المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب صلاة التطوع (177) قوله صلى الله عليه وسلم: الوتر ركعة - روضة الممتع في تخريج أحاديث الروض المربع - جـ ٢

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

فهرس الكتاب

‌باب صلاة التطوع

(177)

قوله صلى الله عليه وسلم: الوتر ركعة من آخر الليل. رواه مسلم.

أخرجه مسلم (752)(154)، والنسائي في المجتبى (3/ 232)، وفي الكبرى (1397)، وأبو عوانة (2/ 333 - 334)، والمروزي في قيام الليل (ص 122)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 277)، والبيهقي في السنن (3/ 22) من طريق همام، عن قتادة، وسمعت أبا مجلز، سمعت ابن عمر يحدث، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الوتر ركعة من آخر الليل.

* * *

ص: 5

(178)

قول عائشة: كان رسول الله يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة. وفي لفظ: يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة.

أخرجه البخاري (2/ 31 و 61)، ومسلم (2/ 165)، وأبوداود (1335)، وفي (1337)، وابن ماجه (1177)، و (1358)، وفي (1358)، والترمذي (440)، وفي الشمائل (271)، والنسائي (2/ 30)، وفي الكبرى (1575)، وأحمد (6/ 34)، وفي (6/ 248)، كلهم من طريق ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة. قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، ويسجد سجدة قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية، ثم يرفع رأسه، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر، ركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن بالإقامة فيخرج معه.

رواية مالك ومعمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين.

وأما اللفظ الثاني، وفيه: يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة: فأخرجه مسلم (1/ 508) - صلاة المسافرين- (122)، والنسائي (2/ 30) - الأذان- باب إيذان المؤذنين الأئمة بالصلاة- (685)، وأبو داود- الصلاة- باب في صلاة الليل- (1336)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في كم يصلي بالليل- (1358)، والدارمي (1/ 310) - الصلاة- باب كم الوتر- (1593)، وأحمد (6/ 74، 83، 215)، وأبو عوانة (2/ 326) من حديث عائشة.

ص: 6

وروى مالك في الموطأ (1/ 120)، وعنه رواه البخاري (1147)، ومسلم (1/ 509)، والنسائي (3/ 334)، والبغوي في شرح السنة (4/ 54)، كلهم من طريقه، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، أنه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟، فقالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا، فلا تسأل، عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسأل، عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، قالت عائشة، قلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي.

وروى البخاري (8/ 95)، وأحمد (5/ 432) برقم (24065)، و (5/ 432) برقم (24067)، كلاهما من طريق الزهري، قال: حدثني عبدالله بن ثعلبة بن صعير العذري- قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مسح وجهه زمن الفتح؛ أنه رأى سعد بن أبي وقاص، وكان سعد قد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بركعة واحدة بعد صلاة العشاء- يعني العتمة- لا يزيد عليها، حتى يقوم من جوف الليل.

وأخرجه أحمد (5/ 432) برقم (24066) قال: حدثنا يزيد بن عبد ربه، قال: حدثنا محمد بن حرب، قال: حدثني الزبيدي، عن الزهري، عن عبدالله بن ثعلبة بن صعير العذري، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مسح وجهه زمن الفتح.

* * *

ص: 7

(179)

قول أم سلمة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع، وبخمس، لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام. رواه أحمد ومسلم.

رواه ابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع- (1192)، والنسائي في السنن الصغرى (3/ 239) - قيام الليل- باب كيف الوتر بخمس- (1714، 1715)، وفي السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (13/ 31 - 18214)، وأحمد (6/ 29، 31، 321)، وعبدالرزاق (3/ 27 - 4668)، وأبو يعلى (12/ 398)(6963)، والمروزي في قيام الليل (ص 125)، والخطيب البغدادي في تاريخه (5/ 138)، كلهم من طريق منصور، عن الحكم، عن مقسم، عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع، أو بخمس، لا يفصل بينهن بتسليم ولا كلام.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي.

قال في الفتح الرباني (4/ 297): سنده جيد. اهـ.

وهذا الحديث من الأحاديث التي قال عنها شعبة بن الحجاج، والإمام أحمد ابن حنبل: إن الحكم بن عتيبة سمعها من مقسم. انظر: العلل للأمام أحمد بن حنبل (1/ 216، 217)، جامع التحصيل في أحكام المراسيل (ص 167).

لكن قال ابن أبي حاتم في العلل (450): سألت أبي، عن حديث رواه علي بن ميمون الرقي، عن مخلد بن يزيد الحراني، عن سفيان، عن منصور، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع، وخمس، ولا يفصل بينهن بتسليم ولا بكلام. قال أبي: هذا حديث منكر. اهـ. هكذا قال في الإسناد: عن ابن عباس، عن أم سلمة.

ص: 8

ولم أجده عند مسلم من حديث أم سلمة بهذا اللفظ، وإنما وجدته عنده من حديث عائشة ولفظه: كان رسول يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخرها. صحيح مسلم (1/ 508) - صلاة المسافرين- (123).

وروى ابن خزيمة (1079 و 1105)، قال: حدثنا علي بن سهل الرملي، حدثنا مؤمل بن إسماعيل، حدثنا عمارة بن زاذان، حدثنا ثابت، عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع ركعات، فلما أسن وثقل أوتر بسبع، وصلى ركعتين وهو جالس، يقرأ فيهن بالرحمن، والواقعة. قال أنس: ونحن نقرأ بالسور القصار: {إِذَا زُلْزِلَتِ} ، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، ونحوهما.

قال البيهقى فى سننه (3/ 33): وكان البخاري رحمه الله، يقول: عمارة بن زاذان ربما يضطرب في حديثه. أ. هـ.

وقال الألباني فى التعليق على ابن خزيمة: إسناده ضعيف، عمارة بن زادان، قال الحافظ: صدوق كثير الخطأ. وقد صح الحديث، عن عائشة دون ذكر السورتين. خرجته في صحيح أبي داود، وقد مضى في الكتاب (1073)، دون ذكر القراءة فيهما وهو رواية لأبي داود وفى الموضع الثانى: إسناده ضعيف عمارة بن زاذان كثير الخطأ، كما في التقريب، وقريب منه مؤمل بن إسماعيل. اهـ.

وروى أحمد (5/ 260) برقم (22601) قال: حدثنا عبد الصمد، حدثني أبي، حدثنا عبد العزيز يعني ابن صهيب. وفي (5/ 269) برقم (22669)، قال: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا عمارة، يعني ابن زاذان. كلاهما (عبد العزيز، وعمارة)، عن أبي غالب، عن أبى أمامة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم-

ص: 9

يوتر بتسع، حتى إذا بدن وكثر لحمه أوتر بسبع، وصلى ركعتين وهو جالس، فقرأ بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} ، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} .

ورواية عبد العزيز بن صهيب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليهما بعد الوتر، وهو جالس، يقرأ فيهما {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} ، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} .

ضعفه ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (1/ 175). فقال: سنده ضعيف لأجل عمار بن زاذان. وقد ضعفه الأئمة البخاري، وأبوداود، وأحمد، وغيرهم. وإن كان أبو زرعة وابن عدي قالا: لا بأس به.

وقال المقدسي في الذخيرة (1718): رواه عمارة بن زاذان، عن أبي غالب، عن أبي أمامة. وعمارة لابأس به. أهـ. وقال الهيثمي في المجمع (3449): رواه أحمد والطبراني في الكبير، وزاد: و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . ورجال أحمد ثقات. اهـ

وروى الترمذي (460)، وأحمد (1/ 89) برقم (678)، وفي (685)، وعبد بن حميد (68) كلهم من طريق أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع سور من المفصل- قال أسود: يقرأ في الركعة الأولى-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} ، و {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ، و {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} ، وفي الركعة الثانية:{وَالْعَصْرِ} ، و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} ، و {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} ، وفي الركعة الثالثة:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، و {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .

رواه عن أبي إسحاق كل من أبي بكر وإسرائيل.

قال الألباني: ضعيف جدا، ضعيف سنن الترمذي (69)، التعليق على مشكاة المصابيح (1281).

ص: 10

(180)

قول عائشة: ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعو وينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليما يسمعناه.

رواه مسلم (1/ 508) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب قالا: حدثنا عبدالله بن نمير. (ح)، وحدثنا ابن نمير، حدثنا أبي، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخرها.

وأخرجه مسلم (1/ 513 - 514) - صلاة المسافرين- (39)، وأبوداود- باب في صلاة الليل- (1342 - 1345)، والنسائي في الصغرى (3/ 240 - 242) - قيام الليل- باب كيف الوتر بسبع، وباب كيف الوتر بتسع- (1719 - 1725)، وفي الكبرى كما في تحفة الأشراف (11/ 404)(16098)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع- (1191)، وأحمد (6/ 54، 168، 236)، وعبد الرزاق (3/ 40)(4714) من حديث عائشة، بألفاظ عدة.

* * *

ص: 11

(181)

من روية أبي هريرة، وأنس، وابن عباس: وإن قنت قبله بعد القراءة جاز، لما روى أبو داود، عن أُبي كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الوتر قبل الركوع.

أخرجه أبو داود (1423)، وابن ماجه (1171)، وفي (1182)، والنسائي (3/ 235)، وفي الكبرى (1436)، وفي عمل اليوم والليلة (734)، كلهم من طريق سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى، عن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات، كان يقرأ في الأولى

بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وفى الثانية بـ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثالثة بـ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ويقنت قبل الركوع، فإذا فرغ قال عند فراغه: سبحان الملك القدوس، ثلاث مرات، يطيل في آخرهن.

- قال أبو عبدالرحمن النسائي، عقب رواية سفيان، عن زبيد: وقد روى هذا الحديث غير واحد، عن زبيد، فلم يذكر أحد منهم فيه، أنه يقنت قبل الركوع.

وأخرجه أبو داود معلقا (2/ 135) - الصلاة- باب القنوت في الوتر- (1427)، والنسائي (4/ 235) - قيام الليل- (1699)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في القنوت قبل الركوع وبعده- (1182)، والدارقطني (2/ 31) - الوتر- باب ما يقرأ في ركعات الوتر والقنوت فيه- (1، 2)، والبيهقي (3/ 39 - 40) - الصلاة- باب من قال يقنت في الوتر قبل الركوع.

وعزاه الحافظ ابن حجر لأبي علي ابن السكن. كما في التلخيص الحبير (2/ 18).

ص: 12

والحديث رواه البيهقي من حديث أبي بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس، وضعفها كلها، قال الخلال، عن أحمد: لا يصح فيه، عن النبي شيء، ولكن عمر كان يقنت. انظر: التلخيص الحبير (2/ 18).

فقد أخرجه ابن ماجه (1183) قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا سهل بن يوسف، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: سئل، عن القنوت في صلاة الصبح؟ فقال: كنا نقنت قبل الركوع وبعده. وفي رواية: عن حميد، عن أنس، قال: قلت له: كيف كنتم تقنتون؟ قال: كل ذلك، قبل الركوع وبعده.

قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 603)(370): صححه أبو موسى المديني. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 491): إسناده قوي. اهـ

وقال البوصيري في الزوائد (2/ 727)(322): وإسناد حديث أنس بالنسبة لرواية ابن ماجه صحيح. اهـ

وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/ 195)(971).

* * *

ص: 13

(182)

حديث الحسن بن علي، قال: علمني النبي صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر، وليس فيه: ولا يعز من عاديت. رواه البيهقي وأثبتها فيه، ورواه النسائي مختصرا وفي آخره: وصلى الله على محمد.

رواه أبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي (3/ 248)، وابن ماجه (1178)، وأحمد (1/ 199)، والبيهقي (2/ 209)، وابن خزيمة (2/ 151)، كلهم من طريق، أبي إسحاق، عن بريدة بن أبي مريم، عن أبي الحوراء السعدي، قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت.

وزاد الطبراني والبيهقي: ولا يعز من عاديت، زاد النسائي من وجه آخر في آخره: وصلى الله تعالى على النبي.

قلت: الحديث إسناده قوي. قال الترمذي (2/ 109): هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث الحوراء السعدي. اهـ. وقال ابن عبدالهادي في المحرر (259): وهو مما ألزم الشيخان تخريجه. اهـ. وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والنووي في الأذكار (ص 48 - 49)، والألباني في الإرواء (2/ 172).

ورواه البيهقي (2/ 209) من طريق، إسرائيل، عن أبي إسحاق به، وزاد في آخره: ولا يعز من عاديت، وقد وقع في إسناد البيهقي التردد، في جعله من مسند الحسن أو الحسين. وتابعه شريك، وزهير، وأبوالأحوص، كلهم، عن

ص: 14

أبي إسحاق به، بذكر الزيادة، كما عند الطبراني في الكبير (3/ 2703 و 2704 و 2705).

ورواه أيضا الطبراني في الكبير (3/ 2707) من طريق شعبة، عن بريد بن أبي مريم به، وفيه ذكر الزيادة، وصحح هذا الإسناد الألباني في الإرواء (4/ 173).

وهذه الزيادة موجودة، في بعض نسخ أبي داود، من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق به.

قال النووي في الخلاصة (1/ 455، 457): رواه الثلاثة بإسناد صحيح، وقال: وجاء في رواية ضعيفة للبيهقي زيادة: ولا يعز من عاديت، وفي رواية للنسائي بإسناد صحيح أو حسن قال: تباركت ربنا وتعاليت، وصلى الله على النبي. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 265)، عن زيادة: ولا يعز من عاديت: هذه الزيادة ثابتة في الحديث، إلا أن النووي قال في الخلاصة: إن البيهقي رواها بسند ضعيف، وتبعه ابن الرفعه في المطلب، فقال: لم تثبت هذه الرواية، وهو معترض. اهـ. ثم ذكر طريق البيهقي، وذكر أن الإمام أحمد رواه من مسند الحسين بغير تردد، من حديث شريك، عن أبي إسحاق به. مثل إسناد البيهقي، ثم قال الحافظ ابن حجر: هذا وإن كان الصواب خلافه، والحديث من حديث الحسن، لا من حديث أخيه الحسين، فإنه يدل على أن الوهم فيه من أبي إسحاق السبيعي، فلعله ساء فيه حفظه، فنسي هل هو الحسن أو الحسين، والعمدة في كونه الحسن، على رواية يونس بن أبي إسحاق، عن بريد، وعلى رواية شعبة .. اهـ.

ص: 15

ورواه النسائي من وجه آخر، كما أشار الحافظ في البلوغ، فقال النسائي في السنن (3/ 248): حدثنا ابن وهب، عن يحيى بن عبدالله بن سالم، عن موسى بن عقبة، عن عبدالله بن علي، عن الحسن بن علي، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر قال: قل اللهم اهدني فيمن هديت ..... وفي آخره قال: تباركت ربنا وتعاليت، وصلى الله على النبي محمد.

قلت: إسناد هذه الزيادة ضعيف، لأن عبدالله بن علي إن كان جده الحسين بن علي فالإسناد منقطع، وإن كان غيره فهو لا يعرف.

لهذا قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 146): هذه الزيادة في هذا السند غريبة لا تثبت، لأن عبدالله بن علي لا يعرف. وقد جوز الحافظ عبدالغني أن يكون هو عبدالله بن علي بن الحسين بن علي، وجزم المزي بذلك، فإن يكن كما قال فالسند منقطع، فقد ذكر ابن سعد، والزبير بن بكار، وابن حبان: أن أمه، أم عبدالله بنت الحسن بن علي، وهو شقيق أبي جعفر الباقر، ولم يسمع من جده الحسن بن علي، بل الظاهر أن جده مات قبل أن يولد، لأن أباه زين العابدين أدرك من حياة عمه الحسن نحو عشر سنين فقط، فتبين أن هذا السند ليس من شرط الحسن؛ لانقطاعه أو جهالة راو، ولم ينجبر بمجيئه من وجه آخر، ويؤيد انقطاعه أن ابن حبان ذكره في أتباع التابعين من الثقات، فلو كان سمعه من الحسن لذكره في التابعين. اهـ.

ولما ذكر الحافظ ابن حجر سند هذه الزيادة، في التهذيب (5/ 284)، في ترجمة عبدالله بن علي بن الحسين بن علي، قال: إن كان هو صاحب الترجمة، فلم يدرك جده الحسن بن علي؛ لأن والده علي بن الحسين لما

ص: 16

مات عمه الحسن كان دون البلوغ. اهـ. وبهذا يتبين أن النووي أبعد في تصحيح هذه الزيادة .. أ. هـ.

وقد تعقبه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 264 - 265)، لما نقل كلام النووي، قال: وليس الأمر كذلك، فإنه منقطع، فإن عبدالله بن علي وهو بن الحسن بن علي، لم يلحق الحسن بن علي، وقد اختلف على موسى بن عقبة في إسناده، فروى عنه شيخ ابن وهب هكذا، ورواه محمد بن أبي جعفر بن أبي كثير، عن موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم بسنده، ورواه الطبراني، والحاكم، ورواه أيضا الحاكم من حديث إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن الحسن بن علي، فقال: اختلف فيه على موسى بن عقبة كما ترى، وتفرد يحيى بن عبدالله بن سالم عنه، بقوله: عن عبدالله بن علي، وبزيادة: الصلاة فيه. اهـ

وأخرجه النسائي (3/ 248)، وفي الكبرى (1447)، و (8047) قال: أخبرنا محمد بن سلمة، قال: حدثنا ابن وهب، عن يحيى بن عبدالله بن سالم، عن موسى بن عقبة، عن عبدالله بن علي، عن الحسن بن علي، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات، في الوتر، قال: قل: اللهم اهدني فيمن هديت، وبارك لي فيما أعطيت، وتولني فيمن توليت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت، وصلى الله على النبي محمد.

قال النووي في المجموع (3/ 496): هذا لفظه في رواية النسائي، بإسناد صحيح أو حسن. اهـ

ص: 17

وتعقبه ابن حجر في التلخيص (1/ 605) فقال: وليس كذلك فإنه منقطع، فإن عبدالله بن علي وهو ابن الحسين بن علي، لم يلحق الحسن بن علي، وقد اختلف على موسى بن عقبة في إسناده. فروى عنه شيخ ابن وهب هكذا، ورواه محمد بن أبي جعفر بن أبي كثير، عن موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم بسنده، رواه الطبراني، والحاكم، ورواه أيضا الحاكم من حديث إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن الحسن بن علي، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري، إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود، فقال: اختلف فيه على موسى بن عقبة كما ترى، وتفرد يحيى بن عبدالله بن سالم عنه، بقوله: عن عبدالله بن علي، وبزيادة الصلاة فيه.

تنبيه: ينبغي أن يتأمل قوله في هذا الطريق: إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود. فقد رأيت في الجزء الثاني من فوائد أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني تخريج الحاكم له، قال: ثنا محمد بن يونس المقري، قال: ثنا الفضل بن محمد البيهقي، ثنا أبو بكر بن شيبة المدني الحزامي، ثنا ابن أبي فديك، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة بسنده، ولفظه: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول في الوتر قبل الركوع فذكره، وزاد في آخره: لا منجا منك إلا إليك. اهـ

وقال الألباني في الإرواء (431): وهذا سند ضعيف

قلت (القائل الألباني): ولذلك قال العز بن عبد السلام فى الفتاوى (ق 66/ 1): ولم تصح الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القنوت، ولا ينبغى أن يزاد على صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ. وهذا هو الحق الذى يشهد به كل من علم كمال الشريعة

ص: 18

وتمامها، وأنه صلى الله عليه وسلم، ما ترك شيئا يقربنا إلى الله إلا وأمرنا به.

قلت (القائل الألباني رحمه الله: ثم اطلعت على بعض الآثار الثابتة، عن بعض الصحابة، وفيها صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم فى آخر قنوت الوتر، فقلت بمشروعية ذلك، وسجلته فى تلخيص صفة الصلاة فتنبه.

تنبيه: قوله فى رواية الحاكم: إذا رفعت رأسى ولم يبق إلا السجود، فى ثبوته نظر كما سبق بيانه فى آخر الحديث (426). اهـ

وأخرجه أحمد (1/ 200) برقم (1721)، وفي (1725)، وفي (1727)، والدارمي (1591)، وابن خزيمة (2347)، وفي (2348) كلهم من طريق بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء، قال: قلت للحسن: ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة، فألقيتها في فمي، فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها، فألقاها في التمر، فقال له رجل: ما عليك لو أكل هذه التمرة؟ قال: إنا لا نأكل الصدقة. قال: وكان يقول: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة. قال: وكان يعلمنا هذا الدعاء: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنه لا يذل من واليت، وربما قال: تباركت ربنا وتعاليت.

وقال الذهبى في التعليق على المستدرك (4/ 110): سنده قوى. اهـ

وقال الألباني في الإرواء (12)(1/ 44): إسناده صحيح. أما الزيادة في آخر الحديث وهي قوله: وصلى الله على النبي محمد، فقد رويت من طريق موسى بن عقبة، عن عبدالله بن علي بن الحسن، عن الحسن بن علي، وهو سند ضعيف لانقطاعه، حيث إن عبدالله لم يلحق الحسن بن علي، وقد

ص: 19

اختلف على موسى بن عقبة في إسناده. قاله الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 248). اهـ

وروى البيهقي (2/ 209 - 210) من طرق، عن عبدالمجيد بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن عبدالرحمن بن هرمز، أن بريد بن أبي مريم أخبره، قال: سمعت ابن عباس ومحمد بن علي وهو ابن الحنفية بالخيف، يقولان: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح، وفي وتر الليل بهؤلاء الكلمات: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت.

ورواه أيضا البيهقي (2/ 210) من طريق الوليد بن مسلم، ثنا ابن جريج به. وجعله من مسند ابن عباس وحده بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا دعاء، ندعو به في القنوت، في صلاة الصبح: اللهم اهدنا

فذكره.

قلت: عبدالرحمن بن هرمز ليس هو الأعرج، وهو متأخر عنه في الطبقة، ولم أظفر بترجمة له.

ولهذا قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 144): ابن هرمز مجهول، والأكثر أن اسمه عبدالرحمن، وليس هو الأعرج، الثقة المشهور. اهـ.

وقال أيضا الحافظ ابن حجر أيضا في التلخيص الحبير (2/ 264): عبدالرحمن بن هرمز، يحتاج إلى الكشف، عن حاله، وليس هو الأعرج .... اهـ.

وقال الألباني في الإرواء (2/ 174): لم أجد من ذكر عبدالرحمن هذا، أما

ص: 20

الأعرج فهو ثقة معروف. اهـ.

وقد اختلف في اسمه أيضا، فقد قال البيهقي (2/ 210): وكذلك رواه صفوان الأموي، عن ابن جريج، إلا أنه قال، عن عبدالله بن هرمز. اهـ.

وقال الحافظ في التلخيص الحبير (2/ 264): والأول أقوى. اهـ. وعبدالله بن هرمز المكي، ضعفه أحمد، وابن معين، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم. اهـ

* * *

ص: 21

(183)

روى الخمسة، عن علي، أن النبي كان يقول ذلك في آخر وتره، ورواته ثقات.

أخرجه أبوداود (1427)، وابن ماجه (1179)، والترمذي (3566)، وأحمد (1/ 96)(751)، وفي (1/ 118)(957)، وعبد بن حميد (81)، وعبد الله بن أحمد (1/ 150)(1295)، والنسائي (3/ 248)، وفي الكبرى (1448)، و (7705) كلهم من طريق حماد بن سلمة، حدثني هشام بن عمرو الفزاري، عن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن علي بن أبي طالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر الوتر: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

ورواه عن حماد كل من يزيد بن هارون، وبهز بن أسد، وأبو كامل، وموسى بن إسماعيل، وإبراهيم بن الحجاج الناجي، وسليمان، وهشام أبي الوليد.

قلت: عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: صالح. أ. هـ. وقال أبو حاتم: شيخ. أ. هـ. وقال النسائي: ليس بالقوي. أ. هـ. وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد كان ثقة. أ. هـ ..

وهشام بن عمرو الفزاري فيه جهالة، قال الحافظ ابن حجر في التقريب (7302): مقبول من الخامسة ع. أ. هـ.

قال أبوداود: هشام أقدم شيخ لحماد، وبلغني، عن يحيى بن معين، أنه قال: لم يروعنه غير حماد بن سلمة .. أ. هـ.

ص: 22

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، من حديث علي، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث حماد بن سلمة .. أ. هـ.

وصححه الحاكم (1/ 305).

وقال النووي في الخلاصة (1909): رواه الثلاثة بإسناد حسن أو صحيح. اهـ.

وقال العراقي في المغني في حمل الأسفار (1140): النسائي في اليوم والليلة من حديث علي وفيه انقطاع. اهـ.

وقال الألباني: صحيح. كما في صحيح سنن أبي داود (1282)، والحديث صححه الألباني في الإرواء (2/ 175)، وقال أيضا: رجاله ثقات رجال الصحيح، غير الفزاري هذا ولم يرو عنه غير حماد بن سلمة، ومع ذلك وثقه ابن معين وأبو حاتم، وأحمد، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ.

وروى النسائي، في عمل اليوم والليلة (891) قال: أخبرنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل، عن يزيد، عن إبراهيم بن عبدالله بن عبد القاري، عن علي بن أبي طالب، قال: بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فكنت أسمعه، إذا فرغ من صلاته، وتبوأ مضجعه، يقول: اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، اللهم لا أستطيع ثناء عليك، ولو حرصت، ولكن أنت كما أثنيت على نفسك.

وأخرجه النسائي (892) قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم البرقي، قال: حدثنا يحيى بن حسان، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، قال: حدثنا يزيد بن خصيفة، عن عبدالله بن عبد القاري، عن علي، نحوه.

أخرجه الترمذي، وقال: قال هذا حديث حسن غريب من حديث علي، لا

ص: 23

نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث حماد بن سلمة.

وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (739): رواه أبوداود، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي، من حديث حماد. وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث حماد بن سلمة. وهشام بن عروة الفزاري وثقه الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وأبوحاتم الرازي، وغيرهم.

وقال أبوداود: هشام أقدم شيخ لحماد. وبلغني، عن يحيى بن معين أنه قال: لم يروعنه غير حماد بن سلمة.

وسئل الدارقطني، عن هذا الحديث فقال: روي عن إبراهيم بن الحجاج، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عبدالرحمن بن الحارث، عن علي، وهو وهم، وقال: أسود بن عامر شاذان، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عمرو، عن عبدالرحمن بن الحارث، عن علي، وهو الصحيح. وقد رواه عبدالله بن أحمد، عن إبراهيم بن الحجاج، عن حماد على الصواب، فلعل بعض الرواة، عن إبراهيم غلط فيه، والله أعلم. " أنتهى ما نقله وقاله ابن عبد الهادي.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 171): رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، غير إبراهيم بن عبدالله بن عبد القارئ، وقد وثقه ابن حبان. اهـ.

وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (968): (صحيح)، وأنظر: الارواء (430)، المشكاة (1276)، صحيح أبي داود (1282)، صحيح الترمذي (2824).

* * *

ص: 24

(184)

روى الترمذي، عن عمر: الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء؛ حتى تصلي على نبيك. وزاد في التبصرة: وعلى آل محمد واقتصر الأكثرون على الصلاة عليه.

أخرجه الترمذي (1/ 356) - الصلاة- باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي- (486). قال: ثنا أبو داود سليمان بن سلم المصاحفي البلخي، أخبرنا النضر بن شميل، عن أبي قرة الأسدي، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب قال: إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء، حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم.

قلت: أبا قرة الأسدي مجهول، أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 427)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقد قال عنه الذهبي والحافظ ابن حجر: مجهول. انظر: ميزان الاعتدال (4/ 564)، تقريب التهذيب (ص 666).

وقال الحافظ: أخرجه الواحدي، ومن طريقه الرهاوي في الأربعين، وفي سنده أيضا من لا يعرف. قال الشيخ الألباني: حسن. وقال في الإرواء (2/ 277): ضعيف موقوف .. ، وهذا إسناد ضعيف، علته أبو قرة الأسدى.

قلت: في علة أخرى، لأن في رواية ابن المسيب عن عمر فيها مبحث.

* * *

ص: 25

(185)

قول عمر: كان رسول الله إذا رفع يديه في الدعاء، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه رواه الترمذي.

أخرجه الترمذي (3386)، وعبد بن حميد (39). كلاهما من طريق حماد بن عيسى الجهني، عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، عن سالم بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، ابن عمر، عن عمر بن الخطاب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه. قال محمد بن المثنى في حديثه: لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه.

ورواه عن حماد كل من عبد بن حميد، وأبو موسى، وإبراهيم بن يعقوب.

ورواه الحاكم (1/ 719) من طريق نصر بن علي، وحود بن موسى الخرشي، قالا: ثنا حماد بن عيسى به.

ورواه البزار في مسنده (1/ 243)(129) قال: حدثنا عمر ابن المثنى، نا حماد به.

قال أبو عيسى هذا حديث صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرد به وهو قليل الحديث، وقد حدث عنه الناس. وحنظلة بن أبي سفيان هو ثقة، وثقه يحيى بن سعيد القطان. اهـ.

وقال الطبراني في المعجم الأوسط (7053): لا يروى هذا الحديث، عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به حماد بن عيسى الجهني. اهـ.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه حماد بن عيسى بن عبيدة بن الطفيل الجهني. وقد تكلم فيه. قال ابن معين: شيخ صالح .. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. اهـ. وقال الآجرى، عن أبي داود: ضعيف، روى مناكير.

ص: 26

اهـ. وضعفه الدارقطني.

وقال البزار في مسنده (129): هذا الحديث إنما رواه عن حنظلة حماد بن عيسى، وهو لين الحديث، وإنما ضعف حديثه بهذا الحديث، ولم نجد بدا من إخراجه؛ إذ كان لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، أو من وجه دونه.

وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ (3/ 886): ما هو بالثابت لأنهم ضعفوا حمادًا. اهـ.

وبه أعل الحديث الزيلعي في نصب الراية (3/ 52)، وضعفه العراقي في المغني، عن حمل الأسفار (1/ 260)، وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 250)(2106)، سئل أبو زرعة، عن حديث أبي موسى محمد بن المثني، عن حماد بن عيسى .. ، قال أبو زرعة: هو حديث منكر، أخاف أن لا يكون له أصل. اهـ.

وذكر الحديث ابن مفلح في الفروع (1/ 483)، وأعله بأن من رواية حماد بن عيسى، وهو ضعيف.

ولهذا قال الألباني في الإرواء (2/ 178)، فمثله ضعيف جدا، فلا يحسن حديثه فضلا، عن يصحح! والحاكم مع تساهله لم يخرجه في المستدرك، سكت عليه ولم يصححه، وتبعه الحافظ الذهبي. اهـ.

وأما تصحح الترمذي، فالذي يظهر أنه لا يثبت عنه، لهذا لما ذكر المزي في تحفة الأشراف (8/ 58 - 59)، الحديث وعزاه إلى الترمذي، ونقل عنه أنه قال: غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيس، وقد تفرد به. اهـ. هكذا، لم ينقل عنه تصحيحه. وكذا نقل الزيلعي في نصب الراية (3/ 52)، ثم قال:

ص: 27

قال النووي: وأما قول عبد الحق، قال فيه الترمذي: صحيح، فليس في النسخ المعتمدة، بل فيها أنه غريب، قال: وقد ثبت أنه عليه السلام رفع يديه في الدعاء. ذكرت من ذلك نحو عشرين حديثا- في شرح المهذب. اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 640 ـ 641): وأما حديث عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه في الدعاء، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه فرواه الترمذي والحاكم. وقال الترمذي: غريب، انفرد به حماد بن عيسى. قلت: هو الجهني غريق الجحفة، ضعفوه، وأتى، عن جعفر الصادق وابن جريج بطامات. وقال يحيى بن معين: هذا حديث منكر. وقال ابن أبي حاتم في علله: قال أبو زرعة: هذا حديث منكر، أخاف أن لا يكون له أصل. وقال ابن الجوزي في علله: لا يصح. ونقل عبد الحق في أحكامه أن الترمذي صححه، وقد قيل إنه وجد كذلك في غير ما نسخة منه، لكن ابن الصلاح ثم النووي غلطاه في هذا النقل عنه، فإن يثبت ذلك، عن الترمذي فليس بجيد منه، وينكر على ابن السكن في إدخاله له في سننه الصحاح المأثورة. والله أعلم. اهـ.

وقال النووي في الخلاصة (1522): وأما حديث عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه في الدعاء، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه فرواه الترمذي وقال: حديث غريب، انفرد به حماد بن عيسى، وحماد هذا ضعيف، فهو حديث ضعيف، وأما قول الشيخ عبد الحق في كتابه الأحكام: أن الترمذي قال: هو حديث صحيح، فغلط إنما قال الترمذي: حديث غريب. اهـ.

وقال الألباني: ضعيف. كما في إرواء الغليل (433). انظر: ضعيف الترمذي (671)، ضعيف الجامع (4412).

ص: 28

(186)

روى الدارقطني، عن سعيد بن جبير قال: أشهد أني سمعت ابن عباس يقول: إن القنوت في صلاة الفجر بدعة.

أخرجه الدارقطني (2/ 41) - الوتر- باب صفة القنوت وبيان موضعه- (21)، والبيهقي (2/ 214) - الصلاة- باب من لم ير القنوت في صلاة الصبح- من طريق أبي ليلى عبدالله بن ميسرة، عن إبراهيم بن أبي حرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

ورواه البيهقي (2/ 213)، قال: أخبرنى أبو عبدالرحمن السلمي، أنبأ علي بن عمر، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا محمد بن منصور الطوسي، ثنا شبابة، ثنا عبدالله بن ميسرة أبو ليلى، عن إبراهيم بن أبي حرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن القنوت في صلاة الصبح بدعة.

قال البيهقي (2/ 214): لا يصح، وأبو ليلى الكوفي: متروك، وقد روينا، عن ابن عباس أنه قنت في صلاة الصبح. اهـ.

قلت: الأثر ضعيف، لأن مداره على عبدالله بن ميسرة الحارثي، وهو ضعيف لا يحتج به.

قال الحافظ ابن حجر في التقريب (3652): عبدالله بن ميسرة الحارثي، أبوليلى الكوفي أو الواسطي، ضعيف. كان هشيم يكنيه أبا إسحاق، وأبا عبدالجليل، وغير ذلك، يدلسه من السادسة عس ق. اهـ.

* * *

ص: 29

(187)

عن ابن عباس: أن النبي كان يصلي في شهر رمضان عشرين ركعة.

أخرجه عبد بن حميد (653) قال: حدثني أبو نعيم، عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان، عشرين ركعة، ويوتر بثلاث.

وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 394) - الصلاة- باب كم يصلي في رمضان من ركعة، والطبراني في الكبير (11/ 393)(12102)، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (1/ 240)، والبيهقي (2/ 496) - الصلاة- باب ما روي في عدد ركعات القيام في شهر رمضان، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 115)، والخطيب البغدادي في تاريخه (12/ 45)، وفي الموضح لأوهام الجمع والتفريق (1/ 382) - من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس بنحوه.

قلت: مدار الأسانيد على ابراهيم بن عثمان أبو شيبة العبسى قاضى واسط، قال عنه البخاري في التاريخ الكبير 1/ 310: سكتوا عنه. أ. هـ. وتكلم فيه شعبة كما في الجرح والتعديل 1/ 132. وقال ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين (86): وقال يحيى ليس بثقة وقال أحمد منكر الحديث قريب من الحسن ابن عمارة والحسن متروك الحديث وقال النسائي وأبو الفتح الأزدي هو متروك الحديث وقال أبو زرعة ضعيف وقال أبو حاتم الرازي تركوا حديثه وقال السعدي ساقط. أ. هـ.

وقال البوصيري في إتحاف المهرة (1725): ومدار أسانيدهم على إبراهيم بن عثمان أبي شيبة، وهو ضعيف، ومع ضعفه مخالف لما رواه مسلم

ص: 30

في صحيحه، من حديث عائشة، قالت: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، في رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتي الفجر. اهـ.

وضعف الحديث أيضا البيهقي في السنن الكبرى (2/ 496)، والخطيب في تاريخه (6/ 113)، والهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 172)، والزيلعي في نصب الراية (2/ 153)، والحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/ 254).

قال أيضا الحافظ ابن حجر: وقد عارضه حديث عائشة الذي في الصحيحين: ما كان النبي يزيد في رمضان ولا غيره، على إحدى عشرة ركعة- مع كونها اعلم بحال النبي ليلا من غيرها. اهـ.

وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (832): هذا موضوع، ولوائح الوضع عليه ظاهرة، وآفته عبدالرحيم هذا، فقد قال ابن معين فيه: كذاب خبيث. وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون. وقال ابن حبان (2/ 152): يروي عن أبيه العجائب، مما لا يشك من الحديث صناعته، أنها معمولة أو مقلوبة كلها. ثم رأيت الحديث في العلل لابن أبي حاتم، وقال (1/ 250): هذا حديث منكر، وعبد الرحيم بن زيد متروك الحديث. اهـ.

وروى ابن ماجه (3117) قال: حدثنا محمد بن أبي عمر العدني، حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدرك رمضان بمكة، فصام وقام منه ما تيسر له، كتب الله له مائة ألف شهر رمضان فيما سواها. وكتب الله له بكل يوم عتق رقبة، وكل ليلة عتق رقبة، وكل يوم حملان فرس فى سبيل الله، وفى كل يوم حسنة، وفى كل ليلة حسنة.

قال ابن أبي حاتم في علله (735): قال أبي: هذا حديث منكر،

ص: 31

وعبدالرحيم بن زيد متروك الحديث. اهـ. وقال البيهقي في شعب الإيمان (3/ 347): تفرد به عبد الرحيم بن يزيد وليس بالقوى. على أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسى وهو ضعيف وقد تفرد به، حتى أن شعبة بن الحجاج نسبه إلى الكذب. اهـ.

* * *

ص: 32

(188)

في الصحيحين من حديث عائشة: أنه صلاها ليالي فصلوها معه، ثم تأخر وصلى في بيته باقي الشهر، وقال: إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها.

رواه البخاري (2011 - 2012)، ومسلم (1/ 524)، وأبوداود (1373)، كلهم من طريق، ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة بصلاته ناس. ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة. فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم. فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم قال: وذلك في رمضان.

* * *

ص: 33

(189)

في البخاري: أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب، فصلى بهم التراويح.

رواه البخاري (2010)، قال: حدثنا عبدالله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبدالرحمن بن عبد القاري، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. قال عمر: نعم البدعة هذه. والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون- يريد آخر الليل- وكان الناس يقومون أوله.

وأخرجه البخاري (2/ 252) - صلاة التراويح- باب فضل من قام رمضان، ومالك (1/ 114) - الصلاة في رمضان- (3)، وابن أبي شيبة (2/ 395 - 396) - الصلاة- باب من كان يرى القيام في رمضان، وابن خزيمة (2/ 155 - 1100)، والبيهقي (2/ 493، 494) - الصلاة- باب قيام شهر رمضان (990) بألفاظ عدة.

* * *

ص: 34

(190)

روى أحمد وصححه الترمذي: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.

أخرجه أبو داود- الصلاة- باب في قيام شهر رمضان- (1375)، والترمذي- الصوم- باب ما جاء في قيام شهر رمضان- (806)، والنسائي (3/ 83 - 84) - السهو- باب ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف- (1364)، (3/ 202) - قيام الليل- باب قيام شهر رمضان- (1605)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في قيام شهر رمضان- (1327)، وأحمد (5/ 159، 163)، والطيالسي (ص 63) - (466)، وابن أبي شيبة (2/ 394) - الصلاة- باب من كان يرى القيام في رمضان- وابن خزيمة (3/ 337 - 338) - (2206)، والبيهقي (2/ 494) - الصلاة- باب من زعم أن صلاة التراويح بالجماعة أفضل، والبغوي في شرح السنة (4/ 124) - الصلاة- باب قيام شهر رمضان وفضله- (991)، كلهم من طريق داود ابن أبي هند، عن الوليد بن عبدالرحمن، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر، قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل. فقلت: يا رسول الله: لو نفلتنا قيام هذه الليلة فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة. قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا؛ حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح؟ قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بقية الشهر.

ص: 35

قلت: إسناده قوي. ورجاله ثقات، كلهم رجال مسلم.

ورواه عن داود بن أبي هند، كل من، بشر بن المفضل، ويزيد بن زريع، ومسلمة بن علقمة، ومحمد بن الفضيل. والحديث صحيح، وصححه الترمذي، وابن خزيمة.

* * *

ص: 36

(191)

قوله: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. متفق عليه.

أخرجه البخاري (998) - الوتر- باب ليجعل آخر صلاته وترا، ومسلم (1/ 517 - 518) - صلاة المسافرين- (751)، وأبو داود- الصلاة- باب في وقت الوتر- (1438)، والنسائي (3/ 230 - 231)، قيام الليل- باب وقت الوتر- (1682)، وأحمد (2/ 2، 102، 143)، (2/ 281) - الصلاة- باب من قال يجعل الرجل آخر صلاته بالليل وترا، وابن خزيمة (2/ 144 - 1082)، والبيهقي (3/ 43) - الصلاة- باب من قال يجعل آخر صلاته وترا، (965) - كلهم من طريق عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا.

* * *

ص: 37

(192)

روى الأثرم، عن أبي الدرداء: أنه أبصر قوما يصلون بين الترويح، قال: ما هذه الصلاة؟ أتصلي وإمامك بين يديك؟ ليس منا من رغب عنا.

قال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 118): قال أبو بكر الأثرم وحدثنا أحمد بن حباب، قال: حدثنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد: أن أبا الدرداء أبصر قوما يصلون بين التراويح، فقال: ما هذه الصلاة أتصلي وإمامك قاعد بين يديك، ليس منا من رغب عنا، وقال: من قلة فقه الرجل أن يرى أنه في المسجد وليس في صلاة.

قلت: رجاله لا بأس بهم.

وأخرجه ابن نصر المروزي في قيام الليل (103)، وذكره ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 183).

* * *

ص: 38

(193)

وقول أنس: لا ترجعوا إلا لخير ترجونه.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 399) الصلاة، باب: التعقيب في رمضان، وابن نصر المروزي في قيام الليل (ص 106) من طريق عباد، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس قال: لا بأس به إنما يرجعون إلى خير يرجونه، ويبرؤون من شر يخافونه.

قلت: قتادة بن دعامة السدوسي، وهو مدلس، ولم يصرح بالتحديث.

* * *

ص: 39

(194)

قول ابن عمر: حفظت، عن رسول الله عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح، كانت ساعة لا يدخل على النبي فيها أحد. حدثتني حفصة أنه كان إذا آذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين. متفق عليه.

رواه البخاري (1180)، ومسلم (1/ 504)، والترمذي (433)، وأبوداود (1252)، والنسائي (2/ 119)، والبيهقي (2/ 471)، كلهم من طريق، نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح.

وأخرجه البخاري (2/ 54) - التهجد- باب الركعتين قبل الظهر، والترمذي في السنن (2/ 298) - الصلاة- باب ما جاء أنه يصلي الركعتين بعد المغرب في البيت- (433، 434)، وفي الشمائل (ص 236 - 268، 269)، والنسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف (6/ 51 - 52) - (7462)، وأحمد (2/ 6، 51، 73، 74، 99، 10، 117)، وعبد الرزاق (3/ 65) - (4811، 4812)، وابن أبي شيبة (2/ 202) - الصلاة- باب فيما يجب من التطوع بالنهار، وابن الجارود (ص 105 - 276)، وابن خزيمة (2/ 208) - (1197)، وابن حبان كما في الإحسان (4/ 77، 83) - (2245)، (2464)، وأبويعلى (10/ 155) - (5776)، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (5/ 1694)، والبيهقي (2/ 471) - الصلاة- باب ذكر الخبر الوارد في النوافل، والبغوي في شرح السنة (3/ 444 - 445) - الصلاة- باب السنن

ص: 40

الرواتب- (867) عن ابن عمر بألفاظ عدة.

وأخرجه البخاري (2/ 53) - التهجد- باب التطوع بعد المكتوبة، ومسلم (1/ 405) - صلاة المسافرين- (104)، وأبو داود (2/ 43) - الصلاة- باب تفريع أبواب التطوع وركعات السنة- (1252)، والنسائي (2/ 119) الإمامة- باب الصلاة بعد الظهر- (873)، والدارمي (1/ 275) - الصلاة- باب في صلاة السنة- (1444)، ومالك (1/ 166) - قصر الصلاة في السفر- (69)، وأحمد (2/ 17)، وعبد الرزاق (3/ 64) - (4808، 4809)، وأبوعوانة (2/ 263)، والبيهقي (2/ 471) - الصلاة، والبغوي في شرح السنة (3/ 445) - (868). لكن جاء فيه: وركعتين بعد الجمعة، بدل قوله: وركعتين قبل الصبح.

وروى الترمذي (550)، وأبو داود (1222)، وأحمد (4/ 292)(18784)، وفي (4/ 295)(18806)، وابن خزيمة (1253) كلهم من طريق، عن صفوان بن سليم، عن أبي بسرة الغفاري، عن البراء بن عازب، قال: سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا، فلم أره ترك الركعتين قبل الظهر.

ورواه عن صقوان بن سليم كل من الليث بن سعد، وفليح، ويزيد.

- قال أبو عيسى الترمذي: حديث غريب، وسألت محمد، يعني ابن إسماعيل البخاري، عنه، فلم يعرفه، إلا من حديث الليث بن سعد، ولم يعرف اسم أبي بسرة الغفاري، ورآه حسنا. أ. هـ.

وقال الحاكم فى المستدرك (1/ 460): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. اهـ.

ص: 41

وقال الألبانى فى ضعيف أبى داود (224): وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي بسرة هذا، قال الذهبي في الميزان: لا يعرف؛ فهو علة الحديث. اهـ.

* * *

ص: 42

(195)

قول عائشة: لم يكن النبي على شيء من النوافل، أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر. متفق عليه.

رواه البخاري (1163)، ومسلم (1/ 501)، وأبو داود (1254)، والبغوي في شرح السنة (3/ 452)، كلهم من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل، أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر.

ورواه البخاري (2/ 52) - التهجد- باب تعاهد ركعتي الفجر، ومسلم (1/ 501) - صلاة المسافرين- (94، 95)، وأبو داود (2/ 44) - الصلاة- باب ركعتي الفجر- (1254)، والنسائي كما في تحفة الأشراف (11/ 484) - (16321)، وأحمد (6/ 43، 54، 166، 17، 22، 254)، وعبدالرزاق (3/ 57) - (4777)، وابن أبي شيبة (2/ 240 - 241) - الصلاة- باب في ركعتي الفجر، وأبو عوانة (2/ 264)، وابن خزيمة (2/ 161)(1108، 1109)، والبيهقي (2/ 470) - الصلاة- باب تأكيد ركعتي الفجر. من حديث عائشة بعدة ألفاظ.

وروى مسلم (1/ 501) من طريق أبي عوانة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها. وفي رواية له: لهما أحب إلي من الدنيا جميعا.

* * *

ص: 43

(196)

: أنه قضى ركعتي الفجر مع الفجر حين نام عنهما، وقضى الركعتين اللتين قبل الظهر بعد العصر.

رواه أبو داود (444)، قال: حدثنا عباس العنبري. (ح)، وحدثنا أحمد بن صالح، وهذا لفظ عباس، أن عبدالله بن يزيد حدثهم، عن حيوة بن شريح، عن عياش بن عباس- يعني القتباني- أن كليب بن صبح حدثهم، أن الزبرقان حدثه، عن عمه عمرو بن أمية الضمري، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فنام، عن الصبح حتى طلعت الشمس، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تنحوا، عن هذا المكان، قال: ثم أمر بلالا فأذن، ثم توضئوا وصلوا ركعتي الفجر، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة، فصلى بهم صلاة الصبح.

قلت: رجاله ثقات، وقد سبق تخريجه ضمن باب: الأذان والإقامة للفائتة.

- وفي رواية: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فنام، عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، لم يستيقظوا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالركعتين فركعهما، ثم أقام الصلاة فصلى.

قال ابن الملقن في تحفة المحتاج (474): إسناد صحيح. اهـ.

وقال الألباني في صحيح أبي داود (471): إسناده صحيح، وقال المنذري: حسن. اهـ.

وروى أبو داود (443)، قال: حدثنا وهب بن بقية، عن خالد، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عمران بن حصين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مسير له، فناموا، عن صلاة الفجر، فاستيقظوا بحر الشمس، فارتفعوا قليلا حتى استقلت الشمس، ثم أمر مؤذنا فأذن؛ فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم أقام

ص: 44

ثم صلى الفجر.

قلت: رجاله ثقات، وفي سماع الحسن من عمران بن حصين خلاف.

وأصل الحديث في الصحيحين، فقد رواه البخاري (344)، ومسلم (1/ 474)، كلاهما من طريق، أبي رجاء العطاردي، عن عمران بن حصين، وليس فيه ذكر الأذان ولا الإقامة.

وروى ابن خزيمة (998) قال: حدثنا أبو يحيى، محمد بن عبد الرحيم البزاز، حدثنا عبد الصمد بن النعمان، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، عن بلال، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فنام حتى طلعت الشمس، فأمر بلالا فأذن، فتوضؤوا، ثم صلوا الركعتين، ثم صلوا الغداة.

قال البزار في مسنده (1217): وهذا الحديث قد رواه غير عبد الصمد، عن أبي جعفر، عن يحيى، عن سعيد بن المسيب مرسلا. اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 326): ينظر في سماع سعيد من أبي هريرة وبلال، وفي هذه الرواية أيضا أبوجعفر عيسى بن أبي عيسى ماهان الرازي، وستعرف كلام الأئمة فيه، في باب صفة الصلاة إن شاء الله. اهـ.

وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 1055): وفيه انقطاع بينهما، بين بلال وسعيد، وأما قضاء الركعتين اللتين بعد الظهر، فقد وردت من حديث أم سلمة، وفيه: أنه قضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد العصر. اهـ.

أخرجه البخاري (2/ 67 - 68) - السهو- باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع، (5/ 117) - المغازي- باب وفد عبدالقيس، ومسلم (1/ 571 - 572) - صلاة المسافرين- (297)، وأبوداود (2/ 54 - 55) -

ص: 45

الصلاة- باب الصلاة بعد العصر- (1273)، والنسائي (1/ 281 - 282) - المواقيت- باب الرخصة في الصلاة بعد العصر- (579، 580)، وابن ماجه (1/ 366) - إقامة الصلاة- باب فيمن فاتته الركعتان- (1159)، وأحمد (6/ 293، 303، 304، 306، 309، 31، 311، 315)، وعبد الرزاق (2/ 341) - (397، 3971).

وروى البخاري (1233)، ومسلم (1/ 571)، كلاهما من طريق عبدالله بن وهب، أخبرني عمرو وهو ابن الحارث، عن بكير، عن كريب مولى ابن عباس، أن عبدالله بن عباس، وعبدالرحمن بن أزهر، والمسور بن مخرمة، أرسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعا، وسلها، عن الركعتين بعد العصر، وقل: إنا أخبرنا أنك تصلينها، وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فقالت: سل أم سلمة، فقالت أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها، ثم رأيته يصليهما، أما حين صلاهما فإنه صلى العصر، ثم دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار، فصلاهما، فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي بجنبه فقولي له: تقول أم سلمة: يا رسول الله! إني أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما؟ فإن أشار بيده فاستأخري عنه، قال: ففعلت الجارية، فأشار بيده فاستأخرت، فلما انصرف قال: يا بنت أبي أمية: سألت، عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني ناس من عبدالقيس بالإسلام من قومهم، فشغلوني، عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان. مختصر.

وروى أحمد (5/ 185)(21948) قال: حدثنا حسن بن موسى. وفي (21949) قال: حدثنا يحيى بن إسحاق. كلاهما (حسن، ويحيى)، قالا:

ص: 46

حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا عبدالله بن هبيرة، قال: سمعت قبيصة بن ذؤيب يقول: إن عائشة أخبرت آل الزبير؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عندها ركعتين بعد العصر، فكانوا يصلونها. قال قبيصة: فقال زيد بن ثابت: يغفر الله لعائشة، نحن أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم من عائشة، إنما كان ذلك لأن أناسا من الأعراب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهجير، فقعدوا، يسألونه ويفتيهم، حتى صلى الظهر، ولم يصل ركعتين، ثم قعد يفتيهم، حتى صلى العصر، فانصرف إلى بيته، فذكر أنه لم يصل بعد الظهر شيئا، فصلاهما بعد العصر، يغفر الله لعائشة، نحن أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم من عائشة، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة بعد العصر.

وأخرجه الطبراني في الكبير (4900) من طريق محمد بن معاوية النيسابوري، وفي الشاميين (2142) من طريق عبد الغفار بن داود الحراني، كلاهما، عن ابن لهيعة، به.

قلت: إسناده ضعيف لأن فيه ابن لهيعة.

وأشار الحافظ ابن حجر إلى ضعفه في التلخيص الحبير تحت حديث (271).

وقال الهيثمي (2/ 472): رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه كلام، وروى الطبراني طرفا من آخره في الكبير. اهـ.

* * *

ص: 47

(197)

وقال: من نام، عن الوتر أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكره. رواه الترمذي.

رواه أبو داود- الصلاة- باب في الدعاء بعد الوتر- (1431)، والترمذي- الصلاة- باب ما جاء في الرجل ينام، عن الوتر أو ينساه- (465)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب من نام، عن وتر أو نسيه- (1188)، وأحمد (3/ 44)، والبيهقي- الصلاة- باب من قال يصلي الوتر متى ذكره- (2/ 480)، والحاكم (1/ 443)، كلهم من طريق، زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء ابن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام، عن الوتر أو نسيه، فليصل إذا أصبح أو ذكر.

وقد رواه عن زيد بن أسلم، ابنه عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، كما هو عند الترمذي، وابن ماجه، وأحمد.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه عبدالرحمن بن زيد بن أسلم. ولهذا قال الترمذي (2/ 111): سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يذكر، عن علي بن عبدالله: أنه ضعف عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وقال: عبدالله بن زيد بن أسلم ثقة. اهـ. وقال أيضا الترمذي: أبا داود السجزي، يعني سليمان بن الأشعث، يقول: سألت أحمد بن حنبل، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم؟ فقال: أخوه عبدالله لا بأس به .. أ. هـ. لكنه لم يتفرد به بل تابعه أبو غسان محمد بن مطرف المديني، عن زيد بن أسلم به، كما هو عند أبي داود، والحاكم، والبيهقي، وهو ثقة من رجال الجماعة.

ولهذا قال الحاكم (1/ 444): هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين

ص: 48

ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي، فالحديث بهذه المتابعة إسناده قوي.

وقال ابن عبد الهادي في المحرر (344): رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وقد ضعفه بعض الأئمة، وروي مرسلا. وإسناد أبي داود لا بأس به. وقال الألباني: صحيح. صحيح ابن ماجه (976). الإرواء (422)، تخريج المشكاة (1279).

* * *

ص: 49

(198)

قوله: أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلا ة الليل. رواه مسلم، عن أبي هريرة.

رواه مسلم (2/ 821)، وأبو داود (2429)، والترمذي (438)، وأحمد (2/ 344)، كلهم من طريق، أبي عوانة، عن أبي بشر، عن حميد بن عبدالرحمن الحميري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل.

وروى البخاري (731)، ومسلم (1/ 539 - 540)، وأبو داود (1044)، والنسائي (3/ 198)، والترمذي (450)، والبيهقي (2/ 494)، كلهم من طريق، سالم أبو النضر مولى عمر بن عبيدالله، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت قال: احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخصفه، فصلى فيها، فتتبع إليه رجال، وجاؤوا يصلون بصلاته

الحديث وفيه: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة.

* * *

ص: 50

(199)

في الصحيح مرفوعا: أفضل الصلاة صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه.

أخرجه البخاري (1131)، ومسلم (3/ 165)(2709)، وأبوداود (2448)، وابن ماجه (1712)، والنسائي (3/ 214)، و (4/ 198)، وفي الكبرى (1329)، والحميدي (589)، وأحمد (2/ 160)(6491)، وفي (2/ 206)(6921)، والدارمي (1752)، وابن خزيمة (1145)، كلهم من طريق، عمرو بن دينار، أن عمرو بن أوس أخبره، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، عليه السلام، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ...... ».

وروى أحمد (1/ 314)(2878) قال: حدثنا أبو النضر، قال: حدثنا الفرج بن فضالة، عن أبي هرم، عن صدقة الدمشقى، قال: جاء رجل إلى ابن عباس يسأله، عن الصيام، فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من أفضل الصيام صيام أخى داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5170): رواه أحمد، وصدقه ضعيف، وإن كان فيه بعض توثيق، ولم يدرك ابن عباس. اهـ.

وللحديث طرق أخرى.

وروى مسلم (2/ 818)، وأبو داود (2425)، وابن ماجه (1730)، والترمذي (749)، وأحمد (5/ 308)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 72)، والبيهقي (4/ 282)، والبغوي في شرح السنة (6/ 342)، كلهم

ص: 51

من طريق، غيلان بن جرير، عن عبدالله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه. قال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا. نعوذ بالله من غضب رسوله. فجعل عمر يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه. فقال: عمر: يا رسول الله! كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر، أو قال لم يصم ولم يفطر، قال: كيف من يصوم يومين ويفطر يوما؟ قال: ذاك صوم داود عليه السلام. قال كيف من يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال: وددت أني طوقت ذلك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله. صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله. هكذا رواه مسلم مطولا، ونحوه أبوداود.

وفي رواية لمسلم: وسئل عن يوم الاثنين؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو: أنزل علي فيه.

ورواه عبد الرزاق (4/ 286)، ومن طريقه رواه أحمد (5/ 304)، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن حرملة بن إياس الشيباني، عن أبي قتادة بنحوه.

ورواه أحمد (5/ 307)، قال: ثنا عفان، ثنا همام، عن عطاء بن أبي رباح، ثني أبو الخليل، عن حرملة بن إياس به.

قال الألباني رحمه الله كما في الإرواء (4/ 109): إسناده جيد في المتابعات. وفي تسمية رواية راويه، عن أبي قتادة اختلاف، ذكره الحافظ في ترجمة حرملة. هذا من التهذيب، والصواب كما قال أبو بكر بن زياد

ص: 52

النيسابوري: أنه حرملة المذكور .. اهـ.

وروى أبو يعلى كما في المطالب (1086)، قال: حدثنا عبد الأعلى، ثنا حماد، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن إياس بن حرملة، عن أبي قتادة قال: إن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عن صوم يوم عرفة، ويوم عاشوراء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يوم عاشوراء يكفر العام الذي قبله والذي بعده، وصوم عرفة يكفر العام الذي قبله.

قلت: رجاله ثقات، لكن خولف في سنده ومتنه. لهذا قال الحافظ ابن حجر في تعليقه على المطالب: هذا إسناده مقلوب، ومتن مقلوب، أما الإسناد فالصواب حرملة بن إياس، هكذا أخرجه أحمد وغيره، وأما المتن فالصواب أن يوم عرفة هو الذي يكفر السنتين، وعاشوراء يكفر سنة، كذا أخرجه مسلم وغيره من وجه آخر، عن أبي قتادة رضي الله عنه. اهـ.

قال مسلم في صحيحه (2/ 820)، وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين والخميس؟ فسكتنا، عن ذكر الخميس لما نراه وهما. اهـ.

قلت: وبيان ذلك أن زيادة: الخميس رواها مسلم (2/ 819 - 820) من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن غيلان بن جرير، سمع عبدالله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة به، وفيه قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين؟

، وتابع محمد بن جعفر، يحيى بن سعيد، قال: ثنا شعبة به مرفوعا، وفيه قال: صوم الاثنين والخميس. قال: ذاك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه.

وخالفهم كلا من، النضر بن شميل، وشبابة، ومعاذ العنبري، كلهم، عن شعبة به. كما عند مسلم (2/ 820)، ولم يذكر لفظه.

ص: 53

ورواه روح، عن شعبة به كما عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 77)، ولم يذكر الخميس.

ورواه مسلم (2/ 820) من طريق عبدالرحمن بن مهدي، ثنا مهدي بن ميمون، عن غيلان، عن عبدالله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة به مختصرا، وليس فيه: يوم الخميس.

وتابع مهدي بن ميمون كلا من، حماد بن زيد عند مسلم (2/ 818)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 77)، وأبان بن يزيد العطار عند مسلم (2/ 820)، وقتادة كما عند ابن حبان (8/ 394)، وعبد الرزاق (4/ 284)، وجرير بن حازم كما عند الطحاوي (2/ 77)، كلهم، عن غيلان به، ولم يذكر أحد منهم: الخميس.

* * *

ص: 54

(200)

قوله: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. رواه الخمسة وصححه البخاري.

رواه أبو داود (1295)، والترمذي (597)، والنسائي (3/ 227)، وابن ماجه (1322)، وأحمد (2/ 26)، وابن خزيمة (2/ 264)، والدارمي (1/ 340)، والبيهقي (2/ 487)، كلهم من طريق، شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن علي بن عبدالله البارقي، عن ابن عمر مرفوعا، بلفظ: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.

قال الترمذي (2/ 185): اختلف أصحاب شعبة في حديث ابن عمر، فرفعه بعضهم، وأوقفه بعضهم، وروى عن عبدالله العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، والصحيح ما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الليل مثنى مثنى. وروى الثقات، عن عبدالله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه: صلاة النهار .... اهـ.

وقال النسائي كما في السنن الصغرى (3/ 227): هذا الحديث عندي خطأ. اهـ.

وقال أيضا النسائي في الكبرى (1/ 179): هذا إسناد جيد، ولكن أصحاب ابن عمر خالفوا عليا الأزدي، خالفه سالم، ونافع، وطاووس. اهـ.

وقال أبو داود في مسائله للإمام أحمد (1782): سمعت أحمد قال: كان شعبة يتهيب حديث ابن عمر: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، يعني: يتهيبه للزيادة التي فيه: والنهار؛ لأنه مشهور، عن ابن عمر من وجوه: صلاة الليل ليس فيه: والنهار. وروى نافع: أن ابن عمر كان لا يرى بأسا أن يصلي بالنهار

ص: 55

أربعا، وبعضهم قال: عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يصلي بالنهار أربعا، فنخاف فلو كان حفظ ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة النهار مثنى مثنى، لم يكن يرى أن يصلي بالنهار أربعا، وقد روي عن عبدالله بن عمر قوله: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. والله أعلم. اهـ.

وقال ابن عبدالبر في التمهيد (13/ 135): كان يحيى بن معين يخالف أحمد في حديث علي الأزدي، ويضعفه ولا يحتج به ..... اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 479): ففي السنن وصححه ابن خزيمة وغيره، من طريق علي الأزدي، عن ابن عمر، مرفوعا: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. وقد تعقب هذا الأخير، بأن أكثر أئمة الحديث أعلوا هذه الزيادة، وهي قوله: والنهار، بأن الحفاظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها عنه. وحكم النسائي على راويها بأنه أخطأ فيها، وقال يحي بن معين: من علي الأزدي حتى أقبل منه؟. وادعى يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، أن ابن عمر كان يتطوع بالنهار أربعا لا يفصل بينهن، ولو كان حديث الأزدي صحيحا لما خالفه ابن عمر- يعني مع شدة اتباعه- رواه عنه محمد بن نصر في سؤالاته، لكن روى ابن وهب بإسناد قوي، عن ابن عمر قال: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى موقوف، أخرجه ابن عبدالبر من طريقه، فلعل الأزدي، اختلط عليه الموقوف بالمرفوع، فلا تكن هذه الزيادة صحيحة على طريقة من يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذا. اهـ.

وقال النووي في الخلاصة (1/ 552)، لما ذكر زيادة: النهار: إسنادها صحيح. اهـ. وقال في شرحه على مسلم (6/ 30): رواه أبو داود والترمذي بالإسناد الصحيح. اهـ.

ص: 56

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (23/ 169) عن هذا الحديث: الحديث ضعيف، والحديث الذي في الصحاح الذي رواه الثقاة، قوله: صلاة الليل مثنى مثنى، وأما قوله: والنهار فزيادة، انفرد بها البارقي، وقد ضعفها أحمد وغيره. اهـ.

وأسند البيهقي (2/ 487) عن البخاري، أنه سئل، عن حديث يعلى أصحيح هو، فقال: نعم، قال أبوعبدالله: كان ابن عمر لا يصلي، أربعا: لا يفصل بينهن إلا المكتوبة. اهـ.

ونقله أيضا، عن البخاري ابن عبدالهادي، في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 498)، والذي يظهر أن هذه الزيادة ضعيفة، كما حكم عليها بالشذوذ أكثر الأئمة.

ولهذا قال شيخ الإسلام في الفتاوى (21/ 289): ولهذا ضعف الإمام أحمد وغيره من العلماء حديث البارقي، ولا يقال هذه زيادة من الثقة فتكون مقبولة لوجوه:

أحدها: أن هذا متكلم فيه.

الثاني: أن ذلك إذا لم يخالف الجمهور.

الثالث: أن هذا إذا لم يخالف المزيد عليه.

وهذا الحديث قد ذكر ابن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عن صلاة الليل فقال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة. ومعلوم أنه لو قال: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة لم يجز ذلك، وإنما يجوز إذا ذكر صلاة الليل مفردة كما ثبت في الصحيحين، والسائل إنما سأله، عن صلاة الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم وإن كان قد يجيب، عن أعم

ص: 57

مما سئل عنه كما في حديث البحر، لما قيل له: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر، فقال: هو الطهور ماؤه الحل ميتته. لكن يكون الجواب منتظما كما في الحديث، وهناك إذا ذكر النهار لم يكن الجواب منتظما، لأنه ذكر فيه قوله: فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة. وهذا ثابت في الحديث لا ريب فيه. انتهى كلام شيخ الإسلام.

وصحح هذه الزيادة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، فقال في الفتاوى (4/ 290): أخرجه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر عنهما، لكن بدون ذكر: النهار، وهذه الزيادة ثابتة عند من ذكرنا ..... اهـ.

ولما ذكر الألباني الحديث في تمام المنة (ص 239) قال: من شروط الحديث الصحيح؛ أن لا يشذ راويه، عن رواية الثقات الآخرين للحديث، وهذا الشرط في هذا الحديث مفقود، لأن الحديث في الصحيحين وغيرهما من طرق عن ابن عمر دون ذكر: النهار وهذه الزيادة تفرد بها علي بن عبدالله الأزدي، عن ابن عمر، دون سائر من راه، عن ابن عمر. اهـ.

ورواه الدارقطني (1/ 417) من طريق الليث بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن عبدالله بن أبي سلمة، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن ابن عمر به وفيه ذكر النهار.

لكن قال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 200): في سنده نظر. اهـ.

وله طريق آخر، عن ابن عمر عند الطبراني في الأوسط، كما ذكر الحافظ في الدراية (1/ 200)، وفي إسناده الحنينى وهو ضعيف.

وروى الحافظ أبو نعيم في تاريخ أصبهان، كما ذكره الزيلعي في نصب

ص: 58

الراية (2/ 144) عن أبي هاشم، محبوب بن مسعود البصري البجلي، ثنا عمار بن عطية، عن الزهري، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. اهـ.

قلت: عمار بن عطية، إن كان هو الكوفي فقد كذبه يحيى بن معين كما في لسان الميزان (4/ 313)، وإن كان غيره فلا أدري من هو.

وأما محبوب بن مسعود هو أبو هاشم.

* * *

ص: 59

(193)

روى أبو داود، وابن ماجه، عن أبي أيوب: أنه يصلي قبل الظهر أربعا لا يفصل بينهن بتسليم.

أخرجه ابن ماجه (1157)، والترمذي في الشمائل (294)، والحميدي (385)، وأحمد (5/ 416) برقم (23929)، وابن خزيمة (1214)، كلهم من طريق عبيدة بن معتب الضبي، عن إبراهيم النخعي، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن قرثع، عن أبي أيوب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعا، إذا زالت الشمس، لا يفصل بينهن بتسليم، وقال: إن أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس.

وأخرجه الترمذي في الشمائل (293)، قال: حدثنا أحمد بن منيع، عن هشيم، قال: أنبأنا عبيدة، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن قرثع الضبي، أو، عن قزعة، عن قرثع، فذكره.

وأخرجه أبو داود (1270)، وعبد بن حميد (226) كلاهما من طريق عبيدة بن معتب، عن إبراهيم، عن ابن منجاب، عن قرثع، فذكره. ليس فيه: قزعة.

ورواه عن عبيدة بن معتب كل من يعلى وشعبة.

وأخرجه ابن خزيمة (1214) قال: حدثنا بندار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن عبيدة بن معتب، عن ابن منجاب، عن رجل، عن قرثع الضبي، فذكره.

قلت: مداره على عبيدة بن معتب الضبي، وهو ضعيف لا يحتج به. قال أبو داود: بلغني، عن يحيى بن سعيد القطان، قال: لو حدثت، عن عبيدة

ص: 60

بشيء، لحدثت عنه بهذا الحديث، وقال أبو داود: عبيدة ضعيف، قال أيضا أبو داود: ابن منجاب هو سهم. اهـ.

قال أبو بكر ابن خزيمة: وعبيدة بن معتب، رحمه الله، ليس ممن يجوز الاحتجاج بخبره، عند من له معرفة برواة الأخبار، وسمعت أبا موسى يقول: ما سمعت يحيى بن سعيد، ولا عبدالرحمن بن مهدي، حدثا، عن سفيان، عن عبيدة بن معتب بشيء قط، وسمعت أبا قلابة يحكي، عن هلال بن يحيى، قال: سمعت يوسف بن خالد السمتي يقول: قلت لعبيدة بن معتب: هذا الذي ترويه، عن إبراهيم، سمعته كله؟ قال: منه ما سمعته، ومنه ما أقيس عليه، قال: قلت: فحدثني بما سمعت، فإني أعلم بالقياس منك. اهـ.

وقال الدارقطني في علله (6/ 128): كذلك رواه المفضل بن صدقة الحنفي، عن سعيد بن مسروق، عن المسيب بن رافع، عن قرثع. وخالفه الأعمش فرواه عن المسيب بن رافع، عن علي بن الصلت، عن أبي أيوب، قال ذلك شريك، عن الأعمش. وقيل، عن الثوري، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن رجل من الأنصار، عن أبي أيوب. ورواه عبيدة بن معتب، عن إبراهيم النخعي، عن سهم بن منجاب، عن قزعة مولى زياد، ويروي عن أبي سعيد، وهو صاحبه، عن قرثع، عن أبي أيوب. قاله أبو معاوية: عن عبيدة. وقال زيد بن أبي أنيسة، عن عبيدة، عن إبراهيم، عن قزعة، عن قرثع، عن أبي أيوب، لم يذكر فيه سهما، وقول أبي معاوية أشبه بالصواب. أخبرنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل، وحمزة بن محمد بن الفضل، قالا: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا علي بن المديني، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا عبيدة، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن

ص: 61

قزعة، عن قرثع، عن أبي أيوب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربع ركعات إذا زالت الشمس، أظنه قال: لا يفصل بينهن. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 199): وفي إسنادهم عبيدة معتب وهو ضعيف، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه لكن ضعفه. اهـ.

وقال الألباني في صحيح أبي داود (1153): حديث حسن دون قوله: ليس فيهن تسليم .. ، وعبيدة- بضم العين-: هو ابن معتب الضبي، وهو ضعيف كما قال المصنف، وذلك متفق عليه بين الأئمة

، فالحديث بمجموع طرقه حسن إن شاء الله دون الزيادة؛ لا سيما والمنذري يقول في الطريق الأول: محتمل للتحسين. اهـ.

وأخرجه أحمد (5/ 418) برقم (23947)، وابن خزيمة (1215) كلاهما من طريق شريك، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن علي بن الصلت، عن أبي أيوب الأنصاري، أنه كان يصلي أربع ركعات قبل الظهر، فقيل له: إنك تديم هذه الصلاة؟ فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله، فسألته؟ فقال: إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحببت أن يرتفع لي فيها عمل صالح.

ورواه عن شريك كل من يحيى بن آدم، وأبو أحمد.

وأخرجه أحمد (5/ 419) برقم (23961)، وابن خزيمة (1215) كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن رجل من الأنصار، عن أبي أيوب، فذكره.

ورواه عن سفيان كل من عبدالله بن الوليد، ومؤمل بن إسماعيل.

قال أبو بكر ابن خزيمة: ولست أعرف علي بن الصلت هذا، ولا أدري من

ص: 62

أي بلاد الله هو، ولا أفهم ألقي أبا أيوب أم لا، ولا يحتج بمثل هذه الأسانيد علمي إلا معاند، أو جاهل. اهـ.

قال البيهقي في سننه (2/ 488): وقد روي من وجه آخر غير قوي، عن أبي أيوب، فذكره. اهـ.

وقال الألباني في صحيح أبي داود (1153): وإسناده ضعيف، كما قال العراقي في تخريج الإحياء (1/ 174): علي بن الصلت لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (3/ 1/ 190) جرحا ولا تعديلا، وجهله ابن خزيمة. وشريك سيئ الحفظ. وقد خالفه سفيان، عن الأعمش

به؛ إلا أنه قال: عن رجل، عن أبي أيوب. أخرجه أحمد (5/ 419)، وابن خريمة (1215)

، فالحديث بمجموع طرقه حسن إن شاء الله دون الزيادة؛ لا سيما والمنذري يقول في الطريق الأول: محتمل للتحسين. اهـ.

* * *

ص: 63

(194)

قوله: من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله أجر نصف القائم. متفق عليه.

رواه البخاري (1115)، وابن ماجه (1231)، والترمذي (371)، وأحمد (19887)، والبزار في مسنده (3513)، والنسائي (3/ 223 - 224)، وابن الجارود (230)، وابن خزيمة (1236)، و (1249)، والطحاوي في شرح المشكل (1694)، وابن حبان (2513)، والطبراني (18) / (590)، والدارقطني (1/ 422)، والبيهقي (2/ 308 و 491)، والخطيب في تاريخه (4/ 280)، والبغوي (982) من طرق عن حسين بن ذكوان المعلم، قال: وقد سمعته من حسين، عن عبدالله بن بريدة، عن عمران بن حصين قال: كنت رجلا ذا أسقام كثيرة فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن صلاتي قاعدا قال: صلاتك قاعدا على النصف من صلاتك قائما، وصلاة الرجل مضطجعا على النصف من صلاته قاعدا.

وروى مسلم (2/ 165)(1662)، وأبو داود (950)، والنسائي (3/ 223)، وفي الكبرى (1365)، وأحمد (2/ 162)(6512)، وفي (2/ 192)(6803)، وفي (2/ 201)(6883)، والدارمي (1384)، وابن خزيمة (1237)، كلهم من طريق، منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبدالله بن عمرو، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالسا، فقلت: حدثت أنك قلت: إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، وأنت تصلي قاعدا؟ قال: أجل، ولكني لست كأحد منكم.

وأخرجه النسائي في الكبرى (1279)، وأحمد (2/ 192)(6808)

ص: 64

كلاهما من طريق سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي موسى، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعدا على النصف من صلاته قائما.

ورواه عن سفيان، كل من وكيع، وأبو نعيم.

قال الترمذي في علله (82): وحديث عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم هو حديث صحيح يروى من غير وجه. اهـ.

وأخرجه ابن ماجه (1229) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا يحيي بن آدم، قال: حدثنا قطبة، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبدالله بن باباه، عن عبدالله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به، وهو يصلي جالسا. فقال: صلاة الجالس على النصف من صلاة القائم.

قال الطبراني في الأوسط (1/ 108): لم يرو هذا الحديث، عن الأعمش إلا عيسى بن يونس، تفرد به أبو صالح الحراني. وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (1014): صحيح. اهـ.

وأخرجه النسائي في الكبرى (1378) قال: أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا معاوية، وهو ابن هشام، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب، عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: صلاة الرجل قاعدا على النصف من صلاته قائما.

وأخرجه النسائي في الكبرى (1372) قال: أخبرنا أحمد بن حرب، قال: حدثنا ابن فضيل، عن حصين، عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو. موقوفا.

قال ابن أبي حاتم في علله (540): وسألت أبي، عن حديث؛ رواه

ص: 65

معاوية بن هشام، عن سفيان، عن حبيب، عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم. قال أبي: هذا خطأ، إنما هو حبيب، عن أبي موسى الحذاء، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وقال الدارقطني في علله (13/ 212): يرويه حبيب بن أبي ثابت، واختلف عنه: فرواه معاوية بن هشام، عن سفيان، عن حبيب، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وغيره يرويه، عن حبيب، عن أبي موسى الحذاء، عن عبدالله بن عمر. وهو الصواب. اهـ.

وقال البزار في مسنده (2492): وهذا الحديث لا نعلم أحدا رواه عن الثوري، عن حبيب، عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو، إلا معاوية بن هشام. اهـ.

وأخرجه النسائي في الكبرى (1281) قال: أخبرنا محمد بن عبدالله بن يزيد المقرئ، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم.

قال أبو عبدالرحمن النسائي: هذا خطأ، والصواب: الزهري، عن عبدالله بن عمرو، مرسل. اهـ.

وأخرجه مالك في الموطأ (104)، عن ابن شهاب، عن عبدالله بن عمرو ابن العاص، أنه قال: لما قدمنا المدينة، نالنا وباء من وعكها شديد، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، وهم يصلون في سبحتهم قعودا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد مثل نصف صلاة القائم. وليس فيه عيسى بن طلحة.

ص: 66

قال البزار في مسنده (2118): وحديث عيسى بن طلحة، عن عبدالله بن عمرو. لا نعلم رواه إلا ابن عيينة، عن الزهري. أ. هـ

قلت: رجاله ثقات.

وأخرجه مالك في الموطأ (104)، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن مولى لعمرو بن العاص، أو لعبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبدالله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة أحدكم، وهو قاعد، مثل نصف صلاته، وهو قائم.

قلت: في إسناده إبهام مولى عمرو بن العاص، لكن يشهد له الروايات السابقة.

وروى أحمد (3/ 214)(13269)، وفي (3/ 240)(13551)، وابن ماجه (1230)، والنسائي، في الكبرى (1368) كلهم من طريق عبدالله بن جعفر المخرمي، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج، فرأى أناسا يصلون قعودا، فقال: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم.

قال أبو عبدالرحمن النسائي: هذا خطأ، والصواب إسماعيل، عن مولى لابن العاص، عن عبدالله بن عمرو. اهـ

قلت: رجاله لا بأس بهم. قال البوصيري فى مصباح الزجاجة (1/ 145): هذا إسناد صحيح رواه النسائي في الكبرى، عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي عامر العقدي، عن عبدالله بن جعفر المخرمي به، قال: هذا خطأ. اهـ

ورواه البخاري (1115)، وأصحاب السنن من حديث عمران بن حصين. وقال الألباني صحيح، صحيح ابن ماجه (1015).

ص: 67

وروى النسائي، في الكبرى (1371)، وأحمد (3/ 425)(15586). كلاهما من طريق عبدالرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن قائد السائب، عن السائب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم.

قلت: إسناده ضعيف، إبراهيم بن مهاجر البجلي، تكلم فيه، وقائد السائب، مجهول، وبقية رجاله ثقات.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 349): رواه الطبراني في الكبير، وفيه عبدالكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف. اهـ.

وروى أحمد (3/ 136)(12422) قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا ابن جريج، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهي مُحَمَّةٌ، فحم الناس، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد والناس قعود يصلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد نصف صلاة القائم، فتجشم الناس الصلاة قياما.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 585): رجاله ثقات. اهـ.

* * *

ص: 68

(195)

قول أبي هريرة: أوصاني خليلي رسول الله بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. رواه أحمد ومسلم.

رواه البخاري (1981)، ومسلم (2/ 499)، وأحمد (2/ 459)، والبيهقي (4/ 293)، كلهم من طريق، أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم، بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.

وقد بوب عليه البخاري فقال: باب صيام البيض، ثلاثة عشرة وأربع عشرة وخمسة عشرة. ونحوه.

وروى مسلم (1/ 499)، والبيهقي (3/ 47)، كلاهما من طريق، ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن إبراهيم بن عبدالله بن حنين، عن أبي مرة مولى أم هانئ، عن أبي الدرداء، قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم، بثلاث، لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر.

وروى مسلم (2/ 818)، والترمذي (767)، والنسائي في الكبرى (2/ 124)، وأحمد (5/ 296 - 297)، والبيهقي (4/ 300)، وابن أبي شيبة (2/ 491)، كلهم من طريق، غيلان بن جرير، عن عبدالله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة: رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رأى عمر غضبه قال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا. نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فجعل عمر يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه. فقال عمر: يا رسول الله! كيف بمن صام الدهر كله؟ قال: لا صام ولا

ص: 69

أفطر. أو قال: لم يصم ولم يفطر؛ قال: كيف من يصوم يومين ويفطر يوما؟ قال: ويطيق ذلك أحد؟ قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يوما؟ قال: ذاك صوم داود عليه السلام، قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال: وددت أني أطيق ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كل شهر. ورمضان إلى رمضان. فهذا صيام الدهر كله. صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله. والسنة التي بعده. وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله.

ورواه عبد الرزاق (2/ 295)، عن معمر، عن قتادة، عن عبدالله بن معبد به.

وروى مسلم (1/ 499) قال: حدثني هارون بن عبدالله، ومحمد بن رافع، قالا: حدثنا ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن إبراهيم بن عبدالله بن حنين، عن أبي مرة مولى أم هانئ، عن أبي الدرداء. قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث. لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر. وصلاة الضحى. وبأن أوتر قبل أن أنام.

وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى.

وروى أحمد (5/ 173)، والنسائي (4/ 217)، وابن خزيمة (2/ 227)، كلهم من طريق، إسماعيل يعني ابن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أبي حرملة، عن عطاء بن يسار، عن أبي ذر قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم، بثلاث، لا أدعهن إن شاء الله تعالى أبدا، أوصاني بصلاة الضحى، وبالوتر قبل النوم، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي.

ص: 70

قال الألباني في الإرواء (2/ 212): إسناده صحيح. اهـ.

وروى الطبراني في الكبير (9/ 201)(8983)، قال: حدثنا أبو خليفة، ثنا أبو الوليد الطيالسي، ثنا شعبة، قال: يحيى بن عمرو بن سلمة، أخبرني، عن أبيه. قال: سئل ابن مسعود، عن صوم الدهر، فكرهه، وقال: صوم ثلاثة أيام من كل شهر.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 193): إسناده حسن. اهـ.

قلت: يحيى بن عمرو بن سلمة الهمداني، ويقال: الكندي، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 176)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 270): لم أجد من ترجمه. اهـ. وباقي رجاله ثقات.

وروى النسائي (4/ 221)، وفي الكبرى (2741)، قال: أخبرنا مخلد بن الحسن، قال: حدثنا عبيد الله، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، صيام الدهر، وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة.

قال ابن أبي حاتم في علله (785): وسمعت أبا زرعة، وذكر حديثا رواه أبو إسحاق السبيعي، واختلف عليه فيه. فروى زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن جرير بن عبدالله البجلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: صوم ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، الأيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. فرواه زيد بن أبي أنيسة، مرفوعا، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه المغيرة بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن جرير موقوفا. فقال أبو زرعة: حديث أبي إسحاق، عن جرير، مرفوعا أصح من موقوف، لأن زيد بن أبي أنيسة أحفظ

ص: 71

من مغيرة بن مسلم .. اهـ.

وقال النووي في المجموع (6/ 385): رواه النسائي بإسناد حسن .. اهـ.

وقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 78): رواه النسائي بإسناد جيد والبيهقي .. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/ 226): إسناده صحيح .. اهـ.

وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1040): حسن لغيره .. اهـ.

وروى الطبراني مجمع البحرين (3/ 158)، قال: حدثنا موسى بن زكريا التستري، ثنا سليمان بن داود الشاذكوني، ثنا عيسى بن يونس، عن بدر بن الخليل، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عمر، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عن الصيام، فقال: عليك بالبيض ثلاثة أيام من كل شهر.

قال الطبراني عقبه: لم يروه عن بدر إلا عيسى، تفرد به سليمان. اهـ.

قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن فيه موسى بن زكريا التستري.

قال الدارقطني: متروك. اهـ. وكذلك شيخه الحافظ سليمان بن داود الشاذكوني؛ أثنى عليه الإمام أحمد وابن المديني بالحفظ، لكن في حديثه مناكير. وقد كذبه ابن معين في حديث ذكر له عنه. وقال البخاري: فيه نظر. اهـ. وقال أبو حاتم: متروك الحديث. اهـ. وقال النسائي: ليس بثقة. اهـ. وقال عبدان الأهوازي: معاذ الله أن يتهم، إنما كانت كتبه قد ذهبت، فكان يحدث من حفظه. اهـ. وساق له ابن عدي أحاديث خولف فيها. ثم قال: للشاذكوني حديث كثير مستقيم، وهو من الحفاظ المعدودين، ما أشبه أمره بما قال عبدان: يحدث حفظا فيغلط. اهـ

* * *

ص: 72

(196)

: وأقلها ركعتان لحديث أبي هريرة.

حديث أبي هريرة مرفوعا: إذا جاء أحدكم الجمعة، والإمام يخطب فكبر ركعتين، وليتجوز بهما. مسلم.

أخرجه مسلم (3/ 14)(1979)، وأبو داود (1117)، وأحمد (3/ 297)(14220)، وفي (3/ 316)(14458)، وعبد بن حميد (1024)، وابن خزيمة (1835)، كلهم من طريق، أبي سفيان، طلحة بن نافع الإسكاف، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له: يا سليك، قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما.

وأخرجه أبو داود (1116)، وابن ماجه (1114)، كلاهما من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وعن أبي سفيان، عن جابر؛ قالا: جاء سليك الغطفاني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أصليت ركعتين قبل أن تجيء؟ قال: لا، قال: فصل ركعتين، وتجوز فيهما. في رواية أبي داود: .. فقال له: أصليت شيئا؟.

وأخرجه البخاري، في القراءة خلف الإمام (161)، قال: حدثنا عمر بن حفص، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الأعمش، قال: سمعت أبا صالح، يذكر حديث سليك الغطفاني، يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا سليك، قم فصل ركعتين خفيفتين، تجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم والإمام يخطب، فليصل ركعتين خفيفتين، يتجوز فيهما.

ص: 73

وأخرجه ابن خزيمة (1831)، قال: حدثنا حاتم بن بكر بن غيلان الضبي، حدثنا عيسى ابن واقد، أخبرنا شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدكم المسجد، والإمام يخطب، فليصل ركعتين قبل أن يجلس.

قال ابن عدي في الكامل (2/ 328): وهذا لا أعلم رواه عن شعبة غير الحسن بن عمرو، وآخر وهو عيسى بن واقد، شيخ بصري. اهـ.

وقال الدارقطني في علله (3218): يرويه شعبة، واختلف عنه؛ فرواه عيسى بن واقد، والحسن بن عمرو بن سيف البصري، عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وخالفهما غندر ومعاذ بن معاذ، وغيرهما من أصحاب شعبة، رووه، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن جابر، وهو الصحيح. وكذلك رواه ورقاء، وغيره، عن عمرو بن دينار، عن جابر. اهـ.

وقال أبو نعيم في حلية الأولياء (7/ 158): غريب من حديث شعبة، تفرد به عيسى بن واقد. اهـ.

* * *

ص: 74

(197)

روت أم هانئ: أن النبي عام الفتح صلى ثماني ركعات سبحة الضحى. رواه الجماعة.

رواه البخاري (1176)، قال: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا عمرو بن مرة قال: سمعت عبدالرحمن بن أبي ليلى، يقول: ما، حدثنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانئ، فإنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة، فاغتسل وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها، غير أنه يتم الركوع والسجود.

ورواه مسلم (1/ 265) من طريق سعيد بن أبي هند، أن أبا مرة مولى عقيل حدثه، أنه لما كان عام الفتح، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ..... فذكرته، وفيه قالت: فسترته ابنته بثوبه، فلما اغتسل أخذه فالتحف به، ثم صلى ثمان سجدات، وذلك ضحى.

ورواه أبو داود (1290)، قال: حدثنا أحمد بن صالح، وأحمد بن عمرو بن السرح، قالا: ثنا ابن وهب، حدثني عياض بن عبدالله، عن مخرمة بن سلمان، عن كريب مولى ابن عباس، عن أم هانئ بنت أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، صلى سبحة الضحى ثماني ركعات، يسلم من كل ركعتين .... ».

قال النووي في المجموع (3/ 39): على شرط البخاري. اهـ. وتبعه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، وفيه نظر .. اهـ.

لهذا تعقبهما الألباني فقال في تمام المنة (ص 258): وهو من أوهامهما، فإن في إسناده عياض بن عبدالله، وهو الفهري المدني نزيل مصر، قال الحافظ

ص: 75

نفسه في التقريب: فيه لين، ورمز له أنه من رجال مسلم دون البخاري!، وكذلك رمز له الذهبي، في الكاشف، وأشار إلى ضعفه بقوله: وثق. وقال أبوحاتم: ليس بالقوي، وكذا قال في كتابه الضعفاء. اهـ.

وروى الطبراني في الكبير (24/ رقم 1063)، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت حميد الطويل يحدث، عن محمد بن قيس، عن أم هانئ: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الفتح، فصلى الضحى ست ركعات.

ورواه الطبراني في الأوسط (2748)، قال: حدثنا إبراهيم، حدثنا أمية به.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 238): رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وإسناده حسن، ولها حديث في الصحيح: أنه صلاها ثمان ركعات. اهـ.

قلت: محمد بن قيس الشكري، فيه جهالة، ورمز له الحافظ ابن حجر في التقريب بـ: مقبول. اهـ.

وأيضا حميد الطويل وإن كان ثقة، من رجال الجماعة، إلا أنه مدلس، وأيضا في هذا الحديث مخالفة لما في الصحيحين، من كونه صلى الله عليه وسلم، صلاها ثمان ركعات.

والحديث أخرجه البخاري (1/ 94) - الصلاة- باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، (2/ 38) - تقصير الصلاة- باب من تطوع في السفر، (2/ 53) - التهجد- باب صلاة الضحى في السفر، (4/ 67) - الجزية- باب أمان النساء وجوارهن (6/ 93 - 94) - المغازي- باب منزل النبي يوم الفتح، (7/ 110) - الأدب- باب ما جاء في زعموا، ومسلم (1/ 266) - الحيض-

ص: 76

(71، 72)، (1/ 497 - 498) - صلاة المسافرين- (80 - 83)، وأبوداود (2/ 63، 64) - الصلاة- باب صلاة الضحى- (129، 1291)، والترمذي (2/ 338) - الصلاة- باب ما جاء في صلاة الضحى- (474)، والنسائي (1/ 126) - الطهارة- باب ذكر الاستتار عند الاغتسال- (225)، وابن ماجه (1/ 419) - إقامة الصلاة- باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى- (1323)، مالك (1/ 152) - قصر الصلاة في السفر- (27، 28)، وأحمد (6/ 341، 342) من حديث أم هانئ، وله عدة ألفاظ.

* * *

ص: 77

(198)

قول ابن عمر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد أحدنا موضعا لجبهته. متفق عليه.

أخرجه البخاري (2/ 33، 34) - سجود القرآن- باب من سجد لسجود القرآن، وباب ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة، وباب من لم يجد موضعا للسجود من الزحام، ومسلم (1/ 405) - المساجد- (103، 104)، وأبوداود- الصلاة- باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب- (1412)، وأحمد (2/ 17، 142)، والبيهقي (2/ 312) - الصلاة- باب سجود النبي صلى الله عليه وسلم، - كلهم من طريق عبيدالله بن عمر العمرى، عن نافع، عن ابن عمر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة، فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد أحدنا موضعا لجبهته.

وروى أبو داود (1413)، قال: حدثنا بن الفرات أبو مسعود الرازي، أخبرنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا عبدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد، وسجدنا معه.

قال أبو داود عقبه: قال عبدالرزاق: وكان يعجبه هذا الحديث، وقال أيضا أبو داود: يعجبه لأنه كبر. اهـ.

ورواه البيهقي (2/ 325) من طريق أبي داود به.

ورواه عبدالرزاق (3/ 345) من طريق العمري به.

قال النووي في المجموع (4/ 58): رواه البخاري ومسلم بلفظه إلا قوله: كبر وليس في روايتهما، وهذا اللفظ في رواية أبي داود وإسنادها ضعيف. اهـ.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه عبدالله بن عمر وهو ابن حفص بن

ص: 78

عاصم بن عمر بن الخطاب، أبوعبدالرحمن العمري، وسكت، عن بيان حاله البيهقي، وتعقبه ابن التركماني في الجوهر النقي مع السنن (2/ 325)، فقال: في سنده عبدالله بن عمر أخو عبيدالله متكلم فيه، ضعفه ابن المديني، وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه، وقال ابن حنبل: كان يزيد في الأسانيد، وقال صالح بن محمد: لين مختلط الحديث. اهـ.

وبه أعله الألباني رحمه الله في الإرواء (2/ 224)، فقال: وهذا سند لين- كما قال الحافظ فى بلوغ المرام-: وعلته عبدالله بن عمر وهو ضعيف، وسكت عليه البيهقى، فتعقبه ابن التركمانى فى الجوهر النقى. اهـ. ونحوه قال في تمام المنه (ص 267).

وقال النووي في المجموع (4/ 64): رواه أبو داود بإسناد ضعيف. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 10): فيه العمري عبدالله المكبر، وهو ضعيف، وأخرجه الحاكم من رواية العمري أيضا، لكن وقع عنده مصغرا، وهو الثقة. اهـ. وقال النووي في الخلاصة (2/ 624): إسناده ضعيف. اهـ.

قلت: رواه الحاكم (1/ 344) من طريق عيسى بن يونس، ثنا عبيدالله بن عمر به، بلفظ: كنا نجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم فيقرأ القرآن فربما مر بسجدة فيسجد، ونسجد معه.

قلت: على فرض أن ذكر العمري المصغر هنا محفوظ، فإن الحديث ليس في متنه ذكر التكبير كما هو ظاهر.

ولما ذكر الألباني في الإرواء (2/ 225) إسناد عبدالله بن عمر، قال: قد خالفه أخوه عبيدالله الثقة، فرواه عن نافع نحوه، ولم يذكر التكبير فيه كما

ص: 79

سبق .... ، فدل على أن ذكر التكبير فيه منكر، كما تقتضيه قواعد علم الحديث

اهـ.

ولهذا ضعف الحديث الألباني بزيادة ذكر التكبير، فقال في ضعيف أبي داود (140): منكر بذكر التكبير، والمحفوظ دونه. اهـ.

وقال أيضا حفظه الله في تمام المنة (ص 268): أن الحاكم ليس في روايته كبر، وهو موضع الشاهد من الحديث، وهو إنما رواه من طريق عبيدالله بن عمر العمري، وهو المصغر وهو ثقة، بخلاف أخيه عبدالله المكبر، فهو ضعيف كما تقدم، والحديث في الصحيحين أيضا وغيرهما، من طريق عبدالله المصغر، لا المكبر، فهو من أدلة ضعفه. اهـ.

وروى البخاري (1067)، ومسلم (2/ 88)(1235)، وأبو داود (1406)، والنسائي (2/ 160)، وفي الكبرى (1033)، و (11485)، وأحمد (1/ 388)(3682)، ابن خزيمة (553)، كلهم من طريق أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن عبدالله؛، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قرأ: {وَالنَّجْمِ} فسجد فيها، وسجد من كان معه، غير أن شيخا أخذ كفا من حصى، أو تراب، فرفعه إلى جبهته، وقال: يكفيني هذا. قال عبد الله: لقد رأيته بعد قتل كافرا.

* * *

ص: 80

(199)

قال عمر: إن الله لم يفرض علينا السجود، إلا أن نشاء. رواه البخاري.

رواه البخاري (1077) من طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن ربيعة بن عبدالله: أنه حضر عمر بن الخطاب قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة، نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيها الناس، إنا نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. ولم يسجد عمر. قال ابن جريح: وزاد نافع، عن ابن عمر: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء.

وللحديث ألفاظ أخرى عند البخاري (2/ 34) - سجود القرآن- باب من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود، مالك (1/ 206) - القرآن- (16)، وعبدالرزاق (3/ 346) - (5912)، وابن خزيمة (1/ 285) - (567)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 354) - الصلاة- باب المفصل هل فيه سجود أم لا؟، والبيهقي (2/ 321، 322) - الصلاة- باب من لم ير وجوب سجود التلاوة.

* * *

ص: 81

(200)

روي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه مر بقارئ، يقرأ سجدة ليسجد معه عثمان، فلم يسجد، قال: إنما السجدة على من استمع.

أخرجه البخاري معلقا (2/ 33) - سجود القرآن- باب من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود.

ورواه عبدالرزاق (5906)، عن الزهري، عن بن المسيب: أن عثمان مر بقاص فقرأ سجدة، ليسجد معه عثمان، فقال عثمان: إنما السجود على من استمع، ثم مضى ولم يسجد، قال الزهري: وقد كان بن المسيب يجلس في ناحية المسجد، ويقرأ القاص السجدة، فلا يسجد معه، ويقول إني لم أجلس لها.

ورواه من هذا الوجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 258)، وابن أبي شيبة (2/ 5) - الصلاة- باب من قال: السجدة على من جلس لها ومن سمعها، والبيهقي (2/ 324) - الصلاة- باب من قال: إنما السجدة على من استمعها.

قلت: ظاهر إسناده الصحة، ولا أعلم في إسناده علة.

وأخرجه البيهقي (2/ 324): كتاب الصلاة: باب من قال إنما السجدة على من استمعها، عن طارق بن عبدالرحمن، عن ابن المسيب. وعزاه الحافظ ابن حجر لسعيد بن منصور. انظر: فتح الباري (2/ 558).

والأثر روي من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان، ومن طريق قتادة، عن سعيد بن عثمان. والطريقان صحيحان، قاله الحافظ بن حجر في فتح الباري (2/ 558).

* * *

ص: 82

(201)

أنه صلى الله عليه وسلم: أتى إلى نفر من أصحابه، فقرأ رجل منهم سجدة، ثم نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنك كنت إمامنا ولو سجدت لسجدنا. رواه الشافعي في مسنده مرسلا.

رواه عبد الرزاق (3/ 346)(5914) عن معمر، عن زيد بن أسلم، قال: قرأ رجل سورة فيها سجدة عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ، قال: يا رسول الله ما في هذه السورة سجدة، قال: بلى، ولكنك كنت إماما، فلو سجدت سجدنا وقاله بن جريج، عن عطاء.

قلت: إسناده مرسل.

وأخرجه الشافعي في مسنده (ص 156)، وعبد الرزاق (3/ 346) - (5914)، وابن أبي شيبة (2/ 19) - الصلاة- باب المرأة تقرأ السجدة ومعها رجل ما يصنع، وأبوداود في المراسيل (ص 100)، والبيهقي (2/ 324) - الصلاة- باب من قال: لا يسجد المستمع إذا لم يسجد القارئ- من حديث زيد بن أسلم، وعطاء بن يسار مرسلا.

والحديث ضعيف؛ لأنه رواية زيد بن أسلم، وعطاء ين يسار مرسلا، ولا تقبل مراسيلهما، وقد روي موصولا، عن أبي هريرة، لكنه ضعيف.

قال البيهقي في السنن الكبرى (2/ 324): وقد رواه إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة موصولا، وإسحاق ضعيف، ورى الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وهو أيضا ضعيف، والمحفوظ من حديث عطاء بن يسار مرسلا. اهـ.

ص: 83

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 19) باب: المرأة تقرأ السجدة، معها رجل ما يصنع. من طريق أبي خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم: أن غلاما قرأ عند النبي السجدة، فأنتظر الغلام النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد، فلما لم يسجد، قال: يا رسول الله، أليس في هذه السورة سجدة؟، قال: بلى، ولكنك كنت إمامنا فيها، فلو سجدت سجدنا.

* * *

ص: 84

(202)

روى أبو بكرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجد. رواه أبوداود وغيره، وصححه الحاكم.

رواه أحمد (5/ 45)، وأبو داود (2774)، والترمذي (1578)، وابن ماجه (1394)، والحاكم (1/ 411)، والبيهقي (2/ 370)، والدارقطني (1/ 410)، كلهم من طريق، بكار بن عبدالعزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن أبي بكرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه خبر يسره خر ساجدا لله.

ورواه عن بكار بن عبدالعزيز جمع من الثقات.

قال الترمذي (5/ 304): هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث بكار بن عبدالعزيز، وبكار بن عبدالعزيز مقارب الحديث. اهـ. وقد صحح الحديث الحاكم، ووافقه الذهبي.

وقال النووي في المجموع (4/ 68): إسناده ضعيف. اهـ.

قلت: بكار بن عبدالعزيز بن أبي بكرة، فيه ضعف. قال الدوري، عن ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وقال إسحاق بن منصور، عن ابن معين: صالح. اهـ. وقال البزار: ليس به بأس. اهـ. وقال مرة: ضعيف. اهـ. وقال عنه يعقوب بن سفيان: ضعيف. اهـ. وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه في ترك الحجامه يوم الثلاثاء ..... اهـ. وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم. اهـ.

وبه أعله ابن عبدالهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 459)، والنووي في الخلاصة (2/ 629).

وأما والد عبدالعزيز بن أبي بكرة، واسمه نفيع بن الحارث، زعم ابن

ص: 85

القطان أن حاله لا يعرف. ووثقه العجلي فقال: تابعي ثقة. اهـ. وقال الحاكم: صدوق. اهـ. وترجم له ابن سعد، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ في التقريب (4086): صدوق. اهـ. ولهذا قال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (2/ 92): في إسناده بكار بن عبدالعزيز، وليس بقوي. اهـ.

ورواه ابن ماجه (1392)، قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري، أنا أبى، أنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد بن عبدة السهمي، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر بحاجة فخر ساجدا.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف كما سبق.

وكذلك في إسناده يحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي مولاهم. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وكتب، عن أبي وتكلموا فيه. اهـ. وقال مسلمة بن قاسم: يتشيع، وكان صاحب وراقة، يحدث من غير كتبه، فطعن فيه لأجل ذلك. اهـ. وقال الحافظ في التقريب (7605): صدوق ورمي بالتشيع، ولينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله. اهـ.

وقال ابن عبدالهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 459): إسناده ضعيف، فإن ابن لهيعة غير محتج به، وعمرو لم يرو عنه غير يزيد، وهو ابن الوليد بن عبدة القرشي السهمي البصري مولى عمرو بن العاص، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال سعد بن عمير: كان فاضلا فقيها. اهـ.

قال الذهبي في تنقيح كتاب التحقيق (1/ 193)(164): سنده ضعيف. اهـ.

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 11)(495): هذا إسناد

ص: 86

ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وله شاهد من حديث أبي بكرة. اهـ.

وقال الألباني فى الأرواء (2/ 228): وهذا سند لا بأس به في الشواهد، فإن رجاله ثقات، غير ابن لهيعة فإنه سيئ الحفظ. وقال في صحيح ابن ماجه (1/ 233) (1141): حسن. وله طرق أخرى، عن أنس لا تخلوا من مقال.

* * *

ص: 87

(203)

قوله صلى الله عليه وسلم: إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر. احتج به أحمد.

رواه الطبراني في الأوسط مجمع البحرين (2/ 274)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، نا أحمد بن عبدالصمد الأنصاري، نا إسماعيل بن قيس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا طلع الفجر، فلا صلاة إلا ركعتي الفجر.

قال الطبراني عقبة: لم يروه عن يحيى، إلا إسماعيل، تفرد به أحمد بن عبدالصمد. اهـ.

قلت: أحمد بن عبدالصمد أبو أيوب، ذكره الذهبي في الميزان، وذكر له حديث: ثمن القينة سحت .... وقال الذهبي: أحمد هذا، لا يعرف، والخبر منكر. اهـ.

وأما إسماعيل بن قيس الأنصاري، فهو منكر الحديث. قال البخاري: منكر الحديث. اهـ. وكذا قال الدارقطني. وقال النسائي: ضعيف. اهـ. وقال أبو حاتم: إسماعيل ضعيف الحديث، منكر الحديث، يحدث بالمناكير، لا أعلم له حديثا قائما. اهـ. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 218): فيه إسماعيل بن قيس، وهو ضعيف. اهـ.

وأخرجه أبو داود- الصلاة- باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة- (1278)، والترمذي- الصلاة- باب لا صلاة بعد طلوع الشمس إلا ركعتين- (419)، وأحمد (2/ 23)، (104)، وأبو يعلى (9/ 461)(5608)، (10/ 115)(5745)، وعبد الرزاق (3/ 53)(4760)،

ص: 88

والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 251)، (8/ 421)، والدارقطني (1/ 419) - الصلاة- باب لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين، والطبراني في الكبير (12/ 341)(13291)، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (6/ 2186)، والبيهقي (2/ 465، 466) - الصلاة- باب من لم يصل بعد الفجر إلا ركعتي الفجر، والبغوي في شرح السنة (3/ 460) - الصلاة- باب الضجعة بعد ركعتي الفجر (886) من حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب، وسيأتي.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 355) - الصلاة- باب من كره إذا طلع الفجر أن يصلي أكثر من ركعتين، وفي المسند كما في المطالب العالية (1/ 85)(296)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (ص 83)، والدارقطني (1/ 246، 419) - الصلاة- باب النهي، عن الصلاة بعد صلاة الفجر، وباب لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين، البزار كما في كشف الأستار (1/ 738 - 703)، والطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (2/ 218)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 329)، والبيهقي (2/ 465، 466) - الصلاة- باب من لم يصل بعد الفجر إلا ركعتي الفجر- من طريق الأفريقي، عن عبدالله بن يزيد، عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بعد طلوع الفجر، إلا ركعتين قبل صلاة الفجر.

قلت: في إسناده عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، ضعيف.

وأخرجه عبد الرزاق (3/ 53)(4756)، والبيهقي (2/ 466) - الصلاة- باب من لم يصل الفجر إلا ركعتي الفجر- من حديث سعيد بن المسيب مرسلا.

ص: 89

وقد ذكره السيوطي في الجامع الصغير من حديث أبي هريرة ورمز لحسنه، وتعقبه المناوي في فيض القدير (1/ 398) بقوله: وليس كما قال المصنف، ثم قال أيضا: فمن أطلق ضعفه أراد أنه ضعيف لذاته، ومن أطلق حسنه أراد حسن لغيره.

وروى البيهقي (2/ 465)، والدارقطني (1/ 419)، كلاهما من طريق، سفيان، عن عبدالرحمن بن زياد، عن عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بعد طلوع الفجر، إلا ركعتي الفجر.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، وهو ضعيف، وقد اختلف في إسناده فروي موقوفا.

قال البيهقي (2/ 466) أنبأ أبوزكريا بن أبي إسحاق، أنبأ أبوعبدالله محمد بن يعقوب، أنبأ محمد بن عبدالوهاب الفراء، أنبأ جعفر بن عون ابنا عبدالرحمن بن زياد فذكره موقوفا، وهو بخلاف رواية الثوري، وابن وهب في المتن، والوقف في الإسناد، والثوري أحفظ من غيره، إلا أن عبدالرحمن الأفريقي غير محتج به، وله شاهد من حديث ابن المسيب مرسلا. اهـ.

* * *

ص: 90

(204)

قول عقبة بن عامر: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب. رواه مسلم.

رواه مسلم (1/ 568)، وأبو داود (3192)، والترمذي (1030)، والنسائي (1/ 275)، وابن ماجه (1519)، وأحمد (4/ 152)، والبيهقي (2/ 454)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 151)، وأبوداود الطيالسي (1001)، كلهم من طريق، موسى بن علي، عن أبيه، قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن يصلى فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تتضيف الشمس للغروب.

* * *

ص: 91

(205)

قوله: لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس. متفق عليه، عن أبي سعيد.

أخرجه البخاري (1/ 152)، ومسلم (2/ 207)، والنسائي (1/ 278)، وفي الكبرى (390)، وأحمد (3/ 95)، وفي (3/ 95)، كلهم من طريق، ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الجندعي، أنه سمع أبا سعيد الخدري، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس.

وأخرجه البخاري (3/ 55)، ومسلم (3/ 153)، وأبو داود (2417)، والترمذي (772)، وأحمد (3/ 96)، كلهم من طريق، عمرو بن يحيى، عن أبيه، يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن صوم يوم الفطر والنحر، وعن الصماء، وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد، وعن صلاة بعد الصبح والعصر.

وأخرجه أحمد (3/ 95) قال: حدثنا عبد الرزاق، وابن بكر، قالا: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار، عن عبيدالله بن عياض، وعطاء بن بخت، كلاهما يخبر عمر بن عطاء، عن أبي سعيد الخدري، أنهما سمعاه يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، يقول: لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى الليل.

وأخرجه الحميدي (731)، وأحمد (3/ 6)، وفي (3/ 66)، والنسائي (1/ 277)، وفي الكبرى (1465) كلهم من طريق ضمرة بن سعيد المازني، عن أبي سعيد الخدري، قال: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن صلاتين، وعن صيام

ص: 92

يومين، وعن لبستين، عن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس، ونهى عن صيام يوم العيدين، وعن اشتمال الصماء، وأن يحتبي الرجل في الثوب الواحد.

ورواه عن ضمرة كل من سفيان بن عيينة، وفليح.

وأخرجه أحمد (3/ 39) قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صيام يوم الفطر ولا يوم الأضحى.

وأخرجه ابن ماجه (1930)، والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (4070)، وأحمد (3/ 67)، كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن سليمان بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صيام يومين، وعن صلاتين، وعن نكاحين، سمعته ينهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن صيام يوم الفطر والأضحى، وأن يجمع بين المرأة وخالتها، وبين المرأة وعمتها.

ورواه عن محمد بن إسحاق كل من يزيد، ومحمد بن عبيد، وعبدة.

* * *

ص: 93

(206)

قوله: من نام، عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا نسيها. متفق عليه.

سبق تخريجه برقم (85).

* * *

ص: 94

(207)

قوله: لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى فيه، أي ساعة شاء من ليل أو نهار. رواه الترمذي وصححه.

رواه أبو داود- المناسك- باب الطواف بعد العصر- (1894)، والترمذي- الحجر- باب ما جاء في صلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف- (868)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت- (1254)، والنسائي- المواقيت- باب إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة- (1/ 284)، وأحمد (4/ 80)، وابن حبان في صحيحه (4/ 420)، الموارد (626)، والحاكم (1/ 617)، والدارمي (2/ 70)، والدارقطني (1/ 423)، والطحاوي (2/ 186)، والبيهقي (2/ 461، 5/ 92)، كلهم من طريق، سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن عبدالله بن باباه، عن جبير بن مطعم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني عبد مناف؛ لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى، أية ساعة شاء من ليل أو نهار.

قلت: إسناده صحيح، ورجاله رجال مسلم.

قال الحاكم (1/ 617): هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اهـ.

وقال الترمذي (3/ 220): حديث حسن صحيح. اهـ.

وأبو الزبير الأصل في تدليسه أنه مقبول، سواء كان في مسلم أم خارجه، إلا فيما ثبت فيه عدم سماعه. وقد كان عطاء يقدمه في حديث جابر كما في العلل للإمام أحمد، ومع ذلك صرح بالسماع عند النسائي. وعبدالله بين باباه، ثقة،

ص: 95

وقد وقع خلاف في تعيينه، والترجيح فيه ممكن. اهـ.

قال ابن عبدالهادي في التنقيح (2/ 1010): قال: أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء، قال: علي بن المديني: عبدالله بن بأبيه من أهل مكة معروف، ويقال له أيضا: ابن باباه، وقال البخاري: عبدالله بن باباه، ويقال ابن بأبي، وقال عباس الدوري في يحيى بن معين: هؤلاء ثلاثة مختلفون، قال ابن البراء: القول عندي ما قال ابن المديني والبخاري، لا ما قال يحيى بن معين، وقال النسائي: عبدالله باباه ثقة. اهـ.

وقد خولف في إسناده، فقد رواه الدارقطني (1/ 424) من طريق الجراح بن منهال، عن أبي الزبير، عن نافع بن جبير، سمع أباه، وجبير بن مطعم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله.

قلت: إسناده ضعيف لوجود المخالفة في إسناده.

ولأن الجراح بن منهال، ضعفه البخاري، والنسائي، والدارقطني وغيرهم.

ورواه أيضا الدارقطني (1/ 224) من طريق عمر بن قيس، عن عكرمة بن خالد، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه به.

قلت: وإسناده ضعيف بمرة؛ لأن عمر بن قيس المكي هو المعروف بسندل، وهو متروك، وأيضا المحفوظ إسناد ابن عيينة السابق، كما نص عليه الحافظ ابن حجر، وقبله البيهقي فقال (2/ 461): أقام إسناده ابن عيينة، ومن خالفه في إسناده لا يقاومه، فرواية ابن عيينة أولى أن تكون محفوظة، والله أعلم. اهـ

* * *

ص: 96

(208)

روى يزيد بن الأسود قال: صليت مع النبي صلاة الفجر، فلما قضى صلاته، إذا هو برجلين لم يصليا معه، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟، فقالا: يا رسول الله قد صلينا في رحالنا، قال: لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم فإنها لكما نافلة. رواه الترمذي وصححه.

رواه أبو داود- الصلاة- باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم- (575، 576)، والترمذي- الصلاة- باب ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة- (219)، والنسائي (2/ 112 - 113)، - الإمامة- باب إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده- (858)، وأحمد (4/ 16، 161)، وعبد الرزاق (2/ 421)(3934)، والطيالسي (ص 175)(1247)، والدارمي (1/ 258) - الصلاة- باب إعادة الصلوات في الجماعة بعدما صلى في بيته- (1374)، وابن خزيمة (3/ 67)(1638)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 50) - (1562، 1563)، والدارقطني (1/ 413، 414) - الصلاة- باب من كان يصلي الصبح وحده ثم أدرك الجماعة فليصل معها، والطبراني في الكبير (22/ 232 - 235 - 608 - 617)، وفي الصغير (1/ 217)، وابن عبد البر في التمهيد (4/ 258)، والحاكم (1/ 245) - الصلاة، البيهقي، (2/ 30، 301) - الصلاة- باب الرجل يصلي وحده ثم يدركها مع الإمام ما يكون منهما نافلة، كلهم من طريق يعلى بن عطاء، قال: حدثنا جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه يزيد بن الأسود: صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو برجلين لم يصليا،

ص: 97

فدعا بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال لهما: ما منعكما أن تصليا معنا؟، قالا: قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكم ثم أدركتم الإمام ولم يصل، فصليا معه، فإنها لكم نافلة.

ورواه عن يعلى جمع من الثقات، منهم شعبة، والثوري، وهشيم.

قال الحاكم: هذا حديث رواه شعبة، وهشام بن حسان، وغيلان بن جامع، وأبو خالد الدالاني، وأبو عوانة، وعبدالملك بن عمير، ومبارك بن فضالة، وشريك بن عبدالله، وغيرهم، عن يعلى بن عطاء، وقد احتج مسلم بيعلى بن عطاء. اهـ. ووافقه الذهبي.

قلت: يعلى بن عطاء من رجال مسلم، وهو ثقة.

وأما جابر بن يزيد بن الأسود السوائي، ويقال: الخزاعي، فقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 497)، ولم يورد فيه جرحا ولا تعديلا، ووثقه النسائي.

وقال البيهقي (2/ 302): ذكر الشافعي أنه قال في القديم: إسناده مجهول، وقال أيضا: قال البيهقي: لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير أبيه، ولا لابنه جابر بن يزيد راو غير يعلى. اهـ. ونقله الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 30)، وقال: الحافظ يعلى من رجال مسلم، وجابر وثقه النسائي وغيره، وقد وجدنا لجابر بن يزيد راويا غير يعلى، أخرجه ابن منده في المعرفة، من طريق بقية، عن إبراهيم بن ذي حماية، عن عبدالملك بن عمير، عن جابر. اهـ.

وقال الترمذي (1/ 287): حديث يزيد بن الأسود حديث حسن صحيح. اهـ.

ص: 98

ولهذا قال البيهقي بعد نقله كلام الشافعي: وهذا الحديث له شواهد قد تقدم ذكرها، فالاحتجاج به وبشواهده صحيح، والله أعلم. اهـ. وقد صححه أيضا عبدالحق في الأحكام الوسطى (1/ 783)، والحديث صححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن السكن، كما في التلخيص الحبير (2/ 29)، وحسنه النووي في تهذيب الأسماء واللغات (2/ 161).

وصححه أيضا الألباني في الإرواء (2/ 215)، والنووي في الخلاصة (2/ 816).

ورواه الدارقطني (1/ 414) من طريق أبي عاصم، عن سفيان، عن يعلى به. وزاد: وليجعل التي صلى في بيته نافلة.

قال الدارقطني (1/ 414): خالفه أصحاب الثوري، ومعهم أصحاب يعلى بن عطاء، منهم شعبة، وهشام بن حسان، وشريك، وغيلان بن جامع، وأبو خالد، والدالاني، ومبارك بن فضالة، وأبو عوانة، وهشيم وغيرهم. اهـ. يعني في الزيادة. اهـ.

وقال ابن الجوزي في التحقيق (1/ 448): وقد روى قوم حديث العامري فقالوا: وليجعل الذي صلى في بيته نافلة. والصحيح جعل هذه نافلة، كذلك رواه المتقنون. اهـ.

وقال الزيلعي في نصب الراية (2/ 150): وفي رواية للدارقطني والبيهقي: وليجعل التي صلاها في بيته نافلة. وقالا: إنها رواية ضعيفة شاذة، مردودة لمخالفتها الثقات. اهـ.

* * *

ص: 99

‌باب: صلاة الجماعة

(209)

حديث أبي هريرة المتفق عليه: أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار.

رواه البخاري (657)، ومسلم (1/ 451)، وأحمد (2/ 424)، وابن ماجه (797)، والبيهقي (3/ 55)، والبغوي في شرح السنة (3/ 346)، كلهم من طريق، الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا. زاد بعضهم: ولقد هممت أن آمر رجلا فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار. واللفظ لمسلم.

وروى أحمد (3/ 151)(12561) قال: حدثنا عبد الصمد، حدثني أبي، حدثنا سنان، أبو ربيعة، قال: حدثنا أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم المتخلفون، عن صلاة العشاء، وصلاة الغداة، ما لهم فيهما، لأتوهما ولو حبوا.

قال الهيثمى فى المجمع (2/ 164): رواه أحمد ورجاله موثقون. أ. هـ.

وروى البخاري (720 - 721)، ومسلم (1/ 325)، والنسائي (1/ 269)، وابن خزيمة (3/ 25)، كلهم من طريق مالك، عن سمي مولى

ص: 100

أبي بكر، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا هذا لفظ لمسلم، وللبخاري بلفظ: ولو يعلمون ما في الصف المقدم لاستهموا.

ورواه مسلم (1/ 326)، وابن ماجه (998)، وابن خزيمة (3/ 25)، كلهم من طريق شعبة، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو تعلمون- أو يعلمون- ما في الصف المقدم لكانت قرعة.

* * *

ص: 101

(210)

صلاة الجماعة أفضل بسبع وعشرين درجة لحديث ابن عمر المتفق عليه.

رواه البخاري (645)، ومسلم (1/ 450)، والنسائي (2/ 103)، وأحمد (2/ 65 - 112)، والبيهقي (3/ 59)، وأبو عوانة (2/ 2)، والبغوي في شرح السنة (3/ 339 - 340)، كلهم من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة، أفضل من صلاة الفذ، بسبع وعشرين درجة.

وتابع مالك عبيدالله بن عمر، وعبدالله بن نافع، وأيوب السختياني، عن نافع به. وخالفهم عبدالله بن عمر العمري، عن نافع به، بلفظ: خمس وعشرين درجة، كما عند عبدالرزاق (1/ 524)، ووقع عنده عبيدالله، ويظهر أنه تصحيف، والعمري ضعيف، وعلى التسليم أن الصواب عبيدالله، فإن رواية عبدالرزاق عنه فيها ضعف.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 132): لم يختلف فيه- يعني ابن عمر- في ذلك- يعني قوله: سبع وعشرين- إلا ما وقع عند عبدالرزاق، عن عبدالله العمري، عن نافع، فقال: فيه خمس وعشرون لكن العمري ضعيف. اهـ.

ورواه مسلم (1/ 451) من طريق يحيى، عن عبيدالله، قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر مرفوعا، بلفظ: صلاة الرجل في الجماعة، تزيد على صلاته وحده سبعا وعشرين.

ورواه الترمذي (215) من طريق عبدة، عن عبيدالله به مرفوعا، زاد في

ص: 102

آخره درجة، وقد اتفق أصحاب عبيدالله بن عمر على قوله: سبع وعشرين درجة، إلا أبا أسامة، فوقع في حديثه: خمس وعشرين. فقد رواه أبو عوانة (2/ 3) قال: حدثنا الحارث، ثنا أبو أسامة، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في جماعة، تزيد على صلاته وحده، بخمس وعشرين درجة. ويظهر أنها شاذة.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 132): ووقع عند أبي عوانة في مستخرجه، من طريق أبي أسامة، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، فإنه قال فيه: بخمس وعشرين وهي شاذة، مخالفة لرواية الحفاظ من أصحاب نافع، وإن كان راويها ثقة. اهـ.

* * *

ص: 103

(211)

حديث: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.

أخرجه البخاري (335)، ومسلم (2/ 63)(1099)، والنسائي (1/ 209)، و (2/ 56)، وفي الكبرى (817)، وأحمد (3/ 304)(14314)، وعبد بن حميد (1154)، والدارمي (1389)، كلهم من طريق هشيم، قال: حدثنا سيار، هو أبو الحكم، قال: حدثنا يزيد بن صهيب الفقير، قال: أخبرنا جابر بن عبدالله، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة.

وروى مسلم (2/ 63)(1101)، والنسائي في الكبرى (7968)، وأحمد (5/ 383)(23640)، كلهم من طريق سعد بن طارق، أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلت هذه الأمة على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة، من بيت كنز تحت العرش، لم يعط منه أحد قبلي، ولا أحد بعدي.

* * *

ص: 104

(212)

حديث أبي بن كعب: وما كثر كان أحب إلى الله تعالى. رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان.

رواه أبو داود (554)، قال: حدثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن أبي بصير، عن أبي بن كعب، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الصبح فقال: أشاهد فلان؟ قالوا: لا، قال: أشاهد فلان؟ قالوا: لا، قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوا على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل.

ورواه أحمد (5/ 140) من طريق محمد بن جعفر، ثنا شعبة به بنحوه.

قلت: رجاله وثقوا، قال عبدالحق في الأحكام الوسطى (1/ 279): في إسناده عبدالله ابن أبي بصير، عن أبيه، عن أبي بن كعب، وليس بالمشهور فيما أعلم لا هو ولا أبوه، ولم يذكره أبو داود إلا من حديث عبدالله، عن أبي بن كعب خاصة. اهـ.

وقال النووي في الخلاصة (2/ 650): رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد صحيح، إلا عبدالله بن أبي بصير الراوي عن أبي، فسكتوا عنه، ولم يضعفه أبوداود. وأشار علي ابن المديني والبيهقي وغيرهما إلى صحته. اهـ. كما سيأتي، وقد وثقه ابن حبان والعجلي. اهـ.

لكن الحديث وقع فيه اختلاف، فقد رواه النسائي (2/ 204)، وأحمد

ص: 105

(5/ 140)، كلاهما من طريق خالد بن الحارث، عن شعبة، عن أبي إسحاق، أنه أخبرهم، عن عبدالله بن أبي بصير، عن أبيه، قال شعبة وقال أبو إسحاق: وقد سمعته منه ومن أبيه، قال: سمعت أبي بن كعب به مرفوعا بنحوه.

ورواه ابن خزيمة (2/ 366) من طريق يحيى بن آدم، ثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن أبي بصير، عن أبيه، قال: قدمت المدينة فلقيت أبي بن كعب: .... فذكره الحديث.

قال ابن خزيمة (2/ 367): ورواه شعبة، والثوري، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن بصير، عن أبي بن كعب، ولم يقولا: عن أبيه. اهـ.

ورواه البيهقي (3/ 61) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عبدالله بن أبي بصير، عن أبي بن كعب، قال: ...... فذكره.

وقال الحافظ ابن حجر، في تهذيب التهذيب (5/ 141)، في ترجمة عبدالله بن أبي بصير: ذكر يحيى بن سعيد وغيره، عن شعبة، قال: قال أبوإسحاق: سمعت يعني الحديث المخرج له في فضل صلاة الجماعة، عن عبدالله بن بصير، وعن أبيه، عن أبي بن كعب. وكذا حكى ابن معين، وعلي بن المديني، عن شعبة. وفي الحديث اختلاف على أبي إسحاق، فرواه شعبة في قول الجمهور عنه، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن أبي بصير، عن أبيه، عن أبي. وتابعه زهير بن معاوية، وغير واحد، منهم الثوري في المشهور عنه، عن أبي إسحاق، ورواه ابن المبارك، عن شعبة، عنه، عن عبدالله، عن أبي، ليس فيه، عن أبيه. وكذا قال: إسرائيل وغيره، عن أبي إسحاق. ورواه أبو إسحاق الفزاري، عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن أبي بصير، وكذا رواه معمر الرقي، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن

ص: 106

عاصم بن ضمرة، عن عبدالله بن بصير. قال الذهلي: والروايات فيه محفوظة إلا حديث، فإني لا أدري كيف هو، قلت- القائل الحافظ ابن حجر-: تترجح الرواية الأولى للكثرة. اهـ.

ونقل المنذري في مختصر السنن (1/ 293)، عن البيهقي أنه قال: أقام إسناده شعبة، والثوري، وإسرائيل في آخرين، وعبدالله بن أبي بصير سمعه من أبي مع أبيه، وسمعه أبو إسحاق منه ومن أبيه، قاله شعبة، وعلي بن المديني. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 27): صححه ابن السكن، والعقيلي، والحاكم، وذكر الاختلاف فيه وبسط ذلك، وقال النووي: أشار علي بن المديني إلى صحته. وعبدالله بن أبي بصير قيل: لا يعرف؛ لأنه ما روى عنه غير أبي إسحاق السبيعي، لكن أخرجه الحاكم من رواية العيزار بن حريث عنه، فارتفعت جهالة عينه. اهـ.

والحديث صححه يحيى بن معين، وعلي بن المديني، والذهلي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن السكن، والعقيلي، والحاكم. انظر: الترغيب والترهيب (1/ 264)، وخلاصة البدر المنير (1/ 185)، والتخليص الحبير (2/ 26).

وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز في الفتاوى (4/ 358): أخرجه أبو داود وغيره بإسناد حسن. اهـ.

* * *

ص: 107

(213)

قوله: أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى. رواه الشيخان.

أخرجه البخاري (651)، ومسلم (2/ 13)، وابن خزيمة (1501)، كلهم من طريق أبي أسامة، عن بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعظم الناس أجرا في الصلاة، أبعدهم فأبعدهم ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام، أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام.

* * *

ص: 108

(214)

قوله: لا يؤمن الرجل في بيته إلا بإذنه.

رواه مسلم (1/ 465)، وأبو داود (582)، والترمذي (235)، والنسائي (2/ 76)، وابن ماجه (980)، وأحمد (4/ 118، 121)، وأبو عوانة (2/ 35)، كلهم من طريق إسماعيل بن رجاء، قال: سمعت أوس بن ضمعج، قال: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما، وفي رواية: سنا، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه.

وقد اختلف في متنه على أوجه، قال ابن أبي حاتم في العلل (248)، سألت أبي، عن حديث أوس بن ضمعج، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قد اختلفوا في متنه، رواه فطن، والأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة. ورواه شعبة، والمسعودي، عن إسماعيل بن رجاء، لم يقولوا: أعلمهم بالسنة. قال أبي: كان شعبة يقول: إسماعيل بن رجاء كأنه شيطان من حسن حديثه، وكان يهاب هذا الحديث يقول: حكم من الأحكام، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشاركه أحد، قال أبي: شعبة أحفظ من كلهم، قال أبو محمد: ليس قد رواه السدي، عن أوس بن ضمعج، قال: إنما رواه الحسن بن يزيد الأصم، عن السدي وهو شيخ، أين كان الثوري وشعبة، عن هذا الحديث، وأخاف أن لا يكون محفوظا. اهـ.

ص: 109

وأخرجه مسلم (1/ 465)، - المساجد- (29، 291)، وأبو داود- الصلاة- باب من أحق بالإمامة- (582، 583)، والترمذي- الصلاة- باب ما جاء من أحق بالإمامة- (235) - الأدب- (2772)، والنسائي (2/ 76، 77) - الإمامة- باب من أحق بالإمامة، وباب اجتماع القوم وفيهم الوالي (78، 783)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب من أحق بالإمامة- (980)، وأحمد (4/ 118، 121)، (5/ 272)، وعبد الرزاق (2/ 389)(3808، 3809)، والحميدي (1/ 217) - (457)، والطيالسي (ص 86)(618)، وابن أبي شيبة (1/ 343) - الصلاة- باب من قال يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وابن الجارود (ص 114)(308)، - ابن حبان كما الإحسان (3/ 285)(2124)، وأبو عوانة (2/ 35 - 36)، والدارقطني (1/ 280) - الصلاة- باب من أحق بالإمامة، والطبراني في الكبير (17/ 218 - 225 - 60. - 620)، والبيهقي (3/ 119، 125) - الصلاة- باب اجتماع القوم في موضع هم في سواء، وباب إذا اجتمع القوم فيهم الوالي- من حديث أبي مسعود البدري الأنصاري. بألفاظ عدة.

وروى الحاكم (1/ 370) قال: حدثنا أبو أحمد الحسين بن علي التيمي رحمه الله، ثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي، ثنا المنذر بن الوليد الجارودي، ثنا يحيى بن زكريا بن دينار الأنصاري، ثنا الحجاج، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج، عن عقبة بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأفقههم في الدين، فإن كانوا في الدين سواء، فأقرؤهم للقرآن، ولا يؤم الرجل في سلطانه، ولا يقعد على تكرمته، إلا بإذنه.

ص: 110

قلت: إسناده ضعيف جدا، لأن فيه الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف. لهذا قال الزيلعي في نصب الراية (2/ 25) عن الحديث: معلول بالحجاج بن أرطأة. اهـ.

ثم إن الثقات رووه، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج، عن أبي مسعود، فجعلوا الحديث من مسند أبي مسعود الأنصاري، فقد رواه شعبة والأعمش هكذا، كما عند مسلم (1/ 465)، وأبي داود (582 - 584)، والترمذي (235)، والذي يظهر والله أعلم: أن الحجاج أخطأ في هذا الحديث، فجعله من مسند عقبة بن عمرو.

* * *

ص: 111

(215)

فعل الصديق، وعبد الرحمن بن عوف، حين غاب النبي فقال: أحسنتم.

أخرجه مسلم (1/ 317 - 318) - الصلاة- (105)، وأبو داود- الطهارة- باب المسح على الخفين- (149)، ومالك (1/ 36) - الطهارة- (41)، وأحمد (4/ 247، 249، 251)، وعبد الرزاق (1/ 191 - 192 - 747، 748)، وابن خزيمة (3/ 9 - 10 - 1515)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 320 - 321 - 2221، 2222)، وأبو عوانة (2/ 214 - 215)، والطبراني في الكبير (20/ 376 - 377 - 880)، وابن حزم في المحلى (4/ 209)، والبيهقي (2/ 396)، (3/ 123) - الصلاة- باب المسبوق ببعض صلاته يصنع ما يصنع الإمام، وباب الصلاة بغير أمر الوالي، والبغوي في شرح السنة (1/ 456) - الطهارة- باب المسح على الخفين- (236) -، عن المغيرة بن شعبة في حديث طويل.

* * *

ص: 112

(216)

حديث أبي ذر: صل الصلاة لوقتها؛ فإن أقيمت وأنت في المسجد فصل. ولا تقل: إني صليت فلا أصلي. رواه أحمد ومسلم.

أخرجه مسلم (1/ 449) - المساجد- (243)، والنسائي (2/ 113) - الإمامة- باب إعادة الصلاة بعد ذهاب وقتها مع الجماعة- (859)، وأحمد (5/ 147، 149، 16، 163، 168، 169)، وابن خزيمة (3/ 68) - (1639)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 20) - (1480)، وأبو عوانة (2/ 356)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 363) - الصلاة- باب الرجل يصلي في رحله ثم يأتي المسجد والناس يصلون، والبيهقي (3/ 128) - الصلاة- باب السمع والطاعة للإمام ما لم يأمر بمعصية من تأخير الصلاة، عن وقتها، والبغوي في شرح السنة (2/ 240) - الصلاة- باب تعجيل الصلاة إذا أخر الإمام- (392). من طريق أبي العالية البراء، قال: أخر بن زياد الصلاة، فجاءني عبدالله بن الصامت، فألقيت له كرسيا فجلس عليه، فذكرت له صنيع بن زياد، فعض على شفته وضرب فخذي، وقال: إني سألت أبا ذر كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك، وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك، وقال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتك الصلاة معهم فصل، ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي.

* * *

ص: 113

(217)

: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا.

أخرجه مسلم (710)(64)، وابن ماجه بإثر الحديث (1151)، وأبو داود (1266)، وأبو يعلى في مسنده (6379)، و (6380)، وفي معجمه (56)، وأبوعوانة (2/ 32)، و (32 - 33)، و (33)، و (34)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 371)، وفي شرح مشكل الآثار (4125)، و (4126)، و (4127)، و (4131)، وابن حبان (2190)، و (2470)، والطبراني في الأوسط (2306)، و (8166)، وفي الصغير (529)، والبيهقي (2/ 482)، والبغوي في شرح السنة (804) من طرق، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بعد الإقامة إلا المكتوبة.

وأخرجه عبد الرزاق (2/ 436)(3987)، وابن أبي شيبة (2/ 77) - الصلاة- باب في إذا أخذ المؤذن في الإقامة، والخطيب البغدادي في تاريخه (1/ 315) - من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار موقوفا.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 149): واختلف على عمرو بن دينار في رفعه ووقفه، وقيل: إن ذلك هو السبب في كون البخاري لم يخرجه. اهـ.

* * *

ص: 114

(218)

: وكان عمر يضرب على الصلاة بعد الإقامة.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 436)(3988) من طريق الثوري، عن جابر، عن الحسن بن مسافر، عن سويد بن غفلة، قال: كان عمر بن الخطاب يضرب على الصلاة بعد الإقامة.

ومن طريقه رواه ابن المنذر في الأوسط (2693)، وذكره معلقا ابن حزم في المحلى (3/ 110)، والبيهقي (2/ 483)، والبغوي في شرح السنة (3/ 362).

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه جابر الجعفي، وهو ضعيف. والحسن بن مسافر لم أقف عليه. وأما سويد بن غفلة أبو أمية الجعفي ولد عام الفيل وقدم المدينة حين دفنوا النبي صلى الله عليه وسلم سمع أبا بكر وعدة وعنه سلمة بن كهيل وعبدة بن أبي لبابة ثقة إمام زاهد قوام توفي 81 ع. كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب (3456).

وروى ابن أبي شيبة (2/ 77) الصلاة، باب: الصلاة إذا أخذ المؤذن في الإقامة. من طريق ابن أبي فروة، عن أبي فروة، عن أبي بكر بن المنكدر، عن سعيد بن المسيب: أن عمر رأى رجلا يصلي ركعتين والمؤذن يقيم فانتهره، وقال: لا صلاة والمؤذن يقيم إلا الصلاة التي تقام لها.

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة الإموي، وهو متروك. قال الألباني في الإرواء (3/ 33): وهذا سند ضعيف جدا، لأن ابن أبي فروة واسمه إسحاق بن عبدالله متروك. اهـ.

* * *

ص: 115

(219)

قوله صلى الله عليه وسلم: من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة. رواه أبو داود.

أخرجه أبو داود- الصلاة- باب في الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع (893)، وابن خزيمة (3/ 58)(1622)، والدارقطني (1/ 347) - الصلاة- باب من أدرك الإمام قبل إقامة صلبه فقد أدرك الصلاة، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 2686)، والحاكم (1/ 216)، (274) - الصلاة، والبيهقي (2/ 89) - الصلاة- باب إدراك الإمام في الركوع- كلهم من طريق سعيد بن أبى مريم، أخبرنا نافع بن يزيد، حدثنى يحيى بن أبى سليمان، عن زيد بن أبى العتاب، وابن المقبرى، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة. وله عدة ألفاظ متقاربة.

قلت: يحيى بن أبي سليمان المدني أبو صالح لين الحديث.

قال البيهقى: تفرد به يحيى بن أبى سليمان المدينى، وقد روي بإسناد آخر، أضعف من ذلك، عن أبى هريرة. اهـ.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ويحيى بن أبى سليمان من ثقات المصريين. اهـ.

وقال فى موضع الآخر: وهو شيخ من أهل المدينة سكن مصر، ولم يذكر بجرح. اهـ.

وقال الشيخ الألباني في الإرواء (2/ 223): الصواب ما أشار إليه البيهقى أنه ضعيف، لأن يحيى هذا لم يوثقه غير ابن حبان والحاكم، بل قال البخارى: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، ليس بالقوي، يكتب

ص: 116

حديثه. قلت- القائل الألباني-: لكن له طريق أخرى، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا، وإن كان ساجدا فاسجدوا، ولا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع. أخرجه البيهقى. وهو شاهد قوى فإنه رجاله كلهم ثقات. اهـ.

وروى إسحاق بن منصور المروزي في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 127/ 1)، (مصورة المكتب)، كما عزاه الألباني إليه في الإرواء وفي السلسلة الصحيحة (3/ 185)، فقال إسحاق، حدثنا محمد بن رافع، قال: ثنا حسين بن علي، عن زائدة، قال: ثنا عبدالعزيز بن رفيع، عن ابن مغفل المزني، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا وجدتم الإمام ساجدا فاسجدوا أو راكعا فاركعوا، أو قائما فقوموا ولا تعتدوا بالسجود إذا لم تدركوا الركعة. اهـ.

قلت: رجاله ثقات، قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (3/ 185): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رجال الشيخين. اهـ.

ورواه البيهقي (2/ 89) من طريق شعبة، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره. وجزم الألباني أن الرجل الذي لم يسم عند البيهقي إنما هو ابن مغفل.

وفي الباب آثار، عن الصحابة خرجها الألباني رحمه الله في الإرواء (2/ 262 - 263).

* * *

ص: 117

(220)

قوله صلى الله عليه وسلم: من كان له إمام فقراءته له قراءة. رواه أحمد.

أخرجه ابن ماجه- إقامة الصلاة- باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا (850)، وأحمد (3/ 339)(14698)، وعبد بن حميد (1050) كلهم من طريق الحسن بن صالح، عن جابر الجعفي، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كل من كان له إمام، فقراءته له قراءة.

قلت: إسناده ضعيف لأن فيه جابر الجعفي، وهو ضعيف. قال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 48): وجابر الجعفي ضعيف الحديث، مذموم المذهب، لا يحتج بمثله. اهـ.

وقال ابن كثير في تفسيره (1/ 109): في إسناده ضعف. اهـ.

وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/ 1436): هذا حديث ضعيف؛ لضعف جابر بن يزيد الجعفي. اهـ.

وضعف الحديث أيضا أبو موسى الرازي، وابن حزم، والخطيب البغدادي، وابن الجوزي، والحافظ الذهبي. كما في الفقيه والتفقه للخطيب البغدادي (1/ 226)، والعلل المتناهية لابن الجوزي (1/ 431 - 432)، ونصب الراية (2/ 6 - 12)، وتفسير ابن كثير (1/ 12)، والتلخيص الحبير (1/ 232)، والدراية في تخريج أحاديث الهداية (1/ 262 - 164)، وفيض القدير (6/ 208).

وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (692): حسن. اهـ.

وللحديث عدة طرق لا تخلوا من مقال. فقد أخرجه الدارقطني (1/ 326) - الصلاة- باب ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: من كان له إمام، فقراءة الإمام له

ص: 118

قراءة، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 218)، الصلاة- باب القراءة خلف الإمام، والخطيب البغدادي في تاريخه (1/ 337) - من حديث عبدالله بن عمر. وأخرجه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (1/ 316) - من حديث سعيد الخدري.

وأخرجه ابن الأعرابي في معجمه (1/ 252 - 175) - من حديث أبي هريرة.

وأخرجه عبد الرزاق (2/ 136) - (2797) - من حديث عبدالله بن شداد الليثي مرسلا.

* * *

ص: 119

(221)

قوله صلى الله عليه وسلم: أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام، أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار. متفق عليه.

أخرجه البخاري (1/ 177)، ومسلم (2/ 28، 29)، وأبو داود (623)، وابن ماجه (961)، والترمذي (582)، والنسائي (2/ 96)، وفي الكبرى (813)، وأحمد (2/ 260)، وفي (2/ 260)، وابن خزيمة (1600)، كلهم من طريق، محمد بن زياد، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما يخشى أحدكم- أو ألا يخشى أحدكم- إذا رفع رأسه من ركوع أو سجود، قبل الإمام، أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار؟.

* * *

ص: 120

(222)

قوله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف.

رواه مالك في الموطأ (1/ 134)، والبخاري (703)، ومسلم (467)(183)، والترمذي (236)، وأبو داود (794)، والنسائي (2/ 94)، وأبوعوانة (2/ 88)، وابن حبان (1760)، والبيهقي (3/ 117)، والبغوي (843)، كلهم من طريق المغيرة بن عبدالرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف، والسقيم، والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء.

وروى مسلم (1/ 341) قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا موسى بن طلحة، حدثنى عثمان بن أبي العاص الثقفي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أم قومك. قال: قلت: يا رسول الله إني أجد في نفسي شيئا، قال: أدنه، فجلسني بين يديه، ثم وضع كفه في صدري بين ثديي، ثم قال: تحول، فوضعها في ظهري بين كتفي، ثم قال: أم قومك، فمن أم قوما فليخفف، فإن فيهم الكبير، وإن فيهم المريض، وإن فيهم الضعيف، وإن فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء.

ورواه مسلم (1/ 342)، وابن ماجه (988)، كلاهما من طريق، شعبة، ثنا عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب، قال: حدث عثمان بن أبي العاص، أن آخر ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أممت قوما فأخف بهم.

ورواه أبو بكر بن أبي شيبة كما في المطالب (466)، قال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن ابن خثيم، حدثنى داود بن عاصم الثقفي، عن

ص: 121

عثمان بن أبي العاص قال: وقت لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أقرأ بسبح اسم ربك الأعلى وأشباهها من القرآن.

* * *

ص: 122

(223)

قول أبي قتادة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يطول في الركعة الأولى. متفق عليه.

أخرجه البخاري في صحيحه (725) كتاب صفة الصلاة، باب القراءة في الظهر وانظر رقم (728، 743، 745، 746)، واللفظ له، ومسلم في صحيحه (1/ 333) رقم (451) كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر. وأبو داود في سننه (1/ 503، 504) رقم (798، 799) كتاب الصلاة، باب ما جاء في القراءة في الظهر. والنسائي في سننه (2/ 164) رقم (974) كتاب الاستفتاح، باب تطويل القيام في الركعة الأولى من صلاة الظهر، وانظر رقم (975، 976، 977، 978)، وابن ماجه في سننه (1/ 268) رقم (819) كتاب إقامة الصلاة، باب القراءة في صلاة الفجر. من طرق، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه أبي قتادة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين، يطول في الأولى، ويقصر في الثانية، ويسمع الآية أحيانا، وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، وكان يطول في الأولى، وكان يطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح، ويقصر في الثانية.

وعند أبي داود في موضع، وابن ماجه، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة، وأبي سلمة، عن أبي قتادة به.

* * *

ص: 123

(224)

قوله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن، وليخرجن تفلات. رواه أحمد وأبو داود.

أخرجه أحمد (5/ 192) برقم (22014)، قال: حدثنا إسماعيل. وفي (5/ 193)(22024) قال: حدثنا ربعي، يعني ابن إبراهيم. كلاهما (إسماعيل، وربعي)، عن عبدالرحمن بن إسحاق، عن محمد بن عبدالله بن عمرو بن هشام، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات.

قلت: تفرد به عبدالرحمن بن إسحاق المدني، وهو صدوق له أخطاء، واضطرب في هذا الإسناد، فرواه عن محمد بن عبدالله بن عمرو بن هشام، ومرة يقول: ابن عثمان بدل ابن هشام، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني.

ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام العامري عامر قريش حجازي فيه جهالة، قال الحافظ ابن حجر في التقريب (6039): مقبول من السابعة س. اهـ.

وأما عبدالرحمن بن إسحاق، إن كان هو الواسطي فهو ضعيف، وإن كان المدني، وهو الأقرب، فهو صدوق.

والحديث صححه ابن حبان (2211)، وقال الهيثمى في مجمع الزوائد (2/ 33): إسناده حسن. اهـ.

وقال الألباني: لا بأس به فى الشواهد. الإرواء (2/ 293)، الثمر المستطاب (1/ 732).

ص: 124

وروى أبو داود (1/ 381) - الصلاة- باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد- (565)، والدارمي (1/ 236) - الصلاة- باب النهي، عن منع النساء، عن المساجد- (1281)، وأحمد (2/ 438، 475، 528)، وعبد الرزاق (3/ 151)(5121)، وابن أبي شيبة (2/ 383) - الصلاة- باب من رخص للنساء في الخروج إلى المسجد، وابن خزيمة (3/ 90)(1679)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 317)(2211)، وأبويعلى (10/ 322، 340)(5915، 5933)، والبيهقي (3/ 134) - الصلاة- باب المرأة تشهد المسجد للصلاة، الخطيب البغدادي في تاريخه (6/ 19)، والبغوي في شرح السنة (3/ 348) - الصلاة- باب خروج النساء إلى المساجد- (860)، وصححه- من طرق عن محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات.

قلت: إسناده حسن، لأن فيه محمد بن عمرو، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه البخاري (900)، ومسلم (442)(136)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 137)، والبيهقي في السنن (3/ 132)، والخطيب في تاريخه (2/ 359 - 360)، وابن أبي شيبة (2/ 383) من طرق، عن عبيدالله، خبرني نافع، عن عبدالله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله.

* * *

ص: 125

‌فصل: في أحكام الإمامة

(225)

لقوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء

».

سبق تخريجه برقم (90، و 214).

* * *

ص: 126

(226)

قوله صلى الله عليه وسلم: وليؤمكم أكبركم. متفق عليه.

رواه البخاري (628)، ومسلم (1/ 465)، وأبو داود (589)، والترمذي (205)، والنسائي (2/ 8 - 9)، وابن ماجه (979)، وأحمد (5/ 53)، كلهم من طريق، أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شبيبة، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا، فظن أنا اشتقنا أهلنا، فسألنا، عن من تركناه من أهلنا، فأخبرناه، فقال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم.

وقد رواه عن أبي قلابة، كل من أيوب بن أبي تيمية، وخالد الحذاء.

* * *

ص: 127

(227)

: لقوله: لا يؤمن الرجل الرجل في بيته ولا في سلطانه.

سبق تخريجه برقم (214).

* * *

ص: 128

(228)

لحديث إذا أم الرجل القوم وفيهم من هو خير منه، لم يزالوا في سفال.

رواه الطبراني في الكبير (622)، قال: حدثنا عبدان بن أحمد، قال: نا الحسين بن علي بن يزيد الصدائي، قال: نا أبي، عن حفص بن سليمان، عن الهيثم بن عقاب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أم قوما وفيهم من هو أقرأ لكتاب الله منه، لم يزل في سفال إلى يوم القيامة.

قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث، عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به: الحسين بن علي. اهـ.

قلت: حفص بن سليمان هو الغاضري، إمام في القراءة، وتكلم في حديثه.

قال ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكي (933): حفص بن سليمان بن المغيرة الغاضري .. قال يحيى ضعيف وقال مرة ليس بثقة وقال مرة كذاب وقال أحمد ومسلم والنسائي متروك الحديث وقال البخاري تركوه وقال السعدي قد فرغ منه منذ دهر وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش كذاب متروك يضع الحديث وقال ابن حبان كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل وقال أبو زرعة والدارقطني ضعيف. أ. هـ.

وقال الشيخ الألباني في الضعيفة (2/ 609): وهو صدوق، لكن أباه فيه لين، وحفص بن سليمان هو الغاضري، وهو متروك الحديث مع إمامته في القراءة كما تقدم. ولم يتفرد به الحسن، بل تابعه سليمان بن توبة، ثنا على بن يزيد بسنده سواء. اهـ.

ص: 129

فقد أخرجه العقيلي في الضعفاء (2154)، قال: حدثنا عيسى بن موسى الختلي، قال: حدثنا سليمان بن توبة النهرواني، قال: حدثنا علي بن يزيد الصدائي، قال: حدثنا الهيثم بن عقاب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أم قوما وفيهم أقرأ لكتاب الله منه وأعلم، لم يزل في سفال إلى يوم القيامة.

قلت: إسناده ضعيف، لأن مداره على الهيثم بن عقاب الكوفي، وهو مجهول لا يعرف، كما في الضعفاء والكامل. قال العقيلى: الهيثم بن عقاب مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به.

وقال الهيثمي في المجمع (2/ 206): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الهيثم بن عقاب، قال الأزدي: لا يعرف قلت: ذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الشيخ الألباني: ضعيف، انظر حديث رقم:(5487) في ضعيف الجامع.

وقال في السلسلة الضعيفة (3/ 306): ضعيف جدا.

وورد أحاديث بهذا المعنى، قال الشوكاني في الفوائد المجموعة (63): حديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، ورجلا يسمع حي على الفلاح فلم يجب رواه الترمذي، عن أنس مرفوعا، وقال: لا يصح. وقال أحمد: أحاديث محمد بن القاسم موضوعة، ليس بشيء، رمينا بحديثه. قال في اللآلئ: وقد وثقه ابن معين، وللحديث شواهد. اهـ.

* * *

ص: 130

(229)

قوله صلى الله عليه وسلم: لا تؤمن امرأة رجلا، ولا أعرابي مهاجرا، ولا فاجر مؤمنا؛ إلا أن يقهره سلطان، يخاف سوطه وسيفه. رواه ابن ماجه، عن جابر.

رواه ابن ماجه- إقامة الصلاة- باب في فرض الجمعة- (1081)، والبيهقي (3/ 171)، كلاهما من طريق، عبدالله بن محمد العدوي، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر مرفوعا، بلفظ: ولا يؤمن امرأة رجلا، ولا أعرابي مهاجرا، ولا فاجرا مؤمنا.

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه عبدالله بن محمد العدوي التميمي، قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، زاد أبو حاتم: شيخ مجهول. اهـ.، وقال البخاري لا يتابع على حديثه. اهـ. وقال وكيع: يضع الحديث. اهـ. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج بخبره. اهـ. وقال الدارقطني متروك. اهـ. وقال ابن عبدالبر: جماعة من أهل العلم بالحديث، يقولون: أن هذا الحديث الذي أخرجه له ابن ماجه، من وضع عبدالله بن محمد العدوي، وهو عندهم موسوم بالكذب. اهـ. يعني حديثه السابق. وكذلك في إسناد الحديث شيخ العدوي وهو علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف وقد سبق بيان حاله.

ولهذا قال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 329): هذا يرويه علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن جابر. والأكثر يضعف علي بن زيد. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في البلوغ: إسناده واه. اهـ.

* * *

ص: 131

(230)

لقوله: لا تقدموا صبيانكم.

أخرجه الديلمي في الفردوس (5/ 16)(7310) من حديث علي بن أبي طالب مرفوعا بمثله.

قلت: الحديث ضعيف، لأن مداره على يحيى بن يعلى الأسلمي، وعبدالواحد بن زيد البصري، وهما ضعيفان.

قال ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 17): هذا حديث لا يصح، ولا يعرف له إسناد صحيح، بل روي بعضه بإسناد مظلم. اهـ.

وقال الذهبي في التنقيح (1/ 244): لم يصح. اهـ. وقال الشيخ عبدالرحمن بن قاسم في حاشيته (2/ 313): ولا يصح لمعارضته حديث عمرو وغيره، ولم يعز إلى شيء من كتب الحديث. اهـ.

* * *

ص: 132

(231)

قول عائشة: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك، فصلى جالسا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به.

رواه البخاري (688)، ومسلم (1/ 309)، وأبو داود (605)، وابن ماجه (1237)، كلهم من طريق، هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه ناس من الصحابة يعودونه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا، فصلوا بصلاته قياما، فأشار إليهم: أن اجلسوا، فجلسوا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا.

وروى مالك في الموطأ (358)، والبخاري (1/ 177)(689)، ومسلم (2/ 18)(851)، وأبوداود (601)، وابن ماجه (876)، و (1238)، والترمذي (361)، والنسائي (2/ 83)، و (195)، وفي الكبرى (652)، و (871)، والحميدي (1189)، وأحمد (3/ 110)(12098)، وفي (3/ 162)(12681)، و (12685)، وعبد بن حميد (1161)، والدارمي (1256)، و (1310)، وابن خزيمة (977)، كلهم من طريق، ابن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسا، فصرع، فجحش شقه الأيمن، فصلى صلاة من الصلوات، وهو قاعد، وصلينا وراءه قعودا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون.

ص: 133

- وفي رواية: سقط النبي صلى الله عليه وسلم، عن فرس، فجحش شقه الأيمن، فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى بنا قاعدا، وصلينا وراءه قياما، فلما قضى الصلاة، قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون.

وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسا، فصرع عنه، فجحش شقه الأيمن، فصلى صلاة من الصلوات وهو جالس، فصلينا معه جلوسا، فلما انصرف، قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإن صلى قاعدا فصلوا قعود أجمعون.

وروى أحمد (3/ 300)(14254)، والبخاري، في الأدب المفرد (960)، وأبو داود (602)، وابن ماجه (3485)، وابن خزيمة (1615) كلهم من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: صرع النبي صلى الله عليه وسلم من فرس له، فوقع على جذع نخلة، فانفكت قدمه، فدخلنا عليه نعوده، وهو يصلي في مشربة لعائشة، فصلينا بصلاته ونحن قيام، ثم دخلنا عليه مرة أخرى، وهو يصلي جالسا، فصلينا بصلاته ونحن قيام، فأومأ إلينا أن اجلسوا، فلما صلى، قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا، ولا تقوموا وهو جالس، كما يفعل أهل فارس بعظمائهم.

ورواه عن الأعمش كل من وكيع، وأبو عوانة، وجرير.

ص: 134

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 177): أخرجه أبو داود وبن خزيمة بإسناد صحيح. اهـ.

وقال الألباني في صحيح أبي داود (615): هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن البخاري أخرج لأبي سفيان- واسمه طلحة بن نافع القرشي مولاهم- مقرونا بغيره؛ وقد تابعه أبو الزبير وغيره. اهـ.

وأخرجه مسلم (2/ 19)(858)، وأبو داود (606)، وابن ماجه (1240)، والنسائي (2/ 84)، وفي الكبرى (875)، وابن خزيمة (486 و 873 و 886)، وأحمد (3/ 334)(14644)، والبخاري في الأدب المفرد (948)، كلهم من طريق، أبي الزبير، عن جابر، قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، فالتفت إلينا فرآنا قياما، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودا، فلما سلم قال: إن كدتم، آنفا، لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائما فصلوا قياما، وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا.

وأخرجه أحمد (3/ 395)(15322) قال: حدثنا أبو جعفر، محمد بن جعفر المدائني. وابن خزيمة (1487)، قال: حدثنا محمد بن العلاء بن كريب، بخبر غريب غريب، حدثنا قبيصة. كلاهما (أبو جعفر، وقبيصة)، عن ورقاء بن عمر، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: وثئت رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلنا عليه، فوجدناه جالسا في حجرة له، بين يدي غرفة، قال: فصلى جالسا، فقمنا خلفه فصلينا، فلما قضى الصلاة قال: إذا صليت جالسا فصلوا جلوسا، وإذا صليت قائما صلوا قياما، ولا تقوموا كما تقوم فارس لجباريها وملوكها.

ص: 135

قلت: في إسناده ورقاء بن عمر، وفى حديثه، عن منصور، لين.

وأخرجه عبد بن حميد (1152)، قال: أخبرنا عبدالله بن مسلمة، حدثنا خالد بن إلياس، عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، قال: دخلت على جابر بن عبدالله بمكة، فوجدته جالسا يصلي لأصحابه العصر، وهو جالس، قال: فنظرت حتى سلم، قال: قلت: غفر الله لك، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، تصلي بهم وأنت جالس؟! قال: أنا مريض، فجلست وأمرتهم أن يجلسوا، فيصلوا معي، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما صلى رجل العتمة في جماعة، ثم صلى بعدها ما بدا له، ثم أوتر قبل أن يريم، إلا كان تلك الليلة كأنه لقي ليلة القدر في الإجابة. وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الإمام جنة، فإن صلى قائما فصلوا قياما، وإن صلى جالسا فصلوا جلوسا. قال: كنا ننادي في بيوتنا للصلاة، ونجمع لأهلنا.

قال الغساني في تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطنى (367): خالد بن إياس ليس بقوي. اهـ. وقال البوصيري في إتحاف المهرة (1200): هذا إسناد ضعيف؛ لضعف خالد بن إلياس. اهـ.

وروى أبو داود (603)، قال: حدثنا سليمان بن حرب، ومسلم بن إبراهيم المعنى، عن وهيب، عن مصعب بن محمد، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعين.

ص: 136

ورواه البخاري (722)، قال: حدثنا عبدالله بن محمد، قال: حدثنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة بنحوه.

ورواه أيضا البخاري (734)، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، قال: حدثنى أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا، فصلوا جلوسا أجمعون.

ورواه مسلم (1/ 311)، قال: حدثنى أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب، عن حيوة، أن أبا يونس، مولى أبي هريرة حدثه، قال: سمعت أبا هريرة، فذكره بنحوه.

ورواه أحمد (2/ 420)، وأبوداود (604)، والنسائي (2/ 142)، كلهم من طريق، ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة بنحوه.

ورواه ابن ماجه (1239)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا هشيم بن بشير، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه.

وروى البخاري (691)، ومسلم (1/ 320)، وأبو داود (623)، والنسائي (1/ 132)، والترمذي (2/ 476)، وابن ماجه (961)، وأحمد (2/ 260 و 271 و 425)، وابن خزيمة (1600)، كلهم من طريق، محمد بن زياد، عن أبي هريرة مرفوعا. وفيه: أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام، أن يحول الله رأسه رأس حمار، وفي رواية: صورة، بدل رأس، ونحوه حديث أنس.

ص: 137

(232)

أنه صلى الله عليه وسلم، صلى في مرض موته قاعدا وصلى أبو بكر والناس قياما. متفق عليه، عن عائشة.

هو جزء من حديث طويل تقدم تخريجه.

* * *

ص: 138

(233)

لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى الجنب بالقوم، أعاد صلاته وتمت للقوم.

أخرجه الدارقطني (1/ 364) - الصلاة- باب: صلاة الإمام وهو جنب أو محدث (8) - قال: حدثنا الحسين بن محمد بن سعيد البزاز، يعرف بابن المطبقي، ثنا جحدر بن الحارث، ثنا بقية بن الوليد، عن عيسى بن إبراهيم، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما إمام سهى، فصلى بالقوم وهو جنب، فقد مضت صلاتهم، ثم ليغتسل هو، ثم ليعد صلاته، وإن صلى بغير وضوء.

قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن مداره على جويبر بن سعيد الآزدي، وهو ضعيف، قال ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكي (701): جويبر بن سعيد أبو القاسم الأزدي الخراساني البلخي، ضعفه علي ويحيى بن سعيد قال أحمد لا يشتغل بحديثه وقال يحيى ابن معين ليس بشيء، وقال النسائي وعلي بن الجنيد والدارقطني متروك. أ. هـ.

والحديث ضعيف كما في الدراية (1/ 174)، وفيض القدير (3/ 136).

* * *

ص: 139

(234)

قوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم وله كارهون. رواه الترمذي.

أخرجه الترمذي- الصلاة- باب ما جاء فيمن أم قوما وهم له كارهون- (360)، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن علي بن حسن بن شقيق. قال: حدثني حسين بن واقد. قال: حدثنا أبو غالب، قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم، العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون.

قلت: حسين بن واقد المروزي، تكلم فيه قال العقيلي في الضعفاء (30): قال ارفع حدثنا أحمد بن أصرم بن خزيمة قال سمعت أحمد بن حنبل وقيل له في حديث أيوب بن نافع عن بن عمر عن النبي عليه السلام في الملبقة فأنكره أبو عبد الله وقال من روى هذا قيل له الحسين بن واقد فقال بيده وحرك رأسه كأنه لم يرضاه .. قال ذكر أبو عبد الله حسين بن واقد فقال وأحاديث حسين ما أرى أي شيء هي ونفض يده. أ. هـ.

وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 408) - الصلاة- باب في الإمام يؤم القوم وهم له كارهون، (4/ 307) - النكاح- باب ما حق الزوج على امرأته؟، والطبراني في الكبير (8/ 341، 343)(809، 8098)، والبغوي في شرح السنة (3/ 404) - الصلاة- باب فيمن أم قوما وهم له كارهون- (838) من طريق أبي غالب، عن أبي أمامة.

ص: 140

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وأبو غالب اسمه حزور.

قلت: مداره على أبي غالب البصري وهو صدوق. وقد حسن الحديث الترمذي، وصححه الضياء المقدسي في المختارة.

وقال البيهقي في السنن الكبرى (5548): ليس بالقوي. اهـ.

وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (487).

وقال المناوي في فيض القدير (3517): ضعفه الهيثمي، وأقره عليه الزين العراقي في موضع، وقال في آخر: إسناده حسن. وقال الذهبي: إسناده ليس بقوي، وروي بإسنادين آخرين هذا أمثلهما. اهـ.

* * *

ص: 141

(235)

قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم.

سبق تخريجه برقم (214).

* * *

ص: 142

(236)

قوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه.

رواه البخاري (734)، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، قال: حدثنى أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون.

ورواه مسلم (1/ 311)، قال: حدثنى أبوالطاهر، حدثنا ابن وهب، عن حيوة، أن أبا يونس مولى أبي هريرة حدثه، قال: سمعت أبا هريرة، فذكره بنحوه.

ورواه أحمد (2/ 420)، وأبو داود (604)، والنسائي (2/ 142)، كلهم من طريق، ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة بنحوه.

ورواه ابن ماجه (1239)، قال: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، ثنا هشيم بن بشير، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه.

وروى البخاري (691)، ومسلم (1/ 320)، وأبو داود (623)، والنسائي (1/ 132)، والترمذي (2/ 476)، وابن ماجه (961)، وأحمد (2/ 260 و 271 و 425)، وابن خزيمة (1600)، كلهم من طريق، محمد بن زياد، عن أبي هريرة مرفوعا. وفيه: أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام، أن يحول الله رأسه رأس حمار، وفي رواية: صورة، بدل رأس، ونحوه حديث أنس.

ص: 143

ورواه أبو داود (603)، قال: حدثنا سليمان بن حرب، ومسلم بن إبراهيم المعنى، عن وهيب، عن مصعب بن محمد، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعين.

ورواه البخاري (722)، قال: حدثنا عبدالله بن محمد، قال: حدثنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة بنحوه.

وروى البخاري (688)، ومسلم (1/ 309)، وأبو داود (605)، وابن ماجه (1237)، كلهم من طريق، هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه ناس من الصحابة يعودونه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا، فصلوا بصلاته قياما، فأشار إليهم: أن اجلسوا، فجلسوا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا.

وسبق تخريج جملة من أحاديث الباب.

* * *

ص: 144

‌فصل: في موقف الإمام والمأمومين

(237)

لفعله صلى الله عليه وسلم: كان إذا قام إلى الصلاة قام أصحابه خلفه.

سبق تخريجه برقم (249 - 260).

* * *

ص: 145

(238)

أن ابن مسعود صلى بين علقمة والأسود، وقال: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل. رواه أحمد. وقال ابن عبد البر: لا يصح رفعه.

أخرجه أبو داود (747)، والنسائي (2/ 184)، وفي الكبرى (623)، وأحمد (1/ 418)(3974)، وابن خزيمة (595)، كلهم من طريق عبدالله بن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن عبدالرحمن بن الأسود، عن علقمة بن قيس، قال: قال عبدالله بن مسعود: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة: فكبر ورفع يديه، فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه، قال: فبلغ ذلك سعدا، فقال: صدق أخى، قد كنا نفعل هذا، ثم أمرنا بهذا، يعنى الإمساك على الركبتين.

قلت: رجاله ثقات، رجال الشيخين، غير عاصم بن كليب فمن رجال مسلم. قال البخاري في كتاب رفع اليدين (74): وهذا المحفوظ عند أهل النظر، من حديث عبدالله بن مسعود. اهـ.

وقال أيضا البخاري (73): حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا ابن إدريس عاصم بن كليب عبدالرحمن بن الأسود، حدثنا علقمة، أن عبدالله قال: علمنا رسول الله الصلاة فقام فكبر، ورفع يديه ثم ركع فطبق يديه جعلهما بين ركبتيه، فبلغ ذلك سعدا فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل ذلك في أول الإسلام، ثم أمرنا بهذا. اهـ.

- في رواية يحيي بن آدم: (حدثنا عبدالله بن إدريس، أملاه على من كتابه. - في رواية محمد بن أبان: حدثنا عبدالله بن يزيد الأودي) قال أبو بكر بن خزيمة: هو ابن بن يزيد الأودي، نسبة إلى جده. اهـ.

وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند (4272).

ص: 146

وأخرجه موقوفا مع قصة التطبيق في الركوع كلا من: مسلم (1/ 378 - 379) - المساجد- (26، 28)، والنسائي (2/ 49، 50) - المساجد- باب تشبيك الأصابع في المسجد- (719)، وأحمد (1/ 459)، وأبو عوانة (2/ 166).

* * *

ص: 147

(239)

أنه صلى الله عليه وسلم، أدار ابن عباس وجابرا، عن يساره إلى يمينه، وإذا كبر، عن يساره أدراه من ورائه إلى يمينه.

أخرجه البخاري (183)، ومسلم (2/ 179)(1739)، وأبوداود (1364)، وابن ماجه (1363)، والترمذي في الشمائل، والنسائي (2/ 30)، وفي الكبرى (398 و 1340 و 1662)، ومالك في الموطأ (95)، وأحمد (1/ 242)(2164)، و (1/ 358)(3372)، وابن خزيمة (1675)، كلهم من طريق، مخرمة بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس، أن ابن عباس أخبره: أنه بات ليلة عند ميمونة أم المؤمنين وهى خالته، قال: فاضطجعت فى عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله فى طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يمسح النوم، عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام فصلى. قال ابن عباس: فقمت فصنعت مثل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسى، وأخذ بأذنى اليمنى يفتلها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح.

- وزاد عياض بن عبدالله في روايته: ثم عمد إلى شجب من ماء فتسوك، وتوضأ، وأسبغ الوضوء، ولم يهرق من الماء إلا قليلا، ثم حركنى فقمت.

وأخرجه البخاري (1/ 40)(117)، وأبو داود (611)، والنسائي

ص: 148

(2/ 87)، وفي الكبرى (882)، وأحمد (1/ 215)(1843)، كلهم من طريق، سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: بت فى بيت خالتى ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندها فى ليلتها، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، ثم قال نام الغليم أو كلمة تشبهها، ثم قام فقمت، عن يساره، فجعلنى، عن يمينه، فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، أو خطيطه، ثم خرج إلى الصلاة.

وأخرجه مسلم (2/ 182)(1750)، وأبو داود (610)، والنسائي في الكبرى (918)، والحميدي (472)، وأحمد (1/ 249)(2245)، وفي (1/ 347)(3243)، كلهم من طريق، عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: بت ذات ليلة عند خالتى ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلى متطوعا من الليل، فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى القربة فتوضأ، فقام فصلى، فقمت لما رأيته صنع ذلك، فتوضأت من القربة، ثم قمت إلى شقه الأيسر، فأخذ بيدى من وراء ظهره، يعدلنى كذلك من وراء ظهره إلى الشق الأيمن. قلت: أفى التطوع كان ذلك، قال: نعم.

وأخرجه مسلم (2/ 182)(1749)، وأبو داود (58 و 1353)، وفي (1353)، وفي (1354)، والنسائي (3/ 236)، وفي الكبرى (402)، وأحمد (1/ 350)(3271)، وفي (1/ 373)(3541)، وابن خزيمة (448)، كلهم من طريق، حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس، عن على بن عبدالله بن عباس، عن عبدالله بن عباس: أنه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ فتسوك وتوضأ، وهو يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

ص: 149

وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}، فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات، ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ، ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة، وهو يقول: اللهم اجعل فى قلبى نورا، وفى لسانى نورا، واجعل فى سمعى نورا، واجعل فى بصرى نورا، واجعل من خلفى نورا، ومن أمامى نورا، واجعل من فوقى نورا، ومن تحتى نورا، اللهم أعطنى نورا.

وأخرجه البخاري (1/ 185)(728)، وابن ماجه (973)، وأحمد (1/ 268)(2413) كلهم من طريق، عاصم بن سليمان الأحول، عن عامر الشعبي، عن ابن عباس، قال: بت عند خالتى ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت، عن يساره، فأخذ بيدى فأقامنى، عن يمينه.

وأخرجه مسلم (1/ 152)(508)، وأحمد (1/ 275)(2488)، و (1/ 350)(3276)، كلاهما من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي، حدثنا أبو المتوكل، أن ابن عباس حدث: أنه بات عند نبى الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقام نبى الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فخرج فنظر فى السماء، ثم تلا هذه الآية التى فى آل عمران:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} حتى بلغ {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ، ثم رجع إلى البيت، فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضا فنظر فى السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضا فنظر فى السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى.

ص: 150

وأخرجه ابن خزيمة (1103)، قال: حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، قال: حدثنا بشر، يعني ابن المفضل. وفي (1121) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدثنا إسماعيل بن علية. كلاهما (بشر، وإسماعيل)، عن سعيد بن يزيد، وهو أبو مسلمة، عن أبي نضرة، عن ابن عباس، قال: زرت خالتي ميمونة، فوافقت ليلة النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بسحر طويل، فأسبغ الوضوء، ثم قام يصلي، فقمت فتوضأت، ثم جئت فقمت إلى جنبه، فلما علم أني أريد الصلاة معه، أخذ بيدي فحولني، عن يمينه، فأوتر بتسع أو سبع، ثم صلى ركعتين، ووضع جنبه حتى سمعت ضفيزه، ثم أقيمت الصلاة فانطلق فصلى.

قلت: رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد (1/ 371)(3514)، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا كامل، عن حبيب، عن ابن عباس، قال: بت عند خالتى ميمونة، قال: فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فذكر الحديث، قال: ثم ركع، قال: فرأيته قال فى ركوعه: سبحان ربى العظيم، ثم رفع رأسه، فحمد الله ما شاء أن يحمده، قال: ثم سجد، قال: فكان يقول فى سجوده: سبحان ربى الأعلى، قال: ثم رفع رأسه، فكان يقول فيما بين السجدتين: رب اغفر لى، وارحمنى، واجبرنى، وارفعنى، وارزقنى، واهدنى.

قلت: في إسناده كامل بن العلاء، وهو صدوق يخطئ، وعنعنة حبيب بن أبي ثابت، وهو مدلس.

وأخرجه أحمد (1/ 284)(2572)، قال عبدالله بن أحمد: وجدت في كتاب أبي، بخط يده، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن عبيد، حدثني

ص: 151

محمد بن ثابت العبدي العصري. قال: حدثنا جبلة بن عطية، عن إسحاق بن عبدالله، عن عبدالله بن عباس، قال: تضيفت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهى خالتى، وهى ليلتئذ لا تصلى، فأخذت كساء فثنته، وألقت عليه نمرقة، ثم رمت عليه بكساء آخر، ثم دخلت فيه، وبسطت لى بساطا إلى جنبها، وتوسدت معها على وسادها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد صلى العشاء الآخرة، فأخذ خرقة فتوازر بها، وألقى ثوبه، ودخل معها لحافها، وبات، حتى إذا كان من آخر الليل، قام إلى سقاء معلق فحركه، فهممت أن أقوم فأصب عليه، فكرهت أن يرى أنى كنت مستيقظا، قال: فتوضأ، ثم أتى الفراش فأخذ ثوبه، وألقى الخرقة، ثم أتى المسجد، فقام فيه يصلي، وقمت إلى السقاء فتوضأت، ثم جئت إلى المسجد فقمت، عن يساره، فتناولنى فأقامنى، عن يمينه، فصلى وصليت معه ثلاث عشرة ركعة، ثم قعد، وقعدت إلى جنبه، فوضع مرفقه إلى جنبه، وأصغى بخده إلى خدى، حتى سمعت نفس النائم، فبينا أنا كذلك إذ جاء بلال، فقال: الصلاة يا رسول الله. فسار إلى المسجد واتبعته، فقام يصلي ركعتي الفجر، وأخذ بلال فى الإقامة.

قلت: في إسناده محمد بن ثابت العبدي، وليس حديثه بشئ، كما قال ابن معين.

وأخرجه أبو داود (133)، وأحمد (1/ 369)(2490)، وفي (1/ 370)(3502)، وابن خزيمة (1094)، كلهم من طريق عباد بن منصور، حدثنا عكرمة بن خالد المخزومي، أن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أتيت خالتى ميمونة بنت الحارث، فبت عندها، فوجدت ليلتها تلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم دخل بيته، فوضع رأسه على وسادة من

ص: 152

أدم حشوها ليف، فجئت فوضعت رأسي على ناحية منها، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر فإذا عليه ليل، فعاد فسبح وكبر حتى نام، ثم استيقظ وقد ذهب شطر الليل، أو قال: ثلثاه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى حاجته، ثم جاء إلى قربة على شجب فيها ماء، فمضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، وذراعيه ثلاثا ثلاثا، ومسح برأسه وأذنيه، ثم غسل قدميه، قال يزيد: حسبته قال ثلاثا ثلاثا، ثم أتى مصلاه، فقمت وصنعت كما صنع، ثم جئت فقمت، عن يساره، وأنا أريد أن أصلي بصلاته، فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا عرف أني أريد أن أصلي بصلاته، لفت يمينه فأخذ بأذني فأدارني، حتى أقامني، عن يمينه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى أن عليه ليلا ركعتين، فلما ظن أن الفجر قد دنا، قام فصلى ست ركعات، أوتر بالسابعة، حتى إذا أضاء الفجر، قام فصلى ركعتين، ثم وضع جنبه فنام، حتى سمعت فخيخه، ثم جاء بلال فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى، وما مس ماء. فقلت لسعيد بن جبير: ما أحسن هذا، فقال سعيد بن جبير: أما والله لقد قلت ذاك لابن عباس، فقال: مه إنها ليست لك ولا لأصحابك، إنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كان يحفظ.

قال ابن رجب في فتح الباري (6/ 243): وكلا الحديثين إسناده ضعيف .. اهـ.

وقال الألباني في التعليق على ابن خزيمة (1094): إسناده ضعيف؛ من أجل عباد .. اهـ.

وأصل الحديث في الصحيحين في قصة المبيت والصلاة.

وأما حديث جابر بن عبدالله فأخرجه مسلم (4/ 2305) - الزهد- (310)، وأبو داود (1/ 417) - الصلاة- باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به-

ص: 153

(634)

، وابن أبي شيبة (2/ 86) - الصلاة- باب في الرجل يصلي مع الرجل يقيمه، عن يمنيه، والبيهقي (2/ 239) - الصلاة- باب الدليل على أنه إنما يلتحف بالثوب الواحد إذا كان واسعا وإذا كان ضيقا اتزر به، (3/ 95) - الصلاة- باب الرجل يأتم برجل فيجيء آخر، والبغوي في شرح السنة (3/ 385، 386) - الصلاة- باب إذا كانوا ثلاثة الإمام (827)، عن جابر بن عبدالله في حديث طويل.

* * *

ص: 154

(240)

قوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لفرد خلف الصف. رواه أحمد وابن ماجه.

رواه ابن ماجه (1003)، وأحمد (4/ 23)، وابن حبان في الموارد (401)، وابن خزيمة (3/ 30)، وابن سعد في الطبقات (5/ 551)، والبيهقي (3/ 105)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 394)، وابن حزم في المحلى (4/ 53)، كلهم من طريق ملازم بن عمرو، عن عبدالله بن بدر، قال: حدثنى عبدالرحمن بن علي بن شيبان، عن أبيه علي بن شيبان- رجل من بني حنيفة وكان ممن وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، نظر إلى رجل خلف الصف وحده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هكذا صليت؟ قال: نعم قال: فأعد صلاتك، فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف وحده.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي، قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 339): إسناده صحيح، ورجاله ثقات. اهـ.

وقال الألباني في الإرواء (2/ 329): هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات، كما قال البوصيري في الزوائد. اهـ.

وقال ابن حزم: ملازم ثقة، وثقه ابن أبي شيبة، وابن نمير وغيرهما، وعبدالله بن بدر ثقة مشهور، وما نعلم أحدا عاب عبدالرحمن بأكثر من أنه لم يرو عنه إلا عبدالله بن بدر، وهذا ليس جرحه. اهـ.

ونقل الزيلعي في نصب الراية (2/ 39)، عن البزار، أنه قال: عبدالله بن بدر ليس بالمعروف، إنما حدث عنه ملازم بن عمرو ومحمد بن جابر، فأما ملازم فقد احتمل حديثه، وإن لم يحتج به، وأما محمد بن جابر فقد سكت

ص: 155

الناس، عن حديثه، وعلي بن شيبان لم يحدث عنه إلا ابنه، وابنه هذه صفته، وإنما يرتفع جهالة المجهول إذا روى عنه ثقتان مشهوران، فأما إذا روى عنه من لا يحتج بحديثه؛ لم يكن ذلك الحديث حجة، ولا ارتفعت جهالته. اهـ. قلت: فيه تأمل من وجوه:

أولا: عبدالله بن بدر ثقة، وثقه ابن معين وأبو زرعة وغيرهما، وروى عنه ملازم بن عمرو، ومحمد، وعمر ابنا جابر، وعكرمة بن عمار، وياسين بن معاذ الزيات.

ثانيا: ملازم بن عمرو وثقه الأئمة، كأحمد، وابن معين، وأبوزرعة، وأبوحاتم، والنسائي، والدارقطني، وابن نمير، وابن أبي شيبة.

ثالثا: عبدالرحمن بن علي بن شيبان الحنفي اليمامي، روى عنه ابنه يزيد، وعبدالله ابن بدر الحنفي، ووعلة بن عبدالرحمن، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 105)، ووثقه أيضا العجلي، وأبو العرب التميمي، وابن حزم كما سبق، ولهذا قال الحافظ ابن حجر: ثقة. اهـ.

رابعا: علي بن شيبان صحابي، لا تضر جهالته.

وقال شيخ الإسلام في الفتاوى (23/ 393)، عن هذا الحديث وحديث وابصة: وقد صحح الحديثين غير واحد من أئمة الحديث، وأسانيدهما مما تقوم بهما الحجة. اهـ.

وقال ابن عبدالهادي في التنقيح (2/ 1138): إسناده قوي، وقال الأثرم: قلت لأبي عبدالله: حديث ملازم بن عمرو- يعني هذا الحديث- في هذا أيضا حسن، قال: نعم. اهـ. وقد صححه ابن خزيمة، وابن حبان، وحسن الحديث النووي في المجموع (4/ 298).

ص: 156

(241)

ورأى صلى الله عليه وسلم، رجلا يصلي خلف الصف، فأمره أن يعيد الصلاة. رواه أحمد، والترمذي، وحسنه، وابن ماجه، وإسناده ثقات.

رواه أبو داود (682)، والترمذي (231)، وأحمد (4/ 228)، والبيهقي (3/ 104)، وابن حبان (3/ 311)(2196)، وفي الموارد (403)، وابن حزم في المحلى (4/ 52)، والطبراني (22/ رقم 371)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 393)، والبغوي في شرح السنة (3/ 378)، كلهم من طريق، شعبة، عن عمرو بن مرة، عن هلال بن يساف، عن عمرو بن راشد، عن وابصة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة.

ورواه عن شعبة كبار أصحابه، منهم غندر، ويحيى القطان، وأبوداود الطيالسي وغيرهم.

قلت: إسناده قوي، وعمرو بن راشد، ترجم له البخاري في التاريخ الكبير (6/ 330)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 232)، ولم يوردا فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في كاشفه: ثقة. اهـ.

ووثقه ابن حزم في المحلى (4/ 53)، ونقل، عن أحمد أنه وثقه، وفي مسائل أحمد برواية ابنه عبدالله (3/ 916، 917)(1233)، قال أبوثور: يا أبا عبدالله: من عمرو بن راشد؟ فقال: سبحان الله، أما سمعت حديث شعبة

، ثم قال أبي: هو رجل معروف أو مشهور. اهـ.

وقال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 356): عمرو بن راشد

ص: 157

المذكور في حديث شعبة، وثقه أحمد بن حنبل. اهـ.

وقال الألباني في الإرواء (2/ 323): رجاله ثقات، غير عمرو وهو مجهول العدالة، أورده ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأما ابن حبان فذكره في الثقات على قاعدته!، ومع ذلك فإنه يستشهد به، كما أشار إليه الحافظ ابن حجر بقوله فيه: مقبول. يعني عند المتابعة، وقد توبع كما سيأتي، فالحديث صحيح. اهـ.

وحسن إسناده الشيخ ابن باز في الفتاوى (4/ 425).

ونقل الزيلعي في نصب الراية (2/ 38)، عن البزار أنه قال: أما حديث عمرو بن راشد، فإن عمرو بن راشد رجل لا يعلم حدث إلا بهذا الحديث، وليس معروفا بالعدالة، فلا يحتج بحديثه. اهـ.

قلت: عرفه غيره ووثق، كما سبق.

وقد توبع، فقد رواه الترمذي (230)، وابن ماجه (1004)، والدارمي (1/ 294)، وأحمد (4/ 228)، وابن حبان (3/ 311)، (2197)، والبيهقي (3/ 104)، والحميدي (2/ 392)، (884)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 393)، كلهم من طريق حصين بن عبدالرحمن السلمي، عن هلال بن يساف، قال: أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي، ونحن بالرقة، فقام بي على شيخ يقال له: وابصة بن معبد من بني أسد، فقال زياد: حدثني هذا الشيخ: أن رجلا صلى خلف الصف وحده- والشيخ يسمع- فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة.

ورواه عن حصين جمع من الثقات، منهم شعبة، والثوري، وزائدة بن قدامة، وعبدالله بن إدريس، وابن عيينة وغيرهم.

ص: 158

قلت: حصين بن عبدالرحمن السلمي ثقة، لكن طرأ عليه اختلاط بآخره، فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة.

وقال أبو حاتم: صدوق ثقة في الحديث، وفي آخر عمره ساء حفظه. اهـ.

لكن روى عنه هذا الحديث كلا من، شعبة عند أحمد، والثوري عند البيهقي، (3/ 104).

وزائدة وهشيما عند الطحاوي (1/ 294)، وعبثر بن القاسم كما عند الدارمي (1/ 294)، وخالد الواسطي كما عند الطبراني في الكبير (22/ 142)، وروايتهم، عن حصين بن عبدالرحمن الذي يظهر أنها كانت قبل الاختلاط.

قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (ص 312 - ط السامرائي): قال يزيد بن الهيثم، عن يحيى بن معين: ما روى هشيم وسفيان، عن حصين صحيح، ثم إنه اختلط. وقال أيضا يزيد: قلت ليحيى بن معين: عطاء ابن السائب وحصين اختلطا؟ قال: نعم، قلت: من أصحهم سماعا؟ قال: سفيان أصحهم يعني الثوري، وهشيم في حصين، قلت: فجرير؟، فكأنه لم يلتف إليه، وقال أحمد في رواية الأثرم: هشيم لا يكاد يسقط عليه شيء من حديث حصين، ولا يكاد يدلس، عن حصين، وقد خرجا في الصحيحين حديث حصين بن عبدالرحمن من رواية جماعة من أصحابه، منهم: شعبة، وسفيان، وخالد الواسطي، وعبثر بن القاسم، وهشيم ..... اهـ.

وقال أيضا ابن رجب (ص 313): وقد أنكر ابن المديني وغيره أن يكون حصين اختلط، قالوا: ولكن ساء حفظه كما قاله أبو حاتم. اهـ.

قلت: الذي يظهر أنه تغير حفظه في آخر عمره، قال أبو حاتم في الجرح والتعديل (1/ 2/ 193).

ص: 159

ونقل ابن الكيال في الكواكب النيرات (ص 24)، عنه قال: قال يزيد بن هارون: إنه اختلط، وقال النسائي: تغير. اهـ.

ورجح الترمذي حديث حصين، قال الترمذي في العلل الكبير (1/ 212، 213): اختلف أصحاب الحديث، في حديث حصين بن عبدالرحمن وعمرو بن مرة، عن هلال بن يساف، فرأى بعض أهل الحديث، أن رواية عمرو بن مرة، عن هلال بن يساف، عن وابصة بن معبد، أصح من حديث حصين. ومنهم من قال: حديث حصين، عن هلال بن يساف، عن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة أصح. وحديث حصين أصح عندي من حديث عمرو بن مرة وأشبه، لأنه روي من غير طريقهما، عن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة. اهـ.

وقال الألباني في الإرواء (2/ 324): وعلى كل حال فرواية حصين أرجح من رواية عمرو بن مرة، لأنه لم ينفرد بذكر زياد بن أبي الجعد، بل إنه قد توبع. اهـ.

ونقل الزيلعي في نصب الراية (2/ 38)، عن البزار أنه قال: أما حديث حصين، فإن حصينا لم يكن بالحافظ، فلا يحتج بحديثه في حكم. اهـ.

قلت: وهذا غريب منه رحمه الله، فإن الأئمة وثقوه، ولا أعلم من ضعفه إلا لما طرأ عليه في آخر عمره، قال الإمام أحمد: ثقة من كبار أصحاب الحديث. اهـ. وسماع من ذكرنا قديم. ورجح أبو حاتم والإمام أحمد الطريق الأول.

فقال ابن أبي حاتم في العلل (271)، سألت أبي، عن حديث رواه حصين، عن هلال بن يساف، عن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة: أن رجلا صلى

ص: 160

خلف الصف وحده، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد، ورواه عمرو بن مرة، عن هلال بن يساف، عن عمرو بن راشد، عن وابصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت لأبي: أيهما أشبه، قال: عمرو بن مرة أحفظ. اهـ.

وقال الدارمي (1/ 295): كان أحمد بن حنبل يثبت حديث عمرو بن مرة، وأنا أذهب إلى حديث يزيد بن زياد بن أبي الجعد. اهـ.

وقال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 356): هلال ثقة، وزيادا ثقة، وقد أسندوا الحديث، والاختلاف الذي فيه لا يضره. اهـ.

ورجح ابن حبان وابن حزم الطريقين، فقد قال ابن حبان (3/ 312): سمع هذا الخبر هلال بن يساف، عن عمرو بن راشد، عن وابصة بن معبد، وسمعه من زياد بن أبي الجعد، عن وابصة، والطريقان جميعا محفوظان. اهـ.

وقال ابن حزم في المحلى (4/ 53): ورواية هلال بن يساف حديث وابصة، مرة، عن زياد ابن أبي الجعد، ومرة، عن عمرو بن راشد قوة للخبر، وعمرو بن راشد ثقة، وثقه أحمد ابن حنبل وغيره. اهـ.

وقال أحمد بن شاكر في تعليقه على المحلى (4/ 54): وقد ظن بعض المحدثين، أن هذا اختلاف على هلال، يضعف به الخبر وهو ظن خطأ، بل هو انتقال من ثقة، إلى ثقة فيقوى به الحديث، كما قال المؤلف. اهـ.

وقد توبع حصين بن عبدالرحمن، فقد رواه عبدالرزاق (2/ 59) قال: أخبرنا الثوري، عن معمر، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة به.

لكن وقع في هذا الاسناد اختلاف.

فقد رواه ابن الجارود في المنتقى (319) من طريق عبدالرزاق قال: أخبرنا

ص: 161

الثوري، عن منصور به. ورواه الطبراني (22/ رقم 375) من طريق عبدالرزاق، ثنا معمر، والثوري، عن منصور به.

قلت: زياد بن أبي الجعد اسمه رافع الكوفي، ذكره ابن حبان في الثقات، ورمز له الحافظ ابن حجر في التقريب (2062) بأنه: مقبول. اهـ.

ورواه أحمد (4/ 228)، قال: حدثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف، عن وابصة بن معبد به.

وتابع شمر بن عطية، الحجاج ابن أرطاه، كما عند الطبراني (22/ رقم 287).

لكن نقل الزيلعي في نصب الراية (2/ 38)، عن البزار، أنه قال: هلال لم يسمع من وابصة. اهـ.

وقد توبع هلال بن يساف في رواية هذا الحديث، عن زياد بن أبي الجعد، فقد رواه أحمد (4/ 228)، والدارمي (1/ 295)، وابن حبان (3/ 312)(2198)، والدارقطني (1/ 262، 263)، والبيهقي (3/ 105) من طرق، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن عمه عبيد بن أبي الجعد، عن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة بنحوه.

قلت: يزيد بن زياد بن أبي الجعد، وثقه أحمد، وابن معين، والعجلي، وأبوحاتم.

ونقل الزيلعي في نصب الراية (2/ 38)، عن البزار أنه قال: أما حديث يزيد بن زياد، فلا نعلم أحدا من أهل العلم إلا وهو يضعف أخباره، فلا يحتج بحديثه. اهـ. وهذا فيه تأمل. وعمه عبيد صدوق، وقد توبع يزيد بن زياد، فقد رواه الطبراني (22/ رقم 385، 386) من طريق الأعمش، عن عبيد بن أبي

ص: 162

الجعد، عن وابصة بنحوه، وفيه عنعنة الأعمش. واختلف فيه على الأعمش.

فقد رواه الطبراني (22/ رقم 388) من طريقه، عن عبيد بن أبي الجعد، عن سالم بن أبي الجعد، عن وابصة.

ولما ذكر الألباني رحمه الله في الإرواء (2/ 324): إسناد يزيد قال: هذا سند جيد، رجاله كلهم ثقات غير زياد بن أبي الجعد، فإن القول فيه كالقول في عمرو بن راشد، وأنه مجهول كما تقدم، لكن لم ينفرد به زياد بل تابعه هلال بن يساف في المعنى .... اهـ.

وقال البيهقي في المعرفة: إنما لم يخرجاه صاحبا الصحيح، لما وقع في إسناده من الاختلاف. اهـ.

وقد ذكر الترمذي الاختلاف في سند الحديث فقال (1/ 305): اختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم: حديث عمرو بن مرة، عن هلال بن يساف، عن عمرو بن راشد، عن وابصة بن معبد: أصح. وقال بعضهم: حديث حصين، عن هلال بن يساف، عن زياد ابن أبي الجعد، عن وابصة بن معبد: أصح، قال أبوعيسى: وهذا عندي أصح من حديث عمرو بن مرة، لأنه قد روي من غير حديث هلال بن يساف، عن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة. اهـ. وحسنه الترمذي (1/ 304).

وقال ابن عبدالهادي في التنقيح (2/ 1137): قال الإمام أحمد: حديث وابصة حسن، وقال ابن المنذر: ثبته أحمد وإسحاق. اهـ.

ولما رواه الإمام أحمد (4/ 228) من طريق حصين، عن هلال به، قال عبدالله: وكان أبي يقول بهذا الحديث. اهـ.

ونقل شيخ الإسلام في الفتاوى (23/ 393): تصحيح الأئمة لحديث

ص: 163

وابصة.

وقال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 355): في إسناد حديث وابصة اضطراب، وأثبته جماعة. اهـ.

وأجاب ابن القيم على من أعله فقال في تهذيب السنن (1/ 336، 337): وقد أعل الشافعي حديث وابصة، فقال: قد سمعت من أهل العلم بالحديث، من يذكر أن بعض المحدثين، يدخل بين هلال بن يساف ووابصة رجلا، ومنهم من يرويه، عن هلال، عن وابصة سمعه منه، وسمعت بعض أهل العلم منهم كان يوهنه بما وصفت، وأعله غيره بأن هلال بن يساف تفرد به، عن وابصة. والعلتان جميعا ضعيفتان: فأما الأولى: فإن هلال بن يساف، رواه عن عمرو بن راشد، عن وابصة، وعن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة، ذكر ذلك ابن حبان في صحيحه، وقال: سمع هذا الخبر هلال بن يساف من عمرو بن راشد، وسمعه من زياد بن أبي الجعد، كلاهما، عن وابصة، وقال: هما طريقان محفوظان، فإدخال زياد وعمرو بن راشد بين هلال ووابصة لا يوهن الحديث شيئا، أما العلة الثانية: فباطلة، وقد أشار ابن حبان إلى بطلانها، فقال: ذكر الخبر المدحض قول من زعم: أن هلال بن يساف تفرد بهذا الخبر، ثم ساق من حديث عبيد بن أبي الجعد، عن أبيه زياد بن أبي الجعد، عن وابصة

فذكره، فالحديث محفوظ. اهـ.

وللحديث طرق أخرى فيها مقال، فقد رواه الطبراني (22/ رقم 396) من طريق عمر بن علي المقدمي، ثنا أشعث بن سوار، عن بكير بن الأخنس، عن حنش بن المعتمر، عن وابصة بنحوه.

قلت: أشعث بن سوار ضعيف، وقد اختلف عليه.

ص: 164

فقد رواه الطبراني (22/ رقم 397) من طريق حفص بن غياث، عن أشعث بن سوار، عن بكير بن سوار، عن بكير بن الأخنس، عن حنش بن المعتمر، عن وابصة بنحوه.

قال ابن أبي حاتم في العلل (281)، سألت أبي، عن حديث رواه عمر بن علي، عن أشعث بن سوار، عن بكير بن [الأخنس]، عن حنش بن المعتمر، عن وابصة بن معبد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا صلى خلف الصف وحده، قال أبي: رواه بعض الكوفيين، عن أشعث، عن بكير، عن وابصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبي: أما عمر فمحله الصدق، وأشعث هو أشعث بن سوار، قال أبو محمد: قلت لأبي: حنش أدرك وابصة؟ قال: لا أبعده. اهـ.

وقال أيضا أبو حاتم (474)، لما سئل، عن حديث عمر بن علي، عن أشعث بن سوار، عن بكير بن الأخنس، عن حنش بن المعتمر، عن وابصة، قال: رواه بعض الكوفيين، عن أشعث، عن بكير، عن وابصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.، قال: أبي: أما محمد فمحله الصدق، ولولا تدليسه لحكمنا إذ جاء بالزيادة، غير أنا نخاف أن يكون أخذه من غير ثقة، وأشعث هو أشعث، قلت: حنش أدرك وابصة، قال: لا أبعده. اهـ.

وروى الطبراني في الأوسط (5/ رقم 5323). قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة، ثنا عبدالله بن محمد بن القاسم العبادي البصري، ثنا يزيد بن هارون، أنا محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا، يصلي خلف الصفوف وحده، فقال: أعد الصلاة.

قال الطبراني عقبه: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به

ص: 165

العبادي. اهـ.

قلت: عبدالله بن محمد بن القاسم العبادي، ضعيف جدا، وبه أعله الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 96)، ووافقه الألباني في الإرواء (2/ 328).

وروى الطبراني في الكبير (22/ 145 - 146، 394)، والبيهقي (3/ 105)، وأبو يعلى في مسنده (3/ 162)، (1588)، كلهم من طريق السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن وابصة قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا، صلى خلف الصفوف وحده، فقال: أيها المصلي وحده إلا وصلت إلى الصف، أو جررت إليك رجلا فقام معك، أعد الصلاة.

قلت: السري بن إسماعيل الهمداني الكوفي ابن عم الشعبي، متروك، قال عنه يحيى ابن سعيد: استبان لي كذبه في مجلس. اهـ.

وقال عمرو بن علي: ما سمعت عبدالرحمن ذكره قط، وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه. اهـ. وقال صالح بن أحمد، عن أبيه: ليس بالقوي، وهو أحب لي من عيسى الخياط. اهـ. وقال أبو طالب، عن أحمد: ترك الناس حديثه. اهـ. وقال ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وقال أبو حاتم: ذاهب دون مجالد. اهـ. وقال النسائي: متروك. اهـ. كذا قال أبو داود. وقال ابن عدي: أحاديثه التي يرويها لا يتابعه عليها أحد، خاصة، عن الشعبي، فإن أحاديثه عنه منكرات، وهو إلى الضعف أقرب. اهـ.

لهذا قال البيهقي (3/ 105) عن الحديث: انفرد به السري بن إسماعيل، وهو ضعيف. اهـ.

ولما ذكر الحافظ ابن حجر الحديث في التلخيص الحبير (2/ 38)، قال: فيه السري بن إسماعيل، وهو متروك. اهـ. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد

ص: 166

(2/ 96): رواه أبو يعلى، وفيه السري بن إسماعيل، وهو ضعيف. اهـ.

وقد توبع السري بن إسماعيل، فقد رواه الطبراني في الكبير (22/ رقم 392) من طريق سهل بن عامر البجلي، ثنا عبدالله بن نمير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي به، بنحوه.

قلت: وهذه المتابعة لا يفرح بها، لأن سهل بن عامر البجلي؛ واهي الحديث، قال البخاري: منكر الحديث، لا يكتب حديثه. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، روى أحاديث بواطيل، أدركته بالكوفة، وكان يفتعل الحديث. اهـ.

وروى أبو داود في المراسيل (83) قال: حدثنا الحسن بن علي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الحجاج بن حسان، عن مقاتل بن حيان- رفعه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاء رجل فلم يجد أحدا، فليختلج إليه رجلا من الصف فليقم معه، فما أعظم أجر المختلج.

قلت: في إسناده مقاتل بن حيان، وسبق الكلام عليه.

قال النووي في الخلاصة (2/ 720): حديث ضعيف مرسل، رواه أبو داود في المراسيل، والبيهقي. اهـ.

وروى الطبراني في الأوسط في مجمع البحرين (2/ 91)، قال: حدثنا عبدالسلام بن سهل السكري، ثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا عبدالحميد الحماني، عن النضر أبي عمر، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم

رأى رجلا، يصلي خلف الصف وحده، فقال: أيها المنفرد بصلاتك أعد صلاتك.

قال الطبراني عقبه: لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، تفرد به

ص: 167

الحماني. اهـ.

قلت: إسناده واه، فإن عبدالحميد اختلف فيه، فقد وثقه ابن معين، وأيضا في رواية، عن النسائي، والرواية الأخرى قال: ليس بقوي. اهـ. وضعفه الإمام أحمد، وابن سعد، والعجلي، وفي رواية البرقي، عن ابن معين قال: ثقة، ولكنه ضعيف العقل. اهـ. وقال أبو داود: كان دعاية في الإرجاء. اهـ. وآفة الحديث شيخه النضر بن عبدالرحمن أبو عمر الخزاز الكوفي، قال الإمام أحمد: ضعيف الحديث ليس بشيء. اهـ. ونحوه قال ابن معين. وفي رواية الدوري، عن ابن معين قال: لا يحل أن يروي عنه. اهـ. وقال أبو زرعة: لين الحديث. اهـ. وقال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث. اهـ. وقال مرة: ضعيف الحديث. اهـ. وقال عثمان ابن أبي شيبة: كان ابنه أيضا كذابا. اهـ. وقال النسائي: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه. اهـ. وقال مرة: متروك الحديث. اهـ. ولهذا ضعف الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 96) فقال: فيه النضر أبوعمر، أجمعوا على ضعفه. اهـ. وضعفه أيضا الألباني في الإرواء (2/ 327).

وللحديث طريق آخر عند الطبراني في الأوسط، من طريق بشر بن إبراهيم، حدثنى الحجاج بن حسان، عن عكرمة به، لكن اتهم بوضع الحديث.

* * *

ص: 168

(242)

المرأة خلف رجل لحديث أنس.

رواه البخاري (727)، ومسلم (1/ 457)، والنسائي (2/ 85)، وأحمد (3/ 226)، ومالك في الموطأ (1/ 153)، كلهم من طريق، إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أن جدته مليكة، دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: قوموا فأصلي لكم، قال أنس بن مالك: فقمت إلى حصير لنا، قد أسود من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف.

* * *

ص: 169

(243)

روي عن عائشة وأم سلمة: فإن أمت واحدة، وقفت، عن يمينها، ولا يصح خلفها.

رواه الحاكم (1/ 320)، والبيهقي (1/ 408)، (3/ 131)، كلاهما من طريق، عبدالله بن إدريس، عن ليث، عن عطاء، عن عائشة: أنها كانت تؤذن وتقيم، وتؤم النساء، وتقوم وسطهن.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه ليث، والذي يظهر أنه ابن أبي سليم، لأنه يروي عنه عبدالله بن إدريس، وليث ضعيف. قال عبدالله بن أحمد، عن أبيه: مضطرب الحديث. اهـ. وقال ابن معين: ضعيف الحديث. اهـ. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: ليث لا يشتغل به هو مضطرب الحديث. اهـ.

وقد تابعه ابن أبي ليلى، كما عند ابن أبي شيبة (2/ 89)، وابن أبي ليلى ضعيف.

وروى عبدالرزاق في مصنفه، كما ذكر الزيلعي في نصب الراية (2/ 31)، ولم أعثر عليه، قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن ميسرة بن حبيب النهدي، عن ريطة الحنفية: أن عائشة، وقامت بينهن في صلاة مكتوبة.

ورواه ابن حزم (4/ 219) من طريق سفيان به، ولم يذكر: وقامت بينهن.

ورواه الدارقطني (1/ 404)، والبيهقي (3/ 131)، وعبدالرزاق (3/ 141)(5086)، كلهم من طريق سفيان به، وفيه: فقامت بينهن في الصلاة المكتوبة. زاد البيهقي في آخره: وسطا.

وقد صححه النووي في الخلاصة (2/ 680): فقال سنده صحيح. أهـ،

ص: 170

ونقله عنه الزيلعي في نصب الراية (2/ 31)، وصححه أيضا النووي في المجموع (4/ 199).

قلت: ريطة الحنفية، إن كانت هي ريطة بنت حريث، فهي مجهولة.

قال الحافظ في التقريب (8592): لا تعرف. اهـ. وإن كان غيرها فلا أدري من هي، ولما ذكر الألباني في تمام المنة (ص 154)، قول الحافظ في التقريب، عن رائطة بنت مسلم: لا تعرف، قال الألباني: فمن المحتمل أن تكون هي هذه أو غيرها، فأنى لإسنادها الصحة. اهـ.

وذكر الزيلعي في نصب الراية (2/ 31)، طريقا آخر، عن عائشة، لكن فيه ضعف.

ورواه ابن حزم في المحلى (4/ 219) من طريق يحيى بن سعيد القطان، ثنا زياد بن لاحق، عن تميمة بنت سلمة، عن عائشة أم عائشة أم المؤمنين: أنها أمت النساء في صلاة المغرب، فقامت وسطهن وجهرت بالقراءة.

قلت: زياد بن لاحق فيه جهالة، وتميمة لم أجد من ذكرها.

ورواه عبدالرزاق (3/ 141)(5087)، عن ابن جريج، قال: أخبرني يحيى بن سعيد: أن عائشة كانت تؤم النساء في التطوع، تقوم معهن في الصف.

قلت: إسناده منقطع؛ لأن يحيى بن سعيد لم يدرك عائشة.

وأما ما روي عن أم سلمة:

فقد رواه الشافعي (315)، وابن أبي شيبة (2/ 88)، وعبد الرزاق (5082) من طريقين، عن عمار الدهني، عن امرأة من قومه يقال لها: حجيرة، عن أم سلمة أنها: أمتهن، فقامت وسطا.

ولفظ عبد الرزاق: أمتنا أم سلمة في صلاة العصر، فقامت بيننا.

ص: 171

وأخرجه الدارقطني (1/ 405) - الصلاة- باب صلاة النساء جماعة، ابن حزم في المحلى (4/ 219)، والبيهقي (3/ 131) - الصلاة- باب المرأة تؤم النساء. من هذا الوجه.

والأثر صححه النووي وابن الملقن. انظر: خلاصة البدر المنير (1/ 198)، ونصب الراية (2/ 31)، وتحفة المحتاج (1/ 322).

وروى عبدالرزاق في مصنفه (3/ 140)، رقم (5083)، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن داود الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: تؤم المرأة النساء، تقوم في وسطهن.

قلت: إسناده واه؛ لأن فيه إبراهيم بن محمد، هو ابن أبي يحيى، كما صرح باسمه البيهقي (3/ 131)، وهو متروك، قال علي بن المديني، عن يحيى بن سعيد: كذاب. اهـ. وقال المعطى، عن يحيى بن سعيد: كنا نتهمه بالكذب. اهـ. وقال البخاري: جهمي تركه ابن المبارك والناس، كان يرى القدر. اهـ. وقال ابن معين: ليس بثقة. اهـ. وقال فيه مرة: كان فيه ثلاث خصال، كان كذابا، وكان قدريا، وكان رافضيا. اهـ. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال علي بن المديني: كذاب. اهـ.

وروى البيهقي (1/ 408)، وابن عدي في الكامل، وأبو الشيخ الأصبهاني كما نقله عنه الزيلعي في نصب الراية (2/ 32) كلهم من طريق، الحكم ابن عبدالله بن سعد الأيلي، عن القاسم بن محمد، عن أسماء بنت أبي بكر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على النساء أذان، ولا إقامة، ولا جمعة، ولا اغتسال، ولا تتقدمهن امرأة، ولكن تقوم وسطهن.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه الحكم بن عبدالله بن سعد الأيلي. قال

ص: 172

الإمام أحمد: أحاديث الحكم بن عبدالله كلها موضوعة. اهـ. وقال البخاري: تركوه. اهـ. وقال ابن معين: ليس بثقة، ولا مأمون. اهـ. وقال النسائي: متروك الحديث، وكان ابن المبارك يوهنه. اهـ.

وبه أعله ابن عدي والزيلعي في نصب الراية (2/ 32)، وذكر النووي الحديث في الخلاصة (2/ 680) في قسم الضعيف.

* * *

ص: 173

(244)

قوله صلى الله عليه وسلم: ليليني منكم، أولو الأحلام والنهى. رواه مسلم.

رواه مسلم- الصلاة- (1/ 323)، وأبو داود- الصلاة- باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف- (674)، والنسائي- الإمامة- باب من يلي الإمام ثم الذي يليه، وباب ما يقول الإمام إذا تقدم في تسوية الصفوف- (2/ 90)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب من يستحب أن يلي الإمام- (976)، وابن خزيمة (3/ 20)، كلهم من طريق الأعمش، عن عمارة بن عمير التيمي، عن أبي معمر، عن أبي مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم. قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافا. واللفظ لمسلم.

* * *

ص: 174

(245)

لقوله صلى الله عليه وسلم: أخرهن حيث أخرهن الله.

لم أقف عليه مرفوعا، قال الزيلعي في نصب الراية (2/ 36): حديث غريب مرفوعا، وهو في مصنف عبد الرزاق موقوف على ابن مسعود. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 171): لم أجده مرفوعا، وهو عند عبدالرزاق والطبراني من حديث ابن مسعود موقوفا .. اهـ.

وأخرجه عبدالرزاق (3/ 149) الصلاة باب: شهود النساء الجماعة (5115)، عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن ابن مسعود، قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا، فكانت المرأة لها الخليل، تلبس القالبين تطول بهما لخليلها، فألقي عليهن الحيض. فكان ابن مسعود يقول: أخروهن حيث أخرهن الله، فقلنا لأبي بكر: ما القالبين، قال: رفيصين من خشب.

ومن هذا الوجه رواه الطبراني في الكبير (9/ 342)(9484، 9485) موقوفا على ابن مسعود.

قلت: أبا معمر، هو عبد الله بن سخبرة صاحب ابن مسعود، قال عنه أبو الوليد المالكي في التعديل والتجريح (856) عبد الله بن سخبرة أو معمر الأزدي الكوفي .. أخرج البخاري في الصلاة والاستئذان وتفسير حم السجدة عن مجاهد وإبراهيم النخعي وعمارة بن عمير عنه عن عبد الله بن مسعود وخباب قال أبو بكر سألت يحيى بن معين عنه فقال كوفي ثقة .. ". أ. هـ.

وروى مسدد كما في المطالب العالية (1224)، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن عبد الله، قال: كانت نساء بني

ص: 175

إسرائيل يصلين مع الرجال في الصف، فاتخذن قوالب يتطاولن بها، تنظرن إحداهن إلى صديقها، فألقي عليهن المحيض، فأخرن، قال عبد الله: فأخروهن من حيث أخرهن الله- عز وجل.

قال البوصيري: هذا إسناد رجاله ثقات. اهـ.

هكذا أختلف في وقفه ورفعه، والوقف هو الصواب، كما في نصب الراية (2/ 36)، ومجمع الزوائد (2/ 35)، وفتح الباري (1/ 400)، والدراية (1/ 171).

ورواه أيضا الطبراني في الكبير (9485)، قال: حدثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن الأعمش، عن إبراهيم،

عن عبدالله، قال: كانت المرأة من بني إسرائيل تلبس القالبين، فتقوم عليها فتواعد خليلها، فألقي عليهن الحيض، وكان عبدالله يقول: أخروهن حيث

أخرهن الله.

قال الألباني في السلسلة الضعيفة (918): ورواه الطبراني في المعجم الكبير (3/ 36/ 2) من طريق زائدة أيضا، عن الأعمش به، إلا أنه لم يذكر أبا معمر في سنده. ثم ذكر الزيلعي: أن بعض الجهال (كذا) من فقهاء الحنفية، كان يعزوه إلى مسند رزين، ودلائل النبوة للبيهقي. قال: وقد تتبعته فلم أجده فيه، لا مرفوعا ولا موقوفا. وأفحش من هذا الخطأ أن بعضهم عزاه للصحيحين، كما نبه عليه الزركشي، ونقله السخاوي (41)، وغيره عنه، ونقل الشيخ علي القارئ في الموضوعات، عن ابن الهمام، أنه قال في شرح الهداية: لا يثبت رفعه، فضلا، عن شهرته، والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود، كما في كشف الخفاء (1/ 67).

ص: 176

قلت (القائل الألباني): والموقوف صحيح الإسناد، ولكن لا يحتج به لوقفه، والظاهر أن القصة من الإسرائيليات. اهـ.

* * *

ص: 177

(246)

قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف.

أحمد (6/ 67، 89، 160) من طريق أسامة، عن عبدالله بن عروة، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل وملائكته عليهم السلام، يصلون على الذين يصلون الصفوف.

قلت: إسناد حسن، وقد اختلف فيه على أسامة بن زيد. فقد أخرجه ابن ماجه (1/ 318) - إقامة الصلاة- باب إقامة الصفوف- (995)، وابن خزيمة (3/ 23)(1550)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 297، 298)(216، 2161)، والحاكم (1/ 214) - الصلاة، والبيهقي (3/ 101) - الصلاة- باب إقامة الصفوف وتسويتها، كلهم من طريق الثوري، عن أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة، عن عروة، عن عائشة. غير أن لفظ رواية معاوية بن هشام: إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف. قال البيهقي: كذا قال، والمحفوظ بهذا الإسناد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف. وحسنه الحافظ في الفتح (2/ 213).

وقال الدارقطني في العلل (234): والصحيح قول من قال: عن أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة، وكذلك رواه هشام بن سعد، عن عثمان بن عروة.

وقال الدارقطني أيضا: ورواه محمد بن معمر البحراني، عن قبيصة، عن الثوري، عن أسامة بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وذلك وهم منه. اهـ.

والحديث صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير بالصحة.

ص: 178

وروى أبو داود (664)، وابن ماجه (997)، والنسائي (2/ 89)، وفي الكبرى (887)، وأحمد (4/ 285)(18712)، وفي (4/ 298)(18846)، وفي (4/ 299)(18849)، والدارمي (1264)، وابن خزيمة (1551) كلهم من طريق عبدالرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصفوف من ناحية إلى ناحية، يمسح مناكبنا وصدورنا، ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف المتقدمة.

قال النووى فى المجموع شرح المهذب (4/ 301): رواه أبو داود بإسناد صحيح. وقال فى (4/ 226): رواه أبو داود بإسناد حسن. اهـ.

وقال الألباني فى صحيح أبي داود (670): وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات، رجال مسلم؛ غير عبدالرحمن بن عوسجة، وهو ثقة. اهـ.

وأخرجه أبو داود (543) قال: حدثنا أحمد بن علي بن سويد بن منجوف السدوسي، حدثنا عون بن كهمس، عن أبيه كهمس، قال: قمنا إلى الصلاة بمنى، والإمام لم يخرج، فقعد بعضنا، فقال لي شيخ من أهل الكوفة: ما يقعدك؟ قلت: ابن بريدة، قال: هذا السمود، فقال لي الشيخ: حدثني عبدالرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: كنا نقوم في الصفوف، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، طويلا قبل أن يكبر، قال: وقال: إن الله وملائكته يصلون على الذين يلون الصفوف الأول، وما من خطوة أحب إلى الله من خطوة يمشيها يصل بها صفا.

وقال الشيخ الألباني فى ضعيف أبى داود (86): هذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات، غيرشيخ من أهل الكوفة، فهو مجهول لم يسم. وقال المنذري

ص: 179

في مختصره (رقم 511): شيخ من أهل الكوفة مجهول. قلت (القائل الألباني): وقد روى الحديث، عن عبدالرحمن بن عوسجة: طلحة اليامي- وهو ثقة حجة- لم يذكر فيه القيام في الصفوف، ولا ذكر الخطوة. وهذا هو الصحيح، عن البراء. اهـ.

ورواه أحمد (4/ 297)، وابن خزيمة (3/ 24)، كلاهما من طريق ابن وهب، عن جرير بن حازم، قال: سمعت أبا إسحاق الهمداني، يقول: حدثنى عبدالرحمن بن عوسجة، عن البراء ابن عازب بنحوه.

قلت: رجاله ثقات، غير جرير بن حازم يهم أحيانا، ولعل هذا من أوهامه، وقد سأل ابن أبي حاتم في العلل (343)، والده أبو حاتم، عن هذا الحديث، فقال: هذا خطأ، إنما يروونه، عن أبي إسحاق، عن طلحة، عن عبدالرحمن ابن عوسجة، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وقد تابع جرير بن حازم على روايته كل من، عمار بن رزيق، وأبوبكر بن عياش، كما عند أحمد (4/ 298، 299)، وابن أبي شيبة (1/ 378).

قلت: وفي هذه المتابعة لم يصرح أبو إسحاق السبيعي بالتحديث.

وللحديث طرق أخرى.

وروى ابن أبي شيبة (1/ 351)، وأحمد (4/ 296)، والطبراني في الصغير (1/ 119)، والحاكم (1/ 217)، والبيهقي (3/ 101)، كلهم من طريق، الحسن بن عبيدالله النخعي، عن طلحة بن مصرف، عن عبدالرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقيموا صفوفكم، لا يتخللكم الشياطين كأولاد الحذف، قيل يا رسول الله وما أولاد الحذف؟ قال: ضأن سود جرد، تكون بأرض اليمن.

ص: 180

قلت: رجاله ثقات. قال الطبراني: لم يروه عن الحسن بن عبيدالله إلا أبو خالد الأحمر. اهـ.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ. اهـ. ووافقه الذهبي.

قلت: عبدالرحمن بن عوسجة، لم يخرج له الشيخان.

* * *

ص: 181

(247)

أن أبا بكرة ركع دون الصف، ثم مشى حتى دخل الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد. رواه البخاري.

أخرجه البخاري (1/ 190)(783) - الأذان- باب إذا ركع دون الصف، وأبو داود- الصلاة- باب الرجل يركع دون الصف- (683، 684)، والنسائي (2/ 118) - الإمامة- باب الركوع دون الصف- (871)، وأحمد (5/ 39، 42، 46، 50)، وابن الجارود في المنتقى (ص 117، 318)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 308 - 309)، (2191، 2192)، والطبراني في الصغير (2/ 94، 95)، وابن حزم في المحلى (4/ 57)، والبيهقي (2/ 90) - الصلاة- باب من ركع دون الصف، (3/ 106) - الصلاة- باب من جوز الصلاة دون الصف، كلهم من طريق زياد الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا، ولا تعد.

* * *

ص: 182

‌فصل: في أحكام الاقتداء

(248)

قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أم الرجل القوم، فلا يقومن في مكان أرفع من مكانهم.

أخرجه أبو داود (598) - الصلاة- باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان القوم- قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو خالد، عن عدي بن ثابت، عن رجل؛ أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن، فأقيمت الصلاة، فتقدم عمار، وقام على دكان يصلي، والناس أسفل منه، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه، فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة. فلما فرغ عمار من صلاته، قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أم الرجل القوم، فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم، أو نحو ذلك. قال عمار: لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي.

قلت: في إسناده أبو خالد وهو مجهول، وفيه أيضا رجلا لم يسم.

قال الذهبي في تنقيح التحقيق (1/ 262): أخرجه أبو داود، وفيه مجهولان .. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 111): ورواه أبو داود من وجه آخر، وفيه أن الإمام كان عمار بن ياسر، والذي جبذه حذيفة، وهو مرفوع لكن فيه مجهول، والأول أقوى. اهـ.

وقال الألباني في صحيح أبي داود (611): وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي خالد؛ قال الحافظ: يحتمل أن يكون هو الدالاني أو الواسطي. وقال

ص: 183

الذهبي: لا يعرف. قلت: الواسطي: اسمه عمرو بن خالد؛ وهو متهم بالكذب، ويبعد عندي أن يكون هو هذا؛ فإنه متأخر عنه. وأما الدالاني- واسمه يزيد بن عبد الرحمن-؛ فهو ضعيف من قبل حفظه، واحتمال كونه هذا قائم، ولكنه احتمال!، وشيخ شيخه رجل لم يسم؛ فهو مجهول. فالإسناد ضعيف؛ وإنما أوردناه في هذا الكتاب؛ لشاهده الذي قبله، فهو به صحيح. لكن قول: أن عمار بن ياسر هو الإمام على الدكان، وأن الذي أنكر عليه هو حذيفة بن اليمان: منكر! والصواب: أن حذيفة هو الإمام، وأن الذي جبذه وأنكر عليه هو أبو مسعود، كما في الحديث المتقدم. قال الحافظ في التلخيص (4/ 427): وهو أقوى. اهـ.

وأخرجه أبو داود (597)، وابن خزيمة (1523)، كلاهما من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون، عن ذلك؟ قال: بلى، قد ذكرت حين مددتني.

ورواه عن الأعمس كل من يعلى بن عبيد، وسفيان.

قال الحاكم في المستدرك (1/ 329): هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه .. اهـ. ووافقه الذهبي.

وقال النووي في المجموع (4/ 295): إسناده صحيح. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 111): في رواية للحاكم التصريح برفعه، ورواه أبو داود من وجه آخر، وفيه: أن الإمام كان عمار بن ياسر، والذي جبذه حذيفة، وهو مرفوع لكن فيه مجهول. والأول أقوى، ويقويه ما رواه الدارقطني من وجه آخر، عن همام، عن أبي مسعود: نهى

ص: 184

رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم الإمام فوق شيء، والناس خلفه أسفل منه. اهـ.

وقال الألباني في صحيح أبي داود (610): هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، رجاله كلهم من رجالهما؛ غير أحمد بن الفرات، وهو ثقة، وهو متابع. وهمام: هو ابن الحارث النخعي الكوفي. وإبراهيم: هو النخعي. اهـ.

* * *

ص: 185

(249)

صلاته صلى الله عليه وسلم، على المنبر في أول يوم وضع، فالظاهر أنه كان على الدرجة السفلى جمعا بين الأخبار.

أخرجه البخاري (377)، وأبوداود (1080)، وابن ماجه (1416)، والنسائي (2/ 57)، وفي الكبرى (820)، والحميدي (926)، وابن أبي شيبة (11/ 485)(31738)، وأحمد (5/ 330)(23168)، وفى (5/ 339)(23259)، والدارمي (1258)، وابن خزيمة (1521)، كلهم من طريق أبي حازم، قال: سألوا سهل بن سعد، من أى شئ المنبر؟ فقال: ما بقى بالناس أعلم مني، هو من أثل الغابة، عمله فلان مولى فلانة، لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين عمل ووضع، فاستقبل القبلة، كبر، وقام الناس خلفه، فقرأ، وركع، وركع الناس خلفه، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى، فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر، ثم قرأ، ثم ركع، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض، فهذا شأنه.

* * *

ص: 186

(250)

تكره إمامته في الطاق أي: طاق القبلة، وهي المحراب. روي عن ابن مسعود وغيره.

رواه البزار في مسنده (1577)، قال: حدثنا محمد بن مرداس. قال: نا محبوب بن الحسن، قال: نا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، أنه كره الصلاة في المحراب، وقال: إنما كانت الكنائس، فلا تشبهوا بأهل الكتاب، يعني: أنه كره الصلاة في الطاق.

قال البزار عقبه: وهذا الحديث لا نعلمه يروى إلا من حديث أبي حمزة بهذا الإسناد، ويدخل في المسند إذ قال: كانت الكنائس. اهـ.

وقال الهيثمي في المجمع (2/ 123)(1982)، - عن عبدالله- يعني ابن مسعود- أنه كره الصلاة في المحراب وقال: إنما كانت للكنائس، فلا تشبهوا بأهل الكتاب، يعني: أنه كره الصلاة في الطاق، رواه البزار ورجاله موثقون .. اهـ.

قلت: في إسناده أبو حمزة وهو ميمون القصاب وهو ضعيف بالاتفاق. قال البخاري في التاريخ الكبير 7/ 343: ليس بذاك. أ. هـ. وضعفه الإمام أحمد، وقال ابن معين: ليس بشيء. أهـ كما في الجرح والتعديل 8/ 236.

لهذا قال الألباني في السلسلة الضعيفة (448): سنده ضعيف، ولكن يقويه ما روى ابن أبي شيبة بسند صحيح، عن إبراهيم، قال عبدالله: اتقوا هذه المحاريب، وكان إبراهيم لا يقوم فيها. ثم روى ابن أبي شيبة، عن سالم بن أبي الجعد قال: لا تتخذوا المذابح في المساجد. وإسناده صحيح، ثم روى بسند صحيح، عن موسى بن عبيدة قال: رأيت مسجد أبي ذر، فلم أر فيه

ص: 187

طاقا. وروى آثارا كثيرة، عن السلف، في كراهة المحراب في المسجد .. اهـ.

وقال أيضا الألباني في السلسلة الضعيفة (1/ 642) أيضا متعقبا البزار: وفيما قاله نظر، فقد أشار البزار إلى أنه تفرد به أبو حمزة، عن إبراهيم. واسم أبي حمزة ميمون القصاب، وهو ضعيف اتفاقا، ولم يوثقه أحد، فإعلاله به، أولى من إعلاله بشيخ البزار محمد بن مرداس، بدعوى أنه مجهول، فقد روى عنه، جمع من الحفاظ، منهم البخاري في جزء القراءة، وقال ابن حبان في ثقاته (9/ 107): مستقيم الحديث، لكن يقويه ما رواه ابن أبي شيبة، بسند صحيح، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: اتقوا هذه المحاريب. وكان إبراهيم لا يقوم فيها. قلت: فهذا صحيح، عن ابن مسعود .. اهـ.

* * *

ص: 188

(251)

قوله صلى الله عليه وسلم: لا يصلين الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة، حتى يتنحى عنه. رواه أبو داود، عن المغيرة بن شعبة.

أخرجه أبو داود (1/ 409، 410) - الصلاة- باب الإمام يتطوع في مكانه- (616)، وابن ماجه (1/ 459) - إقامة الصلاة- باب ما جاء في صلاة النافلة حيث تصلى المكتوبة- (1428)، والبيهقي (2/ 190) - الصلاة- باب الإمام يتحول، عن مكانه إذا أراد أن يتطوع في المسجد- من طريق عطاء الخراساني، عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصلي الإمام فى الموضع الذى صلى فيه، حتى يتحول.

قال أبو داود: عطاء الخراسانى لم يدرك المغيرة بن شعبة .. اهـ.

ورواه عن عطاء كلا من- عبد العزيز، وعثمان بن عطاء.

قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه؛ حيث إن عطاء لم يدرك المغيرة، قال أبوداود: عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة .. اهـ.

وبه أعله الحافظ ابن حجر فتح الباري (2/ 335).

وروى أبوداود (1006)، وابن ماجه (1427)، وابن أبي شيبة (2/ 208)(6011، وأحمد (2/ 425)(9492) كلهم من طريق ليث، عن حجاج بن عبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة، عن النبي، قال: أيعجز أحدكم إذا صلى، أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه، أو عن شماله. يعني: السبحة.

وأخرجه عبد الرزاق (3918)، عن معمر، عن ليث، عن عبدالرحمن بن سابط، قال: قال رسول الله: إذا صلى أحدكم المكتوبة، فأراد أن يتطوع بشيء،

ص: 189

فليتقدم قليلا، أو يتأخر قليلا، أو عن يمينه، أو عن يساره. هكذا مرسل.

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه إبراهيم بن إسماعيل، وهو مجهول وأيضا حجاج بن عبيد، مجهول أيضا. وليث وهو ابن أبي سليم: ضعيف.

قال ابن رجب في الفتح (5/ 262): ويذكر، عن أبي هريرة- رفعه-: لا يتطوع الإمام في مكانه. ولم يصح. هذا الذي ذكر أنه لا يصح، خرجه الإمام وأبو داود، وابن ماجه، من رواية ليث، عن حجاج بن عبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة، عن النبي، قال: أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر، أو، عن يمينه أو شماله في الصلاة يعني: في السبحة. وليس في هذا ذكر الإمام، كما أورده البخاري. وضعف إسناده من جهة ليث بن أبي سليم، وفيه ضعف مشهور. ومن جهة إبراهيم بن إسماعيل، ويقال فيه: إسماعيل بن إبراهيم، وهو حجازي، روى عنه عمرو بن دينار وغيره. قال أبو حاتم الرازي: مجهول. وكذا قال في حجاج بن عبيد، وقد اختلف في اسم أبيه. واختلف في إسناد الحديث على ليث- أيضا. اهـ.

وقال النووي في الخلاصة (1564) - وحديث، عن أبي هريرة مرفوع: أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر، أو، عن يمينه، أو شماله في الصلاة، يعني النافلة. رواه أبو داود، واتفقوا على ضعفه. وممن ضعفه البخاري في صحيحه. اهـ.

وقال الشيخ الألباني: صحيح .. اهـ. انظر حديث رقم: (2662) في صحيح الجامع.

وقال أيضا الألباني في صحيح أبي داود (922)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكم- قال: عن عبد الوارث- أن يتقدم أو يتأخر،

ص: 190

أو، عن يمينه أو، عن شماله- زاد في حديث حماد: في الصلاة؟! -؛ يعني: في السبحة. قلت: حديث صحيح. إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد وعبد الوارث، عن ليث، عن الحجاج بن عبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة. اهـ.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم بن إسماعيل. - ويقال: إسماعيل بن إبراهيم- الحجازي، مجهول الحال، كما في التقريب. وليث: هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف، وإنما صححت الحديث؛ لأن له، شاهدين، تقدم أحدهما برقم (629)، ويأتي الآخر في الجمعة برقم (1034).

والحديث أخرجه البيهقي (2/ 190) من طريق أخرى، عن حماد بن زيد به.

وأخرجه ابن ماجه (1/ 436)، وأحمد (2/ 425)، والبيهقي (2/ 190)، من طرق أخرى، عن الليث

به؛ إلا أن بعضهم قال: إسماعيل بن إبراهيم- على القلب-. قال البخاري: هذا أصح، والليث يضطرب فيه. قال البيهقي: وهو ليث بن أبي سليم، يتفرد به.

قال الألباني في صحيح ابن ماجه (1174): عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيعجز أحدكم إذا صلى، أن يتقدم أو يتأخر، أو، عن يمينه أو، عن شماله يعني السبحة. صحيح .. اهـ. وأنظر: صحيح أبي داود (629 و 922).

وسئل الدارقطني في العلل (1651): عن حديث إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر، أو، عن يمينه أو، عن شماله يعني في السبحة. فقال: يرويه حماد بن زيد واختلف عنه؛ فرواه القاضي إسماعيل بن إسحاق، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن يحيى بن عبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن

ص: 191

أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتابع عليه. وغيره يرويه، عن حماد بن زيد، عن ليث بن أبي سليم، عن الحجاج بن عبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة. وكذلك قال عبد الوارث، عن ليث، وقال شيبان: عن ليث، عن الحجاج بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن أبي هريرة، قال ذلك عبيدالله بن موسى، عن شيبان. وخالفه محمد بن شعيب، عن شيبان، فقال: عن ليث، عن الحجاج بن أبي عبد الله، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة. وقال أبو جعفر الرازي: عن ليث، عن الحجاج بن يسار، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة. وقال محمد بن عبيد بن حساب: عن حماد بن زيد، عن ليث، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال غيره: عن حماد بن زيد، عن ليث، عن حجاج بن عبيد، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال يحيى بن عبد الحميد الحماني: عن حماد بن زيد، وحفص بن غياث، عن ليث، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن الحجاج بن عبيد، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال إسماعيل بن علية: عن ليث بن أبي سليم، عن الحجاج بن عبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال عبد السلام بن حرب: عن ليث، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي هريرة، ولم يذكر الحجاج. ولا يصح الحديث، والاضطراب من ليث. اهـ.

وقال الأرنؤوط في التعليق على ابن ماجه (1427): إسناده ضعيف؛ لجهالة إبراهيم بن إسماعيل- ويقال: إسماعيل بن إبراهيم- وجهالة حجاج بن عبيد- ويقال: ابن أبي عبد الله، ويقال: ابن يسار- وليث- وهو ابن أبي سليم- ضعيف أيضا. اهـ.

ص: 192

(252)

قول عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم، لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. رواه مسلم.

رواه مسلم (1/ 414)، وأبو داود (1513)، والترمذي (300)، والنسائي (3/ 68)، وابن ماجه (928)، وأحمد (5/ 275)، والدارمي (1/ 311)، والبيهقي (2/ 183)، وابن خزيمة (1/ 363)، كلهم من طريق الأوزاعي، عن أبي عمار- اسمه شداد بن عبدالله- عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا، وقال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام.

وروى مسلم (2/ 94)(1273)، وأبو داود (1513)، والترمذي (300)، والنسائي (3/ 68)، وفي الكبرى (1261)، وفي عمل اليوم والليلة (139)، وابن ماجه (928)، وأحمد (5/ 275)(22723)، وفي (5/ 279)(22772)، والدارمي (1348)، وابن خزيمة (737)، كلهم من طريق أبي عمرو الأوزاعي، عن أبي عمار شداد، وهو ابن عبد الله، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن ينصرف من صلاته، استغفر ثلاث مرات، ثم قال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

- قال أبو بكر ابن خزيمة: وروى عمرو بن هشام البيروتي، عن الأوزاعي، فقال: ذكر هذا الدعاء قبل السلام. ثم قال أبو بكر ابن خزيمة: وإن كان عمرو بن هاشم، أو محمد بن ميمون، لم يغلط في هذه اللفظة، أعني قوله: قبل السلام، فإن هذا الباب يرد إلى الدعاء قبل السلام .. اهـ.

ص: 193

(253)

قوله صلى الله عليه وسلم: لا تسبقوني بالانصراف. رواه مسلم.

أخرجه مسلم (2/ 28)(892)، والنسائي (3/ 83)، وفي الكبرى (1288)، وأحمد (3/ 102)(12020)، وفي (3/ 126)(12301)، وفي (3/ 154)(12597)، والدارمي (1317)، وابن خزيمة (1602 و 1716)، وفي (1715 و 1716)، كلهم من طريق المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وقد انصرف من الصلاة، فأقبل إلينا، فقال: يا أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالقعود، ولا بالانصراف، فإني أراكم من أمامي ومن خلفي، وايم الذي نفسي بيده، لو رأيتم ما رأيت، لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، قالوا: يا رسول الله، وما رأيت؟ قال: رأيت الجنة والنار.

وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده، لو رأيتم ما رأيت، لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، قالوا: ما رأيت؟ قال: رأيت الجنة والنار، وحضهم على الصلاة، فنهاهم أن يسبقوه، إذا كان إمامهم، بالركوع والسجود، وأن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة، وقال لهم: إني أراكم من أمامي، ومن خلفي. وسألت أنسا، عن صلاة المريض؟ فقال: يركع ويسجد قاعدا، في المكتوبة.

وفي رواية: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فلما قضى الصلاة، أقبل علينا بوجهه، فقال: أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف، فإني أراكم أمامي، ومن خلفي، ثم قال: والذي نفس محمد بيده، لو رأيتم ما رأيت، لضحكتم قليلا، ولبكيتم

ص: 194

كثيرا، قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار.

وأخرجه أبو داود (624) قال: حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا حفص بن بغيل المرهبي، حدثنا زائدة، عن المختار بن فلفل، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم حضهم على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة.

قال ابن القطان فى بيان الوهم والإيهام (4/ 170): وحفص بن بغيل لا تعرف حاله، ولا يعرف روى عنه غير أبي كريب وأحمد بن بديل، فأما ابن أبي حاتم فإنه لم يزد في ذكره إياه على أن قال: روى عنه أبو كريب، فهو عنده مجهول كما قلناه. اهـ.

وقال ابن التركمانى فى الجوهر النقي (3/ 112): رواه أبو داود بسند جيد. اهـ.

وقال الألبانى فى صحيح أبى داود (636): وهذا إسناد رجاله ثقات، رجال مسلم؛ غير حفص بن بغيل؛ قال ابن حزم: مجهول. وقال ابن القطان: لا يعرف له حال. قلت: لكنه قد توبع على هذا الحديث، فهو صحيح. اهـ.

* * *

ص: 195

(254)

قول أنس: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد، وأبوداود، وإسناده ثقات.

أخرجه أبو داود (673) - الصلاة- باب الصفوف بين السواري- والترمذي- الصلاة- باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري (229)، والنسائي- الإمامة- باب الصف بين السواري- (2/ 94)، وفي الكبرى (897)، وأحمد (3/ 131)(12364)، وابن خزيمة (1568)، كلهم من طريق سفيان الثوري، عن يحيى بن هانئ، عن عبد الحميد بن محمود، قال: صليت مع أنس يوم الجمعة، فدفعنا إلى السواري، فتقدمنا أو تأخرنا، فقال أنس: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورواه عن سفيان كل من عبد الرحمن، ووكيع، وأبو نعيم، ويحيى.

وفي رواية: عن عبد الحميد بن محمود، قال: صلينا خلف أمير من الأمراء، فاضطرب الناس، حتى صلينا بين ساريتين، فلما صلينا، قال أنس بن مالك: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية: عن عبد الحميد بن محمود، قال: كنا مع أنس، فصلينا مع أمير من الأمراء، فدفعونا حتى قمنا وصلينا بين الساريتين، فجعل أنس يتأخر، وقال: قد كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: ظاهر إسناده الصحة، وعبد الحميد بن محمود: هو المعولي، وقال أبوحاتم: شيخ، ووثقه النسائي، والذهبي، وابن حجر، وقال الدارقطني: كوفي يحتج به، وذكره ابن حبان في الثقات، وحسن الترمذي حديثه، وباقي رجاله ثقات.

ص: 196

قال مغلطاي فى شرح ابن ماجه (1/ 1655): ولما ذكره الإشبيلي وأعله بعبد الحميد، ورد ذلك عليه ابن القطان؛ بأنه ثقة لا مطعن فيه. أهـ.

وقال ابن القطان فى بيان الوهم والإيهام (5/ 689): وذكر: اتقاء الصلاة بين السواري. وضعفه برجل ما به ضعف. أهـ.

وقال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى (1/ 578): رواه الحاكم من حديث أنس بإسناد صحيح، وهو في السنن الثلاثة، وحسنه الترمذي. أهـ.

وقال الألبانى فى صحيح أبى داود (677): إسناده صحيح، وكذ ا قال الحاكم، والذهبي، والعسقلاني، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وابن خزيمة وابن حبان .. ، وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وقد تكلم عبد الحق في عبد الحميد بن محمود بغير حجة!، ووثقه النسائي، والدارقطني، وابن حبان، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي. أهـ.

* * *

ص: 197

‌فصل في الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

(255)

أنه صلى الله عليه وسلم، لما مرض تخلف، عن المسجد وقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. متفق عليه.

أخرجه البخاري (1/ 172)، ومسلم (2/ 25)، وأحمد (4/ 412)، و (4/ 413)، كلهم من طريق زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبي موسى، قال: مرض النبي صلى الله عليه وسلم، فاشتد مرضه. فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت عائشة: إنه رجل رقيق، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. فعادت. فقال: مري أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف. فأتاة الرسول، فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى البخاري (1/ 173)(682)، والنسائي في الكبرى (9227)، كلاهما من طريق ابن شهاب الزهري، عن حمزة بن عبد الله، أنه أخبره، عن أبيه قال: لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، قيل له فى الصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت عائشة: إن أبا بكر رجل رقيق، إذا قرأ غلبه البكاء. قال: مروه فيصلي فعاودته. قال: مروه فيصلي، إنكن صواحب يوسف.

وروى البخاري (664)، ومسلم (1/ 313)، كلاهما من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت: فقلت: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف .... ، وفيه ذكر قصه مرضه صلى الله عليه وسلم

، وفيه

ص: 198

قالت: فلما دخل في الصلاة- تعني أبا بكر- وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، فقام يهادى بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض، قالت: فلما دخل المسجد، سمع أبو بكر حسه، ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قم مكانك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس، عن يسار أبي بكر، قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسا، وأبو بكر قائما، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.

وللحديث طرق أخرى.

وروى أحمد (1/ 209)(1784)، قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، وفي (1785)، قال: حدثنا يحيى بن آدم. كلاهما (أبو سعيد، ويحيى)، عن قيس بن الربيع، حدثني عبدالله بن أبي السفر، عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس، عن العباس، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساؤه، فاستترن مني إلا ميمونة، فدق له سعطة فلد، فقال: لا يبقين في البيت أحد، إلا لد، إلا العباس؛ فإنه لم تصبه يميني، ثم قال: مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقالت عائشة لحفصة: قولي له إن أبا بكر إذا قام ذلك المقام بكى، فقالت له، فقال: مروا أبا بكر يصلي بالناس، فصلى أبو بكر، ثم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة فخرج، فلما رآه أبو بكر تأخر، فأومأ إليه بيده أي مكانك، فجاء فجلس إلى جنبه، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث انتهى أبو بكر.

وروى ابن ماجه (1234)، والترمذي في الشمائل (396)، والنسائي في الكبرى (7081 و 7084 و 8055)، وفي (11155)، وعبد بن حميد (365)، وابن خزيمة (1541 و 1624) كلهم من طريق سلمة بن نبيط،

عن نعيم بن أبي هند، عن نبيط بن شريط، عن سالم بن عبيد، قال: مرض

ص: 199

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغمي عليه، فأفاق، فقال: أحضرت الصلاة؟ قلن: نعم، قال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، ثم أغمي عليه، فأفاق، فقال: أحضرت الصلاة؟ قلن: نعم، قال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، ثم أغمي عليه، فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، أو أسف، فلو أمر غيره، قال: ثم أفاق، فقال: هل أقيمت الصلاة؟ فقالوا: لا، فقال: مروا بلالا فليقم، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، فلو أمرت غيره، فقال: إنكن صواحب يوسف، مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، فأقام بلال، وتقدم أبو بكر، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاق، فقال: ابغوا لي من أعتمد عليه، قال: فخرج يعتمد على بريرة، وإنسان آخر، حتى جلس إلى جنب أبي بكر، فأراد أن يتأخر، فحبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى أبو بكر بالناس، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمر: لا أسمع أحدا يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات، إلا ضربته بسيفي، قال سالم بن عبيد: ثم أرسلوني، فقالوا: انطلق إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فادعه، قال: فأتيت أبا بكر، وهو في المسجد، وقد أدهشت، فقال لي أبو بكر: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مات؟ فقلت: إن عمر يقول: لا أسمع أحدا يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات، إلا ضربته بسيفي، قال: فقام أبو بكر، فأخذ بساعدي، فجئت أنا وهو، فقال: أوسعوا لي، فأوسعوا له، فانكب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسه، ووضع يديه، أو يده، وقال:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} ، فقالوا: يا صاحب رسول الله، أمات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، فعلموا أنه كما قال، وكانوا أميين، لم يكن فيهم نبي قبله، فقالوا: يا صاحب رسول الله، أنصلي عليه؟ قال: نعم، قالوا: كيف نصلي عليه؟ قال: يدخل قوم فيكبرون، ويصلون، ويدعون، ثم يخرجون، ثم

ص: 200

يدخل غيرهم، حتى يفرغوا، قالوا: يا صاحب رسول الله، أيدفن؟ قال: نعم، قالوا: أين يدفن؟ قال: في المكان الذي قبض فيه روحه، فإنه لم يقبض روحه إلا في مكان طيب، فعلموا أنه كما قال، قال: ثم خرج، فأمرهم أن يغسله بنو أبيه، قال: ثم خرج، واجتمع المهاجرون يتشاورون، فقالوا: إن للأنصار في هذا الأمر نصيبا، قال: فأتوهم، فقال قائل منهم: منا أمير، ومنكم أمير- للمهاجرين- فقام عمر، فقال لهم: من له ثلاث مثل ما لأبي بكر: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} من هما؟، {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} من هما؟، من كان الله، عز وجل، معهما؟، قال: ثم أخذ بيد أبي بكر فبايعه، وبايع الناس، وكانت بيعة حسنة جميلة.

قال أبو عبد الله، ابن ماجه: هذا حديث غريب، لم يحدث به غير نصر بن علي.

قلت: إسناده قوي. وصححه ابن خزيمة (1541، 1624).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 333): روى ابن ماجه بعضه. رواه الطبراني ورجاله ثقات. أهـ.

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (438): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه الترمذي في الشمائل، عن نصر بن علي به، ورواه النسائي، عن قتيبة بن سعيد، عن حميد بن عبدالرحمن، عن سلمة بن نبيط به. قال المزي في الأطراف: حديث النسائي في رواية أبي علي السيوطي عنه ولم يذكر أبو القاسم، وكذلك جميع كتاب الوفاة انتهى. ولم أره في كتاب النسائي الصغرى، ورواه عبد بن حميد في مسنده، حدثنا محمد بن الفضيل، حدثنا عبدالله بن داود، فذكر بزيادة طويلة في آخره، كما أفردته في زوائد المسانيد

ص: 201

العشرة. ورواه ابن خزيمة في صحيحه، عن القاسم بن محمد بن عبادة بن عباد المهلبي، وزيد بن أخزم الطائي، ومحمد بن يحيى الأزدي، كلهم، عن عبدالله بن داود به، وله شاهد في الصحيحين وغيرهما، من حديث عائشة، وفيه: فخرج يهادي بين رجلين أحدهما العباس. أهـ.

وقال الألباني: صحيح .. اهـ. صحيح ابن ماجه (1019). مختصر الشمائل المحمدية (333).

* * *

ص: 202

(256)

لخبر أنس في الصحيحين.

أخرجه البخاري (672)، ومسلم (2/ 78)(1178)، وابن ماجه (933)، والترمذي (353)، والنسائي (2/ 111)، وفي الكبرى (928)، والحميدي (1181)، وأحمد (3/ 110)(12100)، وفي (3/ 161)(12673)، والدارمي (1281)، وابن خزيمة (934)، كلهم من طريق، الزهري، أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضر العشاء، وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء.

قال سفيان: ولم أسمع أحدا يقول: إذا حضر العشاء إلا الزهري. أهـ.

وأخرجه البخاري (7/ 107)(5463)، وأحمد (3/ 100)(11993)، وفي (3/ 230)(13445)، وفي (3/ 249)(13635)، كلهم من طريق، أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا وضع العشاء، وحضرت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء.

وأخرجه أحمد (3/ 238)(13525)، قال: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضرت الصلاة، وقرب العشاء، فابدؤوا بالعشاء.

قال الدارقطنى فى العلل (12/ 46): يرويه محمد بن إسحاق، وعبدالوهاب بن عطاء، عن حميد، عن أنس مرفوعا. وتابعهم حرب بن محمد الطائي؛ فرواه عن هشيم، عن حميد، عن أنس مرفوعا أيضا. وغيره لا يرفعه، عن هشيم. وكذلك رواه مروان الفزاري، ويزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس موقوفا. وهو المحفوظ. أهـ.

ص: 203

وروى البيهقي (3/ 74) قال: أخبرنا أبوطاهر الفقيه، أنبأ عبدوس بن الحسين السمسار، ثنا أبو حاتم، ثنا الأنصاري، قال: حدثني حميد قال: كنا عند أنس فأذن المؤذن، وقد حضر العشاء، فقال أنس: ابدءوا بالعشاء، فتعشينا معه، ثم صلينا، وكان عشاؤه خفيفا.

وروى أحمد (6/ 291)، وأبو يعلى المقصد (129)، كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم، ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبدالله بن رافع، عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضر العشاء، وحضرت الصلاة، فابدءوا بالعشاء.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي ظاهره الصحة، وإسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 46): رجاله ثقات، سمع بعضهم من بعض. اهـ.

ورواه البخاري (761)، قال: حدثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن هشام، قال: حدثنى أبي، قال: سمعت عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا وضع العشاء، وأقيمت الصلاة، فابدءوا بالعشاء.

ورواه مسلم (1/ 393)، والبيهقي (3/ 73) من طريق أبي حزرة، عن عبدالله بن أبي عتيق، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان» .

وروى البخاري (673)، ومسلم (1/ 392)، كلاهما من طريق عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وضع عشاء أحدكم، وأقيمت الصلاة، فابدءوا بالعشاء، حتى يفرغ منه. زاد البخاري: وكان ابن

ص: 204

عمر يوضع له الطعام، وتقام الصلاة، فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه يسمع قراءة الإمام.

ورواه مسلم (1/ 392) من طريق موسى بن عقبة، وابن جريج، وأيوب، كلهم، عن نافع به بنحوه.

وروى أحمد (4/ 49)(16636)، قال: حدثنا حماد بن خالد. وفي (4/ 54)(1665) قال: حدثنا أبو النضر. كلاهما (حماد بن خالد، وأبو النضر هاشم بن القاسم)، عن أيوب بن عتبة أبي يحيي قاضي اليمامة، قال: حدثنا إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضرت الصلاة والعشاء، فابدؤوا بالعشاء.

قلت: الحديث صحيح بشواهده. وهذا إسناد ضعيف لضعف؛ أيوب بن عتبة، قال البخاري: لين، وقال الفلاس: سيئ الحفظ. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال مرة: ضعيف. وقال غيره: يخطئ في الإسناد.

قال الحافظ ابن حجر في التقريب: أيوب بن عتبة اليمامي أبو يحيى القاضي، من بني قيس بن ثعلبة، ضعيف من السادسة .. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 59): رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه أيوب بن عتبة، وثقه أحمد، ويحيى بن معين، في رواية عنهما، وضعفه النسائي، وأحمد، وابن معين، في روايات عنهما. أهـ.

وروى مسلم (1/ 393)، وأحمد (6/ 73)، وأبو داود (89)، والبيهقي (3/ 73)، والبغوي في شرح السنة (3/ 358)، كلهم من طريق، مجاهد بن أبي حزرة، عن ابن أبي عتيق، قال: تحدثت أنا والقاسم عند عائشة رضي الله عنها حديثا، وكان القاسم رجلا لحانة، وكان لأم ولد، فقالت له عائشة: مالك لا تحدث

ص: 205

كما يتحدث ابن أخي هذا؟ أما إني قد علمت من أين أتيت، هذا أدبته أمه، وأنت أدبتك أمك، قال فغضب القاسم وأضب عليها، فلما رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام، قالت: أين؟ قال: أصلي، قالت: اجلس، قال: إني أصلي، قالت: اجلس عذر، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان.

* * *

ص: 206

(257)

قول ابن عمر: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة الباردة، أو المطيرة، صلوا في رحالكم. رواه ابن ماجه بإسناد صحيح.

رواه البخاري (632)، قال: حدثنا مسدد، قال: أخبرنا يحيى، عن عبيدالله بن عمر، قال: حدثني نافع، قال: أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان، ثم قال: صلوا في رحالكم، فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يأمر مؤذنا

يؤذن، ثم يقول على إثره: ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر.

وأخرجه البخاري (1/ 155، 162) - الأذان- باب للمسافر إذا كانوا جماعة، وباب الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله، ومسلم (1/ 484) - صلاة المسافرين- (22، 24)، وأبو داود- الجمعة- باب الجمعة في اليوم المطير- (106، 1063)، والنسائي (2/ 15) - الأذان- باب الأذان في التخلف، عن شهود الجماعة في الليلة المطيرة- (654)، وابن ماجه (1/ 302) - إقامة الصلاة- باب الجماعة في الليلة المطيرة، والدارمي (1/ 235) - الصلاة- باب الرخصة في ترك الجماعة إذا كان مطر في السفر- (1278)، ومالك (1/ 73) - الصلاة- (10)، (2/ 4، 1، 53، 63، 103)، وعبدالرزاق (1/ 393 - 494 - 1901، 1902)، وابن أبي شيبة (2/ 233) - الصلاة- باب ما رخص فيه من ترك الجماعة، وأبو عوانة (2/ 17 - 18)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 261)(2081)، وابن حزم في المحلى (4/ 204)، والبيهقي (1/ 398) - الصلاة- باب استحباب تأخير الكلام إلى آخر الأذان، (3/ 7، 158) - الصلاة- باب ترك الجماعة بعذر

ص: 207

المطر، وباب التخفيف في ترك الجماعة في السفر عند وجود المطر، عن ابن عمر بعدة ألفاظ.

وروى أبو داود (1057)، وفي (1059)، وابن ماجه (936)، وأحمد (5/ 74)(20976). وفي (20983)، وعبدالله بن أحمد (5/ 24)(20546)، والنسائي (2/ 111)، وفي الكبرى (929)، وابن خزيمة (1657)، كلهم من طريق أبي المليح، عن أبيه: أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم حنين، فأصابهم مطر، فنادى مناديه: أن صلوا في رحالكم.

ورواه عن أبي المليح كل من قتادة وأبي قلابة.

وفي رواية: أن يوم حنين كان يوما مطيرا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه ينادي: أن الصلاة في الرحال. وفي رواية: أن نبي الله، صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين، في يوم مطير: الصلاة في الرحال.

* * *

ص: 208

‌باب: صلاة أهل الأعذار

(258)

حديث علي مرفوعا: يصلي المريض قائما، فإن لم يستطع صلى قاعدا، فإن لم يستطع أن يسجد أومأ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع، صلى مستلقيا رجلاه مما يلي القبلة. رواه الدارقطني.

رواه الدارقطني (2/ 42)، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن على بن بطحاء، ثنا الحسين بن زيد بن الحكم الجبري، ثنا حسن بن حسين العرني، حدثنا حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يصلي المريض قائما إن استطاع، فإن لم يستطع صلى قاعدا، فإن لم يستطع أن يسجد أومأ وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة؛ فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيا ورجلاه مما يلي القبلة.

ورواه البيهقي (2/ 307) من طريق حسن بن حسين العرني.

قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن حسين بن زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، ضعفه ابن المديني، فقال: فيه ضعف. اهـ. وقال ابن معين: لقيته ولم أسمع منه وليس بشيء. اهـ. وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي ما تقول فيه؟ فحرك بيده وقلبها يعني يعرف وينكر. اهـ. وكذلك في إسناده حسن بن حسين العرني، وهو ضعيف. قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق

ص: 209

عندهم؛ كان من رؤساء الشيعة. اهـ. وقال ابن حبان: يأتي، عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات. اهـ. وقال ابن عدي: لا يشبه حديثه حديث الثقات. اهـ.

وضعف الذهبي حديثه هذا، فقال في الميزان (1/ 485) لما ذكره: هو حديث منكر، وحسين بن زيد لين أيضا. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في الدارية (2/ 209): إسناده واه جدا. اهـ.

وقال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (2/ 19): في إسناده الحسن بن الحسين العرني، ولم يكن عندهم بصدوق، وكان من رؤساء الشيعة. اهـ.

وتعقبه ابن القطان، فقال في كتابه بيان الوهم والإيهام (3/ 157): لم يذكر من إسناده غيره، ودونه وفوقه من لا يعرف، وذلك أنه يرويه الحسن بن الحكم، وهو لا يعرف له حال، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن الحسين بن علي، عن علي، فاعلم ذلك. اهـ.

وقال ابن عبد الهادي، في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 320)، لما ذكر هذا الحديث: الحسن بن الحسن العرني. قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشيعة .... اهـ.

وقال النووي في المجموع (4/ 315، 316): رواه الدارقطني، والبيهقي، بإسناد ضعيف. اهـ. وقال في الخلاصة (1/ 341): حديث ضعيف. اهـ.

وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (2/ 345): هذا سند ضعيف جدا، آفته العرني. اهـ. وساق له الذهبي في الميزان، بعض الأحاديث، هذا منها، ثم قال: هو حديث منكر. وحسين بن زيد لين أيضا. اهـ.

ص: 210

وروى البيهقي (2/ 306) من طريق مالك، عن نافع، أن عبدالله بن عمر كان يقول: إذا لم يستطع المريض السجود، أومأ برأسه إيماء، ولم يرفع إلى جبهته شيئا.

ورواه عبد الرزاق في المصنف (2/ 475)(4137)، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: دخل ابن عمر على صفوان الطويل، وهو يصلي على وسادة، فنهاه أن يصلي على حصى أو على وسادة، وأمره بالإيماء. وقال سليمان بن موسى: حدثنا نافع، أن ابن عمر كان يقول: إذا كان أحدكم مريضا، فلم يستطع سجودا على الأرض، فلم يرفع إلى وجهه شيئا، وليجعل سجوده ركوعا، وليومئ برأسه. وقد رأى نافع أن ابن عمر في مرضه الذي مات فيه، صلى فوضع جبهته مرة واحدة، ثم لم يستطع بعد، فجعل سجوده ركوعا.

قلت: الأثر، عن ابن عمر ثابت، وله طرق عدة.

وروى الطبراني في الأوسط في مجمع البحرين (2/ 160)، قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن بكر، حدثنا سريج بن يونس، ثنا قران بن تمام، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم أن يسجد فليسجد، ومن لم يستطع فلا يرفع إلى جبهته شيئا يسجد عليه، ولكن ركوعه وسجوده يومئ برأسه.

قال الطبراني عقبه: لم يروه عن عبيدالله إلا قران، تفرد به سريج. اهـ.

قلت: رجاله لا بأس بهم. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 149): رجاله موثقون، ليس فيهم كلام يضر. اهـ. لكن عبيدالله بن عمر يحتاج إلى ضبط اسمه. فقد رواه أحمد بن منيع كما في المطالب (555)، قال: حدثنا

ص: 211

قران بن تمام، عن عبدالله بن عامر الأسلمي، عن نافع، عن ابن عمر به.

ويظهر أن الصواب: عبيدالله بن عمر، وهو الموافق لطبعة الأوسط للطبراني تحقيق طارق عوض. والله أعلم.

* * *

ص: 212

(259)

قوله صلى الله عليه وسلم: فإن لم يستطع أومأ بطرفه. رواه زكريا الساجي بسنده، عن الحسين بن علي بن أبي طالب.

تقدم في الحديث السابق، من حديث علي بن أبي طالب مرفوعا، بدون قوله: بطرفه. أما لفظ: طرفه فلم أقف عليه.

قال ابن قاسم في حاشيته (2/ 270): .. فقد رواه الدارقطني وغيره بسند ضعيف، وليس فيه: وأومأ بطرفه. أهـ.

* * *

ص: 213

(260)

قول يعلى بن أمية: انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى مضيق هو وأصحابه، وهو على راحلته، والسماء من فوقهم، والبلة من أسفل منهم، فحضرت الصلاة، فأمر المؤذن، فأذن وأقام، ثم تقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم، يعني إيماء، ويجعل السجود أخفض من الركوع. رواه أحمد والترمذي.

أخرجه الترمذي- الصلاة- باب ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر- (411)، وأحمد (4/ 173، 174)، والدارقطني (1/ 38، 381) - الصلاة- باب صلاة المريض لا يستطيع القيام والفريضة على الراحلة، والطبراني في الكبير (22/ 256، 257، 663)، والبيهقي (2/ 7) - الصلاة- باب النزول للمكتوبة، والخطيب البغدادي في تاريخه (11/ 182، 183) - كلهم من طريق عمر بن الرماح البلخي، عن كثير بن زياد، عن عمرو بن عثمان بن يعلى، عن أبيه، عن جده: أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير، فانتهوا إلى مضيق، وحضرت الصلاة، فمطروا السماء من فوقهم، والبلة من أسفل منهم، فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته، وأقام أو أقام فتقدم على راحلته فصلى بهم، يومئ إيماء، يجعل السجود أخفض من الركوع.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن مداره على عمرو بن عثمان بن يعلى وأبيه، وهما مجهولان. قال الحافظ ابن حجر في التقريب (5079): عمرو بن عثمان بن يعلى بن مرة الثقفي مستور من السابعة ت. أ. هـ.

وقال أيضا (4529): عثمان بن يعلي بن مرة الثقفي مجهول من الرابعة ت. أ. هـ. ولهذا ضعف الحديث البيهقي.

وقال ابن القطان: عمرو بن عثمان لا يعرف كوالده. وقال الترمذي: هذا

ص: 214

حديث غريب، تفرد به عمر بن الرماح البلخي، لا يعرف إلا من حديثه. وقال ابن قاسم في حاشيته معلقا على قول الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم، قال: وثبت، عن أنس فعله، ولم ينقل، عن غيره خلافه .. اهـ.

وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (13/ 966): وضعفه الترمذي بقوله: هذا حديث غريب. وصرح بذلك البيهقي فقال: وفي إسناده ضعف، ولم يثبت من عدالة بعض رواته، ما يوجب قبول خبره. قلت: ويشير- فيما أظن- إلى عثمان بن يعلى، فإنه لم يوثقه أحد، حتى ولا ابن حبان، ولم يذكروا راويا عنه غير ابنه هذا، ولهذا قال فيه ابن القطان: مجهول. وتبعه الحافظ في التقريب. وفي الجرح والتعديل (3/ 1/ 174): عثمان أبو عمرو المؤذن كوفي روى عن

(بياض)، سمعت أبي يقول: هومجهول. ولا أستبعد أن يكون هو هذا. ثم إنه يحتمل أن يكون البيهقي أشار إلى عمر بن عثمان أيضا، فإنه ليس بالمشهور، ولم يوثقه غير ابن حبان (7/ 220)، ولم يرو عنه غير اثنين أحدهما: كثير بن زياد هذا، ويكنى بـ (أبي سهل البرماني)، والآخر: خلف بن مهران، فقال ابن القطان: لا يعرف حاله. وأشار الذهبي إلى تضعيف توثيق ابن حبان بقوله: وثق!. وقال الحافظ: مستور. اهـ.

* * *

ص: 215

‌فصل: في قصر صلاة المسافر

(261)

أنه صلى الله عليه وسلم، إنما كان يقصر إذا ارتحل.

أخرجه مسلم (2/ 145)(1529)، وأبو داود (1201)، وأحمد (3/ 129)(12338)، كلهم من طريق، محمد بن جعفر، عن شعبة، عن يحيى بن يزيد الهنائي، قال: سألت أنس بن مالك، عن قصر الصلاة، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ- شعبة الشاك- صلى ركعتين. زاد أحمد في أول روايته: عن يحيى بن يزيد الهنائي، قال: سألت أنس بن مالك، عن قصر الصلاة، قال: كنت أخرج إلى الكوفة، فأصلي ركعتين حتى أرجع.

ونقل ابن عبد الهادي في المحرر (1/ 255)، عن ابن عبد البر أنه قال في يحيى: ليس هو ممن يوثق به ضبط مثل هذا الأصل. اهـ. وقال عنه أبو حاتم: شيخ. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات.

ولا يلتفت لهذه العلة، لتلقي الأمة لصحيح مسلم بالقبول. والله أعلم.

* * *

ص: 216

(262)

أو ائتم مسافر بمقيم أتم، قال ابن عباس: تلك السنة. رواه أحمد.

رواه أحمد (1/ 216)(1862) قال: حدثنا محمد بن عبدالرحمن الطفاوي، حدثنا أيوب، عن قتادة، عن موسى بن سلمة، قال: كنا مع ابن عباس بمكة، فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين. قال: تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.

قلت: في إسناده محمد بن عبدالرحمن الطفاوي، وثقه علي بن المديني، وقال أبو حاتم: صدوق، إلا أنه يهم أحيانا، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال في الميزان: شيخ مشهور ثقة، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال الحافظ في التقريب: صدوق يهم. وقال الشيخ الألباني في الإرواء (3/ 21): وسنده صحيح، رجاله رجال الصحيح. أهـ.

وأخرجه مسلم (1/ 479) - صلاة المسافرين- (7)(688) قال: حدثنا محمد بن المثنى، وبن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة، يحدث، عن موسى بن سلمة الهذلي، قال: سألت ابن عباس، كيف أصلي إذا كنت بمكة، إذا لم أصل مع الإمام، فقال: ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.

ورواه النسائي (3/ 119) - تقصي الصلاة في السفر- باب الصلاة بمكة- (1443، 1444)، وأحمد (1/ 337)، وأبو عوانة (2/ 340)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 422) - الصلاة- باب صلاة المسافر، والبيهقي (3/ 153) - الصلاة- باب المسافر ينزل بشيء من ماله فيقصر ما لم يجمع مكثا. من حديث ابن عباس بمثله.

ص: 217

(263)

المتفق عليه من حديث جابر وابن عباس: أن النبي قدم مكة، صبيحة رابعة من ذي الحجة، فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع، وصلى في اليوم الثامن، ثم خرج إلى منى، وكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها.

حديث جابر: أخرجه البخاري (1557 و 4352 و 7367)، ومسلم (4/ 36)(2915)، وأبوداود (1787)، وابن ماجه (1074)، وفي (2980)، والنسائي (5/ 157 و 202)، وفي الكبرى (3710 و 3841)، والحميدي (1293)، وأحمد (3/ 302)(14287)، وفي (14288)، وابن خزيمة (957 و 2786)، كلهم من طريق، عطاء، عن جابر، قال: أهللنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالحج، خالصا ليس معه غيره، خالصا وحده، فقدمنا مكة صبيحة رابعة مضت من ذي الحجة، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحلوا واجعلوها عمرة، فبلغه عنا أنا نقول: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس، أمرنا أن نحل، فنروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر من المني!، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخطبنا، فقال: قد بلغني الذي قلتم، وإني لأبركم وأتقاكم، ولولا الهدي لحللت، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت. قال: وقدم علي من اليمن فقال: بما أهللت؟ قال: بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فأهد وامكث حراما كما أنت. قال: وقال سراقة بن مالك بن جعشم: يا رسول الله، أرأيت عمرتنا هذه لعامنا هذا، أو للأبد؟ قال: هي للأبد.

وفي رواية: قدمنا مكة صبيحة رابعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما صنعت الذي صنعت. قال: وأمر أصحابه أن يحلوا، فقالوا:

ص: 218

حل ماذا؟ قال: كل الحل، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة.

وأخرجه البخاري (8/ 161، 162) - الاعتصام بالكتاب والسنة- باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم على التحريم إلا ما تعرف إباحته، ومسلم (2/ 883) - الحج- (141)، والنسائي (5/ 178، 202)، مناسك الحج- باب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدي، وباب الوقت الذي وافى فيه النبي صلى الله عليه وسلم مكة- (2805، 2872)، وأحمد (3/ 302، 317، 362)، والبيهقي (4/ 356)، (5/ 18، 19) - الحج- باب المتمتع بالعمرة إلى الحج إذا قام بمكة حتى ينشئ الحج، وباب من اختار التمتع بالعمرة إلى الحج. من حديث جابر بألفاظ عدة.

وأما حديث ابن عباس فأخرجه بالبخاري (2/ 35) - تقصير الصلاة- باب كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم في حجته، (3/ 114) - الشركة- باب الاشتراك في الهدي والبدن، ومسلم (2/ 91، 911) - الحج- (199، 202)، والنسائي (5/ 201) - مناسك الحج- باب الوقت الذي وافى فيه النبي صلى الله عليه وسلم مكة- (287، 2871). بعدة ألفاظ.

* * *

ص: 219

(264)

لأن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، وقد حال الثلج.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 533)، الصلاة- باب: الرجل يخرج في وقت الصلاة (4339)، والبيهقي (3/ 152)، الصلاة باب: من قال يقصر أبدا ما لم يجمع مكثا. كلاهما من طريق نافع، عن ابن عمر أنه قال: أريح علينا الثلج، ونحن بأذريبجان ستة أشهر فى غزاة، وكنا نصلى ركعتين.

قلت: إسناده صحيح.

قال الحافظ فى الدراية (129): أخرجه البييهقي بإسناد صحيح. أهـ.

ونقل الزيلعى (2/ 185) عن النووي، أنه قال: وهو على شرط الشيخين. أهـ. وأقره.

وصححه ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (1/ 203)، والحافظ ابن حجر كما في التلخيص الحبير (2/ 47).

وقال النووي معلقا على سند البيهقي: وهذا سند على شرط الشيخين .. اهـ. كما نصب الراية (2/ 185).

وقال الشيخ الألباني في الإرواء (3/ 28): وإسناده صحيح، وله طريق أخرى، فقال ثمامة بن شراحيل: خرجت إلى ابن عمر فقلت: ما صلاة المسافر؟ فقال: ركعتين ركعتين، إلا صلاة المغرب ثلاثا، قلت: أرأيت إن كنا بـ (ذى المجاز)؟، قال: وما (ذو المجاز)؟، قال: قلت: مكان نجتمع فيه، ونبيع فيه، ونمكث عشرين ليلة أو خمس عشرة ليلة، فقال: يا أيها الرجل كنت بأذربيجان ـ لا أدرى قال ـ أربعة أشهر، أو شهرين، فرأيتهم يصلونها ركعتين ركعتين، ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم بصر عينى يصليها ركعتين، ثم نزع إلي

ص: 220

بهذه الآية {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} . أهـ.

وقال أيضا: وأخرجه أحمد (2/ 83 و 154) بإسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، غير ثمامة هذا. فقال الدارقطنى: لا بأس به، شيخ مقل. وذكره ابن حبان فى الثقات (1/ 7). اهـ.

* * *

ص: 221

(265)

أنه صلى الله عليه وسلم، أقام بتبوك، عشرين يوما، يقصر الصلاة. رواه أحمد وغيره، وإسناده ثقات.

أخرجه أبو داود (1235)، وأحمد (3/ 295)(14186)، وعبد بن حميد (1139)، كلهم من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن جابر بن عبد الله، قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، عشرين يوما، يقصر الصلاة.

قال أبو داود: غير معمر لا يسنده. أهـ.

قلت: رجاله ثقات. ويحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل. وروي الحديث مرسلا.

قال الترمذي في علله (158): سألت محمدا- يعني البخاري- عن هذا الحديث، فقال: يروى عن ابن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. أهـ.

وقال البيهقي في سننه (3/ 152): تفرد معمر بروايته مسندا. ورواه علي بن المبارك وغيره، عن يحيى، عن ابن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. وروي عن الأوزاعي، عن يحيي، عن أنسي، وقال: بضع عشرة ولا أراه محفوظا. أهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 538): ومعمر إمام مجمع على جلالته، فلا يضر تفرده به. أهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 114): وأعله الدارقطني في العلل بالإرسال والانقطاع، وأن علي بن المبارك وغيره من الحفاظ، رووه، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن ثوبان مرسلا. وأن الأوزاعي رواه عن

ص: 222

يحيى، عن أنس فقال: بضع عشرة. أهـ.

وقال الألباني في الإرواء (574): ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود (1236)، وقال: غير معمر لا يسنده. ورده النووي في الخلاصة بقوله: هو حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، لا يقدح فيه تفرد معمر، فإنه ثقة حافظ، فزيادته مقبولة

فالأرجح: أن الحديث صحيح. أهـ.

* * *

ص: 223

‌فصل: في الجمع

(266)

لما روى معاذ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك، إذا ارتحل قبل زيغ الشمس، أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر، يصليهما جميعا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس، صلى الظهر والعصر جميعا، ثم سار، وكان يفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء. رواه أبو داود والترمذي.

أخرجه أبو داود (1220)، والترمذي (553)، وأحمد (22094)، وابن حبان (1458)، و (1593)، والدارقطني (1/ 392 - 393)، والبيهقي (3/ 163)، والخطيب (12/ 466)، كلهم من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان فى غزوة تبوك، إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر، فيصليهما جميعا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس، صلى الظهر والعصر جميعا، ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب، أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب، عجل العشاء فصلاها مع المغرب. قال أبو داود: ولم يرو هذا الحديث إلا قتيبة وحده.

قال الترمذي (554): وحديث معاذ، حديث حسن غريب، تفرد به قتيبة، لا نعرف أحدا، رواه عن الليث غيره، والمعروف عند أهل العلم، حديث معاذ من حديث أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ: أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك، بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء. رواه قرة بن خالد، وسفيان الثوري، ومالك، وغير واحد، عن أبي الزبير المكي. وخالفهم

ص: 224

هشام بن سعد، عن أبي الزبير. أهـ.

وأخرجه أبو داود (1208)، والدارقطني (1/ 392)، والبيهقي (3/ 162)، عن يزيد بن خالد بن عبدالله بن موهب الرملي، حدثنا المفضل بن فضالة، والليث، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل، فذكر نحو حديث يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل.

وقال الحافظ في الفتح (2/ 583): أعله جماعة من أئمة الحديث؛ بتفرد قتيبة، عن الليث، وأشار البخاري إلى أن بعض الضعفاء أدخله على قتيبة، حكاه الحاكم في علوم الحديث، وله طريق أخرى، عن معاذ بن جبل، أخرجها أبو داود، من رواية هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل. وهشام مختلف فيه، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب أبي الزبير كمالك، والثوري، وقرة بن خالد، وغيرهم، فلم يذكروا في روايتهم، جمع التقديم. أهـ.

ونحوه قال الحاكم في علوم الحديث (12، 121).

وقد رد ابن القيم في زاد المعاد (1/ 478، 481) على الحاكم فقال: إن أباداود، رواه عن يزيد بن خالد بن عبدالله بن موهب الرملي، حدثنا المفضل بن فضالة، عن الليث، عن هشام بن سعد، عن أبي الطفيل، عن معاذ، فذكره. فهذا المفضل قد تابع قتيبة. أهـ.

وقال أيضا ابن القيم في كتابه أعلام الموقعين (3/ 11): إسناده صحيح، وعلته واهية. أهـ.

وقال العيني في عمدة القاري (7/ 156): أنكر أبو داود هذا الحديث،

ص: 225

وهشام بن سعد ضعفه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال أحمد: لم يكن بالحافظ. والحديث صححه ابن حبان، وابن القيم، وحسنه الترمذي. أهـ.

ونقل الحافظ ابن حجر، تصحيحه في التلخيص الحبير (2/ 49) عن جماعة من العلماء.

وروى أحمد (1/ 367، 368)، والبيهقي (3/ 163)، والدارقطني (1/ 388 - 389)، كلهم من طريق، حسين بن عبدالله، عن عكرمة، وعن كريب، كلاهما، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل حين تزيغ الشمس، يجمع بين الظهر والعصر، وإذا ارتحل قبل ذلك، أخر ذلك إلى وقت العصر.

قلت: حسين بن عبدالله بن عبيدالله بن عباس، ضعيف. قال الأثرم، عن أحمد: له أشياء منكرة. اهـ. وقال ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ضعيف. اهـ. وقال البخاري: قال علي تركت حديثه، وتركه أحمد أيضا. اهـ. وقال أبو زرعة: ليس بقوي. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف، وهو أحب إلي من حسين بن قيس، يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ. وقال النسائي: متروك. اهـ. وقال الجوزجاني: لا يشتغل بحديثه. اهـ. فهو ضعيف، يكاد يطبق العلماء على ضعفه.

لهذا قال ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (2/ 58): حسين بن عبدالله بن عبيدالله بن عباس المدني، تكلم فيه غير واحد من الأئمة. قال أبو بكر الأثرم، عن أحمد: له شيئا منكرة، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: ضعيف .... اهـ.

ص: 226

وقد اختلف عليه فيه. وحاول الدارقطني الجمع بين الاختلاف، فقد رواه الدارقطني (1/ 388): من طريق حسين بن عبدالله بن عبيدالله بن عباس، عن عكرمة، وعن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس.

قال الدارقطني: روى هذا الحديث حجاج، عن ابن جريج، قال أخبرني حسين، عن كريب وحده، عن ابن عباس، ورواه عثمان بن عمر، عن ابن جريج، عن حسين، عن عكرمة، عن ابن عباس. ورواه عبد المجيد، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن حسين، عن كريب، عن ابن عباس. وكلهم ثقات، فاحتمل أن يكون ابن جريج سمعه أولا من هشام بن عروة، عن حسين. كقول عبدالمجيد عنه، ثم لقي ابن جريج حسينا فسمعه منه، كقول عبد الرزاق، وحجاج، عن ابن جريج، حدثني حسين، واحتمل أن يكون حسين سمعه من عكرمة، من كريب، جميعا، عن ابن عباس، وكان يحدث به مرة عنهما جميعا، كرواية عبد الرزاق به. ومرة كريب وحده، كقول حجاج، وابن أبي رواد، ومرة، عن عكرمة وحده، عن ابن عباس. كقول عثمان بن عمر، تصح الأقاويل كلها، والله أعلم. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 51): حسين ضعيف، واختلف عليه فيه، وجمع الدارقطني في سننه بين وجوه الاختلاف فيه، إلا أن علته ضعف حسين. ويقال: إن الترمذي حسنه، وكأنه باعتبار المتابعة، وغفل ابن العربي، فصحح إسناده. اهـ.

وقال الحافظ أيضا: لكن له طريق أخرى، أخرجها يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده، عن أبي خالد الأحمر، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، وروى إسماعيل القاضي في الأحكام، عن

ص: 227

إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه، عن سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن كريب، عن ابن عباس نحوه. اهـ.

قلت: يحيى بن عبد الحميد الحماني، وثقه ابن معين وغيره. وقال أحمد: كان يكذب جهارا. اهـ. وقال البخاري: كان أحمد وعلي يتكلمان في يحيى الحماني. اهـ. وقال في موضع آخر: رماه أحمد وابن نمير. اهـ. وقال السلمي: قال ابن المديني: أدركت ثلاثة، يحدثون مما لا يحفظون، فذكره فيهم. اهـ. ثم أيضا الحكم، هو ابن عيينة، لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث، كما سبق، وليس هذا منها.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (526): سئل أبو زرعة، عن حديث روي عن أبي خالد الأحمر، عن حجاج، عن الحكم بن مقسم، عن ابن عباس. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا

فقال أبو زرعة: هو خطأ، إنما هو أبو خالد، عن ابن عجلان، عن الحسين بن عبيدالله، عن عكرمة، عن ابن عباس. اهـ.

وله شاهد من حديث ابن عباس رواه البيهقي (3/ 164) من طريق إسماعيل بن إسحاق، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن ابن عباس، ولا أعلمه إلا مرفوعا، وإلا فهو عن ابن عباس: أنه كان إذا نزل منزلا في السفر، فأعجبه المنزل، أقام فيه، حتى يجمع بين الظهر والعصر.

قال: وثنا إسماعيل، عن عارم، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن ابن عباس، لا أعلمه إلا مرفوعا. لا أعلمه إلا مرفوعا، قال عارم: هكذا حدث به حماد. قال: كان إذا سافر، فنزل منزلا فأعجبه المنزل، أقام فيه، حتى يجمع بين الظهر والعصر.

ص: 228

قلت: إسناده قوي، والذي يظهر وقفه، لأنه رواه البيهقي (3/ 164) من طريق إسماعيل بن إسحاق، ثنا حجاج بن منهال، ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن ابن عباس قال: إذا كنتم سائرين. اهـ.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 583): رجاله ثقات، إلا أنه مشكوك في رفعه، والمحفوظ أنه موقوف. وقد أخرجه البيهقي من وجه آخر، مجزوما بوقفه على ابن عباس. فذكره. اهـ.

وروى البخاري (1111)، ومسلم (2/ 150)(1571)، وأبوداود (1218)، والنسائي (1/ 284)، وفي الكبرى (1575)، وأحمد (3/ 247)(13619)، وفي (3/ 265)(13835)، وعبد بن حميد (1165)، كلهم من طريق، المفضل بن فضالة، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس، قبل أن يرتحل، صلى الظهر، ثم ركب.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 583): كذا فيه: الظهر فقط، وهو المحفوظ، عن عقيل في الكتب المشهورة، أنه كان لا يجمع بين الصلاتين، إلا في وقت الثانية منهما، وبه احتج من أبى جمع التقديم، ولكن روى إسحاق بن راهويه هذا الحديث، عن شبابة، فقال: كان إذا كان في سفر فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر جميعا، ثم ارتحل أخرجه الإسماعيلي، وأعل بتفرد إسحاق بذلك، عن شبابة، ثم تفرد جعفر الفريابي به، عن إسحاق، وليس ذلك بقادح، فإنهما إمامان حافظان. اهـ.

وروى أبو نعيم في مستخرجه على صحيح مسلم (2/ 294)، قال: حدثنا

ص: 229

عبدالله بن محمد بن جعفر، ومخلد بن جعفر، قالا: ثنا جعفر الفريابي، ثنا إسحاق بن راهويه، ثنا شبابة، ثنا ليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر، فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر جميعا، ثم ارتحل.

قال في التلخيص الحبير (2/ 52): وحديث أنس، رواه الإسماعيلي، والبيهقي، من حديث إسحاق بن راهويه، عن شبابة بن سوار، عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر، فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر جميعا، ثم ارتحل. وإسناده صحيح قاله النووي. وفي ذهني أن أبا داود أنكره على إسحاق، ولكن له متابع، رواه الحاكم في الأربعين له، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسحاق الصغاني، عن حسان بن عبدالله، عن المفضل بن فضالة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل، صلى الظهر والعصر ثم ركب، وهو في الصحيحين من هذا الوجه بهذا السياق، وليس فيها: والعصر، وهي زيادة غريبة صحيحة الإسناد. وقد صححه المنذري من هذا الوجه والعلائي، وتعجب من الحاكم، كونه لم يورده في المستدرك. اهـ.

قلت: الحافظ ابن حجر رحمه الله، جزم بصحة إسناد هذه الزيادة في البلوغ والتلخيص، لكن مما يعل به هذه الزيادة، إعراض البخاري ومسلم، عن هذه الزيادة، مع أنهما أخرجا أصل الحديث. لأنه واضح من منهجهما إعراضهما، عن المعلول من الأحاديث والروايات. ولهذا يعل شيخ الإسلام

ص: 230

ابن تيمية كثير من الزيادات بهذا الأمر. فقد قال شيخ الإسلام كما في كتاب علم الحديث لابن تيمية (ص 105)، لما تكلم، عن شرط البخاري ومسلم: وقد يتركا من حديث الثقة ما علم أنه أخطأ فيه، فيظن من لا خبرة له، أن كل ما رواه ذلك الشخص يحتج به أصحاب الصحيح، وليس الأمر كذلك. اهـ.

ولهذا قال ابن رجب، في رسالة الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة (ص 25)، في أثناء كلامه على الصحيحين: فقل حديث تركاه إلا وله علة خفية، لكن لعزه من يعرف العلل كمعرفتهما وينقده، وكونه لا يتهيأ الواحد منهم إلا في الأعصار المتباعدة، صار الأمر في ذلك إلى الاعتماد على كتابيهما، والوثوق بهما، والرجوع إليهما .... اهـ.

وعليه سار ابن القيم، وابن عبد الهادي. ويفعل هذا الأمر أحيانا الحافظ ابن حجر.

وقد روى الطبراني في الأوسط في مجمع البحرين (2/ 189) من طريق يعقوب بن محمد الزهري، نا محمد بن سعد، ثنا ابن عجلان، عن عبدالله بن الفضل، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر، فزاغت الشمس قبل أن يرتحل، صلى الظهر والعصر جميعا، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، جمع بينهما في أول وقت العصر، وكان يفعل ذلك في المغرب والعشاء.

قال الطبراني عقبه: لم يروه عن عبدالله بن الفضل إلا ابن عجلان، ولا عنه إلا محمد بن سعد. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 160): رجاله موثقون. اهـ.

قلت: يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري. قال أحمد: ليس بشيء، ليس

ص: 231

يسوى شيئا. اهـ. وقال ابن معين: ما حدثكم، عن الثقات فاكتبوه، وما لا يعرف من الشيوخ فدعوه. اهـ. وقال أبو زرعة: واهي الحديث. اهـ. وقال مرة: ليس عليه قياس، يعقوب بن محمد الزهري، وابن زبالة، والواقدي، وعمر بن أبي بكر المليكي، يتقاربون في الصعف. اهـ. وكان ابن المديني يتكلم فيه. وأما شيخه محمد بن سعدان، فقال أبو حاتم: شيخ، كما في الجرح التعديل (7/ 282)، وسبق تحقيق مراد قول أبو حاتم في الرجل: شيخ.

وأخرجه مسلم (2/ 151)(1572)، قال: حدثني عمرو الناقد، قالوا: حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا ليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن الزهري، عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين، في السفر، أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما.

وأخرجه مسلم (2/ 151)(1573)، وأبو داود (1219)، والنسائي (1/ 287)، وفي الكبرى (1579)، وابن خزيمة (969)، كلهم من طريق، ابن وهب، قال: حدثني جابر بن إسماعيل، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا عجل عليه السفر، يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر، فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب، حتى يجمع بينها وبين العشاء، حين يغيب الشفق.

* * *

ص: 232

(267)

: أن النبي صلى الله عليه وسلم، جمع من غير خوف ولا مطر، وفي رواية: من غير خوف ولا سفر. رواهما مسلم من حديث ابن عباس.

أخرجه البخاري (1/ 43)، ومسلم (2/ 152)، وأبو داود (1214)، والنسائي (1/ 286)، وفي الكبرى (353)، والحميدي (470)، وأحمد (1/ 221)(1918)، و (1/ 273)(2465)، كلهم من طريق، عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد أبي الشعثاء، عبدالله بن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى بالمدينة، سبعا، وثمانيا: الظهر والعصر. والمغرب والعشاء، قال أيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ قال: عسى.

وفي رواية قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانيا جميعا، وسبعا جميعا، قال عمرو: قلت: يا أبا الشعثاء، أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء؟ قال: وأنا أظن ذلك.

ولمسلم قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، من غير خوف ولا سفر زاد في رواية: قال: قال أبو الزبير: فسألت سعيدا: لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس عما سألتني؟ فقال: أراد أن لا يحرج أمته.

أخرج الرواية الأولى وهي: أن النبي صلى الله عليه وسلم، جمع من غير خوف، ولا مطر. كل من: مسلم (1/ 490 - 491) - صلاة المسافرين- (54)، وأبو داود- الصلاة- باب الجمع بين الصلاتين- (1211)، والترمذي- الصلاة- باب في الجمع بين الصلاتين في الحضر- (187)، والنسائي (1/ 290) - المواقيت- باب الجمع بين الصلاتين في الحضر- 602، وأحمد 1/ 223، 354، وابن

ص: 233

أبي شيبة (2/ 456) - الصلاة- باب من قال يجمع المسافر بين الصلاتين، وأبو عوانة (2/ 353 - 354)، والطبراني في الكبير (10/ 397)(10803)، والبيهقي (3/ 167) - الصلاة- باب الجمع في المطر بين الصلاتين.

وأما الرواية الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم، جمع من غير خوف، ولا سفر، فأخرجها مسلم (1/ 489 - 490)، - صلاة المسافرين- (49، 50)، وأبوداود- الصلاة- باب الجمع بين الصلاتين- (1210)، والنسائي (1/ 290) - المواقيت- باب الجمع بين الصلاتين في الحضر- (601)، ومالك (1/ 144) - قصر الصلاة في السفر- (4)، وأحمد (1/ 283)، وأبو عوانة (2/ 353)، وعبدالرزاق (2/ 555)(4434، 4435)، والحميدي (1/ 2231 - 471)، وابن خزيمة (2/ 85)(972)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 63)(1594)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 160) - الصلاة- باب الجمع بين الصلاتين كيف هو؟، والبيهقي (3/ 166، 167) - الصلاة- باب الجمع في المطر بين الصلاتين، والبغوي في شرح السنة (4/ 197، 198) - الصلاة- باب الجمع بعذر المطر- (1043، 1044).

* * *

ص: 234

(268)

لأنه صلى الله عليه وسلم، جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة.

سبق تخريج حديث: ألا صلوا في الرحال، وليس بهذا اللفظ.

قال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (2/ 206): غريب تبع في إيراده إمام الحرمين، فإنه قال: رأيته في بعض الكتب المعتمدة. أهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/ 50): ليس له أصل، وإنما ذكره البيهقي، عن ابن عمر موقوفا عليه، وذكره بعض الفقهاء، عن يحيى بن واضح، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عنه مرفوعا. أهـ.

وقال الشيخ الألباني في تمام المنة (ص 320): قوله تحت عنوان: الجمع في المطر: وروى البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم، جمع بين المغرب والعشاء، في ليلة مطيرة قلت- القائل الألباني-: عزوه للبخاري خطأ لا ريب فيه، بل أشك أن يكون له أصل في شيء من كتب السنة المتداولة اليوم، فإني لا أذكر أني رأيت حديثا بهذا المعنى، وقد راجعت الآن مظانه فلم أجده، ولو كان له أصل، لكان العلماء المحدثون أوردوه في باب جمع المقيم بمصر، ولما لجؤوا إلى الاحتجاج بغيره مما ليس في صراحته، كحديث ابن عباس الآتي في الكتاب، في الجمع للحاجة، ويستحيل عادة أن يخفى عليهم مثل هذا الحديث لو كان له أصل، فلا أدري كيف تسرب هذا الخطأ إلى المؤلف؟، وغالب الظن أنه نقله من بعض كتب الفقه، التي لا علم عندها بالحديث وروايته. اهـ.

وقال في الإرواء (3/ 39): حديث: أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء، فى ليلة مطيرة، رواه النجاد بإسناده (ص 137): ضعيف جدا. وقد وقفت على إسناده، رواه الضياء المقدسي فى المنتقى من مسموعاته بمرو (ق 37/ 2)،

ص: 235

عن الأنصاري: حدثنى محمد بن زريق بن جامع المدينى أبو عبدالله ـ بمصر ـ، حدثنا سفيان بن بشر، قال: حدثنى مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم

الحديث. قلت (القائل الألباني): واه جدا، وآفته الأنصاري، وهو محمد بن هارون بن شعيب بن إبراهيم بن حيان أبو علي الدمشقى، قال عبد العزيز الكتانى: كان يتهم. قال الحافظ فى اللسان: وقد وجدت له حديثا منكرا، ثم ذكر حديثا آخر. وشيخه محمد بن زريق لم أعرفه. وسفيان بن بشر، ويقال: ابن بشير وهو الأنصاري مصري، ترجمه ابن أبى حاتم (2/ 1/ 228)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره فى الثقات. والحديث لم يقف على إسناده الحافظ ابن حجر!، فقال فى التلخيص (131): ليس له أصل، وإنما ذكره البيهقي، عن ابن عمر موقوفا عليه، وذكره بعض الفقهاء، عن يحيى بن واضح، عن موسى بن عقبة، عن نافع عنه مرفوعا. قلت- القائل الألباني-: ويحيى بن واضح ثقة محتج به فى الصحيحين، وكذا من فوقه، ولكن أين الإسناد بذلك إلى يحيى؟، لاسيما والمعروف، عن ابن عمر الموقوف، كما قال مالك فى الموطأ (1/ 145/ 5): عن نافع، أن عبدالله بن عمر، كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء فى المطر، جمع معهم. اهـ.

وروى ابن أبي شيبة (6327)، قال: حدثنا حماد بن خالد، عن أبي مودود عبدالعزيز بن أبي سليمان، قال: صليت مع أبي بكر بن محمد المغرب والعشاء، فجمع بينهما في ليلة مطيرة.

وروى البخاري في صحيحه (543) من هذا الطريق، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا، وثمانيا: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء،

ص: 236

فقال أيوب السختياني: لعله في ليلة مطيرة؟ قال: عسى.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 23، 24) في تفسير قوله: عسى: أي: أن يكون كما قلت، واحتمال المطر قال به أيضا مالك .. اهـ.

* * *

ص: 237

‌فصل: صلاة الخوف

(269)

حديث سهل الذي أشار إليه هو: صلاته صلى الله عليه وسلم، بذات الرقاع، طائفة صفت معه، وطائفة وقفت وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم. متفق عليه.

رواه البخاري (4129)، ومسلم (1/ 575)، وأبو داود (1238)، والنسائي (3/ 171)، والبيهقي (3/ 252، 253)، كلهم من طريق، مالك- وهو في الموطأ (1/ 183) - عن يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات، عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع، صلاة الخوف: أن طائفة صلت معه، وطائفة وجاء العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم.

ورواه البخاري (4131)، والترمذي (565)، وابن ماجه (1259)، كلهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي خيثمة، قال: يقوم الإمام مستقبل القبلة، وطائفة منهم معه، وطائفة من قبل العدو، وجوههم إلى العدو؛ فصلى بالذين معه ركعة، ثم يقومون فيركعون لأنفسهم ركعة، ويسجدون سجدتين في مكانهم، ثم يذهب هؤلاء إلى مقام أولئك، فيجيء

ص: 238

أولئك فيركع بهم ركعة، فله ثنتان ثم يركعون، ويسجدون سجدتين.

ورواه مالك (1/ 183)، عن يحيى بن سعيد به.

ورواه البخاري (4131)، ومسلم (1/ 575)، والترمذي (566)، والنسائي (3/ 170)، كلهم من طريق شعبة، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن صالح بن خوات بن جبير، عن سهل بن أبي حثمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في الخوف، فصفهم خلفه صفين، فصلى بالذين يلونه ركعة ثم قام؛ فلم يزل قائما، حتى صلى الذين خلفهم ركعة، ثم تقدموا، وتأخر الذين كان قدامهم، فصلى بهم ركعة، ثم قعد حتى صلى الذين تخلفوا ركعة، ثم سلم. واللفظ لمسلم.

ورواه باقي الستة مطولا ومختصرا، وبألفاظ بين بعضها شيء من الاختلاف.

فعند النسائي بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف، فصف صفا خلفه، وصفا مصافوا العدو، فصلى بهم ركعة، ثم ذهب هؤلاء، وجاء أولئك، فصلى بهم ركعة، ثم قاموا، فقضوا ركعة ركعة.

قال الترمذي (2/ 169): هذا حديث حسن صحيح، لم يرفعه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد، وهكذا روى أصحاب يحيى بن سعيد الأنصاري موقوفا، ورفعه شعبة، عن عبدالرحمن بن القاسم بن محمد، قال: محمد بن بشار: سألت يحيى بن سعيد، عن هذا الحديث؛ فحدثني، عن شعبة، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، وقال لي يحيى: أكتبه إلى جنبه، ولست أحفظ الحديث، ولكنه

ص: 239

مثل حديث يحيى بن سعيد الأنصاري. اهـ.

وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 302، 303): حديث سهل بن أبي حثمة، هو حديث حسن، وهو مرفوع، رفعه شعبة، عن عبدالرحمن بن القاسم. اهـ.

وتفرد به مسلم بذكر والد خوات وهو جبير.

ورجح الحافظ، رواية صالح بن خوات، عن أبيه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 422) لما ذكر رواية صالح بن خوات، عمن شهد مع الرسول. قال: قيل اسم هذا المبهم سهل بن أبي حثمة؛ لأن القاسم بن محمد روى حديث صلاة الخوف، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، وهذا هو الظاهر من رواية البخاري، ولكن الراجح أنه أبوه خوات بن جبير؛ لأن أبا أويس روى هذا الحديث، عن يزيد بن ردمان شيخ مالك فيه. فقال: عن صالح بن خوات، عن أبيه، أخرجه ابن منده في معرفة الصحابة، ومن طريقه. وكذلك أخرجه البيهقي من طريق عبيدالله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن أبيه. وجزم النووي في تهذيبه؛ بأنه خوات بن جبير، وقال: إنه محقق من رواية مسلم وغيره. قلت- أي الحافظ-: وسبقه لذلك الغزالي. فقال: إن صلاة ذات الرقاع في رواية خوات بن جبير. وقال الرافعي في شرح الوجيز: اشتهر في كتب الفقه، والمنقول في كتب الحديث، رواية صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، وعمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: فلعل المبهم، هو خوات والد صالح. قلت- أي الحافظ-: وكأنه لم يقف على رواية خوات التي ذكرتها، وبالله التوفيق. ثم قال الحافظ: ويحتمل أن صالحا سمعه من أبيه، ومن سهل بن أبي حثمة، فكذلك يبهمه تارة، ويعينه

ص: 240

أخرى؛ إلا أن تعيين كونها كانت ذات الرقاع إنما هو في روايته، عن أبيه، وليس في رواية صالح، عن سهل، أنه صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وينفع هذا من استبعاد أن يكون سهل بن أبي حثمة، كان في سن من يخرج في ذلك الغزاة؛ فإنه لا يلزم من ذلك أن لا يرويها، فتكون روايته إياها مرسل صحابي، بهذا يقوي تفسير الذي صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم بخوات، والله أعلم". انتهى ما نقله، وقاله الحافظ ابن حجر.

قلت: رجح الحفاظ رواية سهل، وتقوية رواية صالح بن خوات، عن أبيه، بموجب رواية البيهقي فيه نظر؛ لأن البيهقي رواه (3/ 253) من طريق عبدالله بن عمر، عن أخيه عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن أبيه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف .... الحديث.

ورواه ابن خزيمة (2/ 301) من طريق عبدالله بن عمر، عن القاسم به.

وقد رجح أبو زرعة أنه، عن سهل بن أبي حثمة.

فقد قال ابن أبي حاتم في العلل (209): سألت أبا زرعة، عن حديث رواه عبدالله العمري، عن أخيه عبيدالله، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف، قال: هذا إنما صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: الوهم ممن هو. قال من العمري. اهـ.

وكذلك أعل أبو زرعة طريق أبو أويس، الذي عند ابن منده، فقال ابن أبي حاتم في العلل (352): سألت أبي، وأبا زرعة، عن حديث رواه عبدالله العمري، عن أخيه عبيدالله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف. قلت: ورواه أبو أويس، عن

ص: 241

يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات، عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: أبو زرعة: الصحيح من حديث يزيد بن رومان، ما يقول مالك. قلت لأبي زرعة الوهم من أبي أويس؟ قال: نعم. قال أبي: هذا خطأ يقال، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الصحيح. اهـ.

وقال أيضا ابن أبي حاتم في العلل (424): سألت أبي، عن حديث رواه إسماعيل بن عياش، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سهل بن أبي حثمة، عن خوات بن جبير، قال: السنة في صلاة الخوف. فذكر الحديث بطوله. قال أبي: هذا حديث مقلوب، جعل إسنادين في إسناد. اهـ.

فالحافظ ابن حجر، حاول سلوك منهج الجمع بين الروايات، وهذا منهج طيب. لكن الحفاظ المتقدمين الذين عاصروا وقت الرواية، جزموا بخلافه، فقولهم أجدر بالإتباع، ورأيهم أقرب للصواب، والله أعلم.

* * *

ص: 242

‌باب: صلاة الجمعة

(270)

روى طارق بن شهاب مرفوعا: الجمعة حق واجب، على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض. رواه أبوداود.

رواه أبو داود- الصلاة- باب الجمعة للمملوك والمرأة- (1067)، قال: حدثنا عباس بن عبد العظيم، حدثني إسحاق بن منصور، ثنا هريم، عن إبراهيم بن محمد المنتشر، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الجمعة حق واجب، على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: مملوك، وامرأة، وصبي، ومريض.

قلت: إسناده قوي، ورجاله ثقات؛ غير أن أبا داود أعله، فقال: طارق بن شهاب، قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع منه شيئا. اهـ.

وطارق بن شهاب بن عبد شمس بن هلال بن عوف البجلي الأحمسي. رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، قيل: إن روايته مرسلة، كذا قال الحافظ في تهذيب التهذيب (5/ 4)، ونقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 485)، عن أبيه، أنه قال: طارق بن شهاب البجلي الأحمسي. أبو عبدالله، أدرك الجاهلية، رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وغزا في خلافة أبو بكر. اهـ.

وأسند ابن أبي حاتم، عن ابن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين، أنه قال: طارق ابن شهاب، ثقة. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (3/ 281): طارق بن شهاب

ص: 243

الأحمسي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو رجل، ويقال: أنه لم يسمع منه شيئا. قال البغوي: نزل الكوفة. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي، يقول: ليست له صحبة، والحديث الذي رواه مرسل. قلت: قد أدخلته في الوحدان، قال: لقوله: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: - أي الحافظ ابن حجر- أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم، فهو صحابي على الراجح، وإذا ثبت أنه لم يسمع منه، فروايته عنه، مرسل صحابي، وهو مقبول على الراجح. انتهى ما نقله وقاله الحافظ ابن حجر.

ونقل الحافظ ابن حجر في الإصابة، عن أبي داود الطيالسي، أنه قال: حدثنا شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وغزوت في خلافة أبي بكر. ثم قال الحافظ ابن حجر: وهذا إسناد صحيح. اهـ.

قلت: وهذا تحقيق جيد. قال البيهقي (3/ 183): هذا الحديث، وإن كان فيه إرسال؛ فهو مرسل جيد؛ فطارق من خيار التابعين، وممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم يسمع منه، ولحديثه هذا شواهد. اهـ.

وقال: النووي في الخلاصة (2/ 757): رواه أبو داود بإسناد على شرط الصحيحين؛ إلا أنه قال: قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع منه شيئا، وهذا الذي قاله أبو داود، لا يقدح في صحة الحديث؛ لأنه إن ثبت عدم سماعه، يكون مرسل صحابي، وهو حجة. اهـ. ونقله عنه الزيلعي في نصب الراية (2/ 199)، ونحوه قال في المجموع (4/ 483).

وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 55): وكأنه لذلك صححه غير واحد، كما في التلخيص (137)، ومنهم الحاكم .... اهـ.

قلت: في قول النووي: على شرط الصحيحين، فيه نظر. فإن شيخ أبي داود

ص: 244

عباس ابن عبد العظيم ابن إسماعيل بن توبة العنبري، روى له مسلم، ولم يخرج له البخاري في الأصول، وإنما أخرج له في المتابعات، ولعله تبع في ذلك الحاكم.

وقال الخطابي كما في معالم السنن (2/ 9) مع المختصر: وليس إسناد هذا الحديث بذاك، وطارق بن شهاب، لا يصح له سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

ورواه البيهقي (3/ 183) من طريق محمد بن أحمد بن عبدان، ثنا إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس الكوفي، ثنا إسحاق بن منصور به.

ورواه الحاكم (1/ 425)، والبيهقي في المعرفة (2/ 471)، كلاهما من طريق، عبيد بن محمد العجلي، حدثني العباس بن عبد العظيم العنبري، حدثني إسحاق بن منصور، ثنا هريم بن سفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛ فقد اتفقا جميعا على الاحتجاج بهريم بن سفيان، ولم يخرجاه. ورواه ابن عيينة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، ولم يذكر أبا موسى في إسناده، وطارق بن شهاب، ممن يعد في الصحابة. اهـ.

وقال الذهبي في التلخيص: ورواه هريم بن سفيان، عن إبراهيم، فزاد في إسناده، عن أبي موسى. اهـ.

وقال البيهقي في المعرفة (2/ 471): أسنده عبيدالله بن محمد، وأرسله غيره. اهـ.

ص: 245

وأعل هذا الطريق، الحافظ بن حجر في الإصابة (3/ 381)، فقال: وقد أخرجه الحاكم من طريقه، فقال: عن طارق، عن أبي موسى، وخطؤوه فيه. اهـ.

تنبيه:

وقع عند البيهقي، عبيدالله بن محمد العجل، بدل عبيد، والذي يظهر أنه عبيد العجل كما عند الحاكم، وقد ترجم له الذهبي في تذكرة الحفاظ (2/ 672)، فقال: عبيد العجل، هو الحافظ، أبو علي حسين بن محمد بن حاتم البغداد .... اهـ.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 337)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 222)، والطبراني في الكبير (2/ 51)(1257)، والبيهقي (3/ 183، 184) - الجمعة- باب من لا تلزمه الجمعة، من حديث تميم الداري مرفوعا.

قلت: إسناده ضعيف، مسلسل بالضعفاء، كما بينه ابن القطان، وقال أبوزرعة الرازي: هذا حديث منكر.

انظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (1/ 212)، والتلخيص الحبير (2/ 65).

* * *

ص: 246

‌فصل

(271)

أن عليا صلى بالناس، وعثمان محصور، فلم ينكره أحد، وصوبه عثمان. رواه البخاري بمعناه.

رواه عبد الرزاق (1991)، قال: حدثنا معمر: عن الزهري: قال: حدثني عروة بن الزبير، عن عبيدالله بن العدي بن الخيار، أنه دخل على عثمان بن عفان وهو محصور، وعلي يصلي بالناس، فقال: يا أمير المؤمنين، أنا أتحرج أن أصلي مع هؤلاء، وأنت الإمام، قال عثمان: إن الصلاة أحسن ما عمل الناس، فإذا رأيت الناس يحسنون فأحسن معهم، وإذا رأيتهم يسيئون فاجتنب إساءتهم.

ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي (3/ 124) - الصلاة- باب الصلاة بغير أمر الوالي.

قلت: رجاله ثقات، وعبيدالله بن عدي بن الخيار، من فقهاء قريش أخرج له البخاري، ووثقه ابن معين. ووثقه العجلي. قال الحافظ التقريب (4320): عبيدالله بن عدي بن الخيار، عده العجلي وغيره، في ثقات كبار التابعين، مات في آخر خلافة الوليد بن عبد الملك .. اهـ.

وأخرجه بمعناه البخاري (1/ 171)، - الأذان- باب إمامة المفتون والمبتدع، والإسماعيلي وعمر بن شبة، في كتاب مقتل عثمان. انظر: فتح الباري (2/ 189).

* * *

ص: 247

(272)

قول عبدالله بن سيدان: شهدت الجمعة مع أبي بكر، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول: قد انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول: قد زال النهار، فما رأيت أحدا عاب ذلك، ولا أنكره. رواه الدارقطني، وأحمد.

رواه الدارقطني- الجمعة- باب صلاة الجمعة قبل نصف النهار (2/ 17)، قال: حدثنا يزيد بن الحسن بن يزيد البزار أبوالطيب، ثنا محمد بن إسماعيل الحساني، ثنا وكيع، ثنا جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج الكلابي، عن عبدالله بي سيدان السلمي، قال: شهدت يوم الجمعة مع أبي بكر، وكان صلاته وخطبته قبل نصف النهار. تم شهدتها مع عمر، وكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار، فما رأيت أحدا عاب ذلك، ولا أنكره.

وأخرجه عبد الرزاق (3/ 175) - الجمعة- باب وقت الجمعة- (5210)، وابن أبي شيبة (2/ 107) - الصلاة- باب من كان يقيل بعد الجمعة، ويقول: هي أول من طريق عبدالله بن سيدان به.

قلت: عبدالله بن سيدان السلمي المطرودي، تكلم فيه. قال البخاري: لا يتابع على حديثه. اهـ. وقال اللالكائي: مجهول، لا حجه فيه. اهـ. وقال ابن عدي: هو شبه المجهول. اهـ.

ولما ذكر الحافظ ابن حجر الحديث، في فتح الباري (2/ 387)، قال:

ص: 248

رجاله ثقات، إلا عبدالله بن سيدان- وهو بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة- فإنه تابعي كبير، إلا أنه غير معروف العدالة

، ولما ذكر قول البخاري، قال الحافظ: بل عارضه ما هو أقوى منه، فروى ابن أبي شيبة، من طريق سويد بن غفلة: أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس إسناده قوي، وفي الموطأ، عن مالك ابن أبي عامر، قال: كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب، تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي، فإذا غشيها ظل الجدار، خرج عمر إسناده صحيح، وهو ظاهر في أن عمر كان يخرج بعد زوال الشمس. اهـ.

ولما ذكر النووي حديث عبدالله بن سيدان، في الخلاصة (2/ 773)، قال: رواه الدارقطني وغيره، واتفقوا على ضعفه، وضعف ابن سيدان. اهـ.

والأثر ضعفه الألباني في الإرواء (3/ 61)، وصحح إسناده، عن عبدالله بن سيدان ..

وروى أحمد بن منيع، كما في المطالب (699)، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عبيدالله، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه: راح إلى الجمعة، فلما زالت الشمس، خرج عليهم عمر رضي الله عنه فجلس على المنبر، فأخذ المؤذن في أذانه، فلما سكت: قام فحمد الله تعالى وأثنى عليه.

قلت: هذا إسناد صحيح، وصححه الحافظ في تعليقه على المطالب.

ورواه عبد الرزاق (3/ 174)(5209)، عن معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس به بنحوه.

وروى مسدد كما في المطالب (701)، قال: حدثنا يحيى، عن شعبة، قال: حدثني خبيب بن عبدالرحمن، عن عمته أنيسة رضي الله عنها وكانت قد حجت مع النبي

ص: 249

-صلى الله عليه وسلم. قالت: كان رجالنا يجمعون مع عمر رضي الله عنه ثم يرجعون وأرديتهم على رؤوسهم، يتبعون في الحيطان، يقيلون بعدها.

قلت: إسناده أيضا صحيح، وصححه الحافظ في تعليقه على المطالب.

* * *

ص: 250

(273)

روي عن ابن مسعود، وجابر، وسعيد، وجابر، وسعيد، ومعاوية: أنهم صلوا قبل الزوال ولم ينكر.

الأثر المروي عن ابن مسعود: أخرجه عبد الرزاق (3/ 177)، الجمعة- باب: وقت الجمعة، (5220)، وابن أبي شيبة (2/ 107) الصلاة باب: من كان يقيل بعد الجمعة، ويقول: هي أول النهار، من طريق زيد بن وهب، قال: كنا نجمع مع ابن مسعود، ثم نرجع فنقيل.

قلت: زيد بن وهب الجهني، أبو سليمان الكوفي، مخضرم، ثقة جليل، لم يصب من قال في حديثه خلل، مات بعد الثمانين، وقيل سنة ست وتسعين، ع، كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب (1122).

وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 107) من طريق عبدالله بن سلمة، قال: صلى بنا عبدالله الجمعة الضحى، وقال: خشيت عليكم الحر.

قلت: عبدالله بن سلمة، ضعف، من قبل أنه كان تغير حفظه.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 238): وعبدالله صدوق، إلا أنه ممن تغير لما كبر، قاله شعبة وغيره، ومن طريق سعيد بن سويد، قال: صلى بنا معاوية الجمعة ضحى وسعيد ذكره ابن عدي في الضعفاء .. اهـ.

وقال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 63): وهذا سند حسن، رجاله كلهم ثقات، وفي عبدالله بن سلمة ضعف، من قبل أنه كان تغير حفظه، لكنه هنا يروى أمرا شاهده بنفسه، والغالب فى مثل هذا أنه لا ينساه الراوي، وإن كان فيه ضعف، بخلاف ما إذا كان يروي أمرا لم يشاهده، كحديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يخشى عليه أن يزيد فيه، أو ينقص منه، وأن يكون موقوفا فى

ص: 251

الأصل، فتخونه ذاكرته فيرفعه. ومنهم معاوية. قال ابن أبى شيبة: أخبرنا أبومعاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن سويد قال: صلى بنا معاوية الجمعة ضحى. قلت- القائل الألباني-: وهذا سند رجاله كلهم ثقات، من رجال الشيخين، غير سعيد بن سويد، ذكره ابن أبى حاتم (2/ 1/ 29)، برواية، عن معاوية، ورواية عمرو عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك ذكره ابن حبان في الثقات (1/ 62)، وقال البخارى: لا يتابع على حديثه ـ كما في الميزان ـ، ثم قال ابن أبى حاتم عقبة: سعيد بن سويد الكلبى، روى عن العرباض بن سارية، وعمر بن عبد العزيز. وعبد الأعلى بن هلال، روى عنه معاوية بن صالح، وأبو بكر بن أبي مريم، قال: وروى عن عمير بن سعد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عبيدة الأملوكى. فأفاد بهذا: أن الكلبي، غير سعيد بن سويد الراوي عن معاوية، وخالفه الحافظ فى اللسان، فجزم فى ترجمة الأول أنه الكلبي، وإلى ذلك يشير صنيع ابن حبان، فإنه لم يذكر غيره في التابعين، فإذا صح ذلك، فالإسناد جيد إن شاء الله .. اهـ.

أما الأثر المروي عن جابر، فلم أقف عليه، وقال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 63): وأما الرواية، عن جابر، فلم أقف على إسنادها. وأما الأثر المروي عن سعيد، فلم أقف عليه كذلك، وإنما وقفت على أثر مروي عن سعد بن أبي وقاص، رواه ابن أبي شيبة (2/ 106) من طريق مصعب بن سعد، وقال: كان سعد يقيل بعد الجمعة، ضحى. أهـ.

وقال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 63): وأما الرواية، عن سعيد، فمن سعيد؟ وأنا أظن أنه تحرف على الطابع، أو الناسخ، وأن الصواب سعد وهو ابن أبى وقاص، فقد قال ابن أبى شيبة، فى باب من كان يقيل بعد

ص: 252

الجمعة، ويقول: هي أول النهار: أخبرنا غندر، عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن مصعب بن سعد قال: كان سعد يقيل بعد الجمعة. ووجه إيراد هذا الأثر فى الباب المذكور، هو أن القيلولة إنما هى الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن معها نوم، كما فى النهاية، فينتج من ذلك أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل نصف النهار. ومثل هذا الأثر ما أخرجه ابن أبي شيبة عقبه، عن سهل بن سعد، قال: كنا نتغدى، ونقيل بعد الجمعة. وكذا أخرجه أبو داود (1086). وأخرجه البخارى (1/ 238)، وكذا ابن ماجه (1099)، بلفظ: ما كنا نقيل، ولا نتغدى، إلا بعد الجمعة. وفى رواية له: كنا نصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم تكون القائلة. وفى الرواية الأولى، دلالة على ما تقدم من جهة أخرى، وهى أن الغداء إنما هو الطعام الذى يؤكل أول النهار، فإذا كان غداؤهم بعد الجمعة، فهو دليل قاطع على أنهم كانوا يصلونها فى أول النهار، كصلاة العيد، ويؤيده ما روى ابن أبى شيبة، بسند حسن، عن مجاهد، قال: ما كان للناس عيد، إلا فى أول النهار. اهـ.

وأما الأثر المروي عن معاوية، فأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 107) من طريق سعيد بن سويد، قال: صلى بنا معاوية الجمعة ضحى.

* * *

ص: 253

(274)

قال أحمد: بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى أهل المدينة، فلما كان يوم الجمعة جمع بهم أربعين، وكانت أول جمعة جمعت بالمدينة.

قال الشيخ الألباني في الإرواء (3/ 69): لم أقف عليه بهذا اللفظ. أهـ.

وقال الحافظ ابن حجر فى التلخيص (133): وروى الدارقطنى من طريق المغيرة بن عبدالرحمن، عن مالك، عن الزهري، عن عبيداللهي، عن ابن عباسي، قال: أذن النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، قبل أن يهاجر، ولم يستطع أن يجمع بمكة، فكتب إلى مصعب بن عمير: أما بعد: فانظر اليوم الذى تجهر فيه اليهود بالزبور، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار، عن شطره، عند الزوال من يوم الجمعة، فتقربوا إلى الله بركعتين، قال فهو أول من جمع حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فجمع عند الزوال، من الظهر، وأظهر ذلك. أهـ.

وقال الألباني في الإرواء (3/ 78): سكت عليه الحافظ، ولم أره فى سنن الدارقطني، فالظاهر أنه فى غيره من كتبه، وإسناده حسن، وإن سلم ممن دون المغيرة، وهو ابن عبدالرحمن بن الحارث بن عبدالله بن عياش أبو هاشم المخزومى، وقد احتج به الشيخان، وفيه كلام يسير. وروى بعضه الطبراني فى الأوسط (1/ 51/ 2) من طريق صالح بن أبى الأخضر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي مسعود الأنصارى، قال: أول من قدم من المهاجرين المدينة، مصعب بن عمير، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة، جمعهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بهم. وقال: لم يروه عن الزهري إلا صالح. قلت- القائل الألباني-: وهو ضعيف كما قال الحافظ. وبينه وبين حديث كعب بن مالك المذكور قبل هذا مخالفة، فإن فيه

ص: 254

أن أسعد بن زرارة هو أول من جمع بهم، وجمع الحافظ بينهما بأن أسعد كان آمرا، وكان مصعب إماما. قلت: ويمكن أن يقال: أن مصعبا أول من جمع فى المدينة نفسها، وأسعد أول من جمع فى بنى بياضة، وهى قرية على ميل من المدينة، كما تقدم فلا اختلاف، والله أعلم. اهـ.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 119، 120)، وعبد الرزاق (3/ 160) الجمعة باب: أول من جمع (5145) من طريق جريج، عن عطاء.

وأخرجه عبدالرزاق (3/ 160)(5146) من طريق معمر، عن الزهري.

وورد أن أول من جمع بهم هو سعد بن زرارة، وكانت أول جمعة جمعت في الإسلام، وكانوا أربعين رجلا، كما سيأتي.

قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 56): ويجمع بينهما بأن سعد كان أميرا، ومصعب إماما. أهـ.

وسيأتي بعد حديث بلفظ: أن كعب بن مالك، كان إذا اسمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة. فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة قال: لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت، من حرة بني بياضة، في نقيع يقال له: الخضمات. قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون.

* * *

ص: 255

(275)

قال جابر: مضت السنة، أن في كل أربعين فما فوق، جمعة، وأضحى، وفطر. رواه الدارقطني، وفيه ضعف، قاله في المبدع.

رواه الدارقطني- الجمعة- باب ذكر العدد في الجمعة- (2/ 4)، والبيهقي- الجمعة- باب العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليه الجمعة. (3/ 177)، كلاهما من طريق، إسحاق بن خالد البالسي، ثنا عبد العزيز بن عبدالرحمن، ثنا خصيف، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبدالله، قال: مضت السنة، أن في كل ثلاثة إمام، أو في كل أربعين فما فوق ذلك، جمعة، وأضحى، وفطر، وذلك أنهم جماعة.

قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن فيه عبد العزيز بن عبد الرحمن. قال أحمد: أضرب على أحاديثه، فإنها كذب، أو قال موضوعة. اهـ. وقال الدراقطني: هو منكر الحديث. اهـ. وقال النسائي: ليس بثقة. اهـ. وقال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به. اهـ.

ولهذا قال البيهقي (3/ 177): لا يحتج بمثله، وقال: تفرد به عبد العزيز القرشي، وهو ضعيف. اهـ.

ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 59)، عن أحمد أنه قال: أضرب على حديثه، كذب، أو موضوعة. اهـ.

وبه أعله ابن الجوزي في التحقيق (2/ 68)، مع التنقيح.

وقال ابن حبان في المجروحين (2/ 138)، عن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الجزري: يأتي بالمقلوبات، عن الثقات فيكثر، والمقلوبات بالإثبات فيفحش. روى عن خصيف، عن عطاء، عن جابر، أنه قال: مضت السنة بأن في كل

ص: 256

أربعين فما فوق ذلك، جمعة، وأضحى، وفطر، كتبناه، عن عمر بن سنان، عن إسحاق بن خالد البالسي، عنه بنسخة شبيها بمائة حديث مقلوبة، منها ما لا أصل له، ومنها ما هو ملزق بإنسان لم يرو في ذلك البتة، لا يحل الاحتجاج به بحال. اهـ.

والحديث ضعفه الألباني؛ فقال في الإرواء (3/ 69): ضعيف جدا. اهـ. ثم ذكر وجه إعلاله بعبد العزيز القرشي. وفي إسناده خصيف، وهو ضعيف .. اهـ.

* * *

ص: 257

(276)

أن سعد بن زراره، أول من جمع في حرة بني بياضة. أخرجه أبوداود، والدارقطني، قال البيهقي: حسن الإسناد صحيح.

أخرجه أبوداود- الجمعة- باب الجمعة في القرى- (1069)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب في فرض الجمعة- (1082)، والمروزي في كتاب الجمعة (ص 30 - 1)، وابن خزيمة (3/ 112، 113) - (1724)، والدارقطني (2/ 5، 6) - الجمعة- باب ذكر العدد في الجمعة- (7، 8، 9)، والحاكم (1/ 281) - الجمعة، والبيهقي (3/ 176، 177) - الجمعة- باب العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم الجمعة، كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، وكان قائد أبيه بعدما ذهب بصره، عن أبيه كعب بن مالك، أنه كان إذا اسمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة. فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة قال: لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت، من حرة بني بياضة، في نقيع يقال له: الخضمات. قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي، ووالد محمد بن أبي أمامة، اسمه أسعد بن سهل بن حنيف، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (402): أسعد بن سهل بن حنيف بضم المهملة الأنصاري أبو أمامة معروف بكنيته معدود في الصحابة له رؤية ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم مات سنة مائة وله اثنتان وتسعون ع. أ. هـ. وصرح ابن إسحاق بالسماع عند البيهقي،

ص: 258

وأيضا في المنتقى لابن الجارود.

قال الحاكم (1/ 417): هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .. اهـ. ووافقه الذهبي.

وفيما قالاه نظر، فإن محمد بن أبي أمامة بن سهل ثقة، لكن لم يحتج به مسلم.

وقال النووي في المجموع (4/ 504): حديث حسن، رواه أبوداود، والبيهقي، وغيرهما، بأسانيد صحيحة. اهـ.

وصحح الحديث البيهقي فقال (3/ 177): ورواه جرير بن حازم، ومحمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي أمامة، كما قال يونس بن بكير، ومحمد بن إسحاق، إذا ذكر سماعه في الرواية، وكان الراوي ثقة استقام الإسناد، وهذا حديث حسن الإسناد صحيح. اهـ. وقال في الخلافيات: رواته كلهم ثقات. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 215): رجاله ثقات. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 90): إسناده حسن، لكنه لا يدل الحديث الباب. اهـ. وقصد الحافظ في قوله: لا يدل الحديث الباب؛ لأن هذا الحديث واقعة تدل أن في الأربعين فما فوق جمعة؛ أما أقل من الأربعين الحديث لم يتطرق إليه. أهـ.

* * *

ص: 259

(277)

حديث أبي هريرة مرفوعا: من أدرك ركعة من الجمعة، فقد أدرك الصلاة. رواه الأثرم.

رواه النسائي (1/ 274)، قال: أخبرني موسى بن سليمان بن إسماعيل بن القاسم، قال: حدثنا بقية، عن يونس، قال: حدثني الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من الجمعة، أو غيرها، فقد تمت صلاته.

قلت: موسى بن سليمان بن إسماعيل بن القاسم المنبجي، لا بأس به، إلا في حديثه، عن بقية، كما في هذا الإسناد. قيل إنه لقن، عن بقية.

قال ابن حبان في كتابه الثقات (9/ 163): موسى بن سليمان، مستقيم الحديث إذا روى عن بقية. اهـ. هكذا وجد .. أ. هـ

وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (10/ 309): بل عبارته إذا روى عن غير بقية، وأراد بذلك ما رواه ابن عدي في مقدمة الكامل، عن محمد بن حاتم بن الهرماز، عن المنجبي، فذكر حديثا قال ابن عدي: قال لنا محمد بن حاتم، لقنه أصحاب الحديث، فتلقن، ثم رجع عنه .. ، وقال الحافظ: وأراد ابن حبان إن روايته، عن بقية، لما دخلها التلقين حسن تجنبها، وقبول غيرها. اهـ.

كذلك يونس بن يزيد، في روايته، عن الزهري، قيل فيها: بعض الوهم.

ورواه النسائي (1/ 275)، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الترمذي، قال: حدثنا أيوب بن سليمان، قال: حدثنا أبوبكر، عن سليمان بن بلال، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من

ص: 260

صلاة من الصلوات، فقد أدركها، إلا أنه يقضي ما فاته.

وأخرجه ابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة- (1121) - وابن خزيمة (3/ 174)(1851)، وابن حبان كما في الإحسان (3/ 22)(1485)، والدارقطني (2/ 10 - 13) - الجمعة- باب فيمن يدرك من الجمعة ركعة، والحاكم (1/ 291) - الجمعة، والبيهقي (3/ 203) - الجمعة- باب من أدرك ركعة من الجمعة، من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: من أدرك من الجمعة ركعة، فليصل إليها أخرى.

والمحفوظ من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة، بدون ذكر الجمعة، أخرجه البخاري (1/ 145) - المواقيت- باب من أدرك من الصلاة ركعة، ومسلم (1/ 423، 424) - المساجد- (161، 162)، وأبو داود (1/ 669) - الجمعة- باب من أدرك من الجمعة ركعة- (1121)، والترمذي (2/ 403) - الصلاة- باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة- (524)، وابن ماجه- (356) - إقامة الصلاة- باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة- (1122)، والنسائي (1/ 274) - المواقيت- باب من أدرك ركعة من الصلاة- (553 - 556).

* * *

ص: 261

(278)

حديث: وإنما لكل امرئ ما نوى.

سبق تخريجه برقم (43).

* * *

ص: 262

(279)

وقول ابن عمر: كان النبي يخطب خطبتين وهو قائم، يفصل بينهما بجلوس. متفق عليه.

أخرجه البخاري (1/ 223) - الجمعة- باب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة، ومسلم (2/ 589) - الجمعة- (33)، وأبو داود (1/ 657) - الجمعة- باب الجلوس إذا صعد المنبر- (1092)، والترمذي (2/ 980) - الصلاة- باب ما جاء في الجلوس بين الخطبتين- (506)، والنسائي (3/ 109) - الجمعة- باب الفصل بين الخطبتين بالجلوس- (1416)، وابن ماجه (1/ 351) - إقامة الصلاة- باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة- (1103)، والدارمي (1/ 304) - الصلاة- باب القعود بين الخطبتين- (1566)، وأحمد (2/ 35)، وعبد الرزاق (3/ 188)(5261) من حديث ابن عمر.

وروى ابن أبي شيبة (2/ 22)، قال: حدثنا شبابة بن سوار، عن ابن أبي ذئب، عن صالح، قال: رأيت أبا هريرة، وكان مروان قد استخلفه على المدينة، فكان يخطب خطبتين، ويجلس جلستين.

قلت: رجاله لا بأس بهم، وصالح مولى التوأمة، صدوق وقد اختلط. قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه، كابن أبي ذئب، وابن جريج. اهـ.

وروى البزار في كشف الأستار (657)، وفي البحر الزخار (3/ 321)، قال: حدثنا عبدالله بن شبيب، قال: نا أحمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: وجدت في كتاب أبي، قال: حدثني مهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى العيد بغير أذان ولا إقامة، وكان يخطب خطبتين

ص: 263

قائما، يفصل بينهما بجلسة.

قلت: إسناده واه؛ لأن عبدالله بن شبيب أبو سعيد الربعي، متروك.

قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث، وبالغ فضلك الرازي فقال: يحل ضرب عنقه. اهـ.

وقال ابن حبان: يقلب الأخبار ويسرقها. اهـ. ونقل ابن القطان الفاسي: أن ابن خزيمة تركه. وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يورد فيه جرحا ولا تعديلا. وكذلك في إسناده أحمد بن محمد بن عبدالعزيز، لم أجد له ترجمة، وهو يروي عن والده محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبدالرحمن بن عوف الزهري، وهو كذلك متروك. قال البخاري: منكر الحديث، ويقال: بمشورته جلد مالك. اهـ. وقال النسائي: متروك. اهـ. وقال مرة: منكر الحديث. اهـ. وقال أبوحاتم: هم ثلاثة أخوة محمد بن عبد العزيز، وعبد الله بن عبد العزيز، وعمران بن عبد العزيز، وهم ضعفاء الحديث، ليس لهم حديث مستقيم. اهـ. وقال الدارقطني: ضعيف. اهـ.

والحديث أعله الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 203)، وقال: رواه البزار وجاده، وفي إسناده من لم أعرفه. اهـ.

* * *

ص: 264

(280)

قوله: كل كلام، لا يبدأ فيه بالحمد لله، فهو أجذم. رواه أبوداود، عن أبي هريرة.

سبق تخريجه برقم (1).

* * *

ص: 265

(281)

قول جابر بن سمرة: كان رسول الله يقرأ آيات ويذكر الناس. رواه مسلم.

رواه مسلم (2/ 589)، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، وحسن بن الربيع، وأبوبكر بن أبي شيبة، قال يحيى: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا أبوالأحوص، عن سماك، عن جابر بن سمرة؛ قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان، يجلس بينهما. يقرأ القرآن، ويذكر الناس.

وأخرجه مسلم (2/ 589) - الجمعة- (34)، وأبو داود- الجهة- باب الخطبة قائما- (1094)، والنسائي (3/ 110) - الجمعة- باب القراءة في الخطبة الصانية والذكر فيها- (1418)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة- (1106)، والدارمي (1/ 304) - الصلاة- باب القعود بين الخطبتين- (1567)، وأحمد (5/ 94)، وابن أبي شيبة (2/ 112) - الصلاة- باب من كان يخطب قائما (14/ 238) - الرد على أبي حنفية- (18217)، وابن الجارود في المنتقى (ص 110)(296)، والبيهقي (3/ 210) - الجمعة- باب ما يستدل به على أنه يعظهم في خطبته. من حديث جابر بن سمرة بعدة ألفاظ.

* * *

ص: 266

(282)

قول جابر: كان رسول الله إذا صعد المنبر سلم. رواه ابن ماجه، ورواه الأثرم، عن أبي بكر، وعمر، وابن مسعود، وابن الزبير. ورواه النجاد، عن عثمان. كسلامه على من عنده في خروجه.

أخرجه ابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة- (1109)، وابن عدي في ضعفاء الرجال (4/ 1465)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 241)، والبيهقي (3/ 204، 205) - الجمعة- باب الإمام يسلم على الناس إذا صعد المنبر قبل أن يجلس (3/ 299) - صلاة العيدين- باب سلام الإمام إذا ظهر على المنبر، والبغوي في شرح السنة (4/ 242) - الجمعة- باب التسليم إذا صعد المنبر- (1069)، كلهم من طريق عبدالله بن لهيعة، عن محمد بن زيد بن مهاجر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد المنبر سلم.

قلت: إسناده ضعيف، لأن في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف.

قال ابن أبي حاتم في علله (590): قال أبي: هذا حديث موضوع. أهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 155): إسناده ضعيف. أهـ.

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (506): هذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة .. اهـ.

وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (910): حسن. وقال أيضا الألباني في السلسلة الصحيحة (5/ 106): وله طرق: الأول: عن جابر رواه ابن ماجه

ص: 267

(1109)

، وتمام في الفوائد (60/ 2)، وابن عدي (211/ 1)، والبغوي في شرح السنة (1/ 123/ 1)، عن عمرو بن خالد، حدثنا ابن لهيعة، عن محمد بن زيد بن المهاجر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر مرفوعا. وقال ابن عدي: لا أعلمه يرويه غير ابن لهيعة، وعن ابن لهيعة، عمرو بن خالد. وأعله عبد الحق في الأحكام (73/ 1)، بابن لهيعة، وقال: معروف في الضعفاء!. ومن طريقه رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 24، 241). الثاني: عن الشعبي مرسلا. رواه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 114): حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا مجالد عنه. وبهذا الإسناد رواه عبدالرزاق (3/ 193)، وهو مرسل لا بأس به في الشواهد. والثالث: عن عطاء مرسلا أيضا. رواه عبدالرزاق رقم (5281)، وذكره عبدالحق في أحكامه (73/ 1) عنه. ورجاله ثقات، رجال الشيخين. ومما يشهد للحديث ويقويه أيضا، جريان عمل الخلفاء عليه، فأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي نضرة قال: كان عثمان قد كبر، فإذا صعد المنبر سلم، فأطال قدر ما يقرأ إنسان أم الكتاب. وإسناده صحيح. ثم روى عن عمرو بن مهاجر: أن عمر بن عبدالعزيز كان إذا استوى على المنبر، سلم على الناس، وردوا عليه. وسنده صحيح أيضا. وللحديث شاهد آخر من حديث ابن عمر مرفوعا به، وفيه زيادة أوردته من أجلها في الضعيفة (4194) من رواية البيهقي وابن عساكر. فقد أخرجه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (5/ 1893)، والطبراني في المعجم الأوسط من حديث عبدالله بن عمر مرفوعا.

وأخرجه عبد الرزاق (3/ 192)(5281)، عن عطاء بن أبي رباح مرسلا.

ص: 268

وحديث ابن عمر مداره على عيسى بن عبدالله الأنصاري، وهو ضعيف، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه. انظر: مجمع الزوائد (1/ 84)، نصب الراية (2/ 205، 206).

ورواه الإمام أحمد في العلل مرسلا (2216): حدثني أبي قال حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صعد المنبر سلم على الناس.

* * *

ص: 269

(283)

قول ابن عمر: كان رسول الله يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن، ثم يقوم فيخطب. رواه أبو داود.

أخرجه أحمد (2/ 91)(5657) قال: حدثنا قراد. وفي (2/ 98)(5726) قال: حدثنا أزهر بن القاسم. كلاهما- قراد، وأزهر بن القاسم، عن عبدالله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر. بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين: كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ. أراه قال: المؤذن ثم يقوم، فيخطب، ثم يجلس، فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب.

وأخرجه أبو داود- الجمعة- باب الجلوس إذا صعد المنبر- (1092)، قال: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، قال: حدثنا عبد الوهاب، يعني ابن عطاء، عن العمري، عن نافع به، بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين: كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ أراه قال: - المؤذن- ثم يقوم فيخطب قائما، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب.

قلت: في إسناده عبدالله بن عمر بن حفص العمري، وفيه مقال، كما سبق.

قال ابن الملقن في تحفة المحتاج (1/ 476): وفي رواية لأبي داود بإسناد صحيح: يخطب قائما، ثم يقعد قعدة لا يتكلم .. اهـ.

وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 232): والعمري فيه مقال .. اهـ.

وأخرجه البخاري (2/ 12)، ومسلم (3/ 9)، وابن ماجه (1103)، والترمذي (506)، والنسائي (3/ 109)، وفي الكبرى (1637، 1648)، وأحمد (2/ 35)(4919)، والدارمي (1566)، وابن خزيمة (1446) من طريق، عن عبيدالله بن عمر. بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين، يقعد

ص: 270

بينهما، وفي أخرى لهما: كان يخطب يوم الجمعة قائما، ثم يجلس، ثم يقوم فيتم، كما تفعلون الآن.

وعند الترمذي (2/ 380) كتاب الصلاة، باب ما جاء في الجلوس بين الخطبتين، حديث (506)، ورواه النسائي (3/ 109) كتاب الجمعة، باب الفصل بين الخطبتين بالجلوس. بلفظ: كان يخطب الخطبتين وهو قائم، وكان يفصل بين الخطبتين بجلوس.

ورواه ابن ماجه (1/ 351) كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة، الحديث (1103). بلفظ: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين، يجلس بينهما جلسة زاد بشر: وهو قائم.

* * *

ص: 271

(284)

حديث ابن عمر السابق: وأن يخطب قائما، ويعتمد على سيف، أو قوس، أو عصا، لفعله، رواه أبو داود، عن الحكم بن حزن.

رواه أبو داود- الجمعة- باب الرجل يخطب على قوس- (1096)، قال: حدثنا سعيد بن منصور، ثنا شهاب بن خراش، حدثني شعيب بن زريق الطائفي. قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال له: الحكم بن خزن الكلفي، فأنشأ يحدثنا قال: وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة، أو تاسع تسعة؛ فدخلنا عليه. فقلنا: يا رسول الله زرناك، فادع الله لنا بخير؛ فأمر بنا، أو أمر لنا بشيء من التمر، والشان إذ ذاك دون؛ فأقمنا بها أياما، شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام متوكئا على عصا، أو قوس. فحمد الله وأثنى عليه، كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم قال: أيها الناس .. إنكم لن تطيقوا، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به، ولكن سددوا وأبشروا.

ورواه ابن خزيمة (2/ 352)، وأحمد (4/ 212)، والبيهقي (3/ 206)، كلهم من طريق شهاب به.

قلت: رجاله لا بأس بهم، وإسناده قوي، وفي شهاب بن خراش، وشعيب بن زريق الطائفي، كلام يسير.

قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 69): إسناده حسن؛ فيه شهاب بن خراش، وقد اختلف فيه، والأكثر وثقوه، وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة. اهـ.

قلت: شهاب بن خراش، قال ابن المبارك، وابن عمار، والمدائني: ثقة.

ص: 272

اهـ. وقال أحمد، وأبو زرعة: لا بأس به. اهـ. وقال ابن معين: ثقة. اهـ. وقال العجلي وأبو زرعة: ثقة. اهـ. وقال أبو حاتم: صدوق لا بأس به. اهـ. وقال ابن عدي: له أحاديث ليست بالكثيرة، وفي بعض رواياته ما ينكر عليه. اهـ.

وقال النووي في الخلاصة (2/ 757): رواه أبو داود بأسانيد حسنة. اهـ.

وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 78): هذا سند حسن، وفي شهاب وشعيب كلام يسير، لا ينزل الحديث به، عن رتبة الحسن. لاسيما وله شاهدان، أحدهما، عن سعد القرظ، والآخر مرسلا. أخرجه الشافعي (1/ 162)، والبيهقي، وهو مرسل صحيح. اهـ. وله شاهد من حديث سعد القرظ، ومن حديث عطاء بن أبي رباح مرسلا عند البيهقي (3/ 206). قال ابن القيم في الهدي (1/ 190): لم يحفظ عنه أنه تؤكأ على سيف. اهـ.

* * *

ص: 273

(285)

روى مسلم، عن عمار مرفوعا: إن طول الرجل: وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة وأن تكون الثانية أقصر.

أخرجه مسلم (3/ 12)(1964)، وأحمد (4/ 263)(18507)، والدارمي (1556)، وابن خزيمة (1782)، كلهم من طريق عبدالرحمن بن عبد الملك بن أبجر، عن أبيه، عن واصل بن حيان، عن أبي وائل، قال: خطبنا عمار، فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحرا.

ورواه أبو داود (1106)، قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير، ثنا أبي، ثنا العلاء بن صالح، عن عدي بن ثابت، عن أبي راشد، عن عمار بن ياسر، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقصار الخطب.

قلت: أبا راشد، مجهول، لم يرو عنه غير عدي بن ثابت. وقد ذكره ابن حبان في الثقات. ورمز له الحافظ ابن حجر في التقريب (8089): مقبول. اهـ. لكن توبع كما سبق عند مسلم. قال الترمذي في العلل الكبير (1/ 274): قال محمد: حديث عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم: اقصروا الخطب هو حديث صحيح. اهـ. وحسنه الألباني في الإرواء (3/ 79).

* * *

ص: 274

‌فصل: الجمعة ركعتان

(286)

: يسن أن يقرأ جهرا؛ لفعله- في الركعة الأولى بـ الجمعة- بعد الفاتحة، وفي الركعة الثانية بـ المنافقين، لأنه كان يقرأ بهما. رواه مسلم، عن ابن عباس.

أخرجه مسلم (2/ 599) - الجمعة- (64)، وأبو داود- الجمعة- باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة- (1075)، والنسائي (3/ 111) - الجمعة- باب القراءة في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين- (1421)، وأحمد (1/ 226، 34، 361)، والبيهقي (3/ 200) - الصلاة- باب القراءة في صلاة الجمعة (111)، كلهم من طريق مخول بن راشد، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في صلاة الجمعة، بسورة الجمعة والمنافقين.

* * *

ص: 275

(287)

: وأن يقرأ في فجرها في الأولى {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، وفي الثانية {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} ؛ لأنه كان يقرأ بهما. متفق عليه من حديث أبي هريرة

أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 303) رقم (851) كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة، ومسلم في صحيحه (2/ 599) رقم (880) كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في يوم الجمعة، والنسائي في سننه (2/ 159) رقم (955) كتاب الاستفتاح، باب القراءة في الصبح يوم الجمعة، وابن ماجه في سننه (1/ 269) رقم (823) كتاب إقامة الصلاة، باب القراءة في صلاة الفجر يوم الجمعة، كلهم من طريق سعد ابن إبراهيم، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، يقرأ في الجمعة، في صلاة الفجر:

{الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} .

وفي لفظ لمسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في الصبح، يوم الجمعة بـ {الم (1) تَنْزِيلُ} في الركعة الأولى، وفي الثانية:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: 1].

وروى ابن ماجه (822)، قال: حدثنا أزهر بن مروان، قال: حدثنا الحارث بن نبهان، حدثنا عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأ في صلاة الفجر، يوم الجمعة:{الم (1) تَنْزِيلُ} ، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} .

قال البوصيري في مصباح الزجاجة (306): هذا إسناد ضعيف، الحرث بن نبهان متفق على تضعيفه، وله شاهد من حديث ابن عباس، رواه

ص: 276

مسلم في صحيحه وأصحاب السنن الأربعة. اهـ.

وقال الألباني: صحيح. صحيح ابن ماجه (671)، وانظر: الإرواء (627).

وروى مسلم في صحيحه (2/ 599) رقم (879) كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في يوم الجمعة. واللفظ له، وأبو داود في سننه (1/ 648) رقم (1074) كتاب الصلاة، باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة، والنسائي في سننه (2/ 159) رقم (956) كتاب الاستفتاح، باب القراءة في الصبح يوم الجمعة، والترمذي في سننه (2/ 398) رقم (520) كتاب الصلاة، باب رقم (375)، وابن ماجه في سننه (1/ 269) رقم (821) كتاب إقامة الصلاة، باب القراءة في صلاة الفجر يوم الجمعة، كلهم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في صلاة الفجر، يوم الجمعة سورة {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة، سورة الجمعة والمنافقين. والقراءة في الجمعة فلمسلم وأبي داود فقط.

وروى الطبراني في الأوسط مجمع البحرين (2/ 205)، قال: حدثنا إسماعيل بن نميل الخلال البغدادي، نا محمد بن بكار بن الريان، ثنا حفص بن سليمان الغاضري، عن منصور بن حيان، عن أبي الهياج الأسدي، عن علي بن ربيعة الوالبي، عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في صلاة الفجر، يوم الجمعة في الركعة الأولى: بـ {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، وفي الركعة الثانية:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} .

قال الطبراني عقبه: لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد. اهـ.

قلت: إسناده ضعيف، لأن حفص بن سليمان الغاضري، متروك الحديث.

ص: 277

قال ابن معين: ليس بثقة. اهـ. وقال ابن المديني: ضعيف الحديث، وتركته على عمد. اهـ. وقال البخاري: تركوه. اهـ. وقال مسلم: متروك. اهـ. وكذا قال النسائي. وقال أبو حاتم: لا يكتب حديثه، وهو ضعيف الحديث لا يصدق، متروك الحديث. اهـ. وقال أبو علي الصراف، عن عبدالله بن أحمد، عن أبيه: صالح. اهـ. وقال ابن أبي حاتم، عن عبدالله، عن أبيه: متروك الحديث. اهـ. وكذا قال حنبل بن إسحاق، عن أحمد. وقال حنبل، عن أحمد مرة أخرى: ما به بأس. اهـ.

قلت: والمحفوظ، عن أحمد تضعيفه في روايتين.

ولهذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 169): فيه حفص بن سليمان الغاضري، وهو متروك، لم يوثقه غير أحمد بن حنبل في رواية، وضعفه في روايتين، وضعفه خلق. اهـ.

وروى أيضا الطبراني في الأوسط مجمع البحرين (2/ 206) من طريق ليث بن أبي سليم، عن عمرو بن مرة، عن الحارث، عن علي، بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم، سجد في صلاة الصبح، في تنزيل السجدة.

قال الطبراني عقبه: لم يروه عن عمرو إلا ليث، ولا عنه إلا معتمر، تفرد به عمرو بن علي، ولم يروه عن عمرو بن مرة، عن الحارث، إلا هذا. اهـ.

قلت: إسناده أيضا ضعيف، لأن فيه ليث بن أبي سليم، وهو صدوق اختلط، ولم يتميز حديثه فترك. وأيضا في إسناده الحارث بن عبدالله الأعور، وهو ضعيف.

وروى ابن ماجه في سننه (1/ 369) رقم (822) كتاب إقامة الصلاة، باب القراءة في صلاة الفجر يوم الجمعة. من طريق الحارث بن نبهان، عن

ص: 278

عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأ في صلاة الفجر، يوم الجمعة:{الم (1) تَنْزِيلُ} ، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} .

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه الحارث، وهو ضعيف، وهو الحارث بن نبهان الجرمي، أبو محمد البصري، متروك من الثامنة، مات بعد الستين.

ت ق. كم في التقريب. قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف، الحارث بن نبهان، متفق على ضعفه. وعاصم بن بهدلة، وهو ابن أبي النجود الأسدي، مولاهم، الكوفي، أبوبكر المقرئ، صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين، مقرون من السادسة، مات سنة ثمان وعشرين ومائة. ع. اهـ.

* * *

ص: 279

(288)

أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين. متفق عليه من حديث ابن عمر.

رواه البخاري (937)، ومسلم (2/ 600)، والنسائي (3/ 113)، كلهم من طريق مالك، عن نافع، عن عبدالله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين. وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين. وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين. وللحديث طرق أخرى.

وروى البخاري (1172)، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيدالله، قال: أخبرنا نافع، عن ابن عمرو رضي الله عنهما، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، سجدتين قبل الظهر، وسجدتين بعد الظهر، وسجدتين بعد المغرب، وسجدتين بعد العشاء، وسجدتين بعد الجمعة، فأما المغرب والعشاء ففي بيته.

وروى مسلم (2/ 601)، والترمذي (521)، وابن ماجه (1131)، كلهم من طريق عمرو بن دينار، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يصلي بعد الجمعة ركعتين.

قال الترمذي (2/ 144): حديث ابن عمر، حديث حسن صحيح. اهـ. وقال أيضا في العلل الكبير (1/ 282): سألت محمد بن إسماعيل، عن هذا الحديث، فقال: لا أعرفه من حديث الزهري إلا من هذا الوجه، لا أعلم أحدا رواه عن الزهري إلا عمرو بن دينار. وروى ابن جريج وغيره، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن ابن عمر، ولم يذكر، عن سالم. اهـ.

ص: 280

وروى ابن خزيمة (1872) قال: حدثنا على بن حجر، قال: حدثنا عاصم بن سويد بن عامر، عن محمد بن موسى بن الحارث التيمي، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى عمرو بن عوف، يوم الأربعاء، فرأى أشياء لم يكن رآها قبل ذلك من حصنة على النخيل، فقال: لو أنكم إذا جئتم عيدكم هذا، مكثتم حتى تسمعوا من قولي، قالوا: نعم، بآبائنا أنت يا رسول الله وأمهاتنا، قال: فلما حضروا يوم الجمعة، صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم صلى ركعتين بعد الجمعة، في المسجد، ولم ير يصلي بعد الجمعة، يوم الجمعة، ركعتين في المسجد، كان ينصرف إلى بيته قبل ذلك اليوم .. فذكر الحديث.

قال ابن رجب في فتح الباري (5/ 537): وقال بعض المتأخرين: محمد بن موسى بن الحارث لا يعرف. وخرجه البزار في مسنده، وعنده: عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبيه، عن جابر. فإن كان ذلك محفوظا، فهو موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، وهو منكر الحديث جدا. اهـ.

وقال الألباني في التعليق على ابن خزيمة (1872): إسناده ضعيف، عاصم بن سويد، فيه جهالة. ومحمد بن موسى بن الحارث التيمي، لم أعرفهما- يعني هو وأباه-. اهـ.

* * *

ص: 281

(289)

أقل السنة الراتبة ركعتين، وأكثرها ستة. لقول ابن عمر: كان النبي يفعله. رواه أبو داود.

رواه أبو داود (1133)، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن، ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، أخبرني عطاء: أنه رأى ابن عمر يصلي بعد الجمعة، فينحاز، عن مصلاه الذي صلى فيه الجمعة قليلا غير كثير، قال: فيركع ركعتين. قال: ثم يمشي أنفس من ذلك، فيركع أربع ركعات. قلت لعطاء: كم رأيت ابن عمر يصنع ذلك؟ قال: مرارا.

قال أبو داود: رواه عبد الملك بن أبي سليمان، ولم يتمه. اهـ.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي. قال النووي في الخلاصة (2/ 812): رواه أبو داود بإسناد صحيح. اهـ.

ورواه أبو داود (1130)، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي، أخبرنا الفضل بن موسى، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء، عن ابن عمر قال: كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة، تقدم فصلى ركعتين، ثم تقدم فصلى أربعا، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، رجع إلى بيته فصلى ركعتين، ولم يصل في المسجد. فقيل له؛ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

قلت: عبد الحميد بن جعفر، وثقه ابن معين، والنسائي، وفي رواية عنهما ضعفاه. اهـ. وقال أبو حاتم: محله الصدق. اهـ. وقال ابن أبي خيثمة: كان الثوري يضعفه. اهـ. ونقل ابن المديني، عن يحيى بن سعيد، قال: كان سفيان يحمل عليه، وما أدري ما كان شأنه وشأنه. اهـ.

ص: 282

وأما الفضل بن موسى اليسناني، فهو ثقة ثبت، من رجال الجماعة، غير أنه انتقد عليه بعض المناكير.

يظهر أن الأثر موقوفا، أقوى إسنادا من المرفوع.

وروى النسائي في الكبرى (1747)، وفي الصغرى (1429) من طريق شعبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين، يطيل فيهما، ويقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم .... الحديث.

وقد خولف شعبة في لفظ هذا الحديث.

فقد خالفه وهيب، فرواه عن أيوب بلفظ: كان يغدوا إلى المسجد يوم الجمعة، فيصلي ركعات، يطيل فيهن القيام؛ فإذا انصرف الإمام، رجع إلى بيته، فصلى ركعتين، وقال: هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 92): وجه المخالفة؛ أنه وصف إطالة الصلاة التي قبل الجمعة، لا الركعتين، وهذا هو الصواب، فقد تابعة على ذلك إسماعيل بن علية، عن أبي داود (1128). اهـ.

وقال أيضا الألباني في ضعيف النسائي (50): شاذ بذكر إطالتهما. اهـ.

وأخرجه عبد الرزاق (3/ 246، 247)(5522، 5533)، وابن أبي شيبة (2/ 132) - الصلاة- باب من كان يصلي بعد الجمعة ركعتين-، عن ابن عمر موقوفا.

* * *

ص: 283

(290)

خبر عائشة: لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا.

رواه البخاري (902)، ومسلم (2/ 581)، وأبو داود (1055)، وابن خزيمة (1754)، والبيهقي (3/ 189)، كلهم من طريق عبيدالله بن أبي جعفر، أن محمد بن جعفر، حدثه، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم من العوالي. فيأتون في العباء، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي، فقال: لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا. وفي رواية: لو اغتسلتم يوم الجمعة.

ورواه البخاري (903)، ومسلم (2/ 581)، وأحمد (6/ 62، 63)، والبيهقي (3/ 189)، كلهم من طريق يحيى بن سعيد، أنه سأل عمرة، عن الغسل يوم الجمعة، فقالت: قالت عائشة:

فذكرته.

ورواه الترمذي في العلل (1/ 271) من طريق يحيى بن سعيد، عن عروة، عن عائشة، ثم قال الترمذي: سألت محمدا، عن هذا الحديث، فقال: هذا خطأ، والصحيح حديث عمرة، عن عائشة. اهـ.

* * *

ص: 284

(291)

روى البخاري، عن أبي سعيد مرفوعا: لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن ويمس من طيب امرأته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم أي خطب الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى.

أخرجه البخاري (883)، و (2345)، وأحمد (5/ 438)(24111)، وفي (5/ 440)(24126)، والدارمي (1541)، كلهم من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبدالله بن وديعة أبي وديعة، عن سلمان الفارسي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر بما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى.

وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (6/ 237) رقم (6089)، أيضا من طريق آخر، عن سلمان مرفوعا مطولا، وحسن سنده الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 174).

وروى مسلم (2/ 587) رقم (857) كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة. من طريق روح بن القاسم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام.

وروى أحمد (5/ 420)(23968)، وابن خزيمة (1775)، قال: حدثنا

ص: 285

محمد بن شوكر بن رافع البغدادي. كلاهما (أحمد، وابن شوكر)، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، عن عمران بن أبي يحيى، عن عبدالله بن كعب بن مالك، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغتسل يوم الجمعة، ومس من طيب، إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد، فيركع إن بدا له، ولم يؤذ أحدا، ثم أنصت إذا خرج إمامه، حتى يصلي، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى. وقال في موضع آخر: إن عبدالله بن كعب بن مالك السلمي حدثه، أن أبا أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغتسل يوم الجمعة وزاد فيه: ثم خرج، وعليه السكينة، حتى يأتي المسجد.

قلت: عمران بن أبي يحيى لم يتبين حاله، وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 307)، والبخاري في التاريخ (6/ 419)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا وذكره ابن حبان في الثقات.

وأما ابن إسحاق فقد صرح بالتحديث.

قال الهيثمي مجمع الزوائد (2/ 171): رواه أحمد، والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات. اهـ.

قال المنذري في الترغيب (1/ 278): رواه أحمد، وابن خزيمة في صحيحه، ورواة أحمد ثقات .. اهـ.

وقال الألباني في صحيح الترغيب (688): صحيح لغيره. وللحديث شواهد .. اهـ.

* * *

ص: 286

(292)

قوله: من غسل واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع، ولم يلغ، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة، عمل صيامها وقيامها رواه أحمد، وأبو داود، وإسناده ثقات.

رواه أبو داود كتاب الطهارة باب في الغسل يوم (345)، وابن ماجه كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة (1087)، وأحمد (4/ 104)، والحاكم كتاب الجمعة باب من غسل يوم الجمعة (1/ 282)، والبيهقي كتاب الجمعة باب فضل المشي إلي الصلاة (3/ 229)، كلهم من طريق ابن المبارك، ثنا الأوزاعي، حدثني، حسان بن عطية، ثني أبو الأشعت الصنعاني، حدثني أوس بن أوس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من غسل واغتسل يوم الجمعة، ثم بكر وابتكر، ومشي ولم يركب، ودنا واستمع، ولم يلغ، كان له بكل خطوة يخطوها عمل سنة، صيامها وقيامها.

قلت: إسناده قوي، ظاهره الصحة.

ورواه الطبراني في الكبير (581)، قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيي بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعت الصنعاني، عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ودنا من الإمام، فأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها، صيام سنة وقيامها.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي، ويحيي بن أبي كثير الطائي: ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، وذكره ابن حجر في طبقات المدلسين (76) (63): في الطبقة الثانية، وهي من احتمل الائمة تدليسه، وأخرجوا في الصحيح لإمامته

ص: 287

وقلة تدليسه في جنب ما روى، أو كان لا يدلسه إلا، عن ثقة ..

و قال أبو حاتم الجرح والتعديل (9/ 141): إمام لا يحدث إلا، عن ثقة. أ. هـ.

وأخرجه عبد الرازق كتاب الجمعة باب عظم يوم الجمعة (3/ 260)(5570) عن معمر به مثله. وأخرجه أحمد (4/ 10)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 448)(1174)، وفي مسند الشاميين (2/ 241)(1267)، والحاكم (1/ 282)، كلهم من طريق أبي الأشعث به.

ورواه الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة (496)، وابن سعد في الطبقات (5/ 511)، وأحمد (4/ 10)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 216)(1575)، وابن خزيمة، كتاب الجمعة، باب فضل التبكير إلي جمعة والإمام يخطب (1/ 369)، والحاكم (1/ 282)، والطبراني في الكبير (582)، كلهم من طريق سفيان، عن عبدالله بن عيسي، عن يحيى بن الحارث، عن أبي الأشعث، عن أوس الثقفي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل، وغدا فابتكر، ثم جلس قريبا من الإمام، فاستمع وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة، صيامها وقيامها.

وأخرجه الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة (2/ 367)(496)، وابن سعد في الطبقات (5/ 511)، كلاهما من طريق عبدالله بن عيسي به نحوه.

قلت: إسناده قوي، ظاهره الصحة.

وأخرجه النسائي في كتاب الجمعة فضل المشي إلي الجمعة (38)(35)،

ص: 288

وأحمد (4/ 104)، وابن خزيمة (3/ 128)(1758)، والحاكم (1/ 281)، والبيهقي (3/ 227)، كلهم من طريق أبي الحكم الأعرج، عن عبدالله بن عيسى، عن يحيى بن الحارث، عن أبي الأشعت، عن أوس بن أوس الثقفي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال في يوم الجمعة: من غسل واغتسل، وبكر، ودنا فاستمع، كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلي المسجد أجر سنة، صيامها وقيامها.

قلت: أبا الحكم الأعرج، لم أقف على ترجمته.

ورواه الطبراني في الكبير (584)، قال: حدثنا أبوخليفة، ثنا علي بن المديني الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، قال: سمعت أبا الأشعث الصنعاني، يقول: سمعت أوس بن أوس الثقفي، يخبر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من غسل واغتسل يوم الجمعة، ثم غدا وابتكر، ومشي ولم يركب، ولم يلغ، كتب له به عمل سنة.

قال ابن جابر: فحدثت بهذا الحديث يحيى بن الحارث الذماري، فقال: أنا سمعت أبا الأشعت، يحدث، عن أوس بن أوس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: له بكل قدم عمل سنة، صيامها وقيامها.

قلت: في إسناده الوليد بن مسلم القرشي، قال ابن حجر (2112): ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية .. أهـ. وذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الرابعة من المدلسين.

* * *

ص: 289

(293)

روى البيهقي بإسناد حسن، عن أبي سعيد مرفوعا: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين.

أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 368)، والبيهقي السنن الكبرى (3/ 249)، والصغرى (1/ 235) رقم (606) كلاهما من طريق نعيم بن حماد، ثنا هشيم، أخبرنا أبو هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا ولفظه: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين.

قال الحاكم: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بقوله: نعيم بن حماد ذو مناكير .. اهـ.

قلت: نعيم من رجال البخاري، وقد ذكر ابن عدي في الكامل لابن عدي (7/ 2485)، ما أنكر عليه من الأحاديث، وليس هذا الحديث منها، ثم قال: وعامة ما أنكر عليه، هو هذا الذي ذكرته، وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيما.

لهذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب (7166): نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي أبو عبد الله المروزي نزيل مصر صدوق يخطئ كثيرا فقيه عارف بالفرائض من العاشرة مات سنة ثمان وعشرين على الصحيح وقد تتبع بن عدي ما أخطأ فيه وقال باقي حديثه مستقيم خ مق د ت ق .. اهـ.

وقال المناوي: كما في فيض القدير شرح الجامع الصغير (6/ 198) رقم (8929)، قال الحافظ ابن حجر في تخريج الأذكار: حديث حسن، وهو أقوى ما ورد في سورة الكهف. اهـ.

ص: 290

وصححه الألباني، كما في صحيح الترغيب والترهيب (ص 310) رقم (738).

واختلف فيه، فروي موقوف على أبي سعيد الخدري، فقد أخرجه أبوعبيد فضائل القرآن لأبي عبيد (ص 131) رقم (2_38)، والبيهقي الجامع لشعب الإيمان (5/ 378) رقم (2220) من طريق سعيد ابن منصور، وابن الضريس فضائل القرآن لابن الضريس (ص 99) رقم (211)، وأبوبكر الخطيب تاريخ بغداد (4/ 135) رقم (1812). من طريق أحمد بن خلف البغدادي، ثلاثتهم، عن هشيم بن بشير، أخبرنا أبو هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن أبي سعيد الخدري، قال: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق. قال البيهقي: هذا هو المحفوظ موقوف.

قلت: رجاله ثقات، رجال الشيخين، غير أبي عبيد القاسم بن سلام، الإمام المشهور المصنف الثقة، قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (1/ 167) رقم (537): حديثه مستقيم. وقد يقال الموقوف له حكم الرفع. اهـ.

واختلفت الروايات عن هشيم في لفظ الحديث، روي بلفظ: يوم الجمعة". وفي لفظ آخر: ليلة الجمعة، فقد رواه أبو عبيد القاسم بن سلام، وسعيد بن منصور، وأحمد بن خلف، ونعيم بن حماد، ويزيد بن خالد بن يزيد الرملي، بلفظ: يوم الجمعة". وخالفهم أبو النعمان وهو ثقة ثبت إلا أنه تغير في آخر عمره، فرواه عن هشيم بقيد ليلة الجمعة، عند الدارمي في سنن الدارمي (2/ 911) رقم (3283).

ص: 291

وأخرجه الضياء المقدسي في المختارة (2/ 50) رقم (429، 430) من طريق عبدالله بن مصعب بن منظور بن زيد بن خالد الجهني أبي ذؤيب، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون، فإن خرج الدجال عصم منه.

ثم رواه من طريق مصعب بن منظور، عن أبيه به بنحوه.

قال أبوالحسن بن القطان الوهم والإيهام (4/ 605) رقم (2149): مصعب وابنه غير معروفين.

وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 506) رقم (4610): عبدالله بن مصعب بن خالد الجهني: عن أبيه، عن جده، رفع خطبة منكرة، وفيهم جهالة. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر، كما نقله عنه المناوي في فيض القدير (6/ 199) رقم (8932): لكن الصحيح عندي هو قراءتها يوم الجمعة لا ليلتها؛ لما تقدم، والعلم عند الله. اهـ.

وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (952) قال: أخبرنا يحيى بن محمد السكن البصري، قال: حدثنا يحيى بن كثير أبو غسان، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبوهاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن أبي سعيد الخدري، أن نبي الله، صلى الله عليه وسلم، قال: من قرأ سورة الكهف كما أنزلت، كانت له نورا من مقامه إلى مكة، ومن قرأ بعشر آيات من آخرها، فخرج الدجال، لم يسلط عليه.

قلت: يحيى بن محمد بن السكن بن حبيب القرشي البزار البصري نزيل

ص: 292

بغداد صدوق.

قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 292، 293): عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة الكهف كما أنزلت، كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة، ومن قرأ عشر آيات من آخرها، ثم خرج الدجال، لم يسلط عليه، ومن توضأ ثم قال: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. كتب برق، ثم طبع بطابع، فلم يكسر إلى يوم القيامة ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. قال: سفيان الثوري رواه عن أبي هاشم فوقفه. ثم أخرجه، عن القطيعي، عن عبدالله بن أحمد، عن أبيه، عن ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن أبي سعيد قال: من قرأ سورة الكهف

فذكر نحوه. ورأيت في علل الدارقطني: أن وقف هذا الحديث هو الصواب. وعن النسائي: أن رفعه خطأ، وأن الصواب وقفه، ولك أن تقول: أي دليل على صواب رواية الوقف، وخطأ رواية الرفع، ورواة هذه هم رواة هذه؟، والحق- إن شاء الله- الذي لا يتضح غيره: أن رواية الرفع صريحة صحيحة كما قررناه. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 547): رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن النسائي قال بعد تخرجه في اليوم والليلة: هذا خطأ، والصواب موقوفا. ثم رواه من رواية الثوري، وغندر، عن شعبة موقوفا. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 145): رواه الطبراني في الأوسط في حديث طويل، وهو بتمامه في كتاب الطهارة، ورجاله رجال الصحيح. اهـ.

ص: 293

وقال المنذري كما في صحيح الترغيب (225): رواه الطبراني في الأوسط، ورواته رواة الصحيح، واللفظ له. اهـ.

وقال الألباني: صحيح .. اهـ. كما في صحيح الجامع (647، 6471)، والإرواء (3/ 93، 94)، والسلسلة الصحيحة (2651)، وصحيح الترغيب (225، 736).

وأخرجه الدارمي (2/ 326) - فضائل القرآن- باب في فضل سورة الكهف- (3410)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص 529، 953)، والحاكم (1/ 565) - فضائل القرآن، وسعيد بن منصور في سننه، وأبوعبيد في فضائل القرآن، وابن الضريس، والبيهقي في شعب الإيمان- موقوفا على أبي سعيد الخدري.

والحديث صححه الحاكم في المستدرك، وحسنه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار بتخريج أحاديث الأذكار، وقال: هو أقوى ما ورد في سورة الكهف، ونقل الحافظ في التلخيص الحبير، عن النسائي قوله: وقفه أصح. (انظر: التلخيص الحبير (2/ 72)، وفيض القدير (6/ 198).

* * *

ص: 294

(294)

قوله: أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة. رواه أبو داود وغيره.

أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب في فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة (1047)، وباب في الاستغفار (1531)، والنسائي، كتاب الجمعة، باب إكثار الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة (3/ 91)(1374)، وابن ماجه، كتاب الجنائز باب ذكر وفاته ودفنه (1336)، والدرامي، كتاب الصلاة، باب في أفضل الجمعة (1/ 369)، وابن خزيمة، كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة (3/ 118)(733، 1734)، وابن حبان باب الأدعية (3/ 190)(910)، والحاكم، كتاب الجمعة، باب الأمر بكثرة الصلاة في الجمعة (1/ 278)، والبيهقي، كتاب الصلاة، باب ما يؤمر به في ليلة الجمعة ويومها (3/ 248)، كلهم من طريق حسين بن علي الجعفي، عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعت، عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي فيه من الصلاة، فإن صلاتكم معروضة علي، فقالوا: يا رسول الله، كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: يقول: بليت، قال: إن الله عز وجل حرم علي الأرض ان تأكل أجساد الأنبياء.

قلت: إسناده قوي، و حسين بن على الجعفي كنيته أبو عبد الله مولى الجعفي، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان والعجلي في الثقات. وقال ابن شاهين في الثقات قال عثمان بن أبي شيبة بخ بخ ثقة صدوق.

وأما عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: ثقة.

قال الحاكم في المستدرك (4/ 560): صحيح علي شرط الشيخين،

ص: 295

ولم يخرجاه. اهـ. ولم يتعقبه الذهبي. وقال النووي في الأذكار (191): وريناه في سنن أبوداود، والنسائي، وابن ماجه، بالأسانيد الصحيحة، عن أوس بن أوس. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/ 370): صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم. اهـ.

فالحديث صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، والنووي كما في رياض الصالحين (ص 463)، والأذكار (ص 106)، وحسنه السيوطي. وقال المنذري: له علة دقيقة أشار إليها البخاري وغيره. وغفل عنها من صححه. انظر: الترغيب والترهيب (1/ 491)، وفيض القدير (2/ 535).

وأورد على الحديث جملة من العلل، فقد أورد ابن القيم علة هنا، وهي أن عبدالرحمن بن يزيد لم يذكر سماعة من أبي الأشعت. جلاء الأفهام (28).

ويرد عليه أن عبدالرحمن ثقة وليس بمدلس.

وقد أورد بعضهم علة أخرى هنا، قال المنذري: وله علة أشار إليها البخاري وغيره، الترغيب والترهيب (1/ 491)، وهي أن حسين الجعفي، سمع الحديث، من عبدالرحمن بن يزيد بن تميم، وليس من عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، فأخطأ في تسميته، وهذا ما قصده المنذري.

قال البخاري في التاريخ الكبير (5/ 365)(2256): عبدالرحمن بن يزيد بن تميم السلمي الشامي، عنده مناكير، ويقال: هو الذي روى عنه أهل الكوفة، أبو أسامة، وحسين الجعفي، فقالوا: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، لا

ص: 296

أعلم أحدا من أهل العراق يحدث عنه، والذي عندي أن الذي يروي عن أبي أسامه وحسين الجعفي واحد، وهو عبدالرحمن بن يزيد بن تميم، لأن أبا أسامه روى عن عبدالرحمن بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة خمسة أحاديث، أو ستة أحاديث منكرة، لا يحتمل أن يحدث عبدالرحمن بن يزيد بن جابر مثلها، ولا أعلم أحدا من أهل الشام روى عن جابر من هذه الأحاديث شيئا، وإما حسين الجعفي، فإن روى عن عبدالرحمن بن جابر، عن أبي الأشعت، عن أوس بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة أنه قال: أفضل الأيام يوم الجمعة، فيه الصعقة، وفيه النفخة، وفيه كذا وفيه كذا، وهو حديث منكر، لا أعلم رواه غير حسين الجعفي. اهـ. كما في العلل (10/ 197)(565).

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 300)(1423): حدثني أبي، سألت محمد بن عبدالرحمن بن حسين الجعفي، عن عبدالرحمن بن يزيد، فقال: قدم الكوفة عبدالرحمن بن يزيد بن تميم، ويزيد بن يزيد، ثم قدم عبدالرحمن بن يزيد بن جابر بعد ذلك بدهر. اهـ.

وقال الألبانى فى صحيح أبى داود (962): وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو الأشعث الصنعاني: اسمه شراحيل بن آده؛ وقد أخرج له البخاري في الأدب المفرد. وقد أعل الحديث بعلة غريبة، ذكرها ابن أبي حاتم في العلل (1/ 197)، وخلاصة كلامه: أن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر- وهو شامي- لم يحدث عنه أحد من أهل العراق- كالجعفي- وأن الذي يروي عنه أبو أسامة وحسين الجعفي واحد، وهو عبدالرحمن بن يزيد بن تميم، وهو ضعيف؛ وعبدالرحمن بن يزيد بن جابر ثقة، وهذا الحديث منكر، لا أعلم

ص: 297

أحدا رواه غير حسين الجعفي!، قلت: ويعني: أنه أخطأ في قوله: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر؛ وإنما هو: عبدالرحمن بن يزيد بن تميم؛ الضعيف!، وهذه علة واهية كما ترى؛ لأن الجعفي ثقة اتفاقا؛ فكيف يجوز تخطئته لمجرد عدم العلم بأن أحدا من العراقيين لم يحدث، عن ابن جابر؟!، وما المانع من أن يكون الجعفي العراقي، قد سمع من ابن جابر، حين نزل هذا البصرة، قبل أن يتحول إلى دمشق، كما جاء في ترجمته؟!، وتفرد الثقة بالحديث لا يقدح؛ إلا إذا يثبت خطأه كما هو معلوم. اهـ.

* * *

ص: 298

(295)

روى أحمد: أن النبي وهو على المنبر، رأى رجلا يتخطى رقاب الناس، فقال له: اجلس فقد آذيت.

أخرجه أبو داود- الجمعة- باب تخطى رقاب الناس يوم الجمعة- (1118)،. والنسائي- باب النهي، عن تخطي رقاب الناس والإمام على المنبر يوم الجمعة- (3/ 103)، وفي الكبرى (1718)، وأحمد (4/ 188)(17826)، وفي (4/ 190)(17849)، وابن خزيمة (1811) كلهم من طريق معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن عبدالله بن بسر، قال: كنت جالسا إلى جانبه يوم الجمعة فقال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أى اجلس فقد آذيت.

ورواه عن معاوية بن صالح كل من زيد بن الحباب، وعبد الرحمن بن مهدي، وبشر بن السري، وابن وهب.

ولما أخرجه الحاكم في المستدرك (1061)، قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اهـ. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم. اهـ.

قلت: رجاله ثقات، و معاوية بن صالح بن حدير بالمهملة مصغر الحضرمي أبو عمرو وأبو عبد الرحمن الحمصي قاضي الأندلس صدوق له أوهام، وأما حدير بوزن الذي قبله لكن آخره راء الحضرمي أبو الزاهرية الحمصي صدوق.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 680): رواه أبو داود: بإسناد على شرط مسلم، كل رجاله احتج بهم في صحيحه. ورواه النسائي أيضا بإسناد كل

ص: 299

رجاله ثقات، لا نعلم فيهم جرحا، لا جرم أخرجه ابن حبان في صحيحه، واستدركه الحاكم، بزيادة: فقد آذيت وآنيت. وهذا لفظ ابن حبان: عن عبدالله بن بسر قال: كنت جالسا إلى جنب المنبر يوم الجمعة، فجاء رجل يتخطى رقاب الناس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم (يخطب فقال): اجلس فقد آذيت وآنيت. ولفظ الحاكم، عن أبي الزاهرية قال: كنت جالسا مع عبدالله بن بسر يوم الجمعة، فما زال يحدثنا حتى خرج الإمام، فجاء رجل يتخطى

الحديث، كما ساقه ابن حبان سواء، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وكذا أخرجه أحمد، والبزار، والطبراني، وأما ابن حزم فخالف في تصحيحه، فقال في محلاه: واحتج من منع بخبر ضعيف، رويناه من طريق معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية

فذكره، ثم قال: لا يصح؛ لأنه من طريق معاوية بن صالح، لم يروه غيره، وهو ضعيف. انتهى. ومعاوية هذا قاضي الأندلس، وثقه أحمد وابن مهدي، وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وقال العجلي والنسائي: ثقة. وقال أبو زرعة: ثقة محدث. وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه، وعن موسى بن سلمة قال: أتيت معاوية بن صالح لأكتب عنه فرأيت- أراه قال- الملاهي: فقلت: ما هذا؟ قال: شيء نهديه صاحب الأندلس. قال: فتركته، ولم أكتب عنه. فإن كان ابن حزم تركه لهذا، فتكون الملاهي عنده محرمة، ومذهبه على ما هو منقول عنه الإباحة. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر التلخيص الحبير (2/ 174)؛ ضعفه ابن حزم بما لا يقدح. اهـ.

وقال العيني في عمدة القاري (10/ 101): حديث عبدالله بن بسر، رواه أبوداود، والنسائي، بإسناد جيد. اهـ.

ص: 300

وقال الشيخ الألباني: صحيح. أ. هـ، انظر حديث رقم (155) في صحيح الجامع.

وروى ابن ماجه (1115) قال: حدثنا أبو كريب، حدثنا عبدالرحمن المحاربي، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن جابر بن عبدالله: أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجعل يتخطى الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس، فقد آذيت وآنيت.

قال ابن رجب في فتح الباري (5/ 326): وخرجه ابن ماجه من حديث جابر، بإسناد ضعيف. اهـ.

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (401): هذا إسناد رجاله ثقات، وله شاهد من حديث عبدالله بن بسر. اهـ.

وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (916): صحيح. اهـ.

* * *

ص: 301

(296)

حديث ابن عمر: أن النبي نهى أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه. متفق عليه.

أخرجه البخاري (911)، ومسلم (7/ 9)(5734)، والترمذي (2749)، والحميدي (664)، وأحمد (2/ 17)، (4659)، وعبد بن حميد (764)، وابن خزيمة (1820)، وفي (1822)، كلهم من طريق، نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا يقيم الرجل الرجل من مقعده، ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا.

وأخرجه أحمد (2/ 45)(5046)، قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت أيوب بن موسى. وفي (2/ 121) (6024) قال: حدثنا علي بن عياش، حدثنا شعيب بن أبي حمزة. وفي (2/ 126)(6085)، قال: حدثنا يونس، حدثنا حماد، يعني ابن زيد، عن أيوب. ثلاثتهم (أيوب بن موسى، وشعيب، وأيوب بن أبي تميمة السختياني)، عن نافع، عن عبدالله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يتناج اثنان دون صاحبهما، ولا يقيم الرجل أخاه من مجلسه ثم يجلس.

وفي رواية: إذا اجتمع ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الثالث، ولا يقيمن أحدكم أخاه من مجلسه، ثم يجلس فيه.

وأخرجه مسلم (7/ 10)(5737)، والترمذي (2750)، وأحمد (2/ 89)(5625)، كلهم من طريق عمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقيمن أحدكم أخاه، ثم يجلس فى مجلسه وكان ابن عمر إذا قام له رجل، عن مجلسه، لم يجلس فيه.

ص: 302

وأخرجه أبو داود (4828)، وأحمد (2/ 84)(5567). كلاهما من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عقيل بن طلحة، قال: سمعت أبا الخصيب، قال كنت قاعدا فجاء ابن عمر، فقام رجل من مجلسه له، فلم يجلس فيه، وقعد فى مكان آخر. فقال الرجل ما كان عليك لو قعدت. فقال: لم أكن أقعد فى مقعدك ولا مقعد غيرك، بعد شيء شهدته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام له رجل من مجلسه، فذهب ليجلس فيه، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو داود: أبو الخصيب اسمه زياد بن عبد الرحمن .. اهـ.

وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (228): إسناد رجاله كلهم ثقات، غير أبي الخصيب. قال أبوداود عقبه كما قال الحافظ: اسمه زياد بن عبدالرحمن. قلت (القائل الألباني): وقد أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 538)، ولم يذكر جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات، وفي التقريب: مقبول. والحديث سكت عليه المنذري في مختصر السنن (7/ 184)، فهو في الشواهد لا بأس به إن شاء الله تعالى. وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند. اهـ.

وروى أحمد (3/ 295)(14190)، قال: حدثنا عبد الرزاق. وفي (14191)، قال: حدثنا محمد بن بكر. كلاهما (عبد الرزاق، وابن بكر)، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقيم أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم يخالفه إلى مقعده، ولكن ليقل افسحوا. صرح ابن جريج بالسماع، في رواية محمد بن بكر، عنه.

رواية سليمان بن موسى، عن جابر مرسلة- كما قال ابن معين وغيره.

ص: 303

وأخرجه مسلم (7/ 10)(5739)، وأحمد (3/ 342)(14741)، كلاهما من طريق أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا.

وأخرجه البخاري في صحيحه (1/ 218، 219) - الجمعة- باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة (7/ 138) - الاستئذان- باب لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه، وباب إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس فافسحوا يفسح الله لكم، وفي الأدب المفرد (2/ 555)(1140)، ومسلم (4/ 1714) - السلام- (27، 29)، والترمذي (5/ 88) - الأدب- باب كراهية أن يقام الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه- (2749)، (2750)، والدارمي (2/ 193) - الاستئذان- باب لا يقيمن أحدكم أخاه من مجلسه- (2656)، وأحمد (2/ 17، 22، 45، 89، 102)، والشافعي في المسند (ص 68)، والحميدي (2/ 293)(664)، وعبدالرزاق (11/ 23)(19793)، وابن أبي شيبة (8/ 584)(5628، 5629)، وابن خزيمة (3/ 160)(1820)، وابن حبان كما في الإحسان (1/ 396)(585، 586)، والطبراني في الكبير (12/ 450)(13637)، وأبونعيم في الحلية (7/ 137)، والبيهقي (3/ 232، 233) - الجمعة- باب الرجل يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة (6/ 150) - إحياء الموات- باب ما جاء في مقاعد الأسواق وغيرها، والبغوي في شرح السنة (12/ 296)(297) - الاستئذان- باب لا يقيم الرجل من مجلسه إذا حضر- (3331، 3332). بألفاظ متقاربة.

* * *

ص: 304

(297)

قوله: من قام مجلسه، ثم رجع إليه، فهو أحق به. رواه مسلم.

أخرجه مسلم (7/ 10)، وأبو داود (4853)، وابن ماجه (3717)، وأحمد (2/ 263)، وفي (2/ 283)، والدارمي (2657)، والبخاري في الأدب المفرد (1138)، وابن خزيمة (1821)، كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن بي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم من مجلس ثم رجع إليه، فهو أحق به.

وبلفظ: لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه، ولكن افسحوا يفسح الله لكم. وإذا صنع خادم أحدكم طعاما فولي حره ومشقته، فليدعه فليأكل معه، فإن لم يدعه فليناوله منه. ومن باع مصراة فالمشتري بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر.

وروى أحمد (3/ 32)(11302)، قال: حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يحيى، عن عمه وسع بن حبان، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرجل أحق بصدر دابته، وأحق بمجلسه إذا رجع.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 118): رواه أحمد، وفيه إسماعيل بن رافع، قال البخاري: ثقة مقارب الحديث، وضعفه جمهور الأئمة، وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ.

وقال الألباني: حسن .. أهـ. كما في صحيح الجامع (3543)، وقال في الإرواء (493): ولبعضه شاهد من حديث إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يحيى، عن عمه واسع بن حبان، عن أبى سعيد الخدرى، عن النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل أحق بصدر دابته، وأحق بمجلسه إذا رجع أخرجه أحمد (3/ 32).

ص: 305

قلت: إسناده ثقات، غير إسماعيل هذا، فهو ضعيف الحفظ. وقد خالفه عمرو بن يحيى، فقال: عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن وهب بن حذيفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرجل أحق بمجلسه، وإن خرج لحاجته ثم عاد، فهو أحق بمجلسه أخرجه الترمذى (4/ 6)، وقال: حديث صحيح غريب. اهـ.

قلت: إسناده صحيح. وانظر: السلسلة الصحيحة (1595).

وروى أحمد (2/ 32)(4874) قال: حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يتناجى اثنان دون الثالث، إذا لم يكن معهم غيرهم. قال: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم، أن يخلف الرجل الرجل فى مجلسه، وقال: إذا رجع فهو أحق به.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (12934): رواه أحمد، والبزار، ورجاله ثقات، إلا أن ابن إسحاق مدلس .. اهـ.

وروى البخاري (6270)، مسلم (4/ 1714)، والترمذي (2750)، كلهم من طريق نافع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا.

* * *

ص: 306

(298)

قوله: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، وقد خرج الإمام فليصل ركعتين. متفق عليه. زاد مسلم: وليتجوز فيهما.

أخرجه البخاري (323) - الجمعة- باب إذا رأى الإمام رجلا جاء وهو يخطب أمره أن يصلي، وباب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، (235) - التهجد- باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، ومسلم (2/ 596، 597) - الجمعة- (54، 59)، وأبو داود (1/ 667، 668) - الجمعة- باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب- (1115، 1517)، والترمذي (2/ 384) - الصلاة- باب ما جاء في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب- (510)، والنسائي (3/ 101، 103، 107) - الجمعة- باب الصلاة يوم الجمعة لمن جاء وقد خرج الإمام، وباب الصلاة يوم الجمعة لمن جاء والإمام يخطب، وباب مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر- (1395، 140، 1409)، وابن ماجه (1/ 353، 354) - إقامة الصلاة- باب ما جاء فيمن دخل المسجد والإمام يخطب- (1112، 1114)، وأحمد (3/ 297، 308، 316، 317، 389)، والحميدي (2/ 513)(1223)، كلهم من طريق عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله. وله عدة ألفاظ.

وأخرجه مسلم (3/ 14)(1979)، وأبوداود (1117)، وأحمد (3/ 297)(14220)، وفي (3/ 316)(14458)، وعبد بن حميد (1024)، وابن خزيمة (1835)، كلهم من طريق أبي سفيان، طلحة بن نافع الإسكاف، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له: يا سليك، قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما، ثم

ص: 307

قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما.

وأخرجه أبوداود (1116)، وابن ماجه (1114)، كلاهما من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وعن أبي سفيان، عن جابر؛ قالا: جاء سليك الغطفاني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أصليت ركعتين قبل أن تجيء؟ قال: لا، قال: فصل ركعتين، وتجوز فيهما. - في رواية أبي داود: .. فقال له: أصليت شيئا؟.

ورواه عن حفص بن غياث كل من محمد بن محبوب، وإسماعيل بن إبراهيم، و داود بن رشيد.

قلت: رجاله ثقات، والأعمش ثقة مدلس، وفد عنعن.

وأخرجه البخاري، في القراءة خلف الإمام (161) قال: حدثنا عمر بن حفص، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الأعمش، قال: سمعت أبا صالح، يذكر حديث سليك الغطفاني، يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا سليك، قم فصل ركعتين خفيفتين، تجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم والإمام يخطب، فليصل ركعتين خفيفتين، يتجوز فيهما.

وأخرجه ابن خزيمة (1831)، قال: حدثنا حاتم بن بكر بن غيلان الضبي، حدثنا عيسى بن واقد، أخبرنا شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدكم المسجد، والإمام يخطب، فليصل ركعتين قبل أن يجلس.

وقال ابن عدي في الكامل (2/ 328): وهذا لا أعلم رواه عن شعبة غير الحسن بن عمرو، وآخر وهو عيسى بن واقد شيخ بصري. اهـ.

ص: 308

وقال الدارقطني في علله (3218): يرويه شعبة، واختلف عنه؛ فرواه عيسى بن واقد، والحسن بن عمرو بن سيف البصري، عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وخالفهما غندر، ومعاذ بن معاذ، وغيرهما من أصحاب شعبة، رووه، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن جابر، وهو الصحيح. وكذلك رواه ورقاء، وغيره، عن عمرو بن دينار، عن جابر. اهـ.

وقال أبو نعيم في حلية الأولياء (7/ 158): غريب من حديث شعبة، تفرد به عيسى بن واقد. اهـ.

قال ابن القيم زاد المعاد (1/ 434، 435) فقال: ومنهم من احتج بما رواه ابن ماجه ثم ذكر الحديث، وقال: قال أبو البركات: وقوله «قبل أن تجيء» . يدل على أن هاتين الركعتين سنة الجمعة وليستا تحية للمسجد قال شيخنا حفيده أبو العباس: وهذا غلط و الحديث المعروف في الصحيحين عن جابر قال: دخل رجل يوم الجمعة و رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: أصليت؟ قال: لا. قال: فصل ركعتين. و قال: «إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما» فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث، وأفراد ابن ماجه في الغالب غير صحيحة هذا معنى كلامه. ا. هـ.

قلت: أصل الحديث في الصحيحين دون قوله ((قبل أن تجيء)). ولم ينفرد بهذه اللفظة ابن ماجه كما سيأتي.

وقد انفرد داود بن رشيد بهذه الزيادة، واختلف عليه فيها، فقد رواه أبو داود في سننه (1/ 667 رقم 116) كتاب الصلاة، باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب عن محمد بن محبوب وإسماعيل بن إبراهيم قالا: حدثنا حفص بن غياث به، ولفظه: «جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له:

ص: 309

أصليت شيئا؟ قال: لا. قال: صل ركعتين تجوز فيهما».

ورواه ابن حبان في صحيحه- الإحسان - (6/ 246 رقم 1116) كتاب الصلاة، باب الأمر للداخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب أن يركع ركعتين. من طريق داود بن رشيد به، ولم يذكر هذه اللفظة.

ورواه عيسى بن يونس وأبو معاوية وسفيان الثوري ومعمر وحفص بن غياث وداود الطائي عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا فلم يذكروا هذه اللفظة في المتن. عند مسلم في صحيحه (2/ 596 رقم 875) كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب عن عيسى ابن يونس. وأحمد في مسنده (3/ 316، 317، 389) وغيرهم.

وأخرجه البخاري في صحيحه (1/ 315 رقم 888) كتاب الجمعة، باب إذا رأى الإمام رجلًا جاء وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين. ومسلم في صحيحه (2/ 596 رقم 875) كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب وأبو داود في سننه (1/ 667 رقم 1115) كتاب الصلاة، باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب. والترمذي في سننه (2/ 384 رقم 510) كتاب الصلاة، باب ما جاء في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب. والنسائي في سننه (3/ 103 رقم 1400) كتاب الجمعة، باب الصلاة يوم الجمعة لمن جاء والإمام يخطب وابن ماجه في سننه (1/ 353 رقم 1112) كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن دخل. كلهم من طريق عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا بدون هذه اللفظة. زاد مسلم وابن ماجه (وأبو الزبير) مع عمرو بن دينار.

وأخرجه أبو داود في سننه (1/ 667 رقم 1117) كتاب الصلاة، باب

ص: 310

إذا دخل الرجل والإمام يخطب. وأحمد في مسنده (3/ 297) من طريق الوليد أبو بشر عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا بدون ذكر هذه اللفظة.

قال أبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث (124): فقوله فيما أخرجه ابن ماجه «قبل أن تجيء» يحتمل أن يكون معناه قبل أن تقرب مني لسماع الخطبة وليس المراد قبل أن تدخل المسجد فإن صلاته قبل دخول المسجد غير مشروعة فكيف يسأل عنها وذلك أن المأمور به بعد دخول وقت الجمعة إنما هو السعي إلى مكان الصلاة فلا يشتغل بغير ذلك وقبل دخول الوقت لا يصح فعل السنة على تقدير أن تكون مشروعة».

وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 435): قال شيخنا أبو الحجاج المزي: هذا تصحيف من الرواة إنما هو: أصليت قبل أن تجلس. فغلط فيه الناسخ وقال: وكتاب ابن ماجه إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به بخلاف صحيح البخاري ومسلم فإن الحفاظ تداولوهما واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما، قال: ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف.

و قال ابن القيم: ويدل على صحة هذا إن الذين اعتنوا بضبط سنن الصلاة قبلها وبعدها وصنفوا في ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرها لم يذكر واحد منهم هذا الحديث في سنة الجمعة قبلها، وإنما ذكروه في استحباب فعل تحية المسجد والإمام على المنبر واحتجوا به على من منع فعلها في هذه الحال فلو كانت هي سنة الجمعة لكان ذكرها هناك والترجمة عليها وحفظها وشهرتها أولى من تحية المسجد، ويدل عليه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بهاتين الركعتين إلا الداخل لأجل أنها تحية المسجد ولو كانت سنة الجمعة لأمر بها القاعدين أيضا ولم يخص بها الداخل وحده. اهـ.

ص: 311

(299)

قوله: من قال: صه فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له. رواه أحمد.

أخرجه أبو داود (1/ 637)، (638) - الجمعة- باب فضل الجمعة- (1051)، وأحمد (1/ 93)، والبيهقي (3/ 220) - الجمعة- باب الإنصات للخطبة وإن لم يسمعها- كلهم من طريق عطاء الخراساني، عن مولى امرأته أم عثمان، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه على منبر الكوفة يقول: إذا كان يوم الجمعة، غدت الشياطين براياتها إلى الأسواق، فيرمون الناس بالترابيث أو الربائث، ويثبطونهم، عن الجمعة، وتغدو الملائكة فيجلسون على أبواب المسجد، فيكتبون الرجل من ساعة، والرجل من ساعتين، حتى يخرج الإمام، فإذا جلس الرجل مجلسا يستمكن فيه من الاستماع، والنظر فأنصت ولم يلغ، كان له كفلان من أجر، فإن نأى وجلس حيث لا يسمع فأنصت ولم يلغ، كان له كفل من أجر، وإن جلس مجلسا يستمكن فيه من الاستماع والنظر، فلغا ولم ينصت، كان له كفل من وزر، ومن قال يوم الجمعة لصاحبه صه. فقد لغا، ومن لغا فليس له فى جمعته تلك شئ. ثم يقول فى آخر ذلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. قال أبو داود رواه الوليد بن مسلم، عن ابن جابر قال: بالربائث، وقال: مولى امرأته أم عثمان بن عطاء.

قلت: إسناده ضعيف، لجهالة مولى امرأة عطاء الخراساني. وعطاء الخراساني صدوق يهم.

وقال الشيخ الألباني في ضعيف سنن أبي داود (1/ 400): إسناده ضعيف؛ عطاء- وهو: ابن أبي مسلم الخراساني- صدوق يهم كثيرا. ومولى امرأته مجهول .. اهـ.

ص: 312

ورواه عبدالرزاق في المصنف (5419) عن ابن جريج، عن عطاء الخرساني، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال صه فقد لغا، وإذا لغا فقد قطع جمعته.

وروى البخاري (934)، ومسلم (2/ 583)، وأبو داود (1112)، والترمذي (512)، والنسائي (3/ 103)، كلهم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب فقد لغوت.

وللحديث طرق أخرى، عن أبي هريرة.

وقد ذكر طرقه الدار قطني في العلل (7/ رقم 1340).

وروى مالك في الموطأ (1/ 104)، وعنه رواه عبدالرزاق (3/ 213)، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيدالله، عن مالك بن أبي عامر، أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته، قل ما يدع ذلك إذا خطب: (إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة، فاستمعوا وأنصتوا، فإن للمنصت الذي لا يسمع، من الحظ، مثل ما للمنصت السامع. فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف، وحاذوا بالمناكب فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة

).

قلت: إسناده صحيح. قال النووي في الخلاصة (2/ 805، 806): صحيح، رواه مالك في الموطأ بإسناد جيد. اهـ.

ورواه عبد الرزاق (3/ 212)، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، أن عثمان فذكر بنحوه.

* * *

ص: 313

(300)

: أنه كلم سائلا، وكلمه هو.

لم أجد بهذا اللفظ، وقد ورد في الباب جملة من الأحاديث منها:

1 -

حديث أبي سعيد الخدري: رواه ابن ماجه (1113)، والترمذي (511)، والبيهقي (3/ 194)، والبغوي في شرح السنة (4/ 264)، وابن حبان الموارد (325)، كلهم من طريق، ابن عجلان، عن عياض بن عبدالله بن أبي السرح، عن أبي سعيد الخدري، قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: أصليت، قال: لا، قال: فصل ركعتين

مختصر، وفيه قصة.

قلت: إسناده لا بأس به.

قال الترمذي (2/ 138): حديث أبي سعيد الخدري، حديث حسن صحيح. اهـ.

2 -

حديث جابر بن عبد الله: أخرجه مسلم (3/ 14)(1979)، وأبو داود (1117)، وأحمد (3/ 297)(14220)، وفي (3/ 316)(14458)، وعبد بن حميد (1024)، وابن خزيمة (1835)، كلهم من طريق أبي سفيان، طلحة بن نافع الإسكاف، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له: يا سليك، قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما.

وأخرجه أبو داود (1116)، وابن ماجه (1114) كلاهما من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وعن أبي سفيان، عن جابر؛ قالا: جاء سليك الغطفاني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال

ص: 314

له النبي صلى الله عليه وسلم: أصليت ركعتين قبل أن تجيء؟ قال: لا، قال: فصل ركعتين، وتجوز فيهما. - في رواية أبي داود: .. فقال له: أصليت شيئا؟.

ورواه عن حفص كل من محمد بن محبوب، وإسماعيل بن إبراهيم، وداود بن رشيد.

وأخرجه البخاري، في القراءة خلف الإمام (161)، قال: حدثنا عمر بن حفص، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الأعمش، قال: سمعت أبا صالح، يذكر حديث سليك الغطفاني، يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا سليك، قم فصل ركعتين خفيفتين، تجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم والإمام يخطب، فليصل ركعتين خفيفتين، يتجوز فيهما.

وأخرجه ابن خزيمة (1831) قال: حدثنا حاتم بن بكر بن غيلان الضبي، حدثنا عيسى بن واقد، أخبرنا شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدكم المسجد، والإمام يخطب، فليصل ركعتين قبل أن يجلس.

وقال ابن عدي في الكامل (2/ 328): وهذا لا أعلم رواه عن شعبة غير الحسن بن عمرو، وآخر، وهو عيسى بن واقد شيخ بصري. اهـ.

وقال الدارقطني في علله (3218): يرويه شعبة، واختلف عنه؛ فرواه عيسى بن واقد، والحسن بن عمرو بن سيف البصري، عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وخالفهما غندر، ومعاذ بن معاذ، وغيرهما من أصحاب شعبة، رووه، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن جابر، وهو الصحيح. وكذلك رواه ورقاء، وغيره، عن عمرو بن دينار، عن جابر. اهـ.

وقال أبو نعيم في حلية الأولياء (7/ 158): غريب من حديث شعبة، تفرد

ص: 315

به عيسى بن واقد. اهـ.

3 -

حديث عبدالله بن عمر: أخرجه البخاري (2/ 2)(878)، ومسلم (3/ 2)(1907)، وأحمد (1/ 29)(199)، وفي (202)، وعبد بن حميد (8)، كلهم من طريق، ابن شهاب الزهري، عن سالم بن عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن عمر، قال: دخل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، المسجد يوم الجمعة، وعمر بن الخطاب يخطب الناس، فقال عمر: أية ساعة هذه؟ فقال: يا أمير المؤمنين، انقلبت من السوق، فسمعت النداء، فما زدت على أن توضأت، فقال عمر: والوضوء أيضا؟ وقد علمت؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل.

وأخرجه البخاري (2/ 4)(882)، ومسلم (3/ 3)(1908)، وأبوداود (340)، وأحمد (1/ 15)(91)، وفي (1/ 46)(319)، وفي (320)، والدارمي (1539)، وابن خزيمة (1748)، كلهم من طريق، يحيى بن أبي كثير، حدثني أبوسلمة بن عبدالرحمن، حدثني أبوهريرة: أن عمر بن الخطاب، بينا هو يخطب يوم الجمعة، إذ جاء رجل، فقال عمر: لم تحتبسون، عن الصلاة؟ فقال الرجل: ما هو إلا أن سمعت النداء، فتوضأت، فقال: أيضا؟!، أولم تسمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل.

4 -

حديث أبي رفاعة: رواه البخاري في الأدب المفرد (1164)، ومسلم (876)، والنسائي (8/ 220)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1217)، وأحمد (5/ 80)، وابن خزيمة (1457)، و (1800)، والطبراني (1274)، والحاكم (1/ 286)، والبيهقي (3/ 218) من طرق، عن سليمان بن

ص: 316

المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، قال: قال أبو رفاعة: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل، عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فأقبل إلي، فأتى بكرسي، فقعد عليه، فجعل يعلمني مما علمه الله تعالى، قال: ثم أتى خطبته فأتم آخرها.

* * *

ص: 317

‌باب: صلاة العيدين

(301)

روى أبو عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار، قال: غم علينا هلال شوال، فأصبحنا صياما، فجاء ركب في آخر النهار، فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبي الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا عدا لعيدهم. رواه أحمد، وأبو داود، والدارقطني وحسنه.

رواه أحمد (5/ 57، 58)، وأبو داود- الصلاة- باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد- (1157)، كلاهما من طريق محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن جعفر بن أبي وحشية أبو بشر، عن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ركبا جاءوا؛ فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم: أن يفطروا وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم.

ورواه النسائي (3/ 80) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبة به، وفيه زيادة: فأمرهم أن يفطروا بعدما ارتفع النهار

ورواه ابن ماجه (1653)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا هشيم، عن أبي بشر. ورواه البيهقي (3/ 316) من طريق هشيم، عن أبي بشر به.

قلت: إسناده قوي ورجاله ثقات. وأبو عمير بن أنس بن مالك الأنصاري. قال ابن عبد البر: مجهول. اهـ، وفيما قاله نظر.

فقد ذكره ابن سعدي في الطبقات (7/ 192)، وقال: كان ثقة قليل الحديث. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات.

ص: 318

وجزم الحافظ في التقريب (8281): بأنه ثقة .. اهـ.

ولهذا لما نقل الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 103)، قول ابن عبد البر: عمير مجهول. قال: عرفه من وثقه، مثل ابن سعد، وابن حبان، وبهذا يتم الجواب، عن تجهيل من جهله. اهـ.

والحديث صححه بعض الأئمة، فقد صححه البيهقي، والخطابي، وابن المنذر، وابن حزم، وابن السكن. انظر: المحلى (5/ 52)، وخلاصة البدر المنير (1/ 238)، والتلخيص الحبير (2/ 87).

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 93): صححه ابن المنذر، وابن السكن، وابن حزم. اهـ. وقال أيضا: وعلق الشافعي القول به، على صحة الحديث؛ فقال ابن عبدالبر: أبو عمير مجهول. كذا قال: وقد عرفه من صحح له. اهـ.

وقال أيضا الحافظ ابن حجر في التهذيب (2/ 206): وصحح حديثه أبوبكر بن المنذر وغير واحد. اهـ.

وقال النووي في الخلاصة (2/ 838): صحيح، رواه أبو داود، والنسائي، وآخرون بأسانيد صحيحة. اهـ. وقال أيضا: عمومة أبي عمير، لا تضر جهالة أعيانهم؛ لأن الصحابة كلهم عدول. اهـ.

وقال البيهقي (3/ 316): هذا إسناد صحيح، وبمعناه رواه شعبة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، وعمومة أبي عمير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يكونون إلا ثقات، فقد قال الشافعي: لو ثبت ذلك قلنا به، وقلنا أيضا فإن لم يخرج بهم من الغد، خرج بهم من بعد الغد، وقلنا يصلي في يومه بعد الزوال .... اهـ.

ص: 319

وصحح الحديث الألباني الإرواء (3/ 102).

وأخرجه ابن حبان كما في الإحسان (5/ 190)(3447) - من حديث أنس بن مالك. وهو وهم كما بينه أبو حاتم الرازي في العلل (1/ 235).

* * *

ص: 320

(302)

قول أبي سعيد: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى. متفق عليه.

أخرجه البخاري (2/ 22)(956)، ومسلم (3/ 20)(2008)، وابن ماجه (1288)، والنسائي (3/ 187)، وفي الكبرى (1798)، وفي (3/ 190)، وفي الكبرى (1785)، و (1814)، وأحمد (3/ 36)(11335)، وفي (3/ 56)(11560)، وابن خزيمة (1449)، كلهم من طريق عياض بن عبدالله بن سعد بن أبي سرح، عن أبى سعيد الخدرى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر، فيبدأ بالصلاة، فإذا صلى صلاته وسلم قام، فأقبل على الناس، وهم جلوس فى مصلاهم، فإن كان له حاجة ببعث ذكره للناس، أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها، وكان يقول: تصدقوا، تصدقوا، تصدقوا، وكان أكثر من يتصدق النساء ثم ينصرف. فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم، فخرجت مخاصرا مروان، حتى أتينا المصلى، فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرا من طين ولبن، فإذا مروان ينازعنى يده، كأنه يجرنى نحو المنبر، وأنا أجره نحو الصلاة، فلما رأيت ذلك منه، قلت: أين الابتداء بالصلاة، فقال: لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم، قلت: كلا والذى نفسى بيده، لا تأتون بخير مما أعلم، ثلاث مرار ثم انصرف.

* * *

ص: 321

(303)

روى الشافعي مرسلا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم، أن عجل الأضحى، وأخر الفطر، وذكر الناس.

أخرجه الشافعي في مسند (326)، وعبد الرزاق (3/ 286) - صلاة العيدين- (5651)، والبيهقي (3/ 282) - صلاة العيدين- باب الغدو إلى العيدين- ومعرفة السنن والآثار (5/ 55)، كلهم من طريق، إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث عبدالرحمن بن معوية الزرقي الليثي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم، وهو بنجران: أن عجل الأضحى، وأخر الفطر، وذكر الناس. هكذا مرسلا.

قلت: الحديث ضعيف؛ لأنه مداره على إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو ضعيف لا يحتج به، وقد رماه بعضهم بالكذب، كما أن الحديث من مرسلات أبي الحويرث الليثي، وهي غير مقبولة.

قال البيهقي في السنن الكبرى (3/ 282): هذا مرسل، وقد طلبته في سائر الروايات بكتابه إلى عمرو بن حزم فلم أجده. اهـ.

وقال ابن رجب في شرح البخاري (6/ 105): وفي إسناده: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وهو ضعيف جدا. اهـ.

وبه أعله ابن الملقن في البدر الكبير (5/ 67)، والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 192)، وقال الألباني في الإرواء (3/ 102): هو مع إرساله ضعيف جدا، وآفته إبراهيم هذا وهو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، فإنه متروك كما في التقريب. اهـ.

* * *

ص: 322

(304)

قول بريدة: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي. رواه أحمد.

رواه الترمذي- الصلاة- باب ما جاء في الأكل يوم الفطر قبل الخروج (542)، وابن ماجه- الصيام- باب في الأكل يوم الفطر قبل أن يخرج (1756)، وأحمد (5/ 352، 360)، وابن خزيمة (2/ 341)، والدارقطني (2/ 45)، والبيهقي (3/ 283)، والحاكم (1/ 433)، وابن حبان في صحيحه (4/ 206)، وأبو داود الطيالسي (109)، والبغوي في شرح السنة (4/ 305)، كلهم من طريق، ثواب بن عتبة، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي.

قال الحاكم (1/ 433): هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وثواب قليل الحديث ولم يجرح بنوع يسقط به حديثه. اهـ.

وقال النووي في الخلاصة (2/ 826): حديث حسن رواه الترمذي، وابن ماجه، والحاكم بأسانيد صحيحة. اهـ. وصححه ابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن القطان، والسيوطي. اهـ.

قلت: رجاله لا بأس بهم، غير ثواب بن عتبة فيه كلام.

قال الترمذي (2/ 155): حديث بريدة بن حصيب الأسلمي، حديث غريب، وقال محمد: لا أعرف لثواب بن عتبة غير هذا الحديث. اهـ.

قلت: ثواب بن عتبة المهري، وثقه ابن معين.

ص: 323

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 471): أنكر أبي، وأبو زرعة توثيقه. اهـ. أي توثيق ابن معين. وقال الآجري، عن أبي داود: هو خير من أيوب بن عتبة، وثواب ليس به بأس. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العجلي: يكتب حديثه وليس بالقوي. اهـ. وقال أبو علي الطوسي: أرجو أن يكون صالح الحديث. اهـ. وقال الدوري كما في تاريخ ابن معين (4/ 272): سمعت يحيى يقول: ثواب بن عتبة شيخ صدق، حدث عنه أبو عبيدة الحداد وغيره. قال أبو الفضل: فإن كنت كتبت، عن أبي زكريا فيه شيئا؛ إنه ضعيف، فقد رجع أبو زكريا، وهذا القول الأخير من قوله. اهـ.

ولم ينفرد بهذا الحديث بل توبع. فقد رواه أحمد (5/ 353)، والدارمي (1/ 375)، والطبراني في الأوسط مجمع البحرين (2/ 239)، والبيهقي (3/ 283)، كلهم من طريق، عقبة بن عبدالله الرفاعي، قال: حدثني عبدالله بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل، ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع فيأكل من أضحيته.

قال الطبراني عقبه: لم يروه عن عبدالله بن بريدة إلا عقبة وثواب. اهـ.

قلت: عقبة بن عبدالله الرفاعي الأصم، اختلف فيه.

قال عبدالله بن أحمد: سئل أبي عنه فقال: البراء الغنوي أحب إلي منه. اهـ. وقال الدوري، عن ابن معين: ليس بثقة. اهـ. وفي رواية: ليس بشيء. اهـ. وقال أبو حاتم: لين الحديث ليس بقوي .... اهـ. وضعفه كذلك النسائي وأبوداود. وقال محمد بن عون، عن أحمد: إنه ثقة. اهـ. ووثقه أحمد بن صالح المصري.

قلت: لعل الحديث يتقوى بمجموع الطريقين.

ص: 324

لهذا حسنه النووي في المجموع (5/ 9).

ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/ 84)، عن ابن القطان، أنه صححه.

* * *

ص: 325

(305)

ويستحب للإمام، أن يستخلف من يصلي بضعفة الناس في المسجد، لفعل علي.

رواه الشافعي في الأم (7/ 167)، قال: أخبرنا ابن مهدي، عن شعبة، عن محمد بن النعمان، عن أبي قيس الأودي، عن هذيل: أن عليا أمر رجلا أن يصلي بضعفة الناس يوم العيد، أربع ركعات في المسجد.

ورواه أيضا من طريق أبي أحمد سفيان، عن أبي قيس به.

قلت: رجاله ثقات، غير أبي قيس الأودي، واسمه عبدالرحمن بن ثروان، اختلف فيه. قال عبدالله بن أحمد، عن أبيه: يخالف في أحاديثه. اهـ. وقال ابن عباس الدوري، عن ابن معين: ثقة، يقدم على عاصم. اهـ. وقال العجلي: ثقة ثبت. اهـ. وقال أبو حاتم: ليس بقوي، هو قليل الحديث، وليس بحافظ. قيل له: كيف حديثه؟ فقال: صالح، هو لين الحديث. اهـ. وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات، وذكره العقيلي في الضعفاء. ووثقه الدارقطني.

والأثر صححه النووي في الخلاصة (2/ 825) فقال: رواه الشافعي بإسناد صحيح. اهـ.

تنبيه: وقع عند الشافعي في الأم: هذيل، والذي يظهر أن صوابه: هزيل بن شرحبيل.

وأخرجه النسائي (3/ 181، 182) - صلاة العيدين- باب الصلاة قبل الإمام يوم العيد- (1561) - من طريق ثعلبة بن زهدم: أن عليا استخلف أبا مسعود على الناس، فخرج يوم عيد.

قلت: ظاهر إسناده الصحة.

ص: 326

(306)

قول علي: من السنة، أن يخرج إلى العيد ماشيا. رواه الترمذي.

رواه الترمذي (530)، وابن ماجه (1296)، وعبد الرزاق (3/ 289)، والبيهقي (3/ 281)، كلهم من طريق أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب قال: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا.

قال الترمذي (2/ 149): هذا حديث حسن. أ. هـ.

قلت: إسناده ضعيف، لضعف الحارث الأعور.

قال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 678): وفي جامع الترمذي، من حديث الحارث الأعور، عن علي قال: من السنة، أن تخرج إلى العيد ماشيا. قال الترمذي: هذا حديث حسن. قلت (القائل ابن الملقن): لكن الحارث الأعور استضعف، ونسبه الشعبي وغيره إلى الكذب، وفي علل ابن الجوزي، من حديث أبي بكر الصديق، وعمران بن الحصين مرفوعا: المشي إلى الجمعة كفارة عشرين سنة، فإذا فرغ من الجمعة أجيز بعمل مائتي سنة. ثم قال: هذا حديث لا يصح، في إسناده الضحاك بن حمزة. قال يحيى فيه: ليس بشيء .. أ. هـ.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 451): ففي الترمذي، عن علي، قال: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا. وفي ابن ماجه، عن سعد القرظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يأتي العيد ماشيا. وفيه، عن أبي رافع نحوه. وأسانيد الثلاثة ضعاف .. أ. هـ.

وقال الألباني في الإرواء (3/ 103، 104): وإسناده ضعيف جدا، من أجل الحارث هذا، فهو الأعور، فقد كذبه الشعبي، وأبوإسحاق، وابن المديني،

ص: 327

وضعفه الجمهور. ولعل الترمذي، إنما حسن حديثه لأن له شواهد كثيرة، أخرجها ابن ماجه من حديث سعد القرظ، وابن عمر، وأبي رافع، وهي وإن كانت مفرداتها ضعيفة، فمجموعها يدل على أن للحديث أصلا. سيما وقد وجدت له شاهدا مرسلا، عن الزهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يركب في جنازة قط، ولا في خروج أضحى، ولا فطر. أخرجه الفريابي في أحكام العيدين (127/ 2): ثنا عبدالله بن عبد الجبار الحمصي، ثنا محمد بن حرب، ثنا الزبيدي عنه. قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات، ولكنه مرسل. ثم روى الفريابي (127/ 1 و 2)، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: سنة الفطر ثلاث: المشي إلى المصلى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال. وإسناده صحيح. وقال أيضا: حسن، صحيح ابن ماجه (1294 - 1297). اهـ.

وجعل النووي هذا الحديث في قسم الضعيف، كما في الخلاصة (2/ 821).

وروى ابن ماجه (1294)، قال: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبدالرحمن بن سعد بن عمار بن سعد، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عمار بن سعد، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يخرج إلى العيد ماشيا، ويرجع ماشيا.

قال النووي المجموع (5/ 10): إسناده ضعيف. اهـ.

وقال ابن حجر فتح الباري (2/ 451)،: إسناده ضعيف. اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (6/ 677، 678): ضعيف. اهـ.

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (456): هذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبدالرحمن وأبيه. رواه الحاكم، من طريق عبدالله بن سعد بن عمار، عن أبيه

ص: 328

به. ورواه البيهقي من طريق ابن ماجه. اهـ.

وقال الألباني: حسن. صحيح ابن ماجه (1070)، الإرواء (636).

وروى البزار كما في البحر الزخار (3/ 320) قال: حدثنا عباس بن عبدالله الداكسائي، قال: نا الحسن بن بشر، قال: نا المعافي بن عمران، عن خال بن إلياس، عن مهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يخرج إلى العيد ماشيا، ويرجع ماشيا في طريق غير الطريق الذي خرج فيه.

قال الطبراني عقبه: هذا الحديث، لا نعلمه يروى عن سعيد إلا من هذا الوجه، بهذا الإسناد، وخالد بن إلياس هذا، فليس بالقوي. والمهاجر بن مسمار، رجل مشهور، صالح الحديث. روى عنه حاتم بن إسماعيل وغيره. اهـ.

قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن خالد بن إلياس بن صخر بن أبي الجهم، متروك. قال أحمد: متروك الحديث. اهـ. وقال ابن معين: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث، قيل له يكتب حديثه. فقال: رحفا. اهـ. وقال أبو زرعة: ضعيف، ليس بقوي، سمعت أبا نعيم يقول: لا يسوى حديثه، وسكت. ثم قال: لا يسوى حديثه فلسين. اهـ. وقال البخاري: منكر الحديث. ليس بشيء. اهـ. وقال النسائي: متروك. اهـ. وضعفه كذلك محمد بن عمار.

ولهذا أعله به الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 20، 201) فقال: رواه البزار، وفيه خالد بن إلياس، وهو متروك. اهـ.

وروى ابن ماجه (1294)، قال: حدثنا هشام بن عمار، ثنا عبدالرحمن بن سعد بن عمار بن سعد، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان

ص: 329

يخرج إلى العيد ماشيا، ويرجع ماشيا.

قلت: إسناده ضعيف، وسبق الكلام على هذا الإسناد في باب: التكبير في صلاة العيدين- فليراجع- وباب: مخالفة الطريق إذا رجع يوم العيد.

قال البوصيري في تعليقه على زوائد ابن ماجه: عبدالرحمن ضعيف، وأبوه لا يعرف حاله. اهـ.

وروى ابن ماجه (1295)، قال: حدثنا محمد بن الصباح، أنبأنا عبدالرحمن بن عبدالله العمري، عن أبيه، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخرج إلى العيد ماشيا، ويرجع ماشيا.

قلت: إسناده واه؛ لأن فيه عبدالرحمن بن عبدالله العمري، وهو متروك. قال أبو طالب، عن أحمد: ليس بشيء، وقد سمعت منه ومزقته، وكان يقلب حديث نافع، عن ابن عمر، ويجعله، عن عبدالله بن دينار. اهـ. وقال عبدالله بن أحمد، عن أبيه: أحاديثه مناكير، كان كذابا. اهـ. وقال عباس الدوري، عن ابن معين: ضعيف، وقد سمعت منه. وقال مرة: ليس بشيء. اهـ. وقال ابن أبي حاتم، عن أبي زرعة: متروك الحديث، وترك قراءة حديثه. وقال أبو حاتم: كان يكذب، وهو متروك الحديث، أضعف من أخيه القاسم. وقال أبو داود: لا يكتب حديثه. اهـ. وكذا قال النسائي، وزاد: ليس بثقة. اهـ. وقال البخاري: ليس ممن يروى عنه. اهـ. وقال في موضع آخر: ليس بالقوي، يتكلمون فيه. اهـ.

ورواه البيهقي (3/ 281) من طريق حسان بن حسان البصري، ثنا عبدالله بن جعفر، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الفطر، ويوم الأضحى، يخرج ماشيا، وتحمل بين يديه

ص: 330

الحربة ثم تنصب بين يديه في الصلاة، يتخذها سترة، وذلك قبل أن تبنى الدور في المصلى. قال وفعل ذلك بعرفة.

قال البيهقي: قوله: ماشيا، غريب لم أكتبه من حديث ابن عمر إلا بهذا الإسناد، وليس بالقوي؛ فأما سائر ألفاظه فمشهورة. اهـ.

قلت: حسان بن حسان البصري، تكلم فيه. قال أبو حاتم: منكر الحديث. اهـ.

وقال البخاري: كان المقري يثني عليه. اهـ. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. اهـ.

وروى ابن ماجه (1300)، قال: حدثنا أحمد بن الأزهر، ثنا عبد العزيز بن الخطاب، ثنا مندل، عن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يأتي العيد ماشيا، ويرجع في غير الطريق الذي ابتدأ فيه.

قلت: إسناده ضعيف؛ لضعف مندل بن علي العنزي. قال عبدالله بن أحمد، عن أبيه: ضعيف الحديث. فقلت فحبان أخوه. قال: هو أصلح منه- يعني مندلا- أصلح. اهـ. وقال مرة: ما أقر بهما. اهـ. وقال ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وقال عثمان الدارمي، عن ابن معين: لا بأس به. اهـ. وقال الدوري، عن ابن معين: حبان ومندل ضعيفان. اهـ. وقال يعقوب بن شيبة: كان أشهر من أخيه حبان، وهو أصغر سنا منه، وأصحابنا يحيى بن معين، وعلي بن المديني، وغيرهما من نظرائهم، يضعفونه في الحديث، وكان خيرا فاضلا، صدوقا، وهو ضعيف الحديث، وهو أقوى من أخيه في الحديث. اهـ. وسئل أبو زرعة، عن مندل فقال: لين الحديث. اهـ.

ص: 331

وأدخله البخاري في الضعفاء. وقال النسائي: ضعيف. اهـ. وقال ابن عدي: له غرائب وأفراد، وهو ممن يكتب حديثه. اهـ. وقال الدارقطني: ضعيف. اهـ.

وكذلك شيخه، محمد بن عبيدالله بن أبي رافع الهاشمي، مولاهم الكوفي، أضعف منه. قال إبراهيم بن الجنيد: قيل لابن معين: أيما أمثل العزرمي أو ابن أبي رافع؟ قال: ما فيهما ماثل. اهـ. وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ. وقال ابن معين: ليس بشيء، ولا ابنه معمر. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. منكر الحديث جدا، ذاهب. اهـ. وقال ابن عدي: هو في عداد شيعة الكوفة، ويروي عن الفضائل أشياء لا يتابع عليها. اهـ. وقال البرقاني، عن الدارقطني: متروك له معضلات. اهـ.

لهذا قال البوصيري في الزوائد (1/ 235): هذا إسناد فيه مندل، ومحمد بن عبيدالله، وهما ضعيفان .... اهـ.

وروى عمر بن شبه، في كتاب أخبار المدينة (1/ 135)، قال: حدثنا أبوأحمد، قال: حدثنا خالد بن إلياس، عن يحيى بن عبدالرحمن، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يأتي العيد ماشيا على باب سعد بن أبي وقاص، ويرجع إلى باب أبي هريرة.

قلت: إسناده ضعيف؛ لضعف خالد بن إلياس، وسبق الكلام عليه في باب: مخالفة الطريق إذا رجع يوم العيد.

ولهذا قال الشيخ العلامة عبدالله بن محمد الدويش- رحمه الله في تعليقه على الكتاب: في إسناده خالد بن إلياس، وهو ضعيف. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: سنده ضعيف. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 201): رواه الطبراني في الكبير، وفيه

ص: 332

خالد بن إلياس، وهو متروك. اهـ.

واختلف في إسناده؛ فقد رواه إسحاق كما في المطالب (752)، قال: أخبرنا عبيدالله بن موسى، حدثنا خالد بن إلياس، عن يحيى بن عبدالرحمن ابن حاطب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي العيد ماشيا.

* * *

ص: 333

(307)

قول أبي سعيد: كان النبي صلى الله عليه وسلم، يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة. رواه مسلم.

رواه مسلم (1/ 605)، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، وقتيبة، وابن حجر، قالوا: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن داود بن قيس، عن عياض بن عبدالله بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر، فيبدأ بالصلاة، فإذا صلى صلاته وسلم، قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم، فإن كانت له حاجة ببعث ذكره للناس.، وكان يقول: تصدقوا تصدقوا، وكان أكثر من يتصدق النساء ثم ينصرف .... الحديث.

ورواه البخاري (956) من طريق محمد بن جعفر، قال: أخبرني زيد، عن عياض به، مختصرا.

ورواه النسائي (3/ 187)، قال: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا العزيز، عن داود، عن عياض به بنحوه.

* * *

ص: 334

(308)

قول جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتم، ويلبس برده الأحمر، في العيدين والجمعة. رواه ابن عبد البر.

رواه مسدد كما في المطالب العالية (746)، والبيهقي (3/ 247)، وابن عبدالبر في التمهيد (24/ 36)، كلهم من طريق، حفص بن غياث، عن حجاج بن أرطاة، عن أبى جعفر، عن جابر بن عبدالله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يلبس برده الأحمر، فى العيد والجمعة.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف مدلس، وقد عنعن. وقال الحافظ ابن حجر: حجاج ضعيف. اهـ.

وقال البوصيري في إتحاف الحيرة: رواه مسدد والحاكم، وعنه البيهقي، وفي سندهم الحجاج بن أرطاة .. اهـ.

وقد اختلف في إسناده ومتنه:

وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 451)، والبيهقي (3/ 247) - الجمعة- باب ما يستحب من الارتداد ببرد، (3/ 280) - صلاة العيدين- باب الزينة للعيد- من حديث جابر بن عبد الله، بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة.

ورواه ابن أبي شيبة (2/ 156)(5592) قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا الحجاج، عن أبي جعفر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يلبس برده الأحمر يوم الجمعة، ويعتم يوم العيدين.

وأخرجه عبد الرزاق (3/ 203، 204)(5331)، والشافعي في مسنده (ص 74)، والبيهقي (3/ 280) - صلاة العيدين- باب الزينة للعيد- من

ص: 335

حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، علي بن الحسين مرسلا بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يلبس بردة حبرة في كل عيد.

وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 156) - الجمعة- باب في الثياب النظاف والزينة لها، وابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 451) - من حديث أبي جعفر محمد بن علي مرسلا، وبلفظ: كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم، يلبس برده الأحمر يوم الجمعة، ويعتم يوم العيدين.

وأخرجه البيهقي (3/ 280) - صلاة العيدين- باب الزينة للعيد- من حديث جعفر بن محمد علي مرسلا. بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتم في كل عيد.

قال ابن رجب في فتح الباري (2/ 220): كذا رواه حفص بن غياث، عن حجاج. وخالفه هشيم، فرواه عن حجاج، عن أبي جعفر- مرسلا-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يلبس يوم الجمعة بردة الأحمر، ويعتم يوم العيدين. خرجه ابن سعد من هذين الوجهين. والمرسل أشبه. اهـ.

وقال الألباني في الإرواء (5/ 471): وهذا إسناد ضعيف، حجاج هو ابن أرطاة: مدلس، وقد عنعنه. وفي رواية للبيهقي من هذا الوجه: كان له برد، يلبسها في العيدين والجمعة. وأخرجه الشافعي في الأم (1/ 206)، - ومن طريقه البيهقي- وأبو الشيخ، عن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يلبس برد حبرة في كل عيد. وجعفر هذا، هو ابن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فيكون جده علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فيكون مرسلا أيضا، لكن إبراهيم شيخ الشافعي- وهو ابن محمد بن أبي يحيى المدني- متروك. وقد ثبت الحديث من حديث ابن عباس، دون ذكر العيدين. وأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي

ص: 336

(ص 100)، الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (2/ 198) من حديث ابن عباس، بلفظ: كان رسول الله يلبس بردة حبرة في كل عيد. اهـ.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 198): رجاله ثقات. اهـ.

* * *

ص: 337

(309)

روى البخاري، عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق.

رواه البخاري (986)، قال: حدثنا محمد، قال: أخبرنا أبو تميلة يحيى بن واضح، عن فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كان يوم العيد خالف الطريق.

وأخرجه الترمذي- الصلاة- باب ما جاء في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد في طريق، ورجوعه من طريق آخر (541)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في الخروج يوم العيد من طريق والرجوع من غيره (1301)، وأحمد (2/ 338) من حديث أبي هريرة.

* * *

ص: 338

(310)

قول ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، يصلون العيدين قبل الخطبة. متفق عليه.

أخرجه البخاري- العيدين- باب المشي والركوب إلى العيدين والصلاة قبل الخطبة، وباب الخطبة بعد العيد (963، 979)، ومسلم (2/ 605) - صلاة العيدين- (8)، والترمذي- الصلاة- باب ما جاء في صلاة العيدين قبل الخطبة (1564)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في صلاة العيدين (1276)، وأحمد (2/ 12، 38، 71)، كلهم من طريق، عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، يصلون العيدين قبل الخطبة.

* * *

ص: 339

(311)

روى أحمد، عن عمرو بن شعيب، عن أبي، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كبر في عيد اثنتي عشرة تكبيرة، سبعا في الأولى، وخمسا في الآخرة. إسناده حسن.

أخرجه أحمد (2/ 180)(6688)، وأبو داود- الصلاة- باب التكبير للعيدين- (1151)، وفي (1152)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في كم يكبر الإمام في صلاة العيدين- (1278)، وفي (1292) كلهم من طريق عبدالله بن عبدالرحمن الطائفي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عبد الله بن عمرو بن العاص: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التكبير في الفطر: سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما.

وفي أخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر في الأولى سبعا، ثم يقرأ، ثم يكبر، ثم يقوم فيكبر أربعا، ثم يقرأ، ثم يركع.

ورواه عن عبد الله بن عبد الرحمن كل من وكيع، والمعتمر، وسليمان، وعبد الله بن المبارك.

قال أبو ادود: رواه وكيع، وابن المبارك، قالا: سبعا، وخمسا .. أ. هـ.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن مداره على عبدالله بن عبدالرحمن الطائفي، وهو ضعيف.

وصحح الحديث، أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، والبيهقي، كما في التلخيص الحبير (2/ 84)، ونصب الراية (2/ 217).

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/ 229): وصححه أحمد، وعلي، والبخاري، فيما حكاه الترمذي .. اهـ.

ص: 340

وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 35): سألت محمدا، عن هذا الحديث، يعني حديث عبدالله بن نافع، عن كثير بن عبدالله، عن أبيه، عن جده: أن النبي كبر في العيدين، في الأولى سبعا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة فقال: ليس في الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول. وحديث عبدالله بن عبدالرحمن الطائفي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، في هذا الباب، هو صحيح أيضا، وعبد الله بن عبد الرحمن الطائفي مقارب الحديث .. اهـ.

وللحديث شواهد عدة:

فقد روى أحمد (2/ 356، 357) قال: حدثنا يحيى بن إسحاق، أنبأنا ابن لهيعة، حدثنا الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التكبير في العيدين سبعا قبل القراءة، وخمسا بعد القراءة.

قلت: فيه ابن لهيعة، الراوي عنه يحيى بن إسحاق، فهو إن كان من قدماء أصحاب ابن لهيعة، كما ذكر الحافظ في التهذيب (2/ 361) في ترجمة حفص بن هاشم بن عقبة، لكن الضعف في ابن لهيعة مطلقا كما سبق.

ولهذا أعله به ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 1231) به.

ورواية يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة، أفضل من رواية غيره، لما سبق.

وللحديث طريق أخرى عند ابن عدي في الكامل (2/ 48) من طريق بركة بن محمد الحلبي، ثنا مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يكبر في العيدين سبعا وخمسا.

قلت: بركة بن محمد بن سعيد الحلبي، متهم.

ص: 341

وروى ابن ماجه (1277)، قال: حدثنا هشام بن عمار، ثنا عبدالرحمن بن سعد بن عمار بن سعد، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يكبر في العيدين، في الأولى سبعا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة.

ورواه الحاكم (3/ 703) من طريق عبدالله بن الزبير الحميدي، ثنا عبدالرحمن بن عمار بن سعد القرظ به.

قال الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 110): في سنده ضعف واختلاف. اهـ.

قلت: عبدالرحمن بن سعد بن عمار القرظ، ضعيف. قال ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ضعيف. اهـ. وقال البخاري: فيه نظر. اهـ. وقال الحاكم أبو أحمد: حديثه ليس بالقائم. اهـ.

كذلك اضطرب في إسناده، فقد رواه البيهقي (3/ 287) من طريق حيوة بن شريح، ثنا بقية، عن الزبيدي، عن الزهري، عن حفص بن عمر بن سعد بن قرظ، أن أباه وعمومته، أخبروه، عن أبيهم سعد بن قرظ: أن السنة في صلاة الأضحى والفطر، أن يكبر الإمام في الركعة الأولى، سبع تكبيرات قبل القراءة، ويكبر في الركعة الثانية، خمس تكبيرات قبل القراءة.

ورواه أيضا البيهقي (3/ 288) من طريق إبراهيم بن المنذر، ثنا عبدالرحمن بن سعد المؤذن، عن آبائهم، عن أجدادهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره بنحوه.

وأخرجه الدارمي (1606)، قال: أخبرنا أحمد بن الحجاج، عن عبدالرحمن بن سعد بن عمار بن سعد المؤذن، عن عبدالله بن محمد بن

ص: 342

عمار، عن أبيه، عن جده، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين، في الأولى سبعا، وفي الأخرى خمسا، وكان يبدأ بالصلاة قبل الخطبة.

قال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 58): رواه ابن ماجه كذلك، وعبد الرحمن هذا، منكر الحديث. ورواه الدارقطني، من حديث عبدالرحمن بن سعد بن عمار، عن عبدالله بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين، في الأولى سبعا وفي الأخرى خمسا وعبدالله هذا ضعفه ابن معين. قال العقيلي في تاريخه: قال عثمان بن سعيد: قلت ليحيى بن معين: عبدالله بن محمد بن عمار بن سعد، وعمار وعمر ابني حفص بن عمر بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم، كيف حال هؤلاء؟ قال: ليسوا بشيء. اهـ.

وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (3/ 286، 287): فيه أشياء: احدها: أن عبدالرحمن بن سعد بن عمار، منكر الحديث. وفى الكمال سئل عنه ابن معين، فقال: ضعيف. الثاني: أنه مع ضعفه اضطربت روايته لهذا الحديث، فرواه البيهقى عنه كما تقدم، وأخرجه ابن ماجه في سننه، فقال: ثنا هشام بن عمار، ثنا عبدالرحمن بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدثنى أبى، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يكبر في العيدين، في الأولى سبعا قبل القراءة، وفى الآخرة خمسا قبل القراءة. الثالث: أن عبدالله بن محمد بن عمار، ضعفه ابن معين، ذكره الذهبي، وقال أيضا: عمر بن حفص بن عمر بن سعد، عن أبيه، قال ابن معين: ليس. بشيء وذكر صاحب الميزان: أن عثمان بن سعيد، ذكر يحيى هذا الحديث، ثم قال: كيف حال هؤلاء، قال: ليسوا بشيء. وقد ذكرنا ذلك في باب الأذان. الرابع: أن قوله: عن آبائهم ليس

ص: 343

بمناسب، إذ المتقدم اثنان، وكذا قوله، عن أجدادهم. الخامس: أن حفصا والد عمر المذكور في هذا السند، إن كان حفص بن عمر المذكور في السند الأول، فقد اضطربت روايته لهذا الحديث، رواه هاهنا، عن سعد القرظ، وفى ذلك السند رواه عن أبيه وعمومته، عن سعد القرظ. اهـ.

وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (883): هذا الحديث ليس إسناده بالقوي. اهـ.

وقال الألباني: صحيح .. اهـ. كما في صحيح ابن ماجه (1055)، وقال في الإرواء (3/ 110): وفى سنده ضعف واختلاف. اهـ.

وروى الترمذي (536)، وابن ماجه (1279)، وابن خزيمة (2/ 346)، والدارقطني (2/ 48)، والبيهقي (3/ 286)، كلهم من طريق كثير بن عبدالله، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين، في الأولى سبعا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف بن زيد اليشكري، ضعيف. قال أبو طالب، عن أحمد: منكر الحديث ليس بشيء. اهـ. وقال الدوري، عن ابن معين: لجده صحبة، وهو ضعيف الحديث. اهـ. وقال مرة: ليس بشيء. اهـ. وقال الآجري: سئل أبو داود عنه فقال: كان أحد الكذابين، سمعت محمد بن الوزير المصري، يقول: سمعت الشافعي، وذكر كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف. فقال: ذاك أحد الكذابين أو: أحد أركان الكذب. اهـ. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه فقال: واهي الحديث، ليس بقوي. اهـ. وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث. اهـ.

لهذا قال الترمذي (2/ 152): حديث جد كثير، حديث حسن، وهو

ص: 344

أحسن شيء روي في هذا الباب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 84): أنكر جماعة تحسينه على الترمذي. اهـ.

وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 287، 288): سألت محمدا- يعني البخاري-، عن هذا الحديث. فقال: ليس شيء في هذا الباب أصح منه، وبه أقول: وحديث عبدالله بن عبدالرحمن الطائفي أيضا صحيح، والطائفي مقارب الحديث. اهـ.

وتبع الترمذي عبد الحق الإشبيلي، فقال في الأحكام الوسطى (2/ 76): صحح البخاري هذا الحديث. اهـ.

وتعقب ابن القطان نقل الترمذي هذا، فقال كما في نصب الراية (2/ 217): هذا ليس بصريح في التصحيح؛ فقوله هو أصح شيء في الباب يعني أشبه ما في الباب، وأقل ضعفا. وقوله: وبه أقول، يحتمل أن يكون من كلام الترمذي، أي وأنا أقول: إن هذا الحديث أشبه ما في الباب. وكذا قوله: وحديث الطائفي أيضا صحيح، يحتمل أن يكون من كلام الترمذي، وقد عهد منه تصحيح حديث عمرو بن شعيب، فظهر من ذلك أن قول البخاري: أصح شيء، ليس معناه صحيحا. قال: ونحن وإن خرجنا، عن ظاهر اللفظ، ولكن أوجبه؛ أن كثير بن عبدالله عندهم متروك. اهـ.

ونقل ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 231)، قول الترمذي: أحسن

، فتعقبه، فقال: وقد تعجبت من قول هذا، فإنه قال أحمد بن حنبل: لا تحدث، عن كثير بن عبدالله .... اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/ 90): لما ذكر الحديث كثير

ص: 345

ضعيف، وقد قال البخاري والترمذي: إنه أصح شيء في هذا الباب، وأنكر جماعة تحسينه على الترمذي. اهـ.

وروى الدراقطني (2/ 48، 49)، قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، ثنا أحمد بن علي الخزاز، ثنا سعد بن عبد الحميد، ثنا فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التكبير في العيدين، في الركعة الأولى سبع تكبيرات، وفي الأخيرة خمس تكبيرات.

ورواه الحارث بن أبي أسامة، كما في المطالب (765)، قال: وحدثنا عبدالله بن عون، حدثنا فرج بن فضالة، عن عبدالله بن عامر الأسلمي، عن نافع به بمثله.

قلت: مداره فرج بن فضالة بن النعمان القضاعي، تكلم فيه، خصوصا، عن يحيى بن سعيد. قال أبو داود، عن أحمد: إذا حدث، عن الشاميين فليس به بأس، ولكنه حدث، عن يحيى بن سعيد مناكير. اهـ. وقال أيضا عنه: يحدث، عن ثقات أحاديث مناكير. اهـ. وقال البخاري ومسلم: منكر الحديث. اهـ. وضعفه ابن معين والنسائي.

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (2/ 76): في إسناد هذا الحديث، فرج بن فضالة. اهـ.

قلت: في إسناد الحارث أيضا عبدالله بن عامر، وهو ضعيف.

قال الترمذي في علله الكبير (1/ 289، 290)، ونقله عنه الزيلعي في نصب الراية، أنه قال: سألت محمدا، عن هذا الحديث، فقال: الفرج بن فضالة، ذاهب الحديث. والصحيح ما رواه مالك، وغيره من الحفاظ، عن نافع، عن أبي هريرة فعله. اهـ.

ص: 346

وسيأتي تخريج أثر أبي هريرة.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (597): سألت أبي، عن حديث رواه نافع بن أبي نعيم القاري، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر: أنه كان يكبر في العيدين، سبعا في الأولى، وخمسا في الثانية. قال أبي: هذا خطأ، وروى هذا الحديث، عن أبي هريرة: أنه كان يكبر .... اهـ.

* * *

ص: 347

(312)

قول وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير.

أخرجه أحمد (4/ 316)، والطيالسي (ص 137)(1021)، وابن أبي شيبة (1/ 198) - الصلاة- باب من كان يسلم في الصلاة تسليمتين، والدارمي (1/ 229) - الصلاة- باب في رفع اليدين في الركوع والسجود- (1255)، والطبراني في الكبير (22/ 41، 42)(103، 104)، والبيهقي (2/ 26) - الصلاة- باب رفع اليدين في الافتتاح مع التكبير- من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن عبدالرحمن اليحصبي، عن وائل بن حجر الحضرمي.

قلت: ظاهر إسناده الحسن. قال الألباني في الإرواء (3/ 34): وهذا سند حسن. اهـ.

وروى أبو داود (724)، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عبدالرحيم بن سليمان، عن الحسن بن عبيدالله النخعي، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه: أنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم، حين قام إلى الصلاة، رفع يديه، حتى كانتا بحيال منكبيه، وحاذى بإبهاميه أذنيه، ثم كبر.

وأخرجه أحمد (4/ 316)(19057)، قال: حدثنا وكيع. وأبو داود (725) قال: حدثنا مسدد، حدثنا يزيد، يعني ابن زريع، عن المسعودي، عن عبدالجبار بن وائل، حدثني أهل بيتي، عن أبي؛ فذكره: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، يرفع يديه مع التكبيرة، ويضع يمينه على يساره في الصلاة.

- لفظ يزيد: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرفع يديه مع التكبيرة.

قال ابن التركماني في الجوهر النقي (2/ 24): هو منقطع، عبدالجبار لم

ص: 348

يسمع من أبيه ذكره النسائى. اهـ.

وقال الألباني في ضعيف سنن أبي داود (725): ضعيف. اهـ.

وأخرجه البخاري في رفع اليدين (10)، والنسائي (2/ 194)، وفي الكبرى (646)، كلاهما من طريق قيس بن سليم العنبري، قال: حدثني علقمة بن وائل، قال: حدثني أبي، قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده- هكذا وأشار قيس إلى نحو الأذنين-. لفظ الفضل بن دكين: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكبر حين افتتح الصلاة، ورفع يديه، ثم رفع يديه حين أراد أن يركع، وبعد الركوع.

ورواه عن قيس بن سليم كل من نعيم، وعبد بن المبارك.

قال الألباني في صحيح سنن النسائي (1055): صحيح الإسناد. اهـ.

وروى مسلم (1/ 301) من طريق همام، قال: حدثنا محمد بن جحادة، حدثنى عبدالجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل، ومولى لهم، أنهما حدثاه، عن أبيه وائل بن حجر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، رفع يديه حين دخل في الصلاة، كبر- وصفهما همام حيال أذنيه- ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع، أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما، ثم كبر فركع، فلما قال: سمع الله لمن حمده، رفع يديه، فلما سجد، سجد بين كفيه.

وروى الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 224)، عن خالد بن عبدالله، والبيهقي (2/ 81) من طريق جرير، كلاهما، عن حصين بن مرة، قال: دخلت مسجد حضرموت، فإذا علقمة بن وائل، يحدث، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه قبل الركوع وبعده.

قلت: اختلف في إسناده.

ص: 349

قال عبدالله بن الإمام أحمد في العلل (1058): سألت أبي، عن حديث هشيم، عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرفع، قال: رواه شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن عبدالرحمن اليحصبي، عن وائل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، خالف حصين شعبة، فقال: شعبة أثبت في عمرو بن مرة من حصين، القول قول شعبة، من أين يقع شعبة على أبي البختري، عن عبدالرحمن اليحصبي، عن وائل. اهـ.

وأخرجه البخاري في رفع اليدين (22)، قال: حدثنا مسدد، حدثنا خالد، حدثنا حصين، عن عمرو بن مرة، قال: دخلت مسجد حضر موت، فإذا علقمة بن وائل يحدث، عن أبيه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه قبل الركوع.

قلت: رجاله ثقات.

وروى ابن ماجه (860) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وهشام بن عمار، قالا: ثنا إسماعيل بن عياش، عن صالح بن كيسان، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرفع يديه في الصلاة حذو منكبيه، حين يفتتح الصلاة، وحين يركع، وحين يسجد.

قلت: أعل الحديث الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 227)، بأن فيه إسماعيل بن عياش، وقد روى عن غير الشاميين فلا يحتج به.

ورواه أبو داود (738)، قال: حدثنا عبدالملك بن شعيب بن الليث، حدثنى أبي، عن جدي، عن يحيى بن أيوب، عن عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كبر للصلاة، جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام

ص: 350

من الركعتين فعل مثل ذلك.

وقال النووي في المجموع (3/ 474)، وفي الخلاصة (1/ 352): رواه أبوداود بإسناد صحيح، فيه رجل فيه أدنى كلام، وقد وثقه الأكثرون، وقد روى له البخاري في صحيحه. اهـ.

قلت: رجاله ثقات، وكلهم أخرج لهم مسلم، عدا شعيب بن الليث بن سعد الفهمي، وفي إسناده عبدالملك بن جريج، وهو ثقة، لكنه مدلس مكثر، ولم يصرح بالتحديث.

وقد نقل الزيلعي في نصب الراية (1/ 414)، عن ابن دقيق، أنه قال: هؤلاء كلهم رجال الصحيح، وقد تابع يحيى بن أيوب على هذا المتن عثمان بن الحكم الجذامي، عن ابن جريج، ذكره الدارقطني في علله، وكذلك تابعه صالح بن أبي الأخضر، عن ابن جريج، ورواه ابن أبي حاتم في علله أيضا، لكن ضعف الدارقطني الأول، وأبوحاتم: الثاني، قال الدارقطني: وقد خالفه عبدالرزاق، فرواه عن ابن جريج بلفظ: التكبير دون الرفع، وهو الصحيح. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم (ص 107): سألت أبي، عن حديث رواه صالح بن أبي الأخضر، عن أبي بكر بن الحارث، قال: صلى بنا أبو هريرة، فكان يرفع يديه إذا سجد

، فقال أبو هريرة: إني أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبي: هذا خطأ، إنما هو كان يكبر فقط، ليس فيه رفع اليدين. اهـ.

وروى البخاري (735)، ومسلم (1/ 292)، وأبو داود (721 - 722)، والترمذي (255)، والنسائي (2/ 221)، وأحمد (2/ 8)، والبيهقي (2/ 23)، وابن خزيمة (1/ 232)، وعبدالرزاق (2/ 67)، كلهم من طريق

ص: 351

ابن شهاب، أخبرني سالم بن عبدالله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يرفع يديه حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع. وفي آخره زيادة وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.

وروى البخاري، في رفع اليدين (84) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يرفع يديه في الاستسقاء.

* * *

ص: 352

(313)

عن عمر: أنه يرفع يديه في كل تكبيرة، في الجنازة، والعيد.

أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 43)، والبيهقي (3/ 293) - صلاة العيدين- باب رفع اليدين في تكبير العيد- من طريق إسحاق بن عيسي، قال: ثنا عبدالله بن لهيعة، عن بكر بن سوادة: أن عمر ين الخطاب، كان يرفع يديه مع كل تكبيرة، في الجنازة، والعيدين.

قلت: إسناده ضعيف، لأنه منقطع، لأن بكر بن سوادة لم يدرك عمر بن الخطاب، وأيضا في إسناده عبدالله بن لهيعة، وهو ضعيف، كما سبق.

ولما نقل الألباني في الإرواء (3/ 112) قول البيهقي: وهذا منقطع، ورواه الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة، عن بكير بن سوادة، عن أبى زرعة اللخمى، أن عمر فذكره فى صلاة العيدين. قال: وابن لهيعة ضعيف. اهـ.

* * *

ص: 353

(314)

قول عقبة بن عامر: سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد، قال: يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. رواه الأثرم وحرب.

أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 351)(9515)، والبيهقي (3/ 291، 292) - صلاة العيدين- باب يأتي بدعاء الافتتاح عقيب تكبيرة الافتتاح- من طريق مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن علقمة: أن ابن مسعود، وأبا موسى، وحذيفة، خرج إليهم الوليد بن عقبة قبل العيد، فقال لهم: إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟ فقال عبد الله: تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة، وتحمد ربك، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تقرأ وتركع، ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وتصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك وهذا من قول عبدالله بن مسعود موقوف عليه، فنتابعه فى الوقوف بين كل تكبيرتين للذكر، إذ لم يرو خلافه، عن غيره، ونخالفه فى عدد التكبيرات وتقديمهن على القراءة فى الركعتين جميعا، بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فعل أهل الحرمين وعمل المسلمين إلى يومنا هذا، وبالله التوفيق.

قلت: إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود فيه انقطاع؛ حيث إن إبراهيم لم يدرك أحدا من الصحابة.

وأخرجه عبد الرزاق (3/ 269، 297)(5697)، والطبراني في الكبير (9/ 353)(9523) من طريق ابن جريج، عن عبد الكريم، عن إبراهيم

ص: 354

النخعي، عن علقمة، والأسود، عن ابن مسعود بلفظ: إن بين كل تكبيرتين قدر كلمة.

قلت: فيه عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف لا يحتج به.

قال الألباني في الإرواء (3/ 115): قال الهيثمى (2/ 205): وإبراهيم لم يدرك واحدا من هؤلاء الصحابة وهو مرسل، ورجاله ثقات.

قلت (القائل الألباني): وقد وصله الطبرانى (3/ 38/ 1) من طريق ابن جريج، أخبرنى عبدالكريم، عن النخعى، عن علقمة والأسود، عن ابن مسعود قال: إن بين كل تكبيرتين قدر كلمة. ووصله أيضا المحاملي فى صلاة العيدين (2/ 121) من طريق هشام، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، قال فى صلاة العيد: بين كل تكبيرتين حمد لله عز وجل، وثناء على الله. وهذا إسناد جيد، وأخرجه البيهقى (3/ 291) عن هشام، حدثنا حماد به بطوله، وقال: وهذا من قول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، موقوف عليه، فنتابعه فى الوقوف بين كل تكبيرتين للذكر، إذا لم يرد خلافه، عن غيره، ونخالفه فى عدد التكبيرات وتقديمهن فى القراءة فى الركعتين جميعا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فعل أهل الحرمين، وعمل المسلمين إلى يومنا هذا. وبالله التوفيق. اهـ.

* * *

ص: 355

(315)

قول ابن عمر: كان النبي صلى الله عليه وسلم، يجهر بالقراءة في العيدين والاستسقاء. رواه الدارقطني.

أخرجه الدارقطني (2/ 67) - الاستسقاء (7) من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن عبدالله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجهر بالقراءة، في العيدين وفي الاستسقاء.

قلت: إسناده واه، لأن فيه عبدالله بن نافع، وهو ضعيف، ومحمد بن عمر وهو الواقدى، متروك.

قال الألباني في الإرواء (1/ 433): وهذا سند واه جدا، عبدالله ضعيف، ومحمد بن عمر وهو الواقدى، متروك، متهم بالكذب. اهـ.

وأخرجه البيهقي (3/ 348) - صلاة الاستسقاء- باب الدليل على أن السنة في صلاة الاستسقاء السنة في صلاة العيدين- من حديث ابن عباس. وسنده واه.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 85)(4895) من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلا.

وأخرجه الطبراني في الأوسط، كما في مجمع الزوائد (2/ 204)، والبيهقي (3/ 295) - صلاة العيدين- باب الجهر بالقراءة في العيدين- الجزء الأول من الحديث، وهو ما يتعلق بالجهر بالقراءة في العيدين، من حديث علي بن أبي طالب.

قال الألباني في الإرواء (1/ 433)، عن أثر علي بن أبي طالب: وإسناده ضعيف فيه الحارث وهو الأعور ضعفوه. وأما الجزء الثاني من الحديث، وهو

ص: 356

الجهر بالقراءة في الاستسقاء. فأخرجه البخاري (2/ 20)، وأبو داود (1/ 686، 687)، والترمذي (2/ 442)، والنسائي (3/ 164)، وأحمد (4/ 39، 41)، وابن أبي شيبة (2/ 473) من حديث عبدالله بن زيد المازني. حديث ابن عمر ضعيف؛ لأن مداره على عبدالله بن نافع، ومحمد بن عمر الواقدي، عبدالله ضعيف، ومحمد بن عمر متروك. لكن يشهد له حديث عبدالله بن زيد المازني، في الجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء، من قول ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع في الاستسقاء كما صنع في العيد. اهـ.

* * *

ص: 357

(316)

قول سمرة: إن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في العيدين، بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} . رواه أحمد.

أخرجه النسائي في الكبرى (1787)، وأحمد (5/ 7)(20340)، وفي (5/ 14)(20423، وفي (5/ 19)(20485) كلاهما من طريق معبد بن خالد، عن زيد بن عقبة، عن سمرة بن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في العيدين، بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} .

ورواه عن معبد بن خالد كل من شعبة، والمسعودي، ومسعر، وسفيان.

ورواه ابن أبي شيبة (2/ 81)، والبيهقي (3/ 294)، والطبراني في الكبير (7/ 184)، وابن حزم في المحلى (5/ 82) كلهم من طريق معبد بن خالد به.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي. رجاله ثقات رجال الشيخين، غير زيد بن عقبة، فمن رجال أصحاب السنن. قال العجلى: كوفى، تابعي، ثقة. وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات. كما في تهذيب التهذيب (3/ 362)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 204): رواه أحمد، والطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات. اهـ.

وصححه الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 116).

وروى ابن ماجه (1283)، وعبد الرزاق (3/ 298)، وابن أبي شيبة (2/ 82)، كلهم من طريق موسى بن عبيدة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في العيدين بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} .

قلت: موسى بن عبيدة هو الربدي، أبو عبد العزيز المدني، منكر الحديث.

ص: 358

قال الجوزجاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تحل الرواية عندي عنه. قلت: فإن شعبة روى عنه، فقال: حدثنا أبوعبدالعزيز الربدي. فقال: لو بان لشعبة ما بان لغيره، ما روى عنه. اهـ. وقال محمد بن إسحاق، عن أحمد: لا تحل الرواية عنه. اهـ. وقال البخاري: قال أحمد: منكر الحديث. اهـ. وقال علي بن المديني: موسى بن عبيدة، ضعيف الحديث. حدث بأحاديث مناكير. اهـ. وقال أبو زرعة: ليس بقوي الأحاديث. اهـ. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. اهـ.

ولهذا لما ذكر ابن عبد الهادي، حديث ابن عباس في التنقيح (2/ 237)، قال: رواه ابن ماجه من رواية موسى بن عبيدة، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة. اهـ.

وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 117): هذا سند ضعيف، موسى بن عبيدة، ضعيف. اهـ.

وروى البزار كما في كشف الأستار (656)، ومختصر زوائد البزار (1/ 302) من طريق أيوب بن سيار، عن يعقوب بن زيد، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في صلاة العيدين، بـ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} ، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} .

قال البزار: لا نعلمه، عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، وأيوب ليس بالقوي، حدث عنه جماعة كثيرة. اهـ.

قلت: أيوب بن سيار الزهري، المدني ضعيف جدا. قال ابن معين: ليس بشيء. اهـ. وسئل عنه ابن المديني فقال: ذاك عند غير ثقة لا يكتب حديثه. اهـ. وقال السعدي: غير ثقة. اهـ. وقال النسائي: متروك. اهـ.

ولهذا أعل الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 204). فقال: رواه

ص: 359

البزار، وفيه أيوب بن سيار، وهو ضعيف. اهـ.

ورواه أحمد (1/ 243) من طريق شهر بن حوشب، عن ابن عباس بنحوه.

قلت: في إسناده شهر بن حوشب، وقد تكلم فيه. وبه أعل الحديث الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 117).

وروى مسلم (2/ 598)، وأبو داود (1122)، والترمذي (533)، والنسائي (3/ 112)، كلهم من طريق إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم مولى النعمان ابن بشير، عن النعمان بن بشير: كان يقرأ في العيدين، وفي الجمعة: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} .

وفي آخره زيادة قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، يقرأ بهما أيضا في الصلاتين.

قلت: وقد وقع خلاف في سنده؛ فقيل، عن حبيب بن سالم، عن النعمان، كما في حديث أبي عوانة، وقيل، عن حبيب بن سالم، عن أبيه، عن النعمان.

قال الترمذي (2/ 150): حديث النعمان بن بشير، حديث حسن صحيح، وهكذا روى سفيان الثوري، ومسعر، عن إبراهيم، عن محمد بن المنتشر، نحو حديث أبي عوانة؛ أما سفيان بن عيينة، فيختلف عليه في الرواية: يروى عنه، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن أبيه النعمان بن بشير، ولا نعرف لحبيب بن سالم رواية، عن أبيه، وحبيب بن سالم، هو مولى النعمان بن بشير، وروى عن النعمان بن بشير أحاديث، وقد روي عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر نحو رواية هؤلاء. اهـ.

ص: 360

ونقل ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 222)، عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن أحمد بن حنبل، أنه قال: حبيب بن سالم، سمعه من النعمان وكان كاتبه، وسفيان يخطئ فيه، يقول: حبيب بن سالم، عن أبيه، هو سمعه من النعمان. وانظر العلل معرفة الرجال (1/ 38).

وروى ابن أبي شيبة (2/ 82)، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عمارة الصيدلاني، عن مولى لأنس. قد سماه، قال: انتهيت مع أنس يوم العيد، حتى انتهينا إلى زاوية، فإذا مولى له يقرأ في العيد، بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ، فقال أنس: إنهما للسورتان اللتان قرأ بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: رجاله ثقات. غير مولى أنس، لم أقف على اسمه، وعمارة بن زاذان الصيدلاني، اختلف فيه.

قال الأثرم، عن أحمد: يروي عن ثابت، عن أنس، أحاديث مناكير. اهـ. وقال مسلم: وعبدالله بن أحمد، عن أحمد: شيخ ما به بأس. اهـ. وقال ابن معين: صالح. اهـ. وقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه. اهـ. وقال أبو داود: ليس بذاك. اهـ. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة. اهـ. وقال أبو زرعة: لا بأس به. اهـ.

لهذا قال الألباني في الإرواء (3/ 118): عمارة هذا، ضعيف من قبل حفظه، وشيخه لم يسم. اهـ.

وروى أبو داود الطيالسي كما في المطالب (766)، قال: حدثنا عمارة بن راذان قال: كنا عند ثابت البناني، وعندنا شيخ، فذكرنا ما يقرأ في العيدين. فقال الشيخ: صحبت أنس بن مالك رضي الله عنه إلى الزاوية يوم عيد؛ فإذا مولى لهم يصلي

ص: 361

بهم، فقرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}. قال أنس: لقد قرأ بالسورتين، اللتين قرأ بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: إسناده أيضا ضعيف؛ لأن فيه جهالة تلميذ أنس؛ وفيه أيضا عمارة ابن راذان، وهو ضعيف.

* * *

ص: 362

(317)

لما روى سعيد، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال: يكبر الإمام يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، وفي الثانية سبع تكبيرات.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 290)(5689)، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي الوليد، قال: حدثنا خالد الحذاء، عن عبدالله بن الحارث، قال: شهدت ابن عباس، كبر في صلاة العيد بالبصرة، تسع تكبيرات، وإلى بين القراءتين قال: وشهدت المغيرة بن شعبة فعل ذلك أيضا، فسألت خالدا: كيف فعل ابن عباس، ففسر لنا كما صنع ابن مسعود، في حديث معمر والثوري، عن أبي إسحاق سواء.

قلت: إسماعيل بن أبي الوليد لم أميزه. و عبدالله بن الحارث البصري من كبار التابعين روى عن عائشة وأبي هريرة وعنه أيوب وخالد الحذاء و قال الحافظ الذهبي في الكاشف (3222): وثقوه ع. أ. هـ.

قال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 220): روى عبد الرزاق من طريق عبدالله بن الحارث، قال: شهدت ابن عباس كبر، في صلاة العيد بالبصرة، تسع تكبيرات، ووالى بين القراءتين قال: وشهدت المغيرة فعل مثل ذلك، وإسناده صحيح. اهـ.

وأخرجه عبد الرزاق (3/ 290 - 291 - 5672، 5673، 5674)، وابن أبي شيبة (2/ 190) - الصلاة- باب في التكبير على المنبر، الفريابي في أحكام العيدين (ص 201 - 143)، والبيهقي (3/ 299) - صلاة العيدين- باب التكبير في الخطبة في العيدين- من طرق مختلفة، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة.

ص: 363

ورواه ابن أبي شيبة (5757) قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا خالد، عن عبدالله بن الحارث، قال: صلى بنا ابن عباس يوم عيد، فكبر تسع تكبيرات؛ خمسا في الأولى، وأربعا في الآخرة، ووالى بين القراءتين.

وقال (5758): حدثنا هشيم، قال: أخبرنا داود، عن الشعبي، قال: أرسل زياد إلى مسروق: إنا تشغلنا أشغال، فكيف التكبير في العيدين؟، قال: تسع تكبيرات، قال: خمسا في الأولى، وأربعا في الآخرة، ووال بين القراءتين.

قال الشيخ الألباني في الإرواء (3/ 233): رواه ابن أبى شيبة (2/ 5/ 1)، عن ابن جريج، عن عطاء عنه، وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، فقد أخرجه الفريابى (136/ 1) من طريق أخرى، عن ابن جريج، حدثنا عطاء به نحوه. فصرح ابن جريج بالتحديث، فأمنا بذلك تدليسه. على أنه لم يتفرد به، فقد تابعه عمرو بن دينار عند الطحاوى والفريابى، وعبد الملك بن أبى سليمان عندهما، وكذا البيهقى، وقال: هذا إسناد صحيح. وتابعه، عن ابن عباس، عمار بن أبى عمار، بلفظ: أن ابن عباس كبر فى عيد ثنتى عشرة تكبيرة، سبعا فى الأولى وخمسا فى الآخرة أخرجه ابن أبى شيبة (2/ 6/ 1)، والبيهقى (3/ 289)، وسنده صحيح على شرط مسلم. وخالفهما فى متنهما عبدالله بن الحارث، فقال: صلى بنا ابن عباس يوم عيد، فكبر تسع تكبيرات، خمسا فى الأولى، وأربعا فى الآخرة، ووالى بين القراءتين. وأخرجه ابن أبى شيبة (2/ 5/ 2)، والطحاوى (2/ 401)، وعبدالله هذا؛ هو الأنصاري أبوالوليد البصري، وهو ثقة من رجال الشيخين، وكذلك سائر الرواة، فالسند صحيح. وخالفهم عكرمة فنقل عنه أنه قال: من شاء كبر سبعا، ومن شاء كبر تسعا، وبإحدى عشرة، وثلاث عشرة. وأخرجه الطحاوى (2/ 401)،

ص: 364

وعكرمة، ثقة احتج به البخارى، وسائر رجاله ثقات، فالإسناد صحيح. والرواية الأولى أصح عندي؛ لجلالة عطاء وحفظه ومتابعة عمار له، لكن يمكن أن يقال: أن الروايات كلها صحيحة، عن ابن عباس، وإنه كان يرى التوسعة فى الأمر، وإنه يجيز كل ما صح عنه مما ذكرنا والله أعلم. اهـ.

* * *

ص: 365

(318)

قوله صلى الله عليه وسلم: أغنوهم بها، عن السؤال في هذا اليوم.

رواه ابن عدي في الكامل (7/ 55)، والدارقطني (2/ 152)، والبيهقي (4/ 175)، والحاكم في معرفة علوم الحديث (ص 131)، وابن زنجويه في الأموال (3/ 1251)(2397)، كلهم من طريق أبي معشر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نخرج صدقة الفطر، عن كل صغير وكبير، حر أو عبد، صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من شعير، أو صاعا من قمح، وكان يأمرنا أن نخرجها قبل الصلاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمها قبل أن ننصرف من المصلى، ويقول: أغنوهم من طواف هذا اليوم. هذا لفظ الحاكم، وعند البيهقي بنحوه.

قلت: أبا معشر، اسمه نجيح بن عبدالرحمن السندي. ضعيف. قال الأثرم، عن أحمد: حديثه عندي مضطرب، لا يقيم الإسناد، ولكن أكتب حديثه اعتبر به. اهـ. وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ. وقال النسائي وأبو داود: ضعيف. اهـ.

ولهذا قال ابن عدي في الكامل (7/ 55): هذه الزيادة في الحديث: أغنوهم، عن الطواف يقول أبومعشر. اهـ.

وللحديث طرق أخرى، عن أبي سعيد الخدري.

فقد روى ابن سعد في الطبقات (3/ 8)(423) قال: حدثنا محمد بن عمر، حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الجمحي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها. قال: وأخبرنا عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. قال: وأخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن بيح بن عبدالرحمن بن أبي سعيد

ص: 366

الخدري، عن أبيه، عن جده، قالوا: فرض صوم رمضان، بعدما حولت القبلة إلى الكعبة بشهر، في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا، من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر في هذه السنة بزكاة الفطر، وذلك قبل أن يفرض الزكاة في الأموال، وأن تخرج، عن الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد: صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب أو مدين من بر، وأمر بإخراجها قبل الغدو إلى الصلاة، وقال: أغنوهم- يعني المساكين-، عن طواف هذا اليوم.

قلت: في إسناده محمد بن عمر الواقدي، وقد أتهم.

وقد ضعف الحديث ابن حزم، وابن الملقن، والحافظ ابن حجر. انظر: المحلى (6/ 121)، خلاصة البدر المنير (1/ 313)، بلوغ المرام (ص 108).

* * *

ص: 367

(319)

أنه ثبت، عن النبي، ذكر في خطبة الأضحى كثيرا من أحكامها. من رواية أبي سعيد والبراء وجابر وغيرهم.

حديث أبي سعيد الخدري سبق تخريجه، وهو بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم، ويوصيهم، ويأمرهم

الحديث.

وأما حديث البراء بن عازب، فلفظه قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر. قال: إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة؛ فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء

الحديث.

وأخرجه البخاري (2/ 3، 6، 8) - العيدين- باب الدعاء في العيد، وباب الخطبة بعد العيد، وباب التكبير للعيد، وباب استقبال الإمام الناس في خطبة العيد (6/ 234، 237، 238) - الأضاحي- باب سنة الأضحية، وباب الذبح بعد الصلاة، ومسلم (3/ 1553) - الأضاحي- (7)، والنسائي (3/ 182) - صلاة العيدين- باب الخطبة يوم العيد- (1563)، وأحمد (4/ 282، 303)، والطيالسي (ص 101، 743)، علي بن الجعد في مسنده (1/ 3932 - 524)، (2/ 728 - 1805)، وابن حبان كما في الإحسان (7/ 56، 561)(5786، 5877)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 172) - الصيد والذبائح والأضاحي- باب من نحر يوم النحر قبل أن ينحر الإمام، وأبو نعيم في الحلية (4/ 337)(5/ 34، 35)(7/ 184، 485)، والبيهقي (3/ 311) -

ص: 368

صلاة العيدين- باب الإمام يعلمهم في خطبة عيد الأضحى كيف ينحرون (9/ 269، 276) - الضحايا- باب لا يجزئ الجذع إلا من الضأن وحدها، وباب وقت الأضحية، والبغوي في شرح السنة (4/ 327) - العيدين- باب سنة عيد الأضحى وتأخير الأضحية- (1114).

وأما حديث جابر، فقد ورد بلفظ: شهدت مع رسول الله الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئا على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس، وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء

الحديث.

وأخرجه مسلم (2/ 603) - صلاة العيدين- (4)، والنسائي (3/ 186) - صلاة العيدين- باب قيام الإمام في الخطبة متوكئا على إنسان- (1575)، والدارمي (1/ 316) - الصلاة- باب الحث على الصدقة يوم العيد- (1618)، وأحمد (3/ 318)، وعبد الرزاق (3/ 278، 279)(5631)، والفريابي في أحكام العيدين (ص 137)(98)، وأبو يعلى (4/ 30)(2033)، وابن خزيمة (2/ 357)(1460)، والبيهقي (3/ 296، 300) - صلاة العيدين- باب يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وباب أمر الإمام الناس في خطبته بطاعة الله عز وجل.

* * *

ص: 369

(320)

روى عطاء، عن عبدالله بن السائب، قال: شهدت مع النبي العيد، فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب. رواه ابن ماجه، وإسناده ثقات.

رواه أبو داود- الصلاة- باب الجلوس للخطبة (1155)، والنسائي- صلاة العيدين- باب التخيير بين الجلوس في الخطبة للعيدين- (3/ 185)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في انتظار الخطبة بعد الصلاة- (1290)، وابن خزيمة (2/ 358)، والبيهقي (3/ 301)، والحاكم (1/ 434)، والدارقطني (2/ 50)، كلهم من طريق الفضل بن موسى السيناني، ثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عبدالله بن السائب. قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة. قال: إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. اهـ. ووافقه الذهبي.

قلت: رجاله ثقات، وقد أختلف في إسناده، فقد اختلف أصحاب ابن جريج في وصله وإرساله.

ورواه الفضل بن موسى، عن عطاء موصولا.

وخالفه سفيان الثوري، وعبد الرزاق، وهشام بن يوسف الصنعاني، عن ابن جريج، عن عطاء مرسلا. فقد أخرجه عبد الرزاق (2/ 290)، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:

فذكره.

ورواه البيهقي (3/ 301) من طريق قبيصة، عن سفيان، عن ابن جريج به مرسلا.

ص: 370

قال ابن التركماني في الجوهر النقي (3/ 301)، مع السنن: الفضل بن موسى، ثقة جليل، وروى له الجماعة، وقال أبو نعيم: هو أثبت من ابن المبارك، وقد زاد ذكر السائب، فوجب أن تقبل زيادته. والرواية المرسلة في سندها قبيصة، عن سفيان. وقبيصة وإن كان ثقة، إلا أن ابن معين وابن حنبل وغيرهما ضعفوا روايته، عن سفيان. وعلى تقدير صحة هذه الرواية، لا تعلل بها رواية الفضل؛ لأنه زاد في الإسناد، وهو ثقة. اهـ.

وأقره الشيخ الألباني رحمه الله فقال في الإرواء (3/ 97)، لما نقل كلامه: هذا كلام متين، ونقد مبين، ولولا أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه، لجزمت بصحته كما صنع الحاكم. اهـ.

وسبق ابن التركماني في هذا ابن حزم في المحلى (5/ 127).

لكن رجح الأئمة رواية الموقوف.

فقد قال ابن أبي حاتم في العلل (513): سئل أبو زرعة، عن حديث رواه الفضل بن موسى السيناني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبدالله بن السائب، قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة، قال: إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب فليرجع. قال أبو زرعة: الصحيح، ما، حدثنا به إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن عطاء: أن النبي صلى الله عليه وسلم

مرسل. اهـ.

ولما رواه أبو داود، من طريق الفضل بن موسى موصولا. قال أبوداود (1/ 370): هذا مرسل، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وقال عباس الدوري كما في التاريخ (3/ 15): سمعت يحيى يقول: عبدالله بن السائب الذي يروي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم العيد. هذا خطأ؛ إنما

ص: 371

هو عن عطاء فقط، وإنما يغلط فيه الفضل بن موسى السيناني. يقول: عن عبدالله بن السائب. اهـ.

ونقل المزي، في تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف (4/ 347)، عن النسائي، أنه قال: هذا خطأ، والصواب مرسل. اهـ.

ولم أقف عليه عند النسائي في السنن الصغرى ولا الكبرى، لكن نقله أيضا، عن النسائي، الذهبي في المهذب (2/ 276)، والمنذري في مختصر السنن (2/ 32).

* * *

ص: 372

(321)

قول ابن عباس: خرج النبي يوم العيد، فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما. متفق عليه.

أخرجه البخاري (964) - العيدين- باب الخطبة بعد العيد، وباب الصلاة قبل العيد وبعدها (2/ 18) - الزكاة- باب التحريض على الصدقة، ومسلم (2/ 606) - صلاة العيدين- (13)، وأبو داود- الصلاة- باب الصلاة بعد صلاة العيد- (1159)، والترمذي- الصلاة- باب ما جاء لا صلاة قبل العيد ولا بعدها (537)، والنسائي (3/ 193) - صلاة العيدين باب الصلاة قبل العيدين وبعدها- (1587)، وابن ماجه- إقامة الصلاة- باب ما جاء في الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها- (1291)، وأحمد (1/ 28، 340)، كلهم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى يوم العيد ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها.

وفي آخره زيادة، كما في الصحيحين وأبي داود: ثم أتى النساء ومعه بلال؛ فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تلقي خرصها، وتلقي سخايها.

وورد في الباب جملة من الأحاديث:

فقد روى الترمذي (538)، وأحمد (2/ 57)، والبيهقي (3/ 302)، والحاكم (1/ 435)، كلهم من طريق أبان بن عبدالله البجلي، عن أبي بكر بن حفص، وهو ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص، عن ابن عمر: أنه خرج في يوم عيد، فلم يصل قبلها ولا بعدها، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.

قلت: رجاله ثقات، غير أبان بن عبدالله بن أبي حازم البجلي، اختلف فيه. قال أحمد: صدوق، صالح الحديث. اهـ. وقال ابن معين: ثقة. اهـ.

ص: 373

وقال ابن عدي: هو عزيز الحديث، عزيز الروايات، لم أجد له حديثا منكر المتن فاذكره، وأرجو أنه لا بأس به. اهـ.

ونقل الترمذي في العلل الكبير (1/ 291): عن محمد بن إسماعيل، أنه قال: حديث ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة قبل العيد، وأبان بن عبدالله صدوق الحديث. اهـ.

وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (3/ 99): أخرجه الترمذي، والحاكم، والبيهقي، بسند حسن. اهـ.

والحديث صححه الترمذي (2/ 153)، فقال: هذا حديث حسن صحيح. اهـ.

وقال الحاكم (1/ 435): هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذا اللفظ. اهـ. ووافقه الذهبي.

ورواه الطبراني في الأوسط (6/ رقم 6651)، قال: حدثنا محمد بن جعفر، نا عمرو بن قسط، ثنا عبيدالله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن جابر، عن سالم، عن ابن عمر قال: ربما رحت مع النبي صلى الله عليه وسلم، في يوم الفطر والأضحى، فلم يكن يصلي قبلها ولا بعدها.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن جابر، هو الجعفي، وهو ضعيف.

وروى أحمد (3/ 314)، قال: حدثنا أبو معاوية، ثنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر بن عبدالله، قال: بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالصلاة قبل الخطبة في العيدين، بغير أذان، ولا إقامة. قال: ثم خطب الرجال، وهو متوكئ على قوس، ثم أتى النساء، فخطبهن وحثهن على الصدقة. قال: فجعلن يطرحن القرطة، والخواتيم، والحلي، إلى بلال. قال: ولم يصل قبل الصلاة ولا بعدها.

ص: 374

قلت: رجاله ثقات، غير أن زيادة: متوكئ على قوس شاذة.

وأصل الحديث في الصحيحين، من غير ذكر الزيادة؛ بل إنه مخالف للفظ هذا الحديث، لأنه عندهما بلفظ: النبي صلى الله عليه وسلم كان متوكئا على بلال.

فقد أخرجه البخاري (978)، ومسلم (2/ 603)، كلاهما من طريق عبدالرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، عن جابر بن عبدالله، قال: سمعته يقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم، قام يوم الفطر فصلى، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة. ثم خطب الناس؛ فلما فرغ نبي الله، صلى الله عليه وسلم، نزل وأتى النساء فذكرهن، وهو يتوكأ على يد بلال، باسط ثوبه

).

ثم أيضا في إسناد أحمد: عبد الملك بن أبي سليمان، أحد الأئمة، لكن عرف بمخالفة ابن جريج، وابن جريج مقدم عليه.

قال الحافظ ابن حجر في التهذيب (6/ 353): قال صالح بن أحمد، عن أبيه: عبد الملك من الحفاظ، إلا أنه كان يخالف ابن جريج، وابن جريج أثبت منه عندنا. اهـ.

ثم إنه رواه الأئمة، عن عبد الملك بن أبي سليمان به، وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان متوكئا على بلال. فخالفوا أبو معاوية كما سبق عند أحمد.

فقد رواه عنه عبدالله بن نمير، كما عند مسلم (2/ 603)، وجرير عند الفريابي في أحكام العيدين رقم الحديث (5، 95 - 99)، ويعلى بن عبيد عند الفريابي والدارمي (1/ 314، 316)، وإسحاق بن يوسف الأزرق عند البيهقي (3/ 296)، ويحيى بن سعيد عند النسائي (3/ 82، 186)، كلهم، عن عبد الملك بن أبي سليمان به بلفظ: وهو متوكئا على بلال.

وروى عبد الرزاق (3/ 275)، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي

ص: 375

عياش، أن أنس بن مالك أخبره: أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يصل قبل صلاة الفطر ولا بعدها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن صلى قبل صلاة الأضحى ولا بعدها شيئا.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي، وابن أبي عياش، هو النعمان بن أبي عياش الزرقي الأنصاري، ثقة، أخرج له الستة عدا أبي داود. ووثقه ابن معين. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو بكر بن منجويه: كان شيخا كبيرا، من أفاضل أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، ثبت في حديث ابن جريج، فقد نقل الحافظ ابن حجر في التهذيب (6/ 279)، عن أبي زرعة الدمشقي، قال: قلت لأحمد من أثبت في ابن جريج، عبد الرزاق أو البرساني قال: عبد الرزاق. اهـ.

* * *

ص: 376

(322)

يسن لمن فاتته صلاة العيد، أو فاته بعضها، قضاؤها يومها قبل الزوال، أو بعده، على صفتها، لفعل أنس، وكسائر الصلوات.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 183) - الصلاة- باب الرجل تفوته الصلاة في العيد كم يصلي- حدثنا ابن علية، عن يونس، قال: حدثني بعض آل أنس؛ أن أنسا، كان ربما جمع أهله وحشمه يوم العيد، فصلى بهم عبدالله بن أبي عتبة ركعتين.

قلت: إسناده ضعيف، لأن في إسناده راو لم يسم.

وأخرجه البيهقي (3/ 305) - صلاة العيدين- باب صلاة العيدين سنة أهل الإسلام حيث كانوا- من طريق نعيم بن حماد، عن هشيم، عن عبيدالله بن أبي بكر بن أنس بن مالك.

قلت: الأثر ضعيف فيه نعيم بن حماد الخزاعي، وهو كثير الخطأ، وقد تفرد بالرواية، عن هشيم، ولم يتابعه عليه أحد.

* * *

ص: 377

(323)

أن ابن عمر، كان لا يكبر إذا صلى وحده.

أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 305)(2212). قال: حدثنا محمد بن يحيي، قال: ثنا أحمد بن حنبل، قال: ثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبدالرحمن، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر: أنه كان إذا صلى وحده في أيام التشريق لم يكبر.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده صحيح.

وروى ابن أبي شيبة (5881) قال: حدثنا حفص، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، قال: لا يكبر إلا أن يصلي في جماعة.

* * *

ص: 378

(324)

وقال ابن مسعود: إنما التكبير على من صلى في جماعة. رواه ابن المنذر.

أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 306)(2213) من طريق إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا محمد بن سلمة الحريري، عن زيد بن أبي أنيسه، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن عباس، قال: ليس على الواحد والاثنين تكبير أيام التشريق، إنما التكبير على من صلى في جماعة. وكان سفيان الثوري يقول: التكبير أيام التشريق، إنما هو في الصلاة المكتوبة في الجماعة.

كذا وقع في الإسناد: الحريري، ويظهر أن الصواب: الحراني، يروي عن زيد بن أبي أنيسة.

قلت: إسناده حسن.

* * *

ص: 379

(325)

: فيلتفت الإمام إلى المأمومين، ثم يكبر لفعله.

أخرجه الدارقطني (2/ 50) - العيدين- (29) من طريق عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر وعبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبدالله أنه قال: كان رسول الله، إذا صلى الصبح من غداة عرفة، يقبل على أصحابه، فيقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر، من آخر أيام التشريق.

قلت: الحديث ضعيف جدا؛ لأن مداره على جابر بن زيد، وعمرو بن شمر، الجعفيان، وهما ضعيفان لا يحتج بهما.

قال الزيلعي في نصب الراية (2/ 223، 224): قال ابن القطان: جابر الجعفي سيئ الحال، وعمر بن شمر أسوأ حالا منه، بل هو من الهالكين، قال السعدي: عمرو بن شمر زائغ كذاب، وقال الفلاس: واه، قال البخاري. وأبو حاتم: منكر الحديث، زاد أبو حاتم: وكان رافضيا، يسب الصحابة، روى في فضائل أهل البيت، أحاديث موضوعة، فلا ينبغي أن يعلل الحديث، إلا بعمرو بن شمر، مع أنه قد اختلف عليه فيه، فرواه عنه سعيد بن عثمان. وأسيد بن زيد، فقالا: عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي الطفيل، عن علي، وعمار. ورواه مصعب بن سلام، عن عمرو بن شمر، فقال فيه: عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، علي بن حسين، عن جابر بن عبد الله. وروى محفوظ بن نصر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن محمد بن علي، عن جابر، فأسقط من الإسناد، علي بن حسين

اهـ.

ص: 380

وقال الألباني في الإرواء (1/ 232): وهذا سند واه جدا.». اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في البيان الممتع (ص 207): فيه عمرو ابن شمر كتروك جابر الجعفي ضعيف عبد الرحمن بن سابط، قال البيهقي: لا يحتج به». أهـ.

* * *

ص: 381

(326)

: ثم يكبر لفعله. من صلاة الفجر يوم عرفة، روي عن عمر، وعلي، وابن عباس، وابن مسعود.

الأثر المروي عن عمر بن الخطاب، أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 166)، الصلاة، باب: التكبير من أي يوم إلى أي ساعة، وابن المنذر في الأوسط (2200)، والحاكم (1/ 299)(العيدين)، والبيهقي (3/ 314)، صلاة العيدين باب: من استحب أن يبتدئ بالتكبير خلف صلاة الصبح من يوم عرفة. من طريق الحجاج، قال: سمعت عطاء، يحدث، عن عبيد بن عمير، قال: كان عمر بن الخطاب، يكبر بعد صلاة الفجر من يوم عرفة، إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق.

قلت: إسناد ضعيف، لأن مداره على الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف، وصرح عند البيهقي بالتحديث.

وصححه الحاكم، وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة (4/ 259) من طريق سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن عبيد به.

قال البيهفي: كذا رواه الحجاج بن أرطاة، عن عطاء. وكان يحيى بن سعيد القطان ينكره. قال أبوعبيد القاسم بن سلام: ذاكرت به يحيى بن سعيد فأنكره، وقال: هذا وهم من الحجاج، وإنما الإسناد، عن عمر: أنه كان يكبر فى قبته بمنى.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 123): ورواه عن عمرو بن شمر، جماعات منهم مصعب بن سلام، عنه، عن جابر، عن أبي جعفر، عن علي بن حسين، عن جابر: كان عليه السلام، يكبر في صلاة الفجر يوم عرفة، إلى صلاة

ص: 382

العصر من آخر أيام التشريق، حين يسلم من المكتوبات. ومصعب هذا، كأنه التميمي الكوفي، تكلم فيه ابن حبان، وصحح الحاكم حديثه. ثانيهم: محفوظ بن نصر الهمداني عنه، عن جابر، عن محمد بن علي، عن جابر أنه عليه السلام، كبر يوم عرفة، وقطع في آخر أيام التشريق. ومحفوظ هذا، لا أعلم حاله. ثالثهم: نائل بن نجيح عنه، عن جابر، عن أبي جعفر وعبد الرحمن ابن سابط، عن جابر: كان عليه السلام، إذا صلى الصبح من غداة عرفة، أقبل على أصحابه، ويقول: على مكانكم. ويقول: الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، فيكبر من غداة عرفة، إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق. ونائل هذا، أحاديثه مظلمة جدا، قال البيهقي: وروي في ذلك، عن عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم ثم ذكره عنهم بأسانيده". انتهى ما نقله وقاله ابن الملقن.

وأما ما روي عن علي بن أبي طالب، فأخرجه أبو يوسف في الآثار (295)، وابن أبي شيبة (2/ 165)، وابن المنذر في الأوسط (2201)، والبيهقي (3/ 314)، صلاة العيدين، والحاكم (1/ 299)، وصححه الحاكم.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 299): كتاب العيدين، من حديث علي وعمار أيضا، وفيه زيادة: وكان يقنت في صلاة الفجر، وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة، ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح .. اهـ.

لكن تعقبه الذهبي فقال: بل خبر واه كأنه موضوع؛ لأن عبدالرحمن صاحب مناكير، وسعيد إن كان الكريزي، فهو ضعيف، وإلا فهو مجهول.

ص: 383

وأما ما روي عن عبدالله بن عباس، فأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 167) قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن أبي بكار، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة، إلى آخر أيام التشريق، لا يكبر في المغرب: الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر وأجل، الله أكبر ولله الحمد.

ومن هذا الوجه رواه ابن المنذر في الأوسط (2202)، والحاكم (1/ 299) العيدين، وأحمد بن منيع في مسنده، كما في المطالب العالية (671).

قلت: رجاله ثقات، وصححه الحاكم.

وقال الحافظ ابن رجب في شرح البخاري (6/ 127)، لما ذكر الأثر: وهذه الرواية التي ضعفها أحمد، وذكر أنها مختلفة .. اهـ.

وأما ما روي عن عبدالله بن مسعود، فأخرجه ابن أبي شيبة (167)، وابن المنذر في الأوسط (2204)، والطبراني في الكبير (9/ 355)(9534)، والحاكم (1/ 300). وصححه الحاكم.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 462): وأصح ما ورد فيه، عن الصحابة، قول علي وابن مسعود .. اهـ.

وروى البيهقي (3/ 134) من طريق علي بن مسلم الطوسي، ثنا أبويوسف القاضي، ثنا مطرف بن طريف، عن أبي إسحاق، قال: اجتمع عمر وعلي وابن مسعود على التكبير في دبر صلاة الغداة من يوم عرفة، فأما أصحاب ابن مسعود فإلى صلاة العصر من يوم النحر، وأما عمر وعلي رضي الله عنهما فإلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.

ص: 384

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه، أبا يوسف هو يعقوب بن إبراهيم، صاحب أبي حنيفة، وثقه النسائي وابن معين في رواية، وقال البخاري: تركوه، ولينه يزيد بن هارون وابن معين في رواية وغيرهم، وأبو إسحاق مدلس، ولم يسمع من عمر.

* * *

ص: 385

(327)

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد؛

لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك.

سبق تخريجه برقم (325 - 326).

* * *

ص: 386

‌باب صلاة الكسوف

(328)

قول عائشة: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام وكبر وصف الناس وراءه. متفق عليه.

رواه البخاري (1065)، ومسلم 2/ 619 - 620 والنسائي 3/ 128 كلهم من طريق ابن شهاب الزهري يخبر، عن عروة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الكسوف بقراءته؛ فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات.

ورواه مسلم 2/ 620 قال: حدثنا محمد بن مهران الرازي، حدثنا الوليد بن مسلم قال: قال الأوزاعي أبو عمرو وغيره: سمعت ابن شهاب الزهري يخبر، عن عروة، عن عائشة به. وزاد في أوله: فبعث مناديا: الصلاة جامعة فاجتمعوا وتقدم فكبر

فذكره.

ورواه البخاري (1058)، ومسلم 2/ 619 وأبو داود (1180)، وابن ماجه (1263)، والنسائي 3/ 130 - 131 كلهم من طريق ابن شهاب به مطولا. ولفظ البخاري: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فأطال القراءة، ثم ركع فأطال الركوع؛ ثم رفع رأسه فأطال القراءة، وهي دون قراءته الأولى؛ ثم ركع فأطال الركوع دون ركوعه الأول،

ثم رفع رأسه فسجد سجدتين؛ ثم قام فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك؛ ثم قام فقال: إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله يريهما عباده؛ فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة.

وروى أبو داود (1182) قال: حدثنا أحمد بن الفرات بن خالد أبو

ص: 387

مسعود الرازي أخبرنا محمد بن عبدالله بن أبي جعفر الرازي، عن أبيه، عن أبي جعفر الرازي قال: قال أبو داود: وحدثت، عن عمر بن شقيق. قال: ثنا أبو جعفر الرازي وهذا لفظه وهو أتم، عن الربيع، عن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بهم فقرأ بسورة من الطوال وركع خمس ركعات وسجد سجدتين، ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها.

ورواه عبدالله كما في زوائده على المسند 5/ 134 والحاكم 1/ 482 والبيهقي 3/ 329 كلهم من طريق أبي جعفر الرازي به.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن في إسناده أبا جعفر الرازي واسمه عيسى بن أبي عيسى التميمي.

قال عبدالله بن أحمد، عن أبيه: ليس بقوي في الحديث. اهـ. وقال حنبل، عن أحمد: صالح الحديث. اهـ. ووثقه ابن معين، وقال مرة: يكتب حديثه ولكنه يخطئ. اهـ. ووثقه ابن المديني وابن عمار. وأبو حاتم وضعفه النسائي، و ابن خراش، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وقد روى عنه الناس وأحاديثه عامتها مستقيمة وأرجو أنه لا بأس به. اهـ.

والحديث أشار البيهقي إلى ضعفه فقال 3/ 329: وروى خمس ركوعات في ركعة بإسناد لم يحتج بمثله صاحبا الصحيح ولكنه أخرجه أبو داود في السنن .... اهـ.

ثم ذكره مسندا

وضعفه النووي؛ فقال في الخلاصة 2/ 858: رواه أبو داود بإسناد فيه ضعف، ولم يضعفه. اهـ.

وصححه الحاكم 1/ 482 فقال: الشيخان قد هجرا أبا جعفر الرازي ولم

ص: 388

يخرجا عنه، وحاله عند سائر الأئمة أحسن الحال، وهذا الحديث فيه ألفاظ، ورواته صادقون. اهـ.

وتعقبه الذهبي في التلخيص فقال: خبر منكر، وعبد الله بن أبي جعفر ليس بشيء، وأبوه فيه لين. اهـ.

وقال الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 130: الحمل فيه على الأب؛ فإن ابنه قد توبع عليه عند غير الحاكم. اهـ.

وروى مسلم 2/ 623 وأبو داود (1178)، وابن المنذر في الأوسط 5/ 300 كلهم من طريق عبد الملك، عن عطاء، عن جابر قال: انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم. فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات، بدأ فكبر؛ ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحوا مما قام؛ ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الأولى؛ ثم ركع نحوا مما قام؛ ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الثانية؛ ثم ركع نحوا مما قام؛ ثم رفع رأسه من الركوع؛ ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين. ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات. ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها، وركوعه نحوا من سجوده .... الحديث.

ورواه مسلم 2/ 623 قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدرقي، حدثنا إسماعيل بن علية، عن هشام الدستوائي قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبدالله قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال؛ ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين ثم

ص: 389

قام فصنع نحوا من ذلك فكانت أربع ركعات وأربع سجدات ....

ورواه النسائي 3/ 136 من طريق هشام به بنحوه.

قال البيهقي في المعرفة 3/ 84: (وقع الخلاف بين عبد الملك، عن عطاء، عن جابر وبين هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر في عدد الركوع في كل ركعة؛ فوجدنا رواية هشام أولى لكونه مع أبي الزبير أحفظ من عبد الملك ولموافقة روايته في عدد الركوع رواية عروة وعمرة، عن عائشة، ورواية كثير بن عباس وعطاء بن يسار، عن ابن عباس ورواية أبي سلمة، عن عبدالله بن عمرو، ثم رواية يحيى بن سلم وغيره

). اهـ.

ثم قال: فرواية هشام، عن أبي الزبير، عن جابر التي لم يقع فيها الخلاف ويوافقها عدد كثير أولى من رواية عطاء التي ينفرد بها عبد الملك بن أبي سليمان الذي قد أخذ عليه الغلط في غير حديث والله أعلم. اهـ.

وقال ابن القيم في زاد المعاد 1/ 452 - 453 لما ذكر الصفة الصحيحة وهي ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان وقد سبق تخريجهما قال: فهذا الذي صح عنه صلى الله عليه وسلم من صفة صلاة الكسوف وخطبتها، وقد روى عنه أنه صلاها على صفات أخر منها: كل ركعة بثلاث ركوعات. ومنها كل ركعة بأربع ركوعات. ومنها: أنها كإحدى صلاة صليت كل ركعة بركوع واحد، ولكن كبار الأئمة لا يصححون ذلك كالإمام أحمد والبخاري والشافعي ويرونه غلطا. قال الشافعي وقد سأله سائل؛ فقال: روى بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بثلاث ركعات في كل ركعة، قال الشافعي: فقلت له: أتقول به أنت؟ قال: لا. ولكن لِمَ لَمْ تقل به أنت! وهو زيادة على حديثكم؟ يعني حديث الركوعين في الركعة. فقلت: هو من وجه منقطع، ونحن لا نثبت المنقطع على

ص: 390

الانفراد، ووجه نراه والله أعلم. غلطا. قال البيهقي: أراد بالمنقطع قول عبيد بن عمير: حدثني من أصدق، قال عطاء: حسبته يريد عائشة

قال: وأنا الذي يراه الشافعي غلطا، فأحسبه حديث عطاء، عن جابر: انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم؛ فقام النبي صلى الله عليه وسلم؛ فصلى بالناس ست ركعات في أربع سجدات. الحديث». انتهى ما نقله وقاله ابن القيم.

وقال البيهقي 3/ 326: ومن نظر في هذه القصة وفي القصة التي رواها أبو الزبير، عن جابر علم أنها قصة واحدة وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها يوم توفى إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اتفقت رواية عروة بن الزبير وعمرة بنت عبدالرحمن، عن عائشة ورواية عطاء بن يسار وكثير بن عباس، عن ابن عباس ورواية أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن عمرو ورواية أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان وفي حكاية أكثرهم قوله صلى الله عليه وسلم يومئذ أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنخسفان لموت أحد ولا لحياته دلالة على أنه إنما صلاها يوم توفى ابنه فخطب وقال هذه المقالة ردا لقولهم إنما كسفت لموته وفي اتفاق هؤلاء العدد مع فضل حفظهم دلالة على أنه لم يزد في كل ركعة على ركوعين كما ذهب إليه الشافعي ومحمد بن إسماعيل البخاري رحمهما الله تعالى. اهـ.

وقال الترمذي في العلل الكبير 1/ 299 - 300: قال محمد: أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف أربع ركعات في أربع سجدات وحديث أبي قلابة، عن قبيصة الهلالي في صلاة الكسوف يقولون فيه: أبو قلابة، عن رجل، عن قبيصة وحديث كثير بن عباس في صلاة الكسوف أصح من حديث

ص: 391

سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وروى أبو داود (1194)، والترمذي في الشمائل (324)، والنسائي 3/ 137، وفي الكبرى (1880)، وأحمد 2/ 159 (6483). وفي 2/ 163 (6517). وفي 2/ 188 (6763). وفي 2/ 198 (6868)، وابن خزيمة (90 و 1389 و 1392) كلهم من طريق عطاء بن السائب، عن أبيه، السائب بن مالك، عن عبدالله بن عمرو، قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع فأطال. قال شعبة، وأحسبه قال في السجود نحو ذلك، وجعل يبكي في سجوده وينفخ، ويقول: رب لم تعدني هذا، وأنا أستغفرك. لم تعدني هذا، وأنا فيهم. فلما صلى، قال: عرضت علي الجنة حتى لو مددت يدي تناولت من قطوفها، وعرضت علي النار فجعلت أنفخ خشية أن يغشاكم حرها، ورأيت فيها سارق بدنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيت فيها أخا بني دعدع سارق الحجيج، فإذا فطن له قال: هذا عمل المحجن، ورأيت فيها امرأة طويلة سوداء تعذب في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تسقها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت، وإن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا انكسفت إحداهما، أو قال: فعل أحدهما شيئا من ذلك، فاسعوا إلى ذكر الله عز وجل.

ورواه عن عطاء بن السائب كل من محمد بن فضيل، وشعبة، وزائدة بن قدامة، سفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وجرير بن عبد الحميد، وعبد العزيز بن عبد الصمد.

قال الأشبيلي في الأحكام الشرعية (2/ 223): شعبة بن الحجاج وسفيان

ص: 392

الثوري وحماد بن زيد وحماد بن سلمة- رووا، عن عطاء بن السائب قبل اختلاطه. اهـ.

وقال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: (4001) في صحيح الجامع.

وأخرجه ابن خزيمة (1393) قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عطاء العامري، عن عبدالله بن عمرو، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطال القيام حتى قيل: لا يركع، ثم ركع فأطال الركوع حتى قيل لا يرفع، ثم رفع رأسه، فأطال القيام حتى قيل لا يسجد، ثم سجد، فأطال السجود حتى قيل لا يرفع، ثم رفع، فجلس حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد، ثم قام ففعل في الأخرى مثل ذلك، ثم أمحصت الشمس.

قال الحاكم في المستدرك (1/ 478): حديث الثوري، عن يعلى بن عطاء غريب صحيح فقد احتج الشيخان بمؤمل بن إسماعيل ولم يخرجاه فأما عطاء بن السائب فإنهما لم يخرجاه. اهـ.

وقال الألباني في التعليق على ابن خزيمة (1393): إسناده ضعيف مؤمل وهو ابن اسماعيل سيئ الحفظ. اهـ.

وروى الإمام أحمد 1/ 143 قال: حدثنا يحيى بن آدم ثنا زهير ثنا الحسن بن الحر ثنا الحكم بن عتيبة، عن رجل يدعى حنشا، عن علي قال: كسفت الشمس فصلى علي رضي الله عنه للناس فقرأ يس أو نحوها ثم ركع نحوا من قدر السورة ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده ثم قام قدر السورة يدعو ويكبر ثم ركع قدر قراءته أيضا ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام أيضا قدر

ص: 393

السورة ثم ركع قدر ذلك أيضا حتى صلى أربع ركعات ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم سجد ثم قام في الركعة الثانية ففعل كفعله في الركعة الأولى ثم جلس يدعو ويرغب حتى انكشف الشمس ثم حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك فعل.

ورواه البيهقي 3/ 330 من طريق زهير به.

قلت: حنش هو ابن المعتمر ويقال ابن ربيعة الكناني أبو المعتمر الكوفي تكلم فيه. قال ابن المديني: حنش بن ربيعة الذي روى عن علي وعنه الحكم بن عتيبة لا أعرفه. اهـ. وقال البخاري: يتكلمون في حديثه. اهـ. وقال النسائي: ليس بالقوي. اهـ. وقال أبو حاتم: حنش بن المعتمر هو عندي صالح ليس أراهم يحتجون بحديثه. اهـ. وقال أبو داود: ثقة. اهـ.

وقال الحافظ في التهذيب 3/ 51: أما ابن حبان فقال: حنش بن المعتمر هو الذي يقال له حنش بن ربيعة والمعتمر كان جده، وكان كثير الوهم في الأخبار ينفرد، عن علي بأشياء لا تشبه حديث الثقات حتى صار ممن لا يحتج بحديثه. اهـ. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم. اهـ.

وذكره العقيلي وغيره في الضعفاء.

وروى أحمد 1/ 143 (1216)، وابن خزيمة (1388 و 1394) كلاهما من طريق زهير، حدثنا الحسن ابن الحر، حدثنا الحكم بن عتيبة، عن رجل يدعى حنشا، عن علي، قال: كسفت الشمس، فصلى علي للناس، فقرأ: يس)، أو نحوها، ثم ركع نحوا من قدر سورة، ثم رفع رأسه، فقال: سمع الله لمن حمده، ثم قام قدر السورة يدعو ويكبر، ثم ركع قدر قراءته أيضا، ثم

ص: 394

قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام أيضا قدر السورة، ثم ركع قدر ذلك أيضا، حتى صلى أربع ركعات، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم سجد، ثم قام إلى الركعة الثانية، ففعل كفعله في الركعة الأولى، ثم جلس يدعو يرغب، حتى انكشفت الشمس. ثم حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك فعل.

ورواه عن زهير كل من يحيى بن آدم، وأبي نعيم، وأحمد بن يونس.

والحديث صححه ابن خزيمة (1388).

وقال الألباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة (2/ 320): رجال إسناده ثقات على ضعف في حنش وهو ابن المعتمر قال الحافظ: صدوق له أوهام. قلت (أي الألباني): فمثله لا يحتج بحديثه عند التفرد كما هنا. اهـ.

* * *

ص: 395

(330)

قوله صلى الله عليه وسلم: فصلوا وادعوا ربكم حتى ينكشف ما بكم. متفق عليه من حديث ابن مسعود.

رواه البخاري (1040) قال: حدثنا عمرو بن عون قال: حدثنا خالد، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس؛ فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد؛ فدخلنا؛ فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس؛ فقال صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد؛ فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم.

ورواه النسائي 3/ 126 من طريق هشيم، عن يونس، عن الحسن به بنحوه.

وروى البخاري (1040)، والنسائي (3/ 124)، وفي (3/ 126)، وفي الكبرى (418)، وأحمد (5/ 37)، وفي (5/ 37) كلهم من طريق الحسن، عن أبي بكرة قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس؛ فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد؛ فدخلنا؛ فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس؛ فقال صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد؛ فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم.

ص: 396

(331)

وأما الزلزلة .... يصلى لها إن دامت لفعل ابن عباس رواه سعيد والبيهقي، وروى الشافعي نحوه، عن علي، وقال: لوثبت لقلنا به

أثر ابن عباس: رواه عبد الرزاق 3/ 101 وعنه رواه البيهقي 3/ 343، عن معمر، عن قتادة وعاصم الأحول، عن عبدالله بن الحارث، عن ابن عباس أنه صلى في الزلزلة بالبصرة فأطال القنوت ثم ركع؛ ثم رفع رأسه فأطال القنوت ثم ركع ثم رفع رأسه فأطال القنوت ثم ركع ثم سجد ثم صلى الثانية، وكذلك فصارت صلاته ثلاث ركعات وأربع سجدات، وقال هكذا صلاة الآيات.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي وشيخ شيخ البيهقي هو أبو بكر محمد بن الحسين القطان. قال الإسماعيلي: سمعت عبدالله بن ناجية يكذبه. وقال الدراقطني: ليس به بأس. اهـ.

ورواه ابن أبي شيبة 2/ 357 قال: حدثنا الثقفي، عن خالد، عن عبدالله بن الحارث أن ابن عباس صلى بهم في زلزلة كانت أربع سجدات فيها ست ركوعات. اهـ.

قال البيهقي: لما ذكر الأثر 3/ 343: هو عن ابن عباس ثابت. اهـ.

وللأثر طرق أخرى، عن ابن عباس عند عبد الرزاق 3/ 98 - (1040).

وأخرجه عبد الرزاق 3/ 101 (4929)، و (4931)، وابن أبي شيبة 2/ 472 الصلاة- باب: في الصلاة في الزلزلة، وابن المنذر في الأوسط 5/ 314 - 351 (2917)، و (2922)، والطحاوي في شرج معاني الآثار 1/ 328 الصلاة- باب: صلاة الكسوف كيف هي؟ والبيهقي 3/ 343 - صلاة الكسوف، باب: من صلى الزلزلة. من طرق أخرى.

ص: 397

وروي عن علي بن أبي طالب: أخرجه الشافعي في الأم 7/ 168، والبيهقي في الكبرى 3/ 343 صلاة الخسوف- باب: من صلى الزلزلة، وفي معرفة السنن والآثار 5/ 157. رواه الشافعي بلاغا، عن عباد بن عاصم الأحول، عن قزغة، عن علي: أنه صلى فى زلزلة ست ركعات فى أربع سجدات خمس ركعات وسجدتين فى ركعة، وركعة وسجدتين فى ركعة.

قلت: إسناده ليس بقوي؛ لأن فيه من لم يسم فإسناده منقطع.

ولهذا قال البيهقي عقبه: قال الشافعي: ولو ثبت هذا الحديث عندنا، عن علي رضي الله عنه لقلنا به. اهـ.

وقد ضعفه النووي في الخلاصة 2/ 865 فقال: وروى عن علي رضي الله عنه ولم يثبت عنه. اهـ.

* * *

ص: 398

(332)

رواه مسلم من حديث ابن عباس صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلى ست ركوعات بأربع سجدات.

أخرجه مسلم 2/ 623 - الكسوف-، وأبو داود- الصلاة- باب من قال صلاة الكسوف أربع ركعات- (1178)، وأحمد 3/ 318، وابن أبي شيبة 2/ 467 - 468 - الصلاة- باب صلاة الكسوف كم هي؟، وأبو عوانة 2/ 371، وابن خزيمة 2/ 318، (1386)، وابن حبان كما في الإحسان 4/ 219 - (2833)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 328 - الصلاة- باب صلاة الكسوف كيف هي؟، والبيهقي 3/ 325 - 326 - صلاة الخسوف- باب من أجاز أن يصلي في الخسوف ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات من حديث ابن عباس.

وسبق ذكر بعض طرقه.

وروى البخاري (1065)، ومسلم 2/ 619 - 620 والنسائي 3/ 128 كلهم من طريق ابن شهاب الزهري يخبر، عن عروة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الكسوف بقراءته؛ فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات.

ورواه مسلم 2/ 620 قال: حدثنا محمد بن مهران الرازي، حدثنا الوليد بن مسلم قال: قال الأوزاعي أبو عمرو وغيره: سمعت ابن شهاب الزهري يخبر، عن عروة، عن عائشة به.

وزاد في أوله: فبعث مناديا: الصلاة جامعة فاجتمعوا وتقدم فكبر

فذكره.

ص: 399

ورواه البخاري (1058)، ومسلم 2/ 619 وأبو داود (1180)، وابن ماجه (1263)، والنسائي 3/ 130 - 131 كلهم من طريق ابن شهاب به مطولا. ولفظ البخاري: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فأطال القراءة، ثم ركع فأطال الركوع؛ ثم رفع رأسه فأطال القراءة، وهي دون قراءته الأولى؛ ثم ركع فأطال الركوع دون ركوعه الأول، ثم رفع رأسه فسجد سجدتين؛ ثم قام فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك؛ ثم قام فقال: إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله يريهما عباده؛ فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة.

وروى مسلم 2/ 623 وأبو داود (1178)، وابن المنذر في الأوسط 5/ 300 كلهم من طريق عبد الملك، عن عطاء، عن جابر قال: انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم. فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات، بدأ فكبر؛ ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحوا مما قام؛ ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الأولى؛ ثم ركع نحوا مما قام؛ ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الثانية؛ ثم ركع نحوا مما قام؛ ثم رفع رأسه من الركوع؛ ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين. ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات. ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها، وركوعه نحوا من سجوده .... ».

ورواه مسلم 2/ 623 قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدرقي، حدثنا إسماعيل بن علية، عن هشام الدستوائي قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبدالله قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر

ص: 400

‌فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال؛ ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين ثم قام فصنع نحوا من ذلك فكانت أربع ركعات وأربع سجدات

.... ».

ورواه النسائي 3/ 136 من طريق هشام به بنحوه.

وسبق قبل حديث التوسع في التخريج.

* * *

ص: 401

(333)

حديث ابن عباس صلى النبي صلى الله عليه وسلم ثماني ركوعات في أربع سجدات.

أخرجه مسلم 2/ 627 - الكسوف- 18، 19، وأبو داود 1/ 786 - الصلاة- باب من قال صلاة الكسوف أربع ركعات- 1183، والنسائي 3/ 129 - الكسوف- باب كيف صلاة الكسوف- 1476، 1468، وأحمد 1/ 225، 346، والدراقطني 2/ 64 - الصلاة- باب صفة صلاة الخسوف والكسوف- 6، والطبراني في الكبير 11/ 52 - 11019، والبيهقي 3/ 327 - صلاة الخسوف- باب من أجاز أن يصلى في الخسوف ركعتين في كل ركعة أربع ركوعات، كلهم من طريق سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاووس، عن ابن عباس صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات.

قلت: حبيب وإن كان ثقة، فإنه كان يدلس ولم يبين سماعه فيه من طاووس، وقد خالفه سليمان الأحوال فوفقه. كما بينه البيهقي في السنن الكبرى 3/ 328 - 3290.

وقال ابن حبان في صحيحه: هذا حديث ليس بصحيح، لأنه من رواية حبيب بن أبي ثابت، عن طاووس، ولم يسمعه حبيب من طاووس. انظر: الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 4/ 2240

وقال البخاري: أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف أربع ركعات في أربع سجدات. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 2/ 253: وقد وردت الزيادة في ذلك من

ص: 402

طرق أخرى فعند مسلم من وجه آخر، عن عائشة وآخر، عن جابر أن في كل ركعة ثلاث ركوعات وعنده من وجه آخر، عن ابن عباس أن فى كل ركعة أربع ركوعات ولأبي داود من حديث أبي بن كعب والبزار من حديث على أن في كل ركعة خمس ركوعات ولا يخلو إسناد منها، عن علة وقد أوضح ذلك البيهقي وبن عبد البر ونقل صاحب الهدى، عن الشافعي وأحمد والبخاري أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطا من بعض الرواة فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض ويجمعها أن ذلك كان يوم مات إبراهيم عليه السلام وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح. اهـ.

* * *

ص: 403

(334)

روى أبو داود، عن أبي كعب أنه صلى الله عليه وسلم، صلى ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات وسجدتين واتفقت الروايات على أن عدد الركوع في الركعتين سواء.

أخرجه أبو داود- الصلاة- باب من قال صلاة الكسوف أربع ركعات- (1179)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد المسند 5/ 134، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 4/ 11، والحاكم 1/ 533 - الكسوف، والبيهقي 3/ 329 - صلاة الخسوف- باب من أجاز أن يصلى في الخسوف ركعتين في كل ركعة أربع ركوعات- كلهم من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فقرأ بسورة من الطول وركع خمس ركعات وسجد سجدتين ثم قام الثانية فقرأ سورة من الطول وركع خمس ركعات وسجد سجدتين ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها.

قلت: إسناده ضعيف، لأن مداره على أبي جعفر الرازي، وهو سيء الحفظ. و الربيع بن أنس البكري أو الحنفي بصري نزل خراسان صدوق له أوهام ورمي بالتشيع.

قال ابن الملقن في البدر المنير 1/ 242: وأبو جعفر هذا قد علمت حاله في حديث القنوت في باب صفة الصلاة، قال الحاكم: الشيخان قد هجراه ولم يخرجا عنه، وحاله عند سائر الأئمة أحسن الحال، وهذا الحديث فيه ألفاظ،

ص: 404

ورواته صادقون. وقال البيهقي: هذا إسناد لم يحتج صاحبا الصحيح بمثله. اهـ.

وقال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير 1/ 242: وصححه ابن السكن وقال الحاكم رواته صادقون. اهـ.

وجزم الحافظ ابن حجر في الفتح 2/ 253 بخطأ رواته. اهـ.

* * *

ص: 405

‌باب صلاة الاستسقاء

(335)

قول عبدالله بن زيد: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة متفق عليه.

رواه البخاري (1024)، ومسلم 2/ 611، وأبو داود (1161)، والنسائي 3/ 157، 163، وأحمد 4/ 40، والبيهقي 3/ 348، والدارمي 1/ 433، وابن خزيمة 2/ 339، والدارقطني 2/ 17 كلهم من طريق الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج يستسقى. قال: فحول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو، ثم حول رداءه، ثم صلى لنا ركعتين جهر فيهما بالقراءة هذا لفظ البخاري ومثله مسلم غير أنه لم يذكر الجهر بالقراءة.

ورواه أحمد 4/ 41 من طريق ابن إسحاق حدثني عبدالله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عبدالله بن زيد قال: قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استسقى لنا أطال الدعاء وأكثر المسألة ثم تحول إلى القبلة وحول رداءه فقلبه ظهرا لبطن وتحول ثم تحول الناس معه.

وقد ضعف الألباني رحمه الله الحديث في تمام المنة (64) فقال: أخرجه أحمد بسند قوي، لكن ذكر تحول الناس معه شاذة. اهـ.

قلت: وبيانه أنه قد خالف ابن إسحاق في لفظ الحديث اثنان من الثقات فلم يذكرا فيه تحويل الناس للرداء، وإنما للإمام فقط وهما:

1 -

مالك بن أنس، عن عبدالله بن أبي بكر أخرجه مالك في الموطأ

ص: 406

(135)

، ومن طريقه أخرجه البخاري 1028 ومسلم وأبو داود (1166)، والنسائي 3/ 34 وفيه ذكر تحويل الإمام لردائه فقط.

2 -

سفيان بن عيينة، عن عبدالله بن أبي بكر به أخرجه البخاري (1026 و 1005)، ومسلم 2/ 611 والنسائي 3/ 157 وابن ماجه (1267) بلفظ: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى واستقبل القبلة وقلب رداءه وصلى ركعتين.

وتابع عبدالله بن أبي بكر جمع من الرواة ولم يذكروا فيه تحويل الناس لأرديتهم منهم الزهري كما سبق وبكر بن محمد، عن عباد كما هو عند البخاري (1028)، ومسلم وأبو داود (1165)، وأيضا عمارة بن غزية كما عند أبي داود (1164)، والنسائي 3/ 340

وروى الدارقطني 2/ 66 قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج ثنا جدى ثنا إسحاق الطباع، عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحول رداءه يتحول القحط.

قلت: رجاله لا بأس بهم غير شيخ الدارقطني وشيخ شيخه لم أجد لهم ترجمة.

ورواه الحاكم 1/ 473 قال: حدثنا أبو جعفر عبدالله بن إسماعيل بن إبراهيم بن المنصور في دار أمير المؤمنين إملاء ثنا محمد بن يوسف بن عيسى بن الطباع حدثني عمي إسحاق بن عيسى ثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر

قال: استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحول رداءه يتحول القحط.

قال الحاكم عقبه: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ.

وقال الذهبي في التلخيص: غريب عجيب صحيح. اهـ.

ص: 407

قلت: جميع رجاله لا بأس بهم وشيخ الحاكم ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء 15/ 551 فقال الشيخ الإمام الشريف المعمر، شيخ بني هاشم أبو جعفر عبدالله وله ترجمة في تاريخ بغداد 9/ 4100

وأما شيخه محمد بن يوسف بن عيسى بن الطباع، كذلك ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء 13/ 160 ونقل، عن الخطيب والدارقطني توثيقه.

* * *

ص: 408

(336)

قال ابن عباس: سنة الاستسقاء سنة العيدين، فتسن في الصحراء، ويصلي ركعتين يكبر في الأولى ستا زوائد، وفي الثانية خمسا من غير آذان ولا إقامة.

رواه الدارقطني 2/ 66، والبيهقي 3/ 348 كلاهما من طريق محمد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن طلحة قال: أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله، عن سنة الاستسقاء فقال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب رداءه فجعل يمينه على يساره، ويساره على يمينه، وصلى ركعتين

».

قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن محمد بن عبد العزيز قال فيه البخاري: منكر الحديث. اهـ. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. اهـ. وبه أعله البيهقي ووالده عبد العزيز بن عمران قال ابن القطان مجهول الحال. اهـ.

وقال النووي في المجموع 5/ 73: حديث ضعيف، رواه الدارقطني بإسناده، عن محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبدالرحمن بن عوف، عن أبيه

ومحمد هذا ضعيف. اهـ.

* * *

ص: 409

(337)

قال ابن عباس: صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما يصلي العيد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ويقرأ في الأولى بـ× «سبح» ، وفي الثانية بـ× «الغاشية» .

رواه أبو داود (1165)، والنسائي 3/ 163 والترمذي (558 - 559)، وابن ماجه (1266)، وأحمد 1/ 23، (269، 355)، وابن حبان (2862)، والبيهقي 3/ 347 كلهم من طريق هشام بن إسحاق بن عبدالله بن كنانة، عن أبيه قال أرسلني أمير من الأمراء إلى ابن عباس أسأله، عن الاستسقاء فقال ابن عباس: ما منعه أن يسألني خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعا متبذلا، متخشعا، مترسلا، متضرعا؛ فصلى ركعتين كما يصلي في العيد، لم يخطب خطبتكم هذه.

وفيه: وقرأ في الأولى بـ سبح، وفي الثانية بـ الغاشية.

وعند الترمذي بلفظ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متبذلا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى؛ فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد.

ووقع التصريح باسم الأمير عند أبي داود والترمذي فقال إسحاق بن عبدالله: أرسلني الوليد بن عقبة وهو أمير المدينة.

قلت: رجاله لا بأس بهم؛ غير هشام بن إسحاق بن عبدالله بن الحارث بن كنانة أبو عبدالرحمن المدني لم أجد فيه جرحا ولا تعديلا غير أن أبا حاتم في الجرح والتعديل 9/ 52 - 53 قال: شيخ. اهـ.

وذكره ابن حبان في الثقات 7/ 568 وروى عنه بعض الأئمة مثل سفيان

ص: 410

الثوري، ورمز له الحافظ في التقريب 7284 بأنه: مقبول. اهـ

وقال أبو حاتم الرازي في الجرح والتعديل 2/ 226: إسحاق بن عبدالله، عن ابن عباس مرسلا وقال عبد الرحمن، وسئل أبو زرعة، عن إسحاق بن عبدالله بن كنانة فقال: مدني ثقة. اهـ.

ولكن ظاهر الإسناد أن إسحاق سأل ابن عباس فعلى هذا يكون الإسناد متصل، والله أعلم.

وقال الألباني في الإرواء 3/ 134: إسناده حسن ورجاله ثقات غير هشام ابن إسحاق .... اهـ.

وقال النووي في المجموع 5/ 277: حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، قال الترمذي: هو حديث حسن صحيح. اهـ.

* * *

ص: 411

(338)

قوله صلى الله عليه وسلم: خرجت أخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت.

أخرجه البخاري (49)، والنسائي في الكبرى 3380 وأحمد (23050)، وابن خزيمة (2198) كلهم من طريق أنس بن مالك، قال أخبرنى عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يخبر بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال إنى خرجت لأخبركم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم التمسوها فى السبع والتسع والخمس.

وروى النسائي، في الكبرى (3382) قال: أخبرنا محمد بن سلمة، قال: أخبرنا عبدالرحمن بن القاسم، عن مالك، -وهو في الموطأ (894) - عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فقال: إني أريت هذه الليلة في رمضان، حتى تلاحى رجلان، فرفعت، فالتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة.

قال الدارقطنى فى علله (12/ 54)(2407): اختلف فيه على حميد: فرواه مالك بن أنس، عن حميد، عن أنس، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان. وتابعه أبو خالد الأحمر. وقال معتمر: عن حميد، عن أنس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبر بليلة القدر. وقال في آخره: فقيل: يا أبا حمزة، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: حدثني به عبادة بن الصامت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال زهير بن معاوية، ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن أبي عدي، وإسماعيل بن جعفر وخالد الواسطي، وعبد الله بن بكر السهمي: عن حميد، عن أنس، عن عبادة. وكذلك قال حماد بن سلمة، عن ثابت، وحميد، عن

ص: 412

أنس، عن عبادة، وهو الصحيح. اهـ.

وقال ابن عبد البر فى التمهيد (7/ 364): روى مالك هذا الحديث لا خلاف عنه فى إسناده ومتنه وإنما الحديث لأنس، عن عبادة بن الصامت. اهـ.

وللحديث طرق.

* * *

ص: 413

(339)

حديث: دعوة الصائم لا ترد.

رواه ابن ماجه (1753) قال: حدثنا هشام بن عمار.، حدثنا الوليد بن مسلم.، حدثنا إسحاق بن عبيدالله المدني قال سمعت عبدالله بن أبي مليكة يقول سمعت عبدالله بن عمرو بن العاص يقول: - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد.

قال ابن مليكة سمعت عبدالله بن عمرو يقول إذا أفطر اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي. اهـ.

ورواه والحاكم (1/ 422) من طريق الوليد به.

قال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح. لأن إسحاق بن عبيدالله بن الحارث قال النسائي ليس به بأس. وقال أبو زرعة ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وباقي رجال الإسناد على شرط البخاري. اهـ.

قلت: إسحاق بن عبيدالله المدني مجهول، قال الحاغظ ابن حجر في التقريب (370): إسحاق بن عبيد الله بن أبي مليكة التيمي مجهول الحال من السادسة وعندي أن الذي أخرج له بن ماجه هو إسحاق بن عبيد الله بن أبي المهاجر وهو مقبول ق .. اهـ.

وقال الشيخ الألباني في الإرواء 4/ 41: وهذا سند ضعيف وعلته إسحاق هذا، وهو ابن عبيدالله بن أبى المهاجر المخزومى مولاهم الدمشقى أخو إسماعيل بن عبيد الله، وفى ترجمته ساق الحافظ ابن عساكر هذا الحديث، وقال: روى عنه مسلم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان فى الثقات وقال (2/ 13): من أهل الشام، كنيته أبو عبد الحميد مولى

ص: 414

عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، يروى عن أم الدرداء (أى الصغرى)، روى عنه سعيد بن عبد العزيز، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وقال الذهبى فى الميزان: إسحاق بن عبدالله بن أبى المهاجر ينسخ للوليد بن مسلم، لا يعرف دمشقى. كذا قال عبدالله وتعقبه العسقلانى فى اللسان بقوله: وهو رجل معروف، وإنما تحرف اسم أبيه على الذهبى فجهله، وهو إسحاق بن عبيدالله بالتصغير أخو إسماعيل بن عبيد الله

وحديثه، عن ابن أبى مليكة عند ابن ماجه من رواية الوليد عنه. اهـ.

وروى أحمد (8043) قال: حدثنا أبو كامل، وأبو النضر، قالا: حدثنا زهير، حدثنا سعد الطائي- قال أبو النضر: سعد أبو مجاهد- حدثنا أبو المدلة، مولى أم المؤمنين، سمع أبا هريرة، يقول: قلنا: يا رسول الله، إنا إذا رأيناك رقت قلوبنا وكنا من أهل الآخرة، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا، وشممنا النساء والأولاد قال: لو تكونون- أو قال: لو أنكم تكونون- على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي، لصافحتكم الملائكة بأكفهم، ولزارتكم في بيوتكم، ولو لم تذنبوا، لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم قال: قلنا: يا رسول الله، حدثنا عن الجنة، ما بناؤها؟ قال: لبنة ذهب ولبنة فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السماوات، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين.

قلت: أبا المدلة مولى عائشة أم المؤمنين لم يرو عنه غير سعد الطائي-

ص: 415

وذكره ابن حبان في الثقات وسماه عبيدالله بن عبد الله، وقال علي ابن المديني- فيما نقله الحافظ في التهذيب. أبومدلة مولى عائشة لا يعرف اسمه، مجهول، لم يرو عنه غير أبي مجاهد الطائي. وقال الذهبي في الميزان: لا يكاد يعرف، وقال الحافظ في التقريب: مقبول. أ. هـ.

وأخرجه الترمذي 4/ 672 - صفة الجنة- باب ما جاء في صفة الجنة ونعيمهما- (2526)، 5/ 578 - الدعوات- باب ما جاء في العفو والعافية- (3598)، وابن ماجه 1/ 557 - الصيام- باب في الصائم لا ترد دعوته- (1752)، وأحمد 2/ 305، 445، وابن المبارك في الزهد ص 89، والطيالسي (2584)، وابن خزيمة 3/ 199، (1901)، وابن حبان كما في الإحسان 5/ 180 - 181 - ، (3419)، والطبراني في الدعاء 3/ 1414، (1315)، والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 345 - صلاة الاستسقاء- باب استحباب الصيام للاستسقاء، 8/ 162 - قتال أهل البغي- باب فضل الإمام العادل 10/ 88 - آداب القاضي- باب فضل من ابتلي بشيء من الأعمال فقام فيه بالقسط، وفي الأسماء والصفات ص 133، من طرق بألفاظ عدة.

قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل .. أ. هـ.

قلت: صححه ابن حبان، وابن خزيمة، وحسنه الترمذي والحافظ ابن حجر والسيوطي. انظر: الجامع الصغير 1/ 14، الفتوحات الربانية 4/ 3380

وأخرجه الطيالسي (2583)، والبيهقي في البعث (258) عن زهير بن معاوية، به. دون قوله:(ثلاثة لا ترد دعوتهم .. ).

* * *

ص: 416

(340)

: لقول ابن عباس: خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متواضعا متخشعا متضرعا

سبق تخريجه برقم (337).

* * *

ص: 417

(341)

قول ابن عباس: صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء كما صنع في العيد.

سبق تخريجه قبل عدة أحاديث.

روى أبو داود (1165)، والترمذى (2/ 445)، والنسائى (1/ 226)، والطحاوى (1/ 191 ـ 192)، والدارقطنى (189)، والحاكم (1/ 326)، والبيهقى (3/ 347)، وابن أبى شيبة (2/ 119/ 2)، وأحمد (1/ 269 و 355) من طريق هشام بن إسحاق (وهو ابن عبدالله بن كنانة) عن أبيه قال: أرسلنى الوليد بن عقبة ـ وهو أمير المدينة ـ إلى ابن عباس أسأله، عن استسقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متبذلا متواضعا متضرعا، حتى أتى المصلى، فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل فى الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين، كما كان يصلى فى العيدين

قلت: هشام بن إسحاق فيه جهالة.

قال الألباني في الإرواء 3/ 134: وإسناده حسن، ورجاله ثقات غير هشام بن إسحاق، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان فى الثقات، وروى عنه جماعة من الثقات. وله طريق أخرى، يرويه محمد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن طلحة قال: أرسلنى مروان إلى ابن عباس أسأله، عن سنة الاستسقاء؟ فقال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة فى العيدين، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب رداءه، فجعل يمينه على يساره، ويساره على يمينه، وصلى ركعتين وكبر فى الأولى سبع تكبيرات، وقرأ (سبح اسم ربك الأعلى)، وقرأ فى الثانية (هل أتاك حديث الغاشية)، وكبر فيها خمس تكبيرات. أخرجه الدارقطنى

ص: 418

والحاكم والبيهقى (3/ 348)، وقال: محمد بن عبد العزيز هذا غير قوى، وهو بما قبله من الشواهد يقوى. قلت: هو ضعيف جدا لأن محمدا هذا هو ابن عبد العزيز بن عمر الزهرى وسمى الحاكم جده عبد الملك وهو خطأ لعله من الناسخ، قال فيه البخارى والنسائى: منكر الحديث. وقال النسائى مرة: متروك فلا يقوى حديثه بالشواهد لشدة ضعفه لاسيما وهى مجملة وهذا مفصل. ولا يصح الاستشهاد بالمجمل على المفصل كما هو ظاهر. وأبوه عبد العزيز بن عمر قال ابن القطان: مجهول الحال ومنه يتبين أن قول الحاكم عقب الحديث: صحيح الإسناد بعيد، عن جادة الصواب، وقد تعقبه الذهبى بقوله: قلت: ضعف عبد العزيز.

قلت (القائل الألباني): ولعله أراد أن يكتب: عمر بن عبد العزيز. فسبقه القلم فكتب عبد العزيز وإلا فإن عبد العزيز لم يضعف وإنما هو مجهول، والمضعف ابنه كما عرفت .. اهـ.

* * *

ص: 419

(342)

قول أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وكان يرفع حتى يرى بياض إبطيه متفق عليه.

أخرجه البخاري (1031)، ومسلم 3/ 24 (2030)، وأبو داود (1170)، وابن ماجه (1180)، والنسائي 3/ 158، والكبرى (1830). وفي الكبرى (1442 و 1832)، وأحمد 3/ 181 (12898)، وفي 3/ 282 (14051)، والدارمي (1535)، وابن خزيمة (1791) كلهم من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، أن أنسا حدثهم؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه، إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه، حتى يرى بياض إبطيه.

* * *

ص: 420

(343)

وظهورهما إلى السماء. حديث رواه مسلم.

رواية: فأشار بظهورهما نحو السماء. أخرجها مسلم 2/ 612 - صلاة الاستسقاء- 6، قال: حدثنا عبد بن حميد حدثنا الحسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء.

ومن هذا الوجه رواه أبو داود 1/ 692 - الصلاة- باب رفع اليدين في الاستسقاء- (1171)، وأحمد 3/ 153، 241، وابن خزيمة 2/ 334، (1412)، وابن المنذر في الأوسط 4/ 321 - 322 - 2225، والبيهقي 3/ 357 - صلاة الاستسقاء- باب رفع اليدين في دعاء الاستسقاء.

* * *

ص: 421

(344)

فيدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن عمر: اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وأنزل علينا من بركاتك، واللهم رافع عنا الجوع والجهد والعري، واكشف عنا من البلاء مالا يكشفه غيرك، اللهم إنا نستغفرك إنك غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا.

قلت: لم أقف عليه بهذا اللفظ مسندا، وقد ذكره ابن قدامه في المغني 3/ 3450

وأخرجه الشافعي في الأم 1/ 151 - معلقا.

وذكر طرفا منه في الأم باب: في الاستسقاء وفي سنده إبراهيم بن محمد الأسلمي وهو ضعيف جدا.

وذكر أيضا لفظا آخر اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق وهو مرسل في سنده خالد بن رباح تكلم فيه، والمطلب بن حنطب مدلس وقد عنعن.

قال الحافظ في التلخيص الحبير 2/ 99: هذا الحديث ذكره الشافعي في الأم تعليقا فقال: وروي عن سالم، عن أبيه فذكره، ولم نقف له على إسناد، ولا وصله البيهقي في مصنفاته. اهـ.

وروى ابن ماجه (1269) قال: حدثنا أبو كريب ثنا معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن شرحبيل بن السمط أنه قال

ص: 422

لكعب: يا كعب بن مرة، حدثنا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر. قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق الله فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهم اسقنا غيثا مريئا مربعا طبقا عاجلا غير رائث. نافعا غير ضار، قال فما جمعوا حتى أحيوا. قال: فأتوه فشكوا إليه المطر، فقالوا: يا رسول الله انهدمت البيوت؛ فقال: اللهم حوالينا ولا علينا قال: فجعل السحاب ينقطع يمينا وشمالا.

قلت: رجاله ثقات وأصله في الصحيح.

ورواه الحاكم 1/ 476 من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة به بنحوه، ووقع عندي شك في اسم الصحابي هل هو كعب بن مرة أو مرة بن كعب ثم قال الحاكم 1/ 477: هذا حديث صحيح إسناده على شرط الشيخين، بهز بن أسد العمى الثقة الثبت قد رواه عن شعبة بإسناده، عن مرة بن كعب ولم يشك فيه، مرة بن كعب البهزي صحابي مشهور. اهـ.

ثم رواه الحاكم من طريق بهز بن أسد.

وروى أبو داود (1169)، وابن خزيمة (1416)، وعبد بن حميد (1125)، كلهم من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، قال: حدثنا مسعر بن كدام، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله، قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواكي، فقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مريئا مريعا، نافعا غير ضار، عاجلا غير آجل، قال: فأطبقت عليهم السماء.

ورواه عن محمد بن عبيد كل من عبد بن حميد، وابن أبي خلف، وعلي بن الحسين.

قال عبدالله بن أحمد بن حنبل في علله (3/ 346): حدثت بهذا الحديث

ص: 423

أبي فقال أبي أعطانا محمد بن عبيد كتابه، عن مسعر فنسخناه ولم يكن هذا الحديث فيه ليس هذا بشيء كأنه أنكره من حديث محمد بن عبيد. اهـ.

قال الدارقطني في علله (13/ 346): يرويه مسعر، واختلف عنه؛ فرواه جعفر بن عون، ومحمد بن عبيد، عن مسعر، عن يزيد الفقير، عن جابر، أتت هوازن النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهما يرويه، عن مسعر، عن يزيد الفقير، مرسلا، وهو أشبه بالصواب. اهـ.

وقال الحاكم في المستدرك (1/ 475): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرج. اهـ.

وقال الألباني في صحيح أبي داود (1060): هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي خلف- واسمه محمد بن أحمد- وهو ثقة من رجال مسلم. اهـ.

وروى ابن ماجه (1270) قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم أبو الأحوص، ثنا الحسن بن الربيع، ثنا عبدالله بن إدريس، ثنا حصين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس؛ قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع، ولا يخطر لهم فصل، فصعد المنبر فحمد الله ثم قال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا طبقا مربعا عاجلا غير رائث. ثم نزل فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قالوا قد أحيينا.

قلت: رجاله ثقات. قال البوصيري في تعليقه على زوائد ابن ماجه: إسناده صحيح ورجاله ثقات. اهـ.

وروى البيهقي 3/ 356 قال: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ ثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ أحمد بن عمرو بن حفص ح وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه

ص: 424

أنبأ أبو محمد بن حيان الأصبهاني ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قالا: ثنا هاشم بن القاسم ثنا يعلى ثنا عبدالله بن جراد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريا توسع به لعبادك تغرز به الضرع وتحيي به الزرع.

قلت: إسناده واه. قال الذهبي في الميزان 1/ 400: عبدالله بن جراد مجهول، ولا يصح خبره؛ لأنه من رواية يعلى بن الشدق الكذاب عنه. اهـ. قال أبو حاتم: يعرف، ولا يصح خبره. اهـ.

قلت: يعلى بن الأشدق العقيلي تكلم فيه الأئمة. قال البخاري: لا يكتب حديث. اهـ. وقال ابن حبان: وضعوا له أحاديث فحدث بها ولم يدر. اهـ. وقال أبو زرعة: ليس بشيء لا يصدق. اهـ. وقال ابن عدي: روى عن عمه عبدالله بن جراد، وزعم أن لعمه صحبة؛ فذكر أحاديث كثيرة منكرة، وهو وعمه غير معروفين. اهـ.

وقد وردت بعض ألفاظ الحديث وبعض معانيها في حديث جابر بن عبد الله، وابن عباس، وكعب بن مرة.

* * *

ص: 425

(345)

قول أنس: أصابنا ونحن مع رسول الله مطر، فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه رواه مسلم.

أخرجه مسلم 3/ 26 (2038)، وأبو داود (5100)، والنسائي، في الكبرى (1850)، وأحمد 3/ 133 (12392)، وفي 3/ 267 (13856)، والبخاري، في الأدب المفرد (571) كلهم من طريق جعفر ابن سليمان، حدثنا ثابت البناني، عن أنس، قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه، حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه، تعالى. - لفظ قطن بن نسير: أصابنا مطر، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، وقال إنه حديث عهد بربه.

- في رواية بهز، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت البناني- قال جعفر: لا أحسبه إلا، عن أنس- فذكره.

- قال أبو عبدالرحمن النسائي: لم أفهم (أصابنا)، ولا (فحسر) كما أردت. اهـ.

* * *

ص: 426

(346)

روي أنه كان يقول: إذا سال الوادي: اخرجوا بنا إلى الذي جعله الله طهورا فنتطهر به.

أخرجه الشافعي في الأم 1/ 252 - 253، قال الشافعي أخبرني من لا أتهم عن إسحاق بن عبد الله أن عمر كان إذا سال السيل ذهب بأصحابه إليه وقال ما كان ليجيء من مجيئه أحد إلا تمسحنا به.

ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3/ 359 - صلاة الاستسقاء- باب ما جاء في السيل، وفي معرفه السنن والآثار 5/ 185 - من حديث يزيد بن عبدالله بن الهاد مرسلا. بلفظ:(كان إذا سال السيل قال أخرجوا بنا إلى هذا الوادي الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه وتحمد الله عليه).

قلت: الحديث ضعيف، في إسناده راو لم يسم، وقال البيهقي بعد أن رواه في سننه: هذا منقطع. أ. هـ.

قال المناوي في التيسير شرح الجامع الصغير 2/ 491: فيه مع إرساله انقطاع .. أ. هـ.

وقال الألباني في الإرواء 3/ 144: ضعيف. اهـ.

قال الشيخ الألباني: (ضعيف) انظر حديث رقم: 4416 في ضعيف الجامع.

* * *

ص: 427

(347)

وإذا زادت المياه وخيف منها سن أن يقول: اللهم حوالينا في مواضع النبات ولا علينا في المدينة ولا غيرها من المباني، اللهم على الظراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر الصحيح أنه كان يقول ذلك.

أخرجه البخاري (933) - الاستسقاء- باب الاستسقاء في المسجد الجامع، وباب الاستسقاء في خطبة الجمعة، وباب من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستسقاء، وباب الدعاء إذا تقطعت السبل من كثرة المطر، وباب إذا استشفعوا إلى الإمام ليستسقي لهم لم يردهم، ومسلم 2/ 612 - 614 - صلاة الاستسقاء- (8)، والنسائي 3/ 154 - 155، 161 - 162 - الاستسقاء- باب متى يستسقي الإمام؟، وباب ذكر الدعاء-، (1504، 1518)، كلهم من طريق إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: أصابت الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس على المنبر يوم الجمعة؛ إذ قام أعرابي فقال: يا رسول الله! هلك المال وجاع العيال؛ فأدع الله لنا فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ومن الغد وبعد الغد، والذي يليه حتى الجمعة الأخرى وقام ذلك الأعرابي، أو قال غيره. فقال: يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال؛ فادع الله لنا فرفع يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا. فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة. وسال الوادي قناة شهرا ولم يجيء أحد من ناحية إلا حدث بالجود.

ورواه البخاري (1014)، ومسلم 2/ 612 وأبو داود (1175)، والنسائي

ص: 428

3/ 154 ومالك في الموطأ 1/ 191 كلهم من طريق شريك بن عبدالله بن أبي نمر، عن أنس بن مالك به وتمامه: قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت؛ فلا والله ما رأينا الشمس ستا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية، ومنابت الشجر. قال: فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس. قال شريك: سألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول؟ فقال: ما أدري.

وأخرجه البخاري 2/ 15 (932)، و 4/ 236 (3582)، وأبو داود (1174)، وأحمد 3/ 257 (13735)، كلهم من طريق حماد بن زيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو يخطب يوم جمعة، إذ قام رجل فقال: يا رسول الله، هلكت الكراع، هلكت الشاء، فادع الله يسقينا، فمد يديه ودعا، قال أنس: وإن السماء لمثل الزجاجة، فهاجت ريح أنشأت سحابا، ثم اجتمع، ثم أرسلت السماء عزاليها، فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا، فلم نزل نمطر إلى الجمعة الأخرى، فقام إليه ذلك الرجل، أو غيره، فقال: يا رسول الله، تهدمت البيوت، فادع الله يحبسه، فتبسم، ثم قال: حوالينا ولا علينا، فنظرت إلى السحاب تصدع حول المدينة كأنه إكليل.

وروى البخاري 2/ 15 (932)، ومسلم 3/ 25 (2035)، وأبو داود

ص: 429

(1174)

، والنسائي 3/ 16، وفي الكبرى (1835)، وأحمد 3/ 194 (13047)، وفي 3/ 271 (13903)، وعبد بن حميد وابن خزيمة (1423) كلهم من طريق ثابت، قال: قال أنس: إني لقاعد عند المنبر، يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، إذ قال بعض أهل المسجد: يا رسول الله، حبس المطر، هلكت المواشي، ادع الله أن يسقينا. قال أنس: فرفع يديه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أرى في السماء من سحاب، فألف بين السحاب (قال حجاج: فألف الله بين السحاب)، فوألنا (قال حجاج: سعينا) حتى رأيت الرجل الشديد تهمه نفسه أن يأتي أهله، فمطرنا سبعا، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في الجمعة المقبلة، إذ قال بعض أهل المسجد: يا رسول الله، تهدمت البيوت، حبس السفار، ادع الله، عز وجل، أن يرفعها عنا، قال: فرفع يديه، فقال: اللهم حوالينا ولا علينا، قال: فتقور ما فوق رأسنا منها، حتى كأنا في إكليل، يمطر ما حولنا ولا نمطر.

وروى البخاري 2/ 15 (933)، ومسلم 3/ 25 (2034)، والنسائي 3/ 166، وفي الكبرى 1852 وأحمد 3/ 256 (13728) كلهم من طريق عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي، قال: حدثنا إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، قال: حدثني أنس بن مالك، قال: أصابت الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر، يوم الجمعة، قام أعرابي، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا أن يسقينا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، وما في السماء قزعة، قال: فثار سحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل، عن منبره، حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته، قال: فمطرنا يومنا ذلك، وفي الغد، ومن بعد الغد، والذي يليه، إلى الجمعة

ص: 430

الأخرى، فقام ذلك الأعرابي، أو رجل غيره، فقال: يا رسول الله، تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، قال: فما جعل يشير بيده إلى ناحية من السماء، إلا تفرجت، حتى صارت المدينة في مثل الجوبة، حتى سال الوادي- وادي قناة- شهرا، قال: فلم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود. - وفي رواية: أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم هلاك المال، وجهد العيال، فدعا الله يستسقي، ولم يذكر أنه حول رداءه، ولا استقبل القبلة.

وروى مسلم 3/ 25 (2037) قال: حدثنا هارون بن سعيد الأيلي، حدثنا ابن وهب، حدثني أسامة، أن حفص بن عبيدالله بن أنس بن مالك حدثه، أنه سمع أنس بن مالك يقول: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، وهو على المنبر. واقتص الحديث. وزاد: فرأيت السحاب يتمزق، كأنه الملاء حين تطوى.

* * *

ص: 431

‌كتاب الجنائز

(348)

قوله: أكثروا من ذكر هاذم اللذات.

رواه الترمذي (2308)، وابن ماجه (4258)، والنسائي 4/ 4 وأحمد 2/ 292 - 293 والحاكم 4/ 357 وابن حبان الموارد:(2559)، والقضاعي في مسند الشهاب (669)، وابن عدي في الكامل 5/ 222 والطبراني في الأوسط مجمع البحرين 8/ 259 كلهم من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعا بلفظ: أكثروا ذكر هادم اللذات الموت.

زاد ابن حبان والطبراني: فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه، ولا ذكره، وهو في سعة إلا ضيقه عليه.

قلت: في إسناده محمد بن عمرو بن علقمة هو ثقة في نفسه لكن في حديثه شيء. قال ابن أبي خيثمة: سئل ابن معين، عن محمد بن عمرو فقال: ما زال الناس ينفون حديثه. قيل له وما عله ذلك قال: كان يحدث مرة، عن أبي سلمة بالشيء من روايته ثم يحدث به مرة أخرى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. اهـ. وقال الجوزجاني: ليس بقوي الحديث ويشتهي حديثه. اهـ.

وقال أبو حاتم: صالح الحديث يكتب حديثه وهو شيخ. اهـ. وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ. وقال مرة: ثقة. اهـ. وقال ابن عدي: له حديث صالح وقد حدث عنه جماعة من الثقات كل واحد يتفرد عنه بنسخه ويغرب بعضهم على بعض وروى عنه مالك في الموطأ وأرجو أنه لا بأس به. اهـ.

ص: 432

وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ. اهـ.

وروى له البخاري مقرونا بغيره ومسلم في المتابعات.

وقد حسن الترمذي الحديث فقال 7/ 71: هذا حديث حسن غريب. اهـ. وفي بعض النسخ زيادة: صحيح. اهـ.

وتعقبه الألباني في الإرواء 3/ 145 فقال: بل هو حديث صحيح فإن له شواهد كثيرة. اهـ.

وبالغ الحاكم 4/ 357 فقال: صحيح على شرط مسلم. اهـ. ووافقه الذهبي.

ومعلوم أن محمد بن عمرو لم يخرج له مسلم إلا في المتابعات.

وصححه النووي في الخلاصة 2/ 891 فقال: رواه أبو داود والترمذي النسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة. اهـ. وكذا قال في الأذكار. أ. هـ.

وقال النووي في المجموع 5/ 105: رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة على شرط البخاري ومسلم. اهـ.

وأعله الدارقطني بالإرسال فقال، عن هذا الحديث في العلل 8/ رقم (1397): يرويه محمد بن عمرو. واختلف عنه فرواه الفضل بن موسى وعبد العزيز بن مسلم ومحمد ابن إبراهيم بن عثمان والد أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة والعلاء بن محمد بن سيار وسليم بن أخضر وحماد بن سلمة من رواية محمد بن الحسن الكوفي الأسدي التل ويعلى بن عباده عنه وعبد الرحمن بن قيس الزعفراني، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. ورواه أبو أسامة وغيره، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة مرسلا والصحيح المرسل. اهـ.

ص: 433

وقال أبو داود في مسائله للإمام أحمد (1922) سمعت أحمد ينكر حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أكثروا ذكر هادم اللذات؛ الموت قال: هذا هو من قبل محمد بن عمرو- يعني-: توصيله. اهـ.

وقد ذكره المنذري في الترغيب والترهيب 4/ 235 - 236 وقال: رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه. ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن، وابن حبان في صحيحه .... اهـ.

وروى القضاعي في مسند الشهاب 1/ 392، والطبراني في الأوسط مجمع البحرين 8/ 259 كلاهما من طريق أبي عامر الأسدي، عن عبيدالله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر ذكر هادم اللذات- يعني الموت- فإنه ما كان في كثير إلا قلله ولا قليل إلا جزأه.

قال الطبراني عقبه: لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 108: فيه من لا يعرف. اهـ.

قلت: لعله يريد أبا عامر القاسم بن محمد الأسدي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 7/ 119 ولم يورد فيه جرحا ولا تعديلا، وحسنه الهيثمي فقال في مجمع الزوائد 10/ 309 إسناده حسن. اهـ.

وقال الألباني في الإرواء 3/ 146: رجاله موثقون غير القاسم .... اهـ.

وروى البخاري (6416) قال: حدثنا علي بن عبدالله، حدثنا محمد بن عبدالرحمن أبو المنذر الطقاوي، عن سليمان الأعمش قال حدثني مجاهد، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: كن في الدنيا

ص: 434

كأنك غريب أو عابر سبيل وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك.

وروى أبو نعيم في الحلية 6/ 355 قال: حدثنا أبو زيد محمد بن جعفر بن علي المنقري ثنا علي بن العباس البجلي ثنا جعفر بن محمد بن الحسن الزهري ثنا عبد الملك بن يزيد ثنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد ابن المسيب، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا ذكر هادم اللذات قلنا يا رسول الله: وما هادم اللذات؟ قال: الموت.

قال أبو نعيم عقبه: غريب من حديث مالك تفرد به جعفر، عن عبد الملك. اهـ.

قلت: إسناده ضعيف؛ فإن عبد الملك بن يزيد مجهول روى خبرا موضوعا رواه ابن الجوزي في الموضوعات.

وقال الذهبي في ميزان الاعتدال 2/ 667: عبد الملك بن يزيد روى عن أبي عوانة بخبر باطل في ترك التزويج لا يدري من هو .... اهـ.

وروى الترمذي (2460) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن مَدُّويَهْ، حدثنا القاسم بن الحكم العرني، حدثنا عبيدالله بن الوليد الوصافي، عن عطية بن سعد العوفي، عن أبي سعيد، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مصلاه، فرأى ناسا كأنهم يكتشرون، قال: أما إنكم لو أكثرتم ذكر هاذم اللذات لشغلكم عما أرى، فأكثروا من ذكر هاذم اللذات، الموت، فإنه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه، فيقول: أنا بيت الغربة، وأنا بيت الوحدة، وأنا بيت التراب، وأنا بيت الدود، فإذا دفن العبد المؤمن، قال له القبر: مرحبا وأهلا، أما إن كنت لأحب

ص: 435

من يمشي على ظهري إلي، فإذ وليتك اليوم وصرت إلي، فسترى صنيعي بك، قال: فيتسع له مد بصره، ويفتح له باب إلى الجنة، وإذا دفن العبد الفاجر، أو الكافر، قال له القبر: لا مرحبا ولا أهلا، أما إن كنت لأبغض من يمشي على ظهري إلي، فإذ وليتك اليوم وصرت إلي، فسترى صنيعي بك، قال: فيلتئم عليه حتى تلتقي عليه، وتختلف أضلاعه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابعه، فأدخل بعضها في جوف بعض، قال: ويقيض الله له سبعين تنينا، لو أن واحدا منها نفخ في الأرض، ما أنبتت شيئا ما بقيت الدنيا، فينهشنه ويخدشنه، حتى يفضى به إلى الحساب. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.

قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

وقال المنذري في الترغيب والترهيب (5051): رواه الترمذي واللفظ له والبيهقي كلاهما من طريق عبيدالله بن الوليد الوصافي وهو واه، عن عطية وهو العوفي، عن أبي سعيد وقال الترمذي حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. اهـ.

وقال المناوي في الفتح السماوي (311): أخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد ـ وهو ضعيف ـ والطبراني في الأوسط، في ترجمة مسعود بن محمد الرملي بإسناده إلى أبي هريرة وقال: لم يروه عن الأوزاعي إلا أيوب بن سويد تفرد به ولده محمد وهو ضعيف. هكذا ذكره كله الحافظ ابن حجر به يعرف أن حكاية الجلال السيوطي للحديث ساكتا عليه من غير تعرض لحاله قصور أو تقصير. اهـ.

وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (758): أخرجه الترمذي والطبراني،

ص: 436

عن أبي سعيد والطبراني فقط في ترجمة مسعود بن محمد الرملي من معجمه الأوسط، عن أبي هريرة كلاهما به مرفوعا وسند كل منهما ضعيف. اهـ.

وقال الألباني: ضعيف. كما في ضعيف الجامع (1231)، وقال في ضعيف الترغيب (1944): ضعيف جدا. اهـ.

* * *

ص: 437

(349)

قول: لا بأس، طهور إن شاء الله تعالى.

أخرجه البخاري (3616)، و (5656)، والنسائي، وفي الكبرى (7457)، وفي عمل اليوم والليلة (1039) كلاهما من طريق خالد بن مهران الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابى يعوده- قال- وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده فقال له لا بأس طهور إن شاء الله قال قلت طهور، كلا بل هى حمى تفور- أو تثور- على شيخ كبير، تزيره القبور. فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنعم إذا.

فائدة: قال الحافظ ابن حجر في الفتح 10/ 110: قوله (فنعم إذا) الفاء فيه معقبة لمحذوف تقديره إذا أبيت فنعم أي كان كما ظننت قال بن التين يحتمل أن يكون ذلك دعاء عليه ويحتمل أن يكون خبرا عما يئول إليه أمره وقال غيره يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علم أنه سيموت من ذلك المرض فدعا له بأن تكون الحمى له طهرة لذنوبه ويحتمل أن يكون أعلم بذلك لما أجابه الأعرابي بما أجابه وقد تقدم في علامات النبوة أن عند الطبراني من حديث شرحبيل والد عبدالرحمن أن الأعرابي المذكور أصبح ميتا وأخرجه الدولابي في الكنى وبن السكن في الصحابة ولفظه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما قضى الله فهو كائن فأصبح الأعرابي ميتا وأخرج عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم مرسلا نحوه. اهـ.

* * *

ص: 438

(350)

لخبر رواه ابن ماجه، عن أبي سعيد فإن ذلك لا يرد شيئا ويدعو له بما ورد.

أخرجه ابن ماجه (1438) - الجنائز- باب ما جاء في عيادة المريض-، والترمذي (2087) - الطب- كلاهما من طريق عقبة بن خالد السكوني، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، محمد بن إبراهيم التيمى، عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل فإن ذلك لا يرد شيئا وهو يطيب بنفس المريض.

قال الترمذي: هذا حديث غريب. اهـ.

ورواه عن عقبة بن خالد السكوني كل من أبي بكر بن أبي شيبة، و عبدالله بن سعيد الأشج.

قلت: عقبة بن خالد بن عقبة السكوني أبو مسعود الكوفي المجدر بالجيم صدوق صاحب حديث.

ومحمد بن إبراهيم محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي أبو عبدالله المدني ثقة له أفراد، كما في التقريب (3224).

وموسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أبو محمد المدني منكر الحديث من السادسة مات سنة إحدى وخمسين ت ق كما في التقريب (7 .. 6).

وقال الترمذي في العلل الكبير ـ ترتيب أبي طالب ـ (591): سألت محمدا، عن هذا الحديث فقال موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي منكر الحديث وأبوه صحيح الحديث. قلت له أدرك محمد بن إبراهيم أبا سعيد

ص: 439

الخدري قال لا إنما روى عن أبي سلمة بن عبدالرحمن وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي سعيد. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/ 121): في سنده لين. اهـ.

وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1459): هذا حديث لا يصح قال يحيى محمد بن إبراهيم ليس بشيء لا يكتب حديثه وقال الدارقطني متروك. اهـ.

وقال أبو حاتم في العلل 2/ 241: هذا حديث منكر، كأنه موضوع؟، وموسى ضعيف الحديث جدا. اهـ.

وقد ضعف الحديث النووي في الأذكار ص 127.

وقال الألباني: ضعيف جدا. كما في ضعيف الجامع (488). والسلسلة الضعيفة (184)، وضعيف الترمذي (366)، وضعيف ابن ماجه (303).

* * *

ص: 440

(351)

قوله صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده. متفق عليه، عن ابن عمر.

رواه مالك في الموطأ 2/ 761، والبخاري- الوصايا، (2738)، ومسلم- الوصية- 3/ 1249، وأبو داود- الوصايا- باب ما جاء في ما يؤمر به من الوصية- (2862)، والنسائي- الوصايا- باب الكراهية في تأخير الوصية- 6/ 238 - 239، والترمذي- الجنائز- باب ما جاء في الحث على الوصية- (974)، و (2118)، وابن ماجه- الوصايا- باب الحث على الوصية- (2702)، وأحمد 2/ 10 و 50 و 75 و 80 و 113 والطيالسي (1841)، والحميدي (697)، وابن الجارود في المنتقى (946)، وابن حبان 7/ رقم (5992)، والدارقطني 4/ 15، والبيهقي 6/ 272، كلهم من طرق نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.

* * *

ص: 441

(352)

قوله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله. رواه مسلم، عن أبي سعيد.

رواه مسلم- الجنائز- 2/ 631 وأبو داود- الجنائز- باب في التلقين- 3117 والترمذي- الجنائز- باب ما جاء في تلقين المريض عند الموت- 976 والنسائي- الجنائز- باب تلقين الميت- 4/ 5 وابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في تلقين الميت- 1445 وأحمد 3/ 3 والبيهقي 3/ 383 وأبو نعيم في الحلية 9/ 224 كلهم من طريق عمارة بن غزية، حدثنا يحيى بن عمارة قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله.

قال الترمذي 3/ 359: حديث أبي سعيد حديث حسن غريب صحيح. اهـ.

وروى بو نعيم كما في الحلية 5/ 186 في ترجمة مكحول الشامي من طريق إسماعيل بن عياش، عن أبي معاذ عتبة بن حميد، عن مكحول، عن واثلة ابن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احضروا موتاكم ولقنوا: لا إله إلا الله، وبشروهم بالجنة؛ فإن الحليم من الرجال والنساء يتحيرون عند ذلك المصرع، وإن الشيطان لأقرب ما يكون عند الصرع، والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف والذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يكاد يألم كل عرق منه على حياله.

قال أبو نعيم: غريب من حديث مكحول لم نكتبه إلا من حديث إسماعيل. اهـ.

قلت: إسماعيل ضعيف في روايته، عن غير الشاميين وروايته هنا، عن

ص: 442

غيرهم فإن أبا معاذ عتبة بن حميد بصري ثم أيضا مكحول مدلس وقد عنعن.

لهذا ضعف الحديث الألباني في السلسلة الضعيفة 3/ 645 وقال، عن ابن عياش: هو ضعيف في روايته، عن غير الشاميين وهذا منها؛ فإن أبا معاذ هذا بصري، ومع ذلك ففي حفظه- أعني أبا معاذ- شيء كما يشعر بذلك قول الحافظ فيه: صدوق له أوهام ومكحول هو الشامي، وإن كان سمع من واثلة؛ فإنه موصوف بالتدليس؛ فمثله يتحفظ من حديثه المعنعن كهذا. اهـ.

وروى مسلم 2/ 631، وابن ماجه (1444)، والبيهقي 3/ 383 كلهم من طريق أبي خالد الأحمر، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله.

ورواه ابن حبان في الموارد (719) من طريق محمد بن إسماعيل الفارسي، عن الثوري، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن الأغر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله، من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه.

قلت: محمد بن إسماعيل الفارسي ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يغرب. اهـ.

وأخرجه البزار في مختصر زوائده على الكتب الستة والمسند 1/ 61 قال: حدثنا أبو كامل، حدثنا أبو عوانة، عن منصور به مرفوعا بلفظ: من قال: لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما أصابه.

قال البزار عقبه: هذا لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. ورواه عيسى بن يونس، عن الثوري، عن منصور أيضا وقد روى عن أبي هريرة

ص: 443

موقوفا ورفعه أصح. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 17: رواه البزار والطبراني في الأوسط والصغير ورجاله رجال الصحيح. اهـ.

وتعقبه الحافظ ابن حجر في تعليقه على مختصر زوائد البزار فقال: له علته، رواه حصين، عن هلال فأدخل بينه وبين أبي هريرة رجلا .... اهـ.

قلت: الموقوف رواه عبد الرزاق 3/ 387، عن الثوري، عن حصين ومنصور أو أحدهما، عن هلال بن يساف، عن أبي هريرة قال: من قال عند موته: لا إله إلا الله أنجته يوما من الدهر، أصابه قبل ذلك ما أصابه.

ورواه الطبراني في الأوسط مجمع البحرين 2/ 371 قال: حدثنا وصيف بن عبدالله الأنطاكي الحافظ نا سليمان بن سيف أبو داود الحراني ثنا سعيد بن سلام العطار ثنا عمر بن محمد بن صهبان المدني، عن صفوان بن سليم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله وقولوا: الثبات الثبات، ولا قوة إلا بالله.

قال الطبراني عقبه: لم يروه عن صفوان إلا عمر. اهـ.

قلت: إسناده واه؛ لأن سعيد بن سلام العطار كذبه ابن نمير. وقال البخاري: يذكر بوضع الحديث. اهـ، وقال أحمد بن حنبل: كذاب

أ. هـ، وقال أيضا: أضرب على حديثه. اهـ.، وقال أبو حاتم: منكر الحديث جدا. اهـ. وقال النسائي: بصري ضعيف. اهـ.

وكذلك شيخه عمر بن محمد بن صهبان ضعيف، ويقال: عمر بن صهبان. قال أحمد: لم يكن بشيء أدركته ولم أسمع منه. اهـ. وقال الدوري، عن ابن معين: لا يسوى حديثه فلسا. اهـ. وقال معاوية بن صالح، عن ابن

ص: 444

معين: ليس بذاك. اهـ. وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ. وضعفه النسائي، و أبو زرعة، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكر الحديث متروك الحديث. اهـ.

وبه أعله الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 323 ولم يذكر العلة الأولى.

وروى ابن حبان في صحيحه (719) - الموارد من طريق محمد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا الثوري، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن الأغر، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه.

قال الألباني في الإرواء 3/ 150: رجاله كلهم ثقات معرفون غير محمد بن إسماعيل هذا، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يغرب كما في اللسان .. اهـ.

وللحديث طريق آخر، عن أبي هريرة رواه ابن عدي في الكامل في ترجمة عكرمة بن إبراهيم، وذكر الدارقطني في العلل 11/ رقم 2241 الاختلاف في إسناده.

وروى ابن ماجه (1446) قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر، حدثنا كثير بن زيد،، عن إسحاق بن عبدالله بن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين قالوا يا رسول الله كيف للأحياء قال أجود وأجود.

قال البوصيري في زوائد ابن ماجه (517) هذا إسناد حسن كثير بن زيد

ص: 445

مختلف فيه وباقي رجال الإسناد ثقات.

وقال الألباني: ضعيف، ما في المشكاة (1626)، والسلسلة الضعيفة (4317).

وروى النسائي 4/ 5 قال: أخبرنا إبراهيم بن يعقوب قال حدثني أحمد بن إسحاق قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا منصور بن صفية، عن أمه صفية بنت شيبة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنوا هلكاكم قول: لا إله إلا الله.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي وصفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى ذكرها ابن حبان في ثقات التابعين، وورد في صحيح البخاري التصريح بسماعها فقد ذكر المزي في الأطراف 11/ 343 أن البخاري قال في صحيحه: قال أبان بن صالح، عن الحسن بن مسلم، عن صفية بنت شيبة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا أيها الناس إن الله حرم مكة

وتعقب الحافظ ابن حجر في التهذيب 12/ 459 بهذا الحديث ابن حبان في ذكرها في التابعين.

ونقل المزي في تحفة الأشراف 11/ 342، عن البرقاني أنه قال: صفية بنت شيبة ليست بصحابية وحديثها مرسل، وإن كان البخاري أخرجه. اهـ.

ورجح الحافظ ابن حجر في التهذيب 12/ 458 وفي التقريب 8622 بأن لها رؤية وأنكر هذا الدراقطني.

وأعله أيضا المزي بأن في إسناده أبان بن صالح وهو ضعيف. اهـ.

وروى الطبراني في الكبير 10/ 233 ح (10417) قال: حدثنا عبدان بن أحمد ثنا سليمان بن أيوب صاحب البصري، حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن أبي وائل، عن عبدالله بن مسعود رفعه قال: لقنوا موتاكم لا إله إلا

ص: 446

الله؛ فإن نفس المؤمن تخرج رشحا ونفس الكافر تخريج من شدقه كما تخرج نفس الحمار.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 323: رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن. اهـ.

قلت: عاصم بن أبي النجود تكلم في حفظه وهو حسن الحديث، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 5/ 33 50250

وقال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة 5/ 184 2151 بعد أن عزاه للطبراني في الكبير: هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات على خلاف في عاصم، وهو ابن أبي النجود بسبب حفظه والذي استقر عليه رأي المحققين فيه أنه وسط حسن الحديث حجة ما لم يخالف. اهـ.

* * *

ص: 447

(353)

قوله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا على موتاكم سورة (يس). رواه أبو داود.

رواه أبو داود- الجنائز- باب القراءة عند الميت- (3121)، وابن ماجه- الجنائز باب ما يقال عند المريض إذا حضر- (1448)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (1082، 1083)، وأحمد 5/ 26 - 27 والحاكم 1/ 753 والبغوي في شرح السنة 5/ 295 والبيهقي 3/ 383 وابن حبان في صحيحه (2991) كلهم من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان وليس بالنهدي، عن أبيه، عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقرؤوا على موتاكم يس.

وقد أسقط بعضهم ذكر أبيه كما سيأتي.

قلت: إسناده ضعيف لجهالة أبي عثمان ووالده ولاختلاف في إسناده؛ فقد وقع في إسناد النسائي والبغوي وابن حبان بدون ذكر أبيه أي والد أبي عثمان.

ولهذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 110: ولم يقل النسائي وابن ماجه، عن أبيه. وأعله ابن القطان بالاضطراب وبالوقف، وبجهالة أبي عثمان وأبيه. ونقل أبو بكر بن العربي، عن الدراقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ولا يصح في الباب حديث. اهـ.

وقال الحاكم 1/ 753: أوقفه يحيى بن سعيد وغيره، عن سليمان التيمي والقول فيه قول ابن المبارك إذ الزيادة من الثقة مقبولة. اهـ.

قلت: المتأمل في طريقة الأئمة المتقدمين هو النظر إلى القرائن في قبول الزيادة سواء كانت في الراوي أو المروي أو قبول الأئمة لها.

والحديث روى على أربعة أوجه مختلفة:

الأول: عن أبي عثمان، عن أبيه، عن معقل مرفوعا.

ص: 448

الثاني: عن أبي عثمان، عن معقل مرفوعا وليس فيه، عن أبيه.

الثالث: عن معقل موقوفا.

الرابع: عن رجل، عن أبيه، عن معقل مرفوعا.

قال الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 151: إن في الحديث علة أخرى وهي الاضطراب؛ فبعض الرواة يقول: عن أبي عثمان، عن أبيه، عن معقل وبعضهم: عن أبي عثمان، عن معقل لا يقول، عن أبيه وأبوه غير معروف أيضا. اهـ.

فأما أبا عثمان فهو مجهول.

قال الذهبي في الميزان 4/ 550: أبو عثمان يقال اسمه سعد، عن أبيه، عن معقل بن يسار بحديث اقرؤوا يس على موتاكم لا يعرف أبوه ولا هو، ولا روى عنه سوى سليمان التيمي. اهـ.

وقال ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام 5/ 49 - 50: هو لا يصح؛ لأن أبا عثمان هذا لا يعرف ولا روى عنه غير سليمان التيمي، وإذا لم يكن هو معروفا؛ فأبوه أبعد من أن يعرف، وهو إنما روى عنه. اهـ.

وقال النووي في الأذكار ص 132: إسناده ضعيف، فيه مجهولان لكن لم يضعفه أبو داود. اهـ. وكذا قال في الخلاصة 2/ 9260

قلت: يعني بالمجهولين؛ أبوعثمان وأبيه كما نص الحافظ في الفتوحات الربانية 2/ 118 وقد ذكر ابن حبان أبو عثمان في الثقات لكن يتحفظ من توثيق ابن حبان للمجاهيل؛ فقد ذكر في كتاب الثقات قوم وقال: لا أعرفه ولا أعرف أبوه.

وكذلك أيضا اختلف في إسناده كما سبق.

ص: 449

(354)

قوله صلى الله عليه وسلم، عن البيت الحرام: قبلتكم أحياء وأمواتا. رواه أبو داود.

أخرجه أبو داود- الوصايا- باب ما جاء في التشديد في أكل مال اليتيم- (2875)، والطحاوي في مشكل الآثار 1/ 384، والطبري في تفسيره 5/ 39، والطبراني في الكبير 17/ 48 - 101، والحاكم 1/ 59 - الإيمان، 4/ 259 - التوبة والإنابة، والبيهقي 3/ 408 - 409 - الجنائز- باب ما جاء في استقبال القبلة بالموتى- كلهم من طريق عبد الحميد بن سنان المكي، عن عبيد بن عمير، عن أبيه عمير بن قتادة الليثي. أنه حدثه- وكانت له صحبة- أن رجلا سأله فقال يا رسول الله ما الكبائر فقال هن تسع. فذكر معناه زاد وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا.

واللفظ لأبي داود لم يذكر السبع، وذكر اللفظ بتمامه الطبراني: وقد سأله رجل، عن الكبائر- فقال: هن تسع، فذكر الشرك والسحر، وقتل النفس، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات، وعقوق الوالدين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا.

وذكر هذا الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 51 وقال: عند أبي داود بعضه وقد رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقونأ. هـ.

قلت: عبد الحميد بن سنان تكلم فيه، قال البخاري: في حديثه نظر. أ. هـ. وذكره ابن حبان في الثقات. ولم أجد من وثقه غير ابن حبان والله أعلم.

وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (3765): عبد الحميد بن سنان مكي مقبول من السادسة د س .. أ. هـ.

قال الحاكم في المستدرك: رجاله محتج بهم في الصحيح، إلا

ص: 450

عبدالحميد بن سنان. اهـ.

وتعقبه الذهبي فقال: عمير بن قتادة صحابي ولم يحتجا بعبد الحميد لجهالته ووثقه ابن حبان. اهـ.

قلت: والعجب من الذهبي رحمه الله يتعقب الحاكم هنا ويوافقه على التصحيح في موضع آخر 4/ 159 - 160 وعبد الحميد بن سنان ذكره العقيلي في الضعفاء 3/ 45، ونقل عن البخاري قوله: في حديثه نظر. اهـ.

وقال الذهبي في الميزان 2/ 4778: لا يعرف. اهـ. وقال الحافظ في التقريب 1/ 478: مقبول. اهـ، يعني عند المتابعة وإلا فلين كما نص على ذلك الحافظ في مقدمة التقريب.

لهذا قال الزيلعي في نضب الراية 2/ 252: وعبد الحميد بن سنان حجازي، لا يعرف إلا بهذا الحديث

قال البخاري .... أهـ وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وتعقبهما الألباني فقال في الإراوء 4/ 155: كذا قالا وعبد الحميد هذا قال الذهبى نفسه فى الميزان: لا يعرف، وقد وثقه بعضهم (يعنى ابن حبان) قال البخارى: روى عن عبيد بن عمير، فى حديثه نظر. قلت: حديثه، عن أبيه: الكبائر تسع .... وحكم على الحديث بأنه حسن. لكن له شاهد من حديث عبدالله ابن عمر، رواه البيهقي في السنن 3/ 4090 من طريق محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا حسين بن محمد المروروذى، حدثنا أيوب، عن طيسلة بن على قال: سألت ابن عمر وهو فى أصل الأراك يوم عرفة وهو ينضح على رأسه الماء ووجهه فقلت له يرحمك الله حدثنى، عن الكبائر فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكبائر الإشراك بالله، وقذف المحصنة. فقلت:

ص: 451

أقتل الدم؟ قال: نعم ورغما، وقتل النفس المؤمنة، والفرار يوم الزحف وأكل مال اليتيم، وعقوق الوالدين المسلمين، وإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا. ورواه الطبري في تفسيره، عن سليمان بن ثابت الجحدري، عن مسلم بن سلام، عن أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبيد بن عمير بن قتادة، عن أبيه، فذكره. اهـ.

قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 455: ومداره على أيوب بن عتبة وهو ضعيف وقد اختلف عليه فيه. اهـ.

وقال الزيلعي في نصب الراية 2/ 252: ومداره على أيوب بن عتبة، قاضي اليمامة، وهو ضعيف، ومشاه ابن عدي، وقال: إنه مع ضعفه يكتب حديثه. اهـ.

وقال الألباني فقال في الإرواء 4/ 155: وضعف عتبة من قبل حفظه، لا من أجل تهمة فى نفسه، فحديثه حسن فى الشواهد، وبقية رجاله ثقات كلهم غير طيسلة بن على وقد ذكره ابن حبان فى الثقات (1/ 99)، وروى عنه جماعة، فالحديث حسن إن شاء الله تعالى. اهـ.

* * *

ص: 452

(355)

أنه صلى الله عليه وسلم، أغمض أبا سلمة وقال: إن الملائكة يؤمنون على تقولون. رواه مسلم.

أخرجه مسلم 2/ 634 - الجنائز- (7)، وأبو داود- الجنائز- باب تغميض الميت- (3118)، والترمذي- الجنائز- باب ما جاء في تلقين المريض عند الموت- (977)، والنسائي 4/ 4 - 5 - الجنائز- باب كثرة ذكر الموت- (1825)، وابن ماجه 1/ 465، 467 - الجنائز- (1447، 1454)، وأحمد 6/ 291، 297، 306، كلهم من شقيق، عن أم سلمة؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون. قالت: فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إن أبا سلمة قد مات. قال: قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة. قالت: فقلت؛ فأعقبني الله من هو خير لي منه محمدا صلى الله عليه وسلم. وللحديث طريق أخرى.

* * *

ص: 453

(356)

روت عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حبرة. متفق عليه.

أخرجه البخاري- الجنائز- باب الدخول على الميت بعد الموت، - اللباس- باب البرود والحبرة والشملة، (1241 - 1242)، ومسلم 2/ 651 - الجنائز- (48)، وأبو داود- الجنائز- باب في الميت يسجى- (3120)، والنسائي 4/ 11 - الجنائز- باب تقبيل الميت- (1841)، وأحمد 6/ 117، 153، 269، وابن سعد في الطبقات الكبرى 2/ 264، والبيهقي 3/ 385 - الجنائز- باب ما يستحب من تسجيته بثوب، والبغوي في شرح السنة 5/ 301 - الجنائز- باب يسجى الميت بثوب- (1469)، كلهم من طريق الزهري قال أخبرني أبو سلمة أن عائشة أم المؤمنين قالت: سجى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات ببردة حبرة هذا اللفظ لمسلم.

وعند البخاري بلفظ: أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته، قالت: أقبل أبو بكر رضي الله عنه على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببردة فكشف، عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله، ثم بكى. فقال: بأبي أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين: أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها، وقال أبو سلمة: فأخبرني ابن عباس: أن أبا بكر رضي الله عنه خرج وعمر رضي الله عنه يكلم الناس فقال: اجلس فأبى؛ فقال: اجلس؛ فأبى؛ فتشهد أبو بكر رضي الله عنه فمال إليه الناس، وتركوا عمر؛ فقال: أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال تعالى:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ} . فوالله لكان الناس لم يكونوا يعلمون أن الله

ص: 454

أنزل الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس فما يسمع بشر إلا يتلوها.

وروى أبو داود (3150) قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزار، حدثنا إسماعيل، يعني ابن عبد الكريم، حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن جابر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توفي أحدكم، فوجد شيئا، فليكفن في ثوب حبرة.

قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 413): إبراهيم بن عقيل بن معقل بن منبه لا بأس به، وأبوه عقيل بن معقل ثقة، وأبوه معقل بن منبه، هو أخو وهب بن منبه، وهمام بن منبه، ولا مدخل له في الإسناد. فأما إسماعيل بن عبد الكريم، راويه، عن إبراهيم بن عقيل، فإنه لا يعرف ولم يذكره ابن أبي حاتم ذكرا يخصه في باب إسماعيل. لكنه جرى ذكره في باب إبراهيم بن عقيل، فقال، روى عنه إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني. وذكره مسلمة بن قاسم فقال: إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبه صنعاني، جائز الحديث. فعلى هذا الذي ذكر، يكون ابن عم إبراهيم بن عقيل المذكور، ولم تثبت عدالته. وقد زعم ابن معين لما ذكر إبراهيم بن عقيل وأنه لا بأس به، أن حديثهم ينبغي أن يكون صحيفة وقعت إليهم، فالحديث لا يصح من أجل إسماعيل المذكور. اهـ.

وقال الذهبي في الرد على ابن القطان (ص- 37): قال: إسماعيل لا يعرف، قلت: هو من شيوخ أحمد، وقال: لا بأس به. اهـ.

وقال الألباني في أحكام الجنائز (ص- 63): وهذا سند صحيح عندي. اهـ.

ص: 455

وأخرجه أحمد 3/ 335 (14655) قال: حدثنا حسن، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وجد سعة فليكفن في ثوب حبرة.

- لفظ حجاج؛، عن أبي الزبير، عن جابر، يرفعه، قال: إذا مات أحدكم فليحسن كفنه، قال: فإن لم يجد، فليكفنه في بردي حبرة.

قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: (6585) في صحيح الجامع.

* * *

ص: 456

(357)

قول أنس: ضعوا على بطنه شيئا من حديد لئلا ينتفخ بطنه.

أخرجه البيهقي 3/ 385 - الجنائز- باب ما يستحب من وضع شيء على بطنه- من طريق الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن عقبة، حدثنا أبو المنيب، حدثنا أبو خالد المدنى، عن عبدالله بن آدم قال: مات مولى لأنس بن مالك عند مغيب الشمس فقال أنس: ضعوا على بطنه حديدة.

قلت: في إسناده أبا المنيب؛ عبيدالله العتكي مختلف فيه. ضعفه البخاري والنسائي وابن حبان 2/ 64 - 65، والعقيلي 3/ 122، ووثقه ابن معين. وقال ابن عدي: ولأبي المنيب هذا أحاديث غير ما ذكرت، وهو عندي لا بأس به.

وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (4312): عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب بضم الميم وكسر النون وآخره موحدة العتكي بفتح المهملة والمثناة المروزي صدوق يخطئ من السادسة د س ق. أ. هـ.

وروى أبو نعيم في الحلية (2/ 5 - 6)، وأخبار أصبهان (1/ 189 - 190) قال: حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر، حدثنا عبدالعزيز بن محمد، عن يزيد بن عبدالله بن الهاد، عن محمد بن كعب، عن عبدالله بن أنيس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من لي بخالد بن نبيح؟. رجل من هذيل، وهو يومئذ قبل (عرفة) بـ (عرنة)، قال عبدالله بن أنيس: أنا يا رسول الله! انعته لي، قال: إذا رأيته هبته. قال: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق ما هبت شيئا قط. قال: فخرج عبدالله بن أنيس حتى أتى جبال (عرفة) قبل أن تغيب الشمس، قال عبد الله: فلقيت رجلا، فرعبت منه حين رأيته،

ص: 457

فعرفت حين رعبت منه أنه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: من الرجل؟ فقلت: باغي حاجة، هل من مبيت؟ قال: نعم، فالحق، فرحت في أثره فصليت العصر ركعتين خفيفتين، وأشفقت أن يراني، ثم لحقته، فضربته بالسيف، ثم خرجت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته. قال محمد بن كعب: فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصرة، فقال:(فذكره). قال محمد بن كعب: فلما توفي عبدالله بن أنيس أمر بها فوضعت على بطنه وكفن، ودفن ودفنت معه.

وقال الهيثمي في المجمع 6/ 301: 10345 - رواه الطبراني ورجاله ثقات أهـ

وقال الألباني في السلسلة الصحيحة 6/ 1200: وهذا إسناد جيد، ذكره أبو نعيم في ترجمة (إبراهيم بن محمد بن الحسن) من الأخبار، وقال: يعرف بـ (ابن متويه)

كان من العباد والفضلاء، يصوم الدهر. وأورده الذهبي في تذكرة الحفاظ (2/ 740)، ووصفه بـ: الحافظ القدوة .. وقال أبو الشيخ: كان من معادن الصدق. وله ترجمة في السير أيضا (14/ 142 - 143)، والقاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم هو الحافظ العسال، ترجمه أبو نعيم في الأخبار بقوله (2/ 283): مقبول القول، من كبار الناس في المعرفة والإتقان والحفظ، صنف الشيوخ والتاريخ والتفسير وعامة المسند. وله ترجمة حافلة في التذكرة (3/ 886 - 889)، ووصفه بـ الحافظ العلامة .. قال ابن مردويه: وهو أحد الأئمة في علم الحديث فهما وإتقانا وأمانة. وتوسع في ترجمته في السير (16/ 6 - 15)، وذكر فيها، عن أبي بكر بن أبي علي الذكواني القاضي أنه قال فيه: الثقة المأمون الكبير في الحفظ والإتقان. اهـ.

* * *

ص: 458

(358)

ويقول: بسم الله وعلى وفاة رسول الله.

قلت: لم أجده بهذا اللفظ ويظهر أنه وقع فيه تصحيف، والصواب: بسم الله وعلى ملة رسول الله. أو لفظ: سنة رسول الله

رواه أبو داود (3213)، وأحمد 2/ 27، 59، 128، والحاكم 1/ 520، 521، والبيهقي 4/ 55، وابن حبان في الموارد (773) كلهم من طريق همام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن ابن عمر قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: رجاله ثقات. وروي موقوفاً، قال الحاكم 1/ 521: صحيح على شرط الشيخين، وهمام ثبت مأمون إذا أسند مثل هذا الحديث لا يعلل بأحد إذا أوقفه. اهـ.

وقد أعله الدارقطني بالوقف، وتبعه أيضا البيهقي فقال 4/ 55: الحديث يتفرد برفعه همام بن يحيى بهذا الإسناد وهو ثقة إلا أن شعبة وهشام الدستوائي روياه موقوفا على ابن عمر. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 137: وقد رواه ابن حبان من طريق سعيد، عن قتادة مرفوعا. اهـ.

قلت: الذي يظهر أن الصواب شعبة، عن قتادة به كما في صحيح ابن حبان 5/ 43 رقم (3099)، وابن أبي شيبة 3/ 210 وهو موقوف، ولم أقف على رواية سعيد، عن قتادة. ورواه ابن أبي شيبة 3/ 210 قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن قتادة به موقوفا.

ص: 459

قال الزيلعي في نصب الراية 2/ 302: قال الدارقطني، عن الموقوف: هو المحفوظ. اهـ.

ورواه ابن ماجه (1553)، والبيهقي 4/ 55 كلاهما من طريق حماد بن عبدالرحمن الكلبي ثنا إدريس الأودي، عن سعيد بن المسيب قال: حضرت ابن عمر في جنازة فلما وضعها في اللحد قال: بسم الله، وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله؛ فلما أخذ في تسوية اللبن على اللحد قال: اللهم أجره من الشيطان، ومن عذاب القبر؛ اللهم جاف الأرض، عن جنبيها وصعد روحها ولقصا منك رضوانا. قلت: يا ابن عمر أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قلته برأيك؟ قال: إني إذا لقادر على القول بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: في إسناده حماد بن عبد الرحمن. قال أبو زرعة: يروي أحاديث مناكير. اهـ. وقال أبو حاتم: شيخ مجهول منكر الحديث ضعيف الحديث. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص 1/ 137 هو مجهول، واستنكره أبو حاتم من هذا الوجه. اهـ.

وقال في التقريب (1502): ضعيف. اهـ.

وقال البوصيري في الزوائد 1/ 495: متفق على تضعيفه. اهـ.

وقال أبو حاتم كما في العلل (1074): الحديث منكر. اهـ.

ورواه الترمذي (1046)، وابن ماجه (1550) كلاهما من طريق حجاج، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع الميت في القبر قال: بسم الله وعلى سنة رسول الله.

قال الترمذي 3/ 424: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. اهـ.

ص: 460

قلت: في إسناده الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف.

وقد تابعه ليث بن أبي سليم، عن نافع كما عند ابن ماجه، وليث ضعيف، لكن الحديث يتقوى لكثرة طرقه.

وقد صححه الألباني بطرقه كما في الإرواء 3/ 198 - 199 فقال: الصواب أن الحديث صحيح مرفوعا وموقوفا. اهـ.

وروى الحارث كما في المطالب (830) قال: حدثنا العباس بن الفضل، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أبو جلاس حدثني عثمان بن الشماخ وكان ابن أخي سمرة بن جندب قال: مات ابن لسمرة قد سعى فسمع بكاء؛ فقال: ما هذا البكاء؟ قالوا: على فلان؛ فنهاهم، عن ذلك؛ فدعا بطست أو بعس؛ فغسل بين يديه ثم كفن بين يديه ثم قال لمولى له: يا فلان اذهب إلى حفرته؛ فإذا وضعته؛ فقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله وأطلق عقد رأسه وعقد رجليه، وقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله، وأطلق عقد رأسه وعقد رجلية، وقل: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.

قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن مداره على عثمان بن شماس، وفيه أيضا العباس بن الفضل وهو ضعيف جدا.

ورواه البيهقي 3/ 407 من طريق إبراهيم بن علي، حدثنا يحيى بن يحيى أنبأنا عبد الوارث، عن عقبة بن يسار، عن عثمان بن أخي سمرة به.

* * *

ص: 461

(359)

قوله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبي بين ظهراني أهله. رواه أبو داود.

أخرجه أبو داود- الجنائز- باب التعجيل بالجنازة- (3159) قال: حدثنا عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي، أبو سفيان، وأحمد بن جناب، قالا: حدثنا عيسى (قال أبو داود: هو ابن يونس)، عن سعيد بن عثمان البلوي، عن عزرة (وقال عبد الرحيم: عروة) بن سعيد الأنصاري، عن أبيه، سعيد الأنصاري، عن الحصين بن وحوح؛ أن طلحة بن البراء مرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقال: إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به، وعجلوا، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله.

ورواه البيهقي 3/ 386 - 387 - الجنائز- باب ما يستحب من التعجيل بتجهيزه إذا بان موته، ابن عبد البر في التمهيد 6/ 272، كلاهما من طريق سعيد بن عثمان البلوي، عن عروة بن سعيد الأنصاري، عن أبيه، عن الحصين بن وحوح.

وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2/ 556): قال بإثره: ليس إسناده بقوي، والحصين بن وحوح له صحبة. لم يزد على هذا، وقد بينا في باب الأحاديث التي لم يبين عللها علته. واحتمال الإرسال فيه، بكون الحصين بن وحوح يروى عنه، عن طلحة ابن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أوضحت ذلك في الباب المذكور، فهو أخص بذكره من هذا الباب. اهـ.

قلت: الحديث ضعيف؛ لأن مداره على عروة بن سعيد الأنصاري وأبيه وهما مجهولان. قال الحافظ ابن حجر في التقريب (4562): عروة ويقال

ص: 462

عزرة بزاي وراء مع فتح أوله بن سعيد مجهول من السادسة جاء في الإسناد بالشك د. أ. هـ. ـ

وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (3232): هذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون حصين بن وحوح لا يعرفون. وقد قال الحافظ في كل من عروة بن سعيد الأنصاري وأبيه: مجهول وفي البلوي: مقبول، مع أنه لم يرو عنه غير عيسى بن يونس، ولم يوثقه غير ابن حبان. ومن هذا الوجه روى أبو داود (3159) طرفا منه، وزاد بعد قوله: وعجلوه: فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله.

* * *

ص: 463

(360)

لما روى الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه، عن أبي هريرة مرفوعا: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.

رواه أحمد 2/ 44، 475 والدارمي- البيوع- باب ما جاء في التشديد في الدين- 2/ 262 كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.

وقد اختلف في إسناده.

فرواه الترمذي- الجنائز- (1079)، وابن ماجه- الصدقات- باب التشديد في الدين- (2413)، والبيهقي 6/ 49 كلهم من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة به مرفوعا.

وسئل الدارقطني في العلل 9/ 303، عن هذا الحديث فقال: يرويه سعد بن إبراهيم واختلف عنه، فرواه الثوري، عن سعد، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة. وقيل: عن خلاد بن يحيى، عن الثوري، عن الأعمش، عن سعد بن إبراهيم، وذكر الأعمش فيه وهم.

ورواه إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة وكذلك روي عن أيوب، عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة. قاله عنه عبد الوارث. ورواه زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة لم يذكر فيه عمر. واختلف، عن صالح بن كيسان فقيل عنه، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال ذلك محمد بن عبدالله الرقاشي، عن مسلم بن خالد عنه وسعد بن إبراهيم زهري.

ص: 464

فإن كان أراد بقوله الزهري سعد بن إبراهيم وإلا فقد وهم. ورواه ابن وهب، عن مسلم بن خالد، عن صالح بن كيسان، عن سعد بن إبراهيم. وكذلك رواه إسماعيل بن عياش، عن صالح بن كيسان، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. ورواه همام، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعد بن إبراهيم، عن رجل لم يسمه، عن أبي هريرة والصحيح قول الثوري ومن تابعه. انتهى كلام الدارقطني.

ورواه الترمذي- الجنائز- (1087)، والحاكم 2/ 32 كلاهما من طريق سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة ابن عبدالرحمن، عن أبي هريرة به مرفوعا. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لرواية الثوري قال فيها، عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة .. اهـ.

قال الترمذي 4/ 33: حديث حسن .. اهـ.

وقال النووي في المجموع 5/ 121 والخلاصة 2/ 930: رواه الترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح أو أحسن .... اهـ.

قلت: حسنه الترمذي لأن في إسناده عمر بن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف الزهري المديني. قال ابن المديني، عن يحيى بن سعيد: كان شعبة يضعف عمر بن أبي سلمة. اهـ. وقال أبوقدامة: قلت لابن مهدي: إن شعبة أدركه ولم يحمل عنه. قال: أحاديثه واهية. اهـ. وقال ابن خيثمة سألت أبي عنه فقال: صالح إن شاء الله. وكان يحيى بن سعيد يختار محمد بن عمرو عليه .. اهـ. وقال ابن المديني: تركه شعبة. وليس بذاك. اهـ. وقال ابن معين: ليس به بأس. وفي رواية: ضعيف الحديث. اهـ. وقال أبوحاتم: هو عندي

ص: 465

صالح صدوق في الأصل ليس بذاك القوي يكتب حديثه ولا يحتج به يخالف في بعض الشيء .. اهـ. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث وليس يحتج بحديثه. اهـ. وقال النسائي: ليس بالقوي .. اهـ. وقال ابن خزيمة: لا يحتج بحديثه. اهـ.

* * *

ص: 466

‌فصل: غسل الميت وتكفينه

(361)

قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه متفق عليه، عن ابن عباس.

أخرجه البخاري (1265)، ومسلم 4/ 24 (2862)، وأبو داود (3238)، وفي (3241)، وابن ماجه (3084)، والترمذي (951)، والنسائي 4/ 39، وفي الكبرى (2042)، والحميدي (466)، وفي (467)، وأحمد 1/ 215 (1850)، وفي 1/ 220 (1914)، وفي (3077) كلهم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع من راحلته فأقصعته، أو قال فأقعصته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه فى ثوبين، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا.

وأخرجه مسلم 4/ 25 (2872) قال: حدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبيدالله ابن موسى، حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فوقصته ناقته فمات فقال النبي صلى الله عليه وسلم اغسلوه ولا تقربوه طيبا ولا تغطوا وجهه فإنه يبعث يلبى. ليس فيه: عن الحكم.

وروى البخاري (1253)، ومسلم 2/ 646 وأبو داود (3142 - 3143)، وابن ماجه (1458)، والنسائي 4/ 31، وأحمد 5/ 84، والبيهقي 3/ 389 كلهم من طريق أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية قالت: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته. فقال: اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك.

ص: 467

إن رأيتن ذلك، بماء وسدر. واجعلن في الآخرة كافورا، أو شيئا من كافور، فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه. فقال: أشعرنها إياه. متفق عليه.

وفي رواية ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها وفي لفظ للبخاري فضفرنا شعرها ثلاثة قرون، فألقيناه خلفها.

ورواه البخاري (1255 - 1256)، ومسلم 2/ 648 وأبوداود (3145)، والنسائي 4/ 3، والترمذي (990)، والبيهقي 3/ 388، كلهم من طريق خالد الحذاء، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية رضي الله عنها قالت: لما غسلنا ابنة النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا- ونحن نغسلها ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها. وفي رواية للبخاري ابدءوا.

ورواه البخاري (1262)، ومسلم 2/ 648 وأبو داود (3144)، والترمذي (990)، والبيهقي 3/ 389 كلهم من طريق هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين أم الهذيل، عن أم عطية رضي الله عنها قالت توفيت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اغسلنها بالسدر وترا ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور فإذا فرغتن فآذنن. فلما فرغنا آذناه، فألفى إلينا حقوة، فضفر شعرها ثلاثة قرون وألقيناها خلفها. هذا لفظ البخاري.

أما لفظ مسلم: قالت أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل إحدى بناته. فقال اغسلنها وترا. خمسا أو أكثر من ذلك بنحو حديث أيوب السابق. وقال في الحديث قالت: فضفرنا شعرها ثلاثة أثلاث. قرنيها وناصيتها.

وفي لفظ البيهقي وأبو داود فضفرنا رأسها ثلاثة قرون ثم ألقينا خلفها مقدمتها وقرنيها.

ص: 468

وهذه الألفاظ لا يعل بها الحديث فيكفي الحديث صحة أنه في الصحيحين بل عند الجماعة.

ولهذا قال ابن المنذر كما نقل عنه الحافظ ابن حجر في الفتح 3/ 127: ليس في أحاديث الغسل للميت أعلى من حديث أم عطية رضي الله عنها وعليه عول الأئمة. وقال الحافظ ابن حجر: ومدار حديث أم عطية على محمد وحفصة ابنتى سيرين. وحفظت منه حفصة ما لم يحفظ محمد. اهـ.

وقال أيضا في الإصابة 4/ 455 في ترجمة أم عطية: وحديثها في غسل ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهور في الصحيح. وكان جماعة من علماء التابعين يأخذون ذلك الحكم. اهـ.

وقال ابن عبد البر في الإستيعاب في ترجمة أم عطية مع الإصابة 4/ 452 وأم عطية اسمها نسيبة: وشهدت غسل ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكت ذلك فأتقنت. وحديثها أصل في غسل الميت، وكان جماعة من الصحابه وعلماء التابعين بالبصرة يأخذون عنها غسل الميت. اهـ.

وروى عبد الرزاق 3/ 397 - 398، عن ابن جريج قال: سمعت محمد بن علي بن الحسين يخبرنا قال: غسل النبي صلى الله عليه وسلم في قميص، وغسل ثلاثا كلهن بماء وسدر وولى علي سفلته والفضل بن عباس يحتضن النبي صلى الله عليه وسلم والعباس يصب الماء، قال: وعلي يغسل سفلته ويقول الفضل لعلي: أرحني، قطعت وتيني، إني لأجد شيئا يتنزل علي، قطعت وتيني قال: وغسل النبي صلى الله عليه وسلم من بئر لسعد بن خيثمه، يقال لها الغراس بقباء، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغسل رأسه إلا بسدر. وبه نأخذ، قال: قلت لعبد الرزاق: يبدأ بالرأس أو اللحية؟ قال: السنة لاشك بالرأس ثم اللحية، ثم قال: أخبرنا حميد أن

ص: 469

معمرا أخبره، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: يبدأ بالرأس ثم اللحية ثم الميامن يعني غسل ثلاث مرات بماء وسدر ثم بماء فهي واحدة كل غسله بماء وسدر ثم بماء فهي واحد.

قلت: المرسل رواه أيضا البيهقي 3/ 395 من طريق سفيان، عن ابن جريج به.

قلت: رجاله ثقات وإسناده قوي. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 112: وهو مرسل جيد. اهـ.

وقد روي تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم من طرق أخرى.

فقد رواه ابن أبي شيبة 4/ 77 والبيهقي 3/ 388 من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبيدالله بن الحارث بن نوفل أن عليا رضي الله عنه غسل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وبيد علي رضي الله عنه خرقه يتتبع بها تحت القميص.

قلت: إسناده ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف.

وروى مالك في الموطأ 1/ 222 وعنه الشافعي 1/ 209، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل في قميص.

* * *

ص: 470

(362)

قوله صلى الله عليه وسلم: صلوا على من قال: لا إله إلا الله. رواه الخلال والدارقطني وضعفه ابن الجوزي.

رواه الدارقطني 2/ 56 قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، ثنا أبو عمر محمد بن عبدالله البصري بحلب، حدثنا حجاج بن نصير، ثنا عثمان بن عبدالرحمن عطاء بن أبي رباح ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله.

قلت: إسناده ضعيف جدا، لأن فيه عثمان بن عبدالرحمن وهو ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري الوقاصي، روى عن عطاء، وعنه حجاج بن نصر، وحاله ضعيف جدا، قال ابن معين: لا يكتب حديثه كان يكذب وقال مرة: ضعيف. اهـ. وقال ابن المديني: ضعيف جدا. اهـ. وقال البخاري: تركوه. اهـ.

وقال أبو حاتم: متروك الحديث ذاهب. اهـ. وقال مرة: ليس بثقة ولا يكتب حديثه. اهـ. وقال أبو حمد الحاكم: متروك الحديث. اهـ. وقال ابن عدي: عامة حديثه مناكير إما إسنادا أو متنا. اهـ.

والحديث ضعفه الألباني في الإرواء 2/ 306 فقال: هذا إسناد واه جدا، عثمان بن عبدالرحمن هو الزهري الوقاصي متروك وكذبه ابن معين. اهـ.

وضعف الحديث أيضا النووي في المجموع 4/ 253 و 5/ 212 وفي الخلاصة 2/ 6950

ورواه الدارقطني 2/ 56 من طريق أبي الوليد المخزومي ثنا عبيدالله بن عمر، عن نافع به. إلا أنه قال:(وراء) بدل (خلف).

ص: 471

قلت: إسناده أضعف من الأول لأن فيه أبا الوليد واسمه خالد بن إسماعيل.

قال في العلل المتناهية 1/ 477 نسبه يحيى إلى الكذب. اهـ.

وقال ابن عدي: كان يضع الحديث على الثقات. اهـ.

ولهذا قال الألباني في الإرواء 2/ 306: هذا إسناد واه جدا. اهـ.

وللحديث، عن ابن عمر طرق أخرى كلها ضعيفة جدا لا تقوم بها حجة.

ورواه الخطيب في تاريخه 6/ 403، وابن الجوزي في التحقيق 1/ 477، وفي العلل 1/ 423 من طريق وهب بن وهب، عن عبيدالله بن نافع، عن ابن عمر به.

قلت: وهب بن وهب قال ابن الجوزي: كان كذابا يضع الحديث بإجماعهم. اهـ.

قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 35: وري الحديث من طريق عثمان بن عبدالرحمن، عن عطاء، عن ابن عمر، وعثمان كذبه يحيى بن معين، ومن حديث نافع عنه وفيه خالد بن إسماعيل، عن العمري به، وخالد متروك، ووقع في الطريق، عن أبي الوليد المخزومي، فخفي حاله على الضياء المقدسي، وتابعه أبو البختري وهب بن وهب، وهو كذاب، ومن طريق مجاهد، عن ابن عمر، وفيه محمد بن الفضل، وهو متروك، وله طريق أخرى من رواية عثمان بن عبدالله العثماني، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، وعثمان رماه ابن عدي بالوضع. اهـ.

ورواه الطبراني في الكبير 12/ 447 - 13622، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 5/ 1823، وأبو نعيم في الحلية 10/ 32، وابن الجوزي في

ص: 472

العلل المتناهية 1/ 423 - 424 - من طرق عبد لله بن عمر. ولا تصح.

وقال المناوي في فيض القدير 1/ 211: وقال في المهذب: أحاديث الصلاة على من قال لا إله إلا الله واهية وأورد له ابن الجوزي طرقا كثيرة وقال: كلها غير صحيحة. اهـ.

* * *

ص: 473

(363)

أن أبا بكر أوصى أن تغسله امرأته أسماء.

رواه البيهقي 3/ 397 قال: حدثنا أبو عبدالله الحافظ ثنا أبو عبدالله محمد بن أحمد بن بطه الأصبهاني ثنا محمد بن عبدالله بن رسته ثنا أبو أيوب سليمان بن داود المنقري ثنا محمد بن عمر ثنا محمد بن عبدالله أخي الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: توفي أبو بكر رضي الله عنه ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث عشرة وأوصى أن تغسله أسماء بنت عميس امرأته. وأنها ضعفت فاستعانت بعبد الرحمن.

قلت: إسناده ضعيف جدا. لأن فيه محمد بن عمر وهو الواقدي وهو متروك. والقصة مشهورة.

قال الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 159: هذا سند واه جدا. محمد بن عمر هو الواقدي وهو متروك. اهـ.

وقال البيهقي 3/ 397: هذا الحديث الموصول وإن كان راويه محمد بن عمر الواقدي. صاحب التاريخ والمغازي. فليس بالقوي. وله شواهد مراسيل، عن ابن أبي مليكة وعن عطاء بن أبي رباح، عن سعد بن إبراهيم أن أسماء بنت عميس، غسلت زوجها أبا بكر رضي الله عنه. وذكر بعضهم أن أبا بكر رضي الله عنه أوصى بذلك. اهـ.

وقال النووي في المجموع 5/ 129: حيث عائشة هذا ضعيف، رواه البيهقي: من رواية الواقدي وهو ضعيف باتفاقهم .... اهـ. ونحوه قال في الخلاصة.

قلت: رواه ابن أبي شيبة 3/ 136 قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو،

ص: 474

عن ابن مليكة أن أبا بكر الصديق حين حضرته الوفاة أوصى أسماء بنت عميس أن تغسله وكانت صائمة فعزم عليها لتفطرن. وله طريق آخر عند ابن أبي شيبة.

ورواه عبد الرزاق 3/ 408، عن معمر، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة.

وأخرجه عبد الرزاق 3/ 408 - الجنائز- باب المرأة تغسل الرجل- 6117، وابن أبي شيبة 3/ 249 - الجنائز- باب في المرأة تغسل زوجها ألها ذلك؟، وابن سعد في الطبقات الكبرى 3/ 203 - عن ابن أبي مليكة وعبد الله بن شداد وسعد بن إبراهيم وعطاء بن أبي رباح وقتادة مرسلا.

والأثر ضعيف، لأنه روي مرسلا، عن ابن أبي مليكة.

وروى البيهقي 3/ 397 من طريق عبدالله بن عبد الجبار ثنا الحكم بن عبدالله الأزدي حدثني الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رحم الله امرءا غسلته امرأته وكفن في إخلاقه. قالت: ففعل ذلك بأبي بكر غسلته امرأته أسماء بنت عميس الأشجعية وكفن في ثيابه التي كان يبتذلها.

قال البيهقي عقبه: إسناده ضعيف. اهـ.

* * *

ص: 475

(364)

أوصى أنس أن يغسله محمد بن سيرين.

قال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 159: لم أقف على إسناده. اهـ.

وقد أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 7/ 25 قال: أخبرنا محمد بن عبدالله الأنصارى، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن محمد أن أنس بن مالك توفى، ومحمد بن سيرين محبوس في دين عليه، قال: وأوصى أنس أن يغسله محمد ........ فأخرج من السجن فغسله.

قلت: ظاهر إسناده الصحة، ورجاله ثقات.

وقال الشيخ صالح آل الشيخ في كتابه التكميل ص 33: وهذا إسناد صحيح، رجاله معروفون بالثقة وبرواية بعضهم، عن بعض. ورواه أحمد في الورع ص 7، عن هشام قال كان أنس بن مالك أوصى أن يغسله محمد بن سيرين فلما مات أتى محمد بن سيرين فقيل له ذاك فقال: أنا محبوس في السجن قالوا: قد استأذنا الأمير فأذن لك قال إن الأمير لم يحبسني إنما حبسني الذي له على الحق. اهـ.

* * *

ص: 476

(365)

روى ابن المنذر أن عليا غسل فاطمة.

رواه الدارقطني 2/ 79 قال: حدثنا عبد الباقي بن قانع، نا عبدالله بن أحمد بن حنبل، نا عبدالله بن جندل، نا عبدالله بن نافع المدني محمد بن موسى عون بن محمد أمه أسماء بنت عميس، أن فاطمة أوصت أن يغسلها زوجها علي وأسماء، فغسلاها.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه عبدالله بن نافع الذي يظهر أنه هو العدوي المدني- كما صرح به ابن الجوزي في التحقيق 2/ 60، وعبد الله بن نافع المدني ضعيف. قال عباس، عن ابن معين: ضعيف. اهـ. وقال ابن أبي مريم، عن ابن معين: يكتب حديثه. اهـ. وقال ابن المديني: روى أحاديث منكرة. اهـ. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وهو أضعف ولد نافع. اهـ. وقال في موضع آخر: ليس بثقة. اهـ. وقال معاوية بن صالح، عن ابن معين: مدني ليس بذاك. اهـ. وقال البخاري: يخالف في حديثه. اهـ. وقال مرة فيه نظر. اهـ. وقال البرقاني، عن الدارقطني: متروك. اهـ.

وحاول ابن الجوزي في التحقيق 2/ 6 رد هذه العلة فقال: فإن قيل

في الإسناد عبدالله بن نافع، قال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك قلنا: قد قال يحيى في راويه: يكتب حديثه. اهـ.

قلت: انفرد بهذه الرواية ابن أبي مريم، عن ابن معين ثم أيضا قد خالفه عباس وأيضًا معاوية بن صالح فرووه، عن ابن معين تضعيفه كما سبق ثم إن الأئمة على تضعيفه. لكن لم ينفرد به ابن نافع بل تابعه قتيبة بن سعيد ثنا محمد بن موسى به. كما عند البيهقي 3/ 3960.

ص: 477

قلت: الحديث مداره على عون بن محمد بن علي بن أبي طالب وأمه أم جعفر. وحالهما فيه جهالة. فأما عون بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي فقد ذكره البخاري في التاريخ الكبير 7/ 16، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 6/ 386 ولم يوردا فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان في الثقات 7/ 276.

وأما أم جعفر ويقال أم عون وهي بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب الهاشمية. فقد ذكرها الحافظ ابن حجر في التهذيب 2/ 501 ولم يورد فيه جرحا ولا تعديلا. وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (8750): أم عون بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب ويقال لها أم جعفر مقبولة من الثالثة ق. أ. هـ.

لهذا قال ابن التركماني في الجوهر النقي مع السنن 3/ 396: في سنده من يحتاج إلى كشف حاله. ثم الحديث مشكل. ففي الصحيح أن عليا دفنها ليلا ولم يعلم أبا بكر، فكيف يمكن أن يغسلها زوجه أسماء وهو لا يعلم. وورع أسماء يمنعها أن لا تستأذنه- ذكر ذلك البيهقي في الخلافيات واعتذر عنه بما ملخصه أنه يحتمل أن أبا بكر علم ذلك وأحب أن لا يرد غرض علي في كتمانه منه. اهـ.

وأجاب الحافظ ابن حجر بجواب آخر. فقال في التلخيص الحبير 2/ 151: ويمكن أن يجاب بأنه أي أبو بكر علم بذلك، وظن أن عليا سيدعوه لحضور دفنها. وظن علي أنه يحضر من غير استدعاء منه، فهذا لا بأس به. اهـ. وقال أيضا: قد احتج بهذا الحديث أحمد وابن المنذر، وفي جزمهما بذلك دليل على صحته عندهما. اهـ.

قلت: لكن لما روى ابن الجوزي في التحقيق 2/ 6 هذا الأثر نقل، عن

ص: 478

الإمام أحمد إنكاره. ثم أيضا: إن الاحتجاج بالأثر أو الحديث لا يعني تصحيحه فقد يحتج به لوجود قرائن.

وقال ابن الملقن في البدر المنير 5/ 374: هذا الأثر رواه الشافعي، عن إبراهيم، عن عمارة، عن أم محمد بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، عن جدتها أسماء بنت عميس أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصت أن تغسلها إذا ماتت هي وعلي فغسلتها هي وعلي. ورواه الدارقطني والبيهقي في سننهما من حديث عبدالله بن نافع المدني، عن محمد بن موسى، عن عون بن محمد، عن أمه، عن أسماء بنت عميس أن فاطمة رضي الله عنها أوصت أن يغسلها زوجها علي وأسماء، فغسلاها. وإبراهيم المذكور في الإسناد الأول هو ابن أبي يحيى، وقد ضعفه الأكثرون، كما سلف في الطهارة. وعبدالله بن نافع المذكور في الثاني من فرسان مسلم، ووثقه ابن معين. وقال البخاري: في حفظه شيء. ورواه البيهقي من حديث قتيبة بن سعيد ثنا محمد بن موسى المخزومي نا عون بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر- أظنه: وعن عمارة بن المهاجر، عن أم جعفر- أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا أسماء، إذا أنا مت فاغسليني أنت وعلي بن أبي طالب. فغسلها علي وأسماء. ورواه أيضا من حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن محمد بن موسى، عن عون بن محمد بن علي، عن عمارة ابن المهاجر، عن أم جعفر بنت محمد بن علي، عن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا والذي قبله متابع للأولين. وعن البيهقي أنه قال: هذا الأثر عجيب؛ فإن أسماء كانت في ذلك الوقت عند أبي بكر، وقد ثبت أنه لم يعلم بوفاة فاطمة، لما في الصحيح أن عليا دفنها ليلا، ولم يعلم أبا بكر. فكيف يمكن أن تغسلها

ص: 479

زوجته ولا يعلم؟! وورع أسماء يمنعها أن تفعل ذلك ولا تستأذن زوجها، إلا أن يقال: إنه يحتمل أن يكون علم واجب أن لا يرد غرض علي في كتمانه منه، لكن الأشبه أنه يحمل على أن أسماء ستعلمه، وأنه علم أنه علم ونوى حضوره، والأولى لمن يثبت هذا أن يقال: يحتمل- والله أعلم- أن أبا بكر علم، وأن عليا علم بعلمه بذلك، وظن أنه يحضر من غير استدعاء منه له، وظن أبو بكر أنه سيدعوه، أو أنه لا يؤثر حضوره. هذا آخر كلامه.

وذكره ابن الجوزي في تحقيقه من طريق الدارقطني محتجا به على أبي حنيفة في قوله: لا يجوز للرجل أن يغسل زوجته. ثم قال: ورواه هبة الله الطبري، عن أسماء أن عليا غسل فاطمة، قالت أسماء: وأعنته أنا عليها. ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، فصار كالإجماع، ثم قال: فإن قيل: هذا الحديث أنكره أحمد، ثم في إسناده عبدالله بن نافع، قال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك. ثم أجاب بأن يحيى قال في رواية: يكتب حديثه. ثم نقل، عن بعض المتفقهة أنه لو صح هذا فإنما غسلها؛ لأنها زوجته في الآخرة، فما انقطعت عنه الزوجية، ثم أجاب بأنها لو بقيت لما تزوج بنت أختها أمامة بنت زينب بعد موتها، وقد مات، عن أربع حرائر. قلت: وأما حديث: أنها اغتسلت وماتت، فاكتفوا بغسلها ذلك ففيه مقال». انتهى ما نقله وقاله ابن الملقن.

والحديث حسنه الألباني وقال في الإرواء 3/ 162: رجاله ثقات معروفون غير أم جعفر هذه يقال لها أم عوف لم يرو عنها غير ابنها عوف وأم عيسى الجزار ويقال لها الخزاعية لم يوثقها أحد

اهـ.

* * *

ص: 480

(366)

وغسل النبي صلى الله عليه وسلم في قميص لأن فضلاته طاهرة فلم يخش تنجيس قميصه.

رواه عبد الرزاق 3/ 397 - 398، عن ابن جريج، قال: سمعت محمد بن علي بن الحسين، يخبرنا قال: غسل النبي صلى الله عليه وسلم في قميص، وغسل ثلاثا كلهن بماء وسدر وولى علي سفلته والفضل بن عباس يحتضن النبي صلى الله عليه وسلم والعباس يصب الماء، قال: وعلي يغسل سفلته ويقول الفضل لعلي: أرحني، قطعت وتيني، إني لأجد شيئا يتنزل علي، قطعت وتيني قال: وغسل النبي صلى الله عليه وسلم من بئر لسعد بن خيثمة، يقال لها الغراس بقباء، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغسل رأسه إلا بسدر. وبه نأخذ، قال: قلت لعبد الرزاق: يبدأ بالرأس أو اللحية؟ قال: السنة لاشك بالرأس ثم اللحية، ثم قال: أخبرنا حميد أن معمرا أخبره، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: يبدأ بالرأس ثم اللحية ثم الميامن يعني غسل ثلاث مرات بماء وسدر ثم بماء فهي واحدة كل غسله بماء وسدر ثم بماء فهي واحد.

وأخرجه مالك في الموطأ 1/ 222 - الجنائز- باب غسل الميت- 1، والشافعي في المسند ص 356، وابن سعد في الطبقات الكبرى 2/ 275 - 276، وابن أبي شيبة 3/ 240 - الجنائز-، عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب مرسلا.

قلت: المرسل رواه أيضا البيهقي 3/ 395 من طريق سفيان، عن ابن جريج به.

قلت: رجاله ثقات وإسناده قوي وهو مرسل.

ص: 481

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 112: وهو مرسل جيد. اهـ.

وقد روي تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم من طرق أخرى.

فقد رواه ابن أبي شيبة 4/ 77 والبيهقي 3/ 388 كلاهما من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبيدالله بن الحارث بن نوفل أن عليا رضي الله عنه غسل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وبيد علي خرقه يتتبع بها تحت القميص.

قلت: إسناده ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد. قال الحافظ ابن حجر في التقريب (7717): يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم الكوفي ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعيًّا. أهـ.

وروى مالك في الموطأ 1/ 222 وعنه الشافعي 1/ 209، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل في قميص.

وأخرجه ابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في غسل النبي صلى الله عليه وسلم (1466)، والحاكم 1/ 354 - الجنائز، والبيهقي 3/ 387 - الجنائز- باب ما يستحب من غسل الميت في قميص- بنحوه، من طريق أبي بردة، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه.

قلت: رجاله ثقات.

وأخرجه أبو داود 3/ 502 - الجنائز- باب في ستر الميت عند غسله- (3140)، ابن حبان 8/ 216 (6594)، والبيهقي 3/ 387 - بنحوه، من طريق محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن عبد لله بن الزبير، عن عائشة بنحوه.

قلت: إسناده حسن، وصرح ابن إسحاق بالتحديث في بعض الطرق.

وروى الطبراني في الكبير (629) قال: حدثنا إبراهيم بن هشام البغوي،

ص: 482

حدثنا احمد بن سيار المروزي، ثنا عبدالله بن عثمان، عن أبي حمزة السكري يزيد بن أبي زياد مقسم ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ثقل وعنده عائشة وعنده عائشة وحفصة، إذ دخل علي فلما رآه رفع رأسه، ثم قال: أذن مشي فأستند إليه، فلم يزل عنده حتى وفاته صلى الله عليه وسلم فلما قضي، قام علي- وأغلق الباب، فجاء العباس ومعه بنو عبد المطلب، فقاموا علي الباب، فجعل علي يقول: بأبي أنت طيبا حيا وطيبا ميتا، وسطعت ريح طيبة، لم يجدوا مثلها قط، فقال علي أدخلوا علي الفضل بن عباس، فقالت الأنصار: نشدناكم بالله في نصيبنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدخلوا رجلا منهم يقال له أوس بن خولي يحمل جرة بإحدى يديه فسمعوا صوتا في البيت: لا تجردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واغسلوا كما هو في قميصه، فغسله علي رضي الله عنه يدخل يده تحت القميص- والفضل يمسك الثوب عنه والأنصاري ينقل الماء، وعلي يعد علي خرقة ويدخل يده.

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف. كما سبق

قال ابن معين التاريخ 2/ 671: لا يحتج بحديثه. اهـ.

وقال أبو زرعة الجرح والتعديل 9/ 265 (1114): لين يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال أبو حاتم: ليس بالقوى. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر التقريب 2/ 324 (7744): ضعيف، كبر فتغير، صار يتلقن. اهـ.

ولهذا قال الهيثمي في المجمع 9/ 36: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يزيد بن أبي زياد، وهو حسن الحديث على ضعفه. اهـ.

وللحديث طرق، فقد أخرجه ابن سعد في الطبقات 2/ 276 مختصرًا واحمد 1/ 260 والطبري في التاريخ 2/ 238 من طريق ابن عباس به نحوه.

ص: 483

وله شاهد عند أخرجه ابن حبان في التاريخ، باب وفاته صلى الله عليه وسلم 14/ 595 (6627) من حديثه عائشة أنهم غسلوه صلى الله عليه وسلم في ثيابه بعد سماعهم للمنادي.

* * *

ص: 484

(367)

ويستحب أن لا يمس سائره إلا بخرقة لفعل علي مع النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه ابن سعد 2/ 28، وابن أبي شيبة 3/ 240 - الجنائز- باب في الميت يغسل من قال يستر ولا يجرد، والبيهقي 3/ 388 - الجنائز- باب ما ينهى عنه من النظر إلى عورة الميت- كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل، ولفظ البيهقي: أن عليا رضي الله عنه غسل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى النبي صلى الله عليه وسلم قميص وبيد على رضي الله عنه خرقة يتبع بها تحت القميص.

قلت: إسناده ضعيف، لأن مداره على يزيد بن أبي زياد الهاشمي، القرشي وهو متروك الرواية.

قال الحافظ في التقريب (1245): ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعيا. اهـ.

وقال الشيخ الألباني في الإرواء 3/ 160: وعلته يزيد هذا وهو القرشى قال الحافظ فى التقريب: ضعيف كبر، فتغير صار يتلقن. اهـ.

وروى الطبراني في الأوسط (2908)، والكبير (629) قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا محمد بن سيار المروزي، قال: حدثنا عبدان بن عثمان أبي حمزة يزيد بن أبي زياد مقسم ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ثقل وعنده عائشة وحفصة إذ دخل علي فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم رفع رأسه ثم قال أدن مني فأسنده إليه فلم يزل عنده حتى توفي فلما قضى قام علي وأغلق الباب وجاء العباس ومعه بنو عبد المطلب فقاموا على الباب فجعل علي يقول ما زلت طيبا حيا وطيبا ميتا وسطعت ريحه طيبة لم يجدوا مثلها فقال إنها ريح حنينك كحنين المرأة وأقبلوا على صاحبكم فقال علي أدخلوا علي الفضل بن العباس

ص: 485

فقالت الأنصار نشدناكم بالله في نصيبنا من رسول الله فأدخلوا رجلا منهم يقال له أوس بن خولي يحمل جرة بإحدى يديه فسمعوا صوتا في البيت لا تجردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واغسلوه كما هو في قميصه فغسله علي يدخل يده تحت القميص والفضل يمسك الثوب عنه والأنصاري ينقل الماء وعلى يد علي خرقة يدخل يده تحت القميص).

وقال الهيثمي في المجمع 8/ 612: رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفيه يزيد بن أبي زياد وهو حسن الحديث على ضعفه وبقية رجاله ثقات. اهـ.

وروى الطبراني في الكبير (714) قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، ثنا بشر بن الوليد القاضي، ثنا شريك، عن عاصم الأحول أن محمد بن سيرين، قال: غسلت انس بن مالك، فلما بلغت عورته قلت لبنيه: انتم أحق بغسل عورته. دونكم فاغسلوها، فجعل الذي يغسلها علي يده خرقة وعليها ثوب، ثم غسل العورة من تحت الثوب.

قال الهيثمي في المجمع 3/ 21: إسناده حسن. اهـ.

قلت: في إسناده شريك بن عبدالله النخعي: صدوق يخطئ كثيرا، تقدم.

وبشر بن الوليد الكندي: قال صالح جزرة: صدوق ولكنه لا يعقل، كان قد خرف، وقال السليماني منكر الحديث. كما في ميزان الاعتدال 1/ 326 (1229).

وأخرجه ابن سعد في الطبقات 7/ 25 من طريق محمد بن سيرين به نحوه.

* * *

ص: 486

(368)

روت أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غسل ابنته: ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها. رواه الجماعة.

رواه البخاري (1253)، ومسلم 2/ 646 وأبو داود (3142 - 3143)، وابن ماجه (1458)، والنسائي 4/ 31، وأحمد 5/ 84، والبيهقي 3/ 389 كلهم من طريق أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية قالت: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته. فقال: اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك. إن رأيتن ذلك، بماء وسدر. واجعلن في الآخرة كافورا، أو شيئا من كافور، فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه. فقال: أشعرنها إياه.

وفي رواية ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها وفي لفظ للبخاري فضفرنا شعرها ثلاثة قرون، فألقيناه خلفها.

ورواه البخاري (1255 - 1256)، ومسلم 2/ 648 وأبوداود (3145)، والنسائي 4/ 3، والترمذي (990)، والبيهقي 3/ 388، كلهم من طريق خالد الحذاء، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية رضي الله عنها قالت: لما غسلنا ابنة النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا- ونحن نغسلها ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها. وفي رواية للبخاري ابدءوا.

ورواه البخاري (1262)، ومسلم 2/ 648، وأبو داود (3144)، والترمذي (990)، والبيهقي 3/ 389 كلهم من طريق هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين أم الهذيل، عن أم عطية رضي الله عنها قالت توفيت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اغسلنها بالسدر وترا ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور فإذا فرغتن فآذنن.

ص: 487

فلما فرغنا آذناه، فألفى إلينا حقوة، فضفر شعرها ثلاثة قرون وألقيناها خلفها. هذا لفظ البخاري.

أما لفظ مسلم: قالت أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل إحدى بناته. فقال اغسلنها وترا. خمسا أو أكثر من ذلك بنحو حديث أيوب السابق. وقال في الحديث قالت: فضفرنا شعرها ثلاثة أثلاث. قرنيها وناصيتها.

وفي لفظ البيهقي وأبو داود فضفرنا رأسها ثلاثة قرون ثم ألقينا خلفها مقدمتها وقرنيها.

وهذه الألفاظ لا يعل بها الحديث فيكفي الحديث صحة أنه في الصحيحين بل عند الجماعة.

ولهذا قال ابن المنذر كما نقل عنه الحافظ ابن حجر في الفتح 3/ 127: ليس في أحاديث الغسل للميت أعلى من حديث أم عطية رضي الله عنها وعليه عول الأئمة. وقال الحافظ ابن حجر: ومدار حديث أم عطية على محمد وحفصة ابنتى سيرين، وحفظت منه حفصة ما لم يحفظ محمد. اهـ.

وقال أيضا في الإصابة 4/ 455 في ترجمة أم عطية: وحديثها في غسل ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهور في الصحيح. وكان جماعة من علماء التابعين يأخذون ذلك الحكم. اهـ.

وقال ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة أم عطية مع الإصابة 4/ 452 وأم عطية اسمها نسيبة: وشهدت غسل ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكت ذلك فأتقنت. وحديثها أصل في غسل الميت، وكان جماعة من الصحابة وعلماء التابعين بالبصرة يأخذون عنها غسل الميت. اهـ.

* * *

ص: 488

(369)

قول أم عطية: فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناه خلفها. رواه البخاري.

سبق تخريجه في الحديث الذي قبله.

وأخرجه البخاري 2/ 75 - الجنائز- باب يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون، وباب يلقى شعر المرأة خلفها، وأبو داود 3/ 504 - الجنائز- باب كيف غسل الميت- (3144)، والنسائي 4/ 3، 32 - الجنائز- باب غسل الميت وترا، وباب الكافور في غسل الميت- (1885، 1891)، وأحمد 6/ 407، 408، وعبد الرزاق 3/ 402 - الجنائز- باب غسل النساء- (6089)، وابن أبي شيبة 3/ 252 - الجنائز- باب في شعر المرأة إذا اغتسلت كيف يصنع به، وابن الجارود في المنتقى ص 184 - 52، والطبراني في الكبير 25/ 46، 64 - 65 - 86، 154، 155، 156، والبيهقي 3/ 389 - الجنائز- باب ما يغسل به الميت. من حديث أم سلمة، بعدة ألفاظ.

* * *

ص: 489

(370)

لما في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي قال: (أغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه

).

سبق تخريجه برقم (361).

* * *

ص: 490

(371)

أنه صلى الله عليه وسلم، في شهداء أحد أمر دفنهم بدمائهم ولم يغسلهم.

أخرجه البخاري (1343)، وأبو داود (3138). وفي (3139)، وابن ماجه (1514)، والترمذي (1036)، والنسائي 4/ 62، وفي الكبرى (2093)، وعبد بن حميد (1119) كلهم من طريق الليث بن سعد، قال: حدثني الزهري، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، أن جابر بن عبدالله أخبره؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين، من قتلى أحد، في ثوب واحد، ثم يقول: أيهم أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحد، قدمه في اللحد، وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلوا.

وروى أبو داود (3134)، وابن ماجه (1515)، وأحمد 1/ 247 (2217) كلهم من طريق علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا فى ثيابهم بدمائهم.

ورواه عن علي بن عاصم كل من أحمد بن حنبل، وزياد بن أيوب، وعيسى بن يونس، ومحمد بن زياد.

قال البزار في مسنده (5102): وهذا الحديث لا نعلم أحدا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ابن عباس، ولا نعلم روي هذا الحديث، عن عطاء بن السائب، عن سعيد، عن ابن عباس إلا علي بن عاصم وعلي بن عاصم قد تكلم فيه جماعة من أهل العلم وحدثوا عنه وكان فيه لجاج فحدث بأحاديث خولف فيها فبقى عليها فضعف حديثه لذلك. اهـ.

ص: 491

وقال الأشبيلي في الأحكام الشرعية (2/ 506): علي بن عاصم هذا ضعيف، وأيضا فسماعه من عطاء كان بعد اختلاط عطاء. اهـ.

وتعقبه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 411): بقوله: ولم يزد على هذا اعتمادا على ضعف علي عند أهل العلم به. اهـ.

وقال النووي في المجموع (5/ 264): رواه أبو داود بإسناد فيه عطاء ابن السائب وقد ضعفه الأ كثرون ولم يضعف أبو داود هذا الحديث. اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 253): هذا الحديث ضعيف، رواه أبو داود وابن ماجه في سننهما بهذا اللفظ من حديث علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا، وعلي هذا ضعفوه، وقال النسائي: متروك. وقال أحمد: ما له تكتب أحاديثه، أخطأ يترك خطؤه ويكتب صوابه، قد أخطأ غيره. وقال ابن أبي خيثمة: قيل ليحيى بن معين: إن أحمد بن حنبل يقول فيه: ثقة. قال: لا والله ما كان عنده قط ثقة، ولا حدث عنه بحرف قط، فكيف صار عنده اليوم ثقة؟! وقال يزيد بن هارون: ما زلنا نعرفه بالكذب. وقال ابن أبي خيثمة: ما عتبت عليه إلا أنه كان يخلط فيلج ويستصغر أصحابه. وقال يزيد بن زريع: أفادني، عن خالد الحذاء وهشام بن حسان أحاديث، فأنكراها وما عرفاها. وقال أبو زرعة: إنه تكلم بكلام سوء ولم يفسره. قلت (القائل ابن الملقن): وثم للحديث علة أخرى، وهي عطاء بن السائب المختلط بأخرة، وقد أسلفنا ما فيه للحفاظ في باب الأحداث، في الحديث الثاني بعد العشرين منه فتنبه له. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 276): في إسنادهما ضعف لأنه من رواية عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عنه وهو مما

ص: 492

حدث به عطاء بعد الاختلاط. اهـ.

وقال الألباني في الإرواء (3/ 165): هذا سند ضعيف عطاء بن السائب كان اختلط وعلي بن عاصم صدوق لكنه كان يخطئ ويصر كما قال الحافظ. اهـ.

وروى أبو داود (3135) قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا ابن وهب (ح)، وحدثنا سليمان بن داود المهري، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن ابن شهاب الزهري، أن أنس بن مالك حدثهم: أن شهداء أحد لم يغسلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يصل عليهم.

قال الحاكم فى المستدرك (1/ 365): صحيح على شرط مسلم. وقد أخرج البخاري وحده حديث الزهري، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهم ليس فيه الألفاظ المجموعة التي تفرد بها أسامة بن زيد الليثي، عن الزهري. ووافقه الذهبي. ا. هـ

* * *

ص: 493

(372)

روى أبو داود، عن سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد. وصححه الترمذي.

أخرجه أبو داود- السنة- باب ما جاء في قتال اللصوص- (4772)، والترمذي- الديات- باب ما جاء في قتل دون ماله فهو شهيد- (1421)، والنسائي- تحريم الدم- باب من قاتل دون أهله، وباب من قاتل دون دينه- 6/ 116، وفي الكبرى (3544)، وأحمد 1/ 190 (1652)، وفي 1/ 190 (1653)، وعبد الله بن أحمد (106) كلهم من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن طلحة بن عبدالله بن عوف، عن سعيد بن زيد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:(من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد).

ورواه عن إبراهيم بن سعد كل من سليمان بن داود الهاشمي، ويعقوب ابن إبراهيم، وأبي داود الطيالسي، وعبد الرحمن بن مهدي.

قلت: رجاله ثقات غير أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر روى له أصحاب السنن، ووثقه ابن معين، وعبد الله بن أحمد، وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: منكر الحديث ولا يسمى، وقال في موضع آخر صحيح الحديث. انظر تهذيب التهذيب (12/ 144)

وقال الحافظ الذهبي في الكاشف (2/ 441): وثق. اهـ. وقال الحافظ في التقريب: مقبول. اهـ.

ص: 494

وقال العلامة الألباني- رحمه الله في الضعيفة (5411): أبو عبيدة بن محمد وثق توثيقا لينا، وإلى ذلك أشار الذهبي في الكاشف بقوله: وثق، والحافظ في التقريب بقوله: مقبول. اهـ.

ويشهد له حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه مسلم 1/ 124 برقم (140): قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال هو في النار.

وما أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم (1915) باب بيان الشهداء حدثني زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تعدون الشهيد فيكم؟) قالوا يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال (إن شهداء أمتي إذا لقليل) قالوا فمن هم؟ يا رسول الله قال: (من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد) قال ابن مقسم أشهد على أبيك في هذا الحديث أنه قال: والغريق شهيد.

وما أخرجه أحمد في المسند (22684)، والطيالسي في مسنده (2414)، والدارمي في مسنده (2414)، والشاشي في مسنده (1303) من طريق أبي بكر بن حفص، عن ابن المصبح أو أبي المصبح، عن ابن السمط، عن عبادة بن الصامت قال عاد رسول الله عبدالله بن روحة فما تحوز له، عن فراشه فقال:(من شهداء أمتي) قالوا: قتل المسلم شهادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن شهداء أمتي إذا لقليل) قتل المسلم شهادة، والطاعون شهادة والبطن، والغرق والمرأة يقتلها ولدها ججمعا، يعني النفساء).

ص: 495

وما أخرجه البزار في مسنده (6/ 501، رقم 2539)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 247، رقم 6115) من حديث سلمان.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 317): فيه مندل بن على، وفيه كلام كثير، وقد وثق. اهـ.

وما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11/ 263، رقم 11686) من حديث ابن عباس.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 300): فيه عمرو بن عطية بن الحارث الوادعى، وهو ضعيف. اهـ.

وما أخرجه الطبراني (18/ 87، رقم 161) من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 301): فيه عبد الملك متروك. وعن عبدالله بن عمرو قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون الشهيد فيكم؟. فقلنا: من قتل في سبيل الله. فقال: من قتل في سبيل فهو شهيد، ومن غرق في سبيل الله فهو شهيد، ومن قتله البطن فهو شهيد، والمرأة يقتلها نفاسها فهي شهيدة. ا. هـ

وقال أيضا الهيثمي مجمع الزوائد (5/ 360): رواه الطبراني وفيه عبدالرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف .. اهـ.

وفي الباب، عن أنس عند أحمد في مسنده (3/ 150)، وصفوان بن أمية عند أحمد (5/ 315 - 446)

وروى النسائي 7/ 117، وفي الكبرى (3545) قال: أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار قال: حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، قال: حدثنا عبثر، عن

ص: 496

مطرف، عن سوادة بن أبي الجعد، عن أبي جعفر، قال: كنت جالسا عند سويد بن مقرن، فقال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من قتل دون مظلمته، فهو شهيد.

وأخرجه النسائي 7/ 116، وفي الكبرى (3542) قال: أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن علقمة، عن أبي جعفر، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من قتل دون مظلمته فهو شهيد. مرسل.

قلت: إسناده فيه اضطرب، لأن سوادة بن أبي الجعد أو بن الجعد الجعفي، عن أبي جعفر مرة يرويه مرسلا بأسقط سويد بن مقرن صحابي الحديث، ومرة يقول كنت جالسا عند سويد بن مقرن، ولم يذكر أبا جعفر كما عند أبي نعيم في معرفة الصحابة (10/ 36)، وأخرى يرويه، عن أبي جعفر قال كنت جالسا عند سويد بن مقرن.

قال البخاري في تاريخه الكبير (4/ 186): سوادة بن أبي الجعد روى عن أبي جعفر مرسل يقال هو أخو عمران وإبراهيم وقال ابن حبان سوادة ابن أبي الجعد أخو عمران وإبراهيم كذا جزم به .. اهـ.

وأخرجه متصلا النسائي في المجتبى (13/ 55)، وفي السنن الكبرى (2/ 311) أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار، وابن عساكر في تاريخ دمشق (21/ 288) من طريق أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري الإمام رحمه الله كلاهما: مسلم بن الحجاج- والقاسم بن زكريا بن دينار): قالا: أخبرنا سعيد بن عمرو الأشعثي نا عبثر بن القاسم نا مطرف بن طريف، عن سوادة بن أبي الجعد، عن أبي جعفر قال كنت جالسا عند سويد بن مقرن فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون ماله فهو شهيد).

قال العلامة الألباني في أحكام الجنائز (1/ 42): أخرجه النسائي

ص: 497

(2/ 173 - 174) من حديث سويد بن مقرن، وأحمد (2780) من حديث ابن عباس، وإسناده صحيح إن سلم من الانقطاع بين سعد بن إبراهيم ابن عبدالرحمن بن عوف وابن عباس، لكن أحد الطريقين يقوى الأخرى، وفي الأولى من لم يوثقه غير ابن حبان. اهـ.

* * *

ص: 498

(373)

روى أبو داود وابن ماجه، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا في ثيابهم ودمائهم.

رواه أبو داود- الجنائز- باب في الشهيد يغسل- (3134)، وابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم- (1515)، وأحمد 1/ 247 (2217) كلهم من طريق علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا فى ثيابهم بدمائهم.

ورواه عن علي بن عاصم كل من أحمد بن حنبل، وزياد بن أيوب، وعيسى بن يونس، ومحمد بن زياد.

قال البزار في مسنده (5102): وهذا الحديث لا نعلم أحدا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ابن عباس، ولا نعلم روي هذا الحديث، عن عطاء بن السائب، عن سعيد، عن ابن عباس إلا علي بن عاصم وعلي بن عاصم قد تكلم فيه جماعة من أهل العلم وحدثوا عنه وكان فيه لجاج فحدث بأحاديث خولف فيها فبقى عليها فضعف حديثه لذلك. ا. هـ

قلت: علي بن عاصم، ضعيف، قال الحافظ ابن حجر في التقريب (4758): علي بن عاصم بن صهيب الواسطي التيمي مولاهم صدوق يخطئ ويصر ورمي بالتشيع من التاسعة مات سنة إحدى ومائتين وقد جاوز التسعين د ت ق. أ. هـ.

وقال الأشبيلي في الأحكام الشرعية (2/ 506): علي بن عاصم هذا ضعيف، وأيضا فسماعه من عطاء كان بعد اختلاط عطاء. اهـ.

ص: 499

وتعقبه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 411): بقوله: ولم يزد على هذا اعتمادا على ضعف علي عند أهل العلم به. اهـ.

وقال النووي في المجموع (5/ 264): رواه أبو داود بإسناد فيه عطاء ابن السائب وقد ضعفه الأ كثرون ولم يضعف أبو داود هذا الحديث. اهـ ..

وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 253): هذا الحديث ضعيف، رواه أبو داود وابن ماجه في سننهما بهذا اللفظ من حديث علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا، وعلي هذا ضعفوه، وقال النسائي: متروك. وقال أحمد: ما له تكتب أحاديثه، أخطأ يترك خطؤه ويكتب صوابه، قد أخطأ غيره. وقال ابن أبي خيثمة: قيل ليحيى بن معين: إن أحمد بن حنبل يقول فيه: ثقة. قال: لا والله ما كان عنده قط ثقة، ولا حدث عنه بحرف قط، فكيف صار عنده اليوم ثقة؟! وقال يزيد بن هارون: ما زلنا نعرفه بالكذب. وقال ابن أبي خيثمة: ما عتبت عليه إلا أنه كان يخلط فيلج ويستصغر أصحابه. وقال يزيد بن زريع: أفادني، عن خالد الحذاء وهشام بن حسان أحاديث، فأنكراها وما عرفاها. وقال أبو زرعة: إنه تكلم بكلام سوء ولم يفسره. قلت (القائل ابن الملقن): وثم للحديث علة أخرى، وهي عطاء بن السائب المختلط بأخرة، وقد أسلفنا ما فيه للحفاظ في باب الأحداث، في الحديث الثاني بعد العشرين منه فتنبه له. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 276): في إسنادهما ضعف لأنه من رواية عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عنه وهو مما حدث به عطاء بعد الاختلاط. اهـ.

وقال الألباني في الأرواء (3/ 165): هذا سند ضعيف عطاء بن السائب

ص: 500

كان اختلط وعلي بن عاصم صدوق لكنه كان يخطئ ويصر كما قال الحافظ. اهـ.

وروى أبو داود- الجنائز- باب في الشهيد يغسل- (3135) قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا ابن وهب (ح)، وحدثنا سليمان بن داود المهري، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن ابن شهاب الزهري، أن أنس بن مالك حدثهم: أن شهداء أحد لم يغسلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يصل عليهم.

قال الحاكم فى المستدرك (1/ 365): صحيح على شرط مسلم. وقد أخرج البخاري وحده حديث الزهري، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهم ليس فيه الألفاظ المجموعة التي تفرد بها أسامة بن زيد الليثي، عن الزهري. ووافقه الذهبي. ا. هـ

* * *

ص: 501

(374)

قوله صلى الله عليه وسلم: والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة. رواه أحمد أبو داود.

أخرجه أبو داود 3/ 523 - الجنائز- باب المشي أمام الجنازة- (3180)، والترمذي 3/ 341 - الجنائز- باب في الصلاة على الأطفال- (1031)، والنسائي 4/ 56، 58 - الجنائز- (1942، 1943، 1948)، وأحمد 4/ 247، 248 - 249، 252، والبيهقي 4/ 8، 25 - الجنائز- باب السقط يغسل ويكفن ويصلى عليه، وباب المشي خلفها- كلهم من طريق زياد بن جبير، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الراكب خلف الجنازة، والماشي أمامها، قريبا، عن يمينها، أو، عن يسارها. والسقط يصلى عليه، ويدعي لوالديه بالمغفرة والرحمة.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي. قال الترمذي 3/ 407: هذا حديث حسن صحيح أ. هـ

وقال ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق 2/ 141: حديث المغيرة رواه في السنن بطرق وفي لفظه اختلاف. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 268: قال الحاكم صحيح على شرط البخاري لكن رواه الطبراني موقوفا على المغيرة وقال لم يرفعه سفيان ورجح الدارقطني في العلل الموقوف. اهـ.

وروى ابن ماجه (1508 و 2750)، والترمذي (1032)، والنسائي، في الكبرى (6324) كلهم من طريق أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الطفل لا يصلى عليه، ولا يرث، ولا يورث، حتى يستهل. الربيع بن بدر

ص: 502

وإسماعيل بن مسلم المكي والمغيرة بن مسلم.

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف كما سبق. وبه أعله الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 1200.

وقال ابن الجوزي في التحقيق (2/ 8): هذا لا يصح قال أحمد: إسماعيل بن مسلم منكر الحديث وقال يحيى ليس بشيء لم يزل مختلطا وقال ابن المديني لا يكتب حديثه وقال الترمذي قد روي مرفوعا وموقوفا وكأن الموقوف أصح. اهـ.

وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (1024): فإنه من رواية إسماعيل بن مسلم المكي، عن أبي الزبير، عن جابر وهو جدا ضعيف. اهـ.

وتابع إسماعيل بن مسلم، الربيع بن بدر وهو ضعيف أيضا، لهذا قال الذهبي في تنقيح التحقيق 2/ 164: الربيع إن كان عليلة فمتروك. اهـ.

وأخرجه الدارمي (3126) قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا أشعث بن سوار الكندي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: إذا استهل الصبي صلي عليه وورث، وإذا لم يستهل، لم يورث، ولم يصل عليه. موقوف.

وأخرجه النسائي، في الكبرى (6325) قال: أخبرنا محمد ابن رافع النيسابوري، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبدالله يقول، في المنفوس: يرث إذا سمع صوته.

قال أبو عبدالرحمن النسائي: وهذا أولى بالصواب، والله أعلم.

وقال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث قد اضطرب الناس فيه، فرواه بعضهم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وروى أشعث بن سوار، وغير واحد، عن أبي الزبير، عن جابر، موقوفا، وروى محمد بن

ص: 503

إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر، موقوفا، وكأن هذا أصح من الحديث المرفوع .. اهـ.

وقال ابن القيم في تهذيب السنن (2/ 76): هذا حديث قد روي موقوفا على جابر، وكأن الموقوف أصح. اهـ.

وقال الزيلعي في نصب الراية (2/ 277): وبهذا السند رواه الحاكم في المستدرك، وسكت عنه، وقال: إسماعيل بن مسلم المكي لم يحتجا به، انتهى .. ورواه البيهقي، وقال: إسماعيل بن مسلم غيره أوثق منه، انتهى

وبهذا السند قال النسائي: وللمغيرة بن مسلم عنه حديث منكر، انتهى. وأخرجه ابن ماجه، عن الربيع بن بدر، عن أبي الزبير به مرفوعا، بلفظ: النسائي، والربيع بن بدر يعرف بعليلة ضعفوه، وقال النسائي. وغيره: متروك الحديث .. قال الدارقطني في علله: هذا حديث اختلف فيه على عطاء. وأبي الزبير، فرواه المثنى بن الصباح، عن عطاء، فرفعه، ورواه ابن إسحاق عنه، فوقفه، ورواه عن أبي الزبير يحيى بن أبي أنيسة، فرفعه، ووقفه غيره. اهـ.

وقال الحافظ في التلخيص 2/ 266 (753): وفي إسناده إسماعيل المكي، عن أبي الزبير عنه وهو ضعيف. اهـ.

وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (153): صحيح .... والربيع بن بدر متروك، لكن تابعه المغيرة بن مسلم وسفيان، عن أبي الزبير به. أخرجه الحاكم (4/ 348، 349)، وقال: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. قلت: بل على شرط مسلم فقط، على أن أبا الزبير مدلس وقد عنعن. وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا .. اهـ.

ورواه ابن حبان في الإحسان برقم (6000)، والبيهقي 4/ 8 - 9، والحاكم

ص: 504

4/ 348 - 349، كلهم من طريق إسحاق الأزرق، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير به، بلفظ: إذا استهل الصبي صلي عليه وورث.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

وتعقبه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 121 فقال لما نقل قول الحاكم: ووهم، لأن أبا الزبير ليس من شرط البخاري، وقد عنعن، فهو علة الخبر إن كان محفوظا، عن سفيان الثوري. اهـ.

وقال النووي في المجموع 5/ 255: رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم والبيهقي. وإسناده ضعيف. اهـ.

وسبق بحث رواية أبي الزبير، عن جابر.

وقد اختلف في وقفه. فقد رواه الدارمي في الفرائض 2/ 392 باب: ميراث الصبي، من طريق يزيد بن هارون. ورواه ابن أبي شيبة 3/ 319 باب: لا يصلى عليه حتى يستهل صارخا، من طريق إسباط بن محمد كلاهما ثنا أشعث، عن أبي الزبير به موقوفا على جابر.

قلت: أشعث بن سوار ضعيف كما سبق.

ورواه الدارمي 2/ 293 من طريق يعلى، والبيهقي 4/ 8 من طريق يزيد بن هارون كلاهما، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عطاء، عن جابر موقوفا.

قلت: في إسناده محمد بن إسحاق، وهو مدلس وقد عنعن.

لهذا قال الترمذي 3/ 407 - 408: هذا حديث اضطراب الناس فيه فرواه بعضهم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا. وروى أشعث بن

ص: 505

سوار وغير واحد، عن أبي الزبير، عن جابر موقوفا. وروى محمد بن إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر موقوفا. وكأن هذا أصح من الحديث المرفوع. اهـ.

ولما نقل الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 120 - 121 قول الترمذي. قال: وبه جزم النسائي. وقال الدارقطني في العلل: لا يصح رفعه، وقد روي عن شريك، عن أبي الزبير مرفوعا ولا يصح. اهـ.

ونقل الزيلعي في نصب الراية 2/ 278، عن الدارقطني أنه قال في علله: هذا حديث مختلف فيه على عطاء وأبي الزبير، فرفعه، ورواه ابن إسحاق عنه فوقفه، ورواه عن أبي الزبير يحيى ابن أبي أنيسة فرفعه، ووقفه غيره. اهـ.

وقال ابن الجوزي في التحقيق (1743): هذا اضطرب الناس فيه، فرواه بعضهم مرفوعا. ورواه أشعث بن سوار وغير واحد، عن أبي الزبير موقوفا. وهذا أصح من الحديث المرفوع. وقد رواه النسائي من رواية ابن جريج، عن أبي الزبير سمع جابر بن عبدالله يقول في المنفوس: يرث إذا سمع صوته. موقوفا. قال: هذا أولى بالصواب من حديث المغيرة بن مسلم. اهـ.

وروى ابن عدي في الكامل 4/ 1329 من طريق القاسم بن زكريا، حدثنا إسماعيل بن موسى، حدثنا شريك، عن ابن إسحاق، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استهل الصبي، صلي عليه وورث.

قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 121: وقواه ابن طاهر. اهـ.

وقال في الدارية 1/ 235: إسناده حسن. اهـ.

قلت: في إسناده شريك القاضي وهو ضعيف كما سبق.

وأيضا ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.

ص: 506

وروى أبو داود (2920)، قال: حدثنا حسين بن معاذ، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبدالله بن قسيط، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استهل المولود ورث. ومن طريق أبي داود رواه البيهقي 6/ 275.

قال ابن عبد الهادي في التنقيح 3/ 135: هذا إسناد جيد وحسن، وهو من طريق عبد الأعلى. وقد ذكره ابن حبان في الثقات .. اهـ.

قلت: رجاله ثقات غير محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن. وذكر الحديث عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى 3/ 325، وتعقبه ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام 4/ 516: سكت عنه، ولم يبين أنه من رواية ابن إسحاق. اهـ.

قال ابن الهادي في المحرر 2/ 528: رواه أبو داود بإسناد جيد. اهـ.

* * *

ص: 507

‌فصل: في الكفن

(375)

لقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم: وكفنوه في ثوبيه.

سبق تخريجه برقم (361).

* * *

ص: 508

(376)

قول عائشة: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية جدد يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة أدرج فيها إدراجا. متفق عليه.

رواه البخاري (1264)، ومسلم 2/ 649، وأبو داود (3151 - 3152)، والترمذي (996)، والنسائي 4/ 35، والبغوي في شرح السنة 5/ 312، والبيهقي 3/ 399، كلهم من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف، ليس فيها قميص ولا عمامة .. وتمامه عند مسلم قالت: .... ولا عمامة. أما الحلة فإنما شبه على الناس، أنها اشتريت له ليكفن فيها فتركت الحلة. وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية. فأخذها عبدالله بن أبي بكر. فقال: لأحبسنها حتى أكفن فيها نفسي. ثم قال: لو رضيها الله عز وجل لنبيه لكفنه فيها. فباعها وتصدق بثمنها.

وروى أحمد 1/ 94 قال: ثنا حسين ابن موسى ثنا حماد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي ابن الحنيفية، عن أبيه قال: كفن النبي صلى الله عليه وسلم في سبعة أثواب.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 23: إسناده حسن. اهـ.

قلت: في إسناده عبدالله بن محمد بن عقيل ضعف من قبل حفظه.

وقد تفرد به وخالف الثقات. حيث إن الصحيح أن كفن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أثواب. وإذا خالف يترك حديثه.

لهذا قال ابن حبان عنه: رديء الحفظ يحدث على التوهم. فيجيء بالخبر على غير سنة. فوجب مجانبة أخباره. اهـ.

ص: 509

ولما ذكر ابن الجوزي: حديثه هذا. قال في العلل 2/ 415 (1498) هذا حديث لا يصح تفرد به ابن عقيل وقد ضعفه يحيى. اهـ.

ولهذا قال الألباني في أحكام الجنائز (85) في الحاشية: الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في سبعة أثواب، منكر تفرد به من وصف بسوء الحفظ. اهـ.

وروى أبو داود (3153)، والبيهقي 3/ 400، وابن سعد في الطبقات كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب نجرانية: الحلة ثوبان، وقميصه الذي مات فيه.

قلت: يزيد بن أبي زياد ضعيف. قال العراقي في التقريب (1/ 60): إسناد ضعيف. اهـ.

وقال الزركشي في الإجابة (ص ـ 93): قال الذهبي في مختصر سنن البيهقي: يزيد فيه لين؛ ومقسم صدوق ضعفه ابن حزم .... أعله المنذري بيزيد قال: وقد أخرج له مسلم في المتابعات. وقال غير واحد من الأئمة أنه لا يحتج بحديثه. قلت: وقد خالفه ابن أبي ليلى فأخرج البيهقي في سننه من جهة قبيصة ثنا سفيان، عن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين أبيضين وبرد حبرة. قال البيهقي: كذا رواه محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى. قال الذهبي: وليس بقوي. اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 213): وهو حديث ضعيف؛ لأجل يزيد بن أبي زياد المذكور في إسناده فإنه تفرد به، ولا يحتج به لضعفه، لا سيما وقد خالف رواية الثقات فيها ..... وقال البيهقي في خلافياته: هذا الحديث لا يصح لأمور: منها: ضعف يزيد. ومنها: أن عائشة أعلم بذلك. ومنها: أنها قد أخبرت، عن سبب اشتباه ذلك- كما تقدم- قال الحاكم:

ص: 510

وكيف يجوز أن يصح مثل هذا الحديث وقد تواترت الأخبار، عن علي وابن عباس وابن عمر وجابر وعبد الله بن مغفل وعائشة رضي الله عنهم في تكفين النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة. اهـ.

وقال النووي في الخلاصة 2/ 950: رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد ضعيف. اهـ.

وقال في شرحه على مسلم 7/ 8: حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به لأن يزيد بن أبي زياد رواته مجمع على ضعفه لا سيما وقد خالف بروايته الثقات. اهـ.

وقال الألباني في ضعيف أبي داود (688): ضعيف. اهـ.

وروى ابن عدي 4/ 184 من طريق قيس بن الربيع، عن شعبة، عن أبي حمزة، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في قطيفة حمراء.

قلت: قيس بن الربيع ضعيف.

قال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى 2/ 129: قيس بن الربيع لا يحتج به، وإنما الصحيح ما رواه مسلم بن الحجاج من حديث غندر ووكيع ويحيى بن سعيد كلهم، عن شعبة بهذا الإسناد قال: جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء. اهـ.

وروى الطبراني في الأوسط مجمع البحرين (1270) قال: حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا محمد بن عبدالله بن عبيد بن عقيل، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا حماد بن سلمة حميد أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب أحدها قميص.

قلت: رجاله لا بأس بهم غير محمد بن عبدالله بن عبيد بن عقيل. رمز له

ص: 511

الحافظ في التقريب بأنه: صدوق. اهـ.

وأيضا في إسناده حميد الطويل وهو مدلس وقد عنعن.

قلت: في متنه نكارة. وهو مخالف لما رواه مسلم في صحيحه كما سبق وفيه ليس فيه قميص.

قال الطبراني عقبه: لم يروه عن حميد إلا حماد، ولا عنه إلا مسلم، تفرد به المقرئ. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 24: إسناده حسن. اهـ.

قلت: في إسناده محمد بن عبدالله عقيل الهلالي وسبق الكلام عليه. وحميد الطويل ثقة لكن وصف بأنه يدلس. وقد عنعن لكن قال مؤمل بن إسماعيل: عامة ما يرويه حميد، عن أنس سمعه من ثابت- يعني البناني- عنه كما في جامع التحصيل لكن في متنه علة وهي مخالفته لحديث عائشة الذي في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة. وفي هذا الحديث نفى أن النبي صلى الله عليه وسلم، كفن في قميص وفي حديث حميد إثباته. وهذا تناقض.

وروى الحاكم 1/ 365 - 2/ 120، وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو يعلى كما في المطالب (802)، والطبراني في الكبير 3/ رقم (2939) كلهم من طريق أسامة بن زيد، عن الزهري، عن أنس قال: لما كان يوم أحد كفن رضي الله عنه في نمرة إذا خمر رأسه بدت رجلاه، وإذا خمر رجلاه بدا رأسه.

قلت: رجاله لا بأس بهم غير أسامة بن زيد اختلف فيه. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 24: رجاله رجال الصحيح. اهـ.

ص: 512

وأصل الحديث رواه أبو داود (3136) من طريق أسامة به بلفظ: أتم من هذا.

وروى الطبراني في الأوسط مجمع البحرين 2/ 411 قال: حدثنا محمد بن علي المروزي، نا إسحاق بن الجراح الأذني، نا محمد بن القاسم الأسدي، ثنا شعبة قتادة سعيد بن المسيب أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب.

قال الطبراني: لم يروه عن شعبة إلا محمد. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 24: فيه محمد بن القاسم الأسدي وهو ضعيف. اهـ.

* * *

ص: 513

(377)

: لأن ابن عمر: كان يتتبع مغابن الميت، ومرافقه بالمسك.

أخرجه عبد الرزاق 3/ 414، الجنائز باب: الحناط (6141) عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع قال كان بن عمر يتبع مغابن الميت ومرافقه بالمسك.

ورواه ابن المنذر في الأوسط 5/ 376 من طريق عبد الرزاق به.

قلت: رجاله ثقات، وظاهر إسناده الصحة.

فائدة: المغابن: أماكن اجتماع الوسخ والعرق في الجسم كالإبطين والفخذين.

* * *

ص: 514

(378)

لأن أنسا طلى بالمسك، وطلى ابن عمر ميتا بالمسك.

اثر أنس أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 256 - الجنائز- باب: في المسك في الحنوط من رخص فيه، (11141) قال: حدثنا عبدالله بن مبارك، عن حميد، عن أنس، أنه جعل في حنوطه صرة من مسك، أو مسك فيه شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 7/ 25 والبيهقي 3/ 406، عن حميد الطويل.

قلت: إسناده صحيح.

وأما أثر ابن عمر، رواه ابن أبي شيبة (11142) قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن عاصم، عن ابن سيرين، قال: سئل ابن عمر، عن المسك يجعل في الحنوط، قال: أوليس من أطيب طيبكم.

قلت: رجاله ثقات، عاصم هو الأحول.

ورواه أيضا ابن أبي شيبة (11143) قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن محمد بن سيرين، قال: سأل ابن عمر أيقرب الميت المسك، قال أوليس من أطيب طيبكم.

وأخرجه عبدالرزاق 3/ 414 (6140)، وابن أبي شيبة 3/ 257 من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يطيب الميت بالمسك يذر عليه ذرورا.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده صحيح.

وروى عبد الرزاق 3/ 414 (6139) عن الثوري، عن سليمان التيمي وخالد الحذاء، عن بن سيرين قال سئل بن عمر، عن المسك للميت فقال أو

ص: 515

ليس من أطيب طيبكم

وروى عبد الرزاق 3/ 414 (6138) عن معمر، عن أيوب أن بن سيرين كان يطيب الميت بالسك فيه المسك

وروى ابن أبي شيبة 3/ 257 (11144) قال: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، عن المثنى بن سعيد، عن قتادة، قال: سألت سعيد بن المسيب، عن المسك في حنوط الميت، قال: لا بأس به وسئل عن ذلك جابر بن زيد، قال: لا بأس به.

* * *

ص: 516

(379)

: قول ابن مسعود: إذا أدخلتم الميت فحلوا العقد. رواه الأثرم.

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 326 (11789)، حدثنا خلف بن خليفة، عن أبيه أنه سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخل نعيم بن مسعود الأشجعي القبر ونزع الأخلة بفيه، يعني العقد.

قلت: خلف بن خليفة تكلم فيه، قال الحافظ ابن حجر في التقريب (1731): خلف بن خليفة بن صاعد الأشجعي مولاهم أبو أحمد الكوفي نزل واسط ثم بغداد صدوق اختلط في الآخر وادعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي فأنكر عليه ذلك بن عيينة وأحمد من الثامنة مات سنة إحدى وثمانين على الصحيح بخ م 4. أهـ.

وقال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة 4/ 426: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل. الأولى: خلف بن خليفة، قال الحافظ في التقريب: صدوق، اختلط في الآخر، وادعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد. الثانية: خليفة، وهو الواسطي مولى أشجع، لا يعرف، أورده البخاري (2/ 1/ 191)، وابن أبي حاتم (1/ 2/ 376)، وابن حبان في الثقات (4/ 209) من رواية ابنه خلف فقط. الثالثة: شك خلف في إسناد أبيه للحديث، عن معقل كما تقدم، بل إنه قد أرسله عنه في بعض الروايات، فقال أبو داود في المراسيل (ق 21/ 2): حدثنا عباد بن موسى وسليمان بن داود العتكي- المعنى- أن خلف بن خليفة حدثهم، عن أبيه قال: بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع نعيم بن مسعود- قال عباد في حديثه- الأشجعي في القبر

الحديث. وجملة القول، أن الحديث مرسل ضعيف الإسناد. ومثله ما أخرجه

ص: 517

البيهقي عقبه من طريق عبد الوارث، عن عقبة بن سيار ..... وفي الباب آثارًا أخرى، عن بعض التابعين لا تخلو من ضعف، لكن مجموعها يلقي الاطمئنان في النفس أن حل عقد كفن الميت في القبر كان معروفا عند السلف، فلعله لذلك قال به الحنابلة تبعا للإمام أحمد، فقد قال أبو داود في مسائله (158): قلت لأحمد (أو سئل) عن العقد تحل في القبر؟ قال: نعم. وقال ابنه عبدالله في مسائله (144/ 538): مات أخ لي صغير، فلما وضعته في القبر، وأبي قائم على شفير القبر، قال لي: يا عبدالله! حل العقد، فحللتها. أنتهى ما نقله وقاله الألباني.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 407) من طريق عباس بن محمد الدوري: حدثنا سريج بن النعمان، حدثنا خلف يعني ابن خليفة- قال: سمعت أبي يقول- أظنه سمعه من مولاه، ومولاه معقل بن يسار- لما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيم بن مسعود في القبر نزع الأخلة بفيه [يعني العقد].

قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة 4/ 426: ضعيف .. اهـ.

وللأثر طرق عدة.

فقد رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 326 (11791) قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: إذا أدخل الميت القبر حلت عنه العقد كلها.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 326 (11792) قال: حدثنا شريك، عن جابر، عن عامر، قال: تحل، عن الميت العقد.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 326 (11793) قال: حدثنا هشيم، عن جويبر، قال: أوصاني الضحاك به.

ص: 518

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 326 (11794) قال: حدثنا هشيم، عن هشام، عن الحسن، وابن سيرين قالا: تحل، عن الميت العقد.

ورواه عبد الرزاق 3/ 425 (6186)، عن معمر، عن أيوب، عن بن سيرين قال تحل، عن الميت العقد

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 326 (11795) قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن جويبر، عن الضحاك، أنه أوصى أن تحل عنه العقد ويبرز وجهه من الكفن.

وروى الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1675) قال حدثت، عن أبي الحسن الدارقطني، نا محمد بن مخلد، نا عباس الدوري، نا يحيى بن إسحاق السيلحيني، نا مبارك بن فضالة، عن عبدالله بن مسلم بن يسار، عن أبيه، قال: إذا أدخل الميت القبر حلت العقد قال يحيى فحدثت به عبدالرحمن بن مهدي فقال: ما سمعت بهذا قط اقعد حتى أدشنك فكتبه عني.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 326 (11790)، قال: حدثنا حاتم بن وردان، عن الجريري، عن رجل، عن أبي هريرة، قال: شهدت العلاء بن الحضرمي فدفناه فنسينا أن نحل العقد حتى أدخلناه قبره، قال فرفعنا عنه اللبن فلم نر في القبر شيئا.

وروى الحارث كما في المطالب (830) قال: حدثنا العباس بن الفضل، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أبو جلاس حدثني عثمان بن الشماخ وكان ابن أخي سمرة بن جندب قال: مات ابن لسمرة قد سعى فسمع بكاء؛ فقال: ما هذا البكاء؟ قالوا: على فلان؛ فنهاهم، عن ذلك؛ فدعا بطست أو بعس؛

ص: 519

فغسل بين يديه ثم كفن بين يديه ثم قال لمولى له: يا فلان اذهب إلى حفرته؛ فإذا وضعته؛ فقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله وأطلق عقد رأسه وعقد رجليه، وقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله، وأطلق عقد رأسه وعقد رجليه، وقل: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.

قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن مداره على عثمان بن شماس، وفيه أيضا العباس بن الفضل وهو ضعيف جدًّا.

ورواه البيهقي 3/ 407 من طريق إبراهيم بن علي، حدثنا يحيى بن يحيى أنبأنا عبد الوارث، عن عقبة بن يسار، عن عثمان بن أخي سمرة به.

* * *

ص: 520

(380)

أنه صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله بن أبي قميصه لما مات. رواه البخاري.

أخرجه البخاري (1270)، ومسلم 8/ 120 (7125)، والنسائي 4/ 37، وفي الكبرى (20390)، وفي 4/ 38، وفى الكبرى (2040) كلهم من طريق عمرو بن دينار، قال: سمعت جابر بن عبدالله يقول: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله بن أبي بعد ما أدخل حفرته، فأمر به فأخرج، فوضعه على ركبتيه، ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه، فالله أعلم، وكان كسا عباسا قميصا.

- وفي رواية: لما كان يوم بدر، أتي بأسارى، وأتي بالعباس، ولم يكن عليه ثوب، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له قميصا، فوجدوا قميص عبدالله بن أبي يقدر عليه، فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه، فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه. قال ابن عيينة: كانت له عند النبي صلى الله عليه وسلم يد، فأحب أن يكافئه.

وأخرجه الحميدي (1248) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا أبو هارون، موسى بن أبي عيسى، قال: فقال له عبدالله بن عبدالله بن أبي: وكان على النبي صلى الله عليه وسلم قميصان: ألبسه يا رسول الله القميص الذي يلي جلدك.

وأخرجه أحمد 3/ 371 (15049) والنسائي، في الكبرى (9586) كلاهما من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: لما مات عبدالله بن أبي، أتى ابنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنك إن لم تأته لم نزل نعير بهذا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فوجده قد أدخل في حفرته، فقال: أفلا قبل أن تدخلوه؟ فأخرج من حفرته، فتفل عليه من قرنه إلى قدمه، وألبسه قميصه.

ص: 521

ورواه عن عبد الملك بن أبي سليمان كل من محمد بن عبيد، ويعلى بن عبيد.

قال الألباني في أحكام الجنائز (ص- 160): سند على شرط مسلم، لكن أبو الزبير مدلس وقد عنعنه. ا. هـ.

* * *

ص: 522

(381)

عن عمرو بن العاص: أن الميت يؤزر ويقمص ويلف بالثالثة.

رواه مالك في الموطأ (304) قال: أخبرنا ابن شهاب الزهري، عن حميد بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه قال: الميت يقمص ويؤزر ويلف بالثوب الثالث فإن لم يكن إلا ثوب واحد كفن فيه

وأخرجه عبد الرزاق 3/ 426 - (6188)، والبيهقي 3/ 402 - الجنائز- باب جواز التكفين في القميص-، عن مالك، عن بن شهاب، عن حميد بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال الميت يقمص ويؤزر ويلف في الثالث فإن لم يكن إلا ثوب واحد لف فيه.

قلتُ: رجاله ثقات، وظاهر إسناده الصحة.

وروى الطبراني في الأوسط (6351) قال: حدثنا محمد بن علي الصائغ ثنا خالد بن يزيد العمري ثنا أبو الغصن ثابت بن قيس أنه سمع محمد بن عمرو بن حزم يقول سمعت أبا هريرة وجئت أعوده في مرضه الذي توفي فيه يقول إذا مت فلا تقمصوني فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقمص ولم يعمم.

قال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث، عن محمد بن عمرو بن حزم إلا أبو الغصن تفرد به خالد بن يزيد. ا. هـ

قلت: خالد بن يزيد العمرى، ذكره البخاري في التاريخ الكبير 3/ 184 وقال: مكى، ذاهب الحديث. أ. هـ.

وقال الهبثمي في المجمع 3/ 120: رواه الطبراني في الأوسط وفيه خالد بن يزيد العمري وهو ضعيف. ا. هـ

* * *

ص: 523

(382)

روى أحمد وأبو داود وفيه ضعف، عن ليلى الثقفية قالت: كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أول ما أعطانا الحقاء ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر.

أخرجه أبو داود- الجنائز- باب في كفن المرأة- (3157)، وأحمد 6/ 38، والطبراني في الكبير 25/ 29 - 46، والبيهقي 4/ 6 - الجنائز- باب في كفن المرأة- من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن نوح بن حكيم، عن داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود، عن ليلى بنت قانف الثقفية. قالت كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقاء ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد فى الثوب الآخر، قالت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوبا ثوبا.

قال الطبراني في الأوسط: لا يروى هذا الحديث، عن ليلى بنت قانف إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن إسحاق. اهـ.

وقال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير 1/ 257: رواه أبو داود بإسناد حسن. اهـ.

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه نوح بن حكيم الثقفي، مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يروي المقاطيع، وقال الذهبي: لا يعرف .. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر: مجهول .. اهـ.

وبه أعل الحديث الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 2580.

ص: 524

وقال الألباني في الإرواء 3/ 173: وهذا سند ضعيف، نوح هذا مجهول كما فى التقريب. أهـ

ورد في بعض الطرق: داود من بني عروة بن مسعود، وولدته أم حبيبة بنت أبي سفيان.

ذكر المزي في تهذيبه: أن الظاهر أنه داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي أخو عبد الملك بن أبي عاصم، وجزم به الحافظ، وقال: وقد نص البخاري [في التاريخ الكبير 3/ 230] على أن داود الذي روى عنه نوح بن حكيم هو داود ابن أبي عاصم.

وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام 5/ 53: لم يجزم بأنه هو، وقال: وموجب التوقف في ذلك هو أنه وصف الذي في الإسناد بأنه ولدته أم حبيبة، وأم حبيبة رضي الله عنها إنما كانت لها بنت واحدة قدمت بها من أرض الحبشة كانت ولدتها بها من زوجها- كان- عبيدالله ابن جحش بن رئاب المفتتن بدين النصرانية المتوفى عنها هناك، واسم هذه البنت حبيبة، فلو كان زوج حبيبة هذه أبا عاصم بن عروة بن مسعود أمكن أن يقال: أن داود المذكور ابنه منها، فهو حفيد لأم حبيبة، وهذا لا نقل به ولا تحقق له، بل المنقول خلافه، وهو أن زوج حبيبة هذه هو داود بن عروة بن مسعود، كذا قال أبو علي بن السكن وغيره. فداود الذي لأم حبيبة عليه ولادة، ليس داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود، أن ليس أبو عاصم زوجا لحبيبة، ولا هو بداود بن عروة بن مسعود الذي هو زوج حبيبة، فإنه لا ولادة لأم حبيبة عليه، فالله أعلم من هو، فالحديث من أجله ضعيف. اهـ.

* * *

ص: 525

‌فصل: في الصلاة على الميت

(383)

: تكبير النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي أربعا. متفق عليه.

أخرجه البخاري (1334)، ومسلم 3/ 54 (2166)، وأحمد 3/ 361 (14950)، و 3/ 363 (14972) كلهم من طريق سليم بن حيان، عن سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبدالله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي، فكبر عليه أربعا.

وروى البخاري (1245)، ومسلم 2/ 656 وأبو داود (3204)، والترمذي (1022)، والنسائي 4/ 72 وابن ماجه (1534)، وأحمد 2/ 289 - 248 كلهم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به.

وعند الترمذي 3/ 397 بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكبر أربعا.

ورواه مسلم 2/ 657 من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن؛ أنهما حدثاه، عن أبي هريرة أنه قال: نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي صاحب الحبشة. في اليوم الذي مات فيه. فقال استغفروا لأخيكم.

قال ابن شهاب وحدثني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صف بهم بالمصلى. فصلى فكبر عليه أربع تكبيرات.

وروى ابن ماجه (1538) قال: حدثنا سهل بن أبي سهل ثنا مكي بن

ص: 526

إبراهيم، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي. فكبر أربعا.

قلت: رجاله ثقات. وإسناده قوي. قال البوصيري في الزوائد 1/ 273:

إسناده صحيح ورجاله ثقات. اهـ.

وروى ابن ماجه (1504) قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، ومحمد بن الصباح، وأبو بكر بن خلاد، والترمذي (1057) قال: حدثنا أبو كريب، ومحمد بن عمرو السواق. ثلاثتهم (أبو بكر بن خلاد، وأبو كريب، ومحمد بن عمرو السواق) عن يحيى بن اليمان، عن المنهال بن خليفة، عن حجاج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر أربعا. (يعني على الجنازة)

وأخرجه ابن ماجه (1520) قال: حدثنا محمد بن الصباح، أنبأنا يحيى بن اليمان، عن منهال بن خليفة، عن عطاء، عن ابن عباس، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أدخل رجلا قبره ليلا، وأسرج فى قبره. ليس فيه: عن حجاج.

قال الألباني في صحيح ابن ماجه (1221): صحيح، وفي (1234): حسن. اهـ.

* * *

ص: 527

(384)

: روى ابن ماجه، عن أم شريك الأنصارية قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب ولا يستفتح ولا يقرأ سورة معها.

أخرجه ابن ماجه (1496) الجنائز- باب: ما جاء في القراءة على الجنائز- قال: حدثنا عمرو بن أبي عاصم النبيل وإبراهيم بن المستمر قالا: ثنا أبو عاصم ثنا حماد بن جعفر العبدي حدثني شهر بن حوشب حدثتني أم شريك الأنصارية؛ قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب.

ورواه الطبراني 25/ 97 (252)، وأبو يعلى كما في مصباح الزجاجة 2/ 31 من طريق شهر بن حوشب، عن أم شريك به.

قلت: في إسناده، حماد بن جعفر بن زيد العبدي البصري، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (3245): لين الحديث من السابعة ق. أ. هـ.

وأيضاً في إسناده شهر بن حوشب، وبه أعل الحديث البوصيري في تعليقه على زوائد ابن ماجه فقال: في إسناده شهر بن حوشب، وثقه أحمد وابن معين وغيرهما. وتركه ابن عوف وضعفه الببيهقي ولينه النسائي وحماد وغيرهم. اهـ.

قال ابن الجوزي في التحقيق 2/ 148 مع التنقيح: حديث أم شريك فيه شهر بن حوشب وقد ضعفوه. اهـ. وتعقبه ابن عبد الهادي في التنقيح فقال: في قول المؤلف

قد ضعفوه، نظر. فإن شهرا لم يضعفه الكل بل ضعفه جماعة ووثقه آخرون. وممن وثقه الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ويعقوب بن شيبة والعجلي. اهـ.

وروى البخاري (1335)، والترمذي (1027)، وأبو داود (3198)،

ص: 528

والنسائي 2/ 74 - 75، والشافعي في الأم 1/ 27، والحاكم 1/ 510، والبيهقي 4/ 38، وابن حزم في المحلى 5/ 129، والبغوي في شرح السنة 5/ 253، كلهم من طريق سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبدالله بن عوف قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب. قال: لتعلموا أنها سنة وعند الترمذي: فقال: إنه من السنة أو من تمام السنة.

ورواه عن سعد بن إبراهيم؛ شعبة وعنه رواه غندر وآدم بن أبي إياس وتابع شعبة؛ سفيان كما عند الترمذي والدارقطني والحاكم بلفظ: أن ابن عباس صلى على جنازة. فقرأ بفاتحة الكتاب. فقلت له. فقال: إنه من السنة أو من تمام السنة.

وتابع سفيان؛ إبراهيم بن سعد كما عند الشافعي في مسنده 1/ 210، والنسائي 4/ 74 كلاهما رواه عن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي به بلفظ: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا. فلما فرغ أخذت بيده فسألته. فقال: سنة وحق.

ورواه الحاكم والبيهقي 4/ 42 من طريق موسى بن يعقوب الزمعي، حدثنا شرحبيل بن سعد، عن ابن عباس وفيه وكبر ثم قرأ بأم القرآن رافعا صوته بها. ثم صلى.

قلت: موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زمعة المطلبي الزمعي أبو محمد المدني. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (7432): صدوق سيء الحفظ. أ. هـ.

ورواه البيهقي 4/ 38 والحاكم من طريق ابن عجلان أنه سمع سعيد بن أبي سعيد يقول: صلى ابن عباس على جنازة فجهر بالحمد لله ثم قال: إنما

ص: 529

جهرت لتعلموا أنها سنة.

وقال البيهقي 4/ 38: رواه إبراهيم بن حمزة، عن إبراهيم بن سعد وقال في الحديث. فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة. وذكر السورة فيه غير محفوظ. اهـ.

قلت: إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة لا بأس به. قال أبو حاتم: صدوق. اهـ. وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ.

وقد تابعه الهيثم بن أيوب قال: حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد به وفيه ذكر: (وسورة).

ورجاله ثقات وإسنادها قوي. قال النووي في المجموع 5/ 234: إسناده صحيح. اهـ.

ورواه ابن الجارود (537) من طريق سليمان بن داود وإبراهيم بن زياد قالا ثنا إبراهيم بن سعد به. وفيه وسورة.

فهذه الزيادة إسنادها قوي. لكن إعراض البخاري عنها يشير إلى إعلالها.

وأخرجه ابن ماجه (1495)، والترمذي (1026) قالا: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا إبراهيم بن عثمان، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب.

قلت: زيد بن الحباب، أبو الحسين العكلي صدوق يخطئ في حديث الثوري.

وآفة الحديث إبراهيم بن عثمان العبسي، أبو شيبة الكوفي قاضي واسط مشهور بكنيته، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (2345): متروك الحديث من السابعة مات سنة تسع وستين ت ق. أهـ.

وقال الترمذي: حديث ابن عباس، حديث ليس إسناده بذلك القوى،

ص: 530

إبراهيم بن عثمان، هو أبو شيبة الواسطى، منكر الحديث، والصحيح؛، عن ابن عباس، قوله: من السنة القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب. اهـ.

وقال ابن طاهر المقدسي في ذخيرة الحفاظ (1687): وإبراهيم هذا متروك الحديث. اهـ.

وقال ابن الجوزي في التحقيق (2/ 15): لا يثبت لأن فيه إبراهيم بن عثمان وقد كذبه شعبة وقال ابن المبارك ارم به وقال النسائي متروك الحديث وأما حديث أم شريك ففيه شهر وقد ضعفوه. اهـ.

وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (1/ 315): إبراهيم هالك. اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 295): قال الترمذي: هذا حديث إسناده ليس بذاك القوي، وإبراهيم بن عثمان- يعني المذكور في إسناده- منكر الحديث. قلت: وهو أبو شيبة الواسطي، جد بني شيبة أبي بكر وعثمان، وقد أجمعوا على ضعفه، وقال ابن الجوزي في تحقيقه: إنه حديث لا يثبت بسبب إبراهيم هذا؛ فإن شعبة كذبه. اهـ.

وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (1215): صحيح. اهـ.

ثم أيضا الحكم لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث كما قال الإمام أحمد وليس هذا منها.

ولهذا قال عبد الحق في الأحكام الوسطى 2/ 135: ليس إسناده بقوي. اهـ.

* * *

ص: 531

(385)

: روى الشافعي، عن أبي أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة .. ).

رواه النسائي 4/ 75 قال: أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن محمد بن سويد الدمشقي الفهري، عن الضحاك بن قيس الدمشقي بنحو حديث أبي أمامة. ولفظه قال السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة ثم يكبر ثلاثا أو التسليم عند الآخرة.

وأخرجه الشافعي في المسند ص 359، وعبد الرزاق 3/ 489 - 490 - الجنائز- باب القراءة والدعاء في الصلاة على الميت- 6428، وابن الجارود في المنتقى ص 189 - 54، والحاكم 1/ 360 - الجنائز، والبيهقي 4/ 39، 40 - الجنائز- باب القراءة في صلاة الجنازة، وباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة ابن حزم في المحلى 5/ 1290 من هذا الوجه.

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

قلت: رجاله لا بأس بهم. ومحمد بن سويد بن كلثوم بن قيس الفهري وثقه العجلي وذكره ابن حبان في الثقات. وهو من رجال النسائي وأما الضحاك بن قيس الفهري فهو صحابي صغير.

ومنهم من جعله من مسند حبيب بن مسلمة.

وحبيب بن مسلمة اختلف في صحبته قال الحافظ ابن حجر في التقريب (1106): الراجح ثبوتها، لكنه كان صغيرا. اهـ.

وقال البيهقي 4/ 40 لما روى حديث أبي أمامة السابق: قال ابن شهاب

ص: 532

فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من السنة في الصلاة على الميت لمحمد بن سويد فقال وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث، عن حبيب بن مسلمة في صلاة صلاها على الميت مثل الذي، حدثنا أبو أمامة. اهـ.

وحبيب بن مسلمة اختلف في صحبته قال الحافظ ابن حجر في التقريب (1106) الراجح ثبوتها، لكنه كان صغيرا. اهـ.

وقال النسائي عقبه: أخبرنا قتيبة. قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن محمد بن سويد الدمشقي الفهري، عن الضحاك بن قيس الدمشفي، بنحو ذلك .. اهـ.

وقال الحافظ في الفتح (3/ 203): إسناده صحيح. اهـ.

وقال العيني في عمدة القاري (12/ 452): رواه النسائي وقال النووي في (الخلاصة) إن إسناده على شرط الشيخين قال وأبو أمامة هذا صحابي وقال شيخنا زين الدين لم يعقل برؤية النبي فليست له صحبة وقال الذهبي أبو أمامة بن سهل بن حنيف اسمه أسعد سماه رسول الله وحديثه مرسل. اهـ.

وقال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح (5/ 399): سنده على شرط الشيخين. اهـ.

وقال ابن الملقن في تحفة المحتاج (1/ 595) رواه النسائي بإسناده على شرط الصحيح لا جرم صححه ابن السكن. اهـ.

وقال النووي في خلاصة الأحكام (2/ 975): رواه النسائي بإسناد على شرط الصحيحين. وأبو أمامة هذا صحابي. اهـ.

وقال الألباني: صحيح. اهـ. كما في تلخيص أحكام الجنائز (79).

* * *

ص: 533

(386)

يدعو في الثالثة لما تقدم فيقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم منقلبنا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير، اللهم من أحييته من فأحيه على الإسلام والسنة، ومن توفيته منا فتوفه عليهما. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

رواه الترمذي (1024)، والنسائي في الكبرى 1/ 643 وفي الصغرى 4/ 74 وأحمد 4/ 17. والبيهقي 4/ 40 - 41 كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو إبراهيم الأشهلي، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة قال اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا.

قلت: أبا إبراهيم الأشهلي، لا يعرف، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (7922): أبو إبراهيم الأشهلي المدني مقبول من الثالثة قيل إنه عبدالله بن أبي قتادة ولا يصح ت س. أ. هـ.

قال الترمذي 3/ 400: حديث والد أبي إبراهيم حديث حسن صحيح. وقال: سمعت محمدا يقول: أصح الروايات في هذا: حديث يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم الأشهلي، عن أبيه. وسألته، عن اسم أبي إبراهيم فلم يعرفه. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 9/ 332، عن أبيه أنه قال: لا يدري من هو ولا أبوه. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب 12/ 3: وقال قوم إنه عبدالله بن أبي قتادة ولا يصح أنه من بني سلمة هذا من بني عبد الأشهل. اهـ.

ص: 534

ولهذا أعله أبو حاتم كما في علل ابنه (1076) أنه سأل أبيه، عن حديث رواه الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي إبراهيم الأنصاري رجل من بني عبد الأشهل قال: حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة على الميت: اللهم اغفر ..... قال: أبي أبو إبراهيم مجهول هو وأباه. ثم قال أبو محمد: وتوهم بعض الناس أنه عبدالله بن أبي قتادة وغلط فإن أبا قتادة من بني سلمة وأبو إبراهيم رجل من بني عبد الأشهل. اهـ. وأبو محمد هو ابن أبي حاتم.

ورواه أبو داود (3201)، وأحمد 2/ 368 وابن حبان في الموارد (757)، والبيهقي 4/ 41 والحاكم 1/ 511 كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان، ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده هذا اللفظ لأبي داود.

قال الحاكم 1/ 511: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. اهـ.

ورواه ابن ماجه (1498) من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة به بمثله.

قلت: في إسناده ابن إسحاق، وقد أعل طريق أبي سلمة بالإرسال قال ابن أبي حاتم في العلل (1058) سألت أبي، عن حديث رواه محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على جنازة فقال: اللهم اغفر لحينا وميتنا وذكرنا وأنثانا،

ص: 535

قال أبي: رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم. مرسل. لا يقول أبو هريرة ولا يوصله، عن أبي هريرة إلا غير متقن. والصحيح مرسل. اهـ.

وقال أيضا ابن أبي حاتم في العلل (1047): سألت أبي، عن حديث رواه محمد بن ذكوان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى على جنازة قال اللهم اغفر لحينا وميتنا. قال أبي: هذا خطأ. الحفاظ لا يقولوا أبا هريرة إنما يقولون أبا سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وقال الترمذي 3/ 400: روى هشام الدستوائي وعلي بن المبارك هذا الحديث، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. اهـ.

وروى الحاكم 1/ 511 قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن سنان القزاز ثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي ثنا عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبدالرحمن قال: سألت عائشة أم المؤمنين؛ كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الميت؟ قالت: كان يقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان.

قال الحاكم 1/ 511: صحيح على شرط مسلم. اهـ. ووافقه الذهبي.

قلت: عكرمة بن عمار العجلي. تكلم فيه خصوصا فيما رواه عن يحيى بن أبي كثير. قال عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: عكرمة مضطرب الحديث، عن يحيى بن أبي كثير. اهـ. ونحوه نقل أبو زرعة الدمشقي، عن الإمام أحمد وقال ابن المديني: أحاديث عكرمة، عن يحيى بن أبي كثير

ص: 536

ليست بذاك مناكير كان يحيى بن سعيد يضعفها. اهـ. وقال البخاري: مضطرب في حديثه يحيى بن أبي كثير. اهـ. وكذا قال أبو داود. وقال أبو حاتم: كان صدوقا وربما وهم في حديثه وربما دلس. وفي حديث يحيى بن أبي كثير بعض الأغاليط. اهـ. وقال النسائي: ليس به بأس إلا في حديث يحيى بن أبي كثير. اهـ.

ولهذا قال الترمذي 3/ 400: وروى عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. حديث عكرمة بن عمار غير محفوظ. وعكرمة ربما يهم في حديث يحيى. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 123: روي عن أبي سلمة على أوجه، ورواه أحمد والنسائي والترمذي من حديث أبي إبراهيم الأشهل، عن أبيه مرفوعا مثل حديث أبي هريرة، قال البخاري: أصح هذه الروايات رواية أبي إبراهيم، عن أبيه، نقله عنه الترمذي قال: فسألته، عن اسمه فلم يعرفه، وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: أبو إبراهيم مجهول، وقد توهم بعض الناس أنه عبدالله بن أبي قتادة وهو غلط، أبو إبراهيم من بني عبد الأشهل، وأبو قتادة من بني سلمة، وقال البخاري: أصح حديث في هذا الباب حديث عوف بن مالك. اهـ.

وروى أحمد 5/ 299 قال: حدثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا يحيى ابن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم. صلى على ميت فسمعه يقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا قال يحيى: وزاد فيه أبو سلمة: اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان.

ص: 537

ورواه أحمد 5/ 308 قال ثنا عفان ثنا همام به.

قلت: رجاله ثقات. وإسناده قوي.

* * *

ص: 538

(387)

حديث أبي هريرة لكن زاد فيه الموفق: وأنت على كل شيء قدير، ولفظ السنة (اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة واعده من عذاب من عذاب القبر والنار). رواه مسلم، عن عوف بن مالك.

رواه مسلم 2/ 662، والنسائي 4/ 73، وابن ماجه (1500)، وأحمد 6/ 23، والبيهقي 4/ 40، والبغوي في شرح السنة 5/ 356، كلهم من طريق حبيب بن عبيد، عن جبير بن نفير. سمعه يقول: سمعت عوف بن مالك يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: اللهم! اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه. وأكرم نزله. ووسع مدخله. واغسله بالماء والثلج والبرد. ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره. وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه. وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر [عذاب النار] قال: حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت. هذا لفظ لمسلم. وليس عند ابن ماجه ذكر جبير بن نفير.

ورواه مسلم 2/ 663 والترمذي (1025)، والنسائي 4/ 73 وأحمد 6/ 28، والبيهقي 4/ 40، وابن الجارود في المنتقى (539) كلهم من طريق عبدالرحمن بن جبير، عن أبيه به بلفظ: اللهم اغفر له وارحمه. واعف عنه وعافه. وأكرم نزله. ووسع مدخله. واغسله بماء وثلج وبرد. ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من

ص: 539

أهله وزوجا خيرا من زوجه وقه فتنة القبر وعذاب النار قال عوف: تمنيت أن لو كنت أنا الميت. لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الميت هذا اللفظ لمسلم.

قال الترمذي 3/ 410: هذا حديث حسن صحيح. قال محمد بن إسماعيل: أصح شيء في هذا الباب هذا الحديث. اهـ.

* * *

ص: 540

(388)

روى الجوزجاني، عن عطاء بن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم، سلم على الجنازة تسليمة واحدة

أخرجه البيهقي 4/ 43 قال: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، حدثنا أبو بكر بن أبى دارم الحافظ بالكوفة، حدثنا عبدالله بن غنام بن حفص بن غياث قال حدثنى أبى، عن أبيه، عن أبى العنبس، عن أبيه، عن أبى هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكبر عليها أربعا وسلم تسليمة.

قال البيهقي: وروينا، عن عطاء بن السائب مرسلا: أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم على الجنازة تسليمة واحدة .. اهـ.

ورواه الحاكم 1/ 359 من طريق عبدالله بن غنام بن حفص بن غياث حدثني أبي، عن أبيه، عن أبي العنبس، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكبر عليها أربعا وسلم تسليمة التسليمة الواحدة على الجنازة.

ثم قال الحاكم: قد صحت الرواية فيه، عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وجابر بن عبدالله بن أبي أوفى وأبي هريرة أنهم كانوا يسلمون على الجنازة تسليمة واحدة .. اهـ.

قلت: في إسناده عبيد الله بن غنام، لم أقف على ترجمة له في كتب الجرح والتعديل، وأثنى عليه الذهبي في السير.

قال الذهبي في السير 13/ 553: عبيد بن غنام ابن القاضي حفص بن غياث الكوفي الإمام، المحدث، الصادق، أبو محمد النخعي، الكوفي. قيل: اسمه عبد الله .. اهـ.

ص: 541

قال المؤلف في العبر: 2/ 107: رواية الكتب، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وكان محدثا صدوقا. اهـ.

قلت: حفص بن عبدالله بن غنام الكوفي، ترجمه له الخطيب في تاريخ بغداد 8/ 2080 ولم يذكر فيه توثيق.

قال النووي في الخلاصة (3508)، وروى الدارقطني والبيهقي، حديثا غريب الإسناد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه صلى على جنازة فكبر أربعا، وسلم تسليمة واحدة. اهـ.

وأخرجه أبو داود في المراسيل ص 210 (393) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا أبو إسحاق يعني الفزازي، عن عطاء بن السائب، أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم على الجنازة تسليمة واحدة.

وهذا مرسل، ومراسيل عطاء غير مقبولة.

ورواه ابن أبي شيبة (11615) قال: حدثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن إبراهيم، أنه كان يسلم على الجنازة تسليمة.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي، إن سلم من عنعنة الأعمش.

ورواه ابن أبي شيبة (11617) قال: حدثنا حفص، عن الشيباني، عن عبد الملك بن إياس، عن إبراهيم، قال: سلم على الجنازة تسليمة.

ورواه ابن أبي شيبة (11624) قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن قطبة، عن الأعمش، عن يحيى، أنه كان إذا صلى على جنازة سلم تسليمة واحدة.

قلت: قطبة بن عبد العزيز بن سياه بكسر المهملة بعدها تحتانية خفيفة الأسدي الكوفي صدوق. كمما قال الحافظ ابن حجر في التقريب (2134).

* * *

ص: 542

(389)

: لقوله لعائشة: ما فاتك لا قضاء عليك.

لم أقف عليه، وقد ذكره ابن الجوزي في التحقيق 2/ 15: روى أصحابنا، عن عائشة أنها قالت يا رسول الله أصلى على الجنازة ويخفى علي بعض التكبير فقال ما سمعت فكبري وما فاتك فلا قضاء عليك.

وقال ابن قدامة في المغني 2/ 424: عن عائشة، ولفظه: أنها قالت: يا رسول الله، إني أصلي على الجنازة ويخفى علي بعض التكبير، قال: ما سمعت فكبري، وما فاتك فلا قضاء عليك.

* * *

ص: 543

(390)

حديث أبي هريرة وابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر.

رواه البخاري (1337)، ومسلم 2/ 659، وأبو داود (3203)، وابن ماجه (1527)، وأحمد 2/ 388، والبيهقي 4/ 47، والبغوي في شرح السنة 5/ 263، كلهم من طريق حماد بن زيد، عن ثابت البناني، عن أبي رافع، عن أبي هريرة: أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شابا ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسأل عنها أو عنه فقالوا: مات قال: أفلا كنتم آذنتموني قال: فكأنهم صغروا أمرها أو أمره فقال: دلوني على قبره، فدلوه. فصلى عليها. ثم قال إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها. وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم هذا لفظ مسلم. وقد نص أن هذا اللفظ لأبي كامل فضيل بن حسين الجحدري الراوي عن حماد به.

وعند البخاري بلفظ: أن أسود- رجلا أو امرأة- كان يقم المسجد. فمات ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته. فذكر ذات يوم. فقال: ما فعل ذلك الإنسان؟ قالوا: مات يا رسول الله. قال: أفلا آذنتموني؟ فقالوا: إنه كان كذا وكذا القصة قال: فحقروا شأنه. قال: فدلوني على قبره فأتى قبره فصلى عليه.

تنبيه: لم يرد عند أبي داود وابن ماجه زيادة: (إن هذه القبور مملوءة .. ).

وروى البخاري (1340)، ومسلم 2/ 658، والترمذي (1037)، وابن ماجه (1530)، وأحمد 1/ 224، 283 كلهم من طريق أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعد ما دفن. فكبر عليه أربعا هذا لفظ مسلم وقال أيضا مسلم: قال الشيباني: فقلت للشعبي: من حدثك بهذا؟ قال: الثقة عبدالله بن عباس. هذا لفظ حديث حسن يعني بن الربيع.

ص: 544

وفي رواية ابن نمير قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب فصلى عليه. وصفوا خلفه. وكبر أربعا. قلت: لعامر: من حدثك؟ قال الثقة، من شهده، ابن عباس. اهـ.

وعند البخاري بلفظ: صلى النبي صلى الله عليه وسلم على رجل بعد ما دفن بليلة قام هو وأصحابه، وكان سأل عنه. فقال: من هذا؟ فقالوا: فلان دفن البارحة، فصلوا عليه.

وعند ابن ماجه بلفظ: مات رجلا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده. فدفنوه بالليل، فلما أصبح أعلموه. فقال: ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا: كان الليل وكانت الظلمة: فكرهنا أن نشق عليك فأتى قبره فصلى عليه.

ورواه الدارقطني 2/ 78 من طريق هريم بن سفيان، عن الشيباني به بلفظ: صلى على ميت بعد ثلاث.

ورواه أيضا الدارقطني 2/ 78 من طريق بشر بن آدم ثنا أبو عاصم، عن سفيان به. بلفظ: صلى على قبر بعد شهر.

قال الدارقطني: تفرد به بشر بن آدم وخالفه غيره، عن أبي عاصم. اهـ.

قلت: كلا هاتين الروايتين شاذة، قال الحافظ في الفتح 3/ 205 لما ذكر هاتين الروايتين: وهذه روايات شاذة، وسياق الطرق الصحيحة يدل على أنه صلى عليه صبيحة دفنه. اهـ.

وروى ابن ماجه (1532) قال: حدثنا محمد بن حميد ثنا مهران بن أبي عمر، عن أبي سنان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت بعد ما دفن.

قال البوصيري في الزوائد 1/ 271 (551): إسناده حسن أبو سنان فمن

ص: 545

دونه مختلف فيهم. اهـ.

قلت: إسناده ضعيف جدا. لأن شيخ ابن ماجه وثقه ابن معين في أول أمره ثم ضعفه وتكلم فيه الأئمة أيضا. وقال أبو حاتم الرازي سألني يحيى بن معين، عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر. فقال: أي شيء ينقمون منه. فقلت يكون في كتابه شيء فيقول: ليس هذا هكذا. فيأخذ القلم فيغيره. فقال: بئس هذه الخصلة. قدم علينا بغداد. فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي ففرقنا الأوراق بيننا ومعنا أحمد فسمعناه ولم نر إلا خيرا. اهـ.

وقال يعقوب بن شيبة: محمد بن حميد كثير المناكير. اهـ. وقال البخاري: في حديثه نظر. اهـ. وقال النسائي: ليس بثقة. اهـ. وقال أبو القاسم ابن أخي أبي زرعة: سألت أبا زرعة، عن محمد بن حميد فأومى بإصبعه إلى فمه. فقلت له: كان يكذب فقال: برأسه نعم. فقلت له كان قد شاخ لعله كان يعمل عليه ويدلس عليه. فقال: لا يا بني كان يتعمد. اهـ. وقال أبو نعيم بن عدي: سمعت أبا حاتم الرازي في منزله وعنده ابن خراش وجماعة من مشائخ أهل الري وحفاظهم فذكروا ابن حميد فأجمعوا على أنه ضعيف في الحديث جدا وأنه يحدث بما لم يسمعه .. اهـ.

وكذلك في إسناده مهران بن أبي عمر العطار قال ابن معين: ثقة. اهـ. وكذا قال أبو حاتم. وقال البخاري: سمعت إبراهيم بن موسى يضعف مهران وقال: في حديثه اضطراب. اهـ. وقال النسائي: ليس بالقوي. اهـ. وقال الساجي: في حديثه اضطراب. اهـ.

وكذلك شيخه أبو سنان اسمه سعيد بن سنان قال أحمد: ضعيف. اهـ. وقال ابن معين: ليس بثقة. اهـ. وقال أحمد بن صالح المصري: منكر

ص: 546

الحديث ما اعرف من حديثه إلا حديثين أو ثلاثة. اهـ. وقال دحيم: ليس بشيء. اهـ. وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ. وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. اهـ.

والحديث ضعفه الألباني في الإرواء 3/ 185.

وروى ابن ماجه (1532) قال: حدثنا محمد بن حميد، حدثنا مهران بن أبي عمر، عن أبي سنان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت بعد ما دفن.

قال البوصيرى في مصباح الزجاجة (550): هذا إسناد حسن أبو سنان فمن دونه مختلف فيهم وأصله في الصحيحين .. اهـ.

وقال الألبانى فى صحيح ابن ماجه (1188): صحيح .. اهـ.

وروى مسلم في مقدمة كتابه 1/ 18 (82) قال: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا أبو داود، قال: قال لى شعبة: ايت جرير بن حازم فقل له: لا يحل لك أن تروى عن الحسن بن عمارة، فإنه يكذب. قال أبو داود: قلت لشعبة: وكيف ذاك؟ فقال: حدثنا، عن الحكم بأشياء لم أجد لها أصلا. قال: قلت له: بأى شئ؟ قال: قلت للحكم: أصلى النبى صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد؟ فقال: لم يصل عليهم. فقال: الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليهم ودفنهم.

قال البيهقي في سننه (4/ 13): الحسن بن عمارة ضعيف لا يحتج بروايته. اهـ.

وقال ابن طاهر المقدسي في ذخيرة الحفاظ (1446): رواه الحسن بن

ص: 547

عمارة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس. والحسن متروك الحديث. اهـ.

وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (1385): وقد روى الحسن بن عمارة- وهو ضعيف لا يحتج بروايته ـ فذكر الحديث. اهـ.

وروى مسلم 3/ 56 (2173)، وابن ماجه (1531)، وأحمد 3/ 130 (12343)، كلهم من طريق محمد بن جعفر، غندر، قال: حدثنا شعبة، عن حبيب بن الشهيد، عن ثابت، عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة قد دفنت.

وروى النسائي 4/ 85، وفي الكبرى (2163) قال: أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن، قال: حدثنا زيد بن علي، وهو أبو أسامة، قال: حدثنا جعفر بن برقان، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة بعد ما دفنت.

قال الطبراني في الأوسط (2/ 189): لم يرو هذا الحديث، عن ابن جريج إلا حبيب ولا، عن حبيب إلا جعفر تفرد به زيد بن علي. اهـ.

وقال الألباني في الإرواء (3/ 185): سند صحيح. اهـ.

* * *

ص: 548

(391)

عن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب، فلما قدم صلى عليها وقد مضى كذلك شهر. رواه الترمذي ورواته ثقات.

رواه الترمذي- الجنائز- باب ما جاء في الصلاة على القبر- (1038) قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب، فلما قدم صلى عليها، وقد مضى لذلك شهر.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 360 - الجنائز- باب في الميت يصلى عليه بعدما دفن من فعله، والبيهقي 4/ 48 - الجنائز- باب الصلاة على القبر- من طريق قتادة، عن سعيد بن المسيب مرسلا.

قلت: رجاله ثقات. وإسناده قوي.

ورواه البيهقي 4/ 48 من طريق نصر بن علي ثنا أبي ثنا هشام الدستوائي، عن قتادة به بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على أم سعد بعد موتها بشهر.

وقد احتج به أحمد كما في مسائل أبي داود (157).

قال البيهقي: وهو مرسل صحيح ورواه سويد بن سعيد، عن يزيد بن زريع، عن شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولا، وسويد بن سعيد هذا ضعيف، وقد تفرد برواية الإسناد الموصول إلى النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

* * *

ص: 549

(394)

لصلاته على النجاشي. متفق عليه.

سبق تخريجه برقم (383).

* * *

ص: 550

(395)

روي زيد بن خالد قال: توفي رجل من جهينة يوم خيبر فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صلوا على صاحبكم فتغيرت وجوه القوم فلما رأى ما بهم قال: إن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوي درهمين. رواه الخمسة إلا الترمذي واحتج به أحمد.

أخرجه أبو داود (271)، وابن ماجه (2848)، والنسائي 4/ 64، وفي الكبرى. ومالك الموطأ رواية أبي مصعب (924)، والحميدي (815)، وأحمد 4/ 114 (17156)، وفي 5/ 192 (22015) كلهم من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أبي عمرة، عن زيد بن خالد، قال: مات رجل بخيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم، إنه غل في سبيل الله، ففتشنا متاعه، فوجدنا فيه خرزا من خرز يهود، ما يساوي درهمين.

ورواه عن يحيى بن سعيد كل من مالك، وسفيان بن عيينة، وابن نمير، ويزيد، ويحيى بن سعيد القطان، وبشر، والليث.

- في رواية ابن نمير، عند أحمد، ورواية ابن ماجه: ابن أبي عمرة.

قلت: أبا عمرة مولى زيد بن خالد الجهني، مجهول الحال، لم توثيقه غير ابن حبان، وقال الحاكم: رجل معروف بالصدق، وأقره الذهبي، وقال الحافظ في التقريب: مقبول. اهـ. وبقية رجاله ثقات.

قال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (961): رواه أبو داود وبن ماجه والنسائي والحاكم وقال: أبو عمرة جهني صدوق واحتج به الإمام أحمد. اهـ.

ص: 551

وقال الألباني: ضعيف. اهـ. كما في ضعيف الترغيب (842)، والإرواء (726)، وضعيف أبي داود (579).

وروى عبد بن حميد (893) قال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبيدالله بن الوليد الوصافي، قال: حدثني عطية، عن أبى سعيد الخدري، قال: حضرت جنازة فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وضعت، سأل النبي، صلى الله عليه وسلم:: أعليه دين؟ قالوا: نعم، قال: فعدل عنها، وقال: صلوا على صاحبكم، فلما رآه على يقفى، قال: يا نبي الله برئ من دينه، وأنا ضامن لما عليه، فأقبل نبي الله، صلى الله عليه وسلم: فصلى عليه، ثم انصرف، فقال: يا على، جزاك الله والإسلام خيرا، فك الله رهانك يوم القيامة، كما فككت رهان أخيك المسلم، ليس من عبد يقضى، عن أخيه دينه، إلا فك الله رهانه يوم القيامة، فقام رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله لعلى هذا خاصة؟ قال: بل لعامة المسلمين.

قال ابن الملقن في البدر المنير (6/ 711): وفي إسناده ضعفاء: أولهم: عطاء بن عجلان العطار أبو محمد الحنفي البصري وقد وهوه، قال البخاري: منكر الحديث. وقال يحيى وغيره: كذاب. ثانيهم: عطية بن سعد أبو الحسن الكوفي وقد ضعفوه. ثالثهم: عبيدالله بن الوليد الوصافي الكوفي من ولد وصاف بن عامر العجلي، وقد ضعفوه، قال النسائي وغيره: متروك (قال البيهقي في سننه: هذا الحديث يدور على عبيدالله الوصافي، وهو ضعيف جدا. قال: وروي من وجه آخر، عن علي بإسناد ضعيف، فيه عطاء بن عجلان؛ وهو ضعيف. قال: والروايات في تحمل أبي قتادة دين الميت أصح. وسيأتي بعدها بطرقه. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1252): الدارقطني

ص: 552

والبيهقي من طرق بأسانيد ضعيفة. اهـ.

وروى أحمد 1/ 101 (788)، وعبد الله بن أحمد 1/ 137 (1155)، وفي (1156)، وفي 1/ 138 (1165) كلاهما من طريق جعفر بن سليمان، حدثنا عتيبة الضرير، حدثنا بريد بن أصرم، قال: سمعت عليا يقول: مات رجل من أهل الصفة، وترك دينارين، أو درهمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيتان، صلوا على صاحبكم. - وفي رواية: مات رجل من أهل الصفة، فقيل: يا رسول الله، ترك دينارا ودرهما، فقال: كيتان، صلوا على صاحبكم.

ورواه عن جعفر بن سليمان كل من عفان، ومحمد بن عبيد، وحبان بن هلال، وقطن بن نسير.

قال البزار في مسنده (901): لا نعلم روى بريد بن أصرم، عن علي إلا هذا الحديث ولا رواه عنه إلا عتبة أو عتيبة ولا نعلمه يروى عن علي إلا بهذا الإسناد. اهـ.

وقال البوصيري في إتحاف الخيرة (1911): رواه مسدد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل بسند ضعيف لجهالة بعض رواته. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 417): رواه أحمد وابنه عبدالله وقال: دينارا أو درهما. والبزار كذلك وفيه عتيبة الضرير وهو مجهول وبقية رجاله وثقوا. اهـ.

وروى البخاري (6731)، ومسلم 3/ 1237، وابن ماجه (2415) كلهم من طريق يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين. فيسأل: هل ترك لدينه قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه. وإلا قال: صلوا على

ص: 553

صاحبكم. فلما فتح عليه الفتوح. قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم. فمن توفى وعليه دين فعلي قضاؤه. ومن ترك مالا فهو لورثته. هذا لفظ مسلم.

وعند البخاري بلفظ: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته. هكذا أخرجه مختصرا.

وقد جعلهما المزي في تحفة الأشراف 11/ 57 حديثين. والذي يظهر أنهما حديث واحد وفي ألفاظه اختلاف يسير. وبهذا تعقب الحافظ ابن حجر صنيع المزي. فقال في النكت الظراف على الأطراف 11/ 57: قلت: هما حديث واحد، فإذا اختلفت ألفاظهما فلينبه على ذلك حسب

اهـ.

وروى البخاري 3/ 124 (2289)، والنسائي 4/ 65، وفي الكبرى (2099)، وأحمد 4/ 47 (16624)، وفي 4/ 50 (16642) كلهم من طريق يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أتى بجنازة. فقالوا: صل عليها. فقال: هل عليه دين؟ قالوا لا. قال: فهل ترك شيئا؟ قالوا: لا. فصلى عليه. ثم أتى بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول الله، صل عليها. قال: هل عليه دين. قيل: نعم. قال: فهل ترك شيئا. قالوا: ثلاثة دنانير. قال: صلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله، وعلي دينه، فصلى عليه.

* * *

ص: 554

(396)

روى جابر بن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاؤوه برجل قد قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه رواه مسلم وغيره.

رواه مسلم 2/ 672 - الجنائز- (107)، وأبو داود- الجنائز- باب الإمام يصلي على من قتل نفسه- (3185)، والنسائي- الجنائز- باب ترك الصلاة على من قتل نفسه- 4/ 66 وأحمد 5/ 87 - 92 والبيهقي 4/ 19 كلهم من طريق سماك قال حدثني جابر بن سمرة قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص. فلم يصل عليه. هذا لفظ مسلم.

وعند أبي داود بلفظ: قال: مرض رجل فصيح عليه. فجاء جاره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: إنه قد مات. قال: وما يدريك؟ قال: أنا رأيته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لم يمت. قال: فرجع. فصيح عليه. فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لم يمت، فرجع فصيح عليه، فقالت امرأته: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره. فقال الرجل: اللهم العنه. قال ثم انطلق الرجل فرآه قد نحر نفسه بمشقص معه، فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قد مات، فقال: وما يدريك؟ قال: رأيته ينحر نفسه بمشاقص معه قال: أنت رأيته؟، قال: نعم. قال: إذا لا أصلي عليه.

* * *

ص: 555

(397)

قول عائشة: صلى رسول الله على سهل بن بيضاء في المسجد. رواه مسلم.

رواه مسلم- الجنائز- (99، 100) 2/ 668 والترمذي- الجنائز باب ما جاء في الصلاة على الميت في المسجد- (1033)، والنسائي 4/ 68 والبيهقي 4/ 51، كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد، عن عبد الواحد بن حمزة، عن عباد بن عبدالله بن الزبير، أن عائشة أمرت أن يمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد. فتصلي عليه. فأنكر الناس ذلك عليها. فقالت: ما أسرع ما نسى الناس، ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد. هذا اللفظ لمسلم والبيهقي.

ورواه أبو داود- الجنائز باب الصلاة على الجنازة في المسجد- (3189) من طريق صالح بن عجلان ومحمد بن عبدالله بن عباد، عن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن عائشة: بمثله.

ورواه ابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد- (1518) من طريق صالح بن عجلان، عن عباد بن عبدالله بن الزبير به.

ورواه مسلم- الجنائز- 2/ 668 والنسائي- الجنائز- باب الصلاة على الجنازة في المسجد- 4/ 68 والبيهقي- الجنائز- باب الصلاة على الجنازة في المسجد، والبغوي في شرح السنة 4/ 51 كلهم من طريق موسى بن عقبة، عن عبد الواحد، عن عباد بن عبدالله بن الزبير به.

* * *

ص: 556

(398)

صلى على أبي بكر وعمر فيه. رواه سعيد.

أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 364 - الجنائز- باب في الصلاة على الميت في المسجد، (12092) قال: حدثنا حفص، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: ما صلي على أبي بكر إلا في المسجد.

قلت: إسناده صحيح.

ورواه ابن أبي شيبة 3/ 364 - الجنائز- باب في الصلاة على الميت في المسجد، (12093) قال: حدثنا وكيع، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبدالله بن حنطب، قال: صلي على أبي بكر وعمر تجاه المنبر.

قلت: كثير بن زيد صدوق.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3/ 206 - ، عن المطلب بن عبدالله بن حنطب به.

وأخرجه البيهقي 4/ 52 - الجنائز- باب الصلاة على الجنازة في المسجد (7288) قال: أخبرنا أبو الحسين: على بن محمد بن عبدالله بن بشران ببغداد أخبرنا أبو جعفر الرزاز، حدثنا أحمد بن الوليد الفحام، حدثنا إسماعيل بن أبان الغنوى، حدثنا هشام، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ترك أبو بكر رضي الله عنه دينارا ولا درهما ودفن ليلة الثلاثاء وصلى عليه فى المسجد.

قلت: إسماعيل الغنوى متروك.

وأخرجه عبد الرزاق 3/ 526 - 6576، وابن أبي شيبة 3/ 364، ابن سعد في الطبقات الكبرى 3/ 206، 207، والبيهقي 4/ 52 - من طريق هشام بن عروة، عن أبيه. قال رأى أبي الناس يخرجون من المسجد ليصلوا

ص: 557

على جنازة فقال ما يصنع هؤلاء ما صلي على أبي بكر إلا في المسجد.

فلت: إسناده صحيح.

وأما الصلاة على عمر في المسجد:

فقد أخرجه عبد الرزاق 3/ 526 - 6577، وابن أبي شيبة 3/ 364، وابن سعد في الطبقات الكبرى 3/ 367، 368، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 492 - عن مالك- وهو في الموطأ 1/ 230 - الجنائز- 23 - عن نافع، عن ابن عمر، به.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده صحيح.

ورواه ابن أبي شيبة 3/ 364 - الجنائز- باب في الصلاة على الميت في المسجد، (12096) قال: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا أشياخنا، أن عمر صلي عليه عند المنبر فجعل الناس يصلون عليه أفواجا.

قلت: في إسناده مبهم، وهم أشياخ محمد بن عمرو.

قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 295: وقد ثبت أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد وصهيبا صلى على عمر في المسجد وهو في الموطأ وغيره .. اهـ.

* * *

ص: 558

‌فصل: في حمل الميت ودفنه

(399)

: روى سعيد وابن ماجه، عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود، عن أبي قال: من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها فإنه من السنة، ثم إن شاء فليتطوع وإن شاء فليدع. إسناده ثقات.

أخرجه ابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في شهود الجنائز- (1478)، والطيالسي ص 44 - (332)، وابن أبي شيبة 3/ 283 - الجنائز- باب ما قالوا فيما يجزئ من حمل جنازة، والبيهقي 4/ 19 - 20 - الجنائز- باب من حمل الجنازة فدار على جوانبها الأربعة- من طريق عبيد بن نسطاس، عن أبي عبيدة، عن عبدالله بن مسعود قال: من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها فإنه من السنة، ثم إن شاء فليتطوع وإن شاء فليدع.

قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن رواية أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه، منقطعه، ولم يسمع أبو عبيدة من أبيه شيئا. كما في: المراسيل لابن أبي حاتم ص 196، وجامع التحصيل ص 204 - 205.

وأيضاً أختلف في إسناده، قال ابن الملقن في البدر المنير 5/ 224: ولم يضعفه البيهقي، وهو منقطع؛ لأن أبا عبيدة لم يدرك أباه، قال الدارقطني في علله: هذا هو الصحيح عندي، قال: وهذا الحديث اختلف في إسناده؛ فقيل: عن عبيد بن نسطاس، عن أبي عبيدة، رواه كذلك منصور، وحدث به عنه جماعة. وخالفهم أبو حنيفة رحمه الله تعالى- فرواه عن منصور ووهم في إسناده، جعله، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبيد بن نسطاس، عن ابن

ص: 559

مسعود، وأسقط أبا عبيدة، والصحيح: عن منصور، عن عبيد به. وقيل: عن منصور، عن قيس بن السكن، عن أبي عبيدة، عن أبيه. ورواه ابن عيينة، عن عبدالرحمن بن عبيد بن نسطاس، عن أبيه، عن أبي عبيدة، عن أبيه .. اهـ.

وسئل عنه الدارقطني في العلل 5/ 305 فقال: يرويه منصور بن المعتمر، عن عبيد بن قسطاس، عن أبي عبيدة حدث به عنه جماعة منهم شعبة والثوري وزائدة وفضيل بن عياض وحماد بن زيد وجرير بن عبد الحميد وأبو الأحوص وابن عيينة ومعسر وإدريس وخالهم أبو حنيفة فرواه عن منصور ووهم في إسناده جعله، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبيد بن قسطاس، عن ابن مسعود وأسقط أبا عبيدة؛ ورواه أبو عوانة، عن منصور كذلك أيضا، وقيل، عن أبي عوانة، عن منصور، عن قيس بن السكن، عن أبي عبيدة، عن عبد الله. ورواه ابن عيينة أيضا، عن أبي يعفور وهو عبدالرحمن بن عبيد بن قسطاس، عن أبيه، عن أبي عبيدة، عن أبيه ا?

اهـ.

وقال البوصيري: هذا إسناد موقوف، رجاله ثقات، وحكمه الرفع؛ إلا أنه منقطع؛ فإن أبا عبيدة- واسمه عامر، وقيل: اسمه كنيته- لم يسمع من أبيه شيئا، قاله أبو حاتم، وأبو زرعة، وعمرو بن مرة، وغيرهم. اهـ.

وقال الشيخ الألباني في تعليقه على ابن ماجه: ضعيف. اهـ.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 481 كتاب الجنائز: باب ما قالوا فيما يجزئ من حمل الجنازة، حديث (11283) من طريق ثور، عن عامر بن جشيب وغيره من أهل الشام قالوا: قال أبو الدرداء: من تمام أجر الجنازة أن يشيعها من أهلها وأن يحمل بأركانها الأربع وأن يحثو في القبر.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 234: وفي الباب، عن أبي الدرداء

ص: 560

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وفي العلل لابن الجوزي مرفوعا، عن ثوبان وإسنادهما ضعيفان. اهـ.

وروى الحارث كما في بغية الباحث (270) قال: حدثنا حفص بن حمزة، حدثنا سوار بن مصعب، عن عمارة الهمداني، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تبع جنازة فأخذ بجوانب السرير الأربع غفر له أربعون ذنبا كلها كبيرة.

قلت: سوار بن مصعب الهمداني المتروك، قال البخاري في التاريخ الكبير 4/ 169: منكر الحديث. اهـ.

وقد ضعفه الحافظ ابن حجر كما في تعليقه على المطالب.

وقال ابن الملقن في البدر المنير 5/ 224: حديث ثوبان المرفوع: من اتبع جنازة فأخذ بجوانب السرير الأربع غفر له أربعون ذنبا كلها من الكبائر. وحديث أنس المرفوع: من حمل قوائم السرير الأربع إيمانا واحتسابا حط الله- عز وجل عنه أربعين كبيرة. ولا يصحان، في الأول سوار بن مصعب الهمداني المتروك، وفي الثاني: علي بن أبي سارة الشيباني؛ وهو متروك أيضا؛ لا جرم ذكرهما ابن الجوزي في علله. أهـ

وروى ابن أبي شيبة (11393)، وعبد الرزاق 3/ 513 (6520) قال: حدثنا هشيم، عن يعلى، عن عطاء، عن علي الأزدي، قال: رأيت ابن عمر في جنازة فحملوا بجوانب السرير الأربع فبدأ بالميامن، ثم تنحى عنها، فكان منها بمزجر كلب.

وروى ابن أبي شيبة (11395) قال: حدثنا حميد، عن مندل، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إن استطعت فابدأ بالقائمة التي تلي يده اليمنى، ثم طف بالسرير، وإلا فكن منه قريبا.

ص: 561

قلت: مندل بن علي العنزي، أبو عبد الله الكوفي يقال اسمه عمرو ومندل لقب ضعيف.

* * *

ص: 562

(400)

أنه صلى الله عليه وسلم، حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين.

أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3/ 431، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبية، عن شيوخ من بني عبد الأشهل. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ من بيته بين العمودين حتى خرج به من الدار.

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه إبراهيم بن إسماعيل، وهو ضعيف. وفيه أيضا شيوخ بني الأشهل مجاهيل.

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 1/ 295: ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد خطوات، ولم يصح. اهـ.

وقال في شرح المهذب (ج 5: ص 269) ذكره البيهقي في كتاب المعرفة، وأشار إلى تضعيفه .. اهـ.

وقال النووي في الخلاصة (3552): وروى الشافعي، وغيره بإسناد ضعيف: أن النبي صلى الله عليه وسلم حمل سعد بن معاذ بين العمودين. وروى الشافعي، والبيهقي بأسانيد ضعيفة معناه، عن فعل: عثمان بن عفان، وابن عمرو. اهـ.

وقال الملأ علي قارئ في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 5/ 420: وروى ابن سعد في الطبقات بسند ضعيف أنه حمل جنازة سعد بن معاذ من بيته بين العمودين خرج به من الدار قال الواقدي والدار يكون ثلاثين ذراعا قال النووي في الخلاصة ورواه الشافعي بسند ضعيف واهٍ إلا أن الآثار في الباب ثابتة، عن الصحابة وغيرهم قال ابن الهمام بعد ما سرد تلك الآثار قلنا هذه موقوفات والمرفوع منها ضعيف. اهـ.

ونقل البيهقي في المعرفة 5/ 248، عن الشافعي: عن الربيع عنه: قال

ص: 563

قائل: لا يحمل بين العمودين هذا عندنا مستنكر، فلم يرض أن جهل ما كان ينبغي له أن ينقله، حتى عاب قول من قال بفعل هذا، قال الشافعي: وقد رواه بعض أصحابنا، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حمل في جنازة سعد بن معاذ بين العمودين. وروينا، عن بعض أصحابه أنهم فعلوا ذلك. اهـ.

ونقله عنه ابن الملقن في البدر المنير 5/ 221.

وقال في خلاصة البدر المنير 1/ 344: رواه الشافعي بسند صحيح من فعل سعد بن أبي وقاص وبأسانيد ضعيفة من فعل عثمان وابن عمر وابن الزبير وأبي هريرة .. اهـ.

فقد أخرجه الشافعي في الأم 1/ 269 ومن طريقه البيهقي في السنن الصغرى 1/ 294 كتاب الجنائز: باب حمل الجنازة، حديث 1068/ 516 وفي السنن الكبرى 4/ 20 كتاب الجنائز: باب من حمل الجنازة فوضع السرير على كاهله بين العمودين وفي معرفة السنن والآثار 3/ 148 - 149 كتاب الجنائز: باب حمل الجنازة، حديث (2106) من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده قال: رأيت سعيد بن أبي وقاص في جنازة عبدالرحمن بن عوف قائما بين العمودين المقدمين واضعا السرير على كاهله.

وروى ابن أبي شيبة (11294) قال: حدثنا هشيم بن بشير، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، قال: رأيت ابن عمر في جنازة واضعا السرير على كاهله بين العمودين.

* * *

ص: 564

(401)

قوله صلى الله عليه وسلم: أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه، عن رقابكم. متفق عليه.

أخرجه البخاري (1315) - الجنائز- باب السرعة بالجنازة، ومسلم 2/ 652 - الجنائز- 5، 51، وأبو داود- الجنائز- باب الإسراع بالجنازة- (3181)، والترمذي- الجنائز- باب ما جاء في الإسراع بالجنازة- (1015)، والنسائي 4/ 42 - الجنازة- باب السرعة بالجنازة- (191، 1911)، وابن ماجه 1/ 474 - الجنائز- باب ما جاء في شهود الجنائز- 1477، وأحمد 2/ 24، كلهم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعوا بالجنازة. فإن تك صالحة. فخير لعله قال تقدمونها عليه. وإن تكن غير ذلك. فشر تضعونه، عن رقابكم هذا اللفظ لمسلم. وله فإن كانت صالحة قربتموها إلى الخير.

وعند مسلم 2/ 125 أن معمر في روايته، عن الزهري قال: لا أعلمه إلا رفع الحديث. اهـ.

وروى البخاري (2/ 103)، ومسلم 1/ 7، وابن ماجه (1487)، وأحمد 4/ 397 كلهم من طريق أبي بردة، قال: أوصى أبو موسى حين حضره الموت. فقال: إذا انطلقتم بجنازتي، فأسرعوا المشي، ولا يتبعني مجمر، ولا تجعلوا في لحدي شيئا يحول بيني وبين التراب، ولا تجعلوا على قبري بناء. وأشهدكم أني بريء من كل حالقة، أو سالقة، أو خارقة. قالوا: أو سمعت فيه شيئا، قال: نعم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

* * *

ص: 565

(402)

قال ابن المنذر: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة.

رواه أبو داود- الجنائز- باب المشي أمام الجنازة- (3179)، والنسائي- الجنائز- باب مكان الماشي من الجنازة- 4/ 56، والترمذي الجنائز- باب ما جاء في المشي أما الجنازة- (1007 - 1008)، وابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في المشي أمام الجنازة- (1482)، وأحمد 6/ 8 والبيهقي 4/ 23، وابن حبان في الموارد (766) كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة.

قال النووي في الخلاصة 2/ 999: رواه الثلاثة بأسانيد صحيحه. وفي رواية للشافعي والنسائي والبيهقي زيادة وعثمان. اهـ.

قلت: رجاله ثقات لكن أعل الحديث بالإرسال. فقد رواه ابن جريج وزياد بن سعد وسفيان وغيرهم، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه هكذا موصولا وخالفهم جمع من الحفاظ فرووه مرسلا منهم معمر ومالك ويونس بن يزيد وغيرهم.

فقد رواه الترمذي (1009) قال: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر، عن الزهري قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة.

قال الترمذي 3/ 387: حديث ابن عمر هكذا، رواه ابن جريج وزياد بن سعد وغير واحد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه نحو حديث ابن عيينة. وروى معمر ويونس بن يزيد ومالك وغير واحد من الحفاظ، عن الزهري أن

ص: 566

النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمام الجنازة، قال الزهري: أخبرني سالم أن أباه كان يمشي أمام الجنازة. وأهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح في. اهـ.

ثم قال الترمذي أيضا: سمعت يحيى بن موسى يقول قال عبد الرزاق قال ابن المبارك: حديث الزهري في هذا مرسل أصح من حديث ابن عيينة. اهـ.

وصحح ابن الجوزي المرسل فقال في التحقيق (944) عن الموصول: هذا إسناد صحيح فإن قالوا: قد رواه جماعة من الحفاظ، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والمرسل أصح، قلنا الراوي قد يسند الحديث وقد يرسله. ومن رواه مرفوعا فقد أتى بزيادة على من أرسله فوجب تقديم قوله .. اهـ.

وتعقبه ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق 2/ 138.

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى 2/ 137: هكذا رواه ابن عيينة ويحيى ابن سعيد ومعمر وموسى بن عقبة وزياد بن سعد ومنصور وابن جريج وغيرهم، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. ورواه مالك، عن الزهري مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة والخلفاء هلم جرا. وعبد الله بن عمر وهكذا رواه يونس ومعمر، عن الزهري مرسلا وهو عندهم أصح. اهـ.

ورواه الطبراني في الكبير 12/ 221 رقم (13133) قال: حدثنا عبدالله بن أحمد ابن حنبل حدثني أبي ثنا حجاج بن محمد قال: قرأت على ابن جريج ثنا زياد بن سعد أن ابن شهاب حدثه حدثني سالم، عن ابن عمر أنه كان يمشي بين يدي الجنازة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يمشون أمامها قال أبي: هذا الحديث وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو عن الزهري مرسلا،

ص: 567

وحديث سالم فعل ابن عمر وحديث ابن عيينة كأنه وهم. اهـ.

وقال النسائي 4/ 56: هذا خطأ والصواب مرسل. اهـ.

وقال الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 187: توهم ابن عيينة في إسناد هذا الحديث، مما لا وجه له عندي البته، وهو من أعجب ما رأيت من التوهم بدون حجة، لم ينفرد بإسناده، كما يشير إلى ذلك كلام الترمذي نفسه، وهاأنا أذكر ممن وقفت عليه ممن تابعه من الثقات: 1 - 2 - 3: منصور بن المعتمر وزياد بن سعد وبكر بن وائل رواه همام عنهم ثلاثتهم مقرونا مع سفيان كلهم ذكروا أنهم سمعوا من الزهري يحدث سالما .... خرجه الترمذي والنسائي والبيهقي

4 - ابن أخي الزهري واسمه محمد بن عبدالله بن مسلم.

قال أحمد 2/ 122 ثنا سليمان بن داود أنا إبراهيم بن سعد حدثني ابن أخي ابن شهاب، عن ابن شهاب، عن سالم به.

قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم

انتهى كلام الألباني.

ثم ذكر أيضا متابعة يونس بن عبيد عند الطحاوي ومتابعة عقيل بن خالد عند الطحاوي وأحمد 2/ 140 ومتابعة العباس بن الحسن عند الطبراني ومتابعة محمد ابن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق وموسى بن عقبة ومتابعة شعيب بن أبي حمزة كلهم، عن الزهري به.

قلت: وهذا تتبع جيد من الشيخ الألباني قد لا يظهر له مثيل. لكن الأئمة حكموا أن المرسل أصح وهم أعلم بعلل الأحاديث من غيرهم. فقد عاصروا الرواية وعرفوا الشيوخ وحديثهم. والحديث إذا اشتهر إعلاله عند الأئمة فإن جمع الشواهد والمتابعات لا يجدي شيئا.

فقد نقل أبو داود في مسائله للإمام أحمد (1821) عندما سئل، عن

ص: 568

حديث المؤمن يأكل في معن

قال: يطلبون حديثا من ثلاثين وجها أحاديث. وجعل ينكر طلب الطرق نحو هذا. قال شيء لا ينتفعون به أو نحو هذا الكلام. اهـ.

وروى ابن ماجه (1483) قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، وهارون بن عبدالله الحمال، والترمذي (1010) قال: حدثنا أبو موسى، محمد بن المثنى. ثلاثتهم (نصر، وهارون، وابن المثنى) عن محمد بن بكر البرساني، قال: أنبأنا يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب الزهري، عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر، وعثمان، كانوا يمشون أمام الجنازة.

قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمدا (هو ابن إسماعيل البخاري) عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه محمد بن بكر، وإنما يروى هذا الحديث، عن يونس، عن الزهري، أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر، كانوا يمشون أمام الجنازة، قال الزهري: وأخبرني سالم، أن أباه كان يمشي أمام الجنازة. قال محمد: هذا أصح. اهـ.

وقال الدارقطنى فى العلل (12/ 179): يرويه يونس بن يزيد الأيلي، واختلف عنه؛ فرواه محمد بن بكر البرساني، ووهب الله بن راشد، وبكر بن مضر، عن يونس، عن الزهري، عن أنس. وخالفهم ابن وهب، فرواه عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. واختلف على الزهري في روايته، عن سالم: منهم من أسنده عنه، ومنهم من وقفه على ابن عمر، وأرسله، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر. وقد بينا ذلك في حديث ابن عمر. اهـ.

وقال فى (12/ 286): ولا يصح هذا، عن الزهري، عن أنس. اهـ.

ص: 569

وقال الحافظ ابن حجر فى التلخيص الحبير (2/ 261): قال أحمد إنما هو عن الزهري مرسل وحديث سالم فعل ابن عمر وحديث ابن عيينة وهم قال الترمذي أهل الحديث يرون المرسل أصح قاله ابن المبارك

وقال النسائي وصله خطأ والصواب مرسل

وقد ذكر الدارقطني في العلل اختلافا كثيرا فيه على الزهري قال والصحيح قول من قال، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه إنه كان يمشي قال وقد مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر واختار البيهقي ترجيح الموصول لأنه من رواية ابن عيينة وهو ثقة حافظ وعن علي بن المديني قال قلت لابن عيينة يا أبا محمد خالفك الناس في هذا الحديث فقال استيقن الزهري حدثني مرارا لست أحصيه يعيده ويبديه سمعته من فيه، عن سالم، عن أبيه قلت وهذا لا ينفي عنه الوهم فإنه ضابط لأنه سمعه منه، عن سالم، عن أبيه والأمر كذلك إلا أن فيه إدراجا لعل الزهري أدمجه إذ حدث به ابن عيينة وفصله لغيره وقد أوضحته في المدرج بأتم من هذا وجزم أيضا بصحته ابن المنذر وابن حزم .. اهـ.

وبنحو ما نقل ابن حجر، فقد نقل الزيلعى فى نصب الراية (2/ 294) وزاد تفصيل قول النسائى قال: وقال النسائي: هذا حديث خطأ، وهم فيه ابن عيينة، وخالفه مالك، فرواه عن الزهري مرسلا، وهو الصواب، قال: وإنما أتى عليه فيه من جهة أن الزهري رواه عن سالم، عن أبيه، أنه كان يمشي أمام الجنازة، قال: وكان النبي عليه السلام، وأبو بكر، وعمر يمشون أمام الجنازة، فقوله: وكان النبي عليه السلام إلى آخره، من كلام الزهري، لا من كلام ابن عمر. قال ابن المبارك: الحفاظ، عن الزهري ثلاثة: مالك، ومعمر، وابن عيينة، فإذا اجتمع اثنان منهم على قول أخذنا به، وتركنا قول الآخر. اهـ.

ص: 570

وصححه الألبانى فى الإرواء (3/ 187)(793) قال: وتوهيم ابن عيينة في إسناد هذا الحديث مما لا وجه له عندي البتة وهو من أعجب ما رأيت من التوهيم بدون حجة بل خلافا للحجة! فإن ابن عيينة مع كونه ثقة حافظا حجة لم يتفرد بإسناده كما يشير إلى ذلك كلام الترمذي نفسه وها أنا أذكر من وقفت عليه ممن تابعه منه الثقات

_ثم ذكر متابعات وروايات الحديث قال: _ فتبين من هذا التخريج أنه أتفق على رواية الحديث مسندا مرفوعا جماعة من الثقات هم: سفيان بن عيينة ومنصور بن المعتمر وزياد بن سعد وبكر ابن وائل وابن أخي الزهري وعقيل بن خالد هؤلاء كلهم صرحوا بالرفع وصحت الأسانيد بذلك إليهم وسائر العشرة منهم من لم يصرح بالرفع كيونس ومنهم من لم يثبت السند بذلك إليه فإذا تركنا هؤلاء ورجعنا إلى الستة الأولين كان فيهم ما يدفع قول أبي قائل في توهيم رواية سفيان المسندة المرفومة لأن اتفاقهم على ذلك خطأ مما لا يكاد يقع لاسيما وإمامهم في ذلك أعني ابن عيينة كان يرويه رواية العارف المتثبت فيما يروي حينما في ذلك. اهـ.

* * *

ص: 571

(403)

روى الترمذي وصححه، عن المغيرة ابن شعبة مرفوعا: الراكب خلف الجنازة، وكره ركوب لغير حاجة وعود.

أخرجه الترمذي- الجنائز- باب ما جاء في الصلاة على الأطفال- (1031)، وأبو داود- الجنائز- باب المشي أمام الجنازة- (3179)، والنسائي 4/ 56، 58 - الجنائز- باب مكان الراكب من الجنازة، وباب مكان الماشي من الجنازة، وباب الصلاة على الأطفال- (1942، 1943، 1948)، وابن ماجه 1/ 475 - الجنائز- باب ما جاء في الركوب أمام الجنازة، كلهم من طريق زياد بن جبير، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها .. ).

صححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

قلت: رجاله ثقات، و جبير بن حية بن مسعود الثقفي بن أخي عروة بن مسعود ثقة جليل. قال الترمذي 3/ 407: هذا حديث حسن صحيح أ. هـ

وقال ابن عبد الهادي في تنقيح تحقيق أحاديث التعليق 2/ 141: حديث المغيرة رواه في السنن بطرق وفي لفظه اختلاف. اهـ.

وصححه الألباني في الإرواء 3/ 170.

* * *

ص: 572

(404)

قوله صلى الله عليه وسلم: من تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع. متفق عليه، عن أبي سعيد.

أخرجه البخاري (1310)، ومسلم 3/ 57 (2180)، والترمذي (1043) والنسائي 4/ 43، وفي الكبرى (2055)، وأحمد 3/ 25 (11213)، وفي 3/ 41 (11386) كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير، قال: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذا رأيتم الجنازة، فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع.

وأخرجه مسلم 3/ 57 (2179)، وأحمد 3/ 37 (11348)، وفي 3/ 48 (11463)، وفي 3/ 85 (11832) كلاهما من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا اتبعتم جنازة، فلا تجلسوا حتى توضع.

وأخرجه أبو داود (3173) قال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع.

قال أبو داود: روى هذا الحديث الثوري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. قال فيه:«حتى توضع بالأرض» ، ورواه أبو معاوية، عن سهيل، قال: حتى توضع في الحد. قال أبو داود: وسفيان أحفظ من أبي معاوية.

قال الألباني: صحيح. صحيح الجامع (424). صحيح أبي داود (3173).

وأخرجه النسائي 4/ 44، وفي الكبرى (2056) قال: أخبرنا يوسف بن

ص: 573

سعيد. قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، وأبي سعيد، قالا: ما رأينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شهد جنازة قط فجلس حتى توضع.

قال الألباني: حسن .. اهـ. كما في صحيح النسائي (1918). وانظر: السلسلة الصحيحة (2852).

وروى مسلم 3/ 58 (2186)، وأبوداود، وابن ماجه (1544)، والترمذي (1044) والنسائي 4/ 77، وفي الكبرى (2137)، ومالك في الموطأ (626)، والحميدي (510) وأحمد 1/ 82 (623) كلهم من طريق مسعود بن الحكم، قال: سمعت عليا قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فى جنازة فقمنا، ورأيته قعد فقعدنا.

- وفي رواية: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم للجنازة فقمنا، ثم جلس فجلسنا. - وفي رواية: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قام مرة واحدة، ثم لم يعد.

- وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عند القبر، ثم جلس. - وفي رواية: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنائز حتى توضع، ثم قعد.

- وفي رواية: أنه شهد جنازة مع علي بن أبي طالب بالكوفة، فرأى ناسا قياما ينتظرون الجنازة أن توضع، فأشار إليهم بدرة معه، أو سوط، اجلسوا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلس بعد ما كان يقوم.

- قال الترمذي: حديث علي حديث حسن صحيح. اهـ.

وأخرجه الحميدي (50)، وأحمد 1/ 141 (1200)، وفي 4/ 413 (19942)، والنسائي 4/ 46، وفي الكبرى (2061) كلهم من طريق مجاهد، عن أبي معمر، عبدالله بن سخبرة الأزدي، قال: كانوا عند علي بن أبي طالب،

ص: 574

فمرت بهم جنازة، فقاموا لها، فقال علي: ما هذا؟ فقالوا: أمر أبوموسى الأشعري، فقال علي: إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، ولم يعد.

ورواه عن مجاهد، كل من ليث بن أبي سليم، وعبد الله بن أبي نجيح.

- وفي رواية: عن أبي معمر، قال: كنا مع علي، فمر به جنازة، فقام لها ناس، فقال علي: من أفتاكم هذا؟! فقالوا: أبوموسى، قال: إنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة، وكان يتشبه بأهل الكتاب، فلما نهي انتهى.

- وفي رواية: عن عبدالله بن سخبرة الأزدي، قال: إنا لجلوس مع علي ننتظر جنازة، إذ مرت بنا أخرى، فقمنا، فقال علي،: ما يقيمكم؟ فقلنا: هذا ما تأتونا به يا أصحاب محمد، قال: وما ذاك؟ قلت: زعم أبوموسى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مرت بكم جنازة إن كان مسلما، أو يهوديا، أو نصرانيا، فقوموا لها، فإنه ليس لها نقوم، ولكن نقوم لمن معها من الملائكة، فقال علي،: ما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط غير مرة برجل من اليهود، وكانوا أهل كتاب، وكان يتشبه بهم، فإذا نهي انتهى، فما عاد لها بعد.

قال البوصيري في إتحاف الخير (1941): ومدار أسانيدهم على ليث بن أبي سليم وهو ضعيف .. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 127): رواه أحمد وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس. اهـ.

وقال الألباني في صحيح سنن النسائي (1923): صحيح. اهـ.

وروى أبو داود (3176)، وابن ماجه (1545)، والترمذي (1020) كلهم من طريق بشر بن رافع أبي الأسباط الحارثي، عن عبدالله بن سليمان بن جنادة بن أبي أمية، عن أبيه، عن جده، جنادة بن أبى أمية، عن عبادة بن

ص: 575

الصامت قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اتبع جنازة لم يقعد حتى توضع فى اللحد فعرض له حبر فقال هكذا نصنع يا محمد. فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال خالفوهم.

قال الترمذي: هذا حديث غريب، وبشر بن رافع ليس بالقوي في الحديث. اهـ.

وقال البغوي في شرح السنة (5/ 331) يروى عن عبادة بن الصامت بإسناد غريب. اهـ.

وقال النووي في خلاصة الأحكام (3608) رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه بإسناد ضعيف فيه بشر بن رافع، أبو الأسباط، عن عبدالله بن سليمان بن جنادة، وهما ضعيفان. اهـ.

وقال الشيخ الألباني: حسن. كما في صحيح ابن ماجه (1256).

وروى أحمد 3/ 97 (11949) قالا: حدثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، أنه كان جالسا مع مروان، فمرت جنازة، فمر به أبو سعيد، فقال: قم أنها ألأمير، فقد علم هذا؛ أن النبي، صلى الله عليه وسلم: كان إذا تبع جنازة لم يجلس حتى توضع.

وأخرجه البخاري 2/ 107 (1309) قال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، قال: كنا في جنازة، فأخذ أبو هريرة، بيد مروان، فجلسا قبل أن؟ توضع، فجاء أبو سعيد، فأخذ بيد مروان. فقال: قم، فوالله لقد علم هذا، النبي صلى الله عليه وسلم: نهانا، عن ذلك. فقال أبو هريرة: صدق.

* * *

ص: 576

(405)

قول علي- وقد مر بقوم دفنوا ميتا وبسطوا على قبره الثوب- فجذبه وقال: إنما يصنع هذا بالنساء، رواه سعيد.

أخرجه البيهقي 4/ 54 - الجنائز- باب ما روي في ستر القبر بثوب- من طريق علي بن الحكم، عن رجل من أهل الكوفة، عن علي بن أبي طالب،: أنه أتاهم قال ونحن ندفن ميتا وقد بسط الثوب على قبره فجذب الثوب من القبر وقال: إنما يصنع هذا بالنساء.

قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه راو لم يسم. وأما علي بن الحكم بن ظبيان الأنصاري المروزي المؤدب ثقة يغرب.

وروى ابن أبي شيبة (11785) قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، قال: شهدت جنازة الحارث فمدوا على قبره ثوبا فكشفه عبدالله بن يزيد، قال: إنما هو رجل.

ورواه عبد الرزاق 3/ 498 (6465) عن معمر، عن أبي إسحاق قال حضرت جنازة الحارث الاعور الخارفي وكان من أصحاب علي وبن مسعود فرأيت عبدالله بن يزيد الأنصاري كشف ثوب النعش عنه حين أدخل القبر وقال إنما هو رجل وقال رأيت الذريرة على كفنه واستله من نحو رجل القبر ثم قال هكذا.

ورواه البيهقي 4/ 54 - الجنائز- باب ما روي في ستر القبر بثوب قال: أخبرنا أبو الحسن، على بن محمد المقرئ أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضى، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا

ص: 577

زهير، عن أبى إسحاق: أنه حضر جنازة الحارث الأعور فأبى عبدالله بن يزيد أن يبسطوا عليه ثوبا وقال: إنه رجل قال أبو إسحاق: وكان عبدالله بن يزيد قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: رجاله ثقات.

قال البيهقي: وهذا إسناد صحيح وإن كان موقوفا رواه جماعة، عن أبى إسحاق. اهـ.

* * *

ص: 578

(406)

قول سعد: ألحدوا لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.

أخرجه مسلم 3/ 61 (2200)، وابن ماجه (6551) والنسائي 4/ 8، وفي الكبرى (6412 و 3807)، وأحمد 1/ 169 (1450)، و 1/ 184 (1602)، وفي 1/ 481 (1061) كلهم من طريق عبدالله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد بن أبى وقاص، أن سعد بن أبى وقاص، قال فى مرضه الذى هلك فيه: الحدوا لى لحدا، وانصبوا على اللبن نصبا، كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وذكر الدارقطني في العلل 4/ رقم (606) ما ورد في إسناده من اختلاف.

* * *

ص: 579

(407)

يقول مدخله ندبا: بسم الله وعلى ملة رسول الله لأمره بذلك. رواه أحمد، عن ابن عمر.

رواه أبو داود- الجنائز- باب في الدعاء للميت إذا وضع في قبره- (3213)، وأحمد 2/ 27 - 59 - 128، والحاكم 1/ 520 - 521، والبيهقي 4/ 55، وابن حبان في الموارد (773) كلهم من طريق همام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن ابن عمر قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الحاكم 1/ 521: صحيح على شرط الشيخين، وهمام ثبت مأمون إذا أسند مثل هذا الحديث لا يعلل بأحد إذا أوقفه. اهـ.

وقد أعله الدارقطني بالوقف وتبعه أيضا البيهقي فقال 4/ 55: الحديث يتفرد برفعه همام بن يحيى بهذا الإسناد وهو ثقة إلا أن شعبة وهشام الدستوائي روياه موقوفا على ابن عمر. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 137: وقد رواه ابن حبان من طريق سعيد، عن قتادة مرفوعا. اهـ.

قلت: الذي يظهر أن الصواب شعبة، عن قتادة به كما في صحيح ابن حبان 5/ 43 رقم 3099، وابن أبي شيبة 3/ 210 وهو موقوف، ولم أقف على رواية سعيد، عن قتادة.

ورواه ابن أبي شيبة 3/ 210 قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن قتادة به موقوفا.

ص: 580

قال الزيلعي في نصب الراية 2/ 302: قال الدارقطني عن الموقوف: هو المحفوظ. اهـ.

ورواه ابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في إدخال الميت القبر- (1553)، والبيهقي 4/ 55 كلاهما من طريق حماد بن عبدالرحمن الكلبي ثنا إدريس الأودي، عن سعيد بن المسيب قال: حضرت ابن عمر في جنازة فلما وضعها في اللحد قال: بسم الله، وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله؛ فلما أخذ في تسوية اللبن على اللحد قال: اللهم أجره من الشيطان، ومن عذاب القبر؛ اللهم جاف الأرض، عن جنبيها وصعد روحها ولقصا منك رضوانا. قلت: يا ابن عمر أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قلته برأيك؟ قال: إني إذا لقادر على القول بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: في إسناده حماد بن عبد الرحمن. قال أبو زرعة: يروي أحاديث مناكير. اهـ. وقال أبو حاتم: شيخ مجهول منكر الحديث ضعيف الحديث. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص 1/ 137: هو مجهول، واستنكره أبو حاتم من هذا الوجه. اهـ.

وقال في التقريب (1502): ضعيف. اهـ. وقال البوصيري في الزوائد 1/ 495: متفق على تضعيفه. اهـ.

ولما سئل عنه أبو حاتم كما في العلل (1074) قال: الحديث منكر. اهـ.

ورواه الترمذي- الجنائز- باب ما يقول إذا دخل الميت القبر- (1046)، وابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في إدخال الميت القبر- (1550) كلاهما من طريق حجاج، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع الميت

ص: 581

في القبر قال: بسم الله وعلى سنة رسول الله.

قال الترمذي 3/ 424: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. اهـ.

قلت: في إسناده الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف.

وقد تابعه ليث بن أبي سليم، عن نافع كما عند ابن ماجه، وليث ضعيف، لكن الحديث يتقوى لكثرة طرقه.

وقد صححه الألباني بطرقه كما في الإرواء 3/ 198 - 199 فقال: الصواب أن الحديث صحيح مرفوعا وموقوفا. اهـ.

وروى الحارث كما في المطالب (830) قال: حدثنا العباس بن الفضل، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أبو جلاس حدثني عثمان بن الشماخ وكان ابن أخي سمرة بن جندب قال: مات ابن لسمرة قد سعى فسمع بكاء؛ فقال: ما هذا البكاء؟ قالوا: على فلان؛ فنهاهم، عن ذلك؛ فدعا بطست أو بعس؛ فغسل بين يديه ثم كفن بين يديه ثم قال لمولى له: يا فلان اذهب إلى حفرته؛ فإذا وضعته؛ فقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله وأطلق عقد رأسه وعقد رجليه، وقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله، وأطلق عقد رأسه وعقد رجليه، وقل: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.

قلت: إسناده ضعيف جدا؛ لأن مداره على عثمان بن شماس، وفيه أيضا العباس بن الفضل وهو ضعيف جدا.

ورواه البيهقي 3/ 407 من طريق إبراهيم بن علي، حدثنا يحيى بن يحيى أنبأنا عبد الوارث، عن عقبة بن يسار، عن عثمان بن أخي سمرة به.

* * *

ص: 582

(408)

: لقوله في الكعبة: قبلتكم أحياء وأموات.

سبق تخريجه برقم (354).

* * *

ص: 583

(409)

يرفع القبر، عن الأرض شبر لأنه رفع قبره، عن الأرض قدر شبر. رواه الساجي من حديث جابر.

رواه البيهقي 3/ 410 من طريق أبي كامل ثنا الفضيل بن سليمان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد له لحدا ونصب عليه اللبن نصبا وذكر الحديث قال ورفع قبره، عن الأرض نحوا من شبر كذا وجدته. اهـ. أي مسندا وكأنه استغربه.

وأخرجه ابن حبان في الإحسان 8/ 218 - 6601، والبيهقي 3/ 410 - الجنائز- باب لا يزاد في القبر على أكثر من ترابه- من طريق فضيل بن سليمان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر.

قلت: فضيل بن سليمان النميري بالنون مصغر أبو سليمان البصري صدوق له خطأ كثير.

ثم ساقه البيهقي مرسلا 3/ 411 من طريق عبد العزيز، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبره الماء ووضع عليه حصباء من حصباء العرصه، ورفع قبره قدر شبر ثم قال: هذا مرسل.

ورواه الواقدي بإسناد له، عن جابر.

والواقدي متروك.

وقال الزيلعي في نصب الراية 2/ 303: روى ابن حبان في صحيحه في النوع السابع والأربعين من القسم الخامس من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد ونصب عليه اللبن ورفع قبره من الأرض نحو شبر. اهـ.

ص: 584

وكذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 139.

وقال الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 207: ولم يذكرا- مع الأسف- الراوي عن جعفر؛ فإن كان هو الفضل هذا؛ فقد عرفت حاله، وإن كان غيره فالحديث به صحيح. اهـ.

قلت: الذي يظهر أن الراوي عن جعفر هو الفضيل بن سليمان؛ فقد أخرجه ابن حبان في صحيحه كما في الموارد (216) من طريقه به.

وقد ذكر الحافظ طريق أخرى؛ فقال في التلخيص الحبير 2/ 139: هو عند سعيد بن منصور، عن الدراوردي، عن جعفر. اهـ.

ولم يذكر هل هو مرسل أو موصول لكن الذي يظهر أنه مرسل لأنه ذكره الحافظ ابن حجر عقب الطريق المرسل والله أعلم.

* * *

ص: 585

(410)

روى البخاري، عن سفيان التمار أنه رأى قبر النبي مسنما.

أخرجه البخاري- الجنائز- باب ما جاء في قبر النبي وأبي بكر وعمر، (1390) قال: حدثنا محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا أبو بكر بن عياش أبو بكر بن عياش، عن سفيان التمار أنه حدثه أنه رأى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مسنما.

ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/ 306، والبيهقي 4/ 3 - الجنائز- باب من قال بتسنيم القبور. من طريق سفيان به.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف 3/ 334 عنه، ولفظه: دخلت البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وعمر مسنمة.

وروى أبو داود في مراسيله (423) بإسناد صحيح، عن الشعبي قال: رأيت قبور الشهداء مسنمة، يعني جثا.

وقوله: يعني جثا جمع جثوة، وهو الشيء المجموع، يعني أتربة مجموعة.

* * *

ص: 586

(411)

قول جابر: نهى رسول الله أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه. رواه مسلم.

أخرجه مسلم 2/ 667 - الجنائز- 94، وأبو داود- الجنائز- باب في البناء على القبر- (3225)، والنسائي 4/ 87 - الجنائز- باب البناء على القبر- (2028)، وأحمد 2/ 295، والحاكم 1/ 525 وابن حبان كما في الإحسان 5/ 66 - 3155، والبيهقي 4/ 4 - الجنائز- باب لا يبنى على القبور ولا تجصص، كلهم من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير أنه سمع جابر يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.

قال الترمذي 4/ 6: حديث حسن صحيح، وقد روى من غير وجه، عن جابر. اهـ.

قلت: منها ما رواه مسلم 2/ 667، والنسائي 4/ 88، وابن ماجه (1562)، وأحمد 3/ 332 كلهم من طريق أيوب، عن أبي الزبير به.

ورواه أبو داود (3226)، وابن ماجه (1563) كلاهما من طريق حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن جابر، ولم يذكر أبو داود لفظه بل أحال إلى لفظ حديث ابن جريج، عن أبي الزبير السابق.

وعند ابن ماجه ذكر لفظه مختصر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب على القبر شيء.

قال الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 208: هذا سند صحيح أيضا؛ فهي زيادة صحيحة إلا أن الحاكم أعلها بعلة عجيبة. اهـ.

ص: 587

(412)

روى الترمذي وصححه من حديث جابر مرفوعا: نهي أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن توطأ.

أخرجه الترمذي- الجنائز- باب ما جاء في كراهية تجصيص القبور والكتابة عليها- (1052)، قال: حدثنا عبدالرحمن بن الأسود أبو عمرو البصري، حدثنا محمد بن ربيعة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ.

ورواه ابن حبان كما في الإحسان 5/ 65 - 3154، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 156 - الجنائز- باب الجلوس على القبور، والحاكم 1/ 170 - من حديث جابر بن عبد الله، وقد تقدم بقية تخريجه.

قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قد روي من غير وجه، عن جابر وقد رخص بعض أهل العلم منهم الحسن البصري في تطيين القبور وقال الشافعي لا بأس أن يطين القبر. اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير 5/ 320: هذا الحديث صحيح، رواه بهذه الجملة الترمذي، والحاكم في المستدرك، وأبو حاتم، ابن حبان في صحيحه. ولفظ الترمذي: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ. ولفظ الحاكم: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبر، أو يجصص، أو يقعد عليه، ونهى أن يكتب عليه. ولفظ ابن حبان: أنه عليه السلام نهى عن تجصيص القبور، والكتابة عليها، والبناء عليها، والجلوس عليها. وفي رواية له: (نهى أن تقصص القبور. وكان يسمون الجص القصة، وفي رواية له، عن أبي الزبير سمع جابر

). اهـ.

ص: 588

وقال الشيخ الألباني: صحيح، وفي تراجعات العلامة الألباني (44): نهى صلى الله عليه وسلم أن تجصص القبور وأن يكتب عليها. قال الشيخ رحمه الله في النصيحة (ص 152 - 153): (أخرجه الترمذي من طريق محمد بن ربيعة، والحاكم، عن حفص بن غياث وأبي معاوية، وابن حبان أيضا (3154)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 296) كلاهما، عن أبي معاوية محمد بن خازم، ثلاثتهم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر

وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، فهذا الإسناد الأول. والإسناد الآخر عند الثلاثة الآخرين- أبي داود والنسائي وابن ماجه- من طريق ابن جريج وسليمان بن موسى، عن جابر

وكذلك رواه ابن حبان وليس عند ابن ماجه إلا جملة الكتابة فقط. هذا وقد كنت صححت في الإرواء (3/ 308) حديث (757) هذا الإسناد الثاني ثم بدا لي أن فيه انقطاعا بين سليمان بن موسى وجابر)، وانظر: مشكاة المصابيح (1709)، هداية الرواة (1650)، أحكام الجنائز (204).

فائدة: قال الحاكم بعد تخريج هذا الحديث في المستدرك: الإسناد صحيح وليس العمل عليه فإن أئمة المسلمين من الشرق والغرب يكتبون على قبورهم وهو شيء أخذه الخلف، عن السلف وتعقبه الذهبي في مختصره بأنه محدث ولم يبلغهم النهي انتهى، وقال الشوكاني في النيل: فيه تحريم الكتابة على القبور وظاهره عدم الفرق بين كتابة اسم الميت على القبر وغيرها وقد استثنت الهادوية رسم الاسم فجوزوه لا على وجه الزخرفة قياسا على وضعه صلى الله عليه وسلم الحجر على قبر عثمان كما تقدم وهو من التخصيص بالقياس وقد قال به الجمهور لا أنه قياس في مقابلة النص كما قال في ضوء

ص: 589

النهار ولكن الشأن في صحة هذا القياس. اهـ.

* * *

ص: 590

(413)

روى مسلم، عن أبي هريرة مرفوعا: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر.

أخرجه مسلم 2/ 667 - الجنائز- 96، وأبو داود- الجنائز- باب في كراهية العقود على القبر- (3228)، والنسائي 4/ 95 - الجنائز- باب التشديد في الجلوس على القبور- 2044، وابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في النهي، عن المشي على القبور والجلوس عليها- 1566، وأحمد 2/ 311، 389، 444، كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر.

وروى مسدد كما في المطالب (837) قال: حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا عثمان بن حكيم، حدثنا عبدالله بن سرجس وأبو سلمة بن عبدالرحمن أنهما سمعا أبا هريرة رضي الله عنه يقول: لأن أجلس على جمرة فتحرق ما دون لحمي حتى تفضي لي أحب من أن أجلس على قبر.

قلت: إسناده صحيح. وصححه الحافظ ابن حجر في الفتح 3/ 224 فقال: إسناده صحيح. اهـ.

ورواه ابن أبي شيبة 3/ 339 قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه، ورجاله ثقات لا بأس بهم. اهـ

قلت: رجاله لا بأس بهم، و سمعان أبو يحيى الأسلمي مولاهم المدني لا بأس به.

وروى ابن ماجه (1567) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة ثنا

ص: 591

المحاربي، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير مرثد بن عبدالله اليزني، عن عقبه بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن أمشي على جمرة أو سيف أو أخصف نعلي برجلي أحب إلي من أن أمشي على قبر مسلم. وما أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق.

قال البوصيري في تعليقه على زوائد ابن ماجه 1/ 278: إسناده صحيح؛ لأن محمد بن إسماعيل وثقه أبو حاتم والنسائي وابن حبان وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين. وقد احتجا بجميع رواته. اهـ.

وقال الألباني رحمه الله كما في الإرواء 1/ 102: هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات، والمحاربي اثنان عبدالرحمن بن محمد وابنه عبد الرحيم وهو المراد هنا. اهـ.

وقال المنذري في الترغيب 4/ 189: إسناده جيد. اهـ.

* * *

ص: 592

(414)

روى أحمد أن النبي رأى عمرو بن حزم متكئا على قبر فقال: لا تؤذه.

رواه أحمد (24255) قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا بكر بن سوادة، عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن عمارة بن حزم، قال: عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن عمرو بن حزم، قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا على قبر. وقال في موضع آخر: زياد بن نعيم، أن ابن حزم، إما عمرا، وإما عمارة، قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا متكئ على قبر، فقال: انزل من القبر، لا تؤذي صاحب القبر، ولا يؤذيك.

وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 515 - الجنائز- باب الجلوس على القبور، والحاكم في المستدرك 3/ 590 من طريق ابن لهيعة به.

وذكر الحديث ابن حجر في الفتح 3/ 224 - 225 بعد أن عزاه للإمام أحمد وقال: إسناده صحيح .. اهـ.

قلت: في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف.

قال البوصيري في إتحاف الخيرة (2008): وعن زياد بن نعيم: أن ابن حزم- إما عمرو، وإما عمارة- قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متكئ على قبر، فقال: قم لا تؤذي صاحب القبر أو يؤذيك. أ. هـ ..

ورواه أحمد بن منيع بسند فيه ابن لهيعة. 2008/ 2 - ورواه النسائي في الصغرى من طريق عمرو بن حزم مرفوعا بلفظ: لا تقعدوا على المقابر.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 191): رواه الطبراني في الكبير وفيه ابن لهيعة وفيه كلام وقد وثق .. اهـ.

ص: 593

وقال المنذري في الترغيب والترهيب (5406): رواه الطبراني في الكبير من رواية ابن لهيعة. اهـ.

وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3566): صحيح لغيره. اهـ.

* * *

ص: 594

(415)

قوله يوم أحد: ادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد. رواه النسائي.

أخرجه البخاري (1343)، و (1345)، و (1346)، وأبو داود (3138)، و (3139)، وابن ماجه (1514)، والترمذي (1036)، والنسائي 4/ 62، وأحمد (23660)، والشافعي 1/ 204، وابن أبي شيبة 3/ 253 - 254، وعبد بن حميد (1119)، وابن الجارود (552)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 501، وفي شرح مشكل الآثار (5911)، وابن حبان (3197)، والدارقطني 4/ 117، والبيهقي في السنن 4/ 10 و 34، وفي معرفة السنن والآثار (7418)، والبغوي (1500) من طرق عن الليث بن سعد، عن الزهري، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر قال: لما كان يوم أحد أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على الشهداء الذين قتلوا يومئذ، فقال: زملوهم بدمائهم، فإني قد شهدت عليهم فكان يدفن الرجلان والثلاثة في القبر الواحد، ويسأل: أيهم كان أقرأ للقرآن فيقدمونه قال جابر: فدفن أبي وعمي يومئذ في قبر واحد.

وأخرجه أبو داود- الجنائز- باب في تعميق القبر- (3215)، والترمذي- الجهاد- باب ما جاء في دفن الشهداء- (1713)، والنسائي 4/ 81، 83، 84 - الجنائز- باب ما يستحب من إعماق القبر، وباب ما ستحب من توسيع القبر، وباب دفن الجماعة في القبر الواحد، وباب من يقدم- (201، 2011، 2015 - 2018)، وأحمد 4/ 19، 2، وعبد الرزاق 3/ 508 (6501)، وسعيد بن منصور 2/ 241 - 2582، وأبو يعلى 3/ 124، 127، (1553، 1558)، وأبو نعيم في الحلية 9/ 3، والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 314، 4/ 34 - الجنائز- باب ما يستحب من اتساع القبر وإعماقه، وباب دفن

ص: 595

الاثنين والثلاثة في قبر عند الضرورة، وفي دلائل النبوة 3/ 296 - من حديث هشام بن عامر.

الحديث صحيح، صححه الترمذي وغيره.

* * *

ص: 596

(416)

لما روى أنس مرفوعا قال: من دخل المقابر فقرأ فيها (يس) خفف عنهم يومئذ، وكان لهم بعددهم حسنات.

ذكره الألباني في السلسلة الضعيفة (1246)، وعزاه الثعلبي في تفسيره من طريق محمد بن أحمد الرياحي، عن أبيه، عن أيوب بن مدرك، عن أبي عبيدة، عن الحسن، عن أنس بن مالك مرفوعا.

وهو إسناد هالك فيه راويان مجهولان هما أبو عبيدة وأحمد الرياحي، كما أن فيه أيوب بن مدرك وهو متهم بالكذب والوضع.

قلت: إسناده مظلم مسلسل بالعلل. فيه: أبو عبيدة وأحمد بن يزيد الرياحي كلاهما مجهولان. وأيوب بن مدرك ضعيف بل كذاب. قال النسائي (الضعفاء والمتروكون 27)، والدارقطني (الضعفاء والمتروكون 110): متروك الحديث .. اهـ.

وروى أبو داود (3121)، وابن ماجه (1448)، والنسائي في عمل اليوم والليلة 1082، 1083، وأحمد 5/ 26 - 27، والحاكم 1/ 753، والبغوي في شرح السنة 5/ 295، والبيهقي 3/ 383، وابن حبان في صحيحه (2991) كلهم من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان وليس بالنهدي، عن أبيه، عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقرؤوا على موتاكم يس.

وقد أسقط بعضهم ذكر أبيه كما سيأتي.

قلت: إسناده ضعيف، لجهالة أبي عثمان ووالده ولاختلاف في إسناده؛ فقد وقع في إسناد النسائي والبغوي وابن حبان بدون ذكر أبيه أي والد أبي عثمان.

ص: 597

ولهذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 110: ولم يقل النسائي وابن ماجه، عن أبيه. وأعله ابن القطان بالاضطراب وبالوقف، وبجهالة أبي عثمان وأبيه. ونقل أبو بكر بن العربي، عن الدراقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ولا يصح في الباب حديث. اهـ.

وقال الحاكم 1/ 753: أوقفه يحيى بن سعيد وغيره، عن سليمان التيمي والقول فيه قول ابن المبارك إذ الزيادة من الثقة مقبولة. اهـ.

قلت: المتأمل في طريقة الأئمة المتقدمين هو النظر إلى القرائن في قبول الزيادة سواء كانت في الراوي أو المروي أو قبول الأئمة لها.

والحديث روى على أربعة أوجه مختلفة:

الأول: عن أبي عثمان، عن أبيه، عن معقل مرفوعا.

الثاني: عن أبي عثمان، عن معقل مرفوعا وليس فيه، عن أبيه.

الثالث: عن معقل موقوفا.

الرابع: عن رجل، عن أبيه، عن معقل مرفوعا.

قال الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 151: إن في الحديث علة أخرى وهي الاضطراب؛ فبعض الرواة يقول: عن أبي عثمان، عن أبيه، عن معقل وبعضهم: عن أبي عثمان، عن معقل لا يقول، عن أبيه وأبوه غير معروف أيضا. اهـ.

فأما أبو عثمان فهو مجهول.

قال الذهبي في الميزان 4/ 550: أبو عثمان يقال اسمه سعد، عن أبيه، عن معقل بن يسار بحديث اقرؤوا يس على موتاكم لا يعرف أبوه ولا هو، ولا روى عنه سوى سليمان التيمي. اهـ.

ص: 598

قال ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام 5/ 49 - 50: هو لا يصح؛ لأن أبا عثمان هذا لا يعرف ولا روى عنه غير سليمان التيمي، وإذا لم يكن هو معروفا؛ فأبوه أبعد من أن يعرف، وهو إنما روى عنه. اهـ.

وقال النووي في الأذكار ص 132: إسناده ضعيف، فيه مجهولان لكن لم يضعفه أبو داود. اهـ. وكذا قال في الخلاصة 2/ 9260

قلت: يعني بالمجهولين؛ أبو عثمان وأبيه كما نص الحافظ في الفتوحات الربانية 2/ 118 وقد ذكر ابن حبان أبو عثمان في الثقات لكن يتحفظ من توثيق ابن حبان للمجاهيل؛ فقد ذكر في كتاب الثقات قوم وقال: لا أعرفه ولا أعرف أبوه.

وكذلك أيضا اختلف في إسناده كما سبق.

والحديث ضعفه الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 51 وأعله أيضا بجهالة أبي عثمان وجهالة أبيه والاضطراب.

* * *

ص: 599

(417)

وصح، عن ابن عمر أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها قاله في المبدع.

أخرجه الطبراني المعجم الكبير (3/ 208/ 2)، والخلال في القراءة عند القبور، ص 30 من طريق يحي بن عبدالله بن الضحاك البابلي ثنا أيوب بن نهيك الحلبي الزهري- مولى آل سعد بن أبي وقاص- قال: سمعت عطاء بن أبي رباح المكي قال: سمعت ابن عمر قال: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف جدا، لأن مداره على يحيى بن عبدالله البابلتي، وقد رواه عن شيخه أيوب بن نهيك وهما ضعيفان.

قال الألباني في أحكام الجنائز ص 13: هذا سند ضعيف وله علتان: الأول: البابلتي- ضعيف كما قال الحافظ في التقريب. الثانية: شيخه أيوب بن نهيك، فانه أشد ضعفا منه، ضعفه أبو حاتم وغيره، وقال الأزدي: متروك. وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وساق له الحافظ في اللسان حديثا آخر ظاهر النكارة من طريق يحيى بن عبدالله ثنا أيوب، عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعا. ثم قال: ويحي ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا ثم قال:! فإذا عرفت هذا فالعجب من الحافظ حيث قال في الفتح (3/ 143) في حديث الطبراني هذا: إسناده حسن ونقله عنه الشوكاني في نيل الأوطار (3/ 309)، وقره! وأما الهيثمي فقال المجمع (3/ 44). رواه الطبراني في الكبير، وفيه يحيى بن عبدالله البابلتي وهو ضعيف. وفاته أن فيه أيوب بن نهيك وهو شرمنه كما سبق. وروى الخلال في الأمر بالمعروف (245)، وأخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم، قال: حدثني أبو شعيب عبدالله بن الحسين بن

ص: 600

أحمد بن شعيب الحراني من كتابه قال: حدثني يحيى بن عبدالله بن الضحاك البابلتي، حدثنا أيوب بن نهيك الحلبي الزهري، مولى آل سعيد بن أبي وقاص قال: سمعت عطاء بن أبي رباح المكي، قال: سمعت ابن عمر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مات أحدكم فلا تجلسوا وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة، وعند رجليه بخاتمتها في قبره. اهـ.

وروى الطبراني في الكبير (15833)، حدثنا أبو أسامة عبدالله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي، حدثنا أبي ح، وحدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي، حدثنا أبي ح، وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا علي بن بحر، قالوا: حدثنا مبشر بن إسماعيل، حدثني عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج، عن أبيه، قال: قال لي أبي: يا بني، إذا أنا مت فألحدني، فإذا وضعتني في لحدي، فقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله، ثم سن علي الثرى سنا، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة، وخاتمتها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.

قال الهيثمي في المجمع 3/ 161: رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون. اهـ.

قلت: مبشر بن إسماعيل الحلبي، لكن ذكره ابن حبان في ثقاته.

* * *

ص: 601

(418)

لقوله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم. رواه الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه.

أخرجه أبو داود (3132)، وابن ماجه (1610)، والترمذي (998)، والحميدي (537)، وأحمد 1/ 205 (1751) كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن جعفر بن خالد بن سارة، عن أبيه، خالد بن سارة، عن عبدالله بن جعفر قال: لما جاء نعى جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم أو أمر يشغلهم.

ورواه عن سفيان كل من الحميدي، وأحمد بن حنبل، ومسدد، وهشام، ومحمد بن الصباح، وأحمد بن منيع، وعلي بن حجر.

قال الترمذي: جعفر بن خالد، هو ابن سارة، وهو ثقة، روى عنه ابن جريج .. اهـ.

قلت: رجاله ثقات غير أن خالد بن سارة ويقال ابن عبيد بن سارة المخزومي المكي لم أجد من وثقه غير أن ابن حبان ذكره في الثقات، لكن مثله يقبل حديثه حيث أن الترمذي قوى حديثه فقال 3/ 380: هذا حديث حسن صحيح. اهـ.

وأيضا روى عنه عطاء بن أبي رباح. ولهذا قال الذهبي في الميزان 1/ 630: ما وثق، لكن يكفيه أنه روى عنه أيضا عطاء. اهـ. وقال في الكاشف (1323): وثق. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 146: صححه ابن السكن. اهـ.

ص: 602

وقال الحاكم 1/ 528: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

ولما نقل ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام 3/ 403 قول عبد الحق: جعفر ثقة .. تعقبه فقال: كذا قال ولم يبين لم لا يصح، وذلك أن خالد بن سارة لا تعرف حاله، وروى عنه ابنه وعطاء بن أبي رباح قاله البخاري وأهمله ابن أبي حاتم كسائر من يجهل أحوالهم ولا أعلم له إلا حديثان هذا أحدهما. اهـ.

أخرجه الحاكم في المستدرك (1377) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 356) قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال بعد ذلك: وجعفر بن خالد هو ابن سارة، وهو ثقة، روى عنه ابن جريج. وقال ابن القطان: إنما لم يصححه الترمذي لأن خالد بن سارة لا يعرف حاله

لكن خالد هذا وثقه ابن حبان، فإنه ذكره في ثقاته، فزالت عنه إذن جهالة العين والحال، ولما أخرجه الحاكم في مستدركه من طريقه قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ.

وقال الحافظ في التلخيص (2/ 316) صححه ابن السكن. اهـ.

وروى ابن ماجه (1611) قال: حدثنا يحيى بن خلف أبو سلمة قال ثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق حدثني عبدالله بن أبي بكر، عن أم عميس الجزار قالت: حدثتني أم عون ابنة محمد بن جعفر، عن جدتها أسماء بنت عيسى قالت: لما أصيب جعفر رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال: إن آل جعفر قد شغلوا بشأن ميتهم؛ فاصنعوا لهم طعاما قال عبد الله: فما زالت سنة

ص: 603

حتى كان حديثا فترك.

قلت: في إسناده أم عيسى الجزار ويقال: الخزاعية لا يعرف حالها كما قال الحافظ في التقريب (8754).

وأما أم عون بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب فقد رمز لها الحافظ في التقريب (8750): مقبولة. اهـ. وسبق الكلام على حالها.

* * *

ص: 604

(419)

روى أحمد، عن جرير قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة. وإسناده ثقات.

أخرجه ابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في النهي، عن الاجتماع إلى أهل الميت- (1612)، وأحمد 2/ 204 (6905) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبدالله البجلي، قال: كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام، من النياحة.

قلت: رجاله ثقات، ورواه عن إسماعيل بن أبي خالد كل من نصر بن باب، وهشيم. قال الدارقطني في علله (13/ 462): يرويه هشيم بن بشير، واختلف عنه؛ فرواه سريج بن يونس، والحسن بن عرفة، عن هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير. ورواه خالد بن القاسم المدائني- قيل: ثقة؟ قال: لا أضمن لك هذا، جرحوه، عن هشيم، عن شريك، عن إسماعيل. ورواه أيضا- عباد بن العوام، عن إسماعيل كذلك. اهـ.

وقال النووي في المجموع (5/ 320): رواه احمد بن حنبل وابن ماجه بإسناد صحيح وليس في رواية ابن ماجه بعد دفنه. اهـ.

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 53): هذا إسناد صحيح رجال الطريق الأولى على شرط البخاري والطريق الثانية على شرط مسلم رواه أحمد بن منيع في مسنده، حدثنا هشيم فذكره بإسناده ومتنه. اهـ.

والحديث صححه النووي في المجموع 5/ 2710 وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (1308): صحيح. اهـ.

* * *

ص: 605

(420)

خبر أنس لا عقر في الإسلام. رواه أحمد بإسناد صحيح.

أخرجه أبو داود- الجنائز- باب كراهية الذبح، عن القبر- (3222)، والترمذي (1601)، والنسائي 4/ 16، وفي الكبرى (19910)، وابن ماجه (1885)، وأحمد 3/ 197 (13063)، وعبد بن حميد (1253 و 1256) كلهم من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس، قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء، حين بايعهن، أن لا ينحن، فقلن: يا رسول الله، إن نساء أسعدننا في الجاهلية، أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا إسعاد في الإسلام، ولا شغار، ولا عقر في الإسلام، ولا جلب في الإسلام، ولا جنب، ومن انتهب فليس منا ..

ورواه عن عبد الرزاق كل من أحمد، وعبد بن حميد، ويحيى بن موسى البلخي، والحسين بن مهدي، ومحمود بن غيلان، وإسحاق.

- وفي رواية: لا شغار في الإسلام. - وفي رواية: من انتهب فليس منا. ليس فيه: أبان، وغير واحد.

قلت: ظاهر إسناده الصحة، لهذا صححه الأئمة المتأخرين لكن الأئمة أعلوا الحديث، وأخشى أن يكون وقع غلط من عبد الرزاق أو ثابت، لهذا توقفت في الحكم علة الحديث. قال ابن طاهر المقدسي في أطراف الغرائب والأفراد 2/ 53 (739): تفرد به معمر، عن ثابت عنه ولا نعلم رواه عنه غير عبد الرازق. اهـ.

وقال البزار في مسنده 2/ 321 (6918): وهذا الحديث لا نعلم رواه، عن ثابت إلا معمر. اهـ.

ص: 606

وقال ابن أبي حاتم في علله 1/ 370 (1096): قال أبي: هذا حديث منكر جدا. اهـ.

وقال ابن الملقن فى البدر المنير (5/ 491): رواه النسائي في سننه ثم قال: إنه خطأ فاحش والصواب حديث بشر. يعني حديث عمران؛ ذكره في النكاح، وقال الترمذي: سألت محمدا عنه فقال: لا أعرفه إلا من حديث عبد الرزاق، ولا أعلم أحدا رواه عن ثابت غير معمر، وربما قال عبد الرزاق في هذا الحديث، عن معمر، عن ثابت وأبان، عن أنس. اهـ.

وقال البوصيري في إتحاف الخيرة 4/ 102 (3236): وهو إسناد صحيح على شرط مسلم. اهـ.

وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد (5/ 483): رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. اهـ.

وقال الشيخ الألباني: (صحيح). اهـ. انظر حديث رقم: (7168) في صحيح الجامع.

* * *

ص: 607

‌فصل: زيارة القبور

(421)

قوله صلى الله عليه وسلم: كنت نهيتكم، عن زيارة القبور فزوروها. رواه مسلم والترمذي، وزاد فإنها تذكر الآخرة.

أخرجه مسلم- الجنائز- 3/ 65 (2220)، وأبو داود- الجنائز- باب في زيارة القبور- 3235 و 3698 والنسائي- الجنائز- باب زيارة القبور- 4/ 89 و 8/ 31، وفي الكبرى (1720 و 5142)، وأحمد 5/ 350 (23346)، وفي (23393)، وفي 5/ 356 (23403) كلهم من طريق عبدالله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهيتكم، عن زيارة القبور، فزوروها، ونهيتكم، عن لحوم الأضاحي، أن تمسكوها فوق ثلاث، فأمسكوها ما بدا لكم، ونهيتكم، عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكرا.

زاد الترمذي- الجنائز- باب ما جاء في الرخصة في زيارة القبور- (1054): فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر الآخرة.

وروى ابن ماجه (1571)، والحاكم 1/ 530 كلاهما من طريق ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن عبدالله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت نهيتكم، عن زيارة القبور فزوروها؛ فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة هذا لفظ ابن ماجه.

وعند الحاكم بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني كنت نهيتكم، عن زيارة القبور وأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث وعن نبيذ الأوعية ألا فزوروا القبور،

ص: 608

فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة وكلوا لحوم الأضاحي وأبقوا ما شئتم؛ فإنما نهيتكم عنه إذا الخير قليل توسعه على الناس ألا أن وعاء لا يحرم شيئا فإن كل مسكر حرام.

قلت: رجاله ثقات غير أيوب بن هانئ الكوفي مختلف فيه فقد ضعفه ابن معين وقواه أبو حاتم وقد سكت، عن الحديث الحاكم. وقال الذهبي في التلخيص: أيوب ضعفه ابن معين. اهـ. وقال أبو حاتم: صالح. اهـ.

وقال البوصيري في الزوائد 1/ 278: إسناده حسن وأيوب بن هانئ مختلف فيه، وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم. اهـ. وقال ابن عدي: لا أعرفه. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 124: فيه أيوب بن هانئ مختلف فيه. اهـ.

وروى أحمد 3/ 237 (13521)، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني يحيى بن الحارث الجابر، عن عبد الوارث مولى أنس، وعمرو بن عامر، عن أنس بن مالك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن زيارة القبور، وعن لحوم الأضاحي بعد ثلاث، وعن النبيذ في الدباء، والنقير، والحنتم، والمزفت. قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: ألا إني قد كنت نهيتكم، عن ثلاث، ثم بدا لي فيهن: نهيتكم، عن زيارة القبور، ثم بدا لي أنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، فزوروها، ولا تقولوا هجرا، ونهيتكم، عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها فوق ثلاث ليال، ثم بدا لي أن الناس يتحفون ضيفهم، ويخبئون لغائبهم، فأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم، عن النبيذ في هذه الأوعية، فاشربوا بما شئتم، ولا تشربوا مسكرا، فمن شاء أوكأ

ص: 609

سقاءه على إثم.

وأخرجه أحمد 3/ 250 (13650) قال: حدثنا عفان، حدثنا أبو الأحوص، عن يحيى بن الحارث التيمي، عن عمرو بن عامر، عن أنس بن مالك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ثلاث: عن زيارة القبور، وعن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وعن هذه الأنبذة في الأوعية. قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: ألا إني كنت نهيتكم، عن ثلاث، نهيتكم، عن زيارة القبور، ثم بدا لي أنها ترق القلوب، وتدمع العين، فزوروها، ولا تقولوا هجرا، ونهيتكم، عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ثم بدا لي أن الناس يبتغون أدمهم، ويتحفون ضيفهم، ويرفعون لغائبهم، فكلوا، وأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن هذه الأوعية فاشربوا فيما شئتم، من شاء أو كأسقاءه على إثم. ليس فيه: عبد الوارث.

قال الهيثمى في مجمع الزوائد 5/ 100 (8157): فيه يحيى بن عبدالله الجابر، وقد ضعفه الجمهور، وقال أحمد: لا بأس به، وبقية رجاله ثقات. اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير 5/ 343 (86): فيه يحيى الجابر، وقد ضعفوه. اهـ.

وروى ابن ماجه (1570) قال: حدثنا إبراهيم بن سعد الجوهري ثنا روح ثنا بسطام بن مسلم قال: سمعت أبا التياح قال: سمعت ابن أبي مليكة، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور.

قلت: رجاله ثقات. لهذا قال البوصيري في تعليقه على زوائد ابن ماجه رجال إسناده ثقات؛ لأن بسطام ابن مسلم وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو داود وغيرهم، وباقي رجاله على شرط مسلم. اهـ.

ص: 610

(422)

روى أحمد والترمذي وصححه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن زوارات القبور.

أخرجه الترمذي- الجنائز- باب ما جاء في كراهية زيارة القبور للنساء- (1056)، وابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في النهي، عن زيارة النساء القبور- (1576)، وأحمد 2/ 337، والطيالسي ص 311 - (2358)، وابن حبان كما في الإحسان 5/ 72 - 3168، والبيهقي 4/ 78 - الجنائز- باب ما ورد في نهيهن، عن زيارة القبور، وابن عبد البر في التمهيد 3/ 235 - من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن زائرات القبور.

قلت: رجاله ثقات وعمر بن أبي سلمة مختلف فيه وقد حسن الأئمة حديثه.

قال الترمذي 4/ 12: هذا حديث حسن صحيح. اهـ.

وتعقبه عبد الحق فقال في الأحكام الوسطى 2/ 151: في إسناده عمر بن أبي سلمة وهو ضعيف عندهم، وقد صحح أبو عيسى حديثه هذا. اهـ.

وقال الذهبي في ميزان الاعتدال 3/ 201 في ترجمة: عمر بن أبي سلمة: وقد صحح له الترمذي حديث: عن زوارات القبور فناقشة عبد الحق: وقال عمر ضعيف عندهم. اهـ. وقال الذهبي: وأسرف عبد الحق. اهـ.

قلت: عمرو بن أبي سلمة. قال ابن معين: ضعيف. اهـ. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ. وقال أحمد: ليس به بأس. اهـ. كما في رواية ابن أبي خيثمة. وقال مرة أخرى: روى عن زهير أحاديث بواطيل كأنه سمعها

ص: 611

من صدقة بن عبدالله فغلط فقلبها، عن زهير. اهـ. وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي. اهـ. قال أبو حاتم: وهو عندي صالح الحديث. اهـ.

ونقل ابن عبد الهادي في المحرر 1/ 329، عن ابن القطان أنه حسنه. اهـ. وهو الأظهر لأنه إذا لم يكن حديث عمرو بن سلمة يصل إلى درجة الحسن فالحديث يحسن لشواهده، عن ابن عباس وحسان بن ثابت كما سيأتي.

وقد أجاب شيخ الإسلام، عن تضعيف هذا الحديث كما في الفتاوى 24/ 349 - 350 فقال: عن عمر بن أبي سلمة عدله طائفة من العلماء كما جرحه آخرون؛ فقد قال فيه أحمد بن عبدالله العجلي: ليس به بأس، وكذلك قال يحيى بن معين: ليس به بأس، وابن معين وأبو حاتم من أصعب الناس تزكية؛ أما قول من قال: تركه شعبة فمعناه أنه لم يرو عنه كما قال أحمد بن حنبل لم يسمع شعبة من عمر بن أبي سلمة شيئا، وشعبة ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ومالك، ونحوهم قد كانوا يتركون الحديث، عن أناس لنوع شبهة بلغتهم لا توجب رد أخبارهم فهم إذا رووا، عن شخص كانت روايتهم تعديلا له، وأما ترك الرواية فقد يكون لشبهة لا توجب الجرح، وهذا معروف في غير واحد قد خرج له في الصحيح وكذلك قول من قال ليس بقوي في الحديث عبارة لينة تقتضي أنه ربما كان في حفظه بعض التغير، ومثل هذه العبارة لا تقتضي عندهم تعمد الكذب، ولا مبالغة في الغلط. اهـ.

وقال أيضا رحمه الله: أن حديث مثل هؤلاء يدخل في الحسن الذي يحتج به جمهور العلماء؛ فإذا صححه من صححه كالترمذي وغيره، ولم يكن فيه من الجرح إلا ما ذكر، كان أقل أحواله أن يكون من الحسن، وقال أيضا: الوجه الثالث: أن يقال قد روي من وجهين مختلفين أحدهما، عن ابن عباس

ص: 612

والآخر، عن أبي هريرة، ورجال هذا ليس رجال هذا فلم يأخذه أحدهما، عن الآخر، وليس في الإسنادين من يتهم بالكذب، وإنما التضعيف من جهة سوء الحفظ، ومثل هذا حجة بلا ريب، وهذا من أجود الحسن الذي شرطه الترمذي. اهـ.

وروى أبو داود (3236)، والترمذي (320)، وابن ماجه (1575)، والنسائي 4/ 95، وأحمد 1/ 229، وابن حبان في الموارد (788)، والحاكم 1/ 530، والبيهقي 4/ 78 كلهم من طريق محمد بن جحادة قال: سمعت أبا صالح يحدث، عن ابن عباس قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج.

قال الحاكم 1/ 530: أبو صالح هذا ليس بالسمان المحتج به إنما هو باذان ولم يحتج به الشيخان لكن حديثه متداول فيما بين الأئمة ووجدت له متابعا من حديث سفيان الثوري في متن الحديث فخرجته. اهـ.

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى 2/ 151: هذا يرويه أبو صالح الكلبي وهو عندهم ضعيف جدا .... اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب 10/ 344 فجزم ابن حبان في الصحيح أن اسم أبي صالح هذا ميزان. وقال الحافظ أيضا: ولم يذكر المزي ميزان هذا؛ لأنه مبني على أن أبا صالح المذكور في الحديث هو مولى أم هانئ كما صرح بذلك في الأطراف ويؤيده أن علي بن مسلم الطوسي روى هذا الحديث، عن شعيب، عن محمد بن حجادة سمعت أبا صالح مولى أم هانئ فذكر الحديث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجزم بكونه مولى أم هانئ الحاكم وعبدالحق في الأحكام وابن القطان وابن عساكر والمنذري وابن دحية

ص: 613

وغيرهم، والله تعالى أعلم. اهـ.

وقال الحافظ في التلخيص الحبير 2/ 145: رواه أحمد وأصحاب السنن والبزار وابن حبان والحاكم من رواية أبي صالح عنه الجمهور على أن أبا صالح هو مولى أم هانئ وهو ضعيف، وأغرب ابن حبان فقال: أبو صالح راوي هذا الحديث اسمه ميزان، وليس هو مولى أم هانئ. اهـ.

وقال عبدالله ابن الإمام أحمد في العلل (5435): سألت أبي، عن حديث محمد بن حجادة قال: حدثني أبو صالح، عن ابن عباس قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور. قلت لأبي: من أبو صالح هذا؟ قال: أبو صالح باذام. اهـ. وباذام أبو صالح مولى أم هانئ قال أحمد: كان ابن مهدي ترك حديث أبي صالح. اهـ. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن معين: ليس به بأس. اهـ. وضعفه عبد الحق، وقال النسائي: ليس بثقة. اهـ. وقال الجوزقاني: متروك. اهـ.

وقد حسن الحديث الترمذي 2/ 40.

وقال الألباني في الضعيفة 1/ 394: هو ضعيف عند جمهور النقاد، ولم يوثقه أحد إلا العجلي وحده كما قال الحافظ في التهذيب؛ بل كذبه إسماعيل بن أبي خالد والأزدي، ثم قال: فمن هذا حاله لا يحسن تحسين حديثه كما فعل الترمذي فكيف تصحيحه. اهـ.

والحديث قواه شيخ الإسلام في الفتاوى 24/ 350 فقال: أما أبو صالح فقد قال يحيى ابن سعيد القطان: لم أر أحدا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أم هانئ، وما سمعت أحدا من الناس يقول فيه شيئا، ولم يتركه شعبة ولا زائدة فهذه رواية شعبة عنه تعديل له؛ كما عرف من عادة شعبة، وترك ابن

ص: 614

مهدي له لا يعارض ذلك؛ فإن يحيى بن سعيد أعلم بالرجال من ابن مهدي وأمثاله، وأما قول أبي حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به؛ فأبو حاتم يقول: مثل هذا في كثير من رجال الصحيحين، وذلك أن شرطه في التعديل صعب والحجة في اصطلاحه ليس هو الحجة في جمهور أهل العلم. اهـ.

وسبق نقل كلامه بتمامه في الحديث السابق.

والحديث ضعفه الألباني في الإرواء 3/ 212 وأعله بأبي صالح مولى أم هانئ فقال: قد ضعفه جمهور العلماء ولم يوثقه أحد إلا العجلي وحده كما قال الحافظ في التهذيب؛ بل كذبه إسماعيل بن أبي خالد والأزدي ووصمه بعضهم بالتدليس. اهـ.

وقال في تمام المنة ص 297: هذا الحديث على شهرته ضعيف الإسناد فإنه من رواية أبي صالح باذام، عن ابن عباس وباذام ضعفه الجمهور بل اتهمه بعضهم بالكذب. اهـ.

وقد اختلف في إسناده فروى من مسند أبي هريرة. قال الدارقطني في العلل 8/ رقم (1510): يرويه محمد بن جحادة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وغيره يرويه، عن ابن جحادة، عن أبي صالح، عن ابن عباس منهم شعبة وعبد الوارث وهو الصواب. اهـ.

وروى ابن ماجه (1574) وأحمد 3/ 442 (15742) كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن عبدالله بن عثمان بن خثيم، عن عبدالرحمن بن بهمان، عن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت، عن أبيه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور.

ورواه عن سفيان كل من معاوية، وقبيصة، وعبيد، والفريابي.

ص: 615

قال البوصيرى فى مصباح الزجاجة (2/ 44): هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. اهـ.

وقال الألباني في الإرواء (3/ 233): ابن بهمان لم يرو عنه غير ابن خيثم هذا، ولذلك قال ابن المدينى لا تعرفه، وأما ابن حبان فذكره فى الثقات على قاعدته، ووافقه العجلى، وقال الحافظ فى التقريب: مقبول يعنى عند المتابعة، فالحديث صحيح لغيره، والله أعلم. اهـ.

* * *

ص: 616

(423)

يسن أن يقول إذا زارها أو مر بها: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتتنا بعدهم واغفر لنا ولهم) للأخبار الوردة في ذلك.

رواه مسلم 1/ 218 - الطهارة- 39، وأبو داود- الجنائز- باب ما يقول إذا زار القبور أو مر بها- (3237)، والنسائي 1/ 94 - الطهارة- باب حلية الوضوء- (150)، وابن ماجه- الزهد- باب ذكر الحوض- (3406)، كلهم من طريق عطاء بن يسار، عن عائشة؛ أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وآتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد.

ورواه مسلم 2/ 669 - 671 من طريق عبدالله بن كثير بن عبد المطلب؛ أنه سمع محمد بن قيس يقول: سمعت عائشة تحدث؛ فقالت: ألا أحدثكم، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعني قلنا: بلى

وفيه قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى البقيع وفيه قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فاستغفر لهم قالت قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون.

وروى مسلم 1/ 218، وابن ماجه (4306)، والنسائي 1/ 93، وأحمد 2/ 30، 408، وابن خزيمة (6)، وابن حبان 3/ 321 كلهم من طريق العلاء،

ص: 617

عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين. وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي. وإخواننا الذين لم يأتوا بعد. فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله! فقال: أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم. ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء. وأنا فرطهم على الحوض. إلا ليذادن رجال، عن حوضي كما يذاد البعير الضال. أناديهم. ألا هلم! فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول: سحقا سحقا.

ونحوه حديث بريدة بن الحصيب: أخرجه مسلم 2/ 671 - الجنائز- 104، والنسائي 4/ 94 - الجنائز- باب الأمر بالاستغفار للمؤمنين- (2040)، وابن ماجه 1/ 494 - الجنائز- باب ما جاء فيما يقال إذا دخل المقابر- 1547، وأحمد 5/ 353، 359 - 360.

* * *

ص: 618

(424)

روى ابن ماجه وإسناده ثقات، عن عمرو بن حزم مرفوعا: ما مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة.

أخرجه ابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في ثواب من عزى مصابا- (1601)، وعبد بن حميد 1/ 259 - 287، والفسوي في المعرفة والتاريخ 1/ 331 - 332، والبيهقي 4/ 59 - الجنائز- باب ما يستحب من تعزية أهل الميت رجاء الأجر في تعزيتهم- من طريق قيس أبي عمارة، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة.

قال النووى فى الأذكار: إسناده حسن. أ. هـ.

قلت: رجال الإسناد على شرط مسلم، غير قيس أبا عمارة، ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي في الكاشف ثقة، وقال البخاري: فيه نظر، وقال الحافظ في التقريب 2/ 130: فيه لين. اهـ.

وقال ابن الملقن في تحفة المحتاج ص 455: رواه ابن ماجه بإسناد كل رجاله ثقات احتج بهم في الصحيح إلا رجلا واحدا وهو قيس أبو عمارة مولى الأنصار فذكره ابن حبان في ثقاته. اهـ.

وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه 2/ 50 - 51: هذا إسناد فيه مقال قيس أبو عمارة ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الكاشف: ثقة، وقال البخاري: فيه نظر. اهـ.

وقال الألباني في السلسلة الضعيفة 2/ 77: وهذا سند ضعيف من أجل

ص: 619

قيس هذا. قال البخاري: فيه نظر. وذكره العقيلي في الضعفاء وأورد له حديثين وقال: لا يتابع عليهما، أحدهما هذا. وأما ابن حبان فذكره في الثقات فلا يلتفت إليه، بعد جرح إمام الأئمة له، ولهذا قال الحافظ في ترجمته من التقريب: فيه لين. فمن العجائب أن يسكت الحافظ على الحديث في التلخيص (5/ 252)، وتبعه على ذلك السيوطي في اللآلي (2/ 424)، وأعجب منه قول النووي في الأذكار (188): إسناده حسن وأقره المناوي! ولعل النووي تنبه فيما بعد لعلته فلم يورده في الرياض. والله أعلم. اهـ.

وفيه علة أخرى وهي الانقطاع فإن أبا بكر محمد بن عمرو بن حزم لم يدرك جده عمرو بن حزم فروايته عنه منقطعة. انظر: جامع التحصيل في أحكام المراسيل للعلائي ص 306.

* * *

ص: 620

(425)

قول أنس: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعيناه تدمعان.

رواه البخاري (1342)، والبغوي في شرح السنة 5/ 394 كلاهما من طريق فليح بن سليمان، حدثنا هلال بن علي، عن أنس قال: شهدت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان فقال: هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا. قال: فأنزل في قبرها، فنزل في قبرها فقبرها. قال ابن مبارك قال فليح: أراه يعني الذنب. قال أبو عبدالله ليقترفوا أي ليكتسبوا. وله عدة الفاظ.

وقال البغوي في شرح السنة 5/ 395 قوله: لم يقارف أي لم يذنب، وقيل: أي لم يقرب أهله، بدليل أنه ذكر الليل، والغالب من ذلك الفعل وقوعه بالليل. اهـ.

وبهذا جزم ابن حزم، وقال: معاذ الله أن يتبجح أبو طلحة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم يذنب تلك الليلة.

وقال الحافظ: يقويه أن في رواية ثابت المذكورة في التاريخ الأوسط والحاكم في المستدرك بلفظ: لا يدخل القبر أحد قارف أهله البارحة فتنحى عثمان.

ورواه البخاري 2/ 8، 93 - الجنائز- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه، وباب من يدخل قبر المرأة، وأحمد 3/ 126، 228، الطحاوي في مشكل الآثار 3/ 204، والبيهقي 4/ 53 - الجنائز- باب الميت يدخله قبره الرجال، من طرق من حديث أنس بن مالك في قصة دفن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 621

وروى أحمد 1/ 85 (648)، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا شرحبيل بن مدرك، عن عبدالله بن نجي، عن أبيه، نجي، أنه سار مع علي، وكان صاحب مطهرته، فلما حاذى نينوى، وهو منطلق إلى صفين، فنادى علي: اصبر أبا عبد الله، اصبر أبا عبد الله، بشط الفرات، قلت: وماذا؟ قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، ذات يوم، وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله، أغضبك أحد، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات، قال: فقال: هل لك إلى أن أشمك من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا.

قال البزار في مسنده (884): وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. اهـ.

وقال البوصيري في إتحاف الخيرة (6754): رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل، وأبو يعلى بسند صحيح. اهـ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 300): رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني ورجاله ثقات ولم ينفرد نجي بهذا. اهـ.

وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (1171): قلت: وهذا إسناد ضعيف، نجي والد عبدالله لا يدرى من هو كما قال الذهبي ولم يوثقه غير ابن حبان وابنه أشهر منه، فمن صحح هذا الإسناد فقد وهم. والحديث قال الهيثمي (9/ 187): رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني ورجاله ثقات ولم ينفرد نجي بهذا. اهـ.

قلت: يعني أن له شواهد تقويه وهو كذلك.

ص: 622

وروى الترمذي (989)، وابن ماجه (1456)، وأبو داود (3163)، والبيهقي 3/ 407 والبغوي في شرح السنة 3/ 302 كلهم من طريق سفيان الثوري، عن عاصم بن عبيدالله، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مضعون وهو ميت وهو يبكي أو قال: عيناه تذرفان هذا لفظ الترمذي.

وعند ابن ماجه: فكأني أنظر إلى دموعه تسيل على خديه.

وعند أبي داود: حتى رأيت الدموع تسيل.

وعند البيهقي: حتى رأيت الدموع تسيل على وجنتيه.

قال الترمذي 3/ 369: حديث حسن صحيح. اهـ.

قلت: عاصم بن عبيدالله بن عاصم بن عمر بن الخطاب تكلم فيه. قال أبو حاتم: منكر الحديث، مضطرب الحديث ليس له حديث يعتمد عليه وما أقربه من ابن عقيل. اهـ. وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ.

وقال النسائي: لا أعلم مالكا روى عن إنسان ضعيف مشهور به بالضعف إلا عاصم ابن عبيدالله. اهـ. وقال يعقوب بن شيبة، عن أحمد: حديثه وحديث ابن عقيل إلى الضعف ما هو. اهـ. وقال علي: سمعت عبدالرحمن ينكر حديثه أشد الإنكار. اهـ. وقال الدارقطني: مدني يترك وهو مغفل. اهـ. وقال أبو داود: عاصم لا يكتب حديثه. اهـ.

وبه أعله الألباني رحمه الله في الإرواء 3/ 157.

* * *

ص: 623

(426)

قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا- وأشار إلى لسانه- أو يرحم. متفق عليه.

رواه البخاري (1304)، ومسلم 2/ 636 كلاهما من طريق عمرو بن الحارث، عن سعيد بن الحارث الأنصاري، عن عبدالله بن عمر قال: اشتكى سعد بن عباده شكوى له؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبدالرحمن ابن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود؛ فلما دخل عليه وجده في غشية؛ فقال: أقد قضى؟ قالوا: لا يا رسول الله؛ فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا؛ فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا، وأشار إلى لسانه أو يرحم زاد البخاري وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه.

ورواه البخاري 2/ 85 - الجنائز- باب البكاء عند المريض، ومسلم 2/ 636 - الجنائز- (12)، وابن حبان كما في الإحسان 5/ 64 - (3149)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 292 - الكراهية- باب البكاء على الميت، وابن حزم في المحلى 5/ 148، والبيهقي 4/ 69 - الجنائز- باب الرخصة في البكاء بلا ندب ولا نياحة، والبغوي في شرح السنة 5/ 429 - 430 - الجنائز- باب البكاء على الميت- (1529) من حديث عبدالله بن عمر بنحوه.

* * *

ص: 624

(427)

لما في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية.

أخرجه البخاري 1297 - (1298) - الجنائز- باب ليس منا من شق الجيوب، وباب ليس منا من ضرب الخدود، وباب ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة، - المناقب- ما ينهى من دعوى الجاهلية، ومسلم 1/ 99 - الإيمان- (165)، والترمذي- الجنائز- باب ما جاء في النهي، عن ضرب الخدود- (999)، والنسائي 4/ 2، 21 - الجنائز- باب ضرب الخدود، وباب شق الجيوب- (1862، 1864)، وابن ماجه- الجنائز- باب ما جاء في النهي، عن ضرب الخدود وشق الجيوب- (1584)، وأحمد 1/ 386، 432، 442، 456، 465، من طريق مسروق، عن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. واللفظ لمسلم.

وروى البخاري (1296)، ومسلم 1/ 100 كلاهما من طريق يحيى بن حمزة، عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، أن القاسم بن مخيمرة حدثه قال: حدثني أبو بردة بن أبي موسى قال: وجع أبو موسى وجعا فغشى عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله؛ فصاحت امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق. قال: أنا بريء مما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة.

وروى البزار في مختصر زوائده على الكتب الستة والمسند 1/ 348 من طريق إسماعيل ابن أبي فديك قال أخبرني عيسى بن أبي عيسى، عن الشعبي،

ص: 625

عن علقمة، عن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النوح.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 14: فيه عيسى بن أبي عيسى الحناط وهو ضعيف. اهـ.

وروى الترمذي (1005)، وعبد بن حميد (1006) كلاهما من طريق ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن جابر، قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبدالرحمن بن عوف، فخرج به إلى النخل، فأتي بإبراهيم، وهو يجود بنفسه، فوضع في حجره، فقال: يا بني، لا أملك لك من الله شيئا، وذرفت عينه، فقال له عبد الرحمن: تبكي يا رسول الله! أو لم تنه، عن البكاء؟ قال: إنما نهيت، عن النوح، عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نغمة لهو ولعب، ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة، خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان، إنما هذه رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم، يا إبراهيم، لولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وسبيل مأتية، وإن آخرنا ليلحق أولانا، لحزنا عليك حزنا أشد من هذا، وإنا بك لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب.

ورواه عن ابن أبي ليلي كل من عبيد الله بن موسى، وعيسى بن يونس.

قال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 361): وقد عرفت أنه من رواية ابن أبي ليلى، وهو ضعيف. اهـ.

وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (2157): ابن أبي ليلى سيء الحفظ، فالظاهر أنه يعني أنه حسن لغيره لطرقه، وقد وقفت منها على حديث أنس بإسناد حسن سبق تخريجه برقم (427)، ووجدت له طريقا أخرى عنه. اهـ.

* * *

ص: 626

(428)

أنه صلى الله عليه وسلم، بريء من الصالقة والحالقة والشاقة.

رواه البخاري- الجنائز- باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة، (1296) ومسلم- الإيمان- 1/ 100 كلاهما من طريق يحيى بن حمزة، عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، أن القاسم بن مخيمرة حدثه قال: حدثني أبو بردة بن أبي موسى قال: وجع أبو موسى وجعا فغشى عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله؛ فصاحت امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق. قال: أنا بريء مما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة.

وروى البزار في مختصر زوائده على الكتب الستة والمسند 1/ 348 من طريق إسماعيل ابن أبي فديك قال أخبرني عيسى بن أبي عيسى، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النوح.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 14: فيه عيسى بن أبي عيسى الحناط وهو ضعيف. اهـ.

* * *

ص: 627

(429)

وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة.

لم أقف عليه عند مسلم، وعزاه الحافظ ابن إلى أبي داود. وقد أخرجه أبو داود- الجنائز- باب في النوح- (3128)، وأحمد 3/ 65، والبيهقي 4/ 63 - الجنائز- باب ما ورد في التغليظ في النياحة، والبغوي في شرح السنة 5/ 439 - كلهم من طريق محمد بن الحسن بن عطية العوفي، عن أبيه، عن جده، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة.

قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته آل عطية العوفي الثلاثة؛ فأما محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي. فقد قال عنه الحسين بن الحسن الرازي، عن ابن معين: ثقة. اهـ. وقال أبو زرعة: لين الحديث. اهـ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. اهـ. وقال البخاري: لم يصح حديثه .. اهـ. وقال أبو جعفر العقيلي: مضطرب الحفظ .. اهـ. وقال ابن حبان: كوفي منكر الحديث جدا. اهـ. وقال الذهبي: ضعفوه ولم يترك. اهـ.

وأما والده الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي فقد قال أبو حاتم عنه: ضعيف الحديث. اهـ. وقال ابن حبان في الثقات: أحاديثه ليست بنقية. اهـ. وقال البخاري: ليس بذاك. اهـ. وقال ابن حبان: منكر الحديث فلا أدري البلية منه أو من ابنه أو منهما معا. اهـ.

وأما والده عطية العوفي، وهو ضعيف.

قال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 363): من حديث محمد بن الحسن بن عطية، عن أبيه، عن جده عطية وهو العوفي، عن أبي سعيد الخدري: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة ورواه أحمد في مسنده

ص: 628

أيضا، وهؤلاء الثلاثة ضعفاء: محمد بن الحسن، ووالده، وجده، قال ابن أبي حاتم في علله: سألت أبي، عن هذا الحديث، فقال: حديث منكر، ومحمد بن الحسن بن عطية وأبوه وجده ضعفاء الحديث. اهـ.

وروى ابن ماجه (1582) قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا عمر بن راشد اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النياحة على الميت من أمر الجاهلية فإن النائحة إن لم تتب قبل أن تموت فإنها تبعث يوم القيامة عليها سرابيل من قطران ثم يعلى عليها بدروع من لهب النار.

قال ابن أبي حاتم في علله (1063): قال أبي: هذا حديث منكر يعني بهذا الإسناد، وعمر بن راشد ضعيف الحديث. اهـ.

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 45): هذا إسناد ضعيف عمر بن راشد قال فيه الإمام أحمد حديثه ضعيف ليس بمستقيم وقال ابن معين ضعيف وقال البخاري حديثه، عن يحيى بن أبي كثير مضطرب ليس بالقائم وقال ابن حبان يضع الحديث لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه وقال الدارقطني في العلل متروك. اهـ.

وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (1286): صحيح. اهـ.

ورواه الطبراني في الكبير 11/ 145 - (11309)، والبزار، كما في مختصر الزوائد للحافظ ابن حجر 1/ 348 - (562) من طريق الصباح أبي عبدالله الفراء، عن جابر الجعفي، عن عطاء، عن ابن عباس.

والصباح ضعيف، وجابر الجعفي أشد ضعفا منه.

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 13، وقال: رواه البزار والطبراني في

ص: 629

الكبير، وفيه الصباح أبو عبد الله، ولم أجد من ذكره. اهـ.

وروى البيهقي 4/ 63 من طريق سهل بن محمد بن سليمان رحمه الله إملاء، حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا أبو عتبة: أحمد بن الفرج، حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا أبو عائذ وهو عفير بن معدان، حدثنا عطاء بن أبى رباح: أنه كان عند ابن عمر وهو يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة والحالقة والسالقة والواشمة والموتشمة. وقال: ليس للنساء فى اتباع الجنائز أجر.

قلت: في إسناده عفير بن معدان وهو ضعيف جدا.

وروى ابن عدي في الكامل 5/ 1687 من حديث أبي هريرة. بنحوه.

وقال: حديث غير محفوظ وعطاء بن يزيد- راوي الحديث- منكر الحديث ورواية الحسن البصري، عن أبي هريرة مرسلة على الصحيح. اهـ.

* * *

ص: 630