعند ابن حبان أيضا من حديث أبي هريرة، قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بالسواك، فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب. وعند القاضي أبي بكر أحمد بن علي المروزي، في مسند أبي بكر الصديق، من حديثه، عن أبي حنيفة، نا يونس بن عمر، نا حماد، عن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. وسنده صحيح. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 648 - 650): أنه صلى الله عليه وسلم قال: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. هذا الحديث مشهور وارد من طرق، الذي يحضرنا منها سبعة: أحدها، ولعله أشهرها: عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. رواه النسائي والبيهقي في سننيهما، وأبو حاتم بن حبان في صحيحه، من رواية عبدالرحمن بن أبي عتيق، قال: سمعت أبي، قال: سمعت عائشة، فذكرته. قال الدارقطني في علله: الصحيح أن ابن أبي عتيق سمعه من عائشة، وذكر القاسم فيه غير محفوظ. ورواه أحمد في مسنده، عن عبدة بن سليمان الكلابي، ثنا محمد بن إسحاق، عن عبدالله بن محمد، قال: سمعت عائشة تقول: فذكرته.
وقال أبو حاتم ابن حبان في صحيحه: أبو عتيق هذا اسمه محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة، له من رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤية. قال: وهؤلاء أربعة في نسق واحد، له كلهم رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو قحافة، وابنه أبو بكر الصديق، وابنه عبد الرحمن، وابنه أبو عتيق. قال: وليس هذا لأحد في هذه الأمة غيرهم. ثم قال الدارقطني: ليس كذلك، فعبد الله بن الزبير، أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأبوها، وجدها، فهم أربعة متوالدون من الصحابة، ولم أرى لأبي عتيق رؤية ولا صحبة، وكأنه كان صغيرا جدا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا جرم لم يذكره ابن منده. أما من روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو، وولده، وولد ولده، فهم أربعة أخر، ذكرهم الحافظ ابن منده أبو زكريا، في جزء مفرد وهم: أسامة بن زيد بن حارثة، وحنظلة بن حذيم بن حنيفة المالكي، ومعن بن يزيد بن الأخنس السلمي، وعبد الرحمن بن علي بن شيبان الحنفي رضي الله عنهم. وقال الطحاوي: لا نعلم خليفة ورثه أبوه غير أبي بكر الصديق، لأنه توفي وأبو قحافة حي فورثه. ورواه الإمام الشافعي، عن ابن عيينة، عن ابن إسحاق، عن ابن أبي عتيق، عن عائشة.
قال البيهقي: ورواه محمد بن يحيى بن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن مسعر، عن ابن إسحاق، عن عبدالله بن أبي عتيق، عن عائشة. قال الشيخ تقي الدين في الإمام: ورأيته في مسند ابن أبي عمر، كما رواه الشافعي، عن ابن عيينة. ورويناه من مسند الحميدي، نا سفيان، نا محمد بن إسحاق، فصرح ابن عيينة بالسماع من ابن إسحاق، فزالت الواسطة. ورواه الدارمي في مسنده من حديث داود بن الحصين، عن القاسم بن محمد، عن عائشة مرفوعا به. وعزاه غير واحد، إلى صحيح الإمام أبي بكر ابن خزيمة منهم ابن الأثير،
والمصنف- أعني الإمام الرافعي- في شرحي المسند، وابن الصلاح في كلامه على المهذب، والنووي في كتبه، والشيخ تقي الدين في كتابيه الإمام والإلمام وغيرهم، قالوا: رواه من حديث ابن عمير، عن عائشة. وهو كما قالوا، فقد رأيته كذلك فيه بالقدس الشريف، في رحلتي إليها. فأخرجه من حديث سفيان، عن ابن جريج، عن عثمان بن أبي سليمان، عن عبيد بن عمير عنها، مرفوعا به. وذكره البخاري في صحيحه في كتاب الصيام تعليقا، فقال: وقالت عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. وهذا التعليق صحيح لأنه بصيغة جزم، وهو حديث صحيح من غير شك ولا مرية، ولا يضره كونه في بعض أسانيده ابن إسحاق، كرواية ابن عيينة ومسعر، فإن إسناد الباقين ثابت صحيح، لا مطعن لأحد في رجاله، وقد شهد له بذلك غير واحد. قال البغوي في شرح السنة: هو حديث حسن. وقال الشيخ تقي الدين ابن الصلاح في كلامه على المهذب: هذا حديث ثابت. وقال الحافظ أبو محمد المنذري في كلامه عليه أيضا: رجال إسناده كلهم ثقات. وقال الشيخ تقي الدين في الإمام: إسناده جيد. قال: ولهذا أخرجه الحاكم في مستدركه فيما بلغني. وكلام البخاري يشعر بصحته فإنه أورده بصيغة الجزم.
قلت (القائل ابن الملقن): وهذا الحديث لم أره في المستدرك فيما وقفت عليه من النسخ الشامية والمصرية، والشيخ تقي الدين- رحمه الله لم يجزم بعزوه إليه، وإنما تردد فيه، لكنه جزم بذلك في الإلمام. وقد عثر بعض شيوخنا الحفاظ، فجزم بأنه في المستدرك تقليدا منه، فتنبه لذلك. الطريق الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب عز وجل. أخرجه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه. الطريق الثالث: عن
أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. رواه أحمد في مسنده، والدارقطني في علله، وأبو نعيم من حديث حماد بن سلمة، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر به. قال ابن أبي حاتم في علله: سألت أبي وأبا زرعة، عن هذا الحديث، (فقالا): هو خطأ، إنما هو ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة. قال أبو زرعة: أخطأ فيه حماد، وقال أبي: الخطأ من حماد، أو ابن أبي عتيق. وقال الدارقطني في علله: يرويه حماد بن سلمة هكذا- يعني بإسناده، عن أبي بكر مرفوعا- وخالفه جماعة من أهل الحجاز وغيرهم، فرووه، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة مرفوعا وهو الصواب.
قلت (القائل ابن الملقن): وأما ابن السكن فإنه ذكره في صحاحه. الطريق الرابع: عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالسواك، فإنه مطيبة للفم، مرضاة للرب تبارك وتعالى. رواه الإمام أحمد في مسنده. وفيه ابن لهيعة، وسيأتي بيان حاله في الباب. وذكره ابن عدي في كامله في ترجمة محمد بن معاوية النيسابوري: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. الطريق الخامس: عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستاك وهو صائم، ويقول: هو مرضاة للرب، مطهرة للفم. رواه أبو نعيم من حديث هشام بن سليمان، ثنا يزيد الرقاشي، عن أنس به. ويزيد هذا قال النسائي وغيره: متروك. الطريق السادس: عن أبي أمامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تسوكوا؛ فإن السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب، وما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك؛ حتى لقد خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي، ولولا أني أخاف أن أشق على أمتي لفرضته لهم، وإني لأستاك حتى لقد خشيت أن أحفي مقادم فمي. رواه
ابن ماجه، عن ابن هشام بن عمار- وهو حافظ أخرج له البخاري محتجا به- عن محمد بن شعيب وهو ابن شأبور الدمشقي، أخرج له الأربعة، ووثقه ابن المبارك ودحيم. وقال أبو حاتم: هو أثبت من بقية وابن حمير، عن عثمان بن أبي العاتكة وهو الدمشقي القاص، ضعفه النسائي، ووثقه غيره، عن علي بن يزيد، وهو الألهاني، ضعفه جماعة. وقال الذهبي في الميزان: صالح، عن القاسم بن عبدالرحمن أبو عبدالرحمن، لقي جماعة من الصحابة، ومنهم أبو أمامة، وأخرجه الطبراني في أكبر معاجمه، كذلك من حديث الوليد بن مسلم، عن عثمان به مثله، إلا أنه قال مطيبة، بدل مطهرة. ثم أخرجه من حديث سعيد بن أبي مريم، نا يحيى بن أيوب، عن عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعا: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. وهذا سند واه. ثم أخرجه من حديث بقية، عن إسحاق بن مالك الحضرمي، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعا: السواك مطيبة للفم، مرضاة للرب. الطريق السابع: عن عطاء، عن ابن عباس من قوله: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. رواه أبو بكر البزار في مسنده، ثم قال: لا نعلم حدث به، عن ابن جريج إلا الربيع بن بدر، ولم يك بالحافظ. ورواه الطبراني في أكبر معاجمه، من حديث يعقوب بن إبراهيم بن حنين، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس أنه سمع النبي، والبواقي متابعات وشواهد لها. انتهى ما نقله وقاله ابن الملقن.
وذكر البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 43) برقم (117) إسناد ابن ماجة: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن شعيب، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب، ما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك، حتى لقد خشيت أن يفرض علي، وعلى أمتي، ولولا أني أخاف، أن أشق على أمتي، لفرضته لهم وإني لأستاك، حتى لقد خشيت أن أحفي مقادم فمي. ثم قال: هذا إسناد ضعيف، والجملة الثالثة في الصحيحين في حديث أبي هريرة، ورواه الترمذي من حديث أبي هريرة، وأيضا من حديث زيد خالد، وقال عقبهما: صحيح، وحديث أبي هريرة أصح، قال: وفي الباب، عن أبي بكر الصديق، وعلي وعائشة، وابن عباس، وحذيفة، ويزيد بن خالد، وأنس، وعبدالله بن عمر، وأم حبيبة، وابن عمر، وأبي أمامة، وأبي أيوب، وغيرهم. وروى النسائي في الصغرى، الجملة الأولى من حديث عائشة، وروى معنى الجملة الأخيرة من حديث أنس، رواه الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس. أهـ.
وقال الألباني في الأرواء (1/ 105): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السواك مطهر للفم، مرضاة للرب. رواه أحمد (ص 21) صحيح. أخرجه أحمد في المسند (6/ 47، 62، 214، 238)، وكذا الشافعي في الأم (1/ 20)، وفي المسند (ص 4)، والنسائي في سننه (1/ 50)، والبيهقي (1/ 34) من طريقين، عن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق قال: سمعت عائشة به مرفوعا. قلت (القائل الألباني): وإسناده صحيح، وعلقه البخاري في صحيحه (2/ 274) مجزوما به، قال المنذري (1/ 101): وتعليقاته المجزومة صحيحة، وكذا قال النووي في المجموع (1/ 268)، ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. وله طرق أخرى أخرجه الدارمي (1/ 174)، وأحمد (6/ 461)، والبيهقي من طريقين: عن القاسم بن محمد عنها. وهو عند ابن
خزيمة برقم (135)، وابن حبان (143). قلت (القائل الألباني): وهذا سند صحيح، وله شواهد كثيرة، عن جماعة من الصحابة، خرجها الحافظ ابن حجر في التلخيص (ص 21 - 22)، فمن شاء رجع إليه. ومنها ما في أوسط الطبراني (1/ 1)، عن ابن عباس مرفوعا به، وزاد: ومجلاة للبصر. وإسناده ضعيف جدا، فيه جويبر وهو متروك، وتحته ضعيفان. وأخرجه البخاري في التاريخ (4/ (2/ 936) من طريق أخرى، عن ابن عباس به دون الزيادة. وسنده، ضعيف يتقوى بشواهده. وأخرجه ابن عدي (7/ 1) من طريق أخرى، عن أبي بكر الصديق مرفوعا به. اهـ.
وقال أيضا الألباني في السلسلة الضعيفة (5276): السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب، ومجلاة للبصر. ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 35 - الجامعة الإسلامية) من طريق الحارث بن مسلم، عن بحر السقا، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، مرفوعا. وقال: لم يروه عن بحر إلا الحارث. قلت (القائل الألباني): والظاهر أنه الرازي المقرئ، روى عن الثوري وطبقته. قال ابن أبي حاتم (1/ (2/ 88) عن أبيه: شيخ ثقة صدوق، وصليت خلفه. وعن أبي زرعة قال: صدوق، لا بأس به، وكان رجلا صالحا.
قلت (القائل الألباني): وخفي هذا على الذهبي ثم العسقلاني، فلم يزيدا في ترجمته على قولهما: قال السليماني: فيه نظر!، وعلة الحديث ممن فوقه: أولا: بحر السقا- وهو ابن كنيز الباهلي-؛ متفق على تضعيفه؛ بل تركه أبو داود، والدارقطني، وغيرهما.
ثانيا: جويبر- وهو ابن سعيد الأزدي البلخي- وهو أيضا متروك. وقال
الحافظ: ضعيف جدا.
ثالثا: الضحاك- وهو ابن مزاحم-؛ لم يلق ابن عباس. ومع هذه العلل؛ سكت المنذري (1/ 101) عن الحديث؛ فلم يضعفه ولو بالإشارة إليه؛ كما هي غالب عادته!!، وأما الهيثمي؛ فاقتصر على قوله (1/ 220): وفيه بحر بن كنيز السقا، وقد أجمعوا على ضعفه!.
وإنما أخرجت الحديث هنا؛ لزيادة: ومجلاة للبصر، وإلا؛ فهو بدونها صحيح، وهو مخرج في المشكاة (381)، والإرواء (66) .. اهـ.
* * *
(32)
إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي. أخرجه البيهقي عن على.
أخرجه الدولابي في الكنى (2/ 41)، والطبراني في الكبير (4/ 78 - 3696)، والدارقطني (2/ 204) - الصيام- باب السواك للصائم- (7)، والبيهقي (4/ 274) - الصيام- باب من كره السواك بالعشي، كلهم من طريق كيسان أبي عمر القصار، عن يزيد بن بلال، عن علي بن أبي طالب قال: إذا صمتم، فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشى، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشى، إلا كانتا نورا بين عينيه يوم القيامة.
وأخرجه البزار في مسنده (1887)، و (3261) من طريق عبد الصمد بن النعمان، قال: نا كيسان أبو عمر، عن يزيد بن بلال، عن علي، عن النبي قال: إذا صمتم، فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي، فإن الصائم إذا يبست شفتاه، كان له نور يوم القيامة.
وقال: ولا نعلم يروي هذا الكلام، عن خباب، عن النبي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. اهـ.
وأخرجه الطبراني في الكبير (4/ 78 - 3696)، والدراقطني (2/ 204) - الصيام- باب السواك للصائم- (8)، والبيهقي (4/ 274) - الصيام- باب من كره السواك بالعشي- كلهم من طريق كيسان القصار، عن عمرو بن عبد الرحمن، عن خباب بن الأرت مرفوعا.
ثم قال الطبراني: لم يرفعه علي. اهـ.
وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (5/ 89) - من طريق كيسان
القصار، عن يزيد بن بلال، عن خباب مرفوعا.
قلت: إسناده ضعيف مرفوعا وموقوفا؛ لأن مداره على أبي عمر كيسان القصار، وهو ضعيف لا يحتج به، وقد ضعفه يحيى بن معين، والساجي. وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (5677): كيسان القصار أبو عمر الفزاري مولاهم ضعيف من السابعة فق .. اهـ.
وقد ضعف الحديث الدارقطني، والبيهقي، وقالا: كيسان ليس بالقوي، ومن بينه وبين علي غير معروف.
وقال العراقي في شرح الترمذي: حديث ضعيف جدا. اهـ. انظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير (1/ 397)، وقال الحافظ في التلخيص الحبير (2/ 201): إسناده ضعيف. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 708): هذا الحديث ضعيف، رواه الدارقطني، ثم البيهقي كذلك، وضعفاه بسبب كيسان أبي عمر القصار، راويه، عن عمرو بن عبدالرحمن، عن خباب وقالا: إنه ليس بالقوي. وقال يحيى: ضعيف الحديث. وضعفه أيضا الساجي في كتابه. وروياه، عن علي موقوفا كذلك، وفي إسناده كيسان المذكور، عن يزيد بن بلال، عن علي. قال الدارقطني: وكيسان ليس بالقوي، ومن بينه وبين علي غير معروف، يعني يزيد بن بلال. وقد وهاه الأزدي وابن حبان، وقالا: إنه منكر الحديث. قال ابن حبان: يروي عن علي ما لا يشبه حديثه، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، وإن اعتبر به معتبر، فيما وافق الثقات من غير أن يحتج به، لم أر به بأسا. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 386): رواه الطبراني في الكبير
ورفعه، عن خباب، ولم يرفعه، عن علي، وفيه كيسان أبو عمر، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره. اهـ.
وقال الشيخ الألباني: ضعيف. اهـ. انظر حديث (رقم 579) في ضعيف الجامع.
* * *
(33)
خبر ثاني للتسوك عند كل صلاة.
أخرجه أحمد (1/ 120) برقم (968)، والدارمي (1483)، وفي (1485)، والبزار (477)، وفي (478)، كلهم من طريق محمد بن إسحاق، حدثني عمي عبدالرحمن بن يسار، عن عبيدالله بن أبي رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبيه، أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخرت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل، فإنه إذا مضى ثلث الليل الأول، هبط الله، تبارك وتعالى، إلى سماء الدنيا، فلم يزل هنالك، حتى يطلع الفجر، يقول: ألا سائل فيعطى، ألا داع يجاب، ألا مستشفع فيشفع، ألا تائب مستغفر، فيغفر له.
قلت: رجاله ثقات، ومعاوية ابن أبي مزرد واسمه عبدالرحمن بن يسار المدني مولى بني هشام. قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: صالح. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم ليس به بأس. وذكره ابن حبان في الثقات.
وأخرجه عبدالله بن أحمد 1/ 80 (607) قال: حدثني عقبة بن مكرم الكوفي، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة. ليس فيه: عبدالرحمن بن يسار.
قال البزار: وهذا الحديث قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه، لا نعلمه يروى عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، بهذا الإسناد. اهـ.
قلت: رجاله ثقات وإسناده قوي. ومحمد بن إسحاق صرح بالتحديث.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 221 فيه ابن إسحاق وهو ثقة مدلس. وقد صرح بالتحديث وإسناده حسن" أ. هـ.
وحسنه أيضا المنذري في الترغيب 1/ 101. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 261): ولكنه في المسند، عن أبي إسحاق، عن عبيدالله بن أبي رافع، وعنعن. ورواه البزار، عن ابن إسحاق قال: حدثني عبدالرحمن بن يسار، عن عبيدالله بن أبي رافع، وعبد الرحمن وثقه ابن معين. اهـ.
وذكر له ابن الملقن شواهد عدة في البدر المنير (1/ 718).
وروى أبو داود (47)، والترمذي (23)، والنسائي، في الكبرى (3029)، وأحمد (4/ 114) برقم (17157)، وفي (4/ 116) برقم (17174)، وفي (5/ 193) برقم (22026) كلهم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن زيد بن خالد الجهني، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل. قال: فكان زيد بن خالد يشهد الصلوات في المسجد، وسواكه على أذنه، موضع القلم من أذن الكاتب، لا يقوم إلى الصلاة إلا استن، ثم رده إلى موضعه.
قلت: ظاهر إسناده الصحة. قال البيهقي بعد رواية الحديث، السنن الكبرى (1/ 37) عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وعن أبي سلمة، عن زيد: وبلغنى، عن البخارى أنه كان يقول: حديث أبى سلمة، عن زيد بن خالد أصح. قال أبو عيسى الترمذى: كلاهما عندى صحيح. اهـ.
وقال في البدر المنير (1/ 703): وقال البخاري: إنه أصح من حديث
أبي هريرة. اهـ.
وقال الألباني: صحيح. اهـ. كما في صحيح أبي داود (37)، وصحيح الجامع (5316)، وصحيح الترمذي (26).
وروى أبو داود (48)، وأحمد (5/ 225) برقم (22306)، والدارمي (658)، وابن خزيمة (15)، وفي (15 و 138) كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، قال: قلت له: أرأيت وضوء عبدالله بن عمر لكل صلاة، طاهرا كان أو غير طاهر، عمن هو؟ فقال: حدثته أسماء بنت زيد بن الخطاب، أن عبدالله بن حنظلة بن أبى عامر حدثها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أمر بالوضوء، لكل صلاة، طاهرا كان، أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه، أمر بالسواك لكل صلاة. فكان ابن عمر يرى أن به قوة على ذلك، فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة.
قال أبو داود: إبراهيم بن سعد رواه عن محمد بن إسحاق، قال: عبيدالله بن عبد الله. اهـ.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (556)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اهـ.
وقال الذهبي قي التلخيص: على شرط مسلم. اهـ.
وقال الحافظ ابن كثير في التفسير (3/ 45) قال أبو داود: ورواه إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق فقال: عبيدالله بن عبدالله بن عمر، يعني كما تقدم في رواية الإمام أحمد. وأيا ما كان فهو إسناد صحيح، وقد صرح ابن إسحاق فيه بالتحديث والسماع من محمد بن يحيى بن حبان، فزال محذور التدليس. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (7/ 436): هو حديث صحيح. اهـ.
وقال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح (2/ 348): قال الشيخ زين الدين العراقي: وفي إسناده محمد بن إسحاق، وقد رواه بالعنعنة، وهو مدلس. اهـ.
قال الألباني صحيح أبي داود (38): إسناده حسن، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وحسنه الحازمي، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان. اهـ.
* * *
(34)
وعند الانتباه من نوم.
حديث حذيفة: كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك. متفق عليه.
أخرجه البخاري (2/ 5) برقم (889)، ومسلم (1/ 152) برقم (514)، وأبوداود (55)، وابن ماجه (286)، والنسائي (1/ 8)، وفي الكبرى (2)، وأحمد (5/ 402) برقم (23809)، وفي (5/ 407) برقم (23851)، وابن خزيمة (136 و 1149)، كلهم من طريق شقيق أبي وائل، عن حذيفة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا قام من الليل، يشوص فاه بالسواك.
وروى النسائي (3/ 212)، وفي (3/ 212) من طريق أبي حصين، عثمان بن عاصم، عن شقيق أبي وائل، عن حذيفة، قال: كنا نؤمر بالسواك إذا قمنا بالليل.
ورواه عن أبي حصين كل من أبو سنان، سعيد بن سنان، وإسرائيل.
قال البزار في مسنده (1/ 437): ولا نعلم روى أبو حصين، عن أبي وائل، عن حذيفة إلا هذا الحديث، منصور، عن أبي وائل، عن حذيفة. اهـ.
وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي (1623): صحيح الإسناد، والذي قبله أصح. اهـ.
وروى أحمد (2/ 117)، وأبو يعلى كما في المقصد (130)، كلاهما من طريق محمد بن مسلم بن مهران مولى لقريش، قال: سمعت جدي، يحدث، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك.
قلت: رجاله لا بأس بهم. ومحمد بن مسلم، هو محمد بن إبراهيم بن
مسلم بن مهران بن المثنى القرشي. قال ابن عدي: ليس له من الحديث إلا اليسير، ومقدار ما لا يتبين صدقه من كذبه. اهـ.
قلت: وثقه ابن معين، والدارقطني، فقال ابن معين: ليس به بأس، روى عنه يحيى القطان، ويروي أبو الوليد. اهـ. وقال الدارقطني: بصري، يحدث، عن جده، ولا بأس بهما. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال: كان يخطئ. اهـ.
ورواه الطبراني في الكبير (12/ رقم 13598)، وأبو يعلى في المقصد (129)، كلاهما من طريق حسام بن مصك، قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يتعار من الليل ساعة، إلا أجرى السواك على فيه.
قلت: إسناده واه؛ لأن فيه حسام بن المصك الأزدي.
قال ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وقال أبو زرعة: واهي الحديث، منكر الحديث. اهـ. وقال أبو حاتم: لين الحديث، ليس بقوي، يكتب حديثه. اهـ. وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم. اهـ.
ولهذا قال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 107): هذه الرواية ضعيفة جدا؛ لأن حسام بن مصك بن ظالم بن شيطان، ضعيف جدا .. اهـ.
* * *
(35)
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الترجل إلا غبا. رواه النسائي، والترمذي وصححه.
أخرجه أحمد (4/ 86)، وأبو داود (4159)، والترمذي (1756)، وفي الشمائل (35)، والنسائي (8/ 132)، والطبراني في الأوسط (2436)، وابن حبان في صحيحه (5484)، والبغوي في شرح السنة (3165)، والحربي في غريب الحديث (2/ 415)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4024)، والبيهقي في الشعب (6467)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 11)، كلهم من طرق، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن عبدالله بن مغفل، فذكره.
قلت: رجاله ثقات، رجال الشيخين، لكن فيه عنعنة الحسن وفيها مبحث. وهشام بن حسان: هو ثقة، وثقه غير واحد، وهو من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته، عن الحسن وعطاء مقال؛ لأنه كان يرسل عنهما. وقال أبوبكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل ابن علية كنا لا نعد هشام بن حسان في الحسن شيئا. وقال الحسن بن علي الخلال، عن علي بن المديني: كان يحيى بن سعيد وكبار أصحابنا يثبتون هشام بن حسان، وكان يحيى يضعف حديثه، عن عطاء، وكان الناس يرون أنه أخذ حديث الحسن، عن حوشب. وقال أبو الحسن بن البراء، عن علي بن المديني: أما حديث هشام، عن محمد فصحاح، وحديثه، عن الحسن عامتها تدور على حوشب. يرويه، عن الحسن بن أبي الحسن البصري.
واختلف في وصله وإرساله.
فقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (26072)، والنسائي (8/ 132)
من طريق قتادة، عن الحسن مرسلا.
قلت: قتادة بن دعامة ثقة. وثقة جماعة، لكنه يدلس، وقد عنعن. يرويه، عن الحسن البصري مرسلا.
وأخرجه النسائي في الكبرى (9316): عن يونس بن عبيد، عن الحسن ومحمد قولهما- يعني-: موقوفا.
وأخرجه العقيلي في ضعفائه (1868)، قال: حدثناه إبراهيم بن محمد، حدثنا محمد بن موسى الجريري، حدثنا ابن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر وقال: وقد روي هذا من غير هذا الوجه، بإسناد أصلح من هذا. اهـ.
وقال النسائي في الكبرى (9316): خالفه يونس بن عبيد، رواه عن الحسن ومحمد قوله- يعني-: موقوفا.
قلت: يونس بن عبيد، إمام ثقة. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. اهـ.
وقال النووي في المجموع (1/ 293): حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة. اهـ.
وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1/ 324): بإسناد صحيح. اهـ.
وروى العقيلي في الضعفاء (1868)، قال: حدثناه إبراهيم بن محمد، حدثنا محمد بن موسى الجريري، حدثنا ابن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الترجل إلا غبا. ثم قال العقيلي: وقد روي هذا من غير هذا الوجه، بإسناد أصلح من هذا.
وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (501): ورجاله ثقات، رجال الشيخين، لكن الحسن البصري مدلس، وقد عنعنه في جميع الطرق المشار إليها، لكن له شاهدان يتقوى بهما. الأول: عن ابن عمر مرفوعا به. أخرجه
العقيلي في الضعفاء (398)، عن محمد بن موسى الحريري، حدثنا جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر، وقال: محمد بن موسى لا يتابع عليه، وقد روي هذا من غير هذا الوجه، بإسناد أصلح من هذا. قلت: وكأن العقيلي يشير بذلك، إلى حديث الحسن الذي قبله. والشاهد الآخر هو: كان ينهانا، عن الإرفاه، قلنا: وما الإرفاه؟ قال: الترجل كل يوم. اهـ.
قلت: الحديث اختلف في وصله وإرساله، وفي وقفه على الحسن البصري، ورفعه، ومن أوقفه أثبت، وطريق الموصول فيه عنعنة الحسن البصري، أما حديث ابن عمر، فهو من طريق رجل لا تعرف حاله، ولم يتابع على روايته كما قال العقيلي.
وروى أحمد (23969) قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرني الجريري، عن عبدالله بن بريدة، أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، رحل إلى فضالة بن عبيد، وهو بمصر فقدم عليه، وهو يمد ناقة له، فقال: إني لم آتك زائرا، إنما أتيتك لحديث بلغني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجوت أن يكون عندك منه علم، فرآه شعثا، فقال: ما لي أراك شعثا، وأنت أمير البلد؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا، عن كثير من الإرفاه. ورآه حافيا، فقال: ما لي أراك حافيا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نحتفي أحيانا.
* * *
(36)
ويكتحل في كل عين، وترا ثلاثا، بالإثمد المطيب كل ليلة، قبل أن ينام بفعله عليه السلام. رواه أحمد، وغيره، عن ابن عباس.
أخرجه الترمذي في سننه (1757)، وفي (2048)، وفي الشمائل (49)، وفي (50)، وابن ماجه- الطب- باب من اكتحل وترا- (3499)، وأحمد (1/ 354) برقم (3318)، وفي (1/ 354) برقم (3320)، وعبد بن حميد (573) كلهم من طريق عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اكتحلوا بالإثمد، فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر. وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له مكحلة، يكتحل بها كل ليلة ثلاثة فى هذه، وثلاثة فى هذه.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن مداره على عباد بن منصور الناجي، وهو ضعيف لسوء حفظه وتدليسه. قال الحافظ في طبقات المدلسين (ص 129): ذكره أحمد، والبخاري، والنسائي، والساجي، وغيرهم بالتدليس، عن الضعفاء. اهـ.
وقال ابن حبان: كل ما روي عن عكرمة، سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود، عن عكرمة. اهـ.
وقال الترمذي في علله (327): سألت محمدا ـ يعني البخاري ـ، عن هذا الحديث فقال: هو حديث محفوظ، وعباد بن منصور صدوق. اهـ.
وقال البيهقي في سننه (4/ 261): هذا أصح ما روي في اكتحال النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (4/ 466 - 467): وعباد بن منصور تكلموا في رأيه وروايته. قال علي بن المديني: قلت ليحيى بن سعيد:
عباد بن منصور تغير؟ قال: لا أدري، إلا أنا، حين رأيناه نحن، كان لا يحفظ. وقال ابن معين: ليس بشيء، ضعيف. وقال مرة أخرى: ضعيف، قدري. وقال ابن أبي حاتم: في حديثه، عن عكرمة ضعف. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، يكتب حديثه، ونرى أنه أخذ هذه الأحاديث، عن ابن أبي يحيى، عن داود بن حصين، عن عكرمة. وقال البخاري: روى عن ابن أبي يحيى، عن داود، عن عكرمة أشياء، ربما دلسها فجعلها، عن عكرمة. وقال فيه الساجي: ضعيف يدلس، روى أحاديث مناكير، وكان ينسب إلى القدر. وكذا حكى العقيلي أنه يرى القدر. وقال البستي: كان قدريا داعية إلى القدر، وكل ما روى عن عكرمة، سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن الحصين، فدلسها، عن عكرمة. قلت: وهذه تكفيه إن صحت، فإن إبراهيم بن أبي يحيى هالك، فالتدليس بإسقاطه جرحة إن كان علم بضعفه. وقد أثبت عليه يحيى بن سعيد القدر، مع حسن رأيه فيه بقوله: عباد بن منصور كان ثقة، ليس ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه. وأقل ما يلزم أبا محمد، تبيين أن الحديث المذكور، من روايته، حتى يكون ذلك إحالة على ما قد بين من أمره في موضع آخر ..... وكرر ما أخطأ به من سكوته، عن أحاديث من روايته، ولم يبين ذلك. منها حديث ذكره من طريق الترمذي، عن ابن عباس، قال رسول الله: إن خير ما تدوايتم به، الحجامة، والسعوط، واللدود، والمشي الحديث. اهـ.
وقال ابن كثير في تفسيره (3/ 406): هذا حديث جيد الإسناد، رجاله على شرط مسلم. اهـ.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (4/ 42): قال علي بن المديني: سمعت
يحيي بن سعيد قال: قلت لعباد بن منصور، سمعت ما مررت بملأ من الملائكة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل ثلاثا، فقال: حدثني ابن أبي يحيى، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس. اهـ.
وقال الألباني في ضعيف الترمذي (293): صحيح دون قوله: وزعم .. اهـ. انظر: مختصر الشمائل (42).
* * *
(37)
حديث: أربع من سنن المرسلين: الحناء، والتعطر، والسواك، والنكاح.
رواه أحمد (5/ 421) برقم (23581) قال: حدثنا يزيد، أخبرنا الحجاج بن أرطاة، عن مكحول، وحدثنا محمد بن يزيد، عن حجاج، عن مكحول، قال: قال أبوأيوب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع من سنن المرسلين: التعطر، والنكاح، والسواك، والحياء.
وأخرجه الترمذي (1080) قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا حفص بن غياث، عن الحجاج، عن مكحول، عن أبي الشمال، فذكره.
قال أبو عيسى: حديث أبي أيوب حديث حسن غريب، حدثنا محمود بن خداش البغدادي، حدثنا عباد بن العوام، عن مكحول، عن أبي الشهال، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث حفص. اهـ.
وقال أيضا أبوعيسى: وروى هذا الحديث هشيم، ومحمد بن يزيد الواسطي، وأبومعاوية، وغير واحد، عن الحجاج، عن مكحول، عن أبي أيوب، ولم يذكر، عن أ بي الشهال، وحديث حفص بن غياث، وعباد بن العوام، أصح. اهـ.
قلت: أبا الشمال مجهول، قال أبو زرعة: لا يعرف، إلا بهذا الحديث.
وقال الحافظ في التقريب: مجهول. وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1202): ضعيف. اهـ.
وأيضا في إسناده الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف، كما سبق.
وقال في الإرواء (1/ 116): وهذا سند رجاله ثقات، وله علتان: الأولى:
الانقطاع بين مكحول وأبى أيوب.
الثانية: عنعنة الحجاج بن أرطاة. والجواب، عن الأولى: بأن الترمذى قد وصله فى سننه (1/ 200) من طريق حفص بن غياث، وعباد بن العوام، عن الحجاج، عن مكحول، عن أبى الشمال، عن أبى أيوب به.
وقال: وروى هذا الحديث هشيم، ومحمد بن يزيد الواسطي، وأبو معاوية، وغير واحد، عن الحجاج، عن مكحول، عن أبى أيوب، ولم يذكروا فيه: عن أبى الشمال، وحديث حفص بن غياث، وعباد بن العوام، أصح.
قلت (القائل الألباني): وأبوالشمال، قال أبو زرعة: لا يعرف إلا بهذا الحديث. ولهذا قال الحافظ ابن حجر فيه: مجهول. قلت (القائل الألباني): وعليه فقول الترمذى فى حديثه هذا: حسن، غير حسن. والجواب، عن العلة الأخرى؛ أن الحجاج قد صرح بالتحديث فى روايته عنه، فقال المحاملى فى الأمالى (ج 8 رقم 25 من منسوختى): حدثنا محمود بن خداش، حدثنا عباد بن العوام، ثنا حجاج، حدثنا مكحول به. وهذا سند رجاله كلهم ثقات، وبذلك زالت شبهة تدليسه، وانحصرت العلة فى جهالة أبى الشمال، ولولاها لكان السند صحيحا. انتهى ما نقله وقاله الألباني رحمه الله.
وقال ابن القيم في الهدي، روي في الجامع بالنون والياء، أي الحناء والحياء، وسمعت أبا الحجاج الحافظ يقول: الصواب الختان، وسقطت النون من الحاشية، كذلك رواه المحاملي، عن شيخ الترمذي، كذا في قوت المغتذي. وأورد الخطيب التبريزي هذا الحديث، في المشكاة نقلا، عن الترمذي، هكذا: أربع من سنن المرسلين، الحياء- ويروى الختان- والتعطر إلخ. قال القارئ في المرقاة: قال الطيبي: اختصر المظهر كلام التوربشتي،
وقال في الحياء ثلاث روايات، بالحاء المهملة والياء التحتانية، يعنى به ما يقتضي الحياء من الدين، كستر العورة، والتنزه عما تأباه المروءة، ويذمه الشرع من الفواحش، وغيرها، لا الحياء الجبلي نفسه، فإنه مشترك بين الناس، وإنه خلق غريزي لا يدخل في جملة السنن، وثانيها: الختان، بخاء معجمة وتاء فوقها نقطتان، وهي من سنة الأنبياء، من لدن إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وثالثها: الحناء، بالحاء المهملة والنون المشددة، وهذه الرواية غير صحيحة، ولعلها تصحيف؛ لأنه يحرم على الرجال خضاب اليد، والرجل، تشبها بالنساء، وأما خضاب الشعر به فلم يكن قبل نبينا صلى الله عليه وسلم، فلا يصح إسناده إلى المرسلين. اهـ.
* * *
(38)
ويقول: اللهم كما حسنت خلقي، فحسن خلقي، وحرم وجهي على النار.
رواه أحمد (1/ 402)، وأبو داود الطيالسي (372)، وابن حبان (3/ رقم 959)، وأبو يعلى (518)، و (5075)، وابن سعد (1/ 377)، كلهم من طريق عاصم الأحول، عن عوسجة بن الرماح، عن عبدالله بن أبي الهديل، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم كما أحسنت خلقي، فحسن خلقي.
وقد رواه عن عاصم كل من ثابت أبي زيد، وابن فضيل، ومحاضر أبي المورع، وجرير، وإسماعيل بن زكريا.
قلت: رجاله ثقات، وعوسجة بن الرماح وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 298)، وقال الدارقطني: شبه المجهول، لا يروي عنه غير عاصم، لا يحتج به، لكن يعتبر به. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (5865): مقبول. اهـ.
ولهذا قال العراقي في المغني، عن حمل الأسفار (1/ 603): إسناده جيد. اهـ.
وقال الألباني في الإرواء (1/ 116): وهو كما قال: إلا أن عوسجة، وإن وثقه ابن معين وابن حبان، فقد قال فيه الداقطني: شبه المجهول، لا يروي عنه غير عاصم، لا يحتج به، لكن يعتبر به. قلت- أي الألباني-: ولذلك لم يوثقه الحافظ في التقريب، بل قال فيه: مقبول. فهو شاهد جيد لحديث عائشة. اهـ. وحديث عائشة رواه أحمد (6/ 68 و 155) من طريق إسرائيل، عن
عاصم، عن عبدالله بن الحارث، عن عائشة، أنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم أحسنت خلقي، فأحسن خلقي.
قال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 275): رواته ثقات. اهـ.
وقال الهيثمي في المجمع (10/ 173): رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وصحح الحديث ابن مفلح في الآداب الشرعية (2/ 193).
وقال الألباني في الإرواء (1/ 115): إسناده صحيح. اهـ.
وروى ابن السني في عمل اليوم والليلة (162): أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا الحسين بن أبي السري، ثنا محمد بن الفضل، عن عبدالرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر وجهه في المرآة قال: الحمد لله، اللهم كما حسنت خلقي، فحسن خلقي.
ورواه أبو الشيخ الأصبهاني كما في أخلاق النبي (493): حدثنا محمد بن خلف وكيع، نا الحسن بن السكن القرشي، نا أبان بن سفيان، نا أبو هلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر في المرآة قال: اللهم كما حسنت خلقي، فحسن خلقي.
قال الحافظ فى الفتح (10/ 456): صححه ابن حبان .. اهـ.
وذكر الشيخ الألباني في الإرواء جملة من طرقه ثم قال (1/ 113): وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته أبان هذا. قال الدارقطنى: جزرى متروك. وقد روى من حديث على بن أبى طالب، وعبدالله بن عباس، وأنس بن مالك. أما حديث على: فأخرجه ابن السنى فى عمل اليوم والليلة (رقم 160) من طريق الحسين بن أبى السرى، حدثنا محمد بن الفضيل، عن عبدالرحمن بن
إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن على بن أبى طالب، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا نظر وجهه فى المرآة قال: الحمد لله، اللهم
…
الحديث.
قلت (القائل الألباني): وهذا سنده ضعيف جدا، الحسين هذا هو ابن المتوكل، وهو ضعيف جدا، كذبه أخوه محمد وأبو عروبة الحرانى. وعبدالرحمن بن إسحاق هو أبوشيبة الواسطى، وهو ضعيف. وأما حديث ابن عباس: فأخرجه أبو يعلى فى مسنده (ق 136/ 2)، وعنه ابن السنى (رقم 161)، وأبو الشيخ (184 - 185)، عن عمرو بن الحصين، حدثنا يحيى بن العلاء، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عنه مرفوعا بلفظ: كان إذا نظر فى المرآة قال: الحمد لله الذى حسن خلقى، وخلقى، وزان في ما شان من غيرى. وهذا إسناد واه جدا، فإن عمرو بن الحصين ويحيى بن العلاء كذابان. وعزاه الهيثمى فى المجمع (5/ 171) لأبى يعلى، وفى مكان آخر (10/ 139) للطبرانى، من طريق عمرو بن الحصين وقال: وهو متروك. وغفل، عن شيخه يحيى بن العلاء!. وأما حديث أنس: فأخرجه ابن السنى (رقم 162)، وكذا الطبرانى فى الأوسط، ومن طريقه الخطيب فى الجامع (4/ 90/ 2)، وفى المنتقى منه (ق 19/ 2)، وأبو الشيخ فى الأخلاق (185) من طريق سلمة بن قادم، حدثنا هاشم بن عيسى اليزنى، عن الحارث بن مسلم، عن الزهرى، عن أنس مرفوعا، بلفظ: كان إذا نظر وجهه فى المرآة قال: الحمد لله الذى سوى خلقى فعدله، وكرم صورة وجهى فحسنها، وجعلنى من المسلمين. قلت (القائل الألباني): وهذا سند ضعيف، هاشم هذا قال الهيثمى: لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. انتهى ما نقله وقاله الألباني.
* * *
(39)
عن أبي هريرة مرفوعا: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه. رواه أحمد وغيره.
أخرجه أبو داود- الطهارة- باب في التسمية على الوضوء- (1010)، وابن ماجه- الطهارة- باب ما جاء في التسمية على الوضوء- (399)، وأحمد (2/ 418)، وأبو يعلى (11/ 293 - 6409)، والدارقطني (1/ 79) - الطهارة- باب الحث على التسمية في ابتداء الطهارة- (1، 2)، والحاكم (1/ 146) - الطهارة، والبيهقي (1/ 41، 43) - الطهارة- باب النية في الطهارة الحكمية، وباب التسمية على الوضوء، والبغوي في شرح السنة (1/ 409) - الطهارة- باب التسمية في الوضوء- (209) كلهم من طريق يعقوب بن سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالي عليه.
قلت: يعقوب بن سلمة الليثي المدني، مجهول الحال، من السابعة، كما في التقريب (4546).
قال الحاكم: صحيح الإسناد، فقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة: دينار. اهـ.
قلت: وهم الحاكم رحمه الله، فظن أن يعقوب بن أبي سلمه هو الماجشون، فقال: صحيح الإسناد، فقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة دينار. اهـ
وتعقبه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 266) فقال: إنما هو يعقوب بن سلمة لا ابن أبي سلمة، وهو شيخ قليل الحديث، ما روى عنه من
الثقات سوى محمد بن موسى، وأبوه مجهول، ما روى عنه سوى ابنه. اهـ.
فيظهر أن زيادة أبي، في إسناد الحكم ليست محفوظة.
ولهذا قال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 226): أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق قتيبة وابن أبي فديك، لكنه قال فيهما يعقوب بن أبي سلمة بزيادة أبي، والموجود في سائر روايات هذا الحديث، عن ابن سلمة بحذف أبي. اهـ.
ولهذا أيضا تعقب النووي في المجموع (1/ 344) الحاكم، فقال: أما قول الحاكم أبي عبدالله، في المستدرك على الصحيحين، في حديث أبي هريرة، أنه حديث صحيح الإسناد؛ فليس بصحيح؛ لأنه انقلب عليه إسناده واشتبه، كذا قاله الحفاظ. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 84): رواه الحاكم فقال: يعقوب بن أبي سلمة، وادعى أنه الماجشون. وصححه لذلك، والصواب أنه الليثي. اهـ. ونحو هذا قال في التهذيب (4/ 143).
والحديث حسنه الألباني كما في الإرواء (1/ 122).
قلت: يعقوب بن سلمة الليثي مولاهم، حجازي مجهول الحال، ولا يعرف سماعه من أبيه، وأبوه أيضا مجهول، لا يعرف إلا بهذا الحديث، ولا يعرف له سماع من أبي هريرة.
وقد نقل الترمذي في العلل الكبير (1/ 112)، عن البخاري أنه قال: يعقوب بن سلمة مدني، لا يعرف له سماع من أبيه، ولا يعرف لأبيه سماع من أبي هريرة. اهـ. ونحو هذا قال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 2/ 76).
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 227): وحاصل ما يعلل به هذا
الحديث: الضعف والانقطاع. أما الضعف فيعقوب بن سلمة لا أعرف حاله. وقال الذهبي في الميزان: شيخ ليس بعمدة، وأما أبوه سلمة فلم يعرف حاله المزي ولا الذهبي، وإنما قال في الميزان: لم يرو عنه غير ولده. اهـ.
وللحديث طرق أخرى، عن أبي هريرة منها:
أ- ما رواه الدارقطني (1/ 74)، والبيهقي (1/ 45) من طريق مرداس بن محمد بن عبدالله بن أبي بردة، نا محمد بن أبان، عن أيوب بن عائد الطائي، عن مجاهد، عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه.
وقال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 227): هذا حديث غريب، تفرد به مرداس، وهو من ولد أبي موسى الأشعري، ضعفه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يغرب وينفرد، وبقية رجاله ثقات. اهـ
وقال الذهبي في الميزان (4/ 88): مرادس بن محمد بن عبدالله، عن أبان الواسطي لا أعرفه. وخبره منكر في التسمية في الوضوء. اهـ.
ب- ما رواه الدارقطني (1/ 77)، والبيهقي (1/ 44) كلاهما، من طريق محمود بن محمد أبو يزيد الظفري، ثنا أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه، وما صلى من لم يتوضأ.
قلت: إسناده ضعيف.
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 84): أخرج الدارقطني والبيهقي من طريق محمود بن محمد الظفري، عن أيوب بن النجار، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بلفظ: ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه. وما صلى من لم يتوضأ. ومحمود ليس بالقوي، وأيوب قد سمعه
يحيى بن معين، يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحدا: التقي آدم وموسى. اهـ.
وقال أيضا في نتائج الأفكار (1/ 226): هذا حديث غريب، تفرد به الظفري، ورواته من أيوب فصاعدا مخرج لهم في الصحيح، لكن قال الدارقطني في الظفري: ليس بالقوي، وقال يحيى بن معين: سمعت أيوب بن النجار يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير سوى حديث واحد، وهو حديث: احتج آدم وموسى. فعلى هذا يكون في السند انقطاع، إن لم يكن الظفري دخل عليه إسناد في إسناد. اهـ.
وقال البيهقي (1/ 44): هذا الحديث، لا يعرف من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، إلا من هذا الوجه. وكان أيوب النجار يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحدا: آدم وموسى، ذكره يحيى بن معين. فيما رواه عنه ابن أبي مريم. فكان حديثه هذا منقطعا. اهـ.
جـ- ما رواه الطبراني في الصغير (1/ 73) من طريق عمرو بن أبي سلمة قال: حدثنا إبراهيم بن محمد البصري، عن علي بن ثابت، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة، إذا توضأت فقل: بسم الله والحمد لله؛ فإن حفظتك لا تبرح تكتب لك الحسنات؛ حتى تحدث من ذلك الوضوء، وقال الطبراني عقبه: لم يروه عن علي بن ثابت، أخي عزرة بن ثابت؛ إلا إبراهيم بن محمد، تفرد به عمرو بن أبي سلمة. اهـ. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 220): إسناده حسن. اهـ.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه إبراهيم بن محمد بن ثابت الأنصاري البصري، قال ابن عدي: مدني، روى عنه عمرو بن أبي سلمة وغيره مناكير. اهـ.
وقال الذهبي: ذو مناكير. وضعفه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار. وأيضا عمرو بن أبي سلمة التنيسي. ووثقه ابن يونس، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ. وضعفه أيضا ابن معين، وقال العقيلي: في حديثه وهم. اهـ.
وللحديث طرق أخرى، قال ابن الصلاح: يثبت لمجموعها ما يثبت بالحديث الحسن، وقال الحافظ العراقي في محجة القرب في فصل العرب: هذا حديث حسن. وقال المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 164): ولا شك أن الأحاديث التي وردت في التسمية في الوضوء، وإن كان لا يسلم واحد منها، عن مقال، فإنها تتعاضد بكثرة طرقها، وتكتسب قوة. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: الظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة، تدل على أن له أصلا. اهـ.
فقد أخرج ابن ماجه (400)، والدراقطني (1/ 355)، مقتصرا على الفقرة الثالثة منه، والحاكم (1/ 269)، والبيهقي (2/ 379) من طريق عبد المهيمن ابن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه، عن جده مرفوعا: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا ضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي، ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار.
قال الحاكم (1/ 402): لم يخرج هذا الحديث على شرطهما، فإنهما لم يخرجا عبد المهمين. اهـ.
قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن عبد المهيمن متروك.
ولهذا قال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 449): عبد المهيمن بن عباس استضعفه يحيى، فيما ذكر ابن أبي حاتم، وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ.
ولهذا تعقب الذهبي الحاكم في التلخيص فقال: عبد المهيمن واه. اهـ.
وقال الدارقطني عقبه: عبد المهيمن ليس بالقوي. اهـ. وبه أعله الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 234). قال أحمد: منكر الحديث. اهـ. وقال البخاري: ليس بالقوي. اهـ. وكذا قال النسائي كما في الضعفاء (23).
وضعفه ابن معين، والساجي، والعقيلي. ووثقه ابن حبان، ومشاه ابن عدى والذهبي.
وأبو ابن العباس هذا ضعفه ابن معين، والساجي، وأبو العرب القيرواني، فيما نقله عنه مغلطاي.
وقال الحاكم (1/ 269): لم يخرج هذا الحديث على شرطهما، لأنهما لم يخرجا عبد المهيمن. اهـ.
وقال الذهبي: عبد المهيمن واه. وقال الدارقطني (1/ 355) عقب تخريجه: عبد المهيمن ليس بالقوي.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 86) عن طريق عبد المهيمن: هو ضعيف؛ لكن تابعه أخوه أبي بن عباس، وهو مختلف فيه. اهـ.
ولم ينفرد به، بل تابعه أخوه أبي بن عباس، عن أبيه، عن جده مرفوعا: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولم يذكر الفقرتين الأخريتين.
أخرجه الطبراني في الكبير (6/ رقم 5698)، وفي الدعاء (46/ 2)، ومن طريقه الحافظ في نتائج الأفكار (1/ 234)، وأبو موسى المديني كما في القول البديع (176).
قلت: هذه متابعة لا يفرح بها؛ لأن أبا ابن العباس أيضا ضعيف جدا.
قال الحافظ في النتائج: عبدالمهيمن ضعيف، وأخوه أبي الذي سقته من روايته أقوى منه. وقال الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 160): أبي، مختلف فيه. وقال العلامة الألباني في الضعيفة (2/ 468): فإن أبيا هذا، وقد تفرد بهذا الحديث، مجروح ولم يوثقه أحد، بل كل من عرف كلامه فيه ضعفه، فقال ابن معين: ضعيف. اهـ.
وقال أحمد: منكر الحديث. اهـ. وقال البخاري: ليس بالقوي. اهـ. كذا قال النسائي، وقال العقيلي: له أحاديث لا يتابع على شيء منها. اهـ. وأورده ابن أبي حاتم (1/ 1/ 290)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
ولم يتفرد به، بل تابعه أخوه عبدالمهيمن بن عباس عند ابن منده، كما ذكر الحافظ في الفتح (6/ 44 - 45)، وكأن الذهبي تراجع، عن ذلك حين أورد أبيا هذا في الضعفاء، وقال: ضعفه ابن معين وقال أحمد: منكر الحديث، وقال الحافظ في التقريب: فيه ضعف، ما له في البخاري غير حديث واحد.
ويشهد لقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لا وضوء له.
ما أخرجه مسلم (3/ 102 - 103) بشرح النووي، وأبو عوانة في صحيحه (1/ 234)، والترمذي (1/ 19 - 24) تحفة، وابن ماجه (272)، وابن الجارود في المنتقى (65)، وأحمد (2/ 19 - 2، 39، 51، 73، 73)، والطيالسي (1874)، وابن خزيمة (1/ 8)، والطحاوي في المشكل (4/ 486 - 487)، والسهمي في تاريخ جرجان (296)، والبيهقي (1/ 42)، وأبونعيم في الحلية (7/ 176) من طريق سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد قال: دخل عبدالله بن عمر، على ابن عامر يعوده، وهو مريض، قال: ألا
تدعو لي يا ابن عمر؟!. قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول، وكنت على البصرة. واللفظ لمسلم
وقد رواه عن سماك بن حرب جماعة منهم شعبة، وكان لا يحمل، عن مشايخه إلا صحيح حديثهم كما قال في الفتح (1/ 26).
ويشهد له أيضا ما أخرجه البخاري (1/ 234 - فتح)، ومسلم (3/ 104) من طريق عبد الرزاق، وهو في مصنفه (1/ 139) عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة مرفوعا: لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ.
وروى ابن عدى في الكامل (5/ 243) من طريق عيسى بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء، عن لم يذكر اسم الله عليه.
قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن فيه عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب. قال الدارقطني: متروك. اهـ.
وقال ابن حبان في المجروحين (2/ 121): يروي عن أبيه، عن آبائه أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به، كأنه كان يهم ويخطئ، حتى كان يجيء بالأشياء الموضوعة على أسلافه، فبطل الاحتجاج بما يرويه لما وصفت. اهـ.
ولهذا قال ابن عدي عقب هذا الحديث: وبهذا الإسناد أحاديث، حدثناه ابن مهدي ليست بمستقيمة. اهـ.
وروى ابن ماجه (398)، والترمذي (25)، وفي (26)، وأحمد (4/ 70) برقم (16768)، وعبدالله بن أحمد (4/ 70) برقم (16769) كلهم من طريق أبي ثفال المري، أنه سمع رباح بن عبدالرحمن بن أبي سفيان بن
حويطب، عن جدته، أنها سمعت أباها يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بى، ولا يؤمن بى من لا يحب الأنصار.
وأخرجه أحمد (6/ 382) برقم (27687) قال: حدثنا يونس، حدثنا أبو معشر، عن عبدالرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبدالرحمن بن حويطب، عن جدته، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لم يؤمن بالله من لم يؤمن بى، ولم يؤمن بي من لا يحب الأنصار، ولا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم عليه. ليس فيه سعيد بن زيد.
قال الترمذي: قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب، حديثا له إسناد جيد، وقال محمد بن إسماعيل- البخاري-: أحسن شيء في هذا الباب، حديث رباح بن عبدالرحمن. اهـ.
وقال أيضا الترمذي: رباح بن عبدالرحمن، عن جدته، عن أبيها، وأبوها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبو ثفال المري اسمه: ثمامة بن حصين، ورباح بن عبدالرحمن هو أبو بكر بن حويطب منهم من روى هذا الحديث، فقال: عن أبي بكر بن حويطب فنسبه إلى جده. اهـ.
الحديث ضعيف جدا بهذا اللفظ.
وهذا إسناد ضعيف، فيه ثمامة بن حصين الشاعر أبو ثفال المري. قال البخاري كما في ضعفاء العقيلي (1/ 177): أبوثفال المري، عن رباح بن عبدالرحمن، في حديثه نظر. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 74): وأما أبو ثفال فروى عنه جماعة، وقال البخاري: في حديثه نظر، وهذا عادته فيمن يضعفه. اهـ.
وقال أيضا في التلخيص الحبير (1/ 74): عن ابن القطان قوله: الحديث ضعيف جدا، وعن البزار قوله: الخبر من جهة النقل لا يثبت. اهـ.
وذكر الذهبي ميزان الاعتدال (4/ 508)، عن الأثرم قال: قلت لأبي عبدالله التسمية في الوضوء؟ قال: أحسن ذلك حديث أبى سعيد الخدرى. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 52): سمعت أبي وأبا زرعة، وذكرت لهما حديثا رواه عبدالرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال، قال: سمعت رباح بن عبدالرحمن بن أبي سفيان بن حويطب: قال: أخبرتني جدتي، عن أبيها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله، فقالا: ليس عندنا بذاك الصحيح، أبو ثفال مجهول، ورباح مجهول. قلت: فما روى عبدالرحمن بن حرملة؟ قال: لا يثبت. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 469): رواه أبو داود وابن ماجه، خاليا، عن ذكر الأنصار، رواه أحمد وفيه أبو ثفال المري وهو ضعيف. اهـ.
قلت: ومع أن الحديث لا يثبت بإسناد أبي ثفال المري، عن رباح بن عبدالرحمن بن حويطب، إلا أنه قد اختلف فيه على أبي ثفال المري، فقال الدارقطني في العلل (4/ 433 - 435): هو حديث يرويه أبو ثفال المري، واختلف عنه، فرواه عبدالرحمن بن حرملة الأسلمي، عن أبي ثفال، فاختلف عنه، فقال: وهيب، وبشر بن المفضل، وابن أبي فديك، وسليمان بن بلال، عن أبي حرملة، عن أبي ثفال، عن رباح بن عبدالرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، عن جدته، عن أبيها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبوها هو سعيد بن زيد. وخالفهم حفص بن ميسرة، وأبو معشر نجيح، وإسحاق بن حازم، فرووه، عن أبي حرملة، عن أبي ثفال، عن رباح، عن جدته، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولم يذكروا أباها في الإسناد. ورواه يزيد بن عياض بن جعدبة، والحسن بن أبي جعفر الجفري، وعبد الله بن جعفر بن نجيح المدني، عن أبي ثفال، عن رباح، عن جدته، عن أبيها سعيد بن زيد، كقول وهيب، ومن تابعه، عن أبي حرملة. ورواه الدراوردي: عن أبي ثفال، عن رباح، عن ابن ثوبان، مرسلا، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه حماد بن سلمة، عن صدقة مولى لآل الزبير، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب، مرسلا، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والصحيح قول وهيب، وبشر بن المفضل، ومن تابعهما، قرى على عبدالله بن محمد البغوي، وأنا أسمع. حدثكم سويد بن سعيد، ثنا حفص، عن أبي حرملة، عن أبي ثفال، أنه قال: سمعت رباح بن عبدالرحمن بن حويطب، يقول: حدثتني جدتي، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار. اهـ.
وصح الحديث من حديث أبي هريرة مرفوعا: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.
وأخرجه أحمد (2/ 418)، وأبو داود (1/ 16)، وابن ماجه (399)، والدارقطني (ص 29)، والحاكم (1/ 146)، والبيهقي (1/ 34)، عن يعتوب بن سلمة، عن أبيه، عن أبى هريرة فذكره.
وصححه العلامة الألباني في إرواء الغليل (1/ 122) فقال: وصححه الحاكم، وردوه عليه؛ لأن يعقوب بن سلمة وأباه مجهولان، كما قد بينته في صحيح سنن أبي داود (رقم 90). وذكرت له فيه آخرين، عن أبي هريرة، وبينت من خرجهما وما فيهما من الكلام، وأشرت إلى أن له شواهد كثيرة،
وأن النفس تطمئن لثبوت الحديث من أجلها. وقد قواه الحافظ المنذري والعسقلاني، وحسنه ابن الصلاح وابن كثير. وأزيد هنا فأقول: إن الدولابي أخرج الحديث، من أحد الطريقين المشار إليهما في كتابه، الكنى وقال (1/ 120): إن البخاري قال: إنه أحسن شيء في هذا الباب. وقال الحافظ العراقي في محجة القرب في فضل العرب (ص 27 - 28): هذا حديث حسن. اهـ.
* * *
باب: فروض الوضوء وصفته
(40)
وقوله صلى الله عليه وسلم: الأذنان من الرأس. رواه ابن ماجه.
أخرجه أبو داود (134)، وابن ماجه (444)، والترمذي (37)، وأحمد (5/ 258) برقم (22576)، وفي (5/ 264) برقم (22638)، وفي (5/ 268) برقم (22666) كلهم من طريق حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، أبي ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الأذنان من الرأس، وكان يمسح رأسه مرة، وكان يمسح المأقين.
وفي رواية: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم، فغسل وجهه ثلاثا، ويديه ثلاثا، ومسح برأسه، وقال: الأذنان من الرأس.
قال سليمان بن حرب: يقولها أبو أمامة. وقال قتيبة ويونس: قال حماد: لا أدرى هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، أو من قول أبى أمامة- يعنى قصة الأذنين .. اهـ.
قلت: في إسناده ضعف، لأن فيه سنان بن ربيعة، وشهر بن حوشب، وقد تكلم فيهما. والمشهور فيه الوقف. قال الترمذي: هذا حديث حسن، ليس إسناده بذاك القائم. وقال أبو داود: قال قتيبة: عن سنان أبى ربيعة. اهـ.
وقال أيضا أبو داود: وهو ابن ربيعة، كنيته أبو ربيعة. اهـ.
وقال الدارقطني في السنن: شهر بن حوشب ليس بالقوي، وقد وقفه سليمان بن حرب، عن حماد، وهو ثقة ثبت. اهـ.
وقال أيضا: حدثنا دعلج بن أحمد، قال: سألت موسى بن هارون، عن هذا الحديث، قال: ليس بشيء، فيه شهر بن حوشب، وشهر ضعيف،
والحديث في رفعه شك، وقال بن أبي حاتم: قال أبي سنان بن ربيعة، أبو ربيعة مضطرب الحديث. اهـ.
وقال السيوطي في الجامع الصغير (1/ 858): وإسناده ليس بالقائم. اهـ.
وقال ابن الجوزي في التحقيق (1/ 152): فإذا قال الخصم في هذا الحديث سنان وشهر، فأما سنان فقال أبو حاتم الرازي: هو مضطرب الحديث، وأما شهر فقال ابن عدي: ليس بالقوي ولا يحتج بحديثه. وقال الدارقطني: قال سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، إن قوله: الأذنان من الرأس من قول أبي أمامة غير مرفوع، وهو الصواب. فالجواب أما شهر فقد وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وأما سنان فإنما قال فيه يحيى: ليس بالقوي، والاضطراب في الحديث لا يمنع الثقة، وجواب قول من قال: هو قول أبي أمامة، أن نقول الراوي قد يرفع الشيء، وقد يفتي به. اهـ.
وقال الحافظ في التلخيص (1/ 283): قد بينت أنه مدرج في كتابي في ذلك. اهـ.
وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (1/ 66): قد اختلف فيه على حماد، فوقفه ابن حرب عنه، ورفعه أبوالربيع، واختلف أيضا على مسدد، عن حماد، فروي عنه الرفع، وروي عنه الوقف، وإذا رفع أحد حديثا ووقفه آخر، أو فعلهما شخص واحد في وقتين، يرجع في وقتين، يرجح الرافع، لأنه أتى بزيادة، ويجوز أن يسمع الإنسان حديثا فيوقفه في وقت، ويرفعه في وقت آخر، وهذا أولى من تغليط الرافع. اهـ.
وقال ابن عبدالهادي في المحرر (1/ 105): الصواب أن قوله: الأذنان من الرأس موقوف على أبي أمامة. اهـ.
وقال الذهبي في تنقيح كتاب التحقيق (1/ 50): فيه سنان، ليس بحجة كشهر. وقيل: الأصح وقفه. اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 81): وقال ابن دقيق العيد في الإمام: وهذا الحديث معلول بوجهين: أحدهما: الكلام في شهر بن حوشب. والثاني: الشك في رفعه، ولكن شهر وثقه أحمد. ويحيى. والعجلي. ويعقوب بن شيبة. وسنان بن ربيعة أخرج له البخاري، وهو وإن كان قد لين، فقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقال ابن معين: ليس بالقوي، فالحديث عندنا حسن، والله أعلم. اهـ.
وقال الشيخ الألباني: صحيح .. اهـ. انظر حديث (رقم: 2765) في صحيح الجامع.
وروى أبو نعيم في الحلية (8/ 281)، في ترجمة سالم الخواص (408) من طريق الربيع بن بدر، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تمضمضوا، واستنشقوا، والأذن من الرأس.
قلت: إسناده ضعيف. لأن فيه الربيع بن بدر بن عمرو بن جراد التميمي السعدي قال ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وقال مرة: ضعيف. اهـ. وقال البخاري: ضعفه قتيبة. اهـ. وقال أبو داود: ضعيف. اهـ. وقال النسائي، ويعقوب بن سفيان، وابن خراش: متروك. اهـ. ولهذا قال أبو نعيم عقبه: غريب من حديث ابن جريج في المضمضة والاستنشاق. لا أعلم رواه عنه إلا الربيع. اهـ.
* * *
(41)
النبي رتب الوضوء وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به.
أخرجه ابن ماجه (419) قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، حدثني مرحوم بن عبد العزيز العطار، حدثني عبد الرحيم بن زيد العمى، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة واحدة. فقال: هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به، ثم توضأ ثنتين ثنتين. فقال: هذا وضوء القدر من الوضوء. وتوضأ ثلاثا ثلاثا. وقال: هذا أسبغ الوضوء. وهو وضوئي ووضوء خليل الله إبراهيم. ومن توضأ هكذا ثم، حدثنا عند فراغه، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتح له ثمانية أبوب الجنة يدخل من أيها شاء.
قلت: الحديث ضعيف؛ لأن مداره على زيد العمى، وهو ضعيف لا يحتج به، - وهو في حديث أيوب من طريق زيد بن الحواري وهو العمي- وقد روي من أوجه كلها ضعيفة، منها طريق المسيب بن واضح، عن حفص بن ميسرة، والمسيب مع ضعفه تفرد به.
قال البوصيري في الزوائد: في الإسناد زيد العمى وهو ضعيف. وعبدالرحيم متروك بل كذاب. ومعاوية بن قرة لم يلق ابن عمر. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 211): وأما حديث أبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء، فتوضأ مرة مرة، وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به، ففيه بيان الفعل والقول معا، لكنه حديث ضعيف، أخرجه بن ماجه، وله طرق أخرى كلها ضعيفة. اهـ.
وقال الألباني في الإرواء (1/ 125): لا أعلم له أصلا بذكر الترتيب فيه،
إلا ما سيأتى من رواية ابن السكن، عن أنس. والمعروف حديث ابن عمر قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة ثم قال: فذكره. رواه ابن ماجه (رقم 419)، والدارقطنى (30)، والبيهقى (1/ 80)، وكذا أحمد (رقم 5735)، وأبو يعلى (267/ 2) من طرق واهية، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة عنه، وزيد هذا ضعيف كما فى التقريب، وقال فى التلخيص (30): إنه متروك. وله طريق أخرى عند الدارقطنى والبيهقى من طريق المسيب بن واضح، حدثنا حفص بن ميسرة، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر به. وقالا: تفرد به المسيب وهو ضعيف. اهـ.
وسئل الدارقطني في العلل (3124): عن حديث معاوية بن قرة، عن ابن عمر: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة، فقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به. ثم توضأ مرتين مرتين، فقال: من توضأ به ضاعف الله له الأجر مرتين. ثم توضأ ثلاثا ثلاثا فقال: هذا وضوئي ووضوء النبيين من قبلي. فقال: يرويه زيد العمي، وقد اختلف عنه؛ فرواه سلام بن سالم الطويل، وعبد الرحيم بن زيد العمي، ومحمد بن الفضل بن عطية، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر. ورواه أبوإسرائيل الملائي، عن زيد العمي، عن نافع، عن ابن عمر، ووهم فيه. والصواب قول من قال: عن معاوية بن قرة. وقال مرحوم بن عبد العزيز العطار: عن عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة مرسلا. ورواه عبدالله بن عرادة، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن عبيد بن عمير، عن أبي بن كعب. ولم يتابع عليه. اهـ.
وضعف الحديث جماعة من العلماء، منهم: أبو حاتم، وأبو زرعة، والبيهقي، وابن الجوزي، وابن الصلاح، والمنذري، والنووي، وابن حجر.
انظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (1/ 45)، ونصب الراية (1/ 28)، والتلخيص الحبير (1/ 57)، وفتح الباري (1/ 233).
* * *
(42)
أنه: رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء. رواه أحمد.
رواه أبو داود- الطهارة- باب تفريق الوضوء- (175)، قال: حدثنا حيوة بن شريح، ثنا بقية، عن بجير- هو ابن سعد- عن خالد، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة، قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة.
ورواه البيهقي (1/ 83) من طريق أبي داود به.
قلت: رجاله ثقات غير بقية بن الوليد الحمص، صدوق كثير التدليس، قال النسائي: إذا قال: حدثنا أو أخبرنا فهو ثقة. وإذا قال، عن فلان. فلا يؤخذ عنه؛ لأنه لا يدري عمن أخذه. اهـ.
وقد صرح بقية بالتحديث كما عند أحمد (3/ 424)، فقال: ثنا إبراهيم بن أبي العباس، ثنا بقية، ثنا بجير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء.
ومع هذا فقد أعله المنذري في مختصر السنن (1/ 128) ببقية، وقال: في إسناده بقية وفيه مقال. اهـ.
ونقل هذا ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 11): وتعقبه فقال في المستدرك: من طريق بقية، حدثنا بجير. فعلى هذا يسلم من تهمة التدليس من بقية، في روايته، عن بجير. اهـ.
لكن أيضا أعل البيهقي الحديث بالإرسال، فقال في السنن (1/ 83): كذا
في هذا الحديث، وهو مرسل. وروى في حديث موصول. اهـ.
وتعقبه ابن دقيق العيد، فقد نقل الزيلعي في نصب الراية (1/ 35 - 36) عنه، أنه قال في الإمام: عدم ذكر اسم الصحابي لا يجعل الحديث مرسلا. فقد قال الأثرم: سألت أحمد ابن حنبل، عن هذا الحديث. فقال: إسناده جيد. قلت له: إذا قال التابعي: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه، أيكون الحديث صحيحا؟ قال: نعم. اهـ.
ونقله عنه ابن دقيق العيد في الإمام، والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 167)، ونحوه نقل ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 130).
ونقل الشيخ محمد بن عبدالوهاب (8/ 82)(178) عن الأثرم أنه قال: قلت لأحمد: هذا إسناد جيد؟ قال: جيد. اهـ.
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 184)، لما ذكر حديث خالد بن معدان: حديث عمر بن الخطاب، وأنس بن مالك، أصح إسنادا وأجل. لأن في حديث خالد بقية بن الوليد، وقد تكلم فيه ولا يحتج به. اهـ.
وتعقبه ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (2/ 595) فقال: لم يعرض له بالإرسال. اهـ.
وروى ابن ماجه (663)، وأحمد (1/ 243) كلاهما، من طريق أبي علي الرحبي، عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من جنابة، فرأى لمعة لم يصبها الماء. فقال: بجمته فبلها عليها. قال إسحاق في حديثه: فعصر شعره عليها.
قلت: في إسناده أبو علي الرحبي. قال البوصيري في تعليقه على زوائد ابن
ماجه: أجمعوا على ضعفه. اهـ.
وقال النووي في الخلاصة (1/ 198): حديث ضعيف. اهـ.
ورواه أبو داود في المراسيل (7)، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا حماد، عن إسحاق ابن سويد، عن العلاء بن زياد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اغتسل فرأى لمعة على منكبه لم يصبها الماء، فأخذ خصلة من شعر رأسه، فعصرها على منكبه، ثم مسح يده على ذلك المكان.
قلت: إسناده مرسل ورجاله ثقات.
ونحوه، عن علي عند ابن ماجه (664)، وهو ضعيف.
وأخرجه مسلم (1/ 148) برقم (497)، وابن ماجة (666)، وأحمد (1/ 21) برقم (134)، وفي (1/ 23) برقم (153) كلهم من طريق أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: أخبرني عمر بن الخطاب؛ أن رجلا توضأ، فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ارجع فأحسن وضوءك، فرجع، ثم صلى.
- وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا توضأ لصلاة الظهر، فترك موضع ظفر على ظهر قدمه، فأبصره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ارجع فأحسن وضوءك، فرجع فتوضأ، ثم صلى.
- وفي رواية: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا توضأ، فترك موضع الظفر على قدمه، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، قال: فرجع.
وأخرجه أبوداود عقب (173) تعليقا: وقد روي عن معقل بن عبيدالله الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. نحوه، قال: ارجع فأحسن وضوءك.
(43)
الحديث: إنما الأعمال بالنيات.
أخرجه البخاري (1/ 2)(1)، ومسلم (6/ 48)(4962)، وأبو داود (2201)، وابن ماجه (4227)، والترمذي (1647)، والنسائي (1/ 58)، وفي الكبرى (78)، وابن خزيمة (142 و 455)، كلهم من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يخبر بذلك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.
* * *
(44)
ثم يرفع نظره إلى السماء بعد فراغه ويقول ما ورد ومنه: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
رواه مسلم (1/ 209)، والترمذي (55)، والنسائي (1/ 93)، وأبو داود (169)، والبيهقي (1/ 78)، كلهم من طريق زيد بن الحباب، عن معاوية بن أبي صالح، عن ربيعة- يعني ابن زيد- عن أبي إدريس الخولاني، عن عقبة بن عامر، قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي، فروحتها بعشي، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يحدث الناس. فأدركت من قوله: ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوء. ثم يتوضأ فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه. إلا وجبت له الجنة. قال: فقلت: ما أجود هذه، فإذا قائل بين يدي يقول: التي قبلها أجود، فنظرت فإذا عمر قال: إني قد رأيتك جئت أنفا قال: ما منكم من أحد يتوضأ، فبلغ أو فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء. هذا اللفظ لمسلم. وقريبا منه لفظ البيهقي.
ولفظ النسائي: من توضأ فأحسن الوضوء. ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فتحت له ثمانية أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء.
ورواه الترمذي (55) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي، ثنا زيد بن حباب، عن معاوية به، بلفظ: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فتحت له أبواب الجنة يدخل
من أيها شاء.
قلت: رحاله ثقات.
وقد وردت هذه الزيادة من حديث ثوبان كما سيأتي.
ورواه مسلم (1/ 209)، وأحمد (4/ 153) كلاهما، من طريق أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عقبة بن عامر. فذكر نحوه.
ومثله ما رواه أبو داود (169) من طريق ابن وهب، قال: سمعت معاوية- يعني بن صالح- يحدث، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عقبة بن عامر بنحوه.
ولما ذكر ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 112) طريق الترمذي، الذي رواه من طريق معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني، وأبي عثمان، كلاهما، عن عمر بن الخطاب به. قال ابن كثير: قال الترمذي: في إسناده اضطراب. قال البخاري: أبو إدريس لم يسمع من عمر شيئا. اهـ. ثم قال ابن كثير: الظاهر أنه قد سقط على بعض الرواة عقبة بن عامر؛ فقد تقدم من رواية مسلم ذكر عقبة بينهما، والله أعلم. أ. هـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 65): قال الترمذي في كتاب العلل: سألت محمدا عنه فقال: هذا خطأ، إنما هو معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة، عن عمر. ومعاوية، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر رضي الله عنه. قال: وليس لأبي إدريس سماع من عمر. قلت: من أبو عثمان هذا؟ قال شيخ لم أعرف اسمه. اهـ.
ثم قال ابن دقيق العيد: وقد نص الترمذي في جامعه، على أن أبا إدريس لم يسمع من عمر رضي الله عنه والقول بأن أبا عثمان لم يسمعه من عمر، هو لأجل إدخال
جبير بن نفير بينهما. ثم قال أيضا ابن دقيق العيد: لمن صححه أن يجعل رواية أبي إدريس وأبي عثمان، عن عمر مرسلة؛ ويأخذ بالزيادات في إثبات عقبة بن عامر بين أبي إدريس وعمر، وإثبات جبير بن نفير بين أبي عثمان وعمر، فإن الأخذ بالزائد أولى. ولما أخرجه ابن منده قال: هذا حديث مشهور من طرق، عن عقبه بن عامر، وعن عمر بن الخطاب. أخرجه مسلم بن الحجاج، وهو على رسم أبي داود. وأبي عبدالرحمن النسائي. ولم يخرج البخاري هذا الحديث من حديث عقبة، وفيه زيادات. اهـ.
ورواه أيضا أبو داود (170)، قال: ثنا الحسين بن عيسى، ثنا عبدالله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شريح، عن أبي عقيل، عن ابن عمه، عن عقبة بن عامر الجهني بنحوه.
وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأحسن الوضوء. ثم رفع بصره إلي السماء فقال:
…
فذكره.
قال ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 111): أخرجه أبو داود، والنسائي، من حديث حيوة بن شريح، عن زهرة بن معبد به، وقال علي بن المديني: هذا حديث حسن. اهـ.
ورواه أحمد (4/ 150 - 151)، قال: ثنا عبدالله بن يزيد، عن سعيد بن أبي أيوب، حدثني زهرة بن معبد أبي عقيل، عن ابن عم له أخي أبيه، أنه سمع عقبة بن عامر، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فأحسن الوضوء، ثم رفع نظره إلى السماء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يدخل من أيها شاء.
قلت: ابن عمه لم يسمه، كما قال الحافظ ابن حجر في التهذيب
(3/ 295): فهو مجهول.
ولهذا قال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 66): في إسناده رجل مجهول. اهـ.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 135): هذه الزيادة منكرة؛ لأنه تفرد بها ابن عم أبي عقيل هذا، وهو مجهول. اهـ.
وقال الترمذي: وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء. اهـ.
وتعقبه الحافظ ابن حجر (1/ 112)، وقال: لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض، والزيادة التي عنده- أي الترمذي- رواها البزار والطبراني في الأوسط، من طريق ثوبان، ولفظه: من دعا بوضوء فتوضأ، فساعة فرغ من وضوئه، يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، اللهم اجعلني من التوابين. واجعلني من المتطهرين. اهـ.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 135): وأعله الترمذي بالاضطراب، وليس بشيء فإنه اضطراب مرجوح. اهـ.
وروى ابن ماجه (469) من طريق أبي سليمان النخعي، قال: حدثني زيد العمى، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال: ثلاث مرات، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فتح له ثمانية أبواب الجنة، من أيها شاء دخل.
وأخرجه أحمد (3/ 265) برقم (13828)، وابن ماجه (469) كلاهما من طريق عمرو بن عبدالله بن وهب، أبي سليمان النخعي، قال: حدثني زيد العمي، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من توضأ فأحسن الوضوء،
ثم قال ثلاث مرات: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، فتحت له من الجنة ثمانية أبواب، من أيها شاء دخل.
ورواه عن عمرو بن عبدالله بن وهب كل من زائدة، والحسين، وزيد بن الحباب، وأبو نعيم.
قال أبو الحسن بن سلمة القطان، راوي السنن، عن ابن ماجه: حدثنا إبراهيم بن نصر، حدثنا أبو نعيم، بنحوه.
قلت: في إسناده زيد بن الحواري العمى البصري، ضعيف، قال أبو زرعة: ليس بقوي. واهي الحديث ضعيف. اهـ. وقال أبو داود: حدثه عنه شعبة وليس بذاك .... اهـ. وقال الدارقطني: ضعيف. اهـ. وضعفه أيضا ابن المديني، وابن سعد، وابن عدي.
وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 384): هذا حديث إسناده ضعيف، لضعف رواته زيد العمي المتقدم الذكر. فالأكثر على تضعيفه، قال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن حبان: يروي عن أنس أشياء موضوعة، لا يجوز الاحتجاج بخبره. وقال أبو زرعة: واهي الحديث. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 288): في إسناده: زيد العمي، وقد تقدم أقوال الأئمة فيه في الباب، يعنى بتضعيفه. اهـ.
وقال البوصيرى في مصباح الزجاجة (191): هذا إسناد فيه زيد العمي: وهو ضعيف. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 67): أخرجه المستغفري في الدعوات. وقال: هذا حديث حسن. وزيد العمي هو: زيد بن الحواري العمى البصري. اهـ.
وقال النووي في المجموع (1/ 457)، وفي الخلاصة (2/ 663): رواه أحمد وابن ماجه بإسناد ضعيف .. اهـ. ونحوه قال في الأذكار (ص 23)، وضعفه الألباني كما في ضعيف ابن ماجه رقم (105).
* * *
(45)
حديث: إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.
رواه مسلم (2/ 975)، وأحمد (2/ 508)، والنسائي (5/ 110)، والبيهقي (4/ 326)، والدارقطني (2/ 281) كلهم، من طريق الربيع بن مسلم القرشي، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس: قد فرض الله عليكم الحج فحجوا. فقال رجل أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت: نعم لوجبت ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم، عن شيء فدعوه.
ورواه البخاري (6858)، قال: حدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم، عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم.
* * *
باب مسح الخفين
(46)
حديث علي يرفعه: للمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وللمقيم يوم وليلة. رواه مسلم.
أخرجه مسلم (1/ 232) - الطهارة (85)، والنسائي (1/ 84) - الطهارة- باب التوقيت في المسح على الخفين للمقيم- (128)، وابن ماجه- الطهارة- باب ما جاء في التوقيت في المسح- (552)، وأحمد (1/ 96، 10، 113، 12، 133، 146، 149)، والحميدي (1/ 25 - 46)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 81) - الطهارة- باب المسح على الخفين، وأبو نعيم في الحلية (6/ 83)، والبيهقي (1/ 272) - الطهارة- باب الرخصة في المسح على الخفين، (1/ 277) - الطهارة- باب التوقيت في المسح على الخفين، والبغوي في شرح السنة (1/ 461) - الطهارة- باب التوقيت في المسح- (238) - كلهم من طريق القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ الحارثي، قال: أتيت عائشة أسألها، عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بأبي طالب فسله؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه. فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوم وليلة للمقيم.
قال الطحاوي (1/ 81): يعني المسح. اهـ.
وذكر الدارقطني في العلل (3/ رقم 379): الخلاف في رفعه ووقفه.
وروى الطبراني في الكبير (2/ رقم 2399)، وفي الأوسط مجمع البحرين (1/ 372) من طريق عبد الحميد بن جعفر، قال: سمعت أيوب بن جرير بن
عبدالله البجلي، يحدث، عن أبيه، عن جده جرير، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن المسح على الخفين. فقال: ثلاثة أيام للمسافر، ويوم وليلة للمقيم.
قلت: أيوب بن جرير بن عبدالله البجلي، ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 243)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
ولهذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 259): رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وأيوب بن خريم- صوابه جرير- لم أجد من ترجمه غير ابن أبي حاتم، ولم يجرح ولم يوثق. اهـ.
وروي بإسناد أقوى من هذا، فقد رواه الطبراني في الأوسط (4315)، قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني عبدالله بن أبان، قال: نا عبيدة بن الأسود، عن القاسم بن الوليد، عن طلحة بن مصرف، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن جرير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: للمسافر ثلاث، وللمقيم يوم، في المسح على الخفين.
وذكر ابن أبي حاتم في العلل (156): الاختلاف في إسناده.
وروى أبو داود (157)، وأحمد (1/ 213)، وابن الجارود في المنتقي (386)، وأبو داود الطيالسي (1219)، كلهم من طريق الحكم وحماد، عن إبراهيم، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة.
وقد اختلف في إسناده، فقد رواه ابن ماجه (553)، وعبد الرزاق (1/ 203) من طريق سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة، بلفظ: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثا. ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسا. وفيه ذكر عمرو بن ميمون.
ورواه الترمذي (95)، والبيهقي (1/ 277) كلاهما، من طريق أبي عوانة، عن سعيد بن مسروق، عن إبراهيم به بنحوه.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 81) قال: حدثنا يونس، ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم اليتمي به.
ورواه أبو داود الطيالسي (1218) من طريق سلام، عن منصور، عن إبراهيم التيمي، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بنحوه.
ورواه ابن ماجه (554)، وأحمد (5/ 213)، والبيهقي (1/ 277 - 278) كلهم، من طريق سلمة بن كهيل، قال: سمعت إبراهيم التيمي، يحدث، عن الحارث بن سويد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت بنحوه.
قال البيهقي: فأدخل بين عمرو بن ميمون، وبين إبراهيم التيمي، الحارث بن سويد، وترك بين عمرو بن ميمون، وبين خزيمة بن ثابت، أبا عبدالله الجدلي. ولم يذكر. ولو استزدته لزادنا. اهـ.
قال الترمذي (1/ 106): ذكر، عن يحيى بن معين، أنه صحح حديث خزيمة بن ثابت في المسح. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ.
قلت: وقد ضعفه البخاري، فقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 173): سألت محمد بن إسماعيل، عن هذا الحديث. فقال: لا يصح عندي. حديث خزيمة بن ثابت في المسح لأنه. لا يعرف لأبي عبدالله الجدلي سماع من خزيمة بن ثابت، وكان شعبة يقول: لم يسمع إبراهيم النخعي من عبدالله الجدلي حديث المسح. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (31): سألت أبي وأبا زرعة، عن حديث رواه سعيد بن مسروق، وسلمة بن كهيل، ومنصور بن المعتمر، والحسن بن
عبيدالله، كلهم روى عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في المسح على الخفين. ورواه الحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، وأبو معشر، وشعيب بن الحبحاب، والحارث العكلي، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يقولون عمرو بن ميمون. قال أبو زرعة-: الصحيح من حديث
…
، عن خزيمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والصحيح من حديث النخعي، عن أبي عبدالله الجدلي بلا عمرو بن ميمون. قال: أبي، عن منصور مختلف، جرير الضبي وأبوعبدالصمد يحدثان به. يقولان، عن ابن التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة. وأبو الأحوص يحدث به. لا يقول فيه. عمرو بن ميمون. اهـ.
وقال النووي من المجموع (1/ 485): الجواب، عن حديث خزيمة أنه ضعيف بالاتفاق. وضعفه من وجهين. أحدهما: أنه مضطرب، والثاني: أنه منقطع. قال شعبة: لم يسمع إبراهيم من أبي عبدالله الجدلي. قال البخاري: ولا يعرف للجدلي سماع من خزيمة. اهـ.
وتعقب الحافظ ابن حجر النووي، فقال في التلخيص الحبير (1/ 170): وادعى النووي في شرح المهذب الاتفاق على ضعف هذا الحديث، وتصحيح ابن حبان له يرد عليه. مع نقل الترمذي، عن ابن معين أنه صحيح. اهـ.
وقال النووي في المجموع (1/ 485): ولو صح لم تكن فيه دلالة. لأنه ظن أن لو استزاده لزاده. والأحكام لا تثبت بهذا. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 180 - 187): والذي اعتل به في هذا
الحديث علل: العلة الأولى: الاختلاف في الإسناد
…
، العلة الثانية: الانقطاع .. اهـ.
وروى ابن ماجه (556)، وابن خزيمة (1/ 96)، والدارقطني (1/ 204)، وابن الجارود في المنتقي (87)، والشافعي في الأم (1/ 32)، والبغوي في شرح السنة (1/ 460)، والبيهقي (1/ 281) كلهم، من طريق عبد الوهاب بن عبدالمجيد الثقفي، قال: حدثني المهاجر أبو مخلد، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رخص للمسافر، إذا توضأ ولبس خفيه، ثم أحدث وضوءا، أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة. هذا لفظ ابن ماجه.
وعند الدارقطني وغيره، بلفظ: رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما.
قلت: في إسناده المهاجر بن مخلد، أبومخلد اختلف فيه، قال ابن معين: صالح. اهـ. وقال أبوحاتم: لين الحديث، ليس بذاك. وليس بالمتقن، يكتب حديثه. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الساجي: صدوق معروف. اهـ. فيظهر أنه لا بأس به.
وقد حسن الحديث البخاري. قال الترمذي في العلل الكبير (1/ 175): سألت محمد؛ فقلت: أي الحديث عندك أصح في التوقيت في المسح على الخفين؟ قال: صفوان بن عسال وحديث أبي بكرة حسن. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 166): وصححه الخطابي أيضا، ونقل البيهقي أن الشافعي صححه في سنن حرملة. اهـ.
وروى الدارقطني (1/ 194)، وابن خزيمة (1/ 96)، وابن ماجه (556)،
والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 82)، والبيهقي (1/ 276)، والشافعي في المسند (1/ 42 رقم 123)، وابن حبان (4/ 153)، وفي الموارد (184)، والبغوي في شرح السنة (1/ 460)، وابن خزيمة (1/ 96)، وابن الجارود في المنتقى (87) كلهم، من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن المهاجر أبو مخلد مولى البكرات، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما.
قلت: مهاجر بن مخلد، قال أبو حاتم عنه: لين الحديث، ليس بذاك. وليس بالمتين، شيخ يكتب حديثه. اهـ. وقال ابن معين عنه: صالح، وقال أبو حاتم: لين الحديث، ليس بذاك، ليس بالمتقن، يكتب حديثه. اهـ. وقال العجلي عنه: بصري ثقة. اهـ. وقال الساجي عنه: هو صدوق معروف. اهـ. ووثقه ابن حبان، وذكره ابن شاهين في الثقات، وكذا ابن حبان.
لكن لم ينفرد مهاجر بالحديث، بل توبع فقد تابعه خالد الحذاء، كما هو عند البيهقي (1/ 276) من طريق زيد الحباب، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة به.
وقد تردد البيهقي في هذه المتابعة فقال (1/ 276): هذا الحديث رواه جماعة، عن عبد الوهاب الثقفي، عن المهاجر أبي مخلد، ورواه زيد بن الحباب عنه، عن خالد الحذاء، فإما أن يكون غلطا منه أو من الحسن بن علي، الراوي عن زيد. وإما أن يكون عبد الوهاب، رواه على الوجهين جميعا، ورواية الجماعة أولى أن تكون محفوظة. اهـ.
وجزم الدارقطني أن هذه المتابعة وهم، فقد سئل في العلل (7/ رقم
1266)، عن هذا الحديث، فقال: رواه مهاجر بن مخلد مولى آل أبي بكرة، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، حدث به وهيب بن خالد، وعبدالوهاب الثقفي. وأختلف، عن عبد الوهاب. فرواه عنه عثمان بن عبد الوهاب بن عبدالمجيد، ومسدد، وبندار، وأبو الأشعث، فقالوا: عن مهاجر، عن ابن أبي بكرة، عن أبيه. وخالفهم زيد بن الحباب. فرواه عن عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن ابن أبي بكرة، عن أبيه، ووهم فيه والصحيح حديث مهاجر .... اهـ.
وقد صحح البغوي الحديث، فقال في شرح السنة (1/ 460): هذا حديث صحيح. اهـ.
وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 175): سألت محمد- يعني البخاري- أي حديث أصح عندك، في التوقيت في المسح على الخفين؟ فقال: حديث صفوان بن عسال، وحديث أبي بكرة حديث حسن. اهـ.
وصححه أيضا ابن خزيمة وابن حبان.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 166): وصححه الخطابي أيضا، ونقل، عن البيهقي أن الشافعي صححه في سنن حرملة. اهـ.
وقال النووي في المجموع (1/ 484): حديث حسن. اهـ.
وروى الطبراني في الكبير (2/ رقم 1174)، وفي الأوسط (5788)، قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، قال: ثنا موسى بن الحسن السلولي، ثنا الصبي بن الأشعث، عن أبي إسحاق، عن البراء، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن. وللمقيم يوم وليلة، في المسح على الخفين.
قلت: الصبي بن الأشعث السلولي. قال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه.
اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات. وذكر له ابن عدي في الكامل أحاديث، ثم قال: ذكرته لما أنكر في روايته مما لا يتابع عليه. اهـ. وقال الذهبي في الميزان: له مناكير. وفيه ضعف محتمل. اهـ.
ولهذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 259): رواه الطبراني في الكبير والأوسط. وفيه الصبي بن الأشعث له مناكير. اهـ.
وفيه أيضا موسى بن الحسين السلولي، لم أجد له ترجمة.
وروى الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 84)، قال: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن موسى بن سلمة،
قال: سألت ابن عباس رضي الله عنه عن المسح على الخفين. قال: للمسافر ثلاثة
أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة. ورواه أيضا من طريق أبي الوليد، ثنا شعبة به.
ورواه الحارث كما في المطالب (98)، قال: ثنا سليمان بن حرب، ثنا شعبة. ورواه ابن المنكدر في الأوسط (1/ 431) من طريق أبي عمر، ثنا شعبة به.
قلت: رجالة ثقات. وإسناده ظاهره الصحة.
ورواه البيهقي (1/ 277) من طريق خلف بن موسى بن خلف العمي، عن أبيه، عن قتادة به.
قلت: خلفا، وأبيه، متكلم فيهما لسوء حفظهما.
ورواه عبدالرزاق (1/ 208)، وابن أبي شيبة (1/ رقم 1907) كلاهما، من طريق موسى ابن عبيدة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس، قال: في المسح على الخفين: للمسافر ثلاث وللمقيم يوم وليلة.
قلت: موسى بن عبيدة ضعيف. قال أحمد: لا تحل الرواية عندي عنه. اهـ. وقال البخاري قال أحمد: منكر الحديث. اهـ. وقال ابن معين: لا يحتج بحديثه. اهـ. وضعفه يعقوب بن شيبة، والترمذي، والنسائي، والساجي، وغيرهم.
وروي مرفوعا، عن ابن عباس، كما عند الطبراني في الكبير (1/ رقم 12423)، قال: حدثنا محمد بن الفضل السقطي، ثنا إسحاق بن كعب، ثنا محمد بن جابر، عن مسلم الملائي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسح على الخفين للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن.
قلت: مسلم الملائي، قال عنه الذهبي في المغني في الضعفاء (2/ 656) (6220): تركوه. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 259 - 260): فيه مسلم الملائي، وهو ضعيف. اهـ.
والراجح في حديث ابن عباس الوقف. قال ابن أبي حاتم في العلل (15): سألت أبي وأبا زرعة، عن حديث رواه عبيدة بن الأسود، عن القسم بن الوليد، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين، قالا: هو خطأ، إنما هو عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس موقوف. اهـ.
* * *
(47)
أنه مسح على الجوربين والنعلين. رواه أحمد وغيره، وصححه الترمذي.
أخرجه أحمد (18206)، وأبو داود (159)، والترمذي (99)، وابن ماجه (559)، وابن أبي شيبة (1/ 188)، والنسائي في الكبرى (130)، وابن خزيمة و (198)، والطبراني في الكبير (20/ 996) كلهم من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبي قيس، عن هذيل بن شرحبيل، عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين.
قال ابن خزيمة: ليس في خبر أبي عاصم: والنعلين، إنما قال: مسح على الجوربين. قلنا: قد ورد لفظ النعلين عند البيهقي، وهو من رواية أبي عاصم، ووقع في رواية الطبراني في الكبير- من طريق أبي عاصم أيضا-: الخفين بدل: الجوربين. اهـ.
قال الطبراني في الأوسط: لم يرو هذا الحديث، عن أبي قيس إلا سفيان. اهـ.
قلت: إسناده ضعيف، لأنه تفرد به أبو قيس- وهو عبدالرحمن بن ثروان- به، وقد وثق، لكن تكلم في تفرده، قال الدارقطني في العلل (7/ 112) في هذا الحديث: لم يروه غير أبي قيس، وهو مما يغمز عليه به، لأن المحفوظ، عن المغيرة المسح على الخفين. وقال عبدالله بن أحمد- فيما نقله العقيلي-: سألت أبي، عن أبي قيس عبدالرحمن بن ثروان، فقال: هو كذا وكذا- وحرك يده- وهو يخالف في أحاديث. وقال أبو داود: كان عبدالرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث، لأن المعروف، عن المغيرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على
الخفين. وقال النسائي: ما نعلم أحدا تابع أبا قيس على هذه الرواية، والصحيح، عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين. ونقل البيهقي، عن علي ابن المديني قال: حديث المغيرة في المسح، رواه عن المغيرة أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة، إلا أنه قال: ومسح على الجوربين، وخالف الناس ونقل البيهقي أيضا، عن مسلم بن الحجاج، تضعيفه هذا الخبر، وأنه قال: أبو قيس الأودي، وهزيل بن شرحبيل، لا يحتملان هذا، مع مخالفتهما لأجلة الذين رووا هذا الخبر، عن المغيرة. فقالوا: مسح على الخفين. ونقل، عن عبدالرحمن بن مهدي قوله لسفيان الثوري: لو حدثتني بحديث أبي قيس، عن هزيل، ما قبلته منك، فقال سفيان: الحديث ضعيف، أو واه، أو كلمة نحوها. ونقل، عن ابن معين قوله: الناس كلهم يروونه على الخفين، غير أبي قيس. اهـ.
وصحح الحديث الترمذي، فقال: هذا حديث حسن صحيح. اهـ.
وتعقبه النووي في المجموع (1/ 541)، فقال بعد أن ذكر من ضعفه: هؤلاء مقدمون عليه، بل كل واحد من هؤلاء لو أنفرد، قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة. اهـ. وصححه الشيخ أحمد شاكر، في تعليقه على سنن الترمذي (1/ 168).
وقال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 82): صححه الترمذي، وقال النسائي: لا أعلم أحدا تابع أبا قيس، والصحيح، عن المغيرة المسح على الخفين، وقال أبوداود: كان ابن مهدي لا يحدث به. اهـ.
وروى ابن ماجه (560) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا معلى بن منصور، وبشر بن آدم، قالا: حدثنا عيسى بن يونس، عن عيسى بن
سنان، عن الضحاك بن عبدالرحمن بن عرزب، عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين. قال المعلى في حديثه: لا أعلمه إلا قال: والنعلين.
قلت: في إسناده أبو سنان، وهو عيسى بن سنان الحنفي القسملي الفلسطيني، لين الحديث.
قال العقيلي في ضعفائه (3/ 384): والأسانيد في الجوربين والنعلين فيها لين. اهـ. وقال ابن الجوزي في التحقيق (1/ 216): قال يحيى بن معين عيسى بن سنان: ضعيف، وقد كان يمسح على الجوربين عمر، وعلي، وابن عباس، والبراء، وأبو أمامة، وأنس، وعقبة بن عامر. اهـ.
وقال ابن عبدالهادي في تنقيح التحقيق (1/ 345): الضحاك هو: ابن عبدالرحمن بن عرزب- ويقال: ابن عرزم- أبو عبدالرحمن الشامي، وثقه أحمد بن عبدالله العجلي، وأبو حاتم بن حبان، وعيسى: ضعفه، أحمد أيضا، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث. وقال البيهقي: الضحاك بن عبدالرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى، وعيسى بن سنان ضعيف لا يحتج به. اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 185): عزاه ابن الجوزي في التحقيق لابن ماجه، وكذلك الشيخ في الإمام وقال: وقول أبي داود في هذا الحديث: ليس بالمتصل ولا بالقوي أوضحه البيهقي، فقال: الضحاك بن عبدالرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى، وعيسى بن سنان ضعيف لا يحتج به، انتهى. وأخرجه العقيلي في كتاب الضعفاء، وأعله بعيسى بن سنان، وضعفه، عن يحيى بن معين. وغيره. اهـ.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 80): قال المزي هذا الحديث في رواية الأسد أبادي، عن المقومي، ولم يذكره أبو القاسم، قلت: الضحاك لم يسمع من أبي موسى، وعيسى ضعيف لا يحتج به. اهـ.
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 88): وهذا الحديث له علتان، ذكرهما البيهقي. إحداهما: أن الضحاك بن عبدالرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى. والثانية: أن عيسى بن سنان ضعيف. اهـ.
وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (454): صحيح.
وروى عبد الرازق في كتاب الطهارة، باب المسح علي الجوربين (1/ 200) برقم (779)، وابن أبي شيبه في كتاب الطهارات، باب في المسح علي الجوربين (1/ 188)، والطبراني في الكبير (686) من طريق مسلم ابن إبراهيم، حدثنا هشام، ثنا قتادة، أن أنسا كان يمسح علي الجوربين. اهـ.
قلت: إسناده صحيح.
وروى الطيالسي (152) برقم (1113)، وأحمد (4/ 9)، وابن حبان في كتاب الطهارة، باب المسح علي الخفين وغيرهما (4/ 168) برقم (1339)، والبيهقي في كتاب الطهارة، باب ما ورد في المسح علي النعلين (1/ 286)، وابن عبدالبر في الاستيعاب (4/ 15)، وابن الأثير في أسد الغابة (1/ 310)، والطبراني في الكبير (605) كلهم، من طريق حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن أوس بن أبي أوس، قال: رأيت أبي يمسح علي النعلين، فقلت: أتمسح عليهما؟ فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
قلت: حماد بن سلمة البصري: قال البيهقي: حماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه. اهـ. كما في شرح علل
الترمذي (2/ 783)، وقال الحافظ ابن حجر التقريب (1/ 238) برقم (1504): ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بآخرة. اهـ
والحديث إسناده ضعيف، لانقطاعه بين يعلي بن عطاء وأوس. قال البيهقي بعد إيراده للحديث: وهو منقطع. اهـ
قلت: الساقط من السند: إما أن يكون عطاء والد يعلي، وهذا ما تؤيده روايتا الطبراني رقم (607، 608)، ورواية ابن الأثير، ففيهما: عن شعبة، عن يعلي بن عطاء، عن أبيه، عن أوس، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم.
وإما أن يكون عمرو بن أوس، وهذا ما تؤيده رواية الطبراني هنا، ففيها: رأيت أبي
…
، وكذلك رواية الطبراني (رقم 606).
ومما يعل به هذا الحديث؛ أنه مخالف للأحاديث الصحيحة، لهذا ترجم البخاري لأحد أبوابه فقال: باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح علي النعلين، وأورد حديث ابن عمه، وفيه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعل ليس فهيا شعر ويتوضأ فيها. كتاب الوضوء، باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح، عن النعلين (1/ 267)(166).
وقال الحافظ ابن حجر: قول: (باب غسل الرجلين في النعلين) ليس في الحديث الذي ذكره تصريح بذلك، وإنما هو مأخوذ من قوله: يتوضأ فيها؛ لأن الأصل في الوضوء الغسل، ولأن قوله: فيها يدل علي الغسل، ولو أريد المسح لقال: عليها. اهـ. انظر: فتح الباري (1/ 268).
* * *
(48)
الخف والجورب كالجرموق، ويسمى الموق، وهو خف قصير، فيصح المسح عليه لفعله عليه الصلاة والسلام. رواه أحمد وغيره.
أخرجه أحمد (6/ 15) برقم (24414)، وابن خزيمة (189)، كلاهما من طريق حماد بن سلمة، قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي إدريس، عن بلال، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين، والخمار.
ورواه عن حماد كل من عفان، وأسد بن موسى.
قال الألباني في صحيح سنن أبي داود: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. اهـ
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 188)، والبزار (1377)، وابن خزيمة (189)، والطبراني (1112) من طرق، عن حماد بن سلمة، به.
وأخرجه عبد الرزاق (732)، ومن طريقه الطبراني (1113) عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: مسح بلال
…
فذكره. لم يذكر أبا إدريس في الإسناد.
وأخرجه الطبراني (1114) من طريق يحيى بن أبي إسحاق، عن أبي قلابة، عن بلال، لم يذكر أبا إدريس.
قال البزار في مسنده (1232)(4/ 229): وقد روى حديث أيوب غير واحد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن بلال، ولم يذكروا أبا إدريس، ولا نعلم أحدا قال، عن أبي إدريس إلا حماد بن سلمة، ولا قال، عن أبي رجاء، عن أبي قلابة، عن أبي إدريس إلا خالد. وقد رواه زهير بن معاوية، عن حميد، عن أبي رجاء، عن أبي إدريس، عن بلال، ولم يذكروا أبا قلابة، وأبو رجاء
مولى أبي قلابة، مشهور روى عنه حميد والحجاج الصواف، وروى هذا الحديث المعتمر، عن حميد، عن أبي المتوكل فأخطأ فيه. اهـ
وصححه ابن خزيمة، والحاكم، والذهبي.
وحسن إسناد أبي داود الحافظ ابن حجر، فقال في التلخيص الحبير (1/ 89): وحديث المسح على العمامة- أي والموقين- عند أبي داود من حديث بلال بإسناد حسن. اهـ وقال الألباني في صحيح أبي داود (142): وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. اهـ
وأخرجه النسائي (1/ 76)، وفي الكبرى (124)، وأحمد (6/ 13) برقم (24395)، وفي (6/ 13) برقم (24395)، و (6/ 15) برقم (24413)، وفي (6/ 14) برقم (24408)، وفي (6/ 15) برقم (24415) كلهم من طريق الحكم بن عتيبة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين، والخمار.
قال الدارقطني فى العلل (7/ 171 - 176): يرويه الحكم بن عتيبة، واختلف عنه، فرواه شيبان، عن ليث، عن الحكم، عن شريح بن هانئ، عن علي، عن بلال. وخالفه معتمر، واختلف عنه؛ فرواه مسدد، وعمرو بن علي، وعلي بن الحسين الدرهمي، عن معتمر، عن ليث، عن الحكم، وحبيب بن أبي ثابت، عن شريح بن هانئ، عن بلال. وخالفهم ابن أبي السري، فرواه عن معتمر، عن ليث، عن طلحة بن مصرف، عن شريح بن هانئ، عن بلال. ورواه موسى بن أعين، عن معتمر، عن ليث، عن الحكم، وحبيب، عن شريح بن هانئ، عن بلال. ورواه أبو المحياة، عن ليث، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال. وكذلك رواه الأعمش، واختلف
عنه؛ فرواه أبومعاوية الضرير، وعلي بن مسهر، وعيسى بن يونس، وأبو زهير عبدالرحمن بن مغراء، وأبو عبيدة بن معن، وأبو حمزة السكري، وعبد الله بن نمير، وأبو إسحاق الفزاري، ومحمد بن فضيل، واختلف عنه؛ فرووه، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال. ورواه زياد بن أيوب، عن ابن فضيل، فلم يذكر فيه كعبا، ولعله سقط عليه، أو على من روى عنه. ورواه عبد السلام بن حرب، عن الأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر بلالا. وكذلك قال علي بن عابس، رواه عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه زائدة بن قدامة، وعمار بن رزيق، وحفص بن غياث، وروح بن مسافر، عن الأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن البراء، عن بلال. ورواه الثوري، وشريك، عن الأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال، لم يذكر بينهما أحدا، وقال محمد بن ميسر أبو سعد، عن الثوري، عن منصور، والأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال. وكذلك قال زائدة، والقاسم بن معن، وعمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال. وكذلك رواه زيد بن أنيسة، وعمر بن عامر، والحجاج بن أرطاة، وأبو شيبة إبراهيم بن عثمان، وعبد الله بن محرر، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال. ورواه شعبة، واختلف عنه؛ فروى عن بقية، عن شعبة، عن الحجاج بن أرطاة، عن الحكم، وهو وهم، وإنما أراد أن يقول شعبة بن الحجاج لأن الحديث محفوظ، عن شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال. ورواه محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، واختلف عنه؛ فرواه سفيان بن عيينة، عن
أبان بن تغلب، وابن أبي ليلى، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال. وكذلك قال إبراهيم بن طهمان، وعمر بن يزيد، عن ابن أبي ليلى. ورواه يزيد بن الهاد، عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن بلال، أسقط منه الحكم.، وروي عن أبي سعد البقال، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، فلعله موقوف. اهـ.
وقال ابن عمار الشهيد في علل أحاديث مسلم (ص 8): وهذا حديث قد اختلف فيه على الأعمش: فرواه أبو معاوية، وعيسى، وابن فضيل، وعلى بن مسهر، وجماعة هكذا، ورواه زائدة بن قدامة، وعمار بن زريق، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، عن بلال. وزائدة: ثقة متقن. ورواه سفيان الثوري، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، عن بلال، ولم يذكر بينهما لا كعبا ولا البراء، وروايته أثبت الروايات. وقد رواه الحكم، عن- عن غير الأعمش- أيضا: شعبة، ومنصور ابن المعتمر، وأبان بن تغلب، وزيد بن أبي أنيسة، وجماعة، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، كما رواه الثوري، عن الأعمش. وحديث الثوري عندنا أصح من حديث غيره. وابن أبي ليلى لم يلق بلالا. اهـ.
وروي بلفظ: آخر فقد أخرجه مسلم (1/ 158) برقم (558)، وفي (1/ 159) برقم (559)، وابن ماجه (561)، والترمذي (101)، والنسائي (1/ 75)، وفي الكبرى (122)، وأحمد (6/ 12) برقم (24381)، وفي (6/ 14) برقم (24401) كلهم من طريق الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال؛ أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، والخمار.
وروى أحمد (6/ 12 - 13) قال: ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، ثنا محمد بن راشد، ثنا مكحول، عن نعيم بن خمار، عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: امسحوا على الخفين والخمار.
قلت: إسناده ضعيف. قال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 391): مكحول لم يسمع من نعيم. فهو منقطع. ومحمد بن راشد هو المكحولي ثقة، وقد تكلم بعضهم فيه. قال شعبة: هو صدوق، وقال عبد الرزاق: ما رأيت أروع في الحديث منه. وقال أحمد ويحيى: ثقة. فقال أبو حاتم: صدوق حسن الحديث، وقال النسائي: ليس بالقوي. اهـ.
وأخرج أبو داود (1/ 93) - الطهارة- باب صفة وضوء النبي- (134)، وابن ماجه (1/ 152) - الطهارة- باب الأذنان من الرأس- (444)، وأحمد (5/ 258، 264، 268)، والدارقطني (1/ 103، 104) - الطهارة- باب ما روى من قول الرسول: الأذنان من الرأس- (37، 41)، والبيهقي (1/ 66، 67) - الطهارة- باب مسح الأذنين بماء جديد- من حديث أبي أمامة الباهلي.
وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (12/ 141)، والبيهقي (1/ 289) - الطهارة- باب المسح على الموقين- من حديث أنس بن مالك.
وروى ابن ماجه (563)، وأحمد (5/ 439) برقم (24118)، وفي (5/ 440) برقم (24125) كلاهما من طريق داود بن أبي الفرات، عن محمد بن زيد، عن أبي شريح، عن أبي مسلم، مولى زيد بن صوحان، قال: كنت مع سلمان، فرأى رجلا ينزع خفيه للوضوء، فقال له سلمان: امسح على
خفيك، وعلى خمارك، وبناصيتك؛ فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمسح على الخفين والخمار.
قلت: إسناده ضعيف لجهالة أبي شريح، قال الترمذي في العلل (1/ 181 - 182): سألت محمدا، عن هذا الحديث، قلت: أبا شريح ما اسمه؟ قال: لا أدري، لا أعرف اسمه، ولا أعرف اسم أبي مسلم مولى زيد بن صوحان، ولا أعرف له غير هذا الحديث. اهـ.
وشيخه أبي مسلم مولى زيد بن صوحان، عن سلمان، وعنه أبو شريح، وثقه ابن حبان (5/ 584).
وقال الحافظ في التقريب: أبوشريح، عن أبي مسلم العبدي، مقبول من السادسة. اهـ.
وقال الذهبي في الكاشف (2/ 434): أبومسلم العبدي، عن سلمان، وعنه أبو شريح وثق. اهـ.
وقال في ميزان الاعتدال (4/ 573): أبومسلم العبدي، عن سلمان، لا يعرف. اهـ.
وللحديث شواهد كما سبق.
* * *
(49)
لأنه مسح على الخفين والعمامة. قال الترمذي: حسن صحيح.
رواه البخاري (5799)، ومسلم (1/ 230 - 231)، وأبو داود (150)، والنسائي (1/ 76)، وابن ماجه (545)، كلهم من طريق عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، قال: تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلفت معه؛ فلما قضى حاجته قال: أمعك ماء؟ فأتيته بمطهرة. فغسل كفيه ووجهه، ثم ذهب يحسر، عن ذراعيه، فضاق كم الجبة، فأخرج يده من تحت الجبة. وألقى الجبة على كفيه ووجهه، ثم ذهب يحسر، عن ذراعيه. ومسح بناصيته وعلى العمامة، وعلى خفيه .... الحديث. واللفظ لمسلم.
وروى مسلم (1/ 231)، وأبو داود (150)، والترمذي (100)، والنسائي (1/ 76)، والبيهقي (1/ 60) كلهم، من طريق بكر بن عبدالله المزني، عن الحسن، عن ابن المغيرة بن شعبة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضأ فمسح بناصيته، وعلى العمامة والخفين.
وللحديث ألفاظ أخرى.
وروى أبو داود (147)، وابن ماجه (564) كلاهما، من طريق عبدالله بن وهب، ثنا معاوية بن صالح، عن عبد العزيز بن مسلم، عن أبي معقل، عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة، فمسح مقدم رأسه، ولم ينقض العمامة.
قلت: رجاله لا بأس بهم، غير عبدالعزيز بن مسلم الأنصاري مولى آل رفاعة المدني لم يوثقه غير ابن حبان، وليس له في الكتب الستة إلا هذا الحديث. كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح.
وأيضا أبو معقل مجهول، كما قال ابن القطان وغيره.
فالحديث إسناده ضعيف.
قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (4/ 111): هو حديث لا يصح، قال ابن السكن: لم يثبت إسناده. وهو كما قال، وبيان ذلك هو أن الحديث من رواية ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن عبد العزيز بن مسلم، عن أبي معقل، عن أنس. وأبومعقل مجهول الاسم والحال. وذكره ابن أبي حاتم بحديثه هذا، ولم يزد على ذلك. وعبد العزيز بن مسلم مولى آل رافع، ذكره البخاري بهذا الحديث، ولم يزد على ذلك. وقال ابن أبي حاتم: روى عنه ابن إسحاق، ومعاوية بن صالح، ولم يزد على ذلك، وإلى هذا فإن معاوية بن صالح مختلف فيه، ومن ضعفه بسوء الحفظ. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 45): كل رجاله في الصحيح، إلا عبدالعزيز بن مسلم وأبا معقل، وهما مستوران، لا أعلم من جرحهما، ولا من وثقهما، وإن وثق الأول ابن حبان وحده، والأصح أنه لا يجوز الاحتجاج بهما والحالة هذه .... اهـ.
وروى أحمد (5/ 281) قال: ثنا الحسن بن سوار، ثنا ليث يعنى ابن سعد، عن معاوية، عن عتبة أبي أمية الدمشقي، عن أبي سلام الأسود، عن ثوبان قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على الخفين، وعلى الخمار، ثم العمامة.
قلت: إسناده منقطع؛ لأن أبا سلام الأسود لم يسمع من ثوبان. قال العلائي في جامع التحصيل (ص 353): قال يحيى بن معين وابن المديني: لم يسمع من ثوبان. اهـ. وكذا قال أحمد.
ولهذا قال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 392) عند هذا الحديث: أبو سلام الأسود لم يسمع من ثوبان، قاله يحيى بن معين وغيره، وعتبة ليس بمشهور. اهـ.
قلت: وعتبة بن أبي أمية، لم أجد فيه توثيق معتبر. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1350): فيه عتبة بن أبي أمية ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يروي المقاطيع. اهـ.
ورواه أحمد (5/ 277)، وأبو داود (146)، والحاكم (1/ 275) كلهم، من طريق يحيى بن سعيد، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن ثوبان قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ولم يخرجاه. بهذا اللفظ .... اهـ. ووافقه الذهبي.
وتعقبهما ابن عبد الهادي فقال في التنقيح (1/ 392) لما نقل قول الحاكم: ليس كما قال. اهـ.
قلت: وبيان هذا أن راشد بن سعد المقرئ الحمصي لم يخرج له مسلم. ولم يسمع من ثوبان.
قال العلائي في جامع التحصيل (ص 174): راشد بن سعد الحمصي، قال أحمد بن حنبل: لم يسمع من ثوبان. اهـ.
وكذا روى ابن أبي حاتم في المراسيل (207) عن الإمام أحمد.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 100): هو منقطع. اهـ.
وروى أبو داود (153)، وأحمد (6/ 13) برقم (24400) كلاهما من
طريق شعبة، عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد، عن أبي عبدالله، عن أبي عبدالرحمن، قال: كنت قاعدا مع عبدالرحمن بن عوف، فمر بلال، فسأله، عن المسح على الخفين؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فآتيه بالماء، فيتوضأ، فيمسح على العمامة، وعلى الخفين.
وأخرجه أحمد (6/ 12) برقم (24388) قال: حدثنا محمد بن بكر، وعبدالرزاق، قالا: حدثنا ابن جريج، أخبرني أبوبكر بن حفص بن عمر، أخبرني أبو عبدالرحمن، عن أبي عبدالله؛ أنه سمع عبدالرحمن بن عوف يسأل بلالا: كيف مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين؟ قال: تبرز، ثم دعا بمطهرة- أي إداوة- فغسل وجهه ويديه، ثم مسح على خفيه، وعلى خمار العمامة.
قال أبو داود: هو أبوعبدالله، مولى بني تيم بن مرة. اهـ.
وقال الحاكم في المستدرك (1/ 276): حديث صحيح؛ فإن أبا عبدالله مولى بني تيم، معروف بالصحة والقبول، وأما الشيخان فإنهما لم يخرجا ذكر المسح على الموقين. اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 281): وحديث المسح على العمامة عند أبي داود، من حديث بلال بإسناد حسن، وأخرجه النسائي أيضا. اهـ.
وقال الألباني في صحيح أبي داود (142): قال أبو داود: هو أبو عبدالله مولى بتي تيم بن مرة. قلت (القائل الألباني): وهو كشيخه أبي عبد الرحمن؛ كلاهما مجهول لا يعرف؛ كما قال ابن عبد البر. وتبعه الذهبي في الميزان. والحافظ في التقريب
…
والحديث بهذا الإسناد ضعيف. لكني وجدت له طريقا أخرى قوية؛ وهي ما أخرجه أحمد (6/ 15) قال: ثنا عفان، ثنا حماد-
يعني: ابن سلمة- ثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي إدريس، عن بلال. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. اهـ.
وروى البخاري (1/ 59) - الوضوء- باب المسح على الخفين، وابن ماجه (1/ 186) - الطهارة- باب ما جاء في المسح على العمامة- (562)، والدارمي (1/ 146) - الطهارة- باب المسح على العمامة- (716)، وأحمد (4/ 179)، (5/ 288)، وابن أبي شيبة (1/ 179) - الطهارة- باب في المسح على الخفين، وابن خزيمة (1/ 92 - 181)، وابن حبان كما في الإحسان (2/ 316 - 1340) - نحوه من حديث عمرو بن أمية الضمري.
* * *
(50)
حديث صاحب الشجة: إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعضد أو يعصب على جرحه خرقة ويمسح عليها ويغسل سائر جسده. رواه أبو داود.
أخرجه أبو داود- الطهارة- باب في المجروح يتيمم- (336)، والدارقطني (1/ 190) - الطهارة- باب جواز التيمم- (3)، والبيهقي (1/ 227) - الطهارة- باب الجرح إذا كان في بعض جسده دون بعض، (1/ 228) - الطهارة- باب المسح على العصائب والجبائر، والبغوي في شرح السنة (2/ 120) - الطهارة- باب كيفية التيمم- (313) - كلهم من طريق الزبير بن خريق الجزري، عن عطاء، عن جابر، قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجر، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، أخبر بذلك، فقال: قتلوه، قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصر، أو يعصب، على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده.
قلت: تفرد به الزبير بن خريق وليس بالقوي، كما قال ابن السكن فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في التهذيب (3/ 271).
وقال الدارقطني في سننه (1/ 190): لم يروه عن عطاء، عن جابر غير الزبير بن خريق، وليس بالقوي، وخالفه الأوزاعي، فرواه عن عطاء، عن ابن عباس، واختلف على الأوزاعي فقيل: عن عطاء، وقيل عنه: بلغني، عن عطاء، وأرسل الأوزاعي آخره، عن عطاء، عن النبي وهو الصواب. اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 147)، عن أبي زرعة وأبي حاتم أنهما قالا: لم يسمعه الأوزاعي من عطاء، إنما سمعه من إسماعيل بن مسلم، عن عطاء. اهـ.
وذكر البيهقي في السنن الكبرى (1/ 228)، أنه لم يثبت في المسح على الجبيرة، عن النبي شيء، وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن أبي رباح وليس بالقوي. اهـ.
وقال الأشبيلي في الأحكام الكبرى (1/ 479): الزبير بن خريق لا أعلم روى عنه، إلا محمد بن سلمة وعزرة بن دينار، وعزرة ليس بمشهور، ويقال: عروة. اهـ.
وقال ابن القطان في بيان الوهم والايهام (2/ 237) تعليقا على كلامه: ثم قال: لم يروه عن عطاء غير الزبير بن خريق، وليس بقوي. ورواه الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس، واختلف، عن الأوزاعي، فقيل عنه: عن عطاء، وقيل عنه: بلغني، عن عطاء، ولا يروى الحديث من وجه قوي. هذا نص ما أورد .. ثم أخذ يقول: إن الأوزاعي رواه عن عطاء، عن ابن عباس. فهذا لا يفهم إلا أن التيمم في حق المريض من رواية ابن عباس أيضا، كما هو من رواية جابر، وذلك باطل. وإنما اعتراه هذا من كتاب الدارقطني الذي نقله منه، فإنه أجمل القول كما ذكر، ثم فسره بإيراد الأحاديث، فتخلص، فكتب أبو محمد الإجمال، ولم يكتب التفسير، فوقع في الخطأ. اهـ.
وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (1/ 83): الزبير فيه ضعف. اهـ.
وقال الألباني في ضعيف أبي داود (74): حسن دون قوله: إنما كان يكفيه. اهـ. وهو في صحيح أبي داود (325).
وقد اختلف في إسناده والمشهور أنه من مسند ابن عباس، فقد رواه أبوداود (337)، وأحمد (1/ 330)، والدارقطني (1/ 191)، والبيهقي (1/ 227) كلهم، من طريق الأوزاعي، أنه بلغه، عن عطاء بن أبي رباح، أنه سمع عبدالله بن عباس بنحوه.
ورواه ابن ماجه (572) من طريق الأوزاعي، عن رجل، عن عطاء بن أبي رباح، قال: سمعت ابن عباس بنحوه مرفوعا.
ورواه الدارقطني (1/ 190) من طريق الأوزعي، قال: قال عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس بنحوه.
ورواه عبد الرزاق (1/ 223) من طريق، الأوزاعي، عن رجل، عن عطاء به.
ورواه ابن حبان (2201)، والبيهقي (1/ 226) من طريق الوليد بن عبدالله بن أبي رباح، أن عطاء حدثه، عن ابن عباس بنحوه.
قال الدارقطني (1/ 190): لم يروه عن عطاء، عن جابر غير الزبير بن خريق وليس بالقوي. وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء، عن ابن عباس، واختلف على الأوزاعي، فقيل عنه، عن عطاء، وقيل عنه بلغني، عن عطاء. وأرسل الأوزاعي آخره، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (77): سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: رواه ابن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس وأفسد الحديث. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 118)، لما ذكر قول أبي حاتم وأبي زرعة: يريد أنه أدخل إسماعيل بن مسلم بين الأوزاعي وعطاء، فبين أن
الأوزاعي أخذ الحديث، عن إسماعيل بن مسلم. اهـ.
وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 143): رجاله ثقات لولا أنه منقطع بين الأوزاعي وعطاء، وليس فيه المسح على الخرقة، وذلك يدل على نكارة هذه الزيادة. اهـ.
قلت: إسماعيل بن مسلم المكي. قال عنه ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه. اهـ. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. اهـ. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال مرة: ليس بثقة. اهـ.
قال ابن التركماني في الجوهر النقي مع سنن البيهقي (1/ 226): في سندها يعني طريق البيهقي: الوليد بن عبدالله بن أبي رباح سكت عنه هنا- يعني البيهقي- وضعفه في باب النهي، عن ثمن الكلب. وجعل الدارقطني الرواية الثانية هي المرسلة وهي الصواب، ثم قال أيضا: روايته- يعني عطاء- عن ابن عباس تترجح على روايته، عن جابر، لوجهين. أحدهما: مجيئها من طريق ذكرها الدارقطني، والرواية، عن جابر لم تأت إلا من وجه واحد. الثاني: ضعف سند هذه الرواية من جهة الزبير. والرواية، عن ابن عباس رجال سندها ثقات. اهـ.
وقد اختلف في حديث ابن عباس. قال ابن دقيق العيد في الإمام (3/ 119): اختلف في رفعه على عطاء بن السائب، فرواه جرير عنه هكذا موقوفا. أخرجه البيهقي من حديث على بن عاصم، عن عطاء بن السائب بسنده، موقوفا على ابن عباس، في الرجل تصيبه الجنابة، وبه الجراحة، يخاف إن اغتسل أن يموت. قال: فليتيمم وليصل رواه من جهة أحمد بن سلمان الفقيه، عن بحيى بن جعفر، عن علي، قال البيهقي: ورواه إبراهيم بن طهمان
وغيره أيضا، عن عطاء موقوفا. قال: وكذلك رواه عزرة، عن سعيد بن جبير موقوفا. ثم قال ابن دقيق العيد: وعطاء بن السائب من الثقات الذين اختلطوا، وقيل فيه: وإنما يقبل من حديث عطاء ما كان قبل أن يختلط، وذكر ابن عدي، عن يحيى بن معين: إنما روى جرير، عن عطاء بعد الاختلاط، وجرير هو الذي رفع الحديث عنه. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (40): سألت أبي وأبا زرعة، عن حديث رواه علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المجدور والمريض، إذا خاف على نفسه تيمم. قال أبو زرعة: ورواه جرير أيضا. فقال: عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس رفعه في المجدور: قال أبي: هذا خطأ أخطأ فيه علي بن عاصم. ورواه أبو عوانة وورقاء وغيرهما، عن عطاء بن السائب، عن سعيد، عن ابن عباس موقوف. وهو الصحيح. اهـ.
* * *
باب نواقض الوضوء
(51)
بحاله لما روى الترمذي: إنه قاء فتوضأ.
أخرجه الترمذي- الطهارة- باب ما جاء في الوضوء من القيء والرعاف (87)، وأحمد (6/ 449)، وعبد الرزاق (4/ 215) برقم (7548) كلهم من طريق يحيى ابن كثير، عن الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد المخزومي، عن أبيه، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء مرفوعا بلفظ: إنه قاء فتوضأ.
ورواه أبو داود (2381)، والنسائي في الكبرى (2/ 214)، وأحمد (6/ 443)، والحاكم (1/ 588)، والدارمي (2/ 24)، والبيهقي (4/ 220) كلهم من طريق حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد بن هشام، أن أباه حدثه، قال: حدثني معدان بن طلحة، أن أبا الدرداء حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاء فأفطر، فلقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد دمشق، فقلت: إن أبا الدرداء حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر قال صدق، وأنا صببت له وضوءه صلى الله عليه وسلم.
قلت: رجاله ثقات وإسناده قوي؛ غير أنه قد اختلف في إسناده على عدة أوجه.
فقد رواه النسائي في الكبرى (2/ 214) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل، عن يعيش بن الوليد بن هشام، عن معدان، عن أبي الدرداء به مرفوعا.
ورواه أيضا النسائي في الكبرى (2/ 215)، والحاكم (1/ 589) كلاهما،
من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، أن خالد بن معدان، أخبره، عن أبي الدرداء به مرفوعا.
ورواه أيضا النسائي في الكبرى (2/ 215) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى، قال حدثني رجل من إخواننا، عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء بنحوه.
ورواه أيضا من طريق عبد الرزاق، قال: أنبا معمر، عن يحيى، عن يعيش، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء بنحوه.
ورواه الترمذي في العلل الكبير (1/ 166) من طريق حسين المعلم به، ثم قال: وقال معمر، عن يحيى، عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
، ثم قال الترمذي: سألت محمدا، عن هذا الحديث. فقال: جود حسين المعلم هذا الحديث، قال أبو عيسى: وحديث معمر خطأ. اهـ.
وقال البيهقي (4/ 220): هذا حديث مختلف في إسناده. فإن صح فهو محمول على ما لو تقيأ عامدا. وكأنه صلى الله عليه وسلم كان متطوعا بصومه. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 202): قال ابن منده: إسناده صحيح متصل، وتركه الشيخان لاختلاف في إسناده. وقال الترمذي: جوده حسين المعلم، وهو أصح شيء في هذا الباب، وكذا قال أحمد، وفيه اختلاف كثير. اهـ.
وقال الحاكم (1/ 589): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، لخلاف بين أصحاب عبد الصمد فيه، قال بعضهم، عن يعيش بن الوليد، عن أبيه، عن معدان، وهذا وهم، عن قائله. فقد رواه حرب بن شداد
وهشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير على الاستقامة. اهـ.
ثم روى الحاكم، حديث حرب بن شداد، من طريق حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالرحمن بن عمرو، عن يعيش، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء، أن النبي صلى الله عليه وسلم: قاء فأفطر.
ثم روى أيضا حديث هشام عنه، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني رجل من إخواننا. فقال أبو بكر محمد بن إسحاق: يريد به الأوزعي، عن يعيش بن الوليد بن هشام، قال حدثني معدان، عن أبي الدرداء بمثله.
لهذا قال النووي في المجموع (2/ 54 - 55): حديث ضعيف، مضطرب، قاله البيهقي، وغيره من الحفاظ. اهـ.
وروى ابن ماجه (1675)، قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا يعلى ومحمد، أنبأ عبيد الطنافسي، قالا ثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن مرزوق، قال: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري، يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهم في يوم كان يصومه. فدعا بإناء فشرب. فقلنا: يا رسول الله؛ إن هذا يوم كنت تصومه، قال: أجل ولكني قئت.
قلت: إسناده ضعيف.
قال البوصيري في تعليقه على زوائد ابن ماجه (1/ 536): في إسناده محمد بن إسحاق، وهو مدلس، وقد روى بالعنعنة، وأبو مرزوق لا يعرف اسمه، ولم يسمع من فضالة، ففي الحديث ضعف وانقطاع. اهـ.
قلت: أبا مرزوق هو التجبيبي القتيري، اسمه حبيب الشهيد، وقيل: ربيعة بن سليم، وقيل: إنهما اثنان والأول أشهر، وهو ثقة.
لهذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب (8352): أبو مرزوق التجيبي
بضم المثناة وكسر الجيم، مولاهم المصري بالميم، نزيل برقة، اسمه حبيب بن الشهيد، على الأشهر ثقة. اهـ.
قلت: ومما يؤيد انقطاع الحديث، ما رواه البيهقي (4/ 220) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا أبي، ثنا عبدالله بن لهيعة، والمفضل بن فضالة، قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق، عن حنش بن عبدالله، عن فضالة بن عبيد قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما، فقاء فأفطر، فسئل، عن ذلك فقال: إني قئت.
لهذا قال ابن أبي حاتم في العلل (691): سمعت أبي، وذكر حديثا رواه حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق، عن فضالة بن عبيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بإناء فشرب. فقالوا: يا رسول الله! هذا يوم كنت تصومه قال: أجل ولكني قئت فأفطرت. قال أبي: بين أبي مرزوق وفضالة حنش الصنعاني، من رواة ابن إسحاق. اهـ.
وروى أحمد (5/ 276) برقم (22730) قال: حدثنا محمد بن جعفر. وفي (5/ 283) برقم (22807) قال: حدثنا محمد بن جعفر، وحجاج. كلاهما (محمد، وحجاج) عن شعبة، عن أبي الجودي، عن بلج المهري، عن أبي شيبة المهري، قال: قيل لثوبان: حدثنا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال (1318): بلج المهرى، عن أبى شيبة المهرى، عن ثوبان: قاء فأفطر. لا يدرى من ذا ولا من شيخه. رواه شعبة، عن أبى الجودى، عنه. قال البخاري: إسناده ليس بمعروف. اهـ.
* * *
(52)
العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ. رواه أحمد وغيره.
رواه أبو داود (203)، وابن ماجه (477)، وأحمد (1/ 111)، والدارقطني (1/ 661)، والبيهقي (1/ 118) كلهم، من طريق بقية بن الوليد، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن عبدالرحمن بن عائذ الأزدي، عن على بن أبي طالب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ.
وعند أبي داود: العينان وكاء السه .... الحديث.
قلت: في إسناده بقية بن الوليد، لكن صرح بالتحديث، كما عند أحمد في المسند (1/ 111) بلفظ: إن السه وكاء العين، فمن نام فليتوضأ.
قال الحافظ ابن حجر في النكت الظراف (10208): أخرجه إسحاق في مسنده، عن بقية، ثنا الوضين، حدثني محفوظ، فأمن تدليسه وتسويته. اهـ.
وقد حسن الحديث المنذري، وابن الصلاح، والنووي، ونقل ابن أبي حاتم في علل الحديث (1/ 47)، عن أبي زرعة، أن عبدالرحمن بن عائذ لم يسمع من علي بن أبي طالب. اهـ. وعقب عليه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: أن هذا النفي نظرا، لأنه يروي عن عمر كما جزم به البخاري. اهـ.
وأيضا في إسناده الوضين بن عطاء بن كنانة الخزاعي. اختلف فيه. فقد وثقه أحمد وابن معين ودحيم. وقال الهيثم بن خارجة، عن الوليد بن مسلم: كان صاحب خط. ولم يكن في الحديث بذاك. اهـ. وقال ابن سعد: كان ضعيفا في الحديث. اهـ. وقال الجوزجاني: واهي الحديث. اهـ. وقال أبو
حاتم: يعرف وينكر. اهـ. وقال إبراهيم الحربي: غيره أوثق منه. اهـ. وقال ابن قانع: ضعيف. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الآجري، عن أبي داود: صالح الحديث. قلت هو قدري قال: نعم. اهـ.
ولهذا أعله به ابن الجوزي في التحقيق (185).
وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب (11/ 107): قال الساجي عنده حديث واحد منكر غير محفوظ، عن علقمة، عن عبدالرحمن بن عائذ، عن علي، حديث: العينان وكاء السه. قال الساجي: رأيت أبا داود أدخل هذا الحديث في كتاب السنن، ولا أراه فيه إلا وهو عنده صحيح. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 127): هو من رواية بقية، عن الوضين. قال الجوزجاني: واهي، وأنكر عليه هذا الحديث. اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 45)، وأعل بوجهين، أحدهما: أن بقية والوضين فيهما مقال. قاله ابن المنذر، ونازعه ابن دقيق العيد فيهما. قال: وبقية قد وثقه بعضهم، وسأل أبو زرعة: عبدالرحمن بن إبراهيم، عن الوضين بن عطاء، فقال وثقه. وقال ابن عدي: ما أرى بأحاديثه بأسا
…
والثاني: الإنقطاع، فذكر ابن أبي حاتم، عن أبي زرعة في كتاب العلل، وفي كتاب المراسيل، أن ابن عائذ، عن على مرسل. وزاد في العلل أنه سأل أباه، وأبا زرعة، عن هذا الحديث. فقالا: ليس بقوي. اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 127) قول أبو زرعة: لم يسمع عبد الرحمن بن عائذ من علي، ثم تعقبه فقال: وفي هذا النفي نظر. لأنه يروي عن عمر كما جزم به البخاري
…
اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 434): ابن عائذ لم يلق عليا. اهـ.
وقال أيضا ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 434): أن أحمد سئل، عن حديث على ومعاوية في ذلك. فقال: حديث علي أثبت وأقوى. اهـ.
ونقل ابن أبي حاتم في العلل (106): أن أباه قال، عن هذين الحديثين: ليسا بقويين. اهـ.
ثم قال ابن أبي حاتم: وسئل أبو زرعة، عن حديث ابن عائذ، عن علي بهذا، فقال: ابن عائذ، عن علي مرسل. اهـ.
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 146): ليس بمتصل. اهـ.
وتبعه ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (3/ 9) فقال: وهو كما قال؛ ليس بمتصل، ولكن بقي عليه أن يبين أنه من رواية بقية بن الوليد، وهو ضعيف، وهو دائما يضعف به الأحاديث، وتقدم ذكر ذلك. ويرويه بقية، عن الوضين بن عطاء. والوضين واهي الحديث، قاله السعدي. وأنكر عليه هذا الحديث نفسه، ومنهم من يوثقه. ويرويه، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، وهو ثقة، ويرويه محفوظ، عن عبد الرحمن بن عائذ، وهو مجهول الحال، ويرويه ابن عائذ، عن علي، ولم يسمع منه، فهذه ثلاث علل، سوى الإرسال، وكل واحدة تمنع من تصحيحه، مسندا كان أو مرسلا. اهـ.
وقال ابن عبدالهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 144): روى حديث علي الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن عائذ لم يلق عليا. اهـ.
وقال النووي في الخلاصة (1/ 132): رواه أبو داود وغيره بأسانيد حسنة. اهـ. وحسنه أيضا في المجموع (2/ 13)، ووافقه الألباني رحمه الله كما في
الإرواء (1/ 149)، وله شاهد ضعيف من حديث معاوية، قال الإمام أحمد بن حنبل: وحديث علي أثبت من حديث معاوية في هذا الباب. انظر: التلخيص الحبير (1/ 118).
فقد رواه الطبراني في الكبير (19/ رقم 875)، والدارقطني (1/ 160)، والبيهقي (1/ 118) كلهم، من طريق بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس الكلاعي، عن معاوية ابن أبي سفيان، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم العين وكاء السه فإذا نامت العين استطلق الوكاء.
قال عبدالله في المسند (4/ 96 - 97): وجدت هذا الحديث، في كتاب أبي بخط يده، ثنا بكر بن يزيد، وأظنني قد سمعته في المذاكرة فلم أكتبه، وكان بكر ينزل المدينة، أظنه كان في المحنة، كان قد ضرب على هذا الحديث في كتابه، قال: ثنا بكر بن يزيد، قال: أنا أبو بكر يعني ابن أبي مريم به.
قلت: إسناد ضعيف؛ لأن الحديث مداره على أبي بكر بن عبدالله بن أبي مريم. قال أحمد: ضعيف. كان عيسى لا يرضاه. اهـ. وقال ابن أبي حاتم: سألت ابن معين عنه فضعفه. اهـ. وقال أبو زرعة: ضعيف منكر الحديث. اهـ. وقال أبوحاتم: ضعيف الحديث، طرقه لصوص، فأخذوا متاعه فاختلط. اهـ. وقال أبوداود: سرق له حلي فأنكر عقله. اهـ. وقال النسائي والدارقطني: ضعيف. اهـ. ولهذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 247): فيه أبوبكر بن أبي مريم، وهو ضعيف. لاختلاطه. اهـ. وبه أعله ابن الجوزي في التحقيق (1/ 433) مع التنقيح. وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطي (1/ 146): في إسناده أبوبكر بن عبدالله بن أبي مريم، وهو عندهم ضعيف جدا. اهـ.
ورواه البيهقي (1/ 118 - 119) من طريق الوليد، نا مروان بن جناح، عن عطية به موقوفا.
قال البيهقي: الوليد بن مسلم ومروان أثبت من أبي بكر بن أبي مريم. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 434): وهو أصح. اهـ.
وقد أعل هذا الحديث. فقد قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 46): وأعل أيضا بوجهين، أحدهما: الكلام في أبي بكر بن أبي مريم. قال أبو حاتم، وأبوزرعة: ليس بالقوي. والثاني: أن مروان بن جناح، رواه عن عطية بن قيس، عن معاوية موقوفا، هكذا رواه ابن عدي، قال: مروان أثبت من أبي بكر بن أبي مريم. اهـ. وقال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 215): والذي يعتل به في حديث معاوية أمران: أحدهما: حال أبي بكر بن أبي مريم
…
والثاني: أن مروان بن جناح رواه عن عطية بن قيس، عن معاوية. قال: العين وكاء السه، موقوفا، رواه أبو أحمد بن عدي. اهـ كما في الكامل (2/ 38).
قلت: وفيه أيضا علة ثالثة، حيث أن بقية لم يصرح بالتحديث. وقد أشار إليها الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 127)، وقال: وفي إسناده بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف. اهـ.
* * *
(53)
لقوله: من مس ذكره فليتوضأ.
رواه أبو داود- الطهارة- باب الوضوء من مس الذكر- (181)، والترمذي- الطهارة- باب الوضوء من مس الذكر- (83)، والنسائي- الطهارة- باب الوضوء من مس الذكر (1/ 100)، وابن ماجه- الطهارة- باب الوضوء من مس الذكر- (479)، والدارقطني (1/ 146)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 71)، والحاكم (1/ 231)، والبيهقي (1/ 128) كلهم من طريق عروة، عن مروان بن الحكم، قال: أخبرتني بسرة بنت صفوان، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مس ذكره فليتوضأ.
ورواه أبو داود والنسائي، من طريق مالك، عن عبدالله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عروة به. ورواه ابن ماجه والترمذي، من طريق هشام بن عروة، عن أبيه به.
ورواه الترمذي (82) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن هشام بن عروة، قال: أخبرني أبي، عن بسرة بنت صفوان بمثله.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 73) من طريق سعيد بن عبدالرحمن الجمحي، عن هشام به.
قال الترمذي (1/ 89): حديث حسن صحيح. وقال: هكذا رواه غير واحد مثل هذا، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة. اهـ. وقال النسائي: لم يسمع هشام من أبيه هذا الحديث. اهـ. كما نقله الزيلعي في نصب الراية (1/ 55).
وقال الطحاوي أيضا في شرح معاني الآثار (1/ 73): وإنما أخذه هشام من
أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن همام، عن هشام بن عروة، حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، حدثني عروة. قال: فرجع الحديث إلى أبي بكر. اهـ.
قلت: في هذا نظر؛ لأن هشام صرح بالتحديث، عن أبيه، كما عند الترمذي.
ولهذا قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 55): يشكل عليه رواية الترمذي، عن يحيى بن سعيد القطان، عن هشام بن عروة، قال: أخبرني أبي، عن بسرة. أ. هـ
وكذلك رواه أحمد في مسنده (6/ 407) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام، قال: حدثني أبي أن بسرة بنت صفوان أخبرته.
وقال البيهقي في سننه (1/ 128): وهكذا ورواه يحيى بن سعيد القطان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، فصرح فيه بسماع هشام من أبيه. اهـ. وقال الزيلعي أيضا: ورواه الترمذي أيضا، من حديث عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن بسرة. اهـ.
ولما ذكر الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (3/ 237)، طريق النسائي من طريق شعبة، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن بسرة، قال الألباني: هذا إسناد رجاله كلهم ثقات، على شرط الشيخين، ومن أعله بالانقطاع بين عروة وبسرة، فهو محجوج بما أخرجه أحمد (6/ 407)، وغيره، ثنا يحيى بن سعيد، عن هشام قال: حدثني أبي أن بسرة بنت صفوان أخبرته
…
، ثم قال الألباني: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين أيضا مسلسل بالتحديث؛ فهو أصح الأسانيد، وفيه رد على النسائي في قوله
عقبه: هشام بن عروة لم يسمع من أبيه هذا الحديث؛ ثم قال الألباني: ولا أدري كيف يقول النسائي هذا، وهو يصرح بالتحديث، عن أبيه، ويروي ذلك عنه يحيى بن سعيد القطان الحافظ، الثقة المتقن. اهـ.
وذكر ابن المنذر الاختلاف في إسناده فقال في الأوسط (1/ 197 - 198): وقد اختلف في إسناد حديث عروة. فقال ابن جريج، عن الزهري، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، أو، عن زيد بن خالد. وقال معمر: عن الزهري، عن عروة، عن مروان، عن بسرة. وقال عمر بن شريح، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. وقال هشام بن زياد: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أروى بنت أنيس، عن النبي صلى الله عليه وسلم .... أ. هـ
قلت: المحفوظ أنه من حديث بسرة كما سيأتي.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (62): سألت أبي، عن حديث، رواه عبد الرزاق وأبو قرة موسى بن أبي طارق، عن ابن جريح، عن عبدالله بن أبي بكر، عن الزهري، عن عروة، عن بسرة وزيد بن خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في مس الذكر .. قال أبي: أخشى أن يكون ابن جريج، أخذ هذا الحديث من إبراهيم بن أبي يحيى؛ لأن أبا جعفر حدثنا، قال: سمعت إبراهيم بن أبي يحيى، يقول: جاءني ابن جريج بكتب مثل هذا- خفض يده اليسرى، ورفع اليمني مقدار بضعه عشر جزءا-. فقال: أروى هذا عنك. فقال: نعم. اهـ.
قلت: لكن للحديث طرق أخرى، فقد رواه عن بسرة مروان، وتكلم فيه كما سيأتي، وعروة بن الزبير، لكن أعلت هذه الرواية بالانقطاع كما سبق، وأن حرس مروان مجهول.
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 131): قال الإسماعيلي في
صحيحه، في أواخر تفسير سورة آل عمران: أنه يلزم البخاري إخراجه؛ فقد أخرج نظيره، وغاية ما يعلل به هذا الحديث؛ أنه من رواية عروة، عن مروان، عن بسرة. وأن رواية من رواه عن عروة، عن بسرة منقطعة، فإن مروان حدث به عروة، فاستراب عروة بذلك، فأرسل مروان رجلا من حرسه إلى بسرة، فعاد إليه بأنها ذكرت ذلك؛ فرواية من رواه عن عروة، عن بسرة منقطعة، والواسطة بينه وبينها؛ أما مروان وهو مطعون في عدالته، أو حرسيه وهو مجهول. اهـ.
قلت: يظهر أن رواية مروان، عن بسرة موصولة.
ولهذا لما نقل قول ابن خزيمة (1/ 23): أن الشافعي يوجب الوضوء، من مس الذكر، اتباعا بخبر بسرة بنت صفوان لا قياسا. قال ابن خزيمة: وبقول الشافعي أقول. لأن عروة قد سمع خبر بسرة منها. لا كما توهم البعض، علما أن الخبر واه لطعنه في مروان. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 131): وقد جزم ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة، بأن عروة سمعه من بسرة، وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان؛ قال عروة: فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدقته، واستدل على ذلك برواية جماعة من الأئمة له، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة، قال عروة: ثم لقيت بسرة فصدقته. وبمعني هذا أجاب الدارقطني وابن حبان. اهـ.
وقال أبو داود في مسائلة (1966): قلت لأحمد: حديث بسرة ليس بصحيح في مس الذكر، قال: بلى هو صحيح، وذلك أن مروان حدثهم، ثم جاءهم الرسول عنها بذلك. اهـ.
وقال ابن حبان (3/ 397): أما خبر بسرة. فإن عروة بن الزبير، سمعه من مروان بن الحكم، عن بسرة، فلم يقنعه ذلك، حتى بعث مروان شرطيا له، إلى بسرة فسألها، ثم أتاهم، فأخبرهم بمثل ما قالت بسرة، فسمعه عروة ثانيا، عن الشرطي، عن بسرة، ثم لم يقنعه ذلك؛ حتى ذهب إلى بسرة؛ فسمع منها الخبر، فالخبر، عن عروة، عن بسرة متصل، ليس بمنقطع، وصار مروان والشرطي، كأنهما عاريتان يسقطان من الإسناد ". اهـ. وقد تكلم في مروان، لكنه توبع، فقال ابن حبان عنه: معاذ الله أن نحتج بمروان بن الحكم في شيء من كتبنا، ولكن عروة لم يقنع بسماعة من مروان؛ حتى بعث مروان شرطيا له، إلى بسرة فسألها. ثم أتاهم فأخبرهم بما قالت بسرة، ثم لم يقنعه ذلك؛ حتى ذهب عروة إلى بسرة فسمع منها. فالخبر، عن عروة، عن بسرة متصل، ليس بمنقطع. وصار مروان. والشرطي، كأنهما زائدان في الإسناد، ثم أخرجه، عن عروة، عن بسرة، وأخرجه أيضا، عن عروة، عن مروان، عن بسرة. وفي آخره قال عروة: فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدقته. اهـ.
وقال عبد الحق في الأحكام الوسطى (1/ 138): وقد صح سماع عروة من بسرة هذا الحديث، بين ذلك الدارقطني .... اهـ.
ولما ذكر ابن الجوزي في التحقيق (193)، طريق يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة قال: هذا إسناد لا مطعن فيه. اهـ. ثم نقل تصحيح الترمذي له، وقال ابن عبدالهادي في التنقيح (1/ 152): قال النسائي: هشام بن عروة لم يسمع من أبيه هذا الحديث، وقال الإمام أحمد: قال شعبة: لم يسمع هشام حديث أبيه في مس الذكر. قال يحيى: فسألت هشاما فقال: أخبرني أبي، ورواه ابن أبي فديك، عن ربيعة بن عثمان، عن
هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة فذكر الحديث. قال عروة: فسألت بسرة فصدقته. فقد صح سماع عروة من بسرة، وسماع هشام من أبيه. اهـ. وقول الإمام أحمد ويحيى بن سعيد، رواه عبدالله ابن الإمام أحمد في العلل (2/ رقم 3745).
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 131): وأما الطعن في مروان، فقد قال ابن حزم: لا نعلم لمروان شيئا يجرح به قبل خروجه على ابن الزبير، وعروة لم يلقه إلا قبل خروجه على أخيه. اهـ.
قلت: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميه الأموي أخرج له البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في التهذيب (10/ 83): عاب الإسماعيلي على البخاري تخريج حديثه، وعد من موبقاته، أنه رمى طلحة أحد العشرة يوم الجمل، وهما جميعا مع عائشة فقتل. ثم وثب على الخلافة بالسيف. اهـ.
واعتذر له الحافظ في مقدمة الفتح (ص 443) فقال: قال عروة بن الزبير: كان مروان لا يتهم في الحديث
…
، ثم قال الحافظ: وإنما نقموا عليه أنه رمى طلحة يوم الجمل بسهم فقتله، ثم شهر السيف في طلب الخلافة، حتى جرى ما جرى؛ فأقتل طلحة فكان متأولا فيه، كما قرره الإسماعيلي وغيره، وأما ما بعد ذلك فإنما حمل عنه، سهل بن سعد، وعروة، وعلي بن الحسين، وأبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث، وهؤلاء أخرج البخاري أحاديثهم عنه في صحيحه، لما كان أميرا عندهم بالمدينة، قبل أن يبدو منه في الخلاف على ابن الزبير ما بدا. والله أعلم. وقد اعتمد مالك على حديثه ورأيه، والباقون سوى مسلم. اهـ.
فالحديث رجاله ثقات، وإسناده قوي. وهو إلى الصحة أقرب.
قال البيهقي (1/ 128): وإنما لم يخرجا في الصحيح حديث بسرة. لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة، أو هو عن مروان، عن بسرة، ولكنهما احتجا بسائر رواته. والله أعلم. اهـ.
ولهذا نقل الترمذي (1/ 89)، عن البخاري، أنه قال: وأصح شيء في هذا الباب حديث بسرة. اهـ. وأطال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 280 - 290)، في مناقشة علل الحديث.
وأما بسرة بنت صفوان فقد قال البيهقي عنها (1/ 130): بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد من المبائعات، وورقة بن نوفل عمها، وهي زوجة معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، قاله مصعب الزبيري. وهي جدة عبد الملك بن مرون، أم أمه، قاله مالك بن أنس. اهـ.
وصحح الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 150) حديث بسرة. وحسنه النووي في المجموع (2/ 35)، وصححه في الخلاصة (1/ 133).
وروى أحمد (2/ 223) برقم (7076) قال: حدثنا عبد الجبار بن محمد، يعني الخطابي، حدثي بقية، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، شعيب، عن جده عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مس ذكره فليتوضا، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ.
قال الترمذي في علله (55): قال محمد ـ يعني البخاري ـ وحديث عبدالله بن عمرو في مس الذكر هو عندي صحيح. اهـ.
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 95): قال الحازمي: هذا إسناد صحيح لأن إسحاق بن راهويه رواه في مسنده: حدثنا بقية بن الوليد حدثني
الزبيدي حدثني عمرو- فذكره. وبقية ثقة في نفسه، وإذا روى عن المعروفين فمحتج به، وقد احتج به مسلم ومن بعده من أصحاب الصحيح. والزبيدي- محمد بن الوليد- إمام محتج به. وعمرو بن شعيب ثقة باتفاق أئمة الحديث قال: وإذا روى عن غير أبيه لم يختلف أحد في الاحتجاج به، وأما رواياته، عن أبيه، عن جده، فالأكثرون على أنها متصلة، ليس فيها إرسال ولا انقطاع .... قال الحازمي: وقد روي هذا الحديث من غير وجه، عن عمرو بن شعيب، فلا يظن أنه من مفاريد بقية. اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 58): قال البيهقي: ومحمد بن الوليد ثقة، ثم أخرجه من طريق ابن عدي بسنده، عن يحيى بن راشد، عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب نحوه، قال: وخالفهم المثنى بن الصباح في إسناده، وليس بالقوي، ثم أخرجه، عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن بسرة بنت صفوان، قالت: يا رسول الله كيف ترى في إحدانا تمس فرجها، والرجل يمس فرجه بعد ما يتوضأ؟ قال: يتوضأ يا بسرة قال عمرو: وحدثني سعيد بن المسيب أن مروان أرسل إليها ليسألها، فقالت: دعني، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده فلان. وفلان. وعبد الله بن عمر، فأمرني بالوضوء، انتهى. وأكثر الناس يحتج بحديث عمرو بن شعيب إذا كان الراوي عنه ثقة، وأما إذا كان الراوي عنه، مثل المثنى بن الصباح. أو ابن لهيعة، وأمثالهما، فلا يكون حجة، أما حديثه، عن أبيه، عن جده؛ فقد تكلم فيه من جهة، أنه كان يحدث من صحيفة جده. قالوا: وإنما روى أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها. ومن فوائد شيخنا الحافظ جمال الدين المزي، قال: عمرو بن شعيب، يأتي
على ثلاثة أوجه: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وهو الجادة. وعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو. وعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبدالله بن عمرو، فعمرو له ثلاثة أجداد: محمد. وعبد الله. وعمرو بن العاص، فمحمد تابعي، وعبد الله. وعمرو صحابيان، فإن كان المراد بجده محمدا فالحديث مرسل، لأنه تابعي، وإن كان المراد به عمرو، فالحديث منقطع؛ لأن شعيبا لم يدرك عمرو، وإن كان المراد به عبدالله فيحتاج إلى معرفة سماع شعيب من عبد الله، وقد ثبت في الدارقطني وغيره بسند صحيح، سماع عمرو من أبيه شعيب، وسماع شعيب من جده عبد الله. اهـ
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1266): رواه أحمد وفيه بقية بن الوليد، وقد عنعنه وهو مدلس. اهـ. وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (1/ 60): إسناده قوي، رواه جماعة، عن بقية. اهـ ..
وقال الألباني في الأرواء (1/ 151): ورجاله ثقات، لولا عنعنة بقية، وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد بن الفرج الحمصي عنه: حدثني الزبيدي به، بلفظ: أيما رجل مس فرجه .... أخرجه الدارقطني (ص 54)، والبيهقي (1/ 132): هذا فيه ضعف. إلا أن البيهقي قال: وهكذا رواه عبدالله بن المؤمل، عن عمرو، وروي من وجه آخر، عن عمرو. ثم ساق إسناده إليه بمعناه. وبالجملة فالحديث حسن الإسناد، صحيح المتن بما قبله. اهـ.
وروى ابن حبان (4/ 482) قال: أخبرنا إسحاق بن محمد القطان، قال: حدثنا محمد بن إشكاب، حدثنا مصعب بن المقدام، حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمس الرجل ذكره بيمينه.
قلت: رجاله ثقات، وأبا الزبير وصفه بعضهم بالتدليس، كما سبق بيانه. لكن أعله أبوزرعة وأبوحاتم. قال ابن أبي حاتم في العلل (30): سألت أبي وأبا زرعة، عن حديث، رواه مصعب بن المقدام، عن الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم، أن يمس الرجل ذكره بيمينه. فقالا: هذا خطأ؛ إنما هو الثوري، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: الوهم ممن هو قالا: من مصعب بن المقدام. اهـ.
وروى أحمد (2/ 333)، والدارقطني (1/ 147)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 74)، والبيهقي (1/ 130 - 131) كلهم، من طريق يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفضى بيده إلى ذكره؟ ليس بينهما ستر ولا حجاب فليتوضأ.
قلت: يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي، ضعفه أحمد، وقال: عنده مناكير. اهـ. ولينه يحيى. وقال ابن معين: ليس بذاك. اهـ. وضعفه أيضا أبوزرعة وأبو حاتم والنسائي. وتابعه نافع بن أبي نعيم، عن المقبري به، كما عند الحاكم (1/ 233)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح. اهـ. ومن كلا الوجهين، أخرجه عنهما ابن حبان في صحيحه (3/ 41)، وفي الموارد (210) من طريق أصبغ، ثنا عبدالرحمن بن القاسم، عن يزيد، ونافع، عن المقبري، به.
ونافع بن أبي نعيم أحد القراء السبعة. ووثقه ابن معين وابن المديني. وقال أحمد: كان يؤخذ عنه القرآن، وليس بشيء في الحديث. اهـ. وقال
النسائي: ليس به بأس. اهـ.
ونقل الزيلعي في نصب الراية (1/ 56)، عن ابن حبان أنه قال: واحتجاجنا فيه بنافع لا بيزيد، فإنا قد تبرأنا من عهدة يزيد في كتاب الضعفاء. اهـ. لكن قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 134): قال الطبراني لم يروه عن نافع بن أبي نعيم إلا عبدالرحمن بن القاسم، وقال ابن عبدالبر: كان هذا الحديث لا يعرف إلا من رواية يزيد، حتى رواه أصبغ، عن ابن القاسم، عن نافع بن أبي نعيم، ويزيد، جميعا، عن المقبري .... اهـ.
والحديث ضعفه النووي في المجموع (2/ 135)، وسئل الدارقطني في العلل (8/ رقم 1454)، عن هذا الحديث فقال: اختلف فيه على سعيد المقبري. فرواه يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وكذلك رواه نافع بن أبي نعيم القاري، عن المقبري، عن أبي هريرة. وقال: عبدالله بن نافع الصائغ، عن يزيد بن عبد الملك، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. ورواه أبو سعيد مولى بني هاشم بإسناد آخر، عن عمرو بن وهب، عن جميل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وغير أبي سعيد يرويه موقوفا. وهو الصواب. اهـ.
* * *
(54)
وفي لفظ: من مس فرجه فليتوضأ. وصححه أحمد.
رواه أحمد (2/ 223)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 75)، والدارقطني (1/ 147)، والبيهقي (1/ 132 - 133)، والحازمي في الاعتبار (ص 88) كلهم، من طريق بقية بن الوليد، حدثني الزبيدي، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ.
قلت: إسناده ظاهره الصحة، وبقية صرح بالتحديث.
وبه أعله ابن الجوزي في التحقيق، وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 161): قال محمد: حديث عبدالله بن عمرو في مس الذكر هو عندي صحيح. اهـ.
وقال الحازمي: هذا إسناد صحيح؛ لأن إسحاق بن إبراهيم إمام غير مدافع. وقد أخرجه في مسنده، وبقية بن الوليد ثقة في نفسه، وإذا روى عن المعروفين فمحتج به. وقد أخرج مسلم بن الحجاج فمن بعده من أصحاب الصحاح حديثه، محتجين به. والزبيدي هو محمد بن الوليد قاض دمشق، من ثقات الشاميين، محتج به في الصحاح كلها، وعمر بن شعيب ثقة باتفاق أئمة الحديث
…
، وسلسلة عمرو بن شعيب وبيان أنها حسنة. اهـ
وروى ابن ماجه (482) قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا عبدالسلام بن حرب، عن إسحاق بن أبي فروة، عن الزهري، عن عبدالرحمن بن عبدالقاري، عن أبي أيوب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مس فرجه فليتوضأ.
قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 57): هو حديث ضعيف، فإن إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة متروك باتفاقهم، وقد اتهمه بعضهم. اهـ
وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (1/ 61): إسحاق واه، وابن وكيع ليس بعمدة. اهـ
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 69): هذا إسناد فيه إسحاق بن أبي فروة وقد اتفقوا على تضعيفه. اهـ.
وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (391): صحيح بما قبله. اهـ
* * *
(55)
حديث: من أفضى بيده إلى ذكره، ليس دونه ستر، فقد وجب عليه الوضوء. رواه احمد.
أخرجه أحمد (2/ 333)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 74) - الطهارة- باب مس الفرج، هل يجب فيه الوضوء أم لا؟، والبزار كما في كشف الأستار (1/ 149 - 286)، والدراقطني (1/ 147) - الطهارة- باب ما روي في لمس القبل والدبر والذكر- (6)، وابن عدي في الكامل (7/ 2715)، والبيهقي (1/ 133) - الطهارة- باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف، كلهم من طريق يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفضى بيده إلى ذكره؟ ليس بينهما ستر ولا حجاب فليتوضأ.
قلت: يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي، ضعفه أحمد، وقال: عنده مناكير. اهـ. ولينه يحيى بن معين. وقال أيضا ابن معين: ليس بذاك. اهـ. وضعفه أيضا أبو زرعة وأبوحاتم والنسائي. وتابعه نافع بن أبي نعيم، عن المقبري به، كما عند الحاكم (1/ 233)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح. اهـ. ومن كلا الوجهين أخرجه عنهما ابن حبان في صحيحه (3/ 41)، وفي الموارد (210) من طريق أصبغ، ثنا عبدالرحمن بن القاسم، عن يزيد ونافع، عن المقبري به. ونافع بن أبي نعيم أحد القراء السبعة. ووثقه ابن معين وابن المديني. وقال أحمد: كان يؤخذ عنه القرآن، وليس بشيء في الحديث. اهـ. وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ.
ونقل الزيلعي في نصب الراية (1/ 56)، عن ابن حبان أنه قال: واحتجاجنا
فيه بنافع لا بيزيد، فإنا قد تبرأنا من عهدة يزيد في كتاب الضعفاء. اهـ لكن قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 134): قال الطبراني لم يروه عن نافع بن أبي نعيم إلا عبدالرحمن بن القاسم، وقال ابن عبد البر: كان هذا الحديث لا يعرف إلا من رواية يزيد، حتى رواه أصبغ، عن ابن القاسم، عن نافع بن أبي نعيم ويزيد جميعا، عن المقبري .... اهـ.
وصححه ابن عبد البر، وقال ابن السكن: هو أجود ما روي في هذا الباب. انظر: التلخيص الحبير (1/ 125، 126)، والحديث ضعفه النووي في المجموع (2/ 135)، وسئل الدارقطني في العلل (8/ رقم 1454)، عن هذا الحديث فقال: اختلف فيه على سعيد المقبري. فرواه يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وكذلك رواه نافع بن أبي نعيم القاري، عن المقبري، عن أبي هريرة. وقال: عبدالله بن نافع الصائغ، عن يزيد بن عبد الملك، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. ورواه أبوسعيد مولى بني هاشم بإسناد آخر، عن عمرو بن وهب، عن جميل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وغير أبي سعيد يرويه موقوفا. وهو الصواب. اهـ.
* * *
(56)
روي عن ابن عمر وابن عباس: أنهما كانا يأمران غاسل الميت الوضوء.
أخرجه عبد الرزاق 3/ 407 (6108) عن معمر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال من غسل ميتا فليغتسل وبه نأخذ.
فلت: الحارث متروك كما سبق.
ورواه عبد الرزاق 3/ 405 (6101) عن ابن جريج عن عطاء قال سئل بن عباس أعلى من غسل ميتا غسل قال لا قد إذن نجسوا صاحبهم ولكن وضوء.
وأخرجه عبد الرزاق (3/ 405 - 407) - الجنائز- باب من غسل ميتا اغتسل أو توضأ- (6101، 6107)، والبيهقي (1/ 305، 306) - الطهارة- باب الغسل من غسل الميت- من قول ابن عمر وابن عباس بنحوه مفرقا.
وروي عنهما خلافه، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 268) - الطهارة- باب من قال: ليس على غاسل الميت غسل- بلفظ: أن ابن عباس وابن عمر قالا: ليس على غاسل الميت غسل.
وروى أبو داود (348)، وأحمد (6/ 152)، وابن خزيمة (1/ 126)، والدارقطني (1/ 113)، والبيهقي (1/ 299)، والحاكم (1/ 267)، كلهم من طريق، مصعب بن شيبة، عن طلق بن خبيب العنزي، عن عبدالله بن الزبير، عن عائشة أنها حدثته، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت الحديث.
قال الحاكم (1/ 268): هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين ولم
يخرجاه. اهـ ووافقه الذهبي.
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 510): على شرط مسلم. اهـ.
قلت: مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة تكلم فيه، فقد وثقه ابن معين كما في رواية إسحاق بن منصور. وقال الأثرم، عن أحمد: روى أحاديث لا يحمد وإنه وليس بقوي. اهـ. وقال النسائي: منكر الحديث. اهـ. وقال في موضع آخر: في حديثه شيء. اهـ. وقال الدارقطني: ليس بالقوي ولا بالحافظ. اهـ. وقال ابن عدى: تكلموا في حفظه. اهـ.
ولهذا ضعف أبو داود هذا الحديث، فقد نقل عنه المزي في تحفة الأشراف (11/ 439)، أنه قال: حديث مصعب ضعيف، ليس العمل عليه. اهـ. فيظهر أن مسلم انتقى حديثه. ولهذا قال البيهقي (1/ 267): أخرج مسلم في الصحيح، حديث مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن ابن الزبير، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة وترك هذا الحديث فلم يخرجه، ولا أراه تركه إلا لطعن بعض الحفاظ فيه. اهـ. يعني بذلك حديث الباب. وقال المنذري كما في مختصر السنن (1/ 215)، قال البخاري: حديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك، وقال الإمام أحمد بن حنبل وعلي بن المديني: لا يصح في الباب شيء، وقال محمد بن يحيى: لا أعلم في من غسل ميتا فليغتسل، حديثا ثابتا، ولو ثبت لزمنا استعماله. اهـ. وقال الإمام أحمد كما في المسائل، برواية عبدالله (1/ 82 - 83): لا يغتسل من الحجامة، ليس يثبت، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وروى العقيلي في الضعفاء الكبير (4/ 196 - 197)، عن الأثرم قال: ذكرت لأبي عبدالله الوضوء من الحجامة، فقال: ذاك حديث منكر؛ رواه
مصعب بن شيبة، أحاديثه مناكير، منها هذا الحديث، وعشرة من الفطرة، وخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مرط مرجل. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (113): سألت أبا زرعة، عن الغسل من الحجامة. قلت: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم الغسل من أربع، فقال: لا يصح هذا، رواه مصعب ابن شيبة وليس بقوي. قلت لأبي زرعة: لم يرو، عن عائشة من غير حديث مصعب؟ قال: لا. اهـ.
وقال البيهقي في الخلافيات (3/ 271): رواة هذا الحديث كلهم ثقات؛ فإن طلق بن حبيب، ومصعب بن شيبة، قد أخرج مسلم رحمه الله حديثهما. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (3/ 56)، بعد نقله قول البيهقي السابق: واعتل الأثرم في هذا الحديث بعلل: منها قوله: إن حديث عائشة هذا، إنما هو من حديث مصعب بن شيبة، وقد سمعت أبا عبدالله يتكلم فيه؛ فيذكر أن أحاديثه مناكير، وسمعته يتكلم في هذا الحديث بعينه. ومنها أن قد صح، عن عائشة رضي الله عنها خلاف هذا القول: أنها أنكرت الغسل من غسل الميت، فكيف ترويه، عن النبي صلى الله عليه وسلم وتنكره على فعله. ومنها أيضا، عن عائشة أنها كانت ترخص في غسل الجمعة، وهذا يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به. ومنها أيضا: أن الغسل من الحجامة، وهذا ينكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لإجماع الأمة على أنه لا يجب في الدم غسل. اهـ.
وقد سبق ذكر أحاديث الباب في باب فيمن غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ. ورويت هذه الأمور الأربع الموجبة للغسل، في حديث عائشة من وجه آخر، عن عبدالله ابن عمرو.
فقد روى مسدد كما في المطالب (196)، قال: حدثنا عبدالله بن داود، ثنا الأعمش، عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: الغسل من خمس: الحجامة، والحمام، والجنابة، والموتي، والجمعة. قال فذكر ذلك لإبراهيم. وقال: ما كانوا يعدون غسلا واجبا إلا الجنابة، وكانوا يستحبون غسل الجمعة.
قلت: رجاله ثقات، وإسناده ظاهره الصحة.
ورواه البيهقي (1/ 300) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش به.
وروي مرفوعا من حديث أبي هريرة:
أخرجه «أحمد» 2/ 433 (9599) و 2/ 472 (10112) قال: حدثنا يحيى. وفي 2/ 454 (9865) قال: حدثنا حجاج. و ابن أبي شيبة 3/ 269 (11153) و 3/ 369 (11999) قال: حدثنا شبابة. كلاهما (شبابة بن سوار، ويحيى بن سعيد، وحجاج بن محمد) عن ابن أبي ذئب، عن صالح، مولى التوأمة، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ. - لفظ يحيى: من غسل ميتا فليغتسل.
قال البيهقي في السنن الكبرى 1/ 303: هذا هو المشهور من حديث ابن أبى ذئب.
قلت: صالح مولى التوأمة تكلم فيه. وسماع ابن أبي ذئب من صالح بن نبهان مولى التوأمة قيل كان قبل الاختلاط.
ومع هذا فقد أعله الأئمة بأن فيه صالح مولى التوأمة فقد قال البيهقي 1/ 303 عقبة: هذا هو المشهور من حديث ابن أبي ذئب وصالح مولي التوأمة ليس بالقوي». أهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في تلخيص الجير 1/ 144: صالح مولى
التوأمة ضعيف». أ. هـ.
وأخرجه عبد الرزاق (6110). وأحمد 2/ 280 (7757) قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل يقال له: أبو إسحاق، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتا فليغتسل.
وأخرجه أحمد 2/ 280 (7758) قال: حدثنا يونس، حدثنا أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل من بني ليث، عن أبي إسحاق؛ أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتا فليغتسل. زاد فيه: عن رجل من بني ليث".
قلت: إسناده ضعيف، لجهالة أبي إسحق. قال الترمذي في العلل ـ ترتيب أبي طالب ـ 245 قال أبو عيسى سألت محمدا عن هذا الحديث من غسل ميتا فليغتسل فقال روى بعضهم عن سهيل بن أبي صالح عن إسحاق مولى زائدة عن أبي هريرة موقوفا قال محمد إن أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله قالا لا يصح في هذا الباب شيء. أ. هـ.
وصححه الألباني في صحيح أبي داود 3162.
قال البيهقي في السنن الكبرى 1/ 301: قال البخارى: وهذا أشبه. قال وقال ابن حنبل وعلى: لا يصح فى هذا الباب شيء
…
وقال أبو عيسى: سألت محمد بن إسماعيل البخارى عن هذا الحديث فقال: إن أحمد بن حنبل وعلى بن عبد الله قالا: لا يصح فى هذا الباب شيء. قال محمد: وحديث عائشة فى هذا الباب ليس بذاك .. أ. هـ.
واختلف في إسناده.
وسيأتي التوسع في تخريجه بعد عدة أحاديث.
(57)
قال أحمد: فيه حديثان، حديث البراء، وجابر بن سمرة.
قلت: حديث جابر بن سمرة: أخرجه مسلم (1/ 189) برقم (729)، وابن ماجه (495)، وأحمد (5/ 86) برقم (21096)، وفي (5/ 96) برقم (21216)، و (5/ 105) برقم (21322)، وفي (5/ 106) برقم (21328)، وابن خزيمة (31) كلهم من طريق، جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة؛ أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ. قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، فتوضأ من لحوم الإبل. قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا.
وقال أبو بكر ابن خزيمة: لم نر خلافا بين علماء أهل الحديث، أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل، وروى هذا الخبر أيضا، عن جعفر بن أبي ثور، أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي، وسماك بن حرب، فهؤلاء ثلاثة من أجلة رواة الحديث، قد رووا، عن جعفر بن أبي ثور هذا الخبر. اهـ.
وصححه الترمذي، وابن حبان، وابن خزيمة، وقال الترمذي: صح في هذا الباب حديثان، عن رسول الله: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة.
وقال البيهقي: قد صح فيه حديثان، حديث جابر بن سمرة، وحديث البراء. قاله أحمد بن حنبل وإسحاق ابن راهويه. اهـ. انظر: التلخيص الحبير (1/ 115، 116).
وقال الطبراني في المعجم الكبير (7/ 270) قال: حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، ثنا سليمان بن داود الشاذكوني، ثنا إسماعيل بن عبدالله بن
موهب، عن عثمان بن عبدالله بن موهب، عن جابر بن سمرة، عن ابن سمرة السوائي، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنا أهل بادية وماشية، فهل نتوضأ من لحوم الإبل وألبانها؟، قال: نعم، فقلت: فهل نتوضأ من لحوم الغنم وألبانها؟ قال: لا.
قلت: سليمان بن داود الشاذكوني متروك. فقد كذبه ابن معين، وقال أبوحاتم: ليس بشي متروك الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال البخاري: فيه نظر. وإسماعيل بن عبدالله بن موهب، فلم أجد من ترجم له، إن كان هذا هو رسم اسمه الصحيح. والغريب قول الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 250): رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن إن شاء الله. ومع ذلك فقد خالفه غيره، من الأئمة المشهورين بالإتقان، فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه (4/ 48 ـ نووي)، عن أبي عوانة، عن عثمان بن عبدالله بن موهب، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟، قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا توضأ، قال: أاتوضأ من لحوم الإبل؟، قال: نعم توضأ من لحوم الإبل ..... الحديث، ولم يذكر الألبان، وهذا اللفظ هو الصحيح المتقن، وإسناده الصحيح، أما طريق إسماعيل السابقة فساقطة، والله أعلم.
ورواه الطبراني في الكبير (7/ رقم 7106) قال: حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، ثنا سليمان بن داود الشاذكوني، ثنا إسماعيل بن عبدالله بن موهب، عن عثمان بن عبدالله بن موهب، عن جابر بن سمرة، عن أبيه سمرة السوائي قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنا أهل بادية وماشية، فهل نتوضأ من لحوم الإبل وألبانها؟ قال: نعم. قلت: فهل نتوضأ من لحوم الغنم
وألبانها؟ قال: لا.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 250): إسناده حسن. اهـ.
قلت: في إسناده سليمان بن داود المنقري الشاذكوني أبو أيوب، وهو متروك. كما سبق. وذهل الهيثمي في مجمع الزوائد فحسنه، مع أنه قال في المجمع (10/ 286): سليمان الشاذكوني متروك. اهـ.
وروى أحمد (4/ 352) قال: حدثني عفان، قال: ثنا حماد ابن سلمة، أنبأنا الحجاج بن أرطاة، عن عبدالله بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه أسيد بن حضير قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: توضؤا من لحوم الإبل، ولا توضؤا من لحوم الغنم، وصلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في مبارك الإبل.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه الحجاج بن أرطأه، وهو ضعيف كما سبق.
قال الترمذي (1/ 87): روى حماد بن سلمة هذا الحديث، عن الحجاج بن أرطاة، فأخطأ فيه، وقال فيه: عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أسيد بن حضير، والصحيح، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب. اهـ.
قلت: حديث البراء سوف يأتي.
أما حديث أسيد بن الحضير، فإن في إسناده الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف كثير التدليس، وفيه انقطاع.
وقال ابن عبدالهادي في التنقيح (1/ 500): هو حديث مرسل، فإن ابن أبي ليلى لم يسمع من أسيد بن حضير، والحجاج بن أرطاة تكلم فيه غير واحد من الأئمة. اهـ.
وروى أحمد (4/ 352) برقم (19307)، و (4/ 391) برقم (19712)، وابن ماجه (496) كلاهما من طريق عباد بن العوام، حدثنا الحجاج بن أرطاة، عن عبدالله بن عبد الله، مولى بني هاشم، قال: وكان ثقة، قال: وكان الحكم يأخذ عنه، قال: حدثنا عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه سئل، عن ألبان الإبل، قال: توضؤوا من ألبانها، وسئل عن ألبان الغنم، فقال: لا توضؤوا من ألبانها. - لفظ الهروي: لا توضؤوا من ألبان الغنم، وتوضؤوا من ألبان الإبل.
وأخرجه أحمد (4/ 352) برقم (19306) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، أنبانا الحجاج بن أرطاة، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أسيد بن حضير، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: توضؤوا من لحوم الإبل، ولا توضؤوا من لحوم الغنم، وصلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في مبارك الإبل.
وروى ابن ماجه (497)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا يزيد بن عبد ربه، ثنا بقية، عن خالد بن يزيد بن عمر بن هبيرة الفزارى، عن عطاء بن السائب، قال: سمعت محارب بن دثار، يقول: سمعت عبدالله بن عمرو، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: توضئوا من لحوم الإبل، ولا تتوضئوا من لحوم الغنم. وتوضئوا من ألبان الإبل، ولا توضئوا من ألبان الغنم، وصلوا في مراح الغنم، ولا تصلوا في معاطن الإبل.
قلت: إسناده ضعيف. لأن فيه بقية بن الوليد وهو مدلس. وقد عنعن.
لكن ذكر ابن أبي حاتم أنه صرح بالسماع كما سيأتي.
وأيضا خالد بن يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري، مجهول الحال، كما قال
الحافظ ابن حجر في التقريب (1679)، وقال الذهبي: فيه جهالة لأنه لم يرو عنه غير بقية. اهـ. وله طريق آخر. وقوى أبو حاتم الموقوف. قال ابن أبي حاتم في العلل (48): سألت أبي، عن حديث رواه أحمد بن عبده، عن يحيى بن كثير، قال أبي: وهو والد كثير بن يحيى، ابن كثير وكنيته أبو النضر، وليس بالعنبري، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: توضأوا من لحوم الإبل، ولا توضأوا من لحوم الغنم. سمعت أبي يقول: كنت أنكر هذا الحديث لتفرده. فوجدت أن له أصلا، حديث ابن المصفا، عن بقية، قال: حدثني فلان سماه، عن عطاء بن السائب، عن محارب، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. قال: وحدثني عبيدالله ابن سعد الزهري، قال: حدثني عمي يعقوب، عن أبيه، عن ابن إسحاق، حدثني عطاء بن السائب الثقفي، أنه سمع محارب بن دثار، يذكر، عن ابن عمر بنحو هذا، ولم يرفعه. قال أبي: حديث ابن إسحاق أشبه موقوف. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 176)، لما ذكر الحديث: رواه ابن ماجه من رواية عطاء بن السائب، قال أحمد: ثقة رجل صالح. وقال أيضا: من سمع منه قديما فهو صحيح. ومن سمع منه حديثا لم يكن بشيء، ووثقه ابن معين وأبو حاتم الرازي. والذي روه، عن عطاء، خالد بن يزيد وهو غير مشهور، وقد روي هذا الحديث موقوفا على ابن عمر وهو أشبه. اهـ.
وقال البوصيري في الزوائد: في إسناده بقية بن الوليد، وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة، ورجاله ثقات؛ خالد بن عمر مجهول الحال
…
أ. هـ.
وروى الطبراني في الكبير (7/ رقم 6713) قال: حدثنا عبدان بن محمد
المروزي، ثنا إسحاق بن راهويه، ثنا أحمد بن أيوب الضبي، عن أبي حمزة السكري، عن جابر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن سليك الغطفاني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: توضئوا من لحوم الإبل، ولا توضأوا من لحوم الغنم، وصلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في مبارك الإبل.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه جابر الجعفي، وسبق الكلام عليه. قال معلى بن منصور: قال لي أبو عوانة: كان سفيان وشعبة، ينهياني، عن جابر الجعفي، وكنت أدخل عليه فأقول من كان عندك، فيقول: شعبة وسفيان. اهـ. وقال ابن معين: لم يدع جابرا ممن رآه إلا زائدة، وكان جابر كذابا. اهـ. وقال في موضع آخر: لا يكتب ولا كرامة. اهـ. وقال عمرو بن علي: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه، كان عبدالرحمن يحدثنا عنه قبل ذلك ثم تركه. اهـ. واتهمه الإمام أحمد. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال الحاكم: أبو أحمد ذاهب الحديث. اهـ. وقال الجوزجاني: كذاب. اهـ.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 250): فيه جابر الجعفي، وثقه شعبة وسفيان، وضعفه الناس. اهـ.
ثانيا: حديث البراء، رواه أبو داود (184)، والترمذي (81)، وابن ماجه (494)، وأحمد (1/ 288)، وابن خزيمة (1/ 21 - 22)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 384)، وابن حبان (215)، والبيهقي (1/ 59)، وأبو داود الطيالسي (732 - 735)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 138)، كلهم من طريق الأعمش، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الوضوء من لحوم الإبل، فقال: توضئوا منها، وسئل عن لحوم الغنم، فقال: لا تتوضئوا منها، وسئل عن
الصلاة في مبارك الإبل. فقال: لا تصلوا في مبارك الإبل، فإنها من الشياطين، وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم. فقال: صلوا فيها، فإنها بركة.
قلت: رجاله لا بأس بهم. لكن اختلف على عبدالرحمن بن أبي ليلي. فقد رواه أحمد (4/ 352) من طريق حماد بن سلمة، عن الحجاج، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أسيد بن حضير بنحوه. ورواه أيضا عبدالله بن أحمد، كما في زوائده على المسند (4/ 67 - 5/ 112) من طريق عبيد ة الضبي، عن عبدالله الرازي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغرة الجهني بنحوه.
قلت: يظهر أن الراجح رواية الأعمش، وأنه حفظ إسناده فأداه على وجهه. لهذا قال الترمذي (1/ 87): وقد روى الحجاج بن أرطاة هذا الحديث، عن عبدالله بن عبدالله، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب. وهو قول أحمد وإسحاق. وروى عبيدة الضبي، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، عن ذي الغرة الجهني. وروى حماد بن سلمة هذا الحديث، عن الحجاج بن أرطاة فأخطأ فيه، وقال فيه: عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه أسيد بن حضير. والصحيح، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب. قال إسحاق صح في هذا الباب حديثا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث البراء وحديث جابر بن سمرة. اهـ. ونحو هذا قال في العلل الكبير (1/ 152 - 153).
وقال ابن أبي حاتم في العلل (38): سألت أبي، عن حديث رواه عبيدة الضبعي، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغرة الطائي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الوضوء من لحم الإبل؟ قال: توضئوا.
ورواه جابر الجعفي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن أبي ليلى، عن سليك الغطفاني، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثنا سعدويه قال: حدثنا عباد بن العوام، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبدالله، عن ابن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت لأبي فأيهما الصحيح؟ قال: ما رواه الأعمش، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأعمش أحفظ. اهـ.
ولهذا قال ابن خزيمة (1/ 22): لم نر خلافا بين علماء أهل الحديث، أن هذا الخبر أيضا صحيح من جهة النقل، لعدالة ناقليه. اهـ.
وقال البيهقي (1/ 159): وعبيدة الضبي ليس بالقوى. وبلغني، عن أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أنهما قالا: قد صح في هذا الباب حديثان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة. اهـ.
وقال عبدالله ابن الإمام أحمد (1/ 65، 67): سألت أبي، عن الوضوء من لحوم الإبل. فقال: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة، جميعا. صحيح إن شاء الله. اهـ. وقد ورد، عن الإمام أحمد أيضا تصحيح الحديثين، في رواية ابن هانئ كما في المسائل (1/ 9)، والمسائل لأبي داود (ص 298)، ورواية أبي بكر الأثرم كما في طبقات الحنابلة (1/ 289 - 290)، وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 152): إسناده صحيح. اهـ.
* * *
(58)
لقوله: لا ينصرف حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا. متفق عليه.
رواه البخاري (137)، ومسلم (1/ 276)، وأبو داود (176)، والنسائي (1/ 98)، وابن ماجه (513)، كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعباد بن تميم، عن عمه عبدالله بن زيد، أنه قال: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في صلاته، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا.
قال الإمام مسلم (1/ 276)، وقال أبو بكر، وزهير بن حرب في روايتهما: هو عبدالله بن زيد. اهـ.
وروى البزار كما في مختصر زوائد مسند البزار (1/ 167) من طريق إسماعيل بن صبيح، ثنا أبو أويس، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأتي أحدكم الشيطان في صلاته، حتى ينفخ في مقعدته، فيخيل إليه أنه أحدث ولم يحدث، فإذا وجد أحدكم ذلك، فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا بأذنه، أو يجد ريحا بأنفه. اهـ.
قال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ، إلا من طريق ابن عباس. وروى معناه من طريق غيره. اهـ.
ورواه الطبراني في الكبير (11/ 177) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي، عن ثور بن زيد، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم: سئل، عن الرجل، يخيل إليه في صلاته، أنه أحدث ولم يحدث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته، حتى ينفخ في مقعدته، فيخيل إليه أنه أحدث ولم يحدث، فإذا وجد أحدكم ذلك، فلا
ينصرفن حتى يسمع صوت ذلك بأذنه، أو يجد ريح ذلك بأنفه. اهـ.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 242): رواه الطبراني في الكبير والبزار بنحوه، ورجاله رجال الصحيح. اهـ.
قلت: وإن كان رجاله رجال الصحيح؛ إلا أن في إسناده اختلاف، وأيضا فيه إسماعيل بن أبي أويس.
وروى مسلم (1/ 276)، والترمذي (75)، وابن خزيمة (1/ 19)، والبيهقي (1/ 117) كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا، فأشكل عليه، أخرج منه شيء. أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد، حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا.
وعند الترمذي بلفظ: إذا كان أحدكم في المسجد، فوجد ريحا بين إليتيه، فلا يخرج حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا.
ورواه عن سهيل جمع من الثقات، منهم جرير، وعبد العزيز بن محمد، وخالد بن عبدالله الوسطي، وخالفهم شعبة، فاختصر لفظه، فقد رواه الترمذي (74)، وأحمد (2/ 410 و 435)، وابن ماجه (516)، وابن خزيمة (1/ 18) كلهم من طريق شعبة، قال: سمعت سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح.
قال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 267): إسناده على شرط مسلم. اهـ.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ. ويظهر أن شعبة أختصر متن الحديث، كما قال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 267).
وقال ابن أبي حاتم في العلل (107): سمعت أبي، وذكر حديث شعبة،
عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وضوء إلا من صوت أو ريح. قال أبي: هذا وهم، اختصر شعبة متن الحديث، فقال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، ورواه أصحاب سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم في الصلاة، فوجد ريحا من نفسه. فلا يخرجن حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا. اهـ. ورجح ابن التركماني في الجوهر النقي، أنهما حديثان مختلفان.
وقد ورد في هذا المعنى حديث عبدالله بن زيد، وهو متفق عليه. وكذا حديث السائب بن يزيد. رواه ابن ماجه (516)، قال: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبدالعزيز بن عبيدالله، عن محمد بن عمرو بن عطاء، قال: رأيت السائب بن يزيد يشم ثوبه. فقلت: مم ذلك؟ قال: أبي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وضوء إلا من ريح أو سماع.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه عبد العزيز بن عبيدالله بن حمزة بن صهيب الحمصي. ضعفه ابن معين، وقال أبو زرعة: مضطرب الحديث، واهي الحديث، يروي عن أهل الكوفة والمدينة، ولم يرو عنه غير إسماعيل، وهو عندي عجيب ضعيف، منكر الحديث، ينكر حديثه، ويروي أحاديث مناكير، ويروي أحاديث حسانا. اهـ. وقال أبو داود: ليس بشيء. اهـ. وقال النسائي: ليس بثقة ولا يكتب حديثه. اهـ. وقال الدارقطني: متروك. اهـ.
ونحوه حديث أبي سعيد الخدري، عند ابن ماجه (514)، وهو معلول كما سيأتي. وسيأتي أيضا حديث صفوان بن عسال، في كتاب المسح على الخفين.
* * *
(59)
لقوله: الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أباح فيه الكلام. رواه الشافعي في مسنده.
أخرجه الترمذي (960)، وابن خزيمة (2739)، والدارمي (1847)، وفي (1848) كلهم من طريق عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير.
قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث، عن ابن طاووس، وغيره، عن طاووس، عن ابن عباس، موقوفا، ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب. اهـ.
وأخرجه النسائي (5/ 222)، وفي الكبرى (3930)، وأحمد (3/ 414) برقم (15501)، و (4/ 64) برقم (16729)، و (5/ 377) برقم (23588) كلاهما من طريق ابن جريج. قال: أخبرنى حسن بن مسلم، عن طاووس، عن رجل قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطواف صلاة، فإذا طفتم فأقلوا الكلام.
قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: قال أبي: ولم يرفعه محمد بن بكر.
وروي موقوف، فقد أخرجه النسائي في الكبرى (3931) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد. قال: حدثنا أبو عوانة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: الطواف بالبيت صلاة، فأقلوا الكلام فيه.
وأخرجه النسائي (5/ 222) قال: أخبرنا محمد بن سليمان. قال: أنبأنا السينانى، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن طاووس. قال: قال عبدالله بن عمر:
أقلوا الكلام فى الطواف، فإنما أنتم فى الصلاة.
قال النووي في المجموع (4/ 179): عطاء ضعيف لا يحتج به. اهـ
وقال ابن الجوزي في التحقيق (2/ 144): قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب، قال أحمد بن حنبل: اختلط عطاء في آخر عمره، فمن سمع منه قديما فهو صحيح. اهـ
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (2191): جرير أخذ، عن عطاء في أواخر عمره، وقد تابعه غيره: فرواه سمويه، عن عبدالله بن الزبير، عن فضيل بن عياض، عن عطاء مرفوعا بنحوه؛ ورواه ابن حبان، عن الحسن بن سفيان، عن محمد بن أبي السري، عن فضيل؛ ورواه النسائي، عن يوسف بن سعيد، عن حجاج بن محمد، و، عن الحارث بن مسكين، عن ابن وهب، جميعا، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاووس، عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، ولم يسم ابن عباس. ورواه موسى بن أعين، عن ليث بن أبي سليم، عن طاووس، عن ابن عباس مرفوعا. اهـ.
وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (411): تفرد برفعه عطاء. قال أحمد: اختلط في آخر عمره. قلت (القائل الذهبي): جرير أخذ عنه في أواخر عمره. اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (3/ 57 - 58): أخرجه الترمذي في كتابه، عن جرير، عن عطاء بن السائب به، بلفظ: الطواف حول البيت، مثل الصلاة، قال: وقد روي هذا الحديث، عن ابن طاووس، وغيره، عن طاووس موقوفا، ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب، انتهى. وعن الحاكم، رواه البيهقي في المعرفة بسنده، ثم قال: وهذا حديث قد رفعه عطاء بن السائب، في
رواية جماعة عنه، وروي عنه موقوفا، وهو أصح، انتهى. وقال الشيخ تقي الدين في الإمام: هذا الحديث روي مرفوعا وموقوفا، أما المرفوع فله ثلاثة أوجه: أحدها: رواية عطاء بن السائب، رواها عنه جرير، وفضيل بن عياض، وموسى بن أعين، وسفيان، أخرجها كلها البيهقي. الوجه الثاني: رواية ليث بن أبي سليم، رواها عنه موسى بن أعين، عن ليث، عن طاووس، عن ابن عباس مرفوعا باللفظ المذكور، أخرجها البيهقي في سننه، والطبراني في معجمه. الوجه الثالث: رواية الباغندي، عن أبيه، عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس مرفوعا نحوه، رواه البيهقي أيضا، فأما طريق عطاء، فإن عطاء من الثقات، لكنه اختلط بآخره، قال ابن معين: من سمع منه قديما فهو صحيح، ومن سمع منه حديثا فليس بشيء، وجميع من روى عنه روى عنه في الاختلاط، إلا شعبة، وسفيان، وما سمع منه جرير وغيره، فليس من صحيح حديثه، وأما طريق ليث؛ فليث رجل صالح صدوق، يستضعف، قال ابن معين: ليث بن أبي سليم ضعيف، مثل عطاء بن السائب، وقد أخرج له مسلم في المتابعات، وقد يقال: لعل اجتماعه مع عطاء يقوي رفع الحديث، وأما طريق الباغندي، فإن البيهقي لما ذكرها قال: ولم يصنع الباغندي شيئا في رفعه بهذه الرواية، فقد رواه ابن جريج، وأبو عوانة، عن إبراهيم بن ميسرة موقوفا، انتهى. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 487): قال فيه ابن الصلاح: إنه روي عن ابن عباس بمعناه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروي موقوفا من قوله، والموقوف أصح. وكذا قال المنذري والنووي: الصواب رواية الوقف؛ زاد النووي: ورواية الرفع ضعيفة. هذا كلامهم، وكأنهم تبعوا البيهقي في ذلك؛ فإنه قال في
المعرفة بعد أن أخرجه بلفظ: ابن حبان الآتي، وسنده: رفعه عطاء في رواية جماعة عنه، وروى عنه موقوفا، والموقوف أصح. انتهى. وتفطن أيها الناظر لما أورده لك؛ فاعلم أن هذا الحديث، روي مرفوعا وموقوفا، فرفعه من أوجه: أحدها: من طريق عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه؛ فمن تكلم فلا يتكلمن إلا بخير. رواه كذلك الترمذي في أواخر الحج من حديث قتيبة، ثنا جرير، عن عطاء به، ورواه الدارمي في مسنده في الحج، في باب الكلام في الطواف، من حديث موسى بن عثمان- ولعله ابن أعين- عن عطاء به، لكن بنحو لفظ حديث فضيل بن عياض الآتي، ورواه الحاكم في مستدركه في كتاب الحج من حديث عبد الصمد بن حسان، ثنا سفيان الثوري، عن عطاء به. إلا أن لفظه: الطواف بالبيت صلاة؛ إلا أن الله قد أحل لكم فيه الكلام؛ فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير. وبهذا اللفظ أخرجه ابن السكن في سننه الصحاح المأثورة، ثم رواه الحاكم أيضا فيه من حديث الحميدي، نا سفيان، عن عطاء به؛ إلا أن لفظه: إن الطواف بالبيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون؛ فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير. وسفيان المذكور في هذا السند هو ابن عيينة كما نبه عليه الشيخ تقي الدين في إمامه، ثم رواه الحاكم أيضا في تفسير سورة البقرة في مستدركه، من وجه آخر، عن عطاء، كما سيأتي في الوجه الخامس، ورواه البيهقي في خلافياته، من حديث موسى بن أعين، عن عطاء به، ولفظه: الطواف بالبيت صلاة، ولكن الله أحل لكم فيه المنطق؛ فمن نطق فلا ينطق إلا بخير. وهذه الطريقة أعلت بعطاء بن السائب، وهو من الثقات كما قاله أحمد وغيره وإن لين، لكنه اختلط؛ فمن روى عنه قبل الاختلاط كان
صحيحا، ومن روى عنه بعده فلا، كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من الحفاظ. قال أحمد: سمع منه قديما: شعبة، والثوري، وسمع منه جرير، وخالد بن عبد الله، وإسماعيل، وعلي بن عاصم، وكان يرفع، عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها. وقال ابن معين: جميع من روى عنه روى في الاختلاط، إلا شعبة وسفيان، وقال مرة: اختلط؛ فمن سمع منه قديما فهو صحيح، وما سمع منه جرير وذويه فليس من صحيح حديث عطاء، وقد سمع منه أبو عوانة في الحالين، ولا يحتج به. وذكر الترمذي حديثا في المشي في السعي من حديث ابن فضيل، عن عطاء، وصححه، وقال أيوب السختياني: اسمعوا منه حديث أبيه في التسبيح. وقال يحيى القطان: ما سمعت أحدا يقول في عطاء شيئا قط في حديثه القديم، وما حدث عنه شعبة وسفيان فصحيح، إلا حديثين؛ كان شعبة يقول: سمعتهما بآخره، عن زاذان، وقال شعبة: نا عطاء، وكان نسيا، وقال العجلي: ثقة قديم، ومن سمع منه بآخره فهو مضطرب الحديث، منهم: هشيم، وخالد بن عبد الله. وقال يحيى القطان: سمع منه حماد بن زيد قبل أن يتغير. وكذا قال أبو حاتم، عن حماد أيضا، وخالف العقيلي فقال- على ما نقله ابن القطان-: إنه سمع منه بعده. قلت (القائل ابن الملقن): وقد حصلت الفائدة هنا برواية سفيان الثوري التي رواها الحاكم؛ فإنه سمع منه قبل الاختلاط كما قررناه، وكذا قال ابن حزم في محلاه، في كتاب الأقضية: سمع منه قبل الاختلاط شعبة، وسفيان، وحماد بن زيد، والأكابر المعروفون. وعن الدارقطني: أنه لا يحتج من حديثه إلا بما رواه عنه الأكابر: شعبة، والثوري، ووهيب، ونظراؤهم. لا جرم قال الحاكم إثر روايته السالفة: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال: وقد أوقفه جماعة.
وقال ابن عبدالحق- فيما رده على ابن حزم في المحلى-: هذا حديث ثابت. وأخرجه الشيخ تقي الدين في إلمامه، وقال: أخرجه الحاكم في المستدرك من حديث سفيان، عن عطاء مرفوعا هكذا، وقد روي عنه غير مرفوع، وعطاء هذا من الثقات الذين تغير حفظهم أخيرا واختلطوا. ثم ذكر مقالة يحيى بن معين السالفة ...... أنتهى ما نقله وقاله ابن الملقن.
وقال الألباني في الإرواء (121): عطاء بن السائب كان قد اختلط؛ لكن سفيان الثوري روى عنه قبل الاختلاط، وهو ممن روى هذا الحديث عنه، أخرجه الحكم من طريقين عنه، ولذلك قال ابن دقيق العيد في الإلمام (ق 10/ 1): وعطاء هذا من الذين تغير حفظهم أخيرا واختلطوا، وقال يحيى بن معين: وجميع من روى عن عطاء روى عنه في الاختلاط، إلا شعبة وسفيان. قلت: وهذا من رواية سفيان. قلت (القائل الألباني): يشير بذلك إلى أن الحديث صحيح برواية سفيان عنه، وقد فاتت هذه الرواية الحافظ ابن عدي، فإنه أخرج الحديث في الكامل، من طريق فضيل وموسى بن أعين، وجرير، عن عطاء، ثم قال: لا أعلم روى هذا الحديث، عن عطاء غبر هؤلاء .. وقال الحافظ ابن حجر في الأربعين العاليات رقم (42)، بعد أن رواه من طريق فضيل: هذا حديث حسن، رواه ابن حبان من طريق الفضيل، وقد رويناه في فوائد سموية، قال: ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب به مرفوعا، وتابع أبا حذيفة عبد الصمد بن حسان، أخرجه الحاكم من طريقه، والمعروف، عن سفيان الثوري موقوفا. قلت: وتابعهما، عن سفيان الحميدي، عند الحاكم أيضا، وقال: صحيح الإسناد وقد أوقفه جماعة، ووافقه الذهبي وهو الصواب، وان رجح الموقوف جماعة، كالبيهقي
والمنذري والنووي، وزاد أن رواية الرفع ضعيفة!.
وقال الحافظ في التلخيص (ص 47): وفي إطلاق ذلك نظر؛ فان عطاء بن السائب صدوق، وإذا روي الحديث مرفوعا تارة، وموقوفا أخرى، فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع، والنووي ممن يعتمد ذلك ويكثر منه، ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به إذا كان الرافع ثقة، فيجئ على طريقته أن المرفوع صحيح، فإن اعتل عليه بان ابن السائب اختلط، ولا تقبل إلا رواية من رواه عنه قبل اختلاطه. أجيب بأن الحاكم أخرجه من رواية سفيان الثوري عنه، والثوري ممن سمع منه قبل اختلاطه باتفاق، وإن كان الثوري قد اختلف عليه في وقفه ورفعه، فعلى طريقتهم تقدم رواية الرفع أيضا. قلت (القائل الألباني): وهو الصواب لاتفاق ثلاثة على روايته، عن سفيان مرفوعا كما تقدم، ومن البعيد جدا أن يتفقوا على الخطأ، ولا ينافي ذلك رواية من أوقفه عنه؛ لأن الراوي قد يوقف الحديث تارة ويرفعه أخرى، حسب المناسبات كما هو معروف، فروى كل ما سمع وكل ثقة فالحديث صحيح عل الوجهين موقوفا ومرفوعا. وهذا كله يقلل على افتراض أنه لم يروه مرفوعا إلا عطاء بن السائب، كما سبق، عن الترمذي وليس كذلك، بل تابعه ثقتان: الأول إبراهيم بن ميسرة، والآخر الحسن بن مسلم، وهو ابن يناق المكي. أما متابعة إبراهيم فأخرجها الطبراني في المعجم الكبير (ج 3/ 105/ 1)، عن محمد بن عبدالله بن عبيد بن عمير عنه، عن طاووس به. لكن ابن عبيد هذا ضعيف كما قال الحافظ (ص 48) قال: وهي عند النسائي من حديث أبي عوانة، عن إبراهيم بن ميسرة موقوفا على ابن عباس.
وأما متابعة الحسن بن مسلم فأخرجها النسائي (2/ 36)، وأحمد
(3/ 414، 4/ 64 و 5/ 377) من طرق عن ابن جريج، أخبرني حسن بن مسلم، عن طاووس، عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطواف صلاة، فإذا طفتم فأقلوا الكلام. وهذه متابعة قوية، بإسناد صحيح ليس فيه علة، ولذلك قال الحافظ: وهذه الرواية صحيحة، وهي تعضد رواية عطاء بن السائب، وترجح الرواية المرفوعة، والظاهر أن المبهم فيها هو ابن عباس، وعلى تقدير أن يكون غيره فلا يضر إبهام الصحابة. على أن للحديث طريقا أخرى، عن ابن عباس أخرجها الحاكم (2/ 266 - 267)، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباص قال: قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} ، فالطواف قبل الصلاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة، إلا أن الله قد أحل فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير. وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي!، وإنما هو صحيح فقط، فإن القاسم هذا لم يخرج له مسلم وهو ثقة، والحافظ ابن حجر لما حكى، عن الحاكم تصحيحه للحديث، حكاه مجملا وأقره عليه، فقال: وصحح إسناده. وهو كما قال فإنهم ثقات. إلا أن الحافظ قال بعد ذلك: إني أظن أن فيها إدراجا، كأنه يعني قوله: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وقال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (ق 12/ 2): وهذا طريق غريب عزيز، لم يعتد به أحد من مصنفي الأحكام، وإنما ذكره الناس من الطريق المشهور في جامع الترمذي، وقد أكثر الناس القول فيها، فان كان أمرها آل الصحة فهذه. ليس فيها مقال. هذا ولطاووس فيه إسناد آخر ولكنه موقوف، فقال الشافعي في مسنده (ص 75): أخبرنا سعيد بن سالم، عن حنظلة، عن
طاووس، أنه سمعه يقول: سمعت ابن عمر يقول: أقلوا الكلام في الطواف، فإنما أنتم في صلاة. وتابعه السيناني واسمه الفضل بن موس، عن حنظلة بن أبي سفيان به، أخرجه النسائي (2/ 36)، وهذا إسناد صحيح موقوف، ويبدو أنه اشتبه على المؤلف بالمرفوع، فعزاه للشافعي فوهم. ثم روى الشافعي بسند حسن، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: طفت خلف ابن عمر وابن عباس، فما سمعت واحدا منهما متكلما حتى فرغ من طوافه. وجملة القول أن الحديث مرفوع صحيح، ووروده أحيانا موقوفا لا يعله لما سبق بيانه. والله أعلم .. انتهى ما نقله وقاله الألباني.
* * *
باب الغسل
(60)
حديث علي يرفعه إذا فضخت الماء فاغتسل، وإن تكن فاضخا فلا تغتسل. رواه أحمد.
أخرجه أبو داود- الطهارة- باب في المذي- (206)، والنسائي (1/ 111، 112) - الطهارة- باب الغسل من المني- (193، 194)، وأحمد (4/ 109، 125)، والطيالسي (ص 21 - 145)، وابن خزيمة (1/ 15 - 20)، وابن حبان كما في الإحسان (2/ 218 - 1104)، والبيهقي (1/ 167 - 169 - الطهارة- باب وجوب الغسل بخروج المني، وباب المذي والودي لا يوجبان الغسل من طريق الركين بن الربيع، عن حصين بن قبيصة، عن علي بن أبي طالب.
قلت: ظاهر إسناده الصحة، ورجاله ثقات رجال الصحيح غير حصين بن قبيصة، فمن رجال أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وصححه ابن خزيمة وابن حبان والنووى، وهو فى الصحيحين، وغيرهما من طرق أخرى، عن على دون قوله: فإذا فضخت .... وصحح الحديث الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (1/ 195)، وقال الألباني في الإرواء (1/ 162): إسناده صحيح. اهـ.
* * *
(61)
أن قيس بن عاصم أسلم، فأمره النبي أن يغتسل بماء وسدر. رواه أحمد والترمذي وحسنه.
أخرجه أبو داود (355)، والترمذي (605)، والنسائي (1/ 109)، وفي الكبرى (191)، وأحمد (5/ 61) برقم (20887)، وابن خزيمة (254)، وفي (255) كلهم من طريق سفيان الثوري، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن جده قيس بن عاصم؛ أنه أسلم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر.
- وفي رواية: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أريد الإسلام، فأسلمت، فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أغتسل بماء وسدر، فاغتسلت بماء وسدر.
- وفي رواية: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستخلاه، فأسلم، فأمره أن يغتسل بماء وسدر.
قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. اهـ.
وأخرجه أحمد (5/ 61) برقم (20891) قال: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن الأغر المنقري، عن خليفة بن حصين بن قيس بن عاصم، عن أبيه؛ أن جده أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يغتسل بماء وسدر.
قلت: ظاهر إسناده الصحة.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. اهـ.
وقال الطبراني في الأوسط (7041)، وبه، حدثنا زافر بن سليمان، عن قيس بن الربيع، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن قيس بن
عاصم، أنه أسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يغتسل بماء وسدر لم يرو هذا الحديث، عن زافر إلا عبدالله بن أبي غسان. اهـ.
وصححه ابن حبان (1240)، وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (438): وذكر من طريق النسائي، عن قيس بن عاصم، أنه أسلم: فأمره النبي أن يغتسل بماء وسدر. قال: وذكره الترمذي وقال فيه: حديث حسن. هذا ما ذكره به ولم يزد عليه، وهو حديث منقطع الإسناد عند النسائي، وذلك أنه عنده من رواية سفيان الثوري، عن الأغر- وهو ابن الصباح- عن خليفة بن حصين، عن قيس بن عاصم. رواه عنده، عن سفيان يحيى بن سعيد، ورواه أبو داود، عن محمد بن كثير، عن سفيان بهذا الإسناد أيضا، وقد زيد بينهما واحد- أعني بين خليفة بن حصين، وقيس بن عاصم-. قال أبو علي بن السكن في كتابه في السنن: عن محمد بن يوسف، هو- الفربري- عن البخاري، عن علي بن خشرم، عن وكيع، عن سفيان، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن أبيه، عن جده قيس بن عاصم أنه قال: أسلمت فأمرني رسول الله أن أغتسل بماء وسدر. ثم قال: هكذا رواه وكيع مجودا، عن أبيه، عن جده. ويحيى بن سعيد وجماعة رووه، عن سفيان، لم يذكروا أباه، انتهى كلام أبي علي. فقد تبين بهذا أن رواية يحيى ومحمد بن كثير، عن سفيان منقطعة، فإنها كانت معنعنة، فجاء وكيع- وهو في الحفظ من هو- فزاد، عن أبيه، فارتفع الإشكال وتبين الانقطاع. ثم نقول: فإذ لابد في هذا الإسناد من زيادة حصين بن قيس بين خليفة وقيس، فالحديث ضعيف فإنها زيادة عادت بنقص، فإنها ارتفع بها الانقطاع وتحقق ضعف الخبر، فإن حاله مجهولة، بل هو في نفسه غير مذكور، ولم يجر له ذكر في كتابي البخاري وابن أبي حاتم،
إلا غير مقصود برسم يخصه. أما البخاري فإنه لما ذكر خليفة بن حصين قال: روى عن أبيه. وأما ابن أبي حاتم فإنه لما ذكر قيس بن عاصم قال: روى عنه ابن ابنه خليفة بن حصين. فأما في باب من اسمه حصين فلم يذكر، وابنه خليفة ثقة، وكذلك الأغر بن الصباح فأعلم ذلك. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق: (279) - الحديث الأول: قال أحمد: حدثنا عبدالرحمن، حدثنا سفيان، عن الأغر، عن خليفة بن حصين بن قيس، عن جده قيس بن عاصم: أنه أسلم فأمره النبي أن يغتسل بماء وسدر. ورواه أبوداود، والنسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن. وخليفة بن حصين وثقه النسائي وابن حبان. وروى عنه الأغر بن الصباح فقط. وقال أبو حاتم: صالح. وقال النسائي: ثقة. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 661 ـ 663): أما حديث قيس بن عاصم فهو حديث حسن صحيح، رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي من حديث سفيان، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن جده قيس بن عاصم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسل بماء وسدر. قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قلت (القائل ابن الملقن): وصحيح، فإن أبا حاتم بن حبان أخرجه في صحيحه بالسند المذكور، بلفظ: عن قيس أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر. ورواه أحمد في مسنده كذلك، ورواه ابن خزيمة في صحيحه كذلك سواء، كما أفاده صاحب الإمام، وفي رواية له أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستخلاه فأمره أن يغتسل بماء وسدر. ورواه أبو علي بن السكن- فيما حكى أبوالحسن بن القطان- من حديث وكيع، عن سفيان، عن الأغر، عن
خليفة بن حصين، عن أبيه، عن جده قيس بن عاصم، أنه قال: أسلمت فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغتسل بماء وسدر.
قال ابن القطان: فقد تبين لك أن رواية يحيى ومحمد بن كثير المتقدمة، عن سفيان منقطعة، فإنها كانت معنعنة، فجاء وكيع- وهو من الحفظ من هو- فزاد: عن أبيه فارتفع الإشكال وتبين الانقطاع. قال: ثم نقول: فإذ لا بد للإسناد من زيادة حصين بين خليفة وقيس، فالحديث ضعيف؛ فإنها زيادة عادت بنقص؛ فإنه ارتفع بها الانقطاع، وتحقق ضعف الخبر؛ فإن حاله مجهول، بل هو في نفسه غير مذكور، فلم يجر، ذكره في كتاب البخاري وابن أبي حاتم إلا غير مقصود برسم يخصه. انتهى كلامه. وفي علل ابن أبي حاتم، عن أبيه: أن من قال، عن خليفة بن حصين، عن أبيه، عن جده فقد أخطأ؛ وصوابه، عن خليفة، عن جده. أي كما أخرجه الأئمة الماضون، وفي علل الخلال كما نقله عنه صاحب الإمام: قال عيسى بن جعفر: قال وكيع: عن خليفة، عن أبيه، عن جده، والناس كلهم: عن خليفة بن حصين، عن جده، وهكذا قال يحيى القطان وغيره. قال صاحب الإمام: وقد وقع لنا من حديث قبيصة بن عقبة، عن سفيان، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن أبيه أن جده أتى النبي صلى الله عليه وسلم[فأسلم]، فأمره أن يغتسل بماء وسدر. رواه يعقوب بن سفيان الحافظ، عن قبيصة. ورواه أبو عبدالله الحافظ من وجه آخر، عن قبيصة. قال: وروي هذا الحديث من طريق قيس بن الربيع، عن الأغر، عن خليفة بزيادة غريبة، فأخرجه البرقي في تاريخه، كذلك، عن قيس أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم[فأسلم] فأمره أن يغتسل بماء وسدر، وأن يقوم بين أبي بكر وعمر فيعلمانه. قلت: رواها الطبراني في أكبر معاجمه من الوجه المذكور، لكن في
روايته أنه قام بينهما من غير أمر له بذلك. أنتهى ما نقله وقاله ابن الملقن.
وقال الألباني في الإرواء (128): إسناده صحيح. كما بينته في صحيح أبي داود (381)، وله شاهد من حديث أبي هريرة في ثمامة بن أثال، عندما أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يغتسل. أخرجه البيهفي (1/ 171) من طريق عبدالرزاق بن همام، أنا عبيدالله وعبد الله ابنا عمر، عن سعيد المقبري عنه. قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجا القصة دون الأمر بالغسل، فانظر الفتح (1/ 441)، و (8/ 71). اهـ.
وقال في صحيح أبي داود (382): إسناده صحيح. وقال الترمذي: حديث حسن!، ووافقه النووي!. اهـ. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (1237) في صحيحيهما، وصححه ابن السكن.
* * *
(62)
ومن غسل ميتا مسلما أو كافر، سن له الغسل؛ لأمر أبي هريرة رضي الله عنه بذلك. رواه أحمد وغيره.
رواه أحمد (2/ 433)، والبيهقي (1/ 303)، كلاهما من طريق ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غسل ميتا فليغتسل.
قلت: صالح مولى التوأمة تكلم فيه. وسماع ابن أبي ذئب، من صالح بن نبهان مولى التوأمة قيل: كان قبل الاختلاط. ومع هذا فقد أعله الأئمة؛ بأن فيه صالح مولى التوأمة، فقد قال البيهقي (1/ 303) عقبه: هذا هو المشهور من حديث ابن أبي ذئب وصالح مولي التوأمة ليس بالقوي. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 144): صالح مولى التوأمة ضعيف. اهـ. وسيأتي إعلال الإمام أحمد لأحاديث هذا الباب.
ورواه أبو داود (3161)، والبيهقي (1/ 303)، كلاهما من طريق ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، عن أبي هريرة بمثله.
ورواه الترمذي (993)، وابن ماجه (1463)، والبيهقي (1/ 300)، كلهم من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، حدثنا عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غسله الغسل. ومن حمله الوضوء. يعني الميت. وقد حسنه الترمذي. وقال الألباني رحمه الله كما في الإرواء (1/ 173): إسناده صحيح. اهـ.
قلت: اختلف في إسناده. فقد رواه أبو داود (3162) من طريق سفيان، عن
سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه.
ورواه ابن حبان (1161) من طريق حماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه به.
ورواه أحمد (2/ 272 - 273) من طريق عبدالرزاق، أنا ابن جريج، حدثني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه.
ورواه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (ص 53 - 270)، والبيهقي (1/ 302)، كلاهما من طريق عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه. ورواه البيهقي (1/ 303) من طريق محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عبدالله بن صالح، حدثني يحيى بن أيوب، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: من غسل الميت فليغتسل. ومن أدخله فليتوضأ. هكذا موقوف على أبي هريرة.
ورواه أيضا (1/ 303) من طريق أبي اليمان، أخبرني شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: حدثني سعيد بن المسيب أن السنة أن يغتسل من غسل ميتا. ويتوضأ من نزل حفرته حين يدفن، ولا وضوء على أحد من غير ذلك.
قلت: طرق الحديث ضعيفة ومضطربة. ولهذا قال الترمذي في العلل (1/ 402): سألت محمدا، عن هذا الحديث: من غسل ميتا فليغتسل فقال: روى بعضهم، عن سهيل بن أبي صالح، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة موقوفا. قال محمد: أن أحمد بن حنبل وعلى بن عبدالله قالا: لا يصح
من هذا الباب شيء. وقال محمد: وحديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك. اهـ.
وقال البيهقي (1/ 302): هذا هو الصحيح موقوفا على أبي هريرة. كما أشار إليه البخاري. اهـ. ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 144 - 145)، عن علي وأحمد أنهما قالا: لا يصح في الباب شيء. اهـ.
وقال البيهقي (1/ 302 - 303): أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ أبو بكر المطرز، قال: سمعت محمد بن يحيى، يقول: لا أعلم فيمن غسل ميتا فليغتسل حديثا ثابتا، ولو ثبت لزمنا استعماله. قال الإمام أحمد. وقد روى من وجه آخر ضعيف، عن أبي سلمة مرفوعا. اهـ.
وقال عبدالله ابن الإمام أحمد في المسائل (1/ 78) رقم (87): سئل أبي وأنا أسمع، عن حديث أبي هريرة: من غسل الميت الغسل قال أبي: ليس فيه حديث يثبت. اهـ.
وقال أيضا (1/ 82) رقم (92): سمعت أبي يقول: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: الغسل من غسل الميت وليس يثبت، ولا يتوضأ من حمل الجنازة؛ ليس يثبت. اهـ.
وقال أبو داود في مسائله للإمام أحمد (1964): سمعت أحمد ذكر في من غسل ميتا فليغتسل فقال: ليس يثبت فيه حديث .... اهـ.
وقال أيضا البيهقي (1/ 303): الروايات المرفوعة في هذا الباب، عن أبي هريرة، غير قوية لجهالة بعض رواتها، وضعف بعضهم، والصحيح، عن أبي هريرة من قوله غير مرفوع. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1035): سئل أبي، عن حديث، رواه هدبة،
عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ قال أبي: هذا خطأ؛ إنما هو موقوف، عن أبي هريرة، لا يرفعه الثقات. اهـ.
ولما ذكر ابن عبد الهادي الحديث، في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 180): قال أحمد: هذا موقوف على أبي هريرة، وقال ابن المنذر: ليس في هذا حديث يثبت. وقال البخاري: قال ابن حنبل وعلي: لا يصح في هذا الباب شيء. وقال أبو بكر المطرز: سمعت محمد بن يحيى يقول: لا أعلم فيمن غسل ميتا فليغتسل حديثا، ولو ثبت لزمنا استعماله .... اهـ.
وقال الدارقطني في العلل (10/ 378 - 379) لما سئل عنه: يرويه ابن أبي ذئب واختلف عنه؛ فرواه حبان بن على، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة. وخالفه يحيى القطان، ويحيى بن أيوب، والدراوروي وحجاج بن محمد، وعبد الصمد بن النعمان، وابن أبي فديك. ورواه عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة. وأغرب ابن أبي فديك فيه بإسنادين آخرين. أحدهما، عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، عن أبي هريرة. وحديث المقبري. أصح. اهـ.
وقال ابن الجوزي في علله (1/ 377): وهذا حديث لا يصح؛ لأن المحفوظ في الطريق الأول: وقفه على أبي هريرة. وفي الطريق الثاني: صالح مولى التوأمة. قال مالك: ليس بثقة، وكان شعبة: ينهى أن يؤخذ عنه، ولا يروي عنه. وفي الثالث محمد بن عمرو. وقال يحيى: ما زال الناس يتقون حديثه. وفي الرابع: رجل مجهول .... اهـ. ونحوه قال ابن دقيق العيد كما في الإمام (2/ 378 - 384)، وزاد: وأما رواية زهير بن العلاء، فقال البيهقي:
زهير بن محمد، قال البخاري: روى عنه أهل الشام أحاديث مناكير. وقال أبوعبدالرحمن النسائي: زهير ليس بالقوي. وأبو بحر البكراوي هو عبدالرحمن بن عثمان، طرح الناس حديثه كما قال أحمد. وقال علي بن المديني: ذهب حديثه .... اهـ.
وروى أحمد (4/ 246)، قال: ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: وقد كنت حفظت، عن كثير من علمائنا بالمدينة، أن محمد بن عمرو بن حزم، كان يروي عن المغيرة أحاديث، منها أنه حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من غسل ميتا فليغتسل.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه راو لم يسم.
وأخرج عبد الرزاق (3/ 405 - 407) - الجنائز- باب من غسل ميتا اغتسل أو توضأ- (6101، 6107)، والبيهقي (1/ 305، 306) - الطهارة- باب الغسل من غسل الميت- من قول ابن عمر وابن عباس مفرقا.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 268) - الطهارة- باب من قال: ليس على غاسل الميت غسل- بلفظ: أن ابن عباس وابن عمر قالا: ليس على غاسل الميت غسل.
وسبق التوسع في ذكر جملة من أحاديث الباب، قبل عدة أحاديث.
* * *
(63)
أن النبي اغتسل من الإغماء. متفق عليه.
رواه البخاري (198)، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، أن عائشة قالت: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه، استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي، فأذن له، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم بين رجلين تخط رجلاه في الأرض، بين عباس ورجل آخر، قال عبيدالله: فأخبرت عبدالله بن عباس، فقال: أتدري من الرجل الآخر، قلت: لا، قال: هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكانت عائشة رضي الله عنها تحدث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعدما دخل بيته واشتد وجعه: هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن، لعلي أعهد إلى الناس، وأجلس في مخضب لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم طفقنا نصب عليه تلك، حتى طفق يشير إلينا أن قد فعلتن، ثم خرج إلى الناس.
وأصل الحديث أخرجه البخاري (1/ 168) - الأذان- باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، ومسلم (1/ 311) - الصلاة- (90)، والنسائي (2/ 101) - الإمامة- باب الائتمام بالإمام يصلي قاعدا- (834)، وأحمد (2/ 52)، (6/ 251) من حديث عائشة رضي الله عنها، وهو جزء من حديث طويل، وفيه: فقال: ضعوا لي ماء في المخضب، ففعلنا، فاغتسل.
وأخرجه ابن ماجة (1234)، والترمذي، في الشمائل (396)، والنسائي، في الكبرى (7081 و 7084 و 8055)، وعبد بن حميد (365)، وابن خزيمة (1541 و 1624) كلهم من طريق سلمة بن نبيط، عن نعيم بن أبي هند، عن نبيط بن شريط، عن سالم بن عبيد، قال: مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغمي عليه،
فأفاق، فقال: أحضرت الصلاة؟ قلن: نعم، قال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، ثم أغمي عليه، فأفاق، فقال: أحضرت الصلاة؟ قلن: نعم، قال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، ثم أغمي عليه، فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، أو أسف، فلو أمر غيره، قال: ثم أفاق، فقال: هل أقيمت الصلاة؟ فقالوا: لا، فقال: مروا بلالا فليقم، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، فلو أمرت غيره، فقال: إنكن صواحب يوسف، مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، فأقام بلال، وتقدم أبو بكر، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاق، فقال: ابغوا لي من أعتمد عليه، قال: فخرج يعتمد على بريرة، وإنسان آخر، حتى جلس إلى جنب أبي بكر، فأراد أن يتأخر، فحبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى أبو بكر بالناس، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمر: لا أسمع أحدا يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات، إلا ضربته بسيفي، قال سالم بن عبيد: ثم أرسلوني، فقالوا: انطلق إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فادعه، قال: فأتيت أبا بكر، وهو في المسجد، وقد أدهشت، فقال لي أبو بكر: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مات؟ فقلت: إن عمر يقول: لا أسمع أحدا يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات، إلا ضربته بسيفي، قال: فقام أبو بكر، رضي الله عنه، فأخذ بساعدي، فجئت أنا وهو، فقال: أوسعوا لي، فأوسعوا له، فانكب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسه، ووضع يديه، أو يده، وقال:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} ، فقالوا: يا صاحب رسول الله، أمات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، فعلموا أنه كما قال، وكانوا أميين، لم يكن فيهم نبي قبله، فقالوا: يا صاحب رسول الله، أنصلي عليه؟ قال: نعم، قالوا: كيف نصلي عليه؟ قال: يدخل قوم فيكبرون، ويصلون، ويدعون، ثم يخرجون، ثم يدخل غيرهم، حتى يفرغوا،
قالوا: يا صاحب رسول الله، أيدفن؟ قال: نعم، قالوا: أين يدفن؟ قال: في المكان الذي قبض فيه روحه، فإنه لم يقبض روحه إلا في مكان طيب، فعلموا أنه كما قال، قال: ثم خرج، فأمرهم أن يغسله بنو أبيه، قال: ثم خرج، واجتمع المهاجرون يتشاورون، فقالوا: إن للأنصار في هذا الأمر نصيبا، قال: فأتوهم، فقال قائل منهم: منا أمير، ومنكم أمير- للمهاجرين- فقام عمر، فقال لهم: من له ثلاث مثل ما لأبي بكر: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} من هما؟، {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} من هما؟، من كان الله، عز وجل، معهما؟، قال: ثم أخذ بيد أبي بكر فبايعه، وبايع الناس، وكانت بيعة حسنة جميلة.
قال أبو عبد الله، ابن ماجه: هذا حديث غريب، لم يحدث به غير نصر بن علي.
قلت: إسناده قوي. وصححه ابن خزيمة (1541، 1624)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 333): روى ابن ماجه بعضه. رواه الطبراني ورجاله ثقات. اهـ.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (438): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه الترمذي في الشمائل، عن نصر بن علي به، ورواه النسائي، عن قتيبة بن سعيد، عن حميد بن عبدالرحمن، عن سلمة بن نبيط به، قال المزي في الأطراف: حديث النسائي في رواية أبي علي السيوطي عنه، ولم يذكر أبو القاسم، وكذلك جميع كتاب الوفاة انتهى. ولم أره في كتاب النسائي الصغرى، ورواه عبد بن حميد في مسنده، حدثنا محمد بن الفضيل، حدثنا عبدالله بن داود، فذكر بزيادة طويلة في آخره، كما أفردته في زوائد المسانيد
العشرة، ورواه ابن خزيمة في صحيحه، عن القاسم بن محمد بن عبادة بن عباد المهلبي، وزيد بن أخزم الطائي، ومحمد بن يحيى الأزدي، كلهم، عن عبدالله بن داود به، وله شاهد في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة، وفيه: فخرج يهادي بين رجلين أحدهما العباس. اهـ.
وقال الألباني: صحيح. اهـ. كما في صحيح ابن ماجه (1019). مختصر الشمائل المحمدية (333).
وروى البخاري (194)، ومسلم (5/ 60) برقم (4152)، وأبوداود (2886)، وابن ماجه (1436)، والترمذي (2096)، وأحمد (3/ 298) برقم (14235)، وفي (3/ 307) برقم (14349) كلهم من طريق محمد بن المنكدر، أنه سمع جابر بن عبدالله يقول: مرضت، فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وهما يمشيان، فأغمي علي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ، ثم صبه علي فأفقت، فقلت: يا رسول الله، كيف أقضي في مالي، كيف أصنع في مالي؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نزلت آية الميراث.
* * *
(64)
عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلاثا، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يخلل شعره بيديه، حتى إذا ظن أنه قد روى بشرته، أفاض الماء عليه ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده. متفق عليه.
رواه البخاري (248)، ومسلم (1/ 252)، وأحمد (6/ 52)، وأبو داود (242)، والنسائي (1/ 134)، والترمذي (104)، وأبو عوانة (1/ 298)، وابن خزيمة (1/ 121)، والبيهقي (1/ 172)، والدارمي (1/ 156)، كلهم من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة، يبدأ فيغسل يديه. ثم يفرغ بيمينه على شماله. فيغسل فرجه. ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أنه قد استبرأ، حفن على رأسه ثلاث حفنات. ثم أفاض على سائر جسده. ثم غسل رجليه.
وفي لفظ لمسلم (1/ 254): فبدأ فغسل كفيه ثلاثا ثم ذكر نحوه ولم يذكر غسل الرجلين. وفي لفظ للبخاري: ثم يخلل بها يعني يديه. أصول شعره. وفي لفظ عند النسائي: كان يشرب رأسه. ثم يحثي عليه ثلاثا. وفي لفظ لابن خزيمة: وأفضل في الإناء فضلا. يصبه عليه بعدما يفرغ.
وروى البخاري (266 و 276)، ومسلم (1/ 254 - 255)، وأبو داود (245)، والنسائي (1/ 137)، والترمذي (103)، وابن خزيمة (1/ 120)، والبيهقي (1/ 174)، كلهم من طريق الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس؛ قال: حدثتني خالتي ميمونة قالت: أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة. فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا. ثم أدخل يده في الإناء. ثم
أفرغ به على فرجه. وغسله بشماله. ثم ضرب بشماله الأرض، فدلكها دلكا شديدا. ثم توضأ وضوءه للصلاة. ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه. ثم غسل سائر جسده. ثم تنحي، عن مقامه ذلك، فغسل رجليه، ثم أتيته بالمنديل فردة. وفي رواية للبخاري (276): فضرب بيده الأرض فمسحها. وله أيضا (266): ثم دلك يده بالأرض أو الحائط. وله أيضا (259): ثم قال بيده الأرض، فمسحها بالتراب، ثم غسلها. وفي رواية مسلم: ذكر المنديل.
وعند البخاري (266): فناولته خرقه. فقال: بيده هكذا، ولم يردها.
وله أيضا (274): فجعل ينفض بيده. وله أيضا (276): فناولته ثوبا فلم يأخذه. فانطلق وهو ينفض يديه. وفي لفظ للبخاري أيضا (259)، ومسلم (1/ 254): ثم تمضمض واستنشق.
* * *
(65)
عن عائشة رضي الله عنها: رخص رسول الله إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يتوضأ وضوءه للصلاة. رواه أحمد بإسناد صحيح.
أخرجه أبو داود (223)، والنسائي في المجتبى (1/ 139)، وفي الكبرى (254)، و (255)، و (6737)، و (6881)، و (9045)، وابن ماجه (593)، وأحمد (24872)، وابن أبي شيبة (1/ 60)، وأبو يعلى (4595)، و (4782)، و (4891)، وابن حبان (1218)، والبيهقي في السنن (1/ 203)، وابن عبدالبر في التمهيد (17/ 37 و 38)، والبغوي في شرح السنة (266)، كلهم من طريق عبدالله بن المبارك، قال: أخبرنا يونس، عن الزهري، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب، توضأ وضوءه للصلاة، وإذا أراد أن يأكل ويشرب، قالت: يغسل يديه، ثم يأكل ويشرب.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (1085)، ومن طريقه الدارقطني (1/ 126) - بتمامه- عن ابن المبارك، به. ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل وهو جنب، غسل يديه، ثم تمضمض وأكل.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 98 - 99): وأحسن الأسانيد، عن عائشة في ذلك، ما رواه ابن المبارك وغيره، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة.
وقد اختلف فيه على يونس بن يزيد:
فأخرجه ابن خزيمة (218)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 128)
من طريق عيسى بن يونس، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.
وأخرجه الدارقطني (1/ 125 - 126) من طريق طلحة بن يحيى، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أبي سلمة أو عروة- على التردد- عن عائشة، به.
وأصل الحديث: رواه مسلم (305) من طريق الليث، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ، وضوءه للصلاة قبل أن ينام.
ثم رواه مسلم (305) من طريق شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا، فأراد أن يأكل، أو ينام، توضأ وضوءه للصلاة.
وروى أبو داود (225)، والترمذي (613)، كلاهما من طريق، حماد بن سلمة، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عمار بن ياسر: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للجنب، إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام، أن يتوضأ وضوء للصلاة. قال الترمذي (2/ 195): هذا حديث حسن صحيح. اهـ.
قلت: في إسناده عطاء الخراساني، وهو ابن أبي مسلم، صدوق يهم كثيرا، ويرسل ويدلس. وقد خرج له مسلم. وأيضا أعله أبو داود بالانقطاع فقال (1/ 107): بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل. اهـ.
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 193): بين يحيى وعمار رجل، ذكر ذلك أبو داود، وذكر قاسم بن أصبغ هذا الحديث بهذا الإسناد المنقطع
…
اهـ.
وقال ابن رجب في شرحه للبخاري (1/ 352): حسنه الترمذي وإسناده منقطع؛ فإن يحيى بن يعمر لم يسمع من عمار بن ياسر، قاله ابن معين، وأبو داود، والدارقطني، وغيرهم. اهـ.
وقال أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي (2/ 512): لما نقل قول أبوداود: وكذلك قال الدارقطني، عن يحيى أنه لم يلق عمارا، وعمار قتل بصفين سنة (37)، فليس ببعيد أن يلقاه يحيى بن يعمر. وقد روى عن عثمان. وهو أقدم من عمار، ويحيى ثقة، لم يعرف بتدليس، فالحديث صحيح كما قال الترمذي. اهـ.
وروى الطبراني في الأوسط مجمع البحرين (1/ 379)، قال: حدثنا موسى ابن سهل، حدثنا إسحاق بن إبراهيم القرفساني، حدثنا حجاج بن محمد، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا، وأراد أن يأكل، أو ينام توضأ.
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن قتاده إلا شعبة، ولا عنه إلا حجاج، تفرد به إسحاق. اهـ.
قلت: رجاله لا بأس بهم. وقتادة مدلس، لكن الراوي عنه شعبة. وهو القائل: كفيتكم تدليس ثلاثة، الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة. اهـ.
وإسحاق بن إبراهيم بن يعقوب القرفساني روى عنه أبو زرعة. وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 121)، وذكره أيضا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 209)، ولم يورد فيه جرحا ولا تعديلا. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 274): إسناده حسن. اهـ.
* * *
(66)
قول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب، غسل فرجه، وتوضأ وضوءه للصلاة. متفق عليه.
رواه البخاري (288) من طريق محمد بن عبدالرحمن، عن عروة، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب، غسل فرجه، وتوضأ للصلاة.
ورواه مسلم (1/ 248)، والنسائي (1/ 139)، وابن ماجه (584)، وأبوعوانة (1/ 277)، والطحاوي (1/ 126)، والبيهقي (1/ 200)، كلهم من طريق ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب، توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام.
ورواه مسلم (1/ 248) من طريق شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا، فأراد أن يأكل أو ينام، توضأ وضوءه للصلاة.
وللحديث طرق ذكرها ابن رجب، في شرح البخاري (1/ 362)، وبين عللها.
وروى البخاري (287 - 289)، ومسلم (1/ 248)، والترمذي (120)، والنسائي (1/ 139)، وابن ماجه (585)، وأحمد (2/ 17)، والبيهقي (1/ 200)، كلهم من طريق نافع، عن ابن عمر؛ أن عمر قال: يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ.
ورواه أحمد (1/ 24 - 25)، قال: حدثنا سفيان، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال:
يتوضأ وينام إن شاء. وقال سفيان مرة: ليتوضأ ولينم.
قال ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 126): إسناده صحيح. اهـ.
وروى إسحاق ومسدد، كما في مسنديهما كما في المطالب (181)، والبيهقي (7/ 192)، كلاهما من طريق المعتمر بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن عاصم، عن أبي المستهل، عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم أهله، وأراد أن يعود فليغسل فرجه.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. وبه أعله البيهقي والهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 295)، فيظهر أنه اختلط عليه هذا الحديث، وأن الصواب حديث أبي سعيد الخدري، فقد قال ابن أبي حاتم في العلل (67): سألت أبي، عن حديث، رواه ليث بن أبي سليم، عن عاصم، عن أبي المستهل، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. ثم قال: قال أبي: هذا يرون أنه عاصم، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشبه. اهـ.
وقال ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 127): هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأبو المستهل هذا لا أعرفه، ولم يذكره ابن أبي حاتم، وله شاهد في صحيح مسلم، عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود، فليحدث بينهما وضوءا. اهـ.
وسئل عنه الدارقطني في العلل (2/ 240 رقم 242)، فقال: كذا رواه ليث بن أبي سليم، عن عاصم، عن أبي المستهل، عن عمر، ورواه الثقات الحفاظ، عن عاصم، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، منهم شعبة، والثوري، وابن المبارك، وجرير، وإسماعيل بن زكريا،
وعبدالواحد بن زياد، وابن عيينة، ومروان الفزاري، وغيرهم
…
اهـ. كما سبق.
وروى ابن أبي شيبة (1/ رقم 873)، قال: حدثنا ابن علية، عن التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان بن ربيعة، قال: قال لي عمر: يا سلمان إذا أتيت أهلك؛ ثم أردت أن تعود كيف تصنع؟ قال: قلت: كيف أصنع؟ قال: توضأ بينهما وضوءا.
قلت: رجاله ثقات، والتيمي هو سليمان بن طرخان، وأبو عثمان هو النهدي، وسلمان بن ربيعة هو الباهلي.
وروى الحميدى في مسنده (996)، قال: ثنا سفيان، قال: ثني عبيدالله بن يزيد، قال: أخبرني من سمع من أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت به جنابة فلا ينام؛ حتى يتوضأ وضوءه للصلاة.
قلت: إسناده ضعيف؛ لجهالة من سمع من أبا هريرة
وأخرجه أحمد في المسند (2/ 392) من طريق سفيان، عن عبيدالله بن يزيد به بلفظ: لا ترقدن جنبا حتى تتوضأ.
قال الهيثمي في المجمع (1/ 274): وفيه رجلا لم يسم. اهـ.
وأخرجه الطحاوي في معاني الآثار (1/ 126) من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان رسول إذا أراد أن ينام وهو جنب، توضأ وضوءه للصلاة، ويغسل فرجه.
وأخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ: كان رسول الله إذا أراد أن يأكل، أو ينام توضأ، انظر مجمع الزوائد (1/ 278)، والتلخيص الحبير (1/ 140)، وقال الهيثمي: وفيه إسحق بن إبراهيم القرقساني، وإسناده حسن. اهـ.
وعزاه السيوطي في الكبير لسعيد بن منصور في سننه، ولفظه: أن من كانت به جنابة، فلا يرقدن حتى يتوضأ وضوءه للصلاة، انظر كنز العمال (9/ 563)، وللحديث شاهد من حديث ابن عمر، وعائشة، عند البخاري في الصحيح (3921) حديث رقم (286، 287)، وعند مسلم (1/ 248).
وروى ابن ماجه (592) قال: حدثنا محمد بن عمر بن هياج، حدثنا إسماعيل بن صبيح. وابن خزيمة (217) قال: حدثنا محمد بن يحيى، والعباس بن أبي طالب، قالا: حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق. كلاهما (إسماعيل بن صبيح، وإسماعيل بن أبان)، عن أبي أويس المدني، عن شرحبيل ابن سعد، عن جابر بن عبد الله، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن الجنب، هل ينام، أو يأكل، أو يشرب؟ قال: نعم، إذا توضأ وضوءه للصلاة.
قال ابن رجب في فتح الباري (1/ 352): وشرحبيل، ضعفه يحيى وغيره .. اهـ.
وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (482): صحيح. اهـ. (585).
* * *
(67)
حديث: إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعاود، فليتوضأ بينهما وضوءا. رواه مسلم وغيره، وزاد الحاكم: فإنه أنشط للعود. والغسل أفضل.
رواه مسلم (1/ 249)، والنسائي (1/ 142)، وأبو داود (220)، وابن ماجه (587)، والترمذي (141)، وأحمد (3/ 28)، والحاكم (1/ 254)، والبيهقي (1/ 203)، وابن خزيمة (1/ 109)، وابن حبان (4/ 11)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 129)، والبغوي في شرح السنة (271)، وأبوعوانة (1/ 280)، كلهم من طريق عاصم الأحول، قال: سمعت أبا المتوكل، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود، فليتوضأ. هذا لفظ مسلم. وفيه (1/ 249)، وقال: زاد أبوبكر بن شيبه في حديثه: بينهما وضوءا، وقال: ثم أراد أن يعاود. وهكذا رواه البيهقي، عن أبي بكر بن شيبة باللفظ نفسه.
وزاد الحاكم (1/ 254): فإنه أنشط للعود. ورواه أيضا البيهقي (1/ 204) مرة أخرى بلفظ: الحاكم.
وعند ابن خزيمة (1/ 110) من طريق شعبة، عن عاصم به، بلفظ: إذا أراد أحدكم العود، فليتوضأ، فإنه أنشط له في العود.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجاه إلى قوله: فليتوضأ فقط، ولم يذكرا فيه: فإنه أنشط للعود، وهذه لفظة تفرد بها شعبة، عن عاصم، والتفرد من مثله مقبول عندهما. اهـ. ووافقه الذهبي.
ورواه ابن خزيمة (1/ 109) من طريق شعبة، عن عاصم ولم يذكر هذه
اللفظة. قال الشافعي: قد روي فيه حديث، وإن كان مما لا يثبت مثله. اهـ.
واختلف هل أراد بكلامه هذا حديث أبي سعيد، أو حديث ابن عمر، وهو ضعيف كما سيأتي.
قال ابن عبد الهادي في المحرر (1/ 138): وأراد حديث أبي سعيد هذا. اهـ.
قلت: هذا بعيد، كيف بالشافعي يقول هذا في حديث رواه أئمة، كشعبة، وحفص بن غياث، وابن أبي زائدة، والفزارى، وغيرهم، عن عاصم بن الأحول، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
فالحديث إسناده قوي، وقد أخرجه مسلم، ولهذا ذهب البيهقي إلى أن الشافعي يقصد به حديث ابن عمر، ولعله لم يقف على حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
لهذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 149): قال البيهقي: لعله لم يقف على إسناد حديث أبي سعيد، ووقف على إسناد حديث غيره. فقد روى عن عمرو وابن عمر، بإسنادين ضعيفين
…
اهـ.
قلت: حديث عمر رواه ابن عدى في الكامل (6/ 387)، قال: ثنا محمد تمام البهراني، والحسين بن أبي معشر، قالا: ثنا المسيب بن واضح، ثنا معتمر، قال: حدثنا عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتيت أهلك فأردت أن تعود، فتوضأ وضوءك للصلاة.
قلت: فيه مسيب بن واضح التلمنسي. قال ابن عدى في الكامل (6/ 387): وكان أبو عبدالرحمن النسائي حسن الرأي فيه، ويقول: الناس يؤذونا فيه، أي يتكلمون فيه. اهـ.
وقال ابن عدى أيضا في الكامل (6/ 387): وهذا الحديث أخطأ فيه ابن المسيب على المعتمر. فقال: عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر. وهذا أسهل عليه. فإنما يرويه، عن ليث، عن أبي المستهل، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
ورواه الترمذي في العلل الكبير (1/ 196) من طريق معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي، عن عاصم، عن أبي المستهل، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم أهله، وأراد أن يعود، فليغسل فرجه.
قال الترمذي عقبه: سألت محمد، عن هذا الحديث، فقال: هو خطأ، لا أدري من أبو المستهل، وإنما روى عاصم، عن أبي عثمان، عن سليمان بن ربيعة، عن عمر قوله. وهو الصحيح. وروى عاصم، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وسئل الدارقطني في العلل (2/ رقم 242)، عن حديث أبي المستهل، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتى أحدكم أهله، فأراد أن يعود، فليغسل فرجه. فقال: كذا رواه ليث بن أبي سليم، عن عاصم، عن أبي المستهل، عن عمر ووهم فيه. ورواه الثقات الحفاظ، عن عاصم، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري. منهم شعبة، والثوري، وابن المبارك، وجرير، وإسماعيل بن زكريا، وعبدالواحد بن زياد، وابن عيينة، ومروان الفزاري، وغيرهم. وقولهم أولى بالصواب من قول ليث. ورواه مفضل بن صدقة، عن عاصم، عن على بن عدي، عن أبي سعيد، ووهم في نسب أبي المتوكل. وإنما أراد أن يقول: على بن داود. ورواه قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد أيضا، إلا أنه لم يرفعه، قاله سعيد بن بشير، عن قتادة. اهـ.
ولما ذكر البخاري في التاريخ الكبير (6/ 485) حديث عمر، قال: والمعروف، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي عثمان، عن سلمان بن ربيعة، عن عمر رضي الله عنه قوله. اهـ.
* * *
باب التيمم
(68)
أجزاه التيمم لها لعموم: جعل لي الأرض مسجدا وطهورا.
أخرجه البخاري (335)، ومسلم (2/ 63) برقم (1099)، والنسائي (1/ 209 و 2/ 56)، وفي الكبرى (817)، وأحمد (3/ 304) برقم (14314)، وعبد بن حميد (1154)، والدارمي (1389)، كلهم من طريق هشيم، قال: حدثنا سيار، هو أبو الحكم، قال: حدثنا يزيد بن صهيب الفقير، قال: أخبرنا جابر بن عبدالله، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة.
وروى مسلم (2/ 63) برقم (1101)، والنسائي في الكبرى (7968)، وأحمد (5/ 383) برقم (23640)، كلهم من طريق سعد بن طارق، أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلت هذه الأمة على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة، من بيت كنز تحت العرش، لم يعط منه أحد قبلي، ولا أحد بعدي.
وروى الترمذي (1553)، وأحمد (5/ 248) برقم (22488). وفي (5/ 256) برقم (22562) كلاهما من طريق سليمان التيمي، عن سيار، عن
أبى أمامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضلنى ربى على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أو قال: على الأمم بأربع، قال: أرسلت إلى الناس كافة، وجعلت الأرض كلها لي ولأمتى مسجدا وطهورا، فأينما أدركت رجلا من أمتى الصلاة، فعنده مسجده وعنده طهوره، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، يقذفه فى قلوب أعدائى، وأحل لنا الغنائم.
ورواية أسباط بن محمد: إن الله فضلنى على الأنبياء، أو قال أمتى على الأمم، وأحل لنا الغنائم.
قال الترمذي: سيار هذا يقال له: سيار مولى بنى معاوية. وروى عنه سليمان التيمى، وعبد الله بن بحير، وغير واحد.
قلت: إسناده قوي. قال الشيخ الألباني: صحيح. اهـ. انظر حديث رقم (4220) في صحيح الجامع.
* * *
(69)
قوله لعمار: إنما كان يكفيك أن تقول بيدك هكذا، ثم ضرب بيديه إلى الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه. متفق عليه.
رواه البخاري (347)، ومسلم (1/ 280)، وأبو داود (321)، وأحمد (2/ 396 و 264)، والدارقطني (1/ 179 - 180)، والنسائي (1/ 170)، وابن خزيمة (1/ 136)، والبيهقي (1/ 211)، وأبو عوانة (1/ 303)، وابن حبان (4/ 128)، كلهم من طريق الأعمش، عن شقيق بن سلمة؛ قال: كنت جالسا مع عبدالله وأبي موسى، فقال أبو موسى: يا أبا عبدالرحمن! أرأيت لو أن رجلا أجنب، فلم يجد الماء شهرا، كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبدالله: لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا. فقال أبو موسى: فكيف بهذه الآية في سورة المائدة {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ، فقال عبدالله: لو رخص لهم في هذه الآية، لأوشك إذا يرد عليهم الماء، أن يتيمموا بالصعيد. فقال أبو موسى لعبدالله. ألم تسمع قول عمار: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت. فلم أجد الماء. فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة. ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. فقال: إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة. ثم مسح الشمال علي اليمين، وظاهر كفيه، ووجهه؟ فقال عبد الله: أو لم تر عمر لم يقنع بقول عمار. هذا اللفظ لمسلم.
وفي لفظ للبخاري (338): كان يكفيه هكذا؛ فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما. ثم مسح بهما وجه وكفيه. اهـ.
وفي لفظ أيضا للبخاري (346): قال شقيق بن سلمة: كنت عند عبدالله
وأبي موسى، فقال له أبو موسى: أرأيت يا أبا عبدالرحمن إذا أجنبت فلم تجد ماء كيف تصنع؟ فقال عبدالله لا يصلي حتى يجد الماء. فقال أبو موسى: فكيف تصنع بقول عمار حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: كان يكفيك. قال: ألم تر عمر لم يقنع بذلك؟ فقال: أبو موسى فدعنا من قول عمار، كيف تصنع بهذه الآية؟ فما درى عبدالله ما يقول فقال: إنا لو رخصنا لهم في هذه، لأوشك إذا برد على أحدهم الماء، أن يدعه ويتيمم. فقلت- أي الأعمش- لشقيق: فإنما كره عبدالله، لهذا؟ قال: نعم.
ورواه البخاري (338)، ومسلم (1/ 280)، وأحمد (4/ 263)، والنسائي (1/ 166)، وأبو داود (324)، وابن ماجه (569)، والدارمي (1/ 156)، والبيهقي (1/ 209)، وابن الجارود (125)، وابن حبان (4/ 79)، والدارقطني (1/ 183)، كلهم من طريق سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه؛ أن رجلا أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء. فقال: لا تصل. فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين: إذا أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء. فأما أنت فلم تصل. وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تنفخ، ثم تمسح بهما وجهك وكفك. فقال عمر: اتق الله يا عمار. قال: إن شئت لم أحدث به. قال الحكم: وحدثنيه ابن عبدالرحمن بن أبزى مثل حديث ذر. قال وحدثني سلمة، عن ذر.
وروي عن عبدالرحمن بن أبزى قال كنت عند عمر فذكره، والمحفوظ الأول.
قال ابن أبي حاتم في العلل (2): سألت أبا زرعة، عن حديث شعبة
والأعمش، عن سلمة ابن كهيل، عن ذر، عن ابن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه: أن رجلا أتى عمر فقال: إني أجنبت ولم أجد الماء، فذكر عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم. ورواه الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي مالك، عن عبدالرحمن بن أبزى قال: كنت عند عمر إذ جاء رجل. قال أبو زرعة: حديث شعبة أشبه. قلت لأبي زرعة: ما اسم أبي مالك. قال لا يسمى هو الغفاري.
تنبيه: قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب كما في مجموع مؤلفاته (8/ 146): قال أحمد: من قال ضربتين: إنما هو بشيء زاده. اهـ.
* * *
(70)
قول علي رضي الله عنه في الجنب: يتلوم [يتصبر] ما بينه وبين آخر الوقت، فإن وجد الماء وإلا تيمم.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 160) - الطهارة- باب من قال: لا يتيمم ما رجا أن يقدر على الماء، والبيهقي (1/ 233) - الطهارة- باب من تلوم ما بينه وبين آخر الوقت رجاء وجود الماء- من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن علي. قال: يتلوم الجنب ما بينه وبين آخر الوقت.
وفي رواية لابن أبي شيبة: يتلوم الجنب ما بينه وبين آخر الوقت، فإن وجد الماء توضأ، وإن لم يجد الماء تيمم وصلى، فإن وجد الماء بعد اغتسل، ولم يعد الصلاة.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه الحارث الأعور، وهو ضعيف الحديث، وأبو إسحاق مدلس، وقد عنعن، ولم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث.
وأخرجه عبد الرزاق (1/ 244) - الطهارة- باب الرجل لا يكون معه ماء إلى متى ينتظر؟، بمعناه من طريق ابن شبرمة، بلاغا، عن علي رضي الله عنه.
ورواية عبدالله بن شبرمة بلاغا، عن علي، فروايته منقطعة.
لهذا قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (6/ 128) برقم (2696): فهذا على وقفه ضعيف الإسناد، علته الحارث هذا- وهو ابن عبدالله الأعور-؛ فإنه ضعيف، ولذلك قال البيهقي عقبه: وهذا لم يصح، عن علي، وبالثابت، عن ابن عمر نقول، ومعه ظاهر القرآن. اهـ.
وخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: (1/ 106)(2/ 433)، وابن المنذر في الأوسط:(2/ 62)، والدارقطني في السنن (1/ 186)، والبيهقي في الكبرى
(1/ 233) من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه قال: يتلوم الجنب ما بينه وبين آخر الوقت.
قلت: إسناده ضعيف، الحارث الأعور ضعيف الحديث، وأبو إسحاق مدلس، وقد عنعن، ولم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث، قاله أبوعبدالرحمن النسائي في سننه الكبرى:(5/ 115)، وأكثر أبو إسحاق الرواية، عن الحارث، وجلها، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وروى عن ابن مسعود وسلمان الفارسي، وشريك بن عبدالله القاضي في حفظه ضعف. اهـ.
وقال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 232): فهذا على وقفه ضعيف الإسناد، علته الحارث هذا- وهو ابن عبدالله الأعور-؛ فإنه ضعيف، ولذلك قال البيهقي عقبه: وهذا لم يصح، عن علي، وبالثابت، عن ابن عمر نقول، ومعه ظاهر القرآن. اهـ.
* * *
باب إزالة النجاسة
(71)
قوله: أريقوا على بوله سجلا من الماء، أو ذنوبا من ماء. متفق عليه.
رواه البخاري (220)، وأحمد (2/ 282)، وابن خزيمة (1/ رقم 297)، والبيهقي (2/ 428)، كلهم من طريق الزهري، قال أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، أن أبا هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس؛ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين.
وللحديث طرق أخرى، عن أبي هريرة، عند البخاري (1/ 61) - الوضوء- باب صب الماء على البول في المسجد، (7/ 102) - الأدب- باب قول النبي يسروا ولا تعسروا، وأبو داود- الطهارة- باب الأرض يصيبها البول- (380)، والترمذي- الطهارة- باب ما جاء في البول يصيب الأرض- (147)، والنسائي (1/ 49) - الطهارة- باب ترك التوقيت في الماء- (56)، (1/ 175) - المياه- باب التوقيت في الماء- (330)، وابن ماجه- الطهارة- باب الأرض يصيبها البول- (529)، وأحمد (2/ 239، 282، 503)، وابن الجارود في المنتقى (ص 56 - 141)، وابن حبان كما في الإحسان (2/ 338 - 340 - 1396، 1397)، وابن خزيمة (1/ 150 - 297، 298)، ابن حزم في المحلي (4/ 247).
وأخرجه البخاري (1/ 65)(221)، ومسلم (1/ 163)(586)، والترمذي (148)، والنسائي (1/ 47)، وفي الكبرى (52)، والحميدي
(1196)
، وأحمد (3/ 110)(12106)، وفي (3/ 114)(12156)، والدارمي (740)، كلهم من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: بال أعرابي في المسجد، فجعل الناس ينظرون إليه، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: صبوا عليه دلوا من ماء.
- وفي رواية: أن أعرابيا بال في المسجد، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء، فصبه على بوله.
- وفي رواية: جاء أعرابي فبال في المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهريقوا عليه ذنوبا، أو سجلا، من ماء.
- وفي رواية: دخل أعرابي المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبال، فنهوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه، وأمر أن يصب عليه، أو أهريق عليه الماء.
وأخرجه مسلم (1/ 163)(587)، وأحمد (3/ 191)(13015)، وابن خزيمة (293)، كلهم من طريق عكرمة بن عمار، قال: حدثنا إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، الأنصاري، عن عمه أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد، وأصحابه معه، إذ جاء أعرابي، فبال في المسجد، فقال أصحابه: مه، مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه، دعوه، ثم دعاه، فقال له: إن هذه المساجد، لا تصلح لشيء من القذر، والبول، والخلاء، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هي لقراءة القرآن، وذكر الله، والصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من القوم: قم فائتنا بدلو من ماء، فشنه عليه، فأتاه بدلو من ماء، فشنه عليه.
وأخرجه البخاري (1/ 65)(219) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا همام، أخبرنا إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس بن
مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أعرابيا يبول في المسجد، فقال: دعوه، حتى إذا فرغ، دعا بماء فصبه عليه.
وأخرجه البخاري (8/ 14)(6025)، ومسلم (1/ 163)(585)، وابن ماجة (528)، والنسائي (1/ 47 و 175)، وفي الكبرى (51)، وابن خزيمة وأحمد (3/ 226)(13401)، وعبد بن حميد (1381)، كلهم من طريق حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس بن مالك؛ أن أعرابيا أتى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فبال فيه، فقام إليه القوم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه، لا تزرموه، ثم دعا بماء فصبه عليه.
- وفي رواية: أن أعرابيا أتى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فبال فيه، فوثب إليه رجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه، لا تزرموه، قال: ثم دعا بدلو من ماء، أو سجال من ماء، فصبه عليه.
- وفي رواية: أن أعرابيا بال في المسجد، فقام إليه بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه، لا تزرموه، فلما فرغ، دعا بدلو فصبه عليه. قال أبوعبدالرحمن النسائي: يعني لا تقطعوا عليه.
وروى ابن ماجه (530)، والطبراني في الكبير (22/ رقم 192)، كلاهما من طريق عبيدالله بن أبي حميد، ثنا أبو المليح، عن واثلة الأسقع، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتك إيانا أحدا. فقال: لقد حظرت واسعا، ويحك أو ويلك؟ قال: فشج يبول. فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه، ثم دعا بسجل من ماء فصب عليه.
قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن فيه عبيدالله بن أبي حميد الهذلي، أبو
الخطاب البصري، ضعيف وقد ترك حديثه. قال أحمد: ترك الناس حديثه. اهـ. وقال أبو موسى: ما سمعت ابن مهدي ولا يحيى يحدثان عنه، ضعيف الحديث. اهـ. وقال ابن معين: ضعيف الحديث. اهـ. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال في موضع آخر: يروي عن أبي المليح عجائب. اهـ. ونقل الترمذي عنه أنه قال: ضعيف ذاهب الحديث لا أروي عنه شيئا. اهـ. وقال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث. اهـ. وقال النسائي: ليس بثقة. اهـ وقال في موضع آخر: متروك. اهـ. وقال أبو داود والدارقطني: ضعيف. اهـ.
وبه أعله الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 50)، فقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه عبيدالله بن أبي حميد الهذلي، وهو منكر الحديث، قاله البخاري وأبو حاتم. اهـ.
وروي الحديث من وجه آخر، عن واثلة ولا يصح؛ ففي سؤالات البرذعي لأبي زرعة، كما في كتاب الضعفاء والكذابين مع كتاب أبي زرعة الرازي وجهوده في السنة (2/ 378 - 379) قال البرذعي: قلت عمران بن نوح قال: ليس بذاك، حدث، عن عمران القطان، عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة، أن أعرابيا بال في المسجد. قال أبو زرعة: أراه عندي عبيدالله بن أبي حميد، هذا حديث عبيدالله بن أبي حميد. اهـ.
* * *
(72)
إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا أولاهن بالتراب. رواه مسلم، عن أبي هريرة مرفوعا.
رواه مسلم (1/ 233)، وأبو داود (71)، وأحمد (2/ 265، 427، 508)، وأبوعوانة (1/ 207)، والبيهقي (1/ 240)، وعبد الرزاق (1/ 96)، وابن خزيمة (1/ 50)، كلهم من طريق هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم، إذا ولغ فيه الكلب؛ أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب.
ورواه الترمذي (91) فقال: حدثنا سوار بن عبدالله العنبري، حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أيوب، يحدث، عن محمد بن سيرين، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب، سبع مرات أولاهن، أو أخراهن بالتراب، وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة.
قلت: سوار بن عبدالله بن سوار بن عبدالله بن قدامة العنبري، وثقه النسائي. وقال أحمد: ما بلغني عنه إلا خيرا. وذكره ابن حبان في الثقات. وقد ضعف سفيان الثوري جده سوار بن عبدالله بن قدامة، وظن ابن الجوزي أن سفيان ضعف حفيده شيخ الترمذي، وهذا وهم واضح؛ لهذا قال الحافظ ابن حجر في التهذيب (4/ 237) في ترجمة جد شيخ الترمذي: وقد غلط ابن الجوزي هنا غلطا فاحشا، فذكر كلام سفيان الثوري في هذا، في ترجمة حفيده المتقدم، وذلك وهم؛ فإن الثوري مات قبل أن يولد سوار الأصغر. اهـ.
وسبقه ابن دقيق العيد فقال في الإمام (1/ 241): وقد وهم أبو الفرج ابن الجوزي ها هنا، وهما شديدا، فأجاب، عن هذا الحديث بعد أن أخرجه من
جهة الترمذي، بأن سوارا قال سفيان الثوري يعني فيه: ليس بشيء: وليس سوار هذا، الذي قال فيه الثوري، هو الذي روى عنه الترمذي؛ فإن ذلك سوار بن عبدالله بن قدامة مقدم في الطبقة، وشيخ الترمذي سوار بن عبدالله بن قدامة مات سنة خمس وأربعين ومائتين، وقال النسائي فيه: ثقة. اهـ.
قلت: ورواية الترمذي وقع فيها الشك، بلفظ: أولاهن أو أخراهن.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 21) من طريق المقدمي، عن المعتمر به بلفظ: أولاهن بالتراب. هكذا بدون تردد. واختلف فيها، فقد رواه مسدد قال: حدثنا المعتمر به موقوفا، كما عند أبي داود (72)، وتابعه على وقفه حماد بن زيد، عن أيوب، كما عند الدارقطني (1/ 64)، ويظهر أن الأرجح رواية أولاهن بالتراب، فقد رواه جمع، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة به مرفوعا.
منهم معمر بن راشد، كما عند عبد الرزاق (1/ 96)، وأبو عوانة (1/ 208)، وإسناده قوي. وتابعه سعيد بن أبي عروبة، كما عند أحمد (2/ 489)، ثم أيضا تابع أيوب على ذكر هذه الزيادة، جمع منهم هشام بن حسان، كما عند مسلم (1/ 234)، وغيره. والأوزاعي، كما عند الدارقطني (1/ 64)، والبيهقي (1/ 240)، وقره بن خالد، كما عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 21)، وسالم الخياط، كما الطبراني في الأوسط (1/ رقم 950)، وعبدالله بن عون، كما عند ابن عدي والخطيب في تاريخه (11/ 109)، وحبيب الشهيد، كما عند أبي داود (71)، وغيرهم.
أما رواية: السابعة. فقد رواها أبو داود (73)، والدارقطني (1/ 64)،
والبيهقي (1/ 241) من طريق أبان، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا ولغ الكلب في الإناء؛ فاغسلوه سبع مرات السابعة بالتراب. وقد خولف أبان فيه، خالفه سعيد بن أبي عروبة، فرواه عن قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: أولاهن بالتراب. أخرجه النسائي (1/ 178)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 21)، وسعيد بن أبي عروبة اختلط، إلا أن الراوي عنه هنا هو عبد الوهاب بن عطاء، وهو ممن سمع من سعيد قبل الاختلاط. وهذه الرواية، عن قتادة هي المحفوظة، لموافقتها لرواية الجماعة، عن ابن سيرين.
أما زيادة فليرقه. فقد رواه مسلم (1/ 234)، والنسائي (1/ 76)، والبيهقي (1/ 239)، والدارقطني (1/ 64)، وأبو عوانة (1/ 207)، كلهم من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي رزين وأبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليرقه ثم يغسله سبع مرات.
قال الدارقطني عقبه: صحيح وإسناده حسن، ورواته كلهم ثقات. اهـ. وقال النسائي: لا أعلم أحدا تابع علي بن مسهر على قوله: فليرقه. اهـ.
ونقل ابن الملقن في البدر المنير (2/ 324)، عن ابن منده، أنه قال: وهذه الزيادة- وهي فليرقه- تفرد بها علي بن مسهر، ولا تعرف بوجه من الوجوه إلا من هذه الرواية. اهـ. ثم قال ابن الملقن: ولا يضر تفرد بها؛ فإن علي بن مسهر إمام حافظ، متفق على عدالته، والاحتجاج به، ولهذا قال بعد تخريجه لها الدارقطني: إسنادها حسن ورواتها ثقات. اهـ.
قلت: وهذه المسألة مبنية على زيادة الثقة، وزيادة الثقة لا تقبل حتى ينظر
في القرائن، التي في الراوي، أو المروي، أو قبول العلماء لها، وهذه الزيادة كأن العلماء أنكروها، ولهذا قال ابن عبد البر في التمهيد (18/ 273): أما هذا اللفظ في حديث الأعمش: فليرقه، فلم يذكره أصحاب الأعمش، مثل شعبة وغيره. اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 275)، عن الكناني، أنه قال: إنها غير محفوظة، ونقل أيضا، عن ابن منده، أنه قال: لا تعرف، عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه، إلا، عن علي بن مسهر بهذا الإسناد، ثم قال الحافظ ابن حجر: وقد ورد الأمر بالإراقة أيضا من طريق عطاء، عن أبي هريرة مرفوعا، أخرجه ابن عدي، لكن في رفعه نظر، والصحيح أنه موقوف وكذا ذكر الإراقة حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة موقوفا، وإسناده صحيح، أخرجه الدارقطني وغيره. اهـ.
قلت: طريق عطاء رواه ابن عدي في الكامل (2/ 366)، قال ثنا أحمد بن الحسن الكرخي من كتابه، ثنا الحسين الكرابيسي، ثنا إسحاق الأزرق، ثنا عبدالملك، عن عطاء، عن الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليهرقه، وليغسله ثلاث مرات.
قلت: الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي، تكلم فيه الإمام أحمد، وهو زعيم مسألة: إن اللفظ بالقرآن مخلوق، حتى قال الإمام أحمد: كان يدور على رأي جهم. اهـ. وتكلم فيه أيضا أصحاب الإمام أحمد، ومن ذلك أبو ثور. وقال ابن حبان في الثقات: كان ممن جمع وصنف، وممن يحسن الفقه، والحديث أفسده قلة عقله. اهـ. وقال ابن عدي: الحسين الكرابيسي له كتب مصنفة، ذكر فيها اختلاف الناس من المسائل، وكان حافظا لها، وذكر في كتبه
أخبارا كثيرة، ولم أجد منكرا غير ما ذكرت من الحديث، والذي حمل أحمد بن حنبل عليه من أجل اللفظ في القرآن؛ فأما في الحديث فلم أرى به بأسا. اهـ.
قلت: لم أجد أحدا من الأئمة المتقدمين قبل حديثه.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 55): حسين الكرابيسي فقيه صاحب تصانيف. قال فيه الأزدي ساقط لا يرجع إلى قوله، وقال الخطيب: حديثه يعز جدا. إلا أن أحمد تكلم فيه؛ بسبب مسألة اللفظ. اهـ. وعلى كل فقد اختلف في إسناده، قال ابن عدي في الكامل (2/ 366): ثنا محمد بن منير بن حيان، ثنا عمر بن شبه، ثنا إسحاق الأزرق، بإسناد نحوه موقوف. اهـ.
وقال ابن عدي عقبه: ولا أدري، ذكر فيه الإهراق والغسل، ثلاث مرات أم لا، وهذا لا يرويه غير الكرابيسي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
ورواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 333) من طريق ابن عدي به. ثم قال: هذا حديث لا يصح، لم يرفعه غير الكرابيسي، وهو ممن لا يحتج بحديثه. اهـ.
وقال الألباني السلسلة الضعيفة (3/ 129): الكرابيسي هذا وإن كنا نقطع أنه وهم، في رفع هذا الحديث، عن إسحاق الأزرق، كما يشير إلى ذلك كلام ابن عدي المذكور؛ فإنا لم نجد فيما ذكروه فيه من أقوال الأئمة ما يمكن جرحه به، إلا قول ابن الجوزي هنا: لا يحتج بحديثه؛ فإن كان يعني جملة حديثه كما هو ظاهر عبارته؛ فهو مرجوح غير مقبول من مثله، لأنه لم يسبق إليه أحد من الأئمة المتقدمين؛ ولأنه جرح غير مفسر، وما كان كذلك فلا
يعتد به كما هو مقرر في المصطلح. وإن كان يعني بذلك حديثه هذا فهو كما قال. اهـ.
وروى الدارقطني (1/ 64) قال: ثنا المحاملي، نا حجاج بن الشاعر، نا عارم، نا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، في الكلب يلغ في الإناء، قال: يهراق.
قال الدارقطني عقبه: صحيح موقوف. اهـ.
وصححه الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 275)، وللحديث طرق أخرى، عن أبي هريرة، وليس فيه: فليهرقه كما سيأتي. اهـ.
وذكر الدارقطني في العلل (8/ رقم 1426) الاختلاف في إسناد الحديث.
وروى ابن ماجه (366) قال: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا ابن أبي مريم، أنبأنا عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبع مرات.
قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي، ظاهره الصحة، وصححه الألباني في الإرواء (1/ 62 و 189)، فقال: سنده صحيح. اهـ. لكن ذكر المزي هذا الحديث في تحفة الأشراف (6/ 108)، في باب: عبدالله العمري، عن نافع، عن ابن عمر، وعزاه إلى ابن ماجه، ثم قال: وقع في بعض النسخ، عن عبيدالله، وهو وهم. اهـ.
ويشكل عليه، ما رواه الدارقطني في المؤتلف (3/ 1420)، وعنه الخطيب في تاريخه (4/ 36) من طريق عبد الأعلى، عن عبيدالله به. والله أعلم بالصواب.
ورواه الدارقطني (1/ 65)، والطبراني في الأوسط مجمع البحرين
(1/ 308)، كلاهما من طريق محمود بن محمد المروزي، نا الخضر بن أصرم، نا الجارود، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبع مرات، إحداهن بالبطحاء.
قال الطبراني عقبه: لا يروي عن علي؛ إلا بهذا الإسناد. اهـ.
قلت: إسناده واه؛ لأن الجارود هو ابن يزيد أبو علي العامري، متهم فقد كذبه أبو أسامة، وضعفه علي، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال أبو داود: غير ثقة. اهـ. وقال النسائي والدارقطني: متروك. اهـ. وقال أبو حاتم: كذاب. اهـ.
وبه أعله الدارقطني (1/ 65).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 286): الجارود لم أعرفه. اهـ. وقال في موضع آخر (2/ 259) من المجمع: الجارود بن يزيد .. متروك. اهـ.
وقال النووي في المجموع (2/ 580) لما ذكر رواية إحداهن: غريبة لم يذكرها البخاري ومسلم، وأصحاب الكتب المعتمدة، إلا الدارقطني فذكرها من رواية علي .. اهـ.
وتبعه ابن الملقن فقال في البدر المنير (2/ 331): ومع غرابتها؛ ففي إسنادها جماعة يجب معرفة حالهم، أحدهم: الخضر بن أصرم، لا أعرفه، ولم أره في كتاب ابن أبي حاتم ولا غيره. الثاني: الجارود وهو ابن يزيد أبو علي النيسابوري، متروك الحديث بإجماعهم. الثالث: هبيرة بن يريم، قال أبو حاتم الرازي: هبيرة هذا شبيه بالمجهولين. وقال ابن حزم في محلاه في كتاب الحضانة: مجهول. وقال ابن سعد: ليس بذاك، وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن خراش: ضعيف، وقال الحافظ ضياء الدين المقدسي في أحكامه،
معترضا على ابن أبي حاتم الرازي في قوله السالف: قد صحح الترمذي حديثين من طريقه ووثقه ابن حبان، وهو كما قال.، قال أحمد: لا بأس به، هو أحب إلينا من الحارث، فإذن ارتفعت عنه جهالة العين والحال؛ فلولا ما مضى لكان حسنا. أما محمود المروزي السابق فقد ذكره الخطيب في تاريخه وحسن حاله. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (1/ 256): محمود بن محمد المروزي، ذكره الخطيب في التاريخ، وحسن حاله، والخضر بن أصرم ليس هو بالمشهور، ولم يذكره ابن حبان في كتابه .... اهـ.
وروى الطبراني في الكبير (11/ رقم 11566) قال: حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ولغ الكلب في إناء، غسل سبع مرات.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وثقه أحمد، والجمهور على تضعيفه، قال ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وقال مرة: يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ. وقال أبو حاتم: شيخ ليس بالقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به، منكر الحديث، دون إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وأحب إلي من إبراهيم بن الفضل. اهـ. وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ. وقال النسائي: ضعيف. اهـ. وقال الدارقطني: متروك. اهـ. وقال ابن عدي: هو صالح في باب الرواية، كما حكى، عن يحيى بن معين، ويكتب حديثه مع ضعفه. اهـ. وقال العقيلي: له غير حديث لا يتابع على شيء منها. اهـ.
ولهذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 287): فيه إبراهيم بن
إسماعيل بن أبي حبيبة، وثقه أحمد، واختلف في الاحتجاج به. اهـ.
وروى مسلم (1/ 235)، وأحمد (4/ 86)، وأبو داود (74)، والنسائي (1/ 177)، وابن ماجه (365)، والدارقطني (1/ 65)، والبيهقي (1/ 241)، كلهم من طريق شعبة، عن أبي التياح، أنه سمع مطرف بن عبدالله، يحدث، عن ابن المغفل، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب؟ ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم، وقال: إذا ولغ الكلب في الإناء، فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة بالتراب.
ولما ذكر النسائي في سننه (1/ 177): رواية عبدالله بن مغفل، قال: خالفه أبو هريرة فقال: إحداهن بالتراب. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 276): ورواية أولاهن أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية، ومن حيث المعنى أيضا؛ لأن تتريب الأخيرة يقتضي الاحتجاج إلى غسله أخرى لتنظيفه، وقد نص الشافعي في حرملة على أن الأولى أولى. والله أعلم. اهـ.
* * *
(73)
أمرنا بغسل الأنجاس سبعا.
لم أقف عليه، وقد أورده ابن قدامة في المغني (1/ 75).
وقال الشيخ الألباني في الإرواء (1/ 176): قول ابن عمر: أمرنا بغسل الأنجاس سبعا (ص 50). لم أجده بهذا اللفظ. وقد أورده ابن قدامة في المغني (1/ 54)، كما أورده المؤلف بدون عزو، وروى أبو داود (472)، وأحمد (2/ 109)، والبيهقي (1/ 424 - 425) من طريق أيوب بن جابر، عن عبدالله بن عصم، عن عبدالله بن عمر، قال: كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة سبع مرار، وغسل البول من الثوب سبع مرار، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل؛ حتى جعلت الصلاة خمسا، والغسل من الجنابة مرة، وغسل البول من الثوب مرة. وهذا إسناد ضعيف، أيوب هذا ضعفه الجمهور، وشيخه ابن عصم مختلف فيه، كما بينته في ضعيف أبى داود. وضعفه ابن قدامة بأيوب فقط. اهـ.
* * *
(74)
المؤمن لا ينجس. متفق عليه.
أخرجه البخاري (285)، ومسلم (371)، وأبو داود (231)، وابن ماجه (534)، والنسائي (1/ 145، وأحمد (7211)، وابن أبي شيبة (1/ 173)، والطحاوي (1/ 13)، وابن حبان (1259)، والبيهقي (1/ 189)، والبغوي (261)، كلهم من طريق حميد، عن بكر، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، قال: لقيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جنب، فمشيت معه، حتى قعد، فانسللت، فأتيت الرحل، فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد، فقال: أين كنت؟، فقلت: لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجلس إليك وأنا جنب، فانطلقت فاغتسلت. فقال: سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس.
وللحديث طرق أخرى، عند البخاري (1/ 89) - الغسل- باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس، وباب لجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره، ومسلم (1/ 282) - الحيض- (116)، وأبو داود- الطهارة- باب في الجنب يصافح- (231)، والترمذي- الطهارة- باب ما جاء في مصافحة الجنب- (121)، والنسائي (1/ 146) - الطهارة- باب مماسة الجنب ومجالسته- (269)، وابن ماجه- الطهارة- باب مصافحة الجنب- (534)، وأحمد (2/ 235، 382، 471)، وابن أبي شيبة (1/ 173) - الطهارة- باب في مجالسة الجنب، وأبو عوانة (1/ 275)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 13) - الطهارة من حديث أبي هريرة مرفوعا.
وروى أبو داود (230)، وابن ماجه (535)، والنسائي (1/ 145)، وأبوعوانة (775)، و (777)، و (778)، وابن حبان (1369)، وأبو نعيم في
تاريخ أصبهان (2/ 73)، وأحمد (23264)، كلهم من طريق يحيى بن سعيد، عن مسعر، حدثني واصل، عن أبي وائل، عن حذيفة، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة، فأهوى إليه، قال: قلت إني جنب، قال: إن المؤمن لا ينجس.
* * *
(75)
أنه أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة، فيشربوا من أبوالها وألبانها.
أخرجه البخاري (1501)، وفي (4192 و 5727)، ومسلم (4374)، وأبوداود (4368)، والنسائي (1/ 158 و 7/ 97)، وفي الكبرى (290 و 3481)، وأحمد (3/ 163)(12697)، وفي (3/ 170)(12767)، وفي (3/ 177)(12850)، وابن خزيمة (115)، كلهم من طريق قتادة، عن أنس: أن ناسا من عرينة اجتووا المدينة، فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فقتلوا الراعي، واستاقوا الذود، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، وتركهم بالحرة يعضون الحجارة.
وأخرجه النسائي (7/ 97)، وفي الكبرى (3483)، قال: أخبرنا محمد بن نافع، أبو بكر، قال: حدثنا بهز، قال: حدثنا حماد، قال: حدثنا قتادة، وثابت، عن أنس: أن نفرا من عرينة نزلوا في الحرة، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتووا المدينة، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكونوا فى إبل الصدقة، وأن يشربوا من ألبانها وأبوالها، فقتلوا الراعي، وارتدوا، عن الإسلام، واستاقوا الإبل، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فجيء بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، وألقاهم فى الحرة. قال أنس: فلقد رأيت أحدهم يكدم.
وأخرجه البخاري (5685) قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا سلام بن مسكين، حدثنا ثابت، عن أنس: أن ناسا كان بهم سقم قالوا: يا رسول الله، آونا وأطعمنا، فلما صحوا، قالوا: إن المدينة وخمة، فأنزلهم
الحرة في ذود له، فقال: اشربوا ألبانها، فلما صحوا، قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم، واستاقوا ذوده، فبعث في آثارهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت. قال سلام: فبلغني أن الحجاج قال لأنس: حدثني بأشد عقوبة عاقبه النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثه بهذا، فبلغ الحسن، فقال: وددت أنه لم يحدثه.
وأخرجه مسلم (5/ 101) برقم (4368) قال: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، وأبو بكر بن أبي شيبة، كلاهما، عن هشيم، واللفظ ليحيى، قال: أخبرنا هشيم، عن عبد العزيز بن صهيب، وحميد، عن أنس بن مالك: أن ناسا من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فاجتووها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة، فتشربوا من ألبانها وأبوالها، ففعلوا فصحوا، ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم، وارتدوا، عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث في إثرهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا.
وأخرجه ابن ماجه (2578 و 3503)، والنسائي (7/ 95)، وفي الكبرى (3477)، وأحمد (3/ 107) برقم (12065)، و (3/ 205) برقم (13159)، وفي (3/ 205) برقم (13160) كلهم من طريق حميد، عن أنس، قال: أسلم ناس من عرينة، فاجتووا المدينة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو خرجتم إلى ذود لنا، فشربتم من ألبانها (قال حميد: وقال قتادة، عن أنس: وأبوالها) ففعلوا، فلما صحوا كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنا، أو مسلما، وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهربوا محاربين، فأرسل رسول الله
-صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فأخذوا، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا.
ورواه عن حميد كل من ابن أبي عدي، ويزيد، وعبد الوهاب، وعبد الله، وإسماعيل، وخالد.
- وفي رواية: أن ناسا من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتووا المدينة، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذود له، فشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا ارتدوا، عن الإسلام، وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنا، واستاقوا الإبل، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فأخذوا، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وصلبهم.
قال الألبانى فى السلسلة الصحيحة (2170): وإسناده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه بنحوه.
وأخرجه أبو داود (4367)، والترمذي (72 و 1845 و 2042)، وأحمد (3/ 287) برقم (14107) كلهم من طريق حماد بن سلمة، أخبرنا، عن قتادة، وحميد، وثابت، عن أنس: أن ناسا من عرينة قدموا المدينة، فاجتووها، فبعث بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل الصدقة، وقال: اشربوا من ألبانها وأبوالها، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستاقوا الإبل، وارتدوا، عن الإسلام، فأتي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمر أعينهم، وألقاهم بالحرة. قال أنس: قد كنت أرى أحدهم يكد الأرض بفيه، حتى ماتوا. وربما قال حماد: يكدم الأرض بفيه، حتى ماتوا. اهـ.
- جمع حماد بن سلمة الثلاثة. - قال أبو داود: ورواه شعبة، عن قتادة، وسلام بن مسكين، عن ثابت، جميعا، عن أنس، لم يذكرا: من خلاف، ولم
أجد في حديث أحد: قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، إلا في حديث حماد بن سلمة. وصححه الألبانى فى صحيح الترمذى.
وأخرجه مسلم (4373)، وأبو عوانة (6123)، كلاهما من طريق، أبي غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا زهير بن معاوية، حدثنا سماك بن حرب، معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك، قال: أتى نفر من عرينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا وبايعوه، ووقع بالمدينة الموم، وهو البرسام، فقالوا: قد وقع هذا الوجع يا رسول الله، فلو أذنت لنا فخرجنا إلى الإبل، فكنا فيها؟ قال: نعم، اخرجوا فكونوا فيها، قال: فخرجوا، فقتلوا أحد الراعيين، وجاء الآخر قد جرح، فقال: قد قتلوا صاحبي، وذهبوا بالإبل، قال: وعنده شباب من الأنصار، قريب من عشرين، فأرسلهم إليهم، وبعث معهم قائفا يقتص أثرهم، فاتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم.
وأخرجه النسائي (1/ 160)، و (7/ 98)، وفي الكبرى (291 و 3484)، عن محمد بن وهب بن أبي كريمة الحراني، قال: حدثنا محمد بن سلمة، قال: حدثني أبو عبد الرحيم، قال: حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن طلحة بن مصرف، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك، قال: قدم أعراب من عرينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلموا، فاجتووا المدينة، حتى اصفرت ألوانهم، وعظمت بطونهم، فبعث بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لقاح له، وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، حتى صحوا، فقتلوا راعيها، واستاقوا الإبل، فبعث نبي الله، صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم. قال أمير المؤمنين عبد الملك لأنس، وهو يحدثه: هذا الحديث بكفر، أم بذنب؟ قال: بكفر.
قال أبو عبدالرحمن النسائي: لا نعلم أحدا قال: عن يحيى بن سعيد، عن
أنس بن مالك، في هذا الحديث، غير طلحة بن مصرف، والصواب عندنا، والله أعلم: عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، مرسل. اهـ.
وأخرجه النسائي (7/ 98)، وفي الكبرى (3485) قال: أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: وأخبرني يحيى بن أيوب، ومعاوية بن صالح، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: قدم ناس من العرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا، ثم مرضوا، فبعث بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لقاح ليشربوا من ألبانها، فكانوا فيها، ثم عمدوا إلى الراعي، غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتلوه، واستاقوا اللقاح، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم عطش من عطش آل محمد الليلة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فأخذوا، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم. وبعضهم يزيد على بعض، إلا أن معاوية قال في هذا الحديث: استاقوا إلى أرض الشرك. مرسل.
وقال الدارقطنى فى علله (12/ 222): اختلف فيه على يحيى بن سعيد، فرواه طلحة بن مصرف، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بطوله، ورواه مسلمة بن علي، ومعاوية بن صالح، من رواية رشدين عنه، عن يحيى. بن سعيد، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم: رخص في أبوال الإبل، أن تشرب لم يزد على هذا. وخالفهم الليث بن سعد، ويحيى بن أيوب، ومعاوية بن صالح من رواية ابن وهب. عنه، فرووه، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب مرسلا، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشبه بالصواب. اهـ. وصححه الألبانى فى صحيح النسائى.
وأخرجه مسلم (4375)، والترمذي (73)، والنسائي (7/ 100)، وفي الكبرى (3492)، كلهم من طريق، يزيد بن زريع، عن سليمان التيمي، عن
أنس، قال: إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك، لأنهم سملوا أعين الرعاء.
- في رواية النسائي: أخبرنا الفضل بن سهل الأعرج، قال: حدثنا يحيى بن غيلان، ثقة مأمون. - قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعلم أحدا ذكره غير هذا الشيخ، عن يزيد بن زريع، وهو معنى قوله:{والجروح قصاص} ، وقد روي عن محمد بن سيرين، قال: إنما فعل بهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا قبل أن تنزل الحدود.
وأخرجه البخاري (233)، ومسلم (4369)، وأبو داود (4364)، وفي (4366)، والنسائي (7/ 93)، وفي الكبرى (3473)، وأحمد (3/ 161) برقم (12667)، كلهم من طريق أبي قلابة؛ أن عمر بن عبد العزيز، أبرز سريره يوما للناس، ثم أذن لهم فدخلوا، فقال: ما تقولون في القسامة؟ قالوا: نقول: القسامة القود بها حق، وقد أقادت بها الخلفاء. قال لي: ما تقول يا أبا قلابة، ونصبني للناس؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، عندك رؤوس الأجناد، وأشراف العرب، أرأيت لو أن خمسين منهم، شهدوا على رجل محصن، بدمشق، أنه قد زنى لم يروه، أكنت ترجمه؟ قال: لا، قلت: أرأيت لو أن خمسين منهم، شهدوا على رجل بحمص، أنه سرق، أكنت تقطعه، ولم يروه؟ قال: لا، قلت: فوالله، ما قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا قط، إلا في إحدى ثلاث خصال: رجل قتل بجريرة نفسه فقتل، أو رجل زنى بعد إحصان، أو رجل حارب الله ورسوله، وارتد، عن الإسلام. فقال القوم: أو ليس قد حدث أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في السرق، وسمر الأعين، ثم نبذهم في الشمس؟ فقلت: أنا أحدثكم حديث أنس، حدثني أنس: أن نفرا من عكل، ثمانية، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا
الأرض، فسقمت أجسامهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أفلا تخرجون مع راعينا في إبله، فتصيبون من ألبانها وأبوالها، قالوا: بلى، فخرجوا، فشربوا من ألبانها وأبوالها، فصحوا، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأطردوا النعم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهم، فأدركوا، فجيء بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، ثم نبذهم في الشمس حتى ماتوا. قلت: وأي شيء أشد مما صنع هؤلاء؟ ارتدوا، عن الإسلام، وقتلوا، وسرقوا. فقال عنبسة بن سعيد: والله، إن سمعت كاليوم قط، فقلت: أترد علي حديثي يا عنبسة؟ قال: لا، ولكن جئت بالحديث على وجهه، والله، لا يزال هذا الجند بخير، ما عاش هذا الشيخ بين أظهرهم.
- وفي رواية: قدم رهط من عكل على النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا في الصفة، فاجتووا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أبغنا رسلا، فقال: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوها فشربوا من ألبانها وأبوالها، حتى صحوا وسمنوا، وقتلوا الراعي، واستاقوا الذود، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم الصريخ، فبعث الطلب في آثارهم، فما ترجل النهار حتى أتي بهم، فأمر بمسامير فأحميت، فكحلهم، وقطع أيديهم وأرجلهم، وما حسمهم، ثم ألقوا في الحرة يستسقون، فما سقوا حتى ماتوا. قال أبو قلابة: سرقوا وقتلوا، وحاربوا الله ورسوله.
وأخرجه البخاري (4193)، قال: حدثني محمد بن عبد الرحيم، حدثنا حفص بن عمر، أبو عمر الحوضي، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، والحجاج الصواف، قال: حدثني أبو رجاء، مولى أبي قلابة، وكان معه بالشأم، أن عمر بن عبد العزيز استشار الناس يوما، قال: ما تقولون في هذه القسامة؟ فقالوا: حق، قضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقضت بها الخلفاء قبلك،
قال: وأبو قلابة خلف سريره، فقال عنبسة بن سعيد: فأين حديث أنس في العرنيين؟ قال أبو قلابة: إياي حدثه أنس بن مالك. قال عبد العزيز بن صهيب، عن أنس: من عرينة. وقال أبو قلابة، عن أنس: من عكل، ذكر القصة.
* * *
(76)
قول عائشة: كنت أفرك المني من ثوب رسول الله، ثم يذهب فيصلي به. متفق عليه، فعلى هذا يستحب فرك يابسة، وغسل رطبة.
رواه مسلم (1/ 238)، وأحمد (6/ 125 - 132)، وأبو داود (372)، وابن ماجه (539)، والنسائي (1/ 156)، وأبو عوانة (1/ 204)، كلهم من طريق إبراهيم النخعي، عن الأسود ابن يزيد: أن رجلا نزل بعائشة فأصبح يغسل ثوبه. فقالت عائشة: إنما كان يجزؤك إن رأيته، أن تغسل مكانه، فإن لم تر نضحت حوله، ولقد رأيتني أفركه، من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه. واللفظ لمسلم.
وفي لفظ ابن ماجه قالت: لقد رأيتني أجده في ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحته عنه.
ورواه أيضا مسلم (1/ 138)، وأبو داود (371)، والنسائي (1/ 156)، والترمذي (116)، وأبو عوانة (1/ 205)، كلهم من طريق الأسود، عن همام، عن عائشة قالت: كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم. واللفظ لمسلم.
ورواه مسلم (1/ 239) من طريق عبدالله بن شهاب الخولاني، قال: كنت نازلا على عائشة؛ فاحتلمت في ثوبي، فغمستهما في الماء، فرأتني جارية لعائشة، فبعثت إلي عائشة، فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبيك. قال: قلت: رأيت ما يرى النائم في منامه، قالت: هل رأيت فيهما شيئا؟ قلت: لا. قالت: فلو رأيت شيئا غسلته، لقد رأيتني، وإني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يابسا بظفري.
ورواه الدارقطني (1/ 49)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 49)،
كلاهما من طريق، الحميدي، ثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أفرك المني، من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كان يابسا، وأغسله أو أمسحه، إذا كان رطبا. قال الطحاوي: شك الحميدي. اهـ.
فائدة:
جمع الترمذي بين حديث عائشة هذا، وبين حديث الفرك، فقال: أن حديث عائشة؛ ليس بمخالف لحديث الفرك؛ لأنه وإن كان الفرك يجزئ، فقد يستحب للرجل أن لا يرى على ثوبه أثره. اهـ.
وقريبا من هذا جمع الخطابي، حيث قال عند حديث الغسل: هذا لا يخالف حديث الفرك، وإنما هذا استحباب واستظهار بالنظافة، كما قد يغسل الثوب من النخامة والمخاط ونحوه، والحديثان إذا أمكن استعمالهما، لم يجز أن يحملا على التناقض. اهـ.
وجمع ابن قتيبة بين الحديثين: بأن وجوب الغسل؛ إذا كان المني رطبا، والاقتصار على الفرك؛ إذا كان يابسا. اهـ.
ورواه البخاري (230 - 231 - 232)، ومسلم (1/ 239)، وأحمد (6/ 142)، و (235)، وأبو داود (374)، والترمذي (117)، والنسائي (1/ 156)، وابن ماجه (536)، وأبو عوانة (1/ 203)، كلهم من طريق عمرو بن ميمون، قال: سألت سليمان بن يسار، عن المني يصيب ثوب الرجل، أيغسله أم يغسل الثوب؟ فقال: أخبرتني عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب. وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه. هذا لفظ مسلم.
وفي لفظ البخاري: أنها كانت تغسل المني من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أراه فيه بقعة أو بقعا.
وفي لفظ له: كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يخرج إلى الصلاة وأثر الغسل فيه بقع الماء.
وله أيضا: كنت أغسل الجنابة من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم. فيخرج إلى الصلاة. وإن بقع الماء في ثوبه.
وهكذا رواه النسائي، وأبو داود، والترمذي، من فعل عائشة.
ونقل ابن الملقن في البدر المنير (2/ 233)، عن البزار أنه قال: إنما روي غسل المني، عن عائشة، من وجه واحد، ورواه عمرو بن ميمون، عن سليمان، ولم يسمع من عائشة. اهـ.
وتعقبه الحافظ ابن حجر فقال في الفتح (1/ 334)، عند قول سليمان: سمعت عائشة. قال: وفي الإسناد الذي يليه: سألت عائشة، رد على البزار، حيث زعم أن سليمان بن يسار، لم يسمع من عائشة، على أن البزار مسبوق بهذه الدعوى، فقد حكاة الشافعي في الأم، عن غيره، وزاد: أن الحفاظ قالوا: إن عمرو بن ميمون غلط في رفعه، وإنما فتوى سليمان. اهـ.
قال أيضا الحافظ: وقد تبين من تصحيح البخاري له، وموافقة مسلم له على تصحيحه، صحة سماع سليمان منها، وأن رفعه صحيح. وليس بين فتواه وروايته تناف، وكذا لا تأثير للاختلاف في الروايتين؛ حيث وقع في إحداهما أن عمرو بن ميمون سأل سليمان، وفي الأخرى أن سليمان سأل عائشة؛ لأن كل منهما سأل شيخه فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض، وكلهم ثقات. اهـ.
وقال البيهقي في المعرفة (2/ 245): قد ذهب صاحبا الصحيح إلى تصحيح هذا الحديث. وتثبيت سماع سليمان، عن عائشة، فإنه ذكر فيه سماعه فيه من عائشة، في رواية عبد الواحد بن زياد، ويزيد بن هارون، وغيرهما، عن عمرو بن ميمون، إلا أن رواية الجماعة، عن عائشة في الفرك، وهذه الرواية في الغسل، فمن هذا الوجه كانوا يخافون غلط عمرو ابن ميمون .... اهـ.
ورواه ابن خزيمة (1/ 147)، قال: أخبرنا أبو طاهر، نا أبو بكرنا الحسن ابن محمد، نا إسحاق بن الأزرق، نا محمد بن قيس، عن محارب بن دثار، عن عائشة: أنها كانت تحت المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي.
قلت: رجاله ثقات وإسناده ظاهره الصحة.
قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 235): هذا إسناد على شرط الصحيح. كل رجاله ثقات في الصحيح، الزعفراني أخرج له البخاري وإسحاق: هو ابن يوسف الأزرق، اتفق البخاري ومسلم عليه. ومحمد بن قيس، روى له مسلم، ووثقه وكيع، وأحمد، ويحيى، وعلي بن المديني، ومحارب بن دثار، اتفق البخاري ومسلم عليه. اهـ.
قلت: قال ابن سعد في محارب بن دثار: لا يحتجون به، ورد عليه الحافظ ابن حجر في هدي الساري (ص 443): بل احتج به الأئمة كلهم. قال أبو زرعة: مأمون، ولكن ابن سعد يقلد الواقدي، والواقدي على طريقة أهل المدينة في الانحراف على أهل العراق فاعلم ذلك. ترشد إن شاء الله. اهـ.
ورواه البيهقي في المعرفة (2/ 243) من طريق حامد بن موسى الأبزاري قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف، نا محمد بن
قيس به بلفظ: أنها كانت تحت المني من ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في الصلاة.
قال البيهقي عقبه: هذا وإن كان فيه بين محارب وعائشة إرسال، ففيما قبله ما يؤكده. اهـ. وتعقبه ابن الملقن في البدر المنير (2/ 238) فقال: قد تابعه الأسود كما سلف، على تقدير الإرسال. اهـ.
ورواه ابن حبان كما في الإحسان (4/ 219)، قال: أخبرنا محمد بن علان، نا لوين، نا حماد بن زيد، عن هشام الدستوائي، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد رأيتني أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي فيه.
قلت: رجاله ثقات، ولوين هو محمد بن سليمان بن حبيب الأسدي، أخرج له أبو داود والنسائي، ووثقه أبو حاتم والنسائي ومسلمة.
والحديث صححه ابن الملقن فقال في البدر المنير (2/ 237): هذا إسناد في غاية من الصحة. اهـ.
قلت: وأخرجه مسلم (1/ 238 - 239)، والنسائي (1/ 156)، وغيرهم، من طريق حماد به، لكن من غير ذكر: وهو يصلي فيه.
ورواه مسلم (1/ 238) من طريق خالد بن عبدالله، عن خالد، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود، أن رجلا نزل بعائشة، فأصبح يغسل ثوبه؛ فقالت عائشة: إنما كان يجزيك إن رأيته، أن تغسل مكانه، فإن لم تر، نضحت حوله، ولقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي فيه.
* * *
(77)
قال في الحمر يوم خيبر: إنها رجس. متفق عليه، والرجس: النجس.
رواه البخاري (2991)، و (4198)، ومسلم (3/ 1540)، والنسائي (7/ 204)، وأحمد (3/ 111)، والبيهقي (9/ 331)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 205)، كلهم من طريق، سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، أصبنا حمرا خارجا من القرية، فطبخنا منها، فنادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عنها، فإنها رجس من عمل الشيطان؛ فأكفئت القدور بما فيها، وإنها لتفور بما فيها هذا اللفظ لمسلم.
وقد تابع ابن عيينة عبدالوهاب الثقفي، كما هو عند البخاري (4199)، والبيهقي (9/ 331).
ولفظ البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه، فقال: أكلت الحمر، فسكت، ثم أتاه الثانية، فقال: أكلت الحمر، فسكت ثم أتاه الثالثة، فقال: أفنيت الحمر، فأمر مناديا فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم، عن لحوم الحمر الأهلية، فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم.
وأيضا تابعهما معمر بن راشد، كما هو عند ابن ماجه (3196)، وأحمد (3/ 164)، وعبدالرزاق (4/ 523)، والبيهقي (9/ 331).
وتابع أيوب هشام بن حسان، كما هو عند مسلم (3/ 1540)، وأحمد (3/ 115)، وابن أبي شيبة (8/ 74) بلفظ: لما كان يوم خيبر جاء، فقال: يا رسول الله: أكلت الحمر، ثم جاء آخر، فقال: يا رسول الله أفنيت الحمر، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طلحة فنادى: إن الله ورسوله ينهيانكم، عن لحوم الحمر،
فإنها رجس أو نجس. قال فأكفئت القدور بما فيها.
وقد اختلف الصحابة في سبب النهي؛ فقيل: لأنها رجس، وقيل: لأنها حمولة الناس، وقيل لأنها تأكل العذرة، وكل علة ورد فيها حديث، وبعض الأحاديث لم تنص على العلة وإنما فيها النهي.
وأخرجه مسلم (5/ 185) برقم (4690)، وأحمد (3/ 164)(12700)، كلاهما من طريق قتادة، عن أنس بن مالك، قال: لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، قال: إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين.
وأخرجه مالك الموطأ (1345)، والبخاري (1/ 158) برقم (610)، و (4/ 58) برقم (2944)، والترمذي (1550)، والنسائي في الكبرى (8544)، وأحمد (3/ 159) برقم (12645)، وفي (3/ 206) برقم (13171)، كلهم من طريق، حميد الطويل، قال: سمعت أنسا بنحوه.
* * *
باب: الحيض
(78)
احتج أحمد بما روي عن علي: أن امرأة جاءته وقد طلقها زوجها، فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض، فقال علي لشريح: قل فيها. فقال شريح: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها، ممن يرجى دينه وأمانته، فشهدت بذلك وإلا فهي كاذبة، فقال علي: قالون. أي جيد بالرومية.
أخرجه البخاري معلقا (1/ 84) - الحيض- باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض، والدارمي (1/ 193) - الطهارة- باب في أقل الطهر- (860)، والبيهقي (7/ 418 - 419) - العدد- باب تصديق المرأة فيما يمكن فيه انقضاء عدتها، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 282)، وابن حزم في المحلى (2/ 202)(10/ 272)، كلهم من طريق، إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: جاءت امرأة إلى علي تخاصم زوجها طلقها، فقالت: قد حضت في شهر ثلاث حيض، فقال علي لشريح: اقض بينهما، قال: يا أمير المؤمنين وأنت هاهنا؟، قال: اقض بينهما، قال: يا أمير المؤمنين وأنت هاهنا؟، قال: اقض بينهما، قال: إن جاءت من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته، تزعم أنها حاضت ثلاث حيض، تطهر عند كل قرء وتصلي، جاز لها وإلا فلا، فقال علي: قالون. وقالون بلسان الروم أحسنت.
قلت: رجاله ثقات، وفي سماع الشعبي من علي خلاف، وقد رأى عليا. قال يعقوب بن شيبة: لكنه لم يصحح سماعه منه. وعامر الشعبي يروي عن بعض الضعفاء عنه.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/ 425): وإنما لم يجزم- أي البخاري- به، لتردد في سماع الشعبي من علي بن أبي طالب، ولم يقل إنه سمعه من شريح فيكون موصولا. اهـ.
وأخرجه حرب الكرماني والبيهقي (7/ 419) من طريق حميد بن مسعدة، نا خالد بن الحارث، عن سعيد، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرني، عن شريح نحوه.
قلت: إسناده جيد، ورجاله ثقات، إلا حميد تكلم فيه، وحديثه حسن.
* * *
(79)
لقول عائشة: إذا بلغت المرأة خمسين سنة، خرجت من حد الحيض.
قلت: لم أقف عليه، وقد ذكره ابن قدامة في المغني، كتاب الحيض مسألة (107)، ولم يعزوه، قال الألباني في الإرواء (1/ 323) (186): لم أقف عليه، ولا أدري في أي كتاب ذكره أحمد، ولعله في بعض كتبه التي لم نقف عليها.
* * *
(80)
حديث ابن عباس: يتصدق بدينار أو نصفه. رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وقال: هكذا الرواية الصحيحة.
رواه أبو داود (264)، و (2168)، وابن ماجه (640)، والنسائي (1/ 153)، وأحمد (1/ 230)، والطبراني في الكبير (12066)، والحاكم (1/ 278)، والدارمي (1/ 254)، والبيهقي (1/ 314)، وابن الجارور في المنتقى (108)، كلهم من طريق، شعبة، عن عبد الحميد بن عبدالرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض- قال: يتصدق بدينار أو نصف دينار.
ورواه عن شعبة مرفوعا، كل من يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، وابن أبي عدي، والنضر بن شميل، ووهب بن جرير، كلهم، عن شعبة به. وخالفهم عبدالرحمن بن مهدي، كما عند ابن الجارود (110)، والبيهقي (1/ 315)، وأيضا عفان، وسلمان بن حرب، كما عند البيهقي (1/ 314 - 315)، وأبوالوليد، كما عند الدارمي (1106)، كلهم رووا، عن شعبة به موقوفا.
قال البيهقي (1/ 315): وكذلك رواه مسلم بن إبراهيم، وحفص بن عمر الحوضي، وحجاج بن منهال، وجماعة، عن شعبة، موقوفا على ابن عباس، وقد بين عبدالرحمن بن مهدي، عن شعبة أنه رجع، عن رفعه بعد ما كان يرفعه. اهـ.
يشير إلى ما رواه الدارمي (1/ 116)، والبيهقي (1/ 315)، كلاهما من طريق، عبدالرحمن بن مهدي، قال: ثنا شعبة به موقوفا. فقال رجل لشعبة:
إنك كنت ترفعه. قال: كنت مجنونا فصححت. اهـ. لكن يرد عليه أن شعبة توبع على رفعه. لهذا قال أحمد شاكر في تحقيقه للسنن (1/ 250): هذه الروايات، عن شعبة؛ يفهم منها أنه كان واثقا، وموقنا برفعه، ثم تردد واضطرب حين رأى غيره يخالفه، فيرويه موقوفا، ثم جعل هو يرويه موقوفا أيضا، وهذا عندي لا يؤثر في يقينه الأول برفعه، وقد تابعه غيره
…
اهـ.
قلت: وبيان هذا رواه البيهقي (1/ 315 - 316) من طريق هدبة بن خالد، ثنا حماد بن الجعد، ثنا قتادة، حدثني الحكم بن عتيبة، أن عبدالحميد حدثه، أن مقسما حدثه، عن ابن عباس أن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
ورواه النسائي في الكبرى (5/ 347) من طريق، روح، وعبدالله بن بكر، قالا: نا ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن عبدالحميد، عن مقسم، عن ابن عباس، مرفوعا بنحوه. ولما ذكر الألباني رحمه الله كما في الإرواء (1/ 218): إسناد مقسم قال: هذا سند صحيح على شرط البخاري، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وابن القطان، وابن دقيق العيد، وابن التركماني، وابن حجر العسقلاني، واستحسنه الإمام أحمد. اهـ.
قلت: وقد اختلف في إسناده على قتادة، فرواه أحمد (1/ 237)، عن يزيد بن هارون. رواه أيضا أحمد (1/ 237)، والبيهقي (1/ 315)، عن عبدالوهاب بن عطاء الخفاف. والنسائي في الكبرى (5/ 347) من طريق عبدة، كلهم رووه من طريق، سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن مقسم، عن ابن عباس مرفوعا، هكذا ولم يذكروا في الإسناد عبد الحميد. وهؤلاء رووا، عن سعيد بن أبي عروبة قبل اختلاطه. ورواه النسائي في الكبرى (5/ 347)، قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: أخبرنا عاصم بن هلال، قال: أخبرنا قتادة،
عن مقسم، عن ابن عباس موقوفا.
قلت: قتادة مدلس، وقد عنعن. بل قال البيهقي (1/ 315): لم يسمعه قتادة من مقسم. وقال أيضا ولم يسمعه أيضا من عبد الحميد. اهـ.
وقد رواه البيهقي (1/ 315) من طريق هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن الجعد، ثنا قتادة، حدثني الحكم بن عتيبة، عن عبدالحميد بن عبدالرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس مرفوعا.
قلت: في إسناده حماد بن الجعد، ضعفه ابن معين، والنسائي، وابن حبان. وقال ابن أبي حاتم في العلل (121 - 122): سألت أبي، عن حديث مقسم، عن ابن عباس: في الذي يأتي امرأته وهي حائض. فقال: اختلفت الرواية؛ فمنهم من يروي عن مقسم، عن ابن عباس موقوفا، ومنهم من يروي عن مقسم، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وأما حديث شعبة؛ فإن يحيى بن سعيد أسنده، وحكى أن شعبة قال: أسنده إلى الحكم مرة، ووقفه مرة. وقال أبي: لم يسمع الحكم من مقسم هذا الحديث: ثم قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: حديث قتادة، عن مقسم. ولا أعلم قتادة روى عن عبدالحميد شيئا، ولا، عن الحكم. اهـ.
وقال البيهقي (1/ 315): هكذا رواه جماعة، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم. وفي رواية شعبة، عن الحكم، دلالة على أن الحكم لم يسمعه، من مقسم إنما سمعه من عبد الحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مقسم. اهـ.
وقد ذكر الإمام أحمد كما في التهذيب، في ترجمه الحكم بن عتيبة، وفي العلل، برواية ابنه عبدالله (1/ 192): أن الحكم لم يسمع حديث مقسم، إلا
خمسة أحاديث. فذكرها، وليس هذا منها، وسبق بحث هذه المسألة.
ورواه النسائي في الكبرى (5/ 347) من طريق أشعث، عن الحكم، عن عكرمة، عن ابن عباس موقوفا.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه أشعث بن سوار.
ورواه البيهقي (1/ 317) من طريق، هشام الدستوائي، ثنا عبدالكريم أبوأمية، عن مقسم، عن ابن عباس موقوفا.
قلت: عبدالكريم بن أبي المخارق، أبي أمية ضعيف. ضعفه أيوب. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال أحمد: ليس بشيء؛ شبه متروك. اهـ. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. اهـ. وضعفه أيضا أبو حاتم، وأبو زرعة، وابن حبان. وترك حديثه ابن مهدي، ويحيى بن سعيد. وقد اختلف في إسناده عليه.
فقد تابع هشام على وقفه، سفيان بن عيينة، قال: ثنا عبدالكريم به، كما في العلل لأحمد (1/ 178).
وخالفهما ابن جريج، ومحمد بن راشد، عند عبدالرزاق (1264 - 1265)، وأبو حمزة السكري، كما عند الترمذي (137)، وأبو جعفر الرازي، عند أبي يعلى (2432)، والطبراني (12135)، والبغوي في شرح السنة (315)، وعبد بن محرز عند الدارقطني (1/ 287)، وغيرهم كلهم رووه، عن عبدالكريم بن أبي مخارق، عن مقسم، عن ابن عباس مرفوعا.
وقد اختلف في متنه على عبد الكريم.
فقد رواه البيهقي (1/ 318) من طريق، أبي بكر بن عياش، عن يعقوب بن عطاء، عن مقسم، عن ابن عباس مرفوعا.
قال البيهقي عقبه: يعقوب بن عطاء، لا يحتج بحديثه. اهـ.
ورواه الدارمي (1115) قال: أخبرنا عبيدالله بن موسى، عن ابن أبي ليلى، عن مقسم، عن ابن عباس موقوفا.
قلت: ابن أبي ليلى ضعيف؛ سيئ الحفظ، وقد اختلف عليه.
فقد رواه أيضا الدارمي (1118)، قال: أخبرنا عبيدالله بن موسى، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس موقوفا.
ورواه الدارقطني (3/ 187) من طريق عبدالله بن محرز، عن علي بن بذيمة، وقرن به غيره، عن مقسم به مرفوعا.
قلت: إسناده واه؛ لأن عبدالله بن محرز متروك. ونقل ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 233)، عن عبدالله ابن الإمام أحمد، أنه قال في كتاب العلل: حدثني أبي، ثنا سفيان، عن عبدالكريم بن أمية، عن مقسم، عن ابن عباس: إذا أتي امرأته وهي حائض، قيل لسفيان: يا أبا محمد هذا مرفوع، فأبي أن يرفعه، وقال: أنا أعلم به يعني أبا أميه، ثم قال ابن عبد الهادي: فيحتمل أن يكون الجزري وأبو أمية روياه، عن مقسم .... اهـ.
ورواه الدارقطني (3/ 287) من طريق، عبدالله بن يزيد بن الصلت، عن سفيان، عن علي بن بذيمة، وقرن معه غيره، عن مقسم به مرفوعا.
وهذا أيضا إسناده ضعيف؛ لأن عبدالله بن يزيد بن الصلت، ضعيف جدا. ورواه أحمد (1/ 245 - 306 - 393)، والبيهقي (1/ 318)، والطبراني في الكبير (11921)، كلهم من طريق، عطاء العطار، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره.
قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن عطاء بن عجلان العطار متروك. وقد
اتهمه ابن معين، وعمر بن علي. وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ. وقال أبو داود: ليس بشيء. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث جدا، مثل أبان بن عياش، وذا الضرب، وهو متروك. اهـ. وقال أبوزرعة: واسطي ضعيف. اهـ. وقال الترمذي: ذاهب الحديث. اهـ. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ.
وتابعه أيضا عبد الكريم بن أبي المخارق، كما عند البيهقي (1/ 317)، وهو ضعيف كما سبق.
وقد اختلف العلماء في حديث ابن عباس، فقال الحاكم (1/ 279): هذا حديث صحيح، فقد احتجا جميعا بمقسم بن بجره. اهـ.
قلت: لم يحتج مسلم بمقسم، وإنما أخرج له البخاري مقرونا.
ونقل عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 210)، عن البخاري، أنه قال: حديث الكفارة في إتيان الحائض، روي موقوفا على ابن عباس، وقال عبد الحق الإشبيلي: كذا قال: روي موقوفا، ولم يذكر ضعف الإسناد، وهذا الحديث في الكفارة. لا يروى بإسناد يحتج به، وقد روى فيه: يتصدق بخمس دينار
…
، ولا يصح في إتيان الحائض إلا التحريم. اهـ.
وأطال ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (5/ 271 - 281)، في تعقبه وانتصر لتصحيحه.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 175 - 176): وقد صححه الحاكم، وابن القطان، وابن دقيق العيد. وقال الخلال، عن أبي داود، عن أحمد: ما أحسن حديث عبد الحميد؛ فقيل له: تذهب إليه؟ قال: نعم. وقال أبو داود: هي الرواية الصحيحة، وربما لم يرفعه شعبة وقال: فاسم بن
أصبغ: رفعه غندر، ثم إن هذا من جملة الأحاديث، التي ثبت فيها سماع الحكم من مقسم. اهـ.
ثم قال الحافظ ابن حجر: والاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثير جدا
…
ثم قال: وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث، والجواب، عن طريق الطعن فيه بما يراجع منه؛ وأقر ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان، وقواه في الإمام وهو الصواب. فكم من حديث قد احتجوا به، فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا، كحديث بئر بضاعة، وحديث القلتين، ونحوهما. وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه، في شرح المهذب والتنقيح، والخلاصة أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه، وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم، وتبع النووي في بعض ذلك ابن الصلاح والله أعلم. اهـ.
يشير رحمه الله إلى قول النووي في الخلاصة (1/ 231): لا تغتر بقول الحاكم إنه حديث صحيح، فإنه معروف بالتساهل في التصحيح، وأتفق الحفاظ على ضعف هذا الحديث، واضطرابه وتلونه. والله أعلم. اهـ.
وقوله أيضا في المجموع (2/ 391): اتفق المحدثون على ضعف حديث ابن عباس، واضطرابه وروي موقوفا، وروي مرسلا وألوانا كثيرة
…
، وذكره الحاكم في المستدرك على الصحيحين. وقال: هو صحيح. وهذا الذي قاله الحاكم خلاف قول أئمة الحديث، والحاكم معروف عندهم بالتساهل في التصحيح، وقد قال الشافعي في أحكام القرآن: هذا حديث لا يثبت مثله، وقد جمع طرقه البيهقي .... اهـ.
ونقل الشيخ محمد بن عبدالوهاب، كما في مجموع مؤلفاته (8/ 76)، أنه قيل لأحمد: في نفسك منه شيء؟ قال: نعم، ولو صح لكنا نرى عليه الكفارة.
اهـ.
وأخرجه النسائي في الكبرى (9065)، وأحمد (1/ 245) برقم (2201). وفي (6/ 306) برقم (2789)، وفي (1/ 363)(3428) كلاهما من طريق عكرمة، عن ابن عباس؛، عن النبي صلى الله عليه وسلم: فى الرجل يأتى امرأته وهى حائض، قال يتصدق بدينار، فإن لم يجد فنصف دينار.
ورواه عن عكرمة كل من عطاء وخصيف.
قال النسائي: حديث سهل خطأ، وشريك ليس بالحافظ .. اهـ.
وأخرجه النسائي في الكبرى (9054) قال: أخبرنا واصل بن عبد الأعلى، قال: حدثنا أسباط بن محمد، عن أشعث، عن الحكم، عن عكرمة، عن ابن عباس: في الرجل يقع على امرأته، وهي حائض. قال: يتصدق بدينار، أو بنصف دينار (موقوفا).
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 84): وأما الطريقة الرابعة: فأعلت بأمور: أحدها بشريك، وهو القاضي، قال ابن حزم في محلاه: شريك رواه عن خصيف، وكلاهما ضعيف، فسقط الاحتجاج به.
قلت (القائل ابن الملقن): شريك هذا وثقه ابن معين، وغيره، وقال النسائي: لا بأس به. وقال العجلي: ثقة حسن الحديث. واستشهد به البخاري، وروى له مسلم متابعة، وأخرج له أصحاب السنن الأربعة، نعم قال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال القطان: ما زال مخلطا. وقال أبو حاتم له أغاليط.
ثانيها: خصيف بن عبدالرحمن الجزري، الذي ضعفه ابن حزم، وهو مقارب الأمر، ضعفه أحمد فقال: ليس بقوي في الحديث. وفي رواية عنه:
ضعيف الحديث. وقال يحيى القطان: كنا نجتنبه. وقال أبو حاتم: تكلم في سوء حفظه وهو صالح. وقال البيهقي: غير محتج به. وقال في كتاب الحج: إنه غير قوي. وقال النسائي مرة: ليس بالقوي. وقال مرة: صالح. وقال ابن القطان في علله: ضعيف وإن كان يخلط في محفوظه. ووثقه جماعات، قال يحيى بن معين: هو ثقة. وقال مرة: صالح. وقال مرة: لا بأس به، وقال ابن سعد: كان ثقة. وكذا قال أبو زرعة أيضا، وقال ابن عدي: إذا حدث عنه ثقة، فلا بأس بحديثه. وصحح الحاكم حديثه في المستدرك ولما نقل النووي في شرح المهذب في كتاب الحج، عن البيهقي تضعيفه خصيف، قال: قد قاله غيره، ولكن قد خالفه فيه كثيرون، من الحفاظ والأئمة المتقدمين في هذا الشأن، ثم نقل توثيقه، عن ابن معين وابن سعد والنسائي.
والأمر الثالث: الاختلاف، قال البيهقي بعد أن رواه في سننه في هذه الطريق: رواه شريك مرة، فشك في رفعه، ورواه الثوري، عن علي بن بذيمة، وخصيف لا يحتج به. وقال ابن القطان في علله: يزاد إلى تضعيف خصيف؛ اضطراب متن هذا الحديث الذي من روايته، وبيان اضطرابه هو أن ابن جريج، وأبا خيثمة، وغيرهما، روياه، عن خصيف، فقالا فيه: بنصف دينار. ورواه شريك وغيره عنه، فقال فيه: بدينار. وكذا قال عنه الثوري، إلا أنه أرسله فلم يذكر ابن عباس، وعن شريك فيه رواية أخرى، قال فيه: عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: بنصف دينار أيضا هكذا جعله في هذه الرواية، عن عكرمة لا، عن مقسم، والحديث إنما هو عن مقسم، وحمل فيه النسائي على شريك، وخطأ قوله، عن عكرمة. قال: وهذا الاضطراب عندي ممكن أن يكون من خصيف، لا من أصحابه، لما
عهد من سوء حفظه. وأما الطريقة التي أوردناها من طريق أحمد والبيهقي، فاحتج بها ابن الجوزي في تحقيقه، لما أورده من مسند الإمام أحمد، (وأعلها) البيهقي بعطاء، وقال: هو ابن عجلان وهو ضعيف متروك، وقال: وقد قيل عنه، عن عطاء وعكرمة، عن ابن عباس وليس بشيء. قال: وروي عن عطاء وعكرمة أنهما قالا: لا شيء عليه ويستغفر الله، قال: وقد قيل: عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس موقوفا، فإن كان محفوظا فهو من قول ابن عباس يصح. ثم ساقها- وقد ذكرناها في آخر الرواية الأولى- قال: وروي عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء قال: ليس عليه شيء إلا أن يستغفر الله. قال البيهقي: والمشهور، عن ابن جريج، عن عبد الكريم أبي أمية، عن مقسم، عن ابن عباس كما سلف. هذا آخر كلامه، واعترض الشيخ تقي الدين القشيري فقال في الإمام: قوله في الموقوف، عن ابن عباس إن كان محفوظا تمريض عجيب؛ فإن رواته، عن آخرهم ثقات. قال: وقوله: روي عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء قال: ليس عليه إلا أن يستغفر الله. لعله يشير إلى الاستضعاف بمخالفة الراوي، وذلك مفتقر إلى تصحيح الرواية، عن عبدالرزاق، وبعد صحته، فقد علم ما في مخالفة الراوي. قال: وقوله: والمشهور
…
إلى آخره. كأنه يقصد به أيضا الاستضعاف، وليس تتعارض تلك الرواية مع هذه.
وأما الطريقة الأولى من طرق الرواية الرابعة، وهي طريقة شعبة، عن الحكم، فإسنادها صحيح من غير شك ولا مرية، وكل رواته مخرج لهم في الصحيحين، خلا مقسم بن بجرة (بفتح الباء الموحدة والجيم كشجرة، وقيل: ابن بجوة)، وقيل: ابن نجدة. فانفرد بإخراج حديثه البخاري، وهو كما
قال أبوحاتم في حقه: صالح الحديث لا بأس به. ولا أسلم لابن حزم قوله فيه في محلاه إثر هذا الحديث: (مقسم) ليس هو بالقوي، (فسقط) الاحتجاج به. فإنه من أفراده، فهذا الإسناد إذن على شرط الصحيح، لا جرم أن الحاكم لما (خرج) الحديث في مستدركه من الطريق المذكورة، قال: هذا حديث صحيح. (فقال): فقد احتجا بمقسم بن نجدة.
قلت (القائل ابن الملقن): لا، بل البخاري (فقط)، وقد عده جماعة من أفراده، كابن طاهر، وصاحب الإمام، والمزي، والذهبي.
قال الحاكم: فأما عبد الحميد بن عبدالرحمن، فإنه ثقة مأمون. قال: وشاهده ودليله ما حدثناه، فذكر من حديث أبي الحسن الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس قال: إذا أصابها في الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار ثم قال: قد أرسل هذا الحديث وأوقف أيضا. قال: ونحن على أصلنا (الذي أصلناه)، وأن القول قول الذي يسند ويصل، إذا كان ثقة.
قلت (القائل ابن الملقن): وهذا الشاهد الذي استشهد به، قد أخرجه أبو داود في سننه في موضعين منه، وصحح الحديث من هذا الوجه أيضا الحافظ أبو الحسن ابن القطان كما سيأتي، وكذلك الشيخ تقي الدين القشيري في الإمام فقال: هذه الطريقة هي أقوى طرقه. ثم ساقها بإسناده (وعزاها)، قال: وعبد الحميد المذكور، قال أحمد: ليس به بأس. وقال: وكل من في الإسناد قبله من رجال الصحيحين.
قلت (القائل ابن الملقن): وهو أيضا كما تقدم. قال: ومقسم أخرج له البخاري. وقال: ومن هذا الوجه صحح الحديث من صححه. قال: وذكر الخلال، عن أبي داود أن أحمد قال: ما أحسن حديث عبد الحميد فيه. قيل
له: أتذهب إليه؟ قال: نعم إنما هو كفارة». انتهى ما نقله وقاله ابن الملقن.
وللحديث طرق.
فقد روى أبو داود (1053)، والنسائي (3/ 89)، وفي الكبرى (1673)، وأحمد (5/ 8) برقم (20347)، وفي (5/ 14) برقم (20421)، وابن خزيمة (1861) كلهم من طريق همام بن يحيى، عن قتادة، عن قدامه بن وبرة، عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ترك الجمعة من غير عذر، فليتصدق بدينار، فإن لم يجد فبنصف دينار. صرح قتادة بالسماع، عند أحمد (20347).
قال أبو داود: وهكذا رواه خالد بن قيس، وخالفه في الإسناد، ووافقه في المتن .. اهـ.
وأخرجه أبو داود (1054) قال: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، حدثنا محمد بن يزيد، وإسحاق بن يوسف، عن أيوب أبي العلاء، عن قتادة، عن قدامة بن وبرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فاته الجمعة، من غير عذر، فليتصدق بدرهم، أو نصف درهم، أو صاع حنطة، أو نصف صاع. مرسل.
قال أبو داود: رواه سعيد بن بشير، عن قتادة هكذا، إلا أنه قال: مدا أو نصف مدا. وقال: عن سمرة. اهـ.
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل، يسأل، عن اختلاف هذا الحديث، فقال: همام عندي أحفظ من أيوب، يعني أبا العلاء. اهـ.
قلت: إسناده ضعيف، لجهالة قدامة بن بروة، قال الذهبي في ميزان الاعتدال (3/ 386): لا يعرف، وثقه ابن معين، وقال البخاري: لا يصح سماعه- يعنى- في المتخلف، عن الجمعة يتصدق بدينار.
وقال أحمد: لا يعرف قدامة، وروى عثمان الدارمي، عن ابن معين أنه ثقة .. اهـ.
وقال البخاري كما نقله ابن عدي في الكامل (6/ 51): قدامة بن وبرة، عن سمرة، لم يصح سماعه. اهـ.
وقال عبدالله بن أحمد، عن أبيه في العلل (1/ 256): سألت أبي قلت: يصح حديث سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: من ترك الجمعة عليه دينار أو نصف دينار يتصدق به، فقال: قدامة بن وبرة يرويه لا يعرف، رواه أيوب أبو العلاء فلم يصل إسناده كما وصله همام، قال: نصف درهم أو درهم خالفه في الحكم وقصر في الإسناد. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في علل الحديث (1/ 196): وسمعت أبي يقول: حديث سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: من ترك الجمعة فليتصدق بدينار له إسناد صالح، همام يرفعه. وأيوب أبو العلاء يروي، عن قتادة، عن قدامة بن وبرة، ولا يذكر سمرة، وهو حديث صالح الإسناد. اهـ.
وأخرجه ابن ماجه (1128)، والنسائي في الكبرى (1674)، كلاهما من نصر بن علي الجهضمي، حدثنا نوح بن قيس، عن أخيه خالد بن قيس، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من ترك الجمعة متعمدا، فليتصدق بدينار، فإن لم يجد، فبنصف دينار.
قلت: إسناده ضعيف، لأن الحسن لم يسمع من سمرة، قال الأثرم: قال أبوعبدالله: لا يصح سماع الحسن من سمرة. كما في تهذيب سنن أبي داود (2/ 124)، وقال الدارمي كما في تاريخه (رقم: 277) عن ابن معين: الحسن لم يلق سمرة. وقال ابن طهمان كما في سؤلات يحيى رقم (390) عن يحيى:
لم يسمع منه. اهـ.
وقال علي ابن المديني كما في العلل (51) الحسن لم يسمع من سمرة بن جندب. اهـ.
* * *
(81)
قال ابن عباس: فاعتزلوا نكاح فروجهن.
رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (2115)، وابن جرير الطبري في تفسيره (4238)، والبيهقي (1/ 309) - الحيض- باب الحائض لا توطأ حتى تطهر وتغتسل- كلهم من طريق أبي صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: فاعتزلوا النساء في المحيض يقول: اعتزلوا نكاح فروجهن.
قلت: في إسناده أبو صالح كاتب الليث، وهو عبدالله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني، أبوصالح المصري، كاتب الليث صدوق، كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة كما في التقريب (3388).
* * *
(82)
قول أم عطية: كنا لا نعد الصفرة والكدرة، بعد الطهر شيئا. رواه أبو داود.
رواه البخاري (326)، وأبو داود (308)، والنسائي (1/ 186)، وابن ماجه (647)، والبيهقي (1/ 337)، وعبد الرزاق (1/ 317)، كلهم من طريق، أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئا.
ورواه أبو داود (307)، والحاكم (1/ 282)، والبيهقي (1/ 337)، كلهم من طريق، حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أم الهذيل، عن أم عطية، وكانت بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة، بعد الطهر شيئا.
قال أبو داود (1/ 135): أن الهذيل هي حفصة بنت سيرين، كان ابنها اسمه هذيل، واسم زوجها عبدالرحمن. اهـ.
وقال الحاكم (1/ 282): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي. وفيما قالاه نظر؛ لأن البخاري لم يخرج لحماد بن سلمة، بل قال الحاكم: إن مسلم أيضا لم يخرج لحماد بن سلمة في الأصول، إلا ما كان من حديثه، عن ثابت.
وقد اختلف في إسناده. فرواه الإمام أحمد كما في العلل (1697)، برواية ابنه عبدالله قال: حدثني أبي، قال: حدثني عبدالرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أم الهذيل، عن عائشة. ثم قال أحمد: إنما هو قتادة، عن حفصة، عن أم عطية. اهـ.
ورواه أيضا (1216)، فقال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن
أم عطية قالت: لم نكن نرى الصفرة والكدرة شيئا.
ورواه ابن ماجه (647) قال: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر به.
وقد تابع معمرا إسماعيل بن علية، كما عند البخاري (326)، وأبو داود (308)، والنسائي (1/ 186)، والحاكم (1/ 174)، كلهم من طريق، إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أم عطية.
وخالفهم وهيب كما عند ابن ماجه (647)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن عبدالله القرشي، ثنا وهيب، عن أيوب، عن حفصة، عن أم عطية قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا.
قال عقبه: قال محمد بن يحيى: وهيب أولاهما، عندنا بهذا. اهـ. هكذا رجح محمد ابن يحيى الذهلي؛ رواية وهيب، عن أيوب، عن حفصة.
وتعقبه ابن رجب في شرح البخاري (2/ 155)، فقال: زعم محمد بن يحيى الذهلي، أن قول وهيب أصح، وفيه نظر. اهـ.
فالذي يظهر أن رواية معمر وابن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، أصح؛ لأن إسماعيل من أثبت الرواة في أيوب.
لهذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 426): وما ذهب إليه البخاري من تصحيح رواية إسماعيل أرجح، لموافقة معمر له؛ ولأن إسماعيل أحفظ لحديث أيوب من غيره، ويمكن أن أيوب سمعه منهما. اهـ.
ورواه الحاكم (1/ 282) قال: حدثنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، ثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية.
قلت: يحيى بن أبي طالب فيه كلام، وقد اختلف عليه.
فقد رواه الدارقطني (1/ 219)، قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقائق، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنا هشام بن حسان، عن حفصة، عن أم عطية، أنها قالت: كنا لا نرى الترية بعد العشاء شيئا. وهي الصفرة والكدرة.
وروى البخاري (2037)، قال: حدثنا قتيبة، حدثنا يزيد بن زريع، عن خالد، عن عكرمة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة، من أزواجه. فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي.
الشاهد من الحديث، هو ما قاله ابن رجب في شرح البخاري (2/ 82) حيث قال: وفي حديث عائشة، ما يدل على أن دم الاستحاضة يتميز، عن دم الحيض، بلونه وصفرته. اهـ.
* * *
(83)
أن أم حبيبة استحيضت، فسألت النبي، عن ذلك، فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة. متفق عليه.
رواه مسلم (1/ 263)، وأحمد (6/ 82)، وأبو داود (290)، والترمذي (129)، والنسائي (1/ 181)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 99)، والبيهقي (1/ 349)، كلهم من طريق، الليث، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة؛ أنها قالت: استفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أستحاض. فقال: إنما ذلك عرق فاغتسلي. ثم صلي، فكانت تغتسل عند كل صلاة. قال الليث بن سعد: لم يذكر ابن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش، أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي. وقال ابن رمح في روايته ابنة جحش. ولم يذكر أم حبيبة. هذا لفظ مسلم.
ورواه مسلم (1/ 264) من طريق جعفر بن ربعيه، عن عراك بن مالك، عن عروة به، وفي آخره: فكانت تغتسل عند كل صلاة.
هكذا لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل عند كل صلاة، إنما هو إخبار، عن فعلها.
وقد ورد الأمر بالغسل عند كل صلاة، عند أحمد (6/ 237)، وأبو داود (292)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 98)، والدارمي (1/ 198)، كلهم من طريق، محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرها بالغسل لكل صلاة وساق الحديث.
وهذا مقصد الحافظ ابن حجر في البلوغ، عندما قال عند هذا الحديث:
ولأبي داود وغيره من وجه آخر، أي، عن ابن إسحاق.
وقد خالف محمد بن إسحاق الليث كما سبق، وابن أبي ذئب، كما هو عند البخاري (327)، والدارمي (1/ 200)، وأحمد (6/ 141)، والطحاوى في شرح معاني الآثار (1/ 99)، كلهم من طريق، ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب به، وليس فيه الأمر بالغسل عند كل صلاة. إنما أمرها بالغسل مطلقا.
وتابع ابن أبي ذئب إبراهيم بن سعد، كما عند مسلم (1/ 264)، وأحمد (6/ 187)، والدارمي (1/ 200)، وابن عيينة عند مسلم (1/ 246)، والأوزاعي عند أحمد (6/ 83)، والنسائي والدارمي (1/ 199)، وعمرو بن الحارث عند مسلم (1/ 263)، وأبو داود (288)، والبيهقي (1/ 248)، كلهم، عن ابن شهاب به. وبعضهم يرويه عنه، عن عروة، وبعضهم، عن عمرة، وبعضهم يجمعهما. وليس فيه الأمر بالغسل عند كل صلاة. فدل على أنها كان تغتسل لكل صلاة من فعلها، ولم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم به، كما قال رواة الحديث. فقد قال الليث كما في صحيح مسلم (1/ 263): لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر أم حبيبة بنت جحش، أن تغتسل عند كل صلاة. ولكنه شيء فعلته هي. اهـ.
وقال ابن شهاب كما عند أحمد (6/ 82): لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل عند كل صلاة. إنما فعلته هي. اهـ.
وتابع ابن إسحاق سليمان بن كثير. فقد قال أبو داود في السنن (1/ 129): ورواه أبو الوليد الطيالسي، ولم أسمعه منه، عن سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: استحيضت زينب بنت جحش، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اغتسلي لكل صلاة. وساق الحديث ورواه
عبدالصمد، عن سليمان بن كثير قال: توضئي لكل صلاة. ثم قال أبو داود: وهذا وهم من عبد الصمد، والقول فيه قول أبي الوليد. اهـ.
قلت: سليمان بن كثير قد ضعف في حديث الزهري، كما أنه اختلف عليه.
فقد رواه البيهقي (1/ 35) من طريق مسلم بن إبراهيم، ثنا سليمان- يعني: ابن كثير-، عن الزهري به، وفيه: فاغتسلي وصلي، وليس فيه الأمر بالاغتسال لكل صلاة، ولا الوضوء لكل صلاة.
قال البيهقي: وهذا أولى لموافقته سائر الروايات، عن الزهري. اهـ.
وللحديث طرق أخرى أتركها اختصارا.
وروى أبو داود (293)، قال: حدثنا عبدالله بن عمرو بن أبي الحجاج أبومعمر، ثنا عبد الوارث، عن الحسين، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، قالت: أخبرتني زينب بنت أبي سلمة
…
، أن امرأة كانت تهراق الدم، وكانت تحت عبدالرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي.
ورواه ابن الجارود (115) من طريق أبو معمر، ثنا عبد الوارث به.
قلت: رجاله ثقات، وأعله أبوحاتم بالإرسال. وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (549): هو حديث مرسل فيما أرى، وزينب ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم معدودة في التابعيات، وإن كانت؛ إنما ولدت بأرض الحبشة، فهي إنما تروي عن عائشة، وأمها أم سلمة. اهـ.
وتعقبه ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 189)، فقال: هذا تعليل فاسد؛ فإنها معروفة الرواية، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أمها، وعن أم حبيبة، وزينب، وقد حفظت، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودخلت عليه وهو يغتسل، فنضح في وجهها. اهـ.
وعدها العجلي في التابعيات، كما في معرفة الثقات (2/ 453)، وفيه نظر.
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (7/ 676): كأنه يشترط البلوغ
…
اهـ، وهذا قول مرجوح.
وروى لها البخاري (3492) من طريق، كليب، حدثتني ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأختها زينب، قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الدباء .... وقد اختلف في حديث زينب في الإستحاضة، فرواه البيهقي (1/ 351) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن هشام بن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، أن أم حبيبة بنت جحش سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أهراق الدم، فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي. هكذا ليس في الإسناد زينب بنت أبي سلمة.
ورواه البيهقي (1/ 351) من طريق بشر بن بكر، ثنا الأوزاعي، ثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة، وعكرمة مولى ابن عباس: أن زينب بنت أم سلمة، كانت تعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تهراق الدم، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل لكل صلاة. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 50)، سألت أبي، عن حديث رواه هشام ومعمر وغيرهما، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أم حبيبة، أنها استحيضت فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل لكل صلاة، وقال: الصحيح، عن هشام الدستوائي، عن يحيى، عن أبي سلمة، أن أم حبيبة سألت النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، وكذا يرويه حرب بن شداد، وقال: الحسين المعلم، عن يحيى، عن أبي سلمة: أخبرتني زينب أن امرأة كانت تهراق الدم. وهو مرسل. اهـ.
وروى أبو داود (297)، وابن ماجه (625)، والترمذي (126)، وفي (127)، والدارمي (798) كلهم من طريق شريك، عن أبي اليقظان، عن
عدي بن ثابت، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة، وتصوم وتصلى.
قلت: إسناده ضعيف.
قال الترمذي: سألت محمدا- يعني البخاري- عن هذا الحديث، فقلت: عدى بن ثابت، عن أبيه، عن جده. جد عدى ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه. وذكرت لمحمد قول يحيى بن معين: أن اسمه (دينار) فلم يعبأ به .. اهـ.
وقال أبو داود: هو حديث ضعيف .. اهـ. (تحفة الأشراف)(3/ 3542).
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 129 ـ 131): قال الترمذي: هذا حديث قد تفرد به شريك، عن أبي اليقظان. قال: وسألت محمدا، عن هذا الحديث، فقلت: عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، جد عدي بن ثابت ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه، وذكرت لمحمد قول يحيى بن معين أن اسمه: دينار، فلم يعبأ به. قلت: وقال أحمد بن زهير: اسمه: قيس. حكاه الحافظ أبو موسى في معرفة الصحابة، قال: وقال أكثرهم: اسمه عبدالله بن (يزيد) الخطمي. قال: وقيل: إن عبدالله بن (يزيد) اسم جده من قبل الأم. انتهى. وقال الدارقطني: لا يصح من هذا كله شيء. وقال الحافظ جمال الدين المزي في تهذيبه: الصحيح القول الأخير. وقال ابن عبد البر: هو عدي بن ثابت بن عبيد بن عازب، فجده هذا هو (أخو) البراء بن عازب الأنصاري. وحكى المزي، عن بعضهم أنه عدي بن أبان بن ثابت بن قيس بن (الخطيم)(الظفري)(الأنصاري)، وصوب هذا القول الحافظ شرف الدين الدمياطي، في كتابه قبائل الأوس والخزرج. قلت (القائل ابن
الملقن): وأبو اليقظان المذكور في إسناد هذا الحديث اسمه عثمان بن (عمير) الكوفي، ويقال له ابن قيس، وابن أبي حميد، وابن أبي زرعة (أعمى)، وأعشى ثقيف، (وقد) ضعفه غير واحد، قال أحمد: ضعيف الحديث، وقال يحيى: حديثه ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن حبان: اختلط حتى لا يدري ما يقول، لا يجوز الاحتجاج به. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكر، كان شعبة لا يرضاه. وذكر أنه حضره فروى عن شيخ، فقال له شعبة: كم سنك؟ قال: كذا، وإذا الشيخ قد مات وهو ابن سنتين. وقال الدولابي في كتابه: حدثني عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: ترك عبدالرحمن بن مهدي حديث أبي اليقظان هذا. وقال الحاكم أبو أحمد في كناه: ليس بالقوي عندهم. لا جرم أن أبا داود قال في سننه: هذا حديث ضعيف لا يصح. وقال الترمذي في علله ومنها نقلت: سألت محمدا- يعني البخاري- عن هذا الحديث، فلم يعرفه إلا من هذا الوجه، (والله أعلم بالصواب). انتهى ما قاله ونقله ابن الملقن.
وصححه الألباني لشواهده. الإرواء (207)، صحيح ابن ماجه (508)، صحيح أبي داود (312).
* * *
(84)
حديث عثمان بن أبي العاص: أنها أتته قبل الأربعين، فقال: لا تقربيني.
أخرجه الدارقطني (1/ 220) - الحيض- (67، 69)، قال: حدثنا يزداد بن عبدالرحمن، ثنا أبو سعيد الأشج، ثنا حفص بن غياث، عن أشعث بن سوار، عن الحسن البصري، عن عثمان بن أبي العاص بلفظ: لا تشوفن لي دون الأربعين. ومن طريق أبي بكر الهذلي، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص بلفظ: لا تقربيني أربعين يوما.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه أشعث، وهو ابن سوار ضعيف كما سبق.
قال الألباني في الإرواء (1/ 226): موقوف ضعيف. وأبو بكر هذا متروك الحديث، وقد خالفه فى لفظه أشعث، فقال: عن الحسن، عن عثمان بن أبى العاص، أنه كان يقول لنسائه: لا تشوفن لى دون الأربعين، ولا تجاوزن الأربعين يعنى النفاس. أخرجه الدارقطنى. اهـ.
وأخرجه الدارمي (1/ 184) - الطهارة- باب وقت النفساء- (955)، وابن الجارود (ص 49 - 118) - من طريق يونس بن عبيد، أبو بكر الهذلي، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص بلفظ: أنه كان لا يقرب النساء أربعين يوما- يعني في النفاس.
وأخرجه البيهقي (1/ 341) - الطهارة- باب النفاس- من طريق أبي حرة البصري، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص بلفظ: تنتظر النفساء أربعين يوما ما تغتسل.
وأخرجه الدارمي (1/ 184) - الطهارة- (956)، والطبراني في الكبير
(9/ 49 - 8383) من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن عثمان بلفظ: وقت النفساء أربعون يوما.
وأخرجه الدارقطني (1/ 220) - الحيض- (70)، والحاكم (1/ 176) - الطهارة- من طريق أبي بلال الأشعري، عن أبي شهاب، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن عثمان مرفوعا، بلفظ: وقت رسول الله للنفساء في نفاسهن أربعين يوما.
قلت: مداره على الحسن البصري وهو كثير الإرسال، ولم يسمع من عثمان بن أبي العاص، وقد رواه عن الحسن أشعث بن سوار، وأبو بكر الهذلي، وإسماعيل بن مسلم المكي، وأبو بلال الأشعري، وكلهم ضعفاء.
ورواية أبو حرة البصري، عن الحسن، منقطعة، حيث لم يسمع منه.
* * *
كتاب الصلاة
(85)
حديث: من نام، عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها. رواه مسلم.
أخرجه البخاري (1/ 155)(597)، ومسلم (2/ 142)(1512)، وأبوداود (442)، وابن ماجه (695)، والترمذي (178)، والنسائي (1/ 293)، وفي الكبرى (1598)، وأحمد (3/ 100) برقم (11995)، وفي (3/ 216) برقم (13295)، والدارمي (1229)، وابن خزيمة (991)، كلهم، من طريق قتادة، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نسي صلاة، أو نام عنها، فإن كفارتها أن يصليها إذا ذكرها.
وروى مسلم (1/ 471)، وأبو داود (437)، وابن ماجه (697)، والبيهقي (2/ 217) كلهم من طريق، يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر، سار ليله حتى إذا أدركه الكرى عرس، وقال لبلال: اكلأ لنا الليل، فصلى بلال ما قدر له، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجه الفجر، فغلبت بلالا عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بلال ولا أحد من أصحابه، حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظا، ففزع رسول الله، فقال: أي بلال فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ بأبي وأمي يا رسول الله بنفسك، قال: اقتادوا، فاقتادوا رواحلهم شيئا، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بلالا فأقام الصلاة، فصلى بهم
الصبح، فلما قضى الصلاة قال: من نسي الصلاة، فليصلها إذا ذكرها، فإن الله قال:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} . ففي هذا الحديث إثبات الإقامة وفي الذي قبله إثبات الأذان.
* * *
(86)
وغشي على عمار ثلاثا، ثم أفاق وتوضأ تلك الثلاث.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 268 - 269) - الصلاة- باب ما يعيد المغمي عليه من الصلاة، والبيهقي (1/ 388) - الصلاة- باب المغمي عليه يفيق بعد ذهاب الوقتين فلا يكون عليه قضاؤهما، وعبد الرزاق (2/ 479، 480)، كلهم من طريق سفيان، عن إسماعيل بن عبدالرحمن السدي، عن يزيد مولى عمار، بلفظ: أن عمار بن ياسر أغمي عليه، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأفاق نصف الليل، فقضاهن.
قلت: إسناده ضعيف، يزيد مولى عمار مجهول، قال البيهقي في معرفة السنن والآثار (2/ 210): وإنما قال الشافعي في حديث عمار: أنه ليس بثابت؛ لأن رواية يزيد مولى عمار وهو مجهول، والراوي عنه إسماعيل بن عبدالرحمن السدي، وكان يحيى بن معين يستضعفه، ولم يحتج به البخاري، وكان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي لا يريان به بأسا .. اهـ.
وقال الذهبي في الكاشف (391): إسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكوفي عن بن عباس وأنس وطائفة وعنه زائدة وإسرائيل وأبو بكر بن عياش وخلق رأى أبا هريرة حسن الحديث قال أبو حاتم لا يحتج به مات 127 م 4. أ. هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 210): وفي إسناده ضعف .. اهـ.
وله طرق أخرى، فقد رواه ابن المنذر في الأوسط (2292)، قال: حدثنا موسى، ثنا أبو بكر الأثرم، ثنا هارون بن عبد الله، ثنا محمد بن الحسن وهو محمد بن الحسن بن أبي الحسن المخزومي، قال: حدثني عبدالله بن
الحارث الأنصاري، عن أبيه، عن أم سعيد، مولاة عمار وكانت جارية عمار: أنه غشي عليه ثلاثا لا يصلي، ثم استفاق بعد ثلاث، فقال: هل صليت؟ فقالوا: ما صليت منذ ثلاث، فقال: أعطوني وضوءا فتوضأ ثم صلى تلك الثلاث.
وأحتج بهذا الأثر الإمام أحمد، قال إسحاق في مسائله للإمام أحمد [322 - ] قلت: المغمي عليه ما يقضي من الصلوات؟ قال: يقضي الصلوات كلها، نام النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقضاها.
وذكر حديث أبي مجلز، عن عمران بن حصين وسمرة بن جندب، وعمار بن ياسر رضي الله عنهم.
قال: إما أن يقضيها كلها، وإما أن لا يقضي شيئا من الصلوات. قال إسحاق: لا يقضي إلا صلاة يومه الذي أفاق فيه، وإن أفاق قبل طلوع الشمس قضى الفجر، وإن لم يفق حتى انتصف النهار فإنه يقضي الفجر قط.
* * *
(87)
حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده يرفعه: مروا أبناءكم بالصلاة، وهم ابناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وغيره.
أخرجه أبو داود (495)، وفي (496 و 4114)، وأحمد (2/ 180) برقم (6689). وفي (2/ 187) برقم (6756) كلهم من طريق سوار أبي حمزة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، شعيب، عن جده عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع، وإذا أنكح أحدكم عبده، أو أجيره، فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه، من عورته.
ورواه عن سوار كل من وكيع، والطفاوي، وعبد الله بن بكر السهمي، وإسماعيل ابن علية.
قلت: سوار بن داود أبو حمزة اختلف فيه، والأشهر أنه حسن الحديث.
قال العقيلي في ضعفائه (3/ 458)، ترجمة سوار بن داود أبو حمزة، وذكر هذا الحديث له مع آخر: لا يتابع عليهما جميعا بهذا الإسناد، فأما حديث المقداد فيروى بغير هذا الإسناد، بإسناد صالح، وأما الحديث الأول: ففيه رواية فيها لين أيضا، وأما حديث عمرو بن شعيب فليس يروى من وجه يثبت. وقال في (8/ 231): والرواية في هذا فيها لين .. اهـ.
وقال الحاكم في المستدرك (1/ 311): سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب، يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري، يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: عمرو بن شعيب ثقة. قال الحاكم: وإنما قالوا في هذه للإرسال،
فإنه عمرو بن شعيب بن محمد بن عبدالله بن عمرو، وشعيب لم يسمع من جده عبدالله بن عمرو. سمعت الأستاذ أبا الوليد، يقول: سمعت الحسن بن سفيان، يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، يقول: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة؛ فهو كأيوب، عن نافع، عن ابن عمر. اهـ.
وقال ابن حبان في المجروحين (1/ 290): داود بن سوار المزني أبو حمزة، يروي عن عمرو بن شعيب، روى عنه وكيع، قليل الرواية، ينفرد مع قلته بأشياء لا تشبه حديث من يروي عنهم، روى عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي- فذكره. اهـ.
وقال النووي في المجموع (3/ 10): رواه أبو داود بإسناد حسن. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 238): هذا الحديث صحيح، رواه أبوداود في سننه كذلك، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وقد أسلفنا ما في هذه الترجمة، وأن الأكثر على الاحتجاج بها. اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 296): رواه العقيلي في ضعفاءه، ولين سوار بن داود. قال صاحب التنقيح: وسوار بن داود أبو حمزة البصري، وثقه ابن معين، وابن حبان. وقال أحمد: شيخ بصري لا بأس به.
وقال الألباني في صحيح أبي داود (509): هذا إسناد حسن، رجاله ثقات- على الخلاف المشهور في عمرو بن شعيب، وقد سبق تحقيق الحق فيه، وأنه حسن الإسناد-؛ غير سوار بن داود أبي حمزة المزني الصيرفي، وهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى. وإليك ترجمته من تهذيب التهذيب: قال أبو طالب، عن أحمد: شيخ بصري لا بأس به، روى عنه وكيع فقلب اسمه، وهو شيخ يوثق بالبصرة، لم يرو عنه غير هذا الحديث. قلت: يعني هذا: وقال ابن
معين: ثقة. وقال الدارقطني: لا يتابع على أحاديثه، فيعتبر به. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ. ولخص ذلك الحافظ في التقريب، فقال: صدوق له أوهام. وهذا معناه أنه حسن الحديث على أقل تقدير؛ إذا لم يظهر وهمه فيه. اهـ.
* * *
(88)
حديث: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة.
أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق (ص 32 - 165)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 156 - 216، 217) - من طريق ثواب بن حجيل الهدادي، عن ثابت البناني، عن أنس مرفوعا.
قلت: في إسناده ثواب بن حجيل، لم أجد فيه جرحا، ولا تعديلا. وذكره البخاري في التاريخ الكبير 2/ 158، ولم يورد فيه جرحا ولا تعديلا.
وقال الألباني في الإرواء (4/ 238): وهذا إسناد حسن في الشواهد رجاله ثقات غير ثواب هذا، أورده ابن أبي حاتم (1/ 1/ 471) من رواية موسى بن إسماعيل فقط عنه، وهو الراوي لهذا الحديث عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. اهـ.
ورواه عبد الرزاق في مصنف (5981)، والبيهقي (6/ 289)، والطبراني في الكبير (8699)، ونعيم بن حماد في الفتن (1685)، وأبو عمر الداني في السنن الواردة في الفتن (3/ 595: 269)، والمروزي في الفتن (1685)، والسنة للخلال (1292)، كلهم من طريق، عبدالعزيز بن رفيع، قال: سمعت شداد بن معقل، سمعت ابن مسعود، يقول: إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة، وإن هذا القرآن الذي ينزل بين أظهركم، يوشك أن يرفع. قال: قلت لعبدالله: كيف يرفع وقد أثبته الله في صدورنا وأثبتناه في مصاحفنا، قال: يسرى عليه ليلا، فلا يترك منه شيء في صدر رجل، ولا مصحف، ثم قرأ:{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} الآية.
قال الهيثمي في المجمع (7/ 634): رواه الطبراني، ورجاله رجال
الصحيح، غير شداد بن معقل وهو ثقة.
ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (36984)، والمروزي في الفتن (1685) من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن شداد بن معقل، قال: قال عبدالله: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة.
ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (37028)، قال: حدثنا ابن نمير، حدثنا مالك بن مغول، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، قال: قال عبد الله: إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة.
ورواه الخلال في السنة (1391) قال: حدثنا أبو عبدالله، قال: حدثنا عبدالرحمن، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن عبدالله، قال: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة.
وأخرجه الخلال في السنة (1292)، وابن أبي شيبة (35954)، كلاهما من طريق، عكرمة، عن أبي عبدالله الفلسطيني، قال: حدثني عبد العزيز أخو حذيفة، عن حذيفة بن اليمان، قال: أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، وليصلين النساء وهن حيض، ولينتقضن عرى الإسلام عروة عروة، ولتركبن طريق من كان قبلكم حذو النعل بالنعل، وحذو، القذة بالقذة، ولا تخطئون طريقهم ولا يخطأ بكم، حتى تبقى فرقتين من فرق كثيرة، تقول إحداهما: ما بال الصلوات الخمس، لقد ضل من كان قبلنا، إنما قال:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} ، لا تصلون إلا صلاتين أو ثلاثة. وفرقة أخرى تقول: إنا لمؤمنون بالله كإيمان الملائكة، وما فينا كافر ولا منافق. حقا على الله أن يحشرهم مع الدجال.
ورواه الطبراني في الكبير (7182) قال: حدثنا محمد بن خالد الراسبي، ثنا
مهلب بن العلاء، ثنا شعيب بن بيان الصفار، ثنا عمران القطان، عن قتادة، عن الحسن، عن شداد بن أوس: أن رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة.
قلت: الحسن هو البصري مدلس. والمهلب بن العلاء ولم أجد من وثقه.
قال الهيثمي في المجمع (4/ 257): رواه الطبراني في الكبير، وفيه المهلب بن العلاء، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات. اهـ.
وقال الألباني في الإرواء (4/ 238): وأخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 265)، والأخبار (2/ 213) من طريق يزيد الرقاشي، عن أنس به، دون ذكر الأمانة. ويزيد ضعيف. وأخرجه الطبراني من حديث شداد بن أوس مرفوعا، دون ذكر الصلاة. وذكر المناوي نقلا، عن العراقي والهيثمي، أن فيه عمران القطان، ضعفه ابن معين والنسائي، ووثقه أحمد. قلت: إن لم يكن فيه غير هذه العلة فهو حسن الإسناد. والحديث صحيح على كل حال، فإن له شواهد كثيرة. اهـ.
* * *
باب الأذان
(89)
حديث: المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة. رواه مسلم.
أخرجه مسلم (2/ 5) - الصلاة (14)، وابن ماجه (725) - الأذان- باب فضل الأذان (725)، وأحمد (4/ 95)، وفي (4/ 98)، وعبد بن حميد (418)، كلهم من طريق، طلحة بن يحيى، عن عيسى بن طلحة، قال: سمعت معاوية يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة.
وروى أحمد (3/ 169) برقم (12759) قال: حدثنا عبد الصمد. وفي (3/ 264) برقم (13825) قال: حدثنا معاوية بن عمرو. كلاهما (عبد الصمد، ومعاوية) عن زائدة، عن الأعمش، قال: حدثت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: أطول الناس أعناقا، يوم القيامة، المؤذنون.
قلت: إسناده ضعيف؛ لإبهام الواسطة بين الأعمش وأنس.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 331) بلفظ: أطول الناس أعناقا يوم القيامة المؤذنون، وعزاه لأحمد، وقال رجاله رجال الصحيح، إلا أن الأعمش قال: حدثت، عن أنس.
وروى الطبراني في الكبير (5119)، والحاكم في المستدرك في كتاب معرفة الصحابة (3/ 322) برقم (5244)، كلاهما من طريق حسام بن مصك، عن قتادة، عن القاسم بن ربيعة، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم المرء بلال، ولا يتبعه إلا مؤمن، وهو سيد المؤذنين، والمؤذنون أطول الناس
أعناقا يوم القيامة.
قلت: ضعيف جدا. قال الطبراني في الأوسط، والحاكم والبزار بعد ذكرهم الحديث: تفرد به حسام بن مصك ـ يعنون تفرده، عن قتادة، فلم يروه من هذا الطريق غير حسام.
وهو حسام بن مصك الأزدي، أبو سهل البصري: توفي سنة (63 هـ): متفق على ضعفه، وقال الفلاس والدارقطني: متروك الحديث، وقال ابن المبارك: إرم به، وقال ابن حجر: ضعيف يكاد أن يترك. واضطرب في اسم القاسم بن ربيعة من حسام.
* * *
(90)
حديث: إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم.
رواه البخاري (628)، ومسلم- المساجد- (1/ 465)، وأبو داود- الصلاة- باب من أحق بالإمامة- (589)، والترمذي- الصلاة- باب ما جاء في الأذان في السفر- (205)، والنسائي- الأذان- باب أذان المنفردين في السفر، وباب اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر، وباب إقامة كل واحد لنفسه- (634، 635، 669)، (2/ 77) - القبلة- باب تقديم ذوي السن، (2/ 8 - 9)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب من أحق بالإمامة- (979)، وأحمد (5/ 53)، كلهم من طريق أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شبيبة، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا، فظن أنا اشتقنا أهلنا، فسألنا، عن من تركناه من أهلنا، فأخبرناه، فقال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلموهم ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم.
وقد رواه عن أبي قلابة، كل من أيوب بن أبي تيمية، وخالد الحذاء.
وروى البخاري (5/ 191) برقم (1302)، والنسائي (2/ 9)، وفي الكبرى (1612) قال: أخبرني إبراهيم بن يعقوب. كلاهما (البخاري، وإبراهيم بن يعقوب)، قالا: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة، (قال أيوب: قال لي أبو قلابة: ألا تلقاه فتسأله. قال: فلقيته فسألته. فقال: كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله
أرسله، أوحى إليه، أو أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام، وكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح، فيقولون. اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقا، فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة، فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا. فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست، أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا است قارئكم، فاشتروا فقطعوا لي قميصا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص.
وأخرجه أبو داود (587)، وأحمد (5/ 29) برقم (20598)، كلاهما (أحمد بن حنبل، وقتيبة)، قالا: حدثنا وكيع، عن مسعر بن حبيب الجرمي، حدثنا عمرو بن سلمة، عن أبيه: أنهم وفدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أرادوا أن ينصرفوا، قالوا: يا رسول الله، من يؤمنا؟ قال: أكثركم جمعا للقرآن- أو أخذا للقرآن-. قال عمرو: فلم يكن أحد من القوم جمع من القرآن ما جمعت، قال: فقدموني وأنا غلام، فكنت أؤمهم وعلي شملة لي، قال: فما شهدت مجمعا من جرم إلا كنت إمامهم، وأصلي على جنائزهم إلى يومي هذا.
قال أبو داود: ورواه يزيد بن هارون، عن مسعر بن حبيب الجرمي، عن عمرو بن سلمة قال: لما وفد قومي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقل: عن أبيه .. اهـ.
وأخرجه أحمد (5/ 71) برقم (20962) قال: حدثنا عبد الواحد بن واصل الحداد، حدثنا مسعر أبو الحارث الجرمي قال: سمعت عمرو بن
سلمة الجرمي يحدث، أن أباه ونفرا من قومه، وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ظهر أمره، وتعلم الناس. فذكر الحديث.
وأخرجه أبو داود (585)، وفي (586)، والنسائي (2/ 70)، وفي الكبرى (845)، وابن خزيمة (1512) كلهم من طريق عمرو بن سلمة. قال: كنا بحاضر يمر بنا الناس، إذا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا رجعوا مروا بنا، فأخبرونا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا، وكنت غلاما حافظا، فحفظت من ذلك قرآنا كثيرا، فانطلق أبي وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في نفر من قومه، فعلمهم الصلاة. فقال: يؤمكم أقرؤكم، وكنت اقرأهم لما كنت أحفظ، فقدموني، فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صغيرة صفراء، فكنت إذا سجدت تكشفت عني. فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم، فاشتروا لي قميصا عمانيا، فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به، فكنت أؤمهم وأنا ابن سبع سنين، أو ثمان سنين.
ورواه عن عمرو بن سلمة كل من أيوب، وأبو قلابة، وعاصم.
قلت: إسناده صحيح، غير أن رواية عمرو بن سلمة، عن أبيه غير محفوظة، والصحيح من رواية عمرو بن سلمة، قال: أن أباه ونفرا من قومه، وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ظهر أمره. كما أشار إلى ذلك أبو داود حيث قال: ورواه يزيد بن هارون، عن مسعر بن حبيب الجرمي، عن عمرو بن سلمة قال: لما وفد قومي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقل: عن أبيه. وهي رواية الجماعة، عن عمرو، وهي رواية البخاري في صحيحه.
وقال العلامة الألباني في إرواء الغليل (1/ 229): ووقع عندها أي رواية أحمد (20332): عمرو بن سلمة، عن أبيه، فجعله من مسند أبيه سلمة، وهو
خطأ. قال أبو داود عقبه: ورواه يزيد بن هارون، عن مسعر بن حبيب، عن عمرو بن سلمة، قال: لما وفد قومي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقل: عن أبيه. قلت: وهو الصواب. فقد وصله البيهقي (3/ 225)، عن يزيد بن هارون به، وتابعه عبدالواحد بن واصل الحداد عند أحمد في هذه الرواية، فهي مقدمة على رواية من زاد في السند: عن أبيه. وهو وكيع لأنهما أكثر، ولأنها موافقة لرواية كل من ذكرنا، عن عمرو. وكذلك رواه. عاصم الأحول مختصرا. وسيأتي لفظه في أول ما يبطل الصلاة. ويشهد له ما أخرجه مسلم في صحيحه، في المساجد (673) باب من أحق بالإمامة، عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلما، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. اهـ.
* * *
(91)
حديث: ليؤذن لكم خياركم. رواه أبو داود وغيره.
أخرجه أبو داود- الصلاة- باب من أحق بالإمامة- (590)، وابن ماجه- الأذان- باب فضل الأذان وثواب المؤذنين- (726)، والطبراني في الكبير (11/ 237 - 11603)، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (2/ 766)، والبيهقي (1/ 426) - الصلاة- باب لا يؤذن إلا عدل ثقة، والبغوي في شرح السنة (3/ 399) - الصلاة- باب من هو أولى بالإمامة (837)، كلهم من طريق عثمان بن أبي شيبة، حدثنا حسين بن عيسى الحنفي، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس بمثله مرفوعا. وفيه: وليؤمكم أقرؤكم.
قلت: في إسناده حسين بن عيسى الحنفي، وهو ضعيف. قال البخاري: مجهول، وحديثه منكر. يشير إلى هذا الحديث- كما ذكر الحافظ في التهذيب-. وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، روى عن الحكم بن أبان أحاديث منكرة. وقال ابن عدي: له من الحديث شيء قليل، وعامة حديثه غرائب، وفما بعض حديث مناكير. والغريب أن ابن حبان ذكره في الثقات!، وقال الحافظ: ضعيف. اهـ.
وقال ابن الملقن في تحفة المحتاج (1/ 267): وفي سنده حسين بن عيسى الحنفي، قال البخاري: مجهول، وحديثه منكر. وذكره ابن حبان في ثقاته. وقال الدارقطني: تفرد به الحكم بن أبان. أهـ.
وقال ابن طاهر في ذخيرة الحفاظ (2/ 2017): رواه حسين بن عيسى الحنفي الكوفي، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس. وهذا لعل البلاء فيه من الحكم؛ لأنه ضعيف، لا من الحسين هذا. أهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 279): وذكر الدارقطني أن الحسين بن عيسى تفرد بهذا الحديث، عن الحكم بن أبان، وحسين بن عيسى منكر الحديث، قاله أبو حاتم. وأبو زرعة الرازيان .. اهـ.
وقال الشيخ الألباني: ضعيف، انظر حديث رقم (4866) في ضعيف الجامع. وقال في ضعيف سنن أبي داود (1/ 200): هذا إسناد ضعيف؛ حسين بن عيسى الحنفي ضعفه الجمهور، وقد تفرد بهذا الحديث، عن الحكم. وقال البخاري: إنه حديث منكر. اهـ.
* * *
(92)
حديث: الصلاة خير من النوم، لحديث أبي محذورة، رواه أحمد وغيره، ولأنه وقت ينام الناس فيه غالبا، ويكره في غير أذان الفجر وبين الأذان والإقامة.
رواه أبو داود (1/ 34، 341، 344) - الصلاة- باب كيف الأذان- (500)، وأحمد (3/ 408 - 409)، والبيهقي (1/ 421 - 422)، كلهم من طريق، الحارث بن عبيد، عن محمد بن عبدالملك بن أبي محذورة، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله، علمني سنة الأذان، قال: فمسح مقدم رأسي، وقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ترفع بها صوتك، ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه الحارث بن عبيد أبو قدامة الأيادي. قال أحمد: مضطرب الحديث. اهـ. وقال ابن معين: ضعيف. اهـ. وقال أبوحاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ. وقال النسائي: ليس بذاك القوي. اهـ.
وأما محمد بن عبدالملك بن أبي محذورة المؤذن، فلم يوثقه غير ابن حبان.
وقال عبدالحق: لا يحتج بهذا الإسناد. اهـ. وقال ابن القطان: مجهول الحال، لا نعلم روى عنه إلا الحارث. اهـ. وأما والده فكذلك فيه جهالة.
ورواه أبو داود (501)، وابن خزيمة (1/ 200)، والبيهقي (1/ 422)، كلهم من طريق، عبدالرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عثمان بن السائب، أخبرني أبي، وأم عبدالملك ابن أبي محذورة، عن أبي محذورة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو الخبر السابق، وفيه قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح.
قلت: عثمان بن السائب الجمحي، قال ابن القطان عنه: غير معروف. اهـ. وكذلك والده السائب الجمحي، قال الذهبي: لا يعرف. اهـ. وكذلك أم عبدالملك فيها جهالة.
وروى عبدالرزاق (1/ 472)، عن معمر، عن الزهري، عن المسيب أن رسول الله قال: إن بلال يؤذن بليل ...... فذكر الحديث، وفي آخره قال: ثم جاء يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له: إنه نائم فنادى بلال: الصلاة خير من النوم فأقرت في الصبح.
قلت: رجاله ثقات.
ورواه البيهقي (1/ 422) من طريق أبي اليمان، أخبرني شعيب، عن الزهري به، فذكر نحوه.
وروى الطبراني في الأوسط مجمع البحرين (2/ 15 - 16)، قال: حدثنا علي بن سعيد، ثنا سلمة بن الخليل الكلاعي الحمصي، ثنا مروان بن ثوبان قاضي حمص، ثنا النعمان بن المنذر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن بلالا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، عند الأذان في الصبح فوجده نائما،
فناداه، الصلاة خير من النوم، فلم ينكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدخله في الأذان، فلا يؤذن لصلاة قبل وقتها غير صلاة الفجر. قال الطبراني عقبه: لم يروه عن الزهري إلا نعمان تفرد به مروان. اهـ.
قلت: مروان بن ثوبان قاضي حمص، لم أجد له ترجمه. وبه أعله الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 330)، وكذلك شيخ سلمة بن الخليل، لم أجد له ترجمة.
وروى ابن ماجه (716)، قال: حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا عبدالله بن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن بلال: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، فأقرت في تأذين الفجر، فثبت الأمر على ذلك.
قال ابن رجب في فتح الباري (3/ 408): وابن المسيب، لم يسمع من بلال أيضا. أهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 385): وهذا إسناد كل رجاله ثقات، أئمة أعلام، مخرج حديثهم في الصحيحين، إلا عمرو بن رافع شيخ ابن ماجه، وهو حافظ. قال أبو حاتم: قل من كتبنا عنه، أصدق لهجة، وأصح حديثا منه، لكن أعله النووي في خلاصته بالانقطاع. قال: لأن سعيدا لم يسمع من بلال، وهو الظاهر؛ فإنه كان صغيرا عند موت بلال؛ فإن مولد سعيد سنة خمس عشرة من الهجرة، وقيل: سنة سبع عشرة، ومات بلال سنة عشرين أو إحدى وعشرين، فيكون سن سعيد إذ ذاك خمس سنين، أو أربع سنين على الأول، وثلاث أو أربع على الثاني. أهـ.
وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 165): منقطع فيما بين سعيد وعنه،
وقد وقع لهذا الحديث شواهد. أهـ. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (267): هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن فيه انقطاعا سعيد بن المسيب لم يسمع من بلال .. اهـ.
وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (586): صحيح. أهـ.
وروى الطبراني في الأوسط مجمع البحرين (2/ 16)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن عامر، ثنا أبي، عن جدي، ثنا عمر بن صالح الثقفي، نا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يؤذنه بصلاة الصبح، فوجده نائما، فقال الصلاة خير من النوم، فأقرت في أذان الصبح.
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن الزهري إلا ابن أبي الأخضر، ولا عنه إلا عمرو، تفرد به عامر بن إبراهيم أبو عامر. اهـ.
قلت: صالح بن أبي الأخضر اليمامي، مولى هشام بن عبدالملك، تكلم فيه.
قال ابن معين: ليس بالقوي. اهـ. وقال مرة: ضعيف، وزمعة بن صالح أصلح منه. اهـ. وقال سعيد بن عمرو البردعي: قلت لأبي زرعة: زمعة بن صالح وصالح بن أبي الأخضر واهيان، قال: أما زمعة فأحاديثه، عن الزهري؛ كأنه يقول: مناكير، وأما صالح فعنده، عن الزهري كتابان، أحدهما عرض، والآخر مناولة، فاختلطا جميعا، وكان لا يعرف هذا من هذا. اهـ. وقال ابن أبي حاتم، عن أبي زرعة: ضعيف الحديث. اهـ. وقال البخاري وأبو حاتم: لين. اهـ. وقال النسائي: ضعيف. اهـ. وكذا قال الترمذي. ولهذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 330): فيه صالح بن أبي الأخضر، اختلف في
الاحتجاج به، ولم ينسبه أحد إلى الكذب. اهـ.
وروى البيهقي (1/ 423)، والدارقطني (1/ 243)، وعبدالرزاق (1/ 473)، كلهم من طريق، سفيان، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال لمؤذنه: إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
قلت: إسناده قوي.
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 212): سنده حسن. اهـ.
وأخرج ابن خزيمة (386) قال: حدثنا محمد بن عثمان العجلي، حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أنس، قال: من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر: حي على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم.
قال البيهقى فى سننه (1/ 423): وهو إسناد صحيح .. اهـ. وقال الدارقطنى فى العلل (12/ 210): رواه هشيم، واختلف عنه: رواه وهب بن بقية، عن هشيم، عن يونس، عن ابن سيرين، عن أنس كان التثويب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخالفه سعيد بن منصور، وسريج بن يونس، والحسن بن عرفة، رووه، عن هشيم، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أنس كان التثويب، ولم يقل: على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك رواه يزيد بن زريع، وحسين بن حسن، عن ابن عون. ورواه أبو أسامة، عن ابن عون، عن محمد، عن أنس، قال: من السنة .... والموقوف هو المحفوظ. أهـ.
وقال الذهبى فى تنقيح التحقيق (1/ 118): وهذا ثابت. أهـ.
ورواه ابن خزيمة (1/ 202)، والدارقطني (1/ 243)، والبيهقي (1/ 423)، كلهم من طريق، أبي أسامة، ثنا ابن عون، عن محمد بن سيرين،
عن أنس قال: من السنة إذا قال المؤذن في الفجر: حي على الصلاة، قال: الصلاة خير من النوم.
قلت: إسناده قوي، وصححه ابن خزيمة وقال البيهقي (1/ 423): إسناده صحيح. اهـ.
تنبيه: وقع في إسناد ابن خزيمة- ابن عوف- والصواب أنه- ابن عون- كما أثبتناها، وهكذا عند الدارقطني والبيهقي، وهو الذي ذكره ابن عبدالهادي في التنقيح (1/ 704)، ثم إن ابن عوف المشهور هو الصحابي.
* * *
(93)
حديث: إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا؛ حتى يؤذن ابن أم مكتوم. متفق عليه.
رواه البخاري (622، 623)، ومسلم (2/ 768)، وأحمد (2/ 57)، والدارمي (1/ 270)، كلهم من طريق، عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا. بلفظ: إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا؛ حتى ينادي ابن أم مكتوم، وكان رجلا أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
ورواه البخاري (617)، ومسلم (1/ 768)، كلاهما من طريق، ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن ابن عمر به.
ورواه البخاري (620) من طريق مالك، عن عبدالله بن دينار، عن عبدالله بن عمر به مرفوعا.
ورواه أيضا البخاري (617)، والترمذي (203)، كلاهما من طريق، ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا؛ حتى ينادي ابن أم مكتوم. ثم قال: وكان رجلا أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
وقوله: وكان رجلا .. هذا مدرج، وهو الذي قصده الحافظ في قوله: وفي آخره إدراج.
وروى البخاري (622، 623)، ومسلم (2/ 768)، والدارمي (1/ 270)، كلهم من طريق، القاسم بن محمد، عن عائشة به مرفوعا. بلفظ: إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا، حتى ينادي ابن أم مكتوم، وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
وروى البخاري (621)، ومسلم (2/ 768)، وأبو داود (2347)، وابن ماجه (1696)، وأحمد (1/ 435)، كلهم من طريق، سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال- أوقال نداء بلال- من سحوره، فإنه يؤذن- أو قال: ينادي- بليل؛ ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم.
وروى البيهقي (1/ 382) من طريق الواقدي، ثنا أسامة بن زيد، عن عبدالله بن يزيد مولى الأسود، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن زيد بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فكلوا واشربوا؛ حتى يؤذن بلال.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه الواقدي. وهو متروك. وبه أعله البيهقي (1/ 382)، وابن عبدالهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 287).
وروى ابن خزيمة (1/ 211) من طريق، إبراهيم بن حمزة، نا عبدالعزيز يعني: ابن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فكلوا واشربوا، حتى يؤذن بلال، فإن بلال لا يؤذن حتى يرى الفجر.
ومن طريقه رواه ابن حبان (5/ 196)(3465)، والبيهقي (1/ 382).
قلت: إسناده لا بأس به.
ورواه أحمد (6/ 185)، وابن خزيمة (1/ 212)، كلاهما من طريق، أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة مؤذنين، بلال، وأبو محذورة، وعمرو بن أم مكتوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن عمرو فإنه ضرير البصر فلا يغرنكم، وإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد.
قلت: إسناده ليس بالقوي.
قال ابن خزيمة (1/ 212): أما خبر أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، فإن فيه نظر؛ لأني لم أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من الأسود، فأما خبر هشام بن عروة فصحيح من جهة النقل، وليس هذا الخبر يضاد خبر سالم، عن ابن عمر، وخبر القاسم، عن عائشة، إذ جائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد كان جعل الأذان بالليل نوائب، بين بلال، وبين ابن أم مكتوم، فأمر في بعض الليالي بلالا أن يؤذن أولا بالليل، فإذا نزل بلال صعد ابن أم مكتوم، فأذن بعده بالنهار، فإذا جاءت نوبة ابن أم مكتوم، بدأ ابن أم مكتوم فأذن بليل، فإذا نزل صعد بلال فأذن بعده بالنهار، وكانت مقالة النبي صلى الله عليه وسلم أن بلال يؤذن بليل، في الوقت الذي كانت النوبة لبلال في الأذان بليل، في الوقت الذي كانت النوبة في الأذان بالليل نوبة ابن أم مكتوم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس في كل الوقتين، أن الأذان الأول منهما هو أذان بليل لا بنهار، وأنه لا يمنع من أراد الصوم طعاما ولا شرابا، وأن أذان الثاني إنما يمنع الطعام والشراب إذ هو بنهار. اهـ.
* * *
باب شروط الصلاة
(94)
قال عمر: الصلاة لها وقت، شرطه الله لها، لا تصح إلا به.
أخرجه ابن حزم في المحلى (2/ 239 - ط. المنيرية) من طريق، إبراهيم بن المنذر، عن عمه الضحاك بن عثمان، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال في خطبته بالجابية: ألا وإن الصلاة لها وقت شرطه الله، لا تصلح إلا به.
قلت: إسناده منقطع، لأن الضحاك بن عثمان لم يدرك عمر.
* * *
(95)
حديث جبريل حين أم النبي في الصلوات الخمس ثم قال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك.
رواه أبو داود، الصلاة باب ما جاء في المواقيت (393)، والترمذي، الصلاة باب ما جاء في مواقيت الصلاة، عن النبي (149)، وأحمد (1/ 333، 354)، وابن خزيمة (1/ 168)، والحاكم (1/ 193)، والطحاوي (1/ 146)، والبغوي (2/ 181)، والبيهقي (1/ 364)، كلهم من طريق، عبدالرحمن بن الحارث، عن حكيم بن حكيم، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمني جبريل- عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس، وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى بي- يعني المغرب- حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله، وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل، وصلى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إلي فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين.
وقد صححه الترمذي، في بعض النسخ، والحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه أيضا ابن السكن، كما في تحفة المحتاج (1/ 244)، وأحمد شاكر كما في تعليقه على المسند (5/ 34)، (3081).
قلت: في إسناده عبدالرحمن بن الحارث اختلف فيه، قال أحمد: متروك.
اهـ. ولينه ابن معين، وأبو حاتم الرازي، والنسائي. وقال مرة: ليس بالقوي. اهـ. وضعفه علي بن المديني. ووثقه ابن حبان وابن سعد. وقال ابن معين في رواية صالح. اهـ.
لكنه لم ينفرد؛ به بل تابعه محمد بن عمرو بن حكيم، عن حكيم به، عند الدارقطني (1/ 258).
وحكيم بن حكيم بن عباد الأنصاري، وثقه العجلي، وابن حبان. وصحح له الترمذي، وابن خزيمة. وقال ابن القطان: لا يعرف حاله. اهـ.
لكنه أيضا لم ينفرد به بل توبع، فقد تابعه عبيدالله بن مقسم، وزياد بن أبي زياد، عن نافع به، عند الدارقطني (1/ 258).
وقال ابن عبدالهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 249): عبدالرحمن هو ابن الحارث بن عبدالله بن عياش بن أبي ربيعة، تكلم فيه الإمام أحمد، وقال: هو متروك الحديث، كذا حكاه المؤلف في الضعفاء، عن أحمد، وقال يحيى بن معين: صالح، وقال ابن نمير: لا أقدم على ترك حديثه، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه محمد بن سعد، وابن حبان، وأما حكيم فهو: ابن حكيم بن عباد بن حنيف الأنصاري، الأوسي المدني، ذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال محمد بن سعد: كان قليل الحديث، لا يحتجون بحديثه. اهـ.
ورواه عبدالرزاق (1/ 531)، عن عبدالله بن عمر، عن عمر بن نافع، عن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن ابن عباس نحوه.
قال ابن دقيق العيد كما في التلخيص (1/ 173): هي متابعة حسنة. اهـ.
قلت: في إسناده العمري، تكلم فيه. وأما عمر بن نافع فلم أجد له ترجمة.
قال ابن عبدالبر في التمهيد (8/ 28): وقد تكلم بعض الناس، في حديث ابن عباس هذا، بكلام لا وجه له، ورواته كلهم مشهورون بالعلم، وقد أخرجه عبدالرزاق، عن الثوري، وابن أبي سبرة، عن عبدالرحمن بن الحارث بإسناده، وأخرجه أيضا، عن العمري، عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن ابن عباس. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 212): وفي إسناده عبدالرحمن ابن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، مختلف فيه لكنه توبع، أخرجه عبد الرزاق، عن العمري، عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن ابن عباس نحوه، قال ابن دقيق العيد هي متابعة حسنة، وصححه أبو بكر بن العربي، وابن عبدالبر. اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 222): قال الشيخ وكأنه اكتفى بشهرة العلم مع عدم الجزم الثابت، وأكد هذه الرواية بمتابعة ابن أبي سبرة، عن عبدالرحمن، ومتابعة العمري، عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، وهي متابعة حسنة. اهـ.
وروى أحمد (3/ 30) برقم (11269) قال: حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا عبدالله بن لهيعة بن عقبة، قال: حدثنا بكير بن عبدالله بن الأشج، عن عبدالملك بن سعيد بن سويد الساعدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمني جبريل في الصلاة، فصلى الظهر حين زالت الشمس، وصلى العصر حين كان الفيء قامة، وصلى المغرب حين غابت الشمس، وصلى العشاء حين غاب الشفق، وصلى الفجر حين طلع الفجر، ثم جاءه الغد، فصلى الظهر وفيء كل شيء مثله، وصلى العصر والظل قامتان، وصلى
المغرب حين غابت الشمس، وصلى العشاء إلى ثلث الليل الأول، وصلى الصبح حين كادت الشمس تطلع، ثم قال: الصلاة فيما بين هذين الوقتين.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 41): رواه أحمد، والطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف. اهـ.
* * *
(96)
قوله: لا يقبل الله صلاة أحدكم، إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه.
رواه البخاري (135)، ومسلم (1/ 204)، كلاهما من طريق، معمر، عن همام بن منبه، أنه سمع أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل صلاة من أحدث؛ حتى يتوضأ. قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال فساء أو ضراط. هذا اللفظ للبخاري.
ولمسلم: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث؛ حتى يتوضأ.
وأخرجه ابن ماجه (273) قال: حدثنا سهل بن أبي سهل، حدثنا أبو زهير، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا تقبل صدقة من غلول، ولا صلاة بغير طهور.
- وفي رواية: عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول.
* * *
(97)
حديث: أبردوا بالظهر.
رواه البخاري (538)، وابن ماجه (679)، وأحمد (3/ 59)، كلهم من طريق الأعمش، حدثنا أبو صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبردوا بالظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم. هكذا عند البخاري وابن ماجه. وعند أحمد بلفظ: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة .... الحديث.
وروى البخاري (539)، ومسلم (1/ 431)، وأبو داود (401)، والترمذي (158)، كلهم من طريق، مهاجر أبو الحسن مولى لبني تيم الله، قال: سمعت زيد بن وهب، عن أبي ذر الغفاري، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبرد، ثم أراد أن يؤذن، فقال له: أبرد، حتى رأينا فئ التلول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة.
وروى البخاري (533، 534)، قال: حدثنا أيوب بن سليمان، قال: حدثنا أبوبكر، عن سليمان، قال صالح بن كيسان: حدثنا الأعرج عبدالرحمن وغيره، عن أبي هريرة، ونافع مولى عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن عمر، أنهما حدثاه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إذا اشتد الحر فأبردوا، عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم.
وروى البخاري (536)، ومسلم (1/ 430)، وأبو داود (402)، والترمذي (157)، وابن ماجه (678)، وأحمد (2/ 238)، والبيهقي (1/ 437)، والدارمي (1/ 274)، كلهم من طريق الزهري، عن ابن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم. ولم يذكر البخاري وأحمد أبو سلمة في الإسناد، وكذا رواه مسلم (1/ 431).
وسئل الدارقطني في العلل (9/ رقم 1815)، عن حديث سعيد، وأبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بردوا بالظهر؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم. فقال: يرويه الزهري، واختلف عنه، فرواه يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيدالله بن عمر، وإسماعيل بن أمية، وعمرو بن الحارث، ويونس بن يزيد، والليث بن سعد، وابن أخي الزهري، وابن أبي ذئب، وأسامة بن زيد، وابن جريج، ومعمر، عن الزهري، عن سعيد، وأبي سلمة، عن أبي هريرة. وخالفهم شعيب بن أبي حمزة، وصالح بن أبي الأخضر، روياه، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. ورواه ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وجمع معه حديثا آخر، وهو قوله: اشتكت النار إلى ربها. وقال: عبدالله بن محمد الزهري، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة. وروى جعفر بن برقان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة: اشتكت النار إلى ربها دون الإبراد. وخالفه شعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد، فروياه، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، والقولان محفوظان، عن الزهري. أ. هـ.
ورواه مسلم (1/ 430)، وغيره، من طريق بكير، عن بشر بن سعيد، وسلمان الأغر، عن أبي هريرة به مرفوعا.
ورواه أيضا مسلم (1/ 431)، وابن حبان (4/ 378)، كلاهما من طريق العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة به مرفوعا. وللحديث طرق أخرى، عن
أبي هريرة.
وروى البخاري (535)، ومسلم (1/ 431)، وأبو داود (401)، والترمذي (158)، وأحمد (5/ 155 و 162 و 176)، وابن خزيمة (328)، وابن حبان (4/ 376)، كلهم من طريق شعبة، قال: سمعت مهاجرا أبا الحسن يحدث، أنه سمع زيد بن وهب يحدث، عن أبي ذر، قال: أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبرد أبرد، أو قال: انتظر انتظر، وقال: إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا، عن الصلاة. قال أبو ذر: حتى رأينا فيء التلول.
وروى أبو يعلى- المقصد العلي (189) - قال: حدثنا زهير، حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الحسن المخزومي، أخبرني أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن أبا محذورة أذن بالظهر وعمر بمكة، ورفع صوته حين زالت الشمس، فقال عمر: يا أبا محذورة أما خفت أن تنشق مريطاؤك؟ قال: أحببت أن أسمعك، فقال عمر رضي الله عنه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبردوا بالصلاة إذا اشتد الحر، فإن شدة الحر من فيح جهنم، وإن جهنم تحاجت حتى أكل بعضها بعضا، فاستأذنت الله عز وجل في نفسين فأذن لها، فشدة الحر من فيح جهنم، وشدة الزمهرير من زمهريرها.
قال ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 143): هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأسامة بن زيد بن أسلم تكلموا فيه؛ لكن له شاهد في الصحيح من وجوه كثيرة. اهـ.
قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن فيه محمد بن الحسن المخزومي، وهو محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، وهو متهم.
ولهذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 306): فيه محمد بن الحسن بن
زبالة، نسب إلى وضع الحديث. اهـ.
وأثر عمر بن الخطاب في الأمر بالإبراد له عدة طرق.
فقد رواه البيهقي (1/ 439) من طريق ابن أبي مليكة، أن عمر بن الخطاب قدم مكة .... فذكر القصة.
قلت: إسناده ضعيف منقطع؛ لأن ابن أبي مليكة لم يسمع من عمر، كما في المراسيل لابن أبي حاتم (ص 113)، وجامع التحصيل (ص 214).
ورواه عبدالرزاق (1/ 545)(2060) من طريق عكرمة بن خالد، قال: قدم عمر مكة ..... فذكر نحوه.
قلت: رجاله ثقات، لكن عكرمة بن خالد لم يسمع من عمر، كما قاله الإمام أحمد، فيما نقله عنه العلائي في جامع التحصيل (ص 239).
وروى ابن ماجه (681)، قال: حدثنا عبدالرحمن بن عمر، ثنا عبدالوهاب الثقفي، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبردوا بالظهر.
قلت: إسناده صحيح. وقد صححه البوصيري، في تعليقه على زوائد سنن ابن ماجه (1/ 148) فقال: هذا إسناد صحيح. اهـ.
وروى النسائي (1/ 249) قال: أخبرنا إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا عمر بن حفص (ح)، وأنبأنا إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا يحيى بن معين (ح)، وفي الكبرى (1406)، وأنبأنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث. كلاهما (عمر، ويحيى)، قالا: حدثنا حفص بن غياث، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، عن يزيد بن أوس، عن ثابت بن قيس، عن أبي موسى، يرفعه، قال: أبردوا بالظهر، فإن الذي تجدون من الحر من فيح
جهنم.
وأخرجه النسائي في الكبرى (1406)، قال: أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، عن أبي زرعة بن عمرو. كلاهما (يزيد، وأبو زرعة)، عن ثابت بن قيس، فذكره.
قال مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 992): بسند صحيح. اهـ. وقال الألباني كما في صحيح وضعيف سنن النسائي (501): صحيح بما قبله. اهـ.
وروى أحمد (4/ 262) برقم (18495)، قال: حدثنا وكيع. وفي (4/ 262) برقم (18496)، قال: حدثنا يعلى. كلاهما (وكيع، ويعلى بن عبيد)، عن بشير بن سلمان أبي إسماعيل، عن القاسم بن صفوان، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبردوا بالظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1700)، رواه أحمد، والطبراني في الكبير. والقاسم بن صفوان؛ وثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: القاسم بن صفوان، لا يعرف إلا في هذا الحديث .. اهـ.
وقال الألباني: صحيح .. اهـ. انظر حديث رقم (30) فى صحيح الجامع.
وروى أبو يعلى- المقصد العلي (190) قال: حدثنا عبدالأعلى، حدثنا عبدالله بن داود، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة- إن شاء الله- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبردوا بالظهر في الحر.
قال أبو يعلى عقبه: هكذا، حدثنا به عبدالأعلى على الشك. اهـ.
ورواه مسدد كما في المطالب (280)، قال: ثنا عبدالله بن داود به، وفيه قال: أظنه، عن عائشة.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 307): رجاله موثقون. اهـ.
قلت: وهو كما قال، وعبدالله بن داود، هو عبدالله بن داود بن عامر بن الربيع، وليس هو الواسطي، فالأول ثقة، والثاني ضعيف، وكلاهما من طبقة واحدة.
وأخرجه البخاري (2/ 8)(906)، وفي الأدب المفرد (1162)، والنسائي (1/ 248)، وفي الكبرى (1497)، وابن خزيمة (1842) كلهم من طريق أبي خلدة، خالد بن دينار، قال: سمعت أنس بن مالك، وناداه يزيد الضبي يوم الجمعة، في زمن الحجاج، فقال: يا أبا حمزة، قد شهدت الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدت الصلاة معنا، فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة.
- وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد عجل.
وروى ابن ماجه (680)، وأحمد (4/ 250)، وابن حبان في صحيحه (4/ 373)، وفي الموارد (269)، والبيهقي (1/ 439)، كلهم من طريق، إسحاق بن يوسف الأزرق، عن شريك النخعي، عن بيان بن بشر، عن قيس بن أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة، قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلاة الظهر بالهاجرة، فقال لنا: أبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم.
قال البوصيري في تعليقه على زوائد سنن ابن ماجه (1/ 148): إسناده صحيح ورجاله ثقات. اهـ.
قلت: شريك بن عبدالله النخعي يخطئ كثيرا، وتغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، لكن الذي يظهر أنه ضبط هذا الحديث كما نص الأئمة. وهو أيضا وافق في حديثه هذا غيره كما سبق.
ولا يلزم من ضعف الراوي تضعيف جميع ما روى، بل أحيانا يضبط الحديث مع ضعفه.
وهذا الحديث مما تنازع فيه الأئمة، فقد ذكر عبدالله ابن الإمام أحمد في العلل (4077)، عن أبيه أنه قال: هذا الحديث غريب. اهـ. وهذا إشارة إلى إعلاله.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 192): وسئل البخاري عنه فعده محفوظا، وذكر الميموني، عن أحمد: أنه رجح صحته، وكذا قال أبو حاتم الرازي: هو عندي صحيح. اهـ.
وقد أعله ابن معين، فقد قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 192): وأعله ابن معين بماروى أبو عوانة، عن طارق- ولعله: بيان- عن قيس، عن عمر موقوفا، وقوى ذلك عنده؛ أن أبا عوانة أثبت من شريك، والله أعلم. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (376): سألت أبي، عن حديث رواه إسحاق الأزرق، عن شريك، عن بيان، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة، عن
النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: أبردوا بالظهر. قال أبو محمد: ورواه أبو عوانة، عن طارق بن قيس، قال: سمعت عمر بن الخطاب قوله: أبردوا بالصلاة. قال أبي: أخاف أن يكون هذا الحديث يدفع ذاك الحديث، قلت: فأيهما أشبه. قال: كأنه هذا يعني حديث عمر، قال أبي في موضع آخر: لو كان عند قيس،
عن المغيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يحتج أن يفتقر إلى أن يحدث، عن عمر موقوف. اهـ.
وفي كتاب الضعفاء لأبي زرعة الرازي، وأجوبته على أسئلة البرذعي (2/ 736): قال لي أبو حاتم: كتب معي يحيى الحماني إلى أحمد بن حنبل، ووكد علي أن أنجز له جواب الكتاب، وكنت خرجت من الكوفة إلى بغداد في بعض حوائجي، فأوصلت الكتاب إلى أحمد، واجتهدت أن آخذ الجواب منه، فأبى أن يجيبه، فلما قدمت الكوفة سألني، عن الجواب؛ فأستحيت منه. فحسنت الأمر. فقلت: أي شيء كان بينه وبين أحمد؟ فقال: حدث يحيى الحماني، عن أحمد، عن إسحاق الأزرق، حديث المغيرة بن شعبة: أبردوا بالظهر، فقيل لأحمد، فقال: أين سمع هذا متى، فذكر ذلك للحماني فقال: سمعت هذا الحديث من أحمد، على باب ابن علية ذكراني به. فقال أحمد: ما سمعت من إسحاق الأزرق شيئا؛ إلا بعدما مات ابن علية. وذكر، عن أحمد غير هذا مما ينكر عليه. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (378): سمعت أبي يقول: سألت يحيى بن معين، وقلت له: حدثنا أحمد بن حنبل يحدث، إسحاق الأزرق، عن شريك، عن بيان، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: أبردوا بالظهر. وذكرته للحسن بن شاذان الواسطي، فحدثنا به، وحدثنا، عن إسحاق، عن شريك، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله. قال يحيى: ليس له أصل، إنما نظرت في كتاب إسحاق فليس فيه هذا. قلت لأبي: فما قولك في حديث عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي أنكره يحيى؟. قال: هو عندي
صحيح، وحدثنا به أحمد بن حنبل رحمه الله، بالحديثين جميعا، عن إسحاق الأزرق. قلت لأبي: فما بال يحيى نظر في كتاب إسحاق فلم يجده، قال: كيف نظر في كتبه كله؟!، إنما نظر في بعض، وربما كان في موضع آخر. انتهى ما نقله وقاله ابن أبي حاتم.
* * *
(98)
قوله: لا يصلي الرجل في الثوب الواحد، ليس على عاتقه منه شيء. رواه الشيخان، عن أبي هريرة.
رواه البخاري (359)، ومسلم (1/ 368)، والنسائي (2/ 17)، وأبوداود (626)، وابن خزيمة (1/ 376)، والبيهقي (2/ 238)، والشافعي في المسند (185)، والدارمي (2/ 318)، كلهم من طريق، أبي الزناد، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد، ليس على عاتقيه شيء. هذا لفظ البخاري. وعند مسلم بلفظ: ليس على عاتقه منه شيء.
وعند أبي داود بلفظ: ليس على منكبيه منه شيء.
وروى أحمد (3/ 331) برقم (14600) قال: حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن يشتمل الرجل الصماء، وأن يحتبي في الثوب الواحد، ليس على فرجه منه شيء.
قلت: في إسناده ابن عقيل، وهو ضعيف الحديث. والحديث مخرج في الصحيح من غير هذا الوجه.
وروى ابن ماجه (3722) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، عن بن بريدة، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن لبستين، وعن مجلسين، أما اللبستان: فتصلي في السراويل، ليس عليك شيء غيره، والرجل يصلي في الثوب الواحد، لا يتوشح به، والمجلس: أن يحتبي بالثوب الواحد، فيبصر عورته، ويجلس بين الظل والشمس.
قال البوصيري فى مصباح الزجاجة (1309): هذا إسناد حسن، أبو المنيب اسمه عبيدالله بن عبدالرحمن العتكي المروزي، مختلف فيه. وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (2999): صحيح .. اهـ.
وروى أحمد (3/ 15) برقم (11132) قال: حدثنا يحيى بن إسحاق. وفي (3/ 55) برقم (11539) قال: حدثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله. كلاهما (يحيى، وعبد الله بن المبارك)، عن ابن لهيعة، عن حبان بن واسع، عن أبيه، واسع بن حبان، قال: سمعت أبا سعيد الخدرى يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم في ثوب، فليجعل طرفيه على عاتقيه.
وقال الألباني: صحيح .. اهـ. كما في صحيح الجامع (655)، وانظر: صحيح سنن أبي داود (638، 639).
وروى مالك في الموطأ (371)، والبخاري (1/ 100) برقم (354)، ومسلم (2/ 61) برقم (1088)، وابن ماجه (1049)، والترمذي (339)، والنسائي (2/ 70)، وفي الكبرى (842)، والحميدي (571)، أحمد (4/ 26) برقم (16438 و 16439)، وابن خزيمة (761)، كلهم من طريق، هشام بن عروة، عن أبيه، عروة بن الزبير، عن عمر بن أبي سلمة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيت أم سلمة، في ثوب، قد خالف بين طرفيه. وفي رواية: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد، مشتملا به، في بيت أم سلمة، واضعا طرفيه على عاتقيه. وفي رواية: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد، متوشحا به، واضعا طرفيه على عاتقيه.
وفي رواية: أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآه يصلي في ثوب واحد، قد خالف بين طرفيه.
وأخرجه مسلم (2/ 62) برقم (1091)، وأبو داود (628)، وأحمد (4/ 27) برقم (16445)، وفي (16446)، كلهم من طريق، يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمر بن أبى سلمة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد، ملتحفا، مخالفا بين طرفيه، على منكبيه. وفي رواية: قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد، متوشحا به.
* * *
(99)
حديث: نهيه أن يغطي الرجل فاه. رواه أبو داود.
أخرجه أبو داود- الصلاة- باب ما جاء في السدل في الصلاة- (643)، وابن خزيمة (772)، و (918)، وابن حبان (2353)، والحاكم (1/ 253)، والبيهقي (2/ 242)، والبغوي (519) من طريق الحسن بن ذكوان، عن سليمان الأحول، عن عطاء، عن أبي هريرة به مرفوعا: نهى أن يغطي الرجل فاه.
قلت: في إسناده الحسن بن ذكوان، وقد تكلم فيه. وقد صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي. وبه أعله أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي. وحسنه الألباني فقال: حسن، كما في المشكاة (764)، وصحيح أبي داود (650)، والتعليق على ابن خزيمة (918).
* * *
(100)
قوله: ولا أكف شعرا، ولا ثوبا. متفق عليه.
أخرجه البخاري (1/ 197) - الأذان- باب السجود على سبعة أعظم، وباب السجود على الأنف، وباب لا يكف شعرا، وباب لا يكف ثوبه في الصلاة، ومسلم (1/ 354) - الصلاة- (227، 228)، وأبو داود (1/ 552) - الصلاة- باب أعضاء السجود- (889)، والترمذي (2/ 62) - الصلاة- باب ما جاء في السجود على سبعة أعضاء- (273)، والنسائي (2/ 208، 209، 21، 215، 216) - التطبيق- (1093، 1096، 1098، 1113، 1115)، وابن ماجه (1/ 286، 331) - إقامة الصلاة- (884، 1040)، والدارمي (1/ 244 - 245) - الصلاة- باب السجود على سبعة أعظم- (1324، 1325)، وأحمد (1/ 221، 222، 255، 27، 279، 285، 286، 292، 305)، وعبد الرزاق (2/ 180 - 2971، 2972، 2973)، والشافعي في مسنده (ص 40)، والحميدي (1/ 230 - 493، 494)، والطيالسي (ص 340 - 2603)، وابن الجارود (ص 78 - 199)، وابن خزيمة (1/ 32، 321 - 632، 634، 635، 636)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 194، 195، 192، 1921، 1922)، والطبراني في الكبير (8 - 1، 23 - 24، 49 - 51 - 10855 - 10868، 10919، 1092، 11006، 11007، 11011، 11014)، والبيهقي (2/ 103، 108) - الصلاة- باب ما جاء في السجود على الأنف، وباب لا يكف ثوبا ولا شعرا، والبغوي في شرح السنة (3/ 136) - الصلاة- باب السجود على سبعة أعضاء- (644) - من حديث عبدالله بن عباس مرفوعا بلفظ: أمرت أن أسجد على سبعة لا
أكف شعرا ولا ثوبا.
وروى أبو داود (204)، وابن ماجه (104)، وابن خزيمة (37) كلهم من طريق الأعمش، عن شقيق أبي وائل، قال: قال عبد الله: كنا لا نتوضأ من موطإ، ولا نكف شعرا، ولا ثوبا.
ولما سئل الدارقطني في علله (758): عن حديث أبي وائل، عن عبدالله: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نكف شعرا، ولا ثوبا، ولا نتوضأ من موطيء. قال: رواه أبو معمر القطيعي، عن ابن عيينة، عن الأعمش، عن رجل، عن أبي وائل، عن عبد الله. وخالفه أصحاب ابن عيينة، فرووه عنه، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله، منهم: قتيبة، وإبراهيم بن محمد الشافعي، وعبدالجبار ابن العلاء، وسعيد بن عبدالرحمن المخزومي، وعبد الله بن محمد الزهري. وكذلك قال أصحاب الأعمش: الثوري، وشريك، وحفص بن غياث، وأبو معاوية، وعبد الله بن إدريس، وهشيم، وأبو خالد الأحمر، كلهم، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله. وهو أشبه بالصواب، ويقال: إن الأعمش أخذ هذا الحديث، عن الحسن بن عمر الفقيمي، عن أبي وائل. اهـ.
وقال الحاكم في المستدرك (1/ 278): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجا ذكر الموطئ. وقال الذهبي في التلخيص: لم يخرجا ذكر الموطئأ. هـ ..
وقال الألباني في صحيح أبي داود (200): قال أبو داود: قال إبراهيم بن أبي معاوية فيه: عن الأعمش، عن شقيق، عن مسروق- أو حدثه عنه- قال: قال عبد الله. وقال هناد: عن شقيق- أو حدثه عنه-[قال: قال عبدالله]. ومقصود المؤلف من ذلك، بيان اختلاف وقع فيه على أبي معاوية، فابنه
إبراهيم: يرويه عنه، عن الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، عن عبد الله؛ فأدخل بين شقيق وعبدالله: مسروقا. وخالفه هناد؛ فأسقطه من بينهما، موافقا في ذلك ابن أبي شيبة. ثم اتفقا- أعني: إبراهيم وهنادا- في الشك في التحديث، بدل العنعنة، لكنهما اختلفا في محله. فإبراهيم جعله في رواية شقيق، عن مسروق؛ أي: هل قال شقيق: حدثني مسروق، أم قال: عن مسروق؟!. وهناد جعله في رواية الأعمش، عن شقيق. هذا هو الظاهر مما ذكره المصنف رحمه الله؛ وقد فهم صاحب العون خلاف ما بينا من تعيين مكان الشك!، وهو خطأ واضح لاحاجة لبيانه؛ فنكتفي بالإشارة إليه، فمن شاء التحقق؛ فليراجعه بنفسه، ثم ليقابله بما ذكرنا؛ يتبين له صواب ما ذهبنا إليه. وقد تابع هنادا: محمد بن حماد: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق- أوحدثه عنه-. أخرجه البيهقي (1/ 139) من طريق الحاكم، وهو في المستدرك (1/ 139)، والصواب رواية ابن أبي شيبة؛ لأنه لا اضطراب فيها، ولأن أبا معاوية قد وافقه عليها، في رواية أحمد بن منيع، وأحمد بن عبد الجبار، كلاهما، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، قال: قال عبدالله. أخرجه الحاكم (1/ 139 و 171)، وقد تابعه على الصواب: سفيان بن عيينة، عن الأعمش
…
به. أخرجه الحاكم، وعنه البيهقي. فالحديث صحيح على شرط الشيخين؛ وكذلك صححه الحاكم، ووافقه الذهبي. والحديث أخرجه البيهقي من طريق المصنف. وأخرجه الحاكم من طريق موسى بن إسحاق الأنصاري: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا شريك، وجرير، عن الأعمش
…
به. ثم أخرجه، هو وابن ماجه (1/ 323) من طريقين آخربن، عن عبدالله بن إدريس
…
به؛ ولفظ ابن ماجه: قال: أمرنا أن لا نكف
شعرا ولا ثوبا، ولا نتوضأ من موطئ. ورواه الترمذي (1/ 267) تعليقا؛ بلفظ: قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نتوضأ من الموطأ. قلت: وهذا لفظ ابن عيينة عند الحاكم والبيهقي. اهـ.
* * *
(101)
حديث: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح.
أخرجه أبو داود (4031) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبوالنضر. وعن أبى منيب الجرشى، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم. - لفظ عثمان بن أبى شيبة: من تشبه بقوم فهو منهم. ثلاثتهم (محمد بن يزيد، وهاشم بن القاسم أبو النضر، وسليمان بن داود)، عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له، وجعل رزقى تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
- لفظ عثمان بن أبى شيبة: من تشبه بقوم فهو منهم.
قلت: رجاله ثقات، غير عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، اختلف فيه، قال الأثرم، عن أحمد: أحادثه مناكير. اهـ. وقال: محمد بن الوراق، عن أحمد: لم يكن بالقوي في الحديث. اهـ. وقال المروزي، عن أحمد: كان عابد أهل الشام. اهـ. وقال إبراهيم بن الجنيد، عن ابن معين: صالح. اهـ. وقال مرة: ضعيف. اهـ. وقال الدوري، عن ابن معين، والعجلي، ولأبو زرعة الرازي: لين. اهـ. وضعفه أيضا النسائي. وقال يعقوب بن شيبة: اختلف أصحابنا فيه. فأما ابن معين، فكان يضعفه، وأما علي، فكان حسن الرأي فيه، وقال: ابن
ثوبان رجل صدق لا بأس به. وقد حمل عنه الناس. اهـ. وقال عثمان الدارمي، عن دحيم: ثقة يرمى بالقدر. اهـ. وقال أبوحاتم: ثقة، يشوبه شيء من القدر، وتغير عقله في آخر حياته. وهو مستقيم الحديث. اهـ. وقال أبو داود: كان فيه سلامة، وليس به بأس، وكان مجاب الدعوة. اهـ.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/ 98): أبو منيب لا يعرف اسمه، وفي الإسناد عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، مختلف في توثيقه. اهـ.
وقال في تغليق التعليق (3/ 446): أبو منيب لا يعرف اسمه، وقد وثقه العجلي وغيره، وعبد الرحمن بن ثابت، مختلف في الاحتجاج به، وله شاهد بإسناد حسن، لكنه مرسل. أ. هـ. وأعله الزيلعي في نصب الراية (4/ 347)، بأن فيه عبدالرحمن ثابت بن ثوبان.
وقد صحح الأئمة هذا الحديث.
وقال ابن تيمة في الاقتضاء (ص 39): وهذا إسناد جيد. فإن أبي شيبة، وأبا النضر، وحسان بن عطية، ثقات مشاهير، أجلاء من رجال الصحيحين، وهم أجل من أن يحتاجوا إلى أن يقال: هم من رجال الصحيحين. وأما عبدالرحمن ابن ثابت بن ثوبان، فقال يحيى بن معين، وأبوزرعة، وأحمد بن عبدالله العجلي: ليس به بأس، وقال عبدالرحمن بن إبراهيم دحيم: هو ثقة، وأما منيب الجرشي فقال فيه أحمد بن عبدالله العجلي هو ثقة، وما علمت أحدا يذكره بسوء، وقد سمع منه حسان بن عطية، وقد احتج الإمام أحمد وغيره بهذا الحديث. اهـ. وقال في الفتاوى (20/ 331): هو حديث جيد. اهـ.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 76): أبو المنيب الجرشي يعد في الشاميين، وأصله من المدينة، يروي عن ابن عمر، وسعيد بن المسيب، روى
عنه زيد بن واقد الشامي، وحسان بن عطية، وأبو اليمان، ومجاهد بن فرقد الصنعاني، ليس به بأس .. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9379): رواه الطبراني، وفيه عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، وثقه ابن المديني، وأبو حاتم، وغيرهما، وضعفه أحمد، وغيره، وبقية رجاله ثقات. اهـ.
وقال الألباني في جلباب المرأة المسلمة (ص 203 - 204): هذا إسناده حسن، وفي عبدالرحمن بن ثابت كلام لا يضر. وقد علق البخاري بعضه. اهـ. ثم ذكر ما رواه الطحاوي في مشكل الآثار (1/ 88): حدثنا أبو أمية، حدثنا محمد بن وهب بن عطية به. ثم قال الوليد بن مسلم: حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية به. ثم قال الألباني: وهذا إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات معروفون، لولا ان الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بسماع الأوزاعي من حسان. والله أعلم. اهـ.
وقال أيضا الألباني في الإرواء (5/ 109 ـ 110): هذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، غير ابن ثوبان هذا ففيه خلاف. وقال الحافظ في التقريب: صدوق يخطئ وتغير بآخره
…
، ولم يتفرد به ابن ثوبان. فقال الطحاوي في مشكل الآثار (1/ 88): حدثنا أبو أمية، حدثنا محمد بن وهب بن عطية، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية به. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، غير أبي أمية، واسمه محمد بن إبراهيم الطرسوسي. قال الحافظ في التقريب: صدوق، صاحب حديث، يهم. والوليد بن مسلم ثقة، محتج به في الصحيحين، ولكنه كان يدلس تدليس التسوية، فإن كان محفوظا عنه؛ فيخشى أن يكون سواه!. وقد خالفه في إسناده صدقة فقال: عن
الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم به. اهـ.
وروى أحمد (2/ 199) برقم (6875) قال: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا عمر بن حوشب، رجل صالح، أخبرني عمرو بن دينار، عن عطاء، عن رجل من هذيل، قال: رأيت عبدالله بن عمرو بن العاص، ومنزله في الحل، ومسجده في الحرم. قال: فبينا أنا عنده، رأى أم سعيد ابنة أبي جهل متقلدة قوسا، وهي تمشي مشية الرجل. فقال عبد الله: من هذه؟ قال الهذلي: فقلت: هذه أم سعيد بنت أبي جهل. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال.
قال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 75): رواه أحمد، واللفظ له، ورواته ثقات، إلا الرجل المبهم، ولم يسم، والطبراني مختصرا، وأسقط المبهم فلم يذكره .. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (13196): رواه أحمد. والهذلي لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. ورواه الطبراني باختصار، وأسقط الهذلي المبهم، فعلى هذا رجال الطبراني كلهم ثقات. اهـ.
وقال الألباني: صحيح .. اهـ. انظر حديث رقم (5433) في صحيح الجامع. وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1257): ضعيف .. اهـ.
وروى الترمذي (2695) قال: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه شعيب، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف.
قلت: في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف كما سبق.
قال الترمذي: هذا حديث، إسناده ضعيف، وروى ابن المبارك هذا الحديث، عن ابن لهيعة، فلم يرفعه. قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 721): ابن لهيعة ذاهب الحديث. اهـ.
وقال أيضا الألباني في الإرواء (5/ 111): قال الترمذي: إسناده ضعيف. وروى ابن المبارك هذا الحديث، عن ابن لهيعة فلم يرفعه. قلت: والموقوف أصح إسنادا؛ لأن حديث ابن المبارك، عن ابن لهيعة صحيح، لأنه قديم السماع منه، وكذلك عبدالله بن وهب، وعبد الله بن يزيد المقري. وفي معناه حديث ابن عمر الذي سبق تخريجه قبله .. اهـ.
وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (2149): أخرجه الترمذي .... وقال: إسناده ضعيف، وروى ابن المبارك هذا الحديث، عن ابن لهيعة فلم يرفعه. قلت: قد وجدته من طريق غيره، أخرجه الطبراني في الأوسط (ص 267 - حرم)، عن أبي المسيب سلام بن مسلم، حدثنا ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن شعيب به. إلا أنه قال: أظنه مرفوعا. وهذا إسناد رجاله ثقات، غير سلام بن مسلم فلم أعرفه. وليس هو سلام بن مسلم البصري، روى عن عبدالكريم، عن إبراهيم، وعنه موسى بن إسماعيل، كما في الجرح والتعديل (2// 261)، فإن هذا أعلى طبقة منه، وهو الذي يشير إليه قول الهيثمي في المجمع (8/ 39): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه من لم أعرفه. لكن الحديث جاء مفرقا في أحاديث يتقوى بها، فالجملة الأولى منه، يشهد لها حديث ابن عباس، قال: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال: إن الله عز وجل ورسوله، حرم عليكم شرب الخمر وثمنها، وحرم عليكم أكل
الميتة وثمنها، وحرم عليكم الخنازير وأكلها وثمنها، وقال: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، ولا تمشوا في الأسواق إلا وعليكم الأزر، إنه ليس منا من عمل بسنة غيرنا. أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 118/ 1)، عن أبي يحيى الحماني، عن يوسف بن ميمون، عن عطاء عنه. وهذا سند ضعيف، يوسف بن ميمون- وهو الصباغ- قال الحافظ: ضعيف. قلت: وأبو يحيى الحماني فيه ضعف. وقال الهيثمي في المجمع (5/ 169): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يوسف بن ميمون، ضعفه أحمد والبخاري وجماعة، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات. والجملة الثانية: لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى. فقد صح من حديث أبي هريرة والزبير، وهما مخرجان في حجاب المرأة المسلمة (ص 96)، وسائره له شاهد من حديث جابر مرفوعا، وهو مخرج أيضا في المصدر السابق (ص 98)، وسبق تخريجه أيضا برقم (1783). اهـ.
* * *
(102)
قوله: من جر ثوبه خيلاء؛ لم ينظر الله إليه. متفق عليه.
رواه البخاري (5783)، ومسلم (3/ 1651)، كلاهما من طريق مالك، عن نافع، وعبدالله بن دينار، وزيد بن أسلم، كلهم يخبر، عن ابن عمر، أن رسول الله قال: لا ينظر الله إلي من جر ثوبه خيلاء.
ورواه البخاري (3665)، و (5784)، وأبو داود (4085)، والنسائي (8/ 208)، وأحمد (2/ 67 و 104 و 136)، وابن حبان (2/ رقم 5444)، والبيهقي (2/ 243)، كلهم من طريق، موسى بن عقبة، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه، قال: قال رسول الله: من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقال أبو بكر: إن أحد شقي يسترخي؛ إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله: إنك لست تصنع ذلك خيلاء.
وروى ابن ماجه (3570)، وأحمد (3/ 39) برقم (11372) كلاهما من طريق عطية، عن أبى سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جر إزاره من الخيلاء؛ لم ينظر الله إليه يوم القيامة. قال (عطية): فلقيت ابن عمر بالبلاط، فذكرت له حديث أبى سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: وأشار إلى أذنيه، سمعته أذناي، ووعاه قلبي.
ورواه عن عطية كل من فراس والأعمش.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1225): هذا إسناد ضعيف؛ لضعف عطية بن سعيد العوفي أبي الحسن. رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده هكذا، وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة وابن عمر. قال الألباني: صحيح بما قبله وما بعده .. اهـ. كما في صحيح ابن ماجه (2872).
وروى البخاري (4/ 215) برقم (3485)، وفي (7/ 183) برقم (5790)، والنسائي (8/ 206)، وفي الكبرى (9598)، وأحمد (2/ 66) برقم (5340) كلهم من طريق ابن شهاب الزهري، أخبرني سالم، أن ابن عمر حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به، فهو يتجلجل فى الأرض إلى يوم القيامة.
قال البخاري، عقب رواية عبدالرحمن بن خالد: تابعه يونس، عن الزهري، ولم يرفعه شعيب، عن الزهري. - وقال عقب رواية يونس: تابعه عبدالرحمن بن خالد، عن الزهرى. اهـ.
وروى مسلم (6/ 148) برقم (5513) قال: حدثني أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمر بن محمد، عن عبدالله بن واقد، عن ابن عمر قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى إزارى استرخاء، فقال: يا عبدالله ارفع إزارك، فرفعته، ثم قال: زد، فزدت، فما زلت أتحراها بعد. فقال بعض القوم: إلى أين، فقال: أنصاف الساقين.
وأخرجه النسائي في الكبرى (9635) قال: أخبرني عبدالرحمن بن عبدالله بن عبد الحكم. قال: حدثنا علي بن معبد. قال: حدثنا عبيدالله بن عمرو، عن زيد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن نعيم المجمر، عن عبدالله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقه، ليس عليه جناح فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل من الكعبين في النار، من جر ثيابه خيلة لم ينظر الله إليه.
قال النسائي: هذا خطأ، المحفوظ حديث العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيد، وأبي هريرة .. اهـ.
وقال ابن عدي في الكامل (5/ 218): العلاء بن عبدالرحمن اضطرب في هذا الحديث، فرواه عن يزيد بن أبي أنيسة، عن نعيم، عن ابن عمر. ورواه خبيب، وفليح بن سليمان، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة. وهاتان الروايتان خطأ، والصحيح عنه، ما رواه شعبة والداروردي وغيرهما، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي سعيد. اهـ.
وقال الطبراني في الأوسط (1/ 131): لم يرو هذا الحديث، عن نعيم المجمر، إلا العلاء بن عبدالرحمن، تفرد به زيد بن أبي أنيسة. اهـ.
وقال الدارقطني في علله (13/ 227): يرويه العلاء بن عبد الرحمن، واختلف عنه؛ فرواه زيد بن أبي أنيسة، عن العلاء، عن نعيم المجمر. وخالفه أصحاب العلاء، فرووه، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري. وقال فليح: عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة. وكذلك قال أبو زيد الهروي، عن شعبة، عن العلاء. وكذلك رواه محمد بن عمرو، ومحمد بن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن يعقوب هو أبو العلاء- عن أبي هريرة. اهـ.
وروى أبو داود (4093)، وابن ماجه (3573)، والنسائي في الكبرى (9631)، وفي (9632)، وفي (9633)، والحميدي (737)، وأحمد (3/ 5) برقم (11023)، وفي (3/ 30) برقم (11276)، كلهم من طريق العلاء بن عبدالرحمن بن يعقوب مولى الحرقة. قال: سمعت أبي، عبدالرحمن بن يعقوب، قال: قلت لأبى سعيد: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فى الإزار، قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه ما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من الكعبين فى النار، يقول ثلاثا، لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرا.
وصححه ابن حبان (5446). وقال النووي في المجموع (3/ 178): رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وقال الألباني: صحيح .. اهـ. كما في صحيح الجامع (919). وصحيح ابن ماجه (2875)، وتخريج المشكاة (4331). وصحيح الترغيب (2031).
* * *
(103)
حديث الترمذي وصححه: نهى رسول الله، عن الصورة في البيت وأن تصنع.
أخرجه الترمذي (1749)، وأحمد (3/ 335) برقم (14650)، وفي (3/ 336) برقم (14669)، وفي (3/ 396) برقم (15334) كلاهما من طريق أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبدالله يزعم؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصور في البيت، ونهى الرجل أن يصنع ذلك، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، زمن الفتح، وهو بالبطحاء، أن يأتي الكعبة، فيمحو كل صورة فيها، ولم يدخل البيت حتى محيت كل صورة فيه.
قلت: إسناده صحيح، وصرح ابن جريج بالسماع.
وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (424): قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو كما قال: وهو على شرط مسلم. اهـ.
وأخرجه أبو داود (4156) قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزار، عن إسماعيل بن عبد الكريم، عن إبراهيم بن عقيل بن معقل، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، زمن الفتح، وهو بالبطحاء، أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل صورة فيها.
قال الألباني: حسن صحيح- كما في صحيح وضعيف سنن أبي داود (4156).
* * *
(104)
قوله: لا تلبسوا الحرير؛ فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة. متفق عليه.
رواه البخاري (5633)، ومسلم (3/ 1637)، وأحمد (5/ 397 - 404)، وابن ماجه (3414)، والدارمي (2/ 121)، والبيهقي (1/ 27)، كلهم من طريق مجاهد، عن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، قال: خرجنا مع حذيفة، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تلبسوا الحرير والديباج؛ فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة. هذا لفظ البخاري.
وعند مسلم بلفظ: كنا مع حذيفة بالمدائن؛ فاستسقى حذيفة، فجاء دهقان بشراب، في إناء من فضة، فرماه به، وقال: إني أخبركم أني قد أمرته أن لا يسقيني فيه؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تشربوا في إناء الذهب والفضة، ولا تلبسوا الديباج والحرير؛ فإنه لهم في الدنيا، وهو لكم في الآخرة يوم القيامة.
قال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 281): رواه ابن منده، من جهة عبدالله بن عون، عن مجاهد، وفيه: فأتاه دهقان
…
وقال بعد إخراجه: هذا إسناده مجمع على صحته. اهـ.
ورواه البخاري (5632)، ومسلم (3/ 1637)، وأبو داود (3123)، كلهم من طريق شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، قال: شهدت حذيفة استسقى بالمدائن؛ فأتاه إنسان بإناء من فضه فذكره ..
ورواه أيضا مسلم (3/ 1637) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي فروة، أنه سمع عبدالله ابن حكيم، قال: كنا مع حذيفة بالمدائن فذكره.
وروى النسائي، في الكبرى (9522) قال: أخبرنا أبو بكر بن علي
المروزي. قال: حدثنا سريج، وهو ابن يونس. قال: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، قال: سألت امرأة، ابن عمر، عن الذهب: ألبسه؟ قال: نعم. قالت: والحرير؟ قال: يكره الحرير، ثم قالت في الثالثة: فالحرير؟ قال: من لبسه في الدنيا، لم يلبسه في الآخرة.
قلت: في إسناده عنعنة هشيم بن بشير، وهو مدلس.
وأخرجه ابن ماجه (3606)، وفي (3607)، والنسائي في الكبرى (9487)، وأحمد (2/ 92) برقم (5664)، وفي (2/ 139) برقم (6245) كلهم من طريق عثمان بن أبي زرعة، وهو عثمان بن المغيرة الأعشى، عن مهاجر الشامي، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لبس ثوب شهرة فى الدنيا؛ ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة.
- وفي رواية: من لبس ثوب شهرة فى الدنيا؛ ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارا.
- في رواية حجاج، عن شريك، قال: وقد رأيت مهاجرا، وجالسته.
وأخرجه أبوداود (4029) قال: حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا أبو عوانة (ح)، وحدثنا محمد، يعنى ابن عيسى، عن شريك، عن عثمان بن أبى زرعة، عن المهاجر الشامى، عن ابن عمر (قال فى حديث شريك: يرفعه) قال: من لبس ثوب شهرة؛ ألبسه الله يوم القيامة ثوبا مثله. زاد، عن أبى عوانة: ثم تلهب فيه النار.
- وفي (4030) قال أبو داود: حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، قال: ثوب مذلة .. اهـ.
قال ابن أبي حاتم في علله (1471): قال أبي: هذا الحديث موقوفا أصح .. اهـ.
وقال ابن القطان في بيان الوهم والايهام (3/ 298): في إسناده مهاجر الشامي، ليس بمشهور، وقبله في الإسناد شريك، عن عثمان بن أبي زرعة. وهذا منه أيضا مس لشريك، فإن عثمان بن أبي زرعة، هو عثمان بن المغيرة، أبوالمغيرة، أحد ثقات الكوفيين. وهذا الذي عمل به في هذه الأحاديث: من كونه لم يصحح ما هو من رواية شريك- لا أقول: ضعفها، إنما أقول: لم يصححها- هو الصواب، فهي حسنة. فأما تصحيحه ما هو من رواية شريك فليس بصواب. اهـ.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 83): رواه ابن ماجه بإسناد حسن. وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (2905): حسن. اهـ.
* * *
(105)
روى مسلم، عن عمر: أن النبي نهى عن لبس الحرير، إلا موضع أصبعين، أو ثلاثة، أو أربعة.
أخرجه مسلم- اللباس- (2069)(15)، والترمذي- الجهاد- باب ما جاء في الحرير والذهب- (1721)، والنسائي في الكبرى (9630)، والطحاوي (4/ 244)، وأبو عوانة (5/ 458)، وابن حبان (5441)، وأبونعيم في الحلية (4/ 176 - 177)، والبيهقي (3/ 269) كلهم من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن الشعبي، عن سويد بن غفلة: أن عمر خطب الناس بالجابية، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين، أو ثلاثة، أو أربعة، وأشار بكفه.
* * *
(106)
أنه: نهى الرجال، عن التزعفر. متفق عليه.
أخرجه البخاري (5846)، ومسلم (5557)، وفي (5558)، وأبوداود (4179)، والترمذي (2815)، والنسائي (5/ 141 و 8/ 189)، وفي الكبرى (3672 و 9354)، وأحمد (3/ 101) برقم (12001)، وفي (3/ 187) برقم (12973)، كلهم من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، قال: نهى نبي الله، صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل.
- وفي رواية: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال، عن التزعفر. قال حماد: يعني الخلوق.
- ورواية: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزعفر الرجل جلده.
* * *
(107)
حديث: تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه.
رواه الدارقطني (1/ 128) من طريق ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه.
قال الدارقطني: الصواب أنه مرسل .. اهـ.
ورواه الإمام أحمد (2/ 326 - 388)، وابن ماجه (348)، والدارقطني (1/ 128)، والحاكم (1/ 293)، كلهم من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر عذاب القبر من البول. وله شواهد من حديث أبي يحيى القتات. اهـ. ووافقه الذهبي.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علة، ولم يخرجاه، وله شاهد من حديث أبي يحيى القتات. اهـ. ووافقه الذهبي.
وسئل الدارقطني في العلل (8/ رقم 1518)، عن حديث يروى عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أكثر عذاب القبر في البول. فقال: يرويه الأعمش. واختلف عنه. فأسنده أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وخالفه ابن فضيل فوقفه ويشبه أن يكون الموقوف أصح. اهـ.
وقال البخاري كما في العلل الكبير للترمذي (1/ 140) عن هذا الحديث: صحيح. اهـ.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 51): هذا إسناده صحيح،
رجاله، عن آخرهم محتج بهم في الصحيحين. ثم قال: وحكى الترمذي في كتاب العلل المفرد، عن البخاري أنه قال: إنه حديث صحيح. اهـ. وقال الدارقطني في السنن (1/ 128): صحيح. اهـ.
قلت: وشاهد أبي يحيى القتات، الذي أشار إليه الحاكم، هو حديث إليه عباس، رواه الحاكم (1/ 293)، والدارقطني (1/ 128)، وعبد بن حميد كما في المطالب (48)، والطبراني في الكبير (11/ رقم 11120)، والبزار كما في زوائد البزار لابن حجر (243)، كلهم من طريق أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عامة عذاب القبر من البول، فتنزهوا من البول.
قال الدارقطني: لا بأس به. اهـ. وصححه الذهبي أيضا. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 207): وفيه أبو يحيى القتات، وثقه يحيى بن معين في رواية، وضعفه الباقون. اهـ.
ورواه الطبراني (11/ رقم 11104) من طريق عبدالله بن خراش، عن العوام، عن مجاهد به.
لكن في إسناده ابن خراش ضعيف، واتهمه ابن عمار. وقال البخاري وأبوحاتم: منكر الحديث. اهـ.
وروى الدارقطني (1/ 127): قال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد، حدثنا أحمد بن علي بن الجعد، عن أبي جعفر الرازي، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه.
قلت: أبا جعفر الرازي تكلم فيه لسوء حفظه. وخولف في هذا الإسناد.
قال الدارقطني عقبه: المحفوظ مرسل. اهـ. وأقره المنذري في الترغيب
(1/ 86).
وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 310): وعلة الموصول أبو جعفر الرازي، هو ضعيف لسوء حفظه. لكن رواه حماد بن سلمة، عن ثمامة بن أنس، عن أنس به. هكذا رواه جماعة، عن حماد، ورواه أبو سلمة، عن حماد، عن ثمامة، مرسلا. والمحفوظ الموصول، كما قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 26): عن أبي زرعة. قلت- القائل الألباني-: سنده صحيح. اهـ.
* * *
(108)
روى ابن ماجه، والترمذي، عن ابن عمر، أن رسول الله: نهى أن يصلى في سبع مواطن: المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، وفي الحمام، وفي معاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله.
رواه الترمذي (346)، وابن ماجه (746)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 383)، كلهم من طريق، زيد بن جبيرة، عن داود بن الحصين، عن نافع ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يصلى في سبع مواطن: المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله تعالى.
قلت: إسناده ضعيف. لأن فيه زيد بن جبيرة، يكاد الأئمة أن يجمعوا على ضعفه.
قال الترمذي (2/ 24): حديث ابن عمر إسناده ليس بذاك القوي، وتكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه. اهـ.
وقال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 288): لما نقل قول الترمذي: كذا قال، وغير أبي عيسى يقول: في هذا الإسناد أكثر من هذا. وقال: وقد روى الليث بن سعد هذا الحديث، عن عبدالله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وحديث داود أشبه وأصح، وعبدالله بن عمر العمري ضعفه بعض أهل الحديث، من قبل حفظه، منهم يحيى بن سعيد. اهـ.
وقال ابن الجوزي في التحقيق عند حديث (435): أما زيد فقد ضعف؛ إلا أنه إذا كان من قبل حفظه؟ فما يخلو الحافظ من الغلط، وداود بن حصين
أيضا قد ضعف، إلا أبا زرعة يقول: هو لين. اهـ.
وقال ابن عبدالهادي في التنقيح (1/ 728): زيد بن جبير اتفقوا على ضعفه. اهـ. وكذا قال الزيلعي في نصب الراية (2/ 323)، وقال أيضا: قال البخاري: منكر الحديث، وقال مرة: متروك الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث جدا، متروك لا يكتب حديثه، وقال الدارقطني: ضعيف الحديث، وقال الأزدي: متروك الحديث. اهـ. ثم قال ابن عبدالهادي: وأما داود بن الحصين، فروى له البخاري ومسلم، ووثقه جماعة، وتكلم فيه بعضهم. اهـ. وقال ابن حبان: منكر الحديث، يروي المناكير، عن المشاهير، فاستحق التنكب، عن روايته. اهـ. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه. اهـ.
ورواه ابن ماجه (747)، والعقيلي (2/ 71) من طريق أبي صالح، عن الليث، عن عبدالله العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر بنحوه.
قلت: أبا صالح هو عبدالله بن صالح، وهو ضعيف. والعمري أيضا ضعيف.
وقد سئل أبو حاتم في العلل (1/ 418)، عن إسناد هذا الحديث والذي قبله فقال: جميعا واهيين. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 227): في سند ابن ماجه، عبدالله بن صالح، وعبدالله العمري المذكور في سنده، ضعيف أيضا، ووقع في بعض النسخ، بسقوط عبدالله ابن عمر بين الليث ونافع، فصار ظاهره الصحة. اهـ.
وروى ابن ماجه (747) قال: حدثنا علي بن داود، ومحمد بن أبي
الحسين، قالا: ثنا أبو صالح، حدثنى الليث، حدثنى نافع، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة: ظاهر بيت الله، والمقبرة، والمزبلة، والمجزرة، والحمام، وعطن الإبل، ومجعة الطريق.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه أبا صالح كاتب الليث. واسمه عبدالله بن صالح المصري، وهو كثير الغلط، وقد تفرد بالحديث.
ولهذا قال ابن الجوزي في التحقيق (1/ 319): أما حديث عمر، ففيه كاتب الليث أبو صالح، كلهم طعن فيه. اهـ. وقال ابن عبدالهادي في التنقيح (1/ 729): أبو صالح كاتب الليث، فاسمه عبدالله بن صالح، وقد وثقه جماعة، وتكلم فيه آخرون، والصحيح أن البخاري روى عنه في الصحيح. اهـ. ونقل الزيلعي في نصب الراية، عن ابن دقيق، أنه: قال في الإمام: وعلته أبوصالح، كاتب الليث، واسمه عبدالله بن صالح، فإنه قد تكلم فيه، والحديث في هذه الرواية من مسند عمر، وفي الرواية الأولى من مسند ابن عمر. اهـ.
قلت: وقد وهن كلا الإسنادين أبو حاتم، فقد قال ابن أبي حاتم في العلل (412): سألت أبي، عن حديث رواه أبو صالح به، ورواه زيد بن جبيرة، عن داود بن حصين .. ، فقال: جميعا واهين. اهـ.
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 401): هذا حديث لا يصح. ونقل العقيلي في الضعفاء (1/ 71)، والحافظ ابن حجر في النكت الظراف (6/ 59)، عن عبدالله بن نافع، مولى ابن عمر، في رسالته إلى الليث بن سعد،
لما سأله، عن هذا الحديث، قوله: لا أعلم الذي حدث بهذا، عن نافع، إلا قد قال عليه الباطل. اهـ.
وروى ابن ماجه (747) قال: حدثنا علي بن داود، ومحمد بن أبي الحسين، قالا: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة: ظاهر بيت الله، والمقبرة، والمزبلة، والمجزرة، والحمام، وعطن الإبل، ومحجة الطريق.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (283): هذا إسناد ضعيف؛ لضعف أبي صالح كاتب الليث .. اهـ.
وقال الألباني: ضعيف .. اهـ. كما في ضعيف ابن ماجه (167)، وانظر: الإرواء (287)، والمشكاة (738).
* * *
(109)
يستحب نفله في الكعبة بين الأسطوانتين وجاهه إذا دخل لفعله.
أخرجه مالك، في الموطأ (1/ 398)، والحميدي (692)، والبخاري (468)، و (504)، و (505)، و (2988)، و (4400)، ومسلم (1329)(388)، و (389)، و (390)(391)، وأبو داود (2023)، و (2025)، وابن ماجه (3063)، والنسائي في المجتبى (2/ 63)، وأحمد (4464)، والدارمي (2/ 53)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 389)، و (1/ 390)، وابن حبان (3202)، و (3203)، و (3204)، والبيهقي في السنن (2/ 326)، والبغوي في شرح السنة (447)، كلهم من طريق نافع، عن ابن عمر، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت، ومعه الفضل بن عباس، وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة، وبلال، فأمر بلالا فأجاف عليهم الباب، فمكث فيه ما شاء الله ثم خرج، فقال ابن عمر: فكان أول من لقيت منهم بلالا، فقلت: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قال: هاهنا بين الأسطوانتين.
* * *
(110)
أنه قام يتهجد وحده، فجاء ابن عباس فأحرم، معه فصلى به النبي. متفق عليه.
أخرجه البخاري (1/ 185)(728)، وابن ماجه (973)، وأحمد (1/ 268)(2413)، كلهم من طريق، عاصم بن سليمان الأحول، عن عامر الشعبي، عن ابن عباس، قال: بت عند خالتى ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل، فقمت، عن يساره، فأخذ بيدى، فأقامنى، عن يمينه.
وأخرجه مسلم (1/ 152) برقم (508)، وأحمد (1/ 275) برقم (2488)، و (1/ 350) برقم (3276). كلاهما من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي، حدثنا أبو المتوكل، أن ابن عباس حدث: أنه بات عند نبى الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقام نبى الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فخرج فنظر فى السماء، ثم تلا هذه الآية، التى فى آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} حتى بلغ {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ، ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضا فنظر فى السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضا فنظر فى السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى.
وأخرجه ابن خزيمة (1103) قال: حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، قال: حدثنا بشر، يعني ابن المفضل. وفي (1121) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدثنا إسماعيل بن علية. كلاهما (بشر، وإسماعيل)، عن سعيد بن يزيد، وهو أبو مسلمة، عن أبي نضرة، عن ابن عباس، قال: زرت خالتي
ميمونة فوافقت ليلة النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بسحر طويل، فأسبغ الوضوء، ثم قام يصلي، فقمت فتوضأت، ثم جئت فقمت إلى جنبه، فلما علم أني أريد الصلاة معه، أخذ بيدي فحولني، عن يمينه، فأوتر بتسع أو سبع، ثم صلى ركعتين، ووضع جنبه حتى سمعت ضفيزه، ثم أقيمت الصلاة فانطلق فصلى.
فلت: رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد (1/ 371) برقم (3514) قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا كامل، عن حبيب، عن ابن عباس، قال: بت عند خالتى ميمونة، قال: فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فذكر الحديث قال: ثم ركع، قال: فرأيته، قال فى ركوعه: سبحان ربى العظيم، ثم رفع رأسه فحمد الله ما شاء أن يحمده، قال: ثم سجد، قال: فكان يقول فى سجوده: سبحان ربى الأعلى، قال: ثم رفع رأسه، فكان يقول فيما بين السجدتين: رب اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني وارزقني واهدني.
قلت: في إسناده كامل بن العلاء، وهو صدوق يخطئ. وعنعنة حبيب بن أبي ثابت، وهو مدلس.
وأخرجه أحمد (1/ 284) برقم (2572)، قال عبدالله بن أحمد: وجدت في كتاب أبي، بخط يده، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن عبيد، حدثني محمد بن ثابت العبدي العصري. قال: حدثنا جبلة بن عطية، عن إسحاق بن عبدالله، عن عبدالله بن عباس، قال: تضيفت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهى خالتي، وهي ليلتئذ لا تصلي، فأخذت كساء فثنته، وألقت عليه نمرقة، ثم رمت عليه بكساء آخر ثم دخلت فيه، وبسطت لى بساطا إلى جنبها،
وتوسدت معها على وسادها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد صلى العشاء الآخرة، فأخذ خرقة فتوازر بها، وألقى ثوبه ودخل معها لحافها، وبات حتى إذا كان من آخر الليل، قام إلى سقاء معلق فحركه، فهممت أن أقوم فأصب عليه؛ فكرهت أن يرى أنى كنت مستيقظا، قال: فتوضأ ثم أتى الفراش، فأخذ ثوبه وألقى الخرقة، ثم أتى المسجد فقام فيه يصلي، وقمت إلى السقاء فتوضأت، ثم جئت إلى المسجد فقمت، عن يساره، فتناولنى فأقامني، عن يمينه، فصلى وصليت معه ثلاث عشرة ركعة، ثم قعد وقعدت إلى جنبه، فوضع مرفقه إلى جنبه، وأصغى بخده إلى خدى حتى سمعت نفس النائم، فبينا أنا كذلك إذ جاء بلال، فقال: الصلاة يا رسول الله. فسار إلى المسجد واتبعته، فقام يصلي ركعتي الفجر، وأخذ بلال فى الإقامة.
قلت: في إسناده محمد بن ثابت العبدي، وليس حديثه بشئ، كما قال ابن معين.
وروى البخاري في الأدب المفرد (696)، وأحمد (1/ 352) برقم (3301) كلاهما من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: بت عند خالتى ميمونة بنت الحارث، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم رجع إليها وكانت ليلتها، فصلى ركعتين ثم انفتل، فقال: أنام الغلام، وأنا أسمعه، قال: فسمعته قال فى مصلاه: اللهم اجعل فى قلبى نورا، وفى سمعى نورا، وفى بصرى نورا، وفى لسانى نورا، وأعظم لى نورا.
ورواه عن سعيد ين جبير كل من أبي هاشم الرماني، وأبي هبيرة.
قال الألباني في الأدب المفرد (696): صحيح.
وأصل الحديث في الصحيحين في قصة المبيت والصلاة.
وروى أبو داود (1365)، والنسائي في الكبرى (399)، و (1429)، وأحمد (1/ 252) برقم (2276)، وفي (1/ 365) برقم (3459)، وعبد بن حميد (692) كلهم من طريق عبدالله بن طاووس، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل يصلي، فقمت فتوضأت، فقمت، عن يساره، فجذبني، فجرني، فأقامني، عن يمينه، فصلى ثلاث عشرة ركعة قيامه فيهن سواء. كنت في بيت ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي من الليل، فقمت، عن يساره، فأخذ بيدي، فجعلني، عن يمينه، ثم صلى ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر، حزرت قيامه فى قدر كل ركعة {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} .
قلت: إسناده قوي.
قال الألباني في صحيح أبي داود (1235): هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري؛ غير نوح بن حبيب، وهو ثقة، ومقرون.
وأصل الحديث في الصحيحين في قصة المبيت والصلاة.
* * *
(111)
أن أبا بكر صلى، فجاء النبي والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، وتقدم فصلى بهم. متفق عليه.
أخرجه مالك الموطأ (451)، والبخاري (1/ 174)(684)، و (1201)، ومسلم (2/ 25) برقم (879)، وأبو داود (940)، و (941)، وابن ماجه (1035)، والنسائي (2/ 77)، وفى الكبرى (861)، والحميدي (927)، وأحمد (5/ 330) برقم (23187)، و (5/ 331) برقم (23192)، وعبدالله بن أحمد (450)، والدارمي (1364)، وفي (1365)، وابن خزيمة (853)، كلهم من طريق أبي حازم، قال: كان سهل بن سعد؛ أن أناسا من بنى عمرو بن عوف كان بينهم شيء، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فى أناس من أصحابه، يصلح بينهم، فحضرت الصلاة، ولم يأت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء بلال، فأذن بلال بالصلاة، ولم يأت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى أبى بكر، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم حبس، وقد حضرت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ فقال: نعم، إن شئت، فأقام الصلاة، فتقدم أبو بكر، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشى فى الصفوف، حتى قام فى الصف الأول، فأخذ الناس بالتصفيح، حتى أكثروا، وكان أبو بكر لا يكاد يلتفت فى الصلاة، فالتفت فإذا هو بالنبي صلى الله عليه وسلم وراءه، فأشار إليه بيده، فأمره يصلى كما هو، فرفع أبو بكر يده، فحمد الله، ثم رجع القهقري وراءه، حتى دخل فى الصف، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: يا أيها الناس، ما لكم إذا نابكم شئ فى صلاتكم أخذتم بالتصفيح، إنما التصفيح للنساء، من نابه شئ فى صلاته فليقل سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد إلا التفت، يا أبا بكر ما منعك حين أشرت إليك لم تصل بالناس؟ فقال:
ما كان ينبغى لابن أبى قحافة أن يصلى بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى البخاري (664)، ومسلم (1/ 313)، كلاهما من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. قالت: فقلت: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف .... ، وفيه ذكر قصه مرضه صلى الله عليه وسلم .... وفيه قالت: فلما دخل في الصلاة- تعني أبا بكر- وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، فقام يهادى بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض، قالت: فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حسه، ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قم مكانك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس، عن يسار أبي بكر، قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسا، وأبو بكر قائما، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.
وللحديث طرق أخرى.
وروى أحمد (1/ 209) برقم (1784) قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم. وفي (1785) قال: حدثنا يحيى بن آدم. كلاهما (أبو سعيد، ويحيى)، عن قيس بن الربيع، حدثني عبدالله بن أبي السفر، عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس، عن العباس، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساؤه، فاستترن مني إلا ميمونة، فدق له سعطة فلد، فقال لا يبقين في البيت أحد إلا لد إلا العباس، فإنه لم تصبه يميني، ثم قال: مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقالت عائشة لحفصة: قولي له إن أبا بكر إذا قام ذلك المقام بكى، فقالت له، فقال: مروا أبا بكر يصلي بالناس. فصلى أبو بكر، ثم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة فخرج، فلما رآه أبوبكر تأخر فأومأ إليه بيده أي مكانك، فجاء فجلس
إلى جنبه فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث انتهى أبو بكر.
وروى ابن ماجه (1234)، والترمذي، في الشمائل (396)، والنسائي، في الكبرى (7081 و 7084 و 8055)، وعبد بن حميد (365)، وابن خزيمة (1541 و 1624) كلهم من طريق سلمة بن نبيط، عن نعيم بن أبي هند، عن نبيط بن شريط، عن سالم بن عبيد، قال: مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغمي عليه، فأفاق، فقال: أحضرت الصلاة؟ قلن: نعم، قال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، ثم أغمي عليه، فأفاق، فقال: أحضرت الصلاة؟ قلن: نعم، قال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، ثم أغمي عليه، فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، أو أسف، فلو أمر غيره، قال: ثم أفاق، فقال: هل أقيمت الصلاة؟ فقالوا: لا، فقال: مروا بلالا فليقم، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، فلو أمرت غيره، فقال: إنكن صواحب يوسف، مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، فأقام بلال، وتقدم أبو بكر، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاق، فقال: ابغوا لي من أعتمد عليه، قال: فخرج يعتمد على بريرة، وإنسان آخر، حتى جلس إلى جنب أبي بكر، فأراد أن يتأخر، فحبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى أبو بكر بالناس، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمر: لا أسمع أحدا يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات، إلا ضربته بسيفي، قال سالم بن عبيد: ثم أرسلوني، فقالوا: انطلق إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فادعه، قال: فأتيت أبا بكر، وهو في المسجد، وقد أدهشت، فقال لي أبو بكر: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مات؟ فقلت: إن عمر يقول: لا أسمع أحدا يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات، إلا ضربته بسيفي، قال: فقام أبو بكر، رضي الله عنه، فأخذ بساعدي، فجئت أنا وهو، فقال: أوسعوا لي، فأوسعوا له،
فانكب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسه، ووضع يديه، أو يده، وقال:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} ، فقالوا: يا صاحب رسول الله، أمات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، فعلموا أنه كما قال، وكانوا أميين، لم يكن فيهم نبي قبله، فقالوا: يا صاحب رسول الله، أنصلي عليه؟ قال: نعم، قالوا: كيف نصلي عليه؟ قال: يدخل قوم فيكبرون، ويصلون، ويدعون، ثم يخرجون، ثم يدخل غيرهم، حتى يفرغوا، قالوا: يا صاحب رسول الله، أيدفن؟ قال: نعم، قالوا: أين يدفن؟ قال: في المكان الذي قبض فيه روحه، فإنه لم يقبض روحه إلا في مكان طيب، فعلموا أنه كما قال، قال: ثم خرج، فأمرهم أن يغسله بنو أبيه، قال: ثم خرج، واجتمع المهاجرون يتشاورون، فقالوا: إن للأنصار في هذا الأمر نصيبا، قال: فأتوهم، فقال قائل منهم: منا أمير، ومنكم أمير- للمهاجرين- فقام عمر، فقال لهم: من له ثلاث مثل ما لأبي بكر: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} من هما؟ {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} من هما؟، من كان الله، عز وجل، معهما؟، قال: ثم أخذ بيد أبي بكر فبايعه، وبايع الناس، وكانت بيعة حسنة جميلة.
- قال أبو عبد الله، ابن ماجه: هذا حديث غريب، لم يحدث به غير نصر بن علي.
قلت: إسناده قوي.
صححه ابن خزيمة (1541، 1624)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 333): روى ابن ماجه بعضه. رواه الطبراني ورجاله ثقات. اهـ.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (438): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه الترمذي في الشمائل، عن نصر بن علي به، ورواه النسائي، عن
قتيبة بن سعيد، عن حميد بن عبدالرحمن، عن سلمة بن نبيط به، قال المزي في الأطراف: حديث النسائي في رواية أبي علي السيوطي عنه، ولم يذكر أبو القاسم، وكذلك جميع كتاب الوفاة انتهى. ولم أره في كتاب النسائي الصغرى، ورواه عبد بن حميد في مسنده، حدثنا محمد بن الفضيل، حدثنا عبدالله بن داود فذكر بزيادة طويلة في آخره، كما أفردته في زوائد المسانيد العشرة ورواه ابن خزيمة في صحيحه، عن القاسم بن محمد بن عبادة بن عباد المهلبي، وزيد بن أخزم الطائي ومحمد بن يحيى الأزدي كلهم، عن عبدالله بن داود به، وله شاهد في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة، وفيه: فخرج يهادي بين رجلين أحدهما العباس. اهـ.
وقال الألباني: صحيح. كما في صحيح ابن ماجه (1019)، ومختصر الشمائل المحمدية (333).
* * *
باب صفة الصلاة
(112)
يسن للإمام فالمأموم القيام، عن قول المقيم قد من إقامتها أي قد قامت الصلاة؛ لأن النبي كان يفعل ذلك. رواه ابن أبي أوفي.
رواه أبو بعلى كما في إتحاف المهرة (925)، والبزار في مسنده (298)، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (2/ 650)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 22)، كلهم من طريق حجاج بن فروخ، حدثنا العوام بن حوشب، عن عبدالله بن أبي أوفى، قال: كان بلال إذا قال: قد قامت الصلاة، نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه الحجاج بن فروخ التميمي الواسطي، وهو ضعيف.
قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف، لضعف الحجاج. أ. هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 290): حجاج، واسطي، قال أحمد يحيى: لا نعرفه. وقال يحيى- أيضا-: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: مجهول، وضعفه النسائي، وقال الدار قطني: متروك. وذكر هذا الحديث لأحمد فأنكره، وقال: العوام لم يلق ابن أبي أوفى. اهـ. وقال ابن المنذر في الأوسط (1927): ولا يثبت حديث ابن أبي أوفى، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قال بلال: قد قامت الصلاة. نهض فكبر؛ لأن الذي رواه الحجاج بن فروخ، وهو شيخ مجهول، والعوام بن حوشب لم يسمع من ابن أبي أوفى. اهـ.
وأعله ابن كثير في الباعث الحثيث (ص 54) بالانقطاع. وقال ابن الجنيد
في سؤالاته (796): قلت ليحيى: الحجاج بن فروخ، قال: لا أعرفه، قلت: يروي عن العوام بن حوشب، عن ابن أبي أوفى، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال بلال: قد قامت الصلاة، نهض فكبر قال: لا أعرفه، من حدثكم عنه، قلت: عاصم بن علي، قال عاصم بن علي ليس بشيء. اهـ. وقال الهيثمي في المجمع (2/ 106): رواه الطبراني في الكبير، من طريق حجاج بن فروج، وهو ضعيف جدا. وقال الشيخ الألباني: ضعيف، انظر حديث رقم (4440) في ضعيف الجامع.
* * *
(113)
حديث: تحريمها التكبير. رواه أحمد وغيره.
رواه ابن ماجه (276)، والترمذي (238)، والبيهقي (2/ 380)، وأبويعلى (2/ 336، 366)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 229)، كلهم من طريق، أبي سفيان طريف السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، ولا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد وسورة، في فريضة أو غيرها.
قال الترمذي (1/ 317): حديث حسن. اهـ.
قلت: أبا سفيان طريف بن شهاب السعدي، ضعيف. قال ابن معين: ضعيف الحديث. اهـ. وقال أحمد: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه. اهـ. وقال أبوحاتم: ضعيف الحديث، ليس بالقوي. اهـ. وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم. اهـ. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال مرة: ضعيف الحديث. اهـ. وقال أبو داود: ليس بشيء. اهـ. وقال مرة: واهي الحديث. اهـ.
ورواه الحاكم (1/ 224)، وابن حبان في المجروحين (1/ 381)، وابن عدي في الكامل (2/ 783 - 784) من طريق حسان بن إبراهيم، عن سعيد بن مسروق الثوري، عن أبي نضرة به.
قلت: حسان بن إبراهيم الكرماني ثقة، من رجال الشيخين، وقد أخطأ في هذا الحديث.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، على شرط مسلم ولم يخرجاه، وشواهده، عن أبي سفيان، عن أبي نضرة كثيرة، فقد رواه أبو حنيفة، وحمزة الزيات، وأبو مالك النخعي، وغيرهم، عن أبي سفيان، وأشهر إسناد فيه؛
حديث عبدالله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن الحنفية، عن علي، والشيخان قد أعرضا، عن حديث ابن عقيل أصلا. اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال ابن حبان: عن حديث حسان، عن مسروق: هذا وهم فاحش، ما روى هذا الخبر، عن أبي نظرة؛ إلا أبا سفيان السعدي، فتوهم حسان لما رأى أبا سفيان أنه والد الثوري، فحدث، عن سعيد بن مسروق ولم يضبطه، وليس لهذا الخبر إلا طريقين: أبو سفيان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد. وابن عقيل، عن ابن الحنفية، عن علي. وابن عقيل قد تبرأنا من عهدته فيما بعد. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 229): هو معلول، قال ابن حبان في كتاب الصلاة المفرد له: هذا الحديث لا يصلح، لأن له طريقين إحداهما، عن علي وفيه ابن عقيل وهو ضعيف، والثانية، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد تفردبه أبو سفيان عنه، ووهم حسان بن إبراهيم فرواه، عن سعيد بن مسروق، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وذلك أنه توهم أن أبا سفيان، هو والد سفيان الثوري، ولم يعلم أن أبا سفيان آخر هو طريف بن شهاب وكان واهيا. اهـ. ونحو هذا قال ابن عدي في الكامل.
وقال الألباني: ضعيف. كما في ضعيف الجامع (5266)، وفي صحيح سنن الترمذي (238) قال: صحيح وانظر: صحيح ابن ماجه (275، 276).
وروى الحارث كما في المطالب (450) قال: حدثنا محمد بن عمر، ثنا يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة، عن أيوب بن عبدالرحمن بن أبي صعصعة، عن عباد بن تميم، عن عبدالله بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: افتتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم.
قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن فيه محمد بن عمر الواقدي؛ وهو متروك.
وأيضا شيخه لم أجد له ترجمة. وأيضا أيوب بن عبدالرحمن بن أبي صعصعة، فيه جهالة، وهو مستور.
وروى أبو داود- الطهارة- باب فرض الوضوء (411)، - الصلاة- باب الإمام يحدث بعدما يرفع رأسه من آخر الركعة- (618)، (61 و 618)، وابن ماجه- الطهارة- باب مفتاح الصلاة الطهور- (275)، والترمذي- الطهارة- باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور- (3)، وأحمد (1/ 123) برقم (1006)، وفي (1/ 129) برقم (107200)، والدارمي (693) كلهم من طريق سفيان الثوري، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي بن أبي طالب. وهو ابن الحنفية، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم.
الحديث صححه الحاكم، وابن السكن، كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 216)، وقال الترمذي في السنن (1/ 9): هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن.
* * *
(114)
قول ابن عمر: كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة، رفع يديه حتى يكونا حذو منكبية، ثم يكبر. متفق عليه.
رواه البخاري (735)، ومسلم (1/ 292)، وأبو داود (721 - 722)، والترمذي (255)، والنسائي (2/ 221)، وأحمد (2/ 8)، والبيهقي (2/ 23)، وابن خزيمة (1/ 232)، وعبدالرزاق (2/ 67)، كلهم من طريق ابن شهاب، أخبرني سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يرفع يديه حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع. وفي آخره زيادة وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. وللحديث ألفاظ، وطرق أخرى.
وروى أبو داود (744)، وابن ماجه (864)، وابن خزيمة (1/ 294 - 295)، والبيهقي (1/ 287)، والدارقطني (1/ 287)، كلهم من طريق عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبدالله بن المفضل، عن عبدالرحمن الأعرج، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة، كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر.
قلت: إسناده لا بأس به. وقد صححه الإمام أحمد. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 222): صححه أحمد فيما حكاه الخلال. اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 412): قال الشيخ في الإمام: ورأيت في
علل الخلال، عن إسماعيل بن إسحاق الثقفي، قال: سئل أحمد، عن حديث على هذا، فقال: صحيح. قال الشيخ: وقوله فيه: وإذا قام من السجدتين يعني: الركعتين. اهـ.
ونقل أيضا، عن النووي أنه قال في الخلاصة وقع: في لفظ أبي داود: السجدتين، وفي الترمذي: الركعتين والمراد بالسجدتين الركعتان .... اهـ.
وروى ابن ماجه (860) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وهشام بن عمار قالا: ثنا إسماعيل بن عياش، عن صالح بن كيسان، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرفع يديه في الصلاة حذو منكبيه، حين يفتتح الصلاة، وحين يركع، وحين يسجد.
قلت: أعل الحديث الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 227)، بأن فيه إسماعيل بن عياش، وقد روى عن غير الشاميين فلا يحتج به.
ورواه أبو داود (738) قال: حدثنا عبدالملك بن شعيب بن الليث، حدثنى أبي، عن جدي، عن يحيى بن أيوب، عن عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة، جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك.
قال النووي في المجموع (3/ 474)، وفي الخلاصة (1/ 352): رواه أبوداود بإسناد صحيح، فيه رجل فيه أدنى كلام، وقد وثقه الأكثرون، وقد روى له البخاري في صحيحه. اهـ.
قلت: رجاله ثقات، أخرج لهم مسلم، عدا شعيب بن الليث بن سعد
الفهمي، وفي إسناده عبدالملك بن جريج، وهو ثقة، لكنه مدلس مكثر، ولم يصرح بالتحديث. وقد نقل الزيلعي في نصب الراية (1/ 414)، عن ابن دقيق أنه قال: هؤلاء كلهم رجال الصحيح، وقد تابع يحيى بن أيوب على هذا المتن، عثمان بن الحكم الجذامي، عن ابن جريج، ذكره الدارقطني في علله، وكذلك تابعه صالح بن أبي الأخضر، عن ابن جريج، ورواه ابن أبي حاتم في علله أيضا، لكن ضعف الدارقطني الأول، وأبو حاتم: الثاني، قال الدارقطني: وقد خالفه عبدالرزاق، فرواه عن ابن جريج بلفظ: التكبير دون الرفع، وهو الصحيح. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم (ص 107): سألت أبي، عن حديث رواه صالح بن أبي الأخضر، عن أبي بكر بن الحارث قال: صلى بنا أبو هريرة، فكان يرفع يديه إذا سجد .... فقال أبو هريرة: إني أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبي هذا خطأ، إنما هو كان يكبر فقط ليس فيه رفع اليدين. اهـ.
وروى البخاري (828)، وأبو داود (731)، والبيهقي (2/ 84)، والبغوي في شرح السنة (3/ 14)، كلهم من طريق، محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو بن عطاء: أنه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع أمكن من ركبته، ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى، حتى يعود كل قفار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، وإذا جلس في الركعتين، جلس واستقبل على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى
ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته.
ورواه الترمذي (304 - 405)، والنسائي (2/ 187)، وابن ماجه (1061)، وأبو داود (730)، وأحمد (5/ 424)، والبيهقي (2/ 72)، كلهم من طريق عبدالحميد بن جعفر، ثنا محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سمعت أبا حميد الساعدي فذكر نحوه.
* * *
(115)
فإن لن يمكنه إسماع جميعهم، جهر به بعض، المأمومين لفعل أبي بكر معه. متفق عليه.
رواه البخاري (664)، ومسلم (1/ 313)، كلاهما من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت: فقلت: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف .... ، وفيه ذكر قصه مرضه صلى الله عليه وسلم
…
، وفيه: قالت: فلما دخل في الصلاة- تعني أبا بكر- وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، فقام يهادى بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض، قالت: فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حسه، ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قم مكانك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس، عن يسار أبي بكر، قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسا، وأبو بكر قائما، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر. وللحديث طرق أخرى.
وروى أحمد (1/ 209) برقم (1784)، وفي (1785) من طريق قيس بن الربيع، حدثني عبدالله بن أبي السفر، عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس، عن العباس قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نساؤه فاستترن مني إلا ميمونة، فدق له سعطة فلد، فقال: لا يبقين في البيت أحد إلا لد إلا العباس، فإنه لم تصبه يميني، ثم قال: مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقالت عائشة لحفصة: قولي له إن أبا بكر إذا قام ذلك المقام بكى فقالت له، فقال: مروا أبا بكر يصلي بالناس، فصلى أبو بكر، ثم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة فخرج، فلما رآه أبوبكر تأخر، فأومأ إليه بيده أي مكانك، فجاء فجلس إلى جنبه فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث انتهى أبو بكر.
(116)
قول علي: من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة. رواه أحمد وأبو داود.
أخرجه أبوداود- الصلاة- باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة- (756)، وعبدالله بن أحمد (1/ 110) برقم (875)، وابن أبي شيبة (1/ 391) - الصلاة- باب وضع اليمين على الشمال، والبيهقي (2/ 31) - الصلاة- باب وضع اليدين على الصدر في الصلاة من السنة كلهم من طريق عبدالرحمن بن إسحاق، عن زياد بن زيد السوائي، عن أبي جحيفة، عن علي، قال: من سنة الصلاة: وضع الأيدي على الأيدي، تحت السرر.
- وفي رواية: إن من السنة في الصلاة: وضع الأكف على الأكف، تحت السرة.
قلت: عبدالرحمن بن إسحاق ضعيف بالاتفاق. وضعفه ابن القطان في بيان الوهم الإيهام (6/ 690)، وقال ابن الجوزي في التحقيق (438): وهذا لا يصح، قال أحمد: عبدالرحمن بن إسحاق ليس بشيء، وقال يحيى: متروك. اهـ.
وقال النووي في شرح مسلم (4/ 115): ضعيف متفق على تضعيفه، رواه الدارقطني، والبيهقي، من رواية أبي شيبة عبدالرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو ضعيف بالاتفاق .. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (481): وهذا لا يصح. قال أحمد: عبدالرحمن بن إسحاق ليس بشيء. وقال يحيى: متروك. زياد بن يزيد السوائي، قال فيه أبو حاتم: مجهول. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 650): وفيه عبدالرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو متروك، واختلف عليه فيه. اهـ. وقال في الدراية (1/ 22): وإسناده ضعيف، ويعارضه حديث وائل بن حجر. اهـ.
وقال ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح (3/ 310): وقال النووي اتفقوا على تضعيفه؛ لأنه من رواية عبدالرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو مجمع على ضعفه .. اهـ.
وقال الألباني في الإرواء (353): ضعيف. اهـ.
* * *
(117)
أنه يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. كان عليه الصلاة والسلام يستفتح بذلك. رواه أحمد
…
وغيره.
أخرجه أبو داود (775)، وابن ماجه (804)، والترمذي (242)، والنسائي (2/ 132)، وفي الكبرى (974)، وأحمد (3/ 50) برقم (11493)، وفي (3/ 69) برقم (11680)، والدارمي (1239)، وابن خزيمة (467) كلهم من طريق جعفر بن سليمان الضبعي، عن علي بن علي الرفاعي، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله، ثلاثا. يقول: الله أكبر ثلاثا، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه ثم يقرأ.
قال أبو داود: وهذا الحديث يقولون: هو عن علي بن علي، عن الحسن، مرسلا. الوهم من جعفر. وقال الترمذي: حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب، وقد تكرم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي، وقال أحمد بن حنبل-: لا يصح هذا الحديث. - جاءت بعض الروايات مختصرة.
قلت: علي بن علي الرفاعي، وثقه ابن معين، وأبي زرعة. وقال ابن أبي حاتم، عن أبي حاتم: ليس بحديثه بأس. اهـ. قلت: يحتج بحديثه، قال: لا، ثم قال: حدث عنه وكيع، فقال: ثنا علي بن علي وكان ثقة. اهـ. وأثنى عليه
أبو داود. وقال النسائي: لا بأس به. اهـ.
فلا يلزم من كون الراوي ثقة لا يخطئ، لهذا فإنه ظهر خطأه بهذا الحديث، كما حكم الترمذي، وأيضا أعله أبو داود بالإرسال، فقال كما في السنن (1/ 265): هذا الحديث يقولون هو عن علي بن علي، عن الحسن مرسلا، والوهم من جعفر. اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في الإلمام (254): رواه أبو داود من جهة جعفر بن سليمان، وقد احتج به مسلم كثيرا، عن علي بن علي، ووثقه وكيع، ويحيى بن معين، وأبو زرعة، وقد أعل الحديث .. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 537): رواه الأئمة: أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وربما يزيد بعضهم على بعض. قال الترمذي: هذا الحديث أشهر حديث في هذا الباب، وقد تكلم في إسناده، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي- يعني: المذكور في إسناده- وقال أحمد: هذا الحديث لا يصح .. اهـ.
وضعفه النووي في الخلاصة (1103)، وقال: وممن ضعفه أحمد بن حنبل، والترمذي .. اهـ.
ونقل ابن عبدالهادي في التنقيح (2/ 793) قال عبدالله بن أحمد: حديث أبي سعيد حديث علي بن علي لم يجد أبي إسناده، قال عبدالله: لم يروه إلا جعفر بن سليمان، عن علي بن علي، عن أبي المتوكل. اهـ.
قلت: جعفر بن سليمان الضبعي، نقم عليه أنه كان يتشيع.
ولهذا نقل ابن شاهين في رسالته، في المختلف فيهم (ص 553 - 554) ملحقه بتاريخ جرجان: عن يحيى بن سعيد أنه كان لا يكتب حديثه، وأن ابن
عمار قال هو خفيف. ونقل أيضا ابن شاهين، عن عبدالرزاق، أنه قيل لعبدالرزاق: ممن أخذت التشيع قال: من جعفر بن سليمان الضبعي، ثم دافع عنه ابن شاهين، فقال: وما رأيت من طعن في حديثه؛ إلا محمد بن عبدالله بن عمار الموصلي. اهـ. ووثقه ابن المديني، كما في سؤالات محمد عثمان لعلي بن المديني (ص 53)(14)، أن علي بن المديني قال: ثقة عندنا، وقد كان يحيى بن سعيد لا يروي عنه. اهـ.
وقال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 372): هذا أشهر حديث في هذا الباب، على أنهم يرسلونه، عن علي بن علي، عن أبي المتوكل، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وروى مسلم (1/ 299) قال: حدثنا محمد بن مهران الرازي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن عبدة، أن عمر بن الخطاب، كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
قلت: إسناده فيه انقطاع، فإن عبدة بن لبابة لم يدرك عمر بن الخطاب.
وقال ابن عبدالهادي في التنقيح (2/ 790): هو منقطع؛ فإن عبدة، وهو ابن لبابة لم يدرك عمر، وإنما رواه مسلم لأنه سمعه من حديث غيره، فرواهما جميعا وإن لم يكن هذا على شرطه. اهـ.
وقال ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 167): فعبدة بن أبي لبابة، لم يدرك عمر بن الخطاب، وإنما لقي ابنه عبدالله بن عمر، كما قاله الإمام أحمد بن حنبل، وهو من ثقات المسلمين وأئمتهم، وهذا الأثر ثابت، عن أمير المؤمنين من غير وجه. اهـ.
وقال النووي في شرح مسلم: قال أبو علي النسائي: هكذا وقع، عن عبدة، أن عمر، وهو مرسل، يعني أن عبدة وهو ابن أبي لبابة، لم يسمع من عمر. اهـ. ثم ذكر النووي أن مسلما إنما أورد هذا الأثر عرضا لا قصدا، ولذلك تسامح بإيراده.
وقال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (321): رواه مسلم بسند منقطع، ورواه الدارقطني موصولا وهو موقوف. اهـ.
ورواه الدارقطني (1/ 299) من طريق عبدالله بن شعيب، حدثنى إسحاق بن محمد، عن عبدالرحمن بن عمر بن شيبة، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر به مرفوعا، وزاد في آخره: وإذا تعوذ قال: أعوذ بالله من همز الشيطان، ونفخه، ونفثه.
قلت: عبدالرحمن بن عمر لم أجد له ترجمة، ووهم ابن الجوزي في ادعاء إخراج البخاري له.
وكذلك في إسناده عبدالله بن شبيب، اتهمه عبدالرحمن بن خراش. قال ابن حبان: يقلب الأخبار. اهـ. وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث. اهـ.
وقال الذهبي في الميزان (3/ 438): واه. اهـ.
وإسحاق بن محمد هو ابن إسماعيل أخرج له البخاري. وقال أبو حاتم: كان صدوقا، ولكن ذهب بصره، فربما لقن، وكتبه صحيحة. اهـ. وقال مرة: يضطراب. اهـ. وقال الآجرى: سألت أبا داود عنه، فوهاه جدا. اهـ. وقال النسائي: متروك. اهـ. وقال الدارقطني: ضعيف، وقد روى عنه البخاري، ويوبخونه في هذا. اهـ. وقال أيضا: لا يترك. اهـ.
ولهذا قال ابن عبدالهادي في التنقيح (2/ 790): عبدالله بن شبيب تكلم
فيه غير واحد، وإسحاق روى عنه البخاري في صحيحه وله مناكير، وعبدالرحمن ابن عمر غير معروف، ولم يرو له البخاري، والصحيح أن ابن عمر كان يقول ذلك. اهـ.
وقال الدارقطني عقبه: رفعه هذا الشيخ- يعني عبدالرحمن- عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والمحفوظ، عن عمر من قوله. كذلك رواه إبراهيم، عن علقمة، والأسود، عن عمر. وكذلك رواه يحيى بن أيوب، عن عمر بن شيبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر من قوله. وهو الصواب. اهـ.
قلت: رواه الدارقطني (1/ 299) من طريق يحيى بن أيوب، حدثنى عمر بن شيبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر به موقوفا. وهو عند ابن أبي شيبة من طريق نافع به. وصححه الألباني في الإرواء (2/ 49).
ورواه أيضا الدارقطني (1/ 300)، والحاكم (1/ 361)، والطحاوي (1/ 117)، والبيهقي (2/ 34)، كلهم من طريق أبي معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: سمعت عمر بمثله موقوفا.
وزاد ابن أبي شيبة: ثم يتعوذ.
وقال ابن عبدالهادي في التنقيح (2/ 790)، وقد رواه الإمام أحمد من رواية علقمة، والأسود، وأبي وائل، وغيرهم، عن عمر. اهـ.
قلت: لم أعثر على هذه الرواية في المسند بعد بحث، في المطبعة الميمانية.
قال الألباني في الإرواء (2/ 49): إسناده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي. اهـ.
لكن رواه الدارقطني (1/ 300) من طريق إبراهيم، عن علقمة، أنه انطلق إلى عمر بن الخطاب قال: فرأيته قال حين افتتح الصلاة: .... فذكره.
ورواه أيضا الدارقطني (1/ 300) من طريق أبي وائل، عن الأسود بن يزيد، قال: رأيت عمر بن الخطاب ...... فذكره.
وللحديث طرق أخرى.
* * *
(118)
لا تصح الصلاة بقراءة خارجة، عن مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه، كقراءة ابن مسعود: فصيام ثلاثة أيام متتابعات.
أخرجه ابن جرير (7/ 20) قال: حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن قزعة بن سويد، عن سيف بن سليمان، عن مجاهد قال: فى قراءة عبدالله (فصيام ثلاثة أيام متتابعات).
قلت: إسناده ضعيف. لأن فيه قزعة بن سويد بن حجير الباهلى ضعيف، قال البخاري في التاريخ الكبير 7/ 192: ليس بذاك. أ. هـ.
وقال الألباني في الإرواء (8/ 203): وهذا إسناد ضعيف، قزعة بن سويد ضعيف، وكذا الراوى عنه ابن وكيع واسمه سفيان. لكن له طريق أخرى، عن مجاهد. أخرجه البيهقى (10/ 60) من طريق سعيد بن منصور، حدثنا سفيان، عن ابن أبى نجيح، عن عطاء أو طاووس، قال: إن شاء فرق، فقال له مجاهد: فى قراءة عبدالله (متتابعة) قال: فهى متتابعة. وقال البيهقى: رواية ابن أبى نجيح فى كتابى، عن عطاء، وهو فى سائر الروايات: عن طاووس. ويذكر، عن الأعمش أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، وكل ذلك مراسيل، عن عبدالله بن مسعود. قلت- القائل الألباني-: بين ولادة مجاهد ووفاة ابن مسعود نحو عشر سنوات، فمن الممكن أن يكون سمع منه. اهـ.
ورواه ابن أبي شيبة (12504)، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عامر قال: في قراءة عبد الله: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات).
قلت: إسناده منقطع.
قال الحافظ ابن حجر في الدراية (2/ 33): والشعبي، عن عبدالله منقطع .. اهـ.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه (16102)، عن ابن جريج، قال: سمعت عطاء، يقول: بلغنا في قراءة ابن مسعود (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات) قال: وكذلك نقرؤها.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه (16103)، قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، والأعمش، قالا في حرف ابن مسعود:(فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، قال أبو إسحاق: وكذلك نقرؤها.
وروى الحاكم في المستدرك (3091) من طريق محمد بن عبد الوهاب ابن حبيب العبدي، حدثنا جعفر بن عون، أنبأ أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، أنه كان يقرأها:(فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات).
ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الدراية (2/ 92): أخرجه الحاكم بإسناد جيد، عن أبي العالية عنه. اهـ.
وقال البيهقي في السنن الكبرى (10/ 60): روي من طرق كلها مراسيل، عن عبدالله بن مسعود.
* * *
(119)
قول أبي هريرة: كان النبي يكبر إذا قام إلى الصلاة، ثم يكبر حين يركع. متفق عليه.
أخرجه البخاري- الأذان- باب التكبير إذا قام من السجود، ومسلم (1/ 293 - 294) - الصلاة (28، 29)، وأبو داود- الصلاة- باب تمام التكبير- (836)، والنسائي (2/ 233) - التطبيق- باب التكبير للسجود- (1150)، وأحمد (2/ 270)(454)، وابن خزيمة (1/ 290)(578)، وأبوعوانة (2/ 95)، وابن حزم في المحلى (4/ 152)، والبيهقي (2/ 67، 93، 127) - الصلاة- باب التكبير للركوع وغيره، وباب القول عند رفع الرأس من الركوع، وباب ما يفعل في كل ركعة وسجدة من الصلاة، والبغوي في شرح السنة (3/ 91) - الصلاة- باب ما يجزئ الأمي والعجمي من القراءة (613) من عدة طرق عن الزهري، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة، يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجدا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها، ويكبر حين يقوم من اثنتين بعد الجلوس.
وعند البخاري: ربنا لك الحمد بحذف الواو، وقال البخاري عقبها: قال عبدالله بن صالح، عن الليث: ولك الحمد. اهـ.
ورواه البخاري (803) من طريق الزهري، قال: أخبرني أبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو سلمة بن عبدالرحمن، أن أبا هريرة:
كان ....... فذكره، وفيه قال: ربنا ولك الحمد.
وروى أحمد (3/ 251) برقم (13671)، و (3/ 257) برقم (13734)، والنسائي (3/ 2)، وفي الكبرى (1103) كلاهما من طريق أبي عوانة، عن عبدالرحمن بن الأصم، قال: سئل أنس بن مالك، عن التكبير في الصلاة؟ فقال: يكبر إذا ركع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، وإذا قام من الركعتين. فقال حطيم: عمن تحفظ هذا؟ فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، ثم سكت، فقال له حطيم: وعثمان؟ قال: وعثمان.
صححه الألبانى كما فى صحيح وضعيف سنن النسائى.
وروى أحمد (4/ 392 و 411) قال: حدثنا يحيى بن آدم. وفي (4/ 40)، قال: حدثنا وكيع، كلاهما (يحيى، ووكيع)، قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، قال: قال أبو موسى: لقد ذكرنا علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، صلاة كنا نصليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إما نسيناها، وإما تركناها عمدا، يكبر كلما ركع، وكلما رفع، وكلما سجد.
وأخرجه أحمد (1/ 415) قال: حدثنا حسن، قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن رجل من بني تميم، عن أبي موسى، فذكره.
وأخرجه أحمد (4/ 392)، قال: حدثنا يحيى يعني ابن آدم، قال: حدثنا عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي موسى، فذكره.
قال الدارقطني في علله (1307): يرويه أبو إسحاق السبيعي، واختلف عنه؛ فرواه إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن أبي موسى. وتابعه
سفيان الثوري من رواية الفريابي عنه، واختلف، عن الفريابي، فقيل عنه، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، وهو أشبه بالصواب. وقيل، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأسود الديلي، عن أبي موسى، وليس بمحفوظ. ورواه أبو الأحوص، وزهير، وأبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي موسى. إلا أن زهيرا أدخل بين بريد وبين أبي موسى رجلا لم يسمه. والصواب قول زهير. وروى هذا الحديث سلمة بن صالح، عن أبي إسحاق، عن أبي موسى، ولم يذكر بينهما أحدا. وروي هذا الحديث، عن أبي رزين، عن أبي موسى، واختلف عنه؛ فرواه أبو حفص الأبار، عن الأعمش، عن أبي رزين من رواية إبراهيم بن مهدي عنه. ووقفه عاصم بن بهدلة، عن أبي رزين، عن علي وهو المحفوظ. اهـ.
وقال ابن رجب في فتح الباري (5/ 31): وفي إسناده اختلاف؛ رواه أبوإسحاق السبيعي، واختلف عنه: فقيل: عنه، عن الأسود بن يزيد، عن أبي موسى. وقيل: عنه، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي موسى. وقيل: عنه، عن بريد بن أبي مريم، عن رجل من بني تميم، عن أبي موسى. ورجحه الدارقطني. ولذلك لم يخرج حديثه هذا في الصحيح. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2795): رواه البزار، ورجاله ثقات. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 270): بإسناد صحيح. اهـ.
* * *
(120)
روى ابن ماجه، عن وابصة بن معبد قال: رأيت النبي يصلي، وكان إذا ركع سوى ظهره؛ حتى لو صب الماء عليه لاستقرا.
رواه ابن ماجه (872)، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي.، حدثنا عبدالله بن عثمان بن عطاء.، حدثنا طلحة بن زيد، عن راشد قال: سمعت وابصة بن معبد، يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي. فكان إذا ركع سوى ظهره؛ حتى لو صب عليه الماء لاستقر.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه طلحة بن زيد، وهو متروك. قال البوصيري في الزوائد: في إسناده طلحة بن زيد قال البخاري وغيره: منكر الحديث. وقال أحمد بن المديني: يضع الحديث. أ. هـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 597): وهذا إسناد ضعيف؛ عبدالله بن عثمان بن عطاء، ليس بذاك القوي، سئل عنه أبو حاتم فقال: صالح. وقال: سمعت موسى بن سهل الرملي يقول: هو أصلح من أبي طاهر موسى بن محمد المقدسي قليلا، وكان أبو طاهر يكذب. وقال ابن حبان: يعتبر حديثه إذا روى عنه غير الضعفاء. وطلحة بن زيد- وقيل: ابن يزيد- ضعفوه، قال البخاري: منكر الحديث. ونسبه أحمد وابن المديني إلى الوضع، وراشد هذا لم يحدث عنه إلا طلحة هذا الواهي. اهـ.
وقال الشيخ الألباني كما في صحيح ابن ماجه: صحيح. اهـ.
وروى البخاري (828)، وأبو داود (731)، والبيهقي (2/ 84)، والبغوي في شرح السنة (3/ 14) كلهم من طريق، محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو بن عطاء: أنه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع أمكن من ركبته، ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل قفار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، وإذا جلس في الركعتين، جلس واستقبل على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الأخيرة، قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته.
ورواه الترمذي (304 - 405)، والنسائي (2/ 187)، وابن ماجه (1061)، وأبو داود (730)، وأحمد (5/ 424)، والبيهقي (2/ 72)، كلهم من طريق عبدالحميد بن جعفر، ثنا محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سمعت أبا حميد الساعدي فذكر نحوه.
وروى أحمد (1/ 123) برقم (997) قال عبدالله بن أحمد: وجدت في كتاب أبي، قال: أخبرت، عن سنان بن هارون، حدثنا بيان، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي بن أبي طالب، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع، لووضع قدح من ماء على ظهره، لم يهراق.
قال الدارقطني في العلل (3/ 275، 276): وسئل عن حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا ركع لو وضع قدح من ماء على ظهره لم يهراق. وخالفهم سلم بن سلام أبوالمسيب الواسطي، فرواه عن سنان بن هارون، عن بيان، عن ابن أبي ليلى، عن البراء. وهوأشبه بالصواب. فقال: رواه أحمد بن حنبل، عمن أخبره، عن سنان بن هارون، عن بيان، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 600): الطريق الثامن: من حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع، لو وضع قدح من ماء على ظهره، لم يهراق. رواه أحمد في مسنده، قال ولده عبد الله: وجدت في كتاب أبي: أخبرت، عن سنان بن هارون، عن بيان، عن عبدالرحمن به. وذكره الدارقطني في علله، فقال: رواه أحمد عمن أخبره، عن سنان به، وخالفه سلم بن سلام أبوالمسيب الواسطى؛ فرواه عن سنان بن هارون، عن بيان، عن ابن أبي ليلى، عن البراء قال: وهو أشبه بالصواب. اهـ.
وذكر له عدة شواهد.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 306): رواه عبدالله بن أحمد قال: وجدته في كتاب أبي. وفيه رجل لم يسم وسنان بن هارون اختلف فيه. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (361): رواه أبوداود في مراسيله من حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى، ووصله أحمد في مسنده عنه، عن علي. وذكره الدارقطني في العلل عنه، عن البراء. ورجح أبوحاتم المرسل. اهـ.
وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (3331): لكن يبدوأنه لم يتفرد به، فقال عبدالله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 123): وجدت في كتاب أبي قال: أخبرت، عن سنان بن هارون: ثنا بيان، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع؛ لو وضع قدح من ماء على ظهره، لم يهراق. اهـ.
وقد ذكره الدارقطني في العلل (3/ 275 - 276) من رواية أحمد هذه، ثم قال: وخالفهم سلم بن سلام أبوالمسيب الواسطي، فرواه عن سنان بن
هارون، عن بيان، عن ابن أبي ليلى، عن البراء. وهو أشبه بالصواب.
ثم ساق إسناده من طريقين، عن مصعب بن عبدالله الواسطي- شيخان لقبه-: ثنا سلم بن سلام: ثنا سنان بن هارون، عن بيان، عن ابن أبي ليلى، عن البراء بذلك.
وأخرجه بحشل في تاريخ واسط (247) قال: ثنا مصعب بن عبدالله بن مصعب به.
قلت: هذا إسناد حسن، مصعب هذا وثقه ابن حبان (9/ 175)؛ وهو من شيوخه، وروى عنه جماعة آخرون من الثقات، كما أثبته في تيسير الانتفاع. أنتهى ما نقله وقاله الألباني.
* * *
(121)
أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم. رواه مسلم وغيره.
رواه مسلم (1/ 536)، والترمذي (262)، وأبو داود (871)، والنسائي (3/ 225)، وأحمد (5/ 397)، والبيهقي (2/ 309) كلهم من طريق، الأعمش قال: سمعت سعد بن عبيدة، يحدث، عن المستورد، عن صلة بن زفر، عن حذيفة: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح آل عمران ثم مضى، فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلا، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى ...... هذا لفظ مسلم.
وروى البزار (1/ 261) حديث (537)، والطبراني في الكبير (1572)، كلاهما من طريق، سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيدالله، عن عبدالرحمن بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلي.
قال البزار: لا يروى عن جبير إلا بهذا الإسناد .. اهـ.
وقال الهيثمي في المجمع (2/ 37): عبد العزيز بن عبدالله بن صالح، ليس بالقوي. اهـ.
قلت: عبد العزيز بن عبدالله بن حمزة الشامي الحمصي. قال ابن معين وأبو حاتم: ضعيف. وقال أبو زرعه: واهي الحديث. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الحافظ ابن حجر: ضعيف، ولم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش. وإسماعيل بن عياش: صدوق في روايته، عن أهل بلده. وسليمان بن عبدالرحمن الدمشقي: صدوق بخطئ.
وعبد الرحمن بن نافع بن جبير: قال الدراقطني: مجهول، وأبوه معروف، كما في الجامع في الجرح والتعديل (2/ 97).
وللحديث شاهد أخرجه مسلم في الصلاة، باب النهي، عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (1/ 348) عن ابن عباس بنحوه.
وأيضا للحديث شاهد، عن عقبة بن عامر الجهني بنحوه. أخرجه: ابن ماجه في إقامة الصلاة، باب التسبيح في الركوع والسجود (1/ 287). حديث رقم (887)، وفيه إياس بن عامر صدوق. وموسي بن أيوب مقبول. وله شاهد أخر، عن حذيفة بن اليمان. بنحوه أخرجه ابن ماجه أيضا في إقامة الصلاة، باب التسبيح في الركوع والسجود، ج (1/ 287)، حديث رقم (888).
قلت: في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف.
وروى ابن ماجه (888) قال: حدثنا محمد بن رمح المصري، قال: أنبأنا ابن لهيعة، عن عبيدالله بن أبي جعفر، عن أبي الأزهر، عن حذيفة بن اليمان؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ركع: سبحان ربي العظيم- ثلاث مرات- وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى- ثلاث مرات.
قال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 611): وابن لهيعة (حالته) معلومة،
وأبو الأزهر مجهول. اهـ.
وقال الألباني في الإرواء (2/ 40): وهذا سند ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وجهالة أبي الأزهر. ولكن هذه الزيادة الثانية صحيحة أيضا؛ لأن لها شواهد كثيرة، عن جماعة من الصحابة. اهـ.
وروى أبو داود (886)، والترمذي (261)، وابن ماجه (890)، والبيهقي (2/ 86)، كلهم من طريق، ابن أبي ذئب، عن إسحاق بن يزيد الهذلي، عن عون بن عبدالله بن عتبة، عن عبدالله بن مسعود؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم، ثلاث مرات تم ركوعه، وذلك أدناه، وإذا سجد فقال في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، فقد تم سجوده وذلك أدناه.
قلت: إسناده منقطع، فإن عون لم يدرك عبدالله. قال الترمذي (1/ 352): حديث ابن مسعود ليس إسناده بمتصل، عون بن عبدالله بن عتبة لم يلق ابن مسعود. اهـ.
وقال أبو داود (1/ 297): هذا مرسل، عون لم يدرك عبدالله. اهـ.
وقال البيهقي (2/ 86): هذا مرسل، عون بن عبدالله لم يدرك عبدالله بن مسعود. اهـ.
وروى البزار كما في كشف الأستار (543)، قال: حدثنا يوسف بن موسى وإبراهيم بن زياد، قالا: ثنا عبيدالله بن موسى، ثنا حميد الأعرج، عن عبدالله بن الحارث، عن عبدالله بن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده إذا سجد: سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، أبوء بنعمتك علي، هذه يداي وما جنيت على نفسي.
قال البزار عقبه: لا نعلمه، عن عبدالله إلا من هذا الوجه. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 128): ورواه البزار، ورجاله ثقات. اهـ.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه حميد الأعرج.
* * *
(122)
قوله: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد. متفق عليه من حديث أبي هريرة.
رواه البخاري (796)، ومسلم (1/ 306)، كلاهما من طريق مالك زهو في الموطأ (1/ 88)، عن سمي، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله، قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
ورواه مسلم (1/ 306) من طريق سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه.
وروى البخاري (795) من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده، قال: اللهم ربنا ولك الحمد ..... بذكر الواو.
وروى مسلم (1/ 310)، قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد ابن جعفر، حدثنا شعبة (ح)، وحدثنا عبدالله بن معاذ واللفظ له، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن يعلى وهو ابن عطاء، سمع أبا علقمة، سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الإمام جنة، فإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإذا وافق قول أهل الأرض قول أهل السماء، غفر له ما تقدم من ذنبه.
وروى مسلم (1/ 347)، وأبو داود (847)، والنسائي (2/ 198 - 199)، وابن خزيمة (1/ 310)، والبيهقي (2/ 94)، كلهم من طريق، سعيد بن عبدالعزيز، عن عطية بن قيس، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا رفع رأسه من الركوع، قال: اللهم ربنا لك
الحمد، ملء السموات والأرض، وملء ما شئت من شيء وبعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
وروى مسلم (1/ 347)، والنسائي (2/ 198)، والبيهقي (2/ 94)، كلهم من طريق، هشام بن حسان، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
ورواه النسائي (2/ 198) من طريق، وهب بن ميناس العدني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس بنحوه مختصرا.
وروى مسلم (2/ 46)(1000)، وأبو داود (846)، وابن ماجه (878)، وأحمد (4/ 353) برقم (19314)، و (4/ 354) برقم (19330)، و (4/ 381) برقم (19621)، وعبد بن حميد (522)، كلهم من طريق، الأعمش، عن عبيد بن الحسن، عن ابن أبى أوفى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع ظهره من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شئ بعد.
وأخرجه أبو داود (6) قال: وعن محمد بن رافع، عن يحيى بن آدم، عن سفيان، عن الأعمش، بهذا الحديث بمعناه، قال سفيان: فلقينا الشيخ عبيدا أبا الحسن بعد، فلم يقل فيه: بعد الركوع.
قال أبو داود: قال سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، عن عبيد أبي
الحسن بهذا الحديث ليس فيه: بعد الركوع. قال سفيان: لقينا الشيخ عبيدا أبا الحسن بعد، فلم يقل فيه: بعد الركوع. قال أبو داود: ورواه شعبة، عن أبي عصمة، عن الأعمش، عن عبيد، قال: بعد الركوع.
وأخرجه مسلم (2/ 47)(1001)، وأحمد (4/ 353) برقم (19315)، وفي (4/ 354) برقم (19329) كلهم من طريق، عبيد بن الحسن، قال: سمعت عبدالله بن أبى أوفى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء: اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شئ بعد.
وروى أبو داود (603)، قال: حدثنا سليمان بن حرب، ومسلم بن إبراهيم المعنى، عن وهيب، عن مصعب بن محمد، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعين.
ورواه البخاري (722)، قال: حدثنا عبدالله بن محمد، قال: حدثنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة بنحوه.
ورواه أيضا البخاري (734)، قال: حدثنا أبواليمان، قال: أخبرنا شعيب، قال: حدثنى أبوالزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون.
ورواه مسلم (1/ 311)، قال حدثنى أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب، عن حيوة، أن أبا يونس مولى أبي هريرة حدثه، قال: سمعت أبا هريرة فذكره بنحوه.
ورواه أحمد (2/ 420)، وأبو داود (604)، والنسائي (2/ 142) كلهم من طريق، ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة بنحوه.
ورواه ابن ماجه (1239)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا هشيم بن بشير، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه.
وروى البخاري (735)، ومسلم (1/ 292)، وأبو داود (721 - 722)، والترمذي (255)، والنسائي (2/ 221)، كلهم من طريق، ابن شهاب، قال: أخبرنى سالم بن عبدالله، عن عبدالله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما أيضا، وقال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد.
* * *
(123)
قول ابن عباس: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظم، ولا يكف شعرا ولا ثوبا: الجبهة، واليدين، والركبتين، والرجلين. متفق عليه.
رواه البخاري (812)، ومسلم (1/ 354)، وابن ماجه (884)، والنسائي (2/ 209)، وابن خزيمة (1/ 321)، والدارمي (1/ 302)، وأبو عوانة (2/ 182 - 183)، والبغوي في شرح السنة (3/ 136)، كلهم من طريق، عبدالله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة- وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين.
ورواه البخاري (809 - 810)، ومسلم (1/ 354)، وأبو داود (889 - 890)، والترمذي (273)، والنسائي (2/ 208)، وابن ماجه (883)، وأحمد (1/ 255، 279)، والبيهقي (2/ 108)، وابن خزيمة (1/ 321)، والدارمي (1/ 302)، وأبو عوانة (2/ 182)، كلهم من طريق، عمرو بن دينار، عن طاووس به.
* * *
(124)
الدراقطني، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: لا صلاة لمن لم يضع أنفه على الأرض.
رواه الدارقطني (1/ 348)، قال: حدثنا عبدالله بن سليمان بن الأشعث، ثنا الجراح بن مخلد أبو قتيبة، ثنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة لمن لم يضع أنفه على الأرض.
ورواه أيضا الدارقطني (1/ 348 - 349)، قال ثنا عبدالله بن سليمان، ثنا الجراح بن مخلد، ثنا أبو قتيبة، ثنا سفيان الثوري، ثنا عاصم الأحول به، بلفظ: لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين.
قال الدارقطني (1/ 348)، عن طريق أبي قتيبة، عن شعبة: رواه غيره، عن شعبة، عن عاصم مرسلا، ثم قال، عن الطريق الآخر قال أبو بكر بن أبي داود: لم يسنده، عن سفيان وشعبة؛ إلا أبو قتيبة، عن عاصم، عن عكرمة مرسلا. اهـ.
وتعقبه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 392)، فقال: هو ثقة، أخرج له البخاري، والرفع زيادة، وهي من الثقة مقبولة. اهـ. وتعقب ابن عبدالهادي ابن الجوزي في التنقيح (2/ 889)، بقول الدارقطني، فقال: قال الدارقطني في هذا الحديث: الصواب، عن عاصم، عن عكرمة مرسلا، ورواه الحاكم، عن المستدرك. اهـ.
وقد أخرجه الحاكم في المستدرك من طريقين، فقد رواه (1/ 404) من طريق أبي قتيبة، ثنا سفيان الثوري، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا.
وأيضا رواه (1/ 404) من طريق الجراح بن مخلد، ثنا أبو قتيبة موقوفا.
وروى أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 192 - 193)، عن حميدة بن مسعدة، ثنا حرب بن ميمون، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على رجل يسجد على وجهه، ولا يضع أنفه، فقال: ضع أنفك يسجد معك.
قلت: في إسناده حرب بن ميمون، وهو متروك.
لهذا قال الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 198 - 199): هذا إسناد ضعيف جدا، حرب بن ميمون وهو الأصغر، متروك كما قال الحافظ، وقد رواه البيهقي (2/ 104) من طريقه معلقا وقال: قال أبو عيسى الترمذي: حديث عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا أصح.
قلت (القائل الألباني): وهو مرسل صحيح الإسناد، وقد وصله الدارقطني، والبيهقي، من طريق أبي قتيبة، ثنا شعبة، والثوري، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس به بنحوه، وقال البيهقي: قال أبوبكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث: لم يسنده، عن سفيان وشعبة، إلا أبوقتيبة، والصواب، عن عاصم، عن عكرمة مرسلا، ثم، قلت: سلم صدوق، من رجال البخاري في صحيحه، ولم ينفرد بوصله، فقد أخرجه الطبراني في الكبير (11917) من طريق الضحاك بن حمزة، عن منصور، عن عاصم البجلي، عن عكرمة به. ولفظه: من لم يلزق أنفه مع جبهته بالأرض إذا سجد، لم تجز صلاته. والضحاك هذا مختلف فيه، وقد حسن له الترمذي، وفيه ضعف لا يمنع من الاستشهاد به، وبالجملة، فالحديث صحيح عندي، لأن مع مرسله الصحيح هذه الأسانيد المتصلة، وأصله في الصحيحين من طريق أخرى، عن
ابن عباس
…
انتهى ما نقله وقاله الألباني رحمه الله.
ورواه الترمذي في العلل الكبير (1/ 222) من طريق عبدة، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تجزئ صلاة؛ إلا بمس الأنف من الأرض ما يمس الجبين.
ورواه أيضا من طريق خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس بنحوه مرفوعا.
ثم قال الترمذي: وحديث عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح. اهـ.
والحديث صححه الحاكم، ونقل البيهقي في السنن الكبرى (2/ 104)، عن الترمذي قوله: حديث عكرمة، عن النبي مرسلا أصح، وقال أبو بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث: لم يسنده، عن سفيان وشعبة إلا أبو قتيبة، والصواب، عن عاصم، عن عكرمة مرسلا.
وروى الدارقطني (1/ 348)، قال: حدثنا أبو عبدالله النهدي، ثنا الحسن بن علي بن خلف الله الدمشقي. (ح)، وحدثنا محمد بن الحسين بن سعد الهمداني، ثنا أبو عبدالملك أحمد بن إبراهيم القرشي بدمشق، قالا: نا سليمان بن عبدالرحمن، نا ناشب بن عمرو الشيباني، ثنا مقاتل بن حيان، عن عروة، عن عائشة قالت: أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أهله تصلي، ولا تضع أنفها بالأرض، فقال: ماهذه! ضعي أنفك بالأرض، فإنه لا صلاة لمن لم يضع أنفه بالأرض مع جبهته في الصلاة.
قلت: إسناده ضعيف.
قال الدارقطني (1/ 348): ناشب ضعيف، ولا يصح مقاتل، عن عروة. اهـ.
وتعقبه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 392) فقال: ما قدح فيه غيره، ولا يقبل التضعيف حتى يتبين. اهـ.
قلت: وفيما قاله نظر. ولهذا تعقب ابن عبدالهادي ابن الجوزي في التنقيح (2/ 888) فقال: هذا الكلام يدل على قلة علم المؤلف بالدارقطني، فإن الدارقطني قل أن يضعف رجلا ويكون فيه طب، ولا يطلب بيان السبب في التضعيف إلا إذا عارضه تعديل، وقد تكلم البخاري في ناشب أيضا وقال: هو منكر الحديث. اهـ.
* * *
(125)
التشهد الأول علمه النبي ابن مسعود. وهو في الصحيحين، ثم يقول في التشهد الذي يعقبه السلام.
رواه البخاري (831)، ومسلم (1/ 302)، وأبو داود (968)، والنسائي في الكبرى (1/ 378)، والصغرى (3/ 41)، وابن ماجه (899)، وأحمد (1/ 382)، والبيهقي (2/ 138)، كلهم من طريق، الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو.
ولفظ النسائي: كنا نقول في الصلاة قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله السلام على جبريل، وميكائيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله ........... وكذا عند البقية، وليس في الصحيحين قوله: قبل أن يفرض علينا التشهد. وبهذا اللفظ صححه البيهقي، والدارقطني، والحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 358).
وللحديث طرق أخرى، عند مسلم، والنسائي في الصغرى.
وروى النسائي (2/ 243)، وابن ماجه (902)، والحاكم (1/ 399)، كلهم من طريق، أيمن بن نابل، قال: حدثنى أبو الزبير، عن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن: بسم الله وبالله، التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أسأل الله الجنة، وأعوذ بالله من النار.
قال الحاكم (1/ 399): صحيح من شرط البخاري. اهـ.
قلت: أيمن بن نابل، روى له البخاري في المتابعات، كما قال ابن عدي. وقد وثقه ابن معين، وقال يعقوب بن شيبة: مكي صدوق، وإلى ضعف ما هو. اهـ. وقال أبو حاتم: شيخ. اهـ. وقال النسائي: لا بأس به. اهـ. وقال الدارقطني: ليس بالقوي، خالف الناس. اهـ. وقد ضعف الحديث جمع من الحفاظ.
قال الزيعلي في نصب الراية (1/ 421)، لما نقل كلام الحاكم: قال النووي الخلاصة: وهو مردود، فقد ضعفه جماعة من الحفاظ، هم أجل من الحاكم، وأتقن، وممن ضعفه البخاري، والترمذي، والنسائي، والبيهقي، قال الترمذي: سألت البخاري عنه، فقال: هو خطأ. اهـ.
وقال ابن الجنيد في سؤالاته ليحيى بن معين (31): قلت ليحيى بن معين: حديث الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن طاووس، وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: كان يعلمنا التشهد، قلت: ورواه معتمر بن سليمان، عن أيمن بن نابل، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله؟ قال يحيى: هذا خطأ، الحديث حديث الليث بن سعد. اهـ.
قلت: ووجه الخطأ، هو أن أيمن بن نابل، خالف الليث بن سعد، فرواه عن أبي الزبير وجعله من مسند جابر، وأما الليث بن سعد فقد رواه عن أبي الزبير فجعله من مسند ابن عباس، كما سبق وهو الصواب.
قال البيهقي (2/ 142): قال أبو عيسى سألت البخاري، عن هذا
الحديث، فقال: هو خطأ، والصواب ما رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاووس، عن ابن عباس. وهكذا رواه عبدالرحمن بن حميد الرواسبي، عن أبي الزبير، مثل ما روى الليث بن سعد. وقال في أحدى الروايتين: عن عمر، وابن عمر، وعائشة. اهـ.
وقال مسلم في كتابه التمييز (ص 188): عن هذه الرواية من التشهد: والتشهد غير ثابت الإسناد والمتن جميعا، والثابت ما رواه الليث وعبدالرحمن بن حميد .. ، ثم ذكر حديث ابن عباس، وقال: فقد اتفق الليث وعبدالرحمن بن حميد الرواسبي، عن أبي الزبير، عن طاووس، وروى الليث، فقال: عن سعيد بن جبير، وواحد كل من هذين عند أهل الحديث، أثبت في الرواية من أيمن. اهـ.
وقال ابن عبدالهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 413): وقد أنكره الدارقطني، عن أيمن بن نابل، وقيل: إن المحفوظ، ما رواه الليث، عن الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاووس، عن ابن عباس، وقال النسائي: ولا نعلم أحدا تابع أيمن على هذا الحديث، وخالفه الليث بن سعد في إسناده، وأيمن عندنا لا بأس به، والحديث خطأ. اهـ.
وأعل الحديث أيضا عبدالحق الإشبيلي، فقال في الأحكام الوسطى (1/ 409): أحسن حديث أبي الزبير، عن جابر ما ذكر فيه سماعه منه، ولم يذكر السماع في هذا فيما أعلم. اهـ. وتعقبه ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (4/ 298)، وسبق الكلام على حديث أبي الزبير، عن جابر.
وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 228): سألت محمدا، عن هذا الحديث، فقال: هو غير محفوظ، هكذا يقول أيمن بن نابل، عن أبي الزبير،
عن جابر، وهو خطأ. والصحيح ما رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن ابن جبير، وطاووس، عن ابن عباس، وهكذا رواه عبدالرحمن الرواسي، عن أبي الزبير مثل رواية الليث بن سعد. اهـ.
وروى مالك في الموطأ (1/ 91)، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبدالرحمن بن عبدالقارئ: أنه سمع عمر بن الخطاب، وهو على المنبر يعلم الناس التشهد، يقول: قولوا: التحيات لله، الزكيات لله، الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي، ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
قلت: إسناده صحيح، كما قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 422).
وقال النووي في الأذكار (ص 52): رواه مالك في الموطأ، والبيهقي وغيرهما، بالأسانيد الصحيحة. اهـ. وقال في الخلاصة (1/ 432): رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح. اهـ.
وقد اختلف في إسناده، لكن الترجيح فيه ممكن. فقد سئل الدراقطني في العلل (2/ رقم 203)، عن حديث عبدالرحمن بن عبد القاري، عن عمر: أنه كان يعلم الناس التشهد فذكره. فقال: هو حديث رواه الزهري وهشام بن عروة، عن عروة، فاختلفا فيه على عروة، فجود إسناده الزهري. ورواه عن عروة، عن عبدالرحمن بن عبد، عن عمر. ورواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر، لم يذكر بينهما عبدالرحمن بن عبد، وقول الزهري أولى بالصواب والله أعلم. ولم يختلفوا في أن الحديث موقوف على عمر. ورواه بعض المتأخرين، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن الزهري، عن عروة،
عن ابن عبد، عن عمر مرفوعا، ووهم في رفعه، والصواب موقوف. وروى هذا الحديث ابن عيينة، عن الزهري، وهشام بن عروة جمع بينهما، وحمل حديث هشام على حديث الزهري، فقال: عن عروة، عن عبدالرحمن بن عبد، عن عمر، وهذا إسناد الزهري، وهشام لا يذكر في الإسناد عبدالرحمن بن عبد. انتهى كلام الدارقطني.
وروى أحمد (1/ 437)، قال: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يحدث، عن أبي الأحوص، عن عبدالله بن مسعود أنه قال: إن محمدا صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير وجوامعه وخواتمه، فقال: إذا قعدتم في كل ركعتين: فقولوا التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه، فليدع به ربه عز وجل .... ومن طريق أبي إسحاق رواه النسائي والبيهقي.
قلت: إسناده قوي ظاهره الصحة، وأبو إسحاق هو السبيعي، وقد اختلط إلا أن شعبة سمع منه قديما.
ورواه أيضا أحمد (3877)، قال: حدثنا عبدالرزاق، حدثنا معمر، عن أبي إسحاق به بمثله. وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
وقال الألباني في الإرواء (2/ 23): هذا إسناد صحيح على شرط مسلم. اهـ.
وروى النسائي (2/ 243)، وفي الكبرى (765) من طريق أيمن بن نابل، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن، باسم الله وبالله، التحيات لله، والصلوات
والطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أسأل الله الجنة، وأعوذ بالله من النار.
ورواه عن أيمن بن نابل كل من المعتمر، وابن بكر، وأبو عاصم.
قال أبو عبدالرحمن النسائي: لا نعلم أحدا تابع أيمن بن نابل على هذه الرواية، وأيمن عندنا لا بأس به، والحديث خطأ، وبالله التوفيق .. اهـ.
وأخرجه أحمد (5/ 363) برقم (23463) قال: حدثنا وكيع، حدثنا أيمن بن نابل، عن أبي الزبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن.
قال الترمذي في علله (67): سألت محمدا، عن هذا الحديث فقال: هو غير محفوظ. هكذا يقول: أيمن بن نابل، عن أبي الزبير، عن جابر وهو خطأ، والصحيح ما رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاووس، عن ابن عباس، وهكذا رواه عبدالرحمن بن حميد الرواسي، عن أبي الزبير، مثل رواية الليث بن سعد. أهـ.
وقال الدارقطني في علله (3222): يرويه الثوري، وابن جريج، وأيمن بن نابل، عن أبي الزبير، عن جابر. وخالفهم ليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، روياه، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاووس، عن ابن عباس. ورواه عبدالرحمن بن حميد الرواسي، وزكريا بن خالد- شيخ لأهل الكوفة، يروي عنه قيس بن الربيع وغيره، عن أبي الزبير، عن طاووس- وحده- عن ابن عباس. وحديث ابن عباس أشبه بالصواب من حديث جابر. أهـ.
وقال الحاكم في المستدرك (1/ 399): أيمن بن نابل ثقة، قد احتج به
البخاري، وقد سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن سلمة، يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي، يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: وسألته، عن أيمن بن نابل، فقال: ثقة. فأما صحته على شرط مسلم: وقال الذهبي في التلخيص: أيمن احتج به البخاري، ورواه عنه جماعة. أهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 28): نص غير واحد من الحفاظ على ضعفه. قال النسائي: لا نعلم أحدا تابع أيمن- يعني ابن نابل بالباء الموحدة- راويه، عن أبي الزبير، عن جابر على هذا الحديث، وخالفه الليث بن سعد في إسناده، وأيمن عندنا لا بأس به، والحديث خطأ- وبالله التوفيق-. وقال حمزة بن محمد الحافظ: قوله، عن جابر خطأ، والصواب أبو الزبير، عن سعيد بن جبير وطاووس، عن ابن عباس، قال: ولا أعلم أحدا قال في التشهد: باسم الله وبالله إلا أيمن بن نابل، عن أبي الزبير. أهـ.
وقال الألباني في مشكاة المصابيح (916): ضعيف. أهـ.
وروى أبو داود (971)، والدارقطني (1/ 351)، كلاهما من طريق، نصر بن علي، حدثنى أبي، ثنا شعبة، عن أبي بشر، سمعت مجاهدا يحدث، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد: التحيات لله، الصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. قال: قال ابن عمر: زدت فيها وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، قال ابن عمر: زدت فيها: وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
قلت: رجاله ثقات، لكن أعل بأن أبا بشر جعفر بن إياس اليشكري، لم يسمع من مجاهد.
قال أحمد: كان شعبة يضعف حديث أبي بشر، عن مجاهد، قال: لم يسمع منه شيئا. اهـ. وقال ابن معين: طعن شعبة في حديثه، عن مجاهد، قال: من صحيفة. اهـ.
وقال الدارقطني (1/ 351): هذا إسناد صحيح، وقد تابعه على رفعه ابن أبي عدي، عن شعبة، ووقفه غيرهما. اهـ. وقد اختلف في إسناده.
وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 226): سألت محمدا، عن هذا الحديث، فقال: روى شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عمر. وروى سيف، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبدالله بن مسعود، قال محمد: وهو المحفوظ عندي، قلت: فإنه يروي عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عن ابن عمر، عن أبي بكر الصديق. قال محمد، يحتمل هذا وهذا. اهـ. وللحديث طرق أخرى، عن ابن عمر.
وروى مسلم (1/ 302)، والنسائي (2/ 242)، وأبو داود (974)، وابن ماجه (900)، والترمذي (290)، وأحمد (1/ 292)، والبيهقي (2/ 140)، كلهم من طريق، الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير وطاووس، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعلمنا التشهد: التحيات المباركات الصلوات الطيبات .... إلى آخره.
وروى مسلم (1/ 404)، وأبو داود (972)، والنسائي (2/ 242)، وابن ماجه (901)، وأحمد (4/ 409)، والبيهقي (2/ 140)، كلهم من طريق، قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبدالله الرقاشي، قال: صليت مع أبي موسى الأشعري صلاة وفي آخره، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإذا كان عند القعدة، فليكن من أول قول أحدكم، التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
* * *
(126)
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. لأمره بذلك، المتفق عليه من حديث كعب بن عجرة.
رواه البخاري (4797)، ومسلم (1/ 305)، وأبو داود (976 - 978)، والنسائي (3/ 47) كلهم من طريق، الحكم قال: سمعت عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
ورواه البخاري (3370) من طريق، عبدالله بن عيسى، أنه سمع عبدالرحمن بن أبي ليلى به.
وروى مسلم (1/ 305)، وأبوداود (980)، والترمذي (3218)، والنسائي (3/ 45)، وأحمد (4/ 118)، والبيهقي (2/ 246)، والدارمي (1/ 309 - 310)، كلهم من طريق، مالك- وهو في الموطأ (1/ 305)، عن نعيم المجمر، أن محمد بن عبدالله بن زيد الأنصاري أخبره، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ فسكت، ثم قال: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت
على إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم.
زاد الجميع في أسانيدهم عبدالله بن زيد، الذي أرى النداء مع محمد بن عبدالله بن زيد، عدا أحمد، ومالك، والدارمي، لم يذكروا عبدالله بن زيد.
ورواه ابن خزيمة (1/ 351 - 352)، والحاكم (1/ 401)، كلاهما من طريق، أبي بكر محمد بن إسحاق، نا أبوالأزهر وكتبه في أصله، نا يعقوب بن إبراهيم، حدثنى أبي، عن ابن إسحاق، قال: وحدثنى في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا المرء المسلم صلى عليه في صلاته، محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبدالله بن زيد بن عبد ربه، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن عنده، فقال: يا رسول الله أما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك؟ قال: فصمت حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله، ثم قال: ..... فذكره.
قال الحاكم (1/ 401): هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اهـ.
وتعقبه ابن القيم في جلاء الأفهام (ص 31) فقال: وفي هذا نوع مساهلة منه، فإن مسلما لم يحتج بابن إسحاق في الأصول، وإنما أخرج له في المتابعات والشواهد، وقد أعلت هذه الزيادة بتفرد ابن إسحاق بها، ومخالفة سائر الرواة له في تركهم ذكرها، وأجيب، عن ذلك بجوابين: أحدهما: أن ابن إسحاق ثقة، لم يجرح بما يوجب ترك الاحتجاج به، وقد وثقه كبار الأئمة، وأثنوا عليه بالحفظ والعدالة، اللذين هما ركنا الرواية. والجواب الثاني: أن ابن إسحاق إنما يخاف من تدليسه، وهنا قد صرح بسماعه للحديث من
محمد بن إبراهيم التيمي، فزالت تهمة تدليسه. وقد قال الدارقطني في هذا الحديث، وقد أخرجه من هذا الوجه: وكلهم ثقات، هذا قوله في السنن، وأما في العلل فقد سئل عنه، فقال: يرويه محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبدالله بن زيد، عن أبي مسعود، حدث به محمد بن إسحاق. ورواه نعيم المجمر، عن محمد بن عبدالله بن زيد أيضا. واختلف، عن نعيم، فرواه مالك بن أنس، عن نعيم، ومحمد، عن أبي مسعود، حدث به عنه كذلك القعنبي، ومعن، وأصحاب مالك. ورواه حماد بن مسعدة، عن مالك، عن نعيم، فقال: عن محمد بن زيد، عن أبيه، ووهم فيه. ورواه داود بن قيس الفراء، عن نعيم، عن أبي هريرة، خالف فيه مالكا، وحديث مالك أولى بالصواب. قلت- أي ابن القيم-: وقد اختلف على ابن إسحاق في هذه الزيادة، فذكرها عنه إبراهيم بن سعد كما تقدم. ورواه زهير بن معاوية، عن ابن إسحاق، بدون ذكر الزيادة. كذلك قال عبد بن حميد في مسنده: عن أحمد بن يونس، والطبراني في المعجم: عن عباس بن الفضل، عن أحمد بن يونس، عن زهير، والله أعلم. انتهى ما نقله وقاله ابن القيم.
وروى البخاري (4798)، والنسائي (3/ 49)، وابن ماجه (903)، والبيهقي (2/ 147)، كلهم من طريق، ابن الهاد، عن عبدالله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يا رسول الله هذا التسليم، فكيف نصلي عليك؟ قال قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم.
وروى البخاري (3369)، ومسلم (1/ 306)، وأبو داود (979)، والنسائي (3/ 49)، وأحمد (5/ 44) كلهم من طريق، مالك- وهو في الموطأ
(1/ 165) - عن عبدالله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، عن عمرو بن سليم الزرقي، أخبرني أبو حميد الساعدي، أنهم قالوا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
وروى أحمد (1/ 162)، والنسائي (3/ 48)، كلاهما من طريق، محمد بن بشر، ثنا مجمع بن يحيى الأنصاري، ثنا عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله! كيف الصلاة عليك قال: قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
قلت: رجاله لا بأس بهم.
ورواه النسائي (3/ 48) قال: أخبرنا عبيدالله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا شريك، عن عثمان بن موهب به.
قال ابن القيم في جلاء الأفهام (ص 37): احتج الشيخان بعثمان بن عبدالله بن موهب، عن موسى بن طلحة. اهـ.
* * *
(127)
ويكره في الصلاة التفاتة؛ لقوله: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد. رواه البخاري.
رواه البخاري (751)، وأبوداود (910)، والترمذي (590)، والنسائي (3/ 8)، وأحمد (6/ 106)، والبيهقي (2/ 281)، كلهم من طريق، أشعث بن سليم، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
ومن طريق البخاري رواه البغوي في شرح السنة (3/ 251).
* * *
(128)
حديث أنس: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم، فاشتد قوله في ذلك حتى قال: لينتهن أو لتخطفن أبصارهم. رواه البخاري.
أخرجه البخاري (1/ 191)(750)، وأبو داود (913)، وابن ماجه (1044)، والنسائي (3/ 7)، وفي الكبرى (547 و 1117)، وابن خزيمة (475)، وفي (476)، وأحمد (3/ 109) برقم (12088)، وفي (3/ 112) برقم (12128)، و (3/ 115) برقم (12170)، و (3/ 116) برقم (12179)، وفي (3/ 140) برقم (12453)، وعبد بن حميد (1196)، والدارمي (1302)، كلهم من طريق قتادة، أن أنس بن مالك حدثهم، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم، فاشتد قوله في ذلك، حتى قال: لينتهن، عن ذلك، أو لتخطفن أبصارهم.
* * *
(129)
قوله: إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقع كما يقعي الكلب. رواه ابن ماجه.
أخرجه ابن ماجه (896) قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا يزيد بن هارون، أنبانا العلاء أبي محمد، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رفعت رأسك من السجود، فلا تقع كما يقعي الكلب، ضع أليتيك بين قدميك، وألزق ظاهر قدميك بالأرض.
قلت: إسناده ضعيف، لأن مداره على العلاء بن زيد الثقفي، وهو ضعيف لا يحتج به، وقد أتهم.
قال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 521): العلاء هذا هو ابن زيد الثقفي، متروك. أهـ.
وقال البوصيري في الزوائد (1/ 308): هذا إسناد ضعيف، وقال ابن حبان والحاكم: العلاء أبو محمد، روى عن أنس أحاديث موضوعة، وقال البخاري وغيره: منكر الحديث، وقال ابن المديني: كان يضع الحديث. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 553): فيه العلاء بن زيد وهو متروك، وكذبه ابن المديني. أهـ.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي (2/ 138): في إسناده العلاء أبو محمد، وقد ضعفه بعض الأئمة .. اهـ.
وقال الشيخ الألباني: موضوع. انظر حديث رقم: (522) في ضعيف الجامع.
وروى أحمد (3/ 233) برقم (13471) قال: حدثنا يحيى بن إسحاق،
قال: أخبرنى حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقعاء، والتورك في الصلاة.
قال أبو عبد الرحمن، عبدالله بن أحمد: كان أبي قد ترك هذا الحديث. أهـ.
وقال البيهقى فى سننه (2/ 120): تفرد به يحيى بن إسحاق السيلحينى، عن حماد بن سلمة. وقد قيل عنه، عن حماد، وبحر بن كثير، عن قتادة، عن أنس. والرواية الأولى أصح. أهـ.
وقال ابن رجب في فتح الباري (5/ 165): هذا الحديث ليس بالمعروف. أهـ.
وقال البزار في مسنده (2/ 344)(7261): هذا الحديث لا نعلم رواه عن حماد بن سلمة إلا يحيى بن إسحاق، ولا يروى عن أنس إلا من هذا الوجه. وأظن يحيى أخطأ فيه. وقال أبو بكر البرديجي في كتاب أصول الحديث له: هذا حديث لا يثبت؛ لأن أصحاب حماد لم يجاوزوا به قتادة. كأنه يشير إلى أن يحيى أخطأ في وصله بذكر انس، وأنما هو مرسل.
وقال المناوي في فيض القدير (6/ 393)(9333): قال النووي في الخلاصة: قال بعض الحفاظ: ليس في النهي، عن الإقعاء حديث صحيح، إلا حديث عائشة .. اهـ.
وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 234): وقال: مع أنه قد أعل بالانقطاع، ولكنه صحيح لشواهده.
* * *
(130)
قول ابن عمر: نهى النبي أن يجلس الرجل في الصلاة، وهو معتمد على يده. رواه أحمد وغيره.
أخرجه أبو داود- الصلاة- باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة- (992)، وأحمد (2/ 147)، وعبد الرزاق (2/ 197)(3054)، وابن خزيمة (1/ 343)(692)، والحاكم (1/ 230) - الصلاة، ابن حزم في المحلى (4/ 19)، والبيهقي (2/ 135) - الصلاة- باب التكبير عند القيام من الثنتين بعد الجلوس- من طريق معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر بمثله.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه .. اهـ.
قلت: الحديث ظاهره الصحة، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، والذهبي. وقال البيهقي: هذا حديث قد اختلف في متنه على عبد الرزاق.
وأخرجه أبو داود (992) أيضا، ومن طريقه البيهقي في السنن (2/ 135)، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، به، ولفظه: نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده، وذكره في باب الرفع من السجود.
وأخرجه أبو داود (992)، ومن طريقه البيهقي في السنن (2/ 135)، عن محمد بن عبد الملك الغزال، عن عبد الرزاق، به. ولفظه: نهى أن يعتمد الرجل على يديه، إذا نهض في الصلاة.
وذكر البيهقي في السنن (2/ 135)، إن رواية محمد بن عبد الملك وهم، ورواية أحمد هي الصواب.
وقد تعقبه ابن التركماني في الجوهر النقي، فقال: إن عبد الملك الغزال،
حافظ، وثقه النسائي، وما استدل به البيهقي فيما بعد على وهمه، وأن الصحيح رواية ابن حنبل معنى آخر منفصل، عن معنى رواية الغزال، فلا نعلل روايته به، بل يعمل بهما، فينهى عن الجميع، والله أعلم.
ولما ذكر الألباني في السلسلة الضعيفة (2/ 390): نهى أن يعتمد الرجل على يده إذا نهض في الصلاة. قال: منكر .. اهـ.
وقال أيضا الألباني في السلسلة الضعيفة (2/ 390): فقد اختلف في لفظ هذا الحديث على عبد الرزاق، كما ترى من أربعة وجوه:
الأول: رواية أحمد بلفظ: نهى أن يجلس الرجل في الصلاة، وهو معتمد على يده.
الثاني: رواية ابن شبويه بلفظ: نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة.
الثالث: رواية ابن رافع: نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده.
الرابع: رواية عبد الملك باللفظ المذكور أعلاه. ومن البين الواضح أن الحديث واحد؛ لأن الطريق واحد، وإنما تعددت الطرق من بعد عبد الرزاق، واختلفوا عليه، وإذا كان كذلك، فينبغي النظر في الراجح من هذه الوجوه المختلفة، لأن في بعضها معارضة للبعض الآخر، وهو الوجه الأول والرابع، فإن الأول صريح في أن النهي، عن الاعتماد في الصلاة في الجلوس، وذلك يكون في التشهد أو بين السجدتين، والآخر صريح في أن النهي، عن الاعتماد إنما هو إذا نهض في الصلاة، وذلك من التشهد الأول في المعنى، فلا تعارض بينهما، كما أنه لا تعارض بينهما من جهة، وبين الوجهين الآخرين من جهة أخرى، لأنهما مجملان بالنسبة إلى الوجهين الآخرين، يقبلان التفسير بأحدهما فبأيهما يفسران؟ هذا هو موضع البحث والتحقيق. ومما لا شك فيه
أن الوجه الأول هو الراجح، وذلك ظاهر من النظر في الراوي له، عن عبد الرزاق، وهو الإمام أحمد رحمه الله تعالى، فإنه من الأئمة المشهور ين، بالحفظ والضبط والإتقان، فلا يقوم أمامه أيا كان من الثقات عند المخالفة، لاسيما إذا كان فيه كلام مثل راوي الوجه الآخر محمد بن عبد الملك الغزال هذا، فإنه وإن وثقه النسائي وغيره، فقد قال مسلمة: ثقة كثير الخطأ.
قلت- أي الألباني-: فمثله لا يحتج به إذا خالفه الثقة، فكيف إذا كان المخالف له إماما ثبتا كالإمام أحمد بن حنبل؟!، فكيف إذا توبع فيه الإمام أحمد، وبقي الغزال فريدا غريبا. أهـ.
* * *
(131)
قوله: اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب. متفق عليه من حديث أنس.
أخرجه البخاري (532)، ومسلم (2/ 53) برقم (1037)، وأبو داود (897)، وابن ماجه (892)، والترمذي (276)، والنسائى (2/ 183)، وفي الكبرى (1102)، وفي (2/ 211)، وفي الكبرى (694)، وأحمد (3/ 109) برقم (12089)، وفي (3/ 115) برقم (12173)، و (3/ 274)(13935)، كلهم من طريق، قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب.
* * *
(132)
أنه رأى رجلا يعبث في صلاته فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه.
لم أقف على رواية المرفوع، وعزاه العراقي والمناوي إلى الحكيم الترمذي. والمشهور فيه الوقف.
فقد رواه ابن أبي شيبة (6854)، قال: حدثنا ابن علية، عن معمر، عن رجل، قال: رأى سعيد بن المسيب رجلا، وهو يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه.
قلت: في إسناده راو لم يسم.
وأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 419)، وعبد الرزاق (2/ 266 - 267 - 3309) - من طريق معمر، عن رجل، عن سعيد بن المسيب موقوفا عليه.
وأخرجه عبد الرزاق (2/ 266)(3308)، عن معمر، عن أبان بن أبي عياش، عن سعيد بن المسيب موقوفا عليه.
قلت: الموقوف فإنه من رواية معمر، عن رجل مجهول، ومن روايته، عن أبان بن أبي عياش العبدي، وأبان ضعيف لا يحتج به.
قال العراقي في المغني، عن حمل الأسفار (1/ 105): لترمذي الحكيم في النوادر من حديث أبي هريرة بسند ضعيف، والمعروف أنه من قول سعيد بن المسيب، رواه ابن أبي شيبة في المصنف، وفيه رجل لم يسم. اهـ.
وقال المناوي في الفتح السماوي (2/ 824): أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، بسند ضعيف من حديث أبي هريرة، وفيه: (سليمان بن
عمرو)، وهو أبو داود النخعي، أحد من اتهم بوضع الحديث. أهـ.
قلت: المرفوع، ورد في نوادر الأصول، وهو من رواية سليمان بن عمرو أبي داود النخعي، مجمع على ضعفه، حتى إن بعضهم اتهمه بالوضع.
وقال العلامة الألباني رحمه الله في الضعيفة (110): عزاه السيوطي في الجامع الصغير، لرواية الحكيم، عن أبي هريرة. قلت: وصرح الشيخ زكريا الأنصاري، في تعليقه على تفسير البيضاوي (202/ 2)، بأن سنده ضعيف. وهو أشد من ذلك، فقد قال الشيخ المناوى: - رواه في النوادر- عن صالح بن محمد، عن سليمان بن عمرو، عن ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلا بعث بلحيته، وهو في الصلاة، فذكره. قال الزبن العراقي في شرح الترمذي: وسليمان ابن عمرو هو أبو داود النخعي، متفق على ضعفه، وإنما يعرف هذا، عن ابن المسيب. وقال في المغني: سنده ضعيف، والمعروف أنه من قول ابن سعيد، رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وفيه رجل لم يسم. وقال ولده: فيه سليمان بن عمرو مجمع على ضعفه. وقال الزيلعي: قال ابن عدي: أجمعوا على أنه يضع الحديث. قلت (القائل الألباني): رواه موقوفا على سعيد- عبدالله بن المبارك في الزهد (213/ 1): أنا معمر عم رجل عنه به. وهذا سند ضعيف لجهالة الرجل. قلت: فالحديث موضوع مرفوعا، ضعيف موقوفا بل مقطوعا. اهـ.
* * *
(133)
نهيه أن يصلي الرجل مختصرا. متفق عليه من حديث أبي هريرة.
رواه البخاري (1220)، ومسلم (1/ 387)، وأبو داود (947)، والنسائي (2/ 127)، والترمذي (383)، وأحمد (2/ 232 و 331 و 399)، والبيهقي (2/ 287)، كلهم من طريق، هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصرا. واللفظ لمسلم، ومعناه: أن يجعل يده على خاصرته، كذا فسره الحافظ ابن حجر.
ورواه البخاري (12)، والبيهقي (2/ 287)، كلاهما من طريق، حماد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين به.
وتفسير الحافظ لمعنى الاختصار، هو تفسير ابن سيرين، كما هو عند ابن أبي شيبة. ونقله عنه الحافظ في الفتح (3/ 89)، وجزم به أبو داود في السنن (1/ 312)، والترمذي (2/ 51).
* * *
(134)
قوله: لا تقعقع أصابعك وأنت في الصلاة. رواه ابن ماجه، عن علي.
أخرجه ابن ماجه (965)، قال: حدثنا يحيى بن حكيم، حدثنا أبوقتيبة، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، وإسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، أن رسول الله قال: لا تفقع أصابعك وأنت في الصلاة.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه الحارث بن عبدالله الأعور، وهو ضعيف لا يحتج به، وقد رواه عنه أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس، ولم يصرح بالسماع.
قال النووي في الخلاصة (1636): الحارث كذاب، مجمع على ضعفه. أهـ.
وقال العراقي في المغني، عن حمل الأسفار (440): ابن ماجه من حديث علي، بإسناد ضعيف. أهـ. وقال الألباني في الإرواء (378): ضعيف جدا. كما في ضعيف الجامع (6251). السلسة الضعيفة (4787).
قال البوصيرى فى الزوائد: فيه الحارث بن عبدالله الأعور، أبو زهير الهمدانى، وهو ضعيف، وقد اتهمه بعضهم. أ. هـ.
وفى الباب، عن معاذ بن أنس الجهنى مرفوعا بلفظ: الضاحك فى الصلاة، والملتفت، والمقعقع أصابعه، بمنزلة واحدة. أخرجه أحمد (3/ 438)، والدارقطنى (64)، والبيهقى (2/ 289) من طريق، زبان بن فائد، أن سهل بن معاذ حدثه، عن أبيه به.
قلت: زبان بن فائد تكلم فيه. قال البيهقى: زبان بن فائد غير قوى. أ. هـ.
وروى ابن أبى شيبة (2/ 72/ 1) عن شعبة مولى ابن عباس قال: صليت إلى جنب ابن عباس ففقعت أصابعى، فلما قضيت الصلاة قال: لا أم لك تفقع أصابعك، وأنت فى الصلاة؟!.
وظاهر إسناده الحسن.
وروى أحمد (15621) قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، عن زبان، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: الضاحك في الصلاة، والملتفت، والمفقع أصابعه، بمنزلة واحدة.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 284)، وقال: رواه أحمد، وفيه زبان بن فائد، وثقه أبو حاتم، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. أهـ.
قلت: وفيه أيضا ابن لهيعة، وهو ضعيف، كما سبق.
* * *
(135)
وأخرج هو والترمذي، عن كعب ابن عجرة: أن رسول الله رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة، ففرج رسول الله بين أصابعه.
أخرجه أبو داود (562)، وأحمد (4/ 241) برقم (18282)، وعبد بن حميد (369)، والدارمي (1404)، وابن خزيمة (441) كلهم من طريق داود بن قيس الفراء، عن سعد بن إسحاق، عن أبي ثمامة الحناط، أن كعب بن عجرة حدثه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأ أحدكم، فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدا إلى الصلاة، فلا يشبك بين يديه، فإنه في الصلاة.
- وفي رواية: عن أبي ثمامة الحناط؛ أن كعب بن عجرة أدركه وهو يريد المسجد، أدرك أحدهما صاحبه، قال: فوجدنى وأنا مشبك يدي، إحداهما بالأخرى، ففتق يدي ونهاني، عن ذلك، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ أحدكم، فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدا إلى المسجد، فلا يشبكن يديه، فإنهن في صلاة. حد.
وأخرجه ابن خزيمة (442)، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرني أنس بن عياض، عن سعد بن إسحاق، عن أبي سعيد المقبري، عن أبي ثمامة، قال: لقيت كعب بن عجرة، وأنا أريد الجمعة، وقد شبكت بين أصابعي، فلما دنوت ضرب يدي، ففرق بين أصابعي، وقال: إنا نهينا أن يشبك أحد بين أصابعه في الصلاة. قلت: إني لست في صلاة، قال: أليس قد توضأت وأنت تريد الجمعة؟ قلت: بلى، قال: فأنت في صلاة.
قلت: إسناده ضعيف لأمرين:
1 -
لجهالة حال أبى ثمامة الحناط، فلم يرو عنه سوى سعد بن إسحاق، وسعيد المقبري- وقيل: أبو سعيد المقبري- ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال الدارقطني: لا يعرف، متروك. وقال الذهبي: خبره منكر، عن كعب بن عجرة.
2 -
في إسناده إضطراب؛ فقد اختلف فيه على سعيد المقبري: فقيل: عنه، عن رجل من بني سليم، عن أبيه، عن كعب، وقيل: عنه، عن رجل من بني سالم، وقيل: عنه، عن كعب بن عجرة، وقيل: عنه، رجل، عن كعب.
قال ابن رجب في الفتح (2/ 582): وفي إسناده اختلاف كثير واضطراب. أ. هـ. ونحوه قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 578).
فقد أخرجه ابن ماجه (967)، وأحمد (4/ 242) برقم (18295)، وفي (4/ 243) برقم (18310)، والدارمي (1405)، وابن خزيمة (444) كلهم من طريق محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن كعب بن عجرة، قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وقد شبكت بين أصابعي، فقال لي: يا كعب، إذا كنت في المسجد فلا تشبك بين أصابعك، فأنت في صلاة ما انتظرت الصلاة.
ورواه عن محمد بن عجلان كل من قران بن تمام، وشريك بن عبد الله، وسفيان الثوري، وأبو بكر ابن عياش، وأبو خالد الأحمر.
- وفي رواية: إذا توضأت، فأحسنت وضوءك، ثم خرجت عامدا إلى المسجد، فلا تشبكن بين أصابعك. قال قران: أراه قال: فإنك في صلاة.
- وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة، ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه.
- قال أبو بكر ابن خزيمة (445): وجاء خالد بن حيان الرقي بطامة، رواه عن ابن عجلان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد، وحدثناه جعفر بن محمد الثعلبي، حدثنا خالد، يعني ابن حيان الرقي. أهـ.
وقال أبو بكر: ولا أحل لأحد أن يروي عني بهذا الخبر، إلا على هذه الصيغة، فإن هذا إسناد مقلوب، فيشبه أن يكون الصحيح ما رواه أنس بن عياض، لأن داود بن قيس أسقط من الإسناد أبا سعيد المقبري، فقال: عن سعد بن إسحاق، عن أبي ثمامة، وأما ابن عجلان فقد وهم في الإسناد، وخلط فيه، فمرة يقول: عن أبي هريرة، ومرة يرسله، ومرة يقول: عن سعيد، عن كعب، وابن أبي ذئب قد بين أن المقبري سعيد بن أبي سعيد، إنما رواه عن رجل من بني سالم، وهو عندي سعد بن إسحاق، إلا أنه غلط على سعد بن إسحاق، فقال: عن أبيه، عن جده كعب، وداود بن قيس، وأنس بن عياض جميعا قد اتفقا، على أن الخبر إنما هو عن أبي ثمامة. أهـ.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله (2/ 99): هذا إسناد ظاهره الصحة، فإن رجاله ثقات، غير أن أبا بكر بن عياش، وإن كان من رجال البخارى، ففى حفظه ضعف، وقد خولف فى إسناده ومتنه. فقال الليث بن سعد: عن ابن عجلان، عن سعيد المقبرى، عن رجل، عن كعب بن عجرة بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدا إلى المسجد، فلا يشبكن بين أصابعه، فإنه فى صلاة. أخرجه الترمذى (2/ 228)، وقال: رواه غير واحد، عن ابن عجلان، مثل حديث الليث. قلت- القائل الألباني-: رواه ابن جريج: أخبرنى محمد بن عجلان به، إلا أنه قال: عن بعض بنى كعب بن عجرة، عن كعب. أخرجه أحمد (4/ 242). فهذا خلاف رواية أبى
بكر بن عياش، إسنادا ومتنا كما هو ظاهر. وفى إسناده اختلاف آخر. أهـ.
وأخرجه أحمد (4/ 242)(18292) قال: حدثنا حجاج، أخبرنا ابن أبي ذئب. وابن خزيمة (443) قال: حدثناه محمد بن رافع، حدثنا ابن أبي فديك، حدثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن رجل من بني سالم، عن أبيه، عن جده، عن كعب بن عجرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتطهر رجل في بيته، ثم يخرج لا يريد إلا الصلاة، إلا كان في صلاة، حتى يقضي صلاته، ولا يخالف أحدكم بين أصابع يديه في الصلاة.
- وفي رواية: ما من رجل يتوضأ في بيته، ثم يخرج يريد الصلاة، إلا كان في صلاة، حتى يقضي صلاته، فلا يشبك بين أصابعه في الصلاة.
- قال أبو بكر ابن خزيمة: سعد بن إسحاق بن كعب، هو من بني سالم.
وأخرجه أحمد (4/ 242) برقم (18294) قال: حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، أخبرني محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن بعض بني كعب بن عجرة، عن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأت، فأحسنت وضوءك، ثم عمدت إلى المسجد، فأنت في صلاة، فلا تشبك بين أصابعك.
وأخرجه الترمذي (386) قال: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن رجل، عن كعب بن عجرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ أحدكم، فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدا إلى المسجد، فلا يشبكن بين أصابعه، فإنه في صلاة.
قال أبو عيسى الترمذي: حديث كعب بن عجرة رواه غير واحد، عن ابن عجلان، مثل حديث الليث، وروى شريك، عن محمد بن عجلان، عن
أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو هذا الحديث، وحديث شريك
غير محفوظ. أهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 566): أخرجه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان. وفي إسناده اختلاف، ضعفه بعضهم بسببه. وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر بلفظ: إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، وأن أحدكم لا يزال في صلاة، ما دام في المسجد، حتى يخرج منه. وفي إسناده ضعيف، ومجهول. وقال ابن المنير: التحقيق أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، إذ المنهي عنه فعله على وجه العبث، والذي في الحديث إنما هو لمقصود التمثيل، وتصوير المعنى في النفس بصورة الحس. اهـ.
وضعف الحديث الشيخ الألباني كما في الإرواء (2/ 99).
* * *
(136)
قوله: لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان. رواه مسلم، عن عائشة.
رواه مسلم (1/ 393)، وأحمد (6/ 73)، وأبو داود (89)، والبيهقي (3/ 73)، والبغوي في شرح السنة (3/ 358)، كلهم من طريق، مجاهد بن أبي حزرة، عن ابن أبي عتيق، قال تحدثت أنا والقاسم عند عائشة رضي الله عنها حديثا، وكان القاسم رجلا لحانة، وكان لأم ولد، فقالت له عائشة: مالك لا تحدث كما يتحدث ابن أخي هذا؟، أما إني قد علمت من أين أتيت، هذا أدبته أمه وأنت أدبتك أمك، قال فغضب القاسم وأضب عليها، فلما رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام، قالت: أين؟ قال: أصلي قالت: اجلس، قال: إني أصلي، قالت: اجلس عذر، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان.
* * *
(137)
يكره أن يشمر ثيابه لقوله: ترب ترب.
أخرجه الترمذي (381)، وفي (382)، وأحمد (6/ 301)، وفي (6/ 323) كلاهما من طريق أبي صالح مولى طلحة، أم سلمة رضي الله عنها: قالت: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما لنا، يقال له: أفلح، إذا سجد نفخ، فقال: يا أفلح، ترب وجهك. وفي أخرى مولى لنا، يقال له: رباح.
- في رواية طلق بن غنام بن طلق: (يسار).
- وفي رواية عفان، وأحمد بن عبدة الضبي:(رباح).
- وفي رواية أحمد بن منيع: (أفلح).
وله متابعة: عن كريب، عن أم سلمة بلفظ: مر النبي صلى الله عليه وسلم بغلام لهم يقال له: رباح، وهو يصلي، فنفخ في سجوده، فقال له: يا رباح، لا تنفخ، إن من نفخ فقد تكلم.
ورواه عن أبي صالح مولى طلحة كل من سعيد بن عثمان، وميمون أبو حمزة.
قال الترمذي: إسناده ليس بذاك، وميمون أبو حمزة، ضعفه أهل العلم.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه سعيد بن عثمان، لم أقف له على توثيق له، وقد تابعه أبو حمزة، وهو ميمون الأعور. وهو ضعيف، وبه أعله ابن رجب في فتح الباري (6/ 408).
وأبو صالح اختلف في تمييزه.
قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 255): إنما هو ذكوان مولى أم سلمة، وقد بين ذلك ابن الجارود في كتاب الكنى، ذكر أبا صالح ذكوان
السمان، ثم ذكر بعده أبا صالح ذكوان مولى أم سلمة، عن أم سلمة، روى عنه ميمون أبو حمزة. فإذا الأمر فيه هكذا، فأبو صالح هذا مجهول الحال، ولا أعلم له غير هذا. أهـ.
وجزم الذهبي في الميزان، أنه ذكوان مولى أم سلمة، وذكره ابن حبان في الثقات.
وأخرجه النسائي في الكبرى (463) قال: أخبرني الحسين بن عيسى القوسي البسطامي. قال: حدثنا أحمد بن أبي طيبة، وعفان بن سيار، عن عتبة بن الأزهر، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، فذكره.
قال أبو عيسى: وروى بعضهم، عن أبي حمزة هذا الحديث، وقال: مولى لنا يقال له: رباح .. اهـ.
وقال الشيخ الألباني: ضعيف .. اهـ. كما في ضعيف الجامع حديث رقم (6378).
* * *
(138)
في الصحيح أن النبي: قرأ في ركعة من قيامه بالبقرة وآل عمران والنساء.
أخرجه مسلم (2/ 186)، وأبو داود (871)، وابن ماجه (897)، و (1351)، والترمذي (262)، والنسائي (2/ 176)، وفي الكبرى (990)، وفي (2/ 177)، وفي الكبرى (991)، وأحمد (5/ 382)، وفي (5/ 397)، والدارمي (1312)، وابن خزيمة (543)، و (603)، (684)، كلهم من طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد، عن صلة بن زفر، عن حذيفة: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فا فتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح آل عمران ثم مضى، فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول سبحان ربي العظيم .... ، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلا، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى ...... هذا لفظ مسلم.
* * *
(139)
قوله: إذا كان أحدكم يصلي، فلا يدعن أحدا يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله، فإن معه قرين. رواه مسلم، عن ابن عمر.
رواه مسلم (1/ 363)، والبيهقي (2/ 268)، وغيرهما من طريق، الضحاك بن عثمان، عن صدقة بن يسار، عن عبدالله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم يصلي، فلا يدع أحدا يمر بين يديه، فإن أبي فليقاتله، فإن معه قرين.
وروى مالك في الموطأ (421)، ومسلم (2/ 57) برقم (1063)، وأبو داود (697)، وفي (698)، وابن ماجه (954)، والنسائي (2/ 66)، وفي الكبرى (835)، وأحمد (3/ 49) برقم (11479)، وفي (3/ 57) برقم (11561)، وفي (3/ 93) برقم (11909)، وابن خزيمة (816)، و (817)، كلهم من طريق، زيد بن أسلم، عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم يصلي، فلا يدع أحدا يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان.
وروى مالك في الموطأ (1/ 155)، عن نافع، أن عبدالله بن عمر: كان لا يمر بين يديه أحد، ولا يدع أحدا يمر بين يديه.
قلت: إسناده صحيح.
وروى ابن ماجه (944)، والحميدي (817)، وأحمد (4/ 116) برقم (17177)، وعبد بن حميد (282)، والدارمي (1416)، كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن سالم أبي النضر، مولى عمر بن عبيد الله، عن بسر بن سعيد، قال: أرسلوني إلى زيد بن خالد، أسأله، عن المرور بين يدي المصلي،
فأخبرني، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لأن يقوم أربعين، خير له من أن يمر بين يديه. قال سفيان: فلا أدري أربعين سنة، أو شهرا، أو صباحا، أو ساعة.
قلت: ظاهر إسناده الصحة، لكن أعل بالقلب في إسناده.
قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 147): روى ابن عيينة هذا الحديث مقلوبا، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، جعل في موضع زيد بن خالد، أبا جهيم، وفي موضع أبي جهيم، زيد بن خالد. اهـ. وقال أيضا (21/ 148): قال أحمد بن زهير: سئل يحيى بن معين، عن هذا الحديث، فقال: خطأ، إنما هو زيد إلى أبي جهيم، كما روى مالك. اهـ.
وقال المزي في تحفة الأشراف (3/ 231): ومن جعل الحديث من مسند زيد بن خالد، فقد وهم. اهـ. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 202): رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، وقد رواه ابن ماجه غير قوله: خريفا. وقال الألباني: صحيح. صحيح أبي داود (698)، صحيح ابن ماجه (771).
وأصل الحديث أخرجه البخاري (510)، ومسلم (507) من حديث بسر بن سعيد.
وروى البخاري (510)، ومسلم (1/ 363)، والنسائي (2/ 66)، وأبوداود (701)، والترمذي (336)، وابن ماجه (944 - 945)، وابن خزيمة (2/ 14)، والدارمي (1/ 329)، والبيهقي (2/ 268)، والبغوي في شرح السنة (2/ 454)، كلهم من طريق، أبي النضر مولى عمر بن عبيدالله، عن بسر بن سعيد، أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم، يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المار بين يدي المصلي، فقال أبو جهيم رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم؛ لكان أن يقف
أربعين، خيرا من أن يمر بين يديه.
وزاد البخاري: قال أبو النضر: لا أدري أربعين يوما أو شهرا أو سنة.
أما رواية البزار: أربعين خريفا. فقد نقل إسناده الزيلعي في نصب الراية (2/ 79) فقال: رواه البزار في مسنده، حدثنا أحمد بن عبدة، ثنا سفيان، عن سالم بن أبي النضر، عن بشر بن سعيد، قال: أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد، أسأله، عن المار بين يدي المصلي، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خريفا، خير له من أن يمر بين يديه. اهـ.
قلت: والذي يظهر أنه لم يضبط سنده ولا متنه.
أما بالنسبة لسنده فقد قال الزيلعي أيضا في نصب الراية (2/ 79): إن متنه عكس متن الصحيحين، فالمسؤول في لفظ الصحيحين هو أبو الجهم، وهو الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم والمسؤول- الراوي عند البزار- زيد بن خالد، وينسب ابن القطان، وابن عبدالبر الوهم ابن عيينة، قال ابن القطان في كتابه بعد أن ذكرهم من جهة البزار: وقد خطأ الناس ابن عيينة في ذلك، لمخالفته رواية مالك، وليس خطؤه بمتعين، لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بشر بن سعيد إلى زيد بن خالد، وزيد بن خالد بعثه إلى أبي جهيم بعد أن أخبره بما عنده ليستثبته فيما عنده، فأخبر كل واحد منهما بمحفوظه، وشك أحدهما، وجزم الآخر- بأربعين خريفا- واجتمع ذلك كله عند أبي النضر، وحدث به الإمامين: مالك وابن عيينة، فحفظ مالك حديث أبي جهيم، وحفظ سفيان حديث زيد بن خالد. اهـ.
قلت: وفي هذا الجمع بعد ظاهر، قال الحافظ ابن حجر في الدراية
(1/ 179): وهذا اختلاف شديد على ابن عيينة، ثم ذكر جمع ابن القطان فتعقبه الحافظ، فقال: ولا يخفى تكلفه. اهـ.
وقال ابن عبدالبر في التمهيد (21/ 147): روى ابن عيينة هذا الحديث مقلوبا، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، جعل في موضع زيد بن خالد أبا جهم، وفي موضع أبي جهيم زيد بن خالد. اهـ.
وأما ما وقع في الحديث من عدم ضبط متنه، أن المحفوظ في الحديث، عن سفيان بدون زيادة: خريفا.
وقال الحافظ في الفتح (1/ 585): وقد وقع في مسند البزار، من طريق ابن عيينة، التي ذكرها ابن القطان: لكان أن يقف أربعين خريفا. أخرجه، عن أحمد بن عبده الضبي، عن ابن عيينة، وقد جعل ابن القطان الجزم في طريق ابن عيينة، والشك في طريق غيره دالا على التعدد، لكن رواه أحمد، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، وغيرهم من الحفاظ، عن ابن عيينة، عن أبي النضر على الشك أيضا. اهـ.
وقال الألباني في تمام المنة (ص 302): قوله: أربعين خريفا. فهذه الزيادة خريفا خطأ من ابن عيينة، فإنه رواه عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد. وخالفه مالك وسفيان الثوري، فقالا: قال أبو النضر: لا أدري أقال: أربعين يوما، أو شهرا أو سنة؟. وهو رواية الجماعة، وهو رواية أحمد، عن ابن عيينة أيضا، فهي تقوي خطأ رواية البزار عنه، ثم نقل قول الحافظ في الفتح: فيبعد أن يكون الجزم- يعني قوله: خريفا- والشك وقعا معا، في راو واحد، في حال واحدة. اهـ.
قلت: ورواه ابن أبي شيبة فاقتصر على لفظ أربعين، فقد رواه (1/ 316)
قال: نا وكيع ابن الجراح، عن سفيان، عن سالم بن أبي النضر به، بلفظ: لو يعلم أحدكم ما له في الممر، بين يدي أخيه وهو يصلي من الإثم، لوقف أربعين. اهـ.
وقد وقع في رواية الكشميهني، لصحيح البخاري زيادة: من الإثم. وفيه نظر.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 585): زاد الكشميهني: من الإثم وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره، والحديث في الموطأ بدونها، وقال ابن عبدالبر: لم يختلف على مالك في شيء منه، وكذا رواه الستة وأصحاب المسانيد والمستخرجات بدونها، ولم أرها في شيء من الروايات مطلقا، لكن في مصنف ابن أبي شيبة: يعني من الإثم، فيحتمل أن تكون ذكرت في أصل البخاري حاشية، فظنها الكشميهني أصلا، لأنه لم يكن من أهل العلم، ولا من الحفاظ، بل كان راوية .... اهـ.
* * *
(140)
عن أنس: رأيت النبي يعقد الآي بأصابعه.
لم أقف على حديث أنس بن مالك بهذا اللفظ.
قال ابن الجوزي في التحقيق (1/ 373): وقد روى أصحابنا من حديث أنس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد الآي في الصلاة وإنما يروى هذا، عن الحسن، وإبراهيم، وعروة، وعطاء، وطاووس، أنهم كانوا لا يرون بعد الآي في الصلاة بأسا .. اهـ.
وقال الذهبي في التنقيح (1/ 159): ولم يصح، إنما ذا، عن الحسن، وإبراهيم، وعروة، وعطاء، وطاووس، أنهم كانوا لا يرون بعد الآي في الصلاة بأسا. وقد وقفت على حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ولفظه: رأيت رسول الله يعد الآي في الصلاة. اهـ.
أخرجه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 2499)، والطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (2/ 114)، وفي الجامع الصغير للسيوطي (2/ 119).
قال ابن طاهر في ذخيرة الحفاظ (3/ 1386) برقم (3016) - حديث: رأيت رسول الله يعد الآي في الصلاة. رواه نصر بن طريف، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو بن العاص. وهذا، عن عطاء غير محفوظ، ويرويه عنه نصر بن طريف. وهو متروك الحديث. رواه حسان بن سياه، عن ثابت، عن أنس. ولم يتابع عليه. اهـ.
قال الشيخ الألباني: (ضعيف) انظر حديث رقم (4586) في ضعيف الجامع.
ورواه ابن أبي شيبة (4937): حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، قال: رأيت أبا عبد الرحمن يعد الآي في الصلاة.
ورواه البيهقي 2/ 253 (3501) قال: وأخبرنا أبو الحسن: على بن عبد الله الخسروجردى حدثنا أبو بكر الإسماعيلى أخبرنا أبو جعفر الحضرمى: مطين حدثنا مالك بن فديك حدثنا الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبى عبد الرحمن: أنه كان يعد الآى فى الصلاة ويعقد. من قول أبى عبد الرحمن.
وورد من حديث وائلة بن الأسقع أخرجه أبو يعلى (13/ 473 - 474)(7489) بلفظ: عد الآي في التطوع، ولا تعده في الفريضة.
وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (3/ 356) بلفظ: عد الآي في الفريضة والتطوع.
وورد من حديث عبدالله بن عمرو، ولفظه: رأيت النبي يعقد التسبيح.
أخرجه أبو داود (2/ 170) - الصلاة- باب التسبيح بالحصى- (1502)، والترمذي (5/ 479، 521) - الدعوات- (3411، 3486)، وقال: حديث حسن غريب، والنسائي (3/ 79) - السهو- باب عقد التسبيح- (1355)، وابن أبي شيبة (2/ 390) - الصلاة- باب في عقد التسبيح، الطبراني في الدعاء (3/ 1597 - 1773)، والحاكم (1/ 547) - الدعاء، وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي (2/ 253) - الصلاة- باب من عد الآي في صلاته.
وروى ابن أبي شيبة (4932): حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، قال: كان يحيى بن وثاب يعد الآي في الصلاة.
وروى البيهقي في السنن الكبرى (2/ 253) بإسناده، أن كل من أبي
عبدالرحمن السلمي، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن وثاب كان يعد الآي في الصلاة ويعقد.
وذكره الهيثمي في المجمع (2/ 114) حديث عبدالله بن عمرو: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدد الآي في الصلاة، ثم قال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه نصر بن طريف، وهو متروك. اهـ.
وروى الإمام أحمد في العلل (3494)، قال: حدثنا أخي أمية، عن طلحة بن النضر، قال: هدبة وهو خالي، قال: ورأيت ابن سيرين يعقد الآي في الصلاة.
وورد عن ابن أبي مليكة، رواه ابن أبي شيبة (4938): حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن عبد الملك، قال: رأيت ابن أبي مليكة يعد الآي في الصلاة، فقلت له؟ فقال: إنه أحفظ.
وروى ابن أبي شيبة (4931)، والبيهقي (2/ 253)(3503) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه: أنه كان يعد الآى فى الصلاة ويعقد.
وروى البيهقي 2/ 253 (3502): وأخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الحسن: محمد بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل السراج حدثنا أبو جعفر الحضرمى: مطين حدثنا مالك بن الفديك حدثنى الأعمش عن إبراهيم: أنه كان يعد الآى فى الصلاة ويعقد.
وروى البيهقي 2/ 253 (3503): وبإسناده قال حدثنى الأعمش عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يعد الآى فى الصلاة ويعقد.
وروى ابن أبي شيبة (4931) قال: حدثنا عبده، ووكيع، عن هشام؛ أن أباه كان يعد الآي في الصلاة.
وروى ابن أبي شيبة (4933): حدثنا ابن علية، عن أيوب، قال: رأيت
طاووسا ونافعا يعدان الآي في الصلاة.
وورد في الباب آثار أخرى، فقد روى ابن أبي شيبة (4934): حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد، عن ابن سيرين؛ أنه كان يعد الآي بشماله في الصلاة.
وروى ابن أبي شيبة (4935): حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: لا بأس بعد الآي في الصلاة.
وروى ابن أبي شيبة (4936): حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن عتيق، عن سعيد بن جبير؛ أنه كان يعد الآي في الصلاة.
* * *
(141)
روى أبو داود، عن ابن عمر: أن النبي صلى صلاة، فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي: أصليت معنا؟، قال: نعم، قال: فما منعك.
أخرجه أبو داود (907) قال: حدثنا يزيد بن محمد الدمشقي، قال: حدثنا هشام بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن شعيب، قال: أخبرنا عبدالله بن العلاء بن زبر، عن سالم بن عبد الله، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة، فقرأ فيها، فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: فما منعك.
ومن نفس الطريق أخرجه ابن حبان كما في الإحسان (4/ 7 - 2239)، والطبراني في الكبير (12/ 313)(13216)، والبيهقي (3/ 212) - الصلاة- باب إذ حصر الإمام لقن، البغوي في شرح (3/ 160) - الصلاة- باب القعود بين السجدتين- (665).
قلت: رجاله ثقات، ومحمد بن شعيب بن شابور بالمعجمة والموحدة الأموي مولاهم الدمشقي نزيل بيروت صدوق صحيح الكتاب. و يزيد بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الله الدمشقي أبو القاسم القرشي مولاهم صدوق.
والحديث رواه أبو داود بإسناد حسن، وقال الخطابي في معالم السنن (1/ 216): إسناده جيد، وصححه ابن حبان. اهـ.
قلت: وقد قيل بوهم ابن حبان وغيره، ممن أورده من رواية هشام بن عمار، عن محمد بن شعيب، والصحيح أنه من رواية هشام بن إسماعيل، عن محمد بن شعيب. انظر: النكت الظراف لابن حجر (5/ 357). قال الألباني: صحيح. أهـ.
(142)
: أنه التحف بإزاره، وهو في الصلاة، وإن سقط.
أخرجه مسلم (1/ 301) - الصلاة- (54)، وأبو داود الصلاة- باب رفع اليدين في الصلاة- (723)، وأحمد (4/ 317 - 318)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 186)(1859)، والطبراني في الكبير (22/ 28)(6، 61)، وابن حزم في المحلى (4/ 91 - 92)، والبيهقي (2/ 28، 71، 98، 99) - الصلاة- باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة، وباب رفع اليدين عند الركوع، وعند رفع الرأس منه، وباب وضع الركبتين قبل اليدين- وهو جزء من حديث وائل بن حجر الطويل.
* * *
(143)
: وحمل أمامة.
رواه البخاري (516)، ومسلم (1/ 385)، وأبو داود (917)، والنسائي (3/ 10)، والبيهقي (2/ 262)، والبغوي في شرح السنة (3/ 253)، كلهم من طريق مالك- وهو في الموطأ (1/ 170) عن عامر بن عبدالله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن قتادة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وهو حامل أمامة- بنت زينب- فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.
ورواه مسلم (1/ 285)، والبيهقي (2/ 263)، كلاهما من طريق، عثمان بن أبي سليمان، وابن عجلان، سمعا عامر بن عبدالله بن الزبير به.
ورواه مسلم (1/ 386)، والنسائي (2/ 45)، كلاهما من طريق، سعيد بن أبي سعيد، عن عمرو بن مسلم الزرقي به.
ورواه مسلم (1/ 386)، وغيره، من طريق، مخرمة، عن أبيه، عن عمرو بن سليم الزرقي به.
* * *
(144)
: وفتح الباب لعائشة.
أخرجه أبو داود (922)، والترمذي (601)، والنسائي (3/ 11)، وفي الكبرى (438 و 1038)، وأحمد (6/ 31)، وفي (6/ 183)، وفي (6/ 234)، كلهم من طريق برد بن سنان أبي العلاء، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: قالت: جئت يوما من خارج ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فاستفتحت، فتقدم وفتح لي، ثم رجع القهقرى إلى مصلاه، فأتم صلاته.
قال الترمذي: وصفت: أن الباب كان في القبلة. أهـ.
وفي رواية النسائي قالت: استفتحت الباب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تطوعا، والباب على القبلة، فمشى، عن يمينه- أو، عن يساره- ففتح الباب، ثم رجع إلى مصلاه.
قال الترمذى: حديث حسن غريب.
قلت: في إسناده برد- وهو ابن سنان الشامي- تفرد به، وهو مختلف فيه، وثقه ابن معين والنسائي، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وضعفه ابن المديني، وبقية رجاله ثقات، رجال الشيخين.
قال الألباني في الإرواء (2/ 108): وهو كما قال، فإن رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين، غير برد هذا، وهو ثقة، وفيه ضعيف يسير، لا ينزل حديثه، عن رتبة الحسن. وقال، عن الحديث: حسن. أهـ.
* * *
(145)
أنه: أمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب. رواه أبوداود والترمذي.
رواه أبو داود- الصلاة- باب العمل في الصلاة (921)، والنسائي- السهو- باب قتل الحية والعقرب في الصلاة- (3/ 10)، والترمذي- الصلاة- باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة- (390)، وابن ماجه (1245)، وأحمد (2/ 233، 255، 475، 490)، والدارمي (1/ 354)، والحاكم (1/ 386)، والبيهقي (2/ 266)، كلهم من طريق، يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب.
قلت: إسناده صحيح، ويحيى بن أبي كثير ثقة ثبت، وقد وصف بالتدليس، فقد ذكره الحافظ ابن حجر، في الطبقه الثانية من طبقات المدلسين، ولكن صرح بالتحديث عند أحمد (2/ 473). فقال: حدثني ضمضم به.
قال الترمذي (2/ 58): حديث أبي هريرة، حديث حسن صحيح. اهـ.
وقال الحاكم (1/ 386): هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وضمضم بن جوس من ثقات أهل اليمامة، سمع من جماعة من الصحابة، وروى عنه يحيى بن أبي كثير، وقد وثقه أحمد بن حنبل. اهـ. ووافقه الذهبي على تصحيحه. وصححه ابن خزيمة، وابن حبان. وصححه أيضا أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
وسئل الدارقطني في العلل (8/ رقم 1409)، عن حديث أبي سلمة، عن
أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: اقتلوا الأسودين ....... فقال: يرويه يحيى بن أبي كثير واختلف عنه، فرواه أيوب بن عتبة، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وخالفه معمر بن راشد، وهشام الدستوائي، وعلي بن المبارك، رووه، عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة وهو الصواب. اهـ.
قال الشيخ الألباني: صحيح. أهـ. كما في صحيح أبي داود (854).
* * *
(146)
: وصعوده المنبر، ونزوله عند ما صلى عليه.
أخرجه البخاري (377)، وأبو داود (1080)، وابن ماجه (1416)، والنسائي (2/ 57)، وفي الكبرى (820)، والحميدي (926)، وابن أبي شيبة (11/ 485)(31738)، وأحمد (5/ 330) برقم (23168)، وفى (5/ 339) برقم (23259)، والدارمي (1258)، وابن خزيمة (1521، 1522 و 1779)، كلهم من طريق أبي حازم، قال: سألوا سهل بن سعد، من أى شيء المنبر؟ فقال: ما بقى بالناس أعلم مني، هو من أثل الغابة، عمله فلان مولى فلانة، لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين عمل ووضع، فاستقبل القبلة، كبر، وقام الناس خلفه، فقرأ، وركع، وركع الناس خلفه، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى، فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر، ثم قرأ، ثم ركع، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى، حتى سجد بالأرض، فهذا شأنه.
* * *
(147)
: وتأخره في صلاة الكسوف ثم عوده.
رواه مسلم (2/ 623)، وأبو داود (1178)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 300)، كلهم من طريق، عبدالملك، عن عطاء، عن جابر قال: انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم. فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات، بدأ فكبر؛ ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحوا مما قام؛ ثم رفع رأسه من الركوع، فقرأ قراءة دون القراءة الأولى؛ ثم ركع نحوا مما قام؛ ثم رفع رأسه من الركوع، فقرأ قراءة دون القراءة الثانية؛ ثم ركع نحوا مما قام؛ ثم رفع رأسه من الركوع؛ ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين. ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات. ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها، وركوعه نحوا من سجوده .... وذكر تأخر الرسول في الصلاة كما في بعض الروايات.
ورواه مسلم (2/ 623) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدرقي، حدثنا إسماعيل بن علية، عن هشام الدستوائي، قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبدالله قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في يوم شديد الحر، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فأطال القيام، حتى جعلوا يخرون، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال؛ ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين، ثم قام فصنع نحوا من ذلك، فكانت أربع ركعات، وأربع سجدات .... ».
ورواه النسائي (3/ 136) من طريق هشام به بنحوه.
وللحديث عدة الفاظ.
قال البيهقي في المعرفة (3/ 84): وقع الخلاف بين عبد الملك، عن عطاء، عن جابر، وبين هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر، في عدد الركوع في كل ركعة؛ فوجدنا رواية هشام أولى، لكونه مع أبي الزبير أحفظ من عبد الملك، ولموافقة روايته في عدد الركوع رواية عروة وعمرة، عن عائشة، ورواية كثير بن عباس وعطاء بن يسار، عن ابن عباس، ورواية أبي سلمة، عن عبدالله بن عمرو، ثم رواية يحيى بن سلم وغيره
…
وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 452 - 453) لما ذكر الصفة الصحيحة، وهي ركعتان في كل ركعة، ركوعان وسجدتان، وقد سبق تخريجهما قال: فهذا الذي صح عنه صلى الله عليه وسلم، من صفة صلاة الكسوف وخطبتها، وقد روى عنه أنه صلاها على صفات أخر منها: كل ركعة بثلاث ركوعات. ومنها كل ركعة بأربع ركوعات. ومنها: أنها كإحدى صلاة، صليت كل ركعة بركوع واحد، ولكن كبار الأئمة لا يصححون ذلك، كالإمام أحمد، والبخاري، والشافعي، ويرونه غلطا. قال الشافعي وقد سأله سائل؛ فقال: روى بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بثلاث ركعات في كل ركعة، قال الشافعي: فقلت له: أتقول به أنت؟ قال: لا. ولكن لِمَ لَمْ تقل به أنت! وهو زيادة على حديثكم؟ يعني حديث الركوعين في الركعة. فقلت: هو من وجه منقطع، ونحن لا نثبت المنقطع على الانفراد، ووجه نراه والله أعلم غلطا.
وقال البيهقي: أراد بالمنقطع قول عبيد بن عمير: حدثني من أصدق، قال
عطاء: حسبته يريد عائشة
…
، قال: وأن الذي يراه الشافعي غلطا، فأحسبه حديث عطاء، عن جابر: انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم؛ فقام النبي صلى الله عليه وسلم؛ فصلى بالناس ست ركعات في أربع سجدات. الحديث. انتهى ما نقله وقاله ابن القيم.
وقال البيهقي (3/ 326): ومن نظر في هذه القصة وفي القصة، التي رواها أبو الزبير، عن جابر، علم أنها قصة واحدة، وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها يوم توفى إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اتفقت رواية عروة بن الزبير وعمرة بنت عبدالرحمن، عن عائشة. ورواية عطاء بن يسار وكثير بن عباس، عن ابن عباس. ورواية أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن عمرو. ورواية أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنما صلاها ركعتين، في كل ركعة ركوعان، وفي حكاية أكثرهم قوله صلى الله عليه وسلم يومئذ: أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنخسفان لموت أحد ولا لحياته دلالة على أنه إنما صلاها يوم توفي ابنه، فخطب وقال هذه المقالة، ردا لقولهم إنما كسفت لموته، وفي اتفاق هؤلاء العدد مع فضل حفظهم، دلالة على أنه لم يزد في كل ركعة على ركوعين كما ذهب إليه الشافعي ومحمد بن إسماعيل البخاري رحمهما الله تعالى. اهـ.
وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 299 - 300): قال محمد: أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف، أربع ركعات في أربع سجدات، وحديث أبي قلابة، عن قبيصة الهلالي في صلاة الكسوف، يقولون فيه: أبو قلابة، عن رجل، عن قبيصة وحديث كثير بن عباس في صلاة الكسوف، أصح من حديث سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
(148)
روى أحمد، ومسلم، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم. كان يقرأ في الأولى من ركعتي الفجر قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية، وفي الثانية في آل عمران:{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} الآية.
أخرجه مسلم (2/ 161)(1638)، وأبو داود (1259)، والنسائي (2/ 155)، وفي الكبرى (1018)، وأحمد (1/ 230) برقم (2038)، و (1/ 231)(2045)، وعبد بن حميد (706)، وابن خزيمة (1115)، كلهم من طريق، عثمان بن حكيم الأنصاري، قال: أخبرني سعيد بن يسار، أن ابن عباس أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى ركعتى الفجر، فى الأولى منهما {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية التى فى البقرة وفى الآخرة منهما {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} .
* * *
(149)
قال أحمد: البزاق في المسجد خطيئة، وكفارته دفنه.
أخرجه البخاري (415)، ومسلم (2/ 76)(1168)، وأبو داود (474)، و (476)، والترمذي (572)، والنسائي (2/ 50)، وفي الكبرى (804)، وأحمد (3/ 109) برقم (12085)، وفي (3/ 173) برقم (12805)، و (3/ 183) برقم (12921)، والدارمي (1395)، وابن خزيمة (1309)، كلهم من طريق، قتادة، قال: سمعت أنس بن مالك، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها.
* * *
(150)
عن أبي هريرة: وليبصق، عن يساره، أو تحت قدمه فيدفنها. رواه البخاري.
رواه البخاري (408 - 409)، ومسلم (1/ 389)، كلاهما من طريق، ابن شهاب، عن حميد بن عبدالرحمن، أن أبا هريرة، وأبا سعيد حدثاه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في جدار المسجد، فتناول حصاة فحكها، فقال: إذا تنخم أحدكم فلا يتنخمن قبل وجهه، ولا، عن يمينه، وليبصق، عن يساره، أو تحت قدمه.
وأخرجه البخاري (1/ 107) - الصلاة- باب دفن النخامة في المسجد، وأحمد (2/ 318)، وعبد الرزاق (1/ 431 - 432 - 1686)، وابن حبان كما في الإحسان (4/ 18 - 2266)، والبيهقي (2/ 293) - الصلاة- باب الدليل على أنه إنما يبزق، عن يساره إذا كان فارغا، كلهم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، بمثله.
* * *
(151)
حديث: إذا نابكم شيء في الصلاة، فلتسبح الرجال، ولتصفق النساء.
أخرجه مالك في الموطأ (451)، والبخاري (1/ 174)(684)، و (1201)، ومسلم (2/ 25)(879)، وأبو داود (940)، وفي (941)، وابن ماجه (1035)، والنسائي (2/ 77)، وفى الكبرى (861)، والحميدي (927)، وأحمد (5/ 330) برقم (23187)، و (5/ 331) برقم (23192)، وعبدالله بن أحمد (450)، والدارمي (1364)، وفي (1365)، وابن خزيمة (853)، كلهم من طريق، أبي حازم، قال: قال: سهل بن سعد؛ أن أناسا من بنى عمرو بن عوف كان بينهم شئ، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فى أناس من أصحابه، يصلح بينهم، فحضرت الصلاة، ولم يأت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء بلال، فأذن بلال بالصلاة، ولم يأت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى أبى بكر، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم حبس، وقد حضرت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ فقال: نعم، إن شئت، فأقام الصلاة، فتقدم أبو بكر، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشى فى الصفوف، حتى قام فى الصف الأول، فأخذ الناس بالتصفيح، حتى أكثروا، وكان أبو بكر لا يكاد يلتفت فى الصلاة، فالتفت فإذا هو بالنبي صلى الله عليه وسلم وراءه، فأشار إليه بيده، فأمره يصلى كما هو، فرفع أبو بكر يده، فحمد الله، ثم رجع القهقرى وراءه، حتى دخل فى الصف، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: يا أيها الناس، ما لكم إذا نابكم شئ فى صلاتكم أخذتم بالتصفيح، إنما التصفيح للنساء، من نابه شئ فى صلاته فليقل سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد إلا التفت، يا أبا بكر ما منعك حين أشرت إليك لم تصل بالناس؟ فقال: ما كان ينبغى لابن أبى قحافة أن يصلى بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم.
(152)
قوله: إذا صلى أحدكم، فليصل إلى سترة، وليدن منها. رواه أبوداود، وابن ماجه، من حديث أبي سعيد.
أخرجه أبو داود- الصلاة- باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ، عن الممر بين يديه- (698)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ادرأها ما استطعت- (954)، وابن أبي شيبة (1/ 279) - الصلاة- باب من كان يقول إذا صلت إلى سترة فادن منها، وابن حبان (4/ 48 - 49 - 2366، 2369)، والبيهقي (2/ 267) - الصلاة- باب المصلي يدفع المار بين يديه- من طريق أبي خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه مرفوعا.
قلت:. رجاله ثقات، رجال الشيخين؛ غير محمد بن عجلان من رجال مسلم. وقد توبع.
ونقل الزيلعي في نصب الراية (2/ 83): عن النووي أنه قال في الخلاصة: إسناده صحيح. أهـ.
وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 334): هذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين؛ غير أن محمد بن عجلان روى له البخاري تعليقا، ومسلم متابعة. وقد تابعه جماعة من الثقات، عن زيد بن أسلم. أهـ.
وله شواهد، فقد روى أبو داود (695)، والنسائي (2/ 62)، وفي الكبرى (826)، والحميدي (401)، أحمد (4/ 2) برقم (16188)، وابن خزيمة (803) كلهم من طريق سفيان بن عيينة، قال: حدثنا صفوان بن سليم، قال: أخبرني نافع بن جبير بن مطعم، عن سهل بن أبي سهل بن أبي حثمة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته.
قال أبو داود: رواه واقد بن محمد، عن صفوان، عن محمد بن سهل، عن أبيه، أو، عن محمد بن سهل، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: عن نافع بن جبير، عن سهل بن سعد، واختلف في إسناده. أ. هـ.
قلت: إسناده صحيح، ورجاله ثقات، غير سليمان بن أيوب لم أجد من ترجم له.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 268): وفي إسناد الطبراني سليمان بن أيوب الصيرفيني، ولم أجد من ذكره، وبقية رجال الطبراني ثقات .. أ. هـ.
وقال ابن رجب فتح الباري (3/ 310): وذكر أبو داود في إسناده اختلافا، وكذلك ذكره البخاري في تاريخه. وقد روى- أيضا- عن نافع بن جبير- مرسلا، وفيه: فإن الشيطان يمر بينه وبينها. وقال العقيلي: حديث سهل هذا ثابت. وقال الميموني: قلت لأبي عبدالله- يعني: أحمد-: كيف إسناد حديث النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم فليدن من سترته قال: صالح، ليس بإسناده بأس. وروى ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. وروي هذا المتن من وجوه أخر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. أهـ.
وقال ابن عبد البر في التمهيد- (4/ 195): وهو حديث مختلف في إسناده، ولكنه حديث حسن، ذكره النسائي وأبو داود وغيرهما .. أهـ.
وقال العلامة الألباني- رحمه الله في الصحيحة (3/ 460): وهذا إسناد
رجاله ثقات، غير سليمان بن أيوب هذا، فقد أغفلوه ولم يترجموه، اللهم إلا السمعاني في الأنساب، فإنه أورده في هذه النسبة الصريفيني، وقال: يروي عن سفيان بن عيينة، ومرحوم العطار، وغيرهما. وذكر أنه أخو شعيب بن أيوب الصريفيني المضعف، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وقد خولف في إسناده، فأخرجه البيهقي (2/ 272) من طريق بحر بن نصر قال: قرئ على ابن وهب: أخبرك داود بن قيس المدني، أن نافع بن جبير بن مطعم حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره هكذا مرسلا، ورجاله ثقات، وقال البيهقي: قد أقام إسناده سفيان بن عيينة، وهو حافظ حجة.
قلت: يشير إلى ما أخرجه قبل، من طريق أبي داود، عن جمع، قالوا: حدثنا سفيان، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن أبي حثمة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: فذكره. إلا أنه قال: لا يقطع الشيطان عليه صلاته.
ومن هذا الوجه أخرجه النسائي والطحاوي في المشكل (3/ 251)، والحاكم، وصححه ابن حبان (409)، وأحمد، وصححه جمع آخرون، كما حققته في صحيح أبي داود (692).
وخالفه عيسى بن موسى بن إياس، عن صفوان، فقال: عن نافع بن جبير، عن سهل بن سعد مرفوعا. أخرجه الطحاوي- ووقع سقط في إسناده- وأبو نعيم في الحلية (3/ 165) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عيسى به.
وقال أبو نعيم: كذا قال إسماعيل: سهل بن سعد. وتابعه عليه عبيدالله بن أبي جعفر، واختلف على صفوان فيه. فرواه ابن عيينة، عن صفوان، عن نافع، عن سهل. ورواه يزيد بن هارون، عن شعبة، عن واقد بن محمد، عن صفوان، عن محمد بن سهل بن حنيف، عن أبيه نحوه. وجملة القول: أن
أصح الأسانيد رواية ابن عيينة، عن سهل بن أبي حثمة، فالحديث من مسنده لا من مسند جبير بن مطعم أو غيره.
وأخرجه عبد بن حميد (447)، قال: أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة، عن واقد بن محمد بن زيد، أنه سمع صفوان، يحدث، عن محمد بن سهل، عن أبيه، أو، عن محمد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا صلى أحدكم إلى شيء، فليدن منه، لا يقطع الشيطان عليه صلاته.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، إلا أنه اختلف على صفوان فيه، فرواه ابن عيينة، عن صفوان، عن نافع، عن سهل بن أبي سهل بن أبي حثمة.
قال العلامة الألباني في الصحيحة (3/ 460): وجملة القول: أن أصح الأسانيد رواية ابن عيينة، عن سهل بن أبي حثمة، فالحديث من مسنده لا من مسند جبير بن مطعم أو غيره. أهـ.
وروى الطبراني في الكبير (1588)، قال: حدثنا محمد بن العباس الأصبهاني، ثنا سليمان بن أيوب الصريفيني، ثنا بشر بن السري، عن داود بن قيس الفراء، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلي احدكم إلي سترة فليدن منها، لا يمر الشيطان بينه وبينها.
قلت: سليمان بن أيوب الصريفيني. هو مجهول. قال الهيثمي في المجمع (2/ 59): لم أجد من ذكره .. اهـ.
ورواه عبد الرزاق، باب كم يكون بين الرجل وبين سترته، (2/ 15)، حديث رقم (2303)، والبيهقي في الصلاة، باب الدنو من السترة، (2/ 272)، كلاهما من طريق داود بن قيس به مثله. مرسلا.
قال البيهقي: وقد أقام إسناده سفيان بن عيينة، وهو حافظ حجة. أهـ.
(153)
قوله: إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل، فليصل ولا يبال من يمر وراء ذلك. رواه مسلم.
أخرجه مسلم (2/ 54)(1046)، و (2/ 55)(1047)، وأبو داود (685)، وابن ماجه (940)، والترمذي (335)، وأحمد (1/ 161) برقم (1388)، و (1/ 162) برقم (1393)، وعبد بن حميد (100)، وابن خزيمة (805 و 842)، كلهم من طريق، سماك بن حرب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: كنا نصلى والدواب تمر بين أيدينا، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدى أحدكم، ثم لا يضره ما مر بين يديه.
وروى مسلم (1/ 358)، والنسائي (2/ 62)، والبيهقي (2/ 268)، كلهم من طريق، أبي الأسود محمد بن عبدالرحمن الأسدي، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، عن سترة المصلي فقال: مثل مؤخرة الرحل.
وروى مسلم (1/ 365)، والبيهقي (2/ 274)، كلاهما من طريق، عبدالواحد بن زياد، حدثنا عبيدالله بن عبدالله بن الأصم، حدثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقطع الصلاة، المرأة، والحمار، والكلب، ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل.
* * *
(154)
أنه: صلى إلى حربة، وإلى بعير. رواه البخاري.
رواه البخاري (498)، ومسلم (1/ 359)، وأحمد (2/ 142)، وأبو داود (687)، كلهم من طريق، عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا خرج يوم العيد، أمر بالحربة، فتوضع بين يديه، فيصلي إليها، والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثم اتخذها الأمراء. واللفظ لمسلم.
والحربة: آلة قصيرة من حديد محدودة الرأس، تستعمل في الحرب، كما ذكره صاحب المعجم الوسيط وذلك في مادة حرب.
وللحديث طرق أخرى بألفاظ عدة.
فقد روى البخاري (973) من طريق أبي عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله: كان يغدو إلى المصلى والعنزة بين يديه، تحمل وتنصب بالمصلى بين يديه، فيصلي إليها.
وروى البخاري (507)، ومسلم (1/ 359)، كلاهما من طريق، عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يعرض راحلته فيصلي إليها.
زاد البخاري قلت: أفرأيت إذا هبت الركاب؟ قال: كان يأخذ هذا الرحل فيعدله، فيصلي إلى آخرته- أو قال مؤخره- وكان ابن عمر يفعله.
وروى البخاري (972)، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبدالوهاب، قال: حدثنا عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تركز الحربة، قدامه يوم الفطر، والنحر ثم يصلي.
ورواه النسائي (3/ 183)، وابن ماجه (1304)، وأحمد (2/ 145)، وابن خزيمة (2/ 344)، وعبدالرزاق (3/ 288)، والبيهقي (2/ 281 -
284)، كلهم من طريق، نافع به.
ورواه الفريابي في أحكام العيدين (ص 123)، قال: ثنا محمد بن المثنى، أنبأ عبدالوهاب، ثنا عبيدالله به. وفي آخره زاد: وكان يخطب بعد الصلاة.
وأما قوله: أن النبي صلى إلى بعير:
فقد أخرجه البخاري (1/ 111، 128) - الصلاة- باب الصلاة في مواضع الإبل، وباب الصلاة إلى الراحلة والبعير، ومسلم (1/ 359 - 360) - الصلاة- (247، 248)، وأبو داود (1/ 444) - الصلاة- باب الصلاة إلى الراحلة- (692)، والترمذي (2/ 183) - الصلاة- باب ما جاء في الصلاة إلى الراحلة- (352)، وأحمد (2/ 26، 106) - من حديث عبدالله بن عمر.
* * *
(155)
قوله: فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا. رواه أحمد وأبو داود، قال البيهقي: لا بأس به في مثل هذا.
رواه أبو داود (689 - 690)، وابن ماجه (943)، وأحمد (6/ 249، 255)، وابن خزيمة (2/ 13)، وابن حبان (6/ 125، 138)، والبيهقي (2/ 27. - 271)، وعبدالرزاق (2/ 12)، والبغوي في شرح السنة (2/ 451)، كلهم من طريق، إسماعيل بن أمية، عن ابن عمرو بن حريث، عن جده حريث رجل من بني عذرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن فليخط خطا، ثم لا يضره من مر بين يديه.
قلت: اضطرب إسماعيل بن أمية في اسم شيخه، فقد وقع في إسناد ابن ماجه، وعند أبي داود، وابن خزيمة، والبيهقي، في رواية لهم أن اسمه شيخ إسماعيل بن أمية، هو أبو عمرو بن محمد بن حريث.
ووقع أيضا عند أبي داود، والبيهقي، وابن خزيمة، أن اسم شيخ شيخ إسماعيل بن أمية، أبي محمد بن عمرو بن حريث.
قلت: وأبا عمرو بن محمد بن حريث، أو ابن محمد بن عمرو بن حريث، أو قيل: أبو محمد بن عمر بن حريث، هكذا اختلف في اسمه، وعلى كل فهو مجهول.
وكذلك حريث اختلف في اسم أبيه، وهو كذلك مجهول.
قال الحافظ ابن حجر في التقريب (1183): حريث رجل من بني عذرة، اختلف في اسم أبيه، فقيل سليم، أو سليمان، أو عمار، مختلف في صحبته،
وعندي أن راوي حديث الخط غير الصحابي، بل هو مجهول. اهـ.
قلت: وقد بين البيهقي هذا الاختلاف، فرواه (2/ 270) من طريق، حميد بن الأسود، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي عمرو بن محمد بن حريث بن سليم، عن أبيه، عن أبي هريرة، ثم قال البيهقي (2/ 271): ورواه وهيب، وعبدالوارث، عن إسماعيل، عن أبي عمرو بن حريث، عن جده حريث. وقال عبدالرزاق: عن ابن جريج سمع إسماعيل، عن حريث بن عمار، عن أبي هريرة مختصرا، ورواه ابن عيينة في رواية الشافعي رحمه الله، والحميدي، وجماعة، عنه، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي محمد بن عمرو بن حريث، عن جده حريث العذري، عن أبي هريرة رضي الله عنه ثم روى عنه أنه شك فيه. اهـ.
وروى البيهقي (2/ 271)، بسنده، عن عثمان الدارمي، أنه قال سمعت عليا يعني ابن عبدالله بن المديني، يقول: قال سفيان في حديث إسماعيل بن أمية، عن أبي محمد بن عمرو بن حريث، عن جده، عن أبي هريرة: إذا صلى أحدكم بأرض فلاة فلينصب عصا. قال علي قلت لسفيان: إنهم يختلفون فيه، بعضهم يقول: أبوعمرو بن محمد، وبعضهم يقول: أبو محمد بن عمرو، فتفكر ساعة ثم قال: ما أحفظه إلا أبا محمد بن عمرو، قلت لسفيان: فابن جريج يقول: أبو عمرو بن محمد، فسكت ثم قال: أبو محمد بن عمرو، أو أبوعمرو بن محمد، ثم قال سفيان: كنت أراه أخا لعمرو بن حريث، وقال مرة العذري: قال علي: قال سفيان: كان جاءنا إنسان بصري لكم عتبة، ذاك أبو معاذ، فقال: إني لقيت هذا الرجل الذي روى عنه إسماعيل، قال علي: ذلك بعد ما مات إسماعيل بن أمية، فطلب الشيخ حتى وجده، قال عتبة،
فسألته عنه فخلطه علي، قال سفيان: لم نجد شيئا يشد هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه، وقال سفيان: وكان إسماعيل إذا حدث بهذا الحديث يقول: عندكم شيء تشدونه به .... اهـ. وقد جعله السخاوي مثالا للمضطرب.
فقد قال في فتح المغيث (1/ 276): حكى غير واحد من الحفاظ، كالنووي في الخلاصة، وابن عبدالهادي، وغيره من المتأخرين، باضطراب سنده، بل عزاه النووي للحفاظ، وقال الدارقطني: لا يثبت، وقال الطحاوي: لا يحتج بمثله، وتوقف الشافعي فيه في الجديد، بعد أن اعتمده في القديم، لأنه مع اضطراب سنده، زعم ابن عيينة أنه لم يجيء إلا من هذا الوجه، ولم يجد شيئا يشده به، لكن صححه ابن المديني، وأحمد، وجماعة، منهم ابن حبان، والحاكم، وابن المنذر، وكذا ابن خزيمة. اهـ.
وقال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 345): صحح أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني هذا الحديث، وضعفه غيرهما من أجل رواية أبي عمرو محمد بن عمرو بن حريث له، عن جده حريث، ويقال: أبو محمد بدل أبي عمرو. ولم يقل مالك ولا أبو حنيفة ولا الليث بالخط، وقد روي حديث الصلاة إلى الخط، عن أبي هريرة من طريق لا يصح، ولا يثبت الحديث، ذكر ذلك الدارقطني ..... اهـ. وقد عمد أبو زرعة إلى الترجيح. فقد قال ابن أبي حاتم في العلل (534) سئل أبو زرعة، عن حديث اختلف الرواة، عن إسماعيل بن أمية، فروى عبدالوارث، ومعمر، وبشر بن المفضل، وابن علية، وحميد بن الأسود، كلهم، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي عمرو محمد بن حريث، عن جده، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى
أحدكم فليجعل خطا .... وروى ابن جريج، وسفيان بن عيينة، في رواية الحميدي، وعلي بن المديني، وابن المقري، عن إسماعيل ابن أمية، عن أبي محمد بن عمرو بن حريث، عن جده حريث رجل من بني عذرة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه مسلم بن خالد الزنجي، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي عمرو بن حريث، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو زرعة: الصواب ما رواه الثوري.
ثم قال ابن أبي حاتم قلت: اختلف، عن ابن عيينة، فأما يونس بن عبدالأعلى، وسليمان الفزاري، فحدثاني، عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي عمرو بن محمد بن حريث، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى الحميدي، وعلي بن المديني، وابن المقري على ما بينا. اهـ.
وقال النووي في الخلاصة (1/ 520): حديث ضعيف، رواه أبو داود وابن ماجه، قال الحفاظ: ضعيف، وممن ضعفه سفيان بن عيينة فيما حكاه عنه أبو داود، وأشار إلى تضعيفه أيضا الشافعي، والبيهقي، وصرح به آخرون. اهـ.
وسئل الدارقطني في العلل (10/ رقم 2010)، عن حديث العذري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم، فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن يجد شيئا فلينصب عودا، فإن لم يجد فليخط خطا، ثم لا يضره ما مر أمامه. فقال: يرويه إسماعيل بن أمية، واختلف عنه، فرواه وهيب بن خالد، ومسلم بن خالد الزنجي، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي محمد بن عمرو بن حريث، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. واختلف، عن وهيب. ورواه ابن عيينة واختلف عنه، فقال سعيد بن منصور: عنه، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي محمد بن عمرو بن حريث، عن أبيه، عن جده،
عن أبي هريرة. وخالفه جماعة من أصحاب ابن عيينة، فقالوا: عن أبي محمد بن عمرو بن حريث، عن جده- ولم يقولوا، عن أبيه-. وكان ابن عيينة يضطرب في هذا الحديث، فربما قال: عن أبي محمد بن عمرو بن حريث، وربما قال: عن أبي عمرو محمد، ثم ثبت على أبي محمد بن عمرو. اختلف، عن ابن جريج. فرواه حجاج، عن ابن جريج، عن إسماعيل، عن أبي محمد بن عمرو، عن أبي هريرة، ولم يقل، عن أبيه، ولا، عن جده ورفعه. وقال عبدالرزاق: عن ابن جريج، عن إسماعيل، عن حريث بن عمار، عن أبي هريرة. وقال أبو عاصم: عن ابن جريج والثوري: عن إسماعيل بن أمية، عن أبي عمرو بن حريث، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا. وكذلك قال معمر: عن إسماعيل بن أمية، وقال: ذواد بن علبة: عن إسماعيل بن أمية، عن ابن عمرو بن حريث بن سليم، عن جده حريث، عن أبي هريرة مرفوعا. ورواه بشر بن المفضل، وعبدالوارث بن سعيد، وحميد بن الأسود، وأبو إسحاق الفزاري، فقالوا: عن إسماعيل، عن أبي عمرو بن محمد بن حريث، عن جده، عن أبي هريرة. إلا أن حميدا- قال من بينهم- عن أبيه، عن أبي هريرة، واختلف عنه، فرواه خارجة ابن مصعب، عن إسماعيل فقال: عن عمرو بن حريث- أو حريث بن عمرو- عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: نصر بن حاجب، عن إسماعيل، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن أبي هريرة. وقال: إسماعيل بن مسلمة، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن عمرو، عن حزم، عن جده جرير بن سليم، عن أبي هريرة. ووهم في قوله حزم وإنما هو حريث. ورواه همام، عن إسماعيل قال: حدثني ابن عم لي لم يسمه، وكل هؤلاء رفعه. ورواه إسماعيل بن أمية، وقال: عن أبي عمرو بن
محمد بن حريث، عن جده حريث، عن أبي هريرة موقوفا، ورفعه صحيح، عن إسماعيل. انتهى كلام الدارقطني.
وقال الألباني رحمه الله في تمام المنة (ص 301): له علتين تمنعان من الحكم بحسنه، فضلا، عن صحته، وهما: الاضطراب، والجهالة، ونفي الاضطراب كما ذهب إليه الحافظ في بلوغ المرام، لا يلزم منه انتفاء الجهالة كما لا يخفى، فكأنه ذهل عنها حين حسن الحديث، وإلا فقد اعترف هو في التقريب بجهالة راوييه؛ أبي عمرو بن محمد بن حريث، والمعصوم من عصمه الله. اهـ.
قلت: حديث الخط من الأحاديث التي وقع فيها التنازع بين الأئمة كما سبق، والجزم فيه من المشكلات، وقد جزم ابن حزم بضعفه كما في المحلى.
وقد اختلفت الروايات، عن أحمد فاشتهر عنه تصحيحه، ونقل في بذل المجهود (4/ 356)، عن الخطابي أنه قال: قال أحمد: حديث الخط ضعيف. اهـ.
ونقل ابن عبد البر في التمهيد (4/ 199)، عن ابن المديني وأحمد تصحيحه.
وقال ابن التركماني في الجوهر النقي مع السنن (2/ 270): ذكر صاحب الاستذكار، أن ابن حنبل وابن المديني، كان يصححان هذا الحديث. اهـ.
وقد أورده أيضا ابن الصلاح في مقدمة علوم الحديث، وكذلك العراقي في كتابه التبصرة، مثالا للمضطرب. وقال أحمد شاكر في تعليقه على المسند (13/ 123) (7386): إسناده ضعيف؛ لاضطرابه، ولجهالة حال راويه. اهـ.
وقد ورد الحديث من طرق أخرى لا يصح منها شيئا، وقد اشتد التنازع في
إسناد حديث الباب كما سبق.
وروى أبو داود الطيالسي (2592)، قال: حدثنا همام، عن أيوب بن موسى، عن ابن عم لهم كان يكثر أن يحدثهم، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم، فلم يكن ما يستره، فليخط خطا، ولا يضره ما مر بين يديه.
قلت: في إسناده من لم يسم. وقد ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 398) موقوف على أبي هريرة، من طريق يزيد بن هارون، عن نصر بن حاجب، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر نحوه موقوفا.
قلت: الموقوف في إسناده محمد بن عمرو بن سعيد بن العاص، جهله ابن القطان.
وكذلك في إسناده نصر بن حاجب القرشي، وقد اختلف فيه، وللحديث طرق أخرى، عن أبي هريرة، وسبق الإشارة إلى ضعفها.
وفي الباب أحاديث أخرى، وآثار ذكرها السخاوي في فتح المغيث، وهي معلولة، وقد أعرضت عنها لعدم العثور عليها مسندة.
* * *
(156)
روى مسلم، عن حذيفة قال: صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، إلى أن قال: إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ.
رواه مسلم (1/ 536)، والترمذي (262)، وأبو داود (871)، والنسائي (3/ 225)، وأحمد (5/ 397)، والبيهقي (2/ 309)، كلهم من طريق الأعمش قال: سمعت سعد بن عبيدة، يحدث، عن المستورد، عن صلة بن زفر، عن حذيفة: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فا فتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح آل عمران ثم مضى، فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلا، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى ....... هذا لفظ مسلم.
* * *
(157)
حديث: تحريمها التكبير.
رواه ابن ماجه (276)، والترمذي (238)، والبيهقي (2/ 380)، وأبو يعلى (2/ 336، 366)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 229)، كلهم من طريق، أبي سفيان طريف السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، ولا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها.
قال الترمذي (1/ 317): حديث حسن. اهـ.
قلت: في إسناده أبو سفيان طريف بن شهاب السعدي، ضعيف. قال ابن معين: ضعيف الحديث. اهـ. وقال أحمد: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، ليس بالقوي. اهـ. وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم. اهـ. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال مرة: ضعيف الحديث. اهـ. وقال أبو داود: ليس بشيء. اهـ. وقال مرة: واهي الحديث. اهـ.
ورواه الحاكم (1/ 224)، وابن حبان في المجروحين (1/ 381)، وابن عدي في الكامل (2/ 783 - 784) من طريق حسان بن إبراهيم، عن سعيد بن مسروق الثوري، عن أبي نضرة به.
قلت: حسان بن إبراهيم الكرماني، ثقة، من رجال الشيخين، وقد أخطأ في هذا الحديث.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وشواهده، عن أبي سفيان، عن أبي نضرة كثيرة، فقد رواه أبو حنيفة، وحمزة الزيات، وأبو مالك النخعي، وغيرهم، عن أبي سفيان، وأشهر إسناد فيه،
حديث عبدالله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن الحنفية، عن علي، والشيخان قد أعرضا، عن حديث ابن عقيل أصلا. اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال ابن حبان: عن حديث حسان، عن مسروق: هذا وهم فاحش، ما روى هذا الخبر، عن أبي نضرة إلا أبا سفيان السعدي، فتوهم حسان لما رأى أبا سفيان أنه والد الثوري، فحدث، عن سعيد بن مسروق، ولم يضبطه. وليس لهذا الخبر إلا طريقين: أبو سفيان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وابن عقيل، عن ابن الحنفية، عن علي. وابن عقيل قد تبرأنا من عهدته فيما بعد. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 229): هو معلول، قال ابن حبان في كتاب الصلاة المفرد له: هذا الحديث لا يصلح، لأن له طريقين، إحداهما، عن علي، وفيه ابن عقيل، وهو ضعيف. والثانية، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، تفرد به أبو سفيان عنه. ووهم حسان بن إبراهيم، فرواه عن سعيد بن مسروق، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وذلك أنه توهم أن أبا سفيان هو والد سفيان الثوري، ولم يعلم أن أبا سفيان آخر، هو طريف بن شهاب وكان واهيا. اهـ. ونحو هذا قال ابن عدي في الكامل.
وروى الحارث كما في المطالب (450)، قال: حدثنا محمد بن عمر، ثنا يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة، عن أيوب بن عبدالرحمن بن أبي صعصعة، عن عباد بن تميم، عن عبدالله بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: افتتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.
قلت: إسناده ضعيف جدا، لأن فيه محمد بن عمر الواقدي وهو متروك.
وأيضا شيخه لم أجد له ترجمة. وأيضا أيوب بن عبدالرحمن بن أبي صعصعة، فيه جهالة، وهو مستور.
(158)
حديث: لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة، بفاتحة الكتاب.
لم أقف عليه، وذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 232)، وأما ابن عبد الهادي، فقد عزاه في التنقيح، لإسماعيل بن سعيد الشالنجي صاحب الإمام أحمد بن حنبل.
وقال ابن الجوزي في التحقيق، عن قوله: في كل ركعة: وما عرفت هذا الحديث .. اهـ.
وللحديث طرق وألفاظ بدون قوله: (في كل ركعة).
فقد روى أبو داود (1297)، وابن ماجه (1387)، وابن خزيمة (1216)، كلهم من طريق، عبدالرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري، قال: حدثنا موسى بن عبد العزيز، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب: يا عباس يا عماه، ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل لك عشر خصال، إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك، أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته، عشر خصال، أن تصلى أربع ركعات، تقرأ فى كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة فى أول ركعة، قلت وأنت قائم: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع، فتقول وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع، فتقولها عشرا، ثم تهوى ساجدا، فتقولها وأنت ساجد عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود، فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا. فذلك خمسة وسبعون فى كل ركعة، تفعل فى أربع ركعات إن استطعت
أن تصليها فى كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع، ففى كل جمعة مرة، فإن لم تفعل، ففى كل شهر مرة، فإن لم تفعل، ففى عمرك مرة.
قلت: رجاله ثقات؛ غير موسى بن عبد العزيز- وهو العدني-؛ فإنه صدوق سيئ الحفظ. والحكم بن أبان، صدوق عابد له أوهام، كما قال الحافظ. والمتن فيه نكارة.
- في رواية ابن خزيمة: حدثنا عبدالرحمن بن بشر بن الحكم، أملى بالكوفة، حدثنا موسى بن عبد العزيز أبو شعيب العدني، وهو الذي يقال له: القنباري، سمعته يقول: أصلي فارسي.
وأخرجه ابن خزيمة (1216)، قال: حدثنا محمد بن رافع، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة، مرسلا، لم يقل فيه: عن ابن عباس.
قال أبو داود: رواه روح بن المسيب، وجعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النكرى، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، قوله، وقال فى حديث روح: فقال: حديث النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال ابن خزيمة في صحيحه (1216): إن صح الخبر، فإن في القلب من هذا الإسناد شيء. اهـ.
وقال الحاكم في المستدرك (1/ 463): هذا حديث وصله موسى بن عبدالعزيز، عن الحكم بن أبان، وقد خرجه أبو بكر محمد بن إسحاق، وأبو داود سليمان بن الأشعث، وأبو عبدالرحمن أحمد بن شعيب في الصحيح، فرووه، عن عبدالرحمن بن بشر، وقد رواه إسحاق بن إسرائيل، عن موسى بن عبد العزيز القنباري .... فأما حال موسى بن عبد العزيز، فحدثني
أبو الحسن محمد بن محمد بن يعقوب ثنا عبدالله بن محمد بن عبد العزيز ثنا محمد بن سهل بن عسكر، قال: سمعت عبد الرزاق، وسئل عن أبي شعيب القنباري، فأحسن عليه الثناء. وأما حال الحكم بن أبان، فأخبرني أحمد بن محمد بن واصل البيكندي، ثنا أبي، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا علي بن المديني، عن ابن عيينة قال: سألت يوسف بن يعقوب: كيف كان الحكم بن أبان؟ قال: ذاك سيدنا، قال: ذلك سيدنا، وأما إرسال إبراهيم بن الحكم بن أبان هذا الحديث، عن أبيه ........... ، هذا الإرسال لا يوهن وصل الحديث، فإن الزيادة من الثقة أولى من الإرسال، على أن إمام عصره في الحديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قد أقام هذا الإسناد، عن إبراهيم بن الحكم بن أبان ووصله. اهـ.
وقال النووي في المجموع (4/ 54): وفى هذا الاستحباب نظر؛ لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروف، فينبغي ألا يفعل بغير حديث، وليس حديثها بثابت، وهو ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما ...... ، رواه أبوداود، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، وغيرهم، ورواه الترمذي من رواية ابى رافع بمعناه، قال الترمذي: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة التسبيح غير حديث، قال: ولا يصح منه كبير شيء. قال وقد رأى ابن المبارك غير واحد من أهل العلم صلاة التسبيح وذكروا لفضل فيه، وكذا قال العقيلى: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت. وكذا ذكر أبو بكر بن العربي وآخرون، أنه ليس فيها حديث صحيح ولا حسن والله أعلم. اهـ.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 268): وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة، وعن جماعة من الصحابة، وأمثلها حديث عكرمة هذا، وقد
صححه جماعة منهم، الحافظ أبو بكر الآجري، وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري، وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي رحمهم الله تعالى، وقال أبو بكر بن أبي داود: سمعت أبي يقول: ليس في صلاة التسبيح حديث صحيح غير هذا. وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى: لا يروى في هذا الحديث إسناد أحسن من هذا، يعني إسناد حديث عكرمة، عن ابن عباس. وقال الحاكم: قد صحت الرواية، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ابن عمه هذه الصلاة، ثم قال: حدثنا أحمد بن داود بمصر، حدثنا إسحاق بن كامل، حدثنا إدريس بن يحيى، عن حيوة بن شريح، عن يزيد بن أبي حبيب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة، فلما قدم اعتنقه وقبل بين عينيه، ثم قال: ألا أهب لك، ألا أسرك، ألا أمنحك، فذكر الحديث. ثم قال: هذا إسناد صحيح لا غبار عليه، قال المملي، وشيخه أحمد بن داود بن عبد الغفار أبو صالح الحراني، ثم المصري، تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وكذبه الدارقطني. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 236): هذا الإسناد جيد، عبدالرحمن بن بشر احتج به الشيخان، وشيخه قال فيه يحيى بن معين: لا بأس به، وشيخه وثقه يحيى بن معين، وكان أحد العباد، وسكت عليه أبو داود فهو حسن أو صحيح عنده، لا جرم ذكره ابن السكن في سننه الصحاح المأثورة. قال الحافظ زكي الدين المنذري في موافقاته: وهذا الطريق أمثل طرقه. اهـ.
وقال الألباني في صحيح أبي داود (1173): حديث صحيح، وقد قواه جماعة من الأئمة، منهم أبو بكر الأجري، وابن منده، وأبو محمد عبد الرحيم
المصري، وأبو الحسن المقدسي، والمنذري، وابن الصلاح ...... ، هذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير موسى بن عبد العزيز- وهو العدني-؛ فإنه صدوق سيئ الحفظ؟ والحكم بن أبان صدوق عابد له أوهام، كما قال الحافظ ........ وقال ابن خزيمة: إن صح الخبر؛ فإن في القلب من هذا الإسناد شيئا. وأما الحاكم؛ فأورده شاهدا- ثم أخرجه هو، والبيهقي، والخطيب، من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان: حدثني أبي: حدثني عكرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمه العباس
…
فذكره. هكذا مرسلا. وقال الحاكم: هذا الإرسال لا يوهن وصل الحديث، فإن الزيادة من الثقة أولى من الإرسال. على أن إمام عصره في الحديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قد أقام هذا الإسناد، عن إبراهيم بن الحكم بن أبان ووصله. ثم ساقه من طريق الحنظلي: ابنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ، بمثل حديث موسى بن عبد العزيز، عن الحكم. اهـ.
قلت: إبراهيم بن الحكم ضعيف. وموسى بن عبد العزيز خير منه، فإن تابعه فهو قوة له، وإن خالفه فلا يضره، ولكن الإسناد بحاجة إلى ما يعضده. وقد ذكر له الخطيب طريقا أخرى، من رواية أبي الجوزاء أوس بن عبدالله الربعي، من طرق أربعة عنه، عن ابن عباس، ومن طريق مجاهد بن جبر عنه، وساق الأسانيد إليها، ولكنها واهية كلها!، وإنما يعضد الحديث بعض الشواهد التي ساقها الخطيب، التي منها ما ذكره المصنف فيما يأتي.
وروى البخاري (776)، ومسلم (1/ 333)، وأبو داود (798 - 799 - 800)، والنسائي (2/ 164 - 165)، وأحمد (4/ 383، 5/ 295، 300)، والبيهقي (2/ 59)، والدارمي (1/ 296)، وابن خزيمة (1/ 254)، كلهم من
طريق، يحيى بن أبي كثير، قال: حدثنى عبدالله ابن أبي قتادة، قال: حدثنى أبي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر- في الركعتين الأوليين- بفاتحة الكتاب، وسورتين، ويسمعنا الآية أحيانا، ويطول الركعة الأولى، ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب.
ورواه مسلم (1/ 333) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة وأبي سلمة، عن أبي قتادة به.
وروى البيهقي (2/ 166)، والدارقطني (1/ 340)، وأبو يعلى المقصد (271)، كلهم من طريق، عبيدالله بن عمرو، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس ابن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه، فقال: أتقرؤن في صلاتكم والإمام يقرأ فسكتوا، فقال لهم ثلاث مرات، فقال قائل أو قال قائلون: إنا لنفعل قال: ليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه.
قلت: رجاله ثقات كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 110).
لكن قال البيهقي (2/ 166): تفرد بروايته، عن أنس عبيدالله بن عمرو الرقي، وهو ثقة، إلا أن هذا إنما يعرف، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة. اهـ.
ورواه البيهقي (2/ 166) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة.
ثم أيضا رواه البيهقي (2/ 166) من طريق إسماعيل وهو ابن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
، في القراءة .. قال: إسماعيل، عن خالد، قلت لأبي قلابة: من حدثك هذا، قال: محمد بن أبي عائشة، مولى لبني أمية. اهـ.
وذكر هذا الاختلاف البخاري في التاريخ الكبير (1/ 207).
وقال لما ذكر الطريق الموصولة، عن أنس، قال: لا يصح أنس. اهـ. يعني ذكره.
وقد رجح ابن التركماني، في الجوهر النقي على سنن البيهقي (2/ 166 - 167) أن الطريقان محفوظان، وفيه نظر، كذلك وقع اختلاف في متنه.
فقد رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 218) من طريق عبيدالله بن عمرو، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل بوجهه، فقال: أتقرؤن والإمام يقرأ، فسكتوا، فسألهم ثلاثا، فقالوا: إنا لنفعل، قال: فلا تفعلوا. اهـ.
وروى البخاري، في جزء القراءة (255) قال: حدثنا يحيى بن يوسف، عن عبيدالله بن عمرو الرقي، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه، فلما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه، فقال: أتقرؤون في صلاتكم خلف الإمام، والإمام يقرأ؟ فسكتوا، فقالها ثلاث مرات، فقال قائل، أو قائلون: إنا لنفعل، قال: فلا تفعلوا، وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه.
وأخرجه البخاري، في جزء القراءة (256) قال: حدثنا موسى، قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليقرأ بفاتحة الكتاب. مرسل.
قال الدارقطنى فى العلل (12/ 237): يرويه أيوب السختياني، وخالد الحذاء، واختلف عنه، فأما أيوب: فإن عبيدالله بن عمرو رواه، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وخالفه سلام- أبو المنذر، فرواه عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة. وخالفهما الربيع بن بدر، رواه عن أيوب، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وخالفهم ابن علية، وابن عيينة،
وحماد بن زيد؛ رووه، عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلا، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو صحيح من رواية أيوب. فأما خالد الحذاء، فرواه عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال ذلك سفيان الثوري، ويزيد بن زريع، وبشر بن المفضل، عن خالد. ورواه ابن علية، وخالد بن عبد الله، وشعبة، وعلي بن عاصم، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة- مرسلا- عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة- مرسلا-. لم يجاوز به أبا قلابة. والمرسل أصح. اهـ.
وقال أبو زرعة الدمشقى فى الفوائد المعللة (102): قال لنا يحيى بن يوسف الزمي، قال لي يحيى بن معين: هذا خطأ، قد رواه عبدالله بن جعفر، عن عبيدالله بن عمرو، عن أيوب، عن أبي قلابة فقط. وعبدالله بن جعفر كيس قال: يحيى بن يوسف، فقلت ليحيى بن معين وأنا ليس هكذا: نا عبيدالله بن عمرو، ثنا ابن عيينة، عن أيوب، عن أبي قلابة فقط. قال لنا أبو زرعة: هذا الصحيح من حديث أيوب، وخالد أحفظ له. اهـ.
وقال الخطابي في معالم السنن (1/ 205): إسناده جيد لا طعن فيه. اهـ. وأقره الألبانى فى مشكاة المصابيح (3/ 331).
وروى الدارقطني (1/ 317)، والبيهقي (2/ 167)، والحاكم (1/ 365)، كلهم من طريق، حفص بن غياث، عن أبي إسحاق الشيباني، عن جواب التيمي، وإبراهيم بن محمد المنتشر، عن الحارث بن سويد، عن يزيد بن شريك، أنه سأل عمر، عن القراءة خلف الإمام، فقال: أقرأ بفاتحة الكتاب، قلت: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا، قلت: وإن جهرت قال: وإن جهرت.
ولم يذكر الدارقطني في رواية إبراهيم بن المنتشر ولا الحارث بن سويد، وكذا وقع في إسناد الطحاوي (2/ 218)، فرواه من طريق جواب، عن يزيد مباشرة.
قال البيهقي (2/ 167): والذي يدل عليه سائر الروايات، أن جوابا أخذه، عن يزيد بن شريك، وإبراهيم أخذه، عن الحارث بن سويد، عن يزيد بن شريك، ولإبراهيم فيه إسناد آخر. اهـ.
قلت: وبهذا يزول الاختلاف وقال الدارقطني (1/ 317): رجاله كلهم ثقات. اهـ.
وقال، عن الرواية الأخرى المختصرة: هذا إسناد صحيح. اهـ.
قلت: إسناده لا بأس برجاله، وجواب بن عبيدالله التيمي الكوفي، ضعفه ابن نمير. ووثقه ابن معين. وقال ابن عدي: وله مقاطيع في الزهد وغيره، ولم أر له حديثا منكرا في مقدار ما يرويه. اهـ. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة يتشيع. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات.
وروى أبو داود (818)، والبخاري، في جزء القراءة خلف الإمام (12)، وأحمد (3/ 3) برقم (11011)، وفي (3/ 45) برقم (11435)، وفي (3/ 97) برقم (11944)، وعبد بن حميد (879) كلهم من طريق همام، حدثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم، أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر. صححه ابن حبان (1790).
قال الحافظ ابن حجر فتح الباري (2/ 243): عند أبي داود بسند قوي. اهـ.
وقال في التلخيص الحبير (345): إسناده صحيح. اهـ. وقال في الدراية (153): ولأبي داود من وجه آخر صحيح. اهـ.
وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم. صحيح أبي داود (777).
وروى ابن ماجه (1496)، قال: حدثنا عمرو بن أبي عاصم النبيل، وإبراهيم بن المستمر قالا: ثنا أبو عاصم، ثنا حماد بن جعفر العبدي، حدثني شهر بن حوشب، حدثتني أم شريك الأنصارية؛ قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب.
قلت: في إسناده شهر بن حوشب، وبه أعله البوصيري في تعليقه على زوائد ابن ماجه، فقال: في إسناده شهر بن حوشب، وثقه أحمد وابن معين وغيرهما. وتركه ابن عوف، وضعفه الببيهقي، ولينه النسائي وحماد وغيرهم. اهـ.
قال ابن الجوزي في التحقيق (2/ 148) مع التنقيح: حديث أم شريك، فيه شهر بن حوشب، وقد ضعفوه. اهـ. وتعقبه ابن عبد الهادي في التنقيح فقال: في قول المؤلف:
…
قد ضعفوه، نظر. فإن شهرا لم يضعفه الكل، بل ضعفه جماعة، ووثقه آخرون. وممن وثقه الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ويعقوب بن شيبة، والعجلي. اهـ.
وروى أحمد (2/ 204) برقم (6903)، وفي (2/ 215) برقم (7016)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (10)، وفي (14)، وابن ماجه (84) كلهم من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه شعيب، عن جده عبدالله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج، فهي خداج.
- وفي رواية: كل صلاة لا يقرأ فيها، فهي خداج، ثم هي خداج، ثم هي خداج.
ورواه عن عمرو بن شعيب كل من حجاج بن أرطاة، وعامر الأحول، وحسين المعلم.
قال الطبراني في الأوسط (4/ 100): لم يرو هذا الحديث، عن عاصم إلا أبان، تفرد به سعيد بن سليمان. اهـ.
وقال المقدسي في ذخيرة الحفاظ (4247): رواه عامر الأحول: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وعامر ضعيف. اهـ.
وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه (2/ 15): هذا حديث إسناده صحيح، على ما قررناه من حال عمرو وصحيفته. اهـ.
وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (686): حسن صحيح .. اهـ.
وروى أبو داود (823)، والترمذي (311)، وأحمد (5/ 316)، والدارقطني (1/ 318 - 319)، والبيهقي (2/ 164)، والحاكم (1/ 364)، والبغوي في شرح السنة (3/ 82)، كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم؟ قلنا: يا رسول الله، إي والله، قال: فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها.
قلت: إسناده صحيح.
وقد أعل بعلل لا يثبت منها شيء. فقد أعل بأن محمد بن إسحاق مدلس، وقد عنعن، لكن يرد هذا برواية البيهقي، فقد وقع فيها التصريح بالسماع. وقال البيهقي (2/ 164): ورواه إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، وذكر فيه سماع ابن إسحاق من مكحول. اهـ. وقاله أيضا في معرفة السنن
والآثار (2/ 52)، وزاد فيه: فصار بذلك موصولا صحيحا. اهـ.
وأيضا لم ينفرد به إسحاق، بل تابعه زيد بن واقد، عند البيهقي (2/ 164)، والدارقطني (1/ 319)، كلاهما من طريق، زيد بن واقد القرشي، عن مكحول، عن نافع بن محمود بن الربيع، عن عبادة بنحوه، وفيه قصة.
وزيد بن واقد، ثقة، وقد وثقه الإمام أحمد، وابن معين، ودحيم، والدارقطني، وابن حبان، وغيرهم وفي إسناد حديث زيد بن واقد الراوي عن عبادة، نافع بن محمود بن الربيع، مستور الحال، لكنه من كبار التابعين، ووثقه الدارقطني توثيق ضمني، فقال (1/ 320): هذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات. اهـ.
ولم ينفرد بحديثه بل توبع، كما سبق ووثقه ابن حبان والذهبي في الكاشف.
وأعل أيضا الحديث؛ بأن في سنده مكحول الشامي. ويجاب عنه، بأنه لم يتفرد به، بل توبع، فقد رواه النسائي (2/ 141) من طريق زيد بن واقد، عن حرام بن حكيم، عن نافع بن محمود به.
قلت: حرام بن حكيم ثقة، فبهذا يتبين صحة الحديث.
وللحديث شواهد. وقد صحح الحديث الأئمة.
فقد قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 246): صححه أبو داود، والترمذي، والدارقطني، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي. اهـ.
وقال الترمذي (1/ 418): حديث عبادة حسن. اهـ. وقال الخطابي في معالم السنن (1/ 205): إسناده جيد، لا مطعن فيه. اهـ.
وقال الدارقطني (1/ 318): إسناده حسن. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 164): رجاله ثقات. اهـ.
وقد جعل البيهقي، حديث الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة المتفق عليه، مقويا لحديث ابن إسحاق.
فقال في معرفة السنن (2/ 52): ورواية الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة لمن .... ، وإن كانت مختصرة، فهي لرواية ابن إسحاق شاهدة. اهـ.
وروى البخاري (756)، ومسلم (1/ 295)، وأبو داود (822)، والترمذي (247)، والنسائي (2/ 237)، وأحمد (5/ 314، 321)، وابن خزيمة (1/ 246، 374)، وعبدالرزاق (2/ 93)، والدارقطني (1/ 321)، وابن حبان في صحيحه (3/ 136، 138، 142)، كلهم من طريق، ابن شهاب، أن محمود بن الربيع الذي مج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه من بئر هم، أخبره، أن عبادة بن الصامت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.
قال الدارقطني (1/ 321 - 322): قال زياد في حديثه: لا تجزئ صلاة، لا يقرأ فيها الرجل بفاتحة الكتاب. اهـ. وكذا وقع عند ابن حبان. وقد أشار ابن عبد الهادي، إلى إعلال هذا اللفظ.
فقال في التنقيح (2/ 837): انفرد زياد بن أيوب بن دلويه، بلفظ: لا تجزئ. ورواه الجماعة: لا صلاة لمن لم يقرأ .. وهو الصحيح، وكان زيادا رواه بالمعنى. اهـ.
وروى أحمد (5/ 410)، قال: حدثنا عبدالله بن الوليد العدني، ثنا سفيان،
ثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب محمد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلكم تقرؤن والإمام يقرأ، قالها ثلاثا، قالوا: إنا لنفعل ذاك، قال: فلا تفعلوا، إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب.
قلت: رجاله لا بأس بهم، وعبدالله بن الوليد بن ميمون الأموي العدني. قال حرب، عن أحمد: سمع من سفيان، وجعل يصحح سماعه، ولكن لم يكن صاحب حديث، وحديثه، حديث صحيح، وكان ربما أخطأ في الأسماء، كتب عنه أبي كثيرا. اهـ. وقال ابن معين: لم أعرفه، لم أكتب عنه شيئا. اهـ. وقال أبو زرعة: صدوق. اهـ. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: مستقيم الحديث. اهـ. وقال البخاري: مقارب الحديث. اهـ. وقال العقيلي: ثقة معروف. اهـ. وقال الدارقطني: ثقة مأمون. اهـ.
قلت: والذي يظهر من حاله، أنه صدوق.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 246 - 247): إسناده حسن. اهـ.
وقد أعل الحديث، بأنه من رواية محمد بن أبي عائشة، وجل روايته، عن كبار التابعين؛ لأنه من الطبقة الرابعة، كما ذكره الحافظ في التقريب، ولم يسم الصحابي لكن هذا الإيراد في غير محله، فإن هذا الإيراد وارد، لو كان محمد بن أبي عائشة من المكثرين من التدليس، فكيف بمن هو غير مدلس، وهذا شرط مسلم، ولا يسع الناس اليوم العمل إلا به.
ثم أيضا الحديث قبله الأئمة، فقد حسنه الحافظ ابن حجر كما سلف.
وقال البيهقي 2/ 54: هذا إسناد صحيح، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقات، فترك ذكر أسمائهم في الإسناد لا يضر، إذا لم يعارضه ما هو أصح منه. اهـ.
وروى ابن ماجه (843) قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا شعبة، عن مسعر، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا نقرأ في الظهر والعصر، خلف الإمام، في الركعتين الأوليين، بفاتحة الكتاب، وسورة، وفي الأخريين، بفاتحة الكتاب.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (312): قال المزي موقوف، قلت: ورجاله ثقات. وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (687): صحيح. اهـ.
وروى أبو داود (834)، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن حميد، قال: كان الحسن يقرأ في الظهر والعصر، إماما أو خلف إمام بفاتحة الكتاب، ويسبح ويكبر ويهلل، قدر «ق» و «الذاريات» .
قلت: رجاله ثقات.
* * *
(159)
وقال: صلوا كما رأيتموني أصلي.
رواه البخاري (631)، وأحمد (5/ 53)، وابن خزيمة (1/ 295)، والبيهقي (2/ 345)، كلهم من طريق، أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي.
وللحديث طرق وألفاظ: أخرجه البخاري في صحيحه- الأذان- باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، (7/ 77) - الأدب- باب رحمة الناس بالبهائم، (8/ 132 - 133) - الآحاد- باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، وفي الأدب المفرد (1/ 303 - 213)، ومسلم (1/ 465 - 466) - المساجد- (292)، والدارمي (1/ 230) - الصلاة- باب من حق بالإمامة- (1256)، وأحمد (5/ 53) - من طرق من حديث مالك بن الحريرث.
* * *
(160)
قول عائشة: كان النبي إذا رفع رأسه من السجود، لم يسجد حتى يستوي قاعدا. رواه مسلم.
رواه مسلم (1/ 357)، وابن ماجه (812)، وأبو داود (783)، كلهم من طريق، حسين المعلم، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة: بالحمد لله رب العالمين، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه، ولم يصوبه، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع من الركوع، لم يسجد حتى يستوي قائما، وكان إذا رفع رأسه من السجدة، لم يسجد حتى يستوي جالسا، وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان، أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم.
قلت: إسناده معلول، فإن أبا الجوزاء، اسمه أوس بن عبدالله الربعي، لم يسمع من عائشة.
وروى البخاري في التاريخ الكبير (2/ 16)، قال: قال لنا مسدد، عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثني عشرة سنة، ليس من القرآن آية إلا سألتهم عنها، قال محمد البخاري: في إسناده نظر. اهـ.
وقال ابن عدي في الكامل (1/ 411): وقول البخاري: في إسناده نظر، يريد أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما، لا أنه ضعيف عنده، وأحاديثه مستقيمة، مستغنية، عن أن أذكر منها شيئا في هذا الموضع. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (1/ 336): حديثه، عن عائشة
في الافتتاح بالتكبير عند مسلم، وذكر ابن عبد البر في التمهيد أيضا: أنه لم يسمع منها، وقال جعفر الفريابي في كتاب الصلاة: ثنا مزاحم بن سعيد، ثنا ابن المبارك، ثنا إبراهيم بن طهمان، ثنا بديل العقيلي، عن أبي الجوزاء قال: أرسلت رسولا إلى عائشة يسألها.، فذكر الحديث.، فهذا ظاهره أنه لم يشافهها، لكن لا مانع من جواز كونه توجه إليها بعد ذلك فشافهها، على مذهب مسلم في إمكان اللقاء، والله أعلم. اهـ.
وروى البخاري (823)، والترمذي (287)، والنسائي (2/ 234)، وغيرهم كلهم من طريق، خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن مالك الحويرث رضي الله عنه أنه: رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر في صلاته، لم ينهض حتى يستوي قاعدا. وهو حديث طويل، فيه قصة قدومهم على النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه البخاري (824) من طريق أيوب، عن أبي قلابة، قال: جاءنا مالك بن الحويرث، فصلى بنا في مسجدنا هذا، فقال: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، قال أيوب: فقلت لأبي قلابة: وكيف كانت صلاته؟ قال مثل صلاة شيخنا هذا- يعني عمرو بن سلمة- قال أيوب: وكان ذلك الشيخ يتم التكبير، وإذا رفع رأسه، عن السجدة الثانية جلس، واعتمد على الأرض، ثم قام.
* * *
(161)
قوله: إذا قعد أحدكم في صلاته، فليقل: التحيات لله. الخبر. متفق عليه.
رواه البخاري (831)، ومسلم (1/ 302)، وأبو داود (968)، والنسائي في الكبرى (1/ 378)، وفي الصغرى (3/ 41)، وابن ماجه (899)، وأحمد (1/ 382)، والبيهقي (2/ 138)، كلهم من طريق، الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو.
ولفظ النسائي: كنا نقول في الصلاة، قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل، وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله ..... وكذا عند البقية، وليس في الصحيحين، قوله: قبل أن يفرض علينا التشهد، وبهذا اللفظ صححه البيهقي، والدارقطني، والحافظ بن حجر في الفتح (2/ 358)، وللحديث طرق أخرى، عند مسلم، والنسائي في الصغرى.
وروى أبو داود (971)، والدارقطني (1/ 351)، كلاهما من طريق نصر بن علي، حدثنى أبي، ثنا شعبة، عن أبي بشر، سمعت مجاهدا، يحدث، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد: التحيات لله، الصلوات الطيبات،
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته قال: قال ابن عمر: زدت فيها وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، قال ابن عمر: زدت فيها: وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
قلت: رجاله ثقات، لكن أعل بأن أبا بشر جعفر بن إياس اليشكري، لم يسمع من مجاهد. قال أحمد: كان شعبة يضعف حديث أبي بشر، عن مجاهد، قال: لم يسمع منه شيئا. اهـ. وقال ابن معين: طعن شعبة في حديثه، عن مجاهد، قال من صحيفه. اهـ.
قال الدارقطني (1/ 351): هذا إسناد صحيح، وقد تابعه على رفعه ابن أبي عدي، عن شعبة، ووقفه غيرهما. اهـ. وقد اختلف في إسناده. قال الترمذي في العلل الكبير (1/ 226): سألت محمدا، عن هذا الحديث، فقال: روى شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عمر وروى سيف، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبدالله بن مسعود، قال محمد: وهو المحفوظ عندي، قلت: فإنه يروي عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عن ابن عمر، عن أبي بكر الصديق، قال محمد، يحتمل هذا وهذا. اهـ. وللحديث طرق أخرى، عن ابن عمر.
وروى أحمد (1/ 437)، قال: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق يحدث، عن أبي الأحوص، عن عبدالله بن مسعود، أنه قال: إن محمدا صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير، وجوامعه، وخواتمه، فقال: إذا قعدتم في كل ركعتين: فقولوا التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه
إليه، فليدع به ربه عز وجل .... ومن طريق أبي إسحاق رواه النسائي والبيهقي.
قلت: إسناده قوي ظاهره الصحة، وأبو إسحاق هو السبيعي، وقد اختلط، إلا أن شعبة سمع منه قديما.
ورواه أيضا أحمد (3877)، قال: حدثنا عبدالرزاق، حدثنا معمر، عن أبي إسحاق به بمثله. وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند. وقال الألباني في الإرواء (2/ 23): هذا إسناد صحيح على شرط مسلم. اهـ.
وروى مالك في الموطأ (1/ 91)، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبدالرحمن بن عبدالقارئ، أنه سمع عمر بن الخطاب، وهو على المنبر يعلم الناس التشهد، يقول: قولوا: التحيات لله، الزكيات لله، الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
قلت: إسناده صحيح كما قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 422).
وقال النووي في الأذكار (ص 52): رواه مالك في الموطأ، والبيهقي وغيرهما، بالأسانيد الصحيحة. اهـ. وقال في الخلاصة (1/ 432): رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح. اهـ. وقد اختلف في إسناده لكن الترجيح فيه ممكن.
فقد سئل الدراقطني في العلل (2/ رقم 203)، عن حديث عبدالرحمن بن عبد القاري، عن عمر: أنه كان يعلم الناس التشهد فذكره. فقال: هو حديث رواه الزهري، وهشام ابن عروة، عن عروة، فاختلفا فيه على عروة، فجود إسناده الزهري. ورواه عن عروة، عن عبدالرحمن بن عبد، عن عمر. ورواه
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر، لم يذكر بينهما عبدالرحمن بن عبد. وقول الزهري أولى بالصواب والله أعلم. ولم يختلفوا في أن الحديث موقوف على عمر. ورواه بعض المتأخرين، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن ابن عبد، عن عمر مرفوعا، ووهم في رفعه والصواب موقوف. وروى هذا الحديث ابن عيينة، عن الزهري، وهشام بن عروة جمع بينهما، وحمل حديث هشام على حديث الزهري، فقال: عن عروة، عن عبدالرحمن بن عبد، عن عمر، وهذا إسناد الزهري، وهشام لا يذكر في الإسناد عبدالرحمن بن عبد. انتهى كلام الدارقطني.
وروى مالك في الموطأ (1/ 91)، عن نافع، عن ابن عمر، كان يتشهد فيقول: بسم الله، التحيات لله، الصلوات لله، الزاكيات لله، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، شهدت أن لا إله إلا الله، شهدت أن محمد رسول الله، يقول هذا في الركعتين الأوليين، ويدعو، إذا قضى تشهده، بما بدا له، فإذا قضى تشهده، وأراد أن يسلم، قال: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
قلت: إسناده صحيح.
وروى النسائي (2/ 243)، وابن ماجه (902)، والحاكم (1/ 399)، كلهم من طريق، أيمن بن نابل، قال: حدثنى أبو الزبير، عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن، بسم الله وبالله، التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أسأل الله الجنة، وأعوذ بالله من النار.
قال الحاكم (1/ 399): صحيح من شرط البخاري. اهـ.
قلت: أيمن بن نابل روى له البخاري في المتابعات، كما قال ابن عدي. وقد وثقه ابن معين، وقال يعقوب بن شيبة: مكي صدوق، وإلى ضعف ما هو. اهـ. وقال أبو حاتم: شيخ. اهـ. وقال النسائي: لا بأس به. اهـ. وقال الدارقطني: ليس بالقوي، خالف الناس. اهـ. وقد ضعف الحديث جمع من الحفاظ.
قال الزيعلي في نصب الراية (1/ 421)، لما نقل كلام الحاكم: قال النووي في الخلاصة: وهو مردود، فقد ضعفه جماعة من الحفاظ، هم أجل من الحاكم وأتقن، وممن ضعفه البخاري، والترمذي، والنسائي، والبيهقي، قال الترمذي: سألت البخاري عنه، فقال: هو خطأ. اهـ. وقال ابن الجنيد في سؤالاته ليحيى بن معين (31): قلت ليحيى بن معين: حديث الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن طاووس، وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: كان يعلمنا التشهد، قلت: ورواه معتمر بن سليمان، عن أيمن بن نابل، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله؟ قال يحيى: هذا خطأ، الحديث حديث الليث بن سعد. اهـ.
قلت: ووجه الخطأ، هو أن أيمن بن نابل خالف الليث بن سعد، فرواه عن أبي الزبير وجعله من مسند جابر، وأما الليث بن سعد فقد رواه عن أبي الزبير فجعله من مسند ابن عباس كما سبق، وهو الصواب.
قال البيهقي (2/ 142): قال أبو عيسى: سألت البخاري، عن هذا الحديث، فقال: هو خطأ، والصواب ما رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاووس، عن ابن عباس. وهكذا رواه عبدالرحمن بن
حميد الرواسبي، عن أبي الزبير، مثل ما روى الليث بن سعد. وقال في أحدى الروايتين: عن عمر، وابن عمر، وعائشة. اهـ.
وقال مسلم في كتابه التمييز (ص 188): عن هذه الرواية من التشهد: والتشهد غير ثابت الإسناد والمتن جميعا، والثابت ما رواه الليث، وعبدالرحمن بن حميد .. ، ثم ذكر حديث ابن عباس، وقال: فقد اتفق الليث، وعبدالرحمن بن حميد الرواسبي، عن أبي الزبير، عن طاووس، وروى الليث، فقال: عن سعيد بن جبير، وواحد كل من هذين عند أهل الحديث، أثبت في الرواية من أيمن. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 413): وقد أنكره الدارقطني، عن أيمن بن نابل، وقيل: إن المحفوظ، ما رواه الليث، عن الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاووس، عن ابن عباس، وقال النسائي: ولا نعلم أحدا تابع أيمن على هذا الحديث. وخالفه الليث بن سعد في إسناده، وأيمن عندنا لا بأس به، والحديث خطأ. اهـ.
وأعل الحديث أيضا عبدالحق الإشبيلي، فقال في الأحكام الوسطى (1/ 409): أحسن حديث أبي الزبير، عن جابر، ما ذكر فيه سماعه منه، ولم يذكر السماع في هذا فيما أعلم. اهـ. وتعقبه ابن القطان، في كتابه بيان الوهم والإيهام (4/ 298).
وسبق الكلام على حديث أبي الزبير، عن جابر.
قال الترمذي في العلل الكبير (1/ 228): سألت محمدا، عن هذا الحديث، فقال: هو غير محفوظ هكذا، يقول: أيمن بن نابل، عن أبي الزبير، عن جابر، وهو خطأ. والصحيح ما رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن
ابن جبير وطاووس، عن ابن عباس، وهكذا رواه عبدالرحمن الرواسي، عن أبي الزبير مثل رواية الليث بن سعد. اهـ.
* * *
(162)
والصلاة على النبي فيه. أي في التشهد الأخير، لحديث كعب السابق.
رواه البخاري (4797)، ومسلم (1/ 305)، وأبو داود (976 - 978)، والنسائي (3/ 47)، كلهم من طريق، الحكم قال سمعت عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية؟، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
ورواه البخاري (3370) من طريق عبدالله بن عيسى، أنه سمع عبدالرحمن بن أبي ليلى به.
وروى أحمد (1/ 162)، والنسائي (3/ 48)، كلاهما من طريق، محمد بن بشر، ثنا مجمع بن يحيى الأنصاري، ثنا عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله! كيف الصلاة عليك قال: قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
قلت: رجاله لا بأس بهم.
ورواه النسائي (3/ 48) قال: أخبرنا عبيدالله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا شريك، عن عثمان بن موهب به.
قال ابن القيم في جلاء الأفهام (ص 37): احتج الشيخان بعثمان بن عبدالله بن موهب، عن موسى بن طلحة. اهـ.
وروى النسائي في عمل اليوم والليلة (47)، قال: أخبرنا حاجب بن سليمان، قال: حدثنا ابن أبي فديك، قال: حدثنا داود بن قيس، عن نعيم بن عبدالله المجمر، عن أبي هريرة قال: قلنا يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم.
قلت: رجاله لا بأس بهم عموما، وحاجب بن سليمان بن بسام المنبجي، وهو وإن كان ثقة؛ إلا أن له أوهام.
قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (2/ 115): قال الدارقطني في العلل: لم يكن له كتاب، إنما كان يحدث من حفظه، وذكر له حديثا وهم في متنه. اهـ. وقال: مسلمة بن قاسم، روى عن عبدالمجيد بن أبي رواد وغيره، أحاديث منكرة، وهو صالح يكتب حديثه. اهـ.
وقد خالف فيه مالك كما سبق، في حديث أبي مسعود، وقد أعله النسائي لما رواه في عمل اليوم الليلة (ص 34) قال: خالفه مالك بن أنس، رواه عن نعيم بن عبدالله، عن محمد بن عبدالله بن زيد، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (205): سألت أبي، عن حديث رواه داود بن قيس، عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: قد عرفنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك، رواه مالك، عن نعيم المجمر، عن
محمد بن عبدالله بن زيد، عن أبي مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبي: حديث مالك أصح، وحديث داود خطأ .... اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 193 - 194): رواه داود بن قيس المدني، أحد الثقات، عن نعيم فخالف مالكا في سنده.
ولما ذكر إسناده قال: هذا حديث صحيح، ونقل قول البزار: لا نعلم رواه عن نعيم- يعني، عن أبي هريرة- إلا داود بن قيس.
ثم قال الحافظ ابن حجر: قلت: رجاله رجال الصحيح، وقد رجح الدارقطني رواية مالك، وأما علي بن المديني فمال إلى الجمع بين الروايتين، فقال: كنت أظن داود بن قيس سلك الحجة؛ لأن نعيما معروف بالرواية، عن أبي هريرة، فلما تدبرت الحديث وجدت لفظه غير لفظ الحديث الآخر، فجوزت أن يكون عند نعيم بالوجهين. اهـ.
وروى البخاري (3369)، ومسلم (1/ 306)، وأبو داود (979)، والنسائي (3/ 49)، وأحمد (5/ 44)، كلهم من طريق، مالك- وهو في الموطأ (1/ 165) -، عن عبدالله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، عن عمرو بن سليم الزرقي، أخبرني أبو حميد الساعدي، أنهم قالوا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
وروى مسلم (1/ 305)، وأبو داود (980)، والترمذي (3218)، والنسائي (3/ 45)، وأحمد (4/ 118)، والبيهقي (2/ 246)، والدارمي (1/ 309 - 310)، كلهم من طريق مالك- وهو في الموطأ (1/ 165 -
166) -، عن نعيم المجمر، أن محمد بن عبدالله بن زيد الأنصاري، أخبره، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ فسكت، ثم قال: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم.
زاد الجميع في أسانيدهم عبدالله بن زيد، الذي أرى النداء مع محمد بن عبدالله بن زيد كلاهما، عن أبي مسعود به، عدا أحمد ومالك والدارمي لم يذكروا عبدالله بن زيد.
ورواه ابن خزيمة (1/ 351 - 352)، والحاكم (1/ 401)، كلاهما من طريق، أبي بكر محمد ابن إسحاق، نا أبو الأزهر وكتبه في أصله، نا يعقوب بن إبراهيم، حدثنى أبي، عن ابن إسحاق، قال: وحدثنى في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا المرء المسلم صلى عليه في صلاته، محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبدالله بن زيد بن عبد ربه، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده، فقال: يا رسول الله أما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك؟، قال: فصمت حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله ثم قال: ..... فذكره.
قال الحاكم (1/ 401): هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. اهـ.
وتعقبه ابن القيم في جلاء الأفهام (ص 31) فقال: وفي هذا نوع مساهلة
منه، فإن مسلما لم يحتج بابن إسحاق في الأصول، وإنما أخرج له في المتابعات والشواهد، وقد أعلت هذه الزيادة بتفرد ابن إسحاق بها، ومخالفة سائر الرواة له في تركهم ذكرها، وأجيب، عن ذلك بجوابين:
أحدهما: أن ابن إسحاق ثقة، لم يجرح بما يوجب ترك الاحتجاج به، وقد وثقه كبار الأئمة، وأثنوا عليه بالحفظ والعدالة، اللذين هما ركنا الرواية.
والجواب الثاني: أن ابن إسحاق إنما يخاف من تدليسه، وهنا قد صرح بسماعه للحديث من محمد بن إبراهيم التيمي، فزالت تهمة تدليسه.
وقد قال الدارقطني في هذا الحديث، وقد أخرجه من هذا الوجه: وكلهم ثقات، هذا قوله في السنن، وأما في العلل فقد سئل عنه، فقال: يرويه محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبدالله بن زيد، عن أبي مسعود، حدث به محمد بن إسحاق. ورواه نعيم المجمر، عن محمد بن عبدالله بن زيد أيضا. واختلف، عن نعيم فرواه مالك بن أنس، عن نعيم، ومحمد، عن أبي مسعود، حدث به عنه كذلك القعنبي، ومعن، وأصحاب مالك. ورواه حماد بن مسعدة، عن مالك، عن نعيم، فقال: عن محمد بن زيد، عن أبيه، ووهم فيه. ورواه داود بن قيس الفراء، عن نعيم، عن أبي هريرة، خالف فيه مالكا، وحديث مالك أولى بالصواب. قلت- ألقائل ابن القيم-: وقد اختلف على ابن إسحاق في هذه الزيادة، فذكرها عنه إبراهيم بن سعد كما تقدم. ورواه زهير بن معاوية، عن ابن إسحاق بدون ذكر الزيادة. كذلك قال عبد بن حميد في مسنده، عن أحمد بن يونس. والطبراني في المعجم: عن عباس بن الفضل، عن أحمد بن يونس، عن زهير، والله أعلم». انتهى ما نقله وقاله ابن القيم.
وروى النسائي (3/ 48)، وفي الكبرى (1214 و 7624)، وفي عمل اليوم
والليلة (52)، وأحمد (1/ 162) برقم (1396) كلاهما من طريق عثمان بن عبدالله بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: قلنا، يا رسول الله كيف الصلاة عليك، قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
قال الألباني: صحيح. صحيح سنن النسائي (1290).
وروى أحمد (5/ 353)، قال: حدثنا يزيد بن هارون، أنا إسماعيل، عن أبي داود، عن بريدة الخزاعي، قال: قلنا يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك، قال: قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
قلت: إسناده ضعيف جدا، لأن فيه أبا داود، وهو نفيع بن الحارث متروك. وقد اتهمه ابن معين، قال ابن القيم في جلاء الأفهام (ص 49): أبو داود هو نفيع بن الحارث الأعمى، وإن كان متروكا يطرح الحديث: فالعمدة على ما تقدم
…
اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (7181): متروك، وقد كذبه ابن معين. اهـ.
* * *
(163)
لحديث: وختامها التسليم.
سبق تخريجه برقم (113).
* * *
(164)
قوله: صلوا كما رأيتموني أصلي.
تقديم تخريجه من حديث مالك بن الحويرث.
* * *
(165)
: التشهد الأول وجلسته للأمر به في حديث ابن عباس.
رواه مسلم (1/ 302)، والنسائي (2/ 242)، وأبو داود (974)، وابن ماجه (900)، والترمذي (290)، وأحمد (1/ 292)، والبيهقي (2/ 140)، كلهم من طريق، الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاووس، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، التحيات المباركات، الصلوات الطيبات .... إلى آخره.
وسبق جملة من الأحاديث قبل عدة أحاديث.
* * *
(166)
قوله: إذا سها أحدكم فليسجد.
أخرجه مسلم (1/ 400) - المساجد- (88)، وأبو داود- الصلاة- باب من قال: يتم على أكبر ظنه- (1029)، والترمذي- الصلاة- باب ما جاء في الرجل يصلي فيشك في الزيادة والنقصان- (396)، والنسائي (3/ 27) - السهو- باب إتمام المصلي على ما ذكر إذا شك- (1238، 1239)، وابن ماجه (1/ 380) - إقامة الصلاة- باب السهو في الصلاة- (1204)، وأحمد (3/ 37، 5، 51، 53، 72)، وعبد الرزاق (2/ 304 - 3463)، وابن أبي شيبة (2/ 25) - الصلاة- باب في الرجل يصلي فلا يدري زاد أو نقص- من حديث أبي سعيد الخدري.
وأخرجه أحمد (3/ 12)، وأبو داود (1029)، وعبد الرزاق (1/ 140)، وابن حبان الموارد (187)، والحاكم (1/ 227)، كلهم من طريق، يحيى بن أبي كثير، حدثني عياض. قال: سألت أبا سعيد الخدري فقلت: أحدنا يصلي فلا يدري كم صلى؟ قال: فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم فلم يدركم صلى، فليسجد سجدتين وهو جالس، وإذا جاء أحدكم الشيطان، فقال: إنك أحدثت فليقل كذبت، إلا ما وجد ريحا بأنفه، أو سمع صوتا بأذنه. هذا لفظ أحمد والحاكم.
أما لفظ ابن حبان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء أحدكم الشيطان، فقال: إنك قد أحدثت، فليقل في نفسه: كذبت، حتى يسمع صوتا بأذنه، أو يجد ريحا بأنفه. اهـ.
قال الحاكم (1/ 227): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإن
عياضا، هذا هو ابن عبدالله بن سعد بن أبي سرح، وقد احتجا جميعا به، ولم يخرجا هذا الحديث؛ لخلاف من أبان بن يزيد العطار فيه، عن يحيى بن أبي كثير، فإنه لم يحفظه، فقال: عن يحيى، عن هلال بن عياض، أو عياض بن هلال، وهذا لا يعلله لإجماع يحيى بن أبي كثير على إقامة هذا الإسناد عنه، ومتابعة حرب بن شداد فيه. كذلك رواه هشام بن أبي عبدالله الدستوائي، وعلي بن المبارك، ومعمر بن راشد، وغيرهم، عن يحيى بن أبي كثير. اهـ.
وقال الذهبي في التلخيص: على شرطهما، وتركاه لخلاف أبان العطار، عن يحيى، فإنه لم يحفظه، فقال: عن يحيى، عن هلال بن عياض، أو عياض بن هلال. وأيضا فقد تابع حربا معمر، وهشام الدستوائي، وعلي بن المبارك. اهـ.
قلت: وقع في إسناده اختلاف، فقيل عياض بن هلال. وقيل هلال بن عياض. وقد أخرج الوجهين أبو داود (1029)، ثم قال أبو داود: قال معمر وعلى بن المبارك: عياض بن هلال. وقال الأوزاعي عياض بن أبي زهير. اهـ.
ورواه ابن ماجه (514)، قال: حدثنا أبو كريب ثنا المحاربي، عن معمر بن راشد، عن الزهري، أنبأنا سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن التشبه في الصلاة. فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
قال في الزوائد: رجاله ثقات. إلا أنه معلل بأن الحفاظ من أصحاب الزهري؛ رووا عنه، عن سعيد بن عبدالله بن زيد. وكان الإمام أحمد ينكر حديث المحاربي، عن معمر، إلا أنه لم يسمع من معمر، لا سيما كان يدلس. اهـ.
وروى البخاري (1232)، ومسلم (1/ 398)، كلاهما من طريق، مالك،
عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدكم إذا قام يصلي، جاءه الشيطان فلبس عليه، حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم، فليسجد سجدتين وهو جالس.
وروى الترمذي (398)، وابن ماجه (1209)، كلاهما من طريق، محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس، عن عبدالرحمن بن عوف قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سها أحدكم في صلاته، فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين، فليبن على واحدة، فإن لم يدر اثنتين صلى أو ثلاثا، فليبن على اثنتين، فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا، فليبن على ثلاث، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم.
قلت: في إسناده محمد بن إسحاق بن يسار، إمام المغازي، صدوق اشتهر بالتدليس. وكذا أيضا مكحول الشامي رمي بالتدليس، وكلاهما لم يصرحا بالتحديث.
قال الترمذي (2/ 65): هذا حديث حسن غريب صحيح. اهـ.
ورواه الحاكم (1/ 47. - 471) من طريق عمار بن مطر الرهاوي، ثنا عبدالرحمن بن ثابت، عن أبيه، عن مكحول، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، عن عبدالرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سها في صلاته، في ثلاث وأربع فليتم، فإن الزيادة خير من النقصان.
قال الحاكم (1/ 471): هذا حديث مفسر صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. اهـ. وتعقبه الذهبي في التلخيص فقال: بل عمار تركوه. اهـ. والحديث قواه الألباني في السلسلة في الصحيحة (3/ 341 - 342).
* * *
(167)
قوله في حديث ابن مسعود: فإذا زاد الرجل أو نقص في صلاته فليسجد سجدتين. رواه مسلم.
رواه مسلم (1/ 403)(572) من طريق حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإما زاد أو نقص، قال إبراهيم: وايم الله ما جاء ذاك إلا من قبلي، قال: فقلنا يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء، فقال: لا، قال: فقلنا له الذي صنع، فقال إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين، قال: ثم سجد سجدتين.
* * *
(168)
روى ابن مسعود: أن النبي صلى خمسا، فلما انفتل قالوا: إنك صليت خمسا، فانفتل ثم سجد سجدتين، ثم سلم. متفق عليه.
رواه البخاري (1226)، ومسلم (1/ 402 - 403)، وأبو داود (1019)، والترمذي (392)، والنسائي في المجتبى (3/ 32)، وفي الكبرى (578)، والدارمي (1/ 352)، وأبو يعلى (5279)، وابن خزيمة (1056)، و (1057)، وابن حبان (2658)، والشاشي (308)، و (309)، و (310)، و (312)، والطبراني في الكبير (9841)، والبيهقي في السنن (2/ 341 - 342)، والبغوي (756)، كلهم من طريق، إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا، فقيل له: أزيدت الصلاة، فقال: وما ذاك؟ قال: صليت خمسا، فسجد سجدتين بعدما سلم. هذا لفظ البخاري.
وله ألفاظ أخرى عند مسلم.
* * *
(169)
: عفي لأمتي، عن الخطأ والنسيان.
قلت: لم أجده بهذا اللفظ.
قال الشيخ الألباني في الإرواء (1/ 123): ولكن لم أجده بلفظ: عفي، وإنما رواه ابن عدى فى الكامل (ق 312/ 1) من طريق عبدالرحيم بن زيد العمى، حدثنى أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا، بلفظ: عفا لي، عن أمتي، الخطأ، والنسيان، والاستكراه. وعبدالرحيم هذا كذاب، وأبوه ضعيف. والمشهور فى كتب الفقه والأصول بلفظ: رفع، عن أمتى
…
ولكنه منكر كما سيأتى والمعروف. اهـ.
قلت: روى ابن ماجه (2045)، قال: حدثنا محمد بن المصفى الحمصي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وضع، عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه.
ورواه البيهقي (7/ 356 - 357)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 154) من طريق محمد بن المصفى به.
قلت: محمد بن المصفى الحمصي، قال عنه أبو حاتم في الجرح والتعديل 8/ 104: صدوق. أ. هـ. و الوليد بن مسلم القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، ولكن لم يصرح بباقي الإسناد.
قال ابن كثير في تحفة الطالب (1/ 271): إسناده جيد. اهـ.
قلت: ظاهر إسناده الصحة، لكن أعل بأن فيه انقطاع.
ورواه ابن حبان في الموارد (1498)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 95)، والدارقطني (4/ 17. - 171)، والحاكم (2/ 198)، والبيهقي
(7/ 356)، و (10/ 61)، كلهم من طريق، الربيع بن سليمان المرادي، ثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس به مرفوعا.
قال ابن أبي حاتم في العلل (1296): سألت أبي، عن حديث رواه ابن المصفى، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن الله عز وجل وضع، عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. وروى ابن المصفى، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس مثله، وعن الوليد، عن نافع، عن ابن عمر مثله. وعن الوليد، عن ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك: قال أبي: هذه أحاديث منكرة، كأنها موضوعة. وقال أبي: لم يسمع الأوزاعي هذا الحديث، عن عطاء، أنه سمعه من رجل لم يسمه. أتوهم أنه عبدالله بن عامر أو إسماعيل بن مسلم، ولا يصح هذا الحديث. ولا يثبت إسناده. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في المحرر (2/ 750): رواه ابن ماجه من رواية عطاء عنه، ورواته صادقون. وقد أعل. اهـ. ونقل كلام أبي حاتم السابق.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 301 - 302): قال عبدالله بن أحمد في العلل، سألت أبي عنه: فأنكره جدا، وقال: ليس يروى هذا إلا، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونقل الخلال، عن أحمد، قال: من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع، فقد خالف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن الله أوجب في قتل النفس الخطأ الكفارة. يعني من زعم ارتفاعها على العموم في خطاب الوضع والتكليف. قال محمد بن نصر في كتاب الاختلاف في باب:
طلاق المكره: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع، عن هذه الأمة، الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه. إلا أنه ليس له إسناد يحتج بمثله. " انتهى ما نقله وقال الحافظ ابن حجر.
ونقل ابن الملقن في البدر المنير (4/ 179)، إعلال الإمام أحمد، وقول البيهقي: جود إسناد هذا الحديث بشر بن بكر وهو من الثقات. اهـ.
وصحح الحديث الحاكم. فقال: صحيح على شرط الشيخين. اهـ. ووافقه الذهبي.
وتعقبه ابن رجب فقال في جامع العلوم والحكم (ص 350): هذا إسناد صحيح في ظاهر الأمر، ورواته كلهم محتج بهم في الصحيحين، وقد أخرجه الحاكم. وقال: صحيح على شرطهما. كذا قال: ولكن له علة. اهـ.
وقال النووي في المجموع (6/ 309): رواه البيهقي بأسانيد صحيحة. اهـ. وقال في الفتاوى (ص 138): حديث حسن حجة. اهـ. وقال في الأربعين (ص 47): حديث حسن، رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (5/ 161): رجاله ثقات، إلا أنه أعل بعلة غير قادحة. فإنه من رواية الوليد، عن الأوزاعي، عن عطاء عنه، وقد رواه بشر بن بكر، عن الأوزاعي، فزاد عبيد بن عمير بين عطاء وابن عباس. اهـ.
ونحوه قال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 176).
وكذا قوى الحديث النووي، والحافظ ابن حجر، بناء على ظاهر الإسناد، وفيه نظر. فقد جزم أبو حاتم، والإمام أحمد، بضعف هذا الحديث كما سبق.
وأيضا فإن الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، وإن صرح هو بالتحديث في هذا الإسناد. إلا أنه لا بد من التصريح بالتحديث في جميع
طبقات السند.
ولهذا قال البوصيري في تعليقه على زوائد ابن ماجه: إسناده صحيح، إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع، بدليل زيادة عبيد ابن نمير في الطريق الثاني!!، وليس ببعيد أن يكون السقط من جهة الوليد بن مسلم. فإنه كان يدلس. اهـ.
ورواه الطبراني في الكبير (11/ 133 - 134)(11274) من طريق علي بن عبد العزيز، حدثنا معلى بن مهدي الموصلي، حدثنا مسلم بن خالد الزنجي، حدثني سعيد هو العلاف، عن ابن عباس بنحوه.
قلت: في إسناده سعيد العلاف. قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص 351): وهو سعيد بن أبي صالح، قال أحمد: وهو مكي. قيل له: كيف حاله؟ قال: لا أدري، وما علمت أحدا روى عنه غير مسلم بن خالد، قال أحمد: وليس هذا مرفوعا، إنما هو عن ابن عباس. قوله: نقل ذلك عنه مهنا، ومسلم بن خالد ضعفوه. وقال أيضا ابن رجب: وروي من وجه ثالث: من رواية بقية بن الوليد، عن علي الهمداني، عن أبي جمرة، عن ابن عباس مرفوعا، خرجه حرب، ورواية بقية، عن مشايخه المجاهيل لا تساوي شيئا. اهـ.
وروى ابن ماجه (2043) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا أيوب بن سويد، ثنا أبو بكر الهذلي، عن شهر بن حوشب، عن أبي ذر الغفاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز، عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه أبا بكر الهذلي البصري، واسمه سلمى بن
عبدالله بن سلمى، وهو ضعيف فقد قال ابن معين عنه: ليس بشيء. اهـ. وقال أبو زرعة: ضعيف. اهـ. وقال أبو حاتم: لين الحديث. يكتب حديثه ولا يحتج بحديثه. اهـ. وقال النسائي: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه، ا. هـ. وقال أيضا النسائي وعلي بن الجنيد: متروك الحديث. اهـ. وضعفه أيضا ابن المديني، والدارقطني، ويعقوب بن سفيان، وابن عمار، وأبو إسحاق الحربي وغيرهم.
وبه أعله البوصيري في تعلقيه على زوائد ابن ماجه، وأيضا في إسناده شهر بن حوشب وسبق الكلام عليه. وقيل: إنه لم يسمع من أبي ذر، لهذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 302): فيه شهر بن حوشب. وفي الإسناد انقطاع أيضا. اهـ.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 182): في إسناده شهر بن حوشب وقد تركوه، أي: طعنوا فيه. اهـ.
وروى مسلم (1/ 116) من طريق آدم بن سليمان، مولى خالد، قال: سمعت سعيد بن جبير، يحدث، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] قال: دخل قلوبهم منها شيء، لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا، فقال: فألقي الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال: قد فعلت، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال: قد فعلت، {وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا} [البقرة: 286]. قال: قد فعلت.
وروى مسلم (1/ 117)، نحوه، عن أبي هريرة.
ولما ذكر الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 124)، الحديثين، قال: وقول ابن رجب وليس واحد منهما مصرحا برفعه، لا يضره، فإنه لا يقال من قبل الرأي، فله حكم المرفوع كما هو ظاهر. اهـ.
ولحديث أبي هريرة طريق أخرى عند ابن ماجه، ذكرها ابن الملقن في البدر المنير (4/ 181)، وقوي إسناده.
* * *
(170)
روي أن ابن الزبير: شرب في التطوع.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 249 - 1590)، قال: حدثونا، عن يحيي بن يحيي، قال: ثنا هشيم، عن منصور، عن أبي الحكم قال: رأيت ابن الزبير يشرب الماء وهو في الصلاة.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتين:
1 -
لأنه ورد من طريق هشيم بن بشير الواسطي، وهو مدلس ولم يصرح بالسماع.
2 -
شيوخ ابن المنذر مجاهيل.
* * *
(171)
لقصة ذي اليدين.
رواه البخاري (1228)، ومسلم (1/ 403)، وأبو داود (1008)، والترمذي (399)، والنسائي (3/ 22)، ومالك في الموطأ (1/ 93)، كلهم من طريق أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشى ركعتين ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد، فوضع يده عليها، وفي القوم أبي بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وخرج سرعان الناس، فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم رجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين، فقال: يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: لم أنس ولم تقصر، فقال: بلى، قد نسيت، فصلى ركعتين ثم سلم، ثم كبر ثم سجد مثل سجوده، أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر، ثم وضع رأسه فكبر، فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر. وللحديث طرق كثيرة.
قلت: وله الفاظ عدة، ساق الحافظ في البلوغ بعضها.
فقد رواه مسلم (1/ 403) من طريق، ابن عيينة، عن أيوب به وفيه: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشى، إما الظهر وإما العصر وكذا رواه من طريق حماد، عن أيوب به.
ورواه مسلم (1/ 404) من طريق، داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، أنه قال: سمعت أبا هريرة يقول: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ..... فذكر نحوه.
ورواه أيضا مسلم (1/ 404) من طريق، يحيى، حدثنا أبو سلمة، حدثنا
أبو هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين من صلاة الظهر، ثم سلم، فأتاه رجل من بني سليم فقال: يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نسيت؟ وساق الحديث.
وعند أبي داود رواية قال النبي صلى الله عليه وسلم: لم أنس ولم تقصر الصلاة، فقال: بل نسيت يا رسول الله، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم فقال: أصدق ذو اليدين فأومأوا- إي نعم- فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقامه ......
ورواه أبو داود (1012) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، وعبيدالله بن عبدالله، عن أبي هريرة بهذه القصة وقال: ولم يسجد سجدتي السهو حتى يقنه الله ذلك.
* * *
(172)
قوله صلى الله عليه وسلم: إن صلاتنا هذه، لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين. رواه مسلم.
رواه مسلم (1/ 381)، وأبو داود (930)، والنسائي (3/ 14 - 15)، وأحمد (5/ 447)، والبغوي في شرح السنة (3/ 237 - 239)، والبيهقي (2/ 249 - 250)، كلهم من طريق، يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله!، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: وثكل أمياه! ما شأنكم؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي!، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما نهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
* * *
(173)
لآن النبي وأبا بكر وذي اليدين تكلموا في صلاتهم.
سبق تخريجه برقم (171).
* * *
(174)
لرده صلى الله عليه وسلم على ابن مسعود بعد السلام.
أخرجه أبو داود- الصلاة- باب رد السلام في الصلاة (924)، والنسائي (3/ 19) - السهو- باب الكلام في الصلاة- (1221)، والحميدي (94)، وأحمد (1/ 377)(3575)، وفي (1/ 435)(4145)، وفي (1/ 463)(4417)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 455) - الصلاة- باب الإشارة في الصلاة، وابن حزم في المحلى (4/ 2)، والبيهقي (2/ 260) - الصلاة- باب من رأى أن يرد بعد الفراغ من الصلاة- من طريق عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن عبدالله بن مسعود. قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فيرد علينا السلام، حتى قدمنا من أرض الحبشة، فسلمت عليه، فلم يرد علي، فأخذني ما قرب وما بعد
…
قلت: في إسناده عاصم بن بهدلة، وقد خف ضبطه.
قال الحافظ ابن رجب في الفتح (6/ 362): عاصم، هو: ابن أبي النجود، كان يضطرب في حديث زر وأبي وائل، فروى الحديث تارة، عن زر، وتارة، عن أبي وائل. قال الطبراني: ورواه عبد الغفار بن داود الحراني، عن ابن عيينة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله. قال: فإن كان حفظه، فهو غريب. قلت: ليس هو بمحفوظ، إنما المحفوظ رواية: سفيان، عن عاصم. أهـ
وقال الألباني: حسن صحيح. اهـ.
وأخرجه النسائي (3/ 18)، وفي الكبرى (563)، و (1144) قال: أخبرنا محمد بن عبدالله بن عمار، قال: حدثنا ابن أبي غنية، واسمه يحيى بن عبد الملك، والقاسم بن يزيد الجرمي، عن سفيان، عن الزبير بن عدي، عن
كلثوم، عن عبدالله بن مسعود، قال: كنت آتي النبي، وهو يصلي، فأسلم عليه، فيرد علي، فأتيته، فسلمت عليه، وهو يصلي، فلم يرد علي، فلما سلم أشار إلى القوم، فقال: إن الله، عز وجل، يعني أحدث في الصلاة، أن لا تكلموا إلا بذكر الله، وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين.
وأصله في الصحيحين: أن ابن مسعود سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فلم يرد عليه.
فقد أخرجه البخاري (2/ 78)، ومسلم (2/ 71)، وأبو داود (923)، وأحمد (1/ 376)(3563)، وابن خزيمة (855)، وفي (858)، كلهم من طريق سليمان الأعمش، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا؟، فقال: إن في الصلاة لشغلا. وفي رواية لأبي داود قال: كنا نسلم في الصلاة، ونأمر بحاجتنا، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلمت عليه، فلم يرد علي السلام، فأخذني ما قدم وما حدث، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: أن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث: أن لا تكلموا في الصلاة، فرد علي السلام.
وروى مسلم (1/ 383)، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث (ح)، وحدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة وهو يسير، قال قتيبة: يصلي فسلمت عليه فأشار إلي، فلما فرغ دعاني فقال: إنك سلمت آنفا وأنا أصلي وهو موجه حينئذ قبل المشرق.
ورواه مسلم (1/ 383) من طريق، زهير، حدثني أبو الزبير، عن جابر قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق، فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته، فقال لي بيده: هكذا- وأومأ زهير بيده- ثم كلمته، فقال لي هكذا- فأومأ زهير بيده نحو الأرض- وأنا أسمعه يقرأ يومئ فلما فرغ قال: ما فعلت في الذي أرسلتك له؟ فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي.
ورواه البيهقي (2/ 258) من طريق سفيان، عن أبي الزبير به، وفيه قال: فسلمت عليه فرد علي إشارة. اهـ.
وروى الترمذي (368)، وأبو داود (927)، والبيهقي (2/ 259)، كلهم من طريق، هشام بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لبلال: كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم، حين يسلمون عليه وهو يصلي؟، قال: يقول هكذا، وبسط كفه.
قلت: إسناده صحيح. وقد صححه الترمذي في العلل الكبير (1/ 249)، والنووي في الخلاصة (1/ 508)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (185) (1/ 310): سنده صحيح على شرط الشيخين. اهـ.
ورواه النسائي (3/ 5)، قال: أخبرنا محمد بن منصور المكي، قال: حدثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، قال: قال: ابن عمر: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مسجد قباء ليصلي فيه، فدخل عليه رجال يسلمون عليه، فسألت صهيبا وكان معه، كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع إذا سلم عليه، قال: كان يشير بيده.
قلت: إسناده قوي.
قال الترمذي (2/ 41): وكلا الحديثين عندي صحيح، لأن قصة حديث
صهيب غير قصة حديث بلال، وإن كان ابن عمر روى عنهما، فاحتمل أن يكون سمع منهما جميعا. اهـ.
وروى النسائي (3/ 6)، وفي الكبرى (546)، و (1112)، وأحمد (4/ 263) برقم (18508) كلاهما من طريق محمد بن علي ابن الحنفية، عن عمار، قال: أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي، فرد عليه.
ورواه عن محمد بن علي كل من الزبير المكي محمد بن مسلم، وعطاء بن أبي رباح.
قال ابن رجب في فتح الباري (6/ 421 ـ 422): وخرجه الإمام أحمد، من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن محمد بن علي- هو: ابن الحنفية- عن عمار فذكره. وخرجه البزار في مسنده، وعنده: فرد عليه إشارة. وحمله ابن عيينة، على أنه رد عليه بالقول قبل تحريم الكلام، وأن رده انتسخ. ونقل ابن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين، أنه قال: هذا الحديث خطأ. ورواه ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، أن عمارا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الرواية مرسلة، وهي أصح. وكذا رواه عبد الرزاق في كتابه، عن ابن جريج، عن عطاء، عن محمد بن علي بن حسين مرسلا. قال ابن جريج: ثم لقيت محمد بن علي بن حسين، فحدثني به. فتبين بهذا: أن محمد بن علي الذي روى هذا الحديث، عن عمار هو أبو جعفر الباقر، وليس هو ابن الحنفية، كما ظنه بعضهم. وقول ابن معين: إنه خطأ، يشير إلى من قال: عن ابن الحنفية- هو خطأ. وأما رواية أبي الزبير، عن محمد بن علي: - هو: ابن الحنفية- فهو ظن من بعض الرواة، فلا نحكم به. وروايات حماد بن سلمة، عن أبي الزبير غير قوية. ولعل أبا الزبير رواه عن أبي جعفر- أيضا- أو، عن
عطاء، عنه ودلسه. أو لعل حماد بن سلمة أراد حديث أبي الزبير، عن جابر، أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فأشار إليه. اهـ.
وقال الألباني في صحيح النسائي (1188): صحيح الإسناد. اهـ.
وروى أبو داود (925)، والنسائي (3/ 5)، والترمذي (367)، وفي العلل الكبير (1/ 248)، والبيهقي (2/ 258)، كلهم من طريق الليث، عن بكير، عن نابل صاحب العباء، عن ابن عمر، عن صهيب صاحب رسول الله، قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلمت عليه، فرد علي إشارة، ولا أعلم إلا أنه قال: بإصبعه. هذا لفظ النسائي، وعند أبي داود بلفظ: ولا أعلمه إلا قال: إشارة بإصبعه. وقال أبو داود: وهذا لفظ حديث قتيبة.
قلت: الليث في هذا الإسناد هو ابن سعد، كما صرح به البيهقي، والترمذي في العلل الكبير، وهو ثقة جليل. وأما نابل صاحب العباء، فهو من التابعين كما ذكره مسلم. وقال النسائي: ليس بالمشهور. اهـ. وقال في موضع آخر: ثقة. اهـ. وقال البرقاني: قلت للدارقطني: نابل صاحب العباء ثقة، أن لا. اهـ.
وقد ذكره ابن حبان في الثقات.
ويظهر أن الأولى توثيقه، وذلك لتوثيق النسائي له، لأنه من الأئمة المتقدمين الذين أدركوا عصر الرواية، ثم هو كبار التابعين ولم أجد شيئا ينكر عليه.
والحديث صححه الترمذي كما في العلل الكبير (1/ 248 - 249).
* * *
(175)
روى أحمد وابن ماجه، عن علي قال: كان لي مدخلان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار، فإذا دخلت عليه وهو يصلي تنحنح لي.
رواه النسائي (3/ 12)، وابن ماجه (3708)، كلاهما من طريق مغيرة، عن الحارث بن نجي العتكلي، عن علي: كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان، فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح لي.
ورواه النسائي (3/ 12)، وأحمد (1/ 77)، وابن خزيمة (2/ 54)، كلهم من طريق الحارث العتكلي، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن عبدالله بن نجي، عن علي بمثله.
قلت: وهذا الحديث مختلف في إسناده، وفيه انقطاع، فإن ابن نجي لم يسمعه من علي، بل يرويه، عن أبيه، عن علي. كما في جامع التحصيل لأحكام المراسيل (ص 217).
فقد رواه النسائي (3/ 12)، قال: أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنى شرحبيل يعني ابن مدرك، قال: حدثنى عبدالله بن نجي، عن أبيه قال: قال لي علي: كانت لي منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لأحد من الخلائق، فكنت آتيه كل سحر، فأقول: السلام عليك يا نبي الله، فإن تنحنح انصرفت إلى أهلي، وإلا دخلت عليه.
قلت: نجي الحضرمي الكوفي فيه جهالة، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد. اهـ.
وهو تابعي ولم أجد له كثير حديث، ولم أستطع أن أميز حاله، فأنا أتوقف فيه، ولم أجد من وثقه غير العجلي، وظاهر كلام ابن حبان تضعيفه إذا انفرد.
وقد اختلف في متنه أيضا.
قال ابن خزيمة (2/ 54): قال جرير: عن المغيرة، عن الحارث وعمارة، عن الحارث يسبح، وقال أبو بكر بن عياش، عن المغيرة: ينحنح. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 303): رواه من حديث أبي بكر بن عياش، عن مغيرة بلفظ: فنحنح بدل فسبح. وكذا رواه ابن ماجه، وصححه ابن السكن، قال البيهقي: وهذا مختلف في إسناده ومتنه، قيل: سبح، وقيل: تنحنح، قال: ومداره على عبدالله بن نجي، قلت: واختلف عليه، فقيل: عنه، عن علي، وقيل: أبيه، عن علي، وقال يحيى بن معين: لم يسمعه عبدالله من علي، بينه وبين علي أبوه. اهـ.
وقال الألباني رحمه الله في تمام المنة (ص 312): هذا الحديث ضعيف لا تقوم به حجة، وله ثلاثة علل: ضعف راويه، واضطراب إسناده ومتنه، ففي رواية سبح بدل تنحنح، ولذلك ضعفه البيهقي وغيره، وقال النووي في المجموع: وضعفه ظاهر بين. اهـ.
* * *
(176)
قوله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم من الركعتين، فلم يستتم قائما فليجلس، فإن استتم قائما، فلا يجلس وليسجد سجدتين. رواه أبو داود وابن ماجه من حديث المغيرة بن شعبة.
أخرجه أبو داود- الصلاة- باب من نسي أن يتشهد وهو جالس- (1036)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء فيمن قام من ثنتين ساهيا- (1208)، وأحمد (4/ 253، 253 - 254)، وعبد الرزاق (1/ 310) - الصلاة- باب القيام فيما يقعد فيه- (53483)، والدارقطني (1/ 378 - 379) - الصلاة- باب الرجوع إلى القعود قبل استتمام القيام، والبيهقي (2/ 343) - الصلاة- باب من سها فقام من اثنتين ثم ذكر قبل أن يستتم قائما- كلهم من طريق جابر الجعفي، عن المغيرة بن شبيل الأحمسي، عن قيس بن أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة به.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه جابر- وهو ابن يزيد الجعفي- ضعيف. وباقي رجاله ثقات.
قال ابن رجب في الفتح (6/ 446): وجابر الجعفي، ضعفه الأكثرون. اهـ. وبه أعل الحديث ابن الملقن في البدر المنير (2/ 443)، والحافظ ابن حجر في التلخيص (2/ 9).
وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 391): وهذا غير ثابت، وقد خالف شعبة الثوري في إسناده. اهـ.
وقال الشيخ الألباني: صحيح بطرقه. فقد تابعه إبراهيم بن طهمان
الخراساني، وقيس بن الربيع الأسدي، كما هو عند الطحاوي في شرح معاني الآثار. اهـ.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 440) - الصلاة- باب سجود السهو في الصلاة هل هو قبل التسليم أم بعده؟ - من طريق قيس بن الربيع، وإبراهيم بن طهمان، عن المغيرة بن شبيل، عن قيس بن أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة.
وأصل الحديث عند أحمد، وأبي داود، والترمذي، عن المغيرة: أنه صلى، فنهض في الركعتين، فسبحوا به فمضى، فلما أتم صلاته سجد سجدتي السهو، فلما انصرف قال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع ما صنعت. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. اهـ.
وروى ابن خزيمة (1032)، والحاكم (1/ 322)، وأحمد بن منيع (668)، كلهم من طريق أبي معاوية، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن سعد رضي الله عنه أنه نهض في الركعتين فسبحوا به، فاستتم قائما ثم سجد سجدتي السهو حتى انصرف قال: كنتم تروني أجلس؟ إنما صنعت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع.
قال أبو عثمان عمرو بن محمد الناقد: لم نسمع أحد يرفع هذا غير أبي معاوية. - وقال ابن خزيمة: لا أظن أبا معاوية إلا وهم في لفظ هذا الإسناد.
قلت: إسناده ظاهره الصحة.
وصححه الحاكم (1/ 322)، والضياء في المختارة (1037، 1038).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال الألباني: إسناده صحيح. اهـ.
وروي موقوفا كما عند عبدالرزاق (2/ 310)(3486)، وأبو يعلى كما في المقصد (317).
* * *