المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌أبواب الاستئذان والآداب عن رسول الله صلى - سنن الترمذي - ط الرسالة - جـ ٥

[أبو عيسى الترمذي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌أبواب الاستئذان والآداب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

-

‌1 - باب ما جاء في إفشاء السَّلامِ

2883 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأَعمشِ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "والَّذِي نَفْسي بيَدِه لا تَدخُلُوا الجنَّةَ حتَّى تُؤمِنُوا، ولا تؤمِنُوا حتَّى تَحابُّوا، ألا أدُلُّكُم على أمْرٍ إذا أنتُم فَعلتُموهُ تَحابَبتُم؟ أفْشُوا السَّلامَ بينَكُم"

(1)

.

وفي البابِ عن عبد اللهِ بنِ سَلامٍ، وشُرَيْحِ بن هانِئ عن أبيهِ، وعَبدِ اللهِ بن عَمْرٍو، والبرَاءِ، وأنسٍ، وابنِ عُمرَ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

صحيح، وأخرجه مسلم (54)، وأبو داود (5193)، وابن ماجه (68) و (3692). وهو في "المسند"(9084)، و"صحيح ابن حبان"(236).

وقوله: "لا تدخلوا" و"لا تؤمنوا" كذا في الأصول الخطية وفي أكثر المصادر بحذف النون من "لا تدخلوا" و"لا تؤمنوا"، والجادة إثباتها، كما جاء في موضعين من "مسند أحمد"(9084) و (9709)، وما هنا له وجه بيناه في أكثر من موضع.

ص: 5

‌2 - باب ما ذُكِرَ في فَضْلِ السَّلامِ

2884 -

حدَّثنا عبدُ اللهِ بن عبد الرحمنِ والحُسينُ بن محمدٍ الجَريرِيُّ البَلْخيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن كَثِيرٍ، عن جَعْفرِ بن سُليْمانَ الضُّبَعيِّ، عن عَوْفٍ، عن أبي رجاءٍ

عن عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ: أنّ رجلًا جاءَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: السَّلامُ عليكُم، فقال: النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "عَشْرٌ". وجاءَ آخَرُ فقال: السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"عِشْرُونَ". ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فقال: السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ثلاثونَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ من حديث عِمران بن حُصين.

وفي البابِ عن أبي سعيدٍ، وعليٍّ، وسَهْلِ بن حُنَيْفٍ.

‌3 - باب ما جاء أنّ الاستِئْذانَ ثلاثٌ

2885 -

حدَّثنا سُفيانُ بن وكيعٍ، قال: حدَّثنا عَبدُ الأعْلى بن عبد الأعلى، عن الجُرَيْريِّ، عن أبي نَضْرةَ

عن أبي سعيدٍ، قال: اسْتأذَنَ أبو موسى على عُمرَ، فقال: السَّلامُ عليكُم، أأدْخُلُ؟ فقال عُمَرُ: واحدَةً، ثُمَّ سَكتَ ساعةً، ثُمَّ

(1)

حديث قوي، وأخرجه أبو داود (5195)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(337). وهو في "المسند"(19948).

ص: 6

قال: السَّلامُ عَليْكُمْ، أأدْخُلُ؟ فقال عُمرُ: ثِنْتانِ، ثُمَّ سَكتَ ساعةً، فقال: السَّلام عليكُم، أأدْخُلُ؟ فقال عُمرُ: ثَلاثٌ، ثُمَّ رَجَعَ، فقال عُمرُ لِلبوَّابِ: ما صنعَ؟ قال: رَجعَ، قال: عَلَيَّ به، فَلمَّا جَاءهُ، قال: ما هذا الّذِي صَنعْتَ؟ قال: السُّنَّةُ، قال: السُّنّةُ؟ واللهِ لَتأتِيَنِّي على هذا ببُرْهانٍ وبِبَيِّنةٍ، أو لأفْعلنَّ بِكَ، قال: فأتانا ونحنُ رُفِقة من الأنْصارِ فقال: يا مَعْشرَ الأنْصارِ، ألَسْتُمْ أعْلمَ النَّاسِ بحدِيثِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ ألم يَقُلْ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:"الاسْتِئذانُ ثَلاثٌ، فإنْ أُذِنَ لكَ، وإلَّا فارْجِعْ"، فَجعلَ القومُ يُمازِحُونَهُ، قال أبو سعيدٍ: ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي إلَيْهِ، فَقُلْتُ: ما أصابكَ في هذا من العُقُوبةِ فأنا شَريكُكَ. قال: فَأتى عُمرَ، فأخْبرهُ ذلكَ، فقال عُمرُ: ما كُنْتُ عَلِمْتُ بهذا

(1)

.

وفي البابِ عن عليٍّ، وأُمَّ طارقٍ مَوْلاةِ سَعْدٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

والجُرَيْريُّ اسمهُ: سَعيدُ بن إياسٍ يُكْنى أبا مسعودٍ، وقد رَوَى هذا غَيْرُه أيضًا عن أبي نَضْرةَ، وأبو نَضْرةَ العبديُّ اسْمهُ: المُنْذرُ بن مَالكٍ بن قِطْعَةَ

(2)

.

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (6245)، ومسلم (2153)، وأبو داود (5180)، وابن ماجه (3706). وهو في "المسند"(11145)، و"صحيح ابن حبان"(5810).

(2)

ضبطه بكسر القاف وسكون الطاء الأئمة الدارقطني وابن ماكولا، =

ص: 7

2886 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا عُمرُ بن يُونُسَ، قال: حدَّثنا عِكْرمةُ بن عَمَّارٍ، قال: حدَّثني أبو زُمَيْلٍ، قال: حدَّثني ابن عبَّاسٍ

قال: حدَّثني عُمرُ بن الخَطَّابِ، قال: اسْتأذَنْتُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثلاثًا فَأذِنَ لِي

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

وأبو زُمَيْلٍ اسْمُه: سِماكٌ الحَنفيُّ.

وإنّما أنكرَ عمرُ عِندنا على أبي موسى حينَ رَوَى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: "الاسْتِئذانُ ثَلاثٌ، فإن أُذِنَ لكَ وإلّا فارْجِعْ"، وقد كَانَ عُمرُ اسْتأذَنَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلاثًا فأذِنَ لهُ، ولم يكُنْ عَلِمَ هذا الّذي رَوَاهُ أبو موسى، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال:"فإنْ أُذِنَ لكَ وإلّا فارْجعْ"

(2)

.

= والنووي والمزي وابن ناصر الدين، وانفرد ابن حجر، فقال: بضم القاف وفتح الطاء.

(1)

حسن كما قال المصنف، وهو حديث صحيح فقد أخرجه من طريق آخر مطولًا البخاري (2468)، ومسلم (1479). وهو في "المسند"(222)، و"صحيح ابن حبان"(4187). وفي رواية مسلم أن الاستئذان كان مرتين. وسيأتي مطولًا (3606).

(2)

أخرجه أحمد في "مسنده"(19510) و (19556) بإسناد صحيح على شرط مسلم من حديث أبي موسى، وانظر تمام تخريجه فيه.

ص: 8

‌4 - باب كَيْفَ رَدُّ السَّلامِ؟

2887 -

حدَّثَنا إسحاقُ بن مَنْصُورٍ، قال: حدثنا عبد اللهِ بن نُمَيْرٍ، قال: حدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بن عمرَ، عن سعيدٍ المَقْبُريِّ

عن أبي هُريرةَ، قال: دَخلَ رجلٌ المسجدَ، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالسٌ في ناحيةِ المسجدِ، فصلّى ثُمَّ جاءَ فَسلّمَ عليه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وعَليْكَ، ارْجِعْ فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ"، فَذَكرَ الحديثَ بِطُولِه

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، ورَوَى يحيى بن سعيدٍ القطَّانُ هذا الحديث عن عُبَيْدِ اللهِ بن عُمرَ، عن سَعيدٍ المَقْبرِيِّ، فقال: عن أبيهِ، عن أبي هُريرة

(2)

.

وحديثُ يحيى بن سعيدٍ أصحُّ.

‌5 - باب في تَبْليغِ السَّلامِ

2888 -

حدَّثنا عَليُّ بن المُنْذِرِ الكُوفيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن فُضيْلٍ، عن زكريَّا بن أبي زائدةَ، عن عامرٍ الشّعْبيِّ، قال: حدَّثني أبو سَلمةَ

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (6251) و (6667)، ومسلم (397)(46)، وأبو داود (856)، وابن ماجه (1060).

(2)

صحيح، وأخرجه البخاري (757)، ومسلم (397)(45)، وأبو داود (856)، والنسائي 2/ 124، وهو في "المسند"(9635)، و"صحيح ابن حبان"(1890).

وانظر ما سلف برقم (303).

تنبيه: بعد هذا في المطبوع: "ولم يذكر فيه: فسلم عليه وقال: وعليك".

ص: 9

أنَّ عائشةَ حَدَّثتْهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لها: "إنَّ جِبْريلَ يُقْرِئُكِ السَّلامَ"، قالت: وعليه السَّلامُ ورَحْمةُ اللهِ وبَركاتُهُ

(1)

.

وفي البابِ عن رجلٍ من بَني نُمَيْرٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواهُ الزُّهْريُّ أيضًا، عن أبي سَلمةَ، عن عائشةَ.

‌6 - باب في فَضْلِ الّذِي يَبْدأُ بالسَّلامِ

2889 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا قُرَّانُ بن تَمَّامٍ الأسَديُّ، عن أبي فَرْوةَ الرُّهاويِّ يَزِيدَ بن سِنانٍ، عن سُلَيْمِ بن عامرٍ

عن أبي أُمامةَ قال: قِيلَ: يا رسولَ اللهِ، الرَّجُلانِ يَلتقيانِ، أيُّهُما يَبدأُ بالسَّلامِ؟ فقال:"أَولاهُما باللهِ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

قال محمدٌ: أبو فَرْوةَ الرُّهاويُّ مُقاربُ الحديث، إلَّا أنَّ ابْنَهُ

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (3217)، ومسلم (2447)، وأبو داود (5232)، وابن ماجه (3696)، والنسائي 7/ 69 و 69 - 70. وهو في "المسند" (24281)، و"صحيح ابن حبان" (7098).

وسيأتي (4219) و (4220).

(2)

صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن سنان الرهاوي.

وأخرجه أبو داود من طريق آخر صحيح برقم (5197) بلفظ: "إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام". وهو في "المسند"(22192) ولفظه: "من بدأ بالسلام، فهو أولى بالله ورسوله"، وانظر تمام كلامنا عليه في المسند.

ص: 10

محمدَ بن يَزِيدَ يَروي عَنه مناكِيرَ.

‌7 - باب في كَراهِيةِ إشَارةِ اليدِ في السلام

2890 -

حدّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا ابن لَهِيعةَ، عن عمرِو بن شُعيبٍ، عن أبيهِ

عن جدِّهِ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ليس مِنَّا من تَشبَّهَ بِغَيرِنا، لا تَشبَّهُوا باليَهُودِ ولا بالنَّصارَى، فإنَّ تَسليمَ اليَهُودِ الإشارةُ بالأصابعِ، وتَسليمَ النَّصارى الإشارةُ بالأَكُفِّ"

(1)

.

هذا إسنادٌ ضعيفٌ، ورَوَى ابن المُبَاركِ هذا الحديثَ عن ابن لَهِيعةَ، فلم يَرفَعه.

‌8 - باب ما جاء في التّسْليمِ على الصَّبْيانِ

2891 -

حدَّثنا أبو الخَطّابِ زِيادُ بن يحيى البَصْريُّ، قال: حدَّثنا أبو عَتّابٍ سهلُ بن حَمَّادٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ

عن سَيَّارٍ، قال: كُنْتُ أمْشِي مع ثابتٍ البُنانيِّ، فَمرَّ على صِبْيانٍ فسلّم عليهم، فقال ثابتٌ: كنتُ مع أنسٍ، فمرَّ على صِبْيانٍ فسلّمَ عليهم، وقال أنسٌ: كُنْتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم فمرَّ على صِبْيانٍ

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة، وأخرجه ابن الجوزي في "العلل" 2/ 721 - 722 من طريق المصنف، بهذا الإسناد.

ورواه ابن المبارك - كما قال المصنف - عن ابن لهيعة فلم يرفعه، وابنُ المبارك أقوى من قتيبة في ابن لهيعة.

ص: 11

فسلّمَ عليهم

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ، ورواهُ غيرُ واحدٍ عن ثابتٍ، ورُوِي من غيرِ وجهٍ عن أنسٍ.

2892 -

حدَّثنا قتيبةُ، قال: حدَّثنا جعفرُ بن سُليْمانَ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَهُ

(2)

.

‌9 - باب ما جاء في التَّسْليمِ على النِّساءِ

2893 -

حدَّثنا سُوَيْدٌ، قال: حدثنا عبد اللهِ بن المُباركِ، قال: أخبرنا عبد الحميدِ بن بَهْرامَ أنَّهُ سمعَ شَهْرَ بن حَوْشَبٍ يقولُ:

سَمِعتُ أسماءَ بِنْتَ يَزِيدَ تُحدِّثُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ في المسجدِ يومًا، وعُصْبةٌ من النِّساءِ قُعُودٌ، فألْوَى بِيَدِهِ بالتّسْليمِ، وأشارَ عَبدُ الحميدِ بِيَدِه

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

قال أحمدُ بن حنبلٍ: لا بأسَ بحديثِ عبد الحميدِ بن بَهْرامَ

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (6247)، ومسلم (2168)، وأبو داود (5202) و (5203)، وابن ماجه (3700)، والنسائي في "الكبرى"(8349). وهو في "المسند"(12337).

(2)

صحيح. وقد سلف تخريجه في الذي قبله.

(3)

إسناده حسن شهر بن حوشب وإن كان فيه ضعف قد توبع.

وأخرجه مختصرًا أبو داود (5204)، وابن ماجه (3701). وهو في "المسند"(27561)، وانظر تمام تخريجه فيه.

ص: 12

عن شَهْرِ بن حَوْشَبٍ.

قال محمدٌ

(1)

: شهرٌ حسنُ الحديثِ، وقَوَّى أمْرَهُ، وقال: إنّما تكلّمَ فيهِ ابن عَوْنٍ، ثُمَّ رَوَى عن هِلالِ بن أبي زَيْنبَ، عن شَهْرِ بن حَوْشبٍ

(2)

.

حدَّثنا أبو داودَ، قال: حدثنا النَّضْرُ بن شُميْلٍ، عن ابن عَوْنٍ، قال: إنَّ شَهْرًا نَزَكُوه. قال أبو داودَ: قال النَّضْرُ: نَزَكُوهُ، أيْ: طَعنُوا فيهِ، لأنَّهُ وَلي أمْرَ السُّلْطانِ.

‌10 - باب في التّسْليمِ إذا دَخلَ بَيْتَهُ

2894 -

حدَّثنا أبو حاتمٍ الأنْصارِيُّ البَصْرِيُّ مُسْلمُ بن حاتمٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبد اللهِ الأنْصارِيُّ، عن أبيهِ، عن عليِّ بن زيدٍ، عن سعيدِ بن المُسَيّبِ

قال: قال أنسٌ: قال لِي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا بُنيَّ، إذا دَخلْتَ على أهلكَ فسلِّمْ، يكونُ بَركةً عليكَ وعلى أهلِ بيتكَ"

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح غريبٌ.

(1)

هو الإمام محمد بن إسماعيل البخاري.

(2)

عن أبي هريرة رفعه: لا تجفُّ الأرض من دم الشهيد

أخرجه أحمد (7955)، وابن ماجه (2798) وانظر تمام الكلام عليه في "المسند".

(3)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.

وأخرجه مطولًا أبو يعلى (3624)، والطبراني في "الأوسط"(5988)، وفي "الصغير"(856).

ص: 13

‌11 - باب السَّلام قبلَ الكلامِ

2895 -

حدَّثنا الفضلُ بن الصَّبَّاحِ، قال: حدَّثنا سَعيدُ بن زَكَريَّا، عن عَنْبسةَ بن عبد الرحمنِ، عن محمدِ بن زاذانَ، عن محمدِ بن المُنكَدِرِ

عن جابرِ بن عبد اللهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "السَّلامُ قبلَ الكلامِ"

(1)

.

2896 -

وبهذا الإسنادِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:

"لا تَدْعُوا أحدًا إلى الطَّعامِ حتَّى يُسلِّمَ"

(2)

.

هذا حديثٌ منكَرٌ، لا نَعْرِفُه إلّا من هذا الوَجْهِ، سَمِعتُ محمدًا يقولُ: عَنْبسةُ بن عبد الرحمنِ ضَعيفٌ في الحديثِ ذاهبٌ، ومحمدُ ابن زاذانَ مُنْكَرُ الحديثِ.

‌12 - باب فيما جاء في كراهية التَّسْليمِ على الذمي

2897 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا عبد العزِيزِ بن محمدٍ، عن سُهيْلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيهِ

عن أبي هُريرةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَبْدَؤوا اليَهُودَ والنَّصارى بالسَّلامِ، وإذا لَقِيتُمْ أحَدَهُمْ في طَريقٍ، فاضْطرُّوهُ إلى

(1)

إسناده ضعيف جدًا، عنبسة بن عبد الرحمن متروك الحديث، وكذلك محمد بن زاذان. وأخرجه مجموعًا مع الحديث الآتي بعده أبو يعلى (2059)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2210، وابن الجوزي في "العلل" 2/ 720.

(2)

إسناده ضعيف جدًا كسابقه.

ص: 14

أضْيقِهِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2898 -

حدَّثنا سعيدُ بن عَبد الرحمنِ المَخْزُوميُّ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن الزُّهْريِّ، عن عُرْوةَ

عن عائشة، قالت: إنَّ رَهْطًا من اليَهُودِ دخلوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السَّامُ عَليْكَ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"عَليْكُمْ"، فقالت عَائشةُ: فقلت: بَلْ عَليْكُمُ السَّامُ واللّعْنةُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا عائشةُ إنَّ الله يُحبُّ الرِّفْقَ في الأمْرِ كُلِّهِ"، قالت عائشةُ: ألم تَسْمعْ ما قالوا؟ قال: "قد قلتُ: عليكُم"

(2)

.

وفي البابِ عن أبي بَصْرةَ الغِفاريِّ، وابن عمرَ، وأنسٍ، وأبي عبد الرحمنِ الجُهَنيّ.

حديثُ عائشةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌13 - باب ما جاء في السَّلامِ على مجلسٍ فيهِ المسلمونَ وغيرُهُم

2899 -

حدَّثنا يحيى بن موسى، قال: حدَّثنا عبد الرَّزاقِ، قال: أخبرنا

(1)

صحيح، وقد سلف تخريجه عند الحديث رقم (1694).

(2)

صحيح، وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (2935) و (6024)، ومسلم (2165)، وابن ماجه (3689)، والنسائي في "الكبرى"(10213) و (11572). وهو في "المسند"(24090)، و"صحيح ابن حبان"(547) و (6441).

ص: 15

معمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن عروةَ

أنَّ أُسامةَ بن زيدٍ أخْبرَهُ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بمجلسٍ فيهِ أخلاطٌ من المسلمينَ واليهودِ، فسلّمَ عليهم

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌14 - باب ما جاء في تَسْليمِ الرَّاكِبِ على الماشي

2900 -

حدَّثنا محمدُ بن المُثَنَّى وإبراهيمُ بن يعقوبَ، قالا: حدَّثنا روحُ بن عُبادةَ، عن حَبيبِ بن الشَّهيدِ، عن الحسنِ

عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"يُسَلِّمُ الرَّاكبُ على الماشِي، والماشِي على القاعدِ، والقليلُ على الكثيرِ". وزادَ ابن المُثنَّى في حديثهِ: "ويُسلِّمُ الصَّغيرُ على الكَبير"

(2)

.

وفي البابِ عن عبد الرحمنِ بن شِبْلٍ، وفضالةَ بن عُبَيْدٍ، وجابرٍ.

هذا حديثٌ قد رُوِي من غيرِ هذا الوجه عن أبي هريرةَ.

وقال أيُّوبُ السَّخْتيانيُّ، ويونسُ بن عُبَيْدٍ، وعليُّ بن زيدٍ: إنَّ الحسنَ لم يَسْمعْ من أبي هُريرةَ.

2901 -

حدَّثنا سُوَيْدُ بن نَصْرٍ، قال: حدَّثنا عبد اللهِ بن المُباركِ، قال:

(1)

صحيح، وأخرجه ضمن حديث مطول البخاري (4566)، ومسلم (1798)، والنسائي في "الكبرى"(7502). وهو في "المسند"(21767)، و"صحيح ابن حبان"(6581).

(2)

صحيح، وأخرجه البخاري (6231) و (6232)، ومسلم (2160)، وأبو داود (5198) و (5199). وهو في "المسند"(8312).

ص: 16

أخبرنا مَعْمرٌ، عن همَّامِ بن مُنبِّه

عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"يُسلِّمُ الصَّغيرُ على الكَبيرِ، والمَارُّ على القاعدِ، والقليلُ على الكثيرِ"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ.

2902 -

حدَّثنا سُوَيْدُ بن نَصرٍ، قال: أخبرنا عبد اللهِ، قال: أخبرنا حَيْوةُ بن شُرَيْحٍ، قال: أخبرني أبو هانئٍ الخولاني، عن أبي عَليٍّ الجَنْبيِّ

عن فضالةَ بن عُبَيْدٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "يُسلِّمُ الفارسُ على الماشي، والماشي على القائمِ، والقليلُ على الكثيرِ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وأبو عَليٍّ الجَنْبيُّ اسْمُه: عَمْرُو بن مالكٍ.

‌15 - باب التَّسْليم عند القِيامِ والقعودِ

2903 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا اللّيْثُ، عن ابن عَجْلانَ، عن سعيدٍ المَقْبُرِيِّ

عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انْتهى أحَدُكُمْ إلى مجلسٍ فلْيُسلِّمْ، فإنْ بَدا لهُ أنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ، ثُمَّ إذا قامَ فَلْيُسلِّمْ،

(1)

صحيح، وهو في صحيفة همام (50)، و"مصنف" عبد الرزاق (19445)، و"المسند"(8162).

(2)

صحيح، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(338). وهو في "المسند"(23940)، و"صحيح ابن حبان"(497).

ص: 17

فَليْستِ الأولى بأحَقَّ مِن الآخِرةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

وقد رُوِي هذا الحديثُ عن ابن عَجْلانَ أيْضًا، عن سَعيدٍ المَقْبُرِيِّ، عن أبيهِ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم

(2)

.

‌16 - باب الاسْتِئذان قُبالةَ البَيتِ

2904 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا ابن لَهِيعةَ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن أبي جَعْفرٍ، عن أبي عبد الرحمنِ الحُبُليِّ

عن أبي ذَرٍّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من كَشفَ سِتْرًا، فَأدْخلَ بَصرَهُ في البيتِ قبلَ أنْ يُؤذَنَ لهُ، فرأى عَوْرةَ أهْلِه، فقد أتى حَدًّا لا يَحِلُّ لهُ أنْ يأتِيَهُ، لو أنّهُ حِينَ أدْخَلَ بَصرَهُ استَقْبلَهُ رجلٌ، فَفَقأ عَيْنيهِ ما عَيَّرْتُ عليهِ، وإنْ مرَّ رجلٌ على بابٍ لا سِتْرَ عليه غيرِ مُغْلقٍ فنظَرَ، فلا خَطِيئةَ عليهِ، إنَّما الخَطيئةُ على أهلِ البَيْتِ"

(3)

.

(1)

إسناده قوي، وأخرجه أبو داود (5208)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(342) و (368) و (369) و (370)، والطحاوي في "شرح المشكل"(1355). وهو في "المسند"(7142)، و"صحيح ابن حبان"(493) و (494) و (495).

(2)

إسناده قوي، وقد سلف تخريجه في الذي قبله.

(3)

إسناده حسن، فإنّ قتيبة - وهو ابن سعيد - ممن روى عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، وباقي رجاله ثقات. وهو في "المسند"(21359) و (21572).

وقوله: "ما عيَّرتُ عليه" أي: عِبتُ عليه صنيعه، أو لم أُقِمْ عليه الحدَّ.

ص: 18

وفي البابِ عن أبي هريرةَ، وأبي أُمامةَ.

هذا حديثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه مِثْلَ هذا إلّا من حديثِ ابن لَهِيعةَ.

وأبو عبد الرحمنِ الحُبُليُّ اسمُه: عبد اللهِ بن يَزِيدَ.

‌17 - باب من اطّلعَ في دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ

2905 -

حدَّثنا بُنْدارٌ، قال: حدَّثنا عبد الوهَّابِ الثَّقَفيُّ، عن حُمَيْدٍ

عن أنسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ في بَيْتِه، فاطّلعَ عليهِ رَجُلٌ فَأهْوى إليه بمِشْقَصٍ، فتأخّرَ الرَّجُلُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2906 -

حدَّثنا ابن أبي عُمرَ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن الزُّهْريَّ

عن سهل بن سعدٍ السَّاعِديِّ: أنّ رجلًا اطَّلعَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من جُحْرٍ في حُجْرةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومع النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِدْراةٌ يَحكُّ بها رَأْسَهُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لو عَلمْتُ أنَّكَ تَنْظرُ، لَطَعنْتُ بِها في عَيْنِكَ، إنّما جُعلَ الاسْتِئذانُ من أجْلِ البَصرِ"

(2)

.

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (6242)، ومسلم (2157)، وأبو داود (5171)، والنسائي 8/ 60. وهو في "المسند" (12055).

(2)

صحيح، وأخرجه البخاري (5924)، ومسلم (2156)، والنسائي 8/ 60 - 61. وهو في "المسند" (22802)، و"صحيح ابن حبان" (5809) و (6001).

ص: 19

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌18 - باب التَّسْليم قبلَ الاستئذانِ

2907 -

حدَّثنا سُفيانُ بن وَكيعٍ، قال: حدَّثنا روحُ بن عُبادةَ، عن ابن جُريْجٍ، قال: أخبرني عمرُو بن أبي سفيانَ، أنَّ عمرو بن عبد اللهِ بن صَفْوانَ أخبرَهُ، أنَّ كَلَدةَ بن حنبلٍ، أخبرَهُ

أنَّ صَفْوانَ بن أُميَّةَ بَعثهُ بِلَبَنٍ وَلِبأٍ وضَغابِيسَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم بأعْلى الوَادِي، قال: فَدخَلْتُ عَليْهِ ولم أسْتأْذِنْ ولم أُسَلِّمْ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ارجِعْ فَقُل: السَّلامُ عليكُم، أأدْخُلُ"؟ وذلكَ بعد ما أسلمَ صَفْوانُ

(1)

.

قال عمرٌو: وأخبرني بهذا الحديثِ أُمَيَّةُ بن صَفْوانَ، ولم يَقُلْ سَمِعتُه من كَلَدةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نَعْرِفُه إلّا من حديثِ ابن جُرَيجٍ. ورَواه أبو عاصمٍ أيضًا عن ابن جُرَيجٍ مِثْلَ هذا.

وضَغَابِيسُ: هو حَشيشٌ يُؤْكلُ، وقيل: شبيه بصغير القِثَّاء.

(1)

صحيح، وأخرجه أبو داود (5176)، والنسائي في "الكبرى"(6735)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1081) وهو في "المسند"(15425).

واللِبأ: ما يحلب عند الولادة، والجداية، بفتح الجيم وكسرها: ما بلغ ستة أشهر أو سبعة أشهر من أولاد الظباء ذكرًا كان أو أنثى.

ص: 20

2908 -

حدَّثنا سُوَيْدُ بن نَصْرٍ، قال: أخبرنا عبد الله بن المُباركِ، قال: أخبرنا شعبةُ، عن محمدِ بن المُنكدِرِ

عن جابرٍ، قال: استأذَنتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في دَيْنٍ كانَ على أبي، فقال:"من هذا"؟ فقلت: أنا، فقال:"أنا أنا! ". كأنَّهُ كَرِهَ ذلكَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌19 - باب كَراهيةِ طُرُوقِ الرَّجلِ أهلَه ليلًا

2909 -

حدثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن الأسوَدِ بن قيسٍ، عن نُبَيْحٍ العَنَزِيِّ

عن جابرٍ؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهاهُم أن يَطْرُقُوا النِّساءَ ليلًا

(2)

.

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (6250)، ومسلم (2155)، وأبو داود (5187)، وابن ماجه (3709)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(328). وهو في "المسند"(14185)، و"صحيح ابن حبان"(5808).

قال الخطابي: قوله: "أنا" لا يتضمن الجواب، ولا يُفيد العلم بما استعمله، وكانت حَقُّ الجواب أن يقول:"أنا جابر" ليقع تعريف الاسم الذي وقعت المسألة عنه.

(2)

صحيح، وأخرجه البخاري (1801) و (5243)، ومسلم ص 1528 (183)، وأبو داود (2776)، والنسائي في "الكبرى"(9141) و (9142). وهو في "المسند"(14191)، و"صحيح ابن حبان"(2713) و (4182).

وانظر حديث جابر أيضًا، أخرجه أحمد في "مسنده"(14184)، ولفظه:"إذا دخلت ليلًا، فلا تدخل على أهلك حتى تستحدَّ المُغيبةُ، وتمتشطَ الشَّعِثةُ"، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخلت، فعليك الكَيْس والكَيْسَ"، وانظر تمام تخريجه فيه =

ص: 21

وفي البابِ عن أنسٍ، وابنِ عمرَ، وابن عبَّاسٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، قد رُوِي من غيرِ وَجهٍ عن جابرٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وقد رُوِي عن ابنِ عَبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهاهُم أن يَطْرُقُوا النِّساءَ لَيلًا، قال: فَطرقَ رجلانِ بعد نَهْي النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوجَدَ كُلُّ وَاحدٍ منهما مع امرَأتِه رجلًا

(1)

.

= قوله: "يطرقوا"، الطُرُوق، بالضم: المجيء بالليل من سفر أو من غيره على غفلة، ويقال لكل آتٍ بالليل: طارقٌ، ولا يقال بالنهار إلا مجازًا، وقيل في معناه غير ذلك. انظر "الفتح" 9/ 340.

(1)

هذا التعليق وصله الدارمي في "سننه"(444)، وابن خزيمة كما في "إتحاف المهرة" 7/ 625، والطبراني في "الكبير"(11626) من طريق زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس، وهذا سند ضعيف ومتن منكر، زمعة بن صالح الجَنَدي ضعيف، وسلمة بن وهرام قال الإمام أحمد: روى عنه زمعةُ أحاديثَ مناكير، فلا تقوم به حجة في تعليل طروق الرجل أهله ليلًا. وأما النهي عن طروق النساء ليلًا من حديث جابر رواه البخاري (5247)، ومسلم 3/ ص (1528) فقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بعلة كراهية طروق الرجل أهله ليلًا بقوله:"حتى تَستَحِدَّ المُغيبةُ، وتمتشطَ الشَّعِثَة"، وفي رواية لمسلم 3/ ص (1528): نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخونهم، أو يلتمس عثراتِهم، فقد قال سفيان: لا أدري هذا في الحديث أم لا، يعني قوله: يتخونهم أو يلتمس عثراتهم، وقد روي من طريق شعبة، عن محارب، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر: يتخونهم أو يلتمس عثراتهم.

وذكر الحافظ في "الفتح" 9/ 340 أن الزوجين لا يَخفى عن كل واحد منهما من عيوب الآخر شيء في الغالب، ومع ذلك نهى الشارع عن طروق الرجل أهلَه =

ص: 22

‌20 - باب ما جاء في تَتْريبِ الكِتابِ

2910 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا شَبابةُ، عن حَمْزةَ، عن أبي الزُّبَيرِ

عن جابرٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كَتبَ أحدُكمْ كِتابًا فَلْيُترِّبْهُ، فإنَّهُ أنْجحُ لِلحاجةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ مُنكَرٌ، لا نَعرِفُه عن أبي الزُّبَيرِ إلَّا من هذا الوجهِ.

وحَمزةُ هو ابن عَمرٍو

(2)

النَّصِيبيُّ، وهو ضعيفٌ في الحديثِ.

= ليلًا، لئلا يطلع على ما تنفر نفسُه عنه، لأن التوادّ والتحابّ مطلوب خصوصًا بين الزوجين.

والعجب كل العجب ممن يستشهد بحديث ابن عباس الضعيف في تعليل كراهة الطروق ليلًا، وكيف تقوم به الحجة وفيه دعوة إلى أن يغضّ الرجلُ طرفه عن خُبث أهله، وهو ما شدد النبي صلى الله عليه وسلم في النكير عليه وسمى من يقر الخبث على أهله ديّوثًا لا يَشُمُّ رائحة الجنة.

(1)

إسناده ضعيف بمَرة، حمزة النصيبي ضعفه ابنُ معين والبخاري وأبو حاتم الرازي، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث، وقال ابن حبان ينفرد عن الثقات بالموضوعات، حتى كأنه المتعمد لها، لا تحل الرواية عنه.

وأخرجه ابن ماجه (3774) من طريق بقية بن الوليد، عن أبي أحمد الدمشقي، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ترِّبوا صُحُفكُم، أنجحُ لها، إن التراب مبارك". بقية ضعيف وقد عنعن، وشيخه أبو أحمد الدمشقي - واسمه عمر بن أبي عمر - مجهول.

(2)

كذا قال الترمذي، وجاء في "تهذيب الكمال": حمزة بن أبي حمزة - واسمه ميمون الجعفي الجزري النصيبي .. قال المزي: ولا نعلم أحدًا قال فيه: =

ص: 23

‌21 - باب

2911 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا عبيد الله بن الحارثِ، عن عَنْبسةَ، عن محمدِ بن زاذانَ، عن أُمِّ سعدٍ

عن زيدِ بن ثابتٍ، قال: دَخلْتُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وبينَ يَديهِ كاتبٌ فسَمِعتُه يقول: "ضَعِ القلمَ على أُذُنِكَ فإنَّه أذْكَرُ للمالي

(1)

"

(2)

.

هذا حديثٌ لا نَعْرِفُه إلّا من هذا الوجهِ، وهو إسنادٌ ضعيفٌ، محمدُ بن زَاذانَ وعَنْبسةُ بن عبد الرحمنِ يُضَعَّفانِ في الحديثِ.

‌22 - باب ما جاء في تعليم السُّريانية

2912 -

حدَّثنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا عبد الرحمنِ بن أبي الزِّنادِ، عن أبيهِ، عن خارجةَ بن زيدِ بن ثابتٍ

= حمزة بن عمرو النصيبي إلّا الترمذي، وكأنه اشتبه عليه بحماد بن عمرو النصيبي.

(1)

في (ل): للمملي، والمثبت من سائر أصولنا الخطية. وقال المباركفوري في "التحفة" 7/ 412 بعد أن شرح الحديث:"فإنه أذكر للمملي": وفي بعض النسخ: للمالي. قال في "المجمع": هو فاعل من: ملا يملي، ولم يجئ في اللغة، وإنما فيها مُملٍ ومملئٌ. وقال في "الصحاح": وأمليت الكتاب أُملي، وأَمْلَلْتُهُ أُمِلّهُ: لغتان جيدتان جاء بهما القرآن. واسْتمْليتُه الكتاب: سألته أن يُمليه عليَّ.

(2)

إسناده ضعيف جدًا، عنبسة بن عبد الرحمن ومحمد بن زاذان متروكا الحديث.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 1901، وابن الجوزي في "الموضوعات" 1/ 259.

ص: 24

عن أبيهِ زيدِ بن ثابتٍ، قال: أمَرني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ أتَعلّمَ لهُ كَلِماتِ يَهودَ، وقال:"إنِّي واللهِ ما آمَنُ يهودَ على كتابٍ"، قال: فما مَرَّ بِي نِصْفُ شهرٍ حتَّى تَعلَّمتُه لهُ، قال: فلما تَعلّمْتهُ كانَ إذا كَتبَ إلى يهودَ كَتبْتُ إليهم، وإذا كَتبُوا إليه قرأتُ له كتابَهُم

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وقد رُوِي من غيرِ هذا الوجهِ عن زيدِ بن ثابتٍ، وقد رواهُ الأعمشُ عن ثابتِ بن عُبيدٍ، عن زيدِ بن ثابتٍ، يقول: أمرني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ أتَعلّمَ السُّرْيانِيّةَ

(2)

.

‌23 - باب في مُكاتَبةِ المشركينَ

2913 -

حدَّثنا يوسفُ بن حَمَّادٍ البَصْرِيُّ، قال: حدَّثنا عبد الأعلى، عن سعيدٍ، عن قتادةَ

عن أنَس بن مالك: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتبَ قبلَ مَوْتهِ إلى كِسْرى وإلى قَيْصرَ وإلى النّجاشِيِّ وإلى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إلى اللهِ، وليس بالنَّجاشيِّ الّذِي صلَى عليه

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (3645). وهو في "المسند"(21587) و (21618)، و"صحيح ابن حبان"(7136).

وعلقه البخاري بصيغة الجزم في "صحيحه" بنحوه برقم (7195).

(2)

صحيح، وقد سلف تخريجه في الذي قبله.

(3)

صحيح، وأخرجه مسلم (1774)، والنسائي في "الكبرى"(8847). وهو في "المسند"(12355)، و"صحيح ابن حبان"(6553) و (6554).

ص: 25

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب.

‌24 - باب كَيْفَ يُكْتبُ إلى أهْلِ الشِّرْكِ

2914 -

حدَّثنا سُوَيْدُ بن نصر، قال: أخبرنا عبدُ الله بن المبارك، قال: أخبرنا يونسُ، عن الزُّهْرِيِّ، قال: أخبرني عُبَيْدُ اللهِ بن عبد اللهِ بن عتبة

عن ابن عبَّاسٍ: أنَّهُ أخْبرهُ أن أبا سُفيانَ بن حَرْبٍ، أخْبرهُ أنَّ هِرَقْلَ أرْسلَ إلَيْهِ في نَفرٍ من قُرَيشٍ، وكانوا تُجَّارًا بالشّام، فأتَوْهُ فذكرَ الحديثَ، قال: ثُمَّ دعا بكتابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُرئَ، فإذا فيهِ، "بسمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ: من محمدٍ عبدِ اللهِ ورسولِه إلى هِرقْلَ عظيمِ الرُّومِ، السَّلامُ على من اتَّبعَ الهُدَى، أمَّا بَعْدُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وأبو سُفيانَ اسمُه: صخرُ بن حَرْبٍ.

‌25 - باب ما جاء في خَتْمِ الكتابِ

2915 -

حدَّثنا إسحاقُ بن منصورٍ، قال: أخبرنا مُعاذُ بن هِشامٍ، قال: حدَّثني أبي، عن قتادة

عن أنسِ بن مالكٍ، قال: لمَّا أرادَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يكتُبَ إلى

(1)

صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (7) و (6260)، ومسلم (1773)، وأبو داود (5136)، والنسائي في "الكبرى"(5858) و (5859). وهو في "المسند"(2370)، و"صحيح ابن حبان"(6555).

ص: 26

العَجَمِ قِيلَ لهُ: إنَّ العَجمَ لا يَقْبلُونَ إلّا كِتابًا عليه خاتَمٌ، فاصْطَنعَ خاتَمًا، قال: فكأنِّي أنْظُرُ إلى بياضهِ في كَفِّهِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌26 - باب كيفَ السَّلامُ

2916 -

حدَّثنا سُوَيْدٌ، قال: أخبرنا عبد اللهِ بن المبارك، قال: أخبرنا سليمانُ بن المُغِيرةِ، قال: حدَّثنا ثابتٌ البُنانيُّ، قال: حدَّثنا ابن أبي ليلى

عن المِقْدادِ بن الأسْوَدِ، قال: أقْبلْتُ أنا وصاحبانِ لي قد ذَهَبتْ أسْماعُنا وأبْصارُنا من الجَهْدِ، فجعلنا نَعْرِضُ أنْفُسَنا على أصْحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فليسَ أحدٌ يَقْبلُنا، فَأتَيْنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأتى بنا أهْلَهُ، فإذا ثَلاثةُ أعْنُزٍ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"احْتلِبُوا هذا اللَّبَنَ بَيْننا"، فَكُنَّا نَحْتلبُهُ، فَيشْربُ كُلُّ إنْسانٍ نَصيبَهُ، ونَرْفعُ لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَصِيبَهُ، فيجيءُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من اللّيْلِ فَيُسلِّمُ تَسْليمًا، لا يُوقظُ النَّائمَ، ويُسْمعُ اليَقْظانَ، ثُمَّ يَأْتي المسجدَ، فَيُصلِّي ثُمَّ يَأتي شَرابَهُ فَيشْربُهُ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (65)، ومسلم (2092)، وأبو داود (4214) و (4215)، والنسائي 8/ 174 و 193 - 194. وهو في "المسند" (12720)، و"صحيح ابن حبان" (6392).

(2)

صحيح، وأخرجه مسلم مطولًا (2055)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(323). وهو في "المسند" برقم (23809) و (23812).

ص: 27

‌27 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ التَّسْليمِ على من يَبُولُ

2917 -

حدَّثنا بُنْدارٌ ونَصْرُ بن عَليٍّ، قالا: حدَّثنا أبو أحمدَ الزُّبيريُّ، عن سُفيانَ، عن الضَّحَّاكِ بن عُثمانَ، عن نافعٍ

عن ابن عمرَ: أنَّ رَجُلًا سَلَّمَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يَبُولُ فلم يَرُدَّ عَليْهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم السَّلامَ

(1)

.

2918 -

حدَّثنا محمدُ بن يحيى النَّيْسابُورِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن يُوسُفَ، عن سُفيانَ، عن الضَّحَّاكِ بن عثمان، بهذا الإسنادِ نحوَهُ

(2)

.

وفي البابِ عن علقمةَ بن الفَغْوَاءِ، وجابرٍ، والبراءِ، والمُهاجرِ بن قُنْفُذٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌28 - باب ما جاء في كَراهِيةِ أن يقولَ: عليكَ السَّلامُ مُبْتدِئًا

2919 -

حدَّثنا سُوَيْدٌ، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا خالدٌ الحذَّاءُ، عن أبي تَمِيمةَ الهُجَيْميِّ

عن رجلٍ من قَوْمِه، قال: طَلبْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فلم أقْدرْ عليه، فجلسْتُ، فإذا نَفَرٌ هو فِيهمْ ولا أعْرِفُه وهو يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فلمَّا فَرغَ قامَ مَعهُ بَعْضُهمْ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ. فَلمَّا رَأيْتُ ذلكَ قُلْتُ: عليك السَّلامُ يا رسولَ اللهِ، عليك السَّلامُ يا رسولَ اللهِ، عليك

(1)

صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (90).

(2)

صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 28

السَّلامُ يا رسولَ اللهِ، قال:"إنَّ عليكَ السَّلامُ تَحيّةُ المَيِّتِ" ثُمَّ أقبلَ عليَّ، فقال:"إذا لَقِي الرَّجُلُ أخاهُ المُسْلِمَ، فلْيقُل: السَّلامُ عليكُم ورَحْمةُ اللهِ" ثُمَّ رَدَّ عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: "وعليكَ ورحمةُ اللهِ، وعليكَ ورحمةُ اللهِ، وعليكَ ورحمةُ اللهِ"

(1)

.

وقد رَوَى هذا الحديثَ أبو غِفارٍ، عن أبي تَمِيمةَ الهُجَيْميِّ، عن أبي جُرَيٍّ جابرِ بن سُليمٍ الهُجَيْميِّ، قال: أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم

فذكَرَ الحديثَ.

وأبو تَمِيمةَ اسمُه: طَريفُ بن مُجالِدٍ.

2920 -

حدَّثنا بذلك الحسنُ بن عليٍّ، قال: حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن أبي غِفارٍ المُثَنَّى بن سعيدٍ الطَّائيِّ، عن أبي تَمِيمةَ الهُجَيْميِّ

عن جابرِ بن سُليمٍ، قال: أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: عليكَ السَّلامُ، قال: "لا تَقُلْ: عليكَ السَّلامُ، ولكنْ قُلْ: السَّلامُ

(1)

صحيح، وأخرجه أبو داود مطولًا (4084) و (5209) مختصرًا، والنسائي كذلك (317) و (318) و (319) و (320). وهو في "المسند" مطولًا (15955)، وانظر فيه أيضًا (20632) و (20636).

وقوله: "إن عليك السلامُ تحية الميت" قال السندي في حاشيته على "المسند": لم يرد صلى الله عليه وسلم أنها تحية الموتى شرعًا، بل إما أن بعضهم كان يقول ذلك في تحية الموتى، أو أن ذلك لو قيل في تحية الموتى لم يكن خطأً، بناء على أن السلام مع الحي للتَّأنيس، وتقديمُ "عليك" يؤدي به إلى خلافه أوَّلَ الوهلة، لكون "على" يتبادر منها الضررُ، بخلافه مع الميتِ، فإنه دعاء محض، فلا يختلف الأمر بالتقديم والتأخير.

ص: 29

عليكَ"، وذَكرَ قِصّةً طويلةً

(1)

.

وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2921 -

حدَّثنا إسحاقُ بن منصورٍ، قال: أخبرنا عبد الصَّمدِ بن عبد الوارثِ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بن المُثنَّى، قال: حدَّثنا ثُمامةُ بن عبد الله

عن أنسِ بن مالكٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا سَلّمَ سَلَّمَ ثلاثًا، وإذا تكلَّمَ بِكَلِمةٍ أعادها ثلاثًا

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.

‌29 - باب

2922 -

حدَّثنا الأنصارِيُّ، قال: حدَّثنا مَعْنٌ، قال: حدَّثنا مالكٌ، عن إسحاقَ بن عَبد اللهِ بن أبي طَلْحةَ، عن أبي مُرَّةَ

عن أبي واقدٍ اللَّيْثيِّ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بينما هو جالسٌ في المسجدِ والنَّاسُ معهُ، إذْ أقْلَ ثلاثةُ نَفَرٍ، فأقْبلَ اثنانِ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وذهبَ واحدٌ، فلمَّا وقَفا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَلَّما، فأمَّا أحدُهُما، فَرأى فُرْجةً في الحَلْقةِ، فجلسَ فِيها، وأمَّا الآخَرُ فجلسَ خَلْفَهُمْ، وأمَّا الآخرُ فأدْبَرَ ذاهبًا، فَلمَّا فَرَغَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: "ألا أُخْبِرُكُمْ عن النَّفَرِ الثّلاثةِ؟ أمّا أحدُهُمْ، فَأوَى إلى اللهِ، فآواهُ اللهُ، وأمَّا الآخرُ فاسْتَحْيا، فاسْتَحْيا اللهُ مِنْهُ، وأمَّا الآخرُ فأعْرضَ،

(1)

صحيح، وقد سلف تخريجه في الذي قبله.

(2)

صحيح، وأخرجه البخاري (94). وهو في "المسند"(13221).

وانظر ما سيأتي برقم (3969).

ص: 30

فأعرضَ اللهُ عَنْهُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وأبو واقدٍ اللَّيْثيُّ اسمُه: الحارثُ بن عَوْفٍ، وأبو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هانئٍ ابنةِ أبي طالبٍ، واسمُه: يَزِيدُ، ويقالُ: مَوْلَى عَقِيلِ بن أبي طَالبٍ.

2923 -

حدَّثنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا شَرِيكٌ، عن سِماكِ بن حَرْبٍ

عن جابرِ بن سَمُرةَ، قال: كُنَّا إذا أتَيْنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم جَلسَ أحدُنا حَيْثُ يَنْتهي

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. وقد رواهُ زُهَيْرُ بن مُعاويةَ، عن سِماكٍ أيْضًا.

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (66)، ومسلم (2176)، والنسائي في "الكبرى"(5900). وهو في "المسند"(21907)، و"صحيح ابن حبان"(86).

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شريك لكن تابعه زهير بن معاوية كما قال المصنف، وأخرجه أبو داود (4825)، والنسائي في "الكبرى"(5899). وهو في "المسند"(20855)، و"صحيح ابن حبان"(6433).

وفي الباب عن علي عند ابن سعد 1/ 424 والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 290.

وعن شيبة بن عثمان عند الطبراني في "الكبير"(7197) وحسن إسناده الهيثمي في "المجمع" 8/ 59.

ص: 31

‌30 - باب ما جاء ما على الجَالسِ في الطَّرِيقِ

2924 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدثنا أبو داودَ، عن شعبةَ، عن أبي إسحاقَ

عن البراءِ - ولم يَسْمعْهُ منه - أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بناسٍ من الأنصارِ وَهُم جُلوسٌ في الطّريقِ فقال: "إنْ كُنْتُمْ لا بُدَّ فاعِلينَ فَرُدُّوا السَّلامَ، وأعِينُوا المَظْلُومَ، واهْدُوا السَّبِيلَ"

(1)

.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وأبي شُرَيْحٍ الخُزَاعيِّ.

هذا حديثٌ حسنٌ.

‌31 - باب ما جاء في المُصَافَحةِ

2925 -

حدَّثنا سُوَيْدٌ، قال: أخبرنا عبد اللهِ، قال: أخبرنا حَنْظلةُ بن عُبَيْدِ اللهِ

عن أنسِ بن مالكٍ، قال: قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقى أخاهُ أوْ صَدِيقَهُ أيَنْحَني لهُ؟ قال:"لا"، قال: أفَيلتزِمُهُ ويُقَبِّلُهُ؟ قال: "لا"، قال: فيأخُذُ بِيدِهِ ويُصافِحهُ؟ قال: "نعم"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه فإن أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - لم يسمعه من البراء كما صرح بذلك شعبة. وهو في "المسند"(18483)، و"صحيح ابن حبان"(597).

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه أحمد في "مسنده"(11309). وانظر تتمة شواهده هناك.

(2)

إسناده ضعيف، حنظلة بن عبيد الله الدوسي ضعفه يحيى بن معين والنسائي وغيرهما، وقال أحمد: منكر الحديث يحدث بأعاجيب، ورماه =

ص: 32

هذا حديثٌ حَسَنٌ.

2926 -

حَدَّثَنا سُوَيْدٌ، قال: أخْبرنا عَبد اللهِ، قال: أخبرنا هَمَّامٌ، عن قَتادةَ قال:

قُلْتُ لأنَسِ بن مالكٍ: هَلْ كانتِ المُصَافحةُ في أصْحَابِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نَعَمْ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2927 -

حدَّثنا أحمدُ بن عَبْدةَ الضَّبِّيُّ، قال: حدَّثنا يحيى بن سُليمٍ الطّائِفيُّ، عن سُفيانَ، عن منصورٍ، عن خَيْثمةَ، عن رجلٍ

عن ابن مسعودٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من تَمامِ التَّحِيَّةِ الأخذُ باليدِ"

(2)

.

وهذا حديثٌ غريبٌ، ولا نَعْرِفُه إلّا من حديثِ يحيى بن سُليمٍ، عن سُفيانَ.

= بالاختلاط يحيى بن سعيد.

وأخرجه ابن ماجه (3702)، وهو في "المسند"(13044).

قلنا: قد ثبتت مشروعية المصافحة عن أنس في غير هذا الحديث، انظر الحديث الآتي بعده، وانظر تمام كلامنا على الحديث في "المسند".

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (6263)، وهو عند ابن حبان في "صحيحه"(492)، والبغوي في "شرح السنة"(3325).

(2)

إسناده ضعيف، لإبهام الراوي عن ابن مسعود. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 7/ 2676.

وانظر الحديث الآتي برقم (2929).

ص: 33

وسَألْتُ محمدَ بنَ إسماعيلَ عن هذا الحديثِ فلم يَعُدَّهُ مَحْفُوظًا، وقال: إنّما أرادَ عِنْدِي حديثَ سُفيانَ، عن مَنْصُورٍ، عن خَيْثمةَ، عَمَّنْ سَمِعَ ابنَ مَسْعُودٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا سَمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ أو مُسافِرٍ"

(1)

. قال محمدٌ: وَإنّما يُرْوَى عن مَنْصُورٍ، عن أبي إسحاقَ، عن عَبد الرحمنِ بن يَزِيدَ أو غَيْرِه، قال:"من تَمامِ التَّحيَّةِ: الأخْذُ باليَدِ".

2928 -

حدَّثنا سفيان بن وكيع وإسحاق بن منصور، قالا: حدثنا عبد الله بن نُمير، عن الأجْلَح، عن أبي إسحاق

عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مُسلِمَين يلتقيان، فيتصافحان إلّا غُفِرَ لهما قَبْلَ أن يتفرَّقا"

(2)

.

وهذا حديث حسن غريب من حديث أبي إسحاقَ عن البراء.

وقد رُوي هذا الحديثُ من غير وجه عن البراء.

(1)

حسن لغيره، وأخرجه أحمد في "مسنده"(3603) و (3917). وانظر تمام تخريجه والكلام عليه وشواهده فيه.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، الأجلح - وهو ابن عبد الله الكِنْدي - ضعيف يعتبر به، وذكر الذهبي في "الميزان": أن هذا الحديث من أفراده.

وأخرجه أبو داود (5211) و (5212)، وابن ماجه (3703). وهو في "المسند"(18547).

وفي الباب عن أنس عند أحمد (12451)، وسنده حسن.

وعن حذيفة بن اليمان عند ابن وهب في "الجامع"(250)، وسنده حسن.

وعن أبي هريرة وأبي أمامة وسلمان الفارسي، وهي مخرجة في "المسند".

ص: 34

2929 -

حدَّثنا سُوَيْدُ بن نَصْرٍ، قال: أخبرنا عبد اللهِ، قال: أخبرنا يحيى بن أيُّوبَ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن زَحْرٍ، عن عليِّ بن يَزِيدَ، عن القاسمِ أبي عبد الرحمنِ

عن أبي أُمامةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"من تَمامِ عِيادةِ المَرِيضِ أنْ يضعَ أحدُكُمْ يَدَهُ على جَبْهتِه، أو قال: على يدِه، فيسألَهُ كيف هو؟ وتمامُ تَحِيَّتِكُمْ بينَكُم المُصافحةُ"

(1)

.

هذا إسنادٌ ليس بالقَويِّ.

قال محمدٌ: عُبَيْدُ اللهِ بن زَحْرٍ ثِقةٌ، وعليُّ بن يَزِيدَ ضَعيفٌ، والقاسمُ هو: ابن عبد الرحمنِ، ويُكْنى أبا عبد الرحمنِ، وهو ثقة، وهو مَوْلَى عبد الرحمنِ بن خالدِ بن يزيدَ بن مُعاويةَ، والقاسمُ شاميٌّ.

‌32 - باب ما جاء في المُعَانَقةِ والقُبْلةِ

2930 -

حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بن يحيى بن محمدِ بن عَبَّادٍ المَدِينيُّ، قال: حدَّثني أبي يحيى بن محمدٍ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن محمدِ بن مسلمٍ الزُّهْرِيِّ، عن عُروةَ بن الزُّبَيْرِ

عن عائشةَ، قالت: قَدِمَ زيدُ بن حارثةَ المدينةَ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بيتي، فأتاهُ فقرَعَ البابَ، فقامَ إليهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُرْيانًا يَجُرُّ

(1)

إسناده ضعيف جدًا، عبيد الله بن زحر - وهو الإفريقي، وعلي بن يزيد - وهو الألهاني - ضعيفان. وهو في "المسند"(22236)، وانظر تمام كلامنا عليه فيه.

ص: 35

ثَوْبَهُ، واللهِ ما رَأيْتُهُ عُرْيانًا قَبْلَهُ ولا بَعْدَهُ، فَاعْتَنقَهُ وقَبَّلهُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُه من حديثِ الزُّهْرِيِّ إلَّا من هذا الوَجْهِ.

‌33 - باب ما جاء في قُبْلةِ اليدِ والرِّجْلِ

2931 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا عبد اللهِ بن إدريسَ وأبو أُسامةَ، عن شُعبةَ، عن عمرِو بن مُرَّةَ، عن عبد اللهِ بن سَلِمةَ

عن صَفْوانَ بن عَسَّالٍ قال: قال يَهُوديٌّ لصاحبِه: اذْهَبْ بِنا إلى هذا النبيِّ، فقال صاحبُه: لا تَقُلْ نَبيٌّ، إنَّهُ لو سَمِعكَ كانَ لهُ أرْبَعةُ أعْيُنٍ، فأتَيا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسألاهُ عن تِسْعِ آياتٍ بَيِّناتٍ، فقال لَهُمْ:"لا تُشْرِكُوا باللهِ شَيْئًا، ولا تسرِقُوا، ولا تَزْنُوا، ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إلَّا بالحَقِّ، ولا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلى ذِي سُلْطانٍ لِيَقْتُلَهُ، ولا تَسْحَرُوا، ولا تأكُلُوا الرِّبا، ولا تَقْذِفُوا مُحْصَنةً، ولا تُوَلُّوا الفِرَارَ يومَ الزَّحْفِ، وعليكُم خاصّةً اليهودَ أنْ لا تَعْتدُوا في السَّبْتِ"، قال: فَقبَّلُوا يَديهِ ورِجْليْهِ، وقالا: نشهدُ أنَّكَ نَبيٌّ، قال:"فما يَمْنعُكُمْ أنْ تَتبعُوني"؟ قالوا: إنَّ داودَ دعا رَبَّهُ أنْ لا يَزالَ من ذُرِّيَّتِه نَبيٌّ، وإنَّا نَخافُ إنْ تَبِعْناكَ أنْ تَقْتُلَنا اليهودُ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف يحيى بن محمد بن عباد، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 4/ 428.

(2)

ضعيف لضعف عبد الله بن سَلِمَة، وهو المرادي الكوفي، وهو - وإن وثقه يعقوب بن شيبة والعجلي وغيرهما - قد قال البخاري: لا يتابع في حديثه، وقال =

ص: 36

وفي البابِ عن يزيدَ بن الأسودِ، وابن عمرَ، وكعبِ بن مالكٍ.

وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌34 - باب ما جاء في مَرْحبًا

2932 -

حدَّثنا إسحاقُ بن موسى الأنْصارِيُّ، قال: حدَّثنا مَعْنٌ، قال: حدَّثنا مالكٌ، عن أبي النَّضْرِ، أنَّ أبا مُرَّةَ مولى أُمِّ هانئٍ بِنْتِ أبي طالبٍ أخْبرهُ أنّهُ

سمع أمَّ هانئٍ تقولُ: ذَهَبْتُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عامَ الفتح فوجَدْتُه يَغْتسلُ، وفاطمةُ تَسْتُرُه بِثَوْبٍ، قالت: فَسلَّمْتُ، فقال:"من هذه"؟ قُلْتُ: أنا أمُّ هانئٍ. فقال: "مرحبًا بِأُمِّ هانئٍ" فذكر قِصَّةً في الحديث

(1)

.

= أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم.

وأخرجه ابن ماجه (3705) بذكر تقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجليه، والنسائي في "المجتبى" 7/ 111 - 112، وفي "الكبرى"(8656). وهو في "المسند"(18092).

وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} 5/ 124 بعد أن أورد هذا الحديث عن "المسند": فهذا الحديث رواه هكذا الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير في "تفسيره" من طرق عن شعبة بن الحجاج، به، وقال الترمذي: حسن صحيح، وهو حديث مشكل، وعبد الله بن سَلِمة في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة، لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون، والله أعلم.

وانظر لزامًا "شرح مشكل الآثار" 1/ 64 بتحقيقنا. وسيأتي (3411).

وقوله: كان له أربعة أعين. كذا جاء في الأصول، والجادة: أربع أعين، كما في رواية "المسند"(18092).

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (280) و (357)، ومسلم (336) وص 498 =

ص: 37

وهذا حديثٌ صحيحٌ.

2933 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيْدٍ وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا موسى بن مسعودٍ، عن سفيانَ، عن أبي إسحاقَ، عن مُصْعَبِ بن سَعْدٍ

عن عِكْرِمةَ بن أبي جَهْلٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ جِئْتُه: "مرحبًا بالرَّاكِبِ المهاجرِ"

(1)

.

وفي البابِ عن بُرَيْدةَ، وابن عبَّاسٍ، وأبي جُحَيْفةَ.

وهذا حديثٌ ليس إسنادُه بصحيحٍ، لا نعرِفُه مثلَ هذا إلّا من حديثِ موسى بن مسعودٍ عن سُفيانَ، وموسى بن مَسْعُودٍ ضعيفٌ في الحديثِ. ورَوَى عبدُ الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، عن سفيانَ، عن أبي إسحاقَ مرسلًا، ولم يذكر فيهِ عن مُصْعَبِ بن سعدٍ. وهذا أصحُّ.

وسَمِعتُ محمدَ بن بَشَّارٍ يقولُ: موسى بن مَسْعُودٍ ضَعيفٌ في الحديثِ.

قال محمدُ بن بَشَّارٍ: وكتبتُ كثيرًا عن موسى بن مَسْعُودٍ ثُمَّ تَركْتُه.

= (82)، وابن ماجه (465)، والنسائي 1/ 126. وهو في "المسند" (26892)، و"صحيح ابن حبان" (1188) وانظره فيه.

(1)

إسناده ضعيف، موسى بن مسعود وهو النهدي في حفظه شيء، ومصعب بن سعد لم يدرك عكرمة.

وأخرجه البخاري في "تاريخه" 7/ 48، والطبراني 17/ (1022)، والحاكم 3/ 242.

وأورده ابن الأثير في ترجمة عكرمة بن أبي جهل من "أسد الغابة" 4/ 71 من طريق الترمذي.

ص: 38

‌35 - باب ما جاء في تَشْميتِ العَاطِسِ

2934 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو الأحْوَصِ، عن أبي إسحاقَ، عن الحارثِ

عن عليٍّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِلمُسْلمِ على المسلمِ سِتٌّ بالمعروفِ: يُسلِّمُ عليه إذا لَقيهُ، ويُجِيبُهُ إذا دَعاهُ، ويُشمِّتهُ إذا عَطَسَ، ويعوده إذا مَرِضَ، ويَتْبعُ جَنازَتهُ إذا ماتَ، ويُحِبُّ لهُ ما يُحبُّ لِنَفْسِه"

(1)

.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وأبي أيُّوبَ، والبراءِ، وأبي مَسعُودٍ.

وهذا حديثٌ حسنٌ، قد رُوِي من غير وجهٍ عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد تكلَّمَ بَعضُهم في الحارِث الأعْورِ.

2935 -

حدَّثنا قُتيبةُ بن سعيدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن موسى المَخْزُوميُّ المَدِيْنيُّ، عن سعيدِ بن أبي سعيدِ المَقْبُرِيِّ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِلمُؤْمنِ على المُؤْمنِ سِتُّ خِصالٍ: يعودُه إذا مَرِضَ، ويَشْهدُه إذا ماتَ، ويُجِيبهُ إذا دَعَاهُ، ويُسَلِّمُ عليه إذا لَقِيَهُ، ويُشَمِّتُهُ إذا عَطسَ، ويَنْصحُ لهُ إذا

(1)

حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف الحارث، وهو ابن عبد الله الأعور.

وأخرجه ابن ماجه (1433). وهو في "مسند" أحمد (673). ويشهد له ما بعده.

ص: 39

غابَ أو شَهِدَ"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ.

ومحمدُ بن موسى المَخْزُوميُّ مَدِينيٌّ ثِقةٌ، رَوَى عنه عَبد العزِيزِ بن محمدٍ، وابنُ أبي فُدَيْكٍ.

‌36 - باب ما يقولُ العاطسُ إذا عَطسَ

2936 -

حدَّثنا حُمَيدُ بن مَسْعدةَ، قال: حدَّثنا زيادُ بن الرَّبِيعِ، قال: حدَّثنا حَضْرميٌّ مَوْلى آلِ الجارُودِ

عن نافعٍ: أنّ رجلًا عَطسَ إلى جَنْبِ ابن عمرَ، فقال: الحمدُ للهِ، والسَّلامُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فقال ابن عمرَ: وأنا أقولُ: الحمدُ للهِ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وليسَ هكذا عَلّمنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَلّمنا أنْ نقولَ: الحمدُ للهِ على كُلِّ حالٍ

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2612)، والنسائي 4/ 53. وهو في "مسند أحمد" (8271)، و"صحيح ابن حبان" (242).

(2)

حديث صحيح، وحضرمي - وهو ابن عجلان - مولى آل الجارود روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه الحاكم 4/ 265 - 266، والمزي في ترجمة حضرمي من "تهذيب الكمال" 6/ 553. وتحرف في "مستدرك الحاكم" المطبوع حضرمي بن عجلان إلى حضرمي بن لاحق.

ويشهد له حديث سالم بن عبيد الله، وأبي أيوب، وعلي، الآتية بعد هذا في هذا الباب.

وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة، أخرجه أبو داود (5033)، وإسناده صحيح، =

ص: 40

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعرفُه إلَّا من حديثِ زِيادِ بن الرَّبيعِ.

‌37 - باب ما جاء كيف يُشَمَّتُ العَاطِسُ

2937 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن حَكِيمِ بن دَيْلم، عن أبي بُرْدةَ

عن أبي موسى، قال: كان اليهودُ يَتَعاطسونَ عندَ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْجُونَ أن يقولَ لهم: يَرحَمُكُم اللهُ، فيقولُ:"يَهْدِيكُم اللهُ، ويُصْلِحُ بالَكُم"

(1)

.

وفي البابِ عن عليٍّ، وأبي أيُّوبَ، وسالمِ بن عُبَيدٍ، وعبد اللهِ بن جعفرٍ، وأبي هُريرةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2938 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن هِلالِ بن يِسافٍ

عن سالمِ بن عُبَيدٍ: أنّهُ كانَ مع القَومِ في سَفرٍ، فعَطَسَ رجلٌ من القَومِ، فقال: السَّلامُ عَليكُم، فقال: عليكَ وعلى أُمِّكَ، فكأنّ الرَّجلَ وَجدَ في نَفْسِه، فقال: أما إنَّي لم أقُلْ إلَّا ما قال النّبيّ

= لكن قوله: "على كل حال" زيادة شاذة من حديث أبي هريرة، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(6224) دونها.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه أبو داود (5038)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(232/ م). وهو في "مسند أحمد"(19586)، و"شرح مشكل الآثار"(4014).

ص: 41

صلى الله عليه وسلم، عَطسَ رجلٌ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: السَّلامُ عليكُم، فقال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"عَليْكَ وعلى أُمِّكَ، إذا عَطسَ أحدُكُم، فَلْيقُل: الحمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ، ولْيَقُل لهُ من يَرُدّ عليه: يَرحَمُكَ اللهُ، ولْيقُل: يَغْفرُ اللهُ لي ولكُم"

(1)

.

هذا حديثٌ اخْتلفُوا في رِوايتِه عن منصورٍ، وقد أدْخَلُوا بَيْنَ هِلالِ بن يِسافٍ وبين سالمٍ رجلًا.

2939 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: أخبرنا شُعبةُ، قال: أخبرني ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن عبد الرحمنِ بن أبي ليلى

عن أبي أيُّوبَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا عَطسَ أحدُكُم فلْيقُل: الحمدُ للهِ على كُلِّ حَالٍ، ولْيقُل الّذِي يَرُدُّ عليه: يَرحَمُكَ اللهُ، ولْيَقُل هو: يَهدِيكُمُ اللهُ ويُصْلِحُ بالَكُم"

(2)

.

(1)

رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا بين هلال بن يساف وبين سالم بن عبيد، فقد رواه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(230) عن منصور، عن رجل، عن خالد بن عرفطة عن سالم

ورواه أيضًا (229) عن منصور، عن هلال بن يساف، عن رجل، عن آخر .. وقال: هذا الصواب عندنا والأول خطأ.

وأخرجه أبو داود (5031) و (5032)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(225 - 231). وهو في "المسند"(23853)، و"صحيح ابن حبان"(599)، و"شرح مشكل الآثار"(4010).

(2)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناده ضعيف لسوء حفظ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ولاضطرابه فيه. =

ص: 42

2940 -

حدَّثنا محمدُ بن المُثنَّى، قال: حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن ابن أبي ليلى بهذا الإسنادِ نَحوهُ

(1)

.

وهكذا روى شُعبةُ هذا الحديثَ عن ابن أبي ليلى، وقال: عن أبي أيُّوبَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم. وكان ابن أبي ليلى يَضْطَربُ في هذا الحديثِ يقولُ أحيانًا: عن أبي أيُّوبَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويقولُ أحيانًا: عن عليٍّ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

2941 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ ومحمدُ بن يحيى الثَّقَفيُّ المَرْوَزيُّ، قالا: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ القَطَّانُ، عن ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن عبد الرحمنِ بن أبي ليلى، عن عليٍّ، عن النّبيَّ صلى الله عليه وسلم نحوهُ

(2)

.

‌38 - باب ما جاء في إيجابِ التّشمِيتِ لِحَمْد العَاطِسِ

2942 -

حدَّثنا ابن أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن سليمانَ التَّيْميِّ

عن أنسِ بن مالكٍ: أنَّ رَجُلَينِ عَطَسا عند النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَشمَّتَ أحَدَهُما ولم يُشَمِّتِ الآخرَ، فقال الّذِي لم يُشَمِّتْهُ: يا رسولَ اللهِ،

= وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(213). وهو في "المسند"(23557).

ويشهد له حديث أبي هريرة، أخرجه أحمد في "مسنده"(8631) وإسناده صحيح. وانظر تتمة الشواهد فيه.

(1)

انظر ما قبله.

(2)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه ابن ماجه (3715)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(212). وهو في "مسند أحمد"(972) و (973). وانظر ما قبله.

ص: 43

شَمّتَّ هذا ولم تُشمِّتْني، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إنّهُ حَمِدَ الله وإنّكَ لم تَحْمَده"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌39 - باب ما جاء كم يُشمَّتُ العَاطِسُ

2943 -

حدَّثنا سُوَيْدُ بن نَصْر، قال: أخبرنا عَبدُ اللهِ، قال: أخبرنا عِكْرمةُ بن عَمَّارٍ، عن إياسِ بنِ سَلمةَ

عن أبيهِ، قال: عَطَسَ رجلٌ عند رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنا شاهدٌ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"يَرْحَمُكَ اللهُ"، ثمَّ عَطَسَ الثّانيةَ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هذا رجلٌ مَزكومٌ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2944 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدَّثنا عِكْرمةُ بن عمّارٍ، عن إياسِ بن سَلمةَ، عن أبيه، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوهُ، إلَّا أنَّه قال لهُ في الثّالِثةِ:

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6221)، ومسلم (2991)، وأبو داود (5039)، وابن ماجه (3713)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(222). وهو في "المسند"(11962)، و"صحيح ابن حبان"(600) و (601).

(2)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2993)، وأبو داود (5037)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(223). وهو في "المسند"(16501)، و"صحيح ابن حبان"(603).

وأخرجه ابن ماجه (3714) عن سلمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُشمت العاطسُ ثلاثًا، فمن زاد، فهو مزكوم".

ص: 44

"أنت مَزكومٌ"

(1)

.

هذا أصَحُّ من حديثِ ابن المُبَاركِ.

وقد رَوَى شُعبةُ، عن عِكْرمةَ بن عمَّارٍ هذا الحديثَ نحو رِوَايةِ يحيى بن سعيدٍ.

2945 -

حدَّثنا بِذلكَ أحمدُ بن الحَكمِ البَصْرِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن عِكْرمةَ بن عَمَّارٍ بهذا

(2)

.

وَرَوَى عبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، عن عِكْرمة بن عمَّارٍ نحو رِوايةِ ابن المُباركِ وقال له في الثّالثةِ:"أنت مزكومٌ".

2946 -

حَدَّثَنا بِذلكَ إسحاقُ بن مَنْصُورٍ، قال: حدَّثَنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ

(3)

.

2947 -

حدَّثنا القاسمُ بن دِينارٍ الكُوفيُّ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن منصورٍ السَّلُولِيُّ كُوفيٌّ، عن عبد السّلامِ بن حَرْبٍ، عن يزيدَ بن عبد الرحمنِ أبي خالدٍ الدَّالاني، عن عمرَ بن إسحاقَ بن أبي طَلْحةَ، عن أُمِّهِ

عن أبيها، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "شَمِّتِ العاطسَ ثلاثًا، فإنْ زَادَ، فإنْ شِئْتَ فَشمِّتهُ، وإنْ شِئْتَ فَلا"

(4)

.

(1)

إسناده حسن.

(2)

إسناده حسن.

(3)

إسناده حسن.

(4)

إسناده ضعيف، لجهالة عمر بن إسحاق بن أبي طلحة. واسم أمه: حميدة بنت عبيد بن رفاعة. =

ص: 45

هذا حديثٌ غريبٌ وإسنادُه مجهولٌ.

‌40 - باب ما جاء في خَفْضِ الصَّوتِ وتَخْميرِ الوَجْهِ عند العُطاسِ

2948 -

حدَّثنا محمدُ بن وزِيرٍ الوَاسِطيُّ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن محمدِ بن عَجْلانَ، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هُريرةَ، أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا عَطَسَ، غَطّى وَجْهَه بِيدِه أو بِثَوْبه، وغَضَّ بها صَوْتَه

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌41 - باب ما جاء أنَّ الله يُحبُّ العُطاسَ ويَكْرهُ التَّثاؤُبَ

2949 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابن عَجْلانَ، عن المَقْبُريِّ

عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "العُطاسُ من اللهِ والتَّثاؤُبُ من الشَّيطانِ، فإذا تَثاءَبَ أحدُكُم، فليضعْ يَدَه على فيهِ، وإذا قال: آهْ آهْ، فإنَّ الشَّيطانَ يَضْحكُ من جَوْفِه، وإنَّ الله يُحبُّ العُطاسَ، ويَكْرهُ التّثاؤُبَ، فإذا قال الرَّجلُ: آهْ آهْ إذا تَثاءَبَ، فإنّ

= وأخرجه أبو داود (5036).

(1)

حديث صحيح، محمد بن عجلان متابع في رواية أبي الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 237 - 238، وأبي نعيم في "الحلية" 3/ 346.

وأخرجه أبو داود (5029). وهو في "مسند أحمد"(9662).

ص: 46

الشّيطانَ يَضْحَكُ من جَوْفهِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

2950 -

حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ الخلّالُ، قال: أخبرنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبرني ابن أبي ذِئْبٍ، عن سعيدِ بن أبي سعيدٍ المَقْبُريِّ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله يُحبُّ العُطاسَ، ويَكْرهُ التّثاؤُبَ، فإذا عَطَسَ أحدُكُم، فقال: الحمدُ لله، فَحقٌّ على كُلِّ من سَمِعَه أنْ يقولَ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وأمَّا التَّثاؤُبُ، فإذا تَثاءَبَ أحدُكُم فَلْيرُدَّهُ ما استطَاعَ، ولا يَقولَنَّ: هاهْ هاهْ، فإنّما ذلكَ من الشّيطانِ يَضْحكُ منه"

(2)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ.

وهذا أصحُّ من حديثِ ابن عَجْلانَ، وابنُ أبي ذِئْبٍ أحْفظُ لحديثِ سعيدٍ المَقْبُريِّ وأثْبتُ من محمدِ بن عَجْلانَ.

(1)

حديث صحيح، وهذا سند حسن من أجل محمد بن عجلان.

وأخرجه أحمد (7599)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(217)، وابن حبان (2358)، والحميدي (1161)، وابن خزيمة (921)، والحاكم 4/ 263.

وسلف بنحوه عند المصنف (370) بلفظ: "التثاؤب في الصلاة من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع".

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (3289) و (6223) و (6226)، وأبو داود (5028)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(214) و (215)، وأحمد (9530)، وابن حبان في "صحيحه"(598).

ص: 47

وسَمِعتُ أبا بكرٍ العَطَّارَ البَصْرِيَّ يَذْكُرُ عن عليِّ ابن المَدِينيِّ، عن يحيى بن سعيدٍ قال: قال محمدُ بن عَجْلانَ: أحاديثُ سعيدٍ المَقْبُريِّ رَوَى بعضَها سعيدٌ عن أبي هُريرةَ، ورَوى بعضَها سَعيدٌ عن رجلٍ عن أبي هُريرةَ، فاخْتلطت عليَّ فَجعلْتُها عن سعيدٍ، عن أبي هُريرةَ

(1)

.

‌42 - باب ما جاء أنّ العُطاسَ في الصّلاةِ من الشّيْطانِ

2951 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: حدثنا شَريكٌ، عن أبي اليَقْظانِ، عن عَدِيٍّ وهو ابن ثابتٍ، عن أبيهِ

عن جَدِّهِ رَفَعَهُ، قال:"العُطاسُ والنُّعاسُ والتَّثاؤُبُ في الصَّلاةِ، والحَيْضُ والقَيْءُ والرُّعافُ من الشَّيطانِ"

(2)

.

(1)

ذكره المصنف في "علله" بهذا السند، وزاد: فإنما تكلم يحيى بن سعيد عندنا في ابن عجلان لهذا. وقال ابن حبان في "الثقات" 7/ 386 - 387 بعد أن ذكر كلام يحيى بن القطان: وقد سمع سعيد المقبري عن أبي هريرة، وسمع عن أبيه، عن أبي هريرة، فلما اختلط على ابن عجلان صحيفته ولم يميز بينهما اختلط فيها، وجعلها كلها من أبي هريرة، وليس هذا مما يهي الإنسان به، لأن الصحيفة كلها في نفسه صحيحة، فما قال ابن عجلان، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة فذاك مما حُمِلَ عنه قديمًا قبل اختلاط صحيفته عليه، وما قال: عن سعيد، عن أبي هريرة، فبعضها متصل صحيح، وبعضها منقطع، لأنه أسقط أباه منها، فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروي الثقات المتقنون عنه، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة.

(2)

إسناده ضعيف، شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - سيئ الحفظ، وأبو اليقظان ضعيف واسمه عثمان بن عمير.

وأخرجه ابن ماجه (969) بلفظ: "البزاق والمخاط والحيض والنفاس في =

ص: 48

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من حديثِ شَريكٍ، عن أبي اليَقْظانِ.

وسَألْتُ محمدَ بن إسماعيلَ عن عَدِيِّ بن ثابتٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّه قلتُ له: ما اسمُ جَدِّ عَدِيٍّ؟ قال: لا أدْرِي، وذُكِرَ عن يحيى بن مَعين قال: اسمُه: دينارٌ.

‌43 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ أنْ يُقامَ الرَّجُلُ من مَجْلِسِه ثُمَّ يُجْلَسُ فيهِ

2952 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بن زَيدٍ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ

عن ابن عمرَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يُقِيمُ أحدُكُم أخاهُ من مَجْلسِه، ثُمَّ يَجْلِس فيهِ"

(1)

.

= الصلاة من الشيطان".

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (911)، ومسلم (2177). وهو في "مسند أحمد"(4659)، و"صحيح ابن حبان"(586) و (587).

وقوله: "ولا يقُيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه" هو خبر معناه النهي، وقد رواه ابن وهب "لا يُقِمْ" بلفظ النهي، ولفظ مسلم "لا يقيمن أحدكم .. " بلفظ النهي المؤكد.

قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 14/ 160 - 161: استثنى أصحابنا من عموم قوله: "لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه" ما إذا أَلِفَ من المسجد موضعًا يفتي فيه أو يُقرئ فيه قرآنًا أو غيره من العلوم الشرعية، فهو أحقَّ به، وإذا حضر لم يكن لِغيره أن يقعد فيه، وفي معناه من سبق إلى موضع من الشوارع ومقاعد الأسواق لمعاملة. قال النووي: وأما ما نسب إلى ابن عمر (يريد به ما =

ص: 49

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2953 -

حدَّثنا الحَسنُ بن عَليٍّ الخلّال، قال: حدثنا عَبد الرزَّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن سَالمٍ

عن ابن عمرَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يُقِيمُ أحدُكُم أخاهُ مِن مَجْلسِه، ثُمَّ يَجْلِسُ فيهِ".

قال: "وكانَ الرَّجُلُ يَقُومُ لابنِ عُمرَ، فما يَجْلسُ فيهِ"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ

(2)

.

‌44 - باب ما جاء إذا قامَ الرَّجُلُ من مَجْلسِه ثُمَّ رَجعَ فهو أحَقُّ به

2954 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا خالدُ بن عبد اللهِ الوَاسِطيُّ، عن عمرو بن يحيى، عن محمدِ بن يحيى بن حَبَّانَ، عن عَمِّه واسعِ بن حَبَّانَ

عن وَهْبِ بن حُذَيفةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "الرَّجلُ أحقُّ

= جاء في نهاية الحديث التالي عند المصنف: وكان الرجل يقوم لابن عمر فما يجلس فيه)، فهذا ورع منه، وليس قعوده فيه حرامًا إذا كان ذلك برضى الذي قام، ولكنه تورع منه لاحتمال أن يكون الذي قام لأجله استحيى منه، فقام عن غير طيب قلبه، فسدَّ الباب ليسلم من هذا، أو رأى أن الإيثار بالقُرَب مكروه أو خلاف الأولى، فكان يمتنع لأجل ذلك، لئلا يرتكب أحد بسببه مكروها، قال علماء أصحابنا: وإنما يحمد الإيثار بحظوظ النفس وأمور الدنيا دون القُرَب.

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(2)

قوله: "هذا حديث صحيح" لم يرد في (أ) و (د) وشرح المباركفوري، وأثبتناه من نسخة (س) و"تحفة الأشراف".

ص: 50

بمَجْلسِه، وإنْ خَرجَ لحاجتهِ ثُمَّ عادَ، فهو أحَقُّ بمَجْلسِه"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ غريبٌ.

وفي البابِ عن أبي بَكْرةَ، وأبي سعيدٍ، وأبي هُريرةَ.

‌45 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ الجُلُوسِ بينَ الرّجُلَينِ بغيرِ إذْنِهما

2955 -

حدَّثنا سُوَيْدٌ، قال: أخبرنا عَبد اللهِ، قال: أخبرنا أُسامةُ بن زَيدٍ، قال: حدَّثني عمرو بن شُعَيبٍ، عن أبيه

عن عبد اللهِ بن عمرٍو، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَحِلُّ لرجلٍ أنْ يُفرِّقَ بينَ اثْنَينِ إلَّا بإذْنِهما"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

وقد رواهُ عامر الأحوَلُ، عن عمرِو بن شُعَيبٍ أيضًا.

(1)

إسناده صحيح، وهو في "مسند أحمد"(15483)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (1277).

(2)

إسناده حسن، أسامة بن زيد - وهو الليثي - مختلف فيه، وخرج له مسلم في الشواهد، فهو حسن الحديث.

وأخرجه أبو داود (4844) و (4845). وهو في "مسند أحمد"(6999).

قوله: "يفرق بين اثنين"، قال السندي في حاشيته على "المسند": بأن يقعد في وسطهما إذا كان بينهما كلام.

ص: 51

‌46 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ القعودِ وسَطَ الحَلْقةِ

2956 -

حدَّثنا سُوَيدٌ، قال: أخْبرنا عبد الله، قال: أخبرنا شُعبةُ، عن قتادةَ، عن أبي مِجْلَزٍ، أنّ رجلًا قَعدَ وَسَطَ حلقةٍ

فقال حُذَيفةُ: مَلْعُونٌ على لِسانِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، أو لَعنَ اللهُ على لِسانِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم من قَعدَ وَسَطَ الحَلْقةِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وأبو مِجْلَزٍ اسمُه: لاحقُ بن حُمَيدٍ.

‌47 - باب ما جاء في كَراهِيةِ قِيامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ

2957 -

حدَّثنا عبد اللهِ بن عَبد الرحمنِ، قال: أخبرنا عَفّانُ، قال: أخبرنا حَمّادُ بن سَلمةَ، عن حُمَيدٍ

عن أنسٍ، قال: لم يَكُنْ شَخْصٌ أحبَّ إليهم من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكانُوا إذا رَأوْهُ، لم يَقُومُوا، لِمَا يَعلمُونَ من كَراهِيتِه لِذلكَ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

2958 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا قَبِيصةُ، قال: حدَّثنا

(1)

رجاله ثقات إلا أن أبا مجلز لم يدرك حذيفة، قاله شعبة كما في "المسند"(23376)، وقال ابن معين: لم يسمع منه.

وأخرجه أبو داود (4826). وهو في "المسند"(23263).

(2)

إسناده صحيح. وهو في "المسند"(12345)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (1126).

ص: 52

سفيانُ، عن حَبِيبِ بن الشَّهيدِ

عن أبي مِجْلزٍ، قال: خَرجَ مُعاويةُ، فقامَ عبد اللهِ بن الزُّبَيرِ وابنُ صَفْوانَ حِينَ رَأوْهُ. فقال: اجْلسا، سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:"من سَرَّهُ أنْ يَتمثّلَ له الرِّجالُ قِيامًا، فلْيَتبوَّأْ مَقْعدَهُ من النَّارِ"

(1)

.

وفي البابِ عن أبي أُمامةَ.

وهذا حديثٌ حسنٌ.

2959 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن حَبيبِ بن الشَّهيدِ، عن أبي مِجْلزٍ، عن معاويةَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه.

‌48 - باب ما جاء في تَقْليمِ الأظْفارِ

2960 -

حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ الحُلْوانيُّ وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا عبد الرزّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن سعيدِ بن المُسَيّبِ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خَمْسٌ من الفِطْرةِ: الاستِحْدادُ، والخِتانُ، وقَصُّ الشَّاربِ، ونَتْفُ الإبْطِ، وتقليمُ الأظْفارِ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسن صحيحٌ.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (5229). وهو في "مسند أحمد"(16830)، و"شرط مشكل الآثار"(1125) و (1127).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5889)، ومسلم (257)، وأبو داود (4198)، وابن ماجه (292)، والنسائي 1/ 13 و 14 و 15 و 8/ 128 و 129 و 181. وهو في "مسند أحمد" (7139)، و"صحيح ابن حبان" (5479).

ص: 53

2961 -

حدَّثنا قُتيبةُ وهنَّادٌ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن زكَريَّا بن أبي زائدةَ، عن مُصْعبِ بن شَيْبةَ، عن طَلْقِ بن حَبِيبٍ، عن عبد اللهِ بن الزُّبَيرِ

عن عائشةَ، أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"عَشْرٌ من الفِطْرةِ: قَصُّ الشَّاربِ، وإعْفاءُ اللِّحْيةِ، والسِّواكُ، والاستِنْشاقُ، وقَصُّ الأَظْفارِ، وغَسْلُ البرَاجِمِ، ونَتْفُ الإبْطِ، وحَلْقُ العَانةِ، وانتِقاصُ المَاءِ". قال زكريَّا: قال مُصْعبٌ: ونَسِيتُ العاشرةَ، إلَّا أنْ تكونَ المَضْمَضة

(1)

.

وفي البابِ عن عمَّارِ بن ياسرٍ، وابن عمرَ.

وهذا حديثٌ حسنٌ.

قال أبو عيسى

(2)

: وانْتقاصُ الماءِ: هو الاستِنْجاءُ بالماءِ.

(1)

إسناده ضعيف، مصعب بن شيبة - وإن كان من رجال مسلم - قال الأثرم عن أحمد: روى أحاديث مناكير، وقال أبو حاتم: لا يحمدونه وليس بقوي، وقال النسائي: منكر الحديث، وقال الدارقطني: ليس بالقوي ولا بالحافظ، وقد خالفه رجلان حافظان: سليمان التيمي وأبو بشر جعفر بن إياس، روياه عن طلق بن حبيب من قوله غير مرفوع، وروايتهما عند النسائي 8/ 128 وقال بإثرهما: وحديث سليمان التيمي وجعفر بن إياس أشبه بالصواب من حديث مصعب بن شيبة، ومصعب منكر الحديث.

وأخرجه مسلم (261)، وأبو داود (53)، وابن ماجه (293)، والنسائي 8/ 126. وهو في "مسند أحمد" (25060)، و"شرح مشكل الآثار" (685).

(2)

كذا في (أ) و (د)، وفي (ل) و (س):"قال أبو عبيد". ونص كلام أبي عبيد في "غريب الحديث" 2/ 38: انتقاص الماء، فإنا نراه غسل الذكر بالماء، وذلك أنه إذا غسل الذكر ارتدَّ البول ولم ينزل، وإن لم يغسل نزل منه الشيء حتى يُستبرأ. قال: وليس معنى الحديث أنه سمى البول ماء، ولكنه أراد انتقاص البول =

ص: 54

‌49 - باب ما جاء في توقِيتِ تَقْليمِ الأظْفارِ وأخْذِ الشّاربِ

2962 -

حدَّثنا إسحاقُ بن منصورٍ، قال: حدثنا عبد الصَّمدِ، قال: حدَّثنا صَدقةُ بن موسى أبو محمدٍ صاحبُ الدَّقِيقِ، قال: حدَّثنا أبو عِمْرانَ الجَوْنيُّ

عن أنسِ بن مالكٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّهُ وَقَّتَ لهم في كُلِّ أربَعينَ لَيْلةً تَقْليمَ الأظْفارِ، وأخْذَ الشّاربِ، وحَلْقَ العانةِ

(1)

.

2963 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا جعفرُ بن سليمانَ، عن أبي عِمْرانَ الجَونيِّ

عن أنسِ بن مالكٍ، قال: وَقَّتَ لنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في قَصِّ الشَّاربِ، وتَقْليمِ الأظْفارِ، وحَلْقِ العَانةِ، ونَتْفِ الإبْطِ، ألّا نتركَ أكْثرَ من أربعينَ يومًا

(2)

.

هذا أصحُّ من الحديثِ الأوَّل. وصدقةُ بن موسى ليس عندَهُم بالحافظِ.

= بالماء إذا اغتسل به.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف صدقة بن موسى، لكن تابعه جعفر بن سليمان في الرواية الآتية وهو ثقة، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه أبو داود (4200)، وأحمد (12232) من طريق صدقة بن موسى، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (258)، وابن ماجه (295)، والنسائي 1/ 15. من طريق جعفر بن سليمان، بهذا الإسناد.

ص: 55

‌50 - باب ما جاء في قَصِّ الشّاربِ

2964 -

حدَّثنا محمدُ بن عمرَ بن الوليدِ الكُوفيُّ الكِنْديُّ، قال: حدَّثنا يحيى بن آدَمَ، عن إسرائيلَ، عن سِماكٍ، عن عِكْرمةَ

عن ابن عبَّاسٍ، قال: كان النّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُصُّ أو يَأْخُذُ من شاربِه، قال: وكانَ خليلُ الرَّحمنِ إبراهيم يفعلُه

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

2965 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا عَبِيدةُ بن حُمَيدٍ، عن يوسفَ بن صُهَيْبٍ، عن حَبِيبِ بن يسارٍ

عن زَيدِ بن أرْقمَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يأخُذْ مِن شاربِه فليسَ مِنَّا"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، سماك - وهو ابن حرب - حسن الحديث إلا في روايته عن عكرمة، فإن فيها اضطرابًا.

وهو في "مسند أحمد"(2738).

وفي باب قص الشارب عن زيد بن أرقم، سيأتي بإثر هذا الحديث.

وعن ابن عمر، سيأتي برقم (2968).

وعن أبي هريرة، عند البخاري (5889)، ومسلم (257). وهو في "المسند"(7132).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي 1/ 15 و 8/ 29 - 130. وهو في "مسند أحمد" (19263)، و"صحيح ابن حبان" (5477).

وانظر ما قبله.

قال المباركفوري: قوله: "فليس منا" أي: ليس من العاملين بسنتنا

=

ص: 56

وفي البابِ عن المُغيرةِ بن شُعبةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2966 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن يوسفَ بن صُهَيبٍ بهذا الإسنادِ نحوهُ

(1)

.

‌51 - باب ما جاء في الأخذِ من اللِّحْيةِ

2967 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا عمرُ بن هارونَ، عن أُسامةَ بن زَيدٍ، عن عمرِو بن شُعَيبٍ، عن أبيه

عن جدِّه: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يأخُذُ من لحيتِه من عَرْضِها

= واختلف الناس في حَدِّ ما يُقصُّ منه، وقد ذهب كثير من السلف إلى استئصاله وحلقه، لظاهر قوله:"احفوا وانهَكوا"، وهو قول الكوفيين، وذهب كثير منهم إلى منع الحلق والاستئصال، وإليه ذهب مالك، وكان يرى تأديبَ مَن حَلَقَه، وروى عنه ابنُ القاسم أنه قال: إحفاءُ الشارب مُثْلَة. قال النووي: المختار أنه يُقَص حتى يبدوَ طرفُ الشَّفَة، ولا يُحفيه من أصله. قال: وأما رواية "احفوا الشوارب" فمعناها: احفوا ما طال عن الشفتين، وكذلك قال مالك في "الموطأ": يؤخذ من الشارب حتى تبدوَ أطراف الشَّفَة

وروى الأثرم عن الإمام أحمد أنه كان يُحفي شاربه إحفاءً شديدًا .. وقال حنبل: قيل لأبي عبد الله: ترى للرجل يأخذ شاربه ويُحفيه، أم كيف يأخذه؟ قال: إن أحفاه فلا بأس، وإن أخذه قصًّا فلا بأس.

وقال السندي في حاشيته على "المسند": وبالجملة ففيه تأكيدٌ أكيد بأخذ الشارب، وأنه لا ينبغي إهمالُه، ثم في قوله:"من شاربه" إشارةٌ إلى أنه يكفي أخذُ البعض، كمذهب مالك، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 57

وطولِها

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ.

وسَمِعتُ محمدَ بن إسماعيلَ يقولُ: عمرُ بن هارُونَ مُقاربُ الحديثِ لا أعرفُ له حديثًا ليس له أصلٌ، أو قال: يَتفرَّدُ به، إلَّا هذا الحديثَ: كانَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم يأخُذُ من لحيتهِ من عَرْضِها وطُولِها، لا نعرِفُه إلَّا من حديثِ عمرَ بن هارونَ، ورَأيتُه حَسَنَ الرَّأْي في عمرَ بن هارون.

وسَمِعتُ قُتيبةَ يقولُ: عمرُ بن هارُونَ كان صاحبَ حديثٍ، وكان يقولُ: الإيمانُ قَولٌ وعملٌ.

قال قُتيبةَ: حدَّثنا وكيعُ بن الجَرَّاحِ، عن رجلٍ، عن ثَوْرِ بن يزيدَ: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَصبَ المَنْجَنيقَ على أهلِ الطائفِ، قال قُتيبةُ: قلتُ لوكيعٍ: من هذا؟ قال: صاحِبُكُم عمرُ بن هارونَ.

‌52 - باب ما جاء في إعفاءِ اللِّحْيةِ

2968 -

حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ الخَلَّالُ، قال: حدَّثنا عبد اللهِ بن نُمَيْرٍ، عن عُبَيدِ اللهِ بن عمرَ، عن نافعٍ

عن ابن عمرَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "احْفُوا الشَّواربَ،

(1)

إسناده ضعيف، عمر بن هارون متروك الحديث.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 3/ 195، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1689، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 282.

ص: 58

واعْفُوا اللِّحَى"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ.

2969 -

حدَّثنا الأنْصاريُّ، قال: حدَّثنا مَعْنٌ، قال: حدَّثنا مالكٌ، عن أبي بَكْرِ بن نافعٍ، عن أبيه

عن ابن عمرَ، أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمَر بإحْفاءِ الشَّواربِ وإعْفاءِ اللِّحَى

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وأبو بكرِ بن نافعٍ هو: مولى ابن عمرَ ثِقةٌ، وعُمرُ بن نافعٍ ثقةٌ، وعبد اللهِ بن نافعٍ مولى ابن عمرَ يُضَعَّفُ.

‌53 - باب ما جاء في وَضْعِ إحْدى الرِّجْليْنِ على الأخْرى مُستلْقيًا

2970 -

حدَّثنا سعيدُ بن عبد الرحمنِ المَخْزُوميُّ وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا سفيانُ بن عيينة، عن الزُّهريِّ، عن عبَّادِ بن تَمِيمٍ

عن عمِّهِ: أنَّهُ رأى النّبيَّ صلى الله عليه وسلم مُستَلقيًا في المسجدِ واضِعًا إحدى

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5892) و (5893)، ومسلم (259)، وأبو داود (4199)، والنسائي 1/ 16 و 8/ 129 و 181. وهو في "مسند أحمد" (4654)، و"صحيح ابن حبان" (5475).

(2)

إسناده صحيح، وهو في "الموطأ" 2/ 947، وانظر ما قبله.

ص: 59

رِجْليهِ على الأخْرى

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وعمُّ عَبَّادِ بن تَمِيمٍ هو: عبدُ اللهِ بن زَيدِ بن عاصمٍ المازِنيُّ.

‌54 - باب ما جاء في الكَراهيةِ في ذلكَ

2971 -

حدَّثنا عُبَيدُ بن أسباطِ بن محمدٍ القُرشيُّ، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا سليمانُ التَّيْميُّ، عن خِداشٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ

عن جابرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا اسْتَلْقى أحدُكُمْ على

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (475)، ومسلم (2100)، وأبو داود (4866)، والنسائي 2/ 50. وهو في "المسند" (16430)، و"صحيح ابن حبان" (5552).

ويعارض هذا الحديث حديث جابر الآتي بعده، ويجمع بينهما بما ذكر الخَطَّابي - فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 563 - : من أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ، أو يحمل النهي حيث يُخشى أن تبدو العورة، والجواز حيث يؤمن ذلك.

وقال الحافظ: والظاهر أن فعله صلى الله عليه وسلم كان لبيان الجواز، وكان ذلك في وقت الاستراحة، لا عند مجتمع الناس، لِما عُرِف من عادته من الجلوس بينهم بالوقار التَّامَّ صلى الله عليه وسلم.

وقال السندي في حاشيته على "المسند": قوله: "واضعًا إحدى رجليه على الأخرى": يدل على أن ما جاء من النهي عن ذلك، فليس على إطلاقه، بل هو مخصوص إذا خيف الكشف بذلك، وإلا فلا بأس بذلك.

ص: 60

ظَهْرِه، فلا يَضعْ إحدى رِجْليهِ على الأخْرَى"

(1)

(2)

.

هذا حديثٌ رواهُ غيرُ واحدٍ عن سليمانَ التَّيْميِّ ولا يُعْرفُ خِداشٌ هذا من هو، وقد رَوَى له سليمانُ التَّيْميُّ غيرَ حديثٍ.

2972 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا اللّيْثُ، عن أبي الزُّبَيْرِ

عن جابرٍ، أنَّ رسولَ الله نَهى عن اشْتمالِ الصَّمَّاءِ والاحْتِباءِ في ثَوبٍ واحدٍ، وأنْ يَرْفعَ الرَّجلُ إحدى رِجْليْهِ على الأخرى وهو مُسْتلْقٍ على ظَهْرِه

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

جاء لفظ هذا الحديث في نسختي (أ) و (د) والنسخة التي شرح عيها المباركفوري: "عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصَّمّاء، والاحتباء في ثوب واحد، وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره". وما أثبتناه من نسختي (ل) و (س) و"تحفة الأشراف" 2/ 296، وهو الموافق لرواية أبي يعلى التي أخرجها في "مسنده"(2031) من طريق خداش عن أبي الزبير، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2099)(74)، وأبو داود (4865). وهو في "مسند أحمد"(14198)، و"صحيح ابن حبان"(5551).

وسيأتي ضمن الحديث التالي، ويأتي تخريجه هناك.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه تامًا مسلم (2099)، وهو في "المسند"(14452)، و"صحيح ابن حبان"(5553).

وأخرجه دون قسمه الأخير أبو داود (4081)، والنسائي 8/ 210. أما القسم الأخير منفردًا، فقد سلف تخريجه في الحديث السالف.

ص: 61

‌55 - باب ما جاء في كَراهِيةِ الاضْطِجاعِ على البَطْنِ

2973 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا عَبْدةُ بن سُليْمانَ وعبد الرَّحيمِ، عن محمدِ بن عَمْرٍو، قال: حدَّثنا أبو سَلمةَ

عن أبي هُريرةَ، قال: رَأى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رجلًا مُضْطَجعًا على بَطْنهِ فقال: "إنَّ هذه ضِجْعةٌ لا يُحبُّها اللهُ"

(1)

.

وفي البابِ عن طِهْفةَ، وابن عمرَ.

ورَوَى يحيى بن أبي كثيرٍ هذا الحديثَ عن أبي سَلمةَ، عن يَعِيشَ بن طِهْفةَ، عن أبيه، ويقالُ: طِخْفةُ، والصَّحيحُ طِهْفةُ، ويُقال: طِغْفةُ، وقال بعضُ الحُفّاظِ: الصَّحيحُ طِخْفةُ.

‌56 - باب ما جاء في حِفْظِ العَوْرةِ

2974 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدَّثنا بَهْزُ بن حَكيمٍ، قال: حدَّثني أبي

عن جدَّي، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، عَوْراتُنا ما نأتي مِنْها وما نَذَرُ؟ قال:"احْفَظْ عَوْرتَكَ إلّا من زَوجَتِكَ أو ما مَلكتْ يَمِينُكَ"، فقال: الرَّجلُ يكونُ مع الرَّجلِ؟ قال: "إن اسْتَطعتَ أن

(1)

حديث قوي، وظاهر هذا الإسناد أنه حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة، فإنه حسن الحديث، لكن أخطأ فيه محمد بن عمرو فرواه عن أبي هريرة، والصواب: عن أبي سلمة، عن يعيش بن طخفة عن أبيه، كما أخرج ذلك أحمد في "مسنده"(15543)، وقد استوفينا تخريجه والكلام على إسناده وبيان اضطرابه هناك.

أما حديث أبي هريرة هذا، فقد أخرجه أحمد (7862)، وابن حبان (5549).

ص: 62

لا يراها أحدٌ فافعلْ"، قلتُ: فالرَّجلُ يكونُ خاليًا، قال: "فالله أحقُّ أنْ يُسْتَحيا منه"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

وجدُّ بَهْزٍ اسمُه: مُعاوية بن حَيْدةَ القُشَيْريُّ، وقد رَوَى الجُريريُّ، عن حَكيمِ بن مُعاويةَ وهو والدُ بَهْزٍ.

‌57 - باب ما جاء في الاتِّكاءِ

2975 -

حدَّثنا عبَّاسُ بن محمدٍ الدُّوريُّ البَغْدادِيُّ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن منصور، قال: أخبرنا إسرائيلُ، عن سِماكٍ

عن جابرِ بن سَمُرةَ، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا على وِسادةٍ على يساره

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. ورَوَى غيرُ واحدٍ هذا الحديثَ، عن إسرائيلَ، عن سِماكٍ، عن جابرِ بن سَمُرةَ، قال: رَأيْتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (4017)، وابن ماجه (1920)، والنسائي في "الكبرى"(8972). وهو في "مسند أحمد"(20034).

وسيأتي عند المصنف برقم (3002).

(2)

إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (4143). وهو في "مسند أحمد"(20975)، و"صحيح ابن حبان"(589).

وأخرج أحمد (20803)، والنسائي في "الكبرى" (7183) عن جابر بن سمرة قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بماعِزِ بن مالك، رجلٍ قصيرٍ في إزارٍ ما عليه رداء، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ على وسادةٍ على يساره، فكلمه،

إلى آخر الحديث. واللفظ لأحمد.

ص: 63

مُتَّكئًا على وِسادةٍ. ولم يَذكروا: على يسارِه.

2976 -

حدَّثنا يوسفُ بن عيسى، قال: حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدثنا إسرائيلُ، عن سِماكِ بن حَرْبٍ

عن جابرِ بن سَمُرةَ قال: رأيتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا على وِسادةٍ

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ.

‌58 - باب

2977 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمَشِ، عن إسماعيلَ بن رَجاءٍ، عن أوْسِ بن ضَمعجٍ

عن أبي مسعودٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يُؤَمُّ الرَّجلُ في سُلْطانِه، ولا يُجْلسُ على تَكْرِمَتهِ في بيته إلَّا بإذْنِه"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ

(3)

.

‌59 - باب ما جاء أنَّ الرَّجُلَ أحَقُّ بِصَدْرِ دابَّتهِ

2978 -

حدَّثنا أبو عمَّارٍ الحُسينُ بن حُرَيْثٍ، قال: حدَّثنا عليُّ بن الحُسينِ بن واقدٍ، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثني عَبد اللهِ بن بُرَيْدةَ، قال:

سَمِعتُ أبي - بُرَيْدةَ - يقولُ: بَيْنما النّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْشي إذْ جاءَه رجلٌ ومعهُ حِمارٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ ارْكَبْ، وتأخَّرَ الرَّجلُ،

(1)

إسناده حسن، وانظر ما قبله.

(2)

حديث صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (235).

(3)

في (ل) و (س): حسن صحيح، والمثبت من نسختي (أ) و (د).

ص: 64

فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا، أنت أحَقُّ بِصَدْرِ دابَّتكَ، إلَّا أنْ تَجْعلَه لِي"، قال: قد جَعَلْتُه لَكَ، قال: فَركِبَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.

وفي البابِ عن قَيْسِ بنِ سَعْدِ بن عُبادةَ

(2)

(1)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل حسين بن واقد المروزي - فهو صدوق لا بأس به.

وأخرجه أبو داود (2572). وهو في "المسند"(22992)، و"صحيح ابن حبان"(4735).

وفي الباب عن عمر بن الخطاب، وأبي سعيد الخدري، وقيس بن سعد بن عبادة، وغيرهم، ذكرناها في "المسند".

قوله: "إلا أن تجعله لي"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: الصدر لي، ولعله قَبْلَ ذلك رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم أحقَّ بالصدر، فتأخر لذلك، فما قَبِله صلى الله عليه وسلم لذلك، وبيَّن له حقيقة الأمر.

وقال في "طرح التثريب" 7/ 243: يمكن أن يكون معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "إلا أن تجعله لي" أي: التصرف في المشي كيف أردتُ، وهو المعنى الذي لأجله كان صاحب الدابة أحقَّ بصدرها، فإنه يُستشكَلُ قوله:"أن تجعله لي" مع كونه تأخر وأَذِن له في الركوب على مقدَّمه، وهذا هو محله له، وينحلُّ الإشكال بما ذكرتُه من أن المراد أن يَجعلَ له أمر قِيادها بأن يتصرَّفَ في سيرها كيف يريد.

(2)

من قوله: من هذا الوجه، إلى هنا لم يرد في (أ) و (د)، وأثبتناه من نسختي (ل) و (س).

ص: 65

‌60 - باب ما جاء في الرُّخْصةِ في اتِّخاذِ الأنْماطِ

2979 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرحمنِ بن مَهْدِيِّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن محمدِ بن المنْكدرِ

عن جابرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هل لكم أنْماطٌ"؟ قلتُ: وأنّى تكُونُ لنا أنْماطٌ؟ قال: "أما إنْها ستكونُ لكُم أنْماطٌ"، قال: فأنا أقولُ لامرَأتي: أخِّري عَنِّي أنْماطَكِ، فتقولُ: ألم يَقُل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّها ستكونُ لكم أنْماطٌ"؟ قال: فأدَعُها

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌61 - باب ما جاء في رُكُوبِ ثلاثةٍ على دابّةٍ

2980 -

حدَّثنا عبَّاس بنُ عبد العظيم العَنْبرِيُّ، قال: حدَّثنا النَّضْرُ بن محمد، قال: حدَّثنا عِكْرمةُ بن عمَّارٍ، عن إياسِ بن سَلمةَ

عن أبيهِ، قال: لقد قُدْتُ نَبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم والحسنَ والحسينَ على بَغْلتِه الشَّهْباءِ حتَّى أدْخَلْتُه حُجْرةَ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم، هذا قُدَّامَه، وهذا خَلْفَه

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3631)، ومسلم (2083)، وأبو داود (4145)، والنسائي 6/ 136. وهو في "المسند" (14132)، و"صحيح ابن حبان" (6683).

قوله: "أنماط"، قال السندي في حاشيته على "المسند": جمع نَمَط - بفتحتين -، وهو ضَرْبٌ من البُسُط لطيفٌ له خَمْلٌ رقيق.

(2)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2423). وهو في "صحيح ابن حبان" =

ص: 66

وفي البابِ عن ابن عبَّاسٍ، وعبد اللهِ بن جعفرٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

‌62 - باب ما جاء في نَظْرةِ الفُجَاءةِ

2981 -

حدَّثنا أحمد بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا هُشَيمٌ، قال: أخبرنا يونسُ بن عُبَيْدٍ، عن عَمْرِو بن سعيدٍ، عن أبي زُرْعةَ بن عَمْرِو بن جَريرٍ

عن جَريرِ بن عَبد اللهِ، قال: سَألْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن نَظْرةِ الفُجاءةِ، فَأمرنِي أنْ أصْرِفَ بَصَرِي

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وأبو زُرْعةَ اسمُه: هَرِمٌ.

2982 -

حدَّثنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا شَرِيكٌ، عن أبي ربِيعةَ، عن ابن بُريْدةَ

عن أبيهِ رَفَعَه قال: "يا عليُّ، لا تُتْبعِ النَّظْرةَ النَّظْرةَ، فإنَّ لَكَ

= (5618).

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2159)، وأبو داود (2148)، والنسائي في "الكبرى"(9233). وهو في "مسند أحمد"(19160)، و"صحيح ابن حبان"(5571).

قوله: "فأمرني أن أصرف بصري"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: لا إثم في النظر المذكور، إذ لا اختيار فيه، وإنما الإثمُ في استدامته، فينبغي تركها، فلا تتوهم أن هذا لا يصلح جوابًا للسؤال، فافهم.

ص: 67

الأولَى ولَيْسَتْ لكَ الآخِرةُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسن غريبٌ لا نَعْرِفُه إلّا من حديثِ شَرِيكٍ.

‌63 - باب ما جاء في احْتِجابِ النِّساءِ من الرِّجال

2983 -

حدَّثنا سُوَيْدٌ، قال: أخبرنا عبد اللهِ، قال: أخبرنا يونسُ بن يَزِيدَ، عن ابن شهابٍ، عن نَبْهانَ مولى أُمِّ سَلمةَ، أنَّهُ حَدَّثه

أنّ أُمَّ سَلمةَ حَدَّثتْهُ أنّها كانت عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومَيْمُونةَ، قالت: فبينما نحنُ عنده أقْبلَ ابنُ أُمَّ مَكْتُومٍ، فدخلَ عليه، وذلكَ بعدَما أُمِرْنا بالحِجابِ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"احْتجِبا منه"، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ أليسَ هو أعْمى لا يُبْصِرُنا ولا يَعْرِفُنا؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أفَعَمْياوانِ أنْتُما؟ ألَسْتُما تُبْصِرانِه؟ "

(2)

.

(1)

حديث حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف، أبو ربيعة - واسمه عمر بن ربيعة الإيادي - قال أبو حاتم: منكر الحديث، وذكره الذهبي في "المغني في الضعفاء"، وقال ابن حجر: مقبول، وشريك - وهو ابن عبد الله النخعي - سيئ الحفظ.

وأخرجه أبو داود (2149). وهو في "مسند أحمد"(22974)، و"شرح مشكل الآثار"(1866) و (1867).

وفي الباب عن جرير بن عبد الله، وانظر ما قبله.

(2)

حديث ضعيف، نبهان مولى أم سلمة في عداد المجهولين، وقال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين يعني هذا الحديث، وحديث:"إذا كان لإحداكن مكاتب .. "، ونقل صاحب "المبدع" 7/ 11 تضعيفه عن أحمد، وقال ابن عبد البر: نبهان مجهول لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث، وقال ابن حزم: =

ص: 68

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ!

‌64 - باب ما جاء في النَّهْي عن الدُّخُولِ على النِّساءِ إلّا بإذْنِ أزواجهنَّ

2984 -

حدَّثنا سويدُ بن نصرٍ، قال: أخبرنا عبد اللهِ بن المبارك، قال: أخْبرنا شُعبةُ، عن الحَكمِ، عن ذَكْوانَ، عن مولى عمرِو بن العاص

أنَّ عَمْرَو بن العاص أرْسلَه إلى عليٍّ يَسْتأذِنُه على أسماءَ ابنة عُمَيْسٍ، فأُذِنَ له حتَّى إذا فَرغَ من حاجتِه سَألَ المَوْلى عمرَو بنَ العاص عن ذلك. فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نهانا أو نهى أنْ نَدْخُلَ

= مجهول.

ومتن الحديث معارض بأحاديث صحيحة، منها حديث فاطمة بنت قيس، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة:"واعتدي في بيت ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك" متفق عليه.

وقالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد. متفق عليه.

ويوم فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبة العيد ومضى إلى النساء فذكَّرهن ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة. ولأنهن لو مُنِعن النظر لوجب على الرجال الحجاب كما وجب على النساء، لئلا ينظرن إليهم.

وأخرجه أبو داود (4112)، والنسائي في "الكبرى"(9241). وهو في "مسند أحمد"(26537)، و"صحيح ابن حبان"(5575).

ص: 69

على النِّساءِ بِغيرِ إذْنِ أزواجِهنَّ

(1)

.

وفي البابِ عن عُقبةَ بن عامرٍ، وعبد اللهِ بن عمرٍو، وجابرٍ.

وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌65 - باب ما جاء في تَحذِيرِ فِتْنةِ النِّساءِ

2985 -

حدَّثنا محمدُ بن عبد الأعلى الصَّنعانيُّ، قال: حدَّثنا مُعْتمرُ بن سليمانَ، عن أبيهِ، عن أبي عثمانَ

عن أسامةَ بن زَيدٍ وسعيدِ بن زيدِ بن عمرِو بن نُفَيْلٍ، عن

(1)

حديث صحيح بطرقه وشواهده وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين غير مولى عمرو بن العاص، فإن ذكوان أبا صالح لم يبينه إلا أن يكون هو أبا قيس مولى عمر، وهذا ثقة من رجال الشيخين، وله مولى آخر يروي عنه اسمه زياد، ذكره ابن حبان في "الثقات" 4/ 260.

وأخرجه أحمد (17767) و (17805)، وابن أبي شيبة 4/ 409 - 410، وأبو يعلى (7341) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان (5584) عن أبي يعلى حدثنا العباس بن الوليد النرسي، حدثنا يحيى القطان، عن سليمان التيمي سمعت أبا صالح يقول: جاء عمرو بن العاص إلى منزل علي بن أبي طالب يلتمسه فلم يقدر عليه، ثم رجع فوجده، فلما دخل كلم فاطمة، فقال له علي: ما أرى حاجتك إلا إلى المرأة، قال: أجل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندخل على المغيبات. وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي صالح - واسمه ميزان - فقد روى له الترمذي، وروى عنه سليمان التيمي، ومحمد بن جحادة، وخالد الحذاء، وأبو خلدة خالد بن دينار، ووثقه ابن حبان بإثر حديثه هذا، وذكره في "الثقات"، ووثقه ابن معين، قاله ابن حجر في "تهذيب التهذيب".

ص: 70

النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"ما تَركْتُ بَعْدِي فتْنةً أضَرَّ على الرِّجالِ مِن النِّساءِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وقد رَوَى هذا الحديثَ غيرُ واحدٍ من الثِّقاتِ عن سليمانَ التَّيْميِّ، عن أبي عثمانَ، عن أُسامةَ بن زَيدٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَذكروا فيه: عن سعيدِ بن زَيدِ بن عمرِو بن نُفَيلٍ، ولا نعلمُ أحدًا قال: عن أسامةَ بن زَيدٍ وسعيدِ بن زَيدٍ غيرَ المُعْتمرِ.

وفي البابِ عن أبي سعيدٍ.

2986 -

حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سُفيانُ، عن سليمانَ التَّيميِّ، عن أبى عثمان، عن أسامة بن زيدٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

(2)

.

‌66 - باب ما جاء في كَراهِيةِ اتِّخاذِ القُصَّةِ

2987 -

حدَّثنا سُوَيدٌ، قال: أخبرنا عبد اللهِ، قال: أخبرنا يونسُ، عن الزُّهْريِّ، قال: أخبرنا حُمَيدُ بن عبد الرحمنِ أنَّه

سَمِعَ مُعاويةَ خطب بالمدِينةِ يقولُ: أينَ عُلماؤُكُم يا أهلَ المدينةِ؟ سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهى عن هذه القُصَّةِ، ويقولُ:

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5096)، ومسلم (2740)، وابن ماجه (3998)، والنسائي في "الكبرى"(9153) و (9270). وهو في "مسند أحمد"(21746)، و"صحيح ابن حبان"(5967) و (5969) و (5970).

(2)

هذا الإسناد أثبتناه من نسخة (ل)، ولم يرد في سائر الأصول ولا في "تحفة الأشراف" و"تحفة الأحوذي".

ص: 71

"إنّما هَلكَتْ بنو إسرائيلَ حِينَ اتّخذَها نِساؤُهُم"

(1)

.

هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ، وقد رُوِي من غيرِ وجهٍ عن مُعاويةَ.

‌67 - باب ما جاء في الوَاصِلةِ والمسْتَوْصِلةِ والوَاشِمةِ والمُسْتَوْشِمةِ

2988 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا عَبِيدةُ بن حُمَيدٍ، عن

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3468)، ومسلم (2127)، وأبو داود (4167)، والنسائي 8/ 186. وهو في "مسند أحمد" (16865)، و"صحيح ابن حبان" (5512).

والقُصة بضم القاف وتشديد الصاد: الخصلة من الشعر.

قال الحافظ في "الفتح" 10/ 375: وهذا الحديث حجة للجمهور في منع وصل الشعر بشيء آخر، سواء كان شعرًا أم لا، ويؤيده حديث جابر: زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة بشعرها شيئًا.

وذهب الليث بن سعد - ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء - أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها، فلا يدخل في النهي. وأخرج أبو داود (4171) بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: لا بأس بالقرامل، وبه قال أحمد. والقرامل: جمع قرمل، بفتح القاف وسكون الراء: نبات طويل الفروع لين، والمراد به هنا خيوط من حرير أو صوف يعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها.

وفصل بعضهم بين ما إذا كان ما وصل به الشعر من غير الشعر مستورًا بعد عقده مع الشعر بحيث يظن أنه من الشعر، وبين ما إذا كان ظاهرًا، فمنع الأول قوم فقط لما فيه من التدليس وهو قوي. ومنهم من أجاز الوصل مطلقًا سواء كان بشعر آخر أو بغير شعر إذا كان بعلم الزوج وبإذنه. وأحاديث الباب حجة عليه.

ص: 72

منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن عَلْقمةَ

عن عبد اللهِ: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَعنَ الوَاشِماتِ والمُسْتوشِماتِ والمُتَنمِّصاتِ مُبْتغِياتٍ لِلحُسْنِ، مُغيِّراتٍ خَلْقَ اللهِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وقد رواهُ شعبةُ وغيرُ واحدٍ من الأئمّةِ عن منصورٍ

(2)

.

2989 -

حدَّثنا سُوَيدٌ، قال: أخبرنا عبد اللهِ بن المُباركِ، عن عُبَيدِ اللهِ بن عمرَ، عن نافعٍ

عن ابن عمرَ، عن النّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَعنَ اللهُ الوَاصِلةَ والمُسْتوْصِلةَ، والوَاشِمةَ والمُسْتَوْشِمةَ"

(3)

.

قال نافعٌ: الوَشْمُ في اللِّثَةِ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن عائشةَ، ومَعْقِلِ بن يَسارٍ، وأسماءَ بنتِ أبي بكرٍ، وابن عبّاسٍ.

2990 -

حدّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال:

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4886)، ومسلم (2125)، وأبو داود (4169)، وابن ماجه (1989)، والنسائي 8/ 88 و 146 و 188. وهو في "مسند أحمد" (4129)، و"صحيح ابن حبان" (5504) و (5505).

(2)

من قوله: "وقد رواه" إلى هنا أثبتناه من نسخة (س) وحدها، ولم يرد في سائر الأصول.

(3)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (1857).

ص: 73

حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بن عمرَ، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوهُ، ولم يَذْكُر فيهِ قولَ نافعٍ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌68 - باب ما جاء في المُتشَبِّهاتِ بالرِّجالِ من النِّساءِ

2991 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلان، قال: حدّثنا أبو داودَ الطَّيالسِيُّ، قال: حدَّثنا شُعبةُ وهَمَّامٌ، عن قتادةَ، عن عِكْرمةَ

عن ابن عبَّاسِ، قال: لَعنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المُتَشبِّهاتِ بالرِّجالِ من النِّساءِ، والمُتشبِّهينَ بالنِّساءِ من الرِّجالِ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2992 -

حدَّثنا الحسنُ بن عليًّ الخلَّالُ، قال: حدَّثنا عبد الرَّزاقِ، قال: أخْبرنا مَعْمرٌ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ وأيُّوبَ، عن عِكْرمةَ

عن ابن عبَّاسٍ، قال: لَعنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثينَ من الرِّجالِ، والمُترَجِّلاتِ من النِّساءِ

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن عائشةَ.

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5885)، وأبو داود (4097) و (4930)، وابن ماجه (1904)، والنسائي في "الكبرى"(9251) و (9254). وهو في "مسند أحمد"(1982)، و"صحيح ابن حبان"(5750).

(3)

إسناده صحيح، وهو في "مصنف عبد الرزاق"(20433)، وانظر ما قبله.

ص: 74

‌69 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ خُرُوجِ المَرْأةِ مُتعطِّرةً

2993 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ القَطَّانُ، عن ثابتِ بن عُمارةَ الحَنفيِّ، عن غُنَيْمِ بن قَيْسٍ

عن أبي موسى، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"كُلُّ عَينٍ زانيةٌ، والمَرأةُ إذا اسْتَعْطَرتْ، فمرَّتْ بالمجلسِ، فهي كذا وكذا"، يعني زانيةً

(1)

.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.

وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

إسناده قوي، ثابت بن عمارة صدوق، وهو أقرب إلى أن يكون ثقة، فقد وثقه يحيى بن معين، وابن حبان، والدارقطني، وروى عنه شعبة، وقال للنضر بن شميل: تأتوني وتدعون ثابت بن عمارة! وروى عنه يحيى بن سعيد القطان على تشدُّده وشدة انتقائه للشيوخ.

وأخرجه أبو داود (4173)، والنسائي 18/ 153. وهو في "مسند أحمد" (19513) و (19578)، و"صحيح ابن حبان" (4424).

قوله: "كل عين زانية"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: كلُّ عين ناظرةٍ في الحرام زانيةٌ. أو المراد: كل عين يتأتَّى منها الزنى بالإمكان، والمراد أنَّ فعل العين إذا كان على غير وجهه فهو نوع من الزنى.

وقال المناوي: يعني كل عين نظرت إلى أجنبية عن شهوة فهي زانيةٌ، أي: أكثرُ العيون لا تنفكُّ من نظر غير مُستحسنٍ ومحرَّم، وذلك زناها، أي: فليحذر من النظر، ولا يَدَّعِ أحدٌ العصمةَ من هذا الخطر، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعليٍّ - مع جلالته -:"يا علي، لا تُتْبعِ النظرةَ النظرة".

ص: 75

‌70 - باب ما جاء في طِيبِ الرِّجالِ والنِّساءِ

2994 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ الحَفَريُّ، عن سفيانَ، عن الجُرَيْريِّ، عن أبي نَضْرةَ، عن رجلٍ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "طِيبُ الرِّجالِ ما ظَهرَ رِيحُه وخَفي لَوْنُه، وطِيبُ النِّساءِ ما ظَهرَ لَوْنُه وخَفيَ رِيحُه"

(1)

.

2995 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، عن الجُرَيْريِّ، عن أبي نَضْرةَ، عن الطُّفاويِّ، عن أبي هُريرةَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوهُ بمعناهُ

(2)

.

وهذا حديثٌ حسنٌ إلّا أنَّ الطُّفاويَّ لا نَعرِفُه إلّا في هذا الحديثِ ولا نَعرِفُ اسْمَه، وحديثُ إسماعيلَ بن إبراهيمَ أتَمُّ وأطْولُ.

وفي البابِ عن عِمرانَ بن حُصَينٍ.

(1)

حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة.

وأخرجه أبو داود (2174)، والنسائي 8/ 151. وهو في "مسند أحمد" (10977)، و"شرح السنة" للبغوي (3162).

ويشهد له حديث عمران بن حصين الآتي بعده.

وحديث أنس عند البزار (2989) وسنده قوي، وصححه الضياء في "المختارة" (2311) ونقل البغوي في "شرح السنة" 12/ 81 عن سعيد الجريري قوله: أراه حملوا قوله: "وطيب النساء" إذا أرادت أن تخرج، فأما إذا كانت عند زوجها، فلتطيب بما شاءت.

(2)

الطفاوي: لا يُعرف، وانظر ما قبله.

ص: 76

2996 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ الحَنفيُّ، قال: حدثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ

عن عِمْران بن حُصينٍ، قال: قال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنّ خَيْرَ طِيبِ الرِّجال ما ظَهرَ رِيحُهُ وخَفيَ لَونُهُ، وخَيْرَ طِيبِ النِّساءِ ما ظَهرَ لَوْنُه وخَفيَ رِيحُه"، ونَهى عن مِيثرَةِ الأرْجُوانِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ.

‌71 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ رَدِّ الطِّيبِ

2997 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيًّ، قال: حدَّثنا عَزْرةُ بن ثابتٍ، عن ثُمامةَ بن عبد اللهِ، قال:

(1)

حديث حسن لغيره، وهذا سند فيه انقطاع، فإن الحسن البصري لم يسمع من عمران.

وأخرجه أبو داود (4048). وهو في "مسند أحمد"(19975).

ويشهد لقصة طيب الرجال والنساء حديث أبي هريرة السالف قبله.

ويشهد للنهي عن مِيثرة الأرجوان حديث علي بن أبي طالب، أخرجه أبو داود (4050) و (4051)، والنسائي 8/ 165 و 166 و 167 و 169. وهو في "مسند أحمد" (981)، و"صحيح ابن حبان" (5438).

والمِيثرة، بكسر ميم وسكون ياء وفتح مثلثة: وِطاءٌ صغير محشو يجعل على سرج الفرس، أو رحل البعير. والأُرجوان، بضم الهمزة: ورد أحمر معروف. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

وقال الإمام البغوي في "شرح السنة" 12/ 58 - 59: النهي عن قطيفة الأرجوان لما فيه من الزينة والخيلاء، والميثرة: هي مرفقة تتخذ كصفة السَّرج، فإن كانت من ديباح فحرام، وإن لم تكن، فالحمراء منها منهيٌّ عنها.

ص: 77

كانَ أنسٌ لا يَرُدُّ الطِّيبَ، وقال أنسٌ: إنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان لا يَرُدُّ الطِّيبَ

(1)

.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2998 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا ابن أبي فُديْكٍ، عن عَبدِ الله بن مسلمٍ، عن أبيه

عن ابن عمرَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ لا تُرَدُّ: الوَسائدُ، والدُّهْنُ، واللّبَنُ"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ.

وعبدُ الله بن مُسلم هو: ابن جُنْدُب، وهو مَدينيٌّ.

الدُّهْنُ: إنَّما يعني ها هنا الطِّيب

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2582)، والنسائي 8/ 189، وهو في "مسند أحمد"(12176) و (12356)، و"شرح السنة" للبغوي (3170) و (3171).

(2)

إسناده حسن، عبد الله بن مسلم، قال أبو زرعة مديني لا بأس به، ووثقه العجلي، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه المصنف في "الشمائل"(219). وهو في "شرح السنة" للبغوي (3173).

(3)

هذه العبارة أثبتناها من (س) فقط، وليست في باقي الأصول.

ص: 78

2999 -

حدَّثنا محمدُ بن خَليفةَ البَصْرِيُّ

(1)

وعمرُو بن عَليٍّ، قالا: حدَّثنا يَزِيدُ بن زُرَيْعٍ، عن حجَّاجٍ الصَّوافِ، عن حَنانَ

عن أبي عُثمانَ النَّهْديِّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا أُعْطي أحَدُكُم الرَّيْحانَ، فلا يَرُدَّه، فإنَّهُ خَرجَ من الجَنَّةِ"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ حسنٌ، ولا نعرف لحَنانَ غيرَ هذا الحديث. وهو حديثٌ مرسلٌ.

وأبو عثمانَ النَهْديُّ اسمه: عَبد الرحمنِ بن مَلٍّ، وقد أدْركَ زمانَ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولم ينظر إلى النّبيِّ صلى الله عليه وسلم

(3)

.

(1)

وقع في (أ) و (د) والنسخة التي شرح عليها المباركفوري: "حدثنا عثمان بن مهدي، قال: حدثنا محمد بن خليفة البصري"، وما أثبتناه من (ل) و (س) و"الشمائل" للمصنف، و"شرح السنة" للبغوي (3172) فقد أخرجه الأخير من طريق المصنف، وهو الصواب، فقد قال المباركفوري: عثمان بن مهدي لم أجد ترجمته في "التقريب" و"تهذيب التهذيب" و"الخلاصة"، وليس في هذه الكتب راو اسمه عثمان بن مهدي.

(2)

رجاله ثقات غير حنان - وهو الأسدي: عم مُسدَّد بن مُسَرْهَد - لم يوثقه غير ابن حبان، وأبو عثمان النهدي أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ولم يسمع منه، فهو مرسل.

وأخرجه أبو داود في "المراسيل"(501)، والمصنف في "الشمائل"(221). وهو في "شرح السنة"(3172).

(3)

من قوله: "وهو حديث مرسل" إلى هنا لم يرد في (أ) و (د)، وأثبتناه من (س).

ص: 79

‌72 - باب ما جاء في كَرَاهيةِ مباشَرةِ الرَّجلِ الرَّجلَ والمَرْأةِ المَرْأةَ

3000 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمَشِ، عن شَقِيقِ بن سَلمةَ

عن عبد اللهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تُباشِرُ المَرأةُ المَرأةَ حتَّى تَصِفها لِزَوجِها، كأنَّما

(1)

يَنظُرُ إليها"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3001 -

حدَّثنا عبد اللهِ بن أبي زيادٍ، قال: حدَّثنا زيدُ بن حُبابٍ، قال: أخْبرني الضّحَّاكُ يعني: ابن عثمانَ، قال: أخبرني زيدُ بن أسْلمَ، عن عبد الرحمنِ

(1)

في (أ) و (د): كأنه، والمثبت من (ل) و (س).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5240) و (5241)، وأبو داود (2150)، والنسائي في "الكبرى"(9231) و (9232). وهو في "مسند أحمد"(3609)، و"صحيح ابن حبان"(4160).

قوله: "لا تباشر"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أصل المباشرة لمس البشرة، وهي ظاهر جلد الإنسان، ولعل المراد ها هنا المصاحبة (الناشئ عنها النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من جسم المرأة)، وهو نهي، أو نفي بمعناه، وعلى التقدير فمناط النهي قوله: حتى تصِفَها، وحتى تعليلية، ولذلك جاءت الروايات باللام، فالمباشرة بلا نعت جائزة، وكذا بنعت قليل إذا كان لغرض صالح.

قلنا: والمراد أيضًا أن يحرم عليها إذا رأت ما يحرم النظر إليه وما لا يحرم من محاسنها أن تصفه لزوجها، لأن ذلك يفضي إلى الافتتان بها. وأيضًا لا يجوز للمرأة أن تفضي إلى المرأة في ثوب واحد، أي أن تتعريا، ثم تتغطيا بثوب واحد، وقد جاء مصرحًا بذلك في حديث أبي سعيد الخدري الآتي بعد هذا.

ص: 80

ابن أبي سعيدٍ

عن أبيهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَنظُرُ الرَّجلُ إلى عَوْرةِ الرَّجلِ، ولا تَنظُرُ المَرأةُ إلى عَورةِ المَرأةِ، ولا يُفْضِي الرَّجلُ إلى الرَّجلِ في الثَّوْبِ الواحدِ، ولا تُفْضي المَرأةُ إلى المَرأةِ في الثَّوبِ الواحدِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

‌73 - باب ما جاء في حِفْظِ العَوْرةِ

3002 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا مُعاذُ بن مُعاذٍ ويَزِيدُ بن هارونَ، قالا: حدَّثنا بَهْزُ بن حَكِيمٍ، عن أبيه

عن جَدِّهِ، قال: قلتُ: يا نبيَّ اللهِ، عَورَاتُنا ما نَأْتي منها وما نَذَرُ؟ قال:"احْفَظْ عَورَتَكَ إلَّا من زَوجَتكَ أو ما مَلكَتْ يَمِينُكَ"، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إذا كانَ القَومُ بَعضُهم في بعضٍ؟ قال:"إن اسْتَطعْتَ أن لا يراها أحدٌ فلا تُرِيَنّها"، قال: قلتُ: يا نَبيَّ اللهِ إذا كانَ أحدُنا خاليًا؟ قال: "فاللهُ أحَقُّ أن يُسْتَحْيا منه من النَّاسِ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (338)، وأبو داود (4018)، وابن ماجه (661)، والنسائي في "الكبرى"(9229). وهو في "مسند أحمد"(11601)، و"صحيح ابن حبان" (5574). وعند بعضهم: عُرية، بدل عورة. قال النووي في "شرح مسلم" 4/ 30: ضبطنا هذه على ثلاثة أوجه: عِرْية وعُرْية وعُرَيَّة، وكلها صحيحة، قال أهل اللغة: عُريةُ الرجل: هي مُتَجَرَّدُه، والثالثة على التصغير.

(2)

إسناده حسن، وقد سلف عند المصنف برقم (2974).

ص: 81

هذا حديثٌ حسنٌ.

‌74 - باب ما جاء أنَّ الفَخِذَ عَوْرةٌ

3003 -

حدَّثنا ابن أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي النَّضْرِ مولى عمرَ بن عُبَيْدِ اللهِ، عن زُرعةَ بن مسلمِ بن جَرْهدٍ الأسْلميِّ

عن جَدَّهِ جَرْهدٍ، قال: مَرَّ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِجَرْهدٍ في المسجدِ وقد انْكَشفَ فَخِذُه، قال:"إنّ الفَخِذَ عَورةٌ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، ما أرَى إسنادَه بِمُتَّصِلٍ،

3004 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، قال: حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن أبي الزِّناد، قال. أخبرني ابن جَرْهدٍ

عن أبيه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ به وهو كاشفٌ عن فخِذِه، فقال

(1)

حديث حسن بشواهده، وهذا رجاله ثقات، وصححه ابن حبان (1710) لكن ضعفه البخاري في "تاريخه" للاضطراب في إسناده.

وأخرجه أبو داود (4014). وهو في "المسند"(15926)، وانظر تمام الكلام عليه فيه.

وفي الباب عن علي، أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "المسند"(1249).

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، ومحمد بن عبد الله بن جحش، أخرجهما أحمد في "مسنده" على التوالي (2493) و (6756) و (22494).

وعن عبد الله بن عباس، سيأتي عند المصنف في آخر هذا الباب.

وهذه الأحاديث - وإن كان في أسانيدها مقال - يشد بعضها بعضًا فتقوى.

ص: 82

النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "غَطِّ فخِذَك، فإنّها من العَوْرة"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

3005 -

حدَّثنا واصلُ بن عبد الأعلى، حدَّثنا يحيى بن آدَمَ، عن الحسن بن صالح، عن عبدِ الله بن محمد بن عَقيل، عن عبدِ الله بن جَرْهدٍ الأسْلميِّ

عن أبيه، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"الفَخذُ عَوْرةٌ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه.

3006 -

حدَّثنا واصلُ بنُ عبد الأعلى الكوفيُّ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ آدَمَ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ

عن ابن عبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"الفَخِذُ عَورةٌ"

(3)

.

وفي الباب عن عليٍّ، ومحمد بن عبد الله بن جَحْشٍ

(4)

.

وهذا حديثٌ حسنٌ غريب.

(1)

هو حديث حسن كما قال المصنف، وهو في "مصنف عبد الرزاق"(19808)، ومن طريقه أخرجه أحمد (15929).

(2)

حسن كسابقه، وهو في "مسند أحمد"(15930).

(3)

حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف من أجل أبي يحيى - وهو القتَّات. وهو في "مسند أحمد"(2493)، وفيه تمام تخريجه.

ويشهد له حديث جرهد الأسلمي السالف قبله.

(4)

حديث علي أخرجه عبد الله في زياداته على "المسند"(1249)، وحديث محمد بن عبد الله بن جحش هو في "المسند"(22494) وهو حديث حسن.

وكون الفخذ من الرجال عورة يجب ستره، هو مذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة ومالك رحمهم الله.

ص: 83

ولعبد الله بن جحشٍ صُحبةٌ، ولابنهِ محمدٍ صُحبةٌ.

‌75 - باب ما جاء في النَّظافة

3007 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا أبو عامرٍ، قال: حدَّثنا خالدُ بن إلْياسَ، عن صالح بن أبي حَسَّانَ، قال:

سَمِعتُ سعيدَ بن المُسَيّبِ يقول: إنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحبُّ الطِّيْبَ، نَظِيفٌ يُحبُّ النَّظافةَ، كريمٌ يُحبُّ الكَرَمَ، جَوادٌ يُحبُّ الجُودَ، فَنظِّفُوا، أُراهُ قال: أخبيتكم

(1)

ولا تَشبَّهُوا باليهودِ. قال: فَذكَرْتُ ذلكَ لِمُهاجرِ بن مِسْمارٍ، فقال: حَدّثَنيهِ عامرُ بن سعدٍ، عن أبيه، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْله، إلّا أنَّهُ قال: نَظِّفُوا أفْنِيتكُم

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ، وخالدُ بن إليَاسَ يُضَعَّفُ. ويقال: ابن إياس.

(1)

في (س) وهامش (د): "أفنيتكم"، ولم يُشرْ عليها في هامش (د) بشيء، والمثبت من (أ) و (د) و (ل).

(2)

حديث ضعيف، خالد بن إلياس متروك الحديث.

وأخرجه من طريق خالد بن إلياس البزار في "مسنده"(1114)، وأبو يعلى (791)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 878).

ورواه الطبراني في "الأوسط"(4069) من طريق آخر مختصرًا، بلفظ:"طهروا أفنيتكم فإن اليهود لا تطهر أفيتها" وسنده حسن.

والأفنية جمع فناء: وهو الفضاء أمام الدار.

ص: 84

‌76 - باب ما جاء في الاسْتِتارِ عِنْدَ الجِماعِ

3008 -

حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن نَيْزَك البَغْدَادِيُّ، قال: حدَّثنا الأسْوَدُ بن عامرٍ، قال: حدَّثنا أبو مُحيَّاةَ، عن لَيْثٍ، عن نافعٍ

عن ابن عمرَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إيَّاكُم والتَّعَرِّي، فإنَّ مَعكُم من لا يُفارِقُكم إلّا عند الغائطِ وحينَ يُفْضِي الرَّجلُ إلى أهْلِه، فاسْتَحْيُوهُم وأكرمُوهُم"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف، ليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف، لكن في الباب حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، عند أبي داود (4017)، وابن ماجه (1920). وهو في "المسند"(20034)، قال: قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال:"احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك" قال: قلت: يا رسول الله، فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال:"إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها" قلت: فإذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: "فالله أحق أن يستحيا منه". وإسناده حسن.

وفي الباب أيضًا عن عتبة بن عبدٍ السلمي، عند ابن ماجه (1921)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم أهله، فليستتر، ولا يتجَرَّدْ تجَرُّدَ العَيْرَيْن" وإسناده ضعيف.

وعن عبد الله بن سرجس، عند النسائي في "الكبرى" (2029) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدُكم أهلَه، فليُلْق على عجزه وعجزها شيئًا، ولا يتجردا تجردَ العيرين". قال النسائي: هذا حديث منكر.

وعن عبد الله بن مسعود، عند البزار في "مسنده"(1701)، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 266 - 267، والبيهقي 7/ 193 بنحو لفظ رواية عتبة بن عبد. وإسناده ضعيف.

وعن أبي أمامة، عند الطبراني في "الكبير" (7683) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: =

ص: 85

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعرِفُه إلّا من هذا الوجهِ.

وأبو مُحيَّاةَ اسمه: يحيى بن يَعلى.

‌77 - باب ما جاء في دُخولِ الحَمَّامِ

3009 -

حدَّثنا القاسمُ بن دِينارٍ الكُوفيُّ، قال: حدَّثنا مُصْعَبُ بن المِقْدامِ، عن الحسنِ بن صالح، عن لَيث بن أبي سُلَيمٍ، عن طاووس

عن جابرٍ، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"من كان يُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ، فلا يَدخُلِ الحمَّامَ بِغَيْرِ إزارٍ، ومن كان يُؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ، فلا يُدْخِلْ حَلِيلتَهُ الحمَّامَ، ومن كان يُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ، فلا يَجْلِسْ على مائدةٍ يُدارُ عليها بالخَمرِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نَعرِفُه إلا من حديثِ طاووسٍ عن جابرٍ إلَّا من هذا الوجهِ.

= "إذا أتى أحدُكم أهلَه، فليستر عليه وعلى أهله، قال: ولا يتعريان تَعَرِّيَ الحمير".

وإسناده ضعيف.

وعن أبي هريرة، عند الطبراني في "الأوسط"(178)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم أهله فليستتر، فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة وخرجت، وحضره الشيطان، فإذا كان بينهما ولد كان الشيطان فيه شريك". وإسناده ضعيف.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه النسائي 1/ 198. وهو في "مسند أحمد" (14651)، وانظر تمام الكلام عليه وشواهده فيه.

ص: 86

قال محمدُ بن إسماعيلَ: ليثُ بن أبي سُليمٍ صدوقٌ ورُبَّما يَهِمُ في الشَّيءِ، وقال محمدٌ: قال أحمدُ بن حَنْبلٍ: لَيْثٌ لا يُفْرحُ بحديثِه.

3010 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حدَّثنا حَمّادُ بن سَلمةَ، عن عبد اللهِ بن شَدَّادٍ الأعرَجِ، عن أبي عُذْرةَ وكانَ قد أدْركَ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم

عن عائشةَ: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى الرِّجالَ والنِّساءَ عن الحمَّاماتِ، ثُمَّ رخَّص للرِّجالِ في المَيازِرِ

(1)

.

هذا حديثٌ لا نَعرِفه إلّا من حديثِ حمَّادِ بن سَلمةَ، وإسنادُه ليس بذاكَ القائمِ.

3011 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلان، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: أنبأنا شُعبةُ، عن منصورٍ، قال: سَمِعتُ سالمَ بن أبي الجَعْدِ يُحدِّثُ

عن أبي المَليحِ الهُذَليِّ: أنَّ نساءً من أهلِ حِمْصَ أو من أهلِ الشّامِ دَخَلْنَ على عائشةَ، فقالت: أنْتُنَّ اللّاتي يَدْخُلْنَ نساؤكنَّ الحَمّاماتِ؟ سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "ما من امْرَأةٍ تضعُ ثيابَها في غيرِ بَيتِ زَوجِها إلَّا هَتكتِ السِّتْرَ بينها وبينَ رَبِّها"

(2)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عذرة.

وأخرجه أبو داود (4009)، وابن ماجه (3749). وهو في "مسند أحمد"(25006).

وله شاهد يتقوى به من حديث أبي هريرة عند أحمد (25006).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (4010)، وابن ماجه (3750). وهو في =

ص: 87

هذا حديثٌ حسنٌ.

‌78 - باب ما جاء أنَّ الملائِكةَ لا تَدْخُلُ بيتًا فيهِ صُورةٌ ولا كَلبٌ

3012 -

حدَّثنا سَلمةُ بن شَبِيبٍ والحَسنُ بن عليٍّ الخلَّالُ وعبدُ بن حُمَيدٍ وغيرُ واحدٍ - واللّفظُ للحسنِ -، قالوا: حدَّثنا عَبد الرَّزاقِ، قال: أخبرنا مَعمرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُبَيدِ اللهِ بن عبد اللهِ بن عُتْبةَ أنَّهُ سَمِعَ ابن عبَّاسٍ يقولُ:

سَمِعتُ أبا طَلْحةَ يقولُ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لا تَدْخُلُ الملائكةُ بيتًا فيهِ كلبٌ، ولا صورةُ تَماثيلَ"

(1)

.

وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3013 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا رَوْحُ بن عُبادةَ، قال: حدَّثنا مالكُ بن أنَسٍ، عن إسحاقَ بن عبد اللهِ بن أبي طَلْحةَ، أنّ رَافعَ بن إسحاقَ أخبره، قال: دَخَلْتُ أنا وعبد اللهِ بن أبي طَلْحةَ على أبي سعيدٍ

= "مسند أحمد"(25407).

قال المناوي في "فيض القدير": والظاهرُ أن نزعَ الثياب عيارة عن تكشفها للأجنبي، لينال معها الجماع أو مقدماته، بخلاف ما لو نزعت ثيابها بين نساءٍ مع المحافظة على ستر العورة، إذ لا وجه لدخولها في هذا الوعيد.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3225)، ومسلم (2106)، وأبو داود (4153) و (4154) و (4155)، وابن ماجه (3649)، والنسائي 7/ 185 و 8/ 212. وهو في "مسند أحمد" (16345)، و"صحيح ابن حبان" (5468) و (5850) و (5855). وزاد أبو داود وابن حبان في موضعيهما الأولين قصةً.

ص: 88

الخُدْريِّ نَعُودُه

فقال أبو سعيدٍ: أخبرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أنَّ الملائِكةَ لا تَدخُلُ بيتًا فيه تَماثيلُ، أو صُورةٌ"، شَكَّ إسحاقُ لا يَدْرِي أيَّهُما قال

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3014 -

حدَّثنا سُوَيدٌ، قال: أخبرنا عبد اللهِ بن المُباركِ، قال: أخبرنا يونسُ بن أبي إسحاقَ، قال: حدَّثنا مُجاهِدٌ، قال:

حدَّثنا أبو هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أتَاني جِبْرِيلُ، فقال: إنِّي كنتُ أتَيْتُكَ البارحةَ، فلم يَمْنَعْني أنْ أكونَ دَخَلتُ عليكَ البيتَ الّذِي كنتَ فيهِ إلّا أنَّهُ كان في بابِ البيتِ تِمْثالُ الرِّجالِ، وكان في البيتِ قِرامُ سِتْرٍ فيه تَماثيلُ، وكانَ في البيتِ كلبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثالِ الّذِي بالبابِ فلْيُقْطعْ، فيَصِيرَ كَهَيْئةِ الشَّجرَةِ، ومُرْ بالسِّتْرِ فلْيُقْطعْ ويُجْعلْ منه وِسادَتَيْن مُنْتَبذتَيْنِ تُوطآنِ، ومُرْ بالكلْب فيُخْرَج، ففَعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكانَ ذلكَ الكلبُ جَرْوًا للحسين أو للحسن تحتَ نَضَدٍ له، فأمرَ بهِ فأُخْرجَ

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وهو في "الموطأ" 2/ 965 - 966، و"مسند أحمد"(11858)، و"صحيح ابن حبان"(5849).

(2)

حديث صحيح دون قصة تمثال الرجال، فقد تفرد بها يونس بن أبي إسحاق، وقد قال عنه الإمام أحمد بن حنبل: في حديثه زيادة على حديث الناس، وقال أبو أحمد الحاكم: ربما وهم في روايته. قلنا: وقد حسَّن حاله غيرُ واحد من أهل العلم، وهو عندنا حسن الحديث إذا لم يأت بما يُنكر ويستغرب.

وأخرجه أبو داود (4158)، والنسائي 8/ 216. وهو في "مسند أحمد" =

ص: 89

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن عائشةَ، وأُبَيّ بن كَعْب

(1)

‌79 - باب ما جاء في كَرَاهيةِ لُبْسِ المعَصْفَرِ للرجال

3015 -

حدَّثنا عبَّاسُ بن محمدٍ البغداديُّ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن منصورٍ، قال: أخبرنا إسرائيلُ، عن أبي يحيى، عن مُجاهدٍ

عن عبد اللهِ بن عمرٍو، قال: مَرَّ رجلٌ وعليه ثَوْبانِ أحْمرَانِ، فَسلّمَ على النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يَرُدَّ عليه النّبيُّ صلى الله عليه وسلم السلام

(2)

.

= (8045)، و"صحيح ابن حبان"(5853) و (5854).

وله شاهد من حديث أسامة بن زيد في "المسند"(21772)، بسند قوي، وآخر من حديث عائشة برقم (24081) وهو متفق عليه، وثالث من حديث ميمونة برقم (26800) وهو في صحيح مسلم (2105).

قوله: "قرام ستر"، قال السندي في حاشيته على "المسند": بكسر القاف: الثوب الملوّن الرقيق، أي: قِرام جُعِل سترًا.

"منتَبذَتين"، أي: مطروحتين، أي: من شأنهما أن تطرحا، فتصير الصور فيهما ممتهنة. وقال الخطابي: يريد لطيفتين، وسُمِّيتا منتبذتين، لأنهما لخفتهما تنبذان وتطرحان.

و"النَّضَد"، قال ابن الأثير في "النهاية": هو بالتحريك: السرير الذي تُنضد عليه الثياب، أي: يُجعل بعضُها فوق بعض.

(1)

قوله: "وأبي بن كعب" أثبتناه من نسخة (ل)، ولم يرد في سائر الأصول الخطية.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي يحيى - وهو القتات -.

وأخرجه أبو داود (4069).

ص: 90

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه.

ومعنى هذا الحديثِ عند أهلِ الحديث أنه كره لُبْسَ المُعَصْفَرِ، ورَأوْا أنَّ ما صُبِغَ بالحُمرَةِ بالمَدَرِ أو غَيْرِ ذلكَ، فلا بأسَ به إذا لم يكُنْ مُعَصْفرًا.

3016 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا أبو الأحْوَصِ، عن أبي إسحاقَ، عن هُبَيْرةَ بن يَريمَ، قال:

قال عليُّ بن أبي طالب: نهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن خاتمِ الذَّهَبِ وعن القَسِّيِّ، وعن المِيثَرَةِ، وعن الجِعةِ. قال أبو الأحوَصِ: وهو شَرابٌ يُتَّخذُ بِمِصْرَ من الشَّعيرِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3017 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ وعبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قالا: حدَّثنا شُعبةُ، عن الأشْعَثِ بن سُليْمٍ، عن معاويةَ بن سُوَيْدِ بن مُقَرِّنٍ

عن البراءِ بن عازبٍ، قال: أمَرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسَبْعٍ ونَهانا عن سَبْعٍ: أمَرنا باتَّباعِ الجنائز، وعِيادةِ المَرِيضِ، وتَشْمِيتِ العاطسِ، وإجابةِ الدَّاعِي، ونَصْرِ المظلومِ، وإبرارِ المُقْسِمِ، وردِّ السَّلامِ، ونهانا عن سبعٍ: عن خاتمِ الذَّهَبِ، أو حَلْقةِ الذَّهبِ،

(1)

حديث صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (264).

و"الجِعَة" كعِدَة وزنًا، قال ابن الأثير في "النهاية": هو النبيذ المتخذ من الشعير.

ص: 91

وآنِيةِ الفِضَّةِ، ولُبْسِ الحريرِ والدِّيباجِ، والإسْتَبْرقِ، والقَسِّيِّ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وأشْعثُ بن سُليْمٍ هو: أشْعثُ بن أبي الشَّعْثاءِ، وأبو الشَّعْثاءِ اسمه: سُليْمُ بن أسْوَد.

‌80 - باب ما جاء في لُبْسِ البَياضِ

3018 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن حَبِيبِ بن أبي ثابتٍ، عن مَيمُونِ بن أبي شَبِيبٍ

عن سَمُرةَ بن جُنْدبٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "البَسُوا البَياضَ، فإنّها أطْهرُ وأطْيبُ، وكَفِّنُوا فيها مَوْتاكُم"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (1239)، ومسلم (2066)، وابن ماجه (2115) و (3589)، والنسائي 4/ 54 و 7/ 8 و 8/ 201. وهو في "مسند أحمد" (18504)، و"صحيح ابن حبان" (3040) و (5340).

قال السندي في حاشيته على "المسند": و"تشميت العاطس"، وهو أن يقول: يرحمك الله، إذا عطس.

و"إبرار المقسم" بضم الميم وسكون القاف: هو الحالف، وإبراره: تصديقه، بمعنى أنه لو حلف أحدٌ على أمر، وأنت تقدر على جعله بارًّا فيه - كما لو أقسم أن لا يفارقك حتى تفعل كذا - فافعل.

و"الحرير والديباج والإستبرق" كل ذلك من أنواع الحرير.

و"القَسِّي" بفتح قاف وتشديد سين وياء: ثياب فيها حرير، يؤتى بها من مصر، ويقال: إنها منسوبة إلى بلاد يقال لها: القسّ، ويقال: النسبة إلى القزّ، بمعنى الحرير، والزاي والسين أختان.

(2)

حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (3567)، والنسائي 4/ 34 و 8/ 205. =

ص: 92

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن ابن عبَّاسٍ، وابن عمرَ.

‌81 - باب ما جاء في الرُّخْصةِ في لُبْسِ الحُمرَةِ لِلرِّجالِ

3019 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا عَبْثرُ بن القَاسمِ، عن الأشْعثِ وهو ابن سَوَّارٍ، عن أبي إسحاقَ

عن جابرِ بن سَمُرةَ، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في لَيلةٍ إضْحِيانٍ، فجعَلْتُ أنظُرُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وإلى القمرِ وعليه حُلّةٌ حَمْراءُ، فإذا هو عِنْدِي أحسنُ من القَمرِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من حديثِ أشْعَثَ.

ورواه شُعبةُ والثَّورِيُّ، عن أبي إسحاقَ، عن البراءِ بن عازبٍ قال: رأيتُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً حَمْراءَ.

3020 -

حدّثنا بذلكَ محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن أبي إسحاقَ. (ح)

وحدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ، قال: أخبرنا شُعبةُ، عن أبي إسحاقَ بهذا.

= وهو في "مسند أحمد"(20105) و (20154).

(1)

إسناده ضعيف لضعف الأشعث بن سَوَّار. وأخرجه النسائي في "الكبرى"(6940)، وانظر ما بعده.

ص: 93

وفي الحديثِ كلامٌ أكثرُ من هذا

(1)

.

سألْتُ محمدًا، فقلتُ له: حديثُ أبي إسحاقَ، عن البراءِ أصحُّ أو حديث جابر بن سَمُرةَ؟ فرَأى كلا الحديثينِ صحيحًا.

وفي البابِ عن البراءِ، وأبي جُحَيْفةَ.

‌82 - باب ما جاء في الثَّوْبِ الأخْضَرِ

3021 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بن إيادِ بن لَقِيطٍ، عن أبيه

عن أبي رِمْثةَ قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُرْدانِ أخْضَرَانِ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من حديثِ عُبَيدِ اللهِ بن إيادٍ.

وأبو رِمْثةَ التَّيْميُّ اسمُه: حَبِيبُ بن حَيَّانَ، ويقالُ اسمُه: رِفَاعةُ بن يَثْربِيّ.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3551)، ومسلم (2337)، وأبو داود (4072) و (4183)، والنسائي 8/ 133 و 183 و 203. وهو في "المسند" (18473)، و"صحيح ابن حبان" (6284).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (4065) و (4206) و (4207)، والنسائي 3/ 185 و 8/ 204. وهو في "مسند أحمد" (7117)، و"صحيح ابن حبان" (5995).

ص: 94

‌83 - باب في الثَّوْبِ الأسْوَدِ

3022 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن زكريَّا بن أبي زائِدَة، قال: أخْبرني أبي، عن مُصْعبِ بن شَيْبةَ، عن صَفيَّةَ ابنةِ شَيْبةَ

عن عائشةَ، قالت: خَرجَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ وعليه مِرْطٌ من شَعْرٍ أسْوَدَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ

(2)

.

‌84 - باب ما جاء في الثَّوبِ الأصْفَرِ

3023 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عَفّانُ بن مُسْلمٍ الصَّفّارُ أبو عُثمانَ، قال: حدَّثنا عَبد اللهِ بن حَسَّانَ أنَّهُ حدَّثَتْهُ جَدَّتاهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عُلَيْبةَ ودُحَيْبةُ بِنْتُ عُلَيْبةَ حدَّثتاهُ

عن قَيْلةَ بِنْتِ مَخْرمةَ - وكانتا رَبِيبَتَيْها -، وقَيْلةُ جَدَّةُ أبِيهما أُمُّ أُمِّهِ أنَّها قالت: قَدِمْنا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فذَكرتِ الحديثَ بطُولِه حتَّى جاءَ رجلٌ وقد ارْتَفعتِ الشَّمسُ، فقال: السَّلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"وعليكَ السَّلامُ ورحمةُ الله"، وعَليْهِ - تَعْني النّبيَّ صلى الله عليه وسلم أسمالُ مُلَيَّتيْنِ كانتا بِزَعْفَرانٍ وقد نَفَضتا

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2081) و (2424)، وأبو داود (4032). وهو في "مسند أحمد"(25295).

قوله: "مرط"، قال المباركفوري: بكسر الميم وإسكان الراء: هو كساء يكون تارة من صوف، وتارة من شعر أو كتان أو خز، قال الخطابي: هو كساء يؤتزر به.

(2)

في (ل): حديث غريب صحيح. والمثبت من سائر الأصول.

ص: 95

ومع النبي صلى الله عليه وسلم عَسِيبُ نَخْلةٍ

(1)

.

حديثُ قَيْلةَ لا نعرفُه إلَّا من حديثِ عبد اللهِ بن حسَّانَ.

‌85 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ التزَعْفُرِ والخَلُوقِ للرِّجالِ

3024 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بن زيدٍ (ح)

وحدَّثنا إسحاقُ بن منصورٍ، قال: أخبرنا عبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، عن حمَّادِ بن زَيْدِ، عن عبد العزِيزِ بن صُهَيْبٍ

عن أنسِ بن مالكٍ، قال: نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن التّزَغْفُرِ للرِّجالِ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، صفية بنت عُليبة مجهولة كما قال الذهبي في "الميزان"، وقد تفرد عبد الله بن حسان العنبري بالرواية عنها، ولم يوثقها أحد، ودحيبة مجهولة أيضًا، فقد تفرد بالرواية عنها عبد الله بن حسان ذكرها ابن حبان وحده في "الثقات" وذكرها الذهبي ضمن المجهولات في "الميزان".

وأخرجه ابن سعد 1/ 317 - 320، وأبو داود (3070)، والمصنف في "الشمائل"(64)، والطبراني في "الكبير" 25/ (1)، والمزي في "تهذيب الكمال" 35/ 276 - 280.

وأسمال: جمع سَمَل، وهو الثوب الخَلَق.

ومُليَّتين: تصغير ملاءتين، وإنما جمعت الأسمال مع تثنية الملاءتين، أرادت أنهما كانتا قد تقطعتا حتى صارتا قطعًا.

وقولها: كانتا بزعفران، أي: مخضوبتين به.

وقولها: وقد نفضتا، أي: ذهب لون الزعفران منهما إلا اليسير لطول لبسهما واستعمالهما.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5846)، ومسلم (2101)، وأبو داود =

ص: 96

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وروى شُعبةُ هذا الحديثَ عن إسماعيلَ ابن عُلَيَّةَ، عن عبد العزِيزِ بن صُهَيْبٍ، عن أنَسٍ: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عن التزَعْفُرِ.

3025 -

حدَّثنا بذلكَ عَبد اللهِ بن عَبد الرحمنِ، قال: أخبرنا آدَمُ، عن شُعبةَ

(1)

.

قال: ومعنى كَرَاهِيةِ التزَعْفُرِ للرِّجالِ: أنْ يَتزعْفَرَ الرَّجلُ، يعني أنْ يَتَطيّبَ به.

3026 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ الطَّيالِسيُّ، عن شُعبةَ، عن عطاءِ بن السَّائبِ، قال: سَمِعتُ أبا حَفْصِ بن عمرَ يُحدِّثُ

عن يَعْلى بن مُرَّةَ، أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم أبْصرَ رجلًا مُتخلقًا قال:"اذْهَبْ فاغْسِلْهُ، ثُمَّ اغسِلْهُ، ثُمَّ لا تَعُدْ"

(2)

.

= (4179)، والنسائي 5/ 141 و 142 و 8/ 189. وهو في "مسند أحمد" (11978)، و"صحيح ابن حبان" (5464).

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(2)

حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي حفص بن عمر، فلم يرو عنه غير عطاء بن السائب، وقد اختلف في اسمه، فقيل: حفص بن عبد الله، وقيل: عبد الله بن حفص، قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" 4/ 512: أبو حفص بن عمرو، وقيل: ابن عمر، وقيل: أبو عمرو بن حفص، وقيل غير ذلك.

وأخرجه النسائي 8/ 152 و 153. وهو في "مسند أحمد" (17552).

وقوله: "متخلقًا" أي: مضمَّخًا بالخَلوق، قال السندي في حاشيته على "المسند": والخَلوق بفتح الخاء، طِيبٌ مركب من الزعفران وغيره، تغلب عليه =

ص: 97

هذا حديثٌ حسنٌ.

وقد اخْتَلفَ بَعضُهم في هذا الإسنادِ عن عطاءِ بن السَّائبِ، فقال عليٌّ: قال يحيى بن سعيدٍ: من سَمعَ من عطاءِ بن السَّائبِ قَديمًا، فسماعهُ صحيحٌ، وسماعُ شُعبةَ وسفيانَ من عطاءِ بن السَّائبِ صحيحٌ إلّا حديثينِ عن عطاءِ بن السَّائبِ، عن زاذانَ، قال شُعبةُ: سَمِعْتُهُما مِنْهُ بأخَرةٍ.

يُقالُ: إنَّ عطاءَ بن السَّائبِ كان في آخِرِ أمْرِه قد ساءَ حِفْظه.

وفي البابِ عن عمَّارٍ، وأبي موسى، وأنسٍ

(1)

.

وأبو حفص: هو أبو حفص بن عمر.

‌86 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ الحَرِيرِ والدِّيباجِ

3027 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن يوسفَ الأزرقُ، قال: حدَّثنا عَبد المَلكِ بن أبي سليمانَ، قال: حدَّثني مولى أسماءَ، عن ابن عمرَ، قال:

سَمِعتُ عمرَ يَذْكُرُ أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من لَبِسَ الحريرَ في الدُّنْيا، لم يَلبَسْهُ في الآخِرةِ"

(2)

.

= الحُمْرة والصُّفْرة من طِيب النساء.

(1)

حديث عمار هو في "المسند"(18886) وحديث أبي موسى عند الطبراني في "الأوسط"(702)، وحديث أنس سلف عند المصنف برقم (3024).

(2)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5832)، ومسلم (2069)، والنسائي 8/ 200. وهو في "مسند أحمد" (123) و (151).

ص: 98

وفي البابِ عن عليٍّ، وحُذَيْفةَ، وأنسٍ، وغيرِ واحدٍ، قد ذَكَرْناهُ في كتاب اللِّبَاسِ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوِي من غيرِ وَجْهٍ عن عمرَ.

ومولى أسماءَ ابنة أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، اسمُه: عبد اللهِ، ويُكْنى أبا عمرَ، وقد رَوَى عنه عطاءُ بن أبي رباحٍ وعمرُو بن دِينارٍ.

‌87 - باب

3028 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا اللَّيْثُ، عن ابن أبي مُلَيْكةَ

عن المِسْوَرِ بن مَخْرمةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسمَ أقْبِيةً ولم يُعْطِ مَخْرمةَ شيئًا، فقال مَخْرمةُ: يا بُنيَّ انْطلقْ بنا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: فانْطَلقْتُ معه، قال: ادْخُلْ فادْعُه لِي، فدعَوْتُه لهُ، فَخرَجَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم وعليه قِباءٌ مِنْها، فقال:"خَبَأتُ لكَ هذا"، قال: فَنَظرَ إليهِ، فقال:"رَضِيَ مَخْرمةُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2599)، ومسلم (1058)، وأبو داود (4028)، والنسائي 8/ 205. وهو في "مسند أحمد" (18927)، و"صحيح ابن حبان" (4817) و (4818).

ومَخْرمة والد المِسوَر: هو ابن نوفل الزهري، كان من رؤساء قريش ومن العارفين بالنسب وأنصاب الحرم، تأخر إسلامه إلى الفتح، وشهد حنينًا وأعطي من تلك الغنيمة من المؤلفة، مات سنة أربع وخمسين وهو ابن مئة وخمس عشرة سنة، ذكره ابن سعد.

ص: 99

وابن أبي مُليْكَة اسمُه: عبد اللهِ بن أبي مُليْكةَ.

‌88 - باب ما جاء: إنَّ الله يُحبُّ أنْ يُرَى أثَرُ نِعْمتِه على عَبْدِه

3029 -

حدَّثنا الحسنُ بن محمدٍ الزَّعْفَرانيُّ، قال: حدَّثنا عَفَّانُ بن مُسْلمٍ، قال: حدَّثنا هَمَّامٌ، عن قتادةَ، عن عمرِو بن شُعَيبٍ، عن أبيه

عن جدِّهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ يُحبُّ أنْ يُرَى أثَرُ نِعْمتِه على عَبْدِه"

(1)

.

وفي البابِ عن أبي الأحْوَصِ، عن أبيهِ، وعِمْرانَ بن حُصَيْنٍ، وابن مسعُودٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ.

‌89 - باب ما جاء في الخُفِّ الأسْوَدِ

3030 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن دَلْهَمِ بن صالحٍ، عن حُجَيْرِ بن عبد اللهِ، عن ابن بُرَيْدةَ

عن أبيهِ: أنَّ النَّجاشيَّ أهْدَى إلى النّبيِّ صلى الله عليه وسلم خُفَيْنِ أسْوَدَيْنِ ساذِجَيْنِ فلَبِسهُما، ثمَّ تَوضَّأ ومَسحَ عليهما

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وأخرجه النسائي 5/ 79. وهو في "مسند أحمد" (6708). وقد ذكرنا شواهده في "المسند".

(2)

حديث حسن لغيره، وهذا سند ضعيف لضعف دلهم بن صالح، وجهالة حجير بن عبد الله. =

ص: 100

هذا حديثٌ حسنٌ، إنَّما نعرفُه من حديثِ دَلْهَمٍ، ورواه محمدُ بن رَبِيعةَ، عن دَلْهَمٍ.

‌90 - باب ما جاء في النَّهْي عن نَتْفِ الشَّيْبِ

3031 -

حدَّثنا هارونُ بن إسحاقَ الهَمْدانيُّ، قال: حدَّثنا عَبْدةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن عمرِو بن شُعَيبٍ، عن أبيه

عن جدِّه، أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عن نَتْفِ الشَّيْبِ، وقال: "إنَّه نُورُ المسلمِ

(1)

"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، وقد رواه عبد الرحمنِ بن الحارثِ وغيرُ واحدٍ، عن عمرِو بن شُعَيبٍ.

‌91 - باب ما جاء أنَّ المسْتَشارَ مُؤْتَمنٌ

3032 -

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن داودَ بن أبي عبد الله، عن ابن جُدْعانَ، عن جدته

= وأخرجه أبو داود (155)، وابن ماجه (549) و (3620). وهو في "مسند أحمد"(22981).

وله شاهد عند البيهقي 1/ 283 من حديث المغيرة.

وقوله: ساذَجين. الساذج بفتح الذال وكسرها: هو الخالص غيرُ المَشُوب وغيرُ المنقوش، أي: غير منقوشين، أو على لونٍ واحد لم يُخالِط سوادَهما لونٌ آخر.

(1)

قوله: "وقال: إنه نور المسلم" لم يرد في (أ) و (د)، وأثبتناه من (ل).

(2)

صحيح لغيره، وهذا سند حسن، وأخرجه أبو داود (4202)، وابن ماجه (3721)، والنسائي 8/ 136. وهو في "مسند أحمد" (6672) وقد استوفينا فيه ذكر شواهده.

ص: 101

عن أُمِّ سَلَمةَ، قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "المُسْتشارُ مُؤْتَمنٌ"

(1)

.

وفي الباب عن ابنِ مسعودٍ، وأبي هريرةَ، وابن عُمر.

هذا حديثٌ غريبٌ من حديث أُمِّ سَلَمةَ.

3033 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا الحسنُ بن موسى، قال: حدَّثنا شَيْبانُ، عن عبد المَلكِ بن عُمَيْرٍ، عن أبي سَلمةَ بن عَبد الرحمنِ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "المُسْتَشارُ مُؤْتَمنٌ"

(2)

.

هذا حديثٌ قد رواه غيرُ واحدٍ، عن شَيبانَ بن عبد الرحمنِ النَّحْويَّ

(3)

.

وشَيبانُ هو صاحبُ كتابٍ، وهو صحيحُ الحديثِ، ويُكْنى أبا مُعاويةَ.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن جدعان وهو: علي بن زيد.

وأخرجه أبو يعلى (6906)، والطبراني في "الكبير" 23/ (890).

ويشهد له حديث أبي هريرة الآتي بعده، وهو حديث صحيح.

وحديث أبي مسعود الأنصاري، عند ابن ماجه (3746). وهو في "المسند"(22360).

وحديث النعمان بن بشير عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4295).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (5128)، وابن ماجه (3745). وهو في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (472) و (4294).

(3)

قال أبو أحمد العكبري: شيبان النحوي نُسِبَ الى بطن يقال لهم: بنو نحوٍ، وهم بنو نحو بن شمس من بطن الأزد. "تاريخ بغداد" 9/ 271.

ص: 102

حدَّثنا عَبد الجَبّارِ بن العلاءِ العطّارُ، عن سفيانَ بن عُيينةَ، قال: قال عبدُ المَلكِ بن عُمَيْرٍ: إنِّي لأُحدِّثُ بالحديثِ فما أخْرِمُ منه حَرْفًا.

‌92 - باب ما جاء في الشؤْمِ

3034 -

حدَّثنا ابن أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن الزُّهرِيَّ، عن سالمٍ وحَمْزةَ ابْني عبد اللهِ بن عمرَ

عن أبيهما، أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"الشُّؤْمُ في ثلاثةٍ: في المَرأةِ، والمَسْكنِ، والدَّابَّةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وبعضُ أصحابِ الزُّهرِيِّ لا يَذْكُرُونَ فيه عن حَمْزةَ، وإنّما يقولونَ: عن سالمٍ، عن أبيه، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وهكذا رَوَى لنا ابن أبي عمرَ هذا الحديثَ، عن سفيانَ بن

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2858)، ومسلم (2225)، وأبو داود (3922)، وابن ماجه (1995)، والنسائي 6/ 220. وهو في "مسند أحمد" (4544).

وأخرج مسلم في "صحيحه"(2225)(118)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(779) من طريقين، عن سعيد بن أبي مريم، أخبرنا سليمان بن بلال، حدثني عُتبة بن مسلم، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن كان الشؤم، ففي الفرس والمسكن والمرأة".

وأخرجه مسلم (2226) من حديث سهل بن سعد، و (2227) من حديث جابر. وانظر لزامًا "شرح مشكل الآثار" 2/ 250 وما بعدها.

ص: 103

عُيينةَ، عن الزُّهرِيِّ، عن سالمٍ وحَمْزةَ ابني عبد اللهِ بن عمرَ، عن أبيهما، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

3035 -

وحدَّثنا سعيدُ بن عبد الرحمنِ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن الزُّهرِيِّ، عن سالمٍ، عن أبيهِ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوه، ولم يَذْكُرْ فيهِ سَعيد بن عَبد الرحمن، عن حَمْزةَ.

ورِوايةُ سعيدٍ أصَحُّ، لأنَّ عليَّ ابن المَدِينيِّ والحُمَيْدِيَّ رَوَيا عن سفيانَ، قال: لم يَرْوِ لنا الزُّهرِيُّ هذا الحديثَ إلّا عن سالمٍ عن ابن عمرَ.

ورَوَى مالكٌ بن أنس هذا الحديثَ عن الزُّهرِيِّ وقال: عن سالمٍ وحَمْزةَ ابنَي عبد اللهِ بن عمرَ، عن أبِيهما.

وفي البابِ عن سَهْلِ بن سعدٍ، وعائشةَ، وأنسٍ.

وقد رُوِي عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: "إنْ كانَ الشُّؤْمُ في شيءٍ، ففي المَرْأةِ والدَّابّةِ والمَسْكَنِ"

(1)

.

وقد رُوِي عن حَكِيمِ بن مُعاويةَ، قال: سَمِعتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(1502) عن سويد بن عمرو، حدثنا أبان بن يزيد العطار، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن سعيد بن المسيّب، عن سعد بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا هامة ولا عدوى ولا طِيرة، إن يك، ففي المرأة والفرس والدار" وهذا سند جيد. حضرمي بن لاحق روى عنه غير واحد، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال النسائي: لا بأس به، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير سويد بن عمرو، فمن رجال مسلم.

ص: 104

يَقولُ: "لا شُؤْمَ، وقد يكُونُ اليُمْنُ في الدَّارِ والمَرْأةِ والفَرَسِ".

3036 -

حدَّثنا بذلكَ عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن عَيَّاشٍ، عن سُليْمانَ بن سُليْمٍ، عن يحيى بن جَابرٍ الطَّائيِّ، عن مُعاويةَ بن حَكِيمٍ، عن عَمِّهِ حَكِيمِ بن مُعاويةَ

(1)

، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بهذا

(2)

.

‌93 - باب ما جاء لا يَتنَاجى اثنانِ دُونَ الثالثِ

3037 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمَشِ (ح)

وحدَّثني ابن أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن الأعمَشِ، عن شَقِيقٍ

عن عبد اللهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا كُنْتم ثَلاثةً، فلا يَتناجى اثنانِ دونَ صاحِبهما". وقال سفيانُ في حديثِه: "لا يَتناجى اثنانِ دونَ الثَّالثِ، فإنَّ ذلكَ يُحْزِنُهُ"

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وقد رُوِي عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "لا يَتناجى اثنانِ دونَ

(1)

وقع تسميته في بعض أصولنا الخطية: حكيم بن حكيم بن معاوية، والمثبت من (ل) والنسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه، و"تحفة الأشراف" ومصادر ترجمته.

(2)

إسناده ضعيف، وأخرجه ابن ماجه (1993)، ووقع عنده: عن يحيى بن جابر، عن معاوية بن حكيم، عن عمه مخمر بن معاوية. وهو كذلك في "شرح مشكل الآثار"(785) وانظر تفصيل الكلام على إسناده فيه.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (6288)، ومسلم (2184)، وأبو داود (4851)، وابن ماجه (3775). وهو في "مسند أحمد"(3560)، و"صحيح ابن حبان"(583).

ص: 105

واحدٍ، فإنّ ذلكَ يُؤْذِي المُؤْمنَ، واللهُ يكْرهُ أذَى المُؤْمنِ"

(1)

.

وفي البابِ عن ابن عمرَ، وأبي هُريرةَ، وابن عبَّاسٍ.

‌94 - باب ما جاء في العِدَةِ

3038 -

حدَّثنا واصلُ بن عبد الأعْلى الكُوفيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن فُضَيْلٍ، عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ

عن أبي جُحَيْفةَ، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أبْيضَ قد شابَ، وكان الحسنُ بن عَليٍّ يُشبهُه، وأمَر لنا بِثَلاثةَ عَشرَ قَلُوصًا، فذهَبْنا نَقْبِضُها، فأتانا مَوْتُه فلم يُعْطُونا شيئًا، فلمَّا قامَ أبو بكرٍ، قال: من كانت له عند رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ فَلْيجِئْ، فقُمْتُ إليهِ فأخْبرتُه،

(1)

أخرجه أبو يعلى (2444) عن أبي الربيع الزهراني، حدَّثنا ابن المبارك، عن عبد الوهاب بن الورد، عن الحسن بن حبيب أو كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس، رفعه. الحسن بن حبيب أو كثير ترجم له البخاري في "تاريخه" وكذا ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وذكره ابن حبان في "الثقات" 6/ 166 وباقي رجاله ثقات، وعبد الوهاب بن الورد هو وهيب بن الورد على الصحيح.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4985) عن القاسم بن عبد الوارث الوراق البغدادي، عن أبي الربيع الزهراني، بهذا الإسناد، إلا أنه تحرف في المطبوع: الحسن بن حبيب إلى: الحسين بن حميد.

ورواه ابن المبارك في "الزهد"(692) عن عبد الوهاب بن الورد، عن خاله الحسن بن كثير، عن عكرمة بن خالد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا مرسل.

ص: 106

فَأمَر لنا بِها

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

وقد رَوَى مروانُ بن مُعاويةَ هذا الحديثَ بإسنادٍ لهُ عن أبي جُحَيْفةَ نَحو هذا.

وقد رَوَى غير واحدٍ عن إسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ، عن أبي جُحَيْفةَ، قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وكان الحسنُ بنُ عَليٍّ يُشْبهُه. ولم يَزِيدُوا على هذا.

3039 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ، قال:

حدَّثنا أبو جُحَيْفةَ، قال: رأيتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم وكان الحسنُ بن عليٍّ يُشبهُه

(2)

.

وهكذا رَوَى غير واحدٍ عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ نحو هذا.

وفي الباب عن جابرٍ.

وأبو جحيفةَ اسمُه: وهبٌ السُّوائيُّ.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3543) و (3544)، ومسلم (2343). والنسائي في "الكبرى"(8162). وهو في "مسند أحمد"(18745). وروايتهم مختصرة إلا البخاري (3544).

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 107

‌95 - باب ما جاء في فِدَاكَ أبي وأُمِّي

3040 -

حدَّثنا إبراهيمُ بن سَعيدٍ الجوْهَرِيُّ، قال: حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيدِ بن المُسَيّبِ

عن عليٍّ، قال: ما سَمِعتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم جَمعَ أبَويْه لأحدٍ غيرَ سَعْدِ بن أبي وَقّاصٍ

(1)

3041 -

حدَّثنا الحسنُ بن الصَّبَّاح البزَّارُ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابن جُدْعانَ ويحيى بن سعيدٍ سَمِعا سَعيدَ بن المُسَيّبِ يَقولُ:

قال عليٌّ: ما جَمعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أباهُ وأُمَّهُ لأحدٍ إلَّا لِسَعْدِ بن أبي وَقّاصٍ، قال له يومَ أُحدٍ:"ارْمِ فِدَاكَ أبي وأُمِّي"، وقال له:"ارْمِ أيُّها الغُلامُ الحَزَوَّرُ"

(2)

.

وفي البابِ عن الزُّبَيْرِ، وجابرٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوِي من غيرِ وجهٍ عن عليٍّ، وقد رَوَى غيرُ واحدٍ هذا الحديثَ عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيدِ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2905)، ومسلم (2411)، وابن ماجه (129)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(190 - 194). وهو في "مسند أحمد"(709)، و"صحيح ابن حبان"(6988).

وسيأتي برقم (3755).

(2)

إسناده صحيح، ابن جدعان متابع بيحيى بن سعيد. والحزوّر يطلق على الغلام القوي والرجل القوي، والمقصود في الحديث المعنى الثاني، لأن سعد بن أبي وقاص أسلم قديمًا وهو ابن سبع عشرة سنة.

ص: 108

ابن المُسَيّبِ، عن سعدِ بن أبي وَقَّاصٍ، قال: جَمَعَ لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أبَويْهِ يومَ أُحُد، قال:"ارْمِ فِدَاكَ أبي وَأُمِّي"

(1)

.

3042 -

حدَّثنا بذلك قُتيبةُ بن سعيد، قال: حدَّثنا اللّيثُ بن سعدٍ وعبد العزِيزِ بن محمدٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيدِ بن المُسَيّبِ

عن سعدِ بن أبي وَقّاصٍ، قال: جَمعَ لِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبَويْه يومَ أُحُدٍ

(2)

.

هذا حديثٌ حسن صحيحٌ، وكلا الحديثين صحيح.

‌96 - باب ما جاء في يا بُنيَّ

3043 -

حدَّثنا محمدُ بن عَبد المَلكِ بن أبي الشَّوَاربِ، قال: حدَّثنا أبو عَوانةَ، قال: حدَّثنا أبو عُثمانَ شَيخٌ له

عن أنسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له:"يا بُنيَّ"

(3)

.

وفي البابِ عن المُغِيرةِ، وعمرَ بن أبي سَلمةَ.

هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ، وقد رُوِي من غيرِ هذا

(1)

قوله: "قال: ارم فداك أبي وأمي"، أثبتناه من (س)، ولم يرد في سائر الأصول.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3725)، ومسلم (2412)، وابن ماجه (130)، والنسائي في "الكبرى"(8215) و (8216)، وفي "عمل اليوم والليلة"(195) و (196). وهو في "مسند أحمد"(1495).

(3)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2151)، وأبو داود (4964). وهو في "مسند أحمد"(12366) و (14038).

ص: 109

الوجهِ عن أنسٍ.

وأبو عثمانَ هذا شَيخٌ ثِقةٌ، وهو: الجَعْدُ بن عثمانَ، ويقالُ: ابن دينارٍ، وهو بَصْريٌّ، قد رَوَى عنه يونسُ بن عُبيدٍ وغيرُ واحدٍ من الأئمةِ.

‌97 - باب ما جاء في تَعْجيلِ اسمِ المَولُودِ

3044 -

حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بن سعدِ بن إبراهيمَ بن سعدِ بن إبراهيمَ بن عبد الرحمنِ بن عَوفٍ، قال: حدَّثَني عَمِّي يعقوبُ بن إبراهيمَ بن سعد، قال: حدَّثنا شَرِيكٌ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن عمرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيه

عن جدِّهِ: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بِتَسْميةِ المولودِ يومَ سابعِه ووَضْعِ الأذَى عنه والعَقِّ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

‌98 - باب ما جاء ما يُسْتحبُّ من الأسْماءِ

3045 -

حدَّثنا عبد الرحمنِ بن الأسْوَدِ أبو عمرٍو الوَرَّاقُ البَصْريُّ، قال: حدَّثنا مُعَمَّرُ بن سليمانَ الرَّقِّيُ، عن عليِّ بن صالح المكي، عن عبد اللهِ

(1)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك - وهو القاضي -، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 240 عن عباد بن العوام عن ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يذكر فيه: عن أبيه عن جده.

ويشهد له حديث سمرة بن جندب، السالف عند المصنف برقم (1600)، وهو حديث صحيح.

ص: 110

ابن عثمانَ، عن نافعٍ

عن ابن عمرَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"أحَبُّ الأسماءِ إلى الله عَبد اللهِ وعَبد الرحمنِ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه.

3046 -

حدَّثنا عُقْبةُ بن مُكْرَمٍ العَمِّيُّ البَصْرِيُّ، قال: حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن عبد اللهِ بن عمرَ العُمَرِيِّ، عن نافعٍ

عن ابن عمرَ، قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أحَبَّ الأسماءِ إلى الله عَبد اللهِ وعَبد الرحمنِ"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه

(3)

.

‌99 - باب ما يُكْرهُ من الأسْماءِ

3047 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ

(1)

حديث صحيح، وهذا سند حسن علي بن صالح المكي روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو حسن الحديث.

وأخرجه من طريق آخر مسلم (2132)، وأبو داود (4949)، وهو في "مسند أحمد"(4774).

(2)

صحيح، عبد الله العمري وإن كان فيه ضعف تابعه أخوه الثقة عبيد الله عند مسلم وغيره.

(3)

من قوله: "حدَّثنا عقبة بن مكرم" إلى هنا، أثبتناه من (ل) و (س)، ولم يرد في (أ) و (د).

ص: 111

عن عمرَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لأنْهيَنَّ أنْ يُسَمَّى رافعٌ وبَركةُ ويَسارٌ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ، هكذا رواهُ أبو أحمدَ، عن سفيانَ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ، عن عمرَ، وروى غيرُه عن سفيانَ، عن أبي الزُّبير، عن جابرٍ، عن النّبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه عمر، وأبو أحمدَ ثِقةٌ حافظٌ. والمشهورُ عند النَّاسِ هذا الحديث عن جابرٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَيسَ فيه: عن عمرَ

(2)

.

3048 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، عن شُعبةَ، عن منصورٍ، عن هِلالِ بن يِسافٍ، عن الرَّبِيعِ بن عُميْلةَ الفزَارِيِّ

عن سَمُرةَ بن جُنْدبٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُسَمِّ غُلامَكَ ربَاحًا ولا أفْلحَ ولا يَسارًا، ولا نَجِيحًا. يقالُ: أثَمَّ هو؟ فيقالُ: لا"

(3)

.

(1)

حديث صحيح لغيره، وأخرجه ابن ماجه (3729). بلفظ:"لَئِنْ عشت إن شاء الله لأنهين أن يُسمى رباح ونجيح وأفلحُ ونافعٌ ويسارٌ". وهو في "صحيح ابن حبان"(5841) بلفظ: هَمَّ النبي أن يَزْجُرَ أن يُسمى ميمون وبركةُ وأفلح، وهذا النحو، ثم تركه، وصححه الحاكم 4/ 274 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال الحاكم: ولا أعلم أحدًا رواه عن الثوري يذكر عمر في إسناده غير أبي أحمد.

(2)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2138)، وأبو داود (4960). وهو في "مسند أحمد"(14606)، و"صحيح ابن حبان"(5839) و (5840) و (5842)، وبعضهم يزيد في الأسماء على بعض.

(3)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2136) و (2137)، وأبو داود (4958) =

ص: 112

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3049 -

حدَّثنا محمدُ بن مَيْمُونٍ المَكِّيُّ، قال حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعْرجِ

عن أبي هُريرةَ يَبْلغُ به النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أخْنعُ اسمٍ عندَ الله يومَ القِيامةِ رجلٌ تَسمَّى مَلِكَ الأمْلاكِ". قال سفيانُ: شاهَانْ شاهْ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

وأخْنعُ: يعني أقبحُ.

‌100 - باب ما جاء في تَغيِيرِ الأسْماء

3050 -

حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ الدَّوْرَقيُّ وأبو بكرٍ بُنْدار وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ القَطَّانُ، عن عُبَيدِ اللهِ بن عمرَ، عن نافعٍ

عن ابن عمرَ: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم غَيَّرَ اسْمَ عاصيةَ، وقال:"أنْتِ جَمِيلةُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، وإنّما أسْندَهُ يحيى بن سعيدٍ القَطَّانُ، عن عُبَيدِ الله، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ، ورَوَى بَعضُهم

= و (4959)، وابن ماجه (3730). وهو في "مسند أحمد"(20078)، و"صحيح ابن حبان"(5836).

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6205)، ومسلم (2143)، وأبو داود (4961). وهو في "مسند أحمد"(7329)، و"صحيح ابن حبان"(5835).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2139)، وأبو داود (4952)، وابن ماجه (3733). وهو في "مسند أحمد"(4682)، و"صحيح ابن حبان"(5819).

ص: 113

هذا عن عُبَيدِ اللهِ عن نافعٍ أنَّ عمرَ، مُرسلًا

(1)

.

وفي البابِ عن عبد الرحمنِ بن عَوفٍ، وعَبد الله بن سَلامٍ، وعَبد اللهِ بن مُطِيعٍ، وعائشةَ، والحَكمِ بن سَعيدٍ، ومُسْلمٍ، وأُسامةَ بن أخْدَرِيّ، وشُرَيْحِ بن هانئٍ عن أبيهِ، وخَيْثمةَ بن عَبد الرحمنِ عن أبيه.

3051 -

حدَّثنا أبو بكرِ بن نافعٍ البَصْرِيُّ، قال حدَّثنا عمرُ بن عليٍّ المُقَدَّميُّ، عن هِشامِ بن عُرْوةَ، عن أبيه

عن عائشةَ: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُغيِّرُ الاسمَ القَبِيحَ

(2)

.

قال أبو بكرِ بن نافع: ورُبَّما قال عمرُ بن عليٍّ في هذا الحديثِ: هِشام بن عُرْوةَ، عن أبيه، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، مُرسلًا ولم يَذْكُر فيه عن عائشةَ

(3)

.

(1)

هذه الرواية المرسلة عند ابن سعد في "الطبقات" 3/ 266، من طريق سليمان بن بلال، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

إسناده ضعيف، عمر بن علي المقدمي وإن كان ثقة يدلس، وهو في "العلل الكبير" للمصنف 2/ 870، وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 2202.

ويشهد له حديث عتبة بن عبد السلمي: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الرجل وله الاسم لا يحبه حوَّله. أخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (293) وإسناده حسن.

وفي الباب عن ابن عمر، انظر ما قبله.

(3)

قال المصنف في "العلل": سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: إنما يروى هذا عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وقد رجح الدارقطني في "علله" الإرسال.

ص: 114

‌101 - باب ما جاء في أسْماءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

-

3052 -

حدَّثنا سعيدُ بن عَبد الرحمنِ المخْزُوميُّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن الزُّهْرِيِّ، عن محمدِ بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ

عن أبيهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لِي أسماءً: أنا محمدٌ، وأنا أحمدُ، وأنا المَاحي الّذِي يَمْحُو اللهُ بِي الكُفرَ، وأنا الحاشرُ الّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ على قَدَمي، وأنا العاقبُ الّذِي ليس بعدَه نَبيٌّ"

(1)

.

وفي الباب عن حذيفةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌102 - باب ما جاء في كَرَاهِيةِ الجمْعِ بَيْنَ اسمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وكُنْيتِه

3053 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا اللّيْثُ، عن ابن عَجْلانَ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى أنْ يَجْمعَ أحدٌ بَيْنَ اسمِه وكُنْيتِه، ويُسمِّي: محمدًا

(2)

أبا القاسمِ

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3532)، ومسلم (2354)، والنسائي في "الكبرى"(11590). وهو في "مسند أحمد"(16734)، و"صحيح ابن حبان"(6313).

(2)

في (أ) و (د): ويُسمَّى محمدٌ، والمثبت من (ل) و (س).

(3)

حديث صحيح، وهو في "مسند أحمد"(8109)، و (9598)، و"صحيح ابن حبان"(5814) و (5817). =

ص: 115

وفي البابِ عن جابرٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3054 -

حدَّثنا الحُسين بن حُرَيث، قال: أخبرنا الفَضْلُ بن موسى، عن الحُسين بن واقدٍ، عن أبي الزُّبير

عن جابرٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تسمَّيتُم بي، فلا تكنَّوا بي"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

وقد كَرِهَ بعضُ أهلِ العلمِ أنْ يَجْمعَ الرَّجُلُ بينَ اسمِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم وكُنْيتِه، وقد فَعلَ ذلكَ بَعْضُهم.

ورُوِي عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ سَمعَ رجلًا في السُّوقِ يُنادِي: يا أبا القاسمِ، فالْتَفتَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: لم أعْنِكَ، فقال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لا تكنَّوا بكُنْيتي".

3055 -

حدَّثنا بذلكَ الحسنُ بن عليٍّ الخَلَّالُ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن

= وأخرج البخاري (110)، ومسلم (2134)، وأبو داود (4965)، وابن ماجه (3735) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي". وهو في "المسند"(7378)، و"صحيح ابن حبان"(5812).

(1)

حديث صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (4966). وهو في "مسند أحمد"(14357)، و"صحيح ابن حبان"(5816).

وأخرج البخاري (3114)، ومسلم (2133)، وابن ماجه (3736) عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي". وهو في "المسند"(14183) و (14227).

ص: 116

هارونَ، عن حُمَيدٍ، عن أنسٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم بهذا

(1)

.

وفي الحديثِ ما يَدُلُّ على كَرَاهيةِ أنْ يُكْنى أبا القاسمِ.

3056 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ القَطَّانُ، قال: حدَّثنا فِطْرُ بن خَلِيفةَ، قال حدَّثني مُنْذرٌ وهو الثَّوْريُّ، عن محمدٍ وهو ابن الحَنفيَّةِ

عن عليِّ بن أبي طالبٍ أنَّه قال: يا رسولَ الله، أرَأيتَ إن وُلدَ لِي بَعْدَكَ، أُسَمِّيهِ محمدًا وأكنيهِ بِكُنيتكَ؟ قال:"نعم"، قال: فكانت رُخْصةً لي

(2)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ.

‌103 - باب ما جاء إنَّ من الشِّعْرِ حِكْمةً

3057 -

حدَّثنا أبو سعيدٍ الأشَجُّ، قال: حدَّثنا يحيى بن عبد الملكِ بن أبي غَنيَّةَ، قال: حدَّثني أبي، عن عاصمٍ، عن زِرٍّ

عن عبد اللهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من الشِّعْرِ حِكْمةً"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2120)، ومسلم (2131)، وابن ماجه (3737). وهو في "مسند أحمد"(12130)، و"صحيح ابن حبان"(5813).

(2)

إسناده قوي، وأخرجه أبو داود (4967). وهو في "مسند أحمد"(730).

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 693، وأبو يعلى (5104)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 297.

ويشهد له ما بعده.

ص: 117

هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، إنّما رَفَعهُ أبو سعيدٍ الأشَجُّ، عن ابن أبي غَنيَّة، ورَوَى غيره عن ابن أبي غَنِيَّةَ هذا الحديثَ موقُوفًا.

وقد رُوِي هذا الحديثُ من غيرِ هذا الوجهِ عن عبد اللهِ بن مسعودٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وفي البابِ عن أُبيِّ بن كَعْبٍ، وابن عبَّاسٍ، وعائشةَ، وبُريْدَةَ، وكَثِيرِ بن عَبد اللهِ، عن أبيه، عن جَدِّهِ.

3058 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا أبو عوانةَ، عن سِماكِ بن حَرْبٍ، عن عِكْرمةَ

عن ابن عبَّاسٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من الشِّعْرِ حُكمًا"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

(1)

حديث صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (5011)، وابن ماجه (3756). وهو في "مسند أحمد"(2424)، و"صحيح ابن حبان"(5778) و (5780).

وفي الباب عن غير واحد من الصحابة، ذكرناها في "المسند".

قوله: "إن من الشعر حُكمًا"، قال ابن الأثير في "النهاية" 1/ 419: أي: إن من الشعر كلامًا نافعًا يمنع من الجهل والسَّفَه، وينهى عنهما، قيل: أراد بها المواعظَ والأمثال التي ينتفع بها الناس، والحُكْمُ: العلمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر: حَكَم يَحْكُم، ويروى "إن من الشعر لحِكْمةً" وهي بمعنى الحكم.

ص: 118

‌104 - باب ما جاء في إنشاد الشِّعْرِ

3059 -

حدَّثنا إسماعيلُ بن موسى الفزَاريُّ وعليُّ بن حُجْرٍ، المعنى واحدٌ، قالا: حدَّثنا ابن أبي الزِّنادِ، عن هشامِ بن عُرْوةَ، عن أبيه

عن عائشةَ، قالت: كان رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يضعُ لِحَسَّانَ مِنْبرًا في المسجدِ يقومُ عليه قائمًا، يُفاخِرُ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أو قالت: يُنافِحُ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويقولُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ القُدُسِ ما يُفاخِرُ، أو يُنافحُ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم"

(1)

.

3060 -

حدَّثنا إسماعيلُ بن موسى الفَزَاري وعليُّ بن حُجْرٍ، قالا: حدَّثنا ابن أبي الزِّنادِ، عن أبيه، عن عُروةَ، عن عائشة، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم

(1)

حديث صحيح لغيره دون قوله: "يضع لحسان منبرًا في المسجد"، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن أبي الزناد، وهو عبد الرحمن، وقد انفرد بهذه اللفظة، وهو ممن لا يحتمل تفرده.

وأخرجه أبو داود (5015). وهو في "مسند أحمد"(24437).

وأخرج مسلم (2490) ضمن حديث طويل عن عائشة مرفوعًا: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله".

وأخرجه ابن حبان (7147) من وجه آخر عن عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله". وإسناده ضعيف.

وفي الباب عن البراء بن عازب، عند أحمد في "المسند"(18526)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قوله: "ينافح"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: يدافع، والمنافحة: المدافعة والمضاربة وكان يؤيده روحُ القدس، لئلا يُفحش في الكلام، كذا قيل.

ص: 119

مثْلهُ

(1)

.

وفي البابِ عن أبي هريرةَ، والبراءِ.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ، وهو حديثُ ابن أبي الزِّنادِ.

3061 -

حدَّثنا إسحاقُ بن منصورٍ، قال: أخبرنا عبد الرَّزاقِ، قال: أخبرنا جعْفرُ بن سليمانَ، قال: حدَّثنا ثابتٌ

عن أنسٍ: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخلَ مَكَةَ في عُمْرةِ القضاءِ، وعبدُ اللهِ بن روَاحةَ بين يَديهِ يمشي وهو يقولُ:

خَلُّوا بَني الكُفّارِ عن سَبِيلهِ

اليومَ نَضْرِبْكُمْ على تَنْزِيلهِ

ضرْبًا يُزيلُ الهَامَ عن مَقِيلهِ

ويُذْهِلُ الخَليلَ عن خَلِيلهِ

فقال له عمرُ: يا ابن رواحةَ، بينَ يَدي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وفي حَرمِ اللهِ تقولُ الشِّعْرَ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خَلِّ عنه يا عمرُ، فَلَهِي أسْرَعُ فِيهم من نَضْحِ النَّبْلِ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ من هذا الوجه، وقد رَوَى عبد الرَّزاقِ هذا الحديثَ أيْضًا عن مَعْمرٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنَسٍ نَحو هذا، ورُوِي في غيرِ هذا الحديثِ أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخلَ مكَّةَ في

(1)

انظر ما قبله.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي 5/ 202 و 211 - 212. وهو في "صحيح ابن حبان" (4521) و (5788)، و"شرح السنة" للبغوي (3404).

قوله: يزيل الهام عن مقيله، أي: يزيل الرأس عن موضعه.

ص: 120

عمْرةِ القضاءِ وكَعْبُ بن مالكٍ بينَ يَدَيْهِ، وهذا أصَحُّ عند بعضِ أهلِ الحديثِ، لأنَّ عبد اللهِ بن رَواحةَ قُتلَ يومَ مُؤْتةَ، وإنّما كانت عُمْرةُ القضاءِ بعد ذلكَ

(1)

.

3062 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا شَرِيكٌ، عن المِقْدام بن شُرَيْحٍ، عن أبيه

عن عائشة، قال: قِيلَ لها: هل كان النّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَتمثّلُ بِشَيءٍ من الشِّعْر؟ قالت: كان يَتمثّلُ بشِعْرِ ابن روَاحةَ ويقولُ:

"ويأتِيكَ بالأخْبارِ من لم تُزَوِّدِ"

(2)

.

(1)

وقد تعقب الترمذيَّ الحافظُ ابن حجر، فقال في "الفتح" 7/ 573: وهو ذهول شديد، وغلط مردود، وما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفور معرفته، ومع أن في قصة عمرة القضاء اختصامَ جعفر وأخيه علي وزيد بن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قتل هو وزيد وابن رواحة في موطن واحد، وكيف يخفى عليه (أي على الترمذي) مثل هذا؟! ثم وجدت عن بعضهم أن الذي عند الترمذي من حديث أنس أن ذلك كان في فتح مكة، فإن كان كذلك، اتجه اعتراضه، لكن الموجود بخط الكروخي راوي الترمذي ما تقدم، والله أعلم.

(2)

صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك - وهو ابن عبد الله النخعي.

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(997). وهو في "المسند"(25071).

قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي": اعلم أن نسبة عائشة رضي الله عنها الشعر المذكور إلى ابن رواحة نسبة مجازية، فإنه ليس له، بل هو لطرفة بن العبد البكري في معلقته المشهورة، وقد جاءت نسبته على الصواب في حديث عائشة الذي =

ص: 121

وفي البابِ عن ابن عبَّاسٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3063 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا شَرِيكٌ، عن عبد المَلكِ بن عُمَيْرٍ، عن أبي سَلمةَ

عن أبي هُريرةَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "أشْعرُ كَلمةٍ تَكلّمتْ بِها العربُ كلمة لَبِيدٍ:

ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواهُ الثّوْرِيُّ وغيره، عن عبد المَلكِ بن عُمَيرٍ.

3064 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا شَرِيكٌ، عن سِماكٍ

عن جابرِ بن سَمُرةَ، قال: جالَسْتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم أكْثرَ من مِئةِ

= أخرجه أحمد (24023)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(995) و (996) عن هشيم، أخبرنا مغيرة عن الشعبي، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراث الخبر تمثَّلَ فيه ببيت طرفة:

ويأتيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تُزَوِّدِ

وهذا سند رجاله ثقات، لكن في سماع الشعبي من عائشة اختلاف.

ومعنى: استراث الخبر: استبطأه من الريث، وهو الإبطاء، وهو مستراثُ النُّصرة، أي: بطيئها.

(1)

حديث صحيح لغيره، شريك متابع، وأخرجه البخاري (3841)، ومسلم (2256)، وابن ماجه (3757). وهو في "مسند أحمد"(7383)، و"صحيح ابن حبان"(5783).

ص: 122

مَرَّةٍ، فكان أصحابُه يتناشَدُونَ الشِّعْرَ، ويَتذَاكَرُونَ أشياءَ من أمرِ الجاهلِيَّةِ وهو ساكتٌ، فَرُبَّما يَتبسَّمُ مَعهُم

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواه زُهَيرٌ، عن سِماكٍ أيضًا.

‌105 - باب ما جاء لأنْ يَمْتلئَ جوفُ أحَدكُم قَيحًا خَيْرٌ لهُ من أنْ يَمْتلئَ شِعْرًا

3065 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بَشَّار، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن شُعبةَ، عن قتادةَ، عن يونس بن جُبَير، عن محمدِ بن سَعد بن أبي وقاصٍ

عن أبيه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لأنْ يَمتلئَ جَوفُ أحدِكم قَيْحًا خيرٌ له من أن يَمتلئَ شِعْرًا"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

3066 -

حدَّثنا عيسى بنُ عُثمانَ بن عيسى بن عبد الرحمن الرَّمْليُّ، قال: حدَّثنا عَمِّي يحيى بن عيسى، عن الأعمَشِ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَمْتلئَ جَوْفُ

(1)

حديث صحيح، شريك وهو ابن عبد الله وإن كان في حفظه شيءٌ - متابع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين، وأخرجه مطولًا ومختصرًا مسلم (670) و (2322)، وأبو داود (1294)، والنسائي 3/ 80 - 81. وهو في "المسند" (20844)، و"صحيح ابن حبان" (5781).

(2)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2258)، وابن ماجه (3760). وهو في "مسند أحمد"(1506).

ص: 123

أحَدكُم قَيْحًا يَرِيْهِ خيرٌ له من أنْ يَمْتلئَ شِعْرًا"

(1)

.

وفي البابِ عن سعدٍ، وأبي سعيدٍ، وابن عمرَ، وأبي الدَّرْداءِ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌106 - باب ما جاء في الفَصاحةِ والبَيانِ

3067 -

حدَّثنا محمدُ بن عَبد الأعلى الصَّنْعانيُّ، قال: حدَّثنا عمرُ بن عليٍّ المُقَدَّميُّ، قال: حدَّثنا نافعُ بن عُمرَ الجُمحيُّ، عن بِشْرِ بن عاصمٍ سَمِعهُ يُحدِّثُ، عن أبيه

عن عبد اللهِ بن عمرٍو، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله يُبْغِضُ البَليغَ من الرِّجالِ الذِي يَتخلّلُ بلِسانِه كما تَتَخلّلُ البَقرَةُ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (6155)، ومسلم (2257)، وأبو داود (5009)، وابن ماجه (3759). وهو في "مسند أحمد"(7874)، و"صحيح ابن حبان"(5777) و (5779).

قال أبو عبيد القاسم بن سلام في "غريب الحديث" 1/ 32: وجه الحديث عندي: أن يمتلئ قلبُه من الشعر حتى يغلب عليه، فيشغله عن القرآن، وعن ذكر الله، فيكون الغالب عليه من أيِّ الشعر كان، فإذا كان القرآن والعلم الغالبَيْن عليه، فليس جوف هذا عندنا ممتلئًا من الشعر.

وقال في "الفتح" 10/ 550: مناسبة هذه المبالغة في ذم الشعر أن الذين خوطبوا بذلك كانوا في غاية الإقبال عليه، والاشتغال به، فزجرهم عنه ليقبلوا على القرآن وعلى ذكر الله تعالى وعبادته، فمن أخذ من ذلك ما أمر به لم يضره ما بقي عنده مما سوى ذلك.

(2)

إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (5005). وهو في "مسند أحمد" =

ص: 124

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه.

وفي الباب عن سعدٍ.

‌107 - باب

3068 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بن زيدٍ، عن كَثير بن شِنْظيرٍ، عن عطاءِ بن أبي رباحٍ

عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خَمِّروا الآنيةَ، وأَوكوا الأسْقيةَ، وأجيفوا الأبوابَ، وأطْفئوا المصابيحَ، فإنّ الفُويْسقَة رُبَّما جَرَّت الفَتِيلةَ، فأَحرقَتْ أهلَ البيت"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوي من غير وجهٍ، عن جابر، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

‌108 - باب

3069 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمدٍ، عن سُهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه

= (6543) وفيه ذكرنا شواهده.

قوله: "يبغض البليغ من الرجال"، أي: المبالغ في الكلام وأداء الحروف، أو المتكلم بالكلام البليغ بالتكلف دون الطبع والسليقة.

"يتخلل" أي: يتشدَّق في الكلام، ويفخم لسانه، ويلفه كما تلفُّ البقرة الكلأ بلسانها، والمراد: يُدير لسانه حول أسنانه مبالغةً في إظهار بلاغته. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

(1)

حديث صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (1915).

ص: 125

عن أبي هريرةَ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا سافرتُم في الخِصْب، فأعطوا الإبلَ حظَّها من الأرض، وإذا سافرتُم في السّنة، فبادِروا بها نِقْيَها، وإذا عَرَّستُم، فاجتنِبوا الطريقَ، فإنَّها طُرُقُ الدَّوابِّ ومأْوى الهَوامِّ بالليل"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

وفي الباب عن أنسٍ، وجابرٍ.

‌109 - باب

3070 -

حدَّثنا إسحاقُ بن موسى الأنْصارِيُّ، قال: حدَّثنا عبد اللهِ بن وَهْبٍ، عن عبد الجَبَّارِ بن عمرَ، عن محمدِ بن المُنكَدرِ

عن جابرٍ، قال: نهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن ينامَ الرَّجلُ على سَطْحٍ ليس بِمَحْجُورٍ عليه

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفهُ من حديثِ محمدِ بن المُنكَدرِ، عن جابرٍ إلَّا من هذا الوجه، وعبدُ الجَبَّارِ بن عمرَ الأَيْليُّ يُضعَّفُ.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (1926)، وأبو داود (2569)، والنسائي في "الكبرى"(8814). وهو في "مسند أحمد"(8442)، و"صحيح ابن حبان"(2703) و (2705).

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الجبار بن عمر.

وفي الباب عن رجل، أخرجه أحمد في "مسنده"(20748) و (20749)، وإسناده ضعيف أيضًا، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب، وبيَّنَّا ضعفها، وأنها لا يُفرح بها.

ص: 126

3071 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ، قال حدَّثنا سُفيانُ، عن الأعمَشِ، عن أبي وائلٍ

عن عبد اللهِ، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتخَوَّلُنا بالمَوْعِظةِ في الأيام مخافةَ السَّآمةِ علينا

(1)

.

هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.

3072 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدَّثنا سليمان الأَعمَشِ، قال: حدَّثني شَقيقُ بن سَلمةَ، عن عبد اللهِ بن

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (68)، ومسلم (2821)، والنسائي في "الكبرى"(5889). وهو في "مسند أحمد"(3581)، و"صحيح ابن حبان"(4524).

قوله: "يتخولنا"، قال الحافظ في "الفتح" 1/ 162: بالخاء المعجمة وتشديد الواو: قال الخطابي: الخائل - بالمعجمة - هو القائم المتعهد للمال، يقال: خال المال يخولُه تخولًا: إذا تعهده وأصلحه، والمعنى: كان يراعي الأوقات في تذكيرنا، ولا يفعل ذلك كُلَّ يوم لئلا نمل. والتخون بالنون أيضًا، يقال: تخوَّن الشيء: إذا تعهده وحفظه، أي: اجتنب الخيانة فيه، كما قيل في تحنَّث وتأثَّم ونظائرهما. وقد قيل: إن أبا عمرو بن العلاء سمع الأعمش يحدث هذا الحديث، فقال:"يتخولنا" باللام، فردَّه عليه بالنون، فلم يرجع لأجل الرواية، وكلا اللفظين جائز.

وحكى أبو عبيد الهروي في "الغريبين" عن أبي عمرو الشيباني أنه كان يقول: الصواب "يتحولنا" بالحاء المهملة، أي: يتطلب أحوالنا التي ننشط فيها للموعظة. قلت: والصواب من حيث الرواية الأولى، فقد رواه منصور عن أبي وائل كرواية الأعمش، وإذا ثبتت الرواية وصحَّ المعنى بطل الاعتراض.

ص: 127

مسعودٍ نحوه

(1)

.

‌110 - باب

3073 -

حدَّثنا أبو هشامٍ الرِّفاعيُّ، قال: حدَّثنا ابن فُضَيْلٍ، عن الأعمَشِ، عن أبي صالحٍ، قال:

سُئِلتْ عائشةُ وأُمُّ سَلمةَ: أيُّ العَملِ كان أحَبَّ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالتا: ما دِيمَ عليه وإن قَلَّ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح غريبٌ من هذا الوجه.

وقد رُوي عن هِشام بنِ عُرْوةَ، عن أبيه

عن عائشةَ قالت: كان أحبُّ العَملِ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ما دِيمَ عليه.

3074 -

حدَّثنا هارونُ بن إسحاقَ الهَمْدانيُّ، قال: حدَّثنا عَبْدةُ، عن

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(2)

حديث صحيح، وهو في "مسند أحمد"(24043) من حديث عائشة وأم سلمة مقرونتين.

وأخرجه البخاري (1132)، ومسلم (782) و (783) و (2818)، وأبو داود (1368)، والنسائي 2/ 68 و 3/ 208 و 221 - 222 و 8/ 123 من حديث عائشة وحدها، وهو كذلك في "المسند"(24628)، و"صحيح ابن حبان"(323).

وأخرجه ابن ماجه (1225) و (4237)، والنسائي 3/ 222 من حديث أم سلمة وحدها، وهو كذلك في "المسند"(26599)، و"صحيح ابن حبان"(2507)

قولهما: "ما ديم"، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: ما اعتاده صاحبه، ولا يتركه، وهو وإن قلَّ، خيرٌ من كثير لا يداوم عليه صاحبه.

ص: 128

هِشامِ بن عُرْوةَ، عن أبيه عن عائشةَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه بمعناهُ

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ.

(1)

إسناده صحيح وانظر ما قبله.

قال الإِمام النووي رحمه الله: بدوام القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله بخلاف الكثير الشاق حتى ينموَ القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة.

وقال ابن الجوزي: إنما أحب الدائم لمعنيين:

أحدهما: أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمُعرِض بعد الوَصْل، فهو متعرِّض للذم، ولهذا ورد الوعيد في حق مَن حفظ آية ثم نسيها وإن كان قبل حفظها لا يتعين عليه.

ثانيهما: أن مداوم الخير ملازم للخدمة، وليس مَن لازم الباب في كل يوم وقتًا ما كمن لازم يومًا كاملًا ثم انقطع.

ورواه البخاري ومسلم من طريق أبي سلمة عن عائشة: وإن أحب الأعمال إلى الله ما دُووِم عليه وإن قلَّ.

ص: 129

بسم الله الرحمن الرحيم

‌أبواب الأمثال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

-

‌1 - باب ما جاء في مَثلِ الله لِعبادِهِ

3075 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ السَّعْديُّ، قال: حدَّثنا بَقيَّةُ بن الوليدِ، عن بَحِيرِ بن سعدٍ، عن خالدِ بن مَعْدانَ، عن جُبَيرِ بن نُفَيرٍ

عن النَّوَّاسِ بن سَمْعانَ الكِلابيِّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ ضَربَ مثلًا صِراطًا مُسْتقيمًا، على كَنفَي الصِّراطِ زُورانِ

(1)

لها أبوابٌ مُفتَّحةٌ، على الأبوابِ سُتُورٌ، وداعٍ يَدْعُو على رَأْسِ الصِّراطِ، وداعٍ يَدعُو فَوقهُ {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: 25] والأبوابُ الّتِي على كَنَفي الصِّراطِ: حُدُودُ اللهِ، فلا يَقعُ أحدٌ في حدودِ اللهِ حتَّى يَكْشِفَ السِّتْرَ، والّذي

(1)

كذا في (أ) و (د) ونسخة المباركفوري "زُوران" بالزاي، وضبب عليها في (أ) و (د)، وفي (س):"دُوْران" بالدال، وفي (ل) وهامش (د): داران. وفي "مسند أحمد" من حديث النواس بن سمعان: "سُوران" بالسين. قال المباركفوري: زوران، بضم الزاي: تثنية زور، أي: جداران، وفي حديث ابن مسعود عند رزين: سوران، بضم السين المهملة، تثنية سور، والظاهر أن السين قد أبدلت بالزاي، كما يقال في الأسدي: الأزدي.

ص: 131

يَدْعُو من فَوْقِه واعظُ رَبِّهِ"

(1)

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

سمِعتُ عبد اللهِ بن عبد الرحمنِ يقولُ: سَمِعتُ زكريَّا بن عَدِيٍّ يقول: قال أبو إسحاقَ الفَزَاريُّ: خُذوا عن بَقيَّةَ ما حَدَّثَكُم عن الثِّقاتِ ولا تأخُذُوا عن إسماعيلَ بن عَيَّاشٍ ما حَدَّثكُم عن الثِّقاتِ ولا غيرِ الثِّقاتِ

(2)

.

(1)

حديث صحيح، بقية بن الوليد متابع، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11233). وهو في "مسند أحمد"(17634)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (2141) و (2142) و (2143).

"الستور": مثل لكل حاجز عن الحرام، حاجب عن المحظور، من دِينٍ ومروءة وحياء وهمة وعار وعفة.

قال المناوي في "فيض القدير" 4/ 254: إنما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل بذلك زيادة في التوضيح والتقريب، ليصير المعقول محسوسًا، والمتخيل محققًا، فإن التمثيل إنما يُصار إليه لكشف المعنى الممثل، ورفع الحجاب عنه، وإبرازه في صورة المشاهد ليساعد فيه الوهمُ العقلَ، فإن المعنى الصِّرف إنما يُدركه العقل مع منازعة الوهم، لأن طبعه الميل إلى الحِسِّ وحُب المحاكاة، ولذلك شاعت الأمثال في الكتب الإلهية، وفشت في عبارات البلغاء، وإشارات الحكماء.

(2)

قال الإِمام الذهبي في "الميزان": قال أبو الحسن ابن القطان: بقية يدلس عن الضعفاء ويستبيح ذلك، وهذا - إن صح - مفسد لعدالته. قلت (القائل هو الذهبي): نعم والله صح هذا عنه أنه يفعله، وصح عن الوليد بن مسلم وعن جماعة كبارٍ فعله، وهذه بلية منهم، ولكنهم فعلوا ذلك باجتهادٍ وما جوزوا على ذلك الشخص الذي يسقطون ذكره بالتدليس أنه يتعمد الكذب، هذا أمثلُ ما يُعتذر به عنهم.

وأما إسماعيل بن عياش، فالقول فيه: أنه ثقة فيما روى عن الشاميين، وأما روايته عن أهل الحجاز، فإن كتابه ضاع، فخلط في حفظه عنهم.

ص: 132

3076 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا اللّيْثُ، عن خالدِ بن يزيدَ، عن سعيدِ بن أبي هِلالٍ

أنَّ جابر بن عبد الله الأنْصَارِيَّ، قال: خرجَ علينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال:"إنِّي رأيتُ في المنامِ كأنَّ جِبْرِيلَ عند رَأْسِي ومِيكائيلَ عند رِجْليَّ، يقولُ أحَدُهُما لصَاحِبه: اضْربْ له مَثلًا، فقال: اسْمَعْ سَمِعتْ أُذُنُكَ، واعْقِلْ عَقَلَ قَلْبُك، إنَّما مَثلُكَ ومَثلُ أُمَّتكَ كمثلِ مَلكٍ اتَخذَ دارًا، ثمَّ بَنى فيها بَيتًا، ثمَّ جَعلَ فيها مائِدةً، ثمَّ بَعثَ رسولًا يَدْعُو النَّاسَ إلى طعامِه، فَمِنْهُم من أجابَ الرَّسولَ ومِنْهُم من تَركهُ، فالله هو المَلكُ، والدَّارُ الإِسلامُ، والبيتُ الجنَّةُ، وأنْتَ يا محمدُ رسولٌ، من أجَابكَ دَخلَ الإِسلامَ، ومن دَخلَ الإِسلامَ دَخلَ الجنَّةَ، ومن دَخلَ الجنَةَ أكَلَ ما فِيها"

(1)

.

هذا حديثٌ مُرسلٌ، سعيدُ بن أبي هِلالٍ لم يُدْرك جابرَ بن عَبد اللهِ.

وفي البابِ عن ابن مسعُودٍ.

وقد رُوي هذا الحديثُ عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه بإسنادٍ أصَحَّ من هذا.

3077 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا ابن أبي عَدِيٍّ، عن جَعْفر بن مَيمُونٍ، عن أبي تَمِيمةَ الهُجَيْميِّ، عن أبي عثمانَ

(1)

حديث صحيح، وأخرجه بنحوه البخاري (7281) من طريق سعيد بن ميناء عن جابر، وهي الطريق التي أشار إليها المصنف بإثر هذا الحديث.

ص: 133

عن ابن مسعودٍ، قال: صَلّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم العِشاءَ، ثُمَّ انْصرَفَ فأخَذَ بيدِ عَبد اللهِ بن مسعودٍ حتَّى خَرجَ بهِ إلى بَطْحاءِ مَكَّةَ، فأجْلسَه ثُمَّ خَطّ عليه خَطًّا، ثمَّ قال:"لا تَبْرحنَّ خَطَّكَ، فإنَّهُ سَيَنتهي إليكَ رِجالٌ، فلا تُكَلِّمْهُم، فَإنهُم لن يكلموكَ"، ثُمَّ مَضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حيث أراد.

فبينا أنا جالسٌ في خَطِّي إذ أتاني رجالٌ كأنَّهم الزُّطُّ أشْعارُهُم وأجسامُهم، لا أرَى عَورةً ولا أرَى قِشْرًا، ويَنْتهُونَ إليَّ لا يجاوِزُونَ الخَطَّ، ثمَّ يَصدُرُونَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حتَّى إذا كانَ من آخر اللّيْلِ، لكن رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جاءَني وأنا جالسٌ، فقال:"لقد أراني مُنْذُ اللّيْلةِ" ثُمَّ دَخلَ عليَّ في خَطِّي فتوسَّدَ فخذِي فرقَدَ وكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا رَقدَ نَفخَ.

فبينا أنا قاعدٌ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتوَسِّدٌ فخذِي إذا أنا بِرجالٍ عليهم ثِيابٌ بِيضٌ اللهُ أعلمُ ما بِهم من الجَمالِ، فانْتَهوْا إليه، فجلسَ طائفةٌ مِنْهم عندَ رأْس رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وطائفةٌ مِنْهُم عند رجليهِ.

ثُمَّ قالُوا بَينهُم: ما رَأيْنا عَبدًا قَطُّ أُوتِي ما أُوتِي هذا النّبيُّ، إنَّ عَيْنيهِ تَنامانِ وقَلْبهُ يَقْظانُ، اضربوا له مَثلًا مَثلَ سَيِّدٍ بَنَى قَصرًا ثمَّ جَعلَ مائدةً، فدعَا النَّاسَ إلى طَعامِه وشَرابه، فمن أجابَه أكَلَ من طَعامِه وشَرِبَ من شَرَابِه، ومن لم يُجِبْهُ عاقبهُ، أو قال: عَذّبهُ، ثُمَّ ارْتَفعُوا.

واسْتيقظَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند ذلكَ، فقال: "سمَعتَ ما قال

ص: 134

هؤُلاءِ؟ وهَلْ تَدْرِي مَنْ هُمْ"؟ قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: "هم الملائِكةُ، فَتدْرِي ما المَثلُ الَّذِي ضَربُوا"؟ قلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلمُ، قال:"المَثلُ الّذِي ضَرَبُوا: الرَّحمنُ بَنى الجنَّةَ، ودَعا إليها عِبادَهُ، فمن أجَابَهُ دَخلَ الجنَّةَ، ومن لم يُجبْهُ عَاقبهُ أو عَذّبهُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيح من هذا الوجه.

وأبو تَميمةَ اسمُه: طَريفُ بن مُجالدٍ، وأبو عثمانَ النَّهْدِيُّ اسمُه: عبد الرحمنِ بن مُلٍّ.

وروى سليمان التّيمي هذا الحديث

(2)

، وسليمانُ التَّيميُّ: هو ابن طَرْخانَ، وإنَّما كانَ يَنْزلُ بَنِي تَيْمٍ فَنُسبَ إليهم.

(1)

إسناده ضعيف، جعفر بن ميمون ضعفه أحمد وابن معين والنسائي والعقيلي، وقال ابن معين في موضع آخر: صالح الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، ويكتب حديثه في الضعفاء.

وهو بنحوه في "مسند أحمد"(3788). وأورده ابن كثير في "تفسيره"(تفسير سورة الأحقاف) من طريق الإِمام أحمد، بهذا الإسناد، وقال: وفيه غرابة شديدة.

وقوله: لا أرى عورة ولا أرى قشرًا. هو بكسر القاف وسكون الشين: غشاء الشيء خِلقة أو عرضًا، وكُلُّ ملبوس، قال ابن الأثير: لا أرى منهم عورةً منكشفةً، ولا أرى عليهم ثيابًا.

(2)

قوله: "وروى سليمان التيمي هذا الحديث" أثبتناه من (س)، ولم يرد في سائر الأصول.

ص: 135

قال عَليٌّ

(1)

: قال يحيى بن سَعيدٍ: ما رَأيْتُ أخْوَفَ للهِ من سُليْمانَ التَّيْميِّ.

‌2 - باب ما جاء مَثل النّبيِّ والأنْبِياءِ قبله صلى الله عليه وعليهم أجمعين

3078 -

حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن سِنانٍ، قال: حدَّثنا سَلِيْمُ بن حَيَّانَ، قال: حدَّثنا سعيدُ بن مِيناءَ

عن جابرِ بن عبد اللهِ، قال: قال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنّما مَثلِي ومَثلُ الأنبِياءِ كَرجُلٍ بنى دارًا، فأكْملَها، وأحْسنَها إلَّا مَوْضعَ لَبِنةٍ، فجعلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَها، ويَتعجَّبُونَ مِنها، ويقولونَ: لولا مَوْضعُ اللّبِنةِ"

(2)

.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ وأُبيِّ بن كَعْبٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ من هذا الوجه.

‌3 - باب ما جاء مَثلُ الصَّلاةِ والصِّيامِ والصَّدَقةِ

3079 -

حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ، قال: حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ،

(1)

كذا في (أ) و (د) و (ل)، ووقع في (س): سمعت أبا بكر العطار البصري يذكر عن علي ابن المديني قال: قال يحيى

إلخ.

(2)

إسناده صحيح، ومحمد بن إسماعيل: هو الإِمام البخاري، وهو في "صحيحه"(3534)، وأخرجه مسلم (2287). وهو في "مسند أحمد"(14888).

وفي الحديث ضربُ الأمثال للتقريب والإفهام، وفضلُ النبي صلى الله عليه وسلم على سائر النبيين، وأن الله ختم به المرسلين، وأكمل به شرائع الدين.

ص: 136

قال: حدَّثنا أبانُ بنُ يَزِيدَ، قال: حدَّثنا يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن زيدِ بن سَلَّامٍ، أنَّ أبا سَلّامٍ حَدَّثهُ

أنَّ الحارثَ الأشْعَريَّ حَدّثهُ، أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله أمرَ يحيى بنَ زَكَريَّا بِخَمْسِ كَلِماتٍ أن يَعْملَ بها، ويَأْمُرَ بني إسرائيلَ أنْ يَعْملُوا بِها، وإنَّهُ كادَ أنْ يُبْطئَ بِها، قال عيسى: إنَّ اللهَ أمركَ بِخَمْسِ كَلِماتٍ لِتَعْملَ بِها، وتَأمُرَ بَني إسرائيلَ أنْ يَعْملُوا بِها، فإمَّا أن تأمُرَهُم، وإمَّا أن آمُرَهم.

فقال يحيى: أخْشى إنْ سَبقْتَني بِها أن يُخْسفَ بي أو أُعَذَّبَ، فجمعَ النَّاسَ في بيتِ المَقْدِسِ، فامْتلأَ وقَعدُوا على الشُّرَفِ، فقال: إنَّ اللهَ أمَرني بِخَمْسِ كَلِماتٍ أن أعْملَ بِهنَّ، وآمُرَكُم أن تَعْملُوا بِهنَّ:

أوَّلُهُنَّ: أنْ تَعْبُدوا اللهَ ولا تُشْرِكوا به شيئًا، وإنَّ مَثلَ مَن أشْرَكَ بالله كَمَثلِ رجلٍ اشْتَرى عَبْدًا من خالِصِ مالِه بِذَهبٍ أو وَرِقٍ، فقال: هذه دَارِي وهذا عَملي، فاعملْ وأدِّ إليَّ، فكان يَعْملُ ويُؤدِّي إلى غيرِ سَيِّدهِ، فأيُّكُمْ يَرْضَى أنْ يكونَ عَبْدُهُ كذلكَ؟

وإنَّ الله أمَركُم بالصَّلاةِ، فإذا صَلّيْتُمْ، فلا تَلْتَفتُوا، فإنَّ الله يَنْصِبُ وجههُ لِوَجهِ عَبْدِه في صلاتِه ما لم يَلْتفِتْ.

وأمَرَكُم بالصِّيامِ، فإنَّ مَثلَ ذلكَ، كَمَثلِ رجلٍ في عِصابةٍ معه صُرَّةٌ فيها مِسْكٌ، فكلُّهُم يَعْجَبُ أو يُعْجبه رِيحُها، فإنَّ رِيحَ الصَّائمِ أطْيبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيح المِسْكِ.

ص: 137

وأمرَكُم بالصَّدقةِ، فإنَّ مَثلَ ذلكَ كَمَثلِ رَجُلٍ أسَرهُ العَدُوُّ، فأوْثقُوا يَدهُ إلى عُنقِه، وقَدَّمُوه لِيَضْربُوا عُنقهُ، فقال: أنا أفْدِيهِ مِنْكُم بالقليلِ والكَثيرِ، ففَدى نَفْسَهُ منهم.

وأمَركُم أنْ تَذْكُرُوا الله، فإنَّ مَثلَ ذلكَ كمَثلِ رجلٍ خَرجَ العَدُوُّ في أثَرِه سِراعًا، حتَّى إذا أتَى على حِصْنٍ حَصِينٍ، فأحْرزَ نَفْسَه منهم، كذلك العبدُ لا يُحْرِزُ نَفْسَه من الشَّيطانِ إلَّا بذِكْرِ اللهِ.

قال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "وأنا آمُرُكُم بِخَمْسٍ، اللهُ أمَرني بِهِنَّ: السَّمْعُ والطَّاعةُ والجِهادُ والهِجْرةُ والجَماعةُ، فإنَّهُ من فارقَ الجماعةَ قِيدَ شِبْرٍ، فقد خَلعَ رِبْقةَ الإِسلام من عُنقِه إلّا أنْ يُراجع، ومن ادَّعَى دَعوَى الجاهِليَّةِ، فإنَّهُ من جُثَى جَهنَّمَ"، فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ وإنْ صَلّى وصامَ؟ فقال: "وإنْ صَلّى وصامَ، فادْعوا بِدَعْوى اللهِ التي سَماكُمُ المُسْلمينَ المُؤْمِنينَ، عِبادَ اللهِ"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه النسائي في التفسير من "الكبرى"(11349). وهو في "مسند أحمد"(17170)، و"صحيح ابن حبان"(6233).

قوله: على الشُّرف: ضبط بضم ففتح، أي: الأمكنة العالية، والمراد: على بعضها.

وقوله: ينصب، أي: يتوجه إلى عبده.

وقوله: في عصابة: في جماعة، أي: فكما أن ذاك ذو جاه وقدر عندهم، كذلك الصائم عند الله.

وقوله جثى جهنم: ضبط بضم جيم وقصر، جمع جُثوة، بضم جيم، وقيل: مثلثة الجيم: ما جمع من نحو تراب، استعير للجماعة، قاله السندي في حاشيته =

ص: 138

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

قال محمدُ بن إسماعيلَ: الحارثُ الأشْعَرِيُّ له صُحبةٌ، وله غيرُ هذا الحديثِ.

3080 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ الطَّيالِسيُّ، قال: حدَّثنا أبانُ بن يَزِيدَ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن زَيدِ بن سَلّامٍ، عن أبي سَلّامٍ، عن الحارثِ الأشْعَرِيِّ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوهُ بمعناهُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

وأبو سَلّامٍ اسمُه: مَمْطُورٌ، وقد رواهُ عَليُّ بن المُباركِ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ.

‌4 - باب ما جاء مَثل المُؤْمنِ القارِئِ لِلقُرآنِ وغيرِ القَارِئِ

3081 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن قتادةَ، عن أنسٍ

عن أبي موسى الأشعَرِيِّ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَثلُ المُؤْمنِ الَّذِي يَقرأُ القُرآنَ كمَثلِ الأُتْرُجَّةِ رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها طَيِّبٌ، ومثلُ المؤمنِ الَّذِي لا يَقْرأُ القرآنَ كمَثلِ التَّمْرَةِ لا رِيحَ لها وطَعْمُها حُلْوٌ، ومثلُ المنافقِ الّذِي يَقْرأُ القرآن كمَثلِ الرَّيْحانةِ رِيحُها طَيِّبٌ، وطعْمُها مُرٌّ، ومثلُ المُنافقِ الّذِي لا يَقرأُ القرآنَ

= على "المسند".

(1)

صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 139

كمَثلِ الحَنْظَلةِ رِيحُها مُرٌّ وطَعْمُها مُرٌّ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواهُ شُعبةُ، عن قتادةَ أيضًا.

3082 -

حدَّثنا الحَسنُ بن عليٍّ الخَلَّالُ وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا عبد الرَّزاقِ، قال: أخبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيدِ بن المُسَيّبِ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثلُ المُؤْمنِ كمَثلِ الزَّرْعِ لا تَزالُ الرِّياحُ تُفيِّئُه، ولا يزالُ المؤمنُ يُصيبُه بلاءٌ، ومثلُ المُنافِقِ كمَثلِ شَجرَةِ الأرْزِ لا تَهْتزُّ حتَّى تَسْتَحْصِدَ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5020)، ومسلم (797)، وأبو داود (4830)، وابن ماجه (214)، والنسائي 8/ 124 - 125. وهو في "مسند أحمد" (19549)، و"صحيح ابن حبان" (770) و (771).

قال السندي: قوله: "الأُترجه"، بضم همزة وراء وتشديد جيم، معروف، والحاصل أن الإيمان مشبَّه بطيب الباطن، كطيب الطعم، لأن به طهارةَ الباطن، والقرآنُ مشبَّه بطيب الظاهر، كطيب الريح، فإنه مسموع للغير تميل إليه الطباع، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5644)، ومسلم (2809)، والنسائي في "الكبرى"(7480). وهو في "مسند أحمد"(7192).

قوله: "تفيئه"، أي: تميله.

و"شجر الأرْز": هو شجر عظيم صلب من الفصيلة الصنوبرية دائم الخضرة، يعلو كثيرًا، تصنع منه السفن، وأشهر أنواعه: أرز لبنان.

و"تَستحصِد"، قال القاضي عياض في "المشارق" 1/ 205: أي: تنقلع من أصلها، من الحصد، وهو الاستئصال، ورواه بعضهم:"تُستَحْصَد" بضم التاء وفتح الصاد، والأوجه به هنا بفتح التاء وكسر الصاد.

وفي "فتح الباري" 10/ 107: قال المهلَّب: معنى الحديث: أن المؤمن حيث =

ص: 140

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3083 -

حدَّثنا إسحاقُ بن موسى، قال: حدَّثنا مَعْنٌ، قال: حدَّثنا مالكٌ، عن عبد اللهِ بن دِينارٍ

عن ابن عمر، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ من الشَّجرِ شَجرةً لا يَسْقُطُ وَرقُها، وهي مَثلُ المؤمنِ، حدِّثُوني ما هي"؟ قال عبد اللهِ: فوقعَ النَّاسُ في شَجرِ البَوادِي ووقعَ في نَفسي أنّها النَّخْلةُ. فقال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "هي النَّخْلةُ" فاسْتَحْييتُ، يعني أنْ أقُولَ، قال عبد اللهِ: فَحدّثْتُ عمرَ بالّذِي وقعَ في نَفْسي. فقال: لأَنْ تكونَ قُلْتَها أحَبُّ إليَّ من أنْ يكونَ لي كذا وكذا

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.

= جاءه أمر الله، انطاع له (أي: انقاد له)، فإن وقع له خير، فرح به وشكر، وإن وقع له مكروه، صبر، ورجا فيه الخير والأجر، فإذا اندفع عنه، اعدل شاكرًا، والكافر لا يتفقده الله باختياره، بل يَحْصُلُ له التيسير في الدنيا، ليتعسر عليه الحال في المعاد، حتى إذا أراد الله إهلاكَه، قصمه، فيكون موته أشدَّ عذابًا عليه، وأكثر ألمًا في خروج نفسه.

وقال غيره: المعنى أن المؤمن يتلقى الأعراض الواقعة عليه لضعف حظه من الدنيا، فهو كأوائل الزرع شديد الميلان لضعف ساقه، والكافر بخلاف ذلك، وهذا في الغالب من حال الاثنين.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (61)، ومسلم (2811)، والنسائي في "الكبرى"(11261). وهو في "مسند أحمد"(4599)، و"صحيح ابن حبان"(243).

ص: 141

‌5 - باب ما جاء مَثلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ

3084 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا اللَّيْثُ، عن ابن الهادِ، عن محمدِ بن إبراهيم، عن أبي سَلمةَ

عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"أرَأيْتُم لو أنَّ نَهرًا بِبابِ أحَدكُم يَغْتسلُ فيه كُلَّ يومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هل يَبْقى من دَرنهِ"؟ قالوا: لا يَبقى من درنه شيءٌ. قال: "فَذلكَ مَثلُ الصَّلواتِ الخَمْسِ يَمْحُو اللهُ بِهنَّ الخَطايا"

(1)

.

وفي البابِ عن جابرٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3085 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا بكرُ بن مُضرَ القُرَشيُّ، عن ابن الهادِ نَحوَهُ

(2)

.

‌6 - باب

3086 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بن يحيى الأبَحُّ، عن ثابتٍ البُنانيِّ

عن أنسٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثلُ أُمَّتي مَثل المَطَرِ، لا يُدْرَى أوَّلُهُ خَيرٌ أم آخِرُهُ"؟

(3)

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (528)، ومسلم (667)، والنسائي 1/ 230. وهو في "مسند أحمد" (8924)، و"صحيح ابن حبان" (1726).

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(3)

حديث قوي بطرقه وشواهده، وهذا إسناد حسن، حماد بن يحيى الأبح =

ص: 142

وفي البابِ عن عمَّارٍ، وعبد اللهِ بن عمرٍو، وابن عمرَ.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه.

ويُروى عن عبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ أنَّهُ كان يُثبِّتُ حَمَّادَ بن يحيى الأبَحَّ، وكان يقولُ: هو من شيوخِنا.

‌7 - باب ما جاء مَثلُ ابن آدَمَ وأجَلُه وأمَلُه

3087 -

حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ، قال حدَّثنا خَلّادُ بن يحيى، قال: حدَّثنا بَشِيرُ بن المُهاجِرِ، قال: أخبرنا عبد اللهِ بن بُرَيدةَ

عن أبيه، قال: قال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "هل تَدْرُونَ ما مثل هذه وهذه، ورَمَى بحَصَاتَينِ"؟ قالُوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال:"هذاكَ الأملُ وهَذاكَ الأجلُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه.

3088 -

حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ الخَلَّال وغير واحدٍ، قالوا: حدَّثنا عبدُ الرَّزَّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن سالمٍ

عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الناسُ كإبلِ مئةٍ

= صدوق حسن الحديث، وباقي السند ثقات، وقال الحافظ في "الفتح" 7/ 6: وهو حديث حسن له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة، وهو في "مسند أحمد"(12327) وفيه تمام تخريجه وذِكْر شواهده.

(1)

إسناده ضعيف لضعف بشير بن المهاجر.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(10258).

ص: 143

لا يجدُ الرجلُ فيها راحلةً"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

3089 -

حدَّثنا سعيدُ بنُ عبد الرَّحمن المخزوميُّ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن الزُّهريِّ، عن سالمٍ

عن ابن عُمر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الناسُ كإبلِ مئةٍ لا تجدُ فيها راحلةً"، أو:"لا تجدُ فيها إلَّا راحلةً"

(2)

.

3090 -

حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، قال: حدَّثنا المغيرةُ بن عبد الرحمن، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج

عن أبي هريرةَ، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّما مَثَلي ومَثَلُ أُمتي كمَثلِ رجلٍ استوقَدَ نارًا، فجَعَلت الدَّواب والفراشُ يَقَعْنَ فيها،

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (6498)، ومسلم (2547)، وابن ماجه (3990). وهو في "مسند أحمد"(4516)، و"صحيح ابن حبان"(5797) و (6172).

قال الحافظ في "الفتح" 11/ 335: المعنى: لا تجد في مئة إبل راحلة تصلح للركوب، لأن الذي يصلح للركوب ينبغي أن يكون وطيئًا، سهل الانقياد، وكذا لا تجد في مئة من الناس مَن يصلح للصحبة، بأن يعاون رفيقَه، ويلين جانبه

وقال القرطبي: الذي يناسب التمثيل أن الرجل الجواد الذي يحمل أثقال الناس والحمالات عنهم ويكشف كربهم عزيز الوجود، كالراحلة في الإبل الكثيرة.

وقال ابن بطال: معنى الحديث أن الناس كثير، والمَرْضِيُّ منهم قليلٌ، وإلى هذا المعنى أومأ البخاري بإدخاله في باب رفع الأمانة، لأن من كانت هذه صفته، فالاختيارُ عدم معاشرته.

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 144

فأنا آخُذُ بحُجَزِكم وأنتم تقحَّمون فيها"

(1)

.

هذا حديث حسن صحيح.

3091 -

حدَّثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، قال: حدَّثنا مَعْنٌ، قال: حدَّثنا مالكٌ، عن عبد اللهِ بن دِينارٍ

عن ابن عمرَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّما أجَلُكُم فِيما خلا من الأُمَمِ كما بين صلاةِ العَصْرِ إلى مغاربِ الشَّمْسِ، وإنَّما مثلُكُم ومثَلُ اليهودِ والنَّصارى كرَجُلٍ استَعْملَ عُمّالًا، فقال: من يَعْمَلُ لي إلى نِصْفِ النّهارِ على قِيراطٍ قِيراطٍ؟ فَعمِلَتِ اليهودُ على قِيراطٍ قِيراطٍ، ثم قال: من يَعْملُ لي من نِصْفِ النّهارِ إلى صلاة العَصْرِ على قِيراطٍ قِيراطٍ؟ فَعمِلتِ النّصارى على قِيراطٍ قِيراطٍ؟ ثُمَّ أنْتُم تَعْملونَ من صلاةِ العَصرِ إلى مَغارِبِ الشَّمْسِ على قِيراطَيْنِ قِيراطَيْنِ، فغَضبَتِ اليَهُودُ والنَّصَارَى وقالوا: نحنُ أكثرُ عملًا وأقلُّ عطاءً؟! فقال: هل ظَلمْتُكُم من حَقِّكُم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فإنّهُ فَضْلي أُوتيهِ من أشاءُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3426)، ومسلم (1720). وهو في "مسند أحمد"(7321)، و"صحيح ابن حبان"(6408).

والحُجَز: مفردها حُجْزة، أي: مَشَدُّ الإزار.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (557) و (2268). وهو في "مسند أحمد"(5902)، و"صحيح ابن حبان"(6639) و (7217) و (7221).

ص: 145

بسم الله الرحمن الرحيم

‌أبواب فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

-

‌1 - باب ما جاء في فَضْلِ فاتحةِ الكتابِ

3092 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال حدَّثنا عبد العزِيزِ بن محمدٍ، عن العلاءِ بنَ عبد الرحمنِ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرجَ على أُبيِّ بن كَعْب، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"يا أُبيُّ" وهو يُصَلِّي، فالْتَفتَ أُبيٌّ فلم يُجبْهُ، وصلَّى أبيٌّ فخفَّفَ، ثمَّ انصرَفَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: السَّلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"عليكَ السَّلامُ، ما مَنعكَ يا أُبيُّ أن تُجِيبَني إذ دَعوْتُكَ"، فقال: يا رسولَ اللهِ إنِّي كنتُ في الصَّلاةِ، قال:"فلمْ تَجدْ فِيما أوحى الله إليَّ أن {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] قال: بلى، ولا أعُودُ إن شاءَ اللهُ، قال: "تُحِبُّ أن أُعَلِّمكَ سورةً لم يَنْزِلْ في التَّوْراةِ، ولا في الإنْجيلِ، ولا في الزَّبُورِ، ولا في الفُرْقانِ مِثلُها؟ " قال: نَعَم يا رسولَ اللهِ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"كيفَ تَقْرأُ في الصَّلاةِ؟ " قال: فقرأ أمَّ القُرْآنِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "والَّذي نَفْسي بِيدِه ما أُنْزِلَتْ في التَّوراةِ ولا في الإنْجيلِ ولا في الزَّبُورِ ولا في الفُرْقانِ

ص: 147

مِثلُها، وإنَّها سَبْعٌ من المَثاني والقُرآنِ العظيمِ الَّذِي أُعطيتُهُ"

(1)

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي الباب عن أنسِ بن مالك

(2)

.

‌2 - باب ما جاء في سُورةِ البَقرَةِ وآيةِ الكُرْسِيِّ

3093 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا عبد العزِيزِ بن محمدٍ، عن سُهَيلِ بن أبي صالح، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَجْعلُوا بُيوتكمْ مَقابرَ، وإنَّ البيتَ الَّذِي تُقْرأ فيهِ البقرةُ لا يَدخُله الشَّيطانُ"

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3094 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا حُسين الجُعْفيُّ، عن زائِدةَ، عن حَكيمِ بن جُبَيْرٍ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِكلِّ شيءٍ سَنامٌ،

(1)

إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد"(9345)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (1208).

(2)

وقع في المطبوع بعد هذا: "وفيه عن أبي سعيد بن المعلى" ولم يرد ذلك في أصولنا الخطية.

(3)

إسناده قوي، وأخرجه مسلم (780)، والنسائي في "الكبرى"(8015)، وفي "عمل اليوم والليلة"(965). وهو في "مسند أحمد"(7821)، و"صحيح ابن حبان"(783).

ص: 148

وإنَّ سَنامَ القُرآنِ سورةُ البَقرَةِ، وفيها آيةٌ هي سَيِّدةُ آي القُرآنِ: هي آيةُ الكرْسِيِّ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرِفُه إلَّا مِن حديثِ حَكِيمِ بن جُبَيْر.

وقد تكلَّمَ شُعبةُ في حَكِيمِ بن جُبَيْرٍ وضَعَّفَه.

3095 -

حدَّثنا يحيى بن المُغيرةِ أبو سَلمةَ المَخْزُوميُّ المَدينيُّ، قال: حدَّثنا ابن أبي فُديْكٍ، عن عبد الرحمن المُلَيْكيِّ، عن زُرَارةَ بن مُصْعبٍ، عن أبي سَلمةَ

عن أبي هُريرةَ، قال: رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَرَأ حم المُؤْمنَ إلى {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر: 1 - 3] وآيةَ الكُرسيِّ حينَ يُصْبحُ، حُفِظَ بِهما حتَّى يُمسيَ، ومن قَرأهُما حينَ يُمْسي، حُفِظَ بِهما حتَّى

(1)

إسناده ضعيف، لضعف حكيم بن جبير.

وأخرجه عبد الرزاق (6019)، والحميدي (994)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 637 (ترجمة حكيم بن جبير)، والحاكم 1/ 560 و 2/ 259. وصححه الحاكم وقال: والشيخان لم يخرجا عن حكيم بن جبير لوهن في رواياته إنما تركاه لغلوه في التشيع.

ويشهد لشطره الأول حديث سهل بن سعد، أخرجه أبو يعلى (7554)، والطبراني في "الكبير"(5864) و (8644). وهو عند ابن حبان (780)، وإسناده ضعيف.

وأثر عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه، أخرجه الدارمي (3377)، والطبراني في "الكبير"(8644)، والحاكم 2/ 259، وسنده حسن.

وقوله: لكل شيء سَنام: هو بفتح السين أي: رفعة وعلو، استُعيرَ من سنام الجمل، ثم كثر استعماله فيها حتى صار مثلًا، ومنه سُميت البقرة سنام القرآن. قاله الطيبي.

ص: 149

يُصْبِحَ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ.

وقد تَكلّمَ بعضُ أهلِ العلمِ في عبد الرحمنِ بن أبي بكرِ بن أبي مُلَيْكةَ المُلَيْكيِّ من قِبلِ حِفْظِه. وزُرَارةُ بن مُصْعبٍ هو: ابن عَبد الرحمنِ بن عَوفٍ، وهو جَدُّ أبي مُصْعبٍ المَدَنيِّ

(2)

.

‌3 - باب

3096 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابن أبي لَيلى، عن أخيهِ، عن عبد الرحمنِ بن أبي لَيلى

عن أبي أيُّوبَ الأنصارِيِّ: أنَّهُ كانتْ له سَهْوةٌ فيها تَمْرٌ، فكانتْ تَجيءُ الغُولُ، فتأخُذُ منه، قال: فَشكا ذلك إلى النّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: "اذهبْ فإذا رَأيْتَها، فَقلْ: بسمِ اللهِ، أجِيبي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم" قال: فأخَذها فحَلفت أنْ لا تَعودَ، فأرسَلها، فجاءَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال:"ما فَعلَ أسِيرُكَ"؟ قال: حَلفَتْ أن لا تَعودَ، فقال:"كَذَبَتْ، وهي مُعاودَةٌ للكَذبِ"، قال: فأخَذها مَرَّةً أخْرى، فحَلفَتْ أن لا تَعُودَ، فأرسَلها، فجاءَ إلى النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما فَعلَ

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن المليكي واسمه: عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة، وأخرجه الدارمي (3386)، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 325. وهو في "شرح السنة" للبغوي (1198).

(2)

من قوله: وزرارة بن مصعب، إلى هنا، أثبتناه من (س)، ولم يرد في سائر الأصول.

ص: 150

أسِيرُكَ"؟ قال: حَلفَتْ أن لا تَعودَ. فقال: "كذَبَتْ وهي مُعاودةٌ للكَذبِ"، فأخَذها. فقال: ما أنا بتاركِكِ حتَّى أذْهَبَ بكِ إلى النّبيِّ صلى الله عليه وسلم. فقالت: إنِّي ذاكِرةٌ لكَ شيئًا آيةَ الكُرْسيِّ اقرَأها في بَيْتكَ، فلا يَقْربْكَ شَيطانٌ ولا غيرُه، فجاءَ إلى النّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: "ما فَعلَ أَسِيرُك"؟ قال: فأخبرَهُ بما قالت، قال: "صدَقَتْ وهي كَذوبٌ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

3097 -

حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ الخَلَّال، قال: حدَّثنا أبو أسامةَ، قال: حدثنا عبدُ الحميد بن جعفر، عن سعيدٍ المَقبُري، عن عطاءٍ مولى أبي أحمد

عن أبي هُريرةَ، قال: بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعْثًا، وهُم ذُو عددٍ، فاستَقرأهم، فاستَقرأ كلَّ رجلٍ منهم، يعني ما معه من القرآن، فأتَى على رجلٍ من أحدَثِهم سِنًّا، فقال:"ما مَعَكَ يا فلان؟ "

(1)

حديث صحيح وهذا إسناد ضعيف، ابن أبي ليلى - واسمه محمد - سيئ الحفظ.

وهو في "مسند أحمد"(23592)، و"شرح مشكل الآثار"(787).

وعلقه البخاري في "صحيحه"(2311) فقال: وقال عثمان بن الهيثم أبو عمرو، حدثنا عوف عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة

، ووصله النسائي في "عمل اليوم والليلة"(959) عن إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا عثمان بن الهيثم بهذا الإسناد. وعثمان بن الهيثم قال أبو حاتم: كان صدوقًا غير أنه بأخرة كان يتلَقَّنُ ما يُلقَّنُ، وقال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ.

وفي الباب عن أبي بن كعب عند ابن حبان (784) وإسناده صحيح.

ص: 151

فقال: معي كذا وكذا وسورةُ البقرة، قال:"أمعَكَ سورةُ البقرة؟ " قال: نعم، قال:"اذهَبْ فأنتَ أميرُهم". فقال رجلٌ من أشْرافِهم: والله ما مَنَعني أن أتعلَّم البقرةَ إلا خَشْيةَ ألَّا أقومَ بها. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تعلَّموا القرآنَ واقرَؤُوه، فإن مَثَل القرآن لمن تعلَّمه فقرأَه وقامَ به، كمَثَل جِرابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُه في كلِّ مكانٍ، ومَثَلُ مَن تعلَّمه فيرقُدُ وهو في جَوْفه كمَثَل جرابٍ أُوكيَ على مِسْكٍ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

وقد رُوي هذا الحديثُ عن سعيدٍ المَقْبُريِّ، عن عطاءٍ مولى أبي أحمدَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا نحوه.

3098 -

حدَّثنا بذلك قُتيبةُ، قال: حدَّثنا الليثُ بن سَعدٍ، عن سعيدٍ المَقْبُري، عن عطاءٍ مولى أبي أحمدَ، عن النّبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا نحوَه بمعناه، ولم يذكر فيه: عن أبي هريرةَ

(2)

.

وفي الباب عن أُبيِّ بن كعب

(3)

.

(1)

رجاله ثقات رجال الصحيح غير عطاء مولى أبي أحمد، لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير سعيد المقبري، وقال الذهبي في "الميزان" و"المغني": لا يعرف.

وأخرجه ابن ماجه (217)، والنسائي في "الكبرى"(8749)، ورواية ابن ماجه مختصره. وهو مطولًا في "صحيح ابن حبان"(2126) و (2578).

(2)

ضعيف لجهالة عطاء مولى أبي أحمد، ثم هو مرسل. وانظر ما قبله.

(3)

قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي": رواه مسلم (810) عنه قال: قال =

ص: 152

‌4 - باب ما جاء في آخرِ سُورةِ البَقرةِ

3099 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا جَريرُ بن عَبد الحميدِ، عن مَنْصُورِ بن المُعْتمرِ، عن إبراهيمَ بن يزيد، عن عَبد الرحمنِ بن يَزيدَ

عن أبي مَسعودٍ الأنصاريِّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَرَأ الآيَتينِ من آخرِ سُورةِ البَقرَةِ في لَيْلةٍ، كَفتَاهُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3100 -

حدَّثنا بُنْدارٌ، قال: حدَّثنا عبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بن سَلمةَ، عن أشعثَ بن عبد الرحمنِ الجَرْميِّ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي الأشْعثِ الجَرْميِّ

(2)

= رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا المنذر أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: قلت: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) قال: فضرب في صدري وقال: "والله ليَهْنِك العلم أبا المنذر".

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4008)، ومسلم (807)، وأبو داود (1397)، وابن ماجه (1368) و (1369)، والنسائي في "الكبرى"(8003 - 8005) و (8018 - 8020). وهو في "مسند أحمد"(17068)، و"صحيح ابن حبان"(781) و (2575).

وقوله: كفتاه، أي: أجزأتا عنه من قيام الليل، وقد ورد صريحًا من طريق عاصم، عن أبي مسعود رفعه:"من قرأ خاتمة البقرة أجزأته عن قيام الليل".

وقيل: كفتاه شر الشيطان، يؤيده الحديث الآتي بعد هذا عند المصنف.

وقيل: كفتاه من كل شرٍّ ومن كل ما يخاف منه، وفضل الله واسع.

(2)

هكذا نسبَه الترمذي جرميًّا، ونسبَه غيرُه صنعانيًا. قال الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" 33/ 45: ورواه النسائي في "اليوم والليلة" عن عمرو بن =

ص: 153

عن النُّعْمانِ بن بَشِيرٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إنَّ اللهَ كَتبَ كتابًا قبلَ أن يَخلُقَ السَّماواتِ والأرضَ بِألفي عامٍ، أنزلَ منه آيتينِ خَتمَ بهما سورةَ البَقرَةِ، ولا يُقرآنِ في دارٍ ثلاثَ لَيالٍ فيَقرَبَها شَيْطانٌ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ.

‌5 - باب ما جاء في سُورةِ آلِ عِمْرانَ

3101 -

حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ، قال حدَّثنا هِشامُ بن إسماعيلَ أبو عبد الملكِ العَطَّارُ، قال: حدَّثنا محمدُ بن شُعَيبٍ، قال: حدَّثنا إبراهيم بن سليمانَ، عن الوليدِ بن عبد الرحمن أنَّهُ حدَّثَهُم، عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ

عن نَوَّاسِ بنِ سَمْعانَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"يأتي القُرآنُ وأهلُهُ الّذِينَ يَعْملُونَ بهِ في الدُّنيا تَقْدُمُه سورةُ البَقرَةِ وآلُ عِمْرانَ". قال نَوَّاسٌ: وضَربَ لهما رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ثلاثةَ أمثالٍ ما نَسِيتُهنَّ

= منصور، عن حجاج بن منهال. وعن أحمد بن سليمان، عن عفان بن مسلم، جميعًا عن حماد بن سلمة، بإسناده وقال: عن أبي الأشعث الصنعاني، وهو الصواب. وما رأيت أحدًا غير الترمذي ذكر أبا الأشعث الجرْمي، لا في هذا الحديث ولا في غيره، ولا ذكروا أن الصنعاني جَرمي، والله أعلم. قلنا: وقد تبع المزيَّ الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" والذهبي في "الكاشف" وقد جاء لقبه على الصواب عند المصنف (3704) في إسناد حديث مرة بن كعب في مناقب عثمان رضي الله عنه، واسم أبي الأشعث: شراحيل بن آده.

(1)

إسناده حسن، من أجل أشعث بن عبد الرحمن، فهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(966) و (967). وهو في "مسند أحمد"(18414)، و"صحيح ابن حبان"(782).

ص: 154

بعدُ قال: "تأتيانِ كأنَّهُما غَيايتانِ وبينهُما شَرْقٌ

(1)

أو كأنَّهُما غَمامتانِ سَوْداوانِ، أو كأنَّهُما ظُلّةٌ من طَيْرٍ صَوافَّ تُجادِلانِ عن صاحِبِهما"

(2)

.

وفي البابِ عن بُريْدةَ، وأبي أمامةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه.

ومعنى هذا الحديثِ عند أهلِ العلمِ أنّهُ يَجيءُ ثَوابُ قِرءَاتِه، كذا فَسَّرَ بعضُ أهلِ العلمِ هذا الحديث وما يُشْبهُ هذا من الأحاديثِ أنَّهُ يجيءُ ثَوَابُ قراءَةِ القُرآنِ. وفي حديثِ نوّاسِ بن سَمعان عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم ما يَدُلُّ على ما فَسَّرُوا، إذ قال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"وأهلُه الّذِين يعملُونَ به في الدُّنيا" ففي هذا دلالةٌ أنَّهُ يَجيءُ ثَوابُ

(1)

المثبت من (ل)، وفي (أ): شرف، وفي (د) و (س) شرقي، وكتب بهامشي (أ) و (د): صوابه شرق، وهو الموافق لما في مصادر التخريج.

(2)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (805). وهو في "مسند أحمد"(17637).

قوله: تَقْدُمُه، أي: تتقدَّمُه.

وقوله: "غيايتان" أي: سحابتان فوق أهلهما لوقاية حرّ ذلك اليوم.

"سوداوان" لكثافتهما.

"شرق" بفتح فسكون، أي: ضوء، أي أنهما مع كثافتهما لا يستران الضوء. وقيل: أي: بينهما فَصْل وانفراج، قيل: ويحتمل أن تكون هذه الفاصلة للفصل بينهما في المصحف بالتسمية.

"تجادلان" أي: تدفعان النار والزبانية. والله تعالى أعلم. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

ص: 155

العملِ.

3102 -

وأخبرني محمدُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا الحُمَيدِيُّ، قال: حدَّثنا سُفيانُ بن عُيينةَ في تَفسيرِ حديثِ عبد اللهِ بن مَسعودٍ، قال:

ما خَلقَ اللهُ من سماءٍ ولا أرضٍ أعْظَمَ من آيةِ الكُرسِيِّ، قال سفيانُ: لأنَّ آيةَ الكُرسِيَّ هو كلامُ الله، وكلامُ الله أعظمُ من خَلْقِ اللهِ من السَّماءِ والأرْضِ

(1)

.

‌6 - باب ما جاء في سُورةِ الكَهفِ

3103 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: أنبأنا شُعبةُ، عن أبي إسحاقَ، قال:

سَمِعتُ البراءَ يقولُ: بَينما رجلٌ يَقْرأُ سورةَ الكَهفِ إذْ رَأى دابَّتهُ تَرْكُضُ، فنظرَ فإذا مِثْلُ الغَمامةِ أو السَّحابةِ، فأتى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فذكَرَ ذلكَ له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تِلْكَ السَّكِينةُ نَزلَتْ مع القُرآنِ، أو نَزلَتْ على القُرآنِ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ

(3)

.

(1)

هذا الأثر أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" ص 33.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3614)(5011)، ومسلم (795)، والنسائي في "الكبرى"(11503). وهو في "مسند أحمد"(18474)، و"صحيح ابن حبان"(769).

(3)

أخرجه البخاري (5018)، ومسلم (796).

ص: 156

3104 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جَعْفرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن قتادةَ، عن سالمِ بن أبي الجَعْدِ، عن مَعْدانَ بن أبي طَلْحةَ

عن أبي الدَّردَاءِ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من قرَأ ثلاثَ آياتٍ من أوَّلِ الكَهْفِ عُصِمَ من فِتْنةِ الدَّجَّالِ"

(1)

.

3105 -

قال محمدُ بن بَشَّارٍ: حدَّثنا مُعاذُ بن هِشامٍ، قال: أخبرني أبي، عن قتادةَ بهذا الإسنادِ نَحوَهُ

(2)

.

هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.

‌7 - باب ما جاء في يس

3106 -

حدَّثنا قُتيبةُ وسفيانُ بن وكيعٍ، قالا: حدَّثنا حُمَيدُ بن عَبد الرحمنِ الرُّؤَاسِيُّ، عن الحسنِ بن صالحٍ، عن هارونَ أبي محمدٍ، عن مُقاتلِ بن حَيَّانَ، عن قتادةَ

عن أنسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لِكُلِّ شيءٍ قَلْبًا، وقلبُ القرآنِ يس، ومن قَرَأ يس، كَتبَ اللهُ لا بقِراءَتِها قرَاءةَ القُرآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، إلا أن شعبة قد اضطرب في هذا الحديث، وقد فصلنا القول في ذلك في "المسند".

وأخرجه مسلم (809)، وأبو داود (4323)، والنسائي في "الكبرى"(8025)، وفي "عمل اليوم والليلة"(949) و (950) و (951)، وهو في "مسند أحمد"(27517)، و"صحيح ابن حبان" (785) و (786). وعندهم جميعًا: عشر آيات.

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(3)

إسناده ضعيف، لجهالة هارون أبي محمد كما قال المصنف. وأورده =

ص: 157

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من حديثِ حُمَيدِ بن عَبد الرحمنِ، وبالبَصْرَةِ لا يَعْرِفُونَ مِن حديثِ قتادةَ إلَّا من هذا الوجه. وهارونُ أبو محمدٍ شَيْخٌ مَجهُولٌ.

3107 -

حدَّثنا أبو موسى محمدُ بن المُثَنَّى، قال: حدَّثنا أحمدُ بن سَعيدٍ الدَّارِمِيُّ، قال: حدَّثنا قُتيبةُ، عن حُمَيْدِ بن عَبد الرحمنِ بهذا

(1)

.

وفي البابِ عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، ولا يَصحُّ حديث أبي بكر مِن قِبَلِ إسنادِه، وإسنادُه ضعيفٌ

(2)

.

وفي البابِ عن أبي هُريرة، منظورٌ فيه.

‌8 - باب ما جاء في حم الدُّخَانِ

3108 -

حدَّثنا سفيانُ بن وكيعٍ، قال: حدَّثنا زيدُ بن حُبابٍ، عن عمرَ بن أبي خَثْعمٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سَلمةَ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَن قرأ حم

= الذهبي في "الميزان"، ونقل جهالته عن الترمذي، وقال: أنا أتهمه بما رواه القضاعي، وذكر حديثه هذا.

وأخرجه الدارمي (3416)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1035). وفي الباب عن أبي بن كعب عند القضاعي (1036).

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

(2)

حديث أبي بكر نسبه الحافظ ابن كثير في "التفسير" 6/ 547 إلى "نوادر الأصول" للحكيم الترمذي. وحديث أبي هريرة هو عند البزار (2304) وفي سنده حميد المكي مولى ابن علقمة وهو مجهول.

وفي الباب عن معقل بن يسار عند أحمد (20300) وفي سنده مجهولان.

ص: 158

الدُّخَانَ في لَيلةٍ، أصْبحَ يَستَغفِرُ له سَبعونَ ألْفَ مَلَكٍ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من هذا الوجهِ. وعمرُ بن أبي خَثْعمٍ يُضعَّفُ، قال: محمدٌ: هو مُنْكَرُ الحديثِ.

3109 -

حدَّثنا نَصْرُ بن عَبد الرحمنِ الكُوفيُّ، قال: حدَّثنا زيدُ بن حُبابٍ، عن هِشامٍ أبي المِقْدَامِ، عن الحسنِ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حم الدُّخانَ في لَيْلةِ الجُمُعةِ غُفرَ له"

(2)

.

هذا حديثٌ لا نعرفُه إلَّا من هذا الوجه، وهِشامٌ أبو المِقْدَامِ يُضعَّفُ، ولم يسمعِ الحسنُ من أبي هُريرةَ، هكذا قال أيُّوبُ ويُونُسُ بن عُبَيْدٍ، وعَليُّ بن زَيْدٍ.

‌9 - باب ما جاء في سُورةِ المُلْكِ

3110 -

حدَّثنا محمدُ بن عَبد المَلكِ بن أبي الشَّوَاربِ، قال: حدَّثنا يحيى بن عَمْرِو بن مالكٍ النُّكْريُّ، عن أبيه، عن أبي الجَوْزَاءِ

(1)

إسناده ضعيف لضعف سفيان بن وكيع، وعمر بن أبي خثعم.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 1720، وابن الجوزي في "الموضوعات" 1/ 248.

(2)

إسناده ضعيف، هشام أبو المقدام - وهو ابن زياد - ضعيف، والحسن لم يسمع من أبي هريرة.

وأخرجه أبو يعلى (6224) و (6232)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(679).

ص: 159

عن ابن عبَّاسٍ، قال: ضَربَ بعضُ أصحابِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم خِبَاءهُ على قَبْرٍ وهو لا يَحْسَبُ أنَّهُ قَبْرٌ، فإذا قبر إنسانٍ يَقْرأُ سُورةَ المُلْكِ حتَّى خَتمَها، فأتى النّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ ضَرَبْتُ خِبائي على قَبرٍ وأنا لا أحْسبُ أنَّه قَبْرٌ، فإذا قبر إنسانٍ يَقْرأُ بسُورةِ المُلْكِ حتَّى خَتمَها. فقال النّبي صلى الله عليه وسلم:"هي المانِعةُ، هي المُنْجيةُ، تُنْجيهِ من عذابِ القَبرِ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.

3111 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن جَعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن قَتادةَ، عن عبَّاسٍ الجُشَميِّ

عن أبي هُريرةَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ سُورةً مِن القُرآنِ ثلاثونَ آيةً شَفَعَتْ لِرَجلٍ حتَّى غُفِرَ له، وَهي: تَبارَكَ الّذِي بِيدِه الملْكُ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عمرو بن مالك النكري.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(12801).

(2)

إسناده حسن. عباس الجشمي روى عن عثمان وأبي هريرة، وعنه قتادة وسعيد الجريري، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه أبو داود (1400)، وابن ماجه (3786)، والنسائي في "الكبرى"(11612)، وفي "عمل اليوم والليلة"(710). وهو في "مسند أحمد"(7975)، و"صحيح ابن حبان"(787) و (788).

وله شاهد من حديث أنس عند الطبراني في "الصغير"(490) وسنده حسن، =

ص: 160

هذا حديثٌ حسنٌ.

3112 -

حدَّثنا هُريْمُ بن مِسْعرٍ، قال: حدَّثنا الفُضَيْلُ بن عِياضٍ، عن لَيْثٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ

عن جَابر: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ لا ينامُ حتَّى يَقْرأَ الم تَنْزِيلُ، وتَباركَ الّذِي بِيدِه المُلْكُ

(1)

.

هذا حديثٌ رواهُ غيرُ واحدٍ عن ليثِ بن أبي سُلَيمٍ مِثْلَ هذا. ورواهُ مُغِيرةُ بن مُسْلمٍ، عن أبي الزُّبَيرِ، عن جابرٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحو هذا.

ورَوَى زُهَيرٌ قال: قلتُ لأبي الزُّبَيْرِ: سَمِعتَ من جابرٍ يَذْكُرُ هذا الحديثَ؟ فقال أبو الزُّبَيْرِ: إنَّما أخْبرَنيهِ صَفْوانُ، أو ابن صَفْوانَ

(2)

. وكأنَّ زُهَيرًا أنْكَرَ أن يكونَ هذا الحديث عن أبي

= وهو في "الأحاديث المختارة"(1738) و (1739) للضياء المقدسي.

وروى عبد الرزاق (6025)، والطبراني (8651) بسند حسن عن عبد الله بن مسعود قال: هي (أي سورة تبارك) المانعة تمنع عذاب القبر.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لضعف ليث بن أبي سليم، لكن تابعه المغيرة بن مسلم وهو صدوق لا بأس به، وأبو الزبير لم يسمع هذا الحديث من جابر، وإنما سمعه من صفوان بن عبد الله بن صفوان القرشي وهو ثقة.

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(706) و (707) و (708). وهو في "مسند أحمد"(14659).

وسيأتي عند المصنف برقم (3702).

(2)

رواية أبي الزبير عن صفوان أخرجها النسائي في "عمل اليوم والليلة" =

ص: 161

الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ.

3113 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو الأحوَصِ، عن لَيثٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه

(1)

.

3114 -

حدَّثنا هُريْمُ بن مِسْعَرٍ، قال: حدَّثنا الفُضَيلُ، عن لَيْثٍ

عن طاووسٍ، قال: تَفْضُلانِ على كُلِّ سورةٍ في القُرآنِ بِسَبْعينَ حَسَنةً

(2)

.

‌10 - باب ما جاء في إذا زُلْزِلت

3115 -

حدَّثنا محمدُ بن موسى الحَرشيُّ البَصْريُّ، قال: حدَّثنا الحسنُ بن سَلْمِ بن صالحٍ العِجْليُّ، قال: حدَّثنا ثابتٌ البُنانيُّ

عن أنسِ بن مالكٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَرَأ {إِذَا زُلْزِلَتِ} عُدِلتْ لهُ بِنصْفِ القُرآنِ، ومن قَرَأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون] عُدِلتْ لهُ بِرُبُعِ القُرآنِ، ومن قَرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص] عُدِلتْ لهُ بِثُلثِ القُرآنِ"

(3)

.

= (709)، والحاكم 2/ 412، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2456 م). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

(2)

أثر طاووس أخرجه ابن أبي شيبة 10/ 424، والدارمي (3412)، والبيهقي في "الشعب" (2456). لكن عندهم جميعًا:"بستين"، بدل "بسبعين".

(3)

إسناده ضعيف لجهالة الحسن بن سلم.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 1/ 243.

ص: 162

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلَّا من حديثِ هذا الشّيْخِ الحسنِ بن سَلْمٍ.

وفي البابِ عن ابنِ عبَّاسٍ.

3116 -

حدَّثنا عُقْبةُ بن مُكْرَمٍ العَمِّيُّ البَصْريُّ، قال: حدَّثني ابن أبي فُديْكٍ، قال: أخبرني سَلمةُ بن وَرْدانَ

عن أنسِ بن مالكٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لِرَجلٍ من أصْحابِه:"هل تَزوَّجْتَ يا فُلانُ"؟ قال: لا والله يا رسولَ اللهِ، ولا عِنْدي ما أتزوَّجُ، قال:"ألَيسَ مَعكَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؟ " قال: بلى، قال:"ثُلثُ القُرآنِ، قال: ألَيسَ مَعكَ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}؟ " قال: بَلى، قال:"رُبعُ القُرآنِ قال: "ألَيسَ مَعكَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ؟ " قال: بلى، قال: "رُبعُ القُرآنِ قال: "ألَيسَ مَعكَ {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ}؟ " قال: بلى، قال:"رُبعُ القُرآنِ، تَزوَّجْ تَزوَّجْ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف سلمة بن وردان.

وهو في "مسند أحمد"(12488) و (13309)، والموضع الأول منه مختصر.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن "قل هو الله أحد" تعدل ثلث القرآن، روى ذلك عنه غير واحد من الصحابة، وسيذكر المصنف رواية بعضهم قريبًا.

وقوله: تَزوج تَزوج - أي تزوج بما معك من السُّوَرِ المذكورة ففي "المتفق عليه" من حديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة، فقالت: إني وهبت نفسي لك، فقامت طويلًا، فقال رجل: يا رسول الله، زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال: هل عندك من شيء تصدقها؟ وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زوجتكها بما معك من القرآن.

ص: 163

هذا حديثٌ حسنٌ.

‌11 - باب ما جاء في سورة الإخلاص، وفي سورة إذا زُلزلت

3117 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْر، قال: حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: حدَّثنا يَمانُ بن المغيرة العَنزِيُّ، قال: أخبرنا عطاءٌ

عن ابن عبَّاسٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: {إِذَا زُلْزِلَتِ} تَعدِلُ نِصفَ القرآن، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآن، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تَعدِلُ رُبعَ القُرآن"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من حديث يَمانِ بن المغيرة.

‌12 - باب ما جاء في سُورةِ الإخْلاص

3118 -

حدَّثنا قتيبة

(2)

ومحمدُ بن بَشَّارٍ، قالا: حدَّثنا عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ، قال: حدَّثنا زائدةُ، عن منصورٍ، عن هِلالِ بن يِسافٍ، عن رَبِيعِ بن خُثَيمٍ، عن عمرِو بن مَيْمُونٍ، عن عبد الرحمنِ بن أبي ليلى، عن امرأة أبي أيُّوبَ

عن أبي أيُّوبَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أيَعْجِزُ أحدُكُم أنْ

(1)

إسناده ضعيف لضعف يمان بن المغيرة العنزي.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 7/ 2638، والحاكم 1/ 566. وصححه الحاكم ولم يوافقه الذهبي.

(2)

قوله: "قتيبة" أثبتناه من نسخة (ل)، وهو مثبت في "تحفة الأشراف"، ولم ترد هذه اللفظة في بقية أصولنا الخطية.

ص: 164

يَقْرأ في لَيْلةٍ ثُلُثَ القُرَآنِ؟ من قرأ: الله الواحدُ الصَّمدُ، فقد قَرأ ثُلثَ القُرآنِ"

(1)

.

وفي البابِ عن أبي الدَّرداءِ، وأبي سعيدٍ، وقتادةَ بن النُّعْمانِ، وأبي هُريرةَ، وأنسٍ، وابن عمرَ، وأبي مسعودٍ.

هذا حديثٌ حسنٌ، ولا نعرِفُ أحدًا روَى هذا الحديثَ أحسنَ من رِوايةِ زائِدةَ، وتابعَهُ على رِوايتِه إسرائيلُ والفُضَيلُ بن عِياضٍ، وقد رَوَى شُعبةُ وغيرُ واحدٍ من الثِّقاتِ هذا الحديثَ عن منصورٍ، واضْطربُوا فيهِ.

3119 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن سُليمانَ، عن مالكٍ بن أنس، عن عُبَيدِ اللهِ بن عَبد الرحمنِ، عن ابن حُنَيْنٍ

(2)

مولى لآلِ زيدِ بن الخَطَّابِ، أو مولى زَيدِ بن الخَطَّابِ

عن أبي هُريرةَ، قال: أقْبلْتُ مع النّبي صلى الله عليه وسلم، فَسمعَ رجلًا يَقْرَأُ:

(1)

حديث صحيح لغيره، وهذا سند ضعيف لإبهام المرأة وللاضطراب كما هو مبسوط في تعليقنا على "المسند".

وأخرجه النسائي 2/ 171 - 172. وهو في "مسند أحمد" (23547) و (23554).

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند المصنف برقم (3122).

وآخر من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (5013).

وثالث عن أبي الدرداء عند مسلم (2811).

ورابع عن قتادة بن النعمان عند البخاري (5014).

(2)

في الأصول الخطية: "أبي حنين"، وهو خطأ، والتصويب من مصادر ترجمته.

ص: 165

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وجَبتْ". قلتُ: ما وَجَبتْ؟ قال: "الجنَّةُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفُه إلّا من حديثِ مالكِ بن أنسٍ. وابن حُنَيْنٍ

(2)

: هو عُبَيدُ بن حُنَيْنٍ.

3120 -

حدَّثنا محمدُ بن مَرْزُوقٍ البَصْرِيُّ، قال: حدَّثنا حَاتمُ بن مَيْمُونٍ أبو سَهْلِ، عن ثابتٍ البُنانيِّ

عن أنسِ بن مالكٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"من قَرأ كلَّ يومٍ مِئَتي مَرَّةٍ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مُحيَ عَنْهُ ذُنُوبُ خَمْسينَ سَنةً إلَّا أن يكونَ عليه دَيْنٌ"

(3)

.

3121 -

وبهذا الإسنادِ عن النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أرَادَ أنْ يَنامَ على فِرَاشِه فنامَ على يَمِينِه ثُمَّ قَرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مِئةَ مرَّةٍ، فإذا كانَ يومُ القِيامةِ يقولُ له الرَّبُّ: يا عَبْدِي ادْخُل، على يَمِينكَ الجنَّةُ"

(4)

.

هذا حديثٌ غريبٌ من حديثِ ثابتٍ عن أنسٍ.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه النسائي 2/ 171. وهو في "مسند أحمد" (8011).

(2)

المثبت من (ل)، وهو الصواب، وفي سائر الأصول الخطية:"وأبو حنين".

(3)

إسناده ضعيف لضعف حاتم بن ميمون.

وأخرجه أبو يعلى (3365)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 845.

(4)

إسناده ضعيف كسابقه، وأخرحه ابن عدي في "الكامل" 2/ 845.

ص: 166

وقد رُوِي هذا الحديثُ من غيرِ هذا الوجه أيضًا عن ثابتٍ.

3122 -

حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثَنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدَّثَنا يَزِيدُ بن كَيسانَ، قال: حدثني أبو حازمٍ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "احْشُدُوا فإنِّي سأقرأُ عَليكُم ثُلثَ القُرآنِ". قال: فحشَدَ من حَشدَ، ثُتمَ خَرجَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثمَّ دخلَ، فقال بَعضُنا لِبَعْضٍ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإنِّي سَأقرأُ عَليكُم ثُلثَ القرآنِ" إنِّي لأُرَى هذا خَبرًا جاءهُ من السَّماءِ، ثُمَّ خَرجَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنَّي قُلْتُ سَأقرأُ عَليْكُمْ ثُلثَ القُرآنِ، ألا وإنَّها تعْدِلُ بثُلُثِ القُرآنِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه. وأبو حازمٍ الأشْجَعيُّ اسْمُه: سلمانُ.

3123 -

حدَّثنا العباسُ بن محمد الدُّوريُّ، قال: حدَّثنا خالدُ بن مَخْلَدٍ، قال: حدَّثنا سليمانُ بن بلالٍ، قال: حدثني سُهَيل بنُ أبي صالحٍ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قُلْ هو الله أحدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرآن"

(2)

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (812). وهو في "مسند أحمد"(9535)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (1223).

(2)

حديث صحيح، خالد بن مخلد تابعه المعلَّى بن منصور وهو ثقة عند الطحاوي وباقي رجاله ثقات. وأخرجه ابن ماجه (3387). وهو في "شرح مشكل =

ص: 167

هذا حديثٌ صحيح.

3124 -

حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن أبي أُوَيْسٍ، قال: حدثني عبد العزيزِ بن محمدٍ، عن عُبَيد اللهِ بن عمرَ، عن ثابت البُنانيِّ

عن أنسِ بن مَالكٍ، قال: كانَ رجلٌ من الأنصارِ يَؤُمُّهُمْ في مَسْجدِ قُباءَ، فكانَ كلَّما افْتتحَ سُورةً فقرأ لَهُمْ في الصَّلاةِ يَقْرأُ بِها، افْتتحَ بِقُلْ هو اللهُ أحدٌ حتَّى يَفْرُغَ مِنْها، ثُمَّ يَقْرأُ سُورةً أخْرى معها، وكانَ يَصْنعُ ذلكَ في كلِّ رَكْعةٍ. فكلَّمهُ أصحابُه، فقالوا: إنَّكَ تَقرأ بهذه السُّورةِ، ثُمَّ لا تَرى أنّها تُجْزيكَ حتَّى تَقْرأ بِسُورةٍ أُخْرى، فإمَّا أنْ تَقْرأ بِها، وإمَّا أنْ تَدعَها وتَقْرأَ بِسُورةٍ أخْرى. قال: ما أنا بِتارِكها، إنْ أحْبَبْتُمْ أنْ أؤُمَّكُمْ بها فَعلْتُ، وَإنْ كَرِهْتُمْ تَركْتُكمْ. وكانُوا يَروْنهُ أفْضلَهُمْ، وَكَرهُوا أنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ. فَلمَّا أتاهُم النّبيُّ صلى الله عليه وسلم أخْبروهُ الخَبرَ. فقال:"يا فلانُ ما يَمْنعُكَ مِمَّا يَأمُرُ به أصحابُكَ، وما يَحْملُكَ أنْ تَقرأ هذه السُّورةَ في كلِّ رَكْعةٍ"؟ فقال: يا رسولَ اللهِ إنِّي أحِبُّها. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ حُبَّها أدْخَلكَ الجنَّةَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ

(2)

من هذا الوجه من حديثِ

= الآثار" (1221) و (1222).

(1)

إسناده صحيح، وعلقه البخاري (774). وهو موصول مختصرًا في "مسند أحمد"(12432)، و"صحيح ابن حبان"(792) و (794).

(2)

في (أ) و (د): حسن غريب، والمثبت من (ظ) و (س) و (ل).

ص: 168

عُبَيْدِ اللهِ بن عمرَ عن ثابتٍ البُنانيِّ.

ورَوَى مُباركُ بن فَضالةَ عن ثابتٍ البُناني

عن أنسٍ أنَّ رجلًا قال: يا رسولَ اللهِ إنِّي أُحِبُّ هذه السُّورةَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . قال: "إنَّ حُبَّكَ إيَّاها يُدْخِلُكَ الجنَّةَ".

3125 -

حدَّثَنا بِذلكَ أبو داودَ سُليمانُ بن الأشْعثِ، حدَّثنا أبو الوليدِ، حدَّثنا مُباركُ بن فَضالةَ بهذا

(1)

.

‌13 - باب ما جاء في المُعَوِّذَتَيْنِ

3126 -

حَدَّثَنا بندار، قال: حدَّثنا يحيى بن سَعيدٍ، قال: حَدَّثَنا إسماعيلُ بن أبي خَالدٍ، قال: أخْبرني قَيْسُ بن أبي حَازمٍ

عن عُقْبةَ بن عَامرٍ الجُهنيِّ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"قد أنْزلَ اللهُ عَليَّ آياتٍ لم يُرَ مِثْلُهُنَّ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} إلى آخرِ السُّورةِ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} إلى آخرِ السُّورةِ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3127 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا ابن لَهِيعةَ، عن يزيدَ بن أبي حَبِيبٍ،

(1)

هذا الإسناد أثبتناه من (ل) و (س)، ولم يرد في سائر الأصول الخطية. وهو إسناد ضعيف، لضعف مبارك بن فضالة.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (814)، والنسائي 2/ 158 و 8/ 254. وهو في "مسند أحمد" (17299).

وأخرج أبو داود (1462) و (1463)، والنسائي 8/ 251 و 252 و 253 من حديث عقبة أيضًا نحوه بمعناه.

ص: 169

عن عُليَّ بن رباحٍ

عن عُقْبةَ بن عامرٍ، قال: أمَرني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن أقْرأ بالمُعوِّذَتَيْنِ في دُبرِ كلِّ صلاةٍ

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ.

‌14 - باب ما جاء في فَضْلِ قَارِئِ القُرآنِ

3128 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ الطَّيالسيُّ، قال: حدَّثنا شُعبةُ وهشامٌ، عن قتادةَ، عن زُرَارةَ بن أوْفَى، عن سعدِ بن هِشامٍ

عن عائشةَ، قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الَّذِي يَقْرأُ القُرآنَ وهو ماهرٌ بهِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البرَرَةِ، والّذِي يَقْرؤُهُ - قال هشامٌ: وهو شديدٌ عليه. قال شُعبةُ: وهو عليه شاقٌّ - لهُ أجْرانِ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح وهذا إسناد حسن، رواية قتيبة عن عبد الله بن لهيعة قوية، واْخرجه أبو داود (1523)، والنسائي 3/ 68. وهو في "مسند أحمد" (17417)، و"صحيح ابن حبان" (2004) ولفظه: "اقرؤوا المُعَوِّذات دبر كُلِّ صلاة".

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4937)، ومسلم (798)، وأبو داود (1454)، وابن ماجه (3779)، والنسائي في "الكبرى"(8045) و (8046) و (8047) و (11646). وهو في "مسند أحمد"(24211)، و"صحيح ابن حبان"(767).

قوله: "ماهر به"، أي: حاذق بقراءته.

"مع السفرة": هم الملائكة، جمع سافر، وهو الكاتب، لأنه يبين الشيء، ولعل المراد بهم الملائكة الذين قال تعالى فيهم:{بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} =

ص: 170

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3129 -

حدَّثنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخْبرنا حَفْصُ بن سليمانَ، عن كَثِيرِ بن زاذانَ، عن عاصمِ بن ضَمْرةَ

عن عليِّ بن أبي طالبٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَرأ القُرآنَ فاستظْهَرَهُ، فأحَلَّ حَلالَهُ، وحَرَّمَ حَرامَهُ، أدْخَلهُ اللهُ بهِ الجنَّةَ وَشَفّعهُ في عَشْرةٍ من أْهلِ بَيْتِه، كلُّهُمْ قد وَجَبتْ لهُ النَّارُ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلَّا من هذا الوجه. وليس له إسنادٌ صحيحٌ، وحَفْصُ بن سُليمانَ أبو عمرَ بَزَّازٌ كُوفيٌّ يُضَعَّفُ في الحديثِ.

‌15 - باب ما جاء في فَضْلِ القُرآنِ

3130 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قَال: حدَّثنا حُسينُ بن عليًّ الجُعْفيُّ، قال: حدثنا حَمزةُ الزَّيَّاتُ، عن أبي المُخْتارِ الطَّائيِّ، عن ابن أخي الحارثِ الأعورِ

= [عبس: 15 - 16]، والمعية في التقرب إلى الله تعالى، وقيل: المراد أنه يكون في الآخرة رفيقًا لهم في منازلهم، أو هو عامل بعملهم.

"أجران": قيل: يضاعف له في الأجر على الماهر، لأن الأجر بقدر التعب، وقيل: بل المضاعفة للماهر لا تحصى، فإن الحسنة قد تضاعف إلى سبع مئة وأكثر، والأجر شيء مقدر، وهنا له أجران من تلك المضاعفة. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

(1)

إسناده ضعيف لضعف حفص بن سليمان كما قال المصنف، ولجهالة كثير بن زاذان.

وأخرجه ابن ماجه (216). وهو في "المسند"(1268).

ص: 171

عن الحارثِ الأعورِ، قال: مَررْتُ في المسجدِ، فإذا النَّاسُ يَخُوضُونَ في الأحاديثِ، فدَخلْتُ على عليٍّ، فَقلتُ: يا أميرَ المؤْمنينَ، ألا تَرَى النَّاسَ قد خاضُوا في الأحاديثِ؟ قال: أوَقَدْ فَعلُوها؟ قلتُ: نعم. قال: أما إنِّي سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:

"ألا إنّها ستكونُ فِتْنةٌ". فقلتُ: ما المَخرَجُ مِنْها يا رسولَ اللهِ؟ قال: "كِتابُ اللهِ، فيهِ نَبأُ ما قَبْلَكُمْ، وَخَبرُ ما بَعدَكُمْ، وحُكْمُ ما بَيْنَكُمْ، هو الفَصْلُ ليس بالهَزْلِ، مَن تَركه من جَبَّارٍ، قَصمهُ اللهُ، ومن ابْتغى الهُدَى في غَيْرِه، أضَلّهُ اللهُ، وهو حَبْلُ اللهِ المَتِينُ، وهو الذِّكْرُ الحَكيمُ، وهو الصِّراطُ المُسْتقيمُ، هو الّذِي لا تزِيغُ بهِ الأهْواءُ، ولا تَلْتَبِسُ بهِ الألْسنةُ، ولا يَشْبَعُ منه العُلماءُ، ولا يَخْلَقُ عن كَثْرةِ الرَّدِّ، ولا تَنْقَضي عَجائبُه، هو الّذِي لم تَنْتهِ الجِنُّ إذْ سَمِعتْهُ حتَّى قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} [الجن: 1، 2] من قال بهِ صُدِّقَ، ومن عَمِلَ بهِ أُجرَ، ومن حَكمَ بهِ عَدلَ، ومن دُعيَ إلَيْهِ، هُدِيَ إلى صِراطٍ مُسْتقيمٍ". خُذها إلَيكَ يا أعورُ

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرِفه إلّا من حديثِ حَمْزةَ الزيَّاتِ، وإسنادُه مجهولٌ، وفي حديثِ الحارثِ مقالٌ.

(1)

إسناده ضعيف، أبو المختار الطائي وابن أخي الحارث مجهولان، والحارث الأعور: ضعيف.

وهو في "مسند أحمد"(704).

وقد رجح الحافظ ابن كثير في "تفسيره" وقفه.

ص: 172

‌16 - باب ما جاء في تَعْليمِ القُرآنِ

3131 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: أنبأنا شعبةُ، قال: أخبرني عَلْقمةُ بن مَرْثدٍ، قال: سَمِعتُ سَعْدَ بن عُبَيْدَةَ يُحدِّثُ عن أبي عبد الرحمنِ

عن عثمانَ بن عفّان، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"خَيْرُكُمْ من تَعلَّمَ القُرآنَ وَعلّمهُ"

(1)

.

قال أبو عبد الرحمنِ: فَذاكَ الّذِي أقْعدَني مَقْعدِي هذا، وعَلّمَ القُرآنَ في زمان عثمانَ حتَّى بَلغَ الحجَّاجَ بن يوسفَ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3132 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا بِشْرُ بن السَّرِيِّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عَلْقمةَ بن مَرْثدٍ، عن أبي عبد الرحمنِ

عن عثمانَ بن عفّانَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُم، أو

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5027) و (5028)، وأبو داود (1452)، وابن ماجه (211) و (212)، والنسائي في "الكبرى"(8036) و (8037) و (8038). وهو في "مسند أحمد"(405)، و"صحيح ابن حبان"(118).

(2)

لفظ البخاري: قال: وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال: وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا.

قال الحافظ تعليقًا على قوله: حتى كان الحجاج: أي حتى ولي الحجاج على العراق وبين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة إلا ثلاثة أشهر، وبين آخر خلافة عثمان وأول ولاية الحجاج العراق ثمان وثلاثون سنة، ولم أقف على تعيين ابتداء إقراء أبي عبد الرحمن وآخره، فالله أعلم بمقدار ذلك، ويعرف من الذي ذكرته أقصى المدة وأدناها.

ص: 173

أفْضلُكُم من تَعلّمَ القُرآنَ وَعلَّمَهُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وهكذا رَوَى عَبد الرحمنِ بن مَهْدِيًّ وغير واحدٍ عن سفيانَ الثَّوْرِيِّ، عن عَلْقمةَ بن مَرْثَدٍ، عن أبي عبد الرحمنِ، عن عثمانَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وسفيانُ لا يَذْكُرُ فيه: عن سعدِ بن عُبَيْدةَ.

وقد رَوَى يحيى بن سَعيدٍ القطَّانُ هذا الحديثَ عن سفيانَ وشُعبةَ، عن عَلْقمةَ بن مَرْثَدٍ، عن سعدِ بن عُبَيدةَ، عن أبي عبد الرحمنِ، عن عُثمانَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

3133 -

حدَّثنا بذلكَ محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ عن سفيانَ وشُعبةَ.

قال محمدُ بن بَشَّارٍ: هكذا ذَكَرهُ يحيى بن سَعيدٍ: عن سُفيانَ وَشُعبةَ غيرَ مَرَّةٍ، عن عَلْقمةَ بن مَرْثدٍ، عن سَعْدِ بن عُبَيْدةَ، عن أبي عبد الرحمنِ، عن عُثمانَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

قال محمدُ بن بَشَّارٍ: وأصحابُ سُفيانَ لا يَذكُرونَ فيه: عن سفيانَ عن سعدِ بن عُبيدةَ، قال محمدُ بن بَشَّارٍ: وهو أصحُّ.

وقد زادَ شُعبةُ في إسنادِ هذا الحديثِ سعدَ بن عُبيدةَ، وكأنَّ حديثَ سُفيانَ أصح، قال عليُّ بن عبد الله: قال يحيى بنُ سعيدٍ: ما أحَدٌ يَعْدِلُ عِنْدِي شُعبة، وإذا خالفهُ سفيانُ أخَذْتُ بقولِ سفيانَ.

(1)

إسناده صحيح.

ص: 174

سَمِعتُ أبا عمَّارٍ يَذْكُرُ عن وكيعٍ، قال: قال شعبةُ: سفيانُ أحْفظُ مِنِّي، وما حَدّثَني سفيانُ عن أحدٍ بِشَيءٍ، فسألْتُه إلّا وَجَدْتُهُ كما حَدَّثَني.

وفي البابِ عن عليٍّ، وسَعدٍ.

3134 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا عبد الواحدِ بن زِيادٍ، عن عبد الرحمنِ بن إسحاقَ، عن النُّعمانِ بن سعدٍ

عن عليِّ بن أبي طالبٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُم من تَعلَّمَ القرآنَ وعلّمَه"

(1)

.

هذا حديثٌ لا نعرفُه من حديثِ عَليٍّ عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلّا من حديثِ عَبد الرحمنِ بن إسحاقَ.

‌17 - باب ما جاء فِيمنْ قرأ حَرْفًا من القُرآنِ ما لَهُ من الأجْرِ

3135 -

حدَّثَنا محمدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ الحَنفيُّ، قال: حدَّثنا الضَّحَّاكُ بن عثمانَ، عن أيُّوبَ بن موسى، قال. سَمِعتُ محمدَ بن كَعْبٍ القُرَظيَّ يقولُ:

(1)

حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق، ولجهالة النعمان بن سعد.

وهو في "مسند أحمد"(1318)، و"شرح مشكل الآثار"(5126) و (3127). ويشهد له حديث عثمان السالف قبله.

ص: 175

سَمِعتُ عبد اللهِ بن مسعودٍ يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَرأ حَرْفًا من كِتابِ اللهِ، فله به حَسنةٌ، والحَسنةُ بِعَشْرِ أمْثالِها، لا أقولُ الم حَرْفٌ، وَلكنْ ألِفٌ حَرْفٌ، ولامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه. سَمِعتُ قُتيبةَ بن سعيدٍ يقولُ: بَلغَني أنّ محمدَ بنَ كَعْبٍ القُرَظيَّ وُلِدَ في حياةِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ويُرْوى هذا الحديثُ مِن غيرِ هذا الوجه عن ابنِ مسعودٍ، رواهُ أبو الأحْوَصِ عن عبد الله بنِ مسعودٍ ورَفَعَهُ بَعضُهم، ووَقَفَهُ بَعضُهم عن ابنِ مسعودٍ.

ومحمدُ بن كَعْبٍ القُرَظي يُكنى أبا حمزةَ.

3136 -

حدَّثنا نصرُ بن عليٍّ الجَهْضَميُّ، قال: حدثنا عبدُ الصَّمد بن عبد الوارث، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن عاصمٍ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هُريرةَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: يَجيءُ القُرآنُ

(2)

يومَ القيامةِ

(1)

إسناده حسن. الضحاك بن عثمان صدوق حسن الحديث كما بيناه في كتابنا "تحرير التقريب"، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه مرفوعًا محمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام الليل"(204)، والحاكم 1/ 555 و 566، والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 285 - 286.

وأخرجه موقوفًا ابن المبارك في "الزهد"(808)، وعبد الرزاق (5993) و (6017)، والدارمي (3308)، والطبراني في "الكبير"(8647) و (8648) و (8649).

(2)

في نسخة (ل): يجيء صاحب القرآن، وهو كذلك في "مستدرك" الحاكم، =

ص: 176

فيقول: يا ربِّ حَلِّهِ، فيُلْبَسُ تاجَ الكَرَامةِ، ثم يقول: يا رَبِّ زِدْهُ، فيُلْبَسُ حُلّةَ الكَرامة، ثم يقول: يا ربِّ ارضَ عنه، فيرضَى عنه، فيقال: اقرأ وارقَ، ويُزادُ بكلِّ آيةٍ حَسنةً"

(1)

.

هذا حديث حسن.

3137 -

حدَّثنا محمد بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن عاصمِ بن بَهْدَلة، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُريرةَ، نحوه، ولم يرفعه.

وهذا أصحُّ عندنا من حديث عبد الصمد عن شعبة.

‌18 - باب

3138 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا أبو النَّضْرِ، قال: حدَّثنا بَكْرُ بن خُنَيْسٍ، عن لَيْثِ بن أبي سُلَيْمٍ، عن زَيدِ بن أرْطاةَ

عن أبي أُمامةَ، قال: قال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ما أذِنَ اللهُ لِعَبْدٍ في شيءٍ أفْضَلَ من رَكْعتينِ يُصلِّيهِما، وإنَّ البرَّ ليُذَرُّ على رَأسِ العَبْدِ ما دامَ في صلاتهِ، وما تَقرَّبَ العِبادُ إلى اللهِ بمِثْلِ ما خَرجَ منه"

(2)

.

قال أبو النَّضْرِ: يعني القُرآنَ.

= و"الترغيب والترهيب" للحافظ المنذري، والمثبت من سائر أصولنا الخطية.

والمقصود بقوله: "يا رب حَلِّهِ" أي: حَلِّ صاحبَ القرآن.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه الحاكم 1/ 552. وهو في "مسند أحمد" (10087) بأخصر مما هنا.

(2)

إسناده ضعيف لضعف بكر بن خُنيس وليث بن أبي سليم.

وهو في "مسند أحمد"(22306).

ص: 177

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من هذا الوجه، وبَكْرُ بن خُنَيْسٍ قد تَكلَّمَ فيهِ ابن المُبَاركِ وتَركَهُ في آخرِ أمْرِه.

وقد رُوِي هذا الحديثُ عن زَيدِ بن أرْطاةَ عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ عن النّبيَّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلٌ.

3139 -

حدَّثنا بِذلكَ إسحاقُ بن منصورٍ، قال: حدَّثنا عبد الرحمنِ بن مَهْدِيًّ، عن مُعاويةَ، عن العلاءِ بن الحارثِ، عن زَيدِ بن أرْطَاةَ

عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ، قال: قال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّكُمْ لن تَرْجعُوا إلى اللهِ بأفْضلَ مِمَّا خَرجَ منه"، يعني القُرآنَ

(1)

.

‌19 - باب

3140 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا جَريرٌ، عن قابوسَ بن أبي ظَبْيانَ، عن أبيه

عن ابن عبَّاسٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الّذِي ليسَ في

(1)

من قوله: وقد روي هذا الحديث، إلى هنا، لم يرد في أصولنا الخطية، ولا النسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه، وأورده المزي في "تحفة الأشراف" 4/ 165، وقال بإثره: هذا الحديث في رواية أبى حامد أحمد بن داود التاجر المروزي، عن الترمذي، ولم يذكره أبو القاسم.

ورجال إسناده ثقات، وجبير بن نفير وإن أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم روايته عنه مرسلة.

وهو عند أبي داود في "المراسيل"(538) وقد رواه الحاكم في "المستدرك" 1/ 555 و 2/ 441 مسندًا، وصححه ووافقه الذهبي!

ص: 178

جَوْفِه شَيءٌ مِن القُرآنِ كالبَيْتِ الخَرِبِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

3141 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ الحَفَرِيُّ وأبو نُعَيم، عن سفيانَ، عن عاصمِ بن أبي النَّجُودِ، عن زِرٍّ

عن عبد اللهِ بن عمرٍو، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"يقالُ - يعني لصاحبِ القُرآنِ -: اقْرأْ وارقَ ورَتِّلْ كما كنت تُرتِّلُ في الدُّنيا، فإنَّ منزلك عِنْدَ آخرِ آيةٍ تَقرأُ بها"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3142 -

حدَّثنا محمد بن بشار، قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن مَهْدِيٍّ، عن سفيانَ، عن عاصمٍ، بهذا الإسنادِ نحوه

(3)

.

‌20 - باب

3143 -

حدَّثنا عبد الوهَّابِ بن الحَكمِ الورَّاقُ البَغْدَادِيُّ، قال: حدَّثنا عبد المجيدِ بن عبد العزيزِ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن المُطَّلِبِ بن عبد اللهِ بن حَنْطبٍ

(1)

إسناده ضعيف لضعف قابوس بن أبي ظبيان.

وهو في "مسند أحمد"(1947).

(2)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن أبي النّجود.

وأخرجه أبو داود (1464)، والنسائي في "الكبرى"(8056). وهو في "مسند أحمد"(6799)، و"صحيح ابن حبان"(766).

(3)

إسناده حسن كسابقه.

ص: 179

عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَتْ عليَّ أُجورُ أُمَّتي، حتَّى القذَاةُ يُخْرِجُها الرَّجلُ من المسجدِ، وعُرِضَتْ عليَّ ذُنُوبُ أمَّتي، فلم أرَ ذَنْبًا أعظمَ من سورةٍ من القُرآنِ أو آيةٍ أوتِيها رجلٌ، ثمَّ نَسِيَها"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلَّا من هذا الوجه، وذاكَرْتُ به محمد بن إسماعيلَ، فلم يَعْرِفه واسْتَغْربه، قال محمدٌ: ولا أعْرفُ لِلمُطَّلبِ بن عبد اللهِ بن حَنْطَب سماعًا من أحدٍ من أصحابِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلّا قولَه: حدَّثني من شَهدَ خُطبةَ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وسَمِعتُ عبد اللهِ بن عبد الرحمنِ يقولُ: لا نَعْرِفُ لِلْمُطَّلبِ سماعًا من أحدٍ من أصحابِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم. قال عبد اللهِ: وأنكرَ عليُّ ابن المَدِينيِّ أن يكونَ المُطّلبُ سَمعَ من أنسٍ.

‌21 - باب

3144 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن الأعمَشِ، عن خَيْثمةَ، عن الحسنِ

عن عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ أنَّهُ مَرّ على قارِئٍ يَقْرأُ، ثمَّ سألَ فاسْتَرجَعَ، ثمَّ قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يقول: "من قَرأ القُرآنَ، فلْيَسألِ الله به، فإنَّهُ سَيجيءُ أقوامٌ يَقرؤُونَ القُرآنَ يَسألونَ به

(1)

إسناده ضعيف، ابن جريج مدلس وقد عنعن، وفي سماع المطلب بن عبد الله بن حنطب من أنس خلاف.

وأخرجه أبو داود (461).

ص: 180

النَّاسَ"

(1)

.

وقال محمودٌ: هذا خَيْثمةُ البَصْرِيُّ الّذِي رَوَى عنه جابرٌ الجُعْفيُّ، وليس هو خَيثمةَ بن عبد الرحمنِ.

هذا حديث حسن.

وخَيْثمةُ هذا شَيخٌ بَصرِيٌّ يُكنى أبا نَصْرٍ، قد روى عن أنسِ بن مالكٍ أحاديثَ، وقد رَوَى جابرٌ الجُعْفيُّ عن خَيْثمةَ هذا أيضًا أحاديثَ.

3145 -

حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ الوَاسِطيُّ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدَّثنا أبو فَرْوةَ يَزِيدُ بن سِنانٍ، عن أبي المُباركِ

عن صُهَيْبٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما آمَنَ بالقُرآنِ من استَحلَّ مَحارِمهُ"

(2)

(1)

حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، خيثمة - وهو ابن أبي خيثمة - قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "القريب": لين. ثم إن الحسن لم يسمع من عمران بن حصين.

وهو في "مسند أحمد"(19885) و (19917).

وفي الباب عن جابر عند أحمد (14855) بسند حسن، وعن عبد الرحمن بن شبل عنده أيضًا (15529) وسنده قوي.

وانظر تتمة شواهده في "المسند"(19917).

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي فروة يزيد بن سنان، ولجهالة أبي المبارك وروايته عن صهيب مرسلة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 537، والطبراني في "الكبير"(7295)، وابن عدي =

ص: 181

وقد رَوَى محمدُ بن يزيدَ بن سِنانٍ، عن أبيهِ هذا الحديثَ، فزادَ في هذا الإسنادِ: عن مُجاهدٍ، عن سعيدِ بن المُسَيّبِ، عن صُهَيْبٍ، ولا يُتابعُ محمدُ بن يزيدَ على رِوايتِه، وهو ضعيفٌ. وأبو المُباركِ رجلٌ مَجهُولٌ.

هذا حديثٌ ليس إسنادُه بذلك، وقد خولف وكيعٌ في روايته.

وقال محمد: أبو فروةَ يزيدُ بن سنانٍ الرُّهاوي ليس بحدِيثه بأسٌ إلا روايةَ ابنهِ محمدٍ عنه، فإنه يروي عنه مناكيرَ.

3146 -

حدَّثنا الحسنُ بن عَرفةَ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن عيَّاشٍ عن بَحِيرِ بن سَعْدٍ، عن خالدِ بن مَعْدانَ، عن كَثِيرِ بن مُرَّةَ الحَضْرميِّ

عن عقبة بن عامرٍ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "الجاهرُ بالقُرآنِ، كالجاهرِ بالصَّدقةِ، والمُسِرُّ بالقُرآنِ، كالمُسِرِّ بالصَّدقةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

ومعنى هذا الحديثِ: أنَّ الَّذِي يُسِرُّ بِقراءَةِ القُرآنِ أفضلُ من الّذِي يَجْهرُ بِقراءَةِ القُرآنِ، لأنَّ صَدَقةَ السِّرِّ أفضلُ عند أهلِ العلمِ

= في "الكامل" 7/ 2724.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. إسماعيل بن عياش قوي في روايته عن أهل بلده وهذا منها، ثم هو متابع عند ابن حبان وغيره.

وأخرجه أبو داود (1333)، والنسائي 3/ 225 و 5/ 80. وهو في "مسند أحمد" (17368)، و"صحيح ابن حبان" (734).

ص: 182

من صَدقةِ العَلانيةِ، وإنَّما معنى هذا عند أهلِ العلمِ لِكي يَأمنَ الرَّجلُ من العُجْبِ، لأنَّ الّذِي يُسِرُّ بالعملِ لا يُخافُ عليه العُجْبُ ما يُخافُ عليه في العلانية.

‌22 - باب

3147 -

حدَّثنا صالحُ بنُ عبد اللهِ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بن زَيدٍ

عن أبي لُبابةَ، قال: قالت عائشةُ: كان النّبيُّ صلى الله عليه وسلم لا ينامُ حتَّى يَقْرأَ بني إسرائيلَ وَالزُّمرَ

(1)

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. وأبو لُبابةَ هذا شيخٌ بَصْرِيٌّ قد رَوَى عنه حَمَّادُ بن زيدٍ غيرَ حديثٍ، ويقالُ: اسْمُه: مَروانُ. أخبرني بذلكَ محمدُ بن إسماعيلَ في كِتابِ "التاريخ".

(1)

رجاله ثقات غير أبي لبابة العقيلي، وهو مروان مولى عائشة، ويقال: مولى هند بنت المهلب بن أبي صفرة، ويقال: مولى عبد الرحمن بن زياد العقيلي، وثقه ابن معين، والذهبي في "الكاشف"، وابن حجر في "التقريب"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن الذهبي نص في "الميزان" 4/ 565 على أن خبره منكر، وتوقف فيه ابن خزيمة في "صحيحه"(1163)، فقال: باب استحباب قراءة بني إسرائيل والزمر كل ليلة استنانًا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن كان أبو لبابة هذا يجوز الاحتجاج بخبره، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح. قلنا: وقد حسن المصنف حديثه كما ترى.

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(712). وهو في "مسند أحمد"(24388).

وسيأتي عند المصنف برقم (3703).

ص: 183

3148 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: حدثنا بَقيَّةُ بن الوليدِ، عن بَحِيرِ بن سَعدٍ، عن خالدِ بن مَعْدانَ، عن عبد اللهِ بن أبي بلالٍ

عن عِرْباضِ بن سَاريةَ أنّهُ حَدَّثهُ أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقْرأُ المُسَبِّحاتِ قَبلَ أنْ يَرْقُدَ، ويقولُ:"إنَّ فِيهنَ آيةً خَيرٌ من ألْفِ آية"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

‌23 - باب

3149 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ الزُّبَيْرِيُّ، قال: حدَّثنا خالدُ بن طَهْمانَ أبو العلاءِ الخَفّافُ، قال: حَدَّثَني نافعُ بن أبي نافعٍ

(1)

إسناده ضعيف، بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن، وعبد الله بن أبي بلال مجهول.

وأخرجه أبو داود (5057)، والنسائي في "الكبرى"(8026)، وفي "عمل اليوم والليلة"(713) و (714). وهو في "مسند أحمد"(17160).

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(715) بإسناد صحيح مرسل، وقال بإثره: قال معاوية: إن بعض أهل العلم كانوا يجعلون المسبِّحات ستًا: سورة الحديد والحشر والحواريين (يعني الصف) وسورة الجمعة والتغابن وسبح اسم ربك الأعلى.

قال السندي في حاشيته على "المسند": قوله: يقرأ المسبِّحات، أي السورة المصدَّرة بالتسبيح، مثل: سبَّح لله، أو يسبح لله، أو سبِّح اسم ربك، أو سبحان الذي أسرى بعبده.

وقوله: "آية"، لعلها:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [الحشر: 22 - 23] إلى آخر السورة، والمراد بالآية القطعة، وكان يُبهمها ترغيبًا لهم في قراءة الكل.

ص: 184

عن مَعْقلِ بن يَسارٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من قال حِينَ يُصْبِحُ ثلاثَ مَرَّاتٍ: أعوذُ باللهِ السَّميعِ العَليمِ من الشّيطانِ الرَّجيمِ، وقَرأ ثَلاثَ آياتٍ من آخرِ سورةِ الحَشْرِ، وَكَّلَ اللهُ بهِ سَبْعينَ ألْفَ مَلكٍ يُصلُّونَ عليه حتَّى يُمْسيَ، وإنْ ماتَ في ذلكَ اليومِ ماتَ شَهيدًا، ومن قالها حِينَ يُمْسي كان بِتلْكَ المَنْزلةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفُه إلَّا من هذا الوجه.

‌24 - باب ما جاء كَيفَ كانَت قِرَاءةُ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم

-

3150 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا اللَّيْثُ، عن عبد اللهِ بن عُبَيدِ اللهِ بن أبي مُليكةَ

عن يَعْلى بن مَمْلكٍ أنَّهُ سَأَلَ أمَّ سَلمةَ زَوجَ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم عن قِرَاءةِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم وصلاتِه، فقالت: وما لكم وصلاتِه؟ كان يُصلِّي ثمَّ يَنامُ قَدْرَ ما صَلّى، ثمَّ يُصلِّي قَدْرَ ما نامَ، ثمَّ يَنامُ قَدْرَ ما صَلّى حتَّى يُصْبحَ،

(1)

إسناده ضعيف، خالد بن طهمان ضعفه ابن معين وقال: خلط قبل موته بعشر سنين، وكان قبل ذلك ثقة، وكان في تخليطه كل ما جاؤوا به يقرؤه، وحسَّن الرأي فيه أبو داود وأبو حاتم، وأما نافع بن أبي نافع الراوي عن معقل، فإن كان هو نفيع بن الحارث أبا داود الأعمى - فيما قاله أبو داود - فهو متروك الحديث، وإن كان غيره، فهو لا يعرف، كما قال الذهبي في "الميزان" 4/ 242. وانظر ترجمة نافع هذا في "تهذيب التهذيب" لابن حجر.

وهو في "مسند أحمد"(20306).

ص: 185

ثمَّ نَعتَتْ قِراءتَه، فإذا هي تَنْعتُ قِراءةً مُفَسَّرةً حَرْفًا حَرْفًا

(1)

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من حديثِ لَيْثِ بن سعدٍ عن ابن أبي مُلَيْكةَ عن يَعْلى بن مَمْلكٍ عن أُمِّ سَلمةَ.

وقد رَوَى ابن جُرَيْجٍ هذا الحديثَ عن ابن أبي مُليْكةَ، عن أُمِّ سَلمةَ أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقطِّعُ قِراءتَهُ

(2)

، وحديثُ اللَّيْثِ أصَحُّ.

3151 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قَال: حدَّثنا اللّيْثُ، عن مُعاويةَ بن صالحٍ، عن عَبد اللهِ بن أبي قَيْسٍ، قال:

سألتُ عائشةَ عن وِتْرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كيف كان يُوتِرُ من أوَّلِ اللّيلِ أم مِن آخِرِه؟ فقالت: كُلّ ذلكَ قد كان يَصْنعُ، رُبَّما أوْترَ من أوَّلِ اللَّيلِ، ورُبَّما أوْترَ من آخرِه. فقلتُ: الحمدُ للهِ الّذِي جَعلَ في الأمْرِ سَعةً، فقلتُ: كيفَ كانت قِراءتُه؟ أكان يُسِرُّ بالقراءةِ أمْ يَجْهرُ؟ قالت: كُلّ ذلكَ كان يَفْعلُ، قد كان رُبّما أسرَّ وربّما جَهرَ. قال: فقلتُ: الحمدُ للهِ الّذِي جَعلَ في الأمرِ سَعةً. قال: قلتُ: فكيفَ كانَ يَصْنَعُ في الجَنابةِ؟ أكانَ يَغْتسلُ قَبلَ أنْ يَنامَ، أم يَنامُ

(1)

يعلى بن مملك روى عن أم سلمة، وأم الدرداء وقد تفرد بالرواية عنه عبدُ الله بن أبي مليكة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح المصنف حديثه هذا، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أبو داود (1466)، والنسائي 2/ 181 و 3/ 214. وهو في "مسند أحمد" (26526)، و"شرح مشكل الآثار" (5408).

(2)

سيأتي عند المصنف برقم (3154) وهو صحيح.

ص: 186

قَبلَ أنْ يَغْتسلَ؟ قالت: كُلّ ذلكَ قد كان يَفْعلُ، رُبّما اغْتَسلَ فنامَ، ورُبّما تَوضّأ فنامَ. قلتُ: الحمد اللهِ الّذِي جَعلَ في الأمْرِ سَعةً

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه.

‌25 - باب

3152 -

حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ كَثِيرٍ، قال: أخبرنا إسرائيلُ، قال: أخبرنا عثمانُ بنُ المُغِيرةِ، عن سالمِ بن أبي الجَعْدِ

عن جابر بن عبد الله، قال: كان النّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ نَفْسَه بالموقفِ، فقال:"ألا رجلٌ يَحْمِلُني إلى قَوْمِه؟ فإنّ قُريشًا قد مَنعُوني أن أُبلِّغَ كَلامَ رَبِّي"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب.

‌26 - باب

3153 -

حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا شِهابُ بن عَبَّادٍ العَبْدِيِّ، قال: حَدَّثَنا محمدُ بن الحَسنِ بن أبي يَزِيدَ الهَمْدَانيُّ، عن عمرِو بن قَيْسٍ، عن عَطيَّةَ

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (307)، وأبو داود (226) و (1437). وهو في "مسند أحمد"(24202)، و"صحيح ابن حبان"(2447).

وأخرجه مختصرًا بقصة الاغتسال من الجنابة النسائي 1/ 125 - 126 و 199.

وسلف الحديث عند المصنف مختصرًا بقصة كيفية قراءته صلى الله عليه وسلم برقم (449).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (4734)، وابن ماجه (201)، والنسائي في "الكبرى"(7727). وهو في "مسند أحمد"(15192).

ص: 187

عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يقولُ الرَّبُّ تبارك وتعالى: مَنْ شَغَلَهُ القُرآنُ عن ذِكْري ومَسْألتِي أعْطيتُه أفْضلَ ما أُعْطِي السَّائِلينَ، وفَضْلُ كلامِ اللهِ على سَائرِ الكلامِ، كَفضْلِ اللهِ على خَلْقِه"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عطية - وهو ابن سعد العوفي - ضعيف يكتب حديثه كما قال أبو حاتم وابن معين وابن عدي، ومحمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني ضعفه غير واحد من الأئمة، وقال ابن عدي: ومع ضعفه يكتب حديثه.

وأخرجه الدارمي (3356).

وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب، أخرجه عنه البخاري في "خلق أفعال العباد"(544)، وفي "تاريخه الكبير" 2/ 115، والبيهقي في "الشعب"(572)، والمزي في "تهذيب الكمال" 13/ 197 من طريق صفوان بن أبي الصهباء، عن بُكير بن عَتيق، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله عز وجل: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين" وصفوان بن أبي الصهباء وثقه ابن معين في رواية الدوري، وقال ابن خلفون: أرجو أن يكون صدوقًا. وذكره ابن حبان وابن شاهين في "الثقات"، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 46: صالح. وباقي رجاله ثقات.

ص: 188

بسم الله الرحمن الرحيم

‌أبواب القراءات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

-

‌1 - باب ما جاء في فَاتِحةِ الكِتابِ

3154 -

حدَّثنا عَليُّ بن حُجْرٍ، قال: حدثنا يحيى بن سَعيدٍ الأُمَويُّ، عن ابن جُريجٍ، عن ابن أبي مُليْكةَ

عن أُمِّ سَلمةَ، قالت: كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَطَّعُ قِراءتَهُ يقرأُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، ثُمَّ يَقفُ، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، ثُمَّ يَقفُ، وكانَ يقرؤُها:"مَلكِ يومِ الدِّينِ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ، وبهِ يَقْرأُ أبو عُبَيْدٍ ويختارهُ. هكذا رَوَى

(1)

صحيح لغيره، وهذا سند رجاله ثقات إلا أن فيه تدليس ابن جريج وقد توبع، فرواه بنحوه أحمد (26470) عن وكيع، عن نافع بن عمر. وأبو عامر - واسمه عبد الملك بن عمر العقدي - حدثنا نافع، عن ابن أبي مليكة، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا سند صحيح.

وأخرجه أبو داود (4001). وهو في "مسند أحمد"(26450) و (26583)، و"شرح مشكل الآثار"(5405).

وفي الباب ما يشهد له عند البخاري (5046) من حديث أنس، ولفظه: سئل أنس كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدًا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، يمدُّ ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم.

ص: 189

يحيى بن سَعيدِ الأُمَويُّ وغيرهُ عن ابنِ جُريجٍ عن ابن أبي مُليْكةَ عن أُمِّ سَلمةَ، وليسَ إسنادهُ بِمُتصلٍ لأنَّ اللّيثَ بن سَعْدٍ رَوَى هذا الحديثَ عن ابن أبي مُليْكةَ عن يَعْلى بن مَمْلكٍ عن أُمِّ سَلمةَ أنها وصفتْ قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم حَرْفًا حَرْفًا. وحديثُ اللّيثِ أصَحُّ، وليسَ في حديثِ اللّيثِ: وكانَ يَقْرأُ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ

(1)

.

3155 -

حدَّثنا أبو بَكْرٍ محمدُ بن أبانَ، قال: حدَّثنا أيُّوبُ بن سُوَيْدٍ الرَّمْليُّ، عن يُونُسَ بن يَزِيدَ، عن الزُّهْرِيِّ

عن أنَسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكْرٍ وعُمرَ وأُراهُ قال: وعُثمانَ كانوا يَقْرؤُونَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}

(2)

[الفاتحة: 4].

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرِفُه من حديثِ الزُّهْريِّ عن أنَسِ بن مالكٍ إلّا من حديثِ هذا الشّيخِ أيُّوبَ بن سُوَيْدٍ الرَّمْليِّ.

وقد رَوَى بعضُ أصحابِ الزُّهْريِّ هذا الحديثَ عن الزُّهْرِيِّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكْرِ وعُمرَ كانُوا يَقْرؤونَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}

(3)

[الفاتحة: 4].

ورَوَى عبد الرَّزاقِ، عن مَعْمرٍ، عن الزُّهْريِّ، عن سَعيدِ بن المُسَيّبِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بَكْرٍ وعُمرَ كانُوا يَقْرؤُونَ {مَالِكِ يَوْمِ

(1)

سلف حديث عند المصنف برقم (3151).

(2)

إسناده ضعيف لضعف أيوب بن سويد الرملي.

وهو في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (5419).

(3)

هو في "شرح مشكل الآثار"(5420).

ص: 190

الدِّينِ}

(1)

[الفاتحة: 4].

3156 -

حدَّثنا أبو كُريْبٍ، قال: حدَّثنا ابن المُبَاركِ، عن يُونسَ بن يَزيدَ، عن أبي عَليِّ بن يَزِيدَ، عن الزُّهريِّ

عن أنَسِ بن مَالكٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَرأ:"أنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ والعَيْنُ بالعَيْنِ"

(2)

.

3157 -

حدثنا

(3)

سُوَيْدُ بن نَصْر، أخبرنا ابنُ المبارك عن يُونسَ بن يَزِيدَ، بهذا الإسنادِ نَحوهُ

(4)

.

وأبو عَليِّ بن يَزِيدَ هو: أخو يُونسَ بن يَزِيدَ.

وهذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

قال محمدٌ: تَفرّدَ ابنُ المُبَاركِ بهذا الحديثِ عن يُونسَ بن

(1)

أخرجه أبو داود (4000) ورجاله ثقات، لكنه مرسل.

(2)

إسناده ضعيف، أبو علي بن يزيد - وهو ابن أبي النجاد - تفرد بالرواية عنه أخوه يونس، وجهله أبو حاتم كما في "العلل" 2/ 79، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرجه أبو داود (3976) و (3977). وهو في "مسند أحمد"(13249).

وزاد فيه: نصب النفس، ورفع العين. قلنا: والرفع هي قراءة الكسائي.

(3)

في (أ): "قال"، بدل "حدثنا".

(4)

انظر ما قبله.

تنبيه: من قوله: "حدثنا سويد" إلى هنا، تكررت هذه العبارة في (أ) و (د) بإثر قول البخاري الآتي بعد سطرين. وهي مكررة أيضًا في النسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه، وقال المباركفوري: هذه العبارة لم توجد في بعض النسخ ووجدت في بعضها، وحذفها هو الظاهر.

ص: 191

يَزِيدَ، وهكذا قَرأ أبو عُبَيْدٍ "والعيْنُ بالعَيْنِ" اتِّباعًا لهذا الحديثِ.

3158 -

حدَّثنا أبو كُريْبٍ، قال: حدَّثنا رِشْدينُ بن سَعْدٍ، عن عبد الرحمنِ بن زِيادِ بن أنْعُمَ، عن عُتْبةَ بن حُمَيْدٍ، عن عُبادةَ بن نُسَيًّ، عن عبد الرحمنِ بن غَنْمٍ

عن مُعاذِ بن جَبلٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَرأ:"هَلْ تَسْتطِيعُ رَبَّكَ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرِفُه إلّا من حديثِ رِشْدينَ، وليسَ إسنادهُ بالقَويِّ، ورِشْدينُ بن سَعْدٍ وعبد الرحمن بن زياد بن أنْعُم الإفْرِيقيُّ يُضَعَّفان في الحديثِ.

‌2 - ومن سورة هود

3159 -

حدَّثنا الحُسينُ بن محمدٍ البَصْرِيُّ، قال: حدَّثنا عَبد اللهِ بن حَفْصٍ، قال: حدَّثنا ثابتٌ البُنانيُّ، عن شَهْرِ بن حَوْشبٍ

عن أُمَّ سَلمةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقْرؤُها: "إنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ

(1)

حديث ضعيف لضعف رشدين بن سعد وعبد الرحمن بن زياد وعتبة بن حميد، وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (128)، وفي "مسند الشاميين"(2244).

وله طريق آخر واهٍ أخرجه الحاكم 2/ 238 من طريق سويد بن سعيد، عن الوليد بن جندب، عن بكر بن خنيس، عن محمد بن سعيد - وهو الشامي المصلوب -، عن عبادة بن نسي، بهذا الإسناد.

وقوله: "هل تستطيعُ ربَّك" هي قراءة الكسائي، قال صاحب:"حجة القراءات" ص 241: أي: هل تقدر يا عيسى أن تَسَلَ ربَّك؟

قال أهل البصرة: المعنى: هل تستطيع سؤالَ ربك؟ فحذف السؤال، وألقى إعرابه على ما بعده فنصبه، كما قال:"واسأل القريةَ"، أي: أهل القرية.

ص: 192

صالحٍ"

(1)

.

هذا حديثٌ قد رواهُ غيرُ واحدٍ عن ثابتٍ البُنانيِّ نَحو هذا، وهو حديثُ ثابتٍ البُنانيِّ. وقد رُوِي هذا الحديثُ أيضًا عن شَهْرِ بن حَوْشَبٍ، عن أسماءَ بنتِ يَزِيدَ.

وسمِعتُ عبدَ بن حُمَيدٍ يقولُ: أسماءُ بنتُ يَزِيدَ هي أُمُّ سَلمةَ الأنصاريَّةُ.

كِلا الحديثينِ عندِي واحدٌ، وقد رَوَى شَهْرُ بن حَوْشَبٍ غيرَ حديثٍ عن أمِّ سَلمةَ الأنصَاريَّةِ، وهي أسماءُ بنتُ يَزِيدَ، وقد رُوِي عن عائشةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوُ هذا.

(1)

حديث محتمل للتحسين بشاهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف شهر بن حوشب. وأخرجه أبو داود (3982) و (3983). وهو في "مسند أحمد"(26518) و (27569).

وله شاهد من حديث عائشة، أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 286 - 287، والفراء في "معاني القرآن" 2/ 17 - 18، وحفص الدوري في "قراءات النبي"(62)، والحاكم 2/ 241 من طريق محمد بن جحادة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ: {إنه عمل غير صالح} . وجحادة لم يرو عنه غير ابنه.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4312) من طريق بشر بن خالد، عن عطية بن الحارث، عن حميد الأزرق، عن مسروق، عن عائشة. قال الهثمي في "المجمع" 7/ 155: وفيه حميد الأزرق، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

قلنا: ونقل الطبري في "تفسيره" أنه روي عن جماعة من السلف أنهم قرؤوا: {إنَّه عَمِلَ غيرَ صالح} على وجه الخبر عن الفعل الماضي و"غير" منصوبة، وممن روي عنه أنه قرأ ذلك ابن عباس. قلنا: وهي قراءة الكسائي ويعقوب.

ص: 193

3160 -

حدَّثنا يحيى بن موسى، قال: حدَّثنا وَكيعٌ وحبَّانُ هِلال، قالا: حدَّثنا هارُونُ النَّحْويُّ، عن ثابتٍ البُنانيِّ، عن شَهْرِ بن حَوْشبٍ

عن أمِّ سَلمةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآيةَ:"إنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صالحٍ"

(1)

.

‌3 - ومن سورة الكهف

3161 -

حدَّثنا أبو بكرِ بن نَافعٍ البصرِيُّ، قال: حدَّثنا أُمَيَّةُ بن خالدٍ، قال: حدَّثنا أبو الجاريةِ العَبْدِيُّ، عن شُعبةَ، عن أبي إسحاقَ، عن سَعيدِ بن جُبَيرٍ

عن ابن عبَّاس، عن أُبَيِّ بن كَعْبٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَرأ:{قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76] مُثَقّلةً

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف وانظر ما قبله.

تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من نسخة (ل)، ولم يرد في أصولنا الخطية، ولا في النسخة التي اعتمدها المباركفوري في شرحه، وإنما ذكره المزي في "تحفة الأشراف" 11/ 265 في مسند أسماء بنت يزيد، ولم يذكره في مسند أم سلمة، مع أنه أورد الحديث الذي قبله في مسند أسماء 11/ 265، وأعاد ذكره في مسند أم سلمة 13/ 12!

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي الجارية العبدي، كما قال المصنف، لكنه متابع، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه أبو داود (3985). وهو في "مسند أحمد"(21123) و (21124)، و"صحيح ابن حبان"(6326).

وقوله تعالى: {مِنْ لَدُنِّي} بفتح اللام، وضم الدال، وتثقيل النون: هي قراءة الجمهور، وقرأ نافع بضم الدال، وتخفيف النون، وقرأ أبو بكر: بإسكان الدال واشمامها الضم، وتخفيف النون. قال ابن جرير الطبري: وهما لغتان فصيحتان، =

ص: 194

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرِفُه إلَّا من هذا الوجهِ، وأُمَيَّةُ بن خالدٍ ثِقةٌ، وأبو الجاريةِ العبدِيُّ شيخٌ مجهُولٌ، لا يُدرَى من هو، ولا يُعرَف اسمُه.

3162 -

حدَّثنا يحيى بن موسى، قال: حدَّثنا مُعلّى بن منصُورٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن دينارٍ، عن سَعْدِ بن أوْسٍ، عن مِصْدَعٍ أبي يحيى، عن ابن عبَّاسٍ

عن أُبيِّ بن كَعْب، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ:{فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}

(1)

[الكهف: 86].

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفهُ إلّا من هذا الوجهِ. والصَّحيحُ ما رُوِي عن ابن عبَّاسٍ قِراءتهُ.

= قد قرأ بكلِّ واحدة منها علماء من القراء بالقرآن، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن أعجب القراءتين إليَّ في ذلك: قراءة من فَتح اللام، وضمَّ الدال، وشدَّد النون. انظر "جامع البيان" 15/ 287، و"حجة القراءات العشر" ص 424 - 425، و"الكشف عن وجوه القراءات السبع" 2/ 69 - 70، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 313 - 314.

(1)

إسناده ضعيف، محمد بن دينار - وهو الأزدي - ضعيف، ضعفه أبو داود والدارقطني وغيرهما. وأخرجه أبو داود (3986). وهو في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (283).

وقوله تعالى: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} ، قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر:"في عين حامية" بالألف، أي: حارة، من حَمِيَتْ تحمى فهي حامية، قال تعالى:{تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} أي: حارة. وقرأ الباقون: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} مهموزًا، فالحمأة: الطين المنتن المتغير اللون والطعم. "حجة القراءات" ص 428 و 429.

ص: 195

ويُروى أنّ ابن عبَّاسٍ وعَمرو بن العاص اختلفَا في قِراءةِ هذه الآيةِ وارتَفعا إلى كَعْبِ الأَحبارِ في ذلك

(1)

.

فلو كانت عنده روايةٌ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لاستَغْنى بروايتهِ ولم يَحْتَجْ إلى كَعْبٍ.

‌4 - ومن سورة الروم

3163 -

حدَّثنا نَصْرُ بن عليًّ الجَهْضَميُّ، قال: حدَّثنا المُعتَمِرُ بن سُليمانَ، عن أبيهِ، عن سُليمانَ الأعمَشِ، عن عَطيَّة

عن أبي سَعيدٍ، قال: لمّا كانَ يومُ بَدْرٍ، ظَهرَتِ الرُّومُ على فارسَ، فَأَعجبَ ذلكَ المُؤْمِنينَ، فنزَلت {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ} إلى قوله:{يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: 4] قال: ففرحَ المُؤْمِنُونَ بِظُهُورِ الرُّومِ على فارسَ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ. ويُقْرأُ: غَلبَتْ وغُلِبتْ، يقولُ: كان غُلِبتْ ثُمَّ غَلبَتْ، هكذا قَرأ نَصْرُ بنُ عليٍّ: غَلبَتْ

(3)

.

(1)

هذا الأثر أخرجه الطبري في "تفسيره" 16/ 11.

(2)

إسناده ضعيف، لضعف عطية - وهو ابن سعد العوفي -، وهو مخالف لحديث ابن عباس الصحيح الآتي برقم (3469).

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 21/ 20 و 21.

(3)

قراءة نصر بن علي شاذة لا تصح، نسبها ابن جرير 21/ 16 إلى ابن عمر وأبي سعيد بإسناد ضعيف، وقال ابن جرير: والصوابُ من القراءة في ذلك عندنا =

ص: 196

3164 -

حدَّثنا محمدُ بن حُمَيدٍ الرَّازِيُّ، قال: حدَّثنا نُعيم بن مَيْسرةَ النَّحْويُّ، عن فُضَيْلِ بن مَرزُوقٍ، عن عَطيَّةَ العَوْفيِّ

عن ابن عُمرَ، أنَّهُ قَرأ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم {خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الروم: 54] فقال: "من ضُعْفٍ"

(1)

.

3165 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرنا يَزِيدُ بن هارونَ، عن فُضَيلِ

= الذي لا يجوز غيرُه {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ} بضم الغين لإجماع الحجة من القراءة عليه.

وقال الفراء في "معاني القرآن" 3/ 319: القُرَّاء مجتمعون على (غُلبت) إلا ابن عمر، فإنه قرأها (غَلبَتِ الروم)، فقيل له: علام غلبوا؟ قال: على أدنى ريف الشام، والتفسير يرد قول ابن عمر، وذلك أن فارس ظفرت بالروم فحزن لذلك المسلمون، وفرح مشركو أهل مكة، لأن أهل فارس يعبدون الأوثان ولا كتاب لهم، فأحبهم المشركون لذلك، ومال المسلمون إلى الروم، لأنهم ذوو كتاب ونبوة، والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} ، ثم قال بعد ذلك: ويوم يَغلِبون يفرح المؤمنون إذا غَلَبوا، وقد كان ذلك كله.

(1)

إسناده ضعيف، وأخرجه أبو داود (3978). وهو في "مسند أحمد"(5227).

قال البغوي في "تفسيره" 3/ 487: الضم لغة قريش، والفتح لغة تميم.

وقال ابن زنجلة في "حجة القراءات" ص 562: قرأ عاصم وحمزة: "من ضَعف" بفتح الضاد، وقرأ الباقون بالرفع، وهما لغتان مثل القَرْح والقُرْح.

وقال ابن الجزري في "النشر" 2/ 331: واختلف عن حفص، فروى عنه عبيد وعمرو أنه اختار الضم خلافًا لعاصم للحديث الذي رواه عن الفضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن ابن عمر مرفوعًا، وروينا عنه من طرق أنه قال: ما خالفت عاصمًا في شيء من القرآن إلا في هذا الحرف.

ص: 197

ابن مرزوقٍ، نحوه.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفُه إلّا من حديثِ فُضَيلِ بن مَرزوقٍ.

‌5 - ومن سورة القمر

3166 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ الزُّبَيريُّ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن أبي إسحاقَ، عن الأسوَدِ بن يَزِيدَ

عن عبد اللهِ بن مسعودٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ:{فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}

(1)

[القمر: 51].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌6 - ومن سورة الواقعة

3167 -

حدَّثنا بِشْرُ بن هِلالٍ الصَّوَّافُ البصرِيُّ، قال: حدَّثنا جعفرُ بن سُليمانَ الضُّبَعيُّ، عن هارونَ الأعوَرِ، عن بُدَيلٍ، عن عبد اللهِ بن شَقِيقٍ

عن عائشةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرأ:"فَرُوحٌ وَرَيْحانٌ وجنَّةُ نَعِيمٍ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3341)، ومسلم (823)، وأبو داود (3994)، والنسائي في "الكبرى"(11555). وهو في "مسند أحمد"(3755) و (3853)، و"صحيح ابن حبان"(6327).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (2938)، والنسائي في "الكبرى"(11566). وهو في "مسند أحمد"(24352).

قوله: (فروح) قال الطبري: اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قُرّاء =

ص: 198

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرِفُه إلَّا من حديثِ هارونَ الأعوَرِ.

‌7 - ومن سورة الليل

3168 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمَشِ، عن إبراهيمَ، عن عَلقمةَ، قال: قَدِمْنا الشّامَ

فأتانا أبو الدَّرْداءِ، فقال: أفِيكُم أحدٌ يَقرأُ على قراءةِ عبدِ الله؟ قال: فأشارُوا إليَّ، فقلتُ: نعم، قال: كَيفَ سَمِعتَ عبدَ اللهِ يقرأُ هذه الآية: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} ؟ قال: قلتُ: سَمِعتُه يقرؤُها: "واللّيْلِ إذا يَغْشى والذَّكَرِ والأنْثى"، فقال أبو الدَّرْداءِ: وأنا واللهِ هكذا سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يقرؤُها، وهؤلاءِ يُرِيدُونَني أن أقرأها "وما خَلقَ" فلا أُتابِعُهم

(1)

.

= الأمصار (فَرَوْحٌ) بفتح الراء بمعنى: فله برد

وقرأ ذلك الحسن البصري (فرُوح) بضم الراء بمعنى أن روحه تخرج في ريحانة.

وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" 8/ 156 - 157: الجمهور يفتحون الراء، وفي معناها الفرح أو الراحة، أو المغفرة، أو الجنة، أو روح من الغَمِّ الذي كانوا فيه، أو روح في القبر، أي: طيب نسيم. وقرأ أبو بكر الصديق وأبو رزين والحسن وعكرمة وابن يعمر، وقتادة ورويس عن يعقوب وابن أبي سريج عن الكسائي (فرُوح) برفع الراء، وفي معنى هذه القراءة قولان أحدهما: أن معناها فرحمة، والثاني: فحياة وبقاء، قال الزجاج: معناه فحياة دائمة لا موت معها.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3742)، ومسلم (824)، والنسائي في "الكبرى"(8299) و (11676) و (11677). وهو في "مسند أحمد"(27535)، و"صحيح ابن حبان"(6330) و (7127).

قال الحافظ في "الفتح" 8/ 707: هذه القراءة لم تنقل إلا عمّن ذكرنا هنا، =

ص: 199

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وهكذا قراءةُ عبد اللهِ بن مسعودٍ: "واللَّيْلِ إذا يَغْشَى والنّهارِ إذا تَجَلّى والذَّكَرِ والأنْثَى".

‌8 - ومن سورة والذاريات

3169 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن عبد الرحمنِ بن يَزِيدَ

عن عبد اللهِ بن مسعودٍ، قال: أَقْرأَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنِّي أنا الرَّزَّاقُ ذو القُوَّةِ المَتِينُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

= ومن عداهم قرؤوا (وما خلق الذكر والأنثى) وعليها استقر الأمر مع قوة إسناد ذلك إلى أبي الدرداء ومن ذكر معه، ولعل هذا مما نسخت تلاوته ولم يبلغ النسخ أبا الدرداء ومن ذكر معه. والعجب من نَقْل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة وعن ابن مسعود، وإليهما تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لم يقرأ بها أحد منهم، وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء ولم يقرأ أحد منهم بهذا، فهذا يقوي أن التلاوة بها نسخت.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (3993)، وحفص الدوري في "قراءات النبي صلى الله عليه وسلم"(108) والنسائي في "الكبرى"(7707) و (11527) وأبو يعلى (5333) والحاكم 2/ 234 و 249، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 43 و 66. وهو في "مسند أحمد" (3741)، و"صحيح ابن حبان" (6329).

وهذه القراءة شاذة وإن صحَّ إسنادها، لمخالفتها القراءة المتواترة:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58].

ص: 200

‌9 - ومن سورة الحج

3170 -

حدَّثنا أبو زُرْعةَ والفَضْلُ بن أبي طالبٍ وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا الحسنُ بن بِشْرٍ، عن الحَكمِ بن عبد الملك، عن قتادةَ

عن عِمرانَ بن حُصَينٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَرأ:{وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى}

(1)

[الحج: 2].

هذا حديثٌ حسنٌ، وهكذا رَوَى الحَكمُ بنُ عَبد الملكِ، عن قتادة، ولا نعرِفُ لِقَتادةَ سماعًا من أحدٍ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلّا من أنسٍ وأبي الطُّفَيلِ، وهذا عندي مختصرٌ، إنّما يُروَى عن قتادةَ عن الحسنِ، عن عمرانَ بن حُصَينٍ: كُنَّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سفَرٍ فقرَأَ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ} [الحج: 1] الحديثَ بطولهِ، وحديثُ الحَكمِ بن عبد الملكِ عندي مختصرٌ من هذا الحديثِ.

‌10 - باب

3171 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: أنبأنا

(1)

إسناده ضعيف، لضعف الحكم بن عبد الملك، وأخرجه هكذا مختصرًا الطبراني في "الكبير" 18/ 298، والحاكم 2/ 245 و 385 - 386 من طريق قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين.

وهو مختصر الحديث المطول الآتي عند المصنف برقم (3440) و (3441)، وسيأتي تخريجه هناك.

وذكر صاحب "حجة القراءات" ص 472 أن قراءة حمزة والكسائي: (وترى الناس سَكْرَى وما هم بسَكْرَى)، وقراءة الباقين:{وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} .

ص: 201

شُعبةُ، عن منصورٍ، قال: سمعتُ أبا وائلٍ

عن عبد اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"بِئْسَ ما لأحَدهِم، أو لأحدكُم، أن يقولَ: نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ، بل هو نُسِّيَ، فاستذكِروا القُرآنَ، فوالّذِي نَفْسي بيدِه لَهُو أشَدُّ تفصِّيًا من صُدورِ الرِّجالِ من النَّعَمِ من عُقُلِه"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌11 - باب ما جاء أُنْزلَ القُرآنُ على سَبعةِ أحرُفٍ

3172 -

حدَّثنا أحمد بنُ مَنيع، قال: حدَّثنا الحسنُ بن موسى، قال: حدَّثنا شَيبانُ، عن عاصمٍ، عن زرَّ بن حُبَيشٍ

عن أُبيِّ بن كَعب، قال: لَقِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جبريلَ، فقال:"يا جبريلُ إنِّي بُعِثتُ إلى أُمَّةٍ أُميِّينَ، منهم العَجوزُ، والشَّيخُ الكبير، والغُلامُ، والجاريةُ، والرَّجلُ الذىِ لم يَقرأ كتابًا قطُّ. قال: يا محمدُ إنَّ القُرآنَ أُنزِل على سبعةِ أحرُفٍ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (5032)، ومسلم (790)، والنسائي 2/ 154، وهو في "مسند أحمد"(3620)، و"صحيح ابن حبان"(761).

قوله: "تفصِّيًا"، أي: تخلصًا وخروجًا.

وقوله: "نُسِّي"، نقل الحافظ في "الفتح" 9/ 80 عن القرطبي قوله: التثقيل معناه أنه عوقب بوقوع النسيان عليه لتفريطه في معاهدته واستذكاره. قال: ومعنى التخفيف: أن الرجل تركه غير ملتفت إليه، وهو كقوله تعالى:{نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} ، أي: تركهم في العذاب، أو تركهم من الرحمة.

(2)

حديث صحيح، وهذا سند حسن. وهو في "مسند أحمد"(21204)، =

ص: 202

وفي الباب عن عُمرَ، وحُذيفةَ بن اليمان، وأبي هُريرةَ، وأُمِّ أيُّوبَ الأنصاريِّ، وسَمُرةَ، وابن عبَّاسٍ، وأبي جُهَيم بن الحارث بن الصِّمَّة، وأبي بَكْرةَ، وعمرو بن العاص.

هذا حديثٌ حسن صحيح، قد رُوي عن أُبيِّ بن كَعْب من غير وجهٍ.

3173 -

حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ الخلَّالُ وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدثنا عبدُ الرَّزاقِ، قال: أخبرنا مَعْمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن عُرْوةَ بن الزُّبيرِ

عن المِسْورِ بن مَخْرمةَ وعبد الرحمنِ بن عبدٍ القارِيّ، أخبراهُ أنَّهُما سمعا عُمرَ بن الخطّابِ يقولُ: مَرَرتُ بهِشام بن حَكيمِ بن حِزامٍ وهو يَقرأُ سورةَ الفُرقانِ في حياةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فاسْتَمعتُ قِراءتَه، فإذا هو يقرأُ على حُروفٍ كثيرةٍ لم يُقْرِئْنيها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فكِدْتُ أساورُه في الصَّلاةِ، فنظرت حتَّى سَلّمَ، فلمَّا سلّمَ لَبَّبْتُه

= و"صحيح ابن حبان"(739).

ويرى الإمامان الطحاوي والطبري وغيرهما من أهل العلم أن القراءة بالأحرف السبعة كانت في أول الأمر خاصة، للضرورة، لاختلاف لغات العرب ومشقة أخذ جميع الطوائف بلغة، والأحرف السبعة المأذون فيها هي مما لا يختلف معانيها، وإن اختلفت الألفاظ التي يتلفظ بها، فلما كثر الناس والكُتَّاب وقووا على تحفط القرآن بألفاظه التي نزل بها، فلم يسعهم أن يقرؤوه بخلافها، ارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد. وانظر تفصيل ذلك في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي 8/ 108 - 137، و"جامع البيان" للطبري 1/ 8 - 34، "والتمهيد" لابن عبد البر 8/ 290 - 294.

ص: 203

برِدائِه، فقلتُ: من أقرأكَ هذه السُّورةَ الّتي سَمِعتُكَ تَقْرؤها؟ فقال: أقرأنِيها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال: قلت له كَذبْتَ، واللهِ إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَهُو أقرأني هذه السُّورةَ الّتي تَقْرؤُها. فانْطَلقْتُ أقُودُه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ إنِّي سمعتُ هذا يقرأُ سورةَ الفرقانِ على حُروفٍ لم تُقْرِئْنيها، وأنتَ أقرَأتني سُورةَ الفُرقانِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أرْسِلهُ يا عمرُ، اقرأ يا هِشامُ"، فقرَأ عليهِ القِراءةَ الَّتي سَمِعتُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"هكذا أُنْزِلتْ". ثُمَّ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اقرأْ يا عمرُ". فقرَأْتُ القِراءةَ التي أقرأني النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"هكذا أُنزِلَتْ". ثمَّ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ هذا القُرآنَ أُنْزِلَ على سَبعةِ أحرُفٍ فاقرَؤُوا ما تَيسَّرَ منه"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ.

وقد رَوَى مالكُ بن أنسٍ عن الزُّهريِّ بهذا الإسنادِ نَحوَه إلَّا أنَّه لم يَذكرْ فيه المِسْوَرَ بن مَخْرمةَ.

‌12 - باب

3174 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا أبو أسامةَ، قال: حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من نَفَّسَ عن أخيهِ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2419) و (5041)، ومسلم (818)، وأبو داود (1475)، والنسائي 2/ 150 و 151. وهو في "مسند أحمد" (158)، و"صحيح ابن حبان" (741).

ص: 204

كرْبةً من كُرَبِ الدُّنيا، نَفّسَ اللهُ عنه كُرْبةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومن سَترَ مُسلمًا سَترَه اللهُ في الدُّنيا والآخرةِ، ومن يَسَّرَ علي مُعسرٍ يَسّرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخرةِ، واللهُ في عَوْنِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عَوْنِ أخيه، ومن سَلَكَ طريقًا يَلْتَمسُ فيهِ عِلْمًا سَهّلَ اللهُ له طريقًا إلى الجنَّةِ، وما قَعدَ قَومٌ في مسجدٍ يتْلُونَ كِتابَ اللهِ، ويَتدَارسُونَه بينهُم، إلّا نَزلَتْ عليهم السَّكينةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحمةُ، وحَفَّتْهُم الملائِكةُ، ومن أبطأ بهِ عَملُه لم يُسْرع بهِ نَسبُه"

(1)

.

هكذا رَوَي غيرُ وَاحدٍ عن الأعمَشِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ هذا الحديثِ. ورَوَى أسْباطُ بن محمدٍ عن الأعمَشِ، قال: حُدِّثْتُ عن أبي صالحٍ عن أبي هُريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذكَرَ بَعضَ هذا الحديثِ.

‌13 - باب

3175 -

حدَّثنا عُبيدُ بن أسباطِ بن محمدٍ القُرَشيُّ، قال: حدثني أبي، عن مُطَرِّفٍ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي بُرْدةَ

عن عبد اللهِ بن عمرٍو، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، في كَمْ أقرأُ القُرآنَ؟ قال:"اخْتِمهُ في شَهْرٍ". قلتُ: إنِّي أُطيقُ أفْضلَ من ذلك. قال: "اخْتِمهُ في عِشْرينَ". قلتُ: إنِّي أُطِيقُ أفْضلَ من ذلك قال:

(1)

حديث صحيح، وأخرجه بطوله مسلم (2699)، وابن ماجه (225). وهو في "مسند أحمد"(7427). وسلف مقطعًا بالأرقام (1487) و (2043) و (2837) وسلف تخريجها في مواضعها.

ص: 205

"اخْتِمهُ في خَمْسةَ عَشَرَ". قُلْتُ: إنِّي أُطِيقُ أفْضلَ من ذلك. قال: "اخْتِمهُ في عَشْرٍ". قلتُ: إنِّي أُطِيقُ أفْضلَ من ذلك. قال: "اختِمهُ في خَمْسٍ". قُلْت: إنِّي أُطِيقُ أفْضلَ من ذلك. قال: فما رخَّصَ لِي

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه بتحديده بخمس النسائي في "المجتبى" 4/ 214، وفي "الكبرى"(2708) و (8065). وهو في "المسند"(6843).

وأخرجه البخاري (5054)، ومسلم (1159)، وأبو داود (1388) و (1395)، وابن ماجه (1346)، والنسائي في "الكبرى"(8064) و (8068). وحُدِّد عندهم أقله بسبع، وهو كذلك في "المسند"(6516)، و"صحيح ابن حبان"(756) و (757).

وأخرج أبو داود (1389) من طريق عطاء بن السائب، عن أبيه، عن ابن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صم من كل شهر ثلاثة أيام، واقرأ القرآن في شهر"، فناقصني وناقصته، فقال: صم يومًا وأفطر يومًا". قال عطاء: واختلفا عن أبي، فقال بعضنا: سبعة أيام، وقال بعضنا خمسًا.

وللجمع بين الروايات في كم يختم القرآن انظر التعليق على "مسند أحمد"(6506).

وقد فسَّر الحافظُ ابن حجر في "الفتح" 9/ 97 تَعدُّدَ الروايات بتعدد القصة، وقال: لا مانع أن يتعدد قولُ النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو ذلك تأكيدًا، ويؤيده الاختلاف الواقع في السياق، وكأن النهي عن الزيادة ليس علي التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق، وهو النظر إلى عجزه عن سوى ذلك في الحال أو في المآل.

وقال النووي: والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر، أستحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبُّر، واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالحلم، أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك، فالأَولي له الاستكثار من غير =

ص: 206

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، يُستَغربُ من حديثِ أبي بُرْدةَ عن عبد اللهِ بن عَمْرٍو. وقد رُوِي هذا الحديثُ من غيرِ وَجهٍ عن عبد اللهِ بن عمرٍو.

ورُوِي عن عبد اللهِ بن عمرٍو عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: لم يَفْقَهْ من قرأَ القرآنَ في أقَلَّ من ثلاثٍ

(1)

.

ورُوِي عن عبد اللهِ بن عمرٍو أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: "اقرأ القُرآنَ في أربَعينَ".

وقال إسحاقُ بن إبراهيم: ولا نُحبُّ للرَّجُلِ أن يأتيَ عليه أكثرُ من أربَعينَ يومًا، ولم يقرأ القُرآنَ لهذا الحديثِ.

وقال بعضُ أهلِ العلمِ: لا يُقرأُ القُرآنُ في أقلَّ من ثلاثٍ للحديثِ الذي رُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ورَخَّصَ فيهِ بعضُ أهلِ العلمِ، ورُوِي عن عثمانَ بن عفّانَ أنَّه كانَ يَقرأُ القُرآنَ في ركعةٍ يُوتِرُ بِها

(2)

. ورُوِي عن سعيدِ بن جُبَيرٍ أنَّه

= خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هذرمةً.

(1)

هو صحيح، وسيورده المصنف برقم (3177) بإسناده، ونخرجه هناك.

(2)

أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 181، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 75 - 76، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 294، والبيهقي 3/ 24 - 25، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" - في ترجمة عثمان بن عفان - ص 225 - 228 من طرق عنه، وقد صححه الحافظ في "الفتح" 2/ 482، وفي "تخريج الأذكار" كما في "الفتوحات الربانية" لابن علان 3/ 234.

ص: 207

قَرأَ القُرآنَ في ركعةٍ في الكعبةِ، والتَّرتيلُ في القراءةِ أحَبُّ إلى أهلِ العلمِ.

3176 -

حدَّثنا أبو بكرِ بن أبي النَّضْرِ البغداديُّ، قال: حدَّثنا عليُّ بن الحسنِ - هو ابن شَقيقٍ - عن عبد اللهِ بن المُباركِ، عن مَعْمرٍ، عن سِماكِ بن الفَضْلِ، عن وَهبِ بن مُنَبِّهٍ

عن عَبد اللهِ بن عَمْرٍو أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لهُ: "اقرأ القُرْآنَ في أربَعينَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

وقد رَوَى بَعضُهم عن مَعْمرٍ، عن سِماكِ بن الفَضلِ، عن وهبِ بن مُنَبِّهٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرَ عبد اللهِ بن عمرٍو أن يَقْرأ القُرآن في أربَعينَ.

3177 -

حدَّثنا محمود بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا النَّضْر بن شُمَيل، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن قتادةَ، عن يَزيدَ بن عبد الله بن الشِّخِّير

عن عبدِ الله بن عمرٍو، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لم يَفْقَه من قَرَأ القرآنَ في أقلَّ من ثلاثٍ"

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، لكن جزم النسائي بأن وهب بن منبه لم يسمعه من عبد الله بن عمرو.

وأخرجه أبو داود (1395)، والنسائي في "الكبرى"(8068).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (1390) و (1394)، وابن ماجه (1347)، والنسائي في "الكبرى"(8067). وهو في "مسند أحمد"(6535)، و"صحيح ابن حبان"(758).

ص: 208

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3178 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّار، قال: حدَّثنا محمدُ بن جعفر، قال: حدَّثنا شُعبةُ، بهذا الإسناد نحوه

(1)

.

3179 -

حدَّثنا نَصْرُ بن عليٍّ الجَهْضميُّ، قال: حدَّثنا الهَيثمُ بن ربِيعٍ، قال: حدثني صالحٌ المُرِّيُّ، عن قتادةَ، عن زُرارةَ بن أوْفى

عن ابن عبَّاسٍ، قال: قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ العملِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ فال:"الحالُّ المُرْتَحِلُ" قال: وما الحالُّ المُرْتَحِلُ؟ قال: "الذي يَضرِبُ من أوَّلِ القُرآنِ إلى آخرِه كُلّما حَلَّ ارتَحلَ"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعرفُه عن ابن عبَّاسٍ إلّا من هذا الوجهِ.

(1)

إسناده صحيح وانظر ما قبله.

(2)

إسناده ضعيف، صالح المري - وهو ابن بشير - ضعيف.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(12783)، والرامهرمزي في "الأمثال" ص 122، والحاكم 1/ 568، والبيهقي في "الشعب"(2001) و (2069).

وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه الحاكم 1/ 569، وفيه مقدام بن داود الرعيني وهو ضعيف، والراوي عنه لم نقف له على ترجمة.

قال صاحب "النهاية": الحال المرتحل: هو الذي يختم القرآن بتلاوته، ثم يفتتِحُ التلاوة من أوله، شبّهه بالمسافر يبلغ المنزل فَيَحُلُّ فيه، ثم يفتتِحُ سيره، أي يبتدؤه، وكذلك قراء مكة إذا خَتَموا القُرآن بالتلاوة ابتدؤوا وقرؤوا الفاتحة وخمسَ آيات من أول سورة البقرة إلى {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ثم يقطعون القراءة ويسمون ذلك الحال المرتحل، أي: خَتَم القرآن، وابتدأ بأوله ولم يفصل بينهما بزمان.

ص: 209

3180 -

حدَّثنا محمدُ بن بَشَّارٍ، حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا صالحٌ المُرِّيُّ، عن قتادةَ، عن زُرارةَ بن أوفَى، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولم يذكُرْ فيه: عن ابن عبَّاسٍ

(1)

.

وهذا عندي أصحُّ من حديثِ نَصْرِ بن عليٍّ، عن الهَيثمِ بن الرَّبيعِ.

(1)

ضعيف على إرساله، وانظر ما قبله.

ص: 210

بسم الله الرحمن الرحيم

‌أبواب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

-

‌1 - باب ما جاءَ في الذي يُفَسِّرُ القُرآنَ برأْيهِ

3181 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا بِشْرُ بن السَّرِيِّ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن عبدِ الأعلى، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قال في القرْآنِ بِغيرِ عِلمٍ، فليتبوَّأ مَقعَدَه من النارِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

3182 -

حدَّثنا سُفيانُ بنُ وكيعٍ، قال: حدَّثنا سُوَيدُ بن عمرٍو الكَلْبيُّ، قال: حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن عبدِ الأعلَى، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ

(1)

إسناده ضعيف، عبد الأعلى - وهو ابن عامر الثعلبي - ضعفه يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وسفيان الثوري، وابن سعد، والدارقطني، وقال النسائي. ليس بالقوي ويكتب حديثه.

وأخرجه أبو داود في "سننه" برواية ابن العبد كما في "تحفة الأشراف" 4/ 423، والنسائي في "الكبرى"(8084) و (8085). وهو في "مسند أحمد"(2069).

ص: 211

عن ابنِ عبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"اتّقُوا الحديثَ عَنِّي إلا ما عَلِمتُم، فَمن كَذَبَ عليَّ مُتَعمِّدًا، فلْيتبَوّأ مَقعَدَه من النَّارِ، ومن قال في القُرآنِ بِرأيِه فَلْيتبوَّأ مَقعَدَه من النَّارِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

3183 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدثني حَبَّانُ بنُ هِلالٍ، قال: حدَّثنا سُهَيلٌ أخُو حَزْمٍ القُطَعِيِّ، قال: حدَّثنا أبو عِمْرانَ الجَونِيُّ

عن جُنْدُبِ بنِ عبدِ اللهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قال في القُرآنِ بِرأيِه فأَصابَ فقد أخطأَ"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ، وقد تكَلَّمَ بعضُ أهلِ الحديثِ في سهيل بن أبي حَزْمٍ.

وهكذا رُوِيَ عن بعضِ أهلِ العِلمِ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهِم، أنهُم شَدَّدُوا في هذا في أن يُفَسَّرَ القُرآنُ بِغيرِ عِلمٍ.

وأمَّا الذي رُوِيَ عن مُجاهِدٍ وقتادةَ وغيرِهما من أهلِ العِلمِ أنَّهم فَسَّرُوا القُرآنَ، فليس الظَّنُّ بهم أنَّهُم قالوا في القُرآنِ أو فَسَّرُوه بِغيرِ عِلمٍ أو من قِبَلِ أنفُسِهِم. وقد رُوِيَ عنهم ما يَدُلُّ على

(1)

إسناده ضعيف، لضعف سفيان بن وكيع وعبد الأعلى، وأخطأ ابن القطان الفاسي، فصححه في "الوهم والإيهام" 5/ 253.

(2)

إسناده ضعيف لضعف سهيل أخي حزم القطعي، وهو ابن أبي حزم.

وأخرجه أبو داود (3652)، والنسائي في "الكبرى"(8086). وهو في "شرح السنة" للبغوي (120).

ص: 212

ما قلنا، أنَّهُم لم يَقولوا من قِبَلِ أنفُسِهِم بِغيرِ عِلمٍ.

حدَّثنا حُسَينُ بن مَهْدِيٍّ البَصْرِيُّ، قال: حدثنا عبدُ الرَّزاقِ، عن مَعْمَرٍ

عن قتادةَ، قال: ما في القُرآنِ آيَةٌ إلا وقد سَمِعْتُ فيها شيئًا

(1)

.

حدَّثنا ابنُ أبي عُمَرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيَينةَ، عن الأعمَشِ، قال:

قال مُجاهِدٌ: لو كُنْتُ قَرَأْتُ قرَاءةَ ابنِ مسعودٍ لم أحْتَجْ أن أسألَ ابنَ عبَّاسٍ عن كَثِيرٍ من القُرآنِ مِمَّا سَألْتُ

(2)

.

‌2 - ومن سورة فاتحة الكتاب

3184 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، قال: حدَّثنا عبدُ العزِيزِ بنُ محمَّدٍ، عن العلاءِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"من صَلّى صلاةً لم يقرأْ فيها بِأُمِّ القُرآنِ، فَهِي خِدَاجٌ، فَهِي خِدَاجٌ، غيرُ تمامٍ". قال: قُلتُ: يا أبا هُريرةَ، إني أحيانًا أكُونُ وراءَ الإمامِ. قال: يا ابنَ الفارِسِيِّ فاقرَأها في نَفسِكَ، فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "قال اللهُ تعالى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَينِي وبينَ عبدِي نِصفَينِ، فنِصفُها لي ونِصفُها لِعبدِي، ولعبدي ما سألَ. يقومُ العبدُ فيقول:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فيقول اللهُ تبارك وتعالى: حَمَدَني عبدِي. فيقولُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فيقولُ اللهُ: أثنَى علَيّ عبدِي.

(1)

رجاله ثقات.

(2)

رجاله ثقات.

ص: 213

فيقولُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فيقولُ: مَجَّدَنِي عبدِي وهذا لي، وبينِي وبينَ عبدي:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وآخرُ السورة لعَبدي، ولعَبدي ما سأل، يقول:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ. وقد رَوَى شُعبةُ وإسماعِيلُ بنُ جعفرٍ وغيرُ واحدٍ عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيه، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، نحوَ هذا الحديثِ.

ورَوَى ابنُ جُرَيجٍ ومالكُ بن أنسٍ عن العلاءِ بن عبدِ الرحمنِ، عن أبي السَّائِبِ مولَى هِشامِ بنِ زُهرَةَ، عن أبي هُرَيرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَ هذا الحديث.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا مسلم (395)، وأبو داود (821)، وابن ماجه (838) و (3784)، والنسائي 2/ 135. وهو في "مسند أحمد" (7291)، و"صحيح ابن حبان" (776) و (1784) و (1788) و (1795).

قوله: "فهي خداج"، بكسر الخاء، أي: ناقصة غير تامة.

وقوله: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي"، قال النووي في "شرح مسلم" 4/ 103: قال العلماء: المراد بالصلاة هنا الفاتحة، سُميت بذلك، لأنها لا تصح إلا بها، كقوله صلى الله عليه وسلم:"الحج عرفة"، ففيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة.

قال العلماء: والمراد بقسمتها من جهة المعنى، لأن نصفها الأول تحميدٌ لله تعالى، وتمجيدٌ وثناءٌ عليه، وتفويض إليه، والنصف الثاني سؤالٌ وطلبٌ وتضرُّع وافتقار.

ص: 214

ورَوَى ابنُ أبي أُوَيْسٍ عن أبيه، عن العلاءِ بن عبدِ الرحمنِ، قال: حدَّثني أبي وأبو السَّائِبِ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَ هذا.

3185 -

حدَّثنا بذلِكَ محمدُ بنُ يحيى ويعقوبُ بنُ سُفيانَ الفارِسِيُّ، قالا: حدَّثنا ابنُ أبي أُوَيْسٍ، عن أبيهِ، عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، قال: حدَّثني أبي وأبو السَّائِبِ مولى هِشامِ بن زُهْرَةَ، وكانا جَلِيسَينِ لأبي هُريرةَ

عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"من صَلّى صلاةً لم يَقرأْ فيها بِأُمِّ القُرآنِ، فهي خِدَاجٌ، فهي خِدَاج، غَيرُ تمامٍ"

(1)

.

وليس في حديثِ إسماعيلَ بنِ أبي أُوَيْسٍ أكثرُ من هذا.

وسألتُ أبا زُرْعَةَ عن هذا الحديثِ، فقال: كِلا الحَدِيثيْنِ صحيحٌ، واحتَجَّ بحديث ابنِ أبي أُوَيسٍ عن أبيهِ عن العلاء.

3186 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ سعدٍ، قال: أخبرنا عمرو بنُ أبي قَيْسٍ، عن سِماكِ بنِ حربٍ، عن عبَّادِ بن حُبَيشٍ

عن عَدِيِّ بن حاتمٍ، قال: أتَيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو جالِسٌ في المسجدِ، فقال القومُ: هذا عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ، وجِئْتُ بِغيرِ أمانٍ ولا كِتابٍ، فلمَّا دُفِعْتُ إليهِ أخذَ بِيَدِي، وقد كانَ قال قبلَ ذلكَ:"إنِّي لأَرجُو أن يَجعلَ اللهُ يَدَه في يَدِي"، قال: فقامَ بي فلَقِيَتْهُ امرأةٌ وصَبِيٌّ معها، فقالا: إنَّ لنا إليكَ حاجَةً، فقامَ معهما حتَّى قَضَى

(1)

صحيح، وأخرجه مسلم (395)(41)، وانظر ما قبله.

ص: 215

حاجَتَهُما، ثُمَّ أخَذَ بِيَدِي حتَّى أتى بي دارَه، فألقَتْ لهُ الولِيدَةُ وِسَادَةً فجَلَسَ عليها، وجَلَستُ بينَ يَدَيهِ، فحَمِدَ اللهَ وأثنَى عليهِ، ثمَّ قال:

"ما يُفِرُّكَ أن تقولَ لا إله إلا اللهُ. فَهَل تَعلَمُ مِن إلهٍ سِوَى اللهِ؟ ". قال: قلتُ: لا. قال: ثُمَّ تكلَّمَ ساعةً ثمَّ قال: "إنَّما تَفِرُّ أن تقولَ: اللهُ أكبرُ، وتَعلمُ شيئًا أكبرَ من اللهِ؟ " قال: قلتُ: لا، قال:"فإِنَّ اليهودَ مَغضُوبٌ عليهم، وإنَّ النَّصاري ضُلّالٌ". قال: قُلتُ: فإنِّي حنيفٌ مُسْلِمٌ، قال: فرَأيتُ وجْهَه تَبَسَّطَ فَرَحًا.

قال: ثُمَّ أمَرَ بي، فأُنْزِلتُ عند رجلٍ من الأنصارِ جَعَلتُ أغْشاهُ آتِيهِ طَرَفَي النَّهارِ، قال: فبَينما أنا عنده عَشِيَّةً إذ جاءَهُ قومٌ في ثيابٍ من الصُّوفِ من هذهِ النِّمارِ، قال: فصَلّى وقامَ فحَثَّ عليهم، ثمَّ قال: "ولو صاعٌ ولو بِنِصْفِ صاعٍ ولو قَبْضَةٌ ولو بِبَعْضِ قبْضَةٍ يَقِي أحَدُكُم وجهَه حَرّ جهَنَّمَ أو النَّار ولو بِتَمْرَةٍ ولو بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فإنَّ أحَدَكُمْ لاقِي اللهَ وقائِلٌ لهُ ما أقولُ لكم: ألَم أجعَلْ لكَ سَمْعًا وبَصَرًا؟ فيقولُ: بلى، فيقولُ: ألَم أجعَلْ لكَ مالًا ووَلَدًا؟ فيقولُ: بلي، فيقولُ: أينَ ما قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ فيَنْظُرُ قُدَّامَه وبَعدَه، وعن يَمِينِهِ وعن شِمالِه، ثمَّ لا يجدُ شيئًا يَقِي بِه وجهَه حَرَّ جهَنَّمَ، لِيَقِ أحَدُكُم وجهَه النَّارَ ولو بِشِقِّ تَمرَةٍ، فإن لم يَجِدْ فبِكَلِمَةٍ طَيِّبةٍ، فإنِّي لا أخافُ عليكم الفاقةَ، فإنَّ اللهَ ناصِرُكُم ومُعْطِيكُمْ حتَّى تَسِيرَ الظّعِينَةُ فيما بينَ يَثْرِبَ والحِيرَةِ أو أكْثَرَ، ما

ص: 216

يُخافُ علي مَطِيَّتِها السَّرَقُ". قال: فجَعلْتُ أقُولُ في نَفْسِي: فَأَينَ لُصُوصُ طَيِّئٍ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نَعرِفُه إلّا من حَدِيثِ سِماكِ بنِ حَرْبٍ، ورَوَى شُعبةُ عن سِماكِ بنِ حَرْبٍ، عن عبَّادِ بنِ حُبَيشٍ، عن عدِيِّ بنِ حاتمٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم الحديثَ بِطُولِه.

3187 -

حدَّثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى ومحمد بن بشار، قالا: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن سِماكِ بنِ حَرْبٍ، عن عبَّادِ بنِ حُبَيْشٍ

عن عَدِيِّ بن حاتِمٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"اليهودُ مَغْضُوبٌ عليهم، والنَّصارَي ضُلَّالٌ"، فذكر الحديثَ بِطُولِه

(2)

.

(1)

حديث حسن، وهو بطوله في "مسند أحمد"(19381)، وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/ 335 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عباد بن حبيش وهو ثقة. كذا قال عن عباد بن حبيش مع أنه لم يرو عنه غير سماك، ولم يوثقه غير ابن حبان، وصحح حديثه هذا في "صحيحه"(6246) و (7206) و (7365).

قوله: "السَّرَق" بالتحريك بمعنى السرقة، وهو في الأصل مصدر، يقال: سَرَقَ يَسرِقُ سَرَقًا. قاله ابن الأثير.

(2)

حديث حسن لغيره، عباد بن حبيش وإن لم يوثقه غير المؤلف ولم يرو عنه غير سماك، قد تابعه الشعبي ومرِّيٌّ القَطَريُّ.

وأخرجه ابن حبان (6246)، وانظر تمام تخريجه فيه.

وانظر ما قبله.

ص: 217

‌3 - ومن سورة البقرة

3188 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ وابنُ أبي عَدِيٍّ ومحمدُ بنُ جعفرٍ وعبدُ الوهَّابِ، قالوا: حدَّثنا عوفُ بنُ أبي جميلة الأعرابيُّ، عن قَسَامةَ بنِ زُهَيرٍ

عن أبي موسى الأشْعَرِيِّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ من قَبضَةٍ قَبَضَها من جَمِيعِ الأرضِ، فجاءَ بنو آدَمَ على قَدْرِ الأرضِ، فجاءَ منهم الأحمَرُ والأبيَضُ والأسوَدُ وبينَ ذلكَ، والسَّهْلُ والحَزْنُ والخَبِيثُ والطَّيِّبُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3189 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدثنا عبدُ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن هَمّامِ بنِ مُنَبِّهٍ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في قولِه تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: 58] قال: "دَخَلُوا مُتَزَحِّفِينَ على

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (4693). وهو في "مسند أحمد"(19582)، و"صحيح ابن حبان"(6160) و (6181).

قوله: "قبضة"، بفتح القاف أو ضمها، كغَرفة وغُرفة، والفتح أشهر.

"على قدر الأرض"، أي: لونها وصفاتها من الخبيث والطيب.

"والخبيث والطيب": هما الكافر والمؤمن.

و"السهل": هو الذي فيه رفق.

و"الحَزْن": هو الذي فيه شدة في الخُلُق، والله تعالى أعلم. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

ص: 218

أوراكِهِم"

(1)

أي: مُنْحَرفينَ.

3190 -

وبهذا الإسنادِ

عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [البقرة: 59] قال: "قالوا حَبَّةٌ في شَعْرَةٍ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

3191 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غيلانَ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدَّثنا أشعَثُ السَّمَّانُ، عن عاصمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عن عبد اللهِ بن عامرِ بنِ رَبِيعَةَ

عن أبيهِ، قال: كُنَّا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ في لَيلَةٍ مُظلِمَةٍ فلم نَدْرِ أينَ القِبلَةُ، فصَلّى كُلُّ رجلٍ مِنَّا علي حيَالهِ، فلمَّا أصبَحنا ذَكَرْنا ذلكَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فنَزَلتْ:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

(3)

[البقرة: 115].

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلَّا من حديثِ أشعثَ السَّمَّانِ أبي الرَّبيعِ عن عاصمِ بنِ عُبيدِ اللهِ، وأشعَثُ يُضَعَّفُ في الحديثِ.

3192 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا يزِيدُ بنُ هارونَ، قال:

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3403)، ومسلم (3015)، والنسائي في "الكبرى"(10989) و (10990). وهو في "مسند أحمد"(8110)، و"صحيح ابن حبان"(6251).

(2)

إسناده صحيح، وهو تتمة سابقه، وانظر تخريجه فيه.

(3)

حسن لغيره، وهو مكرر الحديث السالف برقم (345)، وهذا سند ضعيف: عاصم بن عبيد الله ضعيف، وأشعث وإن كان فيه ضعف قد توبع، وللحديث شاهد من حديث جابر.

ص: 219

أخبرنا عبدُ المَلِكِ بنُ أبي سُلَيمانَ، قال: سمِعتُ سعيدَ بن جُبَيرٍ يُحَدِّثُ

عن ابنِ عمرَ، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي علي راحِلَتِه تَطوُّعًا أينما تَوَجَّهَتْ به وهو جاءٍ من مكَّةَ إلي المدينةِ، ثُمَّ قَرأ ابنُ عمرَ هذه الآيةَ:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} الآيةَ [البقرة: 115]. وقال ابنُ عمرَ: في هذا أُنزِلَتْ هذه الآيةُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وقد رُوي عن قتادةَ أنَّهُ قال في هذهِ الآيةِ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] هي مَنْسُوخَةٌ

(2)

نَسَخَتها قولُه: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 150] أي تِلقاءَه.

3193 -

حدَّثنا بذلكَ محمدُ بنُ عبدِ الملكِ بنِ أبي الشّوَارِبِ، حَدَّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ.

ويُروَى عن مُجاهِدٍ في هذه الآيةِ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]: فثَمَّ قِبلَةُ اللهِ.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1000)، ومسلم (700)، والنسائي 1/ 244 و 2/ 61. وهو في "مسند أحمد" (4470) و (4714)، و"صحيح ابن حبان" (2421) و (2517). وبعضهم لم يذكر فيه الآية.

وقد سلف دون ذكر الآية عند المصنف برقم (352).

(2)

وقد أنكر ادعاء النسخ الطبري والنحاس وغيرهما، وحديث ابن عمر السالف يدل على عدم النسخ.

ص: 220

3194 -

حدَّثنا بذلكَ أبو كُرَيبٍ محمد بن العلاء، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن النَّضرِ بنِ عَرَبِيٍّ، عن مُجاهِدٍ بهذا

(1)

.

3195 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا الحجَّاجُ بنُ مِنهالٍ، قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بنُ سَلمَةَ، عن حُمَيْدٍ

عن أنَسٍ، أنَّ عُمَرَ بن الخطاب قال: يا رَسُولَ اللهِ، لو صَلَّيْنَا خَلْفَ المَقَامِ، فَنزَلَتْ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(2)

[البقرة: 125].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3196 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا هُشَيمٌ، قال: حدَّثنا حُمَيدٌ الطَوِيلُ

عن أنسٍ، قال: قال عمرُ بنُ الخَطَّابِ: قُلتُ: يا رسولَ الله، لو اتَّخَذْتَ من مَقامِ إبراهيمَ مُصَلَّى، فنزَلتَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(3)

[البقرة: 125].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

رجاله ثقات.

(2)

إسناده صحيح، وسيأتي بعده من حديث عمر بن الخطاب نفسه، وانظر تخريجه عنده.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (402)، ومسلم (2399)، وابن ماجه (1009)، والنسائي في "الكبرى"(10998). وهو في "مسند أحمد"(157)، و"صحيح ابن حبان"(6896).

ص: 221

وفي الباب عن ابنِ عمرَ.

3197 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا أبو مُعاوِيةَ، قال: حدَّثنا الأعمَشُ، عن أبي صالحٍ

عن أبي سعيدِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] قال: "عَدْلًا"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3198 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرنا جعفرُ بنُ عَونٍ، قال: أخبرنا الأعمَشُ، عن أبي صالحٍ

عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُدْعَى نُوحٌ، فَيقالُ: هل بَلَّغْتَ؟ فيقولُ: نعم، فيُدْعى قومُه، فيقالُ: هل بَلَّغكُم؟ فيقولونَ: ما أتانا مِن نَذِيرٍ، وما أتانا مِن أحَدٍ، فيقال: مَن شُهُودُكَ؟ فيقولُ: محمدٌ وأُمَّتُه، قال: فيُؤْتَى بكم تَشْهَدونَ أنَّه قد بَلّغَ، فذلكَ قولُ اللهِ تبارك وتعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3339)، وابن ماجه (4284)، والنسائي في "الكبرى"(11006) و (11007). وهو في "مسند أحمد"(11068) و (11558)، و"صحيح ابن حبان"(6477) و (7216).

وسيأتي بعده مطولًا.

قوله: "عدلًا": مصدر وصف به، يستوي يه المذكر والمؤنث والمثنى والجمع، وجاء في بعض الروايات:"عدولًا" بلفظ الجمع، قال في "اللسان" فإن رأيته مجموعًا أو مثنى، فعلى أنه قد أجرى مجرى الوصف الذي ليس بمصدر.

ص: 222

والوَسَطُ: العَدْلُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3199 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا جعفرُ بنُ عَونٍ، عن الأعمَشِ نحوَه

(2)

.

3200 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن إسرائِيل، عن أبي إسحاقَ

عن البَرَاءِ، قال: لمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المدينةَ صَلّى نحوَ بيتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ أو سبعَةَ عَشَرَ شهرًا، وكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أن يُوَجَّهَ إلى الكعبةِ، فأنزَلَ الله تبارك وتعالى:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] فَوُجِّهَ نحوَ الكعبةِ، وكان يُحِبُّ ذلكَ، فصَلّى رجلٌ معهُ العصرَ، قال: ثمَّ مَرَّ على قومٍ من الأنصارِ وهم ركوعٌ في صلاةِ العصرِ نحوَ بيتِ المَقدِسِ، فقال: هو يَشهَدُ أنَّه صلَّى مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنَّهُ قد وُجِّهَ إلى الكعبةِ، قال: فانْحَرَفُوا وهم ركوعٌ

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواهُ سفيانُ الثّورِيُّ، عن أبي

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

وقوله: الوسط العدل. قال الحافظ: هو مرفوع من نفس الخبر وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما وهم فيه بعضهم.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح، وسلف عند المصنف برقم (340).

ص: 223

إسحاقَ.

3201 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ

عن ابنِ عمرَ، قال: كانوا ركوعًا في صلاةِ الفجرِ

(1)

.

وفي الباب عن عمرِو بنِ عَوفٍ المُزَنِيِّ، وابنِ عمرَ، وعُمارةَ بنِ أَوْسٍ، وأنَسِ بنِ مالكٍ.

حديثُ ابن عمرَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3202 -

حدَّثنا هَنَّادٌ وأبو عمَّارٍ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن إسرائيلَ عن سماكٍ، عن عِكرِمَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: لمَّا وُجِّهَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى الكعبةِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، كيف بإخوانِنا الذينَ ماتوا وهم يُصَلُّونَ إلى البيتِ المُقَدَّسِ؟ فأَنزلَ اللهُ تبارك وتعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} الآية

(2)

. [البقرة: 143].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3203 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، قال:

(1)

إسناده صحيح، وسلف عند المصنف برقم (341).

(2)

صحيح لغيره، سماك بن حرب في روايته عن عكرمة اضطراب.

وأخرجه أبو داود (4680). وهو في "مسند أحمد"(2691)، و"صحيح ابن حبان"(1717).

ويشهد له حديث البراء بن عازب، أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم (40).

ص: 224

سَمِعتُ الزُّهرِيَّ يُحَدِّثُ عن عُروةَ، قال: قلتُ لعائشةَ رضي الله عنها: ما أُرَى على أحد لم يَطُفْ بينَ الصَّفا والمروَةِ شيئًا، وما أُبالِي أن لا أطوفَ بينهما، فقالت: بِئْسَ ما قلتَ يا ابنَ أُختي، طافَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وطافَ المسلمونَ، وإنَّما كان مَن أهَلَّ لمناةَ الطّاغِيَةِ التي بالمُشَلَّلِ لا يطوفونَ بينَ الصَّفا والمروَةِ، فأنزلَ اللهُ تبارك وتعالى:{فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] ولو كانت كما تقولُ، لكانت: فلا جُناحَ عليهِ أن لا يَطَّوَّفَ بهما، قال الزُّهرِيُّ: فذَكَرْتُ ذلكَ لأبي بكرِ بنِ عبد الرحمنِ بنِ الحارثِ بنِ هشامٍ، فأعجَبَه ذلكَ، وقال: إنَّ هذا لعِلمٌ، ولقد سَمِعْتُ رجالًا من أهلِ العِلمِ يقولونَ: إنَّما كان مَن لا يطوفُ بينَ الصَّفا والمروَةِ من العَرَب يقولونَ: إنَّ طَوافَنا بينَ هذينِ الحَجَرَينِ من أمرِ الجاهِليَّةِ، وقال آخَرونَ من الأنصارِ: إنما أُمِرْنا بالطَّوافِ بالبيتِ، ولم نُؤْمَر به بينَ الصَّفا والمروَةِ، فأنزلَ اللهُ تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] قال أبو بكرِ بنُ عبد الرحمنِ: فأُرَاها قد نَزَلَتْ في هؤلاءِ وهؤلاءِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3204 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن أبي حَكِيمٍ، عن

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1643)، ومسلم (1277)، وأبو داود (1901)، وابن ماجه (2986)، والنسائي 5/ 237 و 238. وهو في "مسند أحمد" (25112)، و"صحيح ابن حبان" (3839).

ص: 225

سفيانَ، عن عاصمٍ الأحْوَلِ، قال:

سَألتُ أنسَ بنَ مالكٍ عن الصَّفا والمروَةِ، فقال: كانا من شعائِرِ الجاهِليَّةِ، قال: فلمَّا كان الإِسلامُ أَمسَكْنا عنهما، فأَنزلَ اللهُ تبارك وتعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قال: هُما تَطَوُّعٌ {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}

(1)

[البقرة: 158].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3205 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن جعفرِ بنِ محمدٍ، عن أبيهِ

عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ قَدِمَ مَكَّةَ طافَ بالبيتِ سَبْعًا فقَرأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فصلى خَلْفَ المقام، ثُمَّ أتَى الحَجَرَ، فاستَلَمَه، ثمَّ قال: نَبْدَأُ بما بَدَأَ اللهُ به، وقرأَ:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}

(2)

[البقرة: 158].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3206 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بنُ مُوسى، عن إسرائِيلَ بنِ يُونُسَ، عن أبي إسحاقَ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1648)، ومسلم (1278)، والنسائي في "الكبرى"(3959). وهو في "شرح مشكل الآثار"(3939).

(2)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (878).

ص: 226

عن البَرَاءِ، قال: كانَ أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا كان الرَّجلُ صائمًا فحَضَرَ الإفطارُ، فنامَ قبلَ أن يُفْطِرَ، لم يأكُلْ لَيلَتَه ولا يَومَه حتَّى يُمْسِيَ، وإنَّ قَيسَ بنَ صِرْمَةَ الأنصَاريَّ كان صائمًا، فلَمَّا حضَرَه الإفطارُ أتَى امرَأتَه، فقالَ: هل عِندَكِ طعامٌ؟ فقالت: لا، ولكن أنْطَلِقُ فأطلبُ لكَ؟ وكان يَومَه يَعمَلُ، فغَلَبَتْه عَينُه وجاءَتْهُ امرَأَتُه، فلمَّا رَأَتْه قالت: خَيْبةً لكَ. فلمَّا انتَصَفَ النّهارُ غُشِيَ عليهِ، فذَكَرَ ذلكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فنزَلَت هذهِ الآيةُ:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] ففَرِحُوا بها فرَحًا شديدًا {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}

(1)

[البقرة: 187].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3207 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاوِيَةَ، عن الأعمَشِ، عن ذَرٍّ

(2)

، عن يُسَيْعٍ الكِنْدِيِّ

عن النُّعمانِ بن بَشِيرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِه:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] أو قال: "الدُّعاءُ هو

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1915)، وأبو داود (2314)، والنسائي 4/ 147، وهو في "مسند أحمد"(18611)، و"صحيح ابن حبان"(3460) و (3461).

(2)

في (أ) و (س): "زر" بالزاي، وضبب عليها في (س)، والمثبت من (د) و (ظ) و (ل) ونسخة في (س)، وهو الصواب، وهو ذرّ بن عبد الله المُرهبي.

ص: 227

العِبادَةُ"، وقرأَ:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} إلى قولِه: {دَاخِرِينَ}

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. رواه منصور

(2)

.

3208 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا هُشَيمٌ، قال: أخبرنا حُصَينٌ، عن الشَّعبِيِّ، قال:

حدثنا عَدِيُّ بنُ حاتمٍ، قال: لما نَزَلَت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّما ذلكَ بَياضُ النّهارِ من سَوادِ اللّيلِ"

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3209 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا هُشَيمٌ، قال: أخبرنا مُجالِدٌ، عن الشَّعبِيِّ، عن عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثلَ ذلكَ

(4)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (1479)، وابن ماجه (3828)، والنسائي في "الكبرى"(11464). وهو في "مسند أحمد"(18352)، و"صحيح ابن حبان"(890).

وسيأتي عند المصنف برقم (3528) و (3372).

(2)

قوله: "رواه منصور" أثبتناه من نسخة (ل)، ولم يرد في بقية الأصول الخطية.

ورواية منصور هذه في "المسند"(18352).

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1916)، ومسلم (1090)، وأبو داود (2349)، والنسائي 4/ 148. وهو في "مسند أحمد" (19370)، و"صحيح ابن حبان" (3462).

(4)

حديث صحيح، مجالد - وهو ابن سعيد، وإن كان فيه ضعف - تابعه في =

ص: 228

3210 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن مُجالِدٍ، عن الشَّعبيِّ

عن عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ، قال: سأَلتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الصَّومِ فقال: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] قال: فأَخَذتُ عِقالَينِ أحدُهُما أبيضُ والآخَرُ أسودُ، فجَعَلتُ أنظُرُ إليهما، فقال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شيئًا لم يَحفَظْه سفيانُ، فقال:"إنّما هو اللّيلُ والنّهارُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

3211 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا الضّحَّاكُ بنُ مَخْلَدٍ أبو عاصم النبيل، عن حَيْوَةَ بنِ شُرَيحٍ، عن يَزِيدَ بنِ أبي حَبِيبٍ

عن أسلَمَ أبي عمرانَ، قال: كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ، فأَخرَجُوا إلينا صَفًّا عظيمًا من الرُّومِ، فخَرَجَ إليهم من المسلمينَ مِثلُهُم أو أكثَرُ، وعلى أهلِ مِصْرَ عُقبَةُ بنُ عامرٍ، وعلى الجماعةِ فَضَالةُ بنُ عُبَيدٍ، فحَمَلَ رجلٌ من المُسلِمينَ على صَفِّ الرُّومِ حتَّى دَخَلَ فيهم، فصاحَ النَّاسُ وقالوا: سُبحانَ اللهِ، يُلقِي بِيَدَيْهِ إلى التَهْلُكَةِ! فقَامَ أبُو أيُّوبَ الأنصاريُّ فقال: يا أيُّهَا النَّاسُ إنَّكُم لتُأوِّلونَ هذه الآيةَ هذا التَّأويلَ، وإنّما نزلت هذهِ الآيَةُ فِينا مَعْشَرَ الأنصارِ لمَّا أعَزَّ اللهُ الإسلامَ، وكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فقال بَعضُنا لِبَعضٍ سِرًّا دُونَ رسولِ اللهِ

= الرواية السالفة حصين.

(1)

صحيح كسابقه.

ص: 229

صلى الله عليه وسلم: إنَّ أموالَنا قد ضاعَتْ، وإنَّ اللهَ قد أعَزَّ الإسلامَ وكَثُرَ ناصِرُوهُ، فلو أقَمْنا في أموالِنا، فأصلَحْنا ما ضاعَ منها. فأَنزلَ اللهُ تبارك وتعالى على نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ علينا ما قلنا -:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، فكانتِ التّهْلُكَةُ الإقامَةَ على الأموالِ وإصلاحَها، وتَرْكَنا الغَزْوَ، فما زالَ أبُو أيُّوبَ شاخِصًا في سَبيلِ اللهِ حَتَّى دُفِنَ بأرضِ الرُّومِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.

3212 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: أخبرنا هُشَيمٌ، قال: أخبرنا مُغِيرةُ، عن مُجاهِدٍ، قال:

قال كَعْبُ بنُ عُجْرَةَ: والذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَفيَّ أُنزِلَت هذه الآيةُ، ولإيّايَ عَنَى بها {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (2512)، والنسائي في "الكبرى"(11029). وهو في "صحيح ابن حبان"(4711).

واسم أبي أيوب: خالد بن زيد بن كليب الأنصاري الخزرجي، وهو من كبار الصحابة شهد بدرًا وأحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة عليه، وأقام عنده حتى بنى حُجُرَهُ ومسجده، وانتقل إليها، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين مصعب بن عُمير، توفي مجاهدًا سنة خمسين، وقيل سنة خمس وخمسين كما في "تاريخ دمشق" 1/ 188 لأبي زرعة، وكان في جيش، وأمير ذلك الجيش يزيد بن معاوية، فمرض أبو أيوب، فأتاه يزيد يعوده، فقال: ما حاجتُك؟ قال: حاجتي إذا أنا مِت، فاركب ثم سُغْ بي ما وجدت مساغًا في أرض العدو، فإذا لم تجد مساغًا، فادفني ثم ارجع، ففعل الجيش ذلك، ودفنوه بالقرب من القسطنطينية (إسلام بول)، وقبره بها.

ص: 230

صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] قال: كُنَّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالحُدَيبِيَةِ ونحنُ مُحْرِمُونَ وقد حَصَرنا المُشركُونَ، وكانت لي وَفْرَةٌ، فجَعَلَتِ الهوَامُّ تَسَّاقَطُ علي وجْهي، فمرَّ بي النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:"كأنَّ هَوَامَّ رَأسِكَ تُؤْذِيكَ؟ " قال: قلتُ: نعم. قال: "فاحلِقْ"، ونَزَلَتْ هذهِ الآيةُ. قال مُجاهِدٌ: الصِّيامُ ثلاثةُ أيّامٍ، والطّعامُ لستَّةِ مساكينَ، والنُّسُكُ شاةٌ فصاعِدًا

(1)

.

3213 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: أخبرنا هُشَيمٌ، عن أبي بِشرٍ، عن مُجاهِدٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ليلي، عن كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، بنحوِ ذلكَ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3214 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: حدَّثنا هُشَيمٌ، عن أشْعَثَ بنِ سَوَّارٍ، عن الشَّعبيِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ، عن كَعْبِ بنِ عُجْرةَ بنحوِ ذلكِ

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواهُ عبدُ الرحمنِ بنُ الأصبَهانِيِّ عن عبدِ اللهِ بنِ مَعقِلٍ أيضًا.

3215 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: حدثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، عن أيُّوبَ، عن مُجاهِدٍ، عن عبد الرحمنِ بن أبي ليلى

عن كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، قال: أتَى عَلَيَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنا أُوقِدُ

(1)

إسناده صحيح، وسلف عند المصنف برقم (974).

(2)

إسناده صحيح وانظر ما قبله.

(3)

إسناده صحيح كسابقه.

ص: 231

تحتَ قِدْرٍ، والقَمْلُ يَتَناثَرُ علي جَبْهَتِي - أو قال: حاجِبي - فقالَ: "أيُؤْذِيكَ هوامُّكَ؟ " قلتُ: نعم، قال:"فاحلِقْ رَأسَكَ، وانْسُكْ نَسِيكةً، أو صُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ، أو أطعِمْ سِتَّةَ مساكينَ"، قال أيُّوبُ: لا أدْرِي بأيَّتِهِنَّ بَدَأ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3216 -

حدَّثنا ابن أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيَينَةَ، عن سفيانَ الثَّورِيِّ، عن بُكَيْرِ بنِ عطاءٍ

عن عبدِ الرحمنِ بنِ يَعْمَرَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الحجُّ عرفاتٌ، الحجُّ عرفاتٌ، الحجُّ عرفاتٌ، أيَّامُ مِنَى ثلاثٌ {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] ومن أدْرَكَ عرفةَ قبلَ أن يَطْلعَ الفجرُ، فقد أدْرَكَ الحجَّ"

(2)

.

قال ابنُ أبي عمرَ: قال سفيانُ بنُ عُيَينَةَ: وهذا أجْوَدُ حديثٍ رواهُ الثَّورِيُّ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ورواهُ شُعبةُ عن بُكَيرِ بنِ عطاءٍ، ولا نعرِفُه إلا من حديثِ بُكَيرِ بن عطاءٍ.

3217 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ جُريجٍ، عن ابن أبي مُلَيكَةَ

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح، وسلف عند المصنف برقم (904).

ص: 232

عن عائشةَ، قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أبغَضُ الرِّجالِ إلى اللهِ الألَدُّ الخَصِمُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

3218 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حمَيدٍ، حدَّثني سليمانُ بنُ حَرْبٍ، قال: حدَّثنا حمّادُ بنُ سَلمَةَ، عن ثابتٍ

عن أنسٍ، قال: كانتِ اليهودُ إذا حاضَتِ المرأة لم يُؤاكِلُوها، ولم يُشارِبُوها، ولم يُجامِعُوها في البُيُوتِ، فَسُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلكَ، فأنزَلَ الله تبارك وتعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] فأمَرَهُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يُؤَاكِلوهُنَّ ويُشارِبُوهنَّ وأن يكونُوا مَعَهُنَّ في البُيُوتِ، وأن يَفْعَلُوا كُلَّ شيء ما خلا النِّكاحَ. فقالتِ اليهودُ: ما يُرِيدُ أن يَدَعَ شيئًا من أمْرِنا إلا خالَفَنا فيهِ، قال: فجاءَ عَبّادُ بنُ بِشْرٍ وأُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأخْبَراهُ بذلكَ، وقالا: يا رسولَ اللهِ أفلا نَنكِحُهُنَّ في المَحِيضِ؟ فَتمَعَّرَ وجْهُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى ظَننَّا أنَّه قد غَضِبَ عليهمُا، فقاما فاستَقبَلَتْهُما هَدِيَّةٌ من لَبَنٍ، فأرسَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2457)، و (4523) و (7188)، ومسلم (2668)، والنسائي 8/ 247. وهو في "مسند أحمد" (24277)، و"صحيح ابن حبان" (5697). وصرح ابن جريج بالتحديث في الرواية الثالثة عند البخاري وابن حبان.

"الألد" أي: الشديد الخصومة. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

ص: 233

في آثارهما فَسَقاهُما، فَعَلِمنا أنَّهُ لم يَغضَبْ عليهما

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3219 -

حدَّثنا محمَّدُ بن عبد الأعلى، قال: حدَّثنا عبدُ الرحمنِ بن مَهْديٍّ، عن حمَّادِ بن سَلَمَة نحوَه بمعناهُ

(2)

.

3220 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ المُنْكَدِرِ

سَمِعَ جابرًا يقولُ: كانت اليهودُ تقولُ: مَن أتى امرأتَه في قُبُلِها من دُبُرِها كان الولدُ أحوَلَ، فنَزَلَتْ:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}

(3)

[البقرة: 223].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3221 -

حدَّثنا محَمّدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبد الرحمنِ بن مَهْديٍّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ خُثَيمٍ، عن ابنِ سابطٍ، عن حَفْصَةَ بِنْتِ عبد الرحمنِ

عن أمِّ سَلَمَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (302)، وأبو داود (258) و (2165)، وابن ماجه (644)، والنسائي 1/ 152 و 187. وهو في "مسند أحمد" (12354)، و"صحيح ابن حبان" (1362).

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4528)، ومسلم (1435)، وأبو داود (2163)، وابن ماجه (1925)، والنسائي في "الكبرى"(8973 - 8976) و (11038) و (11039). وهو في "صحيح ابن حبان"(4166) و (4197).

ص: 234

فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] يعني: صِمامًا واحدًا

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

(1)

إسناده قوي على شرط مسلم، وهو في "مسند أحمد"(26601) و (26643)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (6129).

قوله: صمامًا واحدًا، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: مسلكًا واحدًا هو الفرج، فالحاصل أن الآية ليست لتحليل الإتيان في الدبر، وإنما لتحليل الإتيان في القبل من الدبر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم غير ما حديث في النهي عن إتيان الرجل زوجته في دبرها ولعن فاعل ذلك، وهي مخرجة في "شرح مشكل الآثار"(6130 - 6134).

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" 4/ 261 بتحقيقنا: وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دبرها من وجهين: أحدهما: أنه أباح إتيانها في الحرث، وهو موضع الولد، لا في الحُش (الدبر) الذي هو موضع الأذى.

وموضع الحرث: هو المراد من قوله: "من حيث أمركم الله" قال: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أي: من أين شئتم من أمام أو من خلف، قال ابن عباس:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} يعني الفرج.

وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض، فما الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدًا من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان.

وأيضًا فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل، ولم يُخلق له، وإنما الذي هيئ له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر، خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعًا.

وأيضًا، فإن ذلك مضر بالرجل، ولذا ينهى عنه عقلًا الأطباء من الفلاسفة وغيرهم، لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه، والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي.

ص: 235

وابنُ خُثَيمٍ: هو عبدُ الله بن عثمانَ بن خُثَيمٍ، وابنُ سابطٍ: هو عبدُ الرَّحمنِ بن عبد الله بن سابطٍ الجُمَحيُّ المكِّيُّ، وحَفْصَةُ هي: ابنة عبد الرَّحمن بن أبي بكرٍ الصِّديقِ. ويُرْوى: في سِمامٍ واحدٍ.

3222 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا الحسنُ بن موسى، قال: حدَّثنا يعقوبُ بن عبدِ اللهِ الأشعَريُّ، عن جعفرِ بن أبي المُغيرَةِ، عن سعيدِ بن جُبَيِرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: جاءَ عمرُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله هَلَكْتُ! قال: "وما أهْلَكَكَ"؟ قال: حَوَّلْتُ رَحْلِي الليلةَ، قال: فلَم يَرُدَّ عليهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، قال: فأُوحِيَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيةُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أقبِلْ وأدبِرْ، واتَّقِ الدُّبُرَ والحَيضَةَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غَريبٌ، ويعقوبُ بن عبد الله الأشعَريُّ هو: يعقوبُ القُمِّيُّ.

(1)

حديث حسن، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(8977) و (11040). وهو في "مسند أحمد"(2703)، و"صحيح ابن حبان"(4202).

قوله: "حولت رحلي الليلة"، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/ 209: كنى برَحْله عن زوجته، أراد به غِشْيانها في قبلها من جهة ظهرها، لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وجهها، فحيث ركبها من جهة ظهرها كنى عنه بتحويل رحله، إما أن يريد به المنزل والمأوى، وإما أن يريد به الرَّحْل الذي تُركبُ عليه الإبلُ.

ص: 236

3223 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا هاشِمُ بن القاسمِ، عن المُبارَكِ بن فَضالَةَ، عن الحسنِ

عن مَعْقلِ بن يسارٍ: أنَّهُ زَوَّجَ أختَه رجلًا من المسلمينَ على عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده ما كانت، ثمَّ طَلَّقَها تَطليقةً لم يُراجِعها حتى انْقَضَتِ العِدَّةُ، فهَوِيَها وهَوِيَتهُ، ثُمَّ خَطَبَها مع الخُطّابِ، فقال له: يا لُكَعُ أكرَمْتُكَ بها وزَوَّجْتُكها فطَلَّقْتَها، والله لا تَرْجِعُ إليكَ أبدًا آخِر ما عَلَيكَ، قال: فعَلِمَ اللهُ حاجَتَهُ إليها، وحاجَتَها إلى بَعْلِها، فأنزَلَ الله تبارك وتعالى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} إلى قوله: {وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 232] فلمَّا سَمِعَها مَعْقِلٌ فقال: سَمْعًا لرَبِّي وطاعةً، ثمَّ دعاه فقال: أُزَوِّجُكَ وأُكْرِمُكَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقد رُوِيَ من غيرِ وجهٍ عن الحسنِ، وهو عن الحسن غريبٌ

(2)

.

وفي هذا الحَديثِ دلالةٌ على أنَّهُ لا يجوزُ النِّكاحُ بغَيرِ وَليٍّ، لأنَّ أخْتَ مَعْقِل بن يَسارٍ كانت ثَيِّبًا، فلو كان الأمرُ إليها دونَ ولِيِّها لزَوَّجَت نَفْسَها، ولَم تَحْتَجْ إلى ولِيِّها مَعْقلِ بن يسارٍ، وإنَّما

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4529) و (5130) و (5331)، وأبو داود (2087)، والنسائي (11041) و (11042)، وهو في "صحيح ابن حبان"(4071). وقد صرح الحسن بالتحديث عن معقل في إحدى روايات البخاري.

(2)

قوله: "وهو عن الحسن غريب" أثبتناه من نسخة (ل)، وليس هو في سائر الأصول الخطية.

ص: 237

خاطَبَ اللهُ في الآيَةِ الأولياءَ فقال: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] ففي هذه الآيةِ دلالةٌ على أنَّ الأمرَ إلى الأولياءِ في التَّزْويجِ مع رِضاهُنَّ.

3224 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، عن مالكِ بن أنسٍ (ح)

وحدَّثنا الأنصاريُّ، قال: حدَّثنا مَعْنٌ، قال: حدَّثنا مالكٌّ، عن زيدِ بن أسلَمَ، عن القَعْقاعِ بنِ حَكيمٍ، عن أبي يونسَ مَولَى عائشةَ، قال:

أمَرَتْني عائشةُ أن أكتُبَ لها مُصحفًا، وقالت: إذا بَلَغْتَ هذه الَاية فآذنِّي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]، فلمَّا بَلغْتُها آذَنْتُها، فأمْلَتْ عَليَّ:(حافِظُوا على الصلواتِ والصلاةِ الوسطي "وصلاةِ العصرِ" وقوموا للهِ قانِتينَ)، وقالت: سَمِعْتُها من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (629)، وأبو داود (410)، والنسائي 1/ 236. وهو في "مسند أحمد" (24448).

قلنا: وقول عائشة في هذا الحديث: "وصلاة العصر" يوهم أن هذه الجملة من القرآن، وهي ليست منه يقينًا، لأن خبر الواحد لا يثبت به قرآن، ولهذا لم يثبتها أمير المؤمنين عثمان بن عفان في المصحف الإمام، ولا قرأ بذلك أحد من القراء الذين ثبتت الحجة بقراءتهم، لا من السبعة ولا من غيرهم، على أنه قد جاءت آثار عن عائشة رضي الله عنها تفيد أن ما قالته هو تفسير لقوله تعالى:{وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فقد روى الطبري (5393) عن حميدة مولاة عائشة قالت: أوصت عائشة لنا بمتاعها، فوجدتُ في مصحف عائشة {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} وهي العصر.

وروى أيضًا (5396) عن القاسم بن محمد، عن عائشة في قوله: {وَالصَّلَاةِ =

ص: 238

وفي البابِ عن حَفْصَةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3225 -

حدَّثنا حُمَيدُ بن مَسْعَدَةَ، قال: حدَّثنا يَزيدُ بن زُرَيْعٍ، عن سَعيْدٍ، عن قتادةَ، قال: حدَّثنا الحسنُ

عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ، أنَّ نَبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال:"صلاةُ الوُسطى صلاةُ العصرِ"

(1)

.

هذا حَديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3226 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا عَبْدَةُ، عن سعيدِ بن أبي عَروبة، عن

= الْوُسْطَى} قالت: صلاة العصر.

وفه أيضًا (5397) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عروة، قال: كان في مصحف عائشة {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} وهي صلاة العصر.

وفيه أيضًا (5401) عن أبي أيوب عن عائشة أنها قالت: الصلاة الوسطى، صلاة العصر.

وتفسير الصلاة الوسطى بالعصر، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المخرج في "صحيح مسلم"(627)(205) عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر"، وهو مذهب طائفة من الصحابة والتابعين، ومذهب كثير من أهل الأثر، انظر "زاد المسير" 1/ 283 بتحقيقنا.

(1)

حديث صحيح لغيره، الحسن البصري لم يُصرّح بسماعه من سمرة، وقد سلف عند المصنف برقم (182).

ويشهد له حديث ابن مسعود السالف برقم (181)، والآتي برقم (3227)، وإسناده صحيح.

ص: 239

قتادةَ عن أبي حَسَّانَ الأعرَجِ، عن عَبيدةَ السَّلْمانيِّ

أنَّ عليًا حدَّثَه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال يومَ الأحزابِ:"اللَّهُمَّ امْلأ قبورَهُم وبيوتَهُم نارًا كما شَغَلونا عن صلاةِ الوُسْطى، حتى غابَتِ الشمسُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح. وقد رُوِيَ من غيرِ وَجهٍ عن عليٍّ، وأبو حَسَّانَ الأعرَج اسمُه: مُسْلِم.

3227 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو النّضْرِ وأبو داودَ، عن محمدِ بن طَلحَةَ بن مُصَرِّفِ، عن زُبَيدٍ، عن مُرَّةَ

عن عبدِ الله بن مسعودٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "صلاةُ الوُسْطى صلاةُ العصرِ"

(2)

.

وفي البابِ عن زَيدِ بن ثابتٍ، وأبي هاشم بن عُتْبَةَ، وأبي هُريرةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ.

3228 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا مروانُ بنُ مُعاويةَ ويزيدُ بنُ هارونَ ومحمدُ بنُ عُبيدٍ، عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ، عن الحارثِ بن شُبَيْلٍ، عن أبي عمرٍو الشَّيبانيِّ

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2931)، ومسلم (627)، وأبو داود (409)، وابن ماجه (684)، والنسائي 1/ 236، وهو في "مسند أحمد"(591)، و"صحيح ابن حبان"(1745).

(2)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (181).

ص: 240

عن زَيدِ بنِ أرْقَمَ، قال: كُنَّا نتكلّمُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الصّلاةِ، فنزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، فأُمِرْنا بالسُّكُوتِ

(1)

.

3229 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا هُشَيمٌ، قال: أخبرنا إسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ نحوَه،

وزادَ فيه: ونُهِينا عن الكلامِ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وأبو عمرٍو الشَّيبانِيُّ اسمُه: سعدُ بنُ إياسٍ.

3230 -

حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرحمنِ، قال: أخبرنا عُبَيدُ اللهِ بنُ موسى، عن إسرائيلَ، عن السُّدِّيِّ، عن أبي مالكٍ

عن البَرَاءِ {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] قال: نَزَلَتْ فِينا مَعشَرَ الأنصارِ، كُنَّا أصحابَ نَخْلٍ، فكان الرَّجلُ يأتي من نَخْلِه على قَدْرِ كَثرَتِه وقِلَّتِه، وكان الرَّجُلُ يأتي بالقِنْوِ والقِنوينِ فيُعَلِّقُه، في المسجدِ، وكان أهلُ الصُّفّة ليس لهم طعامٌ، فكان أحَدُهُم إذا جاعَ أتى القِنوَ، فضربَه بعصاهُ فيسقطُ البسرُ والتمرُ فيأكلُ، وكانَ ناسٌ ممن لا يرغبُ في الخيرِ يأتي الرجلُ بالقنوِ فيه الشِّيصُ والحشفُ، وبالقنوِ قد انكَسرَ فيُعَلِّقُه، فأَنزَلَ اللهُ تعالى:

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (405).

(2)

إسناده صحيح وانظر ما قبله.

ص: 241

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: 267] قالوا: لو أنَّ أحَدَكُمْ أُهْدِيَ إليهِ مِثْلُ ما أَعْطى، لم يأخُذْهُ إلا على إغْماضٍ وحَياءٍ. قال: فكُنَّا بعدَ ذلكَ يأتِي أحَدُنا بصالحِ ما عِندَه

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

وأبو مالكٍ هو الغِفَارِيُّ، ويقالُ اسمُه: غَروَانُ، وقد رَوَى الثوريُّ عن السُّدِّيِّ شيئًا من هذا.

3231 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو الأحوَصِ، عن عطاءِ بنِ السَّائِبِ، عن مُرَّةَ الهَمْدانيِّ

عن عبد الله بن مسعودٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ للشَّيطانِ لَمةً بابنِ آدَمَ، وللمَلَكِ لَمّةً، فأمّا لَمّةُ الشَّيطانِ، فإيعادٌ

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل السدي - واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن - فهو صدوق حسن الحديث، وأخرجه ابن ماجه (1822).

وله شاهد من حديث عوف بن مالك عند أحمد (23976) وصححه أبن حبان (6774).

قوله: "القنو"، قال ابن الأثير في "النهاية": العِذْق بما فيه من الرُّطَب، وجمعه: أقناء.

و"الشيص": التمر الذي لا يشتد نواه ويقوى، وقد لا يكون له نوىً أصلًا.

و"الحشف": اليابس الفاسد من التمر، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له كالشيص.

ص: 242

بالشَرِّ، وتكذيبٌ بالحقِّ، وأمَّا لَمّةُ الملكِ، فإيعادٌ بالخيرِ، وتصديقٌ بالحقِّ، فمن وجدَ ذلكَ، فليَعْلَم أنَّه من اللهِ، فليَحمَدِ اللهَ، ومن وجَدَ الأخرَى، فليتَعَوَّذ باللهِ من الشَّيطانِ، ثُمَّ قرأَ {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} الآية

(1)

[البقرة: 268].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، وهو حديثُ أبي الأحوَصِ لا نَعرِفُه مرفوعًا إلا من حديثِ أبي الأحوَصِ.

3232 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا أبو نُعَيمٍ، قال: حدَّثنا فُضَيلُ بنُ مَرْزوقٍ، عن عَدِيِّ بن ثابتٍ، عن أبي حازِمٍ

عن أبي هُريرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا أيُّها النَّاسُ إنّ اللهَ طَيِّبٌ ولا يَقْبَلُ إلا طَيِّبًا، وإنَّ اللهَ أمَرَ المُؤمنينَ بِما أمَرَ بهِ المُرْسَلِينَ، فقال: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا

(1)

عطاء بن السائب: اختلط، وسماع أبي الأحوص - وهو سلامة بن سليم - منه بعد الاختلاط، وقد خالفه غير واحد من الثقات، فرووه عن عطاء به موقوفًا. وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه مرفوعًا النسائي في "الكبرى"(11051)، والطبري في "التفسير" 3/ 88. وهو في "صحيح ابن حبان" (997).

وأخرجه موقوفًا الطبري 3/ 88 و 89 من طرق عن عطاء بن السائب، بهذا الإسناد.

وأخرجه موقوفًا أيضًا 3/ 88 بإسناد آخر صحيح عن ابن مسعود، وإعلاله بالوقف لا يضر، لأنه لا يعلم بالرأي، ولا يدخله القياس، فله حكم الرفع.

واللمة: المس.

ص: 243

تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] قال: وذَكرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ يَمُدُّ يَدَهُ إلى السَّماءِ يا ربِّ، يا ربِّ، ومَطْعَمُه حرامٌ، ومَشْربُه حرامٌ، ومَلْبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرامِ، فأَنّي يُسْتَجابُ لذلكَ! "

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، وإنّمَا نَعرِفُه من حديثِ فُضَيلِ بنِ مَرزُوقٍ، وأبو حازمٍ هو: الأشجَعِيُّ اسمُه: سلمانُ مَولَى عَزَّةَ الأشجَعِيَّةِ.

3233 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بنُ موسى، عن إسرائيلَ، عن السُّدِّيِّ، قال:

حَدَّثَني من سَمِعَ عليًّا يقولُ: لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآيةُ {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} الآية [البقرة: 284] أحزَنَتْنا، قال: قلنا: يُحَدِّثُ أحَدُنا نَفْسهُ، فيُحاسَبُ بهِ، لا نَدْرِي ما يُغْفَرُ منه ولا ما لا يُغْفَرُ منه، فنَزلَتْ هذه الآيةُ بعدَها فنسختها {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}

(2)

[البقرة: 286].

(1)

إسناده حسن، فضيل بن مرزوق - وإن روى له مسلم - ينحط عن رتبة الصحيح إلى الحسن. وأخرجه مسلم (1015). وهو في "مسند أحمد"(8348).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن علي.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 128 - 129 ونسبه لعبد بن حميد. =

ص: 244

3234 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا الحسنُ بنُ موسى ورَوحُ بنُ عُبادَةَ، عن حَمَّادِ بنِ سَلمَةَ، عن عليِّ بنِ زَيدٍ، عن أُمَيّةَ أنّها

سَألتْ عائشةَ عن قولِ اللهِ تبارك وتعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] وعن قوله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] فقالت: ما سَألَني عنها أحَدٌ منْذُ سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:"هذهِ مُعاتَبَةُ اللهِ العبدَ بما يُصِيبُه من الحُمَّى والنَّكْبَةِ، حتَّى البِضاعَةُ يَضَعُها في يد قَمِيصِه، فيفتقدها، فيَفْزَعُ لها، حتَّى إنَّ العبدَ لَيَخْرُجُ من ذُنُوبِه كما يَخْرُجُ التِّبْرُ الأحمَرُ من الكِيرِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ مِن حَديثِ عائِشَةَ، لا نعرِفُه إلا من حديثِ حمَّادِ بنِ سَلمَةَ.

3235 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدَّثنا

= ويشهد له حديث ابن عباس الآتي برقم (3235).

وحديث أبي هريرة عند مسلم (125).

(1)

إسناده ضعيف بهذه السياقة لضعف علي بن زيد بن جدعان، ولجهالة أمية وهي بنت عبد الله. وهو في "مسند أحمد"(25835).

وأخرج أحمد (24368) بسياق آخر صحيح لغيره، من حديث عائشة ولفظه: أن رجلًا تلا هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، قال: إنا لنُجزى بكل عملنا؟! هلكنا إذًا. فبلغ ذاك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"نعم يُجزَى به المؤمنُ في الدنيا في مصيبة في جسده فيما يؤذيه". وانظر بقية أحاديث الباب في تعليقنا على حديث أبي هريرة من "المسند"(7386).

ص: 245

سفيانُ، عن آدَمَ بنِ سُلَيمانَ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: لمَّا نَزَلَتْ هذه الآية {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] دَخَلَ قُلُوبَهُم منه شيءٌ لم يَدْخُل من شيءٍ، فقالوا للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"قولوا سَمِعْنا وأطَعْنا"، فألقَى اللهُ الإيمانَ في قلوبِهِم، فأنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} الآية [البقرة: 285]{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قال: قد فَعَلتُ {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286]، قال: قد فَعَلْتُ {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} الآية [البقرة: 286] قال: قد فَعْلتُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، وقد رُوِيَ هذا من غيرِ هذا الوجه عن ابنِ عبَّاسٍ، وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.

وآدَمُ بنُ سُلَيمانَ يُقال: هو والدُ يحيى بنِ آدمَ.

‌4 - سورة آل عمران

3236 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيد، قال: أخبرنا أبو الوليد، قال: حدَّثنا يَزيدُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي مُلَيكةَ، عن القاسم بن محمدٍ

عن عائشةَ قالت: سُئلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {هُوَ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (126)، والنسائي في "الكبرى"(11059). وهو في "مسند أحمد"(2070)، و"صحيح ابن حبان"(5069).

ص: 246

الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} إلى آخرِ الآية [آل عمران: 7]. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأَيتم الذين يتَّبعون ما تَشابَه منه فأُولئك الذين سمَّاهُمُ اللهُ، فاحذَروهم"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وقد رُوي عن أيوبَ عن ابن أبي مُليكةَ، هذا الحديث، عن عائشة.

3237 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا أبو داود الطيالِسِيُّ، قال: حدَّثنا أبو عامرٍ - وهو الخزّازُ - ويزيدُ بنُ إبراهيمَ كلاهما، عن ابنِ أبي مُليْكَةَ. قال يَزِيدُ: عن ابنِ أبي مُلَيْكَةَ، عن القاسمِ بنِ محمدٍ

عن عائشةَ - ولم يَذْكُر أبو عامرٍ القاسمَ - قالت: سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن قَولِه: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7] قال: "فإذا رَأَيتيهِم فاعرِفِيهِم". وقال يزيدُ: "فإذا رَأيتُمُوهُم فاعرِفوهُم" قالها مَرَّتَين أو ثلاثًا"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

هكذا رَوَى غَيرُ واحدٍ هذا الحديثَ عن ابنِ أبي مُلَيكَةَ، عن عائشةَ، ولم يَذْكروا فيهِ عن القاسمِ بن محمَّدٍ، وإنَّما ذَكَرَ يزيدُ بنُ

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4547)، ومسلم (2665)، وأبو داود (4598)، وابن ماجه (47). وهو في "مسند أحمد"(24210)، و"صحيح ابن حبان"(73) و (76).

(2)

انظر ما قبله.

ص: 247

إبراهيمَ عن القاسمِ بن محمد في هذا الحديثِ.

وابنُ أبي مُلَيكَةَ هو: عبد الله بنُ عُبيدِ الله بن أبي مُلَيكَةَ، وقد سَمِعَ من عائشةَ أيضًا.

3238 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ، قال. حدَّثنا سفيانُ، عن أبيهِ، عن أبي الضُّحَى، عن مسروقٍ

عن عبد الله، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لكُلِّ نَبي وُلاةً من النَبِّيينَ، وإنَّ وَليِّيَ أبي وخليلُ ربِّي، ثمَّ قَرَأ {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}

(1)

[آل عمران: 68].

3239 -

حدَّثنا محمودٌ قال: حدَّثنا أبو نُعَيمٍ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن أبيهِ، عن أبي الضُّحَى، عن عبد اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مثلَه، ولم يَقُلْ فيه عن مسروقٍ

(2)

.

هذا أصحُّ من حديثِ أبي الضُّحى عن مسروقٍ.

وأبو الضُّحى اسمُه: مُسْلِم بن صُبيحٍ.

3240 -

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن أبيه،

(1)

رجاله ثقات، إلا أن أبا أحمد الزبيري - واسمه محمد بن عبد الله - قد خالفه وكيع وأبو نعيم ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، فرووه منقطعًا بإسقاط مسروق، وقد رجح الرواية المنقطعة المصنف وأبو زرعة وأبو حاتم.

(2)

إسناده منقطع، أبو الضحى - واسمه مسلم بن صبيح - لم يدرك ابن مسعود، وباقي رجاله ثقات.

ص: 248

عن أبي الضُّحى، عن عبد اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَ حديثِ أبي نُعَيمٍ، وليسَ فيه مسروق

(1)

.

3241 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاوِيةَ، عن الأعمَشِ، عن شَقيقِ بن سَلَمَةَ

عن عبد الله، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن حَلَفَ على يمينٍ وهو فيها فاجِرٌ لِيَقْتطِعَ بِها مالَ امرِيءٍ مسلمٍ، لَقِيَ اللهَ وهو عليه غَضْبانُ"، فقال الأشْعثُ بن قيسٍ: فيَّ واللهِ كان ذلكَ، كان بَيْني وبينَ رجلٍ من اليهودِ أرضٌ، فجَحَدَني، فقَدَّمْتُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ألكَ بَيِّنةٌ"؟ قلتُ: لا، فقال لليهوديِّ:"احْلِفْ" فقلتُ: يا رسولَ الله إذن يَحْلِفُ فيَذْهَبُ بمالي، فأنْزَلَ الله تبارك وتعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية

(2)

[آل عمران: 77].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن ابنِ أبي أوْفَى.

3242 -

حدَّثنا إسحاقُ بن منصورٍ، قال: حدثنا عبدُ الله بن بكرٍ السَّهْميُّ، قال: حدَّثنا حُمَيدٌ

عن أنسٍ، قال: لمَّا نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا

(1)

إسناده منقطع كسابقه، وأخرجه أحمد في "مسنده"(3800) عن وكيع بهذا الإسناد وانظر تمام تخريجه فيه.

(2)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (1315).

ص: 249

مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]- أو - {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245]. قال أبو طَلحَةَ - وكان له حائِطٌ -: يا رسولَ اللهِ، حائِطي لله، ولو استَطَعْتُ أن أُسِرَّهُ لم أُعْلِنْهُ، فقال:"اجعَلْهُ في قرابَتِكَ أو أقْرَبيكَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ. وقد رواهُ مالكُ بن أنسٍ عن إسحاقَ بن عبدِ الله بن أبي طَلْحَةَ، عن أنسِ بن مالكٍ.

3243 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عبدُ الرزَّاقِ، قال: أخبرنا إبراهيمُ بن يَزيد، قال: سَمِعتُ محمَّدَ بن عَبَّادِ بن جعفرٍ يُحَدِّثُ

عن ابنِ عمرَ، قال: قام رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: من الحاجُّ يا رسولَ الله؟ قال: "الشَّعِثُ التَّفِلُ" فقامَ رجلٌ آخَرُ، فقال: أيُّ الحجِّ أفضلُ يا رسولَ الله؟ قال: "العَجُّ والثَّجُّ". فقامَ رجلٌ آخرُ، فقال: ما السَّبيلُ يا رسولَ الله؟ قال: "الزَّادُ والرَّاحِلَةُ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1461)، ومسلم (998)، وأبو داود (1689)، والنسائي 6/ 231. وهو في "مسند أحمد" (12144)، و"صحيح ابن حبان" (3340) و (7182) و (7183).

(2)

حديث ضعيف دون قصة العج والثج فحسنة، انظر حديث أبي بكر السالف برقم (841). وإبراهيم بن يزيد الخوزي، قال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الكبرى" وقد تكلم فيه مِنْ قِبَلِ حفظه، وتُرِكَ حديثه، وقد خرج الدارقطني هذا الحديث من حديث جابر وابن عمر وابن مسعود وأنس وعائشة وغيرهم، وليس فيها إسناد يحتج به.

وقال ابن القطان في "الوهم والإيهام" 3/ 448 بعد أن نقل قول عبد الحق: إن الدارقطني ذكره من رواية رجال من الصحابة، وسماهم، وكلها لا يحتج بها، =

ص: 250

هذا حديثٌ لا نعرِفُه من حديثِ ابنِ عمرَ إلَّا من حديثِ إبراهيمَ بن يزيدَ الخُوزيِّ المكِّيِّ، وقد تكلَّمَ بعضُ أهلِ العلمِ في إبراهيمَ بن يزيدَ من قِبَلِ حِفْظِه.

3244 -

حدَّثَنا قُتَيبَةُ، قال: حدَّثنا حاتمُ بن إسماعيل، عن بُكَير بن مِسْمارٍ، عن عامرِ بن سعدٍ

عن أبيهِ، قال: لمَّا نزلت هذه الآيةُ: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} [آل عمران: 61] دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليًّا وفاطمةَ وحَسَنًا وحُسَينًا، فقال:"اللَّهُمَّ هؤُلاءِ أهْلِي"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.

3245 -

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن ربيع وهو ابن صَبيح

= وإنما لم نعرض الآن لتبيين عللها، لأنها كسائر ما لم يذكر، وإنما أشار إليها.

وقال ابن المنذر: لا يثبت الحديث الذي فيه الزاد والراحلة، والآية الكريمة عامة ليست مجملة، فلا تفتقر إلى بيان، وكأنه كلف كل مستطيع، قَدَرَ بمال أو بِبَدَنٍ.

وأخرجه ابن ماجه (2896).

وروي هذا الحديث عن عدد من الصحابة من طرق واهية.

وسلف مختصرًا عند المصنف برقم (824).

(1)

إسناده قوي، بكير بن مسمار من رجال مسلم، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه ضمن حديث مطول مسلم (2404). وهو في "مسند أحمد"(1608).

وسيأتي عند المصنف برقم (4058).

ص: 251

وحمَّادِ بن سَلَمَةَ، عن أبي غالبٍ، قال:

رَأى أبو أُمامَةَ رُؤوسًا مَنْصوبةً على دَرَجِ دِمَشْقَ، فقال أبو أُمامةَ: كِلابُ النَّارِ شَرُّ قَتْلى تحتَ أدِيمِ السماءِ، خَيرُ قَتْلَى مَن قَتَلوه

(1)

، ثُمَّ قَرأ:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} إلى آخر الآية، [آل عمران: 106]، قلتُ لأبي أمامةَ: أنت سَمِعْتَه من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لو لم أسمَعْه إلَّا مرَّةً أو مرَّتَينِ أو ثلاثًا أو أربعًا - حتَّى عدَّ سبعًا - ما حَدَّثْتُكموه

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

وأبو غالبٍ يقال اسمه: حَزَوَّرُ، وأبو أُمامةَ الباهِليُّ اسمُه: صُدَيُّ بن عَجْلانَ.

3246 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عبدُ الرزَّاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن بَهْزِ بن حَكيمٍ، عن أبيهِ

عن جدِّهِ، أنَّه سَمِعَ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ في قولِه تعالى: {كُنْتُمْ

(1)

لفظ أحمد في الرواية الثانية: وخير قتلى قُتِلُوا تحتَ أديمِ السماء الذين قتلهم هؤلاءِ.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات، أبو غالب ضعيف يعتبر به، وقد تابعه سيار بن عبد الله الأموي عند أحمد، وشداد بن عبد الله الدمشقي عند ابن خزيمة في الجهاد كما في "إتحاف المهرة" 6/ 229، والحاكم 2/ 149 و 149 - 150.

وأخرجه ابن ماجه (176). وهو في "مسند أحمد"(22151) و (22183).

ولفقه الحديث انظر تعليقنا على "المسند"(22151).

ص: 252

خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] قال: "أنْتُم تُتِمُّونَ سَبْعينَ أمَّةً أنتمْ خَيْرها وأكرَمُها على اللهِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ. وقد رَوى غيرُ واحدٍ هذا الحديثَ عن بَهْزِ بن حَكيمٍ نحوَ هذا، ولم يَذْكُروا فيهِ {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110].

3247 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا هُشَيمٌ، قال: أخبرنا حُمَيدٌ

عن أنسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كُسِرَتْ رباعِيَتُه يومَ أحُدٍ وشُجَّ وجْهُه شَجَّةً في جَبهَتِه حتَّى سالَ الدَّمُ على وَجْهِه، فقال:"كيف يُفْلِحُ قومٌ فَعَلوا هذا بِنَبيِّهم وهو يَدعوهُم إلى اللهِ؟ " فنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} إلى آخرها

(2)

[آل عمران: 128].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3248 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ وعبدُ بن حُمَيدٍ، قالا: حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبرنا حُمَيدٌ

عن أنسٍ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم شُجَّ في وَجْهِه وكُسِرَتْ رباعِيتُه،

(1)

إسناده حسن، وأخرجه دون ذكر الآية ابن ماجه (4287) و (4288)، والنسائي في "الكبرى"(11431). وهو في "مسند أحمد"(2015).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1791)، وابن ماجه (4027)، والنسائي في "الكبرى"(11077). وهو في "مسند أحمد"(11956)، و"صحيح ابن حبان"(6574). وعلقه البخاري في "صحيحه" كتاب المغازي، باب ليس لك من الأمر شيء

الآية، قبل الحديث (4069).

ص: 253

ورُميَ رَمْيةً على كَتِفِه، فجَعَلَ الدَّمُ يَسيلُ على وَجْهِه، وهو يَمْسَحُه ويقولُ:"كيف تُفْلِحُ أُمَّةٌ، فَعَلوا هذا بِنَبيِّهم وهو يَدْعوهُم إلى الله"؟ فانزَلَ الله تبارك وتعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}

(1)

[آل عمران: 128].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

سَمِعْتُ عَبدَ بن حُمَيدٍ يقولُ: غَلِطَ يزيدُ بن هارونَ في هذا.

3249 -

حدَّثنا أبُو السَّائِبِ سَلْمُ بن جُنادَةَ بن سلم الكُوفيُّ، قال: حدَّثنا أحمد بنُ بَشيرٍ، عن عمرَ بن حَمزةَ، عن سالمِ بن عبد اللهِ بن عمرَ

عن أبيهِ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ: "اللهُمَّ العَنْ أبا سُفيانَ، اللهُمَّ العَنِ الحارِثَ بن هِشامٍ، اللهُمَّ العَنْ صَفْوانَ بن أُميَّةَ"، قال: فنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: 128]. فتابَ اللهُ عليهم فأسْلَمُوا فحَسُنَ إسلامُهُم

(2)

.

(1)

رجاله ثقات رجال الشيخين، وانظر ما قبله وما بعده.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عمر بن حمزة ضعيف يعتبر به.

وأخرجه البخاري (4069)، والنسائي 2/ 203 من طريقين عن معمر، عن الزهري عن سالم، عن عبد الله بن عمر.

وهو في "مسند أحمد"(5674)، و"صحيح ابن حبان"(1987) و (1988) و (5747).

قال الحافظ في "الفتح" 8/ 227: وطريق الجمع بينه (أي: حديث أنس السالف قبل هذا) وبين حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم دعا على المذكورين بعد ذلك في صلاته، فنزلت الآية في الأمرين معًا، فيما وقع له من الأمر المذكور، وفيما نشأ =

ص: 254

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ يُستَغرَبُ من حديثِ عمرَ بن حَمزة عن سالمٍ، وكذا رواهُ الزُهريُّ عن سالمٍ، عن أبيهِ. لم يَعرِفْه محمدُ بن إسماعيلَ من حديثِ عمرَ بن حَمزةَ، وعَرَفَه من حديثِ الزُّهريَّ.

3250 -

حدَّثنا يحيى بن حَبيبِ بن عَرَبيًّ البَصرِيُّ، قال: حدَّثنا خالدُ بن الحارِثِ، عن محمَّدِ بن عَجْلانَ، عن نافعٍ

عن عبد الله بن عمرَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يَدْعُو على أربَعَةِ نَفَرٍ، فأنزَلَ اللهُ تبارك وتعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] فهَداهُمُ اللهُ للإسلامِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ يُستَغرَبُ من هذا الوَجهِ من حديثِ نافعٍ عن ابنِ عمرَ، ورواهُ يحيى بن أيُّوبَ، عن ابنِ عَجْلانَ.

3251 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال حدَّثنا أبو عَوَانةَ، عن عثمانَ بن المُغيرَةِ، عن عليَّ بن رَبيعَةَ

عن أسماءَ بن الحَكَمِ الفَزَاريَّ قال: سَمِعْتُ عَليًّا يقولُ: إنَّي كنتُ رجلًا إذا سَمِعْتُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حديثًا نَفَعني الله منه بما

= عنه من الدعاء عليهم، وذلك كله في أحد.

قال السندي في حاشيته على "المسند": قوله: فنزلت هذه الآية: {لَيْسَ لَكَ

} تنبيهًا، على أن اللائق بحاله ترك اللعن، فإن الأمر إلى الله تعالى، فيحتمل أن يتوب على بعض هؤلاء، فلا يناسب لعنه. والله تعالى أعلم.

(1)

انظر ما قبله.

ص: 255

شاءَ أن يَنفَعَني، وإذا حدَّثني رجلٌ من أصحابِه استَحلفتُه، فإذا حَلَفَ لي صَدَّقْتُه، وإنَّهُ حدَّثني أبو بكرٍ وصَدَقَ أبو بكرٍ قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ما مِن رجلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثم يقومُ فيَتطهَّرُ، ثمَّ يُصَلَّي، ثم يَسْتَغْفِرُ اللهَ إلَّا غَفَرَ لهُ، ثمَّ قَرَأ هذه الآيةَ:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} إلى آخر الآيةِ

(1)

[آل عمران: 135].

هذا حديثٌ قد رواهُ شُعبةُ وغيرُ واحدٍ عن عثمانَ بن المُغيرةِ فرَفَعوه، ورواهُ مِسْعَرٌ وسفيانُ عن عثمانَ بن المُغيرَةِ فلم يَرفَعاه فوقفاه، ولا نعرِفُ لأسماءَ إلَّا هذا الحديث.

3252 -

حدَّثنا عبدُ بن حُميدٍ، قال: حدَّثنا رَوْحُ بن عُبادَةَ، عن حمَّاد بن سَلَمَةَ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ

عن أبي طَلْحَةَ، قال: رَفَعْتُ رأسِي يومَ أُحُدٍ، فجَعَلْتُ أنظُرُ، وما منهم يومئذٍ أحدٌ إلَّا يَميدُ تحتَ حَجَفَتِه من النُّعاسِ، فذلك قول الله تعالى:{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا}

(2)

[آل عمران: 154].

(1)

سلف عند المصنف برقم (408)، وانظر الكلام عليه هناك.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4068)، والنسائي في "الكبرى"(11080) و (11198) و (11199). وهو في "مسند أحمد"(16357)، و"صحيح ابن حبان"(7180).

والجحفة: الترس من الجلد ليس فيه خشب، والجمع جَحَفٌ.

ص: 256

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3253 -

حدَّثنا عبدٌ، قال: حدَّثنا رَوحُ بن عُبادةَ، عن حمَّادِ بن سلَمَةَ، عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيه، عن الزُّبَيرِ مِثلَه

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3254 -

حدَّثنا يوسفُ بن حَمَّادٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الأعلَى، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن أنسٍ

أنَّ أبا طَلْحَةَ قال: غُشينا ونحنُ في مَصافَّنا يومَ أُحُدٍ، حَدَّثَ أنَّه كان فيمَن غَشِيَه النُّعاسُ يومئذٍ، قال: فجَعَلَ سَيْفي يَسقُطُ من يَدِي وآخُذُه، ويَسقُطُ من يَدي وآخُذُه، والطائِفَةُ الأُخرى المنافِقُونَ ليس لهم هَمٌّ إلَّا أنفُسَهُم، أجْبَنُ قَومٍ وأرعَبُه وأخذَلُه للحقَّ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3255 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، قال: حدَّثنا عبدُ الواحِدِ بنُ زيادٍ، عن خُصَيفٍ، قال. حدَّثنا مِقْسَمٌ، قال:

قال ابنُ عبَّاسٍ: نَزَلَت هذه الآيةُ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] في قَطيفَةٍ حَمْراءَ افتُقِدَتْ يومَ بَدْرٍ، فقال بعضُ النَّاسِ: لَعَلَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أخَذَها، فأنزلَ اللهُ تبارك وتعالى:

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أبو يعلى (1423)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 273.

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 257

{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} إلى آخر الآية

(1)

[آل عمران: 161].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. وقد رَوَى عبدُ السلامِ بن حَرْبٍ عن

(1)

ضعيف، خصيف - وهو ابن عبد الرحمن - سيئ الحفظ، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير مقسم فمن رجال البخاري.

وأخرجه أبو داود (3971). وهو في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (5601) و (5602).

قال السمين الحلبي في "الدر المصون" 3/ 465 - 466: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ، "أن يغل": في محل رفع اسم كان، و"لنبي": خبر مقدم، أي: ما كان له غلول أو إغلال على حسب القراءتين. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بفتح الياء وضم الغين، من "غَلَّ" مبنيًا للفاعل، ومعناه: أنه لا يصحُّ أن يقع مِن النبي غلول لتنافيهما، فلا يجوز أن يُتَوَهَّمَ ذلك فيه البتة.

وقرأ الباقون: "يُغَلَّ" مبنيًا للمفعول. وهذه القراءة فيها احتمالان:

أحدُهما: أن يكون من "غَلَّ" ثلاثيًا، والمعنى: ما صَحَّ لنبي أن يَخُونَه غيره ويَغُلَّه، فهو نفي في معنى النهي، أي: لا يَغُلَّهُ أحدٌ.

والاحتمال الثاني: أن يكون من أغَلَّ رباعيًا، وفيها وجهان: أحدهما: أن يكون من أغَلَّه، أي: نسبه إلى الغُلُول كقولهم: أكْذَبْتَه، أي: نَسَبْتُه إلى الكذب، وهذا في المعنى كالذي قبله، أي نفيٌ في معنى النهي، أي: لا يَنْسبه أحدٌ إلى الغلول. والثاني: أن يكون من أغلَّه، أي: وجده غالًا كقولهم: أحمدتُ الرجلَ، وأبْخَلْتُه وأجبنتُه، أي: وجدته محمودًا وبخيلًا وجبانًا. والظاهر أن قراءة "يَغُلَّ" بالياء للفاعل لا يُقدَّر فيها مفعولٌ محذوف، لأن الغَرَضَ نفيُ هذه الصفة عن النبي من غير نظرٍ إلى تعلُّقٍ بمفعولٍ، كقولك:"هو يعطي ويمنع" تريد إثبات هاتين الصفتين. وقَدَّر له أبو البقاء مفعولًا، فقال: تقديره: أن يَغُلَّ المال أو الغنيمة.

وانظر "حجة القراءات" ص 179 - 180، و"الكشف عن وجوه القراءات" 1/ 363 - 364.

ص: 258

خُصَيفٍ نحوَ هذا، ورَوَى بعضُهم هذا الحديثَ، عن خُصَيفٍ، عن مِقْسمٍ، ولم يَذكُر فيه عن ابنِ عبَّاسٍ.

3256 -

حدَّثنا يحيى بن حَبيبِ بن عَرَبيًّ، قال: حَدَّثَنا مُوسَى بن إبراهيمَ بن كَثِيرٍ الأنصارِيُّ، قال: سَمِعتُ طَلحَةَ بن خِراشٍ، قال:

سَمِعتُ جابِرَ بن عبد الله يقولُ: لَقيَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي:"يا جابِرُ مَا لِي أراكَ مُنكَسِرًا"؟ قلتُ: يا رسولَ الله اسْتُشْهِدَ أبي، وتَرَكَ عِيالًا ودَيْنًا، قال:"أفَلا أُبَشَّرُكَ بما لَقِيَ اللهُ به أباكَ"؟ قال: بَلى يا رسولَ الله. قال: "ما كَلَّمَ اللهُ أحدًا قَطُّ إلَّا من وَراءِ حِجَابٍ، وأحْيا أباكَ فكَلَّمَه كِفاحًا، وقال: يا عَبْدي تَمَنَّ عَليَّ أُعْطِكَ. قال: يا رَبَّ تُحْييني فأقْتَل فيكَ ثانِيةً. قال الرَّبُّ تبارك وتعالى: إنَّهُ قَد سَبَقَ مِنَّي أنَّهم لا يُرْجَعونَ قال: وأُنْزِلَت هذه الآيةُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا}

(1)

[آل عمران: 169].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ، ولا نعرِفُه إلَّا من حديثِ موسى بن إبراهيم.

ورواهُ عليُّ بن عبد الله بن المَدينيِّ وغيرُ واحدٍ من كِبارِ أهلِ الحديثِ، هذا عن موسى بن إبراهيمَ، وقد رَوَى عبدُ الله بن محمَّدِ

(1)

إسناده حسن، وأخرجه ابن ماجه (190) و (2800). وهو في "مسند أحمد"(14881)، و"صحيح ابن حبان"(7022).

وله شاهد بإسناد ضعيف من حديث عائشة عند البزار (2706 - كشف الأستار)، والحاكم 3/ 203، والبيهقي في "الدلائل" 3/ 298.

ص: 259

ابن عَقِيلٍ عن جابِرٍ شيئًا من هذا.

3257 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن الأعمَشِ، عن عبد الله بن مُرَّةَ، عن مسروقٍ

عن عبد اللهِ بن مسعودٍ، أنَّهُ سُئِلَ عن قولِه:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [آل عمران: 169] فقال: أما إنَّا قد سَألْنا عن ذلكَ، فأُخْبِرنا أنَّ أرواحَهُم في طيرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ في الجَنَّةِ حيثُ شاءتْ، وتأوي إلى قَناديلَ مُعَلَّقةٍ بالعَرْشِ، فاطَّلَعَ إليهم رَبُّكَ اطِّلاعَةً، فقال: هل تَسْتَزيدونَ شيئًا فأزيدَكُم؟ قالوا: ربَّنا وما نَسْتَزيدُ ونحنُ في الجنَّةِ نَسْرَحُ حيثُ شِئْنا؟ ثمَّ اطَّلَعَ إليهم الثانيةَ، فقال: هل تَسْتَزيدونَ شيئًا فأزيدَكُم؟ فلمَّا رَأوا أنَّهُم لا يُتْركونَ قالوا: تُعيدُ أرواحَنا في أجسادِنا حتَّى نَرْجِعَ إلى الدُّنيا، فنُقْتَلَ في سَبيلِكَ مَرَّةً أخرى

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3258 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عطاءِ بن السَّائِبِ، عن أبي عُبَيدةَ، عن ابن مسعودٍ مثلَه

وزاد فيه: وتُقْرئُ نَبِيَّنا عنَّا السَّلامَ، وتُخْبِرُه أنْ قد رَضينا ورُضِيَ عنَّا

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، عبد الله بن مرة: هو الهمداني الخارفي.

وأخرجه مسلم (1887)، وابن ماجه (2801).

(2)

رجاله ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ابن مسعود.

ص: 260

هذا حديثٌ حسنٌ.

3259 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن جامعٍ وهو ابنُ أبي راشِدٍ وعبد المَلِكِ بن أعْيَنَ، عن أبي وائلٍ

عن عبدِ الله يَبلُغُ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما مِن رجلٍ لا يُؤدَّيَ زكاةَ مالِه إلَّا جَعَلَ اللهُ يومَ القِيامَةِ في عُنِقِهِ شُجاعًا"، ثمَّ قَرَأ علينا مِصْداقَه من كتابِ اللهِ:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} الآية [آل عمران: 180]. وقال مرّةً: قَرَأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِصْدَاقَهُ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180]"ومن اقْتَطَعَ مالَ أخيهِ المسلمِ بِيَمينٍ لَقيَ اللهَ وهو عليهِ غَضْبانُ"، ثمَّ قَرَأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِصْداقَه من كِتابِ الله:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} الآية

(1)

[آل عمران: 77].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ومعنى قوله شجاعًا أقرع، يعني: حَيّةً.

3260 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ وسعيدُ بنُ عامِرٍ، عن محمدِ بنِ عَمْرٍو، عن أبي سَلمَةَ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إن مَوضِعَ سَوطٍ

(1)

حديث صحيح، وأخرج شطره الأول ابن ماجه (1784)، والنسائي في 5/ 11. وهو في "مسند أحمد" (3577).

وسلف شطره الثاني عند المصنف برقم (1315)، وقد تقدم تخريجه هناك.

ص: 261

في الجَنّةِ خَيرٌ من الدُّنْيا وما فِيها، اقْرؤُوا إن شِئْتُم:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}

(1)

[آل عمران: 185].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3261 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ الزَّعْفَرانِيُّ، قال: حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ محمدٍ، قال: قال ابنُ جُرَيجٍ: أخبرني ابنُ أبي مُلَيكَةَ، أنَّ حُمَيدَ بن عبدِ الرحمنِ بنِ عَوفٍ أخبَرَه، أنَّ مروانَ بنَ الحَكَمِ، قال:

اذهَبْ يا رافعُ - لبَوَّابِه - إلى ابنِ عبَّاسٍ، فَقُل لهُ: لئن كان كلُّ امرِئٍ فَرِحَ بما أُوتِيَ، وأحَبَّ أن يُحْمَدَ بما لم يَفْعَلْ مُعَذَّبًا، لَنُعَذَّبنَّ أجمَعونَ. فقال ابنُ عبَّاسٍ: ما لكُم ولِهذهِ الآيةِ إنّما أنْزِلَتْ هذه في أهلِ الكِتابِ، ثُمَّ تلا ابنُ عبَّاسٍ:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 187]، وتلا {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 188]، قال ابنُ عبَّاسٍ: سَألَهُمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن شيءٍ فكَتمُوه، وأخبروه بغيره فخَرَجوا، وقد أرَوْهُ أن قد أخبروه بما سأَلَهُم عنه، واستَحمَدُوا بذلكَ إليه، وفَرِحُوا بِما أُوتوا من

(1)

حديث صحيح، وهو في "مسند أحمد"(8167)، و"صحيح ابن حبان"(6158) و (7417).

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11085) ضمن حديث مطول سيأتي عند المصنف برقم (3576).

ص: 262

كِتْمانِهِم

(1)

وما سألَهُم عنه

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.

‌5 - ومن سورة النساء

3262 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ آدَمَ، قال: حدَّثنا ابنُ عُيَينةَ، عن محمدِ بنِ المُنكَدِرِ

سَمِعتُ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ يقولُ: مَرِضْتُ فأتانِي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يعودُنِي، وقد أُغْمِيَ عليَّ، فلَمَّا أفَقْتُ، قلتُ: كيفَ أقْضِي في مالي؟ فسَكتَ عنَّي حتَّى نَزَلتْ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}

(3)

[النساء: 11].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواه غيرُ واحِدٍ عن محمدِ بنِ المنكدرِ.

3263 -

حدَّثنا الفَضْلُ بنُ صبَّاح البَغدادِيُّ، قال: حدَّثنا سفيانُ بن عيينة، عن محمدِ بن المنكدرِ، عن جابرٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحوَه. وفي حديثِ الفَضْلِ بنِ صبَّاحٍ كلامٌ أكثرُ من هذا

(4)

.

(1)

في (أ) و (د) و (ل): كتابهم، وهو خطأ، والمثبت من (ظ) و (س) وهامش (ل).

(2)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4568)، ومسلم (2778)، والنسائي في "الكبرى"(11086). وهو في "مسند أحمد"(2712).

(3)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (2227).

(4)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 263

3264 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدثنا حَبَّانُ بنُ هِلالٍ، قال: حدَّثنا همّامُ بنُ يحيى، قال: حدَّثنا قَتادَةُ، عن أبي الخَليلِ، عن أبي عَلْقَمةَ الهاشِمِيَّ

عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيَّ، قال: لما كان يومُ أوطاسَ أصَبْنا نساءً لَهُنَّ أزواجٌ في المُشْرِكِينَ، فكَرِهَهُنَّ رجالٌ منهم، فأَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}

(1)

[النساء: 24].

هذا حديثٌ حسنٌ.

3265 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: أخبرنا هُشَيمٌ، قال: أخبرنا عثمانُ البَتَّيُّ، عن أبي الخليلِ

عن أبي سعيدٍ الخُدْريَّ، قال: أصبْنا سَبايا يومَ أوْطاسَ لهُنَّ أزواجٌ في قَومِهِنَّ، فذَكَروا بذلكَ لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فنَزَلَتْ:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}

(2)

[النساء: 24].

هذا حديثٌ حسنٌ، وهكذا رَوَى الثَّورِيُّ، عن عثمانَ البَتَّيَّ، عن أبي الخليلِ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيَّ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحوَه، وليس في هذا الحديثِ عن أبي عَلقَمَةَ، ولا أعلَمُ أنَّ أحدًا ذَكرَ أبا

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (1162).

(2)

وأخرجه أحمد (11691) عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن عثمان البتي، بهذا الإسناد. وقد بسطنا الكلام عليه في "المسند"، فارجع إليه.

ص: 264

عَلقمَةَ في هذا الحديثِ إلا ما ذَكَرَ همَّامٌ عن قتادةَ

(1)

.

وأبو الخليلِ اسمُه: صالحُ بنُ أبي مريمَ.

3266 -

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى الصَّنْعانِيُّ، قال: حدَّثنا خالدُ بنُ الحارِثِ، عن شُعْبَةَ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ

عن أنسِ بن مالك، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الكبائِرِ قال:"الشَّركُ باللهِ، وعقوقُ الوالِدينِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وقولُ الزُّورِ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ. ورواهُ رَوْحُ بنُ عُبادَةَ، عن شُعبةَ. وقال: عن عبدِ الله بنِ أبي بكرٍ، ولا يَصِحُّ.

3267 -

حدَّثنا حُمَيدُ بنُ مَسْعَدَةَ، قال: حدَّثنا بِشْرُ بنُ المُفضَّلِ، قال: حدَّثنا الجُرَيرِيُّ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي بَكْرَةَ

عن أبيهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ألا أُحَدَّثُكُم بأكْبَرِ الكبائِرِ؟ " قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ، قال:"الإشراكُ باللهِ، وعقوقُ الوالِدَينِ" قال: وجَلَسَ وكان مُتَّكِئًا قال: "وشَهادَةُ الزُّورِ، أو قولُ الزُّورِ"، قال: فما زالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُها حتَّى قلنا لَيْتَهُ سَكَتَ

(3)

.

(1)

قلنا: بل ذكره أيضًا سعيد بن أبي عروبة وشعبة وهشام الدستوائي ثلاثتهم عن قتادة، انظر "المسند"(11797).

(2)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (1248).

(3)

إسناده صحيح، وبشر بن المفضل سمع من الجريري قبل الاختلاط، وقد سلف عند المصنف برقم (2011) و (2452).

ص: 265

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

3268 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا يونُسُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا الليثُ بنُ سَعْدٍ، عن هشامِ بنِ سَعْدٍ، عن محمدِ بنِ زَيدِ بنِ مُهاجِرِ بنِ قُنْفُذ التَّيْمِيَّ، عن أبي أُمامةَ الأنصَارِيَّ

عن عبدِ اللهِ بنِ أُنَيسٍ الجُهَنيَّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من أكْبَرِ الكبائِرِ الشَّرْكَ باللهِ، وعُقوقَ الوالِدَينِ، واليمينَ الغموسَ، وما حَلَفَ حالِفٌ باللهِ يَمِينَ صَبْرٍ، فأدخَلَ فيها مِثْلَ جناحِ بَعوضَةٍ إلّا جُعِلَتْ نُكْتةً في قَلبِه إلى يومِ القيامةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

وأبو أُمامةَ الأنصاريُّ هو: بنُ ثَعْلَبَةَ، ولا نعرِفُ اسمَه، وقد رَوَى عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أحاديثَ.

3269 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن فراسٍ، عن الشَّعبِيَّ

عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "الكبائِرُ: الإشراكُ

(1)

حديث صحيح دون قوله: "وما حلف حالف بالله يمين

" وهذا إسناد حسن، كما قال الحافظ في "الفتح" 10/ 411.

وهو في "المسند"(16043)، و"صحيح ابن حبان"(5563).

ويشهد لشطره الأول حديث ابن عمرو الآتي بعده.

قوله: "يمين صبر"، قال السندي في حاشيته على "المسند": يصبر لأجله، وهو ما يكون في محل القضاء عند الحاكم.

ص: 266

باللهِ، وعُقوقُ الوالِدَينِ، أو قال: اليمينُ الغَموسُ" شَكَّ شُعبةُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3270 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابن أبي نَجِيحٍ، عن مُجاهِدٍ

عن أمَّ سَلَمةَ أنّها قالتْ: يَغْزو الرَّجالُ ولا تَغْزُو النَّساءُ، وإنَّما لنا نِصْفُ المِيراثِ. فأنْزَلَ الله تبارك وتعالى:{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32]. قال مُجاهِدٌ: وأنْزَلَ فيها: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35] وكانت أُمُّ سَلمَةَ أوَّلَ ظَعِينَةٍ قَدِمتِ المدينةَ مُهاجِرةً

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (6675) و (6870) و (6920)، والنسائي 7/ 89 و 8/ 63. وهو في "مسند أحمد" (6884)، و"صحيح ابن حبان" (5562).

(2)

رجاله ثقات، إلا أن المصنف جزم بإرساله ظنًا منه أن مجاهدًا لم يدرك أم سلمة، وتعقبه الشيخ شاكر رحمه الله في تعليقه على "تفسير الطبري"(9241)، فقال: أما حكم الترمذي في روايته من طريق ابن عيينة أنه حديث مرسل، فإنه جزم بلا دليل، ومجاهد أدرك أم سلمة يقينًا وعاصرها، فإنه ولد سنة 21، وأم سلمة ماتت بعد سنة 60 على اليقين. والمعاصرة من الراوي الثقة تحمل على الاتصال، إلا أن يكون الراري مدلسًا، ولم يزعم أحد أن مجاهدًا مدلس، إلا كلمة قالها القطب الحلبي في "شرح البخاري"، حكاها عنه الحافظ في "التهذيب"، ثم عقب عليها بقوله: ولم أر من نسبه إلى التدليس. وقال الحافظ أيضًا في "الفتح" 6/ 270 ردًا على من زعم أن مجاهدًا لم يسمع من عبد الله بن عمرو: لكن سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو ثابت، وليس بمدلس. =

ص: 267

هذا حديثٌ مُرْسَلٌ. ورواهُ بعضُهُم عن ابنِ أبي نَجيحٍ عن مجَاهِدٍ مُرسلًا أنَّ أُمَّ سَلمَةَ قالت: كذا وكذا.

3271 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عمرِو بنِ دِينارٍ، عن رجلٍ من ولَدِ أُمَّ سَلمَةَ

عن أُمَّ سَلمَةَ قالت: يا رسولَ اللهِ لا أسمَعُ اللهَ ذَكَرَ النَّساءَ في الهِجرَةِ. فأَنزلَ اللهُ تبارك وتعالى: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}

(1)

[آل عمران: 195].

3272 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو الأحوَصِ، عن الأعمَشِ، عن إبراهيمَ، عن عَلْقَمةَ، قال:

قال عبدُ اللهِ: أمَرَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن أقرأ عليه وهو على

= فثبت عندنا اتصال الحديث وصحته، والحمد لله.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 156، وسعيد بن منصور في "تفسيره"(624)، والطبري في "تفسيره" 5/ 46 و 47، وأبو يعلى (6959)، والطبراني في "الكبير" 23/ (609)، والحاكم 2/ 305 - 306، والبيهقي 9/ 21. وهو في "مسند أحمد" (26736).

(1)

إسناده حسن، والرجل المبهم الراوي عن أم سلمة جاء مسمّى عند غير المصنف، واسمه سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة، ونسبه بعضهم إلى جده فقال: سلمة بن عمر بن أبي سلمة. وسلمة هذا روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يؤثر فيه جرح عن أحد، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 144)، والحميدي (301)، وسعيد بن منصور (552)، وأبو يعلى (6958)، والطبري 4/ 215، والطبراني في "الكبير" 23/ (651).

ص: 268

المِنبَرِ، فقَرَأتُ عليهِ من سورةِ النَّساءِ حتَّى إذا بَلغْتُ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] غَمَزَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِه، فنظَرْتُ إليهِ وعَيناهُ تَدْمَعانِ

(1)

.

هكذا رَوَى أبو الأحوَصِ، عن الأعمَشِ، عن إبراهيمَ، عن عَلقَمَةَ، عن عبدِ اللهِ، وإنّما هو إبراهيمُ، عن عَبِيدَةَ، عن عبدِ اللهِ.

3273 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا مُعاويةُ بنُ هشامٍ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن إبراهِيمَ، عن عَبِيدةَ

عن عبدِ اللهِ قال: قال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اقرأْ عليَّ"، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ أقرَأُ عليكَ وعليكَ أُنْزِلَ؟ قال: "إنَّي أُحِبُّ أن أسمَعَه من غَيرِي" فقَرَأْتُ سورةَ النَّساءِ حتَّى بَلَغْتُ {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قال: فرَأيْتُ عَيْنَي النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَهمُلانِ

(2)

.

هذا أصحُّ من حديثِ أبي الأحوَصِ.

3274 -

حدَّثنا سُوَيْدُ بن نصر، قال: أخبرنا ابنُ المُباركِ، عن سفيانَ، عن الأعمَشِ نحوَ حديثِ مُعاوِيَةَ بنِ هشامٍ.

3275 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرحمنِ بنُ سَعْدٍ، عن أبي جعفرٍ الرَّازِيَّ، عن عطاءِ بنِ السَّائِبِ، عن أبي عبد الرحمنِ السُّلَمِيَّ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4582)، ومسلم (800)، وأبو داود (3668)، والنسائي في "الكبرى"(8075 - 8079) و (11105). وهو في "مسند أحمد"(3549) و (3550) و (3606)، و"صحيح ابن حبان"(735) و (7065).

(2)

إسناده صحيح وانظر ما قبله.

ص: 269

عن عليَّ بنِ أبي طالبٍ، قال: صَنَعَ لنا عبدُ الرحمن بنُ عَوْفٍ طعامًا فدَعانا، وسَقانا من الخَمْرِ، فأخَذَتِ الخَمْرُ مِنَّا، وحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَقَدَّمُونِي فقَرَأتُ: قل يا أيُّها الكافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ونحنُ نَعْبُدُ ما تَعْبُدونَ. قال: فأَنْزَلَ اللهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}

(1)

[النساء: 43].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.

3276 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، قال: حدَّثنا اللَّيثُ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُروَةَ بنِ الزُّبَيرِ، أنَّه حَدَّثَه

أنَّ عبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيرِ حَدَّثَه، أنَّ رجلًا من الأنصارِ خاصمَ الزُّبَيرَ في شِرَاجِ الحَرَّةِ التي يَسْقُونَ بها النَّخْلَ. فقال الأنصاريُّ سَرَّحِ الماءَ يَمُرُّ، فأبى عليه، فاختَصَموا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيرِ:"اسْقِ يا زُبَيرُ وأرسِلِ الماءَ إلى جارِكَ". فغَضِبَ الأنصاريُّ وقال: يا رسولَ اللهِ: أن كان ابنَ عَمَّتِكَ؟ فتَغَيَّرَ وجهُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال:"يا زُبَيرُ اسقِ واحْبِسِ الماءَ حتَّى يَرْجِعَ إلى الجَدْرِ". فقال الزُّبَيرُ: واللهِ إنَّي لأَحْسبُ هذهِ الآيةَ نزَلَتَ

(1)

حديث حسن، أبو جعفر الرازي وإن كان ضعيفًا، تابعه سفيان الثوري عند أبي داود والنسائي والحاكم، ورواية سفيان عن عطاء قبل الاختلاط.

وأخرجه أبو داود (3671)، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 7/ 402، والطبري في "تفسيره" 5/ 95، والحاكم 2/ 307.

ص: 270

في ذلك {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ}

(1)

[النساء: 65].

سمعتُ محمدًا يقولُ: قد رَوَى ابنُ وَهْبٍ هذا الحديثَ عن اللَّيثِ بن سَعدٍ ويونُسَ، عن الزُّهرِيَّ، عن عُروَةَ، عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ نحوَ هذا الحديثِ.

ورَوَى شُعَيبُ بنُ أبي حمزةَ عن الزُهريَّ، عن عُروَةَ بن الزُّبَيرِ، ولم يَذْكُرْ عن عبدِ اللهِ بن الزُّبَيرِ.

3277 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بَشّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعْبَةُ، عن عَدِيَّ بنِ ثابِتٍ، قال: سَمِعتُ عبدَ اللهِ بنَ يزيدَ يُحَدَّثُ

عن زَيدِ بن ثابتٍ قال في هذه الآية {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] قال: رَجَعَ ناسٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ، فكانَ النَّاسُ فيهم فِرْقَتَينِ: فريقٌ منهم يقولُ: اقتُلْهُم، وفريقٌ يقولُ: لا، فنزَلت هذه الآيةُ:{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} فقال: "إنَّها طَيْبةُ" وقال: "إنَّها تَنْفِي الخَبَثَ، كما تنْفي النَّارُ خَبَثَ الحديدِ"

(2)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ حسنٌ.

وعبدُ اللهِ بنُ يزيدَ هو: الأنصاريُّ الخَطْمِيُّ، ولهُ صُحبَةٌ.

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (1414).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1884)، ومسلم (1384) و (2776)، والنسائي في "الكبرى"(11113). وهو في "مسند أحمد"(21599).

ص: 271

3278 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ الزَّعفَرانِيُّ، قال: حدَّثنا شَبابةُ، قال: حدَّثنا وَرْقَاءُ بنُ عمرَ، عن عمرِو بن دينارٍ

عن ابنِ عبّاسٍ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"يَجِيءُ المَقْتولُ بالقاتِلِ يومَ القيامةِ ناصِيتُه ورَأسُه بِيَدِه وأوداجُه تَشْخَبُ دَمًا، يقولُ: يا رَبَّ قَتَلَني هذا، حتَّى يُدْنِيَه من العَرْشِ". قال: فذَكَرُوا لابنِ عبَّاسٍ التَّوبَةَ، فتلا هذهِ الآيةَ:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] قال: ما نُسِخَتْ هذهِ الآيةُ، ولا بُدَّلَتْ، وأنَّى له التَّوبةُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ. وقد رَوَى بَعضُهُم هذا الحديثَ، عن عمرِو بن دِينارٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ نحوَه ولم يَرفَعْهُ.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه ابن ماجه (2621)، والنسائي 7/ 85 و 87 و 8/ 63. وهو في "مسند أحمد" (1941) و (2142).

وأخرج قول ابن عباس في الآية دون المرفوع البخاري (4590)، ومسلم (3023)، وأبو داود (4275)، والنسائي 7/ 85 و 86 و 8/ 62.

قوله: "وأنى له التوبة" أي: لا تقبل توبته، قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 18/ 159: هذا هو المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما، وروي عنه أن له توبة، وجواز المغفرة له، لقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]، وهذه الرواية الثانية هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم، وما روي عن بعض السلف مما يخالف هذا محمول على التغليظ والتحذير من القتل والتورية في المنع منه، وليس في هذه الآية التي احتج بها ابن عباس تصريح بأنه يُخلَّد، وإنما فيها أنه جزاؤه، ولا يلزم فيه أن يُجازى.

ص: 272

3279 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ العَزِيزِ بنُ أبي رِزْمَةَ، عن إسرَائيلَ، عن سِماكِ بن حَرب، عن عِكرِمَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: مَرَّ رجلٌ من بَنِي سُلَيمٍ على نَفَرٍ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَنَمٌ له، فسَلّمَ عليهم، قالوا: ما سَلّمَ عليكُم إلا لِيتَعَوَّذَ مِنكُم، فقاموا فقَتَلوهُ، وأخَذُوا غَنَمَه، فأتَوا بِهَا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأنزَلَ اللهُ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}

(1)

[النساء: 94].

هذا حديثٌ حسنٌ.

وفي البابِ عن أُسامةَ بنِ زيدٍ

(2)

3280 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ

عن البراءِ بنِ عازِبٍ قال: لما نَزَلَتْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات، وأخرجه أحمد (2023)، وابن أبي شيبة 10/ 125 و 12/ 377، وابن حبان (4752)، والطبري (10217)، والحاكم 2/ 533 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4591)، ومسلم (3025)، وأبو داود (3974)، والنسائي في "الكبرى"(8590) و (11116) من طرق عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس.

(2)

أخرجه أحمد (21745) و (21802)، والبخاري (4269)، ومسلم (96)، وأبو داود (2643).

ص: 273

الْمُؤْمِنِينَ} الآية [النساء: 95] جاءَ عمرُو بنُ أُمَّ مكتُوم إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وكانَ ضَرِيرَ البصرِ - فقال: يا رسولَ اللهِ ما تأمُرُنِي؟ إنّي ضرِيرُ البَصَرِ؟ فأنزَلَ الله هذهِ الآيةَ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} الآية [النساء: 95]. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ائْتُونِي بالكتِفِ والدَّواةِ، أو اللّوحِ والدَّواةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ويقالُ: عمرُو بنُ أُمَّ مكتُومٍ، ويقالُ: عبدُ اللهِ بن أُمَّ مكتومٍ، وهو: عبدُ اللهِ بن زائِدةَ، وأُمُّ مكتومٍ أمُّهُ.

3281 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ الزَّعفَرَانِيُّ، قال: حدَّثنا الحجَّاجُ بنُ محمدٍ، عن ابن جُرَيجٍ، قال: أخبرني عبدُ الكَرِيمِ، سَمِعَ مِقْسَمًا مولى عبدِ اللهِ بنِ الحارِثِ يُحَدَّثُ

عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّهُ قال:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] عن بَدْرٍ، والخارجونَ إلى بَدْرٍ لمَّا نَزَلتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ قال عبدُ اللهِ بنُ جَحْشٍ وابنُ أُمَّ مكتُومٍ: إنَّا أعْمَيانِ يا رسولَ اللهِ، فهل لنا رُخْصَةٌ؟ فنَزَلَتْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} وفَضَّلَ اللهُ المُجاهِدِينَ على القاعِدِينَ دَرَجةً، فهؤلاءِ القاعدُونَ غيرُ أولِي الضَّرَرِ {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 95] دَرَجاتٍ منه على القاعِدِينَ من

(1)

إسناده صحيح، وسلف عند المصنف برقم (1765).

ص: 274

المُؤمِنينَ غيرَ أُولِي الضَّرَرِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ.

ومِقْسَمٌ يقالُ: مولى عبدِ اللهِ بنِ الحارِثِ، ويقالُ: مولى عبد الله بنِ عبَّاسٍ، ومقسم يكنى أبا القاسمِ.

3282 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ بن سَعْدٍ، عن أبيهِ، عن صالحِ بنِ كَيْسانَ، عن ابنِ شهابٍ، قال:

حدَّثني سَهْلُ بنُ سَعْدٍ قال: رأيتُ مروانَ بنَ الحَكَمِ جالِسًا في المسجدِ، فأقْبَلتُ حتّى جَلَسْتُ إلى جَنبِه، فأخبَرَنا أنَّ زيدَ بن ثابِتٍ أخبَرَه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمْلَى عليه: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ

وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] قال: فجاءَه ابنُ أمَّ مكتومٍ وهو يُمِلُّها عليَّ، فقال: يا رسولَ اللهِ، واللهِ لو أستَطِيعُ الجِهادَ لَجاهَدْتُ، وكان رجلًا أعمَى. فأنزلَ اللهُ على رسول صلى الله عليه وسلم، وفَخِذُه على فَخِذِي، فَثَقُلَتْ حَتَّى هَمَّتْ تَرُضُّ فَخِذِي، ثمَّ سُرَّيَ عنه، فأنزلَ اللهُ عليهِ:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}

(2)

[النساء: 95].

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3954)، والنسائي في "الكبرى"(11117). وهو في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (9492).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2832)، ومسلم (1898)(141)، وأبو داود (2507) و (3975)، والنسائي 6/ 9. وهو في "مسند أحمد" (21601)، و"صحيح ابن حبان" (4713).

ص: 275

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

هكذا رَوَى غيرُ واحدٍ عن الزُّهرِيَّ، عن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ نحوَ هذا. ورَوَى مَعْمَرٌ، عن الزُّهرِيَّ هذا الحديثَ، عن قَبِيصَةَ بنِ ذُؤَيبٍ، عن زَيدِ بنِ ثابتٍ.

وفي هذا الحديثِ رِوَايةُ رجلٍ من أصحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن رجلٍ من التَّابِعينَ. روى سَهْلُ بنُ سَعْدٍ الأنصارِيُّ، عن مروانَ بنِ الحكمِ، ومروانُ لم يَسْمَع من النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو منَ التَّابِعِينَ.

3283 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا ابنُ جُرَيْجٍ، قال: سَمِعْتُ عبدَ الرحمنِ بنَ عبدِ اللهِ بنِ أبي عَمَّارٍ يُحَدَّثُ، عن عبدِ اللهِ بن باباهُ

عن يَعْلَى بنِ أمَيَّةَ، قال: قلتُ لِعُمَرَ: إنّما قال اللهُ: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] وقد أمِنَ النّاسُ، فقال عمرُ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ منه، فذَكَرْتُ ذلكَ لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:"صَدقةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِها عليكُم، فاقْبلوا صَدَقَتَه"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3284 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا عبدُ الصَّمَدِ بن عبدِ الوارِثِ، قال: حدَّثنا سعِيدُ بنُ عُبَيدٍ الهُنائِيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ شقِيقٍ، قال:

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (686)، وأبو داود (1199) و (1200)، وابن ماجه (1065)، والنسائي 3/ 116. وهو في "مسند أحمد" (174)، و"صحيح ابن حبان" (2739).

ص: 276

حدَّثنا أبو هُريرَةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ بينَ ضَجْنانَ وعُسْفَانَ، فقال المُشْرِكُونَ: إنَّ لِهؤلاءِ صلاةً هي أحَبُّ إليهِم من آبائِهِم وأبنائِهِم، وهيَ العصرُ، فأَجْمِعوا أمْرَكُم، فمِيلُوا عليهم مَيْلَةً واحدةً، وأنَّ جِبْرِيلَ أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَه أن يَقْسِمَ أصحابَه شَطْرَينِ فيُصَلَّيَ بهم، وتقُومُ طائِفَةٌ أخْرَى وراءَهُم، وليأخُذُوا حِذْرَهُم وأسْلِحَتَهُم، ثُمَّ يأتِي الآخَرُونَ، ويُصَلُّونَ معهُ رَكْعةً واحِدَةً، ثُمَّ يأخُذُ هؤلاءِ حِذْرَهُم وأسلِحَتَهُم، فَتكُونُ لهم رَكْعةٌ رَكْعةٌ، ولِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتانِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديث عبدِ اللهِ بنِ شَقِيقٍ، عن أبي هُرَيرةَ.

وفي البابِ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، وزَيدِ بنِ ثابتٍ، وابنِ عبَّاسٍ، وجابِرٍ، وأبي عيَّاشٍ الزُّرَقِيَّ، وابنِ عمرَ، وحُذَيفَةَ، وأبي بكْرَةَ، وسَهْلِ بنِ أبي حَثْمَةَ.

وأبو عيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ اسمُه: زَيدُ بنُ الصامِتِ.

(1)

إسناده جيد، سعيد بن عبيد الهُنائي لا بأس به، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه النسائي 3/ 174. وهو في "مسند أحمد" (10765)، و"صحيح ابن حبان" (2872).

وضَجْنان: جبل على الطريق من مكة إلى المدينة، يبعد عن مكة خمسًا وثلاثين ميلًا تقريبًا.

وعُسفان: موضع يبعد عن مكة خمسين ميلًا تقريبًا.

ص: 277

3285 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ أحمدَ بنِ أبي شُعَيبٍ أبو مُسْلِمٍ الحَرَّانِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ سَلمَةَ الحَرَّانِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن عاصمِ بنِ عمرَ بنِ قَتادَةَ، عن أبيهِ

عن جَدَّهِ قَتادَةَ بنِ النُّعْمَانِ، قال: كان أهلُ بَيْتٍ مِنَّا يُقالُ لهم: بَنُو أُبيْرِقٍ: بِشْرٌ وبُشَيْرٌ ومُبَشَّرٌ، وكان بُشَيرٌ رجُلًا مُنافِقًا يقولُ الشِّعْرَ يَهْجُو بهِ أصحابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَنْحَلُه بعضَ العَرَبِ، ثُمَّ يقولُ: قال فُلانٌ كذا وكذَا، قال فلان كذا وكذا، فإذا سَمِعَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذلكَ الشَّعْرَ، قالوا: واللهِ ما يَقُولُ هذا الشَّعْرَ إلا هذا الخَبِيثُ، أو كما قال الرَّجُلُ، وقالوا: ابنُ الأُبَيْرِقِ قالها. قال: وكانوا أهلَ بيتِ حاجَةٍ وفاقَةٍ في الجاهِليَّةِ والإسلامِ، وكان النَّاسُ إنَّما طعامُهُم بالمدينةِ التَّمْرُ والشَّعِيرُ، وكان الرَّجلُ إذا كان له يَسَارٌ، فقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ من الشَّامِ من الدَّرْمَكِ، ابْتاعَ الرَّجُلُ منها، فَخَصَّ بها نَفْسَه، وأمَّا العِيالُ، فإنَّما طَعامُهُم التَّمْرُ والشَّعِيرُ، فقَدِمَتْ ضَافِطةٌ من الشَّامِ، فابْتَاعَ عَمِّي رِفاعَةُ بنُ زَيدٍ حِمْلًا منَ الدَّرْمَكِ، فجَعَلَه في مَشْرُبةٍ لهُ، وفي المَشْرُبَةِ سِلاحٌ: درْعٌ

(1)

وسَيْفٌ، فَعُدِيَ عليهِ من تَحْتِ البيتِ، فنُقِبَتِ المَشْرُبَةُ، وأُخِذَ الطَّعامُ والسَّلاحُ، فلَمَّا أصْبَحَ، أتانِي عَمَّي رفاعَةُ، فقال: يا ابنَ أخي إنَّهُ قد عُدِيَ علينا في لَيْلَتِنا هذهِ، فنُقِبَتْ مَشْرُبَتُنا، وذُهِبَ بطعامِنا وسِلاحِنا. قال: فتَحَسَّسنا في الدَّارِ وسَأَلنا، فقيلَ لنا: قد رَأَيْنا بني

(1)

في (أ) و (د) و (ل): ودرع، والمثبت من (ظ) و (س).

ص: 278

أُبَيْرِقٍ اسْتَوقَدُوا في هذهِ الليلَةِ، ولا نُرى فِيما نُرى إلا على بعضِ طَعامِكُم.

قال: وكانَ بنو أُبَيْرِقٍ قالوا: ونحنُ نَسأَلُ في الدَّارِ، واللهِ ما نُرَى صاحِبَكُم إلَّا لَبِيدَ بنَ سَهْلٍ، رجلًا مِنَّا له صلاحٌ وإسلامٌ، فلمَّا سَمِعَ لَبِيدٌ، اخْتَرَطَ سَيفَه، وقال: أنا أسرقُ؟ فواللهِ ليخالِطنَّكُمْ هذا السَّيفُ، أو لتُبَيَّنُنَّ هذهِ السَّرِقَةَ، قالوا: إليكَ عنا أيُّها الرَّجُلُ، فما أنتَ بِصاحِبِها، فسَألنا في الدَّارِ حتَّى لم نَشُكَّ أنَّهُم أصحابُها، فقال لي عَمَّي: يا ابنَ أخِي لو أتَيْتَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فذكَرْتَ ذلكَ له، قال قَتادَةُ: فأتَيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إنَّ أهْلَ بيتٍ مِنّا أهلُ جَفَاءٍ، عَمَدُوا إلى عَمَّي رِفاعَةَ بنِ زَيدٍ فَنَقَبُوا مَشْرُبةً له، وأخَذُوا سِلاحَه وطعامه، فليَرُدُّوا علينا سِلاحَنا، فأمَّا الطَّعامُ فلا حاجةَ لنا فيهِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"سآمُرُ في ذلكَ"، فلمَّا سَمِعَ بَنُو أُبَيْرِقٍ، أتَوا رجلًا منهم يقالُ له: أُسَيرُ بنُ عُرْوَةَ، فكَلّمُوهُ في ذلك.

فاجتَمَعَ في ذلكَ أناسٌ من أهلِ الدَّارِ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ إنَّ قَتادَةَ بنَ النُّعمَانِ وعَمَّهُ عَمَدا إلى أهلِ بيتٍ مِنَّا أهلِ إسلامٍ وصلاحٍ، يَرْمُونَهُم بالسَّرِقَةِ من غيرِ بَيِّنةٍ ولا ثَبَتٍ، قال قَتادَةُ: فأَتَيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فكَلّمْتُه، فقال:"عَمَدْتَ إلى أهلِ بيتٍ ذُكِرَ مِنهم إسلامٌ وصلاحٌ، تَرْمِيهِم بالسَّرِقَةِ على غيرِ ثَبَتٍ وبَيَّنةٍ"، قال: فرَجَعْتُ، ولَوَدِدْتُ أنَّي خَرَجْتُ من بعضِ مالِي ولَم أُكَلَّمْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأتانِي عَمَّي رِفاعَةُ فقال: يا ابنَ أخِي ما صَنَعْتَ؟

ص: 279

فأَخْبَرتُه بما قال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهُ المُسْتَعانُ، فلم نَلبث أن نَزَلَ القُرآنُ {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] بَنِي أُبَيْرِقٍ {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} [النساء: 106] أي مِمَّا قلتَ لِقَتادَةَ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} إلى قوله {رَحِيمًا} [النساء: 106 - 110] أي: لو اسْتَغْفَرُوا اللهَ لغَفَرَ لهم {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ} إلى قوله {وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 111 - 112] قوله لِلَبيدٍ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} إلى قوله: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 113 - 114] فلَمَّا نَزَلَ القُرآنُ أتى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالسَّلاحِ، فَرَدَّه إلى رِفاعَةَ، فقال قتادةُ: لَمَّا أتَيْتُ عَمَّي بالسَّلاحِ، وكان شَيخًا قد عَشَا أو عَسَا - الشك من أبي عيسى - في الجاهِليةِ، وكنتُ أرى إسلامَه مَدْخُولا، فلَمَّا أتَيْتُه بالسَّلاحِ، قال: يا ابنَ أخِي، هي في سَبِيلِ اللهِ، فعَرَفْتُ أنَّ إسلامَه كان صحيحًا، فلَمَّا نَزَلَ القُرآنُ لَحِقَ بُشَيرٌ بالمُشْرِكِينَ، فنزَلَ على سُلافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بنِ شُهَيد

(1)

فأنْزَلَ

(1)

في (أ) و (د) و (ل): سُمية، بدل شهيد، وفي هامش (ظ): الصواب: سهيل، والمثبت من (س) وهامش (د) ونسخة بهامش (ل)، وهو الصواب.

وسُلافة بنت سعد بن شُهيد معروفة غير منكورة، فهي زوج طلحة بن أبي طلحة، وهي أم مسافع والجلاس وكلاب بني طلحة بن أبي طلحة، وقد قُتِلوا يوم أحد هم وأبوهم، قَتَل مسافعًا والجلاس عاصمُ بن ثابت بن أبي الأقلح، حَمِيُّ =

ص: 280

اللهُ {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 115، 116] فلمَّا نَزَلَ على سُلافَةَ، رَماها حسَّانُ بنُ ثابتٍ بأبياتٍ من شِعْرٍ، فأخَذَتْ رَحْلَه فَوَضَعَتْه على رَأسِها، ثمَّ خَرَجَتْ بهِ فَرَمَتْ بهِ في الأبْطحِ، ثمَّ قالت: أهْدَيْتَ لي شِعْرَ حَسَّانَ؟ ما كنتَ تأتِيني بِخَيْرٍ

(1)

.

= الدَّبَر (النحل)، فنذرت سلافة: لئن قدرتْ على رأس عاصم، لتشربن في قحفه الخمرَ، فمنعته الدَّبَرُ حين أرادت هُذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة. "سيرة ابن هشام 3/ 66 و 79 و 180، وقد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم بعد قتح مكة كما في "أسد الغابة" 7/ 145.

(1)

إسناده ضعيف، عمر بن قتادة مجهول، لم يوثقه غير ابن حبان، ومحمد بن إسحاق لم يصرح بالتحديث، وأعله المصنف بالإرسال.

وأخرجه الطبري 5/ 265، والطبراني في "الكبير" 19/ (15)، والحاكم 4/ 385، والمزي في "تهذيب الكمال" 21/ 483 - 484.

قوله: "ضافطة"، قال ابن الأثير في "النهاية": الضافط والضَّفَّاط: الذي يجلب المِيرَة والمتاع إلى المدن، والمُكارِي: الذي يُكْرِي الأحمال، وكانوا يومئذٍ قومًا من الأنباط يحملون إلى المدينة الدقيق والزيت وغيرها.

و"الدَّرْمَك": قال هو الدَّقيق الحوَّارى، ويقال له الدَّرْمكة، وكأنها واحدته في المعنى.

و"المَشْرُبة"، بالضم والفتح: الغُرْفة.

"عشا أو عسا"، قال: بالسين المهملة، أي: كَبِرَ وأسنَّ، من عَسَا القَضِيبُ إذا يَبِس، وبالمعجمة، أي: قلَّ بصرُه وضَعُف.

ص: 281

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْلَمُ أحدًا أسْنَدَه غيرَ محمدِ بنِ سَلمَةَ الحَرَّانِيَّ.

ورَوَى يُونُسُ بنُ بُكَيْرٍ وغيرُ واحِدٍ هذا الحديثَ عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن عاصمِ بنِ عمرَ بنِ قَتادَةَ مُرسلًا، لم يَذكُرُوا فيه: عن أبيهِ، عن جَدَّهِ.

وقتادةُ بن النُّعْمانِ هو: أخو أبي سعيدٍ الخُدْرِيَّ لأمَّه، وأبو سعيدٍ اسمه: سَعْدُ بنُ مالِكِ بنِ سِنانِ.

3286 -

حدَّثنا خَلّادُ بنُ أسْلَمَ البغدادي، قال: حدَّثنا النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، عن إسرائيلَ، عن ثُوَيْرٍ وهو ابنُ أبي فاخِتَةَ، عن أبيهِ

عن عليَّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال: ما في القُرآنِ آيَةٌ أحَبُّ إليَّ من هذه الآيَةِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

(1)

[النساء: 116].

وهذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

وأبو فاخِتَةَ اسمُه: سعيدُ بن عِلاقَةَ، وثُوَيْرٌ يُكْنى أبا جَهْمٍ، وهو رجلٌ كُوفِيٌّ، وقد سَمِعَ من ابنِ عمرَ وابن الزُّبَير، وابنُ مَهْديًّ كان يَغْمِزُهُ قليلًا.

3287 -

حدَّثنا ابن أبي عمرَ وعبدُ الله بن أبي زيادٍ المَعْنى واحِدٌ، قالا:

(1)

إسناده ضعيف لضعف ثوير بن أبي فاختة.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 558، ونسبه للفريابي.

ص: 282

حدَّثَنا سفيانُ بن عُيَيْنَة، عن ابنِ مُحَيصِنٍ، عن محمدِ بن قَيسِ بن مَخْرَمَةَ

عن أبي هُرَيرَةَ، قال: لمَّا نزلت: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]. شَقَّ ذلكَ على المسلمينَ، فشَكَوْا ذلكَ إلى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"قارِبُوا وسَدَّدُوا، وفي كُلَّ ما يُصيبُ المُؤمِنَ كَفَّارَةٌ حتَّى الشَّوْكَةِ يُشاكُها أو النَّكْبَةِ يُنْكَبُها"

(1)

.

هذا حديثٌ حسن غريب.

وابنُ مُحَيْصِنٍ اسمه: عمرُ بن عبد الرحمنِ بن مُحَيْصِنٍ.

3288 -

حدَّثنا يحيى بن موسى وعبدُ بن حُمَيدٍ، قالا: حدَّثنا رَوْحُ بن عُبادَةَ، عن موسى بن عُبَيدَةَ، قال: أخبرَني مولى ابن سِباعٍ، قال: سَمِعتُ عبدَ الله بن عمرَ يُحَدَّثُ

عن أبي بكرٍ الصَّديقِ، قال: كنتُ عِندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأنْزِلَت عليهِ هذه الآيَةُ:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 123] فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكرٍ ألا أُقْرِئكَ آيةً أُنْزِلَتْ عليَّ"؟ قلتُ: بلى يا رسولَ الله، قال: فأقْرَأنِيها، فلا أعْلَمُ إلَّا أنَّي وَجَدْتُ في ظهري انقصامًا، فتَمَطأتُ لها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ما شأنُكَ يا أبا بكرٍ"؟ قلت: يا رسولَ الله بأبي أنت وأمَّي، وأيُّنا لم يَعْمَلْ سوءًا، وإنا لَمَجْزِيُّون بما

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2574)، والنسائي في "الكبرى"(11122). وهو في "مسند أحمد"(3786).

وقوله: حتى النكبة ينكبها: هي مثل العثرة يعثرها برجله، وربما جرحت إصبعه، وأصل النكب: الكب والقلب.

ص: 283

عَمِلنا؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أمَّا أنتَ يا أبا بكْرٍ والمؤمنون فتُجزَوْنَ بذلك في الدُّنيا حتَّى تَلْقَوا الله وليسَ لكُمْ ذُنوبٌ، وأمَّا الآخرونَ فيُجْمَعُ ذلكَ لهم حتَّى يُجْزَوا بهِ يومَ القيامةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ، وفي إسنادِه مقالٌ، موسى بن عُبَيدَةَ يُضَعَّفُ في الحديثِ، ضَعَّفَهُ يحيى بن سعيدٍ وأحمدُ بن حَنْبَلٍ. ومولى ابن سِباع مجهولٌ. وقد رُوِيَ هذا الحديثُ من غيرِ هذا الوجهِ عن أبي بكرٍ وليسَ له إسنادٌ صحيحٌ أيضًا.

وفي البابِ عن عائشةَ.

3289 -

حدَّثنا محمدُ بن المُثَنّى، قال: حدَّثنا أبو داودَ الطيالسي، قال: حَدَّثنا سليمانُ بن مُعاذٍ، عن سماكٍ، عن عِكْرمَةَ

(1)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف موسى بن عُبيدة، ولجهالة مولى ابن سباع.

وأخرجه بطوله عبد بن حميد (7)، والبزار (20)، والمروزي في "مسند أبي بكر"(20)، وأبو يعلى (21) من طريق موسى بن عبيدة، بهذا الإسناد. وانظر "صحيح ابن حبان"(2910) و (2926).

وفي الباب عن أبي هريرة، انظر سابقه.

وعن عائشة، سلف أيضًا عند المصنف برقم (3234).

وانظر تتمة شواهده في "صحيح ابن حبان".

وقوله: انقصامًا، ويروى انفصامًا بالفاء، أي: انصداعًا، قاله في "النهاية".

وقوله فتمطأت لها، أي: تمددتُ لها، وهذا كناية عن المشقة التي لحقته عند سماعِه لهذه الآية، والخوف الذي بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ.

وانظر ما سلف عند المصنف برقم (987).

ص: 284

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: خَشيتْ سَوْدَةُ أنْ يُطَلَّقَها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تُطَلَّقْني وأمْسِكْني، وأجْعَلُ يَومي لعائِشَةَ، ففَعَلَ، فنَزَلَتْ:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}

(1)

[النساء: 128].

فما اصطَلَحا عليه من شيءٍ، فهوَ جائِزٌ، كأنَّه من قول ابن عباسٍ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ

(3)

.

3290 -

حَدَّثَنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حَدَّثَنا أبو نُعَيْمٍ، قالَ: حَدَّثَنا مَالِكُ ابن مِغْوَلٍ، عن أبي السَّفَرِ

عن البراءِ، قال: آخِرُ آيةٍ أُنزلَتْ، أو آخِرُ شيءٍ أُنزِلَ:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}

(4)

[النساء: 176].

(1)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف من أجل سماك - وهو ابن حرب -، فإن روايته عن عكرمة فيها اضطراب.

وأخرجه الطيالسي (2683)، والطبري 5/ 310، والطبراني في "الكبير"(11746)، والبيهقي 7/ 297 من طريق سماك عن عكرمة، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن عائشة، أخرجه البخاري (5212)، ومسلم (1463)، وابن ماجه (1972)، والنسائي في "الكبرى"(8934). وهو في "مسند أحمد"(24395)، و"صحيح ابن حبان"(4211).

(2)

قوله: "كأنه من قول ابن عباس" أثبتناه من (ل)، ولم يرد في سائر الأصول.

(3)

في (س): حسن صحيح غريب، والمثبت من سائر الأصول.

(4)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4364)، ومسلم (1618)، وأبو داود (2888)، والنسائي في "الكبرى"(6326) و (6327) و (11133) و (11136) =

ص: 285

هذا حديثٌ حسنٌ.

وأبو السَّفَر اسمُه: سعيدُ بن أحمدَ، ويقالُ: ابنُ يُحمِدَ الثَّوري.

3291 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرنا أحمدُ بن يُونُسَ، عن أبي بكرِ بن عيَّاشٍ، عن أبي إسحاقَ

عن البراءِ، قال: جاءَ رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رَسولَ الله {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]، فقال لهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"تُجْزِئُك آيةُ الصَّيفِ"

(1)

.

= و (11212). وهو في "مسند أحمد"(18638).

والكلالة: هو مَنْ لا ولد له ولا والد، وهو قول الجمهور، وبه قضى أبو بكر الصديق، ويدل على ذلك قوله:{وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} ولو كان معها أب لم ترث شيئًا، لأنه يحجبها بالإجماع، فدل على أنه من لا ولد له بنص القرآن، ولا والد بالنص عند التأمل أيضًا، لأن الأخت لا يفرض لها النصف مع الوالد، بل ليس لها ميراث بالكلية. أفاده ابن كثير في "تفسيره".

(1)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، سماع أبي بكر بن عياش من أبي إسحاق - وهو السبيعي - ليس بذاك القوي، فيما ذكر أبو حاتم.

وأخرجه أبو داود (2889). وهو في "مسند أحمد"(18589).

ويشهد له حديث عمر بن الخطاب عند مسلم (567) و (1617)، وابن ماجه (2726). وهو في "المسند"(18589)، وإسناده صحيح.

وقوله: آية الصيف، أي: الآية التي نزلت في الصيف، وهي قوله تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} إلى آخرها.

قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" 4/ 93 - 94: أنزل الله تعالى في الكلالة آيتين: إحداهما في الشتاء، وهي الآية التي في سورة النساء (12)، وفيها =

ص: 286

‌6 - ومن سورة المائدة

3292 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن مِسْعَرٍ، وغيرِه، عن قَيْسِ بن مُسْلمٍ، عن طارقِ بن شِهابٍ، قال:

قال رجلٌ من اليهودِ لعمرَ بن الخَطّابِ: يا أميرَ المؤمنينَ، لو علينا أُنْزِلَت هذه الآيةُ:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] لاتَّخَذْنا ذلكَ اليومَ عِيدًا، فقال له عمرُ بن الخَطّابِ: إنِّي لأعلَمُ أيَّ يومٍ أُنْزِلَتْ هذه الآيةُ، أنْزِلَت يومَ عَرَفَة في يومِ جُمُعَةٍ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3293 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: حدثنا حمَّادُ بن سَلَمَةَ، عن عمَّارِ بن أبي عمَّارٍ، قال:

قَرَأ ابنُ عبَّاسٍ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وعنده يهوديٌّ فقال: لَو أنْزِلَتْ هذه الآية علينا، لاتَّخَذْنا يومَها عيدًا، فقال ابن عبَّاسٍ: فإنَّها نَزَلَت في يومِ عيدَيْنِ: في يومِ جُمُعَةٍ، ويومِ عَرَفَةَ

(2)

.

= إجمال وإبهام لا يكاد يتبين هذا المعنى من ظاهرها ثم أنزل الآية الأخرى في الصيف وهي التي في آخر سورة النساء (176)، وفيها من زيادة البيان ما ليس في آية الشتاء، فأحال السائل عليها ليستبين المرادُ بالكلالة المذكورة فيها.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (45)، ومسلم (3017)، والنسائي 5/ 251 و 8/ 114. وهو في "المسند" (188)، و"صحيح ابن حبان" (185).

(2)

إسناده صحيح، وهو في "شرح مشكل الآثار"(2502)، وانظر تتمة =

ص: 287

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ.

3294 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبرنا محمدُ بن إسحاقَ، عن أبي الزَّنادِ، عن الأعرَجِ

عن أبي هُرَيرَةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَمينُ الرَّحمنِ مَلأْى سَحَّاءُ لا يَغِيضُها اللَّيْلُ والنَّهارُ، قال: أرَأيْتُم ما أنْفَقَ مُنذُ خَلَقَ السَّماواتِ والأرضَ

(1)

؟ فإنَّه لَم يَغِضْ ما في يَمينِه، وعَرْشُه على الماءِ، وبِيَدِه الأخرى المِيزانُ يَرفَعُ ويَخْفِضُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وهذا الحديث في تفسير هذه الآية: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64] وهذا الحديثُ قال الأئمَةُ

(3)

: نُؤمِنُ به كما جاءَ من غيرِ أنْ يُفَسَّرَ أو يُتَوَهَّمَ، هكذا قال غيرُ واحدٍ من الأئِمَةِ، منهم: سفيان الثَّوريُّ، ومالِكُ بن أنسٍ، وابنُ عُيَيْنَةَ، وابنُ المُبارَكِ، أنَّهُ

= تخريجه فيه.

(1)

قوله: "والأرض" أثبتناها من (س).

(2)

حديث صحيح، وهذا سند حسن. وأخرجه من طريق آخر أحمد (8140)، والبخاري (4684)، ومسلم (993).

وهو في "سنن ابن ماجه"(197) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

قوله: "سحاء" صفة لليد، من السحّ: وهو الصبُّ الدائم.

"لا يغيضها" لا ينقصها.

(3)

في (س): وهذا الحديث قد رواه الأئمة .. إلخ.

ص: 288

تُرْوَى هذه الأشياءُ ويؤمَن بِها، ولا يُقالُ: كيفَ.

3295 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا الحارِثُ بن عُبَيدٍ، عن سعيدٍ الجُريريَّ، عن عبد الله بن شَقيقٍ

عن عائشةَ، قالت: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحْرَسُ حتَّى نَزَلَتْ هذه الآية: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] فأخرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رأسَه من القُبَّةِ، فقال لهم:"يا أيُّها النَّاسُ انْصَرِفوا، فقد عَصَمَني اللهُ"

(1)

.

(1)

حديث حسن لغيره، وهذا سند ضعيف، الحارث بن عبيد الإيادي، قال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه ولا يحتج به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي فأخطأ، وحسنه الحافظ في "الفتح".

وأخرجه الطبري 6/ 308، والحاكم 2/ 313، والبيهقي 9/ 8.

والرواية المرسلة التي ساقها المصنف هي عند الطبري 6/ 307 - 308، وإسنادها صحيح.

وللحديث شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند الطبراني في "الصغير"(418)، وفي "الأوسط"(3534)، وفي سنده عطية العوفي وهو ضعيف.

وللطبري 6/ 307 عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرسوني إن ربي قد عصمني". وهذا سنده صحيح لكنه مرسل.

وللطبري أيضًا 6/ 308 عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلًا اختار له أصحابه شجرة ظليلة، فيقيل تحتها، فأتاه أعرابي، فاخترط سيفه ثم قال: من يمنعك مني؟ قال: الله"، فرعدت يد الأعرابي، وسقط السيف منه، قال: وضرب برأسه الشجرة، حتى انتثر دماغه، فأنزل الله {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ =

ص: 289

3296 -

حدَّثنا نَصْرُ بن عليًّ، قال: حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، بهذا الإسنادِ نحوَه

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ. ورَوَى بعضُهُم هذا الحديثَ عن الجُريرِيَّ، عن عبد الله بن شَقيقٍ، قال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحْرَسُ ولم يذكُروا فيه عن عائشةَ.

3297 -

حدَّثنا عبدُ الله بن عبد الرَّحمنِ، قال: أخبرنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبرنا شَريكٌ، عن عليَّ بن بَذيمَةَ، عن أبي عُبَيدةَ

عن عبد الله بن مسعودٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لمَّا وَقَعَتْ بنو إسرائيلَ في المَعاصي، فنَهَتْهُم عُلماؤُهُمْ، فلم يَنْتَهُوا، فجالَسوهُم في مَجالِسِهِم، وواكَلُوهُم وشاربُوهُم، فضَرَبَ اللهُ قلوبَ بعضِهِم ببعضٍ ولَعَنهم {عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [المائدة: 78]، قال: فجَلَسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكان مُتَّكِئًا فقال: "لا والذي نَفسي بِيَدِه حتَّى تأطِروهُم على الحقَّ

(2)

أطْرًا"

(3)

.

= النَّاسِ} ورجاله ثقات لكنه مرسل.

(1)

هذا الإسناد لم يرد في نسختي (أ) و (د)، وانظر ما قبله.

(2)

قوله: "على الحق" لم ترد في (أ) و (د).

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو عبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه، وشريك بن عبد الله - وهو النخعي - سيئ الحفظ.

وأخرجه أبو داود (4336) و (4337)، وابن ماجه (4006). وهو في "المسند"(3713).

ص: 290

قال عبدُ الله بن عبدِ الرحمنِ: قال يزيدُ: وكان سفيانُ الثَّوريُّ لا يقولُ فيه: عن عبدِ الله.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. وقد رُويَ هذا الحديثُ عن محمَّدِ بن مسلم بن أبي الوَضَّاح، عن عليَّ بن بَذيمَةَ، عن أبي عُبَيدَةَ، عن عبد الله بن مسعود عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحوَ هذا. وبعضُهُم يقولُ: عن أبي عُبَيدَةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مرسلٌ.

3298 -

حدَّثنا محمد بن بشار، قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ بن مَهْديًّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عليَّ بن بَذيمَةَ

عن أبي عُبَيدَةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بني إسرائيلَ لمَّا وَقَعَ فيهِمُ النَّقصُ كان الرَّجلُ فِيهم يَرَى أخاهُ يَقَعُ على الذَّنْبِ فيَنهاهُ عنه، فإذا كان الغدُ، لم يَمْنَعْهُ ما رأى منه أن يكون أكِيلَهُ وشَريبَهُ وخَليطَه، فضَرَبَ اللهُ قلوبَ بعضِهِم ببعضٍ، ونَزَلَ فيهمُ القرآنُ فقال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [المائدة: 78] فقرأ حتَّى بَلَغَ: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ} [المائدة: 81] قال: وكان نبيُّ الله متَّكِئًا فجَلَسَ، فقال: "لا، حتَّى تأخُذُوا على يدِ الظالِمِ، فتأطِروهُ على الحقَّ أطْرًا"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لإرساله، وأخرجه ابن ماجه (4006) من طريق أبي عبيدة مرسلًا.

ص: 291

3299 -

حدَّثنا محمد بن بشَّار، قال: حدَّثنا أبو داودَ الطيالِسيُّ وأمْلاهُ عليَّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن مُسلِمِ بن أبي الوَضَّاحِ، عن عليَّ بن بَذيمَةَ، عن أبي عُبَيدَةَ، عن عبد الله، عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بمثله

(1)

.

3300 -

حدَّثنا أبو حفص عمرو بن عليًّ، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عثمانُ بن سعد، قال: حدثنا عكرمة

عن ابن عباس، أن رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إنّي إذا أصبتُ اللحمَ انتشرتُ للنساء وأخذَتني شهوتي، فحرَّمتُ عليَّ اللحمَ، فأنزل الله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا}

(2)

[المائدة: 87، 88].

هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضُهم من حديث عثمانَ بن سعدٍ

(3)

مرسلًا، ليس فيه: عن ابن عباس، ورواه خالد الحَذَّاء عن عِكرمة مرسلًا.

3301 -

حدَّثنا عبدُ الله بن عبدِ الرَّحمنِ، قال: أخبرنا محمدُ بن يوسفَ، قال: أخبرنا إسرائيلُ، قال: حدَّثنا أبو إسحاقَ، عن عمرو بن شُرَحْبيلَ أبي مَيْسَرَةَ

(1)

إسناده ضعيف، وانظر (3297).

(2)

إسناده ضعيف لضعف عثمان بن سعد، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 11، والطبراني في "الكبير"(11981)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1817.

تنبيه: جاء هذا الحديث في المطبوع ونسخة (ل) بإثر الحديث (3053).

(3)

في (د) و (ل): من غير حديث عثمان بن سعد.

ص: 292

عن عمرَ بن الخَطّابِ أنَّهُ قال: اللَّهُمَّ بَيَّنْ لنا في الخمرِ بيانَ شِفاءٍ، فنزَلَت التي في البقرة:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة: 219]، فدُعِيَ عمرُ، فقُرِئَت عليه فقال: اللَّهُمَّ بيَّنْ لنا في الخمرِ بيانَ شِفاءٍ، فنَزَلَت التي في النَّساء:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]، فدُعِيَ عمرُ فقُرِئَتْ عليه، ثمَّ قال: اللَّهمَّ بَيَّنْ لنا في الخمرِ بيانَ شِفاءٍ، فنَزَلَت التي في المائدةِ:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] فدُعِيَ عمرُ، فقُرِئَتْ عليه، فقال: انتَهَيْنا انتَهيْنا

(1)

.

وقد رُوِيَ عن إسرائيلَ هذا الحديثُ مُرسَلًا.

3302 -

حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي مَيْسَرَةَ عمرِو بن شُرَحْبيلَ

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات، وإسرائيل - وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي - سماعه من جده في غاية الإتقان، وعمرو بن شرحبيل سمع من عمر، نصّ على ذلك البخاري في "التاريخ الكبير" الترجمة (2576)، وأبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 6/ 237، وهو تابعي كبير مخضرم، وقول المصنف: إن الرواية المرسلة التي ستلي هذه أصح من الرواية القصلة، وقول أبي زرعة كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم: حديثه عن عمر مرسل، مدفوع بما نقلناه عن البخاري وأبي حاتم.

وأخرجه أبو داود (3670)، والنسائي 8/ 286 - 287. وهو في "المسند" (378).

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد (8620).

ص: 293

أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ قال: اللهُمَّ بَيَّنْ لنا في الخمرِ بيانَ شِفَاءٍ، فذكرَ نحوَه

(1)

.

وهذا أصحُّ من حديثِ محمدِ بن يوسفَ.

3303 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عُبَيدُ اللهِ بنُ موسى، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ

عن البراءِ، قال: مات رجالٌ من أصحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَبلَ أنْ تُحَرَّمَ الخمرُ، فَلَمَّا حُرَّمَتِ الخمرُ، قال رجالٌ: كيف بأصحابِنا وقد ماتوا يشربونَ الخمرَ، فنَزَلَتْ:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}

(2)

[المائدة: 93].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواهُ شُعبةُ، عن أبي إسحاقَ أيضًا.

3304 -

حدَّثنا بذلكَ محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ،

(1)

انظر ما قبله.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن أبا إسحاق لم يسمعه من البراء.

وأخرجه الطيالسي (715)، وأبو يعلى (1719) و (1720)، وابن حبان (5350) و (5351) وسأل شعبة في رواية أبي يعلى أبا إسحاق: أسمعته من البراء؟ قال: لا.

ويشهد له حديث أنس عند البخاري (4620).

وأحاديث الباب عند المصنف.

وحديث جابر عند البزار كما في "تفسير" ابن كثير 3/ 177.

ص: 294

قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي إسحاقَ قال:

قال البراءُ: مات ناسٌ من أصحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهم يَشربونَ الخمرَ، فلمَّا نَزَلَ تحْرِيمُها قال ناس من أصحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: فكيفَ بأصحابِنا الذِين ماتوا وهم يَشربونَها؟ قال: فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية

(1)

[المائدة: 93].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3305 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عبدُ العَزِيزِ بنُ أبي رِزْمَةَ، عن إسرائيلَ، عن سِمَاكٍ، عن عِكْرِمَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قالوا: يا رسولَ اللهِ، أرَأيتَ الذِينَ ماتُوا وهم يَشْرَبُونَ الخمرَ لمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الخمرِ، فَنَزَلَت:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}

(2)

[المائدة: 93].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3306 -

حدَّثنا سفيان بنُ وكِيعٍ، قال: حدَّثنا خالدُ بنُ مَخْلَدٍ، عن عليَّ بنِ مُسْهِرٍ، عن الأعمَشِ، عن إبراهِيمَ، عن عَلْقَمَةَ

عن عبدِ اللهِ، قال: لما نَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}

(1)

انظر ما قبله.

(2)

صحيح لغيره، سماك في روايته عن عكرمة اضطراب، وأخرجه أحمد (2088)، وانظر تتمة تخريجه فيه.

ص: 295

[المائدة: 93] قال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أنتَ مِنهُم"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3307 -

حدَّثنا أبو سعيدٍ الأشَجُّ قال: حدَّثنا منصورُ بنُ وَرْدانَ، عن عليَّ بنِ عبدِ الأعلى، عن أبيهِ، عن أبي البَخْتَرِيَّ

عن عليًّ قال: لما نَزَلَتْ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] قالوا: يا رسولَ اللهِ، في كُلَّ عامٍ؟ فسَكَتَ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ في كُلَّ عامٍ؟ قال: "لا، ولو قلتُ نَعَمْ لوَجَبَتْ"، فأنزَلَ الله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}

(2)

[المائدة: 101].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديثِ عليًّ.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وابنِ عبَّاسٍ

(3)

.

3308 -

حدَّثنا محمدُ بنُ مَعْمَرٍ أبو عبدِ اللهِ البَصْرِيُّ، قال: حدَّثنا رَوْحُ بنُ عُبادَةَ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، قال: أخبرني موسى بنُ أنسٍ، قال:

سَمِعْتُ أنسَ بنَ مالكٍ يقولُ: قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ من

(1)

حديث صحيح، سفيان بن وكيع، وخالد بن مخلد متابعان. وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11153) من طريق خالد بن مخلد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2459) من طُرُقٍ، عن علي بن مُسْهِرٍ، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف وقد سلف برقم (825).

(3)

حديث أبي هريرة عند أحمد (10607)، ومسلم (1337)، وحديث ابن عباس عند أحمد (2304) وهو صحيح.

ص: 296

أبي؟ قال: "أبوكَ فُلانٌ"، قال: فنَزَلَتْ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}

(1)

[المائدة: 101].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

3309 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، قال: أخبرنا إسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ، عن قَيْسِ بن أبي حازِمٍ

عن أبي بكرٍ الصَّدَّيقِ، أنَّه قال: يا أيُّها النَّاسُ إنَّكُم تَقرؤُونَ هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، وإنَّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:"إنَّ النّاسَ إذا رأوا ظالمًا، فلم يأخُذوا على يَدَيه أوشَكَ أن يَعُمَّهُمُ اللهُ منه بِعِقابٍ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقد رواهُ غيرُ واحِدٍ عن إسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ نحوَ هذا الحديثِ مرفوعًا، ورَوَى بعضُهُم عن إسماعيلَ، عن قَيسٍ، عن أبي بكرٍ قولَه ولم يَرفَعوه.

3310 -

حدَّثنا سعيدُ بنُ يَعقُوبَ الطّالقَانِيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ المُبارَكِ، قال: أخبرَنا عُتبةُ بنُ أبي حَكِيمٍ، قال: حدَّثنا عمرو بنُ جارِيةَ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4621)، ومسلم (2359)، والنسائي في "الكبرى"(11154). وهو في "المسند"(13147).

(2)

سلف برقم (2307) وهو حديث صحيح.

وقد ردّ الإمام ابن الجوزي على دعوى نسخ هذه الآية في كتابه "نواسخ القرآن" ص 315 بجملة أشياء تدل على إحكامها، فارجع إليه فإنه نفيس.

ص: 297

اللّخْمِيُّ، عن أبي أُمَيَّةَ الشَّعْبانيَّ، قال:

أتَيْتُ أبا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ فقلتُ له: كيفَ تَصْنَعُ بهذِهِ الآيةِ؟ قال: أيَّةُ آيةٍ؟ قلتُ: قولُه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] قال: أما واللهِ لقد سَأَلتَ عنها خَبِيرًا، سألتُ عنها رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:"بل ائْتَمِرُوا بالمَعْروفِ، وتَناهَوا عن المنكَرِ، حتَّى إذا رأيتَ شُحًّا مُطاعًا، وهوى مُتَّبَعًا، ودُنْيا مُؤثرَةً، وإعْجابَ كلَّ ذِي رَأْيٍ برأيِه، فعَلَيكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ ودَعِ العَوَامَّ، فإنَّ من ورائِكُم أيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ القَبْضِ على الجَمْرِ، للعامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أجْرِ خَمْسينَ رجلًا يَعمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُم".

قال عبدُ اللهِ بنُ المُباركِ، وزادَنِي غيرُ عُتبةَ، قِيلَ: يا رسولَ اللهِ أجرُ خَمسينَ رجلًا مِنَّا أو منهم. قال: "لا، بل أجرُ خَمسِينَ رجلًا منكُم"

(1)

.

(1)

إسناده حسن، عتبة بن أبي حكيم مختلف يخه، وقد انتهينا في "التحرير" إلى أنه صدوق حسن الحديث، وعمرو بن جارية روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحسن الترمذي حديثه. وأبو أمية الشعباني، واسمه يُحمد، وقيل: عبد الله بن أخامر، روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحسّن الترمذي حديثه، ووثقه الذهبي في "الكاشف".

وأخرجه أبو داود (4341)، وابن ماجه (4014). وهو في "صحيح ابن حبان"(385).

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6508) =

ص: 298

هذا حديثٌ حسن غريبٌ

(1)

.

3311 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ أحمدَ بنِ أبي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ سَلمَةَ الحَرَّانِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن أبي النَّضْرِ، عن باذانَ مولى أُمَّ هانِئٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ

= و (7063) و (7049)، وأبي داود (4342) ولفظه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس؟ " قال: قلت: يا رسول الله، كيف ذلك؟ قال:"إذا مَرِجت عهودُهم وآماناتُهم، وكانوا هكذا"(وشبك أحد الرواة بين أصابعه يصفُ ذلك) قال: قلت: ما أصنع عند ذلك يا رسول الله؟ قال: "اتق الله عز وجل وخذ ما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك، وإياك وعَوَامَّهُمْ" وإسناده حسن كما قال الحافظان المنذري والعراقي، وصححه الحاكم 4/ 435 و 525 ووافقه الذهبي.

وآخر من حديث أبي هريرة عند ابن حبان (5950) و (5951) و (6730) وإسناده صحيح على شرط مسلم، وانظر تمام تخريجه فيه.

ولابن نصر في "السنة" ص 9، والطبراني في "الكبير" 17/ (289) من طريق عتبة بن غزوان، أخي بني مازن بن صعصعة - وكان من الصحابة - أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بمثل ما أنتم عليه أجر خمسين منكم"، قالوا: يا نبي الله، أو منهم؟ قال:"بل منكم". ورجاله ثقات إلا أنه منقطع بين إبراهيم بن أبي عبلة وبين عتبة بن غزوان، فإنه لم يدركه كما في "تهذيب الكمال" في ترجمة عتبة بن غزوان 19/ 317.

وله شاهد من حديث ابن مسعود أخرجه الطبراني في "الكبير"(10394)، والبزار (3370) من طريق أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، عن سهل بن عثمان البجلي، - وفي البزار: سهل بن عامر البجلي وهو الصواب - عن عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود، ورجاله ثقات إلا سهل بن عامر فهو ضعيف لا يستحق الترك كما قال ابن عدي.

(1)

في (أ) و (س): حسن غريب صحيح، والمثبت من (د) و (ل).

ص: 299

عن تَمِيمٍ الدَّارِيَّ في هذهِ الآيةِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] قال: بَرِئَ الناس منها غَيري وغيرَ عَدِيّ بنِ بَدّاءٍ، وكانا نصرَانِيَّينِ يَختلِفانِ إلى الشَّامِ قبلَ الإسلامِ، فأتَيا الشّامَ لتجارَتهِما، وقَدِمَ عليهما مولىً لِبَني سَهْمٍ

(1)

، يقال له: بُدَيلُ بنُ أبي مَريمَ بتِجارَةٍ، ومعه جامٌ من فِضَّةٍ يُرِيدُ بهِ المَلِكَ، وهو عُظْمُ تِجارَتِه، فمرِض فأوصَى إليهما، وأمَرَهُما أن يُبَلِّغا ما تَرَكَ أهلَه، قال تميمٌ: فلَمَّا مات، أخَذْنا ذلِكَ الجامَ، فبِعْناهُ بألفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ اقتَسَمْناه أنا وعَدِيُّ بنُ بَدّاءٍ، فلمَّا قَدمْنا إلى أهْلِه دَفَعْنا إليهِم ما كان مَعَنا، وفَقَدُوا الجامَ، فسَألُونَا عنه، فقلنا: ما تَرَكَ غيرَ هذا، وما دَفَعَ إلينا غيرَه، قال تَمِيمٌ: فلَمَّا أسلَمْتُ بعدَ قُدومِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم المدينةَ، تأثَّمْتُ من ذلكَ، فأتَيْتُ أهلَه فأَخبَرتُهُم الخَبَرَ، وأدَّيْتُ إليهمْ خَمْسَ مِئةِ دِرهَمٍ، وأخبَرتُهُم أنَّ عند صاحِبِي مِثلَها، فأتوا بهِ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسَألَهُمُ البَيَّنةَ، فلَم يَجِدُوا، فأمَرَهُم أن يَستَحْلِفُوه بما يُعَظَّمُ به على أهلِ دِينِه، فحَلَفَ فأنزَلَ اللهُ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ} - إلى قوله - {أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: 106 - 108]، فقَام عمرُو بنُ العاصِ، ورجلٌ آخَرُ فحَلفا، فَنُزِعَتِ الخَمْسُ مِئةِ دِرْهَمٍ من عَدِيَّ بنِ بَدّاءٍ

(2)

.

(1)

في النسخ: هاشم، وكتب بهامش (د): صوابه "سهم".

(2)

إسناده ضعيف كما قال المصنف. =

ص: 300

هذا حديثٌ غريبٌ، وليس إسنادُه بصحيحٍ.

وأبو النَّضْرِ الذي رَوَى عنهُ محمدُ بنُ إسحاقَ هذا الحديثَ هو عِنْدِي محمدُ بنُ السَّائِبِ الكَلْبيُّ، بُكْنَى أبا النَّضْرِ، وقَد تَرَكَهُ أهلُ العلم

(1)

، وهو صاحِبُ التَّفْسِيرِ.

سَمِعتُ محمدَ بنَ إسماعيلَ يقولُ: محمدُ بنُ السَّائِبِ الكَلْبيُّ يُكْنَى أبا النَّضرِ، ولا نَعرِفُ لِسالِمٍ أبي النَّضْرِ المديني رِوايةً عن أبي صالحٍ مولى أُمَّ هانئٍ. وقد رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ شَيء من هذا على الاختِصارِ من غيرِ هذا الوجهِ.

3312 -

حدَّثنا سفيانُ بنُ وكيعٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ آدَمَ، عن ابنِ أبي زائدَةَ، عن محمدِ بنِ أبي القاسِمِ، عن عبدِ المَلِكِ بنِ سعيدِ بن جُبيرٍ، عن أبيه

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: خَرجَ رجلٌ من بني سَهْمٍ، مع تَميمٍ الدَّارِيَّ وعَدِيَّ بنِ بَدّاءٍ، فمَاتَ السَّهْميُّ بأرضٍ ليس بها مسلمٌ، فلما قَدِما بِتَرِكَتِه، فَقَدُوا جامًا مِن فِضّةٍ مُخَوَّصًا بالذَّهَبِ، فأَحْلَفَهُما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وجَدوا الجامَ بمَكَّةَ، فقيلَ اشتَرَيناهُ من تمِيمٍ وعَدِيًّ، فقامَ رجلانِ من أولِياءِ السَّهْمِيَّ، فحَلَفا باللهِ لشهادَتُنا أَحقُّ من شَهادتِهِما، وإنَّ الجامَ لصاحِبِهم، قال: وفيهم

= وأخرجه الطبري في "التفسير"(12967)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1223)، وانظر ما بعده.

(1)

في (س) ونسخة في (د): الحديث.

ص: 301

نَزَلتْ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}

(1)

[المائدة: 106].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، وهو حديثُ ابنِ أبي زائدةَ

(2)

.

3313 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ قَزَعَةَ البصري، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ حَبِيبٍ، قال: حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن خِلاس بنِ عمرٍو

عن عمَّارِ بنِ ياسِرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُنْزِلَتِ المائدَةُ من السَّماءِ خُبزًا ولحمًا، وأُمِرُوا أن لا يخُونُوا ولا يَدَّخِرُوا لِغَدٍ، فخانُوا وادَّخَرُوا، ورَفَعُوا لِغَدٍ، فمُسِخُوا قِرَدَةً وخنازِيرَ"

(3)

.

(1)

حديث حسن، وأخرجه البخاري (2780) تعليقًا، وأبو داود (3606). وانظر تتمة تخريجه في "شرح المشكل"(4546)، والآية دليل على جواز شهادة أهل الذمة على المسلمين في السفر في خصوص الوصايا كما يفيده النظم القرآني ويشهد له سبب النزول، فإذا لم يكن مع الموصي من يشهد على وصيته فليشهد رجلان من أهل الكفر، فإذا قدما وأديا الشهادة على وصيته، حلفا بعد الصلاة: إنهما ما كذبا ولا بدلا، وإن ما شهدا به حق، فيحكم حينئذ بشهادتهما، فإن عثر بعد ذلك على أنهما كذبا وخانا، حلف رجلان من أولياء الموصي وغرم الشاهدان الكافران ما ظهر عليهما من خيانة أو نحوها، وإلى ذلك ذهب سعيد بن المسيب، ويحيى بن يعمر، وسعيد بن جبير، وأبو مجلز، والنخعي، وشريح، وعبيدة السلماني، وابن سيرين، وقتادة، والثوري، وأبو عبيدة، والإمام أحمد. انظر "المغني" 14/ 170 - 172.

(2)

زاد في نسخة (أ) بعد هذا: ومحمد بن أبي القاسم كوفي، قيل: إنه صالح الحديث.

(3)

ضعيف، فقد انفرد الحسن بن قزعة برفعه كما قال المصنف، ورواه غيره موقوفًا، ثم قتادة لم يصرح بسماعه من خلاس بن عمرو، وكان يحيى القطان لا يحدث عن قتادة عن خلاس شيئًا، كأنه لم يسمع منه.

وأخرجه أبو يعلى (1651)، والطبري 7/ 134.

ص: 302

هذا حديثٌ

(1)

قد رواهُ أبو عاصمٍ وغيرُ واحدٍ عن سعيدِ بنِ أبي عَروبَةَ، عن قتادةَ، عن خِلاسٍ، عن عمَّارِ بنِ ياسرٍ موقوفًا، ولا نعرِفُه مرفوعًا إلا مِن حديثِ الحسنِ بنِ قَزَعَةَ.

3314 -

حدَّثنا حُمَيدُ بنُ مَسْعَدَةَ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ حَبِيبٍ، عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبَةَ نحوَه ولم يَرفَعْهُ

(2)

.

وهذا أصحُّ من حديثِ الحسنِ بنِ قَزَعَةَ، ولا نعلمُ للحديثِ المرفوعِ أصلًا.

3315 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيَيْنةَ، عن عمرِو بنِ دِينارٍ، عن طاووسٍ

عن أبي هُرَيرَةَ، قال: يُلَقَّى عيسى حُجَّتَهُ، ولَقّاهُ اللهُ في قوله:{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: 116] قال أبو هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم: "فَلَقّاهُ اللهُ: {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} الآيةَ كُلَّها

(3)

[المائدة: 116].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3316 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بن وهبٍ، عن حُيَيًّ، عن أبي عبد الرحمنِ الحُبُلِيَّ

(1)

في شرح المباركفوري زيادة: "غريب".

(2)

انظر ما قبله.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11162).

ص: 303

عن عبد الله بن عَمرو، قال: آخرُ سورةٍ أُنزلت: المائدةُ والفتح

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريب.

وقد رُوي عن ابن عباسٍ أنه قال: آخرُ سورةٍ أُنزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} .

‌7 - ومن سورة الأنعام

3317 -

حَدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: حدّثنا معاويةُ بن هشام، عن سفيانَ، عن أبي إسحاقَ، عن ناجيةَ بن كعبٍ

عن عليًّ، أنَّ أبا جهلٍ قال للنبيَّ صلى الله عليه وسلم: إنَّا لا نكذَّبُكَ، ولكن نُكذَّبُ بما جِئْتَ بهِ، فأَنزَلَ اللهُ:{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}

(2)

[الأنعام: 33].

3318 -

حدَّثنا إسحاقُ بنُ منصُورٍ، قال: حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْدِيًّ، عن سُفْيانَ، عن أبي إسحاقَ، عن ناجِيَةَ، أنَّ أبا جهلٍ قال للنَّبيَّ

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف حيي، وهو ابن عبد الله بن شريح المعافري. وأخرجه الحاكم 2/ 311.

ويشهد لسورة المائدة حديث عائشة عند أحمد (25547)، والنسائي 11/ 138.

ويشهد لسورة الفتح، وهي سورة النصر حديث ابن عباس الذي ذكره المصنف، وهو عند مسلم (3024).

(2)

إسناده ضعيف لجهالة ناجية بن كعب.

وأخرجه الحاكم 2/ 315.

ص: 304

صلى الله عليه وسلم، فذكرَ نحوَه ولم يَذْكُرْ فيهِ عن عليٍّ

(1)

، وهذا أصحُّ.

3319 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثَنَا سفيانُ، عن عمرو بن دينارٍ

سَمِعَ جابرَ بن عبد الله يقولُ: لمَّا نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] قالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: أعوذُ بوَجْهِكَ، فلمَّا نَزَلَت:{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65] قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "هاتانِ أهْوَنُ، أو هاتانِ أيْسَرُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3320 -

حدَّثنا الحسن بن عَرَفَةَ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن عيَّاشٍ، عن أبي بكرِ بن أبي مَريَمَ الغَسَّانِي، عن راشدِ بن سعدٍ

عن سعدِ بن أبي وقاصٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذه الآيةِ:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] فقالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أما إنَّها كائِنةٌ ولم يأتِ تأويلُها بعدُ"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه الطبري في "التفسير" 7/ 182.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4628)، والنسائي في "الكبرى"(11164) و (11165). وهو في "المسند"(14316)، و"صحيح ابن حبان"(7220).

(3)

إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، ولانقطاعه، فإن رواية راشد بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص مرسلة كما قال أبو زرعة. ومو في "المسند"(1466).

ص: 305

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

3321 -

حدَّثنا عليُّ بن خَشْرَمٍ، قال: أخبرنا عِيسى بن يونسَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن عَلقَمَةَ

عن عبدِ الله، قال: لمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شَقَّ ذلكَ على المسلمينَ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ وأيُّنا لا يَظْلِمُ نفسَه. قال: "ليسَ ذلكَ إنَّما هو الشِّرْكُ، ألم تَسمَعوا ما قالَ لقمانُ لابنِه:{يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}

(1)

[لقمان: 13].

هذا حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ.

3322 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنا إسحاقُ بن يوسفَ الأزرق، قال: حدَّثنا داود بن أبي هِنْدٍ، عن الشَّعْبيِّ، عن مسروقٍ، قال

كنتُ مُتَّكِئًا عند عائشةَ، فقالت: يا أبا عائشةَ، ثلاثٌ من تكَلَّمَ بواحِدةٍ مِنْهُنَّ فقد أعظَمَ الفِرْيَةَ على الله: من زَعَمَ أنَّ محمَّدًا رَأى رَبَّهُ، فقد أعْظَمَ الفِرْيَةَ على اللهِ، واللهُ يقولُ:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103]{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] وكُنتُ مُتَّكِئًا فجَلَسْتُ، فقُلتُ: يا أمَّ المؤمِنينَ، أنْظِريني ولا تُعْجِليني،

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (32)، ومسلم (124)، والنسائي في "الكبرى"(11166). وهو في "المسند"(3589)، و"صحيح ابن حبان"(253).

ص: 306

أليسَ يقولُ اللهُ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13]{وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23]، قالت: أنا أوَّلُ مَن سألَ عن هذا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّما ذاك جبريلُ، ما رأيتُه فىِ الصُّورَةِ التي خُلِقَ فِيها غيرَ هاتَينِ المَرَّتَينِ، رأيتُه مُنْهَبطًا مِنَ السَّماءِ سادًّا عُظْمُ خَلْقِه ما بينَ السَّماءِ والأرضِ"، ومَن زَعَمَ أنَّ محمَّدًا كَتَم شيئًا مِمَّا أنْزَلَ اللهُ عليه، فقَد أَعظَمَ الفِرْيَةَ على اللهِ، يقولُ اللهُ:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]، ومَن زَعَمَ أنَّه يَعْلَمُ ما في غَدٍ، فقد أعظَمَ الفِرْيَةَ على اللهِ، واللهُ يقولُ:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}

(1)

[النمل: 65].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ومسروقُ بن الأجْدَعِ يُكْنى أبا عائشةَ، وهو: مسروقُ بن عبدِ الرَّحمنِ، وكذا كان اسمُه في الدِّيوانِ

(2)

.

3323 -

حدَّثنا محمَّد بن موسى البَصريُّ الحَرَشيُّ، قال: حدَّثنا زيادُ بن عبدِ الله البَكَّائيُّ، قال: حدَّثنا عطاءُ بن السَّائِبِ، عن سعيدِ بن جُبَيرٍ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4855)، ومسلم (177)، والنسائي في "الكبرى"(11147)، وهو في "المسند"(24227)، و"صحيح ابن حبان"(60).

(2)

من قوله: "ومسروق بن الأجدع" إلى هنا لم يرد إلا في (ل).

وقوله: وكذا كان اسمه في "الديوان"، الديوان: الكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطاء، وأول من وضعه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ص: 307

عن عبد الله بن عَبَّاسٍ، قال: أتَى ناسٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أنأكُلُ ما نَقْتُلُ ولا نأكُلُ ما يَقتُلُ اللهُ؟ فأنزَلَ اللهُ:{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ} إلى قوله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}

(1)

[الأنعام: 118 - 121].

هذا حَديثٌ حَسَنٌ غريبٌ. وقَد رُوِيَ هذا الحَديثُ من غَيْرِ هذا الوَجْهِ عن ابنِ عَبَّاسٍ أيْضًا، ورَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَن عَطاءِ بن السَّائِبِ، عن سَعيدِ بن جُبَيرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا.

3324 -

حَدَّثَنا الفَضلُ بن الصَّبَّاحِ البَغْداديُّ، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن فُضَيلٍ، عن داودَ الأودِيِّ، عن الشَّعْبيِّ، عن عَلْقَمَةَ

عن عبدِ الله، قال: مَنْ سَرَّهُ أن يَنْظُرَ إلى الصَحيفَةِ التي عَلَيها خَاتَمُ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فلْيَقرأ هؤلاءِ الآياتِ:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} الآيةَ إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}

(2)

(1)

حديث صحيح، وهذا سند ضعيف عطاء بن السائب قد اختلط، وراويه عنه لين في غير ابن إسحاق، ولم يعدوه فيمن سمع عن عطاء قبل الاختلاط.

وأخرجه أبو داود (2819) من طريق عطاء بن السائب بهذا الإسناد.

وله طريق آخر عند النسائي (4437) بسند قوي.

(2)

داود الأودي جاء مسمىً في رواية الطبراني: داود بن يزيد الأودي، أما المزي فعدَّه في "تهذيب الكمال" ابن عبد الله الأودي، وكلاهما يروي عن عامر الشعبي، ومحمد بن فضيل يروي عن كليهما، والأول ضعيف، والثاني ثقة، واستظهر الثاني المباركفوري، فالحديث حسن.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1208)، والبيهقي في "الشعب"(7918).

ص: 308

[الأنعام: 153].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

3325 -

حدَّثنا سفيانُ بن وكيعٍ، قال: حدَّثنا أبي، عن ابنِ أبي ليلى، عن عَطِّيةَ

عن أبي سعيدٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِ اللهِ عز وجل:{أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158] قال: "طُلُوعُ الشَّمسِ مِن مَغرِبِها"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ. ورواهُ بَعضُهُم، ولم يَرفَعْهُ.

3326 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثَنَا يَعْلى بن عُبَيدٍ، عن فُضَيلِ بن غَزْوانَ، عن أبي حازمٍ

عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"ثلاثٌ إذا خَرَجْنَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} الآية [الأنعام: 158]: الدَّجالُ، والدَّابَّةُ، وطلوعُ الشَّمسِ من المَغرِبِ، أو مِن مَغرِبِها"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وأبو حازمٍ: هو الأشْجَعيُّ الكُوفيُّ، واسمُه: سلمانُ مولى عَزَّةَ

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن -، وعطيةَ العوفي، وهو ابن سعد.

وأخرجه أحمد (11266).

ويشهد له ما بعده.

وانظر تتمة شواهده في "المسند".

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (158). وهو في "المسند"(9752).

ص: 309

الأشْجَعِيَّةِ.

3327 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرَجِ

عن أبي هُرَيرَةَ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال اللهُ عز وجل، وقولُه الحَقُّ: إذا هَمَّ عَبْدي بِحَسَنَةٍ، فاكْتُبوها له حَسَنةً، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبوها له بِعَشْرِ أمثالِها، وإذا هَمَّ بِسَيِّئةٍ، فلا تَكْتُبوها، فإن عَمِلَها فاكتُبُوها بِمِثْلِها، فإنْ تَرَكها - ورُبَّما قال -: فإن لَم يَعمَلْ بِها، فاكتُبُوها له حسنةً، ثمَّ قَرَأ:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}

(1)

[الأنعام: 160].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌8 - ومن سورة الأعراف

3328 -

حدَّثنا عَبدُ الله بن عبدِ الرَّحمنِ، قال: أخبرنا سلَيمانُ بن حَرْبٍ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بن سَلَمَةَ، عن ثابتٍ

عن أنسٍ، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَرأ هذه الآيةَ:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143] قال حَمَّادٌ: هكذا، وأمسَكَ سُلَيمانُ بطَرَفِ إبهامِهِ على أنْمُلَةِ إصْبَعِهِ اليُمْنَى، قال: فساخَ الجبلُ {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}

(2)

[الأعراف: 143].

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (7501)، ومسلم (128). وهو في "المسند"(7196)، و"صحيح ابن حبان"(380).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه أحمد (12260).

ص: 310

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرِفُه إلَّا من حديثِ حَمَّادِ بن سَلَمَةَ.

3329 -

حدَّثنا عبد الوَهَّابِ الوَرَّاقُ البغدادي، قال: حدَّثنا مُعاذُ بن مُعاذٍ، عن حَمَّادِ بن سَلَمَةَ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَه

(1)

.

3330 -

حدَّثنا الأنصاريُّ، قال: حدَّثنا مَعنٌ، قال. حدَّثني مالكُ بن أنسٍ، عن زيد بنِ أبي أُنيسَةَ، عن عبدِ الحَميدِ بن عبدِ الرَّحمنِ بن زيدِ بن الخَطّابِ، عن مسلمِ بن يَسارٍ الجُهَنيِّ

أنَّ عمرَ بن الخَطّاب سُئِلَ عن هذه الآيةِ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172] فقالَ عمرُ بن الخَطّابِ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئلَ عنها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الله خَلَقَ آدَمَ، ثمَّ مَسَحَ ظَهرَه بيَمينِه، فاستخرَجَ منه ذُرِّيَّةً، فقال: خَلَقْتُ هؤلاءِ للجنَّةِ وبعَمَلِ أهلِ الجنّةِ يَعمَلونَ، ثمَّ مَسَحَ ظَهرَه فاستَخْرَجَ منه ذُرِّيَّةً فقال: خَلَقْتُ هؤلاءِ للنَّارِ وبِعَمَلِ أهلِ النَّارِ يَعمَلونَ"، فقال رجل: يا رسولَ اللهِ، ففيمَ العملُ؟ قال: فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ إذا خَلَقَ العبدَ للجنَّةِ استَعمَلَه بعملِ أهلِ الجنَّةِ حتَّى يموتَ على عَمَلٍ من أعمالِ أهلِ الجنَّةِ، فيُدخِلَه اللهُ الجَنَّةَ، وإذا خَلَقَ العبدَ للنَّارِ، إستَعمَلَه بِعَمَلِ أهلِ النَّارِ حتَّى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ النَّارِ، فيُدخِلَه اللهُ

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 311

النَّارَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، ومسلمُ بن يَسارٍ لم يَسْمَعْ من عمرَ، وقد ذَكَرَ بَعضُهُم في هذا الإسنادِ بينَ مسلمِ بن يسارٍ وبينَ عمرَ رجلًا.

3331 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا أبو نُعَيمٍ، قال: حدَّثنا هشامُ بن سعدٍ، عن زيدِ بن أسْلَمَ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هُرَيرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدمَ مَسَحَ ظَهرَه، فسَقَطَ من ظَهرِه كُلُّ نَسَمةٍ هو خالِقُها من ذُرِّيَّتِه إلى يومِ القيامةِ، وجَعَلَ بينَ عَيْنَيْ كلِّ إنسانٍ مِنهُم وبِيصًا من نُورٍ، ثمَّ عَرَضَهُم على آدَمَ، فقالَ: أيْ رَبِّ، مَنْ هؤلاءِ؟ قال: هؤلاءِ ذُرِّيَّتُكَ، فرَأى رجلًا مِنهُم، فأعجَبَه وبِيصُ ما بينَ عَينَيه، فقال: أي ربِّ، مَن هذا؟ فقال: هذا رجلٌ من آخِرِ الأمَمِ من ذُرِّيَّتِكَ يقالُ

(1)

إسناده ضعيف، مسلم بن يسار الجُهَني لم يسمع من عمر، ثم إنه لم يوثقه غيرُ ابن حبان والعجلي، ولم يرو عنه غير عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، فهو في عداد المجهولين.

وأخرجه أبو داود (4703)، والنسائي في "الكبرى"(11190). وهو في "المسند"(311)، و"صحيح ابن حبان"(6166).

قال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 3: هذا الحديث منقطع بهذا الإسناد، لأن مسلم بن يسار هذا لم يلق عمر بن الخطاب

، ولكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها.

قلنا: له شواهد من حديث عمران بن حصين عند أحمد (19834)، والبخاري (6596)، وعلي عند البخاري (4949)، وجابر عند مسلم (2648)، وعبد الرحمن بن قتادة السلمي عند أحمد (17660)، وصححه ابن حبان (338).

ص: 312

له: داودُ، فقال: رَبِّ وكم جَعَلْتَ عُمرَهُ؟ قال سِتِّينَ سنةً، قال: أي ربِّ، زِدْهُ من عُمْري أربَعينَ سنةً، فلمَّا انقضى عُمرُ آدَمَ، جاءَهُ مَلَكُ الموتِ، فقال: أوَلَم يَبْقَ من عُمري أربَعونَ سنةً؟ قال: أوَلَمْ تُعْطِها ابنَكَ داودَ؟ قال: فجَحَدَ آدمُ، فجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُه، ونَسِيَ آدَمُ فنَسِيتُ ذُرِّيَّتُه، وخَطِئَ آدَمُ، فخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُه"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقد رُوِيَ من غيرِ وجهٍ عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

3332 -

حدَّثنا محمَّدُ بن المُثَنَّى، قال: حدَّثنا عبدُ الصَّمَدِ بن عبدِ الوارِثِ، قال: حدَّثنا عُمرُ بن إبراهيمَ، عن قتادةَ، عن الحسنِ

عن سَمُرَةَ بن جُندب، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لمَّا حَمَلَتْ حَوَّاءُ طافَ بها إبليسُ وكانَ لا يَعيشُ لها ولد، فقال: سَمِّيْهِ عبد الحارثِ، فسَمَّتْه عَبدَ الحارِثِ، فعاشَ، وكان ذلكَ مِن وَحْي الشيطانِ وأمْرِه"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف هشام بن سعد. وأخرجه من طريقه ابن سعد 1/ 27 - 28، وأبو يعلى (6654)، والحاكم 2/ 325.

وسيأتي بإسناد آخر بنحوه برقم (3663).

(2)

إسناده ضعيف، ومتنه منكر، عمر بن إبراهيم - وهو العبدي أبو حفص البصري - في روايته عن قتادة ضعف، والحسن لم يذكر سماعه من سمرة. ثم إنه لم يسمع منه سوى حديثين وهذا الحديث ليس منهما، وهذا التفسير معارض بتفسير الحسن البصري بغير هذا، فقد روى الطبري في "جامع البيان" (15526) و (15527) و (15528) عن الحسن أنه قال: كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن بآدم، وفي رواية: عنى بهذا ذرية آدم من أشرك منهم بعده، وفي رواية: هم =

ص: 313

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفُه إلَّا من حديثِ عمرَ بن إبراهيمَ عن قتادةَ. ورواهُ بَعضُهُم عن عبدِ الصمَدِ ولم يَرفَعْه

(1)

.

‌9 - ومن سورة الأنفال

3333 -

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: حدَّثنا أبو بكرِ بن عيَّاشٍ، عن عاصمِ بن بَهْدَلَةَ، عن مُصْعَبِ بن سعدٍ

عن أبيهِ، قال: لمَّا كان يومُ بَدْرٍ جِئْتُ بِسَيفٍ، فقلتُ: يا رسولَ الله، إنَّ اللهَ قد شَفَى صَدْري من المشركينَ أو نحوَ هذا، هَبْ لي هذا السَّيفَ، فقالَ:"هذا ليسَ لي ولا لكَ"، فقلتُ: عسى أنْ يُعْطَى هذا من لا يُبْلي بلائي، فجاءَني الرسولُ فقال:"إنَّكَ سَألْتَني وليس لي، وقد صارَ لِي وهو لكَ"، قال: فنَزَلَت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}

(2)

[الأنفال: 1] الآية.

= اليهود والنصارى، رزقهم الله أولادًا، فهوَّدوا ونصَّروا.

قال ابن كثير بعد أن نقل هذه الروايات من تفسير أبي جعفر: وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رحمه الله أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير، وأولى ما حُمِلَت عليه الآية، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره، ولا سيما مع تقواه وورعه، فهذا يدلُّك على أنه موقوف على الصحابي، ويحتمل أنه تلقاه عن بعض أهل الكتاب من آمن منهم، مثل كعب ووهب بن منبه وغيرهما.

(1)

جاء في المطبوع عقب هذا الحديث: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا أبو نعيم .. إلخ، وهذا الحديث سلف قريبًا برقم (3331)، ولم يرد في نسخنا الخطية، لذلك حذفناه.

(2)

حديث صحيح، وهذا سند حسن. وأخرجه أبو داود (2740)، والنسائي =

ص: 314

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقد رواهُ سِماكٌ عن مُصْعَبِ بن سعد أيضًا

(1)

.

وفي البابِ عن عُبادَةَ بن الصَّامِتِ.

3334 -

حدَّثَنَا محمَّدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثَنَا عمرُ بن يونسَ اليَماميُّ، قال: حدَّثنا عِكْرِمَةُ بن عمَّارٍ، قال: حدَّثنا أبو زُمَيلٍ، قال: حدثني عبدُ الله بن عبَّاسٍ، قال:

حدثني عمرُ بن الخطّابِ، قال: نَظَرَ نَبيُّ الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهُمْ ألْفٌ، وأصحابُه ثلاثُ مِئة وبِضعَةَ عَشَرَ رجلًا، فاستَقبَلَ نَبيُّ الله صلى الله عليه وسلم القِبلَةَ، ثمَّ مَدَّ يَدَيهِ وجَعَلَ يَهْتِفُ برَبِّه:"اللَّهُمَّ أنْجِزْ لِي ما وَعَدْتَني، اللَّهم إنَّكَ إنْ تُهْلِكْ هذه العِصابَةَ من أهلِ الإسلامِ لا تُعْبَدُ في الأرضِ"، فما زالَ يَهْتِفُ برَبِّه، مادًّا يَدَيْه، مستَقبِلَ القِبلَةِ حتَّى سَقَطَ رِداؤه من مَنْكِبَيهِ، فأتاهُ أبو بكرٍ فأخَذَ رِداءَهُ، فألقاهُ على مَنْكِبَيهِ، ثمَّ التزَمَه من ورائِه، فقال: يا نبيَّ الله كفاكَ مُناشَدَتَكَ رَبَّكَ، فإنَّهُ سيُنْجِزُ لَكَ ما وَعَدَكَ، فأنْزَلَ اللهُ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ

= في "الكبرى"(11196). وهو في "المسند"(1538).

وسيأتي برقم (3466).

(1)

رواية سماك عن مصعب بن سعد أخرجها مسلم (1748)، وصححها ابن حبان (5349).

ص: 315

مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فأمَدَّهُمُ اللهُ بالملائكةِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفُه من حديثِ عمرَ إلَّا من حديثِ عِكْرِمَةَ بن عمَّارٍ عن أبي زُمَيلٍ.

وأبو زُمَيلٍ اسمُه: سِماكٌ الحَنَفيُّ، وإنَّما كان هذا يومَ بَدْرٍ.

3335 -

حدَّثَنَا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عبدُ الرَّزاقِ، عن إسرائيلَ، عن سِماكٍ، عن عِكْرِمَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: لمَّا فَرَغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من بَدْرٍ قيلَ له: عَلَيكَ العِيرُ ليسَ دونَها شيءٌ، قال: فناداهُ العبَّاسُ وهو في وَثاقِه: لا يَصْلُحُ، وقال: لأَنَّ اللهَ وَعَدَكَ إحدى الطَّائِفَتَينِ وقد أعطاكَ ما وَعَدَكَ، قال:"صَدَقْتَ"

(2)

.

هذا حَديثٌ حسنٌ.

3336 -

حدَّثنا سفيانُ بن وكيعٍ، قال: حدَّثنا ابنُ نُمَيرٍ

(3)

، عن إسماعيلَ بن إبراهيمَ بن مُهاجِرٍ، عن عَبَّادِ بن يوسفَ، عن أبي بُرْدَةَ بن أبي موسى

عن أبيه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أنْزَلَ اللهُ عليَّ أمانَينِ لأُمَّتي {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ

(1)

إسناده حسن من أجل عكرمة بن عمار، وأخرجه مسلم (1763). وهو في "المسند"(208)، و"صحيح ابن حبان"(4793).

(2)

إسناده ضعيف، سماك في روايته عن عكرمة اضطراب.

وأخرجه أحمد (2022).

(3)

في (أ) و (د): ابن أبي نمير وهو خطأ.

ص: 316

يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] فإذا مَضَيْتُ تَرَكْتُ فيهِم الاستِغفارَ إلى يومِ القِيامة"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ. وإسماعيلُ بن إبراهِيمَ بن مُهاجِرٍ يُضَعَّفُ في الحديثِ.

3337 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن أُسامَةَ بن زيدٍ، عن صالحِ بن كَيْسانَ، عن رجلٍ لم يُسَمِّه

عن عُقْبةَ بن عامرٍ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَرَأ هذه الآيةَ على المِنبَرِ:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] قال: "ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ - ثلاثَ مَرَّاتٍ - ألا إنَّ اللهَ سَيفْتَحُ لكُم الأرضَ، وسَتُكْفَونَ المؤنةَ، فلا يَعْجِزَنَّ أحَدُكُم أنْ يَلْهوَ بأسْهُمِه"

(2)

.

وقد رَوَى بَعضُهُم هذا الحديثَ عن أسامةَ بن زيدٍ، عن صالحِ بن كَيْسانَ، عن عُقبةَ بن عامِرٍ، وحديثُ وكيعٍ أصَحُّ، وصالح بن كَيْسانَ لم يُدْرِكْ عُقبةَ بنَ عامرٍ، وقد أدْرَكَ ابنَ عمرَ.

3338 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمَشِ، عن عمرو

(1)

إسناده ضعيف لضعف سفيان بن وكيع وإسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، وانظر الكلام عليه في "المسند"(19506).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لإبهام الراوي عن عقبة بن عامر.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(16226) و (16227)، وله طريق آخر صحيح عند مسلم (1917) و (1918)، وأبي داود (2514)، وابن ماجه (2813). وهو في "المسند"(17432)، و"صحيح ابن حبان"(4709).

ص: 317

ابن مُرَّة، عن أبي عُبَيدةَ بن عبدِ اللهِ

عن عبدِ الله بن مسعودٍ، قال: لمَّا كان يومُ بدرٍ وجيءَ بالأُسَارى، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ما تقولونَ في هؤلاءِ الأُسَارى"، فذَكَرَ في الحديثِ قِصَّةً، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لا يَنْفَلِتنَّ أحدٌ مِنْهُم إلَّا بفِداءٍ أو ضَرْبِ عُنُقٍ"، فقالَ عبدُ الله بن مسعودٍ: فقُلتُ: يا رسولَ الله، إلَّا سُهَيلَ بن بَيْضاءَ فإنِّي سَمِعتُه يَذْكُرُ الإسلامَ، قال: فسَكَتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قالَ: فما رَايْتُني في يَوْمٍ أخْوَفَ أنْ تَقَعَ عليَّ حِجارَةٌ من السَّماءِ مِنِّي في ذلكَ اليوم حتَّى قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إلَّا سهلَ بنَ البَيْضاءِ"، قال: ونَزَلَ القرآنُ بقولِ عمرَ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى آخر الآيات

(1)

[الأنفال: 67].

هذا حديثٌ حسنٌ، وأبو عُبَيدَةَ بن عبد الله لم يَسْمَعْ من أبيهِ.

3339 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرني معاويةُ بن عمرٍو، عن زائِدَةَ، عن الأعمَشِ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَمْ تَحِلَّ الغَنائِمُ لأحدِ سُودِ الرُّؤوسِ مِن قَبْلِكُم، كانت تَنْزِلُ نارٌ من السَّماءِ فتأكُلُها"، قال سليمانُ الأعمشُ: فمَن يقولُ هذا إلَّا أبو هُرَيرَةَ الآن، فلمَّا كان يومُ بدرٍ، وَقَعوا في الغَنائِمِ قبلَ أنْ تَحِلَّ لهم، فأنزَلَ اللهُ تعالى: {لَوْلَا

(1)

حسن لغيره، وقد سلف برقم (1811)، وهذا الحديث قد جاء مؤخرًا بإثر الحديث الذي يليه في نسختي (أ) و (د).

ص: 318

كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

(1)

[الأنفال: 68].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ

(2)

.

‌10 - ومن سورة التوبة

3340 -

حدَّثنا محمَّدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ ومحمَّدُ بن جعفرٍ وابن أبي عَديٍّ وسهلُ بن يوسفَ، قالوا: حدَّثنا عوفُ بن أبي جَميلَةَ، قال: حدَّثنا يَزيدُ الفارِسيُّ، قال:

حدَّثني ابنُ عبَّاسٍ، قال: قلتُ لعثمانَ بن عفَّانَ: ما حَمَلَكُم أنْ عَمَدْتُم إلى الأنفالِ وهيَ من المَثانِي، وإلى بَرَاءَةَ وهي من المِئِينَ، فقَرَنْتُم بينَهما ولم تَكْتُبوا بينَهما سَطْرَ: بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ، ووَضَعْتُموها في السَّبْعِ الطُّوَلِ، ما حَمَلكُم على ذلكَ؟ فقال عثمان: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ممَّا يأتي عليه الزَّمانُ وهو يُنْزَلُ عليهِ السُّوَرُ ذواتُ العَددِ، فكانَ إذا نَزَلَ عليه الشَّيءُ دَعَا بعضَ مَن كان يَكْتُبُ فيقولُ:"ضَعُوا هؤلاءِ الآياتِ في السُّورَةِ التي يُذْكَرُ فيها كذا وكذا" وإذا نَزَلَت عليه الآيةُ فيقولُ: "ضَعوا هذه الآيةَ في السُّورَةِ التي يُذْكَرُ فيها كذا وكَذا"، وكانت الأنفالُ من أوائِلِ ما نَزَلَتْ بالمدينةِ، وكانت بَرَاءَةُ من آخِرِ القُرآنِ، وكانت قِصَّتُها شَبِيهةً بقِصَّتِها فظَنَنْتُ أنَّها مِنها، فقُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولَم يُبَيِّنْ لنا أنها

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي (11209). وهو في "المسند"(7433)، و"صحيح ابن حبان"(4806).

(2)

في (س): حسن صحيح غريب من حديث الأعمش.

ص: 319

مِنها، فمِن أجْلِ ذلكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُما ولم أكتُبْ بيْنَهما سَطْرَ بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فوَضَعْتُها في السَّبْعِ الطُّوَلِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ. لا نعرِفُه إلا من حديثِ عَوْفٍ، عن يزيدَ الفارِسِيِّ، عن ابنِ عبَّاسٍ. ويزيدُ الفارِسِيُّ قد رَوَى عن ابنِ عبَّاسٍ غيرَ حديثٍ، ويقالُ هو: يزيدُ بنُ هُرْمُزَ، ويزيدُ الرَّقاشِيُّ هو: يزيدُ بنُ أبانَ الرَّقَاشِيُّ ولم يُدْرِكِ ابنَ عبَّاسِ، إنّما رَوَى عن أنسِ بنِ مالِكٍ، وكِلاهما من أهلِ البَصْرَةِ، ويزيدُ الفارِسيُّ أقْدَمُ من يزيدَ الرَّقاشِيِّ

(2)

.

3341 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ عَلِيًّ الخَلّالُ، قال: حدَّثنا حُسينُ بنُ عليٍّ الجُعْفِيُّ، عن زائدةَ، عن شَبِيبِ بنِ غَرْقَدَةَ، عن سليمانَ بنِ عمرِو بن الأحْوَصِ، قال:

حدَّثني أبي أنّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الوداعِ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فحَمِدَ الله وأثْنَى عليه وذَكَّرَ ووعَظَ، ثُمّ قال:"أيُّ يومٍ أحْرَمُ، أيُّ يومٍ أحْرَمُ، أيُّ يومٍ أحْرَمُ؟ " قال: فقال النَّاسُ: يومُ الحَجِّ الأكْبَرِ يا

(1)

إسناده ضعيف ومتنه منكر، يزيد الفارسي هذا لم يرو عنه هذا الحديث غير عوف بن أبي جميلة، وهو في عداد المجهولين، وقد انفرد بروايته، وهو غير يزيد بن هرمز الثقة الذي خرّج له مسلم. ويزيد هذا قد اختلفوا في تعيينه، انظر بسط الكلام عليه في "المسند"(399)، و"صحيح ابن حبان"(43).

وأخرجه أبو داود (786) و (787)، والنسائي في "فضائل القرآن"(32).

(2)

من قوله: "ويزيد الفارسي قد روى" إلى هنا أثبتناه من (ل) و (س)، وهو في (أ) و (د) مختصر.

ص: 320

رسولَ اللهِ، قال: "فإنَّ دِماءَكُم وأموالَكُم وأعراضَكُم عليكم حرامٌ كَحُرْمَةِ يومِكُم هذا في بَلَدِكُم هذا في شَهرِكُم هذا، ألا لا يَجْني جَانٍ إلَّا على نفْسِه، ولا يَجْنِي والدٌ على ولَدِه، ولا ولدٌ على والِدِه، ألا إنَّ المسلمَ أخو المسلمِ، فليسَ يَحِلُّ لمسلمٍ من أخيهِ شَيءٌ إلا ما أحَلَّ من نفْسِه.

ألا وإنَّ كلَّ ربًا في الجاهِليَّةِ موضوعٌ، لكُم رُؤُوسُ أموالِكُم لا تَظلِمونَ ولا تُظلَمونَ غيرَ رِبا العبَّاسِ بن عبدِ المُطَّلِب، فإنَّه موضُوعٌ كُلُّه.

ألا وإنَّ كُلَّ دَمٍ كانَ في الجاهِلِيَّةِ موضوعٌ، وأوّلُ دمٍ أضَعُ مِن دمِ الجاهِلِيَّةِ دمُ الحارِثِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، كانَ مُسْتَرْضعًا في بني ليثٍ فقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ.

ألا واسْتَوْصُوا بالنِّساء خيرًا، فإنّما هُنَّ عَوَانٍ عِندَكُم ليسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيئًا غيرَ ذلِكَ إلا أنْ يأتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنةٍ، فَإنْ فَعَلْنَ، فاهْجُرُوهُنَّ في المَضَاجِع، واضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، فإنْ أطعْنكُم فلا تَبْغُوا عليهِنَّ سبيلًا.

ألا وإنَّ لكُم على نِسائِكُم حَقًّا، ولِنسائِكُم عليكُم حقًّا، فأمَّا حقُّكُم على نِسائِكُم، فلا يُوطِئنَ فُرُشكُم مَن تكرَهونَ، ولا يأذَنَّ في بيُوتِكُم لِمَنْ تكْرَهُونَ، ألا وإنَّ حَقّهُنَّ عليكُم أن تُحْسِنُوا إليهنَّ في كِسْوَتِهِنَّ وطَعامِهِنَّ"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (1197). وقوله: "هن عوانٍ =

ص: 321

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواهُ أبو الأحوَصِ عن شَبِيبِ بن غَرْقَدَةَ.

3342 -

حدَّثنا عبدُ الوَارِثِ بنُ عبدِ الصَّمَدِ بنِ عبدِ الوارِثِ، قال: حدَّثنا أبي، عن أبيه، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن أبي إسحاقَ، عن الحارثِ

عن عليٍّ، قال: سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن يومِ الحجِّ الأكْبَرِ فقال: "يومُ النَّحْرِ"

(1)

.

3343 -

حَدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، عن الحارِثِ

عن عليٍّ، قال: يومُ الحَجِّ الأكْبَرِ يومُ النّحْرِ

(2)

.

هذا أصَحُّ مِن حديثِ محمدِ بنِ إسحاقَ، لأنّهُ رُوِيَ من غيرِ وجهٍ هذا الحديثُ عن أبي إسحاقَ، عن الحارثِ، عن عليٍّ موقُوفًا، ولا نَعْلَمُ أحدًا رَفَعَهُ إلّا ما رُوِيَ عن محمدِ بنِ إسحاقَ، وقد رَوَى شُعبةُ هذا الحديثَ عن أبي إسحاق، عن عبد اللهِ بنِ مُرَّةَ، عن الحارثِ، عن عليٍّ موقوفًا.

= عندكم" عوان: جمع عانية، قال في "النهاية": العاني: الأسير، وكل من ذلَّ واستكان وخضع، فقد عنا يعنو، وهو عانٍ، والمرأة عانية، وجمعها: عوانٍ.

(1)

إسناده ضعيف، فيه تدليس محمد بن إسحاق، والحارث - وهو ابن عبد الله الأعور - ضعيف، وله طريق آخر عند الطبري (16405) يصح بها.

وقد ثبت الحديث مرفوعًا من حديث أبي هريرة عند البخاري (3177) ومسلم (1347).

(2)

هذا إسناد ضعيف وانظر ما قبله.

ص: 322

3344 -

حدَّثنا محمد بنُ بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا عَفّانُ بنُ مسلمٍ وعبدُ الصَّمَدِ بنُ عبدِ الوارِثِ، قالا: حدَّثنا حمَّادُ بنُ سَلمَةَ، عن سِماكِ بنِ حَربٍ

عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِبَراءَةَ معَ أبي بكرٍ، ثُمَّ دَعاهُ، فقال:"لا يَنْبَغي لأحدٍ أن يُبَلِّغَ هذا إلا رجلٌ من أهْلِي، فدَعا عَلِيًّا فأعطاهُ إيَّاهُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديثِ أنسِ بنِ مالِكٍ.

3345 -

حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ، قال: حدَّثنا سعيدُ بنُ سليمانَ، قال: حدَّثنا عَبّادُ بنُ العَوَّامِ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ حُسينٍ، عن االحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، عن مِقْسَمٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ وأمَرَ أن يُنادِيَ بهؤُلاءِ الكلِماتِ، ثُمَّ أتْبَعَهُ عليًّا، فبَيْنا أبو بكرٍ في بعضِ الطَّرِيقِ إذ سَمِعَ رُغَاءَ ناقةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم القَصْوَاءَ، فَخَرَج أبو بكرٍ فَزِعًا فظَنَّ أنَّهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فإذا عَلِيٌّ، فَدَفَعَ إليه كتابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأمَرَ

(1)

إسناده ضعيف، سماك بن حرب ليس بالقوي، وقد استنكر متن الحديث الخطابيُّ وابن تيمية في "منهاج السنة" 5/ 63، والجورقاني في "الأباطيل" 1/ 131، وابن كثير في "تفسيره" 4/ 48.

قال الخطابي: عامة من بلغ عنه صلى الله عليه وسلم غير أهل بيته، فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة إلى المدينة يدعو الناس إلى الإسلام، ويعلم الأنصار القرآن ويفقهم في الدين، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين في مثل ذلك، وبعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن، وبعث عتاب بن أَسيد إلى مكة، فأين من زعم أنه لا يبلغ عنه إلا رجل من أهل بيته.

وأخرجه أحمد (13214).

ص: 323

عَلِيًّا أن يُنادِيَ بهؤُلاءِ الكَلِمَاتِ، فانْطَلَقا فحَجَّا، فقامَ عليٌّ أيَّامَ التَّشْرِيقِ، فنادَى: ذِمّةُ اللهِ ورسولِه بَريئةٌ من كُلِّ مُشْرِكٍ فَسِيحوا في الأرضِ أربَعَةَ أشْهُرٍ، ولا يَحُجَّنَّ بعدَ العامِ مُشْرِكٌ، ولا يَطُوفَنَّ بالبَيتِ عُرْيانٌ، ولا يَدْخُلُ الجنّةَ إلّا مُؤمِنٌ. وكانَ عليٌّ يُنادِي، فإذا عَيِيَ قامَ أبو بكرٍ، فنادَى بِهَا

(1)

.

وهذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ.

3346 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثَنَا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، عن زَيْدِ بن يُثَيعٍ، قال:

سألنا عليًّا: بأيِّ شيءٍ بُعِثْتَ في الحَجَّةِ؟ قال: بُعِثْتُ بأربَعٍ: أن لا يَطوفَنَّ بالبَيتِ عُرْيانٌ، ومن كان بَينَه وبينَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ، فهو إلى مُدَّتِه، ومن لم يكُنْ له عَهْدٌ، فأجَلُه أربَعَةُ أشهُرٍ، ولا يَدْخُلُ الجنّةَ إلَّا نَفْسٌ مُؤمِنَةٌ، ولا يَجْتَمِعُ المُشركونَ والمسْلمونَ بعدَ عامِهِم هذا

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ

(3)

. وهو حدِيثُ سفيانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عن أبي إسحاقَ. ورواهُ سفيان الثَّورِيُّ عن أبي إسحاقَ، عن بعضِ

(1)

إسناده قوي، وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل"(3585)، وانظر تتمة تخريجه فيه.

(2)

صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (886)، رفي الباب عن أبي هريرة، وعن ابن عباس، وعن جابر ذكرناها في تعليقنا على "المسند"(594).

(3)

في (س): حديث حسن.

ص: 324

أصحابِه، عن عليٍّ.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ.

3347 -

حدَّثنا نَصْرُ بنُ عليٍّ وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيَينَةَ، عن أبي إسحاقَ، عن زيدِ بنِ يُثَيعٍ، عن عليٍّ نحوهُ

(1)

.

3348 -

حدَّثنا عليُّ بنُ خَشْرَمٍ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيَينَةَ، عن أبي إسحاقَ، عن زَيدِ بنِ أُثَيْعٍ، عن عليٍّ نحوهُ

(2)

.

وقد رُوِيَ عن ابنِ عُيَينَةَ كِلتا الرِّوَايَتَينِ، يقالُ عنه: عن ابنِ أُثَيْعٍ، وعن ابنِ يُثَيعٍ، والصَّحِيحُ زيدُ بنُ أُثَيْعٍ.

وقد رَوَى شُعبَةُ عن أبي إسحاقَ عن زيدٍ غيرَ هذا الحديثِ، فوَهِمَ فيهِ، وقال: زَيدُ بنُ أُثَيلٍ، ولا يُتابعُ عليهِ.

3349 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا رِشْدِينُ بنُ سعدٍ، عن عمرِو بن الحارِثِ، عن دَرَّاجٍ، عن أبي الهَيْثَمِ

عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتُمُ الرَّجلَ يَعْتادُ المسجدَ، فاشهَدوا له بالإيمانِ، قال اللهُ تعالى:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}

(3)

[التوبة: 18].

3350 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ وهْبٍ، عن عمرِو

(1)

صحيح وقد سلف برقم (887).

(2)

صحيح وقد سلف برقم (887).

تنبيه: هذان الحديثان لم يردا في نسختي (أ) و (د)، وأثبتناهما من (ل) و (س).

(3)

إسناده ضعيف لضعف رشدين بن سعد، ودراج.

ص: 325

ابنِ الحارِث، عن دَرَّاجٍ، عن أبي الهَيْثَمِ، عن أبي سعيدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحوهُ، إلا أنَّه قالَ: يَتَعاهَدُ المَسجِدَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

وأبو الهَيثَمِ اسمُه: سليمانُ بنُ عمرِو بنِ عبدٍ العُتْوارِيُّ، وكان يَتِيمًا في حِجْرِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ.

3351 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بن موسى، عن إسرائيلَ، عن منصورٍ، عن سالمِ بنِ أبي الجَعْدِ

عن ثَوبانَ، قال: لمَّا نَزَلَتْ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] قال: كُنَّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَعضِ أسفارِه، فقالَ بعضُ أصحابه: أُنْزِلَتْ في الذَّهَبِ والفِضّةِ، لو عَلِمنا أيُّ المالِ خَيْرٌ فَنَتَّخِذَهُ؟ فقال:"أفْضَلُه لِسَانٌ ذاكِرٌ، وقَلْبٌ شاكِرٌ، وزَوجَةٌ مُؤْمِنةٌ تُعِينُه على إيمانِه"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

سَألْتُ مُحَمَّدَ بنَ إسماعيلَ فقلتُ لهُ: سالمُ بنُ أبي الجَعْدِ سَمِعَ من ثَوبانَ؟ فقال: لا، فقلتُ له: مِمَّنْ سَمِعَ من أصحابِ

(1)

إسناده ضعيف، لضعف دراج، وقد سلف تخريجه برقم (2805).

(2)

حسن لغيره، سالم بن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان فيما قاله غير واحد من أهل العلم.

وأخرجه ابن ماجه (1856).

وللحديث شاهدان ذكرناهما في تعليقنا على "المسند"(22392) فانظرهما فيه.

ص: 326

النبيَّ صلى الله عليه وسلم؟ فقالَ سَمِعَ من جابرِ بنِ عبدِ اللهِ وأنسِ بنِ مالكٍ، وذَكَرَ غيرَ واحدٍ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

3352 -

حدَّثنا حسينُ بنُ يزيدَ الكُوفِيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ السَّلامِ بنُ حَرْبٍ، عن غُطَيفِ بنِ أعْيَنَ، عن مُصْعَبِ بنِ سعدٍ

عن عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ، قال: أَتَيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وفي عُنُقِي صَلِيبٌ من ذهبٍ. فقال: "يا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هذا الوَثَنَ"، وسَمِعْتُه يَقرَأ في سورةِ بَرَاءَةَ:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]، قال:"أما إنَّهُم لم يكُونُوا يَعبُدُونَهُم، ولكِنَّهُم كانُوا إذا أحَلُّوا لهم شيئًا استَحَلُّوه، وإذا حَرَّمُوا عليهم شيئًا حَرَّمُوه"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ

(2)

، لا نَعرِفُه إلا من حديثِ عبدِ السَّلامِ بنِ حَرْبٍ، وغُطَيفُ بنُ أعْيَنَ ليس بِمَعْروفٍ في الحَديثِ.

3353 -

حدَّثنا زيادُ بن أيُّوبَ البَغْدادِيُّ، قال: حدَّثنا عفّانُ بنُ مسلمٍ، قال: حدَّثنا همَّامٌ، قال: أخبرنا ثابِتٌ، عن أنسٍ

أنَّ أبا بكرٍ حَدَّثَه، قال: قلتُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ونحنُ في الغارِ: لو

(1)

إسناده ضعيف، غُطيف بن أعين، ضعفه الدارقطني وابن الجوزي وابن حجر، ولم يرو عنه غير إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك، وعبد السلام بن حرب وهو ثقة حافظ، لكن له مناكير.

وأخرجه ابن جرير الطبري 10/ 114، والطبراني 17/ (218) و (219).

(2)

في (أ) و (د): حسن غريب، والمثبت من (س) و (ل)، وهو الصواب.

ص: 327

أنَّ أحَدَهُم يَنْظُرُ إلى قَدَمَيه لأَبصَرَنا تحتَ قَدَمَيه، فقال:"يا أبا بكرٍ، ما ظَنُّكَ باثْنَينِ اللهُ ثالِثُهُما"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ. إنَّما يُروى من حديثِ هَمَّامٍ، تَفَرَّدَ بهِ

(2)

وقد رَوَى هذا الحديثَ حَبَّانُ بنُ هِلالٍ، وغيرُ واحِدٍ عن هَمَّامٍ نحوَ هذا.

3354 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ بنِ سعدٍ، عن أبيهِ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن الزُّهرِيِّ، عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُتبَةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قال:

سَمِعْتُ عمرَ بنَ الخطَّابِ يقولُ: لمّا تُوُفِّيَ عبدُ اللهِ بنُ أُبيٍّ دُعِيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم للصَّلاةِ عليه، فقامَ إليه، فلَمَّا وقَفَ عليه يُريدُ الصَّلاةَ، تَحَوَّلتُ حتَّى قُمْتُ في صَدْرِه. فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أعَلَى عَدُوِّ اللهِ عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ القائِلِ يومَ كذا وكذا: كذا وكذا؟ - يَعُدُّ أيَّامَهُ -. قال: ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَبسَّمُ، حتَّى إذا أكْثَرْتُ عليه، قال: "أخِّرْ عَنِّي يا عمرُ، إنِّي قد خُيِّرتُ فاختَرْتُ، قد قيلَ لي:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] لو أعلمُ أنِّي لو زِدْتُ على السَّبعِينَ غُفِرَ له

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3653)، ومسلم (2381). وهو في "المسند"(11)، و"صحيح ابن حبان"(6278).

(2)

قوله: "تفرد به" لم ترد إلا في (ل).

ص: 328

لَزِدْتُ، قال: ثُمَّ صلّى عليه ومَشَى معه، فقامَ على قَبْرِه حتَّى فُرِغَ منه، قال: فَعَجَبٌ لي، وجُرْأتِي على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، واللهُ ورسولُه أعلمُ، فواللهِ ما كانَ إلا يَسِيرًا حتَّى نَزَلَتْ هاتانِ الآيتانِ:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} إلى آخِرِ الآيةِ، [التوبة: 84]، قال: فما صلّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعدَهُ على مُنافقٍ، ولا قامَ على قَبْرِه حَتَّى قبَضَهُ اللهُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.

3355 -

حدَّثنا محمَّدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ، قال: أخبرنا نافعٌ

عن ابنِ عمرَ، قال: جاءَ عبد اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ ماتَ أبوه، فقال: أعْطِنِي قَمِيصَكَ أكَفِّنْهُ، وصَلِّ عليه، واسْتَغْفِرْ له، فأعطاهُ قَمِيصَهُ وقال:"إذا فَرَغْتُم فآذِنُونِي"، فَلَمَّا أرادَ أن يُصَلِّيَ جَذَبَهُ عمرُ وقال: أليسَ قد نَهَى اللهُ أن تُصَلِّيَ على المُنافِقِينَ؟ فقالَ: "أنا بينَ خِيرَتَيْنِ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] فصَلّى عليهِ، فأنزَلَ اللهُ:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] فتَرَكَ الصَّلاةَ عليهم

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند ابن حبان. وأخرجه البخاري (1366)، والنسائي 4/ 67 - 68. وهو في "المسند" (95)، و"صحيح ابن حبان" (3176).

(2)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (1269)، ومسلم (2400)، وابن ماجه =

ص: 329

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3356 -

حدَّثنا قُتَيبَةُ، قال: حدَّثنا اللَّيثُ، عن عِمْرَانَ بنِ أبي أنسٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي سعيدٍ

عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، أنّهُ قال: تَمَارَى رجلانِ في المسجِدِ الذي أُسِّسَ على التَّقْوى من أوَّلِ يومٍ، فقالَ رجلٌ: هو مسجدُ قُبَاءَ، وقال الآخرُ: هو مسجدُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هو مسجدي هذا"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ ابن أبي أنسٍ

(2)

، وقد رُوِيَ هذا عن أبي سعيدٍ من غيرِ هذا الوجهِ، ورَواهُ أُنَيسُ بنُ أبي يحيى عن أبيهِ، عن أبي سعيدٍ.

= (1523)، والنسائي 4/ 36. وهو في "المسند" (4680)، و"صحيح ابن حبان" (3175).

قال الإمام الخطابي في "أعلام الحديث"(3/ 1849) - ونقله عنه الحافظ في "الفتح" 8/ 336 - : إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين، والتألف لابنه عبد الله ولقومه وعشيرته من الخزرج، وكان رئيسًا عليهم، ومعظمًا فيهم، فلو ترك الصلاة عليه قبل ورود النهي عنها، لكان سُبَّةً على ابنه، وعارًا على قومه، فاستعمل صلى الله عليه وسلم أحسن الأمرين وأفضلهما في مبلغ الرأي وحق السياسة في الدعاء إلى الدين، والتألف عليه إلى أن نهي عنه، فانتهى صلى الله عليه وسلم.

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (323).

(2)

قوله: "غريب من حديث ابن أبي أنس" لم يرد في (أ) و (د)، وأثبتناه من (ل) و (س).

ص: 330

3357 -

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: حدَّثنا مُعاوِيَةُ بنُ هشامٍ، قال: حدَّثنا يونسُ بنُ الحارثِ، عن إبراهيمَ بنِ أبي مَيْمُونَةَ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "نزلَتْ هذهِ الآيةُ في أهلِ قُباءَ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] قال: كانُوا يَسْتَنْجُونَ بالماءِ، فنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ فِيهِم

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجهِ.

وفي البابِ عن أبي أيُّوبَ، وأنسِ بنِ مالكٍ، ومحمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سلامٍ.

3358 -

حدَّثنا محمود بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي الخَليلِ

عن عليٍّ، قال: سَمِعْتُ رجلًا يَسْتَغفِرُ لأبويهِ وهُما مُشْرِكانِ، فقلتُ له: أتَسْتَغْفِرُ لأبويكَ وهما مُشْرِكانِ؟ فقال: أوَليسَ اسْتَغْفَرَ إبراهيمُ لأبيهِ وهو مُشْرِكٌ، فذَكَرْتُ ذلكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزلَتْ:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}

(2)

[التوبة: 113].

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يونس بن الحارث، ولجهالة إبراهيم بن أبي ميمونة.

وأخرجه أبو داود (44)، وابن ماجه (357). وانظر التعليق على الحديث (15485) في "مسند أحمد".

(2)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الخليل - واسمه =

ص: 331

هذا حديثٌ حسنٌ.

وفي البابِ عن سعيدِ بنِ المُسَيّبِ، عن أبيه.

3359 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدثنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا مَعمَرٌ، عن الزُّهرِيِّ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ كَعْبِ بنِ مالكٍ

عن أبيهِ قال: لم أتَخَلّفْ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةٍ غَزاها حتَّى كانت غَزْوَةُ تَبوكٍ إلا بدرًا، ولم يُعَاتِبِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أحدًا تَخَلَّفَ عن بدرٍ، إنّما خَرَجَ يُرِيدُ العِيرَ فَخَرجَتْ قُريشٌ مُغْيثِينَ لِعيرِهم، فالتَقَوا عن غيرِ مَوعِدٍ كما قال اللهُ عز وجل، ولَعَمْرِي إنّ أشْرَفَ مَشاهِدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في النّاسِ لَبَدْرُ، وما أُحِبُّ أنِّي كنتُ شَهِدْتُها مكانَ بَيْعَتي ليلةَ العَقَبَةِ حيثُ تَوَاثقْنا على الإسلام، ثُمَّ لم أتَخَلَّفْ بعدُ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم حتَّى كانت غَزْوَةُ تَبوكٍ، وهي آخِرُ غزْوَةٍ غَزاها، وآذَنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بالرَّحِيلِ فذَكَرَ الحديثَ بِطُولِه.

قال: فَانْطَلَقتُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإذا هو جالسٌ في المسجدِ وحَولَه المسلمونَ وهو يَسْتَنِيرُ كاسْتِنار القَمَرِ، وكانَ إذا سُرَّ بالأمْرِ اسْتَنَارَ، فَجِئْتُ فجَلَسْتُ بينَ يَدَيهِ فقال:"أبْشِرْ يا كعب بن مالكٍ بِخَيْرِ يومٍ أَتى عَلَيكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ"، فقُلتُ: يا نَبيَّ اللهِ، أمِنْ عندِ اللهِ أم من عِندِكَ؟ قال:"بل من عندِ اللهِ"، ثُمَّ تَلا هؤلاءِ

= عبد الله بن أبي الخليل - فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" وحسن المصنف حديثه هذا.

وأخرجه أحمد (771)، والنسائي 4/ 91.

ص: 332

الآياتِ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117] قال: وفِينَا أُنْزِلَتْ أيضًا: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].

قال: قلتُ: يا نَبيَّ اللهِ، إنَّ من تَوْبَتِي أن لا أُحَدِّثَ إلّا صِدْقًا، وأن أنْخَلِعَ من مالي كُلِّه صَدَقَةً إلى اللهِ وإلى رسولِه، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أمْسِكْ عليكَ بعضَ مالِكَ، فهو خَيرٌ لكَ"، فقلتُ: فإنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الذي بخَيْبَرَ، قال: فما أنْعَمَ اللهُ عليَّ نِعْمَةً بعدَ الإسلامِ أعْظَمَ في نَفْسِي من صِدْقِي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ صَدَقْتُه أنا وصاحِبايَ، ولا نكونُ كَذَبْنا فهَلَكْنا كما هَلَكوا، وإنَّي لأرجُو أن لا يكُونَ اللهُ أبْلَى أحدًا في الصِّدْقِ مثلَ الذي أبْلانِي ما تَعَمَّدْتُ لكَذِبَةٍ بَعدُ، وإنِّي لأرجُو أن يَحْفَظَني اللهُ فيما بَقيَ

(1)

.

وقدْ رُوِيَ عن الزُّهرِيِّ هذا الحديثُ بِخِلافِ هذا الإسنادِ، فقد قِيلَ: عن عبدِ الرحمنِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ، عن أبيه، عن كَعْبٍ، وقدْ قِيلَ غيرُ هذا، ورَوَى يونُس بن يزيد هذا الحديثَ عن الزُّهرِيِّ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ عبد اللهِ بنِ كَعْبِ بن مالكٍ أنّ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه تامًا ومقطعًا البخاري (4418)، ومسلم (2769)، وأبو داود (2202) و (2605) و (2773) و (2781) و (3317 - 3319) و (3321) و (4600)، وابن ماجه (1393)، والنسائي 2/ 53 و 6/ 152 و 153 و 7/ 22 و 23. وهو في "المسند" (15789)، و"صحيح ابن حبان" (3370).

ص: 333

أباهُ حَدَّثَهُ، عن كَعْبِ بنِ مالكٍ.

3360 -

حدَّثنا محمَّدُ بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْدِيٍّ، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سَعْدٍ، عن الزُّهرِيِّ، عن عُبَيْدِ بنِ السَّبَّاقِ، أنَّ زيدَ بنَ ثابِتٍ حَدَّثَه، قال:

بَعَثَ إليَّ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ مَقْتَلَ أهلِ اليَمامَةِ، فإذا عمرُ بنُ الخَطَّابِ عِنْدَه، فقال: إنَّ عمرَ قد أتانِي فقال: إنَّ القَتْلَ قد اسْتَحَرَّ بِقُرَّاءِ القُرآنِ يومَ اليَمامَةِ، وإنِّي لأخْشَى أن يَسْتَحِرَّ القتلُ بالقُرَّاءِ في المَواطِنِ كُلِّها، فيَذْهَب قُرآنٌ كَثِيرٌ، وإنِّي أرَى أن تأمُرَ بِجَمعِ القُرآنِ، قالَ أبو بكرٍ لعمرَ: كيفَ أفعلُ شيئًا لم يَفعَلْهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقالَ عمرُ: هو واللهِ خَيْرٌ، فلمْ يَزَلْ يُراجِعُنِي في ذلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي للذِي شَرَحَ صَدْرَ عمرَ، ورأيتُ فيهِ الذي رَأى.

قال زيدٌ: قال أبو بكرٍ: إنّكَ شابٌّ عاقِلٌ لا نَتَّهِمُكَ، قد كنتَ تَكْتُبُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الوَحْيَ، فَتَتبَّعِ القُرآنَ، قال: فواللهِ لو كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ من الجبالِ ما كانَ أثْقَل عليَّ من ذلكَ، قلتُ: كيفَ تَفْعَلونَ شيئًا لم يَفْعَلْه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكرٍ: هو واللهِ خَيْرٌ، فلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُني في ذلِكَ أبو بكرٍ وعمرُ حتَّى شَرَحَ اللهُ صدْرِي لِلَّذي شَرَحَ له صَدْرَهُما: صدْرَ أبي بكرٍ وعمرَ.

فتتبَّعْت القُرآنَ أجْمَعُه مِن الرِّقَاعِ والعُسُبِ واللِّخَافِ - يعني الحجارةَ - وصُدُورِ الرِّجالِ، فَوَجَدْتُ آخِرَ سورةِ بَرَاءَةَ مع خُزَيمَةَ بنِ ثابتٍ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ

ص: 334

حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}

(1)

[التوبة: 128، 129].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3361 -

حدَّثنا محمَّدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرحمنِ بنُ مَهدِيٍّ، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سَعْدٍ، عن الزُّهرِيِّ، عن أنسٍ

أنَّ حُذَيفَةَ قَدِمَ على عثمانَ بنِ عفّانَ، وكانَ يُغازِي أهلَ الشَّامِ في فَتْحِ أرمِينِيَّةَ وأذربِيجَانَ مع أهلِ العراقِ، فرَأى حُذَيفَةُ اختلافَهُم في القُرآنِ، فقال لعثمانَ بنِ عفّانَ: يا أميرَ المُؤْمِنينَ، أدْرِكْ هذه الأمَّةَ قبلَ أن يَختَلِفُوا في الكتابِ كما اختَلَفَتِ اليهودُ والنَّصارى،

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4679)، والنسائي في "الكبرى"(7995). وهو في "المسند"(57)، و"صحيح ابن حبان"(4506).

مقتل اليمامة: كان في سنة اثنتي عشرة للهجرة، وقد دارت رحى الحرب بين المسلمين وأهل الردة من أتباع مسيلمة الكذاب، وكانت معركة حامية الوطيس، استشهد فيها كثير من الصحابة وحفظتهم للقُرآن، ينتهي عددهم إلى السبعين، من أجلهم سالم مولى أبي حذيفة.

والعُسُبُ بضم العين والسين: جمع عسيب، وهو جريد النخل، كانوا يكشطون الخوص، ويكتبون في الطرف العريض، وقيل: العسيب طرف الجريد العريض الذي لم ينبت عليه الخوص، والذي ينبت عليه الخوص: هو العسف.

واللخاف: بكسر اللام، ثم خاء معجمة خفيفة، وآخره فاء: جمع لَخْفَة، وهي صفائح الحجارة الرقاق.

ص: 335

فأرسلَ إلى حَفصَةَ أن أرسِلِي إلينا بالصُّحُفِ نَنسَخُها في المصاحفِ ثُمَّ نَرُدُّها إليكِ، فأرسَلَتْ حَفصَةُ إلى عثمانَ بالصُّحُفِ، فأرْسَلَ عُثمانُ إلى زيدِ بنِ ثابتٍ وسعيدِ بنِ العاصِ وعبدِ الرحمنِ بنِ الحارِثِ بنِ هشامٍ وعبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ: أن انْسَخُوا الصُّحُفَ في المصاحفِ، وقال لِلرَّهْطِ القُرَشيِّينَ الثلاثةِ: ما اختَلَفتُم أنتُم وزيدُ بنُ ثابِتٍ فاكتُبُوه بِلِسَانِ قُرَيشٍ، فإنَّما نزلَ بِلِسانِهِم، حتَّى نَسَخُوا الصُّحُفَ في المصاحفِ، بَعَثَ عثمانُ إلى كُلَّ أُفُقٍ بِمُصحَفٍ من تِلكَ المصاحفِ التي نَسَخُوا.

قال الزُّهْريُّ: وحدَّثني خارِجَةُ بنُ زيدِ بنِ ثابتٍ، أنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ قال: فَقَدْتُ آيةً من سورةِ الأحزابِ كنتُ أسْمَعُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرؤُها {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23] فالتَمَسْتُها فوجَدْتُها مع خُزَيمَةَ بنِ ثابتٍ أو أبي خُزَيمَةَ فألحَقْتُها في سورتِها

(1)

.

قال الزُّهرَيُّ: فاختَلَفُوا يومئذٍ في التَّابوتِ والتَّابوهِ، فقال: القُرَشِيُّونَ: التَّابوتُ، وقال زيدٌ: التَّابُوهُ، فَرُفعَ اختِلافُهُم إلى عثمانَ، فقال: اكتُبُوه التَّابُوتَ، فإنَّهُ نَزَلَ بلسانِ قُرَيشٍ.

(1)

أي: لم يجدها مكتوبة عند أحد إلا عند خزيمة، فالذي انفرد به خزيمة هو كتابتها، لا حفظها، وليست الكتابة شرطًا في المتواتر، بل المشروط فيه أن يرويه جمع يُؤمن تواطؤُهم على الكذب، ولو لم يكتبه واحد منهم. انظر "الفتح" 9/ 15.

ص: 336

قال الزُّهرِيُّ: فأخبرني عبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ

(1)

أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ كَرِهَ لِزَيدِ بنِ ثابتٍ نَسْخَ المصاحفِ، وقال: يا مَعْشَرَ المسلمينَ، أُعْزَلُ عن نَسخِ كِتابَةِ المُصحفِ ويَتولّاها رجلٌ واللهِ لقد أسلمْتُ وإنَّهُ لفي صُلبِ رجلٍ كافرٍ، يُرِيدُ زيدَ بنَ ثابتٍ، ولذلكَ قال عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: يا أهلَ العراقِ اكتُمُوا المصاحِفَ التي عِنْدَكُم وغُلُّوهَا، فإنَّ اللهَ يقولُ:{وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] فالْقَوُا اللهَ بالمصاحفِ.

قال الزُّهرِيُّ: فبَلغَني أنَّ ذلكَ كَرِهَه

(2)

من مَقالَةِ ابنِ مسعودٍ رجالٌ من أفاضلِ أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وهو حديثُ الزُّهرِيِّ، ولا نعرفُه إلَّا من حديثه.

(1)

قال المزي في "تحفة الأشراف" 7/ 90، وفي "تهذيب الكمال": لم يدرك عبدَ الله بن مسعود، فروايته عنه مرسلة.

(2)

المثبت من (س)، وفي سائر النسخ: كره.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه بتمامه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 282 - 283، وأخرجه البخاري (4987). وهو في "المسند"(21640).

وأرمينية: هي أنجاد وجبال في آسيا الصغرى جنوب القفقاز بين أنجاد إيران شرقًا والأناضول غربًا، وبين بحر قزوين ومسيل الفرات الأعلى.

وأذربيجان: إقليم واسع يشتمل على مدن وقلاع وخيرات يقع في شمال غرب إيران، من أهم مدنه: تبريز، وقد فتحت في أيام عمر بن الخطاب.

ص: 337

‌11 - ومن سورة يونس

3362 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرحمنِ بنُ مَهدِيٍّ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ سَلمَةَ، عن ثابتٍ البُنانيِّ، عن عبد الرحمنِ بنِ أبي ليلى

عن صُهَيبٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِ اللهِ عز وجل:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] قال: إذا دَخَلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، نَادَى مُنادٍ: إنَّ لكُم عند اللهِ مَوعِدًا يُريدُ أنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، قالوا: ألَمْ يُبَيِّضْ وجُوهَنا ويُنَجِّنا من النَّارِ ويُدْخِلْنا الجنَّةَ؟ قال: فيُكْشَفُ الحِجَابُ، قال: فواللهِ ما أعطاهُمُ اللهُ شيئًا أحَبَّ إليهم من النَّظَرِ إليه

(1)

.

حديثُ حمَّادِ بنِ سَلمَةَ هكذا رواه غيرُ واحدٍ عن حمَّادِ بنِ سَلمَةَ مرفوعًا. ورَوَى سليمانُ بنُ المُغِيرَةِ هذا الحديثَ عن ثابتٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ليلى قوله، ولم يَذْكُر فيه: عن صُهَيْبٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

3363 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ المُنكَدِرِ، عن عطاءِ بنِ يَسَارٍ، عن رجلٍ من أهلِ مِصرَ، قال:

سألتُ أبا الدَّرداءِ عن هذهِ الآيةِ {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] قال: ما سَألنِي عنها أحدٌ منذُ سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: "ما سَألَنِي عنها أحدٌ غَيرُكَ منذ أُنْزِلَتْ، هيَ الرُّؤْيا الصَّالحةُ

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (2728).

ص: 338

يَراها المسلمُ أو تُرَى له"

(1)

.

3364 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيْعٍ، عن أبي صالحٍ السَّمَّانِ، عن عطاءِ بنِ يسارٍ، عن رجلٍ من أهلِ مصرَ، عن أبي الدَّرداءِ فذَكَرَ نَحوَه

(2)

.

3365 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زيدٍ، عن عاصمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عن أبي صالحٍ، عن أبي الدَّرداءِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَهُ، وليسَ فيهِ: عن عطاءِ بنِ يَسَارٍ

(3)

.

وفي البابِ عن عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ.

3366 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا حجَّاجُ بنُ مِنهالٍ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عن عليِّ بنِ زيدٍ، عن يوسفَ بنِ مِهْرانَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لمَّا أغْرَقَ اللهُ فِرعَونَ قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90]، فقالَ جبريلُ: يا محمَّدُ، فلو رَأَيتَنِي وأنا آخُذُ من حَالِ البَحرِ،

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي الدرداء، وقد سلف تخريجه برقم (2426).

وله شاهد من حديث عبادة بن الصامت عند أحمد (22687).

وآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عنده أيضًا (7044).

وثالث من حديث أبي هريرة عند الطبري (17726) و (17728).

(2)

انظر ما قبله.

(3)

إسناده حسن، وأخرجه الطبري (17735)(17741) من طريقين عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، قال: سمعت أبا الدرداء.

ص: 339

فأدُسُّه في فيه، مَخافَةَ أن تُدْرِكَه الرَّحمَةُ"

(1)

هذا حديثٌ حسنٌ.

3367 -

حدَّثنا محمَّدُ بنُ عبدِ الأعلَى الصَّنعانِيُّ، قال: حدَّثنا خالدُ بنُ الحارثِ، قال: حدثنا شُعبةُ، قال: أخبرني عَدِيُّ بنُ ثابتٍ وعطاءُ بنُ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جُبَير

عن ابنِ عبَّاسٍ ذَكَرَ أحَدُهُما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه ذَكَرَ أنَّ جبريلَ جَعَلَ يَدُسُّ في فِي فِرعَونَ الطِّينَ خَشْيَةَ أن يقولَ: لا إله إلا اللهُ، فيَرحَمَه اللهُ، أو خَشيَةَ أن يَرحَمَه"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجهِ.

‌12 - ومن سورة هود

3368 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبرنا حمَّادُ بن سَلَمَةَ، عن يعلى بن عطاءٍ، عن وكيعِ بن حُدُسٍ

عن عَمِّه أبي رَزِينٍ، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، أينَ كان رَبُّنَا قبلَ أنْ يَخلُقَ خَلْقَه؟ قال: "كانَ في عَماءٍ ما تَحتَهُ هواءٌ وما

(1)

صحيح موقوفًا على ابن عباس، وهذا سند ضعيف لضعف علي بن زيد، وهو ابن جدعان. وهو في "المسند"(2203).

وقوله: "حال البحر" أي: طينه.

(2)

صحيح موقوفًا على ابن عباس، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11238). وهو في "المسند"(2144)، و"صحيح ابن حبان"(6215).

ص: 340

فَوقَه هواءٌ، وخَلَقَ عَرْشَه على الماءِ"

(1)

. قال أحمد: قال يزيدُ: العماءُ: أي ليس معه شيءٌ.

هكذا يقولُ حمَّادُ بن سَلَمَةَ: وكيعُ بن حُدُسٍ، ويقولُ شُعبَةُ وأبو عَوانَةَ وهُشَيمٌ

(2)

: وكيعُ بن عُدُسٍ، وهوَ أصَحُّ

(3)

.

وهذا حديثٌ حسنٌ.

وأبو رَزِينٍ العقيليُّ اسمُه: لَقيطُ بن عامرٍ

3369 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا أبو مُعاوِيَةَ، عن بُرَيدِ بن عبد الله بن أبي بُرْدَة، عن أبي بُرْدَةَ

عن أبي موسى، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ اللهَ تبارك وتعالى يُملي - ورُبَّما قالَ: يُمْهِلُ - الظالِمَ، حتَّى إذا أخَذَه لم يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرأ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} الآية"

(4)

[هود: 102].

(1)

إسناده ضعيف، وكيع بن عُدس، انفرد بالرواية عنه يعلى بن عطاء: وهو العامري، وقال ابن القطان: مجهول الحال، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف.

وأخرجه ابن ماجه (182). وهو في "المسند"(16188)، و"صحيح ابن حبان"(6141).

(2)

لفظة: "هشيم" لم ترد في (أ) و (د).

(3)

قوله: وهو أصح، لم يرد في (أ) و (د).

(4)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4686)، ومسلم (2583)، وابن ماجه (4018)، والنسائي في التفسير من "الكبرى"(11245)، وهو في "صحيح ابن حبان"(5175).

ص: 341

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، وقد رواهُ أبو أسامةَ عن بُرَيدٍ نحوَه، وقال: يُمْلِي.

3370 -

حدَّثنا إبراهيمُ بن سعيدٍ الجَوهَريُّ، عن أبى أُسامَةَ، عن بُرَيدِ بن عبدِ الله، عن جَدِّهِ أبي بُرْدَةَ، عن أبي موسى، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَه، وقال: يُمْلِي، ولم يَشُكَّ فيه

(1)

.

3371 -

حدَّثنا محمد بن بشار، قال: حدَّثنا أبو عامرٍ العَقَديُّ - هو عبد الملك بن عمرو -، قال: حدَّثنا سليمانُ بن سفيانَ، عن عبدِ الله بن دينارٍ، عن ابنِ عمرَ

عن عمرَ بن الخطَّابِ، قال: لمَّا نَزَلَتْ هذه الآيَةُ {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا نبيَّ الله، فعَلَى ما نَعْمَلُ؟ على شيءٍ قد فُرِغَ منه، أو على شيءٍ لم يُفْرَغ منه؟ قال:"بَلْ على شيءٍ قد فُرِغَ منه وجَرَتْ به الأقلامُ يا عمرُ، ولكنْ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ، لا نَعرِفُه إلَّا من حديثِ عَبدِ الملك بن عمرٍو.

3372 -

حدَّثنا قُتَيبَةُ، قال: حدَّثنا أبو الأحوَصِ، عن سماكِ بن حَرْبٍ،

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف سليمان بن سفيان.

وأخرجه عبد بن حميد (20)، وابن أبي عاصم في "السنة"(170)، والطبري 12/ 117.

وللحديث شواهد ذكرناها في "المسند"(5140) عند حديث ابن عمر.

ص: 342

عن إبراهيمَ، عن عَلْقَمَةَ والأسودِ

عن عبدِ الله، قال: جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنِّي عالَجْتُ امرأةً في أقْصَى المدينةِ، وإنِّي أصَبْتُ مِنها ما دونَ أنْ أمَسَّها، وأنا هذا، فاقْضِ فيَّ ما شِئتَ، فقال له عمرُ: لقد سَتَرَكَ اللهُ، لو سَترْتَ على نفسِكَ، فلم يَرُدَّ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شَيئًا، فانطَلَقَ الرَّجُلُ فأتْبَعَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلًا، فدَعَاهُ، فتلا عليه {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} إلى آخر الآية [هود: 114]، فقالَ رَجلٌ من القومِ: هذا لهُ خاصّةً؟ قال: "بل للنَّاسِ كافّةً"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وهكذا رَوَى إسرائيلُ عن سماكٍ، عن إبراهيمَ، عن عَلْقَمَةَ والأسودِ، عن عبدِ اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه.

ورَوَى شُعبةُ عن سماكِ بنِ حَرْبٍ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ،

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك.

وأخرجه مسلم (2763)(42) و (43)، وأبو داود (4468)، والنسائي في "الكبرى"(7317) من طرق عن سماك، بهذا الإسناد. وهو في "المسند"(4250)، و"صحيح ابن حبان"(1728).

وله طريق آخر بإسناد صحيح عند أحمد (3653)، والبخاري (526)، ومسلم (2763)(39) و (40) و (41)، وابن ماجه (1398) و (4254)، والنسائي في الكبرى (7326) و (11247)، وصححه ابن حبان (1729). =

ص: 343

عن عبد اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه

(1)

.

ورَوَى سفيانُ الثَّورِيُّ عن سماكٍ، عن إبراهيمَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ، عن عبدِ اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله، وروايةُ هؤلاءِ أصحُّ من روايةِ الثَّورِيِّ

(2)

.

3373 -

حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى النَّيْسابُورِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يوسفَ، عن سفيانَ، عن الأعمَشِ وسماكٍ، عن إبراهيمَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ، عن عبدِ اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه بمعناه

(3)

.

3374 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا الفَضْلُ بنُ موسى، عن سفيانَ، عن سماكٍ، عن إبراهيمَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه بمعناهُ، ولم يَذْكُر فيه عن الأعمَشِ.

وقد رَوَى سليمانُ التَّيميُّ هذا الحديثَ عن أبي عثمانَ النَّهْدِيِّ، عن ابنِ مسعودٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم

(4)

.

3375 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن سليمانَ التَّيمِيِّ، عن أبي عثمان

(1)

أخرجه أحمد (4325)، ومسلم (2763)(43)، والنسائي في "الكبرى"(7319) و (7321).

(2)

أخرجه أحمد في "المسند"(3854)، والنسائي في "الكبرى"(7318).

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(7317)، والطبراني في "الكبير"(10482)، وانظر كلام المصنف فيما قبله.

(4)

رواية سليمان إسنادها صحيح، وهي في "المسند"(3653) وانظر تمام الكلام فيه.

ص: 344

عن ابنِ مسعودٍ: أنَّ رجلًا أصابَ من امرَأةٍ قُبْلَةَ حَرامٍ، فأتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلهُ عن كَفَّارَتِها، فَنزلَتْ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فقالَ الرَّجلُ: ألِيَ هذهِ يا رسولَ اللهِ؟ فقال: "لكَ ولِمَنْ عَمِلَ بها من أُمَّتِي"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3376 -

حدَّثنا عَبْد بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا حُسَينُ بن علي الجُعْفِيُّ، عن زائِدَةَ، عن عبدِ المَلكِ بنِ عُمَيْرٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ليلى

عن مُعاذِ بن جَبَلٍ قال: أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ، أرَأيتَ رجلًا لَقِيَ امرَأةً وليس بَينَهُما مَعرِفَةٌ، فليس يَأْتِي الرَّجلُ شيئًا إلى امرَأَتِه إلا قد أتى هو إليها، إلا أنَّهُ لم يُجامِعْها؟ قال: فَأنْزَلَ اللهُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] فأَمَرَهُ أن يَتَوضّأ ويُصَلِّي. قال معاذٌ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أهِيَ له خَاصّةً، أم للمُؤْمِنِينَ عامّةً؟ قال:"بل للمؤْمنينَ عامّةً"

(2)

.

هذا حديثٌ إسنادُه ليس بِمُتَّصِلٍ، عبدُ الرحمنِ بنُ أبي ليلى لم يَسْمَع من معاذِ بن جبل، ومعاذُ بنُ جَبَلٍ ماتَ في خِلافَةِ عمرَ،

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (3372).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، وقد اختلف فيه على عبد الملك بن عمير. وأخرجه أحمد (22112)، وانظر تتمة تخريجه فيه.

ص: 345

وقُتِلَ عمرُ وعبدُ الرحمنِ بنُ أبي ليلى غلامٌ صَغِيرٌ ابنُ سِتِّ سِنِينَ، وقد رَوَى عن عمرَ ورآهُ.

ورَوَى شُعبةُ هذا الحديثَ عن عبدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ليلى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرسلًا.

3377 -

حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرحمنِ، قال: أخبرنا يزيدُ بنُ هارونَ، قال: أخبرنا قَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ، عن عثمانَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ، عن موسى بنِ طَلْحَةَ

عن أبي اليَسَرِ قال: أتَتْنِي امرَأةٌ تَبْتاعُ تَمْرًا، فقلتُ: إنَّ في البَيْتِ تَمرًا أطْيَبَ منه، فدَخَلتْ مَعِي في البيتِ، فأهْوَيْتُ إليها فقَبَّلتُها، فأتَيْتُ أبا بكرٍ فَذَكَرْتُ ذلك له فقال: استر على نَفْسِكَ وتُبْ، ولا تُخْبِر أحدًا، فلم أصْبِر، فأتَيْتُ عمرَ فذكرتُ ذلكَ له، فقال: اسْتُر على نفسك وتُب، ولا تُخبر أحدًا، فلم أصبر، فأتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فذَكَرْتُ ذلِكَ له، فقالَ:"أخَلَفْتَ غازِيًا في سبيلِ اللهِ في أهلِه بِمِثْلِ هذا! ". حتَّى تَمَنَّى أنَّهُ لم يكن أسْلَمَ إلا تِلكَ السَّاعَةَ، حتَّى ظَنَّ أنَّهُ من أهلِ النَّارِ. قال: وأطرَقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم طويلًا حتَّى أوحَى اللهُ إليه {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} إلى قولِه: {ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]. قال أبو اليَسَرِ: فأَتَيتُه فقَرَأها عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال أصحابُه: يا رسولَ اللهِ، ألهذا خاصّةً أم لِلنَّاسِ عامّةً؟ قال: "بل للنَّاس

ص: 346

عامَّةً"

(1)

.

هذا حديثٌ حسن غريبٌ، وقَيسُ بنُ الرَّبِيعِ ضَعَّفَه وكِيعٌ وغيرُه.

ورَوَى شريكٌ عن عثمانَ بنِ عبدِ اللهِ هذا الحديثَ مثلَ رِوايَةِ قَيسِ بنِ الرَّبيعِ

(2)

.

وأبو اليَسَرِ هو: كعبُ بنُ عمرٍو.

وفي البابِ عن أبي أُمامةَ، وواثِلَةَ بنِ الأسْقَعِ، وأنس بنِ مالكٍ.

‌13 - ومن سورة يوسف

3378 -

حدَّثنا الحُسينُ بنُ حُرَيثٍ الخُزَاعِيُّ، قال: حدَّثنا الفضلُ بنُ موسى، عن محمد بنِ عمرٍو، عن أبي سَلَمَةَ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الكَرِيمَ بنَ الكَرِيمِ بنِ الكَريمِ بنِ الكريم يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ، قال: ولو لَبِثْتُ في السِّجْنِ ما لَبِثَ يوسفُ ثُمَّ جاءني الرَّسولُ أجَبْتُ، ثمَّ قَرَأ {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} [يوسف: 50] قال: ورَحمَةُ اللهِ على لوطٍ إنْ كان لَيَأوي إلى رُكْنٍ شديدٍ {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي

(1)

حديث حسن، قيس بن الربيع - وإن كان فيه ضعف - متابع.

وأخرجه الطبري 12/ 137، والطبراني 19/ (371).

(2)

أخرجها النسائي في "الكبرى"(11248).

ص: 347

إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80] فما بَعَثَ اللهُ من بَعدِه نَبِيًّا إلّا في ذِرْوَةٍ من قَومِه"

(1)

.

3379 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا عَبدَةُ وعَبدُ الرَّحِيمِ، عن محمدِ بن عمرٍو نحوَ حديثِ الفَضْلِ بنِ موسى، إلّا أنَّهُ قال: ما بَعَثَ اللهُ بَعْدَه نَبِيًا إلَّا في ثَرْوَةٍ من قَومِه

(2)

.

قال محمد بنُ عمرٍو: والثَّرْوَةُ: الكَثْرَةُ والمَنَعَةُ.

وهذا أصحُّ من روايةِ الفَضْلِ بنِ موسى، وهذا حديثٌ حسنٌ.

‌14 - ومن سورة الرعد

3380 -

حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرَّحمنِ، قال: أخبرنا أبو نُعَيمٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ الوَليدِ - وكان يكونُ في بَنِي عِجْلٍ - عن بُكَيْرِ بنِ شهابٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: أقْبَلَتْ يهودُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا القاسمِ، أخبِرْنا عن الرَّعْدِ ما هو؟ قال:"مَلَكٌ منَ الملائِكَةِ مُوَكَّلٌ بالسَّحَابِ، معه مَخارِيقُ من نارٍ يَسُوقُ بها السَّحَابَ حيثُ شاءَ اللهُ"، فقالوا: فما هذا الصَّوتُ الذي نَسْمَعُ؟ قال: "زَجْرَه بالسّحابِ إذا زَجَرَهُ حتَّى يَنْتهِيَ إلى حيثُ أُمِرَ"، قالوا: صَدَقْتَ.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه تامًا ومقطعًا البخاري (3372)، ومسلم (151)، وابن ماجه (4026)، والنسائي في "الكبرى"(11254). وهو في "المسند"(8391) و (8392) و"صحيح ابن حبان"(6206).

(2)

انظر ما قبله.

ص: 348

قالوا: فأخْبِرْنا عمَّا حَرَّمَ إسرائيلُ على نفسه؟ قال: "اشْتَكى عِرْقَ النَّسَا فلم يَجِدْ شيئًا يُلائِمُه إلّا لحومَ الإبلِ وألبانَها، فَلذلكَ حَرَّمَها"، قالوا: صَدَقْتَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

3381 -

حدَّثنا محمودُ بنُ خِدَاشٍ البَغْدَادِيُّ، قال: حدَّثنا سَيفُ بنُ محمدٍ الثَّورِيُّ، عن الأعمَشِ، عن أبي صالحٍ

عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله:{وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} [الرعد: 4] قال: "الدَّقَلُ والفارِسيُّ والحُلْوُ والحامِضُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. وقد رواهُ زيدُ بنُ أبي أُنَيْسَةَ عن الأعمَشِ نحوَ هذا

(3)

، وسَيْفُ بنُ محمدٍ هو أخُو عمَّارِ بنِ محمدٍ، وعمَّارٌ أثبتُ منه، وهو ابنُ أُختِ سفيانَ الثَّورِيِّ.

(1)

حسن دون قصة الرعد، فقد تفرد بها بكير بن شهاب، وهو لم يرو عنه سوى اثنين، وقال أبو حاتم شيخ، وقال الذهبي: صدوق، وقد توبع على حديثه هذا دون قصة الرعد فهي منكرة.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(9072). وهو في "المسند"(2483) مطولًا.

(2)

إسناده ضعيف جدًا، سيف بن محمد الثوري متهم.

وأخرجه الطبري 13/ 103، وابن عدي في "الكامل" 3/ 1270.

(3)

هذه الطريق أخرجها الطبريُّ، وأعلها أبو حاتم كما في "العلل"(1733).

ص: 349

‌15 - ومن سورة إبراهيم عليه السلام

3382 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا أبو الوليدِ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عن شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ

عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: أُتِيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بقِناعٍ عليهِ رُطَبٌ فقال: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 24، 25] قال: "هي النَّخْلَةُ"، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: 26] قال: "هي الحَنْظَل"، قال: فأخْبَرْتُ بذلِكَ أبا العالِيةِ، فقالَ: صَدَقَ وأحسَنَ

(1)

.

3383 -

حدَّثنا قُتَيبَةُ، قال: حدَّثنا أبُو بكرِ بنُ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ، عن

(1)

رجاله ثقات إلا أن حماد بن سلمة تفرد برفعه، ورواه غير واحد من الثقات ولم يرفعوه، ورواه البزار قال: حدثنا يحيى بن محمد بن السكن، حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أنس - أحسبه رفعه - قال:"مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة"، قال: هي النخلة، و"مثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة"، قال: هي الشَّريان (يعني الحنظل). ثم رواه عن محمد بن المثنى، عن غندر، عن شعبة، عن معاوية، عن أنس موقوفًا.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11198). وهو في "صحيح ابن حبان"(475).

والقناع: الطبق الذي يؤكل عليه.

وقوله: {اجْتُثَّتْ} ، أقي: استؤصلت {مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} أي: لا أصل لها ولا ثبات، وكذلك الكفر لا أصل له ولا فرع، ولا يصعد للكافر عمل، ولا يتقبل منه شيء.

ص: 350

أبيهِ، عن أنسِ بنِ مالكٍ نحوَه بمعناهُ، ولم يَرفَعْهُ، ولم يَذْكُر قولَ أبي العالِية

(1)

.

وهذا أصحُّ من حديثِ حمَّادِ بنِ سَلمَةَ.

ورَوَى غيرُ واحِدٍ مثلَ هذا موقوفًا، ولا نَعلَمُ أحدًا رَفَعَهُ غيرَ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، ورواهُ مَعْمَرٌ وحَمَّادُ بنُ زيدٍ وغير واحِدٍ، ولم يَرفَعوه.

3384 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبدَةَ الضَّبِّيُّ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زيدٍ، عن شُعَيبِ بن الحَبْحَابِ، عن أنسٍ نحوَ حديثِ قُتَيْبَةَ، ولمْ يرفَعْه

(2)

.

3385 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: أخبرنا شُعبةُ، قال: أخبرني عَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ، قال: سَمِعْتُ سَعْدَ بنَ عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ

عن البراءِ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِ اللهِ تعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] قال: "في القبرِ إذا قِيلَ له: من رَبُّكَ، وما دِينُكَ، ومن نَبِيُّكَ"

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه موقوفًا الطبري 13/ 211، وانظر ما قبله.

(2)

رجاله ثقات، وانظر الحديثين قبله.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1369)، ومسلم (2871)، وأبو داود (4750)، وابن ماجه (4269)، والنسائي 4/ 101 و 102. وهو في "المسند" (18482)، و"صحيح ابن حبان" (206).

جُمهور العلماء سلفًا وخلفًا على أن عذاب القبر حق يقع على الروح والجسد.

وذهب ابن حزم وابن هبيرة إلى أن السؤال يقع على الروح فقط من غير عود إلى الجسد.

وقال ابن جرير وجماعة من الكرّامية: إن السؤال في القبر يقع على البدن فقط، وإن الله يخلق فيه إدراكًا بحيث يسمع ويعلم ويلَذُّ ويألم. =

ص: 351

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3386 -

حدَّثنا ابن أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن داودَ بنِ أبي هِنْدٍ، عن الشَّعْبيِّ، عن مسروقٍ، قال:

تَلَتْ عائشةُ هذهِ الآية {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 48] قالت: يا رسولَ اللهِ فأينَ يكونُ النَّاسُ؟ قال: "على الصِّراطِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقد رُوِيَ من غيرِ هذا الوجهِ عن عائشةَ.

‌16 - ومن سورة الحِجْرِ

3387 -

حدَّثنا قُتَيبَةُ، قال: حدَّثنا نُوحُ بن قَيسٍ الحُدَّانيُّ، عن عَمرو بنِ مالكٍ، عن أبي الجَوزاءِ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: كانتِ امرَأةٌ تُصَلِّي خلفَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حسناءُ من أحسنِ النَّاسِ، فكان بعضُ القومِ يَتقدَّمُ حتَّى يكونَ في الصَّفِّ الأوَّلِ لِئلا يَراها، ويَستأخِرُ بَعضُهُم حَتَّى يكونَ في الصَّفِّ المُؤخّرِ، فإذا رَكَعَ نَظَرَ من تحتِ إبطَيْهِ، فأنْزَلَ اللهُ تعالى {وَلَقَدْ

= وذهب بعض المعتزلة كالجبائي إلى أنه يقع على الكفار دون المؤمنين، وانظر تفصيل ذلك في "فتح الباري" 3/ 233 - 235.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2791)، وابن ماجه (4279). وهو في "المسند"(24069)، و"صحيح ابن حبان"(331) و (7380).

وسيأتي عند المصنف برقم (3523) بذكر آية أخرى.

ص: 352

عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}

(1)

[الحجر: 24].

ورَوَى جعفرُ بنُ سليمانَ هذا الحديثَ عن عمرِو بن مالكٍ، عن أبي الجَوزاءِ نحوَه، ولم يَذْكُر فيهِ: عن ابنِ عبَّاسٍ، وهذا أشْبَهُ أن يكونَ أصَحَّ من حديثِ نوحٍ.

3388 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عثمانُ بن عمرَ، عن مالكِ بنِ مِغْوَلٍ، عن جُنَيدٍ

عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لِجَهَنّمَ سَبْعَةُ أبوابٍ: بابٌ منها لمنْ سَلَّ السَّيْفَ على أُمَّتِي، أو قال: على أُمَّةِ محمدٍ"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعرِفُه إلّا من حديثِ مالكِ بنِ مِغْوَلٍ.

(1)

إسناده ضعيف ومتنه منكر، عمرو بن مالك النُّكري لا يؤثر توثيقه عن أحد، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطئ ويغرب، وأخطأ الذهبي في "الميزان" و"الضعفاء" فوثق عمرو بن مالك النكري مع أنه ذكره في "الكاشف" ولم يوثقه، وإنما اقنصر على قوله: وُثِّق، وهو يطلق هذه اللفظة على من انفرد ابن حبان بتوثيقه.

وأخرجه ابن ماجه (1046)، والنسائي 2/ 118. وهو في "المسند" (2783)، و"صحيح ابن حبان" (401)، وقد كنت حسنته تبعًا للذهبي في "صحيح ابن حبان"، فيستدرك من هنا.

(2)

إسناده ضعيف، جنيد غير منسوب، لم يذكروا في الرواة عنه غير مالك بن مغول وأبي معاوية الضرير، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يؤثر توثيقه عن أحد غيره، وذكر أبو حاتم أن روايته عن ابن عمر مرسلة.

وأخرجه أحمد (5689).

ص: 353

3389 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا أبُو عليٍّ الحَنَفِيُّ، عن ابنِ أبي ذِئْبٍ، عن المَقْبُرِيِّ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الحَمدُ للهِ أُمُّ القُرآنِ وأُمُّ الكِتابِ والسَّبْعُ المَثاني"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3390 -

حدَّثنا الحُسينُ بنُ حُرَيْثٍ، قال: حدَّثنا الفَضْلُ بنُ موسى، عن عبدِ الحميدِ بنِ جعفرٍ، عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيهِ، عن أبي هُريرةَ

عن أُبَيَّ بنِ كَعْبٍ، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "ما أنْزَلَ اللهُ في التَّورَاةِ والإنجيلِ مِثْلَ أُمِّ القُرآنِ، وهي السَّبعُ المَثانِي، وهي مَقْسُومَةٌ بَيْنِي وبَيْنَ عَبْدِي، ولِعَبْدِي ما سَألَ"

(2)

.

3391 -

حدَّثنا قُتَيْبةُ، قال: حدَّثنا عبدُ العَزِيزِ بنُ محمدٍ، عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ على أُبَيٍّ وهو يُصَلِّي فذَكَرَ نحوَه بمعناهُ

(3)

.

حديثُ عبدِ العَزِيزِ بن محمدٍ أطْوَلُ وأتمُّ، وهذا أصَحُّ من

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4704)، وأبو داود (1457). وهو في "المسند"(9788).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي 2/ 139. وهو في "المسند" (21094)، و"صحيح ابن حبان" (775).

(3)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (3092)، وذكرنا تخريجه هناك.

ص: 354

حديثِ عبدِ الحَميدِ بنِ جعفرٍ، وهكذا رَوَى غيرُ واحدٍ عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ.

3392 -

حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي الطَّيِّبِ، قال: حدَّثنا مُصْعَبُ بنُ سَلّامٍ، عن عمرِو بنِ قيسٍ، عن عَطِيَّةَ

عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اتّقُوا فِراسَةَ المؤمنِ، فإنَّه يَنْظُرُ بِنُورِ اللهِ" ثمَّ قَرَأ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}

(1)

[الحجر: 75].

هذا حديثٌ غريبٌ، إنَّما نَعرِفُه من هذا الوجهِ. وقد رُوِيَ عن بعضِ أهلِ العِلمِ في تفسيرِ هذهِ الآيةِ:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال: لِلمُتَفَرِّسِينَ.

3393 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قال: حدَّثنا المُعتَمِرُ، عن ليثِ بنِ أبي سُلَيمٍ، عن بِشْرٍ

عن أنسِ بنِ مالكٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولهِ:{لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر] قال: "عن قولِ لا إله إلّا اللهُ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عطية العوفي، ومصعب بن سلام ليّن.

وأخرجه الطبري 14/ 46، والعقيلي 4/ 129.

وفي الباب عن غير واحد من الصحابة، وأسانيدها واهية لا تصلح للاعتبار.

(2)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وقد اضطرب فيه في تسمية شيخه. =

ص: 355

هذا حديثٌ غرِيبٌ، إنّما نَعرِفه من حديثِ ليثِ بنِ أبي سُلَيمٍ، وقد رواهُ عبدُ اللهِ بنُ إدْرِيسَ، عن ليثِ بنِ أبي سُلَيْمٍ، عن بِشْرٍ، عن أنسِ بن مالك نحوَه ولم يَرْفَعْه

(1)

.

‌17 - ومن سورة النَّحل

3394 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ عاصمٍ، عن يحيى البكَّاءِ، قال: حدَّثني عبدُ اللهِ بنُ عمرَ، قال:

سَمِعْتُ عمرَ بنَ الخطّابِ يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أربَعٌ قبلَ الظُّهْرِ بعدَ الزَّوالِ تُحْسَبُ بمِثْلِهِنَّ في صلاةِ السَّحَرِ"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وليس من شيءٍ إلا وهو يُسَبِّحُ اللهَ تِلكَ السَّاعةَ"، ثُمَّ قَرأَ {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ} الآيةَ كُلّهَا

(2)

[النحل: 48].

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعرِفُه إلّا من حديثِ عليِّ بنِ عاصمٍ.

3395 -

حدَّثنا أبُو عمَّارٍ الحُسين بن حُريث، قال: حدَّثنا الفضلُ بنُ موسى، عن عيسى بنِ عُبَيدٍ، عن الرَّبِيعِ بنِ أنسٍ، عن أبي العاليةِ، قال:

حدَّثني أُبيُّ بنُ كَعْبٍ، قال: لمَّا كان يومُ أُحُدٍ أُصِيبَ من

= وأخرجه أبو يعلى (4058)، والطبري 14/ 67، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 95.

(1)

أخرجه الطبري 14/ 67.

(2)

إسناده ضعيف، لضعف علي بن عاصم ويحيى البكاء.

وأخرجه عبد بن حميد (24)، ومحمد بن نصر في "قيام الليل"(246).

ص: 356

الأنصارِ أربعةٌ وسِتُّونَ رجلًا، ومنَ المهاجرينَ سِتَّةٌ، منهم حمزةُ، فمَثَّلُوا بهم، فقالتِ الأنصارُ: لَئنْ أصَبْنا منهم يومًا مِثْلَ هذا لَنُربِيَنَّ عَلَيهِم، قال: فلَمّا كان يومُ فتح مكَّةَ، فأنْزَلَ اللهُ تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] فقال رجلٌ: لا قريشَ بعد اليومِ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"كُفُّوا عن القَومِ إلّا أربعةً"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديثِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ.

‌18 - ومن سورة بني إسرائيل

3396 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزُّهرِيِّ، قال: أخبرني سعيدُ بنُ المُسَيّبِ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "حِينَ أُسْريَ بي لَقِيتُ موسى - قال: فنَعَته - فإذا رجلٌ حَسِبْتُه قال: مُضْطَرِبٌ رَجِلُ الرَّأْسِ، كأنّهُ من رجالِ شَنُوءَةَ. قال: ولَقِيتُ عيسى - قال فنَعَتَه - قال: رَبْعَةٌ أحْمَرُ كأنما خَرَجَ من دِيمَاسٍ - يعني الحمَّامَ - ورأيتُ إبراهيمَ، قال: وأنا أشْبَه ولدِهِ بهِ. قال: وأُتِيتُ بإناءَيْنِ أحَدُهُما لَبَنٌ والآخرُ فيه خمرٌ، فقيِلَ لي: خذْ أيَّهُما شِئتَ، فأخَذْتُ اللَّبَنَ فشَرِبْتُه، فقيل لي: هُدِيتَ للفِطْرَةِ، أو أصَبْتَ الفِطْرَةَ، أما إنّكَ لو

(1)

حديث حسن، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11279). وهو في "المسند"(21229)، و"صحيح ابن حبان"(487).

ص: 357

أخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3397 -

حدَّثنا إسحاقُ بنُ منصورٍ، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عن قَتادَةَ

عن أنسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بالبُرَاقِ ليْلةَ أُسْرِيَ بهِ مُلْجَمًا مُسْرَجًا، فاستَصْعَبَ عليه، فقال له جبريلُ: أبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هذا؟ فما رَكِبَكَ أحدٌ أكْرَمُ على اللهِ منه، قال: فارْفَضَّ عَرَقًا

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، ولا نَعرِفُه إلّا من حديثِ عبدِ الرزَّاقِ.

3398 -

حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: أخبرنا أبُو تُمَيْلَةَ، عن الزُّبَيرِ بنِ جُنادَةَ، عن ابنِ بُرَيدَةَ

عن أبيه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَمَّا انتَهَينا إلى بيتِ المَقْدِسِ قال جبريلُ بإصْبعِهِ، فَخَرَقَ بهِ الحَجَرَ، وشَدَّ بهِ البُراقَ"

(3)

.

هذا حديثٌ غريبٌ

(4)

.

3399 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، قال: حدَّثنا اللَّيثُ، عن عُقَيلٍ، عن الزُّهرِيِّ، عن أبي سَلَمَةَ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3394)، ومسلم (168) وص 1592، والنسائي 8/ 312. وهو في "المسند" (7789)، و"صحيح ابن حبان" (51).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه أحمد (12673)، وابن حبان (46).

(3)

إسناده حسن، وهو في "صحيح ابن حبان"(47).

(4)

في (ل): حسن غريب، والمثبت من سائر النسخ.

ص: 358

عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لمَّا كَذَّبَتْني قُرَيشٌ قُمْتُ في الحِجْرِ، فجَلَّى اللهُ لي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُم عن آياتِه وأنا أنظُرُ إليهِ"

(1)

.

هذا حديثُ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن مالكِ بن صَعصَعَةَ، وأبي سعيدٍ، وابنِ عبَّاسٍ، وأبي ذَرٍّ، وابنِ مسعودٍ

(2)

.

3400 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عمرِو بن دِينارٍ، عن عِكرِمَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] قال: هي رؤيا عَيْنٍ أُرِيَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليلَةَ أُسْرِيَ بهِ إلى بيتِ المَقْدِس. قال: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] قال: هي شَجَرَةُ الزَّقُومِ

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3401 -

حدَّثنا عُبَيدُ بنُ أسْباطِ بنِ محمدٍ قُرَشيٌّ كُوفِيٌّ، قال: حدَّثنا أبي، عن الأعمَشِ، عن أبي صالحٍ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3886)، ومسلم (170)، والنسائي (11282). وهو في "المسند"(15034)، و"صحيح ابن حبان"(55).

(2)

قوله: وأبي ذر وابن مسعود، أثبتناه من (س).

(3)

صحيح، وأخرجه البخاري (3888)، والنسائي في "الكبرى"(11291) و (11292). وهو في "المسند"(1916)، و"صحيح ابن حبان"(56).

ص: 359

عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] قال: "تشْهَدُه ملائكةُ اللّيلِ وملائكةُ النّهارِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ورواه عليُّ بنُ مُسْهِرٍ، عن الأعمَشِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُريرةَ وأبي سعيدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

3402 -

حدَّثنا بذلِكَ عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ مُسْهِرٍ، عن الأعمَشِ، فذَكَرَ نحوَه

(2)

.

3403 -

حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرحمنِ، قال: أخبرنا عُبَيدُ اللهِ بنُ موسى، عن إسرائيلَ، عن السُّدِّيِّ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قَولِ اللهِ {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71] قال: "يُدْعَى أحدُهُم فيُعْطَى كتابَه بيمينِه، ويُمَدُّ له في جسمِه ستُّونَ ذراعًا، ويُبَيَّضُ وجهُه، ويُجعَلُ على رأسِه تاجٌ من لؤلؤٍ يَتلألأُ، فيَنْطلِقُ إلى أصحابِه فيَرَونَه من بُعْدٍ فيقولونَ: اللهُمَّ ائْتِنا بهذا، وبارِكْ لنا في هذا، حتَّى يأْتِيَهُم فيقول لهم: أبْشِرُوا، لِكُلِّ رجلٍ منكم مِثْلُ هذا.

قال: وأمَّا الكافرُ، فيُسَوَّدُ وجهُه، ويُمَدُّ له في جسْمِهِ سِتُّونَ

(1)

حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (670)، والنسائي في "الكبرى"(11293). وهو في "المسند"(10133).

(2)

حديث صحيح، وأخرجه ابن خزيمة (1474)، والحاكم 1/ 210 - 211.

ص: 360

ذراعًا على صورةِ آدمَ، ويُلبَسُ تاجًا، فيَرَاه أصحابُه فيقولونَ: نَعُوذُ باللهِ من شَرِّ هذا، اللهُمَّ لا تأتِنا بهذا، قال: فيأتيهِم، فيقولونَ: اللهُمَّ أخْزِهِ، فيقولُ: أبعَدَكُمُ اللهُ، فإنَّ لِكُلِّ رجلٍ مِنكُم مِثلَ هذا"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

والسُّدِّيُّ اسمُه: إسماعيلُ بنُ عبدِ الرحمنِ.

3404 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن داودَ بن يَزِيدَ الزَّعَافِرِيِّ، عن أبيه

عن أبي هُرَيرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في قوله {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] وسُئِلَ عنها قال: "هي الشَّفاعةُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

(1)

إسناده ضعيف، والد السُّدِّي - واسمه: عبد الرحمن بن أبي كريمة - لم يرو عنه غير ابنه إسماعيل، ولم يوثقه غير ابن حبان، فهو مجهول الحال.

وأخرجه ابن حبان (7349).

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف داود بن يزيد بن عبد الرحمن. وأخرجه أحمد (9684).

ويشهد له حديث كعب بن مالك، عند أحمد في "مسنده"(15783)، وإسناده صحيح.

وحديث ابن عمر عند البخاري (1475).

وحديث أبي سعيد الخدري الآتي عند المصنف (3415). وإسناده ضعيف.

ص: 361

وداودُ الزَّعَافِرِيُّ: هو داودُ الأوديُّ، وهو عَمُّ عبدِ اللهِ بنِ إدْرِيسَ.

3405 -

حدَّثنا ابن أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ، عن أبي مَعْمَرٍ

عن ابنِ مسعودٍ، قال: دَخَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عامَ الفتحِ وحولَ الكعبةِ ثلاثُ مئةٍ وسِتُّونَ نُصُبًا، فجَعَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَطْعَنُها بمِخْصَرَةٍ في يدِه - ورُبَّما قال: بِعُودٍ - ويقولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]{جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}

(1)

[سبأ: 49].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفيهِ عن ابنِ عمرَ.

3406 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا جَرِيرٌ، عن قابُوسَ بنِ أبي ظَبْيانَ، عن أبيه

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بمكَّةَ، ثُمَّ أُمِرَ بالهِجْرَةِ فنَزَلَتْ عليه {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا}

(2)

[الإسراء: 80].

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (2478)، ومسلم (1781)، والنسائي في "الكبرى"(11297). وهو في "المسند"(3584)، و"صحيح ابن حبان"(5862).

(2)

إسناده ضعيف لضعف قابوس بن أبي ظبيان. وأخرجه أحمد (1948).

ص: 362

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3407 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ زكريَّا بنِ أبي زائِدَةَ، عن داودَ بنِ أبي هِنْدٍ، عن عِكْرِمَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قالتْ قريشٌ لِيهودَ: أعطُونا شيئًا نَسأَلُ هذا الرَّجلَ، فقال: سَلُوهُ عن الرُّوحِ، فسَأَلُوه عن الرُّوح، فأنزَلَ اللهُ تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] قالوا: أُوتِينا عِلمًا كثيرًا أُوتِينا التَّوراةَ، ومن أُوتِيَ التَّورَاةَ فقد أُوتِي خَيرًا كثيرًا، فأُنْزِلَتْ {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} إلى آخِرِ الآيةِ

(1)

[الكهف: 109].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجهِ.

3408 -

حدَّثنا عليُّ بنُ خَشْرَمٍ، قال: أخبرنا عيسى بنُ يونسَ، عن الأعمَشِ، عن إبراهيمَ، عن عَلْقَمَةَ

عن عبدِ اللهِ، قال: كنتُ أمشِي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَرْثٍ بالمدينةِ وهو يَتَوكَّأُ على عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ من اليهودِ، فقال بَعضُهُم: لو سَأَلتُمُوهُ، فقال بَعضُهُم: لا تَسأَلوه، فإنَّه يُسْمِعُكُم ما تَكرَهُونَ، فقالوا: يا أبا القاسم، حَدِّثْنا عن الرُّوحِ، فقامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ساعةً ورَفَعَ رَأْسَه إلى السماءِ، فعَرَفْتُ أنَّه يُوحى إليهِ، حتَّى صَعِدَ الوحيُ، ثُمَّ قال: {الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11314). وهو في "المسند"(2309)، و"صحيح ابن حبان"(99).

ص: 363

قَلِيلًا}

(1)

[الإسراء: 85].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3409 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا الحسنُ بنُ موسى وسليمانُ بنُ حَرْبٍ، قالا: حدَّثنا حمَّادُ بن سَلمَةَ، عن عليِّ بنِ زَيدٍ، عن أوسِ بن خالدٍ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُحْشَرُ النَّاسُ يومَ القيامةِ ثلاثةَ أصنافٍ: صِنفًا مُشاةً، وصِنْفًا رُكْبانًا، وصِنفًا على وجوهِهِم"، قيل: يا رسولَ اللهِ، وكَيفَ يَمْشونَ على وُجوهِهِم؟ قال:"إنَّ الذي أمْشاهُم على أقدَامِهِم قادِرٌ على أن يُمشِيَهُم على وجوهِهِم، أما إنّهُم يَتَّقُونَ بوجوهِهِم كُلَّ حَدَبٍ وشَوْكٍ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

وقد رَوَى وهَيْبٌ عن ابنِ طاووسٍ، عن أبيه، عن أبي هُريرةَ،

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (125)، ومسلم (2794)، والنسائي في "الكبرى"(11299). وهو في "المسند"(3688)، و"صحيح ابن حبان"(97).

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد، وجهالة أوس بن خالد.

وأخرجه أحمد (8647).

ويشهد له حديث معاوية بن حيدة أخرجه أحمد في "مسنده"(20011) وإسناده حسن وسيأتي بعده.

ويشهد للقسم الأخير منه حديث أنس عند البخاري (4760). ومسلم (2806)، وهو في "المسند"(12708) و (13392).

ص: 364

عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم شيئًا من هذا

(1)

.

3410 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، قال: أخبرنا بَهْزُ بنُ حَكِيمٍ، عن أبيه

عن جدِّه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّكُم مَحشُورونَ رجالًا ورُكْبانًا وتُجَرُّونَ على وجوهِكُم"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

3411 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ ويزِيدُ بنُ هارونَ وأبو الوليدِ - واللّفْظُ لفظُ يزيدَ والمعنى واحِدٌ - عن شُعبةَ، عن عمرِو بنِ مُرَّةَ، عن عبدِ اللهِ بنِ سَلِمَةَ

عن صَفْوانَ بنِ عَسَّالٍ المُرادي، أنَّ يَهُودِيَّينِ قال أحدُهُما لصاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنا إلى هذا النَّبِيِّ نَسْألُه، قال: لا تقلْ له: نبيٌّ، فإنَّه إن سَمِعَها تقولُ

(3)

نَبيٌّ، كانت له أربَعَةُ أعيُنٍ، فأتَيا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسَألاهُ عن قولِ اللهِ عز وجل:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101] فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تُشرِكوا باللهِ شيئًا، ولا تَزْنوا، ولا تَقتُلوا النَّفْسَ التي حَرَّمَ اللهُ إلَّا بالحقِّ، ولا تَسْرِقوا،

(1)

أخرجه البخاري (6522)، ومسلم (2861)، والنسائي 4/ 115. وهو في "صحيح ابن حبان" (7336).

(2)

إسناده حسن، وقد سلف برقم (2593).

(3)

في (ل): نقول، ولفظ الرواية السالفة: لا تقل نبي، إنه لو سمعك كان له أربعة أعين!

ص: 365

ولا تَسْحَروا، ولا تَمْشوا بِبَرِيءٍ إلى سلطانٍ فيَقتُلَه، ولا تأكُلوا الرِّبا، ولا تَقْذِفوا مُحْصَنةً، ولا تَفِرُّوا من الزَّحْفِ - شَكَّ شُعبةُ - وعليكُمُ اليهودَ خاصّةً ألّا تَعْتَدُوا في السَّبْتِ" فقَبَّلا يَدَيهِ ورِجْلَيهِ وقالا، نَشْهَدُ أنّكَ نبيٌّ، قال: "فما يَمْنَعُكما أن تُسْلِما؟ " قالا: إنَّ داودَ دعا اللهَ أن لا يَزالَ في ذُرِّيَّتِه نبيٌّ، وإنّا نَخَافُ إن أسلَمْنا أن تَقْتُلَنا اليهودُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3412 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا سليمانُ بنُ داودَ، عن شُعبَة، عن أبي بِشْرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ - ولم يذكر عن ابن عباس -. وهُشَيمٍ، عن أبي بِشْرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ

عن ابن عبَّاسٍ {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110] قالا: نَزَلَتْ بمكَّةَ، كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا رَفَعَ صَوْتَه بالقُرآنِ سَبَّهُ المشركونَ، ومن أنْزَلَه، ومن جاءَ بهِ، فأنْزَلَ اللهُ {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} فيُسَبَّ القُرآنُ، ومَن أنْزَلَه، ومن جاءَ بهِ {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عن أصحابِكَ بأنْ تُسْمِعَهُم حتَّى يأخُذُوا عنكَ القُرآنَ

(2)

.

(1)

عبد الله بن سلمة صدوق إلا أنهم تكلموا في حفظه، فقال أبو أحمد الحاكم في "الكنى": حديثه ليس بالقائم، وقال ابن كثير عن حديثه هذا: حديث مشكل، وعبد الله بن سلمة المرادي في حفظه شيء وقد تكلموا فيه، وقد سلف برقم (2931).

(2)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4722)، ومسلم (446)، والنسائي 2/ 177 و 178. وهو في "المسند" (155)، و"صحيح ابن حبان" (1796).

ص: 366

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3413 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا هُشَيمٌ، قال: حدَّثنا أبو بِشرٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ في قَولِه {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] قال: نَزَلَتْ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ بمكَّةَ، وكان إذا صَلّى بأصحابه رَفَعَ صَوتَه بالقرآنِ، فكانَ المشركونَ إذا سَمِعُوه

(1)

، شَتَمُوا القرآنَ ومن أنْزَلَه ومن جاءَ به، فقال اللهُ لِنَبِيِّهِ:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} ، أي: بِقِراءَتِكَ، فيَسْمَعَ المشركونَ فيَسبُّوا القُرآنَ {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عن أصحابِكَ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3414 -

حدَّثنا ابن أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن مِسْعَرٍ، عن عاصمِ بنِ أبي النَّجُودِ، عن زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، قال:

قُلتُ لحُذَيفَةَ بنِ اليمانِ: أصَلّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بيتِ المَقْدِسِ؟ قال: لا، قلتُ: بلى، قال: أنت تقولُ ذلِكَ يا أصْلَعُ، بِمَ تَقُولُ ذلكَ؟ قلتُ: بالقرْآنِ، بيني وبينَكَ القرآنُ، فقال حُذَيفَةُ: من احْتَجَّ بالقُرآنِ، فقدْ فَلَجَ - قال سفيانُ: يقولُ: فقد احْتَجَّ،

(1)

في (أ) و (د) و (س): سمعوا، والمثبت من (ل).

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 367

ورُبَّما قال: قد أفْلَج

(1)

- فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] قال: أفَتُراهُ صلى فيه؟ قلتُ: لا، قال: لو صَلّى فيهِ، لكُتِبَ عليكُم فيه الصَّلاةُ كما كُتِبَتِ الصَّلاةُ في المسجدِ الحرامِ. قال حُذَيفَةُ: قد أُتِيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِدابَّةٍ طَوِيل الظَّهْرِ، مَمْدُود هكذا، خَطْوُه مَدَّ بَصَرِه، فما زَايلا ظَهْرَ البُراقِ حتَّى رَأيَا الجَنَّةَ والنَّارَ ووعْدَ الآخِرَةِ أجْمَعَ، ثمَّ رَجَعا عَوْدَهُما على بَدْئِهِما. قال: ويَتَحدَّثُونَ أنَّهُ رَبَطَه، لِمَ، لِيَفِرَّ منهُ؟! إنَّما سَخَّرَه له عالمُ الغَيْبِ والشَّهادَةِ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

في (أ) و (د): فلج.

(2)

حديث حسن، وأخرجه مختصرًا النسائي في "الكبرى"(11280).

وهو في "المسند"(23285)، و"صحيح ابن حبان"(45).

قوله: "فلج" من باب نصر: انتصر وفاز، وكذا أفلج.

وقد جاء في حديث أنس، وأبي هريرة، وابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قد صلى في بيت المقدس، قال الإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 12/ 544 بعد أن أوردها: وكان ما رويناه عن ابن مسعود وأنس وأبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إثبات صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك أولى من نفي حذيفة أن يكون صلى هناك، لأن إثبات الأشياء أولى من نفيها، ولأن الذي قاله حذيفة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان صلى هناك، لوجب على أمته أن يأتوا ذلك المكان، ويصلوا فيه كما فعل صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك مما لا حجة لحذيفة فيه، إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يأتي مواضع، ويُصلي فيها، لم يكتب علينا إتيانها، ولا الصلوات فيها.

ص: 368

3415 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عليِّ بنِ زيدِ بنِ جُدْعانَ، عن أبي نَضْرَةَ

عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أنا سَيِّدُ ولَدِ آدمَ يومَ القيامةِ ولا فَخْرَ، وبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ ولا فَخْرَ، وما من نَبِيٍّ يَومَئِذٍ آدمُ فَمَنْ سِواهُ إلا تحتَ لِوَائِي، وأنا أوَّلُ من تَنشَقُّ عنهُ الأرضُ ولا فَخْرَ، قال: فَيَفْزَعُ النَّاسُ ثَلاثَ فَزَعاتٍ، فَيأتُونَ آدَمَ، فيقولونَ: أنتَ أبونا آدمُ، فاشْفَعْ لنا إلى رَبِّكَ، فيقولُ: إنِّي أذْنَبْتُ ذَنْبًا أُهْبِطْتُ منهُ إلى الأرضِ، ولكِنِ ائْتُوا نُوحًا، فيَأتُونَ نُوحًا، فيقولُ: إنِّي دَعَوْتُ على أهلِ الأرضِ دَعْوَة فأُهْلِكُوا، ولكِنِ اذْهَبوا إلى إبراهيمَ، فيأتُونَ إبراهيمَ فيقولُ: إنِّي كَذَبْتُ ثلاثَ كَذِباتٍ"، ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"ما مِنْها كَذِبَةٌ إلَّا ما حَلَّ بِها عن دِينِ اللهِ، ولكِنِ ائْتُوا موسى، فيَأتُونَ موسى، فيقولُ: إنِّي قد قَتَلْتُ نَفْسًا، ولكِنِ ائْتُوا عيسى، فيأتُون عِيسَى، فيقولُ: إنِّي عُبِدْتُ من دُونِ اللهِ، ولكِنِ ائْتُوا محمدًا، قال: فَيَأتُونَنِي فَأنْطَلِقُ مَعَهُم" قال ابنُ جُدْعانَ: قال أنسٌ: فكأنِّي أنظُرُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "فآخُذُ بِحَلْقَةِ بابِ الجنَّةِ فأُقَعْقِعُها، فيقالُ: من هذا؟ فيُقالُ: محمدٌ فيَفْتَحونَ لي، ويُرَحِّبونَ بي، فيقولونَ: مرحبًا، فأخِرُّ ساجِدًا، فيُلْهِمُنِي اللهُ من الثَّناء والحَمدِ، فيُقالُ لي: ارْفَعْ رَأسَكَ، سَلْ تُعْطَ، واشفَعْ تُشَفَّع، وقُلْ يُسْمَع لِقَوْلِكَ، وهو المقامُ المحمودُ الذي قال اللهُ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قال سفيانُ: ليسَ عن أنسٍ إلا هذهِ الكَلِمَة: "فآخُذُ بِحَلْقَةِ

ص: 369

بابِ الجَنَّةِ فأُقَعْقِعُها"

(1)

هذا حديثٌ حسنٌ، وقد رَوَى بَعضُهُم هذا الحديث عن أبي نَضْرَةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ، الحديثَ بطولِه.

‌19 - ومن سورة الكهف

3416 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عمرِو بنِ دينارٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، قال:

قلتُ لابنِ عبَّاسٍ: إنَّ نَوفًا البِكاليَّ يَزْعُمُ أنَّ موسى صاحبَ بَنِي إسرائيل ليس بِموسى صاحبِ الخَضِرِ صلى الله عليه وسلم، قال: كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ، سمعتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ يقول: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "قامَ موسى خَطيبًا في بني إسرائيلَ، فسُئِلَ: أيُّ النَّاسِ أعلَمُ؟ قال: أنا أعلَمُ، فعَتِبَ اللهُ عليهِ، إذْ لم يَرُدَّ العِلمَ إليه، فأوْحى اللهُ إليهِ أنَّ عَبْدًا من عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحرَينِ هو أعلَمُ منكَ، قال موسى: أيْ ربِّ، فَكَيفَ لي بهِ؟ فقالَ لهُ: احْمِلْ حُوتًا في مِكْتَلٍ فَحَيثُ تَفْقِدُ الحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ، فانْطَلَقَ وانْطَلَقَ معهُ فَتاهُ وهو يُوشَعُ بنُ نُونٍ، فَجَعَلَ مُوسَى حُوتًا في مِكْتَلٍ، وانْطَلَقَ هو وفَتَاهُ يَمْشِيانِ حَتَّى إذا أتَيَا الصَّخرَةَ، فَرَقَدَ موسَى وفَتَاهُ، فاضْطَرَبَ الحُوتُ في المِكْتَلِ

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.

وأخرجه ابن ماجه (4308) مختصرًا، وهو كذلك في "المسند"(10987).

وسيأتي عند المصنف مختصرًا برقم (3942).

وللحديث شواهد ذكرناها في "المسند" فانظرها.

ص: 370

حَتَّى خَرَجَ مِن المِكْتَل فَسَقطَ في البَحْرِ، فقال: وأمْسَكَ اللهُ عنهُ جِرْية الماء، حَتَّى كانَ مِثْلَ الطَّاقِ وكانَ للحُوتِ سَرَبًا، وكانَ لمُوسَى ولِفَتَاهُ عَجَبًا، فانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَومِهِمَا ولَيْلَتِهما ونَسِيَ صاحِبُ مُوسَى أن يُخْبِرَهُ، فَلَمَّا أصْبَحَ مُوسَى {قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62] قال: ولَمْ يَنْصَبْ حَتَّى جَاوَزَ المَكَانَ الذِي أُمِرَ بهِ {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ} موسى {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 63 - 64] قال: فَكَانا يَقُصَّانِ آثارَهُما. قال سُفْيانُ: يَزْعُمُ ناسٌ أنَّ تِلكَ الصَّخْرَةَ عِنْدَها عَيْنُ الحياةِ لا يُصِيبُ ماؤُهَا مَيِّتًا إلّا عاشَ.

قال: وكانَ الحُوتُ قد أُكِلَ منهُ، فَلَمَّا قُطِرَ عليهِ الماءُ عاشَ، قال: فَقَصَّا آثارَهُمَا حَتَّى أتَيا الصَّخْرَةَ، فرَأى رجلًا مُسَجّىً عليه بِثَوبٍ، فسَلّمَ عليهِ موسى، فقال: أنَّى بأرْضِكَ السّلامُ؟ فقال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيلَ؟ قال: نعم، قال: يا موسى إنَّكَ على عِلمٍ من عِلمِ اللهِ عَلَّمَكَهُ اللهُ لا أعْلَمُه، وأنا على عِلمٍ من عِلمِ اللهِ عَلَّمَنِيهِ لا تَعْلَمُه، فقال موسى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ

ص: 371

ذِكْرًا} [الكهف] قال: نعم.

فانْطَلَقَ الخَضِرُ وموسى يَمْشيانِ على ساحلِ البَحْرِ، فمَرَّتْ بهما سفينةٌ، فكلّمَاهُم أن يَحْمِلُوهُما، فعَرَفُوا الخَضِرَ، فحَمَلُوهُما بِغَيرِ نَوْلٍ، فعَمَدَ الخَضِرُ إلى لوحٍ من ألوَاحِ السَّفِينَةِ فنَزَعَهُ، فقال له موسى: قَومٌ حَمَلُونا بِغَيْرِ نَولٍ، فعَمَدْتَ إلى سفينتِهِم فخَرَقْتَها {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)} [الكهف].

ثمَّ خرَجا من السَّفينةِ، فبَينَما هما يَمْشِيانِ على السَّاحِلِ وإذا غُلامٌ يَلعَبُ مع الغِلمَانِ، فأخَذَ الخَضِرُ بِرَأسِه فاقْتَلَعَه بِيَدِه فقَتَلَه، فقال له موسى:{أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)} [الكهف] قال: وهذه أشَدُّ منَ الأولى {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 76، 77] يقولُ: مائِلٌ، فقالَ الخَضِرُ بيَدِه هكذا {فَأَقَامَهُ} فـ {قَالَ} له موسى: قومٌ أتَيْناهُم فلم يُضيِّفُونا ولم يُطْعِمونا {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)} [الكهف] قال رسولُ اللهِ: "يَرْحَمُ اللهُ موسى، لوَدِدْنا أنَّهُ كانَ صبَرَ حتَّى يَقُصَّ علينا من أخبارِهِما".

ص: 372

قال: وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الأولى كانت من موسى نِسْيانًا. قال: وجاءَ عُصفُورٌ حتَّى وقَعَ على حَرْفِ السَّفينةِ، ثُمَّ نَقَرَ في البحرِ، فقال له الخَضِرُ: ما نَقَصَ عِلمي وعِلْمُكَ من عِلمِ اللهِ إلَّا مِثْلَ ما نَقَصَ هذا العُصفُورُ من البحرِ". قال سعيدُ بنُ جُبَيرٍ: وكان يَعْنِي ابنَ عبَّاسٍ يَقْرَأُ: (وكانَ أمامَهُم مَلِكٌ يأخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صالِحةٍ غَصْبًا) وكان يَقْرأ: (وأما الغُلامُ فكان كافرًا)

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وقد رواه أبو إسحاقَ الهَمْدَانِيُّ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ورواه الزُّهرِيُّ عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بن عُتْبَةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ، عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

قال أبو مُزَاحِمٍ السَّمَرقَنْدِيُّ: قال عليُّ ابن المَدِينيِّ: حَجَجْتُ حَجَّةً وليس لي هِمَّةٌ إلّا أن أسْمَعَ من سفيانَ يَذْكُرُ في هذا الحديثِ الخَبَرَ، حتَّى سَمِعْتُه يقولُ: حدَّثنا عمرُو بنُ دِينارٍ قال: وقد كنتُ سَمِعْتُ هذا من سفيانَ قبلَ ذلك، ولم يَذْكُر الخَبَرَ.

3417 -

حدَّثنا أبو حفص عمرُو بنُ عليٍّ، قال: حدَّثنا أبو قُتَيبَةَ سَلْمُ بنُ قُتَيبَةَ، قال: حدَّثنا عبدُ الجبَّارِ بنُ العبَّاسِ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (122)، ومسلم (2380)، وأبو داود (4707)، والنسائي في "الكبرى"(11307) و (11308). وهو في "المسند"(21114)، و"صحيح ابن حبان"(6220).

ص: 373

جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ

عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"الغلامُ الذِي قَتَلَه الخَضِرُ طُبِعَ يومَ طُبِعَ كافِرًا"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

3418 -

حدَّثنا يحيى بنُ موسى، قال: حدَّثنا عبد الرَزَّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عن هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّما سُمِّي الخَضِرَ، لأنَّه جَلَسَ على فَرْوَةٍ بَيضاءَ فاهْتَزَّتْ تَحْتَه خَضْراءَ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ

(3)

.

3419 -

حدَّثنا محمَّدُ بن بَشَّارٍ وغيرُ واحدٍ - المعنى واحدٌ، واللَّفظُ لمحمَّد بنِ بَشَّارٍ - قالوا: حدَّثنا هِشامُ بن عبد المَلِكِ، قال: حدَّثنا أبو عَوانَةَ، عن قَتادَةَ، عن أبي رافعٍ

عن حديثِ أبي هُريرةَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم في السَّدِّ قال: "يَحْفِرونَهُ كُلَّ يومٍ، حتَّى إذا كادُوا يَخْرِقونَهُ، قال الذي عليهم: ارْجِعوا فسَتَخْرِقُونهُ غدًا، فيُعيدُهُ الله كأشَدِّ ما كان، حتَّى إذا بَلَغَ مُدَّتَهُم

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2380)، وأبو داود (4705) و (4706)، والنسائي في "الكبرى"(5844) و (11307). وهو في "المسند"(21118)، و"صحيح ابن حبان"(6221).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3402). وهو في "المسند"(8113)، و"صحيح ابن حبان"(6222).

(3)

في (س): حسن صحيح.

ص: 374

وأرادَ اللهُ أنْ يَبْعَثَهُم على النَّاسِ. قال الذي عليهم: ارْجِعوا فسَتَخْرِقُونه غدًا إنْ شاءَ الله، واستَثْنى، قال: فيَرْجعونَ فيَجدونَه كهَيْئَتِه حينَ تَرَكوه، فيَخْرِقونَه، فيَخرجونَ على النَّاسِ، فيَسْتَقون المِياهَ، ويفِرُّ النَّاس منهم، فيَرْمونَ بسِهامِهِم إلى السَّماءِ فتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بالدِّماءِ، فيقولونَ: قَهَرْنا مَن في الأرضِ، وعَلَوْنا مَن في السَّماءِ، قَسْوَةً وعُلُوًّا، فيبْعَثُ اللهُ عليهم نَغَفًا في أقْفائِهِم فَيَهْلكُونَ قال: فوَالذي نَفْسُ محمّدٍ بيَدِه إنَّ دَوابَّ الأرضِ تَسْمَنُ وتَبْطَرُ وتَشْكَرُ شَكَرًا من لُحومِهِم"

(1)

.

(1)

إسناده كما قال الحافظ ابن كثير في "التفسير" 5/ 194: جيد قوي، ولكن في رفعه نكارة، لأن ظاهر الآية، أي قوله تعالى:{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97] يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه، لإحكام بنائه وصلابته وشدته، ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار: أنهم قبل خروجهم يأتونه فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل، فيقولون: غدًا نفتحه، فيأتون من الغد وقد عاد كما كان، فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل، فيقولون كذلك، ويصبحون وهو كما كان فيلحسونه، ويقولون: غدًا نفتحه، ويُلهمون أن يقولوا: إن شاء الله، فيصبحون وهو كما فارقوه، فيفتحونه. وهذا متجه، ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب، فإنه كثيرًا ما كان يجالسه ويحدثه، فحدث به أبو هريرة، فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع، فرفعه، والله أعلم.

وأخرجه ابن ماجه (4080). وهو في "المسند"(10632)، و"صحيح ابن حبان"(6829).

وقوله: "نغفًا": بنون وغين معجمة مفتوحتين، وهو دود يكون في أنوف الإبل والغنم.

"تَشْكَرُ" أي: تسمن وتمتلئ شحمًا، من شَكِرَتِ الشاةُ بالكسر شَكَرًا بفتحتين، =

ص: 375

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، إنما نعرفُه من هذا الوجه مثلَ هذا.

3420 -

حدَّثنا جعفرُ بن محمَّدِ بن فُضَيلٍ الجَزَريُّ وغيرُ واحِدٍ، قالوا: حدَّثنا صَفْوانُ بن صالِح، قال: حدَّثنا الوليدُ بن مُسْلِمٍ، عن يزيدَ بن يوسفَ الصَّنْعانِّي، عن مكحولٍ، عن أمِّ الدَّرْدَاءِ

عن أبي الدَّرداءِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِه:{وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ} [الكهف: 82] قال: "ذَهَبٌ وفِضَّةٌ"

(1)

.

3421 -

حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ الخَلّالُ، قال: حدَّثنا صَفوانُ بن صالحٍ، قال: حدَّثنا الوليدُ بن مُسْلِمٍ، عن يزيدَ بن يوسفَ الصَّنْعانِيِّ، عن يزيدَ بن يزيد بن جابرٍ، عن مكحولٍ، بهذا الإسناد نحوَهُ

(2)

.

3422 -

حدَّثنا محمَّدُ بن بَشَّارٍ وغيرُ واحدٍ قالوا: حدَّثنا محمَّدُ بن بكرٍ البُرْسانيُّ، عن عبد الحَميدِ بن جعفرٍ، قال: أخبرني أبي، عن ابنِ مِيناءَ

عن أبي سعيدِ بن أبي فَضالَةَ الأنصاريِّ - وكان من الصَّحابَةِ - قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إذا جَمَعَ اللهُ النَّاسَ ليومِ القيامةِ ليومٍ لا رَيْبَ فيه، نادَى مُنادٍ: مَن كان أشْرَكَ في عَمَلٍ عَمِلهُ

= أى: سمنت وامتلأ ضَرْعُها لبنًا.

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن يوسف الصنعاني.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 369، وابن عدي في "الكامل" 7/ 2723.

وجاء في تفسير ابن كثير 5/ 182: قال عكرمة وقتادة وغير واحد: كان تحته مال مدفون لهما، وهذا ظاهر السياق من الآية، وهو اختيار ابن جرير رحمه الله.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

ص: 376

للهِ أحدًا، فليَطْلُبْ ثَوابَهُ من عِندِ غيرِ اللهِ، فإنَّ اللهَ أغْنى الشُّرَكاءِ عن الشِّرْكِ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من حديثِ محمَّدِ بن بكرٍ.

‌20 - ومن سورة مريم

3423 -

حدَّثنا أبو سعيدٍ الأشَجُّ، وأبو موسى محمَّدُ بن المُثَنَّى، قالا: حدَّثنا ابنُ إدريسَ، عن أبيهِ، عن سِماكِ بن حَرْبٍ، عن عَلقَمَةَ بن وائلٍ

عن المُغيرَةِ بن شُعبةَ، قال: بَعثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى نَجْرانَ، فقالوا لي: ألَسْتُم تَقْرَؤونَ {يَاأُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28] وقد كان بَينَ عيسى وموسى ما كان، فلم أدْرِ ما أُجيبُهُم. فرَجَعْتُ إلى رسولِ اللهِ فأخبَرْتُه، فقال:"ألا أخْبَرْتَهُم أنَّهُم كانوا يُسَمُّونَ بأنبيائِهِم والصَّالِحينَ قَبْلَهُم"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره وهذا إسناد حسن، زياد بن ميناء، روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات، وقال ابن المديني - فيما نقله الحافظ في "الإصابة" - في حديثه هذا: سنده صالح.

وأخرجه ابن ماجه (4203). وهو في "المسند"(15838)، و"صحيح ابن حبان"(404) و (7345).

وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه أحمد في "مسنده"(7999)، وإسناده صحيح، ولفظه:"أنا خير الشركاء، فمن عمل عملًا، فأشرك فيه غيري، فأنا بريءٌ منه، وهو لِلَّذي أشرك". وانظر تتمة شواهده في "المسند"(7999).

(2)

إسناده حسن، وأخرجه مسلم (2135)، والنسائي في "الكبرى"(11315). وهو في "المسند"(18201)، و"صحيح ابن حبان"(6250).

ص: 377

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفُه إلّا من حديثِ ابنِ إدريسَ.

3424 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا النَّضْرُ بن إسماعيلَ أبو المُغيرَةِ، عن الأعمَشِ، عن أبي صالحٍ

عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ، قال: قَرَأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم: 39] قال: "يُؤتَى بالموتِ كأنَّه كَبْشٌ أمْلَحُ حتَّى يُوقَفَ على السُّورِ بَين الجنَّةِ والنَّارِ، فيُقالُ: يا أهلَ الجَنَّةِ، فيَشْرئِبُّونَ، ويُقالُ: يا أهلَ النَّارِ، فيَشْرئِبُّونَ، فيُقالُ: هل تَعْرِفونَ هذا؟ فيَقولونَ: نعم، هذا الموتُ، فيُضْجَعُ فيُذْبَحُ، فلولا أنَّ الله قضى لأهلِ الجنَّةِ الحياةَ والبقاءَ، لماتوا فَرَحًا، ولولا أنَّ الله قَضَى لأهْلِ النَّارِ الحياةَ فيها والبقاءَ، لماتوا تَرَحًا"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3425 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا حسينُ بن محمَّدٍ، قال: حدَّثنا شَيبانُ، عن قتادةَ في قولِهِ:{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57] قال:

حدَّثنا أنسُ بن مالكٍ، أنَّ نَبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لمَّا عُرجَ بِي

(1)

حديث صحيح، النضر بن إسماعيل - وإن كان غيرَ قوي - قد تابعه حفص بن غياث عند البخاري (4730)، وأبو معاوية وجرير عند مسلم (2849)، ومحمد بن فضيل عند النسائي في "الكبرى"(11316).

وانظر ما سلف برقم (2735).

ص: 378

رأيتُ إدريسَ في السَّماءِ الرَّابِعَةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن أبي سعيدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وقد رَوَى سعيدُ بن أبي عَروبَةَ وهَمَّامٌ وغيرُ واحدٍ، عن قَتادَةَ، عن أنسِ بن مالك، عن مالكِ بن صَعْصَعَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم حديثَ المِعْرَاجِ بطولِه، وهذا عندي مُختَصرٌ من ذلكَ

(2)

.

3426 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا يَعلى بن عُبَيدٍ، قال: حدَّثنا عُمَرُ بن ذَرٍّ، عن أبيه، عن سعيدِ بن جُبَيرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لجِبريلَ: "ما يَمنَعُكَ أن تَزورَنا أكثرَ ممَّا تَزورنا؟ " قال: فنَزَلَت هذه الآيةُ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} إلى آخر الآية

(3)

[مريم: 64].

هذا حديثٌ حسنٌ.

3427 -

حدَّثنا الحسينُ بن حُرَيثٍ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن عمرَ بن ذَرٍّ، بهذا الإسناد نحوَه

(4)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أحمد (13739).

وأخرجه مطولًا مسلم (162)، وهو في "المسند"(12505).

(2)

سيأتي عند المصنف برقم (3640).

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3218)، والنسائي في "الكبرى"(11319). وهو في "المسند"(2043).

(4)

إسناده صحيح وانظر ما قبله.

ص: 379

3428 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عُبَيدُ الله بن موسى، عنِ إسرائيلَ، عن السُّدِّيِّ، قال: سألتُ مُرَّةَ الهَمْدانيَّ عن قولِ الله عز وجل {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] فحدَّثني

أنَّ عبدَ الله بن مسعودٍ حَدَّثَهم، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ، ثمَّ يَصْدُرُونَ عنها بأعْمالِهِم، فأوَّلُهُم كلَمْحِ البَرْقِ، ثمَّ كالرِّيحِ، ثمَّ كحُضْرِ الفَرَسِ، ثمَّ كالراكِبِ في رَحْلِهِ، ثمَّ كَشَدِّ الرَّجلِ، ثمَّ كمَشْيِه"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ

(2)

، ورواه شُعْبةُ عن السُّدِّيِّ، فلم يَرفَعْه.

3429 -

حدَّثنا محمَّدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدَّثنا شُعْبةُ، عن السُّدِّيِّ، عن مُرَّةَ

عن عبد الله {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] قال: يَرِدونَها ثمَّ يَصْدُرُونَ بأعمالِهِم

(3)

.

3430 -

حدَّثنا محمَّدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحمن بن مَهْديٍّ، عن شُعبَةَ، عن السُّدِّيِّ بمثله.

(1)

إسناده حسن، والسدي - واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة - صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه أحمد (4141).

(2)

في (أ): حسن صحيح، وفي (س): حسن غريب، والمثبت من (د).

(3)

إسناده حسن، وأخرجه الطبري 16/ 111 من طريقين عن شعبة بهذا الإسناد، موقوفًا.

وأخرجه أحمد (4128) و (4141) من طريق شعبة مرفوعًا، وسنده حسن.

ص: 380

قال عبدُ الرَّحمنِ: قلتُ لشُعبَةَ: إنَّ إسرائيلَ حدَّثني، عن السُّدِّيِّ، عن مُرَّةَ، عن عبدِ اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

قال شُعبَةُ: وقد سَمِعْتُه من السُّدِّيِّ مرفوعًا، ولكنِّي أدَعُه عَمْدًا.

3431 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، قال: حدَّثنا عبدُ العَزِيزِ بن محمَّدٍ، عن سُهَيلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أحبَّ اللهُ عبدًا نادَى جبريلَ: إنِّي قَد أحبَبْتُ فُلانًا فأحِبَّهُ، قال: فيُنادي في السَّماءِ، ثمَّ تُنْزَلُ له المَحبَّةُ في أهل الأرضِ، فذلكَ قَول الله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]، وإذا أبغَضَ الله عبدًا نادَى جبريلَ: إنِّي قد أبغَضْتُ فُلانًا، فيُنادي في السَّماءِ، ثمَّ تُنْزلُ له البَغْضاءُ في الأرض"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقد رَوَى عبدُ الرحمنِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ، عن أبيهِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحو هذا.

3432 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن الأعمَشِ، عن أبي الضُّحَى، عن مسروقٍ، قال:

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (7485)، ومسلم (2637)، وهو في "المسند"(7625)، و"صحيح ابن حبان"(364).

ص: 381

سَمِعتُ خَبَّابَ بنَ الأرَتِّ يقولُ: جِئْتُ العاصَ بنَ وائِلٍ السَّهْمِيَّ أتقاضاهُ حقًّا لي عِنْدَه، فقال: لا أُعْطِيكَ حتَّى تكْفُرَ بِمحمَّدٍ، فقلتُ: لا، حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ، قال: وإنِّي لَميِّتٌ ثمَّ مَبْعُوثٌ! فَقُلتُ: نَعَم. فقالَ: إنَّ لي هُناكَ مالًا وولدًا فَأقْضِيَكَ. فَنزَلَتْ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} الآية

(1)

[مريم: 77].

3433 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاوِيةَ، عن الأعمَشِ نحوَه

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌21 - ومن سورة طه

3434 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا النَّضْرُ بنُ شُمَيلٍ، قال: أخبرنا صالحُ بنُ أبي الأخْضَرِ، عن الزُّهرِيِّ، عن سعيدِ بنِ المُسَيّبِ

عن أبي هُريرةَ، قال: لمَّا قَفَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من خَيبَرَ أسْرَى ليلَهُ حَتَّى أدْرَكَهُ الكَرَى، أناخَ، فعَرَّسَ، ثمَّ قال:"يا بِلالُ اكْلأْ لنا الليلةَ"، قال: فصَلّى بِلالٌ، ثمَّ تَسانَدَ إلى راحِلَتِه مُستَقْبِلَ الفَجْرِ، فغَلَبَتْهُ عَيْناهُ فنامَ، فلم يَستَيقظْ أحَدٌ منهم، وكانَ أوَّلَهم اسْتِيقاظًا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"أي بلالُ"، فقال بلالٌ: بأبي أنتَ يا رسولَ الله،

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2091)، ومسلم (2795)، والنسائي في "الكبرى"(11322). وهو في "المسند"(21068)، و"صحيح ابن حبان"(4885).

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 382

أخَذَ بِنَفْسِي الذي أخَذَ بنَفْسِكَ. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْتادُوا"، ثُمَّ أناخَ فتَوَضّأ فأقَامَ الصَّلاةَ، ثُمَّ صَلّى مِثْلَ صَلاتِهِ للوَقْتِ في تَمَكُّثٍ، ثمَّ قالَ:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}

(1)

[طه: 14].

هذا حديثٌ غيرُ محفُوظٍ، رواهُ غيرُ واحدٍ من الحُفّاظِ عن الزُّهرِيِّ، عن سعيدِ بنِ المُسَيّبِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَذْكُروا فيهِ عن أبي هُريرةَ، وصالح بنُ أبي الأخْضَرِ يُضعَّفُ في الحديثِ، ضَعَّفَهُ يحيى بنُ سعيدٍ القَطّانُ وغيرُه من قِبَلِ حِفْظِه.

‌22 - ومن سورة الأنبياء

3435 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا الحسنُ بن موسى، قال: حدَّثنا ابن لَهِيعَةَ، عن دَرَّاجٍ، عن أبي الهَيْثَمِ

عن أبي سعيدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"وَيْلٌ وادٍ في جَهَنَّمَ يَهْوِي فيهِ الكافرُ أرْبَعِينَ خَرِيفًا قبلَ أن يَبْلُغَ قَعْرَه"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه مَرْفُوعًا إلّا من حديثِ ابنِ لَهِيعَةَ.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، صالح بن أبي الأخضر ضعيف كما قال المصنف.

وأخرجه تامًا ومقطعًا بإسناد صحيحٍ مسلمٌ (680)، وأبو داود (435)، وابن ماجه (697)، والنسائي 1/ 295 - 298. وهو في "المسند" (9534)، و"صحيح ابن حبان" (2069).

(2)

إسناده ضعيف، وانظر ما سلف برقم (2756).

ص: 383

3436 -

حدَّثنا مُجاهِدُ بنُ موسى البَغْدادِيُّ والفضلُ بنُ سَهْلٍ الأعرَجُ وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا عبدُ الرحمنِ بنُ غَزْوانَ أبو نُوحٍ، قال: حدَّثنا ليثُ بنُ سعدٍ، عن مالكِ بنِ أنسٍ، عن الزُّهرِيِّ، عن عُرْوَةَ

عن عائشةَ: أنَّ رجلًا قَعَدَ بينَ يَدَي النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ لِي مَمْلُوكَينَ يُكَذِّبُونَني ويخُونُونَني ويعْصُونَنِي، وأشْتِمُهُمْ وأضْرِبُهُم، فكيفَ أنا منهم؟ قال:"يُحْسَبُ ما خانُوكَ وعَصَوكَ وكَذّبُوكَ وعِقابُكَ إياهُم، فإنْ كان عِقابُكَ إيَّاهُم بِقَدْرِ ذُنُوبِهِم كانَ كَفافًا، لا لكَ ولا عليكَ، وإن كانَ عِقَابُكَ إيَّاهُم دونَ ذُنُوبِهِم كانَ فَضْلًا لكَ، وإنْ كانَ عِقَابُكَ إيَّاهُم فوقَ ذُنُوبِهم اقْتُصَّ لهم منكَ الفَضْلُ". قال: فتَنحَّى الرَّجُلُ فَجَعَلَ يَبْكي ويَهْتِفُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أما تَقْرَأُ كِتابَ اللهِ {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} الآية [الأنبياء: 47] ". فقالَ الرَّجلُ: واللهِ يا رسولَ اللهِ ما أجِدُ لي ولهُم شَيئًا خَيرًا من مُفارَقَتِهم، أُشهِدُكَ أنّهُم أحْرارٌ كُلُّهُم

(1)

.

(1)

حديث لا يصح، وهذا إسناد ليس بمحفوظ، تفرد به أبو نوح قُرَاد عبد الرحمن بن غزوان، وهو وإن كان ثقة، له أفراد، وهذا منها، وقد انتقد العلماء بعض أحاديثه، منها حديثه هذا، ومنها حديث سفر النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه إلى الشام، وهو حديث فيه نكارة.

قلنا: وقال أبو أحمد الحاكم - فيما حكاه عنه الحافظ في "التهذيب" -: أخبرني أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن، قال: قرأت على أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين، سألت أحمد بن صالح عن حديث قراد، عن الليث، عن مالك .. =

ص: 384

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفهُ إلا من حديثِ عبدِ الرحمنِ بنِ غَزْوَانَ، وقد رَوَى أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ عن عبدِ الرحمنِ بنِ غَزْوَانَ هذا الحديثَ.

3437 -

حدَّثنا سعيدُ بنُ يحيى الأُمَوِيُّ، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن أبي الزِّنادِ، عن عبدِ الرحمنِ الأعْرَجِ

عن أبي هُريرةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لم يَكْذِبْ إبراهيمُ في شيءٍ قطُّ إلا في ثلاثٍ: قولِه: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] ولم يكن سَقِيمًا، وقولِه: لِسَارةَ: أخْتِي، وقوله:{قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}

(1)

[الأنبياء: 63].

= وذكر الحديث، فقال أحمد: هذا باطل، مما وضع الناس، وليس كل الناس يضبط هذه الأشياء، إنما روى هذا الليثُ - أظنه قال -: عن زياد بن عجلان منقطع. قلنا: وهو في "المسند" برقم (26401) وفيه بينا علته فيه.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (3358)، ومسلم (2371)، وأبو داود (2212)، والنسائي في "الكبرى"(8373)(8374).

قال ابنُ حجر في "فتح الباري" 6/ 392: قال أبو الوفاء ابنُ عقيل: دِلالةُ العقل تصرِفُ ظاهرَ إطلاقِ الكذب على إبراهيمَ، وذلك أن العقلَ قَطَعَ بأن الرسولَ ينبغي أن يكونَ موثوقًا به، ليُعلَم صدقُ ما جاء به عن الله، ولا ثقةَ مع تجويزِ الكذبِ عليه، فكيف مع وجودِ الكذب منه، وانما أطلق عليه ذلك لِكونه بصورةِ الكذبِ عند السامع، وعلى تقديرِه، فلم يصدُرْ ذلك من إبراهيمَ عليه السلام يعني إطلاق الكذب على ذلك - إلا في حالِ شِدَّة الخوف لِعُلوِّ مقامِه، وإلا فالكذب المحضُ في مثل تلك المقامات يجوزُ، وقد يجبُ لِتحمُّلِ أخفِّ الضررين دَفْعًا لأعظمهما، وأما تسمية إياها كَذَبَابٍ فلا يريدُ أنها تُذَمُّ، فإن الكِذبَ وإن كان قبيحًا مُخِلًّا، =

ص: 385

هذا حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ. وقد رُوي من غير وجهٍ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

3438 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا وكيعٌ ووهْبُ بنُ جَرِيرٍ وأبو داودَ، قالوا: حدَّثنا شُعبَةُ، عن المُغِيرَةِ بنِ النُّعْمانِ، عن سعيدِ بن جُبَيْرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمَوعِظَةِ فقالَ: "أيُّها النَّاسُ، إنَّكُم مَحْشُورُونَ إلى اللهِ عُرَاةً غُرْلًا، ثمَّ قرأ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} إلى آخِرِ الآيةِ [الأنبياء: 104]. قالَ: أوَّلُ من يُكْسَى يومَ القيامةِ إبراهيمُ، وإنَّهُ سَيُؤتَى برجالٍ من أُمَّتِي، فيُؤخَذُ بِهِم ذاتَ الشِّمالِ، فأقولُ: ربِّ، أصحابي، فيُقالُ: إنّكَ لا تَدْرِي ما أحدَثُوا بَعدَك، فأقولُ كما قال العبدُ الصَّالحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} إلى آخر الآية [المائدة: 117، 118]. فَيُقالُ: هؤلاءِ لم يَزالوا مُرْتَدِّينَ على أعقَابِهِم منذُ فارَقْتَهُم"

(1)

.

3439 -

حدَّثنا محمدُ بن بشّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعبَةُ، عن المُغِيرَةِ بنِ النُّعْمانِ نحوه

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ورواه سفيانُ الثوريُّ عن المغيرةِ

= لكنه قد يحسُنُ في مواضعَ، وهذا منها.

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف برقم (2591).

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 386

ابنِ النُّعْمانِ نحوه.

كأنَّهُ تأوَّلهُ على أهلِ الرِّدَّةِ

(1)

.

‌23 - ومن سورة الحج

3440 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيَينَةَ، عن ابنِ جُدْعان، عن الحسنِ

عن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لمَّا نَزَلَتْ {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} إلى قولهِ: {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 1 - 2] قال: أُنْزِلَتْ عليه هذه الآيةُ وهو في سَفَرٍ، فقال:"أتَدْرود أيَّ يومٍ ذلكَ؟ " فقالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال:"ذلكَ يومَ يقولُ اللهُ لآدمَ: ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ، قال: يا ربِّ، وما بَعْثُ النَّارِ؟ قال: تِسعُ مئة وتِسعةٌ وتِسعونَ إلى النَّارِ وواحدٌ إلى الجنَّةِ"، قال: فأنْشَأ المسلمونَ يَبكونَ، فقال: رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قارِبُوا وسَدِّدُوا، فإنّها لم تَكُنْ نُبُوَّةٌ قَطُّ إلّا كانَ بينَ يَديها جاهِلِيَّةٌ، قال: فيُؤخَذُ العَدَدُ من الجاهِلِيَّةِ، فإنْ تَمَّتْ وإلّا كَمُلَتْ من المُنافِقِينَ، وما مَثَلُكُم والأُمَم إلّا كَمَثَلِ الرَّقْمَةِ في ذِراعِ الدَّابَّةِ، أو كالشَّامَةِ في جَنْبِ البَعِيرِ"، ثمَّ قال:"إنِّي لأرْجو أن تكونوا رُبعَ أهْلِ الجنَّةِ" فكَبَّروا، ثمَّ قال:"إنِّي لأرْجو أن تكونوا ثُلُثَ أهلِ الجنَّةِ" فكَبَّروا، ثمَّ قال:"إنِّي لأرْجو أن تكونوا نِصْفَ أهلِ الجنَّةِ" فكَبَّروا، قال: ولا أدري؟ قال: الثُّلُثَيْنِ أم

(1)

قوله: كأنه تأوله على أهل الرِّدة، أثبتناه من (س).

ص: 387

لا؟

(1)

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوِيَ من غيرِ وجهٍ عن الحسن عن عِمرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

3441 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا هِشامُ بنُ أبي عبدِ اللهِ، عن قَتادَةَ، عن الحسنِ

عن عِمْرَانَ بنِ حُصَينٍ، قال: كُنَّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فتفَاوَتَ بينَ أصحابِه في السَّيرِ، فرَفَعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَه بهاتينِ الآيتينِ {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} إلى قوله:{وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 1 - 2] فلمَّا سَمِعَ ذلكَ أصحابُهُ حَثُّوا المَطِيَّ وعَرَفُوا أنَّهُ عِنْدَ قولٍ يقوله، فقال:"هل تَدرُونَ أيَّ يومٍ ذلكَ"؟ قالوا: اللهُ ورسوله أعلمُ، قال: "ذلكَ يومٌ يُنادِي اللهُ فيه آدَمَ، فيُنادِيهِ رَبُّه، فيقولُ: يا آدمُ ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ، فيقولُ: أي رَبِّ وما بَعْثُ النَّارِ؟ فيقولُ: من كُلِّ ألفٍ تِسعُ مِئة

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن جدعان - واسمه علي بن زيد - ولكنه متابع.

وأخرجه الحميدي (831) وأحمد (19884) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 17/ 111 والطبراني في "الكبير" 18/ (546) من طريق سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة، عن العلاء بن زياد العدوي، عن عمران بن حصين، وهذا إسناد صحيح.

وانظر الحديث الآتي.

ص: 388

وتِسعةٌ وتِسعونَ إلى النَّارِ وواحِدٌ في الجنَّةِ" فيَئِسَ القومُ، حتَّى ما أبْدَوا بضاحِكَةٍ، فلَمَّا رَأى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذِي بأصحابه، قال: "اعْمَلوا وأبْشِروا، فوالذِي نَفْسُ محمدٍ بِيَدِهِ إنَّكُم لَمَعَ خَلِيقَتَيْنِ ما كانتا مع شيءٍ إلا كَثّرَتاه، يأجُوجَ ومَأْجُوجَ، ومن ماتَ من بَني آدمَ ومن بَنِي إبليسَ" قال: فسُرِّيَ عن القومِ بعضُ الذي يَجِدونَ، فقال:"اعمَلوا وأبْشِروا، فوالذِي نَفْسُ محمدٍ بيدِهِ ما أنتُم في النَّاسِ إلا كالشَّامَةِ في جَنْبِ البعيرِ أو كالرَّقْمَةِ في ذِراعِ الدَّابَّةِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3442 -

حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ وغيرُ واحدٍ، قالوا: أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: حدَّثني اللّيْثُ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ خالدٍ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن محمدِ بنِ عُروَةَ بنِ الزُّبَيرِ

عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّما سُمِّيَ البيْتُ: العَتِيقَ، لأنَّهُ لم يَظْهَر عليه جَبَّارٌ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11340) والطبري في "جامع البيان" 17/ 111، والطبراني في "الكبير" 18/ (307) من طريق يحيى - وهو ابن سعيد القطان -، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

وله شاهد من حديث أنس عند ابن حبان (7354)، وآخر من حديث ابن عباس عند الحاكم 4/ 568، وفي الباب عن ابن مسعود عند أحمد (3661).

(2)

إسناده ضعيف، عبد الله بن صالح سيئ الحفظ، وقد خُولف أيضًا كما =

ص: 389

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ

(1)

، وقد رُوِيَ عن الزُّهرِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

3443 -

حدَّثنا قُتَيبَةُ، قال: حدَّثنا اللّيثُ، عن عُقَيْلٍ، عن الزُّهرِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَه

(2)

.

3444 -

حدَّثنا سفيانُ بنُ وكيعٍ، قال: حدَّثنا أبي وإسحاقُ بنُ يوسفَ الأزْرَقُ، عن سفيانَ الثوري، عن الأعمَشِ، عن مُسْلِمٍ البَطِينِ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: لمَّا أُخْرِجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم منِ مكَّةَ قال أبو بكرٍ: أخْرَجوا نَبِيَّهمْ! لَيهلِكُنَّ، فأنْزَلَ اللهُ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} الآيةَ [الحج: 39]، فقال أبو بكرٍ: لقد عَلِمْتُ أنَّهُ سيَكونُ قِتالٌ

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي وغيرُه

= أشار المصنف.

وأخرجه البزار (1165 - كشف الأستار)، والطبري 17/ 151 - 152، والحاكم 2/ 389.

ورواه معمر - كما في "علل ابن أبي حاتم" 1/ 274 - عن الزهري، عن محمد بن عروة، عن عبد الله بن الزبير موقوفًا.

(1)

في (س): حديث حسن.

(2)

هو على إرساله رجاله ثقات.

(3)

حديث صحيح، وأخرجه النسائي 6/ 2. وهو في "المسند" (1865)، و"صحيح ابن حبان" (4710).

ص: 390

عن سفيانَ، عن الأعمَشِ، عن مسلمٍ البَطِينِ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ مرسلًا، وليس فيه عن ابنِ عبَّاسٍ.

3445 -

حدثنا محمد بن بشَّار، قال: حدثنا أبو أحمد الزُّبيريُّ، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البَطين

عن سعيد بن جُبير، قال: لما أُخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، قال رجلٌ: أخرَجوا نبيَّهم، فنزلت:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} [الحج: 39، 40] النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

(1)

.

‌24 - ومن سورة المؤمنين

3446 -

حدَّثنا يحيى بن موسى وعبدُ بن حُمَيدٍ وغيرُ واحدٍ المعنى واحِدٌ، قالوا: أخبرنا عَبد الرَّزاقِ، عن يونسَ بن سُلَيمٍ، عن الزُّهريِّ، عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيرِ، عن عبد الرَّحمنِ بنِ عبدٍ القارِيِّ، قال:

سَمِعتُ عمرَ بن الخطّابِ يقولُ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أُنْزِلَ عليه، الوحيُ سُمعَ عِندَ وَجْهِه كدَوِيِّ النَّحْلِ، فأُنْزِلَ عليه يومًا، فمَكَثنا ساعةً فسُرِّي عنه، فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ ورَفَعَ يَدَيهِ وقال:"اللَّهُمَّ زِدْنا ولا تَنْقُصْنا، وأكْرِمنا ولا تُهِنَّا، وأعطِنا ولا تَحْرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِرْ علينا، وأرْضِنا وارْضَ عنَّا"، ثمَّ قال صلى الله عليه وسلم:"أُنْزِلَ عليَّ عَشْرُ آياتٍ، مَن أقامَهُنَّ دخل الجنَّةَ"، ثمَّ قرأ:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}

(1)

أخرجه الطبري 17/ 172، ورجاله ثقات لكنه مرسل.

ص: 391

[المؤمنون: 1] حتَّى خَتَمَ عَشْرَ آياتٍ

(1)

.

3447 -

حدَّثنا محمَّدُ بن أبانٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرزَّاقِ، عن يونسَ بن سُلَيمٍ، عن يونسَ بن يزيدَ، عن الزُّهريِّ، بهذا الإسنادِ نحوَه بمعناه

(2)

.

وهذا أصحُّ من الحديثِ الأوَّلِ، سمعتُ إسحاقَ بن منصورٍ يقولُ: رَوَى أحمدُ بن حَنْبَلٍ وعليُّ ابن المَدينيِّ وإسحاقُ بن إبراهيمَ، عن عبدِ الرَّزاقِ، عن يونسَ بنِ سُلَيمِ، عن يونسَ بن يزيدَ، عن الزُّهريِّ هذا الحديثَ.

ومَن سَمِعَ من عبدِ الرَّزاقِ قديمًا فإنَّهُم إنَّما يَذكرونَ فيه عن يونسَ بن يزيدَ، وبَعضُهم لا يَذْكُرُ فيهِ عن يونسَ بن يزيدَ، ومَن ذَكَرَ فيهِ عن يونسَ بن يَزيدَ فهو أصحُّ، وكان عبدُ الرَّزاقِ رُبَّما ذَكَرَ في هذا الحديثِ يونسَ بن يَزيدَ ورُبَّما لم يَذْكُرهُ.

3448 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا رَوحُ بن عُبادَةَ، عن سعيدٍ، عن قَتادَةَ

عن أنسِ بنِ مالكٍ، أنَّ الرُّبَيِّعَ بنتَ النَّضْرِ أتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكان ابْنُها حارِثَةُ بن سُراقَةَ أُصيبَ يومَ بَدْرٍ، أصابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فأتَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أخبِرني عن حارِثَةَ لئِنْ كان أصابَ خَيرًا احْتَسَبْتُ وصَبَرْتُ، وإنْ لَم يُصبِ الخَيرَ اجْتَهَدْتُ في

(1)

إسناده ضعيف لجهالة يونس بن سُليم، ولم يرو عنه غير عبد الرزاق وتكلم فيه، ولم يعتمده في الرواية.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(1439). وهو في "المسند"(223).

(2)

ضعيف كالذي قبله.

ص: 392

الدُّعاءِ

(1)

، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا أُمَّ حارِثَةَ، إنَّها جِنانٌ في جَنَّةٍ، وإنَّ ابنَكِ أصابَ الفِرْدوسَ الأعلى، والفِرْدوسُ رَبْوَةُ الجنَّةِ وأوْسَطُها وأفْضَلُها"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ أنسٍ.

3449 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، قال: حدَّثنا مالكُ بن مِغْوَلٍ، عن عبد الرَّحمنِ بن سَعيدِ بن وَهْبٍ الهَمْدانيِّ

أنَّ عائشةَ زوجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآيَةِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] قالت عائشةُ: أهُمُ الذينَ يَشْرَبونَ الخَمرَ ويَسرقونَ؟ قال: "لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ، ولكِنهُم الذينَ يَصومونَ ويُصَلُّونَ ويَتصدَّقونَ، وهم يَخافونَ أنْ لا تقبَلَ مِنهُم، أولئك الذين يُسارعونَ في الخَيرات"

(3)

.

(1)

قولها: في "الدعاء" خطأ قديم، صوابه: في "البكاء" كما وقع في مصادر التخريج، ونبَّه عليه الحافظ في "فتح الباري" 6/ 27.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2809)، والنسائي في "الكبرى"(8231) و (8232). وهو في "المسند"(13200)، و"صحيح ابن حبان"(958).

وقوله: أصابه سهمٌ غَرْبٌ، أي: لا يعرف راميه، أو لا يُعرف من أين أتى، أو جاء على غير قصد من راميه، قاله أبو عبيدة، والثابت في الرواية بالتنوين وسكون الراء، وأنكره ابن قتيبة، فقال: كذا تقوله العامة، والأجود فتح الراء والإضافة.

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه، عبد الرحمن بن سعيد بن وهب - وهو الخَيْواني - لم يدرك عائشة فيما قال أبو حاتم ونقله عنه ابنه في "المراسيل" ص 127. وقد =

ص: 393

وروِيَ هذا الحديث عن عبدِ الرَّحمنِ بن سعيدٍ، عن أبي حازِمٍ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَ هذا.

3450 -

حدَّثنا سُوَيدُ بن نصر، قال: أخبرنا عبدُ الله بنُ المُبارَكِ، عن سعيدٍ بن يَزيدَ أبي شُجاعٍ، عن أبي السَّمْحِ، عن أبي الهَيثَمِ

عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:{وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104] قال: "تَشْويهِ النَّارُ، فتَقَلَّصُ شَفَتُه العُلْيا حتَّى تَبْلُغَ وسَطَ رأسِه، وتَسْتَرخي شَفَتُه السُفْلى حتَّى تَضْرِبَ سُرَّتَه"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

‌25 - ومن سورة النور

3451 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا رَوْحُ بنُ عُبادَةَ، عن عُبَيدِ اللهِ بنِ الأخْنَسِ، قال: أخبرني عمرُو بنُ شُعَيبٍ، عن أبيه

عن جَدِّهِ قال: كان رجلٌ يقال له: مَرْثَدُ بنُ أبي مَرْثَدٍ، وكان رجلًا يَحْمِلُ الأسْرَى من مكَّةَ حتَّى يأتِيَ بِهِمُ المدينةَ، قال: وكانتِ امرَأةٌ بَغِيٌّ بمكَّةَ يقالُ لها: عَناقُ وكانت صَدِيقةً له، وأنَّهُ كان وعَدَ

= اختلف عليه فيه. والمحفوظ عن عبد الرحمن بن سعيد هو المرسل، قاله الدارقطني في "العلل" 11/ 193، وبقية رجال الإسناد ثقات.

وأخرجه ابن ماجه (4198). وهو في "المسند"(25263).

(1)

إسناده ضعيف، لضعف أبي السمح في روايته عن أبي الهيثم، وقد سلف برقم (2769).

ص: 394

رجلًا من أُسَارَى مكَّةَ يَحْمِلُه، قال: فَجِئتُ حتَّى انتَهَيْتُ إلى ظِلِّ حائِطٍ من حَوائِطِ مكَّةَ في لَيلَةٍ مُقْمِرَةٍ، قال: فجَاءَتْ عَنَاقُ، فأبْصَرَتْ سَوَادَ ظِلي بجَنْبِ الحائطِ، فلمَّا انتَهَتْ إليَّ عَرَفَتْ، فقالتْ: مَرْثَدٌ؟ فَقُلتُ: مَرْثَدٌ. قالتْ: مرحبًا وأهلًا، هَلُمَّ فَبِتْ عِنْدَنا اللّيلَةَ. قال: قلتُ: يا عناقُ حَرَّمَ اللهُ الزِّنى، قالت: يا أهلَ الخِيامِ، هذا الرَّجُلُ يَحْمِلُ أسراكُم، قال: فتَبِعَني ثَمانِيَةٌ وسَلَكْتُ الخَنْدَمة، فانْتَهَيْتُ إلى كَهْفٍ أو غارٍ فدَخَلْتُ، فجاؤوا حتَّى قاموا على رأْسِي فبَالوا، فَظَلَّ بَوْلُهُم على رَأْسِي وعَمّاهُم الله عَنِّي، قال: ثمَّ رَجَعُوا ورَجَعْتُ إلى صاحِبِي فحَمَلْتُه - وكان رجلًا ثَقِيلًا - حتَّى انْتَهَيْتُ إلى الإذْخِرِ، ففَكَكْتُ عنهُ أكْبُلَهُ، فجَعَلْتُ أحْمِلُه ويُعِينُني حتَّى قَدِمْتُ المَدِينَةَ، فَأتَيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسولَ اللهِ أنْكِحُ عَناقًا؟ مرتين، فَأمْسَكَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شيئًا حَتَّى نَزَلَتْ {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا مَرْثَدُ، الزَّانِي لا يَنْكحُ إلا زانِيةً أو مُشرِكَةً، والزَّانيَةُ لا يَنكِحُها إلّا زانٍ أو مُشْرِكٌ، فلا تَنكِحْها"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من هذا الوجهِ.

3452 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا عَبْدَةُ بنُ سليمانَ، عن عبدِ المَلِكِ بنِ أبي سليمانَ

(1)

إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (2051)، والنسائي 6/ 66. وهو في "شرح مشكل الآثار" (4552).

ص: 395

عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قال: سُئِلتُ عن المُتلاعِنَينِ في إمارَةِ مصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ: أيُفَرَّقُ بَيْنَهُما؟ فما دَرَيْتُ ما أقولُ، فقُمْتُ مكاني إلى منزلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، فاسْتأْذَنْتُ عليه فَقِيلَ لي: إنَّهُ قائِلٌ، فَسَمِع كَلامِي، فقالَ: ابنَ جُبَيْرٍ؟ ادْخُلْ، ما جاءَ بِكَ إلا حاجةٌ، قال: فدَخَلْتُ فإذا هو مُفتَرِشٌ بَرْدَعَةَ رَحْلٍ له، فقلتُ: يا أبا عبدِ الرحمنِ، المُتلاعِنَانِ أيُفَرَّقُ بينهما؟ فقال: سبحانَ اللهِ، نَعَمْ.

إنَّ أوَّلَ من سَألَ عن ذلِكَ فُلانُ بنُ فُلانٍ، أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ أرَأيتَ لو أنَّ أحَدَنا رَأى امرَأتَه على فاحِشَةٍ كيْفَ يَصنَعُ؟ إنْ تكلَّمَ تكلَّمَ بأمرٍ عظيمٍ، وإنْ سَكَتَ سَكَتَ على أمرٍ عظيمٍ، قال: فسَكَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فلم يُجِبْه، فلمَّا كان بعدَ ذلكَ أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ الذي سَألتُكَ عنه قدِ ابتُلِيْتُ به، فأنزلَ اللهُ هذهِ الآياتِ في سورةِ النُّورِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] حتَّى خَتَمَ الآياتِ.

قال: فدَعَا الرَّجلَ، فتلاهُنَّ عليه، ووَعَظهُ وذَكَّرَهُ، وأخبَرَهُ أنَّ عذابَ الدُّنيا أهوَنُ من عذابِ الآخِرَةِ، فقال: لا، والذي بَعَثَكَ بالحقِّ ما كَذَبْتُ عليها، ثمَّ ثَنَّى بالمرأةِ ووَعَظَها وذَكَّرَها وأخبَرَها أنّ عذابَ الدُّنيا أهوَنُ من عذابِ الآخِرَةِ، فقالتْ: لا، والذي بَعَثَكَ بالحقِّ ما صَدَقَ.

فبَدَأ بالرَّجلِ فشَهِدَ أربَعَ شهاداتٍ باللهِ إنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ،

ص: 396

والخامسةَ أنَّ لَعْنَة اللهِ عليهِ إنْ كان من الكاذِبينَ، ثمَّ ثَنَّى بالمرأةِ فشَهِدَتْ أرْبَعَ شهادَاتٍ باللهِ إنَّهُ لمنَ الكاذِبِينَ، والخامسةَ أنَّ غَضَبَ الله عليها إن كان من الصَّادقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُما

(1)

.

وفي البابِ عن سهلِ بنِ سعدٍ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3453 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي عَديٍّ، قال: حدَّثنا هِشامُ بنُ حسَّانَ، قال: حدَّثني عِكرِمَةُ

عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ هِلالَ بنَ أُميَّةَ قَذَفَ امرأتَه عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ بنِ السَّحْماءِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"البيِّنَةَ وإلّا حَدٌّ في ظَهرِكَ"، قال: فقال هِلالٌ: يا رسولَ اللهِ، إذا رَأى أحدُنا رجلًا على امرأتِه أيَلتَمِسُ البَيِّنةَ؟ فجَعَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ:"البَيِّنةَ وإلا فحَدٌّ في ظهرِكَ"، قال: فقال هلالٌ: والذي بَعَثكَ بالحقِّ إنّي لصادقٌ، وليُنْزِلنَّ في أمْرِي ما يُبَرِّئُ ظَهْرِي من الحَدِّ، فَنزَلَ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] فقَرأَ حتَّى بَلغَ {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] قال: فانْصَرَفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأرْسَلَ إليهما فجاءا، فقامَ هِلالُ بنُ أُمَيَّةَ فشَهِدَ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنَّ الله يعلمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فهَلْ منكما

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف برقم (1241).

(2)

حديث سهل بن سعد أخرجه البخاري (4745)، ومسلم (492)، وهو في "مسند أحمد"(22830) وانظر تمام تخريجه فيه.

ص: 397

تائبٌ"؟ ثمَّ قامت فشَهِدَتْ، فلمَّا كانت عند الخامسةِ {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] قالوا لها: إنّها مُوجِبَةٌ، فقال ابنُ عبَّاسٍ: فتَلكَّأَتْ ونَكَسَتْ حتَّى ظَننَّا أنْ سَتَرْجِعَ، فقالتْ: لا أفْضَحُ قَومِي سائرَ اليومِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أبْصِرُوها، فإن جاءتْ بهِ أكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سابغَ الألْيَتَيْن، خَدَلّج السَّاقَيْنِ فهو لِشَرِيكِ ابنِ السَّحْماءِ، فجَاءَتْ بهِ كذلكَ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لولا ما مضى من كتابِ اللهِ عز وجل لكان لنا ولها شَأْنٌ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، وهكذا رَوَى عبَّادُ بنُ منصورٍ هذا الحديثَ عن عِكرِمَةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ورواهُ أيُّوبُ عن عِكرِمَةَ مرسلًا، ولم يَذْكُر فيهِ: عن ابنِ عبَّاسٍ.

3454 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، قال: أخبرني أبي

عن عائشةَ، قالتْ لمَّا ذُكِرَ من شَأنِي الذي ذُكِرَ وما عَلِمْتُ به، قامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيَّ خَطِيبًا فتَشهَّدَ، وحَمِدَ اللهَ، وأثْنَى عليه بما هو أهلُهُ، ثمَّ قال:

"أمَّا بعدُ: أشِيرُوا عليَّ في أُناسٍ أبَنُوا أهلي، واللهِ ما عَلِمتُ على أهلي من سُوءٍ قَطُّ، وأبَنُوا بِمَن واللهِ ما عَلِمْتُ عليه من سُوءٍ قَطُّ، ولا دَخَلَ بَيْتِي قطُّ إلَّا وأنا حاضرٌ، ولا غِبْتُ في سَفَرٍ إلا

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2671)، وأبو داود (2254) و (2256)، وابن ماجه (2067). وهو في "المسند"(2131).

ص: 398

غابَ معي".

فقامَ سعدُ بنُ معاذٍ فقال: ائْذَنْ لي يا رسولَ اللهِ أنْ أضْرِبَ

(1)

أعناقَهُمْ، وقامَ رجلٌ من الخَزْرَجِ وكانت أمُّ حَسَّانَ بن ثابتٍ من رَهْطِ ذلكَ الرَّجلِ، فقال: كَذَبْتَ، أما واللهِ أنْ لو كانوا من الأوسِ ما أحبَبْتَ أنْ تُضْرَبَ أعناقُهُم، حتَّى كادَ أن يكونَ بينَ الأوسِ والخَزْرَجِ شَرٌّ في المسجِدِ وما عَلِمْتُ بهِ.

فلمَّا كان مساءُ ذلكَ اليومِ، خَرَجْت لبعضِ حاجَتِي ومَعِي أمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ، فقالت: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فقلتُ لها: أيَّ أمٍّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟! فسَكَتَتْ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيةَ، فقالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فقلتُ لها: أيَّ أمٍّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟! فسَكَتَت، ثمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ فقالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فانْتَهَرْتُها، فقلتُ لها: أيَّ أمٍّ تَسُبِّينَ ابنكِ؟! فقالتْ: واللهِ ما أسُبُّهُ إلا فِيكِ، فقلتُ: في أيِّ شأني؟ قالت: فبَقَرَت لي الحديثَ

(2)

، قلتُ: وقد كان هذا؟ قالت: نعم.

واللهِ لقد رَجَعْتُ إلى بيْتي وكأنَّ الذِي خَرَجْتُ لهُ لم أخْرُجْ، لا أجِدُ منه قليلًا ولا كثيرًا، ووُعِكْتُ، فقلتُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أرْسِلْني إلى بيتِ أبي، فأَرْسَلَ مَعِي الغُلامَ، فدَخَلتُ الدَّارَ، فوَجَدْتُ أمَّ رُومَانَ في السَّفْلِ، وأبو بكرٍ فوقَ البيتِ يَقْرأ، فقالت

(1)

المثبت من (س)، وفي (أ) و (د): نضرب.

(2)

قولها: "فبقرت لي الحديث" بفتح الباء والقاف، قال في "النهاية": أي: فتَحَتْه وكشَفَتْه.

ص: 399

أمِّي: ما جاءَ بكِ يا بُنَيَّةُ؟ قالتْ: فأخْبَرْتُها، وذَكَرْتُ لها الحديثَ، فإذا هو لم يبلُغْ مِنْها ما بَلَغَ مِنِّي، قالت: يا بُنيَّةُ خَفِّفي عليك الشّأْنَ، فإنَّهُ واللهِ لَقَلّما كانتِ امرأةٌ حَسْناءُ عِنْدَ رجلٍ يُحِبُّها، لها ضَرائرُ إلا حَسَدْنَها وقِيلَ فيها، فإذا هي لمِ يَبْلُغْ منها ما بَلَغَ مِنِّي، قالتْ: قلتُ: وقد علمَ بهِ أبي؟ قالت: نَعَمْ، قلتُ: ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعمْ، واستَعْبَرْتُ فبَكَيْتُ، فسَمِعَ أبو بكرٍ صوتِي وهو فوقَ البيتِ يَقْرَأ فنَزَلَ، فقال لأُمِي: ما شَأنُها؟ قالت: بَلغَها الذي ذُكِرَ من شأنِها، ففَاضتْ عَيْناه، فقال: أقْسَمْتُ عليكِ يا بُنَيَّةُ إلّا رَجِعْت إلى بَيْتكِ، فرَجَعْتُ.

ولقد جاءَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى بَيتِي، فسَألَ عَنِّي خَادِمي، فقالت: لا واللهِ ما عَلِمْتُ عليها عَيبًا إلَّا أنَّها كانت تَرْقُدُ حتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فتأكُلَ خَميرتَها أو عَجينَها، وانتَهَرَها بعضُ أصحابِه، فقال: اصْدُقي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، حتَّى أسْقَطوا لها به

(1)

، فقالت: سُبحانَ الله! واللهِ ما عَلِمتُ عليها إلَّا ما يَعْلَمُ الصَّائِغُ على تِبْرِ الذَّهَبِ الأحْمرِ، فبَلَغَ الأَمْرُ ذلكَ الرَّجلَ الذي قيْل له، فقال: سُبحانَ الله، واللهِ ما كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ

(2)

، قالت: عائشةُ:

(1)

أي: سبُّوها وقالوا لها من سقط الكلام، وهو رديئُه بسبب حديث الإفك، قاله في "النهاية".

(2)

قوله: "كنف أنثى" يجوز أن يكون بالكسر من الكِنْف، وبالفتح من الكَنَف، وهو الجانب والناحية، ومعناه أنه لم يقرب أنثى قطُّ حرامًا، وقيل: كان حصورًا. انظر "النهاية" لابن الأثير و"عارضة الأحوذي" لابن العربي 12/ 51.

ص: 400

فقُتِلَ شهيدًا في سبيلِ الله، قالت: وأصبَحَ أبَوايَ عِندي، فلم يَزالا حتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقَد صَلَّى العصرَ، ثمَّ دَخَلَ وقد اكتَنفَني أبَوايَ عن يَمِيني وعَن شِمالِي، فتَشَهَّدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فحَمِدَ الله وأثْنى عليه بما هو أهْلُه، ثمَّ قال:

"أمَّا بعدُ يا عائشةُ، إنْ كُنْتِ قارَفْتِ سوءًا أو ظَلَمْتِ فتُوبي إلى اللهِ، فإنَّ اللهَ يَقْبَلُ التَّوبَةَ عن عِبادِه"، قالت: وقَد جاءَتِ امْرَأةٌ من الأنْصارِ وهي جالِسَةٌ بالبابِ، فقُلتُ: ألا تَسْتَحيي من هذه المرأَةِ أن تَذْكُرَ شيئًا، فوَعَظَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فالتَفَتُّ إلى أبي فقُلتُ: أجِبْهُ، قالَ: فماذا أقولُ؟ فالْتَفَتُّ إلى أمِّي فقُلْتُ: أجيبيهِ، قالت: أقولُ ماذا؟

قالت: فلمَّا لَم يُجيبا تَشَهَّدْتُ، فحَمِدْتُ الله، وأثنَيْتُ عليه بما هوَ أهْلُه، ثمَّ قلتُ: أما والله لَئِن قُلْتُ لكُم إنِّي لم أفعَلْ - واللهُ يَشْهَدُ إنِّي لصَادِقَةٌ - ما ذاكَ بنافِعي عِندَكُم لي، لَقَد تكَلَّمْتُم وأُشْرِبَتْ قُلوبُكم، ولَئِن قلتُ إنِّي قد فَعَلْتُ - واللهُ يَعْلَمُ إنِّي لَم أفْعَلْ - لَتقولُنَّ إنَّها قد باءَت به على نَفْسِها، وإنِّي واللهِ ما أجِدُ لي ولكم مثلًا - قالت: والْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقوبَ فلَمْ أقْدِر عليه - إلَّا أبا يوسُفَ حينَ قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18].

قالت: وأُنزِلَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من ساعَتِه، فسَكَتْنا، فرُفِعَ عنه وإنِّي لأتَبَيَّنُ السُّرورَ في وَجْهِه وهو يَمسَحُ جَبينَهُ ويقولُ:

ص: 401

"البُشرى يا عائشةُ، فقد أنْزَلَ اللهُ بَراءَتَكِ"، قالَت: وكُنتُ أشَدَّ ما كُنتُ غَضَبًا، فقال لي أبَوايَ: قومي إليه، فقلتُ: لا واللهِ لا أقُومُ إلَيهِ ولا أحْمَدُه ولا أحمَدُكما، ولكن أحْمَدُ اللهَ الذي أنْزَلَ براءَتي، لقد سَمِعْتُموهُ فما أنْكَرتُموهُ ولا غَيَّرْتُموهُ.

وكانت عائشةُ تقولُ: أمَّا زَيْنَبُ بِنتُ جَحْشٍ، فعَصَمَها اللهُ بدِينِها، فلم تقُلْ إلَّا خَيْرًا، وأمَّا أُختُها حَمْنَةُ، فهَلَكَتْ فيمَن هَلَكَ، وكانَ الذي يتكلَّمُ فيهِ: مِسْطَحٌّ وحَسَّانُ بن ثابِتٍ والمُنافِقُ عبدُ الله بنُ أُبَيٍّ، وهوَ الذي كانَ يَسْتَوْشيهِ

(1)

ويَجْمَعُه، وهو الذي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهم هوَ وحَمْنَةُ، قالت: فحَلَفَ أبو بكرٍ أنْ لا يَنْفَعَ مِسْطحًا بنافِعَةٍ أبدًا، فأنْزَلَ الله تعالى هذه الآية {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} يعني أبا بكرٍ {أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} يَعني مِسْطَحًا، إلى قوله:{أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] قال أبو بكرٍ: بَلَى والله يا رَبَّنا، إنَّا لنُحِبُّ أنْ تَغْفِرَ لنا، وعادَ له بما كانَ يَصْنَعُ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ هشامِ بن عُرْوةَ،

(1)

المثبت من (أ) و (د) ونسخة بهامش (س)، ومعنى يستوشيه، أي: يستخرجه بالبحث والمسألة، ثم يفشيه ويشيعه ويحركه ولا يدعه يخمد، وفي (س): يسوسُه.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه تامًا ومقطعًا البخاري (2661)، ومسلم (2770)، وأبو داود (4735) و (5219)، والنسائي في "الكبرى"(11360). وهو في "المسند"(24317). وانظر ما بعده.

ص: 402

وقد روى يونُسُ بن يَزيدَ ومَعْمَرٌ وغيرُ واحدٍ عن الزُّهرِيِّ، عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ وسعيد بن المسيّبِ وعَلْقَمَةَ بن وَقَّاصٍ اللَّيْثي وعُبَيدِ اللهِ بن عَبد الله، عن عائشةَ هذا الحديثَ أطْوَلَ من حديثِ هِشامِ بن عُرْوَةَ وأتَمَّ.

3455 -

حدَّثنا محمَّدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عن محمَّدِ بن إسحاقَ، عن عبد الله بن أبي بكرٍ، عن عَمْرَةَ

عن عائشةَ قالت: لمَّا نَزَلَ عُذْري، قامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على المِنْبَرِ، فذَكَرَ ذلكَ وتلا القرآنَ، فلمَّا نَزَلَ، أمَرَ برَجُلَينِ وامرَأةٍ فَضُرِبوا حَدَّهُم

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعْرفُه إلَّا من حديثِ محمَّدِ بن إسحاقَ.

‌26 - ومن سورة الفرقان

3456 -

حدَّثنا محمَّدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ بن مَهْديٍّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن واصلٍ، عن أبي وائِلٍ، عن عمرو بن شُرَحْبيلَ

عن عبد اللهِ، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، أيُّ الذَّنْبِ أعظَمُ؟ قال:"أنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وهو خَلَقَكَ"، قال: قلتُ: ثمَّ ماذا؟ قال:

(1)

حديث حسن، وأخرجه أبو داود (4474)، وابن ماجه (2567). وهو في "المسند"(24066)، و"شرح المشكل"(2963).

قولها: "فَضُرِبوا": على بناء المفعول، ونَصبَ "حدَّهم" على أنه مفعول مطلق، فإن الحدَّ نوع من الضرب. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

ص: 403

"أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يَطْعَمَ مَعَكَ"، قال: قلتُ ثمَّ ماذا؟ قال: "أنْ تَزْنِيَ بِحَليلَةِ جارِكَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

3457 -

حدَّثنا محمد بن بشار، قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن منصورٍ والأعمَشِ، عن أبي وائلٍ، عن عمرو بن شُرَحْبِيلَ، عن عَبدِ الله، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بمثله

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3458 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا سعيدُ بن الرَّبيعِ أبو زيدٍ، قال: حدَّثنا شُعبَةُ، عن واصلٍ الأحْدبِ، عن أبي وائلٍ

عن عبدِ الله، قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الذَّنْبِ أعظَمُ؟ قال: "أنْ تَجعلَ لله نِدًّا وهو خَلَقَكَ، وأنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ من أجلِ أنْ يأكُلَ مَعَكَ أو مِن طَعامِكَ، وأنْ تَزْني بحَليلَةِ جارِكَ". قال: وتلا هذه الآيَةَ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}

(3)

[الفرقان: 68، 69].

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4477)، ومسلم (86)، وأبو داود (2310)، والنسائي 7/ 89 و 90. وهو في "المسند" (4131)، و"صحيح ابن حبان" (4415).

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(3)

إسناده صحيح، وانظر الحديثين قبله.

ص: 404

حديثُ سفيانَ عن منصورٍ والأعمَشِ أصحُّ من حديثِ واصلٍ لأنَّهُ زادَ في إسنادِه رجلًا.

3459 -

حدَّثنا محمَّدُ بن المُثَنَّى، قال: حدَّثنا محمَّدُ بن جعفرٍ، عن شُعبةَ، عن واصلٍ، عن أبي وائلٍ، عن عبدِ اللهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَه

(1)

.

هكذا رَوَى شُعبةُ، عن واصلٍ، عن أبي وائلٍ، عن عبدِ الله، ولم يَذْكُرْ فيهِ عمرو بن شُرَحْبيلَ.

‌27 - ومن سورة الشعراء

3460 -

حدَّثنا أبو الأشعَثِ أحمدُ بن المِقْدامِ العِجْليُّ، قال: حدَّثنا محمَّدُ بن عبد الرَّحمنِ الطُّفاويُّ، قال: حدَّثنا هشامُ بن عُرْوَةَ، عن أبيه

عن عائشةَ، قالت: لمَّا نَزَلَت هذه الآيَةُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا صَفِيَّةَ بِنْتَ عبدِ المُطَّلِبِ، يا فاطمةَ بِنْتَ محمَّدٍ، يا بني عبدِ المُطَّلِبِ إنِّي لا أمْلِكُ لكُم من اللهِ شيئًا، سَلُونِي مِن مالي ما شِئْتُم"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح، وهكذا رَوَى وكيعٌ وغيرُ واحدٍ هذا الحديث عن هشامِ بن عرْوَةَ، عن أبيه، عن عائشةَ نحوَ حديثِ محمَّدِ بن عبدِ الرَّحْمنِ الطُّفاويِّ، ورَوَى بَعضُهُم عن هشامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ولم يَذْكرْ فيه عن عائشةَ.

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(2)

حديث صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (2463).

ص: 405

وفي البابِ عن عليٍّ، وابنِ عبَّاسٍ.

3461 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرني زَكَريَّا بن عَدِيٍّ، قال: حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ عمرٍو الرَّقِّيُّ، عن عبدِ الملكِ بنِ عُمَيْرٍ، عن موسى بنِ طَلْحَةَ

عن أبي هُريرةَ، قال: لمَّا نزلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] جَمَعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قريشًا فخَصَّ وعمَّ فقال: "يا مَعشَرَ قريشٍ أنْقِذوا أنفُسَكُم من النَّارِ، فإنِّي لا أمْلِكُ لكُم من اللهِ ضَرًّا ولا نفْعًا، يا مَعشَرَ بني عبدِ مَنافٍ أنْقِذوا أنفُسَكُم من النَّارِ، فإنِّي لا أمْلِكُ لكُم من اللهِ ضَرًّا ولا نَفعًا، يا مَعشَرَ بني قُصَيٍّ أنْقِذوا أنفُسَكُم من النَّارِ، فإنِّي لا أمْلِكُ لكُم ضَرًّا ولا نَفعًا، يا مَعشَرَ بني عبدِ المُطَّلِبِ أنْقِذوا أنفُسَكُم من النَّارِ، فإنِّي لا أمْلِكُ لكُم ضَرًّا ولا نَفعًا، يا فاطمةَ بنتَ محمدٍ أنْقِذِي نَفسَكِ من النَّارِ، فإنِّي لا أملكُ لكِ ضَرًّا ولا نَفعًا، إنَّ لكِ رَحِمًا وسأبُلُّها بِبلالِها"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ.

3462 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: حدَّثنا شُعَيبُ بنُ صَفْوَانَ، عن عبدِ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2753)، ومسلم (204)، والنسائي 6/ 248 و 249. وهو في "المسند" (8402)، و"صحيح ابن حبان" (646).

وقوله: "وسأبلها بلالها" أي: سأصلها، يقال: بلَّ الرَّحِمَ: إذا وصلها، وفي الحديث:"بلوا أرحامكم" أي: صلوها وندُّوها.

ص: 406

المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عن موسى بن طَلْحَةَ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بمعناه

(1)

.

3463 -

حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي زِياد، قال: حدَّثنا أبو زيدٍ، عن عوفٍ، عن قَسامَةَ بنِ زُهَيْرٍ، قال:

حدَّثني الأشعَرِيُّ، قال: لمَّا نَزَلَ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] وضَعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أصْبَعَيهِ في أُذُنَيْه فرَفَعَ من صَوْتِه فقال: "يا بني عبدِ مَنافٍ، يا صَبَاحاه"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ، وقد رَوَاهُ بَعْضُهمْ عن عَوفٍ، عن قَسَامَةَ بنِ زُهَيْرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا

(3)

، ولمْ يَذْكُر فيهِ عن أبي مُوسى، وهو أصَحُّ.

‌28 - ومن سورة النمل

3464 -

حَدَّثَنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا رَوْحُ بن عُبادَةَ، عن حمَّادِ

(1)

حديث صحيح، وانظر ما قبله.

(2)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. أبو زيد - واسمه سعيد بن أوس بن ثابتٍ - صدوق، وثقه صالح جزرة، وقال يحيى بن معين: كان صدوقًا، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يجمِّل القول فيه ويرفع شأنه، ويقول. هو صدوق. وضعفه ابن حبان!

وأخرجه الطبري 19/ 120، وأبو عوانة (271)، وابن حبان (6551).

ويشهد له ما قبله.

(3)

أخرجه الطبري 19/ 120 من طريق عبد الوهَّاب ومحمد بن جعفر، عن عوف، به. مرسلًا.

ص: 407

ابنِ سَلمَةَ، عن عليِّ بنِ زيدٍ، عن أوسِ بنِ خالدٍ

عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: "تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مَعَها خاتَمُ سليمانَ، وعَصَا مُوسى، فَتَجْلُو وجْهَ المُؤْمِنِ، وتَخْتِمُ أنْفَ الكافرِ بالخاتَمِ، حتَّى إنَّ أهلَ الخِوان لَيَجتَمِعونَ فيقولُ: هاها يا مؤمنُ، ويقالُ: هاها يا كافرُ، ويقولُ هذا: يا كافرُ، وهذا: يا مؤمنُ

(1)

"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، وقد رُوِيَ هذا الحديث عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم من غيرِ هذا الوجه في دَابَّةِ الأرضِ.

وفي البابِ عن أبي أُمامةَ، وحُذَيفَةَ بنِ أُسَيْدٍ

(3)

.

(1)

في (أ) و (د): فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر، ويقول هذا: يا كافر، ويقول هذا: يا مؤمن. والمثبت من (س).

(2)

إسناده ضعيف، لضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان.

وأخرجه ابن ماجه (4066). وهو في "المسند"(7937).

(3)

حديث أبي أمامة هو في "المسند"(22308) وإسناده صحيح ولفظه "تخرج الدابةُ، فتسم الناس على خراطيمهم، ثم يغمرون فيكم (من الغمرة وهي الزحمة من الناس والجمع غِمار) حتى يشتري الرجل البعير، فيقول. اشتريته من أحد المخطمين".

وحديث حذيفة عند أحمد (16141) و (16144) ومسلم (2901): "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة

" وانظر خبر هذه الدابة في "تفسير الألوسي" 20/ 21 - 25، و"تفسير القاسمي" 8/ 86 - 87.

ص: 408

‌29 - ومن سورة القصص

3465 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن يزيدَ بنِ كَيْسانَ، قال: حدَّثني أبو حازمٍ الأشْجَعِيُّ

عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ: "قل لا إلهَ إلّا اللهُ أشْهَدْ لكَ بها يومَ القِيَامَةِ" قال: لولا أن تُعَيِّرَني قُرَيْشٌ - إنّما يَحْمِلُهُ عليهِ الجَزَعُ - لأقْرَرْتُ بها عيْنَكَ، فأنْزَلَ اللهُ عز وجل {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}

(1)

[القصص: 56].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نَعرفُه إلا من حديثِ يزيدَ بن كَيسان.

‌30 - ومن سورة العنكبوت

3466 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشّارٍ ومحمدُ بن المُثَنَّى، قالا: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعْبَةُ، عن سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ قال: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بنَ سعدٍ يُحَدِّثُ

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (25). وهو في "المسند"(9610)، و"صحيح ابن حبان"(6270).

والهداية المنفية عن النبي صلى الله عليه وسلم هي هداية التوفيق وإدخال الجنة، والهداية التي أثبتها له صلى الله عليه وسلم هي هداية الدلالة والدعاء، قال الله تعالى لنبيِّه:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وقال في الأنبياء: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} ، قال الشيخ القاسمي في "تفسيره" 8/ 115 {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} أي: لا تقدر أن تدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} أي: أن يهديه فيدخله في الإسلام بعنايته {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} أي: القابلين للهداية، لاطلاعه على استعدادهم، وكونه غير مطبوع على قلوبهم.

ص: 409

عن أبيه سعدٍ، قال: أُنْزِلَتْ فيَّ أربَعُ آياتٍ، فذَكَرَ قِصَّةً، فقالتْ أمُّ سعدٍ: أليسَ قد أمَرَ اللهُ بالبِرِّ، واللهِ لا أطعَمُ طعامًا ولا أشْرَبُ شرابًا حتَّى أموتَ أو تَكْفُرَ، قال: فكانُوا إذا أرادُوا أن يُطْعِمُوها شَجَرُوا فاها، فَنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي} الآية

(1)

[العنكبوت: 8].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3467 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلان، قال: حدَّثنا أبُو أُسامةَ وعبدُ اللهِ بنُ بكرٍ السَّهْمِيُّ، عن حاتمِ بنِ أي صَغيرَةَ، عن سِماكِ بنِ حَرْبٍ، عن أبي صالحٍ

عن أمِّ هانِئٍ، عن النِّبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولهِ تعالى:{وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} [العنكبوت: 29] قال: "كانوا يَخْذِفُونَ أهلَ الأرضِ ويَسْخَرونَ منهم"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، إنّما نعرفُه من حديثِ حاتمِ بنِ أبي صَغِيرَةَ، عن سِماك.

حدثنا أحمد بن عَبدَةَ الضَّبيُّ، حدثنا سُلَيم بن أخضر، عن حاتم بن

(1)

إسناده حسن، وأخرجه مسلم ص 1877 (43)، وهو في "المسند"(1567)، و"صحيح ابن حبان"(6992).

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي صالح مولى أم هانئ - واسمه باذام. وهو في "المسند"(26891).

وقوله: "يخذفون" بالخاء والذال المعجمتين، وهو رَمْيُكَ بحصاة أو نواة أو نحوهما.

ص: 410

أبي صَغيرة، بهذا الإسناد نحوه

(1)

.

‌31 - ومن سورة الروم

3468 -

حدَّثنا نَصْرُ بنُ عليٍّ الجَهْضَمِيُّ، قال: حدَّثنا المُعْتَمِرُ بنُ سليمانَ، عن أبيه، عن سليمانَ الأعمَشِ، عن عَطِيَّةَ

عن أبي سعيدٍ، قال: لمَّا كان يومُ بدرٍ ظَهَرَتِ الرُّومُ على فارسَ، فأعْجَبَ ذلِكَ المؤمنينَ، فنزلتْ {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ} إلى قولهِ:{يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: 4، 5] قال: ففَرِحَ المؤمنونَ بِظُهُورِ الرُّومِ على فارسَ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ

(3)

غريبٌ من هذا الوجهِ، هكذا قَرَأ نصرُ بنُ عليٍّ: غَلَبَت.

3469 -

حدَّثنا الحسين بن حُرَيثٍ، قال: حدَّثنا معاويةُ بن عمرٍو، عن أبىِ إسحاقَ الفَزاريِّ، عن سفيانَ، عن حَبيبِ بن أَبي عَمْرَةَ، عن سعيدِ بن جُبَيرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ في قول الله تعالى: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} [الروم: 1 - 3] قال: غُلِبَتْ وغَلَبتْ، قال: كان المشركونَ يُحِبُّونَ أن يَظْهَرَ أهلُ فارسَ على الرُّومِ، لأنَّهم وإيّاهم أهلُ أوْثانٍ،

(1)

هذه الطريق أثبتناها من (س)، ولم ترد في (أ) و (د). وانظر ما قبله.

(2)

سلف تخريجه برقم (3163)، وبينا هناك أن قراءة نصر بن علي شاذة.

(3)

لفظة "حسن" لم ترد في (أ) و (د)، وهي في (س)، وهي ثابتة في عامة النسخ في الرواية السالفة (3163).

ص: 411

وكان المسلمونَ يُحِبُّونَ أنْ يظْهَرَ الرُّومُ على فارسَ، لأنَّهُم أهلُ كتابٍ، فذَكَروهُ لأبي بكرٍ، فذَكَرَه أبو بكرٍ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال:"أما إنَّهُمْ سَيَغْلِبونَ"، فذَكَرَهُ أبو بكرٍ لهُم، فقالوا: اجْعَلْ بَينَنا وبَينَكَ أجَلًا، فإنْ ظَهَرْنا كان لنا كذا وكذا، وإنْ ظهَرْتُم كان لكم كذا وكذا، فجَعَلَ أجَلَ خَمسِ سنينَ، فلم يَظْهَروا، فذَكَرَ ذلِكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ:"ألا جَعَلْتَهُ إلى دون" قالَ: أراهُ العَشْر، قالَ سَعيدٌ: والبِضْعُ ما دونَ العَشْر، قالَ: ثمَّ ظَهَرَت الرُّومُ بعدُ. قال: فذلِكَ قولُهُ تعالى {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ} إلى قوله: {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: 1 - 5] قال سفيانُ: سَمِعتُ أنَّهُم ظَهَروا عَلَيهِم يومَ بَدْرٍ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ

(2)

إنَّما نعرفُه من حديثِ سفيانَ الثَّوريِّ، عن حبيبِ بن أبي عَمْرَةَ.

3470 -

حدَّثنا أبو موسى محمدُ بنُ المُثَنَّى، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ خالدِ بنِ عَثْمَةَ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرحمنِ الجُمَحِيُّ، قال: حدَّثني ابنُ شهابٍ الزُّهرِيُّ، عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبد اللهِ بن عُتْبَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرٍ في مُناحَبةٍ {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ} "ألا احْتَطتَ يا أبا بكرٍ، فإنَّ البِضعَ ما بَينَ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11389). وهو في "المسند"(2495).

(2)

في (س): حسن صحيح غريب، والمثبت من (أ) و (د).

ص: 412

ثَلاثٍ إلى تِسعٍ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ

(2)

من هذا الوجه من حديثِ الزُّهرِيِّ عن عُبَيدِ اللهِ، عن ابن عبَّاس.

3471 -

حدَّثنا محمَّدُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن أبي أُوَيْسٍ، قال: حدَّثني ابنُ أبي الزِّنادِ، عن أبي الزِّنادِ، عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيرِ

عن نِيار بن مُكْرَمٍ الأسْلَميِّ، قال: لمَّا نَزَلَتْ {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} فكانت فارس يومَ نَزَلَتْ هذه الآيةُ قاهِرينَ للرُّومِ، وكان المسلمونَ يُحِبُّونَ ظُهورَ الرُّومِ عليهِم، لأنَّهُم وإيَّاهُم أهلُ كِتابٍ، وفي ذلِكَ قولُ الله تعالى {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} فكانت قريشٌ تُحِبُّ ظُهورَ فارسَ، لأنَّهُم وإيَّاهم لَيسوا بأهلِ كتابٍ ولا إيمانٍ ببَعْثٍ، فلمَّا أنْزَلَ الله تعالى هذه الآيةَ، خَرَجَ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ يَصيحُ في نَواحي مكَّةَ {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ

(1)

عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات" وحسن الترمذي حديثه هذا، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل"(2990).

والمناحبة: المخاطرة والمراهنة.

(2)

في (س): حديث غريب.

ص: 413

سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} قال ناسٌ من قريشٍ لأبي بكرٍ: فذلِكَ بَيننا وَبَينكُم، زَعَمَ صاحِبُكُم أنَّ الرُّومَ ستَغْلِبُ فارسًا في بِضعِ سِنينَ، أفلا نُراهِنُكَ على ذلكَ؟ قال: بلى - وذلك قَبلَ تَحريمِ الرِّهانِ - فارْتَهَنَ أبو بكرٍ والمشركونَ وتَواضَعوا الرِّهانَ، وقالوا لأبي بكرٍ: كم تَجْعَلُ البِضْعَ ثلاثَ سِنينَ إلى تِسْعِ سِنينَ، فسَمِّ بَينَنا وبَينَكَ وَسَطًا تَنْتَهي إليه، قال: فَسَمّوا بَينَهُم سِتَّ سِنين، قال: فمَضَتِ السِّتُّ سِنينَ قَبلَ أنْ يَظهَرُوا، فأخَذَ المُشْرِكونَ رَهْنَ أبي بكرٍ، فلَمَّا دَخَلَتْ السَّنَةُ السَّابعَةُ ظَهَرَتِ الرُّومُ على فارسَ، فعابَ المسلمونَ على أبي بكرٍ تَسْمِيَةَ سِتِّ سِنينَ، لأنَّ الله تعالى قال:{فِي بِضْعِ سِنِينَ} ، قال: وأسْلَمَ عندَ ذلِكَ ناسٌ كَثيرٌ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفُه إلَّا من حديثِ عبد الرَّحمنِ بن أبي الزِّنادِ.

‌32 - ومن سورة لقمان

3472 -

حدَّثنا قُتَيبَةُ، قال: حدَّثنا بكرُ بن مُضَرٍ، عن عُبَيد الله بن زَحْرٍ، عن عليَّ بن يزيدَ، عن القاسمِ أبي عَبد الرَّحمنِ

عن أبي أُمامةَ، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تَبيعُوا القَيناتِ ولا تَشْتَرُوهُنَّ ولا تُعَلِّموهُنَّ، ولا خَيْرَ في تجارَةٍ فيهِنَّ وثَمَنُهُنَّ حرامٌ". في مِثْلِ هذا أُنْزِلَتْ هذه الآيةُ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ

(1)

حسن، وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" بإثر الحديث (2991).

ص: 414

الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} إلى آخر الآية

(1)

[لقمان: 6].

هذا حديثٌ غريبٌ، إنَّما يُرْوى من حديثِ القاسمِ عن أبي أُمامةَ، والقاسمُ ثقةٌ، وعليُّ بن يَزيدَ يُضَعَّف في الحديثِ. قاله محمد بن إسماعيل.

‌33 - ومن سورة السجدة

3473 -

حدَّثنا عَبدُ الله بن أبي زيادٍ، قال: حدَّثنا عبد العزِيزِ بن عَبدِ الله الأُوَيْسيُّ، عن سليمانَ بن بِلالٍ، عن يحيى بن سعيدٍ

عن أنسِ بن مالكٍ: أنَّ هذه الآيَةَ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} [السجدة: 16] نَزَلَتْ في انْتِظارِ الصَّلاةِ التي تُدْعى العَتَمَةَ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ لا نعرفُه إلا من هذا الوجهِ.

3474 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعْرَجِ

عن أبي هُريرةَ يَبْلُغ به النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"قال اللهُ تعالى: أعْدَدْتُ لِعِبادي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأتْ، ولا أذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ" وتَصْديقُ ذلكَ في كتاب الله عز وجل {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

(3)

[السجدة: 17].

(1)

إسناده ضعيف، علي بن يزيد وهو الألهاني ضعيف، وقد سلف تخريجه برقم (1328).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه الطبري 21/ 101.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3244)، ومسلم (2824)، وابن ماجه =

ص: 415

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3475 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن مُطَرِّفِ بن طَريفٍ وعَبدِ المَلِكِ - هو ابْن أبْجَرَ - سَمِعا الشَعبيَّ يقولُ:

سَمِعْتُ المُغيرَةَ بن شُعْبَةَ على المِنْبَرِ يَرفَعُه إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنَّ موسى سألَ رَبَّهُ فقال: أيْ رَبِّ، أيُّ أهلِ الجَنَّةِ أدْنَى مَنْزِلَةً؟ قال: رجلٌ يأتي بَعْدَما يَدْخُلُ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ فيُقالُ له: ادخُل، فيقولُ: كيف أدْخُلُ وقد نَزَلوا منازِلَهُم وأخَذوا أخَذاتِهِم. قال: فيُقالُ له: أتَرْضى أنْ يكون لكَ ما كان لمَلِكٍ من مُلُوكِ الدُّنْيا؟ فيقولُ: نعم أيْ رَبِّ، قَد رَضيتُ، فيُقالُ له: فإنّ لَكَ هذا ومِثْلَه ومِثْلَه ومِثْلَه، فيقولُ: قد رَضيتُ أيْ رَبِّ، فيقالُ له: فإنَّ لَكَ هذا وعَشرَةَ أمْثالِه، فيقولُ: رَضيتُ أيْ رَبِّ، فيُقالُ له: فإنَّ لكَ مع هذا ما اشْتَهَتْ نَفْسُكَ ولذَّتْ عَيْنُكَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ورَوَى بَعضُهم هذا الحَديثَ عن الشَّعبيِّ عن المُغيرَةِ ولم يَرفعْهُ

(2)

، والمرفوعُ أصحُّ.

= (4328). وهو في "المسند"(10017)، و"صحيح ابن حبان"(369).

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (189). وهو في "صحيح ابن حبان"(6216).

(2)

أخرجه مسلم (189)(313).

ص: 416

‌34 - ومن سورة الأحزاب

3476 -

حدَّثنا عبدُ الله بن عبدِ الرحمنِ، قال: أخبرنا صاعِدٌ الحَرَّانِيُّ، قال: حدَّثنا زُهَيْرٌ، قال: حدثنا قابُوسُ بنُ أبي ظَبْيانَ، أنّ أباهُ حَدَّثَهُ، قال:

قلنا لابنِ عبَّاسٍ: أرَأيْتَ قولَ اللهِ عز وجل: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] ما عَنَى بذلِكَ؟ قال: قامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومًا يُصَلّي فخَطَرَ خَطْرَةً، فقال المنافقونَ الذين يُصلُّونَ معه: ألا ترَى أنَّ لهُ قَلْبَيْنِ: قلبًا مَعَكُم وقلبًا مَعَهُم، فأنزَلَ اللهُ {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}

(1)

.

3477 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثني أحمدُ بنُ يونسَ، قال: حدَّثنا زُهَيرٌ نحوَه

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

3478 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ المُبارَكِ،

(1)

إسناده ضعيف، قابوس بن أبي ظبيان - ليِّن الحديث.

وأخرجه أحمد (2410).

قوله: "فَخَطر خَطْرةً": قيل: يريد الوسوسة التي تحصل للإنسان في صلاته، ولعله ظهر لهم ذلك من جهته، فقالوا ذلك. قاله السندي.

قال ابن كثير في "التفسير" 6/ 377: وقد ذكر غير واحد: أن هذه الآية نزلت في رجل من قريش، كان يقال له "ذو القلبين" وأنه كان يزعم أن له قلبين، كل منهما بعقل وافر، فأنزل الله هذه الآية ردًا عليه، هكذا روى العوفي عن ابن عباس، قاله مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، واختاره ابن جرير.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

ص: 417

قال: أخبرنا سليمانُ بنُ المُغِيرَةِ، عن ثابتٍ

عن أنسٍ، قال: قال عَمِّي أنسُ بنُ النَّضْرِ، سُمِّيتُ بهِ، لم يَشْهَدْ بَدْرًا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فكَبُرَ عليه، فقال: أوَّلُ مَشْهَدٍ قد شَهِدَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غِبْتُ عنه! أمَا واللهِ لئنْ أرَانِي اللهُ مَشْهَدًا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَيَرَيَنَّ اللهُ ما أصْنَعُ، قال: فهَابَ أنْ يقولَ غَيْرَها، فشَهِدَ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ من العَامِ القابِلِ، فاسْتَقْبَلَه سعدُ بنُ معاذٍ، فقال: يا أبا عمرٍو أينَ؟ قال: واهًا لِريحِ الجنَّةِ أجِدُها دُونَ أُحُدٍ، فقاتَلَ حتَّى قُتِلَ، فوُجِدَ في جَسَدِهِ بِضْعٌ وثمانونَ مِن بَين ضرْبَةٍ وطَعْنةٍ ورَمْيَةٍ، فقالتْ عَمَّتِي الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ: فما عَرَفْتُ أخِي إلّا ببَنَانهِ، ونَزَلَتْ هذهِ الآيةُ {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}

(1)

[الأحزاب: 23].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3479 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، قال: حدثنا حُمَيدٌ الطّويلُ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1903)، والنسائي في "الكبرى"(8291). وهو في "المسند"(13015)، و"صحيح ابن حبان"(7023).

وانظر ما بعده.

تنبيه: هذا الحديث لم يرد في نسختي (أ) و (د)، وأثبتناه من (س)، و"تحفة الأشراف" 1/ 135.

ص: 418

عن أنسِ بنِ مالِكٍ، أنَّ عَمَّهُ غابَ عن قتالِ بدرٍ، فقال: غِبْتُ عن أوَّلِ قتالٍ قاتَلَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المُشْرِكينَ، لَئِنِ اللهُ أشْهَدَنِي قتالًا للمُشْرِكينَ، لَيَرَينَّ اللهُ كيفَ أصْنَعُ، فلَمَّا كان يومُ أُحُدٍ، انْكَشَفَ المسلمونَ، فقال: اللهُمَّ إنِّي أَبْرَأ إليكَ مِمَّا جاؤوا

(1)

بهِ هؤلاءِ، يَعْنِي المُشْرِكِينَ، وأعْتَذِرُ إليكَ مِمَّا صَنَعَ هؤلاءِ يعني أصحابَه، ثمَّ تَقَدَّمَ فلقِيَهُ سعدٌ، فقال: يا أخي ما فَعَلتَ فأنا مَعَكَ، فلم أسْتَطِعْ أنْ أصْنَعَ ما صنَعَ، فوُجِدَ فيه بِضْعٌ وثمانونَ بَينَ ضَرْبَةٍ بِسَيفٍ وطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ ورَمْيَةٍ بِسَهمٍ، فكُنَّا نقولُ فيه وفي أصحابه نَزَلَتْ:{فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23] قال يزيدُ: يعني الآية

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

واسمُ عَمِّهِ: أنسُ بنُ النَّضْرِ.

3480 -

حدَّثنا عبدُ القُدُّوسِ بنُ محمدٍ العَطارُ البَصْرِيُّ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ عاصمٍ، عن إسحاقَ بنِ يحيى بنِ طَلْحَةَ، عن موسى بنِ طَلحةَ قال:

دَخَلْتُ على مُعاوِيَةَ فقال: ألا أُبَشِّرُكَ؟ قلتُ: بلى، قال:

(1)

في "المسند" وغيره: "جاء" وهو الجادة، وما هنا يخرج على لغة بني الحارث كما في "شرح ابن عقيل" 2/ 79.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2805)، والنسائي في "الكبرى"(11403). وهو في "المسند"(13085).

ص: 419

سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضى نَحْبَه"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه من حديث معاويةَ إلا من هذا الوجه، وإنما رُوي هدا عن موسى بن طَلحةَ عن أبيه.

3481 -

حدَّثنا أبُو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا يونسُ بنُ بُكيرٍ، عن طَلْحَةَ بنِ يحيى، عن موسى وعيسى ابْني طَلْحَةَ

عن أبيهما طَلْحَةَ: أنَّ أصحابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالوا لأعرابِيٍّ جاهلٍ: سَلْهُ عَمَّنْ قضى نَحْبَه من هو؟ وكانُوا لا يَجْتَرِئُونَ على مَسْألَتهِ يُوقِّرُونَهُ ويَهابُونَه، فسَأله الأعرابيُّ فأعْرَضَ عنهُ، ثمَّ سَألهُ فأعرَضَ عنه، ثُمَّ سأله فأعرَضَ عنه، ثمَّ إنّي اطَّلَعْتُ من بابِ المسجدِ وعليَّ ثِيابٌ خُضْرٌ، فلَمَّا رآني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"أيْنَ السَّائِلُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَه؟ " قال الأعرابيُّ: أنا يا رسولَ اللهِ، قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هذا مِمَّن قَضَى نَحْبَه"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، إسحاق بن يحيى بن طلحة متروك، ويغني عنه الحديث الذي يليه.

وأخرجه ابن سعد 3/ 218 - 219، وابن ماجه (126) و (127)، والطبراني 19/ (739).

وأخرجه ابن سعد 3/ 219 من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة مرسلًا، ورجاله ثقات.

وسيأتي عد المصنف برقم (4073).

(2)

إسناده حسن، وأخرجه البزار في "مسنده"(942)، وأبو يعلى (663)، والطبري 21/ 147، والطبراني في "الكبير"(215) و (217).

وسيأتي برقم (4075).

ص: 420

هذا حَديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من حديثِ يونسَ بن بُكَيْرٍ.

3482 -

حدَّثنا عبد بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ عمرَ، عن يونسَ بنِ يزيدَ، عن الزُّهرِيِّ، عن أبي سَلمةَ

عن عائشةَ قالت: لَمَّا أُمِرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِتَخْييرِ أزْواجِهِ، بَدَأَ بي، فقال:"يا عائشةُ، إنِّي ذاكِرٌ لكِ أمْرًا، فلا عليكِ أنْ لا تَسْتَعْجِلِي حتَّى تَسْتأمِرِي أبَوَيكِ"، قالت: وقد عَلِمَ أنَّ أبَوايَ لم يكُونا ليأمُرَانِي بفِراقِه، قالت: ثمَّ قال: "إنّ اللهَ تعالى يقولُ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ} - حتَّى بَلَغَ - {لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28 - 29]، فقُلتُ: في أيِّ هذا أسْتأمرُ أبَوَيَّ؟ فإنّي أُرِيدُ اللهَ ورسولَه والدَّارَ الآخِرَةَ، وفَعَلَ أزواجُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثلَ ما فَعَلْتُ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوِيَ هذا أيضًا عن الزُّهرِيِّ، عن عُروَةَ، عن عائشةَ.

3483 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ ابن الأصبَهانِيِّ، عن يحيى بنِ عُبَيدٍ، عن عطاءِ بنِ أبي رَباحٍ

عن عمرَ بنِ أبي سَلَمَةَ رَبِيبِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: لمَّا نَزَلَتْ هذه الآيةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4785)، ومسلم (1475)، وابن ماجه (2053)، والنسائي 6/ 55 و 159 - 160. وهو في "المسند" (25299).

ص: 421

الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] في بيتِ أُمِّ سَلمَةَ، فدَعا فاطمةَ وحسنًا وحسينًا فجَلَّلَهُم بكِسَاءٍ، وعليٌّ خَلْفَ ظَهْرِهِ فجَلَّلَهُ بكِسَاءٍ، ثمَّ قال:"اللهُمَّ هؤلاءِ أهلُ بَيْتِي، فأذْهِبْ عَنهُمُ الرِّجْسَ وطَهِّرْهُم تَطْهيرًا". قالت أُمُّ سَلمَةَ: وأنا مَعَهُم يا نبيَّ اللهِ؟ قال: "أنتِ على مكانِكِ وأنتِ على خَيرٍ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجهِ من حديث عطاءٍ، عن عمرَ بنِ أبي سَلَمَةَ.

3484 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عفّانُ بنُ مُسْلِمٍ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بنُ سَلمَةَ، قال: حدثنا عليُّ بنُ زيدٍ

عن أنسِ بن مالكٍ: أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَمُرُّ ببابِ فاطمةَ ستَّة أشْهُرٍ إذا خَرَجَ إلى صلاةِ الفَجْرِ يقول: "الصَّلاةَ يا أهلَ البيتِ"{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}

(2)

[الأحزاب: 33].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ، إنّما نَعرفُه من حديثِ حمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.

وفي البابِ عن أبي الحَمْرَاءِ، ومَعْقِلِ بن يَسَارٍ، وأُمِّ سَلَمَةَ.

(1)

إسناده حسن، وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(771).

وسيأتي برقم (4121).

(2)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد وهو ابن جُدعان.

وأخرجه أحمد (13728).

ص: 422

3485 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: أخبرنا داودُ بنِ الزِّبْرِقانِ، عن داودَ بن أبي هِنْدٍ، عن الشَّعْبِيِّ

عن عائشةَ قالت: لو كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كاتِمًا شيئًا من الوَحي، لَكَتَمَ هذهِ الآيةَ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} - يعني بالإسلام - {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} - بالعِتْقِ فأعْتَقْتَهُ - {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} - إلى قولهِ - {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [الأحزاب: 37].

وإنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لمَّا تَزَوَّجَها قالوا: تَزَوَّج حَلِيلَةَ ابنِهِ، فأنْزَلَ اللهُ تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] وكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَبنَّاهُ وهو صغيرٌ، فلَبثَ حتَّى صارَ رجلًا يقالُ له: زيدُ بنُ محمدٍ، فأنْزَلَ اللهُ:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} فُلانٌ مولى فُلانٍ، وفُلانٌ أخو فُلانٍ {هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5] يعني أعدَلُ عند الله

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، داود بن الزبرقان ضعفه غير واحد، وقال البخاري: مقارب الحديث، وقال ابن عدي: ثقة في جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد (26041). وانظر ما بعده.

ويشهد لشطره الثاني حديث ابن عمر الآتي عند المصنف (3488)، وهو في "الصحيحين".

ص: 423

قد رُوِيَ عن داودَ بنِ أبي هِنْدٍ، عن الشَّعْبِيِّ، عن مسروقٍ، عن عائشةَ، قالت: لو كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كاتِمًا شيئًا من الوحي لكَتَمَ هذهِ الآيةَ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} هذا الحَرفُ لم يُرْوَ بِطولِه.

3486 -

حدَّثنا بذلِكَ عبدُ اللهِ بنُ وضّاحٍ الكُوفِيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ إدْرِيسَ، عن داودَ بنِ أبي هِنْدٍ

(1)

.

3487 -

وحدَّثنا محمدُ بن أبانٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عن داود بنِ أبي هِنْدٍ، عن الشَّعْبِيِّ، عن مسروقٍ

عن عائشةَ قالت: لو كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كاتِمًا شيئًا من الوحي لكَتَمَ هذهِ الآيةَ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} الآية

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3488 -

حدَّثنا قُتَيبةُ، قال: حدَّثنا يعقوبُ بن عبدِ الرحمنِ، عن موسى بنِ عُقبَةَ، عن سالمٍ

عن ابنِ عمرَ قال: ما كُنَّا نَدْعُو زيدَ بنَ حارِثَةَ إلَّا زيدَ بنَ محمدٍ، حتَّى نَزَلَ القُرْآنُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}

(3)

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (177)، والنسائي في "الكبرى"(11408) وهو في "المسند"(26041).

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4782)، ومسلم (2423)، والنسائي في "الكبرى"(11396). وهو في "المسند"(5479)، و"صحيح ابن حبان"(7042).

ص: 424

[الأحزاب: 5].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3489 -

حدَّثنا الحَسَن بنُ قَزَعَةَ البَصْرِيُّ، قال: حدَّثنا مَسْلَمةُ بنُ عَلْقَمة، عن داودَ بنِ أبي هِنْدٍ

عن عامرٍ الشَّعبيِّ في قولِ اللهِ عز وجل: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] قال: ما كانَ لِيَعِيشَ له فِيكُمْ ولدٌ ذَكرٌ

(1)

.

3490 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن كَثِيرٍ، قال: حدَّثنا سليْمانُ بنُ كَثِيرٍ، عن حُصَينٍ، عن عِكْرِمَةَ

عن أُمِّ عُمارَةَ الأنْصَارِيّةِ أنّها أتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت: ما أرَى كُلَّ شيءٍ إلا لِلرِّجالِ، وما أرَى النِّسَاءَ يُذْكَرْنَ بشيءٍ؟ فنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} الآية

(2)

[الأحزاب: 35].

(1)

إسناده حسن. قال المباركفوري في "التحفة": يعني حتى بلغ الحلم، فإنه صلى الله عليه وسلم وُلِدَ له القاسم والطيب والطاهر من خديجة رضي الله عنها، فماتوا صغارًا، وولد له صلى الله عليه وسلم إبراهيم من مارية القبطية، فمات أيضًا رضيعًا، وكان له صلى الله عليه وسلم من خديجة أربع بنات: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن أجمعين فمتنَ في حياته صلى الله عليه وسلم إلا فاطمة فإنها تأخرت حتى أصيبت به صلى الله عليه وسلم، ثم ماتت بعده بستة أشهر.

(2)

صحيح لغيره، وهذا سند حسن، سليمان بن كثير العبدي، صدوق حسن الحديث. =

ص: 425

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، وإنّما نعرفُ هذا الحديثَ من هذا الوجهِ.

3491 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبْدَةَ الضبِّيُّ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيدٍ، عن ثابتٍ

عن أنسٍ، قال: لمّا نَزَلَتْ هذهِ الآيةُ {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37] في شَأْنِ زينبَ بِنتِ جَحْشٍ، جاءَ زيدٌ يَشْكُو، فهَمَّ بطلاقِها، فاسْتأمَرَ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ}

(1)

[الأحزاب: 37].

هذا حديثٌ حسنٌ

(2)

صحيح.

3492 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ الفَضلِ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ زيدٍ، عن ثابتٍ

عن أنسٍ قال: لمّا نَزَلتْ هذهِ الآيةُ في زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] قال: فكانت

= وأخرجه الطبراني 25/ (51) و (53).

وأخرجه الطبراني أيضًا 25/ (52) من طريق سفيان عن عكرمة، قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة

فذكره مرسلًا.

وفي الباب عن أم سلمة عند النسائي في "الكبرى"(11404) و (11405). وهو في "المسند"(26575) وإسناده حسن.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4787)، والنسائي في "الكبرى"(11407). وهو في "المسند"(12511)، و"صحيح ابن حبان"(7045).

(2)

لفظة "حسن" لم ترد في (س).

ص: 426

تَفْخَرُ على أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم تقُولُ: زَوَّجكُنَّ أهْلُكُنَّ، وزَوَّجَني اللهُ من فَوقِ سَبع سَماواتٍ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3493 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بنُ موسى، عن إسرائيلَ، عن السُّدِّيِّ، عن أبي صالحٍ

عن أُمِّ هانِئ بِنْتِ أبي طالبٍ، قالت: خَطَبَنِي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فاعْتَذَرْتُ إليه فعَذَرَني، ثمَّ أنْزَلَ اللهُ تعالى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} الآية [الأحزاب: 50]، قالت: فَلَمْ أكُنْ أَحِلُّ له لأنِّي لم أُهاجِرْ، كنتُ من الطُّلَقاءِ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، لا نعرِفُه إلا من هذا الوجهِ من حديثِ السُّدِّيِّ.

3494 -

حدَّثنا عبدٌ، قال: حدَّثنا رَوْحٌ، عن عبدِ الحَميدِ بنِ بَهْرامَ، عن شَهْرِ بنِ حَوشَبٍ، قال:

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (7420)، والنسائي 6/ 79 - 80. وهو في "المسند" (13361).

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي صالح واسمه باذام.

وأخرجه ابن سعد 8/ 153، والطبري 20/ 21، والطبراني 24/ (1007)، والحاكم 2/ 420 و 4/ 53، والبيهقي 7/ 54.

ص: 427

قال ابنُ عبَّاسٍ: نُهِيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن أصْنافِ النِّساءِ إلا ما كان من المؤمناتِ المُهاجِرات قال: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} [الأحزاب: 52] فأحَلَّ اللهُ فَتياتِكُمُ المُؤمِناتِ {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50]، وحَرَّمَ كُلَّ ذاتِ دِينٍ غَيْر الإسْلامِ، ثُمَّ قال:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 5] وقال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} - إلى قَولِهِ - {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] وحَرَّمَ ما سِوَى ذلِكَ من أصنافِ النِّسَاءِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ، إنّما نَعْرِفُه من حديثِ عبدِ الحَمِيدِ بنِ بَهْرامٍ.

سَمِعْتُ أحمدَ بنَ الحَسَنِ يَذْكرُ عن أحمدَ بنِ حنبلٍ، قال: لا بأسَ بحديثِ عبدِ الحَميدِ بنِ بَهْرامٍ عن شَهْرِ بنِ حَوشَبٍ.

3495 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، قال:

قالت عائشةُ: ما ماتَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى أُحِلَّ له النَّساءُ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب. وأخرجه أحمد (2922).

(2)

حديث ضعيف، وهو - وإن كان رجاله ثقات - قد اختلف فيه على عطاء بن أبي رباح كما هو مبين في "المسند"(24137). وأخرجه النسائي 6/ 56. =

ص: 428

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3496 -

حدَّثنا عمرُ بنُ إسماعِيلَ بنِ مُجَالِد بن سعيد، قال: حدَّثني أبي، عن بَيَانٍ

عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: بَنَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ من نِسائِه فأرْسلَنِي، فدَعَوتُ قومًا إلى الطعامِ، فلَمَّا أكلوا وخَرَجوا قامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنْطلِقًا قِبَلَ بيتِ عائشةَ، فرَأى رَجُلَينِ جالِسَينِ، فانصَرَفَ راجعًا، فقامَ الرَّجلانِ فخرجا، فأنْزَلَ اللهُ عز وجل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] وفي الحديثِ قِصَّةٌ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديثِ بَيان، ورَوَى ثابتٌ عن أنسٍ هذا الحديثَ بطوله.

3497 -

حدَّثنا محمدُ بن المُثَنَّى، قال: حدَّثنا أشْهَلُ بنُ حاتمٍ، قال: ابنُ عَوْنٍ حدَّثناه، عن عمرِو بنِ سعيدٍ

عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأتَى بابَ

(1)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف عمر بن إسماعيل بن مجالد متروك، وأخرجه من طرق عن أنس البخاري (4791)، ومسلم (1428)، والنسائي في "الكبرى"(6908) و (11417). وهو في "المسند"(12023) و (13502)، و"صحيح ابن حبان"(5579).

ومعنى إناه: إدراكه وبلوغه، يقال: أنى يأني أنيًا، أي: بلغ وأدرك.

ص: 429

امرأةٍ عَرَّسَ بِها، فإذا عِنْدَها قومٌ، فانْطَلَقَ فقَضَى حاجَتَهُ فاحْتُبِسَ، ثمَّ رَجَعَ وعندها قومٌ، فانطَلقَ فقَضى حاجتَه فرَجَعَ وقد خَرَجوا، قال: فدَخَلَ وأرْخَى بيني وبَيْنَهُ سِتْرًا، قال: فذَكَرْتُه لأبي طَلْحَةَ قال: فقالَ: لَئِنْ كان كما تقولُ، لَيَنْزِلنَّ في هذا شيءٌ، قال: فنزَلَتْ آيةُ الحِجَابِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ، وعمرو بن سعيد يقال له: الأصلع

(2)

.

3498 -

حدَّثنا قُتيبَةُ بن سعيد، قال: حدَّثنا جعفرُ بنُ سليْمانَ الضُّبَعِيُّ، عن الجَعْدِ أبي عثمانَ

عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: تَزَوَّجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فدَخَلَ بأهْلِه، قال: فصنَعَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا، فجَعَلَتْهُ في تَوْرٍ، فقالت: يا أنسُ، اذْهَبْ بهذا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقُلْ: بَعَثَتْ بهذا إليكَ أُمِّي وهي تُقْرِئُكَ السَّلامَ، وتقولُ: إنَّ هذا لكَ مِنَّا قليلٌ يا رسولَ اللهِ، قال: فذَهَبْتُ به إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إنَّ أُمِّي تُقْرِئُكَ السَّلامَ وتقولُ: إنَّ هذا مِنَّا لك قليلٌ، فقال:"ضعْهُ"، ثُمَّ قال: "اذْهَبْ

(1)

حديث صحيح، وهذا سند ضعيف لضعف أشهل بن حاتم. وانظر ما قبله.

(2)

هو عمرو بن سعيد القرشي، ويقال: الثقفي مولاهم أبو سعيد البصري.

ص: 430

فادعُ لي فُلانًا وفُلانًا وفُلانًا ومن لَقِيتَ"، وسَمَّى رجالًا، قال: فدَعَوْتُ من سَمَّى ومن لَقِيتُ، قال: قلتُ لأنَسٍ: عَدَدَ كَم كانوا؟ قال: زُهَاءَ ثَلاثِ مئة، قال: وقال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا أنسُ هاتِ بالتَّوْرِ" قال: فدَخَلُوا حتَّى امْتَلأتِ الصُّفّةُ والحُجْرَةُ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِيَتَحلَّقْ عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ، وليأكُلْ كلُّ إنسانٍ مِمَّا يَلِيهِ"، قال: فأكَلوا حَتَّى شَبِعُوا، قال: فَخَرَجَتْ طائِفَةٌ ودَخَلَتْ طائِفَةٌ حَتَّى أكَلوا كُلُّهُم، قال: فقال لي: "يا أنسُ ارْفَعْ" فرَفَعْتُ فما أدْرِي حِينَ وضَعْتُ كان أكثرَ أم حِينَ رَفَعْتُ، قال: وجَلَسَ طوائِفُ مِنهم يَتحَدَّثُونَ في بيتِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ وزَوْجَتُه مُوَلِّيَةٌ وجْهَها إلى الحائِطِ، فثَقلوا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فسَلّمَ على نِسائه ثمَّ رَجَعَ، فلَمَّا رَأوْا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد رَجَعَ ظنُّوا أنّهُم قد ثَقُلوا عليه، قال: فابْتَدَروا البابَ فخَرَجوا كلُّهُم، وجاءَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى أرْخَى السِّتْرَ ودَخَلَ وأنا جالسٌ في الحُجْرَةِ، فلَم يَلْبَثْ إلا يَسِيرًا حتَّى خَرَجَ عليَّ، وأُنْزِلَتْ هذه الآياتُ، فخَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرأهُنَّ على النَّاسِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} إلى آخرِ الآيةِ [الأحزاب: 53].

ص: 431

قال الجَعْدُ: قال أنسٌ: أنا أحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بهذه الآياتِ، وحُجِبْنَ نِساءُ النّبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

والجَعْدُ هو: ابنُ عثمانَ، ويقالُ: ابنُ دينارٍ، ويُكنى: أبا عثمان، بَصْرِيٌّ، وهو ثقةٌ عندَ أهلِ الحديثِ، رَوى عنه يونسُ بنُ عُبَيْدٍ وشُعْبَةُ وحمَّادُ بنُ زيدٍ.

3499 -

حدَّثنا إسحاقُ بنُ موسى الأنصاريُّ، قال: حدَّثنا مَعْنٌ، قال: حدَّثنا مالكُ بن أنس، عن نُعَيْمِ بنِ عبدِ اللهِ المُجْمِرِ، أنَّ محمدَ بنَ عبدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ الأنصاريَّ - وعبدُ اللهِ بن زَيدٍ الذي كانَ أُرِيَ النِّدَاءَ بالصَّلاة - أخبره

عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ أنَّه قال: أتانا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلسِ سعدِ بنِ عُبادَةَ، فقال له بَشِيرُ بنُ سعدٍ: أمَرَنا اللهُ أن نُصَلِّيَ عليكَ، فكيفَ نُصَلِّي عليك؟ قال: فسَكَتَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَمَنَّينا أنَّهُ لم يسأَلهُ، ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"قولوا: اللهُمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما صَلّيتَ على آل إبراهيمَ، وبَارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما باركتَ على آلِ إبراهيمَ في العالَمِينَ إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، والسَّلامُ كما قد عُلِّمْتُم"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5163) تعليقًا، وصله مسلم (1428)، والنسائي 6/ 136 - 137. وهو في "المسند" (12669).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (405)، وأبو داود (980) و (981)، والنسائي 3/ 45. وهو في "المسند" (17067)، و"صحيح ابن حبان" (1958).

ص: 432

وفي البابِ عن عليٍّ، وأبي حُمَيدٍ، وكعبِ بنِ عُجْرَةَ، وطَلْحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ، وأبي سعيدٍ، وزَيدِ بنِ خارِجَةَ، ويقالُ: ابن جاريةَ، وبُرَيدَةَ.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3500 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا رَوْحُ بنُ عُبادَةَ، عن عَوفٍ، عن الحسنِ ومحمدٍ وخِلاسٍ

عن أبي هُريرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنَّ موسى كان رجلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا ما يُرى من جِلْدِه شيءٌ اسْتِحياءً منهُ، فآذاهُ من آذاهُ من بني إسرائيلَ، فقالوا: ما يَسْتَتِرُ هذا التَّسَتُّرَ إلا من عَيْبٍ بِجِلْده، إمَّا بَرَصٌ وإمَّا أُدرَةٌ وإمَّا آفَةٌ، وإنَّ اللهَ عز وجل أرادَ أنْ يُبَرِّئه مِمَّا قالوا، وإنَّ موسى خَلا يومًا وحده، فوَضَعَ ثِيابَه على حَجَرٍ ثمَّ اغْتَسَلَ، فلمَّا فَرَغَ أقبَلَ إلى ثِيابِهِ ليأخُذَها، وإنَّ الحَجَرَ عَدا بِثَوبِهِ، فأخَذَ موسى عَصاه، فطلَبَ الحَجَرَ فجَعَلَ يقولُ: ثَوْبي حَجَرُ ثَوبي حَجَرُ، حَتَّى انْتَهى إلى ملإٍ من بني إسرائيلَ، فَرَأوْهُ عُرْيانًا أحسنَ النَّاسِ خَلْقًا، وأبْرَأه مِمَّا كانوا يقولونَ، قال: وقامَ الحَجَرُ فأخَذَ ثَوبَه فلَبِسَهُ وطَفِقَ بالحجَرِ ضَربًا بعصاه، فواللهِ إنَّ بالحَجَرِ لَنَدبًا من أثَرِ عصاه ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا، فذلِكَ قولُه تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}

(1)

[الأحزاب: 69].

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (278)، ومسلم (339)، والنسائي في =

ص: 433

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوِيَ من غيرِ وجهٍ عن أبي هُريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

‌35 - ومن سورة سبأ

3501 -

حدَّثنا أبو كُرَيْب وعبدُ بنُ حُمَيدٍ قالا: حدثنا أبو أُسامةَ، عن الحَسَنِ بنِ الحَكَمِ النَّخَعِيِّ، قال: حدَّثني أبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ

عن فَرْوَةَ بن مُسَيْكٍ المُرَادِيِّ، قال: أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا أُقاتِلُ من أدْبَرَ من قَومِي بِمَنْ أقبَلَ مِنهم؟ فأذِنَ لي في قتالِهم وأمَّرَنِي، فلمَّا خَرَجْتُ من عِنْدِهِ سألَ عنِّي:"ما فَعَلَ الغُطَيْفيُّ؟ " فأُخْبِرَ أنِّي قد سِرْتُ، قال: فأرْسَلَ في أثَرِي فَرَدَّنِي، فأتَيْتُهُ وهو في نَفَرٍ من أصحابهِ، فقال:"ادعُ القوم، فمَنْ أسلَمَ مِنهُم فاقبَلْ منه، ومن لم يُسْلِمْ، فلا تَعْجَلْ حتَّى أُحْدِثَ إليكَ"، قال: وأُنْزِلَ في سَبأٍ ما أُنْزِلَ، فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، وما سَبَأٌ، أرضٌ أو امرأةٌ؟ قال: ليس بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولكِنَّهُ رجلٌ ولدَ عَشرَةً من العَرَبِ، فتيامَنَ مِنهُم سِتَّةٌ، وتشاءمَ مِنهُم أربَعَةٌ. فأمَّا الذين تشاءَمُوا فلَخْمٌ، وجُذامُ، وغسَّانُ، وعامِلَةُ، وأمَّا الذين تَيامَنوا: فالأزْدُ، والأشعَرُونَ، وحِمْيَرُ، وكِنْدَةُ، ومَذْحِجُ، وأنْمَارُ" فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، وما أنْمارُ؟ قال: "الذين مِنهُم خَثْعَمُ

= "الكبرى"(11424) و (11425). وهو في "المسند"(8173)، و"صحيح ابن حبان"(6211).

ص: 434

وبَجيلَةُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ

(2)

.

3502 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عمرٍو، عن عِكْرِمَةَ

عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قَضَى اللهُ في السَّماءِ أمْرًا ضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بأجْنِحَتِها خُضْعانًا لقوله، كأنّها سِلسِلةٌ على صَفْوان فـ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] قال: والشَّياطِينُ بَعضُهُم فوقَ بعضٍ"

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3503 -

حدَّثنا نَصْرُ بنُ علي الجَهْضمِيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الأعلى،

(1)

إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (3988). وهو في "شرح المشكل"(3379).

ومعنى قوله: "ولكنه رَجلٌ ولدَ عَشرَةً من العرب .. " قال ابن كثير في "تفسيره" 6/ 494: أي: كان من نسله هؤلاء العشرة الذين يُرجع إليهم أصولُ القبائل من عرب اليمن، لا أنهم ولدوا من صلبه، بل مِنهم من بينه وبينه الأبوان والثلاثة والأقل والأكثر، كما هو مبين في مواضعه من كتب النسب.

قال في "اللسان": وسبأ: اسم رجل يجمع عامَّةَ قبائلِ اليمن يُصرف على إرادة الحي، ويُترك صرفُه على إرادة القبيلة.

(2)

زاد في (س) هنا: وروي في هذا عن ابنِ عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(3)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (4701)، وأبو داود (3989)، وابن ماجه (194). وهو في "صحيح ابن حبان"(36).

ص: 435

قال: حَدَّثَنا مَعْمَرٌ، عن الزُّهرِيِّ، عن عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: بينما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالسٌ في نَفَرٍ من أصْحابِهِ إذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فاسْتَنارَ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"ما كنْتمْ تقولونَ لِمِثْلِ هذا في الجَاهِلِيَّةِ إذا رَأيتُمُوه"؟ قالوا: كنَّا نقولُ: يموتُ عظيمٌ أو يُولَدُ عظيمٌ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"فإنّهُ لا يُرْمَى به لِمَوْتِ أحدٍ ولا لِحَياتِهِ، ولكِنَّ رَبَّنا عز وجل إذا قَضَى أمْرًا، سَبَّحَ حَمَلةُ العَرْشِ، ثمَّ سَبَّحَ أهلُ السَّماءِ الذين يَلونَهُم، ثمَّ الذينَ يَلُونَهُمْ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ إلى هذهِ السَّماء، ثمَّ سَألَ أهلُ السَّماءِ السَّادِسَة أهلَ السَّماءِ السَّابعَة: ماذا قال رَبُّكُم؟ قال: فيُخبرُونَهُم، ثمَّ يَستَخبِرُ أهلُ كلِّ سماءٍ حتَّى يَبْلُغَ الخَبَرُ أهلَ السَّماءِ الدُّنْيا، وتَخْتطِفُ الشَّياطِينُ السَّمْعَ فيُرْمَونَ، فيَقْذِفُونَه إلى أولِيائِهِم، فما جاؤُوا به على وجهه، فهو حقٌّ، ولكِنَّهُم يُحَرِّفُونَه ويَزِيدُونَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ عن الزُّهرِيِّ، عن عليِّ بن حسينٍ، عن ابن عبَّاسٍ، عن رجالٍ من الأنْصارِ قالوا: كُنَّا عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فذَكَرَ نحوَ هذا الحديث بمعناه.

3504 -

حدَّثنا بذلِكَ الحسينُ بنُ حُرَيْثٍ، قال: حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسْلِمٍ، قال: حدَّثنا الأوزاعيُّ

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أحمد (1882).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2229)، والنسائي في "الكبرى"(11272). وهو في "المسند"(1883).

ص: 436

‌36 - ومن سورة الملائكة

3505 -

حدَّثنا أبو موسى محمدُ بنُ المُثنَّى ومحمدُ بنُ بشارٍ، قالا: حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعْبَةُ، عن الوليدِ بن عَيْزَارٍ، أنّهُ سَمِعَ رجلًا من ثَقيفٍ يُحَدِّثُ عن رجلٍ من كِنانَة

عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال في هذه الآية:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر: 32] قال: "هؤلاءِ كُلُّهُم بمَنْزِلةٍ واحدَةٍ، وكلُّهُم في الجَنَّةِ"

(1)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل من ثقيف والرجل من كنانة. لكن في الباب حديث أبي الدرداء عند أحمد (21697) و (21727) و (27505)، وحديث أسامة بن زيد عند الطبراني (410) وفي كليهما ضعف، لكن يتقوى بهما حديث أبي سعيد.

وحديث أبي سعيد أخرجه أحمد (11745)، وانظر تتمة تخريجه فيه.

قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية 6/ 532: يقول تعالى: ثم جعلنا القائمين بالكتاب العظيم، المصدَّق لما بين يديه من الكتب، الذين اصطفينا من عبادنا، وهم هذه الأمة، ثم قسَّمَهم إلى ثلاثة أنواع، فقال:{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} وهو المُفرِّط في فعل بعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرمات {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} وهو المؤدي للواجبات، التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} وهو الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات والمكروهات، وبعض المباحات. ثم قال: والصحيح أن الظالم لنفسه من هذه الأمة، وهذا اختيار ابن جرير كما هو ظاهر الآية، وكما جاءت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق يشدُّ بعضها بعضًا

ثم أوردها، وقال: ومعنى قوله: "بمنزلة واحدة"، أي: في أنهم من =

ص: 437

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ

(1)

، لا نعرِفُه إلا من هذا الوجه.

‌37 - ومن سورة يس

3506 -

حدَّثنا محمدُ بنُ وزيرٍ الوَاسِطِيُّ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ يوسفَ الأزْرَقُ، عن سفيانَ الثوريِّ، عن أبي سفيانَ، عن أبي نَضْرَةَ

عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، قال: كانت بنو سَلِمَةَ في ناحيةِ المدينةِ، فأرادوا النُّقْلَةَ إلى قُربِ المسجدِ، فنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12] فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ آثارَكُم تُكتَبُ" فلم يَنْتقِلوا

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديثِ الثَّورِيِّ.

وأبو سفيانَ هو: طريفٌ السَّعديُّ.

3507 -

حدَّثنا هنَّادٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمَشِ، عن إبراهيمَ التيمي، عن أبيه

عن أبي ذرٍّ، قال: دَخَلْتُ المسجدَ حين غابتِ الشمسُ والنّبيُّ

= هذه الأمة، وأنهم من أهل الجنة، وان كان بينهم فرق في المنازل في الجنة.

(1)

في (س): حديث غريب.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي سفيان وهو طريف بن شهاب، وقد وهم في هذا الإسناد كما سيأتي.

وأخرجه الطبري 22/ 154، والحاكم 2/ 428 من طريق أبي سفيان، به.

والصواب ما رواه مسلم (665)(280) و (281) من طريقين عن أبي نضرة، عن جابر، وحديث جابر في "المسند" برقم (14566).

ص: 438

صلى الله عليه وسلم جالسٌ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا أبا ذَرٍّ، أتَدْرِي أينَ تَذهَبُ هذه؟ " قال: قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال:"فإنَّها تَذْهَبُ فتَسْتأذِنُ في السُّجُودِ فيُؤذَنُ لها، وكأنّها قد قِيل لها: اطْلُعِي من حيثُ جئتِ، فتَطْلُعُ من مَغْربها"، قال: ثمَّ قَرَأ: "وذلِكَ مُستَقرٌّ لها". قال: وذلِك قِراءَة عبدِ اللهِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌38 - ومن سورة الصافات

3508 -

حدَّثنا أحمدُ بن عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قال: حدَّثنا المُعْتَمِرُ بنُ سليمانَ، قال: حدَّثنا ليثُ بن أبي سُلَيْم، عن بِشْرٍ

عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ دَاعٍ دَعا إلى شيءٍ إلا كان موقوفًا يومَ القيامةِ لازِمًا لهُ لا يُفارِقُه، وإنْ دَعا رجلٌ رجلًا"، ثمَّ قَرأ قولَ اللهِ عز وجل:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ}

(2)

[الصافات: 24، 25].

هذا حديثٌ غريبٌ.

3509 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: أخبرنا الوليدُ بنُ مُسْلِمٍ، عن زُهَيْرِ

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (2331).

(2)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وقد اضطرب في تسمية شيخه وصحابي الحديث. وأخرجه بهذا الإسناد الدارمي (516).

وأخرجه ابن ماجه (208) من طريق أبي معاوية الضرير، عن ليث، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة.

ص: 439

ابنِ محمدٍ، عن رجلٍ، عن أبي العَالِيَةِ

عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قال: سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن قولِ اللهِ تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] قال: عِشْرُونَ ألفًا

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ.

3510 -

حدَّثنا محمدُ بن المُثَنَّى، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ خالدِ بنِ عَثْمَةَ، قال: حدَّثنا سَعِيدُ بنُ بَشِيرٍ، عن قَتادَةَ، عن الحسن

عن سَمُرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِ اللهِ تعالى:{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} [الصافات: 77] قال: "حَامٌ وسامٌ ويافِثُ"

(2)

، بالثاءِ.

ويقالُ: يافِتُ ويافثُ بالتاءِ والثاءِ، ويقالُ يَفثُ.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من حديثِ سعيدِ بنِ بَشِيرٍ.

3511 -

حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُعَاذٍ العَقَدِيُّ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيعٍ، عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبَةَ، عن قَتادَةَ، عن الحسنِ

عن سَمُرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "سامٌ أبو العربِ، وحامٌ أبو

(1)

إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي العالية.

وأخرجه الطبري 23/ 104.

(2)

إسناده ضعيف لضعف سعيد بن بشير، ولانقطاعه فإن الحسن لم يسمع من سمرة سوى حديثين، ليس هذا منهما.

وأخرجه المصنف في "العلل" 2/ 892، والطبري في "التفسير" 23/ 67.

ص: 440

الحَبَشِ، ويافِثُ أبو الرُّومِ"

(1)

.

‌39 - ومن سورة ص

3512 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ وعَبدُ بنُ حُمَيدٍ المعنى واحدٌ، قالا: حدَّثنا أبو أحمدَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن الأعمَشِ، عن يحيى، قال عبدٌ: هو ابنُ عبَّادٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: مَرِضَ أبو طالبٍ فجاءَتْه قريشٌ، وجاءَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وعند أبي طالِبٍ مجلسُ رجلٍ، فقامَ أبو جهلٍ كي يَمْنَعَه، قال: وشَكَوْه إلى أبي طالبٍ، فقال: يا ابنَ أخي ما تُريدُ من قَومِكَ؟ قال: "إنِّي أُريدُ منهم كَلِمَةً تَدينُ لَهُم بِها العَرَبُ، وتُؤدِّي إليهِمُ العَجَمُ الجِزْيَةَ". قال: كَلِمَةً واحدةً؟ قال: "كَلِمَةً واحِدةً". فقال: "يا عَمُّ قولوا

(2)

: لا إلهَ إلّا اللهُ"، فقالوا: إلهًا واحدًا! ما سَمِعْنا بهذا في المِلَّةِ الآخِرَةِ، إن هذا إلّا اخْتلاقٌ. قال: فنَزَلَ فيهمُ القُرآنُ: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} إلى قولهِ: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ}

(3)

[ص: 1 - 7].

(1)

إسناده ضعيف، الحسن البصري مشهور بالتدليس، ولم يصرح بسماعه هنا من سمرة، وأخرجه أحمد (20099).

وسيأتي برقم (4973).

(2)

في (س): يقولون.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة يحيى بن عباد. =

ص: 441

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3513 -

حدَّثنا بُنْدارٌ، قال: حدَّثنا يَحيَى بنُ سعيدٍ، عن سفيانَ، عن الأعمَشِ نحو هذا الحديث، وقال: يحيى بن عُمارَةَ

(1)

.

3514 -

حدَّثنا سَلمَةُ بنُ شَبيبٍ

(2)

وعبدُ بنُ حُميدٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن أيُّوبَ، عن أبي قِلابةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أتانِي اللَّيلَةَ رَبِّي تبارك وتعالى في أحسَنِ صورَةٍ، قال أحسَبُه قال: في المنامِ، فقالَ يا محمَّدُ: هل تَدْرِي فِيمَ يَختصِمُ المَلأُ الأعلى؟ قال: قُلتُ: لا، قال: فوَضَعَ يَدَه بينَ كَتِفيَّ حتَّى وجَدْتُ بَرْدَها بينَ ثَدْيَيَّ، أو قال: في نَحْرِي، فعَلِمْتُ ما في السماواتِ وما في الأرض، قال: يا محمدُ، هل تَدْرِي فيمَ يَخْتصِمُ المَلأُ الأعلى؟ قُلتُ: نعم، في الكفَّاراتِ، والكفَّاراتُ: المُكْثُ في المساجِدِ بعدَ الصلوات، والمَشْيُ على الأقدامِ إلى الجَمَاعاتِ، وإبلاغ الوُضُوءِ في المَكَارِه، ومن فَعَل ذلكَ عاشَ بِخَيْرٍ ومات بِخَيْرٍ، وكانَ من خَطِيئَتِه كَيَوْمَ ولَدَتْه أُمُّه، وقال: يا محمدُ، إذا صَلّيْتَ فَقُل: اللهُمَّ إنِّي أسألُكَ [فِعْلَ] الخَيْرَاتِ، وتَرْكَ المُنْكَرَاتِ، وحُبَّ المَسَاكِينِ، وإذا أرَدْتَ

= وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11436). وهو في "المسند"(2008)، و"صحيح ابن حبان"(6686).

(1)

إسناده ضعيف كسابقه، لجهالة يحيى بن عمارة، ويقال: ابن عباد، كما في الإسناد السالف.

(2)

قوله: سلمة بن شبيب، لم يرد في (أ) و (د).

ص: 442

بِعِبادِكَ فِتْنةً، فاقبِضْني إليكَ غَيرَ مَفْتُونٍ، قال: والدَّرَجَاتُ: إفشَاءُ السَّلامِ، وإطعامُ الطّعامِ، والصَّلاةُ بالليلِ والنَّاسُ نِيامٌ"

(1)

.

وقد ذَكَروا بينَ أبي قِلابَةَ وبينَ ابنِ عبَّاسٍ في هذا الحديثِ رجلًا، وقد رواهُ قَتادَةُ، عن أبي قِلابَةَ، عن خالدِ بنِ اللَّجْلاجِ، عن ابنِ عبَّاسٍ.

3515 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا مُعَاذُ بنُ هشامٍ، قال: حدَّثني أبي، عن قَتادةَ، عن أبي قِلابَةَ، عن خالِدِ بنِ اللَّجْلاجِ

عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أتانِي رَبِّي في أحسَنِ صُورَةٍ، فقالَ: يا محمدُ، فقلتُ: لَبَّيكَ رَبِّي وسَعْدَيْكَ، قال: فِيمَ يَختَصِمُ المَلأُ الأعلى؟ قلتُ: ربِّ لا أدْرِي، فوضَعَ يَدَه بينَ كَتِفَيَّ، حتى وَجَدْتُ بَرْدَها بينَ ثَدْيَيَّ، فعَلِمْت ما بينَ المشرقِ والمغربِ، فقالَ: يا محمدُ، فقلتُ: لَبَّيكَ وسَعْدَيكَ، قالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلأُ الأعلى؟ قُلتُ: في الدَّرَجاتِ والكَفّاراتِ، وفي نَقْلِ الأقْدامِ إلى الجَمَاعاتِ، وإسْباغِ الوُضُوءِ في المَكْرُوهاتِ، وانْتِظارِ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ، ومن يُحافِظ عليهِنَّ عاشَ بِخَيْرٍ وماتَ بخيرٍ، وكانَ من

(1)

إسناده ضعيف، أبو قلابة - واسمه عبد الله بن زيد الجرمي - لم يسمع من ابن عباس، ثم إن فيه اضطرابًا كما قال البخاري، وقد بسط القول في اضطرابه الدارقطني في "العلل" 6/ 54 - 57، والحافظ المزي في "تهذيب الكمال" 17/ 202.

وأخرجه أحمد (3484)، وانظر تمام التعليق عليه فيه. وانظر الحديثين بعده.

ص: 443

ذُنُوبِهِ كَيَومَ ولَدَتْه أُمُّه"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ.

وفي البابِ عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وعبد الرحمنِ بن عائِشٍ

(2)

.

وقد رُوِيَ هذا الحديثُ عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِطُولِه وقال:"إنِّي نَعَسْتُ فاستَثْقَلتُ نومًا، فرأيتُ رَبَّي في أحسَنِ صُورَةٍ، فقالَ: فِيمَ يَختَصِمُ المَلأُ الأعلى".

3516 -

حدَّثنا

(3)

محمدُ بنُ بشّارٍ، قال: حدَّثنا مُعاذُ بنُ هانئٍ أبو هانئٍ اليَشْكُرِيُّ، قال: حدثنا جَهْضمُ بنُ عبدِ اللهِ، عن يحيى بنِ أبي كثيرٍ، عن زيدِ بنِ سَلّامٍ، عن أبي سَلّامٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ عائِشٍ الحَضْرَميِّ، أنَّهُ حَدَّثَه، عن مالكِ بنِ يُخامِرَ السَّكْسَكِيِّ

عن مُعاذِ بنِ جبلٍ، قال: احتُبِسَ عَنَّا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذاتَ غَدَاةٍ عن صلاةِ الصُّبحِ حتَّى كِدْنا نَتَراءَى عَينَ الشمس، فخَرَجَ سَريعًا، فثَوَّبَ بالصَّلاةِ، فصَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وتَجوَّزَ في صَلاتهِ، فلمّا سَلّمَ دَعَا بِصَوتِه، فقال لنا:"على مَصافِّكُم كما أنتُم" ثمَّ انفَتَلَ إلينا ثمَّ قال: "أما إنِّي سَأُحدِّثُكُم ما حَبَسَنِي عنكم الغَدَاةَ: إنِّي قُمتُ من الليلِ فتَوضأْتُ، وصَلَّيتُ ما قُدِّرَ لي، فنَعَسْتُ في صلاتي، حتى

(1)

ضعيف، قال أحمد: حديث قتادة هذا ليس بشيء.

وانظر ما قبله.

(2)

قوله: وفي الباب

إلخ لم يرد في (أ) و (د).

(3)

هذا الحديث أثبتناه من (س) و (ل)، ولم يرد في (أ) و (د).

ص: 444

استَثْقَلتُ، فإذا أنا بِرَبِّي تبارك وتعالى في أحسنِ صُورَةٍ، فقال: يا محمّدُ، قُلتُ: لَبَّيكَ رَبِّ، قالَ: فِيمَ يَختَصِمُ المَلأُ الأعلى؟ قلتُ: لا أدْرِي ربِّ، قالها ثلاثًا، قال فرَأيْتُه وضَعَ كَفَّهُ بينَ كَتِفَيَّ حتَّى وجَدْتُ بَرْدَ أنامِلِه بينَ ثَدْيَيَّ، فتَجَلَّى لي كلُّ شيءٍ وعَرَفْتُ، فقال: يا محمّدُ، قلتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قال: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلأُ الأعلى؟ قلتُ: في الكَفّارَاتِ، قال: ما هُنَّ؟ قلتُ: مَشْيُ الأقْدَامِ إلى الجَماعاتِ، والجلوسُ في المساجدِ بعد الصَّلَواتِ، وإسباغُ الوُضوءِ عند الكريهات، قال: ثُمَّ فِيمَ؟ قلتُ: إطعامُ الطّعام، ولينُ الكلامِ، والصَّلاةُ باللّيلِ والنَّاسُ نِيامٌ. قال: سَلْ. قلتُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وتَرْكَ المُنْكَرَاتِ، وحُبَّ المساكينِ، وأنْ تَغفِرَ لي وتَرحَمَنِي، وإذا أرَدْتَ فِتْنةً في قَومٍ فتَوفَّني غيرَ مَفْتُونٍ، وأسألُكَ حُبَّكَ وحُبَّ من يُحِبُّكَ، وحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إلى حُبِّكَ"، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنّها حَقٌّ فادرُسُوها ثُمَّ تَعَلَّمُوها"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وسألتُ محمدَ بنَ إسماعيلَ عن هذا الحديثِ، فقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وقال: هذا أصَحُّ من حديثِ الوليدِ بنِ مُسْلِمٍ، وعبد الرحمن

(1)

ضعيف لاضطرابه، قال الذهبي في "الميزان" 2/ 571 في ترجمة عبد الرحمن بن عائش: أخطأ من قال: له صحبة، وقال أبو زرعة ليس بمعروف، وقال البخاري: له حديث واحد يضطربون فيه، قال الذهبي: حديثه (يعني هذا الحديث) في "المسند" وفي "جامع" أبي عيسى، وحديثه عجيب غريب.

وانظر تفصيل القول فيه في "المسند" برقمي (3484) و (22109).

ص: 445

ابنُ عائشٍ لم يُدرك النبيَّ صلى الله عليه وسلم. وروى الوليد بن مسلم هذا الحديث عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ بنِ جابرٍ قال: حدَّثنا خالِدُ بنُ اللّجْلاجِ، قال: حدَّثنِي عبدُ الرَّحمنِ بنُ عائِشٍ الحَضرَمِيُّ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فذَكَرَ الحَدِيثَ. وهذا غيرُ محفُوظٍ. هكذا ذَكَرَ الوَليدُ في حَدِيثِه عن عبدِ الرحمنِ بنِ عائِشٍ قال: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ورَوَى بِشْرُ بنُ بكرٍ عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ بنِ جابرٍ هذا الحديثَ بهذا الإسنادِ عن عبد الرحمنِ بن عائِشٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وهذا أصَحُّ، وعبدُ الرحمنِ بنُ عائِشٍ لم يَسمَعْ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

‌40 - ومن سورة الزمر

3517 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن محمدِ بنِ عَمْرِو بن عَلْقَمةَ، عن يحيى بنِ عبدِ الرحمنِ بن حاطِبٍ، عن عبدِ اللهِ بن الزُّبَيرِ

عن أبيهِ، قال: لمَّا نَزَلتْ {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 31] قال الزُّبَيرُ: يا رسولَ اللهِ، أتُكرَّرُ

(1)

علينا الخُصُومَةُ بعدَ الذي كانَ بَينَنا في الدُّنيا؟ قال: "نَعَم"، فقالَ: إنَّ الأمرَ إذًا لَشَدِيدٌ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

في (أ) و (د): أتكر.

(2)

إسناده حسن، وأخرجه أحمد (1405).

ص: 446

3518 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا حَبَّانُ بنُ هِلالٍ وسُليمانُ بنُ حَربٍ وحَجَّاجُ بنُ مِنهَالٍ، قالوا: حدَّثنا حمَّادُ بنُ سَلمَةَ، عن ثابِتٍ، عن شَهْرِ بن حَوشَبٍ

عن أسماءَ بِنتِ يَزِيدَ، قالتْ: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقرَأُ {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] ولا يُبالِي

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفُه إلا من حديثِ ثابتٍ عن شَهرِ بنِ حَوشَبٍ. وشَهرُ بنُ حَوشَبٍ يَروِي عن أمِّ سَلمَةَ الأنصارِيةِ، وأمُّ سَلمَةَ الأنصارِيّةُ هي: أسمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ

(2)

.

3519 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا سفيانُ، قال: حدَّثنِي منصورٌ وسليمانُ الأعمش، عن إبراهيمَ، عن عَبيدةَ

عن عبدِ اللهِ، قال: جاءَ يَهُودِيٌّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يا محمَّدُ، إنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ على إصْبَعٍ، والأرضينَ على إصْبَعٍ، والجِبالَ على إصْبَعٍ، والخلائِقَ على إصْبَعٍ، ثُمَّ يَقولُ: أنا المَلِكُ. قال: فضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتَّى بَدَتْ نواجِذُه، قال:

(1)

إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وأخرجه أحمد (27569).

(2)

من قوله: وشهر بن حوشب يروي

إلى هنا، أثبتناه من (ل)، ولم يرد في سائر الأصول.

ص: 447

{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}

(1)

[الزمر: 67].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3520 -

حدَّثنا محمَّدُ بن بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، قالَ: حدَّثنا فُضَيلُ بن عِياضٍ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن عَبيدةَ

عن عبد الله، قال: فضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم تَعجُّبًا وتَصديقًا

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3521 -

حدَّثنا عبدُ الله بن عبدِ الرَّحمنِ، قال: أخبرنا محمَّدُ بن الصَّلْتِ، قال: حدَّثنا أبو كُدَينَةَ، عن عطاءِ بن السَّائِبِ، عن أبي الضُّحى

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: مَرَّ يهوديٌّ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يا يهوديُّ حَدِّثْنا"، فقال: كيف تقولُ يا أبا القاسِمِ إذا وَضَعَ اللهُ السَّمواتِ على ذِهِ، والأرضينَ على ذِهِ، والماءَ على ذِهِ، والجِبال على ذِهِ، وسائِرَ الخَلْقِ على ذِهِ، وأشارَ أبو جعفرٍ محمَّدُ بن الصَّلْتِ بخِنْصَرِه أوَّلًا، ثمَّ تابَعَ حتَّى بَلَغَ الإبْهامَ، فأنزلَ اللهُ {وَمَا

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4811)، ومسلم (2786)، والنسائي في "الكبرى"(7687) و (7736) و (11450) و (11451). وهو في "المسند"(3590) و (4087)، و"صحيح ابن حبان"(7325).

وانظر لزامًا في معنى الحديث "الأسماء والصفات" للبيهقي ص 335 - 343.

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله، وانظر لزامًا "فتح الباري" 13/ 398 - 399.

ص: 448

قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}

(1)

[الزمر: 67].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ، لا نعرفُه إلَّا من هذا الوجه.

وأبو كُدَينَةَ: اسمُه يحيى بن المُهَلَّبِ.

ورأيتُ محمَّدَ بن إسماعيلَ رَوَى هذا الحديثَ، عن الحسنِ بن شُجاعٍ، عن محمَّدِ بن الصَّلْتِ.

3522 -

حدَّثنا سُوَيدُ بن نَصْرٍ، قال: أخبرنا عبدُ الله بن المُبارَكِ، عن عَنْبَسَةَ بن سعيدٍ، عن حَبيبِ بن أبي عَمْرَةَ، عن مجاهدٍ، قال:

قال ابنُ عبَّاسٍ: أتَدْري ما سَعَةُ جَهَنَّمَ؟ قلتُ: لا، قال: أجَل، واللهِ ما تَدْري. حدَّثَتْني عائشةُ أنَّها سألَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن قوله:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] قالَ: قلتُ: فأينَ النَّاسُ يومئذٍ يا رسولَ الله؟ قال: "على جِسْرِ جَهَنَّمَ" وفي الحديثِ قِصَّةٌ

(2)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ غريب من هذا الوجه.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاختلاط عطاء بن السائب فيه.

وأخرجه أحمد (2267).

(2)

حديث صحيح، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11453). وهو في "المسند"(24856). وانظر ما بعده.

تنبيه: جاء هذا الحديث في بعض النسخ بإثر الحديث (3527).

ص: 449

3523 -

حدَّثنا

(1)

ابنُ أبي عمرَ، قالَ: حدَّثنا سُفيانُ، عن داودَ بن أبي هِنْدٍ، عن الشَّعبيِّ، عن مَسْروقٍ

عن عائشةَ أنَّها قالت: يا رسولَ الله {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] فأين المؤمنونَ يومئذٍ؟ قال: "على الصِّراطِ يا عائشةُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3524 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سُفيانٌ، عن مُطرِّفٍ، عن عَطِّيةَ العَوْفيِّ

عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كيفَ أنْعَمُ وقد الْتَقَمَ صاحِبُ القَرْنِ القَرْنَ، وحَنَى جَبهَتَه، وأصْغى سَمْعَهُ يَنْتَظِرُ أنْ يُؤْمَرَ أنْ يَنْفُخَ فيَنفُخ! " قال المسلمونَ: فكيفَ نقولُ يا رسولَ الله؟ قال: "قولوا: حَسْبُنا الله ونعْمَ الوَكيلُ، تَوَكَّلْنا على اللهِ رَبِّنا"، ورُبَّما قال:"على الله تَوكَّلْنا"

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

(1)

هذا الحديث لم يرد إلا في (س) و (ل)، ولم يرد في "التحفة" في هذا الموضع.

(2)

إسناده صحيح، وسلف الحديث برقم (3386) بذكر آية أخرى، فانظر تخريجه هناك.

وانظر ما قبله.

(3)

حديث حسن، وهذا سند ضعيف لضعف عطية. وقد سلف تخريجه برقم (2600).

ص: 450

وقد رواه الأعمشُ أيضًا عن عطية عن أبي سعيد.

3525 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، قال: أخبرَنا سليمانُ التَّيميُّ، عن أسلَمَ العِجْليِّ، عن بِشْرِ بن شَغافٍ

عن عبد الله بن عَمرٍو، قال: قال أعرابيٌّ: يا رسولَ الله ما الصُّورُ؟ قال: "قَرْنٌ يُنْفَخُ فيه"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ إنَّما نعرفُه من حديثِ سليمانَ التَّيميِّ.

3526 -

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: حدَّثنا عَبْدَةُ بن سليمانَ، قال: حدَّثنا محمَّدُ بن عَمرٍو، قال: حدَّثنا أبو سَلمَةَ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال يهوديٌّ بسوقِ المدينةِ: لا والذي اصطَفَى موسى على البَشَرِ، قالَ: فرَفَعَ رجلٌ من الأنصارِ يَدَه فصَكَّ بها وَجهَهُ، قال: تقولُ هذا وفينا نَبيُّ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68] فأكونُ أوَّلَ مَن رَفَعِ رَأسَه، فإذا موسى آخذ بقائِمَةٍ من قوائِمِ العَرشِ، فلا أدْري أرفَع رأسَه قَبْلي، أم كانَ ممَّن استَثْنى الله؟ ومن قال: أنا خيرٌ من يونسَ بن مَتَّى فقد كَذَبَ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (2599).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وأخرجه من طريق آخر البخاري (2411) ومسلم (2373)، وأبو داود (4671)، وابن ماجه (4274)، والنسائي (7758) و (11457) و (11461). وهو في "المسند"(7586)، و"صحيح ابن =

ص: 451

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3527 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ وغيرُ واحِدٍ، قالوا: حدَّثنا عبد الرزَّاق، قال: أخبرنا الثَّوريُّ، قال: أخبرنا أبو إسحاقَ، أنَّ الأغَرَّ حَدَّثَه

عن أبي سعيدٍ وأبي هُريرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "يُنادي مُنادٍ: إنَّ لكُم أنْ تَحْيَوا فلا تَموتُوا أبدًا، وإنَّ لكُم أنْ تَصِحُّوا فلا تَسقَمُوا أبَدًا، وإنَّ لكُم أنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أبدًا، وإنَّ لكُم أن تَنْعَموا فلا تبأسُوا أبدًا، فذلكَ قَوْلُه تعالى:{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}

(1)

[الزخرف: 72].

ورَوَى ابنُ المُبارَكِ وغيرُه هذا الحديثَ عن الثَّوريِّ ولم يَرفَعوه.

‌41 - ومن سورة المؤمن

3528 -

حدَّثنا محمَّدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ بن مَهْديٍّ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن منصورٍ والأعمَشِ، عن ذَرٍّ، عن يُسَيْعٍ الحَضْرَميِّ

عن النُعمانِ بن بَشِيرٍ، قال: سمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "الدُّعاءُ هُو العِبادَةُ" ثمَّ قَرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}

(2)

[غافر: 60].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

= حبان" (7311).

(1)

حديث صحيح، وأخرجه مسلم (2837)، والنسائي في "الكبرى"(11184). وهو في "المسند"(8258).

(2)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (3207).

ص: 452

‌42 - ومن سورة السجدة

3529 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قالَ: حدَّثنا سُفيانُ، عن منصورٍ، عن مُجاهدٍ، عن أبي مَعْمَرٍ

عن ابن مسعودٍ، قال: اختَصَمَ عندَ البيتِ ثلاثةُ نَفَرٍ: قُرَشِيَّانِ وثَقَفيٌّ، أو ثَقَفِيانِ وقُرَشيٌّ، قليلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِم، كَثيرٌ شَحْمُ بُطونِهِم، فقال أحَدُهم: أتَرَوْنَ أنَّ الله يَسْمَعُ ما نقولُ؟ فقال الآخَرُ: يَسمَعُ إنْ جَهَرْنا، ولا يَسْمَعُ إن أخْفَينا، وقال الآخرُ: إن كانَ يَسْمَعُ إذا جَهَرْنا، فَهوَ يَسْمَعُ إذا أخفَينا، فأنزلَ اللهُ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ}

(1)

[فصلت: 22].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3530 -

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمَشِ، عن عُمارَةَ بن عُمَيرٍ، عن عبدِ الرَّحمنِ بن يَزيدَ، قال:

قال عبدُ الله: كنتُ مُستَتِرًا بأستارِ الكعبةِ، فجاءَ ثلاثةُ نَفَرٍ كَثِيرٌ شحومُ بُطونِهِم، قَليلٌ فِقْهُ قُلوبِهِم، قُرَشيٌّ وخَتَناهُ ثَقَفيَّان، أو ثَقَفيٌّ وخَتَناهُ قُرَشيَّانِ، فتكلَّموا بكلامٍ لم أفهَمْه، فقال أحَدُهُم: أتَرَوْنَ أنَّ الله يَسْمَع كَلامنا هذا؟ فقال الآخرُ: إنَّا إذا رَفَعْنا أصواتَنا سَمِعَه، وإذا لم نَرْفَع أصواتَنا لم يَسْمَعه. فقال الآخر: إنْ سَمِعَ منه شيئًا

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4816)، ومسلم (2775)، والنسائي في "الكبرى"(11468). وهو في "المسند"(3614)، و"صحيح ابن حبان"(390).

ص: 453

سَمِعَه كُلّه، قال عبدُ الله: فذَكَرْتُ ذلكَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأنزَلَ اللهُ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} - إلى قوله - {فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}

(1)

[فصلت: 23].

هذا حديثٌ حسنٌ.

3531 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن الأعمش، عن عُمارَةَ بن عُمَيرٍ، عن وَهْبِ بنِ رَبِيعَةَ، عن عبد الله نحوَه

(2)

.

3532 -

حدَّثنا أبو حَفْصٍ عمرُو بن عليًّ الفَلَّاسُ، قال: حدَّثنا أبو قُتَيبةَ سَلْم بن قُتَيبةَ، قال: حدَّثنا سُهَيلُ بن أبي حَزْم القُطَعِيُّ، قال: حدَّثنا ثابتٌ البُنانيُّ

عن أنسِ بن مالكٍ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَرأ:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30]، قال:"قد قال النَّاسُ ثمَّ كَفَرَ أكثرُهُم، فمَنْ ماتَ عليها، فهُوَ ممَّن استَقامَ"

(3)

.

هذا حديثٌ غريبٌ، لا نعرفه إلَّا من هذا الوجهِ.

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

(2)

إسناده حسن في المتابعات: وهب بن ربيعة روى له مسلم (2775) متابعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات، وانظر الحديثين قبله.

(3)

إسناده ضعيف لضعف سهيل بن أبي حزم.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11470)، والطبري 24/ 114، وابن عدي في "الكامل" 3/ 1288.

ص: 454

سَمِعتُ أبا زُرْعَةَ يقولُ: رَوى عفَّانُ عن عمرو بن عَليٍّ حديثًا، ويُروى في هذه الآيةِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأبي بكرٍ وعمرَ مَعنَى: استقاموا

(1)

.

‌43 - ومن سورة حم عسق

3533 -

حدَّثنا محمد بن بشار، قال: حدَّثنا محمَّد بن جَعفَرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن عبدِ المَلِكِ بن مَيسَرَةَ، قال: سَمِعتُ طاووسًا قال:

سُئِلَ ابنُ عباسٍ عن هذه الآيَة {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] فقال سعيدُ بن جُبَيرٍ: قُرْبى آلِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال ابنُ عبَّاسٍ: أعَلِمتَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يكُن بَطْنٌ من قُرَيشٍ إلَّا كانَ له فيهم قَرابةٌ، فقالَ:"إلَّا أن تَصِلوا ما بَيْني وبَينكُم من القَرابةِ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوِيَ من غيرِ وجهٍ عن ابنِ عبَّاسٍ.

3534 -

حدَّثنا عبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثَنا عَمْرو بن عاصِمٍ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بن الوازِعِ، قال: حدَّثني شَيخٌ من بَني مُرَّة، قالَ:

قَدِمْتُ الكُوفَةَ فأُخبِرتُ عن بلالِ بن أبي بُرْدَةَ، فقلتُ: إنَّ فيه لمُعْتبرًا، فأتَيتُه وهو مَحْبوسٌ في دارِه التي قَد كان بَنى، قال: وإذا

(1)

من قوله: "ويُروى" إلى هنا زيادة من (ل).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3497)، والنسائي في "الكبرى"(11474). وهو في "المسند"(2024)، و"صحيح ابن حبان"(6262).

ص: 455

كُلُّ شيءٍ مِنه قد تَغَيَّر من العَذَابِ والضَّرْبِ، وإذا هو في قُشَاشٍ، فقلتُ: الحمدُ للهِ يا بِلالُ، لقد رَأيتُكَ وأنتَ تَمُرُّ بِنا تُمْسِكُ بأنفِكَ من غيرِ غُبَارٍ، وأنتَ في حالِكَ هذهِ اليومَ. فقال: مِمَّن أنتَ؟ فقُلتُ: من بَنِي مُرَّةَ بنِ عبَّادٍ، فقال: ألا أُحَدِّثُكَ حديثًا عسى اللهُ أن يَنْفَعَكَ به؟ قلتُ: هَاتِ. قال: حدَّثنِي أبي أبو بُرْدَةَ

عن أبيهِ أبي موسى، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُصِيبُ عَبْدًا نكْبةٌ فما فَوقَها أو دُونَها إلا بذَنْبٍ، وما يَعْفُو اللهُ عنه أكثَرُ، قال: وقرأ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}

(1)

[الشورى: 30].

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرِفُه إلَّا من هذا الوجهِ.

‌44 - ومن سورة الزخرف

3535 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بِشْرٍ العَبْدي ويَعلَى بنُ عُبَيدٍ، عن حَجَّاجِ بنِ دينارٍ، عن أبي غالبٍ

عن أبي أُمامةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما ضَلَّ قوْمٌ بَعدَ

(1)

إسناده ضعيف، عبيد الله بن الوازع وشيخه المري مجهولان، وبلال بن أبي بردة قال في حقه عمر بن عبد العزيز: سبكناه فوجدناه خبثًا كله، وقال عمر بن شبة: كان ظلومًا جائرًا، وذكره أبو العرب القيرواني في الضعفاء.

وفي الباب عن علي عند أحمد (649) وسنده لا يصلح للاعتبار.

وقوله: في قُشاش: قال في "القاموس": القشيش كأمير اللُّقاطة كالقشاش بالضم، وقال فيه: اللقاطة ما كان ساقطًا مما لا قيمة له.

ص: 456

هُدىً كانُوا عليه إلَّا أُوتُوا الجَدَلَ"، ثُمَّ تَلا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هذه الآيةَ:{مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}

(1)

[الزخرف: 58].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، إنَّما نعرفُه مِن حديثِ حَجَّاجِ بنِ دينارٍ.

وحجَّاجٌ: ثقةٌ مُقارِبُ الحديثِ، وأبو غالبٍ اسمُه: حَزَوَّرُ.

‌45 - ومن سورة الدخان

3536 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا عبدُ المَلِكِ بنُ إبراهيمَ الجُدِّيُّ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن الأعمَشِ ومَنصُورٍ، سَمِعا أبا الضُّحَى يُحَدِّثُ، عن مَسرُوقٍ، قال:

جاءَ رجلٌ إلى عبدِ اللهِ، فقال: إنَّ قاصًّا يَقُصُّ يقولُ: إنَّهُ يَخْرُجُ من الأرضِ الدُّخَانُ، فيأخُذُ بِمَسامِعِ الكُفّارِ ويأخُذُ المُؤمِنَ

(1)

قوي بطرقه وشواهده، وأبو غالب - وهو البصري - ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد.

وأخرجه ابن ماجه (48). وهو في "المسند"(22164)، وانظر طرقه وشواهده فيه.

وقوله: "إلا أوتو الجدل": هو مقابلةُ الحُجَّةِ بالحُجَّة، والمُجادلةُ: المناظرةُ والمخاصمةُ، والمراد به في الحديث: الخصومة بالباطل، وطلب المغالبة به، لا المناظرة لإظهار الحقِّ واستكشاف الحال، واستعلام ما ليس معلومًا عنده، أو تعليم غيره ما عنده، فإن ذلك محمود، لقوله تعالى:{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].

ص: 457

كَهَيئةِ الزُّكَامِ، قال: فغَضِبَ - وكانَ مُتَّكِئًا فجَلَسَ - ثمَّ قال: إذا سُئِلَ أحَدُكُم عمَّا يَعلَمُ فليَقُلْ به - قال مَنصُورٌ: فلْيُخْبِرْ به - وإذا سُئِلَ عمَّا لا يَعلَمُ، فليَقُلْ: اللهُ أعلمُ، فإنَّ من عِلْمِ الرَّجُلِ إذا سُئِلَ عمَّا لا يَعلَمُ أن يَقُولَ: اللهُ أعلَمُ، فإنَّ اللهَ تعالى قال لِنَبيِّهِ:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]، إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لمَّا رَأى قُرَيشًا استَعصَوا عليه قال: "اللَّهُم أعِنِّي عليهِم بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يوسفَ، فاخَذَتْهُم سَنةٌ، فحصَّتْ

(1)

كلَّ شيءٍ، حتَّى أكَلُوا الجُلُودَ والمَيْتَةَ، وقال أحَدُهُما: العِظامَ، قال: وجَعَلَ يَخرُجُ من الأرضِ كَهَيْئةِ الدُّخانِ، فأتاهُ أبو سفيانَ فقال: إنَّ قومَكَ قد هَلَكُوا فادْعُ اللهَ لهم، قال: فهذا لِقَولِه: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: 10، 11] قال مَنصُورٌ: هذا لِقَولِه: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ} [الدخان: 12] فهَلْ يُكْشَفُ عذابُ الآخِرَةِ؟ قال: قد مَضَى البَطْشَةُ، واللِّزَامُ، والدُّخانُ، وقال أحَدُهُما: القمرُ، وقال الآخَرُ: الرُّومُ.

واللِّزامُ يوم بَدْرٍ

(2)

.

(1)

في النسخ: فأحصت، والمثبت من هامش (د)، وصحيحي البخاري ومسلم.

(2)

حديث صحيح، وأخرجه البخاري (1007)، ومسلم (2798)، والنسائي في "الكبرى"(11481) و (11483). وهو في "المسند"(3613)، و"صحيح ابن حبان"(4764) و (6585).

ص: 458

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3537 -

حدَّثنا الحُسينُ بنُ حُرَيْثٍ، قال: حدَّثنا وكِيعٌ، عن موسى بن عُبَيدَةَ، عن يزيدَ بنِ أبانٍ

عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما من مؤمنٍ إلا ولهُ بابانِ: بابٌ يَصعَدُ منه عَمَلُه، وبابٌ يَنزِلُ منه رِزْقُه، فإذا ماتَ بَكيا عليه، فذلِكَ قَولُه عز وجل:{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ}

(1)

[الدخان: 29].

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعرِفُه مَرفُوعًا إلا من هذا الوجهِ، وموسى بن عُبيدَةَ ويزيدُ بنُ أبانَ الرَّقَاشِيُّ يُضَعَّفانِ في الحديثِ.

‌46 - ومن سورة الأحقاف

3538 -

حدَّثنا عليُّ بنُ سعيدٍ الكنْدِيُّ، قال: حدَّثنا أبُو مُحيَّاةَ، عن عبدِ المَلِكِ بنِ عُمَيرٍ، عن ابنِ أخي عبدِ اللهِ بنِ سلامٍ قال:

لمَّا أُرِيدَ عثمانُ، جاءَ عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ، فقال له عثمانُ: ما جاءَ بكَ؟ قال: جئْتُ في نُصْرَتِكَ، قال: اخرُجْ إلى النَّاسِ، فاطْرُدهُم عَنِّي، فإنَّكَ خارجٌ خَيرٌ لي مِنْكَ داخِلٌ، قال: فخَرَجَ عبدُ اللهِ بن سلام إلى النَّاسِ، فقال: أيُّها النَّاسُ، إنّه كان اسْمِي في الجاهِلِيةِ فُلانٌ، فسَمَّانِي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عبد اللهِ، ونَزَلَتْ فيَّ آياتٌ

(1)

إسناده ضعيف كما قال المصنف.

وأخرجه أبو يعلى (4133)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 53.

ص: 459

من كتابِ الله، نَزَلَتْ فيَّ {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأحقاف: 10] ونَزَلَتْ فيَّ {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43]، إنَّ للهِ سَيْفًا مَغْمُودًا عَنكُم، وإنَّ الملائِكَةَ قد جاوَرَتكُم في بَلَدِكُم هذا الذي نَزَلَ فيهِ نَبِيُّكُم، فاللهَ اللهَ في هذا الرَّجُلِ أن تَقْتُلُوه، فوَاللهِ إنْ

(1)

قَتَلْتُمُوه لَتطْرُدُنَّ جِيرانَكُمُ الملائكةَ، ولتَسُلُّنَّ سَيفَ اللهِ المَغْمُودَ عَنكُم، فَلا يُغْمَدُ إلى يومِ القِيامةِ، قال: فقالُوا: اقتُلُوا اليَهُوديَّ واقتُلُوا عثمانَ

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ

(3)

، وقد روَاهُ شُعَيْبُ بنُ صَفْوانَ عن عبدِ المَلِكِ بن عُمَيرٍ، عن ابنِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سلامٍ، عن جَدِّه عبدِ الله بنِ سلامٍ.

3539 -

حدَّثنا عبدُ الرحمنِ بنُ الأسوَدِ أبُو عَمرٍو البَصْرِىُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ رَبِيعَةَ، عن ابنِ جُرَيجٍ، عن عَطاءٍ

عن عائشةَ، قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا رَأى مَخيلَةً أقبَلَ وأدبَرَ،

(1)

في الرواية الآتية: لَئِن.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة ابن أخي عبد الله بن سلام.

وأخرجه ابن ماجه (3734) مختصرًا بقصة تسميته بعبد الله، وهو كذلك في "المسند"(23782).

وسيأتي برقم (4137).

(3)

في (س) و (ل): حسن غريب.

ص: 460

فإذا مَطَرَتْ سُرِّيَ عنه. قالت: فقلتُ له، فقال: "وما أدرِي لَعَلَّه كما قال الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}

(1)

[الأحقاف: 24].

هذا حديثٌ حسنٌ.

3540 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: أخبَرَنا إسماعيلُ بنُ إبراهِيمَ، عن داوُدَ، عن الشَّعبيَّ، عن عَلْقَمَةَ، قال:

قُلتُ لابنِ مسعُودٍ: هل صحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الجِنِّ مِنكُم أحَدٌ؟ قال: ما صَحِبَه مِنَّا أحَدٌ، ولكِن افْتَقَدْناهُ ذَاتَ لَيلَةٍ وهو بِمكَّةَ، فَقُلنا: اغْتِيلَ، اسْتُطِيرَ، ما فُعِلَ به؟ فَبِتْنا بِشَرِّ لَيلَةٍ باتَ بها قَومٌ، حتَّى إذا أصبَحْنا أو كان في وَجْهِ الصُّبح، إذا نحنُ به يَجِيءُ من قِبَلِ حِرَاءَ، قال: فذَكَرُوا له الذي كانوا فيه، فقال:"أتانِي دَاعِي الجِنَّ، فأتَيْتُهُم فقَرَأتُ عليهم" قال: فانطَلَقَ فأرانا آثارَهُم وآثارَ نِيرَانِهم.

قال الشَّعبِيُّ: وسَألُوه الزَّادَ - وكانُوا مِن جنِّ الجَزِيرَةِ - فقالَ: "كُلُّ عَظْمٍ لم يُذْكَرِ اسمُ اللهِ عليه يَقَعُ في أيَدِيكُم أوفَرَ ما كانَ

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (3206)، ومسلم (899)، وأبو داود (5098)، وابن ماجه (3891)، والنسائي في "الكبرى"(11492). وهو في "المسند"(24369).

و"المَخِيلَةُ" بفتح الميم وكسر الخاء وسكون الياء: السحابة التي يخال فيها المطر.

ص: 461

لَحْمًا، وكُلُّ بَعْرَةٍ أو رَوْثةٍ عَلَفٌ لِدَوابِّكُم"، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فلا تَستَنْجُوا بهما، فإنّهُما زادُ إخوانِكُم من الجِنِّ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌47 - ومن سورة محمد صلى الله عليه وسلم

-

3541 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرزَّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزُّهرِيِّ، عن أبي سَلَمَةَ

عن أبي هُريرةَ {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إني لأَستَغْفِرُ اللهَ في اليومِ سبعينَ مَرَّةً"

(2)

.

(1)

صحيح، وأخرجه مسلم (450)، وأبو داود (39) و (85)، والنسائي في "الكبرى"(38) و (39). وهو في "المسند"(4149)، و"صحيح ابن حبان"(1432).

وقد سلف مختصرًا برقم (18).

قال الدارقطني في "العلل" 5/ 131 - 132: يرويه داود بن أبي هند عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله. رواه عنه جماعة من الكوفيين والبصريين، فأما البصريون فجعلوا قوله: وسألوه الزاد إلى آخر الحديث من قول الشعبي مرسلا، وأما يحيى بن أبي زائدة وغيره من الكوفيين، فأدرجوه في حديث ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح قولُ مَنْ فَصَلَهُ، فإنه من كلام الشعبي مرسلًا.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (6307)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(431) و (435) - (439)، وفي "الكبرى"(11495). وهو في "المسند"(7793)، و"صحيح ابن حبان"(925).

ص: 462

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ويُرْوَى أيضًا عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"إنِّي لأستَغْفِرُ اللهَ في اليومِ مِئَةَ مَرَّةٍ" رواهُ محمدُ بنُ عمرٍو، عن أبي سَلمَةَ، عن أبي هريرةَ

(1)

.

وقد رُوي مِن غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة"

(2)

.

3542 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا شَيخٌ من أهلِ المدينةِ، عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيه

عن أبي هريرةَ، قال: تلا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومًا هذِهِ الآيةَ: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38] قالوا: ومنْ يُسْتَبْدَلُ بنا؟ قال: فضَرَبَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على مَنْكِبِ سلمانَ، ثمَّ قال:"هذا وقوْمُه، هذا وقَوْمُه"

(3)

.

(1)

صحيح، وأخرجه ابن ماجه (3815)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(434). وهو في "المسند"(9807).

(2)

من قوله: وقد روي من غير وجه إلى هنا زيادة من (س).

(3)

صحيح، وهذا إسناد ضعيف، والشيخ المديني: هو عبد الله بن جعفر كما سيأتي مسمى في الرواية التالية، وهو ضعيف.

وأخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 3، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 334 من طرق عن عبد الله بن جعفر بن نجيح، بهذا الإسناد. وسقط من مطبوع "الدلائل" عبد الله بن جعفر، فليستدرك من هنا.

وأخرجه الطبري في "التفسير" 26/ 66 و 67، وابن حبان (7123)، وأبو نعيم =

ص: 463

هذا حديثٌ غريبٌ، وفي إسنادِهِ مقالٌ، وقد رَوَى عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ أيضًا هذا الحديثَ عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ.

3543 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ جعفرِ بنِ نَجِيحٍ، عن العلاءِ بنِ عبد الرحمنِ، عن أبيه

عن أبي هُريرةَ، أنّهُ قال: قال ناسٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللهِ، من هؤلاءِ الذين ذَكَرَ اللهُ إن تَوَلَّيْنا اسْتُبْدِلُوا بِنا ثمَّ لا يكونوا أمْثالَنا؟ قال: وكان سلمانُ بِجَنْبِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: فضَرَبَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخِذَ سلمانَ قال: "هذا وأصحابُه، والذي نفسي بيده لو كان الإيمانُ مَنُوطًا بالثُّرَيَّا، لتناوَلَهُ رجالٌ من فارسَ"

(1)

.

وعبدُ اللهِ بنُ جعفرِ بنِ نَجِيحٍ هو: والِدُ عليِّ ابن المَدِينيِّ.

= 1/ 2 و 3 من طرق عن مسلم بن خالد الزنجي، عن العلاء، به. ومسلم بن خالد الزنجي ضعيف أيضًا.

وأخرجه أبو نعيم 1/ 3 - 4 من طريق عبد الله بن جعفر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.

وأخرجه البخاري (4897)، ومسلم (2546)، وأحمد (9406) من حديث أبي هريرة، قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزلت عليه سورة الجمعة {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] قال: قلت: من هم يا رسول الله، فلم يراجعه حتى سأل ثلاثًا وفينا سلمان الفارسي، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال:"لو كان الإيمان عند الثريا، لناله رجال أو رجل من هؤلاء".

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن جعفر، وانظر ما قبله.

ص: 464

وقدْ رَوَى عليُّ بنُ حُجْرٍ عن عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ الكَثِيرَ. وحدَّثنا عليٌّ بهذا الحديثِ عن إسماعيلَ بنِ جعفرٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ جعفرِ بن نجيح.

3544 -

وحدثنا بشرُ بن معاذ، حدثنا عبد الله بن جعفرٍ، عن العلاء نحوه، إلا أنه قال: معلقًا بالثُّريّا

(1)

.

‌48 - ومن سورة الفتح

3545 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ خالدِ بنِ عَثْمة، قال: حدَّثنا مالِكُ بنُ أنسٍ، عن زيدِ بنِ أسْلَمَ

عن أبيهِ، قال: سَمِعْتُ عمرَ بنَ الخطّابِ يقولُ: كُنَّا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في بعضِ أسفارِه، فكَلَّمْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسَكَتَ ثمَّ كلَّمتُه فسَكَت، فحَرَّكْتُ راحِلتي فتَنحَّيْتُ وقلتُ: ثَكِلتْكَ أُمُّكَ يا ابنَ الخَطّابِ، نَزرْتَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثلاثَ مَرَّاتٍ، كلّ ذلكَ لا يُكَلِّمُكَ، ما أخْلَقَكَ أنْ يَنْزِلَ فِيكَ قُرآنٌ! قال: فما نَشِبْتُ أنْ سَمِعْتُ صارخًا يَصْرُخُ بي، قال: فَجِئتُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: "يا ابنَ الخَطَّابِ لقد أُنْزِلَ عليَّ هذهِ اللَّيْلَةَ سورَةٌ ما أُحِبُّ أنَّ لي بهَا ما طَلَعَتْ عليهِ الشمسُ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}

(2)

[الفتح: 1].

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

تنبيه: هذه الرواية أثبتناها من نسخة (س).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4177)، والنسائي في "الكبرى"(11499). وهو في "المسند"(209)، و"صحيح ابن حبان"(6409).

ص: 465

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.

ورواه بعضهم عن مالك مرسلًا.

3546 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، عن مَعْمَرٍ عن قَتادَةَ

عن أنسٍ، قال: أُنْزِلَتْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] مَرْجِعَه من الحُدَيْبِيَةِ، فقال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لقد نَزَلَتْ عليَّ آيةٌ أحَبُّ إليَّ مِمَّا على الأرضِ"، ثمَّ قَرَأها النّبيُّ صلى الله عليه وسلم عليهم.

فقالوا: هَنِيئًا مَرِيئًا يا نبيَّ اللهِ، لقدْ بَيَّنَ اللهُ لكَ ماذا يُفْعَلُ بِكَ، فماذا يُفْعَلُ بِنا؟ فنَزَلت عليه {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} حَتَّى بَلغَ {فَوْزًا عَظِيمًا}

(1)

[الفتح: 5].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفيه عن مُجمَّعِ بنِ جارية

(2)

(1)

شطره الأول صحيح، وشطره الثاني عن عكرمة مرسل كما بين ذلك شعبة عند البخاري وغيره عن أنس بن مالك {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قال: الحديبية، قال أصحابه: هنيئًا مريئًا، فما لنا؟ فأنزل الله {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} قال شعبة: فقدمت، فحدثت بهذا كلَّه عن قتادة ثم رجعت، فذكرت له، فقال: أما {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} فمِن أنس، وأما هنيئًا مريئًا فمِن عكرمة.

وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (4172) و (4834)، ومسلم (1786)، والنسائي (11502). وهو في "المسند"(12779).

(2)

أخرجه عنه أحمد (15470)، وأبو داود (2736)، وإسناده ضعيف.

ص: 466

3547 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثني سليمانُ بنُ حَرْبٍ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ سَلمَةَ، عن ثابتٍ

عن أنسٍ: أنَّ ثمانينَ هَبَطوا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ من جبلِ التَّنْعِيمِ عند صلاةِ الصُّبحِ، وهم يُرِيدونَ أن يَقْتُلُوه، فأُخِذوا أخذًا، فأعْتَقَهُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأنْزَلَ اللهُ:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} الآية

(1)

[الفتح: 24].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3548 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ قَزَعَةَ البَصْرِىُّ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ حَبِيبٍ، عن شُعْبَةَ، عن ثُوَيْرٍ، عن أبيه، عن الطُّفَيْلِ بنِ أُبيِّ بنِ كَعْبٍ

عن أبيهِ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم:{وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26] قال: "لا إله إلا اللهُ"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه مرفوعًا إلَّا من حديثِ الحسنِ بنِ قَزَعَةَ.

وسألتُ أبا زُرعةَ عن هذا الحديثِ فلم يَعْرِفْه مرفوعًا إلَّا من هذا الوجهِ.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1808)، وأبو داود (2688)، والنسائي في "الكبرى"(11510). وهو في "المسند"(12227).

(2)

إسناده ضعيف لضعف ثوير - وهو ابن أبي فاختة، واسم أبي فاختة: سعيد بن علاقة. وهو في "المسند"(21255).

ص: 467

‌49 - ومن سورة الحُجُرات

3549 -

حدَّثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى، قال: حدَّثنا مُؤمَّلُ بنُ إسماعيلَ، قال: حدَّثنا نافعُ بنُ عمرَ بنِ جَمِيلٍ الجُمَحِيُّ، قال: حدَّثني ابنُ أبي مُلَيْكَةَ، قال:

حدَّثني عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ: أنَّ الأقْرَعَ بنَ حابِسٍ قَدِمَ على النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكرٍ: يا رسولَ اللهِ، اسْتَعْمِله على قَومِه، فقال عمرُ: لا تَسْتَعْمِلْه يا رسولَ اللهِ، فتكلَّما عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حتَّى ارْتَفَعَتْ أصواتُهُما، فقال أبو بكرٍ لعمرَ: ما أرَدْتَ إلّا خِلافي، فقال عمرُ: ما أرَدْتُ خِلافَكَ. قال: فنَزَلْت هذهِ الآيةُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] قال: فكانَ عمرُ بنُ الخطّابِ بعد ذلكَ إذا تَكَلّمَ عند النّبيِّ صلى الله عليه وسلم لم يَسْمَعْ كلامَه حتَّى يَسْتَفْهِمَه. قال: وما ذَكَرَ ابنُ الزُّبَيرِ جَدَّهُ، يعني أبا بكرٍ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، وقد رواه بَعضُهُم عن ابنِ أبي مُلَيكَةَ مرسلًا، ولم يَذكُر فيه: عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ.

3550 -

حدَّثنا أبو عمَّارٍ الحسينُ بنُ حُرَيْثٍ، قال: حدَّثنا الفضلُ بنُ موسى، عن الحسينِ بنِ واقدٍ، عن أبي إسحاقَ

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف مؤمل بن إسماعيل، وأخرجه من طريق آخر البخاري (4367)، والنسائي 8/ 226. وهو في "المسند" (16133)، وانظر تمام تخريجه فيه.

ص: 468

عن البراء بنِ عازبٍ في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] قال: قامَ رجلٌ فقال: يا رسولَ اللهِ إنَّ حَمْدي زَيْنٌ، وإنَّ ذَمِّيَ شَيْنٌ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ذاكَ اللهُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

3551 -

حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ إسحاقَ الجَوهَرِيُّ البَصْرِيُّ، قال: حدَّثنا أبو زيدٍ صاحبُ الهَرويِّ، عن شُعْبَةَ، عن داودَ بن أبي هِنْدٍ، قال: سَمِعْتُ الشَّعْبيَّ يُحَدِّثُ

عن أبي جَبِيرَةَ بنِ الضّحّاكِ، قال: كان الرَّجلُ مِنَّا يكونُ له الاسمانِ والثّلاثةُ، فَيُدْعى ببَعْضها، فعَسَى أن يكْرَه، قال: فنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}

(2)

[الحجرات: 11].

(1)

حديث حسن كما قال المصنف الحسين بن واقد: صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11515)، والطبري في "التفسير" 26/ 121، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 296.

وفي الباب عن الأقرع بن حابس عند أحمد (15991) وسنده منقطع.

(2)

إسناده صحيح إن صحت صحبة أبي جبيرة بن الضحاك، فقد أورده الحافظ في "الإصابة"، وحكى عن أبي أحمد الحاكم أنه قال: قال بعضهم: له صحبة، وقال بعضهم: لا صحبة له، وكذا قال ابن عبد البر، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا أعلم له صحبة، وذكره البخاري في كنى "التاريخ الكبير" ولم يذكر له صحبة، إنما اكتفى بالإشارة إلى أن له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجزم بصحبته المزي والذهبي. =

ص: 469

هذا حديثٌ حسنٌ

(1)

أبو جَبيرَةَ هو: أخو ثابتِ بنِ الضّحاكَ بنِ خَلِيفَةَ أنْصارِيٌّ، وأبو زيدٍ سعيدُ بنُ الرَّبِيعِ صاحِبُ الهَرَوِيِّ بَصْرِيٌّ ثقةٌ.

3552 -

حدَّثنا أبو سَلمَةَ يحيى بنُ خَلَفٍ، قال: حدَّثنا بِشْرُ بنُ المُفَضّلِ، عن داودَ بن أبي هِنْدٍ، عنِ الشَّعْبيِّ، عن أبي جَبيرَةَ بنِ الضّحاكِ نحوهُ

(2)

.

3553 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ عمرَ، عن المُسْتَمِرِّ بنِ الرَّيَّانِ، عن أبي نَضْرَةَ، قال:

قَرَأ أبو سعيدٍ الخُدْرِيُّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 7] قال: هذا نَبيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم يُوحى إليهِ، وخِيَارُ أئمَّتِكُم لو أطاعَهُمْ في كَثِيرٍ من الأمْرِ لَعَنِتُوا، فكيفَ بِكُمُ اليَومَ؟

(3)

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

= وأخرجه أبو داود (4962)، وابن ماجه (3741)، والنسائي في "الكبرى"(11516). وهو في "المسند"(18288)، و"صحيح ابن حبان"(5709).

وقوله: "ولا تنابزوا"، أي: لا يَدْعُ بعضكم بعضًا بسوءِ الألقاب، والنبز مختص بالسوء عرفًا.

(1)

في (س): حسن صحيح، والمثبت من (أ) و (د).

(2)

انظر ما قبله.

تنبيه: جاء في نسخة (س) عقب هذه الرواية: هذا حديث حسن صحيح.

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" للسيوطي 7/ 559.

ص: 470

قال عليُّ ابن المَدِينيِّ: سألتُ يحيى بنَ سعيدٍ القطّانَ عن المُسْتَمِرِّ بنِ الرَّيَّانِ، فقال: ثقةٌ.

3554 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا عبد اللهِ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ دِينارٍ

عن ابنِ عمرَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يومَ فَتْحِ مَكَّةَ، فقال: "يا أيُّها النَّاسُ إنَّ الله قد أذْهَبَ عَنْكُم عُبِّيَّة الجاهِليَّةِ وتعاظُمَها بآبائها، فالنَّاسُ رجلانِ: رجلٌ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ على اللهِ، وفاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ على اللهِ، والنَّاسُ بنو آدَمَ، وخَلَقَ اللهُ آدَمَ من تُرابٍ، قال اللهُ:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}

(1)

[الحجرات: 13].

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ عن ابنِ عمرَ إلَّا من هذا الوجهِ.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن جعفر بن نجيح، لكنه توبع.

وأخرجه عبد بن حميد (795) من طريق موسى بن عبيدة الربذي، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وموسى بن عبيدة ضعيف.

ويشهد له حديث أبي هريرة الآتي عند المصنف برقمي (3955) و (3956). وهو في "المسند"(8736)، وسنده حسن.

قوله: "عبية" بضم عين مهملة، وكسر موحدة مشدودة، وفتح ياء مثناة من تحت مشددة: الكبر والنخوة. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

ص: 471

وعبدُ الله بنُ جعفرٍ يُضَعَّفُ، ضَعَّفَهُ يحيى بن مَعِينٍ وغيرُه، وهو والِدُ عليِّ ابن المَدِينيِّ.

وفي البابِ عن أبي هُريرةَ، وابنِ عبَّاسٍ.

3555 -

حدَّثنا الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ الأعرَجُ البَغداديُّ وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا يونسُ بنُ محمدٍ، عن سَلّامِ بنِ أبي مُطِيعٍ، عن قتادةَ، عن الحسنِ

عن سَمُرَةَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"الحَسَبُ المالُ، والكَرَمُ التَّقْوى"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ لا نعرفُه إلَّا من هذا الوجهِ من حديثِ سلّامِ بنِ أبي مُطِيعٍ.

‌50 - ومن سورة ق

3556 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا يونسُ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا شَيْبانُ، عن قَتادَةَ، قال:

حدَّثنا أنَسُ بنُ مالِكٍ، أنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تَزَالُ جَهَنَّمُ تقُولُ: هل من مَزيدٍ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ العِزَّةِ قَدَمَهُ فتَقُولُ: قَطْ

(1)

حسن لغيره، فإن الحسن لم يصرح بسماعه من سمرة.

وأخرجه ابن ماجه (4219). وهو في "المسند"(20102).

وفي الباب عن بريدة بن الحُصيب عند أحمد (22990)، وعن أبي هريرة عنده أيضًا (8774).

وقوله: "الحَسَب" بفتحتين، أي: الفضل الدُّنيوي المعتَبَر بين الناس، و"الكَرَم" عند الله، لقوله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .

ص: 472

قَطْ وعِزَّتِكَ، ويُزْوى بَعْضُها إلى بَعْضٍ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ

(2)

غريبٌ من هذا الوَجْهِ.

وفيهِ عن أبي هُريرةَ

(3)

.

‌51 - ومن سورة الذّاريات

3557 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيَينةَ، عن سَلّامٍ، عن عاصمِ بنِ أبي النَّجُودِ، عن أبي وائِلٍ

عن رجلٍ من رَبِيعَةَ، قال: قَدِمْتُ المدينة فدَخَلْتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فذَكَرْتُ عندَه وافِدَ عادٍ، فقلتُ: أعوذُ باللهِ أن أكونَ مِثْلَ وافِدِ عادٍ، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"وما وَافِدُ عادٍ"؟ قال: فقلتُ: على

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4848)، ومسلم (2848)، والنسائي في "الكبرى"(7719) و (7725). وهو في "المسند"(12380)، و"صحيح ابن حبان"(268).

قال ابن حبان في "صحيحه" 1/ 502: هذا الخبرُ من الأخبار التي أطلقت بتمثيلِ المُجاورة، وذلك أن يومَ القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي عُصي اللهُ عليها، فلا تزالُ تستزيدُ حتى يضعَ الربُّ جل وعلا موضعًا من الكفار والأمكنةِ في النار، فتمتلئ، فتقول: قط قط، تريد حسْبي حسْبي، لأنّ العرب تطلق في لغتها اسمَ القَدَم على الموضع، قال الله جلّ وعلا {لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} يريد: موضعَ صدق، لا أنّ الله جل وعلا يضعُ قدمه في النار، جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه.

وانظر لزامًا "فتح الباري" 8/ 596.

(2)

لفظة "صحيح" لم ترد في "أ".

(3)

لم ترد في (أ).

ص: 473

الخَبِيرِ سَقَطْتَ، إنَّ عادًا لمَّا أُقْحِطَتْ بَعَثتْ قَيْلًا، فنَزَلَ على بكرِ بنِ مُعاوِيةَ، فسَقَاهُ الخمرَ، وغَنَّتْهُ الجَرادتانِ، ثمَّ خَرَجَ يُرِيدُ جبالَ مَهْرَةَ، فقال: اللَّهُمَّ إني لم آتِكَ لِمرِيضٍ فأداوِيَهُ ولا لأسيرٍ فأفادِيَهُ، فاسْقِ عَبْدَكَ ما كنتَ مُسْقِيَهُ، واسْقِ معه بكرَ بنَ مُعاوِيَةَ، يَشْكُرُ له الخمرَ التي سَقَاهُ، فرُفعَ لهُ سحاباتٌ، فقيلَ له: اخْتَرْ إحداهُنَّ، فاختارَ السَّوداءَ مِنْهُنَّ، فقيل له: خُذْها رَمادًا رِمْدِدًا، لا تَذَر من عادٍ أحدًا، وذُكِرَ أنَّه لم يُرْسَلْ عَلَيهِم من الرِّيحِ إلَّا قَدْرَ هذهِ الحَلقَةِ - يعني حَلقَةَ الخاتَمِ - ثمَّ قَرَأ:{إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} الآية

(1)

[الذاريات: 41، 42].

وقد رَوَى غيرُ واحدٍ هذا الحديثَ عن سَلّامٍ أبي المُنْذِرِ، عن عاصِمِ بن أبي النَّجودِ، عن أبي وائلٍ، عن الحارثِ بن حسَّانَ ويقالُ له: الحارِثُ بن يزيدَ.

3558 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا زيدُ بن حُبابٍ، قال: حدَّثنا سَلّامُ بن سليمانَ النَّحويُّ أبو المُنذِرِ، قال: حَدَّثنا عاصِمُ بن أبي النَّجودِ، عن أبي وائلٍ

عن الحارِث بن يزيدَ البَكْريِّ، قال: قَدِمتُ المدينةَ فدَخَلْتُ المسجدَ فإذا هو غاصٌّ بالناس، وإذا راياتٌ سودٌ تَخْفُقُ، وإذا بلالٌ

(1)

إسناده حسن، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(8607). وهو في "المسند"(15953)، وسمى الصحابي: الحارث بن حسان.

ص: 474

متَقلِّدٌ السيفَ بينَ يَدَي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قلتُ: ما شأنُ النَّاسِ؟ قالوا: يريدُ أن يَبْعَثَ عمرو بن العاصِ وَجْهًا، فذَكَرَ الحديثَ بطولِه نحوًا من حديثِ سفيانَ بن عُيَيْنةَ بمعناه. ويقالُ له: الحارثُ بن حَسَّانَ

(1)

.

‌52 - ومن سورة الطور

3559 -

حدَّثنا أبو هشامٍ الرِّفاعيُّ، قال: حدَّثنا محمَّدُ بنُ فُضَيلٍ، عن رِشْدينَ بن كُرَيْبٍ، عن أبيه

عن ابنِ عبَّاسٍ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إدبارُ النُّجومِ: الرَّكْعتانِ قبلَ الفجرِ، وإدبارُ السُّجودِ: الرَّكعتانِ بعد المغربِ"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه مرفوعًا إلا من هذا الوجه من حديثِ محمد بنِ فُضيل عن رِشْدين بن كُريبٍ.

سألتُ محمَّدَ بنَ إسماعيلَ عن محمَّدٍ ورِشْدينَ ابنَي كُرَيْبٍ أيُّهُما أوْثَقُ؟ قال: مَا أقْرَبهُما، ومحمَّدٌ عِنديَ أرجَحُ.

وسألتُ عبدَ الله بنَ عبدِ الرَّحمنِ عن هذا؟ فقال: ما أقْرَبهُما، ورِشْدينُ بن كُرَيْبٍ أرْجَحُهُما عِندي، والقولُ عِنْدي ما قال أبو

(1)

إسناده حسن، وأخرجه ابن ماجه (2816). وهو في "المسند"(15952) و (15954).

(2)

إسناده ضعيف، أبو هشام الرفاعي - واسمه: محمد بن يزيد بن محمد - ليس بالقوي، ورشدين بن كريب ضعيف.

وأخرجه ابن عدي 3/ 1008 في ترجمة رشدين.

ص: 475

محمَّدٍ، ورِشْدينُ أرجَحُ من محمَّدٍ وأقْدَمُ، وقَد أدْرَكَ رِشْدينُ ابنَ عبَّاسٍ ورآهُ.

‌53 - ومن سورة النجم

3560 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن مالكِ بن مِغْوَلٍ، عن طَلْحَةَ بن مُصَرِّفٍ، عن مُرَّةَ

عن عبد اللهِ بن مسعودٍ، قالَ: لَمَّا بَلَغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سِدْرَةَ المُنْتَهَى، قال: انْتَهَى إليها ما يَعْرُجُ من الأرضِ وما يَنْزِلُ من فَوْقٍ. قال: فأعطاهُ الله عِنْدَها ثلاثًا لم يُعْطِهِنَّ نَبِيًّا كان قَبْلَه: فُرِضَتْ علَيْهِ الصَّلاةُ خَمْسًا، وأُعطيَ خَواتيمَ سورةِ البَقَرةِ، وغُفِرَ لأمَّتِهِ المُقْحِمَاتِ ما لم يُشْرِكوا بالله شيئًا. قال ابنُ مسعودٍ:{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم: 16] قال: السِّدْرَةُ في السَّماءِ السادِسة، قال سفيانُ: فَرَاشٌ من ذَهَبٍ، وأشارَ سفيانُ بيده فأرْعَدَها. وقال غيرُ مالكِ بن مغْوَلٍ: إليها يَنْتَهي عِلْمُ الخَلْقِ لا عِلْمَ لهم بما فوقَ ذلِكَ

(1)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (173)، والنسائي 1/ 223 - 234. وهو في "المسند" (3665).

قوله: "المقحمات" بضم الميم وسكون القاف وكسر الحاء، ومعناه: الذنوب العظائم الكبائر التي تهلك أصحابَها وتوردهم النارَ، وتُقحمهم إياها، والتقحم: الوقوع في المهالك. قال النووي في "شرح مسلم" 3/ 3: ومعنى الكلام: من مات من هذه الأمة غيرَ مشرك بالله غفر له المقحمات، والمراد - والله أعلم - بغفرانها أنه لا يُخلد في النار بخلاف المشركين، وليس المراد أنه لا يعذب أصلًا، فقد =

ص: 476

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3561 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، قال: حدَّثنا عَبَّادُ بن العَوَّامِ، قال: أخبرنا الشَّيْبانيُّ، قالَ:

سألْتُ زِرَّ بن حُبَيشٍ عن قوله عز وجل: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] فقال: أخبرني ابنُ مسعودٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى جبريلَ ولهُ سِتُّ مئَةِ جَناحٍ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

3562 -

حدَّثنا ابنُ أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن مُجالِدٍ، عن الشَّعْبيِّ، قال:

لقِيَ ابنُ عبَّاسٍ كَعبًا بعَرَفةَ، فسألَه عن شيءٍ، فكَبَّرَ حتى جاوَبتْهُ الجبالُ، فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: إنَّا بنو هاشِمٍ، فقال كَعْبٌ: إنَّ اللهَ قَسَمَ رُؤْيَتَهُ وكلامَه بين محمَّدٍ وموسى، فكَلَّمَ موسى مَرَّتَيْنِ، ورآهُ محمَّدٌ مَرَّتَيْنِ.

قال مسروقٌ: فدَخَلْتُ على عائشَةَ، فقلتُ: هل رَأى محمَّدٌ رَبَّه؟ فقالت: لقد تكلَّمْتَ بشيءٍ قَفَّ له شَعْري، قلت: رُوَيْدًا، ثمَّ قَرَأتُ {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] فقالت: أيْنَ

= تقررت نصوص الشرع والإجماع على إثبات عذاب بعض العصاة من الموحدين.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3232)، ومسلم (174)، والنسائي فى "الكبرى"(11542)، وهو في "المسند"(3780)، و"صحيح ابن حبان"(6427).

ص: 477

يُذْهَبُ بِكَ؟ إنَّما هُو جبريلُ، مَن أخْبَرَكَ أنَّ محمَّدًا رأى رَبَّه، أو كَتَم شيئًا ممَّا أُمِرَ به، أو يَعْلَمُ الخَمْسَ التي قالَ اللهُ تَعالى:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان: 34] فقد أعْظَمَ الفِرْيَةَ، ولكنَّه رَأى جِبْريلَ، لم يَرَهُ في صورَتهِ إلَّا مَرَّتَينِ: مَرَّةً عندَ سِدْرَةِ المُنْتَهى، ومَرَّةً في جِيادٍ له سِتُّ مِئَةِ جَناحٍ قد سَدَّ الأُفُقَ

(1)

.

وقد رَوَى داودُ بن أبي هِنْدٍ عن الشَّعْبيِّ، عن مسروقٍ، عن عائشةَ، عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَ هذا الحديثِ، وحديثُ داودَ أقْصَرُ من حديثِ مُجالدٍ.

3563 -

حدَّثنا محمَّدُ بن عمرو بن نَبْهانَ بن صَفْوانَ الثَّقَفيُّ، قال:

(1)

صحيح، فإن مجالدًا - وهو ابن سعيد وإن كان فيه ضعف - قد توبع. وقد سلف تخريجه برقم (3322).

قال الحافظ في "الفتح" 8/ 608: وقد اختلف السلف في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه، فذهبت عائشة وابن مسعود إلى إنكارها، واختلف عن أبي ذر، وذهب جماعة إلى إثباتها، ثم اختلفوا: هل رآه بعينه أو بقلبه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله عنه ابن القيم في "زاد المعاد" 3/ 37: وليس قول ابن عباس: "إنه رآه" مناقضًا لهذا ولا قوله: "رآه بفؤاده"، وقد صح عنه أنه قال: رأيت ربي تبارك وتعالى" ولكن لم يكن هذا في الإسراء، ولكن كان بالمدينة لما احتُبس عنهم في صلاة الصبح، ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه، وعلى هذا بنى الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وقال: نعم رآه حقًا، فإن رؤيا الأنبياء حق ولا بد، ولكن لم يقل أحمد رحمه الله: إنه رآه بعيني رأسه يقظة، ومن حكى ذلك عنه فقد وهم عليه، ولكن قال مرة: رآه، ومرة قال: رآه بفؤاده، فحكيت عنه روايتان، وحكيت عنه الثالثة من تصرف بعض أصحابه أنه رآه بعيني رأسه، وهذه نصوص أحمد موجودة ليس فيها ذلك.

ص: 478

حدَّثنا يحيى بنَ كَثيرٍ العَنْبَريُّ، قال: حدَّثنا سَلْمُ بن جعفرٍ، عن الحَكَم بن أبانٍ، عن عِكْرِمةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: رَأى محمَّدٌ رَبَّه، قلتُ: ألَيسَ الله يقولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103] قال: وَيْحَكَ، ذاكَ إذا تَجَلَّى بنُورِهِ الذي هو نُورُهُ، وقد رأى رَبَّه مَرَّتَيْنِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ.

3564 -

حدَّثنا سعيدُ بن يحيى بن سعيدٍ ألأُمَويُّ، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا محمَّدُ بن عمرٍو، عن أبي سَلَمَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ في قولِ الله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 13، 14]{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10]{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9]. قال ابنُ عبَّاسٍ: قد رآهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

(1)

إسناده حسن، وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(437)، والنسائي في "الكبرى"(11537)، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 198، والطبراني في "الكبير"(11619).

وانظر ما بعده.

(2)

إسناده حسن، وهو في "صحيح ابن حبان"(57).

وقد قال ابن حبان بإثره: معنى قول ابن عباس: قد رأى محمد ربه: أراد به بقلبه في الموضع الذي يصعده أحد من البشر ارتفاعًا في الشرف.

ص: 479

3565 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرزَّاقِ وابنُ أبي رِزْمَةَ وأبو نُعَيمٍ، عن إسرائيلَ، عن سِماكِ بن حرب، عن عِكرِمَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] قال: رآهُ بقَلْبِهِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

3566 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيْلانَ، قال: حدَّثنا وكيعٌ ويزيدُ بن هارونَ، عن يزيدَ بن إبراهيمَ التُّسْتَريِّ، عن قتادةَ، عن عبدِ اللهِ بن شَقيقٍ، قال:

قلتُ لأبي ذَرٍّ: لو أدْرَكْتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم لسألْتُه، فقال: عما كنتَ تسألُه؟ قلتُ: أسْألُه: هل رأى محمَّدٌ رَبَّه؟ فقال: قد سألْتُه فقال: "نورٌ

(2)

، أنَّى أرَاهُ! "

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

(1)

سماك بن حرب روايته عن عكرمة فيها اضطراب، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه مسلم (176)، والنسائي في "الكبرى"(11535). وهو في "المسند"(1956).

(2)

في (أ) و (د) و (ل): نورًا، والمثبت من (س).

(3)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (178)، وهو في "المسند"(21313)، و"صحيح ابن حبان"(58).

وقوله: نور أنى أراه، قال ابن القيم: أي حال بيني وبين رؤيته النور. وقوله في الرواية الأخرى: رأيت نورًا، قال ابن حبان: معناه أنه لم ير ربه، ولكن رأى نورًا علويًا من الأنوار المخلوقة.

ص: 480

3567 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ الله بن موسى وابنُ أبي رِزْمَةَ، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن عبدِ الرَّحمنِ بن يزيدَ

عن عبد الله {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] قالَ: رَأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جبريلَ في حُلَّةٍ من رَفْرَفٍ قد مَلأ ما بين السَّماءِ والأرضِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3568 -

حدَّثنا أحمدُ بن عثمانَ أبو عثمان البصري، قال: حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن زكريا بن إسحاقَ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ

عن ابنِ عبَّاسٍ {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] قالَ: قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"إنْ تَغْفرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمّا

وأىُّ عَبْدٍ لَكَ لا ألَمّا"

(2)

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفُه إلَّا من حديثِ زكريا بن إسحاقَ.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11531) و (11541). وهو في "المسند"(3740).

وقوله: "من رفرف": نوع من فاخر الثياب.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البزار (2262 - كشف الأستار)، والحاكم 2/ 469، والبغوي (4190).

وهذا الرجز لأمية بن أبي الصلت، وقد تمثل به النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وقوله: لا ألما، أي: لم يلم بمعصية.

ص: 481

‌54 - ومن سورة القمر

3569 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا عليُّ بن مُسهِرٍ، عن الأعْمَشِ، عن إبراهيمَ، عن أبى مَعْمَرٍ

عن ابنِ مسعودٍ قال: بَيْنَما نحنُ مع رسولِ اللهِ بمنىً، فانْشَقَّ القمرُ فِلْقَتَيْنِ: فِلْقةٌ من وراءِ الجبلِ، وفِلْقةٌ دونَه، فقال لنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اشْهَدوا"، يَعني {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}

(1)

[القمر: 1].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3570 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عبدُ الرَّزاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادَة

عن أنسٍ، قال: سَألَ أهلُ مكَّةَ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم آيةً، فانْشَقَّ القمرُ بمكَّةَ مَرَّتَينِ، فنَزَلَتْ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} إلى قوله:{سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 1 - 2] يقولُ: ذاهِبٌ

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3636)، ومسلم (2800)، والنسائي في "الكبرى"(11552) و (11553). وهو في "المسند"(3583)، و"صحيح ابن حبان"(6495).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3637)، ومسلم (2802)، والنسائي في "الكبرى"(11554). وهو في "المسند"(12688).

وقوله: مرتين، قال ابن القيم: المرات يراد بها الأفعال تارة والأعيان أخرى، والأول أكثر، ومن الثاني: انشق القمر مرتين، وقد خفي على بعض الناس، فادعى أن انشقاق القمر وقع مرتين، وهذا مما يعلم أهل الحديث والسير أنه غلط، فإنه =

ص: 482

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3571 -

حدَّثنا ابنُ أَبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ، عن أبي مَعْمَرٍ

عن ابنِ مسعودٍ، قال: انْشَقَّ القمرُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال لنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اشْهَدوا"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3572 -

حدَّثنا محمودُ بن غَيلانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، عن شُعْبَةَ، عن الأعمَشِ، عن مُجاهِدٍ

عن ابن عمرَ، قال: انفلَقَ القمرُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اشْهَدوا"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3573 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا محمَّدُ بن كَثيرٍ، قال: حدَّثنا سليمانُ بن كثيرٍ، عن حُصَيْنٍ، عن محمَّدِ بن جُبَيرِ بن مُطعمٍ

= لم يقع إلا مرة واحدة.

وقال ابن كثير في الرواية التي فيها "مرتين" نظر، ولعل قائلها أراد: فرقتين.

قال الحافظ في "الفتح": وهذا الذي لا يتجه غيره جمعًا بين الروايات.

وقوله: يقول: ذاهب، يعني أن المراد بقوله: مستمر: ذاهب مارٌّ لا يبقى.

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه قريبًا برقم (3569).

(2)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (2323).

ص: 483

عن أبيه، قال: انْشَقَّ القمرُ على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى صارَ فِرْقَتَين: على هذا الجَبَلِ، وعلى هذا الجَبَلِ، فقالوا: سَحَرَنا محمدٌ، فقال بَعضُهُم: لَئن كان سَحَرَنا، ما يَسْتطيعُ أن يَسْحَرَ النَّاسَ كُلَّهُم

(1)

.

وقد رَوَى بَعضُهُم هذا الحديثَ عن حُصَيْنٍ، عن جُبَيْرِ بنِ محمدِ بن جُبَيْرِ بنِ مُطْعمٍ، عن أبيه، عن جدِّهِ جُبَيرِ بنِ مُطْعمٍ نحوه.

3574 -

حَدَّثَنا أبو كُرَيْبٍ وأبُو بكْرٍ بُنْدارٌ، قالا: حدَّثَنا وكِيعٌ، عن سُفْيانَ، عن زِيادِ بن إسماعيلَ، عن محمدِ بنِ عَبَّادِ بن جَعْفَرٍ المَخْزُومِيِّ

عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخاصِمُونَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في القَدَر. فَنَزلَتْ {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}

(2)

[القمر: 48، 49].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد بن حميد، فمن رجال مسلم.

حصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1560) وفي سنده أبو جعفر الرازي وهو ضعيف لسوء حفظه، وجبير بن محمد بن جبير مجهول.

وهو في "المسند"(16750)، و"صحيح ابن حبان"(6497).

(2)

إسناده على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد بن إسماعيل، وهو مختلف فيه، وهو في "صحيحه"(2656)، وقد سلف برقم (2296).

ص: 484

‌55 - ومن سورة الرحمن

3575 -

حدَّثنا عبدُ الرحمنِ بنُ واقِدٍ أبو مسلمٍ، قال: حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسْلِمٍ، عن زُهَيْرِ بنِ محمدٍ، عن محمدِ بن المُنكَدِرِ

عن جابرٍ، قال: خَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على أصحابه، فقَرأ عليهم سورةَ الرحمنِ من أوَّلِها إلى آخِرِها فسَكَتُوا، فقال:"لقد قَرَأتُها على الجِنِّ لَيْلَةَ الجِنِّ، فكانوا أحسَنَ مَردُودًا منكُم، كنتُ كُلَّمَا أتَيتُ على قوله: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قالوا: لا بشيءٍ من نِعَمِكَ رَبَّنا نكَذِّبُ، فلَكَ الحمدُ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلَّا من حديثِ الوليدِ بنِ مسلمٍ، عن زُهَيْرِ بنِ محمدٍ.

قال أحمد بنُ حَنْبَلٍ: كأنَّ زُهَيْرَ بنَ محمدٍ الذي وقَعَ بالشّامِ ليس هو الذِي يُرْوَى عنه بالعراقِ، كأنَّهُ رجلٌ آخَرُ قَلَبوا اسمَه، يعني: لِمَا يَرْوُونَ عنه من المناكِيرِ!

وسَمِعْتُ محمدَ بنَ إسماعيلَ البخاريَّ يقولُ: أهلُ الشامِ يَرْوُونَ عن زُهَيْرِ بنِ محمدٍ مناكِيرَ، وأهلُ العراقِ يَرْوُونَ عنه

(1)

حسن لغيره، رواية الشاميين عن زهير بن محمد فيها كلام كما ذكر المصنف عقب الحديث، لكن للحديث شاهد يتحسن به.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 1074، والحاكم 2/ 473، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 232.

وله شاهد من حديث ابن عمر عند البزار (2268 - زوائده)، والطبري 27/ 123 - 124 وسنده حسن.

ص: 485

أحاديثَ مُقارِبةً.

‌56 - ومن سورة الواقعة

3576 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا عبدةُ بنُ سليمانَ وعبدُ الرحيم بنُ سليمانَ، عن محمدِ بنِ عمرٍو، قال: حدَّثنا أبو سَلمَةَ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يقولُ اللهُ: أعدَدْتُ لِعِبادي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ على قلبِ بَشَرٍ، فاقرَؤوا إن شِئْتُمُ:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] وفي الجنَّةِ شَجَرةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّهَا مِئَةَ عامٍ لا يَقْطعُها، واقرَؤوا إن شِئْتُم:{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30] ومَوْضِعُ سوطٍ في الجنَّةِ خَيْرٌ من الدُّنْيا وما فِيها، واقْرَؤُوا إنْ شِئْتُم:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}

(1)

[آل عمران: 185].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3577 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتادَةَ

عن أنسٍ، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: "إنَّ في الجنَّةِ لشَجَرَةً يَسِيرُ

(1)

حديث صحيح. وأخرجه بتمامه النسائي في "الكبرى"(11085).

وسلفت القطعة الأولى عند المصنف برقم (3474)، والثانية برقم (2694)، والثالثة برقم (3260)، وخرجت هناك.

ص: 486

الرَّاكِبُ في ظِلِّها مئةَ عامٍ لا يَقْطَعُها، وإن شئْتُم فاقرؤوا:{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ}

(1)

[الواقعة: 30، 31].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي البابِ عن أبي سعيدٍ.

3578 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا رِشْدِينُ بنُ سَعْدٍ، عن عمرِو بنِ الحَارِثِ، عن دَرَّاجٍ، عن أبي الهَيْثَم

عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِه:{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 34] قال: "ارْتِفاعُها كما بين السَّماءِ والأرضِ، ومَسِيرَةُ ما بَينَهُما خَمْسُ مِئةِ عامٍ"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ

(3)

لا نعرفُه إلا من حديثِ رِشْدينَ.

وقال بعضُ أهلِ العلمِ: معنى هذا الحديث: "وارتفاعُها كما بين السَّماءِ والأرض" قال: ارتفاع الفُرشِ المرفوعةِ في الدرجاتِ، والدرجاتُ ما بين كُلِّ دَرَجَتَين كما بين السماءِ والأرضِ.

3579 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا حسينُ بنُ محمدٍ، قال: حَدَّثَنا إسرائيلُ، عن عبدِ الأعلى، عن أبي عبدِ الرحمنِ

عن عليٍّ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3251). وهو في "المسند"(677).

(2)

إسناده ضعيف، وقد سلف تخريجه برقم (2715).

(3)

المثبت من (س)، وفي (أ) و (د): حسن غريب.

ص: 487

تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82] قال: "شُكْركُمْ، تقولونَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وكذا، وبِنَجْمِ كذا وكذا"

(1)

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفُه مرفوعًا إلا من حديثِ إسرائيلَ، ورواهُ سفيانُ الثَّوْرِيُّ، عن عبدِ الأعلى، عن أبي

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الأعلى، وهو ابن عامر الثعلبي. وهو في "المسند"(677).

وفي الباب عن ابن عباس عند مسلم (73).

قال في "النهاية": النوء: جمع الأنواء وهي ثمان وعشرون منزلة، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها، ومنه قوله تعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} ويسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر، وتطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة، وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر، وينسبونه إليها، فيقولون: مطرنا بنوء كذا، وإنما سمي نوءًا، لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب، ناء الطالع بالمشرق ينوء نوءًا، أي: نهض وطلع.

قال البغوي في "شرح السنة" تعليقًا على حديث زيد بن خالد الجهني: وفيه: "وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب": وهذا التغليظ فيمن يرى ذلك من فعل النجم، فأما من قال: مطرنا بنوء كذا وأراد: سقانا تعالى بفضله في هذا الوقت، فذلك جائز.

قال الشافعي في "الأم" 1/ 254: من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمْطره نوءُ كذا، فذلك كفر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن النوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئًا، ولا يمطر ولا يصنع شيئًا، فأما من قال: مطرنا بنوء كذا على معنى: مطرنا في وقت كذا، فلا يكون كفرًا، وغيره من الكلام أحب إلي منه.

ص: 488

عبد الرحمنِ السُّلَمِيَّ، عن عليٍّ نحوهُ ولم يَرفَعْه.

3580 -

حدَّثنا أبو عمَّارٍ الحسينُ بنُ حُرَيْثٍ الخُزَاعِيُّ المَرْوَزِيُّ، قال: حدَّثنا وكِيعٌ، عن موسى بنِ عُبَيْدَةَ، عن يزيدَ بنِ أبانٍ

عن أنسٍ قالَ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في قَولِه: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} [الواقعة: 35] قال: "إنَّ من المُنْشآتِ اللَّائِي كُنَّ في الدُّنيا عَجائِزَ عُمْشًا رُمْصًا"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه مرفوعًا إلا مِن حديثِ موسى بنِ عُبيْدَةَ. وموسى بنُ عُبيدَةَ ويزيدُ بنُ أبانٍ الرَّقاشِيُّ يُضَعَّفَانِ في الحديثِ.

3581 -

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا مُعاوِيَةُ بنُ هشامٍ، عن شَيْبانَ، عن أبي إسحاقَ، عن عِكْرِمَةَ

عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قال أبو بكرٍ: يا رسولَ اللهِ قد شِبْتَ،

(1)

إسناده ضعيف لضعف موسى بن عبيدة وهو الربذي، ويزيد بن أبان وهو الرقاشي.

وأخرجه هناد في "الزهد"(21)، والطبري 27/ 185 و 186.

وفي الباب عن أم سلمة عند الطبري 23/ 186، والطبراني 23/ (870)، قال صاحب "المجمع" 7/ 119: فيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي.

قوله: "عمشًا" بضم فسكون جمع عمشاء من العَمَش، وهو ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها.

"رمصًا" جمع رمصاء من الرَّمَص - بالتحريك -: وسخ أبيض يجتمع في موق العينين.

ص: 489

قال: "شَيَّبَتْني هُودٌ، والوَاقِعَةُ، والمُرْسَلاتُ، و {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} و {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفُه من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ إلَّا من هذا الوجهِ.

ورَوَى عليُّ بنُ صالحٍ هذا الحديثَ عن أبي إسحاقَ، عن أبي جُحَيْفَةَ نحوَ هذا

(2)

.

وقد رُوِيَ عن أبي إسحاقَ، عن أبي مَيْسَرَةَ شَيءٌ من هذا مرسلًا.

وروى أبو بكر بنُ عيَّاشٍ، عن أبي إسحاقَ، عن عكرمةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَ حديث شَيْبانَ عن أبي إسحاقَ، ولم يذكر فيه: عن ابن عباس.

3582 -

حدَّثنا بذلك هاشمُ بن الوليد الهَرَويُّ، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ عيَّاش.

(1)

حسن، وأخرجه ابن سعد 1/ 435، والحاكم 2/ 343 و 476. وهو في "شرح السنة" للبغوي (4175).

(2)

أخرجه المصنف في "الشمائل"(41)، ومن طريقه البغوي (4176)، وسنده ضعيف.

وفي الباب عن عقبة بن عامر عند الطبراني 17/ (790) قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 37: ورجاله رجال الصحيح.

ص: 490

‌57 - ومن سورة الحديد

3583 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ وغيرُ واحِدٍ المعنى واحدٌ، قالوا: حدَّثنا يونسُ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا شَيبانُ بنُ عبدِ الرحمنِ، عن قَتادَةَ، قال: حَدَّثَ الحسنُ

عن أبي هُريرةَ، قال: بينما نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالسٌ وأصحابُه إذْ أتى عليهمْ سحابٌ، فقال نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هل تَدرونَ ما هذا؟ " قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ. قال: "هذا العنانُ، هذهِ رَوَايا الأرضِ يَسوقُه اللهُ إلى قومٍ لا يَشكُرونَه ولا يَدْعونَه" ثم قال: "هل تَدرونَ ما فوقَكُم"؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ. قال: "فإنَّها الرَّقِيعُ، سَقْفٌ محفوظٌ، وموجٌ مكفوفٌ"، ثم قال:"هل تَدرونَ كم بينكم وبينها؟ " قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ. قال: "بينكُم وبينها خمسُ مِئَةِ سَنَةٍ". ثُمَّ قال: "هل تَدرونَ ما فوقَ ذلِكَ؟ " قالوا: اللهُ ورَسُولُه أعلَمُ. قال: "فإنَّ فوقَ ذلِكَ سَماءَينِ، ما بَينَهُما مَسِيرَةُ خَمسِ مِئَةِ سنة، حتَّى عَدَّ سَبعَ سماواتٍ، ما بينَ كُلِّ سَماءَينِ كما بينَ السَّماءِ والأرضِ" ثمَّ قال: "هل تَدرونَ ما فوقَ ذلِكَ؟ " قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ. قال: "فإنَّ فوقَ ذلِكَ العَرْشَ وبَينَه وبين السَّماءِ بُعْدُ مثلِ ما بينَ السَّماءَينِ". ثم قال: "هل تَدْرونَ ما الذِي تَحتكُمْ"؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ. قال: "فإنَّها الأرضُ". ثمَّ قال: "هل تَدرونَ ما الذي تحتَ ذلكَ؟ " قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال: "فإنَّ تَحْتَها أرضًا أُخْرى، بَيْنهُما مسيرةُ خمسِ مِئَةِ سنةٍ، حتَّى عدَّ سَبْعَ أرَضِينَ، بَينَ كُلِّ أرْضَينِ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِئَةِ سنةٍ". ثم قال: "والذي نفسُ محمدٍ

ص: 491

بِيَدِه لو أنَّكَمْ دَلَّيْتُمْ بِحَبْلٍ إلى الأرضِ السُّفْلَى لهَبَطَ على اللهِ. ثمَّ قَرَأ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}

(1)

[الحديد: 3].

هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجهِ.

ويُروى عن أيُّوبَ ويونسَ بنِ عُبَيدٍ وعليِّ بنِ زيدٍ، قالوا: لم يَسْمَعِ الحَسَنُ من أبي هُريرةَ.

وفَسَّرَ بعضُ أهلِ العلمِ هذا الحديثَ، فقالوا: إنَّما هَبَطَ على عِلمِ اللهِ وقُدْرَتِه وسُلْطانِه. وعِلْمُ اللهِ وقُدْرَتُه وسُلْطانُه في كلِّ مكانٍ، وهو على العرشِ كما وصَفَ في كتابه.

‌58 - ومن سورة المجادلة

3584 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ والحسنُ بن عليٍّ الحُلوانيُّ، المعنى واحدٌ، قالا: حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبرنا محمدُ بن إسحاقَ، عن محمدِ بنِ عمرِو بن عطاءٍ، عن سليمانَ بن يسارٍ

عن سَلمةَ بن صَخْرٍ الأنصاريَّ، قال: كنتُ رجلًا قد أُوتِيتُ من جِماعِ النِّساءِ ما لم يُؤْتَ غَيري، فلمَّا دَخلَ رمضانُ، تظاهَرْتُ من امْرَأتي حتَّى يَنْسلخَ رمضانُ فَرَقًا من أنْ أُصِيبَ مِنها في لَيْلي فأتتابعُ في ذلكَ إلى أنْ يُدْركني النَّهارُ وأنا لا أقْدرُ أنْ أنْزعَ، فَبينما

(1)

إسناده ضعيف، قتادة مدلِّس ولم يصرح بسماعه من الحسن البصرى، والحسن لم يسمع من أبي هريرة. وهو في "المسند"(8828).

قوله: "العنان": السحاب، و"روايا الأرض": الإبل التي تحمل الماء، و"الرقيع" اسم للسماء. "مكفوف": ممنوع من السقوط.

ص: 492

هي تَخْدُمُني ذاتَ ليلةٍ إذْ تكشّفَ لي منها شيءٌ، فوَثَبْتُ عليها، فلمَّا أصْبَحتُ غَدوْتُ على قومي فأخْبرْتُهمْ خَبرِي، فقلْتُ: انْطَلقوا معي إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأُخْبرهُ بأمْري، فقالوا: لا واللهِ لا نفعلُ، نَتخَوَّفُ أنْ يَنْزلَ فينا قرآنٌ أو يقولَ فِينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقالةً يَبْقى علينا عارُها، ولكن اذْهَب أنتَ، فاصْنَعْ ما بَدا لك.

قال: فخرَجْتُ فأتَيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأخْبرْتُه خَبرِي، فقال:"أنت بذاكَ؟ " قلتُ: أنا بذاكَ. قال: "أنت بِذَاك؟ " قلتُ: أنا بذاكَ. قال: "أنت بذاكَ؟ " قلت: أنا بذاكَ، وها أنذا، فَأمْضِ فيَّ حُكْمَ اللهِ، فإنِّي صابرٌ لِذلكَ. قال:"أعتِقْ رقبةً"، قال: فضربتُ صفحةَ عُنُقي بيدِي، فقلتُ: لا والَّذي بَعثكَ بالحَقِّ ما أصْبحتُ أمْلِكُ غَيْرَها. قال: "فَصُمْ شَهْرينِ". قلتُ: يا رسولَ اللهِ وَهَلْ أصابني ما أصابني إلَّا في الصِّيامِ؟ قال: "فأطْعمْ سِتِّينَ مسكينًا". قلتُ: والّذي بَعثكَ بالحَقِّ لقد بِتْنا لَيْلَتنا هذهِ وَحْشى، ما لنا عشاءٌ. قال:"اذهبْ إلى صاحبِ صَدقةِ بَني زُرَيْقٍ، فقلْ له: فَلْيدْفَعْها إليكَ، قال: فَأطْعمْ عنكَ منها وَسْقًا سَتِّينَ مسكينًا، ثمَّ اسْتَعنْ بسَائرِهِ عليكَ وعلى عِيالكَ". قال: فرَجَعتُ إلى قَوْمي، فقلتُ: وَجَدْتُ عِنْدكُمُ الضِّيقَ وسوءَ الرَّأْي، ووَجَدْتُ عند رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم السَّعةَ وَالبرَكةَ، أمَرَ لي بصَدقَتكُمْ، فادْفَعُوها إلَيَّ، فدَفَعُوها إليَّ

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وسلف بأخصر مما هنا برقم (1239)، وانظر "صحيح ابن =

ص: 493

هذا حديثٌ حسنٌ.

قال محمدُ: سليمانُ بن يسارٍ لم يَسْمَعْ عِنْدِي من سَلمةَ بن صَخْرٍ.

قال: ويقالُ: سَلَمةُ بن صَخْرٍ، ويقال: سلمانُ بن صخرٍ.

وفي البابِ عن خَوْلةَ بِنْتِ ثَعْلبةَ.

3585 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا يونسُ، عن شَيبانَ، عن قَتادةَ، قال:

حدَّثنا أنسُ بن مالكٍ، أنَّ يَهُوديًّا أتَى على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ فقال: السَّامُ عليكُم، فردَّ عليه القومُ، فقال نَبيُّ الله صلى الله عليه وسلم:"هل تدرونَ ما قال هذا؟ " قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، سَلّمَ يا نَبيَّ اللهِ. قال:"لا ولكنَّهُ قال كذا وَكَذا، رُدُّوهُ عليَّ"، فَردُّوهُ قال:"قُلتَ: السَّامُ عليكُم؟ " قال: نعم. قال نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عند ذلكَ: "إذا سَلَّمَ عليكُم أحدٌ من أهلِ الكِتابِ، فقولوا: عليكَ"، قال: عليك ما قلت، قال:{وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}

(1)

[المجادلة: 8].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3586 -

حدَّثنا سفيانُ بن وكيعٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن آدَمَ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ الأشْجَعيُّ، عن سفيانَ الثَّوريِّ، عن عثمانَ بن المُغِيرةِ

= حبان" (4279) بتحقيقنا.

(1)

حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه (3697). وهو في "المسند"(12427)، و"صحيح ابن حبان"(503).

ص: 494

الثَّقفيِّ، عن سالمِ بن أبي الجَعدِ، عن عليِّ بن عَلْقمةَ الأَنْمارِيِّ

عن عليِّ بن أبي طالبٍ، قال: لمَّا نَزلَتْ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12]. قال لِي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ما تَرى، دينارٌ؟ " قال: لا يُطيقُونهُ، قال:"فَنصْفُ دِينارٍ؟ "، قلتُ: لا يُطِيقُونهُ. قال: "فَكَمْ؟ " قلتُ: شَعِيرةٌ. قال: "إنَّك لَزَهِيدٌ". قال: فنزَلَتْ {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} الآية [المجادلة: 13]. قال: فَبي خَفّفَ اللهُ عن هذه الأمَّةِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، إنما نعرفه من هذا الوجه.

ومعنى قوله: شعيرة، يعني: وزن شعيرة من ذهب.

‌59 - ومن سورة الحشر

3587 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا اللَّيْثُ، عن نافعٍ

عن ابن عمرَ، قال: حَرَّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَخْلَ بَني النَّضيرِ وقَطعَ، وهي البُوَيْرةُ، فأنزَلَ اللهُ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}

(2)

[الحشر: 5]

(1)

إسناده ضعيف، علي بن علقمة مجهول، تفرد بالرواية عنه سالم بن أبي الجعد، وذكره ابن حبان في "الثقات"، و"المجروحين"، وقال: منكر الحديث، ينفرد عن علي بما لا يشبه حديثه. وقال البخاري: في حديثه نظر.

وهو في "صحيح ابن حبان"(6941) و (6942).

(2)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (1633).

ص: 495

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3588 -

حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ الزَّعْفرَانيُّ، قال: حدَّثنا عفّانُ بن مسلمٍ، قال: حدَّثنا حَفْصُ بن غِياثٍ، قال: حدَّثنا حَبِيبٌ بن أبي عَمْرةَ، عن سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ

عن ابن عبَّاسٍ في قولِ اللهِ عز وجل: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} [الحشر: 5] قال: اللِّينةُ النَّخْلةُ، ولِيُخْزيَ الفاسِقينَ، قال: اسْتَنْزلُوهُمْ من حُصُونِهمْ، قال: وأُمِروا بِقَطْعِ النَّخْلِ، فَحكَّ في صُدُورِهم. فقال المسلمونَ: قد قَطعْنا بعضًا، وَتَركْنا بعضًا، فَلنسْألنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هل لنا فِيما قَطعْنا من أجْرٍ؟ وهل علينا فِيما تَركْنا من وِزْرٍ؟ فأنْزَلَ اللهُ تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} الآية

(1)

[الحشر: 5].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

ورَوَى بعضُهم هذا الحديثَ عن حفصِ بن غِياثٍ، عن حَبيبِ بن أبي عَمرةَ، عن سعيدِ بن جُبَيْرٍ مرسلًا، ولم يَذكُرْ فيهِ: عن ابن عبَّاسٍ.

3589 -

حدَّثنا بذلكَ عبد اللهِ بن عبد الرحمنِ، عن هارُونَ بن مُعاويةَ، عن حَفْصِ بن غِياثٍ.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11574). وهو في "شرح مشكل الآثار"(1111).

ص: 496

سَمعَ مِني محمد بن إسماعيلَ هذا الحديثَ

(1)

.

3590 -

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قَال: حدَّثنا وكيعٌ، عن فُضَيلِ بن غَزْوانَ، عن أبي حازمٍ

عن أبي هُريرةَ: أنَّ رجلًا من الأنصارِ باتَ به ضَيفٌ، فلم يكُنْ عِندهُ إلَّا قُوتُهُ وقُوتُ صِبْيانهِ، فقال لامرأتهِ: نَوِّمي الصِّبيةَ، وأطْفِئي السِّراجَ، وَقَرِّبي لِلضيْفِ ما عِنْدكِ، فنزَلَتْ هذه الآيةُ:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}

(2)

[الحشر: 9].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌60 - ومن سورة الممتحنة

3591 -

حدَّثنا ابن أبي عمرَ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عمرِو بن دينارٍ، عن الحسنِ بن محمدٍ هو ابن الحَنفيَّةِ، عن عُبَيدِ اللهِ بن أبي رَافعٍ، قال:

سَمِعتُ عليَّ بن أبي طالبٍ يقولُ: بَعثَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنا والزُّبَيرَ والمِقدادَ بنَ الأسوَدِ، فقال:"انْطَلقُوا حتَّى تأتُوا رَوْضَةَ خاخٍ، فإنَّ بها ظَعِينةً مَعها كتابٌ، فخُذُوهُ منها فائْتُوني به"، فخرَجْنا تَتَعادَى بِنا خَيْلُنا حتَّى أتَيْنا الرَّوْضةَ، فإذا نحنُ بالظَّعينةِ، فقلنا: أخرجِي الكِتابَ، فقالت: ما مَعِي من كتابٍ، قلنا: لَتُخْرِجِنَّ الكِتاب، أو لَنُلْقِيَنَّ الثِّيابَ، قال: فأخْرَجَتْهُ من عِقاصِها.

(1)

هذه الجملة أثبتناها من (س).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3798)، ومسلم (2054)، والنسائي في "الكبرى"(11582). وهو في "صحيح ابن حبان"(5286).

ص: 497

قال: فَأتَيْنا به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو من حاطبِ بن أبي بَلْتعة إلى ناسٍ من المُشْرِكينَ بمكَّةَ يُخْبرُهُم ببعضِ أمرِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:"ما هذا يا حاطبُ؟ " قال: لا تَعْجَلْ عَليَّ يا رسولَ اللهِ، إنِّي كنتُ امْرءًا مُلْصقًا في قريشٍ ولم أكُن من أنفُسها، وكانَ منْ مَعكَ من المُهاجِرينَ لهم قَراباتٌ يَحْمُونَ بِها أهلِيهم وأموَالَهُم بمكَّةَ، فأحْبَبتُ إذْ فَاتَني ذلكَ من نَسبٍ فيهم أن أتخذَ فِيهم يدًا يَحْمُونَ بها قَرابَتي، وما فَعلتُ ذلكَ كُفرًا وارتدادًا عن دِيني ولا رِضًا بالكُفْرِ، فقال النَبيُّ صلى الله عليه وسلم:"صَدقَ"، فقال عمرُ بن الخطّابِ: دَعْني يا رسولَ اللهِ أضرِبْ عُنقَ هذا المُنافقِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنَّهُ قَد شَهدَ بَدْرًا، فَما يُدْريكَ لَعلَّ اللهَ اطّلعَ على أهلِ بَدرٍ، فقال: اعملُوا ما شِئتُم فقد غَفرْتُ لكُم". قال: وفيه أُنزِلَتْ هذه السُّورَةُ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1] السُّورَةَ. قال عَمْرٌو: قد رَأيتُ ابن أبي رافعٍ وكانَ كاتبًا لِعَليٍّ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفيه عن عمرَ، وجابرِ بن عبد اللهِ.

ورَوَى غيرُ واحدٍ عن سفيانَ بن عُيينةَ هذا الحديثَ نحو هذا، وذَكَرُوا هذا الحَرْفَ، فقالوا: لَتُخْرجِنَّ الكِتابَ، أوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيابَ.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3007)، ومسلم (2494)، وأبو داود (2650) و (2651) والنسائي في "الكبرى"(11585). وهو في "المسند"(600)، و"صحيح ابن حبان"(6499).

ص: 498

وهذا حديثٌ قد رُوِي أيضًا عن أبي عبد الرحمنِ السُّلميّ، عن عَليِّ بن أبي طالبٍ نَحو هذا الحديثِ.

وَذَكر بَعضُهم فيهِ: لَتُخْرِجِنَّ الكِتابَ أوْ لَنُجرَّدَنَّكِ.

3592 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عَبد الرَّزاقِ، عن مَعْمرٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُروةَ

عن عائشةَ، قالت: ما كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْتحنُ إلَّا بالآيةِ الّتِي قال اللهُ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآيةَ

(1)

[الممتحنة: 12].

قال مَعْمرٌ: فأخْبرني ابن طاووسٍ، عن أبيه قال: ما مَسَّتْ يَدُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَ امرأةٍ إلَّا امرَأةً يَملِكُها.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3593 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُمَيْدٍ، قال: حدَّثنا أبو نُعَيمٍ، قال: حدَّثنا يَزِيدُ بن عبد اللهِ الشَّيْبانيُّ، قال: سَمِعتُ شَهرَ بن حَوشَبٍ، قال:

حدَّثَتْنا أُمُّ سَلمةَ الأنْصَاريّةُ، قالت: قالت امرَأةٌ من النِّسْوةِ: ما هذا المَعرُوفُ الّذِي لا يَنبَغي لنا أن نَعصِيَكَ فيه؟ قال: "لا تَنُحْنَ"، قلْتُ: يا رسولَ اللهِ إنَّ بَني فُلانٍ قد أسعَدُوني على عَمِّي ولا بُدَّ لي مِن قَضائهم، فأبَى عَليَّ، فعاتبتهُ مِرارًا، فأذِنَ لي في

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2713)، ومسلم (1866)، وأبو داود (2941)، وابن ماجه (2875)، والنسائي في "الكبرى"(9238). وهو في "المسند"(25198)، و"صحيح ابن حبان"(5580). وعندهم قول طاووس جاء مع الحديث موصولًا من كلام عائشة.

ص: 499

قضائهنَّ، فلم أنُحْ بعدُ في قَضائهنَّ ولا غيرِه حتَّى السَّاعةِ، ولم يَبْقَ من النِّسْوةِ امرأةٌ إلَّا وقد نَاحت غَيرِي

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ

(2)

.

(1)

حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وله شاهد من حديث أم عطية عند مسلم (937) عن أم عطية، قالت: لمَّا نزلت هذه الآيةُ: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا

وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} قالت: كان منه النياحة. قالت: فقلتُ: يا رسول الله إلا آل فلان، فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية، فلا بُدَّ لي من أن أسعدهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إلا آل فلانٍ".

وقد قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 6/ 238 رحمه الله: هذا محمول على الترخيص لأم عطية في آل فلان خاصة كما هو ظاهر، ولا تحل النياحة لغيرها ولا لها في غير آل فلان، كما هو صريح في الحديث، وللشارع أن يخص من العموم ما شاء، فهذا صواب الحكم في هذا الحديث.

وقال العيني في "عمدته" 19/ 232: والصواب أن النياحة حرام مطلقًا، وهو مذهب العلماء، والجواب عن حديث أم عطية الذي هو أحسن الأجوبة وأقربها أن يقال: إن النهي ورد أولًا للتنزيه، ثم لما تمت مبايعة النساء وقع التحريم، فيكون الإذن الذي وقع لأم عطية في الحالة الأولى ثم وقع التحريم. وورد الوعيد الشديد في أحاديث كثيرة.

وذهب بعضهم إلى أن قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا آل فلان"، ليس فيه نص على أنها تساعدهم بالنياحة، فيمكن أن تساعدهم باللقاء والبكاء الذي لا نياحة معه.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم التصريح بالنهي عن الإسعاد من حديث أنس، أخرجه أحمد في "مسنده"(12658).

وأخرج حديث الباب مختصرًا ابن ماجه (1579). وهو في "المسند"(26720).

(2)

لفظة "غريب" لم ترد في (س).

ص: 500

وفيهِ عن أُمِّ عَطيَّةَ.

قال عَبدُ بن حُمَيدٍ: أُمُّ سَلمةَ الأنصَاريّةُ هي: أسماءُ بِنتُ يَزِيدَ بن السَّكَنِ.

3594 -

حدَّثنا سَلمةُ بن شَبِيب، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يوسفَ الفِرْيابيُّ، قال: حدَّثنا قَيس بن الرَّبيع، عن الأغَرِّ بن الصَّبَّاح، عن خَليفةَ بن حُصين، عن أبي نَصْرٍ

عن ابن عبَّاسٍ في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10]، قال: كانت المرأةُ إذا جاءت النبيَّ صلى الله عليه وسلم لتُسْلِم، حَلَّفها بالله: ما خرجتُ من بُغْضِ زوجي، ما خرجتُ إلا حُبًّا لله ولرسولهِ

(1)

.

هذا حديث غريب.

‌61 - ومن سورة الصَّفِّ

3595 -

حدَّثنا عَبد اللهِ بن عبد الرحمنِ، قال: أخبرنا محمدُ بن كَثِيرٍ، عن الأوزاعيِّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلمةَ

(1)

إسناده ضعيف لضعف قيس بن الربيع، ولجهالة أبي نصر، وهو الأسدي.

وأخرجه الطبري 28/ 67، والطبراني (12668)، والبزار (2272 - كشف الأستار).

تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من نسخة (س)، ولم يرد في سائر النسخ، ولا ذكره المزي في "تحفة الأشراف"، وأورده ابن كثير في "تفسيره" وعزاه للطبري والبزار فقط، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 123.

ص: 501

عن عبد اللهِ بن سلامٍ، قال: قَعدْنا نَفَرًا من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فتذَاكَرْنا، فقلنا: لَو نَعلمُ أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ لَعَملناهُ، فأنزَلَ اللهُ تَعالى {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1 - 2] قال عَبد اللهِ بن سلامٍ: فقرأها علينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال أبو سَلمةَ: فقرَأها علينا ابن سلامٍ. قال يحيى: فقرَأها علينا أبو سَلمةَ. قال ابن كَثيرٍ: فقرأهَا علينا الأوزاعيُّ. قال عبد اللهِ: فقرأها علينا ابن كَثِيرٍ

(1)

.

وقد خُولفَ محمدُ بن كثير في إسنادِ هذا الحديث عن الأوزاعيَّ، فروى ابنُ المبارك عن الأوزاعيَّ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن هلالِ بن أبي ميمونَةَ، عن عطاءِ بن يسارٍ، عن عبد الله بن سلامٍ، أو عن أبي سلمةَ، عن عبد الله بن سلام.

وروى الوليدُ بن مسلمٍ هذا الحديث عن الأوزاعيَّ، نحو روايةِ محمدِ بن كثيرٍ.

‌62 - ومن سورة الجمعة

3596 -

حدَّثنا عليُّ بن حُجْرٍ، قال: أخبرنا عبد اللهِ بن جعفرٍ، قال: حدَّثني ثَورُ بن زَيدٍ الدِّيليُّ، عن أبي الغَيثِ

(1)

حديث صحيح، وأخرجه أحمد (23788)، وابن حبان في "صحيحه"(4594).

ص: 502

عن أبي هُريرةَ، قال: كُنَّا عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حين أُنزلَتْ سُورةُ الجُمُعةِ فتلاها، فلمَّا بَلغَ {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] قال له رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، من هؤُلاءِ الذينَ لم يلحقُوا بِنا؟ فلم يُكلِّمْه، قال: وسَلمانُ الفارسي فينا، قال: فوضَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَه على سَلمانَ، فقال:"والذي نَفْسِي بيدِه لو كانَ الإيمانُ بالثُّرَيَّا لتناولهُ رجَالٌ من هؤلاءِ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ، وعبد اللهِ بن جَعفرٍ هو: والدُ عليِّ بن المَدِينيِّ، ضعَّفهُ يحيى بن مَعِينٍ.

وقد رُوِي هذا الحديث عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من غَير هذا الوجهِ.

وأبو الغَيث اسمه: سالم مولى عبد الله بن مُطيع مَدَني، وثور بن زيد مَدَني، وثور بن يزيد شاميٌّ.

3597 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا هُشيمٌ، قال: حدثنا حُصَينٌ، عن أبي سُفيانَ

عن جابرٍ، قال: بَينما النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخطُبُ يومَ الجُمُعةِ قائمًا إذ

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن جعفر. وأخرجه من طريق سليمان بن بلال وعبد العزيز الدراوردي عن ثور بن زيد الدِّيلي بهذا الإسناد البخاري (4897)، ومسلم (2546)، والنسائي في "الكبرى"(8278)(11592). وهو في "المسند"(9406)، و"صحيح ابن حبان"(7308).

وسيأتي برقم (3933)، وانظر ما سلف برقم (3543).

ص: 503

قَدِمَتْ عِيرُ المَدِينةِ، فابتَدَرَها أصحابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى لم يَبْقَ منهُم إلَّا اثنا عَشَرَ رَجُلًا فِيهم أبو بكرٍ وعُمرُ، ونزَلَت هذه الآيةُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}

(1)

[الجمعة: 11].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3598 -

حدَّثنا أحمدُ بن مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا هُشيمٌ، قال: أخبرنا حُصَينٌ، عن سالمِ بن أبي الجَعدِ، عن جابرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بنحوِه

(2)

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌63 - ومن سورة المنافقين

3599 -

حدَّثنا عبدُ بن حُميدٍ، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بن موسى، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ

عن زيدِ بن أرقمَ، قال: كنتُ مع عَمِّي فسَمِعتُ عَبد اللهِ بن أُبيَّ بن سَلُولٍ يقولُ لأصحابهِ: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: 7] و {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8] فذكَرتُ ذلكَ لعَمِّي، فذَكَر ذلكَ عَمِّي للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فدَعاني النبيُّ صلى الله عليه وسلم فحدَّثْتُه، فأرْسلَ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4899)، ومسلم (863)، والنسائي في "الكبرى"(11593). وهو في "المسند"(14356)، و"صحيح ابن حبان"(6876).

قوله: "عير" بكسر العين المهملة: القافلة.

(2)

إسناده صحيح، وانظر ما قبله.

ص: 504

رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى عبْدِ اللهِ بنُ أُبيٍّ وأصحابِهِ، فَحلفُوا ما قالُوا، فكذَّبني رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وصدَّقهُ، فأصابَني شيءٌ لم يُصِبْني قَطُّ مِثلُه، فَجلَستُ في البَيتِ، فقال عَمِّي: ما أرَدتَ إلَّا أنْ كَذَّبَكَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومَقتكَ، فأنزلَ اللهُ تَعالى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] فبَعثَ إليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقرَأها، ثمَّ قال:"إنَّ اللهَ قد صَدَّقكَ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3600 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ موسى، عن إسرائيلَ، عن السُّدِّيِّ، عن أبي سعدٍ الأزْديِّ، قال:

حدَّثنا زَيدُ بنُ أرْقمَ، قال: غَزَونا معَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكانَ مَعنا أُناسٌ من الأعرابِ، فكُنَّا نَبْتدِرُ المَاءَ، وكانَ الأعرَاب يَسبقُونا إلَيهِ، فَسبقَ أعرابيٌّ أصحابَهُ، فَيسبقُ الأعرَابيُّ فَيملأُ الحَوضَ، وَيَجعلُ حَولهُ حِجارةً، وَيَجعلُ النَّطْعَ عَليهِ حتَّى يَجيءَ أصحابهُ. قال: فأتى رَجُلٌ من الأنْصَارِ أعرابيًا فَأرخَى زِمامَ ناقتهِ لِتَشرَبَ، فَأبى أنْ يَدَعَهُ، فانتَزعِ قِباضَ المَاءٍ، فَرفعَ الأعرابيُّ خَشبةً فَضربَ بِها رَأْسَ الأنصاريِّ فشجَّهُ، فأتى عَبدَ اللهِ بنُ أُبيٍّ رَأْسَ المُنافِقينَ فأخْبرهُ وَكانَ من أصحَابهِ، فَغَضِبَ عَبد الله بنُ أُبيٍّ، ثُمَّ قال {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: 7] مِن حولِهِ،

(1)

صحيح، وأخرجه البخاري (4900)، ومسلم (2772)، والنسائي في "الكبرى"(11597) و (11598). وهو في "المسند"(19333).

ص: 505

يَعني الأعرَابَ، وكانُوا يَحضرُونَ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم عِندَ الطَّعامٍ، فقال عَبد اللهِ: إذا انفَضُّوا من عِندِ محمدٍ، فأتُوا محمدًا بالطَّعامِ، فَليَأكلْ هو ومن عِندهُ.

ثُمَّ قال لأصحابهِ: لَئنْ رَجَعتُم إلى المدينةِ لَيُخرِجَنَّ الأعَزُّ مِنها الأذَلَّ

(1)

، قال زَيدٌ: وأنا رِدْفُ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعتُ عَبد اللهِ فَأخبرتُ عَمِّي، فانطلقَ فأخبرَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأرسلَ إلَيهِ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَحلفَ وَجَحدَ، قال: فَصدَّقهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَذَّبني، قال: فَجاءَ عَمِّي إِلَيَّ، فقال: ما أرَدْتَ إلَّا أنْ مَقَتكَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكذّبكَ وَالمُسلمُونَ. قال: فوقَعَ عَليَّ من الهَمِّ ما لم يَقعْ على أحدٍ. قال: فَبينما أنا أسِيرُ مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سَفرٍ قد خَفقْتُ بِرَأْسي من الهَمِّ، إذْ أتاني رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعرَكَ أُذني وضَحكَ في وَجهي، فَما كَانَ يَسُرُّني أنَّ لي بِها الخُلْدَ في الدُّنيا. ثُمَّ إنَّ أبا بكرٍ لَحِقني، فقال: مَا قال لَكَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلتُ: ما قال لِي شَيئًا، إلَّا أنَّهُ عَركَ أُذُنِي، وَضَحِكَ في وَجهِي. فقال: أبشِرْ، ثُمَّ لَحِقني عُمرُ، فَقُلتُ لهُ مِثلَ قَولي لأبي بَكرٍ، فَلمَّا أصبَحنا، قَرأ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُورةَ المُنافِقينَ

(2)

.

(1)

في (أ) و (د): فليخرِج الأعز منكم الأذلَّ.

(2)

إسناده حسن من أجل السُّدِّي، واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن، وأبو سعد الأزدي روى عه جمع، ووثقه ابن حبان، وسلف مختصرًا في الذي قبله بسند صحيح.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5041)، والحاكم 2/ 488 - 489.

ص: 506

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3601 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بَشَارٍ، قال: حَدَّثنا ابن أبي عَدِيٍّ، قال: أخبرنا شُعبةُ، عن الحَكمِ بنُ عُتَيبَةَ، قال: سَمِعتُ محمدَ بنُ كَعبٍ القُرَظيَّ مُنذُ أربَعينَ سَنةً يُحدِّثُ

عن زيدِ بنُ أرْقمَ أنَّ عَبد اللهِ بنُ أُبيٍّ، قال في غَزوةِ تَبُوكَ {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8] قال: فَأتَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلكَ لهُ، فَحلفَ ما قالهُ، فَلامَني قَومي وقالوا: ما أرَدْتَ إلى هذهِ؟ فَأتَيْتُ البَيتَ وَنمتُ كَئِيبًا حَزينًا، فأتاني النبيُّ صلى الله عليه وسلم أو أتَيْتهُ، فقال:"إنَّ الله قد صَدَّقكَ". قال: فَنزَلَتْ هذه الآيةُ {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}

(1)

[المنافقون: 7].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3602 -

حدَّثنا ابن أبي عُمرَ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن عَمْرِو بنُ دِينارٍ

سَمِعَ جابِرَ بنُ عَبد اللهِ يقولُ: كُنَّا في غَزاةٍ قال سُفيانُ: يَروْنَ أنَّها غَزوةُ بَني المُصطَلِقِ، فَكَسعَ رَجُلٌ من المُهاجرينَ رَجُلًا من الأنصارِ، فقال المهاجِريُّ: يا لَلمُهاجِرينَ، وقال الأنصاريُّ: يا للأنصارِ، فَسَمعَ ذلكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:"ما بَالُ دَعوَى الجاهلِيَّةِ؟ " قالوا: رَجُلٌ من المهاجِرينَ كَسعَ رَجُلًا من الأنصارِ، فقال النبي

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما سلف برقم (3599).

ص: 507

صلى الله عليه وسلم: "دَعُوهَا فإنَّها مُنتِنةٌ"، فَسَمِعَ ذلكَ عَبدُ اللهِ بنُ أبيِّ بنُ سَلُولٍ، فقال: أوَقد فَعلُوها؟ واللهِ {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8] فقال عُمرُ: يا رَسولَ اللهِ دَعني أضرِبْ عُنُقَ هذا المُنافقِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُ، لا يتحدَّثُ النَّاسُ أنَّ محمدًا يَقتُلُ أصحابَه".

وقال غَيرُ عَمرٍو: فقال لهُ ابنهُ عَبدُ اللهِ بن عَبد اللهِ: واللهِ لا تَنقلبُ حتَّى تُقِرَّ أَنَّكَ الذَّليلُ ورَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم العَزِيزُ، فَفعلَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3603 -

حَدَّثَنَا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا جَعفرُ بنُ عَونٍ، قال: حدَّثنا أَبو جَنابٍ الكَلبيُّ، عن الضَّحَّاكِ بنُ مُزاحم

عن ابن عَبَّاسٍ، قال: من كَانَ لهُ مَالٌ يُبلِّغُه حَجَّ بَيتِ رَبِّهِ، أو تَجبُ عَليهِ فيهِ زَكاةٌ، فلم يَفعلْ، يَسألِ الرَّجْعةَ عِندَ المَوْتِ، فقال رَجُلٌ: يا ابنَ عَبَّاسٍ اتَّق اللهَ، فإنّما يَسألُ الرَّجعةَ الكُفّارُ؟ فقال: سَأتلُو عَلَيكَ بذلك قُرْآنًا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3519)، ومسلم (2584)، والنسائي في "الكبرى"(11599)، وفي "اليوم والليلة"(977). وهو في "المسند"(14632)، و"صحيح ابن حبان"(5990).

وقوله: دعه لا يتحدث الناسُ. يجوز في "يتحدث" الرفع على الاستئناف، والجزم على أنه جواب الطلب، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين.

ص: 508

مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} إلى قولهِ: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 9 - 11] قال: فما يُوجبُ الزَّكاةَ؟ قال: إذا بَلغَ المالُ مِئَتينِ فصاعدًا. قال: فَما يُوجبُ الحَجَّ؟ قال: الزَّادُ والبَعيرُ

(1)

.

3604 -

حَدَّثَنا عَبدُ بنُ حُميدٍ، قال: حدَّثَنا عبدِ الرَّزَّاقِ، عن الثَّورِيِّ، عن يحيى بنُ أبي حيَّةَ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِنحوهِ

(2)

.

هكذا رَوَى سُفيانُ بنُ عُيينةَ وغَيرُ واحدٍ هذا الحديثَ عن أبي جَنابٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابن عَبَّاسٍ قَولَهُ، ولم يَرفَعُوه، وهذا أصَحُّ من روايةِ عَبد الرَّزَّاقِ. وأَبو جَنابٍ القصَّابُ اسمهُ: يحيى بن أبي حَيَّةَ، ولَيسَ هو بالقويِّ في الحديثِ.

‌64 - ومن سورة التَّغَابُنِ

3605 -

حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يُوسفَ، قال: حدَّثنا إسرائيل، قال: حدَّثَنا سِماكُ بنُ حَرْبٍ، عن عِكرمةَ

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي جناب، والضحاكُ بنُ مُزاحم لم يسمع من ابن عباس.

وأخرجه الطبري في "التفسير" 28/ 118.

وانظر ما بعده.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه عبد بن حميد (693)، والطبراني (12635) و (12636)، وسقط من إسناد الطبراني الأول سفيان الثوري، فليستدرك من هنا.

ص: 509

عن ابن عَبَّاسٍ وسألهُ رجُلٌ عن هذه الآيةِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: 14] قال: هؤلاءِ رجالٌ أسلمُوا من أهلِ مَكَّةَ، وأرَادُوا أن يأتُوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأبى أزواجُهم وأولادُهم أن يَدَعُوهُم أن يأتُوا رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلمَّا أتَوا رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، رَأوا النَّاسَ قد فقِهُوا في الدِّينِ، هَمُّوا أنَّ يُعاقبُوهُمْ، فأنزَلَ اللهُ عز وجل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} الآيةَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌65 - ومن سورة التحريم

3606 -

حدَّثنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عَبد الرَّزاقِ، عن مَعمرٍ، عن الزُّهْريِّ، عن عُبيدِ اللهِ بنُ عَبد اللهِ بنُ أبي ثَورٍ، قال:

سمعتُ ابن عَبَّاسٍ يقولُ: لم أزَلْ حريصًا أن أسألَ عُمرَ عن المَرأتَينِ من أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَينِ قال اللهُ عز وجل {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] حتَّى حَجَّ عُمرُ وَحَججتُ مَعهُ فَصَببتُ عَليهِ من الإدَاوةِ فَتوَضَّأ، فَقُلتُ: يا أميرَ المؤْمِنينَ، مَن المَرأتانِ من أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتانِ قال اللهُ: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ

(1)

رواية سماك بنُ حرب عن عكرمة مضطربة، وباقي رجاله ثقات. وهو في "شرح مشكل الآثار" 6/ 140 و 141.

ص: 510

صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} فقال لِي: واعجَبًا لكَ يا ابنَ عَبَّاسٍ! قال الزُّهريُّ، وَكَرِهَ وَاللهِ ما سَألهُ عَنهُ ولم يكتُمْهُ، فقال: هي عَائشةُ وَحَفصةُ، قال: ثُمَّ أنشأ يُحدِّثُني الحديثَ فقال:

كُنَّا مَعشرَ قُرَيشٍ نَغلِبُ النِّساءَ، فَلمَّا قَدِمنا المَدِينةَ وجَدنا قَومًا تَغلِبُهم نِساؤهُم، فَطفِقَ نِساؤُنا يَتعلَّمنَ من نِسائِهِم، فتغضَّبتُ يومًا على امرَأتي، فإذا هي تُراجِعُني، فأنكرتُ أنْ تُراجِعَني، فقالت: ما تُنكِر من ذلكَ؟ فواللهِ إنَّ أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَيُراجعنهُ وَتهجُرُهُ إحداهُنَّ اليَومَ إلى اللّيلِ. قال: فقُلتُ في نَفسي: قد خَابت من فَعلَتْ ذلكَ مِنهُنَّ وخَسِرَت.

قال: وكانَ مَنزلي بالعوَالي في بَني أُمَيَّةَ، وكان لي جارٌ من الأنصارِ، كُنَّا نَتناوبُ النُّزولَ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: فَينزلُ يَومًا، فَيأْتِيني بخَبرِ الوَحي وغَيرِهِ، وأنزلُ يومًا فآتِيهِ بمِثلِ ذلكَ.

قال: فكُنَّا نُحدَّثُ أنَّ غسَّانَ تُنعِلُ الخَيلَ لِتَغزُوَنا. قال: فجاءَني يَومًا عِشَاءً، فَضربَ عَليَّ البابَ، فخرَجتُ إلَيهِ، فقال: حَدَثَ أمرٌ عَظيمٌ. قُلتُ: أجاءَت غَسَّانُ؟ قال: أعظمُ من ذلكَ، طَلَّقَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِساءَهُ. قال: قُلتُ في نَفسي: قد خَابَتْ حَفصةُ وخَسِرَتْ، قد كُنتُ أظُنُّ هذا كائِنًا.

قال: فَلمَّا صَلّيتُ الصُّبحَ شَددتُ عَليَّ ثِيابي، ثُمَّ انطَلقتُ حتَّى دَخَلتُ على حَفصةَ، فإذا هي تَبكِي، فَقُلتُ: أطَلَّقكُنَّ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا أدرِي، هو ذا مُعتزِلٌ في هذه المَشرُبَةِ قال:

ص: 511

فانطلقتُ فأتَيتُ غُلامًا أسودَ، فَقُلتُ: استأذِن لِعُمرَ، قال: فَدخلَ ثُمَّ خَرجَ إلَيَّ، قال: قد ذَكَرتُكَ لهُ فلم يَقُل شَيئًا. قال: فانطَلقتُ إلى المَسجدِ فإذا حَولَ المِنبرِ نَفرٌ يَبكونَ فجلستُ إلَيهم، ثُمَّ غَلبَني ما أجدُ، فأتَيتُ الغُلامَ فَقُلتُ: استأذِن لعُمرَ، فَدخلَ ثُمَّ خَرجَ إلَيَّ، قال: قد ذَكرتُكَ لهُ فلم يَقُل شَيئًا، قال: فانطلقتُ إلى المَسجدِ أيضًا فَجَلستُ، ثُمَّ غَلَبني ما أجدُ، فأتَيتُ الغُلامَ، فَقُلتُ: استأذِن لِعُمرَ، فَدخلَ ثُمَّ خَرجَ إلَيَّ فقال: ذَكَرتُكَ لهُ فلم يَقل شَيئًا. قال: فَوَلَّيتُ مُنطلقًا، فإذا الغُلامُ يَدعُوني، فقال: ادخُل فقد أُذِنَ لكَ.

قال: فَدخلتُ فإذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ على رَمْلِ حَصيرٍ، فَرأيتُ أثَرهُ في جَنبهِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أطلَّقْتَ نِساءَكَ؟ قال:"لا". قُلتُ: اللهُ أكبرُ، لو رَأيتَنا يا رَسولَ اللهِ وكُنَّا مَعشرَ قُرَيشٍ نَغلِبُ النِّساءَ، فَلمَّا قَدِمنا المَدِينةَ وَجَدنا قَومًا تَغلِبُهم نِساؤُهُم، فَطفقَ نِساؤُونا يتعلَّمنَ من نِسائِهم، فَتغضَّبتُ يَومًا على امرَأتي فإذا هي تُراجِعُني، فأنكرتُ ذلكَ، فقالت: مَا تُنكِرُ؟ فواللهِ إنَّ أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعنهُ وَتَهجُرُه إحداهُنَّ اليَومَ إلى اللَّيلِ، قال: فَقُلتُ لحَفصةَ: أتُراجِعينَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نَعَم، وَتَهجُرُه إحدانا اليَومَ إلى اللَّيلٍ، قال: فَقُلتُ: قد خَابت من فَعلت ذلكَ مِنكُنَّ وخَسِرَتْ، أتأمَنُ إحداكُنَّ أن يَغضبَ اللهُ عَليها لِغَضب رَسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي قد هَلكَتْ؟ فَتبسَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم. قال: فَقُلتُ لِحَفصةَ: لا تُراجِعي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ولا تَسأليهِ شَيئًا وسَلِيني ما بَدَا لكِ، ولا يغرَّنَّكِ أن كَانَت صاحِبتُكِ أوسَمَ مِنكِ وَأحَبَّ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 512

قال: فتبسَّمَ أُخرى.

فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أستأنِسُ؟ قال:"نَعَم". قال: فرفعْتُ رَأْسي فَما رَأيتُ في البَيتِ إلَّا أَهَبَةً ثَلاثةً. قال: فَقُلتُ يا رَسولَ اللهِ، ادعُ اللهَ أن يوسِّعَ على أُمَّتِكَ، فقد وَسَّعَ على فارِسَ والرُّومِ وهُم لا يَعْبُدُونهُ، فاستَوى جَالِسًا، فقال:"أفِي شَكٍّ أنتَ يا ابن الخَطَّابِ؟ أُولئكَ قَومٌ عُجِّلَت لَهُم طيِّباتُهم في الحَياةِ الدُّنيا". قال: وَكانَ أقسمَ أن لا يَدخُلَ على نِسائِهِ شَهرًا، فعاتَبهُ اللهُ في ذلكَ، وَجعلَ لهُ كَفَّارةَ اليَمينِ.

قال الزُّهْرِيُّ: فأخبرني عُروةُ، عن عَائشةَ، قالت: فَلمَّا مَضت تِسعٌ وعِشرونَ دَخلَ عَليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، بَدأ بِي، قال:"يا عائشةُ، إنِّي ذاكرٌ لكِ شَيئًا فَلا تَعجلي حتَّى تَستأمري أبَويك" قالت: ثُمَّ قَرأ هذه الآيةَ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} الآية [الأحزاب: 28]. قالت: عَلِمَ وَاللهِ أنَّ أبَويَّ لم يكُونا يأمُراني بفِرَاقهِ، قالت: فَقُلتُ: أفِي هذا أسْتأمِرُ أبَويَّ؟ فإنِّي أُريدُ الله ورَسولَهُ والدَّارَ الآخرةَ.

قال مَعمرٌ: فَأخبرني أيُّوبُ أنَّ عَائشةَ قالت لهُ: يا رَسولَ اللهِ، لا تُخبِرْ أزوَاجكَ أنِّي اخْتَرتُكَ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنما بَعَثني اللهُ مُبلِّغًا ولم يَبعَثْنِي مُتعنِّتًا"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف مختصرًا بقصة الحصير برقم (2629)، وذكرنا هناك تخريجه.

قوله: "مشربة" الغرفة والعِلِّية. =

ص: 513

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ

(1)

، قد رُوِي من غَيرِ وَجهٍ عن ابن عَباسٍ.

‌66 - ومن سورة ن والقلم

3607 -

حَدَّثَنا يحيى بنُ موسى، قال: حَدَّثَنا أَبو دَاودَ الطّيالِسيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبد الواحدِ بنُ سُلَيمٍ، قال:

قَدِمتُ مَكَّةَ فَلقِيتُ عَطاءَ بنُ أبي رَباحٍ فَقُلتُ له: يا أبا محمدٍ، إنَّ ناسًا عِندنا يَقُولُونَ في القَدَرِ، فقال عَطاءٌ: لَقيتُ الوَليدَ بنُ عُبادةَ بنُ الصَّامتِ فقال: حَدَّثَني أبي قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "إنَّ أَوَّلَ ما خَلَقَ اللهُ القلمَ، فقال لهُ: اكتُبْ، فَجرَى بِما هو كائنٌ إلى الأبدِ". وفي الحديثِ قصَّةٌ

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ

(3)

، وفيهِ عن ابن عَبَّاسٍ.

‌67 - ومن سورة الحاقة

3608 -

حَدَّثَنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حَدَّثنا عَبد الرحمنِ بنُ سَعدٍ، عن عَمرِو بنُ أبي قَيسٍ، عن سِماكِ بنُ حَربٍ، عن عَبد اللهِ بنُ عَمِيرةَ، عن الأحنفِ بن قَيسٍ

= "أستأنس" أي: أزيد في الكلام لزيادة المؤانسة.

(1)

في (س): حسن صحيح، دون لفظة "غريب".

(2)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبدِ الواحد بن سُليم، لكن له طريق آخر عند أحمد (22705) يتقوى به، وقد سلف مطولًا برقم (2294).

(3)

في (س): حسن غريب.

ص: 514

عن العَبَّاسِ بن عَبد المُطَّلبِ، زَعَمَ أنَّهُ كانَ جَالِسًا في البَطحاءِ في عِصَابةٍ ورَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالسٌ فِيهم، إذ مَرَّتْ عَليهم سَحابةٌ فَنظرُوا إلَيها، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ تَدرُون ما اسمُ هذه؟ " قالُوا: نَعَمْ، هذا السَّحابُ، فقال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"والمُزْنُ؟ " قالوا: والمُزْنُ. قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "والعَنانُ؟ " قالوا: والعَنانُ، ثُمَّ قال لَهُم رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هَل تَدْرُونَ كَم بُعدُ ما بَينَ السَّماءِ وَالأرضِ؟ " قالوا: لا، واللهِ ما نَدرِي، قال:"فإنّ بُعدَ ما بَينهُما إِمَّا وَاحدةٌ وإمَّا اثنَتانِ أو ثَلاثٌ وسَبعُونَ سَنةً، والسَّماءُ الَّتي فَوقَها كذلكَ، حتَّى عَدَّدهُنَّ سَبعَ سَماواتٍ كذلكَ"، ثُمَّ قال:"فَوقَ السَّماءِ السَّابعةِ بَحرٌ بَينَ أعلاهُ وأسْفلِهِ كَما بَينَ السَّماءِ إلى السَّماءِ، وفَوقَ ذلك ثمانيةُ أوْعَالٍ بَيْنَ أظْلافِهنَّ وَرُكَبهنَّ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَماءٍ إلى سَماءٍ، ثُمَّ فَوْقَ ظُهورِهنَّ العَرْشُ، بَيْنَ أسْفلهِ وَأعْلاهُ مِثْلُ ما بَيْنَ السماءِ إلى السماءِ، واللهُ فَوْقَ ذلكَ"

(1)

.

قال عَبدُ بنُ حُمَيدٍ: سمعتُ يحيى بنَ مَعِينٍ يَقولُ: ألا يُريدُ عبدِ الرحمنِ بنُ سَعدٍ أنْ يَحُجَّ حتَّى يُسمعَ مِنهُ هذا الحديثُ.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، ورَوى الوَليدُ بنُ أبي ثَورٍ عن سِماكٍ نَحوهُ وَرَفَعهُ، ورَوى شَرِيكٌ عن سِماكٍ بَعضَ هذا الحديثِ ووَقَفهُ

(1)

إسناده ضعيف وفيه انقطاع، عبدِ الله بنُ عميرة مجهول، والأحنف بن قيس لا يعرف له سماع من العباس.

وأخرجه أبو داود (4723) - (4725)، وابن ماجه (193)، وهو في "المسند"(1770).

ص: 515

ولم يَرفَعهُ، وعَبد الرحمنِ هو: ابن عَبد اللهِ بنُ سَعدٍ الرَّازيُّ.

3609 -

حدثنا يحيى بنُ موسى، قال: حَدَّثَنا عَبدُ الرحمنِ بنُ عَبد الله بن سَعْدٍ الرَّازيُّ أنَّ أباهُ أخْبرهُ، يعني أنَّ أباهُ أخبرهُ قال:

رأيتُ رَجلًا بِبُخارَى على بَغلةٍ وعَليهِ عِمامةٌ سَوداءُ، يقولُ: كَسَانِيها رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(1)

.

‌68 - ومن سورة سأل سائل

3610 -

حَدَّثَنا أَبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا رِشدينُ بنُ سَعدٍ، عن عَمرِو بن الحارثِ، عن دَرَّاجٍ أبي السَّمْحِ، عن أبي الهَيْثم

عن أبي سعيدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِه {كَالْمُهُلِ} [المعارج: 8] قال: "كعَكَرِ الزَّيتِ، فإذا قرَّبه إلى وجهِه، سَقَطَتْ فَرْوةُ وجهِه فيه"

(2)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعرِفهُ إلَّا من حديثِ رِشْدينَ.

‌69 - ومن سورة الجن

3611 -

حَدَّثَنا عَبدُ بنُ حُمَيْدٍ، قال: حدَّثَني أَبو الوَلدِ، قال: حدَّثَنا أبو عوانةَ، عن أبي بِشْرٍ، عن سعيدٍ بنُ جُبَيرٍ

(1)

إسناده ضعيف، سعد بن عثمان الرازي جد عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد مجهول، تفرد بالرواية عنه ابنه عبد الله بن سعد، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال الذهبي عنه وعن صحابيَّ الحديث: لا يُدرى من هما.

وأخرجه أبو داود (4038)، والنسائي في "الكبرى"(6938).

(2)

إسناده ضعيف، لضعف رشدين بن سعد وقد سلف تخريجه برقم (2581).

ص: 516

عن ابن عَبَّاسٍ، قال: ما قرأ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على الجِنِّ ولا رَآهُم، انطَلقَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في طائفةٍ من أصحابهِ عامِدينَ إلى سُوقِ عُكاظٍ، وقد حِيلَ بَينَ الشَّياطينِ وَبَينَ خَبرِ السَّماءِ، وَأُرسِلتْ عَليهمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعتِ الشَّياطِينُ إلى قَومِهم، فقالوا: ما لكُم؟ قالُوا: حِيلَ بَيننا وَبَينَ خَبرِ السَّماءِ، وَأُرْسِلتْ عَليْنا الشُّهبُ، فَقالوا: ما حالَ بَيْنَنا وَبَيْنَ خَبرِ السَّماءِ إلَّا مِن حَدثٍ، فاضْرِبُوا مَشارقَ الأرضِ ومَغاربها، فانظُروا ما هذا الَّذِي حَالَ بَينكُم وبَينَ خَبرِ السَّماءِ؟ قال: فانْطلقُوا يَضْربُونَ مَشارقَ الأرضِ وَمَغاربها يَبتغُونَ ما هذا الَّذِي حَالَ بَينهُم وَبَينَ خَبرِ السَّماءِ، فانصرَفَ أُولئكَ النَّفرُ الَّذِينَ تَوجَّهُوا نَحو تِهامةَ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو بِنَخْلةَ عامدًا إلى سُوقِ عُكاظٍ، وهو يُصلِّي بأصحابهِ صلاةَ الفَجرِ، فلمَّا سَمعُوا القرآنَ استَمعُوا لهُ، فقالوا: هذا وَاللهِ الَّذِي حَالَ بَينكُم وَبَينَ خَبرِ السَّماءِ. قال: فهُنالكَ رَجَعُوا إلى قَومِهم، فقالوا: يا قَومَنا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 1 - 2] فأنْزلَ اللهُ تبارك وتعالى على نَبِيِّه {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1] وَإِنَّما أُوحِيَ إلَيهِ قَوْلُ الجِنِّ

(1)

.

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (773)، ومسلم (449)، والنسائي في "الكبرى"(11624) و (11625). وهو في "المسند"(2271)، و"صحيح ابن حبان"(6526).

وقوله: وانما أوحي إليه قول الجن. قال الحافظ في "الفتح" 8/ 675: هذا كلام ابن عباس، كأنه تقرر فيه ما ذهب إليه أولًا أنه صلى الله عليه وسلم لم يجتمع بهم، وإنما =

ص: 517

3612 -

وبهذا الإسنادِ

عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قَولُ الجِنِّ لِقَومِهم {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19] قال: لمَّا رَأوهُ يُصلّي، وأصحابُهُ يُصلُّونَ بصَلاتهِ ويَسجدُونَ بِسُجُودِهِ، قال: تَعجَّبُوا من طَواعِيةِ أصحابهِ لهُ، قالوا: لِقَومِهِم: {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا}

(1)

[الجن: 19].

= أوحى الله إليه بأنهم استمعوا، ومثله قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا

} ولكن لا يلزم من عدم ذكر اجتماعه بهم حين استمعوا أن لا يكون اجتمع بهم بعد ذلك كما تقدم تقريره في الجزء السابع ص 171 عند حديث أبي هريرة (3860).

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه أحمد (2431).

وانظر ما قبله.

وقوله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} قال ابن الجوزي في "زاد المسير" 8/ 383 - 384: وفي معنى الآية ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه إخبار الله تعالى عن الجن يحكي حالهم. والمعنى: أنه لما قام يصلي كاد الجن لازدحامهم عليه يركب بعضهم بعضًا، حرصًا على سماع القرآن، رواه عطية عن ابن عباس.

والثاني: أنه من قول الجن لقومهم لما رجعوا إليهم، فوصفوا لهم طاعة أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وائتمامهم به في الركوع والسجود، فكأنهم قالوا: لما قام يصلي كاد أصحابه يكونون عليه لبدا. وهذا المعنى في رواية ابن جبير عن ابن عباس.

والثالث: أن المعنى: لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة تلبَّدت الإنس والجن، وتظاهروا عليه، ليبطلوا الحق الذي جاء به. قاله الحسن وقتادة وابن زيد. اهـ. =

ص: 518

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3613 -

حَدَّثَنا محمدُ بنُ يحيى، قال: حدَّثَنا محمدُ بنُ يُوسفَ، قال: حدَّثَنا إسرائيلُ، قَال: حدَّثَنا أَبو إسحاقَ، عن سَعيدِ بنُ جُبَيرٍ

عن ابن عَبَّاسٍ، قال: كَانَ الجِنُّ يَصعدُونَ إلى السَّماءِ يَستَمِعُونَ الوَحي، فإذا سَمِعُوا الكَلمةَ زَادُوا فِيها تسْعًا، فأمَّا الكَلمةُ فتكُونُ حَقًّا، وأمَّا ما زادُوا فيكُونُ باطلًا، فَلمَّا بُعثَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مُنعُوا مَقاعِدهُم، فَذكَرُوا ذلكَ لإبليسَ، ولم تكُن النُّجُومُ يرمى بها قَبلَ ذلكَ، فقال لَهُم إبليسُ: ما هذا إلَّا من أمرٍ قد حَدثَ في الأرضِ، فَبعثَ جُنودَهُ، فوجدُوا رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائمًا يُصلِّي بَينَ جَبلينِ أُراهُ قال: بمَكَّةَ، فَلقَوهُ فأخبروهُ، فقال: هذا الحدثُ الَّذِي حَدثَ في الأرضِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌70 - ومن سورة المدثر

3614 -

حَدَّثَنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عَبد الرَّزاق، عن مَعمرٍ، عن الزُّهريِّ، عن أبي سَلمةَ

= قلنا: وهذا اختيار ابن جرير الطبري. قال ابن كثير: وهو الأظهر لقوله بعده: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} أي: قال لهم الرسول لما آذَوه وخالفوه وكذبوه وتظاهروا عليه ليبطلوا ما جاء به من الحق واجتمعوا على عداوته: (إنما أدعو ربي) أي: إنما أعبد ربي وحده لا شريك له، وأستجير به، وأتوكل عليه (ولا أشرك به أحدًا).

(1)

إسناده صحيح، وهو في "المسند"(2482).

ص: 519

عن جابرِ بنُ عبدِ اللهِ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُحدَّثُ عن فَترةِ الوَحي، فقال في حديثهِ: "بَينما أنا أمشي سمعتُ صَوتًا من السَّماءِ فرفَعتُ رَأْسي، فإذا المَلكُ الَّذِي جاءَني بحِراءٍ جَالسٌ على كُرسيٍّ بَينَ السَّماءِ والأرضِ فَجُئِثتُ

(1)

مِنهُ رُعبًا، فَرجَعتُ فَقُلتُ: زَمِّلُوني زَمِّلُوني. فَدثَّرُوني، فأنزلَ اللهُ عز وجل {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ} إلى قولهِ:{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5] قَبلَ أنْ تُفرضَ الصَّلاةُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رَواهُ يحيى بنُ أبي كَثيرٍ، عن أبي سَلَمةَ بنُ عَبد الرحمنِ، أيضًا.

3615 -

حَدَّثَنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا الحَسنُ بنُ موسى، عن ابن لَهِيعةَ، عن دَرَّاجٍ، عن أبي الهَيثمِ

عن أبي سعيدٍ، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"الصَّعُودُ جَبلٌ من نارٍ يتصعَّدُ فيه [الكافرُ] سَبعينَ خَرِيفًا، ثُمَّ يَهوي بهِ كذلكَ أبدًا"

(3)

.

هذا حديثٌ غريبٌ، إنّما نَعرِفهُ مَرفوعًا من حديثِ ابن لَهِيعةَ.

(1)

في (أ) و (د): فجثيت، والمثبت من (س)، يقال: جُئِثَ الرجل جأثًا: إذا فَزِعَ.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4)، ومسلم (161)، والنسائي في "الكبرى"(11631) - (11633). وهو في "المسند"(14287)، و"صحيح ابن حبان"(34) و (35).

(3)

إسناده ضعيف، وقد سلف تخريجه برقم (2756).

ص: 520

وقد رُوِيَ شَيءٌ من هذا عن عَطيَّةَ، عن أبي سعيدٍ مَوقُوفًا.

3616 -

حَدَّثَنا ابن أبي عُمرَ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن مُجالدٍ، عن الشَّعبيِّ

عن جابرِ بن عَبد اللهِ، قال: قال ناسٌ من اليهودِ لأُناسٍ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: هَل يَعلمُ نَبيُّكُم عَددَ خَزَنةِ جَهنَّمَ؟ قالوا: لا نَدرِي حتَّى نَسألَهُ، فَجاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمدُ، غُلِبَ أصحابُكَ اليَومَ. قال:"وبِمَ غُلِبُوا؟ " قال: سَألَهمْ يَهُودُ: هَلْ يَعلمُ نبيُّكُم كَم عَددُ خَزَنةِ جَهنَّمَ؟ قال: "فما قَالوا؟ " قال: قالوا: لا نَدرِي حتَّى نَسألَ نَبِيَّنا. قال: "أفغُلِبَ قَومٌ سُئلُوا عمَّا لا يَعلَمُونَ، فقالوا: لا نَعلمُ حتَّى نَسْألَ نَبِيَّنا! لكنَّهُمْ قد سَألُوا نَبِيَّهُم، فقالوا: {أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً} [النساء: 153]. عَليَّ بأعداءِ اللهِ، إِنِّي سائِلُهُم عن تربةِ الجنَّةِ وهي الدَّرْمكُ"، فلمَّا جاؤُوا قالوا: يا أبا القاسمِ، كمْ عَددُ خَزَنةِ جَهنّمَ؟ قال:"هكذا وهكذا في مَرّةٍ عَشرٌ، وفي مَرَّةٍ تسعٌ"، قالوا: نَعَم، قال لَهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ما تُربةُ الجنَّةِ؟ " قال: فَسكتُوا هُنَيْهةً، ثُمَّ قالوا: خُبْزةٌ يا أبا القاسمِ، فقال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"الخُبزُ من الدَّرْمكِ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف مجالد - وهو ابن سعيد - لكن قصة السؤال عن تربة الجنة لها شاهد من حديث أبي سعيد عند مسلم (2928). وهو في "المسند"(11002).

وأخرج حديث جابر أحمد (14883). =

ص: 521

هذا حديثٌ إنَّما نَعرِفهُ من هذا الوجهِ من حديثِ مُجالدٍ.

3617 -

حَدَّثَنا الحسنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، قال: حَدَّثَنا زَيد بنُ حُبابٍ، قال: أخبرنا سُهَيلُ بنُ عَبد اللهِ القُطَعيُّ وهو أخو حَزْمِ بنُ أبي حزْمٍ القُطعيِّ، عن ثابتٍ

عن أنَسِ بنُ مَالكٍ، عن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال في هذه الآيةِ:{هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] قال: "قال اللهُ عز وجل: أنا أهلٌ أنْ أُتَّقَى، فَمن اتقاني، فلم يَجعَلْ مَعِي إلهًا، فأنا أهلٌ أنْ أغفِرَ لهُ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ

(2)

، وسُهَيلٌ لَيسَ بالقَويِّ في الحديثِ، وقد تَفرَّدَ سُهيلٌ بهذا الحديثِ عن ثابتٍ.

‌71 - ومن سورة القيامة

3618 -

حدَّثنا ابن أبي عُمرَ، قال: حدَّثَنا سُفيانُ، عن موسى بن أبي عائشةَ، عن سَعيدِ بنُ جُبَيرٍ

عن ابن عَبَّاسٍ، قال: كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا نَزلَ عَليهِ القُرآنُ يُحرِّكُ بهِ لِسانَه يُرِيدُ أن يَحفظهُ، فأنزلَ اللهُ تبارك وتعالى:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16] قال: فكانَ يُحرِّكُ به شَفتيهِ،

(1)

إسناده ضعيف لضعف سهيل بن عبد الله القطعي.

وأخرجه ابن ماجه (4299)، وأبو الحسن القطان بإثره، والنسائي في "الكبرى"(11630).

(2)

في (أ) و (د): حسن غريب.

ص: 522

وحرَّكَ سُفيانُ شَفتيهِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

قال عليُّ ابن المديني: قال يحيى بن سعيدٍ القطان: كانَ سُفيانُ الثَّورِيُّ يُحسنُ الثناءَ على موسى بنُ أبي عائشةَ خَيرًا.

3619 -

حدَّثنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدثني شَبابةُ، عن إسرائيلَ، عن ثُويرٍ، قال:

سمعتُ ابن عُمرَ يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أدنَى أهلِ الجنَّةِ مَنزلةً لَمَن يَنظُرُ إلى جِنانهِ وأزواجهِ وخدمهِ وسُرُرهِ مَسيرَةَ ألفِ سَنةٍ، وأكرمُهم على الله مَن يَنظُرُ إلى وَجههِ غُدوةً وعشيَّةً، ثُمَّ قَرأ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}

(2)

[القيامة: 22، 23].

هذا حديثٌ غريبٌ، وقد رَوَى غَيرُ واحدٍ عن إسرائيلَ مثلَ هذا مرفُوعًا.

ورَوَى عَبدُ الملكِ بنُ أبْجرَ، عن ثُوَيْرٍ، عن ابن عُمرَ قَوْلَهُ ولم يرفَعهُ.

ورَوَى الأَشجعيُّ عن سُفيانَ، عن ثُوَيْرٍ، عن مُجاهدٍ، عن ابن

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (5)، ومسلم (448)، والنسائي 2/ 149 - 150. وهو في "المسند" (1910)، و"صحيح ابن حبان" (39).

(2)

إسناده ضعيف، لضعف ثوير، وهو ابن أبي فاختة، وقد سلف تخريجه برقم (2729).

ص: 523

عُمرَ قَولَهُ ولم يرفَعهُ، ولا نَعلمُ أحدًا ذكرَ فيهِ عن مُجاهدٍ غَيرَ الثَّوريِّ.

3620 -

حَدَّثَنا بذلكَ أَبو كُرَيبٍ، قال: حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ الأَشجعيُّ، عن سُفيانَ

(1)

.

ثُويرٌ يُكنى أبا جَهمٍ، وأَبو فاختةَ اسمهُ: سَعيدُ بنُ عِلاقةَ.

‌72 - ومن سورة عبس

3621 -

حدَّثنا سعيدُ بنُ يحيى بنُ سعيدٍ الأُمَويُّ، قال: حدَّثني أبي، قالى: هذا ما عَرَضْنا على هِشامِ بنُ عُرْوةَ، عن أبيهِ

عن عائشةَ، قالت: أُنزلَ {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في ابن أُمِّ مَكتُومٍ الأعمَى، أتَى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجعلَ يَقولُ: يا رَسولَ اللهِ، أرْشِدني، وعِندَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رجُلٌ من عُظَماءِ المُشرِكِينَ، فجعلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعرِضُ عَنهُ، وَيُقبلُ على الآخَرِ، ويقولُ:"أترى بما أقُولُ بأْسًا؟ " فيقولُ: لا، فَفي هذا أُنزلَ

(2)

.

هذا حديثٌ حسن

(3)

غريبٌ.

(1)

هذا الإسناد لم يرد في (أ) و (د)، وهو في (س) و (ل).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه المصنف في "العلل" (401) من هذا الطريق وقال بإثره: سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: يُروى عن هشام بن عُروة عن أبيه مرسلًا. وهو في "صحيح ابن حبان"(535) و"مستدرك الحاكم"(3951) وقوله: هذا ما عرضنا. معناه: هذا ما قرأناه على هشام بن عروة وهو يسمع. انظر "الإلماع" ص 70 - 71.

(3)

لفظة "حسن" أثبتناها من (ل) و"تحفة الأحوذي"، ولم ترد في سائر =

ص: 524

ورَوَى بَعضُهم هذا الحديثَ عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيهِ، قال: أُنزلَ {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في ابن أُمِّ مكْتُومٍ ولم يَذكُر فيهِ عن عائشةَ

(1)

.

3622 -

حدَّثنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ الفَضْلِ، قال: حدَّثنا ثَابتُ بنُ يزِيدَ، عن هِلالِ بنُ خَبَّابٍ، عن عِكرمةَ

عن ابن عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"تُحشَرُونَ حُفاةً عُراةً غُرْلًا"، فقالت امرأةٌ: أيُبصرُ أو يَرى بَعضُنا عَورةَ بَعضٍ؟ قال: "يا فُلانةُ، {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}

(2)

" [عبس: 37].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، قد روِي من غيرِ وَجهٍ عن ابن عَبَّاسٍ.

وفي الباب عن عائشةَ.

‌73 - ومن سورة إذا الشمس كُوِّرت

3623 -

حدَّثنا عَبَّاسُ بنُ عبدِ العظيمِ العَنْبريُّ، قال: حدَّثنا عَبد الرَّزاقِ، قال: أخبرنا عَبد اللهِ بنُ بَحِيرٍ، عن عَبد الرحمنِ وهو ابن يزِيدَ الصَّنْعانيُّ، قال:

سمعتُ ابن عُمرَ يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من سَرَّهُ أن يَنظُرَ

= الأصول، ولا في "تحفة الأشراف".

(1)

أخرجه مالك 1/ 203، وانظر "التمهيد" 22/ 324 - 326.

(2)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (2591).

ص: 525

إلى يَومِ القِيامةِ كأنَّهُ رَأيُ عَينٍ فَليقرأْ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ.

وروى هشامُ بنُ يُوسف وغيرُه هذا الحديثَ بهذا الإسناد، وقالوا:"من سَرَّه أن ينظر إلى يومِ القيامة كأنه رَأْيُ العين، فليقرأ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} " ولم يذكروا فيه: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}

(2)

.

‌74 - ومن سورة ويلٌ للمُطفِّفينَ

3624 -

حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا اللّيثُ، عن ابن عَجلانَ، عن القَعْقاعِ بن حَكِيمٍ، عن أبي صَالحٍ

عن أبي هُريرةَ، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ العَبدَ إذا أخطأ خَطِيئةً نُكِتت في قَلبهِ نُكتةٌ سَوداءُ، فإذا هو نَزعَ واستَغفرَ وتابَ سُقِلَ قَلْبُهُ، وإنْ عادَ زِيدَ فِيها حتَّى تَعْلُو قَلْبَهُ، وهو الرَّانُ الّذِي ذَكرَ اللهُ {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}

(3)

[المطففين: 14].

(1)

إسناده حسن، وقال الحافظ في "الفتح" 8/ 695: حديث جيد، وهو في "المسند"(4806).

(2)

من قوله: هذا حديث غريب، إلى هنا أثبتناه من نسخة (س)، ولم يرد في سائر النسخ الخطية.

(3)

إسناده حسن، وأخرجه ابن ماجه (4244)، والنسائي في "اليوم والليلة"(418)، وهو في "المسند"(7952)، و"صحيح ابن حبان"(930). =

ص: 526

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3625 -

حدَّثنا يحيى بنُ دُرُسْتَ البَصرِيُّ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ زَيدٍ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ، عن ابن عُمرَ

قال حَمَّادٌ: هو عِندنا مَرفُوعٌ، {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] قال: "يقُومُون في الرَّشحِ إلى أنصافِ آذانِهم"

(1)

.

3626 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا عيسى بنُ يُونسَ، عن ابن عَونٍ، عن نافعٍ

عن ابن عُمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] قال: "يقُومُ أحدُهُم في الرَّشحِ إلى أنصافِ أُذُنَيهِ"

(2)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ.

وفيه عن أبي هُريرةَ.

‌75 - ومن سورة إذا السماء انشقت

3627 -

حدَّثنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عَبَيدُ اللهِ بنُ موسى، عن عُثمانَ بنُ الأسوَدِ، عن ابن أبي مُلَيكةَ

عن عائشةَ، قالت: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "من نُوقشَ

= والران كالرَّيْن: شيء يعلو على القلب كالغشاء الرقيق حتى يَسْوَدَّ ويُظلم، يقال: ران على قلبه الذنبُ يرينُ رينًا: إذا غَشَّى على قلبه.

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (2589).

(2)

إسناده صحيح وانظر ما قبله.

ص: 527

الحِسابَ هَلكَ"، قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ اللهَ يقولُ {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} إلى قوله: {يَسِيرًا} [الانشقاق: 7 - 8] قال: "ذلكَ العَرضُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3628 -

حدَّثنا سُوَيدُ بنُ نَصْرٍ، قال: أخبرنا عَبد اللهِ بنُ المُباركِ، عن عُثمانَ بنُ الأسوَدِ، بهذا الإسنادِ نحوهُ.

حدثنا أبو بكر، عن علي ابن المديني: قال يحيى بن سعيد: عثمان الأسود ثقة

(2)

.

3629 -

حدَّثنا محمدُ بنُ أبان وغيرُ واحدٍ، قالوا: حدَّثنا عَبد الوهَّابِ الثَّقَفيُّ، عن أيُّوبَ، عن ابن أبي مُلَيكةَ، عن عائشةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوهُ

(3)

.

3630 -

حدَّثنا محمدُ بنُ عُبَيدٍ الهَمَذانيُّ، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ أبي بَكرٍ، عن همَّامٍ، عن قتادةَ

عن أنسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"من حُوسبَ عُذِّبَ"

(4)

.

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (2595).

(2)

من قوله: "حدثنا سويد بن نصر" إلى هنا، أثبتناه من (س)، ولم يرد في سائر النسخ.

(3)

إسناده صحيح، وانظر الحديثين قبله.

(4)

صحيح من حديث عائشة، وإسناده إلى أنس خطأ كما نقل ابن عدي في "الكامل" 5/ 1828 عن القاصم بن زكريا، قال: هذا الإسناد خطأ، ولا أدري الخطأ من علي بن أبي بكر أو من محمد بن عبيد الهمذاني، وإنما صوابه كما رواه عمرو بن عاصم: عن همام، عن أيوب السختياني، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة =

ص: 528

هذا حديثٌ غريبٌ من حديث قتادةَ عن أنسٍ، لا نَعرفهُ من حديث قتادةَ، عن أنسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا من هذا الوجهِ.

‌76 - ومن سورة البروج

3631 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا رَوحُ بنُ عُبادةَ وعُبيدُ اللهِ بن موسى، عن موسى بنُ عُبيدةَ، عن أيُّوبَ بن خالدٍ، عن عبد اللهِ بن رافعٍ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اليومُ المَوعُودُ يومُ القِيامةِ، واليومُ المَشهُودُ يومُ عَرفةَ، والشَّاهدُ يومُ الجُمُعةِ، وما طَلعَتِ الشَّمسُ ولا غَربَت على يومٍ أفضلَ مِنهُ، فيهِ ساعةٌ لا يُوافِقُها عَبدٌ مُؤمنٌ يدعُو الله بخَيرٍ إلَّا استجابَ اللهُ لهُ، ولا يَستعيذُ من شيءٍ إلَّا أعاذَهُ اللهُ منهُ"

(1)

.

هذا حديثٌ لا نعرفهُ إلَّا من حديث موسى بنُ عُبيدةَ، وموسى

= أن النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره. قلنا: سلف تخريج حديث عائشة برقم (2595).

(1)

إسناده ضعيف كما قال المصنف، لكن صح عن أبي هريرة من قوله كما سيأتي.

وأخرجه الطبري 30/ 128 و 129، والبيهقي 3/ 170 من طرق عن موسى بن عبيدة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (7972)، والحاكم 2/ 519، والبيهقي 3/ 170 من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن عمار الهاشمي، عن أبي هريرة. وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف.

وأخرجه موقوفًا أحمد (7972)، والحاكم 2/ 519، والبيهقي 3/ 170. وإسناده صحيح.

ص: 529

ابن عُبيدةَ يُضعَّفُ في الحديثِ، ضَعَّفهُ يحيى بنُ سَعيدٍ وغيرُه من قِبَلِ حِفظهِ. وقد رَوَى شُعبةُ وسُفيانُ الثَّوريُّ وغيرُ واحدٍ من الأئمةِ عن موسى بنُ عُبيدةَ.

3632 -

حدَّثنا عليُّ بنُ حُجرٍ، قال: حدَّثنا قُرَّانُ بنُ تَمَّامٍ الأسَديُّ، عن موسى بنُ عُبيدةَ، بهذا الإسْنادِ نحوهُ

(1)

.

وموسى بنُ عُبيدةَ الرَّبَذيُّ يُكْنى أبا عَبد العزيزِ، وقد تكلّمَ فيهِ يحيى بنُ سَعيدٍ القَطَّانُ وغيرهُ من قِبلِ حِفظهِ.

3633 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ وعَبدُ بنُ حُمَيدٍ المَعنى واحدٌ قالا: حدَّثنا عَبد الرَّزاقِ، عن مَعمرٍ، عن ثابتٍ البُنانيِّ، عن عَبد الرحمنِ بن أبي لَيلى

عن صُهَيبٍ، قال: كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى العصرَ هَمسَ - والهَمسُ في بَعضِ قَولِهِم: تحرُّكُ شَفتيهِ كأنَّهُ يتكلَّمُ - فَقيلَ لهُ: إنّكَ يا رسولَ اللهِ إذا صَلَّيتَ العَصرَ، هَمستَ؟ قال:"إنَّ نَبيًّا من الأنبِياءِ كانَ أُعجبَ بأُمَّتهِ، فقال: من يقومُ لهؤُلاءِ؟ فأوحَى اللهُ إلَيهِ: أنْ خَيِّرهُمْ بَينَ أن أنتقمَ مِنهُم وَبَينَ أنَّ أُسَلِّطَ عَليهم عدُوَّهُم، فاختارُوا النَّقمةَ، فَسلَّطَ عَليهمُ المَوتَ، فَماتَ مِنهُم في يَومٍ سَبعُونَ ألفًا"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(614)، وفي "الكبرى"(8633). وهو في "المسند"(18933).

ص: 530

قال: وكانَ إذا حَدَّثَ بهذا الحديثِ حَدَّثَ بهذا الحديثِ الآخَرِ:

3634 -

قال: "كانَ مَلِكٌ من المُلُوكِ وكانَ لذلكَ المَلكِ كاهنٌ يَكْهُنُ لهُ، فقال الكاهنُ: انظُرُوا لي غُلامًا فَهِمًا أوْ قال: فَطِنًا لَقِنًا فأُعَلِّمهُ عِلْمي هذا، فإني أخَافُ أنْ أمُوتَ، فَينْقطعَ مِنْكُمْ هذا العلمُ ولا يكُون فيكُمْ من يَعْلَمُهُ. قال: فَنظَرُوا لهُ على مَا وَصَفَ، فأمروهُ أنْ يَحْضُرَ ذلك الكاهنَ، وأنْ يَخْتلِفَ إلَيْهِ، فَجعلَ يَخْتلفُ إلَيْهِ.

وَكَانَ على طَرِيقِ الغُلامِ رَاهبٌ في صَوْمَعةٍ - قال مَعْمرٌ: أحْسبُ أن أصْحابَ الصَّوَامع كانُوا يَوْمئذٍ مُسْلمينَ - قال: فَجعلَ الغُلامُ يَسْألُ ذلكَ الرَّاهبَ كُلَّما مَرَّ بهِ، فلم يَزلْ بهِ حتَّى أخْبرهُ، فقال: إنَّما أعْبدُ اللهَ. قال: فَجعلَ الغُلامُ يَمْكُثُ عِنْدَ الرَّاهبِ ويُبْطئُ عن الكاهنِ، فأرْسلَ الكاهنُ إلى أهْلِ الغُلامِ أنَّهُ لا يكادُ يَحْضُرُني، فَأخْبرَ الغُلامُ الرَّاهبَ بذلكَ، فقال لهُ الرَّاهبُ: إذا قال لَكَ الكاهنُ: أيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْ: عِنْدَ أهْلي، وإذا قال لَكَ أهْلُكَ: أيْنَ كُنْتَ؟ فأخْبرهُمْ أنّك كُنْتَ عِنْدَ الكاهنِ.

قال: فَبيْنما الغُلامُ على ذلكَ إذْ مَرَّ بجماعةٍ من النَّاسِ كَثيرٍ قد حَبَستْهُمْ دابّةٌ، فقال بَعْضُهمْ: إنَّ تلْكَ الدَّابَّةَ كانَتْ أسَدًا. قال: فأخذَ الغُلامُ حَجرًا، فقال: اللهُمَّ إنْ كانَ ما يقولُ الرَّاهبُ حَقًّا فأسْألُكَ أنْ أقْتُلَهُ. قال: ثُمَّ رَمَى فَقتلَ الدَّابَّةَ. فقال النَّاسُ: من

ص: 531

قَتَلها؟ قالوا: الغُلامُ، ففَزعَ النَّاسُ، وقالوا: قد عَلمَ هذا الغُلامُ عِلْمًا لم يَعلمْهُ أحدٌ. قال: فَسمعَ بهِ أعمى، فقال لهُ: إنْ أنتَ رَدَدْتَ بَصَري، فَلكَ كذا وكَذا. قال: لا أُريدُ مِنكَ هذا، ولكن أرَأيتَ إنْ رَجَعَ إلَيكَ بَصرُكَ أتُؤْمنُ بالَّذِي رَدّهُ عَليكَ؟ قال: نَعم. قال: فدعَا اللهَ فرَدَّ عليهِ بَصرَهُ، فآمنَ الأعمَى.

فَبلغَ المَلكَ أمرُهُم، فَبعثَ إلَيهم، فأُتي بِهم، فقال: لأقتُلنَّ كُلَّ واحدٍ منكُم قِتْلةً لا أقتُلُ بها صَاحِبهُ، فأمرَ بالرَّاهبِ والرَّجُلِ الَّذِي كان أعمَى، فوضَعَ المِنْشَارَ على مَفْرِقِ أحَدهما فقتلهُ، وقَتلَ الآخَرَ بقِتلةٍ أُخرى.

ثُمَّ أمَرَ بالغُلامِ، فقال: انطَلقُوا بهِ إلى جَبلِ كَذا وكَذا، فألقُوهُ من رَأْسهِ، فانطلقُوا بهِ إلى ذلكَ الجَبلِ، فلمَّا انتَهوا إلى ذلك المكانِ الَّذي أرَادُوا أنْ يُلْقُوهُ مِنْهُ، جَعلُوا يتهافَتُون من ذلكَ الجَبلِ ويَتردَّوْنَ، حتَّى لم يَبْقَ منهُم إلَّا الغُلامُ.

قال: ثُمَّ رَجعَ، فأمرَ بهِ المَلكُ أنْ ينطلقُوا بهِ إلى البَحرِ، فيُلقُوه فيهِ، فانطُلِقَ بهِ إلى البَحرِ، فَغرَّقَ اللهُ الَّذين كانُوا معهُ وأنجاهُ، فقال الغُلامُ لِلمَلكِ: إنّكَ لا تَقتُلُني حتَّى تَصْلِبَني وتَرْمِيني، وتَقولَ إذا رَمَيْتَني: بسمِ اللهِ ربِّ هذا الغُلامِ. قال: فأمرَ بهِ فَصُلبَ ثُمَّ رَماهُ، فقال: بسمِ اللهِ ربِّ هذا الغُلام. قال: فوضَعَ الغُلامُ يَدهُ على صُدْغهِ حِينَ رُمِي ثُمَّ ماتَ، فقال الناسُ: لقد عَلِمَ هذا الغُلامُ عِلمًا ما عَلمهُ أحدٌ، فإنَّا نُؤمنُ بربِّ الغُلامِ. قال: فقيلَ

ص: 532

للمَلكِ أجَزِعتَ أن خالفكَ ثلاثةٌ، فهذا العَالمُ كُلُّهم قد خالفُوكَ. قال: فخدَّ أُخدُودًا ثمَّ ألقى فيها الحَطبَ والنَّارَ، ثُمَّ جَمعَ النَّاسَ. فقال: من رجعَ عن دينهِ تَركناهُ، ومن لم يَرجع ألقَيناهُ في هذه النَّارِ، فَجعلَ يُلقِيهم في تلكَ الأخدُودِ. قال: يقولُ الله تبارك وتعالى فيهِ: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} [البروج: 4، 5] حتَّى بَلغَ {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8] قال: فأمَّا الغُلامُ فإنَّهُ دُفنَ، قال: فيُذكَرُ أنَّهُ أُخرجَ في زَمنِ عُمرَ بنُ الخَطّابِ وإصبعهُ على صُدْغهِ كما وضَعها حينَ قُتلَ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

‌77 - ومن سورة الغاشية

3635 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا عبد الرحمنِ بنُ مَهدِيٍّ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن أبي الزُّبَيرِ

عن جابرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرتُ أن أُقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقُولُوا: لا إلهَ إلَّا اللهُ، فإذا قالُوها عَصمُوا منِّي دماءَهُم وأموالَهُم إلا بحقِّها وحسابُهُم على اللهِ"، ثمَّ قرأ {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}

(2)

[الغاشية: 21، 22].

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (3005)، والنسائي في "الكبرى"(11661). وهو في "المسند"(33931)، و"صحيح ابن حبان"(873).

(2)

إسناده صحيح، فقد صرح أبو الزبير بسماعه من جابر عند أحمد (14141) وأخرجه مسلم (21)(35)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 79، وابن =

ص: 533

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌78 - ومن سورة الفجر

3636 -

حدَّثنا أبو حَفصٍ عَمرُو بنُ عليٍّ، قال: حدَّثنا عَبد الرحمن بن مَهديٍّ وأبو داودَ، قالا: حدَّثنا همَّامٌ، عن قَتَادةَ، عن عمرانَ بنُ عِصامٍ، عن رجُلٍ من أهل البَصرةِ

عن عمرانَ بن حُصَينٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئلَ عن الشَّفعِ والوَترِ، فقال:"هي الصَّلاةُ بعضُها شَفعٌ، وبعْضُها وَترٌ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعرِفهُ إلَّا من حديث قتادةَ، وقد رواهُ خالدُ بن قَيسٍ أيضًا عن قتادةَ.

‌79 - ومن سورة والشمسِ وضحاها

3637 -

حدَّثنا هارُونُ بنُ إسحاقَ الهَمْدانيُّ، قال: حدَّثنا عَبْدةُ بن سليمان، عن هشامِ بنُ عُروةَ، عن أبيهِ

عن عبد اللهِ بنُ زَمْعةَ، قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يومًا يذكُرُ النَّاقةَ والَّذي عَقرَها، فقال:" {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 12] انبَعثَ لها رجُلٌ عارِمٌ عَزِيزٌ مَنِيعٌ في رهطهِ مثلُ أبي زَمْعةَ"، ثُمَّ سمعتُهُ يذكُرُ النِّساءَ، فقال: "إلامَ يَعْمَدُ أحدُكُم فَيجلدُ امرأتهُ جَلدَ العَبدِ؟!

= ماجه (3928) من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر. وعن أبي صالح، عن أبي هريرة. وهو في "المسند"(14209).

(1)

إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن عمران. وهو في "المسند"(19919).

ص: 534

ولَعلّهُ أنَّ يُضاجِعَها من آخرِ يومهِ". قال: ثمَّ وعظهُم في ضَحِكهِمَ من الضَّرْطةِ، فقال: "إلامَ يضحكُ أحدُكُم ممَّا يفعلُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌80 - ومن سورة والليلِ إذا يغشى

3638 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا عَبد الرحمنِ بنُ مَهديٍّ، قال: حدَّثنا زائدةُ بنُ قُدامةَ، عن مَنصُورِ بنُ المُعتمرِ، عن سَعْدِ بنُ عُبيدةَ، عن أبي عَبد الرحمنِ السُّلَميِّ

عن عليٍّ، قال: كُنَّا في جَنازةٍ في البَقيعِ، فأتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فجلسَ وجلسْنا معهُ، ومعهُ عُودٌ ينكُتُ بهِ في الأرضِ، فرفعَ رَأسهُ إلى السَّماءِ، فقال:"ما من نَفْسٍ مَنْفوسةٍ إلَّا قد كُتِبَ مَدخَلُها"، فقال القومُ: يا رسولَ اللهِ أفَلا نَتَّكلُ على كتابنا، فمن كان من أهلِ السَّعادةِ، فإنه يَعملُ للسَّعادةِ، ومن كان من أهلِ الشَّقاءِ، فإنَّهُ يعملُ للشَّقاءِ؟ قال: "بلِ اعملُوا فكُلٌّ مُيسَّرٌ، أمَّا من كان من أهْلِ السَّعادةِ، فإنَّهُ يُيسَّرُ لعَملِ السَّعادةِ، وأَمَّا من كان من أهلِ الشَّقاءِ، فإنَّهُ يُيُسَّرُ لِعَملِ الشَّقاءِ، ثُمَّ قَرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4942)، ومسلم (2855)، وابن ماجه (1983)، والنسائي في "الكبرى"(11675). وهو في "المسند"(16222)، و"صحيح ابن حبان"(4190)، وبعضهم يختصره.

ص: 535

فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}

(1)

[الليل: 5 - 10].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌81 - ومن سورة والضحى

3639 -

حدَّثنا ابن أبي عُمرَ، قال: حدَّثنا سُفيانُ بنُ عُيينةَ، عن الأسوَدِ بن قَيسٍ

عن جُندُبٍ البَجَليِّ، قال: كُنتُ مع النبيَّ صلى الله عليه وسلم في غَارٍ فدَمِيَتْ إصْبَعُهُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"هَلْ أنْتِ إلا إصبَعٌ دَمِيتِ

وفي سَبيلِ الله ما لَقِيتِ"

قال: وأبطأ عليهِ جبرِيلُ، فقال المُشركُونَ: قد وُدِّعَ محمدٌ، فأنزلَ اللهُ تعالَى:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}

(2)

[الضحى: 3].

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رواهُ شُعبةُ والثَّوريُّ عن الأسوَدِ بن قَيسٍ.

‌82 - ومن سورة ألم نشرح

3640 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ وابن أبي

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف تخريجه برقم (2270).

(2)

إسناده صحيح، أخرج شطره الأول البخاري (2802)، ومسلم (1796)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(559) و (620). وهو في "المسند"(18797)، و"صحيح ابن حبان"(6577).

وأخرج شطره الثاني البخاري (1125)، ومسلم (1797)، والنسائي (11681). وهو في "المسند"(18796)، و"صحيح ابن حبان"(6565).

ص: 536

عَدِيٍّ، عن سعيدِ بنُ أبي عَروبةَ، عن قَتَادةَ، عن أنَسِ بن مالكٍ

عن مالكِ بنُ صَعصَعةَ رجُلٍ من قومهِ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"بَينما أنا عِندَ البَيتِ بَينَ النَّائمِ واليَقظانِ، إذْ سمعتُ قائلًا يقولُ: أحدٌ بينَ الثَّلاثةِ، فأُتِيتُ بطَسْتٍ من ذَهبٍ فيها ماءُ زَمزمَ فشَرحَ الله صَدرِي إلى كذا وكذا - قال قَتادةُ: قُلتُ: ما يَعني؟ - قال: إلى أسفلِ بَطني، قال: فاستُخرجَ قلبي، فغُسلَ قلبي بماءِ زَمزمَ، ثمَّ أُعِيدَ مكانَهُ، ثُمَّ حُشيَ إيمانًا وحكمةً" وفي الحديثِ قِصَّةٌ طويلةٌ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ

(2)

صحيحٌ.

وقد رواهُ هِشام الدَّسْتُوائيُّ وهمَّامٌ، عن قَتادةَ.

وفيهِ عن أبي ذَرٍّ

(3)

.

‌83 - ومن سورة والتين

3641 -

حدَّثنا ابن أبي عُمرَ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن إسماعيلَ بن أُميَّةَ، قال: سمعتُ رجُلًا بَدويًّا أعرابيًّا، يقولُ:

سمِعتُ أبا هُريرةَ يرويهِ يقولُ: من قَرأ سُورةَ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3207)، ومسلم (164)، والنسائي 1/ 217 - 221. وهو في "المسند" (17833)، وعندهم الحديث مطول.

(2)

لفظة "حسن" أثبتناها من (س).

(3)

من قوله: "وقد رواه هشام" إلى هنا أثبتناه من (س) أيضًا.

ص: 537

فَقَرأ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] فَليقُل: بَلى، وأنا على ذلكَ من الشَّاهدِينَ

(1)

.

هذا حديثٌ إنّما يُروَى بهذا الإسنادِ عن هذا الأعرابيِّ، عن أبي هُريرةَ ولا يُسمَّى.

‌84 - ومن سورة اقرأ باسم ربك

3642 -

حدَّثنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: أخبرنا عَبد الرَّزاقِ، عن مَعمرٍ، عن عَبد الكريمِ الجَزَرِيِّ، عن عِكرمةَ

عن ابن عَبَّاس {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: 18] قال: قال أبو جهلٍ: لَئن رَأيتُ محمدًا يُصلِّي، لأطأنَّ على عُنقهِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لو فَعلَ لأخَذَتهُ الملائكةُ عِيانًا"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

3643 -

حدَّثنا عبدِ الله بنُ سَعيدٍ الأشَجُّ، قال: حدَّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن داودَ بنُ أبي هِنْدٍ، عن عِكْرمةَ

عن ابن عَبَّاسٍ، قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي، فجاءَ أَبو جَهلٍ فقال: ألم أنْهكَ عن هذا؟ ألم أنهكَ عن هذا؟ فانصرفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة.

وأخرجه أبو داود (887). وهو في "المسند"(7391).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4958)، والنسائي في "الكبرى"(11061). وهو في "المسند"(2225).

ص: 538

فَزَبَرهُ، فقال أبو جَهلٍ: إنَّكَ لَتَعلمُ ما بِها نَادٍ أكثرَ منِّي، فأنزلَ اللهُ {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: 17، 18] فقال ابنُ عَبَّاسٍ: واللهِ لو دَعَا ناديَهُ، لأخَذَتْهُ زبانِيةُ اللهِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

وفيهِ عن أبي هُريرةَ.

‌85 - ومن سُورةِ ليلة القَدْرِ

3644 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا أَبو داودَ الطيالسِيُّ، قال: حدَّثنا القاسمُ بنُ الفَضْلِ الحُدَّانيُّ، عن يُوسفَ بنُ سَعدٍ، قال:

قام رجُلٌ إلى الحَسنِ بنُ عليٍّ بَعدَما بايعَ معاويةَ، فقال: سوَّدتَ وجُوهَ المُؤمِنينَ، أو يا مُسوِّدَ وُجُوهِ المُؤمنينَ. فقال: لا تُؤَنِّبني رَحِمكَ اللهُ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُرِي بَني أُمَيَّةَ على مِنبرهِ، فَساءهُ ذلكَ، فنزَلَت {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} يا محمدُ، يَعني نَهرًا في الجَنَّةِ، ونزلَتْ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1 - 3] يَملكُها بَعدكَ بنُو أُميَّةَ يا محمدُ.

قال القاسمُ: فَعدَدنا، فإذا هي ألفُ شَهرٍ لا تَزِيدُ يومًا ولا تَنقُصُ

(2)

(1)

إسناده قوي، وانظر ما قبله.

(2)

حديث منكر، يوسف بن سعد اختلف على القاسم بن الفضل الحُدَّاني في =

ص: 539

هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفهُ إلا من هذا الوَجْهِ من حديثِ القَاسمِ بنُ الفَضْلِ.

وقد قيلَ: عن القاسمِ بنُ الفَضْلِ، عن يُوسفَ بنُ مازنٍ.

والقاسمُ بنُ الفَضلِ الحُدَّانيُّ: هو ثقةٌ، وثَّقهُ يحيى بنُ سعيدٍ وعَبد الرحمنِ بنُ مَهدِيٍّ. ويُوسفُ بنُ سَعدٍ رَجُلٌ مجهُولٌ، ولا نعرفُ هذا الحديثَ على هذا اللَّفظ إلا من هذا الوجهِ.

3645 -

حدَّثنا ابن أبي عُمرَ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن عَبدةَ بن أبي

= تعيينه، فقيل: يوسف بن سعد، وقيل: يوسف بنُ مازن الرَّاسبي، وقيل: عيسى بن مازن، ويوسف بن سعد هذا روى عنه جمع، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن معين وابن حبان، وقال المصنِّف: هو رجل مجهول. ويوسف بن مازن الرَّاسبي لم يرو عنه غير اثنين، وقال ابن معين: مشهور. كذا فَرَّقَ بينهما البخاري وابن أبي حاتم، ومال إليه الحافظ ابن حجر، وعَدَّهما الحافظ المِزِّي واحدًا، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 8/ 463 بعد أن ساق الاختلاف المذكور فيه: وهذا يقتضي اضطرابًا في هذا الحديث، ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جدًا، قال شيخنا الإمام الحافظ أبو الحجَّاج المزي: هو حديث منكر. ثم ذكر ابن كثير وجوهًا أخرى في تعليل الحديث من حيث متنه.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 30/ 250، والطبراني في "المعجم الكبير"(2754)، والحاكم 3/ 170 - 171 و 175، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 509 - 510، والمزي في "تهذيب الكمال" 32/ 428 من طريق عن القاسم بن الفضل الحُدَّاني، بهذا الإسناد. ووقع في روايتهم جميعًا إلا الطبري:"يوسف بن مازن الراسبي" بدل: "يوسف بن سعد"، ووقع في رواية الطبري:"عيسى بن مازن".

وقد روي الحديث بنحوه من غير هذا الوجه عن الحسن بن علي، وأضربنا عن ذكره لشدة ضعفه ونكارته.

ص: 540

لُبابةَ وعاصمٍ - هو ابن بَهْدلةَ -، سمعا زِرَّ بنُ حُبَيشٍ يقولُ:

قُلتُ لأُبيِّ بنُ كَعبٍ: إنَّ أخاكَ عَبد اللهِ بنُ مَسعُودٍ يقولُ: من يَقُمِ الحَولَ، يُصِب لَيلةَ القَدرِ. فقال: يغفِرُ اللهُ لأبي عَبد الرحمنِ، لقد عَلِمَ أنَّها في العشْرَةِ الأواخرِ من رمَضانَ، وأنَّها لَيلةُ سَبْعٍ وعِشرينَ، ولكنَّهُ أرادَ أن لا يتَّكلَ النَّاسُ. ثُمَّ لا يَستثْني أنها لَيلةُ سَبعٍ وعِشرينَ، قال: قُلتُ لهُ: بأيِّ شَيءٍ تقولُ ذلكَ يا أبا المُنذرِ؟ قال: بالآيةِ التي أخبرنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أو بالعلامةِ -: أنَّ الشَّمسَ تَطلُعُ يَومَئذٍ لا شُعاعَ لها

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌86 - ومن سورة لم يَكُن

3646 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثَنَا عَبد الرحمنِ بنُ مَهدِيٍّ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن المُختارِ بنُ فُلْفُلٍ، قال:

سمعتُ أنَسَ بنُ مالكٍ، يقولُ: قال رجُلٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا خَيرَ البَرِيَّةِ. قال: "ذاكَ إبراهيمُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (804)، وخُرِّجَ هناك.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2369)، وأبو داود (4672)، والنسائي في "الكبرى"(11692). وهو في "المسند"(12826).

ص: 541

‌87 - ومن سورة إذا زُلزِلَتِ الأرضُ

3647 -

حدَّثنا سُوَيدُ بنُ نَصْرٍ، قال: أخبرنا عَبد اللهِ بنُ المباركِ، قال: حدثنا سَعيدُ بنُ أبي أَيُّوبَ، عن يحيى بن أبي سُليمانَ، عن سَعيدٍ المَقبُريِّ

عن أبي هُريرةَ، قال: قرأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيةَ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4] قال: "أتَدرُونَ ما أخبارُها؟ " قالوا: اللهُ ورسولهُ أعلمُ. قال: "فإنَّ أخبارَها: أنْ تَشهدَ على كُلِّ عَبدٍ أو أَمَةٍ بما عَمِلَ على ظَهرها، تقولُ: عَمِلَ يَومَ كَذا كَذا وكَذا، فهذه أخبارُها"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ

(2)

.

‌88 - ومن سورة: ألْهاكُم التَّكاثُرُ

3648 -

حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ، قال: حدَّثنا وَهْبُ بنُ جَريرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن قتادةَ، عن مُطرِّفِ بنُ عَبد اللهِ بن الشِّخَّيرِ

عن أبيهِ: أنَّهُ انتهى إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يقرأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} ، قال: "يقولُ ابنُ آدَمَ: مَالي مَالي، وهَلْ لَكَ من مالكَ إلَّا ما تَصدَّقتَ فأمضَيتَ، أو أكَلتَ فأفنَيتَ، أو لَبِستَ

(1)

إسناده ضعيف لضعف يحيى بن أبي سليمان،، وقد سلف تخريجه برقم (2598).

(2)

قوله: "غريب" لم يرد في المطبوع وبعض نسخنا الخطية، وأثبتناه من بقية النسخ و"تحفة الأشراف" 9/ 501 ولفظ الرواية التي سلفت في الأصول: هذا حديث حسن غريب، وليس فيها صحيح.

ص: 542

فأبلَيتَ؟ "

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3649 -

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: حدَّثنا حكَّامُ بنُ سَلْمٍ

(2)

الرَّازيُّ، عن عَمرِو بنُ أبي قَيسٍ، عن الحَجَّاجِ، عن المِنهالِ بنُ عَمرٍو، عن زِرِّ بن حُبيشٍ

عن عليٍّ، قال: ما زِلْنا نَشُكُّ في عذابِ القَبرِ حتَّى نَزلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}

(3)

.

قال أَبو كُرَيبٍ مرَّةً: عن عَمْرِو بنُ أبي قَيسٍ

(4)

، عن ابن أبي لَيلى، عن المِنهالِ.

هذا حديثٌ غريبٌ.

3650 -

حدَّثنا ابن أبي عُمرَ، قال: حدَّثنا سُفيانُ بنُ عُيينةَ، عن محمدِ

(1)

إسناده صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (2496)، وخُرَّجَ هناك.

(2)

تحرف في المطبوع إلى: "أسلم".

(3)

إسناده ضعيف، الحجاج - وهو بنُ أرطاة - مدلِّس وقد عنعنه.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 30/ 284، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 8/ 494 من طريق الحجاج بن أرطاة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري 30/ 284 من طريق أبن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، به. ولفظه: نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} في عذاب القبر. وابن أبي ليلى - واسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى - سيء الحفظ.

(4)

وقع في المطبوع بعد هذا: "هو رازي، وعمرو بن قيس المُلائي كوفي"، وهو كذلك في (ل)، ولم يرد في سائر نسخنا الخطية.

ص: 543

ابن عَمْرِو بنُ عَلقمةَ، عن يحيى بنُ عَبد الرحمنِ بنُ حَاطبٍ، عن عَبد اللهِ بن الزُّبَيْرِ بن العَوَّامِ

عن أبيهِ، قال: لمَّا نزلَتْ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] قال الزُّبَيرُ: يا رسولَ اللهِ، وأيُّ النَّعِيمِ نُسألُ عَنْهُ، وإنَّما هُما الأسودَانِ التَّمْرُ والمَاءُ؟ قال:"أما إنَّهُ سيكُونُ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ.

3651 -

حدَّثنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ يُونسَ، عن أبي بَكرِ بنُ عيَّاشٍ، عن محمدِ بنُ عَمرٍو، عن أبي سَلَمةَ

عن أبي هُريرةَ، قال: لمَّا نزلَتْ هذه الآيةُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8]، قال النَّاسُ: يا رسولَ اللهِ، عن أيِّ النَّعيمِ نُسأَلُ، وإنَّما هُما الأسوَدانِ، والعَدُوُّ حاضرٌ، وسُيوفُنا على عَواتِقنا؟ قال:"إنَّ ذلكَ سيكُونُ"

(2)

.

(1)

حديث حسن على اختلاف في إسناده على محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد (1405)، وابن ماجه (4158) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (23640) عن يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، عن صفوان بن سُليم، عن محمود بنُ لَبِيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وتمام تخريجه من هذا الطريق في "المسند".

وانظر الحديث الآتي.

(2)

حديث حسن كسابقه.

ص: 544

وحديثُ ابن عُيينةَ عن محمدِ بنُ عَمرٍو عِندي أصَحُّ من هذا، سُفيانُ بنُ عُيينةَ أحفظُ وَأصَحُّ حديثًا من أبي بَكرِ بنُ عَيَّاشٍ.

3652 -

حدَّثنا عَبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا شَبابةُ، عن عَبد اللهِ بن العَلاءِ، عن الضَّحَّاكِ بنُ عَبد الرحمنِ بنُ عَرْزَمٍ الأشعَريِّ، قال:

سمعتُ أبا هُريرةَ، يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أوَّلَ ما يُسألُ عَنهُ يَومَ القيامةِ - يعني العَبدَ - من النَّعيمِ: أن يُقالَ لهُ: ألم نُصِحَّ لكَ جسمكَ، ونُروِيَكَ من الماءِ الباردِ؟ "

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ.

وَالضَّحَّاكُ: هو ابن عَبد الرحمنِ بنُ عَرْزَبٍ، وَيُقالُ: ابن عَرْزَمٍ. وابن عَرْزَمٍ أصحُّ.

‌89 - ومن سورة الكَوثَرِ

3653 -

حدَّثنا عَبدُ بن حُميدٍ، قال: حدَّثنا عَبد الرَّزاقِ، عن مَعمرٍ، عن قَتادةَ

(1)

حديث حسن، وهو في "صحيح ابن حبان"(7364)، وتمام تخريجه فيه. وقوله: ونرويك هو في الأصول بإثبات الياء، فيحتمل أنه معطوف على المجزوم، وفيه إثبات حرف العلة مع الجازم، وهو لغة

قال قيس بن زهير:

ألم يأتيك والأنباء تنمي

بما لاقَتْ لبونُ بني زيادِ

ويحتمل أنه منصوب بأن المضمرة بعد واو المعية، على حد قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ

} وقول الحطيئة:

ألم أَكُ جارَكم ويكونَ بَيْني

وبَيْنكُمُ المودةُ والإخاءُ

ص: 545

عن أنَسٍ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "هو نَهرُ في الجنَّةِ". قال: فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ نَهرًا في الجَنَّةِ

(1)

حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤلُؤ. قُلتُ: ما هذا يا جِبريلُ؟ قال: هذا الكَوثَرُ الذي قد أعطاكَه اللهُ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3654 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا سُرَيج بن النُّعمانِ، قال: حدَّثنا الحَكمُ بنُ عَبد الملكِ، عن قَتَادةَ

عن أنَسٍ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَينا أنا أسِيرُ في الجنَّةِ، إذْ عَرَضَ لي نَهرٌ حافتاهُ قِبابُ اللُّؤلُؤ، قُلتُ للمَلَكِ: ما هذا؟ قال: هذا الكَوثَرُ الذي أعطاكهُ اللهُ. قال: ثُمَّ ضَربَ بيدهِ إلى طِينهِ، فاستَخْرجَ مِسْكًا، ثُمَّ رُفِعتْ لِي سِدرةُ المنتَهى، فَرَأيتُ عِندها نُورًا عَظيمًا"

(3)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوي من غيرِ وجهٍ عن أنَسٍ.

(1)

قوله: "قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت نهرًا في الجنة" سقط من المطبوع، وهو ثابت في نسخنا الخطية جميعًا.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا بألفاظ متقاربة أحمد (11994) و (11996) و (12008) و (12675)، والبخاري (4964) و (6581)، ومسلم (400)، وأبو داود (784) و (4747) و (4748)، والنسائي في "المجتبى" 2/ 133 - 134، وفي "الكبرى"(11533)، وابن حبان (6474).

(3)

إسناده صحيح كسابقه.

ص: 546

3655 -

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: حدَّثنا محمدُ بن فُضَيلٍ، عن عَطاءِ بن السَّائبِ، عن مُحارِبِ بن دِثارٍ

عن عَبد اللهِ بنُ عُمرَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الكَوثَرُ نَهرٌ في الجَنَّةِ، حافَتاهُ من ذهبٍ، ومَجراهُ على الدُّرِّ والياقوتِ، تُربتهُ أطيبُ من المِسكِ، وماؤُهُ أحلَى من العَسلِ، وأبيضُ من الثَّلجِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌90 - ومن سورة الفَتحِ

3656 -

حدَّثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، قال: حَدَّثَنا سُليمانُ بنُ داودَ، عن شُعبةَ، عن أبي بِشْرٍ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ

عن ابن عبَّاسٍ، قال: كانَ عُمرُ يسألُني مع أصحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال لهُ عبدِ الرحمنِ بنُ عَوفٍ: أتسألهُ ولنا بَنُونَ مثلُهُ؟ قال: فقال لهُ عُمرُ: إنَّهُ مِن حيثُ تعلَمُ. فسألهُ عن هذهِ الآيةِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فقُلتُ: إنَّما هو أجلُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعلَمَهُ إيَّاهُ، وقرأَ السُّورةَ إلى آخِرهَا، فقال لهُ عُمرُ: واللهِ ما أعلمُ منها إلا ما تعلمُ

(2)

.

(1)

حديث قوي، وأخرجه ابن ماجه (4334). وهو في "المسند"(5355).

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3627). وهو في "مسند أحمد"(3127). =

ص: 547

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3657 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي بِشْرٍ، بهذا الإسناد نحوهُ. إلا أنَّهُ قال: فقال لهُ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوفٍ: أتسألهُ ولنا ابنٌ مثلُهُ؟

(1)

.

‌91 - ومن سورة تَبَّتْ

3658 -

حدَّثنا هَنَّادٌ وأحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قالا: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، قال: حدَّثنا الأعمشُ، عن عَمرِو بنُ مُرَّةَ، عن سعيدِ بنُ جُبَيرٍ

عن ابن عَبَّاسٍ، قال: صَعِدَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ على الصَّفا، فنادى:"يا صَباحَاهُ"، فاجتمعتْ إليهِ قُريشٌ، فقال:"إنِّي نَذيرٌ لكُم بينَ يَدَي عذابٍ شديدٍ، أرأيتُم لو أنَّي أخبرتُكُم أنَّ العدُوَّ مُمَسِّيكُم أو مُصبِّحُكُم، أكُنتُم تُصَدِّقُوني؟ ". فقال أبو لهَبٍ: ألهذا جَمَعْتنا؟ تَبًّا لكَ، فأنزلَ اللهُ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

= وانظر ما بعده.

(1)

إسناده صحيح كسابقه.

(2)

إسناده صحيح، وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد (2544)، والبخاري (1394)، ومسلم (208)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(982) و (983)، وفي "الكبرى"(11378) و (11714)، وابن حبان (6550).

ص: 548

‌92 - ومن سورة الإخلاص

3659 -

حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، قال: حدَّثنا أَبو سَعْدٍ - هو الصَّغَانيُّ -

(1)

، عن أبي جعفرٍ الرَّازيُّ، عن الرَّبيعِ بن أنسٍ، عن أبي العاليةِ

عن أُبيِّ بن كعبٍ: أنَّ المُشركينَ قالوا لرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: انسُبْ لنا ربَّكَ، فأنزلَ الله {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ} ، فالصَّمَدُ الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ، لأنَّهُ ليسَ شيءٌ يُولدُ إلا سيمُوتُ، وليسَ شيءٌ يمُوتُ إلا سيُورَثُ، وإنَّ اللهَ عز وجل لا يمُوتُ ولا يُورَثُ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} قال: لم يكُن لهُ شَبيهٌ، ولا عِدْلٌ، وليسَ كَمِثْلهِ شَيءٌ

(2)

.

3660 -

حدَّثنا عَبد بنُ حُمَيْدٍ، قال: أخبرنا عُبيدُ اللهِ بن موسى، عن أبي جعفرٍ الرَّازيِّ، عن الرَّبيعِ

عن أبي العاليةِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ آلِهتَهُم فقالوا: انْسُبْ لنا رَبَّكَ. قال: فأتاهُ جبريلُ بهذه السُّورةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فذَكرَ نحوهُ. ولم يذكُر فيهِ: عن أُبيِّ بنُ كَعبٍ

(3)

.

(1)

تحرف في المطبوع وبعض النسخ إلى "الصَّنْعاني".

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي سعد الصَّغاني - واسمه محمد بنُ مُيَسَّر -، وضعف أبي جعفر الرازي، واسمه عيسى بن ماهان.

وأخرجه مختصرًا أحمد (21219)، وتمام تخريجه فيه.

ويأتي في الذي بعده مرسلًا.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه. =

ص: 549

وهذا أصَحُّ من حديث أبي سَعْدٍ. وأَبو سَعْدٍ اسمهُ: محمدُ بن مُيَسَّرٍ، وأبو جعفرٍ الرَّازيُّ: اسمهُ عيسى، وأبو العاليةِ: اسمهُ رُفَيعٌ. وكان عَبدًا أعتقتهُ امرأةٌ سائِبةً

(1)

.

‌93 - ومن سورة المُعوِّذتَينِ

3661 -

حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، قال: حدَّثنا عَبد الملكِ بنُ عَمرٍو العَقَدِيُّ، عن ابن أبي ذِئبٍ، عن الحارثِ بنُ عَبد الرحمنِ، عن أبي سلَمةَ

عن عائشةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَظرَ إلى القمرِ، فقال:"يا عائشةُ استَعِيذي باللهِ من شَرِّ هذا، فإنَّ هذا هو الغاسقُ إذا وقَبَ"

(2)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

3662 -

حَدَّثَنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ، قال: حدَّثنا قيسٌ - وهو ابن أبي حَازمٍ -

= وأخرجه هكذا مرسلًا الطبري في "تفسيره" 30/ 343، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 141.

(1)

من قوله: وأبو جعفر إلى هنا، أثبتناه من رواية ابن زوج الحُرَّة، وهو في (س)، وقوله: سائبة، قال في "القاموس": هو العبدُ يُعتَق على أن لا وَلاءَ له.

(2)

حديث حسن، وأخرجه أحمد (24323)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(305) و (306).

وقوله: "الغاسق إذا وقب" قال في "النهاية" 3/ 366: يقال: غَسَقَ يَغْسِقُ غُسُوقًا، فهو غاسق: إذا أظلم، وأغْسقَ مثلهُ، وإنما سُمِّيَ غاسقًا، لأنه إذا خَسَفَ أو أخذَ في المَغيبِ أظلم.

وقوله: "وقَب" أي: غاب، أو دخل في الخسوف.

ص: 550

عن عُقبةَ بنُ عامرٍ الجُهَنيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "قد أنزلَ اللهُ عليَّ آياتٍ لم يُرَ مثلُهنَّ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} إلى آخرِ السُّورةِ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} إلى آخرِ السُّورةِ

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

‌94 - باب

3663 -

حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا صفوانُ بن عيسى، قال: حدَّثنا الحارثُ بن عبد الرحمنِ بن أبي ذُبابٍ، عن سعيدِ بن أبي سعيدٍ المَقبريِّ

عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَمَّا خَلقَ اللهُ آدَمَ، ونَفَخَ فيهِ الرُّوحَ، عَطَسَ، فقال: الحَمدُ للهِ. فحمِدَ اللهَ بإذنهِ، فقال لهُ ربُّهُ: يَرحَمُكَ اللهُ يا آدَمُ، اذهَب إلى أُولئكَ المَلائكةِ - إلى ملإٍ منهُم جُلُوسٍ - فقل: السَّلامُ عَليكُم. قالوا: وعَليكَ السَّلامُ ورَحمةُ اللهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلى رَبَّهِ، قال: إنَّ هذه تحيَّتُكَ وتحيَّةُ بَنِيكَ بَينهُم، فقال اللهُ لهُ ويَداهُ مَقبُوضتانِ: اختَرْ أيَّهُما شِئتَ. قال: اختَرْتُ يَمينَ رَبِّي، وكِلْتا يَديْ رَبِّي يَمينٌ مُباركةٌ. ثُمَّ بَسطَها، فإذا فِيها آدمُ وذُرِّيَّتُهُ، فقال: أيْ ربِّ، ما هؤُلاءِ؟ فقال: هؤُلاءِ ذُرِّيَّتُكَ. فإذا كُلُّ إنسانٍ مَكتُوبٌ عُمرُهُ بَينَ عَينيهِ، فإذا فيهمْ رَجُلٌ أضوَؤُهُم - أو من أضوَئِهم - قال: يا ربِّ، من هذا؟ قال: هذا ابنُكَ داودُ قد كَتَبتُ

(1)

إسناده صحيح، وقد تقدم تخريجه برقم (3126).

ص: 551

لهُ عُمرَ أربَعينَ سنةً. قال: يا ربِّ زِدْ في عُمرهِ. قال: ذاكَ الذي كتبتُ لهُ. قال: أيْ ربِّ، فإنِّي قد جعلْتُ لهُ من عُمرِي ستِّينَ سنةً. قال: أنتَ وذاكَ. قال: ثُمَّ أُسكِنَ الجنَّةَ ما شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أُهبِطَ مِنها، فكانَ آدمُ يَعُدُّ لنَفْسهِ. قال: فأتاهُ مَلكُ المَوتِ، فقال لهُ آدمُ: قد عَجِلْتَ، وقد كُتِبَ لي ألفُ سنةٍ. قال: بَلى، ولكنَّكَ جَعلْتَ لابنكِ داودَ ستِّينَ سنةً، فجحدَ، فجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، ونَسِي، فَنسِيتْ ذُرِّيَّتُهُ. قال: فمِن يومئذٍ أُمرَ بالكِتابِ والشُّهُودِ"

(1)

.

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ، وقد رُوي من غيرِ وجهٍ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من رِوايةِ زيدِ بن أسلمَ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

‌95 - باب

3664 -

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارُونَ، قال: أخبرنا العَوَّامُ بنُ حَوْشبٍ، عن سُليمانَ بن أبي سُليمانَ

عن أنسِ بنُ مالكٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "لمَّا خَلقَ اللهُ الأرضَ، جَعلَتْ تَميدُ، فَخلقَ الجِبالَ، فقال بها عَليها، فاستَقرَّتْ، فَعجبتِ المَلائِكةُ من شِدَّةِ الجِبالِ، فقالوا: يا ربِّ، هَلْ من خَلْقكَ شيءٌ أشَدُّ من الجِبالِ؟ قال: نعم، الحديدُ. فقالوا: يا ربِّ، فَهلْ

(1)

إسناده صحيح، وأخرجه تامًّا ومختصرًا النسائي في "عمل اليوم والليلة"(218) و (220)، وهو في "صحيح ابن حبان"(6167)، وتمام تخريجه فيه.

وانظر الحديث السالف رقم (3331). =

ص: 552

من خَلْقكَ شيءٌ أشَدُّ من الحديدِ؟ قال: نعم، النَّارُ. فقالوا: يا ربِّ، فَهلْ من خَلْقكَ شيءٌ أشَدُّ من النَّارِ؟ قال: نعم، الماءُ. فقالوا: يا رَبِّ، فَهلْ من خَلْقكَ شيءٌ أشَدُّ من الماءِ؟ قال: نعم، الرَّيحُ. قالوا: يا ربِّ، فَهلْ من خَلْقكَ شيءٌ أشَدُّ من الرِّيحِ؟ قال: نعم، ابن آدمَ، تَصدَّقَ بصدقةٍ بيَمينهِ يُخْفيها من شِمَالهِ"

(1)

.

هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرِفهُ مَرفُوعًا إلا من هذا الوجهِ.

آخر التفسير

يليه الجزء السادس وأوله:

أبواب الدعوات

(1)

إسناده ضعيف لجهالة سليمان بن أبي سليمان مولى ابن عباس.

وأخرجه أحمد (12253)، وتمام تخريجه فيه.

وقوله: "فقال بها عليها" أي: أمر وأشار بكونها واستقرارها عليها. "تحفة الأحوذي" 9/ 216.

ص: 553