الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر، وتمم، وأعن، واختم بخير يا كريم [ل 105/أ]
أخبرنا الْحَافِظُ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، قَالَا: أنا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَانِيُّ الكَرَجي، قَالَ: نا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ: نا أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ السِّجِسْتَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: نا سعيد بن منصور قال:
فَضَائِلُ الْقُرْآنِ
1 -
حَدَّثنَا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ
(1)
، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
(2)
، عَنْ مُرَّة
(3)
، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:((مَنْ أَرَادَ الْعِلمَ فَعَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّ فِيهِ (خبر)
(4)
الأولين والآخرين)).
(1)
هو أبو معاوية حُدَيْج بن معاوية بن حُدَيْج - مصغّرًا -، الجعفي، الكوفي، أخو زهير، يروي عن أبي إسحاق السبيعي وأبي الزبير وليث بن أبي سليم وغيرهم، وعنه أبو داود الطيالسي وعمرو بن عون وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته قبل وفاة أخيه زهير بستين، وكانت وفاة زهير سنة اثنتين وسبعين ومائة، وقيل: ثلاث وسبعين، وحديج هذا صدوق يخطئ قال البخاري:((يتكلمون في بعض حديثه))، وقال أبو حاتم:((محله الصدق، وليس مثل أخيه؛ في بعض حديثه ضعف؛ يكتب حديثه))، وضعفه النسائي.
انظر: "الجرح والتعديل"(3/ 310 - 311 رقم 1382)، و"الكامل" لابن عدي (3/ 837 - 838)، و"التهذيب"(2/ 217 - 218 رقم 401)، و (3/ 352)، و"التقريب"(ص 154 رقم 1152).
(2)
هو عمرو بن عبد الله بن عبيد الهَمْداني، أبو إسحاق السَّبيعي - بفتح المهملة وكسر الموحّدة - الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة مكثر عابد، روى عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب وجابر بن سمرة والأسود وعبد الرحمن ابني يزيد وسعيد بن جبير ومسروق بن الأجدع ومُرَّة بن شراحيل وهبيرة بن يريم وغيرهم، وروى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ والمغيرة بن شعبة، وقد رآهما، وقيل: لم يسمع منهما، روى عنه ابنه يونس وابن ابنه إسرائيل بن يونس والأعمش وشعبة ومسعر وسفيان الثوري وشريك وغيرهم، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وتوفي سنة ست وعشرين ومائة، وقيل: سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وعشرون ومائة،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد وثّقه الإمام أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، والعجلي، وروى له الجماعة، وهو مدلّس من الطبقة الثالثة، وصفه بالتدليس شعبة، ومعن، وابن حبان، والكرابيسي، والطبري، لكن رواية شعبة عنه مأمونة الجانب من تدليسه؛ قال شعبة:((كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة))، قال الحافظ ابن حجر:((فهذه قاعدة جيّدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها جاءت من طريق شعبة دلّت على السماع، ولو كانت معنعنة)) وقد اختلط أبو إسحاق بآخره، لكن رواية شعبة، وسفيان الثوري، وقتادة وشريك بن عبد الله عنه قبل الاختلاط.
انظر: "الجرح والتعديل"(6/ 242 - 243 رقم 1347)، و"التهذيب"(8/ 63 - 67 رقم 100)، و"التقريب"(ص 423 رقم 5065)، و""طبقات المدلسين""(ص 101، 151)، و"الكواكب النيرات مع حاشيته"(ص 341 - 357 رقم 41).
(3)
هو مُرَّةُ بن شَراحيل البَكِيْلّي الهَمْداني - بسكون الميم -، أبو إسماعيل الكوفي، ثقة عابد، روى عن علي وأبي ذر وحذيفة وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم، وروى عن أبي بكر وعمر وقيل لم يسمع منهما، روى عنه الشعبي وعطاء بن السائب وحصين بن عبد الرحمن وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وسبعين للهجرة، وقد وثقه ابن معين والعجلي، وروى له الجماعة، ويقال له: مرة الطيب، ومرة الخير؛ لُقِّب بذلك لعبادته.
انظر: "الجرح والتعديل"(8/ 336 رقم 1668)، و"التهذيب"(10/ 88 - 89 رقم 158)، و"التقريب"(ص 525 رقم 6562).
(4)
في الأصل: ((خير))، والتصويب من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" للبيهقي؛ فإنه روى الحديث من طريق المصنِّف.
[1]
سنده ضعيف لما تقدم عن حال حُدَيج وأبي إسحاق، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4/ 513 رقم 1808) من طريق المصنف هنا بمثله.
وتقدم أن رواية شعبة، عن أبي إسحاق مأمونة الجانب من تدليسه، وهي قبل الاختلاط، وقد روى الحديث من طريق شعبة وغيره، عنه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة"(ل108/ب) ، وانظر المطبوعة (3 / 133 رقم 3079) .
وعبد الله بن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"(ص229 رقم 854) .
والطبراني في "الكبير"(9 / 146 رقم 8666) .
ثلاثتهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ أَرَادَ الْعِلمَ فليثور القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين.
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ شعبة بن الحجاج بن الورد العَتَكي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثم البصري ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول:((هو أمير المؤمنين في الحديث)) ، وهو أول من فتّش بالعراق عن الرجال، وذبّ عن السنة، وكان عابدًا، روى له الجماعة، روى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وأيوب السختياني وثابت البناني وأبي بشر جعفر بن أبي وحشية وحصين بن عبد الرحمن والحكم بن عتيبة والأعمش وقتادة وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، روى عنه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع وعبد الله بن إدريس وعبد الله بن المبارك وأبو داود الطيالسي ومحمد بن جعفر غندر وغيرهم؛ وكانت ولادته سنة اثنتين وثمانين للهجرة، ووفاته سنة ستين ومائة.
انظر: "الجرح والتعديل"(1 / 126 - 129) و (4 / 369 - 371 رقم 1609) ، و"التهذيب"(4 / 338 - 346 رقم 580) ، و"التقريب"(ص266 رقم 2790) .
وشيخ مسدد في هذا الحديث والراوي عن شعبة هو: يحيى بن سعيد بن فَرُّوخ - بفتح الفاء، وتشديد الراء المضمومة، وسكون الواو، ثم معجمة -، التميمي، أبو سعيد القطّان، البصري، وهو ثقة متقن حافظ إمام قدوة، روى له الجماعة، كان الإمام أحمد يقول:((إليه المنتهى في التثبيت بالبصرة، ما رأت عيناي مثله)) . روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وإسماعيل بن أبي خالد ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وعكرمة بن عمار والأعمش وابن جريج والأوزاعي والإمام مالك وشعبة والثوري وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه =
2 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ
(1)
، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:((لَا يَضُرُّ الرَّجُلَ أَنْ لَا يُسْأَلَ عَنْ نَفْسِهِ، إِلَّا الْقُرْآنَ، فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ عز وجل وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم)).
= وعلي بن المديني ويحيى بن معين والفلَّاس ومسدد وابن أبي شيبة وغيرهم، وكانت ولادته سنة عشرين ومائة، ووفاته سنة ثمان وتسعين ومائة.
انظر: "الجرح والتعديل"(9/ 150 - 151 رقم 624)، و"التهذيب"(11/ 216 - 220 رقم 358)، و"التقريب"(ص 591 رقم 7557).
والحديث أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص 280 رقم 814).
ومن طريقه الفريابي في فضائل القرآن (ص 197 رقم 78).
وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص 36 رقم 80).
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 485 رقم 10067).
ومن طريق النحاس في "القطع والائتناف"(ص 84).
وأخرجه أبو الليث السمرقندي في "تفسيره"(1/ 202 - 204).
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، به بنحو لفظ المصنف واللفظ السابق.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (14/ 94 رقم 17688) من طريق زهير، عن أبي إسحاق، به نحو لفظ المصنف واللفظ السابق أيضًا.
وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما في "مختصره"(ص 158).
قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 165): ((رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح)).
(1)
هو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قيس بن عبد الله النَّخَعي، أبو بكر الكوفي، ثقة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي وغيرهم، وروى له الجماعة. روى عن أخيه الأسود وعمِّه علقمة، وعن حذيفة وعثمان وابن مسعود وأبي موسى وعائشة رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي وعمارة بن عمير وأبو إسحاق السبيعي ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وثمانين للهجرة.
انظر: "طبقات ابن سعد"(6 / 121 - 122) ، و"الجرح والتعديل"(5 / 299 رقم 1416) ، و"التهذيب"(6 / 299 رقم 580) ، و"التقريب"(ص253 رقم 4043) .
[2]
إسناد هذا الحديث كسابقه، فيه حُدَيْج بن معاوية وهو ضعيف الحديث لكنه قد توبع، وأبو إسحاق السبيعي مدلس ولم يصرح بالسماع، واختلط بآخره، لكن هذا الحديث من صحيح حديثه.
فتقدم أن رواية شعبة عنه صحيحة، ورواية سفيان الثوري عنه قبل الاختلاط، وقد رويا عنه هذا الحديث.
فأخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 142 رقم 8657) ، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4 / 581 - 582 رقم 1861) .
كلاهما من طريق شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ عبد الله قال:((من أحب أن يعلم أنه يحب الله ورسوله فلينظر، فإن كان يحب القرآن، فهو يحب الله وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم)) .
وأخرجه الفريابي في "الفضائل"(114 - 117 رقم 6 و 7) .
والطبراني في "الكبير"(9 / 141 - 142 رقم 8656) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق به، ولفظ الفريابي نحو لفظ المصنف، ولفظ الطبراني:((من كان يحب القرآن ويعجبه فهو بخير)) .
قال في "المجمع"(7 / 165) بعد أن عزاه للطبراني: ((رجاله ثقات)) .
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص6 رقم 10) .
وعلي بن الجعد في "مسنده"(2 / 774 رقم 2040) .
كلاهما من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق به نحوه.
وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما في المختصر منه (ص159) بنحوه.
3 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ
(1)
، عَنِ الْأَعْمَشِ
(2)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(3)
، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:((مَنْ أَحَبَّ القرآن فليبشر)).
(1)
هو محمد بن خازم - بمعجمتين - التميمي، السعدي، مولاهم، أبو معاوية الضرير، الكوفي، ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، رمي بالإرجاء، وروى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 475 رقم 5841)؛ روى عن الأعمش وعاصم الأحول وأبي مالك الأشجعي وداود بن أبي هند وهشام بن عروة وهشام بن حسان وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقيل: أربع، وقيل: خمس وتسعين وله اثنتان وثمانون سنة، وقد وثقه ابن سعد، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، والنسائي وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:((كان حافظًا متقنًا، ولكنه كان مرجئًا))، وقال ابن خراش:((صدوق، وهو في الأعمش ثقة، وفي غيره فيه اضطراب))، وكان شعبة ممن روى عن الأعمش، ومع ذلك يعظم أبا معاوية ويسأله عن حديث الأعمش، وقال شبابة بن سوار: كنا عند شعبة، فجاء أبو معاوية، فقال شعبة: هذا صاحب الأعمش، فاعرفوه. وقال وكيع:((ما أدركنا أحداً كان أعلم بأحاديث الأعمش من أبي معاوية))، وقال الإمام أحمد:((أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب، لا يحفظها حفظًا جيدًا)). وقال أبو حاتم: ((أثبت الناس في الأعمش: الثوري، ثم أبو معاوية الضرير، ثم حفص بن غياث)). أ. هـ.
من "الثقات" لابن حبان (7/ 441 - 442)، و"الجرح والتعديل"(7/ 246 - 248 رقم 1360)، و"التهذيب"(9/ 137 - 139 رقم 191).
(2)
هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، مولاهم، أبو محمد الكوفي، الأعمش، ثقة حافظ عارف بالقراءات ورع روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 254 رقم 2615)؛ وروى هو عن زيد بن وهب وأبي وائل شقيق بن سلمة وإبراهيم النخعي، وأبي صالح ذكوان السّمان وأبي عمرو الشيباني وعامر الشعبي وعمارة بن عمير، ومجاهد وأبي الضحى وغيرهم، وروى عنه شعبة والسفيانان وجرير
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن حازم وابن المبارك وهشيم بن بشير وأبو معاوية وغيرهم، وكانت ولادته سنة إحدى وستين، وقيل: تسع وخمسين للهجرة، وكانت وفاته سنة سبع أو ثمان وأربعين ومائة، كان شعبة يقول:((ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش)) ، وكان إذا ذكره قال:((المصحف المصحف)) ، وقال عمرو بن علي الفلاس:((كان الأعمش يسمى: المصحف؛ لصدقه)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان:((كان من النساك، وهو علامة الإسلام)) ، ووثقه ابن معين، وقال:((فقير صبور مجانب للسلطان، ورع عالم بالقرآن)) وقال أبو حاتم: ((ثقة يحتج بحديثه)) ، وقال أبو زرعة:((إمام)) ، وقال النسائي:((ثقة ثبت)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(4 / 146 - 147 رقم 630) ، و"التهذيب"(4 / 222 - 226 رقم 376) .
وقد وصف الأعمش بالتدليس جمع من الأئمة، منهم الثوري، وشعبة، وأبو معاوية، وهشيم، وابن معين، وابن حبان، ،وغيرهم. بل قال ابن المبارك:((إنما أفسد حديث أهل الكوفة: أبو إسحاق، والأعمش)) . وقال مغيرة: ((أهلك أهل الكوفة أبو إسحاق وأُعَيْمشكم هذا)) . قال الذهبي في معنى كلام مغيرة هذا وردِّه: ((كأنه عنى الرواية عمن جاء، وإلا فالأعمش عدل صادق ثبت، صاحب سنة وقرآن، يحسن الظن بمن يحدثه ويروي عنه، ولا يمكننا أن نقطع عليه بأنه عَلِمَ ضعف ذلك الذي يدلّسه، فإن هذا حرام)) .
قلت: الأعمش آية في الضبط والإتقان لاشك في ذلك، وإنما تُكُلِّم فيه بسبب التدليس، قال الذهبي:((أحد الأئمة الثقات، عداده في صغار التابعين، ما نقموا عليه إلا التدليس)) .
أقول: وهو كوفي: وكان الغالب على أهل الكوفة في ذلك الزمان: التدليس؛ قال يزيد بن هارون: ((قدمت الكوفة، فما رأيت بها أحدًا لا يدلس إلا شريكًا ومسعر بن كدام)) . اهـ. من "جامع التحصيل"(ص114) .
وقد اختلف في قبول عنعنة الأعمش وردها.
فالعلائي في "جامع التحصيل"(ص130) ، والحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (ص67 رقم 55) ذكراه في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين"، وهم من احتمل الأئمة تدليسهم، وخرجوا لهم في الصحيح، وإن لم يصرحوا بالسماع؛ وذلك إما لإمامتهم، أو لقلة تدليسهم في جنب ما رووا، أو لأنهم لا يدلسون إلا عن ثقة.
والذي يظهر أن ابن حجر متردد في الأعمش، فكما أنه في "طبقات المدلسين" ذكره في الطبقة الثانية، فإنه في النكت على كتاب ابن الصلاح (2 /640) ذكره في الطبقة الثالثة وهم من أكثروا من التدليس وعرفوا به.
وذهب بعض أهل العلم إلى رد عنعنة الأعمش مطلقًا كما يظهر من عبارات بعضهم السابقة.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد"(1 / 30) : ((قالوا: لا يقبل تدليس الأعمش؛ لأنه إذا وقف أحال على غير مليء، يعنون: على غير ثقة؛ إذا سألته: عمّن هذا؟ قال: عن موسى بن طريف، وعباية بن ربعي، والحسن بن ذكوان)) .
وساق ابن عبد البر أيضًا بإسناده (ص33) عن أبي معاوية، قال:((كنت أحدّث الأعمش، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد، فيجيء أصحاب الحديث بالعشي، فيقولون: حدثنا الأعمش، عن مجاهد، بتلك الأحاديث، فأقول: أنا حدثته عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد)) .
وذكر العلائي في "جامع التحصيل"(ص115) هذه الحكاية عن أبي معاوية، ثم قال:((والأعمش قد سمع من مجاهد، ثم (نراه) يدلس عن ثلاثة عنه، وأحدهم متروك، وهو الحسن بن عمارة)) . وقال أيضًا (ص116) :((وهذا الأعمش من التابعين، وتراه دلس عن الحسن بن عمارة، وهو يعرف ضعفه)) . اهـ.
قلت: أما أن يكون دلّس عن الضعفاء، فنعم، وأما أن يكون قد عرف ضعفهم، فتقدم ردّ الذهبي على من ادعى ذلك.
وبالجملة فالتوقف عن قبول عنعنته هو الأحوط لما سبق، إلا في ثلاثة مواضع:
(أ) ما كان في رواياته بالعنعنة في الصحيحين، فهذا محمول على السماع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كما نص عليه النووي في "التقريب"(1/ 230)، وفيه خلاف، لكن هذا الذي تطمئن إليه النفس. ففي أسئلة تقي الدين السبكي للحافظ أبي الحجاج المزي، قال: وسألته عن ما وقع في الصحيحين من حديث المدلس معنعنًا، هل نقول: إنهما اطلعا على اتصالها؟
فقال: ((كذا يقولون، وما فيه إلا تحسين الظن بهما. وإلا ففيهما أحاديث من رواية المدلسين، ما توجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح)). اهـ. من "النكت على كتاب ابن الصلاح"(2/ 636).
(ب) ما كان من روايته عن شيوخه الذين أكثر عنهم
…
قال الذهبي في "الميزان"(2/ 224): ((هو يدلس، وربما دلّس عن ضعيف، ولا يدري به. فمتى قال: (حدثنا)، فلا كلام. ومتى قال:(عن)، تطرّق إليه احتمال التدليس، إلا في شيوخ له أكثر عنهم، كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمّان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال)). اهـ.
(جـ) ما كان من رواية شعبة عنه، ففي "طبقات المدلسين" للحافظ ابن حجر (ص 151) نقل الحافظ عن البيهقي قوله:((وروينا عن شعبة أنه قال: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة)). قال ابن حجر عقب إيراده لهذا القول: ((فهذه قاعة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلّت على السماع ولو كانت معنعنة)). اهـ.
وأما روايته عن مجاهد فالأغلب فيها التدليس كما يظهر من الحكاية التي سبق ذكرها عن أبي معاوية، وفي "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 210 رقم 2119) سأل عبد الرحمن أباه أبا حاتم عن حديث رفعه فطر والحسن بن عمرو ولم يرفعه الأعمش، فقال أبو حاتم:((الأعمش أحفظهم، والحديث يحتمل أن يكون مرفوعًا، وأنا أخشى أن لا يكون سمع الأعمش من مجاهد؛ إن الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يروي عن مجاهد مدلَّس)). اهـ.
(3)
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل النخعي، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبو عمران الكوفي، الفقيه، ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص95 رقم 270) . روى عن خاليه الأسود وعبد الرحمن ابني يزيد، وعن مسروق وعلقمة وشريح القاضي وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وعبد الله بن عون ومغيرة بن مقسم وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وتسعين للهجرة وهو ابن تسع وأربعين سنة، وقيل: ابن ثمان وخمسين.
قال الشعبي: ((ما ترك أحدًا أعلم منه)) . وقال الأعمش: ((كان إبراهيم خيّرًا في الحديث)) . وقال العجلي: ((كان مفتي أهل الكوفة، وكان رجلاً صالحًا فقيهًا متوقيًّا قليل التكلف)) . وقال أبو زرعة: ((إبراهيم النخعي علم من أعلام أهل الإسلام، وفقيه من فقهائهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(2 / 144 - 145 رقم 473) ، و"التهذيب"(1 / 177 - 179 رقم 325) .
قلت: وذكر الحافظ ابن حجر أن الحاكم وصف إبراهيم بالتدليس، وبناء على قوله هذا ذكره في "طبقات المدلسين"(ص50 رقم 35) ، لكنه عدّه في الطبقة الثانية، وهم من احتمل الأئمة تدليسه، ولم أجد من ذكر هذا عنه سوى الحاكم، ولعلّه عنى الإرسال، فإن إبراهيم وصف بكثرة الإرسال، ففي الموضع السابق من "التهذيب" نقل ابن حجر عن العلائي قوله:((هو مكثر من الإرسال، وجماعة من الأئمة صححوا مراسيله، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود)) .
قلت: وحجته في ذلك ما رواه ابن عبد البر في "التمهيد"(1 / 37 - 38) عن الأعمش قال: قلت لإبراهيم: إذا حدثتني حديثًا فأسنده، فقال:((إذا قلت: عن عبد الله - يعني: ابن مسعود - فاعلم أنه عن غير واحد، وإذا سمّيت لك أحدًا، فهو الذي سمّيت)) . اهـ.
قال العلائي في "جامع التحصيل"(ص88) : ((وأما ما ذكروه عن إبراهيم النخعي فهو صحيح، رواه شعبة، عن الأعمش، عنه. وكذلك قال أحمد بن حنبل: مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها. وأشار البيهقي إلى أن هذا إنما يجيء فيما جزم به إبراهيم النخعي عن ابن مسعود، وأرسله عنه؛ لأنه قيّد فعله ذاك. =
4 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ الهَمْداني
(1)
، عَنْ أَبِي حَصين
(2)
، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ
(3)
، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:((تَعلَّمُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، لَا أَقُولُ: الم ولكن: ألف، ولام، وميم)).
= فأما غيرها، فإنا نجده يروي عن قوم مجهولين لا يروي عنهم غيره، مثل هني بن نويرة، وجذامة الطائي، وقرثع الضبي، ويزيد بن أوس، وغيرهم)). اهـ.
[3]
الحديث رجاله ثقات، وفيه عنعنة الأعمش، وإرسال إبراهيم له عن ابن مسعود. أما عنعنة الأعمش فإن روايته هنا عن إبراهيم، وهي محمولة على الاتصال كما سبق بيانه. وأما إرسال إبراهيم له، فتقدم أن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة، على أنه قد وصله.
فالحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 560 رقم 10129) من طريق محمد بن عبيد.
وأخرجه الدارمي في "سننه"(2/ 311 رقم 3326 و 3327) من طريق أبي عوانة ويعلى.
ثلاثتهم عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ عبد الله، به، مثله، إلا أن لفظ ابن أبي شيبة فيه:((من قرأ)) بدلاً من قوله: ((من أحب)). فهؤلاء ثلاثة من الرواة خالفوا أبا معاوية فرووه عن الأعمش موصولاً. وعبد الرحمن بن يزيد تقدم في الحديث السابق أنه ثقة، وعليه فيكون الحديث صحيحًا، والله أعلم.
(1)
هو الوليد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثور المُرْهِبي الهَمْداني، الكوفي، وقد ينسب إلى جده، ضعيف كما "التقريب"(ص 582 رقم 7431)؛ يروي عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وسماك بن حرب ومحمد بن سوقة وغيرهم، وعنه محمد بن الصباح وعباد بن يعقوب وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وسبعين ومائة، ولم أجد من نص على أنه روى عن أبي حَصين، وسماعه منه محتمل كما يتضح من تاريخ وفاتيهما، وكلاهما كوفي، قال ابن معين:((ليس بشيء))، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه، ولا يحتج به))، وقال أبو زرعة:((منكر الحديث، يَهِم كثيرًا، في حديثه وهاء)).
انظر: "الجرح والتعديل"(9/ 2 - 3 رقم 6)، والكامل لابن عدي (7/ 2538 - 2539)، و"التهذيب"(11/ 137 - 138 رقم 229).
(2)
هو عثمان بن عاصم بن حُصَين الأسيد، أبو حَصِين - بفتح المهملة - الكوفي، ثقة ثبت سُنّي، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 384 رقم 4484)؛ روى عن جابر بن سمرة وابن الزبير وابن عباس وأنس وأبي وائل وسعيد بن جبير وعامر الشعبي ومجاهد وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري ومسعر وإسرائيل وزائدة وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع أو ثمان وعشرين ومائة، وقيل غير ذلك. قال عبد الرحمن بن مهدي:((حفاظ الكوفة أربعة))، وذكر منهم أبا حصين، وقال سفيان الثوري:((ثقة ثقة))، ووثقه ابن معين، وأبو حاتم، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، والنسائي، وابن خراش، بل قال ابن عبد البر:((أجمعوا على أنه ثقة حافظ)). انظر: "الجرح والتعديل"(6/ 160 - 161 رقم 883)، و"التهذيب"(7/ 126 - 128 رقم 269).
(3)
هو عوف بن مالك بن نَضْلة - بفتح النون، وسكون المعجمة-، الجُشَمي - بضم الجيم، وفتح المعجمة-، أبو الأحوص الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، قتل في ولاية الحجاج على العراق. كما في "التقريب"(ص 433 رقم 5218)؛ وروى هو عن أبيه وله صحبه، وعن ابن مسعود وأبي موسى وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وعبد الله بن مرة وأبو الزعراء وعطاء بن السائب وأبو حصين عثمان بن عاصم وغيرهم، وقد وثقه ابن سعد، وابن معين، والنسائي، وذكره ابن حبان في ثقاته.
انظر: "الجرح والتعديل"(7/ 14 رقم 62)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 1065)، و"التهذيب"(8/ 169 رقم 305).
[4]
الحديث بإسناد المصنف فيه الوليد بن أبي ثور وهو ضعيف، لكنه لم ينفرد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= به، فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه.
فقد روي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه من سبعة طرق.
الطريق الأول: طريق أبي الأحوص، وله عنه سبعة طرق.
1-
طريق أبي حصين الذي أخرجه المصنف هنا.
وأخرجه ابن منده في كتاب الرد على من يقول (آلم) حرف برقم (13) من طريق إبراهيم بن إسحاق الصيني، أخبرنا عبيدة، عن أبي حصين، به نحوه.
وسنده ضعيف جدًّا، فإبراهيم بن إسحاق الصيني هذا متروك كما قال الدارقطني. وهو يروي عن الإمام مالك وقيس بن الربيع، ويروي عنه موسى ابن إسحاق ومطيِّن ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة.
انظر: "الجرح والتعديل"(2 / 85 - 86 رقم 203) ، و"الضعفاء والمتروكين" للدارقطني (ص112 رقم 31) ، و"سؤالات البرقاني"(ص15 رقم 19) ، و"ديوان الضعفاء والمتروكين" للذهبي (ص8 رقم 150) .
وذكره ابن حبان في "الثقات"(8 / 78)، وقال:((ربما خالف وأخطأ)) . وذكره الخطيب في الرواة عن مالك، وساق له حديثًا، ثم قال:((كذا رواه إبراهيم، ووهم فيه، وصوابه: عن مالك، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً)) .
وقال الحافظ ابن حجر: ((وجدت له خيرًا منكرًا جدًّا
…
)) .
انظر: "اللسان"(1 / 30 رقم 51) .
2-
طريق عطاء بن السائب، وهو الآتي برقم [6] ، وهو صحيح بمجموع طرقه.
3-
طريق إبراهيم الهجري، وهو الآتي برقم [7] ، وهو صحيح بمجموع طرقه.
4-
طريق أبي إسحاق السبيعي، واختلف عليه.
فرواه مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عنه مرفوعًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وخالفه الباقون، فرووه عنه موقوفًا.
أما رواية مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، فأخرجها:
ابن منده في الرد على من يقول (الم) حرف رقم (11)، فقال: أخبرنا أبي رحمه الله، أخبرنا عبد الواحد بن أبي الخصيب، حدثنا أحمد بن عبيد بن زياد الإيادي، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا محمد بن خالد الوَهْبي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه القرآن مأدبة الله عز وجل، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم. إن هذا القرآن هو حبل الله تبارك وتعالى، هو النور الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تمسّك به، ونجاة من تبعه، لا يَعْوَجُّ فيُقَوَّمُ، وَلَا يَزِيغُ فيُستَعتَبُ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلَقُ عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله تعالى يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أقول: (آلم) ، ولكن في الألف عشر، وفي اللام عشر، وفي الميم عشر)) .
ومحمد بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وقّاص الليثي المدني يروي عن أبيه وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهم، ويروي عنه شعبة والسفيانان وحماد بن سلمة ويحيى القطان وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع أو خمس وأربعين ومائة، وهو مختلف فيه، قال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد - يعني القطان - عنه، فقال: تريد العفو، أو تُشَدَِّد؟ قلت: بل أشدِّد، قال: فليس هو ممن تريد. ووثقه ابن معين في رواية، وفي رواية قال: كانوا يتقون حديثه، وقال ابن المبارك:((لم يكن به بأس)) ، وقال أبو حاتم:((صالح الحديث)) ، وقال النسائي:((ليس به بأس)) ، وقال ابن عدي:((أرجو أنه لا بأس به)) .
"الجرح والتعديل"(8 / 30 - 31 رقم 138) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2229 - 2230) ، والتهذيب (9 / 375 - 377 رقم 617) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: الراجح من حاله أنه صدوق كما هو اختيار الذهبي في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص165 - 166 رقم 307) ، وابن حجر في "هدي الساري"(ص441) .
وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(6 / 136) : ((حديثه في عداد الحسن)) ، وقال في "الميزان" (3 / 673) :((شيخ مشهور حسن الحديث)) .
وفي سند الحديث عند ابن منده عبد الواحد بن أبي الخصيب، وأحمد بن عبيد بن زياد الإيادي، ولم أجد لهما ترجمة، إلا أن الإيادي ذكره المزي في "تهذيب الكمال"(2 / 871) في الرواة عن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، وسماه:(أحمد بن عبد الله بن زياد بن زكريا بن إسماعيل الإيادي الأعرج، أبا علي) ، ولم أجد له ترجمة بهذا الاسم أيضًا.
ومع ذلك فلم أجد من ذكر محمد بن عمرو فيمن روى عن أبي إسحاق السبيعي، وقد يكون أبو إسحاق هذا هو إبراهيم الهجري الآتي حديثه برقم [7] ، لكن لم أجد أيضًا من ذكر محمد بن عمرو في الرواة عنه، فالله أعلم.
وأما الذين رووا الحديث عن أبي إسحاق موقوفًا، فهم:
أ- شريك بن عبد الله النخعي القاضي عند ابن المبارك في "الزهد"(ص279 رقم 808) ، ولفظه نحو لفظ المصنف هنا.
وسنده ضعيف؛ شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي صدوق، إلا أنه يخطئ كثيرًا؛ تغيّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، مع كونه عادلاً فاضلاً عابدًا شديدًا على أهل البدع كما في "التقريب"(ص266 رقم 2787) . يروي عن أبي إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وإسماعيل بن أبي خالد وعاصم الأحول والأعمش وغيرهم، ويروي عنه ابن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وهشيم وغيرهم، وكانت ولادته سنة تسعين للهجرة، ووفاته سنة سبع وسبعين ومائة، قال ابن معين:((شريك ثقة، إلا أنه لا يتقن ويغلط)) .
وروى معاوية بن صالح عن ابن معين أنه قال مرة: ((شريك صدوق ثقة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إلا أنه إذا خالف فغيره أحب إلينا منه)) . قال معاوية: وسمعت أحمد بن حنبل يقول شبيهًا بذلك. وقال يعقوب بن شيبة: ((شريك صدوق ثقة، سيء الحفظ جدًّا)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(4 / 365 - 367 رقم 1602) ، و"الكامل"(4 / 1321 - 1338) ، و"التهذيب"(4 / 333 - 337 رقم 577) .
ب- عمر بن عبيد الطنافسي عند أبي عبيد في "الفضائل"(ص12 رقم 23) ، ولفظه نحو لفظ المصنف هنا أيضًا.
وعمر بن عبيد بن أبي أمية الطَّنافِسي - بفتح الطاء والنون، وبعد الألف فاء مكسورة، ثم مهملة -، الكوفي، صدوق روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص415 رقم 4945) ، ونحوه اختيار الذهبي في "الكاشف"(2 / 318 رقم 4154) . يروي عن أبي إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير والأعمش ومنصور وغيرهم، ويوري عنه أخوه يعلى والإمام أحمد وأبو عبيد وإسحاق بن راهويه وغيرهم، وكانت ولادته سنة أربع ومائة، ووفاته سنة خمس وثمانين ومائة، وقيل: سبع وقيل: ثمان وثمانين ومائة، وقد وثقه ابن سعد وابن معين والإمام أحمد والدارقطني. وأشار إلى معين إلى أنه دون أخويه يعلى ومحمد، وفي رواية قال عنه:((صالح)) . وقال أبو حاتم: ((محله الصدق)) .
وقال العجلي: ((عمر أخو يعلى ومحمد، وهو أسن منهما، وهو دونهما في الحديث، وكان صدوقًا)) . وذكره ابن حبان في "الثقات".
"الجرح والتعديل"(6 / 123 رقم 668) ، و"طبقات ابن سعد"(6 / 387) ، و"التهذيب"(7 / 480 - 481 رقم 896) .
جـ- معمر بن راشد عند عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 368 - 369 رقم 5998)، ولفظه: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فمن استطاع أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ شَيْئًا فَلْيَفْعَلْ، فإن أصفر البيوت من الخير الذي ليس فيه من كتاب الله تعالى شيء، وإن البيت الذي فيه كتاب الله شيء خرب كخراب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= البيت الذي لا عامر له. وإن الشيطان يخرج من البيت يسمع سورة البقرة تقرأ فيه)) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 138 رقم 8642) .
ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(1 / 130 - 131) .
قال الهيثمي في "المجمع"(7 / 164) : ((رجال هذه الطريق رجال الصحيح)) .
قلت: معمر بن راشد الأزدي، مولاهم، أبو عروة البصري، نزيل اليمن، روى له الجماعة، ويروي عن ثابت البناني وقتادة والزهري وعاصم الأحول وأيوب السختياني وهشام بن عروة وعاصم بن أبي النجود، ويروي عنه ابن المبارك وابن عيينة وابن عليّة وعبد الرزاق وهشام بن يوسف وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين أو ثلاث وخمسين ومائة، وقيل: سنة أربع وخمسين ومائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وهو ثقة ثبت فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئًا، وكذا فيما حدث به بالبصرة كما في "التقريب"(ص541 رقم 6809) وكذا حديثه عن أهل الكوفة وعاصم بن أبي النجود، فقد وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن شيبة، وقال النسائي:((ثقة مأمون)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:((كان فقيهًا حافظًا متقنًا ورعًا)) . وأما روايته عن ثابت وعاصم والأعمش وهشام بن عروة، وأهل العراق، فقد قال ابن معين لابن أبي خيثمة:((إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه، إلا عن الزهري وابن طاووس، فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئًا)) . قال: ((وحديث معمر عن ثابت وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطرب كثير الأوهام)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(8 / 255 - 257 رقم 1165) ، و"الميزان"(4 / 154 رقم 8682) ، و"التهذيب"(10 / 243 - 246 رقم 439) ، و"هدي الساري"(ص444) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الذهبي في "السير"(7 / 12) : ((ومع كون معمر ثقة ثبتا، فله أوهام، لاسيّما لما قدم البصرة لزيارة أمه، فإنه لم يكن معه كتبه، فحدَّث من حفظه، فوقع للبصريين عنه أغاليط. وحديث هشام وعبد الرزاق عنه أصح؛ لأنهم أخذوا عنه من كتبه)) . اهـ. والله أعلم.
د- أبو سنان سعيد بن سنان البرجُمي عند الدارمي (2 / 308 رقم 3310) ، ولفظه نحو لفظ حديث معمر السابق، إلا أنه لم يذكر قوله:((وإن الشيطان يخرج من البيت يسمع سورة البقرة تقرأ فيه)) .
هـ- القاسم بن معن عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان"(2 / 272) ، ولفظه نحو لفظ أول حديث معمر السابق، إلا أن أبا نعيم لم يتم سياقه، بل اختصره بقوله:((الحديث)) .
قلت: يتضح مما سبق أن رواية من رواه عن أبي إسحاق موقوفًا أرجح ممن رواه عنه مرفوعًا؛ لأنهم أوثق وأكثر عددًا، والله أعلم.
5-
طريق قتادة:
أخرج ابن الضريس في فضائل القرآن (ص46 رقم 60) ، من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، به موقوفًا عليه، بنحو لفظ المصنف هنا.
6-
طريق عاصم بن أبي النجود:
وله عن عاصم أربعة طرق:
أ- طريق أبي يوسف في كتاب "الآثار"(ص44 رقم 222) ، عنه، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مسعود رضي الله عنه قال:((أما إن لكل حرف تلاه تالٍ من القرآن عَشْرَ حَسَنَاتٍ. أَمَا إِنِّي لَا أقول: (الم) ، ولكن الألف واللام والميم ثلاثون حسنة)) .
ب- طريق أبي حنيفة:
أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار (ص55 رقم 272) ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عنه، عاصم، به موقوفًا نحو لفظ أبي يوسف.
جـ- طريق عطاء بن أبي رباح:
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 12 رقم 24)، فقال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أن عاصم بن بهدلة، فذكره موقوفًا بنحو لفظ أبي يوسف.
ومن طريق أبي عبيد أخرجه ابن منده في الرد على من يقول (الم) حرف رقم (12).
د- طريق عمرو بن أبي قيس:
ويرويه عنه عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الدشتكي، واختلف عليه.
فرواه حامد بن محمود بن حرب، عنه، عن عمرو، عن عاصم، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله قال:((إن أصفر البيوت بيت ليس فيه من كتاب الله شيء فاقرؤوا القرآن، فإنكم تؤجرون عليه بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إني لا أقول (الم)، ولكني أقول: ألف، ولام، وميم)).
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 566).
ومن طريقه البيهقي في "الشعب"(4/ 550 - 551 رقم 1/ 1833).
ورواه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدشتكي هذا عن أبيه، به نحوه، إلا أنه رفعه.
أخرجه الحاكم في الموضع السابق.
ومن طريقه البيهقي أيضًا.
وأشار الحاكم لهذا الاختلاف، ثم قال:((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه))، وسكت عنه الذهبي.
وحامد بن محمود بن حرب النيسابوري، أبو علي المقرئ، وعبد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عبد الله بن سعد الدشتكي كلاهما مجهول الحال، لكن المقرئ أحسن حالاً من الدشتكي، وروايته أرجح، وهي موافقة لباقي الروايات. وقد تصحّف اسم حامد المقرئ في "المستدرك" المطبوع هكذا: (حامد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن محمود بن حبيب)، والصواب ما تقدم؛ فإن البيهقي روى الحديث من طريق الحاكم في "الشعب" على الصواب، وكذا جاء في ترجمته في "غاية النهاية"(1/ 202 رقم 929)، ووصفه ابن الجزري بقوله:((مقدم القراء بنيسابور))، وذكر أنه توفي سنة ست وستين ومائتين. وقد ذكر ابن حبان حامدًا هذا في كتاب "الثقات"(8/ 219).
أما عبد الله الدشتكي، فقد روى عنه أبو داود في كتاب "الناسخ والمنسوخ"، وعند الحاكم روى عنه أحمد بن يعقوب الثقفي، روى هو عن أبيه، وذكر الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 703) أنه لم يجد له ذكرًا في غير الحديث الذي رواه عنه أبو داود، وفي "التقريب"(ص 311 رقم 3432)، قال عنه:((مقبول)) وأنه من الطبقة العاشرة، وانظر "التهذيب"(5/ 294 رقم 500).
7 -
طريق سعيد بن جبير:
أخرجه ابن منده في الرد على من يقول (آلم) حرف برقم (10)، من طريق أبان، عن مسلم بن أبي عمران، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ أبي الأحوص، به نحو لفظ المصنف، إلا أنه رفعه.
وسنده ضعيف جدًّا، آفته أبان وهو ابن أبي عيَّاش: فيروز، البصري، أبو إسماعيل العبدي، يروي عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير وخليد بن عبد الله العصري وغيرهم، يروي عنه أبو إسحاق الفزاري وعمران القطان ويزيد بن هارون ومعمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وثلاثين ومائة، وهو متروك الحديث، قاله الفلاس والإمام أحمد وابن معين والنسائي وأبو حاتم والدارقطني، وغيرهم، وكان رجلاً صالحًا، ولكنه بلي بسوء الحفظ كما قال أبو حاتم:
انظر: "الجرح والتعديل"(2/ 295 - 296 رقم 1087)، و"الكامل" لابن عدي (1/ 372 - 378)، و"التهذيب"(1/ 97 - 101 رقم 174)، و"التقريب"(ص 87 رقم 142). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الطريق الثاني: طريق أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود، وله عنه طريقان:
1-
طريق عبد الكريم الجزري:
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 367 رقم 5993) ، عن معمر، عن عبد الكريم، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود، به موقوفًا نحو لفظ أبي يوسف السابق في روايته للحديث عن عاصم.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 139 رقم 8647) . ومن طريق الطبراني أخرجه ابن منده في الرد على من يقول: (آلم) حرف برقم (16) .
2-
طريق قيس بن السكن:
أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن"(ص168 - 169 رقم 62) من طريق الأعمش، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قيس بن السكن، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود، قال:((ما من مسلم يقرأ حرفًا من القرآن إلا كتب له عشر حسنات)) . والحديث ضعيف من هذا الطريق؛ مداره على أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود، يرويه عن أبيه، ولم يسمع منه كما نص عليه أبو حاتم وغيره.
انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص256 - 257) ، و"التهذيب"(5 / 75 - 76 رقم 121) .
وقد أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 461 رقم 9981) هذا الحديث من طريق مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الملك بن أبجر، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قيس بن السكن، قال: قال عبد الله
…
، فذكره موقوفًا بنحو لفظ المصنف، ولم يذكر أبا عبيدة في سنده.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه النحاس في "القطع والائتناف"(ص80) إلا أنه سقط منه ذكر ابن مسعود، فجعله من قول قيس بن السكن، مع أن السيوطي ذكره في "الدر المنثور"(1 / 56) من رواية النحاس عن قيس، عن ابن مسعود. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=وعزاه السيوطي أيضًا لأبي نصر السجزي في الإبانة.
وتابع مروان بن معاوية عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر عند ابن منده في الرد على من يقول: (الم) حرف برقم (15) ، بنحو سياق ابن أبي شيبة.
الطريق الثالث: طريق علقمة أو الأسود:
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 462 رقم 9984) من طريق شيخه محمد بن بشر، عن مسعر، عن سليمان الضبي، عن إبراهيم، عن علقمة أو الأسود، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:((مَنْ قرأ القرآن يبتغي به وجه الله كان له بكل حرف عشر حسنات، ومَحْوُ عشر سيئات)) .
وسنده ضعيف؛ سليمان الضبي هذا هو سليمان بن قَرْم - بفتح القاف، وسكون الراء - ابن معاذ، التميمي، الضَّبِّي، أبو داود النحوي، ومنهم من ينسبه إلى جده معاذ، يروي عن أبي إسحاق السبيعي والأعمش وعطاء بن السائب وغيرهم، وعنه سفيان الثوري وهو من أقرأنه، وأبو الأحوص وأبو داود الطيالسي وأبو بكر بن عياش وغيرهم، وهو سيء الحفظ يتشيّع من الطبقة السابعة كما في "التقريب"(ص253 رقم 2600) .
فقد وثقه الإمام أحمد، وقال:((يفرط في التشيع)) . وقال ابن عدي: ((ولسليمان بن قرم أحاديث حسان
…
ويدل صورة سليمان هذا على أنه مفرط في التشيع)) . وضعفه ابن معين والنسائي، وقال أبو زرعة:((ليس بذاك)) . وقال أبو حاتم: ((ليس بالمتين)) ، وقال الحاكم:((غمزوه بالغلو في التشيع وسوء الحفظ جميعًا)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(4 / 136 - 137 رقم 597) ، و"الكامل"(3 / 1105 - 1108) ، و"التهذيب"(4 / 213 - 214 رقم 367) ، و"فتح الباري"(8 / 687) .
الطريق الرابع: طريق محمد بن كعب القرظي:
أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير"(1 / 216) .
والترمذي في "سننه"(8 / 226 رقم 3075) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(4 / 548 رقم 1831) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن منده في الرد على من يقول: (الم) حرف رقم (14) .
جميعهم من طريق الضحاك بن عثمان، عن أيوب بن موسى قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ القرظي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مسعود يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن: ألف حرف، وميم حرف)) .
هذا سياق الترمذي، ونحوه سياق الباقين إلا أن البخاري اختصر متنه، والبيهقي وابن منده زادا:((ولام حرف)) ، وليس في رواية ابن منده تصريح محمد بن كعب بسماع الحديث من ابن مسعود.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 55) وعزاه أيضًا لابن الضريس، ومحمد بن نصر، وابن الأنباري في "المصاحف"، والحاكم، وابن مردويه، وأبي ذر الهروي في "الفضائل".
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. سمعت قتيبة بن سعيد يقول: بلغني أن محمد بن كعب القرظي وُلِدَ في حياة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)) .
قلت: وهذا وهم من قتيبة رحمه الله، وإنما الذي ولد في حياة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هو كعب والد محمد هذا كما قال الحافظ ابن حجر في "التهذيب"(9 / 422) ، و"الإصابة"(6 / 346) ، ويدل عليه ما حكاه البخاري في الموضع السابق من أن كعبًا والد محمد هذا كان ممن لم يُنبت يوم قريظة، فتُرك، والراجح أن محمدًا إنما ولد في آخر خلافة علي رضي الله عنه كما في "التهذيب"(9 / 412) نقلاً عن يعقوب بن شيبة، ويوافقه قول ابن حبان في "الثقات" (5 / 351) : ((مات بها [يعني المدينة] سنة ثمان عشرة ومائة، وكنيته أبو حمزة، وقد قيل: إنه مات سنة سبع عشرة ومائة
…
، وكان له يوم توفي ثمانون سنة)) . اهـ.
وأما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فإن وفاته كانت سنة اثنتين وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين كما في "التهذيب"(6 / 28) ، وعليه فالحديث منقطع بين محمد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن كعب وابن مسعود، فقول الترمذي عنه:((حسن صحيح غريب)) ليس بصحيح، ولذا فإن البخاري رحمه الله حينما أورد الحديث في ترجمة محمد بن كعب، وفيه يقول محمد بن كعب:((سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ)) ، قال البخاري عقبه:((لا أدري، حفظه أم لا؟)) كأنه عنى به أحد الرواة، ولعله الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد الأسدي، الحِزَامي - بكسر أوله، وبالزاي-، يروي عن نافع مولى ابن عمر وأيوب بن موسى وزيد بن أسلم وسعيد المقبري، وغيرهم، يروي عنه ابنه عثمان والثوري وابن المبارك ووكيع ويحيى القطان وغيرهم، وكانت وفاته بالمدينة سنة ثلاث وخمسين ومائة، فقد وثقه أحمد وابن معين ومصعب الزبيري وابن بكير وابن المديني وأبو داود، وقال ابن سعد:((كان ثبتًا ثقة كثير الحديث)) . وقال ابن نمير: ((لا بأس به، جائز الحديث)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((صدوق في حديثه ضعف)) . وليّنه يحيى القطان مع أنه روى عنه. وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي)) . وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه، ولا يحتج به)) . وقال ابن عبد البر: ((كان كثير الخطأ، ليس بحجة)) . اهـ.
من "الجرح والتعديل"(4 / 460 رقم 2029) ، و"طبقات ابن سعد"(ص397 - 398 / القسم المتمم) ، و"الميزان"(2 / 324 - 325 رقم 3938) ، و"التهذيب"(4 / 446 - 447 رقم 777) .
أقول: والراجح من حال الضحاك هذا أنه صدوق كما هو اختيار الذهبي في الموضع السابق من "الميزان"، وفي ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص102 رقم 165) . وقد روي الحديث من طريق محمد بن كعب، عن ابن مسعود موقوفًا عليه.
أخرجه ابن منده في الرد على من يقول: (الم) حرف برقم (25 و 26) من طريق أبي عمر، وأبي رافع، كلاهما عن محمد بن كعب، عن ابن مسعود، ولفظ أبي عمر:((ما من مؤمن يقرأ حرفًا من القرآن، ولو شئت لقلت: اسمًا تامًّا، ولكن حرفًا، إلا كتب الله تبارك وتعالى له عشر حسنات)) .
ولفظ أبي رافع: ((من قرأ شيئًا من القرآن كُتب له بكل حرف عشر حسنات، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما إن الحرف ليس بالآية والكلمة، ولكن:(الم) ثلاثون حسنة)) .
الطريق الخامس: طريق القاسم بن عبد الرحمن:
أخرجه ابن منده في الموضع السابق برقم (17) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال:((أما إني لست ممن يزعم أن بكل آية عشر حسنات، ولكن أزعم أن بكل حرف من حروف المعجم عشر حسنات)) .
وسنده ضعيف؛ علي بن زيد بن عبد الله بن جُدْعان التيمي، البصري ضعيف كما في "التقريب"(ص401 رقم 4734) ، روى عن أنس رضي الله عنه، وعن سعيد بن المسيب والحسن البصري ومحمد بن المنكدر وغيرهم، يروي عنه الحمادان: ابن زيد وابن سلمة والسفيانان وهشيم وابن عليّة، وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقيل: تسع وعشرين ومائة، وقد ضعفه الإمام أحمد وابن معين والجوزجاني والنسائي وغيرهم.
انظر: "الجرح والتعديل"(6 / 186 - 187 رقم 1021) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1840 - 1845) ، و"التهذيب"(7 / 322 - 324 رقم 544) .
الطريق السادس: طريق أُسَيْر، ويقال: يسير بن عمرو، وقيل: ابن جابر. أخرجه ابن منده أيضًا برقم (18) من طريق السّريّ بن عاصم، عن علي بن إسحاق، عن محمد بن مروان، عن حميد بن هلال، عن أسير، عن ابن مسعود موقوفًا بنحو لفظ المصنف هنا.
والحديث موضوع بهذا الإسناد، آفته السَّرِيّ بن عاصم، ومحمد بن مروان.
أما السري بن عاصم بن سهل، أبو عاصم الهمداني، فقد كذبه ابن خراش، ورماه النقاش بالوضع. وقال ابن حبان وابن عدي:((يسرق الحديث)) .
انظر: "المجروحين"(1 / 335 - 356) ، و"الكامل"(3 / 1298) ، و"لسان الميزان"(3 / 12 رقم 41) .
وأما محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل السُّدِّي - بضم المهملة والتشديد-، =
5 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الرَّقَاشِيِّ
(1)
، عَنِ الْحَسَنِ
(2)
، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَهُوَ غِنًى لَا فَقْرَ بَعْدَهُ وَالْأَمَانَةُ غِنًى)).
= وهو الأصغر، فهو متهم بالكذب من الطبقة الثامنة كما في "التقريب"(ص 506 رقم 6284)، ويروي عن الأعمش ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير وغيرهم، يروي عنه ابنه علي والأصمعي والحسن بن عرفة وغيرهم، وقد كذبه جرير بن عبد الحميد وابن نمير، وقال صالح بن محمد:((كان ضعيفًا، وكان يضع))، وقال أبو حاتم:((ذاهب الحديث، متروك الحديث، لا يكتب حديثه البتّة)).
انظر: "الجرح والتعديل"(8/ 86 رقم 364)، و"الكامل"(6/ 2266 - 2267)، و"التهذيب"(9/ 436 - 437 رقم 719).
الطريق السابع: طريق أبي البختري:
أخرجه الآجّري في "أخلاق أهل القرآن"(ص 54 رقم 12)، من طريق حماد بن سلمة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أبي الأحوص، وأبي البختري، أن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:((تَعلَّمُوا الْقُرْآنَ واتلوه فإنكم تؤجرون به، إن بكل اسم منه عشرًا، أما إني لا أقول بـ: (آلم) عشر، ولكن بالألف عشر، وباللام عشر، وبالميم عشر)). وسنده ضعيف لإرساله.
أبو البختري اسمه سعيد بن فيروز الطائي مولاهم، وروايته عن ابن مسعود مرسلة كما في "جامع التحصيل"(ص 222)، و"التهذيب"(4/ 72).
(1)
هو يزيد بن أَبَان الرَّقَاشي - بتخفيف القاف، ثم معجمة- أبو عمرو البصري، القاصّ - بتشديد المهملة - زاهد ضعيف، روى عن أبيه وأنس بن مالك والحسن البصري وغيرهم، روى عنه قتادة والأعمش ومحمد بن المنكدر وهم من أقرانه، والربيع بن صبيح وحسين بن واقد ومعتمر بن سليمان وغيرهم، وذكره البخاري =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في "تاريخه الأوسط" في فصل من مات في عشر ومائة إلى عشرين ومائة، وقد ضعفه ابن سعد، وابن معين وغيرهما، بل قال شعبة:((لأن أزني أحب إلي من أن أحدث عن يزيد الرقاشي))، وقال ابن حبان:((كان من خيار عباد الله، من البكّائين بالليل في الخلوات والقائمين بالحقائق في السبرات، ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظها، واشتغل بالعبادة وأسبابها، حتى كان يقلب كلام الحسن، فيجعله عن أنس، عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو لا يعلم، فلما كثر في روايته ما ليس من حديث أنس وغيره من الثقات، بطل الاحتجاج به، فلا تحل الرواية عنه إلا على سبيل التعجب، وكان قاصًّا يقص بالبصرة ويبكّي الناس، وكان شعبة يتكلم فيه بالعظائم)). اهـ. من "المجروحين" لابن حبان (3/ 98)، و"الكامل" لابن عدي (7/ 2712)، و"التهذيب"(11/ 309 - 311 رقم 597)، و"التقريب"(ص 599 رقم 7683).
(2)
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، واسم أبيه - يسار- بالتحتانية والمهملة-، الأنصاري، مولاهم. ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس، روى له الجماعة، وروى عن أبي هريرة وسمرة وعمران بن حصين وابن عمر وأنس رضي الله عنهم، وخلق كثير من الصحابة والتابعين، روى عنه حميد الطويل وقتادة وأيوب السختياني وعوف الأعرابي وأبو الأشهب وخالد الحذّاء ويونس بن عبيد وغيرهم، وكانت ولادته لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه، وكانت وفاته سنة عشر ومائة، كان أنس بن مالك رضي الله عنه يقول:((سلوا الحسن؛ فإنه حفظ ونسينا))، وقال قتادة:((ما جالست فقيهًا قط إلا رأيت فضل الحسن عليه)). وقال أيوب: ((ما رأت عيناي رجلاً قط كان أفقه من الحسن)). وقال ابن سعد: ((كان الحسن جامعًا عالمًا رفيعًا فقيهًا ثقة مأمونًا عابدًا ناسكًا كثير العلم فصيحًا جميلاً وسيمًا، وكان ما أسند من حديثه وروى عمّن سمع منه فهو حجة، وما أرسل فليس بحجة))، وقال العجلي:((تابعي ثقة، رجل صالح صاحب سُنّة)). وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان يدلس، وكان من أفصح أهل البصرة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأجملهم وأعبدهم وأفقههم)) ، وقال البزار:((كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم، فيتجوّز، ويقول: حدثنا، وخطبنا - يعني قومه الذين حُدِّثوا وخُطبوا بالبصرة-)) .
انظر: "طبقات ابن سعد"(7 / 156 - 178) ، و"الجرح والتعديل"(3 / 40 - 42 رقم 177) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 122 - 123) ، و"التهذيب"(2 / 263 - 270 رقم 488) ، و"التقريب"(ص160 رقم 1227) .
وقد ذكر العلائي الحسن البصري في "جامع التحصيل"(ص130) في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"، وهم: من توقّف فيهم جماعة، فلم يحتجّوا بهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، وقبلهم آخرون مطلقًا.
وأما الحافظ ابن حجر فذكره في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين"(ص56 رقم 40)، وهم: من احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم في الصحيح؛ لإمامتهم وقلّة تدليسهم في جنب ما رووا، أو كانوا لا يدلسون إلا عن ثقة، فلعلّه ترجح للحافظ أن تدليس الحسن من هذا القبيل، غير أن الاحتياط في الرواية مطلوب، ولذا فالأحوط ما ذهب إليه العلائي، والله أعلم.
[5]
الحديث سنده ضعيف لضعف يزيد بن أَبَان الرقاشي وإرساله.
وقد أخرجه محمد بن نصر المروزي في قيام الليل كما في "المختصر"(ص159) .
وأبو يعلى في "مسنده"(5 / 159 - 160 رقم 2773) .
ومن طريقه الشجري في "أماليه"(1 / 82) .
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1 / 228 رقم 738) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 550 رقم 2376) .
جميعهم من طريق محمد بن عباد المكي، عن حاتم بن إسماعيل، عن شريك، عن الأعمش، عن يزيد بن أبان الرقاشي، عن الحسن، عن أنس، أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم قال:((القرآن غنى، لا فقر بعده، ولا غنى دونه)) .
وأخرجه الثعلبي في مقدمة "تفسيره"(1 / 14 / أ) من طريق إسحاق الأزرق، عن =
6 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ
(1)
، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ
(2)
، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، يَقُولُ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ، يَقُولُ:((تَعلَّمُوا الْقُرْآنَ، وَاتْلُوهُ تُؤْجَروا بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: الم، ولكن ألف، ولام، وميم)).
= شريك عن الأعمش، عن يزيد بن أبان، عن أنس مرفوعًا مثل سابقه.
فشريك هنا رواه عن الأعمش، ووصله، وخالفه أبو معاوية عند المصنف فأرسله. والصواب إرساله؛ فأبو معاوية أحفظ الناس لحديث الأعمش كما في ترجمته في الحديث رقم [3].
وأما شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، فهو صدوق، إلا أنه يخطئ كثيرًا؛ تغيّر حفظه منذ وُلّي القضاء بالكوفة، مع كونه عادلاً فاضلاً عابدًا شديدًا على أهل البدع كما في الحديث السابق رقم [4].
ومع ضعف شريك من قبل حفظه، فقد اختلف عليه كما سبق، فحاتم بن إسماعيل رواه عنه بإثبات الحسن البصري في سنده، وإسحاق الأزرق رواه عنه بإسقاطه، على أن ابن عدي أخرج الحديث في "الكامل"(4/ 1332) من طريق محمد بن عباد المكي، عن حاتم بن إسماعيل، عن شريك، به بإسقاط الحسن من سنده كما عند الثعلبي.
ومما يزيد الحديث ضعفًا إلى ضعفه أنه روي عن يزيد الرقاشي أيضًا، فجعله من مسند أبي هريرة؛ أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوائد"(7/ 158)، وقال الهيثمي:((فيه يزيد الرقاشي، وهو ضعيف)).
وقال البيهقي في الموضع السابق من "الشعب": ((وروي هذا الحديث من وجه آخر ضعيف عن الحسن، عن أبي هريرة، وهذا أشبه)). اهـ. والله أعلم.
(1)
هو عبد الرحمن بن زياد الرَّصَاصِي، أبو عبد الله، من أهل العراق، وسكن مصر، يروي عن شعبة والمسعودي ومبارك بن فضالة وابن لهيعة، روى عنه الحميدي ودُحيم والربيع بن سليمان وغيرهم، وروى عنه كثيرًا سيعد بن منصور في "سننه"، وهو صدوق؛ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قاله أبو حاتم. وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) - كما في "الجرح والتعديل"(5/ 235 رقم 1112) وذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 374)، وقال:((ربما أخطأ))، وهذا من تشدده في الجرح رحمه الله، ولم يفسر سبب جرحه له، وهو معارض بتوثيق أبي حاتم وأبي زرعة له. وقد ترجم الحافظ عبد الغني المقدسي لعبد الرحمن هذا في كتاب "الكمال"، لكن لم يرو له أحد من أصحاب الكتب الستة كما قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان"(3/ 416 رقم 1630).
(2)
هو عطاء بن السائب الثقفي، أبو محمد، ويقال: أبو السائب، الكوفي، يروي عن أبيه وعن أنس، وربما أدخل بينهما يزيد بن أبان، وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وسيعد بن جبير ومجاهد وأبي الأحوص عوف بن مالك وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه شعبة وأيوب وأحمد بن حنبل وابن سعد والنسائي والطبراني، لكنه اختلط في آخر عمره. قال الإمام أحمد:((من سمع قديمًا فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثًا فسماعه ليس بشيء)). ونص على اختلاطه ابن معين والقطان والعقيلي والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وغيرهم. وهناك من سمع منه قبل الاختلاط، وهم: شعبة وسفيان الثوري وابن عيينة وحماد بن زيد وهشام الدستوائي وأيوب وزهير وزائدة بن قدامة والأعمش. وأما حماد بن سلمة فاختلف فيه، فالجمهور على أنه سمع منه قبل الاختلاط، منهم: ابن معين وأبو داود ويعقوب بن سفيان وابن الجارود والطحاوي وغيرهم. ورأى العقيلي وابن القطان أنه سمع منه في الصحة والاختلاط، وكان لا يميز هذا وهذا. قال الحافظ ابن حجر: ((يحصل لنا من مجموع كلامهم: أن سفيان الثوري وشعبة وزهيراً وزائدة وحماد بن زيد وأيوب عنه صحيح، ومن عداهم يتوقف فيه، إلا حماد بن سلمة، فاختلف قولهم، والظاهر أنه سمع منه مرتين مرة مع أيوب
…
، ومرة بعد ذلك لما دخل عليهم البصرة))، واختُلف في سنة وفاة عطاء، فقيل: سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل: أربع، وقيل: ست، وقيل: سبع وثلاثين ومائة.
انظر في ذلك: "الجرح والتعديل"(6/ 332 - 334 رقم 1848)، و"الكامل" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لابن عدي (5 / 1999 - 2002) ، و"التهذيب"(7 / 203 - 207 رقم 385) ، و"الكواكب النيرات وحاشيته"(ص319 - 335) .
[6]
الحديث سنده حسن لذاته؛ لحال عبد الرحمن بن زياد، وقد توبع كما سيأتي. وأما عطاء بن السائب، فإنه وإن كان قد اختلط، إلا أنه هنا من وراية شعبة عنه، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط كما سبق، وروى هذا الحديث عنه أيضًا سفيان الثوري وحماد بن زيد كما سيأتي، وهما ممن سمع منه قبل الاختلاط أيضًا، فالحديث صحيح لغيره بهذه المتابعات، وتقدم في الحديث رقم [4] ذكر جميع طرقه، وانظر الحديث الآتي برقم [7] .
وأما هذا الطريق، فإن مداره على عطاء بن السائب، وله عنه ثمانية طرق:
1-
طريق شعبة:
أخرجه المصنف هنا من رواية عبد الرحمن بن زياد، عنه.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص12 رقم 25) من طريق حجاج.
والطبراني في "الكبير"(9 / 140 رقم 8649) من طريق علي بن الجعد.
كلاهما عن شعبة، عن عطاء، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، به نحو لفظ المصنف.
2-
طريق أبي الأحوص سلّام بن سليم.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 462 رقم 9983) .
والفريابي في "فضائل القرآن"(ص169 رقم 63) .
كلاهما من طريق أبي الأحوص هذا، عن عطاء، به نحوه أيضًا.
3-
طريق حماد بن سلمة:
أخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص54 رقم 12) من طريقه عن عطاء، به، وتقدم ذكر لفظه في الطريق السابع في الحديث المتقدم برقم [4] . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 4- طريق مسعر بن كدام.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4 / 551 رقم 1834) من طريق عبيد الله بن موسى، عن مسعر، عن عطاء، به نحو لفظ المصنف.
5-
طريق جعفر بن سليمان الضبعي.
أخرجه ابن الضريس في "الفضائل"(ص46 رقم 59) من طريقه، عن عطاء، به نحو لفظ المصنف، وزاد:((بكل حرف عشر حسنات)) .
6-
طريق سفيان الثوري، واختلف عليه.
فرواه قبيصة أبو عامر، وعبد الرزاق، كلاهما عنه، عن عطاء، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مسعود موقوفًا عليه كما في الروايات السابقة.
وخالفهما أبو عاصم النبيل في رواية ابن الجنيد عنه، فرواه عن سفيان، به مرفوعًا.
أما رواية قبيصة فأخرجها الدارمي في "سننه"(2 / 308 رقم 3311) بنحو لفظ الطريق السابق.
وأما رواية عبد الرزاق فأخرجها ابن منده في الرد على من يقول: (الم) حرف عقب ذكره للحديث رقم [6] ، من طريق الطبراني، عن الدَّبَري، عن عبد الرزاق، بلفظ:((اقرؤا القرآن، فإنكم تؤجرون عليه، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: (الم) حرف، ولكن: ألف عشرًا، ولام عشرًا، وميم عشرًا، فلذلك ثلاثون حسنة)) .
وأما رواية أبي عاصم النبيل، فأخرجها:
أبو جعفر النحاس في "القطع والائتناف"(ص80) .
والخطيب في "تاريخه"(1 / 285 - 286) .
وفي "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1 / 107 رقم 78) .
وابن منده في الموضع السابق.
ثلاثتهم من طريق محمد بن أحمد بن الجنيد، عن أبي عاصم، عن سفيان، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= به مرفوعًا، ولفظ ابن منده هو نفس اللفظ السابق ولفظ الخطيب والنحاس نحوه.
وقد أخرج ابن منده هذا الحديث من طريق الطبراني، ونقل عنه قوله عقبه:((رفعه أبو عاصم، ووقفه عبد الرزاق والناس)).
قلت: ووقفه هو الصواب؛ لأمرين:
أ- جميع الطرق السابقة وغيرها تدل على أن الصواب وقفه.
ب- كل من قبيصة وعبد الرزاق قد تابع الآخر على وقفه، فروايتهما أرجح من رواية أبي عاصم وقد يكون هناك من تابعهما أيضًا كما يظهر من كلام الطبراني السابق، ولا يعني هذا الحكم بالوهم على أبي عاصم، فقد يكون الوهم ممن دونه، وهو محمد بن أحمد بن الجنيد.
7 -
طريق حماد بن زيد، واختلف عليه أيضًا.
فرواه عارم أبو النعمان عنه، عن عطاء، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مسعود، موقوفاً عليه كما في الروايات السابقة.
وخالفه معلّى بن منصور، فرواه عنه مرفوعاً.
أما رواية عارم، فأخرجها الطبراني في "الكبير"(9/ 140 رقم 8648)، بلفظ:((تعلموا القرآن واتلوه، فإنكم تؤجرون به بكل حرف منه حسنة، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: (الم) حسنة، ولكن: ألف، ولام، وميم، ثلاثون حسنة؛ ذلك بأن اللَّهَ عز وجل يَقُولُ:{مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160])).
وأما رواية معلّى بن منصور، فأخرجها ابن منده في الموضع السابق برقم
(4)
، بلفظ:((من قرأ حرفًا من كتاب الله تعالى كتب الله له عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أقول: (الم) حرف، ولكن: ألف ولام وميم ثلاثون حسنة)).
والصواب والأرجح رواية عارم؛ لأمرين:
أ- لكونها موافقة لجميع الروايات السابقة.
ب- عارم أوثق من معلى، وبخاصة في حماد بن زيد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعارم لقبه، واسمه محمد بن الفضل السدوسي، أبو النعمان البصري، يروي عن جرير بن حازم ومهدي بن ميمون ووُهيب بن خالد والحمَّادَيْن بن زيد وابن سلمة وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، لكنه تغيّر في آخر عمره كما في "التقريب"(ص502 رقم 6226) .
قال ابن وارة: ((حدثنا عارم الصدوق الأمين)) . ووثقه أبو حاتم، وقال:((إذا حدثك عارم فاختم عليه، وعارم لا يتأخر عن عفان، وكان سليمان بن حرب يقدم عارمًا على نفسه، إذا خالفه عارم في شيء رجع إلى ما يقول عارم، وهو أثبت أصحاب حماد بن زيد بعد عبد الرحمن بن مهدي)) . وقال أيضًا: ((اختلط عارم في آخر عمره، وزال عقله، فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح، وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة، ولم أسمع منه بعد ما اختلط، فمن كتب عنه قبل سنة عشرين ومائتين، فسماعه جيد، وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين)) وكانت وفاته سنة أربع وعشرين ومائتين، وقيل: سنة ثلاث وعشرين. اهـ. من "الجرح والتعديل"(8 / 58 - 59 رقم 267)، وانظر:"الميزان"(4 / 7 - 9 رقم 8057) ، و"التهذيب"(9 / 402 - 405 رقم 657) .
قلت: وسمع منه قبل الاختلاط أيضًا: الإمام أحمد، وعبد الله بن محمد المسندي، ومحمد بن أحمد الذريقي، والجوزجاني، والكديمي، والذهلي، والبخاري، وجدّ العقيلي: محمد بن حماد بن صاعد.
والراوي لهذا الحديث عن عارم هو شيخ الطبراني علي بن عبد العزيز البغوي، وقد اختلف في سماعه هو وشعيب بن عثمان الأهوازي من عارم؛ لأنهما سمعا منه سنة سبع عشرة ومائتين، فعلى قول أبي حاتم يكون سماعهما قبل الاختلاط.
وخالفه أبو داود، فقال: اختلط سنة ست عشرة، ويؤيده قول جد العقيلي حيث قال: ((حججت سنة خمس عشرة، ورجعت إلى البصرة وقد تغيّر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عارم، فلم أسمع منه بعدُ شيئًا حتى مات)) .
انظر: "الضعفاء" للعقيلي (4 / 121 - 123) ، و"الكواكب النيرات وحاشيته"(ص382- 394) .
قلت: ما ذكره أبو داود وجدّ العقيلي لا يؤثر - إن شاء الله - على حديث عارم، فقد قال الدارقطني:((تغير بأخَرَةٍ، وما ظهر منه بعد اختلاطه حديث منكر، وهو ثقة)) .
وأما قول ابن حبان: ((اختلط في آخر عمره وتغيّر حتى كان لا يدري ما يحدِّث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة، فيجب التنكّب عن حديثه فيما رواه المتأخرون، فإذا لم يعلم هذا من هذا، تُرك الكلّ، ولا يحتجّ بشيء منها)) . اهـ.
فقول ابن حبان هذا ردّه الذهبي بقوله عقب ذكره لكلام الدارقطني آنفًا: ((فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأت بعد النسائي مثله، فأين هذا القول من قول ابن حبان الخسّاف المتهوّر في عارم
…
)) ، ثم ذكر قول ابن حبان السابق، وأردفه بقوله:((ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثًا منكرًا، فأين ما زعم؟)) .
انظر: الموضعين السابقين من "الميزان" و"التهذيب"، و"سير أعلام النبلاء"(10 / 267) .
وأما معلّى بن منصور الرازي، أبو يعلى، نزيل بغداد، فإنه ثقة سنّي فقيه روى له الجماعة، طُلب للقضاء فامتنع، وأخطأء من زعم أن أحمد رماه بالكذب كما في "التقريب"(ص541 رقم 6806) . وهو يروي عن الإمام مالك وهشيم وحماد بن زيد وعبد الوارث بن سعيد وغيرهم، روى عنه ابنه يحيى وأبو خيثمة وأبو بكر بن أبي شيبة ويعقوب بن شيبة والبخاري وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى عشرة أو اثنتي عشرة ومائتين، وقد وثقه ابن معين. وقال العجلي: ((ثقة صاحب سنّة، وكان نبيلاً، طلبوه للقضاء =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= غير مرّة، فأبى)). وقال يعقوب بن شيبة:((ثقة فيما تفرّد به وشورك فيه، متقن صدوق فقيه مأمون)). ونقل عبد الحق في الأحكام عن الإمام أحمد أنه رماه بالكذب، والذي جاء عنه في حقه هو ما نقله ابن أبي حاتم عن أبيه، قال:((قيل لأحمد بن حنبل: كيف لم تكتب عن المعلى بن منصور الرازي؟ فقال: كان يكتب الشروط، ومن كتبها لم يخلُ من أن يكذب)).
وقد عقّب أبو زرعة على هذا الموقف من الإمام أحمد بقوله: ((رحم الله أحمد بن حنبل، بلغني أنه كان في قلبه غصص من أحاديث ظهرت عن المعلى بن منصور، كان يحتاج إليها. وكان المعلى طلاّبة للعلم، رحل، وعنى، وهو صدوق)). هذا مع أنه جاء عن الإمام أحمد أنه قال: ((معلى ابن منصور من كبار أصحاب أبي يوسف ومحمد، ومن ثقاتهم في النقل والرواية)).
انظر: "الجرح والتعديل"(8/ 334 رقم 1541)، و"الكامل" لابن عدي (6/ 2372)، و"الميزان"(4/ 150 - 151 رقم 8676)، و"التهذيب"(10/ 238 - 240 رقم 436).
8 -
طريق همّام بن يحيى.
أخرجه ابن منده في الموضع السابق برقم
(5)
، فقال: أخبرنا سهل بن محمد بن الحسن، أخبرنا جدي، أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى الزهري، حدثنا إسماعيل بن يزيد القطان، حدثنا أبو داود، حدثنا همَّام بن يحيى، عن عطاء ابن السائب، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤا القرآن، فإنكم تؤجرون بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، لا أقول: (آلم)، ولكن: الألف عشرًا، واللام عشرًا، والميم عشرًا)).
ومع مخالفة هذا الطريق للطرق السابقة، حيث روي هنا مرفوعًا، والصواب وقفه، فإنه لا يثبت عن همام.
محمد بن أحمد بن أبي يحيى هو محمد بن أحمد بن يزيد الزهري شيخ للطبراني وأبي الشيخ. قال عنه أبو الشيخ: ((لم يكن بالقوي في الحديث))، وقال =
7 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ
(1)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الهَجَري
(2)
، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ شَيْئًا فَلْيَفْعَلْ؛ فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ عز وجل، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبعَهُ، وَلَا يَعْوَجُّ فيُقَوَّم، وَلَا يَزِيغُ فيُستَعتَبُ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: (((الم))).
= أبو نعيم: ((كان كثير الخطأ والمصنفات))، كذا في "لسان الميزان"(5/ 41 رقم 141)، والذي في "أخبار أصبهان" لأبي نعيم (2/ 250):((كثير الحديث والمصنفات)).
قال ابن حجر في الموضع السابق: ((يحتمل أن يكون هو شيخ ابن عدي المذكور قبله)).
قلت: إن كان هو فقد اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث كما في "الكامل"(6/ 2297).
وفيما تقدم من الطرق الصحيحة غُنْية عن هذا الطريق، والله أعلم.
(1)
هو عبد ربه بن نافع الكناني، الحنّاط - بمهملة ونون-، نزيل المدائن، أبو شهاب، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري والأعمش وإسماعيل بن أبي خالد وشعبة وإبراهيم الهَجَري وغيرهم، روى عنه يحيى بن آدم ومسدد وأبو الربيع الزهراني وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وسبعين ومائة، وهو صدوق روى له الشيخان كما في "الكاشف"(2/ 154 رقم 3166)، فقد وثقه ابن معين والبزار والعجلي وابن سعد وزاد:((كثير الحديث))، وقال ابن نمير:((ثقة صدوق)). وقال الإمام أحمد: ((ما بحديثه بأس)). وقال ابن خراش والخطيب: ((صدوق)). وقال يعقوب بن شيبة: ((كان ثقة، وكان كثير الحديث، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وكان رجلاً صالحًا لم يكن بالمتين، وقد تكلموا في حفظه)). ولم يرض يحيى القطان أمره، وقال:((لم يكن بالحافظ)). ولما ذكر للإمام أحمد قول يحيى هذا لم يرضَ به، ولم يقرّه. وقال النسائي:((ليس بالقوي)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 42 رقم 217)، و"تاريخ بغداد"(1/ 36)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 771)، و"التهذيب"(6/ 128 - 130 رقم 269).
أقول: أبو شهاب هذا مختلف فيه، والراجح من حاله أنه صدوق كما سبق، وهو قول ابن خراش واختاره الخطيب في "تاريخه"، ويقرب منه قول الإمام أحمد:((ما بحديثه بأس))، وهو الذي رجحه الذهبي في "الكاشف"، ويقرب منه قوله في "الميزان" (2/ 544 رقم 4800):((صدوق في حفظه شيء))، وكذا قال في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص 116 رقم 201)، بمعنى أنه حسن الحديث عنده؛ فقد قال في المقدمة (ص 27) عن الرواة المذكورين في هذا الكتاب:((فهؤلاء حديثهم إن لم يكن في أعلى مراتب الصحيح، فلا ينزل عن رتبة الحسن، اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه، وهي التي تُكُلِّم فيه من أجلها، فينبغي التوقف في هذه الأحاديث)). اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري"(ص 417) عن أبي شهاب هذا: ((احتج الجماعة به سوى الترمذي، والظاهر أن تضعيف من ضعّفه إنما هو بالنسبة إلى غيره من أقرانه كأبي عوانة وأنظاره)). اهـ.
(2)
هو إبراهيم بن مسلم العبدي أبو إسحاق الهجري - بفتح الهاء والجيم -، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى وأبي الأحوص عوف بن مالك وأبي عياض، وعنه شعبة وابن عيينة ومحمد بن فضيل بن غزوان، وأبو شهاب عبد ربه بن نافع وغيرهم، وهو من الطبقة الخامسة، ليّن الحديث؛ رفع موقوفات كما في "التقريب" (ص 94 رقم 252). قال ابن معين:((ليس حديثه بشيء)). وقال البخاري والنسائي: ((منكر الحديث)). وقال الإمام أحمد: ((كان الهجري رفّاعًا))، وضعَّفه. وقال الفسوي:((كان رفاعًا، لا بأس به))، وقال الأزدي: ((هو صدوق، ولكنه رفّاع =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كثير الوهم))، وقال سفيان بن عيينة:((أتيت إبراهيم الهجري، فدفع إليَّ عامة كتبه، فرحمت الشيخ، وأصلحت له كتابه، قلت: هذا عن عبد الله وهذا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا عن عمر)). قال الحافظ ابن حجر: ((القصة المتقدمة عن ابن عيينة تقتضي أن حديثه عنه صحيح؛ لأنه إنما عيب عليه رفعه أحاديث موقوفة، وابن عيينة ذكر أنه ميّز حديث عبد الله من حديث النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 131 - 132 رقم 417)، و"الكامل"(1/ 214 - 216)، و"التهذيب"(1/ 164 - 166 رقم 296).
[7]
الحديث سنده ضعيف لأجل إبراهيم الهجري، وما تقدم ذكره من أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه يتضح جليًّا في هذا الحديث؛ فإنهم قالوا عنه إنه رفع موقوفات، وهذا الحديث موقوف، وقد رواه عنه عدد من الرواة مرفوعًا، والصواب وقفه كما في الحديثين المتقدمين برقم [4، 6]، وهكذا رواه عنه سفيان بن عيينة ومن وافقه، وتقدم أن رواية ابن عيينة عنه صحيحة لأنه ميّز حديثه، على أن للحديث متابعات تقدم ذكرها في الحديثين المشار إليهما، ومنها متابعة أبي إسحاق السبيعي بتمام لفظه بنحو ما هنا.
وللحديث طرق كثير عن إبراهيم الهجري، وجدت منها أربعة عشر طريقًا، منها أربعة طرق موقوفة، وعشرة طرق مرفوعة.
أما الموقوفة، فهي:
1 -
طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع.
أخرجه المصنف هنا عنه.
وأخرجه الشيعي يحيى بن الحسين الشجري في "أماليه"(1/ 88) بنحوه، لكن تصحّفت كنية عبد ربه هذا عنده إلى:(أبي سهل)، بسبب تقارب الرسم.
وأشار لهذا الطريق ابن منده في الرد على من يقول: (آلم) حرف، عقب روايته للحديث رقم
(8)
. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
2 - طريق سفيان بن عيينة:
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 375 - 376 رقم 6017) عنه، به نحوه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 139 رقم 6017).
ومن طريق الطبراني أخرجه:
أبو نعيم في "الحلية"(1/ 130 - 131).
وابن منده في الموضع السابق برقم
(9)
.
وسند هذا الطريق صحيح؛ لأنه من رواية سفيان بن عيينة عن الهجري، وتقدم الكلام عنها.
وسفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، مولاهم أبو محمد الكوفي، ثم المكي، يروي عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وأبي إسحاق السبيعي وإسماعيل بن أبي خالد وأيوب السختياني وابن أبي نجيح وعمرو بن دينار وغيرهم، روى عنه الشافعي ويحيى القطان وابن مهدي وعبد الرزاق وأحمد بن حنبل وابن معين وابن المديني وابنا أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين ومائة، وهو ثقة حافظ فقيه إمام حجّة، روى له الجماعة، وكان ربما دلّس، لكن عن الثقات.
قال الشافعي رحمه الله: ((لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز)). وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا كثير الحديث، حجّة)). وقال الإمام أحمد: ((ما رأيت أحدًا من الفقهاء أعلم بالقرآن والسنن منه)). وقال أبو حاتم: ((ثقة إمام)).
وقال ابن خراش: ((ثقة مأمون ثبت)). وقال ابن حبان: ((كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع والدين)). وقال اللالكائي: ((هو مستغن عن التزكية لتثبته وإتقانه، وأجمع الحفاظ أنه أثبت الناس في عمرو بن دينار)).
انظر: "الجرح والتعديل"(4/ 225 - 227 رقم 973)، و"التهذيب"(4/ 117 - 122 رقم 205)، و"التقريب"(ص 245 رقم 2451). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 3 - طريق جعفر بن عون.
أخرجه الدارمي في "سننه"(2/ 310 رقم 3318)، والبهيقي في "شعب الإيمان"(4/ 594 رقم 1832)، ولفظهما نحو لفظ المصنف هنا.
4 -
طريق إبراهيم بن طهمان:
أخرجه البيهقي مقرونًا بالرواية السابقة.
هذا بالنسبة لمن رواه عن الهجري موقوفًا.
وأما الطرق المرفوعة، فهي:
5 -
طريق أبي معاوية.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 482 - 483 رقم 10057).
وابن نصر في قيام الليل كما في "المختصر"(ص 155).
والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1/ 107 رقم 79). ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، عن الهجري، به مرفوعًا نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة والخطيب لم يذكرا قوله: ((فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَأْجُرُكُمْ
…
)) إلخ.
6 -
طريق أبي اليقظان عمار بن محمد الثوري.
أخرجه أبو عبيد في "فضائله"(ص 5 رقم 7) بنحو لفظ المصنف هنا.
7 -
طريق محمد بن فضيل.
أخرجه ابن حبان في "المجروحين"(1/ 100).
ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل"(1/ 101 - 102 رقم 145).
وأخرجه ابن منده في الموضع السابق برقم
(7)
.
أما ابن حبان فبنحو لفظ المصنف، وأما ابن منده فلفظه:((اتلوا القرآن، فإن الله تعالى يأجركم على تلاوته كل حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لا أقول: (الم) حرف، ولكن: ألف عشر، ولام عشر، والميم عشر)).
8 -
طريق عبد الله بن الأجلح:
أخرجه ابن حبان مقرونًا برواية محمد بن فضيل السابقة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريقه ابن الجوزي في الموضع السابق.
9 -
طريق علي بن مسهر.
أخرجه ابن منده مقرونًا برواية محمد بن فضيل السابقة.
10 -
طريق محمد بن عجلان.
أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 278).
والثعلبي في الكشف والبيان (1/ 14 / ب - 15 / أ) و (2 / ل 87 أ - 87 / ب).
والبيهقي في "شعب الإيمان"(4/ 493 - 494 رقم 1786).
ولفظ البيهقي والثعلبي نحوه، وأما لفظ أبي نعيم فمختصر.
11 -
طريق جرير بن عبد الحميد.
أخرجه ابن الضريس في "فضائله"(ص 46 رقم 58)، ولفظه نحو لفظ ابن منده في طريق محمد بن فضيل رقم
(7)
.
12 -
طريق صالح بن عمر.
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 555) بنحو لفظ المصنف، ثم قال:((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بصالح بن عمر))، فتعقبه الذهبي بقوله:((صالح ثقة خرج له مسلم، لكن إبراهيم بن مسلم ضعيف)).
13 -
طريق يحيى بن عثمان الحنفي.
أشار له البيهقي في "الشعب"(4/ 494)، ثم أخرجه (4/ 550) بنحو لفظ المصنف، لكن تصحف في الموضع الثاني اسم يحيى بن عثمان إلى:((يحيى بن عمر))، وأظنه من المحقق.
وأشار ابن منده لهذه الرواية في الموضع السابق عقب الحديث رقم
(8)
.
14 -
طريق سليمان بن عبد العزيز.
أخرجه ابن منده في الموضع السابق برقم
(8)
بنحو لفظه في طريق محمد بن فضيل رقم
(7)
.
وبالجملة فالحديث صحيح لغيره موقوفًا على ابن مسعود، والله أعلم.
8 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ
(1)
، قَالَ: نا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ
(2)
، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ
(3)
، عَنْ أَبِي كِنَانَةَ
(4)
، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَائِنٌ لَكُمْ أَجْرًا، وَكَائِنٌ لَكُمْ ذِكْرًا، وَكَائِنٌ عَلَيْكُمْ وِزْرًا، فَاتَّبِعُوا الْقُرْآنَ، وَلَا يَتَّبِعُكُمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعِ الْقُرْآنَ يَهْبطُ بِهِ رِيَاضَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ يُتَّبع بِهِ الْقُرْآنُ يَزُخُّ
(5)
فِي قَفَاهُ حَتَّى يَقْذِفَهُ فِي جَهَنَّمَ)).
(1)
هو هُشَيْم - بالتصغير - ابن بشير بن القاسم بن دينار السُّلَمي، أبو معاوية الواسطي، روى عن يعلى بن عطاء وسليمان التيمي وإسماعيل بن أبي خالد وعمرو بن دينار وحصين بن عبد الرحمن وسيار أبي الحكم وخالد الحذّاء، وعبد الملك بن أبي سليمان ومغيرة بن مقسم وغيرهم، روى عنه ابنه سعيد وابن المبارك ووكيع ويزيد بن هارون وعلي بن المديني وابنا أبي شيبة وأحمد بن حنبل وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت ولادته في سنة أربع ومائة، وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائة، وهو ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 574 رقم 7312). قال أبو عبيدة الحدّاد: قدم علينا هشيم البصرة، فذكرناه لشعبة، فقال:((إن حدثكم عن ابن عباس وابن عمر فصدّقوه)). وقال علي بن معبد الرقي: جاء رجل من أهل العراق، فذاكر مالكًا بحديث، فقال:((وهل بالعراق أحد يحسن الحديث إلا ذاك الواسطي)) - يعني هشيمًا -. وقال عبد الرحمن بن مهدي: ((كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري)). ووثقه ابن سعد والعجلي وأبو حاتم. ووصفه بالتدليس العجلي وابن سعد وابن حبان وأحمد والنسائي. ولما قال له ابن المبارك: ((لِمَ تدلس وأنت كثير الحديث؟)) قال: ((كبيراك قد دلّسا: الأعمش وسفيان)). وعدّه ابن حجر في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"، وهم: مَنْ أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. انظر:"الجرح والتعديل"(9/ 115 رقم 486)، و"التهذيب"(11/ 59 - 64 رقم 100)، و"طبقات المدلسين"(ص 115 - 116 رقم 111).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
(2)
زياد بن مِخْراق - بكسر الميم وسكون المعجمة - المزني، مولاهم، أبو الحارث البصري، يروي عن معاوية بن قُرَّة وأبي نعامة قيس بن عباية وغيرهم، روى عنه شعبة ومالك وحماد بن سلمة وابن عليَّة وابن عيينة، وغيرهم، وهو ثقة؛ من الطبقة الخامسة، وثقه ابن معين والنسائي، وقال ابن خراش:((صدوق))، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "الجرح والتعديل"(3/ 545 رقم 2461)، و"التهذيب"(3/ 383 رقم 700)، و"التقريب"(ص 220 رقم 2098).
(3)
وهو معاوية بن قُرّة بن إياس بن هلال المزني، أبو إياس البصري، روى عن أبيه ومعقل بن يسار وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن مغفل وغيرهم، روى عنه ابنه إياس وثابت البناني ومنصور بن زاذان وقتادة وشعبة وآخرون، وكانت وفاته سنة ثلاث عشرة ومائة وهو ابن ست وسبعين، وهو ثقة؛ وثّقه ابن سعد وابن معين والعجلي والنسائي وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، وروى له الجماعة.
انظر: "الجرح والتعديل"(8/ 378 - 379 رقم 1734)، و"التهذيب"(10/ 216 - 217 رقم 399)، و"التقريب"(ص 538 رقم 6769).
(4)
هو أبو كنانة القرشي، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(9/ 430 رقم 2135) وبيّض له، وقال الحافظ في "التقريب" (ص 669 رقم 8327):((مجهول))، والراجح من حاله أنه مجهول الحال كما قال ابن القطان؛ فقد روى عنه زياد بن مخراق، وأبو إياس معاوية بن قرة، وغيرهما، ويروي هو عن أبي موسى الأشعري، وهو من الطبقة الثالثة، فلعل الحافظ لم يطلع على رواية أبي إياس عنه.
انظر: "التهذيب"(12/ 213 رقم 988)، و"الميزان"(4/ 565 رقم 10543).
(5)
أي: يدفع. "النهاية في غريب الحديث"(2/ 298).
[8]
الحديث سنده ضعيف لجهالة حال أبي كنانة.
وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4/ 585 رقم 1866) من طريق المصنف، ولفظه: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَائِنٌ لَكُمْ أجرًا، وكائن لكم ذخرًا، وكائن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لكم وزرًا، فاتبعوا القرآن، ولا يتبعنكم القرآن، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعِ الْقُرْآنَ يَهْبطُ به على رياض الجنة، ومن يتبعه القرآن يزج فِي قَفَاهُ حَتَّى يَقْذِفَهُ فِي نار جهنم)) .
والحديث أخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص25 رقم 54، 55) ، وفي "غريب الحديث"(4 / 172 - 173) ، من طريق هشيم وإسماعيل بن عليّة، عن زياد بن مخراق، به نحوه.
ومن طريق أبي عبيد أخرجه البيهقي في الموضع السابق.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 484 رقم 10063) و (13 / 386 - 387 رقم 16671) ، والدارمي في "سننه"(2 / 313 رقم 3331) .
كلاهما من طريق شعبة، عن زياد بن مخراق به نحوه.
وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 135 / أ - ب) ، وهو في المطبوعة (3 / 297 رقم 3517) .
والفريابي في "الفضائل"(ص128 - 129 رقم 22) .
ومن طريقه الشجري الشيعي في "أماليه"(1 / 83) .
وأخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص40 رقم 3) .
وأبو نعيم في "الحلية"(1 / 257)
جمعيهم من طريق إسماعيل بن علية، عن زياد بن مخراق، به نحوه.
وأخرجه ابن الضريس في "الفضائل"(ص48 رقم 67) من طريق عوف، عن زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي كنانة عن أبي موسى، به نحوه هكذا بإسقاط أبي إياس من سنده.
وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما في "المختصر"(ص158 - 159) .
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" أيضًا (ص25 رقم 56) من طريق هشيم، قال: أخبرنا محمد مولى قريش، قال: سمعت أبا كنانة يحدث عن أبي موسى بمثل ذلك، أي: بمثل لفظ أبي عبيد السابق.
9 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ
(1)
، عَنْ لَيْثٍ
(2)
، عَنْ مُجَاهِدٍ
(3)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَلَا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل كَانَتْ لَهُ نُورًا يَومَ الْقِيَامَةِ، وَمَنِ اسْتَمَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً مضاعفة)).
(1)
هو إسماعيل بن عيّاش بن سُلَيْم العَنْسي - بالنون-، أبو عتبة الحمصي، روى عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُليم وصفوان بن عمرو وعبد الرحمن بن جبير بن نفير والأوزاعي وشرحبيل بن مسلم وبحير بن سعد وزيد بن أسلم ومحمد بن عمرو وموسى بن عقبة وهشام بن عروة وخلق من أهل الشام والحجاز والعراق وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وأبو داود الطيالسي وابن معين وأبو عبيد وعثمان بن أبي شيبة والحسن بن عرفة وسعيد بن منصور وغيرهم، وكان مولده سنة اثنتين ومائة، وقيل: خمس، وقيل: ست ومائة، وتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وثمانين، وهو صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلّط في غيرهم كما في "التقريب"(ص 109 رقم 473)، وهو مدلس من الطبقة الثالثة، وصفه بالتدليس ابن معين وابن حبان كما في "طبقات المدلسين"(ص 82 رقم 68)، قال يعقوب بن سفيان:((تكلم قوم في إسماعيل، وإسماعيل ثقة عدل، أعلم الناس بحديث الشام، وأكثر ما قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين)).
وقال يزيد بن هارون: ((ما رأيت أحفظ من إسماعيل بن عياش، ما أدري ما سفيان الثوري)).
وقال ابن معين: ((ثقة فيما يروي عن الشاميين. وأما روايته عن أهل الحجاز، فإن كتابه ضاع، فخلط في حفظه عنهم)). وفي رواية عنه قال: ((إذا حدث عن الشاميين وذكر الخبر، فحديثه مستقيم. وإذا حدث عن الحجازيين والعراقيين خلط ما شئت)).
وذكر أبو بكر المرّوذي أنه سأل الإمام أحمد عنه، فحسّن روايته عن الشاميين، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال: ((هو فيهم أحسن حالاً مما روى عن المدنيين وغيرهم)).
انظر: "الجرح والتعديل"(2/ 191 - 192 رقم 650)، و"الكامل"(1/ 288 - 296)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (3/ 164)، و"التهذيب"(1/ 321 - 326 رقم 584).
(2)
هو ليث بن أبي سُلَيم بن زُنَيْم - بالزاي والنون مصغر- القرشي، مولاهم، أبو بكر الكوفي، يروي عن طاوس ومجاهد وعطاء وعكرمة ونافع وأبي إسحاق السبيعي وأبي الزبير المكي وغيرهم، روى عنه الثوري وشعبة وجرير بن عبد الحميد وعبد الواحد بن زياد وزائدة وشريك ومحمد بن فضيل وغيرهم، ومات بعد الأربعين ومائة، قيل: سنة إحدى أو اثنتين، وقيل ثلاث، وقيل: ثمان وأربعين ومائة، وهو صدوق اختلط جدًّا، ولم يتميز حديثه، فتُرك كما في "التقريب" (ص 464 رقم 5685) قال الإمام أحمد:((مضطرب الحديث، ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأيًا منه في ليث بن أبي سليم وأبي إسحاق وهمام، لا يستطيع أحد أن يراجعه فيهم)).
وقال ابن معين: ((كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه)). وقال وكيع: ((كان سفيان لا يسمي ليثًا)). وقال عيسى بن يونس: ((كان قد اختلط، وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن)). وقال أبو حاتم وأبو زرعة: ((ليث لا يشتغل به؛ هو مضطرب الحديث)). وقال ابن حبان: ((اختلط في آخر عمره، فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم. تركه يحيى القطان، وابن مهدي، وابن معين، وأحمد)). وقال يعقوب بن شيبة: ((هو صدوق ضعيف الحديث)). وقال ابن شاهين في "الثقات": قال عثمان بن أبي شيبة: ((ليث صدوق، ولكن ليس بحجة)). وقال الساجي: ((صدوق فيه ضعف، كان سيء الحفظ، كثير الغلط، كان يحيى القطان بآخرةٍ لا يحدث عنه)).
انظر: "الجرح والتعديل"(7/ 177 - 179 رقم 1014)، و"الكامل" لابن عدي (6/ 2105 - 2108)، و"التهذيب"(8/ 465 - 468 رقم 833).
(3)
هو مجاهد بن جَبْر - بفتح الجيم، وسكون الموحدة-، أبو الحجاج المخزومي، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مولاهم، المكي، روى عن العبادلة الأربعة وعائشة وأم سلمة وجابر وسراقة بن مالك وغيرهم، وروى عن علي وسعد بن أبي وقاص ورافع بن خديج وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة، وقيل: لم يسمع منهم، روى عنه أيوب السختياني وعطاء وعكرمة وعمرو بن دينار والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وكان مولده سنة إحدى وعشرين للهجرة في خلافة عمر رضي الله عنه، وتوفي سنة مائة، وقيل: إحدى، وقيل: اثنتين، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع ومائة، وهو ثقة إمام في التفسير وفي العلم، وروى له الجماعة كما في "التقريب"(ص520 رقم 6481)، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة. وقال ابن سعد:((كان ثقة فقيهًا عالمًا كثير الحديث)) . وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:((كان فقيهًا ورعًا عابدًا متقنًا)) .
وقال الذهبي: ((أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(8 / 319 رقم 1469) ، و"التهذيب"(10 / 42 - 44 رقم 68) .
[9]
سنده ضعيف جدًّا لضعف ليث وإسماعيل في غير أهل بلده؛ فإن روايته هنا عن ليث وهو كوفي، ومع ذلك فإسماعيل مدلس ولم يصرح هنا بالسماع، وأيضًا ففي رواية مجاهد عن أبي هريرة شك، هل سمع منه أوْ لا كما سبق؟
وقد اختلف في الحديث على إسماعيل كما سيأتي، ولعل هذا من خلطه.
فالحديث روي عن أبي هريرة رضي الله عنه من طريقين:
1-
طريق مجاهد، ويرويه عنه ليث بن أبي سليم، واختلف على ليث، فرواه إسماعيل بن عياش، عنه، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا.
ورواه عبد الوراث بن سعيد، عنه، عن رجل يقال له الحسن من قوله.
أما رواية إسماعيل فهي التي أخرجها المصنف هنا عنه.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4 / 546 رقم 1828) بمثله، إلا أنه قال:((ومن استمع لآية)) ، وحسن السيوطي إسناده =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في "الدر المنثور"(3 / 638) .
وأما رواية عبد الوارث، فأخرجها ابن الضريس في "الفضائل"(ص45 رقم 56)، عن الحسن هذا قال:((من استمع إلى آية في كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن قرأها كَانَتْ لَهُ نُورًا يَومَ الْقِيَامَةِ)) .
فلست أدري، هل الخلط من ليث، أو من إسماعيل، أو منهما كليهما؟
2-
طريق الحسن البصري، عن أبي هريرة:
وله عن الحسن ثلاث طرق:
أ- طريق عباد بن ميسرة.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2 / 341) من طريق شيخه أبي سعيد مولى بني هاشم، عن عباد هذا، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا، به نحو لفظ المصنف.
قال المنذري في "الترغيب"(2 / 206) : ((رواه أحمد عن عباد بن ميسرة، واختلف في توثيقه، عن الحسن، عن أبي هريرة، والجمهور على أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة)) .
وقال الهيثمي في "المجمع"(7 / 162) : ((فيه عباد بن ميسرة ضعفه أحمد وغيره، وضعفه ابن معين في رواية، وضعفه (كذا!) في أخرى، ووثقه ابن حبان)) .
وقد أخرج الحديث من هذا الطريق أيضًا ابن مردويه كما في تخريج أحاديث "إحياء علوم الدين"(2 / 703 - 704) .
والحديث ضعيف من هذا الطريق؛ له علتان:
1-
الإنقطاع بين الحسن البصري وأبي هريرة.
فالجمهور على أنه لم يسمع من أبي هريرة، منهم: أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وعلي بن زيد، وبهز بن أسد، وابن المديني، والإمام أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والبزار.
انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص31 - 46) ، و"جامع التحصيل"(ص196- 197) ، و"التهذيب"(2 / 263- 270) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد أنكر بعضهم أن يكون الحسن رأي أبا هريرة كيونس بن عبيد، وأبي زرعة، والراجح أنه رآه وسمع منه حديثًا واحدًا، قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب":((وقع في "سنن النسائي" من طريق أيوب، عن الحسن، عن أبي هريرة في المختلعات، قال الحسن: لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث، أخرجه عن إسحاق بن راهويه، عن المغيرة بن سلمة، عن وهيب، عن أيوب، وهذا إسناد لا مطعن في أحد من رواته، وهو يؤيد أنه سمع من أبي هريرة في الجملة، وقصته في هذا شبيهة بقصته في سمرة سواء)) . اهـ.
2-
عباد بن ميسر المِنْقَري، البصري ليّن الحديث عابد من الطبقة السابعة كما في "التقريب"(ص291 رقم 3149) . وهو يروي عن الحسن البصري ومحمد بن المنكدر وعلي بن زيد بن جدعان، ويروي عنه أبو الوليد الطيالسي ووكيع وهشيم وغيرهم، وقد ضعفه الإمام أحمد وابن معين، وقال ابن معين في رواية:((إن حديثه ليس بالقوي، ولكنه يكتب)) ، وفي رواية قال:((ليس به بأس)) . وقال أبو داود: ((ليس بالقوي)) ، وقال ابن عدي:((هو ممن يكتب حديثه)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:((كان من العباد)) .
انظر: "الكامل" لابن عدي (4 / 1647 - 1648) ، و"التهذيب"(5 / 107 - 108 رقم 179) .
ب- طريق صالح بن مقسم.
أخرجه ابن منده في الرد على من يقول: (آلم) حرف برقم (24) من طريق إسماعيل بن عياش، عن صالح بن مقسم، عن الحسن، عن أبي هريرة، مرفوعًا، به نحو لفظ المصنف.
وسنده ضعيف أيضًا، للانقطاع بين الحسن وأبي هريرة.
وصالح بن مقسم مجهول، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4 / 414 رقم 1821) ، وبيض له، ولم يذكر أنه روى عنه سوى إسماعيل بن عياش. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وإسماعيل بن عياش روايته عن غير الشاميين ضعيفة، وصالح بن مقسم لم يذكر بلده في ترجمته، وقد يكون إسماعيل خلط في الحديث، فمرة يرويه عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أبي هريرة، ومرة عن صالح بن مقسم، عن الحسن، عن أبي هريرة، فالله أعلم بالصواب.
جـ- طريق أبان بن أبي عياش:
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 373 رقم 6013) عن معمر، عن أبان، عن أنس، أو عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فذكره بنحوه هكذا على الشك.
وسنده ضعيف جدًّا.
أبان بن أبي عياش تقدم في الحديث رقم [4] أنه متروك الحديث.
وقد روي بعضه من حديث ابن عباس موقوفًا.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 373 رقم 6012)، فقال: أخبرنا ابن جريج، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال:((من اسْتَمَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَومَ الْقِيَامَةِ)) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الدارمي في "سننه"(2 / 319 رقم 3370) ، والفريابي في "الفضائل"(ص170 رقم 64) .
وأخرج أبو عبيد في "الفضائل"(ص13 رقم 27) من طريق حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس
…
، فذكره بنحو لفظ عبد الرزاق هكذا بإسقاط عطاء في سنده.
والحديث بهذا الإسناد مداره على ابن جريج، وهو:
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، مولاهم، المكي، يروي عن أبيه عبد العزيز، وعن عطاء بن أبي رباح وزيد بن أسلم والزهري وطاوس وابن أبي مليكة وعطاء الخراساني وعمرو بن دينار وأبي الزبير ومحمد بن المنكدر ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه ابناه عبد العزيز ومحمد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وحماد بن زيد وعبد الوهاب الثقفي وابن عليّة وابن عيينة وابن المبارك وعبد الله بن إدريس ووكيع وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمسين ومائة وهو ابن سبعين سنة، وهو ثقة فقيه فاضل، روى له الجماعة، إلا أنه يدلّس ويرسل كما في "التقريب"(ص363 رقم 4193) ، وقد عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"(ص95 رقم 83)، وهم: من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. قال يحيى بن سعيد: ((لم يكن أحد أثبت في نافع من ابن جريج فيما كتب، وهو أثبت من مالك في نافع)) . وقال أيضًا: ((كان ابن جريج صدوقًا، فإذا قال: حدثني فهو سماع، وإذا قال: أخبرني فهو قراءة، وإذا قال: قال فهو شبه الريح)) . وقال الإمام أحمد: ((ابن جريج أثبت الناس في عطاء)) ، وقال أيضًا:((ابن جريج ثبت صحيح الحديث، لم يحدث بشيء إلا أتقنه)) . وقال مرة: ((إذا قال ابن جريج: قال فلان، وقال فلان، وأُخبرت، جاء بمناكير. وإذا قال: أخبرني، وسمعت، فحسبك به)) ، ووثقه ابن معين. وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث)) . وقال الذهلي: ((ابن جريج إذا قال: حدثني وسمعت فهو محتج بحديثه)) . وسئل عنه أبو زرعة، قال:((بخ، من الأئمة)) . وقال ابن حبان: ((كان من فقهاء أهل الحجاز وقرائهم ومتقنيهم، وكان يدلس)) . وقال الدارقطني: ((تجنب تدليس ابن جريج، فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(5 / 356 - 358 رقم 1687) ، و"التهذيب"(6 / 402 - 406 رقم 855) .
قلت: ولم يصرح ابن جريج بالسماع في هذا الحديث، فيكون ضعيفًا لأجله.
10 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ
(1)
، عَنْ مَنْصُورٍ
(2)
، عَنْ أَبِي الضُّحى
(3)
، قَالَ: قَالَ الضحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ
(4)
: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ: عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَهَالِيَكُمُ الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ كَتَبَ اللَّهُ عز وجل (لَهُ مِنْ)
(5)
مُسْلِمٍ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا قِيلَ لَهُ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ فِي دَرَجِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى علمه من القرآن)).
(1)
هو جرير بن عبد الحميد بن قُرْط الضبي، أبو عبد الله الرازي، يروي عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وأبي إسحاق الشيباني ويحيى بن سعيد الأنصاري، والأعمش ومنصور بن المعتمر ومغيرة بن مقسم وغيرهم، روى عنه إسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وابن المديني، وابن معين وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وثمانين ومائة، وولادته سنة سبع ومائة، وقيل: عشر ومائة، وهو ثقة صحيح الكتاب، وروى له الجماعة. قال اللالكائي:((أجمعوا على ثقته))، وكذا قال الخليلي. وقال أبو خيثمة:((لم يكن يدلس)). وقال ابن سعد: ((كان ثقة يرحل إليه)). ووثقه العجلي والنسائي وأبو حاتم، وقال:((يحتج بحديثه)). وقال الإمام أحمد: ((لم يكن بالذكي)).
وقال البيهقي: ((نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ)). اهـ. من "هدي الساري"(ص 395)، وانظر:"الجرح والتعديل"(2/ 505 - 507 رقم 2080)، و"الميزان"(1/ 394 رقم 1466)، و"التهذيب"(2/ 75 - 77 رقم 116)، و"التقريب"(ص 139 رقم 916)، و"الكواكب النيرات وحاشيته"(ص 120 - 122).
أقول: جرير ثقة صاحب كتاب كما يتضح من "الميزان"(1/ 395)، وقول الإمام أحمد عنه:((لم يكن بالذكي)) يوضح باقي كلامه حيث قال: ((اختلط عليه حديث أشعث وعاصم الأحول حتى قدم عليه بهز فعرّفه)). اهـ. فهذا مقصور على حديث هذين المذكورين، وقد زال. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما قول البيهقي إنه: ((نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ))، فقد قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "هدي الساري":((ولم أر ذلك لغيره - أي البيهقي- بل احتج به جماعة)). اهـ.
أقول: وقد يكون التبس على البيهقي بجرير بن حازم كما حصل لصاحب الحافل أبي العباس النباتي؛ حيث ذكر عن أبي حاتم أن جريرًا تغير قبل موته بسنة فحجبه أولاده، وهذا إنما وقع لجرير بن حازم، فكأنه اشتبه على صاحب الحافل كما نص على ذلك الذهبي في "الميزان"، وابن حجر في "التهذيب"، والله أعلم.
(2)
هو منصور بن المعتمر بن عبد الله السُّلَمي، أبو عتّاب - بمثنّاة ثقيلة، ثم موحدة -، الكوفي، يروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة وإبراهيم النخعي والحسن البصري وسعيد بن جبير وطلحة بن مُصَرِّف ومجاهد وأبي الضحى مسلم بن صبيح وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وحصين بن عبد الرحمن والأعمش وغيرهم من أقرانه، وسفيان الثوري وابن عيينة وشعبة ومسعر وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت، وكان لا يدلّس وروى له الجماعة. قال سفيان الثوري:((ما بالكوفة آمن على الحديث من منصور)). وقال ابن مهدي: ((لم يكن بالكوفة أحفظ من منصور)). وقال أبو زرعة عن إبراهيم بن موسى: ((أثبت أهل الكوفة: منصور، ثم مسعر)).
وقال أبو حاتم: ((ثقة))، وسئل عنه وعن الأعمش، فقال:((الأعمش حافظ، يخلط ويدلس، ومنصور أتقن، لا يخلط ولا يدلس)). وقال العجلي: ((ثقة ثبت في الحديث، كان أثبت أهل الكوفة، وكأن حديثه القدح، لا يختلف فيه أحد، متعبّد رجل صالح)). وقال ابن معين: ((منصور من أثبت الناس)).
انظر: "الجرح والتعديل"(8/ 177 - 179 رقم 778)، و"التهذيب"(10/ 312 - 315 رقم 546)، و"التقريب"(ص 547 رقم 6908).
(3)
هو مسلم بن صُبَيْح - بالتصغير -، الهَمْداني، أبو الضُّحى الكوفي، العطّار، مشهور بكنيته، يروي عن النعمان بن بشير وابن عباس وابن عمر وشتير =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن شكل ومسروق وعلقمة وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور وسعيد بن مسروق وعطاء بن السائب ومغيرة وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وكانت وفاته في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة مائة، وهو ثقة فاضل روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 530 رقم 6632)؛ فقد وثقه ابن سعد وابن معين وأبو زرعة والنسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "الجرح والتعديل"(8/ 186 رقم 815)، و"التهذيب"(10/ 132 - 133 رقم 235).
(4)
الضحّاك بن قيس لم ينسب هنا، والمترجم لهم في هذه الطبقة ثلاثة، والراوي عنه هنا هو أبو الضحى مسلم بن صبيح، ولم يذكر المزي في ترجمته في "تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1326) أنه روى عن أحد ممن اسمه الضحاك، ولم أجد في تراجم هؤلاء الثلاثة أن أبا الضحى روى عن أحد منهم.
أما أحد هؤلاء الثلاثة، فهو: الضحاك بن قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة الفهري، القرشي، أبو أنيس أخو فاطمة بنت قيس، أمير مشهور، وصحابي صغير.
انظر: "التاريخ الكبير"(4/ 332 رقم 3018)، و"الإصابة"(3/ 478 - 480)، و"التهذيب"(4/ 448 - 449 رقم 781)، و"التقريب"(ص 279 رقم 2976).
وأما الآخر، فهو: الضحاك بن قيس، روى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر سماعًا. فرّق ابن معين بينه وبين الفهري، وتبعه الخطيب في "المتفق والمفترق". اهـ. من "التهذيب"(4/ 449 رقم 782).
وأما الثالث فهو: الضحاك بن قيس الكندي، السكوني. يروي عن ابن عمر. قال عنه الإمام أحمد:((ثقة صالح صاحب سنة)). وذكره ابن حبان في "ثقاته".
انظر: "التاريخ الكبير"(4/ 332 رقم 3019)، و"الجرح والتعديل"(4/ 485 رقم 2023)، و"الثقات"(4/ 387).
(5)
في الأصل: (ما من)، وما أثبته من "مصنف ابن أبي شيبة" وسيأتي تمام لفظه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [10] الحديث سنده صحيح إلى قائله الضحاك، وقد صح معناه مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 449 رقم 10108) و (13 / 375 رقم 16642) متابعًا لسعيد، فقال: حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضحى، قال: كان الضحاك بن قيس يقول: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَهَالِيَكُمُ الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ مَنْ كُتِبَ له من مسلم يدخله الله الجنة أتاه ملكان، فاكتنفاه، فقالا لَهُ: اقْرَأْ وَارْتَقِ فِي دَرَجِ الجنة، حتى ينزلا به حيث انتهى علمه من القرآن)) .
وفي الموضع الثاني: ((فإنه من كتب الله له من مسلم أن يدخله الجنة)) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8 / 315) وعزاه لابن أبي شيبة فقط.
وله شاهد من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص وأبي هريرة، وأبي سعيد رضي الله عنهم.
أما حديث عبد الله بن عمرو، فيرويه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وارْقَ ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2 / 192) واللفظ له.
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 498 رقم 10105) .
وأبو داود في "سننه"(2 / 153 رقم 1464) في الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة.
والترمذي في "سننه"(8 / 232 رقم 3081 و 3082) ، في فضائل القرآن، باب منه.
والنسائي في "فضائل القرآن"(ص97 رقم 81) .
وابن حبان في "صحيحه"(3 / 43 رقم 766 / الإحسان) .
والحاكم في "المستدرك"(1 / 552 - 553) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدلة، عَنْ زرّ، عن عبد الله بن عمرو، به. =
11 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ
(1)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ
(2)
، قَالَ: يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وارْقَ، وَرَتِّلْ، فَيَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي به القرآن)).
= قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح))، وصححه ابن حبان كما سبق، ونقل الذهبي تصحيح الحاكم له وأقرَّه، وسقط كلام الحاكم من "المستدرك" المطبوع.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق برقم (10104).
والإمام أحمد في "المسند"(2/ 471).
كلاهما عن شيخهما وكيع، قال: حدثنا الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي سعيد، أو: عن أبي هريرة - شكّ الأعمش -، قال: يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارْقَهْ، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 162): ((رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح)).
قلت: والشك من الأعمش لا يضر، فأبو سعيد وأبو هريرة صحابيان.
وقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 40).
وابن ماجه في "سننه"(2/ 1242 رقم 3780) في الأدب، باب: ثواب القرآن.
كلاهما من طريق شيبان، عن فراس، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري، قال: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يقال لصاحب القرآن يوم القيامة إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه)).
قال البوصيري في "الزوائد"(3/ 187): ((هذا إسناد فيه عطية العَوْفي، وهو ضعيف)).
وعليه فالحديث صحيح بمجموع هذه الطرق، والله أعلم.
(1)
هو العوّام بن حَوشْب بن يزيد الشيباني، أبو عيسى الواسطي، يروي عن المسيب بن رافع وأبي إسحاق السبيعي ومجاهد وسلمة بن كهيل وعمرو بن مرّة وأبي إسحاق الشيباني وإبراهيم التيمي وغيرهم، روى عنه شعبة وهشيم ويزيد بن هارون =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومحمد بن عبيد الطنافسي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة، وهو ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 433 رقم 5211)؛ قال الإمام أحمد:((ثقة ثقة))، ووثقة ابن معين وأبو زرعة والعجلي وابن سعد والحاكم.
انظر: "طبقات ابن سعد"(7/ 311)، و"الجرح والتعديل"(7/ 22 رقم 117)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 1064)، و (3/ 1331)، و"التهذيب"(8/ 163 - 164 رقم 297).
(2)
هو إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي الكوفي العابد. يروي عن أبيه وأنس والحارث بن سويد وعمرو بن ميمون وغيرهم، روى عنه بيان بن بشر والحكم بن عتيبة ويونس بن عبيد وغيرهم وهو ثقة روى له الجماعة، وكان يرسل؛ فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:((كان عابدًا صابرًا على الجوع الدائم)). انظر: "الجرح والتعديل"(2/ 145 رقم 474)، و"الثقات" لابن حبان (4/ 7 - 8)، و"التهذيب"(1/ 176 - 177 رقم 124)، و"التقريب"(ص 95 رقم 269).
قلت: ذكر الحافظ في الموضع السابق من "التقريب" أنه كان يدلس، اعتمادًا منه على عبارة الكرابيسي حيث قال:((حدث عن زيد بن وهب قليلاً أكثرها مدلسة)) كما في الموضع السابق من "التهذيب"، مع أن الحافظ لم يذكره في "طبقات المدلسين"، ولم أجد من ذكره ممن ألف في المدلسين، وإنما ذكره العلائي فيمن يرسل كما في "جامع التحصيل"(ص 167). وزيد بن وهب لا أدري، سمع منه التيمي أم لا؟ فلم يذكره المزي فيمن سمع منه، انظر:"تهذيب الكمال" المطبوع (2/ 232)، وسماعه منه محتمل، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا فالتيمي توفي على الراجح سنة (93 هـ)، وزيد بن وهب قيل: بعد الثمانين، وقيل: سنة (96 هـ) كما في "التقريب"(ص 225 رقم 2159). وبالجملة فكلام الكرابيسي يفتقر إلى الدليل، هذا إن سلم من الوهم.
[11]
سنده ضعيف؛ هشيم مدلس من الثالثة كما في الحديث المتقدم برقم [8]، ولم يصرح بالسماع هنا.
12 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنِ المسيِّب بْنِ رَافِعٍ
(1)
، قَالَ: يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَافِعٌ مُطَاعٌ، ومَاحِلٌ
(2)
مُصَدَّق، فيَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اجْزِهِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِي، وَيَسْهَرُ بِي، وَيَنْصَبُ بِي، فَاجْزِهِ، فَيُقَالُ:((حُلَّة الْكَرَامَةِ))، فَيَقُولُ: يَا رب اجزه [ل 105/ب]؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِي، وَيَسْهَرُ بِي، وَيَنْصَبُ بِي، فَاجْزِهِ، فَيُقَالُ:((تَاجُ الْكَرَامَةِ))، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اجْزِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِي، وَيَسْهَرُ بِي، وَيَنْصَبُ بِي، قَالَ: فَيُقَالُ: ((رِضْوَانِي لَا سَخَطَ بَعْدَهُ)). قَالَ: فَإِلَى ذَلِكَ تَنْتَهِي شَفَاعَةُ القرآن.
(1)
هو المسيب بن رافع الأسدي الكاهلي، أبو العلاء الكوفي، الأعمى، يروي عن البراء بن عازب وحارثة بن وهب وأبي صالح ذكوان السمّان وغيرهم، يروي عنه العوام بن حوشب وأبو إسحاق السبيعي والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 532 رقم 6675)، فقد وثقه ابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "الجرح والتعديل"(8/ 293 رقم 1348)، و"الثقات"(5/ 437)، و"التهذيب"(10/ 153 رقم 291).
(2)
أي: خصم مجادل. / النهاية في غريب الحديث (4/ 303).
[12]
سنده ضعيف كسابقه، وقد صحّ معناه عن أبي هريرة رضي الله عنه كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 495 - 496 رقم 10097) من طريق محمد بن فضيل، عن الحسن بن عبيد الله، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أبي صالح، قال: يشفع القرآن لصاحبه يوم القيامة، فيكسى حلة الكرامة، فيقول: أي رب زده، فإنه
…
، قال: فيكسى تاج الكرامة، قال: فيقول: أي رب زده، فإنه
…
، فيقول: رضائي. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن الضريس في "الفضائل"(ص62 رقم 102) ، وأخرجه الدارمي في "سننه"(2 / 309 - 310 رقم 3316) ، من طريق موسى بن خالد، حدثنا إبراهيم بن محمد الفزاري، عن الحسن بن عبيد الله، به نحو سياق ابن أبي شيبة.
وأبو صالح هذا هو ذكوان السمّان الزيات المدني، يروري عن أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي سعيد الخدري وجابر وابن عمر وابن عباس وغيرهم، روى عنه أولاده سهيل وصالح وعبد الله وعطاء بن أبي رباح وزيد بن أسلم والأعمش وغيرهم، شهد الدار زمن عثمان رضي الله عنه ومات سنة إحدى ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص203 رقم 1841) . قال الإمام أحمد: ثقة ثقة، من أجل الناس وأوثقهم، ووثّقه ابن معين والعجلي. وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث)) . وقال أبو حاتم: ((ثقة صالح الحديث يحتجّ بحديثه)) . وقال أبو زرعة: ((ثقة مستقيم الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(3 / 450 - 451 رقم 2039) ، و"التهذيب"(3 / 219 - 220 رقم 417) ، والمسيب بن رافع تقدم أنه ثقة.
والحسن بن عبيد الله بن عروة النخعي، أبو عروة الكوفي يروي عن إبراهيم النخعي وإبراهيم التيمي وزيد بن وهب وأبي وائل شقيق بن سلمة وعامر الشعبي وأبي الضحى مسلم بن صبيح وغيرهم، روى عن شعبة والسفيانان، وزائدة وأبو إسحاق الفزاري ومحمد بن فضيل وغيرهم، ولم أجد من نصّ على أنه روى عن المسيب بن رافع، وسماعه منه محتمل؛ فإن المسيب توفي سنة خمس ومائة كما سبق، وأما الحسن بن عبيد الله فكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وأربعين ومائة، وكلاهما كوفي. والحسن هذا ثقة فاضل كما في "التقريب"(ص162 رقم 1254) . وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وقال الساجي:((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال المديني: قلت ليحيى بن سعيد: أيما أعجب إليك، الحسن بن عبيد الله، أو الحسن بن عمرو؟ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال: ((الحسن بن عمرو أثبتهما، وهما جميعًا ثقتان صدوقان)) . وقال البخاري: ((لم أخرج حديث الحسن بن عبيد الله؛ لأن عامة حديثه مضطرب)) ، وضعفه الدارقطني بالنسبة للأعمش، فقال في "العلل" بعد أن ذكر حديثًا للحسن هذا خالفه فيه الأعمش:((الحسن ليس بالقوي، ولا يقاس بالأعمش)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(3 / 23 رقم 96) ، و"التهذيب"(2 / 292 رقم 521) .
قلت: أما قول البخاري ففيه مجازفة - إن صح عنه-، وأين كان أولئك الأئمة الذين وثقوه من أحاديثه التي عامتها مضطربة؟!
وأما قول الدارقطني السابق فليس على إطلاقه، وإنما هو بالنسبة إلى الأعمش، وأين الحسن من الأعمش؟ فإذا اختلف هو وإياه في حديث، قُدِّم الأعمش، مع كون الحسن ثقة.
ولم يذكر الذهبي الحسن هذا في "الميزان" وحينما ترجم له في "السير"(6 / 144 - 145) لم يذكر قول أحد ممن جرحه، وفي "الكاشف"(1 / 223 رقم 1048)، قال:((ثقة)) ، واستدركه الحافظ العراقي على الذهبي في "ذيل الميزان"(ص186 - 187 رقم 284) ، وذكر جرح الدارقطني، ولم يذكر كلام البخاري، فالله أعلم.
ورواه عن الحسن هذا اثنان:
أحدهما: شيخ ابن أبي شيبة: مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنُ غَزْوان الضَبِّي، مولاهم، أبو عبد الرحمن الكوفي، يروي عن أبيه وإساعيل بن أبي خالد وعاصم الأحول وأبي إسحاق الشيباني وهشام بن عروة والأعمش وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وعمرو بن الفلَّاس وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع وتسعين ومائة، وقيل: خمس وتسعين، وهو ثقة شيعي روى له الجماعة كما في "الكاشف" للذهبي (3 / 89 رقم 5194) . فقد وثقه ابن معين، وكذا العجلي ويعقوب بن سفيان، ووصفاه بالتشيع. وذكره ابن شاهين في "الثقات" وقال: ((قال علي بن المديني: كان محمد بن فضيل ثقة ثبتًا في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحديث، وما أقل سقط حديثه)) . وقال ابن سعد:((كان ثقة صدوقًا كثير الحديث، متشيعًا، وبعضهم لا يحتج به)) .
وقال الإمام أحمد: ((كان يتشيع، وكان حسن الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:((كان يغلو في التشيع)) ، وقال الدارقطني:((كان ثبتًا في الحديث، إلا أنه كان منحرفًا عن عثمان)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(8 / 57 - 58 رقم 263) ، و"الثقات" لابن شاهين (ص208 رقم 1256) ، و"التهذيب"(9 / 405 - 406 رقم 658) .
والآخر: إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء الفَزَاري، الإمام، أبو إسحاق، يروي عن حميد الطويل وأبي إسحاق السبيعي والأعمش ومالك وشعبة والثوري وغيرهم، يروي عنه ابن المبارك وأبو أسامة حماد بن أسامة ومحمد بن كثير المصِّيصي والمسيب بن واضح وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وثمانين ومائة، وقيل: ست وثمانين، وقيل: ثمان وثمانين ومائة، وهو ثقة حافظ له تصانيف، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص92 رقم 230) .
قال ابن عيينة: ((كان أبو إسحاق الفزاري إمامًا)) . وقال عبد الرحمن بن مهدي: ((كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة)) . وقال ابن معين: ((ثقة ثقة)) . وقال أبو حاتم: ((الثقة المأمون الإمام)) . وقال النسائي: ((ثقة مأمون أحد الأئمة)) . وقال العجلي: ((كان ثقة رجلاً صالحًا، صاحب سنّة، وهو الذي أدّب أهل الثغر، وعلمهم السنّة، وكان يأمر وينهى، وإذا دخل الثغر دخل مبتدع أخرجه، وكان كثير الحديث، وكان له فقه)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(1 / 281 - 286) ، و"التهذيب"(1 / 151 - 153 رقم 271) .
والراوي للحديث عن أبي إسحاق الفزاري هذا هو: شيخ الدارمي: موسى بن خالد الشامي، أبو الوليد الحلبي، خَتَن أبي إسحاق الفزاري، يروي عن أبي إسحاق الفزاري وعيسى بن يونس ومعتمر بن سليمان وابن عيينة، روى عنه الدارمي =
13 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُعَير
(1)
، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، يَقُولُ: لَأَنْ أَكُونَ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ قُمْتُ بِهِ سَنَةً، كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، وَذَلِكَ: أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: ((اقْرَأْ، وارْقَ، وَرَتِّلْ، فَيُرْجَى إِذَا كَانَ جَمَعَ الْقُرْآنَ أن يكون من المقربين)).
= ومحمد بن سهل وغيرهما، وهو مقبول من الطبقة العاشرة كما في "التقريب"(ص 550 رقم 6957)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(9/ 161)، وروى له مسلم حديثًا له طرق أخرى في الصحيح كما في "التهذيب"(10/ 341 رقم 601).
ومن خلال ما سبق يتضح أن سند الحديث صحيح إلى أبي صالح، وسيأتي معناه عن مجاهد برقم [22] وهو صحيح عنه.
وقد صح من رواية أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
فأخرجه الترمذي في "سننه"(8/ 227 - 228 رقم 3076) في فضائل القرآن، باب: ما جاء في من قرأ حرفًا من القرآن، ما له من الأجر؟
والحاكم في "المستدرك"(1/ 552).
كلاهما من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، عن عاصم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((يجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول القرآن: يا ربِّ حَلِّهِ، فيُلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زدْه فيلبس حُلَّة الكرامة، ثم يقول: يا ربِّ ارْضَ عنه، فيقال له: اقرأ وارقَ ويزاد بكل آية حسنة)).
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)).
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي.
قلت: لكن أخرجه الترمذي عقبة برقم (3077) من طريق محمد بن جعفر غندر عن شعبة، فوقفه على أبي هريرة، ثم قال الترمذي:((وهذا أصح عندنا من حديث عبد الصمد، عن شعبة)). اهـ
(1)
هناك نقطة فوق الراء في الأصل الخطي بحيث يخيل للقارئ أن الكلمة: ((صفين)). ولم أجد من ترجم لعقبة هذا بما يشفي، وإنما ذكره ابن ماكولا في "الإكمال" (5/ 183) فقال:((وعقبة بن صعير، سمع أبا صالح، روى عنه العوام بن حوشب))، وذكره ابن حجر =
14 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ
(1)
، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ (أَوْفى)
(2)
، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ الْأَنْصَارِيِّ
(3)
، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ لَهُ حَافِظٌ مَثَلُ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ
(4)
، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ وَلَيْسَ بِحَافِظٍ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، وهو يتعاهده فله أجران)).
= في "تبصير المنتبه"(3/ 836) فقال: ((وعقبة بن صُعَير شيخ للعوام بن حوشب)). اهـ.
قلت: وحيث لم يرو عنه سوى العوام، ولم يوثق من إمام معتبر، فهو مجهول، والله أعلم.
[13]
الحديث سنده ضعيف لجهالة عقبة بن صعير، وهشيم تقدم أنه مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع هنا.
(1)
هو قتادة بن دِعَامة بن قتادة السَّدوسي، أبو الخطّاب البصري، ثقة ثبت روى له الجماعة وروى هو عن أنس بن مالك وعبد الله بن سَرْجس، وقيل: لم يسمع منه، وروى أيضًا عن زرارة بن أوفى وعكرمة وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وشعبة وجرير بن حازم وسعيد بن أبي عروبة ومعمر وغيرهم، وكانت ولادته سنة إحدى وستين للهجرة ووفاته سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: ثمان عشرة ومائة.
وقال الحاكم: ((لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس))، وذكر ابن أبي حاتم عن الإمام أحمد مثل ذلك، وزاد: قيل له: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعًا، وذكر الإمام أحمد أيضًا أنه لم يسمع من سعيد بن جبير، وقال ابن معين:((لم يلق سعيد بن جبير ولا مجاهداً ولا سليمان بن يسار))، وهو مدلس من الطبقة الثالثة كما في "طبقات المدلسين"(ص 102 رقم 92)، إلا أن رواية شعبة عنه محمولة على السماع، وإن كانت بالعنعنة كما في ترجمة أبي إسحاق السبيعي في الحديث رقم [1].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال سعيد بن المسيب لما رأى حفظ قتادة: ((ما كنت أظن أن الله خلق مثلك)). وقال ابن سيرين: ((قتادة هو أحفظ الناس)). وقال أبو حاتم: ((سمعت أحمد بن حنبل، وذكر قتادة، فأطنب في ذكره، فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير، ووصفه بالحفظ والفقه، وقال: قلّما تجد من يتقدمه، أما المثل، فلعلّ)). ووثقه ابن معين، وقال ابن سعد:((كان ثقة مأمونًا حجة في الحديث، وكان يقول بشيء من القدر)). وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من علماء الناس بالقرآن والفقه، ومن حفاظ أهل زمانه
…
، وكان مدلّسًا، على قَدَرٍ فيه)). وقال الشعبي:((قتادة حاطب ليل)) - يعني: أنه يأخذ عن كل أحد-. وقال شعبة: ((كان قتادة إذا جاء ما سمع قال: ((حَدَّثنا، وإذا جاء ما لم يسمع قال: قال فلان)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(7/ 133 - 135 رقم 756)، و"التهذيب"(8/ 351 - 356 رقم 635)، و"التقريب"(ص 453 رقم 5518).
قلت: ومن أحسن من بيّن حال قتادة: الذهبي رحمه الله في "سير أعلام النبلاء"(5/ 269 - 271) حيث قال: ((حافظ العصر، قدوة المفسرين والمحدّثين
…
، كان من أوعية العلم، وممن يضرب به المثل في قوّة الحفظ
…
، وهو حجّة بالإجماع إذا بيّن السماع؛ فإنه مدلّس معروف بذلك، وكان يرى القَدَر، نسأل الله العفو. ومع هذا فما توقّف أحد في صدقه وعدالته وحفظه. ولعلّ الله يعذر أمثاله ممن تلبّس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبَذَل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يُسئل عما يفعل. ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعُلِمَ تحرّيه للحق، واتّسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعُرف صلاحه وورعه واتّباعه، يغفر له زلله، ولا نضلّله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك)). اهـ.
(2)
في الأصل: (أبي أوفى)، وما أثبته من مصادر التخريج، ومصادر ترجمته.
وهو زُرارة - بضم أوله - بن أوفى العارمي، الحَرَشي - بمهملة وراء مفتوحتين، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= - ثم معجمة -، أبو حاجب البصري، قاضيها، يروي عن المغيرة بن شعبة وأنس وأسير بن جابر ومسروق وسعد بن هشام وغيرهم، يروي عنه قتادة وداود بن أبي هند وعوف الأعرابي وأيوب السختياني وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين، وهو ثقة عابد روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 215 رقم 2009)، فقد وثقه ابن سعد وابن معين والنسائي والعجلي، وزاد:((رجل صالح))، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:((كان من العباد)).
انظر: "طبقات ابن سعد"(7/ 150)، و"الجرح والتعديل"(3/ 603 رقم 2727)، و"الثقات" لابن حبان (4/ 266)، و"التهذيب"(3/ 322 - 323 رقم 598).
(3)
هو سعد بن هشام بن عامر الأنصاري المدني، يروي عن أبيه وعائشة وابن عباس وأبي هريرة وأنس وغيرهم، وعنه حميد بن هلال وزرارة بن أوفى والحسن البصري وغيرهم وهو ثقة من الطبقة الثالثة، استشهد بأرض الهند، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 232 رقم 2258). فقد ابن سعد والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "طبقات ابن سعد"(7/ 209)، و"الثقات" لابن حبان (4/ 294)، و"التهذيب"(3/ 483 رقم 900).
(4)
السَّفَرةُ: هم الملائكة، جمع سافر، والسافر في الأصل: الكاتب، سُمِّي به لأنه يُبيّن الشيء ويوضّحه، ومنه قوله تعالى:{بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 15 - 16].
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 371).
[14]
الحديث سنده حسن لذاته؛ عبد الرحمن بن زياد تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. وبقية رجال الإسناد ثقات، والحديث صحيح من غير هذا الطريق، فإن له طرقًا بعضها في الصحيحين.
فمدار الحديث على قتادة، يرويه عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سعد بن هشام، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
وله عن قتادة سبعة طرق: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 1- طريق شعبة.
أخرجه المصنف هنا من طريق عبد الرحمن بن زياد عنه.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص210 رقم 1499) .
ومن طريق الطيالسي أخرجه الترمذي في "سننه"(8 / 215 - 216 رقم 3068) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(4 / 537 رقم 1822) .
وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده"(1 / 505 رقم 991) .
ومن طريقه النحاس في "القطع والائتناف"(ص79) .
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص5 و 30 رقم 6 و 66) .
والإمام أحمد في "المسند"(6 / 110) .
والبخاري في "صحيحه"(8 / 691 رقم 4937) ، وفي "خلق أفعال العباد"(ص94 رقم 295) .
وابن الضريس في "الفضائل"(ص39 رقم 30) .
والنسائي في "التفسير"(2 / 492 رقم 666) ، وانظر "تحفة الأشراف"(11 / 406) .
وتمام في "فوائده"(ص669 رقم 1189) .
والبيهقي في "سننه"(2 / 395) .
2-
طريق هشام.
أخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص210 رقم 1499) .
ومن طريق الترمذي (8 / 215 - 216 رقم 3068) .
والبيهقي في "الشعب"(4 / 537 رقم 1822) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 490 رقم 10085) .
والإمام أحمد في "المسند"(6 / 48 و 192 و 239) .
والدارمي في "سننه"(2 / 319 رقم 3371) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومسلم في "صحيحه"(1 / 550 رقم 798) .
وأبو داود في "سننه"(2 / 148 رقم 1454) .
والنسائي في "فضائل القرآن"(ص92 رقم 72) .
والفريابي في "فضائل القرآن"(ص113 - 114 رقم 5) .
وابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص39 و 40 رقم 29 و 33) .
وابن حبان في "صحيحه"(2 / 71 - 72 رقم 764 / الإحسان) .
3-
طريق سعيد بن أبي عروبة.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6 / 98 و 170 و 266) .
ومسلم في "صحيحه"(1 / 550 رقم 798) .
وابن ماجه في "سننه"(2 / 1242 رقم 3779) .
والنسائي في "الفضائل"(ص92 رقم 70 و 71) .
وتمام في "فوائده"(ص669 رقم 1190) .
4-
طريق همّام.
أخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص4 و 30 رقم 5 و 65) .
والإمام أحمد في "مسنده"(6 / 94) .
وأبو داود في "سننه"(2 / 148 رقم 1454) .
والدارمي (2 / 319 رقم 3371) .
5-
طريق معمر.
أخرجه عبد الزراق في "المصنف"(2 / 491 رقم 4194) ، و (3 / 375 رقم 6016) ، عنه، عن قتادة، به نحوه، إلا أنه لم يذكر سعد بن هشام في سنده.
6-
طريق أبي عوانة.
أخرجه مسلم في "صحيحه"(1 / 549 - 550 رقم 798) .
وابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص40 رقم 35) . =
15 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
(1)
، عَنْ عَطَاءٍ
(2)
، قَالَ:((الَّذِي تَهُونُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ يُكْتَبُ مِنَ السَّفَرَةِ، وَالَّذِي تَشُقُّ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ، وَتَثْقُلُ عليه فله أجران)).
= والفريابي في "فضائل القرآن"(ص 111 - 112 رقم 3).
والنسائي في "فضائل القرآن"(ص 91 - 92 رقم 70).
والبيهقي في "سننه"(2/ 395).
7 -
طريق روح بن القاسم.
أخرجه تمام في فوائده (ص 670 رقم 1191).
(1)
هو عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأَثْرم، الجُمَحي، مولاهم، ثقة ثبت، روى له الجماعة، وروى عن جابر وابن عباس وابن الزبير وابن عمر وعبد الله بن عمرو وسعيد بن جبير وطاوس وعروة بن الزبير وعكرمة، وهو رواية عطاء بن أبي رباح، روى عنه سفيان بن عيينة والثوري وشعبة ومالك وهشيم وأبو عوانة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وغيرهم، ومات سنة خمس أو ست وعشرين ومائة.
قال شعبة: ((ما رأيت في الحديث أثبت من عمرو بن دينار)). وقال ابن عيينة: ((عمرو ثقة ثقة ثقة)). ومرض عمرو مرة، فعاده الزهري، فلما قام الزهري قال:((ما رأيت شيخًا أنصّ للحديث الجيّد من هذا الشيخ)). وقال يحيى القطان وأحمد بن حنبل: ((عمرو أثبت من قتادة))، وقال أحمد أيضًا:((هو أُثبت الناس في عطاء)) - يعني: ابن أبي رباح -. وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم. اهـ ..
من "الجرح والتعديل"(6/ 231 رقم 1280)، و"سير أعلام النبلاء"(5/ 300 - 307)، و"التهذيب"(8/ 28 - 30 رقم 45)، و"التقريب"(ص 421 رقم 5024).
(2)
هو عطاء بن أبي رَباح - بفتح الراء والموحّدة -، واسم أبي رباح: أسلم، القُرشي، مولاهم، المكّي، ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال، روى له =
16 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقٍ
(1)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ لَهُوَ أَسْرَعُ تَفَصِّيًا
(2)
مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعم مِنْ عُقُله
(3)
، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((بِئْسما لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وكَيْتَ، بل هو نُسِّي)).
= الجماعة، وروى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن عمرو وجابر وغيرهم، روى عنه عمرو بن دينار وأبو إسحاق السبيعي ومجاهد والزهري، والأعمش ويونس بن عبيد وغيرهم، وكانت ولادته سنة سبع وعشرين، ووفاته سنة أربع عشرة ومائة. قال ابن عباس:((تجتمعون إليَّ يا أهل مكة وعندكم عطاء؟!)). ووثقه ابن معين وأبو زرعة، وقال ابن سعد:((كان ثقة فقيهًا عالمًا كثير الحديث)).
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان من سادات التابعين فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلاً)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 330 - 331 رقم 1839)، و"التهذيب"(7/ 199 - 203 رقم 384).
وقد قيل أن عطاءً تغير بأخَرة. قال ابن المديني: ((كان عطاء بأَخَرة قد تركه ابن جريج، وقيس بن سعد)). وأجاب عن هذا الذهبي في "السير"(5/ 87)، فقال:((لم يَعْنِ علي بقوله: تركه هذان الترك العرفي، ولكنه كبر وضعفت حواسّه، وكانا قد تكفّيا منه وتفقّها وأكثرا عنه، فبطّلا، فهذا مراده بقوله: تركاه)). وفي "الميزان"(3/ 70) أجاب بقوله: ((لم يَعْنِ الترك الاصطلاحي، بل عنى أنهما بطّلا الكتابة عنه، وإلا فعطاء ثبت رضّي))، وكان قد قال عنه: ((سيّد التابعين علمًا وعملاً وإتقانًا في زمانه بمكة
…
، وكان حجّة إمامًا كبير الشأن)). اهـ.
[15]
الحديث سنده صحيح.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 490 رقم 10086) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، به نحوه.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص 40 رقم 31).
(1)
هو شقيق بن سَلَمة الأَسدي، أبو وَائِل الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة مخضرم، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= روى له الجماعة، وروى عن الخلفاء الأربعة وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وحذيفة وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وحصين بن عبد الرحمن وعاصم بن بَهْدلة، ولد في عهد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سنة إحدى من الهجرة، وتوفي سنة اثنتين وثمانين. وثقه وكيع، وقال ابن معين:((ثقة، لا يُسئل عن مثله)). وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)). وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((سكن الكوفة، وكان من عبادها، وليست له صحبة)). وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة حجّة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(4/ 371 رقم 1613)، و"الاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى" لابن عبد البر (2/ 986 رقم 1208)، و"التهذيب"(4/ 361 - 363 رقم 609)، و"التقريب"(ص 268 رقم 2816).
(2)
قوله: ((أسرع تفصِّيًا)) أي: أسرع خروجًا. يقال: تَفَصَّيْتُ من الأمر تفصِّيًا: إذا خرجت منه وتخلَّصْت.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(3/ 452).
(3)
قوله: ((عُقُله)) جمع عِقَال، وهو: الحبل الذي يُعقل به البعير.
انظر: "النهاية"(3/ 280).
[16]
الحديث سنده صحيح، وهو مخرّج في الصحيحين كما سيأتي.
فالحديث له عن ابن مسعود رضي الله عنه ستة طرق:
الطريق الأول: طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، وله عنه أربعة طرق.
1 -
طريق منصور بن المعتمر، وله عنه سبعة طرق.
أ- طريق سفيان بن عيينة.
أخرجه المصنف هنا عنه.
وأخرجه الحميدي في "مسنده"(1/ 50 - 51 رقم 91).
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 478 رقم 10043).
والفريابي في "فضائل القرآن"(ص 234 رقم 160). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما الحميدي وابن أبي شيبة فبنحو ساق المصنف، وأما الفريابي فقرنه برواية أبي الأحوص الآتية ولفظه جميعه مرفوع.
ب- طريق سفيان الثوري.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 359 رقم 5967) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 423 و 429) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 85 رقم 5039) في "فضائل القرآن"، باب: نسيان القرآن، وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟
والنسائي في "عمل اليوم وا لليلة"(ص440 رقم 727) .
وفي "فضائل القرآن"(ص89 رقم 67) .
أما عبد الرزاق فرواه عنه بنحوه بتمامه مرفوعًا، وأما الباقون فشطره الثاني: ((بئسما
…
)) ، مرفوعًا ولم يذكروا أوّله.
جـ- طريق شعبة:
أخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص34 - 35 رقم 261) .
ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 417) .
والترمذ ي في "سننه"(8 / 262 رقم 4012) ، في القراءات.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص135 رقم 336) .
والإمام أحمد في "المسند" أيضًا (1 / 429 و 438 - 839) .
والدارمي في "سننه"(2 / 217 و 316 رقم 2748 و 3350) .
والبخاري في "صحيحه"(9 / 79 رقم 5032) في فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن وتعاهده.
ومن طريقه البغوي في "شرح السنة"(4 / 494 - 495 رقم 1222) .
وأخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص161) .
والنسائي في "سننه"(2 / 154 - 155 رقم 943) .
وفي "عمل اليوم والليلة"(ص440 رقم 726) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي "فضائل القرآن"(ص88 رقم 64) .
والفريابي في "فضائل القرآن"(ص234 رقم 161) .
والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري"(9 / 82) .
جميعهم رووه بنحوه بتمامه مرفوعًا، عدا الإمام أحمد في الموضع الأول، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، فإنما أخرجا شطره الثاني فقط، وإلا الفريابي فرواه موقوفًا بنحوه بتمامه.
د- طريق جرير:
أخرجه البخاري في الموضع السابق من "صحيحه"(9 / 79 رقم 5032) ، ومسلم (1 / 544 رقم 228) في صلاة المسافرين، في باب: فضائل القرآن وما يتعلق به.
والنسائي في "الفضائل"(ص89 رقم 65) .
وأبو يعلى في "مسنده"(9 / 69 رقم 5136) .
والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري"(9 / 82) .
والبيهقي في "سننه"(2 / 395) ، وفي "شعب الإيمان"(4 / 518 - 519 رقم 1812) .
جميعهم رووه بنحوه بتمامه مرفوعًا، إلا أن ظاهر سياق النسائي أنه موقوف، وفي آخره ما يشعر برفعه.
هـ- طريق أبي الأحوص سلَّام بن سُلَيْم:
أخرجه الفريابي في "الفضائل"(ص234 رقم 160) بنحوه جميعه مرفوعًا.
و طريق عمر بن عبد الرحمن أبي حفص الأبّار:
أخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص134 رقم 335) ، وفي "غريب الحديث"(3 / 148) بنحوه بتمامه مرفوعًا.
ز- طريق حماد بن زيد، وهو الآتي في الحديث رقم [17] . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 2- طريق عبدة بن أبي لبابة، عن شقيق، وله عن عبدة طريقان:
أ- طريق ابن جريج.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 359 رقم 5969) .
ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 449) .
والطبراني في "الكبير"(10 / 239 رقم 10436) .
وأخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه"(1 / 544 - 545 رقم 790) .
ب- طريق محمد بن جحادة:
أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص439 رقم 724) .
وأبو عوانة في "مسنده" كما في "فتح الباري"(9 / 82) .
3-
طريق الأعمش، عن شقيق، وله عن الأعمش خمسة طرق.
أ- طريق أبو معاوية:
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 477 رقم 10042) .
ومسلم في "صحيحه"(1 / 544 رقم 790) ، الموضع السابق.
والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص439 رقم 725) .
وأخرجه الإسماعيلي من طريق الأعمش كما في "فتح الباري"(9 / 82) .
ب- طريق عبد الله بن نمير:
أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه".
والهيثم بن كليب في "مسنده"(ل 56 / أ) .
والبيهقي في "سننه"(2 / 395) .
جـ- طريق شيبان:
أخرجه الهيثم في الموضع السابق من "مسنده".
د- طريق سعيد بن أبي عروبة.
أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(2 / 69 - 70 رقم 759 و 760 / الإحسان) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والطبراني في "الكبير"(10 / 244 رقم 10449) .
هـ- طريق شريك:
أخرجه الطبراني في "الكبير"(10 / 233 - 234 رقم 10418) .
4-
طريق عاصم، عن شقيق، وهو الآتي في الحديث رقم [17] .
الطريق الثاني: طريق زِرّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
أخرجه الهيثم في "مسنده"(ل 72 / أ) .
والطبراني في "الكبير"(10 / 168 - 169 رقم 10231) .
والحاكم في "المستدرك"(1 / 553) .
ثلاثتهم من طريق زهير بن معاوية، عن شعيب بن خالد، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عن زرّ، عن ابن مسعود، به.
الطريق الثالث: طريق عبيدة السلماني، عن ابن مسعود.
أخرجه الطبراني في "الكبير"(10 / 207 رقم 10347) ، وفي "الصغير"(1 / 110) .
في كلا الموضعين من طريق ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عن عبيدة، به.
الطريق الرابع: طريق أبي الأحوص عوف بن مالك، عن ابن مسعود.
أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(2 / 69 رقم 758) من طريق سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مرفوعًا، لكن شطر الحديث الثاني فقط.
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص135 رقم 337) عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، به نحو لفظ سعيد بن منصور، إلا أنه وقفه على ابن مسعود.
ومن طريق أبي بكر ابن عياش أخرجه ابن أبي داود في كتاب الشريعة كما في "فتح الباري"(9 / 82)، لكن قال:((عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن عبد الله)) . مرفوعًا، وهذا فيه مخالفة لأبي عبيد في روايته للحديث عن أبي بكر بن عياش على الوجه السابق، والخلاف إما أن يكون من الراوي للحديث عن أبي بكر، أو مَنْ دونه عند ابن أبي داود، أو من أبي بكر بن عياش نفسه، فإنه مع كونه ثقة عابدًا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وأما كتابه فصحيح، وليس =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في هذه الرواية ما يدل على أنها من كتابه، وقد روى عن عاصم بن بهدلة وأبي إسحاق السبيعي وحصين بن عبد الرحمن ومحمد بن عمرو وغيرهم، روى عنه الثوري وابن المبارك وابن مهدي وأحمد بن حنبل وابن معين وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة، قال الإمام أحمد:((ثقة، وربما غلط)) ، وقال أبو نعيم:((لم يكن في شيوخنا أكثر غلطًا منه)) ، وسُئل أبو حاتم عنه وعن شريك، فقال:((هما في الحفظ سواء، غير أن أبا بكر أصح كتابًا)) ، وذكره ابن عدي في "الكامل" وقال:((لم أجد له حديثًا منكرًا من رواية الثقات عنه)) ، وقال ابن حبان:((كان يحيى القطان وعلي بن المديني يسيئان الرأي فيه، وذلك أنه لما كبر ساء حفظه، فكان يهم)) ، وقال ابن سعد:((كان ثقة صدوقاً عالمًا بالحديث، إلا أنه كثير الغلط)) ، وقال العجلي:((كان ثقة صاحب سنة، وكان يخطئ بعض الخطأ)) ، وقال يعقوب بن شيبة:((كان له فقه وعلم ورواية، وفي حديثه اضطراب)) . اهـ. من "هدي الساري"(ص455)، وانظر:"الجرح والتعديل"(9 / 348 - 350 رقم 1565) ، و"التهذيب"(12 / 34 - 37 رقم 151) ، و"التقريب"(ص624 رقم 7985) .
الطريق الخامس: طريق المسيب بن رافع، عن ابن مسعود.
أخرجه أبو عبيد أيضًا في الموضع نفسه برقم (338) من طريق شيبان، عن عاصم، عن المسيب، عن ابن مسعود، به موقوفًا مثل سابقه.
الطريق السادس: طريق مرة، عن ابن مسعود.
أخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 151 رقم 8688) من طريق زبيد، عنه، عن ابن مسعود موقوفًا بشطر الحديث الأول فقط.
تنبيه: اعلم أن للحديث لفظين:
1-
((تعاهدوا - وفي لفظ: استذكروا - الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ لَهُوَ أَسْرَعُ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَم من عقله)) .
2-
((بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّي)) . وقد =
17 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ
(1)
، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَة
(2)
، وَمَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:((بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ - أَوْ قَالَ: لِأَحَدِهِمْ - أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ، وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّي، اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، فَلَهُوَ أَسْرَعُ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ مِنْ عُقُلها))، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا
(3)
: ((مِنْ عُقُله)).
= اختلف الرواة في هذين اللفظين، فمنهم من رفعهما لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ومنهم من وقفهما على ابن مسعود، ومنهم من وقف الأول ورفع الثاني، ومنهم من روى الأول فقط ورفعه، ومنهم من روى الثاني فقط ورفعه. وسعيد بن منصور هنا روى الأول موقوفًا، والثاني مرفوعًا، وتابعه على ذلك الحميدي، وابن أبي شيبة، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة.
وفي الحديث الآتي برقم [17] رواه من طريق حماد بن زيد موقوفًا على ابن مسعود. والصواب أن كلا اللفظين مرفوعان؛ لاتفاق أكثر الرواة على ذلك، وهذا الذي اختاره البخاري ومسلم، وأخرجاه في صحيحهما، وانظر تفصيل ذلك في "فتح الباري"(9/ 82)، وانظر الحديث الآتي.
(1)
هو حماد بن زيد بن دِرْهم الأزدي الجَهْضَمِي، أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت فقيه روى له الجماعة، وروى عن عاصم بن بهدلة ومنصور بن المعتمر وثابت البناني وعمرو بن دينار وغيرهم، روى عنه المصنِّف سعيد بن منصور ومسدّد وعفّان وآخرون، منهم الثوري وهو أكبر منه، وكانت ولادته سنة ثمان وتسعين للهجرة، وتوفي سنة تسع وسبعين ومائة، قال عبد الرحمن بن مهدي:((أئمة الناس في زمانهم أربعة: سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، وحماد بن زيد بالبصرة)). وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا حجّة كثير الحديث)). وقال ابن معين: ((حماد بن زيد أثبت من عبد الوارث، وابن علية، والثقفي، وابن عيينة)). وقال أيضًا: ((ليس أحد أثبت في أيوب منه)). وقال =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مرة: ((من خالفه من الناس جميعًا، فالقول قوله في أيوب)). وقال الإمام أحمد: ((حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث، حماد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة)). وقال أبو زرعة: ((حماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة بكثير، وأصح حديثًا وأتقن)). وقال الخليلي: ((ثقة متفق عليه رضيه الأئمة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(1/ 176 - 183)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7/ 241 - 242)، و"التهذيب"(3/ 9 - 11 رقم 13)، و"التقريب"(ص 178 رقم 1498).
(2)
هو عاصم بن بَهْدَلَة بن أبي النَّجود الأسدي، مولاهم الكوفي، أبو بكر المقرئ ثبت حجة في القراءة، وأما في الحديث فمختلف فيه، وقد روى عن أبي وائل وأبي صالح السمّان والمسيب بن رافع وزرّ بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور وشعبة والسفيانان والحمادان وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: ثمان وعشرين، ووثقه الإمام أحمد وأبو زرعة والعجلي، وقال ابن معين:((لا بأس به))، وقال ابن سعد:((كان ثقة، إلا أنه كان كثير الخطأ في حديثه)). وقال النسائي: ((ليس به بأس)). وقال مرة: ((ليس بحافظ)). وقال أبو حاتم: ((محله الصدق)). وقال الدارقطني: ((في حفظ عاصم شيء)). وقال ابن خراش: ((في حديثه نُكرة)).
انظر: "الجرح والتعديل"(6/ 340 - 341 رقم 1887)، و"التهذيب"(5/ 38 - 40 رقم 67).
قلت: والراجح من حال عاصم أنه صدوق حسن الحديث، كما هو اختيار الذهبي في:((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص 104 رقم 171)، وكذا في "سير أعلام النبلاء" (5/ 260) حيث قال:((قلت: كان عاصم ثبتًا في القراءة، صدوقًا في الحديث، وقد وثقه أبو زرعة وجماعة، وقال أبو حاتم: محلّه الصدق، وقال الدارقطني: في حفظه شيء، يعني للحديث، لا للحروف، وما زال في كل وقت يكون العالم إمامًا في فنّ، مقصِّرًا في فنون)). اهـ. وفي "الميزان"(2/ 357) قال: ((ثبت في القراءة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهو في الحديث دون الثبت، صدوق يهم
…
، حسن الحديث
…
، خرَّج له الشيخان، لكن مقرونًا بغيره، لا أصلاً وانفرادًا)). اهـ.
(3)
قوله: (أحدهما) أي: إما عاصم، أو منصور، فيكون الشك من حماد.
[17]
الحديث صحيح من غير هذا الطريق كما في الحديث السابق رقم [16]، وأما هذا الطريق فظاهر سنده الصحّة، إلا أنه معلول.
فحماد بن زيد رواه هنا عن عاصم ومنصور، كلاهما عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله موقوفًا.
وقد خولف حماد.
فرواه سفيان بن عيينة، والثوري، وشعبة، وجرير، وأبو الأحوص سلَّام بن سُلَيم، وعمر بن عبد الرحمن، جميعهم عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، به مرفوعًا إلا أن ابن عيينة وقف قوله:((اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَلَهُوَ أَسْرَعُ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ من عقلها))، ورفع الباقي، والصواب أن جميعه مرفوع لاتفاق باقي الرواة على ذلك، وكذا أخرجه الشيخان في صحيحيهما كما في الحديث السابق.
وقد أشار الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(9/ 82) إلى هذا الاختلاف عند إيراد البخاري لمتابعة عَبْدَة لمنصور، فقال ابن حجر:((كأن البخاري أراد بإيراد هذه المتابعة دفع تعليل من أعلّ الخبر برواية حماد بن زيد وأبي الأحوص له عن منصور موقوفة على ابن مسعود. قال الإسماعيلي: روى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ وعاصم الحديثين معًا موقوفين، وكذا رواهما أبو الأحوص عن منصور. وأما ابن عيينة فأسند الأول، ووقف الثاني. قال: ورفعهما جميعًا إبراهيم بن طهمان، وعَبيدة بن حُميد، عن منصور، وهو ظاهر سياق سفيان الثوري)). اهـ.
قلت: كلام الإسماعيلي وابن حجر المتقدم يدل على أن رواية أبي الأحوص للحديث عن منصور موقوفة مثل رواية حماد بن زيد، والذي وقفت عليه من رواية أبي الأحوص للحديث عن منصور أنها مرفوعة كما في الحديث السابق، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فإما أن يكون هناك اختلاف على أبي الأحوص أيضًا، أو يكون اشتبه عليهما بأبي الأحوص عوف بن مالك وهو ممن روى الحديث عن ابن مسعود، وروي عنه مرة موقوفًا كما سبق بيانه، فالله أعلم.
والحديث هنا يرويه المصنف عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ وعاصم، به موقوفًا.
ووافقه قتيبة بن سعيد عند النسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص440 رقم 728) فرواه عن حماد، عن منصور وعاصم، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مسعود، موقوفًا عليه بمثل لفظ المصنف، إلا أنه قال:((بئسما لأحدهما)) ، ولم يذكر باقي الحديث من قوله: ((استذكروا
…
)) إلخ.
وخالفهما عفان بن مسلم، فرواه عن حماد بلفظ قريب من لفظ المصنف، إلا أنه رفعه إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 463) عن عفان.
والصواب أنه موقوف من رواية حماد، لاتفاق المصنف وقتيبة على ذلك.
وأما رواية عاصم للحديث عن أبي وائل، فإن حماد بن زيد رواه هنا عن عاصم، به موقوفًا على عبد الله.
وخالف حمادًا كل من معمر، وأبان بن زيد العطّار، وشريك بن عبد الله، فرووه عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن عبد الله مرفوعًا.
أما رواية معمر، فأخرجها عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 359 رقم 5968) عنه، به نحوه، إلا أن الرواية جاءت على الشك في كون الحديث عن أبي وائل، أو عن أبي الضحى، والصواب عن أبي وائل كما هو ظاهر.
وأما رواية أبان وشريك، فأخرجهما الطبراني في "الكبير"(10 / 233 - 234 رقم 10415 و 14018) ، ولفظهما نحو لفظ المصنف هنا، إلا أن شريكًا لم يذكر بقية الحديث: ((استذكروا
…
)) إلخ.
18 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
(1)
، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ
(2)
، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ
(3)
، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَا مَرَّتَيْنِ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَا مِنْ أَمِيرِ عَشَرَةٍ إِلَّا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولًا
(4)
، لَا يفُكُّه مِنْ غلِّه إِلَّا الْعَدْلُ، وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ نَسِيَهُ، لَقِيَ اللَّهَ عز وجل (أَجْذَم)
(5)
)).
(1)
هو خالد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يزيد الطحّان، الواسطي، المزني، مولاهم، ثقة ثبت، روى له الجماعة، وروى هو عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وإسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر وخالد الحذّاء، وغيرهم، روى عنه المصنِّف سعيد بن منصور وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان ووكيع وغيرهم، وكانت ولادته سنة خمس عشرة ومائة، ووفاته سنة تسع وسبعين ومائة، وقيل سنة اثنتين وثمانين ومائة، وقد وثقه ابن سعد وأبو زرعة والنسائي وأبو حاتم، وزاد:((صحيح الحديث))، وقال الإمام أحمد:((كان خالد الطحان ثقة صالحًا في دينه، وهو أحب إلينا من هشيم))، وقال الترمذي:((ثقة حافظ)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 340 - 341 رقم 1536)، و"تهذيب الكمال"(8/ 101 / المطبوع)، و"التهذيب"(3/ 100 - 101 رقم 187)، و"التقريب"(ص 189 رقم 1647).
(2)
هو يزيد بن أبي زياد الهاشمي، مولاهم، الكوفي، ضعيف كبر فتغيّر وصار يتلقّن، وكان شيعيًا، وروى عن مولاه عبد الله بن الحارث وإبراهيم النخعي وأبي صالح السمّان وعكرمة وعيسى بن فائد وغيرهم، روى عنه خالد الطحّان وشعبة وزائدة وهشيم وأبو عوانة والسفيانان وغيرهم، ولد سنة سبع وأربعين للهجرة، وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة، وقيل: سبع وثلاثين، قال ابن سعد:((كان ثقة في نفسه، إلا أنه اختلط في آخر عمره، فجاء بالعجائب)). وقال ابن معين والبرديجي والنسائي وأبو حاتم وأبو أحمد الحاكم: ((ليس بالقوي)). وقال العجلي: ((جائز =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحديث وكان بآخره يلقن)). وقال ابن حبان: ((كان صدوقًا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغيّر، وكان يلقّن ما لُقِّن، فوقعت المناكير في حديثه، فسماع من سمع منه من قبل التغيُّر صحيح)). وقال ابن فضيل: ((كان من أئمة الشيعة الكبار)). وقال ابن عدي: ((هو من شيعة الكوفة، ومع ضعفه يكتب حديثه)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(9/ 265 رقم 1114)، و"الكامل"(7/ 2729 - 2730)، و"التهذيب"(11/ 329 - 331 رقم 630)، و"التقريب"(ص 601 رقم 7717).
(3)
هو عيسى بن فائد - بالفاء -، أمير الرَّقّة، مجهول، وروايته عن الصحابة مرسلة، وإنما يروي عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عبادة، وقيل: عن سعد بلا واسطة، وقيل: عن عبادة بن الصامت ولا يصح، قال ابن عبد البر:((عيسى بن فائد لم يسمع من سعد بن عبادة ولا أدركه))، وذكر ابن المديني أنه لم يرو عنه سوى يزيد بن أبي زياد، وقال - أي: ابن المديني -: ((مجهول)). وقال الذهبي: ((لا يُدرى من هو)).
انظر: "الميزان"(3/ 319 رقم 6594)، و"التهذيب"(8/ 227 رقم 420)، و"التقريب"(ص 440 رقم 5319).
(4)
قوله: (مغلولاً) أي: جُعل في يده وعنقه الغُلُّ، وهو القيد المختصّ بهما. "النهاية"(3/ 381).
(5)
في الأصل: (أجذما)، وما أثبته من "شعب الإيمان" للبيهقي كما سيأتي؛ حيث روى الحديث من طريق المصنف، وهو الأصوب لأنه ممنوع من الصرف.
ومعنى قوله: ((أَجْذَم) أي: مقطوع اليد، من الجَذْم وهو القطع. "النهاية"(1/ 251).
[18]
سنده ضعيف جدًّا؛ فيه أربع علل:
1 -
الراوي للحديث عن سعد بن عبادة رجل مبهم.
2 -
جهالة عيسى بن فائد.
3 -
ضعف يزيد بن أبي زياد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 4- اضطراب يزيد في الحديث، فرواه مرة عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ورواه مرة فأسقط الراوي المبهم، وفي أخرى أعضله فأسقط المبهم والصحابي، ورواه مرة فجعله من مسند عبادة بن الصامت وأسقط المبهم، وذلك أن الحديث روي عن يزيد من طرق:
1-
طريق خالد بن عبد الله الطحّان.
أخرجه المصنف هنا عنه.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4 / 528 رقم 1818) به مثله، إلا أنه قال:(لا يفكه إلا العدل)، و:(لقي الله يوم القيامة أجذم) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5 / 285) .
وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث"(2 / 428) .
والطبراني في "الكبير"(6 / 27 و 28 رقم 5389 و 5392) .
ثلاثتهم بنحوه، إلا أن الحربي إنما ذكر شطره الثاني فقط: ((من قرأ
…
)) ، وأما الطبراني فرواه مفرّقًا، فذكر شطره الأول في الموضع الأول، والثاني في الثاني.
2-
طريق جرير بن عبد الحميد.
أخرجه أبو عبيد في الفضائل (ص133 رقم 332) من طريقه، عن يزيد، عن عيسى بن فائد، عمّن سمع سعد بن عبادة
…
، فذكر شطره الثاني فقط بنحوه.
3-
طريق شعبة.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5 / 284) .
وعبد بن حميد في "مسنده"(ص127) رقم (306 / المنتخب) .
والدارمي في "سننه"(2 / 314 - 315 رقم 3343) .
ثلاثتهم من طريق شعبة، عن يزيد، عن عيسى ولم ينسبه، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عبادة، به نحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وكذا أخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص162) ، ولكن ذكر شطره الثاني فقط.
وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث"(3 / 48) وذكر شطره الثاني فقط بنحوه، وفيه قال: (
…
عيسى بن فائد، قال: حدثني من سمع سعد بن عبادة
…
) . وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6 / 26 - 27 رقم 5387 و 5390) مفرّقًا بنحوه، وفي كلا الموضعين قال:(عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عن عيسى بن لقيط) .
وأخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1 / 110 رقم 86) . والبيهقي في "الشعب"(4 / 527 - 528 رقم 1817) .
كلاهما من طريق شعبة، عن يزيد، عن عيسى بن لقيط، أو إياد بن لقيط، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عبادة
…
، به نحوه، إلا أن الخطيب لم يذكر شطره الأول.
وأخرجه البزار كما في "كشف الأستار"(2 / 254 رقم 1642) ، بنحوه، وفيه يقول شعبة:(عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عن عيسى بن فائد أو لقيط) هكذا على الشك، وقد عدّوا هذا من أوهام شعبة رحمه الله، فقال المزِّي في "تحفة الأشراف" (3 / 274) :((رواه شعبة ومحمد بن فضيل وجرير بن عبد الحميد وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عن سعد بن عبادة، إلا أن شعبة، قال: عن سعيد بن إياد، وقال مرة: عن عيسى بن لقيط بدل عيسى بن فائد، وذلك معدود في أوهامه)) . اهـ.
وتَعَقَّبَ الحافظ ابن حجر المزي في "النكت الظراف" بأن ابن أبي داود أخرجه من طريق محمد بن فضيل
…
، فذكره مثل شعبة.
قلت: وطريق محمد بن فضيل هو الآتي، ولم يذكر أحد عنه مثل رواية شعبة، فقد يكون وهمًا من الراوي له عن ابن فضيل، أو مَنْ دونه عند ابن أبي داود، والصواب ما ذكره المزي رحمه الله.
4-
طريق محمد بن فضيل.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 478 رقم 10044) و (12 / 219 رقم 12599) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريق ابن أبي شيبة وغيره أخرجه الطبراني في "الكبير"(6/ 27 و 28 رقم 5338 و 52391).
وأخرجه البزار كما في "كشف الأستار"(2/ 254 رقم 1642).
أما ابن أبي شيبة والطبراني ففرّقاه في الموضعين بنحوه، وأما البزار فأخرجه بتمامه بنحوه.
(5)
و
(6)
: طريقا سفيان بن عيينة، وابن إدريس.
أما طريق سفيان فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 365 رقم 5989).
وأما طريق بن إدريس فأخرجه أبو داومد في "سننه"(2/ 158 رقم 1474).
ومن طريق أبي داود أخرجه الخطيب في "الجامع"(1/ 110 رقم 85).
كلاً من سفيان وابن إدريس، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سعد بن عبادة، به بذكر شطره الثاني فقط بنحوه، وبإسقاط الرجل المبهم.
7 -
طريق وكيع، عن أصحابه.
ذكره المزي في الموضع السابق من "التحفة" فقال: ((رواه وكيع، عن أصحابه، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً)). اهـ.
وتعقبه ابن حجر في "النكت" بقوله: ((الأولى أن يقول: معضلاً؛ فإنه سقط منه الرجل المبهم والصحابي)).
8 و 9 و 10 - طريق عبد العزيز بن مسلم، وأبي عوانة، وأبي بكر بن عياش.
أما طريق عبد العزيز بن مسلم فأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 323).
وأما طريق أبي عوانة فأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "زوائده على المسند"(5/ 327 - 328).
وأما طريق أبي بكر بن عياش، فذكره المزي في الموضع السابق، ولم يعزه لأحد.
ثلاثتهم قالوا: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ عبادة بن الصامت، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولفظ عبد العزيز بن مسلم، وأبي عوانة نحو لفظ المصنف هنا، وذكر أبو عوانة في روايته أن عيسى كان أميرًاعلى الرَّقّة.
قال المزي في الموضع السابق: ((رواه أبو بكر بن عياش، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ عبادة بن الصامت، ولم يتابع على ذلك)) . اهـ.
وتعقبه ابن حجر في "النكت" بقوله: ((قلت: وافقه عبد العزيز بن مسلم؛ أخرجه أحمد في "مسنده" من طريقه، ووافقهما أبو عوانة؛ أخرجه عبد الله بن أحمد من طريقه)) . اهـ.
قلت: وتابعهم أيضًا عبد الله (غير منسوب) ، عن يزيد، به نحوه.
أخرجه ابن اللمش في "تاريخ دنيسر"(ص53 - 54) .
فتبين بهذا أن الاضطراب من يزيد بن أبي زياد نفسه، عدا ما ذُكر عن شعبة.
ولشطر الحديث الأول شاهد من حديث أبي أمامة وأبي هريرة وبريدة وابن عباس وأبي الدرداء وثوبان وحصين وعمرو بن مرة الجهني وكعب بن عجرة وزيد رضي الله عنهم.
1-
أما حديث أبي أمامة، فأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5 / 267) .
والطبراني في "الكبير"(8 / 204 رقم 7724) .
كلاهما من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع، عن إسماعيل بن عياش، عن يزيد بن (أبي) مالك (وعند الطبراني: يزيد بن أيهم) ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أبي أمامة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك، إلا أتى الله عز وجل مغلولاً يوم القيامة يده إلى عنقه، فكّه برّه، أو أَوْبَقه إثمه، أوّلها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخراه خزي يوم القيامة)) .
هذا لفظ الإمام أحمد، ونحوه لفظ الطبراني، وكذا قال أبو اليمان، وخالفه سليمان بن عبد الرحمن، وحَيْوَة بن شريح، فروياه عن إسماعيل بن عياش، عن يزيد بن أبي مالك، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة، به نحوه سابقه. أخرجه الطبراني (8 / 202 رقم 7720) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال المنذري في "الترغيب"(3 / 132 - 133) : ((رواه أحمد، ورواته ثقات، إلا يزيد بن أبي مالك)) . وقال (4 / 294) : ((يزيد بن أبي مالك الدمشقي ثقة، وقال بعضهم: ليّن)) .
وقال الهيثمي في "المجمع"(5 / 204 - 205) : ((رواه أحمد والطبراني، وفيه يزيد بن أبي مالك وثقه ابن حبّان وغيره، وبقية رجاله ثقات)) .
وذكر الشيخ الألباني هذا الحديث في "السلسلة الصحيحة" الحديث رقم (349)، وقال:((هذا إسناد شامي جيّد)) .
والحديث ذكره المتّقي الهندي في "كنز العمال"(6 / 32 رقم 14720) ، وعزاه لأبي سعيد النقاش في القضاة.
2-
وأما حديث أبي هريرة، فله عنه خمسة طرق:
أ- طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، واختلف عليه.
فرواه حماد بن سلمة، عنه، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة.
ورواه عبيد بن عمرو القيسي، عنه عن سعيد (ولم ينسبه) عن أبي هريرة.
ورواه علي بن مسهر، عنه، عن سعيد بن يسار عن ابن عمر، عن أبي هريرة.
أما طريق حماد بن سلمة، فأخرجه:
الدارمي (2 / 157 رقم 2518) .
والبزار كما في "كشف الأستار"(2 / 253 رقم 1639) .
ولفظ هذا الطريق: ((مَا مِنْ أَمِيرِ عَشَرَةٍ إِلَّا يؤتى به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، أطلقه الحق، أو أوبقه)) .
وأما طريق عبيد بن عمرو، فأخرجه:
البزار في الموضع السابق برقم (1638) بنحو سابقه.
وأما طريق علي بن مسهر، فأخرجه:
ابن أبي شيبة في "المصنف"(12 / 220 رقم 12602) بنحو سابقه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال البزار بعد أن روى طريق عبيد بن عمرو: ((هكذا رواه عبيد، والثقات يروونه عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، وهو الصواب)) .
ب، جـ- طريق محمد بن عجلان، عن أبيه وعن سعيد، عن أبي هريرة.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2 / 431) .
والبزار في الموضع السابق برقم (1640) .
كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، وعن سعيد، كلاهما عن أبي هريرة، به نحو سابقه.
قال البزار: ((لا نعلم أحدًا جمع ابن عجلان عن سعيد، وابن عجلان عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إلا يحيى)) .
قلت: وقد رواه أبو خالد الأحمر، وأبو عاصم، وعبد الله بن محمد بن عجلان، ثلاثتهم عن محمد بن عجلان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ولم يذكروا سعيدًا.
أما رواية أبي خالد الأحمر، فأخرجها:
ابن أبي شيبة في "المصنف"(12 / 219 رقم 12600) .
وأما رواية أبي عاصم، فأخرجها:
البيهقي في "سننه"(3 / 129) ، و (10 / 95) .
وأما رواية عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عجلان، فأخرجها:
البيهقي أيضًا (10 / 96) .
ثلاثتهم بنحو اللفظ السابق، إلا أن لفظ أبي خالد قال فيه: ((ما من أمير ثلاثة
…
)) إلخ.
وسند هذا الطريق حسن لذاته.
عجلان المدني والد محمد بن عجلان مولى فاطمة بنت عتبة لا بأس به، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهو من الطبقة الرابعة، روى عن مولاته فاطمة وعن أبي هريرة وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، روى عنه ابنه محمد وبكير بن عبد الله وإسماعيل بن أبي حبيبة إن كان محفوظًا؛ قال أبو داود:((لم يرو عنه غير ابنه محمد)) ، وقال النسائي:((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ. من "الثقات" لابن حبان (5 / 277 - 278) ، و"التهذيب"(7 / 162 رقم 324) ، و"التقريب"(ص387 رقم 4534) .
وابنه محمد بن عجلان المدني يروي عن أبيه وأنس بن مالك والأعرج وأبي الزناد وعكرمة وزيد بن أسلم ونافع مولى ابن عمر وأبي إسحاق السبيعي، وغيرهم، روى عنه الإمام مالك ومنصور بن المعتمر وشعبة والسفيانان والليث بن سعد ويحيى القطان وأبو خالد الأحمر وأبو عاصم النبيل وغيرهم، وكانت وفاته بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائة، وقيل: تسع وأربعين، وقد وثقه ابن عيينة والإمام أحمد وابن معين والعجلي وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي، وقال يعقوب بن شيبة:((صدوق وسط)) ، وقال الساجي:((هو من أهل الصدق، لم يحدث عنه مالك إلا يسيرًا)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(8 / 49 - 50 رقم 228) ، و"الميزان"(3 / 644 - 647 رقم 7938) ، و"التهذيب"(9 / 341 - 342 رقم 564) .
ونقل بن حبان في كتاب "الثقات"(7 / 386) عن يحيى القطان قال: سمعت محمد بن عجلان يقول: ((كان سعيد المقبري يحدث عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وعن أبي هريرة، فاختلط علي، فجعلتها كلها عن أبي هريرة)) .
قلت: محمد بن عجلان صدوق كما هو اختيار الذهبي في "الميزان"(3 / 644) ، وفي ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص165 رقم 306) ، وكذا ابن حجر في "التقريب"(ص496 رقم 6136) ، وفي "هدي الساري"(ص458)، حيث قال:((صدوق مشهور فيه مقال من قِبَل حفظه)) ، وفي "التقريب" قال:((صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة)) . اهـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: فالكلام فيه إنما ينحصر في روايته لأحاديث أبي هريرة من طريق سعيد المقبري، وردها جميعها فيها إجحاف به، فإن النظر إنما يتجه فيما رواه عن سعيد عن أبي هريرة، وأما ما رواه عن سعيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فلا، كما نص على ذلك ابن حبان عقب نقله لكلام يحيى القطان السابق حيث قال:((قد سمع سعيد المقبري من أبي هريرة، وسمع من أبيه عن أبي هريرة. فلما اختلط على ابن عجلان صحيفته ولم يميز بينهما، اختلط فيهما، وجعلها كلها عن أبي هريرة، وليس هذا مما يوهِّى الإنسان به، لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة، فما قال ابن عجلان، عن سعيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فذاك مما حمل عنه قديمًا قبل اختلاط صحيفته عليه، وما قال: عن سعيد، عن أبي هريرة، فبعضها متصل صحيح وبعضها منقطع، لأنه أسقط أباه منها فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروي الثقات المتقنون عنه، عن سعيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ)) . اهـ.
وقال الذهبي في "السير"(6 / 320) عن ابن عجلان هذا: ((هو حسن الحديث)) ، وقال (ص322) :((فحديثه إن لم يبلغ رتبة الصحيح، فلا ينحطّ عن رتبة الحسن)) . اهـ. والله أعلم.
ويحيى بن سعيد القطان تقدم في الحديث رقم [1] أنه ثقة متقن حافظ إمام قدوة.
والحديث ذكره المنذري في "الترغيب"(3 / 139) من رواية الإمام أحمد، وقال:((رواه أحمد بإسناد جيد رجاله رجال الصحيح)) .
وذكره في الموضع نفسه من رواية البزار، وقال:((رجال البزار رجال الصحيح)) .
د- طريق عبد الله بن نافع، عن أبي هريرة.
أخرجه الطبراني في "الأوسط"(1 / 194 - 195 رقم 274) من طريق شيخه أحمد بن رشدين، عن روح بن صلاح، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عن زيد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن أبي العتّاب، عن عبد الله بن نافع، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((ما من أمير عشرة فصاعدًا إلا وهو يأتي مغلول يوم القيامة، عافاه الله بما شاء، أو عاقبه بما شاء)) .
وسنده ضعيف.
شيخ الطبراني أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد، أبو جعفر المصري كذَّبه أحمد بن صالح المصري، وقال مسلمة في الصلة:((كان ثقة عالمًا بالحديث)) ، وقال ابن يونس:((كان من حفاظ الحديث وأهل الصنعة)) . انظر: "اللسان"(1 / 257 - 258 رقم 804) .
والأرجح من حال أحمد هذا أنه ضعيف كما هو رأي ابن عدي فيه؛ فإنه ساق له بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، ثم قال:((وابن رشدين هذا صاحب حديث كثير، حدّث عنه الحفّاظ بحديث مصر، وأنكرت عليه أشياء مما رواه، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه)) . اهـ. "الكامل"(1 / 201) .
هـ- طريق بشر بن سعيد، عن أبي هريرة.
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(4 / 89) من طريق مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن بشر بن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحد يؤمّر على عشرة فصاعدًا لا يقسط فيهم، إلا جاء يوم القيامة في الأصفاد والأغلال)) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ولسنا بمعذورين في ترك أحاديث مخرمة بن بكير أصلاً)) . ووافقه الذهبي.
3-
وأما حديث بريدة.
فأخرجه البزار كما في "كشف الأستار"(2 / 254 رقم 1641) من طريق عطية العوفي، عن عبد الله بن بريدة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لا يستعمل رجل على عشرة فما فوقهم، إلا جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه. فإن كان محسنًا فُكّ غُلُّه، وغن كان مسيئًا زيد غُلاً إلى غله)) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5 / 206 - 207)، وقال:((رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين، وكلاهما فيه ضعف (كذا! والصواب: ضعيف) ولم يوثق)) .
4-
وأما حديث ابن عباس، فله عن طريقان.
أ- طريق سعدان بن الوليد، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:((من ولي على عشرة فحكم بينهم بما أحبوا أو كرهوا، جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، فإن حكم بما أنزل الله، ولم يرتش في حكمه، ولم يحف، فكَّ الله عنه يوم القيامة يوم لا غلّ إلا غلّه. وإن حكم بغير ما أنزل الله تعالى، وارتشى في حكمه وحابى، شُدَّت يساره إلى يمينه، ورمي به في جهنم، فلم يبلغ قعرها خمس مائة عام)) .
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(4 / 103)، ثم قال:((سعدان بن الوليد البجلي كوفي قليل الحديث، ولم يخرجا عنه)) .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5 / 206) وقال: ((رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سعدان بن الوليد، ولم أعرفه)) .
ب- طريق الأعمش، عن طريف بن ميمون، عن ابن عباس يرفعه:((ما من رجل ولي عشرة إلا أتي به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه حتى يقضى بينه وبينهم)) .
أخرجه الطبراني في "الكبير"(12 / 135 رقم 12689) .
وفي "الأوسط"(1 / 200 - 201 رقم 288) .
قال الهيثمي في "المجمع"(5 / 206) : ((رجاله ثقات)) .
5-
وأما حديث أبي الدرداء.
فأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1 / 381 - 382 رقم 663) من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، عن سعيد بن عبد العزيز، عن عدي بن عدي الكندي، عن أبي الدرداء قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ((ما من والي ثلاثة إلا لقي الله مغلولة يمينه، فكّه عدله، أو غلّه جَوْرُه)) . وذكره في "كنز العمال"(6 / 34 رقم 14730) وعزاه أيضًا لابن عساكر.
قال الهيثمي في "المجمع"(5 / 206) : ((فيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسّاني وثقه ابن حبان وغيره، وكذّبه أبو حاتم وأبو زرعة، وبقية رجاله ثقات)) .
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(7 / 28 رقم 4508 / الإحسان) بمثله، وفي أوّله قصة، إلا أنه زاد في سنده:((عمرو بن قيس السكوني) بين سعيد بن عبد العزيز، وعدي بن عدي.
6-
وأما حديث ثوبان.
فأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(6 / 118) من طريق بقيّة، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ راشد، عن ثوبان مرفوعًا بنحو اللفظ السابق، إلا أنه قال: ((ما من والي عشرة
…
)) .
وذكره الهيثمي في "المجمع"(5 / 207) بمعناه موقوفًا على ثوبان، وقال:((رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه مسلمة بن رجاء ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات)) .
7-
وأما حديث حصين (غير منسوب) .
فأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1 / 183 / أ) من طريق عطاء الخرساني عن الوليد بن بحير، عن الحارث بن يُمجد، عن حصين سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:((ما من والي عشرة إلا جيء به يوم القيامة مغلولاً معذبًا، أو مغفورًا له)) .
وأخرجه أيضًا ابن منده كما في "كنز العمال"(6 / 33 رقم 14728) ، و"الإصابة"(2 / 94)، حيث قال الحافظ ابن حجر: ((ذكره ابن منده بسند منقطع
…
)) .
8 و 9 و 10- وأما أحاديث زيد، وعمرو بن مرة، وكعب بن عجرة =
19 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فَرَجُ بنُ فَضَالة
(1)
، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ
(2)
، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ جَبَلَةَ الْفَزَارِيِّ
(3)
، قَالَ
(4)
: سَمِعْتُهُ
(5)
يَقُولُ: ((مَا أُبالي، تَعَلَّمْتُ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ تَرَكْتُهَا، أَوْ مَشِيتُ فِي الناس مقطوعة يدي)).
= فذكرها صاحب "كنز العمال"(6/ 33 و 39 و 40 رقم 14723 و 14757 و 14761)، بعضها بنحو اللفظ السابق، وبعضها بمعناه، وعزا حديث عمرو لابن عساكر، وحديث كعب للحاكم في "الكنى"، وأما حديث زيد، فأشار إلى أن النسائي أخرجه من حديث عبد الله بن زيد، عن أبيه، ولم أجده عند النسائي، ولا في مظنّته من "تحفة الأشراف".
وبالجملة فشطر الحديث الأول بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، وأما شطره الثاني في الوعيد لمن نسي القرآن فلم أجد ما يشهد له، فيبقى على شدة ضعفه، والله أعلم.
(1)
هو فرج بن فَضَالة بن النعمان التَّنُوخي الشامي يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة ولقمان بن عامر وغيرهم، روى عنه وكيع وأبو معاوية ويزيد بن هارون وعلي بن الجعد وقتيبة بن سعيد وسعيد بن منصور وغيرهم، وكان مولده في خلافة الوليد بن عبد الملك سنة ثمان وثمانين، ووفاته سنة سبع وسبعين ومائة، وهو ضعيف، فقد ضعفه ابن معين وابن المديني والنسائي والدارقطني والساجي وتركه ابن مهدي، وقال البخاري ومسلم:((منكر الحديث))، وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم، وفي رواية عن ابن معين، قال:((ليس به بأس))، وقال ابن المديني في رواية:((هو وسط، وليس بالقوي)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(7/ 85 - 86 رقم 483)، و"الكامل"(6/ 2054 - 2055)، و"التهذيب"(8/ 260 - 262 رقم 485)، و"التقريب"(ص 444 رقم 5383). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
(2)
هو لقمان بن عامر الوُصَابي - بتخفيف المهملة- أبو عامر الحمصي، أرسل عن أبي الدرداء، وروى عن أبي هريرة وأبي أمامة وسويد بن جبلة وغيرهم، روى عنه محمد بن الوليد الزَّبيدي وعقيل بن مدرك وفرج بن فضالة وغيرهم، وهو صدوق، من الطبقة الثالثة، وثقه العجلي كما في "تاريخ الثقات" له (ص 399 رقم 1429)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 345)، وقال أبو حاتم:((يكتب حديثه)) كما في "الجرح والتعديل"(7/ 182 رقم 1034)، وانظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1152)، و"ميزان الاعتدال"(3/ 419 رقم 6986)، و"تقريب التهذيب"(ص 464 رقم 5679)، و"التهذيب"(8/ 455 - 456 رقم 827).
(3)
هو سُوَيْد بن جَبَلة الفَزَاري السُّلمي. ذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 325)، ولم أجد من وثّقه سواه. وسكت عنه البخاري في "تاريخه"(4/ 146 - 147 رقم 2273). وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 2363 رقم 1010)، وذكره يعقوب بن سفيان الفسوي في الطبقة العليا من تابعي أهل الشام في "تاريخه"(2/ 348 - 349)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً. وزعم أبو زرعة الدمشقي أن له صحبة، فأدخله في "مسند الشاميين"، ونفى ذلك أبو حاتم فقال كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل":((ليست له صحبة)). وقال الدارقطني وابن منده: ((لا يصح له صحبة، وحديثه مرسل)).
انظر: "الإصابة"(3/ 304 - 305).
(4)
أي: لقمان بن عامر.
(5)
أي: سويد بن جبلة.
[19]
سنده ضعيف لضعف فرج بن فضالة.
وهذا الأثر أخرجه الخطابي في "غريب الحديث"(1/ 310) من طريق المصنف هنا بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله:((الفزاري)).
20 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهان
(1)
، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدلة، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ
(2)
، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ خَيْرَكُمْ مَنْ تَعلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))، وَأَخَذَ بِيَدِي فَأَجْلَسَنِي مَجْلِسِي هذا، فأقرأني.
(1)
هو الحارث بن نَبْهان الجَرْمي - بفتح الجيم-، أبو محمد البصري، يروي عن أبي إسحاق السبيعي، وعاصم بن بهدلة والأعمش وغيرهم، روى عنه جعفر بن سيلمان الضُّبَعي وعبد الله بن وهب وغيرهما، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين الخمسين، إلى الستين ومائة، وهو متروك؛ قال ابن المديني:((كان ضعيفًا ضعيفًا))، وقال الإمام أحمد:((رجل صالح، لم يكن يعرف الحديث ولا يحفظ، منكر الحديث))، وقال ابن معين:((ليس بشيء، لا يكتب حديثه))، وقال النسائي:((ليس بثقة))، وقال مرة:((متروك الحديث))، وكذا قال أبو حاتم، وزاد:((ضعيف الحديث، منكر الحديث))، وقال البخاري:((منكر الحديث، لا يبالي ما حدّث))، وضعّفه جدًّا، وقال يعقوب بن سفيان:((منكر الحديث)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 91 - 92 رقم 426)، و"الكامل"(2/ 609 - 610)، و"التهذيب"(2/ 158 - 159 رقم 276)، و"التقريب"(ص 148 رقم 1051).
(2)
هو مصعب بن سعد بن أبي وقّاص الزهري، أبو زُرَارة المدني، روى عن أبيه وعثمان وعلي وطلحة وغيرهم، روى عنه عاصم بن بَهْدلة والحكم بن عتيبة وعمرو بن مُرّة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 533 رقم 6688)؛ قال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث))، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "طبقات ابن سعد"(5/ 169)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 429 رقم 1578)، و"ثقات" ابن حبان (5/ 411)، و"التهذيب"(10/ 160 رقم 304). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [20] الحديث سنده ضعيف جدًّا لشدّة ضعف الحارث بن نبهان، وهو صحيح من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه كما في الحديث الآتي.
وأما هذا الحديث فقد أخرجه تمّام في "فوائده"(ص116 - 117 رقم 213) من طريق المصنف هنا، ثنا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سعد، عن سعد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خياركم مَنْ تَعلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) ، وَأَخَذَ بيدي، فأجلسني في مكاني هذا.
وأخرجه الدارمي في "سننه"(2 / 314 رقم 3342) .
والدَّوْرَقي في "مسند سعد بن أبي وقاص"(ص104 رقم 50) .
وابن ماجه (1 / 77 رقم 213) في المقدمة، باب: فضل من تعلم القرآن وعلمه.
وابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص77 رقم 134) .
والبزار في "مسنده"(3 / 356 رقم 1157) .
وأبو يعلى في "مسنده"(2 / 136 رقم 814) .
ومن طريقه ابن عدي في "الكامل"(2 / 610) .
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1 / 218) .
وابن أبي حاتم في "العلل"(2 / 65 رقم 1684) .
والهيثم بن كليب في "مسنده"(ل 13 / أ) .
والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص66 رقم 17) .
والدارقطني في "الأفراد" كما في "الأطراف"(ل 57 / أ) ، وانظر "العلل" له (4 / 326 - 327) .
جميعهم من طريق الحارث بن نبهان، به نحوه، إلا أن ابن الضريس والبزار، وابن أبي حاتم، والدارقطني لم يذكروا قوله: ((وأخذ بيدي
…
)) إلخ، وعند الباقين:((أقريء)) بدل قوله: ((فأقرأني)) .
وذكر ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن هذا الحديث، فقال:((هذا خطأ، إنما هو عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مرسل)) . اهـ.
وقال الدارقطني: ((غريب من حديث عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ مصعب، تفرد =
21 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَد
(1)
، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدة
(2)
يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ
(3)
، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِنَّ خَيْرَكُمْ مَنْ تعَلَّم الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ذَلِكَ أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا.
= به الحارث بن نبهان)). اهـ.
وأما البزار فإنه بعد أن أخرج الحديث قال:
((وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن عاصم، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أبيه إلا الحارث بن نبهان، وقد خالف الحارث بن نبهان في إسناده هذا الحديث شريك، فرواه شريك، عن عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، والحارث فغير حافظ، وشريك يتقدمه عند أهل الحديث، وإن كان غيرحافظ أيضًا)). اهـ.
قلت: ورواية شريك هذه أخرجها ابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص 77 رقم 137).
(1)
هو علقمة بن مَرْثَد - بفتح الميم وسكون الراء، بعدها مثلّثة-، الحضرمي، أبو الحارث الكوفي، يروي عن سعد بن عبيدة وزِرِّ بن حبيش وطارق بن شهاب وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري ومسعر وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة وروى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 397 رقم 4682)، فقد وثقه الشعبي والإمام أحمد والنسائي والعجلي ويعقوب بن سفيان، وزاد أحمد:((ثبت في الحديث)).
انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 341 رقم 1162)، و"الجرح والتعديل"(6/ 406 رقم 2269)، و"التهذيب"(7/ 278 - 279 رقم 485).
(2)
هو سعد بن عُبَيْدة السلمي، أبو حمزة الكوفي، روى عن المغيرة بن شعبة وابن عمر والبراء بن عازب وأبي عبد الرحمن السُّلَمي، وكان خَتَنَهُ على ابنته، روى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وعمرو بن مُرَّة وعلقمة بن مرثد وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، من الطبقة الثالثة، مات في ولاية عمر بن هُبيرة على العراق كما في "التقريب"(ص 232 رقم 2249)، فقد وثقه ابن معين والنسائي والعجلي، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث))، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(4)
هو عبَد الله بن حبيب بن رُبَيِّعة - بفتح الموحدة وتشديد الياء -، أبو عبد الرحمن السلمي، الكوفي، المقرئ، مشهور بكنيته، ولأبيه صحبة، روى عن عمر وعثمان وعلي وسعد وابن مسعود وحذيفة وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي وعلقمة بن مرثد وسعد بن عبيدة وأبو إسحاق السبيعي وسعيد بن جبير وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة سبعين، وقيل: اثنتين وسبعين للهجرة، وقيل غير ذلك، وله من العمر تسعون عامًا، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 299 رقم 3271)، فقد وثقه العجلي والنسائي، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث))، وقال ابن عبد البر:((هو عند جميعهم ثقة)).
انظر: "طبقات ابن سعد"(6/ 172 - 175)، و"الاستغناء" لابن عبد البر (2/ 793 رقم 927)، و"التهذيب"(5/ 183 - 184 رقم 317).
[21]
الحديث سنده حسن؛ عبد الرحمن بن زياد الرصاصي تقدم في الحديث [6] أنه صدوق، ولكنه لم ينفرد به، فالحديث أخرجه البخاري وغيره من غير طريقه كما سيأتي.
فقد روي الحديث عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ من خمسة طرق.
الطريق الأول: طريق علقمة بن مرثد.
وله عنه عشرة طرق:
1 -
طريق شعبة.
أخرجه المصنف هنا من طريق عبد الرحمن بن زياد عنه.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص 13 رقم 73) عنه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريق الطيالسي أخرجه:
الترمذي في "سننه"(8 / 222 - 223 رقم 3071) في "فضائل القرآن"، باب: ما جاء في تعليم القرآن.
والفسوي في "المعرفة"(2 / 590) .
وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده"(1 / 385 - 386 رقم 489) عن شعبة.
ومن طريق ابن الجعد أخرجه:
النحاس في "القطع والائتناف"(ص78) .
والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص61 رقم 15) .
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص2 رقم 1) .
وابن سعد في "الطبقات"(6 / 172) .
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 502 رقم 10120) .
والإمام أحمد في "المسند"(1 / 58 و 69) .
وفي "الزهد"(ص506 - 507 رقم 2140) .
والدارمي في "سننه"(2 / 314 رقم 3341) .
والبخاري في "صحيحه"(9 / 74 رقم 5027) في "فضائل القرآن"، باب:((خَيْرَكُمْ مَنْ تَعلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) .
وأبو داود في "سننه"(2 / 147 رقم 1452) في الصلاة، باب: في ثواب قراءة القرآن.
وابن ماجه (1 / 76 رقم 211) في المقدمة، باب: فضل من تعلَّم القرآن وعلَّمه.
والفسوي في "المعرفة"(2 / 590) .
والترمذي (8 / 224 رقم 3073) في الموضع السابق.
وابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص76 و 77 و 78 رقم 132 و 133 و 140) .
والفريابي في "فضائل القرآن"(ص120 - 123 رقم 11 و 12 و 13) .
والنسائي في "فضائل القرآن"(ص87 - 88 رقم 61 و 62) .
وابن حبان في "صحيحه"(1 / 165 رقم 118 / الإحسان) .
وابن عدي في "الكامل"(6 / 2068 - 2069) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأبو نعيم في "الحلية"(4 / 193 - 194) و (8 / 384) .
والقضاعي في "مسند الشهاب"(2 / 226 - 227 رقم 1240) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(4 / 490 رقم 1785) و (5 / 164 - 165 رقم 2016 و 2017) .
والخطيب في "تاريخه"(4 / 109 و 302) .
جميعيهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عن سعد بن عبيدة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن عثمان، به.
2 و 3 و 4- طرق أبي حنيفة ومسعر وقيس بن الربيع.
أخرجها الخطيب في "تاريخه"(4 / 109) مقرونة بطريق شعبة السابق، ثلاثتهم، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن عثمان، به، فوافقوا شعبة في إسناده.
وأخرجه الخطيب أيضًا (11 / 35) من طريق آخر عن قيس، به مثل سابقه.
وأخرجه تمام في "فوائده"(ص116 رقم 211) من طريق محمد بن بشير، عن مسعر، به، إلا أنه لم يذكر سعد بن عبيدة في إسناده.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(6 / 2068 - 2069) من طريق قيس، عن علقمة، عن سعد، به.
5-
طريق سفيان الثوري.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 69) .
وابن ماجه (1 / 76 رقم 211) .
والترمذي (8 / 224 رقم 3073) .
وابن الضريس في "الفضائل"(ص78 رقم 140) .
والفريابي في "الفضائل"(ص122 - 123 رقم 13) .
والنسائي في "الفضائل"(ص87 - 88 رقم 62) .
والقضاعي في "مسند الشهاب"(2 / 226 - 227 رقم 1240) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبيهقي في "الشعب"(5 / 164 رقم 2016) .
والخطيب في "تاريخه"(4 / 302) .
جميعهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة، به، فوافق فيه شعبة.
وكذا رواه كادح بن رحمة وسعيد بن سالم القدّاح عن سفيان.
أخرجه ابن عدي في "الكامل"(3 / 1233) عن القدّاح، والخطيب في تاريخه (4 / 109) عن كادح.
وخالف يحيى القطان وسعيد بن سالم القداح وكادح بن رحمة الباقون، فرووه عن سفيان، عن علقمة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، به، ليس فيه ذكر لسعد بن عبيدة، وكذا أيضًا رواه الباقون عن علقمة بن مرثد كما سيأتي.
فالحديث أخرجه وكيع في "الزهد"(3 / 839 رقم 521) .
ومن طريق وكيع أخرجه:
الإمام أحمد في "المسند"(1 / 57) .
وابن ماجه (1 / 77 رقم 212) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 367 - 368 رقم 5995) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه:
البيهقي في "الشعب"(4 / 489 رقم 1783) .
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص2 رقم 2) .
والإمام أحمد في "المسند"(1 / 57) .
كلاهما من طريق عبد الرحمن بن مهدي.
وأخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 74 رقم 5028) .
والبيهقي في الموضع السابق.
كلاهما من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين.
وأخرجه الترمذي (8 / 223 رقم 3072) من طريق بشر بن السري. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن الضريس في "الفضائل"(ص77 رقم 135) من طريق محمد بن كثير العبدي.
والنسائي في "الفضائل"(ص88 رقم 63) من طريق عبد الله بن المبارك. جميع هؤلاء: وكيع، وعبد الرزاق، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم، وبشر بن السري، ومحمد بن كثير، وعبد الله بن المبارك رووه عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، به، ليس فيه ذكر لسعد بن عبيدة.
6-
طريق الجّراح الكندي.
أخرجه ابن الضريس في "الفضائل"(ص78 رقم 138) .
والفريابي في "الفضائل"(ص123 - 124 رقم 14 و 15 و 16) .
وتمام في "فوائده"(ص975 رقم 1741) .
والبيهقي في "الشعب"(5 / 166 رقم 2019) ، وفي "الأسماء والصفات"(1 / 371 و 372) ، وفي "الاعتقاد"(ص101) .
واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2 / 338 رقم 556) .
وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"(1 / 16) .
7-
طريق عبد الله بن عيسى بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى.
أخرجه الفريابي في "الفضائل"(ص119 - 120 رقم 10) .
8-
طريق موسى الفرّاء.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"(5 / 129) .
9-
طريق يحيى بن سعيد الأنصاري.
أخرجه تمام في "فوائده"(ص115 رقم 209) .
والخليلي في "الإرشاد"(2 / 629)، ونقل عن الحافظ أبي حفص عمر بن سهل أنه خطّأ من قال:((يحيى بن سعيد)) ، وإنما هو:((يحيى بن شعيب أبو اليسع)) . وجميع هؤلاء: الجراح بن الضحّاك الكندي، وعبد الله بن عيسى، وموسى الفرّاء، ويحيى بن سعيد، عن علقمة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، به، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ليس فيه ذكر لسعد بن عبيدة، كما في رواية الأكثرين عن سفيان الثوري، وفي لفظ الجراح زيادة، ورواية عبد الله بن عيسى موقوفة على عثمان، وسيأتي الكلام عنها.
10-
طريق عمرو بن قيس، واختلف فيه.
فأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"(2 / 33 - 34) من طريق عمرو بن عثمان البرّي، ثنا سعدان بن نصر، ثنا شجاع بن الوليد، عن عمرو بن قيس الملائي، يحدّث عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن، به هكذا ليس فيه ذكر لسعد بن عبيدة.
وأخرجه البيهقي في "الشعب"(4 / 490 رقم 1784) من طريق ابن بشران، عن محمد بن عمرو الرزاز وإسماعيل الصفار، كلاهما عن سعدان بن نصر، به وزاد في سنده سعد بن عبيدة بين علقمة وأبي عبد الرحمن.
تنبيه: اعلم أن هذا الحديث من طريق علقمة بن مرثد قد اختلف فيه سندًا ومتنًا.
1-
أما سندًا؛ فإن من الرواة من يدخل سعد بن عبيدة بين علقمة بن مرثد، وأبي عبد الرحمن السلمي، ومنهم من يسقطه.
ومنهم من وقفه على عثمان رضي الله عنه، ومنهم من رفعه.
2-
وأما متنًا؛ فإن الخلاف إنما هو في رواية الجراح بن الضحاك الكندي، فإنه زاد في روايته قوله:((وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه، وذلك أنه منه)) .
فهذه الزيادة، منهم من رفعها، ومنهم من جعلها من قول أبي عبد الرحمن السلمي.
وقد تطرق لهذا الاختلاف الدارقطني في كتابيه: "العلل"(3 / 53 - 59) ، و"التتبع"(ص355 - 357) ، فذكره، وذكر اختلافًا آخر في سنده، ورجح في "العلل" رواية شعبة ومن وافقه، فقال:((وأصحّها حديث علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عثمان، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)) .
وأما الترمذي في "سننه"(8 / 224) فرجّح رواية الأكثرين عن الثوري بإسقاط سعد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن عبيدة، فنقل عن محمد بن بشّار قوله:((أصحاب سفيان لا يذكرون فيه عن سفيان، عن سعد بن عبيدة. قال محمد بن بشّار: وهو أصح. قال أبو عيسى: وقد زاد شعبة في إسناد هذا الحديث سعد بن عبيدة، وكأن حديث سيفان أشبه)) .
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(9 / 74 - 75) في كلامه عن حديث عثمان هذا: ((وقد أطنب الحافظ أبو العلاء العطار في كتابه "الهادي في القرآن" في تخريج طرقه. فذكر ممن تابع شعبة ومن تابع سفيان جمعًا كثيراً، وأخرجه أبو بكر بن أبي داود في أول الشريعة له، وأكثر من تخريج طرقه أيضًا. ورجح الحافظ رواية الثوري، وعدوا رواية شعبة من المزيد في متصل الأسانيد. وقال الترمذي: كأن رواية سفيان أصح من رواية شعبة. وأما البخاري، فأخرج الطريقين، فكأنه ترجح عنده أنهما جميعًا محفوظان، فيحمل على أن علقمة سمعه أولاً من سعد، ثم لقي أبا عبد الرحمن، فحدثه به، أو سمعه مع سعد من أبي عبد الرحمن، فثبته فيه سعد
…
، وقد شذّت رواية عن الثوري بذكر سعد بن عبيدة فيه
…
، وهكذا حكم علي بن المديني على يحيى القطان فيه بالوهم. وقال ابن عدي: جمع يحيى القطان بين شعبة وسفيان، فالثوري لا يذكر في إسناده سعد بن عبيدة، وهذا مما عُدّ في خطأ يحيى القطّان على الثوري)) . اهـ.
هذا بالنسبة لمن زاد في الإسناد سعد بن عبيدة ومن لم يزده.
أما الخلاف في رفع الحديث ووقفه، فإن جميع الرواة على وقفه، عدا عبد الله بن عيسى بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، فقد اختلف عليه في رفعه ووقفه، ورجح الدارقطني في "العلل"(3 / 57) أن الصواب في رواية عبد الله بن عيسى الوقف على عثمان.
وأما الزيادة التي رواها الجراح في متن الحديث، والخلاف في كونها مرفوعة، أو من قول أبي عبد الرحمن السلمي، فالصواب أن ذلك من قول أبي عبد الرحمن كما نص عليه الدارقطني في الموضع السابق، والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الطريق الثاني: طريق سلمة بن كهيل، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ.
أخرجه الفريابي في "الفضائل"(ص124 - 125 رقم 17 و 18) .
والخطيب في "تاريخه"(5 / 363) ، وفي "الموضح"(2 / 269) .
والذهبي في "تذكرة الحفاظ"(2 / 514) .
الطريق الثالث: طريق عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عبد الرحمن السلمي.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"(9 / 243) من طيرق سفيان الثوري، عن عطاء، به، ثم قال الخطيب:((هذا غريب جدًّا من حديث الثوري، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أبي عبد الرحمن، لا أعلمه، يروى إلا من هذا الوجه)) .
الطريق الرابع: طريق عبد الكريم الجزري، عن أبي عبد الرحمن.
أخرجه ابن عدي في "الكامل"(4 / 1568) .
وتمام في "فوائده"(ص114 رقم 208) .
الطريق الخامس: طريق عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي عبد الرحمن.
أخرجه تمام أيضًا (ص115 رقم 210) من طريق إسحاق بن عبد الله البوقي، عن شريك، عن عاصم.
وأشار الدارقطني في "العلل"(3 / 58 و 59) إلى أنه رواه أيضًا حفص بن سليمان، عن عاصم، وخالد بن عمرو، عن شريك، عن عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عثمان.
وأشار الدارقطني في الموضع السابق إلى أنه رواه محمد بن بكير الحضرمي، عن شريك، عن عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ ابن مسعود.
ورواه يحيى الحماني، عن شريك، عن عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.
ولم يرجِّح الدارقطني شيئًا من هذه الروايات.
22 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة
(1)
، قَالَ: سَمِعْتُ (مُجَاهِدًا)
(2)
يَقُولُ: ((الْقُرْآنُ يَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ يَوَمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ جَعَلْتَنِي فِي جَوْفِهِ، فأَسْهَرْتُ ليْلَهُ، ومنعتُه كَثِيرًا مِنْ شَهْوَتِهِ، وَلِكُلِّ عَامِلٍ عَمَالة، فَيَقُولُ: ابْسُطْ يَدَكَ، أَوْ قَالَ: يَمِينَكَ، فَيَمْلَأُهَا مِنْ رِضْوَانِهِ فَلَا يَسْخَطُ عَلَيْهِ بَعْدَهَا، ثُمَّ يُقَالُ: اقْرَهْ، وارْقَهْ، فَيُرْفَعُ لَهُ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً، وبكل آية حسنة)).
(1)
هو عمرو بن مُرّة بن عبد الله بن طارق الجَمَلي - بفتح الجيم والميم -، المرادي، أبو عبد الله الكوفي، الأعمى، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى، وأبي وائل شقيق بن سلمة ومرّة الطيِّب وإبراهيم النخعي وجماعة، وروى هنا عن مجاهد، روى عنه ابنه عبد الله والأعمش ومنصور وحصين بن عبد الرحمن وشعبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان عشرة ومائة، وقيل: ست عشرة ومائة، وهو ثقة عابد، كان لا يدلّس، ورمي بالإرجاء، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 426 رقم 5112)، فقد وثقه ابن معين وابن نمير ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال العجلي:((كوفي ثبت، كان يرى الإرجاء)). وقال أبو حاتم: ((صدوق ثقة كان يرى الإرجاء)). وقال شعبة: ((ما رأيت أحدًا من أصحاب الحديث لا يدلّس، إلا ابن عون وعمرو بن مرّة)). اهـ.
من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 370 رقم 1286)، و"الجرح والتعديل"(6/ 257 - 258 رقم 1421)، و"التهذيب"(8/ 102 - 103 رقم 163).
(2)
في الاصل: (مجاهد).
[22]
الحديث سنده حسن عن مجاهد؛ عبد الرحمن بن زياد تقدم في الحديث [6] أنه صدوق، لكنه قد توبع، فالحديث صحيح لغيره، عن مجاهد، ولم يذكر مجاهد عمن أخذ هذا الخبر. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد روي عنه من ثلاثة طرق.
1-
طريق عمرو بن مرّة.
أخرجه المصنف هنا من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شعبة، عنه.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص278 رقم 806)، فقال: أنا شعبة
…
، فذكره بنحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (10 / 496 و 499 رقم 10098 و 10107)، فقال: حدثنا غندر، عن شعبة
…
، فذكره بنحوه، إلا أنه في الموضع الثاني إنما ذكر من قوله: ((اقرأ وارقه
…
)) إلخ.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن الضريس في "الفضائل"(ص62 / رقم 102 / أ) .
2-
طريق منصور، قال: حُدِّثت عن مجاهد.
أخرجه ابن شيبة (10 / 496 - 497 رقم 10099)، فقال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، قال: قال منصور: حُدِّثت عن مجاهد
…
، فذكره بمعناه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((اقرأ وارقه
…
)) إلخ.
وسنده ضعيف لإبهام شيخ منصور، وقد يكون منصور رواه عن عمرو بن مرة، أو عن عاصم بن بهدلة راوي الطريق الآتي، فإنه قد روى عنهما كما في "تهذيب الكمال"(3 / 1376) .
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن الضريس برقم (103) .
3-
طريق عاصم بن بهدلة، واختلف عليه.
فرواه سفيان الثوري، عنه، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفًا.
ورواه حماد بن زيد، عنه، عن مجاهد من قوله.
أما رواية سفيان الثوري، فأخرجها الدارمي في "سننه"(2 / 309 رقم 3315)، فقال: حدثنا موسى بن خالد، ثنا إبراهيم بن محمد الفزاري، عن سفيان
…
، فذكره عن ابن عمر بنحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((فلا يسخط عليه بعدها
…
)) إلخ، وزاد:((ويكسى كسوة الكرامة ويُحلّى حلية الكرامة، ويلبس تاج الكرامة)) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما رواية حماد بن زيد، فأخرجها ابن الضريس (ص57 رقم 94)، فقال: أخبرنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حماد
…
، فذكره عن مجاهد بمعناه.
وعاصم في حفظه كلام كما في ترجمته في الحديث رقم [17] ، والراجح أنه صدوق حسن الحديث، فإن لم يكن الاختلاف من قبله، فالراجح رواية حماد بن زيد، عنه عن مجاهد من قوله، كماك في رواية عمرو بن مرة، ومنصور، وتكون وراية سفيان الثوري مرجوحة؛ لأنها من رواية شيخ الدارمي موسى بن خالد، عن الفزاري، عن سفيان.
وشيخ الدارمي موسى بن خالد تقدم في الحديث [12] أنه مقبول.
وأما حماد بن زيد فتقدم في الحديث [17] أنه ثقة ثبت فقيه.
والراوي للحديث عنه هو شيخ ابن الضريس أبو الربيع الزهراني، واسمه: سليمان بن داود العَتَكي، البصري، نزيل بغداد، يروي عن حماد بن زيد وجرير بن حازم وجرير بن عبد الحميد وابن المبارك وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع وثلاثين ومائتين، وهو ثقة لم يتكلم فيه أحد بحجّة، وروى له الشيخان كما في "التقريب"(ص251 رقم 2556) . فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم ومسلمة بن القاسم وابن قانع، وزاد:((صدوق)) . وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن خراش: ((تكلم الناس فيه، وهو صدوق)) ، فتعقبه ابن حجر بقوله:((لا أعلم أحدًا تكلم فيه، بخلاف ما زعم ابن خراش)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(4 / 113 رقم 493) ، و"التهذيب"(4 / 190 - 191 رقم 322) .
وعليه فالحديث صحيح عن مجاهد من قوله، وتقدم معناه في الحديث رقم [12] عن أبي صالح، وهو صحيح عنه، والله أعلم.
23 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ الذِّمَاري
(1)
، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(2)
، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَتَمِيمٍ الدَّاريِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:
(1)
هو يحيى بن الحارث الذِّمَاري - بكسرالمعجمة، وتخفيف الميم-، أبو عمرو الشامي، القارئ، يروي عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه وقرأ عليه، وعن سعيد بن المسيب وعبد الله بن عامر وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ والقاسم أبي عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه ابنه عمرو والأوزاعي وصدقة بن خالد والوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة، وهو ثقة كما في "التقريب"(ص 89 رقم 7522). فقد وثقه ابن معين ودحيم وأبو داود وأبو حاتم، وزاد:((كان عالمًا بالقراءة)). وقال يعقوب ابن سفيان وابن معين في رواية وأبو داود في رواية: ((ليس به بأس)). وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "الجرح والتعديل"(9/ 135 - 136 رقم 575)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1492)، و"التهذيب"(11/ 193 - 194 رقم 326).
(2)
هو القاسم بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن الدمشقي يروي عن علي وابن مسعود وتميم الداري وفضالة بن عبيد وغيرهم، روى عنه علي بن يزيد الأَلْهاني وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ويحيى بن الحارث الذَّمَاري وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتي عشرة ومائة، وقيل: سنة ثمان عشرة ومائة، وهو صدوق يغرب كثيرًا كما في "التقريب"(ص 450 رقم 5470). فقد وثقه ابن المديني وابن معين ويعقوب بن شيبة ويعقوب بن سفيان والترمذي وابن شاهين والعجلي، وزاد:((يكتب حديثه، وليس بالقوي)). وقال يعقوب بن شيبة في موضع آخر: ((قد اختلف الناس فيه، فمنهم من يضعف روايته، ومنهم من يوثقه)). وقال ابن حبان: ((كان يروي عن الصحابة المعضلات)).
قلت: وكان الإمام أحمد يحمل على القاسم هذا كثيرًا، ويقول:((في حديث القاسم مناكير مما يرويها الثقات، يقولون من قبل القاسم))، وقال:((ما أرى البلاء إلا من القاسم)). اهـ. =
((مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً كُتِبَ مِنَ الْحَافِظِينَ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَرَأَ ثَلَاثَمِائَةِ آيَةٍ يَقُولُ الْجَبَّارُ: قَدْ نصِبَ
(3)
عَبْدِي فيَّ، وَمَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قِنْطار، وَالْقِنْطَارُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَأَكْثَرُ، مَا شَاءَ مِنَ الْأَجْرِ، [ل 106/أ] فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ رَبُّكَ لِلْعَبْدِ: اقْرَأْ وارقَ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخِرِ آيَةٍ مَعَهُ، يَقُولُ رَبُّكَ لِلْعَبْدِ: اقْبِضْ، يَقُولُ الْعَبْدُ بِيَدِهِ: يَا رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ: يَقُولُ: بِهَذِهِ الْخُلْدُ، وَبِهَذِهِ النَّعِيمُ)).
= والأرجح أن هذه الأحاديث التي انتقدت على القاسم ليس البلاء منه، وإنما من الرواة عنه. قال ابن معين:((الثقات يروون عنه هذه الأحاديث ولا يرفعونها)).
وقال أيضًا: ((يجيء من المشايخ الضعفاء ما يدل حديثهم على ضعفهم)). وقال في موضع آخر: ((إذا روى عنه الثقات أرسلوا ما رفع هؤلاء)). وقال البخاري: ((روى عنه العلاء بن الحارث، وكثير بن الحارث، وسليمان بن عبد الرحمن، ويحيى بن الحارث أحاديث متقاربة، وأما من يُتَكلَّم فيه، مثل جعفر بن الزبير، وعلي بن يزيد، وبشر بن نمير، ونحوهم، ففي حديثهم عنه مناكير واضطراب)).
وقال أبو حاتم: ((حديث الثقات عنه مستقيم لا بأس به، وإنما يُنكِر عنه الضعفاء)).
انظر: "تاريخ ابن معين"(2/ 481)، و"سؤالات ابن أبي شيبة" لعلي بن المديني (ص 153 رقم 210)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (7/ 159 رقم 712)، و"الصغير" له أيضًا (1/ 220)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 388 رقم 1375)، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص 189 رقم 1150)، و"تهذيب الكمال"(2/ 1111 - 1112)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= و"التهذيب"(8/ 322 - 324 رقم 581).
(3)
أي: تعب.
"النهاية في غريب الحديث"(5/ 62).
[23]
سنده ضعيف، فإسماعيل بن عياش الشّامّي تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده مخلّط في غيرهم، وهذا الحديث من روايته عن أهل بلده، فشيخه يحيى بن الحارث شامي، لكن إسماعيل هذا مدلِّس ولم يصرِّح هنا بالسماع، ومع ذلك فقد خولف في سند الحديث والصواب وقفه، فقد روى الحديث من ثلاثة طرق:
1 -
طريق يحيى بن الحارث، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن فضالة وتميم.
وله عن يحيى ثلاثة طرق:
أ- طريق إسماعيل بن عياش.
أخرجه المصنف هنا عنه.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 153 - 154 رقم 2006)، إلا أنه لم يذكر تميمًا الداري في سنده، ولفظه:((مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً كُتِبَ مِنَ الْحَافِظِينَ حتى يصبح، ومن قرأ بثلاث مائة آية يقول الجبار: قد أنصب عبدي فيّ، ومن قرأ بألف آية كتب له قناطير، وَالْقِنْطَارُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فيها؛ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ ربك عز وجل: ((اقرأ وارق، كل آيَةٍ دَرَجَةً، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخر آية معه)).
أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل"(1/ 151 رقم 422).
والطبراني في "الكبير"(2/ 38 رقم 1253)، وفي "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد"(2/ 267).
والبيهقي في "الشعب"(5/ 154 - 155 رقم 2007).
أما ابن أبي حاتم فمن طريق محمد بن الخليل، وأما الطبراني والبيهقي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فمن طريق محمد بن بكير، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، به مرفوعًا.
وذكر ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن هذا الحديث، فقال:((هذا حديث خطأ، إنما هو موقوف عن تميم وفضالة)) .
وقال الهيثمي في الموضع السابق: ((فيه إسماعيل بن عياش، ولكنه من روايته عن الشاميين، وهي مقبولة)) .
والحديث أخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص147) .
بطوله بنحوه.
ب- طريق يحيى بن حمزة.
أخرجه الدارمي (2 / 332 و 333 و 335 رقم 3445 و 3446 و 3450 و 3455 و 3465) ، من طريق يحيى بن بسطام، عن يحيى بن حمزة، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن فضالة وتميم موقوفًا عليهما، والموضع الأول أخرجه عن تميم فقط، ورواه مفرقًا ببعض ألفاظه في هذه المواضع، ولم يذكر قوله:((ومن قرأ ثلاث مائة آيَةٍ يَقُولُ الْجَبَّارُ: قَدْ نَصَبَ عبدي فيّ)) ، ولا قوله: ((فإذا كان يوم القيامة
…
)) إلخ الحديث، وزاد قوله:((ومن قرأ بمائة آية في ليلة كتب من القاتنين)) .
وتقدم أن أبا حاتم رجح رواية من وقف الحديث.
ويحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي أبو عبد الرحمن الدمشقي القاضي يروي عن الأوزاعي وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ومحمد بن الوليد الزبيدي ويحيى بن الحارث الذَّماري وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي والوليد بن مسلم وأبو مسهر وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثلاث ومائة ووفاته سنة ثلاث وثمانين ومائة، وهو ثقة رمي بالقدر، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص589 رقم 7536) . فقد وثقه ابن معين ودحيم والغلابي والعجلي ويعقوب بن شيبة وأبو داود والنسائي وغيرهم. ورماه بالقدر ابن معين والغلابي وأبو داود. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= انظر: "ثقات" العجلي (ص470 رقم 1801) ، و"التهذيب"(11 / 200 - 201 رقم 339) .
وشيخ الدارمي هو يحيى بن بسطام بن حريث الزهراني، أبو محمد المصفّر، البصري يروي عن ابن لهيعة وبكر بن مضر ويحيى بن حمزة وغيرهم، وهو صدوق حسن الحديث، ورمي بالقدر؛ فقد ذكره البخاري والعقيلي في الضعفاء؛ وابن حبان في "المجروحين"، أما البخاري فقال:((يذكر بالقدر)) . وأما العقيلي فذكر عبارة البخاري هذه، وذكر حديثًا مما أنكر عليه، وأما ابن حبان فقال:((كان قدريًّا داعية إلى القدر، لا تحلّ الرواية عنه لهذه العلّة، ولما في روايته من المناكير التي تخالف رواية المشاهير)) ، ولم يذكر شيئًا من هذه المناكير. وقال أبو داود:((تركوا حديثه؛ قال له معتمر بن سليمان: أنت قدري؟ قال: نعم)) .
انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (8 / 264 رقم 2938) ، و"الضعفاء الصغير" له أيضًا (ص119 رقم 394) ، و"الضعفاء" للعقيلي (4 / 394) ، و"المجروحين" لابن حبان (3 / 119) .
قلت: أما الأحاديث التي أنكرت على يحيى فلم يذكروا منها إلا الحديث الذي رواه العقيلي في ترجمته، والحمل فيه ليس على يحيى بن بسطام؛ لأنه من رواية شيخ العقيلي محمد بن زكريا الغلَّابي، وقد قال عنه الدارقطني:((يضع الحديث)) . كما في "الضعفاء والمتروكين" له (ص350 رقم 483) ، وانظر "اللسان"(5 / 168 - 169) ، وعليه فيكون الجرح في يحيى هذا بسبب رميه بالقدر، وكونه داعية إليه كما قال ابن حبان، وقد ذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 132 رقم 556) يحيى هذا وقال:((سألت أبي عنه فقال: شيخ صدوق ما بحديثه بأس، قدري أدخله البخاري في كتاب الضعفاء، فسمعت أبي يقول: يحوّل من هناك)) . اهـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعليه فسند هذا الطريق حسن لذاته.
جـ- طريق الهيثم بن حميد.
ذكر البيهقي في الموضع السابق من "الشعب" هذا الحديث من رواية إسماعيل بن عياش مرفوعًا، ثم قال:((ورواه الهيثم بن حميد، عن يحيى بن الحارث موقوفًا، عن تميم وفضالة بن عبيد)) .
قلت: ولم أجد من أسند الحديث من طريقه.
2-
طريق العباس بن ميمون، عن تميم الداري.
أخرجه الدارمي (2 / 332 رقم 3445) فقال: (حدثني عثمان بن مسلم، عن العباس بن ميمون، عن تميم الداري، قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ في ليلة لم يكتب من الغافلين)) ) كذا جاء في "سنن الدارمي" المطبوع، وقد تصحّف اسم شيخ الدارمي، وصوابه:(عفّان بن مسلم) ، وأما العباس بن ميمون فلم أجد له ذكرًا فيما لدي من كتب التراجم، ولا آمن أن يكون في الإسناد تصحيف أيضًا، والله أعلم.
3-
طريق كثير بن مرّة، عن تميم الداري.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4 / 103) .
والدارمي (2 / 333 رقم 3453) .
وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص183 رقم 673) .
والطبراني في "الكبير"(2 / 38 رقم 1252) .
أما الإمام أحمد وابن السني والطبراني فمن طريق الهيثم بن حميد، وأما الدارمي فمن طريق يحيى بن حمزة، كلاهما عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ تميم الدارمي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ قَرَأَ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة)) .
قال الهيثمي في "المجمع"(2 / 267) : ((فيه سليمان بن موسى الشامي وثقه ابن معين وأبو حاتم، وقال البخاري: عنده مناكير، وهذا لا يقدح)) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: سليمان هذا هو ابن موسى الأموي مولاهم، الدمشقي، المعروف بالأَشْدق، روى عن واثلة بن الأسقع وأبي أمامة وطاوس والزهري وغيرهم، روى عنه ابن جريج وسعيد بن عبد العزيز والأوزاعي وزيد بن واقد وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائة، وقيل: تسع عشرة ومائة، وهو صدوق كما قال الذهبي في ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق (ص94 رقم 148) قال عطاء بن أبي رباح:((سيد شباب أهل الشام سليمان بن موسى)) . وقال سعيد بن عبد العزيز: ((كان أعلم أهل الشام بعد مكحول)) . وقال الزهري: ((سليمان بن موسى أحفظ من مكحول)) . ووثقه دحيم وابن سعد، وقال ابن معين:((ثقة، وحديثه صحيح عندنا)) . وقال الدارقطني: ((من الثقات، أثنى عليه عطاء والزهري)) . وذكر ابن المديني أن سليمان هذا قد خولط قبل موته بيسير. وقال أبو حاتم: ((محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أفقه منه، ولا أثبت منه)) . وقال البخاري: ((عنده مناكير)) . وقال النسائي: ((أحد الفقهاء، وليس بالقوي في الحديث)) . وقال ابن عدي: ((هو فقيه راو حدّث عنه الثقات من الناس، وهو أحد علماء أهل الشام، وقد روى أحاديث ينفرد بها لا يرويها غيره، وهو عندي ثبت صدوق)) . قال الذهبي: ((هذه الغرائب التي تستنكر له يجوز أن يكون حفظها)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(4 / 141 - 142رقم 615) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 113 - 119) ، و"الميزان"(2 / 225 - 226 رقم 3518) ، و"التهذيب"(4 / 226 - 227 رقم 377) . ولهذا الإسناد علّة، وهي الانقطاع بين سليمان بن موسى هذا وكثير بن مرّة. قال الذهبي في "السير" (5 / 434) :((ويروي عن كثير بن مرة، فلعله أدركه)) . اهـ.
قلت: قد نصّ ابن معين، وأبو مُسهر، والغلابي على أنه لم يدرك كثير بن مرة.
انظر: "الكامل" لابن عدي (3 / 113) ، و"السير"(5 / 435) ، و"جامع التحصيل"(ص230 - 231) .
وقد خفيت هذه العلة على الشيخ ناصر الدين الألباني، فصحح الحديث من هذا الطريق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= انظر: "السلسلة الصحيحة"(2 / 248 - 249 رقم 644) .
ولبعض ألفاظ الحديث شواهد، عن أبي أمامة، وأبي سعيد الخدري، وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.
1-
أما حديث أبي أمامة رضي الله عنه، فقال الدارمي في "سننه" (2 / 335 رقم 3464) : أخبرنا الحكم بن نافع، أنا حَريز، عن حبيب بن عبيد، قال: سمعت أبا أمامة يقول: من قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قنطار من الأجر. والقيراط من ذلك القنطار لا يفي به ديناكم- أو قال: لا يعدله دنياكم -. وهذا إسناد صحيح.
حبيب بن عبيد الرَّحَبي - بالمهملة المفتوحة، ثم الموحدة -، أبو حفص الحمصي روى عن العرباض بن سارية والمقدام بن معدي كَرب وأبي أمامة وغيرهم، روى عنه حريز بن عثمان ومعاوية بن صالح وشريح بن عبيد وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب"(ص151 رقم 1101) . وثقه النسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص106 رقم 249) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 138) ، و"التهذيب"(2 / 187 - 188 رقم 344) .
وحَرِيز- بفتح أوله، وكسر الراء وآخره زاي - ابن عثمان الرَّحَبي، الحمصي، روى عن عبد الله بن بسر المازني الصحابي وحبيب بن عبيد وخالد بن معدان وعبد الرحمن بن جبير بن نفير وغيرهم، روى عنه الوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد وعيسى بن يونس، ويحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون وأبو اليمان الحكم بن نافع وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمانين للهجرة، ووفاته سنة ثلاث وستين ومائة، وهو ثقة ثبت رُمي بالنصب كما في "التقريب" (ص156 رقم 1184) . قال ابن المديني:((لم يزل من أدركناه من أصحابنا يوثقونه)) . وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة)) . وقال أيضًا: ((ليس بالشام أثبت من حريز إلا أن يكون بحير)) . ووثقه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن معين ودحيم والعجلي، وزاد:((يحمل على علي)) .
وقال عمرو بن علي الفلَّاس: ((كان ينتقّص عليًّا، وينال منه، وكان حافظًا لحديثه)) . وقال أبو حاتم: ((حسن الحديث، لم يصحّ عندي ما يقال في رأيه، ولا أعلم بالشام أثبت منه، وهو ثقة متقن)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(3 / 289 رقم 1288) ، و"التهذيب"(2 / 237 - 241 رقم 436) .
والحكم بن نافع البَهْراني - بفتح الموحدة -، أبو اليمان الحمصي مشهور بكنيته، روى عن شعيب بن أبي حمزة وحريز بن عثمان وصفوان بن عمرو وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وابن معين والبخاري والدارمي وأبو حاتم الرازي وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وعشرين ومائتين وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، وهو ثقة ثبت، يقال إن أكثر حديثه عن شعيب مناولة، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص176 رقم 1464) . سئل عنه الإمام أحمد فقال:((أما حديثه عن صفوان وحريز فصحيح)) . ووثقه ابن معين وابن عمار. وقال العجلي: ((لا بأس به)) . وقال أبو حاتم: ((نبيل صدوق ثقة)) . وقال أبو زرعة: ((لم يسمع أبو اليمان من شعيب إلا حديثًا واحدًا، والباقي إجازة)) . اهـ. "من سؤالات ابن الجنيد لابن معين"(ص397 رقم 523) ، و"الجرح والتعديل"(3 / 129 رقم 586) ، و"التهذيب"(2 / 441 - 443 رقم 768) .
2-
وأما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فقال الدارمي أيضًا (2 / 334 رقم 3461) : حدثنا أبو النعمان، ثنا حماد بن زيد، عَنْ سَعِيدٍ الجُرَيْري، عَنْ أَبِي نَضْرة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ آيات كتب من الذاكرين، ومن قرأ بمائة آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قرأ بخمسمائة آية إلى الألف أصبح وله قنطار من الأجر. قيل: وما القنطار؟ قال: ملء مَسْك الثور ذهبًا.
وهذا إسناد صحيح أيضًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبو نَضْرة اسمه المنذر بن مالك بن قُطَعة - بضم القاف، وفتح المهملة- العَبْدي، العَوَفي - بفتح المهملة والواو، ثم قاف-، البصري، مشهور بكنيته روى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وأبي موسى الأشعري وأبي ذر وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وابن عباس وابن الزبير وابن عمر وأنس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه سليمان التيمي وحميد الطويل وعاصم الأحول وقتادة وسعيد الجُريري وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان أو تسع ومائة، وهو ثقة كما في "التقريب"(ص546 رقم 6890)، فقد وثقه الإمام أحمد وابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن شاهين. وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث، وليس كل أحد يحتج به)) . وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من فصحاء الناس
…
، وكان ممن يخطئ)) .
انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص439 رقم 1633) ، و"الجرح والتعديل"(8 / 241 رقم 1088) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 420) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص235 رقم 1442) ، و"التهذيب"(10 / 302 - 303 رقم 527) .
أقول: وابن حبان متشدد في الجرح، والمعوّل عليه كلام الأئمة الذين وثقوه، والله أعلم.
وسعيد بن إياس الجُرَيري - بضم الجيم -، أبو مسعود البصري يروي عن أبي الطفيل وأبي عثمان النَّهْدي وعبد الله بن بريدة وأبي نضرة وغيرهم وكانت وفاته سنة أربع وأربعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، إلا أنه اختلط قبل موته بثلاث سنين. لكن الراوي عنه هنا حماد بن زيد وقد سمع منه قبل الاختلاط، وسمع منه كذلك قبل الاختلاط: شعبة والسفيانان وحماد بن سلمة وإسماعيل بن علية ومعمر وعبد الوارث بن سعيد ويزيد بن زريع ووهيب بن خالد وعبد الوهاب الثقفي وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وبشر بن المفضل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما من سمع منه بعد الاختلاط، فمنهم: محمد بن أبي عدي وإسحاق الأزرق ويحيى القطان ويزيد بن هارون وعيسى بن يونس وابن المبارك.
وسعيد هذا وثقه ابن معين والنسائي وزاد: ((أُنكر أيام الطاعون)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله، إلا أنه اختلط في آخر عمره)) . وقال العجلي: ((بصري ثقة، واختلط بآخره، روى عنه في الاختلاط يزيد بن هارون وابن المبارك وابن أبي عدي، وكلما روى عنه مثل هؤلاء فهو مختلط، إنما الصحيح عنه حماد بن سلمة، وإسماعيل بن علية، وعبد الأعلى من أصحهم سماعًا؛ سمع منه قبل أن يختلط بثمان سنين وسفيان الثوري وشعبة صحيح)) . وقال أبو حاتم: ((تغير حفظه قبل موته، فمن كتب عنه قديمًا فهو صالح، وهو حسن الحديث)) . وقال ابن حبان: ((كان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سنين)) . وقال ابن عدي: ((مستقيم الحديث، وحديثه حجة، من سمع منه قبل الاختلاط)) .
انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص181 رقم 531) ، و"الجرح والتعديل"(4 / 1 - 2 رقم 1) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 1228 - 1229) ، و"التهذيب"(4 / 5 - 7 رقم 8) ، و"التقريب"(ص233 رقم 2273) ، و"الكواكب النيرات وحاشيته"(ص178 - 189) .
وتقدمت ترجمة حماد بن زيد في الحديث رقم [17] ، وأبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي الملقب بعارم في الحديث رقم [6] ، وهما ثقتان ثبتان.
3-
وأما حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنهما، فيرويه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((من قام بعشر آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، ومن قام بمائة آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قام بألف آية كتب من المقنطرين)) .
أخرجه أبو داود في "سننه"(2 / 118رقم 1398) .
وابن خزيمة في "صحيحه"(2 / 181 رقم 1144) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن حبان في "صحيحه" كما في الإحسان (4 / 120 رقم 2563) .
وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص189 رقم 703) .
جميعهم من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عمرو بن الحارث، أن أبا سَويّة حدثه أنه سمع ابن حُجَيْرة يخبر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
…
، فذكره، غير أن ابن السني سمّى أبا سَويّة (أبا الأسود)، وأما ابن حبان فسمّاه:(أبا سويد)، ثم قال:((أبو سويد اسمه حميد بن سويد من أهل مصر، وقد وهم من قال: أبو سَويّة)) . وصوّب المزّي في "تحفة الأشراف"(6 / 357) قول من قال: أبو سَويّة.
وذكر الحافظ ابن حجر في "النكت الظِّراف" قول ابن حبان السابق، ثم قال: ((والظاهر أنه هو الواهم
…
)) .
وقال ابن خزيمة قبل سياقه للحديث: ((باب فضل قراءة ألف آية في ليلة إن صح الخبر، فإني لا أعرف أبا سَويّة بعدالة ولا جرح
…
)) ، ثم ذكر الحديث.
قلت: أبو سَويّة اسمه عبيد بن سَويّة - بفتح المهملة وكسر الواو وتشديد التحتانية-، الأنصاري روى عن عبد الرحمن بن حُجَيرة، وأرسل عن سُبَيْعة الأسلميّة، روى عنه حَيْوة بن شُريح وعمرو بن الحارث وابن لهيعة وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وثلاثين ومائة، وهو صدوق كما في "التقريب" (ص377 رقم 4378) . قال ابن حبان:((ثقة)) . وأخرجه في الصحيح. وقال ابن يونس: ((كان رجلاً صالحًا، وكان يفسر القرآن)) . وقال ابن ماكولا وأبو عمير الكندي: ((كان فاضلاً)) .
انظر: "الثقات" لابن حبان (6 / 193) ، و"التهذيب"(7 / 67 - 68 رقم 140) .
والحديث ذكره القرطبي في مقدمة "تفسيره"(1 / 9) وعزاه لأبي داود الطياليسي في "مسنده"، ولم أجده في المطبوع منه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وذكره الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة"(2 / 244 رقم 642)، وقال عن إسناده:((جيّد)) ، وكذا قال في تعليقه على "صحيح ابن خزيمة".
4-
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص188 - 189 رقم 702) .
والحاكم في "المستدرك"(1 / 555) .
كلاهما من طريق محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري، عن مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ)) .
قال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
ووقع في "المستدرك" المطبوع: (موسى بن إسماعيل)، والصواب:(مؤمل بن إسماعيل) كما عند ابن السني، وهو مُؤَمَّل - بوزن محمد، بهمزة - ابن إسماعيل، أبو عبد الرحمن البصري نزيل مكة، صدوق، إلا أنه سيء الحفظ كما في "التقريب" (ص555 رقم 7029) . فقد وثقه ابن معين وإسحاق بن راهويه وابن سعد وزاد:((كثير الغلط)) ، والدارقطني وزاد:((كثير الخطأ)) . وقال الساجي: ((صدوق كثير الخطأ، وله أوهام يطول ذكرها)) . وقال أبو حاتم: ((صدوق شديد في السنة، كثير الخطأ)) . وقال البخاري: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(8 / 374 رقم 1709) ، و"التهذيب"(10 / 380 - 381 رقم 682) .
وعليه فسند الحديث ضعيف لضعف مؤمل من قبل حفظه.
5-
وأما حديث عبد الله بن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما، فهو الآتي، وهو ضعيف.
وبالجملة فالحديث حسن بمجموع طرقه، وبعض لفظه صحيح لغيره بشواهده المتقدمة، وله حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال من قبل الرأي، والله أعلم.
24 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ
(1)
، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
(2)
، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ)).
(1)
هو وضّاح - بتشديد المعجمة، ثم مهملة -، ابن عبد الله اليشكُري - بالمعجمة -، الواسطي، أبو عوانة البزَّاز، مشهور بكنيته، يروي عن الأسود بن قيس وقتادة وأبي بشر جعفر بن إياس وحصين بن عبد الرحمن وبيان بن بشر وأبي إسحاق الشيباني وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، روى عنه ابن عليّة وأبو داود وأبو الوليد الطيالسيَّان وعبد الرحمن بن مهدي وعفان بن مسلم ومسدَّد وقتيبة بن سعيد وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وسبعين ومائة، وقيل: خمس وسبعين ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 580 رقم 7407). قال ابن مهدي:((كتاب أبي عوانة أثبت من حفظ هشيم)). وقال مسدد: ((سمعت يحيى القطان يقول: ما أشبه حديثه بحديثهما - يعني أبا عوانة وشعبة وسفيان-)). وقال عفان: ((كان أبو عوانة صحيح الكتاب، كثير العجم، والنقط، وكان ثبتًا، وأبو عوانة في جميع حاله أصح حديثًا عندنا من هشيم)). وقال الإمام أحمد: ((إذا حدث أبو عوانة من كتابه فهو أثبت، وإذا حدث من غير كتابه ربما وهم)). وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة ثبت حجة فيما حدث به من كتابه، وكان إذا حدث من حفظه ربما غلط)). وقال الذهبي: ((مجمع على ثقته، وكتابه متقن بالمرّة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(9/ 40 - 41 رقم 173)، و"الاستغناء" لابن عبد البر (2/ 851 - 852 رقم 997)، و"الميزان"(4/ 334 رقم 9350)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 1039 - 1040)، و"التهذيب"(11/ 116 - 120 رقم 204).
(2)
هو السَّبيعي، واسمه عمرو بن عبد الله.
[24]
سنده ضعيف لأجل الرجل المبهم شيخ أبي إسحاق، ومتنه صحيح لغيره كما سبق بيانه في الحديث السابق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والحديث له عن ابن عمر طريقان:
1-
طريق أبي إسحاق، واختلف عليه.
فرواه أبو عوانة وشعبة، عنه، عن راوٍ مبهم، عن ابن عمر.
ورواه وكيع عنه، عن ابن عمر بلا واسطة.
ورواه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عنه، عن المغيرة بن عبد الله الجدلي، عن ابن عمر.
أما رواية أبي عوانة، فهي التي أخرجها المصنف هنا.
وأما رواية شعبة، فأخرجها ابن الضريس في "الفضائل"(ص84 رقم 63) ، من طريق عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عمّن سمع ابن عمر يقول
…
، فذكره بمثله وزاد:((ومن قرأ مائة آية كتب من القاتنتين)) . وأما رواية وكيع، فأخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 508 رقم 10137)، فقال: حدثنا وَكِيعٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ ابن عمر
…
، فذكره بنحوه.
وأما رواية إسرائيل، فأخرجها الدارمي في "سننه"(2 / 332 و 334 رقم 3448 و 3460) ، من طريق شيخه أبي غسان مالك بن إسماعيل، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن المغيرة بن عبد الله الجدلي، عن ابن عمر
…
، فذكره بمثله، وزاد في الموضع الثاني قوله:((ومن قرأ في ليلة بمائة آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قرأ بمائتي آية كتب من الفائزين)) .
والمغيرة بن عبد الله الجدلي هذا لم أجد من ذكره بهذه النسبة، وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 244 - 245) عن سند هذا الحديث:((رجاله ثقات غير المغيرة بن عبد الله الجدلي، فلم أعرفه، وفي طبقته المغيرة بن عبد الله اليَشْكُري الكوفي، روى عن جماعة، منهم: أبو إسحاق السبيعي، فلعله هذا)) .
قلت: إن كان هو فهو ثقة من الطبقة الرابعة كما في "التقريب" (ص543 =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رقم 6842) ؛ فقد روى له مسلم في "صحيحه"، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو يروي عن أبيه عبد الله بن أبي عقيل اليَشْكُري وعن المغيرة بن شعبة وبلال بن الحارث وغيرهم، ولم أجد من نصّ على أنه روى عن ابن عمر، روى عنه جامع بن شدّاد وعلقمة بن مرثد وأبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم.
انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص438 رقم 1624) ، و"ثقات" ابن حبان (5 / 410) ، و"التهذيب"(10 / 263 رقم 473) .
والراجح رواية أبي عوانة وشعبة، عن أبي إسحاق، عن الراوي المبهم، عن ابن عمر، فأبو إسحاق السبيعي تقدم في الحديث رقم [1] أنه اختلط بأخرة، وأن رواية شعبة عنه قبل الاختلاط، وقد وافق شعبة أبو عوانة.
2-
طريق محمد بن كعب القرظي، عن ابن عمر.
واختلف على محمد بن كعب.
فأخرجه الدارمي في "سننه"(2 / 332 و 333 رقم 3447 و 3452)، فقال: حدثنا إسماعيل بن أبان، ثنا أبو أويس، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ محمد بن كعب القرظي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:((مَنْ قرأ في ليلة بعشر آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ)) هذا لفظه في الموضع الأول، وفي الثاني بنفس الإسناد، قَالَ:((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ بمائة آية كتب من القانتين)) .
كذا رواه موسى بن عقبة، عن محمد بن كعب.
وخالفه عبد الله بن زياد، فرواه عن محمد بن كعب، عن ابن عمر، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(1 / 555 - 556) بنحو لفظي الدارمي، وسكت عنه، وقال الذهبي في "التلخيص":((إسناده واهٍ)) .
قلت: وآفته عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي يروي عن الزهري ومجاهد وزيد بن أسلم وابن المنكدر وسعيد المقبري وغيرهم، روى =
25 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ
(1)
، قَالَ: نا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَأَعْرَبَ بِقِرَاءَتِهِ، فَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ، كَانَ كَالشَّهِيدِ المُتَخَبِّطِ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل).
= عنه عبد الرزاق وعبد الله بن وهب وبقيّة بن الوليد ومحمد بن فضيل وغيرهم، وهو كذاب، رماه بالكذب عدة، منهم الإمام مالك وهشام بن عروة وإبراهيم بن سعد وابن معين وأبو داود والجوزجاني، وغيرهم.
انظر: "الجرح والتعديل"(5/ 60 - 62 رقم 279)، و"الكامل" لابن عدي (4/ 1444 - 1446)، و"التهذيب"(5/ 219 - 221 رقم 378).
وعليه فالراجح رواية موسى بن عقبة للحديث عن محمد بن كعب، عن ابن عمر موقوفًا، وهي ضعيفة.
فأبو أويس هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، المدني، قريب الإمام مالك وصهره، روى عن الزهري، وابن المنكدر وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه ابناه أبو بكر وإسماعيل، وروى عنه يعقوب بن إبراهيم ومعلى بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائة، وهو صدوق يهم كما في "التقريب" (ص 309 رقم 3412). قال عنه الإمام أحمد:((لا بأس به))، وفي رواية قال:((صالح))، وكذا قال ابن معين وزاد:((ولكن حديثه ليس بذاك الجائز))، وقال مرة:((صدوق، وليس بحجّة))، وضعفه ابن المديني وابن معين في رواية. وقال عمرو بن علي الفلاس:((فيه ضعف، وهو عندهم من أهل الصدق)). وقال يعقوب بن شيبة: ((صدوق صالح الحديث، وإلى الضعف ما هو)). وقال أبو زرعة: ((صالح صدوق كأنه ليّن)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 92 رقم 423)، و"الكامل" لابن عدي (4/ 1499 - 1500)، و"التهذيب"(5/ 280 - 282 رقم 477).
(1)
هو أبو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي مريم الغسّاني الشامي، وقد ينسب إلى جده، قيل: =
26 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ (بَحِير بْنِ سَعْدٍ)
(1)
، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان
(2)
، (عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرّة)
(3)
، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَني، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، والمُسِرُّ بِالْقُرْآنِ كالمسِرِّ بِالصَّدَقَةِ)).
= اسمه: بُكير، وقيل: عبد السلام، روى عن أبيه وابن عمه الوليد بن سفيان بن أبي مريم وراشد بن سعد وخالد بن معدان وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك وعيسى بن يونس والوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وخمسين ومائة، وهو ضعيف؛ كان قد سُرق بيته، فاختلط كما في "التقريب" (ص 623 رقم 7974). فقد ضعفه ابن سعد وأحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وأبو حاتم وزاد:((طرقه لصوص، فأخذوا متاعه، فاختلط)). وقال أبو داود: ((سرق له حلي، فأنكر عقله)). اهـ.
من "الجرح والتعديل"(2/ 404 - 405 رقم 1590)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1583 - 1584)، و"التهذيب"(12/ 28 - 29 رقم 139).
[25]
سنده ضعيف جدًّا؛ لضعف أبي بكر بن أبي مريم، وإبهام مَنْ حدّثه، ومع ذلك فهو من طبقة أتباع التابعين كما يتضح من مصادر ترجمته، فيكون في الإسناد انقطاع بين أشياخه والنبي صلى الله عليه وسلم، وإسماعيل بن عيّاش مدلِّس ولم يصرِّح بالسماع.
(1)
تصحّفت العبارة في الأصل إلى: (يحيى بن سعيد) بسبب تقارب الرسم، والصواب ما هو مثبت كما في بقية مصادر التخريج.
وهو بَحِير - بكسر المهملة - ابن سعد السَّحولي - بمهملتين -، أبو خالد الحمصي، روى عن خالد بن مَعْدان ومكحول، روى عنه إسماعيل بن عياش وبقيّة بن الوليد ومعاوية بن صالح وغيرهم، وهو ثقة ثبت من الطبقة السادسة كما في "التقريب"(ص 120 رقم 640)، قال الإمام أحمد: ((ليس بالشام أثبت =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= من حريز، إلا أن يكون بحير)). ووثقه دحيم وابن سعد والعجلي والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "الجرح والتعديل"(2/ 412 رقم 1625)، و"ثقات" العجلي (ص 77 رقم 135)، و"التهذيب"(1/ 421 رقم 777).
(2)
هو خالد بن مَعْدان الكَلَاعي، أبو عبد الله الحِمْصي روى عن ثوبان وابن عمر وابن عمرو ومعاوية بن أبي سفيان والمقدام بن معدي كَرِب وأبي أمامة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنهم بحير بن سعد ومحمد بن إبراهيم التيمي وحريز بن عثمان وحسان بن عطية وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائة، وقيل: سنة أربع، وقيل: خمس، وقيل: ثمان ومائة، وهو ثقة عابد يرسل كثيرًا روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 190 رقم 1678)؛ فقد وثقه ابن سعد والعجلي ويعقوب بن شيبة وابن خراش والنسائي، وكان الأوزاعي يعظّمه، وكان إذا كبرت حلقته قام مخافة الشهرة. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:((كان من خيار عباد الله)).
انظر: "طبقات ابن سعد"(7/ 455)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 142 رقم 370)، و"الثقات" لابن حبان (4/ 196)، و"التهذيب"(3/ 118 - 120 رقم 222).
(3)
ما بين القوسين ليس في الأصل، وهو مثبت في جميع طرق الحديث كما سيأتي. وهو كثير بن مُرّة الحضرمي الرَّهَاوي، أبو شَجَرة، ويقال: أبو القاسم، الحِمْصي، روى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وعن معاذ بن جبل وعمر بن الخطاب وعبادة بن الصامت وأبي الدَّرْداء وعقبة بن عامر وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه خالد بن مَعْدان ومكحول وعبد الرحمن بن جُبير بن نُفير وشريح بن عبيد وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين السبعين والثمانين للهجرة، وهو ثقة، ووهم من عدّه في الصحابة كما في "التقريب"(ص 460 رقم 563)؛ فقد وثقه ابن سعد والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال النسائي:((لا بأس به)). وقال ابن خراش: ((صدوق)). وقال =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= العسكري: ((أخرجه ابن أبي خيثمة في الصحابة الذين يعرفون بكناهم، وهو وهم)) .
انظر: "طبقات ابن سعد"(7 / 448) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص397 رقم 1410) ، و"التهذيب"(8 / 428 - 429 رقم 766) .
[26]
الحديث سنده ضعيف؛ فإسماعيل بن عياش تقدم في الحديث رقم [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلّط في غيرهم ومدلِّس، وهذا الحديث من روايته عن أهل بلده، لكنه لم يصرِّح فيه بالسماع. وقد توبع إسماعيل عليه كما سيأتي، فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه؛ ومداره على كثير بن مرّة، وله عنه طريقان:
1-
طريق بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بن معدان، عنه.
وله عن بحير ثلاثة طرق.
أ- طريق إسماعيل بن عياش.
أخرجه المصنف عنه هنا.
وأخرجه الحسن بن عرفة في جزئه (ص90 رقم 84) متابعًا لسعيد بن منصور، فقال: حدثنا إسماعيل بن عياش
…
، فذكره بمثله.
وأخرجه الترمذي في "سننه"(8 / 237 رقم 3086) ، في فضائل القرآن.
والبيهقي في "سننه"(3 / 13) ، وفي "شعب الإيمان"(5 / 545 - 546 رقم 2372) .
وشيخ الإسلام ابن تيمية في "الأربعين" - برواية الذهبي - (ص102 - 103 رقم 13) .
وفي الأحاديث العوالي من جزء ابن عرفة - انتقاء الذهبي - (ص21 رقم 2) .
وأخرجه الذهبي في "تذكرة الحفاظ"(1 / 255) .
جميعهم من طريق الحسن بن عرفة، به مثله. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=وأخرجه أبو داود في "سننه"(2 / 83 - 84 رقم 1333) .
والطبراني في "الكبير"(1 / 334 رقم 924) .
أما أبو داود فمن طريق عثمان بن أبي شيبة، وأما الطبراني فمن طريق عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، به، ولفظ أبي داود مثله، ولفظ الطبراني نحوه.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب)) .
ب- طريق معاوية بن صالح، عن بحير بن سعد.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4 / 151 و 158) .
والبخاري في "خلق أفعال العباد"(ص181 رقم 567) .
ومحمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص117) .
والنسائي في "سننه"(5 / 80 رقم 2561) .
وأبو يعلى في "مسنده"(3 / 278 - 279 رقم 1737) .
وابن حبان في "صحيحه"(2 / 58 رقم 731) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 546 رقم 2373) .
وشيخ الإسلام ابن تيمية في "الأربعين"(ص101 - 102) .
جميعهم من طريق معاوية بن صالح، عن بحير بن سعد، به مثله، عدا لفظ الطبراني والبيهقي فنحوه.
جـ- طريق يحيى بن أيوب، عن بحير بن سعد.
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(1 / 554 - 555) بمثله، إلا أنه جعله من مسند معاذ بن جبل، ثم قال الحاكم:((صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "الشعب"(5 / 93 رقم 1947)، ثم قال: ((كذا وجدته، عن معاذ بن جبل، ورواه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بن سعد، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال عن عقبة بن عامر. قال: وكذلك روى سليمان بن موسى، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عقبة بن عامر)) . اهـ.
قلت: والصواب رواية إسماعيل بن عياش؛ لأنه قد وافقه معاوية بن صالح. ويحيى بن أيوب هذا هو الغافقي أبو العباس المصري، يروي عن حميد الطويل ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج ومحمد بن عجلان والإمام مالك وغيرهم، روى عنه سعيد بن أبي مريم وجرير بن حازم وابن وهب وابن المبارك وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وستين ومائة، وهو صدوق ربما أخطأ كما في "التقريب"(ص588 رقم 7511) ، فقد وثقه ابن معين وإبراهيم الحربي والبخاري، وقال يعقوب بن سفيان:((كان ثقة حافظًا)) . وقال ابن عدي: ((صدوق لا بأس به)) . وقال أحمد: ((سيء الحفظ)) . وقال الساجي: ((صدوق يهم، كان أحمد يقول: يحيى بن أيوب يخطئ خطأً كثيرًا)) . وقال ابن سعد: ((منكر الحديث)) . وقال أبو حاتم: ((محل يحيى الصدق، يكتب حديثه ولا يحتج به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(9 / 127 - 128 رقم 542) ، و"الكامل" لابن عدي (7 / 2671 - 2673) ، و"التهذيب"(11 / 186 - 188 رقم 315) .
ولم أجد من نصّ على أن يحيى بن أيوب هذا روى عن بحير بن سعد. وشيخ الحاكم هو عبيد الله بن محمد البَلْخي التاجر، ولم أجد من ترجم له، وكذا قال محقق "شعب الإيمان" للبيهقي.
وعليه فالحديث بهذا الإسناد منكر؛ لما فيه من الضعف والمخالفة لرواية الثقات.
2-
طريق زيد بن واقد، واختلف عليه.
فرواه الهيثم بن حميد عنه، عن سليمان بن موسى، عن كثير، عن عقبة، به نحوه.
ورواه محمد بن عيسى بن سميع عنه، عن كثير بلا واسطة، به بنحوه أيضًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما رواية الهيثم ففي "مسند أحمد"(4 / 201) ، وهي مما وجده عبد الله بن أحمد في كتاب أبيه بخط يده.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(17 / 334 رقم 925) .
والهَيْثم بن حُميد الغَسَّاني، مولاهم، أبو أحمد، ويقال: أبو الحارث الدمشقي، روى عن زيد بن واقد ويحيى بن الحارث والأوزاعي وثور بن يزيد وداود بن أبي هند وغيرهم، روى عنه الوليد بن مسلم ومُعَلّى بن منصور وأبو مسهر وعبد الله بن يوسف وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة السابعة ورُمي بالقدر كما في "التقريب"(ص577 رقم 7362) . فقد وثقه ابن معين وأبو داود، وقال النسائي:((ليس به بأس)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعفه أبو مسهر، ورماه هو وأبو داود بالقدر.
انظر: "الجرح والتعديل"(9 / 82 رقم 334) ، و"الثقات" لابن حبان (9 / 235) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1455) ، و"التهذيب"(11 / 92 - 93 رقم 154) .
وأما رواية محمد بن عيسى بن سميع، فأخرجها النسائي في "سننه"(3 / 225 رقم 1663)، ووقع في النسخة المطبوعة من "سنن النسائي":(يزيد)، والصواب:(زيد) كما في "تحفة الأشراف"(7 / 315) .
ومحمد بن عيسى بن القاسم بن سُمَيْع - بالتصغير -، الدمشقي الأموي، مولاهم، يروي عن زيد بن واقد وحميد الطويل وهشام بن عروة والأوزاعي وابن أبي ذئب وغيرهم، روى عنه العباس بن الوليد الخلّال والهيثم بن مروان وهشام بن عمار وغيرهم، وكانت ولادته سنة أربع عشرة ومائة، ووفاته سنة أربع ومائتين، وقيل: ست ومائتين، وقد رمي بالقدر، وهو صدوق كما هو اختيار الذهبي في "ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق"(ص166 رقم 309) ، إنما عيب عليه التدليس، فقد عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الرابعة من "طبقات المدلسين"(ص134 رقم 126) ، وهم من اتُّفق على =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل.
قال هشام بن عمار: ((حدثنا محمد بن عيسى الثقة المأمون)) . ووثقه ابن شاهين. وقال أبو داود: ((ليس به بأس، إلا أنه كان يتهم بالقدر)) . وقال الدارقطني: ((ليس به بأس)) . وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) .
قلت: كلام أبي حاتم هذا يحمل على أنه بسبب حديث رواه فدلّسه؛ قال صالح بن محمد: ثنا هشام بن عمار، ثنا محمد بن عيسى بن القاسم، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري
…
، حديث مقتل عثمان. قال:((فجهدت به كل الجهد أن يقول: حدثنا ابن أبي ذئب، فأبى. قال صالح: قال لي محمود بن بنت محمد بن عيسى: هو في كتاب جدي عن إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله، عن ابن أبي ذئب. قال صالح: وإسماعيل بن يحيى هذا يضع الحديث)) . اهـ.
قال ابن حبان في "الثقات": ((مستقيم الحديث إذا بين السماع في خبره، فأما خبره الذي روى عن ابن أبي ذئب، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب في مقتل عثمان، لم يسمعه من ابن أبي ذئب، سمعه من إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التَّيمي، عن ابن أبي ذئب، فدلَّس عنه، وإسماعيل واهٍ)) .
وقال ابن عدي: ((هو حسن الحديث، والذي أنكر عليه حديث مقتل عثمان أنه لم يسمعه من ابن أبي ذئب)) .
وقال أبو أحمد الحاكم: ((مستقيم الحديث، إلا أنه روى عن ابن أبي ذئب حديثًا منكرًا، وهو حديث مقتل عثمان، ويقال: كان في كتابه عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي ذئب، فأسقطه، وإسماعيل ذاهب الحديث)) .
انظر: "ثقات" ابن حبان (9 / 43) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2250) ، و"التهذيب"(9 / 390 - 392 رقم 638) .
قلت: وقد صرّح محمد بن عيسى بالتحديث في هذا الحديث عند النسائي، لكن خالفه الهيثم بن حميد، وهو أوثق منه. =
27 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعي
(1)
، عَنْ ثَابِتٍ البُنَاني
(2)
، عَنْ أَنَسٍ:((أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ جَمَعَ أَهْلَهُ فدعا)).
= وأشار المزي في "تحفة الأشراف"(7/ 315) إلى أن الحديث رواه ثابت ابن ثوبان، عن مكحول، عن عقبة بن عامر، لكن لم أجد من أخرجه.
والحديث ذكره الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(3/ 10 رقم 3098)، وقال عنه:((صحيح)).
تنبيه: قال الترمذي في الموضع السابق من "سننه": ((ومعنى هذا الحديث: أن الذي يُسرُّ بقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بقراءة القرآن؛ لأن صدقة السرّ أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية. وإنما معنى هذا عند أهل العلم: لكي يأمن الرجل من العُجْب؛ لأن الذي يسر بالعمل لا يُخاف عليه بالعجب ما يُخاف عليه في العلانية)). اهـ. والله أعلم.
(1)
هو جعفر بن سيلمان الضُّبَعي - بضم المعجمة، وفتح الموحدة - أبو سليمان البصري، روى عن ثابت البُنَاني وسعيد الجُرَيْري وحميد بن قيس الأعرج وابن جريج وعوف الأعرابي وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وسبعين ومائة، وهو صدوق زاهد، لكنه كان يتشيع كما في "التقريب"(ص 140 رقم 942). فقد وثقه ابن المديني وابن معين، وقال أحمد:((لا بأس به)). وكان يحيى بن سعيد القطان لا يكتب حديثه، وقال البخاري في "الضعفاء":((يخالف في بعض حديثه)). قال البزار: ((لم نسمع أحدًا يطعن عليه في الحديث، ولا في خطأ فيه، إنما ذكرت عنه شيعيته، وأما حديثه فمستقيم)). وقال ابن حبان في "الثقات": ((كان جعفر بن سليمان من الثقات المتقنين في الروايات، غير أنه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت، ولم يكن بداعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة، ولم يكن يدعو إليها أن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الاحتجاج بخبره جائز، فإذا دعا إلى بدعته سقط الاحتجاج بخبره)). وقال ابن عدي: ((هو حسن الحديث، وهو معروف في التشيع
…
، وأرجو أنه لا بأس به
…
، وهو عندي ممن يجب أن يقبل حديثه)). وقال ابن شاهين في "المختلف" فيهم: ((وهذا الخلاف في جعفر من ابن عمار في ضعفه، ومن يحيى بن سعيد تركه، لِعِلِّةِ المذهب
…
، وما رأيت من طعن في حديثه إلا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 581 رقم 1957)، و"الثقات" لابن حبان (6/ 140 - 141)، و"الكامل" لابن عدي (2/ 567 - 572)، و"المختلف" فيهم لابن شاهين الملحق "بتاريخ جرجان" للسهمي (ص 553 - 554)، و"التهذيب"(2/ 95 - 98 رقم 145).
(2)
هو ثابت بن أسلم البُناني - بضم الموحَّدة، ونونين-، أبو محمد البصري، روى عن أنس بن مالك وابن الزبير وابن عمر وعبد الله بن مغفَّل وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه حميد الطويل وشعبة وجرير بن حازم وجعفر بن سليمان وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: ثلاث وعشرين ومائة، وهو ثقة عابد روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 132 رقم 810). قال الإمام أحمد:((ثابت ثبت في الحديث، من الثقات المأمونين، صحيح الحديث، وكان يقصّ)). ووثقه ابن معين والنسائي والعجلي وزاد: ((رجل صالح)). وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا)). وقال أبو حاتم: ((ثقة صدوق)). وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:((كان من أعبد أهل البصرة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 449 رقم 1805)، و"التهذيب"(2/ 2 - 4 رقم 2).
[27]
سنده حسن من هذا الطريق، وصحيح من طرق أخرى حيث لم ينفرد جعفر به كما سيأتي.
فالحديث له عن أنس رضي الله عنه طريقان:
1 -
طريق ثابت، وله عنه ثلاثة طرق:
أ- طريق جعفر بن سليمان الضبعي.
أخرجه المصنف هنا عنه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 33 رقم 1907) بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله:(فدعا) .
وأخرجه الدارمي في "سننه"(2 / 336 رقم 3477) من طريق عفان.
والفريابي في "فضائل القرآن"(ص187 رقم 83) من طريق قتيبة بن سعيد.
والطبراني في "الكبير"(1 / 213 رقم 674) من طريق خالد بن خداش. ثلاثتهم عن جعفر بن سليمان، به نحوه.
ب- طريق همّام.
أخرجه الفريابي في "الفضائل"(ص189 رقم 84) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ همام، عن ثابت، به نحوه، ولم يذكر أنه دعا.
جـ- طريق صالح بن بشير المُرِّي.
أخرجه الدارمي (2 / 336 رقم 3476) من طريق سليمان بن حرب. وابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص51 رقم 78) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس.
كلاهما عن صالح بن بشير المري، عن ثابت البناني، قال: كان أنس بن مالك إذا أشفى على ختم القرآن بالليل، بقّي منه شيئًا حتى يصبح، فيجمع أهله، فيختمه معهم.
هذا لفظ الدارمي، ولفظ ابن الضريس نحوه.
وسند هذا الطريق ضعيف.
صالح بن بشير بن وادع المُرِّي - بضم الميم وتشديد الراء -، أبو بشر البصري، القاصّ الزاهد يروي عن الحسن البصري وابن سيرين وقتادة وهشام بن حسّان وثابت البُناني وغيرهم، روى عنه عفّان بن مسلم وهاشم بن القاسم وإبراهيم ابن الحجّاج السّامي وغيرهم، وكانت وفاته اثنتين وسبعين ومائة، وقيل: ست وسبعين ومائة، وهو ضعيف كما في "التقريب"(ص271 رقم 2845) .
فقد ضعفه ابن المديني وابن معين والفلَّاس والنسائي والدارقطني. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= انظر: "الجرح والتعديل"(4 / 395 - 396 رقم 1730) ، و"الكامل"(4 / 1378 - 1381) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (13 / 16 - 17) ، و"التهذيب"(4 / 382 - 383 رقم 641) .
2-
طريق قتادة، عن أنس.
وله عن قتادة طريقان:
أ- طريق همّام بن يحيى.
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص47 رقم 108) من طريق ابن المبارك، عنه، عن قتادة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كان يجمع أهله عند الختم.
ب- طريق مسعر.
أخرجه عنه ابن المبارك في "الزهد"(ص279 رقم 809) بمثل اللفظ السابق.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 490 رقم 10087) .
ومن طريقه ابن الضريس في "الفضائل"(ص53 رقم 84) .
وأخرجه الفريابي في "الفضائل"(ص189 رقم 85 و 86) .
وأبو بكر الأنباري في الردّ على من خالف مصحف عثمان كما في مقدمة "تفسير القرطبي"(1 / 30 - 31) .
ثلاثتهم من طريق وكيع، عن مسعر، عن قتادة، عن أنس، بنحو سابقه. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(7 / 260) .
والبيهقي في "الشعب"(5 / 34 رقم 1908) .
كلاهما من طريق محمد بن موسى الدولابي، عن أبي نعيم، عن مسعر، عن قتادة، عن أنس قال: كان النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذا ختم جمع أهله ودعا.
قال البيهقي: ((رفعه وهم، وفي إسناده مجاهيل، والصحيح رواية ابن المبارك، عن مسعر، موقوفًا على أنس بن مالك)) .
وكان البيهقي قبل أن يروي الحديث من هذا الطريق قد رواه من طريق سعيد بن منصور كما سبق، ثم قال عقبه: ((هذا هو الصحيح موقوف، وقد =
28 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي أميَّة
(1)
، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:((مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ أُعْطِيَ دعوة لا تُردّ)).
= روى من وجه آخر عن قتادة، عن أنس مرفوعًا، وليس بشيء)).
(1)
هو عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي المُخَارِق - بضم الميم، وبالخاء المعجمة -، أبو أمية المعلِّم، البصري، نزيل مكة، واسم أبيه قيس، وقيل: طارق، يروي عن أنس بن مالك وطاوس ونافع مولى ابن عمر ومجاهد وغيرهم، روى عنه ابن جريج والإمام مالك وحماد بن سلمة وحماد بن زيد والسفيانان: الثوري وابن عيينة وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وهو ضعيف كما في "التقريب"(ص 361 رقم 4156)، فقد ضعفه ابن معين وأبو حاتم. وقال أيوب السختياني والسعدي:((كان غير ثقة)). وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه. وقال النسائي والدارقطني: ((متروك)). وقال ابن عبد البر: ((مجمع على ضعفه)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 59 - 60 رقم 311)، و"الكامل"(5/ 1976 - 1978)، و"التهذيب"(6/ 376 - 379 رقم 716).
[28]
سنده ضعيف لضعف أبي أمية عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ.
وقد صحّ الحديث بغير هذا اللفظ من طريق الحكم بن عتيبة، عن مجاهد. وله عن الحكم طريقان.
1 -
طريق شعبة.
أخرجه الدارمي في "سننه"(2/ 337 رقم 3485).
وابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص 44 رقم 49).
والفريابي في "فضائل القرآن"(ص 190 - 191 رقم 90 و 91 و 92).
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 35 رقم 1909).
أما الدارمي فمن طريق سعيد بن الربيع، وأما ابن الضريس فمن طريق عمرو بن مرزوق، وأما الفريابي فمن طريق معاذ بن معاذ وبقيّة بن الوليد ومحمد بن جعفر غندر، وأما البيهقي فمن طريق علي بن الجعد، جميعهم عن شعبة، عن الحكم قال: بعث إليّ مجاهد وعبدة بن أبي لبابة، فقالوا: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إنا نريد أن نختم القرآن، وإنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن.
هذا لفظ عمرو بن مرزوق، ولفظ الآخرين نحوه.
وسند هذا الطريق صحيح.
شعبة هو أمير المؤمنين في الحديث، تقدمت ترجمته في الحديث رقم [1] . والحكم بن عُتَيبة - بالمثناة، ثم الموحّدة مصغرًا-، أبو محمد الكندي، الكوفي، روى عن أبي جُحَيفة وعبد الله بن أبي أوفى وشريح القاضي وعطاء وطاوس ومجاهد وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وأبو إسحاق السبيعي والأوزاعي وشعبة وغيرهم، وكانت ولادته سنة خمسين للهجرة، ووفاته سنة ثلاث عشرة ومائة، وقيل: أربع عشرة ومائة، وقيل: خمس عشرة ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه، روى له الجماعة، إلا أنه ربما دلّس، لكن عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين"، وهم: من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في "الصحيح"؛ لإمامته وقلّة تدليسه في جنب ما روى، أو لكونه لا يدلّس إلا عن ثقة.
قال ابن مهدي: ((الحكم بن عتيبة ثقة ثبت ولكن يختلف معنى حديثه)) . ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وزاد:((ثبت)) ، وكذا قال العجلي، وزاد:(وكان من فقهاء أصحاب إبراهيم، وكان صاحب سنة واتباع، وكان فيه تشيّع، إلا أن ذلك لم يظهر منه)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثقة، فقيهًا عالمًا رفيعًا، كثير الحديث)) ، وقال يعقوب بن سفيان:((كان فقيهًا ثقة)) . ووصفه بالتدليس النسائي وابن حبان والدارقطني.
انظر: "الجرح والتعديل"(3/123 - 125 رقم 567) ، و"التهذيب"(2 / 432 - 434 رقم 756) ، و"التقريب"(ص175 رقم 1453) ، و"طبقات المدلسين"(ص58 رقم 43) .
2-
طريق منصور.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 491 رقم 10089) . =
29 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ
(1)
، قَالَ أَنَا شَيْخٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رحمه الله: ((أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ، وَسَيَكُونُ بَعدَكُمْ أَقْوَامٌ يَثْقُفُونَه
(2)
وَلَيْسُوا بِخِيَارِكُمْ)).
= ومن طريقه ابن الضريس (ص 53 رقم 86).
وأخرجه الفريابي (ص 190 رقم 89).
وأبو بكر الأنباري في الرد على من خالف مصحف عثمان كما في مقدمة "تفسير القرطبي"(1/ 31).
ثلاثتهم من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ قال: كان مجاهد وعبدة بن أبي لبابة وناس يعرضون المصاحف، فلما كان اليوم الذي أرادوا أن يختموا، أرسلوا إليّ وإلى سلمة بن كهيل، فقالوا: إنا كنا نعرض المصاحف، فأردنا أن نختم اليوم، فأحببنا أن تشهدونا؛ إنه كان يقال: إذ خُتم القرآن نزلت الرحمة عند خاتمته - أو حضرت الرحمة عند خاتمته -.
هذا لفظ ابن أبي شيبة، ولفظ الفريابي والأنباري مختصر.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (10/ 491 رقم 10091).
والفريابي (ص 189 رقم 87).
كلاهما من طريق وكيع، عن سفيان، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مجاهد قال: الرحمة تنزل عند ختم القرآن.
وأخرجه ابن الضريس (ص 52 رقم 81) من طريق أبي إسرائيل، أو غيره.
والفريابي (ص 189 رقم 88) من طريق الفضيل بن عياض.
كلاهما عن منصور، عن الحكم، به نحو لفظ جرير السابق.
(1)
هو إسماعيل بن أبي خالد، واسم أبي خالد: سعد، الأحْمسي، مولاهم، البَجَلي، روى عن أبيه وأبي جُحَيَفة وعبد الله بن أبي أَوْفى وعمرو بن حُرَيْث وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه شعبة والسفيانان وهشيم وابن المبارك ويحيى القطان =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وأربعين ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة في "التقريب" (ص 107 رقم 438). فقد وثقه ابن مهدي وابن معين والنسائي والعجلي وأبو حاتم. وقال سفيان الثوري:((حفاظ الناس ثلاثة: إسماعيل بن أبي خالد، وعبد الملك بن أبي سليمان، ويحيى بن سعيد الأنصاري)). وقال يعقوب بن شيبة: ((كان ثقة ثبتًا)). وقال يعقوب بن سفيان: ((كان أُمّيًّا حافظًا ثقة)).
انظر: "الجرح والتعديل"(2/ 174 - 176 رقم 589)، و"التهذيب"(1/ 291 - 292 رقم 543).
(2)
ثقف تأتي على عدة معاني، منها: الحَذَق، يقال: ثَقِفَ الشيء، أي حَذَقَه. ومنها: الأخذ والظَّفَر، قال تعالى:{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ} ، وكلا المعنيين متّجه لما في النص هنا، وانظر:"لسان العرب"(9/ 19 - 20).
[29]
سنده ضعيف لإبهام شيخ إسماعيل بن أبي خالد.
وقد روي الحديث عن ابن مسعود من ثلاثة طرق.
1 -
طريق إسماعيل بن أبي خالد، واختلف عليه.
فرواه هشيم عنه، عن شيخ مبهم، عن ابن مسعود.
ورواه سفيان الثوري عنه، واختلف على سفيان.
فرواه قبيصة، عنه، عن إسماعيل، عن يسار أبي حمزة، عن ابن مسعود.
ورواه محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن إسماعيل، عن سيار أبي الحكم، عن ابن مسعود.
أما رواية هشيم، فهي التي أخرجها عنه المصنف هنا.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 243 رقم 2100) بمثله.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 143 رقم 361) من طريق حجاج، عن هشيم، عن إسماعيل، عمّن حدثه، عن ابن مسعود، بنحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما رواية سفيان الثوري فأخرجها:
البيهقي في الموضع السابق من طريق قبيصة عنه، عن إسماعيل، عن سيار أبي حمزة، عن ابن مسعود، به نحوه.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 150 رقم 8686) من طريق شيخه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد، عن سيار أبي الحكم، عن ابن مسعود، به نحوه.
قال الهيثمي في "المجمع"(7 / 165) عن شيخ الطبراني هذا: ((شيخه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سعيد بن أبي مريم ضعيف)) .
قلت: عبد الله هذا ضعيف جدًّا؛ ذكره ابن عدي في "الكامل"(4 / 1568)، وقال:((مصري يحدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل)) ، وقال أيضًا:((إما أن يكون مغفلاً لا يدري ما يخرج من رأسه، أو متعمدًا، فإني رأيت له غير حديث مما لم أذكره أيضًا هاهنا غير محفوظ)) .
وسيار أبو الحكم وأبو حمزة كلاهما يروي عنهما إسماعيل بن أبي خالد، ويشتبه كل منهما بالآخر، وهما لا يرويان عن أحد من الصحابة سوى طارق بن شهاب وهو من صغار الصحابة ممن رأى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، فروايتهما عن ابن مسعود منقطعة، فالحديث ضعيف إن ثبت أن الراوي المبهم هو أحدهما.
انظر: "التهذيب"(4 / 291 - 292 و 293 رقم 501 و 502) ، و"التقريب"(ص281 رقم 3000) .
2-
طريق أبي العلاء يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّير، عن ابن مسعود.
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص318 رقم 744) .
وابن أبي شيبة في "المصنف"(140 / 457 رقم 9966) .
كلاهما من طريق سفيان، عن عقبة الأسدي، عن أبي العلاء قال: قال عبد اللَّهُ: أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وسنده ضعيف، عقبة الأسدي هذا مجهول، ذكره البخاري في "تاريخه"(6/ 440 رقم 2921) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم (6/ 319 رقم 1780)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(7/ 245 - 246)، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى سفيان الثوري.
3 -
طريق علقمة.
ويرويه لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ طلحة بن مصرّف، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود.
وله عن ليث طريقان:
أ- طريق زائدة.
أخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 150 رقم 8685)، ولفظه: أعربوا القرآن.
ب- طريق محمد بن فضيل، واختلف عليه.
فرواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 456 رقم 9962) عنه، عن ليث، به مثل لفظ زائدة السابق.
وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (8684) من طريق شيخه إبراهيم بن أحمد الوكيعي، عن أبيه، عن محمد بن فضيل، عن ليث، عن طلحة بن مصرف، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عبد الله يرفعه لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((أعربوا القرآن، فإنه عربي)).
وذكر الشيخ ناصر الدين الألباني أن الحديث رواه أيضًا أبو علي الصواف في الفوائد، وأبو علي الهروي في الأول والثاني من الفوائد، كلاهما من طريق الليث، به مرفوعًا بلفظ:((أعربوا القرآن))، ولم يذكر الذي روياه من طريقه عن الليث.
انظر: "السلسلة الضعيفة"(3/ 521).
وسواء كان مرفوعًا أو موقوفًا، فمداره على الليث بن أبي سليم، وتقدم في الحديث [9] أنه ممن اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه، فتُرك، فالحديث ضعيف من هذا الطريق لأجله، ولا ينجبر ضعفه بشيء من الطرق السابقة، والله أعلم.
30 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ
(1)
يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يقرأون القرآن، فقال: ((اقرؤا فَكُلٌّ كتابُ اللَّهِ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يقوِّمونه كَمَا يُقَامُ القِدْحُ
(2)
، يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ)).
(1)
هو محمد بن المُنْكَدِر بن عبد الله بن الهُدَير - بالتصغير - التيمي، المدني، يروي عن أنس وجابر وابن الزبير وابن عباس وابن عمر وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني ويونس بن عبيد وموسى بن عقبة وهشام بن عروة وشعبة والثوري وابن عيينة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين ومائة، وله من العمر ست وسبعون سنة، وهو ثقة فاضل روى له الجماعة كما في التقريب (ص 508 رقم 6327). قال ابن عيينة:((محمد بن المنكدر، من معادن الصدق، يجتمع إليه الصالحون)). وقال الحميدي: ((حافظ)). ووثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم. وقال يعقوب بن شيبة: ((صحيح الحديث جدًّا)). وقال إبراهيم بن المنذر: ((غاية في الحفظ والإتقان والزهد، حجة)). اهـ من الجرح والتعديل (8/ 97 - 98 رقم 421)، ،التهذيب (9/ 473 - 475 رقم 767).
(2)
القِدْحُ: هو السهم الذي كانوا يَسْتَقْسمون به، أو الذي يُرمى به عن القوس. يقال للسهم أوّل ما يقطع: قِطْعٌ، ثم يُنْحت ويُبْرى، فيسمّى: بريًّا، ثم يُقَوّم، فيُسمى: قِدْحًا، ثم يُراش ويُركّب نَصْله فيسمى: سهمًا.
انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 20).
[30]
سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله، وحسن لغيره بمجموع طرقه، ويرويه هكذا مرسلاً عن ابن المنكدر السفيانان: ابن عيينة والثوري.
وخالفهما حميد الأعرج وأسامة بن زيد الليثي، فروياه عن ابن المنكدر، عن جابر مرفوعًا. أما رواية ابن عيينة فهي التي أخرجها المصنف هنا عنه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وتابع المصنف عبد الرزاق فأخرجه في "مصنفه"(3 / 283 رقم 6034) عن ابن عيينة، به نحوه.
وأما رواية سفيان الثوري، فأخرجها:
ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 480 رقم 10053) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 575 رقم 2398) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما البيهقي فمن طريق محمد بن يوسف الفريابي، كلاهما عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المنكدر مرسلاً بنحوه.
وأما روايتا حميد الأعرج وأسامة بن زيد فهما الآتيتان في الحديث بعده.
والراجح رواية السفيانين للحديث عن ابن المنكدر مرسلاً؛ لأنهما أوثق من حميد وأسامة.
فسفيان بن عيينة تقدم في الحديث رقم [7] أنه ثقة حافظ فقيه إمام حجة.
وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، يروي عن أبيه وأبي إسحاق الشيباني وأبي إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وعبد الله بن المبارك وحفص بن غياث وعبد الرزاق وعبيد الله الأشجعي ويزيد بن هارون ووكيع ومحمد بن يوسف الفريابي وغيرهم، وكانت ولادته سنة سبع وتسعين للهجرة، ووفاته سنة إحدى وستين ومائة، وهو ثقة حافظ فقيه عابد، إمام حجة، روى له الجماعة. قال شعبة وابن عيينة وأبو عاصم وابن معين وغير واحد من العلماء:((سفيان أمير المؤمنين في الحديث)) .
وقال الخطيب: ((كان إمامًا من أئمة المسلمين، وعلمًا من أعلام الدين، مجمعًا على إمامته، بحيث يستغنى عن تزكيته، مع الاتقان، والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد)) .
انظر: ترجمته في "تاريخ بغداد"(9 / 151 - 174 رقم 4763) ، و"سير أعلام النبلاء"(7 / 229 - 279) ، و"التهذيب"(4 / 111 - 115 رقم 199) ، و"التقريب"(ص244 رقم 2445) .
وأما حميد الأعرج وأسامة بن زيد فستأتي ترجمتهما في الحديث الآتي. =
31 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ
(1)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَفِينَا الْأَعْجَمِيُّ وَالْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ:((اقْرَءُوا وَكُلٌّ حَسَنٌ، وَسَيَأْتِي قَوْمٌ يقوِّمونه كَمَا يُقَوَّم القِدْحُ، يتعجّلونه ولا يتأجّلونه)).
= وعليه فاتفاق هذين الإمامين: الثوري وابن عيينة على رواية الحديث مرسلاً مقدّم على مخالفة من خالفهما ممن لا يبلغ مرتبتهما ولا يدانيها، فالصواب في الحديث أنه ضعيف من طريق ابن المنكدر لإرساله، وهو حسن لغيره بمجموع طرقه الآتي ذكرها في الحديث بعده.
(1)
هو حميد بن قيس الأعرج المكي، أبو صفوان القارئ الأسدي، مولاهم، روى عن مجاهد ومحمد بن إبراهيم التيمي والزهري ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه السفيانان الثوري وابن عيينة ومالك ومعمر وخالد بن عبد الله الطحّان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة؛ وثقه أحمد وابن معين والبخاري والعجلي وأبو داود ويعقوب بن سفيان وأبو زرعة الرازي وأبو زرعة الدمشقي وابن خراش وزاد:((صدوق)). وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث، وكان قارئ أهل مكة)). وقال النسائي: ((ليس به بأس))، وكذا قال أبو حاتم وزاد:((وابن أبي نجيح أحب إليَّ منه)).
وقال عنه الإمام أحمد في رواية: ((ليس هو بالقوي في الحديث)). وذكر ابن عدي هذه العبارة، وذكر بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، ثم قال:((حميد بن قيس هذا له أحاديث غير ما ذكرت صالحة، وهو عندي لا بأس بحديثه، وإنما يؤتي ما يقع في حديثه من الإنكار من جهة من يروي عنه، وقد روى عنه مالك، وناهيك به صدقًا إذا روى عنه مثل مالك، فإن أحمد ويحيى قالا: لا نبالي أن لا نسأل عمّن روى عنه مالك)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 227 - 228 رقم 1001)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= و"الكامل" لابن عدي (2 / 686 - 687) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 384 - 389) ، و"التهذيب"(3 / 46 - 47 رقم 80) .
[31]
سنده ظاهره الصحة، لكنه معلول، فالصواب أنه عن ابن المنكدر مرسلاً كما سبق بيانه في الحديث قبل هذا، وهو حسن لغيره بشواهده.
والحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3 / 397) .
وأبو داود في "سننه"(1 / 520 رقم 830) .
والفريابي في "فضائل القرآن"(ص244 رقم 174) .
والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص92 - 93 رقم 28) .
ومن طريقه ابن النجار في "تاريخه"(1 / 129) .
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 575 - 576 رقم 2399) .
جميعهم من طريق خالد بن عبد الله الطّحان، به نحوه.
وتابع حميدًا أسامة بن زيد الليثي.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3 / 357) .
وأبو يعلى في "مسنده"(4 / 140 رقم 2197) .
والبيهقي في "الشعب "(5 / 576 - 577 رقم 2400 و 2401) .
أما الإمام أحمد فمن طريق عبد الوهاب بن عطاء، وأما أبو يعلى فمن طريق سفيان بن وكيع عن أبيه، وأما البيهقي فمن طريق سليمان بن بلال، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، جميعهم عن أسامة بن زيد، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جابر، به نحوه.
وأسامة بن زيد الليثي، مولاهم، أبو زيد المدني يروي عن الزهري ونافع مولى بن عمر وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه يحيى القطان وابن المبارك والثوري وابن وهب والأوزاعي ووكيع والدَّرَاوَرْدي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسين ومائة وله بعض وسبعون سنة، وهو صدوق يهم كما في "التقريب"(ص98 رقم 317) . فقد وثقه ابن معين =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والعجلي، وقال أبو حاتم:((يكتب حديثه ولا يحتج به)) . وتركه يحيى القطان. وقال أحمد: ((ليس بشيء
…
، روى عن نافع أحاديث مناكير)) . وقال النسائي:((ليس بالقوي)) . وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((يخطئ، كان يحيى القطان يسكت عنه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(2 / 284 - 285 رقم 1031) ، و"الثقات" لابن حبان (6 / 74) ، و"التهذيب"(1 / 201 - 208 رقم 392) .
وللحديث شاهدان، الأول من حديث سهل بن سعد، والثاني موقوف على حذيفة.
أما حديث سهل بن سعد رضي الله عنه فله عنه طريقان:
1-
طريق بكر بن سوادة، عن وفاء بن شريح، عن سهل، وله عن بكر طريقان:
أ- طريق عمرو بن الحارث.
أخرجه أبو داود في "سننه"(1 / 520 رقم 831) .
ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 579 رقم 2404) .
وأخرجه ابن حبان في كتاب "الثقات"(5 / 498) ، وفي "صحيحه"(2 / 69 رقم 757 / الإحسان) و (8 / 256 رقم 6690 / الإحسان بتحقيق الحوت) . والطبراني في "الكبير"(6 / 254 رقم 6024) .
ثلاثتهم من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عمرو بن الحارث، عن بكر بن سَوَادة، عن وَفَاء بن شُريح، عن سهل بن سعد الساعدي، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا ونحن نقترئ، فقال:((الحمد لله، كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرؤوه قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقوّم السهم يتعجل أجره ولا يتأجَّله)) .
وسنده ضعيف؛ وَفَاء بن شُريح الصَّدَفي الحضرمي المصري يروي عن سهل بن سعد ورويفع بن ثابت والمستورد بن شدّاد رضي الله عنهم، وهو مقبول من الطبقة الرابعة كما في "التقريب"(ص581 رقم 7410) ، فقد ذكره ابن حبان في "الثقات"(5 / 497 - 498) ، وروى عنه بكر بن سوادة وزياد بن نعيم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= انظر: "الجرح والتعديل"(9 / 49 رقم 210) ، و"التهذيب"(11 / 121 رقم 207) .
ب- طريق ابن لهيعة، واختلف عليه.
فأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص138 رقم 345) .
وأبو داود في الموضع السابق مقرونًا برواية عمرو بن الحارث.
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "الشعب".
أما أبو عبيد فمن طريق حجاج، وأما أبو داود فمن طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن وفاء بن شريح، عن سهل بن سعد باللفظ السابق.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5 / 338) من طريق الحسن بن موسى الأشيب، عن ابن لهيعة، وهذا موافق لرواية عمرو بن الحارث، عن بكر، ورواية حجاج وابن وهب عن ابن لهيعة.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3 / 146 و 155) ، و (5 / 338) .
والفريابي في "فضائل القرآن"(ص244 - 245 رقم 175) .
أما الإمام أحمد فمن طريق حسن بن موسى الأشيب ويحيى بن إسحاق، وأما الفريابي فمن طريق قتيبة بن سعيد، ثلاثتهم عن ابن لهيعة، به نحو اللفظ السابق، إلا أنه جعله من مسند أنس بن مالك.
والظاهر أن ابن لهيعة يرويه من حديث سهل وأنس كليهما، فإن أبا عبيد رواه في الموضع السابق من طريق حجاج عنه إلى سهل، ثم أتبعه برقم (346) بروايته عن حجاج، عن ابن لهيعة أيضًا إلى أنس، وكذا الإمام أحمد، رواه عن الحسن بن موسى الأشيب، عن ابن لهيعة، به عن سهل وعن أنس، فهاتان قرينتان قوّيتان تدلان على أن ابن لهيعة رواه مرة هكذا ومرة هكذا، والله أعلم.
تنبيه: الراوي للحديث عن سهل كما تقدم هو وفاء بن شريح، وفي رواية الإمام أحمد الحديث عن الحسن بن موسى الأشيب عن ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة سمّاه:((وفاء الخَوْلاني)) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي رواية الباقين ذكروا كنيته فقط هكذا: ((أبو حمزة الخولاني)) .
وهذا يحتمل أن يكون اختلافًا آخر على ابن لهيعة، ويحتمل أن يكون اسمًا وكنية لراوٍ واحد، وذكر هذا الاختلاف الشيخ ناصر الدين الألباني في "السلسلة الصحيحة"، في تخريج الحديث رقم (259)، وقال:((الظاهر أنهما واحد إذا صحّت رواية ابن لهيعة)) . اهـ.
قلت: ويشكل عليه أن هذا نُسب خولانيًا، ووفاء بن شريح نسب صدفيًّا، وفرق بينهما كما في "الأنساب" للسمعاني (5 / 234) و (8 / 286) ، فالخولاني نسبة إلى خولان بن عمرو بن مالك بن الحارث بن مرة بن أُدَد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وانظر: "اللباب"(1 / 472) .
وأما الصَّدَفي فنسبة إلى الصّدِف - بكسر الدال -، وهو الصدف بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن جيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ.
2-
طريق عبد الله بن عبيدة، عن سهل بن سعد.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص280 رقم 813) .
ومن طريقه الآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص94 - 95 رقم 29) .
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص138 رقم 344) .
وابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية " المسندة (ل 133 / ب - 134 / أ) ، وانظر المطبوعة (3 / 285 رقم 3492) .
وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده"(ص171 رقم 466) .
والفريابي في "الفضائل"(ص245 - 246 رقم 176) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 578 رقم 2403) .
جميعهم من طريق موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، عن سهل بن سعد، به نحو اللفظ السابق، وفيه زيادة:((لا يجاوز تراقيهم)) .
وسنده ضعيف. =
32 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ (عُبَيْدِ اللَّهِ)
(1)
بْنِ أَبِي يَزِيدَ
(2)
، عَنْ أَبِيهِ
(3)
، عَنْ أُمِّ أَيُّوبَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَبِأَيِّ حَرْفٍ قرأت أصبت
(4)
)).
= موسى بن عُبيدة بن نَشيط الرَّبذَي، أبو عبد العزيز المدني روى عن أخويه عبد الله ومحمد وعبد الله بن دينار وعلقمة بن مرثد ومحمد بن كعب القُرظي وغيرهم، روى عنه سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وعيسى بن يونس والدَّرَاوَرْدي، ووكيع وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وخمسين ومائة، وقيل: ثلاث وخمسين ومائة، وهو ضعيف، لاسيّما في عبد الله بن دينار، وكان عابدًا كما في "التقريب"(ص 552 رقم 6989)، فقد ضعفه ابن المديني وابن معين والنسائي وابن حبّان وغيرهم. وقال الإمام أحمد:((منكر الحديث))، وفي وراية:((لا تحلّ الرواية عنه))، وفي رواية:((ليس بالكذوب، ولكنه روى عن عبد الله بن دينار أحاديث مناكير)). وقال البزار: ((موسى بن عبيدة رجل مفيد، وليس بالحافظ، وأحسب إنما قصّر به عن حفظ الحديث شغله بالعبادة)). اهـ. من "الكامل"(6/ 2333 - 2336)، و"التهذيب"(10/ 356 - 360 رقم 636).
وأما حديث حذيفة، فهو الآتي برقم [60]، وهو موقوف عليه، ولفظه:((لَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقَامُ الْقَدَحُ، لَا يَدَعُونَ مِنْهُ أَلِفًا وَلَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ)).
وهذا وإن كان موقوفًا على حذيفة، فله حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي، وسنده إلى حذيفة رجال ثقات، لكنه ضعيف لأن الأعمش مدلَّس ولم يصِّرح بالسماع وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق حسن لغيره، والله أعلم.
(1)
في الأصل: (عبيد)، وما أثبته من الموضع الآتي من "الجامع لأخلاق الراوي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= للخطيب البغدادي، حيث روى الحديث من طريق المصنف وانظر ترجمته الآتية.
(2)
هو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ المكي مولى آل قَارِظ بن شَيْبة، يروي عن أبيه وعن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وغيرهم، روى عنه ابنه محمد وابن جريج وَوَرْقاء بن عمر وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وعشرين ومائة، وله ست وثمانون سنة، وهو ثقة كثير الحديث روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 375 رقم 4353). فقد وثقه ابن المديني وابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد:((كثير الحديث))، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر "الجرح والتعديل"(5/ 337 - 338 رقم 1594)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 891)، و"التهذيب"(7/ 56 رقم 109).
(3)
هو أبو يزيد المكي حليف بني زُهرة مولى آل قَارِظ بن شيبة، يقال له صُحْبة، يروي عن عمر بن الخطاب وسباع بن ثابت وأم أيوب الأنصارية رضي الله عنهم، روى عنه ابنه عبيد الله، وهو من الطبقة الثانية، ذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 578) في التابعين، وذكره في أتباع التابعين (7/ 657)، وانظر:"التهذيب"(12/ 280 - 281 رقم 1284)، و"التقريب"(ص 685 رقم 8453).
(4)
انظر التعليق على الحديث الآتي برقم [55].
[32]
الحكم على سنده متوقف على معرفة حال أبي يزيد، فإن كان صحابيًا فالسند صحيح، وقد ذكر ابن كثير هذا الحديث في "فضائل القرآن"(ص 19) من رواية الإمام أحمد الآتية، وقال:((هذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة)).
والحديث أخرجه الخطيب في "الجامع"(2/ 196 رقم 1595) من طريق المصنف بمثله سواء.
وأخرجه الحميدي في "مسنده"(1/ 163 رقم 340). =
33 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا سُفْيَانُ
(1)
، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، كُلُّها شافٍ كافٍ
(2)
)).
= ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2/ 372 / ب).
وأخرجه ابن أبي شيبة (10/ 515 - 516 رقم 10166).
والإمام أحمد في "المسند"(6/ 433 و 462 - 463).
والطبري في "تفسيره"(1/ 30 و 31 رقم 20 و 23).
والطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 183).
وأبو الحسن بن حَيَّوَيْه في "من وافقت كنيته كنية زوجه من الصحابة"(ص 39 - 40).
جميعهم من طريق سفيان، به نحوه.
وأخرجه الطبري أيضًا (1/ 32 رقم 24) من طريق أبي الربيع السمّان، عن عبيد الله، به نحوه.
والحديث ذكره صاحب "كنز العمال"(2/ 54 رقم 3095) وعزاه للطبراني وأبي نصر السجزي في "الإبانة".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 154) وعزاه للطبراني فقط، وقال:((رجاله ثقات)). ولم يرد هذا الحديث في ترجمة أم أيوب في معجم الطبراني "الكبير" المطبوع (25/ 136)، وقوله صلى الله عليه وسلم:((نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)) مروي في "الصحيحين" وغيرهما، وسيأيت ذكر ذلك في الحديث الآتي برقم [55].
(1)
من أول الإسناد إلى هنا مكرر في الأصل.
(2)
انظر التعليق على الحديث الآتي برقم [55].
[33]
سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله عمرو بن دينار.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 516 رقم 10167).
والطبري في "تفسيره"(1/ 44 - 45 رقم 42).
كلاهما عن سفيان، به مثله.
ومتنه صحيح كما سيأتي في الحديث رقم [55].
34 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ((إِنِّي قَدِ اسْتَمَعْتُ إِلَى الْقِرَاءَةِ فَلَمْ أَسْمَعْهُمْ إلا متقاربين، فاقرؤا عَلَى مَا عُلِّمتم، وَإِيَّاكُمْ والتنطُّع وَالِاخْتِلَافَ، فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ: أقبل، وهَلُمَّ، وتعال
(1)
)).
(1)
قال ابن الأثير في "النهاية"(5/ 74) في معنى الحديث: ((أراد النهي عن الملاحاة في القراءات المختلفة، وأن مرجعها كلِّها إلى وجه واحد من الصواب، كما أن هَلُمَّ بمعنى: تعال)). اهـ.
[34]
سنده صحيح، الأعمش وإن كان مدلّسًا ولم يصرح بالسماع، إلا أن روايته هنا عن شيخه أبي وائل شقيق بن سلمة، وتقدم في الحديث رقم [3] أن رواية الأعمش عن مثل أبي وائل محمولة على الاتصال.
والحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 218 رقم 2072) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:(إني سمعت) و: (في الاختلاف)، و:(إنما هو).
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 320) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه، وفيه زيادة.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في "تفسيره"(16/ 30 رقم 18998).
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 316 و 334 رقم 740 و 784).
وفي "غريب الحديث"(3/ 160).
في كلا الموضعين من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 488 رقم 10077) من طريق أبي معاوية وحفص، كلاهما عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه الطبري في "تفسيره"(1/ 50 رقم 48) من طريق شعبة وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه عمر بن شبّة في "تاريخ المدينة"(3/ 1007).
والطبراني في "الكبير"(9/ 149 رقم 8680)، كلاهما من طريق زائدة، عن الأعمش، به نحوه. =
35 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرة
(1)
، قَالَ: سَمِعْتُ النَّزّال بْنَ سَبْرَة
(2)
يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَمِعتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، خِلافَها، فأخذتُه فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَرِفْتُ فِي وَجْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَرَاهِيَةَ، فَقَالَ:((كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ، لا تختلفوا)).
=وأخرجه البيهقي في "السنن"(2/ 385) من طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه الخطيب في "تاريخه"(5/ 125 - 126) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، عن الأعمش، به نحوه.
(1)
هو عبد الملك بن مَيْسَرةَ الهلالي، أبو زيد العامري الكوفي، الزَّرَّاد، يروي عن ابن عمر وأبي الطفيل وزيد بن وهب وطاوس وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، روى عنه شعبة ومنصور بن المعتمر وسليمان بن بلال وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات في العشر الثاني من المائة الثانية، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 365 رقم 4221)، فقد وثقه ابن معين وابن نمير وابن خراش والعجلي والنسائي وابن سعد وزاد:((كثير الحديث))، وأبو حاتم وزاد:((صدوق)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 365 - 366 رقم 1717)، و"التهذيب"(6/ 426 رقم 886).
(2)
هو النَّزّال بن سبْرةَ - بفتح المهملة وسكون الموحدة -، الهلالي، الكوفي روى عن عثمان وعلي وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه عبد الملك =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن ميسرة وعامر الشعبي والضحّاك بن مزاحم وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، وقيل أن له صحبة كما في "التقريب"(ص560 رقم 7105)، فقد وثقه ابن سعد والعجلي وابن معين وزاد:((من يسئل عنه)) ، وقال أبو حاتم:((لا بأس به)) ، وقال ابن عبد البر:((ذكروه فيمن رأى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم له رواية إلا عن علي وابن مسعود، وهو معدود في كبار التابعين)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(8 / 498 رقم 2279) ، و"التهذيب"(10 / 423 - 424 رقم 463) .
[35]
سنده حسن، عبد الرحمن بن زياد الرصاصي، تقدم في الحديث رقم [6] أنه صدوق، لكن قد رواه البخاري وغيره من غير طريقه كما سيأتي، فالحديث روي عن ابن مسعود من طريقين:
1-
طريق النزال بن سبرة.
أخرجه المصنف هنا من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ ميسرة، عنه، به.
ومن طريق المصنف أخرجه الهروي في "ذم الكلام"(1 / ل 10 / ب) .
وأخرجه الطيالسي في "مسنده"(1 / 382 رقم 478) .
وأبو عبيد في "الفضائل"(ص322 رقم 755) .
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 529 رقم 10219) .
والإمام أحمد في "المسند"(1 / 393 و 411 و 456) .
والبخاري في "صحيحه"(5 / 70 رقم 2410) ، و (6 / 513 - 514 رقم 3476) ، و (9 / 101 رقم 5062) .
والنسائي في "فضائل القرآن"(ص120 رقم 119) .
وأبو يعلى في "مسنده"(9 / 171 و 234 رقم 5262 و 5341) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والهيثم بن كليب في "مسنده"(ل 85) .
وأبو عمرو الداني في "الأحرف السبعة للقرآن"(ص53 و 54 رقم 60 و 61) .
جميعهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ ميسرة، عن النزال بن سبرة، عن ابن مسعود، به نحوه، وزاد بعضهم:(قال شعبة: أظنه قال: ((لا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)) .
2-
طريق زر بن حبيش.
أخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص323 رقم 757) .
والإمام أحمد في "المسند"(1 / 401 و 419) .
والطبري في "تفسيره"(1 / 23 - 24 رقم 12 - 13) .
وابن حبان في "صحيحه"(2 / 63 - 64 رقم 743 و 744 الإحسان) .
والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص141 و 142 رقم 67 و 68) .
والهيثم في "مسنده"(ل 71 / أ) .
والحاكم في "المستدرك"(2 / 223 - 224) .
وأبو عمرو الداني في "الأحرف السبعة"(ص55 رقم 62) .
جميعهم من طريق عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجود، عَنْ زِرّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال: أقرأني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سورة من الثلاثين من آل حم - قال: يعني الأحقاف - قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين. قال: فرحت إلى المسجد، فإذا رجل يقرؤها على غير ما أقرأني، فقلت: من أقرأك؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قال: فقلت لآخر: اقرأها، فقرأها على غير قراءتي وقراءة صاحبي، فانطلقت بهما إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إن هذين يخالفاني في القراءة، قال: فغضب وتمعّر وجهه، وقال:((إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف)) . قال: قال زر: وعنده رجل، قال: فقال الرجل: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما أقرئ، =
36 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْني
(1)
، (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَباح)
(2)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو، أَوْ عُمَر - شَكَّ سَعِيدٌ
(3)
- قَالَ: هجَّرت
(4)
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَوْمًا، فَسَمِعَ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ، فَخَرَجَ وَقَدْ عُرف الغضبُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ:((أَلَا إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاخْتِلَافِهِمْ في الكتاب)).
= فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف. قال: قال عبد الله: فلا أدري شيئًا أسَّره إليه رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَوْ علم ما في نفس رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قال: والرجل هو: علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
هذا لفظ حديث الإمام أحمد في "المسند"(1/ 419)، ولفظ الباقين نحوه، إلا أنه بعضهم لم يذكر اسم السورة، وبعضهم ذكر أنها سورة الرحمن، وبعضهم ذكر أن الذي خالف ابن مسعود في القراءة واحد.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة))، وأقرّه الذهبي.
(1)
هو عبد الملك بن حبيب الأزدي، أو الكندي، أبو عِمْران الجَوْني، مشهور بكنيته، البصري، روى عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلي وأنس بن مالك وعبد الله بن رباح الأنصاري وغيرهم، روى عنه سليمان التَّيْمي وعبد الله بن عون وشعبة والحمّادان: ابن سلمة وابن زيد وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة ثلاث، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 362 رقم 4172). فقد وثقه ابن معين وابن سعد، وزاد:((وله أحاديث)). وقال أبو حاتم: ((صالح)). وقال النسائي: ((ليس به بأس))، وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 346 رقم 1636)، و"التهذيب"(6/ 389 رقم 734). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته في الموضع الآتي من "ذم الكلام" للهروي؛ لأنه روى الحديث من طريق المصنِّف.
وهو عبد الله بن رَباح الأنصاري، أبو خالد المدني، سكن البصرة، وروى عن أُبَيّ بن كعب وعمار بن ياسر وعمران بن حصين وأبي هريرة وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وغيرهم، روى عنه ثابت البُناني وعاصم الأحول وقتادة وخالد الحذّاء وأبو عمران الجَوْني وغيرهم، وكانت وفاته في حدود سنة تسعين للهجرة كما قال الذهبي، وهو ثقة روى له الجماعة عدا البخاري، ووثقه ابن سعد والعجلي والنسائي. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 255 رقم 804)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (4/ 487 - 488)، و"تهذيب التهذيب"(5/ 206 - 207 رقم 357)، و"التقريب"(ص 302 رقم 3307).
(3)
والصواب أنه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، كما سيأتي.
(4)
أي: بَكَّرْتُ.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(5/ 246).
[36]
سنده صحيح، وشكَّ المصنِّف لا يقدح في صحة الحديث؛ لأن كلاً من عبد الله بن عُمر وعبد الله بن عَمرو صحابي، والصواب أنه ابن عمرو كما سيأتي.
فالحديث أخرجه الهروي في "ذم الكلام"(1 / ل 14 / أ) من طريق المصنف وغيره، عن حماد بن زيد، به نحوه، على أنه من حديث ابن عمرو، وأوضح الهروي أن سعيد بن منصور قال:((أو عبد الله بن عُمر)).
وأخرجه مسلم في "صحيحه"(4/ 2053 رقم 2) في العلم، باب: النهي عن اتباع متشابه القرآن.
والنسائي في "فضائل القرآن"(ص 121 رقم 120).
أما مسلم فمن طريق أبي كامل فُضيل بن حسين الجَحْدَريّ، وأما النسائي فمن طريق داود بن معاذ، كلاهما عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن رباح الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو، به نحوه.
37 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ
(1)
، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَار
(2)
، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ (عَنْهُ)
(3)
-، عَلَى قَوْمٍ يقرأون الْقُرْآنَ، وَيَتَراجَعُونَ فِيهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ (فَقَالُوا)
(4)
: نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَنَتَرَاجَعُ فِيهِ، فَقَالَ:((تَرَاجَعُوا، وَلَا تَلْحَنُوا)).
(1)
هو يزيد بن حازم بن زيد الأزدي البصري، أو بكر، أخو جرير بن حازم، يروي عن سليمان بن يسار وعكرمة وعبد الله بن أبي سلمة وغيرهم، روى عنه أخوه جرير وحماد بن زيد وأخوه سعيد بن زيد وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة، وهو ثقة كما في "التقريب"(ص 600 رقم 7700)، فقد وثقه أحمد وابن معين والعجلي، وقال ابن سعد:((كان ثقة إن شاء الله))، وقال النسائي:((ليس به بأس))، وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ. من "الجرح والتعديل"(9/ 257 رقم 1085)، و"التهذيب"(1/ 317 - 318 رقم 613).
(2)
هو سليمان بن يسار الهلالي أبو أيوب المدني، يروي عن ميمونة وأم سلمة وعائشة وفاطمة بنت قيس وزيد بن ثابت وابن عباس وابن عمر وجابر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه عمرو بن دينار وعبد الله بن دينار وأبو الزَّناد ومكحول ونافع مولى ابن عمر ويحيى بن سعيد الأنصاري ويزيد بن حازم وغيرهم، قيل: كانت ولادته سنة أربع وعشرين، وقيل: سبع وعشرين للهجرة، واخُتلف في وفاته، فقيل: سنة أربع وتسعين، وقيل: سنة مائة، وقيل: ثلاث ومائة، وقيل: أربع ومائة، وقيل: تسع ومائة، وقيل: عشر ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وهو ثقة فاضل، أحد الفقهاء السبعة، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 255 رقم 2619). ذكر أبو الزناد وغيره أنه أحد الفقهاء السبعة، وقال ابن سعد:((كان ثقة عالمًا رفيعًا فقيهًا كثير الحديث)). وقال العجلي: ((مدني تابعي ثقة مأمون فاضل عابد)). وقال أبو زرعة: ((ثقة مأمون فاضل عابد)). وقال النسائي: ((أحد الأئمة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(4/ 149 رقم 643)، و"التهذيب"(4/ 228 - 230 رقم 381). =
38 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتيق
(1)
، قَالَ سَأَلْتُ الْحَسَنَ، عَنِ الرَّجُلِ يَتَعَلَّمُ الْعَرَبِيَّةَ ليُقيم بِهَا كلامَه، وَيُقِيمَ بِهَا الْقُرْآنَ، فَقَالَ: ((لَا بَأْسَ بِهِ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ [106/ب] يَقْرَأُ الْآيَةَ فَيَعْيَا
(2)
بِوَجْهِهَا فَيَهْلَكُ)).
= وسليمان بن يسار هنا يروي عن عمر بن الخطاب، وهو لم يسمع منه كما نص عليه أبو زرعة، وكما يتضح من سنة ولادته.
انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص 82)، و"جامع التحصيل"(ص 231 - 232).
(3)
ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة يتقضيها السياق.
(4)
في الأصل: (فقال)، وما أثبته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" للبيهقي حيث روى الحديث من طريق المصنف.
[37]
سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله سليمان بن يسار.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 242 رقم 2099)، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله:((ابن الخطاب رضي الله عنه))، ولم يذكر قوله:((فيه)) بعد قوله: ((ونتراجع)).
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 459 رقم 9973) من طريق يحيى بن آدم، عن حماد بن زيد، به نحوه.
وذكره صاحب "كنز العمال"(2/ 333 رقم 2168) وعزاه لسعيد بن منصور، وابن الأنباري في "الإيضاح"، والبيهقي في "الشعب".
(1)
هو يحيى بن عَتيق الطُّفاوي - بضم المهملة، وتخفيف الفاء -، البصري، روى عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين ومجاهد، روى عنه الحمّادان: ابن زيد وابن سلمة وإسماعيل بن عليّة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة، وروى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 594 رقم 7603)، فقد وثقه ابن سعد والإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:((كان متقنًا ورعًا)). =
39 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ
(1)
، عَنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
(2)
، قَالَ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِيقُ رضي الله عنه عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، قَالَ: أَيّة أَرْضٍ تُقِلُّني
(3)
، أَوْ أيَة سَمَاءٍ تُظِلُّني، أَوْ أَيْنَ أَذْهَبُ، وَكَيْفَ أَصْنَعُ إِذَا أَنَا قُلْتُ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ مَا أراد الله بها؟
= انظر: "الجرح والتعديل"(9/ 176 رقم 730)، و"الثقات" لابن حبان (7/ 594)، و"التهذيب"(11/ 255 رقم 411).
(2)
عَيِىَ تأتي بمعنى: جهَل، وعَجَز، ولعلّ المعنى هنا:((يعجز عنها ويشكل عليه أمرها)).
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(3/ 334).
[38]
سنده صحيح.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 320 رقم 751)، فقال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وحجاج، كلاهما عن حماد بن زيد
…
، فذكره بنحوه.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4/ 321 رقم 1568) من طريق علي بن المديني، عن حماد بن زيد، به نحوه.
(1)
هو أيوب بن أبي تَمِيمَة كَيْسان السَّخْتياني، أبو بكر البصري، روى عن عمرو بن سلمة وحُميد بن هلال وعطاء وعكرمة وعمرو بن دينار وأبي رجاء العُطاردي وأبي عثمان النَّهدي وعبد الله بن أبي مُليكة وغيرهم، روى عنه حماد بن زيد وحماد بن سلمة والسفيانان: الثوري وابن عيينة وشعبة ومالك وغيرهم، قيل: إنه ولد سنة ست وستين للهجرة، وقيل: سنة ثمان وستين، وتوفي سنة إحدى وثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت حجة في كبار الفقهاء العباد، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 117 رقم 605). قال الحسن البصري:((أيوب سيد شباب أهل البصرة)). وقال شعبة: ((كان سيد الفقهاء)). ووثقه ابن معين. وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا في الحديث، جامعًا كثير العلم حجة عدلاً)). وقال =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبو حاتم: ((ثقة لا يسأل عن مثله)). وقال النسائي: ((ثقة ثبت)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 255 - 256 رقم 915)، و"التهذيب"(1/ 397 - 399 رقم 733).
(2)
هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكة - بالتصغير - ابن عبد الله بن جدعان، التيمي أدرك ثلاثين من الصحابة، فروى عن العبادلة الأربعة والمسور بن مخرمة وأسماء وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه حميد الطويل وعمرو بن دينار وجرير بن حازم وابن جريج وأيوب السختياني وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة، وهو ثقة فقيه روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 312 رقم 3454).
فقد وثقه أبو زرعة وأبو حاتم والعجلي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)).
انظر: "الجرح والتعديل"(5/ 99 - 100 رقم 461)، و"التهذيب"(5/ 306 - 307 رقم 523).
وفي "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص 113) نصّ على أن روايته عن عمر وعثمان مرسلة، فمن باب أولى روايته عن أبي بكر، وقد نصّ على هذا البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 228) حيث ذكر هذا الحديث من طريق آخر، ثم قال:((رواه ابن أبي مليكة عن أبي بكر كذلك مرسلاً)). اهـ.
(3)
أي: تحملني، يقال: أقلَّ الشيءَ يُقِلُّه واستقلَّه يستقلُّه: إذا رفعه وحمله.
انظر: "لسان العرب"(11/ 565).
[39]
سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله ابن أبي مليكة، وله متابعات يرتقي بها إلى درجة الحسن لغيره، فإنه روي عن أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه من أربعة طرق:
1 -
طريق ابن أبي مليكة.
أخرجه المصنف هنا، وأشار إليه البيهقي في "الشعب"(5/ 228)، ثم أخرجه في كتاب "المدخل"(ص 430 رقم 792) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال:((وأية سماء))، و:((أو كيف أصنع)).
2 -
طريق إبراهيم التيمي.
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 352 رقم 824).
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 513 رقم 10156).
أما أبو عبيد فمن طريق شيخه محمد بن يزيد، وأما ابن أبي شيبة فمن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= طريق شيخه محمد بن عبيد الطنافسي، كلاهما عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ إبراهيم التيمي، أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله:{وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} ، فقال: أي سماء تظلني، أو أي أرض تقلّني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
وهذا مرسل صحيح أيضًا.
إبراهيم التيمي تقدم في الحديث [11] أنه ثقة عابد.
والعَوَّام بن حوشب تقدم في الحديث [11] أيضًا أنه ثقة ثبت فاضل.
وشيخ ابن أبي شيبة محمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي الكوفي الأحدب، روى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ والأعمش وهشام بن عروة والعوام بن حَوْشب وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وابنا أبي شيبة وغيرهم، وكان مولده سنة أربع وعشرين ومائة، ووفاته سنة أربع ومائتين، وقيل: ثلاث، وقيل: خمس ومائتين، وهو ثقة يحفظ، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص495 رقم 6114)، فقد وثقه أحمد وابن معين والنسائي والدارقطني وابن سعد وزاد:((كثير الحديث)) ، والعجلي وزاد:((كان عثمانيًا)) ، وقال ابن عمار:((ثبت)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(8 / 10 - 11 رقم 40) ، و"التهذيب"(9 / 327 - 329 رقم 539) .
والحديث ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته في "أصول التفسير"(ص108) ، من رواية أبي عبيد، ثم قال:((منقطع)) .
وذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(1 / 5) و (4 / 473) وأعلّه بالانقطاع بين التيمي وأبي بكر رضي الله عنه.
وذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(13 / 271) ، وعزاه لعبد بن حميد في "تفسيره"، وأعله بالانقطاع أيضًا.
3-
طريق أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَةَ الأزدي.
أخرجه مسدد كما في "المطالب العالية" المسندة (ل 135 / ب) ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والمطبوعة (3 / 300 رقم 3527) ، من طريق عبد الله بن مرّة.
وأخرجه الطبري في "تفسيره"(1 / 78 رقم 78 و 79) من طريق إبراهيم النخعي وعبد الله بن مرة، كلاهما عن أبي معمر، به نحو لفظ المصنف.
وذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح"(13 / 271) وعزاه لعبد بن حميد، لكن من طريق إبراهيم النخعي، عن أبي بكر، ولم يذكر أبا معمر في سنده.
قال ابن حجر: ((وهذا منقطع بين النخعي والصديق)) .
قلت: وعبد الله بن سُخْبرة الأزدي، أبو معمر الكوفي يروي عن عمر وعلي والمقداد وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه مجاهد وعمارة بن عمير وإبراهيم النخعي، وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، وروى له الجماعة، ولكن روايته عن أبي بكر مرسلة. فقد وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي،، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص256 رقم 810) ، و"التهذيب"(5 / 230 - 231 رقم 397) ، و"التقريب"(ص305 رقم 3341) .
4-
طريق الشعبي.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 512 رقم 10152) .
والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(2 / 193 رقم 1585) .
كلاهما من طريق الحسن بن عمر، ويقال: ابن عمرو، عن الشعبي، به نحوه.
وعامر بن شراحيل الشعبي ثقة مشهور فقيه فاضل، روى له الجماعة، وروى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وزيد بن ثابت وعبادة بن الصامت وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة والعبادلة الأربعة وغيرهم، وروى عن علي شيئًا يسيرًا، قال الدارقطني:((لم يسمع الشعبي من علي إلا حرفًا واحدًا، ما سمع غيره)) ، قال الحافظ ابن حجر: ((كأنه - أي الدارقطني - عَنَى ما أخرجه البخاري =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في الرجم عنه - أي الشعبي-، عن علي حين رجم المرأة، قال: رجمتها بسنّة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)) ، وممن روى عن الشعبي: أبو إسحاق السبيعي وإسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر وحصين بن عبد الرحمن وداود بن أبي هند ومنصور بن المعتمر ومغيرة بن مِقْسم وغيرهم، وقد أرسل عن عمر وطلحة وابن مسعود رضي الله عنهم، فمن باب أولى أن تكون روايته عن أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه مرسلة، وذلك أن مولده كان سنة تسع عشرة للهجرة، وقيل بعد ذلك، وأما وفاته فاختُلف فيها، فقيل: سنة ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع، وقيل: تسع، وقيل: سنة عشر ومائة. قال الحسن البصري في ثنائه على الشعبي: ((كان والله كثير العلم، عظيم الحلم، قديم السلم، من الإسلام بمكان)) . وقال مكحول: ((ما رأيت أفقه من الشعبي)) . ووثقه ابن معين وأبو زرعة وغير واحد.
انظر: "الجرح والتعديل"(6 / 322 - 324 رقم 1802) ، و"التهذيب"(5 / 65 - 69 رقم 110) ، و"التقريب"(ص287 رقم 3092) .
5-
طريق القاسم بن محمد.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 228 رقم 2082) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أبا بَكْرٍ الصِّدِيقُ رضي الله عنه قال
…
) فذكره بنحوه.
وعلي بن زيد بن جدعان تقدم في الحديث رقم [4] أنه ضعيف.
والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصديق التيمي ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، روى له الجماعة، روى عن أبيه وعمّته عائشة، وعن العبادلة الأربعة وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الرحمن والشعبي وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ والزهري ونافع مولى ابن عمر ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن أبي مُليكة وعلي بن زيد بن جدعان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست ومائة وهو ابن سبعين سنة، فتكون ولادته قريبًا من سنة ست وثلاثين للهجرة، =
40 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ)
(1)
، عَنْ إِدْرِيسَ
(2)
- وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ -، قَالَ: قِيلَ لِلْحَسَنِ: ((إِنَّ لَنَا إِمَامًا يلحن، قال: أخِّروه)).
= قال أيوب السختياني: ((ما رأيت أفضل منه)). وقال أبو الزناد: ((ما رأيت أحدًا أعلم بالسنة منه، ولا أحدّ ذهنًا)). وقال يحيى بن سعيد: ((ما أدركنا بالمدينة أحدًا بفضله على القاسم)).
وقال الإمام مالك: ((كان القاسم من فقهاء هذه الأمة)). وقال ابن حبان: ((كان من سادات التابعين، من أفضل أهل زمانه علمًا، وأدبًا وفقهًا، وكان صموتًا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(7/ 118 رقم 765)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 967)، و"التهذيب"(8/ 333 - 335 رقم 601)، و"التقريب"(ص 451 رقم 5489).
أقول: وروايته عن جده أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه مرسلة، وذلك واضح من تاريخ ولادته كما سبق، وقد قال العلائي في "جامع التحصيل" (ص 310):((أرسل عن جده رضي الله عنه، وذلك واضح؛ لأن أباه محمدًا ولد في حجة الوداع، فكان عمره حين توفي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه نحو ثلاث سنين)). اهـ.
قلت: فالحديث بمجموع هذه الطرق لا ينزل عن رتبة الحسن، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "فتح الباري" الأثرين عن التيمي والنخعي، وأعلهما بالانقطاع، ثم قال:((لكن أحدهما يقوي الآخر)). اهـ. والله أعلم.
(1)
في الأصل: (جرير عن عبد الحميد)، والصواب ما هو مثبت حيث أخرجه الخطابي من طريق المصنف هكذا كما سيأتي.
(2)
هو إدريس بن جويرية الأعمى، البصري، ذكره البخاري في "تاريخه"(2/ 37 رقم 1606)، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم (2/ 264 رقم 951)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(6/ 78)، وأثنى عليه جرير بن عبد الحميد هنا بقوله:((وكان من خيار الناس)) وروى عنه هو ويحيى بن حسان، فهو مجهول الحال، ويحتمل =
41 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ (يَحْيَى)
(1)
الأبَحّ
(2)
، عَنْ مَرْوَانَ الأصْفَر
(3)
، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ جَالِسًا، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ لَهُ (الرَّجُلُ)
(4)
: قُلْ فِيهَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ بِرَأْيِكَ، فَقَالَ:((أَقُولُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِرَأْيِي؟! فَرَدَّدَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ولم يجبه بشيء)).
= أن الذي أثنى على إدريس هو المصِّنف سعيد بن منصور.
[40]
سنده ضعيف لجهالة حال إدريس بن جويرية.
وأخرجه الخطابي في "غريب الحديث"(1/ 61).
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 245 رقم 2104).
كلاهما من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه البخاري في "تاريخه"(2/ 37) من طريق محمد بن سلام، عن جرير، به مثله، إلا أنه لم يذكر ثناء جرير على إدريس.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 264) من طريق يحيى بن حسان، عن إدريس، به مثل رواية البخاري.
(1)
في الأصل: ((زيد))، وما أثبته من مصادر التخريج الآتية التي أخرجت الحديث من طريق المصنف، وانظر ترجمته الآتية.
(2)
هو حماد بن يحيى الأبَحّ - بالموحّدة المفتوحة، بعدها مهملة -، أبو بكر السلمي البصري، روى عن ثابت البُناني وسليمان التَّيْمي وأبي إسحاق السبيعي وابن أبي مُليكة ومكحول والزهري، وروى عن مروان الأصفر هنا، وصرّح عنه بالتحديث في رواية البيهقي الآتية، روى عنه أبو داود الطيالسي وأبو نُعيم وقتيبة ابن سعيد وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق يخطئ، من الطبقة الثامنة كما في "التقريب" (ص 179 رقم 1509). قال الإمام أحمد:((صالح الحديث، ما أرى به بأسًا)). وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)). وقال ابن معين: ((ثقة)). وقال البخاري: ((يهم في الشيء بعد الشيء)). وقال أبو داود: ((يخطئ كما يخطئ الناس)). وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي)). وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ((يخطئ ويهم)). وذكر له ابن عدي بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، ثم قال:((ولحماد بن يحيى غير ما ذكرت أحاديث حسان، وبعض ما ذكرت مما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 151 - 152 رقم 659)، و"الكامل" لابن عدي (3/ 663 - 665)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7/ 292 - 293)، و"التهذيب"(3/ 21 - 23 رقم 24).
(3)
هو مروان الأصفر أبو خلف البصري، قيل اسم أبيه: خاقان، وقيل: سالم، روى عن ابن عمر وأبي هريرة وأنس وأبي وائل وشقيق بن سلمة ومسروق بن الأجدع والشعبي وغيرهم، روى عنه خالد الحذّاء وعوف الأعرابي وشعبة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الرابعة؛ وثقه أبو داود، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرجه له الشيخان.
انظر: "الكنى" لمسلم (1/ 284 رقم 1001)، و"الثقات" لابن حبان (5/ 424)، و"التهذيب"(10/ 98 - 99 رقم 178)، و"التقريب"(ص 526 رقم 6576).
ووقعت كنيته في "التقريب": (أبو خليفة)، والصواب ما ذكر كما في بقية مصادر ترجمته.
(4)
في الأصل: ((رجل))، وما أثبته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" للبيهقي.
[41]
سنده ضعيف لضعف حماد بن يحيى من قبل حفظه.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 231 رقم 2088) من طريق المصنف، ثنا حماد بن يحيى، ثنا مروان الأصفر
…
فذكره بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله: عز وجل، وعنده:(فقال سعيد).
ومن طريق المصنِّف أيضًا أخرجه الهروي في "ذم الكلام"(1/ 67 / أ) بمثله، إلا أنه قال:((من كتاب الله، فقال: الله أعلم، فقال: قل فيها))، ولم يذكر قوله:((فردده)). ومن طريق الهروي أخرجه ابن عبد الهادي في "هداية الإنسان إلى الاستغناء بالقرآن"(1 / ل 85 / ب - 86 / أ).
42 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، قَالَ: نا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشب، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمي، قَالَ خَلَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، ذَاتَ يَومٍ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ، فأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: كَيْفَ تَخْتَلِفُ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَنبِيُّهَا وَاحِدٌ، وَكِتَابُهَا وَاحِدٌ، وَقِبْلَتُهَا؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْقُرْآنُ، فَقَرَأْنَاهُ، وَعَلِمْنَا فِيمَ أُنزل، وَإِنَّهُ سيكون بعدنا أقوام يقرأون الْقُرْآنَ، وَلَا يَعْرِفُونَ فِيمَ نُزِّلَ، فَيَكُونُ لِكُلِّ قَوْمٍ فِيهِ رَأْيٌ، فَإِذَا كَانَ لِكُلِّ قَوْمٍ فِيهِ رَأْيٌ اخْتَلَفُوا، فَإِذَا اخْتَلَفُوا اقْتَتَلُوا، فَزَبَرَهُ
(1)
عُمَرُ وانتَهَرَهُ
(2)
، فَانْصَرَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ دَعَاهُ بَعْدُ، فَعَرَفَ الَّذِي قَالَ، ثُمَّ قَالَ:(إيهٍ)
(3)
أعِد عليّ)).
(1)
أي: انتهره وأغلظ له في القول والردّ.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 293).
(2)
أي: زجره واستقبله بكلام يزجره عن خبر.
انظر: "لسان العرب"(5/ 239).
(3)
في الأصل: ((إيهى))، وفي الموضعين الآتيين من "شعب الإيمان" و"كنز العمال":(إيها)، وما أثبته من الموضع الآتي من "الجامع" للخطيب حيث روى الحديث من طريق المصنف، وهو الأليق بالسياق، فقوله:((إيهِ)): كلمة يراد بها الاستزادة، وهي مبنيّة على الكسر، فإذا وصَلْتَ نوَّنْتَ، فقلتَ:((إيهٍ حدِّثنا)) وإذا قلت: ((إيهًا)) بالنصب فإنما تأمره بالسكوت، وقد ترد منصوبة بمعنى التصديق والرضى بالشيء، كما في حديث ابن الزبير لما قيل له: يا ابن ذات النِّطاقين، فقال:((إيهًا والإله)) أي: صدقتَ ورضيتُ بذلك، ويروى:((إيهِ)) بالكسر، أي: زدني من هذه المنقبة. اهـ. من "النهاية"(1/ 87).
[42]
الحديث صحيح لغيره كما سيأتي، وأما هذا الإسناد فرجاله ثقات، إلا أنه ضعيف للانقطاع بين التيمي وعمر بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فإن التيمي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لم يدرك زمن عمر، بل لم يدرك من تأخرت وفاته كثيرًا عن عمر، فقد قال الدارقطني:((لم يسمع من حفصة، ولا من عائشة، ولا أدرك زمانهما)) .
انظر: "التهذيب"(1 / 176 - 177) .
قلت: ومقصد الدارقطني بالإدراك: إدراك السماع، وإلا فإن ولادته كانت قبل وفاة عائشة رضي الله عنها، فإنها توفيت سنة ثمان وخمسين كما في "التهذيب"(12 / 435 - 436) ، وأما إبراهيم التيمي فإن الحجاج قتله سنة اثنتين وقيل أربع وتسعين، قال أبو داود: ولم يبلغ أربعين سنة كما في ترجمته في الموضع السابق من "التهذيب".
والحديث ذكره صاحب "كنز العمال"(2 / 333 رقم 4167) وعزاه لسعيد بن منصور، والبيهقي في "الشعب"، والخطيب في "الجامع".
وقد أخرجه البيهقي في "الشعب"(5 / 230 - 231 رقم 2086) .
والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(2 / 194 رقم 1587) .
كلاهما من طريق المصنف، به، ولفظ الخطيب: (خلا عمر بن الخطاب ذات يوم، فجعل يُحَدِّثُ نَفْسَهُ، فأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عباس، قال: كيف تختلف هذه الأمة، وكتابها واحد، ونبيها واحد، وقبلتها واحدة؟ قال ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إنما أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْقُرْآنُ، فَقَرَأْنَاهُ، وَعَلِمْنَا فيمَ نزل، وإنه يكون بعدنا أقوام
…
) ، ثم ذكر الباقي مثل لفظ المصنّف سواء، ونحوه لفظ البيهقي، إلا أنه قال:((ابن عياش)) ، بدل ((ابن عباس)) .
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص42 رقم 95) عن هشيم، به نحوه.
وله طريق آخر.
فأخرجه عبد الرزاق في جامع معمر الملحق بالمصنّف (11 / 217 - 218 رقم 20368) .
ومن طريقه الهروي في ذم الكلام (1 / ب 47 / ب - 48 / أ) .
وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ (1 / 516 - 517) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كلاهما من طريق معمر، عن علي بن بَذيمة الجَزَري أنه حدثه عن يزيد بن الأصَمّ، عن ابن عباس قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزَبَرني عمر، ثم قال: مَهْ. قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئبًا حزينًا، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة، ما أرى إلا أني قد سقطت من نفسه. قال: فرجعت إلى منزلي، فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي، وما بي من وجع، وما هو إلا الذي نقلني (كذا!) به عمر. قا: فبينا أنا كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين. قال: فخرجت، فإذا هو قائم قريبًا ينتظرني، فأخذ بيدي، ثم خلا بي، فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنتُ أسأت فاستغفر الله عز وجل وأتوب إليه، نوة أهلي، أحببتَ. قال: لتحدثنّي ما الذي كرهت مما قال الرجل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إنهم متى يسارعوا هذه المسارعة تحنفوا (كذا!) ، ومتى تحنفوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يفشلوا. قال: لله أبوك! والله لقد كنت أكاتمها الناس، حتى جئت بها. اهـ. واللفظ للفسوي، ونحوه لفظ عبد الرزاق.
وسنده صحيح.
يزيد بن الأصم عمرو بن عبيد بن معاوية البَكَّائي - بفتح الموحدة والتشديد -، أبو عوف الكوفي نزيل الرَّقّة، ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، يقال له رؤية ولا يثبت، روى عن خالته ميمونة وابن خالته عبد الله بن عباس، وعن سعد بن أبي وقّاص وأبي هريرة وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنا أخيه عبد الله وعبيد الله ابنا عبد الله بن الأصمّ، والأَجْلَح الكندي والزهري وميمون بن مهران وأبو إسحاق الشيباني وعلي بن بَذِيمة الجزري وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة إحدى ومائة، وقيل: سنة ثلاث أو أربع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وهو ثقة كما في "التقريب"(ص599 رقم 7686) ، فقد وثقه ابن سعد والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= انظر: "الجرح والتعديل"(9 / 252 رقم 1055) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1529) ، و"التهذيب"(11 / 313 - 314 رقم 600) .
وعلي بن بَذِيمة - بفتح الموحدة وكسر المعجمة الخفيفة، بعدها تحتانية ساكنة -، الجَزَري روى عن الشعبي وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة ويزيد بن الأصمّ وغيرهم، روى عنه الأعمش وشعبة والثوري وشريك ومعمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ست وثلاثين ومائة، وهو ثقة رمي بالتشيع كما في "التقريب"(ص398 رقم 4692) ، فقد وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال الإمام أحمد:((صالح الحديث، كان رأسًا في التشيع)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(6 / 175- 176 رقم 962) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 956) ، و"التهذيب"(7 / 285 - 286 رقم 495) .
ومعمر بن راشد تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة وعاصم بن أبي النجود وأهل الكوفة والبصرة شيئًا، وليس هذا من روايته عنهم.
والفسوي روى الحديث عن شيخه علي بن الحسن بن شقيق، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ معمر، به.
وعبد الله بن المبارك المروزي مولى بني حنظلة يروي عن سليمان التيمي وحميد الطويل وإسماعيل بن أبي خالد ويحيى بن سعيد الأنصاري وعاصم الأحول وعبد الله بن عون ومحمد بن عجلان وموسى بن عقبة والأعمش وهشام بن عروة والثوري وشعبة والأوزاعي وابن جريج ومالك والليث بن سعد وبان أبي ذئب ومعمر بن راشد وغيرهم، روى عنه أبو أسامة حماد بن أسامة وابن مهدي والقطّان وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وسعيد بن منصور وعلي بن الحسن بن شقيق وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومائة، ووفاته سنة إحدى وثمانين ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جُمعت فيه خصال الخير، وروى له الجماعة. قال ابن مهدي:((الأئمة أربعة: الثوري، ومالك، وحماد بن زيد، وابن المبارك)) ، وقال سفيان بن عيينة:((نظرت في أمر الصحابة فما رأيت لهم فضلاً على ابن المبارك إلا بصحبتهم النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وغزوهم معه)) ، وقال أيضًا:((كان فقيهًا عالمًا عابدًا زاهدًا شيخًا شجاعًا شاعرًا)) ، وقال الإمام أحمد:((لم يكن في زمانه أطلب للعلم منه، جمع أمرًا عظيمًا، ما كان أحد أقل سقطًا منه، كان رجلاً صاحب حديث، حافظ، وكان يحدث من كتاب)) . وفضائله رحمه الله كثيرة.
انظر: "الجرح والتعديل"(1 / 262 - 281) و (5 / 179 - 181 رقم 838) ، و"التهذيب"(5 / 382 - 387 رقم 657) ، و"التقريب"(ص320 رقم 3570) .
وعلي بن الحسن بن شقيق، أبو عبد الرحمن المروزي روى عن ابن المبارك والحسين بن واقد وخارجة بن مصعب وعبد الوارث بن سعيد وإبراهيم بن طهمان وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وابن معين وأبو بكر بن أبي شيبة والبخاري وغيرهم، وروى عنه هنا يعقوب بن سفيان الفسوي، وكانت ولادته سنة سبع وثلاثين ومائة، ووفاته سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل غير ذلك، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص399 رقم 4706) . قال الإمام أحمد:((لم يكن به بأس، إلا أنهم تكلموا فيه للإرجاء، وقد رجع عنه)) ، وقال ابن معين:((لا أعلم قدم علينا من خراسان أفضل منه، وكان عالمًا بابن المبارك)) ، وقال العباس بن مصعب:((كان علي بن الحسن بن شقيق جامعًا، وكان في الزمان الأول يُعدّ من أحفظهم لكتب ابن المبارك، وقد شارك ابن المبارك في كثير من رجاله)) . اهـ. من "تاريخ بغداد"(11 / 370 - 372 رقم 6222) ، و"التهذيب"(7 / 298 - 299 رقم 510) .
43 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ
(1)
، عَنْ حُميد الطَّوِيل
(2)
، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ: (({وَفَاكِهَةً وَأَبًّا}
(3)
، فَقَالَ: هَذِهِ الْفَاكِهَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْأَبُّ
(4)
؟ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ: لَعَمْرُكَ، إِنَّ هَذَا لهو التكلُّف يا عمر)).
(1)
هو يزيد بن هارون بن زاذان السُّلَمي، مولاهم، أبو خالد الواسطي، روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وعاصم الأحول وإسماعيل بن أبي خالد وأبي مالك الأشجعي ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور وروى عنه الإمام أحمد وإسحاق ابن راهويه ويحيى بن معين وعلي بن المديني وابنا أبي شيبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست ومائتين، وهو ثقة متقن عابد، روى له الجماعة. وثقه ابن معين، ويعقوب بن شيبة وقال:((كان يُعدّ من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر)). وقال ابن المديني: ((هو من الثقات، ما رأيت أحفظ منه)). وقال الإمام أحمد: ((صاحب صلاة، حافظ متقن للحديث، صوانه، وحسن مذهب)).
انظر: "الجرح والتعديل"(9/ 295 رقم 1257)، و"التهذيب"(11/ 366 - 369 رقم 711)، و"التقريب"(ص 606 رقم 7789).
(2)
هو حميد بن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري، اختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال، روى عن أنس بن مالك وثابت البُناني والحسن البصري وابن أبي مليكة وعبد الله بن شقيق وغيرهم، روى عنه حماد بن سلمة ويحيى بن سعيد الأنصاري وحماد بن زيد والسفيانان وشعبة ومالك ويحيى القطان ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة، وقيل: ثلاث وأربعين ومائة، وله من العمر خمس وسبعون سنة، وهو ثقة روى له الجماعة، إلا أنه كثير التدليس عن أنس، حتى قيل: إن معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتادة. فقد وثقه ابن معين والعجلي والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث، إلا أنه ربما دلّس عن أنس)). وقال أبو حاتم: ((ثقة لا بأس به)). وقال ابن خراش: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ((ثقة صدوق)). وقال مرة: ((في حديثه شيء، يقال: إن عامة حديثه عن أنس إنما سمعه من ثابت)). وقال البرديجي: ((وأما حديث حميد، فلا يحتج منه إلا بما قال: حدثنا أنس)). وقال العلائي: ((فعلى تقدير أن يكون أحاديث حميد مدلسة، فقد تبين الواسطة فيها، وهو ثقة صحيح)).
وقد ذكر الحافظ ابن حجر حميدًا في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"، وهم من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع.
انظر: "الجرح والتعديل"(3/ 219 رقم 961)، و"التهذيب"(3/ 38 - 40 رقم 65)، و"التقريب"(ص 181 رقم 1544)، و"طبقات المدلسين"(ص 86 رقم 71).
قلت: وأما ما ذكره العلائي من أن الواسطة في أحاديث حميد المدلسة قد تبيّن وهو ثقة صحيح، فهذا القول ليس على إطلاقه، فإن الواسطة بينه وبين أنس ليس هو ثابتاً البناني على الدوام، بل قد تكون الواسطة قتادة، وهو مدلس من الطبقة الثالثة أيضًا كما في ترجمته في الحديث رقم [14]، وقد يكون غيره، فقد قال الحافظ ابن حجر في مقدمة "الفتح" (ص 399):((كان يدلس حديث أنس، وكان سمع أكثره من ثابت وغيره من أصحابه عنه)). اهـ. ولذا فإن البخاري لم يخرج لحميد في "صحيحه" إلا بما صرح فيه بالسماع، قال الحافظ في الموضع السابق:((قد اعتنى البخاري في تخريجه لأحاديث حميد بالطرق التي فيها تصريحه بالسماع)). اهـ. وفي "الفتح" أيضًا (10/ 490) ذكر الحافظ إعراض البخاري عن بعض الطرق لبعض الأحاديث، ثم أوضح السبب فقال:((حميد مدلس، والبخاري يخرج له ما صرّح فيه بالتحديث)). اهـ.
(3)
الآية: (31) من سورة عبس.
(4)
الأَبُّ: هو المَرْعى المُتَهَيِّئُ للرَّعي والقطع، وقيل: الأَبُّ من المرعى للدواب كالفاكهة للإنسان.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 13). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [43] سنده رجال ثقات، إلا أنه ضعيف من هذا الطريق لكون حميد لم يصرح بالسماع من أنس، وهو صحيح لغيره بما سيأتي من طرق، فإن حميدًا قد توبع.
فالحديث مداره على أنس بن مالك، يرويه عن عمر رضي الله عنهما.
وله عن أنس ستة طرق:
1-
طريق حميد.
أخرجه المصنف هنا من طريق يزيد بن هارون، عنه.
وعزاه صاحب "كنز العمال"(2 / 328 رقم 4154) ، والشوكاني في "فتح القدير"(5 / 387) للمصنف.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص352 رقم 825) .
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 512 - 513 رقم 10154) .
والحاكم في "المستدرك"(2 / 514) .
ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 229 - 230 رقم 2084) .
ثلاثتهم من طريق يزيد بن هارون، به مثله، عدا لفظ الحاكم فنحوه.
وأخرجه الطبري في "تفسيره"(30 / 59 / طبعة الحلبي) من طريق بشر بن المفضل، ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي، كلاهما عن حميد، به نحوه.
قال ابن كثير في "التفسير"(4 / 473) عن طريق ابن أبي عدي: ((إسناده صحيح)) .
وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2 / 290) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حميد، به بلفظ: قرأ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} ، فقال بعضهم هكذا، وقال بعضهم هكذا، فقال عمر: دعونا من هذا، آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ ربنا.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام"(1 / ل 107 / أ) من طريق حماد بن سلمة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن حميد، به نحو لفظ المصنِّف.
2-
طريق ثابت، عن أنس.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(3 / 327) .
والبخاري في "صحيحه"(13 / 264 - 265 رقم 7293) .
وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في مقدمة "أصول التفسير" لابن تيمية (ص109) ، و"فتح الباري"(13 / 271) .
وأبو نعيم في "المستخرج" كما في الموضع السابق من "فتح الباري".
جميعهم من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، به نحوه، عدا البخاري، فأخرجه مختصرًا بلفظ: كنا عند عمر، فقال: نهينا عن التَكَلُّف.
وأخرجه عبد بن حميد أيضًا من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، ففي الموضع السابق من "الفتح" بعد أن ذكر الحافظ رواية عبد بن حميد للحديث من طريق حماد بن زيد، قال:((وأخرجه (يعني عبد بن حميد) أيضًا عن سليمان بن حرب، عن حماد بن سلمة بدل حماد بن زيد، وقال بعد قوله: فما الأبّ؟ ثم قال: يا ابن أم عمر، إن هذا لهو التكُّلف، وما عليك أن لا تدري ما الأَبّ؟ وسليمان بن حرب سمع من الحمادين، لكنه اختص بحماد بن زيد، فإذا أطلق قوله: حدثنا حماد، فهو ابن زيد، وإذا روى عن حماد بن سلمة نسبه)) . اهـ.
وأخرجه الإسماعيلي أيضًا كما في الموضع السابق من "الفتح" من طريق هشام ابن ثابت ويونس بن عبيد، كلاهما عن ثابت، به، ولفظ هشام نحوه، وأما لفظ يونس فقال: إن رجلاً سأل عمر بن الخطاب عن قوله: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} : ما الأََبّ؟ فقال عمر: نهينا عن التَّعَمُّق والتَّكَلُّف.
3-
طريق الزهري، عن أنس.
أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في الموضع السابق من "الفتح". =
44 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ عَوْن
(1)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرين
(2)
، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ
(3)
، عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، فَقَالَ: ((عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ عز وجل، والسَّدَاد
(4)
، فَقَدْ ذَهَبَ الَّذِينَ كَانُوا يعلمون فِيمَ أُنزل القرآن)).
= والحاكم في "المستدرك"(2/ 514).
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "الشعب".
كلاهما من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري، عن أنس، به نحوه، وزاد: اتبعوا ما بُيِّن لكم من هذا الكتاب.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(30/ 60 - 61 / طبعة الحلبي)، من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يونس بن يزيد الأَيْلي، وعمرو بن الحارث، كلاهما عن الزهري، به نحو سابقه.
وأخرجه الهروي في ذم الكلام (1 / ل 107 / أ) من طريق شعيب، عن الزهري، به نحو سابقه.
(4)
و
(5)
و
(6)
- طريق قتادة، ومعاوية بن قرة، وموسى بن أنس، ثلاثتهم عن أنس، به نحو لفظ المصنف، عدا لفظ معاوية فمختصر.
أخرج هذه الطرق ابن جرير الطبري في "تفسيره"(30/ 59).
(1)
هو عبد الله بن عَوْن بن أَرْطبان، أبو عون البصري، روى عن محمد بن سيرين وأنس بن سيرين وإبراهيم النخعي والحسن البصري وعامر الشعبي، وغيرهم، روى عنه الثوري وشعبة والقطان وابن المبارك ووكيع وهشيم وابن عليّة ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت ولادته سنة ست وستين للهجرة، ووفاته سنة إحدى وخمسين ومائة، وهو ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة. قال ابن المبارك:((ما رأيت أحدًا ذكر لي قبل أن ألقاه ثم لقيته إلا وهو على دون ما ذكر لي، إلا ابن عون وحيوة - أو سفيان -. فأما ابن عون، فلوددت أني لزمته حتى أموت أو يموت)). وقال ابن مهدي: ((ما كان بالعراق أحد أعلم بالسنة منه)). وقال =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن معين: ((ثبت)). ووثقه يعقوب بن شيبة والعجلي وأبو حاتم وابن سعد وزاد: ((وكان عثمانيًا، وكان كثير الحديث، وَرِعًا)). وقال النسائي: ((ثقة مأمون))، وقال في موضع آخر:((ثقة ثبت)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 130 - 131 رقم 605)، و"التهذيب"(5/ 346 - 349 رقم 600)، و"التقريب"(ص 317 رقم 3519).
(2)
هو محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر البصري، روى عن مولاه أنس بن مالك وعن زيد بن ثابت ورافع بن خديج وسمرة بن جندب وأبي هريرة وعمران بن حصين وعبد الله بن عمر وغيرهم، روى عنه الشعبي وثابت البُناني وخالد الحذّاء وداود بن أبي هند وهشام بن حسان ويونس بن عبيد وعبد الله بن عون وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشر ومائة وهو ابن سبع وسبعين، وهو ثقة ثبت عابد كبير القدر، روى له الجماعة. وثقه أحمد وابن معين والعجلي وأبو زرعة، وقال ابن سعد:((كان ثقة مأمونًا عاليًا رفيعًا فقيهًا إمامًا كثير العلم ورعًا، وكان به صمم)). وقال ابن حبان: ((كان محمد بن سيرين من أورع أهل البصرة، وكان فقيهًا فاضلاً حافظًا متقنًا يُعبِّر الرؤيا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(7/ 280 - 281 رقم 1518)، و"التهذيب"(9/ 214 - 217 رقم 336)، و"التقريب"(ص 483 رقم 5947).
(3)
هو عَبيدة بن عمرو السَّلْماني - بسكون اللام، ويقال بفتحها -، المُرادي، أبو عمرو الكوفي، روى عن علي وابن مسعود وابن الزبير، روى عنه الشعبي وابن سيرين وأبو إسحاق السبيعي وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وسبعين للهجرة، وقيل غير ذلك، وهو تابعي كبير مخضرم فقيه ثبت، روى له الجماعة.
كان شريح القاضي إذا أشكل عليه شيء كتب إليه. وقال ابن معين: ((ثقة لا يُسئل عن مثله)). وقال العجلي: ((كوفي تابعي ثقة جاهلي، أسلم قبل وفاة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بسنتين، ولم يره)). وقال ابن المديني والفلَّاس: ((أصلح الأسانيد: محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن علي)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 91 رقم 466)، و"التهذيب"(7/ 84 - 85 رقم 185)، و"التقريب"(ص 379 رقم 4412).
(4)
السَّدَاد هو: القصد في الأمر والعدل فيه، فلا يغلو ولا يسرف.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 352). =
45 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الْبَصْرِيِّ
(1)
، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ، وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: كُنْتُ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، فَمَرَّ بِهَذَا السَّائِلِ، فَقَامَ، فَاسْتَمَعَ لِقِرَاءَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ (عِمْرَانُ)
(2)
: إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اذْهَبْ بِنَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:((مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ عز وجل، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ)).
= [44] سنده صحيح على شرط الشيخين.
والحديث مداره علي ابن سيرين، وله عنه أربعة طرق:
1 -
طريق ابن عون.
أخرجه المصنف هنا من طريق يزيد بن هارون عنه.
وتابعه ابن أبي شيبة فأخرجه في "المصنف"(10/ 511 رقم 10148) عن يزيد، به مثله.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 353 رقم 830).
والطبري في "تفسيره"(1/ 86 رقم 97).
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 230 رقم 2085).
أما أبو عبيد فمن طريق محمد بن أبي عدي، وأما الطبري فمن طريق ابن علية، وأما البيهقي فمن طريق أبي أسامة، ثلاثتهم عن ابن عون، به نحوه.
2 -
طريق سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سيرين.
أخرجه أبو عبيد مقرونًا بالرواية السابقة.
3 و 4 - طريقا هشام وأيوب، عن ابن سيرين.
أخرجهما الطبري في "تفسيره"(1/ 86 رقم 96 و 97) بنحوه.
(1)
هو خيثمة بن أبي خيثمة، واسم أبي خيثمة: عبد الرحمن، الأنصاري، أبو نصر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= البصري، روى عن أنس والحسن البصري، روى عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وجابر الجُعْفي وغيرهم، وهو ليِّن الحديث من الطبقة الرابعة كما في "التقريب" (ص 197 رقم 1772). قال ابن معين:((ليس بشيء))، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "الجرح والتعديل"(3/ 394 رقم 1809)، و"الثقات" لابن حبان (4/ 214)، و"التهذيب"(3/ 178 رقم 337).
(2)
في الأصل: (عمر)، وما أثبته هو الذي يقتضيه السياق، وكذا هو عند الطبراني والبيهقي في "الشعب" كما سيأتي، حيث رويا الحديث من طريق المصنف.
[45]
سنده ضعيف لما تقدم عن حال خيثمة، وهو حسن لغيره كما سيأتي.
ومدار الحديث على خيثمة هذا، وله عنه طريقان:
1 -
طريق منصور بن المعتمر.
أخرجه المصنف هنا من طريق جرير عنه.
ومن طريق المصنف أخرجه الطبراني في "الكبير"(18/ 166 رقم 371).
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 564 رقم 2388).
ولفظ الطبراني مختصر هكذا: (
…
سعيد بن منصور، ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، عن حثمة بن أبي حثمة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَنْ قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيأتي أقوام يقرأون القرآن ويسألون الناس به))).
وأما لفظ البيهقي فمثل لفظ المصنف، إلا أنه وقع عنده:(يطوف ويقرأ)، و:(فيجتمع)، و:(كنت مع عمران بن حصين)، و:(فمّر به السائل)، و:(فيسألون).
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 436 - 437).
والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص 108 رقم 42).
والطبراني في "الكبير"(18/ 167 رقم 372). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثلاثتهم من طريق يزيد بن هارون، عن شريك، عن منصور، عن خيثمة، به نحوه، إلا أن رواية الطبراني مثل روايته السابقة، وفيه:(حثمة بن أبي حثمة) .
وأخرجه الطبراني أيضًا (18 / 167 رقم 373) من طريق إدريس الكوفي، عن منصور، عن رجل، عن الحسن، عن عمران، به نحو روايته السابقة. وأخرجه أيضًا (18 / 166 رقم 370) من طريق سهيل بن عثمان، عن زياد بن عبد الله وعبيدة بن حميد، كلاهما عن منصور، عن حثمة بن أبي حثمة، عن الحسن، به نحو لفظ المصنف.
2-
طريق الأعمش، عن خيثمة.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 480 رقم 10051) .
وأحمد في "المسند"(4 / 439) .
والترمذي في "سننه"(8 / 234 - 235 رقم 3084) .
والبيهقي في "الشعب"(5 / 563 - 564 رقم 2387) .
جميعهم من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن خيثمة، به نحوه.
وخالفه عبد الرزاق، ومؤمل.
أما عبد الرزاق فأخرجه الإمام أحمد (4 / 432) من طريقه، عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، أو عن رجل، عن عمران بن حصين، قال: مر برجل
…
فذكره بنحوه.
وأما مؤمل، فأخرجه الإمام أحمد أيضًا (4 / 445) من طريقه، عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، ليس فيه عن الحسن البصري، قال: مرّ عمران بن حصين برجل
…
، فذكره بنحو سابقه.
والصواب رواية أبي أحمد الزبيري، فإنه قد وافقه محمد بن يوسف الفريابي، وقبيصة بن عقبة.
أخرجه الطبراني (18 / 167 رقم 374) من طريقهما، به نحوه، إلا أنه وقع =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عنده (حثمة بن أبي حثمة) ، وهذه التسمية وردت في جميع الروايات السابقة في "معجم الطبراني الكبير" المطبوع، ولا شك أنها خطأ، لأمرين:
1-
جميع المراجع التي أخرجت الحديث ليست فيها هذه التسمية، وإنما هي بالخاء بعدها ياء.
2-
لم أجد فيما لدي من كتب التراجم من اسمه هكذا: (حثمة بن أبي حثمة) ، بل الذي يطلع على مصادر ترجمة خيثمة السابقة يجزم بأنه هو، فهو الذي يروي عن الحسن البصري، وعنه منصور والأعمش.
وأخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص106 - 107 رقم 41) .
والبيهقي في "الشعب"(5 / 562 - 563 رقم 2386) .
أما الآجري فمن طريق سعد بن الصلت، وأما البيهقي فمن طريق الحسن بن عمارة، كلاهما عن الأعمش، عن خيثمة، عن الحسن، فذكره بنحوه هكذا، فوافقا رواية أبي أحمد الزبيري ومن وافقه للحديث عن سفيان، عن الأعمش.
والحديث أخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" من طريقين كما في مختصره (ص163 - 164) ، ولم يذكر المختصر سند هاتين الروايتين.
وله شاهد من حديث أبي سيعد الخدري رضي الله عنه.
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص137 رقم 343) .
ومحمد بن نصر في "قيام الليل" كما في "المختصر"(ص163) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 564 - 565 رقم 2389) .
ثلاثتهم من طريق ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سعيد الخدري رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:((تعلموا القرآن، واسألوا الله به قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلمه ثلاثة نفر: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأه لله عز وجل) .
هذا لفظ أبي عبيد، لفظ الآخرين نحوه.
وسنده ضعيف. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عبد الله بن لهيعة - بفتح اللام وكسر الهاء - ابن عقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن المصري القاضي يروي عن الأعرج وأبي الزبير ويزيد بن أبي حبيب وعطاء بن أبي رباح وموسى بن وَرْدان وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وابن وهب وعبد الله بن يزيد المقرئ والوليد بن مسلم وسعيد بن أبي مريم وقتيبة بن سعيد وغيرهم، وكانت ولادته سنة ست وتسعين للهجرة، ووفاته سنة أربع وسبعين ومائة، وهو ممن كثر الكلام فيه. قال قتيبة بن سعيد: حضرت موت ابن لهيعة، فسمعت الليث يقول:((ما خلَّف مثله)) . وقال الإمام أحمد: ((من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه)) .
وكان يحيى بن سيعد لا يراه شيئًا. وقال ابن مهدي: ((لا أحمل عنه قليلاً ولا كثيرًا)) .
قلت: ومن جرحه قد فسّر الجرح، فابن مهدي لما ذكر كلامه السابق، قال:((كتب إليّ ابن لهيعة كتابًا فيه: حدثنا عمرو بن شعيب. قال عبد الرحمن بن مهدي: فقرأته على ابن المبارك فأخرجه إليّ ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة، قال: حدثني إسحاق بن أبي فروة، عن عمرو بن شعيب)) . اهـ.
وأما ثناء من أثنى عليه من الأئمة، فلأجل صلاحه، كان قد احترقت كتبه سنة تسع وستين ومائة، فما كان من روايته قبل احتراق كتبه فهو أحسن حالاً مها بعد اختلاطه بسبب احتراقها، ولذا قالوا: إن من سمع منه في أول أمره أحسن حالاً في روايته ممن سمع منه بآخرة، وذلك كابن المبارك، وابن وهب، ونحوهما، وبعضهم ألحق روايتهم عنه بالصحيح، وردّها بعضهم. قال ابن أبي حاتم:((قلت لأبي: إذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك، فابن لهيعة يحتج به؟ قال: لا)) . اهـ.
وأما وصف الإمام أحمد ابن لهيعة بالضبط والإتقان كما في عبارته السابقة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فلعله عنى به في أول أمره، فقد روى عنه حنبل قال:((ما حديث ابن لهيعة بحجة، وإني لأكتب كثيرًا مما أكتب أعتبر به، وهو يَقوي بعضُه ببعض)) . اهـ.
والكلام في ابن لهيعة يطول، وأحسن من فصل في حاله - فيما أرى-: ابن حبان؛ حيث قال: ((كان شيخًا صالحًا، ولكنه كان يدلّس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه، ثم احترقت كتبه في سنة سبعين ومائة قبل موته بأربع سنين، وكان أصحابنا يقولون: إن سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة، فسماعهم صحيح، ومن سمع منه بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء، وكان ابن لهيعة من الكتّابين للحديث، والجمّاعين للعلم، والرحّالين فيه
…
قال أبو حاتم [أي ابن حبان] : قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودًا، وما لا أصل له من رواية المتقدّمين كثيرًا، فرجعت إلى الاعتبار، فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى عن أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فالتزقت تلك الموضوعات به
…
، وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه، ففيها مناكير كثيرة، وذاك أنه كان لا يبالي ما دفع إليه قراءة، سواء كان ذلك من حديثه أو غير حديثه. فوجب التنكُّب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه؛ لما فيها من الأخبار المدلّسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه؛ لما فيه مما ليس من حديثه)) . اهـ.
من "المجروحين"(2 / 11 - 14)، وانظر:"الجرح والتعديل"(5 / 145 - 148 رقم 682) ، و"الكامل" لابن عدي (4 / 1462 - 1472) ، و"التهذيب"(5 / 373 - 379 رقم 648) ، و"طبقات المدلسين"(ص142 رقم 140) .
وعليه فالحديث بمجموع حديثي عمران وأبي سعيد حسن لغيره، وقد حسّنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة"(1 / 2 / 117 رقم 257) .
46 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ
(1)
، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ، وَمَنْ قَرَأَ مِائَتَيْ آيَةٍ لَمْ يُحَاجِّهِ الْقُرْآنُ، وَمَنْ قَرَأَ خَمْسَمِائَةِ آيَةٍ أَصْبَحَ لَهُ قِنْطَارٌ (مِنَ)
(2)
الْأَجْرِ، وَالْقِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا
(3)
)).
(1)
هو حَزْم - بسكون الزاي - ابن أبي حزم القُطَعي - بضم القاف، وفتح الطاء -، أبو عبد الله البصري، روى عن الحسن البصري وعاصم الأحول وسليمان التيمي وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور وروى عنه أيضًا ابن المبارك ومعتمر بن سليمان ومسدّد وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وسبعين ومائة، وهو ثقة روى له البخاري كما في "الكاشف" للذهبي (1/ 215 رقم 1000)، ووثقه أحمد وابن معين والدراقطني. وقال أبو حاتم:((صدوق لا بأس به، هو من ثقات من بقي من أصحاب الحسن)). وقال النسائي: ((لا بأس به)). وذكره ابن شاهين في "الثقات".
وأما ابن حبان فشذّ، فذكره في "الثقات"، وقال:((يخطئ))، واعتمد ابن حجر على عبارته هذه، فقال في "التقريب":((صدوق يهم)). وجرح ابن حبان له غير مفسّر، وهو معارض بتوثيق هؤلاء الأئمة فلا يلتفت إليه.
انظر: "الجرح والتعديل"(3/ 294 رقم 1209)، و"سؤالات البرقاني" للدارقطني (ص 26 رقم 116)، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص 74 رقم 306)، و"التهذيب"(2/ 242 - 243 رقم 442)، و"التقريب"(ص 157 رقم 1190).
(2)
في الأصل: ((في))، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن الدارمي"، و"قيام الليل" لمحمد بن نصر.
(3)
في الأصل: ((12 ألفًا)).
[46]
سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله الحسن البصري.
وأخرجه الدارمي في "سننه"(2/ 334 - 335 رقم 3462) من طريق يونس، عن الحسن، به بلفظ: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آية لم يحاجّه القرآن تلك الليلة، =
47 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْبَصْرِيِّ
(1)
، عَنْ طَاوُسٍ
(2)
أَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ قِرَاءَةً مِنْ طَلْق بْنِ حَبِيبٍ
(3)
، وَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَسُئِلَ مَنْ أَقْرَأُ النَّاسِ؟ قَالَ:((مَنْ إِذَا سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ رَأَيْتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ عز وجل)).
= ومن قرأ في ليلة مائتي آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ، ومن قرأ في ليلة خمسمائة آية إلى الألف أصبح وله قنطار من الأجر))، قالوا: وما القنطار؟ قال: ((اثنا عشر ألفًا)).
وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(3/ 299 رقم 3525).
ومحمد بن نصر في "قيام الليل" كما في "المختصر"(ص 147 - 148).
وابن الضريس كما في "كنز العمال"(7/ 799 رقم 21463).
جميعهم بنحو لفظ الدارمي وزيادة قوله: ((وإن أصفر البيوت من الخير: بيت لا يقرأ فيه القرآن))، وفي "كنز العمال":((أصبح له قنطار في الجنة))، وليس فيه، ولا عند ابن نصر قوله:((اثنا عشر ألفًا))، وإنما قال:((دية أحدكم))، وفي "المطالب":((دية أحدكم اثنا عشر ألفًا)).
(1)
هو ابن أبي المُخَارق، ضعيف تقدمت ترجمته في الحديث رقم [28].
(2)
هو طاوس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن الحميري، مولاهم، الفارسي، يقال اسمه: ذكوان، وطاوس لقب، روى عن العبادلة الأربعة وأبي هريرة وعائشة وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الله وسليمان التيمي والزهري وعبد الكريم الجَزَري وعبد الكريم بن أبي المخارق وغيرهم، ومات سنة إحدى، وقيل: ست ومائة، وقيل غير ذلك، وهو ثقة فقيه فاضل، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 281 رقم 3009). قال ابن عباس:((إني لأظن طاووسًا من أهل الجنة)).
ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة. وقال ابن حبان: ((كان من عباد أهل اليمن، ومن سادات التابعين، وكان قد حجّ أربعين حجة، وكان مستجاب الدعوة)).
انظر: "الجرح والتعديل"(4/ 500 - 501 رقم 2203)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 234 رقم 720)، و"التهذيب"(5/ 8 - 10 رقم 14). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
(3)
هو طَلْق - بسكون اللام - ابن حبيب العَنَزي - بفتح المهملة والنون -، البصري، روى عن ابن عباس وابن الزبير وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وجابر وأنس وغيرهم، روى عنه طاوس والأعمش ومنصور وابن المعتمر وسليمان التيمي وغيرهم، ذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بعد التسعين إلى المائة من الهجرة، وهو ثقة عابد مرجئ. قال حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوبَ، قال لي سعيد بن جبير:((لا تجالسه)). قال حماد: ((وكان يرى الإرجاء)). وقال ابن سعد: ((كان مرجئًا، ثقة - إن شاء الله تعالى -)). وقال العجلي: ((بصري ثقة)). وقال أبو زرعة: ((ثقة، لكن كان يرى الإرجاء)). وقال أبو حاتم: ((صدوق في الحديث، وكان يرى الإرجاء)).
انظر: "الجرح والتعديل"(4/ 490 - 491 رقم 2157)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 237 رقم 729)، و"التهذيب"(5/ 31 - 32 رقم 49).
[47]
سنده ضعيف لضعف عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ واضطرابه في الحديث، وهو حسن لغيره كما سيأتي.
فالحديث له عن طاوس سبعة طرق:
1 -
طريق عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، وله عنه ثلاثة طرق:
أ- طريق سفيان بن عيينة، عنه، عن طاوس من قوله.
أخرجه المصنف هنا عن سفيان.
ب- طرق ابن جريج.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 488 رقم 4185) عنه، عن عبد الكريم، عن طاوس، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
، فذكره مرفوعًا بنحوه، إلا أنه نص على أن القائل:((ما سمعت قراءة أطيب من قراءة طلق ابن حبيب)) هو طاوس.
تنبيه: وقع في المصنف: (
…
من قراءة حبيب)، وعلق المحقق عليه بقوله: ((لعل الصواب: ابن حبيب، وهو عبد الله بن حبيب، أبو عبد الرحمن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= السلمي المقرئ المعروف)) . اهـ.
قلت: والصواب كما في هذا الحديث أنه طلق بن حبيب.
جـ- طريق مسعر، واختلف عليه.
فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 464 - 465 رقم 9694) من طريق أبي أسامة، عنه، عن عبد الكريم، عن طاوس، سئل: مَنْ أَقْرَأُ النَّاسِ؟ قَالَ: مَنْ إذا قرأ رأيته يخشى الله. قال: وكان طلق من أولئك.
هكذا أخرجه ابن أبي شيبة، إلا أن المحقق بعد قوله:(سئل) زاد: [النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم] . وذكر أن هذه الزيادة من "سنن الدارمي"، مع أن الدارمي أخرجه من غير طريق أبي أسامة كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (2 / 522) .
ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" كما في تخريج أحاديث "إحياء علوم الدين"(2 / 709) .
كلاهما من طريق وكيع، عن مسعر، عن عبد الكريم، عن طاوس، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً، ولم يذكر قوله:((عن طلق بن حبيب)) .
وكذا أخرجه الدارمي في "سننه"(2 / 338 رقم 3492) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 110 - 111 رقم 1959) .
كلاهما من طريق جعفر بن عون، عن مسعر، به نحو سابقه.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(2 / 693) ، وأبو نعيم في "الحلية"(4 / 19) ، وفي "أخبار أصبهان"(2 / 90) .
والبيهقي في "الشعب"(5 / 109 - 110 رقم 1958) .
ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، عن مسعر، عن عبد الكريم، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعًا بنحو سابقه.
وأخرجه البزار في "مسنده"(3 / 98 رقم 2336 /"كشف الأستار") .
وابن أبي داود في كتاب "الشريعة" كما في "تخريج أحاديث الإحياء"(2 / 709) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين"(ل 181 / أ) .
وابن عدي في "الكامل"(2 / 693) .
وتمام في "فوائده"(ص817 رقم 1449) .
والخطيب في "تاريخه"(3 / 208) .
جميعهم من طريق حميد بن حماد بن خُوار، عن مسعر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً، بنحو سابقه.
قال البزار عقبة: ((لم يتابع حميد على روايته هذه، إنما يرويه مسعر، عن عبد الكريم، عن مجاهد مرسلاً ومسعر لم يحدّث عن عبد الله بن دينار بشيء، ولم نسمع هذا إلا من محمد بن معمر، أخرجه إلينا من كتابه)) .
وقال ابن عدي: ((وهذا عن مسعر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، لم يروه إلا حُميد بن حماد هذا، وقد روي هذا الحديث عن مسعر لون آخر (كذا) ، عن عبد الكريم المعلِّم، عن طاوس، سئل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم - مرسل....)) ، ثم أخرجه من طريق إسماعيل بن عمرو، عن مسعر كما سبق، ثم قال:((والروايتان جميعًا غير محفوظتين، والصحيح مرسل عن طاوس، قال: سئل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، رواه أبو أسامة ومحمد بن بشر وشعيب بن إسحاق وغيرهم، عن مسعر مرسلاً)) . اهـ.
وقال الخطيب: ((تفرد بروايته ابن خُوار، وخالفه إسماعيل بن عمرو، عن مسعر، عن عبد الكريم، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)) .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7 / 170) : ((فيه حميد بن حماد بن خوار (في الأصل: حوار) وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ، وبقية رجال البزار رجال الصحيح)) .
قلت: من خلال النظر في طرق الحديث عن مسعر يتضح أنه روي عنه على أربعة أوجه: فأبو أسامة رواه عنه على أنه من قول طاوس كما عند المصنف هنا. ووكيع وجعفر بن عون روياه عنه، به إلى طاوس مرسلاً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وإسماعيل بن عمرو البجلي رواه عنه، به إلى طاوس، عن ابن عباس مرفوعًا.
وحميد بن حماد رواه عنه، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعًا.
أما روايتا إسماعيل وحميد فلا يلتفت إليهما، لضعفهما ومخالفتهما لمن هو أوثق منهما.
فإسماعيل بن عمرو بن نجيح البجلي، الكوفي، ثم الأصبهاني يروي عن سفيان الثوري والأعمش ومسعر وغيرهم، روى عنه عبيد بن الحسن الغزال والفضل بن أحمد وعبد السلام بن حرب، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائتين، وهو ضعيف؛ ضعفه أبو حاتم والدارقطني وابن عدي، وزاد:((له عن مسعر غير حديث منكر لا يتابع عليه)) . وقال الأزدي: ((منكر الحديث)) .
وقال العقيلي: ((في حديثه مناكير، ويحيل على من لا يحتمل)) . وقال أبو الشيخ: ((غرائب حديثه تكثر)) . وقال الخطيب: ((صاحب غرائب ومناكير عن الثوري وغيره)) . وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:((يغرب كثيرًا)) . وذكره إبراهيم بن أَوَرْمَة فأحسن الثناء عليه.
انظر: "الضعفاء والمتروكين" للعقيلي (1 / 86) ، والثقات لابن حبان (8 / 100) ، و"الكامل" لابن عدي (1 / 316 - 317) ، و"الميزان"(1 / 239 رقم 922) ، و"اللسان"(1 / 425 - 426 رقم 1323) .
وحُميد بن حمّاد بن خُوار - بضمّ المعجمة وتخفيف الواو -، ويقال: ابن أبي الخوار، التميمي، أبو الجَهْم، يروي عن الأعمش وسماك بن حرب والثوري ومسعر وغيرهم، روى عنه أبو كريب ومحمود بن غيلان وزيد بن الحباب وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين، وهو ليّن الحديث كما في "التقريب" (ص181 رقم 1543) . فقد ضعفه أبو داود وابن قانع. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:((ربما أخطأ)) . وقال ابن عدي: ((يحدث عن الثقات بالمناكير)) ، وفي موضع آخر قال:((قليل الحديث، وبعض حديثه على قلّته لا يتابع عليه)) ، وقال الدارقطني:((يعتبر به)) .
انظر: "الثقات" لابن حبان (8 / 196 - 197) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 693 - 694) ، و"التهذيب"(3 / 37 - 38 رقم 64) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعليه فيبقى الخلاف بين رواية أبي أسامة، وبين رواية وكيع وجعفر بن عون، وهو خلاف يسير، والراجح رواية وكيع وجعفر، كلاهما عن مِسْعَر، عن عبد الكريم، عن طاوس مرسلاً، فكل من وكيع وجعفر قد تابع الآخر، ووكيع بمفرده أوثق من أبي أسامة، وثلاثتهم ثقات.
أما أبو أسامة، فاسمه حماد بن أسامة القرشي مولاهم، الكوفي، المشهور بكنيته، روى عن هشام بن عروة وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش وسفيان الثوري وشعبة ومِسْعَر بن كِدَام وغيرهم، روى عنه الإمامان الشافعي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى ومائتين وهو ابن ثمانين سنة، وهو ثقة ثبت، متفق على الاحتجاج به، إلا أنه ربما دلّس، لكنه يبيّن تدليسه، وقد أورده الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين"، وهم من احتمل الأئمة تدليسه. وقد وثقه ابن معين والعجلي، وقال ابن سعد:((كان ثقة مأمونًا كثير الحديث، يدلّس ويبيّن تدليسه، وكان صاحب سنة وجماعة)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(3 / 132 - 133 رقم 600) ، و"التهذيب"(3 / 2 - 3 رقم 1) ، و"التقريب"(ص177 رقم 1487) ، و"طبقات المدلسين"(ص59 رقم 44) .
وقد قيل: إن سفيان الثوري قال: ((إني لأعجب، كيف جاز حديث أبي أسامة! كان أمره بيِّنًا، كان من أسرق الناس لحديث جيّد)) .
وأورد الذهبي أبا أسامة هذا في "ميزان الاعتدال"(1 / 588 رقم 2235) ، وذكر هذا القول المرويّ عن سفيان، وذكر أنه روي بدون إسناد، ثم قال:((قلت: أبو أسامة لم أورده لشيء فيه، ولكن ليعرف أن هذا القول باطل. وقد روى عنه أحمد وعلي وابن معين وابن راهويه. وقال أحمد: ثقة من أعلم الناس بأمور الناس وأخبارهم بالكوفة، وما كان أرواه عن هشام، وما كان أثبته! لا يكاد يخطئ)) . اهـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ووكيع بن الجّراح بن مَليح الرُّؤاسي- بضم الراء، وهمزة، ثم مهملة -، أبو سفيان، الكوفي، روى عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد وهشام بن عروة والأعمش وسفيان الثوري وشعبة ومسعر بن كدام وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي والإمام أحمد وعلي بن المديني ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان وعشرين ومائة، ووفاته سنة ست وتسعين ومائة، وهو ثقة حافظ عابد روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص581 رقم 7414) . قال الإمام أحمد:((ما رأيت أوعى للعلم من وكيع، ولا أحفظ منه)) . وقال أيضًا: ((كان مطبوع الحفظ. وكان وكيع حافظًا حافظًا، وكان أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي كثيرًا كثيرًا)) .
وقال ابن معين: ((والله ما رأيت أحدًا يحدّث لله تعالى غير وكيع، وما رأيت أحفظ منه، ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا عاليًا، رفيع القدر، كثير الحديث، حجّة)) . وقال العجلي: ((كوفي ثقة عابد صالح أديب، من حفّاظ الحديث، وكان يفتي)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((كان خيرًا، فاضلاً، حافظًا)) . وقال ابن حبان: ((كان حافظًا متقنًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(1 / 219 - 232) ، (9 / 37 - 39 رقم 168) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1463 - 1464) ، و"تهذيب التهذيب"(11 / 123 - 131 رقم 211) .
وأما جعفر بن عون بن عمرو بن حُريث المخزومي، فإنه يروي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ والأعمش وهشام بن عروة ومسعر بن كدام وغيرهم، وروى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعبد بن حميد وابنا أبي شيبة والحسن بن علي الحلواني وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست ومائتين، وقيل: سبع ومائتين وهو ابن سبع وثمانين سنة، وقيل: سبع وتسعين سنة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "الكاشف"(1 / 185 رقم 805) . فقد وثقه ابن معين وابن قانع، وذكره ابن حبان وابن شاهين في "الثقات". وقال الإمام أحمد:((ليس به بأس، كان رجلاً صالحًا)) . وقال أبو حاتم: ((صدوق)) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= انظر: "الجرح والتعديل"(2 / 485 رقم 1981) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (5 / 71) ، و"التهذيب"(2 / 101 رقم 153) .
2 و 3- طريقا ابن طاوس، والحسن بن مسلم، كلاهما عن طاوس.
أخرجهما أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص98 رقم 230) ، من طريق سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابن طاوس، عن أبيه، وعن الحسن بن مسلم، عن طاوس، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
، فذكره بنحوه، ولم يذكر قوله عن طلق. وسند هذا الطريق ضعيف.
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث رقم [9] أنه مدلس، وقد عنعن هنا. ومع ذلك فهو مرسل.
4-
طريق رجل مبهم، عن طاوس.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص37 رقم 113) من طريق عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن رجل، عن طاوس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَسْمَعُ القرآن من رجل أشهى منه ممن يخشى الله عز وجل) .
وهذا سند ضعيف لإبهام الراوي عن طاوس، وإرساله.
5-
طريق اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ طاوس.
أخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص98 رقم 231) .
وفي "غريب الحديث"(2 / 141) .
في كلا الموضعين من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن ليث، عن طاوس، قال:((أحسن الناس صوتًا بالقرآن: أخشاهم لله تعالى)) .
وسنده ضعيف.
ليث بن أبي سليم تقدم في الحديث رقم [9] أنه اختلط، فتُرك حديثه.
6-
طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ.
أخرجه الطبراني في "الكبير"(11 / 7 رقم 10852) من طريق ابن لهيعة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طاوس، عن ابن عباس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ((إن أحسن الناس قراءة: من إذا قرأ يتحزن)) .
ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(4 / 19) .
قال الهيثمي في "المجمع"(7 / 170) : ((فيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث، وفيه ضعف)) .
قلت: ابن لهيعة تقدم في الحديث رقم [45] أنه ضعيف ومدلس، وقد عنعن هنا، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله.
وقد خالف الطبراني ابن إشكيب، فإن الطبراني روى هذا الحديث عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح المصري، عن أبيه، عن ابن لهيعة هكذا.
وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"(2 / 58) من طريق ابن إشكيب، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري، ثنا أبي، ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن يزيد، عن ابن شهاب عن عروة، عن عائشة مرفوعًا:((إن أحسن الناس قراءة: الذي قرأ رُئيت أنه يخشى الله)) .
والأرجح رواية الطبراني، فإنه إمام مشهور.
وأما سعيد بن إشكيب بن كوفي بن رُسْته، فله ترجمة في "أخبار أصبهان"(1 / 328) ، ولم يذكر فيه أبو نعيم جرحًا ولا تعديلاً.
والراوي عنه سعيد بن يعقوب بن سعيد أبو عثمان القرشي السّراج، ذكره أبو نعيم أيضًا في الموضع السابق (1 / 330) ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً.
7-
طريق سليمان الأحول، عن طاوس.
أخرجه عبد بن حميد في "مسنده"(2 / 35 رقم 800 / المنتخب) .
ومحمد بن نصر في "قيام الليل"(ص122 / المختصر) .
وابن أبي داود في كاب "الشريعة" كما في "تخريج الإحياء"(2 / 709) .
ثلاثتهم من طريق مرزوق أبي بكر، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قيل له: أي الناس أحسن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قراءة؟ قال: ((الذي إِذَا سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ رَأَيْتَ أَنَّهُ يخشى الله عز وجل) .
قلت: وكون الراوي عن طاوس هنا هو سليمان الأحول فيه نظر؛ فإن رواية ابن نصر ليس فيها التصريح بأنه سليمان، وإنما جاءت هكذا:(عن الأحول) ، ورواية ابن أبي داود لم تذكر بتمامها في المرجع السابق، والتصريح بأنه سيلمان إنما هو في رواية عبد بن حميد، والذي يدعو للتوقف أن مرزوقًا الباهلي أبا بكر إنما يروي عن عاصم الأحول كما في "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1315) ، و"تهذيب التهذيب"(10 / 86 رقم 151) .
وسواء كان سليمان، أو عاصمًا، فهما ثقتان بحمد الله، وهذا الطريق هو أحسن طرق الحديث.
أما سليمان فهو ابن أبي مسلم المكي الأحول، يروي عن طارق بن شهاب وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وأبي سلمة بن عبد الرحمن وطاوس وغيرهم، روى عنه ابن جريج وشعبة وسفيان بن عيينة وغيرهم، وهو ثقة ثقة، قاله أحمد. ووثقه ابن عيينة وابن معين وأبو حاتم وأبو داود والنسائي والعجلي وابن وضاح، وذكره ابن حبان وابن شاهين في "الثقات"، وروى له الجماعة.
انظر: "الجرح والتعديل"(4 / 143 رقم 620) ، و"التهذيب"(4 / 218 رقم 368) ، و"التقريب"(ص254 رقم 2608) .
وأما عاصم فهو ابن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، روى عن أنس وعبد الله بن سَرْجِس وأبي مجلز لاحق بن حميد والحسن البصري وغيرهم، روى عنه سليمان التيمي وداود بن أبي هند ومعمر وشعبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، لم يتكلم فيه سوى يحيى القطان، فكأنه بسبب دخوله في الولاية. فقد وثقه أحمد وابن معين وابن المديني وأبو زرعة والعجلي وابن عمار والبزار. وكان يحيى القطان يضعفه ويقول:((لم يكن بالحافظ)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(6 / 343 - 344 رقم 1900) ، و"تهذيب الكمال" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= المطبوع (13 / 486) ، و"تهذيب التهذيب"(5 / 42 - 43 رقم 73) ، و"التقريب"(ص285 رقم 360) .
وأما مرزوق الباهلي، أبو بكر البصري مولى طلحة، فإنه يروي عن عاصم الأحول وزيد بن أسلم وقتادة ومحمد بن المنكدر وأبي الزبير وغيرهم، روى عنه جعفر بن سليمان ومعتمر بن سليمان وأبو داود الطيالسي وأبو نعيم وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص525 رقم 6555) . قال أبو زرعة:((ثقة)) . وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((يخطئ)) . وقال ابن خزيمة: ((أنا بريء من عهدته)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(8 / 264 رقم 1204) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 487) ، و"التهذيب"(10 / 86 - 87 رقم 151) .
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، وجابر، ومن حديث الزهري مرسلاً.
1-
أما حديث ابن عباس فأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(3 / 317) من طريق أحمد بن عمر الوكيعي، ثنا قبيصة، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سئل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحسن قراءة؟ قال: ((إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله)) .
قال أبو نعيم: ((هذا حديث غريب من حديث الثوري، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، انفرد به أحمد بن عمر، عن قبيصة)) .
قلت: وعلى فرض ثبوته عن الثوري، فإنه ضعيف لأن ابن جريج مدلِّس ولم يصرح بالسماع، مع أن في ثبوته عن الثوري نظر، فالراوي عن الوكيعي هو العباس بن أحمد بن الحسن بن يزيد، أبو الفضل الوشّاء، يعرف بالمحب، قال عنه إسماعيل بن علي الخطبي:((كان من الدارسين للقرآن)) ، وقال الخطيب:((كان أحد الشيوخ الصالحين)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين ومائتين.
انظر: "تاريخ بغداد"(12 / 151 رقم 6613) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فهذا الراوي لم يوثق، ومجرد وصفه بالصلاح ودراسة القرآن لا يفيد الضبط، وإنما يفيد العدالة، والصالحون تلتبس عليهم الأحاديث لانشغالهم بالعبادة عن حفظها، وهذا الحديث مما يناسب حال هذا الراوي، وأخشى أن يكون غلط فيه، وصوابه: (قبيصة، عن سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابن طاوس، عن أبيه، وعن الحسن بن مسلم، عن طاوس، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
) الحديث، هكذا رواه أبو عبيد في "فضائله" عن قبيصة، وتقدم ذكر الحديث من هذا الطريق في الطريقين رقم (2 و 3) .
2-
وأما حديث جابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحسن الناس صوتًا بالقرآن: الذي إذا سمعتموه يقرأ، حسبتموه يخشى الله)) .
فأخرجه ابن ماجه في "سننه"(1 / 425 رقم 1339) . واللفظ له.
والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص161 رقم 83) .
وابن أبي داود في "الشريعة" كما في "تخريج أحاديث الإحياء"(2 / 708) .
جميعهم من طريق عبد الله بن جعفر المديني، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مُجمِّع، عن أبي الزبير، عن جابر، به.
قال البوصيري، في "الزوائد" (1 / 435 - 436) :((هذا إسناد ضعيف لضعف إبراهيم بن إسماعيل بن مُجَمِّع، وعبد الله بن جعفر)) .
3-
وأما مرسل الزهري، فأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص37 - 38 رقم 114)، فقال: أخبرنا يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قال: بلغنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحسن الناس صوتًا بالقرآن: الذي إذا سمعته يقرأ أُريت أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ عز وجل) .
ومن طريق ابن المبارك أخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص163 رقم 84) .
ويونس بن يزيد هو ابن أبي النَّجاد الأَيْلي - بفتح الهمزة، وسكون التحتانية، بعدها لام -، أبو يزيد مولى آل أبي سفيان، يروي عن =
48 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي السَّفَر
(1)
، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: ((إِنَّا قَوْمٌ أُوتِينَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نُؤْتَى الْقُرْآنَ، وَإِنَّكُمْ قَوْمٌ أُوتِيتُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تؤتوا الإيمان)).
= الزهري ونافع مولى ابن عمر وهشام بن عروة وعكرمة وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك والليث بن سعد والأوزاعي وغيرهم، وكانت وفاته بصعيد مصر سنة تسع وخمسين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، إلا أن في روايته عن الزهري وهمًا قليلاً، وفي غير الزهري خطأ. فقد وثقه أحمد مطلقًا وابن معين والعجلي والنسائي ويعقوب بن شيبة والجمهور، واحتج به الجماعة. وقال وكيع:((سيء الحفظ)). قوال الميموني سئل أحمد: من أثبت في الزهري؟ قال: معمر، قيل: فيونس؟ قال: روى أحاديث منكرة، وقال ابن سعد:((كان كثير الحديث، وليس بحجة، وربما جاء بالشيء المنكر)). وقال الحافظ ابن حجر عنه: ((ثقة حافظ)). وقال أيضًا: ((وثقه الجمهور مطلقًا، وإنما ضعفوا بعض روايته حيث يخالف أقرأنه، أو يحدث من حفظه، فإذا حدث من كتابه فهو حجّة)). وعدّ الذهبي جرح وكيع وابن سعد شذوذًا، وقال عنه:((ثقة حجة)).
انظر: "الجرح والتعديل"(9/ 247 - 249 رقم 1042)، و"الميزان"(4/ 484 رقم 9924)، و"هدي الساري"(ص 455)، و"فتح الباري"(3/ 551)، و"التهذيب"(11/ 450 - 452 رقم 769)، و"التقريب"(ص 614 رقم 7919).
وبالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق يصل لدرجة الحسن لغيره - إن شاء الله -، والله أعلم.
(1)
هو سعيد بن يُحْمِد - بضم الياء التحتانية، وكسر الميم -، أبو السَّفَر - بفتح المهملة والفاء-، الهَمْداني، الثوري، الكوفي، روى عن ابن عباس وعبد الله بن عُمر وعبد الله بن عَمرو والبراء بن عازب وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وإسماعيل بن أبي خالد ومُطَرِّف بن طريق والأعمش وشعبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص242 رقم 2413) . فقد وثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان، وقال أبو حاتم:((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عبد البر:((أجمعوا على أنه ثقة فيما روى وحمل)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(4 / 73 رقم 307) ، و"التهذيب"(4 / 96 - 97 رقم 162) .
وأبو السفر يروي الحديث هنا عن حذيفة بن اليمان، ولم أجد له عنه رواية في غير هذا الموضع، ولا من نصّ على أنه سمع منه، ولا أظنه سمع منه، فالفرق بين وفاتيهما يقرب من سبع وسبعين سنة، وفي الموضع السابق من "التهذيب" النص على أن روايته عن أبي الدرداء مرسلة، ونقل الحافظ ابن حجر في نهاية ترجمته عن الترمذي قوله:((لا أعرف له سماعًا من أبي الدرداء)) ، ثم عقّب ابن حجر على قول الترمذي بقوله:((ما أظنه أدركه، فإن أبا الدرداء قديم الموت)) . اهـ.
قلت: ووفاة حذيفة قريبة من وفاة أبي الدرداء، أما حذيفة فوفاته كانت ست وثلاثين للهجرة، وأما أبو الدرداء، فقيل سنة أربع، وقيل ثلاث، وقيل اثنتين وثلاثين.
انظر: "التهذيب"(2 / 220) و (8 / 176) .
[48]
الحديث سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف للانقطاع بين أبي السفر وحذيفة، لكنه حسن لغيره بالمتابعة الآتية، وصحيح لغيره بما سيأتي له من شواهد.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه"(3 / 120) في الصلاة، باب: البيان أنه إنما قيل: يؤمّهم أقرؤهم، أخرجه من طريق المصنّف به مثله سواء.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(15 / 19 رقم 18985)، فقال: حدثنا عبد الله بن نمير، قال: حدثنا الصلت بن بهرام، قال: أخبرنا المنذر بن هوذة، عن خرشة، أن حذيفة دخل المسجد، فمر على قوم يقرئ بعضهم بعضًا، فقال: إن تكونوا على الطريقة، لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، وإن تدعوه فقد ضللتم. قال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثم جلس إلى حلقة، إنا كنا قومًا آمنا قبل أن نقرأ، وإن قومًا سيقرأون قبل أن يؤمنوا. فقال رجل من القوم: تلك الفتنة، قال: أجل، قد أتتكم من أمامكم حيث تسوء وجوهكم، ثم لتأتينكم ديمًا ديمًا، إن الرجل ليرجع، فيأتمر الأمرين: أحدهما عجز، والآخر فجور. قال خرشة: فما برحت إلا قليلاً حتى رأيت الرجل يخرج بسيفه يستعرض الناس.
وسنده ضعيف لجهالة منذر بن هوذة، فإنه لم يرو عنه سوى الصلت بن بهرام، وقد ذكره البخاري في "تاريخه"(7 / 357 رقم 1543) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم (8 / 242 رقم 1096) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"(7 / 480) .
ومن طريق الصلت أخرجه الهروي في "ذم الكلام"(2 / ل 68 / ب - 269 / أ) ، مختصرًا.
وقد ورد نحو هذا من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا، وموقوفًا على عبد الله بن عمر وجندب بن عبد الله رضي الله عنهم.
1-
أما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2 / 172) وتمام في "فوائده كما في الروض البسام"(1 / 92 رقم 22) .
كلاهما من طريق ابن لهيعة، عن حُيَيّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عب الرحمن الحُبُلي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني أقرأ القرآن، فلا أجد قلبي يعقل عليه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إن قلبك حشي الإيمان، وإن الإيمان يعطى العبد قبل القرآن)) .
هذا سياق الإمام أحمد، ونحوه سياق تمام، إلا أنه ليس في سنده ذكر لأبي عبد الرحمن الحبلي.
والحديث من هذا الطريق لضعف ابن لهيعة كما في ترجمته في الحديث رقم [45] .
2-
أما حديث عبد الله بن عمر، فيرويه: القاسم بن عوف البكري، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر يقول: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قبل القرآن، وتنزل السورة على مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها، كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، وينثره نثر الدقل. اهـ.
أخرجه النّحاس في "القطع والائتناف"(ص87) .
وابن منده في "الإيمان"(2 / 369 - 370 رقم 207) .
والحاكم في "المستدرك"(1 / 35) .
والهروي في "ذم الكلام"(2 / ل 269 / أ) .
والبيهقي في "سننه"(3 / 120) في الصلاة، باب البيان أنه إنما قيل: يؤمّهم أقرؤهم.
جميعهم من طريق عبد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن زيد بن أبي أنسية، عن القاسم، به، واللفظ للنحاس، ونحوه لفظ الباقين، إلا أن الهروي لم يذكر قوله: ((وتنزل السورة
…
)) إلخ.
قال ابن منده: ((هذا إسناد صحيح على رسم مسلم والجماعة، إلا البخاري)) .
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علّة، ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
3-
وأما حديث جندب بن عبد الله، فلفظه:((كنا غلمانًا حزاورة مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فيُعلِّمنا الإيمان قبل القرآن، ثم يعلمنا القرآن، فازددنا به إيمانًا، وإنكم اليوم تعلّمون القرآن قبل الإيمان)) .
أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان"(ل 142 / أ) .
وابن ماجه في "سننه"(1 / 23 رقم 61) في المقدمة، باب: في الإيمان.
وابن منده في "الإيمان"(2 / 370 رقم 208) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
جميعهم من طريق وكيع، عن حماد بن نجيح، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْني، عَنْ =
49 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر
(1)
، عَنْ مَعْن
(2)
، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ((مَا خَيَّب اللَّهُ بَيْتًا أَوَى إِلَيْهِ امْرؤٌ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، أَوْ آلِ عِمْرَانَ، أو بعض صواحبهن)).
= جندب، به، واللفظ البيهقي، ولفظ الباقين نحوه، إلا أنهم لم يذكروا قوله:((وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان)).
وأخرجه ابن منده أيضًا من طريق أبي عامر العَقَدي، عن حماد، به مقرونًا بالرواية السابقة، وذكر أن عبد الصمد وغيروه رووه أيضًا عن حماد، ثم قال ابن منده:((البخاري استشهد بحمّاد هذا وهو صالح)).
وذكر ابن ماجه في سياقه أن حمادًا هذا ثقة.
وقال البوصيري في "الزوائد"(1/ 55): ((هذا إسناد صحيح رجاله ثقات)).
وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه السابقة، عدا حديث عبد الله بن عمرو المرفوع فلا يصح، والله أعلم.
(1)
هو مسعر بن كِدَام - بكسر أوله، وتخفيف ثانيه - ابن ظَهير الهلالي، أبو سلمة الكوفي، روى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وأبي إسحاق السبيعي والأعمش ومنصور بن المعتمر ومعن بن عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه ابن المبارك ووكيع ويحيى القطان وأبو نعيم وسفيان بن عيينة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث أو خمس وخمسين ومائة، وهو ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 528 رقم 6605). قال يحيى بن سعيد القطان:((ما رأيت مثل مسعر، كان مسعر من أثبت الناس)). وقال شعبة: ((كنا نسمى مسعرًا المصحف)). وقال أحمد: ((كان ثقة خياراً، حديثه حديث أهل الصدق)). وقال ابن عمار: ((حجة، ومن كان بالكوفة مثله؟)). وقال العجلي: ((كوفي ثقة ثبت في الحديث)). ووثقه ابن معين وأبو زرعة.
"الجرح والتعديل"(8/ 368 - 369 رقم 1685)، و"التهذيب"(10/ 113 - 115 رقم 209). =
50-
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: أَتَى عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَوْصِنِي، فَقَالَ:((إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {يَا أَيُّهَا الذين آمنوا} ، فَأَصْغِ لَهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ، أَوْ شَرٌّ تُصْرَفُ عنه)) .
= هو مَعْن بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود الهُذلي، المسعودي، الكوفي، أبو القاسم القاضي، روى عن أبيه وأخيه القاسم وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وغيرهم، روى عنه الليث بن أبي سُليم وعبد الرحمن بن عبد الله روى له الشيخان كما في "التقريب"(ص542 رقم 6819) . فقد وثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان وابن سعد، وزاد:((قليل الحديث)) . وقال أبو حاتم: ((صالح)) .
وقال العجلي: ((كان على قضاء الكوفة، وكان صارمًا، عفيفًا، مسلمًا، جامعًا للعلم)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(8 / 277 رقم 1270) ، و"التهذيب"(10 / 252 رقم 451) .
قلت: ورواية معن، عن جده عبد الله بن مسعود منقطعة، فإنه لم يدركه، بل إن أباه عبد الرحمن في سماعه من أبيه عبد الله بن مسعود خلاف؛ لأنه توفي ولعبد الرحمن من العمر نحو ست سنين.
انظر: "جامع التحصيل"(ص272) ، و"التهذيب"(6 / 215 - 216) .
[49]
سنده ضعيف للانقطاع بين معن وجده عبد الله بن مسعود.
[50]
سنده ضعيف لانقطاعه، فمسعر بن كدام لم يسمع من أحد من الصحابة، وإنما هو من طبقة أتباع التابعين، ذكره ابن حبان في "ثقاته"(7 / 507) منهم، وقد خالف ابنُ المبارك سفيانَ كما سيأتي، فرواه عن مسعر، عن عون ومعن، أو أحدهما.
والحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 10 رقم 1886) من طريق المصنف: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سمعت مسعر بن كدام يقول: قال رجل لعبد الله بن مسعود: أَوْصِنِي، قَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ عز وجل =
51 -
[ل 107/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ
(1)
، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(2)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ:((اقْرَأْ عَلَيَّ))، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! فَقَالَ:((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِي))، فَقَرَأَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}
(3)
، فَاسْتَعبَرَ
(4)
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمسَكَ عَبْدُ اللَّهِ.
= يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ، فأصغ إليها سمعك، فإنه خير توصى به، أو سوء تصرف عنه.
وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد"(ص 12 - 13 رقم 36) فقال: أخبرنا مسعر، قال: حدثني عون ومعن، أو أحدهما، أن رجلاً أتى عبد الله بن مسعود، فقال: اعهد إليّ، فقال
…
، فذكره بنحوه.
ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"(2/ 2).
والصواب في الحديث أنه عن مسعر، عن معن، عن ابن مسعود، هكذا أخرجه الإمام أحمد في "الزهد"(ص 231 رقم 864) عن وكيع، عن مسعر، فوافق فيه ابن المبارك، وأزال الشك في كونه عن معن، أو عون.
والحديث منقطع أيضًا من هذا الطريق، فمعن تقدم في الحديث السابق أنه لم يدرك جده عبد الله بن مسعود.
وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 130) من طريق الإمام أحمد، به.
والحديث سيعيده المصنف في تفسير سورة المائدة، برقم [848] من نفس الطريق.
(1)
هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، الكوفي، المسعودي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وأبي إسحاق الشيباني وعلقمة بن مرثد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والقاسم بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود وغيرهم، روى عنه السفيانان وشعبة وهم من أقرانه وجعفر بن عون وأبو داود الطيالسي وأبو نعيم ووكيع وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وستين ومائة، هو ثقة اختلط قبل موته، وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، وروايته عن القاسم ومعن وعون وشيوخه الكبار أعدل من روايته عن غيرهم، وقد أطلق القول بتوثيقه عدد من الأئمة منهم: ابن معين، وأحمد، وابن نمير، وابن سعد، ويعقوب بن شيبة، والعجلي، وابن خراش، وجميعهم وصفه بأنه اختلط بآخرة، ونص أحمد على أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فقبل الاختلاط. وممن سمع منه بعد الاختلاط: يزيد بن هارون، وحجاج بن محمد الأعور، وعاصم بن علي، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد.
وممن سمع منه قبل الاختلاط: وكيع، وأبو نعيم، ويحيى بن سعيد القطان، وأمية بن خالد، وبشر بن المفضل، وجعفر بن عون، وخالد بن الحارث، وسفيان ابن حبيب، وسفيان الثوري، أبو قتيبة سَلْم بن قتيبة وطلق بن غنام، وعبد الله بن رجاء، وعثمان بن عمر بن فارس، وعمرو بن مرزوق، وعمرو بن الهيثم، والقاسم بن معن بن عبد الرحمن، ومعاذ بن معاذ العنبري، والنضر بن شميل، ويزيد بن زريع.
قلت: وهذا ما وجدت ممن نُصّ على أنه سمع منه قبل الاختلاط، وينبغي أن يلحق بهم سفيان بن عيينة الراوي عنه هنا، فإنه من أقرانه، وقد قال محمد بن عبد الله بن نمير:((ما روى عنه الشيوخ مستقيم)) . وقال ابن سعد: ((رواية المتقدمين عنه صحيحة)) . وروايته هنا عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وهي مما أثنى عليه العلماء؛ قال ابن المديني:((كان ثقة، إلا أنه كان يغلط فيما روى عن ابن بهدلة وسلمة، وما روى عن القاسم ومعن صحيح)) . وقال ابن معين: ((كان يغلط ويخطئ فيما يروي عن شيوخه الصغار، كعاصم، وسلمة، والأعمش، بخلاف ما يروي عن الكبار)) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال أيضًا: ((أحاديثه عن الأعمش مقلوبة، وأحاديثه عن القاسم، وعن عون صحيحة)).
انظر: "الجرح والتعديل"(5/ 250 - 252 رقم 1197)، و"الميزان"(2/ 574 - 575 رقم 4907)، و"التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح" للعراقي (ص 452 - 454)، و"التهذيب"(6/ 210 - 212 رقم 427)، و"الكواكب النيرات وحاشيته"(ص 282 - 298).
(2)
هو القاسم بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود المسعودي، أبو عبد الرحمن الكوفي، روى عن أبيه وعن ابن عمر وجابر بن سمرة ومسروق بن الأجدع وغيرهم، روى عنه أخوه معن وعبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة وأخوه أبو العُميس عتبة بن عبد الله بن عتبة وأبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني ومسعر بن كدام وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة ست عشرة ومائة، وهو ثقة عابد كما في "التقريب" (ص 450 رقم 5469). قال ابن عيينة: قلت لمسعر: من أثبت من أدركت؟ قال: ((القاسم بن عبد الرحمن وعمرو بن دينار)). ووثقه ابن معين، وابن خراش، وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث)).
وقال العجلي: ((كان ثقة رجلاً صالحًا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(7/ 112 رقم 647)، و"التهذيب"(8/ 321 - 322 رقم 579).
قلت: وفي الموضع السابق من "التهذيب" النص على أن روايته عن جده عبد الله بن مسعود مرسلة، وهذه منها.
(3)
الآية: (41) من سورة النساء.
(4)
من العَبْرة وهي تَحلُّب الدمع.
"النهاية"(3/ 171).
[51]
الحديث ضعيف بهذا الإسناد للانقطاع بين القاسم بن عبد الرحمن وجده عبد الله بن مسعود، وهو صحيح لغيره بما يأتي من الطرق.
فالحديث له عن ابن مسعود رضي الله عنه ثمانية طرق: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 1- طريق القاسم بن عبد الرحمن الذي أخرجه المصنف هنا.
وتابع المصنف عليه الحميدي، فأخرجه في "مسنده"(1 / 55 رقم 101) عن سفيان بنحوه.
2-
طريق أبي الضحى، وهو الآتي برقم [52] .
3-
طريق عبيدة السلماني، وهو الآتي برقم [53] ، وهو مخرج في الصحيحين.
4-
طريق أبي حيان الأشجعي، وهو الآتي برقم [56] .
5-
طريق علقمة، وسيأتي ذكره في تخريج الحديث رقم [53] .
6-
طريق أبي زرين مسعود بن مالك.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 374) .
وأبو يعلى في "مسنده"(9 / 254 - 255 رقم 5375) .
والطبراني في "الكبير"(9 / 80 رقم 8466) .
أما الإمام أحمد والطبراني فمن طريق هشيم، وأما أبو يعلى فمن طريق جرير، كلاهما عن مغيرة، عن أبي رزين، به نحوه.
7-
طريق زر.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 564 رقم 10354) .
والنسائي في "الفضائل"(ص109 رقم 102) .
والطبراني في "الكبير"(9 / 78 رقم 8459) .
ثلاثتهم من طريق حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود، به نحوه.
8-
طريق عبد الأعلى القاصّ، عمن أخبره، عن ابن مسعود.
أخرجه أبو يوسف في كتاب "الآثار"(ص46 رقم 234) من طريق أبي حنيفة، عن عبد الأعلى، به نحوه، إلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طلب من ابن مسعود قراءتها ثلاث مرات، وفي جميعها يبكي، حين يصل إلى هذه الآية.
52 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (أَبُو)
(1)
الأحْوَص
(2)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ
(3)
، عَنْ أَبِي الضُّحى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِعَبْدِ اللَّهِ:((اقْرَأْ))، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَقْرَأُ عَلَيَكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ:((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِي)) وَافْتَتَحَ عَبْدُ اللَّهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، وقرأ:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} ، ذَرَفَت عيناه
(4)
، وقال:((حسبك)).
(1)
ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من بعض مصادر التخريج الآتية.
(2)
هو سلام بن سليم الحنفي، مولاهم، أبو الأحوص الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وعاصم بن سليمان وسماك بن حرب وبيان بن بشر والأعمش ومنصور بن المعتمر وسعيد بن مسروق وغيرهم، روى عنه يحيى بن آدم ووكيع وابن مهدي وأبو نعيم وابنا أبي شيبة وهنّاد بن السَّري ومسدّد وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسعة وسبعين ومائة، وهو ثقة متقن صاحب حديث، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 261 رقم 2703). قال ابن معين:((ثقة متقن)). ووثقه ابن نمير، وأبو زرعة، والنسائي، والعجلي، وزاد:((صاحب سنة واتباع)).
انظر: "الجرح والتعديل"(4/ 259 - 260 رقم 1121)، و"التهذيب"(4/ 282 - 283 رقم 486).
(3)
سعيد بن مسروق الثوري، والد سفيان، روى عن إبراهيم التيمي وسلمة بن كهيل وأبي وائل شقيق بن سلمة والشعبي وأبي الضحى وغيرهم، روى عنه أولاده سفيان وعُمر ومبارك وشعبة بن الحجّاج وأبو الأحوص وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائة، وقيل: سنة ست، وقيل: سبع وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 241 رقم 2393)؛ وثقه ابن المديني وابن معين وأبو حاتم والعجلي والنسائي. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= انظر "الجرح والتعديل"(4/ 66 رقم 278)، و"التهذيب"(4/ 82 رقم 142).
(4)
أي جرى دَمْعُها.
انظر: "النهاية"(2/ 159).
[52]
الحديث سنده ضعيف للانقطاع بين أبي الضحى مسلم بن صبيح وبين ابن مسعود، ففي "جامع التحصيل"(ص 344)، و"التهذيب"(10/ 132) النص على أن رواية أبي الضحى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مرسلة، وابن مسعود كانت وفاته سنة اثنتين، وقيل: ثلاث وثلاثين كما في "التهذيب"(6/ 28)، أي قبل وفاة علي رضي الله عنه بنحو سبع سنين، ولذا قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 99) عن هذا الحديث: ((رواية أبي الضحى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ منقطعة، ووقع في رواية أبي الْأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عن أبي الضحى: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود
…
، فذكره، وهذا أشد انقطاعًا، أخرجه سعيد بن منصور)). اهـ. وقصد ابن حجر بقول:((أشد انقطاعًا))؛ لأن رواية المصنف هنا ظاهرها الإرسال، لكن ابن سعد أخرج الحديث في "الطبقات"(2/ 342) متابعًا للمصنف، عن أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عن أبي الضحى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
، فذكره.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 380).
والبخاري في "صحيحه"(9/ 98 رقم 5055).
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 16 - 17 رقم 1892).
ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن أبيه سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضحى، عن ابن مسعود، به، لكنه مقرون برواية سفيان للحديث عن الأعمش، الآتية في الحديث رقم [53].
53 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ مؤدِّب أَبِي عَبْدِ اللَّهِ
(1)
، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبيدة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِعَبْدِ اللَّهِ:((اقْرَأْ عَلَيَّ))، قَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ فَقَالَ:((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِي))، فَقَرَأَ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} ، قَالَ: فَغَمَزَنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا دُمُوعُهُ تَنْحَدِر.
=
(1)
هو إبراهيم بن سليمان بن رَزِين، الأُرْدُنِّي، أبو إسماعيل المؤدب، مشهور بكنيته، روى عن الأعمش وعاصم الأحول وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، روى عنه ابنه إسماعيل، وابنا أبي شيبة ويحيى بن يحيى النيسابوري وغيرهم، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وهو ثقة من الطبقة التاسعة، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو داود والدارقطني. وقال الإمام أحمد، والنسائي:((ليس به بأس)). وقال ابن خراش: ((كان صدوقًا)).
"الجرح والتعديل"(2/ 102 - 103 رقم 286)، و"التهذيب"(1/ 125 - 126 رقم 220)، و"التقريب"(ص 90 رقم 181).
قلت: النقل عن ابن معين بأنه وثقه جاء في "سؤالات الدارمي له"(ص 158 رقم 557)، و"سؤالات ابن الجنيد"(ص 380 رقم 435)، وسؤالات ابن الهيثم (ص 88 رقم 279)، وكذا نقل عنه جعفر بن أبي عثمان الطيالسي كما في "تاريخ بغداد"(6/ 87)، وأبو داود كما "تهذيب الكمال" للمزي (2/ 100 / المطبوع)، ونحوه ما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل" نقلاً عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي؛ حيث قال:((سألت يحيى بن معين عن أبي إسماعيل المؤدب، فقا: ليس به بأس)). اهـ.
وأما معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله الأشعري، فقد روى عنه محمد بن أحمد أبو بشر الدولابي ما نقله عن ابن معين، غير أنه اختلف على الدولابي في هذا النقل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما العقيلي في "الضعفاء"(1 / 50) ، وابن عدي في "الكامل"(1 / 249) ، فرويا عنه، عن معاوية بن صالح، قال: سمعت يحيى بن معين قال: ((أبو إسماعيل المؤدب ضعيف)) .
وأما أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس، فروى عنه، عن معاوية بن صالح، قال:((إبراهيم بن سليمان مؤدب بني أبي عبد الله، قال يحيى بن معين: ثقة صحيح الكتاب، كتبت عنه)) أخرج هذا النقل الخطيب البغدادي في "تاريخه"(6 / 87)، فقال: أخبرنا يوسف بن رباح البصري، أخبرانا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس بمصر
…
، فذكره.
وأحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس هذا ذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(16 / 462 رقم 334)، وقال: ((محدِّث مصر
…
، انتقى عليه الحفاظ، وكان ثقةً خيِّرًا تقيًّا)) .
وشيخ الخطيب يوسف بن رباح بن علي بن موسى، أبو محمد الشاهد البصري قال الخطيب في "تاريخ بغداد" (14 / 328 رقم 7654) :((كتبنا عنه، وكان سماعه صحيحًا)) .
وعليه فالذي يظهر - والله أعلم - أن الاختلاف من الدولابي نفسه، فإنه متكلم فيه كما يظهر من ترجمته في "لسان الميزان"(5 / 41 - 42 رقم 142) ، وعليه فالصحيح عن ابن معين توثيقه لأبي إسماعيل المؤدب، ولو سلمنا بصحة ما نقل عنه من تضعيفه له، فيحمل على رواية بعينها مما ذُكر أنه يغرب فيه؛ فإن ابن عدي رحمه الله لما نقل تضعيف ابن معين له، قال:((وأبو إسماعيل المؤدِّب لم أجد من ضعفه إلا ما حكاه معاوية بن صالح عن يحيى، وهو عندي حسن الحديث، ليس كما رواه معاوية عن يحيى، وله أحاديث كثيرة غرائب حسانًا (كذا) ، تدلّ على أن أبا إسماعيل من أهل الصدق، وهو ممن يكتب حديثه)) . اهـ. والله أعلم.
[53]
الحديث سنده صحيح، وإن كان ظاهره الإرسال، إلا أنه جاء في بقية الروايات التصريح برواية عبيدة له عن ابن مسعود، وبعضها في الصحيحين.
فالحديث مداره على إبراهيم النخعي، وله عنه أربعة طرق: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 1- طريق الأعمش، وله عنه ستة طرق.
أ- طريق أبي إسماعيل المؤدب إبراهيم بن سليمان، وهو الذي أخرجه المصنف هنا.
ب- طريق حفص بن غياث.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 563 رقم 10352) .
ومن طريق ابن أبي شيبة وغيره أخرجه مسلم في "صحيحه"(1 / 551 رقم 247) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 93 رقم 5049) .
وأبو داود في "سننه"(4 / 74 رقم 3668) .
والنسائي في "فضائل القرآن"(ص108 رقم 100) .
ومحمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص125) .
والهيثم بن كليب في "مسنده"(ل 88 / ب) .
والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 3 - 14 رقم 1890) و (3 / 62 - 63) .
جميعهم من طريق حفص بن غياث، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
فذكره بنحوه.
جـ- طريق عبد الواحد بن زياد.
أخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 98 رقم 5056) بنحوه إلى قوله: ((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غيري)) .
ومن طريق البخاري أخرجه البغوي في "شرح السنة"(4 / 490 رقم 1220) .
دـ- طريق علي بن مسهر.
أخرجه مسلم في "صحيحه"(1 / 551 رقم 247) .
وأبو يعلى في "مسنده"(9 / 5 رقم 5069) .
والطبراني في "الكبير"(9 / 78 رقم 8461) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثلاثتهم بنحوه.
هـ- طريق سفيان الثوري.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص36 رقم 110) .
ومن طريق ابن المبارك أخرجه:
الترمذي في "سننه"(8 / 380 رقم 5015) .
والنسائي في "الفضائل"(ص109 - 110 رقم 103) .
والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص118 - 119 رقم 48) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 380 و 432 - 433) .
والبخاري في "صحيحه"(8 / 250 رقم 4582) و (9 / 94 - 98 رقم 5050 و 5055) .
والترمذي في "سننه" أيضًا (8 / 379 رقم 5014) .
وفي "الشمائل"(ص255 رقم 306) .
وأبو يعلى في "مسنده"(9 / 147 رقم 5228) .
والهيثم بن كليب في "مسنده"(ل 88 / ب) .
والبيهقي في "سننه"(10 / 231) ، وفي "دلائل النبوة"(1 / 356) .
وفي "شعب الإيمان"(5 / 16 - 17 رقم 1892) و (3 / 61 - 62 رقم 755) .
جميعهم من طريق سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن عبيدة، عن عبد الله، به نحوه.
قال الترمذي: ((هذا أصح من حديث أبي الأحوص)) .
قلت: حديث أبي الأحوص فيه مخالفة لجميع هؤلاء كما سيأتي بيانه في الحديث الآتي:
(و) طريق أبي الأحوص. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الترمذي قبل الحديث السابق (8 / 378 رقم 5013) .
والنسائي في "الفضائل"(ص109 رقم 101) .
وابن ماجه في "سننه"(2 / 1043 رقم 4194) .
والطبراني في "الكبير"(9 / 80 رقم 8467) .
جميعهم من طريق هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أمرني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن أقرأ عليه وهو على المنبر
…
، الحديث بنحوه، إلا أن ابن ماجه لم يذكر المنبر.
قال الترمذي: ((هكذا روى أبو الأحوص، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ علقمة، عن عبد الله، وإنما هو: إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله)) .
قلت: قد روى أيضًا من غير طريق أبي الأحوص، والأعمش.
فقد أخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 79 رقم 8463) من طريق البزار، عن أحمد بن مالك التستري، عن المفضل بن محمد النحوي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ الأعمش ومغيرة، كلاهما عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عبد الله، به نحوه.
هكذا رواه المفضل عن إبراهيم بن مهاجر.
ورواه شعبة، عن إبراهيم بن مهاجر أيضًا، واختلف على شعبة.
فرواه سليمان بن حرب عنه، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إبراهيم النخعي، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، ليس فيه ذكر للأعمش.
أخرجه الطبراني (9 / 80 رقم 8465) .
ورواه وهب بن جرير، وحجاج بن منهال، كلاهما عن شعبة، عن إبراهيم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن مهاجر، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الله، ليس فيه ذكر للأعمش ولا لعلقمة.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(2 / 342) من طريق وهب.
وأخرجه الهيثم بن كليب في "مسنده"(ل 107 / أ) من طريق حجاج.
ورواه عمرو بن مرزوق، عن شعبة، واختلف على عمرو.
فرواه أبو مسلم الكشي، ويوسف القاضي، كلاهما عنه، عن شعبة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود.
أخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 79 رقم 8464) عنهما كليهما.
وأخرجه الهيثم في "مسنده"(ل 106 / ب) عن أبي مسلم فقط.
ورواه محمد بن زكريا، عن عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن إبرهيم بن مهاجر، عن النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود.
أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(7 / 203)، ثم قال:((رواه غندر والناس (عن) شعبة، فلم يذكروا علقمة، وما كتبته متصلاً من حديث شعبة إلا هكذا)) .
قلت: محمد بن زكريا هذا هو الغلابي، وتقدم في الحديث [23] أنه يضع الحديث، فلا يلتفت إلى روايته هذه، وبه يتبين أن الصواب في هذا الطريق: شعبة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود، وهكذا رواه عمرو بن مرة، عن النخعي، وهو الطريق الثاني الآتي:
2-
طريق عمرو بن مرّة عن إبراهيم النخعي.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 380) .
والبخاري في "صحيحه"(8 / 250 رقم 4582) ، (9 / 98 رقم 5055) ، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 16 - 17 رقم 1892) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود، به مقرونًا برواية سفيان الثوري السابقة للحديث عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عبيدة، عن ابن مسعود.
وأخرجه مسلم في "صحيحه"(1 / 551 رقم 248) .
وأبو يعلى في "مسنده"(8 / 435 رقم 5019) .
كلاهما من طريق مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عن إبراهيم، قال: قال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود
…
، فذكره بنحوه.
قلت: وهذا الإسناد منقطع بين إبراهيم النخعي وابن مسعود، كما في "فتح الباري"(8 / 251) ، وهو عند مسلم وأبي يعلى أشد انقطاعًا.
فإن قيل: كيف أخرجه الشيخان من هذا الطريق وهو منقطع؟!
فالجواب: إن البخاري إنما أخرجه مقرونًا برواية أخرى موصولة، ومسلم أخرجه متابعًا، ومع ذلك فمراسيل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [3] .
3-
طريق فضيل بن عمرو، عن إبراهيم النخعي، عن عبيدة، عن ابن مسعود. أخرجه الطبراني في "الصغير"(1 / 75) بنحوه، ثم قال:((لم يروه عن فضيل ابن عمرو إلا أبان بن تغلب، ولا عن أبان بن تغلب إلا القاسم بن معن، ولا عن القاسم إلا بشر، تفرد به ابن الأصفر، وبشر الذي روى هذا الحديث هو بشر بن آدم الأكبر، مات قبل العشرين ومائتين، وبشر بن آدم الأصغر هو ابن بنت أزهر بن سعد السمان، وهما بصريان)) .
4-
طريق إبراهيم بن مهاجر، عن النخعي:
أخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 78 - 79 رقم 8462) من طريق أبي كامل الجحدري، عن المفضل بن محمد الكوفي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إبراهيم النخعي، عن عبيدة، عن عبد الله به نحوه، وزاد في آخره قوله صلى الله عليه وسلم:((مَنْ أحب أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)) . =
54 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ
(1)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَرَأَ عَلْقَمَةُ
(2)
عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:((رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي، وَأُمِّي، فإنه زين القرآن)).
= قلت: وسبق في الطريق السادس عن الأعمش ذكر الاختلاف في رواية إبراهيم بن مهاجر للحديث عن الأعمش، فلست أدري، أهذا اختلاف آخر، أم أن إبراهيم حفظ الحديث من هذا الطريق؟
وحديث ابن مسعود هذا ذكره السيوطي في "الدرر المنثور"(2/ 541) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(1)
هو مغيرة بن مِقْسَم - بكسر الميم -، الضبّي، مولاهم، أبو هشام الكوفي الأعمى، روى عن إبراهيم النخعي وأبي وائل شقيق بن سلمة وعامر الشعبي ومجاهد وغيرهم، روى عنه سليمان التيمي وشعبة والثوري وأبو عوانة وخالد بن عبد الله الطحّان وهشيم وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: ست وثلاثين ومائة، وهو ثقة متقن روى له الجماعة، إلا أنه كان يدلّس، ولا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا الحديث من روايته عنه بالعنعنة. قال شعبة:((كان مغيرة أحفظ من الحكم))، وفي رواية:((أحفظ من حماد)). وقال ابن معين: ((ثقة مأمون)). وثقه أبو حاتم، والنسائي، وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث)). وقال العجلي: ((كوفي ثقة، وكان من فقهاء أصحاب إبراهيم وكان عثمانيًا
…
، وكان مغيرة يكنى: أبا هشام، مولى لِضَبَّةَ، فقيه الحديث، إلا أنه كان يرسل الحديث عن إبراهيم، وإذا أوقف أخبره ممن سمعه، وكان يحمل على علي بعض الحمل)).
وقال الإمام أحمد: ((حديث مغيرة مدخول، عامة ما روى عن إبراهيم إنما سمعه من حماد، ومن يزيد بن الوليد، والحارث العكلي، وعبيدة وغيرهم))، وجعل يضعّف حديث مغيرة عن إبراهيم وحده. وقال ابن فضيل:((كان يدلس، وكنا لا نكتب عنه إلا ما قال: حدثنا إبراهيم)). وذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"، وهم: من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إلا بما صرحوا فيه بالسماع.
انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 347 رقم 1622)، و"الجرح والتعديل"(8/ 228 - 229 رقم 1030)، و"التهذيب"(10/ 269 - 271 رقم 482)، و"التقريب"(ص 543 رقم 6851)، و"طبقات المدلسين"(ص 112 رقم 107).
(2)
هو علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي، أبو شبل الكوفي، ولد في حياة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وروى عن عمر وعثمان وعلي وسعد وحذيفة وأبي الدرداء وأبي موسى وعائشة وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابن أخيه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قيس وابن أخته إبراهيم بن يزيد النخعي، وعامر الشعبي وأبو وائل شقيق بن سلمة وغيرهم، واختلف في وفاته، فقيل: توفي سنة اثنتين وستين للهجرة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: خمس وستين، وقيل: سنة اثنتين وسبعين، وقيل: ثلاث وسبعين وله تسعون سنة، وهو ثقة ثبت فقيه عابد، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 397 رقم 4681). قال أحمد:((ثقة من أهل الخير)). ووثقه ابن معين، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث)). وقال مرة الهمداني: ((كان علقمة من الربانيين)) وقال إبراهيم النخعي: ((كان عبد الله يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فِي هديه ودلّه وسَمْته، وكان علقمة يشبه بعبد الله)). وفضائله رحمه الله كثيرة، ولا أدلّ على ذلك من قول ابن مسعود له في هذا الحديث:((فداك أبي وأمي)).
انظر "طبقات ابن سعد"(6/ 86)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 340 - 341 رقم 1161)، و"الجرح والتعديل"(6/ 404 - 405 رقم 2258)، و" تاريخ بغداد"(12/ 296 - 300)، و"التهذيب"(7/ 276 - 278 رقم 484).
[54]
الحديث سنده ضعيف لأن هشيمًا ومغيرة مدلِّسان ولم يصرِّحا بالسماع، وهو صحيح لغيره كما سيأتي، وقد يكون ظاهر الحديث هنا الإرسال، لكن في الروايات الآتية ما يدل على وصله، فإنه روي عن إبراهيم النخعي من أربعة طرق: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 1- طريق مغيرة:
أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم عنه.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص89 رقم 211) .
وابن سعد في "الطبقات"(6 / 86) .
وابن أبي شيبة في "المصنف"(2 / 520) و (10 / 524 رقم 10201) .
والبيهقي في "سننه"(2 / 54) ، وفي "شعب الإيمان"(5 / 124 رقم 1973) .
أما أبو عبيد فمن طريق جرير، وأما ابن سعد وابن أبي شيبة فمن طريق أبي الأحوص، وأما البيهقي فمن طريق علي بن عاصم، ثلاثتهم عن مغيرة، به نحوه، إلا أن ابن سعد وابن أبي شيبة لم يذكر قوله:((وكان حسن الصوت)) .
2-
طريق الأعمش:
أخرجه ابن سعد (6 / 90) .
والبخاري في "خلق أفعال العباد"(ص85 رقم 260) .
والعجلي في "تاريخ الثقات"(ص340) .
والطبراني في "الكبير"(9 / 152 رقم 8695) .
أما ابن سعد والبخاري فمن طريق أبي شهاب، وأما العجلي فمن طريق سفيان الثوري، وأما الطبراني فمن طريق زائدة، ثلاثتهم عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ علقمة، قال: قال لي عبد الله: اقرأ - وكان علقمة حسن الصوت -، فقرأ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَتِّلْ فِدَاكَ أبي وأمي.
هذا لفظ ابن سعد والبخاري، ونحوه لفظ العجلي، إلا أنه لم يذكر قوله:((وكان علقمة حسن الصوت، ووقع عنده: ((فقرأت)) ، ولفظ الطبراني قريب من لفظ العجلي.
وسنده صحيح، والراوي له عن أبي شهاب هو شيخ ابن سعد أحمد بن عبد الله بن يونس، وعن سفيان الثوري هو شيخ العجلي محمد بن يوسف الفريابي.
أما شيخ ابن سعد فهو أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= التميمي، اليربوعي، الكوفي، يروي عن الثوري وابن عيينة وأبي شهاب عبد ربه بن نافع وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم وأبو بكر بن أبي شيبة، وروى عنه هنا محمد بن سعد وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثلاث أو أربع وثلاثين ومائة، ووفاته سنة سبع وعشرين ومائتين، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص81 رقم 63)، قال الإمام أحمد لرجل:((أخرج إلى أحمد بن يونس؛ فإنه شيخ الإسلام)) . وقال أبو حاتم: ((كان ثقة متقنًا)) ، ووثقه النسائي والعجلي، وزاد:((صاحب سنة)) ، وقال ابن سعد:((كان ثقة صدوقًا صاحب سنة وجماعة)) .
وقال ابن قانع: ((كان ثقة مأمونًا ثبتًا)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(2 / 57 رقم 79) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (1 / 375 - 378) ، و"تهذيب التهذيب"(1 / 50 - 51 رقم 87) .
وشيخ العجلي هو: محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضَّبِّي، مولاهم، الفِرْيابي، روى عن الثوري ولازمه، وعن الأوزاعي وجرير بن حازم وغيرهم، وروى عنه الإمام أحمد والبخاري وابن وارة وغيرهم، وروى عنه هنا العجلي، وكانت ولادته سنة عشرين ومائة، ووفاته سنة اثنتي عشرة ومائتين، وهو ثقة فاضل عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، والعجلي، والنسائي، وأبو حاتم، وزاد:((صدوق)) . وقال الإمام أحمد: ((كان رجلاً صالحًا)) . وقال البخاري: ((كان من أفضل أهل زمانه)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(8 / 119 - 120 رقم 533) ، و"التهذيب"(9 / 535 - 537 رقم 878) ، و"التقريب"(ص515 رقم 6415) .
قلت: وقد روى الفريابي عن ابن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد قال:((الشعر في الأنف أمان من الجذام)) . وأنكر ابن معين عليه ذلك وقال: ((هذا حديث باطل)) . وأجاب عنه الذهبي في "الميزان"(4 / 71) فقال: ((إنما الباطل أن يجعله من قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أما أن يكون مجاهد قاله، فهذا صحيح عنه، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رواه عباس الخلال وغيره، عن محمد، وهو ثقة فاضل عابد، من جملة أصحاب الثوري، حديثه في كتب الإسلام، وقد ارتحل إليه أحمد بالقصد، فبلغه موته، فعدل إلى حمص)) .
وذكر ابن عدي الفريابي هذا في كتابه "الكامل"(6 / 2236 - 2237)، وقال:((له عن الثوري إفرادات)) . وذكر الذهبي في الموضع السابق من "الميزان" قول ابن عدي هذا، وقال:((قلت: لأنه لازمه مدة، فلا ينكر له أن ينفرد عن ذاك البحر)) . اهـ.
3-
طريق منصور.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(6 / 89) .
وأبو نعيم في "الحلية"(2 / 99) .
أما ابن سعد فمن طريق إسرائيل، وأما أبو نعيم فمن طريق هشيم، كلاهما عن منصور، عن إبراهيم، أن علقمة قرأ على عبد الله
…
، فذكره بنحوه.
والحديث أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" كما في "المختصر"(ص116) .
4-
طريق حماد بن أبي سليمان، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كنت رجلاً قد أعطاني الله عز وجل حسن الصوت بالقرآن، وكان ابن مسعود يرسل إليّ، فأقرأ عليه، فإذا فرغت من قراءتي قال: زدنا فداك أبي وأمي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((إِنَّ حسن الصوت زينة القرآن)) .
أخرجه علي بن الجعد في "مسنده"(2 / 1187 رقم 3582)، فقال: أنا أبو معاوية، عن حماد، عن إبراهيم
…
، فذكره باللفظ المتقدم.
وأبو معاوية هذا قال ابن منيع البغوي الراوي للمسند عن ابن الجعد: ((هو عندي سعيد بن زربي؛ لأن هذه الأحاديث حدث بها سعيد)) .
ومن طريق علي بن الجعد أخرجه ابن عدي في "الكامل"(3 / 1202) .
والحديث أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(6 / 90) .
والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار"(3 / 96 - 97رقم 2331) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والهيثم بن كليب في "مسنده"(ل 40 / ب) .
وابن أبي داود في كتاب "الشريعة" كما في "تخرج أحاديث الإحياء"(2 / 702) .
وابن عدي في "الكامل"(3 / 1202 - 1203) .
جميعهم من طريق مسلم بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زربي، عن حماد، به نحو اللفظ السابق.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(10 / 101 رقم 10023) من طريق عبد الغفار بن داود أبي صالح الحراني، ثنا سعيد بن زربي
…
، فذكره بنحو سابقه.
ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(2 / 99) .
وأخرجه ابن أبي داود في "الشريعة"، وأبو نعيم في "المستخرج" كما في الموضع السابق من "تخريج أحاديث الإحياء".
كلاهما من طريق أبي ربيعة زيد بن عوف، عن سعيد بن زربي، به.
قال البزار: ((تفرد به سعيد، وليس بالقوي)) .
قلت: سعيد بن زَرْبي - بفتح الزاي - وسكون الراء، بعدها موحدة مكسورة -، الخزاعي، البصري، العَبَّاداني، أبو عبيدة، أو أبو معاوية يروي عن حماد بن أبي سليمان والحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهم، روى عنه علي بن الجعد ومسلم بن إبراهيم ويزيد بن هارون وغيرهم، ذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين الستين إلى السبعين ومائة، وهو منكر الحديث كما في "التقريب" (ص235 رقم 2304) . قال ابن معين:((ليس حديثه بشيء)) . وقال البخاري ومسلم: ((عنده عجائب)) . وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث، عنده عجائب من المناكير)) .
وضعفه أبو داود، وقال النسائي:((ليس بثقة)) . وقال أبو أحمد الحاكم: ((منكر الحديث جدًّا)) .
"الجرح والتعديل"(4 / 23 - 24 رقم 95) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (10 / 431) ، و"التهذيب"(4 / 28 - 29 رقم 42) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا، لضعف سعيد بن زربي، ومخالفته للرواة الآخرين، فإنهم رووه موقوفًا على ابن مسعود، وأما هو فرفعه، ولذا فقد ذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمته سعيد في "الميزان"(2 / 136) ، وعدّه من مناكيره.
وقد تابعه قيس بن الربيع عند ابن عدي في "الكامل"(6 / 2068) ، فرواه عن حماد بن أبي سليمان، به نحو رواية سعيد بن زربي، إلا أن هذا الطريق لا يفرح به؛ فقيس بن الربيع هذا هو الأسدي، أبو محمد الكوفي، يروي عن حماد بن أبي سليمان وأبي إسحاق السبيعي والأعمش وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه عبد الله بن نمير وأبو معاوية ووكيع وعبد الرزاق وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: مات سنة خمس وستين ومائة، وقيل: سنة ست، وقيل: سبع، وقيل: ثمان وستين، وهو صدوق، إلا أنه تغيّر لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدّث به كما في "التقريب"(ص457 رقم 5573) . فد وثقه سفيان الثوري، وشعبة، وأبو الوليد الطيالسي.
وكان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه. وكان وكيع يضعفه، وأحمد بن حنبل يليّنه. وقال ابن معين:((ليس حديثه بشيء)) . وقال النسائي: ((ليس بثقة)) . وقال في موضع آخر: ((متروك)) . وضعفه علي بن المديني جدًّا، وقال:((إنما أهلكه ابن له قلب عليه أشياء من حديثه)) . وقال جعفر بن أبان: سألت ابن نمير عن قيس بن الربيع، فقال:((كان له ابن هو آفته؛ نظر أصحاب الحديث في كتبه، فأنكروا حديثه، وظنوا أن ابنه قد غيّرها)) . وقال أبو داود الطيالسي: ((إنما أتي قيس من قبل ابنه، كان ابنه يأخذ حديث الناس، فيدخلها في فُرَج كتاب قيس، ولا يَعرف الشيخ ذلك)) . وقال ابن حبان: ((تتبعت حديثه، فرأيته صادقًا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، فيدخل عليه ابنه، فيحدث منه ثقة به، فوقعت المناكير في روايته، فاستحق المجانبة)) . =
55 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ
(1)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام وَمِيكَائِيلَ، نَزَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ مِيكَائِيلُ:((اقْرَأْ عَلَى حَرْفٍ، وَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: اسْتَزِدْهُ فَاسْتَزَادَهُ، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: اسْتَزِدْهُ، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، فَاسْتَزَادَهُ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ، فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وسكت)).
= انظر: "الجرح والتعديل"(7/ 96 - 98 رقم 553)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 1133)، و"التهذيب"(8/ 391 - 395 رقم 696).
وعليه فالصحيح أن الحديث موقوف على ابن مسعود، وأما المرفوع فضعيف جدًّا، والله أعلم.
(1)
هو هشام بن حسّان الأزدي القُرْدُسي - بالقاف، وضم الدال -، أبو عبد الله البصري، روى عن محمد وأنس وحفصة بني سيرين وعن الحسن البصري وعكرمة وهشام وبن عروة وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان: الثوري وابن عيينة، والحمادان: ابن زيد وابن سلمة وحفص بن غياث وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست أو سبع أو ثمان وأربعين ومائة، وهو ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال؛ لأنه قيل: كان يرسل عنهما، وقد روى له الجماعة.
كان ابن سيرين يقول: ((هشام منا أهل البيت)). وقال سعيد بن أبي عروبة: ((ما رأيت أحفظ عن محمد بن سيرين من هشام)). ووثقه ابن معين، وعثمان بن أبي شيبة، والعجلي، وزاد:((حسن الحديث، يقال إن عنده ألف حديث حسن ليست عند غيره)). وقال ابن سعد: ((كان ثقة - إن شاء الله تعالى -، كثير الحديث)). وقال علي بن المديني: ((أما حديث هشام عن محمد فصحاح، وحديثه عن الحسن عامتها يدور على حوشب، وهشام أثبت من خالد الحذاء =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في ابن سيرين وهشام ثبت.
وقال أبو داود: ((إنما تكلموا في حديثه عن الحسن وعطاء؛ لأنه كان يرسل، وكانوا يرون أنه أخذ كتب حوشب)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(9 / 54 - 55 رقم 229) ، و "التهذيب"(11 / 34 - 37 رقم 75) ، و "التقريب"(ص572 رقم 7289) .
[55]
الحديث سنده ضعيف لإرساله، وفي متنه مخالفة للأحاديث الصحيحة في كون القائل:((اقرأ)) هو ميكائيل، بينما الصحيح أن القائل ذلك هو جبريل كما سيأتي.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(1 / 53 - 54 رقم 55) من طريق ابن عليّة، عن أيوب عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: نُبِّئت أن جبرائيل وميكائيل أتيا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال له جبرائيل: اقرأ القرآن على حرفين، فقال له ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ القرآن على ثلاثة أحرف، فقال له ميكائيل: استزده، قال: حتى بلغ سبعة أحرف.
قال محمد: لا تختلف في حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي، هو كقولك: تعال: وهَلُمّ، وأقبل. قال: وفي قراءتنا: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} [سورة يس، الآية: 29] في قراءة ابن مسعود: (إن كانت إلا زقية واحدة) .
هكذا رواه ابن جرير من طريق ابن علية عن أيوب، وهو مخالف لرواية سعيد هنا عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ في كون القائل:((اقرأ)) هو ميكائيل، وموافق للروايات الصحيحة الآتية في كون القائل ذلك هو جبريل.
فالحديث أخرجه أبو عبيد في "الفضائل "(ص303 رقم 714) فقال: حدثنا يزيد ويحيى بن سعيد، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بن مالك، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: ما حكّ في صدري شيء منذ أسلمت، إلا أني قرأت آية، وقرأها آخر غير قراءتي، فقلت: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وقال: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأتينا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقلت: يا رسول الله، أقرأتني كذا وكذا؟ قال:((نعم)) . وقال الآخر: ألم تقرئني كذا وكذا؟ قال: ((نعم)) . فقال: ((إن جبريل وميكائيل أتياني، فقعد جبريل عن يميني، وقعد ميكائيل عن يساري، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، كل حرف شافٍ كافٍ)) .
وسنده رجاله ثقات تقدموا، إلا أن حميد الطويل مدلس، ولم يصرح بالسماع، لكن قد روي الحديث من غير طريقه كما سيأتي.
وقد أخرج الحديث من هذا الطريق ابن شيبة في المصنف (10 / 517 رقم 10172) .
والإمام أحمد في "المسند"(5 / 114 و 122) ، وابنه عبد الله في "زوائده على المسند"(5 / 122) .
والنسائي في "سننه"(2 / 154 رقم 941) ، وفي "فضائل القرآن"(ص54 - 55 رقم 11) .
والطحاوي في "مشكل الآثار"(4 / 188 - 189) .
وابن أبي حاتم في "العلل"(2 / 84) .
أما ابن أبي شيبة والنسائي في "الفضائل" فمن طريق يزيد بن هارون، وأما الإمام أحمد والنسائي في "سننه" فمن طريق يحيى بن سعيد القطان، وأما عبد الله بن أحمد فمن طريق بشر بن المفضل والمعتمر، وأما الطحاوي فمن طريق عبد الله بن أبي بكر السهمي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق زهير، جمعيهم عن حميد، به، نحوه، لا أن لفظ ابن أبي شيبة مختصر.
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص304 رقم 717) .
والإمام أحمد في "المسند"(5 / 127 - 128) .
ومسلم في "صحيحه"(1 / 562 - 563 رقم 274) .
وأبو داود في "سننه"(2 / 160 - 161 رقم 1478) .
والنسائي في "سننه"(2 / 152 - 153 رقم 939) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والطحاوي في "مشكل الآثار"(4 / 191) .
جميعهم من طريق شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن أبيّ بن كعب أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، قال: فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تَقرأَ أمتُك القرآنَ على حرف. فقال: «أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك» . ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين فقال: «أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك» . ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف. فقال «أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك» . ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيُّما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا. واللفظ لمسلم.
وأخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 23 رقم 4991) .
ومسلم (1 / 561 رقم 272) .
كلاهما من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني، حتى انتهى إلى سبع أحرف)) .
تنبيه: قد يشكل على بعض الأفهام معنى هذا الحديث، وليس بمشكل؛ إذ المعنى: أن الله سبحانه بعث الرسل بألسنة قومهم كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [سورة إبراهيم؛ الآية: 4] ، ومنهم رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه، فإنه بعث بلسان قومه وهم قريش، لا ما سواها من العرب، قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [سورة الزخرف، الآية: 44]، وقال تعالى:{وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الحَقُّ} [سورة الأنعام، الآية: 66]، وكان صلى الله عليه وسلم قَدْ أُرسل إلى العرب وغيرهم من الأمم كما قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سورة سبأ، الآية: 28] ، فكان فيمن اتبعه بعض أهل الألسنة العربية التي تخالف لسان قومه، وبعضٌ من العجم كسلمان الفارسي، =
56 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نا حُصَين
(1)
، عن
= فمثل هؤلاء لا يتهيأ لأحدهم أن يقرأ بلسان قريش إلا بالرياضة الشديدة الغليظة، وهم في حاجة لحفظ القرآن لقراءته في صلواتهم، والتقرب إلى الله بكثرة التلاوة، والتعلم من معانيه، فوسع الله عليهم في ذلك أن يتلوه بمعانيه وإن خالفت ألفاظهم التي يتلونه بها ألفاظ نبيهم صلى الله عليه وسلم.
انظر: "مشكل الآثار" للطحاوي (4/ 185 - 186).
وليس المعنى أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، بل المعنى كما قال أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص 307):((ليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، وهذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا: أنه نزل على سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب. فيكون الحرف منها بلغة قبيلة، والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظًا فيها من بعض)). اهـ. فإن قيل: هي القراءة بهذه الأحرف السبعة جائزة الآن؟
فالجواب ما ذكره الطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 190 - 191) حيث قال: ((فكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه
…
، فكانوا على ذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقرأوا بذلك على تحفظ القرآن بالألفاظ التي نزل بها، فلم يسعهم حينئذٍ أن يقرأوا بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص؛ لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد)). اهـ. والله أعلم.
(1)
هو حصين بن عبد الرحمن السُّلمي، أبو الهذيل الكوفي، روى عن جابر بن سمرة وعمارة بن رويبة رضي الله عنهما، وعن زيد بن وهب وأبي وائل شقيق بن سلمة والشعبي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وهلال بن يساف وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وهشيم وأبو عوانة وخالد بن عبد الله الطحّان الواسطي =
هِلَالِ بْنِ يِسَاف
(2)
، عَنْ أَبِي حَيّان الأَشْجعي
(3)
، قَالَ: لَقِيَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ عَلَيَّ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِي:((اقْرَأْ عَلَيَّ))، (فَقُلْتُ)
(4)
: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ مِنْكَ تَعلَّمْتُهُ؟ فَقَالَ:((بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِي)).
= وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائة، وهو ثقة إلا أنه تغير حفظه في الآخر، وقد روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 170 رقم 1369). فقد وثقه ابن معين، وقال الإمام أحمد:((حصين بن عبد الرحمن الثقة المأمون، من كبار أصحاب الحديث)). وقال العجلي: ((ثقة ثبت في الحديث، والواسطيون أروى الناس عنه)). وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبا زرعة عنه، فقال: ثقة، قلت: يحتجّ بحديثه؟ قال: إي والله)). وقال أبو حاتم: ((صدوق، ثقة في الحديث، وفي آخر عمره ساء حفظه)). وقال النسائي: ((تغيّر)). اهـ. من "الميزان"(1/ 551 - 552 رقم 2075)، و "التهذيب"(2/ 381 - 383 رقم 659).
قلت: والراوي عن حصين هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في "هدي الساري"(ص 398).
(2)
هو هلال بن يساف - بكسر التحتانية، ثم المهملة، ثم فاء -، ويقال: ابن إساف، الأشجعي، مولاهم، الكوفي، روى عن الحسن بن علي وأبي الدرداء وسمرة بن جندب وعمران بن حصين وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي والأعمش ومنصور بن المعتمر وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب"(ص 576 رقم 7352)، فقد وثقه ابن معين، والعجلي، وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث)) وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "الجرح والتعديل"(9/ 72 رقم 278)، و "التهذيب"(11/ 86 - 87 رقم 144).
57 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَان
(1)
، عن
(3)
اسمه منذر الأشجعي، أبو حيّان، من أصحاب ابن مسعود، وهو مجهول، لم يذكروا أنه روى عنه سوى ختنه هلال بن يساف، وقد سكت عنه البخاري، وبيّض له ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "التاريخ الكبير"(7/ 357 رقم 1539)، و "الكنى" لمسلم (1/ 269 رقم 926)، و "المعرفة والتاريخ" للفسوي (2/ 147) و (3/ 70)، و "الكنى" للدولابي (1/ 161)، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/ 241 - 242 رقم 1092)، و "الثقات" لابن حبان (5/ 420)، و "المقتنى" للذهبي الترجمة رقم (1846).
(4)
في الأصل: ((فقال)) والتصويب من مصادر التخريج، وهو الذي يقتضيه السياق.
[56]
سنده ضعيف لجهالة أبي حيّان الأشجعي، وهو صحيح لغيره بالطرق المتقدمة برقم [51 و 52 و 53].
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 563 رقم 10353).
والإمام أحمد في "المسند"(1/ 374).
وأبو يعلى في "مسنده"(9/ 84 رقم 5150).
أما ابن أبي شيبة فمن طريق ابن إدريس، وأما الإمام أحمد فمن طريق هشيم، وأما أبو يعلى فمن طريق جرير، ثلاثتهم عن حصين، به نحوه، إلا أن أول لفظ الحديث عند الإمام أحمد قال فيه: عن أبي حيان الأشجعي، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لي: اقرأ علي من القرآن، قال: فقلت له: أليس منك تعلمّته، وأنت تقرئنا؟!
…
، فذكره بنحوه.
ولم يرد صدر الحديث عند ابن أبي شيبة، وأبي يعلى.
(1)
هو منصور بن زاذان - بزاي وذال معجمة -، الواسطي، أبو المغيرة الثقفي، روى عن أبي العالية وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهم، روى عنه جرير بن حازم وخلف بن خليفة وأبو عوانة وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائة، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة، =
ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُ جِبْرِيلُ، يُعَارِضُ
(2)
النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم، فِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، عَارَضَهُ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: ((فَيُرْجَى أَنْ تَكُونَ قراءتُنا هذه على العَرْضة الأخيرة)).
= وقيل: سنة إحدى ثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت عابد، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 546 رقم 6898). وثقه أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وقال العجلي:((رجل صالح متعبد، كان ثقة ثبتًا)).
انظر: "الجرح والتعديل"(8/ 172 رقم 759)، و "التهذيب"(10/ 306 - 307 رقم 535).
(2)
أي: كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن؛ من المعارضة، وهي: المقابلة، ومنه عارضت الكتاب بالكتاب، أي: قابلته به.
"النهاية في غريب الحديث"(3/ 212).
[57]
سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره كما سيأتي في الحديث بعده.
والحديث أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 195).
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 560 رقم 10341).
أما ابن سعد فمن طريق ابن عون، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق هشام، كلاهما عن ابن سيرين، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة لم يذكر قوله: فيرجى
…
إلخ.
وأخرج ابن شبّة في "تاريخ المدينة"(3/ 993 - 994) من طريق هشام عن ابن سيرين قصة جمع عثمان للمصحف، وفيه يقول ابن سيرين: ظننت أنهم كانوا إذا اختلفوا في الشيء أخّروه حتى ينظروا آخرهم عهدًا بالعرضة الأخيرة، فكتبوه على قوله.
قال محمد بن سيرين: فأرجو أن تكون قراءتنا هذه آخرتها عهدًا بالعرضة الأخيرة.
58 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَان
(1)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ لِي
(2)
: أيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَعُدُّونَ أَوَّلًا؟ قُلْنَا: قِرَاءَتَنَا، فَقَالَ: لَا بَلْ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، فَشَهِدَ ابنُ مَسْعُودٍ مَا نُسخ منه وما بُدِّل)).
(1)
هو حصين بن جندب بن الحارث الجَنْبي - بفتح الجيم، وسكون النون، ثم موحدة - أبو ظَبْيان - بفتح المعجمة وسكون الموحدة -، الكوفي، روى عن عُمر وعلي وابن مسعود وسلمان، وقيل: لم يسمع منهم، وروى عن حذيفة وأبي موسى وابن عباس وابن عمر وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه قابوس وأبو إسحاق السبيعي وحصين بن عبد الرحمن وعطاء بن السائب والأعمش وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثمانين للهجرة، وقيل: سنة تسعين، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 169 رقم 1366). فقد وثقه ابن سعد، وابن معين، والعجلي، وأبو زرعة، والنسائي، والدارقطني.
انظر: "الجرح والتعديل"(3/ 190 رقم 824)، و "التهذيب"(2/ 379 - 380 رقم 654).
(2)
أي: قال ابن عباس لأبي ظبيان.
[58]
سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف؛ فالأعمش تقدم في الحديث [3] أنه مدلِّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع، وهو حسن لغيره بهذا السياق بالطريق الثاني الآتي عن ابن عباس، وَذِكْرُ عَرْضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم القرآن الصحيح لغيره ببقية الطرق الآتي ذكرها.
فالحديث له عن ابن عباس ثلاث طرق.
1 -
طريق أبي ظبيان، يرويه عنه الأعمش.
أخرجه المصنف هنا من طريق أبي معاوية عن الأعمش. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(2 / 342) .
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 559 رقم 10337) .
والبخاري في "خلق أفعال العباد"(ص122 رقم 382) .
والطحاوي في "مشكل الآثار"(4 / 196) .
وابن عساكر في "تاريخه"(39 / 91) .
جميعهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به، ولفظ ابن سعد: قال: أي القراءتين تعدون أولى؟ قلنا: قراءة عبد الله، فقال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يعرضُ عليه القرآن
…
، الحديث بنحوه.
ولفظ البخاري والطحاوي، وابن عساكر بنحو لفظ ابن سعد.
وأما ابن أبي شيبة فذكر الحديث من قوله: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يعرض
…
، الحديث بنحوه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 362) من طريقي محمد ويعلى ابني عبيد الطنافسي، كلاهما عن الأعمش، به نحو لفظ ابن سعد المتقدم.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(4 / 435 رقم 2562) من طريق جرير، عن الأعمش، به نحو لفظ ابن سعد.
وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق من طريقي شريك ووكيع كلاهما عن الأعمش، به، ولفظه هو نفس اللفظ السابق؛ حيث قرن روايتهما برواية أبي معاوية.
وأخرجه في "شرح معاني الآثار"(1 / 356) من طريق شريك فقط.
وأخرجه النسائي في "فضائل القرآن"(ص62 رقم 19) ، وفي "فضائل الصحابة"(ص147 - 148 رقم 154) في كلا الموضعين من طريق سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، عن الأعمش، به بلفظ: أي القراءتين تقرؤون؟ قلنا: قراءة عبد الله، قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يَعرِض القرآن
…
، الحديث بنحوه.
2-
طريق مجاهد، عن ابن عباس. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 275 و 325) .
والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار"(3 / 251 رقم 2683) .
والطحاوي في "مشكل الآثار"(4 / 196) .
والحاكم في "المستدرك"(2 / 230) .
جميعهم من طريق إسرائيل بن يونس، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أي القراءتين كانت أخيرًا، قراءة عبد الله، أو قراءة زيد؟ قال: قلنا: قراءة زيد، قال: لا، ألا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبرائيل كل عام مرة، فلما كان في العام الذي قبض فيه، عرضه عليه مرتين، وكانت آخر القراءة: قراءة عبد الله. اهـ.
هذه لفظ الإمام أحمد في الموضع الأول، ولفظ الباقين نحوه.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة)) ، وأقره الذهبي في "التلخيص".
وعزاه الهيثمي في "المجمع"(9 / 288) لأحمد والبزار، وقال:((رجال أحمد رجال الصحيح)) .
قلت: في سنده إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي، أبو إسحاق الكوفي، روى عن طارق بن شهاب وله رؤية، وعن الشعبي وإبراهيم النخعي وأبي الأحْوص عوف بن مالك ومجاهد وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري ومِسْعر وأبو عونة وإسرائيل بن يونس وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه ليِّن الحفظ، من الطبقة الخامسة كما في "التقريب"(ص94 رقم 254) . فقد وثقه ابن سعد، وقال الثوري وأحمد: لا بأس به، وضعفه ابن معين بحضرة عبد الرحمن بن مهدي، فغضب عبد الرحمن، وكره ما قال. وقال يحيى القطان:((لم يكن بقوي)) . وسأل الحكم الدارقطني عنه، فقال:((ضعفوه)) . فقال الحاكم: بحجة؟ فقال: ((بلى؛ حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وقد غمزه شعبة أيضًا)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد"(6 / 331) ، و "الجرح والتعديل"(2 / 132 - 133 رقم 421) ، و "تهذيب الكمال"(2 / 211 - 214) ، و "التهذيب" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (1 / 167 - 168 رقم 300) .
وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف إبراهيم من قبل حفظه.
3-
طريق عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(2 / 195) .
وابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 559 - 560 رقم 10338) .
والإمام أحمد في "المسند"(1 / 230 - 231 و 326) .
جميعهم من طريق يعلى بن عبيد، عدا الإمام أحمد في الموضع الثاني فمن طريق محمد بن عبيد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عتبة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يعرض الكتاب على جبريل في كل رمضان، فإذا أصبح النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من ليلته التي يعرض فيها ما يعرض أصبح وهو أجود من الريح المرسلة، لا يسأل شيئًا إلا أعطاه، فلما كان الشهر الذي هلك بعده، عرضه عليه عرضتين. اهـ.
هذا لفظ ابن سعد، ونحوه لفظ الإمام أحمد، وأما لفظ ابن أبي شيبة فمختصر.
وفي سنده محمد بن إسحاق بن يسار المطَّلبي، مولاهم، المدني، نزيل العراق، روى عن محمد بن إبراهيم التيمي والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وعاصم بن عمر بن قتادة وابن المنكدر ومكحول والزهري وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان والحمّادان: ابن سلمة وابن زيد وهشيم وأبو عوانة وجرير بن عبد الحميد ومحمد ويعلى ابنا عبيد وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمسين ومائة وقيل: إحدى، وقيل: اثنتين، وقيل: ثلاث وخمسين ومائة، وهو إمام في المغازي صدوق، إلا أنه مدلّس من الطبقة الرابعة، وهم: من اتُّفق على أنه لا يُحتجُّ بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل.
قال شعبة: ((ابن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث لحفظه)) . وكان الزهري =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يثني عليه كثيرًا، ووثقه العجلي، وقال البخاري: رأيت علي بن عبد الله - يعني ابن المديني - يحتج بحديث ابن إسحاق. قال: وقال علي: ما رأيت أحدًا يتهم ابن إسحاق.
وقال ابن سعد: ((كان ثقة، ومن الناس من يتكلم فيه)) .
قلت: تكلم فيه بعضهم لأحاديث أخطأ فيها، وهذا لا يقدح في مثله؛ لكثرة حديثه، وكل مكثر يخطئ، فوثقه ابن معين في بعض الروايات، وضعفه في بعضها، وقال الإمام أحمد مرّةً:((هو حسن الحديث)) ، وسأله مرة أيوب بن إسحاق بن سامري، فقال:((إذا انفرد ابن إسحاق بحديث تقبله؟)) قال: ((لا والله؛ إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث، ولا يفصل الكلام ذا من ذا)) .
قلت: الرجل مدلس لا شك في ذلك؛ فقد وصفه بالتدليس الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما. وأما ما ذكره الإمام أحمد من أنه يحدث بالحديث عن جماعة ولا يفصل حديث بعضهم عن بعض، فمبلغ هذا القول الاحتياط فيما يرويه ابن إسحاق من الحديث عن بعض الرواة مقرونًا بعضهم ببعض، وأما إطّراح سائر حديثه لهذه العلة، ففيه تعسُّف.
قال ابن عدي رحمه الله: ((فتّشت أحاديثه الكثيرة، فلم أجد فيها ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ، أو يهم في الشيء بعد الشيء كما يخطئ غيره، وهو لا بأس به)) .
والكلام في ابن إسحاق والخلاف فيه طويل، وما ذكرته هو خلاصة القول فيه، وهو الذي ذهب إليه الذهبي وابن حجر.
انظر: "الجرح والتعديل"(7 / 191 - 194 رقم 1087) ، و "الثقات" لابن حبان (7 / 380 - 385) ، و "الكامل" لابن عدي (6 / 2116 - 2125) ، و "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1167) ، و "سير أعلام النبلاء"(7 / 33 - 55) ، و "الميزان"(3 / 468 - 475 رقم 7197)، و:((من تكلم فيه وهو موثق)) للذهبي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (ص159 رقم 293) ، و "التهذيب"(9 / 38 - 46 رقم 51) ، و "التقريب"(ص467 رقم 5725)، و"طبقات المدلسين" (ص132 رقم 125) قال ابن حبان في الموضع السابق من "الثقات":((من أحسن الناس سياقًا للأخبار، وأحسنهم حفظًا لمتونها، وإنما أتى ما أتى لأنه كان يدلس على الضعفاء، فوقع المناكير في روايته من قبل أولئك. فأما إذا بيّن السماع فيما يرويه، فهو ثبت يحتج بروايته)) .
قلت: وقد استثنى الذهبي من حديث ابن إسحاق ما شذّ فيه، فقال في الموضع السابق من "السير":((له ارتفاع بحسبه، ولاسيّما في السِّيَر، وأما في أحاديث الأحكام، فَيَنْحَطُّ حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا ما شذّ فيه، فإن يُعدّ منكرًا، هذا الذي عندي في حاله، والله أعلم)) .
وقال في الموضع السابق من "الميزان": ((فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث، صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئًا، وقد احتجّ به أئمة، والله أعلم)) .
قلت: أما كلام هشام بن عروة والإمام مالك في ابن إسحاق مما يخرجه عن حدّ العدالة فلا يلتفت له؛ لأنهم أولاً: أقران، وكلام الأقران بعضهم في بعضهم معلوم موقف العلماء منه وعدم قبوله. وثانيًا: بالنسبة لكلام هشام بن عروة فيه إنما هو بسبب روايته عن زوجته فاطمة بنت المنذر، وهشام يزعم أن ابن إسحاق لم يرها قط، ورد العلماء ذلك بأنه قد يكون سمع منها من وراء الحجاب دون أن يعلم هشام. وأما الإمام مالك فإنه قد رجع عن قوله فيه كما نص عليه ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب".
وبالجملة فالحديث ضعيف من هذا الطريق لعدم تصريح ابن إسحاق بالسماع فقط، وهو حسن لغيره بمجموع طرقه السابقة، وأصل الحديث في الصحيحين من غير طريق ابن إسحاق، وليس فيه قوله:((فلما كان الشهر الذي هلك بعده عرضه عليه عرضتين)) . =
59 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
(1)
، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نُبِّئْت أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: ((لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا تَبْلُغْنِيهِ الْإِبِلُ أَحْدَث عَهْدًا بالعَرْضة الْآخِرَةِ مِنِّي لَأَتَيْتُهُ أَوْ: لتكلّفت أن آتيه)).
= فالحديث أخرجه البخاري في "صحيحه"(1/ 30 رقم 6)، و (4/ 116 رقم 1902)، و (6/ 305 و 565 رقم 3220 و 3554)، و (9/ 43 رقم 4997).
ومسلم (4/ 1803 و 1804 رقم 50).
كلاهما من طريق يونس، ومعمر، وإبراهيم بن سعد، ثلاثتهم عن ابن شهاب الزهري، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عتبة، عن ابن عباس، به نحو سياق ابن إسحاق، دون الزيادة المشار إليها.
وله شاهد من حديث أبي هريرة وفاطمة رضي الله عنهما.
أما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري في "صحيحه"(9/ 43 رقم 4998)، من طريق ذكوان، عنه، قال: كان يُعرض عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعُرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه.
وأما حديث فاطمة رضي الله عنها، فأخرجه البخاري أيضًا (6/ 627 و 628 رقم 3623 و 3624)، من طريق مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، في حديث وفاته صلى الله عليه وسلم، وفيها أنها سألت فاطمة رضي الله عنها عن الذي أسرّ إليها النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم به، فقالت: أسرّ إلي: إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني هذا العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي.
وأخرجه مسلم (4/ 1904 - 1905 رقم 98) عنها بنحو سياق البخاري.
وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع هذه الطرق والله أعلم.
(1)
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، مولاهم، أبو بشر البصري، المعروف بابن عُلَيَّة، روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وعاصم الأحول وعبد الله بن عون وعوف الأعرابي ويونس بن عبيد وأيوب السختياني وغيرهم، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= روى عنه عبد الله بن وهب والإمامان: الشافعي وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وغيرهم، وروى عنه سعيد بن منصور وأكثر عنه في "سننه"، وكانت وفاته سنة أربع وتسعين ومائة، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص105 رقم 416) . قال ابن المديني:((ما أقول إن أحدًا أثبت في الحديث من ابن علية)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة، ثبتًا في الحديث، حجّة)) . وقال ابن معين: ((كان ثقة، مأمونًا، صدوقًا، مسلمًا، ورعًا تقيًا)) . وقال الإمام أحمد: ((إليه المنتهى في التثبت بالبصرة)) . وقال أبو حاتم: ((ثقة متثبت في الرجال)) . وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(2 / 153 - 155 رقم 513) ، و "التهذيب"(1 / 275 - 279 رقم 513) .
[59]
الحديث سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف لإبهام شيخ محمد بن سيرين، وهو صحيح لغيره عن ابن مسعود، روي عنه من ثلاثة طرق:
1-
طريق ابن سيرين، عن راوٍ مبهم، عن ابن مسعود.
أخرجه المصنف هنا، ولم أجد من أخرجه سواه.
2-
طريق مسروق عنه.
أخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 47 رقم 5002) في "فضائل القرآن"، باب القُرَّاء مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
ومسلم (4 / 1913 رقم 115) في فضائل ابن مسعود من كتاب "فضائل الصحابة" رضي الله عنهم.
وابن سعد في "الطبقات"(2 / 342) .
وابن جرير الطبري في "مقدمة تفسيره"(1 / 80 رقم 83) .
وابن أبي داود في كتاب "المصاحف"(ص23 - 24) .
والخطيب في "الرحلة في طلب الحديث"(ص94 - 95 رقم 25 و 26) .
ومن طريق الخطيب وابن أبي داود وطرق أخرى أخرجه ابن عساكر في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "تاريخه"(39 / 81 و 84 و 85) .
جميع هؤلاء من طريق الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، قال: قال عبد الله رضي الله عنه: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا أنزلت سورة من كتاب الله، إلا أنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه. اهـ.
هذا لفظ البخاري ولفظ الباقين نحوه.
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص21) ، من طريق مغيرة، عن أبي الضحى، به نحو سابقه، وفي أوله زيادة.
ومن طريق ابن أبي داود أخرجه ابن عساكر (39 / 85) .
3-
طريق شقيق، عن ابن مسعود.
أخرجه البخاري (9 / 46 - 47 رقم 5000) .
ومسلم (4 / 1912 رقم 114) .
وابن سعد (2 / 343 -344) .
وابن شبّة في "تاريخ المدينة"(3 / 1007) .
والنسائي في "فضائل القرآن"(ص65 رقم 22) .
وابن أبي داود في "المصاحف"(ص22 - 23) .
ومن طريقه وطرق أخرى أخرجه ابن عساكر (39 / 86 و 87) .
جميعهم من طريق الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ الله أنه قال:{وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} [سورة آل عمران، الآية: 161]، ثم قال: على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟ فلقد قرأت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة، ولقد علم أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحدًا أعلم مني لرحلت إليه. اهـ.
هذا لفظ مسلم ولفظ الباقين نحوه، وبعضهم اختصره.
60 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ
(1)
، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:((لَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقَامُ القِدْح، لَا يَدَعُونَ مِنْهُ أَلِفًا، ولا يجاوز [ل 107/ب] إيمانُهم حناجِرَهم)).
(1)
هو عَرِيب - بفتح أوله، وكسر الراء، بعدها تحتانية، ثم موحدة -، ابن حُميد، أبو عمّار الهمداني، الدُّهني - بالضم، وسكون الهاء، ونون -، روى عن علي وحذيفة وعمار وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو إسحاق وطلحة بن مصرِّف والأعمش وغيرهم، وهو كوفي ثقة من الطبقة الثالثة؛ وثقه يحيى بن معين، والإمام أحمد، وذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "الجرح والتعديل"(7/ 32 رقم 173)، و "التهذيب"(7/ 191 رقم 363)، و "التقريب"(ص 390 رقم 4573).
[60]
الحديث سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف؛ لأن الأعمش مدلِّس كما في الحديث [3]، ولم يصرِّح هنا بالسماع.
والحديث جاء مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من غير طريق حذيفة بنحو لفظه، وهو حسن لغيره كما سبق بيانه في الحديث رقم [31].
وللحديث عن حذيفة طريقان:
1 -
طريق أبي عمار عَريب بن حميد الذي أخرجه المصنف هنا.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 580 رقم 2405)، ولفظ الحديث عنده:((يقرأ القرآن أقوام يقومونه كَمَا يُقَامُ الْقَدَحُ، لَا يَدَعُونَ منه ألفًا ولا واوًا، ولا يجاوز إيمانهم حناجرهم)).
وأخرجه الإمام أحمد في "الإيمان"(ل 126 أو ب) عن أبي معاوية، به نحوه.
2 -
طريق شيخ يكنى: أبا محمد، عن حذيفة.
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 99 رقم 232). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(2 / 480) .
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "الشعب" برقم (2406) .
وأخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل"(ص119) .
والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(3 / 104 / ب / النسخة المسندة) .
والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين"(ل 180 / ب) .
وابن عدي في "الكامل"(2 / 510 - 511) .
ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل"(1 / 111 رقم 160) .
جميعهم من طريق بقية بن الوليد، عن حصين بن مالك الفزاري، عن هذا الشيخ الذي يكنى أبا محمد، عن حذيفة بن اليمان قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجّعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)) .
هذا لفظ أبي عبيد، ولفظ الباقين نحوه.
فلت: وسنده ضعيف جدًّا، وقد حكم عليه الذهبي بالنكارة.
فحصين بن مالك الفزاري شيخ بقية في هذا الحديث ذكره الذهبي في "الميزان"(1 / 553 رقم 2089) ، وذكر هذا الحديث في ترجمته، ثم قال:((تفرد عنه بقيّة، ليس بمعتمد، والخبرُ منكر)) .
وشيخ حصين هذا كنيته أبو محمد، ولم أجد له ترجمة، والذهبي في ترجمة حصين السابقة أبهمه، فقال:((حصين بن مالك الفزاري، عن رجل، عن حذيفة)) ، ويظهر من سياق الحديث أن حصين بن مالك نفسه لم يعرفه، حيث يقول:((سمعت شيخًا يكنى أبا محمد، يحدث عن حذيفة)) .
وقد صرح ابن الجوزي بجهالته، فقال في الموضع السابق من "العلل":
((هذا حديث لا يصح، وأبو محمد مجهول، وبقيّة يروي عن الضعفاء ويدلّسهم)) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: ((وبقيّة هذا هو ابن الوليد بن صائد بن كعب الكَلاعي، أبو يُحْمِد - بضم التحتانية، وسكون المهملة، ، وكسر الميم -، الحمصي، يروي عن محمد بن زياد الأَلْهاني وصفوان بن عمرو الأوزاعي وحَريز بن عثمان وغيرهم، روى عنه يزيد بن هارون ووكيع وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه كثير التدليس عن الضعفاء، وهو ممن عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الرابعة من "طبقات المدلسين"، وهو من اتُّفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهليل، ومع ذلك فبقيّة هذا يدلّس تدليس التسوية، وقد عنعن بينه وبين شيخه، ومن فوقه. قال ابن المبارك: ((كان صدوقًا، ولكنه كان يكتب عمّن أقبل وأدبر)) . وقال عبد الله بن الإمام أحمد: سئل أبي عن بقية وإسماعيل - يعني: ابن عياش -، فقال:((بقية أحب إلي، وإذا حدّث عن قوم ليسوا بمعروفين فلا تقبلوه)) . وسئل عن ابن معين، فقال:((إذا حدث عن الثقات مثل صفوان بن عمرو، وغيره، فاقبلوه، وأما إذا حدث عن أولئك المجهولين فلا. وإذا كنّى الرجل، ولم يُسمِّه، فليس يساوي شيئًا)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((بقيّة ثقة حسن الحديث إذا حدّث عن المعروفين. ويحدّث عن قوم متروكي الحديث، وعن الضعفاء، ويحيد عن أسمائهم إلى كناهم، وعن كناهم إلى أسمائهم)) . وقال النسائي: ((إذا قال: حدثنا، وأخبرنا، فهو ثقة، وإذا قال: عن فلان، فلا يؤخذ عنه؛ لأنه لا يُدرى عمّن أخذه)) .
انظر: "الجرح والتعديل"(2 / 434 - 436 رقم 1728) ، و "التهذيب"(1 / 473 - 478 رقم 878) ، و "التقريب"(ص126 رقم 734) ، و "طبقات المدلسين"(ص121 رقم 117) .
قلت: في كتاب "العلل" لابن أبي حاتم (2 / 154 - 155) فائدة نقلها عن أبيه، بيّن فيها أن بقية يدلّس تدليس التسوية، وخلاصتها: أن بقيّة روى حديثًا عن عبيد الله بن عمرو، عن إسحاق بن أبي فروة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، =
61 -
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسرة
(1)
، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ((كُنْتُ أَتَحدَّى النَّاسَ بِالْحِفْظِ، فَصَلَّيتُ خلْفَ مَسْلَمة بْنِ مُخْلَّد
(2)
، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَمَا ترك ألفًا، ولا واوًا)).
= مرفوعًا، فعمد بقية إلى إسحاق بن أبي فروة لكونه متروكًا، فأسقطه من الإسناد، ثم كنى شيخه عبيد الله بن عمرو ونسبه، فقال: حدثني أبو وهب الأسدي، وذلك لكيلا يفطن له، فرحم الله أبا حاتم الذي كشف مثل هذا التدليس، وانظر:"جامع التحصيل" للعلائي (ص 117 - 118).
وخلاصة ما سبق أن الحديث من الطريق الأول عن حذيفة، مع ما سبق في الحديث [31] حسن لغيره، وأما الطريق الثاني عن حذيفة، فلا يثبت، ولا يصلح للاستشهاد؛ لشدة ضعفه، والله أعلم.
(1)
هو إبراهيم بن ميسرة الطائفي، نزيل مكة، روى عن أنس ووهب بن عبد الله بن قارب - وله صحبه -، وعن طاوس وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وشعبة والسفيانان وابن جريج وغيرهم، مات قريبًا من سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثبت حافظ، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 94 رقم 260). قال الحميدي، عن سفيان بن عيينة:((أخبرني إبراهيم بن ميسرة من لم تر عيناك والله مثله)). ووثقه أحمد، وابن معين، والعجلي، والنسائي، وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث)).
انظر: "الجرح والتعديل"(2/ 133 - 134 رقم 423)، و "التهذيب"(1/ 172 رقم 313).
(2)
هو مسلمة بن مُخَلَّد - بتشديد اللام - الأنصاري، الزرقي، صحابي صغير، سكن مصر، ووليها مرّة، روى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، روى عنه أسلم أبو عمران وعلي بن رباح ومجاهد وغيرهم، توفي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشر سنين، وقيل: وهو ابن أربع عشرة سنة، وكانت وفاته سنة اثنتين وستين للهجرة.
انظر: "سير أعلام النبلاء"(3/ 424 - 426)، و "التهذيب"(10/ 148 رقم 282)، و "التقريب"(ص 532 رقم 666).