الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الرَّضاع
1 - باب ما جاءَ: يَحْرُمُ مِن الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ من النَّسَبِ
1179 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنيعِ، قال: حَدَّثَنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، قال: حَدَّثَنا عليُّ بن زَيدٍ، عن سَعيدٍ بن المُسَيَّبِ
عن عليِّ بن أبي طالبٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله حَرَّمَ من الرَّضَاعِ ما حَرَّمَ من النَّسَبِ"
(1)
.
في البابِ عن عائِشةَ، وابن عَبَّاسٍ، وأُمِّ حَبِيبةَ
(2)
.
1180 -
حَدَّثَنا محمد بن بشار، قالَ: حَدَّثَنا يَحيى بنُ سَعيدٍ، قال: حَدَّثَنا مالكٌ بن أنس (ح)
وحَدَّثَنا إسحاقُ بن مُوسى الأنْصاريُّ، قالَ: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قال: حَدَّثَنا
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد، وهو ابن جُدعان، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5438)، وهو في "المسند"(1098).
وله شاهد من حديث ابن عباس عند البخاري (2645)، ومسلم (1447)، وهو في "المسند"(2490)، وحديث عائشة التالي.
(2)
زاد بعد هذا في (أ) و (د): هذا حديث حسن صحيح، وقد جاءت في عامّة الأصول بعد الحكم على حديث عائشة التالي.
مالكٌ، عن عبد الله بن دينارٍ، عن سُلَيْمانَ بن يَسارٍ، عن عُروةَ بن الزُّبَيرِ
عن عائِشةَ، قالت: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ حَرَّمَ من الرَّضَاعةِ ما حَرَّمَ من الولادةِ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
وحديث علي حديث حسن صحيح.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ عامة أهْلِ العلمِ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرهِم، لا نَعلمُ بَينَهُم في ذلك اختلافًا.
2 - باب ما جاءَ في لَبنِ الفَحْلِ
1181 -
حَدَّثنا الحَسنُ بن عليٍّ، قال: حَدَّثَنا ابنُ نُمَيرٍ، عن هشامِ بنِ عُرْوةَ، عن أبيهِ
عن عائشةَ، قالت: جاءَ عمِّي من الرَّضاعَة يستأذِنُ عَلَيَّ، فأبَيْتُ أن آذَنَ له حتى أسْتأمِرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"فليَلِجْ عَليكِ، فإنَّه عَمُّكِ". قالت: إنما أرضَعَتني المرأةُ ولم يُرْضِعني الرَّجلُ. قال: "فإنَّهُ عَمُّك، فليَلِجْ عَليكِ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2626)، ومسلم (1444)، وأبو داود (2055)، والنسائي 6/ 98 - 99 و 99، وهو في "المسند"(24170)، و"صحيح ابن حبان"(4223).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2644)، ومسلم (1445)، وأبو داود (2057)، وابن ماجه (1948) و (1949)، والنسائي 6/ 99 و 103 و 104، وهو في "المسند"(24054)، و"صحيح ابن حبان"(4219) و (4220) و (5799).
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ بَعْضِ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم، كَرهوا لَبَنَ الفَحْلِ
(1)
، والأصْلُ في هذا حَديثُ عائشةَ.
وقد رَخَّصَ بعضُ أهلِ العلمِ في لَبَنِ الفَحلِ.
والقَولُ الأوَّلُ أصَّحُّ.
1182 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قالَ: حَدَّثَنا مالكُ بن أنس (ح)
وحَدَّثَنا الأنْصاريُّ، قال: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قال: حَدَّثَنا مالكُ بن أنس، عن ابن شِهابٍ، عن عَمرو بن الشَّريدِ
عن ابن عباسٍ: أنَّه سُئِلَ عن رَجلٍ له جاريتانِ، أرضَعَت إحداهُما جَاريةً والأُخْرَى غُلامًا، أيَحِلُّ للغُلامِ أن يَتَزوَّجَ بالجَاريةِ؟ فقالَ: لا. اللِّقاحُ واحدٌ
(2)
.
وهذا تفسيرُ لَبنِ الفَحْلِ، وهذا الأصلُ في هذا البابِ، وهو
(1)
قال في "النهاية" 4/ 227: "إن لبن الفحل يحرِّم": يريدُ بالفحل الرجل تكون له امرأة ولدت منه ولدًا ولها لبن، فكل من أرضعته من الأطفال بهذا اللبن فهو مُحرَّم على الزوج وإخوته وأولاده منها، ومن غيرها، لأن اللبن للزوج حيث هو سببه، وهذا مذهب الجماعة. وقال المسيب والنَّخَعي: لا يُحَرِّم وانظر "الفتح" 9/ 151 - 152.
(2)
أثر صحيح، أخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 602 - 603، وعبد الرزاق (13942)، وسعيد بن منصور في "سننه"(966)، والدارقطني 4/ 179، والبيهقي 7/ 453.
قَولُ أحمدَ، وإسحاقَ.
3 - باب ما جاءَ لا تُحَرِّمُ المَصَّةُ والمَصَّتانِ
1183 -
حَدَّثَنا مُحمدُ بنُ عَبد الأعلَى
(1)
الصَّنْعانِيُّ، قال: حَدَّثَنا المُعْتَمِرُ بن سُليمانَ، قال: سَمِعتُ أيُّوبَ يُحَدِّثُ، عن عبد الله بن أبي مُلَيكةَ، عن عبد الله بن الزُّبَير
عن عائِشةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تحَرِّمُ المصَّةُ ولا المَصَّتانِ"
(2)
.
وفي البابِ عن أُمِّ الفَضْلِ، وأبي هُريرَةَ، والزُّبَير، وابن الزُّبير.
ورَوَى غيرُ واحدٍ هذا الحديثَ عن هِشام بن عُروَةَ، عن أبيه
عن عبد الله بن الزُّبَيرِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تحَرِّمُ المَصَّةُ والمَصَّتانِ".
ورَوى محمدُ بن دينارٍ، عن هِشامِ بن عُروةَ، عن أبيهِ، عن عبد الله بن الزُّبير
عن الزُّبير، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم. وزَادَ فيه محمدُ بن دينارٍ عن الزُّبيرِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(3)
وهو غَيرُ مَحفوظٍ.
(1)
في الأصول: علي، وهو خطأ.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1450)، وأبو داود (2063)، وابن ماجه (1941)، والنسائي 6/ 101، وهو في "المسند"(24026)، و"صحيح ابن حبان"(4228).
(3)
قوله: عن النبي صلى الله عليه وسلم، ليس في (ب)، وهذه الرواية أخرجها ابن حبان في =
والصحيحُ عندَ أهلِ الحَديثِ حَديثُ ابنِ أبي مُليكةَ، عن عبد الله بن الزُّبيرِ، عن عائشةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
حَديثُ عائشةَ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ
(1)
.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ بَعْضِ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم.
وقالَت عائشَةُ: أُنْزِلَ في القرآنِ "عَشْرُ رَضعاتٍ مَعْلوماتٍ"، فَنُسخَ من ذلك خَمْسٌ وصارَ إلى "خَمسِ رَضعاتٍ مَعْلوماتٍ"، فتُوفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والأمْرُ على ذلك.
1184 -
وحَدَّثَنا بذلك إسحاقُ بن مُوسى الأنصاريُّ، قال: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قال: حَدَّثَنا مالكٌ، عن عبد الله بن أبي بكْرٍ، عن عَمْرَةَ، عن عائِشةَ بهذا
(2)
.
= "صحيحه"(4226).
(1)
زاد بعد هذا في المطبوع ما نصه: وسألت محمدًا عن هذا فقال: الصحيح عن ابن الزبير، عن عائشة، وحديث محمد بن دينار وزاد فيه عن الزبير، وإنما هو هشام بن عروة، عن أبيه عن الزبير، وليس هو في شيء من أصولنا الخطية.
(2)
رجاله ثقات رجال الشيخين، وأخرجه مسلم (1452)، وأبو داود (2062)، وابن ماجه (1942)، والنسائي 6/ 100.
قال الباجي في "المنتقى" 4/ 156: هذا الذي ذكرت عائشة رضي الله عنها أنه نزل من القرآن مما أخبرت عنه أنه ناسخ أو منسوخ، لا يثبت قرآنًا، لأن القرآن لا يثبت إلا بالخبر المتواتر، وأما خبر الآحاد، فلا يثبت به قرآن، وهذا من أخبار الآحاد الداخلة في جملة الغرائب، فلا يثبت بمثله قرآن، وإذا لم يثبت بمثله قرآن، =
وبهذا كانت عائشةُ تُفتِي وبَعضُ أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو قَولُ الشافِعيِّ، وإسحاقَ.
وقالَ أحمدُ بحديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "لا تُحَرِّمُ المَصَّةُ ولا المَصَّتانِ" وقالَ إن ذَهَبَ ذاهِبٌ إلى قَولِ عائشةَ في خَمسِ رَضعاتٍ فهو مذهبٌ قَويٌّ، وجَبُنَ عنه أن يقولَ فيه شيئًا.
وقالَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم: يُحَرّمُ قَليلُ الرَّضاعِ وكثيرهُ إذا وَصَلَ إلى الجَوفِ، وهو قَولُ سُفيانَ الثَّوريِّ، ومالكِ بن أنسٍ، والأوزاعيِّ، وعبد الله بن المباركِ،
= فمن مذهبنا أن من ادعى فيه أنه قرآن وتضمن حكمًا، فإنه لا يثبت ذلك الحكم إلا أن يثبت بما يثبت به القرآن من الخبر المتواتر، لأن ذلك الحكم ثبوته فرع عن ثبوت الخبر قرآنًا.
قال الإمام مالك: "وليس العمل على هذا" قال الزرقاني في "شرح الموطأ" 3/ 249: بل على التحريم، ولو بمصة وصلت للجوف عملًا بظاهر القرآن وأحاديث الرضاع، وبهذا قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة وعلماء الأمصار، حتى قال الليث: أجمع المسلمون أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر الصائم. حكاه في "التمهيد" 8/ 268.
ومن المقرر أنه إذا كان علماء الصحابة، وأئمة الأمصار، وجهابذة المحدثين قد تركوا العمل بحديثٍ مع روايتهم له، ومعرفتهم به كهذا الحديث، فإنما تركوه لعلة كنسخ أو معارض يوجب تركه، فيرجع إلى ظاهر القرآن والأخبار المطلقة، وإلى قاعدة هي أصل في الشريعة، وهي أنه متى حصل اشتباه في قصة كان الاحتياط فيها أبرأ للذمة، وأنه متى تعارض مانع ومبيح قدم المانع لأنه أحوط. قلت: وانظر "الجوهر النقي" 7/ 454 - 456.
ووكيعٍ، وأهلِ الكُوفةِ.
4 - باب ما جاءَ في شهادةِ المَرأةِ الوَاحِدةِ في الرَّضَاعِ
1185 -
حَدَّثَنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: حَدَّثَنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، عن أيُّوبَ، عن عبد الله بن أبي مُليكَةَ، قال: حَدَّثَني عُبيد بن أبي مَريَمَ
عن عُقْبةَ بن الحارثِ، قال: وسَمِعتُهُ من عُقبَةَ، ولكني لحديثِ عُبيدٍ أحْفظُ، قال: تَزَوَّجتُ امرأةً، فجَاءَتنا امرأةٌ سَوداءُ، فقالت: إنِّي قَد أرْضَعتُكما، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقُلتُ: تَزَوَّجتُ فُلانةَ بنتَ فلانٍ، فجاءَتنا امرأةٌ سَوداءُ، فقالَت: إنِّي قد أرْضَعتُكما وهي كاذِبةٌ. قالَ: فأعرَضَ عنِّي، قالَ: فأتَيتُهُ من قِبَلِ وَجهِهِ، فقُلتُ: إنها كاذبةٌ، قالَ:"وكَيفَ بها وقَد زَعَمَتْ أنَّها قد أرْضَعَتكُما، دَعها عَنكَ"
(1)
.
حَديثُ عُقْبةَ بن الحارث حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
وقَد رَوَى غَيرُ واحدٍ هذا الحديثَ عن ابن أبي مُليكةَ، عن عُقبةَ بن الحارثِ، ولم يَذكُرُوا فيه: عن عُبيد بن أبي مَريَمَ، ولم
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5104)، وأبو داود (3604)، والنسائي 6/ 109، وهو في "المسند"(16148).
تنبيه: وقع بعد هذا الحديث في المطبوع: "وفي الباب عن ابن عمر"، ولم يرد في أصولنا الخطية.
يَذكروا فيه: "دَعْها عَنكَ"
(1)
.
والعَملُ على هذا الحَدِيثِ عندَ بَعْضِ أهْلِ العِلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهمْ، أجَازُوا شَهَادةَ المَرْأةِ الوَاحدةِ في الرَّضَاعِ.
وقالَ ابنُ عباسٍ: تَجوزُ شَهادةُ امرأةٍ واحدةٍ في الرَّضَاعِ، وتُؤخَذُ يَمينُها، وبه يقولُ أحمدُ، وإسْحاقُ.
وقَد قالَ بَعضُ أهلِ العلم: لا تَجوزُ شهادةُ امرأةٍ واحِدةٍ في الرضاع حتى تكونَ أكثرَ، وهو قولُ الشافِعِيِّ.
وعبد الله بن أبي مُلَيْكَة: هو عبدُ الله بن عُبيد الله بن أبي مُلَيكة، ويكنى أبا محمد، وكان عبد الله بن الزبير قد استقضاه على الطائف، وقال ابن جريج عن ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
سَمِعتُ الجَارودَ يقولُ: سَمِعتُ وَكيعًا يقولُ: لا تَجوزُ شهادةُ امرأةٍ واحدةٍ في الرضاع في الحُكْمِ، ويُفارِقُها في الوَرَعِ.
5 - باب ما جاءَ أنَّ الرَّضَاعةَ لا تُحَرِّمُ إلا في الصِّغَر دُونَ الحَوْلينِ
1186 -
حَدَّثَنا قُتَيبةُ، قالَ: حَدَّثَنا أبو عَوَانةَ، عن هِشامِ بن عُروَةَ، عن فاطمَةَ بنتِ المُنذِر
عن أُم سَلَمَة، قالَت: قالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُحَرِّمُ مِن
(1)
أخرجه كذلك البخاري (88)، و (2052) و (2640)، والنسائي في "الكبرى"(6027)، وهو في "المسند"(16149)، و"صحيح ابن حبان"(4216).
الرَّضَاعةِ إلَّا ما فَتَقَ الأمْعَاءَ في الثَّدي، وكانَ قَبْلَ الفطامِ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم؛ أنَّ الرَّضَاعةَ لا تُحَرِّمُ إلَّا ما كَانَ دُونَ الحَولينِ، وما كانَ بعدَ الحَولينِ الكَامِلَينِ، فإنَّه لا يُحَرِّمُ شَيئًا.
وفاطِمةُ بنتُ المُنْذرِ بن الزُّبير بن العَوَّامِ، وهي امرأةُ هِشام بن عُرْوَةَ.
6 - باب ما جاءَ ما يُذْهِبُ مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ
1187 -
حَدَّثَنا قُتَيبةُ، قالَ: حَدَّثَنا حاتِمُ بنُ إسماعيلَ، عن هِشامِ بن عُروَةَ، عن أبيهِ، عَن حَجَّاجِ بن حَجَّاجٍ الأسْلَمِيِّ
عن أبيهِ، أنَّه سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسولَ الله ما يُذهِبُ عَنِّي مذَمَّةَ الرَّضَاعِ؟ فقالَ: "غُرَّةٌ: عَبْدٌ أو أمَةٌ"
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه ابن حبان (4224)، والطبراني في "الأوسط"(7513).
(2)
إسناده محتمل للتحسين. حجاج بن حجاج الأسلمي لم يرو عنه غير عروة بن الزبير، وقد ترجم له البخاري في "تاريخه" وأبو حاتم، فلم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، ووثقه العجلي وابن حبان، وقال الذهبي في "الميزان": صدوق، وباقي رجال الإسناد ثقات.
وأخرجه أبو داود (2064)، والنسائي في "المجتبى" 6/ 108، وفي "الكبرى"(5483)، وهو في "المسند"(15733)، و"صحيح ابن حبان"(4230) و (4231).
هكذا رَوَاهُ يَحيى بن سَعيدٍ القَطَّانُ، وحَاتِمُ بن إسماعيلَ، وغَيرُ واحدٍ عن هِشامِ بن عُروَةَ، عن أبيهِ، عن حَجَّاجِ بن حَجَّاجِ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ورَوَى سُفيانُ بن عُيَيْنةَ، عن هِشامِ بن عُرْوَةَ، عن أبيهِ، عن حَجَّاجِ بن أبي حَجَّاجٍ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وحَديثُ ابنِ عُيَينةَ غَيرُ مَحفوظٍ.
والصَحيحُ ما رَوَى هؤلاءِ عن هِشامِ بن عُروَةَ، عن أبيهِ.
وهِشامُ بن عُروَةَ يُكْنى أبا المُنذِرِ، وقد أدْرَكَ جَابِرَ بن عبد الله، وابنَ عُمرَ.
قال: ومَعنَى قولِهِ: "ما يُذْهِبُ عنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ؟ "، يقولُ: إنما يَعني به ذِمامَ الرَّضاعةِ وحَقَّها، يقولُ: إذا أعطيتَ المُرْضِعَةَ عَبْدًا أو أمَةً، فقد قَضَيتَ ذِمامَهَا.
ويُروى عن أبي الطُّفَيلِ، قالَ: كُنتُ جالِسًا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذ أقبَلَتِ امرأةٌ، فبَسَطَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم رداءَهُ حتَّى قَعَدَت عليهِ، فلمَّا ذَهَبَت قيلَ: هذه كانَتْ أرْضَعَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
(1)
أخرجه أبو داود (5144)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1295)، والحاكم 3/ 618، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(212)، من طريق جعفر بن يحيى بن عمارة بن ثوبان، عن عمارة بن ثوبان، عن أبي الطفيل
…
وصححه ابن حبان (4232). وأبو الطفيل: هو عامر بن واثلة الليثي الكناني، رأى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يطوف بالبيت
…
وهو آخر الصحابة موتًا، وكان من أصحاب علي رضي الله عنه.
7 - باب ما جاءَ في الأمَة تُعْتَقُ ولَها زَوْجٌ
1188 -
حَدَّثَنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبَرَنا جَريرُ بن عبد الحميدِ، عن هِشامِ بن عُروةَ، عن أبيه
عن عائشةَ، قالت: كان زَوجُ بَريرةَ عَبْدًا، فَخيَّرَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاخْتارَت نَفسَهَا، ولو كانَ حُرًّا لم يُخَيِّرْها
(1)
.
1189 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن الأعْمَشِ، عن إبراهيمَ، عن الأسْوَدِ
عن عائِشةَ، قالت: كان زَوجُ بَريرةَ حُرًّا
(2)
فَخَيَّرَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
حَديثُ عائِشَةَ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
هكذا رَوَى هِشامُ بن عروة، عن أبيهِ، عن عائِشةَ، قالت: كانَ زَوجُ بريرةَ عَبدًا.
ورَوَى عِكْرِمةُ عن ابن عَباسٍ، قال: رأيتُ زَوْجَ بَريرةَ، وكان
(1)
إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم (1504)(9)، والنسائي 6/ 164 و 165، وأبو داود (2233)، وهو في "مسند أحمد"(25367)، و"صحيح ابن حبان"(4272).
(2)
حديث صحيح، وقوله:"كان زوج بريرة حرًا"، قال الحافظ في "الفتح" 9/ 411: مُدرجٌ من قول الأسود، أدرج في أول الخبر وهو نادر، فإن الأكثر أن يكون في آخره، وعلى تقدير أن يكون موصولًا فترجح رواية من قال:"كان عبدًا" بالكثرة. وهو في "المسند" برقم (24150)، وانظر تمام الكلام عليه فيه.
عَبدًا يُقالُ له: مُغيثٌ
(1)
.
وهكذا رُوِيَ عن ابنِ عُمرَ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ بَعْضِ أهْل العلمِ؛ وقالوا: إذا كانت الأمَةُ تَحتَ الحُرِّ فأُعْتِقَت، فلا خِيارَ لها؛ وإنما يكونُ لها الخِيارُ إذا أُعْتِقَت وكانت تحتَ عَبدٍ، وهو قولُ الشافِعِيِّ، وأحمَدَ، وإسحاقَ.
ورَوَى غير واحد عن الأعْمشُ، عن إبراهيمَ، عن الأسْودِ، عن عائشةَ، قالت: كانَ زَوجُ بَريرةَ حُرًّا، فخَيَّرَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
ورَوَى أبو عَوانةَ هذا الحديثَ عن الأعْمَشِ، عن إبراهيمَ، عن الأسْوَدِ، عن عائشةَ، في قصة بريرة. قالَ الأسْوَدُ: وكانَ زَوجُها حُرًّا
(2)
.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ بَعْضِ أهْل العلمِ من التَّابِعينَ ومن بَعدَهُم، وهو قَولُ سُفيانَ الثَّوريِّ، وأهلِ الكوفةِ.
(1)
صحيح، وأخرجه أحمد (1844)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(2)
أخرجه البخاري (6754) حدثنا موسى، حدثنا أبو عوانة، عن منصور، عن إبراهيم .. وفي آخره: قال البخاري: وقول الأسود منقطع، وقول ابن عباس رأيته عبدًا أصح. وقوله: قول الأسود منقطع، أي: لم يصله بذكر عائشة فيه، وقول ابن عباس أصح لأنه ذكر أنه رآه، وقد صح أنه حضر القصة وشاهدها فيترجح قوله على قول من لم يشهدها، فإن الأسود لم يدخل المدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ: ويستفاد من تعبير البخاري: قول الأسود منقطع جواز إطلاق المنقطع في موضع المرسل.
1190 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا عَبدَةُ، عن سعيدٍ، عن أيُّوبَ وقَتادَةَ، عن عِكْرمةَ
عن ابنِ عباسٍ: أنَّ زَوْجَ بَريرَةَ كانَ عَبْدًا أسوَدَ لبَني المُغيرةِ، يومَ أُعْتِقَت بَريرَةُ، والله لكأنِّي به في طُرُق المدينةِ ونَواحِيها، وإنَّ دموعَه لتَسِيلُ على لِحْيَتِهِ، يتَرضَّاها لتَخْتارَهُ، فلَم تفعَلْ
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
وسعيدُ بن أبي عَروبةَ: هو سَعيدُ بن مِهْرانَ، ويُكْنَى أبا النَّضْرِ.
8 - باب ما جاءَ أنَّ الوَلَدَ للفِراشِ
1191 -
حَدَّثَنا أحمَدُ بن مَنِيعٍ، قالَ: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن الزُّهريِّ، عن سَعيدِ بن المُسَيَّبِ
عن أبي هرُيرَةَ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الوَلدُ للفِراشِ وللعَاهرِ الحَجَرُ"
(2)
.
وفي البابِ عن عُمَرَ، وعثمانَ، وعائشةَ، وأبي أُمامةَ، وعَمرو بن خَارِجة، وعبد الله بن عمرٍو، والبَرَاء بن عَازِبٍ، وزَيد بن
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5280 - 5283)، وأبو داود (2231) و (2232)، وابن ماجه (2075)، والنسائي 8/ 245 - 246، وهو في "المسند"(1844)، و"صحيح ابن حبان"(4270) و (4273).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6750)، ومسلم (1458)، وابن ماجه (2006)، والنسائي 6/ 180، وهو في "المسند"(7262).
أرْقَمَ.
حَديثُ أبي هُرَيرَةَ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
وقد رَوَاهُ الزُّهريُّ، عن سعيدِ بن المُسَيِّبِ، وأبي سَلَمَة، عن أبي هُرَيرةَ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أهْل العلمِ.
9 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يَرَى المَرأةَ فَتُعْجِبهُ
1192 -
حَدَّثَنا مُحَمدُ بن بشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عبد الأعْلى بن عبد الأعلى، قال: حَدَّثَنا هشامُ بن أبي عبد الله - وهو الدَّستُوائي - عن أبي الزُّبيرِ
عن جَابرٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى امرأةً، فدَخَلَ على زينبَ، فقضَى حَاجَتَهُ وخَرَجَ، وقال:"إنَّ المرأةَ إذا أقْبَلَتْ، أقْبَلَتْ في صورةِ شَيْطانٍ، فإذا رَأى أحدُكم امرأةً فأعْجَبَتهُ، فليَأتِ أهْلَهُ، فإنَّ مَعَهَا مثلَ الذي مَعَها"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن مَسْعودٍ.
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه مسلم (1403)، وأبو داود (2151)، والنسائي في "الكبرى"(9121)، وهو في "المسند"(14537)، و"صحيح ابن حبان"(5572) و (5573).
وله شاهد من حديث أبي كبشة عند أحمد في "المسند"(18028)، وإسناده حسن.
وآخر من حديث عبد الله بن مسعود عند الدارمي (2215)، والبخاري في "التاريخ" 5/ 69، والبيهقي في "الشعب"(5436)، وروي مرفوعًا وموقوفًا.
حَديثُ جَابرٍ حديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ غَريبٌ.
وهِشامُ بن أبي عبد الله: هو صاحب الدَّسْتُوائي، هو هِشامُ بن سَنْبَرٍ.
10 - باب ما جاءَ في حَقِّ الزوجِ على المَرأةِ
1193 -
حَدَّثَنا مَحْمودُ بن غَيْلانَ، قال: حَدَّثَنا النَّضْرُ بن شُمَيلٍ، قال: أخبَرَنا مُحَمدُ بن عَمرو، عن أبي سَلَمةَ
عن أبي هُرَيرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لو كُنْتُ آمِرًا أحَدًا أن يَسْجُدَ لأحَدٍ، لأمَرْتُ المَرْأةَ أن تَسْجُدَ لزَوْجِها"
(1)
.
وفي البابِ عن مُعَاذِ بن جَبَلٍ، وسُراقَةَ بن مالكِ بن جُعْشُمٍ، وعائِشةَ، وابن عبَّاسٍ، وعبد الله بن أبي أوْفَى، وطَلْقِ بنِ عليٍّ، وأُمِّ سَلَمَةَ، وأنَسٍ، وابنِ عُمَرَ.
حَديثُ أبي هُرَيرَةَ حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ من هذا الوجهِ، من حَديثِ مُحمَّدِ بن عَمرٍو، عن أبي سَلمَةَ، عن أبي هُرَيرَةَ.
1194 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قالَ: حَدَّثَنا مُلازِمُ بن عَمرو، قال: حَدَّثَني عبدُ الله بن بَدْرٍ، عن قَيْسِ بن طَلْقٍ
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه البزار (1466 - كشف الأستار)، وابن حبان (4162)، والحاكم 4/ 171 - 172.
وله شاهد من حديث أنس عند أحمد (12614) وإسناده قوي. وانظر تتمة شواهده فيه وفي "صحيح ابن حبان".
عن أبيهِ طَلْقِ بن عليٍّ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ، فلتَأتِهِ، وإنْ كانَتْ على التَّنُّورِ"
(1)
هذا حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ.
1195 -
حَدَّثَنا واصِلُ بن عبد الأعْلى، قالَ: حَدَّثَنا مُحمَّدُ بن فُضَيلٍ، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن أبي نَصْرٍ، عن مُساوِرٍ الحِمْيَريِّ، عن أُمِّهِ
عن أمِّ سَلَمةَ، قالَت: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّمَا امْرَأةٍ ماتَتْ وزَوجُها عنهَا رَاضٍ، دَخَلَتِ الجَنَّةَ"
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ.
11 - باب ما جاءَ في حَقِّ المَرأةِ على زَوْجِها
1196 -
حدَّثَنا أبو كُرَيبٍ محمد بن العلاء، قال: حَدَّثَنا عَبدةُ بنُ سُلَيمانَ، عن مُحمَّدِ بن عمرٍو، قال: حَدَّثَنا أبو سَلَمَةَ
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أكْمَلُ المؤمنينَ إيمانًا أحْسَنُهُم خُلُقًا، وخِيارُكم خِيارُكم لنِسائِهِم"
(3)
.
وفي البابِ عن عائِشَةَ، وابن عباسٍ.
(1)
حديث حسن، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(8971)، وهو في "المسند"(16288)، و"صحيح ابن حبان"(4165).
(2)
إسناده ضعيف لجهالة مساور وأمه، وأخرجه ابن ماجه (1854).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4682)، وهو في "المسند"(7402)، و"صحيح ابن حبان"(4176). ورواية أبي داود مختصرة بالشطر الأول منه.
وفي الباب عن عائشة سيأتي برقم (3895).
حديثُ أبي هُرَيرَةَ هذا، حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
1197 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بن عليٍّ الخَلالُ، قالَ: حَدَّثَنا الحُسينُ بن عليٍّ الجُعْفيُّ، عن زائدةَ، عن شَبيبِ بن غَرقَدَةَ، عن سُليمانَ بن عَمْرو بن الأحْوصِ، قالَ:
حَدَّثَني أبي أنَّه شَهِدَ حَجة الوَدَاعِ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فحَمِدَ الله وأثْنى عليهِ، وذَكّرَ ووَعَظَ، فذَكَرَ في الحديثِ قِصَّةً، فقالَ:"ألا واسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا، فإنَّما هُنَّ عَوانٍ عِنْدَكُم، لَيسَ تمْلِكُونَ منهُنَّ شَيئًا غَيرَ ذلك، إلا أن يأتينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنةٍ، فإن فَعَلنَ، فاهجُرُوهُنَّ في المَضاجِعِ، واضْرِبوهنَّ ضَرْبًا غَير مُبَرِّحٍ، فإن أطَعْنكُم فلا تَبْغوا عَليهنَّ سَبيلًا، ألا إنَّ لكم على نسائِكُم حَقًا، ولِنسائِكم عليْكُم حَقًّا، فأمَّا حَقُّكُم على نِسائِكم، فلا يوطِئنَ فُرُشَكم من تَكْرهونَ ولا يأذَنَّ في بُيُوتِكم لمَن تَكْرَهونَ، ألا وحَقُّهُنَّ عليْكُم أن تُحْسِنوا إليهِنَّ في كِسوَتِهِنَّ وطَعَامِهنَّ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ. ومعنى قَولِهِ: "عَوانٍ
(2)
عِندكم" يعني أسْرَى في أيديكُم.
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه ابن ماجه (1851) وهو في "شرح مشكل الآثار"(2524)، وسيأتي ضمن حديث مطول برقم (3341)، وانظر "المسند"(15507).
ويشهد لمعظمه حديث جابر عند مسلم (1218).
(2)
العواني: النساء لأنهن يُظلمن فلا يَنتصِرن، وقال ابن الأثير في تفسير الحديث، أي: أُسَراء أو كالأسراء، الواحدة: عانية.
12 - باب ما جاءَ في كراهِيةِ
(1)
إتْيانِ النِّساءِ في أدبارِهِنَّ
1198 -
حَدَّثَنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ وهَنَّادٌ، قالا: حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن عاصِمٍ الأحْولِ، عن عيسى بن حِطَّانَ، عن مُسْلم بن سَلَّامٍ
عن عليِّ بن طَلْقٍ، قالَ: أتَى أعْرابيٌّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يا رسولَ الله الرَّجلُ منَّا يكونُ في الفَلاةِ، فتكونُ منه الرُّوَيحةُ، ويكونُ في الماء قِلةٌ؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إذا فَسَا أحَدُكُمْ فليَتَوضأْ، ولا تأتُوا النِّساءَ في أعْجَازِهِنَّ، فإنَّ الله لا يَسْتَحْيي من الحَقِّ"
(2)
.
وفي البابِ عن عُمرَ، وخُزَيمَةَ بن ثابتٍ، وابن عباسٍ، وأبي هُرَيرَةَ.
(1)
قد ذكرنا في المقدمة أن الترمذي يُطلق الكراهية على الحرام، كما هو مذهب الأئمة المتقدمين.
(2)
حديث صحيح بشقيه، وهذا إسناد ضعيف، مسلم بن سلام لم يرو عنه غير واحد فهو مجهول الحال، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (205) و (1005)، والنسائي (9024) و (9025) و (9026) وهو في "المسند"(655) و"صحيح ابن حبان"(2237).
وله شاهد في الوضوء من الريح من حديث أبي هريرة عند أحمد (8369).
وفي النهي عن إتيان النساء في "أدبارهن" شواهد من حديث أنس عند النسائي (9009)، ومن حديث خزيمة بن ثابت عند أحمد (21854)، وصححه ابن حبان (4198)، ومن حديث ابن عباس عند المصنف (1200)، ومن حديث عمر عند النسائي (9009)، ومن حديث أبي هريرة عند النسائي (9010)، والرويحة: تصغير الريحة والمراد بها: الريح القليل الخارج من المسلك المعتاد.
حَديثُ عليِّ بن طَلْقٍ حَديثٌ حَسَنٌ.
سَمعتُ محمدًا يقولُ: لا أعْرفُ لعَلِيِّ بن طَلْقٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم غيرَ هذا الحَديثِ الوَاحدِ، ولا أعْرفُ هذا الحَديثَ من حَديثِ طَلْقِ بن عَليٍّ السُّحَيْميِّ.
وكأنَّه رَأى أنَّ هذا رَجُلٌ آخرُ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ورَوَى وَكيعٌ هذا الحديثَ.
1199 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ وغَيرُ واحدٍ، قالوا: حَدَّثَنا وَكيعٌ، عن عبد الملكِ بن مُسْلِمٍ وهو ابنُ سَلَّامٍ، عن أبيهِ
عن عليٍّ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فَسَا أحَدُكُم فليَتَوضأْ، ولا تأتُوا النِّساءَ في أعْجازِهِنَّ"
(1)
.
وعَليٌّ هذا: هو عليُّ بن طَلْق.
1200 -
حَدَّثَنا أبو سعيدٍ الأشَجُّ، قال: حَدَّثَنا أبو خالدٍ الأحْمرُ، عن الضَّحَّاكِ بن عثْمانَ، عن مَخْرَمَةَ بن سُليمانَ، عن كُرَيبٍ
عن ابن عباسٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنظُرُ اللهُ إلى رَجُلٍ أتى رَجُلًا أو امرأةً في الدُّبُرِ"
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ.
(1)
انظر ما قبله.
(2)
إسناده حسن، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(9001)، وصححه ابن حبان (4204).
13 - باب ما جاءَ في كراهيةِ خُرُوجِ النِّساءِ في الزِّينةِ
1201 -
حَدَّثَنا عليُّ بن خَشْرمٍ، قالَ: أخْبَرَنا عيسى بن يُونُسَ، عن مُوسى بن عُبَيْدةَ، عن أيُّوبَ بن خالدٍ
عن مَيْمونةَ ابنة سَعدٍ، وكانتْ خادمًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالت: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الرافِلَةِ في الزِّينَةِ في غيرِ أهْلِها، كمَثَلِ ظُلْمةِ يومِ القِيامةِ، لا نُورَ لَهَا"
(1)
.
هذا حَديثٌ لا نَعْرِفهُ إلّا من حَديث مُوسى بن عُبيدةَ، وموسى بن عُبيدةَ يُضَعَّفُ في الحَديثِ من قبل حِفظِهِ، وهو صَدوقٌ، وقد رَوَى عنه شُعْبةُ والثَّوريُّ.
وقد رَوَاهُ بعضُهُم عن موسى بن عُبَيدةَ. ولم يَرفَعْهُ.
14 - باب ما جاءَ في الغَيْرَةِ
1202 -
حَدَّثَنا حُمَيدُ بن مَسْعَدَةَ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ بن حَبيبٍ، عن الحَجَّاج الصوَّافِ، عن يَحيَى بن أبي كَثيرٍ، عن أبي سَلَمَةَ
عن أبي هُرَيرَةَ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ يَغارُ،
(1)
إسناد ضعيف لضعف موسى بن عُبيدة، وهو الربذي، وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3439)، والطبراني 25/ (70)، وأبو الشيخ في "الأمثال"(266).
والمؤمِنُ يَغارُ، وغيرةُ الله أن يَأتِيَ المؤْمنُ ما حَرَّمَ عَلَيه"
(1)
.
وفي البابِ عن عائشةَ، وَعَبد اللهِ بن عُمرَ.
حَديثُ أبي هُرَيرَةَ حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ.
وقد رُويَ عن يَحيى بن أبي كَثيرٍ، عن أبي سَلَمةَ، عن عُرْوَةَ، عن أسْماءَ ابنْة أبي بَكْرٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، هذا الحَديثُ
(2)
، وكِلا الحَديثَينِ صَحيحٌ.
وحَجَّاجٌ الصوَّافُ: هو حَجَّاجُ بن أبي عُثمانَ، وأبو عُثْمانَ: اسمُهُ مَيْسَرَة، وحَجَّاجٌ يُكْنَى أبا الصَّلْتِ، وثّقَهُ يَحيى بن سعيدٍ.
حَدَّثَنا أبو بَكْرٍ العطَّارُ، عن عليِّ بن المَدينيِّ، قالَ: سألتُ يَحيى بن سَعيدٍ القطَّانَ عن حَجَّاج الصوَّافِ، فقالَ: فَطِنٌ كَيِّسٌ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5223)، ومسلم (2761)، وهو في "المسند"(8519)، و"صحيح ابن حبان"(293).
والغيرة، قال عياض وغيره: هي مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين.
هذا في حق الآدمي، وأما في حق الله تعالى، فقال الخطابي: أحسن ما يُفسر به ما فسر في حديث أبي هريرة (يعني هذا الحديث) وهو قوله: وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرَّم عليه.
(2)
أخرجه البخاري (5222)، ومسلم (2762)، وهو في "المسند"(26943).
15 - باب ما جاءَ في كراهِيةِ أن تُسافِرَ المَرأةُ وحْدَها
1203 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قالَ: حَدَّثَنا أبو مُعاوية، عن الأعْمَشِ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي سَعيدٍ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لامرَأةٍ تؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ، أن تُسَافرَ سَفَرًا، يكونُ ثَلاثةَ أيَّامٍ فصاعِدًا، إلَّا ومَعَها أبُوها أو أخُوهَا أو زَوْجُهَا أو ابنُها أو ذو مَحْرَمٍ مِنْها"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُرَيرةَ، وابن عبَّاسٍ، وابن عُمَرَ.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
ورُويَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قالَ: "لا تُسافِرُ امرأةٌ مَسِيرَةَ يَومٍ ولَيلَةٍ، إلَّا مع ذي مَحْرَمٍ"
(2)
.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أهْل العلمِ؛ يَكرَهونَ للمَرْأةِ أن تُسافرَ إلَّا مع ذي مَحْرَمٍ.
واختَلَفَ أهْلُ العلمِ في المَرأةِ إذا كانَتْ مُوسِرَةً، ولم يكُنْ لها
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1340)، وأبو داود (1726)، وابن ماجه (2898)، وهو في "المسند"(11040) و (11515)، و"صحيح ابن حبان"(2719).
(2)
هو حديث أبي هريرة الآتي.
مَحْرَمٌ، هل تَحُجُّ؟
فقالَ بعضُ أهْلِ العِلمِ: لا يَجِبُ عَليها الحَجُّ، لأنَّ المَحْرَمَ من السَّبيلِ، لقَولِ الله:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]. فقالوا: إذا لَم يكُن لها مَحْرَم، فلم تَسْتَطِعْ إليهِ سَبيلًا، وهو قَولُ سُفيانَ الثَّوريِّ، وأهْلِ الكُوفةِ.
وقالَ بعضُ أهْلِ العلمِ: إذا كانَ الطريقُ آمنًا، فإنها تَخرُجُ مَعَ النَّاسِ في الحَجِّ، وهو قَولُ مَالك بن أنس، والشافعيِّ.
1204 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بن عليٍّ الخَلَّالُ، قالَ: حَدَّثَنا بِشْرُ بن عُمَرَ، قالَ: حَدَّثَنا مَالِكُ بن أنَس، عن سَعيدٍ بن أبي سَعيدٍ، عن أبيه
عن أبي هُرَيرةَ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُسافِرُ امرَأةٌ مَسيرَةَ يَومٍ ولَيلةٍ، إلَّا ومَعَها ذو مَحْرَمٍ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
16 - باب ما جاءَ في كَراهِيةِ الدُّخولِ على المُغِيْباتِ
1205 -
حَدَّثَنا قُتَيبةُ، قالَ: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن يزيدَ بن أبي حَبيبٍ، عن أبي الخَيْرِ
عن عُقبةَ بن عامِرٍ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إيَّاكُم والدُّخولَ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (1088)، ومسلم (1339)، وأبو داود (1723 - 1725)، وابن ماجه (2899)، وهو في "المسند"(7414)، و"صحيح ابن حبان"(2725) و (2726).
على النِّساءِ". فقال رجُلٌ من الأنْصارِ: يا رسولَ الله أفرأيتَ الحَموَ؟ قال: "الحَمْوُ المَوتُ"
(1)
.
وفي البابِ عن عُمَرَ، وَجَابرٍ، وعَمرِو بن العاصِ.
حَديثُ عُقْبةَ بن عامِرٍ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
وإنَّما معنى كراهية الدُّخولِ على النِّساء، على نَحو ما رُويَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامرأةٍ، إلَّا كانَ ثالِثهُما الشَّيطانُ"
(2)
.
ومعنى قولِهِ: "الحَمْوُ" يُقالُ: الحَمْوُ هو أخُو الزَّوجِ، كأنه كَرهَ لهُ أن يَخْلوَ بها.
17 - باب
1206 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بن عليٍّ، قالَ: حَدَّثَنا عيسى بن يُونُسَ، عن مُجالِدٍ، عن الشَّعبيِّ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5232)، ومسلم (2172)، والنسائي في "الكبرى"(9216)، وهو في "المسند"(17347)، و"صحيح ابن حبان"(5588).
قال النووي في "شرح مسلم" 14/ 154: اتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخته وابن أخيه وابن عمه ونحوهم.
والمراد بالحمو هنا: أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم ونحوهم ممن ليس بمحرم.
(2)
حديث صحيح، سيأتي من حديث عمر بن الخطاب برقم (2304).
عن جابرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:"لا تَلِجُوا عَلى المُغِيبَاتِ، فإنَّ الشَّيْطانَ يَجْري من أحَدِكُمْ مَجْرى الدَّمِ". قُلنا: ومِنكَ؟ قال: "ومِنّي، ولكنَّ الله أعَانَنِي عَليهِ، فأسلمُ"
(1)
.
هذا حَديثٌ غَريبٌ من هذا الوَجهِ.
وقد تكلَّمَ بعْضُهُم في مَجالِدِ بن سَعيدٍ من قِبَلِ حِفظِهِ. وسَمِعتُ عليَّ بن خَشْرَمٍ يقولُ: قالَ سُفيانُ بن عُيَينةَ في تَفسيرِ قَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "ولكنَّ الله أعانَني عَلَيْهِ فأسلمُ"، يعني: أسلَمُ أنا مِنْهُ.
قالَ سُفيانُ: والشَّيطانُ لا يُسْلِمُ.
"ولا تَلِجُوا على المُغِيباتِ"، والمُغيبةُ: المرأةُ التي يكونُ زَوْجُها غائِبًا، والمُغيباتُ: جماعَةُ المُغيبَةِ.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف مجالد بن سعيد، وقد جمع مجالد في هذا المتن ثلاثة أحاديث صحيحة، الأول:"لا تلجوا على المغيبات"، والثاني:"إن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم"، والثالث:"لكن الله أعانني عليه فأسلم".
وأخرجه أحمد (14324).
ولقوله: "لا تلجوا على المغيبات" شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد (6595)، ومسلم (2173).
ولقوله: "إن الشيطان يجري من آدم مجرى الدم" شاهد من حديث أنس عند أحمد (12592)، ومسلم (2174).
ولقوله: "لكن الله أعانني عليه فأسلم" شاهد من حديث ابن مسعود عند أحمد (3648)، ومسلم (2814).
18 - باب
1207 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن بَشَّارٍ، قالَ: حَدَّثَنا عَمرو بن عاصمٍ، قالَ: حَدَّثَنا هَمَّامٌ، عن قَتادةَ، عن مُوَرِّقٍ، عن أبي الأحْوَصِ
عن عبدِ الله، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:"المَرْأةُ عَوْرةٌ، فإذا خَرَجَتْ، اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطانُ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ غَريبٌ.
19 - باب
1208 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بن عَرَفةَ، قالَ: حَدَّثَنا إسماعيلُ بن عَيَّاشٍ، عن بَحيرِ بن سَعْدٍ، عن خالدِ بن مَعْدانَ، عن كَثيرِ بن مُرَّةَ الحَضْرَمِيِّ
عن مُعاذِ بن جَبَلٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ: "لا تُؤذِي امرأةٌ زَوْجَها في الدُّنيا، إلَّا قالت زَوْجَتُهُ من الحُور العِينِ: لا تُؤْذيهِ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (570)، وهو في "صحيح ابن حبان"(5598) و (5599).
قال المناوي في "فيض القدير" 6/ 346: "استشرفها الشيطان": يعني رفع البصر إليها ليغويها أو يغوي بها، فيوقع أحدَهما أو كلاهما في الفتنة، أو المراد شيطان الإنس، سماه به على التشبيه، بمعنى أن أهل الفسق إذا رأوها بارزةً طمحوا بأبصارهم نحوها، والاستشراف فعلهم، لكن أسند إلى الشيطان لما أشرب في قلوبهم من الفجور، ففعلوا ما فعلوا بإغوائه وتسويله وكونه الباعث عليه، ذكره القاضي. وقال الطيبي: هذا كله خارج عن المقصود، والمعنى المتبادر أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس، فإذا خرجت طمع وأطمع، لأنها حبائله وأعظم فخوخه، وأصل الاستشراف وضع الكف فوق الحاجب، ورفع الرأس للنظر.
قَاتَلَكِ اللهُ، فإنَّما هو عِندَكِ دَخيلٌ، يوشِكُ أن يُفارِقَكِ إلَينا"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ، لا نَعْرِفُهُ إلّا من هذا الوجْهِ.
ورِوايةُ إسماعيلَ بن عَيَّاشٍ عن الشَّاميينَ صالحة، وله عن أهْلِ الحِجازِ وأهْلِ العراقِ مَناكيرُ.
(1)
إسناده حسن، رواية إسماعيل بن عياش عن أهل بلده قوية وهذا منها. وأخرجه ابن ماجه (2014)، وهو في "المسند"(22101).
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الطلاق واللعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء في طَلاقِ السُّنَّةِ
1209 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ بن سعيد، قالَ: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن زَيدٍ، عن أيُّوبَ، عن مُحَمَّدِ بن سِيرينَ، عن يُونُسَ بن جُبَيرٍ، قال:
سألْتُ ابنَ عُمَرَ، عن رجُلٍ طَلَّقَ امرأتَهُ وهي حَائِضٌ، فقالَ: هل تعرفُ عبدَ الله بن عُمرَ؟ فإنَّه طَلَّقَ امرأتَهُ وهي حائِضٌ، فسَألَ عُمرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَهُ أن يُراجِعَها. قالَ: قلتُ: فتَعْتَدُّ بتلك التَّطليقةِ؟ قال: فَمَهْ، أرَأيْتَ إنْ عَجَزَ واسْتَحْمَقَ؟
(1)
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4908) و (5252)، ومسلم (1471)، وأبو داود (2179 - 2185)، وابن ماجه (2019) و (2022)، والنسائي 6/ 141 و 141 - 142 و 212 و 212 - 213 و 213، وهو في "المسند"(4500) و (4025)، و"صحيح ابن حبان"(4263) و (4264)، وانظر ما بعده.
قوله: "فتعتد بتلك التطليقة" أي: أتَعتَدُّ بتلك التطليقة وتحسب في الطلقات الثلاث أم لا.
وقوله: "مه" أي: اسكت، قاله ردعًا له وزجرًا عن التكلم بمثله، إذ كونها تحسب أمرٌ ظاهر لا يحتاج إلى سؤال، سيما بعد الأمر بمراجعته، إذ لا رجعة إلا عن طلاق، ويحتمل أنه استفهام معناه التقرير، أي: ما يكون إن لم يحسب بتلك الطلقة، فأصله ماذا يكون، ثم قلبت الألف هاءً. =
1210 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قالَ: حَدَّثَنا وَكيعٌ، عن سُفْيانَ، عن مُحَمَّدِ بن عَبد الرحمن مَولى آلِ طَلْحَةَ، عن سالِمٍ
عن أبيهِ؛ أنَّهُ طَلَّقَ امرأتَهُ في الحَيْضِ، فسألَ عُمرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ:"مُرْهُ فليُراجِعْها، ثمَّ ليُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أو حَامِلًا"
(1)
.
حَديثُ يُونسُ بن جُبَيرٍ عن ابن عُمَرَ، حَديثٌ حَسنٌ صحيحٌ. وكذلكَ حَديثُ سَالِمٍ عن ابن عُمرَ. وقد رُويَ هذا الحَديثُ من غَير وَجْهٍ عن ابن عُمَرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم، أنَّ طَلاقَ السُّنَّةِ، أن يُطَلِّقَها طاهِرًا من غَيرِ جِماعٍ.
وقالَ بَعْضُهُم: إنْ طَلَّقَهَا ثلاثًا وهيَ طاهِرٌ، فإنَّه يكونُ للسُّنةِ أيْضًا، وهو قَولُ الشافِعيِّ، وأحمَدَ بن حَنْبَلٍ.
وقالَ بَعْضُهُم: لا تكونُ ثَلاثًا للسُّنَّةِ، إلَّا أن يُطَلِّقَها وَاحِدةً، وهو قَولُ سُفيانَ الثَّورِيِّ، وإسحاقَ، وقالُوا في طَلاقِ الحَامِلِ: يُطَلِّقُها مَتى ما شاءَ، وهو قَولُ الشافِعيِّ، وأحمَدَ، وإسْحاقَ.
= "إن عجز" أي: عن الرجعة، أي: أفلم تحسب حينئذ، فإذا حسبت، فتُحسب بعد الرجعة أيضًا، إذ لا أثر للرجعة في إبطال الطلاق نفسه.
"واسْتَحْمَقَ" أي: فَعَل فِعْلَ الجاهل الأحمق بأن أبى عن الرجعة بلا عجز، قالوا: الواو بمعنى "أو" والله تعالى أعلم. انظر حاشية السندي على النسائي 6/ 141 - 142.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1471)(5)، وأبو داود (2181)، وابن ماجه (2023)، والنسائي 6/ 141، وهو في "المسند"(4789).
وقال بَعْضُهُم: يُطَلِّقُها عندَ كُلِّ شَهْرٍ تَطليقَةً.
2 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يُطَلِّق امْرأتَهُ البَتَّةَ
1211 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قالَ: حَدَّثَنا قَبيصَةُ، عن جَريرِ بن حازمٍ، عن الزُّبَيرِ بن سَعيدٍ، عن عبدِ الله بن يَزيدَ بن رُكانَةَ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ، قالَ: أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقُلتُ: يا رسولَ الله إنّي طَلَّقْتُ امْرَأتي البتَّةَ. فقالَ: "ما أرَدْتَ بِها؟ " قُلْتُ: واحِدةً. قالَ: "والله؟ " قُلتُ: والله. قالَ: "فهُوَ ما أرَدْتَ"
(1)
.
هذا حَديثٌ لا نَعْرِفُهُ إلَّا من هذا الوَجْهِ.
وسَألتُ مُحَمَّدًا عن هذا الحَديثِ، فقالَ: فيهِ اضْطِرابٌ، ويُروَى عن عِكْرِمَةَ عن ابنِ عَبَّاسٍ: أنَّ رُكانةَ طَلَّقَ امْرأتَهُ ثَلاثًا
(2)
.
وقد اخْتَلَفَ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم في طَلاقِ البَتَّةِ، فرُوِيَ عن عُمَرَ بن الخَطّابِ أنَّهُ جَعَلَ البَتَّةَ وَاحِدةً، ورُوِيَ عن عَليٍّ أنَّه جَعَلَها ثَلاثًا
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف، الزبير بن سعيد: ضعيف، وعبد الله بن يزيد بن ركانه لم يوثقه غير ابن حبان، وكذا أبوه، وأخرجه أبو داود (2206 - 2208)، وابن ماجه (2051)، وهو في "صحيح ابن حبان"(4274)، وانظر بسط الكلام عليه فيه.
(2)
أخرجه أحمد (2387) من طريق محمد بن إسحاق، حدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، وهذا سند ضعيف، أحاديث داود بن الحصين من عكرمة مناكير، قال ذلك غيرُ واحد من الأئمة.
(3)
أخرجه أحمد (2387) من طريق محمد بن إسحاق حدثني داود بن =
وقالَ بعضُ أهْلِ العِلمِ: فيهِ نيَّةُ الرَّجُلِ إنْ نَوَى وَاحِدةً فَوَاحِدةٌ، وإنْ نَوَى ثَلاثًا فَثَلاثٌ، وإنْ نَوَى ثِنْتَينِ لم تكُنْ إلَّا واحِدةً. وهو قَولُ الثَّوْريِّ، وأهْلِ الكُوفةِ.
وقالَ مالِكُ بن أنَسٍ في البَتَّةِ: إنْ كان قَد دَخَلَ بِها، فَهيَ ثَلاثُ تَطْليقاتٍ.
وقالَ الشافِعيُّ: إنْ نَوَى وَاحِدةً فوَاحِدَةٌ، يَمْلكُ الرَّجْعَةَ، وإنْ نَوَى ثِنْتَينِ فَثِنْتانِ، وإنْ نَوَى ثَلاثًا فثَلاثٌ.
3 - باب ما جاءَ في أمْرُكِ بيَدِكِ
1212 -
حَدَّثَنا عليُّ بن نَصْر بن عليٍّ، قالَ: حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بن حَرْبٍ، قالَ: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن زَيدٍ، قالَ:
قلْتُ لأيُّوبَ: هَل عَلِمْتَ أحَدًا قال في: "أمْرُكِ بيَدِكِ" إِنَّها ثَلاثٌ؟ فقالَ: لا، إلَّا الحَسَنَ. ثم قالَ: اللَّهُمَّ غُفْرًا، إلَّا ما حَدَّثَني قَتادَةُ، عن كَثيرٍ مَوْلَى ابن سَمُرَةَ، عن أبي سَلَمَةَ، عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:"ثَلاثٌ".
قال أيُّوبُ: فلَقيْتُ كَثيرًا مَوْلى ابن سَمُرَةَ، فسَألْتُهُ فلَمْ يَعْرِفْهُ. فرَجَعْتُ إلى قَتادةَ فأخْبَرْتُهُ، فقالَ: نَسِيَ
(1)
.
= الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، وهذا سند ضعيف، أحاديث داود بن الحصين عن عكرمة مناكير، قال ذلك غيرُ واحد من الأئمة.
(1)
رجاله ثقات رجال الصحيح غير كثير بن أبي كثير البصري، فمن رجال أصحاب السنن، وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه العجلي =
هذا حَديثٌ لا نَعْرفُهُ إلَّا مِن حَديثِ سُلَيمان بن حَربٍ عن حَمَّادِ بن زَيْدٍ، وسَألْتُ مُحَمَّدًا عن هذا الحَديثِ، فقال: حَدَّثَنا سُليْمانُ بن حَرْبٍ، عن حَمَّادِ بن زَيْدٍ بهذا، وإنَّما هوَ عن أبي هُرَيرةَ مَوقوفٌ، ولَم يُعرَف حَديثُ أبي هُرَيرَةَ مَرفوعًا.
وكانَ عليُّ بن نَصْرٍ حَافِظًا، صَاحِبَ حَديثٍ.
وقد اخْتَلَفَ أهْلُ العِلمِ في: "أمْرُكِ بيَدِكِ"، فقالَ بعضُ أهْلِ العِلمِ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، منهُم عُمَرُ بن الخَطَّابِ، وعبدُ الله بن مَسْعودٍ: هيَ وَاحِدَةٌ، وهو قَولُ غَيرِ واحدٍ من أهْلِ العلمِ من التَّابِعينَ ومَن بَعْدهُم.
وقالَ عُثْمانُ بن عَفَّانَ، وزيدُ بن ثَابتٍ: القَضاءُ ما قضَتْ.
وقالَ ابنُ عُمَرَ: إذا جَعَلَ أمْرَهَا بيَدِها، وطَلَّقَت نَفسَها ثَلاثًا، وأنكَرَ الزَّوجُ، وقالَ: لم أجْعَلْ أمْرَها بيَدِها إلا في وَاحدةٍ، استُحْلِفَ الزَّوجُ، وكانَ القَولُ قَولَهُ مع يَمينِهِ.
وذَهَبَ سُفيانُ وأهْلُ الكوفةِ إلى قَولِ عُمَرَ وعبدِ الله، وأمَّا مالكُ بن أنَسٍ، فقالَ: القَضاءُ ما قَضَتْ، وهو قَولُ أحْمدَ.
= لكن الحديث أعل بوجوه منها: الوقف كما ذكره المصنف عن البخاري، ومنها: إنكار كثير للحديث كما في رواية أبي داود، ومنها: النكارة فيما قاله النسائي.
وقال البيهقي في "السنن": وقول العامة بخلاف رواية كثير.
وأخرجه أبو داود (2204)، والنسائي 6/ 147.
وقال النسائي بإثره. هذا حديث منكر.
وأمَّا إسْحاقُ، فذَهَبَ إلى قَولِ ابن عُمَرَ.
4 - باب ما جاءَ في الخيارِ
1213 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن بَشَارٍ، قالَ: حَدَّثَنا عبدُ الرحمنِ بن مَهديٍّ، قالَ: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن إسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ، عن الشَّعْبيِّ، عن مَسْروقٍ
عن عائِشَةَ، قالت: خَيَّرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَاخْتَرناهُ، أفَكانَ طَلاقًا؟
(1)
.
1214 -
حَدَّثَنا بُندار، قالَ: حَدَّثنا عَبدُ الرحمنِ بن مَهْديٍّ، قالَ: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن الأعْمَشِ، عن أبي الضُّحى، عن مَسْروقٍ
عن عائِشَةَ. بمثلِهِ
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
واخْتَلَفَ أهْلُ العِلمِ في الخيَارِ، فَرُويَ عَن عُمَرَ، وعبدِ الله بن مَسْعودٍ أنَّهُما قَالا: إنِ اخْتارَتْ نَفْسَهَا، فوَاحِدَةٌ بائِنةٌ.
ورُوِيَ عَنهما أنَّهُما قَالا أيْضًا: وَاحِدةٌ يمْلِكُ الرَّجْعَةَ. [وإن اخْتارَتْ زَوجَهَا، فلا شيءَ]
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5262)، ومسلم (1477)، وأبو داود (2203)، وابن ماجه (2052)، والنسائي 6/ 56 و 160 - 161 و 161، وهو في "المسند"(24181).
(2)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
(3)
ما بين حاصرتين لم يرد في أصولنا الخطية وأثبتناه من مطبوعة شاكر وشرح المباركفوري.
ورُوِيَ عن عليٍّ أنَّهُ قالَ: إن اخْتارَتْ نَفسَهَا، فوَاحِدةٌ بائنَةٌ، وإن اخْتارَتْ زوجَهَا فوَاحِدةٌ يَمْلكُ الرَّجْعَةَ.
وقالَ زَيْدُ بن ثابتٍ: إن اخْتارَتْ زَوجَهَا فواحِدَةٌ، وإن اخْتَارتْ نَفسَها فثلاثٌ.
وذَهَبَ أكْثرُ أهلِ العلمِ والفِقْهِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومَن بَعْدَهُم في هذا البابِ إلى قَولِ عُمَرَ، وعبدِ الله، وهو قَولُ الثَّوريِّ، وأهل الكُوفةِ.
وأمَّا أحمدُ بن حَنْبَلٍ، فذَهَبَ إلى قولِ عَليٍّ.
5 - باب ما جاءَ في المُطَلَّقَةِ ثَلاثًا لا سُكنى لَها ولا نَفقَةَ
1215 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قالَ: حَدَّثَنا جَريرٌ، عن مُغيرَةَ، عن الشَّعْبيِّ، قالَ:
قالت فاطمةُ بنتُ قَيسٍ: طَلَّقَني زَوجي ثَلاثًا على عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لا سُكْنَى لَكِ ولا نَفَقَةَ".
قالَ مُغيرَةُ: فذَكَرْتُهُ لإبراهِيمَ، فقالَ: قالَ عُمَرُ: لا نَدَعُ كتابَ الله وسُنَّةَ نَبِيَّنا صلى الله عليه وسلم بقولِ امْرَأةٍ، لا نَدْري أحَفِظَتْ أو نَسِيَتْ
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1480)(46)، وقد سلف مطولًا برقم (1166).
وكانَ عُمَرُ يجعلُ لها السُّكْنى والنَّفَقَةَ.
1216 -
حَدَّثَنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، قالَ: حَدَّثَنا هُشَيمٌ، قالَ: أخبرنا حُصَينٌ وإسماعيلُ ومُجالِدٌ، قالَ هُشَيْمٌ: وحَدَّثَنا دَاودُ أيضًا عن الشَّعْبيِّ، قالَ:
دَخَلْتُ على فاطِمَةَ ابنة قَيسٍ، فسَألْتُها عن قَضاءِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقالَتْ: طَلَّقَها زَوجُها البتَّةَ، فخَاصَمَتْهُ في السُّكْنى والنفَقَةِ، فلَم يَجْعلْ لَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم سُكْنى ولا نَفَقةً
(1)
.
وفي حَديثِ دَاوُد، قالَتْ: وأمَرَني أنْ أعْتَدَّ في بَيتِ ابن أمِّ مَكْتومٍ.
هذا حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ.
وهو قَولُ بعضِ أهلِ العلمِ، مِنهم: الحَسَنُ البَصْريُّ، وعَطاءُ بن أبي رَبَاحٍ، والشَّعْبيُّ، وبه يقولُ أحمدُ، وإسْحاقُ. وقالُوا: لَيْسَ للمُطَلَّقَةِ سُكْنى ولا نَفَقةٌ، إذا لَمْ يمْلِكْ زَوجُها الرَّجعَةَ.
وقالَ بَعْضُ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، منهُم: عُمَرُ وعبدُ الله: إنَّ المُطَلَّقَةَ ثلاثًا، لها السُّكْنى والنفَقَةُ. وَهُوَ قَولُ سُفْيانَ الثَّوْريِّ وأهلِ الكوفةِ.
وقالَ بعضُ أهْلِ العلمِ: لَها السُّكْنى ولا نَفَقَةَ لَها، وهو قَولُ مالِكِ بن أنَسٍ، واللَّيْثِ بن سَعْدٍ، والشافِعيِّ، وقالَ الشافعيُّ: إنما
(1)
صحيح، وأخرجه مسلم (1480)(42)، وانظر "شرح مسلم" 10/ 95 - 96.
جَعَلنا لَها السُّكْنى بكتاب اللهِ. قال الله تَعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1].
قَالُوا: هو البذاءُ، أن تَبْذوَ على أهلِها، واعْتَلَّ بأنَّ فاطمةَ ابنة قَيسٍ لم يَجعلْ لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم السُّكْنى، لِما كَانَتْ تَبذو على أهْلِها.
قالَ الشافِعيُّ: ولا نَفَقَةَ لَها، بِحَديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، في قِصَّةِ حَديثِ فَاطِمَةَ ابنة قَيسٍ.
6 - باب ما جاءَ لا طَلاقَ قَبلَ النِّكاحِ
1217 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قالَ: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، قالَ: حَدَّثَنا عامِرٌ الأحْوَلُ، عن عَمرو بن شعَيْبٍ، عن أبيه
عن جَدِّهِ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا نَذْرَ لابْنِ آدَمَ فيمَا لا يَمْلِكُ، ولا عِتْقَ لَهُ فيمَا لا يَمْلِكُ، ولا طَلاقَ لهُ فيما لا يَمْلِكُ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، ومُعاذِ بن جَبَلٍ، وجَابرٍ، وابنِ عبَّاسٍ، وعائِشَةَ.
حَديثُ عبد الله بن عَمْرٍو حَديثٌ حَسنٌ صحيحٌ. وهو أحْسَنُ شيءٍ رُوِيَ في هذا البابِ، وهو قَولُ أكْثَرِ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم.
(1)
إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (2190 - 2192)، وابن ماجه (2047) وهو في "المسند"(6769).
رُوِيَ ذلك عن عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ، وابنِ عباسٍ، وجَابِرِ بن عبدِ الله، وسَعيدِ بن المُسَيِّبِ، والحَسَنِ، وسَعيدِ بن جُبَيْرٍ، وعليِّ بن حُسَيْنٍ، وشُرَيْحٍ، وجَابرِ بن زَيدٍ، وغيرِ واحدٍ من فُقهاءِ التابعينَ، وبهِ يقولُ الشافِعيُّ.
ورُوِيَ عن ابن مَسعودٍ أنَّه قالَ في المَنْصُوبَةِ
(1)
: إنها تَطْلُقُ.
ورُوِيَ عن إبراهِيمَ النَّخَعيِّ، والشَّعْبيَّ وغَيرِهِما من أهْلِ العلمِ: أنَّهم قَالوا: إذا وقَّتَ نُزِّلَ، وَهُوَ قَولُ سُفْيانَ الثَّوْريِّ، ومَالِكِ بن أنسٍ؛ أنَّه إذا سَمَّى امْرأةً بعَينها، أو وَقَّتَ وَقتًا
(2)
، أو قالَ: إن تَزَوَّجتُ من كُورةِ
(3)
كَذا، فإنَّه إن تَزَوَّجَ، فإنَّها تَطلُقُ، وأمَّا ابنُ المُباركِ، فشَدَّدَ في هذا البابِ، وقالَ: إن فَعَلَ، لا أقولُ هيَ حَرَامٌ.
وذُكِرَ عن عبدِ الله بن المُبارَكِ: أنَّه سُئِلَ عن رَجلٍ حَلَفَ بالطَّلاقِ أن لا يَتزَوَّجُ، ثم بَدا لهُ أن يَتَزوَّجَ، هل لهُ رُخْصَةٌ بأن يأخُذَ بقولِ الفُقَهاءِ الذينَ رَخَّصوا في هذا؟ فقالَ ابن المُبارَكِ: إن كانَ يَرَى هذا القولَ حَقًّا من قَبلِ أن يُبتَلَى بهذه المَسألَةِ، فلَهُ أن
(1)
المنصوبة: المعينة، أي: إذا سمى امرأة بعينها، بأن قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق.
(2)
أي: عين وقتًا من التوقيت بأن قال مثلًا: إن تزوجت اليوم أو غدًا فهي طالق.
(3)
والكورة قال الجوهري: المدينة والصقع، والجمع كُوَرٌ، وقال ابن سيده: والكورة من البلاد: المخلاف، وهي القرية من قرى اليمن.
يأخذَ بقولِهِم، فأمَّا مَن لم يَرضَ بِهذا، فَلَمَّا ابْتُلِيَ أحبَّ أن يأخُذَ بقولِهِم، فلا أرَى لهُ ذلكَ.
وقالَ أحمدُ: إنْ تَزَوَّجَ لا آمُرُهُ أن يُفارِقَ امرأتَهُ.
وقالَ إسْحاقُ: أنا أجيزُ في المَنْصوبَةِ، لحَديثِ ابنِ مَسعودٍ، وإن تَزوَّجَها لا أقولُ تَحْرمُ عليهِ امْرأتُهُ.
ووَسَّعَ إسْحاقُ في غَيرِ المَنْصوبَةِ.
7 - باب ما جَاءَ أنَّ طلاقَ الأمَةِ تَطْليقَتانِ
1218 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن يَحْيى النَّيْسابوريُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبو عَاصمٍ، عن ابن جُرَيجٍ، قالَ: حدثنا مُظاهِرُ بن أسْلَمَ، قالَ: حَدَّثَني القاسمُ
عن عائِشَةَ؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "طَلاقُ الأمَةِ تَطْليقَتانِ، وعِدَّتُها حَيْضَتَانِ"
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف، مظاهر بن أسلم ضعيف، وقال أبو داود عن حديثه هذا: هو حديث مجهول. وقال ابن معين: ليس بشيء، وروى الدارقطني في "سننه" بإسناد صحيح عن أبي عاصم قال: ليس بالبصرة حديث أنكر من حديث مظاهر هذا. وقال أبو بكر النيسابوري: الصحيح عن القاسم خلاف هذا. فعن زيد بن أسلم قال: سئل القاسم عن عدّة الأمة فقال: الناس يقولون: حيضتان، وإنّا لا نعلم ذلك أو قال: لا نجد ذلك في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن عمل به المسلمون. وهذا النقل يدل على أن مظاهر قد وهم به على القاسم.
وله شاهد ضعيف أيضًا عند ابن ماجه (2079) يرويه عمر بن شبيب المُسلِّي عن عبد الله بن عيسى، عن عطية، عن ابن عمر.
قال الدارقطني في "سننه" بعد أن أخرج هذا الحديث: تفرد به عمر بن شبيب المسلي هكذا مرفوعًا وكان ضعيفًا. والصحيح ما رواه سالم ونافع عن ابن عمر =
قالَ مُحَمَّدُ بن يَحْيى: وحَدَّثَنا أبُو عاصِمٍ، قال: حَدَّثَنا مُظَاهِرٌ بهذا.
وفي البابِ عن عبدِ الله بن عُمَرَ.
حَديثُ عائِشَةَ حَديثٌ غَريبٌ، لا نَعْرِفُهُ مَرفوعًا إلَّا من حَديثِ مُظاهِرِ بن أسْلَمَ. ومُظاهِرٌ لا نَعْرِفُ له في العِلمِ غيرَ هذا الحَديثِ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم، وَهُوَ قَولُ سُفْيانَ الثَّوْريِّ، والشَّافِعيِّ، وأحمَدَ، وإسحاقَ.
8 - باب ما جاءَ فيمَن يُحَدِّثُ نفْسَهُ بطَلاقِ امْرأتِهِ
1219 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قالَ: حَدَّثَنا أبو عَوَانةَ، عن قَتادَةَ، عن زُرَارَةَ بن أوْفى
عن أبي هُرَيرَةَ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَجاوَزَ اللهُ لأُمَّتِي ما حَدَّثَت بهِ أنْفُسَها، ما لَمْ تكلَّمْ بهِ، أو تَعْمَلْ بهِ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
= موقوفًا.
قلنا: أخرج هذه الرواية الموقوفة عن ابن عمر مالك في "الموطأ" 2/ 574 عن نافع عن عبد الله بن عمر. والدارقطني من طريق سالم عنه.
وأخرجه أبو داود (2189)، وابن ماجه (2080).
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2528)، ومسلم (127)، وأبو داود (2209)، وابن ماجه (2040) و (2044)، والنسائي 6/ 156 - 157 و 157، وهو في "المسند"(7470)، و (2044)، و"صحيح ابن حبان"(4334) و (4335).
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أهْلِ العلمِ أنَّ الرَّجُلَ إذا حَدَّثَ نفسَه بالطَّلاقِ، لمْ يكُنْ شيئًا حَتى يتكلمَ بهِ.
9 - باب ما جَاءَ في الجِدِّ والهَزْلِ في الطَّلاقِ
1220 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قالَ: حَدَّثَنا حَاتِمُ بن إسماعيلَ، عن عبدِ الرَّحمن بن أرْدَك مديني، عن عَطاءٍ، عن ابنِ ماهَكَ
عن أبي هُرَيرَةَ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ، والطَّلاقُ، والرَّجْعَةُ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم.
وعبدُ الرَّحمنِ، هو ابنُ حَبيبِ بن أرْدَك، وابنُ مَاهِك، هوَ عِندي يُوسُفُ بن مَاهِك.
(1)
حسن لغيره، وأخرجه أبو داود (2194)، وابن ماجه (2039).
وانظر شواهده في "نصب الراية" 3/ 293 - 294، و"التلخيص الحبير" 3/ 209.
نقل العلامة القاري في "مرقاة المفاتيح" 3/ 478 عن القاضي قوله: اتفق أهل العلم على أن طلاق الهازل يقع، فإذا جرى صريح لفظة الطلاق على لسان البالغ العاقل لا ينفعه أن يقول: كنت فيه لاعبًا أو هازلًا، لأنه لو قُبل ذلك منه لتعطلت الأحكام، وقال مطلق أو ناكح: إني كنت في قولي هازلًا، فيكون في ذلك إبطال أحكام الله تعالى، فمن تكلم بشيء مما جاء ذكره في هذا الحديث، لزمه حكمه، وخص هذه الثلاثة بالذكر لتأكيد أمر الفَرْج.
10 - باب ما جَاءَ في الخُلْعِ
1221 -
حَدَّثَنا مَحْمودُ بن غَيلانَ، قال: حدثنا الفَضْلُ بن موسَى، عن سُفْيانَ، قال: حدثنا مُحَمدُ بن عبدِ الرَّحْمنِ، وهو مَوْلى آل طَلحَةَ، عن سُلَيمانَ بنِ يَسارٍ
عن الرُّبيِّع بنتِ مُعَوِّذِ بن عَفراء: أنَّها اخْتَلعَتْ على عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، أو أُمِرَتْ أن تَعْتَدَّ بحَيْضَةٍ
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عَباسٍ.
حَديثُ الرُّبيِّع بنت معوذ الصَّحيح: أنَّها أُمِرَت أن تَعْتَدَّ بحَيْضَةٍ.
1222 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن عبدِ الرَّحيمِ البَغْداديُّ، قال: حَدَّثَنا عليُّ بن بَحْرٍ، قال: حدثنا هِشامُ بن يوسُفَ عن مَعْمَرٍ، عن عَمرو بن مُسلِمٍ، عن عِكْرِمةَ
عن ابن عباسٍ: أنَّ امْرأةَ ثابِتِ بن قَيسٍ اخْتَلَعَت من زَوجِها على عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تَعْتَدَّ بحَيْضَةٍ
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ.
واخْتَلَفَ أهلُ العلمِ في عِدَّةِ المُخْتَلِعَةِ، فقال أكثرُ أهلِ العلمِ
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2058)، والنسائي 6/ 186 و 186 - 187.
(2)
حسن بما قبله، وهذا سند ضعيف، عمرو بن مسلم ضعيف يُعتبر به. أخرجه أبو داود (2229).
من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرهِمْ: إنَّ عِدَّةَ المُخْتَلِعَة عِدَّةُ المُطَلَّقَة، ثَلاثٌ، وَهُوَ قَولُ سُفْيانَ الثَّوْريِّ، وأهلِ الكوفَةِ، وبهِ يقولُ أحْمدُ، وإسحاقُ.
وقالَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم: عِدَّة المُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ.
قال إسْحاقُ: وإنْ ذَهَبَ ذَاهبٌ إلى هذا، فهو مَذْهبٌ قَويٌّ.
11 - باب ما جَاءَ في المُخْتَلِعاتِ
1223 -
حَدَّثَنا أبو كُريبٍ، قال: حَدَّثَنا مُزاحِمُ بن ذوَّادِ بن عُلبَةَ، عن أبيهِ، عن لَيثٍ، عن أبي الخطَّابِ، عن أبي زُرْعةَ، عن أبي إدْريسَ
عن ثَوْبانَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"المُخْتَلِعاتُ هُنَّ المُنافِقاتُ"
(1)
.
هذا حَديثٌ غَريبٌ من هذا الوَجهِ، وليسَ إسنادُهُ بالقَويِّ.
ورُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: "أيُّما امْرَأةٍ اخْتَلَعَتْ من زَوْجِها من غَيرِ بَأسٍ، لَم تَرَحْ رَائحَةَ الجنَّةِ".
(1)
إسناده ضعيف، وأخرجه الطبري في "التفسير" 2/ 467، والبيهقي ضمن حديث في "الشعب"(5503).
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد في "المسند"(9358) وإسناده ضعيف. وانظر تتمة أحاديث الباب هناك.
قوله "المختلعات": هن اللاتي يطلبن الخلع والطلاق من أزواجهن بغير عذر.
"هن المنافقات" أي: عملًا لا اعتقادًا، أي: مثل هذا العمل ينبغي أن لا يتحقق من المؤمنة، وإنما يتحقق من المنافقة. قاله السندي في حاشيته على "المسند".
1224 -
حَدَّثَنا بذلك محمد بن بشار، قال: حدثنا عبدُ الوَهَّابِ، قال: حدثنا أيُّوبُ، عن أبي قِلابَةَ، عمَّن حَدَّثَهُ
عن ثَوبانَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيُّما امْرأةٍ سألَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا من غَيرِ بَأسٍ، فحَرَامٌ عَليهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ.
ويُرْوى هذا الحديثُ عن أيُّوبَ، عن أبي قِلابة، عن أبي أسْماءَ، عن ثَوبَانَ.
ورَوَاهُ بعضُهم عن أيُّوبَ بهذا الإسْنادِ ولم يَرْفَعهُ.
12 - باب ما جَاءَ في مُدارَاةِ النِّساءِ
1225 -
حَدَّثَنا عبدُ الله بنُ أبي زِيادٍ، قال: حَدَّثَنا يَعقوبُ بن إبرَاهِيمَ بن سَعْدٍ، قال: حَدَّثَنا ابن أخي ابنِ شِهَابٍ، عن عَمِّهِ، عن سَعيدِ بن المُسَيَّبِ
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المَرْأةَ كالضِّلَعِ، إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُها كَسَرْتَها، وإنْ تَرَكْتَها استَمْتَعْتَ بِها على عِوَجٍ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (2226)، وابن ماجه (2055)، وهو في "المسند"(22379)، و"صحيح ابن حبان"(4184).
قوله: "من غير بأس" قال المناوي في "فيض القدير": البأس: الشدة، أي: في غير حالة شدَّة تدعوها وتُلجئها إلى المفارقة، كأن تخاف أن لا تقيم حدود الله فيما يجب عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة لكراهتها له، أو بأن يضارها لتختلع منه.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3331) و (5184)، ومسلم (1468)، =
وفي البابِ عن أبي ذَرٍّ، وسَمُرَةَ، وعائِشَةَ.
حَديثُ أبي هُرَيرَةَ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ غَريبٌ من هذا الوَجهِ.
13 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يسَألهُ أبُوهُ أن يُطَلِّقَ امرأته
1226 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مُحَمَّدٍ، قال: أخبرنا ابنُ المُباركِ، قالَ: أخبرنا ابن أبي ذِئبٍ، عن الحارِث بن عبدِ الرَّحْمنِ، عن حَمزَةَ بن عبدِ الله بن عُمَرَ
عن ابن عُمَرَ، قال: كانتْ تَحْتِي امْرأةٌ أُحبُّها، وكانَ أبي يَكرَهُها، فأمَرَني أن أُطَلِّقَهَا، فأبَيْتُ، فذَكَرتُ ذلكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ:"يا عَبد الله بنَ عُمَرَ طَلِّق امْرأتَكَ"
(1)
.
= والنسائي في "الكبرى"(9140)، وهو في "المسند"(9524)، و"صحيح ابن حبان"(4179) و (4180).
وقوله: "إن المرأة كالضِّلَعِ، وفي رواية: خلقت من ضلع" الضلع بكسر الضاد وفتح اللام: واحد الأضلاع، استعير للعوج، والمعنى: خلقت وفي طبعها الاعوجاج، وهو كقوله تعالى:{خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] أي: خُلق عجولًا، قال الزجاج: خوطبت العرب بما تعقل، والعرب تقول للذي يكثرُ من اللعب: إنما خُلِقْتَ من لعب، يريدون المبالغة في وصفه بذلك، ولفظ المصنف وهو عند البخاري واضح في أن الكلام على التشبيه، وأخطأ من ظن أن حواء خلِقَتْ من ضلع آدم الأيسر.
قال العلماء: وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس، وتألف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفوِ عنهن، والصبرِ عليهِنَّ، وأن من أراد تقويَمهن، فاته النفع بهن، مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يَسكُنُ إليها، ويستعين بها على معاشه فكأنه قال: الاستمتاعُ بها لا يتم إلا بالصبر عليها.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (5138)، وابن ماجه (2088)، وهو =
14 - باب ما جَاءَ لا تَسألُ المَرأةُ طَلاقَ أُختِها
1227 -
حَدَّثَنا قُتَيبةُ، قالَ: حَدَّثَنا سُفْيانُ بن عُيَينةَ، عن الزُّهريِّ، عن سَعيدِ بن المُسَيِّبِ
عن أبي هُرَيرَةَ، يَبلغُ بهِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَسألِ المَرْأةُ طَلاقَ أُخْتِهَا، لِتَكْتَفِئ ما في إنائِها"
(1)
.
وفي البابِ عن أمِّ سَلَمةَ.
حديثُ أبي هُرَيرَةَ، حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
15 - باب ما جَاءَ في طَلاقِ المَعْتوهِ
1228 -
حَدَّثَنا مُحَمدُ بن عبدِ الأعْلَى، قال: حدثنا مَرْوانُ بن مُعاويةَ الفَزاريُّ، عن عَطاءِ بن عَجْلانَ، عن عِكْرِمةَ بن خالِدٍ المَخْزوميِّ
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ طَلاقٍ جائِزٌ،
= في "المسند"(4711)، و"صحيح ابن حبان"(426) و (427).
قال السندي في شرحه على "المسند": فيه أن طاعة الوالدين متقدمة على هوى النفس إذا كان أمرُهما أوفق في الدين، إذ الظاهر أن عمر ما كان يكرهها، ولا أمر ابنه بطلاقها إلا لما يظهر له فيها من قلة الدين.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه ضمن حديث مطول البخاري (2723)، ومسلم (1413)، وابن ماجه (2172)، والنسائي 6/ 71 - 72 و 7/ 258 و 258 - 259 و 259. وهو في "المسند" (3248).
قوله: "لتكتفئ" قال في "النهاية" 4/ 182: هو تَفْتَعِل، مِن كفأتُ القِدر: إذا كببتَها لتفرِغَ ما فيها، يقال: كفأت الإناء وأكفأته: إذا كَبَبْتَه، وإذا أمسكته، وهذا تمثيل لإمالة الضَّرَّة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها.
إلَّا طَلاقَ المَعْتوهِ المَغْلوبِ على عَقْلِهِ"
(1)
.
هذا حَديثٌ لا نَعْرِفُهُ مَرْفوعًا إلا من حَديثِ عَطاءِ بنِ عَجْلانَ، وعَطاءُ بنُ عَجْلانَ ضَعيفٌ، ذاهِبُ الحَديثِ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرِهِم أنَّ طَلاقَ المَعْتوهِ المَغْلوبِ على عَقْلِهِ لا يَجوزُ، إلا أن يكونَ مَعْتوهًا، يُفيقُ الأحْيانَ، فيُطَلِّقُ في حال إفاقَتِهِ.
16 - باب
1229 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قالَ: حَدَّثَنا يَعْلَى بن شَبيبٍ، عن هِشامِ بن عُروَةَ، عن أبيهِ
عن عائِشةَ، قالتْ: كانَ النَّاسُ، والرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرأتَهُ ما شاءَ أن يُطَلِّقَها، وهي امْرأتُهُ إذا ارْتَجَعَها وهي في العِدَّةِ. وإن طَلَّقَها مئة مَرةٍ أو أكْثَرَ، حتَّى قالَ رجُلٌ لامْرَأتِهِ: والله لا أُطَلِّقُكِ فتَبِينين
(2)
منِّي، ولا آويْكِ أبَدًا. قالَتْ: وكيفَ ذاكَ؟ قال: أُطَلِّقُكِ، فكُلَّما هَمَّت عِدَّتُكِ أن تَنْقَضيَ، راجَعْتُكِ، فذَهَبَت المَرْأةُ حتى دَخَلَتْ
(1)
إسناده ضعيف، وقد روي موقوفًا عن علي، أخرجه عبد الرزاق (12276)، والبغوي فى "الجعديات"(764) و (765) و (766)، والبيهقي 7/ 359، وعلقه البخاري قبل الحديث رقم (5269).
(2)
كذا في الأصول الثلاثة، بإثبات النون، وهو جائز، وفي التنزيل {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: 63] وقال جميل:
ألَمْ تسألِ الرَّبْعَ القَواءَ فينطِقُ
…
وهل تُخبِرنْك اليومَ بيداءُ سَمْلقُ
على عائِشَةَ فأخْبرَتْها. فسَكَتتْ عائِشَة حتَّى جاءَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فأخْبَرَتْهُ، فسَكَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، حتَّى نَزَلَ القرآن {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]. قالَتْ عائِشَةُ: فاستَأنَفَ النَّاسُ الطلاقَ مُسْتَقْبلًا، من كان طَلَّقَ ومَن لم يكُنْ طَلَّقَ
(1)
.
1230 -
حَدَّثَنا أبو كُرَيبٍ محمد بن العلاء، قالَ: حَدَّثَنا عبدُ الله بن إدْرِيسَ، عن هِشامِ بن عُرْوَةَ، عن أبيهِ، نحوَ هذا الحَديثِ بمَعْناهُ. ولم يَذكرْ فيهِ: عَن عَائِشةَ.
وهذا أصَحُّ من حَديثِ يَعْلى بن شَبيبٍ.
17 - باب ما جَاءَ في الحَاملِ المُتوَفَّى عَنْها زَوْجُها تَضَعُ
1231 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا حُسَيْنُ بن مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنا شَيْبانُ، عن مَنْصورٍ، عن إبْرَاهيمَ، عن الأسْودِ
عن أبي السَّنابِلِ بن بَعْكَكٍ، قال: وَضَعَتْ سُبَيعةُ بعدَ وَفاةِ
(1)
صحيح لغيره، وهذا سند حسن، يعلى بن شبيب، روى عنه جمع من الثقات، وذكره ابن حبان في "الثقات" وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الحاكم 2/ 279، والمزي في "تهذيب الكمال" 32/ 386.
والرواية المرسلة التي أوردها المصنف بإثر هذا الحديث أخرجها ابن جرير 4/ 456 وإسنادها صحيح، وله شاهد من حديث ابن عباس عند أبي داود (2195)، والنسائي 6/ 212، والبيهقي 7/ 320 - 321، وسنده حسن في الشواهد.
زَوْجِها بثَلاثَةٍ وعِشرينَ أو خَمْسَةٍ وعشرينَ يَومًا، فلمَّا تَعَلَّتْ، تَشَوَّفَت للنِّكاحِ، فأُنْكِرَ عَليهَا ذلك، فذُكِرَ ذلكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"إن تَفعَلْ، فَقَد حَلَّ أجَلُها"
(1)
.
1232 -
حَدَّثَنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، قال: حَدَّثَنا الحَسَنُ بن موسى، قال: حَدَّثَنا شَيْبانُ، عن مَنْصورٍ، نحوهُ.
وفي البابِ عن أمِّ سَلَمَةَ.
حَديثُ أبي السَّنابِلِ حَديثٌ مَشْهورٌ من هذا الوَجهِ، ولا نَعرِفُ للأسْودِ سَمَاعًا من أبي السَّنابِلِ، وسَمِعتُ مُحَمَّدًا يقولُ: لا أعرفُ أنَّ أبا السَّنابِلِ عَاشَ بعدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(1)
صحيح لغيره، وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا أن الأسود لا يعرف له سماع من أبي السنابل.
وأخرجه ابن ماجه (2027)، رالنسائي 6/ 190 - 191، وهو في "المسند"(18713)، و"صحيح ابن حبان"(4299).
وله شاهد من حديث سبيعة نفسها عند البخاري (3991) و (5319)، ومسلم (1484)، وهو في "المسند"(27435).
وآخر من حديث المسور بن مخرمة عند البخاري (5320)، وهو في "المسند"(18917).
ومن حديث أم سلمة الآتي.
قوله: "فلما تعلت" قال في "النهاية" 3/ 293: ويروى: تعالت، أي: ارتفعت وطَهُرت. ويجوز أن يكون من قولهم: تعلَّى الرجل من علته: إذا برأ، أي: خرجت من نفاسها وسلمت.
وقوله: "تشوَّفت" قال في "النهاية" 2/ 509: أي: طَمَحت وتَشَرَّفت.
والعَمَلُ عَلى هذا الحديث عِندَ أكْثَرِ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم: أنَّ الحَامِلَ المُتَوفى عنهَا زَوْجُها، إذا وَضَعَتْ فَقَد حَلَّ لها التَّزْويجُ، وإن لم تَكُن انْقَضَتْ عِدَّتُها، وهُوَ قَولُ سُفْيانَ الثَّوْريِّ، والشَّافِعيِّ، وأحمَدَ، وإسحاقَ.
وقال بَعْض أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم: تَعْتَدُّ آخِرَ الأجَلَينِ.
والقَولُ الأوَّلُ أصَحُّ.
1233 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قالَ: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن يَحْيَى بن سَعيدٍ، عن سُلَيْمانَ بن يَسَارٍ
أنَّ أبا هُرَيرَةَ وابنَ عَباسٍ وأبا سَلَمةَ بن عبدِ الرَّحمنِ تَذاكَروا المُتَوَفى عنها زَوجها الحَامِلَ تَضَعُ عِندَ وفاةِ زَوْجِها، فقال ابنُ عَباسٍ، تَعْتَدُّ آخِرَ الأجَلَيْنِ، وقال أبو سَلَمَةَ: بل تَحِلُّ حينَ تَضَعُ، وقال أبو هُرَيرَةَ: أنا معَ ابنِ أخي، يَعنيِ أبا سَلَمَةَ. فأرْسَلوا إلى أمِّ سَلَمةَ، زَوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: قَد وَضعَتْ سُبَيْعَةُ الأسْلَميةُ بعدَ وَفاةِ زَوْجها بيَسيرٍ، فاسْتَفتَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأمَرَهَا أن تَتَزوَّجَ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4909) و (5318)، ومسلم (1485)، والنسائي 6/ 191 - 193، وهو في "المسند"(26658) و (26675) و (26715)، و"صحيح ابن حبان"(4295 - 4297).
18 - باب ما جاءَ في عِدَّةِ المُتَوَفى عَنْها زَوْجُهَا
حَدَّثَنا الأنْصاريُّ، قال: حَدَّثَنا مَعْنُ بنُ عيسى، قال: حَدَّثَنا مَالِكُ بن أنَسٍ، عن عبدِ الله بن أبي بَكْرِ بن مُحَمدِ بن عَمْرو بن حَزْمٍ، عن حُمَيْدِ بن نافعٍ
عن زينبَ بنتِ أبي سَلَمةَ: أنَّها أخْبَرَتْهُ بهذه الأحَادِيثِ الثلاثَةِ:
1234 -
قالَتْ زَينبُ: دَخَلتُ على أمِّ حَبيْبةَ زَوْج النبيِّ صلى الله عليه وسلم حينَ تُوفِّيَ أبوهَا، أبو سُفْيانَ بن حَرْبِ. فَدَعَتْ بطيبٍ فيهِ صُفرَةُ خَلُوقٍ أو غَيْرُهُ، فدَهَنَتْ به جَاريةً، ثم مَسَّتْ بعَارِضَيْها، ثم قالت: والله مَالِي بالطِّيبِ من حَاجةٍ، غيرَ أنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:"لا يَحِلُّ لامْرأةٍ تؤمِنُ بالله واليَومِ الآخِرِ، أنْ تُحِدَّ على مَيِّتٍ فوقَ ثَلاثَةِ أيامٍ، إلَّا على زَوْجٍ، أربَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا".
1235 -
قالَتْ زَينبُ: فدَخَلْتُ على زَينَبَ بنتِ جَحْشٍ حينَ تُوُفِّيَ أخوهَا، فدَعَتْ بطِيبٍ، فمَسَّتْ مِنهُ، ثم قالَت: والله مالِيَ في الطِّيبِ من حَاجةٍ، غيرَ أني سَمِعتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَحِلُّ لامْرأةٍ تُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ أن تُحِدَّ على مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثِ لَيالٍ، إلَّا على زَوْجٍ، أربَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا".
1236 -
قالَتْ زَيْنبُ: وسَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ تَقولُ: جاءَت امرَأةٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالَتْ: يا رسولَ الله إنَّ ابْنَتي تُوُفِّيَ عَنها زَوْجُها، وقد اشْتكَتْ عَيْنَيْها، أفَنكْحَلُهَا؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لا" مرَّتَين أو ثلاثًا، كُلُّ ذلكَ يَقولُ:"لا" ثمَّ قالَ: "إنَّما هيَ
أرْبَعَةُ أشْهُرٍ وعَشْرًا، وقد كانَتْ إحدَاكُنَّ في الجاهِليةِ تَرْمي بالبَعْرَةِ على رَأسِ الحَوْلِ"
(1)
.
وفي البابِ عن فُرَيْعَةَ بنتِ مالِكِ بن سنان أُخْتِ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ، وحَفْصَةَ بنتِ عُمَرَ.
حَديثُ زَيْنبَ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهم: أنَّ المُتَوَفَّى عَنها زَوْجُها، تتَّقِي الطِّيبَ والزينةَ وَهُوَ قَولُ سُفْيانَ الثَّوريِّ، ومَالِكِ بن أنسٍ، والشافِعيِّ، وأحمَدَ، وإسْحَاقَ.
19 - باب ما جاء في المُظَاهِرِ يُواقِعُ قَبْلَ أن يُكَفِّرَ
1237 -
حَدَّثَنا أبو سَعيدٍ الأشَجُّ، قال: حَدَّثَنا عبدُ الله بن إدْريسَ، عن مُحمدِ بن إسْحاقَ، عن مُحمدِ بن عَمرو بن عَطَاءٍ، عن سُلَيْمانَ بن يَسَارٍ
عن سَلَمَةَ بنِ صَخْرٍ البَياضِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في المُظَاهِرِ يُواقِعُ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا البخاري (5334 - 5336)، ومسلم (1486 - 1488)، وأبو داود (2299)، والنسائي 6/ 201 - 202، وهو في "صحيح ابن حبان"(4304).
وأخرج حديث أم حبيبة البخاري (1280)، والنسائي 6/ 188، وهو في "المسند"(26765).
وأخرج حديث زينب بنت جحش البخاري (1282)، وهو في "المسند"(26754).
وأخرج حديث أم سلمة البخاري (1281)، والنسائي 6/ 188 - 189 و 205 - 206، وهو في "المسند"(26501).
قبلَ أن يُكفِّرَ، قال:"كَفَّارَةٌ واحِدَةٌ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أكْثَرِ أهْل العلمِ، وهُوَ قَولُ سُفْيانَ، ومالِكٍ، والشافِعيِّ، وأحمَدَ، وإسحاقَ.
وقالَ بعضُهُم: إذا واقَعَهَا قَبلَ أن يُكفِّرَ، فعَليهِ كَفَّارَتانِ، وهو قَوْلُ عبدِ الرَّحْمنِ بن مَهْديٍّ.
1238 -
حَدَّثَنا أبو عَمَّارٍ الحُسَينُ بن حُرَيْثٍ، قال: حَدَّثَنا الفَضْلُ بن موسى، عن مَعْمَرٍ، عن الحَكَمِ بن أبَانَ، عن عِكْرِمَةَ
عن ابنِ عَبَّاسٍ؛ أنَّ رَجُلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَد ظَاهَرَ من امْرأتِهِ فوَقَعَ عَليهَا، فقال: يا رسولَ الله إنِّي ظاهَرْتُ من امرأتي فوَقَعْتُ عَليهَا قبلَ أنْ أكفِّرَ. فقال: "وما حَمَلَكَ على ذلِكَ، يَرْحَمُكَ الله؟ " قالَ: رأيتُ خلْخالَها في ضَوْءِ القَمَرِ. قال: "فلا تَقْرَبْها حتَّى تَفْعَلَ ما أمَرَكَ اللهُ"
(2)
.
(1)
صحيح بطرقه وشاهده، وأخرجه مطولًا ومختصرًا أبو داود (2213) و (2217)، وابن ماجه (2062) و (2065)، وهو في "المسند"(16419)، وسيأتي مطولًا برقم (1239) و (3584).
ويشهد له حديث ابن عباس الآتي بعد هذا.
(2)
صحيح بطرقه وبما قبله، الحكم بن أبان وثقه ابن معين والنسائي وأحمد والعجلي وسفيان بن عيينة وابن نمير وابن المديني وغيرهم، وباقي رجاله ثقات، وقد أعل بالإرسال.
وأخرجه أبو داود (2223)، وابن ماجه (2065)، والنسائي 6/ 167.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ غَريبٌ.
20 - باب مَا جَاءَ في كفَّارةِ الظِّهارِ
1239 -
حَدَّثَنا إسْحَاقُ بنُ مَنصورٍ، قال: حَدَّثَنا هارُونُ بن إسْماعيلَ الخَزَّازُ، قالَ: حَدَّثَنا عَليُّ بن المُبارَكِ، قال: حَدَّثَنا يَحْيى بن أبي كَثيرٍ، قال: حَدَّثَنا أبو سَلَمةَ ومُحمدُ بن عبدِ الرَّحْمنِ
أنَّ سَلْمانَ بن صَخْرٍ الأنْصاريَّ، أحَدَ بني بَياضَةَ، جَعَلَ امْرأتَهُ علَيهِ كظَهرِ أمِّهِ حتَّى يَمْضيَ رَمَضانُ، فَلمَّا مَضَى نِصْفٌ من رَمَضانَ وَقَع عَليها لَيْلًا، فأتى رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذَكَرَ ذلك لهُ، فقالَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أعْتِقْ رقَبةً". قال: لا أجدُها. قال: "فَصُمْ شَهْرَينِ متَتابِعَينِ". قال: لا أسْتَطيعُ. قال: "أطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكينًا". قال: لا أجِدُ. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لفَرْوَةَ بنِ عَمرٍو: "أعْطِهِ ذلِكَ العَرَقَ - وهو مِكْتَلٌ يأخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا أو سِتَّةَ عَشَرَ صَاعًا - إطْعامَ سِتينَ مِسْكينًا"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ.
يُقالُ: سَلْمانُ بن صَخْرٍ، ويقالُ: سَلَمةُ بن صَخْرٍ البَيَاضيُّ.
والعَمَلُ عَلى هذا الحديثِ عِندَ أهْل العلمِ في كَفَّارَةِ الظِّهارِ.
(1)
صحيح لغيره، وهذا سند رجاله ثقات، إلا أن أبا سلمة ومحمد بن عبد الرحمن لم يسمعا من سلمان بن صخر، أشار إلى ذلك البيهقي 7/ 390، لكن يشهد له حديث ابن عباس السالف فيتقوى.
وقد سلف مختصرا برقم (1237).
21 - باب ما جاءَ في الإيلاءِ
1240 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بنُ قَزعَةَ البَصْريُّ، قال: حَدَّثَنا مَسْلَمَةُ بن عَلْقَمَة، قال: حَدَّثَنا داودُ، عن عامِرٍ، عن مَسْروقٍ
عن عائِشَةَ، قالت: آلى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم من نِسائِه، وحَرَّمَ، فَجَعَلَ الحَرامَ حَلالًا، وجَعَلَ في اليَمينِ كفَّارَةً
(1)
.
وفي البابِ عن أنَسٍ، وأبي موسَى.
حَديثُ مَسلَمَةَ بن عَلْقَمَةَ، عن داودَ، رَواهُ عليُّ بن مُسْهِرٍ وغيرُهُ عن داودَ، عن الشَّعبيِّ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، مُرسَلًا، ولَيسَ فيهِ عن مَسْروقٍ، عن عائِشَةَ، وهذا أصَحُّ من حَديثِ مَسْلَمةَ بن عَلْقَمَةَ.
والإيلاءُ: أنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ أنْ لا يَقرَبَ امْرَأتَهُ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ فأكْثَر.
واخْتَلَفَ أهْلُ العِلمِ فيه إذا مَضَت أرْبَعَةُ أشْهُرٍ. فقالَ بَعْضُ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم: إذا مَضَت أرْبَعَةُ أشْهُرٍ يُوقَفُ، فإمَّا أن يَفيءَ، وإمَّا أن يُطَلِّقَ، وهو قَولُ مَالِكِ بن أنَسٍ، والشافِعِيِّ، وأحمَدَ، وإسحاقَ
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، مسلمة بن علقمة مختلف فيه، وقد ذكر الذهبي هذا الحديث من مناكيره، وأخرجه ابن ماجه (2072)، وهو في "صحيح ابن حبان"(4278) وانظر تمام الكلام عليه فيه.
(2)
وأخرج مالك في "الموطأ" 2/ 556، ومن طريقه الشافعي 2/ 43، والبخاري (5291) عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: أيما رجل آلى من =
وقالَ بَعْضُ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم: إذا مَضَتْ أرْبَعةُ أشْهُرٍ، فهِي تَطليقةٌ بائِنَةٌ، وَهُوَ قَولُ الثَّوْريِّ، وأهْلِ الكوفَةِ
(1)
.
22 - باب ما جاءَ في اللِّعانِ
1241 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدَةُ بن سُلَيْمانَ، عن عبدِ المَلِكِ بن
= امرأته، فإنه إذا مضت الأربعة الأشهر وُقِف حتى يطلق أو يفيء ولا يقع عليه طلاق إذا مضت الأربعة الأشهر حتى يوقف.
(1)
أخرج الطبري في "جامع البيان"(4557)، وابن أبي شيبة 5/ 129 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس أو الحسن، عن علي قال: إذا قضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة.
وأخرج عبد الرزاق (11641) عن معمر، عن قتادة أن عليًا وابن مسعود وابن عباس قالوا: إذا مضت الأربعة أشهر، فهي تطليقة وهي أحق بنفسها.
وأخرج عبد الرزاق (11645) عن معمر، والطبريُّ (4558) عن هشام، كلاهما عن قتادة: أن عليًا وابن مسعود كانا يجعلانها تطليقة إذا مضت أربعة أشهر فهي أحق بنفسها ..
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" 5/ 128: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر وابن عباس، قالا: إذا آلى فلم يفئ حتى تمضي الأربعة أشهر فهي تطليقة بائنة.
وأخرجه نحوه عن ابن الحنفية وشريح وإبراهيم النخعي ومسروق والحسن وابن سيرين وقبيصة وسالم وأبي سلمة.
واتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على أنه لو حلف أن لا يقرب زوجته أقل من أربعة أشهر، فليس بإيلاء.
أبي سُلَيْمانَ
عن سَعيدِ بن جُبَيرٍ، قال: سُئِلْتُ عن المُتلاعِنَيْنِ في إمارَةِ مُصْعَبِ بن الزُّبَيرِ، أيُفَرَّقُ بَينَهُما؟ فما دَرَيْتُ ما أقُولُ، فقُمْتُ من مكاني إلى مَنْزِلِ عبدِ الله بن عُمَرَ، اسْتأذَنتُ عَليهِ فقيلَ لي: إنَّه قائِلٌ، فسَمعَ كَلامِي، فقال: ابنُ جُبَيرٍ! ادْخُلْ، ما جاءَ بكِ إلَّا حاجَةٌ. قال: فَدَخَلْتُ فإذا هو مُفْتَرِشٌ بِرْذَعَةَ رَحلٍ لهُ، فقلتُ: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ المُتلاعِنانِ أيُفرَّقُ بَيْنَهما؟
فقال: سُبحانَ الله! نَعَم. إنَّ أوَّلَ من سَألَ عنْ ذلكَ فُلانُ بن فُلانٍ، أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يا رسُولَ الله، أرأيت لَو أنَّ أحدَنَا رَأى امْرأتَهُ على فَاحِشَةٍ، كَيفَ يَصْنَعُ؟ إن تكَلَّمَ، تَكَلَّمَ بأمرٍ عَظيمٍ، وإن سَكَتَ، سَكَتَ عن أمْرٍ عَظيمٍ. قال: فَسَكَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فلَم يُجِبْهُ. فلمَّا كانَ بعدَ ذلِكَ، أتى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ الذي سَألْتُكَ عَنهُ قَد ابتُلِيتُ بهِ، فأنزل اللهُ الآياتِ التي في سورةِ النُّورِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6]، حتى خَتَم الآيات. فدَعَا الرَّجُلَ، فتَلاهُنَّ عليه، ووعَظَهُ وذَكَّرَهُ وأخْبَرَهُ أنَّ عَذابَ الدُّنيا أهْوَنُ من عذابِ الآخِرَةِ. فقال: لا، والذي بَعَثَكَ بالحقِّ ما كَذَبْتُ عَليهَا. ثم ثَنَّى بالمَرْأةِ وَوَعَظَهَا وذَكَّرَها، وأخْبَرَهَا أنَّ عَذابَ الدُّنيا أهْوَنُ من عذابِ الآخِرَةِ، فقالَت: لا، والذي بَعَثَكَ بالحقِّ ما صَدَقَ. قال: فبَدأ بالرَّجلِ فشَهدَ أرْبَع شَهَاداتٍ بالله إنَّهُ لمِنَ الصادِقينَ، والخامِسةَ أنَّ لَعْنةَ الله عَلَيهِ إنْ كانَ مِن الكَاذِبينَ، ثُمَّ ثَنَّى بالمَرأةِ، فشَهِدَتْ أرْبَعَ شَهَاداتِ باللهِ: إنَّهُ لمِنَ الكاذِبينَ،
والخامِسَةَ أنَّ غَضَبَ الله عَلَيها إن كانَ مِنَ الصادِقينَ. ثمَّ فَرَّقَ بَينَهُما
(1)
.
وفي البابِ عن سَهْلِ بن سَعْدٍ، وابنِ عَباسٍ، وحذيفة، وابنِ مَسْعودٍ.
حَديثُ ابنِ عُمَرَ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ عَلى هذا الحَديثِ عِندَ أهْلِ العِلْمِ.
1242 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قالَ: حَدَّثَنا مالِكُ بن أنسٍ، عن نافعٍ
عن ابنِ عُمَرَ، قال: لاعَنَ رَجُلٌ امْرأتَهُ، وفَرَّقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُما، وألْحَقَ الوَلَدَ بالأُمِّ
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عندَ أهْلِ العِلْمِ.
23 - باب ما جَاءَ أيْنَ تَعْتَدُّ المُتَوَفى عنْها زَوْجُها
1243 -
حَدَّثَنا الأنْصاريُّ، قال: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قال: حَدَّثَنا مَالِكٌ، عن سَعْدِ بن إسْحاقَ بن كَعْبِ بن عُجْرَةَ، عن عَمَّتِهِ زينَبَ بنتِ كَعْبِ بن عُجْرَةَ:
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1493)، والنسائي 6/ 175 - 176، وهو في "المسند"(4693).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4748)، ومسلم (1494)، وأبو داود (2259)، وابن ماجه (2069)، والنسائي 6/ 178، وهو في "المسند"(4527)، و"صحيح ابن حبان"(4288).
أنَّ الفُرَيعَةَ بنتَ مالِكِ بن سِنانٍ، وهي أُخْتُ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ، أخْبَرَتْها: أنَّها جاءَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تسْألُهُ أنْ تَرجِعَ إلى أهْلِها في بَني خُدْرَةَ، وأنَّ زَوجَها خَرَجَ في طَلَبِ أعْبُدٍ لهُ أبَقوا، حتَّى إذا كانَ بطَرفِ القَدُومِ لَحِقَهُم فقَتَلوهُ. قالت: فسألْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أنْ أرْجِعَ إلى أهْلي، فإنَّ زوجي لَم يتْرُكْ لي مَسْكَنًا يَمْلِكهُ، ولا نَفَقَةً. قالَت: فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَعَم". قالَت: فانصَرَفتُ، حتَّى إذا كنتُ في الحُجْرَةِ - أوْ في المَسْجِدِ - نادَاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، أو أمَرَ بي، فَنوديتُ لهُ، فقالَ:"كَيفَ قُلتِ؟ " قالت: فرَدَدْتُ عَليهِ القِصَّةَ التي ذَكَرْتُ لهُ من شأنِ زَوجي. قال: "امْكُثي في بَيْتِكِ حتَّى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ". قالت: فاعْتَدَدْتُ فيهِ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشرًا. قالت: فَلمَّا كان عُثمانُ، أرسَلَ إليَّ فسألَني عن ذلِكَ فأخْبَرْتُهُ، فاتَّبَعَهُ وقَضَى بهِ
(1)
.
1244 -
حَدَّثَنا مُحمَّدُ بن بشارٍ، قال: حَدَّثَنا يحْيَى بنُ سَعيدٍ، قال: حَدَّثَنا سَعْدُ بن إسحاقَ بن كَعْبِ بن عُجْرَةَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ بمَعناه
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، زينب بنت كعب زوج أبي سعيد الخدري روى عنها ابنا أخويها سعد بن إسحاق وسليمان بن محمد، واحتج بها مالك، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (2300)، وابن ماجه (2031)، والنسائي 6/ 199 - 200 و 200 - 201، وهو في "المسند"(27087)، و"صحيح ابن حبان"(4292) و (4293).
(2)
أخرجه أحمد (27087)، والنسائي (5722)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(6341) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
هذا حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ عَلى هذا الحَديثِ عِندَ أكْثَرِ أهْل العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم، لَم يَرَوا للمُعْتَدَّةِ أن تَنتَقِلَ من بيتِ زَوْجِها حتَّى تَنقَضيَ عِدَّتُها، وَهوَ قَولُ سُفْيانَ الثَّوْريِّ، والشافِعيِّ، وأحمَدَ، وإسحاقَ.
وقالَ بَعْضُ أهْل العِلْمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم: للمرأةِ انْ تَعْتَدَّ حيثُ شَاءَت، وإنْ لَمْ تَعْتَدَّ في بَيتِ زَوجِها
(1)
.
والقَولُ الأوَّلُ أصَحُّ
(2)
.
(1)
قال ابن قدامة في "المغني" 11/ 290: وقال جابر بن زيد، والحسن، وعطاء: تعتد حيث شاءَت، وروي ذلك عن علي، وابن عباس، وجابر، وعائشة رضي الله عنهم.
(2)
جاء بعد هذا في نسخة (ب): كتبه الفقير إلى عفو الله إلياس بن غازي بن النتاش الأثري غفر الله له ولوالديه ولسائر المسلمين، وذلك أثناء ربيع الأول من سنة ثمانين وخمس مئة والحمد لله وحده. آخر أبواب النكاح.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب البيوع
(1)
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جَاءَ في تَركِ الشُّبُهَاتِ
1245 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ بنُ سَعيدٍ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بنُ زَيدٍ، عن مُجَالِدٍ، عن الشَّعْبِيِّ
عن النُّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "الحَلالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبَيْنَ ذلِكَ أمُورٌ مُشْتَبِهاتٌ، لا يَدْرِي كثيرٌ من النَّاسِ أمِنَ الحَلالِ هي أم من الحَرَامِ، فمن تَرَكَهَا اسْتِبرَاءً لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، فَقَد سَلِمَ، ومن واقَعَ شيئًا منها، يُوشِكُ أن يُوَاقعَ الحَرَامَ، كما أنَّهُ من يَرْعَى حَولَ الحِمَى، يُوشِكُ أن يُواقِعَهُ، ألا وإنَّ لِكُلَّ مَلِكٍ حِمىً، ألا وإن حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ"
(2)
.
1246 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا وكِيعٌ، عن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَةَ، عن الشَّعْبيِّ
(1)
سقط من (ب) من هنا إلى الحديث رقم (1284).
(2)
حديث صحيح، مجالد بن سعيد وإن كان فيه ضعف تابعه زكريا بن أبي زائدة، وهو في "المسند"(18368).
عن النُّعْمانِ بن بَشِيرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوهُ بمعنَاه
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ. وقد رَوَاهُ غَيْرُ واحِد عن الشَّعْبيِّ، عن النُّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ.
2 - باب ما جاءَ في أكْلِ الرِّبَا
1247 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنا أبو عَوَانةَ، عن سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ عبد اللهِ بنِ مَسْعُودٍ
عن ابنِ مَسْعُودٍ، قال: لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا ومُوكِلَهُ وشَاهِدَيْهِ وكَاتِبَهُ
(2)
.
وفي البابِ عن عُمَرَ، وعَليٍّ وجَابرٍ، وأبي جُحَيْفَةَ.
حديثُ عبدِ الله حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
3 - باب ما جَاءَ في التَّغليظِ في الكَذِبِ والزُّورِ ونَحوِهِ
1248 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ عبدِ الأعْلى الصَّنْعانِيّ، قال: حَدَّثَنا خَالِدُ بنُ الحَارِثِ، عن شُعْبَةَ، قال: حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بنُ أبي بكْرِ بن أنسٍ
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599)، وأبو داود (3330)، وهو في "صحيح ابن حبان"(721).
(2)
صحيح، وأخرجه مسلم (1597)، وأبو داود (3333)، وابن ماجه (2277)، والنسائي 8/ 147، وهو في "المسند"(3725)، و"صحيح ابن حبان"(5025).
وله شاهد من حديث جابر عند مسلم (1598). وانظر تتمة شواهده في "المسند".
عن أنَسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الكبائرِ -، قال:"الشِّرْكُ بِاللهِ، وعُقُوقُ الوَالِدَينِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وقَولُ الزُّورِ"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي بكْرَة، وأيْمَنَ بن خُرَيْمٍ، وابنِ عُمَرَ.
حديثُ أنَسٍ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
4 - باب ما جَاءَ في التُّجَّارِ وتَسْمِيَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُمْ
1249 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بنُ عَيَّاشٍ، عن عَاصِمٍ، عن أبي وائِلٍ
عن قَيْسِ بن أبي غَرَزَةَ، قال: خَرَجَ عَلَيْنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ونحنُ نُسَمَّى السَّماسِرَةَ، فقالَ:"يا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إنَّ الشَّيْطَانَ والإثْمَ يَحْضُرَانِ البَيْعَ، فَشُوبُوا بَيْعَكُم بالصَّدَقَةِ"
(2)
.
وفي البابِ عن البَرَاءِ بن عازِبٍ، ورِفَاعَةَ.
حديثُ قَيْسِ بنِ أبي غَرَزَةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، رَوَاهُ مَنْصُورٌ، والأعْمَشُ، وحَبِيبُ بنُ أبي ثَابتٍ وغَيْرُ واحِدٍ عن أبي وائلٍ، عن قَيسِ بنِ أبي غَرَزَةَ، ولا نَعْرِفُ لِقَيْسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ هذا.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2653)، ومسلم (88)، والنسائي 7/ 88 و 8/ 63، وهو في "المسند"(12336) و (12371).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3326) و (3327)، وابن ماجه (2145)، والنسائي 7/ 14 و 15 و 247، وهو في "المسند"(16134).
1250 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبُو مُعَاويةَ، عن الأعمَشِ، عن شَقِيقِ بنِ سَلمَةَ، عن قَيْسِ بنِ أبي غَرَزَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَهُ بمَعْنَاهُ
(1)
.
وهذا حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ.
1251 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا قَبِيصَةُ، عن سُفيانَ، عن أبي حَمْزَةَ، عن الحَسَنِ
عن أبي سَعيدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأمِينُ، معَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداء"
(2)
.
1252 -
حَدَّثَنا سُوَيْدٌ، قال: أخْبَرنَا ابن المُبَارَكِ، عن سُفْيانَ، عن أبي حَمْزَةَ، بهذا الإسْنَادِ نحوَهُ.
هذا حديثٌ حسنٌ، لا نَعْرِفُهُ إلَّا من هذا الوَجْهِ، من حديثِ الثَّوريِّ عن أبي حَمْزَةَ.
وأبو حَمْزَةَ اسمهُ: عبدُ الله بنُ جَابِرٍ، وهو شَيْخٌ بَصْرِيٌّ.
1253 -
حَدَّثَنا يَحيَى بنُ خَلَفٍ، قال: حَدَّثَنا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عن
(1)
إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو في "المسند"(4079)، وانظر ما قبله.
(2)
حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، الحسن لم يسمع من أبي سعيد الخدري. وأخرجه الدارمي (2539)، والحاكم 2/ 6، والدارقطني 3/ 7، والبغوي (2025).
وله شاهد من حديث ابن عمر يتقوى به عند ابن ماجه (2139).
وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" 3/ 413 عن حديث ابن عمر هذا: وهو حديث جيد الإسناد، صحيح المعنى، ولا يلزم من المعية أن يكون في درجتهم.
عبدِ الله بنُ عُثمانَ بنِ خُثَيمٍ، عن إسمَاعِيلَ بن عُبيْدِ بن رِفَاعةَ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ: أنَّهُ خَرَجَ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى المُصَلَّى، فَرَأى النَّاسَ يَتَبايَعونَ، فقال:"يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ". فَاسْتَجَابُوا لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ورَفَعُوا أعْناقَهُمْ وأبْصَارَهُمْ إليهِ، فقالَ:"إنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَومَ القِيامَةِ فُجَّارًا، إلَّا من اتقى الله وبَرَّ وصَدَقَ"
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
ويقالُ: إسماعيلُ بن عُبَيْدِ اللهِ بن رِفَاعَةَ أيضًا.
5 - باب مَا جَاءَ فِيمَن حَلَفَ على سِلْعَةٍ كاذِبًا
1254 -
حَدَّثَنا محمودُ بنُ غَيْلانَ، قال: حَدَّثَنا أبو دَاوُدَ، قال: أنبأنا شُعْبَةُ، قال: أخْبَرَني عَلِيُّ بنُ مُدْرِكٍ، قال: سَمِعْتُ أبا زُرْعَةَ بنَ عَمْرِو بنِ جَرِيرٍ، يُحَدِّثُ عن خَرَشَة بن الحُرِّ
عن أبي ذَرٍّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللهُ إلَيهِمْ يومَ القِيَامَةِ، ولا يُزَكِّيهِم ولَهُمْ عَذَابٌ أليمٌ". قلت: مَنْ هُم يَا رسولَ الله، فَقَدْ خَابُوا وخَسِرُوا. قال: "المَنَّانُ، والمُسْبِلُ إزَارَهُ، والمُنْفِقُ
(1)
صحيح لغيره. وهذا إسناد ضعيف لجهالة إسماعيل بن عبيد، وأخرجه ابن ماجه (2146)، وهو في "صحيح ابن حبان"(4910)، وقد عنون له: ذكر إثبات الفجور للتجار الذين لا يتقون الله في بيعهم وشرائهم.
وله شاهد صحيح من حديث عبد الرحمن بن شبل عند أحمد (15529).
وآخر عن ابن عباس عند الطبراني (12499) وهو حسن في الشواهد.
سِلعَتَهُ بالحَلِفِ الكاذِبِ"
(1)
.
وفي البابِ عن ابنِ مَسْعُودٍ، وأبي هُرَيْرَةَ، وأبي أُمَامةَ بنِ ثَعْلَبَةَ، وعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ، ومَعقِلِ بن يَسَارٍ.
حديثُ أبي ذرٍّ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
6 - باب ما جاءَ في التَّبكيرِ بالتِّجَارَةِ
1255 -
حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بنُ إبراهيمَ الدَّوْرَقيُّ، قال: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، قال: حَدَّثَنا يَعْلَى بن عَطَاءٍ، عن عُمَارَةَ بنِ حَدِيدٍ
عن صَخْرٍ الغَامِدِيِّ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لأمَّتي في بُكُورِهَا". قال: وكانَ إذا بَعَثَ سَرِيّةً أو جَيْشًا، بَعَثَهُمْ أوَّلَ النّهَارِ، وكانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، وكانَ إذا بَعَثَ تُجّارَه بَعَثَهُمْ أوَّلَ النَّهَارِ، فَأثْرَى وكَثُرَ مَالُهُ
(2)
.
وفي البابِ عن عَلِيٍّ، وابنِ مَسْعُودٍ، وبُرَيْدَةَ، وأنَسٍ، وابنِ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (106)، وأبو داود (4087) و (4088)، وابن ماجه (2208)، والنسائي 5/ 81، و 7/ 245 و 246 و 8/ 208، وهو في "المسند"(21318)، و"صحيح ابن حبان"(4907).
(2)
حديث ضعيف دون قوله: "اللهم بارك لأمتي في بكورها" فهو حسن بشواهده، عمارة بن حديد مجهول.
وأخرجه أبو داود (2606)، وابن ماجه (2236)، والنسائي في "الكبرى"(8833)، وهو في "المسند"(15438)، و"صحيح ابن حبان"(4754) و (4755).
عُمَرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وجَابِرٍ
(1)
.
حديثُ صَخْرٍ الغَامِدِيِّ حديثٌ حسنٌ. ولا نَعْرِفُ لِصَخْرٍ الغَامِدِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ هذا الحَدِيثِ.
وقد رَوَى سُفيان الثّوْرِيُّ، عن شعْبَةَ، عن يَعْلَى بنِ عَطَاءٍ، هذا الحَدِيثَ.
7 - باب ما جَاءَ في الرُّخْصَةِ في الشِّرَاءِ إلى أجَلٍ
1256 -
حَدَّثَنا أبُو حَفْصٍ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، قال: حَدثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: حدثنا عُمَارَةُ بنُ أبي حَفْصَةَ، قال: حدثنا عِكْرِمَةُ
عن عائِشَةَ، قالتْ: كانَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ثَوْبَانِ قِطْريَّانِ غَليظَانِ، فكانَ إذا قَعَدَ فَعَرِقَ، ثَقُلا عَلَيْهِ. فَقَدِمَ بَزٌّ من الشَّامِ لِفُلانٍ اليَهُودِيِّ، فَقُلْتُ: لو بَعثْتَ إليهِ فاشْتَرَيْتَ مِنْهُ ثَوْبَيْنِ إلى المَيْسَرَةِ. فأرْسَلَ إليهِ، فقالَ: قد عَلِمْتُ ما يُريدُ، إنّما يُريدُ أن يذهَبَ بمَالِي، أو بدَرَاهِمِي. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"كَذَبَ، قد عَلِمَ أنِّي من أتْقَاهم وَآدَاهُمْ للأمانَةِ"
(2)
.
(1)
حديث علي هو في "المسند"(1320) وحديث ابن مسعود عند الطبراني (10490)، وحديث ابن عمر عند ابن ماجه (2338)، والطبراني (13390)، وحديث ابن عباس عند الطبراني (10679) و (12966)، وحديث أنس عند البزار (1249)، وحديث جابر عند الطبراني في "الأوسط"(1000)، وحديث بريدة قال الحافظ في "التلخيص" 4/ 97: وصححه ابن السكن.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه النسائي 7/ 294، وهو في "المسند"(25141).
وفي البابِ عن ابنِ عَبَّاسٍ، وأنَسٍ، وأسْمَاءَ ابنة يَزيدَ.
حديثُ عَائِشَةَ حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
وقد رَوَاهُ شُعْبَةُ أيضًا، عن عُمَارَةَ بنِ أبي حَفْصَةَ، سَمِعْتُ محمدَ بن فِرَاسٍ البَصْرِيَّ يَقولُ: سَمِعْتُ أبا دَاوُدَ الطَّيَالِسيَّ يَقُولُ: سُئِلَ شُعْبَةُ يَومًا عن هذا الحديثِ، فقال: لَسْتُ أُحَدِّثُكُم حَتَّى تَقُومُوا إلى حَرَمِيِّ بنِ عُمَارَةَ، فَتُقَبِّلوا رَأْسَهُ، قال: وحَرَمِيٌّ في القَومِ.
أي: إعْجَابًا بهذا الحديثِ.
1257 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا ابنُ أبي عَدِيٍّ وعُثْمانُ بنُ عُمَرَ، عن هِشَام بنِ حَسَّانَ، عن عِكْرِمَةَ
عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: تُوفِّيَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ودِرْعُهُ مَرْهُونةٌ بعِشْرينَ صَاعًا من طَعَامٍ، أخَذهُ لأهْلِهِ
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
1258 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عن هِشَامٍ عن قَتادَةَ، عن أنَسٍ.
قالَ محمدٌ: وحَدَّثَنا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، قال: حَدثني أبي، عن قَتادةَ
عن أنسٍ، قال: مَشَيْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِخُبْزِ شَعِيرٍ وإهَالةٍ سَنِخَةٍ، ولقد رُهِنَ لهُ دِرْعٌ مع يَهُوديٍّ بِعِشْرينَ صَاعًا من طعَامٍ أخَذَهُ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2439)، والنسائي 7/ 303، وهو في "المسند"(2109).
لأهْلِهِ، ولقَدْ سَمِعْتُهُ ذَاتَ يَومٍ يَقُولُ: ما أمْسَى عند آل محمدٍ صلى الله عليه وسلم صَاعُ تَمْرٍ ولا صَاعُ حَبٍّ، وإنَّ عِنْدَهُ يَومَئذٍ لَتِسْعُ نِسْوَةٍ
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
8 - باب ما جَاءَ في كِتابةِ الشُّرُوطِ
1259 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: حدثنا عَبَّادُ بنُ لَيْثٍ صَاحِبُ الكَرَابيس البَصْرِيُّ، قال: حدثنا عبدُ المَجِيدِ بنُ وَهْبٍ، قال:
قال لي العَدَّاءُ بنُ خَالدِ بنِ هَوْذةَ: ألا أُقْرِئُكَ كِتابًا كَتَبهُ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلتُ: بَلى. فَأخْرَجَ لي كِتَابًا: هذا ما اشْتَرَى العَدَّاءُ بن خَالِدِ بن هَوْذَةَ من محمدٍ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا، أو أمَةً، لا دَاءَ ولا غَائِلةَ ولا خِبْثة بَيْعَ المُسْلمِ المُسْلمَ
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (2069)، وابن ماجه (2437)، والنسائي 7/ 288، وهو في "المسند"(11993) و (12360)، و"صحح ابن حبان"(6349).
(2)
حديث حسن كما قال المصنف، وهذا إسناد ضعيف لضعف عباد بن ليث، لكنه متابع، وأخرجه ابن ماجه (2251)، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 7/ 270.
وقد تابعه المنهال بن بحر عند أبي بكر الشافعي في رباعياته كما في "تغليق التعليق" 3/ 219 قال الحافظ: والحديث حسن في الجملة.
وأخرجه البيهقي 5/ 328 من طريق الأصمعي، حدثنا عثمان الشحام، عن أبي رجاء العطاردي، قال: قال العداء بن خالد بن هوذة ..
قال الحافظ في "تغليق التعليق" 3/ 219: وهي متابعة جيدة. =
هذا حديثٌ حسنٌ غَريبٌ، لا نَعْرِفُهُ إلَّا من حديثِ عَبَّادِ بنِ ليثٍ.
وقد رَوَى عَنهُ هذا الحديثَ غَيْرُ واحِدٍ من أهْلِ الحديثِ.
9 - باب ما جَاءَ في المِكْيَالِ والمِيزَانِ
1260 -
حَدَّثَنا سَعِيدُ بنُ يَعْقُوبَ الطَّالَقَانِيُّ، قال: حَدَّثَنا خَالِدُ بنُ عبدِ الله الوَاسِطِيُّ، عن حُسَيْنِ بن قَيْسٍ، عن عِكْرِمةَ
عن ابنِ عَبّاس، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأصْحَابِ الكَيْلِ
= وعلقه البخاري في "صحيحه" قبل الحديث (2079) بلفظ: ويذكر عن العداء بن خالد قال: كتب لي النبي صلى الله عليه وسلم: هذا ما اشترى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من العداء بن خالد
…
قال الحافظ في "تغليق التعليق" 3/ 220: وقد تتبعت طرق هذا الحديث من الكتب التي عزوتها إليها، واتفقت كلها على أن العداء هو المشتري وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو البائع وهو بخلاف ما علقه البخاري فليتأمل. وانطر "الفتح" 4/ 310.
وقال القاضي عياض: ما وقع في البخاري من ذلك يؤول على أنه ذكره بالمعنى على لغة من يطلق اشترى مكان باع وباع مكان اشترى.
وقوله: "غائلة": قال ابن الأثير في هذا الحديث في "النهاية" 3/ 397: الغائلة فيه: أن يكون مسروقًا، فإذا ظهر واستحقَّه مالكه غال مال مشتريه الذي أداه في ثمنه، أي: أتلفه وأهلكه. يُقال: غاله يغوله، واغتاله يغتاله، أي: ذهب به وأهلكه، والغائلة: صفة لخصلة مهلكة.
وقال في "خبثة" 2/ 5: أراد بالخبثة الحرام، كما عبر عن الحلال بالطَّيِّب. والخِبثَة: نوع من أنواع الخبيث، أراد أنه عبد رقيق، لا أنه من قوم لا يحل سبيهم، كمن أُعطِي عهدًا أو أمانًا، أو من هو حر في الأصل.
والمِيزَانِ: "إنَّكُمْ ولِّيْتُم أمْرَيْن هلكت فيه الأممُ السالفة قَبْلَكم"
(1)
.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفهُ مَرْفُوعًا إلَّا من حديثِ حُسَيْنِ بنِ قَيْسٍ، وحُسَيْنُ بن قَيْسٍ يُضَعَّفُ في الحَدِيثِ.
وقَدْ رُوِيَ هذا بإسْنَادٍ صحيحٍ عن ابنِ عَبَّاسٍ، مَوقوفًا
(2)
.
10 - باب مَا جَاءَ في بَيْعِ من يَزِيدُ
1261 -
حَدَّثَنا حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَة، قال: حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بنُ شَميْطِ بنِ عجلانَ، قال: حَدَّثَنا الأخْضَرُ بنُ عَجْلانَ، عن عبدِ اللهِ الحَنَفِيِّ
عن أنسَ بنِ مَالِكٍ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَاعَ حِلسًا وقَدَحًا، وقال:"من يَشْتَرِي هذا الحِلْسَ والقَدَحَ؟ " فقالَ رَجُلٌ: أخَذْتُهُمَا بِدِرْهَمٍ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"من يَزِيدُ على دِرْهَمٍ؟ من يَزِيدُ على دِرْهَمٍ؟ " فأعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَميْنِ، فَبَاعَهُما مِنْهُ
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف حسين بن قيس. وأخرجه الطبراني (11535)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 763، والحاكم 2/ 31، والبيهقي 6/ 32.
(2)
أخرجه البيهقي في "السنن" 6/ 32، وفي "الشعب"(5287)
(3)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الله الحنفي، قال ابن القطان الفاسي في "الوهم والإيهام" 5/ 57 الحديث معلول بأبي بكر الحنفي (عبد الله) فإني لا أعرف أحدًا نقل عدالته، فهو مجهول الحال، وإنما حسن الترمذي حديثه هذا على عادته في قبول المساتير، وقد روى عنه جماعة ليسوا من مشاهير أهل العلم.
قلنا: وقد كره بعض أهل العلم بيع المزايدة، ولم يروا صحة هذا الحديث، وجمهور أهل العلم على جوازه، انظر "فتح الباري" 4/ 354.
وأخرجه أبو داود (1641)، وابن ماجه (2198)، والنسائي 7/ 259، وهو في =
هذا حديثٌ حسنٌ لا نَعْرِفهُ إلّا من حديثِ الأخْضَرِ بن عَجْلانَ.
وعبدُ اللهِ الحَنَفِيُّ الذي رَوَى عن أنَسٍ، هو أبُو بَكْرِ الحَنَفيُّ.
والعَمَلُ على هذا عِنْدَ بعْضِ أهل العلمِ؛ لم يَرَوا بَأسًا بِبَيْعِ من يَزِيدُ في الغَنائِم والمَوَارِيثِ.
وقد رَوَى هذا الحديث المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وغَيرُ واحِدٍ من كِبَارِ النَّاسِ، عن الأخْضَر بنِ عَجْلانَ.
11 - باب ما جَاء في بَيعِ المُدَبَّرِ
1262 -
حَدَّثَنا ابنُ أبي عُمَرَ، قال: حَدَّثَنا سُفْيانُ بنُ عُيَيْنةَ، عن عَمْرِو بنِ دِينارٍ
عن جَابِرٍ: أنَّ رَجُلًا من الأنْصَارِ دَبَّرَ غُلامًا لهُ، فَماتَ ولم يَتْرُكْ مالًا غَيْرَهُ، فَباعَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَاشْتَرَاهُ نُعَيمُ بنُ النَّحَّامِ. قال جَابِرٌ: عَبْدًا قِبطيًّا مَاتَ عامَ الأوَّل، في إمَارَةِ ابنِ الزُّبَيْرِ
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوِيَ من غَيْرِ وجْهٍ عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ.
والعَمَلُ على هذا الحَديثِ عِنْدَ بَعْضِ أهلِ العِلمِ من أصْحَابِ
= "المسند"(11968) و (12134).
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2141)، ومسلم (997) و 3/ 1289، وابن ماجه (2513)، وهو في "المسند"(14133)، و"صحيح ابن حبان"(4930).
النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ: لم يَرَوْا بِبَيْعِ المُدَبَّرِ بَأْسًا، وهو قولُ الشَّافِعِيِّ، وأحْمَدَ، وإسْحَاقَ.
وكَرِهَ قَوْمٌ من أهْلِ العِلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ بَيْعَ المُدَبَّرِ، وهو قَولُ سُفْيانَ الثَّورِيِّ، ومَالِكٍ، والأوْزَاعِيِّ
(1)
.
12 - باب ما جَاءَ في كَرَاهِيةِ تَلَقِّي البُيُوعِ
1263 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا ابنُ المُبَارَكِ، قال: حدثنا سُلَيْمانُ التَّيْمِيُّ، عن أبي عُثمانَ
عن ابنِ مَسْعُودٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ نَهَى عن تَلَقِّي البُيُوعِ
(2)
.
وفي البابِ عن عَلِيٍّ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأبي هُرَيْرَةَ، وأبي سَعِيدٍ، وابن عُمَرَ، ورَجُلٍ من أصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1264 -
حَدَّثَنا سَلمَةُ بنُ شَبيبٍ، قال: حَدَّثَنا عبدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، قال: حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرقي، عن أيُّوبَ، عن محمدِ بنِ سِيرِينَ
عن أبي هُرَيرَةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يُتلقَّى الجَلَبُ، فإن تَلقاهُ إنْسَانٌ فَابتَاعَهُ، فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ فيها بالخِيَارِ، إذا ورَدَ السُّوقَ
(3)
.
(1)
وهو قولُ ابنِ عمر، وسعيد بن المسيب، والشعبي، والنخعي، وابن سيرين، والزهري والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي. انظر "المغني" 14/ 420.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2149)، ومسلم (1518)، وابن ماجه (2180)، وهو في "المسند"(4096)، و"صحيح ابن حبان"(4958).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1519)، وأبو داود (3437)، وابن ماجه (2178)، والنسائي 7/ 257، وهو في "المسند"(7825).
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديثِ أيوبَ.
وحديثُ ابن مَسْعُودٍ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وقد كَرِهَ قَومٌ من أهل العِلمِ تَلَقي البُيُوعِ، وهو ضَرْبٌ من الخَدِيعَةِ، وهو قَوْلُ الشافِعِيَّ، وغَيْرِهِ من أصْحَابِنا.
13 - باب ما جَاءَ لا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ
1265 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ وأحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قالا: حَدَّثَنا سُفْيانُ بنُ عُيَينةَ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ
عن أبي هُرَيْرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقالَ قُتَيْبَةُ: يَبْلُغُ بهِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ"
(1)
.
وفي البابِ عن طَلحَةَ، وأنسٍ، وجَابِرٍ، وابنِ عَبَّاسٍ، وحَكيمِ بن أبي يَزِيدَ عن أبيهِ، وعَمْرِو بن عَوْفٍ المُزنيِّ جَدِّ كَثيرِ بنِ عبدِ الله، ورَجُلٍ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1266 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ وأحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قالا: حَدَّثَنا سُفيانُ بنُ عُيَيْنةَ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جابِرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَبِيعُ حَاضرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ، يَرْزُقِ اللهُ بَعضَهُمْ من بَعْضٍ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (2140)، ومسلم (1413)، وابن ماجه (2175)، والنسائي 6/ 71 - 72 و 7/ 256 و 258 و 259، وهو في "المسند"(7248)، و"صحيح ابن حبان"(4961).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1522)، وأبو داود (3442)، وابن ماجه =
حديثُ أبي هُرَيْرَةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وحديثُ جَابِرٍ في هذا، هو حديثٌ حسنٌ صحيحٌ أيضًا.
والعَمَلُ على هذا الحديثِ عِنْدَ بَعْضِ أهلِ العِلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِم؛ كَرِهُوا أن يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ.
ورَخَّصَ بَعْضُهُمْ في أن يَشْتَرِيَ حَاضِرٌ لِبَادٍ.
وقال الشَّافِعِيُّ: يُكْرَهُ أن يَبيعَ حَاضرٌ لِبَادٍ، وإن بَاعَ، فَالبَيْعُ جَائِزٌ.
14 - باب ما جَاءَ في النَّهْي عن المُحاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ
1267 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قال: حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ، عن سُهَيْلِ بنِ أبي صَالِحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن المحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ
(1)
.
وفي البابِ عن ابنِ عُمَرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وزَيْدِ بنِ ثابتٍ، وسَعْدٍ، وجَابِرٍ، ورَافعِ بنِ خَديجٍ، وأبي سَعيدٍ.
حديثُ أبي هُرَيْرَةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
= (2176)، والنسائي 7/ 256، وهو في "المسند"(14291) و"صحيح ابن حبان"(4960).
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1545)، والنسائي 7/ 39، وأحمد (9088) و (10279).
والمُحَاقَلَةُ: بَيْعُ الزَّرْعِ بالحِنْطَةِ، والمُزابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ على رُؤُوسِ النَّخْلِ بالتَّمْرِ.
والعَملُ على هذا عِنْدَ أكثَرِ أهْلِ العِلمِ؛ كَرِهُوا بَيْعَ المُحَاقَلَةِ والمُزابَنَةِ.
1268 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قال: حَدَّثَنا مَالِكُ بنُ أنسٍ، عن عبدِ الله بنِ يَزيدَ
أنَّ زَيْدًا أبا عَيَّاشٍ، سَألَ سَعْدًا عن البَيْضَاءِ بالسُّلتِ. فقال: أيُّهُمَا أفْضَلُ؟ قال: البَيْضَاءُ، فَنَهَى عن ذلك. وقال سَعْدٌ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُسألُ عن اشتِرَاءِ التَّمْرِ بالرُّطَبِ، فقال لمن حَوْلَهُ:"أيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذا يَبِسَ؟ " قالوا: نعم، فَنَهَى عن ذلك
(1)
.
1269 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا وكيعٌ، عن مَالِكٍ، عن عبدِ الله بن يَزِيدَ، عن زَيْدٍ أبي عَيَّاشٍ، قال: سألنا سَعْدًا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3359) و (3360)، وابن ماجه (2264)، والنسائي 7/ 268 و 269، وهو في "المسند"(1515)، و"صحيح ابن حبان"(4997).
البيضاء: هو الشعير، والسُّلت: ضرب من الشعير لا قشر له يكون في الحجاز.
قال الإمام محمد بن الحسن في "الموطأ" بعد رواية هذا الحديث: وبهذا نأخذ، لا خير في أن يشتري الرجل قفيز رطب بقفيزين من تمر يدًا بيد، لأن الرطب ينقص إذا جف، فيصير أقل من قفيز، فلذلك فسد البيع فيه.
قال المباركفوري: وبه قال أحمد والشافعي ومالك وغيرهم.
والعَمَلُ على هذا عِنْد أهْلِ العِلمِ، وهو قولُ الشَّافِعِيِّ، وأصْحابِنا.
15 - باب ما جَاءَ في كرَاهيةِ بَيعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا
1270 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا إسمَاعِيلُ بنُ إبراهيمَ، عن أيُّوبَ، عن نافِعٍ
عن ابنِ عُمَرَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُو
(1)
.
1271 -
وبِهذا الإسْنَادِ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ ويأمَنَ العَاهَةَ، نَهَى البَائعَ والمشْتَري
(2)
.
وفي البابِ عن أنَسٍ، وعَائِشَةَ، وأبي هُرَيْرَةَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وجَابِرٍ، وأبي سَعيدٍ، وزَيْدِ بنِ ثَابتٍ.
حديثُ ابنِ عُمَرَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهلِ العِلمِ من أصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1535)، وأبو داود (3368)، والنسائي 7/ 270 - 271، وهو في "المسند"(4493)، وزادوا فيه: ونهى عن بيع السنبل
…
إلخ وهو الحديثُ التالي.
وقوله حتى يزهوَ، يقال زها النخل يزهو: إذا ظهرت ثمرته، وأزهى يُزهي: إذا احمرَّ أو اصفرَّ، ووقع رباعيًا في "الصحيح"(1488) و (2198) وثلاثيًا عند مسلم (1535) كلاهما من حديث أنس.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(4994) وانظر ما قبله.
وغَيْرِهِم: كَرِهُوا بَيْع الثِّمَارِ قَبْلَ أن يَبْدُوَ صَلاحُهَا، وهو قَولُ الشَّافِعِيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
1272 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بنُ عَليٍّ الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنا أبو الوليدِ وعَفّانُ وسُلَيمانُ بنُ حَرْبٍ، قالوا: حَدَّثَنا حَمَّادُ بنُ سَلمَةَ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ العِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ، وعن بَيعِ الحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفهُ مَرْفُوعًا إلا من حديثِ حَمَّادِ بن سَلمَةَ.
16 - باب ما جَاءَ في النَّهي عن بَيعِ حَبلِ الحَبلَةِ
1273 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ
عن ابنِ عُمَرَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ
(2)
.
وفي البابِ عن عبدِ الله بن عَبَّاسٍ، وأبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ.
حديثُ ابنِ عُمَرَ حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3371)، وابن ماجه (2217)، وهو في "المسند"(13314)، و"صحيح ابن حبان"(4993).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2143)، ومسلم (1514)، وأبو داود (3380) و (3381)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 293، وفي "الكبرى"(6217 - 6221)، وهو في "المسند"(394)، و"صحيح ابن حبان"(4946) و (4947).
وحبل الحبلة: أن تُنتَج الناقة ما في بطنها، ثم تحملَ التي نُتجت.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهلِ العِلمِ.
وحَبَلُ الحَبَلَةِ: نِتاجُ النِّتاجِ، وهو بَيعٌ مَفْسُوخٌ عندَ أهلِ العِلمِ، وهو من بُيُوعِ الغَرَرِ.
وقد رَوَى شُعْبَةُ هذا الحديثَ عن أيوبَ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عَبَّاسٍ
(1)
.
ورَوَى عبدُ الوَهَّابِ الثَّقفِيُّ وغَيْرُهُ، عن أيُّوبَ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ ونَافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا أصَحُّ.
17 - باب ما جَاءَ في كَرَاهِيةِ بَيعِ الغَرَرِ
1274 -
حَدَّثَنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حَدَّثَنا أبو أُسَامةَ، عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأعْرَجِ
عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بَيْعِ الغَرَرِ وبَيْعِ الحَصَاةِ
(2)
.
وفي البابِ عن ابنِ عُمَرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأبي سَعيدٍ، وأنَسٍ.
حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا الحديثِ عندَ أهلِ العِلمِ؛ كَرِهُوا بَيْعَ الغَرَرِ.
(1)
حديث صحيح، أخرجه النسائي 7/ 293، وهو في "المسند"(2145).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1513)، وأبو داود (3376)، وابن ماجه (2194)، والنسائي 7/ 262، وهو في "المسند"(7411)، و"صحيح ابن حبان"(4951) و (4977).
قال الشَّافِعِيُّ: ومِن بُيُوعِ الغَرَرِ بَيْعُ السَّمَكِ في الماءِ، وبَيْعُ العَبْدِ الآبقِ، وبَيعُ الطَّيْرِ في السَّماءِ، ونحوُ ذلك من البُيُوعِ.
ومَعْنى بَيْعِ الحَصَاةِ، أن يَقُولَ البائعُ للمُشْتَري: إذا نَبَذت إليكَ بالحصَاةِ، فقد وَجَبَ البَيْعُ فِيما بَيْني وبَيْنَكَ، وهذا شَبِيهٌ بِبَيْعِ المُنابَذَةِ، وكانَ هذا من بُيُوعِ أهلِ الجاهِليَّةِ.
18 - باب ما جاءَ في النَّهي عن بَيعَتَيْنِ في بَيْعةٍ
1275 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا عَبْدَةُ بنُ سُلَيمانَ، عن محمدِ بنِ عَمْرٍو، عن أبي سَلمَةَ
عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن بَيْعَتَيْنِ في بيْعَةٍ
(1)
.
وفي البابِ عن عبدِ الله بنِ عَمْرٍو، وابنِ عُمَرَ، وابنِ مَسْعُودٍ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عندَ أهلِ العِلمِ. وقد فَسَّرَ بَعْضُ أهلِ العِلمِ، قالوا: بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ، أن يَقولَ: أبِيعُكَ هذا الثَّوبَ بِنَقْدٍ بِعَشْرَةٍ، وبِنَسيئةٍ بِعِشْرِينَ، ولا يُفارِقُهُ على أَحَدِ البَيْعَيْنِ، فإذا فَارَقَهُ على
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه النسائي 7/ 295 - 296، وهو في "المسند"(9584)، و"صحيح ابن حبان"(4973).
وأخرجه أبو داود (3461)، وابن حبان (4974) بلفظ:"من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا". وإسناده حسن.
ويشهد له حديث ابن مسعود وابن عمر وابن عمرو في "المسند"(3725) و (5395) و (6628).
أَحدِهِما، فلا بَأسَ إذا كانَتِ العُقْدَةُ على واحدٍ مِنْهُمَا.
قال الشَّافِعِيُّ: ومِن مَعْنَى ما نَهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن بَيْعَتَيْنِ في بَيْعةٍ، أن يَقُولَ: أبِيعُكَ دَارِي هذهِ بكذا، على أن تَبِيعَنِي غُلامَكَ بِكَذا، فإذا وجَبَ لي غُلامُكَ وجَبَت لكَ دَاري، وهذا تفارُقٌ عن بَيْعٍ بِغَيْرِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ، ولا يَدْرِي كلُّ واحدٍ مِنهُما على ما وقَعَتْ عليهِ صَفَقَتُهُ
(1)
.
19 - باب ما جَاءَ في كَرَاهِيةِ بَيْعِ ما لَيْسَ عِندَهُ
1276 -
حَدَّثَنا قُتَيبَةُ، قال: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، عن أبي بِشْرٍ، عن يُوسُفَ بن ماهَكَ
عن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ، قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يَأتِيني الرَّجُلُ، فيَسْألُنِي من البَيْعِ ما لَيْسَ عِنْدِي، أبْتَاعُ لهُ من
(1)
قال ابن القيّم في "تهذيب السنن" 5/ 105: ومعنى الحديث: أن يقول: أبيعكها بمئة إلى سنة على أن أشتريها منك بثمانين حالة، وهذا معنى الحديثِ المطابقِ لقوله:"فله أوكَسُهُمَا أو الرِّبا" فإنه إما أن يأخذَ الثمنَ الزائدَ فيُربي، أو الثمنَ الأولَ، فيكون هو أوكسَهما، وهو مطابقٌ لصفقتين في صفقة، فإنه قد جمع صفقتي النقدِ والنسيئةِ في صفقة واحدة ومبيعٍ واحد، وهو قد قصدَ بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجَّلَة أكثر منا، ولا يستحق إلا رأس ماله وهو أوكسُ الصفقتين، فإن أبى إلا الأكثرَ كان قد أخذ الرِّبا، فتدبر مطابقةَ هذا التفسير لألفاظه صلى الله عليه وسلم وانطباقه عليها.
قلنا: وبهذا التفسير يتبينُ لك خطأُ الاستدلالِ بهذا الحديث على منع بيع التقسيطِ من بعض منتحلي العلمِ في عصرنا، فخالف بذلك جمهورَ أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة القائلون بجوازه وحِلِّيَتِه.
السُّوقِ ثُمَّ أبِيعُهُ منه؟ قال: "لا تَبعْ ما لَيْسَ عِنْدَكَ"
(1)
.
1277 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عن أيُّوبَ، عن يُوسُفَ بنِ ماهَكَ
عن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ، قال: نَهَانِي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن أبِيعَ ما لَيْسَ عِنْدِي
(2)
.
هذا حديث حسن.
وفي الباب عن عبد الله بن عَمرو.
1278 -
حَدَّثَنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، قال: حَدَّثَنا إسْمَاعِيلُ بنُ إبْراهِيمَ، قال: حَدَّثَنا أيُّوبُ، قال: حَدَّثَنا عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، قال: حَدَّثَني أبي، عن أبيهِ
حتَّى ذَكَرَ عبدَ اللهِ بن عَمْرٍو، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيْعٌ، ولا شَرْطَانِ في بَيْعٍ، ولا رِبْحُ ما لَم يُضْمَنُ، ولا بَيْعُ ما ليسَ عِنْدَكَ"
(3)
.
وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (3503)، وابن ماجه (2187)، والنسائي 7/ 289، وفي "الكبرى"(6162)، وهو في "المسند"(15311)، و"صحيح ابن حبان"(4983).
(2)
صحيح لغيره، وانظر ما قبله.
(3)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (3504)، وابن ماجه (2188)، و 7/ 288 و 289 و 295، وهو في "المسند"(6628)، و"صحيح ابن حبان"(4321).
قال إسحاقُ بنُ مَنْصُورٍ: قُلتُ لأحمدَ: نَهَى عن سلفٍ وبَيْعٍ؟ قال: أن يكُونَ يُقْرِضُهُ قَرْضًا، ثُمَّ يُبَايعُهُ بَيْعًا يَزْدادُ عليهِ، ويَحْتَمِلُ أن يَكُونَ يُسْلِفُ إليهِ في شَيءٍ، فَيَقُولُ: فإن لم يَتَهيَّأْ عِنْدَكَ، فهُوَ بَيْعٌ عَلَيْكَ.
قال إسحاقُ
(1)
: كما قال.
قُلتُ لأحمدَ: وعن ربح
(2)
ما لم يُضمن؟ قال: لا يكُونُ عِنْدِي إلا في الطَّعامِ ما لَمْ يَقْبِضْ.
قال إسحاقُ: كما قال، في كُلَّ ما يُكَالُ ويُوزَنُ.
قال أحمدُ: وإذا قال: أبِيعُكَ هذا الثَّوبَ وعَلَيَّ خِياطَتُهُ وقِصَارتهُ، فهذا من نحوِ شَرْطَيْنِ في بَيْعٍ، وإذا قال: أبيعُكهُ، وعَلَيَّ خِياطتُهُ، فَلا بأسَ بهِ، أو قال: أبِيعُكَهُ وعَلى قِصَارتُهُ، فَلا بأسَ بهِ إنَّما هذا شَرْطٌ واحِدٌ.
قال إسحاقُ: كما قال
(3)
.
حديثُ حَكِيم بنِ حِزَامٍ حديثٌ حسنٌ، قد رُوِيَ عنهُ من غير وجهٍ، رَوَى أيُّوبُ السَّخْتيانيُّ وأبو بِشْرٍ عن يُوسُفَ بنِ ماهِكَ، عن حَكِيمِ بنِ حِزامٍ.
(1)
في المطبوع: يعني ابن راهويه.
(2)
في (ب): بيع.
(3)
انظر في هذا لزامًا "المغني" 6/ 321 - 327.
ورَوَى هذا الحَدِيثَ عَوْفٌ وهِشامُ بنُ حَسَّانَ، عن ابنِ سِيرِينَ، عن حَكِيمِ بن حِزَامٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهذا حديثٌ مُرْسَلٌ، إنما رَوَاهُ ابنُ سِيرِينَ عن أيُّوبَ السَّخْتيانيِّ عن يُوسُفَ بنِ ماهِكَ، عن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ.
1279 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بنُ عَليًّ الخَلّالُ وعبْدَةُ بنُ عبدِ اللهِ، وغَيْرُ واحِدٍ، قالوا: حَدَّثَنا عبد الصَّمَدِ بن عبدِ الوَارِثِ، عن يَزِيدَ بنِ إبراهِيمَ، عن ابنِ سِيرينَ، عن أيُّوبَ، عن يُوسُفَ بنِ ماهَكَ
عن حَكِيمٍ، قال: نَهانِي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن أبيعَ ما ليسَ عِنْدِي
(1)
.
ورَوَى وكِيعٌ هذا الحديثَ، عن يَزِيدَ بنِ إبراهيمَ، عن ابنِ سِيرينَ، عن أيُّوبَ، عن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ، ولَم يَذْكُرْ فيهِ: عن يُوسُفَ بن مَاهِكَ.
ورِوَايةُ عبدِ الصَّمَدِ أصَحُّ.
وقَد رَوَى يَحْيَى بنُ أبي كَثيرٍ هذا الحديثَ، عن يَعْلَى بنِ حَكِيمٍ، عن يُوسُفَ بنِ ماهِكَ، عن عبدِ اللهِ بنِ عِصْمةَ، عن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
والعملُ على هذا الحديثِ عندَ أكثَرِ أهلِ العِلمِ؛ كَرِهُوا أن يَبِيعَ
(1)
صحيح لغيره، وانظر (1276).
الرَّجُلُ ما لَيْسَ عِنْدَهُ
(1)
.
20 - باب ما جَاءَ في كَراهيةِ بَيْعِ الوَلاءِ وهِبَتِهِ
1280 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بشارٍ، قال: حَدَّثَنا عبدُ الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حَدَّثَنا سُفْيانُ وشُعْبَةُ، عن عبدِ اللهِ بنِ دِينارٍ
عن ابنِ عُمَرَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ الوَلاءِ وهِبَتِهِ
(2)
.
(1)
ذكر الفقهاء أنه لا يصح التعاقد على معدوم كبيع الزرع قبل ظهوره، لاحتمال عدم نباته، ولا على ما لَه خطر العدم - أي احتمال عدم الوجود - كبيع الحمل في بطن أمه لاحتمال ولادته ميتًا، وكبيع اللبن في الضرع، لاحتمال عدمه لكونه انتفاخًا، وقد استثنوا من قاعدة المنع من التصرف بالمعدوم عقود السلم والاستصناع والإجارة والمساقاة، مع عدم وجود المحل المعقود عليه حين إنشاء العقد استحسانًا، مراعاة لحاجة الناس إليها، وتعارفهم عليها، وإذن الشرع في السلم والإجارة والمساقاة ونحوها.
وأجاز الحنابلة بيع المعدوم عد العقد إذا كان محقق الوجود في المستقبل، بحسب العادة، كبيع الدار على الهيكل أو الخريطة، وعللوا ذلك بعدم ثبوت النهي عن بيع المعدوم لا في الكتاب ولا وفي السنة، وإنما ورد النهي عن بيع الغرر، وهو ما لا يُقدر على تسليمه، سواء أكان موجودًا أم معدومًا، كبيع الفرس الهارب والجمل الشارد، وقالوا: إن الشرع صحح بيع المعدوم في بعض المواضع، فقد أجاز بيعَ الثمر بعد بُدُوِّ صلاحه، والحبَّ بعد اشتداده، والعقدُ في هذه الحالة ورد على الموجود والمعدوم الذي لم يخلق بعد، وأما حديثُ النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان فالسببُ فيه هو الغرر، لعدم القدرة على التسليم لا أنه معدوم. انظر العقود لابن تيمية 227 - 232 و"إعلام الموقعين" 1/ 492.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2535)، ومسلم (1506)، وأبو داود (2919)، وابن ماجه (2747)، والنسائي 7/ 306، وهو في "المسند"(4560)، =
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، لا نعْرفهُ إلَّا من حديثِ عبد الله بن دينَارٍ، عن ابنِ عُمَرَ.
والعملُ على هذا الحديثِ عندَ أهلِ العلمِ
وقد رَوَى يَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ هذا الحديثَ عن عُبَيْد الله
(1)
بنِ عُمَرَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمَرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ نَهَى عن بَيْعِ الوَلاءِ وهِبَتِهِ، وهو وَهْمٌ وهِمَ فيهِ يحيى بنُ سُلَيْمٍ
(2)
. ورَوَى عبدُ الوهَّابِ الثَّقَفِيُّ وعبدُ الله بنُ نُمَيْرٍ وغيرُ واحِدٍ عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عن عبدِ اللهِ بنِ دِينَارٍ، عن عبد الله بنِ عُمَرَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم. وهذا أصَحُّ من حديث يَحْيَى بنِ سُلَيْمٍ.
21 - باب ما جَاءَ في كرَاهِيةِ بَيْعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسِيئَةً
1281 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ مُثَنَّى أبو مُوسى، قال: حَدَّثَنا عبدُ الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، عن حَمَّادِ بنِ سَلمَةَ، عن قَتادَةَ، عن الحَسَنِ
= و"صحيح ابن حبان"(4948).
وسيأتي برقم (2259).
(1)
في (د) و (س): عبد الله، وهو خطأ.
(2)
فإنه قد خالف غير واحد من الثقات الحفاظ، فإنهم يذكرون بينهما عبد الله بن دينار.
عن سَمُرَةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسِيئَةً
(1)
وفي البابِ عن ابنِ عَبَّاسٍ، وجَابِرٍ، وابنِ عُمَرَ.
حديثُ سمُرَةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وسمَاعُ الحَسَنِ من سَمُرَةَ صحيحٌ، هكذا قال عَليُّ بنُ المدينيّ وغَيْرُهُ
(2)
.
والعملُ على هذا عِندَ أكثَرِ أهلِ العِلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيْرِهِم، في بَيْعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسِيئَةً. وهو قَولُ سُفْيانَ الثَّورِيِّ، وأهلِ الكُوفَةِ، وبهِ يَقُولُ أحمدُ.
وقد رَخَّصَ بَعْضُ أهلِ العِلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ في بَيْعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسِيئةً. وهو قَولُ الشَّافِعِيِّ، وإسحاقَ.
(1)
حسن لغيره، وأخرجه أبو داود (3356)، وابن ماجه (2270)، والنسائي 7/ 292، وهو في "المسند"(20143).
ويشهد له حديث جابر التالي، وهو في "المسند"(14331).
(2)
قال العلائي في "جامع التحصيل" ص 165: وأما رواية الحسن عن سمرة بن جندب، ففي "صحيح البخاري" سماعه منه لحديث العقيقة، وقد روى عنه نسخة كبيرة غالبها في السنن الأربعة، وعند علي بن المديني أن كلها سماع، وكذلك حكى الترمذي عن البخاري نحو هذا. وقال يحيى بن سعيد القطان وجماعة كثيرون: هي كتاب وذلك لا يقتضي الانقطاع.
وفي مسند أحمد (20136) حدثنا هشيم، عن حميد الطويل، قال: جاء رجل إلى الحسن البصري، فقال: إن عبدًا له أبق وإنه نذر إن قدر عليه أن يقطع يده، فقال الحسن: حدثنا سمرة قال: فلما خطب النبي صلى الله عليه وسلم خُطبة إلا أمر فيها بالصدقة، ونهى فيها عن المثلة.
1282 -
حَدَّثَنا أبو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ، قال: حَدَّثَنا عبدُ الله بنُ نُمَيرٍ، عن الحَجَّاجِ، وهو ابنُ أرْطاةَ، عن أبي الزبَيْرِ
عن جَابِرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الحَيَوانُ اثنَينِ بِوَاحِدٍ، لا يَصْلُحُ نَسِيئًا
(1)
، ولا بَأسَ بهِ يَدًا بيَدٍ"
(2)
.
هذا حديثٌ حسنٌ.
22 - باب ما جَاءَ في شِرَاءِ العَبْدِ بالعَبْدَينِ
1283 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قال: أخْبَرَنا اللَّيْثُ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جَابِرٍ، قال: جَاءَ عَبْدٌ، فَبَايَعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم على الهِجْرَةِ، ولا يَشْعُرُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ عَبْدٌ فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"بِعْنيهِ"، فاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أسْوَدَيْنِ، ثُم لم يُبَايعْ أحَدًا بَعْدُ حَتَّى يَسألَهُ: أعَبْدٌ هُو
(3)
؟
وفي البابِ عن أنسٍ.
حديثُ جَابِرٍ حَدِيثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعَملُ على هذا عِنْدَ أهلِ العِلمِ، أنَّهُ لا بَأسَ بعَبدٍ بعَبْدَينِ،
(1)
في (أ) و (د): نساءً.
(2)
حسن لغيره، وأخرجه ابن ماجه (2271)، وانظر ما قبله.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2195)، وأبو داود (3358)، وابن ماجه (2869)، والنسائي 7/ 150 و 292 - 293، وهو في "المسند"(14772)، وسيأتي برقم (1686).
يدًا بِيدٍ، واخْتَلَفُوا فيهِ إذا كانَ نَساءً.
23 - باب ما جَاءَ أن الحِنْطةَ بالحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وكَرَاهِيةَ التَّفَاضُلِ فِيهِ
1284 -
حَدَّثنا سُوَيْدُ بنُ نَصْرٍ، قال: أخبرنا عَبدُ اللهِ بن المُبَاركِ، قال: أخْبَرَنا سُفْيانُ، عن خَالِدٍ الحَذّاءِ
(1)
، عن أبي قِلابةَ، عن أبي الأشْعَثِ
عن عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"الذَّهَبُ بالذَّهَبِ مِثْلًا بِمثْلٍ، والفِضّةُ بالفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، والتّمْرُ بالتَّمْرِ مثلًا بِمِثْلٍ، والبُرُّ بالبُرُّ مِثْلًا بمِثْلٍ، والمِلحُ بالمِلْحِ مِثْلًا بِمثلٍ، والشَّعِيرُ بالشّعِيرِ مِثْلًا بمثلٍ، فمن زَادَ أو ازدَادَ فَقَد أرْبَى، بِيعُوا الذهَبَ بالفِضّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ، يدًا بيدٍ، وبِيعُوا البُرَّ بالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُم يدًا بيد، وبيعُوا الشَّعِيرَ بالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُم يدًا بِيدٍ"
(2)
.
وفي البابِ عن أبي سَعيدٍ، وأبي هُرَيْرَةَ، وبِلالٍ.
حديثُ عُبادَةَ حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ.
وقد رَوَى بَعْضُهُمْ هذا الحديثَ عن خَالِدٍ بهذا الإسْنادِ، قال:"بِيعُوا البُرَّ بالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ".
(1)
إلى هنا السقط في (ب).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1587)، وأبو داود (3349) و (3350)، والنسائي 7/ 276 و 277، وهو في "المسند"(22683)، و"صحيح ابن حبان"(5015) و (5018).
ورَوَى بَعْضُهُم هذا الحديثَ عن خَالِدٍ، عن أبي قِلابَةَ، عن أبي الأشْعَثِ، عن عُبَادَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم الحديثَ، وزَادَ فيهِ قال خَالِدٌ: قال أبو قِلابةَ: بِيعُوا البُرَّ بالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُمْ فَذَكَرَ الحديثَ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهلِ العِلمِ؛ لا يَرَوْنَ أن يُباعَ البُرُّ بالبُرِّ إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَإذا اخْتَلَفَتِ الأصْنَافُ، فَلا بَأسَ أن يُبَاعَ مُتَفَاضِلاً إذا كانَ يدًا بيدٍ، ولا بأس أن يباع البُر بالشعير متفاضلًا إذا كان يدًا بيدٍ، وهذا قَولُ أكثَرِ أهْلِ العِلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِم، وهو قَولُ سُفْيانَ الثَّورِيِّ والشَّافِعِيِّ، وأحمدَ وإسحاقَ.
قال الشَّافعيُّ: والحُجة في ذلك قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "بِيعُوا الشَّعِيرَ بالبُرِّ كَيْفَ شِئْتُمْ، يدًا بيدٍ".
وقد كَرِهَ قَومٌ من أهلِ العِلمِ أن تُبَاعَ الحنْطَةُ بالشَّعِير إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وهو قَولُ مالِكِ بنِ أنَسٍ، والقَولُ الأوَّلُ أصَحُّ.
24 - باب مَا جَاءَ في الصَّرْفِ
1285 -
حَدَّثَنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدثنا حُسَيْن بنُ محمدٍ، قال: حدثنا شَيْبَانُ، عن يَحْيَى بنِ أبي كَثِيرٍ، عن نَافِعٍ، قال:
انْطَلَقتُ أنا وابن عُمَرَ إلى أبي سَعِيدٍ، فَحَدَّثَنا؛ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: سَمِعَتْهُ أُذُنايَ هاتان يقولُ: "لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ
إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، والفِضَّةَ بالفِضَّةِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، لا يُشَفُّ بَعْضُهُ على بَعْضٍ، ولا تَبِيعُوا مِنْهُ غَائِبًا بِنَاجِزٍ"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي بكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ، وأبي هُرَيْرَةَ، وهِشَامِ بنِ عَامِرٍ، والبَرَاءِ، وزَيْدِ بنِ أرْقَمَ، وفَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ، وأبي بكْرَةَ، وابنِ عُمَرَ، وأبي الدَّرْدَاءِ، وبِلالٍ.
حَدِيثُ أبي سَعِيدٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الرِّبَا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عِنْدَ أهلِ العِلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ، إلَّا مَا رُوِيَ عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّهُ كانَ لا يَرَى بَأسًا أن يُبَاعَ الذَّهَبُ بالذَّهَبِ مُتَفاضِلًا، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ مُتَفَاضِلًا، إذا كانَ يدًا بيدٍ، وقال: إنما الرِّبَا في النَّسِيئَةِ، وكَذلِكَ رُوِيَ عن بَعْضِ أصْحَابِهِ شَيءٌ مِن هذا، وقد رُويَ عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّهُ رَجَعَ عن قَولِهِ حينَ حَدَّثَهُ أبو سَعيدٍ الخُدْرِيُّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. والقَولُ الأوَّلُ أصَحُّ.
والعملُ على هذا عندَ أهلِ العِلمِ.
وهو قَولُ سُفْيَانَ الثَّورِيِّ، وابنِ المُبَارَكِ، والشَّافِعِيَّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2176)، ومسلم (1584)، والنسائي 7/ 278 و 279، وهو في "المسند"(11006)، و"صحيح ابن حبان"(5016) و (5017).
قوله: "لا يشف": لا يفضل ولا يزاد.
ورُوِيَ عن ابنِ المُبَارَكِ أنَّهُ قال: ليسَ في الصَّرفِ اخْتِلافٌ.
1286 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بنُ عَليٍّ الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بنُ هارُونَ، قال: أخْبَرَنا حَمَّادُ بنُ سَلمَةَ، عن سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ
عن ابنِ عُمَرَ، قال: كُنْتُ أبيعُ الإبِلَ بالبَقِيعِ، فأبيعُ بالدَّنَانِيرِ، فآخُذُ مَكانَهَا الورِقَ، وأبيعُ بالوَرِقِ فآخُذُ مكانَهَا الدَّنَانيرَ، فأتَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَوَجدْتُهُ خَارجًا من بَيْتِ حَفْصَةَ، فَسَألتُهُ عن ذلكَ، فقال:"لا بَأسَ بهِ بالقِيمَةِ"
(1)
.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفُهُ مَرفُوعًا إلَّا من حديثِ سِمَاكِ بن حَربٍ، عن سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عُمَرَ. ورَوَى داود بن أبي هِنْدٍ هذا الحديثَ، عن سَعيدِ بن جُبَيْرٍ، عن ابنِ عُمَرَ مَوقوفًا.
والعَمَلُ على هذا عندَ بعضِ أهلِ العِلمِ؛ أن لا بَأسَ أن يقبض الذَّهَبَ من الوَرِقِ، والوَرِقَ من الذَّهَبِ، وهو قَولُ أحمدَ، وإسحاقَ.
وقد كَرِهَ بَعْضُ أهلِ العِلمِ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ، ذلكَ.
(1)
إسناده ضعيف لانفراد سماك برفعه، وأخرجه أبو داود (3354) و (3355)، وابن ماجه (2262)، والنسائي 7/ 281 - 282 و 283، وهو في "المسند"(4883).
وأخرجه موقوفًا النسائي 7/ 282. وانظر تتمة كلامنا عليه في "المسند".
1287 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابنِ شِهَابٍ
عن مَالِكِ بنِ أوْسِ بنِ الحَدَثَانِ، أنَّهُ قالَ: أقْبَلتُ أقولُ: من يَصْطَرِفُ الدَّرَاهِمَ؟ فقال طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وهو عِنْدَ عُمَرَ بنِ الخَطَّاب: أرِنا ذَهَبَكَ ثمَّ ائْتِنَا إذا جَاءَ خَادِمُنا نُعْطِكَ ورِقَكَ. قال عُمَرُ: كَلَّا، واللهِ لَتُعْطِيَنَّهُ ورِقَهُ أو لَتَرُدَّنَّ إلَيْهِ ذَهَبَهُ، فإنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"الوَرِقُ بالذَّهَبِ رِبًا إلَّا هَاءَ وهَاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ ربًا إلَّا هَاءَ وهَاءَ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ رِبًا إلَّا هَاءَ وهَاءَ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رِبًا إلَّا هَاءَ وهَاءَ"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2134)، ومسلم (1586)، وأبو داود (3348)، وابن ماجه (2253) و (2259) و (2260)، والنسائي 7/ 273، وهو في "المسند"(162)، و"صحيح ابن حبان"(5013) و (5019).
وقوله: "هاء وهاء"، قال الحافظ في "الفتح" 4/ 378: بالمد فيهما وفتح الهمزة، وقيل: بالكسر، وقيل: بالسكون، وحُكي القصر بغير همز وخطأها الخطابي، ورد عليه النووي، وقال: هي صحيحة، لكن قليلة، والمعنى: خذ وهات، وحكي:"هاكِ" بزيادة كاف مكسورة، ويقال:"هاء" بكسر الهمزة، بمعنى هاتِ، وبفتحها بمعنى: خذ، بغير تنوين، وقال ابن الأثير: هاء وهاء، هو أن يقول كلُّ واحد من البَيَّعين هاء، فيعطيه ما في يده كالحديث الآخر "إلا يدًا بيد" يعني مقابضة في المجلس، وقيل: معناه خذ وأعط، قال: وغير الخطابي يجيز فيه السكون على حذف العوض، ويتنزل منزلة "ها" التي للتنبيه، وقال ابن مالك:"ها" اسم فعل بمعنى: خذ، وإن وقعت بعد "إلا" فيجب تقدير قولٍ قبلَه يكونُ به مَحكيًا، فكأنه قيل: ولا الذهب بالذهب إلا مقولًا عنده من المتبايعين: هاء وهاء، وقال الخليل: كلمة تستعمل عند المناولة، والمقصود من قوله:"هاء وهاء" أن يقول كل واحد من المتعاقدين لصاحبه: هاء فيتقابضان في المجلس، قال ابن =
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عندَ أهلِ العِلمِ.
ومَعْنى قَوْلِهِ "إلا هَاءَ وهَاءَ": يَقُولُ يدًا بيدٍ.
25 - باب مَا جَاءَ في ابْتِيَاعِ النَّخْلِ بَعْدَ التَّأْبِيرِ، والعَبْدِ ولهُ مَال
1288 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سَالِمٍ
عن أبيهِ، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "من ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أن تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُها لِلذِي بَاعَهَا، إلّا أن يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ، ومن باع عَبْدًا ولهُ مَالٌ، فَمالُهُ لِلَّذي بَاعَهُ، إلَّا أن يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ"
(1)
.
وفي البابِ عن جَابِرٍ.
حديثُ ابنِ عُمَرَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. هكذا رُوِيَ من غَيْرِ وَجْهٍ عن الزُّهريِّ، عن سالم
عن ابنِ عُمَرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "من ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أن تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا للبَائِعِ إلَّا أن يَشْتَرِطَ المُبْتَاع، ومن بَاعَ عبدًا ولهُ مالٌ فَمَالُهُ
= مالك: حقّها أن لا تقع بعدَ إلا كما لا يقع بعدَها خُذ، قال: فالتقدير: لا تبيعوا الذهب بالورق إلا مقولًا بين المتعاقدين هاء وهاء.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2203) و (3379)، ومسلم (1543)(80)، وأبو داود (3433)، وابن ماجه (2211)، والنسائي 7/ 297، وهو في "المسند"(4552)، و"صحيح ابن حبان"(4922) و (4923).
للبائع، إلَّا أن يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ".
ورُوِيَ عن نَافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من ابْتَاعَ نَخْلًا قد أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُها لِلبَائِعِ، إلَّا أن يَشْتَرِطَ المُبْتَاعَ".
ورُوِيَ عن نَافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، عن عُمَرَ، أنَّه قال: من باعَ عَبْدًا ولهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبائِعِ إلَّا أن يَشْترِطَ المُبْتَاعُ.
هكذا روى عُبَيْدُ اللهِ بن عُمَرَ وغَيْرُهُ عن نَافعٍ، الحَديثَيْنِ.
وقد رَوَى بَعْضُهُم هذا الحديثَ عن نَافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أيضًا.
ورُوي عن عِكْرِمَةَ بنِ خَالدٍ عن ابنِ عُمَرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوُ حديثِ سَالِمٍ.
والعملُ على هذا الحديثِ عندَ بعضِ أهلِ العلمِ، وهو قَولُ الشَّافِعِيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
قال محمدٌ: حديثُ الزُّهْرِيِّ، عن سَالمٍ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أصَحُّ.
26 - باب مَا جَاء البيِّعان بالخيَارِ مَا لَم يتفَرَّقَا
1289 -
حَدَّثَنا واصِلُ بنُ عبدِ الأعْلَى الكوفي، قال: حَدَّثَنا محمدُ بنُ فُضَيْلٍ، عن يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عن نافعٍ
عن ابنِ عُمَرَ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "البَيِّعَانِ
بالخِيَارِ مَا لَمْ يَتفَرَّقَا أو يَخْتَارا"
(1)
.
قال: فَكانَ ابنُ عُمَرَ إذا ابْتَاعَ بَيْعًا وهو قَاعِدٌ، قامَ لِيجِبَ لهُ.
1290 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حَدَّثَنا يَحْيَى بنُ سَعيدٍ، عن شُعْبَةَ، عن قَتادَةَ، عن صَالحٍ أبي الخَليلِ، عن عبدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ
عن حَكِيم بن حِزَامٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "البَيَّعانِ بالخِيَارِ مَا لَم يَتفَرَّقَا، فإن صَدَقَا وبَيَّنا، بُورِكَ لَهُمَا في بَيْعِهِمَا، وإن كَذَبا وكَتَما، مُحِقَتْ بَرَكةُ بَيْعِهمَا"
(2)
.
هذا حديثٌ صحيحُ.
وفي البابِ عن أبي بَرْزَةَ، وعبد اللهِ بنِ عَمْرٍو، وسَمُرَةَ، وأبي هُرَيْرَةَ، وعبد الله بن عباس.
حديثُ ابنِ عُمَرَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عندَ بعضِ أهلِ العِلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قولُ الشَّافِعِيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ. وقالوا: الفُرْقَةُ بالأبْدَانِ لا بالكَلامِ.
وقد قال بعضُ أهلُ العِلمِ: مَعْنَى قَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "ما لم
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2107)، ومسلم (1531)، وأبو داود (3454) و (3455)، وابن ماجه (2181)، والنسائي 7/ 248 و 249 و 250 و 251، وهو في "المسند"(393).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2079)، ومسلم (1532)، وأبو داود (3459)، والنسائي 7/ 244 - 245، وهو في "المسند"(15314).
يتفَرَّقَا" يَعْنِي الفُرقَةَ بالكَلامِ.
والقَولُ الأوَّلُ أصَحُّ، لأنَّ ابنَ عُمَرَ هو رَوَى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو أعْلَمُ بِمَعْنى ما رَوَى، ورُوِيَ عنهُ أنَّهُ كانَ إذا أرَادَ أنْ يُوجِبَ البَيْعَ، مَشَى ليَجِبَ لهُ.
وهكَذا رُوِيَ عن أبي بَرْزَةَ الأسْلَمِيَّ؛ أنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَما إلَيْهِ في فَرَسٍ بعْدَ ما تَبَايَعَا وكانُوا في سَفِينةٍ، فقال: لا أرَاكما افتَرقْتُمَا، وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"البَيِّعَانِ بالخيَار مَا لَم يَتفَرَّقَا"
(1)
.
وقد ذَهَبَ بعضُ أهلِ العِلمِ مِن أهلِ الكُوفَةِ وغَيْرِهِمْ، إلى أنَّ الفُرقَةَ بالكَلامِ، وهو قولُ الثَّوريِّ، وهكذا رُوِيَ عن مَالِكِ بنِ أنَسٍ
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (19813)، وأبو داود (3457)، وابن ماجه (2182)، وذكر أبو داود فيه قصة، وليس فيها أنهم كانوا في سفينة، بل في غزوة وقد نزلوا منزلًا، فباع أحدهم فرسًا لصاحبه بغلام، ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما فلما أصبحا من الغد حضر الرحيل فقام إلى فرسه يسرجه فندم، فأتى الرجل وأخذه بالبيع، فأبى الرجل أن يدفعه إليه، فقال بيني وبينك أبو برزة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر، فقالا له هذه القصة، فقال: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا".
(2)
وقال الإمام محمد بن الحسن في "الموطأ" ص 277 بإثر حديث ابن عمر: وبهذا نأخذ، وتفسيره عندنا على ما بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا، قال: ما لم يتفرقا عن منطق البيع، إذا قال البائع: قد بعتك، فله أن يرجع ما لم يقل الآخر قد اشتريت، وإذا قال المشتري: قد =
ورُوِيَ عن ابن المُبَارَكِ أنَّهُ قال: كَيْفَ أرُدَّ هذا؟ والحديثُ فيهِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم صحيحٌ، وقَوَّى هذا المَذْهَبَ.
ومَعْنَى قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "إلّا بَيع الخِيَارِ" مَعْنَاهُ: أنْ يخَيَّرَ البائعُ المُشْتَرِيَ بَعْدَ إيجَابِ البَيْعِ، فإذا خَيَّرَهُ فَاخْتَارَ البَيْعَ، فَلَيسَ لهُ خِيَارٌ بعدَ ذلِكَ في فَسْخِ البَيْعِ، وإن لم يتفَرَّقَا، هكذا فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ وغَيْرُهُ.
ومِمَّا يُقَوِّي قَولَ من يَقُولُ: "الفُرْقَةُ بالأبْدَانِ لا بالكَلامِ" حديثُ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1291 -
حَدَّثنا بذلِكَ قُتَيْبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عن ابنِ عَجْلانَ، عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "البيِّعَانِ بالخِيَارِ ما لَم يَتفرَّقَا، إلا أن يَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، ولا يَحِلُّ لهُ أن يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيةَ أن يَسْتَقِيلَهُ"
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ.
= اشتريت بكذا وكذا، فله أن يرجع ما لم يقل البائع: قد بعت، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
(1)
صحيح لغيره دون قوله: "ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله" وهذا إسناد حسن.
وأخرجه أبو داود (3456)، وهو في "المسند"(6721).
ويشهد لخيار المجلس الأحاديث الثلاثة السالفة في الباب.
ومَعْنَى هذا، أن يُفَارِقَهُ بَعْدَ البَيْعِ خَشْيةَ أن يَسْتَقيلَهُ، ولو كَانَتِ الفُرْقَةُ بالكَلامِ، ولمْ يكُنْ لهُ خِيَارٌ بعد البَيْعِ، لم يكُنْ لهذا الحديثِ معنى، حيثُ قال صلى الله عليه وسلم:"ولا يَحِلُّ لهُ أن يُفَارِقَهُ خَشْيةَ أن يَسْتَقِيلَهُ".
27 - باب
1292 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، قال: حَدَّثَنا أبو أحمدَ، قال: حَدَّثَنا يَحْيَى بنُ أيُّوبَ، قال: سَمِعْتُ أبا زُرعَةَ بنَ عْمرٍو يُحَدِّثُ
عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يُتَفرَّقَنَّ عن بَيْعٍ إلا عن تَرَاضٍ"
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ.
1293 -
حَدَّثَنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ الشَّيْبانِيُّ، قال: حَدَّثَنا ابنُ وَهْبٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جَابِرٍ: أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ أعْرَابيًا بَعْدَ البَيْعِ
(2)
.
(1)
إسناده قوي، وأخرجه أبو داود (3458)، وهو في "المسند"(10922)، ولفظ أبي داود:"لا يَتَفَرَّقَنَّ اثنانِ الا عن تراضٍ".
(2)
صحيح لغيره وهذا سند رجاله ثقات، وابن جريج متابع، إلا أن أبا الزبير واسمه محمد بن مسلم بن تدرس - لم يصرح بالتحديث وهو مدلس.
وأخرجه ابن ماجه (2184)، وهو في "شرح مشكل الآثار"(5290).
وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطحاوي (5293).
وآخر من حديث طاووس مرسلًا عند الشافعي 2/ 155، والطحاوي (5292)، =
وهذا حديثٌ صحيحٌ غريبٌ.
28 - باب مَا جَاءَ فِيمَن يُخْدَعُ في البَيْعِ
1294 -
حَدَّثَنا يُوسُفُ بنُ حَمَّادٍ البَصْرِيُّ، قال: حَدَّثَنا عبدُ الأعْلَى بنُ عبدِ الأعْلَى، عن سَعِيدٍ، عن قَتادَةَ
عن أنَسٍ: أنَّ رَجُلًا كانَ في عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، وكانَ يُبَايعُ، وأنَّ أهْلَهُ أتَوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسُولَ اللهِ احْجُرْ عليهِ، فَدَعَاهُ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَهَاهُ. فقال: يا رسولَ اللهِ إنِّي لا أصْبِرُ عن البَيْعِ. فقال: "إذا بَايَعْتَ، فَقُلْ هَاءَ ولا خِلابَةَ"
(1)
وفي البابِ عن ابنِ عُمَرَ.
وحديثُ أنَسٍ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ بعضِ أهْلِ العِلمِ، وقَالوا: يُحْجَرُ على الرَّجُلِ الحُرِّ في البيعِ والشِّرَاءِ، إذا كانَ ضَعِيفَ العَقْلِ، وهو قَولُ أحمدَ، وإسحاقَ.
= والبيهقي 5/ 270 - 271، ورجاله ثقات رجال الصحيح.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3501)، وابن ماجه (2354)، والنسائي 7/ 252، وهو في "المسند"(13276)، و"صحيح ابن حبان"(5049) و (5050).
ولم يَرَ بَعْضُهُمْ أن يُحْجَرَ على الحُرِّ البَالِغِ
(1)
.
29 - باب ما جَاءَ في المُصَرَّاةِ
1295 -
حَدَّثَنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حَدَّثَنا وكِيعٌ، عن حَمَّادِ بن سَلمَةَ، عن محمد بن زِيَادٍ
عن أبي هرَيْرَةَ، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً، فَهُوَ بالخِيَارِ، يعني إذا حَلَبَهَا، إن شَاءَ رَدَّهَا، ورَدَّ مَعَها صَاعًا من تَمْرٍ"
(2)
.
وفي البابِ عن أنَسٍ، ورَجُلٍ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1296 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا أبو عَامِرٍ، قال: حَدَّثَنا قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ، عن محمدِ بنِ سِيرينَ
عن أبي هرَيْرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من اشْتَرَى مُصْرَّاةً، فَهُوَ بالخِيَارِ ثَلاثةَ أيَّامٍ، فَإنْ رَدَّهَا، رَدَّ مَعَهَا صَاعًا من طَعَامٍ، لا سَمْرَاءَ"
(3)
.
(1)
واستدلوا بهذا الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم لم يحجر على ذلك الرجل، فلو كان الحجر على الحر البالغ جائزًا، لحجر على ذلك، ومنعه من البيع.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2151)، ومسلم (1515)(11) و (1524)(23) و (24) وأبو داود (3445)، والنسائي 7/ 253، وهو في "المسند"(7380)، وانظر ما بعده.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1524)(25) و (26)، وأبو داود (3444)، والنسائي 7/ 254، وهو في "المسند"(7380) و (10586)، وانظر ما قبله.
ومعنى "لا سمراء": لا بُرَّ.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا الحديثِ عندَ أصْحَابِنا، مِنْهُمُ: الشَّافِعِيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ.
30 - باب ما جَاءَ في اشْتراطِ ظَهْرِ الدَّابةِ عِندَ البَيْعِ
1297 -
حَدَّثَنا ابنُ أبي عُمَرَ، قال: حَدَّثَنا وكِيعٌ، عن زَكرِيَّا، عن الشَّعْبيِّ
عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ: أنَّهُ بَاعَ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا، واشْتَرَطَ ظَهْرَهُ إلى أهْلِهِ
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقَدْ رُوِيَ منْ غَيْرِ وجْهٍ عن جَابِرٍ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العِلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِم: يَرَوْنَ الشَّرْطَ جائزًا في البَيعِ إذا كانَ شَرطًا واحِدًا، وهو قَولُ أحمدَ، وإسحاقَ.
وقال بَعْضُ أهلِ العِلمِ: لا يَجُوزُ الشَّرْطُ في البَيْعِ، ولا يَتِمُّ
(1)
إسناده صحيح، وهو حديث مطول أخرجه البخاري (2718)، ومسلم 3/ 1221 (715)، وأبو داود (3505)، والنسائي 7/ 297 و 298، وهو في "المسند"(14195).
البَيْعُ إذا كانَ فيهِ شَرْطٌ
(1)
.
31 - باب الانْتِفَاع بالرَّهْنِ
1298 -
حَدَّثَنا أبُو كُرَيْبٍ ويُوسُفُ بنُ عِيسَى، قالا: حَدَّثَنا وكِيعٌ، عن زَكريَّا، عن عامِرٍ
عن أبي هُريْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الظَّهْرُ يُرْكَبُ إذا كانَ مَرْهُونًا، ولَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ إذا كانَ مَرْهُونًا، وعلى الَّذي يَرْكَبُ ويَشْرَبُ، نَفَقَتُهُ"
(2)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، لا نَعْرِفُهُ مَرفُوعًا إلا من حديثِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عن أبي هُرَيْرَةَ، وقَدْ رَوَى غَيْرُ واحِدٍ هذا الحديثَ عن الأعْمَشِ، عن أبي صَالحٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا.
والعملُ على هذا الحديثِ عندَ بَعْضِ أهلِ العِلمِ، وهو قول أحمدَ، وإسحاقَ.
وقال بعضُ أهلِ العِلمِ: ليسَ لهُ أن يَنتَفِعَ من الرَّهْنِ بشيءٍ
(3)
.
(1)
انظر لزامًا "المغني" 6/ 321 - 327.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2511) و (2512)، وأبو داود (3526)، وابن ماجه (2440)، وهو في "المسند"(7125)، و"صحيح ابن حبان"(5935).
(3)
قال البغوي في "شرح السنة" 8/ 183 - 184: في الحديث دليل على أن منافع الرهن لا تُعطل، واختلفوا فيمن ينتفع به، فذهب أحمد وإسحاق إلى أن للمرتهن أن ينتفع من الرهن بالحلب والركلوب دون غيرهما بقدر النفقة، وقال أبو =
32 - باب ما جاءَ في شِرَاءِ القِلادَةِ وفِيهَا ذَهَبٌ وخَرَزٌ
1299 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن أبي شُجَاعٍ سَعِيدِ بنِ يَزِيدَ، عن خَالِدِ بن أبي عِمْرَانَ، عن حَنَشٍ الصَّنْعَانيِّ
عن فَضَالةَ بنِ عُبيدٍ، قال: اشْتَريْتُ يَومَ خَيْبَرَ قلادَةً باثْنَي عَشَرَ دِينارًا، فيهَا ذَهَبٌ وخَرَزٌ، فَفَصَّلتُهَا، فَوَجَدْتُ فِيهَا أكْثَرَ من اثْنَي عَشَرَ دينارًا، فَذَكَرْتُ ذلك للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:"لا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَّلَ"
(1)
.
1300 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قال: حَدَّثَنا ابنُ المُبَارَكِ، عن أبي شُجَاعٍ سَعِيدِ بنِ يَزِيدَ، بِهذا الإسْنَادِ نَحْوَه.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عندَ بعضِ أهلِ العِلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ؛ لم يَرَوا أن يُبَاعَ سَيْفٌ مُحَلّىً، أو مِنْطَقةٌ مُفَضَّضَةٌ، أو
= ثور: إن كان الراهن ينفق عليه لم ينتفع به المرتهن، وإن كان لا ينفق عليه وتركه في يد المرتهن فأنفق عليه، فله ركوبه واستخدام العبد، وقال إبراهيم: يركب الضالة بقدر علفها وتحلب والرهن مثله. وذهب الأكثرون إلى أن منفعة الرهن للراهن، وعليه نفقته، وهو قول الشعبي وابن سيرين، وإليه ذهب الشافعي، لأن الفروع تابعة للأصول، والأصل ملك للراهن بدليل أنه لو كان عبدًا فمات كان كفنه عليه.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1591)، وأبو داود (3351) و (3352)، والنسائي 7/ 279. وهو في "المسند" (23962).
مِثْلُ هذا، بدَرَاهِمَ حَتَّى يُمَيَّزَ ويُفَصَّلَ، وهو قولُ ابنِ المُبَارَكِ، والشَّافِعِيِّ، وأحْمَدَ، وإسْحَاقَ.
وقد رَخّصَ بعضُ أهلِ العِلمِ في ذلكَ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ.
33 - باب ما جَاءَ في اشْتراطِ الوَلاءِ والزَّجْرِ عن ذلك
1301 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْدِيٍّ، قال: حَدَّثَنا سُفْيَانُ، عن مَنْصورٍ، عن إبراهيمَ، عن الأسْودِ
عن عَائِشَةَ؛ أنها أرَادَتْ أن تَشْترِي بَرِيرةَ، فَاشْترَطُوا الوَلاءَ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اشْتَرِيهَا، فَإنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أعْطَى الثَّمَنَ، أو لِمَنْ وَلِيَ النِّعْمَةَ"
(1)
.
وفي البابِ عن ابنِ عُمَرَ.
حديثُ عَائِشَةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عندَ أهلِ العِلمِ.
ومَنْصُورُ بنُ المُعْتَمِرِ يُكْنَى: أبا عَتَّابٍ.
أبو بَكْرٍ العَطَّارُ البَصرِيُّ، عن علي بنِ المدِينيِّ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعيدٍ يَقُولُ: إذا حُدِّثْتَ عن مَنْصُورٍ، فَقَد مَلأتَ يَدَك من الخَيْرِ، لا تُرِدْ غَيْرَهُ، ثم قال يَحْيَى: ما أجِدُ في إبراهيم النَّخَعِيِّ
(1)
صحيح، وقد سلف برقم (1189).
وَمُجاهِدٍ أثْبَتُ من مَنْصُورٍ.
وأخْبَرَني محمدٌ، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي الأسْوَدِ، قال: قال عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْدِيٍّ: مَنْصُورٌ أثْبَتُ أهلِ الكُوفَةِ.
34 - باب
1302 -
حَدَّثَنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بنُ عَيَّاشٍ، عن أبي حَصِيْنٍ، عن حَبيبِ بنِ أبي ثَابتٍ
عن حَكِيمِ بن حِزَامٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ حَكِيمَ بنَ حِزَامٍ يَشْترِي لهُ أضْحِيّةً بدِينارٍ، قال: فاشْتَرى أضْحِيةً فأَرْبَحَ فيهَا دِينارًا، فَاشْتَرى أُخْرَى مَكَانها، فَجَاءَ بالأُضْحِيةِ والدِّينَارِ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ضَحِّ بِالشَّاةِ، وتَصَدَّقْ بالدِّينَار"
(1)
.
حديثُ حَكيمِ بن حِزَامٍ لا نَعْرِفُهُ إلّا من هذا الوَجْهِ، وحَبِيبُ بنُ أبي ثَابِتٍ لم يَسْمَعْ عِنْدِي من حَكِيمِ بن حِزَامٍ.
(1)
إسناده ضعيف، حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من حكيم بن حزام كما قال المصنف.
وأخرجه أبو داود (3386) من طريق سفيان، عن أبي حُصين، عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم بن حزام، وفيه بَدَل قوله:"ضح بالشاة، وتصدق بالدينار"، قال: فتصدق به النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا له أن يبارك له في تجارته. وإسناده ضعيف لإبهام الراوي عن حكيم، وقد صحت القصة من حديث عروة بن أبي الجعد البارقي في الحديث الذي بعد هذا.
1303 -
حَدَّثَنا أحمدُ بنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قال: حَدَّثَنا حَبَّانُ، قال: حَدَّثَنا هارُونُ بنُ مُوسَى القَارِئُ، قال: حَدَّثَنا الزُّبَيْرُ بنُ خِرِّيت، عن أبي لَبِيدٍ.
عن عُروَةَ البَارِقيِّ، قال: دَفَعَ إليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا لأشْترِي لهُ شَاةً، فَاشْتَرَيْتُ لهُ شَاتَيْنِ، فَبِعْتُ إحْدَاهُما بِدِينَارٍ، وجِئْتُ بِالشَّاةِ والدِّينَارِ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ لهُ ما كانَ من أمْرِهِ، فقال لهُ:"بَارَكَ اللهُ لكَ في صَفْقَةِ يَمِينِكَ". فَكانَ يَخْرُجُ بعدَ ذلكَ إلى كُنَاسَةِ الكُوفَةِ، فَيرْبَحُ الرِّبْحَ العَظِيمَ، فكانَ من أكْثَرِ أهلِ الكُوفَةِ مَالًا
(1)
.
1304 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن سعيدٍ، قال: حَدَّثَنا حَبَّانُ، قال: حَدَّثَنا سعيدُ بنُ زَيْدٍ، قال: حَدَّثَنا الزُّبَيْرُ بنُ خِرِّيتٍ، عن أبي لَبيدٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وقد ذَهَبَ بَعْضُ أهلِ العِلمِ إلى هذا الحَدِيثِ وقَالُوا بهِ، وهو قَولُ أحمدَ، وإسحاقَ.
ولمْ يأخُذْ بَعْضُ أهلِ العِلمِ بهذا الحديثِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ.
وسَعِيدُ بنُ زَيْدٍ، أخُو حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
وأبو لَبِيدٍ اسْمُهُ: لِمَازَةُ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3642)، وأبو داود (3384) و (3385)، وابن ماجه (2402)، وهو في "المسند"(19356).
35 - باب ما جَاءَ في المُكَاتَبِ إذا كانَ عِنْدَهُ ما يُؤَدِّي
1305 -
حَدَّثَنا هارُونُ بنُ عبدِ اللهِ البَزَّازُ، قال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بنُ هارُونَ، قال: حدثنا حَمَّادُ بنُ سَلمَةَ، عن أيُّوبَ، عن عِكْرِمَةَ
عن ابنِ عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا أصَابَ المُكاتَبُ حَدًّا أو مِيْراثًا، وَرِثَ بِحِسَابِ ما عَتَقَ مِنْهُ"
(1)
.
وقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: يُودَى المكاتَبُ بحِصَّةِ ما أدَّى، دِيَة حُرٍّ، ومَا بَقِيَ، دِيَةَ عَبْدٍ"
(2)
.
وفي البابِ عن أم سَلمَةَ.
حديثُ ابنِ عَبَّاسِ حديثٌ حَسنٌ. وهكذا رَوَى يَحْيَى بنُ أبي كَثِيرٍ، عن عِكْرمَةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(3)
.
ورَوَى خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عن عِكْرِمَةَ، عن عَلِيٍّ، قولهُ
(4)
.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ بَعْضِ أهلِ العِلمِ من أصحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وقال أكثرُ أهلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهم:
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4582)، والنسائي 8/ 45 و 46، وهو في "المسند"(1944).
(2)
انظر ما قبله.
(3)
أخرجه أبو داود (4581)، والنسائي (8/ 46).
(4)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(15741) عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، أن عليًا قال: المكاتب يعتق فيه بقدر ما أدى.
المُكاتَبُ عَبْدٌ ما بَقِيَ عَلَيهِ دِرْهَمٌ، وهو قَولُ سُفْيانَ الثَّورِيِّ، والشَّافِعِيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
1306 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قال: حَدَّثَنا عبدُ الوَارِثِ بنُ سَعيدٍ، عن يحْيى بنِ أبي أُنَيْسَةَ، عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَقولُ: "من كاتَبَ عَبْدَهُ على مِئَةِ أوقيَّةٍ، فأدّاهُ إلا عَشْرَ أواقٍ أو قَال: عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، ثمَّ عَجَزَ، فَهُوَ رَقِيقٌ"
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ.
والعَملُ عليهِ عندَ أكثرِ أهلِ العِلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ: أنَّ المُكاتَبَ عَبْدٌ ما بَقِيَ عليهِ شَيءٌ من كِتابَتِهِ.
وقد رواه الحَجَّاجُ بن أرْطَاةَ، عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، نَحْوَهُ.
1307 -
حَدَّثَنا سَعِيدُ بنُ عبدِ الرحمنِ المخزومي، قال: حَدَّثَنا سُفْيَانُ، عن الزُّهْرِيِّ، عن نَبْهَانَ مَوْلَى أمِّ سَلمَةَ
عن أمِّ سَلمَةَ، قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانَ عندَ مُكاتَبِ إحْداكُنَّ ما يُؤَدِّي، فَلتَحْتَجِبْ منهُ"
(2)
.
(1)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (3926) و (3927)، وابن ماجه (2519)، وهو في "المسند"(6666)، و"صحيح ابن حبان" (4321). ولفظ رواية أبي داود الأولى:"المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم".
(2)
إسناده ضعيف نبهان مولى أم سلمة: مجهول. وأخرجه أبو داود (3928)، وابن ماجه (2520)، وهو في "المسند"(26473)، و"صحيح ابن حبان" =
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
ومَعْنَى هذا الحديثِ عندَ أهلِ العلمِ على التَّوَرُّعِ، وقَالوا: لا يُعْتَقُ المُكاتَبُ، وإن كانَ عِنْدَهُ ما يُؤَدِّي، حتى يُؤَدِّيَ.
36 - باب ما جَاءَ إذا أفْلَسَ لِلرَّجُلِ غَرِيمٌ فَيَجِدُ عِنْدَهُ مَتاعَهُ
1308 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عن أبي بَكْرِ بنِ حَزْمٍ، عن عُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ، عن أبي بكرِ بن عبدِ الرحمنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ
عن أبي هُرَيْرَةَ، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال:"أيُّمَا امْرِئٍ أفْلَسَ، ووَجَدَ رَجُلٌ سِلعَتَهُ عِنْدَهُ بِعَيْنِهَا، فهو أولَى بِهَا من غَيْرِهِ"
(1)
.
وفي البابِ عن سَمُرَةَ، وابنِ عُمَرَ.
= (4322).
(1)
حديثٌ صحيح، وأخرجه البخاري (4202)، ومسلم (1559)، وأبو داود (3519 - 3523)، وابن ماجه (2358) و (2359)، والنسائي 7/ 311 و 312، وهو في "المسند"(7124)، و"صحيح ابن حبان"(5036 - 5038).
وفي بعض الروايات عند أبي داود وابن ماجه: وإن كان قضي من ثمنها شيئًا فهو أسوة الغرماء. وفي رواية عند أبي داود: "فإن كان قضاه من ثمنها شيئًا فما بقي فهو أسوة الغرماء، وأيما امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء. وفي رواية أخرى عنده: من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه عنده فهو أحق به.
حديثُ أبي هُرَيْرَةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العِلمِ، وهو قَولُ الشَّافِعِيِّ، وأحْمَدَ، وإسحاقَ.
وقال بَعْضُ أهلِ العِلمِ: هو أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ. وهو قولُ أهلِ الكُوفَةِ.
37 - باب ما جَاءَ في النَّهْيِ للمُسْلِمِ، أنْ يَدفَعَ إلى الذِّمِّيِّ الخَمْرَ، يَبِيعُهَا لهُ
1309 -
حَدَّثَنا عليُّ بن خَشْرَم، قال: أخْبَرَنا عيسَى بن يونسَ، عن مُجالِدٍ، عن أبي الوَدَّاكِ
عن أبي سَعيدٍ، قال: كان عِنْدَنا خَمْرٌ ليَتِيمٍ، فلمَّا نَزَلَتِ المائِدَةُ، سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنه، وقُلتُ: إنَّه ليَتيمٍ، فقالَ:"أهْرِيقوهُ"
(1)
.
وفي البابِ عن أنَسِ بن مَالِكٍ.
حَديثُ أبي سَعيدٍ حَديثٌ حَسَنٌ، وقد رُوِيَ من غَير وَجْهٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوُ هذا.
وقال بهذا بَعضُ أهْلِ العِلْمِ، وكَرِهوا أن تُتَّخَذَ الخَمرُ خَلًّا، وإنَّما كُرِهَ من ذلكَ - والله أعْلَمُ - أن يَكونَ المُسلِمُ في بَيتِهِ خَمْرٌ
(1)
حسن لغيره، وأخرجه أحمد (11205).
ويشهد له حديث أنس في "المسند"(12189)، وإسناده حسن.
حَتى يَصيرَ خَلًّا، ورَخَّصَ بَعْضُهم في خَلِّ الخَمْرِ، إذا وُجِدَ قد صارَ خَلًّا.
أبو الوَدَّاكِ: اسْمُهُ جَبْرُ بن نَوفٍ
(1)
.
38 - باب
1310 -
حَدَّثَنا أبو كُرَيبٍ، قال: حَدَّثَنا طَلْقُ بن غَنَّامٍ، عن شَريكٍ وقَيسٍ، عن أبي حَصِينٍ، عن أبي صالحٍ
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أدِّ الأمانَةَ إلى مَن ائْتَمَنكَ، ولا تَخُنْ مَن خَانَكَ"
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسَنٌ غَريبٌ.
وقد ذَهَبَ بعضُ أهلِ العِلمِ إلى هذا الحَديثِ، وقالوا: إذا كان للرَّجُلِ على آخرَ شيءٌ، فَذَهَبَ بهِ، فَوَقَعَ له عِنْدَهُ شَيءٌ، فليس له
(1)
أثبتنا قوله: "أبو الوداك
…
إلخ" من نسخة على هامش (أ).
(2)
إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (3535)، وهو في "شرح مشكل الآثار"(1831) و (1832).
قال القاضي في "شرح المشكاة": أي: لا تعامل الخائن بمعاملته، ولا تقابل خيانته بالخيانة فتكون مثله، ولا يدخل فيه أن يأخذ الرجل مثل حقه من مال الجاحد، فإنه استيفاء وليس بعدوان والخيانة عدوان.
قال الطيبي: الأولى أن ينزل الحديث على معنى قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} يعني إذا خانك صاحبك، فلا تقابله بجزاء خيانته وإن كان ذلك حسنًا، بل قابله بالأحسن الذي هو عدم المكافأة، والإحسان إليه، أي: أحسن إلى من أساء إليك، "مرقاة المفاتيح" 3/ 345.
أن يَحْبسَ عَنهُ بقَدرِ ما ذَهَبَ لهُ عَليهِ. ورَخَّصَ فيه بعضُ أهلِ العِلمِ من التَّابِعينَ. وهو قَولُ الثَّورِيِّ، وقال: إنْ كانَ لهُ عَليهِ دَراهِمُ، فوَقَعَ لَهُ عِندَهُ دَنانيرُ، فليس لهُ أنْ يَحْبِسَ بمكانِ دَرَاهِمهِ، إلا أن يَقَعَ عِندهُ دَرَاهمُ له، فلهُ حينئذٍ أن يَحْبِسَ من دراهِمِهِ بقَدرِ ما لَهُ عَلَيهِ.
39 - باب ما جَاءَ أنَّ العَارِيَّةَ مُؤَدَّاةٌ
1311 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ وعَلِيُّ بن حُجْرٍ، قالا: حَدَّثَنا إسْمَاعيلُ بن عَيَّاشٍ، عن شُرَحْبِيلَ بن مُسلِم الخَوْلانيِّ
عن أبي أُمَامةَ، قال: سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ في خطبته، عامَ حَجَّةِ الوَداعِ:"العَارِيَّةُ مُؤدَّاةٌ، والزَّعيمُ غارِمٌ، والدَّيْنُ مَقْضيٌّ"
(1)
.
وفي البابِ عن سَمُرَةَ، وصَفْوانَ بن أُميَّةَ، وأنَسٍ.
وحَديثُ أبي أُمامَةَ حَديثٌ حَسَنٌ. وقد رُوِيَ عن أبي أُمامَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أيْضًا، من غَيرِ هذا الوَجْهِ.
1312 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عن سَعيدٍ، عن قَتادَةَ، عن الحَسَن
عن سَمُرَةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: "على اليَدِ ما أخَذَتْ حتى
(1)
إسناده حسن، رواية إسماعيل بن عياش عن أهل بلده قوية، وهذا منها وأخرجه أبو داود (3565)، وابن ماجه (2405)، وهو في "المسند"(22294) مطولًا.
تُؤَدِّيَ".
قال قَتادَةُ: ثمَّ نَسِيَ الحَسَنُ، فقال: فهو أمِينُكَ، لا ضَمانَ عَليهِ، يَعني العارِيَّة
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسَنٌ.
وقد ذَهَبَ بَعْضُ أهلِ العِلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِمْ إلى هذا، وقالوا: يَضْمَنُ صاحِبُ العارِيَّةِ. وهو قَولُ الشَّافِعيِّ، وأحمدَ.
وقالَ بعضُ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم: ليس على صاحبِ العاريَّةِ ضَمانٌ إلَّا أن يُخَالِفَ، وهو قولُ الثَّوريِّ، وأهل الكُوفةِ، وبه يقولُ إسحاقُ.
40 - باب ما جَاءَ في الاحْتِكارِ
1313 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن مَنْصورٍ، قالَ: أخْبرنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن إسحاقَ، عن مُحَمَّدِ بن إبْراهيمَ، عن سَعيدِ بن المُسَيِّبِ
عن مَعْمَرِ بن عبد الله بن نَضْلَةَ، قال: سَمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "لا يَحتكِرُ إلَّا خاطِئٌ". فقلتُ لسَعيدٍ: يا أبا مُحَمدٍ إنّكَ
(1)
حسن لغيره، وأخرجه أبو داود (3561)، وابن ماجه (2400)، والنسائي في "الكبرى"(5783)، وهو في "المسند"(20086).
ويشهد له حديث صفوان بن أمية وهو في "المسند"(15302)، وفيه أن العارية مضمونة.
ومعنى الحديث: أن من أخذ مال أحد بغصب أو عارية أو وديعة لزمه رده.
تَحْتكِرُ. قال: ومَعْمَرٌ قَد كانَ يَحْتكِرُ
(1)
.
وإنَّمَا رُوِيَ عن سَعيد بن المُسَيَّبِ أنَّه كانَ يَحْتَكِرُ الزَّيتَ والخَبَطَ، ونَحْوَ هذا.
وفي البابِ عن عُمَرَ، وعَليٍّ، وأبي أُمَامةَ، وابن عُمَرَ.
حَديثُ مَعْمَرٍ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
والعملُ على هذا عِندَ أهْلِ العِلْمِ؛ كَرِهُوا احتِكارَ الطَّعامِ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1605)، وأبو داود (3447)، وابن ماجه (2154)، وهو في "المسند"(15758)، و"صحيح ابن حبان"(4936).
قال البغوي في "شرح السنة" 8/ 179: وكره مالك، والثوري الاحتكار في جميع الأشياء، قال مالك: يمنع من احتكار الكتان والصوف والزيت، وكل شيء أضر بالسوق. وذهب قوم إلى أن الاحتكار في الطعام خاصة، لأنه قوت الناس، وأما غيره فلا بأس به، وهو قول ابن المبارك وأحمد.
وقال النووي في "شرح مسلم" 11/ 43: وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار، وقال أصحابنا: الاحتكار المحرم: هو الاحتكار في الأقوات خاصة، وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة ولا يبيعه في الحال، بل يدخره ليغلو ثمنه، فأما إذا جاء من قريته أو اشتراه في وقت الرخص وادخره أو ابتاعه في وقت الغلاء لحاجته إلى أكله، أو ابتاعه ليبيعه في وقته، فليس باحتكار ولا تحريم فيه، وأما غير الأقوات فلا يحرم الاحتكار فيه بكل حال. هذا تفصيل مذهبنا. قال العلماء: والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس، كما أجمع العلماء على أنه لو كان عند إنسان طعام واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره، أُجبر على بيعه دفعًا للضرر عن الناس.
وقال المناوي في "فيض القدير" 6/ 35: وأخذ بظاهر الحديث مالك، فحرم احتكار الطعام وغيره، وخصه الشافعية والحنفية بالقوت.
ورَخَّصَ بَعضُهُم في الاحْتِكارِ في غيرِ الطَّعامِ.
وقالَ ابنُ المُبَارَكِ: لا بأسَ بالاحْتِكارِ في القُطْنِ والسَّخْتِيانِ
(1)
ونَحْوِ ذلك.
41 - باب ما جَاءَ في بَيعِ المُحَفَّلاتِ
1314 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قالَ: حَدَّثَنا أبو الأحْوَصِ، عن سِماكِ، عن عِكْرِمةَ
عن ابن عَبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا تَسْتَقْبِلُوا السُّوقَ، ولا تُحَفِّلُوا، ولا يُنَفِّقْ بَعضُكُمْ لبَعْضٍ"
(2)
.
وفي البَابِ عَن ابن مَسْعودٍ، وأبي هُرَيرَةَ.
حَديثُ ابنِ عَباسٍ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عندَ أهْلِ العِلْمِ: كَرِهُوا بيعَ المُحَفَّلةِ، وهي المُصَرَّاةُ، لا يَحْلُبُها صاحِبُها أيامًا أو نحو ذلكَ، ليَجْتَمعَ اللَّبَنُ في ضَرْعِها، فيَغْتَرَّ بها المُشْتَري، وهذا ضَرْبٌ من الخَديعَةِ والغَرَرِ.
(1)
السَّخْتيان: جلد الماعز إذا دبغ. القاموس (سخت).
(2)
حسن لغيره، وأخرجه أحمد (2313)، وانظر تتمة تخريجه فيه.
قوله: "لا تستقبلوا السوق" أي: لا تتلقوا الركبان الذين يجلبون الأمتعة والطعام إلى السوق "ولا ينفِّق بعضكم على بعض"، قال في "النهاية" أي: لا يقصد أن ينفق سلعته على جهة النجش (وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها) فإنه بزيادته فيها يرغب السامع، فيكون قوله سببًا لابتياعها ومنفقًا لها.
42 - باب ما جَاءَ في اليَمينِ الفَاجِرَةِ يُقْتَطَعُ بِها مَالُ المُسْلِمِ
1315 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قالَ: حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن الأعْمَشِ، عن شقيقِ بن سَلَمَةَ
عن عبد الله بن مَسْعودٍ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ على يَمينٍ وهو فِيها فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بها مَالَ امْرئٍ مُسْلِمٍ، لَقيَ الله وهو عَليهِ غَضْبانُ". فقالَ الأشْعثُ: فِيَّ - واللهِ - كانَ ذلكَ، كانَ بَيْني وبَيْنَ رَجُلٍ من اليهودِ أرْضٌ، فَجَحَدَني، فقَدَّمْتُهُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ألَكَ "بَيِّنةٌ؟ " قُلتُ: لا. فقالَ لليَهُودِيِّ: "احلِفْ" فقُلتُ: يا رسولَ الله إذًا يَحْلِفَ فيَذهَبُ بمالِي، فأنْزَلَ الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]. إلى آخر الآية
(1)
.
وفي البَابِ عن وَائِلِ بن حُجْرٍ، وأبي موسى، وأبي أُمَامةَ بن ثَعْلَبَةَ الأنْصاريِّ، وعِمْرانَ بن حُصَيْن.
حَديثُ ابن مسعودٍ، حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2416)، ومسلم (138)، وأبو داود (3243) و (3621)، وابن ماجه (2322) و (2323)، والنسائي في "الكبرى"(5991)، وهو في "المسند"(21837).
وسيأتي عند المصنف برقم (3241)، ومختصرًا ضمن حديث برقم (3259).
43 - باب مَا جَاءَ إذا اخْتَلَفَ البَيِّعانِ
1316 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قالَ: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن ابنِ عَجْلانَ، عن عَوْنِ بن عبد الله.
عن ابن مَسعودٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اخْتَلَفَ البَيِّعانِ، فالقَوْلُ قَوْلُ البائِعِ، والمُبْتاعُ بالخِيَارِ"
(1)
.
هذا حَديثٌ مُرسَلٌ، عوْنُ بن عبد الله لم يُدْرِكِ ابن مَسعودٍ.
وقد رُوِيَ عن القاسِم بن عبد الرَّحْمنِ، عن ابنِ مَسْعودٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم هذا الحَديثُ أيضًا. وهو مُرْسَلٌ أيضًا
(2)
.
قالَ ابن مَنْصورٍ: قُلتُ لأحمَدَ: إذا اخْتَلفَ البَيِّعانِ ولم تكُنْ بَيِّنَةٌ؟ قالَ: القَولُ ما قالَ رَبُّ السِّلْعَةِ، أو يَترادَّانِ.
قالَ إسحاقُ: كما قالَ.
وكُلُّ من كانَ القَولُ قَولَهُ، فَعَلَيهِ اليَمينُ.
وقد رُوي نحو هذا عن بعض التَّابعينَ. مِنهُم شُرَيْحٌ.
(1)
حديث حسن بمجموع طرقه، وأخرجه أحمد (4442)(4444)، وانظر تتمة تخريجه فيه.
وأخرجه بنحوه أبو داود (3511)، والنسائي 7/ 302 و 303.
(2)
حديث حسن كسابقه، وأخرجه أحمد (4443).
وأخرجه بنحوه من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود: أبو داود (3512)، وابن ماجه (2186).
44 - باب ما جَاءَ في بَيْعِ فَضْلِ المَاءِ
1317 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قالَ: حَدَّثَنا دَاودُ بن عَبدِ الرَّحْمنِ العَطارُ، عن عَمرِو بن دينارٍ، عن أبي المِنْهالِ
عن إياسِ بن عَبْدٍ المُزَنِيِّ، قال: نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن بَيْع المَاءِ
(1)
.
وفي البَابِ عن جَابرٍ، وبُهَيسَةَ عن أبِيْها، وأبي هُرَيرَةَ، وعائِشَةَ، وأنَسٍ، وعَبْد اللهِ بن عَمرٍو.
حَديثُ إياسٍ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ أكثَرِ أهْلِ العِلْمِ: أنَّهم كَرِهُوا بَيعَ المَاءِ، وهو قولُ ابن المُبارَكِ، والشَّافِعِيِّ، وأحمَدَ، وإسْحاقَ.
وقَد رَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ في بَيعِ الماءِ، منهم الحَسَنُ البَصْريُّ.
1318 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قالَ: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعْرَجِ
عن أبي هُرَيرَةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ، لِيُمْنَعَ به الكَلأُ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3478)، وابن ماجه (2476)، والنسائي 7/ 307، وهو في "المسند"(15444)، و"صحيح ابن حبان"(4952).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2353)، ومسلم (1566)، وابن ماجه (2478)، وأبو داود (3473)، وهو في "المسند"(7324)، و"صحيح ابن حبان"(4954).
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ
(1)
.
45 - باب ما جَاءَ في كَراهيةِ عَسْبِ الفَحْلِ
1319 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ وأبو عَمَّارٍ، قالا: حَدَّثَنا إسماعيلُ بن عُليّةَ، قالَ: أخبَرنا عليُّ بن الحَكَمِ، عن نَافعٍ
عن ابنِ عُمَرَ، قالَ: نَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن عَسْبِ الفَحْلِ
(2)
.
وفي البابِ عن أبي هُرَيرَةَ، وأنَسٍ، وأبي سَعيدٍ.
(1)
في المطبوع زيادة: وأبو المنهال: اسمه عبد الرحمن بن مطعم كوفي، وهو الذي روى عنه حبيب بن أبي ثابت. وأبو المنهال: سيار بن سلامة بصري، صاحب أبي برزة الأسلمي، ولم ترد هذه العبارة في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2284)، وأبو داود (3429)، والنسائي 7/ 310، وهو في "المسند"(4630)، و"صحيح ابن حبان"(5156).
قوله: "عسب الفحل" قال السندي: بفتح فسكون: ماؤه، فرسًا كان أو بعيرًا أو غيرهما، وضرابه أيضًا، ولم ينه عن واحد منهما بل عن كراء يؤخذ عليه، فهو بحذف المضاف، أي: كراء عسبه، وقيل: يقال لكرائه: عسب أيضًا، والله أعلم.
قال في "المغني" 8/ 130: ولا تجور إجارة الفحل للضراب، وهذا ظاهر مذهب الشافعي وأصحاب الرأي وأبي ثور وابن المنذر، وخَرَّج أبو الحطاب وجهًا في جوازه، لأنه انتفاعٌ مباحٌ، والحاجة تدعو إليه فجاز كإجارة الظئر للرضاع والبئر ليستقي منها الماء، ولأنها منفعة تستباح بالإعارة فتُستباح بالإجارة كسائر المنافع، وهذا مذهب الحسن وابن سيرين.
وقال الحافظ في "الفتح" 4/ 461: وفي وجهٍ للشافعية تجوز الإجارة مدة معلومة، ورواية عن مالك، قواها الأبهري وغيره، وحمل النهي على ما إذا وقع لأمد مجهول، وأما إذا استأجره مدة معلومة، فلا بأس، كما يجوز الاستئجار لتلقيح النخل.
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ حديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ عَلى هذا عِندَ بَعْضِ أهْل العلمِ، وقد رَخَّصَ قومٌ في قَبولِ الكَرامَةِ على ذلك
(1)
.
1320 -
حَدَّثَنا عَبْدَةُ بن عَبد الله الخُزاعِيُّ البَصْريُّ، قال: حَدَّثَنا يَحيى بن آدَمَ، عن إبْرَاهِيمَ بن حُمَيدٍ الرُّؤَاسِيِّ، عن هِشامِ بن عُرْوَةَ، عن مُحَمَّدِ بن إبْراهيمَ التَّيْميِّ.
عن أنسِ بن مالِكٍ: أنَّ رَجُلًا من كِلابٍ سَألَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن عَسْبِ الفَحْلِ، فَنَهاهُ، فقال: يا رسولَ الله إنّا نُطْرِقُ الفَحْلَ فَنُكْرَمُ، فَرَخَّصَ لهُ في الكَرامَةِ
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسَنٌ غَريبٌ، لا نَعْرفُهُ إلَّا من حَديثِ إبْراهيمَ بن حُمَيدٍ، عن هِشامِ بن عُرْوَةَ.
46 - باب ما جَاءَ في ثَمَنِ الكَلْبِ
1321 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قالَ: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابنِ شِهابٍ ح
وحَدَّثَنا سَعيدُ بن عبدِ الرَّحْمنِ المَخْزوميُّ وغَيرُ واحِدٍ، قالوا: حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريِّ، عن أبي بَكْرِ بن عبدِ الرَّحْمنِ
(1)
أي قبول الهدية على ذلك، قال صاحب "المغني" 8/ 101: وإن أطرق إنسان فحله بغير إجارة ولا شرط، فأهديت له هدية، أو أكرم بكرامة لذلك، فلا بأس به، لأنه فعل معروفًا، فجازت مجازاته عليه، كما لو أُهدي هدية.
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه النسائي 7/ 210، والبيهقي 5/ 339 من طريق يحيى بن آدم، بهذا الإسناد.
عن أبي مَسْعُودٍ الأنْصاريِّ، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن ثَمَنِ الكَلْبِ، ومَهْرِ البَغِيِّ، وحُلْوانِ الكَاهِنِ
(1)
.
هذا حديث حسن صحيح.
1322 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن رافعٍ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الرزَّاقِ، قال: أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عن يَحيَى بنِ أبي كَثيرٍ، عن إبّراهيمَ بنِ عبدِ الله بن قارِظٍ، عن السَّائِبِ بن يزيدَ
عن رافِعِ بن خَدِيجٍ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"كَسْبُ الحَجَّامِ خَبيثٌ، ومَهْرُ البَغيِّ خَبِيثٌ، وثَمَنُ الكَلْبِ خَبِيثٌ"
(2)
.
وفي البَابِ عن عُمَرَ
(3)
، وابنِ مَسْعودٍ، وجَابِرٍ، وأبي هُرَيرَةَ، وابن عَبَّاسٍ، وابنِ عُمَرَ، وعبدِ الله بن جَعْفَرٍ.
(1)
حديث صحيح، سلف تخريجه برقم (1164).
قال القرطبي: مشهورُ مذهب مالكٍ جوازُ اتخاذِ الكَلْبِ وكراهية بيعه، ولا يُفْسَخُ إن وَقَعَ، وكأنَّه لما لم يكن عنده نجسًا، وأذن في اتخاذه لمنافعه الجائزة، كان حُكْمُه حكمَ جميع المبيعات، لكن الشرع نهى عن بيعه تنزيهًا، وتسويته في النهي بينه وبين مهر البغي (وهي الزانية) وحلوان الكاهن محمولٌ على الكلب الذي لم يؤذن في اتخاذه.
وحلوان الكاهن - وهو ما يأخذه المتكهن على كهانته - حرامٌ بالإجماع لما فيه من أخذ العوض على باطل، وفي معناه التنجيم والضرب بالحصى وغير ذلك مما يتعاناه العرافون من استطلاع الغيب.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1568)، وأبو داود (3421)، والنسائي 7/ 190، وهو في "المسند"(15812)، و"صحيح ابن حبان"(5152).
(3)
المثبت من (ب) و (س)، ومن "تحفة الأحوذي"، وفي (أ) و (د): عن علي.
حَديثُ رافعٍ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عِندَ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ؛ كَرِهوا ثَمَنَ الكَلْبِ، وهو قَولُ الشَّافِعِيِّ، وأحمَدَ، وإسحاقَ.
وقد رَخَّصَ بعض أهلِ العِلْمِ في ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيدِ
(1)
.
47 - باب ما جَاءَ في كَسْبِ الحَجَّامِ
1323 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، عن مالِكِ بن أنَس، عن ابنِ شِهابٍ، عن ابنِ مُحَيِّصَةَ أخي بَني حَارِثَة
عن أبيهِ، أنَّهُ اسْتأذَنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في إجارَةِ الحَجَّامِ فنَهاهُ عَنهَا، فلَم يَزَل يَسألُهُ ويَستأذِنُهُ حتَّى قالَ:"اعْلِفْهُ ناضِحَكَ، وأطْعِمْهُ رَقيقَكَ"
(2)
.
(1)
قال العيني في "عمدته" 12/ 59: ذهب عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وابن كنانة، وسحنون من المالكية، ومالك في رواية إلى أن الكلاب التي ينتفع بها يجوز بيعها، ويباح أثمانها.
(2)
صحيح لغيره، وهذا سند رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (3422)، وابن ماجه (2166)، وهو في "المسند"(23690)، و"صحيح ابن حبان"(5154).
قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 8/ 18 - 19: اختلف أهل العلم في كسب الحجام، فذهب قوم إلى تحريمه، وذهب بعضهم إلى أن الحجام إن كان حرًّا فهو حرام، وإن كان عبدًا، فإنه يعلفه دوابه، وينفقه على عبيده قولًا بظاهر الحديث. وذهب الأكثرون إلى أنه حلال، والنهي على جهة التنزيه عن الكسب الدنيء، =
وفي البَابِ عن رَافعِ بن خَديجٍ، وأبي جُحَيْفَةَ، وجَابِرٍ، والسَّائِبِ.
حَديثُ مُحَيِّصَةَ حَديثٌ حَسَنٌ
(1)
.
والعَمَلُ على هذا عِندَ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ.
وقال أحمدُ: إنْ سَألَني حَجَّامٌ نهَيتُهُ، وآخُذُ بهذا الحَديثِ.
48 - باب ما جَاءَ في الرُّخْصَةِ في كَسْبِ الحَجَّامِ
1324 -
حَدَّثَنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعيلُ بن جَعْفَرٍ، عن حُميدٍ، قال:
سُئِلَ أنسٌ عن كَسْبِ الحَجَّامِ. فقالَ أنسٌ: احتَجَمَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حَجَمَهُ أبو طَيْبَةَ، فأمَرَ لهُ بصاعَيْنِ من طَعَامٍ، وكَلَّمَ أهْلَهُ فوَضَعوا عَنهُ مِن خَراجِهِ، وقال:"إنَّ أفْضَلَ مَا تداوَيْتُمْ بهِ الحِجامَةُ" أو "إنَّ مِن أمْثَلِ دَوَائِكُمُ الحِجَامةَ"
(2)
.
وفي البابِ عن عليًّ، وابن عَبَّاسٍ، وابنِ عُمَرَ.
= والترغيب فيما هو أطيب وأحسن من المكاسب، يدل عليه أنه أمره بعد المعاودة بأن يطعمه رقيقه، ولولا أنه حلال مملوكٌ له لكان لا يجوز أن يُطعِم منه رقيقه، لأنه لا يجوز أن يطعم رقيقه إلا من مال ثبت عليه ملكه كما لا يجوز أن يأكل بنفسه.
(1)
في المطبوع: حسن صحيح.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2102)، ومسلم (1577)، وأبو داود (3424)، وابن ماجه (2164)، وهو في "المسند"(11966).
حَديثُ أنسٍ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
وقد رَخَّصَ بَعضُ أهْلِ العِلْمِ من أصْحابِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم في كَسْبِ الحَجَّامِ، وهو قَولُ الشافِعيِّ.
49 - باب مَا جَاءَ في كَراهِيةِ ثَمَنِ الكَلْبِ والسِّنَّوْرِ
1325 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ وعَليُّ بن خَشْرَمٍ، قالا: حَدَّثَنا عيسى بن يونُسَ، عن الأعْمَشِ، عن أبي سُفْيانَ
عن جابِرٍ، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن ثَمَنِ الكَلْبِ والسِّنَّوْرِ
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1569)، وأبو داود (3479)، وابن ماجه (2161)، والنسائي 7/ 190 - 191 و 309، وهو في "المسند"(14652)، و"صحيح ابن حبان"(4940).
قوله: "السنور" أي: الهرّ. قال الدميري في "حياة الحيوان" 1/ 577: النهي محمول على الوحشي الذي لا نفع فيه، وقيل: هو نهي تنزيه حتى يعتاد الناس هبته وإعارته كما هر الغالب، فإن كان مما ينفع وباعه، صح البيع، وكان ثمنه حلالًا هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكى ابن المنذر عن أبي هريرة وطاووس ومجاهد وجابر بن زيد: أنه لا يجوز بيعه محتجين بهذا الحديث، وأجاب الجمهور بأنه محمول على ما ذكرنا، وهذا هو المعتمد.
قلنا: ومذهب الحنفية أن كل ما فيه منفعة تحِلُّ شرعًا، فإن بيعه يجوز، لأن الأعيان خلقت لمنفعة الإنسان بدليل قوله تعالى:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] فيصح عندهم بيع كل ذي ناب من السباع كالكلب والفهد والأسد والنمر والذئب والهر ونحوها، لأن الكلب ونحوه مال بدليل أنه منتفع به حقيقة، مباح الانتفاع به شرعًا على الإطلاق كالحراسة والاصطياد فكان مالًا، انظر "بدائع الصنائع" 6/ 555.
هذا حديثٌ في إسنادِهِ اضْطِرابٌ
(1)
، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ عن الأعْمَشِ، عن بعْضِ أصْحابِهِ، عن جَابِرٍ، واضْطربُوا على الأعْمَشِ في روايةِ هذا الحَديثِ.
وقد كَرِهَ قومٌ من أهْلِ العِلمِ ثَمَنَ الهِرِّ، ورَخَّصَ فيهِ بَعْضُهُم، وهو قَولُ أحمدَ وإسْحاقَ.
ورَوَى ابنُ فُضَيْلٍ، عن الأعْمَشِ، عن أبي حازِمٍ، عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، من غيرِ هذا الوَجْهِ
(2)
.
1326 -
حَدَّثَنا يَحْيى بن مُوسى، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الرزَّاق، قال: أخْبَرَنا عُمَرُ بن زَيدِ الصَّنعانيُّ، عن أبي الزُّبيرِ
عن جابِرٍ، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أكْلِ الهِرِّ وثَمَنِهِ
(3)
.
هذا حَديثٌ غَريبٌ؛ وعُمَرُ بن زيْدٍ، لا نعْرِفُ كَبير
(4)
أحَدٍ رَوَى عَنهُ، غَيرَ عبد الرزَّاقِ.
(1)
زاد هنا في المطبوع: ولا يصح في ثمن السنور، ولم ترد في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2160)، والنسائي 7/ 311، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 53 من طريق محمد بن فضيل، بهذا الإسناد، وليس فيه النهي عن ثمن السنور.
وأخرجه كذلك أبو يعلى (6260) من طريق عبد الملك بن معن، عن الأعمش، به.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3480) و (3807)، وابن ماجه (3250)، وهو في "المسند"(14166).
(4)
المثبت من (س)، وفي سائر النسخ: كثير.
50 - باب
1327 -
حَدَّثَنا أبُو كُرَيبٍ، قال: حدثنا وَكيعٌ، عن حَمَّادِ بن سَلَمةَ، عن أبي المُهَزِّمِ
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: نُهِي عن ثَمَنِ الكَلبِ، إلا كَلْبَ الصَّيدِ
(1)
.
هذا حَديثٌ لا يَصِحُّ من هذا الوجْهِ.
وأبو المُهَزِّم: اسْمُهُ يزيدُ بن سُفْيانَ، وتكَلَّمَ فيهِ شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاج
(2)
.
ورُوِيَ عن جَابِرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، نحو هذا، ولا يَصِحُّ إسْنادُهُ أيْضًا
(3)
.
51 - باب ما جَاءَ في كَراهِيَةِ بَيْعِ المُغَنِّياتِ
1328 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قالَ: حدَّثنا بَكْرُ بن مُضَرَ، عن عُبيد الله بن زَحْرٍ، عن عليَّ بن يَزيدَ، عن القَاسِمِ
عن أبي أُمامةَ، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: "لا تَبِيعُوا القَيْنَاتِ
(1)
حسن لغيره، وأخرجه الدارقطني 3/ 72 و 73، والبيهقي 6/ 6.
وفي الباب عن جابر عند أحمد (14411)، والنسائي 7/ 190 - 191، ولفظه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب إلا الكلب المعلَّم.
وله شاهد من حديث ابن عباس في "مسند أبي حنيفة"، قال الزيلعي: إسناده جيد.
(2)
في المطبوع زيادة: وضعفه.
(3)
انظر "المسند"(14411).
ولا تَشْتروهُنَّ، ولا تُعَلِّمُوهُنَّ، ولا خَيْرَ في تِجَارةٍ فِيهِنَّ، وثَمَنُهُنَّ حَرامٌ، في مثل هذا أنزلت هذه الآية {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] إلى آخر الآية"
(1)
.
وفي البَابِ عن عُمَرَ بن الخَطَّابِ.
حَديثُ أبي أُمامَةَ إنما نَعْرِفهُ مِثْلَ هذا من هذا الوَجْهِ. وقَد تكَلَّمَ بعضُ أهْلِ العِلمِ في عَليَّ بن يَزيدَ وضَعَّفَهُ، وهو شَاميٌّ.
52 - باب ما جَاءَ في كَراهِيةِ أنْ يُفَرَّقَ بينَ الأخَوَين، أو بينَ الوَالِدَة ووَلدِها في البَيْعِ
1329 -
حَدَّثَنا عُمَرُ بن حَفْصٍ الشَّيْبانيُّ، قال: أخْبَرَنا عبدُ الله بن وَهْبٍ، قال: أخْبَرَني حُيَيُّ بن عبدِ الله، عن أبي عَبدِ الرحمنِ
عن أبي أيُّوبَ، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "مَنْ فَرَّقَ بينَ والِدَةٍ وَوَلَدِها، فَرَّقَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيامَةِ"
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسَنٌ غَريبٌ.
1330 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بن عَرَفَةَ
(3)
، قال: حدثنا عبدُ الرحمنِ، بن مَهْديٍّ،
(1)
حديث ضعيف، علي بن يزيد وهو الألهاني ضعيف، وأخرجه ابن ماجه (2168)، وهو في "المسند"(22169).
وسيأتي برقم (3472).
(2)
حسن بطرقه وشواهده، وأخرجه أحمد (23499)، وانظر تخريجه وشواهده فيه.
(3)
في الأصول الخطية عدا (أ) الحسن بن علي، والصواب: الحسن بن عرفة =
عن حَمَّادِ بن سَلَمَة، عن الحَجَّاجِ، عن الحَكَمِ، عن مَيْمونِ بن أبي شَبِيبٍ
عن عَليٍّ، قال: وَهَبَ لي رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم غُلامَيْنِ أخَوَينِ، فَبِعْتُ أحَدَهُما. فقالَ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا عليُّ ما فَعَلَ غُلامُكَ؟ " فأخْبَرْتُهُ، فقال:"رُدَّهُ، رُدَّهُ"
(1)
.
هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَريبٌ.
وقد كَرِهَ بعضُ أهْلِ العِلْمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم، التَّفْريقَ بَينَ السَّبي في البَيْعِ.
ورَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ في التَّفْريقِ بَينَ المُوَلَّدَاتِ الَّذينَ وُلِدوا في أرْضِ الإسْلامِ.
والقَولُ الأوَّلُ أصَحُّ.
ورُوِيَ عن إبراهيمَ أنَّهُ فَرَّقَ بَينَ وَالِدةٍ ووَلَدِها في البَيْعِ، فقيلَ لهُ في ذلكَ؟ فقالَ: إنِّي قَد استأذَنْتُها في ذلكَ، فرَضِيَتْ.
53 - باب مَا جَاءَ فيمن يَشْتَري العَبْدَ وَيَسْتَغِلهُ ثمَّ يَجِدُ بهِ عَيبًا
1331 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنا عُثْمانُ بن عُمَرَ، وأبو
= كما في (أ) وهو الذي أثبته في "تهذيب الكمال".
(1)
حسن لغيره، وأخرجه ابن ماجه (2249)، وهو في "المسند"(800).
وأخرج أبو داود (2696) عن علي أنه فرق بين جارية وولدها، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ورد البيع.
عامِرٍ العَقَدِيُّ، عن ابن أبي ذِئبٍ، عن مَخْلَدِ بن خُفَافٍ، عن عُرْوَةَ
عن عائِشَةَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى أنَّ الخَرَاجَ بالضَّمانِ
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ
(2)
. وقد رُوِيَ هذا الحَديثُ من غَير هذا الوَجْهِ.
والعَمَلُ على هذا عِندَ أهْلِ العِلْمِ.
1332 -
حَدَّثَنا أبو سَلَمةَ يَحْيَى بن خَلَفٍ، قال: حدثنا عُمَرُ بن عَليٍّ، عن هِشام بن عُرْوَةَ، عن أبيهِ
عن عائِشَةَ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أنَّ الخَراجَ بالضَّمانِ
(3)
.
وهذا حَديثٌ حَسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حَديثِ هِشامِ بن عُرْوَةَ.
واستغرب محمد بن إسماعيل هذا الحديث من حديث عمر بن علي.
وقد رَوَى مُسْلِمُ بن خَالِدٍ الزَّنْجيُّ هذا الحَديثَ عن هِشامِ بن عرْوَةَ، ورَوَاهُ جَريرٌ عن هِشامٍ أيْضًا، وحَديثُ جَريرٍ، يقالُ: تَدْليسٌ دَلَّسَ فيه جَريرٌ، لم يَسْمَعْهُ من هِشامِ بن عُرْوَةَ.
(1)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (3508) و (3509) و (3510)، وابن ماجه (2242) و (2243)، والنسائي 7/ 254 - 255، وهو في "المسند"(24224)، و"صحيح ابن حبان"(4928).
(2)
في المطبوع زيادة: صحيح، ولم ترد في أصولنا الخطية إلا في (ظ) وضبب عليها ووردت في الحديث التالي، وأخلَّ بها المطبوع.
(3)
حديث حسن، وانظر ما قبله.
وتَفْسيرُ الخَرَاجِ بالضَّمانِ: هوَ الرَّجُلُ يَشْتري العَبْدَ فيَسْتَغِلُّهُ ثُمَّ يَجِد بهِ عَيْبًا، فيَرُدُّهُ على البَائِع، فالغَلَّةُ للمُشْترِي، لأنَّ العَبْدَ لَو هَلَكَ، هَلَكَ من مالِ المُشْتَري، ونَحْوُ هذا منَ المَسائلِ، يكونُ فيهِ الخَراجُ بالضَّمانِ
(1)
.
54 - باب ما جَاءَ في الرُّخْصَةِ في أكْلِ الثَّمَرَةِ للمَارِّ بها
1333 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن عبدِ الملكِ بن ابي الشَّوارِبِ، قال: حَدَّثَنا يَحْيى بن سُلَيمٍ، عن عُبَيد الله بن عُمَرَ، عن نافع
عن ابن عُمَرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"مَنْ دَخَلَ حَائِطًا، فليَأكُلْ ولا يَتَّخِذْ خُبْنةً"
(2)
.
(1)
قال البغوي: المراد بالخراج الدخل والمنفعة، ومعنى الحديث: أن من اشترى شيئًا، فاستغلَّه بأن كان عبدًا، فأخذ كسبه، أو دارًا فسكنها، أو أجَّرها، فأخذ غلَّتها، أو دابةً فركبها، أو أكراها، فأخذ الكراء، ثم وجد بها عيبًا قديمًا، فله أن يردها إلى بائعها، وتكون الغلة للمشتري، لأن المبيع كان مضمونًا عليه، فقول:"الخراج بالضمان"، أي: ملك الخراج بضمان الأصل.
وذهب أصحاب أبي حنيفة إلى أن حدوث الولد والثمرة في يد المشتري يمنع رد الأصل بالعيب بل يرجع بالأرش.
(2)
إسناده ضعيف، يحيى بن سليم - وهو الطائفي - روايته عن عبيد الله بن عمر - وهو العمري - ضعيفة كما ذكر غير واحد من أهل العلم كالبخاري والنسائي.
وأخرجه ابن ماجه (2301)، والمصنف في "العلل" 1/ 516. وقال: سألت =
وفي البَابِ عن عبدِ الله بن عَمْرو، وعَبَّادِ بن شُرَحْبيلَ ورافعِ بن عَمْرٍو، وعُمَيْرٍ مَوْلى آبي اللَّحْمِ، وأبي هُرَيرَةَ.
حَديثُ ابنِ عُمَرَ حَديثٌ غَريبٌ، لا نَعْرِفهُ من هذا الوَجْهِ إلَّا من حَديثِ يَحْيَى بن سُليْمٍ.
وقد رَخَّصَ فيهِ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ لابن السَّبيلِ في أكْلِ الثِّمارِ. وكَرِهَهُ بَعْضهم إلَّا بالثَّمَنِ.
1334 -
حدثنا قُتيبةُ، قال: حدثنا الليثُ، عن ابن عَجْلان، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه
عن جدِّه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئل عن الثَّمَر المُعلَّق، فقال:"مَنْ أصابَ منه من ذي حاجةٍ غيرَ مُتخذٍ خُبْنةً، فلا شيءَ عليه"
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ.
1335 -
حَدَّثَنا أبو عَمَّارٍ الحسين بن حُريث الخُزاعي، أخبرنا الفَضْلُ بن مُوسَى، عن صالحِ بن أبي جُبَيرٍ، عن أبيهِ
= محمدًا - يعني البخاري - عن هذا الحديث، فقال: يحيى بن سليم يروي أحاديث عن عبيد الله يهم فيها.
وانظر ما بعده.
قوله: "خبنة" بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة وبعدها نون: هي معطف الإزار وطرف الثوب، أي: لا يأخذ منه شيئًا في ثوبه.
(1)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (1710 - 1713) و (4390)، وابن ماجه (2596)، وهو في "المسند"(6683).
تنبيه: جاء هذا الحديث في المطبوع بعد الحديث (1335).
عن رَافعِ بن عَمْرو، قالَ: كُنتُ أرْمي نَخْلَ الأنْصَارِ، فأخَذوني فذَهَبَوا بي إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. فقال:"يا رافع لِمَ تَرْمِي نَخْلَهُم؟ " قال: قُلتُ: يا رسولَ الله، الجُوعُ. قالَ:"لا تَرْمِ، وكُلْ ما وَقَعَ، أشْبَعَكَ اللهُ وأرْوَاكَ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ صحيحٌ.
55 - باب ما جَاءَ في النَّهْي عن الثُّنْيا
1336 -
حَدَّثَنا زيادُ بن أيُّوبَ البَغْداديُّ، قال: حدثنا عَبَّادُ بن العَوَّامِ، قال: أخْبَرَني سُفْيانُ بن حُسَيْنٍ، عن يونسُ بن عُبيدٍ، عن عَطاءٍ
عن جابرٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن المحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ والمُخابَرَةِ والثُّنْيَا، إلا أن تُعْلَمَ
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ غَريبٌ من هذا الوَجْهِ، من حَديثِ يونُسَ بن عُبيد عن عَطاءٍ، عن جَابِرٍ.
(1)
حديث محتمل للتحسين كما بيناه في "المسند"(20343).
وأخرجه أبو داود (2622)، وابن ماجه (2299).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه تامًا ومختصرًا مسلم ص 1174 (81)، وأبو داود (3404)(3405)، وابن ماجه (2266)، والنسائي 7/ 37 و 38 و 296، وهو في "المسند"(14358)، و"صحيح ابن حبان"(4971) و (4992).
قوله: "الثنيا" هو أن يبيع ثمر بستانه، ويستثني منه جزءًا غير معلوم، فإن كان الذي استثناه معلومًا، نحو أن يستثني واحدة من الأشجار، أو منزلًا من المنازل، أو موضعًا معلومًا من الأرض، صح بالاتفاق.
56 - باب ما جَاءَ في كراهِية بَيْعِ الطَّعامِ حتى يَسْتَوْفِيَهُ
1337 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قالَ: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن زَيدٍ، عن عَمْرِو بن دينارٍ، عن طَاوُوس.
عن ابنِ عَبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَن ابْتاعَ طَعَامًا، فلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوفِيَهُ". قالَ ابن عَبَّاس: وأحْسِبُ كلَّ شيءٍ مِثْلَهُ
(1)
.
وفي البابِ عن جَابرٍ، وابن عُمرَ
(2)
.
حَديثُ ابنِ عَبَّاسٍ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عِندَ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، كَرِهوا بيعَ الطَّعَامِ حتى يَقْبضَهُ المُشْتَري. وقَد رَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ فيمَن ابْتاعَ شَيئًا مما لَا يُكالُ ولا يوزَنُ، مما لا يُؤكَلُ ولا يُشْرَبُ، أنْ يَبيعَهُ قَبْلَ أن يَسْتَوفِيَهُ، وإنَّما التَّشديدُ عِندَ أهْلِ العِلْم، في الطَّعامِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
57 - باب ما جَاءَ في النَّهْيِ عن البَيْعِ على بَيْعِ أخيهِ
1338 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قالَ: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن نافعٍ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2132)، ومسلم (1525)، وأبو داود (3496) و (3497)، وابن ماجه (2227)، والنسائي 7/ 285 و 286، وهو في "المسند"(1847)، و"صحيح ابن حبان"(4980).
(2)
في المطبوع زيادة: وأبي هريرة، ولم ترد في نسخنا الخطية.
عن ابنِ عُمَرَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يَبيعُ بَعْضُكُم على بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبُ بَعْضُكُم على خِطْبَةِ بَعْضٍ"
(1)
.
وفي البَابِ عن أبي هُرَيْرَةَ، وسَمُرَةَ.
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
ورُوِيَ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "لا يَسومُ الرَّجُلُ على سَوْمِ أخِيهِ"
(2)
.
ومَعْنى البَيْعِ في هذا الحَديثِ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، عِندَ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ، هو السَّوْمُ.
58 - باب مَا جَاءَ في بَيْعِ الخَمْرِ والنَّهْي عن ذلكَ
1339 -
حَدَّثَنا حُمَيدُ بن مَسْعَدَةَ، قال: حَدَّثَنا المُعْتَمِرُ بن سُلَيمانَ، قال: سَمِعتُ لَيْثًا يُحَدِّثُ، عن يَحيى بن عَبَّادٍ
عن أنَسٍ، عن أبي طَلْحَةَ، أنَّه قال: يا نبيَّ الله إنِّي اشْتريتُ خَمْرًا لأيْتامٍ في حِجْري. قال: "أهْرِقِ الخَمْرَ واكْسِرِ الدِّنانَ"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2139) و (5142)، ومسلم (1412) وص 1154 (8)، وأبو داود (2081)، وابن ماجه (1868)، والنسائي 6/ 71 و 73 - 74 و 7/ 258، وهو في "المسند"(4722).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2727)، ومسلم (1413)(54) و (55)، وابن ماجه (2172)، والنسائي 7/ 255 من حديث أبي هريرة، وهو في "المسند"(9334).
(3)
صحيح لغيره دون قوله: "واكسر الدنان"، وهذا إسناد ضعيف لضعف ليث =
وفي البَابِ عن جَابِرٍ، وعائِشَةَ، وأبي سَعيدٍ، وابنِ مَسْعودٍ، وابنِ عُمَرَ، وأنَسٍ.
حَديثُ أبي طَلْحَةَ، رَوَى الثَّوريُّ هذا الحَديثَ عن السُّدِّيِّ، عن يَحيى بن عَبَّادٍ، عن أنَسٍ: أنَّ أبا طَلْحَةَ كانَ عِندَهُ، وهذا أصَحُّ من حَديثِ اللَّيْثِ
(1)
.
1340 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن بشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا يَحيى بن سَعيدٍ، قال: حَدَّثَنا سُفْيانُ، عن السُّدِّيِّ، عن يَحيى بن عَبَّادٍ
عن أنَسِ بن مالكٍ، قال: سُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: أيُتَّخَذُ الخَمْرُ خَلًّا؟ قال: "لا"
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
1341 -
حَدَّثَنا عَبدُ الله بن مُنِيرٍ، قال: سَمِعتُ أبا عاصِمٍ، عن شَبيبِ بن بِشْرٍ.
عن أنَسِ بن مَالكٍ، قال: لَعَنَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الخَمْرِ
= وهو ابن أبي سُليم.
وأخرجه الطبراني (4712) و (4713) و (4714)، والدارقطني 4/ 266.
وأخرجه من حديث أنس أحمد (12189) و (13732) و (13733)، وأبو داود (3675)، وهذا حديث صحيح.
(1)
جاء في المطبوع بإثر هذا: باب النهي أن يتخذ الخمر خلًّا، ولم ترد في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1983)، وأبو داود (3675)، وهو في "المسند"(13732) و (13733).
عَشْرَةً: عَاصِرَها، ومُعْتَصِرَها، وشَارِبَها، وحَامِلَها، والمَحْمولَةَ إلَيهِ، وسَاقِيَهَا، وبائِعَهَا، وآكِلَ ثَمَنِها، والمُشْتَريَ لَها، والمُشْتَرى لهُ
(1)
.
هذا حَديثٌ غَريبٌ من حَديثِ أنَسٍ.
وقَدْ رُوِيَ نَحوُ هذا، عن ابنِ عَبَّاسٍ
(2)
، وابن عُمَر عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
(3)
.
59 - باب ما جَاءَ في احْتِلابِ المَواشي بغَيرِ إذنِ الأرْبابِ
1342 -
حَدَّثَنا أبو سَلَمَةَ يَحيى بن خَلَفٍ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الأعْلى، عن سَعيدٍ، عن قَتادَةَ، عن الحَسَنِ
عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ؛ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتى أحَدُكُمْ على مَاشِيةٍ، فإنْ كانَ فيها صَاحِبُها، فَليَسْتأذِنهُ، فإنْ أذِنَ لَهُ فَلْيَحْتَلِبْ ولْيَشْرَبْ، وإنْ لم يَكُنْ فيها أحَدٌ، فَليُصَوِّتْ ثَلاثًا، فإنْ أجابَهُ أحَدٌ، فَليَسْتأذِنهُ، فإنْ لَم يُجِبهُ أحَدٌ، فليَحْتَلِبْ وليَشْرَبْ ولا
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شبيب بن بشر. وأخرجه ابن ماجه (3381).
(2)
في المطبوع زيادة: وابن مسعود، ولم ترد في أصولنا الخطية.
(3)
حديث ابن عباس أخرجه أحمد (2897) وصححه ابن حبان (5356) وحديث ابن عمر أخرجه أحمد (4778)، وأبو داود (3674)، وابن ماجه (3380) وسنده حسن، وبهما يصح حديث أنس.
يَحمِلْ"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عُمَرَ وأبي سَعيدٍ.
حَديثُ سَمُرَةَ حَديثٌ حَسَنٌ غريبٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عِندَ بَعضِ أهْلِ العِلمِ، وبه يقولُ أحمدُ وإسحاقُ.
وقال عَليُّ بن المَدينيَّ: سَمَاعُ الحَسَنِ من سَمُرَةَ صَحيحٌ؛ وقَد تكَلَّمَ بَعْضُ أهلِ الحَديثِ في رِوايةِ الحَسَنِ، عن سَمُرَةَ، وقالوا: إنَّما يُحَدَّثُ عن صَحيفةِ سَمُرَة.
60 - باب ما جَاءَ في بَيْعِ جُلُودِ المَيْتَةِ والأصْنامِ
1343 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قالَ: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن يَزيدَ بن أبي حَبيبٍ، عن عَطاءِ بن أبي رَباحٍ
عن جابِرِ بن عَبد الله، أنَّهُ سَمِعَ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَامَ الفَتْحِ وهو بمَكةَ، يقولُ:"إنَّ اللهَ ورَسولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ والمَيتَةِ والخِنْزيرِ والأصْنامِ". فقيلَ: يا رسولَ اللهِ أرَأيتَ شُحومَ الميْتَةِ؟ فإنَّهُ يُطْلى بِها السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بها الجُلودُ، ويَسْتَصبِحُ بِها النَّاسُ؟ قال:"لا، هو حَرَامٌ". ثمَّ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عِندَ ذلكَ: "قاتَلَ اللهُ اليَهُودَ، إنَّ
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (2619)، والطبراني (6877)، (6878)، والبيهقي 9/ 359.
ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد (11045)، وصححه ابن حبان (5281).
الله حَرَّمَ عَليْهِمُ الشُّحومَ، فأجْمَلوهُ، ثمَّ بَاعوهُ، فأكَلوا ثَمَنَهُ"
(1)
.
وفي البَاب عن عُمَرَ وابنِ عَبَّاسٍ.
حَديثُ جَابرٍ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عِندَ أهْلِ العِلمِ.
61 - باب ما جَاءَ في كراهية الرُّجوعِ من الهِبَةِ
1344 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن عَبْدَةَ الضَّبَّيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الوهَّابِ الثَّقَفيُّ، قال: حَدَّثَنا أيُّوبُ، عن عِكْرِمةَ
عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَيسَ لَنا مَثَلُ السُّوءِ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2236)، ومسلم (1581)، وأبو داود (3486)، وابن ماجه (2167)، والنسائي 7/ 177 و 309 - 310، وهو في "المسند"(14472)، و"صحيح ابن حبان"(4937).
قوله: "أجملوه" أي: أذابوه حتى يصير وَدَكًا، فيزول عنه اسم الشحم، يقال: جملت الشحمَ وأجملتُه واجتملتُه: إذا أذبتَه، والجميل: الشحم المذاب.
قال العيني في "عمدة القاري" 2/ 55: قال القرطبي: اختلف في جواز بيع كل محرم نجس فيه منفعة كالزبل والعذرة، فمنع من ذلك الشافعي ومالك، وأجازه الكوفيون والطبري، وذهب آخرون إلى إجازة ذلك من المشتري دون البائع، ورأوا أن المشتري أعذر من البائع، لأنه مضطر إلى ذلك، روي ذلك عن بعض الشافعية. واستدل بالحديث أيضًا من ذهب إلى نجاسة سائر أجزاء الميتة من اللحم والشعر والظفر والجلد والسن، وهو قولُ الشافعي وأحمد، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن ما لا تحله الحياة لا ينجس بالموت كالشعر والظفر والقرن والحافر والعظم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له مشط من عاج وهو عظم الفيل وهو غير مأكول، فدل على طهارة عظمه وما أشبهه.
العَائِدُ في هِبَتِهِ، كالكَلْبِ يَعودُ في قَيئِهِ"
(1)
.
وفي البابِ عن ابنِ عُمَرَ، عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"لا يَحِلُّ لأحَدٍ أنْ يُعطيَ عَطِيّةً فَيَرْجِعَ فيها، إلَّا الوَالِدَ فيما يُعْطِي وَلَدَهُ".
1345 -
حَدَّثَنا بذلكَ مُحَمدُ بن بشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا ابنُ أبي عَديٍّ، عن حُسَينٍ المُعَلَّمِ
عن عَمْرو بن شُعَيْبٍ: أنَّهُ سَمعَ طَاوُوسًا يُحَدَّثُ عن ابنِ عُمَرَ وابنِ عَبَّاسٍ، يَرفعانِ الحَديثَ إلى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، بهذا الحديثِ
(2)
.
حديثُ ابنِ عَبَّاسٍ حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا الحديثِ عِندَ بَعْضِ أهْل العلمِ
(3)
؛ قالوا: مَن وَهَبَ هِبةً لذي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فَلَيْسَ لهُ أنْ يَرْجِعَ في هبته، ومن وَهَبَ هِبةً لغير ذِي رَحِمٍ مَحرمٍ، فله أن يَرْجِعَ فِيهَا، ما لم يُثَبْ منها، وهو قولُ الثوريِّ.
وقال الشَّافِعيُّ: لا يَحِلُّ لأحَدٍ أن يُعْطيَ عَطِيّةً، فيَرجِعَ فيهَا إلَّا
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2589)، ومسلم (1622)، وأبو داود (3538) و (3539)، وابن ماجه (2391)، والنسائي 6/ 265 و 266 - 268، وهو في "المسند" (1872). وعند بعضهم بلفظ: العائد في صدقته.
(2)
إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (3539)، وابن ماجه (2377)، والنسائي 6/ 265 و 267 - 268، وهو في "المسند"(2119)، و"صحيح ابن حبان"(5123).
وسيأتي عند المصنف برقم (2266).
(3)
في المطبوع زيادة: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
الوالِدَ فيما يُعْطي وَلَدَهُ، واحْتَجَّ الشَّافِعيُّ بحَديثِ عبد الله بن عُمَرَ عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يَحِلُّ لأحَدٍ أن يُعْطيَ عَطِيّةً فيَرجِعَ فيها، إلَّا الوالِدَ فيما يُعْطي وَلَدَهُ".
62 - باب مَا جَاءَ في العَرَايا والرُّخْصَةِ في ذلكَ
1346 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا عَبْدَةُ، عن مُحَمَّدِ بن إسْحاقَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ
عن زَيدِ بنِ ثابتٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن المُحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ، إلَّا أنَّهُ قَد أذِنَ لأهلِ العَرَايا أن يَبيعُوها بمثلِ خَرْصِهَا
(1)
.
وفي البَابِ عن أبي هُرَيْرَةَ، وجَابِرٍ.
حَديثُ زَيدِ بن ثابِتٍ هكذا رَوَى مُحَمدُ بن إسْحاقَ هذا الحَديثَ.
ورَوَى أيُّوبُ وعُبَيد الله بن عُمَرَ ومالِكُ بن أنَسٍ، عن نافعٍ
عن ابنِ عُمَرَ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن المُحاقَلَةِ والمُزابَنَةِ
(2)
1347 -
وبهذا الإسْنادِ عن ابنِ عُمَرَ
عن زَيدِ بن ثَابِتٍ، عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: أنَّه رَخَّصَ في العَرَايا.
(1)
حديث صحيح، وقد تفرد محمد بن إسحاق بأن جعل النهي عن المزابنة من حديث زيد بن ثابت والصوابُ أنه من حديث ابن عمر.
وأخرجه أحمد في "المسند"(21657).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2172)، ومسلم (1542)، وابن ماجه (1265)، والنسائي 7/ 266 و 270، وهو في "المسند"(4490).
وهذا أصَحُّ من حَديثِ مُحَمَّدِ بن إسحاقَ
(1)
.
1348 -
حَدَّثَنا أبو كُريبٍ، قال: حَدَّثَنا زَيدُ بن حُبابٍ، عن مَالكٍ، عن داودَ بن الحُصَينِ، عن أبي سُفيانَ مولى ابن أبي أحْمَدَ
عن أبي هُرَيرَةَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أرخَصَ
(2)
في بَيْعِ العَرَايا فيما دونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ، أو كَذَا
(3)
(4)
.
(1)
يأتي تخريجه برقم (1350).
(2)
في (ب): رخّص.
(3)
في (ب): كذا، وفي (س): وكذا.
(4)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2190)، ومسلم (1541)، وأبو داود (3364)، والنسائي 7/ 268، وهو في "المسند"(7236)، و"صحيح ابن حبان"(5006).
قوله: "العرايا" جمع عَرِيَّة، وهي النخلة يُعريها صاحبها رجلًا محتاجًا، فيجعل له ثمرة عامها، فرخص لربَّ النخل أن يبتاع من المُعْرَى تلك النخلة بتمر لموضع حاجته.
قال ابن الأثير: اختلف في تفسيره، فقيل: إنه لما نهى عن المزابنة - وهو بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر ورخص في جملة المزابنة في العرايا، وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري الرطب لعياله، ولا نخل له يطعمهم منه، ويكون قد فَضَل له من قوته تمر، فيجيء إلى صاحب النخل، فيقول له: بعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر، فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس، فرخَّصَ فيه إذا كان دون خمسة أوسق.
والخرص: أن يحزر ما على النخلة من الرطب تمرًا، ومن العنب زبيبًا، فهو من الخرص: الظن، لأن الحَزر إنما هو تقدير بظن. =
1349 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، عن مَالِكٍ، عن دَاودَ بن حُصَيْنٍ، نحوهُ
(1)
.
ورُوِيَ هذا الحَديثُ عن مَالِكٍ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أرْخَصَ في بَيْعِ العَرَايا في خَمسَةِ أوْسُقٍ، أو فيما دُونَ خَمسَةِ أوْسُقٍ.
1350 -
حَدَّثَنا قُتَيْبةُ، قالَ: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن زَيدٍ، عن أيُّوبَ، عن نَافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ
عن زَيدِ بن ثَابِتٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أرْخَصَ في بَيْعِ العَرَايا بخَرْصِها
(2)
.
وهذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
وحَديثُ أبي هُرَيرَةَ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ عَليهِ عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ، منهُمُ: الشَافِعيُّ، وأحْمَدُ، وإسْحاقُ.
وقالوا: إنَّ العَرَايا مُسْتَثناةٌ من جُمْلَةِ نَهْيِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم. إذ نَهَى عن المُحاقَلَةِ والمُزابَنَةِ، واحْتَجُّوا بحديثِ زَيدِ بن ثَابِتٍ وحَديثِ أبي هُرَيرَةَ، وقالوا: لَهُ أن يَشْتَرِيَ ما دونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ؛ ومَعْنى هذا
= وقوله: "أوسق" جمع وَسْق، وهي ستون صاعًا، وهي تساوي (700) كغم تقريبًا.
(1)
انظر ما قبله.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2173)، ومسلم (1539)، وأبو داود (3362)، وابن ماجه (2268) و (2269)، والنسائي 7/ 266 و 267، وهو في "المسند"(4490)، و"صحيح ابن حبان"(5009).
عِندَ بَعْضِ أهْلِ العِلمِ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أرادَ التَّوْسِعَةَ عَليهِم في هذا، لأنهُم شَكَوا إليهِ، وقالوا: لا نَجدُ ما نَشْتَري من الثَّمَرِ إلَّا بالتَّمْرِ، فرَخَّصَ لهُم فيما دونَ خَمسَةِ أوْسُقٍ أن يَشَروها، فيأكُلُوها رُطَبًا.
1351 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بن عَليًّ الحُلْوَانيُّ الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنا أبو أُسامَةَ، عن الوليدِ بن كثِيرٍ، قال: حَدَّثَنا بُشَيْرُ بن يَسارٍ مَولى بَني حَارِثَةَ
أنَّ رافِعَ بن خَديجٍ وسَهْلَ بن أبي حَثمةَ حَدَّثَاهُ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ المُزابَنَةِ، الثَّمَرِ بالتَّمْرِ، إلَّا لأصْحابِ العَرَايا، فإنَّه قَد أذِنَ لَهُم، وعن بَيْعِ العِنَبِ بالزّبيبِ، وعَن كُلَّ ثَمَرٍ بخَرْصِهِ
(1)
(2)
.
هذا حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ غَريبٌ من هذا الوَجْهِ.
63 - باب مَا جَاءَ في كَرَاهِيةِ النَّجْشِ
1352 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ وأحْمَد بن مَنيعِ، قالا: حَدَّثَنا سُفْيانُ، عن الزُّهْريَّ، عن سَعيدِ بن المُسَيَّبِ
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال قُتَيْبةُ يَبْلُغُ به النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَناجَشُوا"
(3)
.
(1)
في (ب) و (د): بخرصها.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2191)، ومسلم (1540)، وأبو داود (3363)، والنسائي 7/ 268، وهو في "المسند"(16092)، و"صحيح ابن حبان"(5002).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2140)، ومسلم (1413)، وأبو داود (3438)، وابن ماجه (2174)، والنسائي 6/ 71 - 72 و 7/ 256، وهو في =
وفي البابِ عن ابنِ عُمَرَ، وأنَسٍ.
حَديثُ أبي هُرَيرَةَ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
والعَمَلُ على هذا عِندَ أهلِ العِلمِ؛ كَرِهوا النَّجْشَ.
والنَّجْشُ أن يأتيَ الرَّجُلُ الذي يُبْصِرُ السِّلْعَةَ إلى صاحبِ السَّلْعَةِ، فيَسْتامُ بأكْثَرَ مِمَّا تَسْوَى، وذلك عِندما يَحْضُرهُ المُشْتَري، يُريدُ أن يَغْترَّ المُشْتَري بهِ، وليسَ من رأيهِ الشَّراءُ، إنَّما يُريدُ أن يَخدعَ المُشْتَري بما يَسْتامُ! وهذا ضَرْبٌ من الخَديعَةِ
(1)
.
قالَ الشافِعيُّ: وإنْ نَجَشَ رَجُلٌ، فالنَّاجِشُ آثِمٌ فيما يَصْنَعُ، والبَيْعُ جَائِزٌ، لأنَّ البائِعَ غَير النَّاجِشِ.
64 - باب ما جَاءَ في الرُّجْحانِ في الوَزْنِ
1353 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ ومَحمودُ بن غَيلانَ، قالا: حَدَّثَنا وَكيعٌ، عن شفْيانَ، عن سِماكِ بن حَرْبٍ
عن سُوَيدِ بن قَيسٍ، قالَ: جَلَبْت أنا وَمَخْرمةُ العَبْديُّ بَزًّا من هَجَرَ، فجاءَنَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَساوَمَنا بِسَراويلَ، وعِنْدي وزَّانٌ يَزِنُ بالأجر، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم للوَزَّانِ:"زِنْ وأرْجِحْ"
(2)
.
= "المسند"(7700).
(1)
قال ابن الأثير: النجش: هو أن يمدح السَّلعة ليُنفقها ويروجها، أو يزيد في ثمنها، وهو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، والأصل فيه: تنفير الوحش من مكان إلى مكان.
(2)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (3336)، وابن ماجه (2220) و (3579)، =
وفي البابِ عن جَابِرٍ، وأبي هُرَيرَةَ.
حَديثُ سُوَيدٍ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
وأهْلُ العِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ الرُّجْحانَ في الوَزْنِ.
ورَوى شُعْبةُ هذا الحَديثَ عن سِماكٍ، فقالَ: عن أبي صَفْوانَ، وذَكَرَ الحَديثَ.
65 - باب مَا جَاءَ في إنْظار المُعسِرِ والرِّفْقِ بهِ
1354 -
حَدَّثَنا أبو كُريبٍ، قال: حَدَّثَنا إسْحاقُ بن سُلَيمانَ الرَّازيُّ، عن دَاودَ بن قَيسٍ، عن زَيدِ بن أسْلَمَ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أنْظَرَ مُعْسِرًا أو وَضَعَ لَهُ، أظَلَّهُ اللهُ يَومَ القِيامَةِ تَحْتَ ظِلَّ عَرْشِهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ"
(1)
.
وفي البَابِ عن أبي اليَسَرِ، وأبي قَتَادةَ، وحُذيفَةَ، وأبي مَسْعودٍ
(2)
، وعُبَادَةَ
(3)
.
حَديثُ أبي هُرَيرَةَ حديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ غَريبٌ من هذا الوَجْهِ.
= والنسائي 7/ 284، وهو في "المسند"(19098)، و"صحيح ابن حبان"(5147).
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (8711).
(2)
في نسخة بهامش (ب)، وفي المطبوع: ابن مسعود. وحديث أبي مسعود هو الحديث التالي.
(3)
في المطبوع زيادة: وجابر، ولم ترد في أصولنا الخطية، ولا في "تحفة الأحوذي".
1355 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو مُعاويَةَ، عن الأعْمَشِ، عن شَقيقٍ
عن أبي مَسْعودٍ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "حُوسِبَ رَجُلٌ ممَّن كانَ قَبلَكُمْ، فَلَم يُوجَدْ لهُ منَ الخَيْرِ شَيءٌ إلَّا أنَّهُ كانَ رَجُلًا مُوسِرًا، وكانَ يُخالِطُ النَّاسَ، فكانَ يأمُرُ غِلْمانَهُ أنْ يَتجاوَزوا عن المُعْسِر، فقالَ اللهُ عز وجل: نَحْنُ أحَقُّ بذلِكَ مِنهُ، تجاوَزوا عَنْهُ"
(1)
.
هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ
(2)
.
66 - باب ما جَاءَ في مَطْلِ الغَنيَّ ظُلْمٌ
1356 -
حَدَّثَنا مُحَمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عبد الرَّحمنِ بن مَهْديًّ، قال: حَدَّثَنا سُفْيانُ، عن أبي الزَّنادِ، عن الأعْرَجِ
عن أبي هُرَيرَةَ، عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"مَطْلُ الغَنيَّ ظُلْمٌ، وإذا أُتبِعَ أحَدُكُم على مَليًّ فليَتْبَع"
(3)
.
وفي البَابِ عن ابن عُمَرَ، والشَّريدِ
(4)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1561)، وهو في "المسند"(17083)، و"صحيح ابن حبان"(5047).
(2)
جاء في المطبوع عقب هذا: وأبو اليسر كعب بن عمرو، ولم يرد في أصولنا الخطية.
(3)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2287)، ومسلم (1564)، وأبو داود (3345)، وابن ماجه (2403)، والنسائي 7/ 316 و 317، وهو في "المسند"(7336)، و"صحيح ابن حبان".
(4)
جاء في المطبوع عقب هذا: 1309 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي، =
حَديث أبي هُرَيرَةَ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.
ومَعْناهُ: أنه إذا أُحيلَ أحَدُكُم على مَليٍّ فليحتل
(1)
. فقال بعضُ أهْلِ العِلْمِ: إذا أُحيلَ الرَّجُلُ على مَليٍّ فاحْتالَهُ، فقد بَرئَ المُحِيلُ، ولَيس له أن يَرْجِعَ على المُحيلِ، وهو قَولُ الشَّافِعيَّ، وأحمَدَ وإسحاقَ.
وقال بعضُ أهلِ العِلمِ: إذا تَوِيَ
(2)
مالُ هذا بإفلاس المُحَالِ عَليهِ، فلَه أن يَرْجِعَ على الأوَّلِ، واحْتَجوا بقَولِ عُثمانَ وغَيرِهِ حين قالوا: لَيسَ على مَالِ مُسْلِمٍ تَوىً.
قال إسحاقُ: مَعنى هذا الحَديثِ: لَيْسَ على مَالِ مُسْلمٍ تَوَىً، هذا إذا أُحيلَ الرَّجُلُ على آخَرَ، وهو يرى أنَّهُ مَلِيٌّ، فإذا هو مُعْدِمٌ، فلَيسَ على مَالِ مُسْلِمٍ تَوَىً.
67 - باب مَا جَاءَ في المنابذة والمُلامَسةِ
1357 -
حَدَّثنا أبو كُريبٍ ومَحمود بن غيْلانَ، قالا: حَدَّثَنا وَكيعٌ، عن سُفْيانَ، عن أبي الزّنادِ، عن الأعْرَجِ
= حدثنا هشيم، حدثنا يونس بن عبيد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَطل الغنيَّ ظُلمٌ، وإذا أحلت على مليٍّ، فاتبعه، ولا تبع بيعتين في بيعة". وهذا الحديث لم يرد في أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري، ولم يعزه صاحب "تحفة الأشراف" 6/ 253 إلا لابن ماجه.
(1)
في (ب): فليتبع.
(2)
قوله: "توي" بوزن رضي: هلك.
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بَيْعِ المُنابذَةِ والملامَسَةِ
(1)
.
وفي البَابِ عن أبي سعيدٍ، وابنِ عُمَرَ.
حديثُ أبي هُرَيْرَةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
ومَعْنَى هذا الحديثِ أن يقولَ: إذا نَبَذْتُ إلَيْكَ بالشَّيءِ، فَقَدْ وجَبَ البَيْعُ بَينِي وبَيْنَكَ.
والمُلامَسَةُ أن يَقُولَ: إذا لَمسْتَ الشَّيءَ، فَقَدْ وجَبَ البَيْعُ، وإن كانَ لا يَرى مِنْهُ شَيئًا، مِثْلَ ما يكُونُ في الجِرَابِ أو غَيرِ ذلك، وإنَّما كانَ هذا من بُيُوعِ أهلِ الجَاهِليَّةِ، فَنُهِيَ عن ذلك.
68 - باب ما جَاءَ في السَّلفِ في الطَّعَام والثَّمَرِ
1358 -
حَدَّثَنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، قال: حَدَّثَنا سُفْيانُ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن عبدِ الله بنِ كَثيرٍ، عن أبي المِنْهَالِ
عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وهُمْ يُسْلِفُونَ في التَّمْرِ، فقال:"من أسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ مَعْلُومٍ، ووَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلى أجَلٍ مَعْلُومٍ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (368)، ومسلم (1511)، والنسائي 7/ 259، وهو في "المسند"(8935)، و"صحيح ابن حبان"(4975).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2239)، ومسلم (1604)، وأبو داود (3463)، وابن ماجه (2280)، والنسائي 7/ 290، وهو في "المسند"(1868)، و"صحيح ابن حبان"(4925).
وفي البابِ عن ابنِ أبي أوفَى، وعبد الرحمنِ بنِ أبْزَى.
حديثُ ابنِ عَبَّاسٍ حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عندَ أهلِ العِلم من أصْحَابِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِم؛ أجَازُوا السَّلَفَ في الطَّعَامِ والثَّيَابِ وغيرِ ذلك، مِمَّا يُعْرَفُ حَدُّهُ وصِفَتُهُ.
واخْتَلَفُوا في السَّلَمِ في الحَيَوانِ؛ فَرَأى بعضُ أهلِ العِلمِ من أصْحَابِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وغيْرِهِم السَّلمَ في الحَيَوانِ جَائِزًا، وهو قَولُ الشَّافِعِيَّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
وكَرِهَ بعضُ أهلِ العِلمِ من أصْحَابِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِم؛ السَّلَمَ في الحَيَوانِ، وهو قَولُ سُفْيَانَ الثوريَّ، وأهلِ الكُوفَةِ.
69 - باب ما جَاءَ في أرْضِ المُشْتَركِ
(1)
يُرِيدُ بَعْضُهم بَيْعَ نصِيبه
1359 -
حَدَّثَنا عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ، قال: حَدَّثَنا عِيسَى بنُ يُونُسَ، عن سَعِيدٍ، عن قَتادَةَ، عن سُلَيمانَ اليَشْكرِيَّ
عن جَابِرِ بن عبدِ اللهِ؛ أنَّ نَبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "من كانَ لهُ شَرِيكٌ في حَائِطٍ، فَلا يَبِيعُ نَصِيبَهُ من ذلك حَتَّى يَعْرِضَهُ على شَرِيكهِ"
(2)
.
(1)
في نسخة بهامش (د): المشتركين.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه بنحوه مسلم (1608)، وابن ماجه (2492)، وأبو داود (3513)، والنسائي 7/ 301 و 319 - 320 و 320، وهو في "المسند" =
هذا حديثٌ إسنادهُ ليسَ بِمُتَّصِلٍ. سَمِعْتُ محمدًا يقولُ: سُلَيمانُ اليَشْكُرِيُّ، يُقَالُ: إنَّهُ مَاتَ في حَياةِ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ. قال: ولم يَسْمَعْ مِنْهُ قَتادَةُ ولا أبُو بِشْرٍ.
قال محمدٌ: ولا نَعْرِفُ لأحَدٍ مِنْهُمْ سَمَاعًا من سُلَيمانَ اليَشْكُريَّ إلَّا أن يَكُونَ عَمْرُو بنُ دِينَارٍ، فَلَعَلَّهُ سَمعَ مِنْهُ في حَيَاةِ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ. قال: إنما يُحَدَّثُ قَتادَةُ عن صَحِيفَةِ سُلَيمَانَ اليَشْكُرِيَّ، وكانَ لهُ كِتابٌ عن جَابِرِ بن عبدِ اللهِ. فقال عَلِيُّ ابنُ المَدِينيَّ: قال يَحْيي بنُ سَعيدٍ: قال سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: ذَهَبُوا بصَحِيفةِ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ إلى الحَسَنِ البَصْرِيَّ فأخَذَها، أو قَالَ: فَرَوَاها، وذَهَبُوا بِهَا إلى قَتادَةَ فَرَوَاهَا، وأتوني بها فلم أردها
(1)
. حدثنا بذلك أبو بكر العطار عن علي ابن المديني.
70 - باب ما جَاءَ في المُخَابَرَةِ والمُعَاوَمةِ
1360 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عبدُ الوهَّابِ الثَّقفِيُّ، قال: حَدَّثَنا أيُّوبُ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جَابِرٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن المُحَاقَلةِ والمُزَابَنَةِ والمُخَابَرَةِ والمُعَاوَمَةِ، ورَخَّصَ في العَرَايا
(2)
.
= (14292).
(1)
في نسخة بهامش (أ): فلم أروِها.
(2)
حديث صحيح، وأبو الزبير - واسمه محمد بن مسلم بن تدرس - قد توبع عند أحمد (14876) وغيره. وأخرجه مسلم (1536)، وأبو داود (3375) =
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
71 - باب
(1)
1361 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حَدَّثَنا الحَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بنُ سَلمَةَ، عن قَتادَةَ وثَابِتٍ وحُمَيدٍ
عن أنَسٍ، قال: غَلا السَّعْرُ على عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ سَعَّرْ لَنا فقال: "إنَّ اللهَ هو المُسَعِّرُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ، وإنَّي لأرْجُو أن ألقَى رَبَّي ولَيْسَ أحَدٌ مِنكُم يَطلُبُني بِمَظْلِمَةٍ في دَمٍ ولا مَالٍ"
(2)
.
= و (3404) و (3405)، وابن ماجه (2266)، والنسائي 7/ 296، وهو في "المسند"(14358)، و"صحيح ابن حبان"(5000).
والمحاقلة: بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية. والمزابنة: بيع الرطب على رؤوس الأشجار بالتمر.
والمخابرة: كراء الأرض ببعض الخارج منها.
والمعاومة: بيع الثمار أعوامًا.
(1)
في المطبوع زيادة: ما جاء في التسعير، ولم ترد في أصولنا الخطية.
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (3451)، وابن ماجه (2200)، وهو في "المسند"(12591)، و"صحيح ابن حبان"(4935).
قال المناوي في "فيض القدير" 2/ 266: أفاد الحديثُ أن التسعير حرام، لأنه جعله مظلمة، وبه قال مالك والشافعي، وجوزه ربيعةُ شيخُ مالكٍ وهو مذهبُ عمر، لأن به حفظ نظام الأسعار.
وقال أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي" 6/ 54: والحقُّ جوازُ التسعير وضبط الأمر على قانون ليس فيه مَظْلِمةٌ لأحدٍ من الطائفتين، وذاك قانون لا يُعرف =
هذا حَديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
72 - باب ما جَاءَ في كَرَاهِيةِ الغِشِّ في البُيُوعِ
1362 -
حَدَّثَنا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ، عن العَلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيهِ
عن أبي هُرَيْرَةَ؛ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةٍ من طَعَامٍ، فأدْخَلَ يَدَهُ فيهَا، فَنالَتْ
(1)
أصَابِعُهُ بَللًا، فقال:"يا صَاحِبَ الطَّعامِ ما هذا"؟ قال: أصَابَتْهُ السّماءُ، يَا رسولَ اللهِ، قال:"أفَلا جَعَلتَهُ فَوقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ؟ " ثمَّ قال: "من غَشَّ
(2)
فَلَيْسَ مِنَّا"
(3)
.
وفي البابِ عن ابنِ عُمَرَ، وأبي الحَمْرَاءِ، وابنِ عَبَّاسٍ، وبُرَيْدَةَ، وأبي بُرْدَةَ بنِ نِيَارٍ، وحُذَيْفةَ بنِ اليمَانِ.
حديثُ أبي هُرَيْرَةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
= إلا بالضبط للأقواتِ، ومقادير الأموال، وحالِ الرجال، وما قاله النبيُّ صلى الله عليه وسلم حق، وما فعله حكم، لكن على قوم صَحَّتْ نياتهم وديانتهم، أما قوم قصدوا أكلَ مالِ الناس والتضييقِ عليهم، فبابُ الله أوسعُ، وحُكمه أمضى.
ولولي الأمر عند الحنفية والمالكية تسعير السلع بالربح المعقول، ويجب على أصحابها أن يلتزموا بذلك.
وانظر لزامًا "المنتقى" 5/ 18 - 19 للباجي، و"بدائع الصنائع" 5/ 129 للكاساني.
(1)
في (ب): فبللت.
(2)
في نسخة بهامش (أ): غشنا.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (102)، وأبو داود (3452)، وابن ماجه (2224)، وهو في "المسند"(7292)، و"صحيح ابن حبان"(4905).
والعملُ على هذا عندَ أهلِ العِلمِ؛ كَرِهُوا الغِشَّ، وقَالوا: الغِشُّ حَرَامٌ.
73 - باب ما جَاءَ في اسْتِقْراضِ البَعِيرِ أو الشَّيءِ من الحَيَوانِ
(1)
1363 -
حَدَّثَنا أبُو كُرَيْب، قال: حَدَّثَنا وكِيعٌ، عن عَلِيَّ بنِ صَالحٍ، عن سَلمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عن أبي سَلَمَةَ
عن أبي هُرَيرَةَ، قال: اسْتَقْرَضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سِنًّا، فأعْطَاهُ سِنًّا خَيْرًا من سِنَّهِ، قال:"خِيَارُكُمْ أحَاسِنُكُمْ قَضَاءً"
(2)
.
وفي البابِ عن أبي رَافعٍ.
حديثُ أبي هُرَيْرَةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وقد رَوَاهُ شُعْبَةُ وسُفْيانُ عن سَلَمة.
والعملُ على هذا عندَ بعضِ أهلِ العِلمِ: لم يَرَوا باسْتِقْراضِ السِّنَّ بَأسًا من الإبِل، وهو قَولُ الشّافِعِيَّ وأحمدَ، وإسحاقَ، وكَرِهَ بَعْضُهُمْ ذلك.
1364 -
حَدَّثَنا محمدُ بنُ المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنا وَهْبُ بنُ جَرِيرٍ، قال: حَدَّثَنا شُعْبةُ، عن سَلمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عن أبي سَلمَةَ
(1)
في المطبوع زيادة: أو السن، ولم ترد في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2305)، ومسلم (1601)، وابن ماجه (2423)، والنسائي 7/ 291، وهو في "المسند"(8897).
عن أبي هُرَيْرَةَ؛ أنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأغْلَظَ لهُ، فَهَمَّ بهِ أصْحَابُهُ. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"دَعُوهُ، فَإنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا"، وقال:"اشْتَروا لهُ بعِيرًا، فَأعْطُوهُ إيَّاهُ" فَطَلَبُوا فَلَمْ يَجِدُوا إلَّا سِنًّا أفْضَلَ من سِنَّهِ. فقال: "اشْترُوهُ فَأعْطُوهُ إيَّاهُ، فَإنَّ خَيْرَكم أحْسَنُكُم قَضَاءً"
(1)
.
1365 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قالَ: حَدَّثَنا محمدُ بنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عن سَلمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، نحْوَه
(2)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
1366 -
حَدَّثَنا عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنا مَالِكُ بنُ أنَسٍ، عن زَيْدِ بنِ أسْلَمَ، عن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ
عن أبي رَافعٍ، مَوْلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: اسْتَسلَفَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(3)
بَكْرًا، فَجَاءَتْهُ إبِلٌ من الصَّدَقَةِ. قال أبو رَافعٍ: فأمَرَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن أقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ. فَقُلتُ: لا أجِدُ في الإبِلِ إلَّا جَمَلًا خِيارًا رَبَاعِيًا. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أعْطِهِ إيَّاهُ، فَإنَّ خِيارَ النَّاسِ أحْسَنُهُمْ قَضَاءً"
(4)
.
هذا حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ.
(1)
سلف تخريجه في الذي قبله.
(2)
سلف تخريجه برقم (1363).
(3)
في المطبوع زيادة: من رجل، ولم ترد في أصولنا الخطية.
(4)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1600)، وأبو داود (3346)، وابن ماجه (2285)، والنسائي 7/ 291، وهو في "المسند"(27181).
1367 -
حَدَّثَنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حَدَّثَنا إسْحَاقُ بنُ سُلَيْمانَ، عن مُغِيرَةَ بنِ مُسْلِمٍ، عن يُونُسَ، عن الحَسَنِ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ سَمْحَ البَيْعِ، سَمْحَ الشَّرَاء، سَمْحَ القَضَاءِ"
(1)
.
هذا حَديثٌ غَريبٌ. وقد رَوَى بَعْضُهم هذا الحديث عن يونُسَ، عن سَعيدٍ المَقْبُريِّ، عن أبي هُرَيرَةَ.
1368 -
حَدَّثَني عَبَّاسُ بن محمد الدُّوريُّ، قال: حَدَّثَنا عبدُ الوَّهابِ بن عَطاءٍ، قال: حدثنا إسرائيلُ، عن زَيْدِ بن عَطَاءِ بن السَّائِبِ، عن مُحَمَّدِ بن المُنْكَدِرِ
عن جابِرٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "غَفَرَ اللهُ لرَجُلٍ كانَ قَبْلَكُم، كانَ سَهْلًا إذا بَاعَ، سَهْلًا إذا اشْتَرى، سَهْلًا إذا اقتَضَى"
(2)
.
(1)
رجاله ثقات إلا أن الحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة.
وأخرجه المصنف في "علله الكبير" 1/ 530، وأبو يعلى (6238) عن أبي كريب، بهذا الإسناد. ونقل المصنف هناك عن البخاري قوله: هو حديث خطأ روى هذا الحديث إسماعيلُ ابن علية، عن يونس، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. قال البخاري: وكنت أفرح بهذا الحديث حتى روى بعضهم هذا الحديث عن يونس عمن حدثه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.
قلنا: وأخرجه الحاكم 2/ 56 من طريق إسحاق بن سليمان، عن المغيرة بن مسلم، عن يونس بن عبيد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
وانظر الحديث التالي.
(2)
حديث صحيح، وهذا سند حسن زيد بن عطاه روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" وهو متابع، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه البخاري (2076)، =
هذا حَديثٌ غريبٌ حَسنٌ صحيحٌ من هذا الوَجهِ.
74 - باب النَّهْي عن البَيْعِ في المَسْجِدِ
(1)
1369 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بن عليًّ الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنا عَارمٌ، قال: حَدَّثَنا عبدُ العزيزِ بن مُحَمَّدٍ، قال: أخْبَرَني يَزيدُ بن خُصَيْفَةَ، عن مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمنِ بن ثَوْبانَ
عن أبي هُرَيرَةَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رَأيْتُمْ مَنْ يَبيعُ أو يَبْتاعُ في المَسْجِدِ، فقولوا: لا أرْبَحَ الله تِجارَتَكَ، وإذا رَأيْتُم مَن يَنْشُدُ فيهِ ضَالّةً، فقولوا: لا رَدَّ اللهُ عَلَيْكَ"
(2)
.
حَديثُ أبي هُرَيرَةَ حَديثٌ حَسَنٌ غَريبٌ.
والعمَلُ على هذا عند بعضِ أهلِ العِلْمِ؛ كَرِهوا البَيْعَ والشَّراءَ في المَسْجِدِ. وهو قَوْلُ أحْمَدَ وإسْحاقَ.
وقد رَخَّصَ بعْضُ أهْلِ العِلْمِ، في البَيْعِ والشَّراءِ في المَسْجِدِ.
= وابن ماجه (2203)، وهو في "المسند"(14658)، و"صحيح ابن حبان"(4903).
(1)
هذا العنوان لم يرد إلا في هامش (س).
(2)
حديث صحيح، وهذا سند حسن، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(176)، وابن حبان (1650).
وأخرجه بنحوه مسلم (568)، وأبر داود (473)، وابن ماجه (767)، وهو في "المسند"(8588)، و"صحيح ابن حبان"(1651).
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء عن رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم في القَاضِي
1370 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَبدِ الأعْلى، قَال: حَدَّثنا المُعْتَمِرُ بن سُلَيْمانَ، قال: سَمِعْتُ عَبدَ الملكِ يُحَدَّثُ، عن عَبد اللهِ بن مَوْهَبٍ
أنَّ عُثمانَ قال لابنِ عمرَ: اذْهَبْ فَاقْضِ بَيْنَ النَّاس، قال: أوَتُعافينِي يا أمِيرَ المُؤْمِنينَ؟ قال: فَما تكْرهُ من ذلكَ وقد كانَ أبُوكَ يَقْضي؟ قال: إنَّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "من كانَ قاضِيًا فَقَضى بِالعدْلِ، فَبِالحَرِيَّ أنْ يَنْفلِتَ
(1)
مِنْهُ كَفافًا". فَما أرْجُو بَعْدَ ذلكَ؟ وفي الحديثِ قِصَّةٌ
(2)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.
حديثُ ابن عُمرَ حديثٌ غريبٌ، وَلَيْسَ عِنْدِي بِمُتَّصِلٍ
(3)
(1)
في (ب): يتفلت.
(2)
إسناده ضعيف، عبد الله بن موهب لم يسمع من عثمان، وأخرجه المصنف في "العلل الكبير" 1/ 533، وأبو يعلى (5727)، وابن حبان (5056).
(3)
وكذا قال البخاري في "علل" المصنف 1/ 534، وأبو حاتم في =
وَعَبدُ الملكِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ المُعْتَمرُ هذا، هو عَبدُ المَلكِ بن أبي جَمِيلةَ.
1371 -
حَدَّثَنا محمدُ بن إسماعيلَ، قَال: حَدَّثَنِي الحَسَنُ بن بِشْرٍ، قَال: حَدَّثَنا شَرِيكٌ، عن الأعْمَشِ، عن سَعْدِ بن عُبَيْدةَ، عن ابن بُريْدةَ
عن أبيهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "القُضاةُ ثَلاثةٌ: قَاضِيانِ في النَّارِ وَقَاضٍ في الجَنّةِ: رَجُلٌ قَضى بِغَيْرِ الحَقَّ فَعلِمَ ذاكَ، فَذاكَ في النَّارِ، وَقاضٍ لا يَعْلمُ، فَأهْلكَ حُقُوقَ النَّاسِ، فَهو في النَّارِ، وَقَاضٍ قَضى بالحَقَّ، فَذلكَ في الجَنَّةِ"
(1)
(2)
.
1372 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا وَكِيع، عن إسرائيلَ، عن عَبدِ الأعلى، عن بِلالِ بن أبي موسى
عن أَنسِ بن مَالكٍ، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من سَألَ القَضاءَ وُكِلَ إلى نَفْسهِ، ومن جُبِرَ عَليْهِ، يَنْزِلُ عَليْهِ مَلَكٌ فَيُسدِّدُهُ"
(3)
.
1373 -
حَدَّثنا عَبد اللهِ بن عبدِ الرحمنِ، قَال: حدثنا يحيى بن حَمَّادٍ،
= "العلل" 1/ 468.
(1)
هذا الحديث أثبتناه من هامش (ظ)، ومن "تحفة الأشراف" 2/ 84، ولم يرد في سائر الأصول الخطية.
(2)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (3573)، وابن ماجه (2315)، والنسائي في "الكبرى"(5922)، وهو في "شرح المشكل"(54) وله طريق آخر قوي عند الطحاوي (55).
(3)
إسناده ضعيف، لضعف عبد الأعلى الثعلبي، وأخرجه أبو داود (3578)، وابن ماجه (2309)، وهو في "المسند"(12184).
عن أبي عَوانةَ، عن عَبد الأعلى الثَّعْلَبيَّ، عن بِلالِ بن مِرْداسٍ الفَزَاريَّ، عن خَيْثَمةَ، وهو البَصْرِيُّ
عن أنَسٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من ابْتَغى القَضاءَ، وسألَ فيهِ شُفعاءَ، وُكِلَ إلى نَفْسهِ، ومن أُكْرِهَ عَليْهِ، أنْزَلَ اللهُ عَليْهِ مَلكًا يُسَدَّدُهُ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، وهو أصَحُّ من حديثِ إسرائيلَ عن عَبدِ الأعْلَى.
1374 -
حَدَّثَنا نصْرُ بن عَليًّ الجَهضَميُّ، قَال: حَدَّثنا الفُضَيْلُ بن سُليْمانَ، عن عَمْرِو بن أبي عَمْرٍو، عن سَعيدِ المقْبُريَّ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من وَليَ القَضاءَ، أوْ جُعِلَ قَاضِيًا بينَ النَّاسِ، فقد ذُبحَ بغَيْرِ سكِّينٍ"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ضعيف، وشيخه بلال بن أبي موسى: مرداس الفزاري مقبول عند المتابعة، ولم يتابع، وخيثمة - وهو ابن أبي خيثمة البصري - ليَّن، وهو في سنن البيهقي 10/ 100، ونقل قول المصنف: حديث حسن غريب، وهو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى، قال ابن التركماني في "الجوهر النقي": سكوت البيهقي عن كلام الترمذي دليل على الرضا، وقد اعترض عليه ابن القطان بما ملخصه: أن بلال بن مرداس مجهول الحال، وخيثمة بن أبي خيثمة، قال فيه ابن معين: ليس بشيء وفي "الميزان" للذهبي: بلال بن مرداس لا يصح حديثه، قاله الأزدي.
(2)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (3571) و (3572)، وابن ماجه (2308)، والنسائي في "الكبرى"(5924)، وهو في "المسند"(7145) وقد بسطنا الكلام عليه فيه.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ، وقد رُوِي أيضًا من غَيْرِ هذا الوَجْهِ عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
2 - باب ما جاء في القاضِي يُصِيبُ ويُخْطِئُ
1375 -
حَدَّثَنا الحُسيْنُ بن مَهْدِيًّ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الرَّزَّاقِ، قال: أخْبرَنا مَعْمرٌ، عن سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، عن يحيى بن سَعيدٍ، عن أبي بَكْرِ بن محمد بن عَمْرِو بن حَزْمٍ، عن أبي سَلمةَ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا حَكمَ الحاكِمُ فاجْتهَدَ فأصابَ، فَلهُ أجْرَانِ، وإذا حَكمَ فأخْطَأ، فَلهُ أجْرٌ واحدٌ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَمْرِو بن العَاصِ، وَعُقْبةَ بن عَامر.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ، لا نَعْرِفهُ من حديثِ سُفيانَ الثَّوْريَّ، عن يحيى بن سَعيدٍ، إلَّا من حديثِ عَبدِ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمرٍ، عن سُفيانَ الثَّوْرِيِّ.
= وقوله: "فقد ذبح بغير سكين" قال السندي: أريد أنه ذبح أشدَّ الذبح، لأن الذبح بالسكين أريح للذبيحة بخلافه لغيره. أو المراد أنه ذُبح لا ذبحًا يقتله، بل ذبحًا يبقى فيه لا حيًا ولا ميتًا، لأنه ليس ذبحًا بسكين حتى يموت، ولا هو سالم عن الذبح حتى يكون حيًا.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه من حديث عمرو بن العاص البخاري (7352)، ومسلم (1716)، وأبو داود (3574)، وابن ماجه (2314)، والنسائي 8/ 223 - 224، وهو في "المسند"(17774)، و"صحيح ابن حبان"(5060). وعندهم جميعًا جاء حديث أبي هريرة بإثر حديث عمرو بن العاص غير النسائي. وابن حبان.
3 - باب
(1)
1376 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن شُعبةَ، عن أبي عَوْنٍ، عن الحارثِ بن عَمْرٍو، عن رِجالٍ من أصْحَابِ مُعَاذٍ
عن معاذ
(2)
، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعثَ مُعاذًا إلى اليَمنِ، فقال:"كَيْفَ تَقْضي؟ " فقال: أقْضِي بِما في كِتابِ اللهِ. قال: "فَإنْ لم يكُنْ في كِتابِ اللهِ؟ " قال: فَبِسُنةِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم. قال: "فَإنْ لم يكُنْ في سُنَّةِ رَسولِ اللهِ؟ " قاَل: أجْتَهدُ رَأْيي. قال: "الحَمدُ للهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسولَ رَسولِ الله"
(3)
.
(1)
وقع عنوان هذا الباب في المطبوع: "باب ما جاء في القاضي كيف يقضي"، ولم يرد ذلك في أصولنا الخطية.
(2)
لفظة "عن معاذ" لم ترد في "تحفة الأشراف" 8/ 422، وهي ثابتة في أصولنا الخطية، وفي نسخة شرح العراقي.
(3)
أخرجه أبو داود (3593)، وهو في "المسند"(22007).
وقد ضعفه غير واحد من أئمة هذا الشأن لجهالة الحارث بن عمرو، وبإبهام أصحاب معاذ، لكن مال إلى القول بصحته غير واحد من المحققين، منهم أبو بكر الرازي، وأبو بكر بن العربي والخطيب البغدادي، وابن قيم الجوزية، وقالوا: إن الحارث بن عمرو ليس بمجهول العين، لأن شعبة بن الحجاج يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة، ولا بمجهول الوصف، لأنه من كبار التابعين ولم ينقل أهل الشأن جرحًا مفسرًا في حقه، والشيوخ الذين روى عنهم هم من أصحاب معاذ، ولا أحدَ من أصحاب معاذ مجهولًا، ويجوز أن يكون في الخبر إسقاط الأسماء عن جماعة، ولا يدخله ذلك في حيّز الجهالة، وإنما يدخل في المجهولات إذا كان واحدًا. وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والصدق بالمحل الذي لا يخفى، وقد خرج البخاري (3642) الذي شرط الصحة حديث عروة البارقي: سمعت الحي =
1377 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا محمدُ بن جَعفرٍ وعبد الرحمنِ بن مَهْدِيًّ، قَالا: حَدَّثَنا شُعبةُ، عن أبي عَوْنٍ، عن الحارثِ بن عَمْرٍو، ابن أخٍ لِلْمُغِيرَةِ بن شُعبةَ، عن أُناسٍ من أهْلِ حِمْص، عن مُعاذٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، بنَحْوه.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من هذا الوَجْهِ، وَلَيْسَ إسْنادُهُ عِنْدِي بمُتَّصِلٍ.
وأبو عَوْنٍ الثقَفِيُّ اسْمُهُ: محمدُ بن عُبَيْدِ اللهِ.
4 - باب ما جاء في الإمام العَادلِ
1378 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن المُنْذِرِ الكُوفيُّ، قَال: حَدَّثَنا محمدُ بن فُضَيْلِ، عن فضَيْلِ بن مَرْزُوقٍ، عن عَطِيَّة
= يحدثون عن عروة، ولم يكن ذلك الحديث في جملة المجهولات.
وقال مالك في القسامة 2/ 877: أخبرني رجال من كبراء قومه.
وفي "صحيح" مسلم (945)(52) عن ابن شهاب: حدثني رجال عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث معمر "من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط".
وقال الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" 1/ 189 - 190: إن أهل العلم قد تقبلوه واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته عندهم، كما وقفنا على صحة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا وصية لوارث" وقوله في البحر: "هو الطهور ماؤه الحِل ميتته" وقوله: "الدية على العاقلة" وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد، لكن لما تلقتها الكافة عن الكافة غَنُوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها، فكذلك حديث معاذ لما احتجوا به جميعًا غَنُوا عن طلب الإسناد له.
وانظر "إعلام الموقعين" 1/ 202 لابن قيم الجوزية.
عن أبي سَعيدٍ، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أحَبَّ النَّاسِ إلى اللهِ يَوْمَ القِيامةِ، وأدْناهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا، إمامٌ عادِلٌ، وأبْغَضَ النَّاسِ إلى اللهِ، وأبْعدَهُمْ مِنْهُ مَجْلسًا، إمامٌ جائِرٌ"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن أبي أوْفى.
حديثُ أبي سَعيدٍ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من هذا الوَجْهِ.
1379 -
حَدَّثَنا عَبدُ القُدُّوسِ بن محمدٍ أبو بكْرٍ العَطَّارُ، قَال: حَدَّثَنا عَمْرُو بن عَاصِمٍ، قَال: حَدَّثَنا عِمْرانُ القَطَّانُ، عن أبي إسحاقَ الشَّيبانيِّ
عن ابن أبي أوْفَى، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللهُ معَ القاضِي ما لم يَجُرْ، فَإذا جَارَ تَخَلَّى عَنْهُ، وَلَزِمهُ الشَّيْطانُ"
(2)
.
هذا حديثٌ غريبٌ
(3)
لا نَعْرفهُ إلَّا من حديثِ عِمْرانَ القَطَّانِ.
(1)
حديث حسن كما قال المصنف، وهذا إسناد ضعيف، لضعف عطية. وأخرجه أحمد في "المسند"(11174)، وانظر تتمة تخريجه فيه.
وحديثُ ابن أبي أوفى سيذكره المصنف بعد هذا.
وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة عند البخاري (660) ومسلم (1031).
وعن عبد الله بن عمرو عند مسلم (1827).
(2)
إسناده حسن، وأخرجه ابن ماجه (2312)، وهو في "صحيح ابن حبان"(5062). وهو في "المسند"(20305) من حديث معقل بن يسار المزني، وسنده ضعيف.
(3)
في المطبوع: حسن غريب، ولم ترد لفظة "حسن" في أصولنا الخطية.
5 - باب ما جاء في القاضِي لا يَقْضِي بَيْنَ الخَصْمَيْنِ حتَّى يَسْمعَ كَلامَهُما
1380 -
حَدَّثَنا هنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا حُسيْنُ بن علي الجُعْفيُّ، عن زَائِدةَ، عن سِمَاكِ بن حَرْبٍ، عن حَنشٍ
عن عَليًّ، قال: قال لِي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا تَقاضَى إلَيْكَ رَجُلانِ، فَلا تَقْضِ للأوَّلِ حَتى تَسْمعَ كَلامَ الآخَرِ، فَسوْفَ تَدْري كَيْفَ تَقْضِي". قال عَليٌّ: فَما زِلْتُ قَاضِيًا بَعْدُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
6 - باب ما جاء في إمَامِ الرَّعِيَّةِ
1381 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا إسماعيلُ بن ابراهيمَ، قَال: حَدَّثَني عَليُّ بن الحَكم، قَال: حَدَّثَني أبو الحَسَنِ، قال:
قال عَمْرُو بن مُرَّةَ لِمُعاويةَ: إنَّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ما من إمَامِ يُغْلِقُ بابهُ دُونَ ذَوِي الحاجَةِ والخَلَّةِ والمَسْكَنةِ، إلَّا أغْلقَ اللهُ أبْوابَ السَّماءِ دُونَ خَلَّتهِ وَحاجَتهِ وَمَسْكَنتهِ". فَجعل مُعاويةُ رَجُلًا على حَوائجِ النَّاسِ
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف حنش، وهو ابن المعتمر.
وأخرجه أبو داود (3582)، وهو في "المسند"(690).
وأخرجه بأطول مما ها ابن حبان في "صحيحه"(5065) من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن علي. وسماك في روايته عن عكرمة اضطراب.
(2)
صحيح لغيره، وأخرجه أحمد في "المسند"(18033)، وانظر تتمة =
وفي البابِ عن ابن عُمرَ.
حديث عَمْرِو بن مُرَّة حديثٌ غريبُ، وقد رُوِي هذا الحديثُ من غَيْرِ هذا الوَجْهِ.
وَعَمْرُو بن مُرّةَ الجُهَنيُّ يُكْنى: أبا مَرْيمَ.
1382 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قَال: حَدَّثَنا يحيى بن حَمْزةَ، عن يَزِيدَ بن أبي مَرْيمَ، عن القَاسمِ بن مُخَيْمِرَةَ
عن أبي مَرْيمَ صَاحِبِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، نَحْو هذا الحديثِ بِمعْناهُ
(1)
.
ويَزِيدُ بن أبي مَرْيمَ شَاميٌّ، وَبُريْدُ بن أبي مَرْيمَ كُوفِيٌّ
(2)
.
7 - باب ما جاء لا يَقْضِي القاضِي وهو غَضْبانُ
1383 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا أبو عَوانةَ، عن عَبدِ الملِكِ بن عُمَيْرٍ، عن عَبد الرحمنِ بن أبي بكرَةَ، قال:
كَتَبَ أبي إلى عُبَيْدِ الله بنِ أبي بَكْرةَ وهو قَاضٍ: أنْ لا تَحْكُمْ
= تخريجه فيه، وانظر ما بعده.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (2948)، ولفظه:"من ولَّاه الله عز وجل شيئًا من أمر المسلمين، فاحتجب دونَ حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره".
وانظر التعليق على الحديث (15651) من "المسند".
(2)
هذه العبارة لم ترد في شيء من أصولنا الخطية إلا في هامش النسخة (أ)، وهي موجودة في النسخة المطبوعة، بزيادة: وأبو مريم: هو عمرو بن مرة الجهني.
بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأنْتَ غَضْبانُ، فإنَّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:"لا يَحْكُمُ الحاكِمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وهو غَضْبانُ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو بكْرةَ اسْمهُ: نُفَيْعٌ.
8 - باب ما جاء في هَدَايا الأُمَراءِ
1384 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، قَال: حَدَّثَنا أبو أُسامةَ، عن دَاوُدَ بن يَزِيدَ الأوْدِيَّ، عن المُغِيرَةِ بن شُبيْلٍ، عن قَيْسِ بن أبي حازمٍ
عن مُعاذِ بن جَبلٍ، قال: بَعَثني رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى اليَمنِ، فَلمَّا سِرْت، أرْسلَ في أثَرِي، فَرُدِدْتُ، فقال:"أتَدْرِي لمَ بَعثْتُ إلَيْكَ؟ لا تُصِيبَنَّ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِي، فَإنَّهُ غُلُولٌ، ومن يَغْلُلْ يأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ القِيامةِ، لِهذا دَعَوْتُكَ، فَامْضِ لِعَملِكَ"
(2)
.
وفي البابِ عن عَدِيَّ بن عَمِيرَةَ، وَبُرَيْدَةَ، والمُسْتَوْرد بن شَدَّاد، وأبي حُمَيْدٍ، وابن عُمرَ.
حديثُ مُعاذٍ، حديثٌ حَسَنٌ
(3)
غريبٌ، لا نَعْرِفهُ إلَّا من هذا
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (7158)، ومسلم (1717)، وأبو داود (3589)، وابن ماجه (2316)، والنسائي 8/ 237 و 238 و 247، وهو في "المسند"(20379)، و"صحيح ابن حبان"(5063).
(2)
إسناده ضعيف، لضعف داود بن يزيد الأودي عند الجمهور.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (259) من طريق أبي أسامة، بهذا الإسناد.
(3)
لفظة "حسن" لم ترد في مطبوعة فؤاد عبد الباقي، والمصنف رحمه الله =
الوَجْهِ من حديثِ أبي أُسامةَ، عن دَاوُدَ الأوْدِيَّ.
9 - باب ما جاء في الرَّاشِي وَالمُرْتَشِي في الحُكْم
1385 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا أبو عَوانةَ، عن عُمر بن أبي سَلمةَ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، قال: لَعنَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرَّاشِيَ والمُرْتَشيَ في الحُكْمِ
(1)
.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وَعَائشةَ، وابن حَدِيدَةَ، وَأُمِّ سَلمةَ.
حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ حَسَنٌ
(2)
، وقد رُوي هذا الحديثُ عن أبي سَلمةَ بن عَبد الرحمنِ، عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو
(3)
.
وَرُوي عن أبي سَلمةَ، عن أبيه، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وَلا يَصِحُّ.
وَسَمِعْتُ عَبد اللهِ بن عَبد الرحمنِ يقولُ: حديثُ أبي سَلمةَ، عن عَبد اللهِ بن عَمْرو، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أحْسنُ شَيْءٍ في هذا البابِ وَأصَحُّ.
= تابع الإمام البخاري في تحسينه، فقد أورد الحديث في "علله الكبير" 1/ 538 - 539، وقال بإثره: سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن، قلت له: كيف داود بن يزيد الأودي؟ قال: مقاربُ الحديث،
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه أحمد (9023)، وابن حبان (5076).
(2)
في المطبوع: حسن صحيح، ولفظة "صحيح" لم ترد في أصولنا الخطية.
(3)
سيأتي بعد (1386).
1386 -
حَدَّثَنا أبو موسى محمدُ بن المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنا أبو عَامرٍ العَقَدِيُّ، قَال: حَدَّثَنا ابن أبي ذِئْبٍ، عن خَالهِ الحارثِ بن عَبد الرحمنِ، عن أبي سَلمةَ
عن عَبد اللهِ بن عَمْرو، قال: لَعنَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
10 - باب ما جاء في قَبُولِ الهَدِيَّةِ وإجَابةِ الدَّعْوَةِ
1387 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَبد اللهِ بن بَزِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا بِشْرُ بن المُفَضَّلِ، قَال: أخبرنا سَعيدٌ، عن قَتادةَ
عن أنَسِ بن مَالكٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لو أُهْدِي إلَيَّ كُرَاعٌ، لَقَبِلْتُ، وَلو دُعِيتُ عَليْهِ، لأجَبْتُ"
(2)
.
وفي البابِ عن عَليًّ، وَعَائشةَ، وَالمُغيرَةِ بن شُعبةَ، وَسلمانَ، وَمُعاويةَ بن حَيْدَةَ، وَعَبد الرحمنِ بن عَلْقمةَ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3580)، وابن ماجه (2313)، وهو في "المسند"(6532)، و"صحيح ابن حبان"(5077).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه المصنف في "الشمائل"(330). وهو في "صحيح ابن حبان"(5292).
وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (2568)، وهو في "المسند"(9485).
قوله: "الكراع" بضم الكاف وفتح الراء المخففة: هو مستدق الساق من الرَّجل، ومن حدِّ الرسغ من اليد، وقيل: هو ما دون الكعب من الدواب.
حديثُ أنَسٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
11 - باب ما جاء في التَّشْدِيدِ على من يُقْضَى لهُ بِشَيْءٍ، لَيْسَ لهُ أن يأخذَهُ
1388 -
حَدَّثَنا هارُونُ بن إسحاقَ الهَمْدانِيُّ، قَال: حَدَّثَنا عَبْدةُ بن سُليْمانَ، عن هِشامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ، عن زَيْنبَ بِنْتِ أبي سَلمةَ
عن أُمَّ سَلمةَ، قالت: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنّكُم تخْتَصِمُونَ إليَّ، وَإنّما أنا بَشَرٌ، وَلعل بَعضَكُمْ أنْ يكونَ ألْحَنَ بحجَّتهِ من بَعْضٍ، فإنْ قَضَيْتُ لأحَدٍ مِنْكمْ بشَيءٍ من حقَّ أخيهِ، فإنّما أقْطَعُ لهُ قِطْعةَ من النَّارِ، فَلا يأخُذْ مِنْهُ شَيْئًا"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وَعَائشةَ.
حديثُ أُمِّ سَلمةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
12 - باب ما جاء أنّ البيَّنةَ على المُدَّعِي واليَمِينَ على المُدَّعى عَليْهِ
1389 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا أبو الأحْوَصِ، عن سِماكِ بن حَرْبٍ، عن عَلْقمةَ بن وَائِلٍ
عن أبيهِ، قال: جَاءَ رَجُلٌ من حَضْرَموْتَ وَرَجُلٌ من كِنْدةَ إلى
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2458)، ومسلم (1713)، وأبو داود (3583) - (3585)، وابن ماجه (2317)، والنسائي 8/ 233 و 247، وهو في "المسند"(25670)، و"صحيح ابن حبان"(5070).
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال الحَضْرميُّ: يا رَسولَ اللهِ إنَّ هذا غَلبَني على أرْضٍ لِي، فقال الكِنْدِي: هي أرْضي وفي يَدِي لَيْسَ لهُ فِيها حَقٌّ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْحَضْرَميَّ:"ألكَ بَيَّنةٌ؟ " قال: لا، قال:"فَلكَ يَمِينُهُ". قال: يا رَسولَ اللهِ إنَّ الرَّجُلَ فَاجرٌ لا يُبالِي على ما حَلفَ عَليْهِ، وَلَيْسَ يتوَرَّعُ من شَيْءٍ. قال:"لَيْسَ لكَ مِنْهُ إلّا ذلكَ"، قال: فَانْطلَقَ الرَّجُلُ لِيَحْلفَ لهُ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أدْبرَ:"لَئِنْ حَلفَ على مَالِهِ لِيأْكُلَهُ ظُلْمًا، لَيلْقينَّ اللهَ وهو عَنْهُ مُعْرِضٌ"
(1)
.
وفي البابِ عن عُمرَ، وابن عَبَّاسٍ، وعَبد اللهِ بن عَمْرو، والأشْعَثِ بن قَيْسٍ.
حديثُ وَائِلِ بن حُجْرٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1390 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا عَليُّ بن مُسْهِرٍ وغيْرُهُ، عن محمد بن عُبَيْدِ الله، عن عَمْرِو بن شُعَيبٍ، عن أبيهِ
عن جَدَّهِ، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في خُطْبَتهِ:"البيَّنَةُ على المُدَّعِي، واليَمينُ على المدَّعَى عَليْهِ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (139)، وأبو داود (3245) و (3623)، والنسائي في "الكبرى"(5989) و (5990)، وهو في "المسند"(18863)، و"صحيح ابن حبان"(5074).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن عبيد الله العَرْزَمي.
وأخرجه عبد الرزاق (15184)، والدارقطني 3/ 111 و 4/ 157 و 218، والبيهقي 8/ 123 و 10/ 256 وانظر ما بعده.
هذا حديثٌ في إسْنادِهِ مَقالٌ، ومحمدُ بن عبَيْدِ اللهِ العَرْزَميُّ يُضَعَّفُ في الحديثِ من قِبَلِ حِفْظهِ، ضَعّفهُ ابن المُباركِ وغَيْرُهُ.
1391 -
حَدَّثَنا محمدُ بن سَهْلِ بن عسْكَرٍ البَغْدادِيُّ، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن يُوسفَ، قال: حَدَّثَنا نافعُ بن عُمرَ الجُمَحِيُّ، عن عَبد الله بن أبي مُلَيْكةَ
عن ابن عَبَّاسٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قضَى: أنَّ اليَمِينَ على المُدَّعَى عَليْهِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ: أنَّ البيَّنةَ على المُدَّعِي، واليَمينَ على المدَّعَى عَليهِ.
13 - باب ما جاء في اليَمينِ معَ الشّاهِدِ
1392 -
حَدَّثَنا يعْقُوبُ بنُ إبراهيمَ الدَّوْرقِيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ العزيزِ بن محمدٍ، قال: حَدَّثَني رَبِيعةُ بن أبي عَبد الرحمنِ، عن سُهَيْلِ بن أبي صَالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قَضى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم باليَمينِ معَ الشَّاهِدِ الوَاحدِ.
قال رَبِيعةُ: وأخْبرَني ابنٌ لِسَعْدِ بن عُبادةَ، قال: وَجَدْنا في
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2514)، ومسلم (1711)، وأبو داود (3619)، وابن ماجه (2321)، والنسائي 8/ 248، وهو في "المسند"(3188)، و"صحيح ابن حبان"(5082).
كِتابِ سَعْدٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَضى باليَمينِ معَ الشَّاهدِ
(1)
.
وفي البابِ عن عَليًّ، وجابرٍ، وابن عَبَّاسٍ، وَسُرَّقٍ.
حديثُ أبي هُريرةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قضَى باليَمينِ معَ الشَّاهدِ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
1393 -
حَدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ ومحمدُ بن أبَانَ، قالا: حَدَّثَنا عَبدُ الوهَّابِ الثَّقَفيُّ، عن جَعْفَرِ بن محمدٍ، عن أبيه
عن جَابرٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَضى باليَمينِ معَ الشَّاهِدِ
(2)
.
1394 -
حَدَّثَنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخْبرَنا إسماعيلُ بن جَعْفرٍ، قال: حَدَّثَنا جَعْفرُ بن محمدٍ
عن أبيهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قضَى باليَمينِ معَ الشّاهدِ الوَاحِد، قال: وقضَى بها عَليٌّ فِيكُمْ
(3)
.
وهذا أصَحُّ. وهكذا رَوَى سُفيانُ الثّوْرِيُّ، عن جَعْفَرِ بن محمدٍ، عن أبيهِ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلًا
(4)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3610) و (3611)، وابن ماجه (2368)، والنسائي في "الكبرى"(6014)، وهو في "صحيح ابن حبان"(5073).
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2369)، وهو في "المسند"(14278). وانظر ما بعده.
(3)
أخرجه مرسلًا مالك في "الموطأ" 2/ 721، وابن أبي شيبة 14/ 225، والطحاوي 4/ 145، والبيهقي 10/ 169.
(4)
وقد رجح الإرسال أيضًا أبو عوانة الإسفراييني وابن عبد البر، لكن قال الدارقطني في كتابه "العلل" ونقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 100: كان =
وَرَوَى عَبدُ العَزِيزِ بن أبي سَلمةَ ويحيى بن سُلَيْمٍ هذا الحديثَ، عن جَعْفرِ بن محمدٍ، عن أبيهِ، عن عَليًّ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ، رَأوْا أنَّ اليَمينَ معَ الشَّاهدِ الوَاحدِ جائزةٌ
(2)
في الحُقُوقِ والأمْوالِ، وهو قَوْلُ مالكِ بن أنَسٍ، والشَّافِعيَّ، وأحمدَ، وإسحاقَ، وقالُوا: لا يُقْضَى باليَمينِ معَ الشّاهِدِ الوَاحدِ إلَّا في الحُقُوقِ والأمْوالِ.
ولم يَرَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أهْلِ الكُوفةِ
(3)
وغَيْرِهِمْ أنْ يُقضى باليَمينِ معَ الشَّاهِدِ الوَاحدِ.
14 - باب ما جاء في العَبْدِ يكُونُ بَيْنَ الرَّجُليْنِ فَيُعْتِقُ أحدُهُما نَصِيبَهُ
1395 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: أخبرنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ
= جعفر بن محمد ربما أرسل هذا الحديث، وربما وصله عن جابر، لأن جماعة من الثقات حفظوه عن أبيه، عن جابر، والقول قولهم، لأنهم زادوا وهم ثقات.
(1)
إسناده منقطع، لأن محمدًا والد جعفر لم يسمع من علي، وأخرجه الدارقطني 4/ 1212
(2)
في (ب) و (س): جائز.
(3)
في "التمهيد" 2/ 153: وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي: لا يقضى باليمين مع الشاهد الواحد، وهو قول عطاء والحكم بن عُتيبه وطائفة.
عن ابن عُمرَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"من أَعْتقَ نَصِيبًا - أوْ قال: شَقِيصًا، أوْ قال: شِرْكًا - لهُ في عَبْدٍ، فكانَ لهُ من المَالِ ما يَبْلُغُ ثمَنَهُ بقِيمةِ العَدْلِ، فهو عَتِيقٌ، وإلَّا فقد عَتَقَ مِنْهُ ما عَتقَ".
قال أيُّوبُ: وَرُبَّما قال نافعٌ في هذا الحديثِ، يَعْني فقد عتقَ مِنْهُ ما عَتقَ
(1)
.
حديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رَواهُ سَالمٌ، عن أبيهِ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بذلك.
1396 -
حَدَّثَنا بذلكَ الحَسنُ بن عَليًّ الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الرَّزَّاقِ، قال: أخْبرَنا مَعْمرٌ، عن الزُّهْرِيَّ، عن سالمٍ
عن أبيهِ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من أعْتقَ نَصِيبًا لهُ في عَبْدٍ، فَكانَ لهُ من المَالِ ما يَبْلغُ ثمَنَهُ، فَهُو عَتِيقٌ من مَالهِ"
(2)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(3)
.
1397 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن خَشْرَمٍ، قال: أخْبرنا عيسى بن يُونُسَ، عن سَعيدِ بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن النَّضْرِ بن أنَسٍ، عن بَشِير بن نَهِيكٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من أعْتَقَ نَصِيبًا
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2491)، ومسلم (1501) وص 1286، وأبو داود (3940) - (3947)، وابن ماجه (2528)، والنسائي في "الكبرى"(4938) - (4961)، وهو في "المسند"(397)، و"صحيح ابن حبان"(4316).
(2)
حديث صحيح، سلف تخريجه في الذي قبله.
(3)
في المطبوع: حسن صحيح، ولفظة "حسن" لم ترد في أصولنا الخطية.
- أوْ قال: شَقِيصًا - في مَمْلُوكٍ، فَخلاصُهُ في مَالهِ إنْ كانَ لهُ مَالٌ، وإنْ لم يكُنْ لهُ مَالٌ، قُوِّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ يُسْتَسْعَى في نَصِيبِ الَّذِي لم يُعْتِقْ، غَيْرَ مَشْقوقٍ عَليْهِ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو.
1398 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشّارٍ، قال: حَدَّثَنا يحيى بن سَعيدٍ، عن سَعيدِ بن أبي عَرُوبةَ، نحْوَهُ، وقال:"شَقيصًا"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وهكذا رَوَى أبانُ بن يَزِيدَ، عن قَتادةَ، مِثْلَ رِوايةِ سَعيدِ بن أبي عَرُوبةَ، وَرَوَى شُعبةُ هذا الحديثَ عن قَتادةَ، ولم يَذْكُرْ فِيهِ أمْرَ السِّعايةِ.
وَاخْتَلَفَ أهْلُ العلمِ في السِّعَايةِ:
فَرَأَى بَعْضُ أهْلِ العلمِ السَّعايةَ في هذا، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيَّ، وَأهْلِ الكُوفةِ، وبهِ يقولُ إسحاقُ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2492)، ومسلم (1502)، وأبو داود (3934) - (3939)، وابن ماجه (2527)، والنسائي في "الكبرى"(4962) - (4968)، وهو في "المسند"(7468)، و"صحيح ابن حبان"(4318).
قال النووي رحمه الله: معنى الاستسعاء: أن العبد يكلف بالاكتساب والطلب حتى يُحَصَّلَ قيمة نصيب الشريك الآخر، فإذا دفعها إليه، عتق، كذا فسره الجمهور، وقال بعضهم: هو أن يخدم سيده الذي لم يعتق بقدر ما له فيه من الرق.
(2)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
وقد قال بعْضُ أهْلِ العلمِ: إذا كانَ العَبْدُ بَيْنَ رجُليْنِ، فَأعْتقَ أحَدُهما نَصِيبَهُ، فإنْ كانَ لهُ مالٌ، غَرِمَ نَصِيبَ صاحِبهِ وَعَتقَ العَبْدَ من مَالِه. وَإنْ لم يكُنْ لهُ مَالٌ، عَتقَ من العَبدِ ما عَتقَ، ولا يُسْتَسعَى. وقالُوا بِما رُوي عن ابن عُمرَ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وهذا قَوْلُ أهْلِ المَدينةِ، وبهِ يقولُ مالِكُ بن أنَسٍ، والشَّافِعيُّ، وأحمدُ.
15 - باب ما جاء في العُمرَى
1399 -
حَدَّثَنا محمدُ بن المُثنَّى، قال: حَدَّثَنا ابن أبي عَدِيًّ، عن سَعيدٍ، عن قَتادةَ، عن الحَسنِ
عن سَمُرةَ، أنّ نَبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"العُمْرى جائِزَةٌ لأهْلِهَا، أوْ مِيرَاثٌ لأهْلهَا"
(1)
.
وفي البابِ عن زَيْدِ بن ثَابتٍ، وجابرٍ، وأبي هُريرةَ، وعَائشةَ، وابن الزُّبَيْرِ، ومُعاوية.
1400 -
حَدَّثَنا الأنْصَارِيُّ، قال: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قال: حَدَّثَنا مالكٌ، عن ابن شِهَابٍ، عن أبي سَلمةَ
عن جَابرِ بن عبد الله: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيُّما رَجُلٍ
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (3549)، وهو في "المسند"(20084). وانظر الحديث الآتي برقم (1401).
قوله: "العمرى" يقال: أعمرته الدار عمري، أي: جعلتها له يسكنها مدة عمره، فإذا مات عادت إلي، كذا كانوا يفعلون في الجاهلية، فأبطل ذلك، وأعلمهم أن من أُعْمِرَ شيئًا أو أُرْقِبَهُ في حياته، فهو لورثته من بعده.
أُعْمِرَ عُمْرى لهُ ولِعَقبهِ، فَإنها للَّذِي يُعْطاهَا، لا تَرْجِعُ إلى الَّذِي أعْطاها، لأنَّهُ أعْطى عَطاءً وَقَعتْ فِيهِ المَواريثُ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وهكذا رَوَى مَعْمرٌ وغَيرُ وَاحِدٍ، عن الزُّهْريَّ، مِثْلَ رِوايةِ مالكٍ.
وَرَوَى بَعْضُهم عن الزُّهْرِيَّ، ولم يَذْكُرْ فِيهِ: و"لِعَقبِه"
(2)
.
وَالعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، قالُوا: إذا قال: هِي لكَ، حَياتَكَ، وَلِعقبكَ، فإنها لِمَنْ أُعْمِرَهَا، لا تَرْجِعُ إلى الأوَّلِ، وإذا لم يقُلْ لِعَقبكَ، فَهِي رَاجعةٌ إلى الأوَّلِ إذا مَاتَ المُعمَرُ، وهو قَوْلُ مالكِ بن أنَسٍ، والشَّافِعيَّ.
ورُوي من غَيْرِ وَجْهٍ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"العُمْرى جَائزةٌ لأهْلهَا"
(3)
.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهلِ العِلمِ، قَالوا: إذا مَاتَ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2625)، ومسلم (1625)، وأبو داود (3550) - (3557)، وابن ماجه (2380)، والنسائي 6/ 274 - 275، وهو في "المسند"(14126)، و"صحيح ابن حبان"(5139).
(2)
جاء في المطبوع بإثر هذا: وروي هذا الحديث من غير وجه عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"العمرى جائزة لأهلها وليس فيها: "لعقبه" وهذه الجملة لم ترد في أصولنا الخطية.
(3)
انظر الحديث التالي.
المُعمَرُ، فَهو لِوَرَثتهِ، وإنْ لم تُجْعلْ لِعَقبه، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّورِيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ
(1)
.
16 - باب ما جاء في الرُّقْبى
1401 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثنا هُشيْمٌ، عن دَاودَ بن أبي هِنْدٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جَابرٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "العُمْرى جائزَةٌ لأهْلهَا، والرُّقْبَى جائِزةٌ لأهْلِها"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
وقد رَوَاه بَعْضُهم عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ مَوْقُوفًا.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ: أنَّ الرُّقْبى جائِزةٌ مِثْلَ العُمْرى، وهو قَوْلُ أحمدَ، وَإسحاقَ.
وَفَرَّقَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أهْلِ الكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ بَيْنَ العُمْرى وَالرُّقْبى، فأجازُوا العُمْرى ولم يُجِيزُوا الرُّقْبى.
وَتَفْسيرُ الرُّقْبَى: أنْ يَقولَ: هذا الشيءُ لكَ ما عِشْتَ، فَإنْ مِتَّ
(1)
وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. انظر "مختصر اختلاف العلماء" 4/ 146.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3558)، وابن ماجه (2383)، والنسائي 6/ 274، وهو في "المسند"(14254)، و"صحيح ابن حبان"(5129).
وانظر ما سلف برقم (1399).
قَبْلِي فَهِي رَاجِعةٌ إليَّ.
وقال أحمدُ وَإسحاقُ: الرُّقْبى مِثْلُ العُمْرى، وَهِي لِمَنْ أُعْطِيَها، وَلا تَرْجِعُ إلى الأوَّلِ.
17 - باب ما ذُكِرَ عن رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الصُّلْحِ بَيْنَ النَّاسِ
1402 -
حدَّثَنا الحَسنُ بن عَليًّ الخَلَّالُ، قال: حدَّثَنا أبو عامرٍ العَقَديُّ، قال: حدَّثَنا كَثِيرُ بن عَبد اللهِ بن عَمرِو بن عَوْفٍ المُزَنيُّ، عن أبيهِ
عن جَدَّهِ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "الصُّلْحُ جَائزٌ بَيْنَ المُسْلِمينَ، إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حلالًا أوْ أحَلَّ حَرامًا، والمُسْلِمونَ على شرُوطِهِمْ، إلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلالًا أوْ أحَلَّ حَرامًا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
18 - باب ما جاء في الرَّجُلِ يضعُ على حَائطِ جارهِ خَشبًا
1403 -
حَدَّثَنا سَعيدُ بن عَبد الرحمن، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن الزُّهْريِّ، عن الأعْرَجِ
(1)
إسناده ضعيف، كثير بن عبد الله بن عمرو المزني ضعيف، وأبوه عبد الله مجهول، وقد تبع الترمذيُّ شيخَه البخاريَّ في تحسين حديث كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده في غير موضع من "العلل" و"الجامع".
وأخرجه ابن ماجه (2353)، والحاكم 4/ 101.
ويغني عنه حديث أبي هريرة عند أحمد (8784)، وأبي داود (3594)، وصححه ابن حبان (5091). وسنده حسن.
عن أبي هُريرةَ، قال: سَمِعْتهُ يَقولُ: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا اسْتأذَنَ أحَدَكُمْ جَارُهُ أن يَغْرِزَ خَشبةً في جِدارِه، فَلا يَمْنَعْهُ". فلمَّا حَدَّثَ أبو هُريرةَ، طَأطؤوا رُؤوسَهُمْ، فقال: ما لي أراكُم مُعْرِضِينَ؟ واللهِ لأَرْمِينَّ بها بَيْن أكْتافِكُمْ
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ، ومُجَمِّعِ بن جَاريةَ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِندَ بَعْضِ أهلِ العلمِ، وبهِ يقولُ الشَّافِعيُّ.
ورُوِي عن بَعْضِ أهلِ العلمِ مِنهُمْ مالكُ بن أنَسٍ، قالُوا: لهُ أنْ يَمْنعَ جَارهُ أنْ يَضعَ خَشبَهُ في جِدَارهِ.
والقَوْلُ الأوَّلُ أصَحُّ.
19 - باب ما جاء أنَّ اليَمينَ على ما يُصَدِّقُه صَاحِبُه
1404 -
حَدَّثَنا قُتَيبةُ وأحمدُ بن مَنِيعٍ، المَعْنى واحدٌ، قالا: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، عن عَبد اللهِ بن أبي صَالحِ، عن أبيهِ
عن أبي هريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اليَمينُ على ما يُصَدَّقُكَ بهِ صاحِبُكَ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2463)، ومسلم (1609)، وأبو داود (3634)، وابن ماجه (2335)، وهو في "المسند"(7278)، و"صحيح ابن حبان"(515).
(2)
حديث حسن، وأخرجه مسلم (1653)، وأبو داود (3255)، وابن ماجه =
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نعرفُه إلا من حديثِ هُشيْمٍ عن عَبد اللهِ بن أبي صالحٍ، وعبد الله هو أخو سهيل بن أبي صالح.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وبهِ يقولُ أحمدُ وإسحاقُ.
ورُوي عن إبراهيمَ النَّخَعِيَّ أنَّهُ قال: إذا كانَ المُسْتَحْلِفُ ظالِمًا، فالنَّيَّةُ نيّةُ الحالِفِ، وإن كانَ المُسْتَحْلِفُ مَظْلومًا، فالنَّيَّةُ نِيَّةُ الَّذِي اسْتَحْلفَ.
20 - باب ما جاء في الطَّرِيقِ إذا اخْتُلفَ فيهِ كَمْ يُجْعلُ
1405 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، قال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن المُثنَّى بن سَعيدٍ الضُّبَعِيَّ، عن قَتادةَ، عن بَشِيرِ بن نَهيكٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اجْعَلُوا الطَّرِيقَ سَبْعةَ أذْرُعٍ"
(1)
.
1406 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشّارٍ، قال: حَدَّثَنا يحيى بنُ سَعيدٍ، قال: حَدَّثَنا المثنَّى بن سَعيدٍ، عن قَتادةَ، عن بُشَيْرِ بن كَعْبٍ العَدَويِّ
= (2120) و (2121)، وهو في "المسند"(7119)، وانظر الكلام عليه فيه.
تنبيه: جاء بإثر هذا الحديث في المطبوع عبارة: وقال قتيبة: على ما صدقك عليه صاحبك. ولم ترد في أصولنا الخطية، ولا في شرح العراقي، ولا في شرح المباركفوري.
(1)
حديث صحيح، وقول أبي كريب في تسمية تابعيّه: بشير بن نهيك وهم منه، فقد رواه أصحاب وكيع فسموه بُشَيْر بن كعب كما عند ابن أبي شيبة 7/ 255، وأحمد (10012)، وابن ماجه (2338)، وابن الجارود (1018).
وانظر ما بعده.
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا تشاجَرْتُمْ في الطَّرِيقِ فاجْعَلُوهُ سَبْعةَ أذْرُعٍ"
(1)
.
وهذا أصَحُّ من حديثِ وَكِيعٍ.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ.
حديثُ بُشَيْرِ بن كَعْبٍ، عن أبي هُريرةَ، حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
ورَوَى بَعْضُهمْ هذا عن قَتادةَ، عن بَشِيرِ بن نَهيكٍ، عن أبي هُريرةَ. وهو غَيْرُ مَحْفُوظٍ.
21 - باب ما جاء في تَخْيِيرِ الغُلامِ بَيْنَ أبَويْهِ، إذا افْترَقا
1407 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بن عَليًّ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن زِيادِ بن سَعْدٍ، عن هِلالِ بن أبي مَيْمُونة، عن أبي مَيْمُونةَ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خيَّرَ غُلامًا بَيْنَ أبيهِ وَأُمَّهِ
(2)
.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وجَدَّ عَبد الحميدِ بن جَعْفرٍ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2473)، ومسلم (1613)، وأبو داود (3633)، وابن ماجه (2338)، وهو في "المسند"(9537).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (2277)، وابن ماجه (2351)، والنسائي 6/ 185 - 186، وهو في "المسند"(7352).
وأبو مَيْمُونةَ اسْمُهُ: سُلَيمٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَغَيرِهمْ، قالوا: يُخَيَّرُ الغُلامُ بَيْنَ أبَويْهِ إذا وَقعتْ بَينهُما المُنازعةُ في الوَلَدِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ، وقالا: ما كان الوَلدُ صَغِيرًا فالأُمُّ أحَقُّ بهِ، فإذا بَلغَ الغُلامُ سَبْعَ سِنينَ خُيَّرَ بَيْنَ أبَوْيهِ.
وهلال بن أبي مَيْمونةَ هو: هِلالُ بنُ عليَّ بنِ أسامة، وهو مدنيٌّ، وقد رَوَى عنْهُ يحيى بن أبي كَثيرٍ، ومالكُ بن أنَسٍ، وفُلَيْحُ بن سُلَيمانَ.
22 - باب ما جاء أنَّ الوالدَ يأخُذُ من مَالِ ولَدِهِ
1408 -
حَدَّثَنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا يحيى بن زَكَرِيّا بن أبي زَائِدةَ، قال: حَدَّثَنا الأعْمَشُ، عن عُمارةَ بن عُمَيْرٍ، عن عَمَّتهِ
عن عَائشةَ، قالت: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أطْيبَ ما أكَلْتُمْ من كَسْبِكُمْ، وإنَّ أوْلادَكُمْ من كَسْبِكُمْ"
(1)
.
وفي البابِ عن جَابرٍ، وعَبد اللهِ بن عَمْرٍو.
(1)
حسن لغيره، وأخرجه أبو داود (3528) و (3529)، وابن ماجه (2290)، والنسائي 7/ 240 و 241، وهو في "المسند"(24032)، و"صحيح ابن حبان"(4259).
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6678) وإسناده حسن، وانظر تتمة شواهده عنده.
هذا حديثٌ حَسَنٌ
(1)
وقد رَوَى بَعْضُهمْ هذا عن عُمارةَ بن عُمَيْرٍ، عن أُمِّهِ، عن عَائشةَ، وأكْثَرُهُمْ قالوا: عن عَمَّتهِ، عن عائشةَ.
والعملُ على هذا عِنْد بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرهِمْ، قالوا: إنَّ يَدَ الوَالدِ مَبْسُوطةٌ في مَالِ وَلدهِ يأَخُذُ ما شَاءَ.
وقال بَعْضُهمْ: لا يأْخُذُ من مَالهِ إلّا عِنْدَ الحاجةِ إلَيْهِ.
23 - باب ما جاء فِيمنْ يُكْسرُ لهُ الشَّيْءُ، ما يُحْكَمُ لهُ من مَالِ الكاسِرِ
1409 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حَدَّثَنا أبو دَاودَ الحَفَرِيُّ، عن سُفيانَ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسٍ، قال: أهْدَتْ بَعْضُ أزْواجِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم طَعامًا في قَصْعَةٍ، فضَرَبتْ عَائشةُ القَصْعَةَ بِيدِها، فألْقَتْ ما فيها، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"طعامٌ بطعامٍ، وإناءٌ بإناءٍ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
في المطبوع: حسن صحيح، ولفظة "صحيح" لم ترد في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2481)، وأبو داود (3567)، وابن ماجه (2334)، والنسائي 7/ 70، وهو في "المسند"(12027).
1410 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: حدثنا سُوَيْدُ بن عَبد العَزِيزِ، عن عن حُمَيْدٍ
عن أنسٍ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم استعار قَصْعةً فَضَاعتْ، فَضَمِنَها لهُمْ
(1)
.
وهذا حديثٌ غَيرُ مَحْفُوظٍ. وإنّما أرَادَ، عِنْدِي، سُوَيْدٌ الحديثَ الَّذِي رَواهُ الثّوْرِيُّ، وحديثُ الثّوْرِيَّ أصَحُّ.
24 - باب ما جاء في حَدِّ بُلوغِ الرَّجُلِ والمَرْأةِ
1411 -
حَدَّثَنا محمدُ بن وَزيرٍ الوَاسِطيُّ، قال: حَدَّثَنا إسحاقُ بن يُوسفَ الأزْرقُ، عن سُفيانَ، عن عُبَيْدِ الله بن عُمرَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، قال: عُرِضْتُ على رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم في جَيْشٍ وأنا ابنُ أرْبعَ عَشْرةَ، فلم يَقْبَلْني، فعُرِضتُ عَليْهِ من قَابلٍ في جَيْشٍ وأنا ابن خَمْسَ عَشْرةَ، فَقَبِلني.
قال نافعٌ: فحدَّثْتُ بهذا الحديثِ عُمرَ بن عَبدِ العَزِيزِ، فقال: هذا حَدُّ ما بَيْنَ الصَّغِيرِ والكَبِيرِ. ثُمَّ كَتبَ أنْ يُفْرضَ لِمَنْ بلغَ
(1)
إسناده ضعيف لضعف سويد بن عبد العزيز السُّلمي.
وأخرجه المصنف في "العلل الكبير" 1/ 556، وابن عدي في "الكامل" 3/ 1262 - 1263.
وانظر "علل" ابن أبي حاتم 1/ 470.
وانظر الحديث السالف.
الخَمْسَ عَشْرةَ
(1)
.
1412 -
حَدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عُمرَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، نحْوَه
(2)
. ولم يذْكُرْ فيهِ: أنَّ عُمرَ بن عَبد العزِيزِ كَتبَ أنَّ هذا حَدُّ ما بَيْنَ الصَّغِيرِ والكَبِيرِ.
وَذَكَرَ ابن عُيينةَ في حديثهِ: قال نافع: فحَدَّثتُ به عُمرَ بن عَبد العزِيزِ، فقال: هذا حَدُّ ما بَيْنَ الذُّرِّيَّةِ والمُقاتِلَةِ.
هذا حَديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ، وَبهِ يقولُ سُفيانُ الثَّوْرِيُّ، وابن المُبارَكِ، والشَّافِعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ: يَروْنَ أنّ الغُلامَ إذا اسْتكملَ خَمْسَ عَشْرةَ سَنةً
(3)
، فحُكْمُه حُكْمُ الرِّجالِ، وإن احْتلمَ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرةَ، فَحُكْمُه حُكْمُ الرِّجَالِ.
وقال أحمدُ وإسحاقُ: للبُلُوغ ثَلاثُ منازِلَ: بُلُوغُ خَمْسَ عَشْرةَ، أو الاحتِلامُ، فإنْ لم يُعْرَفْ سِنُّهُ ولا احْتلامُه، فالإنْباتُ - يَعْنِي العانةَ -.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2664)، ومسلم (1868)، وأبو داود (2957) و (4406) و (4407)، وابن ماجه (2543)، والنسائي 6/ 155 - 156، وهو في "المسند"(4661)، و"صحيح ابن حبان"(4727).
(2)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
(3)
لفظة "سنة" أثبتناها من نسخة شرح العراقي، ولم ترد في أصولنا.
25 - باب ما جاء فِيمَنْ تزوَّجَ امْرَأةَ أبيهِ
1413 -
حَدَّثَنا أبو سَعيدٍ الأشَجُّ، قال: حَدَّثَنا حَفْصُ بن غِياثٍ، عن أشْعثَ، عن عَدِيِّ بن ثَابتٍ
عن البَرَاءِ، قال: مَرَّ بي خَالِي أبو بُرْدةَ وَمَعهُ لِوَاءٌ، فَقُلْتُ: أينَ تُرِيدُ؟ فقال: بَعَثَني رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى رَجُلٍ تزوَّجَ امْرأةَ أبيهِ، أنْ آتِيَهُ برَأْسِهِ
(1)
.
وفي البابِ عن قُرَّةَ.
حديثُ البرَاءِ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
وقد رَوَى محمدُ بن إسحاقَ هذا الحديثَ عن عَدِيَّ بن ثَابتٍ، عن عَبد اللهِ بن يَزِيدَ، عن البرَاءِ.
وقد رُويَ هذا الحديثُ عن أشْعثَ، عن عَدِيٍّ، عن يَزِيدَ بن البَرَاءِ، عن أبيهِ.
ورُوِي عن أشْعثَ، عن عَدِيًّ، عن يَزِيدَ بن البَرَاءِ، عن خَالهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(1)
حديث ضعيف لاضطرابه.
وأخرجه أبو داود (4457)، وابن ماجه (2607)، والنسائي 6/ 109، وهو في "المسند"(18557)، و"صحيح ابن حبان"(4112).
وانظر فقه الحديث في "شرح السنة" 10/ 305 - 307.
26 - باب ما جاء في الرَّجُلينِ يكُونُ أحَدُهُما أسْفَلَ من الآخَرِ في المَاءِ
1414 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابن شِهَابٍ، عن عُرْوةَ، أنَّهُ حَدَّثهُ
أنَّ عَبد اللهِ بن الزُّبَيْرِ حَدَّثهُ: أنَّ رَجُلًا من الأنْصَارِ خَاصمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في شِرَاجِ الحَرَّةِ الَّتي يَسْقُونَ بها النَّخْلَ، فقال الأنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الماءَ يَمُرُّ، فأبَى عَليْهِ، فاخْتَصمُوا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ:"اسْقِ يا زُبيْرُ، ثمَّ أرْسِلِ الماءَ إلى جَارِكَ". فَغضِبَ الأنْصَارِيُّ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أنْ كانَ ابنَ عَمَّتِكَ؟ فَتلوَّنَ وَجْهُ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"يا زُبَيْرُ اسْقِ، ثمَّ احْبِسِ الماءَ حتَّى يَرْجِعَ إلى الجَدْرِ".
فقال الزُّبَيْر: والله إنِّي لأحْسبُ نَزلَتْ هذِهِ الآيةُ في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} الآية
(1)
[النساء: 65].
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2359)، ومسلم (2357)، وأبو داود (3637) وابن ماجه (15) و (2480)، والنسائي 8/ 245، وهو في "المسند"(16116) و"صحيح ابن حبان"(24).
وسيأتي الحديث عند المصنف برقم (3276).
وأخرجه النسائي 8/ 238 - 239، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(632) من حديث الزبير.
الشِّراج بكسر الشين جمع شَرْج: هو مسيل الماء من الحرة إلى السهل، =
هذا حديثٌ حَسَنٌ
(1)
.
وَرَوَى شعَيْبُ بن أبي حَمزةَ، عن الزُّهْرِيَّ، عن عُرْوةَ بن الزُّبَيْرِ، عن الزُّبَيْرِ. ولم يذْكُرْ فيهِ: عن عَبد اللهِ بن الزُّبَيْرِ.
وَرَواهُ عَبد اللهِ بن وَهبٍ، عن اللَّيث. وَيُونُسُ، عن الزُّهْرِيَّ، عن عُرْوةَ، عن عَبد اللهِ بن الزُّبَيْرِ، نحْوَ الحديثِ الأوَّلِ.
27 - باب ما جاء فِيمَنْ يُعْتِقُ ممالِيكَهُ عنْدَ مَوْتهِ، وَلَيْسَ لهُ مالٌ غَيرُهُمْ
1415 -
حدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن زَيْدٍ، عن أيُّوبَ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي المُهلَّب
عن عِمْرَانَ بن حُصَينٍ: أنَّ رَجُلًا من الأنْصَارِ أعْتقَ سِتَّةَ أعْبُدٍ لهُ عِنْدَ مَوْتهِ، ولم يكُنْ لهُ مالٌ غيرُهُمْ، فَبلغَ ذلكَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال لهُ قَوْلًا شَدِيدًا، قال: ثمَّ دَعاهُمْ فجزَّأهُمْ ثمَّ أقْرعَ بَينَهُمْ، فأعْتقَ اثْنَيْنِ، وأرَقَّ أرْبَعةً
(2)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.
= والحرة: موضع معروف بالمدينة وهي أرض ذات حجارة سود نَخِرَة كأنما أحرقت بالنار، والجدر، بفتح الجيم وسكون الدال: الحواجز التي تحبس الماء.
(1)
في المطبوع: حسن صحيح.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1668)، وأبو داود (3958) و (3959) و (3961)، وابن ماجه (2345)، والنسائي في "الكبرى"(4974) - (4978)، وهو في "المسند"(19826) و"صحيح ابن حبان"(4542).
حديثُ عِمْرانَ بن حُصَينٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رُوي من غيرِ وَجْهٍ عن عِمْرانَ بن حُصَينٍ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَغيرِهِمْ
(1)
، وهو قَوْلُ مالكٍ، والشَّافِعيَّ، وَأحمدَ، وَإسحاقَ: يَروْنَ القُرْعة في هذا وفي غَيْرِهِ.
وأمَّا بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أهْلِ الكُوفةِ وغَيرِهِمْ، فلم يَروا القُرْعةَ، وَقالوا: يُعْتَقُ من كُلِّ عَبْدٍ الثُّلُثُ، وَيُسْتَسْعَى في ثُلُثَيْ قِيمَتهِ.
وأبو المُهَلَّبِ: اسْمُه عَبد الرحمنِ بن عَمْرٍو الجَرْميُّ، ويُقالُ: مُعاويةُ بن عَمْرٍو.
28 - باب ما جاء فِيمَنْ مَلكَ ذَا رَحمٍ
(2)
مَحْرَمٍ
1416 -
حَدَّثَنا عَبد اللهِ بن مُعاويةَ الجُمَحِيُّ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن سَلمةَ، عن قَتادةَ، عن الحَسنِ
عن سَمُرةَ: أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مَلكَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُو حُرٌّ"
(3)
.
(1)
من قوله: "من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" إلى هنا لم يرد إلا في نسخة بهامش (أ).
(2)
لفظة "رحم" لم ترد إلا في نسخة (س).
(3)
صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (3949)، وابن ماجه (2524)، والنسائي في "الكبرى"(4898) - (4902) وهو في "المسند"(20167).
هذا حديثٌ لا نَعْرِفُه مُسْنَدًا، إلَّا من حديثِ حَمَّادِ بن سَلمةَ.
وقد رَوَى بَعْضُهمْ هذا الحديثَ عن قَتادةَ، عن الحَسنِ، عن عُمرَ، شَيْئًا من هذا.
1417 -
حَدَّثَنا عُقْبةُ بن مُكْرَمٍ العَمِّيُّ البَصْرِيُّ وغَيرُ وَاحِدٍ، قالُوا: حَدَّثَنا محمدُ بن بكْرٍ البُرْسانيُّ، عن حَمَّادِ بن سَلمةَ، عن قَتادةَ. وعَاصمٌ الأحْوَلُ، عن الحَسنِ
عن سَمُرةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"من مَلكَ ذا رَحْمٍ مَحْرَمٍ، فَهُو حُرٌّ"
(1)
.
ولا نَعْلمُ أحَدًا ذكَرَ في هذا الحديثِ عَاصِمًا الأحْوَلَ عن حَمَّادِ بن سَلمةَ، غيرُ محمدِ بن بكْرٍ.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ أهْلِ العلمِ.
وقد رُوي عن ابن عُمرَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من مَلكَ ذَا رَحمٍ مَحْرمٍ، فهُو حُرٌّ". رَواهُ ضَمْرةُ بن رَبِيعةَ، عن سُفيانَ الثَّوْرِيَّ، عن عَبد اللهِ بن دِينارٍ، عن ابن عُمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
ولا يُتابَع ضَمْرةُ بنُ ربيعة على هذا الحديثِ، وهو حديثٌ خَطأٌ عِنْدَ أهْلِ الحديثِ.
(1)
انظر ما قبله.
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2525)، والنسائي (4897)، والطحاوي في "شرح المشكل"(5398) و (5399).
29 - باب ما جاء مَنْ زَرعَ في أرْضِ قَوْمٍ بغَيْرِ إذْنِهمْ
1418 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا شَرِيكُ بن عَبد اللهِ النَّخَعِيُّ، عن أبي إسحاقَ، عن عَطاءٍ
عن رَافعِ بن خَدِيجٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من زَرعَ في أرْضِ قَوْمٍ بِغَيرِ إذْنِهمْ، فَليسَ له من الزَّرعِ شَيْءٌ، وَلهُ نَفَقتُهُ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفهُ من حديثِ أبي إسحاقَ، إلَّا من هذا الوَجْهِ من حديثِ شَريكِ بن عَبد اللهِ.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
وسَألْتُ محمدَ بن إسماعيلَ عن هذا الحديثِ، فقال: هو حديثٌ حَسَنٌ، وقال: لا أعْرِفهُ من حديثِ أبي إسحاقَ إلَّا من رِوايةِ شَرِيكٍ.
قال محمدٌ: وحَدَّثَنا مَعْقِلُ بن مالكٍ البَصْرِيُّ، قال: حَدَّثنا عُقْبةُ بن الأصَمِّ، عن عَطاءٍ، عن رَافعِ بن خَدِيجٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، نحْوَهُ
(2)
.
(1)
حديث حسن، وهذا سند ضعيف لضعف شريك، وأخرجه أبو داود (3403)، وابن ماجه (2466)، وهو في "المسند"(15821).
(2)
معقل بن مالك مقبول عند المتابعة، وعقبة بن الأصم ضعيف، وانظر ما قبله.
30 - باب ما جاء في النُّحْلِ والتَّسويةِ بَيْنَ الوَلَدِ
1419 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بن عَليًّ وسَعيدُ بن عَبد الرحمنِ المخزوميُّ، المَعْنى الوَاحِدُ، قالا: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن الزُّهْرِيَّ، عن حُمَيْدِ بن عَبد الرحمنِ، وعن محمدِ بن النُّعمانِ بن بَشِيرٍ، يُحَدِّثانِ
عن النُّعمانِ بن بَشِيرٍ، أنَّ أباه نَحلَ ابْنًا لهُ غُلامًا، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُشْهِدُهُ، فقال:"أكُلَّ وَلَدِكَ قد نَحلْتَهُ مِثْلَ ما نَحلْتَ هذا؟ ". قال: لا. قال: "فارْدُدْهُ"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2586)، ومسلم (1623)، وابن ماجه (2376)، والنسائي 6/ 258 - 262، وهو في "المسند"(18358)، و"صحيح ابن حبان"(5097).
قوله: "النحل" بضم فسكون مصدر نحلته أي: أعطيته.
قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 8/ 267: واختلف أهل العلم في تفضيل بعض الأولاد على بعض في النحل (العطية): فذهب قوم إلى أنه مكروه، ولو فعل نفذ، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يعدلوا بين أولادهم حتى في القُبَلِ.
وذهب قوم إلى أنه لا يجوز التفضيل، ويجب التسوية بين الذكور والإناث، ولو فضل لا ينفذ، وهو قول طاووس، وبه قال داود ولم يجوزه سفيان الثوري.
وذهب قوم إلى أن التسوية بين الأولاد أن يُعطى الذكر مثل حظ الأنثيين، فإن سوى بينهما، أو فضل بعض الإناث على بعض، لم ينفذ، وبه قال شريح، وهو قول أحمد (قلنا: وله رواية تنص على أنه يجوز التفاضل إن كان له سبب كأن يحتاج الولد لزمانته ودَيْنهِ أو نحو ذلك دون الباقين) وإسحاق واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أشهد على جور" والجور مردود، ومن أجازه، قال: إنه ميل عن بعضهم إلى بعض، وعدول عن الطريق الأحسن والفعل الأفضل، بدليل أنه قال "فارجعه" =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وقد رُوي من غَيرِ وَجْهٍ عن النُّعْمانِ بن بَشِيرٍ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، يَسْتَحِبُّونَ التّسويةَ بَيْنَ الوَلَدِ، حتَّى قال بَعْضُهم: يُسَوِّي بَيْنَ وَلَدهِ حَتَّى في القُبْلةِ.
وقال بَعْضُهمْ: يُسَوِّي بَيْنَ وَلد في النُّحْلِ والعَطيَّةِ، الذَّكَرُ والأُنْثَى سَواءٌ، وهو قَوْل سُفيانَ الثَّوْرِيَّ.
وقال بَعْضُهمْ: التَّسْويَةُ بينَ الوَلدِ، أنْ يُعْطَى الذَّكَرُ مِثْلَ حَظَّ الأُنْثَييْنِ، مِثْلَ قِسْمةِ المِيرَاثِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
31 - باب ما جاء في الشُّفْعَةِ
1420 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا إسماعيلُ بن عُليَّةَ، عن سَعيدٍ، عن قَتادةَ، عن الحَسنِ
عن سَمُرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "جارُ الدَّارِ أحَقُّ بالدَّارِ"
(1)
.
وفي البابِ عن الشَّرِيدِ، وأبي رَافعٍ، وأنَسٍ.
حديثُ سَمُرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
= ولو لم يكن نافذًا لما احتاج إلى الرجوع، وانظر "تهذيب السنن" 5/ 191 - 193 لابن القيم، فقد رجح وجوب التسوية.
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (3517)، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 4/ 69، وهو في "المسند"(20088).
وَرَوَى عيسى بن يُونُسَ، عن سَعيدِ بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن أنَسٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ
(1)
.
ورُوي عن سَعيد بن أبي عَروبة، عن قَتادةَ، عن الحَسَنِ، عن سَمُرة، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
والصَّحِيحُ عِنْدَ أهْلِ العلمِ، حديثُ الحَسنِ، عن سَمُرةَ، ولا نَعْرِفُ حديثَ قَتادةَ عن أنَسٍ، إلَّا من حديثِ عيسى بن يُونسَ.
وحديثُ عَبد اللهِ بن عَبد الرحمنِ الطَّائِفِيَّ، عن عَمْرِو بن الشَّرِيدِ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، في هذا البابِ هو حديثٌ حَسَنٌ
(3)
.
ورَوَى إبراهيمُ بن مَيْسرةَ، عن عَمْرِو بن الشَّرِيدِ، عن أبي رَافعٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(4)
.
سَمِعْتُ محمدًا يَقولُ: كِلا الحديثينِ عِنْدِي صحيحٌ.
(1)
أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" 4/ 122، وصححه ابن حبان (5182)، والضياء المقدسي في "المختارة".
(2)
هو الحديث السالف في الباب نفسه.
(3)
حديث الشريد، أخرجه ابن ماجه (2496)، والنسائي 7/ 320، وهو في "المسند"(19461)، وهو حديث صحيح.
(4)
حديث أبي رافع، أخرجه البخاري (2258)، وأبو داود (3516)، وابن ماجه (2495) و (2498)، والنسائي 7/ 320، وهو في "المسند"(23871)، و"صحيح ابن حبان"(5180).
32 - باب ما جاء في الشُّفْعَةِ لِلْغائبِ
1421 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا خَالدُ بن عَبد اللهِ الوَاسِطيُّ، عن عَبدِ الملكِ بن أبي سُليمانَ، عن عَطاءٍ
عن جابرٍ، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الجارُ أحَقُّ بشُفْعَتهِ، يُنْتَظرُ بهِ وإنْ كانَ غائبًا، إذا كانَ طَريقُهُما واحدًا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ
(2)
. ولا نَعْلمُ أحدًا رَوَى هذا الحديثَ غَيرَ عَبدِ الملكِ بن أبي سُليمانَ، عن عَطاءٍ، عن جَابرٍ. وقد تكلَّمَ شعبة في عَبد الملكِ بن أبي سُليمانَ من أجْلِ هذا الحديثِ.
وَعَبد الملكِ هو ثِقةٌ مأْمُونٌ عِنْدَ أهْلِ الحديثِ، لا نَعْلم أحَدًا تكلَّمَ فيهِ غَيرَ شُعبةَ، من أجْلِ هذا الحديثِ.
وقد رَوَى وَكيعٌ، عن شُعبةَ، عن عَبدِ الملكِ هذا الحديثَ.
وَرُويَ عن ابن المُبَارك، عن سُفيانَ الثَّوْرِيَّ، قال: عَبدُ المَلكِ بن أبي سُليمانَ مِيزانٌ. يَعْني في العلمِ.
والعملُ على هذا الحديثِ عنْدَ أهْلِ العلمِ، أنَّ الرَّجُلَ أحَقُّ بِشُفْعتهِ وإنْ كانَ غَائبًا، فإذا قَدِمَ فلَهُ الشُّفْعةُ، وإنْ تَطاولَ ذلكَ.
(1)
سنده قوي، رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (3518)، وابن ماجه (2494)، وهو في "المسند"(14253)، وانظر "نصب الراية" 4/ 174.
(2)
في المطبوع: حديث غريب، والمثبت من جميع الأصول الخطية، وهو الصواب.
33 - باب ما جاء إذا حُدَّتِ الحُدُودُ وَوَقَعتِ السِّهامُ فَلا شُفعةَ
1422 -
حَدَّثَنا عَبدُ بن حُمَيْدٍ، قال: حدثنا عَبدُ الرَّزَّاقِ، قال: أخْبرَنا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيَّ، عن أبي سَلمةَ بن عَبد الرحمنِ
عن جابرِ بن عَبد الله، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وَقَعتِ الحُدُودُ، وصُرِفَتِ الطُّرُقُ، فَلا شُفعةَ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رَوَاهُ بَعْضُهمْ مُرْسلًا، عن أبي سَلمةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ: عُمرُ بن الخَطَّابِ، وعُثمانُ بن عَفَّانَ، وَبهِ يقولُ بَعْضُ فُقَهاءِ التَّابِعينَ، مِثْلُ عُمرَ بن عَبدِ العَزِيزِ وَغَيْره، وهو قَوْلُ أهْلِ المَدِينَةِ، مِنْهُمْ: يحيى بنُ سَعيدٍ الأنْصارِيُّ، ورَبيعةُ بن أبي عَبد الرحمنِ ومالكُ بن أنَسٍ، وبه يقولُ الشَّافِعيُّ، وأَحمد، وإسحاقُ، لا يَروْنَ الشُّفْعةَ إلَّا لِلْخَليطِ، ولا يَروْنَ لِلْجارِ شُفْعةً، إذا لم يكُنْ خَلِيطًا.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَغَيرِهِمْ: الشفْعةُ لِلجارِ، واحتَجُّوا بالحديثِ المَرْفُوعِ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "جارُ الدَّارِ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2213)، وأبو داود (3514)، وابن ماجه (2499)، وهو في "المسند"(14157)، و"صحيح ابن حبان"(5184).
(2)
أخرجه النسائي 7/ 320 - 321.
أحقُّ بالدَّارِ"
(1)
، وقال:"الجَارُ أحقُّ بسَقَبه". وهو قَوْلُ الثَّوْرِيَّ، وابنِ المُبارَكِ، وأهْلِ الكُوفةِ
(2)
.
34 - باب
(3)
1423 -
حَدَّثَنا يُوسُفُ بن عيسى، قال: حَدَّثَنا الفَضلُ بن موسى، عن أبي حَمْزةَ السُّكَّريَّ، عن عَبدِ العزِيزِ بن رُفَيْعٍ، عن ابن أبي مُلَيْكةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال: رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الشَّرِيكُ شَفِيعٌ، والشُّفْعةُ في كلَّ شَيْءٍ"
(4)
.
هذا حديثٌ لا نَعْرفه مِثْلَ هذا، إلَّا من حديثِ أبي حَمْزةَ السُّكَّريَّ.
وقد رَوَى غَيرُ وَاحدٍ هذا الحديث عن عَبدِ العَزِيزِ بن رُفَيْعٍ، عن ابن أبي مُلَيْكةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسلًا. وهذا أصَحُّ.
1424 -
حَدَّثَنا هنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو بكْرِ بن عَيَّاشٍ، عن عَبدِ العَزِيزِ بن رُفَيْعٍ، عن ابن أبي مُلَيكةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، نحْوَهُ بِمعناهُ.
(1)
سلف برقم (1420).
(2)
انظر لزامًا "تهذيب السنن" 5/ 165 - 167 لابن القيم.
(3)
كذا في الأصول، وفي المطبوع زيادة: باب ما جاء أن الشريك شفيع.
(4)
رجاله ثقات إلا أن المصنف أعله بالإرسال، وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 5/ 44، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 125، والطبراني (11244)، والدارقطني 4/ 222، والبيهقي 6/ 109.
ولَيْسَ فيه: عن ابن عَبَّاسٍ، وهكذا رَوَى غَيْرُ وَاحدٍ
(1)
عن عَبدِ العَزِيزِ بن رُفَيعٍ مِثْلَ هذا، لَيسَ فيهِ: عن ابن عَبَّاس، وهذا أصحُّ من حديثِ أبي حَمْزةَ، وأبو حَمْزةَ ثِقةٌ، يمْكنُ أنْ يكونَ الخَطأُ من
(2)
أبي حَمْزةَ
(3)
.
1425 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو الأحْوَصِ، عن عَبد العزِيزِ بن رُفَيعٍ، عن ابن أبي مُلَيْكةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، نحْوَ حديثِ أبي بكْرِ بن عَيَّاشٍ
(4)
.
وقال أكْثرُ أهْلِ العلمِ: إنما تكُونُ الشُّفْعةُ في الدُّور والأرَضِينَ، ولم يَرَوا الشُّفعةَ في كلَّ شَيْءٍ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ: الشُّفعةُ في كُلِّ شَيْءٍ.
والقول الأوَّلُ أصَحُّ.
(1)
قال الدارقطني في "سننه" بعد أن أورد الحديث موصولًا من طريق أبي حمزة: خالفه شعبة وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وأبو بكر بن عياش، فرووه عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة مرسلًا، وهو الصواب، ووهم أبو حمزة في إسناده.
(2)
وقع في المطبوع: الخطأ من غير أبي حمزة، وهو خطأ.
(3)
أخرجه مرسلًا النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 5/ 44، والبيهقي 6/ 109.
(4)
انظر ما قبله.
35 - باب ما جاء في اللُّقَطَةِ وضالةِ الإبِلِ والغَنمِ
1426 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخلَّالُ، قال: حَدَّثَنا يزيد بن هارون وعبد الله بن نُمير، عن سُفْيان
(1)
، عن سَلمةَ بن كُهَيْلٍ
عن سُوَيْدِ بن غفَلةَ، قال: خرجْتُ معَ زَيْدِ
(2)
بن صُوحانَ
وسَلْمانَ بن رَبِيعةَ، فَوجدْتُ سَوْطًا، قال ابن نُمَيْرٍ في حديثهِ:
فالْتقَطْتُ سَوْطًا فأخَذْتُهُ. قالا: دَعْهُ. فَقلْتُ: لا أدَعُهُ تأكلُهُ السِّباعُ!
لآخُذنَّهُ فَلأسْتَمتِعَنَّ بهِ، فَقدِمْتُ على أُبيَّ بن كَعْبٍ، فَسألتُهُ عن
ذلكَ، وَحدَّثْتُه الحديثَ. فقال: أحْسَنْتَ، وَجدْتُ على عَهْدِ
رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صُرَّةً فِيها مئةُ دِينارٍ، قال: فأتَيْتهُ بها، فقال لِي:
"عَرِّفْها حَوْلًا". فَعرِّفْتُها حَوْلًا فَما أجِدُ من يَعْرِفُها، ثُمَّ أتيْتُهُ بهَا،
فقال: "عَرِّفْها حَوْلًا آخرَ". فَعرَّفْتُها، ثمَّ أتَيتهُ، فقال:"عَرِّفْها حَوْلًا آخرَ". وقال: "أحْصِ عِدَّتها وَوِعاءَها وَوِكاءَهَا، فإذا جاءَ طالِبُها فأخْبرَكَ بعِدَّتِها وَوِعائها وَوِكائِهَا فادْفَعْها إلَيهِ، وإلّا فاستَمْتِعْ بها"
(3)
.
هذا حديث حسن صحيح.
(1)
في (أ) و (د): شقيق. وهو خطأ.
(2)
في (أ) و (د): أنا وزيد.
(3)
حديث صحيح، لكن بتعريفها حولًا واحدًا كما بيناه في "المسند"، وأخرجه البخاري (2426)، ومسلم (1723)، وأبو داود (1701) - (1703)، وابن ماجه (2506)، والنسائي في "الكبرى"(5820) - (5825)، وهو في "المسند"(21166)، و"صحيح ابن حبان"(4892).
1427 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا إسماعيلُ بن جَعْفرٍ، عن رَبِيعةَ بن أبي عَبد الرحمنِ، عن يَزِيدَ مَوْلى المُنْبَعثِ
عن زَيدِ بن خَالدٍ الجُهَنيِّ: أنّ رَجُلًا سَألَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن اللُّقَطةِ؟ فقال: "عَرِّفْها سَنةً، ثمَّ اعْرِفْ وكاءها ووعاءَها وعِفَاصَها، ثمَّ استَنْفِقْ بها، فإنْ جَاءَ رَبُّهَا فأدِّها إليهِ". فقال: يا رَسولَ اللهِ فضالَّةُ الغنمِ؟ فقال: "خُذْها، فإنمَا هِي لكَ أوْ لأخيكَ أوْ لِلذَّئْبِ". فقال: يا رَسولَ اللهِ فَضالَّةُ الإبلِ؟ قال: فَغضِبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتَّى احْمرَّتْ وَجْنتَاه، أو احْمرَّ وَجْهُهُ، فقال:"ما لكَ وَلَها؟ مَعهَا حِذَاؤُها وَسِقاؤُها حتَّى تَلْقى رَبَّهَا"
(1)
.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، والجارود بن المُعَلَّى، وعِياض بن حِمار، وجَرير بن عبد الله.
حديث زيد بن خالد حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوي عنه من غير وجه.
وحديث يَزِيد مولى المُنْبَعِثِ، عن زيدِ بن خالدٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوي عَنْهُ من غَيْرِ وَجْهٍ.
1428 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا أبو بكْرٍ الحَنَفِيُّ، قال: حدثنا الضَّحَّاكُ بن عُثمانَ، قال: حَدَّثَني سَالمٌ أبو النّضْرِ، عن بُسْرِ بن سَعيدٍ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (91)، ومسلم (1722)، وأبو داود (1704) - (1708)، وابن ماجه (2504) و (2507)، والنسائي في "الكبرى"(5811) - (5817)، وهو في "المسند"(17037)، و"صحيح ابن حبان"(4893).
عن زَيْدِ بن خَالدٍ الجُهَنيَّ: أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن اللُّقَطةِ فقال: "عَرِّفها سَنةً، فإنِ اعتُرِفَتْ، فَأدِّها، وإلَّا فَاعْرِفْ عِفاصَها وَوكَاءَها وَعَددَها، ثمَّ كُلْهَا، فإن جَاءَ صاحِبُها فأدِّها"
(1)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ حَسَنٌ غريبٌ
(2)
من هذا الوَجْهِ.
وقال أحمدُ بن حنبل: أصَحُّ شَيءٍ في هذا البابِ هذا الحديثُ. وقد رُوي عَنْهُ من غَيْرِ وَجْهٍ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ، رَخَّصُوا في اللُّقَطةِ إذا عَرَّفَها سَنةً فلم يَجِدْ من يَعْرِفُهَا، أنْ يَنْتَفِعَ بِها، وهو قَوْلُ الشَّافِعيَّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِمْ: يُعَرِّفُها سَنةً، فإنْ جَاءَ صاحِبُها وإلَّا تَصدَّقَ بِهَا، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيَّ، وعَبد اللهِ بن المُباركِ، وهو قَوْلُ أهْلِ الكوفةِ، لم يَرَوْا لِصاحبِ اللُّقَطةِ أنْ يَنْتَفِعَ بِهَا إذا كانَ غَنِيًّا.
وقال الشَّافِعيُّ: يَنْتفِعُ بها وإنْ كانَ غَنِيًّا، لأنَّ أُبيَّ بنَ كَعْبٍ أصابَ على عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صُرّةً فِيها مِئةُ دِينارٍ، فأمَرهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُعرَّفَها ثُمَّ يَنْتفِعَ بها، وكانَ أُبيٌّ كَثيرَ المالِ، من مياسِيرِ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأمَرهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُعَرِّفَها، فلم يَجِدْ من
(1)
انظر ما قبله.
(2)
في (س): حسن صحيح غريب، وفي المطبوع: حسن غريب.
يَعْرِفُها، فأمَرهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يأكُلَها، فلو كانَتِ اللُّقَطةُ لم تَحِلَّ إلَّا لِمَنْ تَحِلُّ لهُ الصَّدقةُ، لم تَحِلَّ لِعَليِّ بن أبي طالبٍ، لأنَّ عَليَّ بن أبي طالبٍ أصابَ دِينارًا على عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرَّفهُ، فلم يَجِدْ من يَعْرِفهُ، فأمَرهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأكلهِ، وكانَ عليٌّ لا تَحِلُّ لهُ الصَّدقَةُ.
وقد رَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ، إذا كانَتِ اللقُّطةُ يَسِيرةً، أنْ يَنْتفعَ بها ولا يُعَرِّفَها.
وقال بَعْضُهمْ: إذا كانَ دُونَ دِينارٍ يُعَرِّفُها قَدْرَ جُمعةٍ، وهو قَوْلُ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ.
36 - باب ما جاء في الوَقفِ
1429 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، عن ابن عَوْنٍ، عن نافعٍ.
عن ابن عُمرَ، قال: أصابَ عُمرُ أرْضًا بخَيْبرَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ أصبْتُ مالًا بِخَيْبرَ، لم أُصِبْ مَالًا قطُّ أنْفسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَما تأمُرُني؟ قال:"إنْ شِئْتَ حَبسْتَ أصْلهَا وَتَصدَّقْتَ بِهَا". فتَصدَّقَ بهَا عُمرُ: أنَّها لا يُباعُ أصْلها ولا يُوهَبُ ولا يُورَثُ، تصدَّقَ بهَا في الفُقَراءِ، والقُرْبَى، وفي الرِّقَابِ، وفي سَبيلِ الله، وابن السَّبيلِ والضَّيْفِ، لا جُناحَ على من وَلِيَها أنْ يأكُلَ مِنْها بالمَعْرُوفِ، أوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا، غَير مُتمَوِّلٍ فيهِ.
قال: فَذَكرْتُه لِمَحمدِ بن سِيرِينَ فقال: غَيْرَ مُتأثِّلٍ مَالًا.
قال ابن عَوْنٍ: فَحدَّثَني بهِ رَجُلٌ آخرُ أنَّهُ قَرَأها في قِطْعةِ أدِيمٍ أحْمرَ: غَيرَ مُتأثِّلٍ مالًا.
قال إسماعيلُ: وأنا قَرأْتُها عِنْدَ عُبَيْدِ اللهِ
(1)
بن عُمرَ، فكانَ فيهِ: غَيْرَ مُتأثِّلٍ مالًا
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحاب النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِمْ، لا نَعْلم بَينَ المُتَقدِّمِينَ مِنْهُمْ في ذلكَ اختلافًا في إجازةِ وَقْفِ الأرَضِينَ، وغَيْرِ ذلكَ.
1430 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخْبرنا إسماعيلُ بن جَعْفرٍ، عن العَلاءِ بن عَبد الرحمنِ، عن أبيه
عن أبي هُريرةَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ماتَ الإنْسانُ انْقَطعَ عنه عَملُهُ إلَّا من ثَلاثٍ: صَدقةٍ جاريةٍ، وَعِلْمٍ يُنْتفعُ بهِ، وَولَدٍ صَالحٍ يَدْعُو لهُ"
(3)
.
(1)
في (أ) ابن عُبيد الله بن عمر، وقد ألحقت بخط مغاير، والمثبت من (ب) و (د).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2737)، ومسلم (1632)، وأبو داود (2878)، وابن ماجه (2396) و (2397)، والنسائي 6/ 230 - 232، وهو في "المسند"(4608)، و"صحيح ابن حبان"(4901).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1631)، وأبو داود (2880)، وابن ماجه (242)، والنسائي 6/ 251، وهو في "المسند"(8844)، و"صحيح ابن حبان"(3016).
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
37 - باب ما جاء في العَجْماء أن جَرحَها جُبارٌ
1431 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن الزُّهْرِيَّ، عن سَعيدِ بن المُسَيَّبِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "العَجْماءُ جَرْحُها جُبارٌ، والبِئْرُ جُبارٌ، والمَعْدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ"
(1)
.
وفي البابِ عن جابرٍ، وعَمْرِو بن عَوْفٍ المُزَنِيَّ، وعُبادةَ بن الصَّامِتِ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
1432 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابن شِهابٍ، عن سَعِيدِ بن المُسَيِّبِ وأبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، نحْوَهُ
(2)
.
حَدَّثَنا الأنْصاريُّ قال: حدثنا مَعْن، قال: قال مالكُ بن أنَسٍ: وتَفْسِيرُ حديثِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: "العَجْماءُ جرْحُها جُبارٌ"، يقولُ: هَدَرٌ لا دِيةَ فيهِ.
وَمَعْنى قَوْلهِ: "العَجْماءُ جَرْحُها جُبارٌ": فَسَّرَ [ذلك] بَعْضُ أهْلِ العلمِ قالُوا: العَجْماءُ: الدَّابَّةُ المُنْفلِتَةُ من صاحِبها، فَما أصابتْ في
(1)
إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (647).
(2)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
انْفِلاتِها، فَلا غُرْمِ على صَاحِبها، و"المَعْدِن جُبارٌ" يقول: إذا احْتفرَ الرَّجُلُ مَعْدِنًا، فوقعَ فِيها إنْسانٌ فَلا غُرْمَ عَليْهِ، وكذلك البِئْرُ إذا احْتفرَهَا الرَّجُلُ لِلسَّبيلِ، فَوقعَ فيها إنْسانٌ فَلا غُرْمَ على صاحِبهَا.
"وفي الرِّكازِ الخُمُسُ" والرَّكازُ: ما وُجِدَ من دَفْنِ أهْلِ الجاهِليَّةِ
(1)
، فَمنْ وَجَدَ رِكازًا، أدَّى مِنْهُ الخُمُسَ إلى السُّلْطانِ، وما بَقِي منه، فَهُو لهُ.
38 - باب ما ذُكِرَ في إحياءِ أرْضِ المَواتِ
1433 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدثنا عَبدُ الوهَّابِ الثَّقَفيُّ، قال: حدثنا أيُّوبُ، عن هِشَامِ بن عُرْوةَ، عن أبيه
عن سَعيدِ بن زَيْدٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من أحْيَا أرْضًا مَيتَةً فَهِي لهُ، ولَيْسَ لِعِرْقٍ ظالمٍ حَقٌّ"
(2)
.
(1)
وهو قول مالك والشافعي والجمهور، وذهب أبو حنيفة والثوري إلى أن المعدن كالركاز، فيه الخمس، وقال ابن الأثير في "النهاية": الركاز عند أهل الحجاز: كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل العراق: المعادن، والقولان تحتملهما اللغة، لأن كلًا منهما مركوز في الأرض، أي: ثابت، يقال: ركزه يركزه رَكزًا: إذا دفنه، وأركز الرجل: إذا وجد الركاز.
وفي "المدونة" 1/ 290: وما افتتحت عنوة، فظهر فيها معادن، فذلك إلى السلطان يصنع فيها ما شاء، ويقطع بها لمن يعمل فيها، لأن الأرض ليست للذين أخذوا عنوة.
(2)
صحيح بشواهده، وأخرجه أبو داود (3073)، والنسائي في "الكبرى"(5761). =
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، وقد رَواهُ بَعْضُهمْ عن هِشامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسلًا
(1)
.
1434 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الوهَّابِ الثقفيُّ، عن أيُّوب، عن هِشامِ بن عُرْوةَ، عن وَهْب بن كَيْسانَ
عن جَابرِ بن عَبد اللهِ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من أحْيا أرْضًا مَيْتةً، فهي لهُ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهلِ العلمِ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ، وقالُوا: لهُ أنْ يُحْييَ الأرْضَ المَواتَ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلطانِ.
= ويشهد له حديث عائشة عند الطيالسي (1440)، والدارقطني 4/ 217، والبيهقي 6/ 142.
وحديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده عند الطبراني 17/ (4)، والبيهقي 6/ 142، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 284.
وحديث سمرة عند البيهقي 6/ 142.
(1)
من قوله: "وقد رواه بعضهم
…
إلى هنا" جاء في النسخ الخطية بإثر حديث جابر التالي.
والحديث المرسل أخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 743، والنسائي (5760).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (14271) و (14839)، والنسائي في "الكبرى"(5756) - (5758)، وابن حبان (5202).
وقال بَعْضُهمْ: لَيسَ لهُ أنْ يُحْيِيها إلَّا بإذْنِ السُّلْطانِ
(1)
.
والقَولُ الأوَّلُ أصَحُّ.
وفي البابِ عن جابرٍ، وعَمْرِو بن عَوْفٍ المُزَنيَّ جَدِّ كَثِيرٍ، وَسَمُرةَ.
حَدَّثَنا أبو موسى محمدُ بن المُثنَّى، قال: سَألْتُ أبا الوَلِيدِ الطَّيالسيَّ عن قَوْلهِ: "ولَيْسَ لِعِرْقٍ ظالمٍ حَقٌّ"، فقال: العِرْقُ الظَّالمُ: الغاصِبُ الّذِي يأخذُ ما لَيْسَ لهُ. قُلْتُ: هو الرَّجُلُ الَّذِي يَغْرِسُ في أرْضِ غَيْرهِ؟ قال: هو ذَاكَ.
39 - باب ما جاء في القَطائعِ
1435 -
قلْتُ لِقُتيبةَ بن سَعيدٍ: حَدَّثكُمْ محمدُ بن يحيى بن قَيْسٍ المَأْرِبيُّ، قال: حَدَّثَني أبي، عن ثُمامةَ بن شَرَاحِيلَ، عن سُمَيِّ بن قَيْسٍ، عن شُمَيْرٍ
عن أبْيضَ بن حَمَّالٍ: أنَّهُ وَفدَ إلى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فاسْتَقْطعهُ المِلْحَ، فقطَعَ لهُ، فَلمَّا أنْ وَلَّى، قال رَجُلٌ من المَجْلسِ: أتَدْرِي ما قَطعْتَ لهُ؟ إنَّما قَطعْتَ لهُ المَاءَ العِدَّ، قال: فَانْتزَعهُ مِنْهُ. قال:
(1)
قلنا: جمهور أهل العلم على أنه لا يشترط في إحياء الموات إذن الإمام.
وقال مالك: معنى الحديث في فيافي الأرض وما بَعُدَ من العِمران، فإن قرب، فلا يجوز إحياؤه إلا بإذن الإمام.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز إحياؤها إلا بإذن الإمام قَرُبَتْ أو بَعُدَتْ.
وسبب الخلاف: أن الحديث: هل هو حكم أو فتوى، فمن قال بالأول، قال: لا بد من الإذن ومن قال بالثاني، قال: لا يحتاج إليه، ونظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم:"من قتل قتيلًا، فله سلَبُه".
وسألهُ عَمَّا يُحْمى من الأرَاكِ؟ قال: "مَا لم تَنلْهُ خِفَافُ الإبلِ".
فأقرَّ بهِ قُتيبةُ، وقال: نَعَمْ
(1)
.
1436 -
حَدَّثَنا محمد بن يحيى بن أبي عُمَر، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى بن قَيْسٍ المأرِبيُّ، بهذا الإسْنادِ، نحوَهُ
(2)
.
المَأْرِبُ: ناحِيةٌ من اليَمنِ
(3)
.
وفي البابِ عن وَائلٍ، وَأسماءَ ابنة أبي بكْرٍ.
حديثُ أبْيضَ بن حمال حديثٌ حسن غريبٌ
(4)
.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(1)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (3064)، وحميد بن زنجويه في "الأموال"(1017)، وأبو عبيد في "الأموال"(684)، والدارقطني 4/ 228، وابن حبان (4499)، والبغوي (2193) من طرق عن محمد بن يحيى بن قيس المأربي بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (2475) والدارقطني 4/ 221 وابن سعد 5/ 382، والطبراني (8) من طريق فرج بن سعيد بن علقمة بن سعيد بن أبيض بن حمال، عن عمه (أي: عم أبيه) ثابت بن سعيد بن أبيض، عن أبيه، عن جده.
والماء العِدُّ: هو الدائم الذي لا ينقطع مثل ماء العين والبئر.
وقوله: ما لم تنله أخفاف الإبل. قال البغوي: أراد به أنه إنما يحمي من الأراك ما بَعُدَ عن حضرة العمارة، ولا يتلفه الإبل الرائحة إذا أُرْسِلَت في الرعي.
(2)
انظر ما قبله.
(3)
هذه الجملة لم ترد إلا في نسخة في (أ).
(4)
في المطبوع: حديث غريب.
وغَيْرِهِمْ، في القَطائِعِ: يَروْنَ جَائزًا أن يُقْطِعَ الإمامُ لِمَنْ رَأى ذلكَ.
1437 -
حَدثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حَدَّثَنا أبو دَاودَ، قال: حدثنا شُعبةُ، عن سِمَاكٍ، قال: سَمِعْتُ عَلْقمةَ بن وَائِلٍ يُحَدِّثُ
عن أبيهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقْطَعهُ أرْضًا بحضْرَموتَ.
قال محمودٌ: وحدثنا النَّضرُ، عن شُعبةَ، وزَادَ فيهِ: وَبَعثَ معهُ مُعاويةَ لِيُقْطعَها إيَّاهُ
(1)
.
هذا حديثٌ حسن صحيحٌ
(2)
.
40 - باب ما جاء في فَضْلِ الغَرْسِ
1438 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا أبو عَوانةَ، عن قَتادةَ
عن أنسٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"ما من مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيأكلُ مِنهُ إنْسانٌ، أوْ طَيْرٌ أوْ بَهِيمةٌ، إلَّا كَانتْ لهُ صَدقةٌ"
(3)
.
وفي البابِ عن أبي أيُّوبَ، وأُمِّ مُبشِّرٍ، وجَابرٍ، وزَيْدِ بن خَالدٍ.
(1)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (3058) و (3059)، وهو في "المسند"(27239)، و"صحيح ابن حبان"(7205).
(2)
في المطبوع: حديث حسن.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2320)، ومسلم (1553)، وهو في "المسند"(12495).
وقوله: "كانت له صدقة" قال الطيبي: الرواية برفع الصدقة على أن "كانت" تامة، ولفظ البخاري ومسلم إلا كان له به صدقَةٌ.
حديثُ أنَسٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
41 - باب ما جاء في المزَارَعَةِ
1439 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن مَنصُور، قال: أخْبرَنا يحيى بن سَعيدٍ، عن عُبَيدِ اللهِ بن عمر، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَاملَ أهْلَ خَيْبرَ بِشَطْرِ ما يَخْرُجُ مِنها من ثمَرٍ أوْ زَرْعٍ
(1)
.
وفي البابِ عن أنَسٍ، وابن عَبَّاسٍ، وزَيْدِ بن ثابتٍ، وجَابرٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أْهْلِ العلمِ من أصْحاب النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِمْ: لم يَروْا بالمزَارَعةِ بأْسًا على النِّصْفِ والثُّلُثِ والرُّبُعِ، واخْتارَ بَعْضُهمْ أنْ يكُونَ البَذْرُ مِن رَبِّ الأرْضِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
وَكَرِهَ بَعْضُ أهْل العلمِ المُزَارَعَةَ بالثُّلثِ والرُّبُعِ، ولم يَروْا بمُساقاةِ النَّخِيلِ بالثُّلَثِ والرُّبُعِ بَأْسًا، وهو قَوْلُ مالكِ بن أنَسٍ، والشَّافِعيَّ.
ولم يَرَ بَعْضُهمْ أنْ يَصِحَّ شَيْءٌ من المُزَارَعةِ، إلَّا أنْ يَسْتأجِرَ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2328)، ومسلم (1551)، وأبو داود (3008) و (3408) و (3409)، وابن ماجه (2467)، والنسائي 7/ 53، وهو في "المسند"(4663).
الأرْضَ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ.
1440 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو بكْرِ بن عَيَّاشٍ، عن أبي حَصِينٍ، عن مُجاهِدٍ
عن رَافعِ بن خَدِيجٍ، قال: نهانا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أمْرٍ كانَ لَنا نافِعًا، إذا كانتْ لأحَدِنا أرْضٌ أنْ يُعْطِيَها بِبَعْضِ خَراجِهَا أوْ بدَراهِمَ، وقال:"إذا كَانتْ لأحَدكُمْ أرْضٌ، فَليَمْنحْها أخاهُ أوْ لِيزْرَعْها"
(1)
.
1441 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدثنا الفَضْلُ بن موسى السِّينانيُّ، قال: حدَّثنا شَرِيكٌ، عن شُعبةَ، عن عَمْرِو بن دِينارٍ، عن طاووسٍ
عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لم يُحَرِّمِ المُزَارعةَ، ولكنْ أمرَ أنْ يَرْفُقَ بَعْضُهمْ بِبَعْضٍ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي الباب عن زيد بن ثابت.
(1)
صحيح دون قوله: "أو بدراهم"، وأخرجه النسائي 7/ 35، وهو في "المسند"(17264).
وأخرجه بنحوه أحمد (15808)، وأبو داود (3398)، وابن ماجه (2460)، والنسائي 7/ 33 و 34 و 35.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2330)، ومسلم (1550)(121)، وأبو داود (3389)، وابن ماجه (2456) و (2457) و (2462)، والنسائي 7/ 36، وهو في "المسند"(2087)، و"صحيح ابن حبان"(5195).
وحديثُ رافعٍ فيهِ اضْطرابٌ، يُرْوى هذا الحديثُ عن رَافع بن خدِيجٍ، عن عُمُومتهِ، ويُرْوى عَنْهُ، عن ظُهَيْرِ بن رَافعٍ، وهو أَحَدُ عُمومتِهِ، وقد رُوي هذا الحديثُ عَنْهُ على رواياتٍ مُخْتلفَةٍ
(1)
.
(1)
قال الحافظ في "الفتح" 5/ 24: وقد استظهر البخاري لحديث رافع بحديث جابر وأبي هريرة رادًا على من زعم أن حديث رافع فرد، وأنه مضطرب، وأشار إلى صحة الطريقين عنه، حيث روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأشار إلى أن روايته بغير واسطة مقتصرة على النهي عن كراء الأرض، وروايته عن عمه مفسّرة للمراد، وهو ما بينه ابن عباس في روايته من إرادة الرفق والتفصيل، وأن النهي عن ذلك ليس للتحريم.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الديات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء في الدَّيَةِ كَمْ هِي من الإِبلِ
1442 -
حَدَّثَنا عَلِيُّ بنُ سَعِيدٍ الكِنْدِيُّ الكُوفِيُّ، قال: أخْبرنا ابنُ أبي زَائِدَةَ، عن الحَجَّاجِ، عنْ زَيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عنْ خِشْفِ بنِ مَالكٍ، قال:
سَمِعْتُ ابنَ مَسْعُودٍ قال: قَضَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في دِيَةِ الخطأ عِشْرِينَ بنت مَخَاضٍ، وعِشْرِينَ بنِي مَخَاضٍ ذُكُورًا، وعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وعِشْرِينَ جَذَعَةً، وعِشْرِينَ حِقّةً
(1)
.
1443 -
حدثنا أبو هِشامٍ الرِّفاعِيُّ، قال: حدثنا ابنُ أبي زَائِدَةَ وأبو خَالدٍ الأحْمَرُ، عن الحَجَّاجِ بن أرْطاةَ، نحْوَهُ
(2)
.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عَمْرو.
حديثُ ابن مَسْعُودٍ لا نَعْرِفهُ مَرْفُوعًا إلَّا مِن هذا الوَجْهِ، وقد
(1)
إسناده ضعيف، الحجاج بن أرطاة ضعيف إذا لم يُصرح بالتحديث، وأخرجه أبو داود (4545)، وابن ماجه (2631)، والنسائي 8/ 43 - 44، وهو في "المسند"(3635) و (4303).
(2)
انظر ما قبله.
رُوِيَ عن عَبد الله مَوْقُوفًا
(1)
.
وقد ذَهَب بَعْضُ أهْلِ العلمِ إلى هذا، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
وقد أجْمعَ أهْلُ العلمِ على أنَّ الدِّيَةَ تُؤْخَذُ في ثَلاثِ سِنينَ، في كُلِّ سنةٍ ثُلُثُ الدِّيةِ، وَرَأوْا أنَّ دِيةَ الخَطَأ على العاقِلةِ.
ورأى بعضُهمْ أنَّ العاقِلةَ قَرَابةُ الرَّجُلِ من قِبَلِ أبيهِ، وهو قَوْلُ مالكٍ، والشَّافِعيِّ.
وقال بَعْضُهمْ: إنَّما الدَّيةُ على الرِّجَالِ دُونَ النِّساءِ والصِّبيانِ من العَصَبةِ، ويُحَمَّلُ كُلُّ رَجُل مِنْهُمْ رُبعَ دِينارٍ، وقد قال بَعْضُهمْ: إلى نِصْفِ دِينارٍ، فَإنْ تَمَّتِ الدِّيةُ وإلَّا نُظِرَ
(2)
إلى أقْرَبِ القبائِلِ مِنْهُمْ فَأُلزِموا ذلكَ.
1444 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن سَعيدِ الدَّارِميُّ، قال: حدثنا حَبَّانُ، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن رَاشِدٍ، قال: حدثنا سُلَيْمانُ بن موسى، عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "من
(3)
قَتَل مُتعمِّدًا، دُفعَ إلى أوْلِياءِ المَقْتُولِ، فَإنْ شاؤوا قَتلُوا، وَإنْ شاؤوا أخَذوا الدِّيةَ،
(1)
أخرجه موقوفًا عبد الرزاق (17238)، وابن أبي شيبة 9/ 134، وانظر "المسند" عند الحديث (3635).
(2)
المثبت من (ب) و (س) ونسخة شرح العراقي، وفي (د) و (أ): نقلن، وكتب بهامش (أ) صوابه: نقلت.
(3)
في المطبوع: من قتل مؤمنًا.
وهي ثَلاثُونَ حِقَّةً، وَثلاثُونَ جَذَعةً، وَأرْبعُونَ خَلِفةً، وَما صَالحُوا عَليهِ فهو لَهُمْ"، ذلكَ لِتَشْدِيدِ العَقْلِ
(1)
.
حديثُ عَبد اللهِ بن عَمْرٍو حديثٌ حَسَنُ غريبٌ.
2 - باب ما جاء في الدِّيَةِ كَمْ هِي من الدَّرَاهِمِ
1445 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا مُعاذُ بن هَانئٍ، قال: حَدَّثَنا محمدُ بنُ مُسْلمٍ هو الطَّائِفِيُّ، عن عَمْرِو بن دِينارٍ، عن عِكْرمَةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أنّهُ جَعلَ الدِّيةَ اثْنَي عَشرَ ألْفًا
(2)
.
1446 -
حَدَّثَنا سَعيدُ بن عَبد الرحمنِ المَخْزُومِيُّ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن عَمْرِو بن دِينارٍ، عن عِكْرمَةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَحْوهُ. ولم يَذْكُرْ فيهِ: عن ابن عَبَّاسٍ، وفي حديثِ ابن عُيينةَ كَلامٌ أكْثرُ من هذا
(3)
.
ولا نَعْلمُ أحدًا يَذْكُرُ في هذا الحديثِ: عن ابن عَبَّاسٍ غَيْرَ
(1)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (4506)، وابن ماجه (2626)، وهو في "المسند"(6717).
(2)
محمد بن مسلم الطائفي فيه كلام، وقد انفرد بوصل هذا الحديث، ورواه من هو أوثق منه، فأرسلوه، كما سيأتي في الرواية التالية.
وأخرجه الدارمي (2363)، وأبو داود (4546)، وابن ماجه (2629) و (2632)، والنسائي 8/ 44.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة 9/ 126 عن سفيان بن عيينة، به مرسلًا، ولفظه: قضى النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار قتله مولى بني عدي بالدية اثني عشر ألفًا، وفيهم نزلت:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 74].
محمدِ بن مُسْلمٍ.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ أحمدَ وإسحاقَ.
ورأى بَعْضُ أهْلِ العلمِ الدِّيةَ عَشْرةَ آلافٍ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيَّ، وأهْلِ الكُوفَةِ.
وقال الشَّافِعِيُّ: لا أعْرِفُ الدِّيةَ إلا من الإبِلِ وهِي مِئةٌ من الإبِلِ.
3 - باب ما جاء في المُوضِحة
1447 -
حَدَّثَنا حُمَيْدُ بن مَسْعدَةَ، قال: حدثنا يَزِيدُ بن زُرَيْعٍ، قال: حدثنا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، عن عَمْرو بن شُعَيْبٍ، عن أبيه
عن جَدِّهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "في المَواضِحِ خَمْسٌ خَمْسٌ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ سُفيان الثَّوْرِيَّ، والشَّافِعِيَّ، وأحمدَ، وإسحاقَ: أنَّ في المُوضِحَةِ خَمْسًا من الإبِلِ.
4 - باب ما جاء في دِيَةِ الأصَابعِ
1448 -
حَدَّثَنا أبو عَمَّارٍ، قال: حَدَّثنا الفَضْلُ بن موسى، عن الحُسَيْنِ
(1)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (4566)، وابن ماجه (2655)، والنسائي 8/ 57، وهو في "المسند"(6681).
ابن وَاقدٍ، عن يَزِيدَ النَّحْوِيَّ، عن عِكْرمَةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "دِيةُ أصابعِ اليَدَيْنِ والرِّجْليْنِ سَواءٌ: عَشرة من الإبلِ لِكُلِّ أُصْبُعٍ"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي موسى، وعَبدِ اللهِ بن عَمْرو.
حديثُ ابن عَبَّاسٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ، وبهِ يقولُ سُفيانُ، والشَّافِعِيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ.
1449 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّار، قال: حَدَّثَنا يحيى بن سَعيدٍ ومحمدُ بن جَعْفَرٍ، قالا: حَدَّثَنا شُعبةُ، عن قَتادة، عن عِكْرمةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"هذه وهذه سَواءٌ" يَعْني الخِنْصَرَ والإبْهامَ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
5 - باب ما جاء في العَفْوِ
1450 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن محمدٍ، قال: أخبرنا عَبدُ اللهِ بن المُبارَكِ، قال: حَدَّثَنا يُونُسُ بن أبي إسحاقَ، قال:
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4561)، وابن حبان (6012).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6895) أبو داود (4558) و (4559)، وابن ماجه (2652) و (2653)، والنسائي 8/ 56 و 57، وهو في "المسند"(1999)، و"صحيح ابن حبان"(6015).
حَدَّثَنا أبو السَّفَرِ، قال: دَقَّ رَجُلٌ من قُرَيْشٍ سِنَّ رَجُلٍ من الأنْصارِ، فَاسْتَعدى عَليهِ مُعاويةَ، فقال لِمُعاويةَ: يا أميرَ المُؤْمِنينَ إنَّ هذا دَقَّ سِنِّي. فقال مُعاويةُ: إنَّا سَنُرْضِيكَ، وألحَّ الآخَرُ على مُعاويةَ فَأبرمَهُ
(1)
، فقال لهُ مُعاويةُ: شَأْنَكَ بصَاحِبكَ، وأبو الدَّرداءِ جالِسٌ عِنْدهُ، فقال أبو الدَّرْداءِ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ما من رَجُل يُصابُ بشَيْءٍ في جَسدِهِ، فَيتَصدَّقُ بهِ إلَّا رَفعهُ اللهُ بهِ دَرجةً، وَحطَّ عَنْهُ بهِ خَطِيئَةً". فقال الأنْصارِيُّ: أنْتَ سَمِعْتَهُ من رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: سَمِعتْهُ أُذُنايَ وَوَعاهُ قَلْبي. قال: فَإنِّي أذَرُها لهُ. قال مُعاويةُ: لا جَرمَ لا أُخيَّبُكَ، فأمَرَ لهُ بمالٍ
(2)
.
هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا مِن هذا الوَجْهِ، ولا أعْرِفُ لأبي السَّفَرِ سَماعًا من أبي الدَّرْداءِ.
(1)
في المطبوع زيادة: فلم يرضِه.
(2)
صحيح بطريقيه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه، أبو السفر لا يُعرف له سماع من أبي الدرداء.
وأخرجه ابن ماجه (2693)، والبيهقي 8/ 55، وهو في "المسند"(27534).
وأخرجه بنحوه بن أبي عاصم في "الديات" ص 57 - 58، والطبري في "تفسيره"(12100)، وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 3/ 117 من طريق عمران بن ظبيان، عن عدي بن ثابت، عن رجل من الأنصَار. وجاء عند ابن أبي عاصم آخر الحديث: قال: يقولون: إن الرجل هو أبو الدرداء. قلنا: وعمران بن ظبيان يحسن حديثه في الشواهد والمتابعات، وقد توبع.
وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند أحمد (22701). وانظر تتمة شواهده هناك.
وأبو السَّفَرِ اسْمهُ: سَعيدُ بن أحمدَ - ويُقالُ: ابن يُحْمِد - الثَّوْرِيُّ.
6 - باب ما جاء فِيمَنْ رُضِخَ رَأْسهُ بِصَخْرةٍ
1451 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا يَزِيدُ بن هارُونَ، قال: أخبرنا هَمَّامٌ، عن قَتادةَ
عن أنَس، قال: خَرجَتْ جاريةٌ عَليْها أوْضاحٌ، فأخَذَها يَهُوديٌّ فَرضَخَ رَأْسَها، وَأخذَ ما عَليهَا من الحُلِيِّ، قال: فَأُدْرِكَتْ وَبِها رَمَقٌ، فَأُتِي بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"من قَتلكِ أفُلانٌ؟ " فقالت بِرَأسِها: لا، قال:"فَفُلانٌ؟ "، حتَّى سَمَّى اليَهوديَّ، فقالت بِرَأْسِها: نَعمْ، قال: فأُخِذَ فاعْتَرفَ، فَأمرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَرُضِخَ رأسُهُ بَيْنَ حجرَيْنِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ: لا قَوَدَ إلا بالسَّيْفِ.
7 - باب ما جاء في تَشْدِيدِ قَتْلِ المؤْمِنِ
1452 -
حَدَّثَنا أبو سَلمةَ يحيى بن خَلفٍ ومحمدُ بن عَبد اللهِ بن بَزيعٍ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2413)، ومسلم (1672)، وأبو داود (4527) و (4528) و (4535)، وابن ماجه (2665) و (2666)، والنسائي 7/ 100 و 101 و 8/ 22 وهو في "المسند"(12667)، و"صحيح ابن حبان"(5991).
قالا: حَدَّثَنا ابن أبي عَدِيٍّ، عن شُعبةَ، عن يَعْلى بن عَطاءٍ، عن أبيهِ
عن عَبد اللهِ بن عَمْرو، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَزوالُ الدُّنْيا أهْونُ على اللهِ من قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلمٍ"
(1)
.
1453 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن جَعْفر، قال: حدَّثَنا شُعبةُ، عن يَعْلى بن عَطاءٍ، عن أبيهِ، عن عَبدِ اللهِ بن عَمْرٍو نحْوهُ، ولم يَرْفعهُ
(2)
.
وهذا أصَحُّ من حديثِ ابنِ أبي عَدِيًّ.
وفي البابِ عن سَعْدٍ، وابن عَبَّاسٍ، وأبي سَعيدٍ، وأبي هُريرةَ، وعُقْبةَ بن عَامرٍ، وبُريْدةَ.
حديثُ عَبد اللهِ بن عَمْرو هكذا رَواهُ ابن أبي عَدِيًّ، عن شُعبةَ،
(1)
حديث محتمل للتحسين، وهذا إسناد ضعيف، عطاء العامري والد يعلى مجهول، والصحيح وقفه كما قال البخاري فيما نقله عنه المصنف في "علله الكبير" 2/ 579، وأخرجه النسائي 7/ 82.
وله شاهد من حديث بريدة عند النسائي 7/ 83، وفيه ضعف.
وَآخر من حديث البراء عند ابن ماجه (2619) وفيه ضعف أيضًا. وقد جاء في المطبوع من "الترغيب والترهيب" 3/ 293 بتحقيق مصطفى عمارة. رواه مسلم، وهو خطأ من الناسخ، فالحديث لم يخرجه مسلم أصلًا، وقال الناجي في "العجالة": هذه اللفظة مقحمة بلا تردد، يتعين حذفها، فليس الحديث في مسلم بلا خلاف، وقال صاحب "المداوي" الخطأ من كاتب النسخة، وليس من المنذري، فإنه لو كان الحديث في مسلم لما تصور أن يقول عقبه: مرفوعًا وموقوفًا، فإن مسلمًا لا يخرج الموقوف لا سيما وقد حكى أن الترمذي رجح الموقوف.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه، وأخرجه النسائي 7/ 82 - 83.
عن يَعْلى بن عَطاءٍ
(1)
، عن أبيهِ، عن عبد اللهِ بن عَمْرٍو، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
ورَواه محمدُ بن جَعْفرٍ وغَيْرُ وَاحدٍ، عن شُعبةَ، عن يَعْلى بن عَطاءٍ، فلم يَرْفعهُ، وهكذا رَوَى سُفيانُ الثَّوْرِيُّ، عن يَعْلى بن عَطاءٍ مَوْقُوفًا، وهذا أصَحُّ من الحديثِ المَرْفُوعِ.
8 - باب الحُكْمِ في الدِّماءِ
(2)
1454 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حَدَّثَنا وَهْبُ بن جَريرٍ، قال: حَدَّثَنا شُعبةُ، عن الأعْمَشِ، عن أبي وائِلٍ
عن عَبدِ اللهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أوَّلَ ما يُحْكَمُ بَيْنَ العِبادِ في الدِّماءِ"
(3)
.
1455 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، قال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن الأعْمَشِ، عن أبي وَائِلٍ
عن عَبد اللهِ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أوَّلَ ما يُقْضى بَيْنَ العِبادِ في الدِّماءِ"
(4)
.
(1)
في الأصول: عن يعلى بن عطاء فلم يرفعوه، والمثبت من نسخة شرح العراقي والمطبوع.
(2)
هذا العنوان أثبتناه من شرح المباركفوري، ولم يرد في سائر النسخ.
(3)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (6533)، ومسلم (1678)، وابن ماجه (2615) و (2617)، والنسائي 7/ 83 و 84، وهو في "المسند"(3674)، و"صحيح ابن حبان"(7344).
(4)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
حديثُ عَبدِ اللهِ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وهكذا رَوَى غَيرُ وَاحدٍ عن الأعْمَشِ مَرْفوعًا، ورَوَى بَعْضُهم عن الأعْمَشِ ولم يَرْفعُوهُ
(1)
.
1456 -
حَدَّثَنا الحُسيْنُ بن حُريْثٍ، قال: حَدَّثَنا الفَضْلُ بن موسى، عن الحُسَينِ بن وَاقدٍ، عن يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، قال: حَدَّثَنا أبو الحَكم البَجليُّ، قال:
سَمِعْتُ أبا سَعيدٍ الخُدْرِيَّ وأبا هُريرةَ يَذْكُرانِ عن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَو أنَّ أهْلَ السَّماءِ وأهل الأرْضِ اشْتَركُوا في دَمِ مُؤْمِن، لأكَبَّهُمُ اللهُ في النَّارِ"
(2)
.
هذا حديثٌ غريبٌ.
وأبو الحَكمِ البَجَليُّ هو: عَبد الرحمنِ بن أبي نُعْمٍ
(3)
.
(1)
أخرجه عبد الرزاق (19717)، والنسائي 7/ 83 و 84، من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله موقوفًا، قال الدارقطني في "العلل" 5/ 91: حديثُ أبي وائل، عن عبد الله صحيحٌ، ويُشبه أن يكون الأعمش كان يرفعُه مرة ويقفُه أخرى.
وأخرجه النسائي 7/ 83 - 84 من طريق أبي وائل شقيق، عن عمرو بن شُرَحْبِيل، عن عبد الله موقوفًا.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف يزيد الرقاشي.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1443) من حديث أبي هريرة وحده.
وأخرجه الحاكم 4/ 352 من حديث أبي سعيد وحده، وكلا الإسنادين ضعيف.
وله شاهد عند الطبراني في "الصغير"(565) من حديث أبي بكرة، وسنده ضعيف. وآخر عند البيهقي 8/ 22 من حديث ابن عباس، وسنده ضعيف.
(3)
من قوله: وأبو الحكم إلى هنا: أثبتناه من نسخة بهامش (أ).
9 - باب ما جاء في الرَّجُلِ يَقْتلُ ابْنَهُ يُقادُ مِنْهُ أمْ لا؟
1457 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا إسماعيلُ بن عَيَّاشٍ، قال: حَدَّثَنا المُثنَّى بن الصَّبَّاحِ، عن عَمرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ
عن سُراقَةَ بن مالكٍ، قال: حَضرْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقِيدُ الأبَ من ابْنهِ، ولا يُقِيدُ الابْنَ من أبيهِ
(1)
.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفهُ من حديثِ سُراقةَ إلَّا من هذا الوَجْهِ، ولَيسَ إسْنادُهُ بصَحيحٍ، رَواهُ إسماعيلُ بن عَيَّاشٍ، عن المُثنَّى بن الصَّبَّاحِ، والمُثنَّى بن الصَّبَّاح يُضَعَّفُ في الحديث.
وقد رَوَى هذا الحديثَ أبو خالدٍ الأحْمَرُ، عن الحَجَّاجِ بن أرْطاةَ، عن عَمْرِو بن شُعَيْب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ، عن عُمرَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(2)
. وقد رُوِي هذا الحديثُ عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ مُرْسلًا. وهذا حديث فيهِ اضْطرَابٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ أنَّ الأبَ إذا قَتلَ ابْنهُ لا يُقتلُ بهِ، وإذا قَذفَه لا يُحَدُّ.
1458 -
حَدَّثَنا أبو سَعيدٍ الأشَجُّ، قال: حَدَّثَنا أبو خالدٍ الأحْمَرُ، عن حَجَّاجِ بن أرْطاةَ، عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف المثنى بن الصباح أخرجه "المصنف" في "العلل" 2/ 581، والدارقطني 3/ 142.
قوله: "يقيد" من الإقادة: وهي القصاص وقتل القاتل بدل القتيل.
(2)
هو الحديث التالي.
عن عُمرَ بن الخَطَّاب، قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لا يُقادُ الوَالدُ بالوَلَدِ"
(1)
.
1459 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا ابن أبي عَدِيٍّ، عن إسماعيلَ بن مُسْلمٍ، عن عَمْرِو بن دِينارٍ، عن طَاوُوسٍ
عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تُقامُ الحُدُودُ في المَساجِدِ، وَلا يُقْتلُ الوَالدُ بالوَلَدِ"
(2)
.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفهُ بهذا الإسْنادِ مَرْفُوعًا إلَّا من حديثِ إسماعيلَ بن مُسْلمٍ، وإسماعيلُ بن مسْلمٍ المَكِّيُّ قد تكلّمَ فيهِ بَعْضُ أهْلِ العلمِ من قِبَلِ حِفْظهِ.
(1)
حديث حسن، حجاج بن أرطاة قد توبع.
وأخرجه ابن ماجه (2662) من طريق حجاج بن أرطاة، بهذا الإسناد، وهو في "المسند"(98).
وأخرجه ابن الجارود (788)، والدارقطني 3/ 140 - 141، والبيهقي 8/ 38 من طريق محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب، به. وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (15790): وهذا إسناد صحيح!
(2)
حديث حسن.
وأخرجه ابن ماجه (2599) و (2661) من طريق إسماعيل بن مسلم، به.
وأخرجه الدارقطني 3/ 142، والبيهقي 8/ 39 من طريق أبي حفص عمر بن عامر السَّعْدي، عن عبيد الله بن الحسن العنبري، والدارقطني 3/ 142 من طريق سعيد بن بَشير، عن قتادة، كلاهما (عبيد الله وقتادة) عن عمرو بن دينار، به. وهذه الطرق وإن كانت لا تخلو من ضعف - يُحسَّن الحديث بها، وبشاهدها السالف عن عمر بن الخطاب.
10 - باب ما جاء لا يَحِلُّ دمُ امْرِئٍ مُسْلمٍ إلَّا بإحْدَى ثَلاثٍ
1460 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن الأعْمَشِ، عن عَبد اللهِ بن مُرَّةَ، عن مَسْرُوقٍ
عن عَبد الله بن مَسْعُودٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلمٍ يَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنِّي رَسولُ اللهِ إلّا بإحْدى ثَلاثٍ: الثَّيَّبُ الزَّانِي، والنَّفْسُ بالنَّفْسِ، والتَّارِكُ لِدِينهِ المُفارِقُ لِلْجَماعَةِ"
(1)
.
وفي البابِ عن عُثمانَ، وعائشةَ، وابن عَبَّاسٍ.
حديثُ ابن مَسْعُودٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
11 - باب ما جاء فِيمَنْ يَقْتُلُ نَفْسًا مُعاهِدًا
1461 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا مَعْدِيُّ بن سُلَيْمانَ، عن ابن عَجْلانَ، عن أبيه
عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: "ألا من قَتلَ نَفْسًا مُعاهَدةً لهُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسولهِ، فقد أخْفرَ بِذِمَّةِ اللهِ، فَلا يَرَحْ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6878)، ومسلم (1676)، وأبو داود (4352)، وابن ماجه (2534)، والنسائي 7/ 90 - 91 و 8/ 13، وهو في "المسند"(3621)، و"صحيح ابن حبان"(4407).
رَائِحةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رِيحَهَا لتوجَدُ من مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي بَكْرةَ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُويَ من غَيْر وَجْهٍ عن أبي هُريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
12 - باب
1462 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، قال: حَدَّثَنا يحيى بن آدَمَ، عن أبي بكْرِ بن عَيَّاشٍ، عن أبي سَعْدٍ، عن عِكْرمَةَ
عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ودَى العَامِريَّيْنِ بِدِيَةِ المُسْلِمينَ،
(1)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف معدي بن سليمان. وأخرجه ابن ماجه (2687)، وأبو يعلى (6452)، والحاكم 2/ 127.
وانظر شواهده في "المسند" عند حديث عبد الله بن عمرو (6745)، وهو في "صحيح البخاري"(3166).
وقوله معاهدة: المراد به من له عهد مع المسلمين سواء كان بعقد جزية أو هدنة من سلطان، أو أمان من مسلم.
وقوله: "فلا يَرَح" كذا في الأصول، وعند غير المصنف "لم يرح"، قال الحافظ العراقي في شرحه 5/ الورقة 151: هكذا في الرواية على النهي، ومعناه الخبر، أي لم يجد ريحها. وقال في "النهاية": يقال: راحَ يَرِيحُ، وراح يَرَاحُ، وأراحَ يُريحُ: إذا وجد رائحة الشيء، والثلاثة قد روي بها الحديث.
وقال الحافظ في "الفتح" 12/ 259: والمراد بهذا النفي - وإن كان عامًا - التخصيص بزمانٍ ما لِمَا تعاضدت الأدلة العقلية والنقلية أن من مات مسلمًا، ولو كان من أهل الكبائر، فهو محكوم بإسلامه غير مخلد في النار، ومآله إلى الجنة، ولو عذب قبل ذلك.
وكانَ لَهُمَا عَهْدٌ من رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من هذا الوَجْهِ.
وأبو سَعْدٍ البَقَّالُ اسْمهُ: سَعيدُ بن المَرْزُبانِ.
13 - باب ما جاء في حُكْمِ وليِّ القَتيلِ في القِصَاصِ والعَفْوِ
1463 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيلانَ ويحيى بن موسى، قالا: حَدَّثَنا الوَلِيدُ بن مُسْلمٍ، قال: حَدَّثَنا الأوْزَاعِيُّ، قال: حَدَّثَنا يحيى بن أبي كَثِيرٍ، قال: حَدَّثَني أبو سَلمةَ، قال:
حَدَّثَني أبو هُريرةَ، قال: لمَّا فَتحَ اللهُ على رَسولهِ مَكَّةَ، قامَ في النَّاسِ، فَحمِدَ الله، وَأثنَى عَليْهِ، ثُمَّ قال:"ومن قُتِلَ لهُ قَتِيلٌ، فهو بِخَيْرِ النَّظَرَينِ، إمَا أنْ يَعْفُوَ، وَإمَّا أن يَقْتُلَ"
(2)
.
وفي البابِ عن وَائِلِ بن حُجْرٍ، وأنَسٍ، وأبي شُرَيْحٍ خُوَيْلدِ بن عَمْرٍو.
1464 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا يحيى بنُ سَعيدٍ، قال
(1)
إسناده ضعيف، لضعف أبي سعد سعيد بن المرزبان.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 1221.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (112)، ومسلم (1355)، وأبو داود (4505)، وابن ماجه (2624)، والنسائي 8/ 38، وهو في "المسند"(7242)، و"صحيح ابن حبان"(3715).
حَدَّثَنا ابنُ أبي ذِئْبٍ، قال: حَدَّثَنِي سَعيدُ بن أبي سَعيدٍ المَقْبُرِيُّ
عن أبي شُرَيْحٍ الكَعْبيِّ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ حَرَّمَ مكَّةَ ولم يُحَرِّمْها النّاسُ، من كَانَ يؤْمِنُ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ، فَلا يَسْفِكَنَّ فِيها دَمًا ولا يَعْضِدَنَّ فِيها شَجرًا، فإن تَرخَّصَ مُتَرخِّصٌ، فقال: أُحِلَّتْ لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فإنّ اللهَ أحَلَّها لِي ولم يُحِلَّها لِلنَّاسِ، وإنَّما أُحِلَّتْ لي سَاعةً من نَهارٍ، ثُمَّ هِي حَرامٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، ثُمَّ إنَّكُمْ مَعْشرَ خزاعةَ قَتلْتُمْ هذا الرَّجلَ من هُذَيْلٍ، وَإنِّي عَاقِلُهُ فَمن قُتِلَ لَهُ قتِيلٌ بَعْدَ اليَوْمِ، فأهْلهُ بَينَ خِيرَتَيْنِ: إمَّا أنْ يقْتُلُوا، أوْ يأخُذُوا العَقْلَ"
(1)
.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
ورَواهُ شَيْبانُ أيْضًا عن يحيى بن أبي كَثيرٍ مِثْلَ هذا. ورُوِي عن أبي شُرَيْحٍ الخُزاعيِّ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من قُتِلَ لهُ قَتِيلٌ، فَلهُ أنْ يقْتُلَ أوْ يَعْفُوَ أوْ يأخُذَ الدِّيةَ".
وَذَهبَ إلى هذا بَعْضُ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
1465 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن الأعْمَشِ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: قُتِلَ رَجُلٌ في عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدُفعَ القاتِلُ إلى وَليِّهِ، فقال القاتِلُ: يا رَسولَ اللهِ، واللهِ ما أرَدْتُ قَتْلَهُ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أما إنَّهُ إنْ كانَ صَادِقًا، فَقَتلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ".
(1)
حديث صحيح، وسلف تخريجه برقم (820).
فخلَّاه الرَّجُلُ، وَكانَ مكْتُوفًا بِنِسْعَةٍ، قال: فَخرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتهُ، فكانَ يسَمَّى ذا النِّسْعَةِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(2)
.
14 - باب ما جاء في النَّهْي عن المُثْلةِ
1466 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن عَلْقمةَ بن مَرْثَدٍ، عن سُليمانَ بن بُرَيْدةَ
عن أبيهِ، قال: كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا بَعثَ أمِيرًا على جَيْشٍ، أوْصاهُ في خاصَّة نَفْسهِ بِتَقْوى اللهِ ومن مَعهُ من المُسْلِمينَ خَيْرًا، فقال:"اغْزوا باسْمِ اللهِ وفي سَبيلِ اللهِ، قاتِلوا من كفَرَ باللهِ، اغْزُوا ولا تَغُلُّوا ولا تَغْدِرُوا ولا تُمَثِّلوا، ولا تَقْتُلُوا وَلِيدًا"، وفي الحديثِ قِصَّة
(3)
.
وفي البابِ عن ابن مَسْعُودٍ، وشَدَّادِ بن أوْسٍ، وعمران بنِ حُصين، وأنسٍ
(4)
، وسَمُرة، والمُغِيرةِ، ويَعْلى بن مُرَّةَ، وأبي
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4498)، وابن ماجه (2690)، والنسائي 8/ 13، والطحاوي في "شرح المشكل"(944).
(2)
زاد في المطبوع: والنسعة الحبل.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1731)، وأبو داود (2612) و (2613)، وابن ماجه (2858)، والنسائي في "الكبرى"(8765)، وهو في "المسند"(22978)، و"صحيح ابن حبان"(4739).
وسيأتي برقم (1709).
(4)
قوله: وعمران بن حصين وأنس، أثبتناه من نسخة الحافظ العراقي =
أيُّوبَ.
حديثُ بُريْدةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وكَرِهَ أهْلُ العلمِ المُثْلةَ.
1467 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، قال: أخبرنا خَالدٌ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي الأشْعَثِ الصَّنعانيِّ
عن شَدَّادِ بن أوْس، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ اللهَ كَتبَ الإحْسانَ على كُلِّ شَيْءٍ، فإذا قَتلْتُمْ، فَأحْسِنُوا القِتلةَ، وإذا ذَبَحْتُمْ، فَأحْسِنُوا الذِّبْحةَ، وَلْيُحِدَّ أحدُكمْ شَفْرتَهُ، وَليُرِحْ ذَبِيحَتَهُ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو الأشْعَثِ اسْمهُ: شَرَاحِيل بن آدَه.
15 - باب ما جاء في دِيَةِ الجنين
1468 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنا وَهْبُ بن جَريرٍ، قال: حَدَّثَنا شُعبةُ، عن مَنْصُورٍ، عن إبراهيمَ، عن عُبَيْدِ بن نَضْلةَ
عن المُغِيرةِ بن شُعبةَ: أنَّ امْرأتَيْنِ كانتا ضَرَّتَيْنِ، فَرمَتْ
= والمطبوع، ولم يرد في شيء من أصولنا، وقد ألمح الحافظُ العراقيُّ في "شرحه" 5/ ورقة 251 إلى أن ذكرَ عمرانَ بنِ حُصين وأنس بن ثابت في بعض نسخ الترمذي دون بعضها.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1955)، وأبو داود (2815)، وابن ماجه (3170)، والنسائي 7/ 227 و 229 و 230، وهو في "المسند"(17113)، و"صحيح ابن حبان"(5883).
إحْداهُما الأخْرَى بِحَجَرٍ أوْ عَمُودِ فُسْطاطٍ، فَألْقَتْ جَنِينَهَا، فقَضَى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الجَنِينِ غُرَّةً: عَبْدًا أوْ أمَة، وجَعله على عَصَبةِ المَرْأةِ.
قال الحَسنُ: وحدثنا زَيْدُ بن الحُبَاب، عن سُفيانَ، عن مَنْصُورٍ بهذا الحديث
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1469 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن سَعيدٍ الكِنْديُّ، قال: حَدَّثَنا ابنُ أبي زَائِدةَ، عن محمدِ بن عَمْرٍو، عن أبي سَلمةَ
عن أبي هُريرةَ، قال: قَضى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الجَنِينِ بغُرَّةٍ: عَبْدٍ أوْ أمةٍ، فقال الَّذِي قُضِي عَليهِ: أنُعْطي من لا شَرِبَ ولا أَكَلَ، ولا صَاحَ فاسْتَهلَّ، فَمِثْلُ ذلك بَطَلَ
(2)
. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ هذا لَيَقولُ بقَوْلِ الشاعرِ، بَلى فيهِ غُرَّةٌ: عَبْدٌ أوْ أمَةٌ"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1682)، وأبو داود (4568) و (4569)، وابن ماجه (2633)، والنسائي 8/ 49 و 50 و 51، وهو في "المسند"(18138)، و"صحيح ابن حبان"(6016).
(2)
في نسخة بهامش (ب): يُطلّ، قال القسطلاني في "إرشاد الساري" 8/ 399: بطل بموحدة وطاء مهملة مفتوحتين وتخفيف اللام: من البطلان، ولابن عساكر وأبي ذر عن الحمويي والمستملي: يطل بتحتية بدل الموحدة وتشديد اللام، أي: يُهدر.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5758)، ومسلم (1681)، وأبو داود (4576) و (4579) وابن ماجه (2639)، والنسائي 8/ 48 و 49، وهو في =
وفي البابِ عن حَمَلِ بن مالكِ بن النَّابِغَةِ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ، وقال بَعْضُهمْ: الغُرَّةُ: عَبْدٌ أو أمَةٌ أوْ خَمْسُ مِئةِ دِرْهَمٍ، وقال بَعْضُهمْ: أوْ فَرسٌ أوْ بَغْلٌ.
16 - باب ما جاء لا يُقْتلُ مُسْلمٌ بكافرٍ
1470 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، قال: أخبرنا مُطَرِّفٌ، عن الشَّعْبيِّ، قال: أخبرنا أبو جُحَيْفةَ، قال:
قُلْتُ لِعَليٍّ: يا أمِيرَ المُؤْمِنينَ هَلْ عِنْدكُمْ سَوْداءُ في بَيضاءَ لَيْسَ في كِتابِ اللهِ؟ قال: لا، والَّذِي فَلقَ الحَبَّةَ، وَبَرأ النَّسَمَةَ ما عَلمْتُه إلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللهُ رَجُلًا في القُرْآنِ وَما في الصَّحيفة، قال: قُلْتُ: وَما في الصَّحِيفَةِ؟ قال: فيها العَقْلُ، وفِكاكُ الأسِيرِ، وأنْ لا يُقْتلَ مُؤْمِنٌ بكافِرٍ
(1)
.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو.
حديثُ عَليٍّ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيَّ، ومالكِ بن أنَسٍ، والشَّافِعِيَّ، وأحمدَ، وإسحاقَ، قالُوا: لا
= "المسند"(7217) و"صحيح ابن حبان"(6022).
تنبيه: جاء هذا الحديث في المطبوع أول حديث الباب.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (111)، وابن ماجه (2658)، وأبو داود (5430) والنسائي 8/ 19 و 20 و 23 و 24، وهو في "المسند"(599).
يُقْتلُ مُؤْمِنٌ بكافِرٍ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ: يُقْتلُ المُسْلمُ بالمُعَاهِدِ، والقَوْلُ الأوَّلُ أصَحُّ
(1)
.
1471 -
حَدَّثَنا عيسى بن أحمدَ، قال: حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، عن أُسامةَ بن زَيْدٍ، عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يُقْتلُ مُسْلمٌ بكافرٍ"
(2)
.
1472 -
وبهذا الإسْنادِ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
"دِيةُ عَقْلِ الكافِرِ نِصْفُ عَقْلِ المُؤْمِنِ"
(3)
.
حديثُ عَبد اللهِ بن عَمْرٍو في هذا البابِ حديثٌ حَسَنٌ.
وَاخْتلفَ أهْلُ العلمِ في دِيةِ اليَهُودِيِّ والنَّصْرانِيَّ، فَذهَبَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ إلى ما رُوي عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وقال عُمرُ بن عَبدِ العَزِيزِ: دِيةُ اليَهُودِيَّ والنَّصْرانيَّ نِصْفُ دِيةِ المُسْلمِ، وبهذا يقولُ أحمدُ بن حَنْبلٍ.
وَرُوي عن عُمرَ بن الخَطَّابِ أنّهُ قال: دِيةُ اليَهُودِيَّ والنَّصْرانِيَّ
(1)
في المطبوع بعد هذا: باب ما جاء في دية الكفار، ولم ترد في أصولنا الخطية.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، وأخرجه أبو داود (2751) و (4506)، وابن ماجه (2659)، وهو في "المسند"(6662)، وانظر ما قبله.
(3)
إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (4583)، والنسائي 8/ 45، وابن ماجه (2644)، وهو في "المسند"(6692).
أرْبعةُ آلافٍ
(1)
، وَدِيةُ المَجُوسِيِّ ثَمانُ مِئَةٍ
(2)
، وبهذا يَقولُ مَالكُ والشَّافِعِيُّ، وَإسحاقُ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ: دِيةُ اليَهُودِيِّ والنَّصْرانيِّ مِثْلُ دِيةِ المُسْلمِ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، وَأهْلِ الكُوفَةِ.
17 - باب ما جاء في الرَّجُلِ يَقْتلُ عَبْدَه
1473 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَوانةَ، عن قَتادةَ، عن الحَسنِ
عن سَمُرَةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَتلَ عَبْدهُ قَتلناهُ، ومن جَدعَ عَبْدهُ جَدَعْناهُ"
(3)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
وقد ذَهبَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ من التَّابِعينَ، مِنْهُمْ إبراهيمُ النَّخَعيُّ إلى هذا.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ مِنْهُمُ الحَسنُ البَصْرِيُّ، وعَطاءُ بن أبي
(1)
في المطبوع زيادة: درهم، ولم ترد في أصولنا الخطية.
(2)
في المطبوع زيادة: درهم، ولم ترد في أصولنا الخطية.
(3)
رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا أن الحسن لم يسمع من سمرة، وقال الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 588: سألت محمدًا (يعني البخاري) عن هذا الحديث، فقال: كان علي بن المديني يقول بهذا الحديث، قال محمد: وأنا أذهبُ إليه.
وأخرجه أبو داود (4515) و (4516) و (4517)، وابن ماجه (2663)، والنسائي 8/ 20 و 21 و 26، وهو في "المسند"(20104).
رَباحٍ: لَيْسَ بَيْنَ الحُرِّ والعَبْدِ قِصاصٌ في النَّفْسِ ولا فِيما دُونَ النَّفْسِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وَإسحاقَ.
وقال بَعْضُهم: إذا قَتلَ عَبْدهُ لا يُقْتلُ بهِ، وإذا قَتلَ عَبْدَ غَيْرِهِ قُتِلَ به وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ
(1)
.
18 - باب ما جاء في المَرْأةِ تَرِثُ من دِيةِ زَوْجِها
1474 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ وأبو عَمَّارٍ وغَيْرُ واحدٍ، قالُوا: حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَعيدِ بن المُسَيّبِ
أنَّ عُمرَ كانَ يقولُ: الدِّيةُ على العاقِلةِ، ولا تَرِثُ المَرْأةُ من دِيةِ زَوْجِها شَيْئًا حتَّى أخْبرَهُ الضَّحَّاكُ بن سُفيانَ الكِلابيُّ أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتبَ إليهِ: أنْ وَرِّثِ امْرأةَ أَشْيَمَ الضَّبابيِّ من دِيةِ زَوْجِها
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ.
(1)
زاد في المطبوع: وأهل الكوفة.
(2)
حديث صحيح، ورواية سعيد بن المسيب عن عمر محمولة على الاتصال، قال أحمد بن حنبل فيما أسنده عنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 61: سعيد عن عمر، عندنا حجةٌ، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يُقبل سعيدٌ، عن عمر فمن يقَبل؟! وقال أبو حاتم فيما حكاه عنه ابنه في "المراسيل" ص 71: سعيد بن المسيب، عن عمر مرسل، يدخل في المسند على المجاز.
وأخرجه أبو داود (2927)، وابن ماجه (2642)، والنسائي في "الكبرى"(6363) - (6366)، وهو في "المسند"(15745).
وسيأتي برقم (2243).
19 - باب ما جاء في القِصاصِ
1475 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن خَشْرَمٍ، قال: حَدَّثَنا عيسى بن يُونسَ، عن شُعبةَ، عن قَتادةَ، قال: سَمِعتُ زُرَارةَ بن أوْفَى يُحَدِّثُ
عن عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ، أنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَنزَعَ يَدهُ فَوقَعتْ ثَنِيَّتاهُ، فاخْتَصمُوا إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"يَعَضُّ أحَدُكُمْ أخاهُ كما يَعَضُّ الفَحْلُ، لا دِيةَ لكَ"، فأنْزلَ اللهُ:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]
(1)
.
وفي البابِ عن يَعْلى بن أُمَيَّةَ، وسَلمةَ بن أُميَّةَ وهُما أخَوانِ.
حديثُ عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
20 - باب ما جاء في الحَبْسِ في التُّهْمَةِ
1476 -
حَدَّثَنا عليُّ بن سَعيدٍ الكِنْديُّ، قال: حَدَّثَنا ابن المُباركِ، عن مَعْمر، عن بَهْزِ بن حَكيمٍ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَبسَ رَجُلًا في تُهْمَةٍ، ثُمَّ خَلَّى عَنْه
(2)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (6892)، ومسلم (1673)، وابن ماجه (2657)، والنسائي 8/ 28 و 29، وهو في "المسند"(19829)، و"صحيح ابن حبان"(5998).
(2)
إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (3630) و (3631)، والنسائي 8/ 66 و 67، وهو في "المسند"(20019).
حديثُ بَهْزٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ حديثٌ حَسَنٌ.
وقد رَوَى إسماعيلُ بن إبراهيمَ
(1)
عن بَهْزِ بن حَكيمٍ هذا الحديثَ أتمَّ من هذا وأطْولَ.
21 - باب ما جاء مَن قُتِلَ دُونَ مالهِ فَهُو شَهيدٌ
1477 -
حدَّثَنا سَلمة بن شَبِيبٍ وحَاتِمُ بن سِيَاهٍ المَرْوَزِيُّ وغَيرُ وَاحدٍ، قالُوا: حَدَّثَنا عَبدُ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمرٍ، عن الزُّهْرِيَّ، عن طَلْحةَ بن عَبد اللهِ بن عَوْفٍ، عن عَبد الرحمنِ بن عَمْرو بن سَهْل
عن سَعيدِ بن زَيْدِ بن عَمْرو بن نُفَيْلٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من قُتِلَ دُونَ مَالهِ فَهو شَهيدٌ"
(2)
.
(1)
هو ابن علية، وروايته عند أحمد برقم (20017).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2580)، وأبو داود (4772)، والنسائي 7/ 115 و 116، وهو في "المسند"(1628)، و"صحيح ابن حبان"(3194).
وانظر الحديث الآتي برقم (1481).
تنبيه: جاء بإثر هذا الحديث في المطبوع ما نصه: وزاد حاتم بن سياه المروزي في هذا الحديث قال معمر: بلغني عن الزهري ولم أسمع منه زاد في هذا الحديث: "من قتل دون ماله فهو شهيد" وهكذا روى شعيب بن أبي حمزة هذا الحديث عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل، عن سعيد بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله، عن سعيد بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر فيه سفيان: عن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل. ولم يرد هذا الكلام في أصولنا الخطية.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1478 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا أبو عامرٍ العَقَدِيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ العزِيزِ بن المُطَّلبِ، عن عَبد اللهِ بن الحَسنِ، عن إبراهيمَ بن محمدِ بن طَلْحةَ
عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من قُتِلَ دُونَ مالهِ فهو شَهِيدٌ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وسَعيدِ بنِ زَيْدٍ، وأبي هُريرةَ، وابن عُمرَ، وابن عَبَّاسٍ، وجَابرٍ.
حديثُ عَبد اللهِ بن عَمْرٍو حديثٌ حَسَنٌ، قد رُوي عَنْهُ من غَيْرِ وَجْهٍ.
وقد رَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ لِلرَّجلِ أن يُقاتِلَ عن نَفْسهِ ومَالهِ. وقال ابن المُباركِ: يُقاتِل عن مَالهِ وَلو دِرْهَمَيْنِ.
1479 -
حَدَّثَنا هارُونُ بن إسحاقَ الهَمْدَانِيُّ، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن عَبد الوهَّابِ
(2)
، عن سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، عن عَبد اللهِ بن الحَسنِ، قال: حَدَّثَني إبراهيمُ بن محمدِ بن طَلْحةَ - قال سُفيانُ: وَأثْنى عَليهِ خَيْرًا - قال:
سَمِعْتُ عَبد اللهِ بن عَمْرٍو، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2480)، ومسلم (141)، وأبو داود (4771)، والنسائي 7/ 114 و 115 وهو في "المسند"(6522).
(2)
في المطبوع زيادة: الكوفي شيخ ثقة.
أُرِيدَ مالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَقاتلَ فَقُتِلَ، فهو شَهيدٌ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(2)
.
1480 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيًّ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن عَبد اللهِ بن الحَسنِ، عن إبراهيمَ بن محمدِ بن طَلحةَ، عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَحْوهُ
(3)
.
1481 -
حَدَّثَنا عَبدُ بن حُمَيْدٍ، قال: أخْبرني يَعْقُوبُ بن إبراهيمَ بن سَعْدٍ، قال: حَدَّثَنا أبي، عن أبيهِ، عن أبي عُبَيْدَةَ بن محمدِ بن عَمَّارِ بن ياسِرٍ، عن طَلْحةَ بن عَبد اللهِ بن عَوْفٍ
عن سَعيدِ بن زَيْدٍ، قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "من قُتِلَ دُونَ مَالهِ، فهو شَهيدٌ، ومن قُتِلَ دُونَ دَمهِ، فهو شَهِيدٌ، ومن قُتِلَ دونَ دِينهِ، فهو شَهيدٌ، ومن قُتِلَ دُونَ أهْلهِ، فهو شَهِيدٌ"
(4)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وهكذا رَوَى غَيْرُ وَاحدٍ عن إبراهيمَ بن سَعْدٍ نَحْو هذا.
ويَعْقُوبُ: هو ابن إبراهيمَ بن سَعْدِ بن إبراهيمَ بن عَبد الرحمنِ
(1)
سلف تخريجه في الحديث الذي قبله.
(2)
في (أ) و (د): حديث صحيح.
(3)
سلف تخريجه برقم (1478).
(4)
إسناده قوي، وأخرجه أبو داود (4772)، والنسائي 7/ 116، وهو في "المسند"(1652).
وسلف مختصرًا بلفظ "من قتل دون ماله فهو شهيد" برقم (1477).
ابن عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ.
22 - باب ما جاء في القَسامةِ
1482 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن يحيى بن سَعيدٍ، عن بُشَيْرِ بن يَسَارٍ
عن سَهْلِ بن أبي حَثْمةَ، قال يحيى: وحَسِبْتُ عن رَافِع بن خَدِيجٍ أنَّهُما قالا: خَرجَ عَبد اللهِ بن سَهْلِ بن زَيْدٍ وَمُحَيِّصةُ بن مَسْعودِ بن زَيْدٍ حتَّى إذا كانا بِخَيْبرَ تَفرَّقا في بَعْضِ ما هُناكَ، ثُمَّ إنَّ مُحَيِّصةَ وَجدَ عَبد اللهِ بن سَهْلٍ قَتِيلًا قد قُتِلَ
(1)
، فأقْبلَ إلى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم هو وَحُويَّصةُ بن مَسْعُودٍ وَعَبد الرحمنِ بن سَهْلٍ، وَكانَ أصْغرَ القَوْمِ، ذَهبَ عَبد الرحمنِ ليتكَلَّمَ قَبْلَ صاحِبيْهِ، قال لهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"كَبِّرِ الكُبْرَ"، فَصمتَ وتكَلَّمَ صَاحِباهُ، ثمَّ تكلَّمَ مَعهُما فَذكَرُوا لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم مَقْتلَ عَبد اللهِ بن سَهْلٍ، فقال لَهُمْ:"أتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، فتَستحقُّونَ صاحِبكُمْ أوْ قاتِلَكُمْ؟ ". قالوا: كَيْفَ نَحْلِفُ ولم نَشْهدْ؟ قال: "فَتُبرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمينًا". قالوا: وَكَيْفَ نَقْبلُ أَيْمانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَلمَّا رَأى ذلكَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعْطى عَقْلَه
(2)
.
(1)
في المطبوع هنا زيادة: فدفنه ثم.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6142)، ومسلم (1669)، وأبو داود (1638)، و (4520) و (4521) و (4523) و (4524)، والنسائي 8/ 5 - 12، وهو في "المسند"(16091). و"صحيح ابن حبان"(6001). =
1483 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، قال: أخْبرنا يحيى بن سَعيدٍ، عن بُشَيْرِ بن يَسارٍ
عن سَهْلِ بن أبي حَثْمةَ ورَافعِ بن خَدِيجٍ نَحوَ هذا الحديثِ بِمَعْناهُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ في القَسامَةِ، وقد رَأى بَعْضُ فُقهاءِ المَدِينَةِ القَوَدَ بالقَسامَةِ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أهْلِ الكُوفَةِ وغَيْرِهِمْ: إنَّ القَسامَةَ لا تُوجِبُ القَوَدَ، وإنَّما تُوجِبُ الدِّيةَ.
= وقوله: أعطى عقلَه، أي: ديته من عنده، كما قال في رواية: فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله كراهة إبطال دمه.
(1)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الحدود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء فِيمَنْ لا يَجِبُ عَليْهِ الحَدُّ
1484 -
حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى القُطَعيُّ، قال: حَدَّثَنا بِشْرُ بن عُمرَ، قال: حَدَّثَنا هَمَّامٌ، عن قَتادةَ، عن الحَسنِ.
عن عَليٍّ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "رُفعَ القَلمُ عن ثَلاثةٍ: عن النَّائِمِ حتَّى يَسْتَيقِظَ، وعن الصَّبِيِّ حتَّى يَشِبَّ، وعن المَعْتُوهِ حتَّى يَعْقِلَ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَائشةَ.
(1)
صحيح لغيره وهذا إسناد فيه انقطاع، فإن الحسن - وهو البصري - لم يسمع من علي بن أبي طالب.
وأخرجه أبو داود (4401) و (4402) و (4403)، وابن ماجه (2042)، والنسائي في "الكبرى"(7343) و (7344) و (7346)، وهو في "المسند"(940)، و"صحيح ابن حبان"(143).
وأخرجه أبو داود (4399) و (4400)، والنسائي (7345) و (7347) موقوفًا.
ويشهد له حديث عائشة عند أبي داود (4398)، والنسائي 6/ 156، وإسناده صحيح.
حديثُ عَليٍّ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ. وقد رُوِي من غَيرِ وَجْهٍ عن عَليٍّ
(1)
، وَذَكرَ بَعْضُهمْ:"وعن الغُلامِ حتَّى يَحتلمَ". ولا نَعْرِفُ لِلْحَسنِ سَماعًا من عَليَّ بن أبي طالبٍ.
وقد رُوي هذا الحديثُ، عن عَطاءِ بن السَّائِبِ، عن أبي ظَبْيانَ، عن عَليٍّ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَحْو هذا الحديثِ. ورَواهُ الأعْمَشُ، عن أبي ظَبْيانَ، عن ابن عَبَّاسٍ، عن عَليًّ مَوْقُوفًا ولم يَرْفَعهُ
(2)
.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ أهْلِ العلمِ
(3)
.
وأبو ظَبْيانَ اسْمهُ: حُصَيْنُ بن جُنْدَب.
2 - باب ما جاء في دَرْءِ الحُدُودِ
1485 -
حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن الأسْوَدِ أبو عَمْرٍو البَصْرِيُّ، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن رَبِيعةَ، قال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن زِيادٍ الدِّمَشْقِيُّ، عن الزُّهْرِيَّ، عن عُرْوةَ
عن عَائشةَ، قالت: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ادْرَؤُوا الحُدُودَ عن المُسْلِمينَ ما اسْتَطَعْتُمْ، فَإنْ كانَ لهُ مَخْرجٌ، فخلُّوا سَبِيلهُ، فإنَّ
(1)
في المطبوع زيادة: عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
وروي كذلك عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، عن علي مرفوعًا عند أبي داود (4401)، والنسائي في "الكبرى"(7343).
(3)
في المطبوع بإثر هذا: قد كان الحسن في زمان علي، وقد أدركه، ولكنا لا نعرف له سماعًا منه.
الإمامَ أنْ يُخْطِئَ في العَفْوِ خَيْرٌ من أنْ يخْطِئَ في العُقُوبَةِ"
(1)
.
1486 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن يَزِيدَ بن زيادٍ نَحو حديثِ محمدِ بن رَبيعةَ ولم يَرْفعْهُ
(2)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وعَبد اللهِ بن عَمْرٍو.
حديثُ عائشةَ لا نَعْرِفهُ مَرْفُوعًا إلَّا من حديثِ محمدِ بن رَبِيعةَ، عن يَزِيدَ بن زيادٍ الدِّمَشْقِيِّ، عن الزُّهْرِيَّ، عن عُرْوةَ، عن عَائشةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ورَواهُ وَكِيعٌ، عن يَزِيدَ بن زِيادٍ نَحوهُ ولم يَرْفعهُ، ورِوايةُ وَكِيعٍ أصَحُّ.
وقد رُويَ نَحوُ هذا عن غَيرِ وَاحدٍ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُمْ
(1)
إسناده ضعيف، يزيد بن زياد الدمشقي متروك.
وأخرجه المصنف في "العلل" 2/ 595، والدارقطني 3/ 84، والحاكم 4/ 384، والبيهقي 8/ 238 و 9/ 123.
وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن ماجه (2545)، وأبي يعلى (6618)، وفي سنده إبراهيم بن الفضل المخزومي ضعفه أحمد وابن معين والبخاري وغيرهم.
وعن علي عند الدارقطني 3/ 84، والبيهقي 8/ 238.
وهو موقوف على معاذ بن جبل وابن مسعود وعقبة عند الدارقطني 3/ 84 والبيهقي 8/ 238.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه، وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 569، والبيهقي 8/ 238.
قالُوا مِثْلَ ذلكَ
(1)
.
وَيَزِيدُ بن زِيادٍ الدِّمَشْقيُّ ضَعيفٌ في الحديثِ، وَيَزِيدُ بن أبي زِيادٍ الكُوفِيُّ أثْبَتُ من هذا وَأقْدمُ.
3 - باب ما جاء في السَّتْرِ على المُسْلمِ
1487 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا أبو عَوانةَ، عن الأعْمَشِ، عن أبي صالحٍ.
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من نَفَّسَ عن مُسلم كرْبةً من كُربِ الدُّنْيا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبةً من كُربِ الآخِرَةِ، ومن سَترَ على مُسْلمٍ، سَترَهُ اللهُ في الدُّنْيا والآخِرةِ، واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أخيهِ"
(2)
.
وفي البابِ عن عُقْبةَ بن عَامرٍ، وابن عُمرَ.
(1)
وهم ابن مسعود ومعاذ بن جبل وعقبة كما في "سنن الدارقطني" 3/ 84، وانظر "نصب الراية" 3/ 309 - 310.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2999)، وأبو داود (4946)، وابن ماجه (2417) و (2544)، والنسائي في "الكبرى"(7284) - (7290)، وهو في "المسند"(7427)، و"صحيح ابن حبان"(534).
وسيأتي برقم (2043) و (3174).
وقول الإمام الترمذي عن رواية أسباط المنقطعة: إنها أصح من رواية الحديث الأول، به نظر، لأن في أسباط كلامًا، ورواية أبي عوانة وغيره من الثقات أصح لا سيما أن الأعمش قد صرح بسماعه من أبي صالح عند مسلم.
حديثُ أبي هُريرةَ هكذا رَوَى غَيرُ وَاحدٍ عن الأعْمَشِ، عن أبي صَالحٍ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَ رِوايةِ أبي عَوانةَ، ورَوَى أسْباطُ بن محمدٍ، عن الأعمَشِ، قال: حُدِّثْتُ، عن أبي صالح، عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحْوَهُ.
1488 -
حَدَّثَنا بذلكَ عُبَيْدُ بن أسْباطَ بن محمد، قال: حَدَّثَني أبي، عن الأعْمَشِ بهذا الحديثِ. وكأنَّ هذا أصحُّ من الحديث الأول.
1489 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن عُقَيْلٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَالمٍ
عن أبيهِ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "المُسْلمُ أخو المسْلم لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، ومن كانَ في حَاجةِ أخيهِ، كانَ اللهُ في حاجتهِ، ومن فَرَّجَ عن مُسْلمٍ كُرْبةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبةً من كُرَبِ يَوْمِ القِيامَةِ، ومن سَتَرَ مُسْلمًا سَترَهُ اللهُ يومَ القيامَةِ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديث ابن عمر.
4 - باب ما جاء في التَّلْقينِ في الحَدِّ
1490 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثنا أبو عَوانةَ، عن سِمَاكِ بن حَرْبٍ، عن سَعيدِ بن جُبَيْرٍ
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2442)، ومسلم (2580)، وأبو داود (4893)، والنسائي في "الكبرى"(7291)، وهو في "المسند"(5646)، و"صحيح ابن حبان"(533).
عن ابن عَبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لِماعِزِ بن مَالكٍ: "أحَقٌّ ما بَلغَني عَنْكَ؟ " قال: وَما بَلَغكَ عَنِّي؟ قال: "بَلَغني أنَّكَ وَقَعْتَ على جَارِيةِ آلِ فُلانٍ". قال: نَعَمْ، فَشهِدَ أرْبعَ شَهَاداتٍ، فَأمرَ بهِ فَرُجِمَ
(1)
.
وفي البابِ عن السَّائِبِ بن يَزِيدَ.
حديثُ ابن عَبَّاسٍ حديثٌ حَسَنٌ.
ورَوَى شُعبةُ هذا الحديثَ عن سِمَاكِ بن حَرْبٍ، عن سَعيدِ بن جُبَير مُرْسلًا، ولم يذْكُرْ فيهِ: عن ابن عَبَّاسٍ.
5 - باب ما جاء في دَرْءِ الحَدِّ عن المُعْترِفِ إذا رَجعَ
1491 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، قال: حَدَّثَنا عَبْدةُ بن سُلَيْمانَ، عن محمدِ بن عَمْرٍو، قال: حَدَّثَنا أبو سَلمةَ
عن أبي هُريرةَ، قال: جَاءَ مَاعِزٌ الأسْلميُّ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّهُ قد زَنَى، فأعْرَضَ عَنْهُ، ثمَّ جَاءَ من شِقِّهِ الآخَرِ، فقال: إنّهُ قد زَنَى، فَأعْرضَ عَنْهُ، ثمَّ جَاءَ من شِقِّهِ الآخَرِ، فقال: يا رَسولَ اللهِ إنَّهُ قد زَنَى، فأمَرَ بهِ في الرَّابِعةِ، فَأُخْرجَ إلى الحَرَّةِ فَرُجمَ بالحِجَارةِ، فَلمَّا وَجدَ مَسَّ الحِجارةِ، فَرَّ يَشْتدُّ حتَّى مَرَّ بِرَجُلٍ مَعهُ لَحْيُ جَملٍ فَضرَبهُ بهِ وَضَربهُ النَّاسُ حتَّى مَاتَ، فَذكَروا
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1693)، وأبو داود (4421) و (4425) - (4427)، والنسائي (7171) - (7173)، وهو في "المسند"(2202).
وأخرجه البخاري (6824) من طريق يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس
…
وفيه: أن ماعز بن مالك أتى النبي صلى الله عليه وسلم.
ذلكَ لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أنّهُ فَرَّ حِينَ وَجدَ مسَّ الحجارةِ وَمسَّ المَوْتِ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هَلَّا تَركْتُموهُ"!
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
وقد رُوي من غَيرِ وَجْهٍ عن أبي هُريرةَ. وَرُوِي هذا الحديثُ عن أبي سَلمةَ، عن جَابرِ بن عَبد اللهِ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحْوَ هذا.
1492 -
حَدَّثَنا بِذلكَ الحَسنُ بن عَليٍّ الخلال، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أخْبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهْرِيَّ، عن أبي سَلمةَ بن عَبد الرحمنِ
عن جَابرِ بن عَبد اللهِ: أنَّ رَجُلًا من أسْلمَ جَاءَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَاعْترَفَ بالزَّنى فأعْرضَ عَنْهُ، ثُمَّ اعْترَفَ فَأعْرضَ عَنْهُ، حتَّى شَهِدَ على نَفْسه أرْبعَ شَهادَات، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أبِكَ جُنونٌ؟ " فقال: لا. قال: "أحْصَنْتَ؟ " قال: نَعَمْ. قال: فَأمَرَ بهِ فَرُجمَ في المُصَلَّى، فَلمَّا أذْلَقتْهُ الحِجَارةُ، فَرَّ، فأُدْركَ فَرُجمَ حتَّى ماتَ، فقال لهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا ولم يُصَلَّ عَليْهِ
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا سند حسن. وأخرجه البخاري (5271)، ومسلم (1691)، وابن ماجه (2554)، وأبو داود (4428) و (4429)، والنسائي في "الكبرى"(7204)، وهو في "المسند"(9809)، و"صحيح ابن حبان"(4399).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6820)، ومسلم (1691)، وأبو داود (4430)، والنسائي 4/ 62 - 63، وهو في "المسند"(14462)، و"صحيح ابن حبان"(3094)، وجاء في رواية البخاري عن محمود بن غيلان، عن عبد الرزاق: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا، وصلى عليه، وقد انفرد محمود بن غيلان بقوله: وصلى عليه، وخالفه عشرة أو أكثر من ثقات أصحاب عبد الرزاق، كما بينه =
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ: أنَّ المُعْتَرفَ بالزِّنى إذا أقَرَّ على نَفْسهِ أرْبعَ مَرَّاتٍ، أُقِيمَ عَليْهِ الحَدُّ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وَإسحاقَ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ: إذا أقرَّ على نَفْسهِ مَرَّةً أُقِيمَ عَليْهِ الحَدُّ، وهو قَوْلُ مالكِ بن أنَسٍ، والشَّافِعِيَّ، وحُجَّة من قال هذا القَوْلَ حديثُ أبي هُريرةَ، وزَيد بن خَالدٍ: أنَّ رَجُليْنِ اخْتَصَما إلى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال أحَدُهُما: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ ابْنِي زَنى بامْرَأةِ هذا
…
الحديثَ بِطُولهِ. وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اغْدُ يا أُنَيْسُ إلى امْرَأةِ هذا، فإن اعْتَرفَتْ فارْجُمْها"
(1)
، ولم يَقُلْ فَإنْ اعْتَرفْتَ أرْبعَ مَرَّاتٍ.
6 - باب ما جاء في كَراهِيةِ أنْ يشفعَ في الحُدُودِ
1493 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابن شِهَابٍ، عن عُرْوة
عن عَائشةَ: أنَّ قُريْشًا أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرقَتْ، فقالوا: من يُكَلِّمُ فِيها رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: من يَجْتَرِئُ عَليهِ إلّا أُسامةُ بن زَيْدٍ حِبُّ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكلَّمهُ أُسامةُ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أتَشْفعُ في حَدٍّ من حُدُودِ اللهِ؟ " ثُمَّ
= الحافظ في "الفتح" 12/ 130 - 131.
(1)
سيأتي موصولًا برقم (1496)، ويأتي تخريجه هناك.
قامَ فَخطبَ
(1)
فقال: "إنَّما أهْلكَ الَّذِينَ من قَبْلِكُمْ أنَّهُمْ كانُوا إذا سَرقَ فِيهِمُ الشّرِيفُ تَركُوهُ، وإذا سَرقَ فِيهِم الضّعِيفُ أقامُوا عَليْهِ الحَدَّ، وَايمُ اللهِ لو أنَّ فاطِمةَ بِنْتَ محمدٍ سَرقَتْ، لَقَطعْتُ يَدهَا"
(2)
.
وفي البابِ عن مَسْعُودِ بن العَجْماءِ - ويُقال له: ابن الأعْجَم - وابن عُمرَ، وجابرٍ.
حديثُ عائشةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
7 - باب ما جاء في تحْقِيقِ الرَّجْمِ
1494 -
حَدَّثَنا سَلمةُ بن شَبِيبٍ وإسحاقُ بن مَنْصُورٍ والحَسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ وغَيْرُ وَاحدٍ، قالُوا: حَدَّثَنا عَبدُ الرَّزَّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهْرِيَّ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عَبد اللهِ بن عُتْبةَ، عن ابن عَبَّاسٍ
عن عُمرَ بن الخَطَّابِ، قال: إنَّ الله بَعثَ محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحَقِّ فَأنْزلَ عَليهِ الكِتابَ، فَكانَ فِيما أُنْزلَ عَليهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَرجمَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنا بَعْدهُ، وَإنِّي خائِفٌ أنْ يَطُولَ بالنَّاسِ زَمانٌ فيقُولَ قَائلٌ: لا نجدُ الرَّجْمَ في كِتابِ الله، فَيَضِلُّوا بتَرْكِ فَريضَةٍ أنْزَلها اللهُ، ألا وَإنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ على من زَنَى إذا أحْصَنَ، وقامَتِ البَيِّنةُ،
(1)
في (ب): فاختطب.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3475)، ومسلم (1688)، وأبو داود (4373) و (4374) و (4396) و (4397)، وابن ماجه (2547)، والنسائي 8/ 72 - 73، وهو في "المسند"(25297)، و"صحيح ابن حبان"(4402).
أوْ كانَ حَمْلٌ، أو الاعْتِرافُ
(1)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(2)
.
1495 -
حدثنا أحمدُ بن مَنيع، قال: حدثنا إسحاقُ بنُ يُوسفَ الأزرقُ، عن داودَ بن أبي هِند، عن سعيد بن المسيّب
عن عُمر بن الخطَّاب، قال: رَجَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ورَجَمَ أبو بكر، ورَجَمْتُ، ولولا أني أكرهُ أن أزيدَ في كتاب الله لَكتبتُه في المُصْحَف، فإنِّي قد خشيتُ أن يجيءَ أقوامٌ فلا يجدونَه في كتابِ الله، فيكفرونَ بهِ
(3)
.
وفي الباب عن عليّ.
حديثُ عمرَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، ورُوي من غير وجهٍ عن عمر.
8 - باب ما جاء في الرَّجْمِ على الثيِّبِ
1496 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بن عَليٍّ وغَيْرُ وَاحدٍ، قالُوا: حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن الزُّهْرِيَّ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عَبد الله
سَمِعهُ من أبي هُريرةَ وزَيْدِ بن خَالدٍ وشِبْلٍ: أنَّهُمْ كانُوا عِنْدَ
(1)
صحيح، وأخرجه البخاري (6830)، ومسلم (1691)، وأبو داود (4418)، وابن ماجه (2553)، والنسائي في "الكبرى"(7157) و (7158)، وهو في "المسند"(276)(331)، و"صحيح ابن حبان"(413).
(2)
في المطبوع: حسن صحيح.
(3)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأتاهُ رَجُلانِ يَخْتَصِمانِ، فَقامَ إلَيْهِ أحَدُهُما، فقال: أنْشُدُكَ الله يا رَسول اللهِ لَما قَضيْتَ بيْنَنا بِكِتابِ اللهِ، فقال خَصْمُهُ - وَكانَ أفْقهَ مِنْهُ -: أجَلْ يا رَسول اللهِ اقْضِ بَيْنَنا بكِتابِ اللهِ، وائْذَنْ لي فأتكلَّمَ؛ إنَّ ابْنِي كانَ عَسِيفًا على هذا، فَزَنى بامْرَأَتهِ فَأخْبَرُوني أنَّ على ابْني الرَّجْمَ، فَفَديتُ مِنْهُ بِمئَةِ شَاةٍ وخَادِم، ثُمَّ لَقِيتُ ناسًا من أهْلِ العلمِ فَزَعمُوا أنَّ على ابْنِي جَلْدَ مِئَةٍ وتَغْرِيبَ عامٍ، وإنّما الرَّجْمُ على امْرَأةِ هذا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"والَّذِي نَفْسِي بِيَده لأَقْضِينَّ بينكُما بكِتابِ اللهِ، المِئَةُ شَاةٍ والخادمُ رَدٌّ عَليْكَ، وعلى ابْنِكَ جَلدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، واغْدُ يا أُنَيْسُ على امْرأةِ هذا، فإنِ اعْتَرفَتْ فارْجُمْها" فَغدَا عَليهَا فَاعْتَرفَتْ فرجَمهَا
(1)
.
1497 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن موسى الأنْصَارِيُّ، قال: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قال: حَدَّثَنا مالكٌ، عن ابن شِهَابٍ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عَبْد اللهِ، عن أبي هُريرةَ وزَيْدِ بن خالدٍ الجُهَنيَّ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحْوهُ بِمَعناهُ
(2)
.
1498 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابن شِهَاب بإسْنادِهِ نحْوَ حديثِ مالكٍ بِمَعْناهُ
(3)
.
وفي البابِ عن أبي بَكْرٍ، وعُبادةَ بن الصَّامِتِ، وأبي هُريرةَ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2724)، ومسلم (1697)، وأبو داود (4445)، وابن ماجه (2549)، والنسائي 8/ 240 و 241، وهو في "المسند"(17042)، و"صحيح ابن حبان"(4437).
(2)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
(3)
إسناده صحيح.
وأبي سَعيدٍ، وابن عَبَّاسٍ، وجَابرِ بن سَمُرةَ، وهَزَّالٍ، وبُريْدةَ، وسَلمةَ بن المُحَبِّقِ، وأبي بَرْزةَ، وعِمْرانَ بن حُصَيْنٍ.
حديثُ أبي هُريرةَ وزَيدِ بن خَالدٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وهكذا رَوَى مَالكُ بن أنَسٍ ومَعْمرٌ وغَيرُ وَاحدٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُبَيْدِ الله بن عَبد اللهِ، عن أبي هُريرةَ وزَيْدِ بن خَالدٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَوْا بهذا الإسْنادِ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال:"إذا زَنت الأمَةُ فاجْلِدُوهَا، فإنْ زَنَتْ في الرَّابِعَةِ فَبِيعُوها ولو بَضَفِيرٍ"
(1)
.
ورَوى سُفيانُ بن عُيينةَ، عن الزُّهْرِيَّ، عن عُبَيْدِ الله، عن أبي هُريرةَ وزَيْدِ بن خَالدٍ وَشِبْلٍ، قالوا: كُنّا عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، هكذا رَوَى ابن عُيينةَ الحديثينِ جَميعًا عن أبي هُريرةَ وزَيْدِ بن خَالدٍ وَشِبْلٍ، وحديثُ ابن عُيينةَ وهمٌ، وَهِمَ فيهِ سُفيانُ بن عُيينةَ أدْخلَ حديثًا في حديثٍ.
والصَّحيحُ ما رَوَى الزُّبَيْدِيُّ ويُونسُ بن يزيد وابن أخِي الزُّهْرِيَّ، عن الزُّهْرِيَّ، عن عُبَيْدِ الله
(2)
، عن شِبْلِ بن خَالد، عن
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2153)، ومسلم (1703) و (1704)، وأبو داود (4469) - (4471)، وابن ماجه (2565)، وهو في "المسند"(17043)، و"صحيح ابن حبان"(4444).
(2)
في المطبوع هنا زيادة: عن أبي هريرة وزيد بن خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا زنت الأمة". والزهري، عن عبيد الله، ولم ترد في شيء من أصولنا الخطية.
عَبد اللهِ بن مالك الأوْسِيِّ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا زَنَتِ الأمةُ"
(1)
. وهذا الصَّحيحُ عِنْدَ أهْلِ الحديثِ. وشِبْلُ بن خَالدٍ لم يُدرِكِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، إنَّما رَوَى شِبْلٌ، عن عَبد اللهِ بن مالك الأوْسِيَّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا الصَّحيحُ، وحديثُ ابن عُيينةَ غَيرُ مَحْفُوظٍ، ورُوي عَنْهُ أنَّهُ قال: شِبْل بن حَامدٍ، وهو خَطأٌ إنَّما هو شِبْلُ بن خَالد، ويُقالُ أيْضًا: شِبْلُ بن خُلَيْدٍ.
1499 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، عن مَنصُورِ بن زَاذَانَ، عن الحَسنِ، عن حِطَّانَ بن عَبد اللهِ
عن عُبادةَ بن الصَّامتِ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا عَنِّي، فقد جَعلَ الله لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ جَلْدُ مِئةٍ ثُمَّ الرَّجْمُ، والبِكْرُ بالبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ ونَفْيُ سَنةٍ"
(2)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(3)
.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ: عَليُّ بن أبي طَالبٍ، وأُبَيُّ بن كَعْبٍ، وعَبد اللهِ بن مَسعُودٍ
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه أحمد في "مسنده"(19017)، وقد فصلنا القول فيه هناك، فانظره.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1690)، وأبو داود (4415) و (4416)، وابن ماجه (2550)، والنسائي في "الكبرى"(7142) - (7144)، وهو في "المسند"(22780)، و"صحيح ابن حبان"(4425).
(3)
في المطبوع: حسن صحيح.
وغَيْرُهُمْ، قالوا: الثَّيِّبُ يُجْلَدُ وَيُرْجمُ وإلى هذا ذَهبَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ. وهو قولُ إسحاقَ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ
(1)
من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُم: أبو بكْرٍ، وعُمرُ وَغَيْرُهُما: الثَّيِّبُ إنَّما عَليْهِ الرَّجْمُ ولا يُجْلَدُ، وقد رُوِي عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ هذا في غَيْرِ حديثٍ في قِصَّةِ ماعزٍ وغَيْرِهِ: أنَّهُ أَمرَ بالرَّجْمِ ولم يَأْمُرْ أنْ يُجْلدَ قَبْلَ أنْ يُرْجمَ، والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، وابن المُباركِ، والشَّافِعيِّ، وأحمدَ
(2)
.
9 - باب منه
(3)
1500 -
حَدَّثَنا الحسنُ بن عَليًّ، قال: حَدَّثَنا عَبد الرَّزَّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمرٌ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي المُهَلَّبِ
عن عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ: أنَّ امْرَأةً من جُهَيْنةَ اعْتَرَفَتْ عِنْدَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالزِّنى، وقالت: أنا حُبْلَى، فَدعَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولِيَّها، فقال:"أحْسِنْ إلَيْها، فإذا وَضَعتْ حَمْلهَا فأخْبِرْني". فَفعلَ، فَأمرَ بِهَا فَشُدَّت عَليها ثِيابُهَا ثُمَّ أمَرَ بِرَجْمِها، فَرُجِمتْ ثُمَّ صَلَّى عَليْهَا، فقال
(1)
من قوله: وهو قول إسحاق
…
إلى هنا، لم يرد في (أ) و (د) و (س).
(2)
في "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 277 للجصاص: قال أصحابنا: يرجم المحصن ولا يُجلد، وقال ابن أبي ليلى ومالك والأوزاعي والثوري والحسن بن حي والشافعي رضي الله عنهم: لا يجتمع الجلد والرجم.
(3)
في المطبوع: باب تربُّص الرجم بالحُبلى حتى تضع.
لهُ عُمرُ بن الخَطَّابِ: يا رَسولَ اللهِ رَجَمْتَها، ثُمَّ تُصَلِّي عَليهَا؟ فقال:"لقد تابتْ تَوْبةً لو قُسِمتْ بَينَ سَبْعِينَ من أهْلِ المَدِينَةِ وسِعَتْهُمْ، وَهلْ وَجدْتَ شَيْئًا أفْضلَ مِن أنْ جَادتْ بِنَفْسِها للهِ"
(1)
.
وهذا حديثٌ صحيحٌ
(2)
.
10 - باب ما جاء في رَجْمِ أهْلِ الكِتابِ
1501 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن موسى الأنْصَارِيُّ، قال: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قال: حَدَّثنا مَالكُ بن أنَسٍ، عن نَافعٍ
عن ابن عُمرَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ يَهُودِيًّا ويَهُودِيَّةً. وفي الحديثِ قِصَّةٌ
(3)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيح.
1502 -
حَدَّثَنا هنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا شَرِيكٌ، عن سِمَاكِ بن حَرْبٍ
عن جَابرِ بن سَمُرةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيّةً
(4)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1696)، وأبو داود (4440)، وابن ماجه (2555)، والنسائي 4/ 63، وهو في "المسند"(19861)، و"صحيح ابن حبان"(4403).
(2)
في نسخة في (ب)، وفي المطبوع: حسن صحيح.
(3)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1329)، ومسلم (1699)، وأبو داود (4446) و (4449)، وابن ماجه (2556)، والنسائي في "الكبرى"(7213) - (7216)، وهو في "المسند"(4498)، و"صحيح ابن حبان"(4431).
(4)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شريك، وأخرجه ابن ماجه =
وفي البابِ عن ابن عُمرَ، وَالبَرَاءِ، وَجَابرٍ، وابن أبي أوْفَى، وَعَبد اللهِ بن الحارث بن جَزْءٍ، وابن عَبَّاسٍ.
حديثُ جَابرِ بن سَمُرةَ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ، قالوا: إذا اخْتصَمَ أهْلُ الكِتابِ، وتَرافَعُوا إلى حُكَّامِ المُسْلِمينَ، حَكمُوا بَيْنَهُمْ بالكِتابِ وَالسُّنَّةِ وَبأحْكَامِ المُسْلِمينَ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
وقال بَعْضُهمْ: لا يُقامُ عَليْهمُ الحَدُّ في الزِّنى.
والقَوْلُ الأوَّلُ أصَحُّ.
11 - باب ما جاء في النَّفْي
1503 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ ويحيى بن أكْثَمَ، قالا: حَدَّثَنا عَبد اللهِ بنُ إدْريسَ، عن عُبَيْدِ اللهِ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ضَربَ وغرَّبَ، وأنَّ أبا بكْرٍ ضَربَ وغَرَّبَ، وأن عُمرَ ضَربَ وغَرَّب
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وَزَيْدِ بن خَالدٍ، وَعُبادةَ بن الصَّامِتِ.
= (2557)، وهو في "المسند"(20856) وشاهده حديث ابن عمر السالف.
(1)
الموقوف منه صحيح، ولم يذكر المرفوع فيه غير عبد الله بن إدريس من بين أصحاب عبيد الله.
وأخرجه المصنف في "العلل" 2/ 600، والنسائي في "الكبرى"(7342)، والبيهقي 8/ 223. وقال المصنف عقبه في "العلل": رواه أصحاب عبيد الله بن عمر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أن أبا بكر
…
ولم يرفعوه.
حديثُ ابن عُمرَ حديثٌ غريبٌ، رَواهُ غيرُ وَاحدٍ عن عَبد اللهِ بن إدْريسَ فَرفَعُوهُ، ورَوَاه بَعْضُهمْ عن عَبد اللهِ بن إدْريسَ هذا الحديثَ عن عُبَيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عُمرَ: أنَّ أبا بكْرٍ ضَربَ وغَرَّبَ، وأنَّ عُمرَ ضَربَ وغَرَّبَ.
1504 -
حَدَّثَنا بِذلك أبو سَعيدٍ الأشَجُّ، قال: حَدَّثنا عَبد اللهِ بن إدْريسَ
(1)
. وهكذا رُوي هذا الحديثُ من غيرِ رِوَايةِ ابن إدْرِيسَ عن عُبَيْدِ الله بن عُمرَ نحْوَ هذا. وهكذا رَواهُ محمدُ بن إسحاقَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ: أنَّ أبا بَكْرٍ ضَربَ وغَرَّبَ، وأنَّ عُمرَ ضَربَ وغَرَّبَ، ولم يَذْكُرُوا فيهِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
وقد صَحَّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّفْيُ، رَواهُ أبو هُريرةَ، وزَيْدُ بن خَالدٍ
(3)
، وعُبادةُ بن الصَّامِتِ
(4)
وغيْرُهُمْ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ: أبو بكْرٍ، وعُمرُ، وعَليٌّ، وأُبيُّ بن كَعْبٍ، وعَبد اللهِ بن مَسْعُودٍ، وأبو ذرٍّ وغيْرُهُمْ، وكذلكَ رُوي عن غَيْرِ وَاحدٍ من فُقَهاءِ التَّابِعينَ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيَّ، ومَالكِ بن أنَسٍ، وعَبد اللهِ بن المُباركِ، والشَّافِعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
(1)
وأخرجه موقوفًا البيهقي 8/ 223.
(2)
أخرجه البيهقي 8/ 222 - 223.
(3)
سلف حديثهما برقم (1496).
(4)
وقد سلف برقم (1499).
12 - باب ما جاء أنَّ الحُدُودَ كَفّارةٌ لأهْلِها
1505 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا سُفيان بن عُيينةَ، الزُّهْرِيِّ، عن أبي إدْريسَ الخَوْلانيِّ
عن عُبادةَ بن الصَّامِتِ، قال: كُنَّا عِنْدَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: "تُبايِعُونِي على أنْ لا تُشْرِكُوا باللهِ
(1)
، ولا تَسْرِقُوا ولا تَزْنُوا - قَرأ عَليْهمُ الآيةَ - فَمنْ وَفّى مِنْكُمْ فأجْرهُ على اللهِ، ومن أصَابَ من ذلكَ شَيْئًا، فَعُوقِبَ عَليْهِ، فهو كَفَّارةٌ لهُ، ومن أصَابَ منذ ذلك شَيْئًا فَستَرهُ الله عَليْهِ، فهو إلى اللهِ، إنْ شَاءَ عَذَّبهُ، وإنْ شَاءَ غَفرَ لهُ"
(2)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وجَريرِ بن عَبد اللهِ، وخُزيْمةَ بن ثَابتٍ.
حديثُ عُبادةَ بن الصَّامِتِ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقال الشَّافِعيُّ: لم أسْمع في هذا البابِ أنَّ الحَدَّ يكُونُ كَفَّارةً لأهلهِ شَيْئًا أحْسنَ من هذا الحديثِ.
قال الشَّافِعيُّ: وأُحِبُّ لِمنْ أصَابَ
(3)
ذَنْبًا، فَستَرَهُ اللهُ عَليهِ أنْ يَسْتُرَ على نَفْسهِ وَيَتُوبَ فِيما بَيْنهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وكذلكَ رُوي عن أبي
(1)
في المطبوع زيادة: شيئًا.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (18)، ومسلم (1709)، وابن ماجه (2603)، والنسائي 7/ 141 و 142 و 148 و 161 و 8/ 108، وهو في "المسند"(22754)، و"صحيح ابن حبان"(4405).
(3)
في (أ) ونسخة في (ب): أذنب.
بكْرٍ، وعُمرَ أنَّهُما أمَرا رَجُلًا أنْ يَسْتُرَ على نَفْسهِ.
13 - باب ما جاء في إقَامةِ الحَدِّ على الإمَاءِ
1506 -
حدثنا الحسنُ بن عليّ الخَلَّال، قال: حدثنا أبو داود الطَّيالسيُّ، قال: حدثنا زائدةُ، عن السُّدِّي، عن سعد بن عُبَيدةَ
عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، قال: خَطَبَ عليٌّ، فقال: يا أيها النَّاسُ أقيموا الحُدودَ على أَرِقّائِكُم، من أحصَنَ منهم ومن لم يُحصِن، وإنَّ أمَةً لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم زَنَتْ، فَأمَرني أَنْ أجلِدَها، فأتيتُها، فإذا هي حديثةُ عهدٍ بنِفَاسٍ، فخشيتُ إنْ أنا جلدتُها أن أقتلَها - أو قال: تموت - فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فذكرتُ ذلك له فقال: "أحسنت"
(1)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(2)
.
والسُّدِّي اسمه: إسماعيل بن عبد الرحمن، وهو من التابعين، قد سمع أنس بن مالك، ورأى حسين بن علي بن أبي طالب.
1507 -
حَدَّثَنا أبو سَعيدٍ الأشَجُّ، قال: حَدَّثَنا أبو خَالدٍ الأحْمرُ، قال: حَدَّثَنا الأعْمشُ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا زَنتْ أمَةُ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1705)، وأبو داود (4473)، والنسائي في "الكبرى"(7267) - (7269)، وهو في "المسند"(1341).
(2)
في المطبوع: حسن صحيح.
تنبيه: جاء هذا الحديث في المطبوع بآخر الباب.
أحَدِكُمْ، فَلْيجْلِدْها ثَلاثًا بِكِتابِ اللهِ، فإنْ عَادتْ، فَلْيَبِعْها ولو بحَبْلٍ من شَعرٍ"
(1)
.
وفي الباب عن عَليٍّ، وأبي هُريرةَ، وزَيْدِ بن خَالدٍ، وشِبْلٍ عن عبد الله بن مَالكٍ الأوْسِيِّ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوي عَنْهُ من غَيْرِ وَجْهٍ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغيرِهِمْ: رَأوْا أنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ الحَدَّ على مَمْلُوكِهِ دُونَ السُّلْطانِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
وقال بَعْضُهُمْ: يُدْفعُ إلى السُّلْطانِ، ولا يُقِيمُ الحَدَّ هو بِنَفْسهِ.
والقَوْلُ الأوَّلُ أصَحُّ.
14 - باب ما جاء في حَدِّ السَّكْرَانِ
1508 -
حَدَّثَنا سُفيانُ بن وَكيعٍ، قال: حَدَّثَنا أبي، عن مِسْعَرٍ، عن زَيْدٍ العَمِّيِّ، عن أبي الصِّدِّيقِ النَّاجيَّ
عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيَّ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَربَ الحَدَّ بِنَعْلَيْنِ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2153)، ومسلم (1703) و (1704)، وأبو داود (4469) - (4471)، وابن ماجه (2565)، والنسائي في "الكبرى"(7240) - (7260)، وهو في "المسند"(7395)، و"صحيح ابن حبان"(4444).
أرْبَعِينَ. قال مِسْعرٌ: أظُنُّهُ في الخَمْرِ
(1)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وعَبد الرحمنِ بن أزْهرَ، وأبي هُريرةَ، والسَّائِبِ، وابن عَبَّاسٍ، وعُقْبةَ بن الحارثِ.
حديثُ أبي سَعيدٍ حديثٌ حَسَنٌ.
وأبو الصِّدِّيقِ الناجيُّ اسْمُهُ: بَكْرُ بن عَمْرٍو.
1509 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنا شُعبةُ، قال: سَمِعْتُ قَتادةَ يُحَدِّثُ
عن أنَسٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ قد شَرِبَ الخَمْرَ، فَضرَبهُ بِجَريدَتَيْنِ نَحْوَ الأرْبَعينَ، وفَعلهُ أبو بكْرٍ، فَلمَّا كانَ عُمَرُ اسْتَشارَ النَّاسَ، فقال عَبد الرحمن بن عَوْفٍ: كأخَفِّ الحُدُودِ ثمَانِينَ، فَأمَرَ به عُمَرُ
(2)
.
حديثُ أنَسٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِمْ: أنَّ حَدَّ السَّكْرانِ ثمَانُونَ.
(1)
صحيح لغيره، وهذا سند ضعيف لضعف زيد العمي وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5293)، وهو في "المسند"(11277).
وفي الباب عن علي عن أحمد (624) وإسناده صحيح. وعن أنس بن مالك عند البخاري (6776) ومسلم (1706)(37).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (6773)، ومسلم (1706)، وأبو داود (4479)، وابن ماجه (2570)، والنسائي في "الكبرى"(5273) - (5277)، وهو في "المسند"(12805)، و"صحيح" ابن حبان (4450).
15 - باب ما جاء مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فاجْلِدُوهُ فإن عَادَ في الرَّابِعَةِ فاقْتُلُوهُ
1510 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، قال: حَدَّثَنا أبو بكْرِ بن عَيَّاشٍ، عن عَاصِمٍ، عن أبي صالحٍ
عن مُعاويةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من شَرِبَ الخَمْرَ فاجْلِدُوهُ، فإنْ عَادَ في الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، والشَّرِيدِ، وشُرَحْبِيلَ بن أوْسٍ، وَجريرٍ، وأبي الرَّمَدِ
(2)
البَلَويِّ، وعَبد اللهِ بن عَمْرٍو.
حديثُ مُعاويةَ هكذا رَوَى الثَّوْرِيُّ أيْضًا، عن عَاصمٍ، عن أبي صَالحٍ، عن مُعاويةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم. ورَوَى ابن جُرَيْجٍ ومَعْمرٌ، عن سُهَيْلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيهِ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4482)، وابن ماجه (2573)، والنسائي في "الكبرى"(5297) و (5299) وهو في "المسند"(16847)، و"صحيح" ابن حبان (4446).
(2)
كذا في النسخ الخطية سوى (س) ففيها: أبي الرمداء، وكتب بهامش النسخ: صوابه: أبو الرمداء، وجاء بالمدِّ في "الجرح والتعديل" 9/ 369، و"كنى" الدولابي 1/ 30، و"معجم" الطبراني الكبير 22/ 355.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4484)، وابن ماجه (2572)، والنسائي 8/ 313 - 314، وهو في "المسند"(7762)، و"صحيح ابن حبان"(4447).
سَمِعْتُ محمدًا يَقولُ: حديثُ أبي صَالحٍ، عن مُعاويةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم في هذا أصَحُّ من حديثِ أبي صَالحٍ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وإنَّما كانَ هذا في أوَّلِ الأمْرِ، ثُم نُسِخَ بَعْدُ، هكذا رَوَى محمدُ بن إسحاقَ، عن محمدِ بن المُنكَدرِ، عن جَابرِ بن عَبد اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إنْ شَرِبَ الخَمْرَ فاجْلِدُوهُ، فَإنْ عَادَ في الرَّابِعةِ فَاقْتُلُوهُ"، قال: ثُمَّ أتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذلكَ بِرَجُلٍ قد شَرِبَ الخَمْرَ في الرَّابِعةِ فَضربَهُ ولم يَقْتُلْهُ
(1)
. وكذلكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ، عن قَبِيصةَ بن ذُؤَيْبٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هذا، قال: فَرُفِعَ القَتْلُ وكانَتْ رُخْصةً
(2)
.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ عامَّةِ أهْلِ العلمِ، لا نَعْلمُ بَيْنَهُمُ اخْتِلافًا في ذلكَ في القَدِيمِ والحديثِ، ومِمَّا يُقوِّي هذا ما رُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أوْجُهٍ كَثيرةٍ أنَّهُ قال:"لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلمٍ يَشْهد أنْ لا إلهَ إلَّا الله، وَأنِّي رَسولُ اللهِ إلَّا بإحْدَى ثَلاثٍ: النَّفْسُ بالنَّفْسِ، والثَّيَّبُ الزَّانِي، والتَّارِكُ لِدِينهِ"
(3)
.
(1)
أخرجه النسائي في "الكبرى"(5302) و (5303)، وسنده لين، وفيه عنعنة ابن إسحاق.
(2)
أخرجه أبو داود (4485)، وسنده مرسل.
(3)
إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (1460)، وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 5/ 298: وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر هو =
16 - باب ما جاء في كَمْ يُقْطَعُ السَّارِق
(1)
1511 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ بنُ عُيينةَ، عن الزُّهرِيِّ أخْبرَتْهُ عَمْرةُ
عن عَائشةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقْطعُ في رُبْعِ دِينارٍ فَصَاعدًا
(2)
.
حديثُ عَائشةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوي هذا الحديثُ من غَيرِ وَجْهٍ عن عَمْرةَ، عن عَائشةَ مَرْفُوعًا، ورَوَاهُ بَعْضُهمْ عن عَمْرةَ، عن عَائشةَ مَوْقُوفًا.
1512 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن نافع
عن ابن عُمرَ، قال: قَطعَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلاثةُ دَراهِمَ
(3)
.
= كما قاله، فهو حديث منسوخ دل الإجماع على نسخه.
والإمام الترمذي رحمه الله يَعُدُّ النسخ علة من علل الحديث، نبه على ذلك ابن الصلاح في علوم الحديث ص:47.
(1)
في نسخة بهامش (أ)، وفي المطبوع: يد السارق.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6789)، ومسلم (1684)، وأبو داود (4383) و (4384)، وابن ماجه (2585)، والنسائي 8/ 77 - 81، وهو في "المسند"(24078)، و"صحيح" ابن حبان (4459).
وأخرجه النسائي 8/ 79 و 80 عن عائشة موقوفًا.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6795)، ومسلم (1686)، وأبو داود (4385) و (4386)، وابن ماجه (2584)، والنسائي 8/ 76 و 77، وهو في "المسند"(4503)، و"صحيح" ابن حبان (4461).
وفي البابِ عن سَعْدٍ، وعَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وابنِ عبَّاسٍ، وأبي هُريرةَ، وأيْمنَ.
حديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ: أبو بكْرٍ الصِّدِّيقُ قَطعَ في خَمْسةِ الدَّراهِمِ، ورُوي عن عُثمانَ، وعَليٍّ أنَّهُما قَطَعا في رُبْعِ دِينارٍ، ورُوِي عن أبي هُريرةَ، وأبي سَعيدٍ أنَّهُما قالا: تُقْطَعُ اليَدُ في خَمْسَةِ دَراهِمَ. والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ فُقهاءِ التَّابعينَ، وهو قَوْلُ مالكِ بن أنَس، وَالشَّافِعيَّ، وأحمدَ، وإسحاقَ، رَأوا القَطْعَ في رُبْعِ دِينارٍ فصاعدًا.
وقد رُوي عن ابن مَسْعُودٍ أنَّهُ قال: لا قَطْعَ إلَّا في دِينارٍ أوْ عَشرَةِ دَرَاهِمَ
(1)
. وهو حديثٌ مُرْسلٌ رَواهُ القاسِمُ بن عَبد الرحمنِ، عن ابن مَسْعُودٍ، والقاسمُ لم يَسْمعْ من ابن مَسْعُودٍ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيَّ، وأهْلِ الكُوفَةِ قالوا: لا قَطْعَ في أقَلَّ من عَشرة دَراهِمَ
(2)
.
(1)
أخرجه عبد الرزاق (18950)، ومن طريقه الطبراني (9742)، عن الثوري، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود.
(2)
جاء في المطبوع عقب هذا زيادة: وروي عن علي أنه قال: لا قطع في أقلَّ من عشرة دراهم، وليس إسناده بمتصل، ولم ترد في أصولنا الخطية، ولا في شرح العراقي ولا في شرح المباركفوري، وأثر علي هو في "مصنف عبد الرزاق" عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن الجزار، عن علي. =
17 - باب ما جاء في تَعْلِيقِ يدِ السَّارِقِ
1513 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا عُمرُ بن عَليٍّ المُقَدَّميُّ، قال: حَدَّثَنا الحَجَّاجُ، عن مَكْحُولٍ، عن عَبد الرحمنِ بن مُحَيْرِيزٍ، قال:
سَألْتُ فَضالَةَ بن عُبَيْدٍ عن تَعْليقِ اليَدِ في عُنُقِ السَّارقِ أمِنَ السُّنَّةِ هو؟ قال: أُتِيَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِسارِقٍ فَقُطِعتْ يَدُهُ، ثُمَّ أمرَ بهَا، فَعُلِّقَتْ في عُنُقهِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ عُمرَ بن عَليٍّ المُقَدَّميِّ، عن الحَجَّاجِ بن أرْطاةَ.
وَعَبد الرحمنِ بن مُحَيْرِيزٍ هو: أخو عَبد اللهِ بن مُحَيْرِيزٍ شَاميٌّ.
18 - باب ما جاء في الخَائِنِ والمُخْتَلِسِ والمُنْتَهبِ
1514 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن خَشْرَمٍ، قال: حَدَّثَنا عيسى بن يُونسَ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن أبي الزُّبَيْر
عن جابرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَيسَ على خَائنٍ، ولا مُنْتَهبٍ، ولا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ"
(2)
.
= والحسن بن عمارة ضعيف.
(1)
إسناده ضعيف، لضعف الحجاج - وهو ابن أرطاة - وأخرجه أبو داود (4411)، وابن ماجه (2587)، والنسائي 8/ 92، وهو في "المسند"(23946).
(2)
حديث صحيح رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (4391) و (4392) و (4393)، وابن ماجه (2591) و (3935)، والنسائي 8/ 88 و 89، وهو في "المسند"(15070)، و"صحيح" ابن حبان (4456). =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ، وقد رَوى مُغِيرَةُ بن مُسْلمٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جَابرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ حديثِ ابن جُرَيْجٍ.
ومغيرةُ بن مُسْلمٍ هو: بَصْرِيٌّ أخو عبد العزيز القَسْمَليَّ، كذا قال علي بن المَدِينِي.
19 - باب ما جاء لا قَطْعَ في ثَمرٍ ولا كَثَرٍ
1515 -
حَدَّثَنا قُتيبة، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن يحيى بن سَعيدٍ، عن محمدِ بن يحيى بن حَبَّان، عن عَمِّهِ [واسِع بن حَبَّانَ]
أنَّ رَافعَ بن خَدِيجٍ قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "لا قَطْعَ في ثَمرٍ ولا كَثَرٍ"
(1)
.
= وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند الطبراني في "الأوسط"(513) ورجاله ثقات، وآخر مختصرًا من حديث عبد الرحمن بن عوف وإسناده صحيح.
المنتهب: هو الذي يأخذ مال الآخرين على وجه العلانيّة والقهر.
الخائن: هو الآخذ مما في يده على وجه الأمانة.
والاختلاس: هو أخذ الشيء من ظاهر بسرعة.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4388) و (4389) ابن ماجه (2593)، والنسائي 8/ 87 و 88، وهو في "المسند"(15804) و"صحيح ابن حبان"(4466).
قوله: "كَثَر" بفتحتين: جُمَّار النخل: وهي شحمته التي في قِمة رأسه تقطع قِمته، ثم تكشط عن جُمارةٍ في جوفها بيضاء، كأنها قطعة سنام ضخمة، وهي رخصة تؤكل بالعسل "لسان العرب": جمر.
هكذا رَوَى بَعْضُهمْ عن يحيى بن سَعيدٍ، عن محمدِ بن يحيى بن حَبَّانَ، عن عَمِّهِ وَاسِعِ بن حَبَّانَ، عن رَافِعٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ رِوَايةِ اللَّيْثِ بن سَعْدٍ. ورَوَى مَالكُ بنُ أنَس وغَيْرُ وَاحدٍ هذا الحديثَ عن يحيى بن سَعيدٍ، عن محمدِ بن يحيى بن حَبَّانَ، عن رَافعِ بن خَدِيجٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَذْكُرُوا فيهِ: عن وَاسعِ بنِ حَبَّانَ.
20 - باب ما جاء أنْ لا تُقْطَع الأيْدِي في الغَزْوِ
1516 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا ابن لَهِيعةَ، عن عَيَّاشِ بن عَبَّاسٍ، عن شُيَيْم بن بَيْتانَ، عن جُنادةَ بن أبي أُمَيَّةَ
عن بُسْرِ بن أرْطاةَ، قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لا تُقْطَعُ الأيدِي في الغَزْوِ"
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ، وقد رَوَاه غَيْرُ ابنِ لَهِيعةَ بهذا الإسْنادِ نَحْوَ هذا. ويُقالُ: بُسْرُ بن أبي أرْطاةَ أيضًا.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ مِنْهُمُ الأوْزَاعيُّ: لا
(1)
إسناده حسن رواية قتيبة عن ابن لهيعة قوية، وقال الدارقطني: بسر بن أرطاة له صحبة. وقوى إسناده الحافظ ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة بسر.
وأخرجه أبو داود (4408)، والنسائي 8/ 91، وهو في "المسند"(17626).
وفي الباب عن حذيفة بن اليمان بإسناد صحيح عند سعيد بن منصور (2501) وابن أبي شيبة 10/ 103 ولفظه: عن علقمة قال: كنا في جيش في أرض الروم ومعنا حذيفة بن اليمان وعلينا الوليد بن عقبة، فشرب الخمر، فأردنا أن نَحدَّه. قال حذيفة: أتحدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعون فيكم
…
يَروْنَ أنْ يُقامَ الحَدُّ في الغَزْوِ بِحَضْرةِ العَدُوِّ مَخافةَ أن يَلْحقَ من يُقامُ عَليهِ الحَدُّ بالعَدُوِّ، فإذا خَرجَ الإمَامُ من أرْضِ الحَرْبِ
(1)
ورَجعَ إلى دَارِ الإسْلامِ، أقامَ الحَدَّ على من أصابهُ، كذلك قال الأوزاعيُّ.
21 - باب ما جاء في الرَّجُلِ يَقَعُ على جَاريةِ امْرَأتِهِ
1517 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا هُشَيْمٌ، عن سَعيدِ بن أبي عَرُوبةَ وأيُّوبَ بن مِسْكِينٍ، عن قَتادةَ، عن حَبِيبِ بن سَالمٍ، قال:
رُفعَ إلى النُّعْمانِ بن بَشِيرٍ رَجُلٌ وَقعَ على جَاريةِ امْرَأتهِ، فقال: لأقْضِينَّ فِيها بِقَضاءِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَئنْ كانَتْ أحَلَّتْهَا لهُ، لأجْلِدنَّهُ مِئةً، وإنْ لم تكُنْ أحَلَّتْها لهُ: رَجَمْتُه
(2)
.
1518 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: حدثنا هُشَيْمٌ، عن أبي بِشْرٍ، عن حَبِيبِ بن سَالمٍ، عن النُّعْمانِ بن بَشِيرٍ نَحْوهُ
(3)
.
وفي البابِ عن سَلمة بن المُحَبِّق.
حديثُ النُّعْمانِ في إسْنادِهِ اضْطِرابٌ.
(1)
في (أ): العدو.
(2)
إسناده ضعيف، وأخرجه أبو داود (4458) و (4459)، وابن ماجه (2551)، والنسائي 6/ 123 و 124، وهو في "المسند"(18397).
(3)
انظر ما قبله.
تنبيه: جاء في المطبوع عقب هذا: ويُروى عن قتادة أنه قال: كتب به إليّ حبيب بن سالم. وليس في أصولنا.
سَمِعْتُ محمدًا يَقولُ: لم يَسْمَعْ قَتادةُ من حَبِيبِ بن سَالمٍ هذا الحديثَ، إنَّما رَوَاهُ عن خَالدِ بن عُرْفُطةَ، وأبو بِشْرٍ لم يَسْمَعْ من حَبيبِ بن سَالمٍ هذا الحديث أيْضًا، إنَّما رَوَاهُ عن خَالدِ بن عُرْفُطةَ.
وقد اخْتلَفَ أهْلُ العلمِ في الرَّجُلِ يَقعُ على جَاريةِ امْرَأتهِ.
فَرُوي عن غَيرِ وَاحِدٍ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ: عَليٌّ، وابن عُمرَ أنَّ عَليْهِ الرَّجْمَ.
وقال ابن مَسْعُودٍ: لَيْسَ عَليْهِ حَدٌّ، وَلكن يُعَزَّرُ.
وَذَهبَ أحمدُ، وإسحاقُ إلى مَا رَوَى النُّعْمانُ بن بَشِيرٍ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
22 - باب ما جاء في المَرْأةِ إذا اسْتُكْرهَتْ على الزِّنى
1519 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا مُعَمَّرُ بن سُليمانَ الرَّقِّيُّ، عن الحَجَّاجِ بن أرْطاةَ، عن عَبد الجَبَّارِ بن وَائِلِ بن حُجْرٍ
عن أبيهِ، قال: اسْتُكْرِهَتِ امْرَأةٌ على عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدرأَ عَنْها رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الحَدَّ، وأقَامهُ على الَّذِي أصابهَا، ولم يُذْكَرْ أنَّهُ جَعلَ لهَا مَهْرًا
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف، عِلته الحجاج بن أرطاة وأخرجه أحمد (18872)، وابن ماجه (2598).
هذا حديثٌ غريبٌ، ولَيْسَ إسْنادُهُ بمُتَّصِلٍ.
وقد رُوي هذا الحديثُ من غَيْرِ هذا الوَجْهِ.
سَمِعْتُ محمدًا يقولُ: عَبد الجَبَّارِ بن وَائلِ بن حُجْرٍ لم يَسْمَعْ من أبيهِ وَلا أدْركَهُ، يُقالُ: إنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ أبيهِ بأشْهُرٍ
(1)
.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِمْ: أنْ لَيْسَ على المُستكْرَهِ حَدٌّ.
1520 -
حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن يُوسفَ، عن إسرائيلَ، قال: حَدَّثَنا سِمَاكُ بن حَرْبٍ، عن عَلْقمةَ بن وَائِلٍ الكِنْدِيِّ
عن أبيهِ: أنَّ امْرأةً خَرجَتْ على عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم تُرِيدُ الصَّلاةَ، فَتلقَّاها رَجُلٌ فَتجلَّلهَا، فَقضَى حَاجتهُ مِنْهَا فَصاحَتْ فَانْطلقَ، وَمَرَّ عَليهَا رَجُلٌ، فقالت: إنَّ ذاكَ الرَّجُلَ فَعلَ بِي كَذا وَكذا، وَمرَّتْ بِعِصابةٍ من المُهاجِرينَ، فقالت: إنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ فَعلَ بِي كَذا وَكذا، فَانْطَلقُوا فأخَذُوا الرَّجُلَ الَّذِي ظَنَّتْ أنَّهُ وَقعَ عَليْهَا فأتوْهَا، فقالت: نعَمْ هو هذا، فأتَوْا بهِ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلمَّا أمرَ بهِ لِيُرْجمَ
(1)
هذا القول ضعيف، فقد ثبت من طريق صحيح عند أبي داود (733)، والطحاوي 1/ 151، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2619) من طريق محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر، قال: كنتُ غلامًا لا أعقلُ صلاة أبي، قال: فحدثني علقمة بن وائل، عن أبيه قال: صليتُ
…
وقد انقلب اسم علقمة بن وائل عند هؤلاء الثلاثة إلى وائل بن علقمة، وهو وهم نبّه عليه المزي في "تحفة الأشراف" 9/ 88 - 89.
قامَ صاحِبُها الَّذِي وَقعَ عَليْهَا، فقال: يا رَسولَ اللهِ أنا صاحِبُها، فقال لَها:"اذْهَبي فقد غَفرَ اللهُ لكِ". وقال لِلرَّجُلِ قَوْلًا حَسنًا، وقال لِلرَّجُلِ الَّذي وَقعَ عَليْهَا:"ارْجُمُوهُ". وقال: "لقد تابَ تَوْبةً لو تابهَا أهْلُ المَدِينَةِ لَقُبِلَ مِنْهُمْ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ صحيحٌ، وَعَلْقمةُ بن وَائِلِ بن حُجْرٍ سَمعَ من أبيهِ وهو أكْبَرُ من عَبد الجَبَّارِ بن وَائلٍ، وَعَبد الجبارِ بن وائل لم يَسْمَعْ من أبيهِ.
23 - باب ما جاء فِيمَنْ يَقعُ على البهِيمَةِ
1521 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَمْرٍو السَّوَّاقُ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ العَزِيز بن محمدٍ، عن عَمْرِو بن أبي عَمْرٍو، عن عِكْرمَةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من وَجدْتُمُوهُ وَقعَ على بَهِيمةٍ، فاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا البَهِيمَةَ"، فَقِيلَ لابن عبَّاسٍ: ما شَأْنُ البَهِيمَةِ؟ فقال: ما سَمِعْتُ من رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ذلكَ شَيْئًا، ولكِنْ أرَى رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ أنْ يُؤْكَلَ من لَحْمِها أوْ يُنْتفَعَ بِها، وقد عُمِلَ بِها ذلكَ العَملُ
(2)
.
(1)
إسناده حسن، سماك بن حرب صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (4379)، وهو في "المسند"(27240).
(2)
ضعيف عمرو بن أبي عمر مولى المطلب - وإن وثقه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم والعجلي - ضعفه ابن معين والنسائي وعثمان الدارمي لروايته عن عكرمة هذا الحديث، وقال العجلي: أنكروا عليه حديث البهيمة، وقال البخاري: لا أدري =
هذا حديثٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ عَمْرِو بن أبي عَمْرٍو، عن عِكْرمةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ورَوَى سُفيانُ الثَّوْرِيُّ، عن عَاصمٍ، عن أبي رَزِيْنٍ، عن ابن عَبَّاسٍ أنَّهُ قال: من أتَى بَهِيمةً، فَلا حَدَّ عَليهِ.
1522 -
حَدَّثَنا بذلك محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ الثَّوْرِيُّ
(1)
. وهذا أصَحُّ مِن الحديثِ الأوَّلِ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ. وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
24 - باب ما جاء في حَدِّ اللُّوطِيَّ
1523 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَمْرٍو السَّوَّاقُ، قال: حَدَّثَنا عَبد العَزِيزِ بن محمدٍ، عن عَمْرِو بن أبي عَمْرٍو، عن عِكْرمةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من وَجَدْتُمُوهُ يَعْملُ عَملَ قَوْمِ لُوطٍ، فاقْتُلُوا الفاعِلَ والمَفْعُولَ بهِ"
(2)
.
= سمعه عن عكرمة أم لا، وقال أيضًا: عمر بن أبي عمرو صدوق لكنه روى عن عكرمة مناكير، وقال أبو داود: ليس هو بذاك، حدَّث بحديث البهيمة، وقد روى عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس: ليس على من أتى بهيمة حدٌّ، وقال الساجي: صدوق إلا أنه يَهِمُ، وأخرجه أبو داود (4464)، وابن ماجه (2564)، والنسائي في "الكبرى"(7340)، وهو في "المسند"(2420). وانظر بسط القول فيه.
(1)
أخرجه أبو داود (4465)، والنسائي في "الكبرى"(7341) وضعفه.
(2)
ضعيف، فإن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب روايته عن عكرمة ضعيفة، كما سلف بيانه في الحديث السالف، وأخرجه أبو داود (4462)، وابن ماجه =
وفي البابِ عن جابرٍ، وأبي هُريرةَ.
وإنَّما يُعْرَفُ هذا الحديثُ عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من هذا الوَجْهِ. ورَوَى محمدُ بن إسحاق
(1)
هذا الحديثَ عن عَمْرِو بن أبي عَمْرٍو، فقال: مَلْعُونٌ من عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، ولم يَذْكُرْ فيهِ القَتْلَ، وَذَكَرَ فيهِ: مَلْعُونٌ من أتَى بَهِيمةً.
وقد رُوِي هذا الحديثُ عن عَاصِمِ بن عُمرَ، عن سُهَيْلِ بن أبي صَالحٍ، عن أبيهِ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"اقتُلُوا الفاعِلَ والمَفعُولَ بهِ"
(2)
.
هذا حديثٌ في إسْنادِهِ مقالٌ، وَلا نعلم أحدًا رَوَاهُ عن سُهَيْلِ بن أبي صالحٍ غَيْرَ عَاصِمِ بن عُمرَ العُمَرِيِّ، وعَاصمُ بن عُمرَ يُضَعَّفُ في الحديثِ من قِبَلِ حِفْظِهِ.
واخْتلَفَ أهْلُ العلمِ في حَدِّ اللُّوطِيِّ: فَرَأى بَعْضُهمْ أنَّ عَليْهِ الرَّجْمَ، أحْصنَ أوْ لم يُحْصِنْ، وهذا قَوْلُ مالكٍ، والشَّافِعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ من فُقَهاءِ التَّابِعينَ، مِنْهُم: الحَسنُ
= (2561)، وهو في "المسند"(2727).
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(7337) مرفوعًا بلفظ: لعن الله من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط ثلاثًا.
(1)
تابعه عبد العزيز الدراوردي عند النسائي في "الكبرى"(7337).
(2)
إسناده ضعيف، لضعف عاصم بن عمر، وأخرجه ابن ماجه (2562).
البَصْرِيُّ، وإبراهيمُ النَّخَعيُّ، وعَطاءُ بن أبي رَباحٍ، وغَيرُهُمْ، قالوا: حَدُّ اللُّوطِيَّ حَدُّ الزَّانِي، وهو قَوْلُ الثَّوْرِيَّ، وأهْلِ الكُوفَةِ.
1524 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، قال: حَدَّثَنا هَمَّامٌ، عن القَاسمِ بن عَبد الواحدِ المَكِّيِّ، عن عَبد اللهِ بن محمدِ بن عَقِيل
أنَّهُ سَمعَ جَابرًا يَقولُ: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ على أُمَّتي عَملُ قَوْمِ لُوطٍ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، إنَّما نَعْرِفهُ من هذا الوَجْهِ عن عَبد اللهِ بن محمدِ بن عَقِيل بن أبي طالبٍ، عن جابرٍ.
25 - باب ما جاء في المُرْتَدِّ
1525 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن عَبْدةَ الضَّبِّيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الوهَّابِ الثَّقَفِيّ، قال: حَدَّثَنا أيُّوبُ
عن عِكْرمةَ: أنَّ عَليًّا حَرَّقَ قَوْمًا ارْتَدُّوا عن الإسْلامِ، فَبلغَ ذلكَ ابن عَبَّاسٍ، فقال: لو كُنْتُ أنا لَقَتلْتُهُمْ بِقَوْلِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بَدَّلَ دِينهُ فاقْتُلُوهُ". ولم أكُنْ لأُحَرِّقَهُمْ، لأنَّ رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُعَذِّبُوا بِعذَابِ اللهِ"، فَبلغَ ذلكَ عَليًّا، فقال: صَدقَ ابن عَبَّاسٍ
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، تفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل ولم يتابع عليه، وقد ضعفه الأئمة، وأخرجه ابن ماجه (2563)، وهو في "المسند"(15093).
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3017)، وأبو داود (4351)، وابن ماجه (2535)، والنسائي 7/ 104 و 105، وهو في "المسند"(1871)، و"صحيح =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ في المُرْتَدِّ، واخْتلَفُوا في المَرْأةِ إذا ارْتَدَّتْ عن الإسْلامِ: فقالت طائِفَةٌ مِن أهْلِ العلمِ: تُقْتَلُ، وهو قَوْلُ الأوْزَاعِيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ. وقالت طائِفةٌ مِنْهُمْ: تُحْبَسُ ولا تُقْتلُ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، وغَيْرِهِ من أهْلِ الكُوفَةِ.
26 - باب ما جاء فِيمَنْ شَهرَ السِّلاحَ
1526 -
حَدَّثَنا أبو كُريبٍ وأبو السَّائِبِ، قالا: حَدَّثَنا أبو أُسَامةَ، عن بُرَيْد بن عَبد اللهِ بن أبي بُرْدَةَ، عن جَدِّهِ أبي بُرْدةَ
عن أبي موسى، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من حَملَ عَليْنا السِّلاحَ، فَلَيْسَ مِنَّا"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عُمرَ، وابن الزُّبَيْرِ، وأبي هُريرةَ، وسَلمةَ بن الأكْوَعِ.
حديثُ أبي موسى حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
27 - باب ما جاء في حَدِّ السَّاحرِ
1527 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن إسماعيلَ
= ابن حبان" (4476) و (5606).
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (7071)، ومسلم (100)، وابن ماجه (2577)، وهو في "شرح المشكل"(1325).
ابن مُسْلمٍ، عن الحَسنِ
عن جُنْدُبٍ، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبةٌ بِالسَّيْفِ"
(1)
.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفهُ مَرْفُوعًا إلَّا من هذا الوَجْهِ، وإسماعيلُ بن مُسْلمٍ المَكِّيُّ يُضَعَّفُ في الحديثِ من قِبَلِ حِفْظهِ، وإسماعيلُ بن مُسْلمٍ العَبْدِيُّ البَصْرِيُّ، قال وَكِيعٌ: هو ثِقةٌ، ويَرْوِي عن الحَسنِ أيضًا، والصَّحيحُ عن جُندُبٍ مَوْقُوفًا.
والعملُ على هذا الحديث عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ، وهو قَوْلُ مالكِ بن أنَسٍ.
وقال الشَّافِعيُّ: إنَّما يُقْتلُ السَّاحِرُ إذا كانَ يَعْمَلُ مِن سِحْرهِ ما يَبْلُغُ الكُفْرَ، فإذا عَمِلَ عَملًا دُونَ الكُفْرِ، فلم يَرَ عَليْهِ قَتْلًا.
28 - باب ما جاء في الغَالِّ ما يُصْنعُ بهِ
1528 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَمْرٍو، قال: حَدَّثَنا عَبدُ العَزِيزِ بن محمدٍ، عن صَالح بن محمدِ بن زَائِدَةَ، عن سَالمِ بن عَبد اللهِ بن عمر، عن عَبد اللهِ بن عُمرَ
عن عُمرَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"من وَجَدْتُموهُ غلَّ في سَبِيلِ اللهِ، فأَحْرِقُوا مَتاعَهُ". قال صَالحٌ: فَدخلْتُ على مَسْلمةَ
(1)
إسناده ضعيف، وأخرجه الطبراني (1665) و (1666)، والدارقطني 3/ 114، والحاكم 4/ 360، والبيهقي 8/ 136.
وَمعهُ سَالمُ بن عَبد اللهِ، فَوجدَ رَجُلًا قد غَلَّ، فَحدَّثَ سَالمٌ بهذا الحديثِ، فأمرَ بهِ فأُحْرِقَ مَتاعُهُ، فَوُجِدَ في مَتاعهِ مُصْحَفٌ، فقال سَالمٌ: بِعْ هذا وَتصدَّقْ بثَمنهِ
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من هذا الوَجْهِ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ الأوْزَاعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
وسَألْت محمدًا عن هذا الحديثِ، فقال: إنَّما رَوَى هذا صَالحُ بن محمدِ بن زَائِدةَ وهو: أبو وَاقدٍ اللّيْثِيُّ، وهو مُنكَرُ الحديثِ.
قال محمدٌ: وقد رُوي في غَيْرِ حديثٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الغَالِّ، ولم يأمُرْ فيهِ بحَرْقِ مَتاعهِ، وقال: هذا حديثٌ غريبٌ.
29 - باب ما جاء فِيمَنْ يَقولُ للآخَر: يا مُخَنَّثُ
1529 -
حَدَّثَنا محمدُ بن رَافعٍ، قال: حَدَّثَنا ابنُ أبي فُدَيْكٍ، عن إبراهيمَ بن إسماعيلَ بن أبي حَبِيبةَ، عن دَاوُد بن الحُصَيْنِ، عن عِكْرمةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا قال الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: يا يَهُودِيُّ، فاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ، وإذا قال: أي مُخَنَّثُ، فَاضْرِبُوهُ
(1)
إسناده ضعيف، لضعف صالح بن محمد بن زائدة وأخرجه أبو داود (2713)، وهو في "المسند"(144).
عِشْرِينَ، ومن وَقعَ على ذَات مَحْرَمٍ فاقْتُلُوهُ"
(1)
.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من هذا الوَجْهِ، وَإبراهيمُ بن إسماعيلَ يُضَعَّفُ في الحديثِ.
وقد رُوي عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم من غَيرِ وَجْهٍ، رَوَاهُ البَرَاءُ بن عَازِبٍ، وَقُرَّةُ بن إياسٍ المُزَنِيُّ: أنَّ رَجُلًا تزوَّجَ امْرأةَ أبيهِ، فأمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقَتْلهِ
(2)
.
والعملُ على هذا عند أصحابِنا، قالوا: مَن أَتى ذاتَ مَحْرَمٍ وهو يعلمُ، فعليه القتلُ. وقال أحمدُ: من تَزوَّج أُمَّهُ قُتِلَ. وقال إسحاق: مَن وَقَعَ على ذات مَحْرَمٍ قُتِلَ.
30 - باب في التَّعْزِيرِ
1530 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن يَزِيدَ بن أبي حَبِيبٍ، عن بُكَيْرِ بن عَبد اللهِ بن الأشَجِّ، عن سُليْمانَ بن يَسارٍ، عن عَبد الرحمنِ بن جَابرِ بن عَبد اللهِ
عن أبي بُرْدةَ بن نِيَارٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يُجْلَدُ
(1)
إسناده ضعيف، وأخرجه ابن ماجه (2568)، والطبراني (11580) و (11594)، والدارقطني 3/ 126، والبيهقي 8/ 252 - 253، وضعفه.
وقال أبو حاتم في "العلل" 1/ 455: هذا حديث منكر لم يروه غير ابن أبي حبيبة.
(2)
حديث ضعيف لاضطرابه، وأخرجه أحمد (18557) من حديث البراء، وانظر عنده تخريج حديث قرة بن إياس.
فَوْقَ عَشْرِ جَلَداتٍ إلَّا في حَدٍّ من حُدُودِ اللهِ"
(1)
وقد رَوَى هذا الحديثَ ابن لَهِيعةَ عن بُكَيْرٍ فَأخْطأ فيهِ، وقال: عن عَبد الرحمنِ بن جَابرِ بن عَبد اللهِ، عن أبيهِ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(2)
، وهو خَطَأٌ، وَالصَّحِيحُ حديثُ اللَّيْثِ بن سَعْدٍ، إنَّما هو: عَبد الرحمنِ بن جَابرِ بن عَبد اللهِ، عن أبي بُرْدةَ بن نِيارٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وهذا حديث غريب
(3)
لا نعرفه إلا من حديث بكير بن الأشجِّ.
وقد اخْتلفَ أهْلُ العلمِ في التَّعْزِيرِ، وَأحْسنُ شَيْءٍ رُوِي في التَّعْزِيرِ هذا الحديثُ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6848)، ومسلم (1708)، وأبو داود (4491) و (4492)، وابن ماجه (2601)، والنسائي في "الكبرى"(7330) - (7332)، وهو في "المسند"(15832)، و"صحيح ابن حبان"(4452)، وانظر "فتح الباري" 12/ 177.
(2)
قلنا: رواية ابن لهيعة هي في "المسند"(15834) من رواية عبد الرحمن بن جابر، عن أبي بردة بن نيار، وليست من رواية عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، كما ظن المصنف.
(3)
في نسخة في (ب): حسن غريب.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الصيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء ما يُؤْكَلُ من صَيْدِ الكَلْبِ وَما لا يُؤْكَلُ
1531 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا قَبِيصةُ، قال: حدثنا سفيانُ، عن مَنْصُورٍ، عن إبراهيمَ، عن هَمَّامِ بن الحارثِ
عن عَدِيِّ بن حَاتمٍ، قال: قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ إنَّا نُرْسلُ كِلابًا لنا مُعلَّمةً. قال: "كُلْ ما أمْسكْنَ عَليْكَ". قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، وَإنْ قَتلْنَ؟ قال:"وَإنْ قَتلْنَ ما لم يَشْرَكْها كَلْبٌ من غَيْرِها". قال: قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ إنَّا نَرْمِي بالمِعْرَاضِ. قال: "مَا خَزقَ فَكُلْ، وَما أصابَ بِعَرْضهِ، فَلا تأكُلْ"
(1)
.
1531/ م - حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن يُوسفَ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن مَنْصُورٍ نحْوهُ، إلَّا أنَّهُ قال: وَسُئِلَ عن المِعْرَاضِ
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5477)، ومسلم (1929)، وأبو داود (2847) - (2851)، وابن ماجه (3212) و (3214) و (3215)، والنسائي 7/ 179 - 184 و 194، وهو في "المسند"(18245)، و"صحيح ابن حبان"(5881).
(2)
صحيح، وانظر ما قبله.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1532 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، قَال: أخبرنا الحَجَّاجُ، عن مَكْحُولٍ، عن أبي ثَعْلبةَ. والحَجَّاجُ، عن الولِيدِ بن أبي مَالكٍ، عن عائِذِ اللهِ بن عَبد اللهِ
أنَّه سَمِعَ أبا ثَعلبةَ الخُشَنِيَّ، قال: قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ إنَّا أهْلُ صَيْدٍ، فقال:"إذا أرْسَلْتَ كَلْبكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عَليْهِ، فَأمْسَكَ عَليْكَ، فَكُلْ"، قُلْتُ: وَإنْ قَتلَ، قال:"وَإنْ قَتلَ". قُلْتُ: إنَّا أهْلُ رَمْي. قال: "ما رَدَّتْ عَليْكَ قَوْسُكَ فَكُلْ". قال: قُلْتُ: إنَّا أهْلُ سَفرٍ نَمُرُّ باليَهُودِ والنَّصَارى وَالمَجُوسِ فَلا نَجدُ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ. قال: "فإنْ لم تَجِدُوا غَيْرَها، فَاغْسِلُوها بالمَاءِ، ثُمَّ كُلُوا فِيها وَاشْرَبوا"
(1)
.
وفي البابِ عن عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ.
وهذا حديثٌ حَسنٌ
(2)
.
وعائذ الله: هو أبو إدريسَ الخَوْلاني
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5478)، ومسلم (1930)، وأبو داود (2852) و (2855) و (2856)، وابن ماجه (3207)، والنسائي 7/ 181 وهو في "المسند"(17748)، و"صحيح ابن حبان"(5879).
وقوله: ما ردت عليك قوسك فكل. أي: ما صدت بسهمك، وفي رواية ابن حبان: فما صدت بقوسك، فَكُلْ منه.
(2)
في المطبوع: حسن صحيح.
(3)
في المطبوع زيادة: واسم أبي ثعلبة الخشني: جرثوم، ويقال: جُرثُم بن ناشم، ويقال: ابن قيس.
2 - باب ما جاء في صَيْدِ كلْبِ المَجُوسِ
1533 -
حَدَّثَنا يُوسفُ بن عيسى، قَال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، قَال: حَدَّثَنا شَرِيك، عن الحَجَّاجِ، عن القَاسمِ بن أبي بَزَّةَ، عن سُليْمانَ اليَشْكُريِّ
عن جَابرِ بن عَبد اللهِ، قال: نُهِينا عن صَيْدِ كَلْبِ المَجُوسِ
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من هذا الوَجْهِ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ: لا يُرَخِّصُونَ في صَيدِ كلْبِ المَجُوسِ.
والقاسمُ بن أبي بَزَّةَ: هو القاسمُ بن نافِعٍ المَكِّيُّ.
3 - باب ما جاء في صَيْدِ البُزاةِ
1534 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بن عَليٍّ وَهَنَّادٌ وأبو عَمَّارٍ، قالوا: حَدَّثَنا عيسى بن يُونسَ، عن مُجالِدٍ، عن الشَّعْبيِّ
عن عَدِيِّ بن حَاتمٍ، قال: سَألْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن صَيْدِ البازِي؟ فقال: "ما أمْسكَ عَليْكَ، فَكُلْ"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، شريك النخعي سيئ الحفظ، وشيخه الحجاج بن أرطاة لين ومدلس، وقد عنعنه.
وأخرجه ابن ماجه (3209)، والبيهقي 9/ 245، وقال: الحجاج لا يحتج به.
(2)
إسناده ضعيف، لضعف مجالد بن سعيد.
وأخرجه أحمد (18258)، وأبو داود (2851)، وابن أبي شيبة 5/ 366، والطبراني 17/ 168، والبيهقي 9/ 238، وقال: ذكر البازي في هذه الرواية لم يأت به الحفاظ عن الشعبي، وإنما أتى به مجالد، والله أعلم.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ مُجالدٍ، عن الشَّعْبيِّ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ لا يَروْنَ بِصَيْدِ البُزاةِ والصُّقُورِ بَأْسًا. وقال مُجاهِدٌ: البُزاةُ: هو الطَّيْرُ الَّذِي يُصادُ بهِ، من الجَوارحِ الَّتِي قال اللهُ تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4]، فَسَّرَ الكِلابَ وَالطَّيْرَ الَّذِي يُصادُ بهِ.
وقد رَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ في صَيْدِ البازِي، وَإنْ أكَلَ مِنْهُ، وَقَالوا: إنَّما تَعْليمُهُ إجابتُهُ. وكَرههُ بَعْضُهمْ، والفُقَهاءُ أكْثرُهُمْ قالوا: يأكُلُ وَإنْ أكلَ مِنْهُ.
4 - باب في الرَّجُلِ يَرْمي الصَّيْدَ فَيَغيبُ عَنْهُ
1535 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا أبو دَاوُدَ، قال: أخْبرنا شُعبةُ، عن أبي بِشْرٍ، قال: سَمِعْتُ سَعيدَ بن جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ
عن عَدِيِّ بن حَاتمٍ، قال: قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، أرْمي الصَّيْدَ فأجِدُ فيهِ من الغَدِ سَهْمي؟ قال:"إذا عَلِمْتَ أنَّ سَهْمكَ قَتلهُ ولم تَر فيهِ أثَرَ سَبُعٍ فَكُلْ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ.
وَرَوَى شُعبةُ هذا الحديثَ عن أبي بِشْرٍ وَعَبد المَلكِ بن مَيْسرةَ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه الطيالسي (1041)، والنسائي 7/ 193، وهو في "المسند"(19376).
عن سَعيدِ بن جُبَيْرٍ، عن عَدِيِّ بن حَاتمٍ
(1)
وَكِلا الحديثينِ صحيحٌ.
وفي البابِ عن أبي ثَعْلبةَ الخُشَنيِّ.
5 - باب فِيمَنْ يَرْمي الصَّيْدَ فَيجِدُهُ مَيِّتًا في المَاءِ
1536 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الله بن المُباركِ، قال: أخْبرَني عَاصمٌ الأحْوَلُ، عن الشَّعْبيِّ
عن عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، قال: سَألْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الصَّيْدِ، فقال:"إذا رَميْتَ بِسَهْمكَ، فاذْكُرِ اسْمَ اللهِ، فإنْ وَجَدْتهُ قد قَتلَ، فَكُلْ إلَّا أنْ تَجِدَهُ قد وَقعَ في مَاءٍ، فَلا تأكُلْ، فإنَّكَ لا تَدْرِي: المَاءُ قَتلهُ، أوْ سَهْمُكَ"؟
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(3)
.
1537 -
حَدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن مُجالدٍ، عن الشَّعْبِيِّ:
عن عَدِيِّ بنِ حَاتمٍ، قال: سَألْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن صَيْدِ
(1)
في المطبوع: هُنا زيادة: وعن أبي ثعلبة الخشني مثله، ولم ترد في شيء من أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5484)، ومسلم (1929)(6) و (7) وأبو داود (2849) و (4850).
(3)
في المطبوع بعد هذا الحديث عنوان: باب ما جاء في الكلب يأكل من الصيد.
الكَلْبِ المُعَلَّمِ قال: "إذا أرْسَلْتَ كَلْبكَ المُعلَّمَ
(1)
وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَكُلْ ما أمْسكَ عَليْكَ، فَإنْ أكلَ، فَلا تأكُلْ، فإنَّما أمْسكَ على نَفْسهِ". قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ أرَأيْتَ إنْ خالطَتْ كِلابَنا كِلابٌ أُخْرَى؟ قال: "إنَّما ذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ على كَلْبِكَ ولم تَذْكُرْ على غَيْرِهِ"
(2)
.
قال سُفيانُ: كَرِهَ لهُ أكْلَهُ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِهِمْ في الصَّيْدِ والذَّبيحةِ: إذا وَقعا في الماءِ أنْ لا يأكُلَ، وقال بَعْضُهمْ في الذَّبِيحةِ: إذا قُطِعَ الحُلْقُومُ، فَوقعَ في المَاءِ فَماتَ فيهِ فإنَّهُ يُؤْكَلُ، وهو قَوْلُ ابن المُبارَكِ.
وقد اخْتلفَ أهْلُ العلمِ في الكَلْبِ إذا أكلَ من الصَّيْدِ، فقال أكْثرُ أهْلِ العلمِ: إذا أكلَ الكَلْبُ مِنْهُ، فَلا يأكُلْ، وهو قَوْلُ سُفيانَ، وَعَبد اللهِ بن المُبارِك، والشَّافِعيِّ، وَأحمدَ، وَإسحاقَ.
وَرَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ في الأكْلِ مِنْهُ وإنْ أكلَ الكلْبُ مِنْهُ
(3)
.
(1)
لفظة "المعلم" أثبتناها من (س) وهامش (ب).
(2)
سلف تخريجه برقم (1531).
(3)
قال صاحب "المغني" 13/ 263، وهي رواية عن أحمد، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وسلمان وأبي هريرة، وابن عمر، حكاه عنهم الإمام أحمد، وبه قال مالك، وللشافعي قولان كالمذهبين.
6 - باب ما جاء في صَيْدِ المِعرَاضِ
(1)
1538 -
حَدَّثَنا يُوسفُ بن عيسى، قَال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، قَال: حَدَّثَنا زَكريَّا، عن الشَّعْبيِّ
عن عَدِيِّ بن حَاتمٍ، قال: سَألْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن صَيْدِ المِعْرَاضِ، فقال:"ما أصَبْتَ بِحَدِّهِ، فَكُلْ، وَما أصَبْتَ بِعَرْضهِ، فهو وَقِيذٌ"
(2)
.
1539 -
حَدَّثَنا ابنُ أبي عُمرَ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن زَكَرِيَّا، عن الشَّعْبِيِّ، عن عَدِيِّ بن حَاتِمٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوهُ
(3)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(4)
.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ.
7 - باب ما جاء في الذَّبح بالمَرْوةِ
(5)
1540 -
حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى قال: حَدَّثَنا عَبد الأعْلى، عن سَعيدٍ، عن قَتادةَ، عن الشَّعْبيِّ
(1)
المِعْراض، قال في "النهاية" 3/ 215: بالكسر: سهْم بلا ريش ولا نَصْل، وإنما يُصيب بعرضه دون حَدِّه.
(2)
سلف تخريجه برقم (1531).
والوقيذ، بالذال المعجمة، وهو فعيل بمعنى مفعول: وهو المقتول بغير محدّد، ومنه قوله تعالى:{وَالْمَوْقُوذَةُ} ، قاله العراقي.
(3)
صحيح، وانظر ما قبله.
(4)
في (ظ) ونسخة بهامش (ب): حسن صحيح.
(5)
قال صاحب "النهاية" 4/ 323: المَرْوة: حجرٌ أبيضُ برّاقٌ، وقيل: هي التي يُقدَحُ منها النار.
عن جَابرِ بن عَبد اللهِ: أنَّ رَجُلًا من قَوْمهِ صَادَ أرْنبًا أو ثِنْتَيْنِ، فَذَبَحهُما بِمَرْوةٍ، فَتعَلَّقَهُما حتَّى لَقِي رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسألهُ فَأمرَهُ بأكْلِهِما
(1)
.
وفي البابِ عن محمدِ بن صَفْوانَ، وَرَافعٍ، وَعَدِيِّ بن حَاتمٍ.
وقد رَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ في أنْ يُذَكَّى بِمَرْوةٍ، ولم يَروْا بأكْلِ الأرْنبِ بَأسًا، وهو قَوْلُ أكْثَرِ أهْلَ العلمِ، وقد كَرِهَ بَعْضُهمْ أكْلَ الأرْنبِ.
وقد اخْتلفَ أصْحابُ الشَّعْبيِّ في رِوَايةِ هذا الحديثِ فَرَوى دَاوُدُ بن أبي هِنْدٍ، عن الشَّعْبيِّ، عن محمدِ بن صَفوَانَ. وَرَوَى عَاصمٌ الأحْوَلُ، عن الشَّعْبيِّ، عن صَفْوانَ بن محمدٍ أوْ محمدِ بن صَفْوانَ، وَمحمدُ بن صَفْوانَ أصَحُّ
(2)
.
وَرَوَى جَابرٌ الجُعْفيُّ، عن الشَّعْبيِّ، عن جَابرِ بن عَبد اللهِ نَحو حديثِ قَتادةَ، عن الشَّعْبيِّ. وَيُحْتملُ أن يكون الشَّعْبيُّ رَوَى عَنْهُما
(1)
صحيح لغيره وهذا إسناد فيه انقطاع، فإن قتادة لم يسمع من الشعبي.
وأخرجه أحمد (14486)، والبيهقي 9/ 321.
وأخرجه من حديث الشعبي، عن محمد بن صفوان: أبو داود (2822)، وابن ماجه (3175)(3244)، والنسائي 7/ 197 و 225، وهو في "المسند"(15870) و (15871)، و"صحيح ابن حبان"(5887).
وفي الباب عن كعب بن مالك عند البخاري (2304)، وهو في "مسند أحمد"(15765).
(2)
خُرِّجَ عند الحديث (1540).
جميعًا، قال محمدٌ: حديثُ الشَّعْبيِّ، عن جَابرٍ غَيْرُ مَحْفُوظٍ.
8 - باب في كَرَاهِيةِ أكْلِ المَصْبُورَةِ
(1)
1541 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، قَال: حَدَّثَنا عَبدُ الرَّحيمِ بن سُليْمانَ، عن أبي أيُّوبَ الإفْرِيقيِّ، عن صَفْوانَ بن سُليْمٍ، عن سَعيدِ بن المُسَيَّبِ
عن أبي الدَّرْدَاءِ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن أكْلِ المُجَثَّمةِ، وَهِي الَّتِي تُصْبَرُ بالنَّبْلِ
(2)
.
وفي البابِ عن عِرْباضِ بنِ سَارِيةَ، وأنَسٍ، وابن عُمرَ، وابن عَبَّاسٍ، وجابرٍ، وأبي هُريرةَ.
وحديثُ أبي الدَّرْدَاءِ حديثٌ غريبٌ.
1542 -
حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى وَغَيْرُ وَاحدٍ، قَالوا: حَدَّثَنا أبو عاصمٍ، عن وَهْبِ بن خَالدٍ، قَال: حَدَّثَتْني أُمُّ حَبِيبةَ بِنْتُ العِرْباضِ بن سَاريةَ
عن أبِيها: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى يَوْمَ خَيْبَرَ عن كُلِّ ذِي نابٍ من السَّبُع، وعن كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِن الطَّيْرِ، وعن لُحُوم الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ، وعن المُجَثَّمةِ، وعن الخَلِيسةِ، وَأنْ تُوطَأ الحَبالَى حتَّى
(1)
في المطبوع قبل هذا الباب عنوان: أبواب الأطعمة.
والمصبورة: المقتولة صَبْرًا، قال في "النهاية" 3/ 8: هو أن يُمسَك شيء من ذوات الرُّوح حيًا، ثم يُرمَى بشيء حتى يموت.
(2)
صحيح لغيره، وأخرجه الحميدي (397).
وله شاهد من حديث ابن عباس عند أحمد (1989) وغيره، وإسناده صحيح، وانظر ما بعده.
يَضعْنَ ما في بُطُونِهنَّ
(1)
.
قال محمدُ بن يحيى - هو القُطَعي -: سُئِلَ أبو عَاصمٍ عن المُجثَّمةِ، فقال: أنْ يُنْصبَ الطَّيْرُ أوْ الشَّيْءُ فَيُرْمى، وَسُئِلَ عن الخَلِيسةِ، فقال: الذِّئْبُ أوِ السَّبُعُ يُدْرِكُهُ الرَّجُلُ، فَيأْخُذ مِنْهُ، فَتموتُ في يَدهِ قَبْلَ أن يُذَكِّيَها.
1543 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَبد الأعْلَى، قال: حَدَّثَنا عَبد الرزَّاقِ، عن الثَّوْرِيِّ، عن سِماكٍ، عن عِكْرمةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُتَّخذَ شَيْءٌ فيهِ الرُّوحُ غَرضًا
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(3)
.
9 - باب في ذَكَاةِ الجَنِينِ
1544 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا يحيى بن سَعيدٍ، عن مُجالدٍ (ح)
وَحدَّثَنا سُفيانُ بن وَكِيعٍ، قال: حَدَّثَنا حَفْصُ بن غِياثٍ، عن مُجالدٍ، عن أبي الوَدَّاكِ
(1)
صحيح لغيره، وأخرجه أحمد (17153)، وانظر تتمة تخريجه فيه. وسيأتي مختصرًا عند المصنف برقم (1652).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1957)، وابن ماجه (3187)، والنسائي 7/ 237 - 239، وهو في "المسند"(2480)، و"صحيح ابن حبان"(5608).
(3)
جاء في المطبوع بإثر هذا: والعمل عليه عند أهل العلم.
عن أبي سَعيدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"ذَكَاةُ الجَنينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ"
(1)
.
وفي البابِ عن جَابرٍ، وأبي أُمامةَ، وأبي الدَّرْدَاءِ، وأبي هُريرةَ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ
(2)
. وقد رُوِي من غَيْر هذا الوَجْهِ عن أبي سَعيدٍ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ، وهو قَوْلُ سُفيانَ، وابن المُباركِ، وَالشَّافِعيَّ، وَأحمدَ، وَإسحاقَ.
وأبو الوَدَّاكِ اسْمُه: جَبْرُ بن نَوْفٍ.
10 - باب في كَرَاهِيةِ
(3)
كُلِّ ذِي نابٍ وَذِي مِخْلَبٍ
1545 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن الحَسنِ، قَال: حَدَّثَنا عَبد اللهِ بن مَسْلمةَ، عن مَالكِ بن أنَسٍ، عن ابن شِهَابٍ
عن أبي إدْريسَ الخَوْلانيِّ، عن أبي ثَعْلبةَ الخُشَنيِّ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن كُلِّ ذِي نابٍ من السِّبَاعِ
(4)
.
(1)
صحيح بطرقه وشواهده، وأخرجه أبو داود (2827)، وابن ماجه (3199)، وهو في "المسند"(11260)، و"صحيح" ابن حبان (5889).
(2)
في نسخة بهامش (ب)، وفي المطبوع: حسن صحيح.
(3)
لفظ الكراهة يراد به الحرام عند السلف كما بيناه في المقدمة.
(4)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5530)، ومسلم (1932)، وأبو داود =
1546 -
حَدَّثَنا سَعيدُ بن عَبد الرحمنِ وَغَيْرُ وَاحدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن الزُّهْرِيِّ، بهذا الإسناد، نَحوهُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو إدْريسَ الخولانيُّ اسْمهُ: عَائِذُ اللهِ بن عَبد اللهِ.
1547 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا أبو النَّضْرِ، قَال: حَدَّثَنا عِكْرمةُ بن عَمَّارٍ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلمةَ
عن جَابرٍ، قال: حَرَّمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْني يَوْمَ خَيْبَرَ - الحُمُرَ الإنسيَّةَ، وَلحُومَ البِغَالِ، وَكُلَّ ذِي نابٍ من السِّباعِ، وَذِي مِخْلَبٍ من الطَّيْرِ
(2)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وَعِرْباضِ بن سَاريةَ، وابن عَبَّاسٍ.
وحديثُ جابرٍ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
1548 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا عَبد العَزِيزِ بن محمدٍ، عن محمدِ بن عَمْرٍو، عن أبي سَلمةَ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ كُلَّ ذِي نابٍ من السِّبَاعِ
(3)
.
= (3802)، وابن ماجه (3232)، والنسائي 7/ 200 - 201، وهو في "المسند"(17735)، و"صحيح ابن حبان"(5279).
(1)
صحيح، وانظر ما قبله.
(2)
حديث حسن، وأخرجه أحمد (14463).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (8789).
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ، وهو قَوْلُ عَبد اللهِ بن المُباركِ، وَالشَّافِعيِّ، وَأحمدَ، وَإسحاقَ.
11 - باب ما قُطِعَ من الحَيِّ فهو مَيِّتٌ
1549 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَبد الأعْلَى الصَّنْعانيُّ، قَال: حَدَّثَنا سَلمةُ بن رَجاءٍ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن عَبد اللهِ بن دِينارٍ، عن زَيْدِ بن أسْلمَ، عن عَطاءِ بن يَسارٍ
عن أبي وَاقدٍ اللَّيْثيِّ، قال: قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وَهُمْ يَجُبُّونَ أسْنِمَةَ الإبلِ، وَيَقْطَعُونَ ألَياتِ الغَنمِ، فقال: "ما يُقْطَعُ من البَهيمةِ وهي حَيَّةٌ، فَهو
(1)
مَيْتةٌ"
(2)
.
1550 -
حَدَّثَنا إبراهيمُ بن يَعْقُوبَ، قَال: حَدَّثَنا أبو النَّضْرِ، عن عَبد الرحمنِ بن عَبد اللهِ بن دِينارٍ نَحوَهُ
(3)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ زَيْدِ بن
(1)
المثبت من نسخة بهامش (ظ) أي: المقطوع وفي سائر الأصول: "فهي"، أي: القطعة.
(2)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (2858)، وهو في "المسند"(21903)، وهذا خاص بألية الغنم وسنام البعير دون الشرع والوبر مما لا تحله الحياة.
(3)
انظر ما قبله.
أسْلمَ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ.
وأبو وَاقدٍ اللَّيْثيُّ اسْمُه: الحارثُ بن عَوْفٍ.
12 - باب في الذَّكاةِ في الحَلْقِ واللَّبَّةِ
1551 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ ومحمدُ بن العلاءِ، قَالا: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن حَمَّادِ بن سَلمةَ (ح)
وحدثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، قال: أخبرنا حَمَّادُ بن سَلمةَ، عن أبي العُشَرَاءِ
عن أبيهِ، قال: قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ أما تكُونُ الذَّكاةُ إلَّا في الحَلقِ وَاللَّبَّةِ؟ قال: "لو طَعنْتَ في فَخِذِها لأجْزَأ عَنْكَ"
(1)
.
قال أحمدُ بن مَنِيعٍ: قال يَزِيدُ بن هارُونَ: هذا في الضَّرُورةِ.
وفي البابِ عن رَافعِ بن خَدِيجٍ
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، لجهالة أبي العشراء وأبيه، قال أحمد: هو عندي غلط ولا يعجبني ولا أذهب إليه إلا في موضع الضرورة. وأخرجه أبو داود (2825)، وابن ماجه (3184)، والنسائي 7/ 228، وهو في "المسند"(18947).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (8481)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(4380)، وفيه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحُليفة من تهامة
…
ثم إن ناضحًا تردَّى في بئر بالمدينة فذُكّي من قبل شاكِلَته - يعني خاصرته -، فأخذ منه عمر عشيرًا بدرهم. وإسناده صحيح، وأصله في "صحيح البخاري"(2488)، و"صحيح مسلم"(1968) دون ذكر قصة الناضح. وانظر "المسند"(15806).
وهذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ حَمَّادِ بن سَلمةَ، ولا نَعْرِفُ لأبي العُشَرَاءِ، عن أبيهِ غَيْرَ هذا الحديثِ.
وَاخْتلفُوا في اسْمِ أبي العُشَراءِ، فقال بَعْضُهمْ: اسْمهُ أُسَامةُ بن قِهْطِمَ، وَيُقالُ: يَسارُ بن بَرْزٍ، وَيُقالُ: ابن بَلْزِ، وَيُقالُ: اسْمه عُطارِدٌ، نُسِبَ إلى جَدِّهِ.
13 - باب في قَتْلِ الوَزَغِ
(1)
1552 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، قَال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن سُفيانَ، عن سُهَيْل بن أبي صَالح، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "من قَتلَ وَزَغةً بالضَّرْبةِ الأُولَى، كانَ لهُ كَذَا وَكَذَا حَسنةً، فإنْ قَتلهَا في الضَّرْبةِ الثَّانِيةِ، كانَ لهُ كَذَا وَكَذا حَسنةً، فإنْ قَتلهَا في الضَّرْبةِ الثَّالِثة، كانَ لهُ كَذَا وَكذَا حَسنةً"
(2)
.
وفي البابِ عن ابن مَسْعُودٍ، وَسَعْدٍ، وَعَائشةَ، وَأُمِّ شَرِيكٍ.
وحديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
14 - باب في قَتْلِ الحَيَّاتِ
1553 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابن شِهابٍ، عن سَالم بن عَبد اللهِ
(1)
في المطبوع قبل هذا عنوان: أبواب الأحكام والفوائد.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2240)، وأبو داود (5263)، وابن ماجه (3229)، وهو في "المسند"(8659).
عن أبيهِ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْتُلُوا الحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذا الطُّفيَتَيْنِ والأبْتَرَ، فإنْهُما يَلْتَمِسانِ البَصرَ، ويُسْقِطانِ الحَبَلَ"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن مَسْعُودٍ، وَعَائشةَ، وأبي هُريرةَ، وَسَهْلِ بن سَعْدٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رُوِي عن ابن عُمرَ، عن أبي لُبابةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى بَعْدَ ذلكَ عن قَتْلِ جِنَّان البُيُوتِ، وهي العَوَامرُ
(2)
. ويُرْوى عن ابن عُمرَ، عن زَيْدِ بن الخَطّابِ أيْضًا. وقال عَبد اللهِ بن المُباركِ: إنَّما يُكْرهُ من قَتْلِ الحَيَّاتِ، الحَيَّةُ الَّتي تكُونُ دَقِيقةً كأنَّها فِضَّةٌ
(3)
وَلا
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3297)، ومسلم (2233)، وأبو داود (5252)، وابن ماجه (3535)، وهو في "المسند"(4557)، و"صحيح ابن حبان"(5638).
قوله: "ذا الطفيتين": حية خبيثة على ظهرها خطان أسودان.
"والأبتر" قيل: هو الذي يشبه المقطوع الذنب لقصر ذنبه.
وقوله: يلتمسان البصر، أي: يخطفان ويطمسان.
(2)
حديث صحيح، وقوله: وهي العوامر. قال الحافظ: هو كلام الزهري أدرج في الخبر، وقد بينه معمر في روايته عن الزهري فساق الحديث وقال في آخره: قال الزهري: وهي العوامر.
وأخرجه البخاري (3298)، ومسلم (2233)، وأبو داود (5253) - (5255)، وهو في "المسند"(15547).
قوله: "جنان" بكسر الجيم وتشديد النون: جمع جان: الحية الخفيفة.
(3)
في نسخة بهامش (ظ): قصبة.
تَلْتَوي في مِشْيَتها.
1554 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا عَبْدةُ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عُمرَ، عن صَيْفيٍّ
عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لِبُيُوتِكُمْ عُمَّارًا، فَحرِّجُوا عَليْهِنَّ ثَلاثًا، فإنْ بَدا لكُمْ بَعْدَ ذلكَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فاقْتُلُوهُ"
(1)
.
هكذا رَوَى عُبَيْدُ اللهِ بن عُمرَ هذا الحديثَ عن صَيْفِيٍّ، عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ.
وَرَوَى مَالكُ بن أنَسٍ هذا الحديثَ عن صَيْفِيٍّ، عن أبي السَّائِبِ مَوْلى هِشَامِ بن زُهْرَةَ، عن أبي سَعيدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفي الحديثِ قِصَّةٌ.
1555 -
حَدَّثَنا بِذلكَ الأنْصَارِيُّ، قال حَدَّثَنا مَعْنٌ، قَال: حَدَّثَنا مالكٌ
(2)
.
وهذا أصَحُّ من حديثِ عُبَيْدِ اللهِ بن عُمرَ. وَرَوَى محمدُ بن عَجْلانَ، عن صَيْفِيٍّ، نحْوَ رِوَايةِ مَالكٍ
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (11215)، وانظر تتمة تخريجه في الذي يليه.
(2)
هو في "الموطأ" 2/ 976 وإسناده صحيح، وأخرجه من طريق مالك مسلم (2236)(139)، وأبو داود (5259)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(972)، وابن حبان (5637)، وفي الحديث عندهم قصة.
(3)
رواية محمد بن عجلان، عن صيفي - وهو ابن زياد الأنصاري - أخرجها =
1556 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا ابن أبي زَائِدةَ، قَال: حَدَّثَنا ابن أبي لَيْلى، عن ثَابتٍ البُنانِيِّ، عن عَبد الرحمنِ بن أبي لَيْلى، قال:
قال أبو لَيْلى: قَال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا ظَهَرتِ الحَيَّةُ في المَسْكَنِ، فقُولُوا لهَا: إنَّا نَسْألُكِ بِعَهْدِ نُوحٍ وَبِعَهْدِ سُليْمانَ بن دَاوُدَ أنْ لا تُؤْذِيَنَا، فإنْ عَادتْ فاقْتُلُوها"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ لا نَعْرفهُ من حديثِ ثابتٍ البُنانيِّ إلَّا من هذا الوَجْهِ من حديثِ ابن أبي لَيْلى.
15 - باب ما جاء في قَتْلِ الكِلابِ
1557 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، قال: أخْبرَنا مَنْصُورُ بن زَاذَانَ وَيُونسُ، عن الحَسنِ
عن عَبد اللهِ بن مُغَفَّلٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلا أنَّ الكِلابَ أُمَّةٌ من الأُمَمِ، لأمَرْتُ بِقَتْلِها كُلِّها، فاقْتُلُوا مِنْها كُلَّ أسْوَدَ
= أحمد (11369)، ومسلم (2236)(141)، وأبو داود (5257) و (5258)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(970) و (971)، وابن حبان (6157)، وفي الحديث عند بعضهم قصة.
(1)
إسناده ضعيف، ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي - سيئ الحفظ.
وأخرجه أبو داود (5260)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(968)، والطبراني (6428) و (6429)، والمزي في "تهذيب الكمال" 21/ 169 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بهذا الإسناد.
بهِيمٍ"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عُمرَ، وَجَابرٍ، وأبي رَافعٍ، وأبي أيُّوبَ.
وحديثُ عَبد اللهِ بن مُغَفَّلٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَيُرْوى في بَعْضِ الحديثِ: أنَّ الكلْبَ الأَسْوَدَ البَهيمَ شَيْطانٌ
(2)
، والكَلْبُ الأسْوَدُ: البَهيمُ الَّذِي لا يكُونُ فيهِ شَيْءٌ من البَياضِ، وقد كَرِهَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ صَيْدَ الكَلْبِ الأسْوَدِ البَهِيمِ.
16 - باب من أمْسَكَ كلْبًا ما يَنْقُصُ من أجْرِهِ
1558 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من اقْتَنى كلْبًا - أو اتَّخَذَ كَلْبًا - لَيْسَ بِضَارٍ، وَلا كلْبَ ماشِيةٍ، نَقصَ من أَجْرهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطانِ"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (16788) وأبو داود (2845)، وابن ماجه (3205)، والنسائي 7/ 185، وابن حبان (5657)، ورواية بعضهم مطولة.
وسيأتي عند المصنف بأطول مما هنا برقم (1562).
(2)
أخرجه أحمد (25243) من حديث عائشة، ومسلم (510) من حديث أبي ذر.
قال النووي: سمي شيطانًا، لكونه أعقر الكلاب وأخبثها وأقلها نفعًا.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5480)، ومسلم (1574)، والنسائي 7/ 186 - 187 و 188 و 189، وهو في "مسند أحمد"(4479)، و"صحيح ابن حبان"(4479). =
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن مُغَفَّلٍ، وأبي هُريرةَ، وَسُفيانَ بن أبي زُهَيْرٍ.
وحديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وقد رُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: "أوْ كَلْبَ زَرْعٍ".
1559 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن زَيْدٍ، عن عَمرِو بن دِينارٍ
عن ابن عُمرَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمرَ بِقَتْلِ الكِلابِ إلا كلبَ صَيْدٍ، أوْ كلْبَ ماشِيةٍ
قال: قِيلَ له: إنَّ أبا هُريرةَ يَقولُ: أوْ كَلْبَ زَرْعٍ. فقال: إنّ أبا هُريرةَ لهُ زَرْعٌ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
= وقوله: "ليس بضارٍ" بتخفيف الراء المكسورة المنونةِ، أي: ليس بمُعلَّمٍ أو مُعوَّدٍ بالصَّيد، يقال: ضَرِيَ الكلبُ وأضْراه صاحبُه، أي: عَوَّده وأغْراه به، ويُجمع على ضوارٍ. "النهاية" 3/ 86.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (4744)، والبخاري (3323)، ومسلم (1570) و (1571)، وابن ماجه (3202) و (3203)، والنسائي 7/ 184 و 184 - 185، وابن حبان (5648). وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.
وقول ابن عمر: "إن أبا هريرة له زرع" قال النووي في "شرح مسلم" 10/ 236: قال العلماء: ليس هذا توهينًا لرواية أبي هريرة، ولا شكًّا فيها، بل معناه: أنه لما كان صاحبَ زَرْعٍ وحَرْثٍ، اعتنى بذلك وحَفِظَه وأتقنه، والعادةُ أن المُبتلى بشيءٍ يُتْقِنُ ما لا يُتْقِنهُ غيرُه، ويتعرَّفُ من أحكامه ما لا يَعرِفهُ غيرُه. وانظر ما كتبناه على هذا الحرف في تعليقنا على الرواية (4479) من "المسند".
1560 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليًّ وَغَيْرُ وَاحدٍ، قالُوا: حَدَّثَنا عَبدُ الرَّزَّاقِ، قال: أخْبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي سَلمةَ بن عَبد الرحمنِ
عن أبي هُريرةَ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اتَّخَذَ كلْبًا إلَّا كَلْبَ مَاشِيةٍ، أوْ صَيْدٍ، أوْ زَرْعٍ، انْتَقصَ من أَجْرهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ"
(1)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(2)
.
وَيُرْوى عن عَطاءِ بن أبي رَباحٍ: أنَّهُ رَخَّصَ في إمْساكِ الكَلْب، وَإنْ كانَ لِلرَّجُلِ شَاةٌ وَاحِدةٌ.
1561 -
حَدَّثَنا بذلك إسحاقُ بن مَنْصُورٍ، قَال: أخبرنا حَجَّاجُ بن محمدٍ، عن ابن جُريْجٍ، عن عَطاءٍ، بهذا
(3)
.
1562 -
حدثنا عُبيد بن أسباطَ بن محمد القُرَشي، قال: حدثنا أبي، عن الأعمش، عن إسماعيل بن مُسلم، عن الحسن
عن عبد الله بن مُغفَّل، قال: إني لممَّن يَرفعُ أغصان الشجرة عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطُبُ، فقال: "لولا أن الكلابَ أُمَّةٌ من الأُممِ، لأمرتُ بقَتْلِها، فاقتلوا منها كلَّ أسودَ بَهيمٍ، وما من
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2322)، ومسلم (1575)، وابن ماجه (3204)، والنسائي 7/ 189، وهو في "مسند أحمد"(7621)، و"صحيح ابن حبان"(5652).
(2)
في المطبوع: "حسن صحيح"، وهو كذلك في "شرح العراقي"، وما أثبتناه من أصولنا الخطية جميعًا، وفي "شرح المباركفوري".
(3)
إسناده صحيح.
أهل بيتٍ يَرتبِطُون كلبًا، إلا نَقَصَ من عملِهم كلَّ يومِ قِيراطٌ، إلا كلبَ صَيْدٍ، أَو كلبَ حَرْثٍ، أو كلبَ غَنَمٍ"
(1)
.
هذا حديث حسن، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ من غير وجهٍ عن الحسن، عن عبد الله بن مُغفَّل، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
17 - باب في الذَّكاةِ بالقَصبِ وَغيْرهِ
1563 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو الأَحْوَصِ، عن سَعيدِ بن مَسْروق، عن عَبايةَ بن رِفاعةَ بن رَافعِ بن خَدِيجٍ، عن أبيه
عن جَدِّهِ رَافعِ بن خَدِيجٍ، قال: قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا نَلْقى العَدُوَّ غَدًا، وَلَيْستْ مَعنا مُدًى؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ما أنْهَرَ الدَّمَ، وذُكِرَ اسْم اللهِ عَليْهِ، فَكُلُوا، ما لم يكُنْ سِنًّا، أو ظُفُرًا، وَسأُحَدِّثُكُمْ عن ذلك: أمَّا السِّنُّ فعَظْمٌ، وأمَّا الظُّفُرُ، فَمُدى الحَبشَةِ"
(3)
.
1564 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا يحيى بن سَعيدٍ، عن سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، قال: حَدَّثني أبي، عن عَبايةَ بن رِفاعةَ، عن رافع بن خَدِيجٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوهُ. ولم يَذْكُرْ فيهِ: عن عَبايَة، عن
(1)
حديث صحيح، وقد سلف بأخصر مما هنا عند المصنف برقم (1557)، وذكرنا تخريجه هناك.
(2)
هذا الحديث إلى هنا جاء في المطبوع بعد الحديث رقم (1559)، وأثبتناه في موضعه هنا من أصولنا الخطية جميعًا، ومن شرحي العراقي والمباركفوري.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5543)، وأبو داود (2821)، والنسائي 7/ 226 من طريق أبي الأحوص سَلَّام بن سُليم، عن سعيد بن مسروق الثوري، بهذا الإسناد. ورواية البخاري وأبي داود مطولة. وانظر ما بعده.
أبيه
(1)
. وهذا أصَحُّ، وَعَبايةُ قد سَمِعَ من رَافعٍ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ: لا يَروْنَ أنْ يُذَكَّى بسِنٍّ، ولا بعَظْمٍ.
18 - باب ما جاء في البَعيرِ أو البَقرِ أو الغنَمِ إذا نَدَّ فَصارَ وَحْشيًّا، يُرْمَى بِسَهْمٍ، أو لا؟
(2)
1565 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو الأَحْوصِ، عن سَعيدِ بن مَسْرُوقٍ، عن عَبايةَ بن رِفاعةَ بن رَافعِ بن خديج، عن أبيه
عن جَدِّهِ رَافِع، قال: كُنَّا مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفرٍ، فَندَّ بَعِيرٌ من إبلِ القَوْمِ، ولم يكُنْ مَعهُمْ خَيْلٌ، فَرمَاهُ رَجُلٌ بسَهْمٍ، فَحَبسهُ اللهُ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ لهذهِ البَهائِمِ أوَابِدَ كَأوَابدِ الوَحْشِ، فَما فَعلَ مِنْها هذا، فافْعلُوا بهِ هكذا"
(3)
.
(1)
حديث صحيح كسالفه، وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد (15806)، والبخاري (2488)، ومسلم (1968)، وابن ماجه (3178)، والنسائي 7/ 191 - 192 و 226 و 228 و 228 - 229 من طرق عن سعيد بن مسروق الثوري والد سفيان، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(2)
عنوان هذا الباب أثبتناه من نسخة بهامش (س)، ولم يرد في سائر أصولنا الخطية، ولا شرحَي العراتي والمباركفوري.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا البخاري (5543)، وأبو داود (2821) من طربق أبي الأحوص سَلَّام بن سُليم، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.
1566 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن أبيهِ، عن عَبايةَ بن رِفاعةَ
عن جَدِّهِ رَافعِ بن خَدِيجٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوهُ. ولم يَذْكُرْ فيهِ: عباية، عن أبيهِ
(1)
. وهذا أصحُّ.
والعملُ على هذا عِندَ أهْلِ العلمِ.
وهكذا رَواهُ شعبةُ، عن سَعيدِ بن مَسْرُوق، نَحوَ رِوَايةِ سُفيان
(2)
.
آخِرُ الصَّيْدِ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد (15806)، والبخاري (2488)، ومسلم (1968)، وابن ماجه (3183)، والنسائي 7/ 191 - 192 و 228 و 228 - 229 من طرق عن سعيد بن مسروق الثوري والد سفيان، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
وقوله: "نَدَّ" بفتح النون وتشديد الدال، أي: هرب.
وقوله: "أوابِدَ كأوابدِ الوَحْش" الأوابد: جمع آبِدَةٍ، وهي التي قد تأبَّدَتْ، أي تَوحَّشَت، ونَفَرت من الإنس. "النهاية" 1/ 13.
(2)
قوله: "وهكذا رواه
…
" إلى هنا لم يرد في أصولنا الخطية، ولا في شرح العراقي، وهو ثابت في شرح المباركفوري.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الأضاحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء في فَضْلِ الأُضْحِية
1567 -
حَدَّثَنا أبو عَمْرٍو مُسْلمُ بن عَمْرٍو الحَذَّاءُ المَدَنيُّ، قال: حَدَّثَني عَبد اللهِ بن نافعٍ الصَّائغُ، عن أبي المُثنَّى، عن هِشامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ
عن عائشةَ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَا عَمِلَ آدَميٌّ من عَملٍ يَوْمَ النَّحْرِ أحَبَّ إلى اللهِ من إهْراقِ الدَّمِ، إِنَّها لَتأتي
(1)
يَوْمَ القِيامَةِ بِقُرونِها وَأشْعارِها وَأظْلافِها، وَإنَّ الدَّمَ لَيقَعُ من اللهِ بمَكانٍ قَبْلَ أن يَقعَ من الأرْضِ، فَطِيبُوا بِها نَفْسًا"
(2)
.
(1)
ما أثبتناه من (ب) وفي عامة الأصول وشرح الماركفوري: إنه ليأتي: والضمير في "إنه" راجع إلى ما دل عليه إهراق الدَّم، فيما قاله المباركفوري نقلًا عن الطِّيبي.
(2)
إسناده ضعيف لضعف أبي المثنى، واسمه سليمان بن يزيد الخُزاعي، ثم إن فيه انقطاعًا، فإن أبا المثنى لم يسمع من هشام بن عروة، فيما نقله المصنف في "العلل الكبير" 2/ 638 عن شيخه البخاري.
وأخرجه ابن ماجه (3126)، وابن حبان في "المجروحين" 3/ 151، والحاكم 4/ 221، والبيهقي 9/ 261، والبغوي (1124)، والمزي في "تهذيب الكمال" =
وفي البابِ عن عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ
(1)
، وَزَيْدِ بن أرْقَمَ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ من حديثِ هِشامِ بن عُرْوةَ إلَّا من هذا الوَجْهِ.
وأبو المُثنَّى اسْمهُ: سُليْمانُ بن يَزِيدَ، رَوَى عَنْهُ ابن أبي فُدَيْكٍ.
ويُرْوى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال في الأُضْحِيةِ: "لصاحِبهَا بكُلِّ شَعْرَةٍ حَسنةٌ"
(2)
. وَيُرْوى: "بِقُرُونِها".
= 34/ 254 من طرق عن عبد الله بن نافع الصائغ، بهذا الإسناد. وقال البيهقي بإثر الحديث: رواه ابن خزيمة، عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن أبي المثنى، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أو عن عمه موسى بن عقبة - هكذا بالشك -، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما عمل آدميٌّ من عمل يوم النّحر أحبَّ إلى الله من إهْراقة دَمٍ .. " ثم ذكره.
(1)
أخرجه الحاكم 4/ 222، والطبراني في "الكبير" 18/ 239 (600)، وفي الدعاء (947)، والبيهقي 5/ 238 و 9/ 283، وفي سنده النضر بن إسماعيل البجلي ليس بالقوي، وأبو حمزة الثمالي - واسمه ثابت بن أبي صفية - اتفق الأئمة على ضعفه.
(2)
جاء هذا في حديث زيد بن أرقم الذي أخرجه أحمد (19283)، وابن ماجه (3127)، ولفظه: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: "سُنَّةُ أبيكم إبراهيم"، قالوا: فما لنا فيها، قال:"بكلّ شعرة حَسَنةٌ" قالوا: يا رسول الله، فالصُّوف؟ قال:"بكل شعرةٍ من الصُّوف حسنةٌ". وإسناده ضعيف جدًا، فيه نفيع بن الحارث الأعمى وهو متروك، وعائذ الله المجاشعي: ضعيف.
2 - باب ما جاء في الأُضْحيةِ بكَبشَيْنِ
1568 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا أبو عَوانةَ، عن قَتادةَ
عن أنَسِ بن مالكٍ، قال: ضَحَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بكَبْشَيْنِ أمْلَحيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحهُما بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكبَّر، وَوضَعَ رِجْلَهُ على صِفاحِهما
(1)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وَعَائشةَ، وأبي هُريرةَ، وجابرٍ، وأبي أيُّوب، وأبي الدَّرْدَاءِ، وأبي رَافعٍ، وابن عُمرَ، وأبي بَكْرةَ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(2)
.
1569 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عُبَيْدٍ المُحارِبيُّ الكُوفيُّ، قَال: حَدَّثَنا شَرِيكٌ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (11960) والبخاري (5553) و (5558)، ومسلم (1966)، وأبو داود (2794)، وابن ماجه (3120)، والنسائي 7/ 219 و 219 - 220 و 220 و 230 و 230 - 231 و 231، وابن حبان (5900) و (5901). ورواية بعضهم مختصرة.
وقوله: "أَمْلحَين": الأَمْلح: ما بياضُه أكثر من سواده، وقيل: هو الأبيض الخالص البياض.
و"أقْرنَين": الأقرن: عظيم القَرْن أو حسن القَرْن، وصفه به، لأنه أكمل وأحسن صورة.
"على صِفاحِهما" بكسر الصاد، أي: على صفحة العُنُق، وهي جانبه، وإنما فعل هذا ليكون أثبت وأمكن، لئلا تضطرب الذَّبيحةُ برأسها، فتمنعُه من إكمال الذَّبح أو تؤذيه. انظر "شرح مسلم" للنووي.
(2)
جاء بعد هذا في المطبوع: "باب ما جاء في الأضحية عن الميت"، وهذا العنوان لم يرد في أصولنا الخطية جميعًا، ولا في النسخة التي اعتمدها المباركفوري في "شرحه".
عن أبي الحَسْناءِ، عن الحَكَمِ، عن حَنَشٍ
عن عَليٍّ: أنَّهُ كانَ يُضَحِّي بِكَبْشيْنِ: أحَدُهُما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والآخَرُ عن نَفْسهِ، فَقِيلَ لهُ، فقال: أمَرنِي بهِ - يَعْني النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلا أدَعُهُ أبَدًا
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ شَرِيكٍ.
وقد رَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ أنْ يُضَحَّى عن المَيِّتِ، ولم يرَ بَعْضُهمْ أنْ يُضَحَّى عَنْهُ.
وقال عَبد اللهِ بن المُباركِ: أحَبُّ إليَّ أنْ يُتَصدَّق عَنْهُ، وَلا يُضَحَّى، وإنْ ضَحَّى، فَلا يأْكُلْ مِنْها شَيْئًا، وَيَتصدَّقُ بها كُلِّهَا
(2)
3 - باب ما يُسْتَحبُّ من الأضَاحِي
1570 -
حَدَّثَنا أبو سَعيدٍ الأشَجُّ، قَال: حَدَّثَنا حَفْصُ بن غِياثٍ، عن جَعْفرِ بن محمدٍ، عن أبيهِ
عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ، قال: ضَحَّى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشٍ أقْرنَ فَحِيلٍ، يأكُلُ في سَوادٍ، وَيَمْشي في سَوادٍ، وَيَنْظُرُ في
(1)
إسناده ضعيف، لجهالة أبي الحسناء، وسوء حفظ شريك، وحنش - وهو ابن المعتمر الكوفي - تكلم فيه غير واحد.
وأخرجه أحمد (843) و (1279)، وأبو داود (2790).
(2)
وقع بعد هذا في المطبوع: "قال محمد: قال عليُّ بن المَديني: وقد رواه غيرُ شريك. قلت له: أبو الحسناء ما اسمُه؟ فلم يَعرِفْه. قال مسلم: اسمُه الحسن" ولا أصل له في أصولنا الخطية، ولا في النسخة التي شرح عليها المباركفوري.
سوَادٍ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلا من حديثِ حَفْصِ بن غِياثٍ.
4 - باب مَا لا يَجُوزُ من الأضَاحِي
1571 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: حدثنا جَرِيرٌ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن يَزِيدَ بن أبي حَبِيبٍ، عن سُليْمانَ بن عَبد الرحمنِ، عن عُبَيْدِ بن فَيْرُوزَ
عن البَرَاءِ بن عَازبٍ رَفعهُ، قال:"لا يُضَحَّى بالعَرْجاءِ بَيِّنٌ ظَلْعُها، وَلا بالعَوْراءِ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَلا بالمَرِيضةِ بَيِّنٌ مَرضُها، وَلا بالعَجْفاءِ الَّتي لا تُنقِي"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (2796)، وابن ماجه (3128)، والنسائي 7/ 220 - 221، وهو في "صحيح ابن حبان"(5902).
وقوله: "أقرن": أي: ذو قرنين.
و"فحيل": هو الكريم المُنجِبُ في ضِرابه.
وقوله: "يأكل في سواد
…
إلخ" يريد أن فَمَه، وقوائمه، وما أحاط بملاحِظ عينيه من وجهه أسودُ، وسائر بدنه أبيض. "معالم السنن" 2/ 228.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (2802)، وابن ماجه (3144)، والنسائي 7/ 214 و 215، وهو في "مسند أحمد"(18510)، و"صحيح ابن حبان"(5919) و (5921) و (5922).
وقوله: "ظَلْعُها، أي: عَرَجُها.
و"العجفاء" هي المهزولة. =
1572 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا ابن أبي زائِدةَ، قَال: حدثنا شُعبةُ، عن سليْمانَ بن عَبد الرحمنِ، عن عُبَيْدِ بن فَيْرُوزَ، عن البَرَاءِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، نحوَه بمَعناهُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ عُبَيْدِ بن فَيْرُوزَ، عن البَرَاءِ.
والعملُ على هذا الحديثِ عِنْدَ أهْلِ العلمِ.
5 - باب ما يُكْرهُ من الأضاحي
1573 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليًّ الحُلْوَانيُّ، قَال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، قال: أخْبرنا شَرِيكُ بن عَبد اللهِ، عن أبي إسحاقَ، عن شُرَيْح بن النُّعمانِ
عن عَليٍّ، قال: أَمَرنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ نَسْتَشرِفَ العَيْنَ والأُذُنَ، وَأنْ لا نُضَحِّيَ بمُقابَلةٍ وَلا مُدابَرَةٍ، وَلا شَرْقَاءَ، وَلا خَرْقاءَ
(2)
.
= و"التي لا تنقي": من الإنقاء، أي: التي لا نِقْيَ لها - بكسر النون وإسكان القاف، وهو المخ - من الضَّعف والهزال، يقال: أنْقَت الناقةُ، أي: صار فيها نِقْيٌ، والنقي: مخ العظام.
(1)
حديث صحيح كسالفه، وانظر تخريجه منه.
(2)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (2804)، وابن ماجه (3142)، والنسائي 7/ 216 و 216 - 217 و 217، وهو في "مسند أحمد"(609) و (851).
وانظر ما بعده.
ولقوله: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَستشرِفَ العَيْنَ والأُذُنَ" طريقٌ آخر عن عليٍّ، سيأتي عند المصنف ضمن حديث برقم (1580)، وإسناده حسن. =
1574 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ، قَال: حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بن موسى، قال: حدثنا إسْرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، عن شُرَيْحِ بن النُّعْمانِ، عن عَليٍّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
وزَادَ: قال: المُقابلَةُ: ما قُطِعَ طَرف أُذُنِها، والمُدَابَرَةُ: ما قُطِعَ من جَانبِ الأُذُنِ، والشَّرْقاءُ: المَشْقُوقةُ، وَالخَرْقاءُ: المَثْقُوبةُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَشُريْحُ بن النُّعْمانِ الصَّائِديُّ كوفيٌّ، وشريح بن الحارث الكِنْدي الكوفي القاضي يُكْنى أبا أُميَّةَ، وشُرَيح بن هانئٍ كوفي، وهانئٌ له صحبةٌ، وكلُّهم من أصحاب عليٍّ في عَصْر واحد.
6 - باب ما جاء في الجَذَع من الضَّأْنِ في الأضاحي
1575 -
حَدَّثَنا يُوسُفُ بن عيسى، قَال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، قال: حَدَّثَنا عُثمانُ بن وَاقدٍ، عن كِدَامِ بن عَبد الرحمنِ
عن أبي كِبَاشٍ، قال: جَلَبْتُ غَنمًا جُذْعانًا إلى المَدِينَةِ
= وقوله: "أن نَستشرِفَ العَيْنَ والأذُنُ" أي: ننظرَ إليهما، ونتأمَّل، في سلامتهما من آفَةٍ تكون بهما، كالعَوَر والجَدَع، قيل: والاستشراف: إمْعانُ النَّظَر، والأصل فيه وضعُ يدك على حاجبِك كيلا تمنعك الشمسُ من النظر، مأخوذ من الشَّرَف، وهو المكان المرتفع، فإن من أَرَاد أن يَطَّلِعَ على شيءٍ، أشْرف عليه. "شرح المباركفوري" 5/ 68 - 69.
وقد جاء تفسير سائر ألفاظ الحديث في الرواية التالية.
(1)
حديث حسن، وقد سلف تخريجه في الذي قبله.
فكسَدَتْ عَليَّ فلقِيتُ أبا هُريرةَ فَسألْتُهُ، فقال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "نِعْمَ - أو نِعْمَتِ - الأُضْحِيَةُ، الجَذَعُ من الضَّأْنِ". قال: فانْتَهبَهُ النَّاسُ
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ، وَأُمِّ بِلالٍ بنت هِلالٍ عن أبِيها، وَجابرٍ، وَعُقْبةَ بن عامرٍ، وَرَجُلٍ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وحديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ غريبٌ
(2)
. وقد رُوِي هذا عن أبي هُريرةَ مَوْقُوفًا
(3)
.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: أنَّ الجَذَعَ من الضَّأْنِ يُجْزِئُ في الأُضْحِيَّةِ
(4)
.
(1)
حديث صحيح وهذا إسناد ضعيف، لجهالة كدام بن عبد الرحمن، وأبي كباش، وهو في "المسند"(9739).
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد (14348)، ومسلم (1963)، وأبي داود (2797)، وابن ماجه (3141)، والنسائي 7/ 218.
وآخر من حديث عقبة بن عامر سيرد عند المصنف برقم (1577).
وثالث من حديث رجل من مزينة عند أحمد (23123)، والنسائي 7/ 219.
ورابع عن أم بلال، عن أبيها عند أحمد (27072).
(2)
وقع في المطبوع: "حسن غريب" ولفظة: "حسن" ليست في أصولنا الخطية، ولا في النسخة التي شرح عليها المباركفوري.
(3)
أضاف في المطبوع بعد هذا: "وعثمان بن واقد: هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب"، ولا وجود له في أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(4)
جمهور أهل العلم على جواز الجَذَع من الضأن مع وجوده وعدمه، لكن =
1576 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن يَزيدَ بن أبي حَبيبٍ، عن أبي الخَيْرِ
عن عُقْبةَ بن عامرٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعْطاهُ غَنَمًا يَقْسِمُها على أصْحَابهِ ضَحايَا، فَبقِي عَتُودٌ - أوْ جَدْيٌ
(1)
-، فَذَكرْتُ ذلكَ لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"ضَحِّ بهِ أنْتَ"
(2)
.
قال وَكِيعٌ: الجَذَعُ يكُونُ ابنَ سَبْعةِ أو سِتَّة أشْهُرٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رُوِي من غَيْرِ هذا الوَجْهِ عن عُقْبةَ بن عَامرٍ، أنَّهُ قال:
= اختلفوا في سنه، فالأصح عند الشافعية، وهو الأشهر عند أهل اللغة: ما أكمل سنة ودخل في الثانية، وقال الحنفية والحنابلة: ما أكمل ستة أشهر، ونقل المؤلف هنا عن وكيع: أنه يكون ابن سبعة أو ستة أشهر، وقال صاحب "الهداية": إنه إذا كان عظيمًا بحيث لو اختلط بالثني اشتبه على الناظر من بعيد أجزأ.
(1)
وقع في النسخ الخطية جميعًا، وفي شرح العراقي:"وجَدْي" بالواو، وما أثبتناه من النسخة التي شرح عليها المباركفوري، وهو الأوْلى بالصواب.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2300)، ومسلم (1965)(15)، وابن ماجه (3138)، والنسائي 7/ 218 وهو في "مسند أحمد"(17346)، و"صحيح ابن حبان"(5898).
وانظر ما بعده.
وقوله: "عَتُود": هو الصَّغير من أولاد المَعْز إذا قَويَ وَرَعَى وأتَى عليه حَوْلٌ، والجمع: أعتِدَة. "النهاية" 3/ 177.
والجَدْي: هو الذَّكَرُ من أولاد المَعْز، وقَيَّدَه بعضُهم بكونه في السَّنة الأُولى. "المصباح المنير" 1/ 93.
قسمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الضَحايا، فبَقيَت جَذَعةٌ، فَسألْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"ضَحِّ بها أنْتَ".
1577 -
حَدَّثَنا بذلكَ محمدُ بن بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ وأبو دَاوُدَ، قَالا، حَدَّثَنا هِشامٌ الدَّسْتُوائيُّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن بَعْجةَ بن عَبد اللهِ بن بَدْرٍ، عن عُقْبةَ بن عامرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بهذا الحديثِ
(1)
.
7 - باب ما جاء في الاشْتِراكِ في الأُضحيةِ
1578 -
حَدَّثَنا أبو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بن حُرَيْثٍ، قَال: حَدّثَنا الفَضْل بن موسى، عن الحُسيْنِ بن وَاقدٍ، عن عِلْباءَ بن أحْمرَ، عن عِكْرمةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: كُنَّا مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سَفرٍ، فَحَضرَ الأضْحى، فاشترَكْنا في البَقرةِ سَبعَةً، وفي البَعِيرِ عَشَرةً
(2)
.
وفي البابِ عن أبي الأشَدِّ
(3)
السُّلَمي عن أبيهِ عن جَدِّهِ، وأبي
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5547)، ومسلم (1965)(16)، والنسائي 7/ 218 و 218 - 219. وهو في "مسند أحمد" (17304).
(2)
رجاله ثقات رجال الصحيح، لكن الحسين بن واقد - وإن احتجَّ به مسلم، وعَلَّق له البخاري - عنده بعض ما يُنكر، وقد تفرد برواية حديث ابن عباس هذا، قال البيهقي: حديث عكرمة يتفرد به الحسين بن واقد عن عِلْباء بن أحْمر، وحديث جابر أصَحُّ منه. قلنا: حديث جابر هو الآتي بعده.
وحديث ابن عباس هذا سلف عند المصنف برقم (921)، وخرجناه هناك.
(3)
وقع في المطبوع: "أبي الأسَد": بالسين المهملة المفتوحة وتخفيف الدال، وفي أصولنا الخطية جميعًا، وشرح المباركفوري: بالشين المعجمة وتشديد الدال، وكلاهما قد قيل في اسمه، والأصح بالشين المعجمة كما في "الإكمال" لابن ماكولا 1/ 84 - 85، و"توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين 1/ 200 - 201. =
أيُّوبَ.
حديثُ ابن عَبَّاسٍ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفهُ إلا من حديثِ الفَضْلِ بن موسى.
1579 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا مالكُ بن أنَسٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جَابرٍ، قال: نَحَرْنا مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالحُدَيْبِيَةِ البَدَنةَ عن سَبْعةٍ، والبَقرَةَ عن سَبْعةٍ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، وابن المُباركِ، والشَّافِعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ، وقال إسحاقُ: يُجْزِئُ أيضًا البَعِيرُ عن عَشَرةٍ، واحْتَجَّ بِحديثِ ابن عَبَّاسٍ
(2)
.
1580 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قَال: أخْبرنا شَرِيكٌ، عن سَلمةَ بن كُهَيْلٍ، عن حُجيَّة بن عَدِيٍّ
عن عَليٍّ، قال: البقرَةُ عن سَبْعةٍ. قُلْتُ: فإنْ وَلَدَتْ؟ قال:
= وحديث أبي الأشد السُّلمي هذا، عن أبيه، عن جدِّه أخرجه أحمد في "المسند"(15494)، وإسناده ضعيف، وانظر تمام تخريجه فيه.
(1)
حديث صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (920)، وذكرنا تخريجه هناك.
(2)
وقع بعد هذا في المطبوع: "باب في الضحيَّة بعَضْباء القَرْن"، وهذا العنوان لم يرد في شيء من أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
اذْبَحْ وَلدَها مَعَها. قُلْتُ: فالعَرْجاءُ؟ قال: إذا بَلَغَتِ المَنْسِكَ. قُلْتُ: فَمكْسُورَةُ القَرْنِ؟ قال: لا بَأْسَ، أُمِرْنا - أوْ أَمَرَنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ نَسْتَشْرِفَ العَيْنَيْنِ والأُذُنَيْنِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وقد رَواهُ سُفيانُ الثَّوْرِيُّ، عن سَلمةَ بن كُهَيْلٍ.
1581 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا عَبْدةُ، عن سَعيدٍ، عن قَتادةَ، عن جُرَيِّ بن كُلَيْبٍ النَّهْدِي
(2)
(1)
حديث حسن شريك - وهو ابن عبد الله - قد توبع، وكذا حجية بن عدي.
وأخرجه تامًا ومختصرًا أحمد (732) و (734)، وابن ماجه (3143)، والنسائي 7/ 217، وابن حبان (5920) من طريقين عن سلمة بن كُهَيْل، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا عبد الله بن أحمد في زوائده على "مسند" أبيه (1106) من طريق هُبَيرة بن يَرِيم، عن عليٍّ بلفظ: أمر رسول الله أن نستشرف العَيْنَ والأُذُنَ فصاعدًا. وإسناده حسن.
وقوله: "أُمِرْنا - أو أَمَرنا - رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَستشرِفَ العَيْنَينِ والأُذُنَين"، سلف أيضًا عند المصنف برقم (1573) من طريق شُرَيح بن النُّعمان، عن عليٍّ.
(2)
هكذا نُسِبَ "نَهْدِيًّا" في جميع الأصول الخطية التي بأيدينا، وكذا في شرحي العراقي والمباركفوري، وهو كذلك في عامة النسخ والشروح المطبوعة، إلا أن الحافظ المزي نسبة سَدُوسيًا، فجعل حديثه هذا في ترجمة جُرَيِّ بن كُليب السَّدُوسي عن عليٍّ من "تحفة الأشراف" 7/ 349، وصنع ترجمتين في "تهذيب الكمال" 4/ 553 - 555: إحداهما: لجُري بن كُليب السَّدُوسي البصري، والأخرى: لجُري بن كليب النَّهْدي الكوفي، وقال في الأُولى: روى عن بَشِير بن الخصاصية وعليِّ بن أبي طالب، روى عنه: قتادة بن دعامة السَّدُوسي، وقال في الثانية: روى عن رجل من بني سُليم، روى عنه أبو إسحاق السَّبيعي، وابنه يونس بن أبي إسحاق. وكأنه تبع في ذلك كلمة أبي داود في التفريق بينهما، ووافقه =
عن عَليٍّ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُضَحَّى بأعْضَبِ القَرْنِ والأُذُنِ
قال قتادةُ: فَذكرْتُ ذلكَ لِسَعيدِ بن المُسَيّب، فقال: العَضْبُ: ما بَلغَ النِّصْفَ فَما فَوْقَ ذلكَ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
= الحافظ ابن حجر، وصنيع البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 244، وابن حبان في "الثقات" 4/ 117، وأبو حاتم في "العلل" لابنه 2/ 536 يدل على أنهما شخص واحد، فلم يذكروا لجري بن كليب إلا ترجمة واحدة، ونسبوه نَهْديًا، وقالوا: يروي عن علي، وبشير ابن الخصاصية، روى عنه: قتادة. زاد أبو حاتم: وأبو إسحاق السَّبيعي.
قلنا: والذي يترجح لدينا ما ذهب إليه البخاري وغيره أنهما شخص واحد، والاختلاف في نسبته إنما هو من الرواة، والذي يؤيد ذلك أن حديثنا هذا قد اختلف الرواة في نسبة جُرَيٍّ فيه، فبعضهم نسبه سدوسيًا، وبعضهم نسبه نهديًّا، والله أعلم.
(1)
حديث حسن، وأخرجه أحمد (633) و (791) و (1048)، وأبو داود (2805) و (2806)، وابن ماجه (3145)، وعبد الله بن أحمد في زوائد "المسند"(1294)، والبزار في "مسنده"(875) و (876)، والنسائي 7/ 217 - 218، وأبو يعلى (270) و (271)، وابن خزيمة (2913)، والحاكم 4/ 224 من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. ونُسِبَ جُرَيُّ بن كُليب عند بعضهم: نَهْدِيًّا، وعند آخرين: سَدُوسيًّا.
وأخرجه أحمد (864) من طريق جابر الجعفي، عن عبد الله بن نُجَيٍّ، عن علي.
وأخرجه أبو الشيخ في "الأضاحي" كما في "شرح العراقي" 6/ ورقة 18 من طريق حُمَيد بن مِهْران، عن ابن سيرين، عن علي.
8 - باب ما جاء أنَّ الشَّاةَ الوَاحِدةَ تُجْزِئُ عن أهْلِ البَيْتِ
1582 -
حَدَّثَنا يحيى بن موسى، قَال: حَدَّثَنا أبو بَكْرِ الحَنفِيُّ، قَال: حَدَّثَنا الضحَّاك بن عُثمانَ، قَال: حَدَّثَنِي عُمارةُ بن عَبد اللهِ، قال: سَمِعْتُ عَطاءَ بن يَسارٍ يَقولُ:
سَألْتُ أبا أيُّوبَ: كَيْفَ كانَتِ الضَّحايا على عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بالشَّاةِ عَنْهُ وعن أهْلِ بَيْتهِ، فيأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ، حتَّى تَباهَى النَّاسُ، فَصارَتْ كما تَرَى
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَعُمارةُ بن عَبد اللهِ هو مَدِيني، وقد رَوَى عَنْهُ مالكُ بن أنَسٍ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وَإسحاقَ، واحْتَجَّا بحديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ ضحَّى بِكَبْشٍ، فقال:"هذا عَمَّنْ لم يُضَحِّ من أُمَّتِي"
(2)
.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ: لا تُجْزِئ الشَّاةُ إلَّا عن نَفْسٍ وَاحدةٍ، وهو قَوْلُ عَبد اللهِ بن المُباركِ وَغَيْرِهِ من أهْلِ العلمِ.
(1)
إسناده قوي، أبو بكر الحنفي: اسمه عبد الكبير بن عبد المجيد، وأخرجه مالك 2/ 486، وابن ماجه (3147)، والطبراني (3919) و (3920) و (3981)، والبيهقي 9/ 268، والمزي في "تهذيب الكمال" 21/ 250 و 251.
(2)
صحيح، وسيأتي عند المصنف من حديث جابر بن عبد الله برقم (1599).
9 - باب
(1)
1583 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، قَال: أخْبرنا حَجَّاجٌ، عن جَبَلةَ بن سُحَيمٍ
أنَّ رَجلًا سَألَ ابن عُمرَ عن الأُضْحيةِ: أوَاجِبةٌ هي؟ فقال: ضَحَّى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَالمُسْلِمُونَ، فأعادَها عَليْهِ، فقال: أتَعْقِلُ؟! ضَحَّى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم والمُسْلِمُونَ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ
(3)
(1)
جاء في المطبوع بعد هذا: "الدليل على أن الأضحية سنة"، ولا أصل له في أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(2)
حديث حسن، وأخرجه ابن ماجه (3124 م) من طريق جَبَلةَ بن سُحيم، عن ابن عمر.
وأخرجه بنحوه ابن ماجه (3124)، والطبراني في "الأوسط"(6264) من طريق محمد بن سيرين، عن ابن عمر.
وعلَّق البخاري في "صحيحه" في كتاب الأضاحي، باب سنة الأضحية عن ابن عمر، قال: هي سُنَّةٌ معروفة. ووصله ابن حجر في "تغليق التعليق" 5/ 3 من طريق حمَّاد بن سلمة، عن عَقِيل بن طلحة السُّلَمي، عن زياد بن عبد الرحمن القَيْسي، قال: سألتُ ابن عمر عن الأُضحية، فقال: سُنَّةٌ ومعروف. وفيه زياد بن عبد الرحمن تفرَّد بالرواية عنه عَقِيل بن طلحة، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وجَهَّله الذهبي في "الميزان".
(3)
وقع في المطبوع: "حسن صحيح" بزيادة لفظة: "صحيح"، وهو كذلك في (أ) و (د) و (س)، وما أثبتناه من (ب) و (ظ)، ونسختي العراقي والمباركفوري، وهو الذي نقله المزي في "تحفة الأشراف" 5/ 327.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ: أنَّ الأُضْحيةَ لَيْسَتْ بِوَاجبةٍ، ولكنَّها سُنَّةٌ من سُنَنِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسْتحبُّ أن يُعْملَ بهَا، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، وابن المُباركِ (2).
1584 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ وَهنَّادٌ، قَالا: حَدَّثَنا ابن أبي زَائِدةَ، عن حَجَّاجِ بن أرْطاةَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، قال: أقامَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي
(1)
.
(1)
وذهب إلى وجوبها على الموسر: ربيعة الرأي، والأوزاعي، وأبو حنيفة والليث، وبعض المالكية، واستدلوا لذلك بالأحاديث التالية:
الأول: ما رواه أحمد (8273)، وابن ماجه (3123)، والدارقطني 2/ 545 من حديث أبي هريرة مرفوعًا:"من كان له سَعَةٌ ولم يُضَحِّ، فلا يَقْربَنَّ مصلَّانا" وإسناده حسن، وصححه الحاكم 2/ 349 و 4/ 231، ووجه الاستدلال: أنه لما نهى من كان ذا سعة عن قربان المصلى إذا لم يضح، دل على أنه قد ترك واجبًا، فكأنه لا فائدة من التقرب مع ترك هذا الواجب.
الثاني: ما رواه أحمد (17889)، وأبو داود (1596)، والترمذي (1518)، والنسائي 7/ 167 - 168، وابن ماجه (3125) من حديث مِخْنَف بن سليم أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم عرفة، قال:"على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعَتِيرة، أتدرون ما العَتِيرة؟ هذه التي يقول عنها الناس رَجَبيَّة" وفي سنده أبو رملة، وهو مجهول، وباقي رجاله ثقات، وله طريق آخر عند أحمد (20730)، وسنده ضعيف، ولذا حسنه الترمذي، وقواه الحافظ في "الفتح" 10/ 4، وادعاء نسخ العتيرة على فرض صحته لا يستلزم نسخ الأضحية.
الثالث: ما رواه البخاري (985)، ومسلم (1960) من حديث جندب بن عبد الله البجلي، قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال: "من ذبح قبل أن يصلي، =
هذا حديثٌ حَسَنٌ
(1)
.
10 - باب في الذَّبْحِ بَعْدَ الصَّلاةِ
1585 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قَال: أخْبرنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، عن دَاوُدَ بن أبي هِنْدٍ، عن الشَّعْبيِّ
= فليُعِدْ مكانَها أخرى، ومن لم يذبح، فليذبح". وأخرجه البخاري (5562)، ومسلم (1962) بلفظ: "من ذبح قبل الصلاة، فليعد". والأمر ظاهر في الوجوب، ولم يأت من قال بعدم الوجوب بما يصلح للصرف، اللهم إلا ما رواه أحمد في "مسنده" (2050)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 300، والدارقطني 2/ 543 من طريق أبي جَنَاب الكلبي يحيى بن أبي حَيَّة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاث هن عليَّ فرائض، وهن لكم تطوع: الوتر، والنحر، وصلاة الضحى" وهو حديث ضعيف، أبو جناب الكلبي يحيى بن أبي حية، قال يحيى القطان: لا أستحل أن أروي عنه، وقال النسائي والدارقطني: ضعيف، وقال الفلاس: متروك. وله طرق أخرى كلها ضعيفة لا تصح.
(1)
إسناده ضعيف بهذه السياقة لضعف حجَّاج بن أرطاة، وهو على ضعفه مدلِّس، وقد عنعن.
وأخرجه أحمد (4955) عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد.
وأخرج أحمد (6401)، والنسائي 7/ 213 - 214، والبيهقي 2/ 272 من طرق عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينحَرُ يوم الأضحى بالمدينة، قال: وكان إذا لم يَنْحَر، ذَبَحَ. هذا لفظ أحمد والنسائي، ولفظ البيهقي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُضحِّي بالمدينة بالجَزورِ أحيانًا، وبالكَبْشِ إذا لم يَجِدْ جَزُورًا. وهو حديث صحيح.
وقد وقع في (أ) و (ر): "حسن صحيح"، والمثبت من سائر النسخ الخطية وشرحي العراقي والمباركفوري، وهو الذي نقله المزي في "تحفة الأشراف" 6/ 91.
عن البَراءِ بن عَازبٍ، قال: خَطبَنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في يَوْمِ نَحْرٍ، فقال:"لا يَذْبَحنَّ أحَدُكُمْ حتَّى يُصَلِّي"، قال: فقام خَالِي، فقال: يا رَسولَ اللهِ، هذا يَوْمٌ اللَّحْمُ فيهِ مَكْرُوهٌ، وَإنِّي عَجَّلْتُ نَسِيكتي لأُطْعِمَ أهْلي وَأهْلَ دَارِي، أوْ جِيرَاني. قال:"فَأعِدْ ذَبْحَكَ بآخَرَ". فقال: يا رَسولَ اللهِ، عِنْدِي عَناقُ لَبنٍ، وَهي خَيْرٌ من شَاتَيْ لَحْم، أفَأذْبَحُها؟ قال: "نعَمْ، وَهِي
(1)
خَيْرُ نَسِيكَتَيْكَ، وَلا تُجْزِئُ جَذَعةٌ بَعْدكَ"
(2)
.
وفي البابِ عن جَابرٍ، وَجُنْدبٍ، وَأنسٍ، وَعُويْمرِ بن أشْقَرَ،
(1)
قوله: "وهي" أثبتناه من النسخة التي شرح عليها العراقي، ووقع في سائر النسخ:"وهو".
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا بألفاظ متقاربة أحمد (18481)، والبخاري (951) و (955)، ومسلم (1961)، وأبو داود (2800) و (2801)، والنسائي 3/ 184 - 185 و 190 - 191 و 7/ 222 - 223 و 223، وابن حبان (5906) و (5907) و (5908) و (5910) و (5911).
وقوله: "نسيكتي" أي: ذبيحتي.
وقوله: "عَنَاق لَبَن": العناق: هي الأنثى من المَعْز إذا قَوِيَتْ ما لم تستكمل سنة، والجمع: أعْنُقُ وعُنُوق، وأما قوله: عَنَاق لَبَنٍ، فمعناه: صغيرةٌ قريبة مما ترضع.
وقوله: "هذا يومٌ اللَّحْمُ فيه مكروهٌ" أي: طَلَبُ اللَّحْم فيه من الآخرين مكروه شاقٌّ، وقيل: الصواب في روايته: مَقْروم - بالميم والقاف - كما وقع في إحدى طرق رواية "صحيح مسلم" وهو بمعنى: مُشْتَهى، وقيل في معناه غير ذلك. انظر "شرح النووي"، و"شرح المباركفوري" 5/ 80 - 81، و"عارضة الأحوذي" 6/ 206
وابن عُمرَ، وأبي زَيْدٍ الأنْصارِيِّ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ: أنْ لا يُضَحَّى بالمِصْرِ حتَّى يُصَلِّيَ الإمَامُ، وقد رَخَّصَ قَوْمٌ من أهْلِ العلمِ لأهْلِ القُرَى في الذَّبْحِ إذا طَلَعَ الفَجْرُ، وهو قَوْلُ ابن المُباركِ.
وقد أجْمَعَ أهْلُ العلمِ أنْ لا يُجْزِئَ الجَذَعُ من المَعْزِ، وَقالُوا: إنَّما يُجْزِئُ الجَذَعُ من الضَّأْنِ.
11 - باب في كراهيةِ أكْلِ الأُضْحيَّةِ فَوْقَ ثَلاثةِ أيَّامِ
1586 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يأْكُلْ أحَدُكُمْ من لَحْمِ أُضْحِيَّتهِ فَوْقَ ثَلاثةِ أيَّامٍ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَائشةَ، وَأنَسٍ.
وحديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وإنَّما كانَ النَّهْيُ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُتَقدِّمًا، ثُمَّ رَخَّصَ بَعْدَ ذلكَ.
12 - باب في الرُّخْصَةِ في أكْلِها بَعْدَ ثَلاثٍ
1587 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، ومحمودُ بن غَيْلانَ، والحَسنُ بن عَليٍّ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5574)، ومسلم (1970)، والنسائي 7/ 232، وهو في "مسند أحمد"(4558)، و"صحيح ابن حبان"(5923) و (5924).
الخَلَّالُ، قَالوا: حدَّثنا أبو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن عَلْقمةَ بن مَرْثَدٍ، عن سُليْمانَ بن بُريْدةَ
عن أبيهِ، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كُنْتُ نَهيْتُكُمْ عن لُحُومِ الأضاحي فَوْقَ ثَلاثٍ، لِيَتَّسعَ ذَوُو الطَّوْلِ على من لا طَوْلَ لهُ، فَكُلُوا ما بَدا لكُمْ، وأطْعِموا، وادَّخِرُوا"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن مَسْعُودٍ، وَعَائشةَ، وَنُبَيْشةَ، وأبي سَعيدٍ، وَقَتادةَ بن النُّعْمانِ، وَأنَسٍ، وَأُمِّ سَلمةَ.
حديثُ بُريْدةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ.
1588 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا أبو الأحْوَصِ، عن أبي إسحاق
عن عَابِسِ بن رَبيعةَ، قال: قُلْتُ لأُمِّ المُؤْمِنينَ: أكانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عن لُحُومِ الأضاحي؟ قالت: لا، ولكِنْ قَلَّ من كانَ يُضَحِّي من النَّاس، فأحَبَّ أنْ يُطْعمَ من لم يكُنْ يُضَحِّي، فلقد كُنَّا نَرْفعُ الكُراعَ، فنأكُلهُ بَعْدَ عَشَرَةِ أيَّامٍ
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه ضمن حديث مطول أحمد (22958)، ومسلم (977) وص 1563 (37)، وأبو داود (3698)، والنسائي 4/ 89 و 7/ 234 و 234 - 235 و 8/ 310 و 310 - 311 و 311.
وقوله: "ذَوُو الطَّوْل" أي: أصحاب الغِنى والقُدْرة والسَّعَة.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه تامًا ومختصرًا أحمد (24707)، والبخاري =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَأُمُّ المُؤْمنِينَ: هي عَائشةُ زَوْجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد رُوِي عَنْها هذا الحديثُ من غَيْرِ وَجْهٍ.
13 - باب في الفَرَعَة والعَتيرَةِ
1589 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الرَّزَّاقِ، قَال: أخْبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن ابن المُسَيّبِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا فَرَعَ وَلا عَتِيرةَ"
(1)
. وَالفَرَعُ: أوَّلُ النِّتاجِ كانَ يُنْتَجُ لَهُمْ، فَيذْبحُونَه
(2)
.
وفي البابِ: عن نُبيْشةَ، وَمِخْنَفِ بن سُلَيْمٍ
(3)
.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَالعَتِيرةُ: ذَبِيحةٌ كانُوا يَذْبحُونَها في رَجبٍ، يُعَظِّمُونَ شَهْرَ رَجبٍ
(4)
، لأنَّهُ أوَّلُ شَهْرٍ من أشْهُرِ الحُرُمِ، وَأشْهُرُ الحُرُمِ: رَجبٌ،
= (5423)، وابن ماجه (3159) و (3313)، والنسائي 7/ 235 - 236 و 236.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5473)، ومسلم (1976)، وأبو داود (2831) و (2832)، وابن ماجه (3168)، والنسائي 7/ 167، وهو في "مسند أحمد"(7135)، و"صحيح ابن حبان"(5890).
(2)
هذا التفسير لسعيد بن المسيّب كما أسنده عنه أبو داود (2832)، وفَصَله عن المرفوع.
(3)
وقع بعد هذا في المطبوع: "وأبي العُشَراء، عن أبيه" ولم يرد في شيء من أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(4)
قال الشيخ الكشميري في "فيض الباري" 4/ 337: كان الفرع تأكدًا في =
وذُو القَعْدةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَأشْهُرُ الحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو القَعْدةِ، وَعَشْرٌ من ذِي الحِجَّةِ، كذلكَ رُوِي عن بَعْضِ أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ في أشْهُرِ الحَجِّ.
14 - باب ما جاء في العَقِيقةِ
1590 -
حَدَّثَنا يحيى بن خَلفٍ، قَال: حَدَّثَنا بِشْرُ بن المُفَضَّلِ، قال: أخْبرنا عَبد اللهِ بن عُثمانَ بن خُثَيْمٍ
عن يُوسفَ بن ماهَكَ: أنَّهُمْ دَخلُوا على حَفْصةَ بِنْتِ
= أول الإسلام، ثم وسع فيها بعده، وكان أهل الجاهية يذبحونها لأصنامهم، وأما أهل الإسلام فما كانوا ليفعلوه إلا لله تعالى، فلما فرضت الأضحية، نسخ الفرع وغيره، فمن شاء ذبح، ومن شاء لم يذبح.
قلنا: وقد وردت أحاديث في الباب يؤخذ منها بقاء مشروعية الفرع، وهو ذَبْحُ أول النِّتاج، ففي "المسند"(15972) عن الحارث بن عمرو أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وهو على ناقته العضباء، فأتيته من أحد شِقَّيه، فقلت: يا رسول الله .. وفيه أنه سأله رجل: يا رسول الله العتائر والفرائع؟ قال: "من شاء عتر ومن شاء فرع، ومن شاء لم يفرع في الغنم" وقبض أصابعه إلا واحدة. وهو حديث حسن.
وفيه أيضًا (6713) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده
…
وفيه: وسئل عن الفرع؟ قال: "والفرع حق، وأن تتركه حتى يكون شُغْزُبًّا أو شُغْزوبًا ابن مخاض أو ابن لبون فتحمل عليه في سبيل الله، أو تعطيه أرملة خير من أن تذبحه يَلصق لحمه بوبره وتكفئ إناءك وتُولِّه ناقتك
…
"، وسئل عن العتيرة، فقال: "العتيرة حق
…
" وسنده حسن.
وفيه أيضًا (20723) عن نُبيشة الهُذَلي قال: قالوا: يا رسول الله إنا كنا نَعْتِر عتيرة في الجاهلية، فما تأمرنا؟ قال:"اذبحوا لله في أي شهر ما كان، وبَرُّوا الله وأطعِموا .. " وإسناده صحيح.
عَبد الرحمنِ، فَسألُوها عن العَقِيقةِ، فأخْبرَتْهُمْ
أنَّ عَائشةَ أخْبرَتْهَا: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمرَهُمْ عن الغُلامِ شاتانِ مُكافِئتانِ، وعن الجَاريةِ شَاةٌ
(1)
.
وفي البابِ: عن عَليٍّ، وَأُمِّ كُرْزٍ، وَبُريْدةَ، وَسَمُرةَ، وأبي هُريرةَ، وَعَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وَأنَسٍ، وَسلْمانَ بن عامرٍ، وابن عَبَّاسٍ.
وحديثُ عَائشةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَحَفْصةُ: هي ابنةُ عبد الرحمنِ بن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
1591 -
حدثنا الحسن بن عليٍّ الخَلَّالُ، قال: حدثنا عبدُ الرَّزَّاق، عن ابن جُريج، قال: أخبرني عُبَيد الله بن أبي يزيد، عن سِباعِ بن ثابت، أن محمدَ بن ثابت بن سِبَاعٍ أخبره
أن أُمَّ كُرْزٍ أخبرَتْهُ، أنها سَأَلَتْ رسولَ الله عن العَقيقة، فقال:"عن الغُلام شاتان، وعن الجارِيةِ واحدةٌ، لا يَضُرُّكم أذُكْرانًا كُنَّ، أم إناثًا"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (24028)، وابن ماجه (3163)، وصححه ابن حبان (5310).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه تامًا ومختصرًا أحمد (27139)، وأبو داود (2834) و (2835) و (2836)، وابن ماجه (3162)، والنسائي 7/ 164 - 165، وابن حبان (5312) و (5313).
ويشهد له حديث عائشة السالف، وهو حديث صحيح.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(1)
.
1592 -
حَدَّثنا الحَسنُ بن عَليٍّ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الرَّزَّاقِ، قال: أخْبرنا هِشَامُ بن حَسَّانَ، عن حَفْصةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عن الرَّبَابِ
عن سَلْمانَ بن عَامرٍ الضَّبِّيِّ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَعَ الغُلامِ عَقِيقتُه، فَأهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأذَى"
(2)
.
1593 -
حَدَّثَنا الحَسنُ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الرَّزَّاقِ، قَال: أخبرنا ابن عُيينةَ، عن عَاصمِ بن سُليْمانَ الأحْوَلِ، عن حَفْصةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عن الرَّبابِ، عن سَلْمان بن عَامرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ
(3)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(4)
.
(1)
في المطبوع: "حسن صحيح"، بزيادة لفظة:"حسن"، والمثبت من النسخ الخطية، والنسخة التي شرح عليها العراقي، و"تحفة الأشراف" للحافظ المزي 13/ 101.
وهذا الحديث جاء في المطبوع مؤخرًا في آخر الباب، وأثبتناه في موضعه هنا من أصولنا الخطية جميعًا، وشرحي العراقي والمباركفوري، وهو الأنسب لعنوان الباب.
(2)
حديث صحيح، عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، والرباب: هي بنت صُلَيع الضَّبِّية.
وأخرجه أحمد (16226)، و (16236)، والبخاري (5471) و (5472)، وأبو داود (2839)، وابن ماجه (3164)، والنسائي 7/ 164.
(3)
إسناده صحيح كسالفه.
(4)
وقع في المطبوع: "حسن صحيح" وهو كذلك في شرح العراقي، وما أثبتناه في الأصول التي بأيدينا و"شرح المباركفوري" و"تحفة الأشراف" 4/ 24.
15 - باب الأذان في أُذُنِ المولود
(1)
1594 -
حدَّثنا محمد بن بَشَّار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد وعبدُ الرحمن بن مَهْدي، قالا: حدثنا سفيان، عن عاصم بن عُبيد الله، عن عُبيد الله بن أبي رافعٍ
عن أبيه، قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أذَّنَ في أُذُن الحسن بن عليًّ حينَ وَلَدَتْه فاطمةُ بالصَّلاةِ
(2)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
والعملُ عليه.
ورُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في العقيقة
(3)
من غير وجه: عن الغُلام شاتان مُكافِئَتان، وعن الجاريةِ شاةٌ.
ورُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أيضًا: أنه عَقَّ عن الحسن بن علي
(1)
هذا العنوان أثبتناه من النسخة التي شرح عليها المباركفوري، ولم يرد في شيء من أصولنا الخطية، ولا في "شرح العراقي".
(2)
إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله العَدَوي.
وأخرجه أحمد (23869)، وأبو داود (5105).
وله شاهدان لا يفرح بهما، ومع ضعف الحديث، فقد عمل به جمهور الأمة قديمًا وحديثًا، وهو ما أشار إليه المصنف بقوله: والعمل عليه، ولعله صححه لذلك، وقد أورده أهل العلم في كتبهم، وبوبوا عليه، واستحبوه.
وانظر الحكمة في التأذين في "تحفة المودود" ص 39 - 40 لابن القيم.
(3)
وقع في المطبوع: "والعمل في العقيقة على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم"، وهو خطأ، وما أثبتناه من أصولنا الخطية جميعًا، وشرحي العراقي والمباركفوري.
بشاةٍ
(1)
. وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى هذا الحديث
(2)
.
16 - باب
1595 -
حَدَّثَنا سَلمةُ بن شَبِيبٍ، قَال: حَدَّثَنا أبو المغِيرَةِ، عن عُفيْرِ بن مَعْدانَ، عن سُلَيْمِ بن عَامرٍ
عن أبي أُمامةَ، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الأُضْحِيةِ الكَبْشُ، وَخَيْرُ الكَفَنِ الحُلَّةُ"
(3)
.
هذا حديثٌ غريبٌ. وَعُفَيْرُ بن مَعْدانَ يُضَعَّفُ في الحديثِ.
(1)
سيأتي هذا من حديث علي بن أبي طالب عند المصنف برقم (1597)، ويأتي تخريجه هناك.
(2)
هذا الباب والحديث الذي فيه وتعليق الترمذي عليه إلى هنا جاء في المطبوع بعد قوله: "وحفصة، وهي ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق" في التعليق على الحديث رقم (1590)، وأثبتناه في موضعه هنا من النسخ الخطية جميعًا، وشرحي العراقي والمباركفوري، وهو الأنسب.
(3)
إسناده ضعيف، عفير بن معدان متفق على ضعفه.
وأخرجه ابن ماجه (3130)، وابن عدي 5/ 2017، والبيهقي 9/ 273، والخطيب 3/ 237 من طريق الوليد بن مسلم، عن عفير بن معدان، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث عبادة بن الصامت، أخرجه أبو داود (3156)، وابن ماجه (1474)، والحاكم 4/ 228، والبيهقي 3/ 403، والمزي في "تهذيب الكمال" 29/ 340 - 341 من طريق هشام بن سعد، عن حاتم بن أبي نصر، عن عبادة بن نُسَيٍّ، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت. وفيه حاتم بن أبي نصر ونُسَيٌّ الكِنْدي والد عبادة، وهما مجهولان.
17 - باب
1596 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا رَوْحُ بن عُبادةَ، قَال: حَدَّثَنا ابن عَوْنٍ، قَال: حَدَّثَنا أبو رَمْلةَ
عن مِخْنَفِ بن سُلَيْمٍ، قال: كُنَّا وُقُوفًا معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعَرَفاتٍ، فَسمعتُه يَقولُ:"يا أيُّهَا النَّاسُ، على كُلِّ أهْلِ بَيْتٍ في كُلِّ عَامٍ أُضحيةٌ وَعَتِيرةٌ، هَلْ تَدْرونَ مَا العَتِيرةُ؟ هِى الَّتي تُسَمُّونَها الرَّجَبيَّةَ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، وَلا نَعْرِفُ هذا الحديثَ إلا من هذا الوَجْهِ من حديثِ ابن عَوْنٍ.
18 - باب
1597 -
حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى القُطَعيُّ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الأَعْلى، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن عَبد اللهِ بن أبي بَكْرٍ، عن محمدِ بن عَليَّ بن الحُسَيْنِ
عن عَليِّ بن أبي طالبٍ، قال: عَقَّ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الحَسنِ بشَاةٍ، وقال:"يا فَاطِمةُ احْلِقِي رَأْسَهُ، وَتَصدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرهِ فِضَّةً".
فوَزَنَّاهُ، فكَانَ وَزْنُه دِرْهمًا، أوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ
(2)
.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي رملة، وأخرجه أبو داود (2788)، وابن ماجه (3125)، والنسائي 7/ 167 - 168، وهو في "مسند أحمد"(17889) و (20730) و (20731).
(2)
حديث حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق مدلِّس، ولم يصرِّح بالسَّماع، ثم هو منقطع، محمد بن علي بن الحسين لم يدرك =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= علي بن أبي طالب كما قال المصنف وغيره، لكن روي موصولًا كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 235 عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، بهذا الإسناد. ووصله الحاكم 4/ 237 عن أبي الطَّيِّب محمد بن علي بن الحسن الحِيري من أصل كتابه، عن محمد بن عبد الوهَّاب الفرَّاء، عن يعلى بن عُبيد، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب. وقال فيه:"عقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسين" بدل: "عن الحسن". قلنا: ومحمد بن علي بن الحسن الحيري شيخ الحاكم فيه لم نَتبَيَّنْهُ. وقال البيهقي: لا أدري محفوظ هو أم لا؟
وروى مالك في "الموطأ" 2/ 501، ومن طريقه أبو داود في "المراسيل"(380)، والبيهقي 9/ 304 عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، قال: وَزَنَتْ فاطمةُ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر الحسن والحسين وزينبَ وأُمِّ كُلثوم، وتَصدَّقتْ بوَزْنِ ذلك فضَّةً. ورجاله ثقات إلا أنه منقطع.
وروى مالك أيضًا 2/ 501، ومن طريقه البيهقي 9/ 299 عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن علي بن الحسين أنه قال: وَزَنَتْ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين، فتصدَّقَت بزِنَةِ ذلك فِضَّة. ورجاله ثقات إلا أنه منقطع أيضًا.
وروى البيهقي 9/ 304 من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة، فقال:"زِني شعر الحسين، وتصَدَّقي بوزنه فِضَّة، وأَعطي القابلةَ رِجْلَ العقيقة". ورجاله موثقون إلا أنه منقطع، فإن علي بن الحسين جد جعفر بن محمد لم يدرك علي بن أبي طالب.
وروى أحمد (27183) و (27196) وغيرُه من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع، قال: لَمَّا وَلَدَتْ فاطمةُ حسنًا، قالت: ألا أعُقُّ عن ابني بدَمٍ؟ قال: "لا، ولكن احْلِقي رأسَه، ثم تَصَدَّقي بوَزْن شَعْرهِ من فِضَّة عن المساكين أَو الأوفاض" وكان الأوْفاضُ ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم =
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، وَإسْنادُهُ لَيْسَ بمُتَّصِلٍ، وأبو جَعْفرٍ محمدُ بن عَليِّ بن الحُسَيْنِ لم يُدْرِكْ عَليَّ بن أبي طَالبٍ.
19 - باب
1598 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنا أزْهرُ بن سَعْدٍ السَّمانُ، عن ابن عَوْنٍ، عن محمدِ بن سِيرِينَ، عن عَبد الرحمنِ بن أبي بكْرةَ
عن أبيهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَطبَ، ثُمَّ نَزلَ، فَدعَا بِكَبْشَيْنِ،
= محتاجين في المسجد، أو في الصُّفَّة، ففَعَلَتْ ذلك، قالت: فلما ولدتُ حُسينًا، فعلتُ مثلَ ذلك. وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ضعيف يعتبر به، وعلي بن الحسين لم يدرك أبا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانظر تمام تخريجه في "المسند".
وأخرج البزار (1238 - كشف الأستار)، والطبراني في "الكبير"(2575)، وفي "الأوسط"(127)، والبيهقي 9/ 299 من طريق عبد الله بن لهيعة، عن عُمارة ابن غَزِيَّة، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر برأس الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب يومَ سابعهما، فحُلِقا، ثم تصَدَّق بوَزْنهِ فِضَّةً. وفيه عبد الله بن لهيعة، وهو سيئ الحفظ.
وأما كونه صلى الله عليه وسلم عَقَّ عن الحسن بن علي، فقد جاء ذلك في أحاديث صحيحة، منها حديث بُريدة بن الحُصيب عند أحمد برقم (23001)، وقد ذكرنا تتمة شواهده في التعليق عليه، وعلى حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم (27183)، فانظرها هناك.
قلنا: فالحديث بمجموع طرقه وشواهده حسنٌ إن شاء الله.
فَذَبَحهُما
(1)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(2)
.
1599 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بن عَبد الرحمنِ، عن عَمْرِو بن أبي عَمْرٍو، عن المُطَّلِبِ
عن جَابرِ بن عَبد اللهِ، قال: شَهِدْتُ مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الأضْحى بالمُصَلَّى، فَلمَّا قَضى خُطْبَتهُ، نَزلَ عن مِنْبرهِ، فَأُتِي بكَبْشٍ، فَذبحَهُ رَسولُ الله بِيَدِهِ، وقال:"بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أكبرُ، هذا عَنِّي وَعَمَّنْ لم يُضَحِّ من أُمَّتي"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، والمصنف والنسائي 7/ 220 اختصراه، ورواه مطولًا مسلم في "صحيحه"(1679)(30)، وفيه أن ذلك كان في حجة الوداع، وقد تعقبه الدارقطني في "الإلزامات والتتبع" ص 319 - 320 بأن قوله:"ثم انكفأ إلى كبشين أمْلَحين، فذبحهما" وهم من ابن عون فيما يقال. والصواب أن ذلك كان في المدينة يوم الأضحى كما في رواية أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أنس عند أحمد (12120)، والبخاري (5549) و (5561)، ومسلم (1962)، والنسائي 3/ 193 و 7/ 220 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النَّحْر: "من كان ذبح قبل الصلاة، فليُعِدْ" الحديث، وفي آخره: قال: ثم انْكَفَأَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كَبْشين، فذبحهما، وقام الناس إلى غُنَيمة، فتوزَّعُوها.
(2)
وقع في المطبوع: "حسن صحيح" بزيادة لفظة: "حسن"، وهو كذلك في "شرح العراقي" و"تحفة الأشراف" 9/ 50، والمثبت من أصولنا الخطية و"شرح المباركفوري".
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن صَحَّ سماع المُطَّلِب - وهو ابن عبد الله بن المُطَّلِب بن حَنْطَب - من جابر بن عبد الله، فقد ذكر المصنف وغيره من أهل العلم أنه لم يسمع منه، لكن قد وقع تصريحه بالسماع عند الطحاوي والحاكم، =
هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: أنْ يقولَ الرَّجُلُ إذا ذَبحَ: بِسْمِ اللهِ واللهُ أكْبرُ. وهو قَوْلُ ابن المُباركِ.
والمُطَّلِبُ بن عَبد اللهِ بن حَنْطَبٍ يُقالُ: إنَّهُ لم يَسْمع من جابرٍ.
20 - باب
1600 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قَال: أخْبرنا عَليُّ بن مُسْهِرٍ، عن إسماعيلَ بن مُسْلمٍ، عن الحَسنِ
عن سَمُرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الغُلامُ مُرْتَهنٌ بِعَقِيقتهِ، يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابعِ، ويُسَمَّى، وَيُحْلقُ رَأْسُه"
(1)
.
= والله أعلم.
وأخرجه أحمد (14837)، وأبو داود (2810)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 177 - 178، والحاكم 4/ 229 من طريق المطلب بن عبد الله، عن جابر.
وأخرجه بنحوه أحمد (15022)، وأبو داود (2795)، وابن ماجه (3121) من طريق أبي عياش بن النعمان المعافري البصري، عن جابر بن عبد الله، وصححه ابن خزيمة (2899) وغيره.
ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد (11051)، وهو صحيح، وانظر تتمة شواهده فيه.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (2837) و (2838)، وابن ماجه (3165)، والنسائي 7/ 166، وهو في "مسند أحمد"(20083).
وانظر ما سلف عند المصنف برقم (180).
1601 -
حَدَّثَنا الحسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ، قَال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، قَال: أخْبرنا سَعيدُ بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن الحَسنِ، عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَه
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ اْهْلِ العلمِ: يَسْتَحِبُّونَ أنْ يُذْبحَ عن الغُلامِ العَقيقةُ يَوْمَ السَّابعِ، فإنْ لم يَتهيَّأْ يَوْمَ السَّابعِ، فَيَوْمَ الرَّابعَ عَشرَ، فَإنْ لم يَتَهيَّأْ، عُقَّ عَنْهُ يَوْمَ حَادٍ وَعِشْرِينَ، وَقالُوا: لا يُجْزِئُ في العَقيقةِ من الشَّاةِ إلَّا ما يُجْزِئ في الأُضْحِيةِ.
21 - باب
1602 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن الحَكم البَصْرِيُّ، قَال: حَدَّثَنا محمدُ بن جَعْفر، عن شُعبةَ، عن مَالكِ بن أنَسٍ، عن عَمْرٍو - أوْ عُمرَ - بن مُسْلمٍ، عن سَعيدِ بن المُسَيّبِ
عن أُمِّ سَلمةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من رَأى هِلالَ ذِي الحِجَّةِ، وَأرَادَ أنْ يُضَحِّيَ، فَلا يأخُذَنَّ من شَعْرهِ، وَلا من أظْفَارهِ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ
(3)
.
(1)
حديث صحيح كسالفه، وانظر تخريجه فيه.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1977)، وأبو داود (2791)، وابن ماجه (3149) و (3150)، والنسائي 7/ 211 - 212 و 212، وهو في "مسند أحمد"(26474)، و"صحيح ابن حبان"(5897) و (5916).
(3)
وقع في المطبوع: "حسن صحيح" بزيادة لفظة: "صحيح"، وهو كذلك =
والصَّحِيحُ: هو عَمْرُو بن مُسْلمٍ، قد رَوَى عَنْهُ محمدُ بن عَمْرِو بن عَلْقمةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وقد رُوِي هذا الحديثُ عن سعيدِ بن المُسَيّبِ، عن أُمِّ سَلمةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من غَيْرِ هذا الوَجْهِ نَحوَ هذا.
وهو قَوْلُ بَعْضِ أهْلِ العلمِ، وَبهِ كانَ يقولُ سَعيدُ بن المُسيَّبِ، وإلى هذا الحديثِ ذَهبَ أحمدُ، وَإسحاقُ.
وَرَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ في ذلكَ، فَقالُوا: لا بَأْسَ أنْ يأخُذَ من شَعرِهِ وَأظْفارِهِ. وهو قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، واحْتَجَّ بحديثِ عَائشةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَبْعثُ بالهَدْي من المَدِينةِ، فَلا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ مِنْهُ المُحْرِمُ
(1)
.
= في "شرح العراقي" و"تحفة الأشراف" 13/ 6، وما أثبتنا هو في أصولنا الخطية، والنسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه.
(1)
حديث عائشة هذا سلف عند المصنف برقم (924) و (925)، وقد ذكرنا تخريجه هناك، وهو في "الصحيحين".
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب النذور والأيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء عن رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنْ لا نَذْرَ في مَعْصيةٍ
1603 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا أبو صَفْوانَ، عن يُونُسَ بن يَزِيدَ، عن ابن شِهَابٍ، عن أبي سَلمةَ
عن عَائشةَ، قالت: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا نَذْرَ في مَعْصيةٍ، وَكفَّارتُه كَفَّارةُ يَمِينٍ"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فابن شهاب الزُّهري لم يسمع هذا الحديث من أبى سلمة بن عبد الرحمن فيما قال المصنف ونقله عن شيخه البخاري، وقد اختلف فيه على الزُّهري، وعلى يونس بن يزيد أيضًا كما بَيَّنَّاه في "المسند".
وأخرجه أحمد (26098)، وأبو داود (3290) و (3291)، وابن ماجه (2125)، والنسائي 7/ 26 و 26 - 27 و 27 من طريق يونس بن يزيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه المصنف في الحديث التالي، وأبو داود (3292)، والنسائي 7/ 27 من طريق محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة، عن الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة، به.
وذهب المصنف وشيخه البخاري والدارقطني إلى أن حديث محمد بن أبي =
وفي البابِ عن ابن عُمرَ، وجابرٍ، وَعِمْرانَ بن حُصَيْنٍ.
وهذا حديثٌ لا يَصِحُّ، لأنَّ الزُّهْرِيَّ لم يَسْمعْ هذا الحديثَ من أبي سَلمةَ.
سَمِعْتُ محمدًا يَقولُ: رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ: موسى بن عُقْبةَ وابن أبي عَتِيقٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سُليْمانَ بن أرْقَمَ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلمةَ، عن عَائشةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قال محمدٌ: والحديثُ هو هذا.
1604 -
حَدَّثَنا أبو إسماعيلَ محمدُ بن إسماعيلَ بن يُوسفَ التِّرْمذي، قال: حدثنا أيُّوبُ بن سُليمانَ بن بِلالٍ، قَال: حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بن أبي أُوَيْسٍ، عن سُليْمانَ بن بِلالٍ، عن موسى بن عُقْبةَ وَعَبد اللهِ بن أبي عَتيقٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سُليْمانَ بن أرْقَمَ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلمةَ
عن عَائشةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا نَذْرَ في مَعْصيةٍ، وَكفارتُه كَفارةُ يَمِينٍ"
(1)
.
= عتيق وموسى بن عقبة هو الصحيح عن الزهري.
قلنا: وسليمان بن أرقم متروك الحديث، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه حَرْب بن شدَّاد عند الطيالسي في "مسنده"(1484)، فقال: عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين" وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند ابن الجارود في "المنتقى"(935)، والبيهقي في "السنن" 10/ 72، ولفظه:"النذر نذران"، فما كان لله، فكفارته الوفاءُ، وما كان للشيطان، فلا وفاء فيه، وعليه كَفَّارةُ يمين"، وإسناده حسن.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف سلف الكلام عليه وتخريجه في الذي قبله.
هذا حديثٌ غريبٌ، وهو أصَحُّ من حديثِ أبي صَفْوانَ، عن يُونسَ
(1)
.
وقال قَوْمٌ من أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: لا نَذْرَ في مَعْصيةٍ، وكَفَّارتهُ كَفارةُ يَمِينٍ. وهو قَوْلُ أحمدَ، وَإسحاقَ، واحْتَجَّا بحديثِ الزُّهْرِيِّ، عن أبي سَلمةَ، عن عَائشةَ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: لا نَذْرَ في مَعْصيةٍ، وَلا كفَّارةَ في ذلك. وهو قَوْلُ مالكٍ، وَالشَّافِعِيِّ
(2)
.
1605 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ بن سَعيدٍ، عن مَالكٍ، عن طَلْحةَ بن عَبد المَلكِ الأَيْليِّ، عن القاسمِ بن محمدٍ
عن عَائشةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من نَذرَ أنْ يُطيعَ الله، فَلْيُطِعْهُ، ومن نَذرَ أنْ يَعْصِيَ اللهَ، فَلا يَعْصهِ"
(3)
.
(1)
وقع بعد هذا في المطبوع: "وأبو صفوان: هو مكي، واسمه عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان، وقد روى عنه الحميدي وغير واحد من أجلة أهل الحديث"، ولم يرد في شيء من أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(2)
جاء في المطبوع بعد هذا: "باب من نذر أن يطيع الله، فليطعه"، ولم يرد في شيء من أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6696)، وأبو داود (3289)، وابن ماجه (2126)، والنسائي 7/ 17، وهو في "مسند أحمد"(24075)، و"صحيح ابن حبان"(4387 - 4390).
1606 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ، قَال: حَدَّثَنا عَبد اللهِ بن نُمَيْرٍ، عن عُبَيْدِ الله بن عُمرَ، عن طَلْحة بن عَبد المَلكِ الأَيْليِّ، عن القاسمِ بن محمدٍ، عن عَائشةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوَهُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رَواهُ يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن القاسمِ بن محمدٍ.
وهو قَوْلُ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ، وَبهِ يَقولُ مَالكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، قَالُوا: لا يَعْصي اللهَ، وَلَيْسَ فيهِ كَفَّارةُ يَمِينٍ إذا كانَ النَّذْرُ في مَعْصيةٍ.
2 - باب لا نَذْرَ فِيما لا يَمْلِكُ ابنُ آدَمَ
1607 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا إسحاقُ بن يُوسفَ، عن هِشامٍ الدَّسْتُوائيِّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي قِلابة
عن ثابتِ بن الضَّحَّاكِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَيْسَ على العَبْدِ نَذْرٌ فِيما لا يَمْلِكُ"
(2)
.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وَعِمْرانَ بن حُصَيْنٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
حديث صحيح كسالفه، وانظر تخريجه فيه.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه ضمن حديث مطول أحمد (16385)، والبخاري (6047)، ومسلم (110) وأبو داود (3257)، والنسائي 7/ 19.
وسيأتي بطوله عند المصنف برقم (2826).
3 - باب في كَفَّارةِ النَّذْرِ إذا لم يُسَمَّ
1608 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا أبو بكْرِ بن عَيَّاشٍ، قال: حَدَّثَني محمدٌ مَوْلى المُغِيرةِ بن شُعبةَ، قال: حَدَّثَني كَعْبُ بن عَلْقمةَ، عن أبي الخَيْرِ
عن عُقْبةَ بن عَامرٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كفَّارةُ النَّذْرِ إذا لم يُسَمَّ كَفَّارةُ اليَمِين"
(1)
.
(1)
حديث صحيح دون قوله: "إذا لم يُسَمَّ"، وهذا إسناد ضعيف، محمد مولى المغيرة بن شعبة - واسمه محمد بن يزيد بن أبي زياد الثقفي - جَهَّلَه أبو حاتم والدارقطني والذهبي في "الميزان" وابن حجر في "التقريب"، وقال الذهبي في "الكاشف": ليس بحجة. وعَدَّهُ العقيلي وابن عدي وابن الجوزي في الضعفاء، وقد توبع على هذا الحديث دون قوله:"إذا لم يُسَمَّ" كما سيأتي.
وأخرجه أحمد (17301)، وأبو داود (3323)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2156) و (2157)، والطبراني في "الكبير" 17/ (749) من طرق عن أبي بكر، بهذا الإسناد. ولم يذكروا في حديثهم جميعًا:"إذا لم يُسَمَّ".
وأخرجه أحمد (17319) و (17325)، ومسلم (1645)، وأبو داود (3324) من طرق عن كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن شِماسة، عن أبي الخير، عن عُقبةَ بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يذكروا في حديثهم أيضًا قوله:"إذا لم يُسَمَّ".
قال الإمام النووي في "شرح مسلم 11/ 104: اختلف العلماء في المراد به، فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج، وهو أن يقول الإنسان يريد الامتناع من كلام زيد مثلًا: إن كلمت زيدًا مثلًا، فللَّه علي حجّة أو غيرها فيكلمه، فهو بالخيار بين كفارة يمين وبين ما التزمه. هذا هو الصحيح في مذهبنا، وحمله مالك وكثيرون أو الأكثرون على النذر المطلق، كقوله: عَلَيَّ نذر، وحمله أحمد وبعض أصحابنا على نذر المعصية كمن نذر أن يشرب الخمر، وحمله جماعة من فقهاء =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أصحاب الحديث على جميع أنواع النذر، وقالوا: هو مخير في جميع النذورات بين الوفاء بما التزم وبين كفارة يمين. والله أعلم.
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" 9/ 146 بعد أن نقل كلام النووي: والظاهر اختصاص الحديث بالنذر الذي لم يسمَّ، لأن حمل المطلق على المقيد واجب، وأما النذور المسماة إن كانت طاعة، فإن كانت غير مقدورة، ففيها كفارة يمين، وإن كانت مقدورة، وجب الوفاء بها سواء كانت متعلقة بالبدن أو بالمال، وإن كانت معصية لم يجز الوفاء بها ولا ينعقد، ولا يلزم فيها الكفارة وإن كانت مباحة مقدورة، فالظاهر الانعقاد ولزوم الكفارة، لوقوع الأمر بها في أحاديث الباب في قصة الناذرة بالمشي، وإن كانت غير مقدورة، ففيها الكفارة، لعموم:"ومن نذر نذرًا لم يطقه" هذا خلاصة ما يستفاد من الأحاديث الصحيحة.
وأخرجه النسائي 7/ 26 من طريق عمرو بن الحارث، عن كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن شِمَاسة، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروايته أيضًا دون قوله:"إذا لم يُسَمَّ".
وأخرجه ابن ماجه (2127) من طريق إسماعيل بن رافع، عن خالد بن يزيد، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نذر نذرًا لم يُسَمِّه، فكَفَّارته كَفَّارةُ يمين".
وإسماعيل بن رافع ضعيف سيئ الحفظ.
وللحديث شاهد من حديث عبد الله بن عباس، أخرجه أبو داود (3322) من طريق طلحة بن يحيى الأنصاري، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد، عن بُكَير بن عبد الله بن الأشَجِّ، عن كُرَيب، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه:"من نذر نذرًا لم يُسَمِّه، فكفَّارتُه كَفَّارة يمين". وطلحة بن يحيى الأنصاري، مختلف فيه، وهو حسن الحديث إلا عند المخالفة، وقد خالفه وكيعٌ وغيرهُ، قال أبو داود بإثر الحديث: روى هذا الحديث وكيعٌ وغيره عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، أوقفوه على ابن عباس، وكذا قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، وصححا الموقوف =
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ صحيحٌ.
4 - باب فِيمَنْ حَلفَ على يَمِينٍ، فَرَأى غَيْرَها خَيْرًا مِنْها
1609 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَبد الأعْلى، قَال: حَدَّثَنا المُعْتمرُ بن سُليمانَ، عن يُونسَ، قَال: حَدَّثَنا الحَسنُ
عن عَبد الرحمنِ بن سَمُرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا عَبد الرحمنِ لا تَسْألِ الإمارةَ، فَإنَّكَ إنْ أتَتْكَ عن مَسْألةٍ، وُكِلْتَ إليها، وَإنْ أتَتْكَ عن غَيْرِ مَسْألةٍ، أُعِنْتَ عَليْهَا، وَإذا حَلفْتَ على يَمِينٍ، فَرأيْتَ غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَائْتِ الَّذِي هو خَيْرٌ، ولْتُكفِّرْ عن يَمِينكَ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَدِيِّ بن حَاتِمٍ، وأبي الدَّرْدَاءِ، وَأنَسٍ، وَعَائشةَ، وَعَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وأبي هُريرةَ، وَأُمِّ سَلمةَ، وأبي موسى.
= فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 441.
وتابعه خارجةُ بن مصعب عند ابن ماجه (2128)، فرواه عن بُكير بن عبد الله بن الأشَجِّ، عن كُريب، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه:"من نذر نذرًا لم يُسمِّه، فكفارته كفارة يمين".
قلنا: وهذه المتابعة لا يُفرح بها، فخارجة بن مصعب هذا متروكٌ ذاهب الحديث.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه تامًا ومختصرًا أحمد (20616) و (20618)، والبخاري (6622)، ومسلم (1652) ص 1456 (13)، وأبو داود (2929) و (3277) و (3278)، والنسائي 7/ 11 و 11 - 12 و 12 و 8/ 225، وابن حبان (4348).
حديثُ عَبد الرحمنِ بن سَمُرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
5 - باب في الكفَّارةِ قَبْلَ الحِنْثِ
1610 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، عن مَالكِ بن أنَسٍ، عن سُهَيْلِ بن أبي صَالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من حَلفَ على يَمِينٍ، فَرأَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَلْيُكفِّرْ عن يَمِينهِ، وَلْيَفْعلْ"
(1)
.
وفي البابِ عن أُمِّ سَلمةَ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: أنَّ الكفَّارةَ قَبْلَ الحِنْثِ تُجْزِئُ، وهو قَوْلُ مالكٍ، والشَّافِعيِّ، وَأحمدَ، وَإسحاقَ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ: لا يُكفِّرُ إلَّا بَعْدَ الحِنْثِ. قال سُفيانُ الثَّوْرِيُّ: إنْ كَفَّرَ بَعْدَ الحِنْثِ أحَبُّ إليَّ، وَإنْ كَفَّرَ قَبْلَ الحِنْثِ، أجْزأهُ.
6 - باب في الاسْتِثْناءِ في اليَمينِ
1611 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الصَّمدِ بن عَبد
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (8734)، ومسلم (1650)، والنسائي في "الكبرى"(4722)، وابن حبان (4349). وفي الحديث عندَ بعضهم قصة.
الوَارثِ، قَال: حَدَّثَني أبي وَحَمَّادُ بن سَلمةَ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمر، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "من حَلفَ على يَمينٍ، فقال: إن شاء الله
(1)
، فَلا حِنْثَ عَليْهِ"
(2)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.
حديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ.
وقد رَواهُ عُبَيْدُ اللهِ بن عُمرَ وَغَيْرُهُ عن نافعٍ، عن ابن عُمرَ مَوْقُوفًا
(3)
.
وهكذا رُوِي عن سَالمٍ، عن ابن عُمرَ مَوْقُوفًا
(4)
.
(1)
وقع في المطبوع بعد هذا: "فقد استثنى"، وهذه الجملة لم نجدها في شيء من أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه بألفاظ متقاربة أحمد (4510)، وأبو داود (3261) و (3262)، وابن ماجه (2105) و (2106)، والنسائي 7/ 12، وابن حبان (4339)، و (4342) من طريق أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا.
وأخرجه عبد الرزاق (16113) و (16115) من طريق مَعْمَر والثَّوري، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا بنحوه.
(3)
أخرجه عبد الرزاق (16112) من طريق عبيد الله بن عمر، و (16111) والبيهقي 10/ 46 من طريق عبد الله بن عمر، والبيهقي 10/ 46 و 47 من طريق مالك بن أنس وأسامة بن زيد وموسى بن عقبة، خمستهم عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا بنحوه.
(4)
أخرجه البيهقي 10/ 47 عن طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن سالم، عن ابن عمر موقوفًا بلفظ. كلُّ استثناء موصولٍ، فلا حِنْثَ على =
وَلا نَعْلمُ أحدًا رَفعهُ غَيْرَ أيُّوب السَّخْتِيانيِّ
(1)
، وقال إسماعيلُ بن إبراهيم: كانَ أيُّوبُ أحْيانًا يَرْفعهُ، وَأحْيانًا، لا يَرْفَعهُ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: أنَّ الاسْتِثناءَ إذا كانَ مَوْصُولًا باليَمِينِ، فَلا حِنْثَ عَليْهِ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، والأوْزَاعيِّ، وَمَالكِ بن أنَسٍ، وَعَبد اللهِ بن المُباركِ، وَالشَّافِعيِّ، وَأحمدَ، وَإسحاقَ.
1612 -
حَدَّثَنا يحيى بن موسى، قَال: أخبرنا عَبد الرَّزَّاقِ، قَال: أخْبرنا مَعْمرٌ، عن ابن طاوُوسٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"من حَلَفَ، فقال: إنْ شاءَ اللهُ، لم يَحْنَثْ"
(2)
.
سَألْتُ محمدَ بن إسماعيلَ عن هذا الحديثِ، فقال: هذا حديثٌ خَطأٌ، أخْطَأَ فيهِ عَبد الرَّزَّاقِ، اخْتَصرهُ من حديثِ مَعْمرٍ
(3)
،
= صاحبه، وإن كان غيرَ موصول، فهو حانثٌ.
(1)
كذا قال المصنف رحمه الله، ونقل في "علله الكبير" 2/ 655 - 656 عن شيخه البخاري، أنه قال: أصحاب نافع رووا هذا عن نافع عن ابن عمر موقوفًا إلا أيوب، فإنه يرويه عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلنا: هذا غير مسلم لهما، فقد تابعه على رفعه كثير بن فرقد عند النسائي 7/ 25 والحاكم 4/ 303، وأيوب بن موسى عند ابن حبان (4340) وهما ثقتان.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2104)، والنسائي 7/ 30 - 31، وهو في "مسند أحمد"(8088)، و"صحيح ابن حبان"(4341).
(3)
كذا قال البخاري رحمه الله، والذي رواه الإمام أحمد في "مسنده" عن =
عن ابن طَاوُوسٍ، عن أبيهِ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: إنَّ سُليمانَ بن دَاوُدَ قال: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلةَ على سَبْعينَ امْرَأةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأةٍ غُلامًا، فَطافَ عَليْهِنَّ، فلم تَلِدِ امْرَأةٌ مِنْهُنَّ، إلَّا امْرأةٌ نِصْفَ غُلامٍ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لو قال: إنْ شَاءَ اللهُ، لَكانَ كما قال"
(1)
. هكذا روى عَبد الرَّزَّاقِ، عن مَعْمرٍ، عن ابن طاوُوسٍ، عن أبيهِ هذا الحديثَ بِطُولهِ، وقال: سَبْعينَ امْرَأةً
(2)
.
= عبد الرزاق أن مَعْمَرًا هو الذي اختصره.
قلنا: وتعليل البخاري هذا الحديث باختصار من اختصره من قصة سليمان بن داود في الطواف على نسائه في لية واحدة، ناقشه ابنُ العربي في "عارضة الأحوذي" 7/ 72 - 73، ورَدَّه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" باختلاف الحديثين في المعنى، وأن هذا الحديث لا يمكن أن يكون اختصارًا من الحديث الآخر في قصة سليمان، وأن عبد الرزاق أخطأ في ظنه أن مَعْمَرًا اختصره، والله أعلم. وانظر "فتح الباري" 11/ 605.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (7715)، والبخاري (5242) عن محمود بن غيلان، ومسلم (1654) عن عبد بن حميد، والنسائي 7/ 31 عن العباس بن عبد العظيم، أربعتهم عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد، ووقع في رواية أحمد ومحمود بن غيلان:"على مئة امرأة"، وفي رواية عباس بن عبد العظيم:"على تسعين امرأة".
وأخرجه البخاري (6720)، ومسلم (1654)(23)، وابن حبان (4338) من طريق هشام بن حُجير، عن طاووس، به. ووقع فيه عند البخاري وابن حبان:"على تسعين امرأة".
وانظر ما بعده.
(2)
كذا جزم المصنف بأن عبد الرزاق قال في حديثه: "على سبعين امرأة"، =
وقد رُوِي هذا الحديثُ من غَيْرِ وَجْهٍ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"قال سُليْمانُ بن دَاوُدَ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلةَ على مِئةِ امْرَأةٍ"
(1)
.
7 - باب في كَرَاهِيةِ الحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ
1613 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن الزُّهْريِّ، عن سَالمٍ
= وفيه نظر، فقد اختلف أصحاب عبد الرزاق عليه في هذا الحرف كما أشرنا إلى ذلك آنفًا.
(1)
أخرجه أحمد (7137) و (10580) من طريق هشام بن حسان، والبخاري (7469)، ومسلم (1654)(22) من طريق أيوب، كلاهما عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وفي حديث أيوب:"أنه كان لسليمان ستون امرأة".
وأخرجه البخاري (6720)، ومسلم (1654)(23) من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري (3424) من طريق مغيرة بن عبد الرحمن، والبخاري (6639)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 25 - 26 من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (1654)(25) من طريق موسى بن عقبة، ومسلم (1654)(25) من طريق وَرْقاء، والنسائي في "الكبرى"(9032) و (11302)، وابن حبان (4337) من طريق هشام بن عروة، ستتهم عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة. ووقع في حديث سفيان عند مسلم، ومغيرة بن عبد الرحمن:"على سبعين امرأة"، وفي حديث سفيان عند البخاري، وشعيب وورقاء وموسى بن عقبة:"على تسعين امرأة".
وعلقه البخاري في "صحيحه" برقم (1819)، ووصله الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1925) من طريق الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة. وقال فيه:"على مئة امرأة، أو تسع وتسعين".
وانظر ما قبله.
عن أبيهِ: سَمِعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عُمرَ وهو يَقولُ: وَأبي وَأبي. فقال: "ألا إنَّ اللهَ يَنْهاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بآبائِكُمْ". فقال عُمرُ: فَواللهِ ما حَلفْتُ بهِ بَعْدَ ذلكَ ذَاكِرًا وَلا آثِرًا
(1)
.
وفي البابِ عن ثَابتِ بن الضَّحَّاكِ، وابن عَبَّاسٍ، وأبي هُريرةَ، وَقُتيلةَ، وَعَبد الرحمنِ بن سَمُرةَ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
قال أبو عُبَيْدٍ: مَعْنى قَوْلهِ: وَلا آثِرًا: يقول
(2)
: لم آثُرْهُ عن غَيْرِي، يَقولُ: لم أذْكُرْهُ عن غَيْرِي.
1614 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا عَبْدةُ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عُمرَ عن نافع
عن ابن عُمرَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أدْركَ عمرَ وهو في رَكْبٍ وهو يَحْلِفُ بأبيهِ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله يَنهاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (4523)، ومسلم (1646)(1) و (2)، والنسائي 7/ 4 و 4 - 5 و 5 من طريق سالم، عن ابن عمر.
وأخرجه أحمد (4703)، والبخاري (3836) و (6648)، ومسلم (1646)(4)، والنسائي 7/ 4، وابن حبان (4362) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر بنحوه.
وانظر ما بعده.
(2)
كذا في أصولنا الخطية والنسخة التي شرح عليها المباركفوري، وفي النسخة التي شرح عليها الحافظ العراقي:"أي"، ونص كلام أبي عُبيد في "غريب الحديث" 2/ 59: وقوله: ولا آثرًا، يريد: ولا مخبرًا عن غيري أنه حلف يقول: لا أقول: إن فلانًا، وأبي لا أفعل كذا وكذا.
بآبائِكُمْ، لِيَحلِفْ حَالفٌ باللهِ، أوْ لِيَسْكُتْ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
8 - باب
1615 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا أبو خَالدٍ الأحْمرُ، عن الحَسنِ بن عُبَيْدِ اللهِ، عن سَعْدِ بن عُبَيْدةَ
أنَّ ابن عُمرَ سَمِعَ رَجُلًا يَقولُ: لا وَالكَعْبةِ. فقال ابن عُمرَ: لا تحلف بِغَيْرِ اللهِ، فَإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ:"من حَلفَ بِغَيْرِ اللهِ، فَقد كَفَر، أوْ أشْركَ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
وتفسير هذا الحديثِ عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ: أنَّ قَوْلهُ: "كَفرَ أوْ أشْركَ" على التَّغْليظِ
(3)
، وَالحُجَّةُ في ذلكَ حديثُ ابن عُمرَ: أنَّ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (4593)، والبخاري (2679) و (6646) و (6108)، ومسلم (1646)(3) و (4)، وابن حبان (4359) و (4360) و (4361) من طريق نافع، عن ابن عمر.
وانظر ما قبله.
(2)
صحيح، وأخرجه أحمد (6072)، وأبو داود (3251)، وهو في "صحيح ابن حبان"(4358) بإسناد على شرط مسلم، وصححه الحاكم 4/ 291 وأقره الذهبي في "التلخيص"، وقال في "الكبائر" إسناده على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد (5346) من طريق سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله
…
" فقال فيه قولًا شديدًا. وإسناده صحيح.
(3)
قال المناوي في "فيض القدير" في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله =
النبيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ عُمرَ يَقولُ: وَأبي وَأبي. فقال: "ألا إنَّ الله يَنْهاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ"
(1)
. وحديثُ أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال:"من قال في حَلِفهِ: وَاللَّاتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ"
(2)
.
وهذا مِثْلُ ما رُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: "الرِّياءُ شِرْكٌ"
(3)
.
وقد فَسَّرَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ هذه الآية {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: 110] الآيةَ، قال: لا يُرَائي.
9 - باب فِيمَنْ يَحْلِفُ بالمَشْيِ وَلا يَسْتطِيعُ
1616 -
حَدَّثَنا عَبد القُدُّوس بن محمدٍ العَطَّارُ البَصْرِيُّ، قَال: حَدَّثَنا
= فقد كفر": وفي رواية: أشرك. أي: فعل فِعْلَ أهل الشرك أو تشبه بهم، إذ كانت أيمانهم بآبائهم وما يعبدون من دون الله، أو فقد أشرك في تعظيم من لم يكن أن يعظمه، لأن الأيمان لا تصلح إلا بالله، فالحالف بغيره معظِّمٌ غيره مما ليس له، فهو يشرك غير الله في تعظيمه. ورجحه ابن جرير، ومن هذا التقرير علم أن من زعم أن الخبر ورد على منهج الزجر والتغليظ، فقد تكلف.
(1)
سلف تخريجه برقم (1613) و (1614) وهو صحيح.
(2)
سيأتي عند المصنف برقم (1626)، ويأتي تخريجه هناك، وهو حديث صحيح.
(3)
ورد هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، منهم محمود بن لبيد، وحديثه عند أحمد (23630)، ولفظه:"إن أخوف ما أخاف عليكم الشِّركُ الأصغر" قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: "الرياء
…
". وهو حديث حسن، وقد ذكرنا أحاديث الباب في "المسند" عند حديث أبي هريرة رقم (7999)، فانظرها هناك.
عَمْرُو بن عَاصمٍ، عن عِمْرانَ القَطَّانِ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسٍ، قال: نَذَرَتِ امْرَأةٌ أنْ تَمْشِيَ إلى بَيْتِ اللهِ، فسُئِلَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلكَ، فقال:"إنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عن مَشْيِها، مُرُوها فَلْتَرْكَبْ"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وَعُقْبةَ بن عَامرٍ، وابن عَبَّاسٍ.
حديثُ أنسٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(2)
.
1617 -
حَدَّثَنا أبو موسى محمدُ بن المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنا خَالدُ بن الحارثِ، قَال: حَدَّثَنا حُمَيْدٌ، عن ثَابتٍ
عن أنَسٍ، قال: مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِشَيْخٍ كَبِيرٍ يُهادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، فقال:"ما بَالُ هذا؟ " قَالُوا: نَذَرَ يا رسول الله أنْ يَمْشيَ. قال: "إنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عن تَعْذِيبِ هذا نَفْسَهُ". قال: فَأمَرهُ أنْ يَرْكَبَ
(3)
.
(1)
صحيح من غير هذا الطريق، وهذا إسناد فيه عمران بن داوَر القَطَّان، وهو مختلف فيه، ولم يتابعه أحد في روايته لهذا الحديث عن حميد عن أنس، والمحفوظ في حديث حميد هو الحديث الآتي برقم (1617)، وأما هذا الحديث فمعروف من حديث عقبة بن عامر، وهو في "صحيح البخاري"(1866)، و"صحيح مسلم"(1644)، والله أعلم.
(2)
وقع في المطبوع: "حسن صحيح غريب من هذا الوجه"، وفي شرح المباركفوري:"حسن صحيح غريب" والمثبت من أصولنا الخطية، والنسخة التي شرح عليها العراقي.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (1865)، ومسلم (1642)، وأبو داود =
1618 -
حَدثنا محمد بن المُثنَّى، قال: حدثنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عن حُميد، عن أنسٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا، فذكر نحوَه
(1)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(2)
.
والعملُ على هذا عند بعض أهل العلم، وقالوا: إذا نَذَرتِ المرأةُ أن تَمْشِيَ، فلتَرْكَبْ، ولتُهْدِ شاةً
(3)
.
10 - باب في كَرَاهِيةِ النُّذور
1619 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا عَبد العَزِيزِ بن محمدٍ، عن العَلاءِ بن عَبد الرحمنِ، عن أبيه
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَنْذِرُوا، فَإنَّ النَّذْرَ لا يُغْني من القَدَرِ شَيْئًا، وإنَّما يُسْتَخْرجُ بهِ من البَخِيلِ"
(4)
.
= (3301)، والنسائي 7/ 30، وهو في "مسند أحمد"(12038)، و"صحيح ابن حبان"(4382) و (4383).
(1)
حديث صحيح كسالفه، وانظر تخريجه فيه.
(2)
قوله: "هذا حديث صحيح" لم يرد في المطبوع، وأثبتناه من أصولنا الخطية وشرحي العراقي والمباركفوري.
(3)
من قوله: "والعمل على هذا" إلى هنا جاء في المطبوع قبل الحديث رقم (1617)، وأثبتناه في موضعه هنا من أصولنا الخطية، ونسختي العراقي والمباركفوري.
(4)
حديث صحيح، وأخرجه بألفاظ متقاربة البخاري (6609)، ومسلم (1640)، وأبو داود (3288)، وابن ماجه (2123)، والنسائي 7/ 16 و 16 - 17، وهو في "المسند"(7208)، و"صحيح ابن حبان"(4376). =
وفي البابِ عن ابن عُمرَ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيرِهِمْ: كَرِهُوا النَّذْرَ. وقال عَبد اللهِ بن المُباركِ: مَعْنى الكَراهِيَةِ في النَّذْر في الطَّاعةِ وَالمَعْصيةِ، وَإنْ نَذرَ الرَّجُلُ بالطَّاعةِ فَوفَّى بهِ، فَلهُ فيهِ أجْرٌ، وَيُكْرهُ لهُ النَّذْرُ.
11 - باب في وَفاءِ النَّذْرِ
1620 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن مَنْصُورٍ، قال: حدثنا يحيى بن سَعيدٍ القَطَّانُ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عُمرَ، عن نافعٍ، عن ابن عُمرَ
عن عُمرَ، قال: قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي كُنْتُ نَذرْتُ أنْ أعْتكِفَ لَيْلةً في المَسْجِدِ الحَرامِ في الجَاهِليَّةِ، قال:"أوْفِ بِنذْرِكَ"
(1)
.
= قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 11/ 578: وجزم القرطبي في "المفهم" بحمل ما ورد في الأحاديث من النهي على نذر المجازاة، فقال: هذا النهي محله أن يقول: إن شفى الله مريضي، فعلي صدقة كذا، ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكور على حصول الغرض المذكور، ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى لما صدر منه.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2042)، ومسلم (1656)، وأبو داود (3325)، وابن ماجه (1772) و (2129)، والنسائي 7/ 21، وهو في "المسند"(255).
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وابن عَبَّاسٍ.
وحديثُ عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد ذَهبَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ إلى هذا الحديثِ، قَالُوا: إذا أسْلمَ الرَّجُلُ وَعَليْهِ نَذْرُ طاعةٍ، فَلْيَفِ بهِ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: لا اعْتِكافَ إلَّا بِصَوْمٍ.
وقال آخَرُونَ من أهْلِ العلمِ: لَيْسَ على المُعْتَكفِ صَوْمٌ إلّا أنْ يُوجِبَ على نَفْسهِ صَوْمًا، وَاحْتجُّوا بحديثِ عُمرَ: أنَّهُ نَذرَ أنْ يَعْتكفَ لَيْلةً في الجَاهِليَّةِ فَأمَرهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالوَفاءِ. وهو قَوْلُ أحمدَ، وَإسحاقَ.
12 - باب كَيْفَ كانَ يَمينُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
-
1621 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخْبرنا عَبدُ اللهِ بن المُباركِ وَعَبد اللهِ بن جَعْفرٍ، عن موسى بن عُقْبةَ، عن سَالمِ بن عَبد اللهِ
عن أبيهِ، قال: كَثِيرًا ما كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَحْلِفُ بهذه اليَمِينِ: "لا، وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (6617)، وأبو داود (3263)، وابن ماجه (2092)، والنسائي 7/ 2، وهو في "المسند"(4788).
13 - باب في ثَوابِ من أعْتَقَ رَقَبةً
1622 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابن الهَادِ، عن عُمرَ بن عَليِّ بن الحُسيْنِ، عن سَعيدِ بن مَرْجانةَ
عن أبي هُريرةَ، قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "من أعْتقَ رَقَبةً مُؤْمِنةً، أعْتقَ اللهُ مِنْهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا من النَّارِ، حتَّى يُعْتِقَ فَرْجَهُ بِفَرْجهِ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَائشةَ، وَعَمْرِو بن عَبَسةَ، وابن عَبَّاسٍ، وَواثِلةَ بن الأسْقعِ، وأبي أُمامةَ، وَكَعْبِ بن مُرَّةَ، وعُقْبةَ بن عامرٍ.
حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
وابن الهَادِ: اسْمهُ يَزِيدُ بن عَبد اللهِ بن أُسامةَ بن الهَادِ، وهو مَدنيٌّ ثِقَةٌ، قد رَوى عَنْهُ مَالكُ بن أنَسٍ وَغَيْرُ وَاحدٍ من أهْلِ العلمِ.
14 - باب في الرَّجُلِ يَلْطِمُ خادِمَهُ
1623 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، قال: حَدَّثَنا المُحاربيُّ، عن شُعبةَ، عن حُصَيْنٍ، عن هِلالِ بن يِسافٍ
عن سُوَيْدِ بن مُقَرِّن المُزَنيِّ، قال: لقد رَأيْتُنا سَبْعةَ إخْوةٍ ما لنا
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2517)، ومسلم (1509)، والنسائي في "الكبرى"(4874)، و (4875) و (4876)، وهو في "المسند"(9441)، و"صحيح ابن حبان"(4308).
خادِمٌ إلَّا وَاحِدةٌ، فلطَمَها أحدُنا، فَأمَرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ نُعْتِقهَا
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عُمرَ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رَوَى غَيْرُ وَاحدٍ هذا الحديثَ عن حُصَيْنِ بن عَبد الرحمنِ، وذَكرَ بَعْضُهم في هذا الحديث قال: لَطمَهَا على وَجْهِهَا.
15 - باب ما جاء في كَراهِيةِ الحَلِفِ بغَيْرِ مِلَّةِ الإسْلامِ
(2)
1624 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا إسحاقُ بن يُوسفَ الأزْرَقُ، عن هِشامٍ الدَّسْتُوائيِّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي قِلابةَ
عن ثابتِ بن الضَّحَّاكِ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من حَلفَ بِملَّةٍ غَيْرِ الإسْلامِ كَاذِبًا، فهو كَما قال"
(3)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد اخْتلَفَ أهْلُ العلمِ في هذا، إذا حَلفَ الرَّجُلُ بِملَّةٍ سِوَى الإسْلامِ قال: هو يَهُوديٌّ أوْ نَصْرانيٌّ، إنْ فَعَلَ كَذا وَكَذا، فَفعلَ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1658)، وأبو داود (5166) و (5167)، والنسائي في "الكبرى"(5009 - 5013)، وهو في "المسند"(15703).
(2)
عنوان هذا الباب لم يذكر في شيء من أصولنا الخطية، ولا في نسخة المباركفوري، وأثبتناه من النسخة التي شرح عليها الحافظ العراقي.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه ضمن حديث مطول أحمد (16385)، والبخاري (6047)، ومسلم (110)، وأبو داود (3257)، وابن ماجه (2098)، والنسائي 7/ 5 - 6 و 6 و 19، وابن حبان (4366) و (4367).
ذلكَ الشَّيْءَ، فقال بَعْضُهمْ: قد أتى عَظِيمًا، ولا كَفَّارةَ عَليْهِ. وهو قَوْلُ أهْلِ المَدِينَةِ، وَبهِ يقولُ مالكُ بن أنَسٍ، وإلى هذا القَوْلِ ذَهبَ أبو عُبَيْدٍ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ مِن أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ: عَليْهِ في ذلك الكفَّارةُ. وهو قَوْلُ سُفيانَ، وَأحمدَ، وَإسحاقَ.
16 - باب
1625 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن سُفيانَ، عن يحيى بن سَعيدٍ، عن عُبَيْدِ الله بن زَحْر، عن أبي سَعيدٍ الرُّعَينيِّ، عن عَبد اللهِ بن مالكٍ اليَحْصُبيِّ
عن عُقْبةَ بن عامرٍ، قال: قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أُخْتي نَذرتْ أنْ تَمْشِيَ إلى البَيْتِ حَافِيةً غَيْرَ مُخْتَمرةٍ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ اللهَ لا يَصْنعُ بِشَقاءِ أُخْتكَ شَيْئًا، فَلْتَرْكبْ، وَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَصُمْ ثَلاثةَ أيَّامٍ"
(1)
.
(1)
حديث صحيح دون قوله: "ولتصم ثلاثة أيام"، وهذا إسناد ضعيف عبد الله بن زحر وهو مختلف فيه، والأكثر على تضعيفه وهو يصلح للمتابعات والشواهد. وأخرجه أحمد (17291) و (17306)، والبخاري (1866)، ومسلم (1644)، وأبو داود (3293) و (3294) و (3299) و (3304)، وابن ماجه (2134)، والنسائي 7/ 19 و 20. ولفظ البخاري ومسلم وأبي داود (3299)، والنسائي 7/ 19: عن عقبة بن عامر قال: نَذَرَتْ أُختي أن تَمشِيَ إلى بيت الله، وأمرتني أن أستفتيَ لها النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فاستفتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: "لتَمْشِ ولْتَرْكَبْ".
وفي البابِ عن ابنِ عَبَّاسٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ.
والعملُ على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ.
17 - باب
(1)
1626 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن مَنْصُورٍ، قال: حَدَّثَنا أبو المُغِيرةِ، قال: حَدَّثَنا الأوْزاعيُّ، قال: حَدَّثَنا الزُّهْرِيُّ، عن حُمَيْدِ بن عَبد الرحمنِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من حَلفَ مِنْكُمْ، فقال في حَلِفهِ: واللَّاتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، ومن قال: تَعالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيتَصَدَّقْ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو المُغِيرةِ: هو الخَولانيُّ الحِمصِيُّ، وَاسمُه عَبدُ القدُّوسِ بن الحَجَّاجِ.
(1)
قوله: "باب" لم يرد في أصولنا الخطية، وأثبتناه من النسخة التي شرح عليها الحافظ العراقي.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4860)، ومسلم (1647)، وأبو داود (3247)، وابن ماجه (2096)، والنسائي 7/ 7، وهو في "المسند"(8087)، و"صحيح ابن حبان"(5705).
18 - باب ما جاء في قَضاءِ النَّذْرِ عن المَيِّتِ
(1)
1627 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابن شِهابٍ، عن عُبَيْدِ الله بن عَبد اللهِ بن عُتْبةَ
عن ابن عَبَّاسٍ: أنَّ سَعْدَ بن عُبادةَ اسْتَفْتى رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في نَذْرٍ كانَ على أُمِّهِ تُوُفِّيتْ قَبْلَ أنْ تَقْضِيهُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اقْضِه عَنْها"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
19 - باب ما جاء في فَضْلِ من أعْتقَ
(3)
1628 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَبدِ الأعْلى، قال: حَدَّثَنا عِمْرانُ بن عُيينةَ - وهو أخو سُفيانَ بن عُيينةَ - عن حُصَيْنٍ، عن سَالمِ بن أبي الجَعْدِ
عن أبي أُمامَةَ وَغَيْرهِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يعني - عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "أيُّما امْرِئٍ مُسْلمٍ أعْتقَ امْرأً مُسْلمًا، كانَ فَكاكَهُ من
(1)
عنوان هذا الباب لم يرد في أصولنا الخطية ولا في "شرح العراقي"، وأثبتناه من شرح المباركفوري.
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2761)، ومسلم (1638)، وأبو داود (3307)، وابن ماجه (2132)، والنسائي 6/ 253 و 253 - 254 و 254 و 7/ 20 و 20 - 21 و 21، وهو في "المسند"(1893)، و"صحيح ابن حبان"(4393) و (4394) و (4395).
(3)
عنوان هذا الباب لم يرد في أصولنا الخطية، وأثبتناه من نسختي العراقي والمباركفوري.
النَّارِ، يُجْزِئُ كُلُّ عُضْو مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ، وَأيُّما امْرِئٍ مُسْلمٍ أعْتقَ امْرَأتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ، كانَتا فكاكَهُ من النَّارِ، يُجْزئ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُما عُضْوًا مِنْهُ، وَأيُّما امْرَأةٍ مُسْلمةٍ أعْتقَتِ امْرَأةً مُسْلمةً، كَانَتْ فَكاكَهَا من النّارِ، يُجْزِئُ كُلُّ عُضْوٍ مِنْها عُضْوًا مِنْها"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
وفقه هذا الحديثِ ما يَدُلُّ على أن عِتْقَ الذُّكُورِ لِلرِّجالِ أفْضَلُ من عِتْقِ الإناثِ، لِقَوْلِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"من أعْتقَ امْرَأً مُسْلمًا، كانَ فَكاكَهُ من النّارِ، يُجْزِئُ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ، وأيُّما امرئٍ مسلم أعْتقَ امرأتين مسلمتين، كانتا فَكاكَه من النَّار، يُجزِئُ كل عُضوٍ منهما عُضوًا منه".
(1)
صحيح لغيره دون قوله: "وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين، كانتا فكاكه من النار، يجزئ كل عضو منهما عضوًا منه"، وهذا إسناد ضعيف، عمران بن عيينة ليِّن الحديث، وسالم بن أبي الجعد لم يسمع من أبي أمامة.
وفي الباب عن أبي هريرة سلف عند المصنف برقم (1622)، وهو صحيح، وعن عمرو بن عَبَسة أبي نَجِيح السُّلمي عند أحمد (17022)، وهو صحيح أيضًا، وعن كعب بن مُرَّة - أو مُرَّة بن كعب - السُّلَمي عند أحمد أيضًا (18059)، وإسناده ضعيف.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب السِّيَر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء في الدَّعْوةِ قَبْلَ القِتالِ
1629 -
حَدَّثَنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو عَوانةَ، عن عَطاءِ بن السَّائِبِ، عن أبي البَخْتريِّ
أنَّ جَيْشًا من جُيُوشِ المُسْلِمينَ كانَ أمِيرَهُمْ سَلْمانُ الفارِسيُّ حَاصَرُوا قَصْرًا من قُصُورِ فَارِسَ، فقالُوا: يا أبا عَبد اللهِ ألا نَنْهدُ إلَيْهِمْ؟ قال: دَعُوني أدْعُوهم كما سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو، فأتاهُمْ سَلْمانُ، فقال لَهُمْ: إنَّما أنا رَجُلٌ مِنْكُمْ فَارِسيٌّ تَروْنَ العَربَ يُطِيعُوني، فَإنْ أسْلَمْتُمْ، فَلكُمْ مِثْل الَّذِي لنا، وَعَليْكُمْ مِثْلُ الَّذِي عَليْنا، وَإنْ أبَيْتُمْ إلَّا دِينَكُمْ، تركْناكُمْ عَليْهِ، وَأعْطُونا الجِزْيةَ عن يَدٍ وَأنْتُمْ صَاغِرُونَ. قال: وَرَطَنَ إليْهِمْ بالفارِسيَّةِ: وَأنْتُمْ غَيْرُ مَحْمُودِينَ، فإن أبَيْتُمْ، نابَذْناكُمْ على سَواءٍ. قالُوا: ما نَحْنُ بالَّذِي نُعْطِي الجِزْيةَ، ولكِنَّا نُقاتِلُكُمْ. فقالُوا: يا أبا عَبد اللهِ ألا نَنْهَدُ إلَيْهِمْ؟ قال: لا.
قال: فدعاهم ثَلاثة أيَّام إلى مِثْلِ هذا، ثُمَّ قال: انْهَدُوا إلَيْهِمْ، قال: فَنهدْنا إلَيْهِمْ، فَفتَحْنا ذلكَ القَصْرَ
(1)
.
(1)
المرفوع منه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو البَختَري - واسمه =
وفي البابِ: عن بُريْدةَ، وَالنُّعْمانِ بن مُقَرِّنٍ، وابن عُمرَ، وابن عَبَّاسٍ.
وحديثُ سَلْمانَ حديثٌ حَسَنٌ، لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ عَطاءِ بن السَّائِبِ.
وَسَمِعْتُ محمدًا يَقولُ: أبو البَخْتَرِيِّ لم يُدْرِكْ سَلْمانَ، لأنَّهُ لم يُدْركْ عَليًّا، وَسَلْمانُ ماتَ قَبْلَ عَليٍّ.
وقد ذَهبَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ إلى هذا، وَرَأوْا أنْ يُدْعَوا قَبْلَ القِتَالِ، وهو قَوْلُ إسحاقَ بن إبراهيمَ، قال: إنْ تقدَّمَ إلَيْهِمْ في الدَّعْوةِ فحسَنٌ، يدعوهم يكونُ ذلك أهيبَ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ: لا دَعْوةَ اليَوْمَ.
وقال أحمدُ: لا أعْرِفُ اليَوْمَ أحدًا يُدْعى.
وقال الشَّافِعيُّ: لا يُقاتَلُ العَدُوُّ حتَّى يُدْعَوْا إلا أنْ يُعجِلُوا عن ذلكَ، فَإنْ لم يَفْعَلْ، فقد بَلغَتْهُمُ الدَّعْوةُ
(1)
.
2 - باب
1630 -
حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى العَدَنيُّ المَكِّيُّ - وَيُكْنى بأبي عَبد اللهِ -
= سعيد بن فيروز - لم يسمع من سلمان، وهو في "المسند"(23726).
وله شاهد من حديث بُريدة بن الحُصَيب بنحوه عند أحمد (22978)، وهو في "صحيح مسلم"(1731)، وانظر تتمة شواهده في "المسند".
(1)
وانظر لزامًا "التمهيد" 2/ 216، و"الاستذكار" 14/ 316 - 320.
الرَّجُلُ الصَّالحُ هو ابن أبي عُمرَ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن عَبد الملكِ بن نَوْفَلِ بن مُساحِقٍ، عن ابن عِصامٍ المُزَنيِّ
عن أبيهِ - وكَانَتْ لهُ صُحْبةٌ -، قال: كانَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا بَعثَ جَيْشًا أوْ سَريَّةً يَقولُ لَهُمْ: "إذا رَأيْتمْ مَسْجدًا، أو سَمِعْتُمْ مُؤذِّنًا، فَلا تَقْتُلُوا أحدًا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ
(2)
، وهو حديثُ ابن عُيينةَ.
3 - باب في البَياتِ والغَاراتِ
1631 -
حَدَّثَنا الأنْصارِيُّ، قَال: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قَال: حَدَّثَني مَالك بن أنَسٍ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرجَ إلى خَيْبرَ، أتاها لَيْلًا، وَكانَ إذا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ، لم يُغِرْ عَليْهِمْ حتّى يُصْبِحَ، فَلمَّا أصْبَحَ خَرجَتْ يَهُودُ بِمَساحِيهم ومكاتِلِهم، فَلمَّا رَأوْهُ، قَالُوا: محمدٌ، وَافقَ - وَاللهِ - محمدٌ الخَميسَ. فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللهُ أكْبرُ
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن عصام المُزَني.
وأخرجه أبو داود (2635)، والنسائي في "الكبرى"(8831)، وهو في "المسند" (15714). ويشهد له حديث أنس الآتي رقم (1631) وفي بعض رواياته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا قومًا لم يُغِرْ حتى يُصبِحَ، فإن سمع أذانًا أمْسَكَ، وإن لم يسمع أذانًا، أغارَ بعدما يُصْبحْ.
(2)
في المطبوع: "حديث غريب"، وما أثبتناه من أصولنا الخطية، وشرحي العراقي والمباركفوري، وهو الذي نقله المِزِّي في "تحفة الأشراف" 7/ 296.
خَرِبَتْ خَيْبرُ، إنَّا إذا نَزلْنا بِساحةِ قَوْمٍ، فَساءَ صَباحُ المُنْذَرين"
(1)
1632 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ وَمحمدُ بن بَشَّارٍ، قالا: حَدَّثَنا مُعاذُ بن مُعَاذٍ، عن سَعيدِ بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن أَنس
عن أبي طَلحةَ: أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا ظَهرَ على قَوْمٍ، أقَامَ بِعَرْصَتهم ثَلاثًا
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَحديثُ حُمَيْدٍ، عن أنَس حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رَخَّصَ قَوْمٌ من أهْلِ العلمِ في الغَارةِ باللَّيْلِ وَأنْ يُبيَّتُوا، وَكَرِههُ بَعْضُهمْ، وقال أحمدُ، وإسحاقُ: لا بَأْسَ أنْ يُبَيَّتَ العَدُوُّ لَيْلًا.
(1)
إسناده صحيح، وهو في "الموطأ" 2/ 468 - 469 برواية الليثي، و (963) برواية أبي مصعب، وليس فيه عندهما (وافق).
قال الحافظ العراقي: وقوله: وافق، هكذا وقع في رواية الترمذي من طريق "الموطأ"، وليس ذلك في شيء من روايات "الموطأ"، ولا في شيء من الكتب الستة، إنما فيها: فقالوا: محمدٌ واللهِ والخميسُ، دون قوله: وافق، وقد فسرها الترمذي بأن المراد: وافق محمدٌ الجيشَ، كأنه أراد: جاء هو والجيش متوافقَين، أي: مجتمعين.
وأخرجه أحمد (13140)، والبخاري (610)، والنسائي في "الكبرى"(8598)، وابن حبان (4745) و (4746) من طريق حميد، عن أنس.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3065)، وأبو داود (2695)، والنسائي في "الكبرى"(8657)، وهو في "المسند"(16355)، و"صحيح ابن حبان"(4776) و (4777).
وَمَعْنى قَوْلهِ: وَافقَ محمدٌ الخَمِيسَ: يَعْني بهِ الجَيشَ.
4 - باب في التَّحْرِيقِ وَالتَّخْرِيبِ
1633 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن نافعٍ
عن ابن عمرَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّقَ نَخْلَ بَني النَّضِيرِ وَقَطعَ، وَهِي البُوَيْرةُ، فأنْزَلَ اللهُ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5]
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد ذَهبَ قَوْمٌ من أهْلِ العلمِ إلى هذا، ولم يَروْا بأْسًا بِقَطْعِ الأشجارِ وَتَخْرِيبِ الحُصُونِ.
وكَرِهَ بَعْضُهمْ ذلكَ، وهو قَوْلُ الأوْزَاعيِّ، قال الأوْزَاعيُّ: وَنَهى أبو بكْرٍ الصِّدِّيقُ [يَزِيدَ] أنْ يَقْطعَ شَجرًا مثْمرًا، أوْ يُخَرِّبَ عَامرًا، وَعَمِلَ بذلكَ المُسْلِمُونَ بَعْدَهُ.
وقال الشَّافِعيُّ: لا بَأْسَ بالتَّحْريقِ في أرْضِ العَدُوِّ وَقَطْعِ الأشْجَارِ والثِّمَارِ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2326)، ومسلم (1746)، وأبو داود (2615)، وابن ماجه (2844) و (2845) والنسائي (8608) و (8609)، وهو في "المسند"(4532).
وسيأتي عند المصنف برقم (3587).
وقال أحمدُ: وقد تكُونُ في مَواضِعَ لا يَجِدُونَ مِنْهُ بُدًّا، فأمَّا بالعَبَثِ، فلا تُحَرَّقُ.
وقال إسحاقُ: التَّحْرِيقُ سُنَّةٌ، إذا كانَ أنكى فِيهمْ.
5 - باب ما جاء في الغَنِيمةِ
1634 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عُبَيْدٍ المُحارِبيُّ، قَال: حَدَّثَنا أسْباطُ بن محمدٍ، عن سُليْمانَ التَّيْمِيِّ، عن سَيَّارٍ
عن أبي أُمَامةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إنَّ الله فَضَّلَني على الأنْبِياءِ - أوْ قال: أُمَّتي على الأُمَمِ - وَأحَلَّ لَنا الغنائِمَ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وأبي ذَرٍّ، وَعَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وأبي موسى، وابن عَبَّاسٍ.
حديثُ أبي أُمامةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَسَيَّارٌ هذا يُقالُ لهُ: سَيَّارٌ مَوْلى بَني مُعاويةَ، روى عَنهُ سُليْمانُ التَّيْميُّ، وَعَبدُ اللهِ بن بَحِيرٍ وَغَيْرُ واحدٍ.
1635 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قَال: حَدَّثَنا إسماعيلُ بن جَعْفرٍ، عن العَلاءِ بن عَبد الرحمنِ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "فُضِّلْتُ على الأنْبِياءِ بِسِتٍّ:
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، وهو في "المسند"(22137).
وانظر ما بعده.
أُعْطِيتُ جَوامِعَ الكَلمِ، وَنُصِرْتُ بالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغنائمُ، وَجُعِلتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجدًا وَطَهُورًا، وَأُرسِلْتُ إلى الخَلْقِ كافَّةً، وَخُتِمَ بِي النَّبِيُّونَ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
6 - باب ما جاء في سَهْمِ الخَيْلِ
1636 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن عَبْدةَ الضَّبِّيُّ وَحُمَيْدُ بن مَسْعدةَ، قَالا: حَدَّثَنا سُليمُ بن أخْضرَ، عن عُبَيْدِ الله بن عُمرَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ: أنّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسمَ في النَّفْلِ لِلفَرَسِ بِسَهْمَيْنِ، وَلِلرَّجُلِ بِسَهْمٍ
(2)
.
1637 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، عن سُلَيْم بن أخْضرَ، نحوَ
(3)
.
وفي البابِ عن مُجَمَّعِ بن جَاريةَ، وابن عَبَّاسٍ، وابن أبي عَمْرةَ، عن أبيهِ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد (9337)، ومسلم (523)، وابن ماجه (567)، وابن حبان (2313) و (6401) و (6403).
وانظر ما قبله.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2863)، ومسلم (1762)، وأبو داود (2733)، وابن ماجه (2854)، وهو في "المسند"(4448)، و"صحيح ابن حبان"(4810) و (4811) و (4812).
(3)
حديث صحيح كسالفه، وانظر تخريجه فيه.
وحديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، وَالأوْزَاعيِّ، وَمالكِ بن أَنسٍ، وابن المُبَاركِ، والشَّافِعيِّ، وَأحمدَ، وَإسحاقَ، قَالُوا: لِلفارِسِ ثلاثةُ أسْهُمٍ: سَهْمٌ لهُ، وَسَهْمانِ لِفَرسِهِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ.
7 - باب ما جاء في السَّرَايا
1638 -
حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى الأزْدِيُّ البَصْرِيُّ وأبو عَمَّارٍ وَغَيْرُ وَاحدٍ، قالُوا: حَدَّثَنا وَهْبُ بن جَريرٍ، عن أبيهِ، عن يُونسَ بن يَزِيدَ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عَبد اللهِ بن عُتْبةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الصَّحابةِ أرْبعةٌ، وَخَيْرُ السَّرايا أرْبَعُ مِئَةٍ، وَخَيْرُ الجُيُوشِ أرْبعةُ آلافٍ، ولا يُغْلَبُ اثْنا عَشَرَ ألْفًا من قِلَّةٍ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ لا يُسْنِدُهُ كَبِيرُ أحدٍ غَيْرُ جَرِيرِ بن
(1)
رجاله ثقات إلا أنه اختلف في وصله وإرساله كما بسطناه في "المسند".
وأخرجه موصولًا أحمد (2682)، وأبو داود (2611)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(572)، وابن حبان (4717)، وصحح هذا الموصول ابن القطان، والضياء المقدسي في "المختارة".
وسيأتي تخريجه مرسلًا، وقال أبو داود: والصحيح أنه مرسل، وقال أبو حاتم في "علل" ابنه 1/ 347: المرسل أشبه لا يحتمل هذا الكلام أن يكون كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
حازِمٍ، وَإنَّما رُوِي هذا الحديثُ عن الزُّهْرِيِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا
(1)
، وقد رواه حِبَّانُ بن عَليٍّ العَنَزِيُّ، عن عُقَيْلٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عَبد اللهِ، عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
، وَرَواهُ اللَّيْثُ بن سَعْدٍ، عن عُقَيْلٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا.
8 - باب من يُعْطَى الفَيءَ
1639 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا حَاتِمُ بن إسماعيلَ، عن جَعْفرِ بن محمدٍ، عن أبيهِ
عن يَزِيدَ بن هُرْمُزَ: أنَّ نَجْدةَ الحَرُوريَّ كتبَ إلى ابن عَبَّاسٍ يَسْألهُ هَلْ كَانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بالنِّساءِ؟ وَهَلْ كانَ يَضْربُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ فَكتبَ إلَيْهِ ابن عَبَّاسٍ: كَتَبْتَ إلَيَّ تَسْألُني: هَلْ كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزو بالنِّساءِ؟ وَكانَ يَغْزو بِهنَّ، فَيُداوِينَ المَرْضَى، وَيُحْذَيْنَ من الغَنِيمةِ، وَأمَّا سَهْمٌ، فلم يَضْرِبْ لَهنَّ بِسَهْمٍ
(3)
.
وفي البابِ عن أنسٍ، وَأُمِّ عَطِيَّةَ.
(1)
أخرجه مرسلًا عبد الرزاق (9699)، وسعيد بن منصور في "سننه"(2387)، وأبو داود في "المراسيل"(313) و (314)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(575) وانظر ما قبله.
(2)
أخرجه أحمد (2718)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(573)، وإسناده ضعيف لضعف حبان بن علي العنزي.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه ضمن حديث مطول أحمد (2235)، ومسلم (1812)، وأبو داود (2728).
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ.
وقال بَعْضُهمْ: يُسْهَمُ لِلمَرْأةِ وَالصَّبيِّ. وهو قَوْلُ الأوْزَاعِيِّ، قال الأوْزَاعيُّ: وَأسْهَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لِلصِّبْيانِ بخَيْبرَ، وَأسْهَمتْ أئمَّةُ المُسْلمينَ لِكُلِّ مَوْلُودٍ وُلِدَ في أرْضِ الحَرْبِ.
قال الأوْزاعِيُّ: وَأسْهمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لِلنِّساءِ بخَيْبرَ، وَأخذَ بذلكَ المُسْلمُونَ بَعْدهُ.
1640 -
حَدَّثَنا بذلكَ عَليُّ بن خَشْرمٍ، قال: أخبرنا عيسى بن يُونسَ، عن الأوْزاعيِّ، بهذا.
وَمَعْنى قَوْلهِ: وَيُحْذَيْنَ من الغَنِيمةِ: يقولُ: يُرْضَخُ لهُنَّ بشَيْءٍ من الغَنِيمةِ، يُعْطَيْنَ شَيْئًا.
9 - باب هل يُسْهَمُ لِلْعَبْدِ
1641 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا بِشْرُ بن المُفَضَّلِ، عن محمدِ بن زَيْدٍ
عن عُمَيْرٍ مَوْلى آبي اللَّحْمِ، قال: شَهِدْتُ خَيْبرَ مَعَ سَادَتِي، فكلَّمُوا فِى رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَلَّمُوهُ أنِّي مَمْلُوكٌ، قال: فأَمَر بي، فَقُلِّدْتُ السَّيْفَ، فإذا أنا أجُرُّهُ، فَأمرَ لِي بشَيْءٍ من خُرْثِيِّ المَتاعِ، وَعَرضْتُ عَليْهِ رُقْيةً كُنْتُ أرْقِي بِها المَجانِينَ، فَأمَرنِي بِطَرْحِ
بَعْضِها، وَحَبْسِ بَعْضِها
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ: أن لا يُسْهَمَ لِلْمَمْلُوكِ، ولكن يُرْضَخُ لهُ بشَيْءٍ، وهو قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، والشَّافِعِيِّ، وَأحمدَ، وَإسحاقَ.
10 - باب ما جاء في أهْلِ الذِّمَّةِ يغْزُونَ مَعَ المُسْلِمينَ هَلْ يُسْهَمُ لَهُمْ؟
1642 -
حَدَّثَنا الأنْصَارِيُّ، قال: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قال: حَدَّثَنا مالكُ بن أنَسٍ، عن الفُضَيْلِ بن أبي عَبد اللهِ، عن عَبد اللهِ بن نِيارٍ الأسْلَميِّ، عن عُرْوةَ
عن عَائشةَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرجَ إلى بَدْرٍ حتَّى اذا كانَ بحَرَّةِ الوَبَرِ، لَحِقَهُ رَجُلٌ من المُشْرِكينَ يَذْكُرُ مِنْهُ جُرْأةً وَنَجْدةً، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"تُؤْمِنُ باللهِ وَرَسولهِ؟ " قال: لا. قال: "ارْجِعْ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (2730)، وابن ماجه (2855)، والنسائي في "الكبرى"(7535)، وهو في "المسند"(21940)، (21941)، و"صحيح ابن حبان"(4831).
وقوله: "خُرْثي المتاع": هو أثاث البيت، أو أرْدَأُ المتاع والغنائم.
وقوله: فأمرني بطرح بعضها: ربما كانت هذه الكلمات التي أمره بطرحها غير مفهومة أو موهمة للشرك.
فَلنْ أسْتَعينَ بِمُشْرِكٍ"
(1)
. وفي الحديثِ كَلامٌ أكْثرُ من هذا.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ؛ قَالُوا: لا يُسْهَمُ لأهْلِ الذِّمَّةِ، وَإنْ قاتلُوا مَعَ المُسْلِمينَ العَدُوَّ.
وَرَأى بَعْضُ أهْلِ العلمِ أنْ يُسْهمَ لَهُمْ، إذا شَهِدُوا القِتالَ مَعَ المُسْلمينَ.
وَيُرْوى عن الزُّهْرِيِّ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أسْهمَ لِقَوْمٍ من اليَهُودِ قاتلُوا مَعهُ.
1643 -
حَدَّثَنا بذلك قُتيبةُ بن سَعيدٍ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الوَارثِ بن سَعيدٍ، عن عَزْرةَ بن ثَابتٍ، عن الزُّهْرِيِّ، بهذا
(2)
.
1644 -
حَدَّثَنا أبو سَعيدٍ الأشَجُّ، قَال: حَدَّثَنا حَفْصُ بن غِياثٍ، قال:
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا مسلم (1817)، وأبو داود (2732)، وابن ماجه (2832)، والنسائي في "الكبرى"(8760) و (8761) و (8886) و (11600)، وهو في "المسند"(24386)، و"صحيح ابن حبان"(4726).
وقوله: "بحَرَّة الوَبَر" بفتح الواو والباء الموحدة، وقيل: بإسكانها: موضع بينه وبين المدينة أربعة أميالٍ.
(2)
رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه مرسل. وأخرجه عبد الرزاق (9328) و (9329)، وابن أبي شيبة 12/ 395 و 395 - 396، وأبو داود في "المراسيل"(281) و (282)، والبيهقي 9/ 53، ومراسيل الزهري كان يحيى بن سعيد لا يراها شيئًا، ويقول: هي بمنزلة الريح.
حَدَّثَنا بُريد - وهو ابن عبد الله بن أبي بُرْدةَ -، عن جَدِّهِ أبي بُرْدةَ
عن أبي موسى، قال: قَدِمْتُ على رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في نَفَرٍ من الأشْعَرِيِّينَ خَيْبرَ، فَأسْهمَ لَنا مَعَ الَّذِينَ افْتَتحُوها
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ.
قال الأوْزَاعيُّ: من لَحِقَ بالمُسْلِمينَ قَبْلَ أنْ يُسْهَمَ لِلْخَيْلِ، أُسْهِمَ لهُ
(2)
.
11 - باب ما جاء في الانْتِفاعِ بآنِيةِ المُشْرِكِينَ
1645 -
حَدَّثَنا زَيْدُ بن أخْزَمَ الطَّائيُّ، قَال: حَدَّثَنا أبو قُتيبةَ سلمُ بن قُتيبةَ، قَال: حَدَّثَنا شُعبةُ، عن أيُّوبَ، عن أبي قِلابةَ
عن أبي ثَعْلبةَ الخُشَنيِّ، قال: سُئِلَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن قُدُورِ المَجُوسِ، فقال:"أَنْقُوها غَسْلًا، وَاطْبُخُوا فِيها، وَنَهى عن كُلِّ سَبُعٍ ذِي نابٍ"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد (19635)، والبخاري (3136) و (4233)، ومسلم (2502)، وأبو داود (2725)، وابن حبان (4813).
(2)
وقع بعد هذا في المطبوع: "وبُريد يُكنى أبا بردة، وهو ثقة، وروى عنه سفيان الثوري وابن عيينة وغيرهما" ولم ترد في شيء من أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد (17731)، ومسلم (1932)، وأبو داود (3839)، وابن ماجه (2831).
وانظر الحديثين التاليين.
وقد رُوِي هذا الحديثُ من غَيْرِ هذا الوَجْهِ عن أبي ثَعْلبةَ، رَوَاهُ أبو إدْرِيسَ الخَوْلانيُّ، عن أبي ثَعْلبةَ، وأبو قِلابةَ لم يَسْمعْ من أبي ثَعلبةَ، إنما رَواهُ عن أبي أسْماءَ، عن أبي ثَعْلبةَ
(1)
.
1646 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا ابنُ المباركِ، عن حَيْوةَ بن شُرَيْحٍ، قال: سَمِعْتُ رَبِيعةَ بن يَزِيدَ الدِّمَشْقِيَّ يقولُ: أخْبرني أبو إدْرِيسَ الخَوْلانِيُّ عَائِذُ اللهِ، قال:
سمعتُ أبا ثَعْلبةَ الخُشَنيَّ يَقولُ: أتَيْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا بأرْضِ قَوْمٍ أهْلِ كِتابٍ، نأكُلُ في آنِيَتهمْ؟ قال:"إنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتهمْ، فَلا تأكُلُوا فِيها، فَإنْ لم تَجِدُوا، فاغْسِلُوها، وَكُلُوا فِيها"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
12 - باب في النَّفَلِ
1647 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن عَبد الرحمنِ بن الحارثِ، عن سُليْمانَ بن موسى، عن مَكْحُولٍ، عن أبي سَلَّام
عن أبي أُمَامةَ، عن عُبادةَ بن الصَّامتِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُنَفِّلُ
(1)
أخرجه أحمد (17750)، وسيأتي عند المصنف برقم (1901). وانظر ما قبله.
(2)
حديث صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (1532)، وانظر الحديث السالف برقم (1645).
في البَدْأةِ الرُّبُعَ، وفي القُفُولِ الثُّلُثَ
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ، وحَبِيبِ بن مَسْلمةَ، وَمَعْنِ بن يَزِيدَ، وابن عُمرَ، وَسَلمةَ بن الأكْوَعِ.
وَحديثُ عُبادةَ حديثٌ حَسَنٌ.
وقد رُوِي هذا الحديثُ عن أبي سَلَّامٍ، عن رَجلٍ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1648 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا ابن أبي الزِّنادِ، عن أبيهِ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عَبد اللهِ بن عُتْبةَ
عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تنفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ،
(1)
حديث صحيح لغيره، وأخرجه أحمد (22726)، وابن ماجه (2852)، وابن حبان (4855).
وله شاهد عن حبيب بن مَسْلَمة عند أحمد (17462 - 17469)، وأبو داود (2748 - 2750)، وابن ماجه (2851) و (2853) وإسناده صحيح.
وقوله: "يُنفِّل" بتشديد الفاء: يعطي في النَّفَل.
"في البَدْأةِ الرُّبُعَ، وفي القُفُول الثُّلُثَ" أي: في ابتداء الغزو، وذلك بأن نهضت سريَّةٌ من العسكر، وابتدروا إلى العَدُوِّ في أول الغزو، فما غنموا كان يعطيهم منه الرُّبُعَ، والبقية يقسم لتمام العسكر، وإن فعل طائفةٌ مثلَ ذلك حين رجوع العسكر، يعطيهم ثلثَ ما غنموا، لأن فعلهم ذلك حين رجوع العسكر أشقُّ لضعف الظَّهْر والعُدَّة، والفتور، وزيادة الاشتهاء إلى الأوطان، فزاد لذلك. قاله السندي في "حاشية المسند"، وانظر "تحفة الأحوذي" 5/ 147.
وهو الَّذِي رَأى فيهِ الرُّؤْيا يَوْمَ أُحُدٍ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، إنَّما نَعْرِفهُ من هذا الوَجْهِ من حديثِ ابن أبي الزِّنادِ.
وقد اخْتلفَ أهْلُ العلمِ في النَّفَلِ من الخُمُسِ: فقال مَالكُ بن أنَسٍ: لم يَبْلُغني أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ في مَغازيهِ كُلِّها، وقد بَلغَني أنَّهُ نَفَّلَ في بَعْضِها، وَإنَّما ذلك على وَجْهِ الاجْتِهادِ من الإمامِ في أوَّلِ المَغْنَمِ وَآخِرهِ.
قال ابن مَنْصُورٍ: قُلْتُ لأحمدَ: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ إذا فَصلَ بالرُّبُعِ بَعْدَ الخُمُسِ، وإذا قَفَلَ بالثُّلُثِ بَعْدَ الخُمُسِ؟ فقال: يُخْرِجُ الخُمُسَ، ثُمَّ يُنَفِّلُ مِمَّا بَقِيَ، ولا يُجاوِزُ هذا.
وهذا الحديثُ على ما قال ابن المُسَيّبِ: النَّفَلُ من الخُمُسِ. قال إسحاقُ كما قال.
13 - باب ما جاء فيمن قَتلَ قَتِيلًا، فَلهُ سَلَبُه
1649 -
حَدَّثَنا الأنْصارِيُّ، قال: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قَال: حَدَّثَنا مَالكُ بن أنَسٍ، عن يحيى بن سَعيدٍ، عن عُمرَ بن كَثِيرِ بن أفْلحَ، عن أبي محمدٍ مَوْلى أبي قَتادةَ
(1)
حديث حسن، وأخرجه ابن ماجه (2808)، وهو في "المسند"(2445).
ولقوله: رأى فيه الرؤيا يوم أحد، شاهد من حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (3622)، ومسلم (2272).
عن أبي قَتادةَ، قال: قَال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَتلَ قَتِيلًا لهُ عَليْهِ بَيِّنةٌ، فَلهُ سَلَبُه". وفي الحديثِ قِصَّةٌ
(1)
.
1650 -
حَدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، قال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن يحيى بن سَعيدٍ، بهذا الإسْنادِ، نَحوَه
(2)
.
وفي البابِ عن عَوْفِ بن مالكٍ، وَخَالدِ بن الوَليدِ، وَأنَسٍ، وَسَمُرةَ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو محمدٍ هو: نافعٌ مَوْلى أبي قَتادةَ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ، وهو قَوْلُ الأوْزَاعيِّ، وَالشَّافِعيِّ، وَأحمدَ.
وقال بَعْضُ أهْلِ العلمِ: لِلإمَامِ أنْ يُخْرِجَ من السَّلَبِ الخُمُسَ.
وقال الثَّوْرِيُّ: النَّفَلُ: أنْ يقولَ الإمامُ: من أصَابَ شَيْئًا، فهو لهُ، ومن قَتلَ قَتِيلًا، فَلهُ سَلَبُه، فهو جَائزٌ، وَلَيْسَ فيهِ الخُمُسُ.
وقال إسحاقُ: السَّلَبُ لِلْقاتلِ، إلَّا أنْ يكُونَ شَيْئًا كَثِيرًا، فَرَأى الإمَامُ أنْ يُخْرِجَ مِنْهُ الخُمُسَ، كما فَعلَ عُمرُ بن الخَطَّابِ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3142)، ومسلم (1751)، وأبو داود (2717)، وهو في "المسند"(22607)، و"صحيح ابن حبان"(4805) و (4837).
(2)
حديث صحيح كسالفه، وانظر تخريجه فيه.
14 - باب في كَرَاهِيةِ بَيْع المَغانمِ حتَّى تُقْسَمَ
1651 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا حَاتِمُ بن إسماعيلَ، عن جَهْضم بن عَبد اللهِ، عن محمدِ بن إبراهيمَ، عن محمدِ بن زَيْدٍ، عن شَهْرِ بن حَوْشَبٍ
عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِىِّ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن شِرَاءِ المَغانمِ حتَّى تُقْسَمَ
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.
وهذا حديثٌ غريبٌ.
15 - باب ما جاء في كَرَاهِية وَطْءِ الحَبالَى من السَّبايَا
1652 -
حَدَّثَنا محمدُ بن يحيى النَّيسابُورِىُّ، قَال: حَدَّثَنا أبو عَاصمٍ النَّبِيلُ، عن وَهْبٍ أبي خَالدٍ، قال: حَدَّثَتْني أُمُّ حَبِيبةَ بِنْتُ عِرْباضِ بن سَاريةَ
أنَّ أباها أخْبرها: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى أنْ تُوطَأَ السَّبايا حتَّى يَضَعْنَ ما في بُطونِهنَّ
(2)
.
(1)
حديث حسن لغيره، وأخرجه مطولًا أحمد (11377)، وابن ماجه (2196). ويشهد له حديثُ ابن عباس عند النسائي 7/ 301، والحاكم 2/ 40، والبيهقي 5/ 338 و 338 - 339، وهو حديث حسن.
وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه المصنف في أحاديث الباب، وهو عند أحمد (9017)، وأبي داود (3369). وإسناده ضعيف.
(2)
حديث صحيح لغيره، وأخرجه أحمد (17153).
وقد سلف مطولًا عند المصنف برقم (1542).
وله شواهد ذكرناها عند حديث ابن عباس في "المسند"(2318).
وفي البابِ عن رُوَيْفعِ بن ثابتٍ.
وحديثُ عِرْباضٍ حديثٌ غريبٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ.
وقال الأوْزَاعيُّ: إذا اشْتَرى الرَّجُلُ الجَاريةَ من السَّبْي وَهِي حَاملٌ، فقد رُوِي عن عُمرَ بن الخَطَّابِ أنَّهُ قال: لا تُوطَأُ حَاملٌ حتَّى تضعَ. قال الأوْزاعيُّ: وأمَّا الحَرائرُ، فقد مَضتِ السُّنَّةُ فِيهنَّ بأن أُمِرْنَ بالعِدَّةِ. كُلُّ هذا حَدَّثَني عَليُّ بن خَشْرمٍ، قال: حَدَّثَنا عيسى بن يُونُسَ، عن الأوْزَاعيِّ.
16 - باب ما جاء في طَعَامِ المُشْرِكينَ
1653 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا أبو دَاودَ الطيالِسيُّ، عن شُعبةَ، قال: أخْبرني سِمَاكُ بن حَرْبٍ، قال: سَمِعْتُ قَبِيصةَ بن هُلْبٍ يُحَدِّثُ
عن أبيه، قال: سأَلتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن طَعامِ النَّصَارى، فقال:"لا يَخْتلِجَنَّ في صَدْركَ طَعامٌ ضَارعتَ فيهِ النَّصْرانِيَّةَ"
(1)
.
(1)
حديث حسن، قبيصة بن هلب وثقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد تابعه مرّي بن قَطَري، وهو ثقة.
وأخرجه أبو داود (3784)، وابن ماجه (2830)، وهو في "المسند" (21966). وقوله:"لا يخْتَلِجَنَّ" أي: لا يقع في نفسك شكٌّ منه ورِيبةٌ.
وقوله: "ضارعتَ فيه النَّصرانيَّةَ" أي: شابهت به المِلَّةَ النصرانية، أي: أهلها، والمعنى: لا يختلج في صدرك طعامٌ تشبه فيه النصارى، يعني أن التشبه الممنوع إنما هو في الدين والعادات والأخلاق، لا في الطعام الذي يَحتاجُ إليه كلُّ أحد، =
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
1654 -
قال محمودٌ: وقال عُبَيْدُ اللهِ بن موسى، عن إسرائيلَ، عن سِمَاكٍ، عن قَبِيصةَ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ
(1)
.
1655 -
قال محمودٌ: وقال وَهبُ بن جَرِيرٍ، عن شُعبةَ، عن سِماكٍ، عن مُرَيِّ بن قَطَرِيٍّ، عن عَدِيِّ بن حَاتمٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ
(2)
.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من الرُّخْصَةِ في طَعامِ أهْلِ الكِتابِ.
17 - باب في كَرَاهِيةِ التَّفْريقِ بَيْنَ السَّبْي
1656 -
حَدَّثَنا عُمَرُ بن حَفْصِ بن عُمرَ الشَّيبانيُّ، قال: أخْبرنا عَبد اللهِ بن وَهْبٍ، قال: أخْبرنِي حُيَيٌّ، عن أبي عَبد الرحمنِ الحُبُلِيَّ
عن أبي أيُّوبَ، قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "من فَرَّقَ بَيْنَ والِدَةٍ وَوَلدِها، فَرَّقَ اللهُ بَيْنهُ وَبَيْنَ أحِبَّتهِ يَوْمَ القِيامَةِ"
(3)
.
= والتشبهُ فيه لازم لاتحاد جنس مأكول الفريقين، وقد أَذِنَ الله تعالى فيه بقوله:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] فالتشبه في مثله لا عِبْرةَ به، ولا يَخْتلِجْ في صدرك لتسألَ عنه. قاله السندي.
(1)
حسن كسابقه.
(2)
إسناده حسن، مُرَيّ بن قطري، ثقة كما قال ابن معين في رواية عثمان بن سعيد الدارمي (766).
وأخرجه ضمن حديث أحمد (18262)، وابن حبان (332).
وانظر الحديث السالف رقم (1653).
(3)
حديث حسن بطرقه وشواهده، وهو في "المسند"(23499). =
وفي البابِ عن عَليٍّ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: كَرِهُوا التَّفْرِيقَ بَيْنَ السَّبْيِ: بَيْنَ الوَالِدةِ وَوَلدِهَا، وَبَيْنَ الوَلَدِ والوَالدِ، وَبَيْنَ الإخْوةِ.
18 - باب ما جاء في قَتْلِ الأُسَارَى والفِدَاءِ
1657 -
حَدَّثَنا أبو عُبَيْدَةَ بن أبي السَّفَرِ - وَاسْمهُ: أحمدُ بن عَبد اللهِ الهَمْدانِيُّ - وَمحمودُ بن غَيْلان، قَالا: حَدَّثَنا أبو دَاودَ الحَفَريُّ، قال: حَدَّثَنا يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدةَ، عن سُفيانَ بن سَعيدٍ، عن هِشامٍ، عن ابن سِيرينَ، عن عَبِيدَةَ
عن عَليٍّ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: "إنَّ جِبْريلَ هَبطَ عَليْهِ، فقال لهُ: خَيِّرْهُمْ - يعْني أصْحابَكَ - في أُسارَى بَدْرٍ: القَتْلَ، أوِ الفِدَاءَ على أنْ يُقْتلَ مِنهُمْ قَابِلًا
(1)
مِثْلُهم، قالُوا: الفِدَاءَ ويُقْتلَ مِنَّا"
(2)
.
= وقد سلف عند المصنف برقم (1329)، وله شواهد ذكرناها في "المسند".
(1)
في المطبوع والأصول الخطية التي بأيدينا: "قابل"، وما أثبتناه هو الجادة، وأشار المباركفوري إلى أنه كذلك في بعض النسخ، وقال: هو الظاهر.
(2)
رجاله ثقات إلا أنه روي موصولًا ومرسلًا، والمرسل أشبه بالصواب كما قال الدارقطني في "العلل" 4/ 31، وفي متنه نكارة، فقد قال ابن كثير في "تفسيره" 4/ 33: هذا حديث غريب جدًا، وانظر تفصيل وجه النكارة فيه في التعليق على "صحيح ابن حبان".
وأخرجه موصولًا ابن أبي شيبة 14/ 368 - 369، والبزار في "مسنده"(551)، =
وفي البابِ عن ابن مَسْعُودٍ، وَأنَسٍ، وأبي بَرزَةَ، وَجُبَيْرِ بن مُطْعمٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ من حديثِ الثَّوْرِىِّ، لا نَعْرِفهُ إلا من حديثِ ابن أبي زَائِدةَ، وَرَوى أبو أُسامةَ، عن هِشامٍ، عن ابن سِيرِينَ، عن عَبِيدَةَ، عن عَليٍّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوَه.
وَرَوَى ابن عَوْنٍ، عن ابن سِيرِينَ، عن عَبِيدَةَ، عن النبيِّ
(1)
صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا
(2)
.
وأبو دَاوُدَ الحَفَرِىُّ اسْمهُ: عُمرُ بن سَعْدٍ.
1658 -
حَدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ، قَال: حَدَّثَنا أيُّوبُ، عن أبي قِلابةَ، عن عَمِّهِ
عن عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فدَى رَجُلَيْنِ من المُسْلِمينَ بِرَجُلٍ من المُشْرِكينَ
(3)
.
= والنسائي في "الكبرى"(8662)، وابن حبان (4795)، والدارقطني في "العلل" 4/ 31 و 31 - 32، والحاكم 2/ 140، والبيهقي في "السنن" 6/ 321، وفي "دلائل النبوة" 3/ 139 - 140.
وسيأتي تخريجه مرسلًا.
(1)
وقع في المطبوع: "عن عبيدة، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم"، وهو خطأ بَيِّن والمثبت من أصولنا الخطية، ونسختي العراقي والمباركفوري.
(2)
وأخرجه مرسلًا عبد الرزاق (9402)، وابن سعد 2/ 22، وابن أبي شيبة 14/ 368، والطبري في "تفسيره" 10/ 46. وانظر ما قبله.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1641)، وأبو داود (3316)، والنسائي في "الكبرى"(8664)، وهو في "المسند"(19827)، وفي الحديث عند بعضهم قصة.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَعَمُّ أبي قِلابةَ: هو أبو المُهَلَّبِ، وَاسْمهُ عَبد الرحمنِ بن عَمْرٍو، وَيُقالُ: مُعاويةُ بن عَمْرٍو، وأبو قِلابةَ: اسْمهُ عَبد اللهِ بن زَيْدٍ الجَرْمِيُّ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: أنَّ للإمَامِ أنْ يَمُنَّ على من شَاءَ من الأُسَارَى، وَيَقْتُلَ من شَاءَ مِنْهُمْ، ويَفْدِيَ من شَاءَ.
وَاخْتارَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ القَتْلَ على الفِدَاءِ. وقال الأوْزَاعيُّ: بَلَغني أنَّ هذه الآيةَ مَنْسُوخةٌ: قَوْلهُ تَعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4]، نَسَختها قوله:{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البقرة: 191]
(1)
.
حَدَّثَنا بذلكَ هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا ابن المُبَاركِ، عن الأوْزَاعيِّ.
قال إسحاقُ بن مَنْصُورٍ: قُلْتُ لأحمدَ: إذا أُسِرَ الأسيرُ يُقْتلُ، أوْ يُفادَى أحَبُّ إليْكَ؟ قال: إنْ قَدَرُوا أنْ يُفادُوا، فَليْسَ بهِ بَأْسٌ،
(1)
قلنا هذه الآية من سورة محمد {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} محكمة عند عامة أهل العلم، منهم ابن عباس وابن عمر ومجاهد والحسن وابن سيرين وأحمد والشافعي وإن الإمام مخير في الأسارى إن شاء قتلهم وإن شاء استعبدهم، وإن شاء فادى بهم، وإن شاء منَّ عليهم.
وانظر "الناسخ والمنسوخ" ص 220 - 222 لأبي جعفر النحاس و"جامع البيان" للطبري 28/ 80 - 81، ومعالم التنزيل للبغوي، و"زاد المسير" لابن الجوزي.
وَإنْ قُتِلَ، فَما أعْلمُ بهِ بَأْسًا.
قال إسحاقُ: الإثْخانُ أحَبُّ إليَّ إلّا أنْ يكونَ مَعْرُوفًا فأطمع بهِ
(1)
الكَثِيرَ.
19 - باب ما جاء في النَّهْي عن قَتْلِ النِّساءِ والصِّبْيانِ
1659 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ أخْبرهُ: اْنَّ امْرأةً وُجِدَتْ في بَعْضِ مَغازِي رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم مَقْتُولةً، فأنْكَرَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذلك، وَنَهى عن قَتْلِ النِّساءِ والصِّبْيانِ
(2)
.
وفي البابِ عن بُرَيْدةَ، وَرَباحٍ - وَيُقالُ: رياحُ - بن الرَّبِيعِ، وَالأسْودِ بن سَرِيعٍ، وابن عَبَّاسٍ، وَالصَّعْبِ بن جَثَّامةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ من أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: كَرِهُوا قَتْلَ النِّسَاءِ والوِلْدَانِ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعيِّ.
(1)
كذا في عامة أصولنا الخطية وشرح العراقي، وفي (ب) ونسخة بهامش (ظ):"طمع"، وفي "المغني" 13/ 47 يطمع به في الكثير.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3014)، ومسلم (1744)، وأبو داود (2668)، وابن ماجه (2841)، والنسائي في "الكبرى"(8618)، وهو في "المسند"(4739)، و"صحيح ابن حبان"(135) و (4785).
وَرَخَّصَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ في البَياتِ، وَقَتْلِ النِّسَاءِ فيهم والوِلْدَانِ، وهو قَوْلُ أحمدَ وَإسحاقَ، وَرَخَّصَا في البَياتِ.
1660 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بن عَليٍّ الجَهْضَمِيُّ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن الزُّهْريَّ، عن عُبيدِ اللهِ بن عَبد اللهِ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: أخبرني الصَّعْبُ بن جَثَّامةَ، قال: قُلْتُ يا رَسولَ اللهِ: إنَّ خَيْلَنا أوْطَأتْ من نِسَاءِ المُشْرِكينَ وَأوْلادِهِمْ. قال: "هُمْ من آبَائهِمْ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
20 - باب
1661 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن بُكَيْرِ بن عَبد اللهِ، عن سُليمانَ بن يَسَارٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: بَعَثنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بَعْثٍ فقال: "إنْ وَجَدْتُمْ فُلانًا وَفُلانًا - لرَجُليْنِ من قُرَيْشٍ - فأحْرِقُوهُما بالنَّارِ"، ثمَّ قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أرَدْنا الخُرُوجَ: "إنِّي كُنْتُ أمَرْتُكُمْ أنْ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3012)، ومسلم (1745)، وأبو داود (2672)، وابن ماجه (2839)، والنسائي في "الكبرى"(8622)، وهو في "المسند"(16422)، و"صحيح ابن حبان"(136) و (137).
وقوله: "هم من آبائهم"، وفي رواية البخاري:"هم منهم"، قال الحافظ: أي: في الحكم تلك الحالة، فليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم، بل المراد: إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية، فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم.
تُحْرِقُوا فُلانًا وَفُلانًا بالنَّارِ، وَإنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بِها إلَّا اللهُ، فَإنْ وَجَدْتُمُوهُما، فاقْتُلُوهُما"
(1)
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ، وَحَمْزةَ بن عَمْرٍو الأسْلَميَّ.
حديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ.
وقد ذَكرَ محمدُ بن إسحاقَ بَيْنَ سُليْمانَ بن يَسارٍ وَبَيْنَ أبي هُريرةَ رَجُلًا في هذا الحديثِ
(2)
، وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِثْلَ رِوَايةِ اللَّيْثِ، وحديثُ اللَّيْثِ بن سَعْدٍ أشْبهُ وَأصَحُّ.
21 - باب ما جاء في الغُلُولِ
1662 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا أبو عَوانةَ، عن قَتادةَ، عن سَالمِ بن أبي الجَعْدِ
عن ثَوْبانَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من مَاتَ وهو بَرِيءٌ من الكِبْرِ، والغُلُولِ، والدَّيْنِ، دَخلَ الجَنَّةَ"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2954)، وأبو داود (2674)، والنسائي في "الكبرى"(8613)، وهو في "المسند"(8068).
(2)
هو أبو إسحاق الدَّوْسي، فقد رواه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 312، ومن طريقه ابن أبي شيبة 12/ 389، والطبري في مسند علي من "تهذيب الآثار" ص 77، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن أبي إسحاق الدَّوسي، عن أبي هريرة.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن سالمًا لم يدرك ثوبان، =
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وَزَيْدِ بن خَالدٍ الجُهَني.
1663 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا ابن أبي عَدِيٍّ، عن سَعيدٍ، عن قَتادةَ، عن سَالمٍ بن أبي الجَعْدِ، عن مَعْدَانَ بن أبي طَلْحةَ
عن ثَوْبانَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من فَارقَ الرُّوحُ الجَسدَ وهو بَرِيءٌ من ثَلاثٍ: الكَنْزِ، وَالغُلُولِ، والدَّيْنِ، دَخلَ الجَنَّة"
(1)
.
هكذا قال سَعيدٌ: "الكَنْزِ"، وقال أبو عَوانةَ في حديثهِ:"الكِبْرِ"، ولم يَذْكُرْ فيهِ: عن مَعْدانَ، وَرِوايةُ سَعيدٍ أصَحُّ.
1664 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الصَّمدِ بن عَبد الوَارثِ،
= بينهما معدان بن أبي طلحة كما في مصادر تخريج الحديث وكما في الطريق الآتي.
وأخرجه ابن ماجه (2412)، والنسائي في "الكبرى"(8764)، وهو في "المسند"(22369) و (22390) و (22427) و (22434)، و"صحيح ابن حبان"(198).
الكِبر، هو بطرُ الحقُّ، وازدراء الآخرين.
والغلول: الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة، يُقال: غلَّ في المغنم يَغُلُّ غلولًا، فهو غالٌّ، وكل من خانَ في شيءٍ خفية، فقد غَلَّ، وسميت غلولًا، لأن الأيدي فيها مغلولة، أي: ممنوعة مجعول فيها غُل، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه، ويقال لها: جامعة أيضًا. "النهاية" لابن الأثير.
(1)
حديث صحيح كسابقه، لكن قوله:"الكنز" اختلف فيه على سعيد - وهو ابن أبي عروبة -، فمرة قال فيه:"الكنز"، ومرة قال فيه:"الكبر"، ورواه أبو عوانة الوَضَّاح بن عبد الله وهمام بن يحيى وأبان بن يزيد، عن قتادة، فقالوا فيه جميعًا:"الكبر"، وهو الصواب والله أعلم، انظر الحديث السالف ومصادر تخريجه.
قال: حَدَّثَنا عِكْرمةُ بن عَمَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا سِمَاكٌ أبو زُمَيْلٍ الحَنفيُّ، قال:
سَمِعْتُ ابن عَبَّاسٍ يَقولُ: حَدَّثَنى عُمَرُ بن الخَطَّابِ قال: قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ إنَّ فلانًا قد اسْتُشْهِدَ. قال: "كَلَّا، قد رَأيْتُه في النَّار بعَباءَةٍ قد غلَّها". قال: "قُمْ يا عُمر، فَنادِ: إنَّهُ لا يَدْخلُ الجَنَّةَ إلَّا المُؤْمِنُونَ، ثَلاثًا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ.
22 - باب ما جاء في خُرُوجِ النِّسَاءِ في الحَرْبِ
1665 -
حَدَّثَنا بِشْرُ بن هِلالٍ الصَّوَّافُ، قَال: حَدَّثَنا جَعْفرُ بن سُليْمانَ الضُّبَعيُّ، عن ثابتٍ
عن أنسٍ، قال: كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بأمِّ سُليْمٍ وَنِسوةٍ مَعَها من الأنْصارِ، يَسْقِينَ المَاءَ، وَيُداوِينَ الجَرْحَى
(2)
.
وفي البابِ عن الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
23 - باب ما جاء في قَبُولِ هَدايا المُشْرِكينَ
1666 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن سَعيدٍ الكِنْديُّ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الرَّحيمِ بن سُليْمانَ، عن إسرائيلَ، عن ثُوَيْرٍ، عن أبيهِ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (114)، وهو في "المسند"(203)، و"صحيح ابن حبان"(4849) و (4857).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1810)، وأبو داود (2531)، والنسائي في "الكبرى"(8882)، وهو في "صحيح ابن حبان"(4723) و (4724).
عن عَليٍّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ كِسْرى أَهْدى لهُ، فَقَبِلَ، وَأنَّ المُلُوكَ أَهْدَوْا إلَيْهِ، فَقبِلَ مِنْهُمْ
(1)
.
وفي البابِ عن جَابرٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
وثُويْرٌ: ابن أبي فاخِتةَ، وأبو فاخِتةَ: اسمُه سعيدُ بن عِلاقةَ، وَثُويْرٌ يُكْنى: أبا جَهْمٍ
(2)
.
1667 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا أبو دَاوُدَ، عن عِمْرانَ القَطَّانِ، عن قَتادةَ، عن يَزِيدَ بن عَبد اللهِ بن الشِّخِّيرِ
عن عِيَاضِ بن حِمَارٍ: أنَّهُ أهْدَى للنبيِّ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً - أوْ ناقةً - فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم "أسْلمْتَ"؟ فقال: لا، قال:"فَإنِّي نُهِيتُ عن زَبْدِ المُشْرِكينَ"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف ثوير بن أبي فاختة، وأخرجه البزار في "مسنده"(778)، والطبري في "تهذيب الآثار - مسند علي"(25) و (26)، وهو في "المسند"(747).
وفي باب قبوله صلى الله عليه وسلم الهدايا من ملوك المشركين عن أبي حُميد الساعدي عند أحمد (23604)، والبخاري (1481)، ومسلم (1392)، وأبي داود (3079).
وعن علي بن أبي طالب عند أحمد (1077)، ومسلم (2071)(18).
(2)
وقع بعد هذا في المطبوع: "باب في كراهية هدايا المشركين" وهذا العنوان لا وجود له في أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3057)، وهو في "المسند" =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَمَعْنى قَوْلهِ "إنِّي نُهِيتُ عن زَبْدِ المُشْرِكينَ": يَعْني هَدَاياهُمْ، وقد رُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ كانَ يَقْبلُ من المُشْرِكينَ هَدَاياهُمْ، وَذُكِرَ في هذا الحديثِ الكَراهِيةُ، وَاحْتُملَ أنْ يكُونَ هذا بَعْدَما كانَ يَقْبلُ مِنْهُمْ، ثُمَّ نُهِيَ عن هَدَاياهُمْ.
24 - باب ما جاء في سَجْدةِ الشُّكْرِ
1668 -
حَدَّثَنا محمدُ بن المُثنَّى، قَال: حَدَّثَنا أبو عاصمٍ، قَال: حَدَّثَنا بكَّارُ بن عَبد العَزِيزِ بن أبي بكْرةَ، عن أبيهِ
عن أبي بكْرةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أتاهُ أمْرٌ، فَسُرَّ بهِ، فَخرَّ
= (17482)، وتمام تخريجه وشواهده فيه.
قال الخطابي: الرفد: العطاء، وفي ردّ هديته وجهان: أحدهما: أن يغيظَه بردِّ الهدية، فيمتعضَ منه، فيحمله ذلك على الإسلام. والآخر: أن للهدية موضعًا في القلب، وقد روي:"تهادوا تحابوا"، ولا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم أن يميل بقلبه إلى مشرك، فردّ الهدية قطعًا بسبب الميل.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية النجاشي، وليس ذلك بخلاف، لقوله:"نهيتُ عن زَبْد المشركين" لأنه رجل من أهل الكتاب، وليس بمشرك، وقد أبيح لنا طعام أهل الكتاب ونكاحهم، وذلك خلاف حكم أهل الشرك. وجُمع بين الجواز وعدمه بأن الامتناع في حقِّ من يُريد بهديته التودُّد والموالاة، والقبول في حقِّ من يُرجى بذلك تأنيسُه وتأليفه على الإسلام. وانظر "شرح مشكل الآثار" 6/ 399 - 406.
ساجِدًا
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من هذا الوَجْهِ من حديثِ بكَّارِ بن عَبد العزِيزِ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ: رَأوْا سَجْدةَ الشُّكْرِ
(2)
.
25 - باب ما جاء في أمانِ المَرْأَةِ والعَبْدِ
1669 -
حَدَّثَنا يحيى بن أكْثَم، قال: حَدَّثَنا عَبد العزيزِ بن أبي حازمٍ، عن كَثيرِ بن زَيْدٍ، عن الوَليدِ بن رَباحٍ
عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إنَّ المَرْأةَ لتأخُذُ لِلْقَومِ". يَعْني: تُجِيرُ على المُسْلمينَ
(3)
.
وفي البابِ عن أُمِّ هانئٍ.
(1)
حديث حسن لغيره، وأخرجه أبو داود (2774)، وابن ماجه (1394)، وهو في "المسند"(20455)، وذكرنا شواهده فيه.
(2)
وقع في المطبوع بعد هذا: "وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة مقارب الحديث"، ولم يذكر في أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(3)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، وأخرجه أحمد (8780)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2088، والحاكم 2/ 141، والبيهقي 9/ 94، ولفظه عندهم:"يُجيرُ على أمتي أدناهم".
ويشهد له ما بعده.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ
(1)
.
1670 -
حَدَّثَنا أبو الوَليدِ الدِّمَشْقِيُّ، قَال: حَدَّثَنا الوَليدُ بن مُسْلمٍ، قال: أخْبرني ابنُ أبي ذِئْبٍ، عن سَعيدٍ المَقْبُريِّ، عن أبي مُرَّةَ مَوْلى عَقِيلِ بن أبي طالبٍ
عن أمِّ هانئٍ، أنَّها قالت: أجَرْتُ رَجُليْنِ من أحْمائي، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"قد أمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ"
(2)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ
(3)
.
والعملُ على هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ: أجازُوا أمانَ المَرْأةِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وَإسحاقَ، أجازا أمَانَ المَرْأةِ والعَبْدِ
(4)
.
وقد رُوي عن عُمرَ بن الخطاب: أنه أجازَ أمان العبد
(5)
.
(1)
وقع في المطبوع بعد هذا: "وسألت محمدًا، فقال: هذا حديث صحيح، وكثير بن زيد قد سمع من الوليد بن رباح، والوليد بن رباح سمع من أبي هريرة، وهو مقارب الحديث"، وهذه الزيادة هي عند المصنف في كتاب "العلل الكبير" رقم الحديث (279). ولم ترد في شيء من أصولنا الخطية، ولا في نسختي العراقي والمباركفوري.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (357)، ومسلم (336)(82)، وهو في "مسند أحمد"(26892). ورواية الحديث عندهم مطولة.
(3)
كذا في أصولنا الخطية، وفي "تحفة الأشراف" 12/ 458:"صحيح" فقط.
(4)
جاء في المطبوع بعد هذا: "وقد روي من غير وجه"، وهذه العبارة ليست في شيء من أصولنا الخطية، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري.
(5)
أخرجه عبد الرزاق (9402)، وسعيد بن منصور في "سننه"(2608) و (2609)، والبيهقي 9/ 94. وإسناده صحيح.
وأبو مُرَّةَ مَوْلى عَقِيلِ بن أبي طالبٍ، ويُقالُ لهُ أيْضًا: مَوْلى أُمِّ هَانِئٍ، وَاسْمهُ: يَزِيدُ.
ورُوِي عن عَليِّ بن أبي طالبٍ وَعَبد اللهِ بن عَمْرٍو، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ذِمَّةُ المُسْلمين وَاحدَةٌ، يَسْعَى بِها أدْناهُمْ"
(1)
.
وَمَعْنى هذا عِنْدَ أهْلِ العلمِ: أنَّ مَنْ أعْطَى الأمانَ من المُسْلِمينَ، فهو جائزٌ على كُلِّهمْ.
26 - باب ما جاء في الغَدْرِ
1671 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا أبو دَاوُدَ، قال: أنبأنا شُعبةُ، قال: أخْبرني أبو الفَيْضِ، قال:
سَمِعْتُ سُلَيْمَ بنَ عامرٍ يقولُ: كانَ بَيْنَ مُعاويةَ وَبَيْنَ أهْلِ الرُّومِ عَهْدٌ، وكانَ يَسِيرُ في بِلادِهِمْ، حتَّى إذا انْقَضَى العَهْدُ، أغَارَ عَليْهِمْ، فإذا رَجُلٌ على دابَّةٍ - أوْ على فرسٍ - وهو يقولُ: اللهُ أكْبَرُ، وَفاءٌ لا غَدْرٌ، وإذا هو عَمْرُو بن عَبَسةَ، فَسألهُ مُعاويةُ عن ذلك، فقال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "من كانَ بَيْنهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَلا يَحُلَّنَّ عَهْدًا، ولا يَشُدَّنَّهُ حتَّى يَمْضِيَ أمَدُهُ، أوْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ على سَواءٍ". قال: فَرجَعَ مُعاويةُ بالنَّاسِ
(2)
.
(1)
حديث علي هو قطعة من حديث صحيح سيأتي عند المصنف برقم (2260). وأما حديث عبد الله بن عمرو، فأخرجه أحمد (6692)، وأبو داود (2751) و (4531)، وابن ماجه (2685)، وهو صحيح أيضًا.
(2)
حديث صحيح، رجاله ثقات وأبو الفيض: اسمه موسى بن أيوب الحمصي =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
27 - باب ما جاء أنَّ لِكُلِّ غادِرٍ لِواءً يَوْمَ القِيامَةِ
1672 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، قال: حَدَّثَنِي صَخْرُ بن جُوَيْرِيةَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنَّ الغادِرَ يُنْصَبُ لهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيامَةِ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وَعَبد اللهِ بن مَسْعُودٍ، وأبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ، وَأنَسٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(2)
.
= وأخرجه أبو داود (2759)، والنسائي في "الكبرى"(8732)، وهو في "المسند"(17015)، و"صحيح ابن حبان"(4871).
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد (7977)، وتمام تخريجه فيه.
وقوله: "أو يَنبِذَ" بكسر الباء، أي: يَطْرَحَ العهدَ إليهم طرحًا واقعًا على سواء من حيث العلمُ، يَعلَمُه الكلُّ على السَّوِيَّة، أي: أو ينقُضُه ويُعلِمهُم بالنقض، بحيث يظهر الأمر على الكلِّ. قاله السندي في "حاشيته على المسند".
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3188)، ومسلم (1735)، وأبو داود (2756)، والنسائي (8736) و (8737)، وهو في "المسند"(4648)، و"صحيح ابن حبان"(7342) و (7343).
(2)
وقع في المطبوع بعد هذا: "وسألت محمدًا عن حديث شريك، عن أبي إسحاق، عن عُمارة بن عبد، عن عليٍّ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: "لكلِّ غادرٍ لواءٌ" فقال: لا أعرفُ هذا الحديثَ مرفوعًا"، ولم يرد شيء من ذلك في نسخنا الخطية، ولا في نسختي العراقي والمباركفوري، وهو في "العلل الكبير" للمصنف (280).
28 - باب ما جاء في النُّزُولِ على الحُكْمِ
1673 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جابرٍ، أنَّهُ قال: رُمِي يَوْمَ الأحْزَابِ سَعْدُ بن مُعاذٍ، فَقطَعُوا أكْحَلهُ - أوْ أبْجَلهُ -، فَحَسمه رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالنَّارِ، فانْتَفخَتْ يَدُهُ، فَترَكهُ، فَنزفهُ الدَّمُ، فَحسمهُ أُخْرَى، فَانْتَفخَتْ يَدهُ، فَلمَّا رَأى ذلك قال: اللَّهُمَّ لا تُخْرِجْ نَفْسِي حتَّى تُقِرَّ عَيْنِي من بَنِي قُرَيْظةَ، فاسْتَمْسكَ عِرْقُهُ، فَما قَطرَ قَطْرةً حتَّى نَزلُوا على حُكْمِ سَعْدِ بن مُعاذٍ، فَأرْسلَ إلَيْهِ، فَحكمَ أنْ يُقْتلَ رِجالُهُمْ، وَتُسْتَحْيى نِساؤُهُمْ، يَسْتَعينُ بِهِنَّ المُسْلمُونَ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أصَبْتَ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ". وَكانُوا أرْبعَ مِئَةٍ، فَلمَّا فُرِغَ من قَتْلهِمْ، انْفَتقَ عِرْقُه، فَماتَ
(1)
.
وفي البابِ عن أبي سَعيدٍ، وَعَطِيَّةَ القُرَظِيِّ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه تامًّا ومختصرًا أحمد (14343) و (14773)، ومسلم (2208)، وأبو داود (3866)، وابن ماجه (3494)، والنسائي في "الكبرى"(8679)، وابن حبان (4784) و (6083).
وقوله: "أكْحَلَه، أو أَبْجَلَه": الأكحل: عِرْقٌ في وَسَط الذِّراع يَكثُر فَصْدُه، والأَبْجَل: عِرْق في باطن الذِّراع، وهو من الفرس والبعير بمنزلة الأكحل من الإنسان، وقيل: هو عِرْق غليظ في الرِّجْل فيما بين العَصَب والعَظْم. "النهاية" لابن الأثير.
وقوله: "فحَسَمَه" أي: قطع عنه الدَّمَ بالكَيِّ.
1674 -
حَدَّثَنا أبو الوَليدِ الدِّمَشْقيُّ، قَال: حَدَّثَنا الوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ، عن سَعيدِ بن بَشِيرٍ، عن قَتادةَ، عن الحَسنِ
عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ، أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"اقْتُلُوا شُيُوخَ المُشْرِكينَ، وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ"
(1)
. وَالشَّرْخُ: الغِلْمانُ الذِينَ لم يُنْبِتُوا.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ. وَرَواهُ حَجَّاجُ بن أرْطَاةَ، عن قَتادةَ، نَحوَه.
1675 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن سُفيانَ، عن عَبد الملكِ بن عُمَيْرٍ
عن عَطِيَّةَ القُرَظيِّ، قال: عُرِضْنا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظةَ، فَكانَ من أنْبتَ قُتِلَ، ومن لم يُنْبِتْ خُلِّيَ سَبيلُهُ، فَكُنْتُ مِمَّنْ لم يُنْبِتْ، فَخُلِّيَ سَبِيلي
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العلمِ: أنَّهُمْ يَرَوْنَ الإنْباتَ
(1)
إسناده ضعيف، الحسن البصري مدلّس، ولم يصرّح بسماعه من سمرة، وسعيد بن بشير وإن كان ضعيفًا قد توبع. وأخرجه أبو داود (2670)، وهو في "المسند"(20154) من طريق الحجاج بن أرطاة، عن قتادة، به.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه بألفاظ مقاربة أبو داود (4404) و (4405)، وابن ماجه (2541) و (2542)، والنسائي 6/ 155 و 8/ 92، وهو في "المسند"(18776)، و"صحيح ابن حبان"(4780 - 4783) و (4788).
بُلُوغًا إنْ لم يُعْرَفِ احْتِلامُه ولا سِنُّهُ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وَإسحاقَ.
29 - باب ما جاء في الحِلْفِ
1676 -
حَدَّثنا حُمَيْدُ بن مَسْعدَةَ، قَال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن زُرَيْعٍ، قَال: أخبرنا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال في خُطْبَتهِ:"أوْفُوا بِحِلْفِ الجاهِليَّةِ، فإنَّهُ لا يَزِيدُهُ - يعني الإسْلامَ - إلَّا شِدَّةً، ولا تُحْدِثُوا حِلْفًا في الإسْلامِ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَبد الرحمنِ بن عَوْفٍ، وَأُمِّ سَلمةَ، وَجُبَيْرِ بن مُطْعمٍ، وأبي هُريرةَ، وابن عَبَّاسٍ، وَقَيْسِ بن عَاصمٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
30 - باب في أخْذِ الجِزْيَةِ من المَجُوسِ
1677 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، قال: حَدَّثَنا
(1)
إسناده حسن، وهو في "المسند"(6692).
وقوله: ولا تُحدِثوا حلفًا في الإسلام: قال ابن الأثير: أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعُد والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله: لا حلف في الإسلام، وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المُطَيَّبين، وما جرى مجرَاه فذلك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:"أيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" يريد: من المعاقدة على الخير ونصرة الحق، وهذا هو الحلفُ الذي يقتضيه الإسلام، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام.
الحَجَّاجُ، عن عَمْرِو بن دِينارٍ
عن بَجالةَ بن عَبَدَةَ، قال: كُنْتُ كاتِبًا لِجَزْءِ بن مُعاويةَ على مَناذِرَ، فَجاءَنا كِتَابُ عُمرَ: انْظُرْ مَجُوسَ مَنْ قِبَلَكَ، فَخُذْ مِنْهُمُ الجِزْيةَ، فَإنَّ عَبد الرحمنِ بن عَوْفٍ أخبرني: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أخَذَ الجِزْيةَ من مَجُوسِ هَجَرَ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
1678 -
حَدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن عَمْرِو بن دِينارٍ
عن بَجالةَ: أنَّ عُمرَ كانَ لا يأخُذُ الجِزْيةَ من المَجُوسِ حتَّى أخبرهُ عَبد الرحمن بن عَوْفٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخذَ الجِزْية من مَجُوسِ هَجَرَ. وفي الحديثِ كلامٌ أكْثَرُ من هذا
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا سند حسن في المتابعات، حجاج - وهو ابن أرطاة - متابع في الرواية الآتية.
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3156) و (3157)، وأبو داود (3043)، والنسائي (8768)، وهو في "المسند"(1657).
(3)
وقع بعد هذا في المطبوع: "حدثنا الحسين بن أبي كَبْشَة البصري، حدثنا عبد الرَّحمن بن مهدي، عن مالك، عن الزُّهري، عن السائب بن يزيد، قال: أخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الجِزْيةَ من مَجُوسِ البَحْرينِ، وأخذها عمر من فارس، وأخذها عثمان من البَرْبَر. وَسألتُ محمدًا عن هذا، فقال: هو مالك، عن الزُّهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم"، ولم يرد هذا الحديث في شيء من الأصول الخطية التي بأيدينا، ولا في شرحي العراقي والمباركفوري، ولم يذكره الحافظ المزي في "تحفة =
31 - باب ما جاء ما يَحِلُّ من أمْوالِ أهْلِ الذِّمَّةِ
1679 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا ابن لَهِيعةَ، عن يَزِيدَ بن أبي حَبِيبٍ، عن أبي الخَيْرِ
عن عُقْبةَ بن عامرٍ، قال: قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا نَمُرُّ بِقَوْم فَلا هُمْ يُضَيِّفُونا، وَلا هُمْ يُؤَدُّونَ ما لنا عَليْهِمْ من الحَقِّ، ولا نَحْنُ نأخُذُ مِنْهُمْ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إنْ أبَوْا إلَّا أنْ تأْخُذُوا كَرْهًا، فَخُذُوا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ، وقد رَوَاهُ اللَّيْثُ بن سَعْدٍ، عن يَزِيدَ بن أبي حَبِيبٍ أيْضًا.
وَإنَّما مَعْنَى هذا الحديثِ: أنَّهُمْ كانُوا يَخْرُجُونَ في الغَزْوِ، فَيَمُرُّونَ بِقَوْمٍ، ولا يَجِدُونَ من الطَّعام ما يَشْتَرونَ بالثَّمنِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنْ أبَوْا أنْ يَبِيعُوا إلَّا أنْ تأخُذُوا كَرْهًا، فَخُذُوا". هكذا رُوِي في بَعْضِ الحديثِ مُفَسَّرًا. وقد رُوِي عن عُمرَ بن الخَطَّابِ
= الأشراف"، ولا استدركه عليه الحافظان ابن العراقي وابن حجر، لكن أورده ابن العربي في "عارضة الأحوذي" 7/ 85 وشرح عليه، وابن العربي إنما يروي "سنن الترمذي" عن أبي الحسين القطيعي، عن أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد المعروف بابن زوج الحُرَّة، عن أبي علي الحسن بن محمد بن شعبة المروزي، عن المحبوبي، عن الترمذي، وليس عندنا منها سوى قطعة من نسخة (ل).
(1)
حديث صحيح، وهذا سند حسن، رواية قتيبة عن ابن لهيعة حسنة، وأخرجه من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، بهذا الإسناد: البخاريُّ (2461)، ومسلم (1727)، وأبو داود (3752)، وابن ماجه (3676)، وهو في "المسند"(17345)، و"صحيح" ابن حبان (17345).
أنَّهُ كانَ يأمُرُ بِنَحْوِ هذا.
32 - باب ما جاء في الهِجْرَةِ
1680 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن عَبْدةَ الضَّبِّيُّ، قَال: حَدَّثَنا زيادُ بن عَبد اللهِ، قَال: حَدَّثَنا مَنصُورُ بن المُعْتَمِر، عن مُجاهِدٍ، عن طَاوُوسٍ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "لا هِجْرةَ بَعْدَ الفَتْحِ، ولكِنْ جِهادٌ وَنيَّةٌ، وإذا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي سَعيدٍ، وَعَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وَعَبد اللهِ بن حُبْشِيٍّ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رَواهُ سُفيانُ الثَّوْرِىُّ، عن مَنْصورِ بن المُعْتَمِر، نحوَ هذا.
33 - باب ما جاء في بَيْعةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
-
1681 -
حَدَّثَنا سَعيدُ بن يحيى بن سَعيدٍ الأُمَوِىُّ، قَال: حَدَّثَنا عيسى بن يُونُسَ، عن الأوْزَاعيِّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلمةَ
عن جَابرِ بن عَبد اللهِ في قَوْلهِ تَعالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]، قال جابرٌ: بايَعْنا رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم على أنْ لا نَفِرَّ، ولم نُبايِعْهُ على المَوْتِ
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1834)، ومسلم (1353) وص 1487 (85)، وأبو داود (2480)، والنسائي 7/ 146، وهو في "المسند"(1991)، و"صحيح ابن حبان"(3720) و (4592).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1856)(67) و (68)، والنسائي 7/ 140 - =
وفي البابِ عن سَلمةَ بن الأكْوعِ، وابن عُمرَ، وَعُبادةَ، وَجَريرِ بن عَبد الله.
وقد رُوِيَ هذا الحديثُ عن عيسى بن يُونُسَ، عن الأوْزَاعيِّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، قال: قال جَابرُ بن عَبد اللهِ. ولم يُذْكَرْ فيهِ: أبو سَلمةَ.
1682 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا حَاتِمُ بن إسماعيلَ، عن يَزِيدَ بن أبي عُبَيْدٍ، قال:
قُلْتُ لِسَلمةَ بن الأكْوعِ: على أىِّ شَيْءٍ بايَعْتُمْ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الحُدَيْبِيةِ؟ قال: على المَوْتِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1683 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخْبرنا إسماعيلُ بن جَعْفرٍ، عن عَبد اللهِ بن دِينارٍ
عن ابن عُمرَ، قال: كُنَّا نُبايعُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم على السَّمْعِ والطَّاعةِ، فَيقولُ لَنا:"فِيما اسْتَطعْتُمْ"
(2)
.
= 141، وهو في "المسند"(14114) و (14823)، و"صحيح" ابن حبان (4875). وسيأتي عند المصنف برقم (1684).
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2960)، ومسلم (1860)، والنسائي 7/ 141، وهو في "المسند"(16509).
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (7202)، ومسلم (1867)، وأبو داود (2940)، والنسائي 7/ 152. وهو في "المسند" (4565)، و"صحيح ابن حبان" =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1684 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جَابرِ بن عَبد اللهِ، قال: لم نُبايِعْ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم على المَوْتِ، إنَّما بايَعْناهُ على أن لا نَفِرَّ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَمَعْنى كِلا الحديثينِ صحيحٌ، قد بَايَعهُ قَوْمٌ من أصْحابهِ على المَوْتِ، وَإنَّما قالُوا: لا نَزالُ بَيْنَ يَديْكَ ما لم نُقْتَلْ، وَبَايَعهُ آخَرُونَ، فَقالُوا: لا نَفِرُّ
(2)
.
34 - باب في نَكثِ البَيْعةِ
1685 -
حَدَّثَنا أبو عَمَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن الأعْمشِ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثةٌ لا يُكلِّمُهمُ اللهُ يَوْمَ القِيامةِ، وَلا يُزَكِّيهمْ، وَلَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ بَايعَ إماماً، فَإنْ أعْطاهُ وَفَى لهُ، وَإنْ لم يُعْطهِ لم يَفِ لهُ"
(3)
.
= (4548) و (4549) و (4552) و (4557) و (4561) و (4565).
(1)
حديث صحيح، وقد سلف تخريجه في الحديث رقم (1681).
(2)
من قوله: "ومعنى كلا الحديثين" إلى هنا في المطبوع بعد الحديث رقم (1683)، وأثبتناه في موضعه هنا من الأصول الخطية.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2358)، ومسلم (108)، وأبو داود =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(1)
.
35 - باب في بَيْعةِ العَبْدِ
1686 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جابرٍ، أنَّهُ قال: جَاءَ عبْدٌ، فَبايعَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم على الهِجْرَة، ولا يَشْعُرُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ عَبْدٌ، فَجاءَ سَيِّدُهُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"بِعْنِيهِ". فَاشْترَاهُ بِعَبْدَيْنِ أسْوَديْنِ، ولم يُبايعْ أحَدًا بَعْدُ حتَّى يَسْأَلَهُ: أعَبْدٌ هو؟
(2)
.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ.
حديثُ جابرٍ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ صحيحٌ، لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ أبي الزُّبَيْرِ.
36 - باب ما جاء في بَيْعةِ النِّسَاءِ
1687 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن محمدِ بن المُنْكَدِرِ
سَمعَ أُميْمةَ ابنةَ رُقَيْقةَ تَقولُ: بَايَعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في نِسْوَةٍ، فقال
= (3474) و (3475)، وابن ماجه (2207) و (2870)، والنسائي 7/ 246 - 247، وهو في "المسند"(7442).
(1)
وقع في المطبوع بعد هذا: "وعلى ذلك الأمر بلا اختلاف"، وهذه العبارة ليست في أصولنا الخطية، ولا في نسختي العراقي والمباركفوري.
(2)
حديث صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (1283)، وذكرنا تخريجه هناك.
لنا: "فِيمَا اسْتَطعتُنَّ وَأطَقْتُنَّ". قُلْتُ: اللهُ وَرَسولُهُ أرْحَمُ بِنا مِنَّا بأنْفُسِنا، قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ بَايِعْنا - قال سُفيانُ: تَعْنِي صَافِحْنا -، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إنَّما قَوْلي لِمِئَةِ امْرَأةٍ كَقَوْلِي لامْرَأةٍ وَاحِدةٍ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَائشةَ، وَعَبد اللهِ بن عمرو، وَأسْماءَ بِنْتِ يَزِيدَ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ محمدِ بن المُنْكَدرِ، وَرَوَى سُفيانُ الثَّوْريُّ وَمَالكُ بن أنَسٍ وَغَيْرُ واحدٍ هذا الحديثَ عن محمدِ بن المُنْكَدرِ، نَحوهُ
(2)
.
37 - باب ما جاء في عِدَّةِ أصْحَابِ أهْلِ بَدْرٍ
1688 -
حَدَّثَنا وَاصِلُ بن عَبد الأعلى الكوفي، قال: حَدَّثَنا أبو بكْرِ بن عَيَّاشٍ، عن أبي إسحاقَ
عن البَرَاءِ، قال: كُنَّا نَتحدَّثُ أنَّ أصْحَابَ بَدْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ كَعِدَّةِ أصْحاب طَالُوتَ ثلاث مِئَةٍ وَثَلاثةَ عَشَرَ
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2874)، والنسائي 7/ 149 و 152، وهو في "المسند"(27006)، و"صحيح ابن حبان"(4553).
(2)
جاء بعد هذا في المطبوع: "وسألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: لا أعرف لأميمة بنت رقيقة غير هذا الحديث، وأميمة امرأة أخرى لها حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ولم يرد شيء من ذلك في أصولنا الخطية، ولا في نسختي العراقي والمباركفوري، وهو في "العلل الكبير" للمصنف برقم (283).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3957)، وابن ماجه (2828)، وهو في "المسند"(18555)، و"صحيح ابن حبان"(4796).
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رَواهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عن أبي إسحاقَ.
38 - باب ما جاء في الخُمُسِ
1689 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا عَبَّادُ بن عَبَّادٍ المُهَلَّبيُّ، عن أبي جَمْرَة
عن ابن عَبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لِوَفْدِ عَبدِ القَيْسِ:"آمُرُكُمْ أنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ ما غَنِمْتُمْ". وفي الحديثِ قِصَّةٌ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1690 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن زَيْدٍ، عن أبي جَمْرةَ، عن ابن عَبَّاسٍ، نحوَه
(2)
.
39 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ النُّهْبَةِ
1691 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا أبو الأحْوَصِ، عن سَعيدِ بن مَسْرُوقٍ، عن عَبايةَ بن رفاعةَ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ رَافع، قال: كُنَّا مَعَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفرٍ، فتقدَّمَ سَرَعَانُ النَّاسِ، فتَعجَّلُوا من الغَنائمِ فاطَّبَخُوا، وَرَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (53)، ومسلم (17)، وأبو داود (3692) و (4677)، والنسائي 8/ 322 - 323، وهو في "المسند"(2020)، و"صحيح ابن حبان"(157) و (172).
(2)
حديث صحيح كسالفه، وانظر تخريجه فيه.
أُخْرَى النَّاسِ، فَمرَّ بالقُدُورِ، فَأمَرَ بِها فأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسمَ بَيْنهُمْ، فَعدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِياهٍ
(1)
.
وَرَوَى سُفيانُ الثَّوْرِيُّ، عن أبيهِ، عن عَبايةَ، عن جَدِّهِ رَافعِ بن خَدِيجٍ. ولم يَذْكُرْ فيهِ: عن أبيهِ.
1692 -
حَدَّثَنا بذلك محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عن سُفيانَ
(2)
.
وهذا أصَحُّ، وَعَبايةُ بن رِفاعةَ سَمعَ من جَدِّهِ رَافعِ بن خَدِيجٍ.
وفي البابِ عن ثَعْلبةَ بن الحَكمِ، وَأنَسٍ، وأبي رَيْحانةَ، وأبي الدَّرْداءِ، وَعَبد الرحمنِ بن سَمُرةَ، وَزَيْدِ بن خَالدٍ، وَجَابرٍ، وأبي هُريرةَ، وأبي أيُّوبَ.
1693 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنا عبد الرَّزَّاقِ، عن مَعْمرٍ، عن ثَابتٍ
عن أنَسٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من انْتَهبَ، فَلَيْسَ مِنَّا"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2488)، ومسلم (1968)(21)، وأبو داود (2821)، وابن ماجه (3137) و (3183)، والنسائي 7/ 191 - 192 و 221، وهو في "المسند"(17263)، و"صحيح ابن حبان"(4821) و (5886).
(2)
حديث صحيح، وقد ذكرنا تخريجه في الذي قبله.
(3)
حديث صحيح، وهو في "المسند"(12422)، و"صحيح ابن حبان"(3146).
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ أنَسٍ.
40 - باب ما جاء في التَّسْليمِ على أهْلِ الكِتابِ
1694 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا عَبد العزِيزِ بن محمدٍ، عن سُهيْلِ بن أبي صَالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَبْدؤُوا اليَهُودَ والنَّصارَى بِالسَّلامِ، وإذا لَقِيتُم أحَدَهُمْ في الطَّرِيقِ، فاضْطَرُّوهُ إلى أضْيَقهِ"
(1)
.
وفي الباب عن ابن عُمرَ، وأنس، وَأبي بَصْرةَ الغِفَاريِّ صَاحبِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
ومعنى هذا الحديث: "لا تبدؤوا اليهودَ والنَّصارى": قال بعض أهل العلم: إنما معنى الكراهية، لأنه يكون تعظيمًا لهم، وإنما أُمِرَ المسلمون بتذليلهم، وكذلك إذا لقي أحدَهم في الطريق، فلا يَترُكِ الطريقَ عليه، لأن فيه تعظيمًا لهم
(2)
.
1695 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخْبرنا إسماعيلُ بن جَعْفرٍ، عن عَبد اللهِ بن دِينارٍ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2167)، وأبو داود (5205)، وهو في "المسند"(7567)، و"صحيح ابن حبان"(500) و (501).
(2)
من قوله: "ومعنى هذا الحديث" إلى هنا أخل به المطبوع، واستدركناه من أصولنا الخطية، والنسخة التي شرح عليها العراقي.
عن ابن عُمرَ، قَال: قَال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اليَهُودَ إذا سَلَّمَ عَليْكُمْ أحَدُهُمْ، فإنَّما يَقولُ: السَّامُ عليك
(1)
. فَقُلْ: عَليْكَ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
41 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ المُقامِ بَيْنَ أظْهُرِ المُشْرِكينَ
1696 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ، عن قَيْسِ بن أبي حازمٍ
عن جَرِيرِ بن عَبد اللهِ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعثَ سَرِيَّةً إلى خَثْعَمٍ، فَاعتَصمَ ناسٌ بالسُّجُودِ، فَأسْرَعَ فِيهمُ القَتْلُ، فَبلغَ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأمرَ لَهُمْ بِنصْفِ العَقْلِ، وقال:"أنا بَرِيءٌ من كُلِّ مُسْلمٍ يُقيمُ بَيْنَ أظهُرِ المُشْرِكينَ". قالُوا: يا رَسولَ اللهِ، ولم؟ قال:"لا تَراءَى نارَاهُما"
(3)
.
(1)
في المطبوع: "عليكم"، وهو كذلك في بعض الأصول، والمثبت من سائر الأصول وشرح العراقي.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6257)، ومسلم (2164)، وأبو داود (5206)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(378) و (379) و (380)، وهو في "المسند"(4563)، و"صحيح ابن حبان"(502).
(3)
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن المصنف والبخاري وأبا حاتم والدارقطني رجحوا الرواية المرسلة التي تأتي بعد هذا.
وأخرجه موصولًا "المصنف" في "علله الكبير" 2/ 686، وأبو داود (2645)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3233)، والطبراني في "الكبير"(2261) و (2262) و (2264)، والبيهقي 8/ 131 و 9/ 12 - 13 و 142. ووقع في "شرح =
1697 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، حَدَّثَنا عَبْدَةُ، عن إسماعيلَ بن أبي خَالدٍ، عن قَيْسِ بن أبي حَازمٍ، مِثلَ حديثِ أبي مُعاويةَ. ولم يَذْكُرْ فِيهِ: عن جَريرٍ
(1)
. وهذا أصَحُّ.
وفي البابِ عن سَمُرةَ.
وَأكْثرُ أصْحَابِ إسماعيلَ قالوا: عن إسماعيلَ، عن قَيْسِ بن أبِي حازمٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعثَ سَرِيَّةً، ولم يَذْكُرُوا فيهِ: عن جرِيرٍ.
ورَوَى حَمَّادُ بن سَلمةَ، عن الحَجَّاجِ بن أرْطاةَ، عن إسماعيلَ بن أبي خَالدٍ، عن قَيْسٍ، عن جَرِيرٍ، مِثْلَ حديثِ أبي مُعاويةَ.
وَسَمِعتُ محمدًا يقولُ: الصَّحيحُ حديثُ قَيْسٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا.
= مشكل الآثار" "خالد بن الوليد" بدل: "جرير بن عبد الله".
وفي باب النهي عن الإقامة بين أظهر المشركين عن معاوية بن حَيْدَة القُشَيرى، وعن أعرابيٍّ، وعن جرير بن عبد الله، وهي في "مسند أحمد" بالأرقام (19238) و (20037) و (20737) وتمام تخريجها فيه، وهي أحاديث صحيحة.
وقوله: "لا تراءى ناراهما". قال الخطابي في معناه ثلاثة وجوه قيل: معناه: لا يستوي حكمهما. وقيل: معناه أن الله فرق بين داري الإسلام والكفر، فلا يجوز لمسلم أن يساكن الكفار في بلادهم، حتى إذا أوقدوا نارًا كان منهم بحيث يراها. وقيل: معناه: لا يتسم المسلم بسمة المشرك ولا يتشبه به في هديه وشكله.
(1)
أخرجه مرسلًا كذلك سعيد بن منصور (2663)، والنسائي 8/ 36، والبيهقي 8/ 130، وانظر ما قبله.
وَرَوَى سُمُرةُ بن جُنْدُبٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تُساكِنُوا المُشْرِكينَ، ولا تُجَامِعُوهُمْ، فَمنْ ساكَنهُمْ، أوْ جامَعهُمْ، فهو مِثْلُهمْ"
(1)
.
42 - باب ما جاء في إخْراجِ اليَهُودِ والنَّصَارى من جَزِيرَةِ العَرَبِ
1698 -
حَدَّثَنا موسى بن عَبد الرحمنِ الكِنْديُّ، قَال: حَدَّثَنا زَيْدُ بن الحُبابِ، قَال: أخْبرنا سُفيانُ الثَّوْرِيُّ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ
عن عُمرَ بن الخَطَّابِ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَئِنْ عِشْتُ - إنْ شَاءَ اللهُ - لأُخْرِجنَّ اليَهُودَ والنَّصَارَى من جَزِيرةِ العَربِ"
(2)
.
1699 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنا أبو عَاصمٍ وَعَبد الرَّزَّاقِ، قَالا: أخْبرنا ابن جُرَيْجٍ، قال: أخْبرنا أبو الزُّبَيْرِ، أنَّهُ سَمعَ جَابرَ بن عَبد اللهِ يَقولُ:
أخْبرني عُمرُ بن الخَطَّابِ، أنَّهُ سَمعَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:
(1)
إسناده ضعيف، فيه ضعيف ومجهولان، وأخرجه أبو داود (2787)، والحاكم 2/ 141، والبيهقي 8/ 142 بلفظ:"من جامع المشرك وسكن معه، فإنه مثله". قال في "بذل المجهود" 12/ 425: من جامع المشرك، أي: اجتمع معه في دار أو بلد، والأولى أن يقال معناه: اجتمع معه، أي: اشترك في الرسوم والعادة والهيئة والزي. ويغني عنه ما ذكرناه في أحاديث الباب في الحديث السالف برقم (1696).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1767)، وأبو داود (3030) و (3031)، والنسائي في "الكبرى"(8686)، وهو في "المسند"(201)، و"صحيح ابن حبان"(3753).
"لأُخْرِجنَّ اليَهُودَ والنَّصارَى من جَزِيرَةِ العَرَبِ، فَلا أتْرُكُ فِيها إلا مُسْلِمًا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
43 - باب ما جاء في تَرِكَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم
-
1700 -
حَدَّثَنا محمدُ بن المُثنَّى، قال: حَدَّثَنا أبو الوَليدِ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن سَلمةَ، عن محمدِ بن عَمْرٍو، عن أبي سَلمةَ
عن أبي هُريرةَ، قال: جَاءَتْ فَاطِمةُ إلى أبي بكْرٍ، فقالت: من يَرِثُكَ؟ قال: أهْلي وَوَلَدي. قالت: فَمالِي لا أرثُ أبي؟ فقال أبو بَكْرٍ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "لا نُورَثُ"، ولكنِّي أعُولُ مَن كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُولُه، وَأُنْفِقُ على مَن كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ عَليْهِ
(2)
.
وفي البابِ عن عُمرَ، وَطَلْحةَ، والزُّبَيْرِ، وَعَبد الرحمنِ بن عَوْفٍ، وَسَعْدٍ، وَعَائشةَ، وأبي هريرة.
وحديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ، إنَّما أسْندهُ حَمَّادُ بن سَلمةَ وَعَبد الوهَّابِ بن عَطَاءٍ، عن محمدِ بن
(1)
حديث صحيح كسالفه، وانظر تخريجه فيه.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، وهو في "المسند"(79) و (8636). وسيأتي مكررًا في الذي بعده.
وانظر حديث عمر الآتي برقم (1702).
عَمْرٍو، عن أبي سَلمةَ، عن أبي هُريرةَ.
وَسَألْتُ محمدًا عن هذا الحديثِ، فقال: لا أعْلمُ أحدًا رَواهُ عن محمدِ بن عَمْرٍو، عن أبي سَلمةَ، عن أبي هُريرةَ إلا حَمَّادَ بن سلمةَ.
وقد رَواهُ عَبد الوهَّابِ بن عَطاءٍ، عن محمدِ بن عَمْرٍو، عن أبى سَلمةَ، عن أبي هُريرةَ نَحوَ رِوَايةِ حَمَّادِ بن سَلمةَ.
1701 -
حَدَّثَنا بذلكَ عَليُّ بن عيسى، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الوهَّابِ بن عَطاءٍ، قَال: حَدَّثَنا محمدُ بن عَمْرٍو، عن أبي سلمةَ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ فاطمةَ جَاءتْ أبا بكْرٍ وَعُمرَ تَسْألُ مِيراثَها من رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالا: سَمِعْنا رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "إنِّي لا أُورَثُ". قالت: واللهِ لا أُكَلِّمُكُما أبَدًا، فَماتَتْ وَلا تُكَلِّمُهُما
(1)
. قال عَليُّ بن عيسى: مَعْنى لا أُكَلِّمكُما: تَعْني في هذا المِيرَاثِ أبَدًا، أنْتُما صَادِقانِ
(2)
.
وقد رُوِي هذا الحديثُ من غَيْرِ وَجْهٍ عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(1)
حديث صحيح لغيره، وقد سلف تخريجه في الذي قبله.
(2)
من قوله: "وسألت محمدًا عن هذا الحديث" إلى هنا لم يرد في شيء من الأصول التي بين أيدينا، ولا في نسختي العراقي والمباركفوري، ولم يذكره الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" 5/ 308، لكن استدركه عليه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف"، لذا آثرنا إثباته، والله أعلم.
1702 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ، قال: حدثنا بِشْرُ بن عُمرَ، قَال: حَدَّثَنا مَالكُ بن أنَسٍ، عن ابن شِهَابٍ، عن مَالكِ بن أوْسِ بن الحَدَثَانِ، قال:
دَخلْتُ على عُمرَ بن الخَطَّابِ، وَدَخلَ عَليْهِ عُثمانُ بن عَفَّانَ وَالزُّبَيْرُ بن العَوَّامِ وَعَبد الرحمنِ بن عَوْفٍ وَسَعْدُ بن أبي وَقَّاصٍ، ثُمَّ جَاءَ عَليٌّ والعَبَّاسُ يَخْتصِمَانِ، فقال عُمرُ لهُمْ: أنْشُدُكُمْ باللهِ الذي بإذْنهِ تَقُومُ السَّماءُ وَالأرضُ، أتَعْلمُونَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا نُورَثُ، ما تَركْنا صَدقةٌ"؟ قالوا: نَعمْ. قال عُمرُ: فَلمَّا تُوفِّي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال أبو بَكْرٍ: أنا وَليُّ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَجِئْتَ أنْتَ وهذا إلى أبي بَكْرٍ تَطْلُبُ أنْتَ مِيراثكَ من ابن أخِيكَ، وَيَطْلبُ هذا مِيرَاثَ امْرأتهِ من أبِيها، فقال أبو بَكْرٍ: إنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا نُورثُ، ما تَركْنا صَدقةٌ". واللهُ يَعْلمُ أنَّهُ صَادقٌ بارٌّ رَاشِدٌ تابعٌ للحَقِّ. وفي الحديثِ قِصَّةٌ طَويلةٌ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، غريبٌ من حديثِ مالكِ بن أنَسٍ.
44 - باب ما جاء قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوْمَ فَتحِ مَكَّةَ: "إنَّ هذه لا تُغْزَى بَعْدَ اليَوْمِ".
1703 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا يحيى بن سَعيدٍ، قال:
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد (172)، والبخاري (3094)، ومسلم (1757)(49) و (50)، وأبو داود (2963) و (2964)، والنسائي 7/ 135 - 137، وابن حبان (6608).
حَدَّثَنا زَكَريَّا بن أبي زَائِدةَ، عن الشَّعْبيِّ
عن الحارثِ بن مَالكِ بن بَرْصاء، قال: سَمِعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَقولُ: "لا تُغْزى هذه بَعْدَ اليَوْمِ إلى يَوْمِ القِيامةِ"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ، وَسُليْمانَ بن صُرَدٍ، وَمُطيعٍ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وهو حديثُ زَكَريَّا بن أبي زَائِدةَ، عن الشَّعْبيِّ، لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثهِ.
45 - باب ما جاء في السَّاعةِ الَّتي يُسْتَحبُّ فِيها القِتالُ
1704 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا مُعاذُ بن هِشامٍ، قَال: حَدَّثَني أبي، عن قَتادةَ
عن النُّعْمانِ بن مُقَرِّنٍ، قال: غَزوْتُ مَع النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَكانَ إذا طَلعَ الفَجْرُ، أمْسكَ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فإذا طَلَعَتْ، قاتلَ، فإذا انْتصفَ النَّهارُ، أمْسكَ حتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، فإذا زَالتِ الشَّمْسُ، قاتلَ حتَّى العَصْرِ، ثُمَّ أمْسكَ حتَّى يُصَلِّيَ العَصْرَ، ثُمَّ يُقاتلُ، وَكانَ يُقالُ: عِنْدَ ذلك تَهيجُ رِياحُ النّصْرِ، وَيَدْعُو المُؤْمِنُونَ لجُيُوشِهمْ في
(1)
حديث حسن، وهذا سند رجاله ثقات، إلا أن زكريا بن أبي زائدة يدلس عن الشعبي، وهو في المسند (15404). وله طريق آخر عند أحمد (15408) وسنده حسن.
ومعنى الحديث كما قال السندي: أن المراد أنه حرم لا يحل لأحد غزو أهله، أو المراد بيان بقائهم على الإيمان إلى القيامة، وعدم ارتدادهم حتى يحلَّ غزوهم، فلا ينافي ما وقع في زمن يزيد وغيره ظلمًا. والله تعالى أعلم.
صَلاتِهمْ
(1)
.
وقد رُوِي هذا الحديثُ عن النُّعْمانِ بن مُقَرِّنٍ بإسْنادٍ أوْصلَ من هذا، وَقَتادةُ لم يُدْركِ النُّعْمانَ بن مُقَرِّنٍ، مَاتَ النُّعْمانُ في خِلافة عُمرَ بن الخطَّاب.
1705 -
حَدَّثَنا الحَسن بن عَليٍّ الخَلَّالُ، قَال: حَدَّثَنا عَفَّانُ بن مُسْلمٍ وَالحَجَّاجُ بن مِنْهالٍ، قالا: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن سَلمةَ، قال: حَدَّثَنا أبو عِمْرانَ الجَوْنيُّ، عن عَلْقمةَ بن عَبد اللهِ المُزَنيِّ
عن مَعْقلِ بن يَسَارٍ: أنَّ عُمرَ بن الخَطَّاب بَعثَ النُّعْمانَ بن مُقَرِّنٍ إلى الهُرْمُزانِ، فَذَكرَ الحديثَ بِطُولهِ، فقال النُّعْمانُ بن مُقَرِّنٍ: شَهِدْتُ مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكانَ إذا لم يُقاتِلْ أوَّلَ النَّهارِ، انْتظَرَ حتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّياحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَعَلْقمةُ بن عَبد اللهِ: هو أخو بكْرِ بن عَبد اللهِ المُزَنيِّ.
46 - باب ما جاء في الطِّيَرَةِ
1706 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ،
(1)
إسناده ضعيف بهذه السياقة، فإن قتادة لم يدرك النُّعمان بن مُقَرِّن فيما قال المصنِّف وغيره. وانظر ما بعده.
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد (23744)، وأبو داود (2655)، والنسائي في "الكبرى"(8637)، وابن حبان (4757)، وأخرجه من طريق آخر البخاري (3159) و (3160)، وابن حبان (4756).
قال: حَدَّثَنا سُفيانُ، عن سَلمةَ بن كُهَيْلٍ، عن عيسى بن عَاصمٍ، عن زِرٍّ
عن عَبد اللهِ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الطِّيَرَةُ من الشِّرْكِ". وما مِنَّا، وَلكِنَّ اللهَ يُذْهِبه بالتَّوكلِ
(1)
.
سَمِعتُ محمدَ بن إسماعيلَ يَقولُ: كانَ سُليْمانُ بن حَرْبٍ يَقولُ في هذا الحديثِ: وما مِنَّا، وَلكنَّ اللهَ يُذْهِبهُ بالتَّوكُّلِ. قال سُليْمانُ: هذا عِنْدي قولُ عبد الله بن مسعود.
وفي الباب عن سعد، وأبي هُريرة، وحابس التَّميمي، وعائشة، وابن عُمَرَ.
وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، لا نعرفُه إلا من حديث سلمةَ بن كُهيل، وروى شعبة أيضًا عن سلمةَ هذا الحديث.
1707 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا ابن أبي عَدِيٍّ، عن هِشامٍ، عن قَتادةَ
عن أنسٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا عَدْوى، وَلا طِيَرَةَ، وَأُحِبُّ الفَأْلَ". قَالوا: يا رَسولَ اللهِ وَما الفَأْلُ؟ قال: "الكَلِمَةُ الطَّيِّبةُ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أحمد (3687)، وأبو داود (3910)، وابن ماجه (3538)، وابن حبان (6122).
وقوله: "وما منا
…
": هو من كلام ابن مسعود أُدرِجَ في الخبر كما بَيَّنه سليمان بن حرب فيما نقله المصنفُ عَقِبَ الحديث عن البخاري عنه، والله أعلم.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5756)، ومسلم (2224)، وابن ماجه (3537)، وهو في "المسند"(12179).
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1708 -
حَدَّثَنا محمدُ بن رَافعٍ، قال: حَدَّثَنا أبو عامرٍ العَقَديُّ، عن حَمَّادِ بن سَلمةَ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسِ بن مالكٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُعْجِبُه إذا خَرجَ لِحَاجتهِ أنْ يَسْمعَ: يا راشدُ، يا نَجِيحُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ.
47 - باب في وَصِيَّتهِ صلى الله عليه وسلم في القِتالِ
1709 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، عن سُفيانَ، عن عَلْقمةَ بن مَرْثَدٍ، عن سُلَيْمانَ بن بُرَيْدةَ
عن أبيهِ، قال: كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا بَعثَ أميرًا على جَيْشٍ أوْصاهُ في خَاصَّةِ نَفْسهِ بِتَقْوى اللهِ، ومن مَعهُ من المُسْلمينَ خَيْرًا، وقال: "اغْزُوا بِسْمِ اللهِ، وفي سبِيلِ اللهِ، قاتِلُوا من كَفَر باللهِ، ولا تَغُلُّوا، ولا تَغْدِرُوا ولا تُمَثِّلُوا، ولا تَقْتُلُوا وَليدًا، فإذا لَقِيتَ عَدُوَّكَ من المُشْرِكينَ، فادْعُهمْ إلى إحْدى ثَلاثِ خِصالٍ - أوْ خِلالٍ -، أيَّتُها أجابُوكَ فَاقْبل مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ:
(1)
رجاله ثقات رجال الصحيح إلا أنه مُعَلٌّ كما بين ذلك الحافظ ابن حجر في "النكت الظِّراف" 1/ 181 - 182.
وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1848)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 206.
ادْعُهمْ إلى الإسْلامِ، وَالتَّحَوُّلِ من دَارهِمْ إلى دَارِ المُهاجِرِينَ، وَأخْبِرْهُمْ أنَّهم إنْ فَعلُوا ذلك، فإنَّ لَهُمْ ما لِلْمهاجِرينَ، وَعَليهمْ ما على المُهاجِرينَ، وَإنْ أبَوْا أنْ يَتحَوَّلُوا، فأخْبِرْهُمْ أنّهُمْ يكُونونَ كَأعْرابِ المُسْلمينَ، يَجْرِي عَليْهمْ ما يَجْري على الأعْرابِ، لَيْسَ لَهُمْ في الغَنِيمةِ وَالفَيْءِ شَيْءٌ إلَّا أنْ يُجاهِدُوا، فإنْ أبَوْا، فَاسْتعِنْ باللهِ عَليْهِمْ وقاتِلْهُمْ، وإذا حَاصرْتَ حِصْنًا، فأرَادُوكَ أنْ تَجْعلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّه، فلا تَجْعلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ وَلا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ، وَاجْعلْ لَهُمْ ذِمَّتكَ وذِمَمَ أصْحابكَ، فإنكم أنْ تُخْفِرُوا ذِمَمكم وذِمَمَ أصْحابِكُمْ خَيْرٌ لكُمْ من أن تُخْفِرُوا ذِمَّةَ الله وذِمَّةَ رَسولهِ، وإذا حَاصرْتَ أهْلَ حِصنٍ، فأرَادُوكَ أن تُنزِلُوهم على حُكْمِ اللهِ، فَلا تُنْزِلُوهُمْ، وَلكِنْ أنْزِلْهُمْ على حُكْمكَ، فإنّكَ لا تَدْرِي: أتُصِيبُ حُكْم اللهِ فِيهمْ أمْ لا؟ " أوْ نحوَ ذا
(1)
.
وفي البابِ عن النُّعْمانِ بن مُقَرِّنٍ.
وحديثُ بُريْدةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1710 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنا أبو أحمدَ، حدثنا سُفيانُ، عن عَلْقمةَ بن مَرْثدٍ، نَحوَهُ بمَعْناهُ.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1731)، وأبو داود (12612) و (2613)، وابن ماجه (2858)، والنسائي في "الكبرى"(8765)، وهو في "المسند"(22978)، و"صحيح" ابن حبان (4739).
وقد سلف مختصرًا عند المصنف برقم (1466).
وانظر ما بعده.
وزادَ فيهِ: "فَإنْ أبَوْا، فَخُذْ مِنْهُمُ الجِزْيةَ، فإنْ أبَوْا، فَاسْتَعِن باللهِ عَليْهمْ"
(1)
.
هكذا رَواهُ وَكيعٌ وَغَيْرُ وَاحدٍ عن سُفيانَ، وَرَوَى غَيْرُ محمد بن بَشَّارٍ، عن عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، وَذَكرَ فيهِ أمْرَ الجِزْيةِ.
1711 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ، قَال: حَدَّثَنا عَفانُ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن سَلمةَ، قَال: حَدَّثَنا ثابتٌ
عن أنسِ بن مالك، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يُغِيرُ إلا عِنْدَ صَلاةِ الفَجْرِ، فَإنْ سَمعَ أذانًا أمْسكَ وإلا أغارَ، واسْتَمعَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَسمَعَ رَجُلًا يقولُ: اللهُ أكْبرُ اللهُ أكْبرُ. فقال: "على الفِطْرةِ". فقال: أشْهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ. فقال: "خَرجْتَ من النَّارِ"
(2)
.
1712 -
قال الحَسنُ: وَحَدَّثَنا أبو الوَليدِ، قَال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بن سَلمةَ، بهذا الإسنادِ، مِثْلَهُ
(3)
.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
إسناده صحيح كسالفه، وانظر تخريجه فيه.
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه تامًّا ومختصرًا أحمد (12351)، ومسلم (382)، وأبو داود (2634)، والنسائي في عمل اليوم والليلة من "الكبرى"(10595)، وابن حبان (1665) و (4753).
(3)
إسناده صحيح، سلف تخريجه في الذي قبله.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب فضائل الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب فَضْلِ الجِهَادِ
1713 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ بنُ سعيد، قال: حَدَّثَنا أبو عَوانة، عن سُهَيْلِ بن أبي صَالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، ما يَعْدِلُ الجِهادَ؟ قال:"لا تَسْتَطيعُونَهُ". فَردُّوا عَليْهِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثلاثًا، كُلُّ ذلكَ يقولُ:"لا تَسْتَطيعُونهُ". فقال في الثَّالِثَةِ: "مَثلُ المُجاهِدِ في سَبيلِ اللهِ مَثلُ الصَّائمِ القائمِ الذي لا يَفْتُرُ من صَلاةٍ ولا صِيامٍ حتَّى يَرْجِعَ المُجَاهدُ في سَبِيلِ اللهِ"
(1)
.
وفي الباب عن الشِّفَاءِ، وَعَبد اللهِ بن حُبْشيٍّ، وأبي موسى، وأبي سَعيدٍ، وأُمِّ مالكٍ البَهْزِيَّة، وَأنَسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوِي من غَيْرِ وَجْهٍ عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1714 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عَبد اللهِ بن بَزِيعٍ، قَال: حَدَّثَنا مُعْتمِرُ بن
(1)
حديث صحيح، وأخرجه تامًّا ومختصرًا بألفاظ متقاربة أحمد (8540)، والبخاري (2785)، ومسلم (1878)، والنسائي 6/ 17 و 18 و 19، وابن حبان (4621) و (4627).
سُليْمانَ، قَال: حَدَّثَني مَرْزُوقٌ أبو بكْرٍ، عن قَتادةَ
عن أنسِ بن مالك قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعْني يَقولُ اللهُ عز وجل: "المُجَاهدُ في سَبِيلي هو عَليَّ ضَامنٌ، إنْ قَبضْتُهُ أوْرثْتُهُ الجَنَّةَ، وإنْ رَجعْتُهُ رَجعْتُه بأجْر أوْ غَنِيمةٍ"
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ صحيحٌ من هذا الوَجْهِ.
2 - باب ما جاء في فَضْلِ من مَاتَ مُرَابِطًا
1715 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن محمدٍ، قال: أخْبرنا عَبد اللهِ بن المُباركِ، قال: أخْبرنا حَيْوةُ بن شُريْحٍ، قال: أخْبرني أبو هانِئٍ الخَوْلانيُّ، أن عمرَو بن مالكٍ الجَنْبيَّ أخْبرهُ
أنه سَمِعَ فَضالةَ بن عُبَيْدٍ يُحَدِّثُ، عن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ على عَملهِ إلَّا الذي مَاتَ مُرَابِطًا في سَبيلِ اللهِ، فَإنَّهُ يُنْمى لهُ عَملُهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وَيأمنُ فِتْنةَ القَبْرِ".
وَسَمِعتُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "المُجاهدُ من جَاهدَ نَفْسَهُ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل مرزوق أبي بكر - وهو الباهلي البصري -، فهو حسن الحديث.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(45) و (46).
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد (7157)، وهو في "صحيح البخاري"(36)، و"صحيح مسلم"(1876)، وتمام تخريجه في "المسند".
(2)
هذان الحديثان صحيحان، وأخرجهما مجموعين ومفرقين أحمد (23951) و (23951 م)، وابن حبان (4624) و (4706). وأخرج الأول منهما أبو داود =
وفي البابِ عن عُقْبةَ بن عامرٍ، وَجَابرٍ.
حديثُ فَضالةَ بن عُبيد حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
3 - باب ما جاء في فَضْلِ الصَّوْمِ في سَبِيلِ اللهِ
1716 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا ابن لَهِيعةَ، عن أبي الأسْودِ، عن عُرْوةَ وَسُليْمانَ بن يَسارٍ أنَّهُما حَدَّثاهُ
عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"من صَامَ يَوْمًا في سَبِيلِ اللهِ، زَحْزَحهُ اللهُ عن النَّارِ سَبْعينَ خَرِيفًا". أحدُهُما يَقولُ: "سَبْعينَ"، والآخَرُ يَقولُ:"أرْبَعينَ"
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
وأبو الأسْودِ: اسمُه محمدُ بن عَبد الرحمنِ بن نَوْفلٍ الأسَدِيُّ المَدِينيُّ.
وفي البابِ عن أبي سَعيدٍ، وَأَنَسٍ، وَعُقْبةَ بن عَامرٍ، وأبي أُمامَةَ.
1717 -
حَدَّثَنا سَعيدُ بن عَبد الرحمنِ، قَال: حَدَّثَنا عَبد الله بن الوَليدِ العَدَنيُّ، عن سُفيان الثَّوْرِيِّ (ح)
= (2500)، وأخرج الثاني منهما النسائي في "الكبرى"(11794).
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، رواية قتيبة عن ابن لهيعة حسنة، وأخرجه ابن ماجه (1718)، والنسائي 4/ 172 و 173، وهو في "المسند"(7990) من طريق آخر صحيح.
وَحَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قَال: حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بن موسى، عن سُفيانَ، عن سُهَيْلِ بن أبي صالحٍ، عن النُّعْمانِ بن أبي عَيَّاشٍ الزُّرَقيِّ
عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَصُومُ عَبْدٌ يَوْمًا في سَبيلِ اللهِ إلَّا باعدَ ذلك اليومُ النَّارَ عن وَجْههِ سَبْعينَ خَرِيفًا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1718 -
حَدَّثَنا زِيادُ بن أيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، قال: أخْبرنا الوَليدُ بن جَمِيلٍ، عن القاسمِ أبي عَبد الرحمنِ
عن أبي أُمامةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من صَامَ يَوْمًا في سَبِيلِ اللهِ، جَعلَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدقًا كما بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ"
(2)
.
هذا حديثٌ غريبٌ من حديثِ أبي أُمامةَ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2840)، ومسلم (1153)، وابن ماجه (1717)، والنسائي 4/ 172 - 173 و 173 و 174، وهو في "المسند"(11210).
(2)
إسناده حسن، وأخرجه الطبراني فى "الكبير"(7921)، وابن عدي 7/ 2543، وابن الشجري في "أماليه" 2/ 35.
وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند الطبراني في "الصغير"(449)، وفي "الأوسط"(3598)، وإسناده ضعيف.
وانظر الحديثين السالفين.
4 - باب ما جاء في فَضْلِ النَّفَقةِ في سَبيلِ اللهِ
1719 -
حَدَّثَنا أبو كُرَيْبٍ، قَال: حَدَّثَنا حُسَيْنٌ الجُعْفيُّ، عن زَائِدةَ، عن الرُّكَيْنِ بن الرَّبِيعِ، عن أبيهِ، عن يُسَيْرِ بن عُمَيْلةَ
عن خُرَيْمِ بن فَاتكٍ، قَال: قَال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من أنْفقَ نَفقةً في سَبِيلِ اللهِ، كُتِبتْ لهُ بِسَبْعِ مئةِ ضِعْفٍ"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ، إنَّما نَعْرفهُ من حديثِ الرُّكَيْنِ بن الرَّبِيعِ.
5 - باب ما جاء في فَضْلِ الخِدْمةِ في سَبِيلِ اللهِ
1720 -
حَدَّثَنا محمدُ بن رافعٍ، حَدَّثَنا زَيْدُ بن حُبابٍ، حَدَّثَنا مُعاويةُ بن صَالحٍ، عن كَثِيرِ بن الحارثِ، عن القاسمِ أبي عَبد الرحمنِ
عن عَدِيِّ بن حَاتمٍ الطَّائيِّ: أنَّهُ سَألَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أىُّ الصَّدقةِ أفْضلُ؟ قال: "خِدْمةُ عَبْدٍ في سَبِيلِ اللهِ، أوْ ظِلُّ فُسْطاطٍ، أوْ طَرُوقةُ فَحْلٍ في سَبيلِ اللهِ"
(2)
.
وقد رُوِي عن مُعاويةَ بن صَالحٍ هذا الحديثُ مُرْسلًا وَخُولِفَ
(1)
حديث حسن، وأخرجه النسائي 6/ 49، وهو في "المسند"(19036)، و"صحيح ابن حبان"(4647).
(2)
حسن، وهو عند المصنف في "العلل الكبير" 2/ 700، وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (255)، وفي "الأوسط"(3320)، والحاكم 2/ 90 - 91 من طريق كثير بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي، عن عدي بن حاتم.
زَيْدٌ في بَعْضِ إسْنادهِ.
وَرَوَى الوَليدُ بن جَمِيلٍ هذا الحديثَ عن القاسمِ أبي عَبد الرحمنِ، عن أبي أُمامةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1721 -
حَدَّثَنا بذلكَ زِيادُ بن أيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، أخْبرنا الوَليدُ بن جَمِيلٍ، عن القاسمِ أبي عَبد الرحمنِ
عن أبي أُمامةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أفْضلُ الصَّدقاتِ ظِلُّ فُسْطاطٍ في سَبِيلِ اللهِ، وَمَنيحةُ خادِمٍ في سَبيلِ اللهِ، أوْ طَرُوقةُ فَحْلٍ في سَبِيلِ الله"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ صحيحٌ، وهو أصَحُّ عِنْدِي مِن حديثِ مُعاويةَ بن صَالحٍ.
6 - باب ما جاء فيمن جَهَّزَ غَازِيًا
1722 -
حَدَّثَنا أبو زَكَرِيَّا يحيى بن دُرُسْتَ، حَدَّثَنا أبو إسماعيلَ، حَدَّثَنا يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلمةَ، عن بُسْرِ بن سَعيدٍ
عن زَيْدِ بن خَالدٍ الجُهَنيِّ، عن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "من جَهَّزَ غازِيًا في سَبِيلِ اللهِ، فقد غَزَا، ومن خَلفَ غازِيًا في أهْلهِ، فقد
(1)
إسناده حسن، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7916)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 2543، وهو في "مسند أحمد" (22321) غير أن ابن عدي قال في روايته:"من صام يومًا في سبيل الله، بدل قوله: "ظل فسطاط في سبيل الله".
غَزَا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوِي من غَيْرِ هذا الوَجْهِ.
1723 -
حَدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، حَدَّثَنا سُفيانُ، عن ابن أبي لَيْلى، عن عَطاءٍ
عن زَيْدِ بن خَالدٍ الجُهَنيِّ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من جَهَّزَ غازِيًا في سَبيلِ اللهِ، أوْ خَلفهُ في أهْلهِ، فقد غَزَا"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ
(3)
.
1724 -
حَدَّثنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، حدَّثَنا عبدُ الملك بنُ أبي سُليمان، عن عطاءٍ، عن زَيد بن خالدٍ الجُهنيِّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
(4)
.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2843)، ومسلم (1895)، وأبو داود (2509)، وابن ماجه (2759)، والنسائي 6/ 46، وهو في "مسند أحمد" (17033) و (17039) و"صحيح ابن حبان" (4630) و (4631) و (4632) و (4633) وليس عند ابن ماجه: "ومن خلف غازيًا
…
" وعند أحمد في الموضع الأول زيادة.
(2)
صحيح بالطريق السالفة، وهذا سند ضعيف لسوء حفظ ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن -.
(3)
زاد في "تحفة الأشراف": صحيح، وليست في شيء من أصولنا الخطية، ولا في نسخة العراقي ولا في نسخة المباركفوري.
(4)
هذا الحديث أثبتناه من نسخة بهامش (ظ)، وشرح المباركفوري. ولم يرد في سائر أصولنا الخطية. وقد أشار المزي في "تحفة الأشراف" 3/ 240 وكذا العراقي في "شرحه" على الترمذي أن هذا الحديث في رواية أبي حامد أحمد بن =
1725 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنا حَرْبُ بن شَدَّادٍ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلمةَ، عن بُسْرِ بن سَعيدٍ
عن زَيْدِ بن خَالدٍ الجُهَنيِّ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من جَهَّزَ غازِيًا في سَبِيلِ اللهِ، فقد غَزَا"
(1)
(2)
.
هذا حديثٌ
(3)
صحيحٌ.
7 - باب من اغْبرَّتْ قَدَماهُ في سَبِيلِ اللهِ
1726 -
حَدَّثَنا أبو عَمَّارٍ، حَدَّثَنا الوَليدُ بن مُسْلمٍ
عن يَزِيدَ بن أبي مَرْيمَ، قال: لَحِقَني عَبايةُ بن رِفَاعةَ بن رَافعٍ وَأنا ماشٍ إلى الجُمُعَةِ، قال: أبْشِرْ فَإنَّ خُطاكَ هذه في سَبِيلِ اللهِ، سَمِعتُ أبا عَبْسٍ يقولُ: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من اغْبرَّتْ قَدماهُ في سَبِيلِ اللهِ، فَهُما حَرامٌ على النَّارِ"
(4)
.
= عبد الله بن داود التاجر المروزي، عن أبي عيسى الترمذي، وليس في رواية المحبوبي عنه.
(1)
زاد في المطبوع بعده في متن الحديث: "ومن خلَف غازيًا في أهله فقد غزا" وليست في شيء من أصولنا الخطية، ولا في نسخة الحافظ العراقي، ولا في نسخة المباركفوري!
(2)
إسناده صحيح، وانظر (1722).
(3)
زاد في المطبوع و"تحفة الأشراف": حسنٌ، وليست في شيء من أصولنا الخطية، ولا في نسخة الحافظ العراقي.
(4)
صحيح، وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث عند غير الترمذي. وأخرجه البخاري (907)، والنسائي 6/ 14، وهو في "مسند أحمد"(15935)، و"صحيح =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ
(1)
.
وأبو عَبْسٍ اسْمهُ: عَبد الرحمنِ بن جَبْر.
وفي البابِ عن أبي بكرٍ، وَرَجُلٍ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَيَزِيدُ بن أبي مَرْيمَ: هو رَجُلٌ شَاميٌّ رَوَى عَنْهُ الوليدُ بن مُسْلمٍ ويحيى بن حَمْزةَ وَغَيْرُ واحدٍ من أهْلِ الشَّامِ. وَبُرَيد بن أبي مَرْيمَ كُوفيٌّ
(2)
، أبوه من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاسْمهُ: مَالكُ بن رَبِيعة، سمع من أنس بن مالكٍ. وروى عن بُريد بنِ أبي مريم: أبو إسحاقَ الهمْداني، وعطاء بن السائب، ويونس بنُ أبي إسحاقَ، وشعبةُ أحاديث
(3)
.
8 - باب ما جاء في فَضْلِ الغُبارِ في سَبيلِ الله
1727 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، حَدَّثَنا ابن المُبارَكِ، عن عَبد الرحمنِ بن عَبد اللهِ
= ابن حبان" (4605).
(1)
قوله: "غريب" لم يَرد في "تحفة الأشراف" ولم يذكره المنذري في "الترغيب والترهيب"، والمثبت من المطبوع والأصول الخطية، ونسختي العراقي والمباركفوري.
(2)
نسبته "كوفي" منقول عن يحيى بن معين من رواية ابن أبي خيثمة عنه، وكذا قال العجلي في "ثقاته" لكن نسَبَه البخاري والدارقطني وغيرهما إلى البصرة، وكذا جاء في جُلِّ مصادر ترجمته، وجاء في "تهذيب التهذيب" أن أباه سكن الكوفة، فلعله كان في أول الأمر مع أبيه ثم انتقل إلى البصرة، وانظر "الإكمال" لابن ماكولا، و"تهذيب الكمال"، و"خلاصة" الخزرجي.
(3)
من قوله: "سمع من أنس" إلى هنا أثبتناه من شرح الحافظ العراقي، ولم يرد في أصولنا الخطية.
المَسْعُودِيِّ، عن محمدِ بن عَبد الرحمنِ، عن عيسى بن طَلْحةَ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَلجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكى من خَشْيةِ اللهِ، حتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، ولا يَجْتَمعُ غُبارٌ في سَبيلِ اللهِ وَدُخانُ جَهنَّمَ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَمحمدُ بن عَبد الرحمنِ هو: مَوْلى آل طَلْحةَ مَدينيٌّ.
9 - باب ما جاء من شَابَ شَيْبةً في سَبِيلِ اللهِ
1728 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن الأعْمَشِ، عن عَمْرو بن مُرَّةَ، عن سَالمِ بن أبي الجَعْدِ، أنَّ شُرَحْبِيلَ بن السِّمْطِ، قال:
يا كَعْبَ بنَ مُرَّةَ، حَدَّثْنا عن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاحْذَرْ، قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "من شَابَ شَيْبةً في الإسْلامِ، كانَتْ لهُ نُورًا يَوْمَ القِيامَةِ"
(2)
.
(1)
صحيح، وأخرجه بتمامه ومختصرًا ابن ماجه (2774)، والنسائي 6/ 12 و 12 - 13 و 13 و 13 - 14 و 14، وهو في "مسند أحمد"(7480) و (10560)، و"صحيح ابن حبان"(4606) و (4607).
(2)
صحيح لغيره، وأخرجه النسائي 6/ 27، وهو في "مسند أحمد" ضمن الحديث (18064).
ويشهد له حديث عمرو بن عَبَسة الآتي بعده. وهو عِند أحمد في "مسنده"(17022) وإسناده عنده صحيح على شرط مسلم.
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، عند أحمد (6672)، وانظر تتمة شواهده عنده.
وفي البابِ عن فَضالةَ بن عُبَيْدٍ، وَعَبد اللهِ بن عَمْرٍو.
حديثُ كَعْبِ بن مُرَّةَ حديث حسن، هكذا رَواهُ الأعْمَشُ عن عَمْرِو بن مُرَّةَ، وقد رُوِي هذا الحديثُ عن مَنْصُورٍ، عن سَالمِ بن أبي الجَعْدِ، وَأدْخَلَ بَيْنهُ وَبَيْنَ كَعْبِ بن مُرَّةَ في الإسْنادِ رَجُلًا.
ويُقالُ: كَعْبُ بن مُرَّةَ، وَيُقالُ: مُرَّةُ بن كَعْبٍ، البَهْزِيُّ، والمعروف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مُرَّةُ بن كعب البَهْزي، وقد رَوَى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أحَاديثَ.
1729 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن مَنْصُورٍ، أخْبرنا حَيْوةُ بن شُرَيْحٍ، عن بَقِيَّةَ، عن بَحِيرِ بن سَعْدٍ، عن خَالدِ بن مَعْدانَ، عن كَثِيرِ بن مُرَّة الحَضْرميّ
عن عَمْرِو بنِ عَبَسةَ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"من شَابَ شَيْبةً في سَبِيلِ الله، كانَتْ لهُ نُورًا يَوْمَ القِيامَةِ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ.
وَحَيْوةُ بن شُرَيْحٍ هو: ابن يَزِيدَ الحِمْصِيُّ.
10 - باب ما جاء من ارْتَبطَ فَرسًا في سَبِيلِ اللهِ
1730 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا عَبد العزِيزِ بن محمدٍ، عن سُهَيْلِ بن أبي صَالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ في
(1)
صحيح، وأخرجه النسائي 6/ 26 و 27 - 28، وهو في "المسند"(17020) و (17022)، و"صحيح ابن حبان"(2984).
نَوَاصِيها الخَيْرُ إلى يَوْمِ القِيامةِ، الخَيْلُ لِثلاثةٍ: هي لِرَجُلٍ أجْرٌ، وَهي لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَهي على رَجُلٍ وِزْرٌ: فأمَّا الَّذِي هي له أجْرٌ، فالّذي يتَّخِذُها في سَبيلِ الله، فَيُعِدُّها لهُ هي لهُ أجْرٌ، ولا تُغَيِّبُ في بُطُونِها شَيئًا إلَّا كَتبَ اللهُ لهُ أجْرًا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رَوَى مالكٌ، عن زَيْدِ بن أسْلمَ، عن أبي صَالحٍ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوَ هذا الحديث.
11 - باب ما جاء في فَضْلِ الرَّمْي في سَبِيلِ اللهِ
1731 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، أخْبرنا محمدُ بن إسحاقَ
عن عَبد اللهِ بن عَبد الرحمنِ بن أبي حُسَيْنٍ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ اللهَ لَيُدْخِلُ بالسَّهْمِ الوَاحدِ ثَلاثةً الجَنّةَ: صانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتهِ الخَيْرَ، والرَّامِيَ بهِ، والمُمِدَّ بهِ". وقال: "ارْموا وارْكَبُوا، ولأَنْ تَرْمُوا أحَبُّ إليَّ من أنْ تَرْكَبُوا، كُلُّ ما يَلْهُو بهِ الرَّجُلُ المُسْلمُ باطلٌ إلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسهِ، وَتأْدِيبَهُ فَرسَهُ، وَمُلاعَبَتهُ أهْلهُ، فإنَّهُنَّ من الحَقِّ"
(2)
.
(1)
صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (2371)، ومسلم (987)، وابن ماجه (2788)، والنسائي 6/ 216 - 215 و 216 - 217، وهو في "المسند"(7563) و"صحيح ابن حبان"(4671) و (4672).
(2)
حديث حسن لغيره، وهذا إسناد مرسل، محمد بن إسحاق تابعه =
1732 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيع، حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، أخْبرنا هِشامٌ الدَّسْتُوائيُّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلَّامٍ، عن عَبد اللهِ بن الأزْرَقِ، عن عقْبةَ بن عَامرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلهُ
(1)
.
وفي البابِ عن كَعْبِ بن مُرَّة وَعَمْرِو بن عَبَسةَ وَعَبد اللهِ بن عَمْرٍو.
= محمدُ بن عجلان فيما نقل ابن أبي حاتم الرازي في "العلل" 1/ 302 عن أبيه وأبي زرعة الرازي.
وأخرج سعيد بن منصور في "سننه"(2454) عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي حسين، عن رجل، عن جابر بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل لهو لها به المؤمن باطل
…
" وهذا مرسل أيضًا.
وانظر ما بعده.
(1)
حسن بمجموع طرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن الأزرق.
وأخرجه أبو داود (2513)، وابن ماجه (2811)، والنسائي 6/ 28 و 222 - 223، وهو في "مسند أحمد"(17300)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (295).
ويشهد له بتمامه ما رواه سعيد بن منصور في "سننه"(2451) عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن يحيى بن أبي كثير رفعه
…
الحديث، قلنا: ورجاله ثقات، لكنه مرسل؛ ويشهد لقوله: "إن الله ليدخل بالسهم الواحد
…
" حديث أبي هريرة عند الخطيب في "تاريخه" 3/ 128 و 6/ 367.
ويشهد لقوله: "كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل
…
" حديث جابر بن عمير أو جابر بن عبد الله عند النسائي في "الكبرى" (8938) و (8939) و (8940)، وانظر تتمة تخريجه في "المسند" عند حديث عقبة (17300)، وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب" 2/ 170، وصححه ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة جابر بن عمير.
وقوله: باطل، أي: ليس له نتيجة.
هذا حديثٌ حَسَنٌ
(1)
.
1733 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنا مُعاذُ بن هِشامٍ، عن أبيهِ، عن قَتادةَ، عن سَالمِ بن أبي الجَعْدِ، عن مَعْدانَ بن أبي طَلْحةَ
عن أبي نَجِيحٍ السُّلَميِّ، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "من رَمَى بِسَهْمٍ في سَبِيلِ اللهِ، فَهو لهُ عَدْلُ مُحَرَّرٍ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(3)
.
وأبو نَجِيحٍ هو: عَمْرُو بن عَبَسةَ السُّلَميُّ
(4)
.
12 - باب ما جاء في فَضْلِ الحَرَسِ في سَبِيلِ اللهِ
1734 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بن عَليٍّ
(5)
الجَهْضَميُّ، حَدَّثَنا بِشْرُ بن عُمرَ، حَدَّثَنا
(1)
جاء في المطبوع: حسن صحيح، والمثبت من أصولنا الخطية ونسختي الحافظ العراقي والمباركفوري.
(2)
صحيح، وأخرجه أبو داود (3965)، وابن ماجه (2812) والنسائي 6/ 26 و 26 - 27 و 27 - 28، وهو عند أحمد (17022)، وصححه ابن حبان (4615)، ولفظه عند أبي داود والنسائي في بعض مواضعه وابن حبان:"من بلغ بسهم في سبيل الله فله درجة" زاد النسائي وابن حبان: "في الجنة"، والحديث عند بعضهم مطوَّل، وانظر تتمة تخريجه في "المسند".
(3)
في المطبوع اقتصر على قوله: صحيح، وما أثبتناه من أصولنا الخطية، ونسختي الحافظ العراقي والمباركفوري، ومن "تحفة الأشراف".
(4)
زاد في المطبوع ونسخة المباركفوري: وعبد الله بن الأزرق: هو عبد الله بن زيد.
(5)
المثبت من أصولنا الخطية ومن نسختي العراقي والمباركفوري، ومن =
شُعَيْبُ بن رُزَيْقٍ أبو شَيْبةَ، حَدَّثَنا عَطاءٌ الخُراسانيُّ، عن عَطَاءِ بن أبي رَباح
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "عَيْنانِ لا تَمسُهُما النَّارُ: عَيْنٌ بَكتْ من خَشْيةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتتْ تَحْرُسُ في سَبِيلِ اللهِ"
(1)
.
= "تحفة الأشراف" 5/ 93، و"تهذيب الكمال" 12/ 525 لكن جاء اسم شيخ الترمذي في "علله الكبير" 2/ 704، وفي نسخة في هامش (ظ): علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ابن الذي أثبتنا اسمه، وكلاهما شيخٌ للترمذي، فالله تعالى أعلم!
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لأن شعيب بن رزيق الشامي - وإن كان صدوقًا حسن الحديث - روايته عن عطاء الخراساني غير معتبرة، كما قال ابن حبان.
وهو عند المصنف في "العلل الكبير" 2/ 704 - 705، وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(146)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 209، والبيهقي في "شعب الإيمان"(796)، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة شعيب بن رزيق 12/ 525 من طريق بشر بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(2427)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(320) من طريق عمر بن هارون البلخي، عن عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، عن العباس بن عبد المطلب
…
الحديث، قلنا: فيه عمر بن هارون البلخي وعثمان بن عطاء وهما متروكا الحديث.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 2212 من طريق محمد بن أبي الزعيزعة، عن عطاء بن أبي رباح، عن الفضل بن عباس
…
الحديث، قلنا: وابن أبي الزعيزعة منكر الحديث. =
وفي البابِ عن عُثمانَ، وأبي رَيْحانةَ.
حديثُ ابن عَبَّاسٍ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلَّا من حديثِ شُعَيْبِ بن رُزَيْقٍ.
13 - باب ما جاء في ثَوابِ الشَّهيد
1735 -
حَدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، حَدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن عَمْرِو بن دِينارٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن ابن كَعْبِ بن مالكٍ
عن أبيهِ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ أرْواحَ الشُّهَداءِ في طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ من ثَمر الجَنَّةِ، أوْ شَجرِ الجَنّةِ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
= ويشهد له حديث أبي هريرة عند أحمد (10560) بلفظ: "لا يلج النار أحدٌ بكى من خشية الله، حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبارٌ في سبيل الله ودخان جهنم في مَنخِري امرئ أبدًا" وإسناده صحيح.
وحديث أبي ريحانة عند أحمد (17213)، وانظر تتمة شواهده في "المسند" عند حديث أبي ريحانة (17213) وحديث أبي هريرة (7480) و (10560).
(1)
إسناده صحيح إلا أن ابن عيينة تفرد بهذا اللفظ "الشهداء"، والثقات من الرواة غيره رووه بلفظ "المسلم" أو "المؤمن"، وهذه في "المسند"(27166). ورواه الحميدي (873) عن سفيان، عن عمرو بن دينار، به بلفظ "إن نسمة المؤمن".
وأخرجه بلفظ "المؤمن" أو "نسمة المؤمن" ابن ماجه (1449) و (4271)، والنسائي 4/ 108، وهو في "مسند أحمد"(15776)، وصَحَّحَه ابن حبان (4657)، وانظر لزامًا ما علقناه عليه.
1736 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنا عُثمانُ بن عُمرَ، أخْبرنا عَليُّ بن المُباركِ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن عامرٍ العُقَيْليِّ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "عُرِضَ عَليَّ أوَّلُ ثَلاثةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ: شَهِيدٌ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ، وَعَبْدٌ أحْسَنَ عِبادةَ اللهِ، وَنَصَحَ لِمَواليهِ"
(1)
.
(1)
ضعيف، عامر العقيلي - وهو ابن عقبة - هو وأبوه مجهولان كما قال الذهبي.
وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد"(46)، والطيالسي (2567)، وابن أبي شيبة شيبة 5/ 296 و 14/ 124، وعبد بن حميد (1446)، وابن خزيمة (2249)، والحاكم 1/ 387، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(80)، والبيهقي 4/ 82 وأحمد بن عبد الواحد المقدسي في "فضل الجهاد والمجاهدين"(12)، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عامر العقيلي 14/ 71 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد - وسقط اسم أبي عامر العقيلي من مطبوع "الجهاد" لابن المبارك، والحديث عند بعضهم مطوّل.
وأخرجه ابن عدي 4/ 1429 من طريق طلحة بن زيد، عن الخليل بن مرة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وإسناده ضعيف جدًا.
وهو في "مسند أحمد"(9492) و (10205)، وصححه ابن حبان (4312) والحديث عند أحمد مطوّل.
وقد صح من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "ثلاث كلهم حق على الله عونه: المجاهد في سبيل الله، والناكح المستعفف، والمكاتب يريد الأداء"، أخرجه ابن ماجه (2518)، والنسائي 6/ 15 - 16 و 61، وسيأتي عند المصنف (1750)، وهو في "مسند أحمد"(7416)، و"صحيح ابن حبان"(4030)، وصح بلفظ آخر عند الحميدي (1090).
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
1737 -
حَدَّثَنا يحيى بن طَلْحةَ الكُوفيُّ، حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بن عَيَّاشٍ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "القَتْلُ في سَبِيلِ اللهِ يُكَفِّرُ كُلَّ خَطِيئَةٍ، فقال جِبْريلُ: إلَّا الدَّيْنَ"، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إلَّا الدَّيْنَ"
(1)
.
وفي البابِ عن كَعْبِ بن عُجْرةَ، وَجَابرٍ، وأبي هُريرةَ، وأبي قَتادةَ.
وحديث أنس حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفهُ من حديثِ أبي بكْرٍ إلَّا من حديثِ هذا الشَّيْخِ.
وَسَألْتُ محمدَ بن إسماعيلَ عن هذا الحديثِ فلم يَعْرِفهُ، وقال: أُرَى أنّهُ أرَادَ حديثَ حُمَيْدٍ، عن أنَسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال:"لَيْسَ أحدٌ من أهْلِ الجَنّةِ يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنْيا إلَّا الشَّهِيدُ".
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يحيى بن طلحة الكوفي.
وهو عند المصنف في "علله الكبير" 2/ 707.
ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، عند أحمد في "مسنده"(7051)، ولفظه:"يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّين"، وإسناده صحيح على شرط مسلم، وانظر تتمة شواهده عنده.
1738 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، أخْبرنا إسماعيلُ بن جَعْفرٍ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أنَّهُ قال:"ما من عَبْدٍ يَمُوتُ لهُ عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ، يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنْيا، وإنَّ لهُ الدُّنْيا وَما فيها، إلَّا الشَّهِيدُ لِمَا يَرَى من فَضْلِ الشَّهادةِ، فإنَّهُ يُحِبُّ أنْ يَرْجعَ إلى الدُّنْيا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرى"
(1)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(2)
.
14 - باب ما جاء في فَضْلِ الشُّهدَاءِ عِنْدَ اللهِ
1739 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، حَدَّثَنا ابن لَهِيعةَ، عن عَطاءِ بن دِينارٍ، عن أبي يَزِيدَ الخَوْلانيِّ أنَّهُ سَمِعَ فَضالةَ بن عُبَيْدٍ يقولُ:
سَمِعتُ عُمرَ بن الخَطَّابِ يقولُ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "الشُّهدَاءُ أرْبعةٌ: رَجُلٌ مُؤْمنٌ جَيِّدُ الإيمانِ، لَقِي العَدُوَّ فَصدَقَ اللهَ حتَّى قُتِلَ، فَذاكَ الذي يَرْفعُ النَّاسُ إلَيْهِ أعْيُنَهُمْ يَوْمَ القِيامةِ هكذا"، وَرَفعَ رَأْسهُ حتَّى وَقَعتْ قَلنْسُوتهُ، فَما
(3)
أدْري أقَلنْسُوةَ عُمرَ أرَادَ أمْ قَلنْسُوةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "وَرَجُلٌ مُؤْمنٌ جَيِّدُ الإيمانِ، لَقِي العَدُوَّ
(1)
صحيح، وأخرجه البخاري (2795)، ومسلم (1877)، والنسائي 6/ 36، وهو في "المسند"(12003) و (13964)، و"صحيح ابن حبان"(4661) و (4662).
(2)
جاء في المطبوع ونسخة المباركفوري: حسن صحيح، وزاد في المطبوع: قال ابن أبي عمر: قال سفيان بن عيينة، كان عمرو بن دينار أسَنّ من الزهري.
(3)
في (ب) و (س): "فلا".
فكأنَّما ضُرِبَ جِلْدُهُ بِشَوْكِ طلْحٍ
(1)
من الجُبْنِ، أتاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فقتلهُ فهو في الدَّرجَةِ الثَّانيةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمنٌ خَلطَ عَملًا صَالحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، لَقِي العَدُوَّ، فَصدَقَ الله حتَّى قُتلَ، فذاكَ في الدَّرَجةِ الثَّالِثةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمنٌ أسْرف على نَفْسهِ، لَقِي العَدُوَّ، فَصدَقَ اللهَ حتَّى قُتلَ، فَذاكَ في الدَّرَجَةِ الرَّابِعةِ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفهُ
(3)
إلَّا من حديثِ عَطاءِ بن دِينارٍ.
سَمِعتُ محمدًا يَقولُ: قد رَوَى سَعيدُ بن أبي أيُّوبَ هذا الحديثَ عن عَطاءِ بن دِينارٍ، عن أشْياخٍ من خَوْلانَ، ولم يَذْكُرْ فيهِ
(1)
الطّلح: شجرة حجازية، جَناتُها كجناة السَّمُرة، ولها شوك أحْجَن، ومَنابتُها بطون الأودية، وهي أعظمُ العِضاه شوكًا، وأصلبُها عودًا، وأجودها صمغًا. قاله في "اللسان".
(2)
إسناده ضعيف لجهالة أبي يزيد الخولاني - وهو الكبير -، فلم يسمع منه غير عطاء بن دينار، وقد تابع ابنَ لَهيعة سعيدُ بن أبي أيوب عند البخاري في "تاريخه" قسم الكنى (783)، غير أنه قال: عن أشياخ من خولان.
وهو في "المسند"(146) و (150) إلا أنه في الموضع الأول قال: "الشهداء ثلاثة
…
الحديث" وانظر تمام تخريجه فيه.
ويشهد للقسم الأول والرابع من الشهداء حديث عتبة بن عَبْد السُّلَمي عند أحمد في "المسند"(17657) وهو حسن في الشواهد.
وللقسم الأول من الشهداء حديث نعيم بن همار عند أحمد في "المسند"(22476) وإسناده قوي.
(3)
في (ب) و (س)(ظ): لا يُعرف. وفي هامش (ظ) كالمثبت من (أ) و (د).
عن أبي يَزِيدَ، وقال: عَطاءُ بن دِينارٍ لَيْسَ بهِ بَأْسٌ.
15 - باب ما جاء في غَزْوِ البَحْرِ
1740 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن موسى الأنْصارِيُّ، حَدَّثَنا مَعْنٌ، حَدَّثَنا مالكٌ، عن إسحاقَ بن عَبد اللهِ بن أبي طَلْحةَ
عن أنَسٍ أنَّهُ سَمِعهُ يقولُ: كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ على أُمِّ حَرامٍ بِنْتِ مِلْحانَ، فَتُطْعِمهُ، وَكانَتْ أُمُّ حَرامٍ تَحْتَ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ، فَدخلَ عَليْها رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فأطْعمَتْهُ، وَحَبَستْهُ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنامَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ اسْتَيقظَ وهو يَضْحكُ، قالت: فَقُلْتُ: ما يُضْحِكُكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: "ناسٌ من أُمَّتي عُرِضُوا عَليَّ غُزَاةً في سَبيلِ اللهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ
(1)
هذا البَحْرِ، مُلُوكٌ على الأسِرَّةِ أوْ مِثْلُ المُلُوكِ على الأسِرَّةِ". قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلني مِنْهُمْ، فَدعَا لهَا، ثُمَّ وَضعَ رَأسهُ فَنامَ ثُمَّ اسْتَيْقظَ وهو يَضْحكُ، فَقُلْتُ له: ماذا يُضْحِككَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: "ناسٌ من أُمَّتي عُرِضُوا عَليَّ غُزاةً في سَبيلِ اللهِ". نحو ما قال في الأوَّلِ، قالت: فَقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ ادْع اللهَ أنْ يَجْعلني مِنْهُمْ، قال:"أنْتِ من الأوَّلِينَ". فَركِبتْ أُمُّ حَرامٍ البَحْرَ في زَمانِ مُعاويةَ بن أبي سُفيانَ، فَصُرِعتْ عن دَابَّتِها حِينَ خَرجتْ من البَحْرِ فَهَلكتْ
(2)
.
(1)
الثَّبَج: قال في "القاموس": محركة، ما بين الكاهل إلى الظهر، ووسط الشيء ومعظمه.
(2)
صحيح، وأخرجه البخاري (2788)، ومسلم (1912)، وأبو داود (2491) =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وَأُمُّ حَرامٍ بِنْتُ مِلْحانَ: هي أُخْتُ أُمِّ سُليْمٍ، وهي خَالةُ أنَسِ بن مالكٍ.
16 - باب ما جاء مَنْ يُقاتِلُ رِيَاءً وَلِلدُّنْيا
1741 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، قَال: حَدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن الأعْمَشِ، عن شَقِيقٍ
عن أبي موسى، قال: سُئِلَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الرَّجُلِ يُقاتلُ شجاعةً، ويُقاتلُ حَمِيَّةً، وَيُقاتلُ رِيَاءً، فَأيُّ ذلكَ في سَبيلِ اللهِ؟ قال:"من قَاتلَ لِتكُونَ كَلمةُ اللهِ هي العُلْيا، فهو في سَبِيلِ اللهِ"
(1)
.
وفي البابِ عن عُمرَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1742 -
حَدَّثَنا محمدُ بن المُثَنَّى، حَدَّثَنا عَبد الوهَّابِ الثَّقَفيُّ، عن يحيى بن سَعيدٍ، عن محمدِ بن إبراهيمَ، عن عَلْقمةَ بن وَقَّاصٍ اللَّيْثيِّ
= والنسائي 6/ 40 - 41، وهو في "المسند"(13520) و (13790)، و"صحيح ابن حبان"(6667).
وأخرجه البخاري (2799) و (2894) و (2924)، ومسلم (1912)، وأبو داود (2490) و (2492) و (2493)، وابن ماجه (2776)، والنسائي 6/ 41 - 42، من حديث أمّ حرام نفسها، وهو في "المسند"(27032) و"صحيح ابن حبان"(4608).
(1)
صحيح، وأخرجه البخاري (123)، ومسلم (1904)، وأبو داود (2517) و (2518)، وابن ماجه (2783)، والنسائي 6/ 23، وهو في "مسند أحمد"(19493)، وصححه ابن حبان (4636).
عن عُمرَ بن الخَطَّابِ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيَّةِ، وَإنَّما لامْرِئٍ ما نَوَى، فَمنْ كَانتْ هِجْرتهُ إلى اللهِ وَإلى رَسولهِ، فَهِجْرتهُ إلى اللهِ وإلى رَسولهِ، ومن كانَتْ هِجْرتهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها أوِ امْرأةٍ يَتزوَّجُها، فَهِجْرتهُ إلى ما هاجرَ إلَيْهِ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(2)
، وقد رَوَى مَالكُ بن أنَسٍ وَسُفيانُ الثّوْرِيُّ وَغَيْرُ واحدٍ من الأئمّةِ هذا عن يحيى بن سَعيدٍ، ولا نَعْرِفهُ إلَّا مِن حديثِ يحيى بن سَعيدٍ.
قال عبدُ الرحمن بنُ مَهْديِّ: ينبغي أن يُوضع هذا الحديث في كلِّ باب.
17 - باب في الغُدُوِّ والرَّواحِ في سَبِيلِ اللهِ
1743 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، حَدَّثَنا إسماعيلُ بن جَعْفرٍ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لَغَدْوةٌ في سَبِيلِ اللهِ، أوْ رَوْحةٌ خَيْرٌ من الدُّنْيا وَما فيها، وَلَقابُ قَوْسِ أحَدِكُمْ أوْ مَوْضعُ يَدهِ
(3)
في الجَنَّةِ خَيْرٌ من الدُّنْيا وَما فيها، وَلو أنَّ امْرَأةً من نِسَاءِ
(1)
صحيح، وأخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201)، وابن ماجه (4227)، والنسائي 1/ 58 و 6/ 158 و 7/ 13، وهو في "مسند أحمد"(168)، و"صحيح ابن حبان"(388) و (389).
(2)
في (ب) وحدها: صحيح.
(3)
كذا في سائر أصولنا الخطية: "موضع يده"، وقد ضُبِّب على "يده" فيها جميعًا، وجاء في هامش (ب) و (ظ): كذا في الرواية، والصواب: موضع قِدِّه، =
أهْلِ الجَنَّةِ اطّلعَتْ إلى الأرْضِ، لأضَاءَتْ ما بَيْنهُما، وَلَملأَتْ ما بَيْنهُما رِيحًا وَلَنَصِيفُها
(1)
على رَأْسِها خَيْرٌ من الدُّنْيا وَما فِيها"
(2)
.
هذا حديث صحيح.
1744 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، حَدَّثَنا العَطَّافُ بن خَالدٍ المَخْزُوميُّ، عن أبي حَازمٍ
عن سَهْلِ بن سَعْدٍ السَّاعِديِّ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "غَدْوةٌ في سَبيلِ اللهِ خَيْرٌ من الدُّنْيا وَما فِيها، وَمَوْضعُ سَوْطٍ في الجَنَّةِ خَيْرٌ منَ الدُّنيا وما فِيها"
(3)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وابن عَبَّاسٍ، وأبي أيُّوبَ، وَأنَسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1745 -
حَدَّثَنا أبو سَعيدٍ الأشَجُّ، حَدَّثَنا أبو خَالدٍ الأحْمَرُ، عن ابن عَجْلانَ، عن أبي حَازِمٍ
= يعني سَوطه، قلنا: وهو كذلك في هامش (د).
(1)
النصيف، قال في "القاموس": كأمير، الخمار والعمامة وكل ما غطَّى الرأس.
(2)
صحيح، وأخرجه البخاري (2792) و (2796)، ومسلم (1880)، وابن ماجه (2757)، وهو في "مسند أحمد"(12436)، وصححه ابن حبان (7398)، والحديث عند بعضهم مختصر.
(3)
صحيح، وأخرجه البخاري (2794) و (2892)، ومسلم (1881)، وابن ماجه (2756) و (4330)، والنسائي 6/ 15، وهو في "المسند"(15560) و (15563). والحديث عند بعضهم مختصر، وعند بعضهم مُقَطَّعٌ.
عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
والحَجَّاجُ، عن الحَكمِ، عن مِقْسمٍ
عن ابنِ عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"غَدْوةٌ في سَبِيلِ اللهِ أوْ رَوْحةٌ خَيْرٌ من الدُّنْيا وَما فِيها"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
وأبو حازم الذي روى عن سَهْل بن سَعد: هو أبو حازم الزاهد وهو مدنيٌّ، واسمه: سلمة بن دينار، وأبو حازمٍ الَّذِي روى عن أبي هُريرةَ: هو أبو حازم الأشجعيُّ الكُوفيُّ، اسْمهُ: سَلْمانُ، وهو مَوْلى عَزَّةَ الأشْجَعِيَّةِ.
(1)
حديث أبي هريرة صحيح، أخرجه البخاري (2793)، ومسلم (1882)، وابن ماجه (2755)، وهو في "مسند أحمد"(10883)، وعند البخاري ومسلم زيادة ليست في حديثنا.
وحديث ابن عباس صحيح لغيره بهذا اللفظ، وهذا إسناد ضعيف، لأن الحجاج - وهو ابن أرطاة - مدلس وقد عنعنه، على أن الحكم - وهو ابن عُتيبة - لم يسمعه من مِقسم مولى ابن عباس.
وأخرجه بهذا اللفظ الطيالسي (2699)، وابن أبي شيبة 5/ 284 و 14/ 512، وعبد بن حميد (654)، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(66) و (67)، وأبو يعلى (2506)، والطبراني في "الكبير"(12081)، وهو في "مسند أحمد"(2317) وعندهم جميعًا عدا أبي يعلى قصة في تأخُّر عبد الله بن رواحة عن جيش مؤتة ريثما يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ولا تصح، وانظر "المسند"(2317).
ويشهد له حديث أبي هريرة المخرج قبله.
1746 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ بن أسْباط بن محمدٍ، حَدَّثَنا أبي، عن هِشامِ بن سَعْدٍ، عن سَعيدِ بن أبي هِلالٍ، عن ابن أبي ذُبابٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: مَرَّ رَجُلٌ من أصْحَابِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشِعْبٍ فيهِ عُيينةٌ مِن ماءٍ عَذْبةٌ، فأعْجبتهُ لِطِيبها، فقال: لو اعْتَزلْتُ النَّاسَ، فأقَمْتُ في هذا الشِّعْبِ، وَلنْ أفْعلَ حتَّى أسْتأْذِنَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذكرَ ذلكَ لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: "لا تَفْعلْ، فَإنَّ مُقامَ أحَدكمُ في سَبِيلِ اللهِ أفْضلُ من صلاتهِ في بَيْتهِ سَبْعينَ
(1)
عَامًا، ألا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللهُ لكُمْ وَيُدْخِلَكُمُ الجَنَّةَ، اغْزُوا في سَبيلِ اللهِ، من قَاتلَ في سَبِيلِ اللهِ فَواقَ ناقةٍ، وَجَبتْ لهُ الجَنَّةُ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
18 - باب ما جاء أيُّ النَّاسِ خَيْرٌ
1747 -
حَدَّثَنا قُتيبة، حَدَّثَنا ابن لَهِيعةَ، عن ابن الأشَجِّ، عن عَطاءِ بن
(1)
كذا في أصولنا الخطية: سبعين، فلعل هذه هي رواية الترمذي، وفي مصادر تخريج الحديث: ستين، وهو الموافق لما روي عن غير واحد من الصحابة.
(2)
حسن، وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(135)، والبزار (1652 - كشف الأستار)، والحاكم 2/ 68، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 160 - 161، وفي "شعب الإيمان"(4230)، وهو في "مسند أحمد"(9762) من طريق هشام بن سعد، بهذا الإسناد - واقتصر ابن أبي عاصم على قوله:"من قاتل في سبيل الله فُواق ناقة فله الجنة" ولهذه القطعة شاهد صحيح من حديث معاذ بن جبل سيأتي برقم (1751).
يَسَارٍ
عن ابن عَبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ؟ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنانِ فَرسهِ في سَبيلِ اللهِ، ألا أُخْبرُكُمْ بالَّذِي يَتْلُوهُ؟ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ في غُنَيْمةٍ لهُ يُؤَدِّي حَقَّ اللهِ فِيها، ألا أُخْبرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ؟ رَجُلٌ يُسْألُ باللهِ ولا يُعْطي بهِ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ، وَيُرْوى هذا الحديثُ من غَيْرِ وَجْهٍ عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
19 - باب ما جاء فِيمَنْ سَألَ الشّهَادةَ
1748 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حَدَّثَنا رَوْحُ بن عُبادةَ، حَدَّثَنا ابن جُريْجٍ، عن سُليْمانَ بن موسى، عن مَالكِ بن يُخامِرَ السَّكْسَكيِّ
عن معُاذِ بن جَبلٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من سَألَ اللهَ القَتْلَ في سَبِيلهِ صَادِقًا من قَلْبهِ، أعْطاهُ اللهُ أجْرَ الشَّهيد"
(2)
.
هذا حديث حسن صحيح.
1749 -
حَدَّثَنا محمدُ بن سَهْلِ بن عَسْكرٍ، قَال: حَدَّثَنا القاسمُ بن كَثِيرٍ، حَدَّثَنا عَبدُ الرحمنِ بن شُرَيْحٍ، أنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بن أبي أمامةَ بن سَهْلِ
(1)
حديث صحيح وهذا سند حسن، وابن لهيعة متابع، وأخرجه النسائي 5/ 83 - 84، وهو عند أحمد في "مسنده"(1987) و (2116)، وصححه ابن حبان (604) و (605).
(2)
صحيح، وأخرجه بأطول مما هنا أبو داود (2541)، والنسائي 6/ 25 - 26. وهو في "المسند" (22014)، و"صحيح ابن حبان" (3191) مطولًا كذلك.
ابن حُنَيْفٍ يُحَدِّثُ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من سَألَ اللهَ الشّهادةَ من قَلْبهِ صَادِقًا، بَلَّغهُ اللهُ مَنازلَ الشُّهدَاءِ، وَإنْ مَاتَ على فِرَاشهِ"
(1)
.
هذا حديث حسن غريب من حديث سهْل بن حُنَيف، لا نَعْرِفهُ إلّا من حديثِ عَبد الرحمنِ بن شُرَيْحٍ، وقد رَواهُ عَبد اللهِ بن صالحٍ، عن عَبد الرحمنِ بن شُرَيْحٍ. وَعَبد الرحمن بن شُرَيْحٍ يُكْنى أبا شُرَيْحٍ، وهو إسْكَنْدرانيٌّ.
وفي البابِ عن مُعاذِ بن جَبلٍ.
20 - باب ما جاء في المُجاهِدِ والمُكاتَبِ والنَّاكحِ وَعَوْنِ اللهِ إيَّاهُمْ
1750 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، قَال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عن ابن عَجْلانَ، عن سَعيدٍ المَقْبُريِّ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ حَقٌّ على اللهِ عَوْنُهُمْ: المُجاهِدُ في سَبِيلِ اللهِ، والمُكاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأدَاءَ، والنَّاكِحُ الَّذِي يُريدُ العَفَافَ"
(2)
.
(1)
صحيح، وأخرجه مسلم (1909)، وأبو داود (1520)، وابن ماجه (2797)، والنسائي 6/ 36 - 37، وصححه ابن حبان (3192).
(2)
صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2518)، والنسائي 6/ 15 - 16 و 61، وهو في "المسند"(7416)، وصححه ابن حبان (4030).
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
1751 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حَدَّثَنا رَوْحُ بن عُبادةَ، حَدَّثَنا ابن جُرَيْجٍ، عن سُليْمانَ بن موسى، عن مَالكِ بن يُخامِرَ
عن مُعاذِ بن جَبَلٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"من قَاتلَ في سَبيلِ اللهِ من رَجُلٍ مُسْلمٍ فُواقَ ناقةٍ وَجَبتْ لهُ الجَنَّةُ، ومن جُرِحَ جُرْحًا في سَبيلِ الله، أوْ نُكِبَ نَكْبةً، فَإنَّها تَجيءُ يَوْمَ القِيامةِ كأغْزَرِ ما كَانتْ، لَوْنُها الزَّعْفَرانُ، وَرِيحُها كَالمِسْكِ"
(1)
.
هذا حديث صحيح.
21 - باب ما جاء في فضل من يُكْلَمُ في سَبِيلِ اللهِ
1752 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، حَدَّثَنا عَبد العزِيزِ بن محمدٍ، عن سُهَيْلِ بن أبي صَالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُكْلَمُ أحدٌ في سَبيلِ اللهِ - وَاللهُ أعْلمُ بِمَنْ يُكْلَمُ في سَبيلهِ - إلَّا جَاءَ يَوْمَ القِيامَةِ اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوِي من غَيْرِ وَجْهٍ عن أبي هُريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(1)
صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (1748).
(2)
صحيح، وأخرجه البخاري (237)، ومسلم (1876)، وابن ماجه (2795)، والنسائي 6/ 28 - 29، وهو في "المسند" مطولًا (7157)، وصححه ابن حبان (4652)، وبعض روايات مسلم مطولة.
22 - باب أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ
1753 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، حَدَّثَنا عَبْدةُ، عن محمدِ بن عَمْرٍو، حَدَّثَنا أبو سَلمةَ
عن أبي هُريرةَ، قال: سُئِلَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعْمالِ أفْضَلُ، أوَ أيُّ الأعْمالِ خَيْرٌ؟ قال:"إيمَانٌ باللهِ وَرَسولهِ". قِيلَ: ثُمَّ أيُّ شَيْءٍ؟ قال: "الجِهَادُ سَنامُ العَملِ". قِيلَ: ثُمَّ أيُّ شَيْءٍ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: "ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوِي من غَيْرِ وَجْهٍ عن أبي هُريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
23 - باب
(2)
1754 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، حَدَّثَنا جَعْفرُ بن سُليْمان الضُّبَعيُّ، عن أبي عِمْرانَ الجَوْنِيِّ، عن أبي بكْرِ بن أبي موسى الأشْعَريِّ، قال:
سَمِعتُ أبي بِحَضْرةِ العَدُوِّ يَقولُ: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أبْوابَ الجَنَّةِ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ"، فقال رَجُلٌ من القَوْمِ رَثُّ
(1)
صحيح، وأخرجه البخاري (26)، ومسلم (83)، والنسائي 5/ 113 و 6/ 19 و 8/ 93، وهو في "المسند"(7511) و (7590)، وصححه ابن حبان (153) و (4597).
(2)
وقع اسم هذا الباب في المطبوع: "باب ما ذُكر أن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف" ولم يرد في أصولنا الخطية منه إلا لفظة "باب".
الهَيْئَةِ: أنْتَ سَمِعتَ هذا من رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُه؟ قال: نعم، قال: فَرجَعَ إلى أصْحابهِ قال: أقْرأُ عَليكُمُ السَّلامَ، وَكَسرَ جَفْنَ سيْفهِ، فَضربَ بهِ حتَّى قُتِلَ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفهُ إلَّا مِن حديثِ جَعْفرِ بن سُليْمانَ.
وأبو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ اسْمُهُ: عَبدُ المَلكِ بن حَبِيبٍ، وأبو بَكْرِ بن أبي موسى، قال أحمدُ بن حَنْبلٍ: هو اسْمهُ.
24 - باب ما جاء أيُّ النَّاسِ أفْضَلُ
1755 -
حَدَّثَنا أبو عَمَّارٍ، حَدَّثَنا الوَليدُ بن مُسْلمٍ، عن الأوْزَاعيِّ، قَال: حَدَّثَني الزُّهْرِيُّ، عن عَطاءِ بن يَزِيدَ اللَّيْثيِّ
عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ، قال: سُئِلَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أيُّ النَّاس أفْضَلُ؟ قال: "رَجُلٌ يُجاهِدُ في سَبِيلِ اللهِ". قالُوا: ثُمَّ من؟ قال: "ثمَّ مُؤْمنٌ في شِعْبٍ من الشِّعابِ يَتَّقي رَبَّهُ، وَيَدعُ النَّاسَ من شَرِّهِ"
(2)
.
(1)
صحيح، وأخرجه مسلم (1902)، وهو عند أحمد في "مسنده"(19538)، وصححه ابن حبان (4617).
(2)
صحيح، وأخرجه من طريق آخر البخاري (2786)، ومسلم (1888)، وأبو داود (2485)، وابن ماجه (3978)، والنسائي 6/ 11، وهو في "المسند"(11125)، وصححه ابن حبان (606) و (4599).
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
25 - باب في ثَوابِ الشَّهِيدِ
(1)
1756 -
حَدَّثَنا عَبد اللهِ بن عَبد الرحمنِ، أخبرنا نُعَيْمُ بن حَمَّادٍ، حَدَّثَنا بَقيَّةُ بن الوَليدِ، عن بَحِيرِ بن سَعْدٍ، عن خَالدِ بن مَعْدانَ
عن المِقْدَامِ بن مَعْدِي كَرِبٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لهُ في أوَّلِ دَفْعةٍ، وَيُرى مَقْعدَهُ من الجَنَّةِ، وَيُجَارُ من عَذابِ القَبْرِ، وَيأمَنُ من الفَزَعِ الأكْبَرِ، وَيُوضَعُ على رَأْسهِ تاجُ الوَقارِ، الياقُوتةُ مِنْها خَيْرٌ من الدُّنْيا وَمَا فِيها، وَيُزوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجةً من الحُورِ العِينِ، وَيُشَفَّعُ في سَبْعِينَ من أقَاربهِ"
(2)
.
(1)
تسمية هذا الباب من المطبوع ونسخة الحافظ العراقي ومن هامش (ظ)، لكن ضبب عليها العراقي، وجاء في أصولنا الخطية البابُ مرسلًا.
(2)
صحيح لغيره دون ذكر عدد الحور العين، حسن من حديث المقدام بن معدي كرب؛ وبقية - وإن كان مدلسًا تدليس تسوية، ولم يصرح بالسماع - تابعه عليه إسماعيل بن عياش الحمصي، وهو صدوق في روايته عن أهل بلده، وبَحير بن سعد حمصي؛ فالحديث حسن.
وأخرجه ابن ماجه (2799)، وهو في "المسند"(17182).
ويشهد له حديث قيس الجذامي عند أحمد (17783) من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن كثير بن مرة، عن قيس الجذامي، بنحوه. دون ذكر عدد الحور العين، ودون ذكر الشفاعة، وإسناده حسن، لكن أخرج هذا الحديث أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" 2/ ورقة 150/ أمن طريق ابن ثوبان، ثم قال: ورواه زيد بن واقد، عن كثير، حدثناه محمد بن محمد =
هذا حديثٌ صحيحٌ غريبٌ
(1)
.
1757 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنا مُعاذُ بن هِشامٍ، حَدَّثَني أبي، عن قَتادةَ، قَال:
حدَّثَنا أنَسُ بن مَالكٍ، قال: قال رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما من أحدٍ من أهْلِ الجَنَّةِ يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنْيا غَيْرُ الشَّهِيدِ، فإنَّهُ يُحِبُّ أن يَرجِعُ إلى الدُّنْيا، يقولُ: حتَّى أُقْتلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ في سَبِيلِ اللهِ، مِمَّا يَرَى مِمَّا أعْطاهُ اللهُ مِن الكَرامةِ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1758 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنا محمدُ بن جَعْفرٍ، حَدَّثَنا شُعبةُ، عن قَتادةَ، عن أنسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ بِمَعْناهُ
(3)
.
= ابن أحمد - أبو أحمد الحاكم -، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي - مطيَّن - قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد - هو الجوهري -، قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، قال: حدثنا الهيثم بن حميد، عن زيد بن واقد، عن كثير بن مرة، عن قيس الجذامي، به. قلنا: وهذا إسناد صحيح، ولم نجده عند غير أبي نعيم.
وفي الباب عن أبي الدرداء رفعه: "يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته" أخرجه أبو داود (2522)، وإسناده حسن، وصححه ابن حبان (4660).
(1)
في المطبوع و (ظ): حسن صحيح غريب.
(2)
إسناده صحيح، وقد سلف برقم (1738).
(3)
إسناده صحيح كالذي قبله.
26 - باب ما جاء في فَضْلِ المُرَابطِ
(1)
1759 -
حَدَّثَنا أبو بكْرِ بن أبي النَّضْرِ، حَدَّثَني أبو النَّضْرِ
(2)
، حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن عَبد اللهِ بن دِينارٍ، عن أبي حَازمٍ
عن سَهْلِ بن سَعْدٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "رِباطُ يَوْمٍ في سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ من الدُّنْيا وَما عليها، والرَّوْحةُ يَرُوحُها العَبْدُ في سَبِيلِ اللهِ، أو الغَدْوةُ خَيْرٌ من الدُّنْيا وَما عليها، وَموْضِعُ سَوْطِ أحَدكُمْ في الجَنَّةِ خَيْرٌ من الدُّنْيا وَما عليها"
(3)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(4)
.
1760 -
حَدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، حَدَّثَنا سُفيان، قَال: حَدَّثَنا محمدُ بن المُنكَدرِ، قال:
مَرَّ سَلْمانُ الفَارسيُّ بِشُرحْبِيلَ بن السِّمْطِ وهو في مُرابَطٍ لهُ،
(1)
هذه الترجمة أثبتناها من (س) والمطبوع، وليست في بقية الأصول الخطية، ولا في نسخة الحافظ العراقي.
(2)
في (ظ)، حدثنا أبو بكر بن أبي النضر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار بإسقاط أبي النضر من بينهما، والصواب إثباته كما في بقية أصولنا الخطية وتحفة الأشراف ورواية البخاري (2892).
(3)
صحيح، وقد سلف برقم (1744).
(4)
قوله: هذا حديث صحيح، سقط من المطبوع، وأثبتناه من أصولنا الخطية، لكنه نقل في "تحفة الأشراف" أنه قال: حسن صحيح، وهو الموافق لقوله عند الحديث السالف برقم (1744).
وقد شَقَّ عَليْهِ وعلى أصْحابهِ، فقال: ألا أُحَدِّثُكَ يا ابن السِّمْطِ بحديثٍ سَمِعتُه من رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: بَلى، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "رِباطُ يَوْمٍ في سَبِيلِ اللهِ أفْضَلُ - وَرُبَّما قال: خَيْرٌ - من صِيَام شَهْرٍ وَقِيامهِ، ومن مَاتَ فيهِ وُقِي فِتْنةَ القَبْرِ، وَنُمِيَ لهُ عَملُهُ إلى يَوْمِ القِيامةِ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
1761 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، أخبرنا الوَليدُ بن مُسْلمٍ، عن إسماعيلَ بن رَافعٍ، عن سُمَيٍّ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من لَقِي اللهَ بِغَيْرِ أثَرٍ من جِهَادٍ، لَقِي اللهَ وَفيهِ ثُلْمةٌ"
(2)
.
هذا حديثٌ غريبٌ من حديثِ الوَليدِ بن مُسْلمٍ عن إسماعيلَ
(1)
صحيح، وأخرجه بنحوه مسلم (1913)، والنسائي 6/ 39، وهو في "المسند"(23727)، وصححه ابن حبان (4623) و (4625) و (4626).
(2)
إسناده ضعيف، إسماعيل بن رافع ضعيف عندهم إلا البخارى، فإنه قال: ثقة مقارب الحديث فيما نقله عنه المصنف هنا. وقد خالف في لفظه عمرَ بن محمد بن المنكدر عد مسلم وغيره - وهو ثقة -، سُمي: هو مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
وأخرجه ابن ماجه بلفظ المصنف (2763).
وأخرجه مسلم (1910)، وأبو داود (2502)، والنسائي 6/ 8 من طريق عمر بن محمد بن المنكدر، عن سمي مولى أبي يكر، به. بلفظ:"من مات ولم يغزُ، ولم يحدّث به نفسه، مات على شعبة مِن نفاق"، وهو عند أحمد في "المسند"(8865).
ابن رَافعٍ، وَإسماعيلُ بن رَافعٍ قد ضَعَّفهُ بَعْضُ أهل الحديثِ، وَسَمعتُ محمدًا يَقولُ: هو ثِقَةٌ مُقاربُ الحديثِ.
وقد رُوِي هذا الحديثُ من غَيْرِ هذا الوَجْهِ عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وحديثُ سَلْمانَ إسْنادُهُ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ، محمدُ بن المنكَدرِ لم يُدْركْ سَلْمانَ الفارِسيَّ، وقد رُوِي هذا الحديثُ عن أيُّوبَ بن موسى، عن مَكْحُولٍ، عن شُرَحْبِيلَ بن السِّمْطِ، عن سَلْمانَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه
(1)
.
1762 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخَلَّالُ، حَدَّثَنا هِشامُ بن عَبد الملكِ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ بن سَعْدٍ، حَدَّثني أبو عَقيلٍ زُهْرةُ بن مَعْبدٍ، عن أبي صَالحٍ مَوْلى عُثمانَ، قال:
سَمِعتُ عُثمانَ وهو على المِنْبَرِ يَقولُ: إنِّي كَتَمْتُكُمْ حديثًا سَمِعتهُ من رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَرَاهِيةَ تَفرُّقِكُمْ عَنِّي، ثُمَّ بَدَا لِي أنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ ليَخْتارَ امْرُؤٌ لِنَفْسهِ ما بَدَا لهُ، سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ:"رِباطُ يَوْمٍ في سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ من ألْفِ يَوْمٍ فِيما سِوَاهُ من المَنازلِ"
(2)
.
(1)
هذه الطريق عند مسلم (1913)، والنسائي 6/ 39، وقد سلف ذكرها برقم (1760).
(2)
حسن، وأخرجه ابن ماجه (2766)، والنسائي 6/ 39 - 40 و 40، وهو في "المسند"(433) و (442)، وصححه ابن حبان (4609)!
وأصح منه ما ثبت في "صحيح مسلم"(1913) من حديث سلمان رفعه: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه".
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ
(1)
من هذا الوَجْهِ.
قال محمدٌ: أبو صَالحٍ مَوْلَى عُثمانَ اسْمهُ بركانُ.
1763 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ وَأحمدُ بن نَصْرِ النَّيْسابُوريُّ وَغَيْرُ وَاحدٍ، قالوا: حَدَّثَنا صَفْوانُ بن عيسى، حَدَّثَنا محمدُ بن عَجْلانَ، عن القَعْقاعِ بن حَكِيمٍ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما يَجِدُ الشَّهِيدُ من مَسِّ القَتْلِ إلَّا كما يَجِدُ أحَدُكُمْ من مَسِّ القَرْصَةِ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ
(3)
صحيحٌ.
1764 -
حَدَّثَنا زِيَادُ بنُ أيُّوبَ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، أخبرنا الوَليدُ بن جَميلٍ، عن القَاسم أبي عبد الرحمنِ
عن أبي أُمامةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَيْسَ شَيْءٌ أحَبَّ إلى اللهِ من قَطْرتَيْنِ وَأثَريْنِ: قَطْرةِ دُموعٍ من خَشْيةِ اللهِ، وَقَطْرةِ دَمٍ تُهْراقُ في سَبيلِ اللهِ. وَأمَّا الأثَرانِ: فأثَرٌ في سَبِيلِ اللهِ، وأثَرٌ في فَرِيضةٍ من فَرَائِضِ اللهِ"
(4)
.
(1)
في نسخة الحافظ العراقي، ونسخةٍ في هامش (ظ): حسن صحيح غريب.
(2)
صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2802)، والنسائي 6/ 36، وهو في "المسند"(7953)، وصححه ابن حبان (4655).
(3)
في نسخة الحافظ العراقي: حسن صحيح غريب، وفي (ظ): غريب صحيح دون قوله: حسن.
(4)
إسناده حسن، وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(108)، والطبراني في "الكبير"(7918)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 2543 من طريق يزيد بن =
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
= هارون، عن الوليد بن جميل، بهذا الإسناد.
ويشهد لشطره الأول ما أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(672) ومن طريقه القضاعي (1308) عن رجلٍ، عن الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
…
وما من قطرة أحب إلى الله عز وجل من قطرة دمع من خشية الله، أو قطرة دم أهريقت في سبيل الله عز وجل"، وهو ضعيف لإبهام الرجل الذي رواه عن الحسن، ثم إنه مرسل.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء في أهل العُذْرِ في القُعُودِ
1765 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بن عَليٍّ الجَهْضَميُّ: حَدَّثَنَا المُعْتمِرُ بن سُليْمَان، عن أبيهِ، عن أبي إسحاقَ
عن البَرَاءِ بن عَازِبٍ، أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "ائْتُونِي بالْكَتِفِ أوِ اللَّوْحِ، فَكَتبَ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] وَعَمْرُو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ خَلْفَ ظَهْرِه، فقال: هَلْ لي رُخْصةٌ؟ فَنَزَلَتْ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}
(1)
[النساء: 95].
وفي الباِبِ عن ابن عَبَّاسٍ، وجَابرٍ، وزَيْدِ بن ثَابتٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ سُليْمانَ التَّيْميِّ عن أبي إسحاقَ، وقد رَوَى شُعبةُ والثَّوْرِيُّ عن أبي إسحاقَ هذا الحديث.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2831)، ومسلم (1898)، والنسائي 6/ 10. وهو في "المسند" (18485)، و"صحيح ابن حبان" (40).
وسيأتي عند المصنف برقم (3280).
2 - باب ما جاء فِيمَنْ خَرجَ في الغَزْوِ وتَرَكَ أبَويْهِ
1766 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يحيى بن سَعيدٍ، عن سُفيانَ وشُعبةَ، عن حَبيبِ بن أبي ثابتٍ، عن أبي العَبَّاسِ
عن عَبد الله بن عَمْرٍو، قال: جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُه في الجِهادِ، قال:"ألَكَ وَالِدَانِ؟ " قال: نَعَمْ. قال: "فَفِيهِما فَجاهِدْ"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو العَبَّاسِ: هو الشَّاعِرُ الأعْمى المَكِّيُّ، واسْمُه: السَّائِبُ بن فَرُّوخَ.
3 - باب ما جاء في الرَّجُلِ يُبْعَثُ سَرِيَّةً وَحْدَهُ
1767 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن يحيى، قَال: حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بن محمدٍ، قال:
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3004)، ومسلم (2549)، وأبو داود (2529)، والنسائي 6/ 10. وهو في "مسند أحمد" (6544)، و"صحيح ابن حبان" (318).
قوله: "ففيهما فجاهد"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: جاهد نفسك أو الشيطان في تحصيل رضاهما، وإيثار هواهما على هواك، وقيل: المعنى: فاجتهد في خدمتهما، وإطلاق الجهاد للمشاكلة، والفاء الأولى فصيحة، والثانية زائدة، وزيادتها في مثل هذا شائع، ومنه قوله تعالى:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].
قال ابن جُرَيْج في قَوْلِه: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]. قال
(1)
: عَبد الله بن حُذافَةَ بن قَيْسِ بن عَدِيٍّ السَّهْميُّ بَعثهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سرِيَّةً
(2)
. أخْبرنيهِ يَعْلى بن مُسْلمٍ، عن سَعيدِ بن جُبَيْرٍ، عن ابن عَبَّاسٍ
(3)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ، لَا نَعْرِفُه إلَّا من حديثِ ابن جُرَيْجٍ.
(1)
القائل ابنُ جُريج.
(2)
قال الحافظ العراقي في "شرح الترمذي" 6/ الورقة 162: وقع في سماعنا من "جامع الترمذي": "بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية" وفي بعض نسخ الترمذي: "في سرية" بزيادة حرف الجر، وهكذا هو في "الصحيحين" و"سنن أبي داود" والنسائي، وعلى هذا، فلا يلزم منه أنه كان سرية وحده، بل كان في سرية، ويبقى فيه على هذا مخالفة للتبويب، والصواب إثبات حرف الجر كما ثبت في "الصحيحين" ويدل عليه أن من جمع مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه كمحمد بن إسحاق، ومحمد بن سعد لم يذكروا في شيءٍ من السرايا أن عبد الله بن حذافة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم سرية وحده.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4584)، ومسلم (1834)، وأبو داود (2624)، والنسائي 7/ 154 - 155. وهو في "مسند أحمد" (3124)، و"شرح مشكل الآثار" (1525).
وعبد الله بن حذافة السَّهمي، قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 2/ 11 - : أحدُ السابقين، هاجر إلى الحبشة، ونفَّذه النبي صلى الله عليه وسلم رسولًا إلى كسرى، وله رواية يسيرة. خرج إلى الشام مجاهدًا، فأُسر على قَيْسارية، وحملوه إلى طاغيتهم، فراوده عن دينه، فلم يُفْتَتن .. مات في خلافة عثمان رضي الله عنه.
4 - باب ما جاء في كَرَاهيةِ أنْ يُسَافِرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ
1768 -
حَدَّثَنَا أحمدُ بن عَبْدةَ الضَّبِّيُّ البَصْريُّ، حَدَّثَنَا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن عَاصمِ بن محمدٍ، عن أبيه
عن ابن عُمرَ، أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَوْ أنَّ النَّاسَ يَعْلمُونَ ما أعْلمُ من الوَحْدةِ ما سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ". يَعْني: وَحْدَهُ
(1)
.
1769 -
حَدَّثَنَا إسحاقُ بن موسى الأنْصاريُّ، قال: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قال: حَدَّثَنَا مَالكٌ، عن عَبد الرحمنِ بن حَرْمَلةَ، عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ: أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "الرَّاكِبُ شيْطانٌ، والرَّاكِبَانِ شَيْطانَانِ، والثَّلاثَةُ رَكْبٌ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2998)، وابن ماجه (3768)، والنسائي في "الكبرى"(8850) و (8851). وهو في "المسند"(1673)، و"صحيح ابن حبان"(2704).
قوله: "لو يعلم الناس ما في الوحدة"، أورد البخاري هذا الحديث في كتاب الجهاد: باب السير وحده، بإثر حديث جابر الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الزبير بن العوام في غزوة الخندق طليعةً وحده ليأتيَه بخبر القوم. فقال القسطلاني: ويؤخذ من حديث جابر جواز السفر منفردًا للضرورة والمصلحة التي لا تنتظم إلا بالانفراد، كإرسال الجاسوس والطليعة، والكراهة لما عدا ذلك، ويحتمل أن تكون حالةُ الجواز مقيدةً بالحاجة عند الأمن، وحالة المنع مقيدة بالخوف حيث لا ضرورة.
(2)
إسناده حسن، وهو في "موطأ" مالك 2/ 978، ومن طريقه أخرجه أبو داود (2607)، والنسائي في "الكبرى"(8849). وهو أيضًا في "مسند أحمد"(6748). وأخرجه ابن خزيمة (2570)، وبوَّب عليه: باب النهي عن سير الاثنين، والدليل على أن ما دون الثلاثة من المسافرين عصاة، إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلم أن الواحد شيطان، والاثنين شيطانان، ويشبه أن يكون معنى قوله:"شيطان"، =
حديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، لا نَعْرِفُه إلّا من هذا الوَجْهِ من حديثِ عَاصمٍ، وهو: ابن محمدِ بن زَيْد بن عَبد الله بن عُمرَ
(1)
.
وحديثُ عَبدِ الله بن عَمْرٍو أحسنُ.
5 - باب ما جاء في الرُّخْصةِ في الكَذِبِ، والخَدِيعَةِ في الحَرْبِ
1770 -
حَدَّثَنَا أحمدُ بن مَنِيعٍ ونَصْرُ بن عَليٍّ، قالا: حَدَّثَنَا سُفيانُ، عن عَمْرِو بن دينَارٍ
سَمعَ جَابرَ بن عَبد الله يَقولُ: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الحَرْبُ خَدْعةٌ"
(2)
.
= أي: عاص، كقوله:{شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112]، معناه: عصاة الإنس والجن. انتهى.
(1)
كذا في (ظ)، وفي باقي الأصول:"عمرو"، وهو خطأ.
تنبيه: وقع بعد هذا في المطبوع: "قال محمد: هو ثقةٌ صدوق، وعاصم بن عمر العمري ضعيف في الحديث لا أروي عنه شيئًا". ولم يرد ذلك في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3030)، ومسلم (1739)، وأبو داود (2636)، والنسائي في "الكبرى"(8643). وهو في "المسند"(14177)، و"صحيح ابن حبان"(4763).
قوله: "خدعة"، قال الخطابي في "معالم السنن" 2/ 269: معناه إباحة الخداع في الحرب، وإن كان محظورًا في غيرها من الأمور، وهذا الحرف يُروى على ثلاثة أوجه: خَدْعة بفتح الخاء وسكون الدال، وخُدْعة بضم الخاء وسكون الدال، =
وفي البابِ عن عَليٍّ، وزَيْدِ بن ثَابتٍ، وابن عَبَّاسٍ، وأبي هُريرةَ، وأسْماءَ بِنْتِ يَزِيدَ بن السَّكَنِ، وكَعْبِ بن مَالكٍ، وأنَسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
6 - باب ما جاء في غَزَواتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَمْ غَزَا
1771 -
حدَّثَنَا محمودُ بن غَيْلانَ، حدَّثَنَا وَهْبُ بن جَرِيرٍ وأبو دَاوُدَ، قالا: حَدَّثَنَا شُعبةُ، عن أبي إسحاقَ، قال:
كُنْتُ إلى جَنْبِ زَيْدِ بن أرْقَمَ، فَقِيلَ لهُ: كَمْ غَزَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم من غَزْوةٍ؟ قال: تِسْعَ عَشْرةَ. فَقُلْتُ: كَمْ غَزَوْتَ أنْتَ مَعهُ؟ قال: سَبْعَ عَشْرةَ، قُلْتُ: وأيَّتُهُنَّ كانَ أوَّلَ؟ قال: ذَاتُ العُشَيْراء أو العُسَيْراء
(1)
.
= وخُدَعة الخاء مضمومة والدال منصوبة، وأصوبها خَدْعة. قلت (القائل الخطابي): معنى الخدعة: أنها هي مرة واحدة، أي: إذا خُدِع المقاتل مرة واحدة لم يكن له إقالة، ومن قال: خُدْعة، أراد الاسم كما يقال: هذه لُعبة، ومن قال: خُدَعة بفتح الدال، كان معناه أنها تخدع الرجال وتُمنيهم، ثم لا تفي لهم كما يُقال: رجل لُعَبة، إذا كان كثير التلعبِ بالأشياء.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3949)، ومسلم (1254) وص 1447 (143). وهو في "المسند"(19282) و (19335)، و"صحيح ابن حبان"(6283).
قوله: "ذات العُشَيراء أو العُسيراء"، كذا في أصولنا وجاء في "سيرة ابن هشام" 2/ 348: العشيرة، وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 3/ 166: وقيل العشيراء، وفي "المسند" (19335): ذات العُشَيْر أو العُشَيرة. وقال السندي في حاشيته على "المسند": هكذا جاء هذا اللفظ بالشك، قيل: هما مصغَّران، والأول بإعجام شين، والثاني بإهمالها، وقال القاضي: هي ذات العُشيرة بالتصغير والإعجام والهاء =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
7 - باب ما جاء في الصَّفِّ والتَّعْبئَةِ عِنْدَ القِتَالِ
1772 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، قال: حَدَّثَنا سَلمةُ بن الفَضْلِ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن عِكْرمةَ، عن ابن عَبَّاسٍ
عن عَبد الرحمنِ بن عَوْفٍ، قال: عَبَّأَنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِبَدْرٍ لَيْلًا
(1)
.
= على المشهور، وهو موضع من بطن يَنبع، وقيل: هو بمهملة ومعجمة وثبوت هاء وحذفها: موضع بقرب ينبع.
ولفظ البخاري: العُشَيْرُ أو العُسَيْرَةُ، فذكرت لقتادة، فقال: العُشَيْرة. وعلق الحافظ عليه فقال: كذا بالتصغير والأول بالمعجمة بلا هاء والثانية بالمهملة والهاء، ووقع في "الترمذي": العشير أو العسير بلا هاء فيهما .. وقول قتادة: العشيرة هو بالمعجمة وبإثبات الهاء ومنهم من حذفها، وقول قتادة هو الذي اتفق عليه أهل السير وهو الصواب، وأما غزوة العسيرة بالمهملة فهي غزوة تبوك، قال الله تعالى {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة: 117] وسميت بذلك لما كان فيها من المشقة وهي بغير تصغير، وأما هذه، فنسبت إلى المكان الذي وصلوا إليه، واسمه العشير أو العشيرة يذكر ويؤنث، وهو موضع.
(1)
إسناده ضعيف لضعف محمد بن حميد الرازي وسلمة بن الفضل، وقد اختُلف فيه على عكرمة مولى ابن عباس.
وهو في "العلل الكبير" للمصنف 2/ 712.
وأخرجه البزار في "مسنده"(998) من طريق إبراهيم بن يحيى بن هانئ، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن ثور بن يزيد، عن عكرمة، بهذا الإسناد. فأدخل ثورَ بنَ يزيد بين محمد بن إسحاق وبين عكرمة. وإبراهيم بن يحيى وأبوه ضعيفان.
وفي معناه حديث أبي أيوب الأنصاري الذي سيذكره المصنف في الباب، أخرجه الشاشي في "مسنده"(1128)، والطبراني في "الكبير"(4056)، وهو في =
وفي البابِ عن أبي أيُّوبَ.
هذا حديثٌ غريبٌ، لَا نَعْرِفُه إلَّا من هذا الوَجْهِ.
وسَألْتُ محمدَ بن إسماعيلَ عن هذا الحديثِ فلم يَعْرِفْهُ، وقال: محمدُ بن إسحاقَ سَمعَ من عِكْرمةَ. وحِينَ رَأيْتُه كانَ حَسَنَ الرَّأْي في محمدِ بن حُمَيْدٍ الرَّازيِّ، ثُمَّ ضَعَّفهُ بَعْدُ.
8 - باب ما جاء في الدُّعَاءِ عِنْدَ القِتالِ
1773 -
حدَّثَنَا أحمدُ بن مَنيعٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن هارُونَ، حدثنا إسماعيلُ بن أبي خَالدٍ
عن ابن أبي أوْفَى، قال: سَمِعتُه يَقولُ - يَعْني النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو على الأحْزَابِ، فقال:"اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ اهْزِم الأحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهزِمْهم وزَلْزِلْهُم"
(1)
.
= "مسند أحمد"(23567)، ولفظه: صَفَفنا يوم بدرٍ، فَنَدرَتْ منا نادرةٌ أمام الصف، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال:"مَعِي معي". وإسناده حسن. / قوله: "عبَّأنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم"، قال ابن الأثير في "النهاية": عَبَأتُ الجيشَ عَبْئًا، وعَبَّأْتُهم تَعْبئَةً وتعْبيئًا، وقد يُترَك الهمز، فيقال: عَبَّيتُهم تعبيَةً، أي: رتَّبتُهم في مواضِعِهم، وهيَّأْتُهم للحرب.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2933)، ومسلم (1742)، وأبو داود (2631)، وابن ماجه (2796)، والنسائي في "الكبرى"(8632)، وفي "عمل اليوم والليلة"(602)، وهو في "مسند أحمد"(19107)، و"صحيح ابن حبان"(3844).
قوله: "منزل الكتاب"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: فانصر =
وفي البابِ عن ابن مَسْعُودٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
9 - باب ما جاء في الألْوِيةِ
1774 -
حدَّثنَا أبو كُريبٍ ومحمدُ بن عُمرَ بن الوَليدِ الكِنْديُّ، ومحمدُ بن رَافعٍ، قالُوا: حَدَّثنَا يحيى بن آدمَ، عن شَرِيكٍ، عن عَمَّارٍ هو الدُّهْنيُّ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جَابرٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخلَ مَكَّةَ ولِوَاؤُهُ أبْيضُ
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا من حديثِ يحيى بن آدَمَ، عن شَرِيكٍ.
وسَألْتُ محمدًا عن هذا الحديثِ فلم يَعْرِفْهُ إلَّا من حديثِ يحيى بن آدَمَ، عن شَرِيكٍ، وقال: حَدَّثنَا غَيْرُ واحدٍ عن شَريكٍ،
= من تمسَّك به على من جحده كما أنزلته.
(1)
حديث حسن بشواهده. وأخرجه أبو داود (2592)، وابن ماجه (2817)، والنسائي 5/ 200، وهو في "صحيح ابن حبان"(4743).
وفي الباب عن ابن عباس، سيأتي عند المصنف برقم (1776).
وعن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة: كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض، وكانت رايته سوداءَ من مِرْطٍ لعائشة مرحَّل. أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 143. وهو في "شرح السنة" للبغوي (2665) من طريق أبي الشيخ، وفيه عنعنة محمد بن إسحاق وهو مدلس.
وعن أبي هريرة، عند أبي الشيخ ص 143 و 144.
وعن ابن عمر، عند أبي الشيخ أيضًا ص 144.
عن عَمَّارٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جَابرٍ: أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم دَخلَ مَكَّةَ وعَليْهِ عِمَامةٌ سَوْدَاءُ
(1)
. قال محمدٌ: والحديثُ هو هذا.
والدُّهْنُ: بَطْنٌ من بَجِيلةَ، وعَمَّارٌ الدُّهْنيُّ: هو عَمَّارُ بن مُعاويةَ الدُّهْنيُّ، ويُكْنى أبا مُعاويةَ وهو كُوفيٌّ، ثِقَةٌ عِنْدَ أهْلِ الحديثِ.
10 - باب في الرّاياتِ
1775 -
حَدَّثنَا أحمدُ بن مَنيع، حَدَّثنَا يحيى بن زَكَريَّا بن أبي زَائِدةَ، حَدَّثنَا أبو يعقوبَ الثقفيُّ، حَدَّثنَا يُونُسُ بن عُبَيْدٍ مَوْلَى محمدِ بن القَاسمِ، قال:
بَعَثَني محمدُ بن القَاسمِ إلى البَرَاءِ بن عَازِبٍ أسْألُه عن رَايةِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كانَتْ سَوْداءَ مُرَبَّعةً من نَمِرةٍ
(2)
.
وفي الباب عن عَليٍّ، والحارثِ بن حَسّانَ، وابن عَبَّاسٍ.
(1)
سيأتي هذا الحديث عند المصنف برقم (1832).
(2)
حديث حسن لغيره، وأخرجه أبو داود (2591)، والنسائي في "الكبرى"(8606). وهو في "المسند"(18627).
وفي الباب عن الحارث بن حسان البكري، سيأتي عند المصنف برقم (3558)، وإسناده حسن.
وعن ابن عباس، وهو الحديث التالي.
قوله: "نَمِرة"، قال ابن الأثير في "النهاية": كلُّ شَمْلةٍ مخطَّطة من مآزِر الأعراب فهي نَمِرة، وجمعها: نِمار، كأنها أُخذت من لون النَّمِر، لما فيها من السواد والبياض.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا مِن حديثِ ابن أبي زَائِدة.
وأبو يَعْقُوبَ الثَّقَفيُّ اسْمُه: إسحاقُ بن إبراهيمَ، ورَوَى عَنْهُ أيْضًا عُبَيْدُ الله بن موسى.
1776 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن رَافعٍ، حَدَّثَنَا يحيى بن إسحاقَ وهو السّالَحِيني، حَدَّثنا يَزيدُ بن حَيّان، قال: سَمِعتُ أبا مِجْلَزٍ لاحِقَ بن حُمَيْدٍ يُحَدِّثُ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: كانَتْ رايةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم سَوْدَاءَ، ولِوَاؤُه أبْيضَ
(1)
.
11 - باب ما جاء في الشِّعَارِ
1777 -
حَدَّثَنَا محمودُ بن غَيْلانَ، حَدَّثَنَا وَكيعٌ، حَدَّثَنَا سُفيان، عن أبي إسحاقَ، عن المُهَلَّبِ بن أبي صُفْرةَ
عَمَّنْ سَمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "إنْ بَيَّتَكُمُ العَدُوُّ، فَقولُوا: حم لا يُنْصَرُونَ"
(2)
.
(1)
حديث حسن لغيره، وأخرجه ابن ماجه (2818). وهو في "شرح السنة" للبغوي (2664)، ويشهد له الحديثان اللذان قبله.
تنبيه: وقع بعد هذا الحديث في المطبوع: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عباس". ولم يرد ذلك في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (2597)، والنسائي في "الكبرى"(8861)، وفي "عمل اليوم والليلة"(617). وهو في "المسند"(23204).
قوله: "فقولوا"، أي: شعارُكم، كما في باقي الروايات عند غير المصنف، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: علامتكم التي تتميزون =
وفي البابِ عن سَلمةَ بن الأكْوَعِ.
وهكذا رَوَى بَعْضُهم عن أبي إسحاقَ مِثْلَ رِوَايةِ الثَّوْرِيِّ. وَرُوِي عَنْهُ عن المُهَلّبِ بن أبي صُفْرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا
(1)
.
12 - باب ما جاء في صِفةِ سَيّفِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
-
1778 -
حَدَّثَنا محمدُ بن شُجَاعٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثنَا أبو عُبَيْدةَ الحَدَّادُ، عن عُثمانَ بن سَعْدٍ
عن ابن سِيرِينَ، قال: صَنعْتُ سَيْفِي على سَيْفِ سَمُرةَ.
وزَعمَ سَمُرةُ أنَّهُ صَنعَ سَيْفَهُ على سَيْفِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكَانَ حَنَفِيًّا
(2)
.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا من هذا الوَجْهِ، وقد تَكلمَ يحيى بن سَعيدٍ القَطَّانُ في عُثمانَ بن سَعْدٍ الكَاتبِ وضَعَّفَهُ من قِبلِ حِفْظِه.
= أنتم فيها بينكم بها من عدوكم.
وقوله: "حم لا ينصرون": فإنه مع كونه علامة، دعاءٌ عليهم أيضًا.
(1)
الرواية المرسلة أخرجها النسائي في "الكبرى"(10454)، وهي في "عمل اليوم والليلة" له (618).
(2)
إسناده ضعيف لضعف عثمان بن سعد كما قال الترمذي، وهو عند المصنف في "الشمائل المحمدية"(102). وهو في "مسند أحمد"(20229).
قوله: "وكان حنفيًا"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: على صفة سيوف بني حنيفة، قومِ مسيلمة الكذاب، والله تعالى أعلم.
13 - باب ما جاء في الفِطْرِ عِنْدَ القِتالِ
1779 -
حَدَّثَنَا أحمدُ بن محمدِ بن موسى، أخبرنا عَبد الله بن المُبَاركِ، أخبرنا سَعيدُ بن عَبد العزيزِ، عن عَطيَّةَ بن قَيْسٍ، عن قَزَعَةَ
عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ، قال: بَلغَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الفَتْحِ مَرَّ الظَّهْرانِ، فَآذَنَنا بِلِقَاءِ العَدُوِّ، فَأمَرنَا بِالفِطْرِ، فَأفْطَرْنَا أجْمَعُونَ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن عمر
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه ابن خزيمة (2038)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 66، والبيهقي 4/ 242. وهو في "مسند أحمد" (11242).
وأخرج مسلم (1120)، وأبو داود (2406) من طريق قَزَعة قال: أتيتُ أبا سعيد الخدري وهو مكثور عليه، فلما تفرق الناس عنه .. سألته عن الصوم في السفر، فقال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم"، فكانت رخصة، فمنا من صام، ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلًا آخر، فقال:"إنكم مُصَبِّحُوا عدوِّكم، والفِطر أقوى لكم، فأفطروا"، وكانت عزمةً فأفطرنا.
قوله: "فآذَنَنا" قال السندي في حاشيته على "المسند": بالمد من الإيذان، أي: أعلمنا. وقوله: "مر الظهران"، قال: الظهران واد قرب مكة، وعنده قرية يقال لها: مر، تضاف إلى هذا الوادي، فيقال: مَرّ الظهران، قاله ياقوت في "معجمه".
(2)
قوله: "وفي الباب عن عمر"، أثبتناه من نسخة في "ظ"، ولم يرد في سائر الأصول. وحديث عمر هذا هو في "المسند"(140) وسنده قوي.
14 - باب ما جاء في الخُرُوجِ عِنْدَ الفَزَعِ
1780 -
حَدَّثَنَا محمودُ بن غَيْلانَ، حَدَّثَنَا أبو دَاوُدَ الطَّيالِسيُّ، أنبأنا شُعبةُ، عن قَتادةَ
حَدَّثَنَا أنَسُ بن مَالكٍ، قال: رَكِبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَرسًا لأبي طَلْحةَ يُقالُ لهُ: مَنْدُوبٌ، فقال:"ما كَانَ من فَزَعٍ، وإنْ وَجَدْناهُ لَبَحْرًا"
(1)
.
وفي البابِ عن عَمْرِو
(2)
بن العَاصِ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1781 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا محمدُ بن جَعْفَرٍ وابن أبي عَدِيٍّ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2627)، ومسلم (2307)، وأبو داود (4988)، وابن ماجه (2772)، والنسائي في "الكبرى"(8829)، وفي "عمل اليوم والليلة"(1065). وهو في "مسند أحمد"(12494) و (12744)، و"صحيح ابن حبان"(5798) و (6369).
قوله: "وإن وجدناه لبحرًا" قال البغوي: يريد به الفرس، شبهه بالبحر، أي: أن جريه كجري البحر، أو أنه يسبح في جريه كالبحر إذا ماج.
وفيه إباحة التوسع في الكلام، وتشبيه الشيء بالشيء بمعنى من معانيه، وإن لم يستوف جميع أوصافه، وفيه إباحة تسمية الدواب، وكان من عادة العرب تسمية الدواب وأداة الحرب باسم يعرَف به إذا طُلب سوى الاسم الجامع، وكان سيف النبي صلى الله عليه وسلم يُسمى ذا الفقار، ورايتُه العُقاب، ودرعه ذات الفضول، وبغلته دُلدل، وبعض أفراسه السِّكب، وبعضها البحر.
(2)
في المطبوع: ابن عمرو بن العاص، والمثبت من النسخ الخطية، وهو الصواب، فحديثه في "المسند" برقم (17810).
وأبو دَاوُدَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعبةُ، عن قَتادةَ
عن أنَسٍ قال: كَانَ فَزعٌ بالمَدِينَةِ، فاسْتعَارَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَرسًا لَنَا يُقالُ لهُ: مَنْدُوبٌ، فقال:"مَا رَأيْنا من فَزعٍ وإنْ وجدْناهُ لَبَحْرًا"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1782 -
حَدَّثَنَا قُتيبةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن زَيْدٍ، عن ثَابتٍ
عن أنَسٍ، قال: كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أحسنَ النَّاسِ، وأجْودَ النَّاسِ، وأشْجَعَ النَّاسِ، قال: ولقد فَزعَ أهْلُ المَدِينةِ لَيْلةً سَمِعُوا صَوْتًا، قال: فَتلقَّاهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على فَرسٍ لأبي طَلْحةَ عُرْيٍ وهو مُتَقلِّدٌ سَيْفَهُ. فقال: "لم تُراعُوا لم تُرَاعُوا". ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَجَدْتُهُ بَحْرًا". يعني الْفَرسَ
(2)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ
(3)
.
(1)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
(2)
إسناده صحيح، وانظر سالفه.
قوله: "عري"، قال البغوي في "شرح السنة" 13/ 252: يقال: فرسٌ عُرْيٌ، وخيلٌ أعراء، ولا يقال: رجلٌ عُرْي، ولكن عُرْيان.
"لم تراعوا" معناه: لا فزع ولا روع، فاسكنوا. يقال: رِيعَ فلانٌ: إذا فَزِع، وتضع العرب "لم" و"لن" بمعنى "لا".
(3)
من قوله: "حدثنا قتيبة
…
" إلى هنا تأخر في أصولنا الخطية والنسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه إلى نهاية الباب التالي، بإثر الحديث (1784)، وأبقيناه هذا كما في المطبوع، لأنه الأنسب.
15 - باب ما جاء في الثّباتِ عِنْدَ القِتالِ
1783 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يحيى بن سَعيدٍ، قال: حَدَّثَنَا سُفيانُ، حَدَّثَنَا أبو إسحاقَ
عن البَرَاءِ بن عَازِبٍ، قال: قال له رَجُلٌ: أفَرَرْتُمْ عن رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم يا أبا عُمارةَ؟ قال: لا، والله ما وَلّى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولكنْ ولّى سَرَعانُ النَّاسِ، تَلقَّتْهُم هَوازِنُ بالنَّبْلِ ورَسولُ الله صلى الله عليه وسلم على بَغْلتِهِ، وأبو سُفيانَ بنُ الحارثِ بن عَبد المُطلبِ آخِذٌ بِلِجَامِها، ورَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقولُ:
"أنا النبيُّ لا كذِبْ
…
أنا ابن عَبدِ المُطلبْ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وابن عُمرَ.
وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
1784 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن عُمرَ بن عَليٍّ المُقدَّميُّ، حَدَّثَنِي أبي، عن سُفيانَ بن حُسيْنٍ، عن عُبَيْدِ الله بن عُمرَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ قال: لقد رَأيْتُنا يَوْمَ حُنَيْنٍ وإنَّ الفِئَتيْنِ لَمُولِّيَتَينِ
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2864)، ومسلم (1776)، والنسائي في "الكبرى"(8629)، وفي "عمل اليوم والليلة"(605). وهو في "مسند أحمد"(18468) و (18475)، و"صحيح ابن حبان"(4770).
قوله: "والله ما ولّى رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
" قال السندي في حاشيته على "المسند": نبَّه على أن الأهم للمسلم أن لا يعتقد فيه صلى الله عليه وسلم أمرًا غير لائق، فإنه يؤدي إلى الهلاك، ثم بيَّن له سبب فرار الصحابة.
وما مَعَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِئةُ رَجُلٍ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ عُبَيْدِ الله لا نعرفه إلَّا من هذا الوَجْهِ.
16 - باب ما جاء في السُّيُوفِ وحِلْيتهَا
1785 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن صُدْرانَ أبو جَعْفرٍ البَصْريُّ، حَدَّثَنا طالبُ بن حُجَيْرٍ، عن هُودِ بن عَبد الله بن سَعْدٍ
عن جَدِّهِ مَزِيدةَ، قال: دَخلَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوْمَ الفَتْحِ وعلى سَيْفِه ذَهَبٌ وفِضَّةٌ، قال طَالبٌ: فَسألْتهُ عن الفِضّةِ، فقال: كانَتْ قَبِيعةُ السَّيْفِ فِضَّةً
(2)
.
وفي البابِ عن أنسٍ.
هذا حديثٌ غريبٌ.
وجَدُّ هُودٍ اسمُه: مَزِيدةُ العَصَرِيُّ.
(1)
رجاله ثقات إلا أن عمر بن علي المقدمي مدلس وقد عنعن، ومع ذلك فقد حسنه الحافظ في "الفتح" 8/ 29، وقال المصنف: حسن صحيح، وهو في "علله الكبير" 2/ 715.
(2)
إسناده ضعيف، لضعف طالب بن حجير، وجهالة هود بن عبد الله بن سعد.
وهو عند المصنّف في "العلل الكبير" 2/ 716 و"الشمائل المحمدية"(101).
ولقوله: "كانت قبيعة السيف فضَّةً" شاهد صحيح يُحسَّن به عن أنس بن مالك، وهو الحديث التالي.
1786 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن بَشَّار، حَدَّثَنَا وَهْبُ بن جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أبي، عن قَتادةَ
عن أنَسٍ، قال: كانَتْ قَبيعةُ سَيْفِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم من فِضّةٍ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
وهكذا رُوي عن هَمَّامٍ، عن قَتادةَ، عن أنَس. وقد رَوَى بَعْضُهمْ عن قَتادةَ، عن سَعيدِ بن أبي الحَسنِ، قال: كانَتْ قَبِيعةُ سَيْفِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم من فِضّةٍ
(2)
.
17 - باب ما جاء في الدِّرْعِ
1787 -
حَدَّثَنَا أبو سَعيدٍ الأشَجُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بن بُكَير، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن يحيى بن عَبَّادِ بن عَبد الله بن الزُّبَيْر، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ عَبد الله
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (2583) و (2585)، والنسائي 8/ 219، وهو في "شرح مشكل الآثار"(1398) وما بعده.
قوله: "قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال صاحب "اللسان": وقبيعة السيف: هي التي تكون على رأس قائم السيف، وقيل: هي ما تحت شاربي السَّيف مما يكون فوق الغمد، فيجيء مع قائم السيف، والشاربان، أنفان طويلان أسفل القائم، أحدهما من هذا الجانب والآخر من هذا الجانب. وقيل: قبيعة السيف: رأسه الذي فيه مُنتهى اليد إليه. وقيل: قبيعته: ما كان على طرف مقبضه من فضة أو حديد.
(2)
رواية سعيد بن أبي الحسن المرسلة أخرجها أبو داود (2584)، والنسائي 8/ 219. وهي عند المصنف في "الشمائل المحمدية" (100)، وفي "شرح مشكل الآثار" (1401). قال أبو داود: أقوى هذه الأحاديث حديث سعيد بن أبي الحسن، والباقي كلها ضعاف.
ابن الزُّبَيْرِ
عن الزُّبَيْرِ بن العَوَّامِ، قال: كَانَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم دِرْعانِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَنهضَ إلى الصَّخْرةِ، فلم يَسْتطِعْ، فَأقْعَدَ طَلْحةَ تَحْتَهُ فَصَعِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتّى اسْتوَى على الصَّخْرةِ، فقال: سَمِعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "أوْجبَ طَلْحةُ"
(1)
.
وفي البابِ عن صَفْوانَ بنِ أُمَيَّةَ، والسَّائِبِ بن يَزِيدَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلّا من حديثِ محمدِ بن إسحاق.
18 - باب ما جاء في المِغْفَرِ
1788 -
حَدَّثَنَا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنَا مالكُ بن أنَسٍ، عن ابن شِهَابٍ
عن أنَس بن مالكٍ، قال: دَخلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عامَ الفَتْحِ، وعلى رأْسِهِ المِغْفَرُ، فقِيلَ لهُ: ابنُ خَطَلٍ مُتَعلِّقٌ بِأسْتارِ الكَعْبةِ، قال:"اقْتُلوهُ"
(2)
.
(1)
حديث حسن. وهو في "مسند أحمد"(1417)، و"صحيح ابن حبان"(6979)، و"شرح السنة" للبغوي (3915).
وسيأتي عند المصنَّف برقم (4071).
قوله: "أوجب طلحة" أي: عمل عملًا أوجب له الجنة.
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1846)، ومسلم (1357)، وأبو داود (2685)، وابن ماجه (2805)، والنسائي 5/ 200 - 201 و 201. وهو في "المسند" (12068)، و"صحيح ابن حبان" (3719) و (3721) و (3805). =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. لا نَعْرِفُ كَبِيرَ أحَدٍ رواهُ غيْرَ مالكٍ عن الزُّهْرِيِّ.
19 - باب ما جاء في فَضْلِ الخَيلِ
1789 -
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بن القاسمِ، عن حُصَينٍ، عن الشَّعْبيِّ
عن عُرْوةَ البارقيِّ، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الخَيْرُ مَعْقُودٌ في نَواصِي الخَيْلِ إلى يَوْمِ القِيامةِ الأجْرُ والمَغْنمُ"
(1)
.
= قال أبو داود: ابن خطل اسمه عبد الله، وكان أبو برزة الأسلمي قتله.
والمِغْفَر: ما غطَّى الرأس من السلاح كالبيضة وشبهها، من حديدٍ كان أو من غيره، أو هو حَلَقٌ يتقنَّع بها المتسلح.
قال البغوي في "شرح السنة" 7/ 305: فيه دليل على أنه لا يلزمه الإحرام لدخول مكة، واختلفوا فيه، فذهب قوم إلى أنه لا يلزمه الإحرام لدخولها، وهو قول ابن عمر، وإليه ذهب مالك والشافعي في أحد قوليه، كالمكي يخرج من الحرم ثم يدخل، لا يلزمه الإحرام. وذهب قوم إلى أنه يلزمه الإحرام، وقال قوم: يجب على غير الحطابين، وقيل: يجب على من داره وراء الميقات، وهو قول أصحاب الرأي.
وفي أمره بقتل ابن خطل دليل على أن الحرم لا يَعصِم من إقامة عقوبة وجبت على إنسان، ولا يوجبُ تأخيرها، وذلك أن ابن خطل كان بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه مع رجل من الأنصار، وأمَّر الأنصاريَّ عليه، فلما كان ببعض الطريق، وثب على الأنصاري فقتله، وذهب بماله، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقتله لخيانته،
قلنا: ذكر ابن إسحاق أن ابن خطل ارتد بعد قتل الأنصاري، ولحق بمكة، واتخذ قينتين تُغنيان له بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2850) و (2852)، ومسلم (1873)، =
وفي البابِ عن ابن عُمرَ، وأبي سَعيدٍ، وجَريرٍ، وأبي هُريرةَ، وأسْماءَ بِنْتِ يَزِيدَ، والمُغِيرةِ بن شُعبةَ، وجَابرٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وعُرْوةُ: هو ابن أبي الجَعْدِ الْبَارقِيُّ، ويُقالُ: عُرْوةُ بن الجَعْدِ.
قال أحمدُ بن حَنْبلٍ: وفِقْهُ هذا الحديثِ أنَّ الجِهادَ مَعَ كلِّ إِمامٍ إلى يَوْمِ القِيامةِ
(1)
.
20 - باب ما يُسْتَحبُّ من الخَيْلِ
1790 -
حَدَّثَنَا عَبد الله بن الصَّبَّاح الهَاشِميُّ البَصْريُّ، حَدَّثَنَا يَزيدُ بن هارُونَ، أخْبرنا شَيْبانُ هو ابن عبد الرحمنِ، حَدَّثَنَا عيسى بن عَليِّ بن عَبد الله بن عَبَّاس، عن أبيهِ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُمْنُ الخَيْلِ في الشُّقْرِ"
(2)
.
= وابن ماجه (2305)، والنسائي 6/ 22. وهو في "مسند أحمد" (19354)، و"شرح مشكل الآثار" (226).
(1)
وقد أورد الإمام البخاري في "صحيحه" حديث عروة البارقي تحت: باب الجهاد ماض مع البر والفاجر. قال الحافظ: وقد سبقه إلى الاستدلال بهذا الإمام أحمد، لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وفسره بالأجر والمغنم، المغنم المقترن بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد، ولم يقيد ذلك بما إذا كان الإمام عادلًا، فدل على أن لا فرق في حصول هذا الفضل.
(2)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (2545). وهو في "مسند أحمد"(2454). =
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلّا من هذا الوَجْهِ من حديثِ شَيْبانَ.
1791 -
حَدَّثنا أحمدُ بن محمدٍ، أخبرنا عَبد الله بن المُبَاركِ، أخبرنا ابن لَهِيعةَ، عن يَزيدَ بن أبي حَبِيبٍ، عن عُلَيِّ بن رَباحٍ
عن أبي قَتادةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"خَيْرُ الخَيْلِ الأدْهَمُ الأقْرحُ الأرثمُ، ثُمَّ الأقْرحُ المُحَجَّلُ طَلْقُ اليَمينِ، فَإِنْ لم يَكُنْ أدْهَمَ، فَكُمَيْتٌ على هذه الشِّيةِ"
(1)
.
1792 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بن جَرير، حَدَّثَنَا أبي، عن يحيى بن أيُّوبَ، عن يَزِيدَ بن أبي حَبِيبٍ بهذا الإِسنادِ، نَحوهُ بِمَعْناهُ
(2)
.
= قوله: "يمن الخيل"، قال السندي في حاشيته على "المسند": اليمن: البركة، والشُّقْر - بضم فسكون - جمع أشقر.
(1)
إسناده حسن، وأخرجه ابن ماجه (2789). وهو في "المسند"(22561).
قال السندي في حاشيته على "المسند": "الأدهم": الأسود. و"الأقرح": هو ما كان في جبهته قُرحة - بالضم - وهو بياض يسير دون الغُرة. و"الأرثم" بِراء ومثلَّثةٍ: هو الذي أنفه أبيض، وكذا شفته العليا. و"المحجل" اسم مفعول من التحجيل بتقديم المهملة على الجيم: هو الذي في قوائمه بياض. و"طلق اليمين" أي: مطلقها ليس فيها تحجيل. "فكميت" بضم الكاف مصغر: هو الذي لونه بين السواد والحمرة، يستوي فيه المذكر والمؤنث. "على هذه الشِّية" بكسر الشين: هو اللون المخالف لغالب اللون.
(2)
وأخرجه من طريق يحيى بن أيوب به: ابن ماجه (2789)، والحاكم 2/ 92، والبيهقي 6/ 330، وصححه ابن حبان (4676) لكنه قال: عن عقبة بن عامر أو أبي قتادة، ثم قال بإثره: الشك في هذا الخبر من يزيد بن أبي حبيب، =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ.
21 - باب ما يُكْرهُ من الخَيْلِ
1793 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يحيى بن سَعيدٍ، حَدَّثَنَا سُفيانُ، حدَّثنَا سَلْمُ بن عَبد الرحمنِ، عن أبي زُرْعة بن عَمْرو بن جَرِيرٍ
عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ كَرِهَ الشِّكالَ في الخَيْلِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وقد رواهُ شُعبةُ عن عَبدِ الله بن يَزِيدَ الخَثْعَمِيِّ، عن أبي زُرْعةَ، عن أبي هُريرةَ نَحوهُ.
وأبو زُرْعةَ بن عَمْرِو بن جَرِيرٍ اسْمُهُ: هَرِمٌ.
حَدَّثَنَا محمدُ بن حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن عُمارةَ بن القَعْقاعِ، قال: قال لِي إبراهيمُ النَّخَعيُّ: إذا حَدَّثْتَني فَحدِّثْني عن أبي زُرْعةَ، فإِنَّهُ حَدَّثَني مَرَّةً بِحديثٍ، ثُمَّ سَألْتُهُ بَعْدَ ذلكَ بِسِنينَ فَما أخْرَمَ مِنْهُ حَرْفًا.
= والخبر مشهور لعقبة بن عامر. كذا قال، والصواب: أنه من حديث أبي قتادة، فإن الحديث في جميع المصادر التي خرَّجته إنما روته من حديث أبي قتادة.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1875)، وأبو داود (2547)، وابن ماجه (2790)، والنسائي 6/ 219. وهو في "المسند" (7408)، و"صحيح ابن حبان" (4677).
والشِّكال: هو أن يكون الفرس في رجله اليمنى وفي يده اليسرى بياض، أو في يده اليمنى ورجله اليسرى.
22 - باب ما جاء في الرِّهَانِ
1794 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن الوَزِير، حَدَّثَنَا إسحاقُ بن يُوسُفَ الأزْرَقُ، عن سُفيانَ، عن عُبَيْدِ الله بن عُمرَ، عن نَافعٍ
عن ابن عُمرَ: أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم أجْرى المُضَمَّرَ من الخَيْلِ من الحَفْياءِ إلى ثَنيَّةِ الوَدَاع، وبَيْنهُمَا سِتَّةُ أمْيالٍ، وما لم يُضَمَّرْ من الخَيْلِ من ثَنيَّةِ الوَدَاعِ إلى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وبَيْنهُمَا مِيلٌ، وكُنْتُ فِيمَنْ أجْرَى، فَوثَبَ بِي فرسِي جِدَارًا
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرة، وجابرٍ، وعَائشةَ، وأنَسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ الثَّورِيِّ.
1795 -
حَدَّثَنَا أبو كُريْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن نَافِعِ بن أبي نَافِع
عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا سَبَقَ إلَّا في نَصْلٍ، أوْ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (420)، ومسلم (1870)، وأبو داود (2575)، وابن ماجه (2877)، والنسائي 6/ 225 - 226 و 226. وهو في "المسند" (4487)، و"صحيح ابن حبان" (4687).
قوله: "المضمَّر"، قال ابن الأثير: وتضمير الخيل: هو أن يُظاهر عليها بالعلف حتى تسمن، ثم لا تعلف إلا قوتًا لتخف، وقيل: تشد عليها سروجها، وتجلل بالأجلة حتى تعرق تحتها، فيذهب رهلُها، ويشتد لحمها.
"الحَفْياء" قال السندي في حاشيته على "المسند": بفتح حاء مهملة، وسكون فاء، ممدودة ويقصر: موضعٌ على أميال من المدينة، وقد يقال بتقديم الياء على الفاء.
خُفٍّ، أوْ حَافرٍ"
(1)
.
23 - باب ما جاء في كَرَاهيةِ أنْ تُنْزَى الحُمُرُ على الخَيْلِ
1796 -
حَدَّثَنَا أبو كُريْبٍ، حَدَّثَنَا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، حَدَّثَنَا موسى بن سَالمٍ أبو جَهْضَمٍ، عن عبد الله بن عُبَيْدِ الله بن عَبَّاسٍ
عن ابن عَبَّاس، قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَبْدًا مأْمُورًا، ما اخْتَصَّنا دُونَ النَّاسِ بشَيءٍ إلَّا بِثَلاثٍ: أمَرَنَا أنْ نُسْبِغَ الوُضُوءَ، وأنْ لا نَأْكُلَ الصَّدَقةَ، وأن لَا نُنْزِيَ حِمارًا على فَرسٍ
(2)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (2574)، وابن ماجه (2878)، والنسائي 6/ 226 و 227. وهو في "المسند" (7482)، و"صحيح ابن حبان" (4690).
قوله: "لا سَبَقَ"، قال السندي في حاشيته على "المسند": هو بفتحتين: ما يُجعل من المال على المسابقة، وبفتح وسكون: مصدر سبقت، والمشهور في الحديث الأولُ، والمعنى: لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في الإبل والخيل، وقد ألحق بهما آلات الحرب.
وقال البغوي في "شرح السنة" 10/ 394: ويدخل في معنى الخيل: البغال والحمير، وفي معنى الإبل: الفيل، وألحق بعضهم به الشدّ على الأقدام، والمسابقة عليها، وسئل ابنُ المسيب عن الدحو (أي الرمي) بالحجارة، فقال: لا بأس به.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (808)، وابن ماجه (426)، والنسائي 1/ 89 و 6/ 224 - 225. وهو في "المسند" (1977).
ورَوَى سُفيانُ الثَّورِيُّ عن أبي جَهْضَمٍ هذا، فقال: عن عُبَيْدِ الله بن عَبد الله بن عَبَّاسٍ، عن ابن عَبَّاسٍ
وسمعتُ محمدًا يقول: حديثُ الثوري غيرُ محفوظٍ، وهِمَ فيه الثوريُّ، والصحيحُ ما رَوى إسماعيلُ ابنُ عُلَيَّةَ، وعبدُ الوارثِ بن سعيدٍ، عن أبي جَهْضَمٍ، عن عبد الله بن عُبيد الله بن عباسٍ، عن ابنِ عباسٍ.
24 - باب ما جاء في الاستِفْتَاحِ بِصَعالِيكِ المُسْلِمينَ
1797 -
حَدَّثَنَا أحمدُ بن محمدٍ، أخبرنا ابن المُبَاركِ، حدثَّنَا عَبد الرحمنِ بن يَزِيدَ بن جابرٍ، حدثني زيْدُ بن أَرْطَاةَ، عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ
عن أبي الدَّردَاءِ، قال: سَمِعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "ابْغُوني ضُعَفاءَكُمْ، فإنَّما تُرْزقُونَ، وتُنْصَرُونَ بِضُعَفائِكُمْ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (2594)، والنسائي 6/ 45 - 46. وهو في "المسند" (21731)، و"صحيح ابن حبان" (4767).
قوله: "ابغوني"، من بغى كَرَمى، أو أبغى، أي: اطلبوا لي، وأعينوني على طلبهم، والمقصود واحد، وهو أنهم هم الأحقاء بمجالستي، وبالقرب مني، قال تعالى:{يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} [التوبة: 47]، أي: يطلبون لكم الفتنة. قاله السندي في حاشيته على "المسند".
25 - باب ما جاء في الأَجْرَاسِ على الخَيْلِ
1798 -
حَدَّثَنَا قُتيبةُ، حَدَّثَنَا عَبد العزيزِ بن محمدٍ، عن سُهَيْلِ بن أبي صَالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَصْحبُ المَلائِكةُ رُفْقةً فِيها كلْبٌ ولا جَرَسٌ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
26 - باب من يُسْتَعْملُ على الحَرْبِ
1799 -
حَدَّثَنَا عَبد الله بن أبي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الأحْوَصُ بن جَوَّابٍ أبو الجَوَّابِ، عن يُونُسَ بن أبي إسحاقَ، عن أبي إسحاق
عن البَراءِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعثَ جَيْشَيْنِ، وأمَّرَ على أحدِهِما عَليَّ بنَ أبي طَالبٍ، وعلى الآخَرِ خَالدَ بن الوَليدِ، وقال:"إذا كَانَ القِتالُ فَعَليٌّ". قال: فافْتَتَحَ عَليٌّ حِصْنًا، فأخَذَ مِنْهُ جاريةً، فكتبَ معِي خالدٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَشِي بهِ، فَقدِمْتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقرأ الكِتابَ، فَتغَيَّرَ لَوْنُه، ثُمَّ قال:"ما تَرى في رَجُلٍ يُحبُّ اللهَ ورَسولَهُ، ويُحِبُّهُ اللهُ ورَسولُه"،؟ قُلْتُ: أعُوذُ بالله من غَضبِ الله وغَضبِ رسولِه، وإنَّما أنا رَسولٌ، فَسَكَتَ
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2113)، وأبو داود (2555)، والنسائي في الملائكة من "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 9/ 395. وهو في "مسند أحمد" (7566)، و"صحيح ابن حبان" (4703).
(2)
إسناده حسن، وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 79. =
وفي البابِ عن ابن عُمرَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لَا نَعْرِفه إلَّا من حديثِ الأحْوَصِ بن جَوَّابٍ.
ومعنى قَوْله: "يَشي بهِ" يَعْني: النَّمِيمةَ.
27 - باب ما جاء في الإِمَامِ
1800 -
حَدَّثَنَا قُتيبةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"ألا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِه، فالأميرُ الَّذي على النَّاسِ راعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِه، والرَّجُلُ راعٍ على أهْلِ بَيْتِه وهو مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، والمَرْأةُ راعِيةٌ على بَيْتِ بَعْلِها وهي مَسْؤُولةٌ عَنْهُ، والعَبْدُ راعٍ على مالِ سَيِّدهِ وهو مسْؤُولٌ عَنه، ألَا فَكُلُّكُم رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عن رعِيَّتِه"
(1)
.
= وأصل الحديث في "صحيح البخاري"(4349).
وفي الباب عن عمران بن حصين، سيأتي عند المصنف برقم (4045)، وعن بريدة عند الإمام أحمد في "مسنده"(23012).
وسيكرر الحديث عند المصنف برقم (4059).
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (893)، ومسلم (1829)، وأبو داود (2928)، والنسائي في "الكبرى"(9173). وهو في "مسند أحمد"(4495)، و"صحيح ابن حبان"(4489).
قوله: "كلكم راعٍ"، قال السندي في حاشيته على "المسند": الراعي ها هنا: =
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وأنَسٍ، وأبي موسى.
حديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(1)
.
وحديثُ أبي موسى غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وحديثُ أنَسٍ غَيْرُ مَحْفُوظٍ.
رواهُ إبراهيمُ بن بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، عن سُفيانَ بن عُيينةَ، عن بُرَيْدِ بن عَبد الله بن أبي بُرْدةَ، عن أبي بُرْدةَ، عن أبي موسى، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
1801 -
أخْبرني بِذلكَ محمد، عن إبراهيمَ بن بَشَّارٍ.
قال محمد: ورَوَى غَيْرُ واحدٍ عن سُفيانَ، عن بُرَيْدٍ، عن أبي بُرْدةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا وهذا أصَحُّ.
قال محمدٌ: ورَوَى إسحاقُ بن إبراهيمَ، عن مُعاذِ بن هِشَامٍ، عن أبيهِ، عن قتادةَ.
عن أنَسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا
= من يجب عليه حفظُ شيء، وضمن التعهد به. والرعية - فعلية بمعنى مفعول -: من يجب حفظُهم والقيامُ بأمرهم على الغير، وقيل: الرعيةُ من شَمِلَه حفظُ الراعي ونظرُه، وقيل: كلُّكم راعٍ، ولا أقل من كونه راعيًا على أعضائه وجوارحه وقواه، مسؤول عما يجب عليه رعايته، ثم الخطاب في الحديث لأهل التكليف، والله تعالى أعلم.
(1)
لفظة "صحيح" سقطت من (ب).
(2)
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 140، وابن عدي في "الكامل" 1/ 265.
اسْتَرْعاهُ"
(1)
.
سَمِعتُ محمدًا يقولُ: هذا غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وإنَّما الصَّحِيحُ عن مُعاذِ بن هِشامٍ، عن أبيهِ، عن قَتادةَ، عن الحَسنِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا
(2)
.
28 - باب ما جاء في طاعةِ الإمامِ
1802 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن يحيى، حَدَّثَنَا محمدُ بن يُوسُفَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بن أبي إسحاقَ، عن العَيْزَارِ بن حُرَيْثٍ
عن أُمِّ الحُصَيْنِ الأحْمَسيَّةِ، قالت: سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ في حَجَّةِ الوَداعِ وعَليْهِ بُرْدٌ قَدِ التفَعَ بهِ من تَحْتِ إِبْطِه، قالت: فأنا أنْظُرُ إلى عَضَلَةِ عَضُدِه تَرْتجُّ، سَمِعتُه يَقولُ: "يا أيُّها النَّاسُ اتَّقُوا الله وإنْ أُمِّرَ عَليْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فاسْمَعُوا لهُ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(9174). وهو في "صحيح ابن حبان"(4492).
(2)
أخرجه النسائي في "الكبرى"(9175). وهو في "صحيح ابن حبان"(4493)، ورجاله رجال الشيخين.
وتعقَّب الحافظُ ابنُ حجر في "النكت الظراف" 1/ 355 المصنفَ بقوله: كون إسحاف حدَّث عن معاذ بالموصول والمرسل معًا في سياق واحد يدل على أنه لم يهم فيه، وإسحاق إسحاق.
وأطِيعُوا ما أقامَ لَكُمْ كِتَابَ الله"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وعِرْباضِ بن سَارِيةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، قد رُوِي من غَيْرِ وَجْهٍ عن أُمِّ حُصَيْنٍ.
29 - باب ما جاء لا طَاعةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعْصيةِ الخَالِقِ
1803 -
حَدَّثَنَا قُتيبةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عن عُبَيْدِ الله بن عُمرَ، عن نَافعٍ
عن ابن عُمرَ، قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"السَّمْعُ والطَّاعةُ على المرءِ المُسْلمِ فِيما أحَبَّ وكَرِهَ ما لم يُؤْمَرْ بِمَعْصيةٍ، فإنْ أُمِرَ بِمَعْصيةٍ، فلا سَمْعَ عَليْهِ ولا طَاعةَ"
(2)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وعِمْرانَ بن حُصَيْنٍ، والحَكَمِ بن عَمْرٍو الغِفَاريِّ.
وهذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1298)، وابن ماجه (2861)، والنسائي 7/ 154. وهو في "مسند أحمد" (16646) و (27260)، و"صحيح ابن حبان" (4564).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2955)، ومسلم (1839)، وأبو داود (2626)، وابن ماجه (2864)، والنسائي 7/ 160. وهو في "مسند أحمد" (4668).
30 - باب ما جاء في كرَاهيةِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ البَهائِمِ والضَّرْبِ والوَسْمِ في الوَجْهِ
1804 -
حَدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يحيى بنُ آدَمَ، عن قُطْبةَ بن عَبد العزِيزِ، عن الأعْمَشِ، عن أبي يحيى، عن مُجاهِدٍ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: نَهى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن التَّحْرِيشِ بَيْنَ البَهائِمِ
(1)
.
1805 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن المُثنَّى، حَدَّثَنَا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيًّ، عن سُفيانَ، عن الأعْمْشِ، عن أبي يحيى
عن مُجاهِدٍ: أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن التَّحْرِيشِ بَيْنَ البَهائِم
(2)
. ولم يَذْكُرْ فيهِ: عن ابن عَبَّاسٍ، ويُقالُ: هذا أصحُّ من حديثِ قُطْبةَ
(3)
.
ورَوَى شَرِيكٌ هذا الحديثَ عن الأعْمَشِ، عن مُجاهِدٍ، عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوهُ، ولم يَذْكُرْ فيهِ: عن أبي يحيى
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أبي يحيى - وهو القتَّات - ثم إنه اضطرب فيه، فتارة وصله وتارة أرسله كما أخرجه المصنف بعد هذا.
وأخرجه أبو داود (2562).
(2)
إسناده ضعيف لضعف أبي يحيى القتات.
(3)
قال المباركفوري في شرحه: أي: حديث سفيان المرسل أصح من حديث قطبة المتصل، لأن سفيان أحفظ وأتقن من قطبة، قلنا: لكن يبقى في السند أبو يحيى القتات وهو علة الحديث.
(4)
وقع بعد هذا في المطبوع: "حدثنا بذلك أبو كريب، عن يحيى بن آدم، =
ورَوَى أبو مُعاويةَ عن الأعْمَشِ عن مُجاهدٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوهُ
(1)
.
وفي البابِ عن طَلْحةَ، وجَابرٍ، وأبي سَعيدٍ، وعِكْراشِ بن ذُؤَيْبٍ
(2)
.
31 - باب
1806 -
حَدَّثَنَا أحمدُ بن مَنِيع، حَدَّثَنَا رَوْحُ بن عُبادةَ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جَابرٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عن الوَسْمِ
(3)
في الوَجْهِ
= عن شريك" ولم يرد في أصولنا الخطية.
(1)
وقع في المطبوع بعد هذا: "ورواه ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، مرفوعًا. وأبو يحيى: هو القتَّات الكوفي، ويقال: اسمه: زاذان" ولم يرد هذا في شيء من أصولنا الخطية، قلنا: وهذا السند ضعيف، لضعف ليث - وهو ابن أبي سليم - وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(1232) من طريق أبي جعفر الرازي، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر أنه كره أن يُحرش بين البهائم. أبو جعفر والليث ضعيفان، ثم هو موقوف.
(2)
قوله: وفي الباب، إلى هنا، كذا جاء في الأصول بإثر حديث النهي عن التحريش بين البهائم، وحَقُّهُ أن يذكر بعد حديث جابر الذي فيه النهي عن الوسم في الوجه، فإن هذه الأحاديث إنما جاءت في معناه، فحديث طلحة رواه البزار في "مسنده"(948)، وأبو يعلى (651)، وحديث جابر هو الآتي، وحديث أبي سعيد الخدري عند ابن أبي شيبة 5/ 407، وحديث عكراش بن ذؤيب أخرجه أبو بكر الشافعي في "فوائده" نقله الحافظ العراقي في "شرحه" وكلها في النهي عن الوسم.
(3)
في (أ) و (س) ونسخة في (ب): "الوشم" بالثمين، والمثبت من (ب) و (د) و (ظ).
والضَّربِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
32 - باب ما جاء في حَدِّ بُلُوغِ الرَّجُلِ ومَتى يُفْرَضُ لهُ
1807 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن الوَزِيرِ الوَاسِطيُّ، حَدَّثَنَا إسحاقُ بن يُوسُفَ، عن سُفيانَ، عن عُبَيْدِ الله بن عُمرَ، عن نَافعٍ
عن ابن عُمرَ، قال: عُرِضْتُ على رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم في جَيْشٍ وأنا ابنُ أرْبعَ عَشْرةَ، فلم يَقْبَلْني، ثُمَّ عُرِضْتُ عَليْهِ من قابلٍ في جَيْشٍ وأنا ابن خَمْسَ عَشْرةَ، فَقبِلَني.
قال نَافعٌ: فَحدَّثْتُ بهذا الحديثِ عُمرَ بن عَبد العزيزِ، فقال: هذا حدُّ مَا بَيْنَ الصَّغِيرِ والكَبيرِ، ثُمَّ كَتبَ أنْ يُفْرضَ لِمَنْ بَلغَ الخَمْس عَشْرَةَ
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2116). وهو في "مسند أحمد"(14424)، وقد صرح ابن جريج وأبو الزبير بالتحديث عندهما.
قوله: "الوسم في الوجه": هو الكي في الوجه، علامة له يُعرَف بها.
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 14/ 97: وأما وسم غير الوجه من الآدمي فجائز بلا خلاف عندنا، لكن يستحب في نَعم الزكاة والجزية، ولا يستحب في غيرها ولا ينهى عنه.
قلنا: وروى البخاري في "صحيحه"(1502) في الزكاة تحت باب: وسم الإمام إبل الصدقة بيده عن أنس بن مالك، قال: غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة ليُحَنَّكه، فوافيتُه في يده الميسم يسُم إبل الصدقة.
(2)
حديث صحيح، وقد سلف عند المصنَّف برقم (1411).
1808 -
حَدَّثَنَا ابن أبي عُمرَ، حَدَّثَنَا سُفيانُ، عن عُبَيْدِ الله نَحوهُ بِمَعْناهُ، إلّا أنَّهُ قال: قال عُمرُ: هذا حَدُّ ما بَيْنَ الذُّرِّيَّةِ والمُقَاتِلةِ، ولم يَذْكُرْ أنَّهُ كَتبَ أنْ يُفْرَضَ
(1)
.
حديثُ إسحاقَ بن يُوسفَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ.
33 - باب ما جاء فِيمَنْ يُسْتَشْهدُ وعَليْهِ دَيْنٌ
1809 -
حَدَّثَنَا قُتيبةُ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عن سَعيدِ بن أبي سَعيدٍ عن عَبد الله بن أبي قَتادةَ
عن أبيهِ: أنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عن رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قامَ فيهم، فَذكَرَ لَهُمْ أنَّ الجِهَادَ في سَبيلِ الله والإِيمانَ بالله أفْضَلُ الأعْمالِ، فقامَ رَجُلٌ، فقال: يا رَسولَ الله، أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبِيلِ الله تُكَفَّرُ عَنِّي خَطايايَ؟ فقال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ، إنْ قُتِلْتَ في سَبيلِ الله وأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ" ثُمَّ قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ قُلْتَ"؟ قال: أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبِيلِ الله، أتُكَفَّرُ عَنِّي خَطايَايَ؟ فقال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ، وأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ إلّا الدَّيْنَ، فإنَّ جِبْرِيلَ قال لِي ذلكَ"
(2)
.
وفي البابِ عن أنَسٍ، ومحمدِ بن جَحشٍ، وأبي هُريرةَ.
(1)
انظر ما قبله.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1885)، والنسائي 6/ 34 و 35. وهو في "مسند أحمد" (22542)، و"صحيح ابن حبان" (4654).
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
ورَوَى بَعْضُهمْ هذا الحديثَ عن سَعيدٍ المَقْبُريِّ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحو هذا
(1)
.
ورَوَى يحيى بن سَعيدٍ الأنْصارِيُّ وغَيْرُ واحدٍ نَحو هذا عن سَعيدٍ المَقْبُرِيِّ، عن عَبد الله بن أبي قَتادةَ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا أصحُّ من حديثِ سَعيدٍ المَقْبُرِيِّ، عن أبي هُريرةَ.
34 - باب ما جاء في دَفْنِ الشُّهداءِ
1810 -
حَدَّثَنَا أزْهَرُ بن مَرْوانَ البَصْريُّ، حَدَّثَنَا عَبدُ الوارثِ بن سَعيدٍ، عن أيُّوبَ، عن حُمَيْدِ بن هِلَالٍ، عن أبي الدَّهْماءِ
عن هِشَامِ بن عَامر، قال: شُكِي إلى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم الجِرَاحاتُ يَوْمَ أُحُدٍ، قال:"احْفِرُوا وأوْسِعُوا وأحْسِنُوا، وادْفِنُوا الاثْنَيْن والثَّلاثةَ في قَبْرٍ واحدٍ، وقَدِّمُوا أكْثرَهُمْ قُرْآنًا" فَماتَ أبي، فَقُدِّمَ بَيْنَ
(1)
أخرجه النسائي 336، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(12)، وأبو يعلى (6602) من طريقين عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
وقد صوَّب الدارقطني في "العلل" 6/ 135 و 8/ 144 رواية المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، ووهمها عن أبي هريرة. قلنا: وقد تابع سعيدًا المقبريَّ على روايته هذا الحديث عن أبي هريرة عياضُ بن عبد الله بن أبي سرح عند الإمام أحمد في "مسنده"(8075)، فلا يَبْعُد أن يكون الحديث عن سعيد على الوجهين.
يَديْ رَجُليْنِ
(1)
.
وفي البابِ عن خَبَّابٍ، وأنَسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
ورَوَى سُفيانُ الثَّوْرِيُّ وغَيْرُهُ هذا الحديثَ، عن أيُّوبَ، عن حُمَيْدِ بن هِلَالٍ، عن هِشَامِ بن عَامرٍ
(2)
.
وأبو الدَّهْماءِ اسْمُه: قِرْفةُ بن بُهَيْسٍ.
35 - باب ما جاء في المَشُورةِ
1811 -
حَدَّثنا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أبو مُعاويةَ، عن الأعْمَشِ، عن عَمْرِو بن مُرَّةَ، عن أبي عُبَيْدَةَ
عن عَبد الله، قال: لما كانَ يَوْمُ بَدْرٍ وجِيءَ بالأُسَارى، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ما تَقولُونَ في هؤُلاء الأُسَارى؟ " وذكَرَ قِصَّةً طَوِيلةً
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3215) و (3216) و (3217)، وابن ماجه (1560)، والنسائي 4/ 80 و 81 و 83. وهو في "مسند أحمد" (16262).
قوله: "احفروا" أي: لا تحفروا لكل ميت قبرًا على حدة، بل وسعوا قبرًا واحدًا، واجمعوا فيه أمواتًا.
(2)
طريق حميد بن هلال عن هشام بن عامر هي بعض روايات أبي داود والنسائي المذكورة آنفًا، وهي في "مسند أحمد"(16251) وفيه فصَّلنا طرق هذا الحديث.
(3)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو عبيدة لم يسمع من عبد الله بن =
وفي الباب عن عُمرَ، وأبي أيُّوبَ، وأنَسٍ، وأبي هُريرةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ، وأبو عُبَيْدَةَ لم يَسْمعْ من أبيهِ.
ويُرْوى عن أبي هُريرةَ، قال: ما رأيْتُ أحَدًا أكْثَرَ مشُورَةً لأصْحابِهِ من رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
36 - باب ما جاء لا تُفادَى جِيفةُ الأسِيرِ
1812 -
حَدَّثَنَا محمودُ بن غَيْلانَ، حَدَّثَنَا أبو أحمدَ، حَدَّثَنَا سُفيانُ، عن ابن أبي لَيْلى، عن الحَكمِ، عن مِقْسَمِ
عن ابن عَبَّاسٍ: أنَّ المُشْرِكينَ أرَادُوا أنْ يَشْترُوا جَسدَ رَجُلٍ من المشْرِكينَ، فَأبى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يَبِيعَهُمْ
(2)
.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفهُ إلّا من حديثِ الحَكمِ، ورَواهُ الحَجَّاجُ بن أرْطاةَ أيْضًا عن الحَكمِ.
= مسعود. وأخرجه مطولًا أحمد في "مسنده"(3632).
وفي الباب عن عمر عند مسلم (1763)، وأحمد (208).
وعن أنس عند أحمد (13555).
وعن ابن عمر عند الحاكم 2/ 329.
(1)
قطعة من حديث صحيح مطول رواه عبد الرزاق (9720)، والبخاري (2731) و (2732)، وأحمد (18928) عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور ومروان، إلا أن هذه القطعة جاءت عند غير البخاري هكذا: قال الزهري: وكان أبو هريرة يقول: ما رأيت
…
إلخ، فهي مرسلة، لأن الزهري لم يسمع من أبي هريرة، ولذا حذفها البخاري من روايته.
(2)
إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى، وهو في "مسند أحمد"(2230).
وقال أحمدُ بن الحَسنِ: سَمِعتُ أحمدَ بن حَنْبلٍ يَقولُ: ابن أبي لَيْلى لا يُحْتجُّ بِحديثِه.
قال محمدُ بن إسماعيلَ: ابن أبي لَيْلى صَدُوقٌ، ولكنْ لا يُعْرَفُ صَحيحُ حديثِه من سَقِيمِه، ولا أرْوِي عَنْهُ شَيْئًا.
وابن أبي لَيْلى صَدُوقٌ فَقِيهٌ، ورُبّما يَهِمُ في الإِسْنادِ.
حَدَّثَنَا نَصْرُ بن عَليٍّ، حَدَّثَنَا عَبد الله بن دَاوُدَ، عن سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، قال: فُقَهاؤُنا ابن أبي لَيْلى وعَبد الله بن شُبْرُمة.
37 - باب
(1)
1813 -
حَدَّثَنَا ابن أبي عُمرَ، حَدَّثَنَا سُفيانُ، عن يَزِيدَ بن أبي زيَادٍ، عن عَبد الرحمنِ بن أبي لَيْلى
عن ابن عُمرَ، قال: بَعثَنا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيَّةٍ، فحَاصَ النَّاسُ حَيْصةً، فَقدِمْنا المَدِينةَ فاخْتَبأْنا بِها، وقُلْنا: هَلكْنا، ثُمَّ أتَيْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنا: يا رَسولَ الله، نَحْن الفَرَّارُونَ. قال:"بَلْ أنْتمُ العَكَّارُونَ وأنا فِئَتُكُمْ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ لا نَعْرِفُه إلّا من حديثِ يَزِيد بن أبي زِيَادٍ.
(1)
في المطبوع: "باب ما جاء في الفرار من الزحف"، ولم يرد هذا العنوان في أصولنا الخطية.
(2)
يزيد بن أبي زياد هو الكوفي أحد علماء الكوفة المشاهير على سوء حفظه، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (2647) و (5223). وهو في "مسند أحمد"(5384)، و"شرح مشكل الآثار"(900).
ومَعْنى قَوْلِه: فحاصَ النَّاسُ حَيْصةً: يَعْني أنَّهُمْ فَرُّوا من القِتَالِ. ومَعْنى قَوْلِه: "بَلْ أنْتُمُ العَكَّارونَ" والعَكّارُ: الَّذِي يَفِرُّ إلى إمَامِه لِيَنْصُرَهُ لَيْسَ يُريدُ الفِرَارَ من الزَّحْفِ.
38 - باب
(1)
1814 -
حَدَّثَنَا محمودُ بن غَيْلانَ، حَدَّثَنَا أبو دَاوُدَ، حدَّثَنَا شُعبةُ، عن الأسْوَدِ بن قَيْسٍ، قال: سَمِعتُ نُبيْحًا
(2)
العَنَزِيَّ يُحَدِّثُ
عن جابرِ بن عبد الله، قال: لَمَّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ جَاءَتْ عَمَّتي بأبي لِتَدْفِنَهُ في مَقابرِنا، فنادَى مُنَادِي رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم: رُدُّوا القَتْلى إلى مَضاجِعِها
(3)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
في المطبوع: "باب ما جاء في دفن القتيل في مقتله" ولم يرد هذا في أصولنا الخطية.
(2)
رُسمت في جميع الأصول الخطية "نُبيح" بدون ألف، والجادة ما أثبتنا، وإن كان ذلك جائزًا، فقد ثبت ذلك في أصول صحيحة عتيقة من كتب الحديث وغيرها بخطوط علماء أجلاء، لهم قدم راسخة في اللغة، فقد جاء في "صحيح البخاري"(3832)، و"صحيح مسلم" (1240):"ويجعلون المحرَّمَ صفر"، وعلق عليه الحافظ بقوله: كذا هو في جميع الأصول من "الصحيحين"، قال النووي: كان ينبغي أن يكتب بالألف، ولكن على تقدير حذفها، لا بد من قراءتها منصوبًا، لأنه مصروف بلا خلاف. يعني والمشهور عن اللغة الربيعية كتابة المنصوب بغير ألف، فلا يلزم من كتابته بغير ألف أن لا يصرف فيقرأ بالألف.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3165)، وابن ماجه (1516)، والنسائي 4/ 79. وهو في "المسند" (14169)، و"صحيح ابن حبان" (3183).
39 - باب ما جاء في تَلقِّي الغَائِبِ إذا قَدِمَ
1815 -
حَدَّثَنَا ابن أبي عُمرَ وسَعيدُ بن عَبد الرحمنِ، قالا: حَدَّثَنَا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن الزُّهْرِيِّ
عن السَّائِبِ بن يَزِيدَ، قال: لَمَّا قَدِمَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم من تَبُوكَ خَرجَ النَّاسُ يَتلَقّوْنَهُ إلى ثَنِيَّةِ الوَداعِ، قال السَّائبُ: فَخرَجْتُ مَعَ النَّاسِ وأنا غُلامٌ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
40 - باب ما جاء في الفَيْءِ
1816 -
حَدَّثنا ابن أبي عُمرَ، حَدَّثَنَا سُفيانُ، عن عَمْرِو بن دِينَارٍ، عن ابن شِهَابٍ، عن مالكِ بن أوْسِ بن الحَدَثَانِ، قال:
سَمِعتُ عُمرَ بن الخَطَّابِ يَقولُ: كانَتْ أمْوالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أفاءَ الله على رسوله مِمَّا لم يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عَليْهِ بِخَيْلٍ ولا رِكَابٍ، فكانَتْ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم خَالِصًا، فكانَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعْزِلُ نَفقةَ أهْلِه سَنةً، ثُمَّ يَجْعلُ ما بَقِي في الكُراعِ والسِّلاحِ عُدَّةً في سَبيلِ الله
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3083)، وأبو داود (2779). وهو في "المسند"(15721)، و"صحيح ابن حبان"(4792).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2904)، ومسلم (1757)، وأبو داود (2965)، والنسائي 7/ 132. وهو في "مسند أحمد" (172)، و"صحيح ابن حبان" (6357).
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(1)
.
(1)
وقع بعد هذا في المطبوع: "وروى سفيان بن عيينة هذا الحديث عن معمر عن ابن شهاب". ولم يرد ذلك في أصولنا الخطية.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب اللِّباس عن رسول لله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء في الحَرِيرِ والذَّهبِ للرِّجال
1817 -
حَدَّثَنَا إسحاقُ بن مَنصورٍ، أخبرنا عبد الله بن نُميرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن عُمرَ، عن نَافعٍ، عن سَعيدِ بن أبي هِنْدٍ
عن أبي موسى الأشْعَرِيِّ: أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِيرِ والذَّهَبِ على ذُكُورِ أُمَّتي وأُحِلَّ لإِنَاثِهم"
(1)
.
وفي البابِ عن عمرَ، وعَليٍّ، وعُقْبةَ بن عَامرٍ، وأُمِّ هانِئ، وأَنسٍ، وحُذَيْفةَ، وعَبد الله بن عَمْرٍو، وعِمْرانَ بن حُصَيْنٍ، وعَبد الله بن الزُّبَيْرِ، وجَابرٍ، وأبي رَيْحانةَ، وابن عُمرَ، والبَرَاء.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1818 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعاذُ بن هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن قَتادةَ، عن الشَّعْبيِّ، عن سُويْدِ بن غَفَلةَ
عن عُمرَ: أنَّهُ خَطبَ بالجَابِيةِ، فقال: نَهى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن
(1)
حديث صحيح بشواهده، وأخرجه النسائي 8/ 161 و 190. وهو في "المسند" (19502)، و"شرح مشكل الآثار" (4823).
الحَريرِ، إلَّا مَوْضِعَ أُصبُعيْنِ أو ثَلاثٍ أو أرْبَعٍ
(1)
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
2 - باب ما جاء في الرُّخْصةِ في لُبْسِ الحَرِيرِ في الحَرْبِ
1819 -
حَدَّثَنَا محمودُ بن غَيْلانَ، حَدَّثَنَا عَبدُ الصَّمَدِ بن عَبد الوارثِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتادةُ
عن أنَسِ بن مَالكٍ: أنَّ عَبد الرحمنِ بن عَوْفٍ والزُّبَيْرَ بن العَوَّامِ شَكَيا القَمْلَ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ لَهُما، فَرَخَّصَ لَهُما في قُمُصِ الحَرِيرِ، قال: ورَأيْتُه عَليْهِمَا
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
حديث صحيح، وقد روي مرفوعًا وموقوفًا، وكلا الطريقين محفوظان.
وأخرجه مرفوعًا مسلم (2069)(15)، وأبو داود (4042)، والنسائي في "الكبرى"(6930). وهو في "مسند أحمد"(365)، و"صحيح ابن حبان"(5441).
وأخرجه موقوفًا النسائي في "المجتبى" 8/ 202.
وأخرجه بنحوه مرفوعًا البخاري (5828)، ومسلم (2069)، وابن ماجه (2820) و (3593)، والنسائي 8/ 202. وانظر "المسند" (92).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2920)، ومسلم (2076)، وأبو داود (4056)، وابن ماجه (3592)، والنسائي 8/ 202. وهو في "مسند أحمد" (12230)، و"صحيح ابن حبان" (5432).
3 - باب
1820 -
حَدَّثَنَا أبو عَمَّار، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بن موسى، عن محمدِ بن عَمْرٍو، حَدَّثَني وَاقدُ بن عَمْرِو بن سَعْدِ بن مُعاذٍ، قال:
قَدِمَ أنَسُ بن مَالكٍ فأتَيْتُه، فقال: من أنْتَ؟ فَقُلْتُ: أنا واقِدُ بن عَمْرِو، قال: فَبكَى وقال: إنَّكَ لَشَبيهٌ بِسَعْدٍ، وإنَّ سَعْدًا كانَ من أعْظَمِ النَّاسِ وأطْولِهم
(1)
، وإنَّهُ بُعِثَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم جُبَّةٌ من دِيبَاجٍ مَنْسُوجٌ فيها الذَّهَبُ، فَلبِسَها رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَصعِدَ المِنْبرَ فَقامَ، أو قَعدَ، فَجعلَ النَّاسُ يَلْمِسُونَها، فقالُوا: ما رَأيْنا كاليَوْمِ ثَوْبًا قَطُّ. فقال: "أتَعْجَبُونَ من هذه؟ لَمنَادِيلُ سَعْدٍ في الجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَرَوْنَ"
(2)
.
(1)
كذا في نسخة على هامش (ب)، وفي باقي الأصول: وأطوله.
(2)
إسناده حسن، محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - صدوق حسن الحديث، وحديثه في "الصحيحين" مقرون، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 144 والنسائي 8/ 199 من طرق عن محمد بن عمرو بهذا الإسناد، وهو في "مسند أحمد"(12223)، و"صحيح ابن حبان"(7037).
وأخرجه البخاري (2615)، ومسلم (2469) من طريقين، عن يونس بن محمد، عن شيبان، عن قتادة، حدثنا أنس قال: اهدي للنبي صلى الله عليه وسلم جُبَّة سندسٍ، وكان ينهى عن الحرير، فعجب الناس منها، فقال:"والذي نفس محمد بيده، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا" وقوله: وكان ينهى - أي: النبي صلى الله عليه وسلم عن الحرير هكذا وفع في رواية شيبان، عن قتادة، ووقع في رواية سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم لبسها قبل أن ينهى عن الحرير، رواه أحمد (13148) عن روح بن عبادة، وأبو عوانة في المناقب كما في "إتحاف =
وفي البابِ عن أسْماءَ بِنْتِ أبي بَكْرٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
4 - باب ما جاء في الرُّخْصةِ في الثَّوْبِ الأحْمرِ للرِّجَالِ
1821 -
حَدَّثَنَا محمودُ بن غَيْلانَ، حَدَّثَنَا وكِيعٌ، حَدَّثَتَا سُفيانُ، عن أبي إسحاقَ
عن البَرَاءِ، قال: ما رَأيْتُ من ذي لِمَّةٍ في حُلّةٍ حَمْراءَ أحْسنَ من رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، لهُ شَعْرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ، بَعيدُ ما بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، لم يَكُنْ بالقَصِيرِ ولا بالطَّويلِ
(1)
.
= المهرة" 2/ 216، وأحمد (13455) عن عبد الوهاب بن عطاء، وابن حبان (7038) عن محمد بن سواء، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عروبة، به.
ورواه البزار (2702 - كشف الأستار) عن محمد بن المثنى، عن سالم بن نوح، عن عمر بن عامر، عن قتادة، عن أنس أن أكيدر دومة بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبة سندسٍ فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعجب الناس منها فقال:"أتعجبون من هذه؟ "
…
الحديث وهو في "صحيح مسلم" بإثر (2469) عن محمد بن بشار، عن سالم بن نوح، بهذا الإسناد إلا أنه لم يَسُق لفظَه.
وقال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" 7/ 226: إنما لبسها صلى الله عليه وسلم حين كان ذلك مباحًا.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3549) و (3551) و (5901)، ومسلم (2337)، وأبو داود (4072) و (4183)، وابن ماجه (3599)، والنسائي 8/ 133 و 183 و 203، وهو في "المسند"(18473) و (18558)، و"صحيح ابن حبان"(6284) و (6285).
قوله: "ذي لمة" قال ابن الأثير في "النهاية": اللِّمَّة من شعر الرأس: دُون =
وفي البابِ عن جَابرِ بن سَمُرةَ، وأبي رِمْثةَ، وأبي جُحَيْفةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
5 - باب ما جاء في كرَاهيةِ المُعَصْفَرِ للرِّجَالِ
1822 -
حَدَّثَنَا قُتيبةُ، حَدَّثَنَا مالكُ بن أنَسٍ، عن نافعٍ، عن إبراهيمَ بن عَبد الله بن حُنَيْنٍ، عن أبيهِ
عن عَليٍّ، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن لبْسِ القَسِّيِّ والمُعصْفَرِ
(1)
.
وفي البابِ عن أنسٍ، وعَبد الله بن عَمْرٍو.
حديثُ عَليًّ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
6 - باب ما جاء في لُبْسِ الفِرَاءِ
1823 -
حَدَّثَنَا إسماعيلُ بن موسى الفَزَارِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سَيْفُ بن هارُونَ، عن سُليْمانَ التَّيْميَّ، عن أبي عُثمانَ
عن سَلْمانَ، قال: سُئِلَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن السَّمْنِ والجُبْن والفِرَاءِ؟ فقال: "الحَلالُ ما أحَلَّ الله في كتَابِه، والحَرامُ مَا حَرَّمَ الله في كتابِه، وما سَكتَ عَنْهُ، فهُو مِمَّا عَفا عَنْهُ"
(2)
.
= الجُمَّة، سميت بذلك، لأنها ألَمَّت بالمنكِبين، فإذا زادت فهي الجُمَّة.
(1)
حديث صحيح، وقد سلف برقم (264).
(2)
حديث حسن لغيره. وهذا سند ضعيف لضعف سيف بن هارون وأخرجه ابن ماجه (3367).
وفي الباب عن أبي الدرداء، أخرجه الحاكم 2/ 375، والبيهقي 10/ 12. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 171: رواه البزار والطبراني في "الكبير"، وإسناده =
وفي البابِ عن المُغِيرَةِ.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه مَرْفُوعًا إلَّا من هذا الوَجْهِ.
ورَوَى سُفيانُ وغَيْرُه عن سُلَيْمانَ التَّيْميِّ، عن أبي عُثمانَ، عن سلْمانَ قَوْلهُ. وكأنَّ الحديثَ المَوْقُوفَ أصَحُّ
(1)
.
7 - باب ما جاء في جُلُودِ المَيْتةِ إذا دُبِغَتْ
1824 -
حَدَّثَنَا قُتيبةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عن يَزِيدَ بن أبي حَبيبٍ، عن عَطاءِ بن أبي رَباحٍ، قال:
سَمِعتُ ابن عَبَّاسٍ يَقولُ: مَاتَتْ شَاةٌ، فقال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأهْلِها:"ألا نَزعْتُمْ جِلْدَهَا ثُمَّ دَبَغْتُمُوه، فاسْتَمْتعْتُم بهِ"
(2)
.
وفي البابِ عن سَلمةَ بن المُحَبِّقِ، ومَيْمُونةَ، وعَائشةَ.
= حسن، ورجاله موثقون.
وعن أبي ثعلبة الخشني، أخرجه الدارقطني 4/ 183 - 184، والطبراني في "الكبير" 22/ (589)، والبيهقي 10/ 12 - 13. وصححه الحاكم 4/ 115! قلنا: وفي إسناده انقطاع. وانظر "جامع العلوم والحكم" 2/ 150 الحديث الثلاثين.
(1)
وقع بعد هذا في المطبوع زيادة: "وسألت البخاري عن هذا الحديث، فقال: ما أُراه محفوظًا، روى سُفيان عن سليمانَ التيميِّ، عن أبي عثمان، عن سلمانَ موقوفًا. قال البخاريُّ: وسيفُ بن هارون مقاربُ الحديث، وسيف بن محمد عن عاصمٍ ذاهب الحديث". ولم ترد هذه الزيادة في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (1492) و (2221)، ومسلم (363) و (365)، وأبو داود (4120) و (4121)، والنسائي 7/ 172 و 173 و 178، وهو في "المسند"(2003)، و"صحيح ابن حبان"(1282) و (1284) و (5415).
حديثُ ابن عَبَّاسٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رُوِي من غَيْرِ وَجْهٍ عن ابن عَبَّاسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحو هذا.
ورُوِي عن ابن عَبَّاسٍ، عن مَيْمُونةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
. ورُوِي عَنْهُ عن سَوْدةَ
(2)
.
وسَمِعتُ محمدًا يُصَحِّحُ حديثَ ابن عَبَّاس عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وحديثَ ابن عَبَّاسٍ عن مَيْمُونةَ، وقال: احْتَملَ أنْ يكُونَ رَوَى ابنُ عَبَّاسٍ عن مَيْمُونةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. ورَوَى ابن عَبَّاسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولم يَذكُرْ فيهِ: عن مَيْمُونةَ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهلِ العلمِ، وهو قَوْلُ سُفيانَ الثَّوْرِيِّ، وابن المُبَاركِ، والشّافِعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
1825 -
حَدَّثَنَا قُتيبةُ، حَدَّثَنَا سُفيانُ بن عُيينةَ وعَبدُ العزيزِ بن محمدٍ، عن زَيْدِ بن أسْلمَ، عن عَبد الرحمنِ بن وَعْلةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما إهَابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (364)، وأبو داود (4120)، وابن ماجه (3610) والنسائي 7/ 171 و 172. وهو في "المسند" (26795)، و"صحيح ابن حبان" (1283) و (1285) و (1289) و (1291).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6686)، والنسائي 7/ 173. وهو في "المسند" (27418).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (366)(105)، وأبو داود (4123)، وابن ماجه (3609)، والنسائي 7/ 173. وهو في "مسند أحمد" (1895)، =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ، قالُوا في جُلُودِ المَيْتَةِ: إذا دُبِغَتْ فقد طَهُرتْ.
قال الشَّافِعيُّ: أيُّما إهَابٍ دُبِغَ، فقد طَهُرَ إلَّا الكَلْبَ والخِنْزِيرَ.
وكَرِه بعضُ أهلِ العِلْمِ من أَصحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهم جُلودَ السِّباع، وشَدَّدوا في لُبْسِها والصَّلاةِ فيها.
قال إسحاقُ بنُ إبراهيمَ، إنَّما مَعْنى قَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"أيُّما إهَابٍ دُبغَ فقد طَهُرَ"، إنَّما يعني به جِلْدَ مَا يؤْكَلُ لَحْمُهُ. هكذا فَسَّرَهُ النَّضْرُ بن شُمَيْلٍ، وقال: إنَّما يقالُ: إِهَابٌ لِجِلْدِ مَا يُؤْكلُ لَحْمُه.
وكَرِه ابنُ المبارك وأحمدُ وإسحاقُ والحُميديُّ الصَّلاةَ في جُلود السِّباع.
1826 -
حَدَّثَنَا محمدُ بن طريفٍ الكُوفيُّ، حَدَّثَنَا محمدُ بن فُضَيْلٍ، عن الأعْمَشِ والشَّيْبانيِّ، عن الحَكمِ، عن عَبد الرحمنِ بن أبي لَيْلى
عن عَبد الله بن عُكَيمْ، قال: أتَانا كِتابُ رَسولِ الله أنْ لا تَنْتَفِعُوا من المَيْتَةِ بإِهابٍ ولا عَصَبٍ
(1)
.
= و"صحيح ابن حبان"(1287).
(1)
حديث ضعيف، أُعِلَّ بالانقطاع والاضطراب، وقد بسطنا القول فيه في "مسند أحمد"(18780)، و"صحيح ابن حبان"(1277).
وأخرجه أبو داود (4127) و (4128)، وابن ماجه (3613)، والنسائي =
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
ويُرْوى عن عَبد الله بن عُكَيْمٍ عن أشْياخٍ لَهُ هذا الحديثُ
(1)
.
ولَيْسَ العملُ على هذا عِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ. وقد رُوِي هذا الحديثُ عن عَبد اللهِ بن عُكَيْمٍ، أنَّهُ قال: أتانا كِتابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وفَاتِه بِشَهْرَيْنِ.
سَمِعْتُ أحمدَ بن الحَسنِ يَقولُ: كانَ أحمدُ بن حَنْبلٍ يَذْهَبُ إلى هذا الحديثِ لِمَا ذُكِرَ فيهِ قَبْلَ وَفاتِه بِشَهْريْنِ، وكَانَ يقولُ: هذا آخِرُ أمْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ تَركَ أحمدُ بن حَنْبلٍ هذا الحديثَ لَمّا اضْطَربُوا في إسْنادِه حَيْثُ رَوَى بَعْضُهمْ، فقال عن عَبد اللهِ بن عُكَيْمٍ، عن أشْياخٍ من جُهَيْنةَ.
8 - باب ما جاء في كَراهِيةِ جَرِّ الإزَارِ
1827 -
حَدَّثَنا الأنْصاريُّ، حَدَّثَنا مَعْنٌ، حَدَّثَنا مالكٌ. (ح)
وحَدَّثَنا قُتيبةُ، عن مالكٍ، عن نافعٍ وعَبد اللهِ بن دِينارٍ وزَيْدِ بن أسْلمَ،
= 7/ 175.
(1)
أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 468، وفي "شرح مشكل الآثار"(3241)، والبيهقي 1/ 25، وهو في "صحيح ابن حبان" (1279). قال ابن حبان: ومعنى خبر عبد الله بن عُكَيم: "أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" يريد من قبل الدباغ، والدليل على صحته قوله صلى الله عليه وسلم:"أيما إهاب دبغ فقد طهر" وهو في صحيح مسلم (366) وغيره. وقال البغوي في "شرح السنة" 2/ 99: وتأوله الآخرون - إن ثبت - على الانتفاع به قبل الدباغ، قال النضر بن شميل: يسمّى إهابًا ما لم يدبغ.
كُلُّهُم يُخْبِرُ
عن عبد اللهِ بن عُمرَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيامةِ إلى من جَرَّ ثَوْبَهُ خُيلاءَ"
(1)
.
وفي البابِ عن حُذَيفةَ، وأبي سَعيدٍ، وأبي هُريرةَ، وسَمُرةَ، وأبي ذَرٍّ، وعَائشةَ، وهُبَيْبِ بن مُغْفِلٍ.
حديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
9 - باب ما جاء في جَرِّ ذُيُولِ النِّساءِ
1828 -
حَدَّثَنا الحَسنُ بن عَليًّ الخَلَّالُ، حَدَّثَنا عَبد الرَّزَّاقِ، أخْبرنا مَعْمرٌ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من جَرَّ ثَوْبهُ خُيلاءَ لم يَنْظُرِ اللهُ إليهِ يَوْمَ القِيامةِ". فقالت أُمُّ سَلمةَ: فَكيفَ تَصْنع النِّساءُ بِذُيُولهِنَّ؟ قال: "يُرْخِينَ شِبْرًا"، فقالت: إذًا تَنْكَشفُ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3665)، ومسلم (2085)، وأبو داود (4085)، وابن ماجه (3569) و (3576)، والنسائي 8/ 206 و 208 و 209. وهو في "مسند أحمد" (4489)، و"صحيح ابن حبان" (5443) و (5681).
قوله: "لا ينظر الله"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: نظر رحمة، والمراد أنه لا يرحمه مع السابقين استحقاقًا وجزاءًا، وإن كان قد يرحمه تفضُّلًا وإحسانًا. والله تعالى أعلم.
الخُيلاء: العُجْب والاختيال.
أقْدامُهنَّ، قال:"فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَليْهِ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1829 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن مَنْصُورٍ، أخْبرنا عَفَّانُ، حَدَّثَنا حَمَّادُ بن سَلمةَ، عن عَليِّ بن زَيْدٍ، عن أُمِّ الحَسنِ
أنَّ أُمَّ سَلمةَ حَدَّثَتْهُمْ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم شَبَرَ لفاطِمةَ شِبْرًا من نِطاقِها
(2)
.
ورَوَاه بَعْضُهم عن حَمَّادِ بن سَلمةَ، عن عَليِّ بن زَيْدٍ، عن
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه عبد الرزاق (19984)، والنسائي 8/ 209، والشطر الثاني من الحديث روي عن أم سلمة نفسها من حديثها بإسناد صحيح، وأخرجه أبو داود (4117) و (4118)، وابن ماجه (3580)، والنسائي 8/ 209. وهو في "مسند أحمد" (26511)، وانظر الكلام على الاختلاف في إسناده هناك.
(2)
إسناده ضعيف، لضعف علي بن زيد - وهو ابن جدعان. وهو في "مسند أحمد"(26554).
قال السندي في حاشيته على "المسند": قولها: شبر لفاطمة، من شَبَر الثوبَ، كضرب ونصر.
وقال المباركفوري في شرحه "تحفة الأحوذي" 5/ 408: شَبَرَ، من التشبير
…
ونقل عن "القاموس" ما نصه: النطاق ككتاب: شقة تلبسه المرأة، تشدُّ وسطَها فترسلُ الأعلى على الأسفل إلى الأرض، والأسفل ينجرُّ على الأرض، ليس لها حُجْزَةٌ ولا نَيْفَقٌ ولا ساقان، ثم قال: والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم قَدَّر لفاطمة رضي الله عنها أن تُرخيَ قَدْر شِبْرٍ من نطاقها، قال النووي: أجمعوا على جواز الجر للنساء.
الحَسنِ، عن أُمِّهِ، عن أُمِّ سَلمةَ
(1)
.
10 - باب ما جاء في لُبْسِ الصُّوفِ
1830 -
حَدَّثَنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، حَدَّثَنا أيُّوبُ، عن حُمَيْدِ بن هِلالٍ
عن أبي بُرْدةَ، قال: أخْرجَتْ إلَيْنا عَائشةُ كِساءً مُلَبَّدًا، وإزَارًا غَلِيظًا، فقالت: قُبِضَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في هذَيْنِ
(2)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وابنِ مَسْعُودٍ.
وحديثُ عَائشةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1831 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، حَدَّثَنا خَلفُ بن خَليفةَ، عن حُمَيْدٍ الأعْرَجِ، عن عَبد اللهِ بن الحارثِ، عن ابن مَسْعُودٍ
(1)
جاء بعد هذا في المطبوع زيادة: "وفي هذا الحديث رخصةٌ للنساء في جرِّ الإزار، لأنه يكون أستَرَ لهن" وهذه الزيادة ليس لها ذكر في أي من أصولنا الخطية التي بين أيدينا.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3108)، ومسلم (2080)، وأبو داود (4036)، وابن ماجه (3551). وهو في "المسند"(24037)، و"صحيح ابن حبان"(6623).
قوله: ملبَّدًا، قال السندي في حاشيته على "المسند": بفتح باء مشددة، أي: مرقَّعًا.
غليظًا: قال: أي: أُلزق بعضه ببعض، وفيه بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الزهادة في الدنيا.
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "كانَ على موسى يَوْمَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ
(1)
كِساءُ صُوفٍ وجُبَّةُ صُوفٍ، وكُمَّةُ صُوفٍ، وسَراوِيلُ صُوفٍ، وكانَتْ نَعْلاهُ من جِلْدِ حِمارٍ مَيِّتٍ"
(2)
.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا من حديثِ حُمَيْدٍ الأعْرَجِ، هو: ابن عَليٍّ الأعرج مُنْكرُ الحديثِ، وحُمَيْدُ بن قَيْسِ الأعْرَجُ المكِّيُّ صاحبُ مُجاهدٍ ثِقةٌ.
الكُمَّةُ: القَلَنْسُوَةُ الصَّغِيرةُ.
11 - باب ما جاء في العِمامةِ السَّوْدَاءِ
1832 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، عن حَمَّادِ بن سَلمةَ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جابرٍ، قال: دَخلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ وعَليْهِ عِمامةٌ سَوْداءُ
(3)
.
وفي البابِ عن عَمرو بن حُرَيْثٍ، وابن عَبَّاسٍ، ورُكانةَ.
حديثُ جابرٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
في (س): كلَّم رَبَّه، والمثبت من باقي الأصول.
(2)
حديث ضعيف، وأخرجه أبو يعلى (4983)، والحاكم 1/ 28.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1358)، وأبو داود (4076)، وابن ماجه (2822) و (3585)، والنسائي 5/ 201 و 8/ 211. وهو في "المسند" (14904)، و"صحيح ابن حبان" (3722).
12 - باب سَدْل العِمامةِ بَيْنَ الكَتِفَيْنِ
(1)
1833 -
حَدَّثَنا هارُونُ بن إسحاقَ الهَمْدَانيُّ، حَدَّثَنا يحيى بن محمدٍ المَدِينيُّ، عن عَبد العزِيزِ بن محمدٍ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن عُمرَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا اعْتَمَّ سَدَلَ عِمامتَهُ بَيْنَ كَتِفيْهِ
(2)
.
قال نافعٌ: وكانَ ابن عُمرَ يَسْدُلُ عِمامتَهُ بَيْنَ كَتِفيهِ
(3)
، قال: عُبَيْدُ اللهِ: ورَأيْتُ القاسمَ وسالمًا يَفْعلانِ ذلكَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
وفي الباب عن عَليٍّ، ولا يَصحُّ حديثُ عَليًّ من قِبَلِ إسْنادِه.
13 - باب ما جاء في كرَاهِيةِ خاتمِ الذَّهَبِ
1834 -
حَدَّثَنا سَلمةُ بن شَبِيبٍ والحَسنُ بن عَليٍّ الخلَّال وغَيْرُ واحدٍ،
(1)
عنوان هذا الباب أثبتناه من النسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه، ولم يرد في نسخنا الخطية.
(2)
حديث قوي، وهو في "صحيح ابن حبان"(6397)، و"شرح السنة" للبغوي (3109) و (3110).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة 8/ 427 عن أبي أسامة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع. وتمامه: قال عُبيد الله: أخبرنا أشياخنا أنهم رأوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعتمُّون ويُرخونها بين أكتافهم.
وقوله: قال عبيد الله: ورأيت القاسم وسالمًا يفعلان ذلك أخرجه ابن أبي شيبة 8/ 428 عن محمد بن بشر، حدثنا عبيد الله بن عمر: عن سالم والقاسم: كانا يُرخيان عمائمهم بين أكتافهم.
قالوا: حَدَّثَنا عَبد الرَّزَّاقِ، أخْبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن إبراهيمَ بن عَبد اللهِ بن حُنَيْنٍ، عن أبيهِ
عن عَليِّ بن أبي طَالبٍ، قال نَهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّخَتُّمِ بالذَّهَبِ، وعن لِبَاسِ القَسِّيِّ، وعن القِراءَةِ في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، وعن لِباسِ المُعَصْفرِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1835 -
حَدَّثَنا يُوسُفُ بن حَمَّادٍ المَعْنيُّ البَصْريُّ، قال: حَدَّثَنا عَبد الوارثِ بن سَعيدٍ، عن أبي التَّيَّاحِ، قال: حَدَّثَنا حَفْصٌ اللَّيْثيُّ، قال:
أشْهدُ على عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ أنَّهُ حَدَّثَنا، أنَّهُ قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن التَّخَتُّمِ بالذَّهبِ
(2)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وابن عُمرَ، وأبي هُريرةَ، ومُعاويةَ.
حديثُ عِمْرانَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو التَّيّاحِ اسْمُه: يَزِيدُ بن حُمَيْدٍ.
14 - باب ما جاء في خاتمِ الفِضّةِ
1836 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ وغَيْرُ واحدٍ، عن عَبد اللهِ بن وَهْبٍ، عن يُونسَ، عن ابن شِهَابٍ
(1)
حديث صحيح، وقد سلف برقم (263).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه النسائي 8/ 170. وهو في "المسند" (19838)، و"صحيح ابن حبان" (5406).
عن أنَسٍ، قال: كانَ خاتمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من وَرِقٍ، وكانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عُمرَ، وبُرَيْدةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
15 - باب ما جاء ما يُسْتَحبُّ من فَصِّ الخَاتمِ
1837 -
حَدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، حَدَّثَنا حَفْصُ بن عُمرَ بن عُبَيْدٍ الطَّنَافِسيُّ، حَدَّثَنا زُهَيْرٌ أبو خَيْثمةَ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسٍ، قال: كانَ خاتمُ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من فِضّةٍ فَصُّهُ مِنْهُ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2094)، وأبو داود (4216)، وابن ماجه (3641)، والنسائي 8/ 172 - 173 و 173 و 192 و 193. وهو في "المسند" (13183)، و"صحيح ابن حبان" (6394).
وفص الخاتم: هو القطعة الصغيرة التي تركَّب في رأسه.
والفص الحبشي: هو الجزع أو العقيق، فإنه يكون بالحبشة، وقيل: لونه حبشي، أي: أسود.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5870)، وأبو داود (4217)، والنسائي 8/ 173 - 174 و 174 و 193. وهو في "المسند" (13802)، و"صحيح ابن حبان" (6391).
16 - باب ما جاء في لُبْسِ الخاتمِ في اليَمِينِ
1838 -
حَدَّثَنا محمدُ بن عُبَيْدٍ المُحاربيُّ، حَدَّثَنا عَبد العزِيزِ بنُ أبي حازمٍ، عن موسى بنِ عُقْبةَ، عن نَافعٍ
عن ابن عُمرَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَنعَ خاتمًا من ذَهَبٍ، فَتختَّمَ بهِ في يَمِينِه، ثُمَّ جَلسَ على المِنْبرِ، فقال:"إنِّي كُنْتُ اتَّخذْت هذا الخاتَمَ في يَمِيني"، ثُمَّ نَبذَهُ ونَبذَ النَّاسُ خَواتِيمَهُمْ
(1)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وجَابرٍ، وعَبد اللهِ بن جَعْفرٍ، وابن عَبَّاسٍ، وعَائشةَ، وأنَسٍ.
وحديثُ ابن عُمرَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد رُوِي هذا الحديث عن نافِعٍ عن ابن عمرَ نَحو هذا من غَيْرِ هذا الوَجْهِ، ولم يَذْكُرْ فيهِ أنَّهُ تَختَّمَ في يَمِينِه.
1839 -
حَدَّثَنا محمدُ بن حُمَيْدٍ الرَّازيُّ، حَدَّثَنا جَريرٌ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن الصَّلْتِ بن عَبد اللهِ بن نَوْفلٍ، قال:
رَأيْتُ ابن عَبَّاسٍ يَتختَّمُ في يَمِينِه ولا إخالُهُ
(2)
إلَّا قال: رَأيْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يتختَّمُ في يَمِينِه
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5865)، ومسلم (2091)، والنسائي 8/ 178 و 179. وهو في "المسند" (4677) و (5249)، و"صحيح ابن حبان" (5500).
وأخرج أبو داود (4218)، وابن ماجه (3639) نحوه.
(2)
في (ب): ولا أحسبه، والمثبت من سائر الأصول.
(3)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (4229).
قال محمدُ بن إسماعيلَ: حديثُ محمدِ بن إسحاقَ عن الصَّلْتِ بن عَبد اللهِ بن نَوْفلٍ حديثٌ حَسَنٌ.
1840 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، حَدَّثَنا حاتِمُ بن إسماعيلَ، عن جَعْفرِ بن محمدٍ
عن أبيهِ، قال: كانَ الحَسنُ والحُسيْنُ يَتَختَّمانِ في يَسارِهِما
(1)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ.
1841 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بن هارُونَ، عن حَمَّادِ بن سَلمةَ، قال:
رأيْتُ ابن أبي رافِعٍ يتخَتَّمُ في يَمِينِه، فسألْتُه عن ذلكَ، فقال: رَأيْتُ عَبد اللهِ بن جَعْفرٍ يَتخَتَّمُ في يَمِينِه، وقال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَتخَتَّمُ في يَمِينِه
(2)
.
قال محمدٌ: هذا أصَحُّ شَيْءٍ رُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذا البابِ.
17 - باب ما جاء في نَقْشِ الخَاتمِ
1842 -
(3)
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ ومحمدُ بن يحيى وغَيْرُ واحدٍ، قالُوا:
(1)
رجاله ثقات، إلا أن محمد بن علي بن الحسين أرسل عن جَدَّيه ولم يسمع منهما.
وأخرجه عبد الرزاق (1363)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 266.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (3647)، والنسائي 8/ 175. وهو في "مسند أحمد" (1746).
(3)
تكرر في المطبوع هذا الحديث، إلا أن شيخ المصنف فيه: محمد بن =
حَدَّثَنا محمدُ بن عَبد اللهِ الأنْصاريُّ، حَدَّثَني أبي، عن ثُمامةَ
عن أنسٍ، قال: كانَ نَقْشُ خاتمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلاثةَ أسْطُرٍ: محمدٌ سَطْرٌ، ورَسولٌ سَطْرٌ، والله سَطْرٌ. ولم يَذْكُرْ محمدُ بن يحيى في حديثهِ: ثَلاثةَ أسْطُرٍ
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عُمرَ.
حديثُ أنَسٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريب.
1843 -
حدَّثَنَا الحسنُ بن عليًّ الخَلَّال، حدثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا معمرٌ، عن ثابتٍ
عن أنسِ بن مالكٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صَنَعَ خاتمًا من وَرِقٍ، فَنقَش فيه: محمدٌ رسولُ الله، ثمَّ قال:"لا تَنْقُشُوا عليه"
(2)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
= يحيى وحده، وجاء موقعه قبل هذا الحديث، وأخذ الرقم (1747)، ولم يرد في أيًّ من أصولنا الخطية، ولا في النسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه. ونصه:"حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا أبي، عن ثمامة، عن أنس بن مالك، قال: كان نقشُ خاتم النبي صلى الله عليه وسلم: محمدٌ سطرٌ، ورسولٌ سطرٌ، واللهُ سطرٌ".
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3106). وهو في "صحيح ابن حبان"(1414).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5874) و (5877)، ومسلم (2092)، وابن ماجه (3640)، والنسائي 8/ 176 و 193. وهو في "المسند" (11989)، و"صحيح ابن حبان" (5498).
ومعنى قولهِ: "لا تَنْقُشوا عليه": نهى أنْ يَنْقُشَ أحدٌ على خاتمِه: محمدٌ رسولُ الله.
1844 -
حدَّثنا إسحاقُ بن مَنْصور، أخبرنا سعيدُ بن عامرٍ، والحجَّاجُ بن مِنْهالٍ، قالا: حدثنا همَّامٌ، عن ابن جُريجٍ، عن الزُّهريِّ
عن أنسٍ، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دَخلَ الخلاءَ نَزَعَ خاتمَه
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
18 - باب ما جاء في الصُّورَةِ
1845 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حَدَّثَنا رَوْحُ بن عُبادةَ، حَدَّثَنا ابن جُريْجٍ، أخْبرني أبو الزُّبَيْرِ
عن جابرٍ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الصُّورَةِ في البَيْتِ، ونَهى عن أن يُصْنعَ ذلكَ
(2)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وأبي طَلْحةَ، وعائشةَ، وأبي هُريرةَ، وأبى أيُّوبَ.
حديثُ جابرٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1846 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن موسى الأنْصاريُّ، حَدَّثَنا مَعْنٌ، حَدَّثَنا مالكٌ، عن أبي النَّضْرِ
(1)
حديث ضعيف، ابن جريج مدلس وقد عنعن، وأخرجه أبو داود (19)، وابن ماجه (303)، والنسائي 8/ 178. وهر في "صحيح ابن حبان" (1413).
(2)
حديث صحيح. وهو في "مسند أحمد"(14596)، و"صحيح ابن حبان"(5844).
عن عُبَيْدِ الله بن عَبد الله بن عُتْبةَ: أنَّهُ دَخلَ على أبي طَلْحةَ الأنْصاريِّ يَعُودُه، فَوجَدَ عِنْدَهُ سَهْلَ بن حُنَيْفٍ، قال: فَدَعا أبو طَلْحةَ إنْسانًا يَنْزِعُ نَمَطًا تَحْتَهُ، فقال لهُ سَهْلٌ: لِمَ تَنْزِعُهُ؟ قال: لأنَّ فيها تَصَاويرَ، وقال فيهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما قد عَلِمْتَ. قال سَهْلٌ: أوَ لم يَقُلْ: "إلّا ما كانَ رَقْمًا في ثَوْبٍ"؟ قال: بَلى، ولكِنَّهُ أطْيبُ لِنَفْسي
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(1)
حديث صحيح لغيره، وأخرجه النسائي 8/ 212. وهو في "المسند" (15979)، و"صحيح ابن حبان" (5851).
وأخرجه بنحوه البخاري (3226) و (5958)، ومسلم (2106)(85)، وأبو داود (4155)، والنَّسائي 8/ 212 - 213 من طريق بُسر بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة". قال بُسر: ثم اشتكى زيد، فعدناه، فإذا على بابه سترٌ فيه صورة، فقلتُ لعُبيد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: "إلا رقمًا في ثوب"؟ وهذا لفظ البخاري. وهو أيضًا في "مسند أحمد"(16345)، و"صحيح ابن حبان"(5849).
قوله: "نمطًا"، قال السندي في حاشيته على "المسند": بفتحتين: بساط لطيف له خمل.
"رقمًا"، بفتح فسكون: نقشًا.
وقوله: ولكنه أطيب لنفسي: أي النزع، ويدل الحديث على أنه لا مانع من الرَّقْم.
19 - باب ما جاء في المُصَوِّرينَ
1847 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، حَدَّثَنا حمَّادُ بن زَيْدٍ، عن أيُّوبَ، عن عِكْرمةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من صَوَّرَ صُورَةً، عَذَّبهُ اللهُ حتَّى يَنْفُخَ فِيها، يَعْني الرُّوحَ، ولَيْسَ بنافخٍ فِيها، ومن اسْتَمعَ إلى حديثِ قَوْمٍ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ في أُذُنِه الآنُكُ يَوْمَ القِيامةِ"
(1)
.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن مَسْعُودٍ، وأبي هُريرةَ، وأبي جُحَيْفةَ وعَائشةَ، وابن عُمرَ.
حديثُ ابن عَبَّاسٍ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
20 - باب ما جاء في الخِضابِ
1848 -
حَدَّثَنا قُتيبة، حَدَّثَنا أبو عَوانةَ، عن عُمرَ بن أبي سَلمةَ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "غَيَّرُوا الشَّيْبَ ولا تَشبَّهُوا باليَهُودِ"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه تامًا ومقطعًا البخاري (2225) و (7042)، ومسلم (2110)، وأبو داود (5024)، والنسائي 8/ 215. وهو في "المسند" (1866)، و"صحيح ابن حبان" (5685).
قوله: "يفرون"، أي: يبتعدون منه، و"الآنك": الرصاص.
(2)
حديث صحيح. وهو في "مسند أحمد"(7545)، و"صحيح ابن حبان"(5473). =
وفي البابِ عن الزُّبَيْرِ، وابن عَبَّاسٍ، وجَابرٍ، وأبي ذَرٍّ، وأنَسٍ، وأبي رِمْثةَ، والجَهْدمةِ
(1)
، وأبي الطُّفَيْلِ، وجابرِ بن سَمُرةَ، وأبي جُحيفةَ، وابن عُمرَ.
وحديثُ أبي هُريرةَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوِي من غَيْرِ وَجْهٍ عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1849 -
حَدَّثَنا سُوَيْدُ بن نَصْرٍ، أخْبرنا ابن المُبَاركِ، عن الأجْلَحِ، عن عَبد اللهِ بن بُريْدةَ، عن أبي الأسْودِ
عن أبي ذَرٍّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ أحْسنَ ما غُيِّرَ بهِ الشَّيْبُ الحِنَّاءُ والكَتَمُ"
(2)
.
= وأخرجه بنحوه البخاري (3462)، ومسلم (2103)، وأبو داود (4203)، وابن ماجه (3621)، والنسائي 8/ 137 و 185. ولفظه:"إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم". وهو كذلك في "المسند"(7274)، و"صحيح ابن حبان"(5470).
(1)
ذكره ابن شاهين في أواخر حرف الجيم غير منسوب فيما نقله عه الحافظ في "الإصابة" 1/ 555، وساق من طريق منصور بن أبي الأسود، عن أبي جناب، عن إياد، عن الجهدمة، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة وبرأسه ردع الحِناء. وذكره المصنف في "الشمائل"(46) من طريق أبي جناب، عن إياد بن لقيط، عن الجهدمة امرأة بشر بن الخصاصية قالت: أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته ينفض رأسه وقد اغتسل وبرأسه ردع من حناء.
وانظر "أسد الغابة" 1/ 367.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4205)، وابن ماجه (3622)، والنسائي 8/ 139. وهو في "مسند أحمد" (21307)، و"صحيح ابن حبان" (5474).
قوله: "والكتم": هو بفتحتين، وتخفيفُ تائِه أشهر من تشديدها: نبت فيه حُمرة يخلط بالوسمة، ويُختضَب به للسواد.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو الأسْودِ الدِّيْليُّ اسْمُه: ظَالمُ بن عَمْرِو بن سُفيانَ.
21 - باب ما جاء في الجُمَّة واتِّخَاذِ الشَّعرِ
1850 -
حَدَّثَنا حُمَيْدُ بن مَسْعدةَ، حَدَّثَنا عَبد الوهَّابِ الثَّقَفيُّ، عن حُمَيْدٍ
عن أنَسٍ، قال: كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَبْعةً لَيْسَ بالطَّويلِ ولا بالقَصِيرِ، حَسنَ الجِسْمِ، أسْمرَ اللَّوْنِ، وكانَ شَعْرُه لَيْسَ بجَعْدٍ ولا سَبْط، إذا مَشى يَتَوَكَّأُ
(1)
(2)
.
(1)
كذا في جميع أصولنا الخطية "يتوكأ" وضبب عليها في (أ) و (ب)، وكتب في هامش (س): صوابه: "يتكفأ"، ورواه البغوي في "شرح السنة"(3640) من طريق المصنف بهذا اللفظ "يتوكأ"، وهو كذلك عند أبي داود وأبي يعلى. ولم يفسِّر معناه البغوي. والذي في كتب اللغة: التوكؤ: هو التحامل على العصا في المشي. قال ابن الأثير: وفي حديث الاستسقاء قال جابر رضي الله عنه: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يواكئ. أي: يتحامل على يديه إذا رفعهما ومدهما في الدعاء، ومنه التوكؤ على العصا، وهو التحامل عليها.
وقال العلقمي: وفي حديث الزبير أنه كان يوكؤ بين الصفا والمروة سعيًا، أي: لا يتكلم كأنه أوكأ فاه فلم ينطق، والإيكاء في كلام العرب يكون بمعنى السعي الشديد، واستدلَّ عليه الأزهري بحديث الزبير، ثم قال: وإنما قيل للذي يشتد عدوه: مُوكٍ، لأنه قد ملأ ما بين جري رِجليه وأوكى عليه.
وأما المباركفوري، فقد جاءت عنده "يتكفأ" وشرحها بقوله: أي: يتمايل إلى قدام، وقيل: أي: يرفع القدم من الأرض ثم يضعها، ولا يمسح قدمه على الأرض كمشي المتبختر، كأنما ينحطُّ من صبب، أي: يرفع رجله من قوة وجلادة، والأشبه أنَّ تكفَّأ بمعنى صبَّ المشي دفعة.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه تامًّا ومفرقًا أبو داود (4863)، وأبو يعلى =
وفي البابِ عن عَائشةَ، والبَراءِ، وأبي هُريرةَ، وابن عَبَّاسٍ، وأبي سَعيدٍ، ووائلِ بن حُجْرٍ، وجابرٍ، وأُمِّ هانئٍ.
حديثُ أنسِ حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ صحيحٌ من هذا الوَجْهِ من حديثِ حُمَيْدٍ.
1851 -
حَدَّثَنا هَنَّادٌ، حَدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن أبي الزِّنادِ، عن هِشَامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ
عن عَائشةَ، قالت: كُنْتُ أغْتَسِلُ أنا ورَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ، وكانَ لهُ شَعْرٌ فَوْقَ الجُمَّةِ ودُونَ الوَفْرةِ
(1)
.
= (3763) و (3764). وهو في "شرح السنة" للبغوي (3640).
وأخرج البخاري (3547)، ومسلم (2347) عن أنس يصفُ النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان رَبْعةً من القوم، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهرَ اللون، ليس بأَبيضَ أمهقَ ولا آدمَ، ليس بجَعْدٍ قَطَطٍ، ولا سَبْطٍ رَجِلٍ، أنزل عليه وهو ابنُ أربعينَ، فلبث بمكة عشرَ سنين يُنزَلُ عليه، وبالمدينة عشرَ سنينَ فَقُبضَ، وليس في رأسه ولحيته عشرونَ شعرةً بيضاءَ، وهو في "مسند أحمد"(13519)، و"صحيح ابن حبان"(6387)، وسيأتي عند المصنف برقم (3623).
(1)
حديث صحيح بطرقه وشواهده. وأخرج الشطر الأول وحده البخاري (250)، ومسلم (319) و (321)، وأبو داود (77) و (238)، وابن ماجه (376)، والنسائي 1/ 127 - 130 و 202. وهو في "مسند أحمد" (24723)، و"صحيح ابن حبان" (1108) و (1193).
وأخرج الشطر الثاني وحده أبو داود (4187)، وابن ماجه (3635). وهو في "المسند"(24768).
وأخرج مسلم (2338)، وأبو داود (4186)، والنسائي 8/ 183 عن أنس: كان شعر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه. وهو في "المسند"(12118). =
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ صحيحٌ من هذا الوَجْهِ.
وقد رُوِي من غَيْرِ وجْهٍ، عن عائشةَ قالت: كُنْتُ أغْتسلُ أنا ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ، ولم يَذْكُرُوا فيه هذا الحَرْفَ: وكانَ لهُ شَعْرٌ فَوْقَ الجُمَّةِ، وإنما ذكرهُ عَبد الرحمنِ بن أبي الزِّنادِ، وهو ثِقةٌ حافظ
(1)
.
22 - باب ما جاء في النَّهْي عن التَّرَجُّلِ إلَّا غِبًّا
1852 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن خَشْرَمٍ، أخْبرنا عيسى ين يُونسَ، عن هِشَامٍ، عن الحَسنِ
عن عَبد اللهِ بن مُغَفَّلٍ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَّرَجُّلِ إلَّا غِبًّا
(2)
.
= وهو "المسند"(18473) من حديث البراء بن عازب بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعًا بعيد ما بين المنكبين، عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه.
قوله: "الوفرة": شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن، و"الجُمَّة": ما سقط على المنكبين.
(1)
كذا قال المصنف رحمه الله وجاء توثيقه أيضًا عن العجلي ومالك، إلا أنه ضعفه غير واحد من الأئمة، وقالوا: ما حدَّث به في المدينة أصح، وقد انتهينا في "التحرير" إلى أن حديثه حسن في المتابعات والشواهد، وهذا الحديث منها.
تنبيه: وقع بعد هذا في المطبوع: "كان مالك بن أنس يوثقه ويأمر بالكتابة عنه"، وهذه العبارة ليست في شيء من أصولنا الخطية ولا في النسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه.
(2)
حديث صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (4159)، والنسائي 8/ 132. =
1853 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنا يحيى بن سَعيدٍ، عن هِشَامٍ، نَحوهُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن أَنسٍ.
23 - باب ما جاء في الاكْتِحَالِ
1854 -
حَدَّثَنا محمدُ بن حُمَيْدٍ، حدَّثَنا أبو دَاوُدَ الطَّيالسِيُّ، عن عَبَّادِ بن مَنْصُورٍ، عن عِكْرمةَ
عن ابن عَبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"اكتَحِلُوا بالإثْمِدِ، فإنَّهُ يَجْلُو البَصرَ، ويُنْبِتُ الشَّعْرَ". وزعَمَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانت له مُكْحُلَةٌ يكتَحِلُ بها كلَّ لَيلةٍ ثَلاثةً في هذه، وثَلاثةً في هذه
(2)
.
= وهو في "مسند أحمد"(16793)، و"صحيح ابن حبان"(5484). وله شواهد عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انظرها في "المسند".
قوله: "الترجل"، قال ابن الأثير في "النهاية": الترجل والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه، كأنه كره كثرة الترفُّه والتنعُّم.
(1)
انظر ما قبله.
(2)
إسناده ضعيف، عباد بن منصور تغير بأخرة وكإن يدلس، وقد أسقط من إسناده راويان، أحدهما: إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي وهو ضعيف جدًا، وداود بن الحصين وهو ضعيف في عكرمة خاصة، انظر "تهذيب الكمال" 14/ 159، ومع ذلك قال البخاري عن حديثه هذا فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 734: هو حديث محفوظ، وعباد بن منصور صدوق.
ويغني عنه حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في عينه اليمنى ثلاثًا =
1855 -
حدثنا عليُّ بن حُجْرٍ ومحمدُ بن يحيى، قالا: حدثنا يزيدُ بن هارونَ، عن عبَّادِ بن منصورٍ نَحوه
(1)
.
وفي البابِ عن جابرٍ، وابن عُمرَ.
حديثُ ابن عَبَّاسٍ حديث حَسَنٌ لا نَعْرِفهُ على هذا اللَّفْظِ إلَّا من حديثِ عَبَّادِ بن مَنْصُورٍ.
وقد رُوي من غَيرِ وَجْهٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّهُ قال: "عَليكُمْ بالإِثْمدِ فإنَّهُ يَجْلُو البَصرَ وينْبتُ الشَّعْرَ"
(2)
.
= وفي اليسرى ثلاثًا بالإثمد، أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 170، ومن طريقه البغوي 12/ 119، وسنده قوي.
وحديث الباب أخرجه الطيالسي في "مسنده"(2681)، وابن ماجه (3499)، وهو في "المسند"(3318) و (3320).
وأخرج المرفوع منه فقط ابن ماجه (3497)، ولفظه:"خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر، وينبت الشعر"، وإسناده قوي. وهو في "المسند"(2047)، و"صحيح ابن حبان"(6072).
قوله: "الإثمد": هو الكحل الأسود.
و"المكحلة": هي التي فيها الكحل. قال في "القاموس": وهو أحد ما جاء على الضم من الأدوات.
(1)
انظر ما قبله.
(2)
حديث صحيح، وقد روي ذلك عن أبي النعمان الأنصاري عند أحمد في "المسند"(15906)، وعن ابن عمر عند ابن ماجه (3495)، وعن جابر عند ابن ماجه أيضًا (3496)، وهي حسنة في الشواهد.
24 - باب ما جاء في النَّهي عن اشْتِمالِ الصَّمَّاءِ والاحْتِباءِ بالثَّوْبِ الوَاحدِ
1856 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، حدَّثَنا يَعْقُوبُ بن عَبد الرحمنِ، عن سُهَيْلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عن لِبْستَينِ: الصَّمّاءِ، وأنْ يَحْتَبيَ الرَّجُلُ بِثَوْبِه لَيسَ على فَرْجِه مِنهُ شَيءٌ
(1)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وابن عُمرَ، وعائشةَ، وأبي سَعيدٍ، وجابرٍ، وأبي أُمامةَ.
حديثُ أبي هُريرةَ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوي هذا من غَيرِ وَجْهِ عن أبي هُريرةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (368)، وابن ماجه (3560)، والنسائي في "الكبرى"(9750) و (9753). وهو في "المسند"(8251) و (9435).
قوله: "الصماء قال ابن الأثير في "النهاية": هو أن يتجلَّل الرجل بثوبه ولا يرفع منه جانبًا، وإنما قيل لها صماء، لأنه يسُدُّ على يديه ورِجليه المنافذَ كلَّها، كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع. والفقهاء يقولون: هو أن يتغطى بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه، فيضعه على منكبه، فتنكشف عورته.
وقوله: "يحتبي"، قال ابن الأثير: هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه يجمعهما به مع ظهره، وشدُّه عليهما، وإنما نهى عنه، لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك، أو زال الثوب فتبدو عورته.
25 - باب ما جاء في مُوَاصَلةِ الشَّعْرِ
1857 -
حَدَّثَنا سُوَيدٌ، أخبرنا عَبد اللهِ بن المُبَاركِ، عن عُبَيْدِ الله بن عُمرَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَعنَ اللهُ الواصِلةَ والمُسْتَوْصِلةَ، والوَاشِمةَ والمُسْتَوْشِمةَ". قال نافعٌ: الوَشْمُ في اللِّثَةِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن عَائشةَ، وابن مَسْعُودٍ، وأسْماءَ بِنْتِ أبي بكْرٍ، ومعقِل بن يَسَار، وابن عَبَّاسٍ، وَمُعاويةَ.
26 - باب ما جاء في رُكُوبِ المَيَاثِرِ
1858 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، حدثنا عَليُّ بن مُسْهِرٍ، حدَّثَنا أبو إسحاقَ الشَّيْبانيُّ، عن أشْعثَ بن أبي الشَّعْثاءِ، عن مُعاويةَ بن سُوَيدِ بن مُقرِّنٍ
عن البَرَاءِ بن عازبٍ، قال: نهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن رُكُوبِ المَياثِرِ
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5937)، ومسلم (2124)، وأبو داود (4168)، وابن ماجه (1987)، والنسائي 8/ 145 و 187 و 188. وهو في "المسند" (4724)، و"صحيح ابن حبان" (5513).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5838)، ومسلم (2066)، والنسائي 4/ 54 و 8/ 201. وهو في "المسند" (18504)، و"صحيح ابن حبان" (5340).
و"المياثر" جمع ميثرة بكسر الميم وبسكون الياء وفتح الثاء، أصلها من الوثارة أو الوثرة، والوثير: الفراش الوطيء، قال الطبري فيما نقله عنه صاحب "الفتح": =
وفي البابِ عن عَليٍّ، ومُعاويةَ.
حديثُ البرَاءِ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وقد رَوَى شُعبةُ عن أشْعثَ بن أبي الشَّعْثاءِ نَحوهُ، وفي الحديثِ قِصَّةٌ.
27 - باب ما جاء في فِرَاشِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
-
1859 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، أخبرنا عَليُّ بن مُسْهِرٍ، عن هِشَامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ
عن عائشةَ، قالت: إنَّما كانَ فِرَاشُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الّذِي ينامُ عَليهِ أدَمٌ حَشْوُهُ لِيفٌ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن حَفْصةَ، وجَابرٍ.
= هو وطاء يوضع على سرج الفرس أو رحل البعير كانت النساء تصنعه لأزواجهن من الأرجوان الأحمر ومن الديباج وكانت مراكب العجم، وقال السندي في حاشيته على "المسند": وِطاءٌ محشوٌّ، يُترك على رحل البعير، تحت الراكب، والحُرْمة إذا كان من حرير أو أحمر.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6456)، ومسلم (2082)، وأبو داود (4146) و (4147)، وابن ماجه (4151). وهو في "المسند"(24209)، و"صحيح ابن حبان"(6361).
قوله: "أَدَم"، قال السندي في حاشيته على "المسند": بفتحتين، جمع أديم: بمعنى الجلد المدبوغ.
"ليف"، بكسر اللام: قشر النخل.
28 - باب ما جاء في القُمُصِ
(1)
1860 -
حدَّثَنا محمدُ بن حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، حدَّثَنا أبو تُميْلَةَ والفَضْلُ بن موسى، وزَيْدُ بن حُبابٍ، عن عَبد المُؤْمنِ بن خالدٍ، عن عَبد اللهِ بن بُريْدةَ
عن أُمِّ سَلمةَ، قالت: كانَ أحَبَّ الثِّيابِ إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم القَمِيصُ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، إنَّما نَعْرِفه من حديثِ عَبدِ المُؤْمنِ بن خالدٍ تفرَّدَ به وهو مَرْوَزِيٌّ.
ورَوَى بَعْضُهمْ هذا الحديثَ عن أبي تُميْلَةَ، عن عَبد المؤْمنِ بن خَالدٍ، عن عَبد اللهِ بن بُريدةَ، عن أُمِّهِ، عن أُمِّ سَلمةَ.
وسَمِعْتُ محمدَ بن إسماعيلَ قال: حديثُ ابن بُريْدةَ، عن أُمِّهِ، عن أُمِّ سَلمةَ أصَحُّ، وإنّما يَذْكُرُ فيهِ: أبو تُميْلَةَ: عن أُمَّهِ.
1861 -
حَدَّثَنا زيادُ بنُ أيُّوبَ، حدَّثنا أبو تُميلةَ، عن عبدِ المُؤْمن بنِ خالد، عن عبدِ الله بنِ بُريدةَ، عن أُمِّه
(1)
في (ب): القميص.
(2)
حديث ضعيف، وقد اختلف على عبد المؤمن بن خالد فيه، فرواه أبو تميلة عنه، عن عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة، ورواه غيره عنه، عن عبد الله بن بريدة، عن أم سلمة، وأم عبد الله بن بريدة لا تعرف.
وأخرجه أبو داود (4025)، والنسائي في "الكبرى"(9668) من طريق عبد الله بن بريدة، عن أم سلمة.
وأخرجه أبو داود (4026)، وابن ماجه (3575) من طريق عبد الله بن بريدة، عن أمه، عن أم سلمة. وهو في "مسند أحمد"(26695).
وانظر الحديثين التاليين.
عن أُمِّ سَلَمةَ قالت: كانَ أحبَّ الثِّيابِ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم القَميصُ
(1)
.
1862 -
حدَّثنا عليُّ بن حُجْر، قال: أخبرنا الفضلُ بنُ موسى، عن عبدِ المُؤْمِن بن خالدٍ، عن عبد الله بن بُرَيدةَ
عن أُمِّ سَلَمةَ قالت: كانَ أحبَّ الثيابِ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم القَميصُ
(2)
.
1863 -
حدَّثَنا عَليُّ بن نَصْرِ بن عَليٍّ الجَهْضميُّ، حدَّثَنا عَبدُ الصَّمدِ بن عَبدِ الوارثِ، حدَّثَنا شُعبةُ، عن الأعْمشِ، عن أبي صالحٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأ بِمَيامِنِه
(3)
.
وقد رَوَى غَيْرُ واحدٍ هذا الحديثَ عن شُعبةَ بهذا الإسناد، ولم يرفَعْه، وإنَّما رَفعَه عبدُ الصَّمد.
1864 -
حدَّثَنا عبدُ الله بنُ محمد بن الحجَّاجِ الصَّوَّافُ البَصْريُّ، حدَّثَنا معاذُ بنُ هشامٍ الدَّستُوائي، حدَّثني أبي، عن بُدَيلٍ العُقَيليِّ، عن شَهْرِ بن حَوْشَبٍ
(1)
حديث ضعيف، وانظر ما قبله.
(2)
حديث ضعيف، وانظر سابقيه.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4141)، وابن ماجه (402)، والنسائي في "الكبرى"(9669). وهو في "مسند أحمد"(8652)، و"صحيح ابن حبان"(1090) و (5422).
عن أسماءَ بنتِ يَزيدَ بنِ السَّكَن الأنصاريَّة، قالت: كان كُمُّ يَدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى الرُّسْغِ
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
29 - باب ما يَقولُ إذا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا
1865 -
حَدَّثَنا سُوَيْدُ بن نَصْرٍ، أخْبرنا عَبدُ اللهِ بن المُباركِ، عن سَعيدِ الجُرَيرِيِّ، عن أبي نَضْرَةَ
عن أبي سَعيدٍ، قال: كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا اسْتَجدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ باسْمِه عِمامةً أو قَمِيصًا أو رِدَاءً، ثُمَّ يقولُ:"اللَّهُمَّ لكَ الحَمدُ أنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أسْألُكَ خَيْرَهُ وخَيْرَ ما صُنعَ لهُ، وأعُوذُ بكَ من شَرِّهِ وشَرِّ ما صُنعَ لهُ"
(2)
.
وفي البابِ عن عُمرَ، وابن عُمرَ.
(1)
إسناده ضعيف، لضعف شهر بن حوشب، وأخرجه أبو داود (4037)، والنسائي في "الكبرى"(9666). وهو في "شرح السنة" للبغوي (3072).
(2)
حديث حسن، وأخرجه أبو داود (4020) و (4021) و (4022)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(309). وهو في "مسند أحمد"(11248)، و"صحيح ابن حبان"(5420) و (5421).
قوله: إذا استجد ثوبًا، أي: لبس ثوبًا جديدًا.
وقوله: خيره: بأن يستر عورة البدن، ويكون ملائمًا له.
وقوله: وخير ما صنع له: هو استعماله في الطاعة. قاله السندي في حاشيته على "المسند".
حدَّثَنا هِشامُ بن يُونسَ الكُوفيُّ، حدَّثَنا القاسمُ بن مالكٍ المُزَنيُّ، عن الجُريْرِي نَحوهُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
30 - باب ما جاء في لُبْسِ الجُبَّة
1866 -
حدَّثَنا يُوسُفُ بن عيسى، حدَّثَنا وَكِيعٌ، حدَّثَنا يُونُسُ بن أبي إسحاقَ، عن الشَّعْبيِّ، عن عُرْوةَ بن المُغِيرةِ بن شُعبةَ
عن أبيهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ جُبّةً رُوميّةً ضَيِّقةَ الكُمَّيْنِ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
1867 -
حَدَّثَنا قُتيبةُ، حدَّثَنا ابن أبي زائِدةَ، عن الحَسنِ بن عيَّاشٍ، عن أبي إسحاقَ هو الشَّيْبانيُّ، عن الشَّعْبيِّ
عن المُغِيرَة بن شُعبةَ: أهْدى دِحْيةُ الكَلْبيُّ لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُفَّينِ فَلَبِسَهُما
(3)
.
(1)
حديث حسن، وسلف تخريجه فيما قبله.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (363) و (2918) و (5798)، ومسلم (274)(77) و (78) و (79) وص 318، وأبو داود (149) و (151)، والنسائي 1/ 63 و 82 و 83. وهو في "مسند أحمد" (18134) و (18170).
(3)
حديث صحيح. وهو عند المصنف في "الشمائل"(70)، ومن طريق المصنف أخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 158.
وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 133 من طريق عبد الله بن عامر بن زرارة، عن الحسن بن عياش، عن الشيباني، عن عامر، قيل للمغيرة بن =
وقال إسْرائيلُ عن جابرٍ، عن عامرٍ: وَجُبَّةً فَلَبِسهُما حتَّى تَخَرَّقا لا يَدْرِي النبيُّ صلى الله عليه وسلم أذَكيٌّ هُما أمْ لا؟
(1)
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
وأبو إسحاق الذي روى هذا عن الشَّعبي: هو أبو إسحاقَ الشَّيبانيُّ، واسمُه: سُليْمانُ، والحَسنُ بن عَيَّاشٍ: هو أخو أبي بَكْر بن عَيَّاشٍ.
31 - باب ما جاء في شَدِّ الأسْنانِ بالذَّهَبِ
1868 -
حَدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حدَّثَنا عَليُّ بن هَاشمِ بن البَرِيدِ وأبو سَعْدٍ الصَّغَانيُّ، عن أبي الأشْهبِ، عن عَبد الرحمنِ بن طَرَفةَ
عن عَرْفجةَ بن أسْعدَ، قال: أُصِيبَ أنْفِي يَوْمَ الكُلابِ في الجاهِليَّةِ، فاتَّخذْتُ أنْفًا من وَرِقٍ، فأنْتنَ عَليَّ، فأمَرنِي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن أتَّخِذَ أنْفًا من ذَهبٍ
(2)
.
1869 -
حَدَّثَنا عَليُّ بن حُجْرٍ، أخبرنا الرَّبِيعُ بن بَدْرٍ ومحمدُ بن يَزِيدَ
= شعبة: من أين كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خفان؟ قال: أهداهما له دحية الكلبي فلبسهما.
(1)
إسناده ضعيف، لضعف جابر - وهو ابن يزيد الجعفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 469 عن وكيع، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4200) من طريق عنبسة بن سعيد عن جابر، عن عامر (وهو الشعبي)، عن دحية الكلبي قال
…
(2)
حديث حَسن، وأخرجه أبو داود (4232) و (4233) و (4234)، والنسائي 8/ 163 - 164. وهو في "المسند" (20269)، و"صحيح ابن حبان" (5462)، وانظر "نصب الراية" 4/ 237.
الوَاسِطيُّ، عن أبي الأشْهبِ نَحوهُ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ، إنَّما نَعْرِفُه من حديثِ عَبد الرحمنِ بن طَرَفةَ، وقد رَوَى سَلْمُ بن زَرِيرٍ عن عَبد الرحمنِ بن طَرَفةَ نَحو حديثِ أبي الأشْهب، عن عبد الرحمن بن طرفة.
وقال ابن مَهْدِيٍّ: سَلْمُ بن رَزِين، وهو وَهمٌ، وزَرِيرٌ أصَحُّ.
وقد رُوي عن غَيْرِ واحدٍ من أهل العلم أنَّهُمْ شَدُّوا أسْنانَهُمْ بالذَّهبِ، وفي هذا الحديثِ حُجَّةٌ لَهُمْ
(2)
.
32 - باب ما جاء في النَّهْي عن جُلُودِ السِّباعِ
1870 -
حَدَّثَنا أبو كُريْبٍ، حدَّثَنا ابن المُباركِ، ومحمدُ بن بِشْرٍ، وعَبد اللهِ بن إسماعيلَ، عن سَعيدِ بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن أبي المَليحِ
عن أبيهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عن جُلُودِ السِّباعِ أنْ تُفْترَشَ
(3)
.
(1)
حديث حسن. وانظر ما قبله.
(2)
روي ذلك عن المغيرة بن عبد الله بإسناد حسن عند ابن أبي شيبة 8/ 499، وهو في "مسند أحمد"(20276).
وروي أيضًا عن موسى بن طلحة ونافع بن جبير والحسن البصري وثابت البناني أنهم فعلوا ذلك، وهي عند ابن أبي شيبة 8/ 498 و 499.
وانظر "نصب الراية" للزيلعي 4/ 237.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (4132)، والنسائي 7/ 176. وهو في "المسند" (20706).
وأخرجه عبد الرزاق (215)، وابن أبي شيبة 14/ 250، والبزار (2330) عن أبي المليح، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وستأتي هذه الرواية عند المصنف في آخر هذا الباب.
والنهي عن جلود السباع في هذا الحديث، أي عن الركوب عليها أو الانتفاع =
1871 -
حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حدَّثَنا يحيى بن سَعيدٍ، حدَّثَنا سَعيدٌ، عن قتادةَ، عن أبي المَليحِ
عن أبيهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عن جُلودِ السِّباعِ
(1)
.
1872 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حدَّثَنا مُعاذُ بن هِشامٍ، حدَّثَنا أبي، عن قتادةَ
عن أبي المَليحِ أنَّهُ كَرِهَ جُلُودَ السِّباعِ.
ولا نَعْلمُ أحدًا قال: عن أبي المَليحِ عن أبيهِ غَيْر سَعيدِ بن أبي عَرُوبةَ.
1873 -
حَدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنا محمدُ بن جَعْفرٍ، عن شُعبةَ، عن يَزِيدَ الرِّشْكِ
عن أبي المَليحِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ نَهى عن جُلُودِ السِّباعِ
(2)
. وهذا أصَحُّ.
33 - باب ما جاء في نَعْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
-
1874 -
حَدَّثَنا إسحاقُ بن مَنْصُورٍ، حدثنا حَبَّانُ بن هِلالٍ، حدَّثَنا هَمَّامٌ، حدَّثَنا قَتادةُ
= بها محمولٌ عند الجمهور على ما قبل الدباغ، أو لما في ذلك من الزينة والخيلاء. وانظر "شرح مشكل الآثار" 8/ 290 - 299، و"التمهيد" 1/ 164 - 165.
(1)
حديث صحيح. وانظر ما قبله.
(2)
حديث صحيح. وهذه الرواية المرسلة سلف تخريجها عند الحديث رقم (1870).
عن أنسٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان نَعْلاهُ لهُما قِبالانِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن ابن عَبَّاسٍ، وأبي هُريرةَ.
1875 -
حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: حدَّثنا همَّامٌ، عن قتادةَ، قال:
قلتُ لأنسِ بن مالكٍ: كيفَ كانَ نعلُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قِبالانِ
(2)
.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
34 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ المَشْي في النَّعْلِ الوَاحدةِ
1876 -
حدَّثَنا قُتيبةُ، عن مالكٍ (ح)
وحَدَّثَنا الأنْصارِيُّ، حدَّثَنا مَعْنٌ، حدَّثَنا مالكٌ، عن أبي الزَّنادِ، عن الأعْرجِ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَمْشي أحَدُكُمْ في نَعْلٍ واحدةٍ، ليُنْعِلْهُما جمِيعًا أو لِيُحْفِهما جمِيعًا"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3107) و (5857)، وأبو داود (4134)، وابن ماجه (3615)، والنسائي 8/ 217. وهو في "مسند أحمد" (12229).
وقِبال النعل، قال في "القاموس": ككِتاب: زِمامٌ (أي سَير من جلد) بين الإصبع الوسطى والتي تليها.
(2)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5855)، ومسلم (2097)، وأبو داود (4136)، وابن ماجه (3617). وهو في "مسند أحمد"(7174) و (9715)، =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن جابرٍ.
35 - [باب ما جاء في كَرَاهِيةِ أنْ يَنْتعلَ الرَّجُل وهو قائمٌ]
1877 -
حدَّثَنا أزْهَرُ بن مروانَ البَصْرِيُّ، حدَّثَنا الحارثُ بن نَبْهانَ، عن مَعْمرٍ، عن عَمَّارِ بن أبي عَمَّارٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: نهَى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَنْتعِلَ الرَّجُلُ وهو قائمٌ
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ
(2)
. وروَى عُبَيْدُ اللهِ بن عَمْرٍو الرَّقَّيُّ هذا
= "صحيح ابن حبان"(5460).
(1)
في سنده عند المصنف الحارث بن نبهان وهو ضعيف، لكن رواه ابن ماجه (3618) من طريق آخر رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن محمد الطنافسي وهو ثقة.
والحديث أخرجه المصنف في "علله الكبير" 2/ 744، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 218، وابن عدي في "الكامل" 2/ 610.
ويشهد له حديث أنس الآتي بعد هذا عند المصنف.
وحديث جابر، عند أبي داود (4135) ورجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة أبي الزبير، وقد حسنه النووي في "رياض الصالحين".
وحديث ابن عمر، عند ابن ماجه (3619)، وإسناده صحيح كما قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 225.
قال المناوي في "شرح الجامع الصغير": والأمر في الحديث للإرشاد، لأن لبسها قاعدًا أسهل وأمكن، ومنه أخذ الطيبي وغيره تخصيص النهي بما في لبسه قائمًا تعب، كالتاسومة والخف، لا كقبقاب وسرموزة.
(2)
في المطبوع: "حسن غريب"، وما أثبتناه من سائر الأصول الخطية وشرح =
الحديثَ عن مَعْمرٍ عن قَتادةَ عن أنَسٍ. وكِلا الحديثينِ لا يَصحُّ عِنْدَ أهْلِ الحديثِ، والحارثُ بن نَبْهانَ لَيْسَ عِنْدهُمْ بالحافظِ، ولا نَعْرِفُ لحديثِ قَتادةَ عن أنَسٍ أصْلًا.
1878 -
حدَّثَنا أبو جَعْفرٍ السِّمْنانيُّ، حدَّثَنا سُليمانُ بن عُبَيْدِ اللهِ الرَّقِّيُّ، حدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بن عَمْرٍو، عن مَعْمرٍ، عن قَتادةَ
عن أنَسٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى أنْ يَنْتعِلَ الرَّجُلُ وهو قائمٌ
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ.
قال محمدُ بن إسماعيلَ: ولا يَصحُّ هذا الحديثُ، ولا حديثُ مَعْمرٍ، عن عمَّارِ بن أبي عمَّارٍ، عن أبي هُريرةَ.
36 - باب ما جاء في الرُّخْصةِ في النَّعْلِ الواحدةِ
1879 -
حدَّثَنا القاسمُ بن دِينارٍ الكوفي، حدَّثَنا إسحاقُ بن مَنْصُورٍ السَّلُوليُّ الكُوفيُّ، حدَّثَنا هُريْمُ بن سُفيانَ البَجليُّ الكُوفيُّ، عن لَيْثٍ، عن عَبد الرحمنِ بن القاسمِ، عن أبيهِ
عن عائشةَ، قالت: رُبَّما مَشى النبيُّ صلى الله عليه وسلم في نَعْلٍ واحدةٍ
(2)
.
= المباركفوري.
(1)
رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان الرقي وهو ضعيف، لكنه يصلح للشواهد. وانظر الحديث السابق.
وأخرجه أبو يعلى (2936) و (3077)، والبزار (2959 - كشف الأستار).
(2)
حديث ضعيف لضعف ليث - وهو ابن أبي سليم - وسيأتي بعده موقوفًا =
1880 -
حدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن عَبد الرحمنِ بن القاسمِ، عن أبيهِ
عن عائشةَ: أنَّها مَشَتْ بِنَعْلٍ واحدةٍ
(1)
. وهذا أصَحُّ.
هكذا روى سُفيانُ الثَّوْرِيُّ وغَيْرُه عن عَبد الرحمنِ بن القاسمِ موقُوفًا، وهذا أصَحُّ.
37 - باب ما جاء بأيِّ رِجْلٍ يَبْدأُ إذا انْتَعلَ
1881 -
حدَّثَنا الأنْصارِيُّ، حدَّثَنا مَعْنٌ، حدَّثَنا مالكٌ.
وحدَّثَنا قُتيبةُ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّنادٍ، عن الأعْرجِ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انْتعلَ أحدُكُمْ، فلْيبدأْ باليَمِينِ، وإذا نَزعَ، فلْيَبدأْ بالشَّمالِ، فَلْتكُن اليمينُ أوَّلَهُما تُنْعَلُ وَآخِرَهُما تُنْزَعُ"
(2)
.
= وهو الصحيح.
وأخرجه المصنف في "علله الكبير" 2/ 746. وهو في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (1361).
(1)
صحيح، وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 417. وانظر ما قبله.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5856)، ومسلم (2097)، وأبو داود (4139). وهو في "المسند"(7179) و (10003)، و"صحيح ابن حبان"(5455).
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 14/ 74: يستحبُّ البَدَاءَةُ باليمنى في كُلِّ ما كان مِنْ باب التكريمِ، والزينةِ والنظافة ونحو ذلك
…
، والبداءةُ باليسار في كل ما هو ضدُّ ذلك.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
38 - باب ما جاء في تَرْقِيعِ الثَّوْبِ
1882 -
حدَّثَنا يحيى بن موسى، حدَّثَنا سَعيدُ بن محمدٍ الوَرَّاقُ وأبو يحيى الحِمَّاني، قالا: حدَّثَنا صالحُ بن حَسَّانَ، عن عُرْوةَ
عن عَائشةَ، قالت: قال لي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنْ أرَدْتِ اللُّحُوقَ بِي، فَلْيكْفِكِ من الدُّنْيا كزادِ الرَّاكِبِ، وإيَّاكِ ومُجالَسةَ الأغْنِياءِ، ولا تَسْتَخْلِقي ثَوْبًا حتّى تُرقَّعِيهِ"
(1)
.
هذا حديثُ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا من حديثِ صالحِ بن حَسَّانَ.
سَمِعتُ محمدًا يقولُ: صالحُ بن حَسَّانَ مُنكرُ الحديثِ، وصالحُ بن أبي حسَّانَ الَّذِي روَى عَنْهُ ابنُ أبي ذِئْبٍ ثِقَةٌ.
ومَعْنى قوْلهِ: وإيَّاكِ ومُجالسةَ الأغْنِياءِ، هو نَحوُ ما رُوي عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال:"من رأى من فُضَّلَ عَليْهِ في الخَلْقِ والرِّزْقِ، فَلْيَنْظُرْ إلى من هو أسْفلَ مِنْهُ مِمَّن فُضِّلَ هو عَليْهِ، فإنَّهُ أجْدرُ أنْ لا يَزْدَرِيَ نِعْمةَ اللهِ"
(2)
.
(1)
حديث ضعيف جدًا، صالح بن حسان قال في "التقريب": متروك، وأخرجه المصنف في "علله الكبير" 2/ 748، والحاكم 4/ 312 - وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله: الورَّاق عدم - والبغوي في "شرح السنة"(3115).
قلنا: الوراق متابع عند الترمذي، وعلة الحديث في صالح بن حسان.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6490)، ومسلم (2963)، وابن ماجه (4142). وهو في "المسند"(7319) و (7349)، و"صحيح ابن حبان" =
ويُرْوى عن عَوْنِ بن عَبد اللهِ، قال: صَحِبْتُ الأغْنِياءَ فلم أرَ أحدًا أكْثر هَمًّا مِنِّي، أرَى دابَّةً خَيرًا من دابَّتي وثَوْبًا خَيرًا من ثَوْبي، وصَحِبْتُ الفُقراءَ فاسْترَحْتُ.
39 - باب
(1)
1883 -
حدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، حدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن ابن أبي نَجِيحٍ، عن مُجاهِدٍ
عن أُمَّ هانئٍ، قالت: قَدِمَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعني مكَّةَ ولهُ أرْبعُ غَدَائرَ
(2)
.
هذا حديثٌ غريبٌ
(3)
.
1884 -
حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حدَّثَنا عبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، حدَّثَنا إبراهيمُ بن نافعٍ المَكِّيُّ، عن ابن أبي نَجِيحٍ، عن مُجاهدٍ
عن أُمِّ هانِئٍ، قالت: قَدِمَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مكَّةَ ولهُ أرْبعُ
= (711 - 714).
وسيأتي مسندًا عند المصنف برقم (2682).
(1)
في المطبوع: "باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة"، وليس ذلك في أصولنا الخطية، ولا في النسخة التي شرح عليها المباركفوري.
(2)
حديث ضعيف، مجاهد لا يعرف له سماع من أم هانئ فيما ذكر البخاري، نقله عنه المصنف بإثر الحديث الآتي، وأخرجه أبو داود (4191)، وابن ماجه (3631) وهو في "المسند"(26890).
(3)
في المطبوع: "حسن غريب"، والمثبت من الأصول الخطية.
ضَفائرَ
(1)
.
هذا حديثٌ حسنٌ
(2)
.
وعبدُ الله بنُ أبي نَجيحٍ مكِّيٌّ. وأبو نَجيحٍ اسمه: يَسارٌ.
قال محمدٌ: لا أعرف لمجاهدٍ سماعًا من أُمِّ هانئٍ.
40 - باب
(3)
1885 -
حدَّثَنا حُمَيْدُ بن مَسْعدةَ، حدَّثَنا محمدُ بن حُمْرانَ، عن أبي سَعيدٍ وهو عَبد اللهِ بن بُسْرٍ، قال:
سَمِعتُ أبا كَبشةَ الأنْمارِيَّ يقولُ: كانَتْ كِمامُ أصْحابِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم بُطْحًا
(4)
.
هذا حديثٌ مُنكرٌ، وعَبد اللهِ بن بُسْرٍ بصْرِيٌّ، هو ضَعِيفٌ عِنْدَ أهْلِ الحديثِ، ضَعَّفهُ يحيى بن سَعيدٍ وغَيْرُه.
بُطْحٌ: يَعْني واسِعةٌ.
(1)
حديث ضعيف، وانظر ما قبله.
(2)
في المطبوع: "حسن غريب"، والمثبت من الأصول الخطية.
(3)
في المطبوع: "باب كيف كان كمام الصحابة"، وهذا العنوان لم يرد في أصولنا الخطية، ولا في النسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه.
(4)
حديث ضعيف، وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 234، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 222.
41 - باب
(1)
1886 -
حدَّثَنا قُتيبةُ، حدَّثَنا أبو الأحْوَصِ، عن أبي إسحاقَ، عن مُسْلمِ بن نُذَيرٍ
عن حُذَيفةَ، قال: أخَذَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعَضلةِ ساقِي أو ساقِه، فقال:"هذا مَوْضعُ الإزَارٍ، فإنْ أبَيتَ فأسْفلَ، فإنْ أبَيتَ فلا حَقَّ للإزَارِ في الكَعْبَيْنِ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. رَواهُ شعبةُ والثَّوريُّ عن أبي إسحاق.
42 - باب
(3)
1887 -
حدَّثَنا قُتيبةُ، حدَّثنا محمدُ بن رَبِيعةَ، عن أبي الحَسن العَسْقلانيِّ، عن أبي جَعْفرِ بن محمدِ بن رُكانةَ
عن أبيهِ: أنَّ رُكانةَ صَارعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فصرَعهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، قال رُكانةُ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنَّ فَرْقَ ما بَيْنَنا وبَيْنَ المُشْرِكينَ العَمائمُ على القَلانِسِ"
(4)
.
(1)
في المطبوع: "باب في مبلغ الإزار"، ولم يرد في الأصول.
(2)
حديث صحيح لغيره، وأخرجه ابن ماجه (3572)، والنسائي 8/ 206. وهو في "المسند" (23243)، و"صحيح ابن حبان" (5445) و (5448).
وله شواهد عن أبي هريرة وأبي سعيد وأنس، انظرها في "المسند"(23243).
(3)
في المطبوع: "باب العمائم على القلانس"، ولم يرد هذا في أصولنا الخطية.
(4)
إسناده ضعيف، وأخرجه أبو داود (4078).
هذا حديثٌ غريبٌ
(1)
، وإسْنادُه ليْسَ بالقائمِ، ولا نَعْرِفُ أبا الحَسنِ العَسْقلانيَّ ولا ابن رُكانةَ.
43 - باب
(2)
1888 -
حدَّثَنا محمدُ بن حُمَيْدٍ، حدَّثَنا زَيدُ بن حُبابٍ وأبو تُميْلةَ، عن عَبد اللهِ بن مُسْلمٍ، عن عبد الله بن بُريْدةَ
عن أبيهِ، قال: جاء رَجلٌ إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعليْهِ خاتمٌ من حَديدٍ، فقال:"ما لي أرَى عَليْكَ حِلْيةَ أهْلِ النَّارِ؟ " ثُمَّ جاءهُ وعليْهِ خاتمٌ من صُفْرٍ، فقال:"ما لِي أجدُ مِنْكَ رِيح الأصْنام؟ " ثُمَّ أتاهُ وعليْهِ خاتمٌ هن ذَهَبٍ، فقال:"ما لي أرى عليكَ حِلْيةَ أهْلِ الجَنّةِ"، قال: من أيِّ شَيءٍ أتَّخِذُه؟ قال: "من وَرِقٍ ولا تُتِمَّهُ مِثْقالًا"
(3)
.
(1)
في المطبوع: "حسن غريب"، والمثبت من الأصول الخطية، وهو الصواب.
(2)
في المطبوع: "باب ما جاء في الخاتم الحديد"، وهذا العنوان غير موجود في الأصول الخطية.
(3)
حديث صحيح لغيره دونَ قوله: ثم جاءه وعليه خاتم من صفر، فقال:"ما لي أجد منك ريح الأصنام؟ " ودون قوله: "ولا تتمه مثقالًا".
وأخرجه أبو داود (4223)، والنسائي 8/ 172. وهو في "مسند أحمد" (23034)، و"صحيح ابن حبان" (5488).
وله شاهد بسند حسن من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد (6518)، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على بعض أصحابه خاتمًا من ذهب، فأعرض عنه، فألقاه واتخذ خاتمًا من حديد، فقال: هذا شر، هذا حلية أهل النار، فألقاه فاتخذ خاتمًا من وَرِقٍ، فسكت عنه.
قوله: "من صفر"، أي: من نحاس.
هذا حديثٌ غريبٌ
(1)
.
وعَبد اللهِ بن مُسْلمٍ يُكْنى أبا طَيبةَ، وهو مَرْوَزِيٌّ.
44 - باب
(2)
1889 -
حدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، حدَّثَنا سُفيانُ، عن عاصمِ بن كُلَيْبٍ، عن ابن أبي مُوسى، قال:
سَمِعتُ عَلِيًّا يقولُ: نهاني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن القَسَّيِّ والمِيثَرَةِ الحَمراءِ، وأنْ ألبسَ خاتَمِي في هذهِ وفي
(3)
هذهِ، وأشارَ إلى السَّبَّابةِ والوُسْطى
(4)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وابن أبي موسى هو: أبو بُرْدةَ بن أبي موسى، واسْمُه: عَامر.
(1)
وقع بعد هذا في المطبوع: "وفي الباب عن عبد الله بن عمرو" وليس هو في أصولنا الخطية.
(2)
في المطبوع: "باب كراهية التختم في أصبعين"، ولم يرد ذلك في الأصول الخطية.
(3)
في (ب): "أو في"، والمثبت من سائر الأصول.
(4)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2078) وص 1659، وأبو داود (4051) و (4225)، وابن ماجه (3648) و (3654)، والنسائي 8/ 165 و 166 و 177 و 194 و 219. وهو في "مسند أحمد" (1124)، و"صحيح ابن حبان" (998) و (5502).
والقَسِّي: ثياب من كتان مخلوط بحرير.
45 - باب
(1)
1890 -
حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حدَّثَنا مُعاذُ بن هِشامٍ، حدَّثَني أبي، عن قَتادةَ
عن أنَسٍ، قال: كانَ أحبَّ الثَّيابِ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يلْبَسُها الحِبَرَةُ
(2)
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(3)
.
(1)
وقع في المطبوع: "باب ما جاء في أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهذا العنوان لم يرد في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5813)، ومسلم (2079)، وأبو داود (4060)، والنسائي 8/ 203. وهو في "المسند" (12377)، و"صحيح ابن حبان" (6396).
والحبرة: قال الجوهري: والحَبرة مثال العنبة: بُرْدٌ يمانٍ، وقال الهروي: موشيَّة مخَطَّطة، وقال ابن بطال: هي من برود اليمن تصنع من قطن، وكانت أشرف الثياب عندهم، وقال القرطبي: سميت حِبَرَة، لأنها تحَبر، أي: تزين، والتحبير: التزيين والتحسين.
(3)
في المطبوع: "حسن صحيح غريب"، وهو كذلك في النسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه، والمثبت من سائر أصولنا الخطية والنسخة التي اعتمدها المزي في "تحفة الأشراف".
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الأطعمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1 - باب ما جاء على ما كانَ يأكُلُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم
-
1891 -
حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حدَّثَنا مُعاذُ بن هِشامٍ، حدَّثَني أبي، عن يُونُسَ، عن قتادةَ
عن أنَسٍ، قال: ما أكلَ نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم على خِوانٍ ولا سُكُرُّجةٍ، ولا خُبِزَ لهُ مُرَقَّقٌ. فَقُلْتُ لقَتادةَ: فَعلامَ كانُوا يأكُلُونَ؟ قال على هذه السُّفَرِ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
قال محمدُ بن بَشَّارٍ: يُونُسُ هذا: هو يُونُسُ الإسْكاف.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5386)، وابن ماجه (3292) و (3293)، والنسائي في "الكبرى"(6625) و (6626) و (6634) و (6638).
الخوان: بضم الخاء وكسرها: هي المائدة المُعدَّة للطعام من خشب وشبهه.
والسُّكُرُّجة: هو بمضمومات ثلاث وشدة راء، وصُوِّب فتح الراء: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الإدام، ويوضع به المشهَّيات حول الأطعمة للتشهي، وقيل: هي قصاع صغار. وهي كلمة فارسية.
وقد رَوَى عَبدُ الوارثِ، عن سَعيدِ بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن أنَسٍ، نحوهُ
(1)
.
2 - باب ما جاء في أكلِ الأرْنَبِ
1892 -
حدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، حدَّثَنا أبو دَاوُدَ، أخبرنا شُعبةُ، عن هِشامِ بن زَيْدٍ قال:
سَمِعتُ أنَسًا يقولُ: أنْفَجْنا
(2)
أرْنبًا بمَرَّ الظَّهْرانِ، فسعَى أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم خلْفَها، فأدْركْتُها فأخَذْتُها، فأتَيْتُ بِها أبا طَلْحةَ فذَبَحها بمَرْوةٍ، فَبعثَ مَعِي بفَخِذِها أو بوَرِكِهَا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأكَلَهُ، قُلْتُ: أَكَلهُ؟ قال: قَبِلَهُ
(3)
.
وفي البابِ عن جابرٍ، وعمَّارٍ، ومحمدِ بن صَفْوانَ، ومحمد بن صَيْفِيٍّ
(4)
.
(1)
ستأتي هذه الطريق عند المصنف برقم (2520).
(2)
في (ب): "أنضجنا"، وهو خطأ، وأنفجنا من الإنفاج، وهو الإثارة.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2572)، ومسلم (1953)، وأبو داود (3791)، وابن ماجه (3243)، والنسائي 7/ 197. وهو في "المسند" (12182). وقوله:"مَرّ الظهران": هو موضع قرب مكة.
(4)
كذا في سائر أصولنا الخطية: محمد بن صفوان ومحمد بن صيفي، وحديثه هذا أخرجه الطيالسي (1182)، وابن أبي شيبة 8/ 248، وأحمد (15870)، وأبو داود (2822)، والنسائي 7/ 197، وابن حبان (5887)، والبيهقي 9/ 320 من حديث محمد بن صفوان، وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 389 و 8/ 248، وابن ماجه (3175) من حديث محمد بن صيفي.
قال الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 5: الصحيح في حديث الأرنبين: محمد =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
والعملُ على هذا عِنْدَ أكثرِ أهلِ العلمِ لا يَرَوْنَ بأكلِ الأرْنَبِ بأْسًا. وقد كَرِهَ بَعْض أهْلِ العلمِ أكلَ الأرْنَبِ، وقالُوا: إنَّها تَدْمَى
(1)
.
3 - باب في أكْلِ الضَّبِّ
1893 -
حدَّثَنا قُتيبةُ، حدَّثَنا مالكُ بن أنَسٍ، عن عَبد اللهِ بن دِينار
عن ابن عُمرَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن أكلِ الضَّبِّ؟ فقال: "لا آكُلُهُ ولا أُحَرِّمُهُ"
(2)
.
وفي البابِ عن عُمرَ، وأبي سَعيدٍ، وابن عَبَّاسٍ، وثابتِ بن وَدِيعةَ، وجابرٍ، وعبد الرحمنِ بن حَسَنةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد اخْتلفَ أهلُ العلمِ في أكلِ الضَّبِّ، فرَخّصَ فيهِ بَعْضُ أهلِ
= ابن صفوان، فأما محمد بن صيفي، فهو الذي روى حديث عاشوراء، حدَّث عنه الشعبي ا. هـ. وانظر تعليقنا على "المسند"(15870).
(1)
تَدْمى، بفتح التاء والميم، قال ابن الأثير في "النهاية": أي أنها ترمي الدَّم، وذلك أن الأرنب تحيضُ كما تحيض المرأة.
قلنا: وكراهة أكل الأرنب منقولة عن عبد الله بن عمر من الصحابة، وعن عكرمة من التابعين، وعن محمد بن أبي ليلى من الفقهاء، وانظر "فتح الباري" 9/ 662.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5536)، ومسلم (1943)، وابن ماجه (3242)، والنسائي 7/ 197. وهو في "مسند أحمد" (4497) و (4562)، و"صحيح ابن حبان" (5265).
العلمِ من أصْحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وغيْرِهِم، وكرِهَهُ بَعْضُهمْ. ويُرْوى عن ابن عَبَّاسٍ أنَّهُ قال: أُكِلَ الضَّبُّ على مائِدةِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وإنّما تَركَهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَقذُّرًا
(1)
.
4 - باب ما جاء في أكْلِ الضَّبُعِ
1894 -
حدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حدَّثَنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، حدثنا ابن جُرَيْجٍ، عن عَبد اللهِ بن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ، عن ابن أبي عَمَّارٍ
قال: قُلْتُ لجابرٍ: الضَّبُعُ أصَيْدٌ هِي؟ قال: نَعَمْ. قُلْتُ: آكُلُهَا؟ قال: نَعَمْ. قُلْتُ: أقالَهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نَعَمْ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وقد ذهَبَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ إلى هذا، ولم يَرَوْا بأْسًا بأكْلِ الضَّبُعِ، وهو قَوْلُ أحمدَ، وإسحاقَ، وَرُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم حديثٌ في كَرَاهِيةِ أكْلِ الضَّبُعِ، ولَيْسَ إسْنادُهُ بالقَويِّ.
وقد كَرِهَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ أكْلَ الضَّبُعِ، وهو قَوْلُ ابن المُباركِ، قال يحيى القَطّانُ: ورَوَى جَريرُ بن حازِمٍ هذا الحديثَ عن عَبد الله بن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ، عن ابن أبي عَمَّارٍ، عن جابرٍ، عن عُمرَ قَوْلَهُ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2575)، ومسلم (1947)، وأبو داود (3793)، والنسائي 7/ 199. وانظر "مسند أحمد" (2299).
(2)
حديث صحيح، وقد سلف برقم (867).
وحديثُ ابن جُرَيْجٍ أصَحُّ
(1)
.
1895 -
حدَّثَنا هنَّادٌ، حدَّثَنا أبو مُعاويةَ، عن إسماعيلَ بن مُسلمٍ، عن عَبد الكريم أبي أُمَيَّةَ، عن حِبَّانَ بن جَزْءٍ
عن أخيهِ خُزَيْمةَ بن جَزْءٍ، قال: سَألْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن أكلِ الضّبُعِ، فقال:"ويأكُلُ الضَّبُعَ أحَدٌ؟ " وسَألْتُه عن الذِّئْبِ، قال:"يأكُلُ الذِّئبَ أحَدٌ فيهِ خَيْرٌ؟ "
(2)
.
هذا حديثٌ ليس إسْنادُهُ بالقويِّ، لا نعرِفُه إلّا من حديثِ إسماعيلَ بن مُسْلمٍ، عن عَبد الكريمِ أبي أُميَّةَ، وقد تكلّمَ بَعْضُ أهْلِ الحديثِ في إسماعيلَ وعَبدِ الكريمِ أبي أُميَّةَ وهو: عَبدُ الكريمِ بن قَيْسٍ هو بن أبي المُخَارِقِ، وعَبدُ الكريمِ بن مالكٍ ثقةٌ.
5 - باب ما جاء في أكْلِ لُحُومِ الخَيْلِ
1896 -
حدَّثَنا قُتيبةُ ونَصْرُ بن عَليٍّ، قالا: حدَّثَنا سُفيانُ، عن عَمْرِو بن دينارٍ
عن جابرٍ، قال: أطْعَمَنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لُحُومَ الخَيْلِ، ونَهانا عن لُحُومِ الحُمُرِ
(3)
.
(1)
وقع في المطبوع بعد هذا: "وابن أبي عمار هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار المكي" ولم يرد ذلك في أصولنا الخطية.
(2)
حديث ضعيف، وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (3237).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4219)، ومسلم (1941)، وأبو داود (3788) و (3789) و (3808)، وابن ماجه (3191)، والنسائي 7/ 201 و 205. =
وفي البابِ عن أسماءَ بِنْتِ أبي بكْرٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وهكذا رَوَى غَيْرُ واحدٍ عن عَمْرِو بن دِينارٍ، عن جابرٍ، ورَوى حَمَّادُ بن زَيْدٍ، عن عَمْرِو بن دِينارٍ، عن محمدِ بن عَليٍّ، عن جابرٍ. ورِوايةُ ابن عُيينةَ أصَحُّ.
وسَمِعتُ محمدًا يقولُ: سُفيانُ بن عُيينةَ أحْفظُ من حمَّادِ بن زَيْدٍ.
6 - باب ما جاء في لُحُومِ الحُمُرِ الأهْليَّةِ
1897 -
حدَّثَنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، حدَّثَنا عَبدُ الوهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عن يحيى بن سَعيدٍ الأنْصارِيِّ، عن مالكِ بن أنَسٍ، عن الزُّهْرِيِّ.
وحَدَّثَنا ابنُ أبي عُمرَ، قال: حدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عَبد اللهِ والحَسنِ ابْنَي محمدِ بن عَليٍّ، عن أبيهما
عن عَليٍّ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن مُتْعةِ النِّساءِ زَمنَ خَيْبرَ، وعن لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ
(1)
.
1898 -
حدَّثَنا سَعيدُ بن عَبد الرحمنِ المَخْزُوميُّ، حدَّثَنا سُفيانُ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عَبد اللهِ والحَسنِ، ابنَي محمد بن علي
قال الزُّهْرِيُّ: وكانَ أرْضاهُما الحَسنُ بن محمدٍ، وقال غَيْرُ سَعيدِ بن عَبد الرحمن، عن ابن عُيينةَ: وكانَ أرضاهُما عبد اللهِ بن محمد.
= وهو في "المسند"(14890)، و"صحيح ابن حبان"(5268).
(1)
حديث صحيح، وسلف عند المصنف برقم (1149) فانظره لزامًا.
[هذا حديثٌ صحيحٌ]
(1)
.
1899 -
حدَّثَنا أبو كُرَيْبٍ، حدَّثَنا حُسيْنُ بن عَليٍّ، عن زائِدةَ، عن محمدِ بن عَمْرٍو، عن أبي سَلمةَ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ يَوْمَ خَيْبرَ كُلَّ ذِي نابٍ من السِّبَاعِ، والمُجَثَّمةَ، والحِمارَ الإنْسِيَّ
(2)
.
وفي البابِ عن عَليٍّ، وجابرٍ، والبَرَاءِ، وابن أبي أوْفى، وأنَسٍ، والعِرْباضِ بن ساريةَ، وأبي ثَعْلبةَ، وابن عُمرَ، وأبي سَعيدٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
ورَوَى عَبد العزِيزِ بن محمدٍ وغَيْرُه عن محمدِ بن عَمْرٍو هذا الحديثَ، وإنّما ذَكَرُوا حرْفًا واحدًا: نَهَى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن كُلِّ ذِي نابٍ من السِّباعِ.
7 - باب ما جاء في الأَكْلِ في آنِيةِ الكُفَّارِ
1900 -
حدَّثَنا زَيْدُ بن أخْزمَ الطَّائيُّ، حدَّثَنا سَلْمُ بن قُتيبةَ، حدَّثَنا شُعبةُ، عن أيُّوبَ، عن أبي قِلابةَ
عن أبي ثَعْلبةَ، قال: سُئِلَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن قُدُورِ المَجوسِ قال: "أَنْقُوها غَسْلًا، واطْبُخُوا فِيها". ونَهى عن كُلِّ سَبُعٍ ذِي
(1)
في المطبوع: "هذا حديث حسن صحيح"، ولم ترد هذه العبارة في أصولنا الخطية. وما أثبتناه من "تحفة الأشراف".
(2)
حديث صحيح، وهو في "مسند أحمد"(8789). وقد سلف برقم (1548).
نابٍ
(1)
.
هذا حديثٌ مَشْهُورٌ من حديثِ أبي ثَعْلبةَ، ورُوي عَنْهُ من غَيْرِ هذا الوَجْهِ.
وأبو ثَعْلبةَ اسْمُه: جُرْثُومٌ، ويُقالُ: جُرْهُمٌ، ويُقالُ: ناشبٌ.
وقد ذُكِرَ هذا الحديثُ عن أبي قِلابةَ، عن أبي أسْماءَ الرَّحَبيِّ، عن أبي ثَعْلبةَ.
1901 -
حدَّثَنا عَليُّ بن عيسى بن يَزِيدَ البَغْدَادِيُّ، حدَّثَنا عُبَيدُ الله بن محمدٍ القُرشيُّ، حدَّثَنا حمَّادُ بن سَلمةَ، عن أيُّوبَ وقَتادةَ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي أسْماءَ الرّحَبِيِّ
عن أبي ثَعْلبةَ الخُشَنيِّ: أنَّهُ قال: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا بأرضِ أهلِ الكِتابِ، فنطْبُخُ في قُدورِهِم ونَشْرَبُ في آنِيَتِهمْ؟ فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إنْ لم تَجِدُوا غيْرَها، فارْحَضُوها بالماءِ". ثُمَّ قال: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا بأرْضِ صَيْدٍ، فكَيْفَ نَصْنعُ؟ قال:"إذا أرْسَلتَ كلْبَكَ المُكَلَّبَ وذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ، فَقتلَ فكُلْ، وإنْ كان غَيْرَ مُكلَّبٍ، فذُكِّيَ فَكُلْ، وإذا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ وذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ، فَقتلَ فَكُلْ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهو في "مسند أحمد"(17731). وقد سلف برقم (1645).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه والنسائي، وقد سلف برقم (1532)، وخُرِّجَ هناك. وهو في "مسند أحمد"(17733)، و"صحيح ابن حبان"(5879).
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
8 - باب ما جاء في الفَأْرةِ تَمُوتُ في السَّمْنِ
1902 -
حدَّثَنا سَعيدُ بن عَبد الرحمنِ وأبو عَمَّارٍ، قالا: حدَّثَنا سُفيانُ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُبَيْدِ الله، عن ابن عَبَّاسٍ
عن مَيمُونةَ: أنَّ فَأْرةً وَقَعتْ في سَمْنٍ فماتَتْ، فسُئِلَ عَنْها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"ألْقُوها وما حَوْلَها وكُلُوهُ"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوي هذا الحديثُ عن الزُّهْرِيِّ، عن عُبَيدِ اللهِ، عن ابن عَبَّاسٍ: أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ. ولم يَذكُرُوا فيهِ: عن مَيْمُونةَ. وحديثُ ابن عَبَّاسٍ عن مَيْمُونةَ أصَحُّ.
ورَوَى مَعْمرٌ عن الزُّهْرِيِّ، عن سَعيدِ بن المُسَيّبِ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَحوهُ، وهو حديثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (235)، وأبو داود (3841) و (3843)، والنسائي 7/ 178. وهو في "المسند" (26796)، و"صحيح ابن حبان" (1392).
واستدل بهذا الحديث لإحدى الروايتين عن أحمد: أن المائع إذا حَلَّت فيه النجاسة لا ينجس إلا بالتغير، وهو اختيار البخاري، وقول ابن نافع من المالكيّة، وحكي عن مالك، وقد أخرج أحمد (ليس في "المسند" وإنما رواه ابنه صالح كما في "التنقيح" 2/ 574 لابن عبد الهادي) عن إسماعيل ابن علية، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة: أن ابن عباس سئل عن فأرة ماتت في سمن؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها، فقلت: إن أثرها كان في السمن كله، قال: إنما كان وهي حيّة، وإنما ماتت حيث وجدت. "فتح الباري" 9/ 609.
سَمِعتُ محمدَ بن إسماعيلَ يَقولُ: حديثُ مَعْمرٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَعيدِ بن المُسَيّبِ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(1)
في هذا خطأٌ
(2)
، والصَّحيحُ حديثُ الزُّهْرِيِّ عن عُبَيْدِ الله، عن ابن عَبَّاسٍ، عن مَيْمُونةَ.
9 - باب ما جاء في النَّهْي عن الأكْلِ والشُّرْبِ بالشِّمالِ
1903 -
حدَّثَنا إسحاقُ بنُ مَنْصورٍ، أخبرنا عَبد اللهِ بن نُمَيْرٍ، حدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بن عُمرَ، عن ابن شِهَابٍ، عن أبي بَكْرِ بن عُبَيْدِ الله بن عَبد الله بن عُمرَ
(1)
وقع في هذا الموضع في المطبوع: "وذكر فيه أنه سئل عنه، فقال: إذا كان جامدًا فألقوها وما حولها، أن كان مائعًا فلا تقربوه". ولم يرد ذلك في أصولنا الخطية.
(2)
كذا قال البخاري، وإليه ذهب أبو حاتم الرازي فيما حكاه عنه ابنه في "العلل" 2/ 12، وبه جزم المصنّف، وقد نقل ابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 35 و 39 - 40 عن محمد بن يحيى الذهلي أنه صححه، قلُت: احتج به أحمد بن حنبل كما في "المسائل" لابنه عبد الله (20)، وصححه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 13/ 396، وابن حبان (1393)، وقد ذكر ابن عبد البر 9/ 40 أن إجماع العلماء منعقد على التفصيل بين الجامد من السمن وبين المائع أو الذائب، فالجامد تطرح منه الفأرة وما حولها، والمائع إذا ماتت فيه فأرة أو وقعت أنه قد نجس كله. وهذا التفصيل جاء في رواية الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، ولم يرد في رواية الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن ميمونة إلا من رواية عبد الرزاق، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، وهي في "مصنفه"(279) ومن رواية إسحاق بن راهويه عن ابن عيينة، عن الزهري، وهي عند ابن حبان (1392)، ومن رواية معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، وهي في "سنن أبي داود"(3843)، والنسائي 7/ 178.
عن عَبد اللهِ بن عُمرَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَأْكُلْ أحَدُكُمْ بشِمالِه، ولا يَشْرَبْ بشِمَالِه، فإنَّ الشَّيْطانَ يأكُلُ بشِمالِه ويَشْرَبُ بشَمالِه"
(1)
.
وفي البابِ عن جابرٍ، وعُمرَ بن أبي سَلمةَ، وسَلمةَ بن الأكْوعِ، وأنَسِ بن مالكٍ، وحَفْصةَ
(2)
.
وهكذا روَى مالكٌ وابن عُيينةَ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي بكْرِ بن عُبَيْدِ اللهِ، عن ابن عُمرَ.
ورَوَى مَعْمرٌ وعُقَيْلٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَالمٍ، عن ابن عُمرَ، ورِوايةُ مالكٍ وابن عُيينةَ أصَحُّ
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2020)، وأبو داود (3776)، والنسائي "الكبرى"(6746 - 6748) و (6750) و (6751) و (6889 - 6892). وهو في "مسند أحمد"(4537)، و"صحيح ابن حبان"(5229).
(2)
وقع في المطبوع بعد هذا: "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" ولم ترد هذه العبارة في أصولنا الخطية.
(3)
زاد بعد هذا في المطبوع حديثًا برقم (1800): "حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: حدثنا جعفر بن عون، عن سعيد بن أبي عروبة، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أكل أحدكم، فليأكل بيمينه وليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله". وهذا الحديث بتمامه لم يرد في شيءٍ من أصولنا الخطية، ولا في أي من الشروح، ولا في "تحفة الأشراف".
10 - باب ما جاء في لَعْقِ الأصابعِ
1904 -
حدَّثَنا محمدُ بن عَبدِ المَلكِ بن أبي الشَّوَاربِ، حدَّثَنا عَبدُ العزِيزِ بن المُخْتارِ، عن سُهَيْلِ بن أبي صَالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا أكَلَ أحَدُكُمْ، فليَلْعَقْ أصابعَهُ، فإنَّهُ لا يَدْرِي في أيّتهِنّ البرَكَةُ"
(1)
.
وفي البابِ عن جابرٍ، وكَعْبِ بن مالكٍ، وأنَسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا من هذا الوَجْهِ من حديثِ سُهَيْلٍ
(2)
.
11 - باب ما جاء في اللُّقْمةِ تَسْقُطُ
1905 -
حدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حدَّثَنا ابن لَهِيعةَ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جابرٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أكَلَ أحَدُكُمْ طعامًا، فَسقَطتْ لُقْمَتُه، فَلْيُمِطْ ما رَابَهُ مِنْها، ثُمَّ لْيَطْعَمْها، ولا يَدَعْها للشَّيْطانِ"
(3)
.
وفي البابِ عن أنَسٍ.
1906 -
حدَّثَنا الحَسنُ بن عَليًّ الخَلَّالُ، حدَّثَنا عَفَّانُ بن مُسْلمٍ، حدَّثَنا
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2035). وهو في "المسند"(8499).
(2)
وقع بعد هذا في المطبوع: "وسألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث عبد العزيز من المختلف لا يعرف إلا من حديثه"، وليس هذا في الأصول الخطية.
(3)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2033)، وابن ماجه (3279). وهو في "المسند"(14224)، و"صحيح ابن حبان"(5253).
حَمَّادُ بن سَلمةَ، حدَّثَنا ثَابتٌ
عن أنَسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا أكلَ طَعامًا لَعِقَ أصَابعَهُ الثّلاثَ، وقال:"إذا وَقَعتْ لُقْمةُ أحَدِكُمْ، فليُمِطْ عَنْها الأذى وليأكُلْها، ولا يَدعْها لِلشَّيْطانِ"، وأمَرنا أنْ نَسْلِتَ الصَّحْفةَ، وقال:"إنَّكُمْ لا تَدرُونَ في أيِّ طَعامِكُمُ البَرَكةُ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(2)
.
1907 -
حدَّثَنا نَصْرُ بن عَليٍّ الجَهْضَمِيُّ، أخْبرنا المُعَلّى بن رَاشدٍ أبو اليمان، قال: حدَّثَتْني جَدّتي أُمُّ عاصم - وكانَتْ أُمَّ وَلدٍ لسِنانِ بن سَلمةَ - قالت:
دَخلَ عَليْنا نُبَيْشةُ الخَيْرِ ونَحْنُ نأكُلُ في قَصْعةٍ، فحدّثَنا أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"من أكلَ في قَصْعةٍ، ثُمَّ لَحِسَهَا، اسْتَغْفرَتْ لهُ القَصْعَةُ"
(3)
.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا مِن حديثِ المُعَلَّى بن رَاشدٍ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2034)، وأبو داود (2845)، والنسائي في "الكبرى"(6765) و (6766). وهو في "المسند"(12815)، و"صحيح ابن حبان"(5249).
وقوله: نسلت الصحفة. قال ابن الأثير: أي نتتبع ما بقي يها من الطعام وتمسحها بالأصبع ونحوها.
(2)
وقع في المطبوع: "حسن غريب صحيح"، والمثبت من الأصول الخطية.
(3)
حديث ضعيف لجهالة أم عاصم جدة المعلى بن راشد، وأخرجه ابن ماجه (3271) و (3272). وهو في "مسند أحمد"(20724).
وقد روَى يَزِيدُ بن هارُونَ وغَيْرُ واحدٍ من الأئمَّةِ عن المُعَلَّى بن رَاشدٍ هذا الحديثَ.
12 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ الأكْلِ من وَسَطِ الطَّعَامِ
1908 -
حدَّثَنا أبو رَجَاءٍ، حدَّثَنا جَرِيرٌ، عن عطاءِ بن السَّائِبِ، عن سَعيدِ بن جُبَيْرٍ
عن ابن عَبَّاس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "البَرَكةُ تَنزِل وَسطَ الطَّعامِ، فكُلُوا مِن حافَتَيْهِ، ولا تأْكُلُوا من وَسَطِه"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، إنَّما يُعْرَفُ من حديثِ عَطاءِ بن السَّائِبِ، وقد رَوَى شُعبةُ والثَّوْرِيُّ، عن عَطاءِ بن السَّائِبِ.
وفي البابِ عن ابن عُمرَ.
13 - باب ما جاء في كرَاهِيةِ أكلِ الثُّومِ والبَصلِ
1909 -
حدَّثَنا إسحاقُ بن مَنْصُورٍ، حدثنا يحيى بن سَعيدٍ القَطَّانُ، عن ابن جُريْجٍ، حدَّثَنا عَطاءٌ
عن جابرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكَلَ من هذهِ، قال
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3772)، وابن ماجه (3277)، والنسائي في "الكبرى"(6762). وهو في "المسند"(2439)، و"صحيح ابن حبان"(5245).
أوَّلَ مَرَّةٍ: الثُّومِ، ثُمَّ قال: الثُّومِ والبَصلِ والكُرَّاثِ، فَلا يَقْربنَّا في مَسْجدِنا"
(1)
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن عُمرَ، وأبي أيُّوبَ، وأبي هُريرةَ، وأبي سَعيدٍ، وجابرِ بن سَمُرةَ، وقُرَّةَ، وابن عُمرَ.
1910 -
حدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، حدَّثَنا أبو داوُد، أنبأنا شُعبةُ، عن سِمَاكِ بن حَرْبٍ
سَمعَ جابرَ بن سَمُرةَ يقولُ: نَزلَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على أبي أيُّوبَ، وكانَ إذا أكلَ طَعامًا بَعثَ إلَيهِ بفضْلِه، فبعثَ إليهِ يومًا بطَعامٍ ولم يأْكُلْ مِنْهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا أتَى أبو أيُوبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذَكرَ ذلكَ لهُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"فيهِ ثُومٌ"، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أحَرامٌ هو؟ قال:"لا، ولكِنِّي أكْرهُهُ من أجْلِ رِيحِه"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (854)، ومسلم (564)، وأبو داود (3822)، والنسائي 2/ 43. وهو في "مسند أحمد" (15014)، و"صحيح ابن حبان" (1644).
وأخرجه ابن ماجه (3365) بلفظ: "ألم أكن نهيتُكم عن أكل هذه الشجرة! إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسانُ".
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب، فهو صدوق حسن الحديث، وهو متابع.
وأخرجه مسلم (2053) من حديث سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، عن أبي أيوب الأنصاري وهو في "مسند أحمد"(20888)، و"صحيح ابن حبان" =
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
14 - باب ما جاء في الرُّخْصةِ في الثُّومِ مَطْبوخًا
1911 -
حدَّثَنا محمدُ بن مَدُّويه، حدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حدَّثَنا الجَرَّاحُ بن مَليحٍ، عن أبي إسحاقَ، عن شَرِيكِ بن حَنْبلٍ
عن عَليٍّ، قال: نُهِي عن أكْلِ الثُّومِ إلَّا مَطْبُوخًا
(1)
.
وقد روي عن عليٍّ قوله.
1912 -
حدَّثَنا هَنَّادٌ، حدَّثَنا وَكِيعٌ، عن أبيهِ، عن أبي إسحاقَ، عن شَرِيكِ بن حَنْبلٍ
عن عَليٍّ، قال: أنّهُ كَرِهَ أكلَ الثُّومِ إلَّا مَطْبُوخًا
(2)
.
هذا الحديثُ لَيْسَ إسْنادُهُ بذلكَ القَويِّ، ورُوِي عن شَرِيكِ بن حَنْبلٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا
(3)
.
= (2094) من حديث سماك، عن جابر، وفي "المسند"(23525) من حديث سماك، عن جابر، عن أبي أيوب.
وأخرجه مسلم (2053) من طريق أفلح مولى أبي أيوب، عن أبي أيوب الأنصاري، وهو في "مسند أحمد"(23517).
(1)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك بن حنبل، وأخرجه أبو داود (3828).
ويشهد له حديث قرة بن إياس المزني، أخرجه أبو داود (3827). وهو في "المسند"(16247)، وذُكرت شواهده هناك.
(2)
انظر ما قبله.
(3)
وقع بعد هذا في المطبوع: "قال محمد: الجراح بن مليح صدوق، =
1913 -
حدَّثَنا الحَسنُ بن الصَّبَّاح، حدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن أبي يَزِيدَ، عن أبيهِ
أنَّ أُمَّ أيُّوبَ أخْبرَتْهُ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَزلَ عَليْهم، فتكلَّفُوا لهُ طعامًا فيهِ من بَعْضِ هذه البُقُولِ، فكَرِهَ أكْلَهُ، فقال لأصْحابِه:"كُلُوهُ، فإنِّي لَسْتُ كأحَدِكُمْ، إنِّي أخافُ أنْ أُوذِي صاحِبِي"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ.
وأُمُّ أيُّوبَ: هي امْرَأةُ أبي أيُّوبَ الأنْصارِيِّ.
1914 -
حدَّثَنا محمدُ بن حُمَيْدٍ، قال: حدَّثَنا زَيْدُ بن الحُبَابِ، عن أبي خَلْدةَ، عن أبي العَالِيةِ
قال: الثُّومُ من طَيِّباتِ الرِّزْقِ
(2)
.
وأبو خَلْدةَ اسْمُه: خالدُ بن دِينارٍ، وهو ثِقةٌ عِنْدَ أهْلِ الحديثِ، وقد أدْركَ أنَسَ بن مالكٍ وسَمِعَ مِنْهُ. وأبو العالِيةِ اسمُه: رُفْيعٌ هو
= والجراح بن الضحاك مقارب الحديث". ولم يرد ذلك في أصولنا الخطية.
(1)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد فيه أبو يزيد الراوي عن أم أيوب لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي.
وأخرجه ابن ماجه (3364). وهو في "المسند"(27442)، و"صحيح ابن حبان"(2093).
ويشهد له حديث أبي أيوب الأنصاري الذي سلف تخريجه برقم (1910)، وهو في "مسند أحمد"(23570).
(2)
هذا الأثرُ ضعيف، لضعف محمد بن حميد الرازي.
الرِّياحيُّ. قال عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ: كانَ أبو خَلْدةَ خِيارًا مُسْلمًا.
15 - باب ما جاء في تَخْمِيرِ الإناءِ وإطْفَاءِ السُّرُج
(1)
والنَّارِ عِنْدَ المَنامِ
1915 -
حدَّثَنا قُتيبةُ، عن مالكٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جابرٍ، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أغْلِقُوا البابَ، وأَوْكُوا السِّقاءَ، واكفُوا الإناءَ، أو خَمَّرُوا الإناءَ، وأطْفِئُوا المِصْباحَ، فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَفْتحُ غَلَقًا، ولا يَحُلُّ وِكاءً، ولا يكْشِفُ آنِيةً، وإنَّ الفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ على النَّاسِ بَيْتَهُمْ"
(2)
.
(1)
في (ب): السِّراج.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3280) و (3316)، ومسلم (2012)، وأبو داود (3731) و (3732) و (3733)، وابن ماجه (360) و (3410) و (3771)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(745) و (746). وهو في "مسند أحمد"(14228)، و"صحيح ابن حبان"(1271).
وسيأتي عند المصنف برقم (3068).
قوله: "أغلقوا"، قال السندي في حاشيته على "المسند": من الإغلاق، وهو مقيد بالليل كما جاء في الحديث.
"وأوكوا"، بفتح الهمزة وضم الكاف من الإيكاء، أي: شدوا أفواهها واربطوها بالوِكاء، وهو الخيط، والمراد فعل الكل باسم الله كما جاء، صونا لهذه الأشياء من الشيطان، كما قال:"فإن الشيطان لا يفتح"، أي: إذا أُغلِق باسم الله.
"واكفُوا"، وفي بعض المصادر:"وأكفِئوا الإناء أو خمِّروا الإناء"، قال القاضي =
وفي البابِ عن ابن عُمرَ، وأبي هُريرةَ، وابن عَبَّاسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وقد رُوي من غيرِ وجهٍ عن جابرٍ.
1916 -
حدَّثَنا ابن أبي عُمرَ وغَيْرُ واحدٍ، قالُوا: حدَّثَنا سُفيانُ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَالمٍ
عن أبيهِ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَتْرُكُوا النَّارَ في بُيُوتِكُمْ حِينَ تنامُونَ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
16 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ القِرَانِ بَيْن التَّمْرَتَيْنِ
1917 -
حدَّثَنا محمودُ بنُ غَيْلانَ، حدَّثَنا أبو أحمدَ الزُّبَيْرِيُّ وعُبَيْدُ اللهِ، عن الثَّوْرِيِّ، عن جَبَلةَ بن سُحَيْمٍ
عن ابن عُمرَ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يَقْرُنَ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ
= عياض: وأكفئوا، بقطع الألف وكسر الفاء رباعي، وبوصلها وضم الفاء ثلاثي، وهما صحيحان، أي: اقلبوه، ولا تتركوه للعق الشيطان، ولحس الهوام، وذوات الأقذار.
والغلق والمغلاق: ما يغلق به البابُ.
و"الفويسقة": الفأرة.
"تُضرِم" من الإضرام، أي: توقد.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6293)، ومسلم (2015)، وأبو داود (5246)، وابن ماجه (3769). وهو في "مسند أحمد"(4515).
حتَّى يَسْتأذِنَ صاحِبَهُ
(1)
وفي البابِ عن سَعْدٍ مَوْلى أبي بكْرٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
17 - باب ما جاء في اسْتحْبابِ التَّمْرِ
1918 -
حدَّثَنا محمدُ بن سَهْلِ بن عَسْكرٍ وعَبد اللهِ بن عَبد الرحمنِ، قالا: حدَّثَنا يحيى بن حَسَّانَ، حدَّثَنا سُليْمانُ بن بلالٍ، عن هِشامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ
عن عائشةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"بَيْتٌ لا تَمْرَ فيهِ جِياعٌ أهْلُهُ"
(2)
.
وفي البابِ عن سَلْمى امْرَأةِ أبي رَافعٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ من هذا الوجه، لا نَعْرِفُه من حديثِ هِشامِ بن عُرْوةَ إلّا من هذا الوَجْهِ
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2455) و (2489)، ومسلم (2045)، وابن ماجه (3331)، والنسائي في "الكبرى"(6729). وهو في "مسند أحمد"(4513)، و"صحيح ابن حبان"(5231).
وأخرجه موقوفًا النسائي في "الكبرى"(6730).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2046)، وأبو داود (3831)، وابن ماجه (3327). وهو في "المسند"(24741) و (25458)، و"صحيح ابن حبان"(5206).
(3)
جاء بعد هذا في المطبوع: "وسألت البخاري عن هذا الحديث، فقال: لا أعلم أحدًا رواه غير يحيى بن حسان"، وهذه العبارة ليست في أصولنا الخطية، وهي =
18 - باب ما جاء في الحَمدِ على الطَّعامِ إذا فُرِغَ مِنْهُ
1919 -
حدَّثَنا هَنَّادٌ ومحمودُ بن غَيْلانَ، قالا: حدَّثَنا أبو أُسامةَ، عن زَكَريّا بن أبي زَائِدةَ، عن سَعيدِ بن أبي بُرْدةَ
عن أنسِ بن مالكٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الله لَيرضَى عن العَبْدِ أنْ يأكُلَ الأكْلةَ، أو يَشْرَبَ الشَّرْبةَ، فيَحْمَدَهُ عليْهَا"
(1)
.
وفي البابِ عن عُقْبةَ بن عامرٍ، وأبي سَعيدٍ، وعائشةَ، وأبي أيُّوبَ، وأبي هُريرةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ. وقد رَواهُ غَيْرُ واحدٍ عن زَكَريَّا بن أبي زائِدةَ نَحوَهُ، ولا نَعْرِفُه إلّا من حديثِ زكَريَّا بن أبي زائِدةَ.
19 - باب ما جاء في الأكْلِ مع المَجْذُومِ
1920 -
حدَّثَنا أحمدُ بن سَعيدٍ الأشْقرُ وإبراهيمُ بن يَعْقُوبَ، قالا: حدَّثَنا يُونُسُ بن محمدٍ، حدَّثَنا المُفَضَّلُ بن فَضَالةَ، عن حَبيبِ بن الشَّهِيدٍ، عن محمدِ بن المُنْكَدِرِ
عن جَابرٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أخذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ فأدْخلَهُ مَعهُ في القَصْعةِ، ثُمَّ قال:"كُلْ بِسمِ الله، ثِقةً باللهِ، وتَوكُّلًا عَليْهِ"
(2)
.
= في "العلل الكبير" للمصنف 2/ 769.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2734)، والنسائي في "الكبرى"(6899). وهو في "المسند"(11973).
(2)
حديث ضعيف، المفضل بن فضالة - وهو ابن أبي أمية القرشي - قال ابن معين: ليس بذاك، وقال علي بن المديني: في حديثه نكارة، وقال النسائي: ليس =
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلّا من حديثِ يُونُسَ بن محمدٍ، عن المُفَضَّلِ بن فَضَالةَ، والمُفَضَّلُ بن فَضَالةَ هذا شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، والمُفَضَّلُ بن فَضَالةَ شَيْخٌ آخَرُ مِصْرِيٌّ أوْثَقُ من هذا وأشْهرُ.
ورَوَى شُعبةُ هذا الحديثَ عن حَبِيبِ بن الشّهيدِ، عن ابن بُرَيْدةَ: أنَّ عُمرَ أخَذَ بِيدِ مَجْذُومٍ
(1)
، وحديثُ شُعبةَ أشْبهُ عِنْدِي وأصَحُّ.
= بالقوي، وقال ابن عدي: لم أر له أنكر من هذا الحديث.
وأخرجه أبو داود (3925)، وابن ماجه (3542) وهو في "صحيح ابن حبان"(6120).
قلنا: وقد ثبت في الصحيح ما يخالفه من حديث أبي هريرة رفعه .. وفيه: "وفِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد"، وفي صحيح مسلم (2231) عن الشريد قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم رجل مجذوم من ثقيف ليبايعه، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال:"ائته فأخبره أني قد بايعته".
وفي "الموطأ" 1/ 424 عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب مرَّ بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت، فقال لها: يا أمة الله لا تؤذي الناس لو جلستِ في بيتك. فجلسَتْ.
وأخرج أحمد (2075) من حديث ابن عباس رفعه: "لا تديموا النظر إلى المجذومين"، وفي سنده ضعف.
(1)
أثر لا يصح، لأن عبد الله بن بريدة لم يسمع من عمر، قاله أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 111.
20 - باب ما جاء أنّ المُؤْمنَ يأكُلُ في مِعىً
(1)
واحدٍ
1921 -
حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حدَّثَنا يحيى بن سَعيدٍ، حدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ، عن نافعٍ
عن ابن عُمرَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: "الكافرُ يأكُلُ في سَبْعةِ أمْعاءٍ، والمُؤْمِنُ يأكُلُ في مِعىً
(2)
واحدٍ"
(3)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وأبي سَعيدٍ، وأبي بَصْرةَ
(4)
الغِفاريِّ، وأبي موسى، وجَهْجَاهٍ الغِفارِيِّ، ومَيْمُونةَ، وعَبد اللهِ بن عَمْرٍو.
1922 -
حدَّثَنا إسحاقُ بن موسى الأنْصارِيُّ، حدَّثَنا مَعْنٌ، حدَّثَنا مالكٌ، عن سُهَيْلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضافَهُ ضَيْفٌ كافِرٌ، فأمرَ لهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بشاةٍ فَحُلبتْ، فَشرِبَه، ثُمَّ أُخْرى فَشرِبَهُ، ثُمَّ أُخْرى فَشرِبَهُ حتَّى شَرِبَ حِلابَ سَبْع شِياهٍ، ثُمَّ أصْبحَ من الغَدِ فأسْلمَ،
(1)
في (ب) و (س): "معاءٍ"، بالمد.
(2)
في (ب) وحدها: "معاءٍ".
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5393)، ومسلم (2060) و (2061)، وابن ماجه (3257)، والنسائي في "الكبرى"(6771). وهو في "المسند"(4718)، و"صحيح ابن حبان"(5238).
(4)
تصحف في (ب) و (د) إلى: "نضرة".
فأمرَ لهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشاةٍ، فحُلِبَتْ فَشرِبَ حِلابَها، ثُمَّ أمَرَ له بأُخْرى فلم يَسْتَتِمَّها، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"المُؤْمنُ يَشْربُ في مِعىً واحدٍ، والكَافِرُ يَشْربُ في سَبْعةِ أمْعاءٍ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ
(2)
.
21 - باب ما جاء في طَعامِ الوَاحدِ يكْفي الاثْنَينِ
1923 -
حدَّثَنا الأنْصارِيُّ، حدَّثَنا مَعْنٌ، حدَّثَنا مالكٌ.
وحدَّثَنا قُتيبةُ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعْرجِ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "طَعامُ الاثْنَيْنِ كافي
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5396) و (5397)، ومسلم (2062) و (2063)، وابن ماجه (3256)، والنسائي في "الكبرى"(6772) و (6893). وهو في "مسند أحمد"(8879)، و"صحيح ابن حبان"(161) و (162) و (5235).
وقد أدرجه ابن حبان تحت باب: ذكرُ الخبرِ الدالِّ على أن هذا الخطاب مخرجُه مخرجُ العموم، والقصدُ فيه الخصوصُ، أراد به بعضَ الناسِ لا الكُل، وهو قولُ أبي عُبيدة معمر بن المثنى وأبي جعفر الطحاوي، وجزم به ابنُ عبدِ البَر، فقال: لا سبيلَ إلى حمله على العموم، لأنَّ المشاهدةَ تدفعُه، فكم من كافر يكونُ أقل أكلًا من مؤمن وعكسه، وكم من كافر أسلم فلم يتغير أكله.
وقال غيرهم: ليس المراد بالحديث ظاهره، وإنما هو مثلٌ ضرب للمؤمن وزهده في الدنيا والكافرِ وحرصِه عليها، فكأن المؤمن لتقلله من الدنيا يأكل في معى واحد، والكافر لشدة رغبته فيها واستكثاره منها يأكل في سبعة أمعاء، فليس المراد حقيقة الأمعاء ولا خصوصها لأكل.
(2)
في المطبوع: حسن صحيح غريب، والمثبت من الأصول الخطية، و"تحفة الأحوذي"، و"تحفة الأشراف".
الثَّلاثة، وطَعامُ الثَّلاثَةِ كافِي الأرْبَعة"
(1)
.
وفي البابِ عن ابن عُمرَ، وجابرٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
ورَوَى جابرٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"طَعامُ الوَاحدِ يكْفي الاثْنَيْنِ، وطَعامُ الاثْنَيْنِ يكْفي الأرْبعةَ، وطَعامُ الأرْبَعةِ يكْفِي ثمانيةً".
1924 -
حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، حدثنا سُفيانُ، عن الأعْمَشِ، عن أبي سُفيانَ، عن جابرٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، بهذا
(2)
.
22 - باب ما جاء في أكْلِ الجَرَادِ
1925 -
حدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، حدَّثَنا سُفيانُ، عن أبي يَعْفُورٍ العَبْدِيِّ
عن عَبد اللهِ بن أبي أوْفى: أنَّهُ سُئِلَ عن الجَرَادِ، فقال: غَزَوْتُ مَعَ رَسول الله صلى الله عليه وسلم سِتَّ غَزَوَاتٍ نأكُلُ الجَرَادَ
(3)
.
هكذا رَوَى سُفيانُ بن عُيينةَ عن أبي يَعْفُورٍ هذا الحديثَ،
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5392)، ومسلم (2058)، والنسائي في "الكبرى"(6773). وهو في "المسند"(7320).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2059)، وابن ماجه (3254)، والنسائي في "الكبرى"(6774). وهو "مسند أحمد"(14222)، و"صحيح ابن حبان"(5237).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5495)، ومسلم (1952)، وأبو داود (3812)، والنسائي 7/ 210. وهو في "مسند أحمد" (19112)، و"صحيح ابن حبان" (5257).
وقال: سِتَّ غَزَوات، ورَوَى سُفيانُ الثَّوْرِيُّ عن أبي يَعْفُورٍ هذا الحديث، وقال: سَبْعَ غَزَواتٍ.
وفي الباب عن ابنِ عُمرَ، وجابرٍ.
هذا حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ.
وأبو يَعْفُورٍ اسمُه: واقدٌ، ويقال له: وَقْدانُ أيضًا، وأبو يَعْفُورٍ الآخرُ اسمُه: عبدُ الرحمن بنُ عُبيد بنِ نِسْطاس.
1926 -
حدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، حدَّثَنا أبو أحمدَ والمُؤَمَّلُ، قالا: حدَّثَنا سُفيانُ، عن أبي يَعْفُورٍ
عن ابن أبي أوْفَى، قال: غَزوْنا مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ نأكُلُ الجَرادَ
(1)
.
ورَوَى شُعبةُ هذا الحديثَ عن أبي يَعْفُورٍ، عن ابنِ أبي أوْفَى قال: غَزوْنا مع رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزَواتٍ نأكُلُ الجَرَادَ.
1927 -
حدَّثَنا بذلك محمدُ بن بشَّارٍ، حدَّثنا محمدُ بن جَعْفرٍ، قال: حدَّثَنا شُعبةُ، بهذا
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وانظر ما قبله.
(2)
تنبيه: وقع في المطبوع بين هذا الباب والباب الذي يليه بابٌ آخر ونصه:
"باب ما جاء في الدعاء على الجراد
(1823)
حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا زياد بن عبد الله بن عُلاثةَ، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التَّيمي، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله وأنس بن مالك، قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا على الجراد قال: اللهم أهلك الجراد، أقتل كباره، وأهلك =
24 - باب ما جاء في أكْلِ لحُومِ الجَلَّالةِ وألبانِها
1928 -
حدَّثَنا هَنَّادٌ، حدَّثَنا عَبْدةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن ابن أبي نَجِيحٍ، عن مُجاهدٍ
عن ابن عُمرَ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن أكْلِ الجلَّالَةِ وألبانِها
(1)
.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عبَّاسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، ورَوى الثَّوْرِيُّ عن ابن أبي نَجِيحٍ، عن مُجاهدٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا
(2)
.
1929 -
حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حدَّثَنا مُعاذُ بن هِشامٍ، حدَّثَني أبي،
= صغاره، وأفسد بيضه، واقطع دابره، وخذ بأفواههم عن معاشنا وأرزاقنا، إنك سميع الدعاء. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها نثرة حوت في البحر.
هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وموسى بن محمد بن إبراهيم التيمي قد تُكلِّم فيه، وهو كثير الغرائب والمناكير، وأبوه محمد بن إبراهيم ثقة، وهو مدني".
وهذا الباب برُمَّته لم يرد في أصولنا الخطية، ولا في شروح الترمذي ولا في "تحفة الأشراف".
(1)
حديث صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (2557)، و (2558) و (3785) و (3787)، وابن ماجه (3189).
ويشهد له حديث ابن عباس الآتي.
والجلالة من الحيوان: التي تأكل العَذِرة. قاله ابن الأثير في "النهاية".
(2)
الرواية المرسلة أخرجها عبد الرزاق (8713) و (8714) و (8718)، وابن أبي شيبة 8/ 334 و 336.
عن قَتادةَ، عن عِكْرِمةَ
عن ابن عَبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عن المُجَثَّمةِ، وعن لَبنِ الجلَّالةِ، وعن الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقاءِ
(1)
.
1930 -
قال محمدُ بن بَشَّارٍ: حدَّثَنا ابن أبي عَدِيٍّ، عن سَعِيدِ بن أبي عَرُوبةَ، عن قتادةَ، عن عِكْرمةَ، عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحوهُ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو.
25 - باب ما جاء في أكْلِ الدَّجَاجِ
1931 -
حدَّثَنا زَيدُ بن أخْزَمَ الطَّائيُّ، قال: حدَّثَنا أبو قُتيبةَ، عن أبي العَوَّامِ، عن قَتادةَ
عن زَهْدمٍ الجَرْميِّ، قال: دَخَلْت على أبي موسى وهو يأكُلُ دَجَاجةً، فقال: ادْنُ فَكُلْ، فإنِّي رَأيْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يأكُلُهُ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه تامًا ومقطعًا البخاري (5629)، وأبو داود (3719) و (3786)، وابن ماجه (3421)، والنسائي 7/ 240. وهو في "المسند" (1989)، و"صحيح ابن حبان" (5316) و (5399).
و"الجلالة" من الحيوان: التي تأكل العَذِرَةَ، والجُلَّةُ: البعيرُ.
و"المجثمة"، قال ابن الأثير في "النهاية": هي كل حيوان يُنصَب ويُرمَى ليُقتَلَ، إلا أنها تكثر في الطير والأرانب وأشباه ذلك مما يجثُم في الأرض، أي: يلزمها ويلتصق بها.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3133)، ومسلم (1649)، والنسائي 7/ 206. وهو في "مسند أحمد" (19519)، و"صحيح ابن حبان" (5222) و (5255).
هذا حديثٌ حَسَنٌ، وقد رُوي هذا من غَيرِ وَجْهٍ عن زَهْدمٍ، ولا نَعْرِفُه إلَّا من حديثِ زَهْدمٍ.
وأبو العَوَّام هو: عِمْرانُ القَطّانُ.
1932 -
حدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثَنا وَكِيعٌ، عن سُفيانَ، عن أيُّوبَ
(1)
، عن أبي قِلابةَ، عن زَهْدمٍ
عن أبي موسى، قال: رَأيْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يأكُلُ لَحْمَ دَجاجٍ
(2)
.
وفي الحديثِ كَلامٌ أكْثرُ من هذا.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وقد رَوَى أيُّوبُ السَّخْتِياني هذا الحديثَ عن القاسم التَّمِيميِّ، عن زَهْدمٍ.
26 - باب ما جاء في أكلِ الحُبارَى
1933 -
حدَّثَنا الفَضْلُ بن سَهْلٍ الأعْرجُ البَغْدادِيُّ، قال: حدَّثَنا إبراهيمُ بن عَبد الرحمنِ بن مَهْدِي، عن إبراهيمَ بن عُمرَ بن سَفِينةَ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ، قال: أكَلْتُ مع رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَحْمَ حُبارَى
(3)
.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلّا من هذا الوَجْهِ.
وإبراهيمُ بن عُمرَ بن سَفينةَ رَوَى عنه ابن أبي فُديْكٍ، ويقول:
(1)
في (أ): أبي أيوب، وهو خطأ.
(2)
حديث صحيح، وانظر ما قبله.
(3)
حديث ضعيف، وأخرجه أبو داود (3797).
بُرَيْه
(1)
بن عُمرَ بن سَفينةَ.
27 - باب ما جاء في أكلِ الشِّوَاءِ
1934 -
حدَّثَنا الحَسنُ بن محمدٍ الزَّعْفَرانيُّ، قال: حدَّثَنا حَجَّاجُ بن محمدٍ، قال: قال ابن جُرَيْجٍ: أخْبرني محمدُ بن يُوسُفَ، أنَّ عَطاءَ بن يَسارٍ أخْبرهُ
أنَّ أُمَّ سَلمةَ أخْبرَتْهُ: أنَّها قَرَّبَتْ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَنْبًا مَشْويًّا، فَأكلَ منه، ثُمَّ قامَ إلى الصَّلاةِ وما تَوضّأ
(2)
.
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن الحارثِ، والمُغِيرةِ، وأبي رَافعٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
28 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ الأكْلِ مُتَّكِئًا
1935 -
حدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حدَّثَنا شَرِيكٌ، عن عَليِّ بن الأقْمَرِ
عن أبي جُحَيْفةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أمَّا أنا، فلا آكُلُ مُتَّكِئًا"
(3)
.
(1)
بريه تصغير إبراهيم وهو لقب له، قال البخاري عن حديثه هذا: إسناده مجهول، وقال العقيلي: لا يعرف إلا به، وحديثه هذا ضعفه غير واحد من الأئمة، وذكره ابن حبان في "المجروحين" وقال: يُخالف الثقات في الروايات، ويروي عن أبيه ما لا يتابع عليه من رواية الأثبات، فلا يحل الاحتجاج بخبره بحال.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (491)، والنسائي 1/ 107 و 108. وهو في "المسند" (26622).
(3)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5398)، وأبو داود (3769)، وابن ماجه (3262)، والنسائي في "الكبرى"(6742). وهو في "المسند"(18754)، =
وفي البابِ عن عَليٍّ، وعَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وعَبد اللهِ بن العَبَّاس.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا من حديثِ عَليِّ بن الأقْمَرِ.
ورَوَى زَكَريَّا بن أبي زائدَةَ وسُفيانُ بن سعيد وغَيْرُ واحدٍ، عن عَليِّ بن الأقْمرِ هذا الحديثَ، ورَوَى شُعبةُ عن سُفيانَ الثَّوْرِيِّ هذا الحديثَ عن عَليِّ بن الأقْمرِ.
29 - باب ما جاء في حُبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الحَلْواءَ والعسلَ
1936 -
حدَّثَنا سَلمةُ بن شَبِيبٍ ومحمودُ بن غَيْلانَ وأحمدُ بن إبراهيمَ الدَّوْرَقيُّ، قالُوا: حدَّثَنا أبو أُسامةَ، عن هِشامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ
عن عَائشةَ، قالت: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحبُّ الحَلْواءَ والعَسلَ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ، وقد رَوَاهُ عَليُّ بن مُسْهِرٍ، عن هِشَامِ بن عُرْوةَ. وفي الحديثِ كَلامٌ أكْثَرُ من هذا.
30 - باب ما جاء في إكْثارِ المَرَقَةِ
1937 -
حدَّثَنا محمدُ بن عُمرَ بن عَليٍّ المُقدَّميُّ، قال: حدَّثَنا مُسْلمُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثَنا محمدُ بن فَضاءٍ، قال: حدَّثَنا أبي، عن عَلْقمةَ بن
= و"صحيح ابن حبان"(5240).
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5431)، ومسلم (1474)، وأبو داود (3715)، وابن ماجه (3323)، والنسائي في "الكبرى"(6703) و (6704) و (7562). وهو في "المسند"(24316)، و"صحيح ابن حبان"(5254).
عَبد اللهِ المُزَنيِّ
عن أبيهِ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اشْتَرى أحدُكُمْ لَحْمًا فَلْيُكْثِرْ مَرَقتَهُ، فَإنْ لم يَجِدْ لَحْمًا أصابَ مَرَقَه، وهو أحدُ اللَّحْمَيْنِ"
(1)
.
وفي البابِ عن أبي ذَرٍّ.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلّا من هذا الوَجْهِ من حديثِ محمدِ بن فَضاءٍ، ومحمدُ بن فَضاءٍ هو المُعَبِّرُ، وقد تكلَّم فيهِ سليمان بن حَرْبٍ. وعَلْقمةُ بن عَبد اللهِ: هو أخو بَكْرِ بن عَبد اللهِ المُزَنيِّ.
1938 -
حدَّثَنا الحُسينُ بن عَليِّ بن الأسْودِ البَغْدادِيُّ، قال: حدَّثَنا عَمْرُو بن محمدٍ العَنْقَزِيُّ، قال: حدَّثَنا إسرائيلُ، عن صَالحِ بن رُسْتُمَ أبي عامرٍ الخَزَّازِ، عن أبي عِمْرانَ الجَوْنيِّ، عن عَبد اللهِ بن الصَّامِتِ
عن أبي ذَرٍّ، قال: قال رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحْقِرنَّ أحدُكُمْ شَيْئًا من المَعْرُوفِ، وإنْ لم يَجدْ، فلْيَلْقَ أخاهُ بِوَجْهٍ طليقٍ، وإذا اشْتَريْتَ لَحْمًا، أو طَبخْتَ قِدْرًا، فأكْثِرْ مَرَقتَهُ، واغْرِفْ لجاركَ منه"
(2)
.
(1)
حديث ضعيف، محمد بن فضاء ضعيف، وأبوه فضاء مجهول. وهو في "العلل الكبير" للمصنف 2/ 776.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 2179، والحاكم 4/ 130، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5920).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، صالح بن رستم أبو عامر الخزاز - وإن خرج له مسلم - كثيرُ الخطأ، وأخرجه مختصرًا من طريق أبي عامر الخزاز بهذا الإسناد: مسلم (2626)، وابن ماجه (3362)، والبزار (3962) وابن حبان =
وقد رواه شُعبة عن أبي عِمْرانَ الجَوْنيِّ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ.
31 - باب ما جاء في فَضْلِ الثَّرِيدِ
1939 -
حدَّثَنا محمدُ بن المُثَنَّى، قال: حدَّثَنا محمدُ بن جَعْفرٍ، قال: حدَّثَنا شُعبةُ، عن عَمْرِو بن مُرَّة، عن مُرَّةَ الهَمْدانيِّ
عن أبي موسى، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"كَمُلَ من الرِّجالِ كَثِيرٌ، ولم يكْمُلْ من النِّسَاءِ إلَّا مَرْيمُ بنتُ عِمْرانَ وآسيةُ امرأةُ فِرْعونَ، وفَضْلُ عائشةَ على النِّساءِ كفَضْلِ الثَّرِيدِ على سائرِ الطَّعامِ"
(1)
.
وفي البابِ عن عائشةَ، وأنَسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
= (468) و (523).
وأخرج أحمد (21326) والحميدي (139) والبخاري في "الأدب المفرد"(114) ومسلم (2625)(142)، والبزار (3961) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، حدثنا أبو عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر رفعه بلفظ:"يا أبا ذر، إذا طبختَ فأكثر المرقة، وتعاهد جيرانك أو اقسم بين جيرانك" وإسناده صحيح.
وفي الباب عن أبي جُريّ الهُجَيْميّ عند أحمد (20633)، وصححه ابن حبان (522) وفيه:"لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط".
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3411)، ومسلم (2431)، وابن ماجه (3282)، والنسائي 7/ 68. ورواية النسائي مختصرة في فضل عائشة، وهو في "مسند أحمد" (19523)، و"صحيح ابن حبان" (7114).
32 - باب ما جاء انْهَسُوا
(1)
اللَّحْمَ نَهْسًا
1940 -
أخبرنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينة، عن عبد الكريم أبي أُميَّةَ
عن عبد اللهِ بن الحارثِ، قال: زَوَّجَني أبي، فدعَا أُناسًا فِيهمْ صَفْوانُ بن أُميَّةَ، فقال: إنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "انْهَسُوا اللَّحْمَ نَهْسًا، فإنَّهُ أهْنأُ وأمْرأُ"
(2)
.
وفي البابِ عن عائشةَ، وأبي هُريرةَ.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفُه إلَّا من حديثِ عَبد الكريمِ، وقد تكلَّمَ بَعْضُ أهلِ العلمِ في عَبد الكريمِ المُعَلِّمِ من قِبَلِ حِفْظِه، مِنْهُم أيُّوبُ السَّخْتيانيُّ.
(1)
في (أ) و (ب) و (د): "انهس"، والمثبت من (س).
(2)
حديث حسن لغيره، وهذا سند ضعيف لضعف عبد الكريم - وهو ابن أبي المخارق -، وهو في "المسند"(15300).
وأخرجه أبو داود (3779) بلفظ: "كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم، فآخذ اللحم بيدي من العظم، فقال: أدنِ العظمَ من فِيك فإنه أهنأ وأمرأ".
وانظر الحديث الآتي برقم (1942).
وقوله: "انهسوا اللحم"، قال السيوطي في حاشية أبي داود: هو أخذ اللحم بالفم من العظم.
33 - باب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الرُّخْصةِ في قَطْعِ اللَّحْمِ بالسِّكَّينِ
1941 -
حدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثَنا عَبد الرَّزَّاقِ، قال: أخْبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن جَعْفرِ بن عَمْرِو بن أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ
عن أبيهِ: أنَّهُ رَأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم احْتزَّ من كَتفِ شاةٍ، فأكلَ ثُمَّ مَضَى إلى الصَّلاةِ ولم يَتوَضَّأْ
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي البابِ عن المُغِيرةِ بن شُعبةَ.
34 - باب ما جاء في أيِّ اللَّحْمِ كانَ أحبَّ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
-
1942 -
حدَّثَنا واصلُ بن عَبد الأعْلى، قال: حدَّثَنا محمدُ بن الفُضَيْل، عن أبي حَيَّانَ التَّيْميِّ، عن أبي زُرْعةَ بن عَمْرِو بن جَرِيرٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: أُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَدُفعَ إلَيْهِ الذِّرَاعُ، وكانَ يُعْجبُه، فنَهسَ مِنها
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (208)، ومسلم (355)، وابن ماجه (490). وهو في "المسند"(17250)، و"صحيح ابن حبان"(1141) و (1150).
(2)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3340)، ومسلم (194)، وابن ماجه (3307). وهو في "المسند"(8377)، و"صحيح ابن حبان"(6465).
وسيأتي عند المصنف برقم (2603). =
وفي البابِ عن ابن مَسْعُودٍ، وعائشةَ، وعبد اللهِ بن جَعْفر، وأبي عُبَيْدةَ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو حيَّانَ اسْمُه: يحيى بن سعيدِ بن حيَّانَ التيمي، وأبو زُرْعةَ بن عَمْرِو بن جَرِيرٍ اسْمُه: هَرِمٌ.
1943 -
حدَّثَنا الحَسنُ بن محمدٍ الزَّعْفرانيُّ، قال: حدَّثَنا يحيى بن عَبَّادٍ أبو عَبَّادٍ، قال: حدَّثَنا فُلَيْحُ بنُ سُليْمانَ، عن عَبد الوهَّابِ بن يحيى من وَلدِ عَبَّادِ بن عَبد اللهِ بن الزُّبَيْرِ، عن عَبد اللهِ بن الزُّبَيْرِ
عن عَائشةَ، قالت: ما كَانَ الذِّرَاعُ أحَبَّ اللَّحْمِ إلى رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولكنْ كانَ لا يَجدُ اللَّحْمَ إلَّا غِبًّا، فكانَ يُعْجَلُ إلَيْهِ، لأنَّهُ أعْجلُها نُضْجًا
(1)
.
هذا حديثٌ حَسنٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا من هذا الوَجْهِ.
= وقوله: وكان يعجبه الذراع، هو كذلك في (أ) و (ب) بالتذكير، وفي (د) و (س): وكانت تعجبه الذراع بالتأنيث، وكلاهما جائز، قال صاحب "المصباح": الذراع أنثى وبعض العرب يُذكِّر.
(1)
إسناده ضعيف، فليح بن سليمان مختلَف فيه، والذي انتهينا إليه أنه ضعيف يعتبر به، وعبد الوهاب بن يحيى - وهو ابن عباد بن عبد الله بن الزبير - ذكره ابن حبان في أتباع التابعين من الثقات، وقال: يروي عن المدنيين. قال الحافظ: ومقتضاه عنده أنه لم يلحق جد أبيه عبد الله بن الزبير، فيحرر، ثم إنه مخالف لحديث أبي هريرة السالف برقم (1942)، وهو في "الشمائل" للمصنف (171).
35 - باب ما جاء في الخَلِّ
1944 -
حدَّثَنا الحَسنُ بنُ عَرَفةَ، قال: حدَّثَنا مُباركُ بن سَعيدٍ أخو سُفيانَ بن سَعيدٍ الثَّوْريِّ، عن سُفيانَ، عن أبي الزُّبَيْرِ
عن جابرٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ"
(1)
.
1945 -
حدَّثَنا عَبْدةُ بنُ عَبد اللهِ الخُزاعيُّ البَصْريُّ، قال: حدَّثَنا مُعاويةُ بن هِشامٍ، عن سُفيانَ، عن مُحارِبِ بنِ دِثَارٍ
عن جابرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ"
(2)
.
وفي البابِ عن عائشةَ، وأُمَّ هانِئٍ.
وهذا أصَحُّ من حديثِ مُباركِ بن سَعيدٍ.
1946 -
حدَّثَنا محمدُ بن سَهْلِ بن عَسْكرٍ البَغْدادِيُّ، قال: حدَّثَنا يحيى بن حَسَّانَ، قال: حدَّثَنا سُليْمانُ بن بِلالٍ، عن هِشَامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ
عن عائشةَ: أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ"
(3)
.
1947 -
حدَّثَنا عَبد اللهِ بن عَبد الرحمنِ، قال: أخبرنا يحيى بن حَسَّانَ
عن سُليْمانَ بن بلالٍ، بهذا الإسْنادِ نَحوهُ، إلّا أنّهُ قال: "نِعْمَ
(1)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2052)، وأبو داود (3820) و (3821)، وابن ماجه (3317)، والنسائي 7/ 14. وهو في "مسند أحمد" (14225).
(2)
إسناده حسن، وانظر ما قبله.
(3)
إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2051)، وابن ماجه (3316).
الإدَامُ، أو الأُدْمُ الخَلُّ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ، لا يُعرفُ من حديثِ هِشامِ بن عُرْوةَ إلّا من حديثِ سُليْمانَ بن بِلالٍ.
1948 -
حدَّثَنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثَنا أبو بَكْرِ بن عَيَّاشٍ، عن أبي حَمْزةَ الثُّماليِّ، عن الشَّعْبيِّ
عن أُمَّ هانِئٍ بِنْتِ أبي طَالبٍ، قالت: دَخلَ عَليَّ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:"هَلْ عِنْدكُمْ شَيْءٌ"؟ فَقُلْتُ: لا، إلّا كِسَرٌ يابِسةُ وخَلٌّ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"قَرِّبيهِ، فَما أقْفرَ بَيْتٌ من أُدْمٍ فيهِ خَلٌّ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه من حديثِ أُمِّ هانِئٍ إلَّا من هذا الوَجْهِ
(3)
.
وأُمُّ هانِئٍ ماتتْ بَعْدَ عَليِّ بن أبي طالبٍ بِزَمانٍ
(4)
.
(1)
إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
(2)
حديث ضعيف، أبو حمزة الثمالي - واسمه ثابت بن أبي صفية -: ضعيف، ولا يعرف للشعبي سماع من أم هانئ قاله البخاري وهو في "العلل الكبير" للمصنف 2/ 778، وفي "الشمائل المحمدية" له (174).
(3)
وقع في المطبوع بعد هذا: "وأبو حمزة الثمالي: اسمه ثابت بن أبي صفية" ولم يرد في أصولنا الخطية.
(4)
وقع بعد هذا في المطبوع: "وسألت محمدًا عن هذا الحديث، قال: لا أعرت للشعبي سماعًا من أم هانئ، فقلت: أبو حمزة، كيف هو عندك؟ فقال: أحمد بن حنبل تكلم فيه، وهو عندي مقارب الحديث".
36 - باب ما جاء في أكْلِ البِطِّيخِ بالرُّطَبِ
1949 -
حدَّثَنا عَبْدةُ بن عَبد اللهِ الخُزاعيُّ، قال: حدَّثَنا مُعاويةُ بن هِشامٍ، عن سُفيانَ، عن هِشامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ
عن عائشةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يأكُلُ البِطَّيخَ بالرُّطَبِ
(1)
.
وفي البابِ عن أنَسٍ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ.
ورَوَاهُ بَعْضُهمْ عن هِشَامِ بن عُرْوةَ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، ولم يَذْكُرْ فيهِ: عن عائشةَ. وقد رَوَى يَزِيدُ بن رُومانَ، عن عُرْوةَ، عن عائشةَ هذا الحديثَ.
37 - باب ما جاء في أكْلِ القِثَّاءِ بالرُّطَبِ
1950 -
حدَّثَنا إسماعيلُ بن موسى الفَزَاريُّ، قال: حدَّثَنا إبراهيمُ بن سَعْدٍ، عن أبيهِ
عن عَبد اللهِ بن جَعْفرٍ: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يأكُلُ القِثَّاءَ بالرُّطَبِ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه إلَّا من حديثِ إبراهيمَ بن سَعْدٍ.
(1)
حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (3836)، والنسائي في "الكبرى"(6722) و (6727). وهو في "صحيح ابن حبان"(5246) و (5247).
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5440)، ومسلم (2043)، وأبو داود (3835)، وابن ماجه (3325). وهو في "مسند أحمد"(1741).
38 - باب ما جاء في شُرْبِ أبْوالِ الإبِلِ
1951 -
حدَّثَنا الحَسنُ بن محمدٍ الزَّعْفرَانيُّ، قال: حدَّثَنا عَفَّانُ، قال: حدَّثَنا حَمَّادُ بن سَلمةَ، قال: أخْبرنا حُمَيْدٌ وثَابتٌ وقَتادةُ
عن أنَسٍ: أنَّ ناسًا من عُريْنةَ قَدِمُوا المَدِينةَ، فاجْتَوَوْها، فبَعثهُم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبِلِ الصَّدَقةِ، قال:"اشْربُوا من ألبانها وأبوالها"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديث ثابت، وقد رُوي هذا الحديثُ من غيرِ وجهٍ عن أنسٍ، رواهُ أبو قِلابةَ عن أنَسٍ، وروَاهُ سَعيدُ بن أبي عَرُوبةَ، عن قتادةَ، عن أنَسٍ.
39 - باب الوُضُوءِ قَبْلَ الطَّعَامِ وبَعْدَهُ
(2)
1952 -
حدثنا يحيى بن موسى، قال: حدثنا عبد الله بن نُمَيْر، قال:
(1)
إسناده صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (233)، ومسلم (1671)، وأبو داود (2364)، وابن ماجه (2578)، والنسائي 1/ 158 و 160 و 7/ 93. وهو في "مسند أحمد" (12042)، و"صحيح ابن حبان" (1386).
وسلف الحديث مطولًا عند المصنف برقم (72).
(2)
ذكر أبو داود في "سننه" الحديث تحت عنوان: باب غسل اليدين قبل الطعام، وعلق عليه الإمام ابن القيم في "تهذيب السنن" 5/ 297، فقال: في هذه المسألة قولان لأهل العلم: أحدهما: يستحب غسل اليدين قبل الطعام. والثاني: لا يستحب. وهما في مذهب أحمد وغيره
…
وقال مهنا: سألتُ أحمد، قلت: بلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان سفيانُ يكره غسلَ اليد عند الطعام، قلت: لِم كرِه سفيان ذلك؟ قال: لأنه من زي العجم، =
حدَّثَنا قَيْسُ بن الرَّبِيعِ. (ح)
وحدَّثَنا قُتيبةُ، قال: حدَّثَنا عَبدُ الكريمِ الجُرْجانيُّ، عن قَيْسِ بن الرَّبيعِ، المَعْنى واحدٌ، عن أبي هاشم، عن زَاذانَ
عن سَلْمانَ، قال: قَرأْتُ في التَّوْراةِ: إنَّ بَركةَ الطَّعامِ الوُضُوءُ بَعْدَهُ، فذَكرْتُ ذلكَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأخبرتُه بما قَرأْتُ في التَّوْراةِ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"بَرَكَة الطَّعامِ الوُضوءُ قَبْلَهُ والوُضُوءُ بَعْدَهُ"
(1)
.
وفي البابِ عن أنَسٍ، وأبي هُريرةَ.
لا نَعْرِفُ هذا الحديثَ إلّا من حديثِ قَيْسِ بن الرَّبيعِ، وقَيسُ يُضَعَّفُ في الحديثِ.
= وضعف أحمد حديث قيس بن الربيع. وقال مهنا فيما نقله ابن مفلح في "الآداب الشرعية" 3/ 213: وذكرته ليحيى بن معين، فقال: ما أحسنَ الوضوء قبله وبعده.
قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروزي، قال: رأيتُ أبا عبد الله يَغْسِلُ يديه قبلَ الطعام وبعدَه وإن كان على وضوءٍ.
وقال الشيخ أحمد شاكر وزميلُه رحمهما الله: وهذا هو الصوابُ بلا شك، لأن اليدين تُلاقيان من الأدرانِ والأوساخ والغُبار ما يُقَذِّرُ الطعامَ ويُفسده، فيضر الآكل، وكونُه مِن زي الأعاجم لا يمنعُ أن يكونَ عملًا حسنًا، لأننا لم نؤمَرْ بمخالفتهم في كل شيءٍ ولو كان مما تقتضيه الفطرةُ، وتدعو إليه كلمةُ الإسلامِ وهي الطُّهر والنظافة، والبعدُ عن كل قَذَرٍ وضرَرٍ.
(1)
حديث ضعيف، لضعف قيس بن الربيع وأخرجه أبو داود (3761). وهو في "مسند أحمد"(23732).
والمراد بالوضوء هنا: تنظيف اليدين بغسلهما، قال الطيبي: معنى بركته قبله: نموه وزيادة نفعه، وبعده: دفع ضرر الغَمَر الذي علق بيده وعيافته.
وأبو هاشمٍ الرُّمَّانيُّ اسْمُه: يحيى بن دِينارٍ
(1)
.
1953 -
حدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثَنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، عن أيُّوبَ، عن ابن أبي مُليْكةَ
عن ابن عَبَّاسٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرجَ من الخَلاءِ، فقُرِّبَ إلَيْهِ طَعامٌ، فقالُوا: ألا نأتِيكَ بِوَضُوءٍ؟ قال: "إنّما أُمِرْتُ بالوُضُوءِ إذا قُمْتُ إلى الصَّلاةِ"
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ. وقد رَواهُ عَمْرُو بن دِينارٍ، عن سَعيدِ بن الحُوَيْرِثِ، عن ابن عَبَّاسٍ.
وقال عَليُّ بن المَدِينيَّ: قال يحيى بن سَعيدٍ: كانَ سُفيانُ الثَّوْرِيُّ يكْرهُ غَسْلَ اليَدِ قَبْلَ الطَّعامِ! وكانَ يكْرهُ أنْ يُوضعَ الرَّغِيفُ تَحْتَ القَصْعةِ.
40 - باب ما جاء في أكْلِ الدُّبَّاءِ
1954 -
حدَّثَنا قُتيبةُ بن سَعيدٍ، قال: حدَّثَنا اللَّيْثُ، عن مُعاويةَ بن صالحٍ، عن أبي طَالُوتَ، قال:
دَخلْتُ على أنَسِ بن مالكٍ وهو يأكُلُ القَرْعَ وهو يَقولُ: يا لَكِ
(1)
وقع بعد هذا في المطبوع عنوان: "باب في ترك الوضوء قبل الطعام"، ولم يرد في أصولنا الخطية.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه مسلم (374)، وأبو داود (3760)، والنسائي في "المجتبى" 1/ 85 - 86، وهو في "المسند"(1932)، و"صحيح ابن حبان"(5208).
شَجرَةً ما أُحِبُّكِ إلَّا لِحُبِّ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم إيَّاكِ
(1)
.
وفي البابِ عن حَكِيمِ بن جابرٍ عن أبيهِ.
هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
1955 -
حدَّثَنا محمدُ بن مَيْمونٍ المَكِّيُّ، قال: حدَّثَنا سُفيانُ بن عُيينةَ، قال: حدَّثَني مالكٌ، عن إسحاقَ بن عَبد اللهِ بن أبي طَلْحةَ
عن أنَسِ بن مالكٍ، قال: رَأيْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يتَتبَّعُ في الصَّفْحةِ - يَعْني الدُّبَّاءَ - فلا أزَالُ أُحِبُّهُ
(2)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وقد رُوي هذا الحديثُ من غيرِ وجهٍ عن أنس بن مالك
(3)
.
41 - باب ما جاء في أكْلِ الزَّيْتِ
1956 -
حدَّثَنا يحيى بنُ موسى، قال: حدَّثَنا عَبدُ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمرٍ،
(1)
أبو طالوت - وهو الشامي - قال الذهبي: لا يدري من هو، وقال ابن حجر في "التقريب": مجهول، وأخرجه المزي في ترجمته من "تهذيب الكمال" 33/ 435، وانظر ما بعده.
(2)
حديث صحيح، محمد بن ميمون المكيّ وإن كان فيه ضعف - متابع وباقي رجاله ثقات، وأخرجه البخاري (2092) و (5437)، ومسلم (2041)، وأبو داود (3782)، والنسائي في "الكبرى"(6662). وهو في "مسند أحمد"(12513)، و"صحيح ابن حبان"(4539) و (5293).
(3)
وقع بعد هذا في المطبوع: "وروي أنه رأى الدباء بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما هذا؟ قال: هذا الدباء نكثِّر به طعامنا". ولم يرد في أصولنا الخطية.
عن زَيْدِ بن أسْلمَ، عن أبيهِ
أن عُمرَ بن الخَطَّابِ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُوا الزَّيْتَ وادَّهِنُوا بهِ، فإنَّهُ من شَجرَةٍ مُباركةٍ"
(1)
.
هذا حديثٌ لا نَعْرِفُه إلّا من حديثِ عَبدِ الرَّزَّاقِ، وكانَ عبدُ الرَّزَّاقِ يَضْطَرِبُ في رِوَايةِ هذا الحديثِ، فَرُبَّما ذَكَرَ فيهِ عن عُمرَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وَرُبَّما رَواهُ على الشَّكَّ فقال: أحَسَبُهُ عن عُمرَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ورُبَّما قال: عن زَيدِ بن أسْلمَ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلًا.
1957 -
حدَّثَنا أبو دَاوُدَ سُليْمانُ بن مَعْبدٍ، قال: حدَّثَنا عَبدُ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمرٍ، عن زَيْدِ بن أسْلمَ، عن أبيهِ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَحوهُ، ولم يَذْكُرْ فيهِ: عن عُمرَ
(2)
.
1958 -
حدَّثَنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثَنا أبو أحمدَ الزُّبَيْرِيُّ وأبو نُعَيْمٍ، قالا: حدَّثَنا سُفيانُ، عن عَبد اللهِ بن عيسى، عن رَجُلٍ يُقالُ لهُ. عَطاءٌ من أهْلِ الشَّامِ
عن أبي أَسِيدٍ، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "كُلُوا من الزَّيْتِ، وادَّهِنُوا بهِ، فإنَّهُ شَجرَةٌ مُباركةٌ"
(3)
.
(1)
حسن لغيره، وهذا سند رجاله ثقات إلا أنه أعل بالإرسال، ويشهد له حديث أبي أسيد الآتي.
وأخرجه ابن ماجه (3319). وهو في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (4450)، وانظر ما بعده برقم (1958).
(2)
الرواية المرسلة أخرجها عبد الرزاق في "مصنفه"(19568).
(3)
إسناده ضعيف لجهالة عطاء الشامي، وباقي رجاله ثقات، وهو شاهد =
هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ، إنَّما نَعْرِفُه من حديثِ عَبد اللهِ بن عيسى.
42 - باب ما جاء في الأكْلِ مَعَ المَمْلُوكِ
1959 -
حدَّثَنا نَصْرُ بن عَليٍّ، قال: حدَّثَنا سُفيانُ، عن إسماعيلَ بن أبي خَالدٍ، عن أبيهِ
عن أبي هُريرةَ يُخْبرُهُمْ ذاك، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كَفى أحَدَكُمْ خادِمُهُ طَعامَهُ حَرَّهُ ودُخانَهُ، فليأْخُذْ بِيدِهِ فليُقْعِدْهُ مَعهُ، فإنْ أبَى، فلْيأْخُذْ لُقْمةً فَلْيُطْعِمْه إيّاها"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وأبو خالدٍ والدُ إسماعيلَ اسْمُهُ: سَعْدٌ.
43 - باب ما جاء في فَضْلِ إطْعامِ الطَّعامِ
1960 -
حدَّثَنا يُوسُفُ بن حَمَّادٍ، قال: حدَّثَنا عُثْمانُ بن عَبد الرحمنِ الجُمَحيُّ، عن محمدِ بن زِيادٍ
عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"أفْشُوا السَّلامَ، وأطْعمُوا الطَّعامَ، واضْرِبُوا الهَامَ، تُورَثُوا الجِنانَ"
(2)
.
= لحديث عمر السالف، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(6701) و (6702). وهو في "المسند"(16054).
(1)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2557)، ومسلم (1663)، وأبو داود (3846)، وابن ماجه (3289) و (3290). وهو في "المسند"(7338).
(2)
حديث صحيح لغيره دون قوله: "واضربوا الهام". وأخرجه بنحوه أحمد =
وفي البابِ عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو، وابن عُمرَ، وأنَسٍ، وعَبد اللهِ بن سَلامٍ، وعَبد الرحمنِ بن عائش، وشُرَيْحِ بن هَانئٍ، عن أبيهِ.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ أبي هُريرةَ.
1961 -
حدَّثَنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثَنا أبو الأحْوَصِ، عن عَطاءِ بن السَّائِبِ، عن أبيهِ
عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اعْبُدُوا الرَّحْمن، وأطْعِمُوا الطَّعامَ، وأفْشُوا السَّلامَ، تدْخُلُوا الجَنّةَ بِسلام"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
= في "المسند"(7932)، وابن حبان (805) و (2559) من حديث أبي ميمونة عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله، إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء، فقال:"كل شيء خلق من ماء"، قال: قلت: أنبئني عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة. قال: "أفش السلام، وأطعم الطعام، وصل الأرحام، وقم بالليل والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام".
ويشهد له ما بعده.
قوله: "واضربوا الهام"، قال المباركفوري في شرحه: رؤوس الكفار، جمع هامة بالتخفيف: الرأس.
(1)
حديث صحيح لغيره، وأخرجه ابن ماجه (3694). وهو في "المسند"(6587)، و"صحيح ابن حبان"(489) و (507). ويشهد له ما قبله، وانظر تتمة شواهده في "صحيح ابن حبان" وفي "المسند".
44 - باب ما جاء في فَضْلِ العَشاءِ
1962 -
حدَّثَنا يحيى بن موسى، قال: حدَّثَنا محمدُ بن يَعْلى الكُوفيُّ، قال: حدَّثَنا عَنْبسةُ بن عَبد الرحمنِ القُرَشيُّ، عن عَبد الملكِ بن عَلَّاقٍ
عن أنَسِ بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعشَّوْا ولوْ بكَفٍّ من حَشَفٍ، فإنَّ تَرْكَ العَشاءِ مَهْرمةٌ"
(1)
.
هذا حديثٌ مُنكرٌ لا نَعْرِفُه إلَّا من هذا الوَجْهِ. وعَنْبسةُ يُضَعَّفُ في الحديثِ، وعَبد المَلكِ بن عَلَّاقٍ مَجْهُولٌ.
45 - باب ما جاء في التَّسْميةِ على الطَّعامِ
1963 -
حدَّثَنا عَبد اللهِ بن الصَّبَّاحِ الهَاشِميُّ، قال: حدَّثَنا عَبدُ الأعلى، عن مَعْمرٍ، عن هِشامِ بن عُروةَ، عن أبيهِ
عن عُمرَ بن أبي سَلمةَ، أنَّهُ دَخلَ على رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وعِنْدهُ طَعامٌ قال:"ادْنُ يا بُنَيَّ، فسمِّ اللهَ، وكُلْ بيَمِينكَ، وكُلْ مِمَّا يَلِيكَ"
(2)
.
(1)
حديث ضعيف، وأخرجه أبو يعلى (4353)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1901، والقضاعي في "مسند الشهاب"(735).
وله شاهد من حديث جابر أخرجه ابن ماجه (3355)، وإسناده ضعيف جدًا لا يُفرح به.
والحَشَف: قال ابن الأثير في "النهاية": اليابس الفاسد من التمر، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له كالشِّيص.
(2)
حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5376)، ومسلم (2022)، وأبو داود =
وقد رُوي عن هِشَامِ بن عُرْوةَ، عن أبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ، عن رَجُلٍ من مُزَيْنةَ، عن عُمرَ بن أبي سَلمةَ. وقد اخْتلفَ أصْحَابُ هِشَامِ بن عُرْوةَ في رِوَايةِ هذا الحديثِ.
وأبو وَجْزةَ السَّعْديُّ اسْمُه: يَزِيدُ بن عُبَيْدٍ.
1964 -
حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثَنا العَلاءُ بن الفَضْلِ بن عَبدِ الملكِ بن أبي السَّويَّةِ أبو الهُذَيْلِ، قال: حدثني عُبَيْدُ اللهِ بنُ عِكْراشٍ
عن أبيهِ عِكْراشِ بن ذُؤَيبٍ، قال: بَعَثني بَنو مُرَّةَ بن عُبَيْدٍ بِصدَقاتِ أمْوالِهِمْ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقدِمْتُ المَدِينةَ، فوجَدْتُه جالسًا بَينَ المُهاجرِينَ والأنْصارِ، قال: ثُمَّ أخذَ بِيدِي، فانْطَلقَ بِي إلى بَيتِ أُمِّ سَلمةَ فقال:"هَلْ من طَعامٍ"؟ فأُتِينا بحَفْنةٍ كَثيرةِ الثَّرِيدِ والوَذْرِ، فأقْبلْنا نأكُلُ مِنْها، فَخبَطْتُ بِيدِي في نَواحِيها، وأكلَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم من بَيْنِ يَديْهِ، فَقبضَ بِيَدِه اليُسْرى على يَدِي اليُمْنى، ثُمَّ قال:"يا عِكْراشُ، كُلْ من مَوْضعٍ واحدٍ، فإنَّه طعامٌ واحدٌ". ثُمَّ أُتِينا بِطَبقٍ فيهِ ألوانُ التمْرِ أو الرُّطَبِ، شَكَّ عُبَيْدُ اللهِ، قال: فَجعلْتُ آكُلُ من بَيْنِ يَديَّ، وجَالتْ يَدُ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الطَّبقِ قال:"يا عِكْراشُ، كُلْ من حَيثُ شِئْتَ، فإنَّهُ غَيرُ لَوْنٍ واحدٍ". ثُمَّ أُتِينا بِماءٍ، فَغسلَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يديْهِ، ومَسحَ بِبَللِ كَفَّيْهِ وَجْهَهُ
= (3777)، وابن ماجه (3265) و (3267)، والنسائي في "الكبرى"(6755) و (6759)، وفي "عمل اليوم والليلة"(274 - 279). وهو في "المسند"(16330)، و"صحيح ابن حبان"(5211) و (5212).
وذِرَاعيْهِ ورأْسَهُ، وقال:"يا عِكْراشُ، هذا الوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرتِ النَّارُ"
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفُه إلَّا من حديثِ العَلاءِ بن الفَضْلِ، وقد تفرَّدَ العَلاءُ بهذا الحديث، وفي الحديث قصة.
1965 -
حدَّثَنا أبو بكرٍ محمدُ بن أبانَ، قال: حدَّثَنا وكِيعٌ، قال: حدَّثَنا هِشامٌ الدَّسْتُوائيُّ، عن بُديْلِ بن مَيْسرَةَ العُقَيْليِّ، عن عَبد اللهِ بن عُبَيْدِ بن عُمَيْر، عن أُمِّ كُلْثُومَ
عن عائشةَ، قالت: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا أكَلَ أحدُكُمْ طَعامًا، فلْيَقُلْ: بِسْمِ اللهِ، فإنْ نَسيَ في أوَّلِه، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللهِ في أوَّلِه وآخِرِه"
(2)
.
1966 -
وَبهذا الإسْنادِ عن عَائشةَ، قالت: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكُلُ طَعامًا في سِتَّةٍ من أصْحابِه، فَجاءَ أعْرابيٌّ فأكلَهُ بِلُقْمَتيْنِ،
(1)
حديث ضعيف، العلاء بن الفضل بن عبد الملك ضعيف، وكذا عبيد الله بن عكراش، وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (3274).
وقوله: كثيرة الثريد والوذر، أي: كثيرة قطع اللحم، والوذْر جمع، واحدها وذْرَة: القطعة من اللحم.
(2)
حديث صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (3767)، وابن ماجه (3264)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(281). وهو في "المسند"(25733)، و"صحيح ابن حبان"(5214).
وله شاهد من حديث ابن مسعود عند ابن حبان (5213)، وإسناده صحيح.
فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أما أنَّهُ لَوْ سَمَّى لكَفاكُمْ"
(1)
.
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ
(2)
.
46 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ البَيْتُوتةِ وفي يَدِه رِيحُ غَمَرٍ
1967 -
حدَّثَنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثَنا يعقوبُ بن الوليدِ المَدَنيُّ، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن المَقْبُرِيِّ
(1)
حديث صحيح لغيره، وهو في "مسند أحمد"(25106). وهو قطعة من الحديث السالف، انظر تمام تخريجه فيه.
(2)
وقع في المطبوع بعد هذا: "وأم كلثوم هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق"، وهذه العبارة لم ترد في أصولنا الخطية. وقال المزي في "تهذيب الكمال": أم كلثوم الليثية المكية.
وقال المنذري في "مختصر السنن" 5/ 300: ووقع في بعض روايات الترمذي: أم كلثوم: هي بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقال غيره فيها: هي أم كلثوم الليثية، وهو الأشبه، لأن عُبيد بن عمير ليثي، ومثل بنت أبي بكر لا يكنى عنها بامرأة ولا سيما مع قوله: منهم، وقد سقط هذا من بعض نسخ الترمذي، وسقوطه الصواب والله أعلم.
وقد ذكر الحافظ أبو القاسم الدمشقي في "أطرافه" لأم كلثوم بنت أبي بكر عن عائشة أحاديث، وذكر بعدها أم كلثوم الليثية ويقال: المكية، وذكر لها هذا الحديث، وكذلك ذكر الحافظ المزي في "تحفة الأشراف". وقد صحح هذا الحديث الترمذي والحاكم ووافقه الذهبي مع أن أم كلثوم لم يوثقها أحد ولم يرو عنها غير عبد الله بن عبيد بن عمر.
والحديث صحيح بشاهده من حديث ابن مسعود كما سلف.
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الشيطانَ جسَّاس لَحَّاسٌ، فاحْذَرُوهُ على أنْفُسِكُمْ، من باتَ وفي يَدِه رِيحُ غَمَرٍ، فأصَابهُ شَيءٌ، فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ"
(1)
.
هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.
وقد رُوي من حديثِ سُهَيْلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيهِ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1968 -
حدَّثنا محمدُ بن إسحاقَ أبو بكْرٍ البَغْدادِيُّ، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن جَعْفرٍ المَدَائِنيُّ، قَال: حَدَّثَنا مَنْصُورُ بن أبي الأسْوَدِ، عن الأعْمَشِ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من بَاتَ وفي يَدِهِ غَمَرٌ، فأصَابهُ شَيْءٌ، فَلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًا، بل هو شبه موضوع، في سنده يعقوب بن الوليد متروك الحديث كما قال النسائي، وكذبه أحمد، وضعفه غير واحد، وأخرجه البغوي في "الجعديات"(2938) والحاكم في "المستدرك" 4/ 119 و 137 من طريق يعقوب بن الوليد بهذا الإسناد، وصححه على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي، فقال: بل موضوع، فإن يعقوب كذبه أحمد والناس وقوله "من مات وفي يده
…
" صحيح من غير هذا الطريق وسيذكره المصنف بعد هذا.
وقوله: "غَمَر" بفتحتين: الدسم والزهومة من اللحم.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن جعفر المدائني صدوق حسن الحديث وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (3852) وابن ماجه (3297) والنسائي في "الكبرى"(6878) و (6879) وصححه ابن حبان (5521) وهو في "المسند"(7569) =
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه من حديثِ الأعْمَشِ إلّا من هذا الوَجْهِ.
يليه الجزء الرابع وأوله:
أبواب الأشربة
= و (8531) وانظر تمام تخريجه فيه.