المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

62 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ - سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير - ت الحميد - جـ ٢

[سعيد بن منصور]

فهرس الكتاب

62 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ

(1)

، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدة

(2)

، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْقُرْآنُ ذَكَرّ

(3)

، فَذَكِّرُوهُ.

[61] سنده صحيح.

وأخرجه أبو عمر بن يوسف الكندي في "تاريخ مصر وولاتها"(ص 39).

والحاكم في "المستدرك"(3/ 495).

وابن عساكر في "تاريخه"(16/ 458).

أما الكندي فمن طريق ابن أبي عمر، وأما الحاكم فمن طريق الحميدي، وأما ابن عساكر فمن طريق عمرو بن عثمان وعبد الله بن محمد الزهري، جميعهم عن سفيان بن عيينة به، ولفظ ابن عساكر مثل لفظ المصنف هنا، ولفظ الكندي والحاكم ونحوه.

والحديث ذكره ابن الأثير في "أسد الغابة"(4/ 399)، والذهبي في "السير"(3/ 425)، ولم يعزواه لأحد.

(1)

هذا الحديث مكرور سندًا ومتنًا في النسخة.

(2)

هو يحيى بن جَعْدة بن هُبَيْرة بن أبي وَهْب المخزومي، روى عن جدته أم هانئ وعن أبي هريرة وزيد بن أرقم وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه حبيب بن أبي ثابت ومجاهد وأبو الزبير وعمرو بن دينار وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة، وأرسل عن ابن مسعود ونحوه كما في "التقريب"(ص 588 رقم 7520).

فقد وثقه أبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الحربي في "العلل":((لم يدرك ابن مسعود)). وقال أبو حاتم: ((لم يلقه))، وقال ابن المديني:((لم يسمع من أبي الدرداء)).

انظر "الجرح والتعليل"(9/ 133 رقم 562)، و "التهذيب"(11/ 192 - 193 رقم 324).

(3)

أي: أنه جليل خطير فأجلُّوه. انظر "النهاية في غريب الحديث"(2/ 163).

[62]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين يحيى بن جعدة وابن مسعود، وهو صحيح لغيره بمجموع طرقه، فإنه روى عن ابن مسعود من ثلاث طرق:

(1)

طريق يحيى بن جعدة الذي أخرجه المصنف هنا.

وتابعه ابن أبي شيبة، فرواه في المصنف (10/ 556 رقم 10327) عن سفيان به مثله. =

ص: 253

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (2) طريق الشعبي، وهو الآتي برقم [63]، والصواب أنه من طريق علقمة عن ابن مسعود كما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح كما سيأتي.

(3)

طريق زرّ.

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 556 رقم 10326).

والطبراني في "الكبير"(9/ 152 رقم 8697).

كلاهما من طريق معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: إذا تماريتم في القرآن، في ياء أو تاء، فاجعلوها يَاءٍ، وَذَكِّرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ مُذَكّر. اهـ. واللفظ لابن أبي شيبة.

وسند هذا الطريق حسن، رجاله ثقات، عدا عاصم، فصدوق.

أما زِرّ - بكسر أوله وتشديد الراء -، ابن حُبَيْش - بمهملة وموحدة ومعجمة، مصغّر -، ابن حُبَاشة - بضم المهملة، بعدها موحدة، ثم معجمة -، الأسدي الكوفي، أبو مريم، روى عن عُمر وعثمان وعلي وأبي ذر وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي والشعبي وأبو إسحاق الشيباني وعاصم بن بَهْدَلة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وثمانين للهجرة، وقيل: إحدى، وقيل: اثنتين وثمانين وهو ابن سبع وعشرين ومائة سنة وهو ثقة جليل مخضرم، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 215 رقم 2008). فقد وثقه ابن معين، والعجلي، وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث)). وقال أبو جعفر البغدادي: قلت لأحمد: فَزرٌّ، وعلقمة، والأسود؟ قال:((هؤلاء أصحاب ابن مسعود، وهم الثبت فيه)). وقال ابن عبد البر: ((كان عالمًا بالقرآن، قارئًا فاضلاً)).

انظر "الجرح والتعديل"(3/ 622 - 623 رقم 2817)، و"التهذيب"(3/ 321 - 322 رقم 597).

وأما عاصم فتقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث.

وأما زائدة بن قُدامة الثَّقَفي، أبو الصَّلْت الكوفي، فهو يروي عن أبي إسحاق =

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= السبيعي وسليمان التيمي وإسماعيل بن أبي خالد وهشام بن عروة وأبي إسحاق الشيباني والأعمش وعاصم بن بَهْدَلة بن أبي النَّجود وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وابن مهدي وابن عيينة وأبو نعيم ومعاوية بن عمرو وغيرهم، وكانت وفاته في أرض الروم غازيًا سنة ستين، أو إحدى وستين ومائة، وهو ثقة ثبت صاحب سنة، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص213 رقم 1982) . قال أبو أسامة:((حدثنا زائدة، وكان من أصدق الناس وأبّره)) .

وقال الإمام أحمد: ((المثبتون في الحديث أربعة: سفيان وشعبة وزهير وزائدة)) . ووثقه ابن معين والنسائي. وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا صاحب سنة)) . وقال أبو حاتم والعجلي: ((ثقة صاحب سنة)) . وقال ابن حبان: ((كان من الحفاظ المتقنين)) .

انظر "الجرح والتعديل"(3 / 613 رقم 2777) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (9 / 274) ، و"التهذيب"(3 / 306 - 307 رقم 571) .

وأما معاوية بن عمرو بن المهلَّب بن عمرو الأزدي، المَعْنِيُّ - بفتح الميم، وسكون المهملة، وكسر النون-، أبو عمرو البغدادي، ويعرف بابن الكِرْمَاني، فهو يروي عن زائدة بن قدامة وجرير بن حازم وإسرائيل بن يونس وفضيل بن مرزوق وغيرهم، روى عنه يحيى بن معين وابنا أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة ومائة، ووفاته سنة أربع عشرة ومائتين، وقيل: ثلاث عشرة ومائتين، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص538 رقم 6768) . قال الإمام أحمد:((صدوق ثقة)) ، ووثقه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات".

انظر "الجرح والتعديل"(8 /386 رقم 1762) ، و"التهذيب"(10 / 215 - 216 رقم 395) .

وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (3 / 362 رقم 5979) من طريق سفيان الثوري، عن عاصم، به، بلفظ: أديموا النظر في المصحف، وإذا اختلفتم في =

ص: 255

63 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نا دَاوُدُ

(1)

، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْقُرْآنُ ذِكْرٌ، فَذَكِّرُوهُ، وَإِنِ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْيَاءِ وَالتَّاءِ، فَاجْعَلُوهَا ياء.

= ياء وتاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن.

هذا لفظ الطبراني في "الكبير"(9/ 152 رقم 8696) حيث روى الحديث من طريق عبد الرزاق، وأما المصنَّف المطبوع فعبارته لا تستقيم.

وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، والله أعلم.

(1)

هو داود بن أبي هند القُشيري مولاهم، أبو بكر، أو أبو محمد البصري، أحد الأعلام، كان حافظًا، صوامًا دهره، قانتًا لله. روى عن الشعبي وعكرمة وسعيد بن المسيب ومكحول الشامي وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وابن جريج والحمّادان ويزيد بن هارون وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة، وقيل: أربعين، وقيل: إحدى وأربعين ومائة، قال الثوري:((هو من حفاظ البصريين))، وقال الإمام أحمد:((ثقة ثقة))، وسئل عنه مرة أخرى، فقال:((مثل داود يُسئل عنه؟!!)). ووثقه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وابن خراش، وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث)). وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة ثبت))، وقال العجلي:((بصري ثقة، جيد الإسناد، رفيع، وكان صالحًا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 411 - 412 رقم 1881)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (8/ 463)، و"الكاشف"(1/ 292 رقم 1479)، و"التهذيب"(3/ 204 - 205 رقم 388).

قلت: وفي "التقريب"(ص 200 رقم 1817) قال الحافظ ابن حجر عن داود هذا: ((ثقة متقن، كان يَهِم بأَخَرةٍ)). اهـ.

ولم أجد من وصف داود هذا بأنه كان يهم في أخر عمره، ولم يذكره سبط ابن العجمي في "الاغتباط"، ولا ابن الكيال في "الكواكب النيرات"، ولا الذهبي في "الميزان"، والظاهر أن ابن حجر اعتمد على قولٍ لابن حبان، ونقل عن الإمام أحمد. =

ص: 256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما الإمام أحمد، ففي الموضع السابق من "التهذيب" قال الحافظ:((قال الأثرم عن أحمد: كان كثير الاضطراب والخلاف)) ، وهذا إن صح عن الإمام أحمد معارض بما تقدم عنه من حسن الثناء على داود هذا وشدة التوثيق.

وأما ابن حبان، فإنه ذكر داود هذا في كتابه "الثقات"(6 / 278 - 279)، وقال:((كان داود من خيار أهل البصرة من المتقنين في الروايات، إلا أنه كان يهم إذا حدث من حفظه، ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير يخطئ، والوهم القليل يهم، حتى يفحش ذلك منه؛ لأن هذا مما لا ينفكّ منه البشر)) . اهـ.

فكلام ابن حبان هذا يفيد أن وهم داود وخطأه لم يكن بالكثير، ومع ذلك فابن حبان متشدد في الجرح، وكلامه هذا معارض بثناء الأئمة المتقدم ذكرهم.

[603]

الحديث سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين الشعبي وابن مسعود، فقد نص أبو حاتم والدارقطني والحاكم على أنه لم يسمع منه كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص160) ، و"جامع التحصيل"(ص248) ، و"التهذيب"(5 / 68) .

لكن ابن أبي شيبة أخرجه الحديث في مصنفه (10 / 555 - 556 رقم 10324) من طريق شيخه علي بن مسهر، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ علقمة، عن عبد الله، به نحوه.

وهذا إسناد صحيح، وقد زاد علي بن مسهر في الإسناد علقمة، وعلي حافظ فقيه محدث ثقة، فزيادته مقبولة، وهو علي بن مُسْهِر - بضم الميم وسكون المهملة وكسر الهاء -، القرشي، أبو الحسن الكوفي، قاضي الموصل، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش وداود بن أبي هند وغيرهم، روى عنه أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وهنّاد بن السّري وعلي بن حجر وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثمانين ومائة، وقد وثقه ابن معين، وقال:((هو أثبت من ابن نمير)) ، ووثقه النسائي وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث)) ، وقال العجلي:((صاحب سنة، ثقة في الحديث، ثبت فيه، صالح الكتاب، كثير الرواية عن الكوفيين)) ، وقال =

ص: 257

64 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عطيَّة بْنَ قَيْسٍ

(1)

وأشياخَنَا يَقُولُونَ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ في قراءة ياء، وتاء، فاقرؤا عَلَى يَاءٍ، وذكِّروا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ مُذَكَّر.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: الْيَاءُ عَامَّةٌ، وَالتَّاءُ خاصة.

= أبو زرعة: ((صدوق ثقة)).

انظر "الجرح والتعديل"(6/ 204 رقم 1119)، و"الكاشف"(2/ 295 رقم 4026)، و"التهذيب"(7/ 383 - 384 رقم 623).

وللحديث طرق أخرى تقدم ذكرها في الحديث السابق، فهو صحيح عن ابن مسعود، والله أعلم.

(1)

هو عطية بن قيس الكلابي، أبو يحيى الشامي، روى عن أُبَيّ بن كعب ومعاوية والنعمان بن بشير وأبي الدرداء وابن عُمر وابن عَمرو وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو بكر بن أبي مريم وسعيد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن يزيد وغيرهم، وكان مولده سنة سبع عشرة للهجرة، ووفاته سنة إحدى وعشرين ومائة، وقيل: إنه ولد في حياة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سنة سبع وتوفي سنة عشر ومائة، وهو ثقة مقرئ كما في "التقريب" (ص 393 رقم 4622). قال ابن سعد:((كان معروفًا وله أحاديث))، وقال عبد الواحد بن قيس:((كان الناس يصلحون مصاحفهم على قراءة عطية بن قيس))، وقال دحيم:((كان أسنَّهم - يعني أسنّ أقرانه -، وكان غزا مع أبي أيوب الأنصاري، وكان هو وإسماعيل بن عبيد الله قارئ الجند))، وقال أبو حاتم:((صالح الحديث))، وقال أبو مسهر، ((كان مولده في حياة رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سنة

(7)

، وغزا في خلافة معاوية، وتوفي في سنة عشر ومائة))، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:((كان مولده سنة (17)))، وكذا قال أبو حاتم أيضًا. =

ص: 258

65 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الكَلَاعي

(1)

، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ مَعْدان، يَقُولُ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي قِرَاءَةِ يَاءٍ، وَتَاءٍ، فاقرؤوا عَلَى يَاءٍ، وَذَكِّرُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ مُذَكَّر.

66 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ دِينَارٍ

(2)

، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ سُنّة، يَأْخُذُهَا الْآخِرُ عَنِ الْأَوَّلِ.

= انظر "الجرح والتعديل"(6/ 383 - 384 رقم 2131)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 940)، والتهذيب (7/ 228 رقم 418).

[64]

الحديث سنده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم كما في الحديث المتقدم برقم [25]، ولأن إسماعيل بن عياش لم يصرِّح بالسماع، وهو مدلس كما في ترجمته في الحديث [9]، وأما معنى الحديث فصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه كما في الحديثين السابقين.

(1)

لم أجد راويًا بهذا الاسم، والظاهر أن في الإسناد تصحيفًا وأن الصواب:((عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيِّ))، فإنه هو الذي يروي عن إسماعيل بن عياش، فإن كان هو فهو ثقة كما سيأتي في ترجمته في الحديث [70].

[65]

الحكم على سند الحديث متوقف على معرفة حال مالك الكلاعي، ومع ذلك فإسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9]، ولم يصرِّح هنا بالسماع.

وقد صح الحديث عن ابن مسعود كما تقدم برقم [62 و 63].

(2)

هو شعيب بن أبي حمزة دينار الأموي، مولاهم، أبو بشر الحمصي، روى عن الزهري ومحمد بن المنكدر ونافع مولى ابن عمر وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه ابنه بشر وبقيّة بن الوليد والوليد بن مسلم وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين أو ثلاث وستين ومائة وقد جاوز السبعين، وهو ثقة عابد من أثبت =

ص: 259

67 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَاد

(1)

، عَنْ أَبِيهِ

(2)

، عَنْ خَارِجَة بْنِ زَيْدٍ

(3)

، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: القراءة سُنَّة.

= الناس في الزهري، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 267 رقم 2798)، فقد وثقه يعقوب بن شيبة، وأبو حاتم، والنسائي، وابن معين، وزاد:((من أثبت الناس في الزهري، كان كاتبًا له))، وقال العجلي:((ثقة ثبت)) وقال الخليلي: ((ثقة متفق عليه، حافظ، أثنى عليه الأئمة)).

انظر "الجرح والتعديل"(4/ 344 - 345 رقم 1508)، و"التهذيب"(4/ 351 - 352 رقم 588).

[66]

الحديث سنده ضعيف لتدليس إسماعيل بن عياش، فإنه مدلس من الثالثة كما في ترجمته في الحديث رقم [9]، وقد دلّس هذا الحديث، فأسقط شيخه الليث ابن أبي سليم.

فالحديث أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(2/ 196 رقم 1597) من طريق خلف بن هشام، عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ لَيْثٍ عن شعيب بن دينار

، فذكره بلفظه.

وليث بن أبي سليم اختلط فتُرك حديثه كما في الحديث رقم [9]، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله، والله أعلم.

(1)

هو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عبد الله بن ذكوان المدني، مولى قريش، روى عن أبيه وموسى بن عقبة وهشام بن عروة والأوزاعي وغيرهم، روى عنه المصنِّف سعيد بن منصور في مواضع من سننه، وروى عنه أبو داود الطيالسي وهناد بن السَّريّ وعلي بن حجر وغيرهم، وكانت ولادته سنة مائة، ووفاته سنة أربعين وسبعين ومائة، وهو صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، وكان فقيهًا، ولي خراج المدينة فحُمد كما في "التقريب"(ص 340 رقم 3861). فقد وثقه العجلي، وصحح الترمذي عدة من أحاديثه وقال:((ثقة حافظ))، وقال ابن معين:((أثبت الناس في هشام بن عروة: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ)). وحكى الساجي عن ابن معين أيضًا أنه قال: ((عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عن أبيه، عن الأعرج، =

ص: 260

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن أبي هريرة حجّة))، وجاء في روايات أُخر عن ابن معين أنه ضعفه، وضعفه كذلك النسائي، وقال الإمام أحمد:((مضطرب الحديث))، وقال يعقوب بن شيبة:((ثقة صدوق، وفي حديثه ضعف))، وقال ابن المديني:((حديثه بالمدينة مقارب، وما حدث به بالعراق فهو مضطرب، وقد نظرت فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي فرأيتها مقاربة))، وقال أيضًا:((ما حدث به عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ بالمدينة فهو صحيح، وما حدث به ببغداد أفسده البغداديون))، وقال الفلاس:((عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ فيه ضعف، وما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد)).

انظر "الجرح والتعديل"(5/ 252 رقم 1201)، و"تاريخ بغداد"(10/ 228 - 230)، و"التهذيب"(6/ 170 - 173 رقم 353).

(2)

هو عبد الله بن ذكوان القرشي، أبو عبد الرحمن المدني، المعروف بأبي الزناد، روى عن أنس وعائشة بنت سعد وأبي أمامة بن سهل بن حُنيف وسعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد والأعرج وهو راويته، روى عنه ابناه عبد الرحمن وأبو القاسم والأعمش ومحمد بن عجلان وهشام بن عروة وموسى بن عقبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة، وقيل: إحدى، وقيل: اثنتين وثلاثين ومائة وهو ابن ست وستين سنة، وهو ثقة فقيه، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 302 رقم 3302)، فقد وثقه أحمد والعجلي والنسائي والساجي والطبري وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث فصيحًا بصيرًا بالعربية)). وكان سفيان يسميه: أمير المؤمنين، وقال ابن معين:((ثقة حجة))، وقال أبو حاتم:((ثقة فقيه، صالح الحديث، صاحب سنة، وهو ممن تقوم به الحجة إذا روى عن الثقات)).

"الجرح والتعديل"(5/ 49 - 50 رقم 227)، و"التهذيب"(5/ 203 - 205 رقم 351).

(3)

هو خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأنصاري، أبو زيد المدني، روى عن أبيه وعمه =

ص: 261

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يزيد وأسامة بن زيد وسهل بن سعد وغيرهم، روى عنه ابنه سليمان والزهري والمطلب بن عبد الله بن حنطب وأبو الزناد وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وتسعين أو مائة، وهو ثقة فقيه، أحد الفقهاء السبعة، روى له الجماعة، وثقه العجلي وابن سعد وزاد:((كثير الحديث)) ، وقال ابن خراش:((خارجة بن زيد أجلّ من كل من اسمه خارجة)) ، وقال أبو الزناد:((كان أحد الفقهاء السبعة)) ، وقال مصعب الزبيري:((كان خارجة وطلحة بن عبد الله بن عوف يقسمان المواريث، ويكتبان الوثائق، وينتهي الناس إلى قولهما)) .

انظر "سير أعلام النبلاء"(4 / 437 - 441) ، و"التهذيب"(3 / 74 - 75 رقم 143) ، و"التقريب"(ص186 رقم 1609) .

[67]

الحديث في سنده عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وتقدم الكلام عنه، لكن الذي يظهر أن هذا مما حفظه عبد الرحمن، فإنه قد رواه عنه سليمان بن داود الهاشمي كما سيأتي، وروايته عنه أثنى عليها ابن المديني كما سبق، فأقل أحوال الحديث أنه حسن لذاته، وقد صححه الحاكم كما سيأتي ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(5 / 145 - 146 رقم 4855) .

والبيهقي في "سننه"(2 / 385) في الصلاة، باب وجوب القراءة على ما نزل من الأحرف السبعة.

والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(2 / 196 رقم 1596) .

ثلاثتهم من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أن الخطيب قال في روايته:((عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ كان يقول)) .

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2 / 224) من طريق سليمان بن داود الهاشمي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، لكن تحرّف في المطبوع قوله:((سنة)) إلى: ((سبعة)) ، وتصحف اسم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ إلى:((عبد الله بن أبي الزناد)) .

وقد أخرجه البيهقي في "الشعب"(5 / 600 رقم 2425) من طريق الحاكم على الصواب. =

ص: 262

68 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ تَمَامِ بْنِ نَجيح

(1)

، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَعَمِلَ بِهِ، فَقَدْ أَخَذَ أَمْرَ ثُلُثِ النُّبُوَّةِ، وَمَنْ أَخَذَ نِصْفَ الْقُرْآنِ، فَقَدْ أَخَذَ أَمْرَ نِصْفِ النُّبُوَّةِ، وَمَنْ أَخَذَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، فَعَمِلَ بِهِ، فَقَدْ أَخَذَ النُّبُوَّةَ كلها)).

= قال سلميان بن داود عقب روايته للحديث: ((يعني أن لا تخالف الناس برأيك في الاتباع)).

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 334 رقم 786)، من طريق حجاج بن محمد المصيِّصي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به مثله.

وأخرجه الطبراني من طريق سعيد بن أبي مريم وعيسى بن ميناء، كلاهما عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به مقرونًا بالرواية السابقة، وزاد ابن أبي مريم:((لا تخالف الناس برأيك)).

وكان أبو عبيد قد قال قبل إخراجه (ص 333): ((وإنما نرى القراء عرضوا القراءة الأخيرة على أهل المعرفة بها، ثم تمسكوا بما علموا منها مخافة أن يزيغوا عن ما بين اللوحين بزيادة أو نقصان، ولهذا تركوا سائر القراءات التي تخالف الكتاب، ولم يلتفتوا إلى مذاهب العربية فيها إذا خالف ذلك خطّ المصحف، وإن كانت العربية فيها أظهر بيانًا من الخط، ورأوا تتبع حروف المصاحف وحفظها عندهم كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها، وقد وجدنا هذا المعنى في حديث مرفوع وغير مرفوع

))، ثم ذكر الحديث السابق برقم [35]، وذكر أثر زيد بن ثابت هذا، ثم قال:((فقول زيد هنا يبين لك ما قلنا؛ لأنه الذي ولي نسخ المصاحف التي أجمع عليها المهاجرون والأنصار، فرأى اتباعها سنة واجبة)). اهـ. والله أعلم.

(1)

هو تمّام بن نَجيح الأسدي الدمشقي، نزيل حلب، روى عن الحسن البصري =

ص: 263

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعطاء بن أبي رباح وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد ومبشّر بن إسماعيل وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة السابعة كما في "التقريب"(ص130 رقم 898) ؛ فقد وثقه ابن معين، وقال أبو توبة: ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا تمام وهو ثقة، وقال البزار:((صالح الحديث)) ، وقال مرة:((ليس بقوي)) .

وقال البخاري: ((فيه نظر)) ، وقال أبو زرعة:((ضعيف)) ، وقال أبو حاتم:((منكر الحديث ذاهب)) .

وقال ابن حبان: ((روى أشياء موضوعة عن الثقات، كأنه المتعمد لها)) ، وقال ابن عدي:((عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات، وهو غير ثقة)) .

انظر "الجرح والتعديل"(2 / 445 رقم 1788) ، و"التهذيب"(1 / 510 - 511 رقم 949) .

[68]

الحديث سنده ضعيف جدًّا لإرساله وضعف تمّام بن نجيح، ولأن إسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] ، ولم يصرِّح بالسماع هنا.

وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 532 رقم 2354) من طريق المصنف بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله:((أمر)) في الموضعين.

وذكره السيوطي في "اللآلئ"(1 / 243) من رواية المصنف، فقال: ((قال سعيد بن منصور في سننه

)) ، فذكره مثل لفظ البيهقي.

والحديث ذكره صاحب "كنز العمال"(1 / 524 رقم 2346) ، وعزاه لابن الأنباري في "المصاحف".

وابن الأنباري أخرجه من طريق إدريس بن خلف، عن إسماعيل بن عياش، به بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله:((فعمل به)) ، نقله عنه القرطبي في "مقدمة تفسيره"(1 / 8 - 9) .

وله شاهدان لا يثبت الحديث بشيء منهما، أحدهما من حديث أبي أمامة، والآخر من حديث ابن عمر.

أما حديث أبي أمامة، فلفظه نحو لفظ المصنف هنا، وفيه زيادة. =

ص: 264

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه ابن حبان في "المجروحين"(1 / 187 - 188) .

وابن عدي في "الكامل"(2 / 440 - 441) .

وابن الأنباري في "المصاحف" كما في "مقدمة تفسير القرطبي"(1 / 8) ، و"اللآلئ"(1 / 243) ، و"الجامع الكبير" للسيوطي (1 / 819) .

والبيهقي في "شعب الإيمان"(4 / 557 - 558) و (5 / 530) .

وابن الجوزي في "الموضوعات"(1 / 252 - 253) .

جميعهم من طريق بشر بن نمير، عن القاسم مولى خالد بن يزيد، عن أبي أمامة مرفوعًا، به.

قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ قال أحمد: ترك الناس حديث بشر، وقال مَرَّةً: يحيى بن العلاء كذابٍ يضع الحديث، وبشر بن نمير أسوأ حالاً منه. وقال يحيى بن سعيد: كان ركنًا من أركان الكذب. وقال أبو حاتم الرازي: متروك. وقال ابن حبان: والقاسم يروي عن أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المعضلات)) . اهـ.

وقال السيوطي في "الجامع": ((أورده ابن الجوزي في الموضوعات، فلم يصب)) ، وتعقبه في "اللآلئ" بذكر هذه الشواهد.

وفي ترجمة بشر في "الميزان"(1 / 326) أورد الذهبي هذا الحديث، ثم قال:((ولبشر عن القاسم نسخة كبيرة ساقطة)) .

قلت: تعقب السيوطي لابن الجوزي في غير موضعه؛ لأن الشواهد التي أوردها بعضها لا يصلح للاستشهاد، وبعضها يشهد لجزء من الحديث.

فحديث أبي أمامة هذا موضوع لما تقدم عن حال بشر بن نمير.

وأما حديث ابن عمر، فأخرجه الخطيب في "تاريخه"(12 / 446) من طريق قاسم بن إبراهيم الملطي، حدثنا لوين، حدثنا مالك بن أنس، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به مرفوعًا بلفظ: ((من قرأ ثلث القرآن أعطي ثلث النبوة، ومن قرأ ثلثي القرآن أعطي ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن كله أعطي النبوة كلها

)) الحديث، وفيه زيادة. قال الخطيب في الموضع السابق عن إبراهيم الملطلي: ((كان كذابًا أفّاكًا يضع الحديث، روى عنه =

ص: 265

69 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(1)

، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو

(2)

، عَنْ حَبِيبِ بْنِ هِنْدٍ

(3)

، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

(4)

، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الطُّوَّل مِنَ القرآن، فهو خير)).

= الغرباء، عن أبي أمية المبارك بن عبد الله، وعن لوين، عن مالك عجائب من الأباطيل)). اهـ.

وقد ذكر الذهبي القاسم هذا في "الميزان"(3/ 367 - 368)، ونقل عن الدارقطني أنه قال عنه:((كذاب))، ثم قال الذهبي: ((قلت: أتى بطامّات لا تطاق

))، ثم ذكر حديثًا وقال بعده: ((وأطمّ منه ما روى عن لوين

))، ثم ذكر هذا الحديث، وقال:((وهذا باطل وضلال كالذي قبله)). اهـ.

وبهذا يتضح أن تعقب السيوطي لابن الجوزي ليس في موضعه، لأن هذين الحديثين موضعان لا يساويان مداد تسويدهما.

(1)

هو عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدَّراوَرْدي، أبو محمد الجهني، مولاهم، المدني، روى عن زيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وحميد الطويل وعمرو بن أبي عمرو وغيرهم، روى عنه الإمام الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن وهب ووكيع والحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل: تسع وثمانين ومائة، وقيل: ست وثمانين ومائة، وهو صدوق حسن الحديث، عدا روايته عن عبيد الله بن عمر العمري فمنكرة، وقد روى له الجماعة، لكن رواية البخاري عنه مقرونة. فقد وثقه مالك، وقال ابن معين:((ثقة حجة))، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث يغلط))، وقال الإمام أحمد: ((كان معروفًا بالطلب، وإذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وهم، وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها =

ص: 266

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن عبيد الله بن عمر))، وقال النسائي:((ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر))، وقال أبو حاتم:((محدِّث))، وقال أبو زرعة:((سيء الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ)).

انظر "الجرح والتعديل"(5/ 395 - 396 رقم 1833)، و"التهذيب"(6/ 353 - 355 رقم 677).

وقد خرج الذهبي رحمه الله في كتابيه: ((الميزان)) و ((السير))، بأن الدراوردي صدوق حسن الحديث، فقال في "الميزان" (2/ 633 رقم 5125):((عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق من علماء المدينة، غيره أقوى منه)). وقال في "سير أعلام النبلاء"(8/ 368): ((قلت: حديثه في دواوين الإسلام الستة، لكن البخاري روى له مقرونًا بشيخ آخر، وبكل حال فحديثه وحديث ابن أبي حازم لا ينحطّ عن مرتبة الحسن)). اهـ.

(2)

هو عمرو بن أبي عمرو ميسرة مولى المطلب، أبو عثمان المدني، روى عن أنس بن مالك ومولاه المُطَّلبِ وعكرمة وسعيد بن جبير وحبيب بن هند وغيرهم، روى عنه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ويزيد بن الهاد والإمام مالك والدَّرَاوَرْدي وغيرهم وكانت وفاته سنة أربع وأربعين ومائة، وهو ثقة ربما وهم، حسن الحديث، روى له الجماعة، وهو مختلف فيه، وانتقدت عليه بعض الروايات، فوثقه أبو زرعة والعجلي وزاد:((ينكر عليه حديث البهيمة))، وقال الإمام أحمد:((ليس به بأس))، وقال أبو حاتم:((لا بأس به))، وكذا قال ابن عدي وزاد:((لأن مالكًا يروي عنه، ولا يروي مالك إلا عن صدوق ثقة)) وقال الساجي: ((صدوق، إلا أنه يهم)). وضعفه ابن معين، وقال أبو داود:((ليس هو بذاك))، وقال النسائي:((ليس بالقوي)).

قلت: والراجح من حاله أنه حسن الحديث، قال الذهبي: ((صدوق، حديثه مُخرّج في الصحيحين في الأصول

، حديثه صالح حسن منحطّ عن الدرجة العليا من الصحيح))، ولما قال ابن القطان: ((الرجل مستضعف، وأحاديثه تدلّ على =

ص: 267

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حاله))، ردّ عليه الذهبي بقوله:((ما هو بمستضعف ولا بضعيف، نعم ولا هو في الثقة كالزهري وذويه)).

انظر "الجرح والتعديل"(6/ 252 - 253 رقم 1398)، و"الكامل" لابن عدي (5/ 1768 - 1769)، و"الميزان"(3/ 281 - 282 رقم 6414)، و"التهذيب"(8/ 82 - 84 رقم 122)، و"التقريب"(ص 425 رقم 5083).

(3)

هو حبيب بن هند بن أسماء بن هند بن حارثة الأسلمي، مجهول الحال، روى عن أبيه وعروة بن الزبير، وعنه عبد الله بن أبي بكر وعمرو بن أبي عمرو، ذكره البخاري في "تاريخه"(2/ 327 رقم 2639)، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 110 رقم 505)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 141 - 142) و (6/ 177)، وانظر "تعجيل المنفعة"(ص 59 - 60 رقم 178).

(4)

عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، روى عن أبيه وأخيه عبد الله وأمه أسماء بنت أبي بكر وخالته عائشة وعلي بن أبي طالب وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أولاده عبد الله وعثمان وهشام ومحمد ويحيى، وروى عنه أيضًا سليمان بن يسار وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ والزهري وأبو الزناد وابن أبي مليكة وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار ومحمد بن المنكدر وحبيب بن هند وغيرهم، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: توفي سنة اثنتين وتسعين للهجرة، وقيل: سنة أربع، وقيل: خمس، وقيل: تسع وتسعين، أو مائة، أو إحدى ومائة، ومات وهو ابن سبع وستين سنة، وهو ثقة فقيه مشهور روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 389 رقم 4561). قال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث فقيهًا عالمًا ثبتًا مأمونًا))، وقال العجلي:((مدني تابعي ثقة، وكان رجلاً صالحًا لم يدخل في شيء من الفتن)).

انظر "طبقات ابن سعد"(5/ 178 - 182)، و"التهذيب"(7/ 180 - 185 رقم 351).

[69]

الحديث سنده ضعيف لجهالة حبيب بن هند، وقد ذكره الحافظ ابن كثير في =

ص: 268

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "التفسير"(1 / 35) من رواية أبي عبيد الآتية، ثم قال:((غريب، وحبيب بن هند بن أسماء بن هند بن حارثة الأسلمي، وروى عنه عمرو بن عمرو [كذا!] ، وعبد الله بن أبي بكر، وذكره أبو حاتم الرازي، ولم يذكر فيه جرحًا، فالله أعلم)) .

وقد صحح الحاكم هذا الحديث كما سيأتي ووافقه الذهبي.

والحديث أخرجه البزار في "مسنده"(3 / 95 رقم 2327 / كشف) .

والفريابي في "فضائل القرآن"(ص171 - 172 رقم 65) .

والطحاوي في "مشكل الآثار"(2 / 153 - 154) .

والبغوي في "شرح السنة"(4 / 468 رقم 1203) .

جميعهم من طريق عبد العزيز بن محمد، به نحوه.

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص157 رقم 404) .

والإمام أحمد في "المسند"(6 / 72 - 73) .

ومحمد بن نصر في "قيام الليل"(ص153) .

والطحاوي في الموضع السابق (ص154) .

والحاكم في "المستدرك"(1 / 564) .

والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 353 رقم 2191) .

والبغوي في الموضع السابق.

جميعهم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، به.

وأخرجه الإمام أحمد (6 / 82) .

والواحدي في "الوسيط"(2 / 123 / ب) .

والخطيب في "تاريخه"(10 / 108) .

ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل"(1 / 103 - 104 رقم 149) .

جميعهم من طريق سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، به.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.

والحديث ذكره الألباني في "صحيح الجامع"(5 / 232 رقم 5855)، وقال عنه: =

ص: 269

70 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الكَلاعي

(1)

، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه (يَقُولُ)

(2)

: أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ، وَتَفَقَّهُوا فِي السُّنَّة، وَأَحْسِنُوا عِبَارَةَ الرُّؤْيَا، وَإِذَا قَصَّ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ خَيْرًا فَلَنَا، وَإِنْ كَانَ شرًّا فعلى عدونا.

= ((حسن))، وعزا تخريجه للسلسلة الصحيحة رقم (2305)، ولم يطبع بعد.

تنبيه: السبع الطوال من القرآن هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس.

وسميت طوالاً؛ لطولها.

انظر "شعب الإيمان" للبيهقي (5/ 356 - 357)، و"القطع والائتناف" للنحاس (ص 82).

(1)

هو عبيد الله بن عبيد، أبو وهب الكَلَاعي - بفتح الكاف -، روى عن مكحول وبلال بن سعد وحسّان بن عطيّة وغيرهم، روى عنه الأوزاعي وسويد بن عبد العزيز والهيثم بن حميد وإسماعيل بن عيّاش وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة، وثقه دُحيم، وقال ابن معين:((ليس به بأس)).

انظر "تاريخ ابن عساكر"(10/ 702 - 704)، و"التهذيب"(7/ 35 رقم 65).

وروايته هنا عن عمر بن الخطاب، وهو لم يدركه؛ لأن الفرق بين وفاته ووفاة عمر رضي الله عنه ما يقرب من ثمان سنين ومائة، بل لم يذكروا في ترجمته أنه روى عن أحد من الصحابة، وإنما يروي عن التابعين، وعليه فهو من أتباع التابعين، وبذا صرح ابن عساكر في الموضع السابق حيث قال:((كلاعي من تابعي التابعين)). أما الحافظ ابن حجر فذكر في "الإصابة"(7/ 461) أنه تابعي، وذلك في معرض التفريق بينه وبين أبي وهب الجُشَمي الصحابي، وليست أدري على أي شيء اعتمد في وصفه بأنه تابعي؟!

(2)

ما بين القوسين سقط من الأصل، وما أثبته من الموضعين الآتيين من "شعب الإيمان" و"كنز العمال".

ص: 270

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[70] الحديث سنده ضعيف للانقطاع بين عبيد الله الكلاعي وعمر رضي الله عنه، ولأن إسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9]، ولم يصرِّح بالسماع هنا.

وقد ذكره صاحب "كنز العمال"(15/ 517 رقم 42014) وعزاه لسعيد بن منصور.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 242 رقم 2098) من طريق سعيد بن منصور، به مثله، إلا أنه قال:((فإذا قص)).

والحديث له عن عمر رضي الله عنه ثلاثة طرق:

(1)

طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيِّ الذي أخرجه المصنف هنا.

(2)

طريق الحسن البصري، وهو الآتي برقم [89]، وهو ضعيف.

(3)

طريق عمرو بن دينار:

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 456 - 457 رقم 9963)، فقال: حدثنا عيسى بن يونس، عن ثور، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كتب عمر إلى أبي موسى: أما بعد، فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي، وتمعددوا فإنكم مَعْديّون.

هكذا أخرجه ابن أبي شيبة في هذا الموضع، وكان قد أخرجه قبل ذلك (8/ 603 رقم 5703) من نفس الطريق السابق مختصرًا، إلا أنه قال:(عمر بن زيد) بدل: (عمرو بن دينار).

وسنده ضعيف أيضًا للانقطاع بين عمرو بن دينار وعمر بن الخطاب.

فعمرو بن دينار إنما يروي عن صغار الصحابة، والانقطاع بينه وبين عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ظاهر، فولادته كانت بعد سنة خمس وأربعين بيقين، فإنه توفي وقد جاوز السبعين كما قال ابن حبان، ووفاته كانت سنة خمس أو ست وعشرين ومائة كما قال الإمام أحمد. انظر "التهذيب"(8/ 30).

وعليه فالحديث لا ينجبر ضعفه بهذه الطرق، وانظر الحديث الآتي برقم [89].

ص: 271

71 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ.

72 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ

(1)

، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَنْزَلَ هَذَا الْقُرْآنَ آمِرًا، وَزَاجِرًا، وَسُنَّةً خَالِيَةً، وَمَثَلًا مَضْرُوبًا، (فِيهِ)

(2)

نَبَؤُكُمْ، وَنَبَأُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ خَاصَمَ بِهِ فَلَجَ

(3)

، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، لَا يُخْلِقُه طولُ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ)).

[71] الحديث سنده ضعيف، فليث بن أبي سليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه، فتُرك.

وقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 457 رقم 9965) من طريق معتمر، عن ليث، به مثله.

(1)

هو عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن حمزة بن صهيب بن سنان الحمصي، روى عن نافع مولى ابن عمر ومحمد بن المنكدر ومجاهد وغيرهم، لم يرو عنه سوى إسماعيل بن عياش، وهو متروك كما قال الدارقطني، وقال ابن معين:((ضعيف الحديث، لم يحدِّث عنه غير إسماعيل))، وقال أبو زرعة:((مضطرب الحديث، واهي الحديث))، وقال أبو حاتم:((هو عندي عجيب ضعيف الحديث منكر الحديث، يكتب حديثه؛ يروي أحاديث مناكير، ويروي أحاديث حسانًا)). وقال أبو داود: ((ليس بشيء))، وقال النسائي:((ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)). اهـ.

من "الجرح والتعديل"(5/ 387 - 388 رقم 1085)، و"التهذيب"(6/ 348 - 349 رقم 668).

وقال الذهبي في "الكاشف"(2/ 201 رقم 3446): ((واهٍ)).

قلت: وهو من أتباع التابعين، يروي عن التابعين مثل نافع ومحمد بن المنكدر

ص: 272

73 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلةَ، عَنِ المُسَيَّب بْنِ رَافِعٍ أَوْ غَيْرِهِ - شَكَّ حَمَّادٌ - قَالَ: مَنْ قَرَأَ: {إِذَا زُلْزِلَتِ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ نِصْفَ الْقُرْآنِ، وَمَنْ قَرَأَ:{قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، وَمَنْ قَرَأَ:{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ.

= وغيرهما، فروايته هنا معضلة.

(2)

في الأصل: ((فيها)).

(3)

أي: غَلَبَ.

انظر "النهاية في غريب الحديث"(3/ 468).

[72]

سنده ضعيف جدًّا لإعضاله وشدّة ضعف عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ.

(1)

هكذا في الأصل لم يذكر شيئًا من فضلها، وفي رواية ابن الضريس الآتية وغيرها ذكر أنها ربع القرآن.

[73]

الحديث سنده رجاله ثقات، عدا عاصم فصدوق، لكنه ضعيف؛ لأن حماد بن زيد لم يضبط هذا الحديث. فهو هنا يرويه عن عاصم، عن المسيب، أو غيره - على الشك -.

وأخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص 127 رقم 300) من طريق شيخه أبي الربيع الزهراني، عن حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ قال: كان يقال: {قل هو الله أحد} ثلث القرآن، و {إذا زلزلت} نصف القرآن، و {قل يا أيها الكافرون} ربع القرآن.

وقد ورد الحديث مرفوعًا من حديث ابن عباس وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهم.

أما حديث ابن عباس، فأخرجه الترمذي (8/ 205 - 206 رقم 3059) في فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص وإذا زلزلت.

وابن الضريس (ص 126 رقم 298).

وابن عدي في "الكامل"(7/ 2638). =

ص: 273

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والحاكم في "المستدرك"(1/ 566).

ومن طريقه البيهقي في "الشعب"(5/ 452 - 453 رقم 2284).

جميعهم من طريق يزيد بن هارون، عن يمان بن المغيرة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (({إذا زلزلت} تعدل نصف القرآن، و {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن، و {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن)).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 591) وعزاه أيضًا لمحمد بن نصر، وأشار إليه المقريزي في "مختصر قيام الليل" لمحمد بن نصر (ص 144).

قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يمان بن مغيرة)).

وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه))، فتعقبه الذهبي بقوله:((بل يمان ضعفوه)).

وذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 61 - 62) وعزاه أيضًا لأبي الشيخ، وقال:((صحح الحاكم حديث ابن عباس، وفي سنده يمان بن المغيرة، وهو ضعيف عندهم)).

والحديث ذكره الألباني في "السلسلة الضعيفة"(3/ 518)، وقال عنه:((منكر))، وأعله بيمان بن المغيرة.

وأما أحاديث أنس، فله عنه طريقان:

(1)

طريق ثابت عنه:

أخرجه الترمذي (8/ 203 - 204 رقم 3057).

والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 243). والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 454 - 455 رقم 2886).

ثلاثتهم من طريق محمد بن موسى الحَرشي، عن الحسن بن سَلْم العجلي، عن ثابت، عن أنس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَرَأَ {إذا زلزلت} عدلت له بنصف الْقُرْآنِ، وَمَنْ قَرَأَ: {قُلْ يَا أيها الكافرون} عدلت بربع القرآن، وَمَنْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد} عدلت له بثلث القرآن)). =

ص: 274

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ الحسن بن سلم)).

وقال العقيلي: ((الحسن بن مسلم (كذا!) بن صالح العجلي، بصري، عن ثابت، مجهول في النقل، وحديثه غير محفوظ)). اهـ. ثم ذكر هذا الحديث، وقال:((وقد روي في: {قل هو الله أحد} أحاديث صالحة الأسانيد من حديث ثابت، وأما في {إذا زلزلت} و {قل يا أيها الكافرون}، أسانيدها مقارب هذا الإسناد)).

وقال البيهقي: ((هذا العجلي مجهول)).

وذكر الذهبي في "الميزان"(1/ 493) الحسن بن سَلْم هذا، وذكر حديثه هذا، ثم قال:((هذا منكر، والحسن لا يعرف، ولا روى عنه سوى محمد بن موسى الحَرَشي)).

(2)

طريق يزيد الرقاشي عن أنس:

أخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص 144) من طريق عمر بن رياح، سمعت يزيد الرقاشي، عن أنس رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال .. ، فذكره بنحو سابقه، إلا أنه زاد فيه:((من قرأ {إنا أنزلناه في ليلة القدر} عدلت بربع القرآن)).

وسنده هذا الحديث ضعيف جدًّا، فيه يزيد بن أبان، وعمر بن رياح.

أما يزيد بن أبان الرَّقَاشي - بتخفيف القاف، ثم معجمة -، أبو عمرو البصري، القاصّ - بتشديد المهملة -، فهو زاهد ضعيف كما في "التقريب"(ص 599 رقم 7683)، وهو يروي عن أبيه وأنس بن مالك والحسن البصري وغيرهم، روى عنه قتادة وابن المنكدر والأعمش وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين العشر ومائة إلى عشرين ومائة، وقد ضعَّف يزيد هذا: ابن سعد وابن معين والدارقطني والبرقاني وغيرهم، وقال ابن حبان: ((كان من خيار عباد الله من البكّائين بالليل، لكنه غفل عن حفظ الحديث شغلاً بالعبادة حتى كان يقلب كلام الحسن فيجعله =

ص: 275

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن أنس، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فلا تحل الرواية عنه إلا على جهة التعجب)) . اهـ.

من "الجرح والتعديل"(9 / 251 - 252 رقم 1053) ، و"التهذيب"(11 /309 - 311 رقم 597) .

وأما عمر بن رِياح - بكسر أوّله، وتحتانيّةٍ-، العبدي، البصري، الضرير، فهو يروي عن مولاه عبد الله بن طاوس وعن عمرو بن شعيب وثابت البُناني وهشام بن عروة، وغيرهم، روى عنه يحيى بن حسّان ومعلّى بن أسد وأحمد بن عبدة وغيرهم، وهو متروك، وكذبّه بعضهم، من الطبقة الثامنة كما في "التقريب" (ص412 رقم 4896) . قال عمرو بن علي الفلاّس:((هو دجال)) ، وقال النسائي والدارقطني:((متروك)) ، وقال أبو أحمد الحاكم:((ذاهب الحديث)) ، وقال ابن حبان:((كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب)) . اهـ. من "المجروحين" لابن حبان (2 / 86) ، و"التهذيب"(7 / 447 - 448 رقم 738) .

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص185 رقم 686) .

وأبو أمية الطرسوسي في مسند أبي هريرة (195 / 2) كما في "السلسلة الضعيفة" للألباني (3 / 519) .

كلاهما من طريق عيسى بن ميمون، عن يحيى بن ميمون، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هريرة مرفوعًا به نحوه.

قال الشيخ ناصر الدين الألباني: (لكنه إسناد ضعيف جدًّا؛ عيسى بن ميمون الظاهر أنه المدني المعروف بالواسطي، ضعفه جماعة، وقال أبو حاتم وغيره: ((متروك الحديث)) . وأبو أمية نفسه صدوق يهم كما قال الحافظ، فلا يصلح شاهدًا) . اهـ.

قلت: أما أبو أمية الطرسوسي فلم يتفرّد بالحديث، فإن ابن السني أخرجه من طريق آخر.

وأما عيسى بن ميمون فالشيخ رجح أنه الواسطي ولم يذكر مستنده في =

ص: 276

74 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ (مَسْرُوقٍ)

(1)

، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ

(2)

، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيم

(3)

، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، كَانَتْ لَهُ عدل ثلث القرآن.

= الترجيح، ولم يتكلم عن يحيى بن ميمون بشيء، والظاهر أنه جاء مهملاً في إسناد الطرسوسي فظن الشيخ أنه يحيى بن عبد العزيز الأردنّي الذي يروي عن يحيى بن أبي كثير، والذي يظهر أن عيسى بن ميمون ويحيى بن ميمون مجهولان وهما أو أحدهما آفة الحديث؛ فإني لم أجد من ترجم لهما.

وعليه فالحديث لا يتقوى بشيء من هذه الطرق، عدا ما ذكر من فضل {قل هو الله أحد} وأنها تعدل ثلث القرآن، فهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما، وسيأتي تخريجه في الحديث الآتي بعده، والله أعلم.

(1)

في الأصل: (منصور) والصواب ما أثبته، فسعيد بن مسروق الثوري هو الذي يروي عن منذر الثوري، وعنه أبو الأحوص كما في "التهذيب"(4/ 82)، وهكذا ورد على الصواب في رواية ابن الضريس في "الفضائل"، ورواية النسائي في "عمل اليوم والليلة" كما سيأتي، وانظر "تحفة الأشراف"(3/ 109)، وانظر ترجمة سعيد بن مسروق في الحديث رقم [52].

(2)

هو المنذر بن يعلى الثوري، أبو يعلى الكوفي، يروي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وعن الربيع بن خثيم وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الأعمش وفطر بن خليفة وسعيد بن مسروق وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة وروى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 546 رقم 6894)، وثقه ابن سعد، وابن معين، والعجلي، وابن خراش.

انظر "الجرح والتعديل"(8/ 242 رقم 1093)، و"التهذيب"(10/ 304 - 305 رقم 531).

ص: 277

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(3)

هو الربيع بن خُثَيْم - بضم المعجمة، وفتح المثلثة -، ابن عائذ بن عبد الله الثوري، أبو يزيد الكوفي، يروي عن ابن مسعود وأبي أيوب رضي الله عنهما، وعن عمرو بن ميمون وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الله ومنذر الثوري والشعبي وإبراهيم النخعي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وستين للهجرة، وهو ثقة عابد مخضرم روى له الشيخان كما في "التقريب"(ص 206 رقم 1888)، قال الشعبي:((كان من معادن الصدق))، وقيل لأبي وائل: أيما أكبر، أنت، أو الربيع؟ قال:((أنا أكبر منه سنًا، وهو أكبر مني عقلاً))، وقال ابن معين:((ثقة لا يُسأل عنه))، وقال العجلي:((تابعي ثقة، وكا خيارًا))، وكان ابن مسعود يقول له:((والله لو رآك رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأحبك)).

انظر "الجرح والتعديل"(3/ 459 رقم 2068)، و"التهذيب"(3/ 242 رقم 467).

[74]

الحديث سنده ظاهر الصِّحَّة، لكنه معلول من هذا الطريق، وصوابه: أنه عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثيم، عَنْ عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن امرأة من الأنصار رضي الله عنها، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وهو صحيح من هذا الطريق كما سيأتي.

والحديث أخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص 114 رقم 259).

والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص 423 رقم 678).

كلاهما من طريق أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، به نحوه.

وقد اختُلف في إسناد هذا الحديث اختلافًا شديدًا. فمنهم من رواه عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أبي أيوب كما هنا، ومنهم من رواه عن الربيع، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب مرفوعًا، ومنهم من رواه عن الربيع، عن عمرو بن ميمون، عن امرأة، عن أبي أيوب مرفوعًا، ومنهم من رواه عن الربيع، عن عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن امرأة، عن أبي أيوب مرفوعًا، إلى غير ذلك من الاختلاف الذي يطول ذكره، وتجده في "التاريخ الكبير" للبخاري (3/ 137)، وفي "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 70 و 80 رقم 1702 و 1735)، =

ص: 278

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأطال فيه وفي تخريج طرقه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص423 - 427) ، وذكره الدارقطني في "العلل"(2 / ل 50 أو ب) ، ورجح بعض الروايات، وخلاصة ما رجحه الدارقطني رحمه الله قال:((رواه زائدة بن قدامة فضبط إسناده؛ رواه عن منصور، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ الربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب)) . اهـ.

ثم ذكر بعض الاختلاف، وقال:((والقول قول زائدة بن قدامة)) ، وقال أيضًا:((والحديث حديث زائدة، عن منصور، وهو أقام إسناده وحفظه)) . اهـ.

وهذا الذي رجحه الدارقطني هو الذي رجحه الترمذي واختاره، فإنه أخرج الحديث في "جامعه"(8 / 206 - 209 رقم 3060) .

وأخرجه كذلك الإمام أحمد في "المسند"(5 / 418 - 419) .

وعبد بن حميد في "مسنده"(ص103 رقم 222) .

وابن الضريس في "الفضائل"(ص112 رقم 254) .

والنسائي في "السنن"(2 / 172) ، وفي "عمل اليوم والليلة"(ص424 رقم 681) .

والطبراني في "الكبير"(4 / 199 رقم 4026) .

والبيهقي في "الشعب"(5 / 486 - 487 رقم 2313) .

أما الترمذي والإمام أحمد والنسائي فمن طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأما عبد بن حميد وابن الضريس والبيهقي فمن طريق حسين بن علي، وأما الطبراني فمن طريق معاوية بن عمرو، ثلاثتهم عن زائدة، عن منصور، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ ربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن امرأة أبي أيوب، عن أبي أيوب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ من قرأ: الله الواحد الصمد، فقد قرأ ثلث القرآن)) .

هذا لفظ الترمذي، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن ابن الضريس، والنسائي لم يذكرا السؤال: ((أيعجز أحدكم

)) ، ولم يصرح أحد منهم بأن المرأة هي امرأة أبي أيوب سوى الترمذي. =

ص: 279

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال النسائي: ((لا أعرف في الحديث الصحيح إسنادًا أطول من هذا)) .

وقال الترمذي: ((هذا حديث حسن، ولا نعرف أحدًا روى هذا الحديث أحسن من رواية زائدة، وتابعه على روايته إسرائيل، والفضيل بن عياض. وقد روى شعبة وغير واحد من الثقات هذا الحديث عن منصور، واضطربوا فيه)) . اهـ.

قلت: أما الفضيل بن عياض فإنه قد تابع زائدة على الحديث، وذكر إسناده بكامله، لكنه قدّم فيه وأخّر؛ حيث جعل الربيع شيخًا لعمرو بن ميمون، وعمرًا يروي الحديث عن الربيع، قال الدارقطني في الموضع السابق:((رواه فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ، فقدم في إسناده وأخر؛ جعله عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عمرو بن ميمون، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ ابن أبي ليلى، عن امرأة، عن أبي أيوب)) . اهـ.

وأما إسرائيل فقد تابع زائدة كما ذكر الترمذي، وروايته أخرجها الدارمي (2 / 331 رقم 3440) .

والنسائي والترمذي كلاهما قد أخرجا الحديث عن شيخهما بندار محمد بن بشار، ولكن لم يذكر النسائي، ما ذكر الترمذي من أن المرأة هي زوجة أبي أيوب، فإن كان الترمذي حفظه، فسند الحديث صحيح رجاله ثقات تقدم بعضهم، والباقون تراجمهم كما يأتي:

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الأنصاري المدني، ثم الكوفي، يروي عن أبيه، وعن علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وحذيفة وابن مسعود وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه عمرو بن ميمون وهو أكبر منه، والشعبي وثابت البُناني ومجاهد وغيرهم، وكانت ولادته لست سنين بقيت من خلافة عمر رضي الله عنه، وتوفي سنة اثتنين وثمانين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة.

قال عبد الملك بن عمير: ((لقد رأيت عبد الرحمن في حلقة فيها نفر من الصحابة فيهم البراء يسمعون لحديثه وينصتون له)) ، وقال عبد الله بن الحارث بن نوفل:((ما ظننت أن النساء يلدن مثله)) ، ووثقه ابن معين والعجلي. اهـ. من "الجرح والتعديل"(5 / 301 رقم 1424) ، و"التهذيب"(6 / 260 - 262 رقم 515) ، و"التقريب"(ص349 رقم 3993) . =

ص: 280

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعمرو بن ميمون الأَوْدي يروي عن عمر وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وعائشة وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، وروى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى والربيع بن خثيم وهما أصغر منه، روى عنه سعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم التيمي وهلال بن يساف والربيع بن خثيم وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وسبعين للهجرة، وهو مخضرم مشهور، ثقة عابد روى له الجماعة. قال أبو إسحاق السبيعي:((كان عمرو بن ميمون إذا دخل المسجد فرؤي، ذُكر الله)) ، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال ابن عبد البر:((أدرك النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وصدّق إليه، وكان مسلمًا في حياته)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(6 / 258 رقم 1422) ، و"التهذيب"(8 / 109 - 110 رقم 180) ، و"التقريب"(ص427 رقم 5122) .

وشيخ الإمام أحمد في هذا الحديث هو الذي روى الترمذي والنسائي الحديث من طريقه، وهو: عبد الرحمن بن مهدي بن حسّان العَنْبري، مولاهم، أبو سعيد البصري روى عن جرير بن حازم ومهدي بن ميمون والإمام مالك وشعبة والسفيانين والحمّادَيْن وزائدة بن قدامة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ويحيى بن معين وابنا أبي شيبة ومحمد بن بشار بندار وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهو ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، روى له الجماعة. قال الشافعي:((لا أعرف له نظيرًا في الدنيا)) ، وقال ابن المديني:((كان عبد الرحمن بن مهدي أعلم الناس)) - قالها مرارًا -، وقال مرة:((لو حُلِّفت بين الركن والمقام لحلفت بالله أني لم أر أحدًا قط أعلم بالحديث من عبد الرحمن بن مهدي)) ، وقيل للإمام أحمد: كان عبد الرحمن حافظًا؟ فقال: ((حافظ، وكان يتوقّى كثيرًا، كان يحب أن يحدث باللفظ)) ، وقال صدقة بن الفضل: سألت يحيى بن سعيد عن حديث، فقال:((الزم عبد الرحمن بن مهدي)) ، وقال أبو حاتم:((هو أثبت أصحاب حماد بن زيد، وهو إمام ثقة، أثبت من يحيى بن سعيد، وأتقن من وكيع)) ، وقال ابن حبان: ((كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين، ممن حفظ وجمع وتفقه =

ص: 281

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وصنَّف، وحدّث، وأبى الرواية إلا عن الثقات)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(1 / 251 - 262) ، و (5 / 288 - 290 رقم 1382) ، و"التهذيب"(6 / 279 - 281 رقم 549) ، و"التقريب"(ص351 رقم 4018) .

والذي يظهر - والله أعلم - أن المرأة هي زوجة أبي أيوب، ففي رواية الدارمي للحديث عن إسرائيل عن منصور ما يشعر بأنها هي، وإن لم تكن هي فهي صحابية، ففي هذه الرواية تذكر المرأة أن أبا أيوب أتاها، فقال: ألا ترين إلى ما جاء به رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالت: رُبّ خير قد أتانا به رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فما هو؟ قال: قال لنا: ((أيعجز

)) الحديث.

فهذا ظاهر في أن المرأة تلقت الحديث عن أبي أيوب في حياته صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِ دليل على صحبتها، ولذا فإن النسائي رحمه الله قد صحح الحديث قال:((لا أعرف في الحديث الصحيح إسنادًا أطول من هذا)) ، على أن الحديث مروي في الصحيحين من غير طريق أبي أيوب.

فقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 58 - 59 رقم 5013 و 5014 و 5015) و (11 / 535 رقم 6643) و (13 / 347 رقم 7374) ، أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟)) فشقّ ذلك عليهم وقالوا: أيُّنا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: ((الله الواحد الصمد ثلث القرآن)) .

وأخرجه مسلم في "صحيحه"(1 / 556 رقم 259 و 260) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟)) قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن)) .

وفي رواية: ((إن الله جزّأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل {قل هو الله أحد} جزءًا من أجزاء القرآن)) .

ص: 282

75 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أُسِيد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَثْعَمي

(1)

، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ

(2)

، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ قَرَأَ: {يس}، فَكَأَنَّمَا قَرَأَ القرآن عشر مرات)).

(1)

أسيد - بفتح الهمزة - ابن عبد الرحمن الخَثْعمي الرَّمْلي، روى عن مكحول وخالد بن دُريك وفروة بن مجاهد وغيرهم، روى عنه الأوزاعي وإسماعيل بن عياش والمغيرة بن المغيرة وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع وأربعين ومائة، وهو ثقة، وثقه يعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكذا ابن شاهين في "ثقاته" وقال:((قال أحمد بن صالح - في رواية ابن رشدين عنه -: ((أَسيد من وجوه أهل خثعم، من أهل الرملة، من ثقات أهل الشام)). اهـ. من "ثقات" ابن شاهين (ص 43 رقم 104)، و"التهذيب"(1/ 346 رقم 630)، و"التقريب"(ص 112 رقم 514).

(2)

حسّان بن عطيّة المحاربي مولاهم، أبو بكر الدمشقي، روى عن خالد بن مَعْدان وسعيد بن المسيب ومحمد بن المنكدر ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه الأوزاعي والوليد بن مسلم وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين العشرين إلى الثلاثين ومائة، وهو ثقة فقيه عابد روى له الجماعة. قال الأوزاعي:((ما أدركت أحدًا أشد اجتهادًا ولا أعمل منه)). وقال: ((كان حسان يتنحّى إذا صلى العصر في ناحية المسجد، فيذكر الله حتى تغيب الشمس))، ووثقه أحمد وابن معين والعجلي، وقال البخاري:((كان من أفاضل أهل زمانه)). اهـ. من "سؤالات الدارمي ليحيى بن معين"(ص 89 رقم 225)، و"تهذيب التهذيب"(2/ 251 رقم 460)، و"التقريب"(ص 158 رقم 1204). وحسان هنا يروي الحديث عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا أنه سمع من أحد مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سوى أبي أمامة صدي بن عجلان، وقيل: لم يسمع منه، ولذا ذكره ابن حبان في "ثقاته" في أتابع التابعين (6/ 223)، وانظر" جامع التحصيل"(ص 194 رقم 132).

ص: 283

76 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ

(1)

، قَالَ: نا أَبُو سِنَان

(2)

، عَنِ (ابْنِ)

(3)

أَبِي الهُذَيْل

(4)

قَالَ: إِذَا قَرَأَ أَحَدُكُمُ الْآيَةَ، فلا يقطعها حتى يُتِمَّها.

[75] الحديث سنده ضعيف جدًّا لإعضاله، ولأن إسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9]، ولم يصرح بالسماع هنا.

وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 397 رقم 2232) من طريق المصنف، به مثله، ثم قال:((هذا مرسل)).

(1)

هو خلف بن خليفة بن صاعد الأَشْجَعي، مولاهم، أبو أحمد الكوفي، نزل واسط، ثم بغداد، روى عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد والإمام مالك وغيرهم، روى عنه سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة والحسن بن عرفة وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وثمانين ومائة، وقيل: تسع وسبعين ومائة أو ثمانين ومائة، وهو صدوق، إلا أنه اختلط في آخر عمره. قال ابن معين والنسائي:((ليس به بأس))، وكذا ابن عمار، وزاد:((لم يكن صاحب حديث))، وقال ابن معين أيضًا وأبو حاتم:((صدوق))، ووثقه العجلي وابن سعد، وقال:((أصابه الفالج قبل موته حتى ضعف وتغير واختلط)). ووثقه مسلمة وقال: ((من سمع منه قبل التغير فروايته صحيحة))، وقال الإمام أحمد:((رأيته مفلوجًا سنة سبع وسبعين ومائة، وكان لا يفهم، فمن كتب عنه قديمًا فسماعه صحيح)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 369 رقم 1681)، و"التهذيب"(3/ 150 - 152 رقم 289)، و"التقريب"(ص 194 رقم 1731)، و"الكواكب النيرات"(ص 155 - 161 رقم 20).

قلت: وفي "تهذيب الكمال"(8/ 286) ذكر أن الحسن بن عرفة العبدي آخر من حدَّث عن خلف، وفي الموضع السابق من "تهذيب التهذيب" قال الحافظ ابن حجر:((قد حدث عنه هشيم ووكيع من القدماء)).

وقد ادعى خلف أنه رأى الصحابي عمرو بن حريث، فأنكر ذلك عليه ابن عيينة والإمام أحمد، فقد سئل الإمام أحمد فقيل له: هل رأى خلف بن خليفة عمرو =

ص: 284

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن حريث؟ قال: ((لا، ولكنه عندي شُبِّه عليه، هذا ابن عيينة وشعبة والحجاج لم يروا عمرو بن حريث، ويراه خلف؟!!)).

وأما ابن عيينة فقال: ((لعله رأى جعفر بن عمرو بن حريث)).

انظر الموضع السابق من "التهذيب".

وقد حكى خلف عن نفسه أن عمر بن عبد العزيز فرض له وهو ابن ثمان سنين، فاستُدِلَّ بذلك على خطئه فيما زعم من رؤية عمرو بن حريث، فقد ذكر الذهبي قوله هذا في "السير"(8/ 342)، وقال:((قلت: هذا ينفي رؤيته عمرو بن حريث)).

وذكر ابن حجر قول خلف السابق، ثم قال:((يكون مولده على هذا سنة (91) أو اثنتين، لأن ولاية عمر كانت سنة (99)

، وعلى هذا فيبعد إدراكه لعمرو بن حريث بعدًا بيِّنًا)).

قلت: لأن عمرو بن حريث توفي سنة خمس وثمانين كما في "التهذيب"(8/ 18).

(2)

هو ضرار بن مُرَّة الكوفي، أبو سنان الشيباني الأكبر، روى عن أبي صالح السَّمَّان وسعيد بن جبير وعبد الله بن أبي الهُذيل وغيرهم، روى عنه شعبة وشريك والسفيانان وهشيم وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت، وثقه غير واحد من الأئمة، منهم يحيى القطان، والنسائي، وقال الإمام أحمد:«كوفي ثبت» ، وقال العجلي:«ثقة ثبت في الحديث» ، بل قال ابن عبد البر:«أجمعوا على أنه ثقة ثبت» .

انظر "الجرح والتعديل"(4/ 465 رقم 2044)، و"التهذيب"(4/ 457 رقم 789)، و"التقريب"(ص 280 رقم 2983).

(3)

ما بين القوسين سقط من الأصل، واستدركته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" حيث روى البيهقي الحديث من طريق المصنف، وهو الصواب كما يتضح من ترجمة أبي سنان في الموضع السابق من "التهذيب"، وغيره من كتب التراجم، وكما يأتي في ترجمة ابن أبي الهذيل، وانظر سند الحديث رقم [141].

(4)

هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذيل العَنَزي، أبو المغيرة الكوفي، روى عن عمر وعلي =

ص: 285

77 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيد

(1)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ

(2)

، أَوْ غَيْرِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا شَابًّا، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا فِيهِ، وَقَدْ كَانَ قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: ((إِنَّمَا مَثَلُ القرآن مثل جِراب

(3)

مُلئ [ل 108/أ] مِسْكًا، إِنْ فَتَحْتَهُ فَتَحْتَهُ طَيِّبًا، وإن أوعيته

(4)

أوعيته طيبًا)).

= وعمار بن ياسر وابن مسعود وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن رجاء وواصل الأحدب وأبو سنان ضرار بن مُرَّة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية؛ وثقه النسائي، والعجلي وزاد:«كان عثمانيًّا» ، وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 282 - 283 رقم 904)، و"التهذيب"(6/ 62 رقم 121)، و"التقريب"(ص 327 رقم 3679).

[76]

الحديث سنده فيه خلف بن خليفة وتقدم أنه اختلط، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه أبو الأحوص كما سيأتي في الحديث رقم [137]، وعليه فالحديث صحيح الإسناد.

وقد أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 528 رقم 2350) من طريق المصنف، بمثله سواء.

(1)

هو عبد الله بن أبي لَبيد - بفتح اللام - أبو المغيرة المدني، روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن والمطّلب بن عبد الله بن حنطب وعبد الله بن سليمان بن يسار وغيرهم، روى عنه محمد بن إسحاق ومحمد بن عمرو بن علقمة والسفيانان وغيرهم، وهو ثقة رمي بالقدر، من الطبقة السادسة، روى له الشيخان، ووثقه ابن معين والعجلي، وقال أبو حاتم:«صدوق في الحديث» ، وقال الإمام أحمد:«ما أعلم بحديثه بأسًا» ، وقال النسائي:«ليس به بأس» ، وقال الساجي:«كان صدوقًا، غير أنه اتهم بالقدر» ، وقال ابن عيينة:«كان من عباد أهل المدينة» ، وقال ابن سعد:«كان من العباد المنقطعين، وكان يقول بالقدر، وكان قليل الحديث» . اهـ من "الجرح والتعديل"(5/ 148 رقم 684)، و"التهذيب"(5/ 372 رقم 645)، و"التقريب"(ص 319 رقم 3560).

ص: 286

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(2)

محمد بن كعب بن سليم بن أسد، أبو حمزة القرظي المدني، روى عن فضالة بن عبيد والمغيرة بن شعبة وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه الحكم بن عتيبة ومحمد بن عجلان ومحمد بن المنكدر وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: تسع عشرة، وقيل: عشرين ومائة، وهو ثقة عالم روى له الجماعة. وثقه علي بن المديني وأبو زرعة والعجلي وزاد:((رجل صالح عالم بالقرآن))، وقال ابن سعد:((كان ثقة عالمًا كثير الحديث ورعًا))، وقال ابن حبان:((كان من أفاضل أهل المدينة علمًا وفقهًا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(8/ 67 رقم 303)، و"التهذيب"(9/ 420 - 422 رقم 689)، و"التقريب"(ص 504 رقم 6257).

وتقدم في الحديث رقم [4] أن محمد بن كعب هذا ولد في آخر خلافة علي رضي الله عنه.

(3)

الجِرابُ: وعاء من إهاب الشاء لا يوعى فيه إلا يابس.

"لسان العرب"(1/ 261).

(4)

أَوْعَيْتُ الشيء في الوعاء: إذا أدخلته فيه.

"النهاية"(5/ 207).

[77]

الحديث سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لإرساله، والصواب أنه عن سليمان بن يسار بدل محمد بن كعب كما سيأتي.

وقد أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 614 - 615 رقم 2439) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه جاء عنده:((وكأنهم قالوا فيه، وكان قد قرأ القرآن))، و:((أودعته)) بدلاً من: ((أوعيته)).

قال البيهقي: ((هذا مرسل)). اهـ.

ورواية سعيد هنا جاءت على الشك في كون الحديث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَوْ غيره، والظاهر أن الشك من سعيد نفسه؛ فإن عبد الرزاق قد أخرج الحديث في "مصنفه"(3/ 376 رقم 6018) عن سفيان بن عيينة، حدثني ابن أبي لبيد، عن سليمان بن يسار، به مرسلاً. =

ص: 287

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد روى الحديث موصولاً من طريق أبي هريرة وعثمان بن عفان رضي الله عنهما.

أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فمداره على سعيد المقبري، واختُلف عليه.

فرواه عبد الحميد بن جعفر، عنه، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة مرفوعًا.

ورواه الليث بن سعد، عن سعيد، عن عطاء مولى أبي أحمد، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

ورواه عمر بن طلحة الليثي وإبراهيم بن طهمان كلاهما عن سعيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا.

أما رواية عبد الحميد بن جعفر، فأخرجها: الترمذي في "جامعه"(8 / 186 - 187 رقم 3041) .

وابن ماجه في "سننه"(1 / 78 رقم 217) .

ومحمد بن نصر في "قيام الليل"(ص11 - 12) .

والنسائي في السير من "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف"(10 / 280 رقم 14242) .

وابن خزيمة في "صحيحه"(3 / 5 رقم 1509) .

ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه"(3 / 284 - 285 رقم 2123) .

وأخرجه أبو الشيخ في "الأمثال"(ص226 رقم 334) .

والحاكم في "المستدرك"(1 / 443) .

والمزي في "تهذيب الكمال"(2 / 938) .

جميعهم من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة قال: بعث رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعثًا وهم ذوو عدد، فاستقرأهم، فاستقرأ كل رجل منهم - يعني ما معه من القرآن -، فأتى على رجل من أحدثهم سنًّا، فقال:((ما معك يا فلان؟)) قال: معي كذا وكذا، وسورة البقرة، فقال:((أمعك سورة البقرة؟)) قال: ((اذهب فأنت أميرهم)) ، فقال رجل =

ص: 288

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من أشرافهم: والله ما منعني أن أتعلّم البقرة إلا خشيةُ أن لا أقوم بها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((تعلموا القرآن واقرأوه، فإن مثل القرآن لمن تعلّمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشوٍّ مسكًا يفوح ريحه في كل مكان. ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب أوكي على مسك)) .

هذا لفظ الترمذي، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن ابن ماجه وأبا الشيخ والمزِّي إنما ذكروا المرفوع منه، ولم يذكروا القصة، ولفظ النسائي لم أقف عليه، والحاكم ذكر القصة ولم يذكر المرفوع منه.

قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) ، وقال الحاكم:((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي.

وأما رواية الليث بن سعد، فأخرجها أبو عبيد في "الفضائل"(ص362 رقم 856) .

والترمذي في "جامعه"(8 / 188 رقم 3042) في فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي.

كلاهما من طريق الليث، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

وأخرجه البخاري في "تاريخه"(6 / 462 رقم 2995) .

وأما روايتا عمر بن طلحة وإبراهيم بن طهمان، فأخرجهما البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 615 - 617 رقم 2440 و 2441) .

قال البيهقي عقب رواية ابن طهمان: ((كذا قال! ورواه عبد الحميد بن جعفر عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة. ورواه الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً، أخبرناه

)) ، ثم ساق بإسناده إلى البخاري أنه ذكر رواية عطاء هذا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وساق سنده - أي: البخاري - إلى عطاء، فقال: ((قال لنا عبد الله بن يوسف، عن الليث، عن سعيد المقبري، عن عطاء. وقال عمر =

ص: 289

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن طلحة: عن المقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)) . اهـ.

وهذا النص عن البخاري في "تاريخ الكبير"(6 / 462) بنحوه، وزاد:((والأول أصح)) - يعنين رواية الليث بن سعد -، وهذا الذي رجحه الدارقطني، ففي "العلل" له (3 / ل 186 / أ) أنه سئل عن هذا الحديث، فقال:

((اختلف فيه على المقبري، فرواه عن عمر بن طلحة بن عمرو بن علقمة ابن أخي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عن المقبري، عن أبي هريرة. وخالفه عبد الحميد بن جعفر، فرواه عن المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة. ورواه الليث بن سعد، عن المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد مرسلاً، ولم يذكر أبا هريرة، وقول الليث أشبه بالصواب)) . اهـ. ثم استشهد الدارقطني على صحة ما ذهب إليه بما أسنده عن يحيى بن معين قال: ((أثبت الناس في سعيد: الليث بن سعد)) .

قلت: قد اتفق هذان الجهبذان - البخاري والدارقطني - على أن رواية الليث، عن سعيد، عن عطاء مرسلاً هي الأصح، وعندهما أن رواية عمر بن طلحة عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، والذي في "شعب الإيمان" للبيهقي: عن سعيد المقبري، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فالله أعلم بالصواب.

وحيث ترجح أن رواية الليث أصوب، فيكون الحديث ضعيفًا جدًّا لإرساله؛ ولجهالة عطاء مولى أبي أحمد، أو: ابن أبي أحمد بن جحش، فإنه لم يرو عنه سوى سعيد المقبري، وسكت عنه البخاري في "تاريخه"(6 / 462 رقم 2995) ، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(6 / 338 رقم 1870) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5 / 205) ، وذكره الذهبي في "الميزان"(3 / 77 رقم 5658)، وقال:((لا يُعرف)) ، وانظر "التهذيب"(7 / 219 رقم 401) .

وأما حديث عثمان بن عفان، فأخرجه الرامهرمزي في "الأمثال"(ص134 رقم 48) .

والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين"(ل / 180 / أ) .

والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(3 / 101 / ب) . =

ص: 290

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثلاثتهم من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن عثمان، قال: بعث النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وفدًا إلى اليمن، فأمّر عليهم أميرًا منهم وهو أصغرهم، فمكث أيامًا لم يسر، فلقي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رجلاً منهم، فقال:((يا فلان، مالك؟ أما انطلقت؟)) قال: يا رسول الله، أميرنا يشتكي رجله، فأتاه النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ونفث عليه:((بسم الله، وبالله، أعوذ بالله وقدرته من شر ما فيها)) - سبع مرات -، فبرأ الرجل، فقال له شيخ: يا رسول الله، أتؤمره علينا وهو أصغرنا؟ فذكر النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قراءته القرآن، فقال الشيخ: يا رسول الله، لولا أني أخاف أن أتوسّد فلا أقوم به لتعلمته، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((فتعلمه، فإنما مثل القرآن كجراب ملأته مسكًا ثم ربطت على فيه، فإن فتحت فاح إليك ريح المسك، وإن تركته كان مسكًا موضوعًا، كذلك مثل القرآن إذا قرأته، أو كان في صدرك)) .

هذا لفظ الطبراني، ونحوه لفظ الرامهرمزي والحكيم، إلا أن الرامهرمزي إنما ذكر المرفوع فقط، ولم يذكر القصة.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7 / 161) : ((فيه يحيى بن سلمة بن كهيل ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان، وقال: في أحاديث ابنه عنه مناكير. قلت: ليس هذا من رواية ابنه عنه)) . اهـ.

قلت: يحيى بن سلمة بن كُهَيْل - بالتصغير - الحضرمي، أبو جعفر الكوفي يروي عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر وعاصم بن بَهْدَلة وغيرهم، روى عنه ابنه إسماعيل وعبد الله بن نمير ويحيى بن عبد الحميد الحمّاني وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وسبعين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وسبعين ومائة، وهو متروك، وكان شيعيًّا كما في "التقريب" (ص591 رقم 7561) . قال ابن معين:((ليس بشيء)) ، وقال البخاري:((منكر الحديث)) وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وقال الدارقطني:((متروك)) ، وقال ابن سعد:((كان ضعيفًا جدًّا)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (7 / 2652 - 2655) ، و"التهذيب"(11 / 224 - 225 رقم 362) .

وأما ابن حبان فإنه قد تناقض في يحيى هذا، فذكره في "الثقات"(7 / 595) وذكر =

ص: 291

78 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ

(1)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

(2)

- فِي قَوْلِهِ عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}

(3)

، قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً عَلَى جِبْرِيلَ عليه السلام، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَجِيءُ بَعْدُ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

= العبارة التي نقلها عنه الهيثمي، وذكره في "المجروحين"(3/ 112)، وقال:((منكر الحديث جدًّا، يروي عن أبيه أشياء لا تشبه حديث الثقات، كأنه ليس من حديث أبيه، فلما أكثر عن أبيه مما خالف الأثبات بطل الاحتجاج به فيما وافق الثقات)). اهـ.

وعليه فالحديث ضعيف جدًّا من هذا الطريق، ولا ينجبر ضعفه بشيء من هذه الطرق، والله أعلم.

(1)

هو أبو هاشم الرُّمَّاني - بضم الراء وتشديد الميم -، الواسطي، اسمه يحيى بن دينار، وقيل: ابن الأسود، وقيل: ابن نافع، يروي عن إبراهيم النخعي وأبي وائل شقيق بن سلمة وأبي العالية والحسن البصري وعكرمة وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري والحمّادان وهشيم وخلف بن خليفة وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين ومائة، وقيل: سنة خمس وأربعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 680 رقم 8425).

وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي، وقال ابن عبد البر:((لم يختلفوا في أن اسمه يحيى، وأجمعوا على أنه ثقة)).

انظر "الجرح والتعديل"(9/ 140 رقم 595)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1654)، و"التهذيب"(12/ 261 - 262 رقم 1208).

(2)

هو ابن يزيد النخعي، تقدم.

(3)

الآية

(3)

من سورة الدخان.

[78]

الحديث سنده ضعيف لاختلاط خلف بن خليفة كما في ترجمته في الحديث [76]. =

ص: 292

79 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصين، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ

(1)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: نُزل الْقُرْآنُ جُمْلَةً مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا، إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثم نزل مفصّلاً

(2)

.

= وقد أعاده المصنف في أول تفسير سورة الدخان (ل 173 / أ) سندًا ومتنًا، إلا أنه قال:((نزل القرآن .. )).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 339) وعزاه لسعيد بن منصور فقط.

(1)

هو حكيم بن جبير الأسدي الكوفي يروي عن أبي جُحَيْفة وأبي الطُّفيل وعلقمة وأبي وائل وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الأعمش والسفيانان وزائدة وشعبة وغيرهم، ولم أجد من نصّ على أن حُصين بن عبد الرحمن قد سمع منه، وسماعه منه محتمل؛ لأن حُصين بن عبد الرحمن في طبقة الذين يروون عنه، وكلاهما كوفي، وحكيم هذا ضعيف رمي بالتشيع، من الطبقة الخامسة كما في "التقريب"(ص 176 رقم 1468). فقد تركه شعبة، وقال الإمام أحمد:((ضعيف الحديث، مضطرب))، وقال ابن معين وأبو داود:((ليس بشيء))، وقال يعقوب بن شيبة وأبو حاتم:((ضعيف الحديث))، زاد أبو حاتم:((منكر الحديث، له رأي غير محمود، نسأل الله السلامة))، وسأله ابنه عبد الرحمن فقال: حكيم بن جبير أحب إليك أو ثوير؟ قال: ((ما فيهما إلا ضعيف غال في التشيع، وهما متقاربان))، قال عبد الرحمن: سألت أبا زرعة عن حكيم بن جبير، فقال: في رأيه شيء، قلت: ما محله؟ قال: محله الصدق إن شاء الله. اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 201 - 202 رقم 873)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7/ 166 - 167)، و"التهذيب"(2/ 445 - 446 رقم 773).

(2)

الفَصْلُ: إبانة أحد الشيئين من الآخر حتى يكون بينهما فرجة، والمعنى: أنه نزل مفرّقًا.

انظر "لسان العرب"(11/ 524)، و"المفردات في غريب القرآن" للراغب الأصفهاني (ص 381).

ص: 293

80 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شَدَّاد الهُنَائي

(1)

، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ

(2)

بْنِ سُلَيْمَانَ

(3)

، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُكَيْمة الْعَبْدِيُّ

(4)

، قَالَ: أَتَى عَلِيٌّ رضي الله عنه وَأَنَا أَكْتُبُ مُصْحَفًا -، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى كِتَابِي، فَقَالَ: أجِلَّ

(5)

، قَلَمَكَ فَقَضَمْتُ

(6)

مِنْ قَلَمِي قَضْمَة، ثُمَّ جَعَلْتُ أَكْتُبُ، فَنَظَرَ إليَّ، فَقَالَ: نَعَمْ، نوِّرْه

(7)

كَمَا نوَّرَه اللَّهُ عز وجل.

[79] الحديث سنده ضعيف لضعف حكيم بن جبير.

وقد أعاده المصنف في أول تفسير سورة الدخان (ل 173 / أ) سندًا ومتنًا، إلا أنه قال:((ثم نزل بعد مفصلاً)).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 399) وعزاه لسعيد بن منصور فقط، ولفظه عنده:(نزل القرآن مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ الدنيا جميعًا في ليلة القدر، ثم فُصِّل بعد ذلك في تلك السنين).

(1)

هو عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شَدَّادٍ الهُنائي، الأزدي، الجُدَيْدي، مجهول الحال، روى عن الحسن البصري وعبيد الله بن سليمان، روى عنه هشيم، ووكيع وعفان، وغيرهم، وذكره البخاري في "تاريخه"(5/ 419 رقم 1360)، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم (5/ 353 رقم 1671)، وذكره ابن ماكولا في "الإكمال"(2/ 53 و 494)، وابن الأثير في "اللباب"(1/ 264)، والذهبي في "المشتبه"(1/ 145)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلاً. وقد قيل في نسبته:(الأَوْدي) - بالواو -، و:(الحُدَيْدي) - بالحاء المهملة -، والصواب ما أثبته؛ لأن الهُنائي، والجُديدي من الأزد، وبه يمكن الجمع بين هذه النسب الثلاث، وانظر "اللباب"(3/ 393)، والتعليق الآتي.

(2)

كذا كان يسميه هشيم، وخالفه غيره فقال:(عبيد الله) وهو الصواب؛ قال ابن ماكولا في "الإكمال"(2/ 494): ((أبو حُكَيْمة: مرّبي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَأَنَا أَكْتُبُ مُصْحَفًا -. روى حديثه عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شَدَّادٍ الْهُنَائِيُّ =

ص: 294

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= - وقيل: الأودي -، واختُلف عليه فيه، فرواه عنه هشيم فقال: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وخالفه عفان بن مسلم عن عبد الملك، فرواه عنه، عن عبيد الله بن سليمان، وتابعه وكيع، فرواه عن عبد الملك بن شداد الأودي، عن عبيد الله بن سليمان - قاله أبو بكر بن أبي شيبة -. وقال محمد بن إسماعيل الأحمسي عن وكيع كذلك، إلا أنه قال: الأزدي بدلاً من الأودي. ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الملك بن شداد، فقال: حدثني عبد الله بن أبي سليمان. ورواه محمد بن عبد الملك أبو جابر، عن عبد الملك بن شداد الجُدَيدي، عن عبد الله بن سليمان، وسمّاه البخاري في تاريخه: عبيد الله بن سليمان)). اهـ.

قلت: وسماه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف"(2/ 566): (عبد العزيز).

وأما محقق "شعب الإيمان" للبيهقي فإنه وجد البيهقي قد أخرج الحديث من طريق سعيد بن منصور، وفيه:(عبد العزيز)، فجعله:(عبيد الله)، وذكر أن في الأصلين الذين اعتمد عليهما:(عبد العزيز) مصحّفًا، كذا قال! ولو اطلع على الاختلاف في ذلك لعلم أنه ليس بتصحيف.

انظر "شعب الإيمان"(5/ 593).

(3)

هو عبيد الله بن سليمان العَبْدي، يروي عن سعيد بن المسيب وأبي حكيمة العبدي، روى عنه صباح بن عبد الله العبدي وعبد الملك بن شدّاد، وهو ثقة من الطبقة السابعة، فقد وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في "الثقات".

انظر "الجرح والتعديل"(5/ 316 رقم 1503)، و"التهذيب"(7/ 18 رقم 36)، و"التقريب"(ص 371 رقم 4300).

وقد وقع في "التقريب" هكذا: (عبيد الله بن سلمان)، والصواب ما سبق كما في بقية المصادر.

(4)

أبو حُكَيْمة العَبْدي ذكره الدولابي في "الكنى"(1/ 155 - 156)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف"(2/ 566)، وابن ماكولا في "الإكمال"(2/ 494)، وابن حجر في "تبصير المنتبه"(1/ 449) بهذه الكنية، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلاً، وقد =

ص: 295

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= روى عنه عبيد الله بن سليمان، وعلي بن مبارك عند ابن أبي شيبة وغيره كما سيأتي، وأبو الضحاك، على ما رجحه ابن ماكولا، فهو مجهول الحال وقد أخطأ محقق ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي)) (1/ 260) حيث زعم أن أبا حكيمة هذا هو عصمة الذي ذكره البخاري في "التاريخ الكبير"، ولو رجع إلى المراجع السابقة لعلم أنه ليس الذي أراد، والله أعلم.

(5)

أي غَلِّظْهُ، وعظِّمْه، وكَبِّرْه.

انظر "لسان العرب"(11/ 116 - 123).

(6)

القَضْمُ: الأكل بأطراف الأسنان. ،

المرجع السابق (12/ 487).

(7)

نوِّرْه بمعنى: أوْضِحْهُ وبيِّنْهُ.

المرجع السابق (5/ 240).

[80]

الحديث سنده ضعيف لجهالة حال أبي حكيمة العبدي، وأما عبد الملك بن شداد، فإنه قد توبع كما سيأتي.

فالحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 593 رقم 2417) من طريق المصنف، به، ولفظه: أتى عليَّ عليٌّ وأنا كاتبٌ مُصْحَفًا، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى كِتَابِي، فقال: أجلّ قلمك، فقططت من قلمي، ثم جعلت أكتب، فَقَالَ: نَعَمْ: نوِّرْه كَمَا نَّوَره الله.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 57 و 375 رقم 132 و 891) من طريق حجاج.

وابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 498) و (10/ 543 - 544 رقم 10275).

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 145).

كلاهما من طريق وكيع.

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1/ 260 رقم 535). =

ص: 296

81 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا

(1)

، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

(2)

، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ: يَكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ الْمُصْحَفُ فِي الشَّيْءِ الصَّغِيرِ.

= وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(3/ 104 / ب - 105 / أ) من طريق عبد الله بن المبارك.

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 145) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين.

وأخرجه هو أيضًا (ص 145 - 146).

والدولابي في "الكنى"(1/ 155 - 156).

كلاهما من طريق أبي جابر محمد بن عبد الملك.

وجميع هؤلاء، عن عبد الملك بن شداد، عن عبيد الله بن سليمان العبدي، عن أبي حكيمة، به نحوه.

وله طريق آخر عن أبي حكيمة.

فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 98) و (10/ 554 رقم 10276).

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 145).

والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(3/ 105 / أ).

ثلاثتهم من طريق علي بن مبارك، عن أبي حكيمة، به نحوه.

(1)

إسماعيل بن زكريّا بن مُرَّة الخُلقاني - بضم المعجمة وسكون اللام بعدها قاف -، أبو زياد الكوفي، لقبه: شَقُوصًا - بفتح المعجمة وضم القاف الخفيفة، وبالمهملة -، روى عن الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد وأبي إسحاق الشيباني وعاصم الأحول وغيرهم، روى عنه سعيد بن منصور وأبو الربيع الزهراني ومحمد بن الصباح الدولابي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين ومائة، وهو صدوق روى له الجماعة كما في "الكاشف"(1/ 123 رقم 378)، و"الميزان"(1/ 228 رقم 878).

فقد اختلف فيه قول ابن معين، فوثقه مرة، وضعفه أخرى، ومرة قال:((ليس به بأس))، ووثقه الإمام أحمد مرة، وضعفه أخرى، ومرة قال:((ما كان به بأس))، ومرة قال:((أما الأحاديث المشهورة التي يرويها، فهو فيها مقارب الحديث صالح، ولكن ليس ينشرح الصدر له، ليس يعرف)) - يريد بالطلب -.

وقال ابن خراش: ((صدوق))، ووثقه أبو داود، وضعفه العجلي، وقال ابن عدي: =

ص: 297

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ((وهو حسن الحديث، يكتب حديثه)). اهـ. من "الكامل"(1/ 311 - 312)، و"التهذيب"(1/ 297 - 298 رقم 551).

(2)

هو النخعي، تقدم في الحديث [3] أنه توفي سنة ست وتسعين للهجرة وهو ابن تسع وأربعين سنة، وقيل: ابن ثمان وخمسين، وعليه فتكون ولادته قريبًا من سنة سبع وأربعين أو ثمان وثلاثين للهجرة، وقد نصّ ابن حبان على أنه ولد سنة خمسين كما في "التهذيب"(1/ 178)، فعلى جميع الأقوال لا يمكن أن يكون سمع من علي، ولذا قال أبو زرعة:((النخعي عن علي مرسل)) كما في الموضع السابق من "التهذيب".

[81]

سنده ضعيف للانقطاع بين إبراهيم النخعي وعلي رضي الله عنه.

وقد أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 594 رقم 2417) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله:(رضي الله عنه).

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(4/ 323 رقم 7945).

وابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 498) و (10/ 543 رقم 10274).

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 152).

ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 58 و 375 رقم 133 و 892).

وابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 449) و (10/ 543 رقم 10273).

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 152).

ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجه أبو عبيد في الموضعين السابقين من طريق علي بن هاشم مقرونًا برواية أبي معاوية.

وأخرجه ابن أبي داود في الموضع السابق من طريق محمد بن عبيد مقرونًا برواية أبي معاوية.

وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(ل 105 / أ) من طريق ابن شقيق، عن الأعمش بمعناه.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 151 و 152) من طريق أبي بكر بن عياش وسعد بن الصلت، كلاهما عن الأعمش، به، ولفظ أبي بكر نحو لفظ المصنف، وأما سعد بن الصلت، فرواه عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: لا تُكتب المصاحف صغارًا.

ص: 298

82 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: جَرِّدُوا

(1)

الْقُرْآنَ، وَلَا تَخْلِطُوا عَلَيْهِ مَا لَيْسَ منه.

(1)

أي لا تقرنوا به شيئًا، أراد: جرِّدوه من النقط والإعراب وما أشبههما.

انظر "النهاية في غريب الحديث"(1/ 256).

[82]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف، فمغيرة تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، لاسيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه بالعنعنة، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي.

فالحديث أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 598 رقم 2424) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:((عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ)) و: ((لا تخلطوا به)).

وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث"(4/ 47).

وفي "فضائل القرآن"(ص 369 رقم 872) في كلا الموضعين من طريق هشيم، به نحوه، وفيه زيادة قوله:((كان يكره نقط المصاحف)).

ومن طريق أبي عبيد أخرجه أبو عمرو الداني في "المحكم"(ص 10 - 11).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 498) و (10/ 550 رقم 10303) من طريق وكيع، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: كان يقال: جرّدوا القرآن.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 156) من طريق هشيم، به نحو لفظ المصنف هنا.

وأخرجه أيضًا من طريق وكيع مثل ابن أبي شيبة.

وللحديث طريقان آخران عن إبراهيم، الأول: طريق الأعمش عنه، والثاني: طريق أبي جمرة.

أما طريق الأعمش، فأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص 153) فقال: حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع، حدثنا أبو الجَوَّاب، حدثنا عمار، عن الأعمش، قال: سألت إبراهيم عن التعشير في المصحف، ويكتب: سورة كذا وكذا، فكرهه، وكان يقول: جرِّدوا القرآن. =

ص: 299

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وسنده حسن.

الأعمش تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ.

وعمار هو ابن رُزَيق - بتقديم الراء، مصغّر -، الضبّي، أو التميمي، أبو الأحوص الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم، روى عنه أبو الجوّاب وأبو الأحوص سلَّام بن سُليم وأبو أحمد الزُّبيري وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وخمسين ومائة، وهو ثقة؛ وثقه ابن المديني وابن معين وأبو زرعة، وقال الإمام أحمد:((كان من الأثبات)) ، وقال أبو حاتم:((لا بأس به)) ، وقال النسائي والبزار:((ليس به بأس)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات.

انظر "الجرح والتعديل"(6 / 392 رقم 2182) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص156 رقم 880) ، و"التهذيب"(7 / 400 - 401 رقم 647) .

وأبو الجَوَّاب هو الأحوص بن جَوَّاب - بفتح الجيم وتشديد الواو -، الضبّي، الكوفي روى عن سفيان الثوري وعمّار بن رُزيق وسُعير بن الخِمْس وغيرهم، روى عنه محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن المديني وابن أبي شيبة ومحمد بن حاتم بن بزيع وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى عشرة ومائتين، وهو صدوق كما قال أبو حاتم، واختاره الذهبي في "الكاشف"(1 / 100 رقم 237)، وفي "الميزان" (1 / 167 رقم 674) قال:((صدوق مشهور)) ، وقد اختلف فيه قول ابن معين، فوثقه مرةٍ، ومرة قال:((ليس بذاك القوي)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((كان متقنًا وربما وهم)) .

انظر "الثقات" لابن حبان (6 / 89 - 90) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (2 / 288 - 289) ، و"التهذيب"(1 / 191 - 192 رقم 357) .

ومحمد بن حاتم بن بَزِيع - بفتح الموحدة وكسر الزاي - أبو بكر البصري، نزيل بغداد، روى عن أسود بن عامر وعبد الوهاب بن عطاء وعلي بن الحسن بن شقيق وأبي الجّواب وغيرهم، روى عنه البخاري وأبو داود وابن ماجه وابن أبي الدنيا وابن أبي داود وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وأربعين ومائتين، وهو ثقة؛ روى له الشيخان، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات. =

ص: 300

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= انظر "تاريخ بغداد"(2 / 268 - 269 رقم 738) ، و"التهذيب"(9 / 100 - 101 رقم 133) ، و"التقريب"(ص472 رقم 5791) .

وأما طريق أبي جمرة، فأخرجه بن أبي داود أيضًا (ص154)، فقال: حدثنا إسحاق بن وهب، حدثنا يزيد، قال: أخبرنا حماد، عن أبي جمرة قال: أتيت إبراهيم بمصحف لي مكتوب فيه: سورة كذا، وكذا آية، فقال إبراهيم: إمح هذا، فإن ابن مسعود كان يكره هذا ويقول: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس منه.

أما يزيد فهو ابن هارون، تقدم في الحديث [43] أنه ثقة متقن عابد.

وأما أبو جَمْرة - بالجيم -، فهو: نصر بن عمران بن عصام الضُّبَعي - بضم المعجمة، وفتح الموحّدة، بعدها مهملة -، البصري، نزيل خراسان، مشهور بكنيته، وهو يروي عن أبيه وعن ابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وغيرهم، روى عنه ابنه علقمة وشعبة وأبو عوانة والحمّادان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائة، وهو هنا يروي عن إبراهيم النخعي، ولم أجد من نصّ على سماعه منه، وسماعه محتمل، فإن إبراهيم توفي سنة ست وتسعين كما في ترجمته في الحديث [3] ، وأبو جمرة هذا ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص561 رقم 7122) ، وثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة، وقال ابن سعد:((كان ثقة مأمونًا)) ، وقال ابن عبد البر:((أجمعوا على أنه ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(8 / 465 رقم 2130) ، و"التهذيب"(10 / 431 - 432 رقم 783) .

وأما شيخ ابن أبي داود فهو إسحاق بن وهب بن زياد العلاَّف، أبو يعقوب الواسطي، روى عن يزيد بن هارون وعمر بن يونس اليمامي ويعقوب بن محمد الزهري وغيرهم، روى عنه البخاري وابن ماجه وأبو زرعة وأبو حاتم وابن أبي داود وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة الحادية عشرة، مات سنة بضع وخمسين ومائتين كما في "التقريب" (ص103 رقم 389) . قال أبو حاتم:((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((كان هو والمدائني جميعًا علافين صدوقين)) . اهـ. من =

ص: 301

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "الجرح والتعديل"(2 / 236 رقم 834) ، و"التهذيب"(1 / 253 - 254 رقم 478) .

وأما حماد فهو ابن سلمة؛ فإن أبا عمرو الداني قد أخرج هذا الحديث في "المحكم"(ص16) من طريق يحيى بن سلام، قال: حدثني حماد بن سلمة، عن أبي جمرة [في الأصل: حمزة]

، فذكره.

وحماد بن سلمة بن دينار، أبو سلمة البصري روى عن ثابت البُناني وقتادة وخاله حُميد الطويل وأيوب السختياني وخالد الحذّاء وأبي جمرة نصر بن عمران وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وعفّان بن مسلم وابن مهدي ويحيى القطان ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وستين ومائة، وهو ثقة عابد، إلا أنه تغير حفظه بأَخَرة.

لكن ما كان من روايته عن ثابت أو خاله حميد الطويل، أو من رواية عفان بن مسلم عنه، فهي صحيحة - إن شاء الله -؛ أما ثابت البناني، فلأن حماد بن سلمة أثبت الناس فيه، قال الإمام أحمد:((أثبتهم في ثابت: حماد بن سلمة)) ، وقال ابن المديني:((لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة)) ، وقال ابن معين:((من خالف حماد بن سلمة في ثابت، فالقول قول حماد)) ، ولذا فإن مسلمًا رحمه الله لم يخرج في صحيحه لحماد بن سلمة في الأصول إلا من روايته عن ثابت، وخرّج له في الشواهد والمتابعات عن طائفة. وأما روايته عن حميد الطويل فقد كان الإمام أحمد يثني عليها كثيرًا، فقال مرة:((حماد بن سلمة أثبت في حميد الطويل؛ سمع منه قديمًا)) ، وقال:((ما أحسن ما روى حماد عن حميد!)) ، وقال أيضًا:((حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد وأصحّ حديثًا)) ، وقال أيضًا:((حميد يختلفون عنه اختلافًا شديدًا. قال: ولا أعلم أحدًا أحسن حديثًا عنه من حماد بن سلمة؛ سمع منه قديمًا)) . وأما رواية عفان بن مسلم عن حماد، فقد أثنى عليها ابن معين، فقال:((من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة، فعليه بعفان بن مسلم)) . وقد أثنى على حماد بن سلمة كثير من العلماء، فوثقه الإمام أحمد وابن معين والنسائي، وقال الساجي:((كان حافظًا ثقة مأمونًا)) ، وقال العجلي: ((ثقة رجل =

ص: 302

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= صالح حسن الحديث)) ، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث، وربما حدث بالحديث المنكر)) . وقد عرّض ابن حبان البخاري لمجانبته حديث حماد بن سلمة، فقال:((كان من العباد المجابين الدعوة في الأوقات، ولم ينصف من جانب حديثه واحتجّ في كتابه بأبي بكر بن عياش، فإن كان تركه إياه لما كان يخطئ، فغيره من أقرانه مثل الثوري وشعبة كانوا يخطئون. فإن زعم أن خطأه قد كثر حتى تغير، فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجودًا، ولم يكن من أقران حماد بن سلمة بالبصرة مثله في الفضل والدين والنسك والعلم والكتب والجمع والصلابة في السنة والقمع لأهل البدع)) ، واعتذر أبو الفضل بن طاهر المقدسي عن صنيع البخاري، فقال:((حماد بن سلمة إمام كبير مدحه الأئمة وأطنبوا، لما تكلم فيه بعض منتحلي المعرفة: أن بعض الكذبة أدخل في حديثه ما ليس منه، لم يخرج عنه متعمدًا عليه، بل استشهد به في مواضع ليبين أنه ثقة، وأخرج أحاديثه التي يرويها من حديث غيره من أقرانه كشعبة وحماد بن زيد وأبي عوانة وأبي الأحوص وغيرهم، ومسلم اعتمد عليه لأنه رأى جماعة من أصحابه القدماء والمتأخرين رووا عنه حديثًا لم يختلفوا عليه، وشاهد مسلم منهم جماعة وأخذ عنهم، ثم عدالة الرجل في نفسه، وإجماع أئمة النقل على ثقته وإمامته)) . اهـ. وقال البيهقي: ((هو أحد أئمة المسلمين، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، فلذا تركه البخاري، وأما مسلم فاجتهد، وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثًا أخرجها في الشواهد)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(3 / 140 - 142 رقم 623) ، و"شروط الأئمة الستة" لابن طاهر (ص18 - 19) ، و"تهذيب الكمال" للمزي/المطبوع (7 / 253 - 269 رقم 1482) ، و"الميزان" للذهبي (1 / 590 - 595 رقم 2251) ، و"شرح علل الترمذي" لابن رجب (2 / 517) ، و"التهذيب"(3 / 11 - 16 رقم 14) ، و"التقريب"(ص178 رقم 1499) . =

ص: 303

83 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: يُكْرَهُ بَيْعُ الْقُرْآنِ وَشِرَاؤُهُ، وَكِتَابَتُهُ عَلَى الْأَجْرِ، وَكَانَ يُقَالُ: لَا يُوْرَث الْمُصْحَفُ، إِنَّمَا هُوَ لقُرَّاء أَهْلِ الْبَيْتِ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُحَلَّى الْمُصْحَفُ، وَأَنْ يُعَشّر

(1)

، أَوْ يُصَغّر

(1)

، قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: عَظِّموا الْقُرْآنَ، وَلَا تَخْلِطُوا بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَكَانَ يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ بِالذَّهَبِ، أو يُعَلَّمَ عند رؤوس الْآيِ، قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: جَرِّدوا القرآن.

= ورواية حماد بن سلمة هنا ليست عن ثابت أو حميد، ولا من رواية عفان عنه، لكنه لم ينفرد بالحديث، وعليه فالحديث بمجموع طرقه صحيح لغيره، والله أعلم.

(1)

تعشير القرآن: هو وضع كلمة عشر عند نهاية كل عشر آيات، وبعضهم يكتب في موضع الأعشار رأس العين بدلاً من كلمة عشر.

انظر "لسان العرب"(4/ 571)، و"مناهل العرفان" للزرقاني (1/ 403).

(2)

أي يقال: مُصَيْحف كما سيأتي في الحديث [85].

[83]

سنده كسابقه رجاله ثقات، لكنه ضعيف لأن مغيرة لم يصِّرح بالسماع، وهو مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [54]، لاسيّما ما كان من روايته عن إبراهيم النخعي، وهذه منها، لكن قد توبع مغيرة على بعضه.

وأما بهذا السياق فأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 599) من طريق المصنف، به بلفظ: ((كان يقال: يُكره أن يعَشّر المصحف، أو يصغّر، وكان يقول: عظموا

)) إلخ مثله سواء، إلا أنه قال:((وكان يقول)).

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 195 - 196) من طريق حجاج بن منهال عن أبي عوانة به نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله:((وكتابته على الأجر)).

وأخرجه أيضًا (ص 161) من طريق حجاج، عن أبي عوانة به مختصرًا بلفظ: كان يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ بِالذَّهَبِ أَوْ يعلم رأس الآي.

ومن طريق حجاج عن أبي عوانة أخرجه ابن حزم في "المحلَّى"(9/ 683) =

ص: 304

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مختصرًا بلفظ: إنه كان يقول: لا يورث المصحف، هو لأهل البيت القُرّاء منهم.

وأخرج ابن أبي داود بعض ألفاظه مفرّقة من طريق عن مغيرة، عن إبراهيم (ص151 و 153 و 156 و 159 - 160 و 167 و 190 و 195 و 196) .

وأخرجه بعضه مختصرًا: أبو عبيد في "الفضائل"(ص365 و 374) من طريق هشيم، عن مغيرة.

وعبد الرزاق في "المصنف"(4 / 322 رقم 7941) من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة.

وابن أبي شيبة في "المصنف"(2 / 497 و 498) و (10 / 549 رقم 10297) من طريق سفيان الثوري عن مغيرة.

و (10 / 546 رقم 10283) من طريق معتمر، عن أبيه، عن مغيرة.

وابن الضريس في "الفضائل"(ص42 رقم 42 و 44) من طريقي سفيان وأبي إسحاق، كلاهما عن مغيرة.

وقد تابع مغيرة على بعض أجزائه كل من: الأعمش، ومنصور، وحماد بن أبي سليمان، ومُحِلّ.

أما الرواية الأولى عن الأعمش فسندها حسن وتقدم ذكرها والكلام عليها في الحديث السابق، ولفظها: يقول الأعمش: سألت إبراهيم عن التعشير في المصحف، ويكتب: سورة كذا وكذا، فكرهه، وكان يقول: جرِّدوا القرآن.

وأما الأخرى فأخرجها ابن أبي داود في "المصاحف"(ص190) فقال: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أنه كره بيع المصاحف.

وسنده صحيح رجاله ثقات تقدموا، عدا شيخ ابن أبي داود: أحمد بن سنان بن أسد بن حِبّان - بكسر المهملة بعدها موّحدة -، أبو جعفر القطان الواسطي، يروي عن أبي معاوية محمد بن خازم ويحيى بن سعيد القطّان ويزيد بن هارون والشافعي وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وأبو بكر بن أبي داود وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وخمسين ومائتين، وقيل: ثمان، وقيل: ست وخمسين ومائتين، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة عدا =

ص: 305

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الترمذي. قال أبو حاتم: ((ثقة صدوق)) ، وقال النسائي:((ثقة)) ، وقال الدارقطني:((كان من الثقات الأثبات)) ، وقال إبراهيم بن أورمة:((أعدنا عليه ما سمعناه من بندار وأبي موسى)) - يعني لإتقانه وضبطه -، وقال مسلمة بن القاسم في "الصلة":((ثقة جليل، حدثنا عنه غير واحد)) ، وقال الحاكم في "فضائل الشافعي":((أحمد بن سنان القطَّان المحدِّث بواسط، ثقة مأمون، له مسند مخرج على الرجال، حدّث عنه أئمة الحديث)) ، ووثقه ابن ماكولا. اهـ. من "الجرح والتعديل"(2 / 53 رقم 60) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع وحاشيته (1 / 332 - 323 رقم 45) ، و"تهذيب التهذيب"(1 / 34 - 35 رقم 62) ، و"التقريب"(ص80 رقم 44) .

وأما رواية منصور، فأخرجها ابن أبي داود أيضًا (ص189) فقال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: كانوا يكرهون بيع المصاحف ويقولون: إن كنتم لابد فاعلين، فمن يهودي أو نصراني - يعني الشراء -.

ثم أخرجه ابن أبي داود (ص189 و 190) أيضًا من طريق محمد بن عبد الوهاب القنّاد السُّكّري، ومؤمّل، كلاهما عن سفيان بهذا.

وسنده صحيح؛ منصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطّان ثلاثتهم من الأئمة الثقات الأثبات، تقدمت تراجمهم.

وأما شيخ ابن أبي داود: محمد بن بشّار بن عثمان العبدي، أبو بكر الملقب بـ: بُنْدار، فهو يروي عن يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الوهاب الثقفي ومحمد بن جعفر غندر ويزيد بن هارون، وغيرهم، روى عنه الجماعة وأبو زرعة وأبو حاتم وبَقيّ بن مخلد وعبد الله بن الإمام أحمد وأبو بكر بن أبي داود وغيرهم، وكانت ولادته سنة سبع وستين ومائة، ووفاته سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وهو ثقة ممن روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص469 رقم 5754) . قال البخاري في "صحيحه": ((كتب إليّ بندار

)) ، فذكر حديثًا مسندًا، ولولا شدة وثوقه ما حدث عنه بالمكاتبة مع أنه في الطبقة الرابعة من شيوخه، إلا أنه كان مكثرًا، فيوجد عنده ما ليس عند غيره. =

ص: 306

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وكان ابن خزيمة يعظّمه ويقول: ((حدثنا الإمام محمد بن بشار بندار)) ، وقال في "كتاب التوحيد":((حدثنا أهل زمانه في العلم والأخبار محمد بن بشار)) ، وقال العجلي:((بصري ثقة كثير الحديث)) ، وقال أبو حاتم:((صدوق)) ، وقال النسائي:((صالح لا بأس به)) ، وقال ابن سيّار:((ثقة)) ، وقال مسلمة بن القاسم:((كان ثقة مشهورًا)) ، وقال ابن حبان في "الثقات":((كان يحفظ حديثه ويقرؤه من حفظه)) ، وقال الدارقطني:((من الحفاظ الأثبات)) .

وقد تكلم بعضهم في محمد بن بشار بما لا يحطّ من مكانته؛ قال عبد الله بن الدورقي: ((كنا عند يحيى بن معين، فجرى ذكر بندار، فرأيت يحيى لا يعبأ به ويستضعفه، ورأيت القورايري لا يرضاه، وكان صاحب حَمَام)) ، ورد هذا القول أبو الفتح الأزدي بقوله:((بندار كَتَبَ الناس عنه وقبلوه، وليس قول يحيى والقواريري مما يجرحه، وما رأيت أحدًا ذكره إلا بخير وصدق)) ، وذكر الذهبي قول الدورقي السابق وردّه بقوله:((قد احتجّ به أصحاب الصحاح كلهم، وهو حجة بلا ريب)) ، وقال الذهبي أيضًا:((محمد بن بشار البصري الحافظ، بندار، ثقة صدوق، كذّبه الفلاس، فما أصغى أحد إلى تكذيبه؛ لتيقُّنهم أن بندارًا صادق أمين)) ، وقال أيضًا:((كان من أوعية العلم)) . اهـ من "سير أعلام النبلاء"(12 / 144 - 149) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1177) ، و"الميزان"(3 / 490 - 491 رقم 7269) ، و"التهذيب"(9 / 70 - 73 رقم 87) .

وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص190) من طريق شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن أصحابه قال: كان يكرهون بيع المصاحف وشراءها.

وأما رواية حماد بن أبي سليمان، فأخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف"(2 / 497) و (10 / 548 رقم 10292) من طريق حجاج، عن حماد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التعشير في المصحف، وأن يكتب فيه شيء من غيره.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص178 و 191) من طريقي موسى بن خلف، وأبي سنان، كلاهما عن حماد، عن إبراهيم أنه كره بيعها وشراءها. =

ص: 307

84-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ كان يكره نقط المصحف.

= وأما رواية مُحِلّ بن مُحْرِز الضبّي، فأخرجها ابن أبي داود في "المصاحف" أيضًا (ص190 - 191 و 194) من طريق عبيد الله بن موسى، ووكيع، ويحيى القطان، ثلاثتهم عن محل قال: سألت إبراهيم عن بيع المصاحف، فقال: لا تشترها ولا تبعها.

هذا لفظ عبيد الله بن موسى، ونحوه لفظ يحيى، وأما رواية وكيع، فيقول محلّ: قلت لإبراهيم: لابدّ للناس من المصاحف، فقال: اشتر المداد والورق، واستعن - يعني: من يكتب لك -.

وبمجموع هذه الروايات يتضح أن كراهة بيع المصاحف وشرائها، وتعشير المصحف، وقوله: جردوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَخْلِطُوا بِهِ مَا ليس منه، جميع هذا صحيح عن إبراهيم، وما عداه مما نُصَّ عليه في هذا الحديث لم أجد من تابع مغيرة عليه عن إبراهيم، فيبقى على ضعفه.

وانظر التعليق على الحديث الآتي برقم [125] فيما يتعلق ببيع المصاحف وشرائها وكتابتها على الأجر.

[84]

سنده ضعيف؛ لأن هشيمًا ومغيرة مدلِّسان ولم يصرِّحا بالسماع، وقد تابع هشيمًا سفيان الثوري كما سيأتي، ومعنى الحديث صحيح عن إبراهيم كما كان في الحديثين السابقين رقم [82 و 83] .

وقد أخرجه البيهقي في "الشعب"(5 / 599) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((أنه كره

)) إلخ.

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص369 رقم 872) من طريق هشيم، به مثله، وهو عنده جزء من الحديث المتقدم برقم [82] .

ومن طريق أبي عيبد أخرجه الداني في "المحكم"(ص10 - 11) .

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(4 / 322 رقم 7941) .

وابن أبي شيبة في "المصنف"(2 / 498) و (10 / 549 رقم 10297) . =

ص: 308

85 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضيل

(1)

، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَغَّر الْمُصْحَفُ، وَالْمَسْجِدُ، يقال: مُصَيْحِف، ومُسَيْجِد.

= ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه الداني في "المحكم"(ص 16 - 17).

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 153 و 156 و 159 - 160).

جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم، به مثله، وفي لفظ بعضهم زيادة.

(1)

هو فضيل بن عياض بن مسعود التميمي، أبو علي الزاهد المشهور، أصله من خراسان، وسكن مكة، روى عن الأعمش ومنصور بن المعتمر وهشام بن حسّان وحميد الطويل وليث بن أبي سُليم وغيرهم، روى عنه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق وعبد الله بن وهب والإمام الشافعي وغيرهم، وروى عنه سعيد بن منصور هنا وفي مواضع أخرى، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، وهو ثقة عابد إمام روى له الجماعة عدا ابن ماجه كما في "التقريب"(ص 448 رقم 5431). فقد وثقه ابن عيينة والدارقطني، وقال ابن سعد:((كان ثقة نبيلاً فاضلاً عابدًا ورعًا كثير الحديث))، وقال العجلي:((كوفي ثقة متعبد رجل صالح))، وقال أبو حاتم:((صدوق))، وقال النسائي:((ثقة مأمون رجل صالح)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(7/ 73 رقم 416)، و"التهذيب"(8/ 294 - 297 رقم 538).

[85]

سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم كما في ترجمته في الحديث رقم [9].

وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 594) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه نسب فضيلاً، فقال:((فضيل بن عياض))، وقال: ((فيقال: مصيحف

)).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 499) و (10/ 544 رقم 10277) من طرق عن سفيان، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كره أن يقول: مصيحف.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 170 و 171) من طريق سعد بن الصلت، والمحاربي، وسفيان، ثلاثتهم عن ليث، به نحوه، وفي لفظ بعضهم زيادة.

ص: 309

86-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ، عَنْ نَقْطِ الْمَصَاحِفِ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، مَا لَمْ تبغوا.

[86] سنده صحيح ومنصور هو ابن زاذان، والحسن هو ابن أبي الحسن البصري.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(5 / 599) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:((لا بأس بها)) .

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص370 رقم 876) من طريق هشيم، به مثله سواء.

ومن طريق أبي عبيد أخرجه الدّاني في "المحكم"(ص12) .

وأخرجه أبو عبيد أيضًا (ص370 رقم 875) .

ومن طريقه الداني (ص12 - 13) .

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص160) .

كلاهما من طريق أشعث عن الحسن، به، ولفظ أبي عبيد: قال: لا بأس بنقط المصاحف، وكرهه ابن سيرين.

ولفظ ابن أبي داود: عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يرى بأسًا أن ينقط المصحف بالنحو.

وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص161) .

والداني (ص12) .

أما ابن أبي داود فمن طريق محمد بن إسماعيل الأَحْمَسي وعلي بن محمد بن أبي الخصيب، وأما الداني فمن طريق أبي بكر بن أبي شيبة، ثلاثتهم عن وكيع، عن أبي بكر الهُذَلي، عن الحسن قال: لا بأس ببيعها وبشرائها وبنقطها بالأجرة.

هذا لفظ ابن أبي داود.

وأما لفظ الداني فهو: عن الحسن قال: لا بأس بنقطها بالأحمر.

وللحديث طريق آخر عن منصور سيأتي برقم [90] ، وطريق آخر عن الحسن سيأتي برقم [89] ، وجميعها تدل على تجويز الحسن البصري رحمه الله =

ص: 310

87 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، أنَا مُخبر، عَنْ أَبِي مَعْشر

(1)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: قَالَ: لَحْسُ الدَّبَرِ

(1)

أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَقْطِ الْمَصَاحِفِ.

= لنقط المصاحف، وقد روى عنه كراهة ذلك.

فأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 369 رقم 874) فقال: حدثنا يزيد، عن هشام، عن الحسن وابن سيرين، أنهما كانا يكرهان نقط المصاحف.

وسنده رجاله ثقات، ويزيد هو ابن هارون، وهشام هو ابن حسان، لكن رواية هشام عن الحسن فيها مقال كما سبق في الحديث [55]، لأنه قيل: كان يرسل عنه، وأما ابن سيرين فهو من أثبت الناس فيه، وقد صح عن ابن سيرين أنه كره النقط كما سيأتي برقم [89]، وعلل ذلك بأنه خشية الزيادة في الحروف، وصح عنه أنه أجازه كما سيأتي برقم [88 و 89] فيحمل تجويزه لذلك على أنه لمن أمن عليه من الزيادة في الحروف. وأما الحسن البصري فالروايات الصحيحة عنه تجويزه لذلك، وأما الكراهية فلا تثبت؛ لما تقدم، والله أعلم.

(1)

هو زياد بن كليب الحَنْظلي، أبو مَعْشر الكوفي، روى عن إبراهيم النخعي والشعبي وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه قتادة وخالد الحذَّاء ومنصور بن المعتمر وشعبة وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة تسع عشرة ومائة، وهو ثقة كما في "التقريب"(ص 220 رقم 2096). فقد وثقه ابن المديني والعجلي والنسائي وأبو جعفر السبتي، وقال ابن حبان:((كان من الحفاظ المتقنين)). وأما أبو حاتم فقال: ((صالح))، وقال مرة:((من قدماء أصحاب إبراهيم، وهو أحب إلى حماد من أبي سليمان، وليس بالمتين في حفظه)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 542 رقم 2449)، و"التهذيب"(3/ 382 رقم 698).

وقول أبي حاتم في أبي معشر معارض بتوثيق من تقدم، وأبو حاتم معروف بتشدده في الجرح، والصواب ما رجحه الحافظ ابن حجر في "التقريب" من أن أبا معشر ثقة.

(2)

الدَّبَرُ: جمع دَبَرة - بالتحريك -، وهي قَرْحَةُ الدابة والبعير.

"لسان العرب"(4/ 273).

ص: 311

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[87] سنده ضعيف لإبهام شيخ هشيم، وهو صحيح عن إبراهيم بغير هذا اللفظ؛ لأن في متن الحديث خطأ، وبيانه:

أن الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 61 رقم 251).

ومن طريقه ابن حزم في "المحلى"(9/ 683).

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 188 و 190).

أما ابن أبي شيبة فمن طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، وأما ابن أبي داود فمن طريق سعد بن الصلت، وابن أبي عدي، وحماد بن سلمة، جميعهم عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي قَالَ: لَحْسُ الدَّبَر أَحَبُّ إِلَيَّ من بيع المصاحف.

وسند ابن أبي شيبة صحيح رجاله ثقات تقدموا، عدا سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري، مولاهم، أبو النضر البصري، روى عن قتادة والحسن البصري وأيوب السختياني وأبي معشر زياد بن كليب وغيرهم، روى عنه شعبة وعبد الأعلى بن عبد الأعلى ومحمد بن أبي عدي وحماد بن سلمة وإسماعيل بن عليّة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست أو سبع وخمسين ومائة، وهو ثقة حافظ له تصانيف، من أثبت الناس في قتادة، وممن روى له الجماعة، وكان يدلّس، واختلط.

أما تدليسه فقد احتمله الأئمة؛ فقد ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من طبقات المدلسين وهم الذين احتمل الأئمة تدليسهم. وأما اختلاطه، فإن إسماعيل بن عليّة وحماد بن سلمة ممن روى عنه هذا الحديث، وقد سمعا منه قبل اختلاطه. فقد وثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال أبو زرعة:((ثقة مأمون))، وقال ابن أبي خيثمة:((أثبت الناس في قتادة: سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي))، وقال أبو حاتم:((سعيد بن أبي عروبة قبل أن يختلط ثقة، وكان أعلم الناس بحديث قتادة))، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث ثم اختلط في آخر عمره))، وقال العجلي: ((روى عن ابن أبي عروبة في الاختلاط: يزيد بن هارون، وابن المبارك، وابن أبي عدي، كل ما روى عنه مثل هؤلاء الصغار =

ص: 312

88 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاء

(1)

، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ: فَرَأَيْتُهُ يَقْرَأُ في مصحف منقوط.

= فهو مختلط، إنما الصحيح حديث حماد بن سلمة، وابن عليّة، وعبد الأعلى عنه، والثوري وشعبة صحيح)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(4/ 65 - 66 رقم 276)، و"شرح علل الترمذي" لابن رجب (2/ 565 - 570)، و"التهذيب"(4/ 63 - 66 رقم 110)، و"التقريب"(ص 239 رقم 2365)، و"النكت على كتاب ابن الصلاح"(2/ 638 - 639)، و"طبقات المدلسين"(ص 63 رقم 50)، و"الكواكب النيرات"(ص 190 - 212 رقم 25).

(1)

هو خالد بن مِهْران، أبو المَنَازل - بفتح الميم، وقيل: بضمّها، وكسر الزاي -، البصري، الحَذّاء - بفتح المهملة، وتشديد الذال المعجمة -، قيل له ذلك لأنه كان يجلس عند الحذائين، وقيل: لأنه كان يقول احْذ على هذا النحو، روى عن أنس ومحمد وحفصة أبناء سيرين، وعن عبد الله بن شقيق وأبي رجاء العطاردي والحسن البصري وغيرهم، روى عنه الحمّادان والثوري وشعبة وابن علية وخالد بن عبد الله الواسطي وهشيم بن بشير وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة، وهو ثقة يرسل، وروى له الجماعة، وثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال الإمام أحمد:((ثبت))، وقال ابن سعد:((كان خالد ثقة مهيبًا كثير الحديث)).

وقال أبو شهاب: قال لي شعبة: ((عليك بحجاج بن أرطأة وابن إسحاق، فإنهما حافظان، واكتم عليّ عند البصريين في هشام وخالد))، وردّ ذلك الذهبي بقوله:((ما التفت أحد إلى هذا القول أبدًا))، وقال في موضع آخر:((هذا الاجتهاد من شعبة مردود ولا يلتفت إليه، بل خالد وهشام محتجّ بهما في الصحيحين، هما أوثق بكثير من حجاج وابن إسحاق، بل ضعف هذين ظاهر، ولم يُتركا)). وقال حماد بن زيد: ((قدم علينا - يعني خالدًا - قدمة من الشام، فكأنا أنكرنا حفظه))، وقال أبو حاتم:((يكتب حديثه ولا يحتج به)).

وأورده الذهبي في "الميزان" فقال: ((خالد بن مهران الحذّاء، أبو المنازل البصري =

ص: 313

89 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ

(1)

، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ مصحف

= الحافظ، أحد الأئمة))، وذكر هذه الأقوال، وقال:((ما خالد في الثبت بدون هشام بن عروة وأمثاله)). وقال الحافظ ابن حجر: ((أحد الأثبات

، تكلم فيه شعبة وابن عليّة إما لكونه دخل في شيء من عمل السلطان، أو لما قال حماد بن زيد

)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 352 - 353 رقم 1593)، و"الميزان"(1/ 642 - 643 رقم 2466)، و"سير أعلام النبلاء "(6/ 191)، و"هدي الساري"(ص 400)، و"التهذيب"(3/ 120 - 122 رقم 224)، و"التقريب"(ص 191 رقم 1680).

[88]

الحديث في سنده هشيم وهو مدلس ولم يصرِّح بالسماع، لكنه لم ينفرد به، فهو صحيح من غير طريقه.

فقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 161) من طريق هشيم، به نحوه.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 370 رقم 877).

من طريقه الداني في "المحكم"(ص 13).

وأخرجه ابن الضريس في "الفضائل"(ص 41 رقم 37).

أما أبو عبيد فمن طريق شيخه عبد الرحمن بن مهدي، وأما ابن الضريس فمن طريق شيخه أبي الربيع الزهراني سليمان بن داود، كلاهما عن حماد بن زيد، عن خالد الحذاء قال: كنت أمسك على محمد بن سيرين في مصحف منقوط.

وهذا سند صحيح، حماد بن زيد وعبد الرحمن بن مهدي وأبو الربيع الزهراني كلهم ثقات تقدمت تراجمهم.

وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص 160 و 161) من طريق خارجة بن مصعب وإسماعيل بن إبراهيم بن علية، كلاهما عن خالد، به نحوه.

(1)

هو محمد بن سيف الأزدي الحُدّاني - بضم المهملة وتشديد الدال -، أبو رجاء البصري، روى عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين وعكرمة وغيرهم، روى عنه شعبة وحماد بن زيد وابن عليّة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة؛ وثّقه ابن سعد وابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات. =

ص: 314

يُنْقَطُ بالعَرَبِيَّة؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، أَوَما بَلَغَكَ عَنْ كِتَابِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَتَبَ: تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ، وَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَأَحْسِنُوا عِبَارَةَ الرُّؤْيَا؟

قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: وَسَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَزِيدُوا فِي الحروف.

= انظر "الجرح والتعديل"(7 / 281 رقم 1519) ، و"التهذيب"(9 / 217 رقم 337) ، و"التقريب"(ص483 رقم 5948) .

[89]

سنده حسن إلى الحسن البصري وابن سيرين؛ رجاله ثقات عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، وهو صحيح لغيره إليهما، فإن ابن زياد قد توبع كما سيأتي.

وأما نقل الحسن عن عمر فضعيف؛ لأنه أخذه بلاغًا عن كتابه كما يظهر من السياق، والحسن إنما ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه كما في "التهذيب"(2 / 263) .

والحديث أخرجه البيهقي في "الشعب"(5 / 599 - 600) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:((المصحف)) ، ولم يذكر سؤال أبي رجاء لابن سيرين.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(4 / 323 - 324 رقم 7948) .

وابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 458 رقم 9971) .

ومن طريقه الداني في "المحكم"(ص11) .

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص158 و 159 و 160) .

أما عبد الرزاق فمن طريق عبد الله بن كثير، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق أبي داود الطيالسي، وأما ابن أبي داود فمن طريق محمد بن جعفر غندر ومسكين، جميعهم عن شعبة، به نحوه، إلا أن رواية ابن أبي داود عن غندر إنما ذكر فيها سؤال أبي رجاء لابن سيرين، وأما روايته عن مسكين ففرّقها، فجعل سؤال الحسن في موضع، وسؤال ابن سيرين في موضع آخر، وأما رواية الداني للحديث من طريق ابن أبي شيبة فإنما ذكر فيها سؤال ابن سيرين فقط. =

ص: 315

90 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ عَنْ ذَلِكَ

(1)

، (فَقَالَا)

(2)

: لَا بَأْسَ بِهِ.

91 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُصَيْنٌ، قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(1)

، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يُسأل عَنْ عَرَبيَّة القرآن، فيُنْشِد الشعر.

= والحديث أخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 320 رقم 750) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة متابعًا لشعبة، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مُحَمَّدِ بْنِ سيف قال: قلت للحسن: ما تقول فيمن يتعلم العربية، أما يخاف أن يكون يزيد في الهجاء؟ فقال: ليس به بأس، قال عمر بن الخطاب: عليكم بالتفقه في الدين، والتفهم في العربية، وحسن العبارة.

وتقدم عن عمر نحو ما هنا برقم [70]، وهو ضعيف أيضًا.

(1)

أي: عن نقط المصحف.

(2)

في الأصل: ((فقال))، وما أثبته من "شعب الإيمان" للبيهقي حيث روى الحديث من طريق المصنف كما سيأتي.

[90]

سنده حسن رجاله ثقات عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، وهو صحيح لغيره، فإن ابن زياد قد توبع كما سيأتي.

فالحديث أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 599) من طريق المصنف، به مثله سواء.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(4/ 324) من طريق عبد الله بن كثير، عن شعبة، به مثله.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 160) من طريق مسكين، ويحيى ابن بكير، كلاهما عن شعبة، به نحوه.

وتقدم للحديث طريق آخر عن منصور، عن الحسن برقم [86]، وطريق آخر عن الحسن في الحديث السابق، وقد روى عنه كراهة ذلك ولا يصح كما سبق بيانه في الحديث رقم [86].

(1)

هو عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن مسعود الهُذَلي، أبو عبد الله المدني، =

ص: 316

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= روى عن أبيه وعمار بن ياسر وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أخوه عون والزهري وأبو الزناد وحصين بن عبد الرحمن السُّلمي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين للهجرة، وقيل: سنة اثنتين، وقيل: أربع أو خمس، وقيل: تسع وتسعين، وهو ثقة فقيه ثبت، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص372 رقم 4309) . قال العجلي:((كان أعمى، وكان أحد فقهاء المدينة، تابعي ثقة، رجل صالح جامع للعلم، وهو معلِّم عمر بن عبد العزيز)) ، وقال أبو زرعة:((ثقة مأمون إمام)) ، وقال الطبري:((كان مقدّمًا في العلم والمعرفة بالأحكام والحلال والحرام، وكان مع ذلك شاعرًا مجيدًا)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((كان من سادات التابعين)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(5 / 319 - 320 رقم 1517) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (6 / 519 - 523) ، و"التهذيب"(7 / 23 - 24 رقم 50) .

[91]

سنده صحيح، واختلاط حصين بن عبد الرحمن السلمي غير مؤثِّر؛ لأن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في "هدي الساري"(ص398) .

وقد أخرجه الخطابي في "غريب الحديث"(1 / 61) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:((رأيت ابن عباس)) .

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص312 رقم 733) .

وفي "غريب الحديث"(4 / 373) .

في كلا الموضعين من طريق هشيم، به نحوه.

ومن طريق أبي عبيد أخرجه البيهقي في "الشعب"(4 / 315 رقم 1559) .

قال أبو عبيد في معنى الحديث: ((يعني أنه كان يستشهد به على التفسير)) .

وأخرج البيهقي في "السنن"(10 / 241) ، وفي "الشعب"(4 / 316 - 317 رقم 1560) من طريق وكيع.

والخطيب في "الجامع"(2 / 198 رقم 1603) من طريق ابن فرّوخ. =

ص: 317

92 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، أنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَأَوَّلُوا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ عِنْدَمَا يُعْرَضُ مِنْ أَحَادِيثِ الدُّنْيَا. قِيلَ لِهُشَيْمٍ نَحْوُ قَوْلِهِ: {جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى}

(1)

؟ قال: نعم.

= والسمعاني في "أدب الإملاء والإستملاء"(ص 71) من طريق محمد بن إسماعيل الحسّاني.

ثلاثتهم عن أسامة بن زيد الليثي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: إذا قرأ أحدكم شيئًا من القرآن فلم يدر ما تفسيره، فليلتمسه في الشعر فإنه ديوان العرب.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(8/ 705 - 706 رقم 6100) و (10/ 474 رقم 10032) من طريق مسمع بن مالك، عن عكرمة.

وأخرج ابن سعد في "الطبقات"(2/ 367).

والخطيب في "الجامع"(2/ 198 رقم 1602).

كلاهما من طريق حماد بن زيد، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يوسف بن مهران وسعيد بن جبير أنهما قالا: كنا نسمع ابن عباس كثيرًا يُسئل عن القرآن، فيقول: هو كذا وكذا، أما سمعتم الشاعر يقول كذا وكذا؟

(1)

الآية (40) من سورة طه.

[92]

سنده ضعيف؛ لأن مغيرة يدلِّس لاسيّما عن إبراهيم النخعي كما في ترجمته في الحديث [54]، وهذا من روايته عنه، ولم يصرِّح بالسماع.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 62 رقم 142).

والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(3 / ل 104 / أ).

كلاهما من طريق هشيم، به نحوه إلا أنهما لم يذكر قوله: قيل لهشيم

، إلخ.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 515 رقم 10164) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ يكره أن يقرأ القرآن بعرض من أمر الدنيا. =

ص: 318

93 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُوَيْبر

(1)

، عَنِ الضَّحَّاكِ

(2)

، قَالَ: لَوْلَا تلاوةُ الْقُرْآنِ، لَسَرَّنِي أَنْ أَكُونَ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى أَمُوتَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرِيضَ يُرْفَعُ عَنْهُ الْحَرَجُ، وَتُكَفَّرُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، وَيُكْتَبُ لَهُ بِصَالِحِ مَا كَانَ يعمل.

= قال أبو عبيد في معنى ذلك: ((وهذا كالرجل يريد لقاء صاحبه، ويهمّ بالحاجة، فيأتيه من غير طلب، فيقول: كالمازح: (جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى)، وهذا من الاستخفاف بالقرآن، ومنه قول ابن شهاب:((لا تناظروا بكتاب الله، ولا بسنّة رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قال أبو عبيد: يقول: لا تجعل لها نظيرًا من القول ولا الفعل)). اهـ. وقال الحكيم الترمذي بعد أن أخرجه: ((والتأويل: مثل قولك للرجل إذا جاءك: (جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى)، ومثل قولك:(كلوا واشربوا هنيئًا)، هذا عند حضور الطعام، وأشباه هذا)). اهـ.

(1)

هو جويبر - تصغير جابر - ابن سعيد الأزدي، أبو القاسم البلخي، نزيل الكوفة، راوي التفسير، ويقال: اسمه جابر، وجويبر لقب، روى عن أنس بن مالك وأبي صالح السمّان والضحاك بن مزاحم وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك والثوري وحماد بن زيد وغيرهم، وروى عنه هشيم كثيرًا عند المصنف سعيد بن منصور في "سننه"، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين الأربعين إلى الخمسين ومائة، وهو ضعيف جدًّا كما في "التقريب"(ص 143 رقم 987). فقد كان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه، وقال ابن معين:((ليس بشيء))، وسأل عبد الله بن علي بن المديني أباه عنه، فضعّفه جدًّا، وقال النسائي وعلي بن الجنيد والدارقطني:((متروك)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 540 - 541 رقم 2246)، و"الكامل" لابن عدي (2/ 554 - 546)، و"التهذيب"(2/ 123 - 124 رقم 200).

(2)

هو الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو القاسم، أو: أبو محمد الخراساني، روى عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وزيد بن أرقم وأنس بن مالك، وقيل: لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة، وروى عن الأسود بن يزيد =

ص: 319

94 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ العوَّام بْنِ حَوْشب، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفي

(1)

، قَالَ: نا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَدَائِن

(2)

قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ يَقُولُ: كلُّ مَا لَمْ يَذكر اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ، فَهُوَ مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عز وجل.

= وعطاء بن أبي رباح وأبي الأحوص الجشمي وغيرهم، روى عنه جويبر بن سعيد وحكيم بن الديلم وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس أو ست ومائة، وهو صدوق كثير الإرسال كما في "التقريب" (ص 280 رقم 2978). قال أحمد:((ثقة مأمون))، ووثقه ابن معين وأبو زرعة والعجلي والدارقطني، وأما يحيى بن سعيد القطان، فقال:((كان الضحاك عندنا ضعيفًا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(4/ 458 - 459 رقم 2024)، و"التهذيب"(4/ 453 - 454 رقم 784).

[93]

سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(ل 9 / ب) من طريق عبد الله بن مطيع، عن هشيم، به نحوه.

ويشهد لبعضه ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(6/ 136 رقم 2996) في الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، من طريق إبراهيم السَّكْسَكي، قال: سمعت أبا بردة، واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة: سمعت أبا موسى مرارًا يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثلُ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا)).

(1)

لم أجد من يكنى بهذه الكنية وينسب بهذه النسبة، وقد روي الحديث من طرق أُخر عن سلمان كما سيأتي، منها طريق أبي عبد الله الجَدَلي، وأبي عبيد الله مولى ابن عباس، كلاهما عن سلمان بلا واسطة، فالله أعلم.

(2)

المَدَائِنُ: موضع كان مسكن الملوك من الأكاسرة الساسانيّة وغيرهم، فكان كل واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها وسمّاها باسم، وهي =

ص: 320

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سبع مدائن، بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة، افتتحها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في صفر سنة عشرة للهجرة في عهد عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

انظر "معجم البلدان"(5/ 74 - 75).

[94]

سنده ضعيف؛ فيه الراوي المبهم عن سلمان، وأبو عبد الله الثقفي، وتقدم أني لم أجد من ذكره، وهو صحيح لغيره بمجموع شواهده الآتي ذكرها.

فالحديث روي عن سلمان رضي الله عنه من ثلاثة طرق:

(1)

طريق أبي عبد الله الجدلي، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الجبن والسمن والفراء، فقال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:((الحلال ما أحلّ الله في القرآن، والحرام ما حرم الله في القرآن، وما سكت عنه فقد عفا عنه)).

أخرجه الطبراني في "الكبير"(6/ 319 - 320 رقم 6159)، فقال: حدثنا الحسن بن علي المعمري، ثنا عبد الغفار بن عبد الله الموصلي، ثنا علي بن مسهر، عن أبي إسماعيل - يعني بشيرًا [في الأصل: بشر]-، عن مسلم البطين، عن أبي عبد الله الجدلي

، فذكره.

وسنده ضعيف؛ فيه عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير الزبيري، أبو نصر الموصلي، وهو مجهول الحال؛ ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(6/ 54 رقم 285) وبيّض له، وذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 421)، وروى عنه شيخ الطبراني الحسن بن علي المعمري، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني كما في "الجرح والتعديل".

وفي الحديث كلام من حيث رفعه أو وقفه كما سيأتي.

(2)

طريق أبي عبيد الله، عن سلمان مرفوعًا، بمثل اللفظ السابق سواء.

أخرجه البيهقي في "سننه"(9/ 320) من طريق يونس بن خباب، عن أبي عبيد الله

، فذكره. =

ص: 321

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الشيخ ناصر الدين الألباني في "غاية المرام"(ص 16 - 17): ((هذا إسناد ضعيف من أجل يونس بن خباب، ضعفه جماعة، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ. وأبو عبيد الله لعلّه مسلم بن مشكم الدمشقي، فإن كان هو، فهو ثقة، وإن كان غيره، فلم أعرفه)). اهـ.

قلت: أبو عبيد الله هذا هو مولى ابن عباس، ذكره البخاري في "الكنى"(ص 53 رقم 458) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(9/ 405 رقم 1948) وبيض له، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 570)، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى يونس بن خبّاب، وذكره الذهبي في "المقتنى"(1/ 380 رقم 3959)، وذكر أنه روى عنه حجاج بن أرطأة وغيره، فهو مجهول الحال.

(3)

طريق أبي عثمان النهدي، عن سلمان قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء، فقال:((الحلال ما أحلّ الله في كتابه، والحرام ما حرّم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفى عنه)).

أخرجه الترمذي في "العلل الكبير"(2/ 722)، وفي "سننه"(5/ 396 رقم 1780) في اللباس، باب ما جاء في لبس الفراء.

وابن ماجه (2/ 1117 رقم 3367) في الأطعمة، باب أكل الجبن والسمن.

والعقيلي في "الضعفاء"(2/ 174).

وابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 10 رقم 1503).

وابن حبان في "المجروحين"(1/ 346).

وابن عدي في "الكامل"(3/ 1267).

والطبراني في "الكبير"(6/ 306 - 307 رقم 6124).

ومن طريقه المزّي في "تهذيب الكمال"(12/ 335 / المطبوع).

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(4/ 115). =

ص: 322

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وبيبي بنت عبد الصمد في "جزئها"(ص66 رقم 85) .

وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1 / 212) .

والبيهقي في "سننه"(10 / 12) في الضحايا، باب ما لم يُذكر تحريمه، ولا كان في معنى ما ذُكر تحريمه مما يؤكل أو يشرب.

جميعهم من طريق سيف بن هارون البُرْجُمي، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمي، عَنْ أَبِي عثمان، به.

قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وروى سفيان وغيره عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عثمان قوله، وكأن الحديث الموقوف أصحّ)) .

وقال في "العلل": ((سألت محمدًا [يعني البخاري] عن هذا الحديث، فقال: ما أراه محفوظًا، روى سفيان بن عيينة، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عثمان، عن سلمان هذا الحديث موقوفًا، وروى سيف بن هارون، عن سليمان مرفوعًا. قال محمد: وسيف بن هارون مقارب الحديث)) .

وقال ابن أبي حاتم: ((قال أبي: هذا خطأ؛ رواه الثقات عن التيمي، عن أبي عثمان، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسل، ليس فيه سلمان، وهو الصحيح)) .

وأما العقيلي فإنه بعد أن أخرج الحديث من طريق سيف قال: ((لا يحفظ إلا عنه بهذا الإسناد)) ، ثم أخرجه من طريق الحسن البصري مرسلاً، وقال:((هذا أولى)) .

وقال ابن عدي: ((هذا وإن كان معروفًا بسيف، عن سليمان، فقد روي عن غيره، عن سليمان التيمي)) .

وقال الحاكم: ((هذا حديث مفسِّر في الباب، وسيف بن هارون لم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله:((قلت: ضعّفه جماعة)) .

قلت: أشار ابن عدي إلى أن الحديث روي عن سليمان التيمي من غير طريق سيف، وأعله البخاري والترمذي برواية سفيان بن عيينة له عن سليمان التيمي موقوفًا. =

ص: 323

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهذه الرواية لم أجد من أخرجها على هذا الوجه، لكن وجدت البيهقي أخرج الحديث في "سننه"(10 / 12) من طريق ابن عيينة على الشك، مع ترجيحه الرفع، فقال:

أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد بن الصفّار، ثنا بشر بن موسى أبو علي، ثنا الحميدي، عن سفيان، ثنا سليمان، عن أبي عثمان، عن سلمان رضي الله عنه أراه رفعه -، قال:((إن الله عز وجل أحلّ حلالًا وحرّم حرامًا، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو)) .

وهذا سند صحيح.

أبو عثمان النَّهْدي اسمه عبد الرحمن بن ملّ - بلام ثقيلة، والميم مثلّثة -، ابن عمرو بن عدي، مشهور بكنيته، وهو ثقة عابد مخضرم، أسلم في زمن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ولم يلقه، وروى عن عمر وعلي وسعد وطلحة وابن مسعود وسلمان الفارسي وغيرهم، روى عنه ثابت البُناني وقتادة وعاصم الأحول وسليمان التيمي، وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة خمس وتسعين، وقيل: سنة مائة، وهو ابن ثلاثين ومائة، وقيل: ابن أربعين ومائة، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وابن خراش، وقال سليمان التيمي:((إني لأحسب أن أبا عثمان كان لا يصيب ذنبًا، كان ليله قائمًا، ونهاره صائمًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(5 / 283 رقم 1350) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 819) ، و"التهذيب"(6 / 277 - 278 رقم 546) ، و"التقريب"(ص351 رقم 4017) .

وسليمان هو ابن طَرْخان التَّيّمي، أبو المعتمر البصري، نزل في التَّيْم فنسب إليهم، روى عن أنس بن مالك وطاوس وأبي إسحاق السبيعي وأبي عثمان النَّهدي وغيرهم، روى عنه ابنه معتمر وشعبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين ومائة وهو ابن سبع وتسعين سنة، وهو ثقة عابد =

ص: 324

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= روى له الجماعة في "التقريب"(ص252 رقم 2575) . قال سفيان الثوري: ((حفاظ البصرة ثلاثة

)) ، فذكره فيهم. ووثقه أحمد وابن معين والعجلي والنسائي وابن سعد وزاد:((كثير الحديث، وكان من العباد المجتهدين، وكان يصلي الليل كله بوضوء عشاء الآخرة، وكان مائلاً إلى علي بن أبي طالب)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(4 / 124 - 125 رقم 539) ، و"التهذيب"(4 / 201 - 203 رقم 341) .

وسفيان بن عيينة تقدم في الحديث [7] أنه ثقة حافظ فقيه إمام حجة.

وعبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الأسدي الحُمَيْدي، أبو بكر المكي ثقة حافظ فقيه، أجلّ أصحاب ابن عيينة، روى له الجماعة عدا ابن ماجة فلم يرو له في السنن. قال الإمام أحمد:((الحميدي عندنا إمام)) ، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال أبو حاتم:((أثبت الناس في ابن عيينة: الحميدي، وهو رئيس أصحاب ابن عيينة)) ، وقال عنه أيضًا:((ثقة إمام)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((صاحب سنة وفضل ودين)) ، وقال الحاكم:((ثقة مأمون، ومحمد بن إسماعيل إذا وجد الحديث عنه لا يخرجه إلى غيره من الثقة به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(5 / 56 - 57 رقم 264) ، و"التهذيب"(5 / 215 - 216 رقم 272) .

وبشر بن موسى بن صالح، أبو علي الأسدي البغدادي المحدِّث الإمام الثبت، كان الإمام أحمد يكرمه، وكتب له إلى الحميدي في مكة، قال الدارقطني:((ثقة نبيل)) ، وقال الخطيب:((كان ثقة أمينًا عاقلاً ركينًا)) .

انظر "تاريخ بغداد"(7 / 86 رقم 3523) ، و"سير أعلام النبلاء"(13 / 352 - 354 رقم 170) ، و"تذكرة الحفاظ"(2 / 611) .

وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن صالح بن عبد الرحمن، أبو علي الصفّار النحوي، مسند ثقة متعصِّب للسنة، انتهى إليه علو الإسناد، وثقه الدارقطني وقال:((كان متعصبًا للسنة)) . =

ص: 325

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= انظر "تاريخ بغداد"(6 / 302 - 303 رقم 3344) ، و"سير أعلام النبلاء"(5 / 440 رقم 250) .

وشيخ البيهقي هو أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي، المعدل، شيخ عالم مسند صدوق ثبت، قال الخطيب:((كان صدوقًا ثقة ثبتًا حسن الأخلاق، تام المرؤة، ظاهر الديانة)) .

انظر "تاريخ بغداد"(12 / 98 - 99 رقم 6527) ، و"سير أعلام النبلاء"(17 / 311 - 312 رقم 189) .

وعليه فمن خلال ما تقدم يترجح أن الحديث صحيح لغيره مرفوعًا بمجموع هذه الروايات الثلاث، لكن يشكل عليه إعلال الأئمة للمرفوع، وترجيح بعضهم للموقوف، ومنهم البخاري والترمذي كما سبق.

وقال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم"(ص243) : ((قال أحمد: هو منكر، وأنكره ابن معين أيضًا

)) ، ثم ذكر إعلال أبي حاتم للحديث بالإرسال، وقال: ((قلت: وقد روي عن سليمان من قوله من وجوه أُخر

، ورواه صالح [في الأصل: أبو صالح] المرِّي، عن الجُرَيري، عن أبي عثمان النهدي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وأخطأ في إسناده)) . اهـ.

وعليه يتضح أن الحديث أُعِلّ على أربعة أوجه:

1-

أعلّه أبو حاتم بأنه عن أبي عثمان النَّهْدي، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

2-

أعلّه العقيلي بأنه عن الحسن البصري، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

3-

أعلّه البخاري والترمذي بالوقف على سلمان.

4-

أعلّه الإمام أحمد وابن معين بالنكارة.

واختلاف هؤلاء الأئمة في إعلال الحديث يدل على أنه ليس له علة ظاهرة.

أما ما ذكره العقيلي من أن الصواب في الحديث أنه عن الحسن البصري، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً، فهذا ليس بشيء؛ لأن الحديث من طريق الحسن البصري لا علاقة له بحديث سلمان، بل هو طريق مستقلّ. وأما إعلال =

ص: 326

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبي حاتم له بأنه عن أبي عثمان النهدي، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً، فهو معارض بما ذكره البخاري والترمذي: من أن الصواب فيه أنه عن أبي عثمان، عن سلمان موقوف عليه، فبأي هذين نأخذ؟ مع أنه قد روي عن سلمان من غير طريق أبي عثمان كما سبق، وله شواهد كما سيأتي.

وعليه، فالذي يظهر أن العلة الأقوى: ما ذكره ابن رجب عن الإمام أحمد وابن معين أنهما أعلاَّ الحديث بالنكارة، فهذا إن ثبت عنهما، فإنما هو لما قد يفهم من الحديث من قَصْر الحِلِّ والحُرْمة على القرآن فقط، وعدم ذكر السنة، وهذا مخالف لصريح القرآن؛ حيث يقول سبحانه:{وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الآية:

(7)

من سورة الحشر]، إلى غير ذلك من الأدلة.

لكن يمكن أن يجاب عن ذلك، فنقول: إن قوله صلى الله عليه وسلم: ((الحلال ما أحل الله في كتابه

)) إلخ، ليس مقصورًا على القرآن فقط، بل إن لفظ:((الكتاب)) يشمل جميع ما أوحي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة معًا؛ لأن ما أوحي إليه صلى الله عليه وسلم نوعان: أحدهما: وحي يتلى، والآخر: وحي لا يتلى كما نقل ذلك الدكتور عبد الغني عبد الخالق عن البيهقي.

انظر "حجية السنة"(ص 479).

ويمكن أن يقال أيضًا: إنه لو كان المراد بكتاب الله: القرآن، فإن السنة داخلة فيه، منصوص عليها فيه كما في الآية السابقة، وهناك من الأدلة ما يؤيد هذا المعنى.

فمن ذلك ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 620 رقم 4886) في التفسير، باب:{وما آتاكم الرسول فخذوه} .

ومسلم في "صحيحه"(3/ 1678 رقم 120) في اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة.

كلاهما من طريق علقمة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: لعن الله =

ص: 327

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمِّصات، والمتفلِّحات للحسن، المغيِّرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب - وكانت تقرأ القرآن -، فأتته، فقالت: ما حديث بلغني عنك: أنك لعنت الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله؟ فقال عبد الله: ومالي ألعن من لعن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله؟ فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف، فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه؛ قال الله عز وجل: {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم فانتهوا}

، الحديث.

وانظر تفصيل ذلك في "حجية السنة" للدكتور عبد الغني عبد الخالق (ص387 - 388، و 479 - 480) .

وللحديث ثلاثة شواهد مرفوعة، وآخر موقوف.

أما المرفوعة، فالأول من حديث أبي الدرداء، والثاني من حديث ابن عمر، والثالث من حديث جابر وأما الموقوف، فعن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين.

1-

حديث أبي الدرداء يرفعه إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أحلّ الله في كتابه فهو حلال، وما حرّم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسَ شيئًا، ثم تلا هذه الآية: {وما كان ربك نسيًّا} [الآية (64) من سورة مريم] .

وأخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار"(1 / 78 رقم 123) و (3 / 58 و 325 رقم 2231 و 2855) .

والحاكم في "المستدرك"(2 / 375) .

ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه"(10 / 12) .

أما البزار فمن طريق إسماعيل بن عياش، وأما الحاكم فمن طريق أبي نعيم، كلاهما عن عاصم بن رجاء بن حَيْوة، عن أبيه، عن أبي الدرداء، به. =

ص: 328

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال البزار: ((لا نعلمه يروى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، وعاصم بن رجاء حدث عنه جماعة، وأبوه روى عن أبي الدرداء غير حديث، وإسناده صالح؛ لأن إسماعيل قد حدّث عنه الناس)) .

وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، وأقرّه الذهبي.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7 / 55) وعزاه للبزار وقال: ((رجاله ثقات)) .

وذكره في موضع آخر من "المجمع"(1 / 171) وقال: ((رواه البزار والطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن ورجاله موثّقون)) .

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(5 / 531) وعزاه أيضًا لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردوية.

وذكر الشيخ الألباني في "غاية المرام"(ص14 - 15) تصحيح الحاكم لهذا الحديث وموافقة الذهبي، ثم قال:((إنما هو حسن فقط، فإن جاء رجاء بن حيوة قال فيه ابن معين: صويلح، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في "الميزان": ويقال تكلم فيه ابن قتيبة)) .

2-

حديث ابن عمر قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الجبن والسمن والفراء، قال صلى الله عليه وسلم:((الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه)) .

أخرجه ابن عدي في "الكامل"(7 / 2481) ، من طريق نعيم بن مورِّع العنبري، عن ابن جريج، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به.

وسنده ضعيف جدًّا؛ فنعيم بن مورِّع بن توبة العنبري البصري هذا اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث.

3-

حديث جابر مثل حديث أبي الدرداء.

أخرجه ابن مردوية كما في "الدر المنثور"(5 / 531) .

4-

حديث ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون =

ص: 329

95 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُصين، عَنْ عَبْدِ الله بن [ل 108/ب] عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

(1)

قَالَ: قُلْتُ لجدَّتي أسماء: كيف كان

= أشياء تقذُّرًا، فبعث الله تعالى نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وأنزل كتابه، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا:{قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرمًا} إلى آخر الآية [145 من سورة الأنعام].

أخرجه أبو داود في "سننه"(4/ 157 رقم 3800) في الأطعمة، باب ما لم يُذكر تحريمه.

والحاكم في "المستدرك"(4/ 115).

وابن مردوية كما في "تفسير ابن كثير"(2/ 184).

أما أبو داود فمن طريق محمد بن داود بن صبيح، وأما لحاكم وابن مردوية فمن طريق أحمد بن حازم الغفاري، كلاهما عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أبي الشعثاء، عن ابن عباس، به.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه))، وسكت عنه الذهبي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(3/ 372) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.

(1)

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزبير بن العوام، أبو بكر الأسدي، يروي عن أبيه وعمِّه عبد الله وجدَّته أسماء بنت أبي بكر وابن عمر وغيرهم، روى عنه ابنه عمر وأخواه هشام وعبيد الله والزهري وابن جريج وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وبقي إلى قريب العشرين ومائة للهجرة كما قال الذهبي، وهو ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة عدا أبي داود كما في "التقريب"(314 رقم 3475). فقد وثقه =

ص: 330

يَصْنَعُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا قرأوا الْقُرْآنَ؟ (قَالَتْ)

(2)

: كَانُوا كَمَا نَعَتَهُمُ

(3)

اللَّهُ عز وجل: تَدْمَعُ أَعْيُنُهُمْ، وَتَقْشَعِرُّ جُلُودُهُمْ

(4)

، قُلْتُ: فَإِنَّ نَاسًا هَاهُنَا إِذَا سَمِعُوا ذَلِكَ تَأْخُذُهُمْ عَلَيْهِ غَشْية، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ من الشيطان!.

= أبو حاتم والنسائي والدارقطني، وزاد:((أحد الأثبات))، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الزبير بن بكار:((كان له عقل وحزم ولسان وفضل وشرف، وكان يشبه عبد الله بن الزبير في لسانه)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 133 رقم 618)، و"سؤالات البرقاني للدارقطني"(ص 41 رقم 265)، و"التهذيب"(5/ 319 - 321 رقم 546).

(2)

في الأصل: (قال)، والتصويب من المراجع الآتية التي أخرجت الحديث من طريق المصنف، ومن المراجع التي عزت الحديث للمصنف.

(3)

أي: وصفهم.

انظر: "تاج العروس"(5/ 123 - 125).

(4)

أي: تجتمع وتنقبض، والقُشْعَريرة هي الرِّعْدة.

انظر "لسان العرب"(5/ 95).

[95]

سنده صحيح، واختلاط حصين بن عبد الرحمن السُّلمي لا يؤثِّر، لأن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق في الحديث رقم [91].

والحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 24 رقم 1900) من طريق المصنف، به بلفظ: قُلْتُ لِجَدَّتِي أَسْمَاءَ: كَيْفَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا القرآن؟ قالت: تدمع أعينهم، وتقشعّر جلودهم، كما نعتهم الله.

قال: قُلْتُ: فَإِنَّ نَاسًا هَاهُنَا إِذَا سمع أحدهم القرآن خرّ مغشيًّا عليه؟ قالت: أعوذ بالله من الشيطان.

ومن طريق البيهقي أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(ص 20 / تراجم النساء) بمثل =

ص: 331

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لفظه، إلا أنه زاد في آخر قوله:((الرجيم)) .

وقال الشاطبي في "الاعتصام"(1 / 275 - 276) : ((وخرّج سعيد بن منصور في تفسيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بن الزبير قال....)) ، فذكره بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله:((يصنع)) و: (عز وجل)، وقال:((إن ناسًا)) بدل قوله: ((فإن ناسًا)) ، وزاد في آخر قوله:((الرجيم)) .

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7 / 222) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وابن عساكر.

وأخرجه ابن الجوزي في "تلبيس إبليس"(ص281) ، وفي القصّاص والمذكرين (ص147) ، في كلا الموضعين من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: قلت لأسماء

، فذكره بنحوه هكذا على أن السائل هو حصين، وحصين لم يذكر في ترجمته في "تهذيب الكمال" المطبوع (6 / 519 - 520) وغيره أنه روى عن أسماء، فالظاهر أن رواية ابن الجوزي سقط منها ذكر عبد الله بن عروة، والله أعلم.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص145 رقم 367) من طريق عكرمة، قال: سُئلت أسماء: هل أحد من السلف يغشى عليه من الخوف؟ فقالت: لا، ولكنهم كانوا يبكون.

وهذه الصفة التي أنكرتها أسماء رضي الله عنها مما يحصل لبعض الناس من الصعق ونحوه، صفة ظهرت من بعض من يدّعون الزهد والصلاح، ولم تكن معروفة من قبل، وأنكرتها أسماء رضي الله عنها كما أنكرها غيرها من الصحابة.

قال الشاطبي رحمه الله في "الاعتصام"(1 / 276 - 279) : [وخرّج أبو عبيد من حديث أبي حازم قال: مرّ ابن عمر برجل من أهل العراق ساقط والناس حوله، فقال:((ما هذا؟)) فقالوا: إذا قرئ عليه القرآن، أو سمع الله يُذكر، خرّ من خشية الله قال ابن عمر:((والله إنا لنخشى الله ولا نسقط)) ، وهذا إنكار. وقيل لعائشة رضي الله عنها: إن قوماً إذا سمعوا القرآن يغشى عليهم. فقالت: إن القرآن أكرم =

ص: 332

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من أن تنزف عنه عقول الرجال، ولكنه كما قال الله تعالى:{تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل عن القوم يُقرأ عليهم القرآن فيصعقون، فقال: ذلك فعل الخوارج. وخرّج أبو نعيم (عن عامر بن عبد الله بن الزبير) قال: جئت أبي، فقال: أين كنت؟ فقلت: وجدت أقواماً يذكرون الله فيرعد أحدهم حتى يغشى عليه من خشية الله فقعدت معهم، فقال:((لا تقعد بعدها)) . فرآني كأنه لم يأخذ ذلك فيّ فقال: ((رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن. ورأيت أبا بكر وعمر يتلوان القرآن، فلا يصيبهم هذا، أفتراهم أخشع لله من أبي بكر وعمر)) ، فرأيت ذلك كذلك فتركتهم، وهذا بأن ذلك كله تعمُّل وتكلُّف لا يرضى به أهل الدين. وسئل محمد بن سيرين، عن الرجل يُقرأ عنده فيصعق، فقال: ميعاد ما بيننا وبينه أن يجلس على حائط ثم يُقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره، فإن وقع فهو كما قال....، وقد صحّ من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: وعظنا رسول صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب....، الحديث. فقال الإمام الآجري العالم السنّي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: ميِّزوا هذا الكلام؛ فإنه لم يقل: صرخنا من موعظته، ولا طرقنا على رؤوسنا، ولا ضربنا على صدورنا، ولا زفنّا ولا رقصنا -، كما يفعل كثير من الجهال، يصرخون عند المواعظ ويزعقون، ويتناشون - قال: وهذا كله من الشيطان يلعب بهم، وهذا كله بدعة وضلالة، ويقال لمن فعل هذا: اعلم أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم أصدق الناس موعظةً، وأنصح الناس لأمته، وأرقّ الناس قلبًا، وخير الناس من جاء بعده، لا يشك في ذلك عاقل، ما صرخوا عند موعظته ولا زعقوا ولا رقصوا ولا زفنوا، ولو كان هذا صحيحاً لكانوا أحق الناس به أن يفعلوه بين يدي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولكنه بدعة وباطل ومنكر فاعلم ذلك)) ] . اهـ.، والعبارة التي بين القوسين فيما نقل الشاطبي عن أبي نعيم صوَّبتُها من "الحلية"(3 / 167) .

ص: 333

96 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: يُسرى بِالْقُرْآنِ لَيْلًا، فَيُرْفَعُ مِنْ أَجْوَافِ الرِّجَالِ، فَيُصْبِحُونَ لَا يَصْدُقون حَدِيثًا، وَلَا يُصْدِقون

(1)

النِّسَاءَ، يَتَسَافَدُون

(2)

تسافُدَ الْحَمِيرِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

(1)

الصَّداق والصِّداق: مهر المرأة، وأَصْدق الرجلُ المرأة حين تزوّجها، أي: جعل لها صداقًا.

انظر: "لسان العرب"(10/ 197).

(2)

السِّفادُ: نَزْوُ الذكر على الأنثى، ويستعمل في الماشي والطائر والسابح أيضًا، يقال: تَسَافَدَ السِّبَاعُ والطيور، ويكنّى به عن الجماع. قال الأصمعي: يقال للسباع كلها: سَفَدَ أنثاه، وللتيس والثور والبعير والسباع والطير.

انظر "اللسان"(3/ 218)، و"تاج العروس"(8/ 207 - 208).

قلت: والذي يظهر من المعنى اللغوي أنه أكثر ما يطلق على نَزْو البهائم بعضها على بعض، وشبّه من يفعل ذلك في آخر الزمان بها، وبالحُمُر بخاصة؛ تحقيرًا لهم، وتنفيرًا من فعلهم.

[96]

الحديث سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لعنعنة مغيرة، فإنه مدلِّس كما سبق في الحديث [54]، ومع ذلك فهو مرسل؛ لأن إبراهيم النخعي لم يذكر مستنده في الإخبار عن أمر غيبي كهذا، لكن قوله:((يُسرى بِالْقُرْآنِ لَيْلًا، فَيُرْفَعُ مِنْ أجواف الرجال)) صحّ نحوه عن ابن مسعود رضي الله عنه من قوله كما في الحديث الآتي.

وأما باقي الحديث فصحّ مرفوعًا عنه صلى الله عليه وسلم.

فقد أخرج مسلم في "صحيحه"(4/ 2250 - 2255 رقم 110) من حديث النوّاس بن سمعان رضي الله عنه، وهو حديث طويل في ذكر الدجّال وبعض أشراط الساعة، وفي آخره قال صلى الله عليه وسلم:((ويبقى شرار الناس يَتَهارَجُون فيها تهارُجَ الحُمُر، فعليهم تقوم الساعة)).

قال النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم"(18/ 70): ((يتهارجون تهارج الحُمُر: ((أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير، ولا يكترثون =

ص: 334

97 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ

(1)

، سَمِعَ شَدّاد بْنَ مَعْقِل

(2)

، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ: الْأَمَانَةُ، وَآخِرُ مَا يَبْقَى الصَّلَاةُ، وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ أَوْشَكَ أَنْ يُرْفَعَ. قَالُوا: وَكَيْفَ، وَقَدْ أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِنَا، وَأَثْبَتْنَاهُ فِي الْمَصَاحِفِ؟! قَالَ: يُسرى عَلَيْهِ لَيْلًا، فَيَذْهَبُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ، وَيُرْفَعُ مَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ:{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا}

(3)

.

= لذلك. والهَرْجُ - بإسكان الراء -: الجماع، يقال: هَرَج زوجته: أي جامعها، يهرجها - بفتح الراء، وضمّها، وكسرها)). اهـ.

وفي "النهاية في غريب الحديث"(5/ 257): ((الهَرْجُ: كثرة النكاح، يقال: بات يَهْرُجُها لَيْلَتَه جَمْعاء)). اهـ.

وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: ((والذي نفسي بيده، لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط)).

أخرجه أبو يعلى في "مسنده"(11/ 43 - 44 رقم 6183).

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 331): ((رجاله رجال الصحيح)).

وله شواهد أُخر بهذا المعنى ذكرها الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" في تخريج الحديث رقم (481) وصحح الحديث بمجموعها بلفظ: ((لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطريق تسافد الحمير)).

(1)

هو عبد العزيز بن رُفَيع - بفاء مصغرًا -، الأسدي، أبو عبد الله المكي نزيل الكوفة، روى عن أنس وابن الزبير وابن عباس وابن عمر وغيرهم، روى عنه الأعمش ومغيرة وأبو إسحاق الشيباني وشعبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة، وقيل بعد ذلك، وهو ثقة روى له الجماعة؛ وثقه أحمد =

ص: 335

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن معين وأبو حاتم والعجلي والنسائي.

انظر "الجرح والتعديل"(5/ 381 رقم 1782)، و"التهذيب"(6/ 337 - 338 رقم 649)، و"التقريب"(ص 357 رقم 4095).

(2)

هو شداد بن معقل الأسدي، الكوفي، مجهول الحال؛ ذكره ابن سعد في "الطبقات" (6/ 177) وقال:((روى عن علي وعبد الله، وكان قليل الحديث رحمه الله))، وذكره البخاري في "تاريخه"(4/ 225 رقم 2595) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 329 رقم 1439) وبيّض له، وذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 357)، وروى عنه عبد العزيز بن رفيع والمسيب بن رافع، وانظر "التهذيب"(4/ 318 رقم 545).

(3)

الآية (86) من سورة الإسراء، وفي الأصل:(لك علينا به وكيلا).

[97]

سنده ضعيف لجهالة حال شداد بن معقل، لكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح لغيره بما سيأتي من طرق، فقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه من أربعة طرق:

(1)

طريق شداد بن معقل، وله عنه طريقان:

أ- طريق عبد العزيز بن رفيع.

أخرجه المصنف هنا من طريق سفيان بن عيينة عنه.

ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "الشعب"(4/ 589 - 590 رقم 1869)، به مثله، إلا أنه قال:((إن أول))، و:((كيف)) بلا واو.

وتابع المصنف نعيم بن حماد والحميدي، كلاهما عن سفيان، به.

أما نعيم، فأخرجه في "الفتن" برقم (1609) كما في "حاشية المصنف" لابن أبي شيبة (15/ 176).

وأما الحميدي، فأخرجه من طريقه البخاري في "خلق أفعال العباد"(ص 117 - 118 رقم 368).

والحاكم في "المستدرك"(4/ 504). =

ص: 336

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وللحديث طرق أُخر عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ.

فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 362 رقم 5980) من طريق سفيان الثوري.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 153 رقم 8698) .

وأخرجه الطبراني أيضًا (9 / 153 و 361 - 362 رقم 8699 و 9562) .

والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(ص28) .

كلاهما من طريق الثوري.

وأخرجه عبد الرزاق (3 / 363 رقم 5981) من طريق إسرائيل.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني أيضًا (9 / 153 رقم 8700) .

ومن طريق الطبراني أخرجه الضياء المقدسي في "اختصاص القرآن"(ص37 رقم 19) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 534 - 535 رقم 10242) و (14 / 93 رقم 17683) و (15 / 175 - 176 رقم 19431) من طريق أبي الأحوص.

وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد"(ص117 رقم 367) من طريق زهير.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(6 / 289) من طريق شعبة.

وجميع هؤلاء - الثوري، وإسرائيل، وأبو الأحوص، وزهير، وشعبة، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، به، وبعضهم رواه بنحوه، وبعضهم روى بعض أجزائه.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(15 / 158 / طبعة الحلبي) من طريق أبي بكر بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن رفيع، به نحوه ولم يذكر الصلاة والأمانة، وفي المطبوع من تفسير الطبري خطأ في الإسناد؛ حيث جعل بندارًا شيخًا لعبد العزيز بن رفيع! =

ص: 337

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الضياء المقدسي في "اختصاص القرآن"(ص 35 - 36 رقم 18).

من طريق فضيل بن عياض، عن عبد العزيز به نحوه.

ب- طريق المسيّب بن رافع، عن شدّاد.

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 362 رقم 5980) من طريق سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، عن أبيه، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ شداد بن معقل، به نحوه، إلا أنه لم يذكر الصلاة والأمانة.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 153 رقم 8698).

وأخرجه الطبري في "تفسيره"(15/ 158) من طريق إسحاق بن يحيى، عن المسيب بن رافع، به، لكن سقط من سنده شداد بن معقل.

(2)

طريق شقيق، عن ابن مسعود.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 534 رقم 10241) فقال: حدثنا علي بن مسهر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ واصل بن حيان، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله قال: كيف أنتم إذا أسري على كتاب الله، فذُهب به؟ قال: يا أبا عبد الرحمن، كيف بنا في أخوَات الرجال؟ قال: يبعث الله ريحًا طيبة وتلفت كل مؤمن.

وهذا إسناد صحيح.

علي بن مسهر، وشقيق بن سلمة تقدم أنهما ثقتان.

وواصل بن حيّان الأحدب الأسدي، الكوفي، بيّاع السابري - بمهملة وموحّدة -، يروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة وشريح القاضي وإبراهيم النخعي وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق الشيباني وجرير بن حازم وشعبة والثوري وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: تسع وعشرين ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 579 رقم 7382)، فقد وثقه العجلي ويعقوب بن سفيان وأبو داود والنسائي والبزار، وابن معين في رواية، وفي أخرى قال:((ثبت)).

انظر "الجرح والتعديل"(9/ 29 - 30 رقم 133)، و"التهذيب"(11/ 103 رقم 177). =

ص: 338

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما أبو إسحاق الشيباني، فاسمه: سليمان بن أبي سليمان، الكوفي، وهو يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى بن حبيش وأبي الزناد وعكرمة وإبراهيم النخعي وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وابن عيينة، وهشيم وعلي بن مسهر وغيرهم، واختلف في وفاته، فقيل: سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: ثمان وثلاثين، وقيل تسع وثلاثين، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(252 رقم 2568)، قال ابن معين:((ثقة حجّة))، وقال أبو حاتم:((صدوق ثقة صالح الحديث))، ووثقه العجلي والنسائي، وقال ابن عبد البر:((هو ثقة حجة عند جميعهم)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(4/ 135 رقم 592)، و"التهذيب"(4/ 197 - 198 رقم 334).

(3)

طريق أبي الزعراء عن ابن مسعود.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 102 رقم 17727) من طريق شيخه ابن نمير، عن مالك بن مغول، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أبي الزعراء، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 412 رقم 9754) من طريق شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، به نحو سياق ابن أبي شيبة.

وسند ابن أبي شيبة صحيح.

أبو الزعراء اسمه: عبد الله بن هانئ، الكوفي، وهو أبو الزعراء الأكبر، يروي عن عمر وابن مسعود، روى عنه ابن أخته سلمة بن كهيل، وهو ثقة من الطبقة الثانية؛ قال ابن سعد:((كان ثقة وله أحاديث))، وقال العجلي:((ثقة من كبار التابعين))، وذكره ابن حبان في الثقات. وأما البخاري، فأعلّ حديثًا له حيث قال:((عبد الله بن هانئ أبو الزعراء الكوفي في الشفاعة، لا يتابع عليه)).

انظر "طبقات ابن سعد"(6/ 171)، و"ثقات العجلي"(ص 272 رقم 903)، =

ص: 339

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= و"الكامل" لابن عدي (4 / 1549) ، و"التهذيب"(6 / 61 رقم 119) ، و"التقريب"(ص327 رقم 3677) .

وسلمة بن كهيل الحضرمي، أبو يحيى الكوفي، يروي عن أبي جُحيفة وجندب بن عبد الله وابن أبي أوفى والشعبي وإبراهيم التيمي وخاله أبي الزعراء وغيرهم، روى عنه سعيد بن مسروق الثوري وابنه سفيان الثوري والأعمش وشعبة وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، وكانت ولادته سنة سبع وأربعين للهجرة، ووفاته سنة إحدى وعشرين ومائة، وقيل: اثنتين، وقيل: ثلاث وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص248 رقم 2508) ، وثقه ابن معين، وقال أحمد:((متقن الحديث)) ، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال العجلي:((تابعي ثقة ثبت في الحديث، وكان فيه تشيع قليل، وهو من ثقات الكوفيين)) ، وقال أبو زرعة:((ثقة مأمون ذكي)) ، وقال أبو حاتم:((ثقة متقن)) ، وقال النسائي:((ثقة ثبت)) ، وكذا قال يعقوب بن شيبة وزاد:((على تشيّعه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(4 / 170 - 171 رقم 742) ، و"التهذيب"(4 / 155 - 157 رقم 269) .

ومالك بن مِغْوَل - بكسر أوّله، وسكون المعجمة، وفتح الواو -، البجلي، أبو عبد الله الكوفي، يروي عن أبي إسحاق السبيعي ونافع مولى ابن عمر والحكم بن عتيبة وغيرهم، روى عن شعبة والثوري وابن عيينة ومسعر وابن نمير وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وخمسين ومائة، ولم أجد من نصّ على أنه سمع من سلمة بن كهيل، وسماعه منه محتمل، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا كما يتضح من سنه وفاتيهما، ومالك هذا ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص518 رقم 6451) ، وثقه أبو نعيم الفضل بن دكين وابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال الإمام أحمد:((ثقة ثبت في الحديث)) ، وقال ابن سعد:((كان ثقة مأمونًا كثير الحديث، فاضلاً خيّرًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(8 / 215 - 216 رقم 961) ، و"التهذيب"(10 / 22 - 23 رقم 35) . =

ص: 340

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وشيخ ابن أبي شيبة: عبد الله بن نُمير - بنون، مصغّر -، الهمداني، الخارفي، أبو هشام الكوفي روى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ والأعمش وهشام بن عروة والأوزاعي ومالك بن مغول وغيرهم، روى عنه ابنه محمد والإمام أحمد وابن المديني وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائة، وهو ثقة صاحب حديث، من أهل السنة، روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 327 رقم 3668). فقد وثقه ابن معين، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث، صدوق))، وقال العجلي:((ثقة صالح الحديث صاحب سنّة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 186 رقم 869)، و"التهذيب"(6/ 57 - 58 رقم 109).

(4)

طريق زرّ بن حُبَيْش، عن ابن مسعود.

أخرجه الدارمي في "سننه"(2/ 315 رقم 33446) بلفظ: ليسرينّ على القرآن ذات ليلة، ولا يترك آية في مصحف ولا في قلب أحد إلا رفعت.

(5)

طريق عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن مسعود.

أخرجه الدارمي في "سننه"(2/ 315 رقم 3344).

والبيهقي في "الشعب"(4/ 578 - 589 رقم 1868).

أما الدارمي فمن طريق صفوان بن سليم، وأما البيهقي فمن طريق موسى بن سعد [في الأصل: سعيد، وهو خطأ]، كلاهما عن ناجية بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قال: أكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع، قالوا: هذه المصاحف ترفع، فكيف بما في صدور الرجال؟ قال: يُسرى عليه ليلاً فيصبحون منه فقراء، وينسون قول لا إله إلا الله، ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم وذلك حين يقع القول عليهم.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص 277 رقم 803) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد بن زيد، عن ابن مسعود، به نحوه، هكذا بإسقاط ناجية وأبيه من الإسناد، ولعل الوهم في ذلك من =

ص: 341

98 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ

(1)

، عَنْ حُميد الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِذَا تَثَاءَبْتَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ، فَأَمْسِكْ عَنِ الْقِرَاءَةِ حتى يذهب عنك.

= ابن لهيعة، فإنه ضعيف كما تقدم في الحديث [45].

والحديث أشار له البخاري في ترجمة ناجية من "تاريخه"(8/ 107 - 108).

وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه والله أعلم.

(1)

هو عثمان بن الأسود بن موسى المكي، مولى بني جُمَح، روى عن أبيه وسليمان الأحول وابن أبي مُليكة وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وحميد بن قيس الأعرج وغيرهم، روى عنه الثوري وابن إدريس وعبد الله بن المبارك ويحيى القطان وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمسين ومائة، وقيل: تسع وأربعين ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 382 رقم 4451)، قال يحيى القطان:((كان ثقة ثبتًا))، ووثقه أحمد وابن معين وابن نمير والعجلي وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث))، وقال أبو حاتم:((ثقة، لا بأس به)).

انظر "الجرح والتعديل"(6/ 144 رقم 784)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7/ 385)، و"التهذيب"(7/ 107 رقم 229).

[98]

سنده صحيح.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 88) من طريق المصنف، به مثله سواء.

وأخرجه الآجُرِّي في "أخلاق أهل القرآن"(ص 149 رقم 74) من طريق الحسين بن الحسن المروزي، عن ابن المبارك، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله:((عن القراءة)).

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 56 رقم 129)، فقال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عثمان بن أبي الأسود، عن حميد بن هلال، عن مجاهد

، فذكره بنحوه. =

ص: 342

99 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ

(1)

، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ رُبَّمَا قَرَأَ - وَقَوْمٌ نِيَامٌ -، فَيَجِدُ الرِّيحَ، فَيُمْسِكُ عن القراءة حتى تذهب.

= وقول: ((عثمان بن أبي الأسود))، و:((حميد بن هلال)) خطأ لعلّه من النساخ، والصواب كما في إسناد المصنِّف والآجري.

(1)

هو عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ - بفتح الراء وتشديد الواو -، واسم أبي روّاد: ميمون، وقيل: أيمن، ابن بدر، أبو عبد الرحمن مولى الأزد، روى عن نافع مولى ابن عمر وعكرمة والضحاك بن مزاحم وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وابن مهدي ويحيى القطان ووكيع وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وخمسين ومائة، وقيل غير ذلك، ولم أجد من نصّ على أنه سمع من مجاهد، وهو ثقة مرجئ عابد كما في "الكاشف"(2/ 198 رقم 3432)، وهو ممن اختُلف فيه، فقال يحيى القطان مع تشدده في الرجال:((عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ثقة في الحديث، ليس ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه))، وقال الإمام أحمد:((كان رجلاً صالحًا، وكان مرجئًا، وليس هو في الثبت مثل غيره))، ووثقه ابن معين والعجلي، وقال ابن سعد:((له أحاديث، وكان مرجئًا، وكان معروفًا بالورع والصلاح والعبادة))، وقال أبو حاتم:((صدوق ثقة في الحديث متعبِّد))، وقال النسائي:((ليس به بأس))، وقال الساجي:((صدوق يرى الإرجاء))، وقال الحاكم:((ثقة عابد مجتهد)).

وقال الدارقطني: ((هو متوسط في الحديث، وربما وهم في حديثه))، وقال علي بن الجنيد:((كان ضعيفًا،، وأحاديثه منكرات))، وقال ابن حبان: ((لم يصلّ عليه الثوري لأنه كان يرى الإرجاء، وكان ممن غلب عليه التقشُّف حتى كان لا يدري ما يحدث به، فروى عن نافع أشياء لا يشك مَنْ الحديث صناعته إذا سمعها أنها موضوعة، كان يحدّث بها توهمًّا، لا تعمُّدًا، ومن حدّث على الحسبان، وروى على التوهّم حتى كثر ذلك منه سقط الاحتجاج به، وإن كان فاضلاً في نفسه، وكيف يكون التقيّ في نفسه من كان شديد الصلابة في =

ص: 343

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الإرجاء، كثير البغض لمن انتحل السنن)) . وقال ابن عدي:((في بعض رواياته ما لا يتابع عليه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(5 / 394 رقم 1830) ، و"المجروحين"(2 / 136 - 138) ، و"الكامل"(5 / 1928 - 1929) ، و"التهذيب"(6 / 338 - 339 رقم 650) .

قلت: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ كان يرى الإرجاء، وهو مخطئ في رأيه، ولو أن كل من رأى رأيًا من الآراء المبتدعة التي لا تخرج صاحبها من دائرة الإسلام تركنا حديثه لما بقي لنا إلا القليل من الأخبار ولذا فكلام يحيى القطان رحمه الله الذي سبق نقله هو الأليق بحال الرجل، وأما كلام الإمام أحمد فغايته أن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ليس في التثبت مثل غيره كشعبة وسفيان ونحوهما، ومع ذلك فهو ثقة.

وأما ابن حبان فتشدده وتسرّعه في جرح الرواة معروف، وقول مخالف بأقوال الأئمة الذين مرّ ذكرهم، ومع ذلك فلا يستطيع أن يُثبت سوى الإرجاء، وأما قوله عنه بأنه كثير البغض لمن انتحل السنن، فقد استَدلّ عليه بحكاية أوردها من طريق راوٍ مبهم، فهل من الإنصاف أن يلصق بالرجل نقل عن مبهم لا يُدرى من هو؟ وأما الأحاديث الموضوعة التي ذكر أن عبد العزيز رواها عن نافع، فقد ردّ عليه الذهبي في "السير" (7 / 187) بقوله:((قلت: الشأن في صحة إسنادها إلى عبد العزيز، فعللها قد أُدخلت عليه)) ، وعلى هذا يحمل أيضًا كلام الدارقطني وابن الجنيد وابن عدي، فإن الحافظ الذهبي رحمه الله في "الميزان"(2 / 628 - 629) ذكر حديثًا من الأحاديث التي أوردها ابن عدي في ترجمة عبد العزيز في "كامله" مما يُنتقد عليه، فرد عليه الذهبي بقوله: ((هذا من عيوب كامل ابن عدي؛ يأتي في ترجمة الرجل بخبر باطل لا يكون حدّث به قط، وإنما وُضع من بعده، فهذا خبر باطل وإسناد مظلم، وابن المغيرة ليس بثقة، وأما ابن حبان فبالغ في تنقُّص عبد العزيز وقال

)) . اهـ.

ص: 344

100 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ زُرْزُر

(1)

، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ عَطَاءً، قَالَ: أَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَخْرُجُ الرِّيحُ مِنِّي، فَقَالَ: أَمْسِكْ عَنِ الْقِرَاءَةِ حَتَّى تَذْهَبَ عَنْكَ.

[99] سنده صحيح إن كان عبد العزيز سمع من مجاهد.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 188 رقم 1943) من طريق المصنف، به مثله سواء.

والمصنِّف أخرجه من طريق شيخه عبد الله بن المبارك.

وابن المبارك أخرجه في "الزهد"(ص 275 رقم 798) بنحوه.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 56 رقم 128) من طريق حفص بن غياث، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي روّاد، عن مجاهد، أنه كان إذا صلى فوجد ريحًا، أمسك عن القراءة.

(1)

هو زُرْزُرُ بن صُهيب مولى آل جبير بن مطعم حجازي من أهل خرشة، وقيل: شرجة، يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، روى عنه سفيان بن عيينة، ثقة؛ قال ابن عيينة:((زرزر رجل من أهل مكة صالح))، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما.

انظر "المعرفة والتاريخ" للفسوي (2/ 195)، و"الجرح والتعديل"(3/ 623 - 624 رقم 2821)، و"الثقات" لابن حبان (6/ 348)، و"الثقات" لابن شاهين (ص 95 رقم 420)، و"الأنساب" للسمعاني (8/ 76)، و"معجم البلدان"(3/ 334)، و"الميزان" للذهبي (2/ 70 رقم 2858).

[100]

الحديث سنده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 341 رقم 1326).

والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص 149 رقم 73).

والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 88 رقم 1942).

ثلاثتهم من طريق سفيان، به نحوه، إلا أنه وقع عند الآجري:((زرّ)) وهو تصحيف، وهو السائل لعطاء عند الآجري، لا الرجل المبهم.

ص: 345

101-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ، أَوْ قالوا: المصحف.

[101] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم وشريك بن عبد الله القاضي من قبل حفظه.

لكن قد صحّ معناه عن عطاء، وروي عن طاوس من وجه آخر، ولا يصحّ.

فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1 / 342 - 343 رقم 1332 و 1333) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قال: لا يمسّ المصحف مفضيًا إليه غير متوضئ. قلت: فبين أيديهما وبين أخبتة ثوب؟ قال: ولا، الخباء أكفّ من الثوب. قلت: غير المتوضئ وهو في خبائه؟ قال: نعم، لا يضرّه. قلت: فيأخذه مطبقًا؟ قال: نعم.

وهذا سند صحيح، وابن جريج اسمه عبد الملك بن عبد العزيز، وتقدم في الحديث [9] أنه ثقة، وأما تدليسه فلا يضرّ هنا؛ لأنه هو السائل لعطاء.

وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (1 / 343 رقم 1334) عن الثوري، عن جابر، عن الشعبي وطاوس والقاسم بن محمد كرهوا أن يمسّ المصحف وهو على غير وضوء.

وسنده ضعيف جدًّا.

جابر هو ابن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبد الله الكوفي، روى عن الشعبي وطاوس والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وأبي الضُّحى وعكرمة وعطاء وغيرهم، روى عن شعبة والثوري وإسرائيل ومسعر ومعمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثمان وعشرين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو مُخْتَلَف فيه.

فروى ابن عليّة عن شعبة قال: ((جابر صدوق في الحديث)) ، وقال: - أي شعبة - في رواية يحيى بن أبي بكير عنه: ((كان جابر إذا قال: حدثنا، و: سمعت، فهو من أوثق الناس)) . وروى يحيى أيضًا عن زهير بن معاوية قال: ((كان إذا قال: سمعت، أو: سألت، فهو من أصدق الناس)) . وقال وكيع: ((مهما شككتم في شيء، فلا تشكّوا في أن جابرًا ثقة)) ، وأثنى عليه سفيان الثوري وشريك.

وخالف هؤلاء جماعة، فحكموا عليه بأنه كذاب، منهم: سعيد بن جبير، =

ص: 346

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأبو حنيفة، وليث بن أبي سليم، وأيوب السختياني، وزائدة، وابن عيينة، وأحمد بن خراش، والجوزجاني، وابن معين، وفي رواية عن ابن معين:((لا يكتب حديثه، ولا كرامة)) . وقال إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: قَالَ الشعبي لجابر: ((لا تموت حتى تكذب عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)) . قال إسماعيل: ((فما مضت الأيام والليالي حتى اتهم بالكذب)) .

قلت: أما غلوّه في الرفض فلم أجد من يخالف فيه، وكذا تدليسه. وأما أرجح الأقوال في الحكم عليه، فالذي ترجح لي ما اختاره الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2 / 4) حيث قال عنه:((ضعيف جدًّا)) ، وهو رأي ابن سعد فيه حيث قال:((كان يدلس، وكان ضعيفًا جدًّا في رأيه وروايته)) ، وهو بمعنى ما اختاره النسائي حيث قال:((متروك الحديث)) ، وقال يحيى القطان:((تركنا حديث جابر قبل أن يقدم علينا الثوري)) ، وقال الإمام أحمد:((تركه يحيى وعبد الرحمن)) ، وقال أبو أحمد الحاكم:((ذاهب الحديث، يؤمن بالرجعة، اتهم بالكذب)) .

انظر "الضعفاء" للعقيلي (1 / 191 - 196) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 537 - 543) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (4 / 466) ، و"التهذيب"(2 / 46 - 51 رقم 75) .

وهذا الأثر متضمن لمسألة مس المصحف لغير المتوضئ، وهي من المسائل التي طال الخلاف فيها، وقد ورد فيها أحاديث مرفوعة تجد الكلام عنها مفصّلاً في "سنن الدارقطني"(1 / 121 - 124) ، و"المحلى" لابن حزم (1 / 107 - 111) ، و"نصب الراية" للزيلعي (1 / 196 - 199) ، و"الدارية"(1 / 86 - 88) ، و"التلخيص الحبير"(1 / 140) كلاهما لابن حجر، و"إرواء الغليل"(1 / 158 - 161) ، ولا يصحّ منها شيء، عدا حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فإنه اختُلف فيه، فالدارقطني في الموضع السابق من سننه رجّح أنه مرسل رجاله ثقات، وذهب بعضهم إلى أن هذا المرسل عبارة عن كتاب، وأنه صحيح، قال ابن عبد البر:((إنه أشبه المتواتر لتلقّي الناس له بالقبول)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((لا أعلم =

ص: 347

102 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ

(1)

، قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِمُجَاهِدٍ مُصْحَفًا، فَأَعْطَاهُ خمسمائة درهم.

= كتابًا أصحّ من هذا الكتاب، فإن أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يرجعون إليه ويَدَعون رأيهم))، وقال الحاكم:((قد شهد عمر بن عبد العزيز والزهري لهذا الكتاب بالصحة))، وقد صححه أيضًا الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، واحتجّ به الإمام أحمد كما في "إرواء الغليل"(1/ 161) نقلاً عن مسائل إسحاق المروزي وفوائد أبي شعيب.

ويعضد هذا المرسل باقي الأحاديث التي سبقت الإشارة إليها والتي لا يخلو شيء منها من مقال، وبعض الآثار عن بعض الصحابة، ومنها: ما رواه الدارقطني وصححه (1/ 124 رقم 10)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عن سلمان، قال عبد الرحمن: كنا معه في سفر، فانطلق، فقضى حاجته، ثم جاء، فقلت: أي أبا عبد الله، توضأ؛ لعلنا نسألك عن آي من القرآن، فقال: سلوني، فإني لا أمسّه؛ إنه لا يمسّه إلا المطهرون، فسألناه، فقرأ علينا قبل أن يتوضأ.

ومنها ما أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 42 رقم 59) في الطهارة، باب الوضوء من مسّ الفرج، من طريق مصعب بن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككت، فقال سعد: لعلك مسست ذكرك؟ قال: فقلت: نعم، فقال: قم، فتوضأ، فقمت، فتوضأت، ثم رجعت.

قال الشيخ الألباني في الموضع السابق من "إرواء الغليل": ((سنده صحيح)).

(1)

هو مسلم بن كَيْسان الضَّبّي المُلائي البرّاد الأعور، أبو عبد الله الكوفي، روى عن أنس بن مالك ومجاهد وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الأعمش وشعبة والثوري وفضيل بن عياض وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة الخامسة كما في "التقريب"(ص 530 رقم 6641)، قال عمرو بن علي الفلَّاس: ((كان يحيى بن سعيد وابن مهدي لا يحدّثان عن مسلم الأعور، وكان شعبة وسفيان =

ص: 348

103 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو وَكِيعٍ

(1)

، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِل

(2)

، أَنَّ عُبيد اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ

(3)

بَعَثَ إِلَيْهِ: أَنْ يَقُومَ بِالنَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَامَ بِهِمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بِحُلَّةٍ، وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِآخِذٍ على القرآن أجرًا.

= يحدثان عنه، وهو منكر الحديث جدًّا)) وقال الإمام أحمد:((لا يكتب حديثه))، وقال ابن معين:((ليس بثقة))، وقال ابن المديني والعجلي:((ضعيف الحديث))، وقال البخاري:((ضعيف ذاهب الحديث، لا أروي عنه))، وقال أبو حاتم:((يتكلمون فيه، وهو ضعيف الحديث))، وقال أبو زرعة:((ضعيف الحديث))، وقال النسائي والدراقطني وعلي بن الجنيد:((متروك)).

انظر "الجرح والتعديل"(8/ 192 - 193 رقم 844)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1327)، و"التهذيب"(10/ 135 - 136 رقم 247)، و"التقريب"(ص 530 رقم 6641).

[102]

سنده ضعيف لضعف مسلم الأعور.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 147) من طريق ليث، عن مجاهد، أن رجلاً كتب له مصحفًا، فأعطاه أجره.

وسنده ضعيف لأجل ليث بن أبي سليم؛ فإنه كان قد اختلط، فلم يتميّز حديثه، فتُرك كما في الحديث رقم [9].

وقد ساق المصنف هذا الأثر والأحاديث والآثار الآتية بعده حتى رقم [125] فيما يتعلق بمسألة أخذ الأجرة على كتابة المصاحف، وعلى تعليم القرآن، وبيع المصاحف وشرائها، وسيأتي الكلام عنها في التعليق على الحديث رقم [125].

(1)

هو الجَرَّاح بن مَلِيح بن عَديّ الرُّؤاسي - بضم الراء، بعدها واو بهمزة، وبعد الألف مهملة -، الكوفي، والد وكيع، روى عن أبي إسحاق السبيعي وعطاء بن السائب وعاصم الأحول وغيرهم، روى عنه ابنه وكيع وابن مهدي ومسدد وغيرهم، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وكانت وفاته سنة ست وسبعين ومائة، =

ص: 349

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهو صدوق يهم؛ وثقه ابن معين مرة وضعّفه أخرى، ووثقه أبو داود وأبو الوليد الطيالسي، وقال النسائي وغيره:((ليس به بأس))، وضعفه ابن سعد وابن عمّار، وقال أبو حاتم:((يكتب حديثه ولا يحتجّ به))، وقال البرقاني:((سألت الدارقطني عن الجرّاح، فقال: ليس بشيء، هو كثير الوهم، قلت: يعتبر به؟ قال: لا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 523 رقم 2175)، و"الميزان"(1/ 389 رقم 1451)، و"التهذيب"(2/ 66 - 68 رقم 108)، و"التقريب"(ص 138 رقم 908).

(2)

هو عبد الله بن مَعْقِل - بفتح أوّله وسكون المهملة، بعدها قاف -، ابن مُقَرِّن المُزَني، أبو الوليد الكوفي، روى عن أبيه وعلي وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم، وكانت وفاته بالبصرة سنة بضع وثمانين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة، وقال ابن سعد:((كان ثقة قليل الحديث))، وقال العجلي:((تابعي ثقة من أصحاب عبد الله من خيار التابعين))، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ ابن حجر:((ذكره ابن فتحون في ذيل الاستيعاب، ولم يذكر مستندًا لذكره في الصحابة، وقد قال ابن قتيبة: ليست له صحبة، ولا إدراك)). اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 280 رقم 891)، و"الإصابة"(5/ 212 - 213)، و"التهذيب"(6/ 40 - 41 رقم 69)، و"التقريب"(ص 324 رقم 3634).

(3)

هو عبيد الله بن زياد بن أبيه، أبو حَفْص، أمير العراق، ولي البصرة سنة خمس وخمسين وله ثنتان وعشرون سنة، وولي خراسان فكان أول عربي قطع نهر جَيْحُون، وافتتح بِيكَنْد وغيرها، وهو الذي قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وكانت أمه مرجانة تقول لابنها عبيد الله هذا:((قتلت ابن بنت رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لا ترى الجنة))، أو نحو هذا. وقال الذهبي في وصفه:((كان جميل الصورة قبيح السريرة))، وقال أيضًا:((الشيعي لا يطيب عيشه حتى يلعن هذا ودونه، ونحن نبغضهم في الله، ونبرأ منهم، ولا نلعنهم، وأمرهم إلى الله)).

انظر "التاريخ الكبير" للبخاري (5/ 381 رقم 1219)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر =

ص: 350

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (10 / 654 - 669 / الظاهرية) ، و"سير أعلام النبلاء"(3 / 545 - 549) .

[103]

سنده ضعيف لحال أبي وكيع، لكنه حسن لغيره بالطريق الآتي.

فالحديث أخرجه العجلي في "تاريخ الثقات"(ص280) فقال: حدثنا موسى بن أيوب، حدثنا مخلد، عن هشام، عن ابن سيرين، أن عبد الله بن معقل صلّى بالناس في رمضان، فلما انقضى الشهر أرسل إليه الأمير بخمسمائة درهم، فلما أتاه الرسول قال: ما هذا؟ قال: بعث بها إليك الأمير، فلم يقبلها.

وهذا سند حسن.

محمد بن سيرين تقدم في الحديث [44] أنه ثقة ثبت.

وهشام بن حسّان في الحديث [55] أنه ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين.

ومَخْلد بن الحسين الأَزْدي المُهَلَّبي، أبو محمد البصري، نزيل المصيِّصَة، يروي عن الأوزاعي وابن جريج وهشام بن حسّان وغيرهم، روى عنه الوليد بن مسلم وعَبْدة بن سليمان وحجاج بن محمد وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين ومائة، وهو ثقة فاضل؛ قال ابن سعد:((كان ثقة فاضلاً)) ، وقال العجلي:((ثقة، رجل صالح، وكان من عقلاء الرجال)) ، وقال المسيب بن واضح:((ما رأيت في زماننا أوفى عقلاً منه)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:((كان من العُبَّاد الخُشَّن، ممن لا يأكل إلا الحلال المحض)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص422 رقم 1547) ، و"الثقات" لابن حبان (9 / 185) ، و"التهذيب"(10 / 72 - 73 رقم 124) ، و"التقريب"(ص523 رقم 6530) .

وموسى بن أيوب بن عيسى النَّصيبي، أبو عِمْران الأَنْطاكي، روى عن أبيه والجّراح ابن مليح البهراني وعبد الله بن المبارك ومخلد بن الحسين وغيرهم، روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم والحسن بن علي بن عفان وأحمد بن صالح العجلي وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة العاشرة كما في "التقريب"(ص550 رقم 6947) ، =

ص: 351

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقد وثقه العجلي وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات.

انظر "الجرح والتعديل"(8 / 134 - 135 رقم 609) ، و"تاريخ الثقات"(ص444 رقم 1655) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1383) ، و"التهذيب"(10 / 336 - 337 رقم 589) .

وأشار ابن حزم للحديث في "المحلى"(9 / 24) وصححه فقال: (وصح عن عبد الله بن مغفل [كذا! والصواب: معقل] ، أنه أعطاه الأمير مالاً لقيامه بالناس في رمضان، فأبى، وقال: إنَّا لا نأخذ للقرآن أجرًا) .

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص140 رقم 353) من طريق أبي إسحاق السبيعي، قال: أمر مصعب بن الزبير عبد الله بن مغفّل أن يصلي بالناس في شهر رمضان، فلما أفطر أرسل إليه خمسمائة درهم وحلّة، فردّها، وقال: ما كنت لآخذ على القرآن أجرًا.

وذِكْرُ عبد الله بن مُغَفَّل هنا خطأ لا شك فيه، ولعل الخطأ في الطباعة، لا في الأصل؛ لأن عبد الله بن مغفّل رضي الله عنه توفي سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة ستين، وأكثر ما قيل في وفاته: سنة اثنتين وستين، وحتى هذا التاريخ لم يكن مصعب بن الزبير قد تولى الإمارة؛ لأن يزيد بن معاوية توفي سنة أربع وستين، وبوفاته استقر الأمر لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه بالحجاز، ثم ولّى أخاه مصعبًا إمرة العراق بعد حروب يطول ذكرها، تجدها مفصّلة في "البداية والنهاية" لابن كثير (8 / 238) فما بعد.

فالذي يظهر أن الناسخ أو الطابع اشتبه عليه: (معقل) بـ: (مغفّل) بسبب الشبه الكبير بين رسم الكلمتين.

أما ذكر مصعب بن الزبير في الحديث، فإما أن تكون الحادثة وقعت لعبد الله بن معقل مرتين، مرة مع ابن زياد، ومرة مع مصعب بن الزبير، وإما أن يكون التصريح باسم الأمير في إحدى الروايتين - رواية سعيد بن منصور ورواية أبي عبيد - خطأ، وأما رواية العجلي - وهي الأصح إسنادًا -، فليس فيها التصريح باسم الأمير، والله أعلم.

ص: 352

104 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الجُرَيري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقيق

(1)

، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُونَ بَيْعَ الْمَصَاحِفِ، وَتَعْلِيمَ الْغِلْمَانِ بِالْأَجْرِ، ويُعَظِّمون ذَلِكَ.

(1)

هو عبد الله بن شَقيق العُقَيْلي - بالضمّ -، بصري، يروي عن عمر وعثمان وعلي وأبي ذر وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه محمد بن سيرين وعاصم الأحول وقتادة وحميد الطويل وأيوب السختياني وسعيد الجُريري وغيرهم، وكانت وفاته بعد المائة، وقيل سنة ثمان ومائة، وهو ثقة، فيه نصب، قال الإمام أحمد والعجلي:((ثقة وكان يحمل على عليّ))، وقال ابن سعد:((قالوا: كان عبد الله بن شقيق عثمانيًا، وكان ثقة في الحديث، وروى أحاديث صالحة))، وقال ابن معين:((ثقة من خيار المسلمين، لا يطعن في حديثه))، ووثقه أبو حاتم وأبو زرعة وابن خراش وزاد:((كان عثمانيًا يبغض عليًّا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 81 رقم 376)، و"التهذيب"(5/ 253 - 254 رقم 444)، و"التقريب"(ص 307 رقم 3385).

[104]

الحديث سنده صحيح، وسعيد بن إياس الجُرَيْري وإن كان اختلط قبل موته بثلاث سنين، لكن قد روى هذا الأثر عنه سفيان الثوري وإسماعيل بن عليّة كما سيأتي، وهما ممن روى عنه قبل الاختلاط كما تقدم بيانه في الحديث [23]، وأما الراوي عنه هنا عند المصنف فهو خالد بن عبد الله الطحان، ولم يُذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط أو بعده، وقد أخرج له البخاري من طريقه متابعة؛ قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص 405):((أخرج له البخاري أيضًا من رواية خالد الواسطي عنه، ولم يتحرر لي أمره إلى الآن، هل سمع منه قبل الاختلاط أو بعد؟ لكن حديثه عنه بمتابعة بشر بن المفضَّل، كلاهما عنه، عن [ابن] أبي بكرة، عن أبيه)). اهـ.

قلت: وبشر بن المفضل ممن روى عن سعيد قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث المشار إليه. =

ص: 353

105 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَشْتَرِطَ المعلِّم.

106 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي مِسْكِينٍ

(1)

، عَنْ عَطَاءٍ، أَوْ خَالِدٍ

(2)

، عَنْ أَبِي قِلَابة

(3)

، أَنَّهُمَا كَانَا

(4)

لَا يَرَيَانِ بِالْأَجْرِ

(5)

بأسًا.

= والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى"(9/ 24 و 681 - 682).

والبيهقي في "سننه"(6/ 16) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف.

كلاهما من طريق المصنِّف به مثله، إلا أن البيهقي لم يذكر قوله: ((وتعليم الغلمان

)) إلخ، وأما ابن حزم فوقع عنده:((بالأرش)) بدل قوله: ((بالأجر)).

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(8/ 115 رقم 14534) عن سفيان الثوري، عن سعيد الجريري، به نحوه، ولم يذكر قوله:((ويعظمون ذلك)).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 224 - 225 رقم 885) من طريق شيخه إسماعيل بن علية، عن الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق، قال: يكره أرش المعلم، فإن أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانوا يكرهونه ويرونه شديدًا.

[105]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف؛ لأن مغيرة مدلّس كما في ترجمته في الحديث رقم [54]، لاسيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع.

وهذا الأثر أشار له ابن حزم في "المحلّى"(9/ 24) وصححه، فقال:(وصحّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يشترط المعلِّم وأن يأخذ أجرًا على تعليم القرآن).

(1)

هو أيوب بن مسكين، ويقال: ابن أبي مسكين، التميمي، أبو العلاء القصّاب الواسطي، روى عن قتادة وسعيد المقبُري وأبي سفيان طلحة بن نافع وأبي هاشم الرمّاني وغيرهم، روى عنه إسحاق بن يوسف الأزرق وهشيم ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربعين ومائة، ولم أجد من نصّ على أن أيوب هذا روى عن عطاء، ولا أنه روى عنه خالد بن عبد الله الطحّان =

ص: 354

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الواسطي، لكن سماع خالد منه محتمل، فكلاهما واسطي، وقد تعاصرا، وأيوب هذا لا بأس به كما قال الإمام أحمد في رواية، وفي رواية عنه وعن أحمد بن صالح قالا:((رجل صالح ثقة)) ، ووثقه ابن سعد والنسائي، وقال أبو حاتم:((لا بأس به، شيخ صالح يكتب حديثه، ولا يحتج به)) ، وقال الدارقطني:((يعتبر به)) ، وذكره ابن شاهين وابن حبان في ثقاتيهما، وزاد ابن حبان قوله:((كان يخطئ)) ، وذكره ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار وقال:((كان يهم ويخالف)) ، وقال أبو داود:((كان يتفقّه، ولم يكن يجيد الحفظ للإسناد)) ، وقال أبو أحمد الحاكم:((في حديثه بعض الاضطراب)) ، وذكره ابن عدي في الكامل، وذكر أربعة أحاديث انتُقدت عليه، ثم قال:((وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن أيوب أبو العلاء (كذا!) هي أحاديث معروفة، ولم أجد في سائر أحاديثه غير ما ذكرت أيضًا شيئًا منكرًا؛ ولهذا قال ابن حنبل لا بأس به؛ لأن أحاديثه ليست بالمناكير، وهو ممن يكتب حديثه)) . اهـ. من "مشاهير علماء الأمصار"(ص177 رقم 1400) ، و"الكامل" لابن عدي (1 / 346 - 347) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص31 رقم 27) ، و"تهذيب الكمال" للمزّي (3 / 492 - 494 رقم 624 / المطبوع) ، و"تهذيب التهذيب"(11 / 411 - 412 رقم 754) .

والأحاديث الأربعة التي ذكرها ابن عدي قد تتبعها الشيخ عبد العزيز التخيفي في "دارسة المتكلّم فيهم من رجال التقريب"(1 / 221 - 225) وبيّن أن ثلاثة منها لم ينفرد بها أيوب، بل تابعه غيره، وخرج من دراسته لحال الرجل أنه ثقة، والذي ترجَّح لي أن أيوب هذا لا بأس به، وحديثه في عداد الحسن ولا يرتقي لدرجة الصحيح؛ لأن كلام العلماء الذين تقدم ذكرهم يدلّ على أن في حفظه شيئًا، وقد ذكره الحافظ الذهبي في كتابه ((ذكر أسماء من تُكُلِّم فيه وهو موثَّق)) (ص51 رقم 47)، وقال:((وثّقه غير واحد، وليَّنه بعضهم)) ، ومقتضى صنيعه أن يكون أقلّ أحواله عنده أن حسن الحديث، فإنه قال في مقدمة هذا الكتاب (ص27) : =

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ((أما بعد: فهذا فصل نافع في معرفة ثقات الرواة الذين تكلم فيهم بعض الأئمة بما لا يرد أخبارهم وفيهم بعض اللين، وغيرهم أتقن منهم وأحفظ، فهؤلاء حديثهم إن لم يكن في أعلى مراتب الصحيح، فلا ينزل عن رتبة الحسن، اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه، وهي التي تكلم فيه من أجلها، فينبغي التوقف في هذه الأحاديث)). اهـ.

(2)

كذا في الأصل، والذي يظهر - والله أعلم - أن الصواب:(وخالد)، فيكون الحديث يرويه خالد بن عبد الله الطحّان عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي مِسْكِينٍ وخالد الحذّاء، وأيوب يرويه عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وخالد الحذّاء يرويه عن أبي قلابة.

(3)

هو عبد الله بن زيد بن عمرو - أو: عامر -، الجَرْمي، أبو قِلَابة البصري، يروي عن ثابت بن الضحاك الأنصاري وسمرة بن جندب ومالك بن الحويرث وأنس بن مالك وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أيوب السختياني وخالد الحذّاء ويحيى بن أبي كثير وعاصم الأحول وغيرهم، وكانت وفاته بالشام سنة أربع ومائة، وقيل: خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع ومائة، وهو ثقة فاضل كثير الإرسال، روى له الجماعة، وثقه ابن سيرين وأبو حاتم وابن خراش وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث))، وقال العجلي:((بصري تابعي ثقة، وكان يحمل على عليّ)).

انظر "الجرح والتعديل"(5/ 57 - 58 رقم 268)، و"التهذيب"(5/ 224 - 226 رقم 387)، و"التقريب"(ص 304 رقم 3333).

(4)

يعني عطاءً وأبا قلابة.

(5)

أي الأجر على تعليم القرآن للغلمان.

[106]

سنده عن عطاء حسن لذاته إن كان أيوب سمع منه، وسنده عن أبي قلابة صحيح.

وقال ابن حزم في "المحلى"(9/ 25): (وصح عن عطاء وأبي قلابة إباحة أجر المعلِّم على تعليم القرآن). =

ص: 356

107 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِذَا قَاطَعَ المعلِّم وَلَمْ يَعْدِلْ، كُتِبَ مِنَ الظَّلَمَةِ.

108 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوان بن (عمرو)

(1)

و

(2)

، عَنْ عُمير بْنِ هَانِئٍ

(3)

، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُقرئ رَجُلًا الْقُرْآنَ، فحجَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَأَهْدَى لِلَّذِي أَقْرَأَهُ قَوْسًا، فَأَتَى عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ

(4)

، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَلْقِها عَنْكَ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَغْزُوَ، فَقَالَ: أَلْقِهَا عَنْكَ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَغْزُوَ بِهَا، فَقَالَ لَهُ عَوْفٌ: أَتُرِيدُ أَنْ تعلَّق قَوْسًا مِنْ نَارٍ؟ قَالَ: فردَّها الرجل إلى صاحبها.

= وقال البيهقي في "السنن"(6/ 124): (وروينا عن عطاء وأبي قِلَابَةَ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بتعليم الغلمان بالأجر بأسًا).

[107]

سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم كما في ترجمته في الحديث [9].

والأثر ذكره البيهقي في "السنن"(9/ 124) فقال: (وروينا عن عطاء

، وعن الحسن رحمه الله قَالَ: إِذَا قَاطَعَ الْمُعَلِّمُ وَلَمْ يعدل، كتب من الظلمة).

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العيال"(1/ 534 رقم 355) من طريق شيخه أبي طالب الهروي عن الفضيل، به نحوه.

(1)

في الأصل: (عمر)، والصواب ما هو مثبت كما يتضح من مصادر ترجمته الآتية.

(2)

هوصفوان بن عمرو بن هَرِم السَّكْسَكي، أبو عمرو الحمصي، روى عن عبد الله بن بسر المازني الصحابي وجبير بن نفير وشريح بن عبيد وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وأبو إسحاق الفزاري وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وكانت وفاته سنة مائة، وهو ثقة، وثقه العجلي ودُحيم والنسائي أبو حاتم، وقال ابن سعد:((كان ثقة مأمونًا))، وقال ابن خراش:((كان ابن المبارك وغيره يوثقه)).

انظر "الجرح والتعديل"(4/ 422 - 423 رقم 1852)، و"التهذيب"(4/ 428 - 429 رقم 741)، و"التقريب"(ص 277 رقم 2938).

ص: 357

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(3)

هو عُمَيْر بن هانئ العَنْسي - بسكون النون ومهملتين -؛ أبو الوليد الدمشقي الدَّاراني، روى عن معاوية وابن عمر وأبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه الأوزاعي وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان والزهري وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات سنة مائة إلى عشر ومائة، ولم أجد من نصّ على أن عميرًا هذا روى عن عوف بن مالك ولا من نصّ على أن صفوان بن عمرو روى عنه، وسماعه من عوف، وسماع صفوان منه محتمل، لأنه عاصرهم كما يتضح من سنّي وفياتهم، وكلهم شاميون، وعمير هذا ثقة روى له الجماعة، وقال العجلي:((شامي تابعي ثقة))، وقال الفسوي:((لا بأس به))، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو داود:((كان قدريًا)).

انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 375 رقم 1311)، و"المعرفة والتاريخ" للفسوي (2/ 465)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 1061)، و"الميزان"(3/ 297 رقم 6492)، و"التهذيب"(8/ 149 - 151 رقم 266)، و"التقريب"(ص 431 رقم 5189).

(4)

هو عوف بن مالك الأشجعي، أبو حماد، ويقال غير ذلك، صحابي مشهور من مسلمة الفتح، سكن دمشق، روى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وعن عبد الله بن سلام، روى عنه أبو مسلم الخولاني وجبير بن نفير وأبو إدريس الخولاني وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين للهجرة.

انظر: الجرح والتعديل (7/ 13 - 14 رقم 61)، و"الإصابة"(4/ 742)، و"التقريب"(ص 433 رقم 5217)، و"التهذيب"(8/ 168 رقم 303).

[108]

سنده ضعيف؛ لأن إسماعيل بن عياش مدلّس كما في ترجمته في الحديث رقم [9]، ولم يصرِّح بالسماع هنا، وهو حسن لغيره كما سيأتي.

والحديث ذكره ابن حزم في "المحلى"(9/ 24) فقال بعد أن ذكر حديثًا في معناه: ((ورويناه عن عوف بن مالك من قوله مثل هذا، أنه قال في قوس أهداها إنسان إلى من كان يقرئه: أَتُرِيدُ أَنْ تُعَلَّقَ قَوْسًا مِنْ نار)). =

ص: 358

109 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْتون

(1)

، عَنِ الطُّفَيل بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَقْرَأَنِي أُبَيٌّ الْقُرْآنَ، فأَهْدَيْتُ إِلَيْهِ قَوْسًا، فَغَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ متقلِّد بِهَا، فَقَالَ:((مَنْ سَلَّحَكَ هَذِهِ؟)). قَالَ: الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو؛ أَقْرَأْتُهُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((تَقَلَّدَها شِلْوةً

(2)

مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ)). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِمْ

(3)

؟ فَقَالَ: (((أَمَا طَعَامٌ)

(4)

صُنِعَ لِغَيْرِكَ، فَحَضَرْتَهُ، فَلَا بَأْسَ أَنْ تَأْكُلَهُ، وَأَمَا مَا صُنِعَ لك، فإنما تأكل بِخَلَاقِك))

(5)

.

= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(18/ 53 رقم 96) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثنا أبي، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، أنه حدثهم عن عوف بن مالك أنه كان معه رجل يعلمه القرآن، فقال لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صاحبي الذي رأيته معي اشترى قوسًا وأهداها إليَّ، أفآخذها منه؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((لا))، ثم مكث حتى إذا كان رأس الحول، عاد عليه، فقال: يا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: آخذها؟ قال: ((لا)) ثم مكث حتى كان رأس الحول، قال: آخذ تلك القوس يا رسول الله؟ قال: ((لا))، قال: أفلا آخذها يا رسول الله فتكون عنده؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أتريد أن تلقى الله يا عوف يوم القيامة وبين كتفيك جمرة من جهنم؟)).

قال الهيثمي في "المجمع"(4/ 96): ((فيه محمد بن إسماعيل بن عياش وهو ضعيف)). اهـ.

قلت: ومع ضعفه فقد خالف من هو أوثق منه وهو سعيد بن منصور كما يتضح من سياق الحديث.

وللحديث شواهد يرتقي بها لدرجة الحسن لغيره كما سيأتي في الحديث بعده.

(1)

هو عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عمير بن زيتون الدمشقي، مقبول، ذكره البخاري =

ص: 359

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في "تاريخه" وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عن أم الدرداء ورجاء بن حيوة وابن محيريز، روى عنه رجاء ابن أبي سلمة وإسماعيل بن عياش.

انظر "التاريخ الكبير" للبخاري (6/ 77 - 78 رقم 1765)، و"الجرح والتعديل"(6/ 43 رقم 221)، و"الثقات" لابن حبان (7/ 153)، و"التهذيب"(6/ 127 رقم 264)، و"التقريب"(ص 335 رقم 3787).

وعبد ربه هذا يروي الحديث هنا عن الطفيل بن عمرو رضي الله عنه، وهو لم يسمع منه كما سيأتي نقل ذلك عن البغوي.

وقال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من التهذيب عن عبد ربه هذا: ((لم يذكره ابن عساكر في التاريخ)).

والسبب في ذلك أن ابن عساكر يرى أنه ليس بحمصي، ولا بدمشقي، وإنما هو من أهل بيت المقدس، فإنه نقل عن البغوي قوله عنه:((أحسبه من أهل حمص))، ثم ردّ ذلك ابن عساكر بقوله:((ابن زيتون من أهل بيت المقدس، وليس بحمصي)).

انظر "تاريخ ابن عساكر"(8/ 514).

(2)

أي: قطعة، والشِّلْوُ: العُضْوُ.

انظر "النهاية في غريب الحديث"(2/ 498).

(3)

أي: من طعام الذين أقرأوهم.

(4)

في الأصل: (إنما طعامهم)، والتصويب من "المحلى" لابن حزم (9/ 23) حيث روى الحديث من طريق المصنف.

(5)

أي: بحظِّك ونصيبك من الدين.

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 71).

[109]

سنده ضعيف لجهالة حال ابن زيتون، والانقطاع بينه وبين الطفيل، ولأن إسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9]، ولم يصرِّح هنا بالسماع. =

ص: 360

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وللحديث طرق أخرى يرتقي بها لدرجة الحسن لغيره كما سيأتي.

والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى"(9/ 23) من طريق المصنف؛ حيث ذكر بعض الأحاديث بهذا المعنى، ثم قال:(ومن طريق سعيد بن منصور، عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ ربه بن سليمان بن عمير بْنِ زَيْتُونٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ عمرو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه عرض له ذلك في القوس مع أبي بن كعب، وفيه زيادة أنه قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَأْكُلُ من طعامهم؟ قال: ((أَمَا طَعَامٌ صُنِعَ لِغَيْرِكَ فَحَضَرْتَهُ فلا بأس أن تأكله، أما ما صنع لك فإن أكلته فإنما تأكله بخلاقك))).

أقول: وواضح من طريقة ابن حزم اختصاره للقصة.

والحديث أخرجه البغوي في "معجم الصحابة" كما في "الإصابة"(3/ 522)، و"جمع الجوامع" للسيوطي (2/ 423).

ومن طريق البغوي أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(8/ 513 - 514).

قال البغوي: ((والذي روى عنه إسماعيل بن عياش هذا الحديث: عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زيتون أحسبه من أهل حمص، ولم يسمع من الطفيل بن عمرو، وهو حديث غريب)).

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1/ 274 رقم 442) من طريق عبيد بن جناد، عن إسماعيل بن عياش، به نحوه، إلا أنه وقع عنده:(عبد الله) بدلاً من: (عبد ربه).

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 95): ((فيه عبد الله بن سليمان بن عمير، ولم أجد في ترجمه، ولا أظنه أدرك الطفيل)).

وقد ورد الحديث من مسند أُبَيِّ بن كعب، وروي عنه من طريقين:

(1)

طريق عبد الرحمن بن سَلْم، أو: ابن أبي مسلم، عن عطية بن قيس الكلاعي، ويقال: الكلابي، عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: علمت رجلاً القرآن، فأهدى إليَّ قوسًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال:((إن أخذتها أخذت قوسًا من نار))، فردَدْتُها. =

ص: 361

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه ابن ماجه في "سننه"(2 / 730 رقم 2158) في التجارات، باب الأجر على تعليم القرآن.

والبيهقي في "سننه"(6 / 125 - 126) في الإجارة، باب من كره أخذ الأجر عليه - أي: على تعليم القرآن -.

كلاهما من طريق ثور بن يزيد، لكنه عند البيهقي يروي الحديث عن عبد الرحمن بلا واسطة، وأما عند ابن ماجه فيرويه عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عبد الرحمن بن سلم.

والظاهر أن ذكر خالد بن معدان في الإسناد غلط؛ فقد ذكر محقق "تحفة الأشراف" للمزي (1 / 36) أنه وجد في حاشية إحدى النسخ بخط الحافظ ابن عبد الهادي ما نصه:

((خالد بن معدان في هذا الإسناد فضلة لا يحتاج إليه، ولم يذكره الحافظ أبو القاسم)) .

وذكر أن وجد حاشية أخرى بما نصه: ((رواه محمد بن هارون الروياني، عن محمد بن بشار، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن أبي مسلم، عن عطية بن قيس)) .

وقال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" المطبوع بحاشية "تحفة الأشراف": ((لم أقف في النسخ التي عن ابن ماجه على ذكر خالد بن معدان بين ثور وعبد الرحمن فيه، وكذا أخرجه الروياني في "مسنده" عن بندار، عن يحيى بن سعيد بدونه ولم يذكره ابن عساكر وهو سلف المزّي، وكذا لم يرقم المزي في "التهذيب" لخالد بن معدان في الرواة عن عبد الرحمن بن مسلم)) . اهـ.

قلت: وسند هذا الطريق ضعيف لأمرين:

1-

عبد الرحمن بن سَلْم - بفتح المهملة وسكون اللام - شامي مجهول كما في "التقريب"(ص341 رقم 3881) ، قال الحافظ الذهبي في =

ص: 362

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "الميزان"(2 / 567 رقم 4878) :

((ما روى عنه سوى ثور بن يزيد)) ، وانظر "التهذيب"(6 / 187 رقم 377) .

2-

في سند الحديث اضطراب واختلاف يتضح مما تقدم، وإليه أشار الحافظ الذهبي في الموضع السابق من "الميزان" بقوله:((إسناده مضطرب في الذي أهدى لأُبَيّ قوسًا)) ، وكذا الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب" بقوله:((في إسناد حديثه اختلاف كثير)) .

وهذا الحديث ذكره الشيخ الألباني في "إرواء الغليل"(5 / 316 - 317) وضعفه لهاتين العلتين، وذكر علة ثالثة وهي الانقطاع بين عطية وهو ابن قيس الكلاعي وأُبَيّ، وذلك اعتمادًا منه على ما نقله البوصيري في "زوائد ابن ماجه عن العلائي في المراسيل" حيث قال:((عطية بن قيس عن أبي بن كعب مرسل)) .

والعلائي اعتمد في قوله على مرجع آخر، فإنه قال في "جامع التحصيل في أحكام المراسيل" (ص292 رقم 527) مانصه:((عطية بن قيس عن أبي بن كعب وأبي الدرداء مرسلاً، قاله في التهذيب)) . اهـ.

وقد رجعت إلى "تهذيب الكمال" ولم أجد ما ذكر العلائي، بل ظاهر صنيع المزّي أنه سمع من أبي بن كعب وأبي الدرداء.

انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 940) ، والمطبوع (2 / 262 - 264) .

وسماعه ممكن، فإنه اختلف في ولادته ووفاة أبي بن كعب.

ففي الموضع السابق من "تهذيب الكمال" المخطوط، وفي "تهذيب التهذيب"(7 / 228) ذكر أبو مسهر أن عطية ولد في حياة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في سنة سبع، وفيها أيضًا النقل عن ابنه سعد بن عطية بما يفيد أنه ولد سنة سبع عشرة للهجرة، وهذا الذي اختاره ابن حبان.

وأما أبي بن كعب، ففي "تهذيب التهذيب"(1 / 188)، قال الحافظ: ((قال =

ص: 363

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الهيثم بن عدي: مات سنة (19)، وقيل سنة (32) في خلافة عثمان، وفي موته اختلاف كثير جدًّا، الأكثر على أنه في خلافة عمر، وروى ابن سعد في "الطبقات" بإسناد رجاله ثقات، لكن فيه إرسال: أن عثمان أمره أن يجمع القرآن، فعلى هذا يكون موته في خلافته. قال الواقدي: وهو أثبت الأقاويل عندنا. قلت: وصحح أبو نعيم أنه مات في خلافة عثمان بخبر ذكره عن زرّ بن حبيش أنه لقيه في خلافة عثمان)). اهـ. كلام الحافظ، وبه يتضح ضعف قول من ادّعى الانقطاع بين عطية وأُبَيّ، كالبيهقي حينما قال في "السنن" (6/ 125):((وروي من وجه آخر منقطع عن أبي بن كعب))، فرد عليه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بقوله:((عطية هذا تابعي، ذكر صاحب الكمال عن أبي مسهر أنه ولد في حياة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فعلى هذا روايته عن أبي محمولة على الاتصال)).

(2)

طريق أبان، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ علم رجلاً سورة من القرآن، فأهدى إليه ثوبًا، أو قال: خميصة، قال: فذكر ذلك لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:((لو أنك أخذته))، أو قال:((إن أخذته - شك محمد -، أُلبست ثوبًا من النار)).

أخرجه عبد بن حميد في "مسنده"(ص 91 رقم 175) من طريق محمد بن جحادة - وهو الذي شك -، قال: أخبرني رجل يقال له أبان

، فذكره.

وهذا الطريق أشار إليه المزي في "تحفة الأشراف"(1/ 36).

وهذا سند ضعيف لجهالة أبان، والانقطاع بينه وبين أبيّ.

فـ: أبان هذا غير منسوب، يروي عن أبي بن كعب، ويروي عنه محمد بن جحادة، ذكره ابن حبان في "الثقات" (4/ 37) وقال: ((شيخ

، لا أدري من هو؟ ولا ابن من هو؟))، وذكره البخاري في "تاريخه"(1/ 453 رقم 1446) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 296 رقم 1088) وبيض له، وانظر "لسان الميزان"(1/ 26 رقم 33). =

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما الانقطاع، فقد قال البخاري في الموضع السابق:((أبان، أن أبّي بن كعب مرسل)).

وكذا قال ابن أبي حاتم نقلاً عن أبيه.

وقد روي الحديث من طريقين آخرين مرسلين، أما المرسل الأول:

(1)

فمن طريق عَلِيّ - ويقالُ: عُلَيّ بالتصغير - ابن رباح، أَنَّ أُبَيّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يعلم رجلاً مكفوفًا، فكان إذا أتاه غدّاه، قال: فوجدت في نفسي من ذلك، فسألت رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: إن [كان] شيء يتحفك به فلا خير فيه، وإن كان في طعامه وطعام أهله فلا بأس)).

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 225 رقم 886) فقال: حدثنا محمد بن ميسرة أبو سعد، عن موسى بن علي، عن أبيه، أن أبي بن كعب

، فذكره.

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى"(9/ 23 - 24)، وما بين المعكوفين زيادة منه.

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 139 رقم 351) من طريق عبد الله بن صالح، عن موسى بن علي، به نحوه.

وأشار إلى هذا الطريق المزي في "تحفة الأشراف"(1/ 36).

وسنده ضعيف لإرساله وضعف محمد بن ميسر.

أما الإرسال، فإن علي بن رابح لم يدرك الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هو تابعي كما يتضح من ترجمته في "التهذيب"(7/ 317 - 319)، ولم يصرح بسماعه للحديث من أبي.

وأما شيخ ابن أبي شيبة: محمد بن مُيَسَّر - بتحتانية ومهملة -، الجعفي، أبو سعد الصّاغَاني، البَلْخي، الضرير، نزيل بغداد، ويقال له: محمد بن أبي زكريا، فهو ضعيف، ورمي بالإرجاء. فقد ضعفه ابن معين والدارقطني، وقال النسائي:((متروك الحديث))، وقال مرة: ((ليس بثقة =

ص: 365

110 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَصين

(1)

، عَنْ أَبِي الضُّحَى

(2)

قَالَ: سَأَلْتُ ثَلَاثَةً - فَلَمْ آلُوا -: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ

(3)

، ومسروقًا

(4)

، وشريحًا

(5)

، [ل 109/أ] عَنْ بَيْعِ الْمَصَاحِفِ، فَقَالُوا: لَا تَأْخُذْ لِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل ثمنًا.

= ولا مأمون))، وقال ابن حبان:((لا يحتج به))، وقال ابن عدي:((والضعف بين على رواياته))، وقال الإمام أحمد:((صدوق، ولكن كان مرجئًا)).

انظر "الكامل" لابن عدي (6/ 2231 - 2232)، و"التهذيب"(9/ 484 رقم 786)، و"التقريب"(ص 509 رقم 6344).

وأما المرسل الثاني:

(2)

فمن طريق أبي إدريس الخَوْلاني قال: كان عند أُبَيّ بن كعب ناس يقرئهم من أهل اليمن، فجاءت رجلاً منهم أقواس من أهله، فغمز أُبَيّ قوسًا فأعجبته، فقال الرجل: أقسمت عليك إلا تسلّحتها في سبيل الله، فقال: لا، حتى أسأل رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:((أتحب أن يأتي الله بها في عنقك يوم القيامة نارًا؟)).

ذكره الذهبي في "الميزان"(2/ 261) فقال: قال عبد الله بن روح المدائني الصدوق: حدثنا شبابة، حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، حدثنا بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني

، فذكره.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى"(9/ 23) من طريق قاسم بن أصبغ، نا عبد الله بن روح،

فذكره بنحوه.

قال الذهبي بعد أن أورده: ((هذا مرسل جيد الإسناد غريب)).

وعليه فالحديث حسن لغيره بمجموع طرقه هنا وفي الحديث السابق رقم [108]، وسيأتي الكلام عن مسألة أخذ الأجرة على تعليم القرآن في الحديث الآتي برقم [125]، والله أعلم.

(1)

هو عثمان، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت سُنِّي.

(2)

هو مسلم بن صُبَيْح، تقدم في الحديث [10] أنه ثقة فاضل.

ص: 366

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(3)

هو عبد الله بن يزيد بن حصين الأنصاري الخَطْمي - بفتح المعجمة وسكون المهملة - صحابي صغير ولي الكوفة لابن الزبير، وروى له الجماعة. نص على صحبته ابن معين والدارقطني وغيرهما، وخالف في ذلك آخرون، قال الحافظ ابن حجر:((روايته عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري))، روى عنه ابنه موسى وعامر الشعبي وأبو إسحاق السبيعي ومحمد بن سيرين وغيرهم، وروى عنه هنا أبو الضحى مسلم بن صُبيح.

انظر "الإصابة"(4/ 267 - 268)، و"التهذيب"(6/ 78 - 79 رقم 155)، و"التقريب"(ص 329 رقم 3704).

(4)

هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهَمْداني الوادعي، أبو عائشة الكوفي، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة والشعبي وإبراهيم النخعي وأبو إسحاق السبيعي وأبو الضحى وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وستين للهجرة، وقيل: سنة اثتنين وستين، وهو ثقة فقيه عابد مخضرم روى له الجماعة. كان ابن عيينة لا يفضل عليه بعد علقمة أحدًا، وقال ابن المديني:((ما قدم على مسروق من أصحاب عبد الله أحدًا))، وقال ابن معين:((ثقة لا يسئل عنه))، وقال العجلي:((كوفي تابعي ثقة، وله أحاديث صالحة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(8/ 396 - 397 رقم 1820)، و"التهذيب"(10/ 109 - 111 رقم 205)، و"التقريب"(ص 528 رقم 6601).

(5)

هو شريح بن الحارث بن قيس الكوفي النخعي القاضي، أبو أُمَيَّة، يروي عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو وائل شقيق ابن سلمة والشعبي وابن سيرين وغيرهم، وروى عنه هنا أبو الضحى، واختلف في سنة وفاته اختلافًا كثيرًا، فقيل: كانت وفاته سنة ثمان وسبعين للهجرة، وقيل: سنة خمس وثمانين، وقيل: سنة تسع وتسعين، وقيل غير ذلك، وهو مخضرم ثقة، =

ص: 367

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقيل: له صحبة. وثقه ابن سعد والعجلي وابن معين وقال: ((كان في زمن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع منه)) .

انظر "الجرح والتعديل"(4 / 332 - 333 رقم 1458) ، و"التهذيب"(4 / 326 - 328 رقم 564) ، و"التقريب"(ص265 رقم 2774) .

[110]

سنده صحيح وقد صححه ابن حزم في "المحلى"(9 / 25) فقال: ((وصح عن عبد الله بن يزيد وشريح: لَا تَأْخُذْ لِكِتَابِ اللَّهِ ثَمَنًا)) .

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(8 / 111 - 112 رقم 14520) .

وابن أبي داود في "المصاحف"(187) .

كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6 / 62 رقم 258) .

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص188) .

وابن حزم في "المحلى"(9 / 682) .

ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن أبي حصين به نحوه.

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص366 رقم 866) من طريق إسرائيل، عن أبي حصين، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص187 و 188) من طريق قيس بن الربيع، وشريك بن عبد الله، وأبي بكر بن عياش، وإبراهيم بن طهمان، جميعهم، عن أبي حصين، به نحوه، إلا أن رواية شريك بمعناه ولم يذكر عبد الله بن يزيد، ورواية أبي بكر بن عياش نحوه، إلا أنه جعل عَبيدة مكان شريح.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(8 / 111 رقم 14519) .

وابن أبي شيبة في "المصنف"(6 / 60 رقم 248) .

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص187) .

ثلاثتهم من طريق أبي إسحاق الشيباني سليمان بن أبي سليمان، عن أبي الضحى، به نحوه. =

ص: 368

111 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ

(1)

، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ عَنْ كُتَّابِ الْمَصَاحِفِ بِالْأَجْرِ، قَالَ: كُره كِتَابَتُهَا، وَاسْتِكْتَابُهَا، وبيعها، وشراؤها.

= وللحديث طريق آخر عن أبي حصين يرويه أبو عوانة وضاح اليشكري وهو الآتي برقم [112].

(1)

هو مهدي ميمون الأَزْدي المِعْوَلي - بكسر الميم؛ وسكون المهملة، وفتح الواو -، أبو يحيى البصري، روى عن ابن سيرين وهشام بن عروة وواصل الأحدب وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي ووكيع ويحيى القطان وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وسبعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة. وثقه شعبة وأحمد وابن معين والنسائي وابن خراش والعجلي وغيرهم.

"الجرح والتعديل"(8/ 335 - 336 رقم 1547)، و"التهذيب"(10/ 326 - 327 رقم 571)، و"التقريب"(ص 548 رقم 6932).

[111]

سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 148) من طريق شيبان، عن مهدي بن ميمون، به نحوه.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى"(9/ 683) من طريق الحجاج بن منهال، عن مهدي بن ميمون، به مثله، إلا أنه قال:(كتابها).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 62 رقم 257).

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 192).

كلاهما من طريق هشام عن ابن سيرين كان يكره بيعها وشراءها.

وأخرجه ابن أبي داود (ص 189 و 192) من طريق يزيد بن إبراهيم، عن ابن سيرين أنه كره بيع المصاحف وشراءها.

وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص 148 و 192 و 193) من طريق أشعث وسلام ابن مسكين، كلاهما عن ابن سيرين بمعناه. =

ص: 369

112 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: سَأَلْتُ شُرَيْحًا، وَمَسْرُوقًا، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ عَنْ بَيْعِ الْمَصَاحِفِ، فَقَالُوا: لَا تَأْخُذْ لِكِتَابِ اللَّهِ ثَمَنًا.

113 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّي

(1)

، قَالَ: نا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ

(2)

، قَالَ: دَخَلَ عليَّ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ

(3)

وَأَنَا أَكْتُبُ، فَقُلْتُ: كَيْفَ تَرَى صَنْعَتِي هَذِهِ (يَا أَبَا)

(4)

الشَّعْثاء؟ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ صَنْعَتَكَ! تَنْقُلُ كِتَابَ اللَّهِ وَرَقَةً إِلَى وَرَقَةٍ، وَآيَةً إِلَى آيَةٍ، وَكَلِمَةً إِلَى كَلِمَةٍ، هَذَا الْحَلَالُ لَا بَأْسَ به.

= وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 366 رقم 865).

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 148).

كلاهما من طريق ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أنه كره بيعها وشراءها.

[112]

سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 188) من طريق أبي عوانة، به مثله.

وللحديث طرق أخرى عن أبي حصين، وطريق آخر عن أبي الضحى تقدم تخريجهما برقم [110].

(1)

هو عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّى، أبو عبد الله البصري، روى عن أبي عمران الجَوْني وداود بن أبي هند ومنصور بن المعتمر ومالك بن دينار وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وثمانين ومائة، وقيل: تسعين ومائة، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة. وثقه أحمد وأبو زرعة وأبو داود والعجلي والنسائي، وقال القواريري:((كان حافظًا)). ولما مات قال عبد الرحمن بن مهدي: =

ص: 370

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ((ما مات لكم منذ ثلاثين سنة شبهه، أو مثله، أو أوثق منه)).

"الجرح والتعديل"(5/ 388 - 389 رقم 1809)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1298)، و"التهذيب"(6/ 346 - 347 رقم 664)، و"التقريب"(ص 358 رقم 4108).

(2)

هو مالك بن دينار السّامي - بمهملة -، الناجي، الزاهد، أبو يحيى البصري، روى عن أنس بن مالك والحسن البصري وابن سيرين وعكرمة وعطاء وغيرهم، وروى هنا عن جابر بن زيد، روى عنه أبان العطّار وسعيد بن أبي عروبة وعبد السلام بن حرب وعبد العزيز العَمِّي وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقيل: ثلاثين، وقيل: إحدى وثلاثين ومائة، وهو ثقة عابد. قال جعفر بن سليمان: كنا عند مالك بن دينار، فحضرت العصر، فقام يتوضأ، فقال ابن واسع:((نعم الرجل مالك، نعم الرجل مالك، خذوا عن مالك، خذوا عن مالك وثابت))، ووثقه النسائي وابن سعد وزاد:((قليل الحديث))، وقال الدارقطني:((ثقة، ولا يكاد يحدث عنه ثقة))، وذكره العجلي في الثقات، وكذا ابن حبان وقال:((كان يكتب المصاحف بالأجرة، ويتقوّت بأجرته، وكان لا يأكل شيئًا من الطيبات، من المتعقدة الصبر، والمتقشِّفة الخشن)).

انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 418 رقم 1523)، و"المعرفة والتاريخ" للفسوي (2/ 264)، و"سؤالات البرقاني للدارقطني"(ص 66 رقم 497)، و"التهذيب"(10/ 14 - 15 رقم 15).

وفي الموضع السابق من "التهذيب" نقل الحافظ عن الأزدي قوله عن مالك هذا: ((يعرف وينكر))، وهذا القول من الأزدي لم أجد من وافقه عليه، ولم يذكر حجته فيه، وقول الأزدي لا عبرة به إذا انفرد كما صرح به الحافظ ابن حجر في "التهذيب"(4/ 399).

(3)

هو أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي اليَحْمدي، ثم الجَوْفي، البصري، مشهور =

ص: 371

114 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ

(1)

، عَنْ مَنْصُورٍ

(2)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَرَادَ عَلْقَمَةُ أَنْ يَكْتُبَ مُصْحَفًا، فَكَرِهَ أَنْ يُعْطِيَ عَلَى كِتَابَتِهِ أَجْرًا، فَاشْتَرَى وَرَقَهُ ومِداده

(1)

، وَمَا يَنْبَغِي، وَأَعْطَاهُ بعضَ أَصْحَابِهِ، فَكَتَبَهُ له.

= بكنيته، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه قتادة وعمرو بن دينار وأيوب السختياني وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة ثلاث ومائة، وقيل: أربعة ومائة، وهو ثقة فقيه روى له الجماعة. قال الرباب: سألت ابن عباس عن شيء فقال: ((تسألوني وفيكم جابر بن زيد؟)) ووثقه ابن معين وأبو زرعة والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان فقيهًا

، وكان من أعلم الناس بكتاب الله))، ولما مات قال قتادة:((اليوم مات أعلم أهل العراق)).

"الجرح والتعديل"(2/ 494 - 495 رقم 2032)، و"التهذيب"(2/ 38 - 39 رقم 61)، و"التقريب"(ص 136 رقم 865).

(4)

في الأصل هكذا: (بايا)، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث رواه من طريق المصنف.

[113]

سنده صحيح.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 17) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:((كتاب الله عز وجل).

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(8/ 113 رقم 14528) من طريق جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، به نحوه، وزاد:((قال مالك: وسألت عنه الحسن والشعبي، فلم يريا به بأسًا)).

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 146) من طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ وحماد بن واقد، كلاهما عن مالك بن دينار، به نحوه.

وأخرجه أيضًا من طريق عبد الملك قال: دخل أبو الشعثاء على مالك بن دينار، فقال: أبا الشعثاء

، فذكره بنحوه.

(1)

هو ابن عبد الحميد. =

ص: 372

115 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: نا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ عِكْرِمَةَ

(1)

: بَاعَ مُصْحَفًا لَهُ، وَأَنَّ الْحَسَنَ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بأسًا.

(2)

هو ابن المعتمر.

(3)

المِدَادُ - بالكسر -: هو كل ما يُمَدُّ به الشيء، أي: يُزَادُ فيه لِمَدِّه والانتفاع به، كحِبْر الدَّوَاة، وسليط السراج، وما يوقد به من دهن ونحوه، ثم خُصَّ المدادُ في عُرْف اللغة بالحبر.

انظر "تاريخ العروس"(9/ 158).

[114]

سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 148) من طريق عبيدة، عن إبراهيم أن علقمة اشترى ورقًا فأعطى أصحابه فكتبوه له.

وأخرجه أيضًا من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحو سابقه.

(1)

هو عكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس، أصله بَرْبري، ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة، روى عن مولاه ابن عباس وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم، روى عنه إبراهيم النخعي والشعبي وأبو إسحاق السبيعي وقتادة وسماك بن حرب وحصين بن عبد الرحمن وداود بن أبي هند والحكم بن أبان ومالك بن دينار وغيرهم. واختلف في وفاته، فقيل: سنة أربع ومائة، وقيل: سنة ست، وقيل: سبع ومائة، وقد روى له الجماعة وكثر الكلام فيه حتى عيب على البخاري إخراجه في الصحيح، وأحسن من فصّل في حاله الحافظ ابن حجر في "هدي الساري"(ص 425 - 430)، وخلاصة ما قاله فيه: ((اما قول من وهّاه فمدارها على ثلاثة أشياء: على رميه بالكذب، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء، فهذه الأوجه الثلاثة يدور عليها جميع ما طعن به فيه: =

ص: 373

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فأما البدعة: فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه؛ لأنه لم يكن داعية، مع أنها لم تثبت عليه. وأما قبول الجوائز، فلا يقدح أيضًا إلا عند أهل التشديد، وجمهور أهل العلم على الجواز كما صنف في ذلك ابن عبد البر.

وأما التكذيب: فسنبين وجوه رده بعد حكاية أقوالهم، وأنه لا يلزم من شيء منه قدح في روايته. فالوجه الأول فيه أقوال، فأشدها ما روي عن ابن عمر أنه قال لنافع: لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس

، وقال إسحاق بن عيسى الطباع: سألت مالكًا: أبلغك أن ابن عمر قال لنافع: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس؟ قال: لا، ولكن بلغني أن سعيد بن المسيب قال ذلك لبرد مولاه

)) ، ثم ذكره الحافظ أقوالاً أخرى في تكذيبه، ثم قال: ((فأما الوجه الأول، فقول ابن عمر لم يثبت عنه؛ لأنه من رواية أبي خلف الجزار، عن يحيى البكّاء، أنه سمع ابن عمر يقول ذلك. ويحيى البكّاء متروك الحديث، قال ابن حبان: ومن المحال أن يجرح العدل بكلام المجروح. وقال ابن جرير: إن ثبت هذا عن ابن عمر فهو محتمل لأوجه كثيرة لا يتعين منه القدح في جميع روايته، فقد يمكن أن يكون أنكر عليه مسألة من المسائل كذَّبه فيها. قلت:[القائل ابن حجر] : وهو احتمال صحيح؛ لأنه روي عن ابن عمر أنه أنكر عليه الرواية عن ابن عباس في الصَّرْف، ثم استدل ابن جرير على أن ذلك لا يوجب قدحًا فيه بما رواه الثقات عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر أنه قال - إذ قيل له: إن نافعًا مولى ابن عمر حدّث عن ابن عمر في مسألة الإتيان في المحلّ المكروه -: كذب العبد على أبي. قال ابن جرير: ولم يروا ذلك من قول سالم في نافع جرحًا، فينبغي أن لا يروا ذلك من ابن عمر في عكرمة جرحًا. وقال ابن حبان: أهل الحجاز يطلقون كَذَبَ في موضع أخطأ....

وأما قول سعيد بن المسيب، فقال ابن جرير: ليس ببعيد أن يكون الذي حُكي عنه نظير الذي حكي عن ابن عمر. [قال ابن حجر:] قلت: وهو كما قال، =

ص: 374

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقد تبين ذلك من حكاية عطاء الخراساني عنه في تزويج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بميمونة، ولقد ظُلم عكرمة في ذلك، فإن هذا مرويّ عن ابن عباس من طرق كثيرة

، وأما ذَمُّ مالك فقد بيّن سببه، وأنه لأجل ما رمي به من القول ببدعة الخوراج، وقد جزم بذلك أبو حاتم، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عكرمة، فقال: ثقة: قلت: يحتج بحديثه؟ قال: نعم؛ إذا روى عنه الثقات، والذي أنكر عليه مالك إنما هو بسبب رأيه، على أنه لم يثبت عنه من وجه قاطع أنه كان يرى ذلك، وإنما كان يوافق في بعض المسائل، فنسبوه إليهم. وقد بّرأه أحمد العجلي من ذلك، فقال في "كتاب الثقات" له: عكرمة مولى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، مكي تابعي ثقة، بريء مما يرميه الناس به من الحرورية. وقال ابن جرير: لو كان كل من ادُّعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعي به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك، للزم ترك أكثر محدثي الأمصار؛ لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه. وأما قبوله لجوائز الأمراء، فليس ذلك بمانع من قبول روايته، وهذا الزهري قد كان في ذلك أشهر من عكرمة، ومع ذلك فلم يترك أحد الرواية عنه بسبب ذلك)) . اهـ. كلام الحافظ ملخصًا في الذب عن عكرمة.

وأما ثناء العلماء عليه فكثير، فمنه ما رواه محمد بن فضيل، عن عثمان بن حكيم، كنت جالسًا مع أبي أمامة بن سهل بن حنيف، إذ جاء عكرمة، فقال: يا أبا أمامة، أذكّرك الله، هل سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَا حدثكم عني عكرمة فصدقوه، فإنه لم يكذب علي؟ فقال أبو أمامة: نعم. قال الحافظ ابن حجر: ((وهذا إسناد صحيح)) ، وقال حماد بن زيد: قال لي أيوب: لو لم يكن عندي ثقة، لم أكتب عنه، وقال مغيرة: قيل لسعيد بن جبير: تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال: نعم، عكرمة. وقال قتادة: كان أعلم التابعين أربعة، فذكره فيهم. وقال سفيان الثوري: خذوا التفسير من أربعة، فبدأ به. وقال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا احتجّ بعكرمة، وقال جعفر الطيالسي عن ابن معين: إذا رأيت =

ص: 375

116 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ

(1)

، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا ببيعها واشترائها.

= إنسانًا يقع في عكرمة فاتهمه على الإسلام. وقال المرُّوذي قلت لأحمد بن حنبل: يحتج بحديثه؟ قال: نعم. وقال محمد بن نصر المروزي: أجمع عامة أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا، منهم: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، ويحيى بن معين، ولقد سألت إسحاق عن الاحتجاج بحديثه، فقال: عكرمة عندنا إمام أهل الدنيا، وتعجب من سؤالي إياه. ووثقه ابن معين والنسائي وغيرهما، وتقدم توثيق أبي حاتم والعجلي له. اهـ. من الموضع السابق من "هدي الساري"، و"التقريب"(ص 397 رقم 4673)، وانظر "الجرح والتعديل"(7/ 7 - 9 رقم 32)، و"الكامل" لابن عدي (5/ 1905 - 1910).

[115]

سنده صحيح.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 17) من طريق المصنِّف، به مثله سواء.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 200) من طريق يحيى بن حكيم، وعبد الله بن الصباح، وعلي بن الحسين الدرهمي، قالوا: حدثنا عبد العزيز أبو عبد الصمد العمي، به نحوه.

وسيأتي ذكر طرقه عن الحسن البصري في الحديث الآتي بعده.

(1)

هو يونس بن عبيد بن دينار العَبْدي، أبو عبيد البصري، يروي عن إبراهيم التَّيْمي وثابت البُناني وابن سيرين وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري والحمّادان وخالد بن عبد الله الطحّان وهشيم بن بشير وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت فاضل ورع وروى له الجماعة، وثقه ابن سعد وأحمد وابن معين والنسائي وأبو حاتم وغيرهم، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:((كان من سادات أهل زمانه وفضلاً وحفظًا وإتقانًا وسنة وبغضًا لأهل البدع، مع التقشُّف الشديد في الدين، والحفظ الكثير)). =

ص: 376

117-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَبِيعُ ثَمَنَ وَرَقِهِ، وَأَجْرَ كِتَابِهِ.

118-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ دَاوُدَ، عن الشعبي، مثل ذلك.

= "الجرح والتعديل"(9 / 242 رقم 1020) ، و"التهذيب"(11 / 442 - 445 رقم 855) ، و"التقريب"(ص613 رقم 7909) .

وقد وصف النسائي يونس بن عبيد بالتدليس، لكن ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين"(ص77 رقم 64)، وهم: من احتمل الأئمة تدليسهم وأخرجوا لهم في الصحيح؛ لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما رووا، أو لأنهم لا يدلسون إلا عن ثقة.

[116]

سنده صحيح.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(6 / 17) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال:((ببيع المصاحف)) .

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص367 رقم 869) من طريق هشيم، بمثل لفظ البيهقي.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6 / 65 رقم 271) من طريق عبد الله بن إدريس، عن هشام، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ لَا يرى ببيعها وشرائها بأسًا.

وأخرجه أيضًا برقم (273) من طريق داود عن الحسن، أنه لم يكن يرى ببيعها وشرائها بأسًا.

وتقدم في الحديث [113] أن رواية عبد الرزاق في "المصنف" فيها زيادة: (قال مالك: وسألت عنه الحسن والشعبي، فلم يريا به بأسًا) ، وسنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص200 و 201) من طريق أبي بكر الهذلي، وسلام بن مسكين، ويزيد بن إبراهيم، والأشعث، وعوف الأعرابي، وخالد الحذاء، ومطر الوراق، وداود بن أبي هند، وهشام، جميعهم عن الحسن، به نحوه ومعناه.

[117 و 118] * أما الأول فسنده صحيح، وأما الثاني فسنده حسن لذاته، وصحيح لغيره. =

ص: 377

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه البيهقي في "سننه"(6 / 17) من طريق المصنِّف، ثنا هشيم، ثنا داود، عن الشعبي

، فذكره بمثله، إلا أنه وقع فيه:(يبتغي)، وأشار المحقق إلى أن في هامش إحدى النسخ:(سع) كذا، ولم ينقطها!

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص367 رقم 870) من طريق هشيم، بنحوه.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(8 / 113 رقم 14527) من طريق الثوري، عن داود، عن الشعبي قال: إنما يشتري ورقه وعمله.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6 / 64 رقم 270) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن داود، به بنحوه.

وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد"(ص77 رقم 232) من طريق وهيب، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي بيع المصاحف: أنه لا يبيع كتاب الله، وإنما يبيع عمل يديه.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص202) من طريق ابن أبي عدي، وشعبة، وسفيان الثوري، وحماد، وجميعهم عن داود، به بنحو لفظ البخاري.

وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص192) من طريق ابن فضيل، عن داود قال: سألت عامرًا [هو الشعبي] فقال: إنما يبيعون الكتاب والأوراق، ولا يبيعون كتاب الله.

وأخرجه أيضًا (ص202) من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشعبي، بنحو سابقه.

وجاء معناه من طريق مطر الورّاق، عن الحسن والشعبي أنهما كانا لا يريان بأسًا ببيع المصاحف.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6 / 65 رقم 272) .

وعبد الرزاق في "مصنفه"(8 / 113 رقم 14526) .

وأبو عبيد في "الفضائل"(ص367 رقم 868) .

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص201) .

والبيهقي في "سننه"(6 / 17) . =

ص: 378

119 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:(اشْتَرِ)

(1)

الْمَصَاحِفَ، (وَلَا تَبِعْهَا)

(1)

.

120 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مثله.

(1)

في الأصل: (لا تشتري) و: (ولا تبيعها)، وما أثبته من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنِّف، لكنه بصيغة الإفراد عنده، وسيأتي لفظه.

[119 و 120] * إسنادهما ضعيف لضعف الليث بن أبي سليم، لكنه صحيح من طرق أخرى كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 16) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف، من طريق المصنِّف، ثنا هشيم، ثنا لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عباس قَالَ: اشْتَرِ الْمُصْحَفَ وَلَا تَبِعْهُ.

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل": (ص 364 رقم 860): حدثنا هشيم، أخبرنا الليث

، فذكره بمثل لفظ المصنِّف.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 63 رقم 261) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، وابن إدريس، كلاهما عن ليث، به بمعناه.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 197) من طريق زهير، وسعيد بن زيد، والمحاربي، ثلاثتهم عن ليث، به بمعناه، إلا أن رواية المحاربي هكذا:(رُخِّص في شرائها وكره بيعها).

قال ابن أبي داود: ((كذا قال: رُخِّص! كأنه صار مسندًا)).

وذكر النووي في "المجموع"(9/ 303) هذا الأثر فقال: ((وعن ابن عبسا بإسناد ضعيف: اشتر المصحف ولا تبعه))، مع أنه قد صح من طرق أخرى.

فقد روي عن ابن عباس أيضًا من ثلاثة طرق:

(1)

طريق عطاء بن أبي رباح.

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(8/ 112 رقم 14521) فقال: أخبرنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال في بيع =

ص: 379

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= المصاحف: اشترها ولا تبعها.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن حزم في "المحلى"(9 / 682) .

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص196 و 197) من ثلاثة طرق عن عبد الملك.

وسند عبد الرزاق صحيح.

عطاء بن أبي رباح تقدم في الحديث [15] أنه ثقة فقيه فاضل.

وعبد الملك بن أبي سليمان ميسرة العَرْزَمي - بفتح المهملة، وسكون الراء، وبالزاي المفتوحة -، روى عن أنس بن مالك وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وابن المبارك ويحيى القطان وهشيم وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة، وهو ثقة حافظ ربما أخطأ، فقد وثقه أحمد وابن معين والنسائي، وقال ابن عمار:((ثقة حجة)) ، وقال ابن سعد:((كان ثقة مأمونًا ثبتًا)) ، وقال العجلي:((ثقة ثبت في الحديث)) ، وقال يعقوب بن سفيان:((ثقة متقن فقيه)) ، وقال الترمذي:((ثقة مأمون، لا نعلم أحدًا تكلم فيه غير شعبة)) .

وكان سفيان الثوري يسميه الميزان، ويقول:((حدثني الميزان)) ، ويقول بيده كأنه يزن، وقال مرة: ((حفاظ الناس: إسماعيل بن أبي خالد - فبدأ به -، وعبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، ويحيى بن سعيد الأنصاري

)) ، وذكر جماعة. وقال عبد الله بن المبارك:((عبد الملك ميزان)) ، وقال عبد الرحمن بن مهدي:((كان شعبة يعجب من حفظ عبد الملك)) .

قلت: ومع ذلك ترك حديثه؛ قال أمية بن خالد: قلت لشعبة: مالك لا تحدث عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان؟ قال: تركت حديثه، قلت: تحدث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العرزمي وتدع عبد الملك وقد كان حسن الحديث؟! قال: من حسنها فررت. وقال الحسين بن حبان: وجدت في كتاب أبي بخط يده: سئل يحيى بن معين عن حديث عطاء، عن جابر في الشفعة، فقال: هو حديث لم يحدث به أحد إلا عبد الملك، وقد أنكره الناس عليه، ولكن عبد الملك ثقة صدوق لا يرد على مثله. قلت: تكلم =

ص: 380

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فيه شعبة؟ قال: نعم. وقال أبو داود: قلت لأحمد - أي ابن حنبل -: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ؟ قال: ثقة، قلت: يخطئ؟ قال: نعم، وكان من أحفظ أهل الكوفة، إلا أنه رفع أحاديث عن عطاء. اهـ. من "الجرح والتعديل"(5 / 366 - 368 رقم 1719) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1940 - 1941) ، و"تاريخ بغداد"(10 / 393 - 398 رقم 5570) ، و"التهذيب"(6 / 396 - 398 رقم 848) .

قلت: وقد ذكر الخطيب في "تاريخه" كلام شعبة المتقدم، ثم رد عليه بقوله:((قد أساء شعبة في اختياره حيث حدث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العرزمي وترك التحدث عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سيلمان؛ لأن محمد بن عبيد الله لم تختلف الأئمة من أهل الأثر في ذهاب حديثه وسقوط روايته، وأما عبد الملك فثناؤهم عليه مستفيض، وحسن ذكرهم له مشهور)) ، ثم أخذ في ذكر أقوال الأئمة في توثيقه والثناء عليه.

وقد ذكر ابن حبان عبد الملك هذا في "الثقات"(7 / 97 - 98) وقال: ((ربما أخطأ)) ، ثم قال:((كان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالب على من يحفظ ويحدث من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثَبْت صَحَّتْ عدالته بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة لأنهم أهل حفظ وإتقان، وكانوا يحدثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات، بل الاحتياط والأولى في مثل هذا: قبول ما يروي الثبت من الروايات، وترك ما صح أنه وهم فيها، ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ)) . اهـ.

وهذا الذي ذكر ابن حبان فيه إنصاف لهؤلاء الأئمة الحفاظ الذين يغلب =

ص: 381

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= على حديثهم الضبط والإتقان، وقد يهمون في الشيء بعد الشيء كعبد الملك بن أبي سليمان، وقد اختار القول بتويثقه الشيخ عبد العزيز التخيفي في دراسته للمتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب (2/ 59 - 65).

ومع ذلك فلم يتفرد عبد الملك بهذا الحديث عن عطاء، بل تابعه عليه ابن جريج، وأبو عامر الخزاز صالح بن رستم.

فقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 196) من طريق سفيان الثوري، وأبي عاصم النبيل، كلاهما عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، به نحو سابقه.

وقد صرّح ابن جريج بالسماع في رواية أبي عاصم.

وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص 196 و 197) من ست طرق عن أبي عامر الخزاز، عن عطاء، بنحو سابقه.

(2)

طريق سعيد بن جبير.

أخرجه ابن أبي شبية في "المصنف"(6/ 63 رقم 263) من طريق قتادة عن سعيد بن جبير بنحو لفظ المصنف.

(3)

طريق الشابة قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ بيع المصحف، فقال: اشتره ولا تبعه.

أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 198) من طريق رقيم بن الشابة، عن أبيه، قال

، فذكره.

وبالجملة فهذا القول صحيح عن ابن عباس بما تقدم من الطرق، فتضعيف النووي له إنما هو باعتبار طريق الليث بن أبي سليم، والله أعلم.

ص: 382

121 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أنا أَبُو بِشْرٍ

(1)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:(اشْتَرِهَا، وَلَا تَبِعْهَا)

(2)

.

122 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:(اشْتَرِ)

(3)

الْمُصْحَفَ، (وَلَا تَبِعْهُ)

(4)

.

(1)

هو جعفر بن إياس، وهو ابن أبي وَحْشِيَّة - بفتح الواو، وسكون المهملة، وكسر المعجمة، وتثقيل التحتانية -، اليَشْكُريّ، أبو بشر الواسطي، يروي عن عباد بن شرحبيل وله صحبة، وعن سعيد بن جبير وعطاء وعكرمة ومجاهد وغيرهم، روى عنه داود بن أبي هند وشعبة وأبو عوانة وهشيم وخالد بن عبد الله وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: مات سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقيل: أربع، وقيل: خمس، وقيل: ست وعشرين ومائة، وقيل: سنة إحدى وثلاثين ومائة، وهو ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، وضعف شعبه روايته عن حبيب بن سالم، وعن مجاهد، وقال: إنه لم يسمع منهما، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والعجلي والنسائي، وقال البرديجي:((كان ثقة، وهو من أثبت الناس في سعيد بن جبير)).

انظر "الجرح والتعديل"(2/ 473 رقم 1927)، و"التهذيب"(2/ 83 - 84 رقم 129)، و"التقريب"(ص 139 رقم 930).

(2)

في الأصل: (اشتريها، ولا تبيعها).

(3، 4) في الأًصل: (اشتري) و (ولا تبيعه).

[121 و 122] * سنداهما صحيحان.

وقال النووي في "المجموع"(9/ 303): ((وبإسناد صحيح عن سعيد بن جبير: اشتره ولا تبعه)).

وأخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 16) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف، من طريق المصنِّف، (ثنا هشيم، ثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير مثله من قوله).

وقوله: (مثله): أي مثل لفظ أثر سابق له عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (اشْتَرِ المصحف ولا تبعه). =

ص: 383

123 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ

(1)

، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَة السَّلْماني: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ بَيْعَ الْمَصَاحِفِ وَاشْتِرَاءَهَا.

= وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 365 رقم 862) من طريق هشيم، به مثله.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى"(9/ 684) من طريق وكيع، عن شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قَالَ: اشْتَرِ الْمَصَاحِفَ وَلَا تَبِعْهَا.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 63 رقم 262).

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 198).

كلاهما من طريق حماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، به، ولفظ ابن أبي داود مثل لفظ حديث شعبة السابق، ولفظ ابن أبي شيبة بمعناه.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 368 رقم 871) من طريق أبي شهاب موسى بن نافع قال: قال سعيد بن جبير: هل لك في مصحف عندي قد كفيتك عرضه تشتريه؟

وبمعنى سياق أبي عبيد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 175) من طريق أبي شهاب.

(1)

هو ابن مهران الحذّاء، تقدم في الحديث [88] أنه ثقة.

[123]

سنده صحيح.

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 366 رقم 864) من طريق هشيم، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 61 رقم 249) من طريق ابن علية، عن خالد، به نحوه.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى"(9/ 683) من طريق ابن أبي شيبة السابق، ومن طريق يزيد بن زريع، عن خالد الحذاء، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 192) من طريق سفيان، عن خالد الحذاء، به نحوه.

ص: 384

124 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ لَيْث بْنِ أَبِي سُليم، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(1)

، قَالَ: قَالَ (ابْنُ)

(2)

عُمَرَ: لَوَدِدْتُ أَنَّ (الْأَيْدِيَ)

(3)

قُطعت في بيع المصاحف.

(1)

هو سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن الخطاب القرشي العدوي المدني، أحد الفقهاء السبعة، روى عن أبيه وأبي هريرة وأبي رافع وأبي أيوب وغيرهم، روى عنه الزهري وأبو قلابة الجَرْمي وحميد الطويل وعمرو بن دينار وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست ومائة، وكان ثبتًا عابدًا فاضلاً، كان يُشَبَّه بأبيه في الهدي والسَّمت، وقد روى له الجماعة. قال مالك:((لم يكن أحد في زمان سالم ابن عبد الله أشبه من مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه))، وقال ابن المبارك:((كان فقهاء أهل المدينة سبعة))، فذكره فيهم. ووثقه العجلي وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث، عاليًا من الرجال))، وقال ابن حبان:((كان يشبه أباه في السَّمْت والهدي)). اهـ. من "طبقات ابن سعد"(5/ 195 - 201)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 174 رقم 499)، و"التهذيب"(3/ 463 - 438 رقم 807)، و"التقريب"(ص 226 رقم 2176).

(2)

ما بين القوسين ليس في الأصل، وإنما زيد من "سنن البيهقي" لكونه روى الحديث من طريق المصنِّف.

(3)

في الأصل: (يدي)، وما أثبته من "سنن البيهقي".

[124]

سنده ضعيف لضعف الليث بن أبي سليم، لكنه صحيح من طريق آخر.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 16) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف، من طريق المصنف، به مثله سواء.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 180) من طريق أبي سنان سعد بن سنان، عن اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ نافع، عن ابن عمر، به نحوه، فلست أدري، أهو اضطراب من الليث، أم أن له فيه إسنادًا غير الإسناد الأول.

وقد صح الحديث من طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عمر.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 62 رقم 255)، فقال: نا وكيع، عن =

ص: 385

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سفيان، عن سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عمر قال: وددت أني رأيت الأيدي تقطع في بيع المصاحف.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى"(9 / 682) من طريق وكيع، به مثل لفظ ابن أبي شيبة.

وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدموا، عدا سالم بن عَجْلان الأَفْطَس، الأُموي، مولاهم، أبي محمد الحرَّاني، يروي عن سعيد بن جبير والزهري ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه ابنه عمر بن سالم وإسرائيل وسفيان الثوري وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة، إلا أنه رمي بالإرجاء، فقد وثقه الإمام أحمد والعجلي وابن سعد وزاد:((كثير الحديث)) ، وقال الدارقطني:((ثقة يجمع حديثه)) ، وقال أبو حاتم:((صدوق، وكان مرجئًا، نقيَّ الحديث)) .

وأما ابن حبان فقال: ((كان ممن يرى الإرجاء، ويقلب الأخبار، وينفرد بالمعضلات عن الثقات، اتهم بأمر سوء، فقتل صبرًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(4 / 186 رقم 806) ، و"التهذيب"(3 / 441 - 442 رقم 814) ، و"التقريب"(ص227 رقم 2183) .

قلت: وابن حبان معروف بتشديده في الجرح، وكلام الأئمة الآخرين بخلافه، وأما الإرجاء فلا تُردّ روايته لأجله إن لم تكن مما يؤيد بدعته، أو كان داعيًا إليه.

والحديث أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص180 و 181) من طريق سفيان الثوري، عن سالم، به نحوه.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(8 / 112 - 113 رقم 14525) من طريق إسرائيل، عن سالم، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6 / 61 رقم 250) .

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص180) .

كلاهما من طريق اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ سالم، به نحوه. =

ص: 386

125 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ عَنْ كِتَابِ المعلِّم، فَقَالَ: كَانَ مُعَلِّمٌ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ أَوْلَادُ أُولَئِكَ الضِّخام

(1)

، وَكَانَ مَمْلُوكًا، وَكَانَ مَوَالِيهِ يكلِّفونه الشَّيْءَ، فَيَقُولُ الْغِلْمَانُ: دَعْنا نَكْفيك، فَيَأْبى عليهم.

= وأخرجه ابن أبي داود أيضًا من طريق أبي مالك النخعي، وشريك بن عبد الله، وقيس بن الربيع، ثلاثتهم عن سالم، به، ولفظ أبي مالك مثل لفظ المصنف، ولفظ الآخرين نحوه.

وعليه فالحديث بهذا الطريق صحيح لغيره عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، والله أعلم.

(1)

لعله يقصد أهل السُّؤْدد والشرف من الناس، ففي "لسان العرب" (12/ 354):((المِضْخَم: السيِّد الضخم الشريف)).

[125]

سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 223 رقم 883) فقال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُ بالمدينة معلم عنده من أبناء أولئك الضخام، فكانوا يعرفون حقه في النيروز والمهرجان.

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى"(9/ 25).

تنبيه: وقع في المطبوع من المصنف تصحيف معظمه ناشئ من سوء تصرف المحقق، وما أثبته هو الصواب؛ بالاستعانة بالمحلى؛ لكون ابن حزم روى الحديث من طريق ابن أبي شيبة.

وهذه الأحاديث والآثار من رقم [102] حتى هنا، أوردها المصنِّف فيما يتعلق بمسألة بيع المصحف وشرائه، والإجارة على نسخة، والإجارة على تعليم القرآن ونحو ذلك من أعمال القُرَب، وهي من المسائل المختلف فيها، وتجد الكلام عنها مفصلاً في "المحلّى" لابن حزم (9/ 22 - 26)، و"المهذَّب" للشيرازي (1/ 269) وشرحه:((المجموع)) للنووي (9/ 302 - 303)، و"المغني" لابن قدامة (4/ 291 - 292) و (5/ 553 - 554 و 555 - 559)، و"الفتاوى" لشيخ الإسلام =

ص: 387

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن تيمية (30 / 204 - 207) ، و"نصب الراية" للزيلعي (4 / 135 - 141) ، و"فتح الباري" لابن حجر (4 / 453 - 458) و (9 / 205 - 216) ، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5 / 322 - 327) ، و"كتاب الإجارة الواردة على عمل الإنسان" للدكتور شرف بن علي الشريف (ص146 - 160) .

وأما ما يتعلق ببيع المصاحف وشرائه ونسخه بالأجرة، فالراجح جواز ذلك، لأن فيه نشرًا لكتاب الله والانتفاع به، ولأنه لم يأت دليل صريح بالمنع من ذلك، فبقي على أصله: الإباحة، وهو قول الشافعية، إلا أن بعضهم ذهب إلى جواز الشراء وكراهة البيع.

قال الشيرازي في "المهذب"(1 / 269) : ((ويجوز بيع المصاحف وكتب الأدب؛ لما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أنه سئل عن بيع المصاحف، فقال: لا بأس؛ يأخذون أجور أيديهم، ولأنه طاهر منتفع بهن فهو كسائر الأموال)) .

قال في "المجموع"(9 / 302 - 303) بعد أن ذكر عبارة "المهذب": [اتفق أصحابنا على صحة بيع المصحف، وشرائه، وإجارته، ونسخه بالأجرة. ثم إن عبارة المصنِّف والدارمي وغيرهما: أنه يجوز بيعه، وظاهر هذه العبارة أنه ليس بمكروه، وقد صرَّح بعدم الكراهة الرُّوياني، والصحيح من المذهب: أنه بيعه مكروه، وهو نصّ الشافعي في كتاب اختلاف علي وابن مسعود، وبه قطع البيهقي في كتابه "السنن الكبير"، و"معرفة السنن والآثار"، والصيمري في كتابه "الإيضاح"، وصاحب "البيان"، فقال: يكره بيعه، قال: وقيل: يكره البيع دون الشراء، هذا تفصيل مذهبنا، وروى الشافعي والبيهقي بإسناده الصحيح عن ابن مسعود أنه كره شراء المصحف وبيعه. قال الشافعي: ولا يقول أبو حنيفة وأصحابه بهذا بل لا يرون بأسًا ببيعه وشرائه. قال: ومن الناس من لا يرى بأسًا بالشراء. قال الشافعي: ونحن نكره بيعها.

وقال ابن المنذر في "الإشراف": اختلفوا في شراء المصاحف وبيعه، فروي عن ابن عمر أنه شدد في بيعه، وقال: وددت أن الأيدي تقطع في بيع المصاحف. قال: =

ص: 388

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وروينا عن أبي موسى الأشعري كراهة ذلك. قال: وكره بيعها وشراءها علقمة وابن سيرين والنخعي وشريح ومسروق وعبد الله بن يزيد، ورخص جماعة في شرائها، وكرهوا بيعها روينا هذا عن ابن عباس وسعيد بن جبير وإسحاق، وقال أحمد: الشراء أهون، وما أعلم في البيع رخصة. قال: ورخصت طائفة في بيعه وشرائه منهم الحسن وعكرمة والحكم. وروى البيهقي بإسناده عن ابن عباس ومروان بن الحكم أنها سُئلا عن بيع المصاحف للتجارة فقالا: لا نرى أن تجعله متجرًا، ولكن ما علمت بيديك فلا بأس به. وعن مالك بن أنس أنه قال: لا بأس ببيع المصحف وشرائه. وعن ابن عباس بإسناد ضعيف: ((اشتر المصحف ولا تبعه)) ، وبإسناد صحيح عن سعيد بن جبير:((اشتره ولا تبعه)) ، وعن عمر أنه قال:((كان يمر بأصحاب المصاحف فيقول: بئس التجارة)) ، وبإسناد صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ التابعي المجمع على جلالته وتوثيقه قال:((وكان أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُونَ بَيْعَ الْمَصَاحِفِ)) .

قال البيهقي: وهذه الكراهة على وجه التنزيه تعظيمًا للمصحف عن أن يبذل بالبيع؛ أو يجعل متجرًا، قال: وروي عن ابن مسعود الترخيص فيه، وإسناده ضعيف، قال: وقول ابن عباس اشتر المصحف ولا تبعه - إن صح عنه - يدل على جواز بيعه مع الكراهة والله سبحانه وتعالى أعلم] . اهـ.

وأما ما يتعلق بالإجارة على تعليم القرآن، فإن كان من بيت مال المسلمين فهو جائز كما يعطى الأئمة والمؤذنون والقضاة.

والخلاف إنما هو فيما كان على وجه الارتزاق، فهذا جوّزه بعضهم، ومنعه آخرون، وقال بعضهم بجوازه مع الحاجة دون الغنى، وقال بعضهم بجوازه إذا دفع إليه من غير سؤال ولا استشراف نفس، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الفتاوى" (30 / 205 - 206) : ((وإنما تنازع العلماء في جواز الاستئجار على تعليم القرآن والحديث والفقه على قولين مشهورين، هما روايتان عن أحمد: إحداهما - وهو مذهب أبي حنيفة وغيره -: أنه لا يجوز الاستئجار على ذلك. =

ص: 389

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والثانية- وهو قول الشافعي -: أنه يجوز الاستئجار.

وفيها قول ثالث في مذهب أحمد: أنه يجوز مع الحاجة دون الغني كما قال تعالى في ولي اليتيم: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} . ويجوز أن يعطى هؤلاء من مال المسلمين على التعليم؛ كما يعطى الأئمة والمؤذنون والقضاة، وذلك جائز مع الحاجة)) . اهـ.

وقال الشوكاني في "نيل الأوطار"(5 / 324) : ((وذهب الجمهور إلى أنها تحلّ الأجرة على تعليم القرآن، وأجابوا عن أحاديث الباب بأجوبة، منها: أن حديث أبي وعبادة قضيّتان في عين، فيحتمل أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم علم أنهما فعلا ذلك خالصًا لله، فكره أخذ العوض عنه. وأما من علّم القرآن على أنه لله، وأن يأخذ من المتعلِّم ما دفعه إليه بغير سؤال ولا استشراف نفس، فلا بأس به)) . اهـ.، وحديث أُبَيّ هذا الذي ذكره الشوكاني تقدم تخريجه برقم [109] .

وممن ذهب إلى جواز الإجارة على ذلك: ابن حزم، فقال في "المحلّى" (9 / 22) : والإجارة جائزة على تعليم القرآن، وعلى تعليم العلم مشاهرة وجملة، وكل ذلك جائز وعلى الرُّقى، وعلى نسخ المصاحف، ونسخ كتب العلم; لأنه لم يأت في النهي، عن ذلك نصّ، بل قد جاءت الإباحة..)) ، ثم استدلّ على الجواز بما أخرجه البخاري في "صحيحه"(10 / 198 - 199 رقم 5737) في الطب، باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب، من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أن نفرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرُّوا بماء فيهم لديغ - أو سليم -، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راقٍ؟ إن في الماء رجلاً لديغًا - أو: سليمًا -، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب شاء، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا؟ حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا: كتاب الله)) .

وأخرجه البخاري أيضًا (4 / 453 رقم 2276) في الإجارة، باب ما يُعطى في =

ص: 390

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب، و (10 / 198 رقم 5736) في الطب، باب الرقى بفاتحة الكتاب، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: انطلق نفر مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيِّفوهم، فلُدِغ سيِّد ذلك الحيّ، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلّه أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيّدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله، إني لأَرْقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلَم تضيِّفونا فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعلاً فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يَتْفِلُ عليه ويقرأ:{الحمد لله رب العالمين} . فكأنما نشِط من عقال فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، قال: فَأَوْفَوْهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال:((وما يدريك أنها رقية؟)) . ثم قال: ((قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهمًا)) ، فضحك النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وقوله في الحديث: ((وما به قَلَبَة)) ، أي: أَلَمٌ وعِلَّةٌ كما في "النهاية في غريب الحديث"(4 / 98) .

وحديث أبي سعيد هذا أخرجه مسلم في "صحيحه"(4 / 1727 - 1728 رقم 65 و 66) ، في السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار.

واستدلّ ابن حزم أيضًا بحديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قَالَ: إِنِّي لفي القوم عند رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إذا قامت امرأة فقالت: يا رسول الله، إنها قد وهبت نفسها لك، فَرَ فيها رأيك، فلم يجبها شيئًا، ثم قامت فقالت: يا رسول الله، إنها قد وهبت نفسها لك، فَرَ فيها رأيك، فلم يجبها شيئًا ثم قامت الثالثة، فقالت: إنها قد وهبت نفسها لك، فَرَ فيها رأيك، فقام رجل، فقال: يا رسول الله أنكحْنِيها، قال:((هل عندك من شيء؟)) قال: لا، قال: ((اذهب فاطلب ولو خاتمًا =

ص: 391

126 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ

(1)

، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أُنزل المفصَّل بِمَكَّةَ، فَمَكَثْنَا حِججًا نقرؤه، لا ينزل غيره.

= من حديد، فذهب وطلب، ثم جاء فقال: ما وجدت شيئًا، ولا خاتمًا من حديد، قال:((هل معك من القرآن شيء؟)) قال: معي سورة كذا وسورة كذا، قال:((اذهب فقد أنكحُتكها بما معك من القرآن)).

أخرجه البخاري في "صحيحه"(9/ 205 رقم 5149) في النكاح، باب التزويج على القرآن وبغير صداق.

ومسلم في "صحيحه"(2/ 1040 - 1041 رقم 5149) في النكاح، باب التزويج على القرآن وبغير صداق.

ومسلم في "صحيحه"(2/ 1040 - 1041 رقم 76 و 77) في النكاح، باب الصداق، وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد.

وهذا الذي ذهب إليه ابن حزم وغيره هو الراجح الذي تؤيّده الأدلة، وأما أدّلة المانعين، ومن أهما الحديثان المتقدمان برقم [108 و 109]، فقد أجاب عنها المجيزون بأجوبة سبق نقل بعضها عن الشوكاني، وتجد باقيها في "نيل الأوطار"(5/ 324)، وذهب ابن حزم إلى تضعيفها حيث قال (6/ 25 - 26): ((أما الأحاديث في ذلك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فلا يصح منها شيء

))، ثم أخذ في إعلالها، وبعضها حسن لغيره كما تقدم بيانه برقم [108 و 109].

وأما الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم، فأجاب عنها ابن حزم بقوله:((والصحابة رضي الله عنهم قد اختلفوا، فبقي الأثران الصحيحان عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللذان أوردناهما لا معارض لهما)). اهـ.

ويعني ابن حزم بالأثرين: حديثي الرقية بفاتحة الكتاب، والواهبة نفسها، وتقدم ذكرهما، والله أعلم.

(1)

هو أبو عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [21] أنه ثقة ثبت.

[126]

سنده ضعيف؛ فيه حُديج بن معاوية وأبو إسحاق السبيعي، وتقدم في الحديث [1] أن حديج بن معاوية صدوق يخطئ، وأن أبا إسحاق مدلِّسٌ واختلط في آخر عمره، ولم يصرِّحْ أبو إسحاق هنا بالسماع، ولم يُذكر حديجٌ فيمن روى عنه قبل الاختلاط. =

ص: 392

127-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: لَا يَغُرَّنَّكُمْ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، إِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ يُتَكَلَّمُ بِهِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إلى من يعمل به.

= والحديث أخرجه الطبراني في "الأوسط" من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال:((نزل)) و: ((نقرأ)) .

انظر "مجمع البحرين"(ل 179 / ب) .

قال الطبراني: ((لم يروه عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عبد الرحمن إلا حديج)) .

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7 / 157) وقال: ((رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه حديج بن معاوية، وثقه أحمد وغيره، وضعفه جماعة)) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 522 رقم 10192) .

والحاكم في "المستدرك"(2 / 224) .

كلاهما من طريق إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الله قال: قرأنا المفصل حججًا ونحن بمكة ليس فيه: {يا أيها الذين آمنوا} .

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 84) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.

أقول: وكلا الطريقين مدارهما على أبي إسحاق السبيعي، وتقدم أنه مدلس واختلط، فيبقى الحديث على ضعفه لاحتمال أن يكون هذا من أثر اختلاطه؛ حيث رواه مرة عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عبد الله بن حبيب، ومرة عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، ويحتمل أن يكون له فيه إسنادان فإنه مكثر، لكن لم يتبيّن.

[127]

سنده ضعيف جدًّا؛ حديج بن معاوية تقدم أنه صدوق يخطئ، وأبو إسحاق السبيعي قد اختلط، وفيه انقطاع بينه وبين عمر فإنه لم يدركه، إنما ولد بعد وفاة عمر رضي الله عنه، قيل إنه ولد سنة تسع وعشرين، وقيل اثنتين وثلاثين كما في "التهذيب"(8 / 66) .

ص: 393

128 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ

(1)

، قَالَ: نا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجعي

(2)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفل الْأَشْجَعِيِّ

(3)

، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِشِرْكٍ، فَمُرْنِي بِأَمْرٍ

(4)

يُبَرِّئُنِي مِنَ الشِّرْكِ. قَالَ: اقْرَأْ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، فَمَا أَخْطَأَهَا أَبِي مِنْ يَوْمٍ وَلَا لَيْلَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.

(1)

هو مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء الفزاري، أبو عبد الله الكوفي، نزيل مكة ودمشق، روى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وحميد الطويل وسليمان التيمي وعاصم الأحول وأبي مالك الأشجعي وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين والحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة، وهو ثقة حافظ، وكان يدلِّس أسماء الشيوخ، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد ويعقوب بن شيبة والنسائي، وقال ابن معين:((ثقة ثقة))، وقال الإمام أحمد:((ثبت حافظ))، وفي رواية:((ثقة ما كان أحفظه!)).

وأما تدليسه للشيوخ، فما كان من روايته عن المعروفين فعدّه العلماء صحيحًا، وما كان عن المجهولين فغير صحيح؛ قال ابن المديني:((ثقة فيما يروي عن المعروفين))، وضعفه فيما يروي عن المجهولين، وقال ابن نمير:((كان يلتقط الشيوخ من السكك))، وقال العجلي:((ثقة ثبت، ما حدث عن المعروفين، وما حدث عن المجهولين، ففيه ما فيه، وليس بشيء)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(8/ 272 - 273 رقم 1246)، و"التهذيب"(10/ 96 - 98 رقم 177)، و"التقريب"(ص 526 رقم 6575).

(2)

هو سعد بن طارق بن أَشْيَم - بمفتوحة، فساكنة معجمة، وفتح مُثَنَّاة تحت -، أبو مالك الأشجعي، الكوفي، روى عن أبيه وأنس وعبد الله بن أبي أوفى =

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه خلف بن خليفة وابن إسحاق وشعبة والثوري ومروان بن معاوية وغيرهم، وبقي إلى حدود الأربعين ومائة، وهو ثقة؛ وثقه محمد بن إسحاق، وابن معين، والإمام محمد، والعجلي، وابن نمير، وقال ابن عبد البر:((لا أعلمهم يختلفون في أنه ثقة عالم)).

"الجرح والتعديل"(4/ 86 - 87 رقم 378)، و"التهذيب"(3/ 472 - 473 رقم 880)، و"التقريب"(ص 231 رقم 2240).

(3)

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، كوفي يروي عن أبيه وله صحبة، روى عنه أبو مالك الأشجعي، وهو ثقة، قال العجلي في "تاريخ الثقات" (ص 300 رقم 987):((كوفي تابعي ثقة))، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 112)، وسكت عنه البخاري في "تاريخه"(5/ 357 رقم 1134)، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(5/ 294 رقم 1392).

(4)

في الأصل فوق الراء نقطة، وفي "الدر المنثور" (8/ 657):(فمرني بآية تبرئني)، نقلاً منه عن سعيد بن منصور وغيره.

[128]

سنده صحيح، ويتقوّى بالطريق الآخر الآتي.

وعزاه الشوكاني في "فتح القدير"(5/ 505) إلى سعيد بن منصور.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(9/ 74 رقم 6580) و (10/ 249 - 250 رقم 9355).

والبخاري في "التاريخ الكبير"(5/ 357).

وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2 / ل 222 / أ).

أما ابن أبي شيبة فعن مروان مباشرة، وأما البخاري فمن طريق أبي جعفر، وأما أبو نعيم فمن طريق حفص بن عبد الله الحلواني، عن مروان، به، ولفظ ابن أبي شيبة والبخاري نحوه، ولفظ أبي نعيم مثله، إلا أنه قال:((فما تركها أبي في يوم ولا ليلة حتى مات))، ولم يذكر هذا ابن أبي شيبة.

وطريق عبد الرحمن بن نوفل هذا أشار إليه الترمذي في "سننه"(9/ 349 - 350) في الدعوات، باب ما جاء فيمن يقرأ القرآن عند المنام. =

ص: 395

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وللحديث طريق آخر مداره على أبي إسحاق السبيعي، واختلف عليه اختلافًا كثيرًا.

فمنهم من رواه عنه، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ومنهم من رواه عنه، عن أبي فروة الأشجعي، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ومنهم من رواه عنه، فروة بن نوفل، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ومنهم من رواه عنه، عن رجل، عن فروة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ومنهم من رواه عنه، عن فروة، عن جبلة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ومنهم من رواه عنه، قال: جاء رجل من أشجع

، هكذا مرسلاً.

وقد ذكر هذا الاختلاف الدارقطني في "العلل"(1 / ل 152 / ب) حيث سئل عن هذا الحديث فأجاب بقوله:

((يرويه أبو إسحاق السبيعي، واختلف عنه، فرواه الثوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي فروة الأشجعي، رفعه إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وتابعه عبد العزيز بن مسلم، وقال: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن عروة بن نوفل ونوفل، وكلاهما وهم. ورواه إسرائيل وأشعث بن سوّار وأبو مريم ومحمد بن أبان عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل الأشجعي وهو الصحيح. ورواه أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن نوفل، عن أبيه، ولعلّه أخو فروة، والله أعلم)) . اهـ.

وهذا نص ما جاء في النسخة الخطية من "علل الدارقطني"، وأظنه لا يسلم من التصحيف، ومن ذلك: جعله عبد العزيز بن مسلم يروي الحديث عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، مع أن رواية عبد العزيز مستقلّة عن رواية شعبة، ومن ذلك قوله:(عن عروة بن نوفل ونوفل) ، وسيتضح خطأ ما هنا من خلال تخريج الروايات كما سيأتي.

فالحديث أخرجه علي بن الجعد في "مسنده"(2 / 923 - 924 رقم 2654) عن شيخه زهير.

ومن طريق ابن الجعد أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(2 / 82 رقم 787 / الإحسان) . =

ص: 396

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(9 / 74 رقم 6579) و (10 / 249 رقم 9353) .

والدارمي في "سننه"(2 / 329 رقم 3430) .

كلاهما - أي ابن أبي شيبة والدارمي - من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن زهير.

وأخرجه أبو داود في "سننه"(5 / 303 رقم 5055) في الأدب، باب ما يقول عند النوم، من طريق عبد الله بن محمد النفيلي، عن زهير.

ومن طريق أبي داود أخرجه الخطيب في "الأسماء المبهمة"(ص308) .

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص468 رقم 801) ، وفي تفسير سورة {قل يا أيها الكافرون} من كتاب التفسير (2 / 562 - 563 رقم 729) ، من طريق يحيى بن آدم، عن زهير.

ومن طريق النسائي أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص185 - 186 رقم 689) .

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2 / 538) من طريق أحمد بن يونس، عن زهير.

ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 459 - 460 رقم 2289) .

وأخرجه أبو نعيم في "المعرفة"(2 / ل 222 / أ) من طريق أحمد بن يونس أيضًا وعون بن سلام، كلاهما عن زهير.

جميع هؤلاء رووه عن زهير، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ له:((هل لك في ربيبة لنا فتكفلها؟)) ثم جاء فسأله عنها، فقال: تركتها عند أمها، قال:((ما جاء بك؟)) قال: جئت يا رسول الله لتعلمني شيئًا أقول عند منامي، قَالَ:((اقْرَأْ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكافرون} ، ثم من على خاتمتها، فإنها براءة من الشرك)) .

هذا لفظ علي بن الجعد، ولفظ الباقين نحوه، وبعضهم لم يذكر قصة الربيبة، =

ص: 397

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد بيَّن علي بن الجعد إدراجًا لزهير في الحديث يبين فيه أن الربيبة هي زينب.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.

وقد تابع زهيرًا على روايته إسرائيل وزيد بن أبي أنيسة وأشعث بن سوّار وفطر بن خليفة.

أما رواية إسرائيل، فأخرجها:

الإمام أحمد في "المسند"(5 / 456) .

والترمذي في "سننه"(9 / 349 رقم 3464) في الدعوات، باب منه.

والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص468 رقم 802) .

والحاكم في "المستدرك"(1 / 565) .

ومن طريقه البيهقي في "الشعب"(5 / 460 - 461 رقم 2290) .

وأشار الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف"(9 / 64) إلى أن البزار أخرجه أيضًا من هذا الطريق.

جميعهم من طريق إسرائيل، عن جده أبي إسحاق، به نحو رواية زهير مع ذكر القصة، إلا أن الترمذي أحال على لفظ حديث شعبة الآتي، فقال:((فذكره نحوه بمعناه)) ، وأما النسائي ففي روايته شيء من الاختلاف، وهي من رواية شعيب عن إسرائيل، وفيها ذَكَر نوفل أن صاحب القصة هو ظئر زيد بن ثابت.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.

وأما رواية زيد بن أبي أنيسة، فأخرجها ابن حبان في "صحيحه"(2 / 81 - 82 رقم 786 / الإحسان) ، عنه، عن أبي إسحاق، عن فروة بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قال: دخلت عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا نبي الله، علّمني شيئًا أقوله إذا أويت إلى فراشي، قَالَ:((اقْرَأْ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكافرون} )) .

وأما روايتا أشعث بن سوّار وفطر بن خليفة، فلم أجد من أخرجهما، لكن أشار إليهما أبو نعيم في "المعرفة"(2 / ل 222 / أ) عقب إخراجه لرواية زهير السابقة، فقال:((رواه زيد بن أبي أنيسة وأشعث بن سوّار وإسرائيل وفطر بن خليفة، عن أبي إسحاق مثله)) . =

ص: 398

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وخالف هؤلاء سفيان الثوري، وشعبة، وعبد العزيز بن مسلم، وشريك، وإسماعيل بن أبي خالد.

أما سفيان، فقد اختلف عليه أيضًا.

فرواه أبو داود الحَفري عنه، عن أبي إسحاق، عن فروة، عن أبيه كما في "التهذيب"(8 / 266) ، وهذه الرواية موافقة لرواية زهير ومن وافقه، وهي التي ذكرها أبو موسى المديني كما في "الإصابة" (5 / 367) حيث قال:((ورواه الثوري، عن أبي إسحاق، عن فروة، عن أبيه)) .

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص469 رقم 804) من طريق عبد الله بن المبارك، عنه، عن أبي إسحاق، عن فروة الأشجعي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لرجل: ((اقْرَأْ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} عند منامك، فإنها براءة من الشرك)) .

هكذا رواه ابن المبارك عن سفيان مرسلاً، وانظر "تحفة الأشراف"(9 / 64) .

ورواه النسائي أيضًا (ص468 - 469 رقم 803) من طريق مخلد بن يزيد، عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ أبي فروة الأشجعي، عن ظئر لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((من قَرَأَ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} عند منامه فقد برئ من الشرك)) .

كذا رواه مخلد، عن سفيان، فجعله من رواية أبي فروة، عن ظئر رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وخالفهما أبو أحمد الزبيري، فرواه عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ أبي فروة الأشجعي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لرجل:

، فذكره بنحو سابقه.

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 459 رقم 2288) .

وأما رواية شعبة، فأخرجها الترمذي في الموضع السابق من "سننه"(9 / 348 - 349 رقم 3463) ، من طريق أبي داود الطيالسي، عنه، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عن فروة بن نوفل، أنه أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علّمني شيئًا أقوله إذا أويت إلى فراشي، فقال

، فذكره بنحو سابقه. =

ص: 399

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما رواية عبد العزيز بن مسلم، فأخرجها أبو يعلى في "مسنده"(3 / 169 رقم 1596) ، من طريق عبد الواحد بن غياث، عنه، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل قال: أتيت المدينة، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((ما جاء بك؟)) . قال: قلت: لتعلمني

، الحديث بنحو سابقه.

ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن حبان في "الثقات"(3 / 330 - 331) .

وابن الأثير في "أسد الغابة"(4 / 59) .

وأما شريك، فاختلف عليه أيضًا.

فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" كما في "تفسير ابن كثير"(4 / 560) من طريق حجاج، حدثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ فروة بن نوفل، عن الحارث بن جبلة، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، علّمني

، الحديث بنحو سابقه، هكذا على أنه من مسند الحارث بن جبلة، ولم أجده في "المسند" المطبوع، وهو من "أطراف المسند" للحافظ ابن حجر (1 / ل 62 / أ) مثل ما جاء في "تفسير ابن كثير".

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص467 رقم 800) من طريق سعيد بن سليمان، حدثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ فروة، عن جبلة

، الحديث بنحو سابقه، هكذا على أنه من مسند جبلة بن حارثة أخي زيد بن حارثة. انظر "التهذيب"(2 / 61) .

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2 / 322 رقم 2195) من طريق محمد بن الطفيل، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ جبلة بن حارثة، أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أويت إلى فراشك فاقرأ

)) ، الحديث بنحوه هكذا ليس فيه ذكر لفروة بين أبي إسحاق وجبلة.

وثَمَّ اختلاف آخر؛ ففي "الإصابة"(5 / 367) : ((ورواه أبو صالح الحرّاني عن شريك، فزاد فيه رجلاً؛ قال بعد جبلة: عن أخيه زيد بن حارثة)) .

وذكر الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(1 / 456 - 457) جبلة هذا، وقال: ((وله في النسائي حديث متصل صحيح الإسناد من رواية أبي إسحاق، عن فروة، عن جبلة بن حارثة في القول عند النوم، ولفظه

)) ، ثم ذكره. =

ص: 400

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهذا عجيب من الحافظ رحمه الله؛ إذ كيف يكون صحيح الإسناد وهو من رواية شريك بن عبد الله النخعي القاضي، وقد قال عنه هو في "التقريب":((صدوق يخطئ كثيرًا تغيَّر حفظه منذ ولي القضاء)) كما تقدم بيانه في الحديث رقم [4] ؟! ومع ذلك فقد أعلّ ابن حجر نفسه هذا الطريق في موضع آخر، فقال في "الإصابة" (5 / 367) :((وخالف الجميع شريك بن عبد الله القاضي، فقال: عن أبي إسحاق، عن جبلة بن حارثة، أخرجه النسائي من رواية سعيد بن سليمان عنه)) . اهـ، وهذا في معرض كلامه عن الاضطراب في هذا الحديث.

وأما رواية إسماعيل بن أبي خالد، فأخرجها الخطيب في "الأسماء المبهمة"(ص308) من طريق محمد بن إسماعيل الصاغاني وعباس بن محمد بن حاتم، قالا: حدثنا يعلى - هو ابن عبيد الطنافسي -، قال: حدثنا إسماعيل - يعني ابن أبي خالد -، عن أبي إسحاق قال: جاء رجل من أشجع إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علمني

، الحديث بنحو سابقه هكذا عن أبي إسحاق مرسلاً.

وبهذا العرض للاختلاف على أبي إسحاق فمن دونه يمكن ترجيح رواية من رواه عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، وهم زهير بن معاوية وإسرائيل وزيد بن أبي أنيسة ومن وافقهم ممن أشار إليهم أبو نعيم، وهذا الترجيح هو الذي قال به الترمذي، وأبو موسى المديني، والمزِّي، وابن حجر؛ لأن الذين رووه على هذا الوجه من الحفاظ، وهم الأكثر، وتؤيّدهم رواية عبد الرحمن بن نوفل عند المصنف هنا وغيره، ولأن كل طرق من الطرق التي فيها مخالفة يعتريها بعض ما يستوجب ترجيح سواها عليها كما سيأتي.

أما الترمذي، فإنه أخرج الحديث من طريق شعبة وإسرائيل كما سبق، ثم قال بعد ذكره لرواية إسرائيل (9 / 349 - 350) : ((وهذا أصح، وروى زهير هذا الحديث عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه، وهذا أشبه وأصحّ من حديث شعبة. وقد اضطرب أصحاب أبي إسحاق في =

ص: 401

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هذا الحديث. وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه؛ قد رواه عبد الرحمن بن نوفل، عن أبيه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن هو أخو فروة بن نوفل)). اهـ.

وأما أبو موسى المديني، فإنه ذكر الحديث من رواية سفيان الثوري السابق ذكرها، والتي هي موافقة لرواية زهير ومن وافقه، ثم قال:((وقيل: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن رجل، عن فروة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، والمشهور الأول)). اهـ. من "الإصابة"(5/ 367).

وأما المزِّي، فإنه ذكر في "تحفة الأشراف"(9/ 63 - 64) رواية زهير وإسرائيل، ثم عرض بعض الاختلاف السابق، ثم رجَّح رواية زهير ومن وافقه بقوله:((والأول أصح)). اهـ.

وأما ابن حجر، فإن ابن عبد البر ذكر في "الاستيعاب"(10/ 336 - 337) نوفل ابن فروة الأشجعي، ثم قال:((حديثه في {قل يا أيها الكافرون} مختلف فيه، مضطرب الإسناد لا يثبت))، فردَّ عليه ابن حجر في "الإصابة" (6/ 482 - 483) فقال:((زعم ابن عبد البر بأنه حديث مضطرب، وليس كما قال، بل الرواية التي فيها (عن أبيه) أرجح، وهي الموصولة، رواته ثقات فلا يضرّه مخالفة من أرسله، وشرط الاضطراب: أن تتساوى الوجوه في الاختلاف، وأما إذا تفاوتت، فالحكم للراجح بلا خلاف، وقد أخرجه ابن أبي شيبة من طريق أبي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، فذكره)). اهـ.

وفي "التهذيب"(8/ 266) أشار إلى رواية سفيان الثوري الموافقة لرواية زهير ومن وافقه، ثم قال: وكذا أرّخه أصحاب السنن الثلاثة من طريق زهير بن معاوية وإسرائيل، عن أبي إسحاق، وهو الصواب، واختلف فيه على أبي إسحاق اختلافًا كثيرًا)). اهـ.

وأما الجواب عن بقية الروايات، فكما يأتي:

(1)

أما رواية سفيان الثوري، ففيها اضطراب واختلاف على سفيان، وإحدى الروايات عنه موافقة للرواية الر اجحة التي هي أقوى من رواية سفيان، بكثرة العدد وسلامتها من الاختلاف.

(2)

وأما رواية شعبة فالرواية الراجحة أقوى منها لكثرة عدد من رواها مع =

ص: 402

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= توفر الضبط والإتقان فيهم، وبقرينة رواية عبد الرحمن بن نوفل عند سعيد بن منصور وغيره، وكذا رواية إسماعيل بن أبي خالد، القول فيها كالقول في رواية شعبة.

(3)

وأما رواية شريك فلا تنهض لمعارضة الرواية الراجحة؛ لأن شريكًا يخطئ كثيرًا كما في ترجمته في الحديث رقم [4]، ومع ذلك فقد اختلف عليه أيضًا.

(4)

وأما رواية عبد العزيز بن مسلم فيترتب عليها إثبات صحبة فروة بن نوفل، وهذا أمر نفاه علماء الجرح والتعديل، فقد نقل ابن حجر في "الإصابة" (5/ 367) عن ابن أبي حاتم قوله في فروة:((لا صحبة له)).

وذكر ابن حبان فروة هذا في كتاب "الثقات"(3/ 330 - 331) في الصحابة، وقال:((يقال إن له صحبة))، وساق الحديث في ترجمته من طريق عبد العزيز بن مسلم، ثم قال:((القلب يميل إلى أن هذه اللفظة ليست بمحفوظة؛ من ذكر صحبة رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وإنا نذكره في كتاب التابعين أيضًا؛ لأن ذلك الموضع به أشبه، وعبد العزيز بن مسلم القَسْمَلي ربما أوهم فأفحش)).

وذكره في التابعين من "الثقات"(5/ 297)، وقال:((قد قيل: إن له صحبة، وقد ذكرناه في الصحابة، والقلب إلى تلك اللفظة ليست بمحفوظة أَمْيَلُ، إنما قالها عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن أبي إسحاق)). اهـ.

فإن قيل: لعلّ هذا الاختلاف من أبي إسحاق نفسه، فإنه قد اختلط.

فالجواب: أن من الرواة عنه لهذا الحديث: شعبة وسفيان الثوري وشريك، وهم ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث رقم [1].

وبالجملة فالحديث صحيح من طريق عبد الرحمن بن نوفل، يتقوّى برواية أبي إسحاق له عن فروة بن نوفل، عن أبيه، والله أعلم.

ص: 403

129 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوَص، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ التَّيْمي

(1)

قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ، فَسَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ:{قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أمَّا هَذَا فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الشِّرْكِ)). وَسِرْنَا، فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ:{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، فَقَالَ:((أَمَا هَذَا فَقَدْ غُفر لَهُ)(فَكَفَفْتُ)

(2)

رَاحِلَتِي لِأَنْظُرَ مَنْ هُوَ، فَأُبَشِّرَهُ، فَنَظَرْتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَمَا رأيت أحدًا.

(1)

هو مُهاجِر أبو الحسن التَّيْمي، مولاهم، الكوفي، الصائغ، روى عن البراء بن عازب وابن عباس ورجل من الحضرميين له صحبة وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري ومسعر وأبو عوانة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الرابعة، وروى له الجماعة عدا ابن ماجه، ووثقه أحمد وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي.

"الجرح والتعديل"(8/ 260 رقم 1182)، و"التهذيب"(10/ 324 رقم 566)، و"التقريب"(ص 548 رقم 6927).

(2)

في الأصل: ((فككففت))، وأصل الكفّ: المنع، ومن هذا قيل لطرف اليد: كَفٌّ؛ لأنها يُكَفُّ بها عن سائر البدن، وهي الراحلة مع الأصابع.

انظر "لسان العرب"(9/ 305).

ويؤيد هذا المعنى رواية ابن الضريس للحديث (ص 128 - 129)، وفيها: ((فقصرت راحلتي لأنظر

)).

[129]

سنده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضرّ.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 65) و (5/ 378) من طريق شريك، و (5/ 376) من طريق المسعودي.

والدارمي (2/ 329 رقم 3429) من طريق شعبة.

وابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص 128 - 129 رقم 305). =

ص: 404

130 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ

(1)

، عَنِ الأَوْزَاعي

(2)

، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ

(3)

، عَنْ مَوْلًى لفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ

(4)

، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَلهُ

(5)

أَشَدُّ أَذَنًا

(6)

إلى الرجل [ل 109/ب] الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ القَيْنَة

(7)

إلى قينته)).

= والنسائي في فضائل القرآن" (ص 82 رقم 53)، وفي "عمل اليوم والليلة" (ص 431 رقم 704)، كلاهما - أي ابن الضريس والنسائي - من طريق أبو عوانة.

وجميعهم - شريك والمسعودي وشعبة وأبو عَوَانَةَ -، عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الْحَسَنِ، به نحوه إلى قوله:((غفر له))، ولم يذكر آخره سوى ابن الضريس، ولفظه:((فقصرت راحلتي لأنظر من الذي قرأ، فأبشره بما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فما دريت أي الناس هو)).

لكن لفظ رواية المسعودي عند الإمام أحمد: ((وجبت له الجنة))، بدلاً من قوله:((غفر له)).

وله شاهد من حديث ابن مسعود قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سفر، ونحن نسير، فقرأ رجل من القوم:{قل يا أيها الكافرون} ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أما صاحبكم فقد برئ من الشرك))، فذهبت أنظر من هو، فأبشره، فقرأ رجل آخر:{قل هو الله أحد} ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أما صاحبكم فقد غفر له)).

أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص 431 رقم 705) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن أبي المصفَّى، أخبره أن ابن أبي ليلى الأنصاري أخبره عن ابن مسعود

، به.

وهذا إسناد ضعيف.

أبو المُصَفَّى المدني هذا الذي يروي الحديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، لم يرو عنه سوى سعيد بن أبي هلال، فهو مجهول كما في "الميزان"(4/ 573 رقم 10608)، و"التقريب"(ص 673 رقم 8371)، وانظر "التهذيب"(12/ 237 - 238 رقم 1076).

(1)

هو الوليد بن مسلم القرشي، أبو العباس الدمشقي، روى عن حَريز بن عثمان =

ص: 405

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وصفوان بن عمر والأوزاعي وابن جريج وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا الحميدي والإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابن المديني وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين ومائة، وهو ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، وقد روى له الجماعة، ووثقه العجلي ويعقوب بن شيبة، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث))، وقال مروان بن محمد:((كان الوليد عالمًا بحديث الأوزاعي))، وقال أيضًا:((إذا كتبت حديث الأوزاعي عن الوليد، فما تبالي من فاتك))، وقال أبو مسهر:((كان الوليد معتنيًا بالعلم))، وقال أيضًا:((كان من ثقات أصحابنا))، وقال الإمام أحمد:((كان الوليد كثير الخطأ))، وقال أبو مسهر:((كان الوليد ممن يأخذ عن أبي السَّفَر حديث الأوزاعي، وكان أبو السفر كذابًا))، وقال أيضًا:((كان الوليد بن مسلم يحدث حديث الأوزاعي عن الكذابين، ثم يدلّسها عنهم))، وقال صالح بن محمد: سمعت الهيثم بن خارجة يقول: قلت للوليد: ((قد أفسدت حديث الأوزاعي، قال: كيف؟ قلت: تروي عن الأوزاعي، عن نافع، وعن الأوزاعي، عن الزهري ويحيى بن سعيد، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر، وبينه وبين الزهري إبراهيم بن مرّة، وقرّة، وغيرهما، فما يحملك على هذا؟ قال: أنبِّل الأوزاعي عن هؤلاء، قلت: فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهؤلاء - وهم ضعفاء - أحاديث مناكير، فأسقطتهم أنت، وصيّرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات، ضعُف الأوزاعي، قال: فلم يلتفت إلى قولي)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(9/ 16 - 17 رقم 70)، و"التهذيب"(11/ 151 - 155 رقم 254)، و"التقريب"(ص 584 رقم 8456).

وقد ذكر الحافظ ابن حجر الوليد هذا في الطبقة الرابعة من طبقات المدلسين (ص 134 رقم 127)، وهم من اتُّفق على أنه لا يحتجّ بشيء من حديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل.

(2)

هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي، أبو عمرو الفقيه، روى عن =

ص: 406

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبدة بن أبي لُبابة وعطاء بن أبي رباح وقتادة ونافع مولى ابن عمر والزهري وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وشعبة والثوري وابن المبارك وابن أبي الزناد وعبد الرزاق وإسماعيل بن عياش والوليد بن مسلم وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان وثمانين للهجرة، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة خمس وخمسين، وقيل: ست، وقيل: ثمان وخمسين ومائة، وقيل غير ذلك، وهو ثقة جليل روى له الجماعة. قال ابن مهدي:((الأئمة في الحديث أربعة: الأوزاعي ومالك والثوري وحماد بن زيد))، وقال أيضًا:((ما كان بالشام أعلم بالسنة منه، وقال ابن عيينة: ((كان إمام أهل زمانه))، وقال العجلي:((شامي ثقة من خيار المسلمين))، وقال ابن سعد:((كان ثقة مأمونًا صدوقًا فاضلاً خيِّرًا كثير الحديث والعلم والفقه))، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((كان من فقهاء أهل الشام وقرّائهم وزهّادهم)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(1/ 184 - 219) و (5/ 266 - 267 رقم 1257)، و"التهذيب"(6/ 238 - 242 رقم 484)، و"التقريب"(ص 347 رقم 3967).

(3)

هو إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المُهَاجِر المَخْزُومي، مولاهم، أبو عبد الحميد الدمشقي، روى عن أنس وعبد الرحمن بن غنم وأم الدَّرداء وميسرة مولى فضالة وغيرهم، روى عنه ربيعة بن زيد وسعيد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن يزيد ابن جابر والأوزاعي وغيرهم، وكانت ولادته سنة إحدى وستين للهجرة، ووفاته سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقيل: اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة عدا الترمذي، ووثقه العجلي والفسوي ومعاوية بن صالح والدارقطني، وقال الأوزاعي:((كان مأمونًا على ما حدّث))، وكان سعيد بن عبد العزيز إذا حدّث عنه قال:((كان ثقة صدوقًا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 182 - 183 رقم 621)، و"التهذيب"(1/ 317 رقم 576)، و"التقريب"(ص 109 رقم 466).

(4)

هو مَيْسَرَةُ مولى فَضَالَة بن عُبيد، دمشقي مقبول، روى عن مولاه وأبي الدرداء، =

ص: 407

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= روى عنه إسماعيل بن عبيد الله ابن أبي المهاجر، ذكره البخاري في "تاريخه"(7/ 375 - 376 رقم 1614) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(8/ 253 رقم 1150)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 425)، وانظر "التهذيب"(10/ 387 رقم 695)، و"التقريب"(ص 555 رقم 7041).

(5)

في الأصل: (لا اللهُ).

(6)

قال أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 95) عقب إخراجه لهذا الحديث: (قوله: ((أشدّ أَذَنًا)) هكذا الحديث، وهو في كلام العرب: أشدّ أذَنًا: يعني السماع، وهو قوله في الحديث الآخر:((ما أذن الله لنبيّ))، أي: ما استمع). اهـ.

(7)

القَيْنَةُ: الأمة، غَنَّت، أَوْلَمْ تُغَنِّ، والماشطة، وكثيرًا ما تطلق على المغنِّية من الإماء كما في هذا الحديث.

انظر "النهاية في غريب الحديث"(4/ 135).

[130]

سنده ضعيف جدًّا من طريق الوليد بن مسلم فيه أربع علل.

1 -

الحديث مرسل؛ يرويه ميسرة مولى فضالة، وهو تابعي.

2 -

ميسرة هذا مجهول الحال.

3 -

الوليد بن مسلم مدلس ولم يصرح بالسماع، ويدلِّس أيضًا تدليس التسوية ولم يصرح بالسماع بين شيخه وشيخ شيخه فمن فوقه.

4 -

الاختلاف على الوليد في الحديث.

وقد روى الحديث من غير طريق الوليد، لكنه ضعيف للانقطاع الذي سيأتي بيانه.

فمدار الحديث على إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وله عنه طريقان:

(1)

طريق عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وله عنه ثلاثة طرق:

أ- طريق الوليد بن مسلم، واختلف عليه.

فرواه سعيد بن منصور هنا عنه، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن مولى فضالة مرسلاً، ولم أجد من تابع سعيد بن منصور على روايته هكذا. =

ص: 408

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ورواه بعضهم عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن ميسرة مولى فضالة، عن فضالة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وممن رواه هكذا: علي بن بحر، وصدقة، وراشد الرملي، وزياد بن أيوب، ومحمد بن عقبة، وداود بن رُشَيد، ودُحَيم في بعض الطرق عنه.

ورواه آخرون عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن فضالة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ليس فيه ذكر لمولى فضالة.

وممن رواه هكذا: العباس بن الوليد، وإسحاق الطالقاني، ودُحَيم في بعض الطرق عنه.

فالحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6 / 20) .

والطبراني في "الكبير"(18 / 301 رقم 772) . كلاهما من طريق علي بن بحر.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير"(7 / 124) من طريق صدقة.

وعلّقه في "خلق أفعال العباد"(ص81 رقم 248) عن ميسرة.

وأخرجه ابن ماجه في "سننه"(1 / 425 رقم 1340) في إقامة الصلاة، باب في حسن الصوت بالقرآن، من طريق راشد بن سعيد الرَّمْلي.

ومحمد بن نصر في "قيام الليل"(ص120) من طريق زياد بن أيوب. والبيهقي في "سننه"(10 / 230) في الشهادات، باب تحسين الصوت بالقرآن والذكر، من طريق محمد بن عقبة السدوسي. والسمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء"(ص93 - 94) من طريق داود بن رُشَيْد.

جميعهم عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن ميسرة مولى فضالة، عن فضالة بن عبيد، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((لَله عز وجل أشد أَذَنًا للرجل الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ القينة إلى قينته)) . هذا لفظ الإمام أحمد، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن ابن ماجه قال: ((الحسن الصوت بالقرآن يجهر به

)) إلخ.

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1 / 436) : ((هذا إسناد حسن؛ لقصور درجة ميسرة مولى فضالة وراشد بن سعيد عن درجة أهل الحفظ =

ص: 409

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والضبط)) .

وأما دُحَيم عبد الرحمن بن إبراهيم فقد اختُلف عليه.

فأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(2 / 66 - 67 رقم 751 / الإحسان) من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سلم.

والطبراني في "الكبير"(18 / 301 رقم 772) من طريق أحمد بن دحيم. كلاهما عن دحَيْم، عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن ميسرة مولى فضالة، عن فضالة، به نحو سابقه، موافقًا لرواية السابقين عن الوليد.

وخالفهما سعيد بن هاشم الطبراني عند الحاكم في "المستدرك"(1 / 571) ، فرواه عن دُحَيْم، عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن فضالة، به نحو سابقه، هكذا ليس فيه ذكر لميسرة مولى فضالة.

وهذه الرواية موافقة لروايتي العباس بن الوليد وإسحاق الطالقاني عن الوليد.

فقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6 / 19) .

والبيهقي في "سننه"(10 / 230) ، وفي "شعب الإيمان"(5 / 108 رقم 1957) .

أما الإمام أحمد فمن طريق إسحاق بن إبراهيم الطالقاني، وأما البيهقي فمن طريق العباس بن الوليد بن مسلم، كلاهما عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن فضالة، به نحو سابقه هكذا ولم يذكرا ميسرة مولى فضالة.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله:((بل هو منقطع)) .

والذي يظهر - والله أعلم - أن هذه الرواية أولى بالصواب من رواية من زاد في إسناده مولى فضالة؛ لأنه روي عن الأوزاعي من طريقين آخرين، وروي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ من طريق آخر، وليس في شيء منها ذكر لمولى فضالة كما سيأتي. =

ص: 410

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ب- طريق يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي، قال: ثني إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ فضالة بن عبيد، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

، فذكره بنحو لفظ الإمام أحمد السابق.

أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 95 رقم 222)، قال: حدثني هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة

، فذكره، ثم قال أبو عبيد:((هذا الحديث بعضهم يزيد في إسناده، يقول: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عن مولى فضالة، عن فضالة)).

جـ- طريق بشر بن بكر، ثنا الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن فضالة بن عبيد الأنصاري

، فذكره.

أخرجه الحاكم مقرونًا برواية دحيم السابقة، من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا بشر بن بكر، فذكره، وتقدم نقل كلام الحاكم وتعقب الذهبي له.

(2)

طريق ثور بن يزيد الكلاعي، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عن فضالة بن عبيد، نحو لفظ الإمام أحمد السابق.

أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 124) فقال: قال إبراهيم بن موسى، عن عيسى بن يونس، نا ثور

، فذكره.

وبالجملة فالحديث ضعيف من هذه الطرق، والأرجح أنه من رواية إسماعيل عن فضالة، وهذه منقطعة كما قال الذهبي، لأن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ولد سنة إحدى وستين كما تقدم.

وأما فضالة بن عبيد فوفاته على الصحيح كانت سنة ثلاث وخمسين كما في "التهذيب"(8/ 268).

فإن قيل: بل الصواب أنه متصل، فرواية من زاد ميسرة مولى فضالة من المزيد في متصل الأسانيد. =

ص: 411

131 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(1)

، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ:((لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مزامير آل داود))

(2)

.

= فالجواب: أن هذا إنما يكون إذا لم توجد قرينة ترجح إحدى الروايات على الأخرى، فأما إذا وجدت قرينة فيحكم للراجح بهذه القرينة كما هنا في رواية من رواه عن إسماعيل، وعن الأوزاعي، بل وعن الوليد نفسه، وانظر في ذلك "الباعث الحثيث" مع حاشيته (ص 176 - 178).

ولو سلّمنا بأنه من المزيد، فالحديث ضعيف أيضًا لجهالة حال ميسرة مولى فضالة، والله أعلم.

(1)

هو محمد بن مسلم بن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن شهاب الزهري، القرشي، أبو بكر الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه، روى له الجماعة، وروى هو عن ابن عمر وسهل بن سعد وأنس وجابر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، وروى عن خارجة بن زيد وحميد الطويل وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وغيرهم من التابعين، روى عنه عطاء بن أبي رباح وأبو الزبير وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار وأيوب السختياني والأوزاعي وابن جريج وسفيان بن عيينة وغيرهم، قيل: كان مولده سنة خمسين للهجرة، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: ست، وقيل: ثمان وخمسين، وكانت وفاته سنة ثلاث أو أربع وعشرين ومائة، وقيل: سنة خمس وعشرين ومائة، قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه:((لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية منه))، وقال مكحول:((ما بقي على ظهرها أعلم بسنة ماضيه من الزهري))، وقال جعفر ابن ربيعة: قلت لعراك بن مالك: مَنْ أفقه أهل المدينة؟ فذكر سعيد بن المسيب، وعروة، وعبد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ عراك:((وأعلمهم عندي جميعًا: ابن شهاب؛ لأنه جمع علمهم إلى علمه)). قال ابن سعد: ((قالوا: وكان الزهري ثقة كثير الحديث والعلم والرواية، فقيهًا جامعًا))، ووثقه العجلي. اهـ. =

ص: 412

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من "طبقات ابن سعد"(ص 157 - 186 / القسم المتمم)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 412 رقم 1500)، و"التهذيب"(9/ 445 - 451 رقم 732)، و"التقريب"(ص 506 رقم 6296).

(2)

شبَّه حسن صوته، وحلاوة نغمته بصوت المِزْمار. وداود هو النبي عليه السلام، وإليه المنتهى في حُسن الصوت بالقراءة. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث"(2/ 312).

[131]

سنده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 485 رقم 4177).

وابن سعد في "الطبقات"(2/ 344).

وابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 463 رقم 9989).

وأحمد في "المسند"(6/ 37).

والدارمي في "سننه"(1/ 288 رقم 1497) في الصلاة، باب التغني بالقرآن.

والفاكهي في "أخبار مكة"(3/ 25 رقم 1730).

ومحمد بن نصر في "قيام الليل"(ص 121).

والنسائي في "سننه"(2/ 180 - 181) في افتتاح الصلاة، باب تزيين القرآن بالصوت.

جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به مثله، عدا لفظ عبد الرزاق وابن أبي شيبة والدارمي فنحوه، إلا أن ابن سعد جاء الشك في روايته هل هو عن عروة، أو عمرة، عن عائشة.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق معمر، عن الزهري، متابعًا فيه لسفيان بن عيينة.

ومن طريق عبد الرزاق، أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 167).

والنسائي في الموضع السابق من "سننه"(2/ 181)، وفي "فضائل القرآن"(ص 95 رقم 76).

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 344) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، مقرونًا بالرواية السابقة. =

ص: 413

132 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ قِرَاءَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ

(1)

، كَذَلِكُمُ الْبِرُّ، كذلكم البر)).

= وأصل الحديث أخرجه مسلم في "صحيحه"(1/ 546 رقم 235 و 236) في صلاة المسافرين، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، من حديث بريدة بن الحصيب وأبي موسى الأشعري نفسه.

أما حديث بريدة فلفظه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إن عبد الله بن قيس - أو الأشعري - أعطي مزمارًا من مزامير آل داود)).

وأما حديث أبي موسى فلفظه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: ((لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة؛ لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود؟)).

(1)

هو حارثة بن النعمان بن نَفْع بن زيد بن عُبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري، كان ممن شهد بدرًا، وعاش حتى أدرك خلافة معاوية رضي الله عنه، ومات فيها بعد أن ذهب بصره.

انظر "الإصابة"(1/ 618 - 619).

[132]

سنده ظاهر الصحّة، لكن ذكر عروة فيه غلط، ولست أدري، هل الغلط من المصنِّف أو أنه تصحيف من الناسخ بسبب رواية المصنف للحديث قبله من هذا الطريق عن عروة، عن عائشة، فاشتبه عليه عروة بعمرة بسبب تقارب الرسم، ولكونه من نفس الطريق؟ والصواب أن الحديث من رواية سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، وسنده صحيح كما سيأتي.

فقد أخرجه عبد الله بن وهب في "جامعه"(ص 22).

والحميدي في "مسنده"(1/ 316 رقم 285).

والإمام أحمد في "مسنده"(6/ 36).

وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 16 رقم 1959).

وأبو يعلى في "مسنده"(7/ 399 رقم 4425). =

ص: 414

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والحاكم في "المستدرك"(3 / 208) .

والبغوي في "شرح السنة"(13 / 7 رقم 3418) .

جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، به، ولفظ ابن أبي عاصم مثله، ولفظ ابن وهب والحميدي والبغوي مثله، إلا أن عندهم:((فسمعت فيها قراءة)) ، ولفظ الباقين نحوه. وزاد الحميدي:((فقيل لسفيان: هو عن عمرة؟ قال: نعم لا شك فيه؟ كذلك قال الزهري)) . وأما أبو يعلى فوقع عنده قوله: ((كذلكم البر)) ثلاث مرات، وزاد:((وكان برًّا بأمه)) .

قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(1 / 618) : ((إسناده صحيح)) .

وتابع سفيان عليه معمر ويونس بن يزيد الأيلي.

فقد أخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بالمصنف (11 / 132 رقم 20119) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ عروة، عن عائشة، به نحوه، وزاد:((وكان أبر الناس بأمه)) .

كذا جاء في الجامع: (عن عروة) .

وكذا أخرجه الحاكم في "المستدرك"(4 / 151) .

وأبو نعيم في "الحلية"(1 / 356) كلاهما من طريق عبد الرزاق.

ومن طريق أبي نعيم أخرجه ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"(2 / 253 - 254) .

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6 / 151 - 152 و 166 - 167) .

وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4 / 16 رقم 1960) .

والنسائي في "فضائل الصحابة"(ص130 رقم 129) .

والبغوي في "شرح السنة"(13 / 7 رقم 3419) .

جميعهم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن عروة، عن عائشة، موافقًا لرواية سفيان، عن الزهري.

والاختلاف في هذه الرواية ليس على عبد الرزاق، وإنما على الراوي عنه وهو إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدَّبَري. =

ص: 415

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فالإمام أحمد رواه عن عبد الرزاق مباشرة، وروايته موافقة لرواية سفيان.

وابن أبي عاصم رواه عن سلمة بن شبيب، عن عبد الرزاق، بمثل سابقه.

وأما النسائي فأخرجه من طريقين عن عبد الرزاق، إحداهما عن محمد بن رافع مثل رواية الإمام أحمد.

وأما الأخرى عند النسائي فمن طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري المختلف عليه.

فالنسائي ومحمد بن زكريا العُذَافري - عند البغوي في "شرح السنة" - روياه عن إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق مثل روايتي الإمام أحمد ومحمد بن رافع.

وخالفهما أبو عمر أحمد بن خالد، والطبراني سليمان بن أحمد، ومحمد بن علي الصنعاني، فرووه عن إسحاق على الوجه المتقدم؛ على أنه من رواية الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.

أما أبو عمر أحمد بن خالد بن يزيد القرطبي المعروف بابن الجَبَّاب، فهو الراوي للجامع عن إسحاق الدبري.

وأما سليمان بن أحمد الطبراني فهو الذي روى أبو نعيم الحديث من طريقه، عن إسحاق.

وأما محمد بن علي الصنعاني فهو الذي روى الحاكم الحديث من طريقه، عن إسحاق، ثم قال الحاكم عقب إخراجه للحديث:((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة)) ، وفي "التلخيص" قال الذهبي:((أخرجاه مختصرًا)) ، وقد بحثت عنه في مظانه من الصحيحين، فلم أجده، فالله أعلم.

ولاشك أن الصواب رواية النسائي ومحمد بن زكريا عن إسحاق؛ لأنها موافقة لرواية الإمام أحمد وسلمة بن شبيب ومحمد بن رافع عن عبد الرزاق.

وأما رواية الآخرين عن إسحاق فغلط، ولعل منشأه تصحيف في كتاب عبد الرزاق من رواية الدبري.

لأن روايته عن عبد الرزاق من تصانيفه ليس عليه - أي الدبري - منها تبعة =

ص: 416

133 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْني

(1)

، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ

(2)

، أَنَّ عَلِيًّا فَرَضَ - أَوْ أَعْطَى - لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ، وَكَانَ أَبِي مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَلَمْ يَأْخُذْ.

= إلا من هذا الجانب، ويوضح هذا ما نقله الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (1/ 349 - 350) عن ابن الصلاح أنه قال:((ذكر أحمد أن عبد الرزاق عمي، فكان يُلقَّن فيتلقنن فسماع من سمع منه بعدما عمي لا شيء. قال ابن الصلاح: وقد وجدت فيما روى الدبري عن عبد الرزاق أحاديث أسْتَنْكِرُها جدًّا، فَأَحَلْتُ أمرها إلى الدبري؛ لأن سماعه منه متأخر جدًّا، والمناكير التي تقع في حديث عبد الرزاق، فلا يلحق الدبري منه تبعة، إلا أنه صحّف، أو حرّف، وإنما الكلام في الأحاديث التي عنده في غير التصانيف، فهي التي فيها المناكير، وذلك لأجل سماعه منه في حالة الاختلاط، والله أعلم)). اهـ.

فهذا بالنسبة لمتابعة معمر لسفيان.

وأما متابعة يونس بن يزيد الأيلي، فقال ابن وهب في "جامعه" (ص 20): أخبرني يونس بن زيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرتني [في الأصل: أخبرني] عمرة ابنة عبد الرحمن، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال

، فذكره بنحو رواية عبد الرزاق.

وقوله: (يونس بن زيد) خطأ، ولعله من الطباعة، وصوابه:(يونس بن يزيد) وهو الأَيْلي، انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1270).

وهذه الرواية مرسلة عن عمرة، وليس فيها ذكر لعائشة.

وبالجملة فالصواب في الحديث أنه عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، وسنده صحيح كما سبق نقله عن الحافظ ابن حجر، وذكره الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة"(2/ 616 - 617 رقم 912) من رواية وهب عن ابن عيينة، وقال:((هذا سند صحيح على شرط الشيخين)).

(1)

هو عمّار بن معاوية الدُّهْني - بضم أوّله، وسكون الهاء، بعدها نون -، أبو معاوية البَجَلي، الكوفي، يروي عن أبي الطفيل وأبي سلمة بن عبد الرحمن =

ص: 417

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وسعيد بن جبير وسالم بن أبي الجعد وغيرهم، روى عنه ابنه معاوية وشعبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وهو ثقة يتشيّع، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال ابن المديني عن سفيان:((قطع بشر بن مروان عرقوبيه في التشيع))، وقال الذهبي: ((ما علمت أن أحدًا تكَلَّم فيه

، ولكنه شيعي)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 390 رقم 2175)، و"الميزان"(3/ 172 رقم 6012)، و"التهذيب"(7/ 406 - 407 رقم 661).

(2)

هو سالم بن أبي الجعد رافع الغَطَفاني، الأشجعي، مولاهم، الكوفي، يروي عن عبد الله بن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو وجابر وأنس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه الحسن والحكم بن عتيبة وعمرو بن دينار وأبو إسحاق السبيعي والأعمش وعمار الدهني وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة سبع أو ثمان أو تسع وتسعين للهجرة، وقيل: سنة مائة، وقيل: إحدى ومائة، وهو ثقة وكان يرسل كثيرًا، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث))، وقال إبراهيم الحربي:((مجمع على ثقته)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(4/ 181 رقم 785)، و"التهذيب"(3/ 432 - 433 رقم 799)، و"التقريب"(ص 226 رقم 2170).

وروايته عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه منقطعة، فإنه لم يلقه، قال أبو زرعة:((سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عمر وعثمان وعلي مرسل)).

انظر "جامع التحصيل"(ص 217 رقم 218)، والموضع السابق من "التهذيب".

[133]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين سالم وعلي رضي الله عنه.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 621 رقم 2449) من طريق أبي سعيد ابن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمار الدهني

، فذكره بنحوه.

وقد صحح البيهقي هذا الأثر عن علي، فقال: ((والصحيح عن علي ما أخبرنا

))، فذكره. =

ص: 418

134 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ أَبِي نَضْرَةَ

(1)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الجُرَيْري

(2)

، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ

(3)

، عَنْ أَبِي فِرَاس

(3)

، أَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ، وَأَنَا لَا أَدْرِي أَنَّ أَحَدًا يُرِيدُ بِقِرَاءَتِهِ غَيْرَ اللَّهِ عز وجل، حَتَّى خُيِّلَ إِلَيَّ بِآخِرَةٍ أَنَّ أَقْوَامَا يُرِيدُونَ بِقِرَاءَتِهِمْ غَيْرَ اللَّهِ، فَأَرِيدُوا اللَّهَ عز وجل بِقِرَاءَتِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ.

= وانظر التعليق على الحديث رقم [125] فيما يتعلق بأخذ الأجرة على تعليم القرآن ونحو ذلك.

(1)

كذا في الأصل! ولم أجد أحدًا من الرواة بهذا الاسم، غير أن في "تهذيب الكمال" (13/ 307 / المطبوع) في تسمية الرواة عَنْ أَبِي سِنَانٍ ضِرَارِ بْنِ مرة ذكر المزّي منهم:(خازم بن جبلة بن أبي نضرة العبدي)، وهذا أيضًا لم أجد له ترجمة.

والذي يظهر لي - والله أعلم - أن خالدًا هذا هو ابن عبد الله الطحّان الواسطي، فإنه من الرواة عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، وكثيرًا ما يروي عنه سعيد بن منصور، بل يروي عنه، عن سعيد بن إياس كما في الحديث رقم [104]، وقد روى خالد الطحان هذا الحديث عن الجريري عند الفريابي في "فضائل القرآن"(ص 243 رقم 171)، فلعل قوله:(بن أبي نضرة) تصحيف بسبب وجود أبي نضرة في إسناد هذا الحديث، والله أعلم.

(2)

هو المنذر بن مالك تقدم في الحديث [23] أنه ثقة.

(3)

هو أبو فِراس النَّهدي، قيل اسمه: الربيع بن زياد، مجهول، قال أبو زرعة:((لا أعرفه))، وقال الذهبي:((لا يعرف))، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يذكروا أنه روى عنه غير أبي نضرة العبدي.

انظر "الثقات" لابن حبان (5/ 585)، و"الميزان"(4/ 561 رقم 10503)، و"التهذيب"(12/ 201 رقم 930). =

ص: 419

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[134] سنده ضعيف لجهالة أبي فراس النهدي، وضعفه كذلك البوصيري لهذه العلة كما في "حاشية المطالب العالية"(2 / 212 / المطبوع) .

وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن"(ص243 رقم 171) من طريق خالد الطحان، عن الجريري، به نحوه، وفي أوله زيادة.

ولفظ المصنف هنا جزء من حديث طويل أخرجه بطوله أبو يعلى في "مسنده"(1 / 174 - 175 رقم 196) .

والبيهقي في "سننه"(9 / 42) ، في السير، باب ما على الوالي من أمر الجيش. كلاهما من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أسماء، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا سعيد الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أبي فراس قال: شهدت عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس، قال: فقا: يا أيها الناسُ، إنّهُ قد أَتى عليَّ زمانٌ وأنا أَرَى أنّ مَنْ قَرَأ القرآن يُريد الله وما عنده، فيُخيَّل إليَّ أن قومًا قرؤوه يريدون به الناس ويريدون به الدنيا، ألا فأريدوا الله بأعمالكم، ألا إنّا إنما كنا نعرفكم إذ ينزل الوحي وإذ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وإذ يُنبئنا الله من أخباركم، فقد انقطع الوحي وذهب نبي الله، فإنما نعرفكم بما نقول لكم، ألا من رأينا منه خيرًا ظننا به خيرًا وأحببناه عليه، ومن رأينا به شرًّا ظننا به شرًّا وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إني إنما أبعث عُمَّالي ليُعلِّموكم دينكم، وليعلموكم سننكم، ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ألا فمن رابه شيء من ذلك فليرفعه إليَّ، فوالذي نفس عمر بيده لأُقِصَّنَّكُمْ منه. قال: فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت إن بعثت عاملاً من عمالك فأدب رجلاً من أهل رعيته فضربه، إنك لمقصه منه؟ قال: فقال: نعم. والذي نفس عمر بيده لأُقِصَّنَّ منه، ألا أُقِصُّ وقد رأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقِصُّ مِنْ نفسه؟ ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتُكَفِّروهم، ولا تُجَمِّرُوهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم.

وقوله: ((ولا تُجَمِّروهم فتفتنوهم)) : تجمير الجيش: جمعهم من الثغور، =

ص: 420

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وحَبْسُهم عن العَوْد إلى أهلهم. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث"(1 / 292) .

وقوله: ((ولا تنزلوهم الغياض فتضيِّعوهم)) : الغَياضُ: جمع غَيْضة، وهي الشجر المُلْتَفُّ؛ لأنهم إذا نزلوها تفرقوا فيها، فتمكَّن منهم العدو. اهـ. من المرجع السابق (3 / 402) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 480 رقم 10050) .

وأحمد في "المسند"(1 / 41) .

ومن طريقه المزّي في "تهذيب الكمال"(3 / 1637 / المخطوط) .

وأخرجه النسائي في "سننه"(8 / 34) في القسامة، باب القصاص من السلاطين.

والفريابي في "الفضائل"(ص243 رقم 172) .

جميعهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن عُلَيَّة، عن سعيد الجريري، به، ولفظ الإمام أحمد نحو لفظ أبي يعلى بطوله، وكذا الفريابي، إلا أنه لم يخرجه بتمامه، وأما لفظ ابن أبي شيبة فنحو لفظ المصنِّف، ولفظ النسائي مختصر، إنما أخرج منه قوله: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقصُّ من نفسه.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 383 رقم 6036) من طريق معمر، عن الجريري، به نحو لفظ أبي يعلى إلى قوله:(سرائركم بينكم وبين ربكم) ، ولم يذكر آخره.

وأخرجه أبو داود في "سننه"(4 / 674 رقم 4537) في الديات، باب القود بغير حديد.

والبيهقي في "سننه"(9 / 29) في السير، باب الإمام لا يحجر بالغزى.

وفي "شعب الإيمان"(5 / 555 رقم 2379) .

كلاهما من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن سعيد الجريري، به، ولفظ البيهقي في "الشعب" نحو لفظ المصنِّف، وأما لفظه في "السنن"، ولفظ أبي داود فلم يذكرا فيه لفظ المصنِّف، وإنما أخرجا ما يتعلق ببعث العمال والقصاص منهم.

وأخرجه الفريابي في "الفضائل"(ص241 - 242 و 243 رقم 170 و 173) =

ص: 421

135 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَاب

(1)

، عَنِ الصَّلْت بْنِ بَهْرَام

(2)

، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ قَرَأَهُ عَبِيدٌ وَصِبْيَانٌ لَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِتَأْوِيلِهِ. إِنَّ أحقَّ النَّاسِ بِهَذَا

(3)

الْقُرْآنِ مَنْ رُئي فِي عَمَلِهِ، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى

(4)

: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ}

(5)

، وُإِنَّمَا تدبُّرُ آيَاتِهِ: اتِّبَاعُهُ بِعَمَلِهِ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَارِئْكَ

(6)

، وَاللَّهِ مَا كَانَتِ القُرَّاء تَفْعَلُ هَذَا، وَاللَّهِ مَا هُمْ بالقُرَّاء، وَلَا الوَرَعَة، لَا كثَّر اللَّهُ فِي النَّاسِ أَمْثَالَهُمْ، لَا كثَّر اللَّهُ في الناس أمثالهم.

= من طريق وهيب بن خالد، وشعبة، كلاهما عن سعيد الجريري، به بنحو لفظ المصنف، وفيه زيادة يسيرة من باقي الحديث.

ومن طريق الفريابي أخرجه الآجري في "أخلاق القرآن"(ص 90 رقم 26)، لكن من طريق شعبة فقط.

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(4/ 439) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سعيد الجريري، به بطوله نحو سياق أبي يعلى السابق.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي، مع أن في إسناده أبا فراس ولم يخرج له مسلم.

وأخرجه مسدد في "مسنده"، فقال: حدثنا يزيد، ثنا سعيد الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال خطب عمر

، فذكر الحديث بطوله بنحو سياق أبو يعلى، هكذا على أنه من رواية ابن عباس عن عمر كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 75 / ب)، و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (4 / ل 47 / أ)، وانظر المطبوع من "المطالب العالية"(2/ 211 - 212 رقم 2067).

ولاشك بأن قوله: (عن ابن عباس) تصحيف عن: (عن أبي فراس)، والله أعلم.

(1)

هو عبد ربّه بن نافع، تقدم في الحديث [7] أنه صدوق.

ص: 422

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هو الصَّلْت بن بَهْرام التَّيْمي، أبو هاشم الكوفي، روى عن أبي وائل شقيق بن سلمة وزيد بن وهب والحسن البصري وغيرهم، روى عنه محمد بن بكر المقرئ وأهل الكوفة، وروى عنه هنا أبو شهاب، وهو ثقة رمي بالإرجاء، وثقه أحمد وابن معين والعجلي وابن عمار، وقال ابن سعد:((ثقة - إن شاء الله -)). وقال أبو معمر القطيعي: ((حدثنا ابن عيينة، حدثنا الصلت بن بهرام، وكان أصدق أهل الكوفة))، وقال إسحاق بن راهويه في "مسنده":((أخبرنا وكيع، حدثنا الصلت بن بهرام، وهو ثقة))، وقال أبو حاتم:((هو صدوق، ليس له عيب إلا الإرجاء))، وقال البخاري:((يذكر بالإرجاء، وهو صدوق في الحديث))، وقال الدارقطني:((لا بأس به))، وذكره ابن حبان وابن شاهين في كتاب الثقات.

انظر "طبقات ابن سعد"(6/ 354)، و"الجرح والتعديل"(4/ 438 - 439 رقم 1920)، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص 119 رقم 587)، و"سؤالات البرقاني" للدارقطني (ص 37 رقم 228)، و"التهذيب"(4/ 432 - 433 رقم 750)، و"لسان الميزان"(3/ 194 رقم 869)، و"تعجيل المنفعة"(ص 128 - 129 رقم 476).

(3)

قوله: (إن أحق الناس بهذا) مكرور في الأصل.

(4)

في الأصل: (قال الله تبارك وتعالى قال الله تعالى).

(5)

؛ الآية (29) من سورة ص.

(6)

أي: أُدَرِاسُكَ.

انظر "تاج العروس"(1/ 364).

والذي يظهر من السياق أن المقصود: المدارسة التي فيها ممارة ومحبة في الظهور على الأقران.

[135]

سنده حسن، وهو صحيح لغيره بما سيأتي من طرق.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 581 - 582 رقم 2408) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال:(عز وجل) بدل قوله: (تبارك وتعالى)، =

ص: 423

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ولم يذكر قوله: (تعال)، وقولُه:(لَا كَثَّرَ اللَّهُ فِي النَّاسِ أمثالهم) مرة واحدة عنده.

وقد روى الحديث عن الحسن من ثلاث طرق أخرى.

(1)

طريق يحيى بن المختار.

أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص 274 رقم 793) فقال: أخبرنا معمر، عن يحيى بن المختار، عن الحسن

، فذكره بنحوه.

ومن طريق ابن المبارك أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن"(ص 246 - 247 رقم 177 و 178).

والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص 100 - 101 رقم 34).

وسنده ضعيف لجهالة حال يحيى بن المختار الصنعاني، فإنه مستور كما في "التقريب"(ص 596 رقم 7642)، وفي "التهذيب"(11/ 278 رقم 552) ذكر أنه روى عنه معمر، والحكم بن ظهير، ويوسف بن يعقوب الضبعي، ولم يذكر أن أحدًا وثقه.

(2)

طريق عمرو بن قيس المُلائي.

أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 144 رقم 365)، فقال: حدثنا شجاع بن الوليد، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحسن

، فذكره بنحوه.

وهذا إسناد حسن.

فعمرو بن قيس المُلائي - بضم الميم، وتخفيف اللام، والمدّ -، أبو عبد الله الكوفي، يروي عن أبي إسحاق السبيعي وعكرمة والمنهال بن عمرو وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد والثوري وأبو خالد الأحمر وغيرهم، وكانت وفاته بسجستان سنة ست وأربعين ومائة، وهو ثقة متقن عابد، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي والعجلي ويعقوب بن سفيان والترمذي وابن خراش وابن نمير وغيرهم، وقال أبو زرعة:((ثقة مأمون))، وقال ابن حبان =

ص: 424

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في "الثقات": ((كان من ثقات أهل الكوفة ومتقنيهم، وعباد أهل بلده وقرّائهم)) ، وقال ابن عدي:((كان من ثقات أهل العلم وأفاضلهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(6 / 452 - 255 رقم 1406) ، و"التهذيب"(8 / 92 - 93 رقم 146) ، و"التقريب"(ص426 رقم 5100) .

ولم أجد من نصّ على أن عمرو بن قيس روى عن الحسن البصري، وعنه شجاع بن الوليد، لكن سماعه من الحسن، وسماع شجاع منه محتمل كما يتضح من تاريخ وفاتهم وبلدانهم، والحسن البصري تقدم في الحديث [5] أن وفاته كانت سنة عشر ومائة.

وشجاع بن الوليد بن قيس السَّكُوني، أبو بدر الكوفي يروي عن الأعمش وموسى بن عقبة وزهير بن معاوية وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابن معين وابن المديني وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس ومائتين، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: أربع ومائتين، وهو صدوق ورع روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، ونقل ابن خلفون توثيقه عن ابن نمير، وقال الإمام أحمد:((كان أبو بدر شيخًا صالحًا صدوقًا، كتبنا عنه قديمًا)) ، وقال العجلي:((كوفي ليس به بأس)) ، وقال أبو زرعة:((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وتكلم فيه ابن معين وأبو حاتم.

أما ابن معين، فأشد ما نقل عنه في ذلك ما ذكره الإمام أحمد: أن ابن معين لقيه يومًا، فقال له: يا كذاب، فقال له الشيخ: إن كنتُ كذابًا، وإلا فهتكك الله، قال أبو عبد الله الإمام أحمد: فأظن دعوة الشيخ أدركته.

وقد علّق الحافظ ابن حجر على هذه الرواية بقوله: ((كأنه مازحه، فما احتمل المزاح)) .

وأما الذهبي فيرى أن هذا كان من ابن معين قديمًا، ثم عدل عنه إلى توثيقه، =

ص: 425

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الذهبي بعد أن ذكر هذه الحكاية: ((قلت: ثم إن يحيى بن معين وثّقه وأنصفه، نَقَل عن يحيى توثيقه أحمدُ بن أبي خيثمة)).

وأما أبو حاتم: فنقل عنه ابنه أنه قال: ((هو ليّن الحديث، شيخ ليس بالمتين، لا يحتجّ به، إلا أن عنده عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة أحاديث صحاحًا)).

وقد رد الذهبي كلام أبي حاتم هذا بقوله: ((قلت: قد قفز القنطرة، واحتجّ به أرباب الصحاح))، وقال الحافظ ابن حجر:((تكلّم فيه أبو حاتم بعنت)).

والقول بأنه صدوق هو الذي اختاره الذهبي، حيث قال في "الميزان":((الحافظ، صدوق مشهور))، وقال في "سير أعلام النبلاء": ((الإمام المحدِّث العابد الصادق

كان أمامًا ربانيًا، من العلماء العاملين، وحديثه في دواوين الإسلام)).

انظر "الجرح والتعديل"(4/ 378 - 379 رقم 1654)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (12/ 384)، و"ميزان الاعتدال"(2/ 264 رقم 3668)، و"سير أعلام النبلاء"(9/ 353 - 354)، و"هدي الساري"(ص 409 و 462)، و"التهذيب"(4/ 313 - 314 رقم 536)، و"دراسة المتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب" للشيخ عبد العزيز التخيفي (1/ 494 - 499).

(3)

طريق أيوب السختياني، عمن سمع الحسن يقول

، بنحوه.

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 363 - 364 رقم 5984)، عن معمر، عن أيوب.

وهذا إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن الحسن.

والحديث أخرجه محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل" كما في "المختصر"(ص 159 - 160)، ولم يذكر "المختصر" سنده حتى يمكن معرفة الطريق التي رُوي منها.

وبالجملة فالحديث صحيح لغيره بمجموع الطرق المتقدمة، والله أعلم.

ص: 426

136 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ

(1)

، عَنْ أَبِي سِنَانٍ

(2)

، عَنْ أَبِي صَالِحٍ

(3)

، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ

(4)

. وَمَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لم يكتب من الغافلين.

(1)

هو سلام بن سُلَيْم، تقدم في الحديث [52] أنه ثقة متقن.

(2)

هو ضرار بن مرّة تقدم في الحديث [76] أنه ثقة ثبت.

(3)

هو ذَكْوَان السَّمَّان، تقدم في الحديث [12] أنه ثقة ثبت.

(4)

قال ابن الأثير في "النهاية"(4/ 111): ((قد تكرر ذكر القنوت في الحديث، ويَرِدُ بمعان متعددة، كطاعة، والخشوع، والصلاة، والدعاء، والعبادة، والقيام، وطول القيام، والسكوت، فيُصرف في كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه)). اهـ.

أقول: ولفظ الحديث هنا يحتمل أن معنى القنوت الوارد في هذا الحديث: (القيام)، وقد يحتمل غيره، لكن هذا الذي ظهر لي، والله أعلم.

[136]

سنده صحيح ولا داعي للشك، فإنه عن أبي هريرة بيقين كما يتضح من التخريج.

فقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(2/ 180 رقم 1142).

ومحمد بن نصر في "قيام الليل"(ص 146 - 147).

والحاكم في "المستدرك"(1/ 308).

ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 150 - 151 رقم 2002).

أما ابن خزيمة ومحمد بن نصر فمن طريق علي بن الحسن بن شقيق، وأما الحاكم فمن طريق عبدان، كلاهما - الحسن وعبدان - عن أبي حمزة السكري، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي هريرة، به، ولفظ الحاكم:((من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ من القانتين)).

ومثله لفظ ابن خزيمة ومحمد بن نصر، إلا أن ابن نصر لم يذكر الصلوات، =

ص: 427

137 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ (ابْنِ)

(1)

أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَقْرَءُوا بَعْضَ الْآيَةِ وَيَتْرُكُوا بَعْضًا.

138 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْع

(2)

قَالَ: مَنْ قَرَأَ (عِنْدَ)

(3)

مَنَامِهِ

(4)

آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ: (أَرْبَعَ)

(5)

آيَاتٍ مِنْ {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}

(6)

، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَالثَّلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخرها.

= وإنما ذكر القراءة، وعندهما:((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آية لم يكتب من الغافلين، أو: كتب من القانتين))، هكذا على الشك.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي، وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2/ 247 رقم 643):((هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين)).

(1)

ما بين القوسين ليس في الأصل، ولابد منه كما سبق بيانه في الحديث رقم [76].

[137]

سنده صحيح، وسبق أن أورده المصنف برقم [76] من طريق خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي سنان، به بلفظ:((إِذَا قَرَأَ أَحَدُكُمُ الْآيَةَ، فَلَا يقطعها حتى يتمّها)) وتخريجه هناك.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 552 رقم 10313) من طريق محمد بن فضيل، عن أبي سنان، به مثله، إلا أنه قال:((ويتركوا بعضها)).

(2)

هو المغيرة بن سُبَيْع - بمهملة وموحّدة، مُصَغّر -، العجلي، الكوفي، يروي عن عمرو بن حريث وعبد الله بن بريدة، وعنه أبو التيّاح الضُّبَعي، وأبو فروة الهمداني وأبو سنان الشيباني ضرار بن مرة، وهو ثقة من الطبقة الخامسة، قال العجلي:((تابعي ثقة))، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: =

ص: 428

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ((كوفي يُحتجّ به)). اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 437 رقم 1617)، و"سؤالات البرقاني" للدارقطني (ص 67 رقم 511)، و"التهذيب"(10/ 260 رقم 466)، و"التقريب"(ص 543 رقم 6835).

(3)

ما بين القوسين استدركته من "شعب الإيمان" للبيهقي؛ حيث روى الحديث من طريق المصنف، وليس في الأصل، وإنما فيه إشارة إدخال بعد قوله:(قرأ)، ولم يُكتب في الهامش شيء.

(4)

في هذا الموضع في الأصل إشارة إدخال، ولم يكتب في الهامش شيء، ورواية البيهقي كما هنا في هذا الموضع، وفي "سنن الدارمي" كما سيأتي:(عشر آيات).

(5)

في الأصل: (وأربع) بواو العطف! والمثبت من عند البيهقي، والذي يظهر لي - والله أعلم - أن هذه الفروق من أصل الرواية كما يتضح من "شعب الإيمان" للبيهقي، والصواب في لفظ الحديث - فيما أرى -:((من قرأ عند منامه عشر آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لَمْ يَنْسَ القرآن: أربع آيات من أوّلها مِنْ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، والثلاث آيات من آخرها)).

فهذه عدّتها عشر آيات، وهذا التصويب من جرّاء التوفيق بين رواية الدارمي ورواية سعيد بن منصور.

(6)

الآية (163) من سورة البقرة.

[138]

سنده صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 70) بلفظ الدارمي الآتي، وعزاه لسعيد بن منصور، والدارمي، والبيهقي في "الشعب".

وقد أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 350 رقم 2189) من طريق المصنِّف، ولفظه:((مَنْ قَرَأَ عِنْدَ مَنَامِهِ آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ: أربع آيات: {وإلهاكم إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هو الرحمن الرحيم}، وآية الكرسي، وثلاث آيات من آخرها)). =

ص: 429

139 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَيْسَ الْخَطَأُ أَنْ تَجْعَلَ خَاتِمَةَ آيَةٍ خاتمة آية أخرى

(1)

.

= وأخرجه الدارمي في "سننه"(2/ 322 رقم 3388)، فقال: حدثنا إسحاق بن عيسى، عن أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ المغيرة بن سبيع - وكان من أصحاب عبد الله -، قَالَ:((مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ من البقرة عند منامه لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ: أَرْبَعَ آيَاتٍ من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث من آخرها)).

والمغيرة من أصحاب عبد الله بن مسعود كما في رواية الدارمي، فلعلّه تلقى هذا الحديث من عبد الله، فإنه قد روي عنه نحوه مع بعض الاختلاف.

فأخرجه الدارمي في الموضع السابق برقم (3386) من طريق عاصم، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال:((من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة، وآية الكرسي، وآيتان (كذا!) بعد آية الكرسي، وثلاثًا من آخر سورة البقرة، لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان، ولا شيء يكرهه، ولا يُقْرأْنَ على مجنون إلا أفاق)).

ومن طريق عاصم أخرجه أيضًا ابن الضريس في "الفضائل"(ص 84 و 88 رقم 166 و 179) بنحوه.

وأخرجه أيضًا الدارمي برقم (3385).

والطبراني في "الكبير"(9/ 147 - 148 رقم 8673).

كلاهما من طريق أبي العميس، عن الشعبي، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ((مَنْ قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة حتى يصبح: أربعًا من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث خواتيمها، أوّلها: {لله ما في السموات} [آية 285 من سورة البقرة])).

وسنده ضعيف، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 118):((رجاله رجال الصحيح، إلا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود)).

(1)

سيأتي تفسير أبي عبيد لقول ابن مسعود هذا.

[139]

سنده رجاله ثقات، إلا أن مغيرة يدلِّس، ولاسيّما عن إبراهيم كما سبق بيانه. =

ص: 430

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في الحديث [54] ، ولم يصرّح بالسماع هنا، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله، وهو صحيح لغيره من طرق أخرى كما سيأتي.

وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 222 - 223 رقم 2076) من طريق المصنِّف، لكن رواية غير هذه، فقد أخرجه عن سعيد بن منصور، حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن همّام قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَيْسَ الخطأ أن يقرأ: {غفور رحيم} مكان: {عزيز حكيم} ، ولكن الخطأ أن يقرأ ما ليس منه، أو يختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة.

وهذه الرواية لم أجدها عند المصنف في فضائل القرآن، فلعلها في موضع آخر.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص328 رقم 772) .

وعبد الرزاق في "المصنف"(3 / 364 رقم 5985) .

أما أبو عبيد فمن طريق أبي معاوية، وأما عبد الرزاق فمن طريق سفيان الثوري، كلاهما عن الأعمش، به نحو رواية البيهقي السابقة.

وسند هذا الطريق صحيح رجاله ثقات تقدموا، وعنعنة الأعمش لا تضر إذا كانت عن كبار شيوخه كإبراهيم النخعي ونحوه كما سبق بيانه في الحديث [3] .

والحديث في "كتاب الآثار" لأبي يوسف (ص44 رقم 223) .

و"كتاب الآثار" لمحمد بن الحسن (ص55 رقم 274) .

كلاهما من طريق أبي حنيفة، عن حماد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، أن رجلاً كان يقرئه ابن مسعود، وكان أعجميًا، فجعل يقول:{إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} ، فجعل الرجل يقول:(طعام اليتيم) ، فردّ عليه، كلُّ ذلك يقول:(طعام اليتيم)، فقال ابن مسعود: قل: طعام الفاجر، ثم قال ابن مسعود: إن الخطأ في القرآن ليس أن تقول: {الغفور الرحيم} ، {العزيز الحكيم} ، إنما الخطأ أن تقرأ آية الرحمة آية العذاب، وآية العذاب آية الرحمة، وأن يزاد في كتاب الله ما ليس فيه.

هذا لفظ رواية أبي يوسف، ونحوه رواية محمد بن الحسن. =

ص: 431

140 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ

(1)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يقولنَّ أحدُكم: أَخَذْتُ الْقُرْآنَ كلَّه، وَمَا يُدْرِيهِ مَا كلُّه، قَدْ ذَهَبَ مِنْهُ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ يَقُولُ: أَخَذْنَا مَا ظَهَرَ منه

(2)

.

= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 150 رقم 8683) من طريق زائدة، عن منصور، عن إبراهيم، به بلفظ: ليس الخطأ أن يقرأ بعضه في بعض، ولكن الخطأ أن تلحقوا به ما ليس منه.

قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله عقب إخراجه للرواية السابقة: ((أرى أن عبد الله أراد بهذا: أنه إذا سمع السامع من يقرأ هذه الحروف من نعوت الله عز وجل لم يجز له أن يقول: أخطأت؛ لأنها كلها من نعوت الله، ولكن يقول: هو كذا وكذا على ماقال أبو العالية، وليس وجهه أن يضع كل حرف من هذا في موضع الآخر وهو عامد لذلك. فإذا سمع رجلاً ختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، فهناك يجوز له أن يقول: أخطأت، لأنه خالف الحكاية عن الله عز وجل، فهذا عندنا مذهب عبد الله في الخطأ)). اهـ.

وقول أبي عبيد هنا: ((على ما قال أبو العالية))، يعني به ما أخرجه هو قبل ذلك (ص 237 رقم 770) عن شعيب بن الحَبْحاب قال: كان أبو العالية الرياحي إذا قرأ عنده رجل لم يقل: ليس كما تقرأ، ويقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا.

(1)

هو نافع أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، روى عن مولاه وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري ورافع بن خديج وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه عبد الله بن دينار وأبو إسحاق السبيعي وأيوب السختياني والإمام مالك وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: تسع عشرة، وقيل: عشرين ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه مشهور، روى له الجماعة، ووثقه العجلي والنسائي وابن سعد وزاد:((كثير الحديث))، وقال ابن خراش:((ثقة نبيل))، وقال عبيد الله بن عمر:((لقد منّ الله علينا بنافع))، وقال أحمد =

ص: 432

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن صالح المصري: ((كان نافع حافظًا ثبتًا له شأن))، وقال الخليلي:((نافع من أئمة التابعين بالمدينة، إمام في العلم، متفق عليه، صحيح الرواية، منهم من يقدمه على سالم، ومنهم من يقارنه به، ولا يعرف له خطأ في جميع ما رواه)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(8/ 451 - 452 رقم 2070)، و"التهذيب"(10/ 412 - 415 رقم 742)، و"التقريب"(ص 559 رقم 70860).

(2)

علّق محقق "فضائل القرآن" لأبي عبيد، - أثابه الله - على هذا الأثر بتعليق نفيس، نفى فيه ما يتبادر للذهن منه؛ من ضياع شيء من القرآن، فقال:(ص 285): (هذا الاثر نقله السيوطي في "الإتقان" (2/ 25)، وسكت عنه، مع أن ظاهره يفيد ضياع جزء كبير من القرآن. وقال الألوسي:((وكل خبر ظاهره ضياع شيء من القرآن إما موضوع أو مؤوّل))، فظاهر هذا السند صحيح لا مجال للشك فيه؛ لأنه محلّىً بسلسلة من أئمة الحديث، فإسماعيل هو: ابن عليّة، وأيوب: هو السختياني، ونافع مولى ابن عمر، ولكننا أمام احتمالين لا ثالث لهما: إما أن نقول: إن مراد ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: الضياع بلا نسخ، وهذا باطل؛ لتظافر الأدلة القاطعة على سلامة القرآن من أي نقص، كما أنه بعيد من مثل ابن عمر الصحابي الجليل أن يقول ذلك. وأما إن نقول: إن مراده السقوط بسبب النسخ، وهذا جائز، بل هو الواقع، ومن أجله وضع المؤلف هذا الخبر في هذا الباب. ويمكننا بيان كلام ابن عمر للتابعين:((أخذت القرآن كله))، أي: كل ما نزل عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مما نسخت تلاوته وما استقرّ متلوًّا، ((ذهب منه قرآن كثير))، أي: سقط منه في حياة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أو: أُسقط في الجمعين المجمع عليهما بعده؛ لعدم استيفائه شروط ثبوت قرآنيته حسب العرضة الأخيرة، وشروطًا أخرى غيرها، ((ما ظهر)): ما استقر قرآنًا فلم ينسخ، أو: ما تواتر وأُثبت في المصاحف الإمام، والله أعلم.

ويفهم من كلام ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: أنه في رأيه أن الآيات المنسوخة بعد نسخها تمسى كذلك قرآنًا، تجاوزًا، أو باعتبار ما كان). اهـ.

[140]

سنده صحيح. =

ص: 433

141 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سِنَان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذَيل، عَنْ حَنْظلة بْنِ خُويلد العَنَزي

(1)

، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ حَتَّى أَتَى السُّدَّة

(2)

سُدَّة السُّوقِ، فَاسْتَقْبَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ أَهْلِهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا، ثُمَّ مَشَى حَتَّى أَتَى دَرَجَ الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: يَا حَنْظَلَةُ، أَتَرَى هَذَا يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ؟ إِنَّ لِكُلِّ (آيَةٍ)

(3)

كَفَّارَةً، - أَوْ قَالَ: يَمِينٍ -.

= وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 285 رقم 689) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، به مثله مع اختلاف يسير في اللفظ.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 509 رقم 10142) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنه كان يكره أن يقول: قرأت القرآن كله.

(1)

هو حَنْظَلَةُ بن خويلد العَنَزي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وروى هنا عن ابن مسعود، وروى عنه هنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، وروى عنه أيضًا الأسود ابن مسعود على اختلاف فيه عليه، وهو ثقة من الطبقة الثانية، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 240 رقم 1067)، و"التهذيب"(3/ 59 - 60 رقم 108)، و"التقريب"(ص 183 رقم 1580).

وقد اختُلف في اسم حنظلة هذا، فقيل أيضًا: سويد بن حنظلة، وقيل: عبد الله بن حنظلة، وقيل: حنظلة بن سويد.

انظر الموضع السابق من "الجرح والتعديل"، و"التاريخ الكبير" للبخاري (3/ 42 رقم 162) مع حاشيته.

وثَمَّة قول آخر في اسمه لم يُشَر إليه في المواضع المتقدمة، وهو: سليم بن حنظلة كما سيأتي في رواية الطبراني للحديث، وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري (4/ 122 - 124 رقم 2181 و 2184)، و"الجرح والتعديل" (4/ 212 =

ص: 434

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رقم 914)، و"الثقات" لابن حبان (4/ 331).

(2)

السُّدَّة: كالظُّلَّة على الباب لتقيه من المطر، وقيل: هي الباب نفسه، وقيل: هي الساحة بين يديه كما في "النهاية"(2/ 353)، فيكون المعنى: أن ابن مسعود أتى مقدِّمة السوق، إما الظُّلَّة التي تظلله كما في بعض الأسواق، أو: باب السوق ومدخله، أو الساحة التي تكون عادة بين يدي السوق.

(3)

ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.

[141]

سنده صحيح.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(10/ 43) في الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه وقع عنده:(العنبري) بدل: (العنزي)، وفيه:(بالسوق)، وسقط منه قوله:(اللهم).

والحديث أشار إليه البخاري في "تاريخه الكبير"(3/ 42) في ترجمة حنظلة. وعَلَّقَهُ ابن سعد في "الطبقات"(6/ 205)، فقال:(حنظلة بن خويلد الشيباني، روى عن عبد الله قال: أشرف عبد الله على السُّدَّة فقال: اللهم أسألك خيرها وخير أهلها).

وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"(2/ 231 - 232 رقم 387) من طريق أبي عوانة، عن أبي سنان، به نحوه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 202 رقم 8895).

وفي "الدعاء"(2/ 1168 - 1169 رقم 796).

في كلا الموضعين من طريق سفيان الثوري، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الهذيل، عن سليم بن حنظلة، أن عبد الله أتى سُدَّة السوق، فقال: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ أَهْلِهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شرها وشر أهلها.

هكذا الرواية في "الكبير"، إلا أن فيه تصحيفًا أظنه طباعيًا، حيث جاء فيه: =

ص: 435

142 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ)

(1)

بْنِ مُرَّة

(2)

، عَنْ أَبِي كَنِف

(3)

، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي سُوقِ الرَّقيق، إِذْ سَمِعَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ عَلَيْهِ لِكُلِّ آية منها (يمينًا)

(4)

.

= (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهذيل بن سليم بن حنظلة)، فتصحّفت:(عن) إلى: (بن).

وأما الرواية في "كتاب الدعاء"، فجاءت على الصواب في هذا الموضع، لكن وقع فيها:(عن أبي حصين) بدل قوله: (عن أبي سنان).

وفي كلا الروايتين: (سليم حنظلة)، بدل:(حنظلة بن خويلد)، وسبق بيان الاختلاف في تسميته.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 129) بعد أن ذكر الحديث: ((رجاله رجال الصحيح، غير سليم بن حنظلة، وهو ثقة)).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(ص 14 رقم 85 / القسم الأول من الجزء الرابع) من طريق محمد بن فضيل ووكيع، كلاهما عن سفيان الثوري، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ عبد الله بن حنظلة، عن عبد الله قال: من حلف بسورة من القرآن لقي الله بعدد آيها خطايا.

كذا سماه سفيان في روايته هنا: (عبد الله بن حنظلة)، وعند الطبراني من طريقه - كما سبق - سمّاه:(سليم بن حنظلة).

وأخرجه البيهقي أيضًا في الموضع السابق من طريق عبد الله بن الوليد، عن سفيان، به نحو رواية المصنف، وسماه أيضًا:(عبد الله بن حنظلة).

وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود، وهي الآتية.

(1)

في الأصل: (عبيد الله)، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.

(2)

هو عبد الله بن مُرَّة الهمداني، الخَارِفي - بمعجمة وراء وفاء -، الكوفي، يروي عن ابن عمر والبراء وأبي الأحوص ومسروق وغيرهم، روى عنه =

ص: 436

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الأعمش ومنصور بن المعتمر، وكانت وفاته في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة مائة، وقيل: سنة تسع وتسعين، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد:((وله أحاديث صالحة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 165 - 166 رقم 763)، و"التهذيب"(6/ 24 - 25 رقم 35)، و"تقريب التهذيب"(ل 70 / ب / الخطية).

تنبيه: إنما صار العزو هنا إلى النسخة الخطية من "التقريب"؛ لأن المطبوعة سقط منها قوله: (ثقة).

انظر "التقريب" المطبوع (ص 322 رقم 3607).

(3)

هو أبو كَنِف العَبْدي، مجهول الحال، روى عنه الشعبي وعبد الله بن مرة، وسكت عنه البخاري في "الكنى"(ص 65 رقم 596)، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(9/ 431 رقم 2139)، وانظر "الاستغناء" لابن عبد البر (2/ 1231 رقم 1723)، و"المقتنى" للذهبي (2/ 34 رقم 5228).

(4)

في الأصل: (يمين)، وما أثبته من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.

[142]

سنده ضعيف لجهالة حال أبي كَنِف، ولأن الأعمش مدلِّس ولم يصرح بالسماع، وليس هذا الموضع مما تحتمل روايته فيه إذا لم يصرح بالسماع كما سبق بيانه في الحديث رقم [3]، ومعناه صحيح عن ابن مسعود، كما في الحديث المتقدم، والآتي.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(10/ 43) في الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه وقع عنده:(بينما)، و:(الدقيق)، و:(بسورة البقرة)، بدلاً من قوله:(بينا)، و:(الرقيق)، و:(بسورة من القرآن).

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(8/ 472 رقم 15947) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه، إلا أنه لم يذكر السوق.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(ص 14 رقم 84 / القسم الأول من الجزء الرابع) =

ص: 437

143 -

قَالَ الْأَعْمَشُ

(1)

: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ

(2)

لِإِبْرَاهِيمَ

(3)

، فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ يَمِينٌ، وَمَنْ كَفَرَ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كلِّه.

= من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه، إلا أنه وقع عنده:(أبي كريب) بدل قوله: (أبي كنف)، وهو تصحيف، ووقع عنده أيضًا:(سوق الرحق).

وأخرجه مسدد في "مسنده"، فقال: حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي كِنْفٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ، فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ يَمِينٌ، كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 63 / ب)، و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (4 / ل 144 / ب)، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (2/ 86 رقم 1726).

ومن طريق مسدد أخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"(2/ 232 رقم 379).

(1)

أي بالإسناد المتقدم: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بن زكريا، عن الأعمش).

(2)

أي حديث أبي كنف المتقدم في الرجل الذي حلف بسورة من القرآن.

(3)

هو ابن يزيد النخعي، تقدم في الحديث [3] أنه فقيه ثقة.

[143]

سنده حسن، فإسماعيل بن زكريا تقدم في الحديث [81] أنه صدوق، وهو صحيح لغيره؛ لأن إسماعيل قد توبع كما سيأتي، ومراسيل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود صحيحة كما سبق بيانه في الحديث رقم [3].

والحديث أخرجه البيهقي في "سننه"(10/ 43) في الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى، من طريق المصنف، به مثله مقرونًا بالرواية السابقة في الحديث [142].

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(8/ 472 رقم 15946) من طريق الثوري، عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص 14 رقم 87 / القسم الأول من الجزء =

ص: 438

144 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلَان

(1)

، عَنْ مُطَرِّف

(2)

، قَالَ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُولُوا: قَالَ الله عز وجل.

= الرابع) من طريق أبي معاوية عن الأعمش، به مثله بشطره الأول فقط، ولم يذكر قوله: ((ومن كفر

)) إلخ.

وأخرجه مسدد في "مسنده"، فقال: حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني الأعمش

، فذكره بنحوه مقرونًا بالحديث السابق كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 63 / ب)، و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (4 / ل 144 / ب)، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (2/ 86 رقم 1726).

ومن طريق مسدد أخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"(2/ 232 رقم 379).

ولبعضه طريق أخرى عن ابن مسعود.

فأخرجه الهروي في "ذم الكلام"(2/ 154 / أ) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود أنه أمرهم أن لا يتنازعوا في القرآن، وأخبرهم أن من جحد آية منه فقد جحده كله.

(1)

هو غَيْلان بن جرير المِعْوَلي الأَزْدي البصري، روى عن أنس بن مالك والشعبي وأبي قلابة ومُطَرِّف بن عبد الله وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وجرير بن حازم وحماد بن زيد ومهدي بن ميمون وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، وثقه أحمد وابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وقال ابن سعد:((كان ثقة، وله أحاديث)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(7/ 52 - 53 رقم 297)، و"التهذيب"(8/ 253 - 254 رقم 468)، و"التقريب"(ص 443 رقم 5369).

(2)

هو مُطَرِّف بن عبد الله الشِّخِّير - بكسر الشين المعجمة، وتشديد المعجمة المكسورة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم راء -، العامري، الحَرَشي - بمهملتين مفتوحتين، ثم معجمة - أبو عبد الله البصري، يروي عن أبيه وعثمان وعلي =

ص: 439

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأبي ذر وعمار بن ياسر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أخوه يزيد والحسن البصري وثابت البُناني وغيلان بن جرير وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين، وقيل: سنة تسع وثمانين، وكانت ولادته في حياة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو ثقة عابد فاضل روى له الجماعة. قال ابن سعد:((كانة ثقة ذا فضل وورع وأدب)) ، وقال العجلي:((ثقة من خيار التابعين، رجل صالح)) ، وقال ابن حبان في "الثقات": ((ولد في حياة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

، وكان من عباد أهل البصرة وزهّادهم)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص431 رقم 1586) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 429) ، و"التهذيب"(10 / 173 - 174 رقم 324) ، و"التقريب"(ص534 رقم 6706) .

[144]

سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت"(ص429 رقم 371) .

وأبو نعيم في "الحلية"(2 / 203) .

كلاهما من طريق شعبة، عن خالد الحذّاء، عن غيلان، به نحوه، وفيه زيادة.

ولم أجد من وافق مُطَرِّفًا على هذا القول، وهو يعني بنهيه هذا التفريق بين الفعل المضارع:((يقول)) ، الذي يفيد وقوع الفعل في الحاضر والاستمرار فيه، وبين الماضي:((قال)) الذي يدل على أن هذا الفعل قد فُرغَ منه، وهو اجتهاد من مطرِّف رحمه الله، ولا يعني التسليم له بما قال؛ لأنه لا بأس بالإخبار عن وقوع قول مضى بصيغة المضارع؛ كما لو أرسلك شخص برسالة شفهية إلى آخر، فقلت له:((إن فلانًا يقول لك كذا وكذا)) ، مع أنه قال ذلك القول في الماضي، وهذا كثير في السنة، ومن أمثلة ذلك: ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(13 / 384 رقم 7405) في التوحيد، باب قول الله تعالى:{ويحذركم الله نفسه} .

ومسلم في "صحيحه"(4 / 2061 رقم 2) في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، و (4 / 2067 - 2068 رقم 19 و 20 و 21) في الذكر أيضًا، باب فضل الذكر والدعاء.

كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته =

ص: 440

145 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُصْعَبُ بن مَاهَان

(1)

[ل 110/أ]، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجر

(2)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

(3)

، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ فَيَسْقِيهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى سَيُصِيبُهُ بَلَاءٌ.

= في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرَّب إليَّ شبرًا تقرَّبت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هَرْوَلَةً))، وانظر "الأذكار" للنوي (ص 332).

(1)

هو مصعب بن مَاهَان المَرْوزي، نزيل عَسْقلان، روى عن سفيان الثوري وداود بن نصير وعباد كثير، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا إبراهيم بن شماس وزكريا بن نافع وأبو توبة الربيع بن نافع وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمانين أو إحدى وثمانين ومائة، وهو صدوق عابد كثير الخطأ.

قال الإمام أحمد: ((كان رجلاً صالحًا))، وأثنى عليه خيرًا، وقال:((وكان حديثه مقاربًا، في شيء من الخطأ))، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال:((شيخ))، وحكى غيري عن أبي أنه قال:((ثقة عابد))، وقال العقيلي:((له أحاديث لا يتابع عليها))، وقال ابن وضاح:((ثقة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(8/ 308 - 309 رقم 1427)، و"التهذيب"(10/ 164 رقم 310)، و"التقريب"(ص 533 رقم 6694).

(2)

تقدم في الحديث [58] أنه صدوق ليّن الحفظ.

(3)

أي: ابن يزيد النخعي.

[145]

سنده ضعيف لضعف مصعب بن ماهان وإبراهيم بن مهاجر من قبل حفظهما، لكنه صحيح لغيره بالطريق الآتي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 404 - 405 رقم 2241) من طريق المصنِّف، به مثله سواء.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 358 رقم 843) فقال: حدثنا هشيم، أخبرنا ابن عون، قال: سألت إبراهيم عن رجل كان بالكوفة يكتب من الفزع آيات فيسقي المريض، فكره ذلك. =

ص: 441

146 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَير

(1)

، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ

(2)

، قال: قال عبد الله: اقرؤا القرآن في سبع، ولا تقرؤه فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلْيُحَافِظِ الرَّجُلُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ عَلَى جزئه.

= وسنده صحيح.

هشيم تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، كثير التدليس، لكنه صرّح هنا بالسماع.

وعبد الله بن عون بن أرطبان تقدم في الحديث [44] أنه ثقة ثبت فاضل.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الثامن (ص 29 رقم 3565) من طريق هشيم، بنحو لفظ أبي عبيد.

(1)

هو عمارة بن عُمَير التّيْمي، الكوفي، يروي عن الأسود بن يزيد والحارث بن سويد وعبد الرحمن بن يزيد وأبي الأحوص عوف بن مالك وغيرهم، روى عنه إبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة ومنصور بن المعتمر والأعمش وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين للهجرة، وقيل: سنة اثنتين وثمانين، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه، فقال:((ثقة وزيادة، يُسئل عن مثل هذا؟!))، وقال العجلي:((كوفي ثقة، وكان خيارًا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 366 - 367 رقم 2022)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1065)، و"التهذيب"(7/ 421 رقم 686)، و"التقريب"(ص 409 رقم 4856).

(2)

هو عوف بن مالك، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة.

[146]

سنده صحيح، والأعمش قد صرح بالسماع في رواية الفريابي كما سيأتي، وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(9/ 97) بعد أن عزاه للمصنف.

والحديث أخرجه البيهقي في "سننه"(2/ 396) في الصلاة، باب مقدار ما يستحب له أن يختم فيه القرآن، وفي "شعب الإيمان"(5/ 136 - 137 رقم 1985)، في كلا الموضعين من طريق المصنِّف، به مثله سواء، إلا أنه =

ص: 442

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقع في "شعب الإيمان": ((ولا تقرأوا)) ، و:((على جزء)) .

وذكره الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين"(4 / 472) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي داود في "الشريعة".

وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2 / 502) من طريق أبي معاوية، به بلفظ: اقرؤوا القرآن في سبع، ولا تقرؤوه في ثلاث.

وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن"(ص217 - 218 رقم 130 و 131) من طريق معاذ بن معاذ العنبري وخالد بن الحارث، كلاهما عن شعبة، عن سليمان الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، وفي رواية خالد بن الحارث قال الأعمش: سمعت عمارة، عن أبي الأحوص

، فذكره بنحوه.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 353 رقم 5948) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحو لفظ المصنف.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 154 - 155 رقم 8707) ، لكن وقع قي المطبوع تصحيف في الإسناد.

وأخرجه الطبراني أيضًا (9 / 155 رقم 8708 و 8709) من طريق زائدة وحجاج، كلاهما عن الأعمش به مثل لفظ عبد الرزاق.

قال الهيثمي في "المجمع"(2 / 269) : ((رجاله رجال الصحيح)) .

وتابع عمارة أبو إسحاق السبيعي، فرواه عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُوَ راجز.

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 353 رقم 5946) عن معمر، عن أبي إسحاق، به.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير"(9 / 154 رقم 8701) .

قال الهيثمي في الموضع السابق: ((رجاله رجال الصحيح)) .

وهذا اللفظ قد صح عن ابن مسعود من طرق أخرى كما سيأتي.

ص: 443

147 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدة

(1)

، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَهُوَ رَاجِز

(2)

، هَذًّا

(3)

كَهَذِّ الشِّعْر، ونَثْرًا

(4)

كَنَثْرِ الدَّقَل

(5)

.

(1)

هو عامر بن عبد الله بن مسعود، أبو عُبَيْدة الكوفي، مشهور بكنيته، روى عن أبيه ولم يسمع منه، وعن أبي موسى وكعب بن عجرة وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي وأبو إسحاق السبيعي ومجاهد وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وثمانين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة، قال الإمام أحمد:((كانوا يُفضِّلون أبا عبيدة على عبد الرحمن))، وعبد الرحمن هو أخوه، ثقة كما سيأتي في الحديث [150]. وقال العجلي:((كوفي ثقة، ولم يسمع من أبيه شيئًا))، وقال ابن سعد:((روى عن أبيه رواية كثيرة، وذكروا أنه لم يسمع منه شيئًا، وكان ثقة كثر الحديث)). اهـ. من "طبقات ابن سعد"(6/ 210)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 504 رقم 1993)، و"التهذيب"(5/ 75 - 76 رقم 121)، و"التقريب"(ص 656 رقم 8231)، وانظر أيضًا في سماعه من أبيه من عدمه ما تقدم في الحديث رقم [4].

(2)

الرَّجَزُ: بحر من بحور الشِّعر معروف، ونوع من أنواعه، يكون كل مِصْرَاع منه مُفْرَدًا، وتُسَمَّى قصائده: أَرَاجِيز،، وَاحِدُها: أُرْجُوزَةٌ، فهو كهيئة السَّجْع، إلا أنه في وزن الشِّعر، ويُسَمَّى قائله: رَاجِزًا كما يسمى قائل بحور الشعر: شاعرًا. وإنما سمّاه ابن مسعود هنا راجزًا؛ لأن الرَّجَزَ أخفُّ على لسان المُنْشِد، واللسان به أسرع من القصيد. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث"(2/ 199 و 200).

(3)

الهَذُّ: سرعة القطع، والمراد: أنه يسرع في قراءة القرآن كما يسرع في قراءة الشِّعر.

انظر "النهاية": (5/ 255).

ص: 444

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(4)

أي: كما يتساقط الرُّطب اليابس من العِذْق إذا هُزَّ.

"النهاية"(5/ 15).

(5)

الدَّقَلُ: هو رديء التمر ويابسه.

"النهاية"(2/ 127).

[147]

سنده ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، وأبو إسحاق السبيعي مدلس ولم يصرح هنا بالسماع، ومع ذلك فقد اختلط بآخره، لكن تابعه على بن بَذِيمة كما سيأتي، والحديث صحيح عن ابن مسعود من غير طريق أبي عبيدة كما سيأتي.

وقد أشار البيهقي في "الشعب"(5/ 135) لهذا الطريق، فقال بعد أن أخرج الحديث من طريق علي بن بذيمة الآتي:((رواه أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وزاد فيه: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَل)).

والحديث أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن"(ص 226 رقم 147) من طريق قتيبة، حدثنا أبو الأحوص

، فذكره بمثله سواء.

وأخرجه أيضًا برقم (148) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق

، به مثله، ولم يذكر قوله: ((هذًّا كهذ الشعر

)) إلخ.

ورواه حُدَيج بنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إسحاق، وسيأتي برقم [153].

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف (3/ 353 رقم 5947) من طريق معمر وسفيان الثوري، كلاهما عن علي بن بَذِيمة، عن أبي عبيدة، به بمثله بشطره الأول فقط إلى قوله:((راجز)).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 154 رقم 8704).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 501).

والفريابي (ص 225 - 226 رقم 146).

كلاهما من طريق مسعر وسفيان الثوري.

وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (8702 و 8703) من طريق شعبة مسعر. =

ص: 445

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 135 رقم 1983) من طريق شعبة.

ثلاثتهم عن علي بن بَذيمة، عن أبي عبيدة، به مثل لفظ عبد الرزاق.

وعلي بن بَذِيمة تقدم في الحديث [42] أنه ثقة، فيبقى الحديث ضعيفًا من هذا الطريق للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه فقط.

وقد رُوي الحديث عن ابن مسعود من تسعة طرق:

(1)

طريق أبي عبيدة عنه، وهو هذا الطريق.

(2)

طريق أبي الأحوص عنه، وهو صحيح وتقدم برقم [146].

(3)

طريق الحسن البصري عنه، وهو ضعيف وسيأتي برقم [148].

(4)

طرق أبي وائل شقيق بن سلمة عنه، وهو صحيح ومخرّج في الصحيحين، وسيأتي برقم [156].

(5)

و (6) طريق ا الأسود وعلقمة، وسيأتي تخريجهما مع طريق أبي وائل.

(7)

طريق الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:

لا تهذّوا القرآن كهذّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدَّقَل، وقفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 521) و (10/ 525 رقم 10205).

وسنده ضعيف؛ لأن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود كما سبق بيانه في الحديث [63].

(8)

طريق القاسم بن الوليد، عن ابن مسعود، بمثل لفظ الشعبي.

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 8 رقم 1883).

وسنده ضعيف أيضًا؛ لأن القاسم بن الوليد لم يسمع من ابن مسعود، فهو من أتباع التابعين كما يتضح من ترجمته في "التهذيب"(8/ 340)، بل أخشى أن يكون هذا الطريق والذي قبله واحدًا؛ لأن القاسم هذا من الرواة عن الشعبي كما في الموضع السابق من "التهذيب".

(9)

طريق إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود، قال: =

ص: 446

148-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَهُوَ رَاجِزٌ.

= لا تهذّوا القرآن كهذّ الشعر، ولا نثرًا كنثر الدقل.

أخرجه أبو يوسف في "كتاب الآثار"(ص46 رقم 233) ، ومحمد بن الحسن في "الآثار" أيضًا (ص54 - 55 رقم 271) ، كلاهما عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، به.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(5 / 8 - 9 رقم 1884) ، من طريق المغيرة، عن أبي حمزة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: اقرؤوا القرآن، وحرّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.

وبالجملة فالحديث صحيح عن ابن مسعود كما تقدم برقم [146] ، وكما سيأتي.

[148]

سنده ضعيف؛ لأن رواية هشام بن حسان عن الحسن البصري ضعيفة كما تقدم في الحديث [55] ، ومع ذلك فهو منقطع بين الحسن البصري وابن مسعود، فإنه لم يسمع منه.

قال قتادة: ((ما شافه الحسن أحدًا من البدريين)) ، وقال أيوب السختياني:((ما حدثنا الحسن عن أحد من أهل بدر مشافهة)) ، وسئل أبو زرعة: هل سمع الحسن أحدًا من البدريين؟ قال: ((رأهم رؤية، رأى عثمان وعليًّا. قيل: هل سمع منهما حديثًا؟ قال: لا، رأى عليًّا بالمدينة، وخرج على الكوفة والبصرة، ولم يلقه الحسن بعد ذلك)) . اهـ. من "جامع التحصيل"(ص194 - 199 رقم 135) ، و"التهذيب"(2 / 263 - 270) .

فإذا كان الحسن لم يسمع من علي وعثمان، فمن باب أولى أن لا يكون سمع من ابن مسعود؛ لأنه توفي قبلهما، ففي "التهذيب"(6 / 28) أنه مات سنة اثنتين وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين، هذا مع قول من قال: إنه لم يشافه بدريًا قط. =

ص: 447

149-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصين، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثٍ، لَا يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ مِنَ النهار إلا باليسير.

= ومن أوضح الأدلة رواية الطبراني للحديث.

فإنه أخرجه في "المعجم الكبير"(9 / 154 رقم 8705) من طريق زائدة، عن هشام، عن الحسن أنه بلغه عن ابن مسعود قال:

، فذكره بمثله.

فهذا يدل على أن الحسن أخذه عن ابن مسعود بواسطة رجل لم يفصح باسمه.

لكن الحديث صحيح عن ابن مسعود من غير هذا الطريق كما تقدم في الحديثين السابقين وكما سيأتي.

[149]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة ابن مسعود وعم أبيه عبد الله بن مسعود، فإن روايته عنه مرسلة كما في "التهذيب"(7 / 23) .

وأما هشيم فهو وإن لم يصرح بالسماع هنا، فإنه قد توبع كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 135 - 136 رقم 1984) من طريق المصنِّف، به مثله سواء.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(3 / 353 رقم 5945) .

ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(9 / 155 رقم 8710) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2 / 501) .

كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن حصين، به نحوه.

وقد تابع أبو عبيدة عبيدَ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

فأخرجه ابن ابي عمر في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 135 / ب) ، والمطبوعة (3 / 298 رقم 3524) .

والطبراني في "الكبير"(9 / 155 رقم 8711) .

أما ابن أبي عمر فمن طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، وأما الطبراني فمن =

ص: 448

150 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوان

(1)

، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

(2)

، (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ)

(3)

يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي ثَلَاثٍ، وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الجمعة.

= طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، كلاهما عن المسعودي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبي عبيدة قال: كان عبد الله يقرأ القرآن في كل ثلاث، وقلّما يأخذ منه بالنهار.

وهذا سند رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه كما سبق بيان ذلك في الحديث [4] و [147].

وأما اختلاط المسعودي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، فإن من الرواة عنه هنا أبا نعيم الفضل بن دُكين، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث رقم [51].

وعليه فالحديث بمجموع هذين الطريقين حسن لغيره.

وسيأتي في الحديث بعده رقم [150] ما يشهد لبعضه.

(1)

هو محمد بن ذَكْوان الأسدي الكوفي، بيّاع الأكسية، من شيوخ شعبة، يروي عن عبد الرحمن وأبي عبيدة ابني عبد الله بن مسعود، وهو ثقة؛ قال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، قال: حدثني محمد بن ذكوان، وكان كخير الرجال، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل"(7/ 251 - 252 رقم 1387 و 1379)، و"الثقات" لابن حبان (7/ 419)، و"التهذيب"(9/ 156 - 157 رقم 227 و 228)، و"التقريب"(ص 477 رقم 5872).

وقد وهم ابن أبي حاتم فخلط بعض ترجمة محمد هذا بترجمة محمد بن ذكوان الجَهْضَمي الضعيف خال ولد حماد بن زيد، مع أنه فرّق بينهما، =

ص: 449

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مما أدى إلى تجريد الأسدي هذا من بعض ألفاظ التوثيق التي صدرت في حقِّه، ورميه بالضعف عند من لا يستطيع التفريق بينه وبين الآخر الضعيف. وقد تبع ابن أبي حاتم في وهمه المزِّي في "تهذيب الكمال"(3 / 1169 / المخطوط) ، وتبعهما ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب"، فأدرج ابن أبي حاتم والمزي وابن حجر ثناء شعبة وتوثيق ابن معين في ترجمة الجهضمي الضعيف، وذكروا من الرواة عنه: شعبة، ولم يذكروا الدليل على ذلك، مع أنهم ذكروا الأسدي، وذكروا من الرواة عنه شعبة، فكان ينبغي ذكر ما يفرّق بين الاثنين، ومن العجيب أنهم ذكروا في ترجمة الجهضمي أن شعبة روى عنه حديثًا واحدًا هو هذا الحديث الذي هنا، وكتاب البخاري "التاريخ الكبير" بين أيديهم وفيه ما يكفي في التدليل على ما وهموا فيه كما سيأتي!

وخلاصة القول:

1-

أن راوي هذا الحديث هو الأسدي الثقة، لا الجهضمي الضعيف.

2-

وأن شعبة إنما يروي عن محمد بن ذكوان الأسدي، ولم يرو عن محمد بن ذكوان الجهضمي.

3-

وأن ثناء شعبة وتوثيق ابن معين إنما هو للأسدي، لا للجهضمي وإليك الدليل على ذلك:

1-

ذكر البخاري في "تاريخه"(1 / 78 و 79 رقم 204 و 209) كُلاً من الأسدي والجَهْضَمي، وفرَّق بينهما، وذكر هذا الحديث في ترجمة الأسدي.

2-

ذكر البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان والمزّي وابن حجر أن الأسدي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود، ولم يذكروا ذلك في ترجمة الجهضمي.

3-

ذكر ابن أبي حاتم والمزي وابن حجر أن شعبة روى عن الجهضمي حديثًا واحدًا، وأشاروا إليه، وهو هذا الحديث الذي يرويه محمد بن ذكوان عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود، فكان عليهم - إذ رأوا ذلك - أن =

ص: 450

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ينصّوا على أن الجهضمي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود، ولكن عكس ذلك فعلوا؛ حيث ذكروه في ترجمة الأسدي، لا الجهضمي.

4 -

أورد هؤلاء الثلاثة - ابن أبي حاتم، والمزي، وابن حجر - قول أبي داود الطيالسي عن شعبة:(حدثني محمد بن ذكوان، وكان كخير الرجال)، وهذا القول إنما صدر من شعبة في حق محمد بن ذكوان راوي هذا الحديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود كما في رواية الفريابي في "الفضائل"(ص 218 - 219 رقم 132)، لا في حق الجهضمي الذي لم يذكروا أنه روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود.

5 -

وحيث ذكر هؤلاء الثلاثة أن شعبة إنما روى عن الجهضمي حديثًا واحدًا، فكلام ابن معين إذًا يتجه إلى الأسدي راوي هذا الحديث الذي أشاروا إليه؛ بدليل أنهم اعتمدوا على عبارة أبي داود الطيالسي التي قالها عقب روايته لهذا الحديث عن شعبة، ففي رواية الفريابي السابقة قال أبو داود:(لم يرو شعبة عنه إلا هذا).

(2)

هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود الهُذَلي الكوفي، روى عن أبيه ولم يسمع منه إلا شيئًا يسيرًا، وروى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ والأشعث بن قيس ومسروق ابن الأجدع، روى عنه ابناه القاسم ومعن وسماك بن حرب وأبو إسحاق السبيعي ومحمد بن ذكوان وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وسبعين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم وابن سعد وزاد:((قليل الحديث))، وقال يحيى بن سعيد:((مات عبد الله وعبد الرحمن بن ست سنين أو نحوها))، وقال ابن المديني:((لقي أباه))، وقال أيضًا:((سمع من أبيه حديثين: حديث الضب وحديث تأخير الوليد للصلاة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 248 رقم 1185)، و"التهذيب"(6/ 215 - 216 رقم 433)، و"التقريب"(ص 344 رقم 3924).

(3)

ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من "شعب الإيمان" للبيهقي، ونحوه ما في باقي مصادر التخريج.

ص: 451

151 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ

(1)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ الْأَسْوَدُ

(2)

يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ، وَيَنَامُ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

(3)

، وَكَانَ يَخْتِمُ فِيمَا سوى ذلك في ستة

(4)

.

[150] سنده رجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، لكنه ضعيف للانقطاع بين عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود وأبيه.

وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 135 / ب)، والمطبوعة (3/ 298 رقم 3523) من طريق يحيى بن سعيد القطان.

والبخاري في "تاريخه الكبير"(1/ 78) من طريق آدم.

والفريابي في "الفضائل"(ص 218 - 219 رقم 132) من طريق أبي داود الطيالسي.

والطبراني في "الكبير"(9/ 154 رقم 8706) من طريق علي بن الجعد.

ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"(7/ 166).

وأخرجه أبو نعيم أيضًا في الموضع السابق نفسه من طريق إسماعيل بن عُلَيَّة.

والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 201 رقم 2055) من طريق النضر بن شميل.

جميعهم عن شعبة، به نحوه، إلا أن لفظ البخاري مختصر، أما الفريابي فلفظه: حدثني يونس بن حبيب الأصبهاني، قال: حدثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: حدثني محمد بن ذكوان - قال شعبة: وكان كخير الرجال - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عبد الله بن مسعود يحدث أن أباه كان يختم فِي رَمَضَانَ فِي ثَلَاثٍ، وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الجمعة. قال أبو داود:((لم يرو شعبة عنه إلا هذا)).

ويشهد لبعض الحديث ما تقدم في الحديث [149] أن ابن مسعود كان يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثٍ لَا يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ مِنَ النَّهَارِ إِلَّا باليسير، ولم يحدد ذلك برمضان، وتقدم أنه حسن لغيره.

(1)

هو ابن المعتمر.

ص: 452

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(2)

هو الأسود بن يزيد بن قيس النَّخَعي، أبو عمرو، أو: أبو عبد الرحمن، روى عن أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وحذيفة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه عبد الرحمن وأخوه عبد الرحمن وابن أخته إبراهيم بن يزيد النخعي وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع أو خمس وسبعين للهجرة، وهو مخضرم ثقة مكثر فقيه، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأحمد وزاد:((من أهل الخير))، قال ابن سعد:((كان ثقة، وله أحاديث صالحة))، وقال العجلي:((كوفي جاهلي، رجل صالح))، وذكره إبراهيم النخعي فيمن كان يفتي من أصحاب ابن مسعود، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:((كان فقيهًا زاهدًا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 291 - 292 رقم 1061)، و"التهذيب"(1/ 342 - 343 رقم 625)، و"التقريب"(ص 111 رقم 509).

(3)

سيأتي توجيه الكلام في النهي عن النوم قبل العشاء.

(4)

أي: ستة أيام، وسيأتي الحديث بعده رقم [152]:((وكان الأسود يختم في كل ست))، أي: ست ليالٍ.

[151]

سنده صحيح.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(2/ 102 - 103) من طريق عبد الله بن صندل (كذا!!!)، عن الفضيل بن عياض، به نحوه، إلا أنه قال:((وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال)).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 501).

والفريابي في "الفضائل"(ص 223 - 224 رقم 141).

والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 149 رقم 2000).

أما ابن أبي شيبة فمن طريق جرير وسفيان الثوري، وأما الفريابي فمن طريق أبي عوانة، وأما البيهقي فمن طريق شعبة، جميعهم عن منصور، به نحوه، إلا أنهم لم يذكروا قوله:(وَيَنَامُ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ)، وعند ابن أبي شيبة والبيهقي زيادة: أن علقمة كان يقرؤه في كل خمس ليال، وهذه الزيادة ستأتي في الحديث رقم [152]. =

ص: 453

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 355 رقم 5954) عن منصور، به نحوه، ولم يذكر قوله: (وكان يختم فيما سوى

) إلخ.

وأما نوم الأسود فيما بين المغرب والعشاء، ففيه مخالفة ظاهرًا لما جاء في حديث أبي بَرْزَة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.

أخرجه البخاري في "صحيحه"(2/ 49 رقم 568) في مواقيت الصلاة، باب ما يكره من النوم قبل العشاء.

ومسلم في "صحيحه"(1/ 447 رقم 237) في المساجد، باب استحباب التبكير بالصبح.

لكن يجاب عن ذلك بجوابين:

(1)

أن هذا كان من الأسود في رمضان، وهذا قد رخّص فيه بعض أهل العلم، قال الترمذي:((رخّص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان)). اهـ. من "سنن الترمذي"(1/ 314 / بتحقيق أحمد شاكر)، في الصلاة، باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسَّمَر بعدها.

(2)

نظر بعضهم إلى أن علة النهي: خشية خروج الوقت، فرخّص في النوم إذا كان له من يوقظه، أو عُرف من عادته أنه لا يستغرق وقت الاختيار بالنوم؛ ذكر هذا الحافظ في "الفتح" (2/ 49) وقال:((هذا جيد إذا قلنا إن علة النهي خشية خروج الوقت)).

واستدل هؤلاء بما رواه البخاري (2/ 50 رقم 570)، في مواقيت الصلاة، باب النوم قبل العشاء لمن غُلب، من أن ابن عمر كان لا يبالي، أقدّمها - أي العشاء - أو أخّرها إذا كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها، وكان يرقد قبلها.

قال الحافظ في "الفتح"(2/ 51): ((وهو محمول على ما إذا لم يخش أن يغلبه النوم عن وقتها كما صرّح به قبل ذلك حيث قال: وكان لا يبالي، أقدّمها أم أخّرها. وروى عبد الرزاق عن معمر، عن أيوب، عن نافع، أن =

ص: 454

152 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ

(1)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ خَمْسٍ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ يَخْتِمُهُ فِي كُلِّ سِتٍّ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ يختمه في كل سبع.

= ابن عمر كان ربما رقد عن العشاء الآخرة، ويأمر أن يوقظوه، والمصنِّف [أي البخاري] حمل ذلك في الترجمة على ما إذا غلبه النوم، وهو اللائق بحال ابن عمر)). اهـ. والله أعلم.

(1)

هو ابن مهران الأعمش.

[152]

سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، فروايته هنا عن إبراهيم النخعي وهي محمولة على الاتصال كما تقدم في الحديث [3].

والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 501) من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قال: كان عبد الرحمن بن يزيد يقرأ القرآن في كل سبع، وكان علقمة والأسود يقرؤه أحدهما في خمس والآخر في ست، وكان إبراهيم يقرؤه في سبع.

وأخرجه أيضًا (13/ 419 رقم 16775) من نفس الطريق، بذكر عبد الرحمن بن يزيد فقط.

وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن"(ص 223 رقم 139) من طريق سفيان الثوري، عن منصور عن إبراهيم، أن علقمة كان يقرأ في خمس. قال: وقرأه في مكة في ليلة.

وأخرجه الفريابي أيضًا برقم (140).

وأبو نعيم في "الحلية"(2/ 99).

كلاهما من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس.

وتقدم في الحديث السابق تخريج ختم الأسود للقرآن في ست، وفي بعض طرقه زيادة أن علقمة كان يقرؤه في كل خمس ليال.

ص: 455

153 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبيدة

(1)

، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فَهُوَ رَاجِزٌ.

154 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ

(2)

، عَنْ أَبِي قِلَابة، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ في كل ثمان، وأن تميمَ الدَّارِيّ كَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ سَبْعٍ.

155 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّب

(3)

، عَنْ أُبَيَّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ ثَمَانٍ.

(1)

هو عامر بن عبد الله بن مسعود.

[153]

سنده ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، وأما حديج بن معاوية فتقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه أبو الأحوص في الحديث [147]، وقد توبع أيضًا أبو إسحاق السبيعي كما تقدم هناك، والحديث صحّ عن ابن مسعود من غير طريق أبي عبيدة، فانظر الحديث رقم [146] و [147] و [148] و [156].

(2)

هو ابن مهران الحذّاء.

[154]

سنده رجاله ثقات إلا أنه منقطع بين أبي قلابة وأُبَيّ، والواسطة بينهما أبو المهلب كما سيأتي في الحديث بعده.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 137 رقم 1986) من طريق المصنِّف، به مثله سواء، إلا أنه سقط من الإسناد هشيم، فجاء الحديث عن سعيد، أخبرنا خالد.

ولعل الذي أسقط أبا المهلب هو هشيم، فإن الفريابي أخرج الحديث في "الفضائل"(ص 222 رقم 136) من طريق وهيب بن خالد، عن خالد وهو الحذّاء، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ

، فذكره بنحوه.

وسيأتي ذكر باقي طرق الحديث في الحديث الآتي.

(3)

هو أبو المُهَلَّب الجَرْمي البصري، عمّ أبي قلابة، اختلف في اسمه، فقيل: =

ص: 456

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عمرو، وقيل: عبد الرحمن بن معاوية، أو: ابن عمرو، وقيل النضر، وقيل: معاوية؛ روى عن عمر وعثمان وأُبَيِّ بن كعب وتميم الداري وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابن أخيه: أبو قلابة ومحمد بن سيرين وسعيد الجُرَيْري وعوف الأعرابي، وهو ثقة من الطبقة الثانية وثقه العجلي وابن سعد وزاد:((قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان قي الثقات. اهـ. من "طبقات ابن سعد"(7 / 126) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص512 رقم 2053) ، و"التهذيب"(12 / 250 رقم 1144) ، و"التقريب"(ص676 رقم 8398) .

[155]

سنده ضعيف، ورجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، وقد توبع، لكن الحديث منقطع بين أبي المهلب، وأُبَيّ، ففي مقدمة "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (ص129) نقل عن شعبة أنه قال:((أبو المهلب لم يسمع من أُبَيّ حديثه أنه كان يقرأ القرآن في ثمان)) .

ومدار الحديث على أيوب السختياني.

ورواه عنه شعبة وسفيان الثوري وحماد بن زيد وإسماعيل بن علية ووهيب ابن خالد ومعمر وعبيد الله عمرو الرَّقي جميعهم قالوا: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المهلَّب، عَنْ أُبَيّ، إلا أنه اختلف على سفيان، والصواب عنه:((عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المهلَّب، عَنْ أُبَيّ)) .

وخالف هؤلاء عبد الوهاب الثقفي، فرواه عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عن أُبَيّ، ليس فيه ذكر لأبي المهلب.

وهذا إجمال تفصيله ما يأتي:

فالحديث أخرجه المصنف هنا من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شعبة.

وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده"(1 / 558 رقم 1209)، فقال: أنا شعبة

، فذكره بنحوه.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 354 رقم 5949) .

والرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(ص393 و 394) . =

ص: 457

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما عبد الرزاق فعن سفيان الثوري مباشرة، وأما الرامهرمزي فمن طريق عبد العزيز بن أبان ويعلى وعبيد الله وأبي نعيم وقبيصة، جميعهم عن سفيان عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بن كعب قال: إنا لنقرؤه في ثمان، إلا أن يعلى قال: عن أبي قلابة، عن رجل، عن أبي.

وخالف هؤلاء وكيع، فرواه عن سفيان، وجعله عن أبي المهلب، عن عثمان، لكن وكيعًا رجع عن ذلك في تردد.

فقد أخرجه الرامهرمزي في الموضع السابق عن أبي عتبة الليث بن هارون العُكْلي قال: ((كنا عند وكيع بن الجراح، فقال وكيع: حدثنا سفيان، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عن أبي المهلب، عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ القرآن في ثمان.

فقال نوفل بن مطهر الضبّي: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ أنه كان يقرؤه في ثمان.

فقال وكيع: لم تأت بمثل سفيان.

فقال نوفل: ثنا ابن عليّة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ.

فقال وكيع: ولا أيضًا.

فقال نوفل: ثنا عبد العزيز بن أبان، عن سفيان، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ.

فقال وكيع: دعوه.

فلما كان بالعشي قال وكيع: اجعلوه عن عثمان، أو عن أُبَيّ)) . اهـ.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(3 / 500) .

والفريابي في "الفضائل"(ص221 رقم 133) .

والرامهرمزي في الموضع السابق.

ثلاثتهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبي بْنِ كَعْبٍ قال: إنا لنقرؤه في ثمان - يعني القرآن -.

هذا لفظ ابن سعد، ونحوه لفظ الآخرين، إلا أن أيوب سقط من إسناد الفريابي.

وأخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق من "المصنف" من طريق معمر عن أيوب، مقرونًا برواية سفيان الثوري السابقة. =

ص: 458

156 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا سَيَّار

(1)

، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ

(2)

: جَاءَ إِلَيْهِ

(3)

رَجُلٌ

(4)

، فَقَالَ: إِنِّي قَرَأْتُ المفصَّل

(5)

الْبَارِحَةَ فِي رَكْعَةٍ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّمَا فُصِّل لتفصِّلوه، هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَل؟ لَقَدْ علمتُ النَّظَائِرَ

(6)

الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ، بِسُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، بِسُورَتَيْنِ فِي كل ركعة.

= وأخرجه ابن سعد في الموضع السابق.

والفريابي أيضًا (ص 21 - 222 رقم 134).

كلاهما من طريق وُهَيب بن خالد، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ القرآن في ثمان ليال، وكان تميم الداري يختمه في سبع.

هذا لفظ ابن سعد، ولفظ الفريابي: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قال: أما أنا فأقرأ القرآن في ثمان ليال.

وأخرجه ابن سعد في الموضع نفسه من طريق عبيد الله بن عمرو الرَّقي، عن أيوب، به مثل سياق الفريابي السابق سواء.

وأخرجه الرامهرمزي في الموضع السابق أيضًا من طريق إسماعيل بن علية، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 501) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عن أُبَيّ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانٍ، وَأَنَّ تَمِيمًا الدَّاريّ كَانَ يختم القرآن في سبع.

هكذا رواه عبد الوهاب الثقفي بإسقاط أبي المهلب من الإسناد، فخالف الرواة السابقين، وروايتهم أرجح من روايته؛ لكثرتهم، وبعضهم جبال في الحفظ والإتقان، أمثال شعبة وسفيان وحماد

وغيرهم.

(1)

هو سَيَّار أبو الحَكَم العَنَزي، وأبوه يُكَنَّى: أبا سيّار، واسمه: وَرْدان: وقيل: =

ص: 459

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ورد، وقيل غير ذلك، روى عن ثابت البُناني وعامر الشعبي وأبي وائل شقيق بن سلمة وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وشعبة والثوري وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، وثقه ابن معين والنسائي وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وقال الإمام أحمد:((صدوق ثقة ثبت في كل المشايخ)). اهـ. من "ثقات ابن حبان"(6/ 421)، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص 104 رقم 491)، و"التهذيب"(4/ 291 - 292 رقم 501)، و"التقريب"(ص 262 رقم 2718).

(2)

القائل هو أبو وائل شقيق بن سلمة.

(3)

أي إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(4)

هو نَهيك بن سِنان كما سيأتي مصرّحًا به في بعض الروايات، بل قد روي الحديث من طريقه هو يخبر فيه عن مجيئه إلى ابن مسعود كما سيأتي، وانظر "الأسماء المبهمة" للخطيب (ص 317).

(5)

المفصَّل اتفقوا على أن منتهاه آخر القرآن، واختلفوا في أوله على عشرة أقوال ذكرها الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(2/ 249)، فقيل: هو من أول الصافات، وقيل: الجاثية، وقيل: القتال (محمد)، وقيل: الفتح، وقيل: الحجرات، وقيل: ق، وقيل: الصف، وقيل: تبارك، وقيل: سبِّح، وقيل: الضحى، ورجح الحافظ (ص 259) أن أوله:(ق)، وهذا ما كان رجّحه الحافظ ابن كثير؛ حيث قال في بداية تفسيره لسورة (ق) (4/ 220):((هذه السورة هي أول الحزب المفصَّل على الصحيح، وقيل: الحجرات. وأما ما يقوله العوام: إنه من (عمّ)، فلا أصل له، ولم يقله أحد من العلماء رضي الله عنهم المعتبرين - فيما نعلم -، والدليل على أن هذه السورة هي أول المفصَّل

))، ثم استدل رحمه الله بحديث أوس بن حذيفة الذي أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"(4/ 9) وغيرُه، وفيه يقول أوس: فسألنا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تُحَزِّبون القرآن؟ قالوا: نحزِّبه: ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، =

ص: 460

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصَّل من:(ق) حتى يختم.

(6)

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(2/ 259): ((قوله: لقد عرفت النظائر، أي: السور المتماثلة في المعاني، كالموعظة، أو الحكم، أو القصص، لا المتماثلة في عدد الآي، كما سيظهر عند تعيينها. قال المحب الطبري: كنت أظن أن المراد أنها متساوية في العدّ، حتى اعتبرتها فلم أجد فيها شيئًا متساويًا)). اهـ.

[156]

سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.

فالحديث روي عن ابن مسعود رضي الله عنه من ستة طرق:

(1)

طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، وروي عنه من ستة طرق أيضًا:

أ- طريق سيّار أبي الحكم عنه.

أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم، عن أبي سيار.

ومن طريق المصنف أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 346)، إلا أنه أحال لفظه على لفظ حديث قبله أخرجه من طريق عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وائل.

وأشار الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(9/ 90) إلى رواية المصنِّف فقال: ((وعند سعيد بن منصور من طريق سيار [في الأصل: يسار]، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله أنه قال في هذه القصة: إنما فُصِّل لتفصِّلوه)).

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 108 رقم 260).

والإمام أحمد في "المسند"(1/ 427).

ومن طريق أبي عبيد والإمام أحمد أخرجه الطبراني في "الكبير"(10/ 40 - 41 رقم 9860).

ثلاتثهم من طريق هشيم، عن سيار، عن أبي وائل، به نحوه.

ب- طريق الأعمش، عن أبي وائل.

أخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص 34 رقم 259). =

ص: 461

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن طريقه الترمذي في "سننه"(3 / 219 - 220 رقم 599) ، في الصلاة، باب ما ذكر في قراءة سورتين في ركعة.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2 / 520) .

ومن طريقه مسلم في "صحيحه"(1 / 563 رقم 275) في صلاة المسافرين، باب ترتيب القراءة واجتناب الهذّ.

والبيهقي في "سننه"(3 / 9) في الصلاة، باب من استحب الإكثار من الركوع والسجود.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 380) .

ومن طريقه الخطيب في "الأسماء المبهمة"(ص318) .

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 39 رقم 4996) في فضائل القرآن، باب تأليف القرآن.

ومسلم في الموضع السابق و (1 / 564 رقم 276 و 277) .

والنسائي في "سننه"(2 / 174 - 175) في افتتاح الصلاة، باب قراءة سورتين في ركعة.

وابن خزيمة في "صحيحه"(10 / 269 - 270 رقم 538) .

والطبراني في "الكبير"(10 / 42 رقم 9864) .

والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 139 - 140 رقم 1989) .

جميعهم من طريق الأعمش، عن أبي وائل، قال: جاء رجل يُقال له: نَهيك بن سنان إلى عبد الله، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كيف تقرأ هذا الحرف ألِفًا تجده أم ياءً: (من ماء غير آسن)، أو:(من ماء غير ياسن) قال: فقال عبد الله: وكُلَّ القرآن قد أحصيت غير هذا؟ قال: إني لأقرأ المفصَّل في ركعة، فقال عبد الله هذًّا كهذّ الشعر؟ إن قومًا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع فى القلب فرسخ فيه نفع إن أفضل الصلاة الركوع والسجود إني لأعلم النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم =

ص: 462

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يقرن بينهن، سورتين في كل ركعة، ثم قام عبد الله، فدخل علقمة في إثره، ثم خرج فقال: قد أخبرنى بها.

وفي رواية: فجاء علقمة ليدخل عليه، فقلنا له: سَلْهُ عن النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في ركعة، فدخل عليه، فسأله، ثم خرج علينا فقال: عشرون سورة من المفصَّل في تأليف عبد الله.

هذا لفظ مسلم، ونحوه لفظ الباقين مع بعض الاختلاف عند بعضهم، ورواية البخاري والنسائي مختصرة، ووقع عند البخاري: على تأليف ابن مسعود آخرهن الحواميم: حم الدخان، وعمّ يتساءلون.

وفي لفظ الطبراني ونحوه لفظ البيهقي: نظيرتها: عمّ يتساءلون.

وزاد ابن خزيمة: قال الأعمش: وهي عشرون سورة على تأليف عبد الله، أوّلهن، الرحمن، وآخرتهن: الدخان، الرحمن، والنجم، والذاريات، والطور، هذه النظائر، واقتربت، والحاقّة، والواقعة، ون، والنازعات، وسأل سائل، والمدثر، والمزَّمِّل، وويل للمطففين، وعبس، ولا أقسمن وهل أتى، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كوّرت، والدّخان.

جـ- طريق عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وائل.

أخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص35 رقم 267) .

ومن طريقه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1 / 346) .

وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده"(1 / 283 رقم 76) .

ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(10 / 41 رقم 9863) .

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 436) .

والبخاري في "صحيحه"(2 / 255 رقم 775) في الأذان، باب الجمع بين السورتين في الركعة.

ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه"(1 / 565 رقم 279) .

والفريابي في "الفضائل"(ص215 - 216 رقم 126) . =

ص: 463

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والنسائي في الموضع السابق (2 / 175) .

والبزار في "مسنده"(1 / 173 / ب) .

والطحاوي أيضًا (1 / 346) .

والبيهقي في "سننه"(2 / 60) في الصلاة، باب الجمع بين سورتين في ركعة واحدة، وفي "شعب الإيمان"(5 / 142 رقم 1990) .

والخطيب في "الأسماء المبهمة"(ص317) .

جميعهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، سمع أبا وائل يحدث عن أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال عبد الله: هذًّا كهذ الشعر، لقد عرفت السور النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرِنُ بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين سورتين في ركعة.

هذا لفظ الطيالسي، ولفظ الباقين نحوه.

د- طريق واصل الأحدب، عن أبي وائل.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 421 و 462) .

والبخاري في "صحيحه"(9 / 88 رقم 5043) في فضائل القرآن، باب الترتيل في القراءة.

ومسلم في الموضع السابق (1 / 564 رقم 278) .

والطبراني في "الكبير"(10 / 42 رقم 9865) .

جميعهم من طريق واصل الأحدب، عن أبي وائل، قال: غدونا على عبد الله بن مسعود ذات يوم بعد صلاة الغداة، فسلمنا بالباب، فأذن لنا، فقال رجل من القوم: قرأت المفصل البارحة كله، فقال: هذًّا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القرائن التي كان يقرأ بهن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثماني عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم.

هذا لفظ الإمام أحمد، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن لفظ مسلم في أوله قصة.

هـ- طريق منصور، عن أبي وائل. =

ص: 464

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه"(1 / 565 رقم 279) .

والطبراني في "الكبير"(10 / 42 رقم 9866) .

كلاهما من طريق منصور، عن شقيق، قال: جاء رجل من بني بَجيلة يقال له: نَهيك بن سنان إلى عبد الله، فقال: إني أقرأ المفصّل في ركعة، فقال عبد الله: هذًّا كهذ الشعر؟ لَقَدْ عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقرأ بهن، سورتين في ركعة.

هذا لفظ مسلم، ولفظ الطبراني مختصر.

و طريق سلمة بن كهيل، عن أبي وائل.

أخرجه بن البزار في "مسنده"(1 / 175 / ب) .

والطبراني في "الكبير"(10 / 41 رقم 9861 و 9862) .

أما البزار والطبراني في الموضع الثاني فمن طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، وأما الطبراني في الموضع الأول فمن طريق محمد بن سلمة بن كهيل، كلاهما عن أبيهما سلمة، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله، قال: قد عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلي بهن: والذاريات، والطور، والنجم، واقتربت الساعة، والواقعة، ون والقلم، والحاقة، وسأل سائل، والمزمل، والمدثر، ولا أقسم بيوم القيامة، وهل أتى على، والمرسلات، وعم يتساءلون، والنازعات، وعبس، وإذا الشمس كورت، وويل للمطففين، وحم الدخان.

هذا لفظ البزار، ولفظ الطبراني نحوه، إلا أنه زاد:(والرحمن) ، ولم يذكر، (وسأل سائل)(والمدثر) .

قال البزار: ((وهذا الحديث لا نعلم أحدًا جاء به بهذا اللفظ إلا سلمة بن كهيل، ولا نعلم روى سلمة عن وائل إلا هذا الحديث)) .

قلت: أحد الطريقين ضعيف لضعف محمد، والآخر ضعيف جدًّا لشدة ضعف يحيى. =

ص: 465

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما يحيى بن سلمة بن كُهَيْل الحضرمي، فتقدم في الحديث [77] أنه متروك.

وأما محمد بن سلمة بن كهيل الكوفي، فإنه ضعيف يتشيع؛ ضعفه ابن سعد وابن معين وابن شاهين، وقال الجوزجاني:((ذاهب واهي الحديث))، وذكره ابن عدي في "الكامل" وقال:((كان ممن يعد من متشيعي الكوفة))، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الكامل"(6/ 2221 - 2222)، و"الميزان"(3/ 568 رقم 7614)، و"اللسان"(5/ 183 رقم 633).

(2)

طريق نَهيك بن سنان، عن ابن مسعود.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 417).

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 345 - 346).

والطبراني في "الكبير"(10/ 42 و 43 رقم 9867 و 9868).

ثلاثتهم من طريق إبراهيم النخعي، عن نهيك بن سنان السلمي، أنه أتى عبد الله بن مسعود، فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذًّا مثل هذا الشعر، ونثرًا مثل نثر الدقل، إنما فُصل لتفصلوا، ولقد عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقرن، عشرين سورة: الرحمن، والنجم على تأليف ابن مسعود، كل سورتين في ركعة، وذكر الدخان وعمّ يتساءلون في ركعة.

هذا لفظ الإمام أحمد ونحوه لفظ الطحاوي، وأما لفظ الطبراني، فجاء فيه: (عن نهيك بن سنان، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ الله بن مسعود، فقال: إني قرأت

) الحديث إلى قوله: (عشرين سورة) ثم قال: (في عشر ركعات).

(3)

طريق زرّ، عن ابن مسعود.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 412) من طريق عاصم، عن زر، أن رجلاً قال لابن مسعود

، فذكر الحديث بنحو سياق الأعمش عن أبي وائل السابق، وزاد في آخره:(وكان أول مفصل ابن مسعود: الرحمن).

(4)

طريق مسروق، عن ابن مسعود. =

ص: 466

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن"(ص 214 - 215 رقم 125).

والنسائي في الموضع السابق من "سننه"(2/ 175 - 176).

والطبراني في "الكبير"(10/ 40 رقم 9858).

ثلاثتهم من طريق أبي حصين، عن يحيى بن وثَّاب، عن مسروق، عن عبد الله، به نحو سياق عمرو بن مرّة للحديث عن أبي وائل، إلا أن الطبراني اختصره، وأما النسائي، فزاد:(عشرين سورة من المفصل من آل حم).

وأما الفريابي، فإنما ذكر قول ابن مسعود: (لقد حفظت

)، ولم يذكر مجيء الرجل، وسمّى السور، فقال:(الرحمن والنجم في ركعة، والذاريات والطور في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والمزمل والمدثر في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، وهل أتى على الإنسان ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة، والمرسلات وعمّ يتساءلون في ركعة، وإذا الشمس كورت والدخان في ركعة).

لكن الحديث بهذا اللفظ عند الفريابي من طريق قيس بن الربيع الأسدي، وتقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به.

(5)

طريق علقمة، عن ابن مسعود.

أخرجه البزار في "مسنده"(1/ 164 / أ).

والهيثم بن كليب في "مسنده"(ل 40 / أ).

والطبراني في "الكبير"(10/ 40 رقم 9857).

ثلاثتهم من طريق إبراهيم النخعي، عن علقمة، به نحو رواية عمرو بن مرة للحديث عن أبي وائل.

وأخرجه أبو داود في "سننه"(2/ 117 رقم 1396) في الصلاة، باب تحزيب القرآن.

والفريابي في "الفضائل"(ص 213 - 214 رقم 122 و 123 و 124). =

ص: 467

157 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ

(1)

، عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ)

(2)

نَافِعِ بْنِ لَبِيبة

(3)

قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: قَرَأْتُ المفصَّل فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَفَعَلْتُمُوهَا؟ إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَوْ شَاءَ أَنْ يُنَزِّلَهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَعَلَ، أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حظَّها من الركوع والسجود.

= والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 346).

والبيهقي في "سننه"(3/ 9 - 10)، في الصلاة، باب من استحب الإكثار من الركوع والسجود.

جميعهم من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن الأسود بن يزيد وعلقمة، به نحو سابقه، إلا أنه زاد ذكر السور مقرونة بمثل سياق قيس بن الربيع لها في رواية مسروق للحديث عن ابن مسعود.

(6)

طريق الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مسعود.

أخرجه أبو داود، والفريابي، والطحاوي، والبيهقي مقرونًا برواية علقمة السابقة.

(1)

هو يعلى بن عطاء العامري، ويقال: الليثي، الطَّائِفي، روى عن أبيه وأوس بن أبي أوس وعمرو بن الشريد بن سويد وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وشريك وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته بواسط سنة عشرين ومائة، وهو ثقة، وثقه ابن معين والنسائي وابن سعد. انظر "الجرح والتعديل"(9/ 302 رقم 1302)، و"التهذيب"(11/ 403 - 404 رقم 780)، و"التقريب"(ص 609 رقم 7845).

(2)

ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من مصدري الترجمة وبعض مصادر التخريج.

(3)

هو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لَبِيبة الطَّائِفي، مجهول الحال، روى عن أبي هريرة وابن عمر، روى عنه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خثيم ويعلى بن عطاء، وذكره =

ص: 468

158 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَل، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ رضي الله عنه

(1)

- حِينَ قُتِلَ -: لَقَدْ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنَّهُ لَيُحْيِي اللَّيْلَ كلَّه بِالْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ

(2)

.

= ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(5/ 294 رقم 1393) وبيّض له، وانظر "تهذيب الكمال" للمزي (3/ 1556 / مخطوط).

[157]

سنده ضعيف لجهالة حال عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لبيبة، وأما هشيم فإنه وإن لم يصرح بالسماع هنا، إلا أن شعبة قد تابعه كما سيأتي.

فالحديث أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 107 رقم 258).

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 345).

أما أبو عبيد فمن طريق حجاج، وأما الطحاوي فمن طريق أبي داود، كلاهما عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، به نحوه، إلا أنه وقع عند أبي عبيد:(عبد الرحمن بن أبي لبيبة)، وأما الطحاوي فعنده:(عن يعلى بن عطاء، قال: سمعت ابن لبيبة)، ولم يصرح ابن لبيبة عندهما أنه هو القائل لابن عمر، ففي لفظ أبي عبيد: (عن ابن عمر أن رجلاً أتاه فقال

)، ونحوه لفظ الطحاوي.

وأما قوله: ((أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الركوع والسجود)) ن فقد ورد مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 369) من طريق عبدة.

والإمام أحمد في "المسند"(5/ 59) من طريق أبي معاوية وعبدة.

كلاهما عن عاصم، عن أبي العالية، قال: حدثني من سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

، فذكره.

وسنده صحيح، وأبو العالية هو رُفَيع بن مهران، وعاصم هو ابن سليمان الأحول، وعبدة هو ابن سليمان، وأبو معاوية هو محمد بن خازم، وقد صححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" برقم (1054).

(1)

هي نَائِلةُ بنت الفرافصة بن الأحوص بن عمرو - ويقال: عُفَير - ابن ثعلبة الكَلْبِيَّة كما جاء مصرحًا به في بعض الروايات، كان أبوها نصرانيًا، وتزوجها عثمان رضي الله عنه، وكانت لها مواقف محمودة في الدفاع عنه حين دخل عليه الثُوَّار، انظر ترجمتها في "طبقات ابن سعد"(8/ 483)، و"تاريخ ابن عساكر"(ص 404 - 411 / تراجم النساء).

(2)

هذا يتعارض مع حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ القرآن في كل شهر))، قال: قلت: إني أجد قوَّة، =

ص: 469

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال: ((فاقرأه في عشرين ليلة)) ، قال: قلت: إني أجد قوّة، قال:((فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك)) .

أخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 94 - 95 رقم 5052 و 5053 و 5054) ، في فضائل القرآن، باب في كم يقرأ القرآن.

ومسلم في "صحيحه"(2 / 813 - 814 رقم 182 و 183 و 184) في الصيام، باب النهي عن صوم الدهر.

وجاء عند البخاري في رواية (4 / 224 رقم 1978) في الصوم، باب صوم يوم وإفطار يوم، عنه رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((صم من الشهر ثلاثة)) ، قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال:((صُم يومًا وأفطر يومًا)) فقال: ((اقرأ القرآن في كل شهر)) ، قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال:((في ثلاث)) .

لكن أُجيبَ عن ذلك بما ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(9 / 97)، قال رحمه الله:((وثبت عن كثير من السلف أنهم قرأوا القرآن في دون ذلك)) .

قال النووي: والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص، فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر، استُحبَّ له أن يقتصر على القدر الذي لا يختلّ به المقصود من التدبُّر واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، يستحبّ له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخلُّ بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك، فالأولى له الاستكثار ما أمكنه، من غير خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هذرمة، والله أعلم)) .

وقال أيضًا: ((وأغرب بعض الظاهرية، فقال: يحرم أن يقرأ الْقُرْآنَ فِي أقلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وقال النووي: أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوّة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص)) . اهـ.

[158]

سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف لانقطاعه، فابن سيرين لم يسمع من عثمان رضي الله عنه، فإنه إنما ولد لسنتين بقيتا من خلافته كما في "التهذيب"(9 / 215) .

وأما أبو معاوية محمد بن خازم، فإنه وإن كان قد يهم في غير حديث الأَعْمش، إلا أنه قد تابعه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عاصم بن سليمان الأَحْول كما سيأتي، وقد توبع أيضًا عاصم، وكذا ابن سيرين، فالحديث صحيح لغيره كما سيأتي. =

ص: 470

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقد روي الحديث عن عثمان رضي الله عنه من خمسة طرق:

(1)

طريق محمد بن سيرين، عنه رضي الله عنه.

وله عن ابن سيرين ثمانية طرق:

(أ) طريق عاصم بن سليمان الأحول.

أخرجه المصنف هنا من طريق أبي معاوية عنه.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(3/ 76).

وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 57).

ومن طريقه ابن عساكر في ترجمة عثمان من "تاريخه"(ص 227 - 228).

كلاهما من طريق أبي معاوية، به، ولفظ ابن سعد مثله، ولفظ أبي نعيم نحوه، لكن وقع عند أبي نعيم:((عن عاصم، عن أنس بن مالك، قال: قلت .... ))، وقال أبو نعيم عقبه:((كذا قال: أنس بن مالك! ورواه الناس، فقالوا: أنس بن سيرين)).

قلت: وليس الأمر كما قال أبو نعيم، بل هو محمد بن سيرين، فهو الذين يروي عنه عاصم، ولم يذكروا أنه روى عن أنس بن سيرين كما في "تهذيب الكمال" المطبوع (13/ 486).

وقد جاء الحديث من بعض الطرق مصرحًا فيها بأنه محمد بن سيرين.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص 452 - 453 رقم 1277) فقال: أخبرنا عاصم بن سليمان، عن ابن سيرين، أن تميمَ الدَّارِيَّ كان يقرأ القرآن في ركعة، قال: وقالت امرأة عثمان حين دخلوا عليه ليقتلوه

، فذكره بنحوه.

(ب) طريق هشام الدَّستوائي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عثمان كان يحيي الليل فيختم القرآن في ركعة.

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(3/ 75) من طريق يزيد بن هارون، عن هشام، واللفظ له.

وأخرجه ابن عساكر في ترجمة عثمان من "تاريخه"(ص 328) من طريق سفيان، عن هشام نحو لفظ يزيد. =

ص: 471

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (جـ) طريق منصور، عن ابن سيرين، به نحو لفظ المصنِّف.

أخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 114 - 278).

وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 367).

والإمام أحمد في "الإيمان"(ل 49 / ب).

(د) طريق سلام بن مسكين، عن محمد بن سيرين، به نحو لفظ المصنِّف أيضًا.

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(3/ 76).

والطبراني في "الكبير"(1/ 43 رقم 130).

ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 57).

وأخرجه ابن عساكر في الموضع السابق.

(هـ) طريق قُرَّة بن خالد، عن محمد بن سيرين، به نحوه.

أخرجه ابن سعد في الموضع السابق مقرونًا برواية سلام بن مسكين.

(و) طريق يزيد بن إبراهيم، عن ابن سيرين، عن عثمان أنه قرأ القرآن في ركعة في ليلة.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 503).

وأخرجه ابن عساكر مقرونًا بالرواية الآتية.

(ز) و (ح) طريقًا الفضل بن دلهم والربيع بن صبيح، كلاهما عن ابن سيرين، بنحو لفظ المصنف.

أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق، وقرن معهما رواية يزيد بن إبراهيم السابقة.

(2)

طريق عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، عن عثمان رضي الله عنه. وله عن عبد الرحمن أربعة طرق.

(1)

طريق محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن عثمان قال: قمت خلف المقام وأنا أريد أن لا يغلبني عليه أحد تلك الليلة، فإذا رجل يغمزني، فلم ألتفت، ثم غمزني، فنظرت، فإذا عثمان بن عفان، فتنحيّت، فتقدم، فقرأ =

ص: 472

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= القرآن في ركعة، ثم انصرف.

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(3 / 75 - 76) .

وابن أبي شيبة في "المصنف"(1 / 368) و (2 / 502 - 503) .

والبيهقي في "سننه"(3 / 24 - 25) في الصلاة، باب الوتر بركعة واحدة.

وفي "شعب الإيمان"(5 / 145 - 146 رقم 1993) .

ومن طريق البيهقي وطريق آخر أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه"(ص225) .

جميعهم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بن وقاص الليثي، عن محمد بن إبراهيم، به.

وهذا إسناد حسن، وهو صحيح لغيره بما يأتي من طرق.

فعبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، ابن أخي طلحة بن عبيد الله، صحابي قتل مع ابن الزبير، وكان قد أسلم يوم الحديبية، وقيل: يوم الفتح، روى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وعن عمه طلحة بن عبيد الله وعثمان بن عفان، روى عنه ابناه عثمان ومعاذ ومحمد بن إبراهيم التيمي والسائب بن يزيد وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين للهجرة مقتولاً مع ابن الزبير.

انظر "الجرح والتعديل"(5 / 247 - 248 رقم 1181) ، و"التهذيب"(6 / 227 رقم 457) ، و"التقريب"(ص346 رقم 3944) ، و"الإصابة"(4 / 332 رقم 5163) .

ومحمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد الله المدني، يروي عن أبي سعيد الخدري وجابر وأنس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عمرو بن علقمة وهشام بن عروة وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: إحدى وعشرين، وقيل: سنة تسع عشرة ومائة، وهو ثقة له أفراد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، ويعقوب بن شيبة وأبو حاتم والنسائي وابن خراش وابن سعد وزاد:((كثير الحديث)) ، وذكره العقيلي =

ص: 473

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في الضعفاء، وروى عن عبد الله بن الإمام أحمد أنه قال: سمعت أبي يقول: ((في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير)) ، فردّ ذلك الحافظ ابن حجر بقوله:((قلت: المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له، فيحتمل هذا على ذلك، وقد احتجّ به الجماعة)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (4 / 20) ، و"هدي الساري"(ص437) ، و"التهذيب"(9 / 5 - 7 رقم 8) ، و"التقريب"(ص465 رقم 5691) .

وأما مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بن وقاص الليثي فتقدم في الحديث [4] أنه صدوق.

(ب) طريق محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن عثمان بنحو سابقه وزاد: فلما انصرف قلت: يا أمير المؤمنين، إنما صليت ركعة؟! قال: أجل، هي وتري.

أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد"(ص452 رقم 1276) واللفظ له.

ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن عساكر في ترجمة عثمان من "تاريخه"(ص226) .

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1 / 294) .

والبيهقي في الموضع السابق من "سننه"(3 / 25) .

ومن طريقه ابن عساكر في الموضع السابق (ص225) .

جميعهم من طريق فليح بن سليمان، عن محمد بن المنكدر، به.

(جـ) طريق السائب بن يزيد أن رجلاً سأل عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن صلاة طلحة بن عبيد الله، قال: إن شئت أخبرتك عن صلاة عثمان بن عفان، قال: نعم، قال: قلت: لأغلبن الليلة النفر على الحجر - يريد المقام - قال: فلما قمت إذا رجل يزحمني متقنعًا، قال: فنظرت فإذا هو عثمان، فتأخرت عنه فصلّى، فإذا هو يسجد سجود القرآن، حتى إذا قلت: هذا هو أذن الفجر، أوتر بركعة لم يصلّ غيرها، ثم انطلق.

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3 / 24 رقم 4653) واللفظ له.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص225 - =

ص: 474

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 226) .

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص114 رقم 277) .

كلاهما من طريق ابن جريج، أخبرني يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، به.

وهذا إسناد صحيح.

السائب بن يزيد بن سعيد بن ثُمامة الكندي - وقيل غير ذلك في نسبه -، ويعرف بابن أخت النَّمر، صحابي صغير له أحاديث قليلة، وحُجَّ به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة، روى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وعمر وعثمان وطلحة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه عبد الله ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن أخته يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خصيفة وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، وقد روى له الجماعة. اهـ. من "التقريب"(ص228 رقم 2202) ، وانظر "الجرح والتعديل"(4 / 241 رقم 1031) ، و"التهذيب"(3 / 450 - 451 رقم 839) .

ويزيد بن عبدا لله بن خُصَيفة- بمعجمة ثم مهملة - ابن عبد الله بن يزيد الكندي المدني، وقد ينسب لجده، يروي عن أبيه والسائب بن يزيد وبسر بن سعيد وغيرهم، روى عنه هنا ابن جريج، وروى عنه أيضًا الإمام مالك والسفيانان وغيرهم وهو ثقة من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وأبو حاتم والنسائي، وقال ابن معين:((ثقة حجة)) ، وقال ابن سعد:((كان عابدًا ناسكًا كثير الحديث ثبتًا)) ، وقال ابن عبد البر:((كان ثقة مأمونًا)) .

وروى الآجري عن أبي داود أن الإمام أحمد قال عن يزيد هذا: ((منكر الحديث)) ، وأوضح ذلك الحافظ ابن حجر بقوله:((هذه اللفظة يطلقها أحمد على من يغرب على أقرانه بالحديث، عُرف ذلك بالاستقراء من حاله، وقد احتج بابن خصيفه مالك والائمة كلهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(9 / 274 رقم 1153) ، و"التهذيب"(11 / 340 رقم 652) ، و"هدي الساري"(ص453) ، و"التقريب"(ص602 رقم 7738) . =

ص: 475

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما ابن جريج فتقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وهو مدلِّس، لكنه صرح بالسماع في هذه الرواية.

(د) طريق عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، قال: قال أبي: لأغلبن الليلة على المقام

، فذكر الحديث بنحو سابقه، إلا أنه قال في آخره: ثم أخذ نعليه، فلا أدري أصلى قبل ذلك شيئًا أم لا؟

أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 56 - 57).

(3)

طريق سليمان بن يسار، أن عثمان بن عفان قام بعد العشاء فقرأ القرآن كله في ركعة لم يصلّ قبلها ولا بعدها.

أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص 452 رقم 1275) فقال: أخبرنا ابن لهيعة، قال: حدثني بكير الأشج، عن سليمان بن يسار

، فذكره.

ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه"(ص 226).

وسنده ضعيف له علتان:

1 -

ضعف ابن لهيعه كما سبق بيانه في الحديث رقم [45].

2 -

الانقطاع بين سليمان بن يسار وعثمان، فسليمان بن يسار مولده في أواخر أيام عثمان في سنة أربع وثلاثين على ما رجحه الحافظ الذهبي وغيره. انظر "سير أعلام النبلاء"(4/ 447)، و"التهذيب"(4/ 229 - 230).

(4)

طريق عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ عثمان بن عفان صلى بالناس، ثم قام خلف المقام، فجمع كتاب الله في ركعة كانت مرة، فسُمِّيت: البتيراء.

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(3/ 76) فقال: أخبرنا يوسف بن الغرق، قال: أخبرنا خالد بن بكير، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ

، فذكره.

ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص 227).

وسنده ضعيف جدًّا. =

ص: 476

159 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ المُسَيَّب

(1)

، عَنْ طَالُوت

(2)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لأنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فِي لَيْلَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كله في ليلة.

= عطاء أبي رباح روايته عن عثمان مرسلة كما في "التهذيب"(7/ 199).

ويوسف بن الغرق بن أبي لمازة الباهلي قاضي الأهواز متروك، فقد ضرب أحمد ويحيى بن معين وأبو خثيمة على حديثه وأسقطوه، وفي رواية عن الإمام أحمد أنه قال:((رأيته ولم أكتب عنه شيئًا))، وقال أبو علي الحافظ:((منكر الحديث))، وقال: أبو حاتم: ((ليس بالقوي)). اهـ. "الجرح والتعديل"(9/ 227 - 228 رقم 955)، و"لسان الميزان"(6/ 236 - 237).

(5)

طريق موسى بن طلحة، قال: حجت في خلافة عثمان، فقلت: آتي المقام حين ينكفت الناس ويخفّون، فأتيته في ذلك الوقت، فإني لقائم أصلي، إذا كفّ على منكبي يطلب السعة، فلم أتنحّ، فرفع يده عني، ثم رجع إلى وراء، فلحظته فإذا هو عثمان بن عفان، وهو إذ ذاك خليفة، فأوسعت له، ودخل فيما بيني وبين صاحبي

، فذكر الحديث بمعنى حديث عبد الرحمن بن عثمان. أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص 226 - 227).

وعليه يتضح أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، والله أعلم.

(1)

هو العلاء بن المُسَيّب بن رافع الأسدي، الكَاهِلي، ويقال: التَّغْلبي، الكوفي، روى عن أبيه وعكرمة وعطاء وغيرهم، روى عنه عبد الواحد بن زياد وزهير بن معاوية وحفص بن غياث وأبو شهاب الحَنَّاط عبد ربه بن نافع وغيرهم، وهو ثقة ربما وهم، من الطبقة السادسة، روى له الجماعة إلا الترمذي، ووثقه ابن سعد والعجلي ويعقوب بن سفيان، وقال ابن معين:((ثقة مأمون))، وقال ابن عمار:((ثقة يحتجّ بحديثه))، وأما الحاكم فقال:((له أوهام في الإسناد والمتن)). اهـ. من "طبقات ابن سعد"(6/ 348)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 343 رقم 1173)، و"التهذيب"(8/ 192 - 193 رقم 348)، و"التقريب"(ص 436 رقم 5258). =

ص: 477

160 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ العَبْدي

(1)

، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّل النَّاجِي

(2)

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَامَ لَيْلَتَهُ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ يكررها على نفسه.

(2)

هو طالوت أبو سعيد القرشي، مجهول، روى عن سلمان وابن عباس، روى عنه العلاء بن المسيب فقط، وذكره البخاري في "تاريخه"(4/ 362 رقم 3153) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 494 رقم 2174)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 398).

[159]

سنده ضعيف لجهالة طالوت، وهو صحيح لغيره بالطرق الآتية في الحديث رقم [161].

(1)

هو إسماعيل بن مسلم، العَبْدي، أبو محمد البصري، قاضي قيس، روى عن الحسن البصري ومحمد بن واسع وسعيد بن مسروق وأبي المتوكِّل الناجي، روى عنه عبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي وابن عيينة ويحيى القطان وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة، وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وأبو حاتم وزاد:((صالح))، وقال أحمد:((ليس به بأس، ثقة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 196 - 197 رقم 667)، و"التهذيب"(1/ 331 رقم 597)، و"التقريب"(ص 110 رقم 483).

(2)

هو علي بن داود، ويقال: ابن دُؤاد - بضم الدال، بعدها واو بهمزة - أبو المتوكل الناجي - بنون وجيم -، البصري، مشهور بكنيته، روى عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وجابر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ثابت البُناني وقتادة وحميد الطويل وإسماعيل بن مسلم العبدي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان ومائة، وقيل: سنة اثنتين ومائة، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وابن المديني وأبو زرعة والعجلي، والبزار والنسائي. =

ص: 478

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "الجرح والتعديل"(6 / 184 - 185 رقم 1014) ، و"التهذيب"(7 / 318 رقم 539) ، و"التقريب"(ص401 رقم 4731) .

[160]

الحديث سنده ضعيف لإرساله، فإن أبا المتوكل تابعي كما يظهر في ترجمته، وقد اختُلف على إسماعيل بن مسلم في الحديث، فرواه المصنِّف هنا عن ابن المبارك، عنه، عن أبي المتوكل مرسلاً.

وخالفه زيد بن الحباب، فرواه عن إسماعيل بن مسلم، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رد آية حتى أصبح.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3 / 62) .

والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 7 رقم 1881) .

ورواية المصنف هنا أرجح، لأن الراوي للحديث على هذه الصفة هو ابن المبارك، وتقدم في الحديث [42] أنه ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير.

والذي خالفه هو زيد بن الحُبَاب - بضم المهملة وموحدتين - ابن الرَّيّان التميمي، أبو الحسن العُكْلي - بضم المهملة وسكون الكاف -، يروي عن أيمن بن نابل ويونس بن أبي إسحاق والإمام مالك والثوري وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وابنا أبي شيبة وعلي بن المديني وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائتين، وهو صدوق، إلا أنه يخطئ في حديث الثوري، فقد وثقه ابن معين في رواية ووثقه ابن المديني والعجلي وعثمان بن أبي شيبة والدارقطني وابن ماكولا وغيرهم، وقال أبو حاتم:((صدوق صالح الحديث)) ، وقال الإمام أحمد:((كان صدوقًا وكان يضبط الألفاظ عن معاوية بن صالح، لكن كان كثير الخطأ)) ، وقال ابن معين في رواية:((كان يقلب حديث الثوري، ولم يكن به بأس)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((يخطئ، يعتبر حديثه إذا روى عن المشاهير، وأما روايته عن المجاهيل ففيها مناكير)) . "الجرح والتعديل"(3 / 561 - 562 رقم 2538) ، و"التهذيب"(3 / 402 - 404 رقم 738) ، و"التقريب"(ص222 رقم 2124) .

ص: 479

161 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرة، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: فَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ: مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَأَنْ لَا أَقْرَأَ إِلَّا سُورَةً وَاحِدَةً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصْنَعَ ذلك، فإن كنت لابدَّ فَاعِلًا، فَاقْرَأْ قِرَاءَةً تُسْمِعُ أُذُنَيْكَ، وتُوعيه قلبك.

[161] سنده حسن؛ رجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن زياد الرصاصي فصدوق كما في ترجمته في الحديث رقم [6]، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه حجاج بن محمد وشبابة عن شعبة، وقد توبع شعبة أيضًا كما سيأتي، فالحديث صحيح لغيره.

ومدار الحديث على أبي جمرة نصر بن عمران، وروي عنه من أربعة طرق:

(1)

طريق شعبة عنه.

أخرجه المصنف هنا من طريق عبد الرحمن بن زياد، عنه.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 89 رقم 213) من طريق حجاج.

وأخرجه البيهقي في "السنن"(2/ 396) في الصلاة، باب مقدار ما يستحب له أن يختم فيه القرآن من الأيام، و (3/ 13) في الصلاة أيضًا، باب ترتيل القراءة، وفي "شعب الإيمان"(5/ 124 رقم 1972)، في جميع هذه المواضع من طريق شبابة.

كلاهما - حجاج وشبابة - عن شعبة، به نحوه.

(2)

طريق أيوب السختياني، عن أبي جمرة.

أخرجه أبو عبيد في المواضع السابق برقم (212).

والآجُرِّي في "أخلاق أهل القرآن"(ص 169 رقم 89).

والبيهقي في "السنن"(2/ 396)، وفي "شعب الإيمان"(5/ 7 رقم 1882).

ثلاثتهم بنحو لفظ المصنف، إلا أنه قال:((إني أقرأ القرآن في ثلاث))، ولم يذكر قوله: ((فإن كنت لابد

)) إلخ. =

ص: 480

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وسند أبي عبيدة صحيح لذاته؛ فإنه رواه عن شيخه إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن أيوب، به.

وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة تقدم في الحديث [59] أنه ثقة حافظ.

وأيوب بن أبي تميمة السختياني تقدم في الحديث [39] أنه ثقة ثبت.

(3)

طريق معمر، عن أبي جمرة.

أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص 420 رقم 1193).

وعبد الرزاق في "المصنف"(2/ 489 رقم 4187).

ولفظ ابن المبارك: قلت لابن عباس: إني رجل في قراءتي وكلامي عجلة، فقال ابن عباس: لأن أقرأ البقرة أرتّلها، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ القرآن كله.

ومثله لفظ عبد الرزاق، إلا أنه قال:((من أن أهذّ القرآن كله)).

(4)

طريق حماد بن سلمة، عن أبي جمرة، بنحو اللفظ السابق.

أخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 89 رقم 213)، وفي "غريب الحديث"(4/ 220).

وأخرجه ابن الضريس في "الفضائل"(ص 40 رقم 32).

والبيهقي في "السنن"(2/ 54) في الصلاة، باب كيف قراءة المصلي، و (3/ 13)، في الصلاة أيضًا، باب ترتيل القراءة، وفي "شعب الإيمان"(5/ 123 - 124 رقم 1971).

وللحديث طرق آخر عن ابن عباس تقدم برقم [159].

ومن خلال ما سبق يتضح أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.

ص: 481

162 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ

(1)

، وَيَحْيَى

(2)

ابْنَيْ

(3)

سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ تَبَّان

(4)

مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يُسأل عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، قَالَ: لَأَنْ أَقْرَأَ فِي شَهْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَشْرٍ، وَعَشْرٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَبْعٍ ، أَقِفُ عِنْدَ مَا يَنْبَغِي أَنْ أَقِفَ عِنْدَهُ، وَأَدْعُوا اللَّهَ عز وجل وأسأل.

= هو عبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري، أخو يحيى، المدني، روى عن جده قيس وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وشعبة والسفيانان وعبد الله بن المبارك وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين أو أربعين ومائة وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه العجلي والنسائي وابن سعد، وزاد:((كثير الحديث، دون أخيه يحيى))، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: ((عبد ربه بن سعيد لا بأس به))، قلتك يحتج بحديثه؟ قال:((هو حسن الحديث ثقة)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 41 رقم 213)، و"التهذيب"(6/ 126 - 127 رقم 263)، و"التقريب"(ص 335 رقم 3786).

(2)

هو يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، المدني، أبو سعيد القاضي، روى عن أنس بن مالك وعبد الله بن عامر بن ربيعة وسعيد بن المسيب والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وغيرهم، روى عنه الزهري ومحمد بن عجلان والإمام مالك والأوزاعي وشعبة والسفيانان وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: مات سنة ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: ست وأربعين ومائة، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة، وقيل لهشام بن عروة: سمعتَ أباك يقول كذا وكذا؟ فقال: لا، ولكن حدثني العدل الرضى الأمين، عدل نفسي عندي: يحيى بن سعيد))، وقال الإمام أحمد:((يحيى بن سعيد أثبت الناس))، وقال =

ص: 482

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= العجلي: ((مدني تابعي ثقة، له فقه، وكان رجلاً صالحًا))، وقال النسائي:((ثقة مأمون))، وفي موضع آخر:((ثقة ثبت)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(9/ 147 - 148 رقم 620)، و"التهذيب"(11/ 221 - 224 رقم 360)، و"التقريب"(ص 591 رقم 7559).

(3)

قوله: ((ابني)) جاءت في نهاية الوجه الأول من اللوحة (110)، وكررها الناسخ في بداية الوجه الثاني.

(4)

كذا جاء في الأصل، وعند أبي عبيد في "فضائل القرآن" كما سيأتي. والتِّبْنُ معروف، وهو عَصيفة الزَّرع من البرِّ ونحوه، واحدته:((تِبْنَة))، ورجل تَبَّانٌ: هو الذي يبيع التِّبْنَ. انظر "لسان العرب"(13/ 71).

[162]

سنده ضعيف لجهالة عين الرجل التبّان وأبيه.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 90 رقم 215)، فقال: حدثنا أبو النَّضْر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ وَيَحْيَى ابْنَيْ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ تبّان من أهل المدينة، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، به بنحو لفظ الإمام مالك الآتي.

وأخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في "المختصر" منه (ص 132) بنحو لفظ المصنف.

وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 200 - 201 رقم 4) في كتاب القرآن، باب ما جاء في تحزيب القرآن، أخرجه عن شيخه يحيى بن سعيد قال: كنت أنا ومحمد بن يحيى بن حَبَّان جالسين، فدعا محمد رجلاً فقال: أخبرني بالذي سمعت من أبيك، فقال الرجل: أخبرني أبي أنه أتى زيد بن ثابت، فقال له: كيف ترى في قراءة القرآن في سبع؟ فقال زيد: حَسَنٌ، ولأن أقرأه في نصف، أو عشر، أحبُّ إليّ، وسلني: لم ذاك؟ قال: فإني أسألك، قال زيد: لكي أتدبّره وأقف عليه.

ومن طريق الإمام مالك أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 9 رقم 1885)، =

ص: 483

163 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ

(1)

، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ رَبِيعَةَ

(1)

، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَدْرُسُ الْقُرْآنَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.

= إلا أنه قال: ((عشرين)) بدل قوله: ((عشر)).

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص 420 رقم 1194).

وعبد الرزاق في "المصنف"(3/ 354 رقم 5951) عن الثوري.

والبيهقي في الموضع السابق عن سليمان بن بلال.

ثلاثتهم - ابن المبارك، والثوري، وسليمان - عن يحيى بن سعيد، به نحو سياق الإمام مالك، وعندهم:((عشرين)) بدل قوله: ((عشر)).

وأخرجه أبو عبيد في الموضع السابق برقم (214) من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، به بنحو لفظ الإمام مالك، وعنده أيضًا:((عشرين))، بدل قوله:((عشر)).

(1)

هو محمد بن يزيد الرَّحَبي، أبو بكر الدمشقي، مجهول الحال، سكت عنه البخاري في "التاريخ"(1/ 261 رقم 833)، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(8/ 127 رقم 570)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(9/ 35)، وأطال ابن عساكر في ترجمته في "تاريخه"(16/ 126 - 128 / مخطوط)، ولم يذكر عنه ما يفيد جرحًا أو تعديلاً، وقد روى عنه الهيثم بن حميد، وإسماعيل بن عياش، ومحمد بن المهاجر، وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهم.

(2)

هو عمير بن ربيعة مولى بني عبد شمس، وقيل: إنه أوزاعي، روى عن ابن مسعود مرسلاً، روى عنه خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح، ومغيث بن سمي، ومحمد بن يزيد الرحبي، وهو مجهول الحال، ذكره البخاري في "تاريخه"(6/ 540 رقم 3252) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(6/ 376 رقم 2077)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 257)، وانظر ترجمته في "تاريخ دمشق" لابن عساكر (13/ 675 - 676 / مخطوط). =

ص: 484

164-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بِمُصْحَفٍ قَدْ زُيِّن، فَقَالَ: إِنَّ أَحْسَنَ مَا زُيِّن بِهِ الْمُصْحَفُ تلاوته بالحق.

[163] سنده ضعيف لجهالة حال محمد بن يزيد وعمير بن ربيعة، ولأن إسماعيل بن عياش لم يصرِّح بالسماع هنا وهو مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] .

ولم أجد من أخرج هذا الأثر، ولم يخرجه ابن عساكر في ترجمة عمير بن ربيعة، برغم أنه يعنى بمثله؛ لأن فيه دلالة على أن عمير بن ربيعة رأى أبا الدرداء، وهذا شيء لم يذكره أحد ممن ترجم لعمير بن ربيعة.

[164]

سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع هنا، فإن هذا من روايته عن أحد كبار شيوخه الذين أكثر عنهم، وهو أبو وائل شقيق بن سلمة وهي محمولة على الاتصال.

ومع ذلك فقد روى هذا الحديث عن الأعمش شعبة كما سيأتي، وروايته عنه محمولة على السماع وإن لم يصرح الأعمش بالسماع، وسبق بيان ذلك في الحديث رقم [3] .

والحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 181 - 182 رقم 2032) من طريق المصنف، به مثله سواء.

وأخرجه أبو عبيد "الفضائل"(ص373 رقم 884) .

وابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 546 رقم 10284) .

والبخاري في "خلق أفعال العباد"(ص123 رقم 389) .

وابن الضريس في "الفضائل"(ص43 رقم 46) .

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص168) .

وأبو نعيم في "الحلية"(4 / 105) .

جميعهم من طريق أبي معاوية، به نحوه.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(4 / 323 رقم 7947) .

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص169) . =

ص: 485

165 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ

(1)

، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ

(2)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِذَا حَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ، وَزَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ، فالدمار عليكم.

= كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجه أبو عبيد في الموضع السابق مقرونًا برواية أبي معاوية.

وابن أبي داود في الموضع السابق.

كلاهما من طريق وكيع، عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجه البخاري في الموضع السابق برقم (388) من طريق حفص بن غياث عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجه ابن الضريس في الموضع السابق مقرونًا برواية أبي معاوية.

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 168).

كلاهما من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن"(ص 236 رقم 164) من طريق أبي مسهر، عن الأعمش به نحوه.

وأخرجه ابن أبي داود في الموضع السابق.

وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 105).

كلاهما من طريق أبي خالد، عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص 168 و 169) من طريق شعبة والمحاربي وأبي يحيى الحِمَّانِي، ثلاثتهم، عن الأعمش، به نحوه.

(1)

تقدم في الحديث [19] أنه ضعيف.

(2)

هو يحيى بن سعيد الأنصاري، تقدم في الحديث [162] أنه ثقة ثبت، لكن روايته هنا عن أبي هريرة وهو لم يسمع منه، بل لم يسمع من صحابي غير أنس بن مالك رضي الله عنه كما نص عليه ابن المديني. انظر "التهذيب"(11/ 223). =

ص: 486

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= [165] سنده ضعيف لضعف فرج بن فضالة، والانقطاع بين يحيى بن سعيد وأبي هريرة.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 168) من طريق أبي داود، عن فرج بن فضالة، به نحوه.

وقد روي الحديث عن أبي الدرداء وأبي ذر موقوفًا عليهما، وروي في بعضها مرفوعًا.

أما حديث أبي الدرداء، فله عنه طريقان:

(1)

طريق بكر بن سوادة، عنه رضي الله عنه قال: إذا حلّيتم مصاحفكم، وزوّقتم مساجدكم، فالدمار عليكم.

أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص 275 رقم 797) فقال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بكر بن سوادة

، فذكره.

ومن طريق ابن المبارك أخرجه الفريابي في "الفضائل"(ص 247 - 248 رقم 179).

وسنده ضعيف؛ له علتان:

أ- يحيى بن أيوب تقدم في الحديث [26] أنه صدوق ربما أخطأ.

ب- بكر بن سوادة لم يسمع من أبي الدرداء فيما يظهر، فإن أبا الدرداء رضي الله عنه توفي قريبًا من سنة (33 هـ)، لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه كما في "التهذيب"(8/ 176)، وأما بكر بن سوادة فإنه توفي سنة (128 هـ)؛ قيل: غرقًا في بحار الأندلس كما في "التهذيب"(1/ 483)، فالفرق بين وفايتهما قريب من خمس وتسعين سنة، فإذا ما أضيف له سن التحمُّل، ظهرت وجاهة القول بعدم سماعه منه، وبخاصة إذا كانت وفاة بكر غرقًا، فهو لم يُتَوَفَّ عن كبر، ولذا نجد في ترجمته في الموضع السابق من "التهذيب" أنه إنما يروي عن صغار الصحابة ممن تأخرت وفاته كعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، ومع ذلك قال النووي: ((لم يسمع من =

ص: 487

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص))، نقله عنه الحافظ ابن حجر في المرجع السابق، وقد أشار الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة"(3/ 337) لهذه العلة، فقال:((لا أدري، إذا كان بكر بن سوادة سمع من أبي الدرداء، أم لا؟)).

ومعنى قوله: ((زوّقتم))، أي: زخرفتم وزيّنتم. انظر "النهاية في غريب الحديث"(2/ 319).

(2)

طريق رجل مبهم من أهل الشام، عنه رضي الله عنه بنحو لفظ المصنف هنا، إلا أنه قال:((الدَّثار))، بدل قوله:((الدمار))، ومعناهما متقارب، فالدُّثُور: هو الدُّرُوس، وهو أن تهبَّ الرياح على المنزل، فتُغَشِّي رسومه بالرمل، وتغطيها بالتراب كما في "النهاية"(2/ 100).

والحديث من هذا الطريق أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 168)، من طريق عمرو بن عامر البجلي، عن صخر بن صدقة، أو: من حدّثه عنه، عن رجل من أهل الشام، قال: قال أبو الدرداء

، فذكره.

وسنده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي الدرداء، والواسطة بين عمرو بن عامر وصخر على الشك؛ وقد خولف عمرو في روايته للحديث.

فأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(3/ 105 / ب) من طريق إسماعيل بن عياش، عن صخر بن صدقة، عن رجل من أهل دمشق، عن أبي الدرداء، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

، فذكره بمثل لفظ المصنِّف هكذا مرفوعًا.

وهذا ضعيف أيضًا لإبهام الراوي له عن أبي الدرداء.

وأما حديث أبي ذر رضي الله عنه، فله عنه طريقان أيضًا:

(1)

طريق أبي إسحاق السبيعي، قال: قال أبو ذر

، فذكره بنحو لفظ المصنف.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 547 رقم 10286)، من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، به.

وسنده ضعيف للانقطاع بين أبي إسحاق السبيعي وأبي ذر.

فأبو ذر رضي الله عنه توفي سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان كما في =

ص: 488

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "التهذيب"(12/ 91).

وأبو إسحاق ولد بعد وفاته بعام، فإنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه كما في "التهذيب"(8/ 63).

(2)

طريق شعيب بن أبي سعيد مولى قريش، قال: قال أبو ذر

، الحديث بنحوه.

أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 373 رقم 886) من طريق الليث بن سعد، عن شعيب.

وسنده ضعيف، فشعيب بن أبي سعيد، أبو يونس، ويقال: أبو بشر، مولى قريش روايته عن أبي ذر مرسلة، ومع ذلك فهو مجهول الحال، ذكره البخاري في "تاريخه"(4/ 218 رقم 2561) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 347 رقم 1516)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 356).

وروى عنه الليث ومحمد بن عجلان وحيوة بن شريح، ونص أبو حاتم على أن روايته عن أبي ذر وأبي هريرة مرسلة.

ورواه محمد بن عجلان عن شعيب، لكنه خالف الليث في إسناده، فجعله عن شعيب، عن أبيّ بن كعب.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 529) فقال: حدثنا أبو خالد، عن محمد بن عجلان، عن شعيب بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أُبَيّ قال: إذا حليتم مصاحفكم وزوّقتم مساجدكم فالدمار عليكم.

وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (10/ 545 رقم 10281) من نفس الطريق، به مثله، إلا أن اسم شعيب تصحّف في المطبوع إلى:(سعيد).

وقد ذكر الشيخ ناصر الدين الألباني هذا الحديث في "السلسلة الصحيحة"(3/ 336 رقم 1351)، وقال:((رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 100 / 2 - مخطوط الظاهرية): أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مرفوعًا))، ثم قال عقبه:((قلت: وهذا إسناد مرسل حسن)).

كذا قال الشيخ: ((وإنما هو تصحيف وقع في النسخة التي عزا الحديث إليها، =

ص: 489

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن أبي شيبة أخرج الحديث في ثلاثة مواضع من مصنفه، منها الموضعان المتقدمان، والموضع الثالث هو الذي عزا الشيخ الألباني الحديث له، وهو في المطبوع (1 / 309) وهذا نصه:(حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، قال: قال أبي: إذا زوّقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدّبار عليكم) .

فهذا السياق كسابقه تصحف فيه اسم شعيب إلى: (سعيد) ، والحديث فيه موقوف على أبيّ، وليس مرفوعًا كما في النسخة التي عزا إليها الشيخ الألباني، وصوابه ما جاء في الموضع الأول (2 / 529) ، ولا يمكن أن يكون ذلك اختلافًا؛ لأن شيخ ابن أبي شيبة في جميعها واحد.

وقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص167 - 168) من طرق محمد بن آدم وعبد الله بن سعيد، كلاهما عن أبي خالد الأحمر مثل سياق ابن أبي شيبة المذكور أولاً، إلا أن ابن آدم سمى شيخ ابن عجلان سعيد بن أبي سعيد، وقال عبد الله بن سعيد:(سعيد بن أبي شعيب، هكذا قال أبو خالد) .

ورواية الليث بن سعد للحديث عن شعيب أصح من رواية محمد بن عجلان. فمحمد بن عجلان تقدم في الحديث [18] أنه صدوق.

وأما الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفَهْمي أبو الحارث المصري، فهو يروي عن نافع وابن أبي مليكة وهشام بن عروة وعطاء بن أبي رباح وأبي الزبير المكي وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وابن وهب وسعيد بن أبي مريم وكاتبه أبو صالح عبد الله بن صالح وغيرهم، وكانت ولادته سنة أربع وتسعين للهجرة، ووفاته سنة خمس وسبعين ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال أحمد:((ثقة ثبت)) ، وكذا قال ابن المديني، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث صحيحه، وكان سريًا من الرجال نبيلاً سخيًا)) ، وقال ابن حبان:((كان من سادات أهل زمانه فقهًا وورعًا وعلمًا وفضلاً وسخاءً)) ، وقال الخليلي:((كان إمام وقته بلا مدافعة)) . اهـ. من =

ص: 490

166 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ الإِيَادي

(1)

، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجُوْنِي

(2)

، عَنْ جُنْدُب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(3)

: ((اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ

(4)

عَلَيْهِ قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا)).

= "الجرح والتعديل"(7/ 179 - 180 رقم 1015)، و"التهذيب"(8/ 459 - 465 رقم 832)، و"التقريب"(ص 464 رقم 5684).

وبالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق يكون حسنًا لغيره، لكنه موقوف على هؤلاء الصحابة الذين رووه وهم: أبو هريرة وأبو الدرداء وأبو ذر، وأما رفعه فلا يصح، إلا أن يقال: إنه مما يدخل في عداد ماله حكم الرفع؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، والله أعلم.

(1)

هو الحارث بن عبيد الإيَادي - بكسر الهمزة، بعدها تحتانية -، أبو قُدامة البصري، يروي عن أبي عمران الجوني وسعيد الجُرَيْري ومطر الورّاق وثابت البُناني وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود الطيالسي وأبو نعيم وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق يخطئ، من الطبقة الثامنة كما في "التقريب"(ص 147 رقم 1033)، كان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه ويقول:((كان من شيوخنا، وما رأيت إلا خيرًا))، وقال الساجي:((صدوق عنده مناكير))، وقال النسائي:((صالح))، وقال مرَّةً ((ليس بذاك القوي))، وقال الإمام أحمد:((مضطرب الحديث))، وقال ابن معين:((ضعيف الحديث))، وقال أبو حاتم:((ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به))، وقال ابن حبان:((كان ممن كثر وهمه حتى خرج عن جملة من يحتج بهم إذا انفردوا)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 81 رقم 371)، و"التهذيب"(2/ 149 - 150 رقم 254).

(2)

هو عبد الملك بن حبيب، تقدم في الحديث [36] أنه ثقة.

(3)

في الأصل: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال). =

ص: 491

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(4)

أي أَلِفَ بعضها بعضًا، والمعنى: اجتمع بعضها إلى بعض. انظر "لسان العرب"(9/ 10 - 11).

[166]

سنده فيه الحارث بن عبيد وتقدم أنه صدوق يخطئ، ولكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح لغيره، فقد أخرجه البخاري ومسلم من غير طريقة كما سيأتي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2/ 175 - 176 رقم 1673) من طريق المصنِّف مقرونًا ببعض الروايات الآتي ذكرها، ولفظه:((اجتمعوا على القرآن ما ائتلفتم عليه، فإذا اختلفتم فيه فقدموا))، وهذا فيه اختلاف عن لفظ المصنف، فالظاهر أن الطبراني اعتمد لفظًا غير لفظه.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 210 رقم 2064) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:((فإذا اختلفتم فيه فقوموا)).

ومثله الهروي في "ذم الكلام"(1 / ل 44 و 45) حيث أخرجه من طريق المصنف وغيره.

وأخرجه مسلم في "صحيحه"(4/ 2053 رقم 3) في العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن.

وأبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 326 رقم 765).

وابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 528 رقم 10216).

والدارمي في "سننه"(2/ 318 رقم 3364).

والطبراني في "الكبير"(2/ 175 - 176 رقم 1673).

والبيهقي في "الشعب"(5/ 210 - 211 رقم 2065).

جميعهم من طريق الحارث بن عبيد، به مثل لفظ البيهقي السابق، عدا الطبراني فتقدم لفظه.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 326 رقم 766).

والبخاري في "صحيحه"(9/ 101 رقم 5060) في فضائل القرآن، باب: اقرأوا =

ص: 492

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ.

ومن طريق البغوي في "شرح السنة"(4/ 500 رقم 1224).

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(3/ 89 رقم 1519).

ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه"(3/ 5 و 36 رقم 732 و 759 / الإحسان).

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2/ 176 رقم 1673).

والخطيب في "تاريخه"(4/ 228).

جميعهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عمران الجوني، به مثل سابقه.

وأخرجه البخاري (13/ 336 رقم 7365) في الاعتصام، باب كراهية الاختلاف.

ومسلم في الموضع السابق (4/ 2054 رقم 4).

والدارمي في "سننه"(2/ 318 رقم 3363).

أما البخاري ومسلم فمن طريق عبد الصمد، وأما الدارمي فمن طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن همام، عن أبي عمران، به نحوه، لكن يزيد بن هارون وقفه على جندب بن عبد الله.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 312).

والبخاري في الموضعين السابقين برقم (5061 و 7364).

والنسائي في "فضائل القرآن"(ص 122 رقم 122).

والطبراني في "الكبير"(2/ 175 - 176 رقم 1673).

جمعيهم من طريق سلام بن أبي مطيع، عن أبي عمران، به نحوه.

وأخرجه مسلم في الموضع السابق برقم

(4)

من طريق أبان، عن أبي عمران، به مثله.

وأخرجه الدارمي في "سننه"(2/ 317 - 318 رقم 3362).

والنسائي في "الفضائلط (ص 122 رقم 123).

والطبراني في "الكبير"(2/ 176 رقم 1674). =

ص: 493

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثلاثتهم من طريق هارون بن موسى النحوي الأعور، عن أبي عمران، به نحوه.

وأخرجه النسائي أيضًا (ص121 رقم 121) .

والطبراني برقم (1675) .

وأبو نعيم في "الحلية"(3 / 109) و (8 / 291) .

أما النسائي فمن طريق شيخه هارون بن زيد بن يزيد، عن أبيه، وأما الطبراني وأبو نعيم فمن طريق المعافى بن عمران، كلاهما عن سفيان الثوري، عن حجاج بن فرافصة، عن أبي عمران، به نحوه.

قال النسائي عقبه: ((وأخبرنا به مرة أخرى ولم يرفعه)) .

وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(9 / 102) أن الحسن بن سفيان أخرج الحديث في "مسنده" من طريق أبي هشام المخزومي، عن سعيد بن زيد أخي حماد بن زيد، قال: سمعت أبا عمران قال: حدثنا جندب

، فذكر الحديث مرفوعًا، وفي آخره:((فإذا اختلفتم فيه فقوموا)) ، ثم رواه الحافظ في "تغليق التعليق"(4 / 390) من طريق الحسن بن سفيان.

فجميع هؤلاء الرواة رووا الحديث عن أبي عمران، عن جندب مرفوعًا، عدا ما تقدم من الاختلاف على همام، ومن رواية النسائي للحديث عن حجاج بن فرافصة.

وأشار الدارقطني كما سيأتي إلى أن سهيل بن أبي حزم القُطَعي روى الحديث أيضًا عن أبي عمران، عن جندب مرفوعًا، وكذا حماد بن نجيح كما أشار إليه الخطيب البغددي كما سيأتي.

وخالف هؤلاء شعبة وعبد الله بن شوذب وحماد بن سلمة وأبو عامر الخزّاز، فرووه عن أبي عمران، عن جندب موقوفًا.

وخالف هؤلاء جميعًا ابن عون، فرواه عن أبي عمران: عن عبد الله بن الصامت، عن عمر بن الخطاب موقوفًا عليه.

أما رواية شعبة، فعلقها البخاري في "صحيحه"(9 / 101) في فضائل القرآن، =

ص: 494

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= باب اقرؤا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ.

ووصلها أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص326 رقم 767) من طريق حجاج عنه.

وذكر الحافظ في الموضع السابق من "الفتح" أن الإسماعيلي وصلها أيضًا من طريق بندار، عن غندر، عن شعبة، ثم أخرجه الحافظ في "تغليق التعليق"(4 / 391) من طريق الإسماعيلي.

وأما رواية عبد الله بن شوذب، فأخرجها أبو عبيد في "الفضائل"(ص326 رقم 768) من طريق محمد بن كثير عنه.

وأما رواية حماد بن سلمة، فقال الحافظ في الموضع السابق من "الفتح":((أما رواية حماد بن سلمة فلم تقع لي موصولة)) .

وأما رواية أبي عامر الخزّاز فأشار إليها الدارقطني في "العلل" كما سيأتي.

وأما مخالفة ابن عون لهؤلاء كلهم، فعلقها البخاري في الموضع السابق.

ووصلها أبو عبيد في "الفضائل"(ص327 رقم 769) .

والنسائي في "الفضائل"(ص122 رقم 124) .

والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 212 - 213 رقم 2066 و 2067) .

ثلاثتهم عن ابن عون، عن أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت قال: قال عمر: ((اقرؤا القرآن ما اتفقتم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)) .

وأكثر الأئمة على أن الصواب رواية من رواه عن أبي عمران، عن جندب مرفوعًا؛ فقد رجَّح ذلك البخاري ومسلم فأخرجاه في صحيحهما، بل قال البخاري عقب ذكره للاختلاف (9 / 101) :((وجندب أصح وأكثر)) ، وعقّب على ذلك الحافظ في "الفتح" (9 / 102) فقال: ((أي أصح إسنادًا وأكثر طرقًا، وهو كما قال؛ فإن الجمّ الغفير رووه عن أبي عمران فالحكم لهم. وأما رواية ابن عون فشاذّة لم يتابع عليها، قال أبو بكر بن أبي داود: لم يخطئ ابن عون قط إلا في هذا، والصواب عن جندب. انتهى. ويحتمل أن يكون ابن عون =

ص: 495

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حفظه، ويكون لأبي عمران فيه شيخ آخر، وإنما توارد الرواة على طريق جندب لعلوّها والتصريح برفعها. أهـ.

وسئل الدارقطني في "العلل"(4 / ل 92 / ب) عن هذا الحديث فقال: ((

يرويه همام بن يحيى وحماد بن سلمة وأبو عامر الخزاز، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جندب موقوفًا.

ورفعه الحارث بن عبيد أبو قدامة وهارون بن موسى الأعور وسهيل بن أبي حزم القطعي والحجاج بن فرافصة وسلام بن أبي مطيع. واختلف عن همام بن يحيى، فرفعه داود بن شبيب عن همام، ورفعه عاصم بن علي عنه، وقيل: عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عمران، عن جندب مرفوعًا. ورواه ابن عون، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عبد الله بن الصامت، عن عمر قوله: وَرَفْعُهُ عن جندب صحيح)) . اهـ.

وقال الخطيب البغدادي في "تاريخه"(4 / 228) : ((وهكذا روى هذا الحديث أبو الربيع الزهراني [في المطبوع: الزهري] وعباس بن الوليد النرسي وإسحاق بن إسرائيل، عن حماد بن زيد. ورواه أحمد بن إبراهيم الموصلي عن حماد مرفوعًا مُجَوَّدًا من غير شك. ووقفه شعبة عن أبي عمران على جندب. ورواه الحارث بن عبيد وهارون الأعور وسلام بن أبي مطيع وحماد بن نجيح وحجاج بن فرافصة، خمستهم عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جندب مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)) . اهـ.

وخالف هؤلاء أبو حاتم الرازي، فرجح رواية ابن عون؛ قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في "العلل" (2 / 63) :(سألت أبي عن حديث رواه الحارث بن عبيد، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جندب، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فإذا اختلفتم فقوموا)) ، فقال: روى هذا ابن عون عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عبد الله بن الصامت قال: قال عمر، وهذا الصحيح، قلت: الوهم ممن؟ قال: من الحارث بن عبيد) . اهـ. =

ص: 496

167 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر

(1)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ

(2)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ لِهَذَا الْقُرْآنِ شِرَّةً

(3)

، ثُمَّ إِنَّ لِلنَّاسِ عَنْهُ فَتْرةً، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى الْقَصْدِ فَنِعِمّا هُوَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى الْإِعْرَاضِ فَأُولَئِكُمْ بُوْرٌ))

(4)

.

= قلت: لم ينفرد الحارث بن عبيد بهذا حتى يحكم عليه بأنه وهم فيه، فالعبرة بما رجحه البخاري ومسلم والدارقطني والخطيب، وبه يتضح أن الحديث صحيح عن جندب، مرفوعًا، والله أعلم.

(1)

هو نَجيح بن عبد الرحمن السِّندي - بكسر المهملة وسكون النون -، أبو معشر المدني، مولى بني هاشم، مشهور بكنيته، يروي عن سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب القرظي وهشام بن عروة وسعيد بن أبي سعيد المقبُري وغيرهم، روى عنه الليث بن سعد وعبد الله بن إدريس وهشيم وعبد الرحمن بن مهدي وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبعين ومائة، وهو ضعيف؛ أسنّ واختلط. قال أبو نعيم:((كان كيّسًا حافظًا))، وقال عمرو بن علي:((كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه، ويضعفه، ويضحك إذا ذكره، وكان ابن مهدي يحدث عنه))، وقال الأثرم عن أحمد:((حديثه عندي مضطرب، لا يقيم الإسناد، ولكن أكتب حديثه أعتبر به))، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه:((كان صدوقًا، لكنه لا يقيم الإسناد، ليس بذاك))، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي معشر، فقال:((كنت أهاب حديث أبي معشر حتى رأيت أحمد بن حنبل يحدث عن رجل عنه أحاديث، فتوسعت بَعْدُ في كتابة حديثه))، قيل له: هو ثقة؟ قال: ((هو صالح ليّن الحديث، محلّه الصدق))، وقال ابن معين:((ضعيف، يكتب من حديثه الرقاق، وكان أميًا، يُتّقى من حديثه المسند))، وقال البخاري:((منكر الحديث))، وقال أبو زرعة:((صدوق في الحديث، وليس بالقوي))، وقال ابن أبي خيثمة: سمعت محمد بن بكار الريان يقول: ((كان =

ص: 497

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبو معشر تغيّر قبل أن يموت تغيرًا شديدًا، حتى كان يخرج منه الريح ولا يشعر بها))، وضعفه أبو داود والنسائي والدارقطني. اهـ. من "الجرح والتعديل"(8/ 493 - 495 رقم 2263)، و"التهذيب"(10/ 419 - 422 رقم 758)، و"التقريب"(ص 559 رقم 7100).

(2)

هو سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبُري، أبو سعيد المدني، يروي عن أبي هريرة وأبي سعيد وعائشة وأنس وجابر وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه الإمام مالك ومحمد بن إسحاق وابن أبي ذئب والليث بن سعد ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عجلان وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: خمس، وقيل: ست وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، ويقال: اختلط قبل موته بأربع سنين، وفي ثبوته نظر، وإن ثبت فإنه لم يرو شيئًا في حال الاختلاط - فيما يظهر-، ولا يوجد له شيء منكر، فيحمل على أنه إنما شاخ ووقع في الهرم، فقد أطلق القول بتوثيقه ابن المديني والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال الإمام أحمد:((ليس به بأس))، وقال ابن خراش:((ثقة جليل أثبت الناس فيه الليث بن سعد))، وقال ابن معين:((سعيد أوثق)) - يعني من العلاء بن عبد الرحمن -، وقال أبو حاتم:((صدوق)).

وقال يعقوب بن شيبة: ((قد كان تغير وكبر واختلط قبل موته يقال بأربع سنين، وكان شعبة يقول: حدثنا سعيد المقبري بعد ما كبر))، وذكره ابن عدي في "الكامل" وقال:((إنما ذكرت سعيدًا المقبري في جملة من اسمه سعيد لأن شعبة يقول: ثنا سعيد بعدما كبر، وأرجو أن سعيدًا من أهل الصدق، وقد قبله الناس، وروى عنه الأئمة والثقات من الناس، وما تكلم فيه أحد إلا بخير))، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:((اختلط قبل موته بأربع سنين))، وهذا قول الواقدي، وكأن تلميذه ابن سعد تابعه عليه فقال:((كان سعيد بن أبي سعيد ثقة كثير الحديث، ولكنه كبر وبقي حتى اختلط قبل موته بأربع سنين))، ولما ذكر السخاوي قول =

ص: 498

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن سعد هذا قال: ((زاد غيره: وكأنه لم يرو فيها شيئًا، أو تميز، وإلا فقد احتج به الأئمة الستة)). اهـ. من "طبقات ابن سعد"(ص 145 - 147 /القسم المتمم)، و"الكامل" لابن عدي (3/ 1227 - 1228)، و"التهذيب"(4/ 38 - 40 رقم 61)، و"التحفة اللطيفة" للسخاوي (2/ 155)، وانظر "التقريب"(ص 236 رقم 2321)، و"الملحق للكواكب النيرات"(ص 466 - 467).

قلت: وهذا القول ذكره السخاوي كأنه أخذه عن الذهبي، فإنه ذكر سعيدًا في "الميزان" (2/ 139 - 140 رقم 3187) وقال:((ثقة حجة، شاخ، ووقع في الهرم، ولم يختلط))، ثم ذكر قول من رماه بالاختلاط، فتعقبه بقوله:((ما أحسب أن أحدًا أخذ عنه في الاختلاط؛ فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل، فلم يحمل عنه))، وفي "سير أعلام النبلاء" (5/ 217) قال:((ما أحسبه روى شيئًا في مدة اختلاطه، وكذلك لا يوجد له شيء منكر))، وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص 405):((مجمع على ثقته، لكن كان شعبة يقول: حدثنا سعيد المقبري بعد أن كبر، وزعم الواقدي أنه اختلط قبل موته بأربع سنين، وتبعه ابن سعد ويعقوب بن شيبة وابن حبان، وأنكر ذلك غيرهم، وقال الساجي عن يحيى بن معين: أثبت الناس فيه ابن أبي ذئب، وقال ابن خراش: أثبت الناس فيه الليث بن سعد. قلت: أكثر ما أخرج له البخاري من حديث هذين عنه، وأخرج أيضًا من حديث مالك وإسماعيل بن أمية وعبيد الله بن عمر العُمري، وغيرهم من الكبار، وروى له الباقون، لكن لم يخرجوا من حديث شعبة عنه شيئًا)). اهـ.

(3)

قال الخطابي في "غريب الحديث"(1/ 199): ((قوله: إن للقرآن شِرَّة، معناه: إن للقاري المبتدئ فيه رغبة ونشاطًا، ومنه: شِرَّة الشباب، وهي: مَيْعَتُه ونشاطه

، والمعنى: مَدْح الاقتصاد في القراءة والأمر بالمواظبة عليه)). اهـ.

(4)

أي: هَلْكَى. انظر "غريب الحديث" للخطابي (1/ 200). =

ص: 499

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[167] سنده ضعيف لضعف أبي معشر، وله طريق آخر عن أبي هريرة بغير هذا اللفظ، وهو حسن لذاته، وله شاهد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو كما سيأتي.

والحديث أخرجه الخطابي في "غريب الحديث"(1 / 198 - 199) من طريق المصنف، به مثله سواء.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 120 / أ) ، والمطبوعة (3 / 201 رقم 3254) .

وأبو يعلى في "مسنده"(11 / 434 رقم 6557) .

والبيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 566 رقم 2391) .

أما ابن أبي شيبة فمن طريق محمد بن بشر، وأما أبو يعلى فمن طريق محمد بن بكار، وأما البيهقي فمن طريق أحمد بن يونس، ثلاثتهم عن أبي معشر، به نحوه.

وعزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7 / 168 - 169) لأبي يعلى وقال: ((فيه أبو معشر نجيح وهو ضعيف يعتبر بحديثه)) .

وقد روي الحديث من وجه آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: ((إن لكل شيء شِرَّة، ولكل شِرَّة فترة، فإن صاحبُها سدَّد وقارب فارجوه، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدّوه)) .

أخرجه الترمذي (7 / 149 رقم 2570) في صفة القيامة، باب منه.

والطحاوي في "مشكل الآثار"(2 / 89) .

وابن حبان في "صحيحه"(2 / 62 رقم 349 / الإحسان) .

ثلاثتهم من طريق محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، به.

قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه)) . انظر "سنن الترمذي" بتحقيق إبراهيم عطوه، وأولها بتحقيق أحمد شاكر (4 / 635 رقم 2453) . =

ص: 500

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: سنده حسن، فأبو صالح ذكوان السّمّان تقدم في الحديث [12] أنه ثقة ثبت.

ومحمد بن عجلان تقدم في الحديث [18] أنه صدوق.

وأما القعقاع بن حكيم الكناني المدني فهو ثقة؛ وثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم:((ليس بحديثه بأس))، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل"(7/ 136 رقم 764)، و"التهذيب"(8/ 383 رقم 679)، و"التقريب"(ص 456 رقم 5558).

وله شاهد من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص.

وله عن عبد الله طريقان:

(1)

طريق مجاهد عنه، وله عن مجاهد طريقان:

أ- طريق حصين بن عبد الرحمن السُّلّمي.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 188 و 210).

والطحاوي في مشكل الآثار (2/ 88).

وابن حبان في "صحيحه"(1/ 187 - 188 رقم 11 / الإحسان).

وابن منده في "الرد على من يقول (آلم) حرف"(ص 33 - 34 رقم 1).

جميعهم من طريق شعبة، عن حصين، عن مجاهد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عنه صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لكل عمل شرّة، ولكل شرّة فَتْرَةً، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سنتي فقد أفلح، ومن كان إلى غير ذلك فقد هلك)).

وسنده صحيح، رجاله إلى شعبة ثقات تقدمت تراجمهم، وقد رواه الإمام أحمد عن شيخه محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، به.

ومحمد بن جعفر الهُذَلي، مولاهم، أبو عبد الله البصري المعروف بـ: غُنْدر يروي عن عوف الأعرابي ومعمر وسعيد بن أبي عروبة وابن جريج وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وعلي بن المديني وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، صحيح =

ص: 501

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الكتاب، وهو من أوثق الناس في شعبة؛ فإنه روى عنه فأكثر، وجالسه نحوًا من عشرين سنة، وكان ربيبه، وقد وثقه ابن معين وابن سعد والمستملي والعجلي وزاد:((كان من أثبت الناس في حديث شعبة)) ، وقال أبو حاتم:((كان صدوقًا، وكان مؤدبًا، وفي حديث شعبة ثقة)) ، وقال ابن المبارك:((إذا اختلف الناس في حديث شعبة، فكتاب غندر حكم بينهم)) ، وقال عبد الرحمن بن مهدي:((غندر أثبت في شعبة مني)) ، وقال أيضًا:((كنا نستفيد من كتب غندر في حياة شعبة، وكان وكيع يسميه: الصحيح الكتاب)) ، وقال ابن المديني:((هو أحب إليّ من عبد الرحمن في شعبة)) ، وقال أيضًا:((كنت إذا ذكرت غندرًا ليحيى بن سعيد عوج فمه؛ كأنه يضعفه)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:((كان من خيار عباد الله، ومن أصحَّهم كتابًا، على غفلة فيه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل"(7 / 221 - 222 رقم 1223) ، و"التهذيب"(9 / 96 - 98 رقم 129) .

أقول: أما ما ذكره ابن المديني عن يحيى بن سعيد القطان من أنه يعوج فمه إذا ذُكر غندر كأنه يضعفه، فهو جرح غير مفسَّر ومعارض بأقوال الأئمة التي تقدم ذكرها، وغندر قرين ليحيى بن سعيد، فيحمل هذا على أنه من كلام الأقران بعضهم في بعض.

وأما وصف ابن حبان لغندر بالغفلة، فالظاهر أنه استند على حكاية فيها تَنَدُّر، ذُكرت في ترجمة غندر، وهي: أنه اشترى سمكًا، وقال لأهله: أصلحوه، ونام فأكلوا السمك، ولطّخوا يده، فلما انتبه قال: هاتوا السمك، فقالوا: قد أكلت، قال: لا، قالوا: فشُمَّ يَدَك، ففعل، فقال: صدقتم، ولكني ما شبعت.

وقد أنكر غندر هذه الحكاية كما في "ميزان الاعتدال"(3 / 502)، وقال:((أما كان يَدُلُّني بطني؟!)) .

ولذا قال يحيى بن معين: ((كان غندر أصح الناس كتابًا، أراد بعض الناس أن يخطِّئه فلم يقدر، أخرج إلينا كتابًا، فقال: اجْهدوا أن تخرجوا فيه خطأ، فما وجدنا شيئًا، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا منذ خمسين سنة)) ، ولما ذكره الذهبي =

ص: 502

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في الموضع السابق من "الميزان" قال: ((أحد الأثبات المتقين، ولاسيما في شعبة)).

وكانت وفاته رحمه الله سنة ثلاث وتسعين ومائة.

وأخرجه أحمد أيضًا (2/ 158).

والطحاوي في الموضع نفسه.

كلاهما من طريق هشيم، عن حصين، به نحوه، وفي لفظ أحمد قصة.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 27 - 28 رقم 51) من طريق محمد بن فضيل، عن حصين، به نحوه.

قال الشيخ الألباني في تعليقه على الحديث: ((إسناده صحيح على شرط الشيخين)).

ب- طريق مغيرة بن مقسم الضبيّ، عن مجاهد.

أخرج الإمام أحمد (2/ 158) مقرونًا بطريق حصين السابق، من رواية هشيم عنهما.

(2)

طريق أبي العباس بن فروخ الشاعر مولى بن الدِّيْل، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال: ذكر لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رجال يجتهدون في العبادة اجتهادًا شديدًا فقال: ((تلك ضراوة الإسلام وشرّته، ولكل ضراوة شرّة، ولكل شرّة فَتْرَةً، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى اقتصاد وسنة فلأمّ ما هُوَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى المعاصي فذلك الهالك)).

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 165) من طريقين عن محمد بن إسحاق، عن أبي الزبير المكي، عن أبي العباس، به، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع في أحد الطريقين، وحسّن الألباني سند هذا الطريق في تعليقه على الحديث في الموضع السابق من "السنة" لابن أبي عاصم.

وعليه فالحديث بمجموع طرقه صحيح لغيره، والله أعلم.

ص: 503

[كتاب التفسير]

(1)

باب

[تفسير سورة الفاتحة]

(1)

(1)

العنوان ليس في الأصل.

ص: 504

‌بَابُ تَفْسِيرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

168 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ

(1)

، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ

(2)

، عَنْ أَبِيهِ

(3)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ

(4)

، فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ)). قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ إِمَامٍ؟ فَغَمَزَ ذِرَاعِي، وَقَالَ: يَا فَارِسِيُّ، اقْرَأْهَا فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((قَالَ اللَّهُ عز وجل: قَسَمْتُ السُّورَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا

(1)

هو عبد الله بن جعفر بن نَجيح السَّعْدي، مولاهم، أبو جعفر المديني، والد علي بن المديني، بصري أصله من المدينة، روى عن عبد الله بن دينار والعلاء بن عبد الرحمن وأبي الزناد وغيرهم، روى عنه ابنه علي وعلي بن الجعد وقتيبة بن سعيد وغيرهم، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وهو ضعيف؛ يقال تغيَّر حفظه بأخَرَةٍ كما في "التقريب" (ص 298 رقم 3255)؛ قال ابن معين:((ليس بشيء))، وفي رواية:((كان من أهل الحديث، ولكنه بلي في آخر عمره))، وقال عمرو بن علي:((ضعيف الحديث))، وقال أبو حاتم:((منكر الحديث جدًّا، ضعيف الحديث، يحدث عن الثقات بالمناكير، يكتب حديثه ولا يحتج به))، وقال النسائي:((متروك الحديث))، وقال ابن حبان:((كان ممن يهم في الأخبار حتى يأتي بها مقلوبة، ويخطئ في الآثار كأنها معمولة))، وكانت وفاته سنة ثمان وسبعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 22 - 23 رقم 102)، و"التهذيب"(5/ 174 - 176 رقم 298).

(2)

هو الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يعقوب الحُرَقي - بضم المهملة وفتح الراء، بعدها قاف -، أبو شِبْل - بكسر المعجمة وسكون الموحّدة -، المدني روى عن أبيه وابن عمر وأنس وغيرهم، روى عنه ابنه شبل وابن جريح والإمام مالك وشعبة والسفيانان وغيرهم، وهو صدوق، قال عنه الإمام أحمد:((ثقة، لم أسمع أحدًا ذكره بسوء))، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث))، وقال الترمذي:((هو ثقة عند أهل الحديث))، وقال النسائي:((ليس به بأس))، وقال ابن عدي:((ما أرى به بأسًا))، =

ص: 505

لِعَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَيَقُولُ العبد:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَيَقُولُ الْعَبْدُ:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَهَذَا لِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، وَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، وَهَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، يَقُولُ الْعَبْدُ:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} .

= وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فقال:((صالح))، قلت: فهو أوثق، أو العلاء بن المسيب؟ فقال:((العلاء بن عبد الرحمن عندي أشبه))، وفي رواية أخرى عن أبي حاتم قال:((روى عن الثقات، وأنا أُنكر من حديثه أشياء، وقال ابن معين: ((ليس حديثه بحجة، وهو وسهيل قريب من السواء))، وقال أبو زرعة:((ليس هو بأقوى ما يكون))، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقيل: تسع وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 357 - 358 رقم 1974)، و"التهذيب"(8/ 186 - 187 رقم 335).

قلت: العلاء مختلف فيه، وقد أُنكرت عليه أحاديث، والصواب من حاله - إن شاء الله - أنه صدوق حسن الحديث، وهذا القول قريب مما ذهب إليه النسائي وابن عدي، ولكن يجتنب من حديثه ما أنكر عليه، وهذا ما ذهب إليه الحافظ الذهبي، حيث ذكره في "سير أعلام النبلاءط (6/ 186 - 187) وقال:((الإمام المحدِّث الصدوق))، ثم ذكر بعض الأقوال فيه ثم قال:((قلت: لا ينزل حديثه عن درجة الحسن، لكن يتجنب ما أُنكر عليه))، وذكره في "الميزان" (3/ 102 رقم 5735) وقال:((صدوق مشهور))، وذكره في ((من =

ص: 506

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تكلم فيه وهو موثق (ص 139 رقم 250) وقال: ((صدوق)).

(3)

هو عبد الرحمن بن يعقوب الجُهَني، المدني، مولى الحُرَقَة - بضم المهملة وفتح الراء، بعدها قاف -، والد العلاء، يروي عن أبيه وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه العلاء وسالم أبو النضر ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب"(ص 353 رقم 4046)، فقد وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي:((ليس به بأس)). انظر "التهذيب"(6/ 301 رقم 584).

وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(5/ 301 - 302 رقم 1428): ((قلت: لأبي: هو أوثق، أو المسيب بن رافع؟ فقال: ما أقربهما)). اهـ.

قلت: والمسيب بن رافع تقدم في الحديث [12] أنه ثقة.

(4)

ورد تفسيرها في نفس الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم: ((غَيْرُ تمام))، والخداج: هو النقصان، يقال: خَدَجَت الناقة: إذا ألقت ولدها قبل أوانه، وإن كان تامّ الخلق، وأَخْدَجَتْه: إذا ولدته ناقص الخلق وإن كان لتمام الحمل. والخداج مصدر، ووصف الصلاة بالمصدر نفسه مبالغة. انظر "النهاية في غريب الحديث"(2/ 12).

[168]

سنده فيه عبد الله بن جعفر وتقدم أنه ضعيف، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه جمٌّ غفير من الرواة، والحديث صحيح أخرجه مسلم وغيره كما سيأتي، وهو مروي عن أبي هريرة رضي الله عنه من خمسة طرق:

الطريق الأول: طريق عبد الرحمن بن يعقوب، ويرويه عنه ابنه العلاء.

وله عن العلاء أحد وعشرون طريقًا:

(1)

طريق عبد الله بن جعفر الذي أخرجه المصنف عنه.

(2)

طريق سفيان بن عيينة، عن العلاء.

أخرجه الحميدي في "مسنده"(2/ 430 رقم 973 و 974).

ومن طريقه أبو عوانة في "مسنده"(2/ 141). =

ص: 507

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والبيهقي في "سننه"(2/ 38)، وفي "القراءة خلف الإمام"(ص 35 - 36 رقم 63 و 64).

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 241 - 242).

والبخاري في "جزء القراءة خلف الإمام"(ص 21 و 24 رقم 39 و 47).

ومسلم في "صحيحه"(1/ 296 رقم 38) في الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.

والنسائي في "فضائل القرآن"(ص 74 - 75 رقم 38).

والبيهقي في "سننه"(2/ 38)، وفي "الأسماء والصفات"(1/ 95)، وفي "القراءة خلف الإمام"(ص 36 - 37 رقم 65).

جميعهم من طريق سفيان عن العلاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به نحوه، وزاد بعضهم قول سفيان في آخره في قصة تلقّيه لهذا الحديث من العلاء.

(3)

طريق شعبة، عن العلاء.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 457 و 478).

والبخاري في "جزء القراءة خلف الإمام"(ص 62 رقم 173).

وابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 248 رقم 490).

وأبو عوانة في "مسنده"(2/ 140).

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 216)، وفي "مشكل الآثار"(2/ 23).

وابن حبان في "صحيحه"(5/ 91 و 96 رقم 1789 و 1794 / الإحسان).

والبيهقي في "القراءة خلف الإمام"(ص 35 رقم 60 و 61 و 62).

جميعهم من طريق شعبة، عن العلاء، به مختصرًا.

(4)

طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن العلاء.

أخرجه الحميدي في "مسنده"(2/ 430 رقم 974).

ومن طريقه أبو عوانة في "مسنده"(2/ 141).

وأخرجه البخاري في "جزء القراءة خلف الإمام"(ص 24 رقم 46). =

ص: 508

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والترمذي في "سننه"(8/ 283 - 285 رقم 4027) في تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير.

وابن حبان في "صحيحه"(5/ 96 - 97 رقم 1795 / الإحسان).

والبيهقي في "القراءة خلف الإمام"(ص 38 - 39 و 98 رقم 70 و 71 و 219).

جميعهم من طريق عبد العزيز، عن العلاء، به نحوه، إلا أن لفظ الحميدي مختصر.

(5)

طريق أبي أويس عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أويس، عن العلاء.

أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه"(1/ 297 رقم 41).

والترمذي في الموضع السابق (8/ 285 - 286 رقم 4028).

وأبو عوانة في "مسنده"(2/ 140 - 141).

والبيهقي في "سننه"(2/ 39)، وفي "القراءة خلف الإمام"(ص 42 رقم 76 و 77).

جميعهم من طريق أبي أويس، عن العلاء قال: سمعت من أبي وأبي السائب، وكان جليسي أبي هريرة قالا: قال أبو هريرة

، الحديث بنحوه، إلا أن لفظ الترمذي مختصر.

وهذا الطريق أفادنا في نفي إعلال حديث العلاء بالاضطراب، فإنه يرويه مرة عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ومرة عن أبي السائب، عن أبي هريرة كما سيأتي، وقد سمع العلاء الحديث منهما كليهما كما دلّت عليه هذه الرواية، ولذا فإن الترمذي أشار إلى اختلاف الرواية عن العلاء، واستدل بهذه الرواية على أن للعلاء فيه شيخين، ثم قال (8/ 286):((وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث، فقال: كلا الحديثين صحيح، واحتجّ بحديث ابن أبي أويس، عن أبيه، عن العلاء)). اهـ.

قلت: وقد توبع أبو أويس؛ تابعه الحسن بن الحرّ، ومحمد بن عجلان، وهما =

ص: 509

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الطريقان الآتيان.

(6)

طريق الحسن بن الحرّ، عن العلاء عن أبيه وأبي السائب، عن أبي هريرة بنحو الحديث السابق.

أخرجه البيهقي في "القراءة"(ص 42 - 43 رقم 78).

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(10/ 31) مختصرًا.

(7)

طريق محمد بن عجلان، عن العلاء، عن أبيه وعن أبي السائب، عن أبي هريرة، به مختصرًا.

أخرجه البيهقي في الموضع السابق برقم (79).

(8)

طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عن العلاء.

أخرجه الحميدي في "مسنده"(2/ 430 رقم 974).

ومن طريق أبو عوانة في "مسنده"(2/ 141).

وأخرجه البخاري في "جزء القراءة خلف الإمام"(ص 23 رقم 42).

وابن ماجه في "سننه"(2/ 1243 - 1244 رقم 3784) في الأدب، باب ثواب القرآن.

ثلاثتهم من طريق ابن أبي حازم، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه، إلا أن لفظ الحميدي مختصر.

(9)

طريق روح بن القاسم، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه.

أخرجه البخاري في الموضع السابق (ص 4 - 5 و 24 رقم 14 و 45).

والبيهقي في "القراءة"(ص 37 - 38 رقم 68).

(10)

طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، به مختصرًا.

أخرجه البخاري في الموضع السابق (ص 23 - 24 رقم 44).

والبيهقي في الموضع السابق أيضًا (ص 38 رقم 69).

وأبو عثمان سعيد بن محمد البَحيري في "فوائده"(ل 13 / أ).

(11)

طريق عبد الله بن زياد بن سمعان، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه، إلا أنه زاد في متن الحديث التسمية. =

ص: 510

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه الدارقطني في "سننه"(1/ 213).

ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه"(2/ 40).

وأخرجه البيهقي أيضًا من طريق آخر في "سننه"(2/ 39 - 40)، وفي "القراءة"(ص 41 رقم 75).

قال الدارقطني: ((ابن سمعان هو: عبد الله بن زياد بن سمعان، متروك الحديث، وروى هذا الحديث جماعة من الثقات، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، منهم: مالك بن أنس، وابن جريج، وروح بن القاسم، وابن عيينة، وابن عجلان، والحسن بن الحرّ، وأبو أويس، وغيرهم، على اختلاف منهم في الإسناد واتفاق منهم على المتن، فلم يذكر أحد منهم في حديثه: بسم الله الرحمن الرحيم، واتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب)). اهـ.

(12)

طريق أبي غسان محمد بن مطرف، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه.

أخرجه البيهقي في "القراءة"(ص 38 - 39 رقم 70).

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 216) مختصرًا.

(13)

طريق سعد بن سعيد، عن العلاء، عن أبيه، به مختصرًا.

أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(5/ 89 - 90 رقم 1788 / الإحسان).

(14 و 15 و 16 و 17) طرق: إبراهيم بن طهمان، وجضهم بن عبد الله، ومحمد بن يزيد البصري، وزهير بن محمد العنبري، جميعهم عن العلاء، عن أبيه، به نحوه.

أخرج جميع هذه الطرق البيهقي في "القراءة"(ص 37 و 39 - 41 رقم 66 و 67 و 72 و 73 و 74).

(18 و 19 و 20 و 21) طرق: يوسف بن عبد الرحمن مولى سُكَرّة، وسعيد بن مسلمة، وعبد الرحمن بن إسحاق، والحسن بن عمارة، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

أشار لهذه الطرق البيهقي في الموضع السابق (ص 41)، ثم قال:((تركت روايتهم مخافة التطويل)). =

ص: 511

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الطريق الثاني: طريق أبي السائب مولى هشام بن زُهْرَة، عن أبي هريرة.

وله عن أبي السائب ثلاثة طرق:

(1)

طريق العلاء بن عبد الرحمن، وله عنه ثمانية طرق:

أ- طريق الإمام مالك الذي رواه في "الموطأ"(1/ 84 - 85 رقم 39) عن العلاء، أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة

، الحديث بنحوه.

ومن طريق الإمام مالك أخرجه:

عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 128 - 129 رقم 2768).

وأبو عبيد في "الفضائل"(ص 156 رقم 400).

والبخاري في "خلق أفعال العباد"(ص 43 - 44 رقم 132)، وفي "جزء القراءة"(ص 21 - 22 رقم 40).

ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه"(1/ 296 رقم 39).

وأبو داود في "سننه"(1/ 512 - 514 رقم 821)، في الصلاة، باب: من ترك القراءة في صلاته.

وعبد الله بن أحمد في "زوائده على المسند"(2/ 460).

والنسائي في "سننه"(2/ 135 - 136)، في الافتتاح، باب ترك قراءة: بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب، وفي "فضائل القرآن"(ص 74 رقم 37).

وابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 252 - 253 رقم 502).

وأبو عوانة في "مسنده"(2/ 139 و 140).

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 215)، وفي "مشكل الآثار"(2/ 23).

وأبو جعفر النحاس في "القطع والائتناف"(ص 101 - 103).

وابن حبان في "صحيحه"(5/ 84 - 85 رقم 1784 / الإحسان).

والبيهقي في "سننه"(2/ 39 و 166 - 167)، وفي "شعب الإيمان"(5/ 292 - 293 رقم 2146)، وفي "القراءة خلف الإمام"(ص 30 - 31 رقم 49 و 50 و 51 و 52).

والبغوي في "شرح السنة"(3/ 47 رقم 578). =

ص: 512

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ب- طريق ابن جريج، عن العلاء.

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(2 / 121 - 128 رقم 2744 و 2767) .

ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند"(2 / 285) .

والبخاري في "جزء القراءة"(ص23 رقم 43) .

ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه"(1 / 297 رقم 40) .

وأبو عوانة في "مسنده"(2 / 140) .

والبيهقي في "القراءة"(ص32 رقم 53) من طريق الإمام أحمد عن عبد الرزاق.

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص155 رقم 399) .

وابن أبي شيبة في "المصنف"(1 / 360) .

ومن طريقه ابن ماجه في "سننه"(1 / 273 - 274 رقم 838) ، في إقامة الصلاة، باب القراءة خلف الإمام.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2 / 250) .

وابن خزيمة في "صحيحه"(1 / 247 رقم 489) .

جميعهم من طريق ابن جريج، عن العلاء، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، به مختصرًا، عدا أحد لفظي عبد الرزاق فمطولاً بنحوه، وإلا أبا عبيد فقرنه بلفظ مالك السابق، وقال:((دخل كلام بعضهم في بعض)) .

جـ- طريق محمد بن إسحاق بن يسار، عن العلاء، عن أبي السائب، به نحوه.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2 / 286) .

والبخاري في "جزء القراءة"(ص22 - 23 رقم 41) .

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(1 / 200 رقم 221 و 222) وفي لفظه شيء من الاختصار.

والبيهقي في "القراءة"(ص34 رقم 57 و 58) .

د- طريق الوليد بن كثير، عن العلاء، عن أبي السائب، به.

أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (223) بمثل لفظه السابق

=

ص: 513

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والبيهقي في "سننه"(2 / 166) ، وفي "القراءة"(ص32 رقم 54) ، بنحوه مطولاً.

هـ- طريق ورقاء، عن العلاء، عن أبي السائب، به مختصرًا.

أخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص334 رقم 2561) .

ومن طريقه البيهقي في "القراءة"(ص34 رقم 59) .

والخطيب في "تاريخه"(6 / 302) .

و طريق أبي أويس، عن العلاء، عن أبي السائب، به.

وهذه الطريق مقرونة برواية العلاء، عن أبيه، وتقدمت الإشارة إليها وتخريجها.

ز- طريق الحسن بن الحرّ، عن العلاء، عن أبي السائب، به.

وهذه كسابقتها تقدمت الإشارة إليها وتخريجها.

ح- طريق محمد بن عجلان، عن العلاء، عن أبي السائب، به.

وبعض روايات هذا الطريق كسابقتيها تقدم تخريجها.

وأخرجه البهيقي في "القراءة"(ص33 رقم 55 و 56) بطوله نحوه، عن أبي السائب فقط.

(2 و 3) طريقا الزهري وصفوان بن سليم، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، به.

أخرج هذين الطريقين البيهقي في "القراءة"(ص43 - 44 رقم 80 و 81 و 82) ، ولفظ الزهري مطول بنحوه، ولفظ صفوان مختصر.

الطريق الثالث: طريق عبد الملك بن المغيرة، عن أبي هريرة.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2 / 290) .

والبخاري في "جزء القراءة"(ص25 - 26 رقم 53) .

والبيهقي في "القراءة"(ص45 - 46 رقم 86) .

ثلاثتهم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عن عبد الملك، به مختصرًا.

الطريقان الرابع والخامس: هما طريقا عبد الملك بن مروان وأبي سلمة بن عبد الرحمن، =

ص: 514

169 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُخْبِر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم كانوا يقرأون:(مالك يوم الدين).

= عن أبي هريرة، به مختصرًا، وبعض طرق حديث أبي سلمة موقوفة على أبي هريرة.

أخرج هذين الطريقين البيهقي في "القراءة"(ص 44 - 45 رقم 83 و 84 و 85).

هذا ما تيسر جمعه من طرق هذا الحديث الصحيح، والله أعلم.

[169]

سنده ضعيف جدًّا لإبهام شيخ هشيم ومخالفته الثقات في إسناده، وصوابه: عن الزهري مرسلاً، أو: عن الزهري، عن ابن المسيب مرسلاً، وهذا ضعيف لإرساله، وهو حسن لغيره عن عمر رضي الله عنه كما سيأتي.

وقد روي الحديث عن الزهري من سبعة طرق:

(1)

طريق شيخ هشيم المبهم الذي أخرجه المصنف هنا عن هشيم، عنه، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أبيه.

وأخرجه أبو بكر عبد الله بن أبي داود في "كتاب المصاحف"(ص 103) من طريق أبي الربيع الزهراني، عن هشيم، به مثله.

ثم أخرجه بعده من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، فقال: حدثنا محمد بن عوف، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، قال: أخبرني مُخْبِرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عن أبيه، أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون:(ملك يوم الدين). اهـ.

كذا الصواب في رواية محمد بن عوف، وقد وقع في المطبوع من "كتاب المصاحف":(مالك)، وهو خطأ؛ يدل عليه أن ابن أبي داود قال عقب الحديث:((هذا عندنا وهم، والصواب رواية أبي الربيع وغيره عن هشيم، وكل من رواه عن الزهري متصلاً وغير متصل فـ (مالك)، إلا رجلاً واحدًا [في الأصل: رجل واحد] فإنه قال: (ملك))). اهـ.

وقال الدارقطني كما في "أطراف الأفراد"(ل 174 / ب): ((حديث أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين) تفرد به هشيم، عن مخبر، عن الزهري، عنه. هكذا رواه أبو الربيع عن هشيم. ورواه سعيد بن منصور، عن هشيم، أخبرني مُخْبِرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عن أبيه، أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون:(ملك يوم الدين). تفرد به محمد بن عوف الطائي عن سعيد. قال ابن أبي داود: والصواب: (مالك))). اهـ.

قلت: والخطأ من محمد بن عوف، فإن سعيدًا رواه على الصواب كما هنا.

ص: 515

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(2) طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أنس.

أخرجه حفص بن عمر الدوري في قراءات النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (ص 53 رقم 2).

والترمذي في "سننه"(8/ 248 رقم 3096) في أبواب القراءات عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 103).

ومحمد بن إبراهيم الجرجاني في "أماليه"(ل 160 / ب).

جميعهم من طريق أيوب بن سويد، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزهري، عن أنس، بمثل لفظ المصنف، ألا أن الترمذي قال:((وأراه قال: وعثمان)).

قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث الزهري، عن أنس بن مالك، إلا من حديث هذا الشيخ أيوب بن سويد الرَّمْلي، وقد روى بعض أصحاب الزهري هذا الحديث عن الزهري: أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين)، وروى عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ سعيد بن المسيب، أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون:(مالك يوم الدين). اهـ.

والترمذي بهذا الكلام يشير إلى الاختلاف في سند هذا الحديث الذي سيأتي بيانه - إن شاء الله -.

وأيوب الذي روى هذا الطريق عن يونس، هو ابن سويد الرَّمْلي، أبو مسعود الحِمْيَري السَّيْباني - بهملة مفتوحة، ثم تحتانية ساكنة، ثم موحَّدَة، يروي عن الأوزاعي والإمام مالك والثوري ويونس بن يزيد وغيرهم، روى عنه الإمام الشافعي ويونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وتسعين ومائة، وهو ضعيف كما قال الإمام أحمد وأبو داود والساجي وزاد:((ارْمِ به))، وروى وهب بن زمعة عن ابن المبارك أنه ترك حديثه، وروى سفيان بن عبد الملك عن ابن المبارك أنه قال:((ارْمِ به))، وقال ابن معين:((ليس بشيء، كان يسرق الأحاديث، قال أهل الرَّمْلة: حدث عن ابن المبارك بأحاديث، ثم قال: حدثني أولئك الشيوخ الذين حدث ابن المبارك عنهم))، وهذه الحكاية لم يذكر ابن معين من الذي حدثه بها، وقال البخاري:((يتكلمون فيه))، وقال النسائي، ((ليس بثقة))، وقال ابن حبان: ((كان رديء الحفظ يخطئ، يُتّقى حديثه من رواية ابنه محمد بن أيوب عنه؛ لأن أخباره إذا سُبرت من غير رواية ابنه عنه وجد أكثرها =

ص: 516

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مستقيمة))، وطوّل ابن عدي في ترجمته، وأورد له جملة مناكير من غير رواية ابنه عنه، لا كما زعم ابن حبان، ذكر ذلك ابن حجر، ثم قال ابن عدي: ((ولأيوب بن سويد حديث صالح عن شيوخ معروفين، منهم يونس بن يزيد الأيلي نسخة الزهري

، ويقع في حديثه ما لا يوافقه الثقات عليه، ويكتب حديثه في جملة الضعفاء)). اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (1/ 113 - 114)، و"الكامل" لابن عدي (1/ 351 - 356)، و"التهذيب"(1/ 405 - 406 رقم 745).

وذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 74) أنه سأل أباه عن الحديث بهذا الإسناد فقال: ((هذا حديث منكر بهذا الإسناد)). اهـ.

وأخرج ابن عدي في "الكامل"(5/ 1625 - 1926) هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن الحصين عن الزهري الآتي برقم

(4)

ثم قال: ((هذا بهذا الإسناد منكر، وقد روي هذا الحديث عن الزهري، عن أنس، وليس ذاك أيضًا بمحفوظ)). اهـ.

(3)

طريق أبي بكر بن عياش، عن سليمان التيمي، عن ابن شهاب الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ والبراء بن عازب قالا: قرأ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر: (مالك يوم الدين).

أخرجه حفص الدوري في الموضع السابق (ص 51 - 52 رقم 1).

ومن طريقه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 104)، ثم قال ابن أبي داود:((هذا عندنا وهم، وإنما هو سليمان بن أرقم)).

قلت: يعني أن ذكر سليمان التيمي في هذا الحديث خطأ، وإنما هو سليمان بن أرقم، وفرق بينهما، فالتيمي تقدم في الحديث [94] أنه ثقة عابد.

وسليمان بن أرقم، أبو معاذ البصري، يروي عن الزهري ويحيى بن أبي كثير والحسن البصري وابن سيرين وغيرهم، روى عنه الثوري وأبو داود الطيالسي وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وهو متروك الحديث كما قال أبو حاتم والترمذي. =

ص: 517

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن خراش والنسائي وأبو أحمد والحاكم والدارقطني، وقال أبو داود:((متروك الحديث، قلت لأحمد: روى عن الزهري، عن أنس في التلبية، قال: لا نبالي روى أم لم يرو))، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه:((ليس بشيء لا يروي عنه الحديث))، وقال ابن معين:((ليس بشيء، ليس يسوى فلسًا)، وقال البخاري:((تركوه))، وقال مسلم:((منكر الحديث)). اهـ. من "الكامل" لابن عدي (3/ 1100 - 1105)، و"التهذيب"(4/ 168 - 169 رقم 297).

وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا، والذي دعى ابن أبي داود للقول بأن ذكر التيمي في هذا الإسناد خطأ: أن التيمي لا يعرف بالرواية عن الزهري كما يتضح من ترجمته في "تهذيب الكمال"(12/ 6 / المطبوع)، وإنما الذي يروي عن الزهري هو ابن أرقم كما سبق، والله أعلم.

(4)

طريق عبد العزيز بن الحصين، عن الزهري، عن أبي سلمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يقرأ:(مالك يوم الدين).

أخرجه الدوري في الموضع السابق (ص 54 رقم 3).

والعقيلي في "الضعفاء"(3/ 15)، في ترجمة عبد العزيز بن الحصين، وذكر مع هذا الحديث حديثًا آخر، ثم قال: ((لا يتابع عليهما جميعًا

، وكلا الحديثين الرواية فيهما من غير هذا الوجه مضطربة فيها لين)).

وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(5/ 1925 - 1926) وقال: ((هذا بهذا الإسناد منكر)).

والحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا، وعلّته عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان، أبو سهل المروزي، يروي عن الزهري وثابت البُناني وعمرو بن دينار، روى عنه قتيبة بن سعيد ونعيم بن الهيثم وطائفة، وهو متروك الحديث كما قال أبو داود، وقال ابن المديني:((روى عنه معن وغيره بلاءً من البلاء))، وضعّفه جدًّا، وقال ابن معين:((ضعيف الحديث))، وقال البخاري وأبو أحمد الحاكم:((ليس بالقوي عندهم))، وقال مسلم:((ذاهب الحديث))، وقال النسائي: ((ليس بثقة، =

ص: 518

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ولا يكتب حديثه))، وقال البغوي:((ضعيف الحديث، وهو في الضعف نحو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم))، وقال الحافظ ابن حجر:((وأعجب من كل ما تقدم: أن الحاكم أخرج له في المستدرك وقال: إنه ثقة)). اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (3/ 15 - 16)، و"الكامل" لابن عدي (5/ 1925 - 1926)، و"الميزان"(2/ 627 رقم 5095)، و"اللسان"(4/ 28 - 29 رقم 76).

وقد تابع بَحْر بن كنيز عبد العزيز بن الحصين كما في الطريق الآتي، ولكنها متابعة لا يُفرح بها.

(5)

طريق بحر بن كنيز، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بمثل سابقه.

أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 103) من طريق إبراهيم بن سليمان الزيات، عن بحر.

وسنده ضعيف جدًّا، له علتان:

أ- بَحْر بن كَنيز - بنون وزاي -، السَّقاء، أبو الفضل البصري، يروي عن الزهري والحسن البصري وعمرو بن دينار وغيرهم، روى عنه الثوري وابن عيينة ويزيد بن هارون وغيرهم، وهو متروك كما قال أبو داود والدارقطني، وقال ابن معين:((لا يكتب حديثه))، وفي رواية:((ليس بشيء، كل الناس أحب إلي منه))، وقال السعدي:((ساقط))، وقال النسائي:(ليس بثقة، ولا يكتب حديثه))، وفي رواية:((متروك الحديث))، وذكره ابن البرقي في طبقة من تُرك حديثه، وضعفه ابن سعد وإبراهيم الحربي وأبو حاتم، وقال ابن حبان:((كان ممن فحش خطؤه وكثر وهمه حتى استحق الترك))، وكانت وفاته سنة ستين ومائة. اهـ.

من "الكامل" لابن عدي (2/ 482 - 487)، و"التهذيب"(1/ 418 - 419 رقم 773).

ب- إبراهيم بن سليمان أبو إسحاق الزيّات، البَلْخي، يروي عن سفيان الثوري وبكر بن المختار، وعنه إبراهيم بن راشد الآدمي وأهل العراق، وهو صدوق يخطئ، ذكره ابن عدي في "الكامل" (1/ 264) وقال:((ليس بالقوي))، وذكره =

ص: 519

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن حبان في "الثقات" في موضعين (8/ 65 و 67 - 68)، وقال: ((مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات

، وهو أقرب من الضعفاء، ممن أستخير الله فيه))، وذكره الخليلي في "الإرشاد" في موضعين (1/ 276) و (3/ 924) وقال في الموضع الأول:((صالح))، وقال في الثاني:((صدوق))، ونقل عن الحاكم أبي عبد الله قوله:((في كتبنا عن شيوخنا: محلّه الصدق)). اهـ.، وانظر "لسان الميزان"(1/ 65 رقم 163).

(6)

طريق أبي مطرف طلحة بن عبيد الله، عن الزهري مرسلاً، أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كان يقرأون:{مالك يوم الدين} .

أخرجه الدوري في الموضع المتقدم (ص 55 و 56 و 58 رقم 4 و 5 و 6 و 8).

وابن أبي داد في "المصاحف"(ص 104) من ثلاث طرق عن أبي مطرف، وفي بعضها زاد: (وكلحة والزبير وأبيّ بن كعب وابن مسعود ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم، وزاد في رواية: (ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية

، قال ابن شهاب وأول من أحدث:((مَلِكِ)): مروان).

قال ابن كثير في "التفسير"(1/ 24): ((قرأ بعض القرّاء: {ملك يوم الدين} ، وقرأ آخرون:{مالك} ، وكلاهما صحيح متواتر في السبع

، وقد روى أبو بكر ابن أبي داود في ذلك شيئًا غريبًا حيث قال

))، ثم ذكر الرواية السابقة، وتعقبها بقوله:((قلت: مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب، والله أعلم)). اهـ.

ورواية أبي مطرف هذه ورواية معمر الآتية الموافقة لها هما أصح الروايات عن الزهري كما سيأتي.

(7)

طريق معمر، عن الزهري، قال: كان النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يقرأون: {مالك يوم الدين} ، وأول من قرأها:{مَلِك يوم الدين} : مروان.

أخرجه أبو داود في "سننه"(4/ 293 - 294 رقم 4000) في الحروف والقراءات. =

ص: 520

170 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ

(1)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ

(2)

، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يقرأ كذلك.

= وعلقه الترمذي عقب إخراجه لرواية يونس المتقدمة، عن الزهري، عن أنس.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 103).

زاد أبو داود في روايته: (قال معمر: وربما ذكر ابن المسيب)، وهذا يفيد أن الزهري كان يرسله مرة، ويذكره عن ابن المسيب مرسلاً مرة أخرى، ولذا جاء في تعليق الترمذي السابق للحديث ذكر ابن المسيب فيه.

قال أبو داود عقب الحديث: ((هذا أصح من حديث الزهري، عن أنس، والزهري، عن سالم، عن أبيه)).

قلت: ووافقت رواية أبي مطرف السابقة معمر، ومعمر تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت فاضل، وأما بقية الروايات المخالفة فلا يثبت منها طريق، وتقدم بيان ما فيها، فلا تنهض لمعارضة هاتين الروايتين، وهذا ما رجحه أبو داود، وعليه فالحديث ضعيف من طريق الزهري لإرساله، وهو حسن لغيره عن عمر رضي الله عنه فقط بما سيأتي له من طرق برقم [170] و [172]، والله أعلم.

(1)

هو الحجاج بن أرطأة - بفتح الهمزة - ابن ثور بن هبيرة بن شراحيل النخعي، أبو أرطأة الكوفي، القاضي، أحد الفقهاء، يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بن يزيد وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن شعيب وسماك بن حرب ونافع مولى ابن عمر وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، روى عنه شعبة وهشيم والثوري وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وغيرهم، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس كما في "التقريب"(ص 152 رقم 1119)، قال ابن معين:((صدوق ليس بالقوي، يدلس عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العَرْزمي عن عمرو بن شعيب))، وقال ابن المبارك:((كان الحجاج يدلس، وكان يحدثنا الحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثه العرزمي، والعرزمي متروك لا نقر به))، وقال أبو زرعة:((صدوق مدلس))، وقال =

ص: 521

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبو حاتم: ((صدوق يدلس عن الضعفاء، يكتب حديثه، وإذا قال: حدثنا فهو صالح، لا يرتاب في صدقه وحفظه إذا بيّن السماع، ولا يحتج بحديثه))، وقال الساجي:((كان مدلسًا صدوقًا سيء الحفظ، ليس بحجة في الفروع والأحكام))، وقال النسائي:((ليس بالقوي))، وقال العجلي: ((كان فقيهًا، وكان أحد مفتي الكوفة، وكان فيه تيه، وكان يقول: أهلكني حب الشرف، وولي قضاء البصرة، وكان جائز الحديث، إلا أنه صاحب إرسال

، وإنما يعيب الناس منه التدليس))، وقال ابن عدي:((إنما عاب الناس عليه تدليسه عن الزهري وعن غيره، وربما أخطأ في بعض الروايات، فأما أن يتعمد الكذب فلا، وهو ممن يكتب حديثه))، وقد عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الرابعة من طبقات المدلسين، وهم من اتُّفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهمم إلا بما صرحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل، وكانت وفاته في سنة خمس وأربعين ومائة.

انظر "الجرح والتعديل"(3/ 154 - 156 رقم 673)، و"الكامل" لابن عدي (2/ 641 - 646)، و"تهذيب الكمال"(5/ 420 - 428 رقم 1112 / المطبوع)، و"ميزان الاعتدال"(1/ 458 - 460 رقم 1726)، و"التهذيب"(2/ 196 - 198 رقم 365)، و"طبقات المدلسين"(ص 125 رقم 118).

(2)

هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، روى عن أبيه وعم أبيه علقمة بن قيس، وعن عائشة وأنس وابن الزبير وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني والأعمش وحجاج بن أرطأة وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 336 رقم 3803)؛ فقد وثقه ابن معين والعجلي والنسائي وابن خراش وزاد:((من خيار الناس))، وكانت وفاته سنة تسع وتسعين للهجرة، أو مائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 209 رقم 986)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 775)، و"التهذيب"(6/ 140 - 141 رقم 286).

[170]

سنده ضعيف لما تقدم عن حال حجاج بن أرطأة، ولأن هشيمًا مدلس ولم =

ص: 522

171-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يَقْرَأُ:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .

172-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقْرَأُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ يَقْرَآنِ:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .

= يصرح بالسماع، وهو حسن لغيره بمجموع طرقه، منها هذا الطريق، وما تقدم برقم [169] ، وما سيأتي برقم [172] .

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 36) ، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع والفريابي وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر.

[171]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين أبي قلابة وأبيّ بن كعب، فإنه لم يدركه فيما يظهر، فأبو قلابة توفي فيما بين سنة أربع ومائة إلى سبع ومائة، وأما أبيّ بن كعب فوفاته مختلف فيها كما سبق بيانه في الحديث [109] ، فبعضهم قال إنه توفي في خلافة عمر سنة تسع عشرة للهجرة، وبعضهم قال: بل في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين، فالفرق بين وفاتيهما يترواح بين ثنتين وسبعين سنة إلى ثمان وثمانين، وهذا فرق كبير إذا ما أضيف له سن التحمل، وقرائن أخرى، منها: أن العلماء نصوا على أنه لم يسمع من صحابة كانت وفاتهم بعد وفاة أبّي، مثل علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وغيرهم رضي الله عنهم، بل لم يذكروا له رواية متصلة إلا عن صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم، مثل أنس بن مالك، ومالك بن الحويرث رضي الله عنهما. انظر "جامع التحصيل" للعلائي (ص257 - 258 رقم 362) ، و"التهذيب"(5 / 224 - 226) ، و (1 / 187 - 188) .

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 36) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع.

[172]

الحديث سنده عن علقمة والأسود صحيح، وأما عن عمر بن الخطاب فضعيف =

ص: 523

173 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّاب

(1)

، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .

= للانقطاع بينه وبين إبراهيم النخعي، فإنه لم يدرك عمر، بل إن ولادته كانت بعد وفاة عمر بزمن طويل، فولادته كانت سنة خسمين للهجرة، وقد نص أبو زرعة وأبو حاتم على أن روايته عن عمر مرسلة. انظر "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص 8 - 10 رقم 1)، و"التهذيب"(1/ 177 - 178).

لكن الحديث قد روي من طرق أخرى عن عمر، وتقدم تخريجها برقم [169] و [170]، فهو بمجموعها حسن لغيره، والله أعلم.

(1)

هو يحيى بن وَثَّاب - بتشديد المثلّثة -، الأسدي، مولاهم، الكوفي المقرئ، روى عن ابن عمر وابن عباس وزرّ بن حبيش وعلقمة والأسود، روى عنه الأعمش وأبو إسحاق السبيعي والشعبي، وغيرهم، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة إلا أبا داود كما في "التقريب" (ص 598 رقم 7664)؛ فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد:((قليل الحديث، صاحب قرآن))، وقال العجلي:((كوفي تابعي ثقة وكان مقرئ أهل الكوفة))، وقال الأعمش:((كنت إذا رأيت يحيى بن وثاب قد جاء قلت: هذا قد وقف للحساب؛ يقول: أي رب، أذنبت كذا، كذا فعفوت عني، فلا أدعو))، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(9/ 193 رقم 806)، و"التهذيب"(11/ 294 - 295 رقم 574).

[173]

سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه ممن قرأ على يحيى وأخذ عنه القراءة، وهذه منها، وانظر "سير أعلام النبلاء"(4/ 380).

ص: 524

قَوْلُهُ تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ}

174 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

(1)

، قَالَ: نا حُصين بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُرَّة الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الصِّرَاطُ عَلَى النَّارِ، يَمُرُّ أولِهم مِثْلَ الْبَرْقِ، ثُمَّ كَالطَّيْرِ، ثُمَّ كَالْفَرَسِ الْجَوَادِ، وَآخِرُهُمْ يَمُرُّ حَبْوًا، وَالْمَلَائِكَةُ قِيَامٌ مَعَهُمْ كَلَالِيبُ

(2)

مِنْ نَارٍ، يَخْطَفُونَ النَّاسَ يَمِينًا وَشِمَالًا، حَتَّى يَقْذِفُوهُمْ فِي النار.

(1)

هو سُوَيْد بن عبد العزيز بن نُمير السُّلمي، مولاهم، الدمشقي، روى عن حميد الطويل وعاصم الأحْوَل والأوزاعي وحُصين بن عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا أبو مسهر وعلي بن حجر ودحيم وهشام بن عمار وغيرهم، وهو ضعيف كما في "التقريب"(ص 260 رقم 2692)، فقد ضعفه ابن معين والنسائي في رواية، وفي أخرى قالا:((ليس بثقة))، وقال الإمام أحمد:((متروك الحديث))، وقال دحيم:((ثقة، وكانت له أحاديث يغلط فيها))، وقال علي بن حجر:((أثنى عليه هشيم خيرًا))، وقال أبو حاتم:((في حديثه نظر، هو لين الحديث))، وضعفه ابن حبان جدًّا، وأورد له أحاديث مناكير، ثم قال:((وهو ممن أستخير الله فيه؛ لأنه يقرب من الثقات))، وكانت ولادته سنة ثمان ومائة، ووفاته سنة أربع وتسعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(4/ 238 - 239 رقم 1020)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (12/ 257)، و"التهذيب"(4/ 276 - 277 رقم 473).

(2)

جمع كَلُّوب، وهو: حديدة مُعْوَجَّةُ الرأس. انظر "النهاية في غريب الحديث"(4/ 195).

[174]

سنده ضعيف لضعف سويد بن عبد العزيز، وهو صحيح لغيره بالطرق الآتية.

فالحديث روي عن ابن مسعود من ستة طرق:

(1)

طريق مُرَّة الهَمْداني، وله عنه طريقان:

أ- طريق حصين الذي أخرجه المصنف هنا. =

ص: 525

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ب- طريق إسماعيل السُّدِّي، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قال: يرد الناس جميعًا الصراط، ووردهم: قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمرّ مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجل، حتى إن آخرهم مَرًّا: رجل نوره على موضع إبهامي قدميه، يمرّ فيتكفّأ به الصراط، والصراط دَحَض مزلَّة، عليه حَسَك كحسك السعدان، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس.

ذكره الحافظ ابن كثير في "النهاية"(2 / 184) ، وفي "التفسير"(3 / 132) ، وعزاه في التفسير لابن أبي حاتم.

وأخرجه الدارمي في "سننه"(2 / 336 رقم 2813) .

والحاكم في "المستدرك"(2 / 375) .

كلاهما من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، به نحوه، إلا أنه رفعه لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

والدَّحَضُ: هو الزَّلَق كما في "النهاية في غريب الحديث"(2 / 104) .

والحَسَكُ: جمع حَسَكَة، وهي شوكة صُلْبة معروفة كما في المرجع السابق (1 / 386) .

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، وليس كذلك، بل هو ضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السُّدِّي - بضم المهملة وتشديد الدال -، أبي محمد الكوفي، يروي عن أنس وابن عباس وعطاء وعكرمة ومُرَّة الهمداني وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وأبو عوانة وإسرائيل وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه يهم، ورمي بالتشيع كما في "التقريب"(ص108 رقم 463)، فقد وثقه الإمام أحمد والعجلي وزاد:((عالم بالتفسير رواية له)) ، وقال يحيى القطان:((لا بأس به، ما سمعت أحدًا يذكره إلا بخير، وما تركه أحد)) ، وقال النسائي:((ليس به بأس)) ، وقال ابن عدي:((مستقيم الحديث صدوق لا بأس به)) ، وقال الساجي:((صدوق فيه نظر)) ، =

ص: 526

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وضعفه ابن معين والعقيلي وزاد: ((كان يتناول الشيخين))، وقال أبو حاتم:((يكتب حديثه ولا يحتج به))، وقال أبو زرعة:((ليِّن))، وقال الجوزجاني:((هو كذاب شتّام))، وقال حسين بن واقد:((سمعت من السدي، فأقمت حتى سمعته يتناول أبا بكر وعمر، فلم أعد إليه))، وقال عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت: سمعت الشعبي وقيل له: إن السدي قد أعطي حظًا من علم القرآن، فقال:((أعطي حظًا مِنْ جَهْلٍ بالقرآن))، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 184 - 185 رقم 625)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (3/ 133)، و"التهذيب"(1/ 313 - 314 رقم 572).

(2)

طريق أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا عليه

، فذكره بنحوه وهو جزء من حديث طويل في وصف بعض أحوال الآخرة.

ذكره الحافظ ابن كثير في "النهاية"(2/ 175) وعزاه للبيهقي في "البعث والنشور"، من طريق حماد بن سلمة، عن أبي عاصم، عن أبي وائل.

(3)

طريق أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قوله:(وإن منكم إلا واردها)[الآية (71) من سورة مريم]، قال: الصراط على متن جهنم مثل حدّ السيف، فتمرّ الطبقة الأولى، كالبرق، والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود البهائم، ثم يمرون والملائكة يقولون: اللهم سلِّم سلِّم.

أخرجه الطبراني في "تفسيره"(16/ 110 / طبعة الحلبي)

والحاكم في "المستدرك"(2/ 375 - 376).

أما الطبراني فمن طريق النضر، وأما الحاكم فمن طريق عمرو بن طلحة، كلاهما عن إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأحوص، عن ابن مسعود، به، واللفظ للطبري، ونحوه لفظ الحاكم.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي.

وقد أورد الحافظ ابن كثير هذا الحديث في "تفسيره"(3/ 132) من رواية الطبري، ثم قال: ((ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما من وراية أنس =

ص: 527

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم).

(4)

طريق أبي الزَّعْرَاء، عن ابن مسعود موقوفًا عليه، وهو حديث طويل في وصف بعض أحوال الآخرة، وفيه: (ثم يأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم فيمرّ الناس بقدر أعمالهم زمرًا، أوائلهم كلمح البرق، ثم كمرّ الريح، ثم كمرّ الطير، ثم كمرّ البهائم، حتى يمرّ الرجل سعيًا ثم يمر الرجل مشيًا، حتى يجيء آخرهم رجل يتلبّط على بطنه فيقول: يا رب لم أبطأت بي؟ قال: إني لم أبطئ بك إنما أبطأ بك عملك ثم يأذن الله تعالى في الشفاعة فيكون أو شافع: روح الله القدس: جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم فلا يشفع أحد فيما يشفع فيه

) الحديث.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 413 - 416 رقم 9761).

والحاكم في "المستدرك"(4/ 598 - 600).

ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(ص 326 - 327 رقم 598).

ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أبي الزعراء، به، واللفظ للحاكم.

قال الحاكم عقبه: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، فتعقبه الذهبي بقوله:((ما احتجّا بأبي الزعراء)).

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 330): (رواه الطبراني وهو موقوف مخالف للحديث الصحيح وقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ((أنا أول شافع))).

وقال الشيخ الألباني في تعليقه على "العقيدة الطحاوية"(ص 464): ((له حكم المرفوع، لكنه منقطع بين أبي الزعراء - واسمه يحيى بن الوليد -، لم يرو عن أحد من الصحابة، بل عن بعض التابعين)). أ. هـ وضعّفه لذلك.

وقول الشيخ الألباني هذا ليس بصحيح، فأبو الزعراء الذي يروي هذا الحديث ليس هو يحيى بن الوليد، بل هو عبد الله بن هانئ، تقدم في الحديث [97] =

ص: 528

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أنه ثقة، وهو الذي يروي عن ابن مسعود، وعنه سلمة بن كهيل، وأما يحيى بن الوليد فلم يذكر أنه يروي عن ابن مسعود، ولا عنه سلمة بن كهيل، انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1524).

وأما متن الحديث ففيه الإشكال الذي أشار إليه الهيثمي، وهو مخالف لما جاء في "صحيح مسلم"(1/ 188 رقم 330 و 331 و 332) في الإيمان، باب في قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:((أنا أول الناس يشفع في الجنة))، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه: ((أنا أول الناس يشفع في الجنة

)) الحديث.

وعليه فالحديث شاذ من طريق أبي الزعراء لمخالفة متنه لهذا الحديث، والله أعلم.

(5)

طريق قيس بن السكن، عن ابن مسعود.

أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 202 / ب)، والمطبوعة (4/ 365 - 367 رقم 4611)، فقال: أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، ثنا قيس بن السكن وأبو عبيدة بن عبد الله، قالا: إن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حدّث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه هذا الحديث، فقالك إذا حشر الناس يوم القيامة، قاموا أربعين سنة على رؤوسهم الشمس

، الحديث بطوله، وفيه:

فيقول الله تعالى لهم: ارفعوا رؤوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم، فيرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل الجبل، ويرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل القصر، ويرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل البيت، حتى ذكر مثل الشجرة، فيمضون على الصراط كالبرق الخاطف، وكالريح، وكحُضْر الفرس، وكاشتداد الرجل، حتى يبقى آخر الناس نوره على إبهام رجله مثل السراج، فأحيانًا يضيء له، وأحيانًا يخفى عليه، فتشعب منه النار، فلا يزال كذلك حتى يخرج .... إلخ الحديث.

وأخرجه الدارقطني في "الرؤية"(ص 310 - 311 رقم 165) من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، به. =

ص: 529

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الحافظ ابن حجر عقب ذكره له في "المطالب": ((هذا إسناد صحيح متصل، رجاله ثقات)).

قلت: يعني الحافظ بالاتصال: رواية قيس بن السكن، وأما رواية أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود فإنها منقطعة؛ لأنه لم يسمع من أبيه كما سبق بيانه في الحديث رقم [4] و [147]، ويوضحه الطريق الآتي، فإنه تلقى الحديث من أبيه بواسطة مسروق كما في بعض الطرق.

(6)

طريق مسروق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((يجمع الله الناس يوم القيامة

)) الحديث بطوله وفيه: ((فيمرّون على الصراط كحدّ السيف دحض مزلّة، فيقال: انجو على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالطِّرْف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشدّ الرجل، ويرمل رملاً، فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمرّ الذي نوره على إبهام قدميه يجرّ يدًا ويعلق يدًا، ويجر رجلاً ويعلق رجلاً، فتصيب جوانبه النار

)) الحديث.

أخرجه الحاكم في "المستدرك"(4/ 589 - 592) من طريق أبي خالد الدَّالَاني يزيد بن عبد الرحمن، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أبي عبيدة، عن مسروق، به بطوله، ثم قال الحاكم:((رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، غير أنهما لم يخرجا أبا خالد الدَّالاني في الصحيحين لما ذُكر من انحرافه عن السنة في ذكر الصحابة، فأما الأئمة المتقدمون فكلمهم شهدوا لأبي خالد بالصدق والإتقان، والحديث صحيح ولم يخرجاه، وأبو خالد الدالاني ممن يجمع حديثه في أئمة أهل الكوفة))، وتعقبه الذهبي بقوله:((ما أنكره حديثًا على جودة إسناده، وأبو خالدت شيعي منحرف))، وكان الحاكم قد أخرج الحديث (2/ 376 - 377) من طريق أبي خالد نفسه، ثم قال:((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ))، ووافقه الذهبي.

ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي كما في "النهاية" لابن كثير (2/ 173 - 175).

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 416 - 421 رقم 9763). =

ص: 530

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والدارقطني في "الرؤية"(ص 305 - 307 رقم 166).

كلاهما من طريق أبي خالد، به نحو لفظ الحاكم.

وتابع أبا خالد زيد بن أبي أنيسة، فرواه عن المنهال، عن أبي عبيدة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، به بنحوه مطولاً.

أخرجه بعد الله بن أحمد في "السنة"(2/ 520 - 524 رقم 1203).

والدارقطني في "الرؤية"(ص 308 - 309 رقم 167).

والبيهقي في "البعث"(ص 252 - 254 رقم 434).

جميعهم من طريق زيد بن أبي أنيسة، به.

كذا رواه أبو خالد الدَّالاني وزيد بن أبي أنيسة عن المنهال، عن أبي عبيدة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مرفوعًا.

وخالفهما الأعمش، فرواه عن المنهال، ولم يذكر مسروقًا في سنده، ووقفه على ابن مسعود كما في الطريق السابق رقم

(5)

.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ 421 رقم 9764).

والدارقطني في "الرؤية"(ص 303 - 304 رقم 165).

كلاهما من طريق أبي طيبة، عن كِرْز بن وَبْرَة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه مرفوعًا بطوله هكذا ليس فيه ذكر لمسروق.

قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 343): ((رواه كله الطبراني من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح، غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة)).

والحديث ذكره المنذري في "الترغيب والترهيب"(4/ 246 - 248) وقال: ((أحد طرق الطبراني صحيح

، وهو في مسلم بنحوه باختصار عنه)). اهـ.

والحديث الذي أشار المنذري إلى أنه في مسلم هو في "صحيحه"(1/ 173 - 175 رقم 308 و 309 و 310) في الإيمان، باب آخر أهل النار خروجًا، من طريق منصور والأعمش، كلاهما عن إبراهيم، عن عَبيدة، عن ابن مسعود، =

ص: 531

175 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ثَابِتٍ

(1)

، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ:(السِّراط) - بالسين -.

= ومن طريق ثابت، عن أنس، عن ابن مسعود مرفوعًا مختصرًا ليس فيه ذكر للمرور على الصراط.

وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح عن ابن مسعود على الخلاف في رفعه ووقفه، وهو وإن كان موقوفًا، إلا أن له حكم الرفع، فمثله لا يقال بالرأي، وقد جاء مرفوعًا في الصحيحين من غير طريق ابن مسعود كما أشار لذلك الحافظ ابن كثير كما سبق.

فقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(13/ 420 - 422 رقم 7439) في التوحيد، باب {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} .

ومسلم في "صحيحه"(1/ 167 - 171 رقم 302) في الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية.

كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا، وفيه:((ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحلّ الشفاعة، ويقولون: اللهم سلِّم سلِّم))، قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: ((دَحَض مزلّة فيه خطاطيف وكلاليب وحَسَك تكون بنجد فيه شويكة يقال لها السعدان، فيمرّ المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناجٍ مُسَلَّم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم

))، الحديث بطوله، واللفظ لمسلم، والله أعلم.

(1)

هو ثابت المكي، مجهول، روى عن ابن عباس، ولم يرو عنه سوى عمرو بن دينار، ذكره البخاري في "تاريخه"(2/ 173 رقم 2099)، وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 461 رقم 1861)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4/ 96) وقال:((لا أدري من هو، ولا ابن من هو؟))، وانظر "لسان الميزان"(2/ 81 رقم 321).

[175]

سنده ضعيف لجهالة ثابت المكي الذي يرويه عن ابن عباس. =

ص: 532

قَوْلُهُ تَعَالَى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}

176 -

[ل 111/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ

(1)

، عَنْ أَبِيهِ

(2)

، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقْرَأُ:{صِرَاطَ من أنعمت عليهم} .

= والحديث أخرجه البخاري في "تاريخه"(2/ 173) من طريق علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، به مثله.

وعلقه ابن حبان في "الثقات"(4/ 96).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 38) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري في "التاريخ" وابن الأنباري.

(1)

هو يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حاطب بن أبي بَلْتَعَة - بفتح الموحّدة والمثنّاة وسكون اللام بينهما، ثم مهملة -، أبو محمد أو أبو بكر المدني، يروي عن أبيه وأسامة بن زيد وحسان بن ثابت وعبد الله بن عمر وأبي سعيد الخدري وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وبكير بن عبد الله بن الأشجّ وأسامة بن زيد الليثي ومحمد بن عمرو بن علقمة وغيرهم، وهو ثقة كما في "التقريب"(ص 593 رقم 7592)، فقد وثقه العجلي والنسائي والدارقطني وابن سعد وزاد:((كثير الحديث))، وكانت ولادته في خلافة عثمان رضي الله عنه، ووفاته سنة أربع ومائة. اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (5/ 250)، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص 474 رقم 1815)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1509)، و"التهذيب"(11/ 249 - 250 رقم 399).

(2)

هو عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بَلْتَعة، أبو يحيى المدني، يروي عن أبيه وعمر بن الخطاب وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجرّاح وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه يحيى وعروة بن الزبير، وله رؤية، =

ص: 533

قَوْلُهُ تَعَالَى: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}

177-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يَقْرَأُ:(غيرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وغيرَ الضالين) .

= وعدّوه في كبار ثقات التابعين كما في "التقريب"(ص338 رقم 3833)، فقد وثقه العجلي وابن سعد وزاد:((قليل الحديث)) ، وكانت وفاته بالمدينة سنة ثمان وستين للهجرة. اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (5 / 64) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص290 رقم 944) ، و"التهذيب"(6 / 158 - 159 رقم 321) .

[176]

الحديث صحيح لغيره، وأما إسناد المصنف فحسن لذاته، فمحمد بن عمرو بن علقمة تقدم في الحديث [4] أنه صدوق.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص61) من طريق عبد الله بن محمد الزهري، عن سفيان، به بلفظ: سمعت عمر يقرؤها: {صراط من أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غيرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وغيرَ الضالين} .

وذكره السيوطي في "الدر المنثو"ر (1 / 40) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري في "المصاحف".

وقد رواه الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ والأسود أنهما سمعا عمر بن الخطاب، يقرؤها كذلك، وسنده كما سيأتي في الحديث بعده.

[177]

سنده صحيح، وعنعنة الأعمش هنا محمولة على السماع كما سبق تفصيله في الحديث [3] ، وقد ذكره الحافظ في "فتح الباري"(8 / 159) وعزاه لسعيد بن منصور وصحح سنده.

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص232 رقم 559) من طريق أبي معاوية، به مثله.

وأخرحه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص60 و 61) من طريق علي بن مُسْهِر، ويزيد بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة ويعلى بن عبيد، جميعهم عن الأعمش، =

ص: 534

178 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سَلاَّم الطَّويل

(1)

، عَنْ زَيْدٍ العَمِّي

(2)

، عَنِ ابْنِ سِيرين، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((فَاتِحَةُ الكتاب شفاء من السُّمّ)).

= عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، به.

وأخرجه أيضًا من طريق محمد بن عمرو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حاطب، عن أبيه، عن عمر، به، وهو الطريق المتقدم برقم [176].

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 40) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري في "المصاحف".

(1)

هو سلاّم - بتشديد اللام - ابن سُلَيم، أو: سَلْم، أبو سليمان الطويل، المَدَائِني، روى عن حميد الطويل ومنصور بن زاذان وزيد العَمِّي وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الرحمن بن محمد المحاربي وعلي بن الجعد وأبو الربيع الزهراني وغيرهم، وهو متروك، قال أحمد:((منكر الحديث))، وقال ابن معين:((ليس بشيء))، وفي رواية:((ضعيف لا يكتب حديثه))، وقال البخاري:((تركوه))، وفي رواية أخرى:((يتكلمون فيه))، وقال أبو حاتم:((ضعيف الحديث، تركوه))، وقال ابن خراش:((متروك))، وفي رواية:((كذاب))، وقال النسائي:((متروك الحديث))، وفي رواية:((ليس بثقة، ولا يكتب حديثه))، وقال أبو نعيم الأصبهاني:((متروك بالاتفاق))، وكانت وفاته في حدود سنة سبع وسبعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (3/ 1146 - 1149)، و"التهذيب"(4/ 281 - 282 رقم 485)، و"التقريب"(ص 261 رقم 2702).

(2)

هو زيد بن الحَوَاري، أبو الحواري العَمِّي، البصري، قاضي هَرَاة، روى عن أنس بن مالك وقيل: لم يسمع منه، وروى عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابناه عبد الرحمن وعبد الرحيم وشعبة والثوري والأعمش وغيرهم، ولم أجد من نصّ على أنه سمع من =

ص: 535

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= محمد بن سيرين، وسماعه منه محتمل؛ فإنه روى عن قرينه الحسن البصري، وزيد هذا ضعيف، ضعفه ابن المديني وابن سعد والعجلي والنسائي وابن عدي وابن معين في رواية، وفي رواية قال:((صالح)) ، وكذا قال الإمام أحمد، وقال أبو حاتم:((ضعيف الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال أبو زرعة:((ليس بقوي، واهي الحديث ضعيف)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (3 / 1055 - 1058) ، و"التهذيب"(3 / 407 - 409 رقم 746) ، و"التقريب"(ص223 رقم 2131) .

[178]

سنده ضعيف جدًّا، وفي "ضعيف الجامع" (4 / 88 رقم 3954) قال الشيخ الألباني:((موضوع)) .

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5 / 306 - 307 رقم 2153) من طريق المصنف، به مثله سواء.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 14) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور والبيهقي في "الشعب".

قال البيهقي عقبه: ((وعندي أن هذا اختصار من الحديث الذي رواه محمد بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن أبي سعيد في رقية اللديغ بفاتحة الكتاب)) .

قلت: وهذا الحديث الذي أشار إليه البيهقي هو: ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(9 / 54 رقم 5007) في فضائل القرآن، باب فضل فاتحة الكتاب، من طريق هشام، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ معبد بن سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: كنا في مسير لنا، فنزلنا، فجاءت جارية فقالت: إن سيّد الحيِّ سليم، وإن نفرنا غُيَّب، فهل منكم راقٍ، فقام معها رجل ما كنا نأْبِنُهُ برقية، فرقاه، فبرأ، فأمر لنا بثلاثين شاة وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي، أو نسأل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فلما قدمنا المدينة =

ص: 536

179-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ:((الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ: الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى هم الضَّالُّون)) .

= ذكرناه لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:((وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم)) .

وأخرجه مسلم في "صحيحه"(4 / 1728 رقم 66) في السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار.

وأبو داود في "سننه"(3 / 705 رقم 3419) في البيوع والإجارات، باب في كسب الأطباء.

كلاهما عن هشام، به.

ومعنى قوله: (نَأْبِنُهُ) أي: ما كنا نعلم أنه يَرْقي فَنَعيَبهُ بذلك. "النهاية في غريب الحديث"(1 / 17) .

[179]

سنده ضعيف لإرساله، وقد قال يحيى بن سعيد القطان:((مرسلات ابن أبي خالد ليست بشيء)) . انظر "التهذيب"(1 / 292) ، لكن للحديث شواهد كما سيأتي، ومعناه صحيح، وعليه اتفق المفسرون.

وهذا الحديث يرويه المصنف سعيد بن منصور هنا عن شيخه سفيان بن عيينة الذي أخرجه في "تفسيره"، ففي "الدر المنثور" (1 / 42) قال السيوطي:((وأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره وسعيد بن منصور، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ....)) ، فذكره.

وقد أخرجه الطبري في "تفسيره"(1 / 185 و 193 رقم 193 و 207) من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((المغضوب عليهم: اليهود)) ، (ولا الضالين) قال:((النصارى)) .

وهذا - والله أعلم - خطأ من عبد الله بن جعفر، أو من الراوي عنه وهو =

ص: 537

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحمد بن الوليد الرملي شيخ الطبري، فإن سفيان قد رواه في "تفسيره" كما رواه سعيد بن منصور عنه، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ مرسلاً.

وقد جاء الحديث موصولاً من وجه آخر عن عدي بن حاتم رضي الله عنه.

فأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4 / 378 - 379) .

ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / 23 رقم 40) .

وابن حبان في "صحيحه"(ص424 رقم 1715 / موارد) .

والطبراني في "الكبير"(17 / 99 - 100 رقم 237) .

وأخرجه الترمذي في "سننه"(8 / 289 - 290 رقم 4030) في تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير.

وابن جرير في "تفسيره"(1 / 185 و 193 رقم 194 و 208) .

والطبراني في الموضع السابق.

جميعهم من طريق شعبة، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبَّاد بن حُبَيش، عن عدي ابن حاتم في حديث طويل في قصة إسلام عدي رضي الله عنه، وفيه أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم قال:((إن المغضوب عليهم: اليهود، وإن الضالين: النصارى)) ، وقد اختصر الطبري الحديث، فذكر موضع الشاهد منه، ولم يذكر القصة.

وأخرجه الترمذي أيضًا (8 / 286 - 289 رقم 4029) .

وابن أبي حاتم (1 / 24 رقم 41) .

كلاهما من طريق عمرو بن أبي قيس، عن سماك بن حرب، ولفظ الترمذي مطوّل نحو لفظ سابقه، ولفظ ابن أبي حا تم اقتصر فيه على موضع الشاهد، ولم يذكر قصة إسلام عدي.

قال الترمذي عقبه: ((هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب)) .

وأخرجه الطبراني مقرونًا بطريق شعبة السابق، من طريق قيس بن الربيع، عن سماك، به. =

ص: 538

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فهؤلاء ثلاثة رواة اتفقوا على روايته على هذا الوجه.

وخالفهم حماد بن سلمة وعمرو بن ثابت.

أما حماد بن سلمة، فرواه عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُرِّي بن قَطَريّ، عن عدي بن حاتم، به نحو لفظ المصنف.

أخرجه الطبري في "تفسيره"(1 / 186 و 193 رقم 195 و 209) من طريق محمد بن مصعب عنه.

وأما عمرو بن ثابت، فرواه عن سماك، عمن سمع عدي بن حاتم، به نحوه مع ذكر القصة.

أخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص140 رقم 1040) فقال: حدثنا عمرو بن ثابت، فذكره.

وكلا الروايتين لا تصحّان.

أما رواية حماد بن سلمة فضعيفة؛ لأن الراوي عنه هو محمد مصعب بن صدقة القَرْقَساني - بفتح القافين، بينهما راء ساكنة، وبعدها سين مهملة مفتوحة، وبعد الألف نون -، يروي عن الأوزاعي والإمام مالك وحماد بن سلمة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه كثير الغلط، قال عنه الإمام أحمد:((لا بأس به)) ، وقال ابن معين:((ليس بشيء)) ، وفي رواية:((لم يكن محمد بن مصعب من أصحاب الحديث، كان مغفّلا)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم:((سألت أبي عنه، فقال: ليس بقوي)) ، قال عبد الرحمن:((وسألت أبا زرعة عن محمد بن مصعب القرقساني، فقال: صدوق في الحديث، ولكنه حدث بأحاديث منكرة. قلت: فليس هذا مما يضعفه؟ قال: نظن أنه غلط فيها)) ، وقال عبد الرحمن:((سألت أبي عنه، فقال: ضعيف الحديث. قلت له: إن أبا زرعة قال كذا - وحكيت له كلامه -، فقال: ليس هو عندي كذا، ضُعِّف لما حدث بهذه المناكير)) ، وضعفه النسائي، وكانت وفاته سنة ثمان ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" =

ص: 539

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (8 / 102 - 103 رقم 441) ، و"التهذيب"(9 / 458 - 460 رقم 740) ، و"التقريب"(ص507 رقم 6302) .

وأما رواية عمرو بن ثابت بن هرمز البكري، مولى بكر بن وائل، أبي محمد، ويقال: أبو ثابت، الكوفي، وهو الذي يقال له: عمرو بن أبي المقدام، فإن هذه الرواية ضعيفة جدًّا، لأن عمرًا هذا رافضي متروك، لم يحدث عنه ابن مهدي، وترك ابن المبارك حديثه وقال:((لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت، فإنه كان يسب السلف)) ، قوال هنّاد بن السري:((لم يصلّ عليه ابن المبارك)) ، وقال ابن معين:((ليس بثقة ولا مأمون، لا يكتب حديثه)) ، وقال ابن سعد:((كان متشيِّعًا مفرطًا، ليس هو بشيء في الحديث، ومنهم من لا يكتب حديثه لضعفه ورأيه)) ، وقال الإمام أحمد:((كان يشتم عثمان، ترك ابن المبارك حديثه)) ، وقال العجلي:((شديد التشيع، غال فيه، واهي الحديث)) ، وقال أبو زرعة وأبو حاتم:((ضعيف الحديث)) ، زاد أبو حاتم:((يكتب حديثه، كان رديء الرأي شديد التشيع)) ، وقال أبو داود:((رافضي خبيث)) ، وفي موضع آخر قال:((رجل سوء، قال: لما مات النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كفر الناس إلا خمسة) ، وجعل أبو داود يذمه، وقال النسائي:((متروك الحديث)) ، وقال مرة:((ليس بثقة ولا مأمون)) ، وقال ابن حبان:((يروي الموضوعات عن الأثبات)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (5 / 1772 - 1773) ، و"المغني في الضعفاء"(2 / 482 رقم 4636) ، و"التهذيب"(8 / 9 - 10 رقم 11) .

وعليه فالراجح رواية من رواه عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم.

وهذه الرواية ضعيفة، لأن عَبّاد بن حُبَيش - بمهملة وموحدة ومعجمة، مصغّرًا، الكوفي مقبول، جهّله ابن القطان كما في "التهذيب"(5 / 91 رقم 152) ، وذكره البخاري في "تاريخه"(6 / 3 رقم 1598) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(6 / 78 رقم 401) ، وذكره =

ص: 540

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن حبان في "الثقات"(5 / 142)، وذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 365 رقم 4112) وقال:((لا يعرف)) .

لكن له شاهد من حديث أبي ذر، ومعناه صحيح من كتاب الله تعالى كما سيأتي.

أما حديث أبي ذر، فأخرجه ابن مردويه كما في "تفسير ابن كثير"(1 / 30) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن بُدَيل بن مَيْسرة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عن أبي ذر قال: سألت رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم، قال:((اليهود)) ، قلت: الضالين؟ قال: ((النصارى)) .

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(8 / 159) : ((اخرجه ابن مردويه بإسناد حسن عن أبي ذر)) .

وقد رواه معمر عن بديل فأبهم اسم الصحابي، وذكر أن السؤال وقع من غيره؛ قال عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 37) : أخبرنا معمر، عن بديل العقيلي، قال: أخبرني عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى وهو على فرسه وسأله رجل من بني القين، فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال:((المغضوب عليهم)) - وأشار إ لى اليهود -، ((والضالون هم النصارى)) . اهـ، وانظر "تفسير ابن كثير"(1 / 29) .

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5 / 32 - 33) .

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(1 / 187 و 195 رقم 198 و 212) .

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6 / 310 - 311) من رواية الإمام أحمد، وذكر أن رجاله رجال الصحيح.

قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح" بعد أن ذكر حديث عدي وعبد الله بن شقيق: ((قال السهيلي: وشاهد ذلك قوله تعالى في اليهود: {فباؤا بغضب على غضب} ، وفي النصارى:{قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا} . اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / 23) : ((ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافًا)) . =

ص: 541

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال ابن كثير في الموضع السابق: ((فإن طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به، واليهود فقدموا العمل، والنصارى فقدوا العلم، ولهذا كان الغضب لليهود، والضلال للنصارى؛ لأن من علم وترك استحق الغضب، بخلاف من لم يعلم. والنصارى لما كانوا قاصدين شيئًا لكنهم لا يهتدون إلى طريقه؛ لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه وهو اتباع الحق، ضلوا، وكل من اليهود والنصارى ضال مغضوب عليهم، لكن أخص أوصاف اليهود الغضب كما قال تعالى عنهم: {من لعنه الله وغضب عليه} ، وأخص أوصاف النصارى الضلال كما قال تعالى عنهم: {قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا وضل عن سواء السبيل} ، وبهذا جاءت الأحاديث والآثار، وذلك واضح بيّن)) . اهـ.

وبهذا يتبين أن معنى الحديث صحيح، والله أعلم.

ص: 542

باب

[تفسير سورة البقرة]

(1)

(1)

العنوان ليس في الأصل.

ص: 543

‌بَابُ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}]

180 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذَكَرُوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

(1)

وَإِيمَانَهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

(1)

كَانَ بيِّنًا لِمَنْ رَآهُ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا آمَنَ مُؤْمِنٌ أَفْضَلَ مِنْ إِيمَانٍ بِغَيْبٍ، ثُمَّ قَرَأَ:{الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} .

(1)

ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من الموضع الآتي من "تفسير ابن كثير"، ومصادر التخريج.

[180]

سنده رجاله ثقات، إلا أن فيه الأعمش، وتقدم في الحديث [3] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، والحديث صححه بعض العلماء كما سيأتي، ويشهد له الحديث الآتي بعده، فأقل أحواله أنه حسن لغيره.

وقد ذكر الحافظ ابن كثير هذا الحديث في "تفسيره"(1/ 41) من رواية المصنف، فقال: (قال سعيد بن منصور: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن يزيد، قال: كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسًا، فذكرنا أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وما سبقونا به، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كان بينًا

)، فذكره بمثله، إلا أنه قال: (ما آمن أحد قط إيمانًا أفضل

)، وزاد في آخره قوله:(إلى قوله: المفلحون).

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 34 - 35 رقم 66).

والحاكم في "المستدرك"(2/ 260).

كلاهما من طريق أبي معاوية، به مثله.

قال الحاكم: ((هذا طريق صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 100 / ب)، =

ص: 544

181 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ

(1)

لِعَبْدِ اللَّهِ: عِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ مَا سَبَقْتُمُونَا بِهِ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ مِنْ رُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: نَحْتَسِبُ إِيمَانَكُمْ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ تروه

(2)

.

= وهو في المطبوع (3/ 69 رقم 2899)، فقال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن الأعمش

، فذكره بنحوه.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(2/ 371 رقم 209) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ الأعمش، به نحوه.

ومن طريق الأعمش أخرجه ابن مردويه كما في "تفسير ابن كثير"(1/ 41).

وعلقه البغوي في "تفسيره"(1/ 47) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ.

وانظر الحديث الآتي بعده.

(1)

هو الحارث بن قيس الجُعْفي الكوفي، روى عن ابن مسعود وعلي رضي الله عنهما، روى عنه خيثمة ويحيى بن هانئ وأبو داود الأعمى، وهو ثقة من الطبقة الثانية كما في "التقريب"(ص 147 رقم 1043)، قال ابن سيرين:((أدركت الكوفة وبها أربعة ممن يُعَدّ بالفقه، فمن بدأ بالحارث ثنّى بعَبيدة، ومن بدا بعبيدة ثنى بالحارث، ثم علقمة الثالث، وشريح الرابع))، قال ابن سيرين:((وإن أربعة أخسهم شريح لخيار))، وعدّه خيثمة في أصحاب ابن مسعود، وقال:((وكانوا معجبين به))، وقال خيثمة أيضًا:((كان الحارث بن قيس يجلس إليه الرجل والرجلان فيحدثهم، فإذا كثروا قام وتركهم، وهو من خيار أهل الكوفة))، وقال إبراهيم النخعي:((انتهى علم أهل الكوفة إلى ستة من أصحاب عبد الله بن مسعود، فهم الذين كانوا يفتون الناس ويعلمونهم ويفتونهم: علقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد النخعي، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وعبيدة السلماني، والحارث بن قيس الجعفي، وعمرو بن شرحبيل الهمداني))، وقال ابن المديني: ((أعلم الناس بعبد الله: علقمة والأسود وعبيدة والحارث بن قيس =

ص: 545

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}]

182 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو الأشْهب

(1)

، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَبِي رَجَاءٍ

(2)

، قَرَأَ أَحَدُهُمَا:(غُشَاوَة) والآخر: (غَشْوَة).

= وعمرو بن شرحبيل، وآخر ذكره، فكان علم هؤلاء وحديثهم انتهى إلى سفيان ابن سعيد، وكان يحيى بن سعيد بعد سفيان يعجبه هذا الطريق ويسلكه))، وذكره ابن حبان في الثقات، وكان أبو موسى الأشعري - فيما يظهر - حريصًا على الصلاة عليه، فإنه صلى عليه بعد ما صُلّي عليه. انظر "المعرفة والتاريخ" للفسوي (1/ 221 و 714) و (2/ 558) و (3/ 142 و 365)، و"التهذيب"(2/ 154 - 155 رقم 266).

(2)

هذا ما جاء في السنن من لفظ الحديث، وعند أبي الليث السمرقندي في "تفسيره" (1/ 255 - 256) زيادة قوله:[وإن أفضل الإيمان إيمان بالغيب، ثم قرأ عبد الله: {الذين يؤمنون بالغيب}].

[181]

الحديث بإسناد المصنف صورته صورة المرسل؛ سقطت منه الواسطة بين سفيان بن عيينة والحارث بن قيس، وأصبح الحديث من رواية سفيان، مع أن بينه وبين ابن مسعود بونًا شاسعًا، والصواب ما جاء في رواية أبي الليث السمرقندي؛ فإنه أخرج الحديث في "تفسيره"(1/ 255 - 256) من طريق أبي عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان قال: حدثنا أصحابنا عن الحارث بن قيس

، فذكره بنحوه مع الزيادة التي سبقت الإشارة إليها.

وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور"(1/ 65)، وزاد السيوطي نسبته لابن الأنباري وخلطه بالحديث السابق رقم [180].

وعليه فالحديث ضعيف من هذا الطريق لإبهام الواسطة بين سفيان والحارث، لكن يشهد له الحديث السابق، فأقل أحواله أنه حسن لغيره، والله أعلم.

(1)

هو جعفر بن حيّان السَّعْدي، أبو الأَشْهب العُطَاردي، البصري، مشهور بكنيته، =

ص: 546

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ}]

183 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ

(1)

قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: {يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} .

= يروي عن أبي رجاء العُطَارُدي والحسن البصري وأبي نضرة وغيرهم، روى عنه هنا هشيم، وروى عنه أيضًا ابن المبارك ويحيى القطان ويزيد بن هارون وابن عليّة وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم: وقال ابن المديني: ((ثقة ثبت))، وقال ابن سعد:((كان ثقة إن شاء الله))، وقال الإمام أحمد:((صدوق))، وفي رواية:((من الثقات))، وكانت ولادته سنة سبعين أو إحدى وسبعين للهجرة، ووفاته سنة خمس وستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 477 - 478 رقم 1942)، و"التهذيب"(2/ 88 رقم 135)، و"التقريب"(ص 140 رقم 935).

(2)

هو عمران بن مِلْحان.

[182]

سنده صحيح.

وقد ذكر السيوطي في "الدر"(1/ 73) وعزاه لسعيد بن منصور فقط.

وقال القرطبي في "تفسيره"(1/ 191 - 192): ((وقرا الحسن: (غُشَاوة) بضم الغين، وقرأ أبو حيوة بفتحها، وروي عن أبي عمرو:(غَشْوة)، ردّه إلى المصدر).

(1)

هو عباد بن راشد التميمي، مولاهم، البزار - آخره راء -، البصري، روى عن ثابت البُناني والحسن البصري وداود بن أبي هند وغيرهم، روى عنه هشيم وعبد الرزاق وابن المبارك وغيرهم، وهو صدوق، قال الإمام أحمد:((شيخ ثقة صدوق صالح))، وقال ابن شاهين:((ثقة ثقة، قاله أحمد))، ووثقه العجلي والبزار، وقال الساجي:((صدوق))، وقال البخاري:((روى عنه عبد الرحمن، وتركه يحيى القطان))، وذكر الفلاس نحو قول البخاري هذا، وقال أبو حاتم:((صالح الحديث))، وأنكر على البخاري إدخال اسمه في كتاب الضعفاء، وقال:((يُحوَّل من هناك))، وقال ابن معين:((صالح))، وفي رواية:((حديثه ليس بالقوي، ولكن يكتب))، وفي رواية:((ضعيف))، وضعفه أيضًا أبو داود، وقال النسائي:((ليس بالقوي)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 79 رقم 406)، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص 171 رقم 1016)، و"التهذيب"(5/ 92 - 93 رقم 154).

أقول: وهذا الراوي مختلف فيه كما سبق، فوثقه أحمد وغيره وضعفه آخرون، فالذي يظهر أنه ليس في الضبط كشعبة وسفيان وغيرهما، ولا هو ممن ينحطّ =

ص: 547

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}]

184 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ

(1)

أَوْ غَيْرِهِ

(2)

، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ، قَالَ: عَلِمَ مِنْ إِبْلِيسَ الْمَعْصِيَةَ، وخلقه لها.

= حديثه عن درجة الحسن، فهو صدوق حسن الحديث، وأولى الأقوال به قول الساجي:((صدوق))، وهذا هو الذي اختاره الذهبي رحمه الله؛ حيث ذكره في "السير" (7/ 181) وقال: صدوق إمام))، وذكره في "الميزان" (2/ 365 رقم 4113) وقال: صدوق، وكذا قال في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص 105 رقم 173).

[183]

سنده حسن لذاته.

وقد أخرجه وكيع من طريق مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقرؤها: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} ، ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 84)، إلا أنه تصحف فيه اسم (الحسن) إلى:(الحسين)، ومبارك معروف بروايته عن الحسن البصري كما يتضح من "التهذيب"(10/ 28).

وقوله تعالى: {يخطف} ذكر النحاس أن فيها سبعة أوجه، والقراءة الفصيحة:{يَخْطَفُ} . وللحسن البصري فيها قراءتان: (يخِطِف) بفتح الياء وكسر الخاء. انظر "تفسير القرطبي"(1/ 222).

(1)

هو عبد الله بن أبي نَجيح يَسَار المكِّي، أبو يسار الثَّقَفي، مولاهم، روى عن أبيه وعطاء ومجاهد وعكرمة وطاوس وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان وَوَرْقَاء وشِبْل بن عبّاد وغيرهم، وهو ثقة رمي بالقدر، ومدلس من الطبقة الثالثة وهم من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، وقد روى له الجماعة ووثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي والعجلي وزاد:((كان يرى القدر، أفسده عمرو بن عبيد))، وقال ابن معين:((كان مشهورًا بالقدر))، وقال الإمام أحمد:((أصحاب ابن أبي نجيح قدرية كلهم، ولم يكونوا أصحاب كلام))، وذكره النسائي فيمن يدلس، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 203 رقم 947)، و"التهذيب"(6/ 54 - 55 رقم 101)، و"التقريب"(ص 326 رقم 3662)، و"طبقات المدلسين"(ص 90 رقم 77). =

ص: 548

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن أبي نجيح يروي التفسير عن مجاهد، وقد اختُلف في صحة روايته للتفسير، فقال يحيى بن سعيد القطان:((لم يسمع ابن أبي نجيح التفسير من مجاهد)) ، في حين قال وكيع:((كان سفيان - أي: الثوري - يصحح تفسير ابن أبي نجيح)) ، والذي يظهر - والله أعلم - أن روايته للتفسير صحيحة، لكنه لم يسمعه من مجاهد إلا بواسطة القاسم بن أبي بَزَّة، يقول ابن حبان:((ابن أبي نجيج نظير ابن جريج في كتاب القاسم بن أبي بزّة عن مجاهد في التفسير، رويا عن مجاهد من غير سماع)) . انظر الموضع السابق من "التهذيب".

ويقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: ((وأخص أصحابه - يعني ابن عباس - بالتفسير: مجاهد، وعلى تفسير مجاهد يعتمد أكثر الأئمة، كالثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والبخاري، قال الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. والشافعي في كتبه أكثر الذي ينقله عن ابن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، وكذلك البخاري في "صحيحه" يعتمد على هذا التفسير، وقول القائل: لا تصح رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ جوابه: أن تفسير ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ من أصح التفاسير، بل ليس بأيدي أهل التفسير كتاب في التفسير أصح من تفسير ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، إلا أن يكون نظيره في الصحة)) . اهـ. من "الفتاوى"(1 / 408 - 409) ، وانظر "مقدمة تفسير مجاهد" للشيخ عبد الرحمن السورتي (ص58 - 60) .

وأما الواسطة بين مجاهد وابن أبي نجيح فهو القاسم بن أبي بَزَّة - بفتح الموحدة وتشديد الزاي -، المكي، المخزومي، مولاهم، أبو عبد الله، ويقال أبو عاصم، القارئ، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم، وقال ابن حبان:((لم يسمع التفسير من مجاهد غير القاسم، وكل من يروي عن مجاهد التفسير، فإنما أخذه من كتاب القاسم)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص368 رقم 1364) ، و"التهذيب"(8 / 310 رقم 560) ، و"التقريب"(ص449 رقم 5452) . =

ص: 549

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(2)

الشك من سعيد بن منصور - فيما يظهر -، والصحيح أنه عن ابن أبي نجيح كما يتضح من التخريج.

[184]

سنده صحيح.

وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 114) للمصنِّف ووكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير.

وهو في "تفسير مجاهد"(ص 72) من رواية ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به مثله.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(1/ 478 رقم 632 و 633) من طريق حمزة الزيّات وعيسى بن ميمون وشبل، ثلاثتهم عن ابن أبي نجيح نحوه، إلا أن في رواية حمزة:((علم من إبليس كتمانه الكبر أن لا يسجد لآدم)).

وأخرجه ابن جرير أيضًا (1/ 477 رقم 628) من طريق أبي أحمد الزُّبيري ومؤمّل، كلاهما عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أبي نجيح، به مثله.

وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنّة"(2/ 426 رقم 938).

وابن جرير (1/ 478 رقم 634).

كلاهما من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن رجل، عن مجاهد، به مثله.

وأخرجه ابن جرير برقم (635) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سفيان الثوري، قال: قال مجاهد

، فذكره بمثله هكذا لم يذكر واسطة بين سفيان ومجاهد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق محمد بن بشر، عن سفيان الثوري، عن علي بن بَذِيمة، عن مجاهد.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(1/ 477 رقم 629 و 630) من طريق محمد بن بشر ويحيى بن اليمان، كلاهما عن سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة، عن مجاهد، به مثله.

وأخرجه أيضًا (1/ 479 رقم 637) من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة، عن مجاهد، به مثله. =

ص: 550

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}]

185 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْحَسَنِ، فَسَأَلَهُ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ

(1)

، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل لِلْمَلَائِكَةِ: {وَأَعْلَمُ

(2)

مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}، مَا الَّذِي كَتَمَتِ الْمَلَائِكَةُ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ، رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ خَلْقًا عَجَبًا، فَكَأَنَّهُمْ دَخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَأَسَرُّوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، فَقَالُوا: وَمَا يَهُمُّكم مِنْ أَمْرِ هَذَا الْمَخْلُوقِ؟ إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَخْلُقُ خَلْقًا إِلَّا كُنَّا أَكْرَمَ عليه منه.

= وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 114 رقم 338) من طريق محمد بن مسلم، عن علي بن بَذِيمة، به مثله.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (631 و 636) من طريق القاسم بن أبي بَزَّة وعبد الوهاب بن مجاهد، كلاهما عن مجاهد، به مثله، زاد عبد الوهاب في روايته:((وعلم من آدم الطاعة وخلقه لها)).

وأخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية"(ص 70) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ ابن جريج عن مجاهد، به مثله.

(1)

هو الحسن بن دينار التَّميمي، أبو سعيد البصري، ويقال له: الحسن بن واصل، روى عن الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، روى عنه زهير بن معاوية ومحمد بن إسحاق وأبو داود الطيالسي وغيرهم، وهو متروك الحديث، تركه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وابن المبارك ووكيع، وقال ابن حبان:((تركه وكيع وابن المبارك، فأما أحمد ويحيى فكانا يكذبانه))، وقال الفلاس:((أجمع أهل العلم بالحديث أنه لا يروى عن الحسن بن دينار))، وكذبه أبو خيثمة، =

ص: 551

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}]

186 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الأصَمَّ

(1)

، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّي

(2)

يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} قَالَ: رَبِّ خَلَقْتَنِي بِيَدِكَ، وَنَفَخْتَ فيَّ مِنْ رُوحِكَ، فَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ غَضَبَكَ، أَرَأَيْتَ إِنْ تُبْتُ، وَأَصْلَحْتُ، هَلْ أَنْتَ رَادُّنِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ قال: قيل: نعم.

= وقال ابن معين: ((ليس بشيء))، وقال أبو حاتم:((متروك الحديث كذاب))، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم:((ترك أبو زرعة حديث الحسن بن دينار ولم يقرأه علينا، فقيل له: عندنا مكتوب، قال: اضربوا عليه))، وقال النسائي:((ليس بثقة ولا يكتب حديثه))، وفي رواية:((متروك الحديث)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 11 - 12 رقم 37)، و"الكامل" لابن عدي (2/ 710 - 717)، و"الميزان"(1/ 487 - 489 رقم 1843)، و"اللسان"(2/ 203 - 205 رقم 918).

(2)

في الأصل: (إني أعلم).

[185]

سنده صحيح عن الحسن البصري لكنه لم يذكر المصدر الذي تلقى منه هذا الحديث، ولا يبعد أن يكون هذا من الإسرائيليات، وأما الحسن بن دينار فلا يؤثر في سند الحديث؛ لأنه لا يعدو عن كونه سائلاً، وقد صرح مهدي بن ميمون بتلقيه له عن الحسن البصري.

والحديث أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(1/ 499 رقم 682) من طريق الحجاج بن منهال الأنماطي، عن مهدي بن ميمون، به نحوه.

وعزاه السيوطي في "الدر"(1/ 122) لعبد بن حميد وابن جرير فقط.

(1)

هو الحسن بن يزيد الأَصَمّ مولى قريش، أبو علي الكوفي، يروي عن السُّدِّي، =

ص: 552

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= روى عنه سعيد بن منصور وزكريا بن يحيى زحمويه وسريج بن يونس وغيرهم، وهو ثقة، قال الإمام أحمد:((ثقة ليس به بأس، إلا أنه حدث عن السدي، عن أوس بن ضَمْعَج))، وقال ابن معين:((ثقة))، وقال أبو حاتم:((لا بأس به))، وقال الدارقطني:((لا بأس به، ثقة مستقيم الحديث))، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما. اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 43 رقم 183)، و ((من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال)) لابن طهمان البادي (ص 94 رقم 292)، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص 60 رقم 200)، و"تاريخ بغداد"(7/ 450 - 451 رقم 4021)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (6/ 346)، و"التهذيب"(2/ 328 رقم 571).

وقد خالف ابن عدي هؤلاء الذين وثقوا الحسن بن يزيد، فذكره في "الكامل" (2/ 738 - 739) وقال:((ليس بالقوي))، وذكر له بعض الأحاديث التي انتقدها عليه وهي قليلة، ومنها الحديث الذي أشار إليه الإمام أحمد، وهو الذي يرويه الحسن، عن السدي، عن أوس بن ضَمْعَج، عن ابن مسعود مرفوعًا: ((يؤم القوم أقرؤهم

)) الحديث.

وهذا الحديث والأحاديث التي ذكرها ابن عدي ليس عندنا ما يدل على تحميل الحسن بن يزيد تبعتها، فقد يكون الخطأ فيها من السدي، وهو صدوق يهم كما تقدم في الحديث [174]، فالحسن أوثق منه.

(2)

هو إسماعيل بن عبد الرحمن.

[186]

سنده صحيح عن السُّدِّي، لوم يذكر السُّدِّي هنا عمّن أخذه، وسيأتي أنه أخذه عن ابن عباس بواسطة، ولا يصح عن ابن عباس.

وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(1/ 543 - 544 رقم 780) من طريق أَسْبَاط، عن السُّدِّي:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} ، قال: رب، ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى، قال: ونفخت فيّ من روحك؟ قيل له: بلى، قال: وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل له: بلى، قال: رب، هل كنت كتبت هذا عليّ؟ =

ص: 553

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قيل له: نعم، قال: رب، إِنْ تُبْتُ وَأَصْلَحْتُ، هَلْ أَنْتَ راجعي إلى الجنة؟ قيل له: نعم، قال الله تعالى:{ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} [الآية (122) من سورة طه] .

وهذا الذي ذكر السُّدِّي أخذه عن ابن عباس بواسطة.

فقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / 135 رقم 411) من طريق إسرائيل، عن السدي، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} قال: قال: آدم

، فذكره بنحوه، وزاد فيه:((وعطسْتُ فقلتَ: يرحمك الله، وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل: بلى، وكتبت عليّ أن أعمل هذا؟ قيل له: بلى)) .

وهذا سند ضعيف للكلام في حفظ السدي، وجهالة شيخه، وقد روي من غير هذا الطريق.

فأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(1 / 542 رقم 775) من طريق ابن عطية، عن قيس، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ المنهال بن عمرو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به نحو سياق المؤلف، وزاد فيه:((قال: أي رب، ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى)) .

والحديث بهذا الإسناد موضوع.

فمحمد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الأنصاري، الكوفي، أبو عبد الرحمن، القاضي صدوق، إلا أنه سيء الحفظ جدًّا، وهو يروي عن أخيه عيسى، وعن نافع مولى ابن عمر وأبي الزبير المكّي وعطاء بن أبي رباح والمنهال بن عمرو وغيرهم، روى عنه ابنه عمران وشعبة والثوري وقيس بن الربيع وغيرهم، قال شعبة:((ما رأيت أحدًا أسوأ حفظًا من ابن أبي ليلى)) ، وقال ابن المديني:((كان سيء الحفظ واهي الحديث)) ، وقال الإمام أحمد:((كان سيء الحفظ مضطرب الحديث، كان فقه ابن أبي ليلى أحب إلينا من حديثه)) ، وقال أبو حاتم:((محله الصدق، كان سيء الحفظ، شغل بالقضاء فساء حفظه، لا يتهم بشيء من الكذب، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال ابن حبان:((كان فاحش الخطأ، ردي الحفظ، فكثرت المناكير في روايته، تركه أحمد ويحيى)) ، وقال الدارقطني:((كان رديء الحفظ كثير الوهم)) . =

ص: 554

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (6 / 2191 - 2195) ، و"التهذيب"(9 / 301 - 303 رقم 501) ، و"التقريب"(ص493 رقم 6081) .

وقيس بن الربيع تقدم في الحديث [54] أنه صدوق، إلا أن تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.

ومحمد بن الفضل بن عطية بن عمر العَبْدي، مولاهم، الكوفي، نزيل بخارى يروي عن أبيه وأبي إسحاق السبيعي وزيد بن أسلم وعمرو بن دينار وقيس بن الربيع وغيرهم روى عنه قيس بن الربيع وهو من شيوخه، وبقيّة بن الوليد وأبو أسامة حماد بن أسامة وعيسى بن موسى غنجار وغيرهم، وهو كذاب، كذبه ابن معين وعمرو بن علي الفلاس والنسائي وابن خراش وغيرهم، وقال الإمام أحمد:((ليس بشيء، حديثه حديث أهل الكذب)) ، وقال الجوزجاني:((كان كذابًا، سألت ابن حنبل عنه فقال: ذاك عجب يجيئك بالطامات)) ، وقال صالح بن محمد:((كان يضع الحديث)) ، وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة. اهـ. من "الكامل"(6 / 2170 - 2174) ، و"التهذيب"(9 / 401 - 402 رقم 656) .

وقد روي عن قيس من وجه آخر.

فأخرجه ابن جرير أيضًا (1 / 543 رقم 776) من طريق محمد بن مصعب، عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن كليب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس نحو سابقه.

وسنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن حال قيس، وفيه محمد بن مصعب بن صدقة القَرْقَساني، وتقدم في الحديث [179] أنه صدوق كثير الغلط.

وعليه فالحديث لا يصح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

ص: 555

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ}]

187 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (((إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ)

(1)

السَّجْدَةَ، فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي وَيَقُولُ: يَا وَيْلَهُ! أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ، فَسَجَدَ، (فَلَهُ)

(1)

الْجَنَّةُ، (وأمرتُ)

(2)

بِالسُّجُودِ، فأَبَيْتُ، فَلِيَ النار)).

(1)

ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من مصادر التخريج.

(2)

في الأصل: (وأمر)، وصوبته من مصادر التخريج.

[187]

سنده صحيح على شرط الشيخين.

وقد أخرجه مسلم في "صحيحه"(1/ 87 رقم 81) في الإيمان، باب: بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة.

وابن ماجه في "سننه"(1/ 334 رقم 1052) في إقامة الصلاة، باب: سجود القرآن.

وابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 276 - 277 رقم 549).

والبيهقي في "سننه"(2/ 312) في الصلاة، باب: فضل سجود التلاوة.

والبغوي في "شرح السنة"(3/ 147 - 148).

أما مسلم فمن طريق ابن أبي شيبة وأبي كريب، وأما ابن ماجه فمن طريق ابن أبي شيبة، وأما ابن خزيمة فمن طريق مسلم بن جنادة، وأما البيهقي فمن طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأما البغوي فمن طريق إسحاق بن راهويه الحنظلي، جميعهم عن أبي معاوية، به مثله، عدا لفظ أبي كريب عند مسلم ولفظ البغوي فبنحوه.

وأخرجه وكيع في نسخته عن الأعمش (ص 95 - 96 رقم 40). =

ص: 556

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ}]

188 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان

(1)

، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَعْدَة بْنِ هُبَيْرة

(2)

، قَالَ: الشَّجَرَةُ الَّتِي افْتتَنَ بِهَا آدَمُ: شَجَرَةُ الكَرْم

(3)

، وَجُعِلَتْ فِتْنَةً لِوَلَدِهِ بَعْدَهُ.

= وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 443) من طريق وكيع ويعلى بن عبيد وأخيه محمد.

والمروزي في "زوائده على الزهد" لابن المبارك (ص 349 رقم 981) من طريق الفضل بن موسى ومحمد بن عبيد.

ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه"(1/ 88 رقم 81) من طريق وكيع.

وابن خزيمة في الموضع السابق من طريق جرير.

وأبو نعيم في "الحلية"(5/ 60) من طريق عبد العزيز بن مسلم.

والخطيب في "تاريخه"(7/ 324) من طريق يعلى بن عبيد.

والبغوي في "شرح السنة"(3/ 147 - 148 رقم 653) من طريق يعلى بن عبيد وجرير ووكيع، وفي "تفسيره"(2/ 227) من طريق يعلى بن عبيد.

جميعهم عن الأعمش، به نحوه، إلا أن وكيعًا قال: (

عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة أو عن أبي سعيد - شك الأعمش -

) إلخ.

(1)

هو بَيَان بن بشر الأَحْمسي - بمهملتين -، البَجَلي، أبو بشر الكوفي، روى عن أنس وقيس بن أبي حازم وعامر الشعبي وَوَبْرَة بن عبد الرحمن وإبراهيم التيمي وأبي عمرو الشيباني وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان وأبو عوانة وجرير بن عبد الحميد وخالد بن عبد الله الطحّان وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي ويعقوب بن سفيان والعجلي وزاد:((وليس بكثير الحديث، روى أقل من مائة حديث))، وقال =

ص: 557

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يعقوب بن شيبة: ((كان ثقة ثبتًا))، وقال الدارقطني:((هو أحد الثقات الأثبات)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 424 - 425 رقم 1687)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (4/ 303 - 305)، و"التهذيب"(1/ 506 رقم 941)، و"التقريب"(ص 129 رقم 789).

(2)

هو جَعْدَة بن هُبَيْرة بن أبي وَهْب المَخْزُومي، الكوفي صحابي صغير له رؤية، وهو ابن أم هانئ بنت أبي طالب، روى عن خاله علي بن أبي طالب، وأرسل عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم روى عنه أبو فاختة ومجاهد وأبو الضحى وغيرهم، قال العجلي:((تابعي مدني ثقة))، وذكره في التابعين: البخاري وأبو حاتم وابن حبان، وذكره البغوي في الصحابة، وقال:((يقال إنه ولد في عهد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وليست له صحبة))، وقال ابن معين:((لم يسمع من النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم))، وكانت وفاته في خلافة معاوية.

وجعدة هذا هو الراوي لحديث: ((خير الناس قرني))، وقد فرّق بينهما ابن عبد البر فوهم، وتابعه على وهمه المزِّي والعلائي، والصواب أنهما واحد. انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 96 رقم 207)، و"الجرح والتعديل"(2/ 526 رقم 2187)، و"الإصابة"(1/ 483 - 484 و 527 - 528 رقم 1162 و 1163 و 1267)، و"التهذيب"(2/ 81 - 82 رقم 126 و 127)، و"التقريب"(ص 139 رقم 927 و 928).

أقول: والراوي عن جعدة هنا هو عامر الشعبي، ولم أجد من نص على أنه روى عنه أو نفى ذلك عنه، وروايته عنه محتملة، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا، فجعدة ولد في عهد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وتوفي في خلافة معاوية، والشعبي تقدم في ترجمته في الحديث [39] أنه ولد لست سنين خلت من خلافة عمر، وتوفي بعد المائة على الخلاف المذكور في ترجمته في سنة وفاته.

(3)

أي شجرة العنب كما في "لسان العرب"(12/ 514)، وانظر التعليق على الحديث الآتي برقم [821]. =

ص: 558

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ}]

189 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ صَفْوان

(1)

، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ

(2)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَنُعِيَ

(3)

إِلَيْهِ ابْنٌ لَهُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: فَعَلْنَا كَمَا أَمَرَنَا الله تعالى [ل 111/ب]: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} .

[188] سنده صحيح.

وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(1/ 34).

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(1/ 519 رقم 735).

أما ابن سعد فمن طريق خالد بن خداش، وأما الطبري فمن طريق الحسين بن حسن البصري، كلاهما عن خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، به، ولفظ ابن سعد نحوه، وأما لفظ ابن جرير فقال فيه: عن جعد بن هبيرة: {ولا تقربا هذه الشجرة} ، قال: الكرم.

وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع نفسه برقم (734) من طريق خلاد الصفار، عن بيان، بمثل لفظه السابق.

وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع نفسه برقم (733 و 736) من طريق هشيم وجرير، كلاهما عن مغيرة، عن الشعبي، به، ولفظه في الموضع الأول: قال: هو العنب في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} ، وفي الموضع الثاني: قال: الشجرة التي نهي عنها آدم: شجرة الخمر.

وذكر السيوطي فهذا الأثر في "الدر المنثور"(1/ 129) وعزاه أيضًا لوكيع وأبي الشيخ.

(1)

مجهول الحال، ذكر البخاري في "تاريخه"(3/ 156 رقم 536) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 336 رقم 1516)، وذكره =

ص: 559

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن حبان في "الثقات"(6/ 257)، روى عن زيد بن علي، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى هشيم، لكن أورد الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(2/ 51) خبرًا من رواية محمد بن ذَكْوان عنه.

(2)

هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين المدني الذي تنسب إليه الزيدية، روى عن أبيه وأخيه أبي جعفر الباقر وعروة بن الزبير وغيرهم، روى عنه ابناه حسين وعيسى وابن أخيه جعفر بن محمد والزهري والأعمش وخالد بن صفوان وغيرهم، وهو ثقة ذكره ابن حبان في ثقاته وقال:((رأى جماعة مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم))، وقال عمرو بن القاسم:((دخلت على جعفر بن محمد وعنده أناس من الرافضة، فقلت: إن هؤلاء يبرؤون من عمك زيد، فقال: برئ الله ممن تبرأ منه، كان والله أقرأنا لكتاب الله، وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم، ما ترك فينا مثله))، وكان رحمه الله قد خرج على هشام بن عبد الملك، فقتله واليه أمير العراقين يوسف بن عمر الثقفي، وصلب، وبقي معلقًا أربعة أيام، ثم أنزل فأُحرق، وذلك سنة اثتنين وعشرين ومائة وهو ابن اثنتين وأربعين سنة. يقول الذهبي رحمه الله:((كان أحد العلماء الصلحاء، بدت منه هفوة فاستشهد، فكانت سببًا لرفع درجته في آخرته)). اهـ. من "الثقات" لابن حبان (4/ 249 - 250) و (6/ 313)، و"تاريخ الإسلام" للذهبي (ص 105 - 108، حوادث وفيات 121 - 140 هـ)، و"تهذيب الكمال" المطبوع (10/ 96)، و"تهذيب التهذيب"(3/ 419 - 420 رقم 769)، و"التقريب"(ص 224 رقم 2149).

(3)

أي: أُخبر بموته. انظر "النهاية في غريب الحديث"(5/ 85).

[189]

سنده ضعيف لجهالة حال خالد بن صفوان والانقطاع بن زيد بن علي وابن عباس، فابن عباس قيل: إنه توفي سنة ثمان وستين، وقيل: تسع وستين، وقيل سنة سبعين كما في "التهذيب"(5/ 278)، وأما زيد فتقدم أنه قتل سنة اثنتين وعشرين ومائة وله من العمر اثنتان وأربعين سنة، فتكون ولادته سنة ثمانين =

ص: 560

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا}]

190 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْن

(1)

، عَنْ أَبِي مَالِكٍ

(2)

- فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَفُومِهَا} قال: يعني الحِنْطة.

= أو قريبًا منها، لكن الحديث صحّ من وجه آخر عن ابن عباس كما سيأتي برقم [231]، وفيه أن الذي نعي لابن عباس هو أخوه قُثَم، وليس ابنه.

وسيعيد المصنف هذا الحديث برقم [232] بنفس الإسناد مع اختلاف يسير في المتن.

والحديث أخرجه البخاري في "تاريخه"(3/ 156) من طريق قتيبة، عن هشيم، عن خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه أصابته مصيبة فصلى.

وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"(1/ 222 رقم 201) من طريق يحيى بن يحيى، عن هشيم، به نحو لفظ المصنف.

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 269 - 270) من طريق عمرو بن عون الواسطي، عن هشيم، عن خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ زَيْدِ بن علي بن الحسين، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: جاءه بعض أهله وهو في سفر

، الحديث بنحوه.

كذا رواه الحاكم موصولاً بزيادة علي بن الحسين والد زيد، ثم قال الحاكم:((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي.

ورواية الحاكم هذه خطأ، والصواب رواية المصنف؛ لأنه وافقه قتيبة بن سعيد عند البخاري في "التاريخ" كما سبق ويحيى بن يحيى عند محمد بن نصر.

وذكر السيوطي الحديث في "الدر"(1/ 163) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "شعب الإيمان".

والحديث صحيح لغيره بالطريق الآتي برقم [231].

(1)

هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة، وإن كان تغير =

ص: 561

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حفظه في الآخر، فإن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما تقدم.

(2)

هو غزوان الغِفَاري، أبو مالك الكوفي، مشهور بكنيته، يروي عن عمار بن ياسر وابن عباس والبراء بن عازب وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه سلمة بن كهيل وإسماعيل السُّدِّي وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب"(ص 442 رقم 5354)، فقد وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الجرح والتعديل"(7/ 55 رقم 318)، و"التهذيب"(8/ 245 - 246 رقم 452)، و"التقريب"(ص 442 رقم 5354).

[190]

سنده صحيح.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(2/ 128 رقم 1067 و 1069) من طريق يعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون، كلاهما عن هشيم، عن حصين، به نحوه.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 177) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد.

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(1/ 101): ((وأما الفوم فقد اختلف السلف في معناه، فوقع في قراءة ابن مسعود: (وثومها) - بالثاء -، وكذا فسره مجاهد في رواية ليث بن أبي سليم عنه بالثوم، وكذا الربيع بن أنس وسعيد بن جبير

، وقال آخرون: الفوم الحنطة، وهو البر الذي يعمل منه الخبز .... ))، ثم ذكر ذلك عن ابن عباس من رواية ابن أبي حاتم وابن جرير، ثم قال:((وكذا قال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس، وعكرمة عن ابن عباس: أن الفوم: الحنطة)).

وذكر ابن جرير في "تفسيره"(2/ 130) أنه ذُكر أن قراءة ابن مسعود: (ثومها) - بالثاء - ثم قال: ((فإن كان ذلك صحيحًا فإنه من الحروف المبدَلة، كقولهم: وقعوا في عاثور شرّ، وعافور شرّ، وكقولهم للآثافي: أَثَاثِيّ وللمغافير: مغاثير، وما أشبه ذلك مما تقلب الثاء فاء والفاء ثاء؛ لتقارب =

ص: 562

191 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ وَسُئِلَ عَنْهُ

(1)

، فَقَالَ: كَمَا يَقْرَأُ عبد الله (وثومها).

= مخرج الفاء من مخرج الثاء)). اهـ.

(1)

يعني عن قوله تعالى: (وفومها).

[191]

سنده معضل بين سفيان بن عيينة وابن مسعود.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 177) وعزاه للمصنف وابن أبي داود وابن المنذر.

والحديث أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 56) من طريق مسكين بن بُكَير، عن هارون بن موسى، قال: في قراءة ابن مسعود: (من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها).

وسنده معضل أيضًا بين هارون بن موسى الأزدي الأعور وابن مسعود؛ فقد أخرجه ابن أبي داود في الموضع نفسه من الطريق نفسه عن هارون، قال: حدثنا صاحب لنا، عن أبي رَوْق، عن إبراهيم التّيْمي، عن ابن عباس قال: قراءتي قراءة زيد، وأنا آخذ ببضعة عشر حرفًا من قراءة ابن مسعود، هذا أحدها:(من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها).

وهذا إسناد ضعيف لجهالة شيخ هارون.

ولم يجزم ابن جرير الطبري بثبوت هذه القراءة عن ابن مسعود، فقال رحمه الله في "تفسيره" (2/ 130):((وذُكر أن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود: (ثومها) - بالثاء -. فإن كان ذلك صحيحًا، فإنه من الحروف المبدلة

)) إلخ، وانظر التعليق على الحديث السابق.

ص: 563

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ}]

192 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ

(1)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} ، قَالَ: هِيَ السَّوْدَاءُ شَدِيدَةُ السَّوَادِ.

(1)

هو نوح بن قيس بن رَبَاح الأَزْدي، أبو رَوْح البصري، روى عن أخيه خالد بن قيس وثمامة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ وأيوب السختياني وابن عون ومحمد بن سيف وغيرهم، روى عنه يزيد بن هارون وعفان بن مسلم ومسدَّد وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة رمي بالتشيع؛ وثقه أحمد وابن معين والعجلي وأبو داود وقال:((يتشيع))، وقال النسائي:((ليس به بأس))، وكانت وفاته سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 453 رقم 1706)، و"سؤالات الآجري" لأبي داود (ص 335 رقم 531)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1426)، و"التهذيب"(10/ 485 - 486 رقم 875).

[192]

سنده صحيح، وأما متنه فسيأتي الكلام عنه.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(2/ 199 رقم 1218 و 1219).

وابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 220 و 221 رقم 714 و 720).

أما ابن جرير فمن طريق إسماعيل بن مسعود الجَحْدري ومسلم بن إبراهيم، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق نصر بن علي ومسلم بن إبراهيم، ثلاثتهم عن نوح بن قيس، به نحوه.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 191) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير.

وذكر ابن جرير في "تفسيره"(2/ 199 - 201) هذا القول وقول من قال: صفراء القرن والظَّلْف، ثم قال:(وأحسب أن الذي قال في قوله: ((صفراء))، يعني به سوداء، ذهب إلى قولهم في نعت الإبل السود: ((هذا إبل صفر، وهذه ناقة =

ص: 564

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ} ]

193-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَوْ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخَذُوا أَدْنَى بَقَرَةٍ فَذَبَحُوهَا أَجْزَأَتْ عَنْهُمْ، ولكنَّهم شدَّدوا، وَلَوْلَا أَنَّهُمْ قَالُوا: {إِنْ شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ} ما وجدوها)) .

= صفراء)) ، يعني بها سوداء، وإنما قيل ذلك في الإبل؛ لأن سوداها يضرب إلى الصفرة

، وذلك إن وصفت الإبل به فليس مما توصف به البقر، مع أن العرب لا تصف السواد بالفُقُوع، وإنما تصف السواد - إذا وصفته بالشدة - بالحُلُوكَة ونحوها، فتقول: هو أسود حالك....، ولا تقول: هو أسود فاقع، وإنما تقول: هو أصفر فاقع، فوصفه إياه بالفقوع من الدليل البين على خلاف التأويل الذي تأوَّل قوله:{إنها بقرة صفراء فاقع} المتأوِّل بأن معناه: سوداء شديدة السواد)) . اهـ. بتصرف.

ولما ذكر الحافظ ابن كثير قول الحسن هذا في "تفسيره"(1 / 110) قال: (وهذا غريب، والصحيح الأول؛ ولهذا أكَّد صفرتها بأنه: ((فاقع لونها)) . اهـ.

والقول الذي صححه ابن كثير هو قول من قال: إنها كانت صفراء.

[193]

سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى عكرمة.

وذكره السيوطي في "الدر"(1 / 189) وعزاه للمصنف والفريابي وابن المنذر.

وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن بني إسرائيل قالوا: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} ما أعطوا أبدًا، ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكن شددوا فشدد الله عليهم)) .

أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"(1 / 111) .

والبزار في "مسنده"(3 / 40 رقم 2188 / كشف الأستار) . =

ص: 565

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}]

194 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَقُولُوا

(1)

لِلنَّاسِ حُسْنًا} قَالَ: لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ، لِلْمُشْرِكِ، وَغَيْرِ المشرك.

= وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 223 رقم 727).

ثلاثتهم من طريق أبي عامر سرور بن المغيرة الواسطي ابن أخي منصور بن زاذان، عن عباد بن منصور، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، به واللفظ لابن مردويه، وأما البزار فروى شطره الثاني بنحوه، وأما ابن أبي حاتم فروى شطره الأول بنحوه.

قال البزار عقبه: ((لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد)).

وقال الحافظ ابن كثير بعد أن ذكره في الموضع السابق: ((وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة)).

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 314): ((رواه البزار، وفيه عباد بن منصور وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات)).

قلت: والحسن البصري تقدم في الحديث [5] أنه مدلس ولم يصرح بالسماع وعليه فالحديث باقٍ على ضعفه.

(1)

في الأصل: (وقوا).

[194]

سنده صحيح.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(2/ 296 - 297 رقم 1455 و 1456 و 1457).

وابن أبي حاتم (1/ 257 - 258 رقم 848).

أما ابن جرير فمن طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي والقاسم بن مالك المزني وهشيم بن بشير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يحيى بن يمان ومحمد بن فضيل ومحمد بن عبيد، جميعهم عن عبد الملك، به مثله دون قوله: =

ص: 566

195 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ (أَبِي)

(1)

سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقْرَأُ: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَأُ:(وَقُولُوا للناس حَسَناً).

= (للمشرك وغير المشرك)، غير أن لفظ المحاربي قال فيه:((حدثنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، قال: سألت عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ قول الله جل ثناؤه: {وقولوا للناس حسنًا}، قال: من لقيت من الناس فقل له حسنًا من القول)).

(1)

ما بين القوسين سقط من الأصل، ولابد منه كما يتضح من الحديث السابق.

[195]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عبد الملك وبين زيد وابن مسعود، فعبد الملك لم يذكروا أنه روى عن صحابي غير أنس، ومع ذلك قال أبو حاتم:((حديثه عن أنس رضي الله عنه مرسل)). انظر "جامع التحصيل"(ص 279 رقم 470)، و"التهذيب"(6/ 396).

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 210) وعزاه للمصنف وأبي عبيد وابن المنذر.

وأما القراءتان، فالأولى بضم الحاء وسكون السين المهملة، وأما الثانية فبفتحهما.

وبفتحهما قرأ حمزة والكسائي، وبضم الحاء قرأ الباقون كما في "حجة القراءات" لابن زَنْجلة (ص 103).

وقال ابن جرير في "تفسيره"(2/ 294):

وأما ((الحسن)) فإن القَرَأة اختلفت في قراءته. فقرأته عامة قَرأة الكوفة غير عاصم: ((وقولوا للناس حَسَنًا))، بفتح الحاء والسين. وقرأته عامة قراء المدينة:((حُسْنًا)) بضم الحاء وتسكين السين.

واختلف أهل العربية في فرق ما بين معنى قوله: ((حُسْنًا))، و ((حَسَنًا)). فقال بعض البصريين: هو على أحد وجهين: إما أن يكون يراد بـ ((الحَسن)) ((الحُسن)) وكلاهما لغة، كما يقال:((البُخْل والبَخَل))، وإما أن يكون جعل ((الحُسن)) هو ((الحَسن)) في التشبيه. وذلك أن الحُسن ((مصدر)) و ((الحَسن))، هو الشيء =

ص: 567

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} ]

196-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:(وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أسْرى) .

197-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:(وَإِنْ يأتوكم أسْرى تفدوهم) .

= الحسن.

وقال آخر: ((الحُسْن)) هو الاسم العام الجامع جميع معاني الحسن. و ((الحَسَن)) هو البعض من معاني ((الحُسن)) . قال: ولذلك قال جل ثناؤه، إذ أوصى بالوالدين:{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [سورة العنكبوت: 8] ، يعني بذلك أنه وصاه فيهما بجميع معاني الحُسن، وأمر في سائر الناس ببعض الذي أمره به في والديه، فقال:((وقولوا للناس حَسَنًا)) ، يعني بذلك بعضَ معاني الحُسن.

قال أبو جعفر: والذي قاله هذا القائل في معنى ((الحسن)) بضم الحاء وسكون السين، غيرُ بعيد من الصواب، وأنه اسم لنوعه الذي سُمِّي به. وأما ((الحَسَن)) فإنه صفة وقعت لما وصف به، وذلك يقع بخاص. وإذا كان الأمر كذلك، فالصواب من القراءة في قوله:{وقُولُوا للنَّاسِ حَسَنًا} ، لأن القوم إنما أمروا في هذا العهد الذي قيل لهم:((وقولوا للناس)) باستعمال الحَسَن من القول، دون سائر معاني الحسن الذي يكون بغير القول، وذلك نعتٌ لخاص من معاني الحُسن، وهو القول.

فلذلك اخترت قراءته بفتح الحاء والسين، على قراءته بضم الحاء وسكون السين. اهـ.

[196 و 197] سندهما ضعيف، مدارهما على مغيرة بن مقسم الضَّبِّي، وهو ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيّما عن إبراهيم النخعي كما سبق في الحديث [54] ، وهذا من روايته عنه ولم يصرح فيه بالسماع. =

ص: 568

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 212) وعزاه للمصنف فقط، لكن وقع هناك:{وإن يأتوكم أسارى تفدوهم} .

قال أبو جعفر ابن جرير في "تفسيره"(2 / 310 - 312) : (واختلف القَرَأَةُ في قراءة قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تفدوهم} ، فقرأه بعضهم: ((أسرى تَفْدُوهم)) ، وبعضهم ((أَسَارى تُفادُهم)) ، وبعضهم ((أَسَارى تَفدوُهم)) ، وبعضهم ((أسْرى تُفادوهم)) .

قال أبو جعفر: فمن قرأ ذلك: ((وإِنْ يَأتوكم أسْرَى)) ، فإنه أراد جمع ((الأسير)) ، إذ كان على ((فعيل)) ، على مثال جَمْع أسماء ذوي العاهات التي يأتي واحدُها على تقدير ((فعيل)) ، إذ كان ((الأسر)) شبيهَ المعنى - في الأذى والمكروه الداخل على الأسير - ببعض معاني العاهات، وألحق جَمْع المستلحَق به بجمع ما وصفنا، فقيل:((أسير وأسْرى)) ، كما قيل:((مريض ومَرْضى)) ، وكسير وكَسرى، وجَريح وجَرحْى)) .

وقال أبو جعفر: وأما الذين قرأوا ذلك ((أسَارى)) ، فإنهم أخرجوه على مخرج جمع ((فَعلان)) ، إذ كان جمع ((فَعلان)) الذي له ((فَعْلى)) قد يشارك جمع ((فعيل)) كما قالوا:((سَكارى وسَكْرَى، وكَسالى وكَسلى)) ، فشبهوا ((أسيرًا)) - وجمعوه مرة ((أَسَارى)) ، وأخرى ((أَسْرى)) - بذلك.

وكان بعضهم يزعم أن معنى ((الأسرى)) مخالف معنى ((الأسارى)) ، ويزعم أن معنى ((الأسرى)) : استشار القوم بغير أسر من المستأسِر لهم، وأن معنى ((الأسارى)) معنى مصير القوم المأسورين في أيدي الآسرين بِأَسَرْهم وأخْذهم قهرًا وغلبةً.

قال أبو جعفر: وذلك ما لا وجه له يفهم في لغة أحد من العرب. ولكن ذلك على ما وصفتُ من جمع ((الأسير)) مرة على ((فَعلى)) لما بينت من العلة، ومرة على ((فَعَالى)) ، لما ذكرت من تشبيههم جمعه بجمع ((سكران وكسلان)) وما أشبه ذلك.

وأولى بالصواب في ذلك قراءةُ من قرأ: (وإنْ يَأتوكم أسْرى) ، لأن ((فعالى)) =

ص: 569

198 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُميد

(1)

، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:(أسْرى).

199 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا عَبَّاد بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يقرأ:(أسَارى تُفَادُوهم).

= في جمع ((فعيل)) غيرُ مستفيض في كلام العرب، فإذْ كان ذلك غير مستفيض في كلامهم، وكان مستفيضًا فاشيًا فيهم جمعُ ما كان من الصفات - التي بمعنى الآلام والزمانة - وواحدُه على تقدير ((فعيل))، على ((فعلى))، كالذي وصفنا قبل، وكانَ أحد ذلك ((الأسير))، كان الواجب أن يُلحق بنظائره وأشكاله، فيجمع جَمعَها دون غيرها ممن خالفها.

وأما من قرأ ((تُفادُوهم))، فإنه أراد: إنكم تفدُونهم من أسْرهم، ويفدِي منكم - الذين أسروهم ففادوكم بهم - أسْراكم منهم.

وأما من قرأ ذلك ((تَفدوهم))، فإذا أراد: إنكم يا معشَر اليهود، إن أتاكم الذين أخرجتموهم منكم من ديارهم أسْرى فدَيْتموهم فاستنقذتموهم.

وهذه القراءةُ أعجب إليّ من الأولى - أعني: ((أسرى تُفادُوهم)) - لأن الذي على اليهود في دينهم فداء أسراهم بكل حال، فَدَى الآسرون أسْراهم منهم أم لم يفدوهم). اهـ.

قلت: والقراءة بغير ألف: (أَسْرى) هي قراءة حمزة، وسيأتي في الحديث الآتي أنها قراءة حميد الطويل. وبإثباتها:(أسارى) هي قراءة الباقين، ومنهم الحسن البصري، كما سيأتي في الحديث [199].

وقرأ نافع وعاصم والكسائي: (تُفَادوهم) بالألف، وهي قراءة الحسن البصري كما سيأتي في الحديث [199]، وقرأ الباقون:(تَفْدوهم). انظر "حجة القراءات"(ص 104 - 105).

(1)

هو حُميد بن أبي حُميد الطَّويل.

[198]

سنده صحيح، وانظر التعليق على الحديث السابق.

[199]

سنده حسن لذاته. =

ص: 570

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ}]

200 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ الحدَّاد

(1)

، عَنْ أَبِيهِ

(2)

، (عَنْ)

(3)

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:(وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القدس) قَالَ: (إِنَّهُ)

(4)

كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى.

= وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 212) وعزاه للمصنف فقط.

وانظر التعليق على الحديث رقم [197].

(1)

تقدم في الحديث [179] أنه متروك رافضي.

(2)

هو ثابت هُرْمُز الكوفي، مولى بكر بن وَائِل، أبو المِقْدام الحدّاد، مشهور بكنيته، يروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابنه عمرو وسفيان الثوري وشعبة وغيرهم، وهو ثقة، وثقه أحمد وابن معين وابن المديني وأبو داود ويعقوب بن سفيان والنسائي وأحمد بن صالح وزاد:((كان شيخًا عاليًا صاحب سنة))، وقال أبو حاتم ((صالح))، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان حديثه في الحيض في "صحيحهما" وصححه ابن القطان، وقال عقبه:((لا أعلم له علة، وثابت ثقة، ولا أعلم أحدًا ضعفه غير الدارقطني))، وقال الأزدي:((يتكلمون فيه)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(2/ 459 رقم 1854)، و"التهذيب"(2/ 16 - 17 رقم 25).

قلت: أما تضعيف الدارقطني فلم أجده في شيء من المطبوع من كلامه في الرجال، ولا في كتاب الحيض من "سننه" الذي هو مظنّة وجوده فيه، ولم أجد من ذكره عن الدارقطني سوى ابن القطان، وإن ثبت عنه فنهو جرح مجمل معارض بتوثيق الأئمة الذين تقدم النقل عنهم، ولذا فإن الذهبي لم يورد ثابتًا هذا في الميزان بناءً على أنه متكلم فيه، وإنما أورده بناءً على أن ابن الجوزي أخطأ - فيما يظهر - في اسم رجل لعله ثابت هذا، قال الذهبي (1/ 368 رقم 1377): ((ثابت بن أبي المقدام، عن بعض التابعين، مجهول؛ كذا أورده ابن الجوزي، وما أبعد أن يكون ثابتًا أبا المقدام، وهو ثابت بن هُرمز، يروي =

ص: 571

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن ابن المسيب، وهو ثقة احتجّ به النسائي))، وذكره أيضًا في "الكاشف" (1/ 172 رقم 707) وقال:((ثقة))، وعليه فقول الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص 133 رقم 832) عن ثابت هذا:((صدوق يهم)) غير وجيه لما تقدم.

وأما قول الأزدي: ((يتكلمون فيه)) فلا يلتفت إليه؛ بقول الحافظ ابن حجر في "التهذيب"(4/ 399): ((وقول الأزدي لا عبرة به إذا انفرد))، ويقول في "هدي الساري" (ص 386):((لا عبرة بقول الأزدي؛ لأنه ضعيف، فكيف يعتمد في تضعيف الثقات)) ويقول الذهبي في "الميزان"(3/ 523) بعد أن ذكر الأزدي: ((له كتاب كبير في الجرح والضعفاء عليه فيه مؤخذات))، ويقول في المرجع نفسه (1/ 5):((وأبو الفتح - يعني الأزدي - يُسْرف في الجرح، وله مصنف كبير إلى الغاية في المجروحين، جمع فأَوْعى، وجرح خلقًا بنفسه لم يسبقه أحد إلى التكلم فيهم، وهو المتكلَّم فيه))، ويقول أيضًا (ص 61):((لا يتلفت إلى قول الأزدي، فإن في لسانه في الجرح رَهَقًا)). اهـ.

(3)

ما بين القوسين سقط من الأصل، وهي زيادة يتقضيها السياق.

(4)

في الأصل: (نه).

[200]

سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف عمرو بن ثابت، والصواب أن قوله تعالى:{روح القدس} المراد به جبريل، ويدل عليه ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(10/ 546 رقم 6152) في الأدب، باب هجاء المشركين، ومسلم (4/ 1933 رقم 152) في فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه من كتاب فضائل الصحابة، كلاهما من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة فيقول: يا أبا هريرة، نشدتك الله، هل سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:((يا حسان، أجب عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، اللهم أيده بروح القدس))؟ قال أبو هريرة: نعم.

وأخرجه مسلم أيضًا برقم (151) من طريق سعيد بن المسيب متابعًا لأبي سلمة. =

ص: 572

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ}]

201 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} ، قَالَ: هُوَ قَوْلُ الْأَعَاجِمِ إِذَا عَطِسَ أَحَدُهُمْ يُقَالُ لَهُ: زه هزار سال

(1)

- يَعْنِي: أَلْفَ سَنَةٍ -.

= وأخرج البخاري في الموضع نفسه برقم (6153)، ومسلم أيضًا برقم (153) كلاهما عن البراء بن عازب رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت: ((اهجهم - أو: هاجهم - وجبريل معك)).

وهذا المعنى الذي ذكرت هو ما رجحه ابن جرير (2/ 321 - 322) ابن كثير (1/ 122 - 123)، واستدلا على ذلك ببعض الأدلة، ذكر ابن كثير منها ما ذكرت آنفًا، وأما ابن جرير فقال:(وأولى التأويلات في ذلك بالصواب قول من قال: ((الروح)) في هذا الموضع: جبريل؛ لأن الله جل ثناؤه أخبر أنه أيّد عيسى به كما أخبر في قوله: {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ القُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ} [المائدة: 110]

) إلخ.

(1)

جاء في تعليق الشيخ محمود شاكر على "تفسير الطبري"(2/ 372) أنه سأل أحد أصحابه ممن يعرف الفارسية، فأفاد بأن معنى ((زه)): عش، و ((هزار)): ألف، و ((سال)): سنة، فيكون المعنى: عش ألف سنة.

[201]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لتدليس الأعمش، فإنه دلّس هذا الخبر عن سعيد بن جبير كما سيأتي.

والحديث ذكر السيوطي في "الدر"(1/ 221) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم.

وابن جرير الطبري أخرجه في "تفسيره"(2/ 273 رقم 1596) فقال: وحُدِّثت =

ص: 573

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن أبي معاوية، عن الأعمش

، فذكره، إلا أنه جاء عنده:(عشرة آلاف سنة) بدلاًَ من قوله: (يعني ألف سنة) .

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2 / 263) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن أبي معاوية، به مثله، وعنده:(ده) بدلاً من قوله: (زه) .

وهذا الحديث مما لم يسمعه الأعمش من سعيد بن جبير، لكن اختلف في الواسطة بينهما.

فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10 / 473 رقم 10029) .

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / 287 رقم 953) .

أما ابن أبي شيبة فعن عبد الله بن نمير مباشرة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي سعيد الأشج وأحمد بن سنان وأبي سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثلاثتهم عن ابن نمير، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة لم يذكر قوله:(زه)، ووقع عند ابن أبي حاتم:(عشرة آلاف سنة) .

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2 / 263 - 264) من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} ، قال: هم هؤلاء أهل الكتاب، {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} ، قال: هو قول أحدهم لصاحبه: هزار سال سرور مهرجان بخور.

وعلق مصحح "المستدرك" على هذه العبارة بقوله: ((يعني تمتع ألف سنة كمثل عيد مهرجان، هو يوم عيد لهم)) .

ورواية ابن نمير أرجح من رواية قيس بن الربيع.

فقيس تقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.

وأما عبد الله بن نمير، فتقدم في الحديث [97] أنه ثقة صاحب حديث، روى له الجماعة، ومع أن رواية ابن نمير أرجح، إلا أنها ضعيفة؛ لأن الأعمش لم يصرح بالسماع فيما بينه وبين مسلم البطين، وليس هذا الموضع من المواضع التي تحمل فيها روايته على السماع وإن لم يصرح به، على ما سبق بيانه في الحديث رقم [3] ، على أن هناك اختلافًا آخر على الأعمش.

ص: 574

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} ]

202-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وثَّاب: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَجِبْرِيلَ وَمِيكَايِيلَ) .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} ]

203-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: كَيْفَ نَقْرَأُ: {واتَّبِعُوا} ، أو:(اتَّبَعُوا) ؟ قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ، اقْرَأْ قِرَاءَتَكَ الأولى.

= فالحديث أخرجه ابن جرير الطبري (2 / 372 رقم 1591) من طريق أبي حمزة السُّكَّري، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابن عباس، به.

وهذا لو صح عن الأعمش فهو ضعيف أيضًا؛ لأن الأعمش قد يحدث عن مجاهد تدليسًا ويسقط ثلاثة فيما بينه وبينه، وأحدهم متروك وهو الحسن بن عمارة. انظر تفصيل ذلك في ترجمة الأعمش في الحديث رقم [3] .

وعليه فالحديث باق على ضعفه، والله أعلم.

[202]

سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه ممن أخذ القراءة عن يحيى بن وثاب كما بينته في الحديث رقم [173] . ولم أجد من عزا هذه القراءة ليحيى بن وثاب.

وقد قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وحفص: (جِبْريلَ) بكسر الجيم والراء. وقرأ حمزة والكسائي: (جَبْرَئيلَ) بفتح الجيم والراء مهموزًا. وقرأ ابن كثير: (جَبْريل) بفتح الجيم وكسر الراء. وقرأ يحيى عن أبي بكر: (جَبْرئِل)، وهذه لغة تميم وقيس. وقرأ أبو عمرو وحفص:(ميكال) بغير همز. وقرأ نافع: (ميكائِل) بهمزة مُخْتَلَسَة ليس بعدها ياء، كأنَّه كَسْرةُ الإشباع. وقرأ الباقون:(ميكائيل) ممدودًا. انظر "حجة القراءات" لابن زَنْجَلة =

ص: 575

204 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشير

(1)

، قَالَ: نا خُصَيْف

(2)

، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ إِذَا نَبَتَتِ الشَّجَرَةُ قَالَ: لأيِّ داءٍ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: لِكَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا نَبَتَتْ شَجَرَةُ الحُرْنُوبَة الشَّامي

(3)

، قَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِمَسْجِدِكَ أخَرِّبه، قَالَ: تُخَرِّبِيْنَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: بِئْسَ الشَّجَرَةُ أَنْتِ! فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ تُوُفِّيَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ فِي مَرْضَاهُمْ: لَوْ كَانَ لَنَا مِثْلُ سُلَيْمَانَ، فَأَخَذُوا الشَّيَاطِينَ، فَأَخَذُوا كِتَابًا، فَجَعَلُوهُ فِي مُصَلَّى سُلَيْمَانَ، فَقَالُوا: نَحْنُ نَدُلُّكُم عَلَى مَا كَانَ سُلَيْمَانُ يُدَاوي به،

= (ص 107 - 108).

[203]

سنده صحيح.

(1)

هو عتَّاب بن بَشير - بفتح أوله -، الجَزَري، أبو الحسن أو أبو سهل الحَرَّاني، مولى بني أمية، روى عن خُصيف وإسحاق بن راشد والأوزاعي وغيرهم، روى عنه سعيد بن منصور هنا وفي عدة مواضع من "سننه"، وروى عنه أيضًا رَوْح بن عبادة وإسحاق بن راهويه ومحمد بن عيسى الطبّاع وغيرهم، وهو لا بأس به، إلا في روايته عن خَصيف، فإنها منكرة. قال ابن المديني:((ضربنا على حديث عتاب بن بشير))، وقال ابن سعد والنسائي:((ليس بذاك))، وفي رواية عن النسائي قال:((ليس بالقوي))، وقال الساجي:((عنده مناكير))، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:((كان ممن يخالف))، ووثقه ابن معين والدارقطني، وقال ابن أبي حاتم:((ليس به بأس))، وكانت وفاته سنة تسعين ومائة، وقيل: سنة ثمان وثمانين ومائة.

انظر "ثقات" ابن حبان (8/ 522)، و"التهذيب"(7/ 90 - 91 رقم 192).

أقول: والراجح من حال هذا الراوي أنه لا بأس به، وحديثه في عداد الحسن، وكلام الذين تكلموا فيه يمكن توجيهه فيما رَوَى عن خصيف؛ فإن روايته عنه منكرة، وخصيف مُضعَّف كما سيأتي، وهذا ما رآه الإمام أحمد، وقريب منه =

ص: 576

فَانْطَلَقُوا فَاسْتَخْرَجُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَإِذَا فِيهِ سِحْرٌ وَرُقىً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ} ، وَذَكَرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أبَيَّ:{وَمَا يُتْلَى عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} - سَبْعَ مِرَارٍ -، فَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يَكْفُرَ عَلَّماه، فَيَخْرُجُ مِنْهُ نَارٌ - أَوْ نُورٌ - حَتَّى يَسْطَعَ فِي السَّمَاءِ، قَالَ: الْمَعْرِفَةُ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُ.

= قول ابن عدي، يقول الإمام أحمد:((أرجو أن لا يكون به بأس، روى بآخره أحاديث منكره، وما أرى أنها إلا من قبل خصيف))، وفي رواية:((أحاديث عتاب عن خصيف منكرة))، ويقول ابن عدي: ((روى عن خصيف نسخة، وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه

، ومع هذا فإني أرجو أنه لا بأس به). اهـ. من "الكامل" لابن عدي (5/ 1994)، والموضع السابق من "التهذيب".

(2)

هو خُصيَفْ - بالصاد المهملة مصغّر -، ابن عبد الرحمن الجَزَري، أبو عون الحضرمي الحرّاني، الأموي مولاهم، روى عن عطاء وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، روى عنه السفيانان وابن جريج وأبو الأحْوَص سلاّم بن سليم وغيرهم، وهو صدوق سيء الحفظ ورمي بالإرجاء، قال ابن المديني:((كان يحيى بن سعيد يضعفه))، وقال جرير:((كان خصيف متمكنًا في الإرجاء، يُتكلم فيه))، قوال الإمام أحمد:((ضعيف الحديث))، وفي رواية:((مضطرب الحديث))، وقال أبو حاتم:((صالح، يُخلِّط))، وتكلِّم في سوء حفظه، وقال النسائي:((عتّاب ليس بالقوي ولا خصيف))، وقال مرة:((صالح))، وقال الساجي:((صدوق))، وقال الدارقطني:((يعتبر به، يهم))، وقال ابن معين:((لا بأس به))، وقال مرة:((ثقة))، وفي رواية:((إنا كنا نتجنب حديثه))، وقال ابن سعد:((ثقة))، وقال. ابن عدي: ((إذا حدث عن خصيف ثقة فلا بأس بحديثه =

ص: 577

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ورواياته، إلا أن يروي عنه عبد العزيز بن عبد الرحمن، فإن رواياته عنه بواطيل والبلاء من عبد العزيز، لا من خصيف))، وذكره ابن حبان في المجروحين وقال:((تركه جماعة من أئمتنا واحتجّ به جماعة آخرون. وكان خصيف شيخًا صالحًا فقيهًا عابدًا، إلا أنه كان يخطئ كثيرًا فيما يروي، ويتفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وهو صدوق في روايته، إلا إن الإنصاف في أمره: قبول ما وافق الثقات من الروايات وترك ما لم يتابع عليه - وإن كان له مدخل في الثقات -، وهو ممن أستخير الله فيه))، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة ست وثلاثين ومائة، وقيل: سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وثلاثين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "المجروحين"(1/ 287)، و"الكامل" لابن عدي (3/ 940 - 942)، و"التهذيب"(3/ 142 - 144 رقم 275)، و"التقريب"(ص 193 رقم 1718).

(3)

الخُرْنُوبة نوعان من الشجر: بَرِّيٌّ وشاميّ، أما بَريُّهُ فيسمّى اليَنْبُوتَةَ، ذو شوك، وهو الذي يُسْتوقد به، يرتفع قدر الذراع، وله حَمْلٌ لكنّه بَشِع لا يؤكل إلا في الجَهْد، وفيه حبّ صُلْب. وأما شاميُّه فهو حلو يؤكل، وله حَبٌّ وحملٌ كالخيار. انظر "تاج العروس"(2/ 347 - 348).

[204]

سنده حسن إلى خصيف، لكن خصيفًا لم يذكر المصدر الذي تلقى ذلك عنه، والأظهر أنه من حديث بني إسرائيل الذي لا يصدق ولا يكذب، وقد صحّ بعضه عن ابن عباس كما سيأتي.

وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر"(1/ 235) وعزاه لسعيد بن منصور فقط، وفي متنه بعض الاختصار.

وقد صحّ بعض الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما من قوله وله عن ابن عباس طريقان:

(1)

طريق سعيد بن جبير، وله عنه طريقان:

أ- طريق عطاء بن السائب، واختلف عليه. =

ص: 578

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فرواه سفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد، عنه، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس موقوفًا عليه.

وخالفهم إبراهيم بن طَهْمان، فرواه عنه مرفوعًا.

أما رواية سفيان بن عيينة، فأخرجها محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(1 / 225 رقم 207)، فقال: حدثنا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد، ثنا سفيان، قال: حدثني عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: كان سليمان كلما صلى صلاة، رأى شجرة نابتة، فيقول: ما أنت يا شجرة؟ فتقول [في الأصل: فيقول] : أنا شجرة كذا وكذا، لداء كذا وكذا، فيأمر بها، فتقطع [في الأصل: فيقطع] ، ويكتب: شجرة كذا وكذا لداء كذا وكذا، فصلى ذات يوم، فإذا شجرة نابتة، فقال لها: ما أنت يا شجرة؟ قالت: أنا الخَرُّوبة، قال: لم يكن الله ليخرب هذا المسجد وأنا حي، فتوضأ، ولبس ثيابه، وأخذ عصاه، وقام يصلي، فقُبض عليها، فلبث على عصاه، فَدَأبُوا سنة وهم يحسبون أنه حي - يعني الجن -، فأكلتها الأرضة، فشكرت الجن الأرَضَة، فلا تجدها في مكان، إلا وجدت عندها نَدَى.

وهذا إسناد صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

أما سعيد بن جبير فتقدم في الحديث [41] أنه ثقة ثبت فقيه.

وأما عطاء بن السائب، فتقدم في الحديث [6] أنه ثقة اختلط في آخر عمره، لكن الراوي عنه هنا هو سفيان بن عيينة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط.

وسفيان بن عيينة تقدم في الحديث [7] أنه ثقة حافظ فقيه إمام حجّة.

والراوي عن سفيان هو شيخ المروزي: عبيد الله بن سعيد بن يحيى اليَشْكُري؛ أبو قُدامة السَّرَخْسي، نزيل نيسابور، ثقة مأمون سُنِّي، كما في "التقريب"(ص371 رقم 4296) ، روى عن سفيان بن عيينة وعبد الله بن نمير وحماد بن زيد ويحيى القطّان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم والنسائي وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وروى عنه هنا =

ص: 579

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= محمد بن نصر، قال أبو حاتم عن عبيد الله هذا:((كان من الثقات)) ، ووثقه أبو داود، وقال النسائي:((ثقة مأمون، قلّ من حكتبنا عنه مثله)) ، وقال إبراهيم بن أبي طالب:((ما قدم علينا أثبت منه ولا أتقن)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((هو الذي أظهر السنة بَسَرخْس ودعا إليها)) ، وقال ابن عبد البر:((أجمعوا على أنه ثقة)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وأربعين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل"(5 / 317 رقم 1507) ، و"التهذيب"(6 / 16 - 17 رقم 31) .

وأخرجه البزار في "مسنده"(3 / 106 رقم 2356 / كشف الأستار) من طريق شيخه أحمد بن أبان، ثنا سفيان بن عيينة

، فذكره.

وأما رواية جرير بن عبد الحميد، فأخرجها الحاكم في "المستدرك"(2 / 423) من طريق أبي غسّان محمد بن عمرو الطيالسي، عن جرير، عن عطاء، به، ولفظ سفيان السابق أتمّ منه.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.

وأما رواية إبراهيم بن طَهْمان، فأخرجها:

البزار في "مسنده"(3 / 106 رقم 2355 / كشف الأستار) .

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(22 / 74 / طبعة الحلبي) .

وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"(3 / 529) .

والطبراني في "المعجم الكبير"(11 / 451 - 452 رقم 12281) .

جميعهم من طريق إبراهيم بن طهمان، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، به نحو لفظ سفيان السابق، مع بعض الاختلاف والزيادة.

قال البزار بعد أن رواه: ((لا نعلم أسنده إلا إبراهيم، وقد رواه جماعة عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس موقوفًا)) .

قال ابن كثير في الموضع السابق من "تفسيره": ((في رفعه غرابة ونكارة والأقرب أن يكون موقوفًا)) . =

ص: 580

205 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتّاب بْنُ بَشير، عَنْ خُصَيْف، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُجَاهِدٍ، فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ: حدِّثنا مَا سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ حِينَ جَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ وَمَا يَرْكَبُونَ مِنَ الْمَعَاصِي الْخَبِيثَةِ - وَلَيْسَ يَسْتُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ شَيْءٌ-، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا إِلَى بني آدم كيف

= وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 207 - 208) بعد أن عزاه للطبراني والبزار: ((فيه عطاء وقد اختلط، وبقية رجالهما رجال الصحيح)).

قلت: رواية من رواه موقوفًا أصح؛ لأن ممن رواه عن عطاء: سفيان بن عيينة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط، وأما إبراهيم بن طهمان فلم يُذكر ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط، وقد روي عن سعيد بن جبير وعن ابن عباس موقوفًا من غير طريق عطاء كما سيأتي.

ب- طريق سلمة بن كهيل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس موقوفًا عليه بنحو سياق سفيان بن عيينة السابق.

أخرجه الحسين بن الحسن المروزي في "زوائده على الزهد لابن المبارك"(ص 378 - 379 رقم 1072).

(2)

طريق أبي صالح ذكوان السَّمّان، عن ابن عباس موقوفًا عليه، بنحو سياق سفيان بن عيينة، إلا أن فيه طولاً.

أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(22/ 75 / طبعة الحلبي) من طريق السُّدِّي، عن أبي صالح، به، وعن مُرَّة الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وعن أناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ومن خلال هذه الطرق يتضح أن الحديث روي عن ابن عباس موقوفًا عليه، وهو صحيح عنه، وقد يكون ذلك من الإسرائيليات التي لا تُصدق ولا تُكذب، فإن ابن عباس لم يصرح بأخذه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

[205]

سنده ضعيف لضعف خصيف من قبل حفظه، وجهالة الرجل من قريش الذي =

ص: 581

يَعْمَلُونَ كَذَا وَكَذَا، مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى اللَّهِ! يُعِيبُونَهُمْ بِذَلِكَ. فَقَالَ اللَّهُ عز وجل لَهُمْ: قَدْ سَمِعْتُ الَّذِي تَقُولُونَ فِي بَنِي آدم، فاختاروا منكم ملكين [ل112/أ] أهْبِطُهُما إِلَى الْأَرْضِ، وَأَجْعَلْ فِيهِمَا شَهْوَةَ بَنِي آدَمَ. فَاخْتَارُوا هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَقَالُوا: يَا رَبِّ، لَيْسَ فِينَا مِثْلُهُمَا، فأهْبِطا إِلَى الْأَرْضِ، وجُعِل فِيهِمَا شَهْوَةَ بَنِي آدَمَ، ومُثّلَت لَهُمَا الزَّهرة فِي صُورَةِ امْرَأَةٍ، فَلَمَّا نَظَرَا إِلَيْهَا، لَمْ يَتَمَالَكَا أَنْ تَنَاوَلَا مِنْهَا مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَأَخَذَتِ الشَّهْوَةُ بِأَسْمَاعِهِمَا وَأَبْصَارِهِمَا، فَلَمَّا أَرَادَا أَنْ يَطِيرَا إِلَى السَّمَاءِ، لَمْ يَسْتَطِيعَا، فَأَتَاهُمَا مَلَكٌ، فَقَالَ: إِنَّكُمَا قَدْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا، فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا، أَوْ عَذَابَ الْآخِرَةِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرَ: مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ أعذَّب فِي الدُّنْيَا ثُمَّ أعذَّب، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعَذَّبَ سَاعَةً وَاحِدَةً فِي الْآخِرَةِ، فَهُمَا مُعلَّقان مُنكَّسان فِي السلاسل، وجُعلا فتنة.

= حدثهم بالحديث، وانظر الكلام مفصلاً عن قصة هاروت وماروت في الحديث الآتي.

وهذا الحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1 / 243) من رواية المصنف سعيد بن منصور فقط، ولفظه هنا سواء، إلا أنه قال:(لقد سمعت) بدلاً من قوله: (قد سمعت) .

ص: 582

206 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاش

(1)

، عَنِ العَوَّام بْنِ حَوْشب، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ - أَحْسَبُهُ قَالَ: فِي سَفَرٍ - فَقَالَ لِي: ارْمُق

(2)

الْكَوْكَبَةَ، فَإِذَا طَلَعَتْ أَيْقِظْنِي، فَلَمَّا طَلَعَتْ أَيْقَظْتُهُ، فَاسْتَوَى جَالِسًا، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَسُبُّهَا سَبًّا شَدِيدًا، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَجْمًا سَامِعًا مُطِيعًا، مَا لَهُ يُسَبُّ؟ فَقَالَ: هَا، إِنَّ هَذِهِ كَانَتْ بَغِيًّا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَقِيَ المَلَكان مِنْهَا مَا لقيا.

(1)

هو شِهاب بن خِراش بن حَوْشَب الشيباني، أبو الصَّلْت الواسطي، ابن أخي العّوام بن حوشب، روى عن أبيه، وعمِّه العوّام وقتادة وأبي إسحاق الشيباني وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي، وآدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق صاحب سنة؛ وثقه ابن المبارك وابن عمار والمدائني وابن المديني وابن معين والعجلي وأبو زرعة وزاد:((كان صاحب سنة))، وقال الإمام أحمد وأبو زرعة في رواية:((لا بأس به))، وقال النسائي وابن معين في رواية:((ليس به بأس))، وقال أبو حاتم:((صدوق لا بأس به))، وذكره ابن حبان في الضعفاء، وقال:((يخطئ كثيرًا حتى خرج عن حد الاحتجاج به))، وقال ابن عدي:((ولشهاب أحاديث ليست بكثيرة، وفي بعض رواياته ما ينكر عليه، ولا أعرف للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره)). اهـ. من "المجروحين" لابن حبان (1/ 362)، و"الكامل" لابن عدي (4/ 1350)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (8/ 131 - 136)، و"التهذيب"(4/ 366 - 367 رقم 620).

ومما سبق نرى أن هناك عددًا من الأئمة أطلقوا القول بتوثيق شهاب بن خراش وهم: ابن المبارك وابن عمار وابن معين والمدائني والعجلي، وتردد فيه قول أبي زرعة بين القول بتوثيقه وبين موافقة من رأى أنه ينزل عن درجة الثقة الضابط إلى درجة الصدوق الذي لا بأس به، وحديثه في عداد الحسن، وهم الإمام أحمد وأبو حاتم والنسائي، وهذا قريب مما رجحه الذهبي رحمه الله حيث قال في "الميزان" (2/ 281 رقم 3750):((صدوق مشهور، له ما يستنكر))، =

ص: 583

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهذا ما تميل إليه النفس، لأنه قد انفرد ببعض الأحاديث مما لم يتابع عليها، وهي مما أنكر عليه، ولا أظنها كثيرة، وهذا ابن عدي في كتابه لم يذكر منها سوى حديثين، الأول منهما مروي من غرير طريق خراش، وإنما أنكروا عليه فيه زيادة لم يذكرها غيره، وأما الثاني فالعجب من ابن عدي كيف يورده على أنه مما ينكر على شهاب وهو يرويه عن شيخ ضعيف وهو يزيد بن أبان الرَّقَاشي؟!

(2)

أي انظر نظرًا طويلاً. "النهاية في غريب الحديث"(2/ 264).

[206]

سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره عن ابن عمر موقوفًا عليه، وهو من روايته عن كعب الأحبار كما سيأتي، وقد روي عن ابن عمر مرفوعًا ولا يصح.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 238) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور.

وقد رُوي الحديث عن ابن عمر من أربعة طرق:

(1)

طريق مجاهد، وله عنه ثلاثة طرق:

(أ) - طريق العوام بن حوشب الذي أخرجه المصنف هنا.

(ب) و (جـ) - طريقا المنهال بن عمرو ويونس بن خبّاب، كلاهما عن مجاهد قال: كنت نازلاً على عبد الله بن عمر في سفر، فلما كان ذات ليلة، قال لغلامه: انظر هل طلعت الحمراء؟ لا مرحبًا بها، ولا أهلاً، ولا حيّاها الله؛ هي صاحبة الملكين؛ قالت الملائكة: يا رب، كيف لا تدع عصاة بني آدم، وهم يسفكون الدم الحرام، وينتهكون محارمك، ويفسدون في الأرض؟! قال: إني ابتليتهم، فلعلي إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون؟ قالوا: لا، قال: فاختاروا من خياركم اثنين، فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما: إني مهبطكما إلى الأرض، وعاهد إليكما: ألا تشركا، ولا تزنيا، ولا تخونا، فأهبطا إلى الأرض، وألقى عليهما الشهوة، وأهبطت لهما الزّهْرَة في أحسن صورة امرأة، فتعرضت لهما، فراوداها عن نفسها، فقالت: إني علي دين =

ص: 584

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لا يصح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله. قالا وما دينك؟ قالت: المجوسية. قالا: الشرك! هذا شيء لا نقربه. فمكثت عنهما ما شاء الله تعالى، ثم تعرضت لهما فراوداها عن نفسها. فقالت: ما شئتما، غير أن لي زوجًا، وأنا أكره أن يطلع على هذا مني، فأفتضح، فإن أقررتما لي بديني، وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء، فعلت. فأقرا لها بدينها وأتياها فيما يريان، ثم صعدا بها إلى السماء. فلما انتهيا بها إلى السماء، اختطفت منهما، وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين، نادمين، يبكيان، وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين، فإذا كان يوم الجمعة أجيب. فقالا: لو أتينا فلانًا، فسألناه، فطلب لنا التوبة، فأتياه، فقال: رحمكما الله! كيف يطلب التوبة أهل الأرض لأهل السماء؟! قالا: إنا قد ابتلينا. قال: ائتياني يوم الجمعة. فأتياه، فقال: ما أجبت فيكما بشيء، ائتياني في الجمعة الثانية. فأتياه، فقال: اختارا، فقد خيرتما، إن اخترتما معافاة الدنيا، وعذاب الآخرة، وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله. فقال أحدهما: إن الدنيا لم يمض منها إلا القليل. وقال الآخر: ويحك! إني قد أطعتك في الأمر الأول فأطعني الآن، إن عذابًا يفنى ليس كعذاب يبقى. فقال: إننا يوم القيامة على حكم الله، فأخاف أن يعذبنا. قال: لا، إني أرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة، أن لا يجمعهما علينا. قال: فاختارا عذاب الدنيا، فجعلا في بكرات من حديد، في قَلِيب مملوءة من نار، عَاليهُمَا سافلَهما.

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 306 - 308 رقم 1014)، وساقه عنه الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(1/ 139)، وسياقه أصح فاخترته هنا.

قال ابن كثير بعد أن ذكره: ((وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر))، ثم ذكر أنه روي مرفوعًا، ثم قال:((وهذا - يعني طريق مجاهد - أثبت وأصح إسنادًا)). اهـ.

(2)

طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عمر، بنحو سياق مجاهد السابق مع الاختلاف في بعض الألفاظ، وسياق مجاهد أتمّ. =

ص: 585

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه الحاكم في "المستدرك"(4/ 607 - 608) من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عمر، به.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وترك حديث يحيى بن سلمة عن أبيه من المحالات التي يردها العقل، فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة، فلا ينكر لأبيه أن يخصّه بأحاديث يتفرد بها عنه)).

فتعقبه الذهبي بقوله عن يحيى بن سلمة بن كهيل: ((قال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: منكر الحديث)).

قلت: تقدم في الحديث [77] أن يحيى بن سلمة هذا متروك.

(3)

طريق سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن أبيه، عن كعب قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب، فقيل لهم: اختاروا ملكين، فاختاروا ملكين، فاختاروا هاروت وماروت، قال: فقال لهما: إني أرسل رسلي إلى الناس، وليس بيني وبينكم رسول، انزلا ولا تشركا بي شيئًا، ولا تزنيا، ولا تسرقا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قال كعب: فما استكملا يومهما الذي أنزلا فيه حتى عملا ما حرم الله عليهما. أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 53 - 54).

ومن طريقه وطريق مؤمل بن إسماعيل أخرجه الطبري في "تفسيره"(2/ 429 رقم 1684).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(13/ 186 رقم 16061).

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 306 رقم 1013).

والبيهقي في "شعب الإيمان"(1/ 441 - 442 رقم 162).

جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم، به، واللفظ لعبد الرزاق.

وأخرجه ابن جرير أيضًا (2/ 430 رقم 1685) من طريق عبد العزيز بن المختار، عن موسى بن عقبه، به بنحو سابقه.

وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(1/ 138) الحديث من رواية موسى بن جبير ومعاوية بن صالح، كلاهما عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به مرفوعًا كما سيأتي، ثم =

ص: 586

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ذكر الحديث من رواية سالم، ثم قال:((فهذا - يعني طريق سالم - أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم)). اهـ.

(4)

طريق نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقول

، فذكره هكذا مرفوعًا بنحو سياق المنهال بن عمرو ويونس بن خباب للحديث عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ المتقدم بطوله، إلا أنه زاد فيه قتلهما للصبي، وشربهما للخمر، ولم يذكر مجيئها للنبي، وإنما فيه: فخُيِّرا بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا.

أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"(2/ 134).

والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار"(3/ 358 رقم 2938).

وعبد بن حميد في "مسنده"(ص 251 - 252 رقم 787).

وابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 69).

وابن حبان في "صحيحه"(8/ 22 - 23 رقم 6153 / الإحسان بتحقيق الحوت).

وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص 177 - 178 رقم 657).

والبيهقي في "شعب الإيمان"(1/ 437 - 439 رقم 160).

جميعهم من طريق زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، به، إلا أن لفظ ابن أبي حاتم وابن السني مختصر.

ونقل بن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: ((هذا حديث منكر)).

وقال البزار: ((رواه بعضهم عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفًا، وإنما أتي رفع هذا عندي من زهير؛ لأنه لم يكن بالحافظ، على أنه قد رَوَى عنه ابن مهدي، وابن وهب، وأبو عامر، وغيرهم)).

وسيأتي إعلال البيهقي لرفعه وترجيحه للموقوف.

وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة"(1/ 206): =

ص: 587

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ((روى حنبل الحديث من طريق أحمد، ثم قال: قال أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد -: هذا منكر، وإنما يروى عن كعب. ذكره في "منتخب ابن قدامة" (11 / 213) . اهـ.

قلت: أما ما ذكره البزار من أنه إنما أتي رفع هذا الحديث من زهير، فإن هناك من هو أولى أن يحمَّل تبعة رفع هذا الحديث غير زهير، وهوموسى بن جبير الأنصاري المدني الحذّاء، مولى بني سلمة، نزيل مصر، وهو مستور، ذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 451) وقال:((يخطئ ويخالف)) ، وقال ابن القطان:((لا يعرف حاله)) . انظر "التهذيب"(10 / 339 رقم 596)، وقال الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1 / 138) بعد أن ذكر الحديث من رواية موسى هذا:((ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين إلا موسى بن جبير هذا، وهو الأنصاري، السلمي، مولاهم المديني، الحذاء، وروى عن ابن عباس وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ونافع وعبد الله بن كعب بن مالك، وروى عنه ابنه عبد السلام وبكر بن مضر وزهير بن محمد وسعيد بن سلمة وعبد الله بن لهيعة وعمرو بن الحارث ويحيى بن أيوب، وروى له أبو داود وابن ماجه، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل ولم يَحْكِ فيه شيئًا من هذا ولا هذا، فهو مستور الحال، وقد تفرد به عن نافع مولى ابن عمر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)) . اهـ.

وذكره الحافظ ابن حجر في "التقريب"(ص550 رقم 6954) وقال: ((مستور)) ، ووقع في المطبوع من "التقريب":((جبر)) بحذف الياء.

وقد توبع موسى بن جبير على روايته عن نافع مرفوعًا، لكنها متابعات لا يفرح بها.

فأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" فقال: حدثنا دعلج بن أحمد، حدثنا هشام بن علي بن هشام، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، حدثنا موسى بن سرجس، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقول

، فذكره بطوله، كذا في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير".

وفي سنده هشام بن علي بن هشام السِّيْرافي، ذكره الذهبي في "السير"(16 / 31) =

ص: 588

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في شيوخ دعلج، وذكره ابن حجر في "التهذيب"(5 / 210) في الرواة عن عبد الله بن رجاء، ولم أجد من ترجم له، سوى أن الذهبي ذكره في "السير"(13 / 411) في ترجمة إسحاق بن الحسن الحربي المتوفي سنة أربع وثمانين ومائتين، وذكر أن هشامًا هذا ممن توفي في تلك السنة، وقد ذكر محقق الكتاب مصادر ترجمة الذين ذكروا مع هشام، إلا هو فلم يذكر له شيئًا من المصادر التي ترجمته.

والراوي عن نافع هو موسى بن سَرْجِس - بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم، بعدها مهملة -، مدني مستور، ذكره البخاري في "تاريخه"(7 / 285 رقم 1213) وسكت عنه، ولم يذكره ابن أبي حاتم ولا ابن حبان، وروى له الترمذي والنسائي وابن ماجه حديثًا عن القاسم، عن عائشة في ذكر سكرات الموت، وقال الترمذي:((حديث غريب)) . انظر "التهذيب"(10 / 345 رقم 609) ، و"التقريب"(ص551 رقم 6964) .

وقد خولف هشام بن علي في روايته للحديث عن عبد الله بن رجاء.

فأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1 / 440 - 411 رقم 161) من طريق محمد بن يونس بن موسى، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، عن موسى بن جبير، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

، فذكره وبطوله.

قال البيهقي: ((ورويناه من وجه آخر عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفًا عليه، وهو أصح، فإن ابن عمر إنما أخذه عن كعب)) .

قلت: الراوي عن عبد الله بن رجاء هو محمد بن يونس بن موسى الكُدَيْمي، وهو متهم بوضع الحديث؛ فقد كذَّبه أبو داود والقاسم بن مطرِّز، وكان موسى بن هارون ينهى الناس عن السماع منه ويقول: تقرب إليَّ بالكذب؛ قال لي: كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن القاسم النهدي، قال موسى: لم يحدِّث أبي عن محمد بن القاسم قط، وقال لي: كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن سابق، وقد سمعت =

ص: 589

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبي يقول: ما كتبت عن محمد بن سابق شيئًا ولا رأيته.

وقال ابن حبان: ((كان يضع الحديث، ولعله قد وضع على الثقات أكثر من ألف حديث)) ، وقال ابن عدي:((قد اتهم بالوضع، وادعى الرواية عن من لم يرهم، ترك عامة مشايخنا الرواية عنه، ومن حدّث عنه نسبه إلى جده لئلا يعرف)) ، وقال أيضًا:((روى الكديمي عن أبي هريرة، عن ابن عون، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ غير حديث باطل، وكان مع وضعه الحديث وداعائه ما لم يسمع، قد علَّق لنفسه شيوخًا)) .

وقال الدارقطني: ((كان الكديمي يتهم بوضع الحديث، وما أحسن القول فيه إلا من لم يخبر حاله)) .

قلت: قد أحسن القول فيه الإمام أحمد، ققال:((حسن المعرفة، حسن الحديث)) ، وقال محمد بن الهيثم:((تسألوني عن الكديمي وهو أكبر مني وأكثر علمًا؟ ما علمت إلا خيرًا)) ، وقال الخطيب:((لم يزل معروفًا عند أهل الحجاز بالحفظ، مشهورًا بالطلب، حتى أكثر روايات الغرائب والمناكير، فتوقف بعض الناس عنه)) ، ووثقه أبو جعفر الطيالسي، وقال إسماعيل الخطبي:((ما رأيت أكثر ناسًا من مجلسه، وكان ثقة)) ، فجهّله الذهبي فقال:((أما إسماعيل الخطبي فقال بجهل: كان ثقة ما رأيت خلقًا أكثر من مجلسه)) ، وقال الذهبي أيضًا عن الكديمي:((هالك، قال ابن حبان وغيره: كان يضع الحديث على الثقات)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (6 / 2294 - 2296) ، و"ميزان الاعتدال"(4 / 74 - 76 رقم 8353) ، و"المغني في الضعفاء"(2 / 646 رقم 6109) ، و"التهذيب"(9 / 539 - 544 رقم 884) .

وللحديث طريق آخر عن نافع، يرويه الحسين بن داود سُنَيْد، عن فرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا بنحو لفظ مجاهد من رواية المنهال ويونس عنه، وفيه شيء من الاختلاف، ولم يذكر فيه قصة إتيانهما للنبي، وإنما هما اللذان سألا الله تعالى التوبة، وفي آخره قال: فأوحى =

ص: 590

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الله إليهما: أن ائتيا بابل، فانطلقا إلى بابل، فخسف بهما، وهما منكوسان بين السماء والأرض معذبان إلى يوم القيامة.

أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(8 / 42 - 43) بتمامه.

ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(1 / 186 - 187) .

والذهبي في "ميزان الاعتدال"(2 / 236) .

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(2 / 433 رقم 1688) مختصرًا.

قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح، والفرج بن فضالة قد ضعفه يحيى، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد ويُلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، لا يحلّ الاحتجاج به. وأما سُنيد فقد ضعفه أبو داود، وقال النسائي: ليس بثقة)) .

قلت: وقد ذكر الذهبي هذا الحديث فيما أنكر على سُنيد.

وذكره ابن كثير في "تفسيره"(1 / 138) هو وطريق موسى بن سرجس السابق وقال: ((وهذان أيضًا غريبان جدًّا)) .

وخلاصة ما تقدم: أن الحديث روي عن ابن عمر مرة موقوفًا عليه، ومرة مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ومرة عن ابن عمر عن كعب الأحبار.

واختلفت كلمة العلماء عن قصة هاروت وماروت وثبوتها.

فالحاكم وابن حبان صححا الحديث كما تقدم.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5 / 68) من رواية موسى بن جبير، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا المتقدمة، ثم قال:((رجاله رجال الصحيح خلا موسى بن جبير وهو ثقة)) ، وذكر نحو قوله هذا في (6 / 313 - 314) .

وقال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد"(ص48) : ((له طرق كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة لكثرة طرقه الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، والله أعلم)) .

وذكر السيوطي في "اللآليء"(1 / 159) قول ابن حجر هذا، وقال: ((وقد وقفت على الجزء الذي جمعه، فوجدته أورد فيه بضعة عشر طريقًا، أكثرها موقوفًا، =

ص: 591

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأكثرها من تفسير ابن جرير، وقد جمعت أنا طرقها في التفسير المسند، وفي التفسير المأثور، فجاءت نيفًا وعشرين طريقًا، ما بين مرفوع، وموقوف، ولحديث ابن عمر بخصوصه طرق متعددة، من رواية نافع، وسالم، ومجاهد، وسعيد بن جبير، عنه، وورد من رواية علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، وغيرهم، والله أعلم)) .

وأما الحافظ ابن كثير رحمه الله، فذهب إلى أن القصة ثابتة عن ابن عمر، لكن من روايته عن كعب الأحبار، وأعل الطرق التي رويت عنه، مرفوعة، فقال عقب ذكره للحديث من طريق الإمام أحمد: ((وهكذا رواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه، عن الحسن بن سفيان عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة، عن يحيى بن بكير، به، وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين، إلا موسى بن جبير هذا، وهو الأنصاري، السلمي، مولاهم، المديني، الحذاء، وروى عن ابن عباس، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، ونافع، وعبد الله بن كعب بن مالك، وروى عنه ابنه عبد السلام، وبكر بن مضر، وزهير بن محمد، وسعيد بن سلمة، وعبد الله بن لهيعة، وعمرو بن الحارث، ويحيى بن أيوب، وروى له أبو داود، وابن ماجه، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل، ولم يحك فيه شيئًا من هذا، ولا هذا، فهو مستور الحال، وقد تفرد به عن نافع مولى ابن عمر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وروي له متابع من وجه آخر

)) ، ثم ذكر الحديث من طريق موسى بن سرجس، ومعاوية بن صالح كما تقدم، ثم قال: ((وهذان أيضًا غريبان جدًّا، وأقرب ما يكون في هذا، أنه من رواية عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ كعب الأحبار، لا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كما قال عبد الرازق في تفسيره

)) ، ثم ذكر الحديث من رواية سالم، عن أبيه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ كعب الأحبار كما سبق، ثم قال: ((فهذا أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث، ورجع إلى نقل كعب الأحبار، =

ص: 592

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم)) .

ثم ذكر الحديث من رواية مجاهد، موقوفًا على ابن عمر، وقال عقبه:((وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر، وقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية بن صالح، عن نافع، عنه رفعه، وهذا أثبت، وأصح إسنادًا، ثم هو - والله أعلم - من رواية ابن عمر، عن كعب - كما تقدم بيانه - من رواية سالم، عن أبيه)) . اهـ. كلامه رحمه الله، وبنحو هذا الترجيح قال أيضًا في "البداية"(1 / 37 - 38) ، وهو ترجيح حسن؛ لأنه لا منافاة بين الرواية الموقوفة والرواية عن كعب الأحبار، فقد يذكر ابن عمر كعبًا، وقد لا يذكره، لكن المنافاة بين الرواية المرفوعة والرواية عن كعب، ولن يلجأ ابن عمر رضي الله عنهما إلى ذكر الحديث عن كعب وهو عنده عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فإذا النظر قد استدعى ترجيح الرواية عن كعب لثقة رواتها وشهرتهم.

فالحديث يرويه سفيان الثوري، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن أبيه، عن كعب، وهذا إسناد في غاية الصحة إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

فسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتًا عابدًا فاضلاً، وكان يشبَّه بأبيه في الهدي والسَّمْت كما في الحديث [124] .

وموسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي ثقة فقيه إمام في المغازي كما في الحديث [324] .

وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة كما في الحديث [30] .

وسبق ذكر إعلال الإمام أحمد وأبي حاتم الرازي والبزار والبيهقي للحديث.

وقد نصر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ترجيح ابن كثير، وأعل الروايات المرفوعة، في حاشيته على "المسند"(9 / 29 - 33) ، وذكر كلام الحافظ ابن حجر السابق، وأجاب عنه بقوله: ((أما هذا الذي جزم به الحافظ، بصحة وقوع هذه القصة، صحة قريبة من القطع؛ لكثرة طرقها، وقوة مخارج أكثرها، فلا؛ فإنها =

ص: 593

207 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَين بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حَارِثٍ السُّلَمي

(1)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَقَالَ: مِنَ الْعِرَاقِ، قَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَ النَّاسَ وَرَاءَكَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ النَّاسَ

= كلها طرق معلولة، أو واهية، إلى مخالفتها الواضحة للعقل، لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط، بل من ناحية أن الكوكب الذي نراه صغيرًا في عين الناظر، قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف، فأنّى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة؟!))، ونقل أيضًا عن الشيخ رشيد رضا رحمه الله تعليقًا على كلام ابن كثير السابق، فقال:((وقد علق أستاذنا السيد رشيد رضا رحمه الله على كلام ابن كثير في هذا الموضع، قال: من المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتبهم المقدسة، فإن لم تكن وضعت في زمن روايتها، فهي من كتبهم الخرافية، ورحم الله ابن كثير الذي بين لنا أن الحكاية خرافية إسرائيلية، وأن الحديث المرفوع لا يثبت)). اهـ.، ولي على كلام الشيخ، وشيخه - رحمهما الله - ملاحظة، وهي:

أنهما دفعا القصة بعدم تقبل عقليهما لها، وبخاصة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله بقوله: ((أنى يكون جسم المرأة

)) إلخ، فمن تأمل قدره الخالق جلا وعلا، علم أنه لا يعجزه سبحانه أن يجعل الذرة في أي حجم شاء، ولذا فالقصة لا تدفع بهذا، وإنما لأن فيها قدحًا في عصمة الملائكة عليهم السلام، الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وقد شفى ابن كثير رحمه الله وكفى بكلامه السابق، بل قال في "تاريخه" (1/ 37):((هذا ما أظنه من وضع الإسرائيليين، وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار، وتلقاه عنه طائفة من السلف، فذكروه على سبيل الحكاية، والتحديث عن بني إسرائيل)). اهـ. والله أعلم.

(1)

هو عمران بن الحارث السُّلمي، أبو الحكم الكوفي، ثقة روى له مسلم، وقال =

ص: 594

يتحَدَّثُون أَنَّ عَلِيًّا سَوْفَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ

(2)

، فَقَالَ: لَوْ شَعَرْنَا، مَا زوَّجنا نِسَاءَهُ، وَلَا قَسَمْنَا مِيرَاثَهُ، وسأحدِّثُك عَنْ ذَلِكَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ كَانَتْ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا سَمِعَ (أَحَدُهُمْ)

(3)

كَلِمَةَ حقٍّ، كَذَب مَعَهَا أَلْفَ كِذْبَةٍ، فأشْرِبَتْها قُلُوبُ النَّاسِ، وَاتَّخَذُوهَا دَوَاوِينَ، فاطَّلع عَلَيْهَا سُلَيْمَانُ، فَدَفَنَهَا تَحْتَ كُرْسِيِّهِ. فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ، قَامَ شَيَاطِينُ بِالطَّرِيقِ، فَقَالَتْ: أَلَا أدُلُّكم عَلَى كَنْزِ سُلَيْمَانَ المُمَنَّع الَّذِي لَا كَنْزَ لَهُ مِثْلُهُ؟ فَاسْتَخْرَجُوهَا، قَالُوا: سِحْرٌ، وَإِنَّ بَقيتها هَذَا

(4)

يَتَحَدَّثُ بِهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَ سُلَيْمَانَ فِيمَا قَالُوا مِنَ السِّحْرِ:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} إلى آخر الآية.

= العجلي: ((كوفي تابعي ثقة))، وقال أبو حاتم:((صالح الحديث))، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الثقات" العجلي (ص 373 رقم 1298)، و"الجرح والتعديل"(6/ 296 رقم 1646)، و"التهذيب"(8/ 124 - 125 رقم 216)، و"التقريب"(ص 429 رقم 5147).

(2)

يعني بعد موته رضي الله عنه، والذي يزعم ذلك هم السَّبئيَّة أتباع عبد الله بن سَبَأ الذي زعم أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه لم يَمُتْ، وأنه ليس هو الذي قُتل، وإنما كان شيطانًا تصَّور للناس في صورة علي، وأن عليًّا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم عليه السلام، وقال: كما كذبت اليهود والنصارى في دعواها قتل عيسى، كذلك كذبت النواصب والخوارج في دعواها قتل علي، وإنما رأت اليهود والنصارى شخصًا مصلوبًا شبهوه بعيسى، كذلك القائلون بقتل علي، رأوا قتيلاً يشبه عليًّا فظنوا أنه علي، وعلي قد صعد إلى السماء، وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه، ولما بلغه قتل علي قال: لو أتيتمونا بدماغه في صُرَّة سبعين مرة، لم نصدق بموته، ولا يموت حتى ينزل من =

ص: 595

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= السماء ويملك الأرض بحذافيرها ويملأها عدلاً كما ملئت جورًا. وهذه الطائفة تزعم أن المهديَّ المنتظر إنما هو علي دون غيره، وأنه رضي الله عنه في السَّحَاب، وأن الرَّعْدَ صوتُه، والبرق سوطه، ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال: عليك السلام يا أمير المؤمنين. وفي هذه الطائفة قال إسحاق بن سُوَيْد العَدَوِيُّ قصيدة بريء فيها من الخوارج والروافض وغيرهم من فرق الضلال، منها هذه الأبيات:

برئتُ من الخوارج لَسْتُ منهم

من الغَزَّال منهم وابن بَابِ

ومن قومٍ إذا ذَكَروا عليًّا

يَردّون السلامَ على السّحابِ

ولكنّي أحبُّ بكلِّ قَلْبِي

وأَعْلَمُ أن ذاك من الصوابِ

رسولَ الله والصِّدِّيقَ حبًّا

به أرجوا غدًّا حُسْن الثواب

وفي الرد عليهم يقال لهم: إن كانت الذي قتله عبد الرحمن بن مُلْجِم شيطانًا تصوّر للناس في صورة علي، فلم لعنتم ابن ملجم؟ وهلاّ مدحتموه؛ فإن قاتل الشيطان محمود على فعله غير مذموم به؟!. اهـ. من "الفرق بين الفرق"(ص 233 - 236).

مع شيء من التصرف، وانظر معه "الفصل" لابن حزم (4/ 179 - 180).

(3)

في الأصل: (أحدهما).

(4)

كذا في الأصل، وفي الموضع الآتي من "تفسير الطبري":(فقالوا: هذا سحر، فتناسخها الأمم حتى بقاياهم ما يتحدث به أهل العراق).

[207]

سنده صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 233) وعزاه للمصنف وابن عيينة في "تفسيره" وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.

وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(2/ 415 - 416 رقم 1662).

وابن أبي حاتم (1/ 300 رقم 996).

والحاكم في "المستدرك"(2/ 265).

أما ابن جرير والحاكم فمن طريق جرير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق سفيان. =

ص: 596

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}]

208 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِف الثَّقَفي

(1)

، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقْرَأُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَاها}

(2)

، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقْرَأُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِيهَا} ، فَقَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يُنَزَّلْ عَلَى المسيِّب، وَلَا عَلَى آلِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى}

(3)

، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}

(4)

.

= الثوري، كلاهما عن حصين، به نحوه، إلا أن لفظ ابن أبي حاتم مختصر.

والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي، لكن تصحيح الحاكم ليس في المطبوع، وقد حكى تصحيحه السيوطي في الموضع السابق من "الدرّ"، وهو الذي يظهر من صنيع الذهبي في "التلخيص".

(1)

هو القاسم بن عبد الله بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِف الثَّّقَفي، وربما نُسب إلى جده ربيعة، وهو مجهول؛ سكت عنه البخاري في "تاريخه"(7/ 159 - 160 رقم 713)، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(7/ 111 رقم 640)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 302 - 303)، وذكروا أنه روى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، ولم يذكروا عنه في الرواة سوى يعلى بن عطاء، وقد ذكره الذهبي في "الميزان"(3/ 372 رقم 6813)، وقال:((ما روى عنه سوى يعلى بن عطاء))، وانظر "الإكمال" لابن ماكولا (7/ 93).

(3)

كذا في الأصل بدون همز، ووافق المصنف على روايته هكذا عن هشيم: زياد بن أيوب عند ابن أبي دواد في "المصاحف"(ص 107)، وكذا وقع في بعض الروايات عن شعبة للحديث عن يعلى بن عطاء كما سيأتي في التخريج، وهي القراءة التي ذكرها ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 323) حيث قال: ((قوله: =

ص: 597

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (أو نَنْسَاها) اختلف في تفسيره على أوجه

))، والمعنى - على هذه القراءة -: نتركها لا نبدلها كما في رواية عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابن عباس عند ابن جرير (2/ 476 رقم 1759)، وعن السُّدِّي عنده برقم (1760)، وعند ابن أبي حاتم (1/ 326 رقم 1073): نتركها لا ننسخها، وعند ابن أبي حاتم (1/ 325 رقم 1069) من رواية ابن جريج، عن مجاهد:(أو ننساها) قال: نثبت خطّها ونبدِّل حكمها، وهذا قريب من القراءة بالهمز:(أَوْ نَنْسَأها)، وهي في بعض الروايات عن شعبة للحديث عن يعلى كما سيأتي، وبها قرأ عُبيد بن عُمير وعطاء ومجاهد في رواية حُميد الأعْرج عنه عند أبي عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص 10)؛ قال أبو عبيد: ((فمن قرأ هذه القراءة التي قرأ بها عبيد بن عمير ومجاهد وعطاء وكثير من القرّاء، منهم أبو عمرو بن العلاء وغيره من أهل البصرة، فإنهم يريدون بالنسخ: ما نسخه الله عز وجل لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم من اللوح المحفوظ، فأنزله عليه، فيصير المنسوخ على هذا التأويل وبهذه القراءة: جميع القرآن؛ لأنه نسخ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من أم الكتاب فأنزله عليه، ويكون النَّسْيُ: ما أخّره الله عز وجل وتركه في أم الكتاب فلم ينزله، وكذلك النسي في التأويل، إنما هو التأخير، ومنه قَوْلِهِ عز وجل:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زيادة في الكفر} هو في التفسير تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر

، فهذا الذي أراد عطاء بقوله:(ما ننسخ من آية) قال: ما نزل من القرآن، وبقوله:(أو ننسأها) قال: نؤخرها)). اهـ.

وأخرج ابن جرير في "تفسيره"(2/ 477 - 478 من رقم 1763 - 1768) ذلك عن عطاء ومجاهد وعبيد بن عمير وغيرهم أنهم قرؤها: (أو ننسأها) اي: نرجئها ونؤخرها، ثم قال ابن جرير:((فتأويل من قرأ ذلك كذلك: ما نبدل من آية أنزلناها إليك يا محمد فنبطل حكمها ونثبت خطها، أو نؤخرها فنرجئها ونقرُّها فلا نغيرها ولا نبطل حكمها، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)). اهـ.

وهذا الذي ذكر ابن جرير أولى مما ذكر أبو عبيد مما لا دليل عليه.

(3)

الآية

(6)

من سورة الأعلى. =

ص: 598

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(4)

الآية (24) من سورة الكهف.

[208]

سنده ضعيف لجهالة القاسم بن عبد الله بن ربيعة.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 255) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق في "تفسيره" وأبي داود في "ناسخه" وابنه في "المصاحف" والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.

وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 55).

ومن طريقه وطريق آخر آخرجه ابن جرير في "تفسيره"(2/ 474 - 475 رقم 1755 و 1756).

وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(ص 12 رقم 15).

وابن أبي داود في "المصاحف"(ص 107).

والحاكم في "المستدرك"(2/ 521).

جميعهم من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، به مثله، عدا رواية عبد الرزاق وأبي عبيد، فنحوه، لكن وقع اختلاف بينهم في القراءتين، فقراءة سعد عند عبد الرزاق هكذا:((تنساها))، وعند أبي عبيد في الأصل المخطوط (ص 9) هكذا:((نُنْسِها))، وتصرف فيها المحقق، وكذا جاءت في رواية عبد الله بن محمد الأذرمي عن هشيم عند ابن أبي داود، وأما رواية زياد بن أيوب عن هشيم عنده فموافقة لرواية المصنف، وأما ابن جرير فوقع عنده:((تَنْسها))، ووقع عند الحاكم هكذا:((ننسها)) لم تضبط. وأما قراءة سعيد عند الرزاق، فهكذا:((ننسها)) لم تضبط، وشك فيها أبو عبيد، فقال:((نَنْسَها)) أو: ((نُنْسَها))، وعند ابن جرير هكذا:((تُنْسها))، وعند ابن أبي داود:((نُنْسِها))، وعند الحاكم:((ننساها)).

وأخرجه أبو داود في "الناسخ والمنسوخ" كما في "تحفة الأشراف"(3/ 309 رقم 3912)، من طريق حفص بن عمر، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، به، ولم يذكر المزّي لفظه. =

ص: 599

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه النسائي في "تفسيره"(1 / 181 رقم 16) من طريق النَّضْر بن شَميل، عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، إلا أنه لم يذكر قراءة سعد، وذكر قراءة سعيد هكذا:((نُنْسِها)) ، ولم يذكر قوله تعالى:{سنقرئك فلا تنسى} .

وأخرجه ابن جرير الطبري في الموضع السابق برقم (1757) ، من طريق محمد بن المثنى وآدم بن أبي إياس العَسْقلاني، كلاهما عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، وقراءة سعد عنده هكذا:((تَنْسها)) وقراءة سعيد: ((تُنْسَها)) .

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص107 - 108) من طريق محمد بن جعفر غندر ويزيد بن هارون وهارون بن موسى الأزدي ومسكين، جميعهم عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، وقراءة سعد في رواية يزيد:((نَنْسأها)) ، وقرن به رواية محمد بن جعفر، وأما في رواية هارون بن موسى فهكذا:((نَنْسَاهَا)) بلا همز، وكذا رواية مسكين، فإنه رواه عن هارون، ثم قال مسكين:((وقد سمعته من شعبة)) .

وأما قراءة سعيد في رواية يزيد فهي: ((نُنْسِها)) ، وفي رواية هارون:((نُنْسَها)) .

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(ص323 - 324 رقم 1066 و 1067) من طريق شبابة وعبد الوهاب بن عطاء، كلاهما عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، وقراءة سعيد بن المسيب عندهما:((نُنْسِها)) ، وقراءة سعد بن أبي وقاص عند شبابة:((تُنْسِها)) ، وعند عبد الوهاب:((تنساها)) .

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2 / 242) ، ووقع في المطبوع أن الحديث من رواية أبي حاتم الرازي محمد بن إدريس، ثنا شعبة، عن يعلى، به نحوه هكذا:((ننساها)) في قراءة سعد، و ((ننسها)) في قراءة سعيد، ولم تضبطا.

وفي الإسناد سقط بين أبي حاتم وشعبة، فإنه لا يمكن أن يكون أدركه، فشعبة توفي سنة ستين ومائة، وأبو حاتم ولادته كانت سنة خمس وتسعين ومائة. انظر "التهذيب"(4 / 345) و (9 / 33) .

ص: 600

209-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِيهَا} ، قَالَ: أَوْ نُؤَخِّرُهَا.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَللهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ]

210-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ قَوْمًا عُمِّيَتْ عَلَيْهِمُ الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ إِلَى نَاحِيَةٍ، ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} .

= [209] سنده صحيح.

وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(2 / 477 رقم 1763) من طريق أبي كُريب ويعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك

، فذكره، إلا أنه قال:(أو نَنْسَأها) ، وانظر التعليق على الحديث السابق.

[210]

سنده ضعيف جدًّا؛ لإرساله، ولضعف حجاج بن أرطأة من قبل حفظه، فإنه صدوق كثير الخطأ والتدليس كما تقدم في الحديث [170] ، ولم يصرح بالسماع هنا، ومع ذلك فقد خولف في إسناده كما سيأتي، والراوي عنه هنا هو إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف إذا روى عن غير أهل بلده الشام كما في الحديث [9] ، وحجاج كوفي.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 267) وعزاه للمصنف وابن المنذر.

وقد روي الحديث عن عطاء، عن جابر موصولاً.

فأخرجه الدارقطني في "سننه"(1 / 271 رقم 3) .

ص: 601

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن طريق الواحدي في "أسباب النزول"(ص 34).

وأخرجه البيهقي في "سننه"(2/ 11 - 12)، في الصلاة، باب: استبيان الخطأ بعد الاجتهاد.

وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"(1/ 158 - 159).

ثلاثتهم من طريق أحمد بن عبيد الله بن الحسن العَنْبري، قال: وجدت في كتاب أبي: ثنا عبد الملك العَرْزَمي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال: بعث رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سريّة كنت فيها، فأصابتنا ظلمة؛ فلم نعرف القبلة. فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة، هي هاهنا قبل الشمال، فصلوا وخَطّوا خَطًّا. وقال بعضنا: القبلة ها هنا قبل الجنوب وخَطّوا خَطًّا، فلما أصبحوا وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قَفَلْنا من سفرنا؛ سألنا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فسكت، وأنزل الله:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فثم وجه الله} ، أي: حيث كنتم. اهـ. واللفظ للدارقطني.

وقد ضعف البيهقي وابن كثير هذا الإسناد كما سيأتي، وضعفه أيضًا ابن القطان، فإن شمس الحق العظيم آبادي في "التعليق المغني" في حاشية الموضع السابق من "سنن الدارقطني" نقل عن ابن القطان قوله:((وعلّة هذا: الانقطاع فيما بين أحمد بن عبيد الله وأبيه، والجهل بحال أحمد المذكور، وما مُسَّ به أيضًا عبيد الله بن الحسن العنبري من المذهب على ما ذكره ابن أبي خَيْثمة وغيره)).

وللحديث طريق آخر عن عطاء.

فأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 13 / أ)، وهو في المطبوع (1/ 90 - 91 رقم 319).

والدارقطني في الموضع السابق برقم

(4)

.

والحاكم في "المستدرك"(1/ 206).

والبيهقي في "سننه"(2/ 10) في الصلاة، باب: الاختلاف في القبلة عند التحري. =

ص: 602

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جميعهم من طريق داود بن عمرو الضَّبِّي، عن محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر

، فذكره بمعنى الحديث السابق، إلا أنه ذكر أنهم كانوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في مسير أو سفر، وفيه:(فذكرنا ذلك لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يأمرنا بالإعادة، وقال: ((قد أجزأت صلاتكم)) ) ، ولم يذكر الآية.

وقد خولف داود بن عمرو في إسناده.

فرواه البيهقي في الموضع السابق من طريق موسى بن مروان الرَّقِّي، عن محمد بن يزيد الواسطي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العَزْرَمي، عن عطاء، به.

وأخرجه ابن مردويه أيضًا من طريق العرزمي كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير".

وقد أعلّ الدارقطني الحديث بقوله في "السنن" عقب إخراجه له من طريق محمد بن سالم، قال:((كذا قال: عن محمد بن سالم! وقال غيره: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عطاء، وهما ضعيفان)) ، يعني محمد بن سالم والعرزمي.

ونقل البيهقي قول الدارقطني هذا وأقرّه.

وسئل الدارقطني في "العلل"(4 / ل 131 / أ) عن هذا الحديث فقال: ((يرويه محمد بن يزيد الواسطي، واختلف عنه. فرواه داود بن عمرو [في الأصل: عمر] ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر، وَغْيرُهُ يرويه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ محمد بن عبيد الله العَرْزمي، عن عطاء، عن جابر، وكلاهما ضعيفان)) .

وأما الحاكم فإنه بعد أن أخرج الحديث قال: ((هذا حديث مُحْتجّ برواته كلهم؛ غير محمد بن سالم، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح)) ، فتعقبه الذهبي بقوله عن محمد بن سالم:((قلت: هو أبو سهل، واهٍ)) .

وأخرجه البيهقي (2 / 11) ، في الصلاة، باب استبيان الخطأ بعد الاجتهاد، من طريق الحارث بن نَبْهان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العرزمي، عن عطاء، به. =

ص: 603

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فالحارث بن نبهان تقدم في الحديث [20] أنه متروك.

وله شاهد من حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه.

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(ص156 رقم 1145) .

ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.

وأخرجه الترمذي في "سننه"(2 / 321 - 322 رقم 343) ، في الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم.

وفي تفسيره سورة البقرة من كتاب التفسير (8 / 292 رقم 4033) .

وابن ماجه (1 / 326 رقم 1020) ، في الصلاة، باب: من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم.

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(2 / 531 و 532 رقم 1841 و 1843) .

والعقيلي في "الضعفاء"(1 / 31) .

وابن أبي حاتم في "التفسير"(1 / 344 رقم 1127) .

والدارقطني في "سننه"(1 / 272 رقم 5) .

ومن طريق الواحدي في "أسباب النزول"(ص34 - 35) .

وأخرجه أبونعيم في "الحلية"(1 / 179) .

جميعهم من طريق أشعث بن سعيد أبي الربيع السَّمَّان، عن عاصم بن عبيد اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامر بن ربيعة، عن أبيه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ليلة سوداء مظلمة، فنزلنا منزلاً، فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدًا يصلي فيه، فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا على غير القبلة، فقلنا: يا رسول الله، لقد صلينا ليلتنا هذه لغيرة القبلة، فأنزل الله عز وجل:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسع عليم} .

هذا لفظ ابن جرير.

قال الترمذي في الموضع الأول: ((هذا حديث ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السَّمَّان، وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمان يُضعّف في الحديث.

ص: 604

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} ]

211-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْف، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} ، قَالَ: يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، أولئك يؤمنون به.

= وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا، قالوا: إذا صلى في الغيم لغير القبلة، ثم استبان له بعد ما صلى أنه صلى لغير القبلة، فإن صلاته جائزة، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك وأحمد وإسحاق)) . اهـ.

وقال في الموضع الثاني: ((هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان أبي الربيع، عن عاصم بن عبيد الله، وأشعث يُضعف في الحديث)) . اهـ.

قلت: إنما حسّن الترمذي الحديث لما له من طريق، فإنه بمجموع طرقه السابقة يكون حسنًا لغيره، عدا الطريق الذي أخرجها المصنِّف، فلا تصلح للاستشهاد؛ لشدة ضعفها، والله أعلم.

[211]

سنده ضعيف لضعف خُصيف من قبل حفظه كما في الحديث [204] ، والحديث صحيح عن مجاهد من غير هذا الطريق.

فهو في "تفسير مجاهد"(ص87) من رواية وَرْقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه، وهي رواية صحيحة سبق الكلام عنها في الحديث [184] ، وانظر الحديث الآتي رقم [584] .

وقد روي عن مجاهد من طرق أخرى.

فأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(2 / 567 - 568 رقم 1892 و 1894 و 1895 و 1896 و 1897 و 1898 و 1899) من طريق مغيرة وقيس بن سعد وابن أبي نجيح وأيوب السختياني وأبي الخليل صالح بن أبي مريم، جميعهم عن مجاهد، به بلفظه ونحوه ومعناه.

ص: 605

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}]

212 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب، عَنْ خُصَيْف، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} ، قَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي ذُرِّيَّتِكَ ظَالِمٌ.

213 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ

(1)

، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} قَالَ: إِذَا كَانَ ظَالِمًا، فَلَيْسَ بإمام يقتدى به.

[212] سنده ضعيف، وهو نفس الإسناد السابق.

والأثر أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير"(3/ 24 رقم 1962)، من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن عتاب، به مثله، إلا أنه قال:(ظالمون) بدلاً من قوله: (ظالم).

(1)

هو مسلم بن خالد المَخْزومي، مولاهم، المكِّي، المعروف بالزَّنْجي، روى عن زيد بن أسلم وأبي طوالة والزهري وداود بن أبي هند وابن جريج وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا ابن وهب والإمام الشافعي وأبو نعيم وعلي بن الجعد وغيرهم، وهو فقيه صدوق كثير الأوهام، وثقه ابن معين، وقال ابن المديني:((ليس بشيء))، وفي رواية عنه قال:((منكر الحديث، ما كتبت عنه، وما كتبت عن رجل عنه))، وقال ابن سعد:((كان كثير الغلط في حديثه، وكان في هديه نعم الرجل، ولكنه كان يغلط))، وقال البخاري:((منكر الحديث ليس بشيء))، وقال أبو حاتم:((ليس بذاك القوي، منكر الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به، تعرف وتنكر))، وقال الساجي:((صدوق كان كثير الغلط))، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((كان من فقهاء الحجاز، ومنه تعلّم الشافعي الفقه قبل أن يلقى مالكًا، وكان مسلم بن خالد يخطئ أحيانًا))، وقال ابن عدي: =

ص: 606

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ((حسن الحديث، وأرجو أنه لا بأس به)) ، وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة، وله ثمانون سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(8 / 183 رقم 800) ، و"الكامل"(6 / 2310 - 2313) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1 / 255) ، و"التهذيب"(10 / 128 - 130 رقم 228) ، و"التقريب"(ص529 رقم 6625) .

ولم أجد من نصّ على أن مسلم بن خالد روى عن ابن أبي نجيح، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما مكِّي، وقد تعاصرا؛ فإن ابن أبي نجيح توفي سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة، ومسلم بن خالد كانت ولادته قريبًا من سنة مائة؛ لأنه توفي سنة ثمانين ومائة وله من العمر ثمانون سنة.

[213]

سنده المصنف ضعيف لضعف مسلم بن خالد من قبل حفظه، وابن أبي نجيح وإن كان مدلسًا، إلا أن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [184] ، ولم ينفرد مسلم بن خالد، ولا ابن أبي نجيح بالحديث، فهو صحيح عن مجاهد كما سيأتي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 288) وعزاه لوكيع وعبد بن حميد وابن جرير فقط.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3 / 21 رقم 1952) من طريق محمد بن عبيد المحاربي؛ عن مسلم بن خالد، به بلفظ:(لا أجعل إمامًا ظالمًا يقتدى به) .

وأخرجه أيضًا برقم (1946 و 1947) من طريق عيسى بن ميمون وشبل بن عباد، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به بلفظ:(لا يكون إمام ظالمًا) .

وأخرجه أيضًا برقم (1953) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، بنحو سابقه.

وأخرجه أيضًا برقم (1951) من طريق سفيان الثوري، عن خصيف، عن مجاهد، به بمثل لفظ مسلم بن خالد عنده.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (1949 و 1950) . =

ص: 607

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن أبي حاتم في "التفسير"(1 / 365 رقم 1188) .

أما ابن جرير فمن طريق سفيان الثوري، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق شريك بن عبد الله القاضي، كلاهما عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:{قال لا ينال عهدي الظالمين} ، قال: لا يكون إمام ظالم يقتدى به.

هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم بمعناه، وفيه زيادة.

وإسناد ابن جرير صحيح؛ فإنه رواه من طريقين عن سفيان، أحدهما يرويه عن شيخه محمد بن بَشّار بُنْدار، عن أبي عاصم النّبيل، عن سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به.

وهذا إسناد مسلسل بالأئمة الثقات.

فمنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، ومحمد بن بشّار تقدم أنهم ثقات.

والضحاك بن مَخْلد بن الضحاك بن مسلم الشَّيْباني، أبو عاصم النَّبيل، البصري، يروي عن سليمان التيمي وابن عون ومحمد بن عجلان وابن أبي ذئب وابن جريج والأوزاعي وشعبة وسفيان الثوري وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني وعمرو بن علي ومحمد بن بشار بندار وغيرهم، وهو ثقة ثبت؛ روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وزاد:((كثير الحديث، وكان له فقه)) ، وقال ابن سعد:((كان ثقة فقيهًا)) ، وقال حمدان بن علي الوراق:((ذهبنا إلى أحمد - يعني ابن حنبل - سنة ثلاث عشرة - يعني ومائتين -، فسألناه أن يحدثنا، فقال: تسمعون مني وأبو عاصم في الحياة؟! أخرجوا إليه)) ، وقال عمر بن شبة:((والله ما رأيت مثله)) ، وقال أبو داود:((كان يحفظ قدر ألف حديث من جيّد حديثه، وكان فيه مزاح)) ، وقال الخليلي:((متفق عليه، زهدًا وعلمًا وديانة وإتقانًا)) ، وقال ابن قانع:((ثقة مأمون)) ، وكانت وفاته سنة أربع عشرة ومائتين، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل"(4 / 463 رقم 2042) ، و"التهذيب"(4 / 450 - 453 رقم 783) ، و"التقريب"(ص280 رقم 2977) . =

ص: 608

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}]

214 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح وَغَيْرِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، مُدَّعى.

215 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُميد الطَّويل، قَالَ: نا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ [ل 112/ب] اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى، فَنَزَلَتْ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَى نِسَائِكَ البَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ

(1)

. وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لهن:

[214] سنده صحيح عن مجاهد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 292) وعزاه للمصنف وابن جرير.

وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 37 رقم 2004) من طريق إسحاق بن راهويه، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، به بلفظ:((مصلى إبراهيم مُدَّعى)).

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(1/ 445 رقم 972)، من طريق محمد بن أبي عمر، عن سفيان، به بلفظ: الحج كله مُصَلَّى ومُدّعى.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 372 - 373 رقم 1210) من طريق زكريا بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، به مثل لفظ المصنِّف.

(1)

وهي الآية (53) من سورة الأحزاب، وفيها يقول تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} . =

ص: 609

{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ

}

(1)

الآية، فنزلت.

(1)

وهي الآية

(5)

من سورة التحريم.

[215]

سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما سيأتي.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 289 - 290) وعزاه للمصنف وأحمد والعدني والدارمي والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي دواد في "المصاحف" وابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم في "الحلية" والطحاوي وابن حبان والدارقطني في "الأفراد" والبيهقي.

وقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(1/ 504 رقم 402) في الصلاة، باب ما جاء في القبلة، و (8/ 660 رقم 4916) في التفسير، باب: {عسى ربه إن طلقكن

} الآية.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 23 - 24).

والترمذي في "سننه"(8/ 295 رقم 4038) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.

وابن ماجه في "سننه"(1/ 322 رقم 1009) في إقامة الصلاة، باب القبلة.

والنسائي في التفسير من "الكبرى"(2/ 453 رقم 631)، في تفسير سورة التحريم.

وابن جرير في مسند عمر من "تهذيب الآثار"(1/ 405 رقم 11)، وفي "التفسير"(3/ 30 رقم 1985)، و (22/ 39 - الحلبي -)، و (28/ 164 - الحلبي-).

والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري"(1/ 506).

أما الإمام أحمد فعن هشيم مباشرة، وأما البخاري فمن طريق عمرو بن عون، وأما الترمذي فمن طريق أحمد بن منيع، وأما ابن ماجه فمن طريق محمد بن الصبَّاح، وأما النسائي فمن طريق يعقوب الدَّوْرقي، وأما ابن جرير فمن طريق أبي كريب ويعقوب الدورقي، وأما الإسماعيلي فمن طريق أبي الربيع الزهراني، =

ص: 610

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جميعهم عن هشيم، به نحوه، إلا أن بعضهم اختصره فأورد منه موضع الشاهد، وقد نص الحافظ ابن حجر على أن رواية الإسماعيلي عن يوسف القاضي، عن أبي الربيع الزهراني فيها تصريح حميد بسماعه للحديث من أنس، وقد جاء كذلك أيضًا في رواية يحيى بن أيوب للحديث عن حميد عند البخاري كما سيأتي.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1 / 24 و 36 - 37) عن محمد بن أبي عدي ويحيى بن سعيد.

والدارمي في "سننه"(1 / 375 رقم 1856) عن يزيد بن هارون.

والبخاري في الموضع السابق رقم (402) ، و (8 / 168رقم 4483) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب قَوْلِهِ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلى} ، و (8 / 527 رقم 4790) في تفسير سورة الأحزاب من كتاب التفسير، باب: {لا تدخلوا بيوت النبي

} الآية من طريق يحيى بن أيوب، ويحيى بن سعيد.

وأخرجه الترمذي في الموضع السابق برقم (4037) من طريق حماد بن سلمة.

والفاكهي في "أخبار مكة"(1 / 441 رقم 963) من طريق مروان الفَزَاري.

في تفسير سورة البقرة وسورة الأحزاب، من طريق زكريا بن أبي زائدة وخالد بن الحارث.

وابن جرير الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار"(1 / 404 و 405 و 406 رقم 10 و 12 و 13 و 14) ، وفي "التفسير"(3 / 30 و 31 رقم 1986 و 1987) ، و (22 / 38 و 39 - الحلبي-) ، و (28 / 164 - الحلبي-) ، من طريق محمد بن أبي عدي، وإسماعيل بن علية، ويزيد بن زُرَيع، وسهل بن يوسف.

جميع هؤلاء، عن حميد، عن أنس، به نحوه، وقد اختصره بعضهم فأورده منه موضع الشاهد فقط.

ص: 611

216 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاش

(1)

: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَاتَّخَذُوا

(2)

مِنْ مقام إبراهيم مصلى).

(1)

قوله: (عياش) لم تنقط في الأصل فأشبه أن تكون: (عباس)، لكن المصنف روى الحديثين الآتيين رقم [790 و 791]، وفيهما:(عياش) منقوطة، وهو أبو جعفر القارئ المدني المخزومي، مولى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أبي ربيعة، قيل اسمه يزيد بن القعقاع، وقيل: جندب بن فيروز، وقيل: فيروز، والأول أشهر، روى عن مولاه وعن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه الإمام مالك وعبد العزيز بن أبي حازم والدَّرَاوَردي وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: ثلاثين ومائة، ولم أجد من نصّ على أن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ روى عنه، وروايته عنه محتملة، فإن ابن أبي الزناد ولد سنة مائة للهجرة كما في ترجمته في الحديث رقم [67]، وكلاهما مدني، وأبو جعفر هذا ثقة؛ وثقه ابن معين والنسائي وابن سعد وزاد:((قليل الحديث، وكان إمام أهل المدينة في القراءة، فسمي القارئ لذلك)). اهـ. من "الجرح والتعديل"(9/ 285 رقم 1207)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3/ 1594)، و"التهذيب"(12/ 58 رقم 225)، و"التقريب"(ص 629 رقم 8021).

(2)

لم تضبط في الأصل، وفيها قراءتان، أما ابن عامر ونافع فقرآ:(واتَّخَذُوا من مقام إبراهيم) - بفتح الخاء -، وحُجَّتهما: أن هذا إخبار عن ولد إبراهيم أنهم اتخذوا مقام إبراهيم مصلى.

وقرأ الباقون: (واتَّخِذوا) - بكسر الخاء -، وحجتهم في ذلك ما ورد في بعض طرق الحديث السابق: أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عمر، فلما أتى على المقام قال له عمر: هذا مقام أبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نعم، قال: أفلا نتخذه مصلى؟ فأنزل الله جل وعز: {واتَّخِذوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} . اهـ. بتصرف من "حجة القراءات" لابن زنجلة (ص 113). =

ص: 612

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}]

217 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ

(1)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوق، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ:{طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} قَالَ: كَانَتْ فِيهِ أَصْنَامٌ، فأمِرَا (أن)

(2)

يخرجاها منه.

[216] سنده ضعيف لأجل عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ؛ فإنه صدوق تغير حفظه لما قدم بعداد كما في ترجمته في الحديث [67]، ولم يتضح لي أن المصنف روى عنه قبل أن يتغير حفظه أو بعده.

(1)

هو سلاّم بن سُلَيم.

(2)

في الأصل: ((ن)) بلا ألف.

[217]

سنده صحيح إن كان سعيد بن مسروق سمع من عطاء؛ فإني لم أجد من نص على أنه ممن روى عنه كما في "تهذيب الكمال"(11/ 62 / المطبوع)، وسماعه منه محتمل، فإنهما تعاصرا مدّة طويلة، فسعيد بن مسروق تقدم في ترجمته في الحديث [52] أن وفاته كانت سنة ست أو سبع أو ثمان وعشرين ومائة، وعطاء بن أبي رباح تقدم في ترجمته رقم [15] أن وفاته كانت سنة أربع عشرة ومائة أو خمس عشرة، أو سبع عشرة ومائة، وعطاء مكّي، وسعيد بن مسروق كوفي، فاللقاء بينهما ممكن في رحلة أو حج أو عمرة، والله أعلم.

وقول عطاء هذا لم أجد من أسنده عنه سوى المصنِّف، وقد أشار إليه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 374)، والبغوي في "التفسير"(1/ 114).

ص: 613

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ المَصِيرُ} ]

218-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: اسْتَرْزَقَ اللَّهَ عز وجل إبراهيمُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ لِمَنْ آمَنَ، قَالَ:{وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنِّي أَرْزُقُهُ أَيْضًا؛ أُمَتِّعُهُ قَلِيلًا، ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النار.

[218] سنده صحيح، وانظر ما يتعلق برواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في الحديث [184] .

والمصنف روى هذا الأثر من طريق سفيان بن عيينة.

وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور"(1 / 303) .

وقد روي من غير طريق سفيان.

فالحديث في "تفسير مجاهد"(ص88) من رواية ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عكرمة مولى ابن عباس، بمعنى ما هنا، ثم قال ابن أبي نجيح:((سمعت هذا من عكرمة، ثم عرضته على مجاهد، فلم ينكره)) .

ومن طريق ورقاء أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / 379 رقم 1235 و 1237) .

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3 / 54 رقم 2036) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد:(ومن كفر فأمتعه قليلاً) يقول: ومن كفر فأرزقه أيضًا، ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ.

ص: 614

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ}]

219 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} ، (قَالَ)

(1)

: سَأَلَا القبولَ، وَتَخَوَّفَا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُمَا.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}]

220 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب

(2)

، أنا خُصَيْف

(3)

، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: {رَبَّنَا أَرِنَا مَنَاسِكَنَا} . فَأَخَذَ جِبْرِيلُ عليه السلام بِيَدِهِ، فَذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ الْبَيْتَ، قَالَ: ارْفَعِ الْقَوَاعِدَ، فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ، وَأَتَمَّ الْبُنْيَانَ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الصَّفا، فَقَالَ: هَذَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى المَرْوة، فَقَالَ: وَهَذَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ فَذَهَبَ بِهِ نَحْوَ مِنَى، فَإِذَا هُوَ بِإِبْلِيسَ عِنْدَ العَقَبة، عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: كبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إبليس حتى قام

(1)

في الأصل: (قالا)، والصواب ما هو مثبت؛ لأن القائل سفيان.

[219]

سنده صحيح، عن سفيان بن عيينة من قوله.

(2)

هو ابن بشير: تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خُصيف، فإنها منكرة.

(3)

هو ابن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. =

ص: 615

عِنْدَ الجَمَرة الْوُسْطَى، فَحَاذَى بِهِ جِبْرِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: كَبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ القُصْوَى، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: كَبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ، وَكَانَ الْخَبِيثُ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْحَجِّ شَيْئًا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَذَهَبَ حَتَّى أَتَى بِهِ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَقَالَ: هَذَا الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ، ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى بِهِ عَرَفَاتٍ، فَقَالَ: هَذِهِ عَرَفَاتٌ، قَدْ عَرَفْتَ مَا أَرَيْتُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، قَالَ: فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، قَالَ: وَكَيْفَ أؤَذّن؟ قَالَ: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَجِيبُوا رَبَّكُمْ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - فَأَجَابَ الْعِبَادُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَبَّيْكَ - مَرَّتَيْنِ -، فَمَنْ أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْخَلْقِ فَهُوَ حَاجٌّ.

فَقَالَ لِي مُجَاهِدٌ: يَا (أَبَا)

(1)

عَوْنٍ، القَدَرِيَّة لَا يُصَدِّقُون بهذا

(2)

.

(1)

ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة لابد منها، فخصيف بن عبد الرحمن كنيته أبو عون كما في ترجمته في الحديث رقم [204].

(2)

مقصود مجاهد بالقدرية نفاة القدر الذين يقولون إن الأمر أُنُف، وإن الله غير خالق لأكْساب الناس، ولا لشيء من أعمال الحيوانات، ويزعمون أن الناس هم الذين يقْدُرون على أكسابهم، وأنه ليس لله عز وجل في أكسابهم ولا في أعمال سائر الحيوانات صنع وتقدير. انظر "الفرق بين الفرق" للبغدادي (ص 114 - 115).

ومناسبة الكلام هنا: أن من أجاب إبراهيم عليه السلام في ذلك الوقت ممن وجد وممن لم يوجد إلا بعد زمنه إلى قيام الساعة ممن كتب الله له أن يجيب، فهو حاج، ومن لا فلا، وهذا لا يُصَدِّق به إلا من كان يؤمن بالقدر، =

ص: 616

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}]

221 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، قَالَ: نا جُوَيْبر

(1)

، عَنِ الضَّحَّاك، قَالَ: علِّموا أَوْلَادَكُمْ، وَأَهَالِيَكُمْ، وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ

= وأما نفاة القدر فلا يعتقدون فيمن حج أن فعله ذلك من قَدَرِ الله، وأنه ممن أجاب دعوة إبراهيم، بل يقولون: إن فعله حادث، ولا دخل له بقدر سابق.

[220]

سنده ضعيف لما تقدم عن حال خُصيف ورواية عتّاب عنه.

والحديث ذكره الحافظ ابن كثير في "التفسير"(1/ 183 - 184) من رواية المصنف، فقال: (قال سعيد بن منصور: أخبرنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ

) فذكر الحديث بنحوه، وفيه اختلاف في بعض الألفاظ، ولم يذكر من قوله: (قَالَ: فأذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ

) إلخ.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 331 - 332) وعزاه للمصنف وابن أبي حاتم والأزرقي، ولفظه نحوه، وفيه بعض الاختلاف، ولم يذكر قول خصيف: (فقال لي مجاهد

) إلخ.

وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 387 رقم 1262) من طريق المصنف سعيد بن منصور، ولفظه هو اللفظ الذي ذكره ابن كثير في "التفسير"، فالظاهر أنه ذكره من رواية ابن أبي حاتم.

وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 69) و (2/ 175 - 176) من طريق عثمان بن ساج: أخبرني خصيف بن عبد الرحمن

، فذكره بنحوه.

(1)

هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.

[221]

سنده ضعيف، جدًّا لشدة ضعيف جويبر.

وأخرجه وكيع بنحوه كما في "الدر المنثور"(1/ 338 - 339). =

ص: 617

الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاءُوا بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}]

222 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، قَالَ:((عَدْلًا)) {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، قَالَ: ((يُؤْتَى بِالنَّبِيِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَهُ رَجُلٌ لَمْ يتَّبِعْه غيرُه، وَالنَّبِيِّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ لَمْ يَتَّبِعْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلنَّبِيِّ: هَلْ بَلَّغْتَ هَؤُلَاءِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ لَهُمْ: هَلْ بلَّغكم؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيُقَالُ لَهُمْ

(1)

: مَنْ يَشْهَدُ لكم

(1)

أي للأنبياء.

[222]

سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما سيأتي وفيه عنده تصريح الأعمش بسماع هذا الحديث من أبي صالح.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 348 و 349) وعزاه للمصنِّف وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والإسماعيلي والحاكم والبيهقي في "البعث والنشور".

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(11/ 454 رقم 11730). =

ص: 618

أنكم قد بلغتم؟ [ل113/أ] فَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَيَشْهَدُونَ لَهُمْ بِالْبَلَاغِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يُدْرِيكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نبيُّنا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بلَّغوا، فصدَّقنا بِذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل:{جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، يَقُولُ: عَدْلًا، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، قَالَ: عَلَى هَذِهِ الْأُمَمِ أَنَّهُمْ قد بُلِّغوا)) .

= والإمام أحمد في "المسند"(3 / 9 و 58) .

كلاهما عن أبي معاوية، به، ولفظ الإمام أحمد نحو لفظ المصنف، إلا أنه ذكر الحديث في الموضع الأول إلى قوله:(عدلاً) الأولى، وذكر بقية الحديث في الثاني، وأما ابن أبي شيبة فذكر الحديث بلفظ:((يدعى نوح يوم القيامة فيقال: هل بَلَّغْتَ؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال: هل بلَّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحد، قال: فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، قال: فذلك قَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، قال: الوسط: العدل، قال: فيدعون، فيشهدون له بالبلاغ، قال: ثم أشهد عليكم بعد)) .

وأخرجه الترمذي في "سننه"(8 / 296 رقم 4039) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.

وابن ماجه في "سننه"(2 / 1432 رقم 4284) في الزهد، باب صفة أمة مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

والنسائي في "التفسير"(1 / 195 و 197 رقم 26 و 27) .

وأبو يعلى في "مسنده"(2 / 416 رقم 1207) .

ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه"(9 / 173 رقم 7172 - الإحسان بتحقيق الحوت -) .

وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1 / ل 94 / أ) .

أما الترمذي فمن طريق أحمد بن منيع، وأما ابن ماجه فمن طريق أبي كريب وأحمد بن سنان، وأما النسائي فمن طريق هشام بن عبد الملك ومحمد بن آدم =

ص: 619

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن سليمان، وأما أبو يعلى فمن طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق الحسن بن عرفة والحسن بن محمد بن الصبّاح وأحمد بن سنان، جميعهم عن أبي معاوية، به مختصرًا إلى قوله:(عدلاً) الأولى، عدا ابن ماجه والنسائي في الموضع الثاني، فإنهما ذكرا باقي الحديث بنحوه.

وذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح"(8 / 172) أن الإسماعيلي أخرجه أيضًا من طريق أبي معاوية.

وأخرجه وكيع في "نسخته" عن الأعمش (ص84 - 85 رقم 26) بمثل لفظ ابن أبي شيبة عن أبي معاوية.

ومن طريق وكيع أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3 / 32) .

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 94 / أو ب) .

وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده"(ص286 رقم 913) .

ومن طريقه الترمذي في الموضع السابق (8 / 297 - 298 رقم 4040) .

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(13 / 316 رقم 7349) في الاعتصام، باب:{وكذلك جعلناكم أمة وسطًا} .

والترمذي في الموضع السابق برقم (4041) .

وابن جرير في "تفسيره"(4 / 143 و 146 رقم 2166 و 2180) .

جميعهم من طريق جعفر بن عون، عن الأعمش، به نحو لفظ ابن أبي شيبة السابق.

وأخرجه البخاري أيضًا (8 / 171 - 172 رقم 4487) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

} .

وأبو يعلى في "مسنده"(2 / 397 رقم 1173) .

كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ الأعمش، به كسابقه.

وأخرجه البخاري أيضًا (6 / 371 رقم 3339) في الأنبياء، باب قول الله عز وجل:{ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه} . =

ص: 620

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}]

223 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ

(1)

، نا أَبُو إِسْحَاقَ الهَمْدَاني

(2)

، عَنِ البَرَاء بْنِ عَازِب قَالَ: صلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، حتى نزلت الآية

= والبيهقي في "الأسماء والصفات"(1/ 345).

كلاهما من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، به كسابقه.

وأخرجه البخاري أيضًا (13/ 316 رقم 7349)، من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن الأعمش، به كسابقه.

وأخرجه أيضًا من طريق أبي أسامة مقرونًا برواية جرير السابقة.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 142 - 143 و 146 رقم 2165 و 2179).

والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "الفتح"(8/ 272).

كلاهما من طريق حفص بن غياث به كسابقه، إلا أن لفظ الإسماعيلي وابن جرير في الموضع الأول مختصر.

وأخرجه ابن جرير أيضًا (3/ 142 و 146 رقم 2167 و 2181) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به مختصرًا.

(1)

هو سَلام بن سُلَيم.

(2)

هو السبيعي عمرو بن عبد الله، تقدم في الحديث رقم [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلِّس، واختلط في آخر عمره. لكنه صرَّح بالسماع من البراء في بعض الروايات كما سيأتي، وقد روى عنه هذا الحديث شعبة وسفيان الثوري، وهما مما سمع منه قبل الاختلاط، ورواوية شعبة عنه صحيحة وإن لم يصرح أبو إسحاق بالسماع كما تقدم في الحديث [1]. =

ص: 621

التي في القِبْلة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ، فَنَزَلَتْ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِأُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُمْ يصلُّون

(3)

، فَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ، فَوَلَّوْا وجوههم قِبَلَ البيت.

(3)

هذا الرجل هو عبّاد بن بشر بن قَيْظي، وقيل، هو عبّاد بن نَهِيك، وأهل المسجد الذين مرّ بهم قيل: هم من بني سَلِمة، وقيل: من بني حارثة كما في "فتح الباري"(1/ 97 و 506).

وسيأتي في بعض طرق الحديث أن الصلاة التي مَرَّ عليهم وهم يصلونها:؛ صلاة العصر، وجاء في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري في "صحيحه"(1/ 506 رقم 403) في الصلاة، باب ما جاء في القبلة، قال ابن عمر: بينا الناس بِقُبَاءٍ في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت، فقال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجهوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(1/ 506) في تعليقه على هذا الحديث: ((وهذا فيه مغايرة لحديث البراء المتقدِّم؛ فإن فيه أنهم كانوا في صلاة العصر. والجواب: أن لا منافاة بين الخبرين؛ لأن الخبر وصل وقت العصر إلى مَنْ هو داخل المدينة، وهم بنو حارثة، وذلك في حديث البراء، والآتي إليهم بذلك: عبّاد بن بشر، أو: ابن نَهِيك كما تقدم، ووصل الخبر وقت الصبح إلى مَنْ هو خارج المدينة، وهم بنو عمرو بن عوف أهل قُباء، وذلك في حديث ابن عمر، ولم يسمّ الآتي بذلك إليهم، وإن كان ابن طاهر وغيره نقلوا أنه عبّاد بن بشر، ففيه نظر؛ لأن ذلك إنما ورد في حق بني حارثة في صلاة العصر، فإن كان ما نقلوا محفوظًا، فيحتمل أن يكون عبّاد أتى بني حارثة أوّلاً في وقت العصر، ثم توجه إلى أهل قباء، فأعلمهم بذلك في وقت الصبح، ومما يدّل على تعددهما: =

ص: 622

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أن مسلمًا روى من حديث أنس: أن رجلاً من بني سلمة مرّ وهم ركوع في صلاة الفجر، فهذا موافق لرواية ابن عمر في تعيين الصلاة، وبنو سَلِمة غير بني حارثة)) . اهـ.

[223]

سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 342) وعزاه لابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبي داود في "ناسخه" والترمذي والنسائي وابن جرير وابن حبان والبيهقي في "سننه".

وقد أخرجه مسلم في "صحيحه"(1 / 374 رقم 11) في المساجد، باب تحويل القبلة، من طريق أبي الأحوص بنحوه.

وأخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص98 رقم 719) فقال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمع البراء، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة صلى نحو بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثم نزلت عليه هذه الآية:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، فلقد نزلت وإن قومًا يصلون نحو بيت المقدس، فلما سمعوا وهم في الصلاة قلبوا وجوههم نحو الكعبة وهم في الصلاة.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4 / 289) .

والبخاري في "صحيحه"(8 / 174 رقم 4492) في التفسير، باب: (ولكل وجهة هو مُوَلِّيها

) الآية.

ومسلم في الموضع السابق رقم (12) .

والنسائي في "سننه"(1 / 242 - 243) في الصلاة، باب: فرض القبلة.

وابن جرير في "تفسيره"(3 / 133 - 134رقم 2152) .

جميعهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، به مختصرًا، وفي رواية أحمد والبخاري ومسلم تصريح أبي إسحاق بسماعه الحديث من البراء.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(1 / 242 و 243 - 244) . =

ص: 623

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأحمد في "المسند"(4 / 283) .

والبخاري في "صحيحه"(1 / 95 رقم 40) في الإيمان، باب الصلاة في الإيمان، و (8 / 171 رقم 4486) في التفسير، باب: {سيقول السفهاء من الناس

} الآية.

وابن جرير في "التفسير"(3 / 134 و 167 - 168 رقم 2153 و 2222) .

جميعهم من طريق زهير، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنه صلّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شهرًا - أو: سبعة عشر شهرًا -، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وأنه صلّى أوّل صلاة صلاها: صلاة العصر، وصلّى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمرّ على أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهد بالله، لقد صلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مكة، فَدَارُوا - كما هم - قِِبَلَ البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إِذْ كان يصلي قِبَلَ بيت المقدس، وأهلُ الكتاب. فلمّا وَلَّى وجهه قِبَلَ البيت، أنكروا ذلك.

قال زهير: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء في حديثه هذا أنه مات على القِبْلة قَبْلَ أن تُحَوَّلَ رجالٌ وقُتلوا، فلم نَدْرِ ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى:{وما كان الله ليضع إيمانكم} . اهـ. واللفظ للبخاري، ولم يذكر الإمام أحمد في روايته الزيادة التي زادها زهير في آخر الحديث.

وأخرجه أحمد أيضًا (4 / 304) .

والبخاري (1 / 502 رقم 399) في الصلاة، باب: التوجه نحو القبلة، و (13 / 232 رقم 7252) في أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خهبر الواحد الصدوق.

والترمذي في "سننه"(2 / 314 - 315 رقم 339) في الصلاة، باب ما جاء في ابتداء القبلة، و (8 / 298 - 299 رقم 4042) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. =

ص: 624

224 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ

(1)

، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ قِبَلَ الْكَعْبَةِ، فَخَرَجَ رَجُلٌ، فَرَأَى نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ، يُصَلُّونَ قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي قِبَلَ الْكَعْبَةِ، فتَحَوَّلوا جميعًا قِبَلَ الكعبة.

= ثلاثتهم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به نحوه مطولاً.

وأخرجه النسائي في الموضع السابق من "سننه"(1/ 243)، و (2/ 60 - 61) في كتاب القبلة، باب استقبال القبلة، وفي التفسير (1/ 187 رقم 20)، من طريق زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أبي إسحاق، عن البراء، به نحو لفظ المصنِّف.

وأخرجه ابن ماجه في "سننه"(1/ 322 - 323 رقم 1010) في إقامة الصلاة، باب: القبلة.

وابن جرير في "التفسير"(3/ 133 رقم 2150 و 2151).

والدارقطني في "سننه"(1/ 273 - 274 رقم 2).

ثلاثتهم من طريق أبي بكر بن عياش، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، به نحوه، وزاد ابن ماجه في روايته: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يا جبريل، كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس؟)) فأنزل الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ ليضيع إيمانكم} .

وقد دلّس الحديث أبو بكر بن عياش في الرواية الأولى عند الطبري، فرواه عن البراء، وأسقط أبا إسحاق، قال أبو كريب الراوي عنه: فقيل له: فيه أبو إسحاق؟ فسكت.

واختلفت الرواية عن أبي بكر أيضًا في عدد الأشهر، ففي رواية الدارقطني: ستة عشر شهرًا، وفي رواية الطبري: سبعة عشر شهرًا، وفي رواية ابن ماجه: ثمانية عشر شهرًا.

وقد روى الحديث شريك بن عبد الله النخعي القاضي، عن أبي إسحاق، وروايته هي الآتية برقم [225].

(1)

تقدم في الحديث رقم [1] أنه صدوق يخطئ. =

ص: 625

225 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَريك

(1)

، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاء، فِي قَوْلِهِ:{وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ، قَالَ: صَلَاتَكُمْ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

[224] سند المصنِّف هنا فيه حُديج، وتقدم بيان حاله، لكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح؛ مُخَرَّج في الصحيحين كما سبق بيانه في الحديث السابق.

(1)

هو ابن عبد الله القاضي، تقدم في الحديث رقم [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا.

[225]

سنده ضعيف لضعف شريك من قبل حفظه، وهو حسن لغيره لمتابعة حُدَيج بن معاوية لشريك كما سيأتي وحُديج فيه ضعف كما في ترجمته في الحديث رقم [1]، وقد صحّ الحديث من طرق أخرى عن أبي إسحاق كما في الحديث السابق.

وقد ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 353) بمثل ما هنا، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

وقد أخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص 98 رقم 722).

ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 95 / ب).

وأخرجه الإمام أحمد في "الإيمان"(ل 112 / ب).

والنسائي في "تفسيره"(1/ 191 رقم 23).

وابن جرير في "تفسيره"(3/ 167 رقم 2220 و 2221).

جميعهم من طريق شريك، به، ولفظ الإمام أحمد وابن جرير مثله، ولفظ الطيالسي بنحوه وقَرَن مع شريك حُدَيْج بن معاوية، وأما النسائي فرواه مطولاً، ولفظه: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نحو بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وكان نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يحب أن يصلي نحو الكعبة، فكان يرفع رأسه إلى السماء، فأنزل الله عز وجل:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} ، قال البراء: والشطر فينا قبلة، وقال في قول الله تعالى:{ليضيع إيمانكم} قال: ما كان الله ليضيع صلاة من مات وهو =

ص: 626

226 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ (قَمْطَة)

(1)

، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَنَظَرَ إِلَى الْكَعْبَةِ مِمَّا يَلِي الميْزَاب، فَقَالَ: هَذِهِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} .

= يصلي نحو بيت المقدس.

وفي رواية زهير وأبي بكر بن عياش للحديث عن أبي إسحاق في الحديث السابق ما يشهد لرواية شريك، ففي رواية زهير التي أخرجها البخاري وغيره، يقول البراء: إنه مات على القبلة قبل أن تُحَّول رجال، وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى:{وما كان ليضيع إيمانكم} .

وفي رواية أبي بكر بن عياش عن ابن ماجه: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يا جبريل كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس؟)) فأنزل الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ ليضع إيمانكم} .

(1)

في الأصل: (قمطر)، وما أثبته من مصادر التخريج والترجمة.

وهو يحيى بن قَمْطَة الحجازي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى يعلى بن عطاء، وعلى هذا فهو مجهول، وقد سكت عنه البخاري في "تاريخه"(8/ 229 رقم 3080)، وبيض له ابن أبي حاتم (9/ 181 رقم 751)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 529).

[226]

سنده ضعيف لجهالة يحيى بن قمطة. وأما هشيم فإنه وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه قد تابعه شعبة كما سيأتي.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 355) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد بن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في "الكبير" والحاكم في "المستدرك".

وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 62).

ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن جرير في "التفسير" (3/ 178 رقم 2248 =

ص: 627

227 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْول، عَنْ أَبِي العَالِية، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} ، قال: تِلْقَاء المسجد الحرام.

= و 2249).

وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة"(ل 13 / أ)، وهو في المطبوع (1/ 89 رقم 314).

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 96 / أ).

جميعهم من طريق هشيم، به نحوه.

وأخرجه ابن جرير أيضًا (3/ 177 رقم 2247).

والحاكم في "المستدرك"(2/ 269).

كلاهما من طريق شعبة عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ قَمْطَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عبد الله بن عمرو جالسًا في المسجد الحرام بإزاء الميزاب، فتلا هذه الآية:{فلنولينك قبلة ترضاها} قال: نحو ميزاب الكعبة.

هذا لفظ الحاكم، ولفظ ابن جرير مختصر.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي.

(1)

هو رُفَيع - بالتصغير - بن مَهْران، أبو العالية الرِّياحي - بكسر الراء والتحتانية -، مولاهم، البصري، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بسنتين، ودخل على أبي بكر، وصلّى خلف عمر، وروى عن علي وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه خالد الحذّاء وداود بن أبي هند ومحمد بن سيرين وثابت البناني وعاصم بن سليمان الأحول وغيرهم، وهو ثقة كثير الإرسال، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة وأبو حاتم، وقال اللالكائي:((مجمع على ثقته))، وكانت وفاته سنة تسعين للهجرة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 510 رقم 2312)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (1/ 416)، و"التهذيب"(3/ 284 - 286 رقم 539)، =

ص: 628

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعًا إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}]

228 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا

(1)

، عَنْ أَبِي سِنَان

(2)

، عَنِ الضَّحّاك بْنِ مُزَاحم، فِي قَوْلِهِ:{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} ، قَالَ: لِكُلِّ أَهْلِ دِينٍ قِبلة يُصَلُّون إليها، {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ} ، يقول لهذه الأمة:{أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعًا} ، قال: البر والفاجر.

= و"التقريب"(ص 210 رقم 1953).

[227]

سنده صحيح.

والمصنِّف هنا أخرجه من طريق شيخه سفيان بن عيينة.

وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما سيأتي.

فالحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 355) وعزاه لوكيع وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والدِّيْنَوَرِي في "المجالسة".

وابن جرير أخرجه في "تفسيره"(3/ 176 رقم 2237) من طريق وكيع عن سفيان الثوري، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن أبي العالية:(شطر المسجد الحرام)، يعني: تلقاءه.

(1)

تقدم في الحديث [81] أنه صدوق.

(2)

هو ضِرَار بن مُرَّة، تقدم في الحديث [76] أنه ثقة ثبت.

[228]

سنده حسن لذاته.

وقد أشار الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(1/ 194) لهذه الرواية عن الضحاك.

ص: 629

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}]

229 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ فُضَيْلًا

(1)

يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {فَاذْكُرُونِي

(2)

أَذْكُرْكُمْ}، قَالَ: اذْكُرُونِي بِطَاعَتِي، أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتِي.

230 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ

(3)

، عَنْ أَبِي هَانِئٍ الخَوْلَاني

(4)

، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ

(5)

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ، وَإِنْ قَلَّتْ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَتِلَاوَتُهُ لِلْقُرْآنِ، وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ نَسِيَ اللَّهَ، وَإِنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وتلاوته القرآن)).

(1)

هو ابن عياض، تقدم في الحديث [85] أنه ثقة عابد إمام.

(2)

في الأصل: {اذكروني} .

[229]

سنده صحيح إلى فضيل.

وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 580) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:(بمغفرتي لكم).

(3)

هو سعيد بن أبي أيوب مِقْلاص الخُزاعي، مولاهم أبو يحيى المصري، يروي عن أبي هانئ حُميد بن هانئ الخَوْلاني ويزيد بن أبي حبيب وعقيل بن خالد وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وأبو عبد الرحمن المقرئ وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والنسائي، وقال ابن سعد:((كان ثقة ثبتًا))، وقال أحمد:((ليس به بأس))، وقال ابن وهب:((كان فهمًا حلوًا))، فقيل له: كان فقيهًا؟ فقال: ((نعم والله))، وكانت ولادته سنة مائة للهجرة، ووفاته سنة إحدى وستين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح =

ص: 630

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والتعديل" (4/ 66 رقم 2774)، و"التهذيب" (4/ 7 - 8 رقم 9)، و"التقريب" (ص 233 رقم 2274).

(4)

هو حُمَيد بن هانئ، أبو هانئ الخَوْلاني المصري، روى عن عمرو بن حريث وأبي عبد الرحمن الحُبُلي وعلي بن رباح وغيرهم، روى عنه سعيد بن أبي أيوب وحيوة بن شريح والليث بن سعد وغيرهم، وهو لا بأس به، قال أبو حاتم:((صالح))، وقال النسائي:((ليس به بأس))، وقال الدارقطني:((لا بأس به، ثقة))، وقال ابن عبد البر:((هو عندهم صالح الحديث لا بأس به))، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(3/ 231 رقم 1012)، و"التهذيب"(3/ 50 - 51 رقم 86)، و"التقريب"(ص 182 رقم 1562).

ولم أجد من نصّ على أن حميد بن هانئ سمع من خالد بن أبي عمران، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فإنهما قد تعاصرا كما يتضح من تاريخ وفاتيهما، وحُميد مصري، وخالد هو مفتي أهل مصر والمغرب كما سيأتي نقله عن ابن يونس.

(5)

هو خالد بن أبي عمران التُّجَيْبي، أبو عمر قاضي أفريقية، روى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر ونافع مولى ابن عمر وحنش الصنعاني وغيرهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري والليث بن سعد وعمرو بن الحارث وغيرهم، وهو ثقة فقيه، قال ابن سعد:((كان ثقة إن شاء الله، وكان لا يدلس))، وقال العجلي:((ثقة))، وقال أبو حاتم:((ثقة لا بأس به))، وقال ابن يونس:((كان فقيه أهل المغرب، ومفتي أهل مصر والمغرب، وكان يقال: إنه مستجاب الدعوة))، وذكره ابن حبان في الثقات في أتباع التابعين، ولم يذكروا أنه روى عن أحد من الصحابة، إلا ابن عمر مرسلاً، وعن أبي أمامة، قال أبو حاتم:((لم يسمع من أبي أمامة))، وكانت وفاته بأفريقية سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: سنة خمس وعشرين ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 141 رقم 316)، و"الجرح والتعديل"(3/ 345 رقم 1559)، و"الثقات" لابن حبان (6/ 262)، و"جامع التحصيل"(ص 205 رقم 164)، و"التهذيب"(3/ 110 - 111 رقم 205). =

ص: 631

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}]

331 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(1)

، عَنْ أَبِيهِ

(2)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نُعي إِلَيْهِ أَخُوهُ قُثَم

(3)

وَهُوَ فِي مَسِيرٍ، فَاستَرْجَعَ، ثُمَّ تَنَحَّى

(4)

عَنِ الطَّرِيقِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا الْجُلُوسَ، ثُمَّ قَامَ يَمْشِي إِلَى رَاحِلَتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لكبيرة إلا على الخاشعين.

[230] سنده ضعيف جدًّا لإعضاله، فإن خالد بن أبي عمران من أتباع التابعين، والإسناد إليه حسن.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 361) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور، وابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان".

وقد أخرجه البيهقي في "الشعب"(2/ 579 - 580 رقم 677) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:(وتلاوة القرآن) في كلا الموضعين.

والمصنف هنا أخرج الحديث من طريق شيخه عبد الله بن المبارك.

وابن المبارك أخرج الحديث في "الزهد"(ص 17 رقم 70 / زوائد نعيم)، به مثله.

وله شاهد من حديث واقد مولى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مرفوعًا بنحوه.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(22/ 154 رقم 413) من طريق الهيثم بن جماز، عن الحارث بن حسان، عن زاذان، عن واقد، به.

لكنه شاهد لا يفرح به، فقد قال الهيثمي في "المجمع" (2/ 258):((فيه الهيثم ابن جماز وهو متروك)).

وعليه، فالحديث باقٍ على شدة ضعفه، والله أعلم.

(1)

هو عُيَيْنَة - بتحتانية، مصغّرا - ابن عبد الرحمن بن جَوْشَن - بجيم ومعجمة =

ص: 632

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مفتوحتين، بينهما واو ساكنة، وآخره نون -، الغَطَفَاني - بفتح المعجمة والمهملة والفاء -، أبو مالك البصري، روى عن أبيه ونافع مولى ابن عمر وعلي بن زيد بن جدعان وغيرهم، روى عنه شعبة وعبد الله بن المبارك وهشيم وإسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة وغيرهم، وهو ثقة، قال ابن سعد:((كان ثقة - إن شاء الله -))، وقال الإمام أحمد:((ليس به بأس، صالح الحديث))، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم، وكانت وفاته في حدود الخمسين ومائة.

انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 380 رقم 1339)، و"التهذيب"(8/ 240 - 241 رقم 441)، و"التقريب"(ص 441 رقم 5343).

(2)

هو عبد الرحمن بن جَوْشَن الغَطَفَاني، البصري، روى عن أخيه ربيعة بن جوشن وعن أبي بكرة وابن عباس وسمرة بن جندب وغيرهم، روى عنه ابن عيينة، وعبد الرحمن هذا ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب"(ص 338 رقم 3830)، قال ابن سعد:((كان ثقة - إن شاء الله تعالى -))، ووثقه أبو زرعة والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الإمام أحمد:((ليس بالمشهور)). اهـ. من "تاريخ الثقات"(ص 290 رقم 942)، و"التهذيب"(6/ 155 رقم 316).

(3)

هو قُثَم - بضم القاف وفتح المثلثة - ابن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، صحابي صغير مات سنة سبع وخمسين. انظر "الإصابة"(5/ 240 - 421)، و"التهذيب"(8/ 361 - 362 رقم 641)، و"التقريب"(ص 454 رقم 5523).

(4)

أي تجنَّب الطريق وصار في ناحيه منه. انظر "النهاية"(5/ 30).

[231]

سنده صحيح.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(2/ 14 رقم 852) من طريق محمد بن العلاء ويعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، به نحوه.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 163) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر =

ص: 633

232 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، نا خَالِدُ بْنُ صَفْوان

(1)

، قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نُعي إِلَيْهِ ابْنٌ لَهُ وَهُوَ يَسِيرُ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: فَعَلْنَا كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ عز وجل، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ}]

233 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: نِعْمَ الْعَدْلَانِ، وَنِعْمَتِ الْعِلَاوَةُ

(2)

: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} .

= والبيهقي في "الشعب"، وقد مضى الحديث من غير هذا الطريق برقم [189]، وسيأتي برقم [232]، وسندهما ضعيف.

(1)

تقدم في الحديث [189] أنه مجهول الحال.

[232]

سنده ضعيف لجهالة حال خالد بن صفوان، والحديث مكرر [189]، لكنه صحيح لغيره بالطريق السابق في الحديث قبله رقم [231].

(2)

قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(1/ 197 - 198) في معنى الآية: ((قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ من ربهم ورحمة} هذان العدلان،: {وأولئك هم المهتدون} فهذه العلاوة، وهي ما توضع بين العدلين، وهي زيادة في الحمل، فكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضًا)). اهـ.

[233]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين مجاهد وعمر بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه؛ فمجاهد كان مولده قبل وفاة عمر بنحو سنتين، ففي "التهذيب"(10/ 43) ذكر أن مولده سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر.

وقد اختلف فيه على منصور كما سيأتي. =

ص: 634

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1 / 378) وعزاه للمصنف ووكيع وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في "كتاب العزاء" وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "الشعب".

وقد أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2 / 270) من طريق جرير، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، به نحوه.

ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4 / 221 رقم 1484) .

قال الحاكم: ((هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولا أعلم خلافًا بين أئمتنا أن سعيد بن المسيب أدرك أيام عمر رضي الله عنه، وإنما اختلفوا في سماعه منه)) .

والحاكم أخرج الحديث من طريق شيخه علي بن عيسى الحيري، عن مسدد بن قطن، عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، به.

ورواية المصنف أرجح من رواية الحاكم.

فشيخ الحاكم علي بن عيسى الحيري لم أجد من ترجمه.

وسفيان بن عيينة، أوثق من جرير بن عبد الحميد كما يتضح من ترجمتهما في الحديثين رقم [7 و 10] .

ولو صحّت زيادة سعيد بن المسيب في سند الحديث لما صح؛ لأن روايته عن عمر مرسلة ولا يصح له سماع منه، إلا أنه رآه على المنبر كما نص على ذلك يحيى القطان وأبو حاتم. انظر "جامع التحصيل"(ص223 - 224) .

ص: 635

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}]

234 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ

(1)

، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: كَانَ عَلَى الصَّفَا وَثَنٌ يُقَالُ لَهُ إِسَاف، وَعَلَى الْمَرْوَةِ وَثَنٌ يُقَالُ لَهُ: نَائِلَة، فَلَمَّا قَدمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلْوَثَنَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيْهِمَا، وَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، فَنَزَلَتْ:{إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .

(1)

هو ابن أبي هند، وقد سقط من الإسناد هنا شيخ المصنِّف؛ لأن المصنِّف يروي عن داود بواسطة، ففي الحديث رقم [63] روى عنه بواسطة إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وفي الحديث الآتي برقم [258] روى عنه بواسطة هشيم، وفي الحديث [259] روى عنه بواسطة خالد بن عبد الله الواسطي، وفي الحديث رقم [260] روى عنه بواسطة سفيان بن عيينة، ولم يتبيّن لي شيخ المصنِّف هنا، فقد يكون أحد هؤلاء الأربعة، وقد يكون غيرهم.

[234]

سند المصنِّف لا يمكن الحكم عليه حتى يتبين شيخه، ولو كان ثقة، لكان الحديث ضعيفًا لإرساله، وسنده صحيح إلى مُرسلة الشعبي كما سيأتي.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 385) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(2/ 241 رقم 1438).

وابن جرير (3/ 231 - 232 رقم 2336).

كلاهما من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن داود، به نحوه، إلا أنه قال: (فلما =

ص: 636

235 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(1)

، نا ابْنُ أَبِي نجيح، عن مجاهد [ل 113/ب]، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} ، قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِنَّ السَّعْيَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَنَزَلَتْ:{إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} .

= جاء الإسلام رمى بهما)، ولم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، وزاد فيه بعد الآية قوله:(فَذُكِّر الصفا من أجل أن الوثن الذي كان عليه مذكّر، وأُنِّثت المروة من أجل أن الوثن الذي كان عليها مؤنث).

وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع السابق برقم (2335 و 2337) من طريق يزيد بن زريع وإسماعيل بن عليّة، كلاهما عن داود، به نحو اللفظ السابق بدون ذكر الزيادة إلا أن ابن علية زاد قوله:(فجعله الله تطوع خير).

وقد رواه ابن جرير من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، عن إسماعيل بن عليّة، به.

وهذا إسناد صحيح إلى الشعبي، فإسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة تقدم في الحديث [59] أنه ثقة حافظ. ويعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي ثقة من الحفاظ كما في الحديث [390].

وذكر الحافظ في "الفتح"(3/ 500) أن إسماعيل القاضي رواه في الأحكام، وصحح الحافظ سنده إلى الشعبي بعد أن عزاه له وللفاكهي.

(1)

هو ابن عُلَيِّة.

[235]

سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله مجاهد، وانظر التفصيل في رواية ابن أبي نجيح لتفسير مجاهد في الحديث [184].

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 385) وعزاه للمصنف وابن جرير وعبد بن حميد.

وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 235 رقم 2343 و 2344) من طريق ابن علية وعيسى بن ميمون الجُرَشي، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به، ولفظ ابن عليّة مثله، ولفظ عيسى نحوه.

ص: 637

[قوله تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}]

236 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ، قَالَ: الْبَهَائِمُ؛ إِذَا (أسْنَتَتِ)

(1)

الْأَرْضَ، قَالَتِ الْبَهَائِمُ: هَذَا مِنْ أَجْلِ عُصَاةِ بَنِي آدَمَ، لَعَنَ اللَّهُ عُصَاةَ بَنِي آدَمَ.

237 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأَحْوص

(2)

، عَنْ مَنْصُورٍ

(3)

، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تعالى:{وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ، قال: دوابّ الأرض.

(1)

في الأصل (استَنَتِ) هكذا مضبوطة بتقديم التاء المثناة، وصوابه ما هو مثبت، وكذا جاء في "تفسير الطبري"(3/ 254)، والمعنى: أجدبت وأصابتها سنة شديدة. انظر "لسان العرب"(14/ 405).

(2)

هو سلاّم بن سُلَيم.

(3)

هو ابن المعتمر.

[236 و 237] سنداهما صحيحان، والأول منهما بإسناد الذي قبله.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 391) بنحو لفظ الأول، وعزاه للمصنف وابن جرير، إلا أنه قال:(اشتدت) بدل قوله: (اسنتت).

والحديث في "تفسير ابن عبد الرزاق"(1/ 57) من طريق المصنف هكذا: ((سعيد بن منصور، عن إسماعيل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} قال: البهائم؛ إذا اشتدت (في الأصل: اشتد) الْأَرْضَ قَالَتِ الْبَهَائِمُ: هَذَا مِنْ أَجْلِ عُصَاةِ بَنِي آدَمَ، لَعَنَ الله عصاتهم)).

هكذا جاء في "تفسير عبد الرزاق" معلقًا عن سعيد بن منصور، ولم يذكروا أن عبد الرزاق ممن روى عن سعيد كما في "تهذيب الكمال"(11/ 79)، وهو أعلى طبقة من سعيد، فأخشى أن يكون ذلك مما زيد في "تفسير عبد الرزاق".

ص: 638

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه مسلم بن خالد الزنجي في "تفسيره"(ص70 رقم 136) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ:{وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} -، قال: الإبل والغنم تلعن عصاة بني آدم إذا أجدبت الأرض.

ومن طريق مسلم بن خالد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3 / 255 - 256 رقم 2384) .

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 102 / ب) .

وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 254 و 255 - 256 رقم 2378 و 2383 و 2383م و 2384) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وعيسى بن ميمون، وشبل، ومسلم بن خالد، أربعتهم عن ابن أبي نجيح، به نحوه، ومختصرًا، إلا أن لفظه من طريق ابن عُليَّة مثل لفظ المصنف هنا سواء.

وذكره السيوطي في الموضع السابق من "الدر" بلفظ: قال: دواب الأرض: العقارب والخنافس يقولون: إنما منعنا القطر بذنوبهم، فيلعنونهم.

وعزاه السيوطي بهذا اللفظ لعبد بن حميد وابن جرير وأبي نعيم في "الحلية" والبيهقي في "الشعب".

وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3 / 255 رقم 2379 و 2381) .

وأبو نعيم في "الحلية"(3 / 286) .

أما ابن جرير فمن طريق جرير وعمرو بن أبي قيس، وأما أبو نعيم فمن طريق جرير، كلاهما عن منصور، به باللفظ الذي ذكره السيوطي ونحوه.

وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره"(ص53 - 54 رقم 50) عن منصور بن المعتمر، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ:{وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون} ، قال: العقارب والخنافس والدواب يقولون: حبس عنا المطر بذنوب بني آدم.

ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2380) .

ص: 639

238 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

(1)

، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ، قَالَ: الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَكُلُّ دَابَّةٍ.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}]

239 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأحْوص، نا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى

(1)

، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ

(1)

كذا في الأصل، ولم أجد في هذه الطبقة أحدًا بهذا الاسم، وفي ظني أن فيه تصحيفًا، وأن صوابه:(عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ) فإنه هو الذي يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، ويروي عه خالد بن عبد الله الطحّان الواسطي، وهو ثقة حافظ ربما أخطأ كما في ترجمته في الحديث [119].

وقد روى ابن أبي حاتم هذا الأثر كما سيأتي، وعنده (عبد الملك) غير منسوب.

[238]

سنده فيه عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فإن كان ابن سليمان فالإسناد صحيح، وإن كان غيره فالحكم على الحديث متوقف على معرفة حاله.

وقد ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 390) وعزاه لعبد بن حميد فقط.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 102 / ب) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، به مثله، إلا أنه قدَّم قوله:(كل دابة).

(1)

هو مسلم بن صُبيح.

ص: 640

إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ، تَعَجَّبَ الْمُشْرِكُونَ، وَقَالُوا: إِلَهًا وَاحِدًا! إِنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} إِلَى قوله: {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} .

[239] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه أبي الضحى.

والأثر ذكره السيوطي في "الدر"(1 / 395) وعزاه للمصنف ووكيع وآدم بن أبي إياس وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في "العظمة" والبيهقي في "شعب الإيمان".

وقد أخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(1 / 252 - 253 رقم 31) من طريق أبي الأحوص، به نحوه.

وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره"(ص54 رقم 51) عن أبيه سعيد بن مسروق، به نحوه.

وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(1 / 202) أن وكيعًا أخرجه من طريق سفيان الثوري، وأن آدم بن أبي إياس أخرجه من طريق أبي جعفر الرازي، كلاهما عن سعيد بن مسروق والد سفيان الثوري، به.

ومن طريق وكيع أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3 / 268 - 269 رقم 2399) بنحوه.

ومن طريق آدم أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 103 / ب) .

والبيهقي في "شعب الإيمان"(1 / 346 - 347 رقم 103) .

والثعلبي في "الكشف والبيان"(1 / ل 148 / أ) .

ثلاثتهم بنحوه.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2400 و 2401) من طريق أبي جعفر الرازي، عن سعيد بن مسروق، به نحوه.

ص: 641

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}]

240 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيل بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ المُكْتِب

(1)

، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} ، قَالَ: الأَوْصال الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا.

241 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُبَيْد المُكْتِب، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْوَصْلُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ في الدنيا.

(1)

هو عُبَيْد بن مِهْران المُكْتِب، الكوفي، يروي عن أبي الطُّفيل ومجاهد والشعبي وغيرهم، روى عن السفيانان وجرير بن عبد الحميد وفضيل بن عياض وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الخامسة كما في "التقريب"(ص 378 رقم 4392)؛ وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي وأبو حاتم وزاد ((صالح الحديث))، وزاد ابن سعد:((قليل الحديث)) اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 2 رقم 1) و"التهذيب"(7/ 74 رقم 159).

[240 و 241] سنداهما صحيحان.

وقول مجاهد هذا ذكره السيوطي في "الدر (1/ 402) وعزاه وكيع وعبد بن حميد وابن جرير، وأبي نعيم في "الحلية".

وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 289 رقم 2417) من طريق فضيل بن عياض وجرير بن عبد الحميد، كلاهما عن عبيد المكتب، به بمثل لفظ جرير هنا، إلا أنه قال:(الوصال).

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(3/ 285) من طريق فضيل وحده، به بمثل لفظه هنا.

وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره"(ص 54 رقم 53) عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به بلفظ: تواصلهم في الدنيا.

ومن طريق سفيان أخرجه ابن جرير برقم (2418 و 2419). =

ص: 642

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}]

242 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ

(1)

، عَنْ أَبِيهِ

(2)

، عَنْ أَبِي مِجْلَز

(3)

، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} ، قال: النذور في المعاصي.

= وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 106 / أ).

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2420 و 2421) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:((وتقطعت بهم الأسباب) قال قتادة: المودّة.

وهذا في "تفسير مجاهد" من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه (ص 94) بمثل رواية ابن جرير.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2422) من طريق ابن جريج، عن مجاهد قال: تواصل كان بينهم بالمودة في الدنيا.

(1)

هو مُعْتَمر بن سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، أبو محمد البصري، يلقّب: الطُّفيل، روى عن أبيه وحُميد الطويل وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور والإمام أحمد وإسحاق ابن راهويه وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة؛ وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي وأبو حاتم وزاد:((صدوق))، وقال الإمام أحمد:((ما كان أحفظ معتمر ابن سليمان! قلّ ما كنا نسأله عن شيء إلا عنده فيه شيء))، وقال يحيى القطان ((إذا حدثكم المعتمر بشيء فاعرضوه؛ فإنه سيء الحفظ))، وقال ابن خراش:((صدوق يخطيء من حفظه، وإذا حدث من كتابه فهو ثقة))، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، واختلف في مولده، فقيل سنة مائة، وقيل: سنة ست أو سبع ومائة. اهـ من "الجرح والتعديل"(8/ 402 - 403 رقم 1845) و"التهذيب"(10/ 227 - 228 رقم 415)، و"التقريب"(ص 539 رقم 6785).

وقول يحيى القطان وابن خراش معارض بقوله من وثقه من الأئمة، ومنهم =

ص: 643

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الإمام أحمد الذي تعجب من حفظه، ولم يذكر القطان وابن خراش ما يدل على قولهما، وقد يكوةن معتمر أخطأ كما يخطيء غيره مما لا يمكن الحكم عليه من خلاله بما ذُكر، فهذا يحتمل منه لأنه مكثر من الحديث، ولذا فإن الذهبي رحمه الله ذكره في "الميزان" (4/ 142 رقم 8648) وقال:((أحد الثقات))، ثم ذكر قول ابن خراش السابق، فتعقبه بقوله:((قلت: هو ثقة مطلقًا)).

(2)

هو سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، تقدم في الحديث [94] أنه ثقة عابد.

(3)

هو لاحقُ بن حميد بن سعيد السَّدُوسي البصري، أبو مِجْلَز - بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام، بعدها زاي - مشهور بكنيته، يروى عن ابن عباس وأنس وجندب بن عبد الله وأم سلمة وغيرهم، روى عنه قتادة وسليمان التيمي وعاصم الأَحْول وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد وابن خراش والعجلي وأبو زرعة، وقال ابن عبد البر:((هو ثقة عند جميعهم))، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة مائة، أو إحدى ومائة، وقيل: سنة ست، وقيل: تسع ومائة اهـ. من "الجرح والتعديل"(9/ 124 رقم 256) و"التهذيب"(11/ 171 - 172 رقم 293) و"التقريب"(ص 586 رقم 7490).

[243]

سنده صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 404) وعزاه لعبد بن حميد وأبي الشيخ.

وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 302 رقم 2444).

وابن أبي حاتم (1/ 107 / أ).

كلاهما من طريق جرير، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مجلز، به مثله.

ص: 644

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}]

243 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ

(1)

وَلَا عَادٍ}، قَالَ: غَيْرَ بَاغٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا معتدٍ عَلَيْهِمْ، مَنْ خَرَجَ يَقْطَعُ الرَّحِم، أَوْ يَقْطَعُ السَّبِيلَ، أَوْ يُفْسِدُ فِي الْأَرْضِ، فاضْطُرَّ إِلَى المَيْتَة، لَمْ تَحِلَّ لَهُ.

(1)

أصل البَغْي: مجاوزة الحدّ، والباغي هو الظالم الجائر. / انظر "النهاية في غريب الحديث"(1/ 143 - 144).

[243]

سنده صحيح، ورواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [184].

وقول مجاهد هذا ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 408) وعزاه المصنف وسفيان ابن عيينة وآدم بن أبي إياس وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في "المعرفة والسنن".

وقد أخرجه البيهقي في "المعرفة"(2/ 64 / أ) من طريق المصنف، به مثله.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 322 رقم 2480).

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 108 / ب).

كلاهما من طريق أبي حذيفة، عن شِبْل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عاد} يقول: لا قاطعًا للسبيل، ولا مفارقًا للأئمة، ولا خارجًا في معصية الله فله الرخصة، ومن خرج باغيًا أو عاديًا في معصية الله، فلا رخصة له وإن اضطرّ إليه.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2485) من طريق آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، مثل سابقه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((فله الرخصة

) إلخ.

والأثر في "تفسير مجاهد"(ص 94) من رواية أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن =

ص: 645

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن أبي نجيح، به مثل لفظ ابن جرير.

ومن طريق عبد الرحمن بن الحسن القاضي أخرجه البيهقي في "سننه"(3 / 156) .

في الصلاة، باب لا تخفيف عمن كان سفره في معصية الله.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2484) .

وابن أبي حاتم في الموضع السابق.

كلاهما من طريق القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد قال:(غير باغ) : على الأئمة (ولا عاد) قال: قاطع سبيل.

هذا لفظ ابن جرير، وأما ابن أبي حاتم فلم يذكر قوله: ((ولا عاد

) إلخ.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2486) من طريق الحكم، عن مجاهد، بنحو لفظ القاسم السابق عنده.

وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"(2 / 999 - 1000 رقم 1076 و 1077) .

وابن جرير برقم (2479) .

كلاهما من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد:((فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عاد) ،

قال: غير قاطع سبيل، ولا مفارق جماعة، ولا خارج في معصية الله، فله الرخصة.

هذا لفظ ابن جرير، ونحوه أحد لفظي محمد بن نصر، وفيه زيادة.

تنبيه: قال الثعلبي في "تفسيره"(1 / 154 ر ب - 155 / أ) .

((واختلف المفسرون في معنى قوله: {غير باغ ولا عاد} ، فقال بعضهم: (غير باغ) ، أي غير قاطع للطريق، (ولا عاد) مفارق للأئمة، مُشَاقٍّ للأمَّة، خارج عليهم بسيفه. فمن خرج يقطع الرحم، أو يُخيف السبيل، ويفسد في الأرض، أو أَبَقَ من سيّده، أو فرّ من غريمه، أو خرج عاصيًا بأيّ وجه كان، فاضطرّ إلى الميتة، لم يحلّ له أكلها، أو اضطر إلى الخمر عند العطش، لم يحلّ له شربها، =

ص: 646

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} ]

244-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} ، قَالَ: مَا أَعْمَلَهُمْ بِأَعْمَالِ أَهْلِ النار.

= لا رخصة ولا كرامة. فأما إذا خرج مطيعًا ومباحًا له ذلك، فإنه يرخص له فيه، وهذا قول مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والكلبي ويمان، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه، قال: إذا أبحنا له ذلك فقد أعنّاه على فساده وظلمه، لكن يتوب ويستبيح ذلك. وقال الآخرون: هذا البغي والعدوان راجعان إلى الأكل، وإليه ذهب أبو حنيفة وأباح تناول الميتة للمضطر وإن كان عاصيًا)) اهـ.

وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي"(3 / 156) متعقبًا استشهاد البيهقي بقول مجاهد هذا: ((قلت هذا التفسير على تقدير صحة الاستدلال به من باب المفهوم - وهو مختلف فيه -، ثم يقتضي أن العاصي بسفره لا يأكل الميتة، وليس كذلك، بل يجب عليه، ولو تركه حتى مات كان عاصيًا بالإجماع؛ لأن قتل النفس حرام - وإن لم يتب -؛ إذْ تَرْكُ التوبة لا يبيح قتل نفسه؛ لأن فيه جمعًا بين معصيتين، ولعله يتوب في باقي الحال فتمحو التوبة عنه ما سلف منه

، وقد رخصوا للعاصي أن يفطر بالمرض، ويتيمم في سفره، ويمسح على الخفين، ولو تعذر قيامه يصلي جالسًا، ثم تفسير مجاهد معارض لتفسير غيره، قال ابن عباس ومسروق والحسن: غير باغٍ في الميتة ولا عادٍ في الأكل، ومعناه: لا يجاوز حدّ سد الرَّمَق، ولا يرفعها لجَوْعة أخرى، وقيل:((غير باغ)) : لا يطلب الميتة قصدًا إليها، ولا يأكلها متلذذًا بها، بل لدفع ضرورته، وإذا تعارضت التفاسير في هذه؛ تعيَّن الرجوع إلى عمومات الكتاب والسنة؛ فإنها لم تفصل بين سفر الطاعة والمعصية)) اهـ.

[244]

سنده صحيح، وهو نفس إسناد الحديث السابق، وقد أخرجه المصنف من =

ص: 647

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ}]

245 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُصْعَبُ بْنُ ماهَان، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْد الْإِيَامِيِّ

(1)

، عَنْ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ} ، قَالَ: تُؤْتِيهِ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تأمل العيش، وتخشى الفقر.

= طريق شيخه سفيان بن عيينة الذي أخرجه في "تفسيره".

فقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 409 - 410) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في "الحلية"، بلفظ:((والله ما لهم عليها من صبر، ولكن يقول: ما أجرأهم على النار)).

وقد أخرجه ابن جرير في "التفسير"(3/ 333 رقم 2511).

وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 290).

أما ابن جرير فمن طريق وكيع، وأما أبو نعيم فمن طريق يوسف القطان، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به مثله.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2505 و 2506) من طريق عيسى وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، به بلفظ: ما أعملهم بالباطل.

وهو بهذا اللفظ في "تفسير مجاهد"(ص 94) من رواية آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح.

وعلقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 109 / ب) بنفس لفظ المصنف، ولم يسنده.

وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره"(ص 55 رقم 55) عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{فما أصبرهم على النار} قال: ما أجرأهم على النار، قال: ما أحملهم على عمل أهل النار.

1 -

هو زُبَيْد - بموحدة، مصغّر-، ابن الحارث بن عبد الكريم بن عمرو =

ص: 648

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن كعب، اليَامي، ويقال الَأيَامي، أبو عبد الرحمن الكوفي، يروي عن مُرَّة ابن شراحيل وسعد بن عبيدة وعبد الرحمن بن أبي ليلى وأبي وائل شقيق بن سلمة وإبراهيم النخعي ومجاهد وغيرهم، روى عنه جرير بن حازم وشعبة والثوري ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وهو ثقة ثبت عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال يحيى القطان:((ثبت)) وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث، وكان في عداد الشيوخ، وليس بكثير الحديث)) ، وقال العجلي:((ثقة ثبت في الحديث، وكان علويًا)) ، وقال يعقوب بن سفيان:((ثقة ثقة خيار، إلا أنه كان يميل إلى التشيع)) ، وقال شعبة:((ما رأيت بالكوفة شيخًا خيرًا من زبيد)) ، وقال ابن شبرمة:((كان يصلي الليل كله)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((كان من العباد الخُشَّن، مع الفقه في الدين ولزوم الورع الشديد)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين ومائة، وقيل: ثلاث وقيل: أربع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(3 / 623 رقم 2818) و"التهذيب"(3 / 310 - 311 رقم 578) و"التقريب"(ص 213 رقم 1989) .

[245]

سند المصنف فيه مصعب بن ماهان وتقدم في الحديث [145] أنه كثير الخطأ مع كونه صدوقًا عابدًا، إلا انه لم ينفرد به، فالحديث صحيح لغيره كما سيأتي.

وقد ذكره السيوطي في "الدر"(1 / 414) وعزاه للمصنف وابن المبارك في "الزهد" ووكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1 / 66) عن سفيان الثوري به مثله، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه:

ابن جرير في "تفسيره"(3 / 340 - 341 رقم 2522) .

والطبراني في "الكبير"(9 / 93 رقم 8503) .

وأخرجه ابن جرير مقرونًا بالحديث السابق؛ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، =

ص: 649

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن الثوري.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / 110 / ب) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، به مثله.

فهؤلاء أربعة رواة اتفقوا على روايته على هذه الوجه، وهم مصعب بن ماهان وعبد الرزاق وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع، وكلهم أئمة حفاظ عدا مصعب ابن ماهان فتقدم الكلام عنه.

وخالفهم مخلد بن يزيد وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي.

أما مخلد بن يزيد فرواه عن سفيان، عن زبيد، فرفع بعض الحديث، نص على ذلك أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد في زياداته على "الزهد" لابن المبارك (ص 8 رقم 24) .

وأما أبو حذيفة فقال: ثنا سفيان، عن منصور، عن زبيد

، فذكره هكذا بزيادة منصور في إسناده بين سفيان وزبيد.

أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2 / 272) ثم قال: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.

وذكر الحافظ ابن كثير اختلافًا آخر في رواية الحاكم هذه، فذكر في "التفسير"(1 / 208) أن الحاكم رواه مرفوعًا وحكى عنه تصحيحه له، ثم تعقبه بقوله:((قلت: وقد رواه وكيع عن الأعمش وسفيان، عن زبيد، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا، وهو أصحّ، والله أعلم)) اهـ. كلامه، وليس في "المستدرك" المطبوع ذكر لرفع الحديث.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص 8 رقم 24) من طريق شيخه شعبة بن الحجاج، عن زبيد، عن مُرَّةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: (وآتى المال على حبه) قال: وأنت حريص شحيح تأمل الغنى، وتخشى الفقر.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3 / 341 رقم 2523 و 2524) من طريق محمد ابن جعفر غندر، وإبراهيم بن أعين، كلاهما عن شعبة، به، ولفظ غندر =

ص: 650

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مثله، ولفظ إبراهيم نحوه.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(4 / 190) في الزكاة، باب فضل صدقة الصحيح الشحيح، من طريق يزيد بن هارون، عن شعبة به نحوه.

فهؤلاء أربعة رواة اتفقوا على روايته عن شعبة، عن زبيد، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ موقوفًا عليه، ومنهم ابن المبارك ويزيد بن هارون وغندر، وهم أئمة حفاظ.

وخالفهم أبو النضر هاشم بن القاسم، فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ زبيد، فزاد في سنده منصور بن المعتمر.

أخرجه هكذا الحاكم في الموضع السابق مقرونًا برواية سفيان.

وذكره ابن كثير في الموضع السابق في "تفسيره" من رواية الحاكم، وذكره مرفوعًا، والذي في المطبوع إنما هو موقوف.

ورجح ابن كثير الرواية الموقوفة، وسبق نقل كلامه.

فالصواب في روايتي سفيان وشعبة أنها عن زبيد، عَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا عليه، هكذا رواه الحفاظ وهم الأكثر عددًا، ولا عبرة بمن خالفهم، وللحديث طرق أخرى.

فأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3 / 340 و 344 رقم 2521 و 2531) من طريق ليث بن أبي سليم ومنصور بن المعتمر، كلاهما عن زبيد، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي حاتم أيضًا (1 / 110 / ب) من طريق وكيع، عن الأعمش، عن زبيد، به مثله.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2529) من طريق السدّي، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ به نحوه.

ولعل ابن مسعود قد أخذ هذا المعنى من النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فإنه جاء إليه صلى الله عليه وسلم مرفوعًا من حديث أبي هريرة.

أخرجه البخاري في "صحيحه"(3 / 284 - 285 رقم 1419) في الزكاة، باب فضل صدقة الشحيح الصحيح، و (5 / 373 رقم 2748) في الوصايا، باب =

ص: 651

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ]

246-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُتِبَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمُ الْعَفْوُ، فَقَالَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ} ، فَالْعَفْوُ: أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ، {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ} ، قَالَ: تَخْفِيفٌ مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، {فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} ، وَقَالَ: يَتَّبِعُ هَذَا الْمَعْرُوفَ، وَيُؤَدِّي إليه هذا بإحسان.

= الصدقة عند الموت.

ومسلم (2 / 716 رقم 92 و 93) في الزكاة، باب بيان أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح.

كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال:((أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان)) .

[246]

سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجه البخاري كما سيأتي.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 420) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. =

ص: 652

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والنحاس في "ناسخه" وابن حبان والبيهقي.

ونقله الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(1 / 210) عن المصنف بمثله إلى قوله تعالى {من أخيه شيء} ثم قال: فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي العمد، ذلك تخفيف مما كتب على بني إسرائيل من كان قبلكم، {فاتباع بمعروف وأداء إليه بإحسان} اهـ ولم يذكر بقية الحديث.

وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1 / 67) عن شيخه سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أنه قال:(ولم تكن الدية) بدل قوله: (ولم يكن فيهم العفو) .

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النحاس في "ناسخه"(ص 21) .

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(8 / 176 - 177 رقم 4498) في تفسيره سورة البقرة من كتاب التفسير، باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم القصاص

} الآية، و (12 / 205 رقم 6881) في الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين.

والنسائي في "تفسيره"(1 / 213 رقم 34) وفي "السنن"(8 / 36 - 37) في القسامة، باب تأويل قوله عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شيء

} الآية.

وابن جرير في "تفسيره"(3 / 367 رقم 2573) .

والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري"(12 / 208) .

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / 112 / أ، و 113 / أ، وب) .

والحاكم في "المستدرك"(2 / 237) .

والبيهقي في "سننه"(8 / 51 و 52) في الجنايات، باب الخيار في القصاص.

أما البخاري فمن طريق الحميدي وقتيبة بن سعيد، وأما النسائي فمن طريق العلاء بن عبد الجبار والحارث بن مسكين، وأما ابن جرير فمن طريق أبي كريب وأحمد بن حماد الدولابي، وأما الإسماعيلي فمن طريق أبي كريب وغيره، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يونس بن عبد الأعلى، وأما الحاكم فمن طريق ابن أبي عمر، وأما البيهقي فمن طريق الإمام الشافعي وعلي بن عبد الله المديني، جميعهم =

ص: 653

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن لفظ ابن جرير والحاكم مختصر، وأما ابن أبي حاتم فقطّع الحديث في المواضع الثلاثة.

وتابع سفيان محمد بن مسلم.

أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2575) .

وابن حبان في "صحيحه"(7 / 601 رقم 5987 / الإحسان بتحقيق الحوت) .

كلاهما من طريق محمد بن مسلم، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مجاهد، عن ابن عباس به بنحوه وفيه اختصار.

وخالف سفيان ومحمد بن مسلم حماد بن سلمة، فرواه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جابر بن زيد، عن ابن عباس.

أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2574) .

والحاكم في المستدرك (2 / 273) .

ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، وسكت عنه الذهبي.

ورواية حماد بن سلمة هذه شاذة لمخالفتها لروايتي سفيان ومحمد بن مسلم، وهم أكثر عددًا، وسفيان أوثق من حماد وقد رواه ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ كما سيأتي، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (5 / 223) حيث قال:

وقلت: وافق ابن عيينة محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، أخرجه الطبري، وكذا رواه ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وخالف الجميع حماد بن سلمة؛ فقال: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جابر بن زيد، عن ابن عباس، أخرجه الطبري، والأول هو المحفوظ)) اهـ.

أما رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس، فأخرجها:

عبد الرزاق في "تفسيره"(1 / 67) .

ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 21) . =

ص: 654

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ}]

247 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ

(1)

، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عز وجل:{إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} -، (قَالَ: كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)

(2)

، فَنُسخ مِنْ ذَلِكَ:(لِلْوَالِدَيْنِ)

(3)

، وَأُثْبِتَ لَهُمَا نَصِيبُهُمَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ

(4)

، ونُسخ مِنَ الْأَقْرَبِينَ كلُّ وَارِثٍ

(5)

، (وَبَقِيَتِ الْوَصِيَّةُ)

(6)

لِلْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يرثون.

= وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 367 - 368 رقم 2577).

والطبراني في "معجمه الكبير"(11/ 94 رقم 11155).

أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما ابن جرير فمن طريق عيسى بن ميمون، وأما الطبراني فمن طريق أبان بن تغلب، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مجاهد، عن ابن عباس، به نحوه.

(1)

هو ابن عبيد؛ تقدم في الحديث [116] أنه ثقة ثبت فاضل ورع.

(2)

ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.

(3)

في الأصل: (الوالدين والأقربين)، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي".

(4)

في الآية (11)، وهي قوله سبحانه: {يوصيكم الله في أولادكم

} إلى قوله: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس

} الآية.

(5)

لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لَا وصية لوارث)) وهو حديث صحيح بمجموع طرقه؛ روي من =

ص: 655

248 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ الْمَكِّيِّ

(1)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكة

(2)

، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لَهَا رَجُلٌ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ؟ قَالَتْ: كَمْ مَالُكَ؟ (قَالَ)

(3)

: ثَلَاثَةُ آلَافٍ، قَالَتْ: كَمْ عِيَالُكَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ، قَالَتْ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} ، وَإِنَّ هَذَا الشَّيْءَ يَسِيرٌ، فَاتْرُكْهُ لعيالك، فهو أفضل.

= طريق جمع من الصحابة، وسيأتي الكلام عنه في الحديث [253].

(6)

في الأصل (والوصية)، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي".

[247]

سنده صحيح.

وقد أخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 265) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، أخرجه من طريق المصنف به عن الحسن - في آية الوصية - قال: كانت الوصية

، فذكره مثله هكذا ولم يذكر الآية.

وأخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن"(ص 164 - 165) من طريق الإمام أحمد قال: حدثنا هشيم

، فذكره بنحوه.

(1)

هو محمد بن شريك، أبو عثمان المكِّي، يروي عن عمرو بن دينار وعطاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ أَبِي مليكة وغيرهم، روى عنه وكيع وأبو معاوية وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة والدارقطني وكانت وفاته سنة ثمان وستين ومائة. / انظر "الجرح والتعديل"(7/ 284 رقم 1536) و"التهذيب"(9/ 221 - 222 رقم 348) و"التقريب"(ص 483 رقم 5957).

(2)

هو عبد الله بن عبيد الله، تقدم في الحديث [39] أنه ثقة فقيه.

(3)

في الأصل: ((قالت)، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.

ص: 656

249 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ

(1)

، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبي قَالَ: مَا مِنْ مَالٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ مَالٍ يَتْرُكُهُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ؛ يغنيهم عن الناس.

= [248] سنده صحيح.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 423) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي.

وقد أخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 270) في الوصايا، باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا استبقاء على ورثته، أخرجه من طريق المصنف به مثله، إلا أنه قال:(قال الله سبحانه)، و:((إن هذا لشيء يسير).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(11/ 208 رقم 10993) من طريق أبي معاوية به نحوه.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(9/ 63 رقم 16354 و 16355) من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير وأم منصور بن عبد الرحمن، عنها رضي الله عنها بمعناه، إلا أنه ذكر أن المال أربعمائة دينار.

(1)

هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي - بفتح المهملة وكسر الموحدة - أخو إسرائيل، كوفي نزل الشام مرابطًا روى عن أبيه وأخيه إسرائيل وسليمان التَّيْمي وهشام بن عروة والاعمش وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الله بن وهب وإسحاق بن راهويه ومسدَّد وعلي بن المديني وأبو بكر بن أبي شيبة والحسن ابن عرفة وغيرهم، وهو ثقة مأمون، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وابن خراش، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي: أيما أصح حديثًا، عيسى بن يونس، أو أبوه يونس بن أبي إسحاق؟ فقال: لا، بل عيسى أصح حديثًا، فقلت له: عيسى، أو أخوه إسرائيل؟ قال: ما أقربهما. قلت: ما تقول فيه؟ قال: مثل عيسى بن يونس يسئل عنه؟!

وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين: أبو معاوية أحب إليك =

ص: 657

250 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ

(1)

، قَالَ: نا ابْنُ جُرَيج

(2)

، عَنْ لَيْث، عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَا يُوصِي.

= في الأعمش أو عيسى بن يونس؟ فقال: ((ثقة وثقة)). وقال حرب بن إسماعيل: سئل على بن المديني عن عيسى بن يونس فقال: ((بخ بخ ثقة مأمون)).

وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا))، وقال العجلي:((كوفي ثقة وكان يسكن الثغر، وكان ثبتًا في الحديث))، وقال أبو زرعة:((حافظ))، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل سنة إحدى وتسعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 291 - 292 رقم 1618) و"التهذيب"(8/ 237 - 240 رقم 439) و"التقريب"(ص 441 رقم 5341).

[249]

سنده صحيح.

(1)

هو عبد الله.

(2)

هو عبد الملك بن عبد العزيز.

[250]

سنده ضعيف لضعف لَيْث بن أبي سُلَيم، وابن جريج مدلِّس ولم يصرح بالسماع.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 423) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق والبيهقي.

وقد أخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 270) في الوصايا، باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا استبقاء على ورثته، أخرجه من طريق المصنف، به مثله.

والأثر في "مصنف ابن أبي شيبة"(11/ 207 رقم 10990) من طريق ابن جريج، به مثله، لكن ذكر المحقق أنه استدرك المتن من "سنن البيهقي"، وأما الأصل عنده فذكر أنه بياض.

ص: 658

251 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ

(1)

، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ عَليٌّ عَلَى صَدِيقٍ لَهُ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ:(إِنِّي)

(2)

أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} ، وَإِنَّكَ إِنَّمَا تَدَعُ شَيْئًا يَسِيرًا، فَدَعْهُ لِعِيَالِك، فهو أفضل.

(1)

هو هشام بن عروة بن الزُّبير بن العَوَّام الأسَدي، روى عن أبيه وعمِّه عبد الله بن الزبير وابن عمه عبّاد بن عبد الله بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه عبيد الله بن عمر ومعمر وابن جريج والإمام مالك والسفيانان والحَمَّادان ووكيع وأبو معاوية وغيرهم، وهو ثقة فقيه، روى له الجماعة، وقال ابن سعد:((كان ثقة ثبتًا كبير الحديث حجة))، ووثقه العجلي، وقال أبو حاتم:((ثقة إمام في الحديث))، وقيل لابن معين: هشام أحب إليك عن أبيه، أو الزهري؟ قال:((كلاهما))، ولم يفضِّل، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((كان متقنًا ورعًا فاضلاً حافظًا))، وكانت وفاته سنة ست وأربعين ومائة، وقيل: سنة خمس، وقيل: سنة سبع وأربعين ومائة، وقد بلغ سبعًا وثمانين سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(9/ 63 - 64 رقم 249)، و"التهذيب"(11/ 48 - 51 رقم 89).

وقد تُكُلِّم في هشام، فقيل إنه مدلس، وقيل إنه اختلط.

قال يعقوب بن شيبة: ((ثقة ثبت، لم ينكر عليه شيء إلا بعد ما صار إلى العراق، فإنه انبسط في الرواية عن أبيه، فأنكر ذلك عليه أهل بلده، والذي نرى أن هشامًا تسهّل لأهل العراق؛ إنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمعته منه، فكان تسهُّله أنه أرسل عن أبيه مما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه)).

وقال ابن خراش: ((كان مالك لا يرضاه، وكان هشام صدوقًا تدخل أخباره في الصحيح بلغني أنه مالكًا نقم عليه حديثه لأهل العراق؛ قدم الكوفة ثلاث مرات، قدمة كان يقول: حدثني أبي، قال: سمعت عائشة، وقدم الثانية فكان =

ص: 659

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يقول: أخبرني أبي، عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: أبي، عن عائشة)) - يعني يرسل عن أبيه -.

ورماه بالاختلاط أبو الحسن بن القطان.

وقد ردّ ذلك كله الحافظ الذهبي، فقال في "الميزان" (4 / 301 - 302 رقم 9233) : ((هشام بن عروة، أحد الأعلام، حجة إمام، لكن في الكِبَر تناقص حفظه ولم يختلط أبدًا، ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل ابن أبي صالح اختلطا وتغيّرا. نعم، الرجل تغير قليلاً ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة، فنسي بعض محفوظه أَوْ وَهِم، فكان ماذا؟ أهو معصوم من النسيان؟

ولما قدم العراق في آخر عمره حدَّث بجملة كثيرة من العلم، في غضون ذلك أحاديث لم يجِّودها، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات، فَدَعْ عنك الخَبْط وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين؛ فهشام شيخ الإسلام، ولكن أحسن الله عزاءنا فيك يا ابن القطان! وكذا قول عبد الرحمن بن خراش

)) ، ثم ذكر قوله السابق.

وقال في "سير أعلام النبلاء"(6 / 34 - 36) :

((الإمام الثقة، شيخ الإسلام

)) ، ثم ذكر قول يعقوب بن شيبة وابن خراش، ثم قال:((قلت: الرجل حجّة مطلقًا، ولا عبرة بما قاله الحافظ أبو الحسن بن القطان من أنه هو وسهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيّرا، فإن الحافظ قد يتغير حفظه إذا كبر، وتنقص حدّة ذهنه، فليس هو في شيخوخته كهو في شبيته، وما ثمّ أحد بمعصوم من السهو والنسيان، وما هذا التغيّر بضار أصلاً، وإنما الذي يضرّ الاختلاط، وهشام فلم يختلط قط، هذا أمر مقطوع به، وحديثه محتج به في الموطأ والصحاح والسنن، فقول ابن القطان: ((إنه اختلط)) قول مردود مرذول، فأرني إمامًا من الكبار سلم من الخطأ والوهم. فهذا شعبة - وهو في الذِّروة - له أوهام، وكذلك معمر، والأوزاعي، ومالك رحمه الله =

ص: 660

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عليهم

))، ثم ذكر قول يعقوب بن شيبة مرة أخرى (6/ 46)، فتعقبه قائلاً:((قلت: في حديث العراقيين عن هشام أوهام تُحتمل، كما وقع في حديثهم عن معمر أوهام)). اهـ.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر هشامًا في الطبقة الأولى من "طبقات المدلسين"(ص 46 رقم 30) وهم: من لم يوصف بالتدليس إلا نادرًا كيحيى بن سعيد الأنصاري كما صرح بذلك في مقدمته (ص 23)، وهذه الطبقة والتي تليها قد احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم في الصحيح لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما رووا، أو لكونهم لا يدلسون إلا عن ثقة.

(2)

في الأصل: (ان).

[251]

سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عروة بن الزبير وعلي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، فإن روايته عنه مرسله كما قال أبو حاتم وأبو زرعة. انظر "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 54)، و"المراسيل" له أيضًا (ص 149 رقم 273)، و"جامع التحصيل"(ص 289).

وقد حكم الذهبي على هذا الحديث بالانقطاع كما سيأتي.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 422 - 423) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه".

وقد أخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 270) في الوصايا، باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا استبقاء على ورثته، أخرجه من طريق المصنف، وأحال البيهقي بعض متنه على الطريق الذي قبله عنده، وهو طريق أبي خالد الأحمر عن هشام، ثم ذكر الباقي من قوله: (فقال له علي

) إلخ، بمثل لفظ المصنف.

وأخرجه عبد الرزاق في "التفسير"(1/ 68)، وفي "المصنف" (9/ 62 =

ص: 661

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رقم 16351) ، من طريق معمر، عن هشام، به نحوه، إلا أنه قال:((مولى لهم)) بدلاً من قوله: ((صديق له)) ، ولم يذكر قوله: ((فدعه لعيالك

)) إلخ، وزاد في المصنف، قوله:((وكان له سبعمائة درهم)) .

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "التفسير"(3 / 395 رقم 2678) .

وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره"(ص55 رقم 57) عن هشام، به نحوه، إلا أنه ذكر أن الرجل من بني هاشم، ولم يذكر مقدار المال.

ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق برقم (16352) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(11 / 208 رقم 10992) .

والحاكم في "المستدرك"(2 / 273 - 274) .

ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.

كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر، عن هشام، به نحوه، وذكر أن الرجل من بني هاشم.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله:((قلت: فيه انقطاع)) .

ومقصد الذهبي بالانقطاع: بين عروة بن الزبير وعلي رضي الله عنه كما سبق بيانه.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3 / 394 و 395 رقم 2765 و 2676) من طريق حماد بن سلمة وعثمان بن الحكم الحزامي وابن أبي الزِّناد، ثلاثتهم عن هشام، به نحوه، إلا أن حمادًا قال في روايته:((دخل على ابن عم له يعوده)) ، =

ص: 662

252 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قال: نا يونس

(1)

، [ل 114/أ] عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ ثُمَّ قَالَ: قد نُسخ هذا.

= وزاد في آخره: ((وكان ترك من السبعمائة إلى التسعمائة))، وأما الآخران فقالا:((دخل على رجل مريض)).

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 114 / ب) من طريق عبده بن سليمان، عن هشام، به نحو رواية عثمان وابن أبي الزناد السابقة عند ابن جرير.

(1)

هو ابن عبيد، تقدم في الحديث [116] أنه ثقة ثبت فاضل ورع.

[252]

سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" من طريق عطاء عن ابن عباس كما سيأتي.

وهذا الحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 423 - 424) وعزاه للمصنف وأحمد وعبد بن حميد وأبي داود في "الناسخ والمنسوخ" وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "سننه".

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 391 رقم 2652).

والحاكم في "المستدرك"(2/ 273).

ومن طريقه البيهقي في "سننه"(6/ 265) في الوصايا، باب من قال بنسخ الْوَصِيَّةُ لِلْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ وجوازها للأجنبين، و (7/ 427 - 428) في العدد، باب عدة الوفاة.

كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن يونس، به نحوه.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2653) من طريق عطية بن سعد العوفي، عن ابن عباس، قوله:(إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين): نسخت الفرائضُ التي للوالدين والأقربين الوصيةَ.

وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2642 و 2464 و 2647) من طريق ابن جريج، عن عكرمة، ومعاوية بن صالح، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، كلاهما عن ابن عباس، ولفظ رواية عكرمة: عن ابن عباس قوله: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين)، وقال: نسخ من يرث، ولم ينسخ الأقربين الذين لا يرثون، وبمعناه لفظ رواية علي.

وله طريق آخر عن عكرمة.

أخرجه أبو داود في "سننه"(3/ 290 رقم 2869) في الوصايا، باب ما جاء =

ص: 663

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في نسخ الوصية للوالدين والأقربين أخرجه من طريق يزيد النحوي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:(إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين) ، فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث.

ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في الموضع السابق.

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(5 / 372 رقم 2747) في الوصايا، باب لا وصية لوارث، و (8 / 244 رقم 4578) في التفسير، باب (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) ، و (12 / 23 رقم 6739) في الفرائض، باب ميراث الزوج مع الولد وغيره، أخرجه من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع.

ومن طريق ابن أبي نجيح أخرجه أيضًا الدارمي في "سننه"(2 / 302 رقم 3265) .

والبيهقي في "سننه"(6 / 263) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 115 / أ) .

والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص23) .

كلاهما من طريق حجّاج بن محمد، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به، بنحو رواية البخاري.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(5 / 372) عن حديث ابن عباس هذا: ((هو موقوف لفظًا، إلا أنه في تفسيره إخبار بما كان من الحكم قبل نزول القرآن، فيكون في حكم المرفوع بهذا التقرير)) . اهـ. والله أعلم.

ص: 664

253 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ

(1)

، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْوَصِيَّةَ كَانَتْ قَبْلَ الْمِيرَاثِ، فَلَمَّا نَزَلَ الْمِيرَاثُ نَسَخَ الميراثُ مَنْ يَرِثُ، وَبَقِيَتِ الوصيةُ لِمَنْ لَا يَرِثُ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ، فَمَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ ذِي قَرَابَةٍ

(2)

، لَمْ تَجز وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَا تَجُوزُ لوارث وصيّة)).

(1)

هو عبد الله بن طاوُس بن كَيْسان اليماني، أبو محمد الأبْناوي، روى عن أبيه وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن شعيب وغيرهم، روى عنه ابناه طاوس ومحمد ومعمر وابن جريج والسفيانان وغيرهم، وهو ثقة فاضل عابد روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 308 رقم 3397)؛ فقد وثقه العجلي وأبو حاتم، وقال النسائي والدارقطني:((ثقة مأمون))، وذكره ابن حبّان في الثقات وقال:((كان من خيار عباد الله، فَضْلاً ونُسكًا ودينًا))، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 88 - 89 رقم 405)، و"التهذيب"(5/ 267 - 268 رقم 458).

(2)

أي ممن لا يرث من قرابته المحتاجين، فهم أحق بالوصية من غيرهم على هذا القول كما يتضح من التخريج.

[253]

سنده صحيح عدا المرفوع منه، فإنه ضعيف من هذا الطريق لإرساله، وقد روي عن ابن طاوس موصولاً، ولا يصحّ، ومتن الحديث صحيح؛ يشهد له الحديث السابق وما سيأتي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 423) مختصرًا، وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد فقط.

وقد أخرجه المصنف في الوصايا من "السنن" المطبوع (1/ 93 رقم 358) بمثل ما هنا سواء، إلا أنه وقع هناك:((قرابته)).

وقد أخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 265) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، أخرجه من الطريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((نسخ من =

ص: 665

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يرث)) ، ولم يذكر بقية الحديث من قوله: ((لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

)) إلخ.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(9 / 81 - 82 رقم 16426) من طريق معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: من أوصى لقوم وسمّاهم وترك ذوي قرابته محتاجين، انتزعت منهم ورُدّت على ذوي قرابته، فإن لم يكن في أهله فقراء، فلأهل الفقراء من كانوا، وإن أوصى

الذي وصّى لهم بها. اهـ. كذا لفظه في المطبوع من المصنف، وواضح أن في النص سقطًا.

وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (16427) .

وابن أبي شيبة في "المصنف"(11 / 166 رقم 10832) .

كلاهما من طريق ابن جريج، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قال: كان لا يرى الوصية إلا لذوي الأرحام أهل الفقر، فإن أوصى بها لغيرهم، نزعت منهم، فرُدَّت إليهم.

فإن لم يكن فيهم فقراء، فلأهل الفقر من كانوا، وإن بقي أهلها إلا من يوصي لهم.

هذا لفظ ابن أبي شيبة، وأما عبد الرزاق فعطفه على لفظ معمر السابق.

وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (9 / 87 رقم 16450) .

وابن أبي شيبة (11 / 151 رقم 10774) .

أما عبد الرزاق فمن طريق معمر وابن جريج، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق ابن جريج فقط، كلاهما عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: يرجعون [يعني ذوي الأرحام] إن شاؤا. اهـ. واللفظ لابن أبي شيبة، ولفظ عبد الرزاق بمعناه.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(4 / 1570) .

والدارقطني في "سننه"(4 / 98 رقم 92) كلاهما من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ربيعة، عن محمد بن مسلم الطائفي، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عباس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((لا وصية لوارث)) .

قال الشيخ ناصر الدين الألباني في "إرواء الغليل"(6 / 89) : ((وهذا إسناد حسن كما قال الحافظ في التلخيص)) . اهـ. =

ص: 666

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ولم يذكر الشيخ من أخرج الحديث، وساقه هكذا:(وأما حديث عبد الله بن عباس فيرويه محمد بن مسلم، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ عنه مرفوعًا: لا وصية لوارث) . اهـ. ولم يذكر مَنْ دون محمد بن مسلم وهو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ربيعة الذي هو آفة الحديث.

وهو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ربيعة بن قُدَامة بن مظعون، أبو محمد المِصِّيصي، وينسب في كثير من الروايات إلى جده كما قال الخطيب البغدادي، وهو ضعيف، ذكره ابن حبان في "المجروحين" (2 / 39 - 40) وقال:((كان تُقلب له الأخبار فيجيب فيها، كان آفته ابنه، لا يحلّ ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار، ولعله أُقلب له على مالك أكثر من مائة وخمسين حديثًا فحدث بها كلها، وعن إبراهيم بن سعد الشيء الكثير)) ، وذكره ابن عدي في "الكامل"(4 / 1569 - 1571) ، وذكر بعض الأحاديث التي انتقدت عليه ومنها هذا الحديث، ثم قال:((عامة حديثه غير محفوظة، وهو ضعيف على ماتبين لي من رواياته واضطرابه فيها، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره)) ، وضعفه الدارقطني، وقال الحاكم والنقاش:((روى عن مالك أحاديث موضوعة)) ، وقال الخليلي:((أخذ أحاديث الضعفاء من أصحاب الزهري فرواها عن مالك)) ، وقال أبو نعيم:((روى المناكير)) ، وقال ابن عبد البر:((خراساني روى عن مالك أشياء انفرد بها لم يتابع عليها، على أن القدماء ما رأيتهم ذكروه)) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 488 - 489 رقم 4544) وقال:((أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب)) ، وانظر "لسان الميزان"(3 / 334 - 336 رقم 1382) .

وعليه فالحديث من هذا الطريق منكر لضعف ابن ربيعة القُدامى هذا، ومخالفته الثقات الذين رووه مرسلاً، ورواه هو موصولاً، ولذا فإن ابن عدي لما أخرجه قال:((وهذا غريب من هذا الطريق لا أعلم رواه غير القُدامى، ولم أكتبه إلا عن إسحاق الكوفي هذا)) . اهـ.

وأخرجه المصنف سعيد بن منصور في المطبوع من "سننه"(1 / 108 رقم 429) =

ص: 667

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقال: نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حجير، عن طاوس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَا تَجُوزُ وصية لوارث)) وهذا أيضًا ضعيف لإرساله، وهو مما يؤكد أن الصواب في الحديث الإرسال.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((لَا وصية لوراث)) ، فصحيح بمجموع طرقه؛ روي من حديث أبي أمامة، وخارجة بن عمرو، وعمرو بن خارجة، وأنس بن مالك، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وورد مرسلاً عن بعض التابعين، وقد جمع طرق هذه الأحاديث أو بعضها الزيلعي في "نصب الراية"(4 / 403 - 405) ، وابن حجر في "التلخيص الحبير"(3 / 106 - 107) ، والشيخ الألباني في "إرواء الغليل"(6 / 87 - 98) ، وأحسنها إسنادًا حديث أبي أمامة، وأما بقية الأحاديث فلا يخلو شيء منها من مقال؛ يقول الحافظ ابن حجر في "الفتح" (5 / 372) :((ولا يخلو إسناد كل منها من مقال، لكن بمجموعها يقتضي أن للحديث أصلاً)) . اهـ. قلت: ويشهد لمعناه حديث ابن عباس المتقدم برقم [252] .

وأما حديث أبي أمامة، فقال سعيد بن منصور (1 / 107 رقم 427) : نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حدثني شُرَحْبيل بن مسلم الخَوْلاني، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: ((ألا إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث

)) الحديث.

وهذا إسناد حسن.

شُرَحْبيل بن مسلم بن حامد الخَوْلاني، الشَّامي يروي عن أبيه والمقدام بن معدي كَرب وأبي أُمامة وغيرهم، روى عن حريز بن عثمان وثور بن يزيد وإسماعيل بن عيّاش وغيرهم، وهو ثقة، قال إسماعيل بن عياش:((من ثقات أهل الشام، حسن الحديث)) ، وقال الإمام أحمد:((من ثقات الشاميين)) ، ووثقه ابن نمير والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "المعرفة والتاريخ" للفسوي (2 / 456) ، و"التهذيب"(4 / 325 رقم 560) . =

ص: 668

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= واختلفت عبارة يحيى بن معين في شرحبيل بن مسلم، فنقل عباس الدوري في "تاريخه"(2 / 250 رقم 5121) عن ابن معين أنه وثقه، ونقل إسحاق بن منصور الكوسج عنه أنه ضعّفه كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (4 / 340 رقم 1495) ، و"ميزان الاعتدال"(2 / 267 رقم 3685) ، وهو جرح مجمل غير مفسَّر، ومعارض بتوثيق ابن معين نفسه وبتوثيق الأئمة المذكورين، فيحمل تضعيفه على حديث بعينه، لا على الإطلاق، وسيأتي توثيق الزيلعي وابن حجر له.

وأما إسماعيل بن عياش فتقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده الشام، مخلِّط في غيرهم، وهذا من ورايته عن الشاميين.

قال الزيلعي في "نصب الراية"(4 / 403) عقب هذا الحديث: ((قال أحمد والبخاري وجماعة من الحفاظ: ما رواه إسماعيل بن عياش عن الشاميين فصحيح، وما رواه عن الحجازيين فغير صحيح، وهذا رواه عن شامي ثقة)) . اهـ.

وقال ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح": ((في إسناده إسماعيل بن عياش، وقد قوّى حديثه عن الشاميين جماعة من الأئمة، منهم أحمد والبخاري، وهذا من روايته عن شرحبيل بن مسلم، وهو شامي ثقة)) . اهـ.

ومن طريقه البيهقي في "سننه"(6 / 212) في الفرائض باب من لا يرث من ذوي الأرحام.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(4 / 148 - 149 رقم 7277) و (9 / 48 رقم 16308) .

ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(8 / 159 - 160 رقم 7615) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(11 / 149 رقم 10765) .

ومن طريقه الطبراني في الموضع السابق. =

ص: 669

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن عبد البر في "التمهيد"(1 / 230) .

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5 / 267) .

وأبو داود في "سننه"(3 / 290 - 291 و 824 - 825 رقم 2870 و 3565) في الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، وفي البيوع باب في تضمين العارية.

ومن طريقه البيهقي في "سننه"(6 / 264) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين.

وأخرجه الترمذي (6 / 309 - 312 رقم 2203) في الوصايا، باب ما جاء:((لا وصية لوارث)) .

وابن ماجه (2 / 905 رقم 2713) في الوصايا، باب لا وصية لوارث.

وأخرجه الدولابي في "الكنى"(1 / 64) .

والطبراني في الموضع السابق.

وابن عدي في "الكامل"(1 / 290) .

والدارقطني في "سننه"(3/ 40 - 41 رقم 166) .

والبيهقي في "سننه"(6 / 244) في الفرائض، باب من جعل ما فضل عن أهل الفرائض.

جميعهم عن إسماعيل بن عياش، به مثله.

قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .

وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(3 / 106) : ((هو حسن الإسناد)) .

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((لَا وصية لوارث)) لا يثبت فيه حديث من جهة الإسناد، إلا أن الإجماع حاصل على القول به.

قال البيهقي (6 / 642) : ((قال الشافعي: وروى بعض الشاميين حديثًا ليس مما يثبته أهل الحديث؛ بأن بعض رجاله مجهولون، فرويناه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم منقطعًا، واعتمدنا على حديث أهل المغازي عامة؛ أنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: ((لا =

ص: 670

254 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ

(1)

، وحمُيد

(2)

، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ ذِي قَرَابَتِهِ، فَلِلَّذِينَ أَوْصَى لَهُمُ ثُلُثُ الثُّلُثِ، وَلِقَرَابَتِهِ (ثلثا)

(3)

الثلث.

= وصية لوارث)) وإجماع العامة على القول به.

قلت: والظاهر أن الحديث الذي عناه الشافعي بقوله: ((بأن بعض رجاله مجهولون فرويناه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم منقطعًا

)) هو الحديث الذي أخرجه البيهقي (6/ 265) من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جابر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ شيخ بالساحل، قال حدثني رجل من أهل المدينة، قال: إني لَتَحْتَ ناقة رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فذكره.

قال البيهقي عقبه: ((وقد روي هذا الحديث من أوجه أخر كلها غير قوية، والاعتماد على الحديث الأول، هو رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عن ابن عباس، وعلى ما ذكره الشافعي من نقل أهل المغازي، مع إجماع العامّة على القول به، والله أعلم)) اهـ.

وحديث ابن عباس الذي عناه البيهقي سبق تخريجه في الحديث السابق، وهو قوله رضي الله عنه:((كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع)).

وهذا يشهد بمعناه لما نحن بصدده، وعليه فقوله صلى الله عليه وسلم:((لَا وصية لوارث)).

صحيح لغيره، والله أعلم.

(1)

هو ابن عبيد.

(2)

هو ابن أبي حميد الطويل.

(3)

في الأصل (ثلثي)، وكذا في الموضع الآتي من كتاب الوصايا، والتصويب من "سنن البيهقي"؛ حيث أخرج الأثر من طريق المصنف.

[254]

سنده صحيح، وحميد الطويل تقدم في الحديث [43] أنه مدلِّس، لكن تابعه =

ص: 671

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ]

255-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:(فَمَنْ خَافَ من موصٍ جنفاً) .

= هنا يونس بن عبيد وكان المصنف قد أخرج الحديث في كتاب الوصايا، باب هل يوصي الرجل من ماله بأكثر من الثلث (1 / 93 رقم 355 / المطبوع) ، كما هنا بتمامه، إلا أنه قال:((لغير ذي قرابة)) بدل قوله: ((لغير ذي قرابته)) ، وفيه:((ثلثي)) كما في الأصل هنا بدل قوله: ((ثلثا)) .

وأخرجه البيهقي في "سننه"(6 / 265) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، من طريق المصنف بمثل لفظه هنا سواء.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3 / 388 رقم 2638) من طريق يعقوب ابن إبراهيم عن هشيم عن حميد عن الحسن به نحوه.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(11 / 165 - 166 رقم 10831) من طريق معتمر، عن حميد عن الحسن به بمعناه.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(9 / 83 رقم 16433) .

وابن أبي شيبة (11 / 164 و 167 رقم 10825 و 10834) .

وابن جرير (3 / 387 - 388 رقم 2637) .

أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ، ومن طريق همام، وأما ابن جرير فمن طريق معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه، جميعهم - معمر، وسليمان التيمي، وهمام، وهشام -، عن قتادة، عن الحسن، به بمعناه، عدا لفظ معمر فنحوه.

وذكر السيوطي قول الحسن هذا في "الدر"(1 / 423) وعزاه لعبد الرزاق وعبد ابن حميد.

[255]

سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف؛ لأن فيه حميدَ الطويل وهو مدلس كما =

ص: 672

256 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا جُوَيْبر

(1)

، عَنِ الضَّحّاك، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} ، قَالَ: الحَيْفُ أَوِ الجَنَفُ

(2)

: الْخَطَأُ، وَالْإِثْمُ: الْعَمْدُ.

257 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ

(3)

، عَنْ أَبِيهِ قَالَ

(4)

: أَنْ يُوصِيَ لِوَلَدِ ابْنَتِهِ، وَهُوَ يُرِيدُ ابْنَتَهُ.

= في الحديث [43] ولم يصرح بالسماع هنا.

وأما القراءة فلم تضبط هنا والأظهر أنها: ((موصٍ)) بالتخفيف كما هي قراءة الجميع عدا حمزة والكسائي وأبي بكر، فإنهم قرأوا:(فمن خاف من مُوَصٍّ) بالتشديد / انظر "حجة القراءات"(ص 124).

(1)

تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدا.

(2)

في "النهاية في غريب الحديث"(1/ 307) الجنف: المَيْل والجَوْر.

[256]

سنده ضعيف جدًا لشدة ضعف جويبر.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 406 رقم 2708) من طريق يعقوب ابن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم قال أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال الجنف: الخطأ، والإثم: العمد.

ثم أخرجه الطبري (3/ 408 رقم 2719) من طريق عبيد بن سليمان، عن الضحاك بمثل سابقه، إلا أنه - أي الطبري - علقه بقوله:((حُدِّثت عن الحسين ابن الفرج))، ولم يذكر شيخه.

(3)

هو عبد الله بن طاوُس بن كيسان اليماني.

(4)

يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ موصٍ جنفًا أو إثمًا} .

[257]

سنده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 69) فقال: نا عيينة

، فذكره بلفظ ((هو الرجل يوصي لولد ابنته)).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 402 رقم 2701).

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 115 / ب) من طريق ابن المقرئ، =

ص: 673

258-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الجَنَف فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِضْرَارُ فِيهَا مِنَ الْكَبَائِرِ.

259-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْجَنَفُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِضْرَارُ فِيهَا مِنَ الْكَبَائِرِ.

260-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْجَنَفُ - أَوِ الْحَيْفُ - فِي الْوَصِيَّةِ، والإضرار فيها من الكبائر.

= عن ابن عيينة، به مثل لفظ عبد الرزاق.

وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2700) من طريق ابن جريج، قال أخبرني ابن طاووس، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: جنفه وإثمه: أن يوصي الرجل لبني ابنه ليكون المال لأبيهم، وتوصي المرأة لزوج ابنتها ليكون المال لابنتها، وذو الوارث الكثير والمال قليل، فيوصي بثلث ماله كله، فيصلح بينهم الموصى إليه أو الأمير. قلت: أفي حياته، أم بعد موته؟ قال: ما سمعنا أحدًا يقول إلا بعد موته، وإنه ليوعظ عند ذلك.

[258 و 259 و 260] أسانيدها صحيحة.

وقد أخرجها المصنف في الوصايا من "سننه" المطبوع (1 / 90 رقم 342 و 343 و 344) بمثل ما هنا، إلا أنه سقط من الحديث الأول قوله:((عن ابن عباس)) ، وفي الثالث قال:((الحيف والجنف)) .

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 426) و (2 / 452) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة في "المصنف" وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه".

وقد أخرجه البيهقي في "سننه"(6 / 271) في الوصايا، باب ما جاء في قوله =

ص: 674

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عز وجل: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خافوا عليهم} .

وما ينهى عنه من الإضرار في الوصية، أخرجه من طريق المصنف، عن هشيم، به مثله.

وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره"(ص 91 رقم 204) عن شيخه دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الضرار عند الوصية من الكبائر، ثم قرأ {غير مضارّ وصية من الله} إلى قوله عز وجل:{عذاب مهين} [الآيات: 12 و 13 و 14 من سورة النساء] .

ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(9 / 88 رقم 16456) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(11 / 204 و 205 رقم 10980 و 10983) .

والنسائي في "تفسيره"(1 / 364 - 365 رقم 112) .

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(8 / 65 رقم 8783 و 8784 و 8785 و 8786) .

وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم"(2 / ل 115 / ب) .

وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره".

أما ابن أبي شيبة فمن طريق عبد الله بن إدريس وأبي خالد الأحمر، وأما النسائي فمن طريق علي بن مسهر، وأما ابن جرير فمن طريق عبيدة بن حميد وإسماعيل ابن إبراهيم بن عليّة ويزيد بن زريع وبشر بن المفضل وعبد الوهاب الثقفي ومحمد ابن أبي عدي وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأما ابن المنذر فمن طريق زهير بن معاوية وأما ابن أبي حاتم فمن طريق عائذ بن حبيب، جميعهم عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به موقوفًا عليه.

وهذا جمٌّ غفير من الرواة رووه عن داود موقوفًا، ومنهم أئمة من كبار الحفاظ مثل هشيم بن بشير وخالد بن عبد الله الطحّان وسفيان بن عنبسة وسفيان الثوري وغيرهم. =

ص: 675

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فخالفهم عمر بن المغيرة المصَّيصي، فرواه عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس مرفوعًا.

أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(8 / 66 رقم 8788) .

وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره" و (2 / ل 131 / أوب) .

والعقيلي في "الضعفاء"(3 / 189) .

والأزدي في "الضعفاء" كما في "تهذيب التهذيب"(1 / 220) .

والدارقطني في "سننه"(4 / 151) .

وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"(1 / 213) .

والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".

قال ابن كثير في "تفسيره"(1 / 461) : ((قال ابن جرير: والصحيح الموقوف)) .

وقال العقيلي بعد أن رواه: ((هذا رواه الناس عن داود موقوفًا، لا نعلم رفعه غير عمر بن المغيرة)) .

وقال البيهقي: ((هذا هو الصحيح موقوف، وكذلك رواه ابن عيينة وغيره عن داود موقوفًا، وروى من وجه آخر مرفوعًا ورفعه ضعيف)) .

وقال الحافظ ابن كثير: ((وهذا في رفعه أيضًا نظر)) .

وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب"(1 / 220) في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الفراديسي الدمشقي: ((روى له الأزدي في "الضعفاء" حديثًا عن عمر ابن المغيرة، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رفعه: الضرار في الوصية من الكبائر، قال الأزدي: المحفوظ من قول ابن عباس لا يرفعه. قلت - القائل ابن حجر -: عمر ضعيف جدًا، فالحمل فيه عليه، وقد رواه الثوري وغيره عن داود موقوفًا)) اهـ، والله أعلم.

ص: 676

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}]

261 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ سوَّار بْنِ أَبِي حَكِيمٍ

(1)

، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عز وجل:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} -، قَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شهر.

(1)

هو سوَّار بن أبي حكيم الخراساني خَتَن عطاء بن أبي رباح ويروي عنه، وعنه سفيان بن عيينة فقط، مجهول، ذكره البخاري في "تاريخه"(4/ 168 رقم 2357) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 273 رقم 1178)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(6/ 242).

[261]

سنده ضعيف لجهالة سوّار بن أبي حكيم، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه ابن أبي نجيح، فالحديث حسن لغيره كما سيأتي.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 168) من طريق قتيبة، نا سفيان، عن سوار، عن عطاء:{كتب عليكم الصيام} قال: صيام ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أيام معدودات.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 414 رقم 2727).

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 117 / ب).

أما ابن أبي حاتم فيمن طريق أبيه، وأما ابن جرير فمن طريق شيخه المثنى بن إبراهيم الآملي، كلاهما عن أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن شبل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء قال: كان عليهم الصيام ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ولم يسمِّ الشهر، أيام معدودات.

قال: وكان هذا صيام الناس قبل، ثم فرض الله عز وجل على الناس شهر رمضان. هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم نحوه.

وهذا إسناد ضعيف.

فابن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ثقة، إلا أنه ربما دلس، ولم يصرح بالسماع في هذه الرواية.

وأبو حذيفة موسى بن مسعود النَّهدي - بفتح النون -، البصري، يروي عن عكرمة بن عمّار وإبراهيم بن طهمان وسفيان الثوري وشبل بن عبّاد وغيرهم، =

ص: 677

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= روى عنه البخاري ويعقوب بن سفيان وأبو حاتم الرازي وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه سيء الحفظ، وكان يُصحِّف. قال الأثرم: قلت لأحمد: أليس هو من أهل الصدق؟ قال: أما من أهل الصدق فنعم، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد يقول: كأنّ سفيان الذي يروى عنه أبو حذيفة ليس هو سفيان الثوري الذي يحدث عنه الناس، وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: ((قبيصة أثبت منه حديثًا في سفيان، أبو حذيفة شبه لا شيء)) وقال بندار: ((موسى بن مسعود ضعيف في الحديث، كتبت عنه كثيرًا ثم تركته)) ، وقال ابن محرز، عن ابن معين:((لم يكن من أهل الكتاب)) ، فقيل له: إن بندارًا يقع فيه، قال يحيى:((هو خير من بندار ومن ملء الأرض مثله)) ، وقال العجلي:((ثقة صدوق)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق معروف بالثوري

، ولكن كان يصحف)) ، وقال ابن سعد:((كان كثير الحديث ثقة إن شاء الله تعالى، وكان حسن الرواية عن عكرمة بن عمار، والثوري، وزهير بن محمد)) ، وقال الدارقطني:((كثير الوهم تكلموا فيه)) وكانت وفاته سنة عشرين أو إحدى وعشرين ومائتين اهـ من "الجرح والتعديل"(8 / 163 - 164 رقم 723) و"التهذيب"(10 / 370 - 371 رقم 657) ، و"التقريب"(ص 554 رقم 7010) .

فقول عطاء هذا بمجموع طريقي سوار وابن أبي نجيح يكون حسنًا لغيره، إلا أنه قول مرجوح، فإن ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3 / 410 - 417) استعرض قول من قال بقول عطاء وغيره من الأقوال، ثم قال:

((وأولى ذلك بالصواب عندي قول من قال: عنى الله جل ثناؤه بقوله: {أيامًا معدودات} أيام شهر رمضان، وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجّة بأن صومًا فُرض على أهل الإسلام غير صوم شهر رمضان ثم نسخ بصوم شهر رمضان وأن الله تعالى قد بيّن في سياق الآية أن الصيام الذي أوجبه جل ثناؤه علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات، بإبانته عن الأيام التي أخبر أنه كتب علينا صومها بقوله:{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} ، =

ص: 678

262 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةْ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ

(1)

، قَالَ: نَسَخَ شهرُ رمضان كلَّ صوم.

= فمن ادّعى أن صومًا كان قد لزم المسلمين فرضه غير صوم شهر رمضان الذي هم مجمعون على وجوب فرض صومه، ثم نُسخ ذلك، سئل البرهان على ذلك من خبر تقوم به حجة، إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذر.

وإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا للذي بينا، فتأويل الآية: كتب عليكم أيها المؤمنون الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ من قبلكم لعلكم تتقون، أيامًا معدودات هي شهر رمضان، وجائز أيضًا أن يكون معناه:(كتب عليكم الصيام): كتب عليكم شهر رمضان.

وأما المعدودات، فهي التي تُعدُّ مبالغها وساعات أوقاتها، ويعني بقوله:(معدودات)): محصيات)) اهـ.

وقال أبو جعفر النحاس في "ناسخه"(ص 25): ((قال مجاهد: كتب الله صوم شهر رمضان على كل أمة، وقال قتادة: كتب الله صوم شهر رمضان على من قبلنا وهم النصارى. قال أبو جعفر [النحاس]: وهذا أشبه ما في هذه الآية

، أما قول عطاء: إنها ناسخة لصوم ثلاثة أيام، فغير معروف)) اهـ والله أعلم.

(1)

هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر البَاقِر، يروي عن أبيه وجَدَّيْه الحسن والحسين وعمّ أبيه: محمد بن الحنفية وعن ابن عباس وجابر بن عبد الله وغيرهم، روى عنه ابنه جعفر وأبو إسحاق السبيعي والأعرج والزهري وحجاج بن أرطأة وغيرهم، وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة، وقال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث))، ووثقه العجلي، وقال ابن البرقي:((كان فقيهًا فاضلاً)) وكانت وفاته سنة أربع عشرة ومائة، ومولده على الأرجح سنة ست وخمسين للهجرة اهـ من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 410 رقم 1486)، و"التهذيب"(9/ 350 - 352 رقم 580)، و"التقريب"(ص 497 رقم 6151). =

ص: 679

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}]

263 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(1)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَة

(2)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، - فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} -، قَالَ: هُوَ الْكَبِيرُ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُ، فَعَجَزَ، وَالْمَرْأَةُ الحُبْلَى الَّتِي يَشُقُّ عَلَيْهَا، (فَعَلَيْهِمَا)

(3)

طَعَامُ مِسْكِينٍ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رمضان.

[262] سنده ضعيف لأجل حجاج بن أرطأة فإنه صدوق كثير الخطأ والتدليس كما في الحديث [170] ولم يصرح بالسماع هنا.

وقول أبي جعفر هذا ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 429) بمثل ما هنا وعزاه للمصنِّف سعيد بن منصور فقط.

(1)

هو يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاريّ - بتشديد التحتانية-، المدني نزيل الإسكندرية، حليف بني زهرة، روى عن أبيه وزيد ابن أسلم وموسى بن عقبة وغيرهم، روى عنه عبد الله بن وهب وقتيبة بن سعيد وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة عدا ابن ماجه؛ فقد وثقه أحمد وابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وكانت وفاته سنة إحدى وثمانين ومائة. انظر "الجرح والتعديل"(9/ 210 رقم 877) و"التهذيب"(11/ 391 - 392 رقم 754) و"التقريب"(ص 608 رقم 7824).

ولم أجد من نصّ على أن يعقوب روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ وسماعه منه محتمل جدًا، فكلاهما مدني، وقد تعاصرا كما يتضح من تاريخ وفاتيهما.

(2)

هو عبد الرحمن بن حَرْملة بن عمرو بن سَنَّة - بفتح المهملة وتثقيل النون-، الأسْلمي أبو حَرْملة المدني، روى عن سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب =

ص: 680

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وحنظلة بن علي الأسلمي وغيرهم، روى عنه الثوري والأوزاعي والإمام مالك وإسماعيل بن علية وغيرهم، وهو صدوق ربما أخطأ، قال هو عن نفسه:((كنت سيء الحفظ - أو: كنت لا أحفظ -، فرخّص لي سعيد بن المسيب في الكتابة))، وضعفه يحيى القطان، وقال أبو حاتم:((يكتب حديثه ولا يحتج به))، وقال الساجي:((صدوق يهم في الحديث))، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:((يخطئ))، ووثقه ابن معين، وقال النسائي:((ليس به بأس))، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (4/ 1618)، و"التهذيب"(6/ 161 رقم 327)، و"التقريب"(ص 339 رقم 3840).

(3)

في الأصل: (فعليها) والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" فإنه رواه من طريق المصنف.

[263]

سنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن حرملة من قبل حفظه.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(4/ 271 - 272) في الصيام، باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي، أخرجه من طريق المصنف، به، ولفظه بعد أن ذكر الآية:(قَالَ: هُوَ الْكَبِيرُ الَّذِي كَانَ يصوم فيعجز، والمرأة الحبلى يَشُقُّ عَلَيْهَا، فَعَلَيْهِمَا طَعَامُ مِسْكِينٍ لكل يَوْمٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ).

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 429 رقم 2764) من طريق حاتم بن إسماعيل، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، به نحوه.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى"(6/ 402) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، به نحوه.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(4/ 224 رقم 7585) من طريق شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن صفوان بن سليم، عن ابن المسيب قال: هي في الشيخ الكبير، إذا لم يطق الصيام، افتدى مكان كل يوم: إطعام مسكين مدًّا من حنطة.

ص: 681

264 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْف، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ

(1)

، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ، - يَعْنِي: مِنَ الَّذِينَ بَلَغُوا الْأَعْمَالَ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، فَمَنْ كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِهِ عِلَّة مِنْ مَرَضٍ أَوْ عُطاس، أوْ ذَا عِلَّة مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ مَعْذُورَةٍ، فَتَرَكَ الصِّيَامَ، أَوِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ: طَعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ، {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} ، يَعْنِي: يُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينَيْنِ، وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ذلك.

= لكن هذه متابعة لا يفرح بها، بل هي موضوعة، فإن شيخ عبد الرزاق إبراهيم ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبا إسحاق المدني كذاب، قال يحيى القطان: سألت مالكًا عنه: أكان ثقة؟ قال: لا، ولا ثقةً في دينه، وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه:((كان قدريًا معتزليًا جهميًا كل بلاءٍ فيه))، وقال مرة:((لا يكتب حديثه، ترك الناس حديثه، كان يروي أحاديث منكرة لا أصل لها، وكان يأخذ أحاديث الناس يضعها في كتبه))، وقال البخاري:((جهمي تركه ابن المبارك والناس))، وقال بشر بن المفضل:((سألت فقهاء المدينة عنه، فكلهم يقولون: كذاب))، وكذبه أيضًا يحيى بن سعيد القطان، وابن المديني، وابن معين، وأبو حاتم، وابن حبان، وقال البزار:((كان يضع الحديث، وكان يوضع له مسائل فيضع لها إسنادًا)) اهـ من "الجرح والتعديل"(2/ 125 - 127 رقم 390)، و"التهذيب"(1/ 158 - 161 رقم 284).

(1)

هو زياد بن أبي مريم الجَزَرِي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، وعنه عبد الكريم الجَزَري، وهو ثقة، وثقه العجلي والدارقطني وذكره ابن حبان في الثقات، وقد جمع البخاري بينه وبين زياد بن الجراح، فجعل اسم أبي مريم: الجراح، واختار أنهما رجل واحد، وتبعه على ذلك ابن حبان في الثقات، والأرجح أنهما اثنان، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر، وقَبْله أبو حاتم الرازي/ انظر "الجرح =

ص: 682

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والتعديل" (3 / 527) و 546 رقم 2383 و 2465) و"التهذيب" (3 / 384 - 385 رقم 701) .

ومنشأ اللبس بين هذين الراويين: أن عبد الكريم الجزري روى حديث ابن مسعود مرفوعًا: ((الندم توبة)) ، واختلف الرواة عن عبد الكريم، فمنهم من رواه عنه، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عن ابن مسعود، وقد تطرق لهذا الاختلاف جمع من المتقدمين والمتأخرين، ومنهم الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله، فإنه ذهب إلى الجمع بين الروايتين، فذكر هذا الاختلاف في حاشيته على "التاريخ الكبير" للبخاري (3 / 374 - 375) وحاشيته على "الموضح لأوهام الجمع والتفريق" للخطيب البغدادي (1 / 263) وأطال الكلام جدًا في حاشيته على "الموضح"، وفي الآخر قال: ((ويظهر لي أن الحديث سمعه عبد الكريم من كلا الرجلين - زياد بن أبي مريم، وزياد بن الجراح مولى عثمان-، فحدث به في الجزيرة عن ابن الجراح لأنه أشهر عندهم وأنبه، وله عقب عندهم، وكذلك بالحجاز؛ لأن مولى عثمان حجازي، ولذلك قال: زياد مولى عثمان، وحدث به في الكوفة عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، لأنه كوفي معروف عندهم

)) الخ، وهذا ما رآه الشيخ المعلمي: أن ابن أبي مريم كوفي، والذي في "التهذيب" و"التقريب"(ص 221 رقم 2099) ذكر أنه جَزَري، فلعله تحوّل إلى الكوفة.

[264]

سنده ضعيف؛ خصيف تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ ورواية عتاب بن بشير عنه منكرة، وهذا الحديث من روايته عنه.

ص: 683

265 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْران بْنِ حُدَيْر

(1)

، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ}

(2)

، وقال: لو كان: {يطيقونه} إِذًا صَامُوا.

266 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْر، عَنْ عِكْرِمَةَ، كَانَ يَقْرَأُ:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ} ، وَيَقْرَأُ: إِنَّ الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ هُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَهُ، وَالَّذِينَ (يُطَوَّقُونَهُ)

(3)

هُمُ الَّذِينَ ضَعُفُوا، عَلَيْهِمُ الْفِدْيَةُ.

(1)

= هو عمران بن حُدَيْر - بمهملات، مُصَغَّر-، أبو عُبيدة السَّدوسي البصري، روى عن أبي مجلز وأبي قلابة وأبي عثمان النَّهْدي وعبد الله بن شقيق وعكرمة وغيرهم، روى عنه هنا خالد بن عبد الله ومروان بن معاوية، وروى عنه أيضًا شعبة والحمّادان ووكيع وغيرهم، وهو ثقة ثقة، قال يزيد بن هارون:((أصدق الناس))، وذكره شعبة فقال:((كان شيئًا عجبًا)) كأنه يثبته، وقال الإمام أحمد:((بخ بخ ثقة))، وقال ابن المديني:((ثقة من أوثق شيخ بالبصرة)) ووثقه ابن سعد وابن معين وابن نمير وأحمد بن صالح والنسائي وغيرهم، زاد ابن سعد:((كثير الحديث))؛ وكانت وفاته سنة تسع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(6/ 296 - 297 رقم 1647) و"التهذيب"(8/ 125 رقم 217)، و"التقريب"(ص 429 رقم 5148).

(2)

في الأصل: ((يطيقونه))، والذي يظهر- والله أعلم - أن الصواب:((يُطَوَّقُونَهُ)) كما في باقي الروايات الآتية في التخريج، وبه يستقيم المعنى، وهي القراءة المشهورة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وعكرمة تلقّاها عن ابن عباس كما أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 430 رقم 2766) من طريق شيخه هَنَّاد ابن السَّري، عن علي بن مُسْهِر، عن عاصم بن سليمان الأحْوَل، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطوقونه فدية طعام مسكين} ، قال: فكان يقول: هي للناس اليوم قائمة.

وهذا إسناد صحيح. =

ص: 684

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال القرطبي في "تفسيره"(2/ 286 - 287): ((قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطيقونه}، وقرأ الجمهور بكسر الطاء وسكون الياء، وأصله (يطْوقونه) نُقلت الكسرة إلى الطاء، وانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وقرأ حُميد على الأصل من غير اعتلال، والقياس الاعتلال، ومشهور قراءة ابن عباس:((يُطَوَّقونه)؛ بفتح الطاء مخففة، وتشديد الواو، بمعنى: يُكَلَّفونه)) اهـ.

(3)

في الأصل: ((يطيقونه))، انظر التعليق السابق.

[265 و 266] سنداهما صحيحان.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 433) وعزاه للمصنف وأبي داود في "ناسخه" وابن جرير.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 430 رقم 2771) من طريق وكيع، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عكرمة قال:(الذين يطيقونه) يصومونه، ولكن الذين (يُطوَّقونه) يعجزون عنه.

وأخرجه أيضًا (3/ 433 رقم 2787) من طريق حماد بن سلمة، عن عمران ابن حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يقرؤها:(وعلى الذين يطيقونه) فأفطروا.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"(ص 99) من طريق حماد بن سلمة أيضًا، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عكرمة أنه كان يقرؤها:((وعلى الذين يُطَوَّقونه)) وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 236 رقم 562) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن أيوب، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:(وعلى الذين يطوّقونه) وقال: يكلفونه ولا يطيقونه.

وأخرجه ابن جرير برقم (2769) من طريق عبد الوهاب، عن أيوب، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية:((وعلى الذين يطوَّقونه) - وكذلك كان يقرؤها - أنها ليست منسوخة، كُلِّف الشيخ الكبير أن يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينًا.

وبنحو هذا اللفظ ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 433) وعزاه لوكيع وعبد بن حميد وابن الأنباري. =

ص: 685

267 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ

(1)

، وَخَالِدٍ

(2)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَفَسَّرَهَا، فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ قَرَأَ:{طَعَامُ مِسْكِينٍ}

(3)

.

(1)

هو ابن أبي تميمة السِّخْتِياني.

(2)

هو ابن مهران الحَذَّاء.

(3)

في الأصل: ((مساكين)) بلفظ الجمع، وما أثبته من الموضع الآتي من "الدر المنثور"، وهو الثابت عن ابن عباس كما سيأتي.

[267]

سنده حسن؛ لأن عبد الرحمن بن زياد صدوق كما في ترجمته في الحديث رقم [6].

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 434) وعزاه للمصنف فقط، ووقع فيه:(طعام مسكين) بلفظ الإفراد، بخلاف ما في الأصل هنا، ففيه:(مساكين) بلفظ الجمع، والذي يترجح لي - والله أعلم - أن لفظ الإفراد هو الصواب؛ فإنه جاء صحيحًا عن ابن عباس عند البخاري وغيره كما سيأتي، ولم يذكروا أنه قرأ بالجمع سوى ابن عمر ونافع وابن ذكوان كما في "فتح الباري"(8/ 181)، وابن عامر كما في "حجة القراءات"(ص 124)، وسيأتي عن ابن عمر برقم [270].

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(4/ 220 - 221 رقم 7572) عن معمر، عن أبان، عن ابن سيرين به نحوه، وفيه زيادة، ولم يذكر أنه قرأها على المنبر. وأخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 179 رقم 4505) في التفسير، باب: (أيامًا معدودات

) الآية، من طريق زكريا بن إسحاق، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عطاء سمع ابن عباس يقرأ:(وعلى الذين يطوَّقونه فدية طعام مسكين)، قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فليطعمان مكان كل يوم مسكينًا. =

ص: 686

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه النسائي في "سننه"(4 / 190 - 191) في الصيام، باب تأويل قول الله عز وجل {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فدية طعام مسكين} وفي "التفسير"(1 / 218 - 219 و 220 رقم 38 و 39) .

والطبراني في "الكبير"(11 / 168 رقم 11388) .

والدارقطني في "سننه"(2 / 205) .

والحاكم في "المستدرك"(1 / 440) .

والبيهقي في "سننه"(4 / 271) في الصيام، باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي.

جميعهم من طريق وَرْقاء، عن أبي نجيح، عن عمرو بن دينار، به بنحو لفظ البخاري، إلا أنه سقط من بعض أسانيد النسائي ابن أبي نجيح.

وصححه الدارقطني.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3 / 431 و 433 رقم 2778 و 2785) من طريق حماد بن سلمة وابن أبي نجيح، كلاهما عن عمرو بن دينار، به. وللحديث عند ابن جرير طرق أخرى عن ابن عباس، فأخرجه برقم (2762) من طريق عطية العوفي، ورقم (2763 و 2767 و 2776 و 2777 و 2781) من طريق مجاهد، ورقم (2766 و 2783) من طريق عكرمة، ورقم (2780) من طريق علي بن أبي طلحة، جميعهم عن ابن عباس به بلفظ الإفراد، مع زيادة في ألفاظهم في ذكر الذي يطعم.

قال أبو زرعة ابن زَنْجلة في "حجة القراءات"(ص 124 - 125) :

((حجتهم في التوحيد في (المسكين) : أن في البيان على حكم الواحد في ذلك: البيانَ عن حكم جميع أيام الشهر، وليس في البيان عن حكم إفطار جميع الشهر البيانُ عن حكم إفطار اليوم الواحد، فاختاروا التوحيد لذلك؛ إذ كان أوضح في البيان

، وحجة من قرأ:(مساكين) قوله قبلها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذين من قبلكم} ، ثم قال:(أيامًا معدودات) ، =

ص: 687

268 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ

(1)

، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: هِيَ منسوخة.

= فإذا كان ذلك كذلك، فالواجب أن تكون القراءة في (المساكين) على الجمع، لا على التوحيد، وتأويل الآية:(وعلى الذين يطيقونه فدية أيام يفطر فيها إطعام مساكين)، ثم تحذف (أيامًا) وتقيم (الطعام) مكانها)). اهـ.

وانظر الحديث الآتي برقم [269].

(1)

هو ابن زياد، صدوق كما تقدم في الحديث السابق.

[268]

سنده حسن لذاته، لكنه معلول من هذا الطريق، فإن عبد الرحمن بن زياد الرصاصي قد أخطأ فيه فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرة، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، من قوله، واختصر متن الحديث، ولم يوافقه أحد من الرواة على ذلك، وإن كان أصل الحديث قد اختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا كما سيأتي نقله عن الحافظ ابن حجر.

فالحديث مداره على عمرو بن مُرَّة، وروي عنه من ثلاثة طرق:

(1)

طريق شعبة، عنه، وله عن شعبة أربعة طرق:

أ - طريق عبد الرحمن بن زياد الرَّصَاصي هذا الذي أخرجه المصنف عنه.

ب - طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة.

أخرجه أبو داود في "سننه"(1/ 344 - 347 رقم 506) في الصلاة، باب كيف الأذان.

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 415 - 416 و 419 رقم 2731 و 2734).

كلاهما من طريق شيخهما محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرة قال سمعت ابن أبي ليلى قال

، فذكر حديثًا طويلاً في الأذان والصيام، وفيه يقول ابن أبي ليلى: وحدثنا أصحابنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام، ثم أنزل رمضان، وكانوا قومًا لم يتعوَّدوا الصيام، =

ص: 688

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وكان الصيام عليهم شديدًا، فكان من لم يصم أطعم مسكينًا، فنزلت هَذِهِ الْآيَةِ:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الصيام فليصمه} فكانت الرخصة للمريض والمسافر، فأمروا بالصيام.

هذا سياق أبي داود، وأخرجه مقرونًا برواية عمرو بن مرزوق الآتية، عن شعبة.

وأما الطبري، فإنه ساق سنده مثل سياق أبي داود إلى عمرو بن مرة، قال: حدثنا أصحابنا

، فذكر الحديث مقتصرًا على موضع الشاهد منه وهو ما يتعلق بالصيام، بنحو رواية أبي داود.

وهذا السياق قد يتوهم منه أن عمرو بن مرة هو القائل: (حدثنا أصحابنا)، لكن ابن جرير ساق بعده ما يفيد أن قائل ذلك هو ابن أبي ليلى، فقال:(قال أبو موسى - يعني: محمد بن المثنى -: قوله: قال عمرو بن مرة: حدثنا أصحابنا، يريد ابن أبي ليلى، كأن ابن أبي ليلى القائل: حدثنا أصحابنا). اهـ.

جـ- طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة.

أخرجه أبو داود مقرونًا برواية محمد بن جعفر السابقة.

د- طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، بنحو رواية محمد بن جعفر.

أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 416 و 419 رقم 2732 و 2735).

فجميع هؤلاء الرواة الثلاثة خالفوا عبد الرحمن الرصاصي في إسناد الحديث، فرووه موصولاً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، قال: حدثنا أصحابنا، بينما رواه عبد الرحمن بن زياد موقوفًا على ابن أبي ليلى.

ورواية محمد بن جعفر غندر كافية في ترجيح ما ذكره على رواية عبد الرحمن بن زياد؛ لأنه من أوثق الناس في شعبة كما في ترجمته في الحديث [167].

(2)

طريق المسعودي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة، عن عمرو بن مرة.

أخرجه أبو داود في الموضع السابق برقم (507).

وابن جرير (3/ 414 و 419 رقم 2729 و 2733).

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 116 / ب). =

ص: 689

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والحاكم في "المستدرك"(1/ 274).

والبيهقي في "سننه"(4/ 200) في الصيام، باب ما قيل في بدء الصيام إلى أن نسخ بفرض صوم شهر رمضان.

أما أبو داود فمن طريق أبي داود الطيالسي ويزيد بن هارون، وأما ابن جرير فمن طريق يونس بن بكير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يزيد بن هارون، وأما الحاكم فمن طريق هاشم بن القاسم، وأما البيهقي فمن طريق عاصم بن علي، جميعهم عن المسعودي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن معاذ بن جبل قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر. ثم إن الله عز وجل فرض شهر رمضان، فأنزل الله تعالى ذكره:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم الصيام} حتى بلغ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مسكين} ، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا. ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، ومن كان مريضًا أو على سفر} إلى آخر الآية، واللفظ لابن جرير. قال الحاكم:((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي.

وقال البيهقي: ((هذا مرسل؛ عبد الرحمن لم يدرك معاذ بن جبل)).

قلت: والصواب رواية من رواه عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد وهو قد اختلط كما في ترجمته في الحديث رقم [51]، وجميع الذين رووا عنه هذا الحديث هنا هم ممن روى عنه بعد ما اختلط، سوى يونس بن بكير فلم أجد من نص على أنه روى عنه قبل الاختلاط أو بعده.

(3)

طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة.

أخرجه البخاري في "صحيحه" تعليقًا (4/ 187) في الصوم باب، {وعلى الذين يطيقونه فدية} ، فقال: وقال ابن نمير: حدثنا الأعمش، حدثنا عمرو بن مرّة، =

ص: 690

269 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا لَيْث، عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:{فِدْيَةُ طَعَامِ مَسَاكِينَ} .

= حَدَّثَنَا ابن أبي ليلى، حدثنا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم: نزل رمضان فشقّ عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم ممن يطيقه، ورُخِّص لهم في ذلك، فنسختها:(وأن تصوموا خير لكم)، فأمروا الصوم.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 117 / ب).

والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".

وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(4/ 188) أن أبا نعيم أخرجه في "مستخرجه"، ثم أخرجه ابن حجر في "تغليق التعليق"(3/ 185) من طريق أبي نعيم.

أما ابن أبي حاتم فمن طريق عيسى بن يونس، وأما البيهقي وأبو نعيم فمن طريق ابن نمير، كلاهما عن الأعمش، به نحو سياق البخاري.

وهذا الطريق أرجح من طريق المسعودي؛ لما تقدم عن حال المسعودي، ويؤيد هذا الطريق رواية شعبة السابقة.

قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح": ((واختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا، وطريق ابن نمير هذه أرجحها)).

ويشهد للحديث ما أخرجه البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (1949) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قرأ: (فدية طعام مساكين)، قال: هي منسوخة.

وسيأتي هذا عن ابن عمر برقم [270].

وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذه الطرق، لكن من رواية عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عن بعض الصحابة الذين لم يسمِّهم، والله أعلم.

[269]

ومنكر عن ابن عباس، فليث بن أبي سليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًا، ولم يتميز حديثه فتُرك، ومع ذلك فالثابت عن ابن عباس أنه قرأها:(مسكين) بلفظ الإفراد كما سبق بيانه في الحديث رقم [267].

ص: 691

270 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ

(1)

، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يقرأ:(فدية طعام مساكين).

(1)

هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العُمَري، أبو عثمان المدني، أحد الفقهاء السبعة، روى عن أبيه وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه أخوه عبد الله وجرير بن حازم والحمّادان والسفيانان وشعبة وهشيم وغيرهم، وهو ثقة ثبت، قدّمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على: الزهري عن عروة عنها، وقال أبو حاتم: سألت أحمد بن حنبل عن مالك وعبيد الله وأيوب، أيهم أثبت في نافع؟ فقال: عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية))، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث حجة، وقال النسائي، ((ثقة ثبت))، ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم، وروى له الجماعة، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائة، وقيل: أربع أو خمس وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(5/ 326 - 327 رقم 1545)، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 885 - 886)، و"التهذيب"(7/ 38 - 40 رقم 71) و"التقريب"(ص 373 رقم 4324).

[270]

سنده فيه هشيم وهو مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [8]، ولم يصرح بالسماع هنا، لكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح رواه البخاري في "صحيحه"(4/ 187 - 188 رقم 1949) في الصوم، باب:(وعلى الذين يطيقونه فدية)، و (8/ 180 - 181 رقم 4506) في التفسير، باب:(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).

وابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 19).

ومن طريقه البيهقي في "سننه"(4/ 200) في الصيام، باب ما كان عليه حال الصيام.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 420 - 421 رقم 2740).

والبيهقي في الموضع السابق. =

ص: 692

271 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ:: نا هُشَيْمٌ، عَنْ عبَّاد بْنِ رَاشِدٍ، وَغَيْرِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ}]

272 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عبَّاد بْنُ رَاشِدٍ

(1)

، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ: يَقْرَأُ: (وَلِتُكْمِلُوا العدة)

(2)

.

= أما البخاري والبيهقي في إحدى رواياته فمن طريق عبد الأعلى، وأما الباقون فمن طريق عبد الوهاب الثقفي، فكلاهما عن عبيد الله بن عمر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قرأ:(فدية طعام مساكين)، قال: هذه منسوخة.

واللفظ للبخاري.

[271]

سنده ضعيف، فهشيم مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [8] ولم يصرح بالسماع هنا.

(1)

تقدم في الحديث [183] أنه صدوق.

(2)

لم تضبط في الأصل.

[272]

سنده حسن لذاته.

وقوله تعالى: {ولتُكْمِلوا} قرأه أبو بكر بن عياش: (ولتكمِّلوا) بالتشديد من (كمَّل يكمِّل)، وحجته قول الناس:(تكملة الثلاثين) وجاء عنه أنه قال: شددتها لقوله: ((ولتُكبِّروا الله).

وقرأ الباقون بالتخفيف من (أكمَل يُكْمِل)، وحجتهم قَوْلُهُ تَعَالَى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينكم} ، وهما لغتان مثل:(كرَّمت وأكرمت)، قال الله تعالى:{ولقد كرَّمنا بني آدم} ، وقال:{أكرمي مثواه} اهـ. من "حجة القراءات"(ص 126). فلست أدري، هل قراءة الحسن البصري بالتشديد، أو بالتخفيف؟

ص: 693

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}]

273 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَاب

(1)

، عَنْ لَيْث، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، - فِي هَذِهِ الْآيَةِ:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} -، قَالَ: مَنْ أَدْرَكَهُ رمضانُ فِي أَهْلِهِ، ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ، فَلْيَصُمْ.

=

(1)

هو عبد ربه بن نافع.

[273]

سنده ضعيف جدًا، فليث بن أبي سليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًا فلم يتميز حديثه فتُرك، وشيخه مبهم لا يُدرى من هو؟ ومتن الحديث مخالف لما صحّ من سنة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بل لما صحّ عن ابن عمر نفسه كما سيأتي نقله عن الحافظ ابن حجر.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 459) بمثله، وعزاه للمصنف فقط. وأشار إليه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 120 / أ).

وقد ذكر ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 449 - 451) بعض الآثار التي وردت بهذا المعنى: أن من دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم في داره، فعليه صوم الشهر كله، غاب بعدُ فسافر، أو أقام فلم يبرح، ثم حكم على هذا القول بالبطلان والفساد محتجًّا بتظاهر الأخبار عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه خرج عام الفتح من المدينة في شهر رمضان بعد ما صام بعضه، وأفطر، وأمر أصحابه بالإفطار، ثم ساق بسنده ما يدلّ على ذلك، ومنه ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(4/ 180 رقم 1944) في الصوم، باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر.

ومسلم في "صحيحه"(2/ 784 رقم 88) في الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر.

كلاهما من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام، حتى بلغ الكَدِيْدَ أفطر، فأفطر الناس. اهـ واللفظ =

ص: 694

274 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُعْتَمر بن سليمان، عن

(1)

[ل 114/ب] أَبِيهِ

(2)

، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ

(3)

، قَالَ: إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَلَا يُسَافِرَنَّ فِيهِ أَحَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَصُمْ إِذَا سافر.

= للبخاري.

قال أبو عبد الله البخاري: والكَديد مَاءٌ بين عُسفان وقُدَيد.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(4/ 180) في شرحه لهذا الحديث عند البخاري: ((قوله باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر) أي: هل يباح له الفطر أو لا؟ وكأنه أشار إلى تضعيف ما روي عن علي، وإلى ردّ ما روي عن غيره في ذلك. قال ابن المنذر: روي عن علي بإسناد ضعيف، وقال به عَبيدة بن عمرو، وأبو مجْلَز وغيرهما، ونقله النووي عن أبي مِجْلَز وحده، ووقع في بعض الشروح، أبو عبيدة، وهو وهم، قالوا: إن من استهلّ عليه رمضان في الحضر، ثم سافر بعد ذلك، فليس له أن يفطر؛ لقوله تَعَالَى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فليصمه} قال: وقال أكثر أهل العلم: لا فرق بينه وبين من استهلّ رمضان في السفر، ثم ساق ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عمر قال - في قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشهر فليصمه} -: نسخها قوله تعالى: {ومن كان مريضًا أو على سفر

} الآية، ثم احتجّ الجمهور بحديث ابن عباس المذكور في هذا الباب)) اهـ. وانظر الحديث الآتي.

(1)

قوله: (عن) مكرر في الأصل.

(2)

هو سليمان بن طَرْخَان التَّيْمي.

(3)

هو لاحِقُ بن حُمَيْد.

[274]

سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 18) من طريق سهل بن يوسف، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مجلز، قال: إذا دخل شهر رمضان فلا يخرج، فإن أبى إلا أن يخرج، فليتمّ صومه.

وانظر التعليق على الحديث السابق.

ص: 695

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ]

275-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَا لَمْ يَنَمْ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَحَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ إِلَى مِثْلِهَا، فَأَصَابَ رَجُلٌ مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلَاثًا-، ثُمَّ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} .

[275] هو ضعيف لإرساله، فعكرمة تابعي لم يشهد الحادثة، وسنده إلى عكرمة صحيح، وأصل الحديث صحيح كما سيأتي.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1 / 71) من طريق معمر، عن إسماعيل بن شروس، عن عكرمة أن رجلاً - قد سماه لي فنسيته - مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من الأنصار جاء ليلة وهو صائم، فقالت له امرأته: لا تنم حتى نصنع لك طعامًا، فنام، فجاءت، فقالت: نمت والله، قال: لا والله ما نمت، قالت: بلى والله، فلم يأكل تلك الليلة شيئًا، وأصبح صائمًا يغشى عليه، فأنزلت الرحمة فيه.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3 / 500 رقم 2946)، إلا أنه وقع عنده:((فأنزلت الرخصة فيه)) .

وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 503 رقم 2951) من طريق ابن جريج، عن عكرمة، فذكره بمعناه، وفيه زيادة.

وأصل القصة وسبب النزول صحيح من غير طريق عكرمة.

أخرجه البخاري في "صحيحه"(4 / 129 رقم 1915) في الصوم، باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام

} الآية، وفي التفسير (8 / 181 رقم 4508) باب (أحل لكم ليلة الصيام

) الآية، من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أصحاب محمد صلى الله عيه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى =

ص: 696

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ}]

276 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ

(1)

، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ

(2)

عَنْ قَوْلِهِ عز وجل: {وَابْتَغُوا مَا كتب الله لكم} ، قَالَ: يَعْنِي الْوَلَدَ.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}]

277 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُصين

(3)

، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِي بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ

= يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلبُ لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خَيْبَة لك، فلم انتصف النهار غُشي عليه، فذُكر ذلك للني صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَتْ هذه الآية:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نسائكم} ففرحوا بها فرحًا شديدًا ونزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} .

(1)

تقدم في الحديث رقم [6] أنه صدوق.

(2)

هو ابن عُتَيبة.

[276]

سنده حسن، وهو صحيح لغيره، فإن عبد الرحمن بن زياد لم ينفرد به.

فقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 506 رقم 2965 و 2966) من طريق إسماعيل بن زياد الكاتب، وسهل بن يوسف، وأبي داود الطيالسي، ثلاثتهم عن شعبة، به مثله، إلا أن إسماعيل بن زياد شذّ، فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مجاهد.

(3)

هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، تقدم في الحديث رقم [56] أنه ثقة تغيّر حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل =

ص: 697

لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ}، عَمَدْتُ إِلَى عِقَالَين أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَقُومُ اللَّيْلَ، فَلَا أَتَبَيَّنُ الْأَبْيَضَ مِنَ الْأَسْوَدِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، غَدَوْتُ عَلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ، فَضَحِكَ، وَقَالَ:((إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ، إِنَّمَا ذَاكَ (سَوَادُ الليل وبياض النهار)))

(2)

.

= الاختلاط كما في الحديث [91].

(2)

في الأصل: (سواد النهار وبياض الليل) وهو تصحيف ظاهر، وجاء على الصواب في مصادر التخريج والموضع الآتي من "الدر المنثور".

[277]

سنده صحيح، وقد اتفق الشيخان على إخراجه كما سيأتي.

وذكره السيوطي في "الدر"(1/ 480) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.

ومدار الحديث على عامر الشعبي، وله عنه أربعة طرق.

(1)

طريق حصين بن عبد الرحمن السلمي عنه.

أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم، عنه.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 377).

والبخاري في "صحيحه"(4/ 132 رقم 1916) في الصوم، باب قول الله تعالى:{وكلوا واشربوا} الآية.

والترمذي في "سننه"(8/ 308 - 309 رقم 4050) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.

وابن خزيمة في "صحيحه"(3/ 209 رقم 1925).

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 53).

والبيهقي في "سننه"(4/ 215) في الصيام، باب الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم. =

ص: 698

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جميعهم من طريق هشيم، عن حصين، به نحوه، إلا ابن خزيمة فلفظه مختصر.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 28).

ومن طريق مسلم في "صحيحه"(2/ 766 - 767 رقم 33) في الصيام، باب بيان أن الدخول في الصيام يحصل بطلوع الفجر

وأخرجه أبو داود في "سننه"(2/ 760 رقم 2349) في الصوم، باب وقت السحور.

ومن طريقه الخطابي في "غريب الحديث"(1/ 231).

وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق.

جميعهم من طريق عبد الله بن إدريس، عن حصين، به نحوه.

وأخرجه أبو داود مقرونًا بالرواية السابقة.

ومن طريقه الخطابي في الموضع السابق.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(17/ 79 رقم 176).

كلاهما من طريق حصين بن نمير، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، به نحوه.

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 182 رقم 4509) في التفسير، باب: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيط الأبيض

) الآية، أخرجه من طريق أبي عوانة عن حصين، به نحوه، ولم يذكر قوله:((إِنَّمَا ذَاكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النهار)).

وأخرجه الدارمي في "سننه"(1/ 338 رقم 1701) من طريق شريك، عن حصين، به بمعناه.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 11 رقم 2986) من طريق أبي بكر بن عياش، عن حصين، به مختصرًا.

(2)

طريق مُطَرِّف بن طرِيف، عن عامر الشعبي.

أخرجه البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (4510).

والنسائي في "سننه"(4/ 148) في الصيام باب تأويل قول الله تعالى: {وكلوا =

ص: 699

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبيض

} الآية، وفي التفسير (1/ 222 رقم 41).

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 512 - 513 رقم 2989).

وابن خزيمة في "صحيحه"(3/ 209 رقم 1926).

والخطابي في "غريب الحديث"(1/ 232).

والطبراني في الموضع السابق برقم (177 و 178).

جميعهم من طريق مطرف، عن الشعبي، به نحوه مختصرًا.

(3)

طريق مجالد عن عامر الشعبي، به نحوه.

أخرجه الحميدي في "مسنده"(2/ 407 رقم 916).

والإمام أحمد في "المسند"(4/ 377).

والترمذي في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير من "سننه"(8/ 310 - 311 رقم 4051 و 4052).

وابن جرير في الموضع السابق برقم (2987 و 2988).

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 122 / ب).

والطبراني في الموضع السابق برقم (172 و 173 و 174 و 175).

(4)

طريق سماك عن عامر الشعبي، بنحوه.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(17/ 80 رقم 179).

(فائدة): قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4/ 132):

((قوله: لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ من الخيط الأسود من} عمدت .. إلخ، ظاهره عن عديًا كان حاضرًا لما نزلت هذه الآية، وهو يقتضي تقدم إسلامه، وليس كذلك؛ لأن نزول فرض الصوم كان متقدمًا في أوائل الهجرة، وإسلام عدي كان في التاسعة، أو العاشرة كما ذكره ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي، فأما أن يقال: إن الآية التي في حديث الباب تأخر نزولها عن نزول فرض الصوم وهو بعيد جدًا، وإما أن يُؤَوَّلَ قولُ عَدِيٍّ هذا =

ص: 700

278-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عز وجل:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} -، قَالَ: إِذَا تَسَحَّرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا، وَقَدْ كَانَ طَلَعَ الْفَجْرُ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} . وَإِذَا أَكَلَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ وَلَمْ تَغِبْ، فَلْيَقْضِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .

= على أن المراد بقوله: ((لما نزلت)) أي: لما تليت عليّ عند إسلامي، أو: لما بلغني نزول الآية، أو في السياق حذف تقديره: لما نزلت الآية ثم قدمت فأسلمت علمني الشرائع، عمدت

، وقد روى أحمد حديث من طريق مجالد بلفظ: علمني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصلاة والصيام، فقال: صل كذا وصم كذا، فإذا غابت الشمس فكل حتى يتبين لك الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، قال فأخذت خيطين

الحديث} اهـ والله أعلم.

[278]

سنده صحيح، وانظر الكلام عن رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في الحديث رقم [184] .

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(4 / 177 رقم 7389) .

وابن أبي شيبة (3 / 23 و 24) .

وابن حزم في "المحلى"(6 / 333) .

أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما ابن أبي شيبة وابن حزم فمن طريق سفيان ابن عيينة، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحوه، إلا أن عبد الرزاق لم يذكر الآية، وابن أبي شيبة قطعه في الموضعين، ولم يذكر في الآية سوى قوله:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ، واقتصر ابن حزم على شطر الحديث الأول، ولم يذكر باقيه من قوله: (وإذا أكل

) الخ.

ص: 701

279 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ

(1)

، وَمَنْصُورٌ

(2)

، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الجَزَّار

(3)

، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ رَجُلٍ تسحَّر وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا، وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ، قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ أول النهار فليأكل آخره.

=

(1)

هو ابن مِهْران الحَذَّاء.

(2)

هو ابن زَاذَان.

(3)

هو يحيى بن الجَزَّار العُرَني - بضم المهملة وفتح الراء ثم نون-، الكوفي، لقبه زَبَّان، وقيل زَبَّان أبوه، وهو يروي عن ابن عباس والحسن بن علي وعائشة وأم سلمة ومسروق وغيرهم، روى عنه الحكم بن عتيبة وحبيب بن أبي ثابت وعمرو بن مرَّة وغيرهم، وهو ثقة رمي بالغلو في التشيع، قال ابن سعد:((كان يغلو في التشيع، وكان ثقة وله أحاديث))، وقال العجلي:((كوفي ثقة كان يتشيع))، وقال الجوزجاني:((كان غاليًا مفرطًا)) ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم والنسائي.

وهو يروي هنا عن ابن مسعود ولا أظنه سمع منه، فإنهم لم يذكروا في ترجمته أنه روي عن ابن مسعود، بل لم يرو عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه سوى ثلاثة أحاديث وبعضهم يرى أنه لم يرو عنه شيئًا، مع أن ابن مسعود رضي الله عنه توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وعلي رضي الله عنه قتل سنة أربعين للهجرة، قال شعبة:((لم يسمع يحيى بن الجزار من علي إلا ثلاثة أحاديث))، وقيل للإمام أحمد: هل سمع من علي؟ قال: لا. اهـ من "الجرح والتعديل"(9/ 123 رقم 561)، و"الكاشف"(3/ 251 رقم 6248) و"التهذيب"(11/ 191 - 192 رقم 323) و (6/ 28) و (7/ 338).

والراوي عن يحيى هنا هو محمد بن سيرين، ولم أجد من نصّ على أنه روى عنه، وسماعه منه محتمل؛ فإنهما في طبقة واحدة، فكلاهما من الطبقة الثالثة كما في "التقريب"(ص 483 و 588 رقم 5948 و 7519). =

ص: 702

280 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ

(1)

، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: يُتِمُّ صَوْمَهُ وَلَا شيء عليه.

[279] سنده ضعيف للانقطاع بين يحيى بن الجَزَّار وابن مسعود.

وقد أخرجه البيهقي في "سننه"(4/ 216) في الصيام، باب من أكل وهو يرى أن الفجر لم يطلع، ثم بان أنه كان قد طلع، من طريق المصنف، به مثله سواء، إلا أنه قال:(فقال: من أكل) و: (من آخره).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 23) من طريق وكيع، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سيرين قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ أكل أول النهار فليأكل آخره.

كذا رواه ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، ولم يذكر يحيى بن الجزار، والصواب إثباته؛ لأن خالدًا الحذّاء ومنصور بن زاذان قد اتفقا على إثباته.

(1)

هو ابن زاذان.

[280]

سنده صحيح عن ابن سيرين والحسن.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(4/ 216) في الصيام، باب من أكل وهو يرى أن الفجر لم يطلع، ثم بان أنه كان قد طلع، أخرجه من طريق المصنف، به مثله سواء، إلا أنه قال: (قال وقال الحسن

).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 23) من طريق إسماعيل بن عُلَية، عن ابن عون، أن محمدًا - يعني ابن سيرين - تَسَحَّرَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ ليلاً، ثم استبان له أنه تسحّر بعدما أصبح فقال: أما أنا اليوم فمفطر.

وأخرجه أيضًا في الموضع نفسه من طريق سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن في رجل تسحّر وهو يرى أنه عليه ليلاً، قال: يتم صومه.

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى"(6/ 333) عن الحسن فقط موصولاً، وأشار إلى قول ابن سيرين.

ص: 703

281 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (عُمَرُ)

(1)

بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ السُّلَمي - مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ

(2)

-، عَنِ النُّعمان بْنِ الْمُنْذِرِ الغَسَّاني

(3)

، عَنْ مَكْحُول

(4)

، قَالَ: سُئِلَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ تسحَّر وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا وَقَدْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ، قَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صَامَهُ وِقِضَى يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلْيَأَكُلْ مِنْ آخِرِهِ؛ فقد أكل من أوله.

(1)

في الأصل: عمرو، والتصويب من "سنن البيهقي"(4/ 216)، ومن مواضع ترجمته الآتية.

(2)

هو عمر بن عبد الواحد بن قيس السُّلَمي، أبو حَفْص الدِّمشقي، يروي عن يحيى ابن الحارث الذّماري والأوزاعي والإمام مالك والنعمان بن المنذر وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا هشام بن عمار وأبو مسهر ودُحَيم وإسحاق بن راهويه وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن سعد والعجلي ودحيم وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة ومائة، ووفاته سنة مائتين. / انظر "تاريخ الثقات"(ص 359 رقم 1240) و"تهذيب الكمال" المخطوط (2/ 1018)، و"التهذيب"(7/ 479 رقم 794)، و"التقريب"(ص 415 رقم 4943).

(3)

هو النعمان بن المنذر الغَسَّاني، أبوالوَزِير الدِّمَشقي، روى عن عطاء ومجاهد والزهري وطاوس ومكحول وغيرهم، روى عنه محمد بن الوليد الزَّبيدي وسويد ابن عبد العزيز والهيثم بن حميد ويحيى بن حمزة وغيرهم، وهو صدوق رمى بالقدر، وثقه أبو زرعة، وقال دحيم:((ثقة إلا أنه يرمى بالقدر))، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي:((ليس بذاك القوي))، وقال أبو داود:((ضرب أبو مسهر على حديث النعمان بن المنذر، فقال له يحيى بن معين: وفقك الله تعالى))، قال أبو داود:((وكان داعية في القدر، وضع كتابًا يدعو فيه إلى القدر)) وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة اهـ من "الجرح والتعديل"(8/ 447 رقم 2055) و"التهذيب"(10/ 457 رقم 828)، و"التقريب" (ص 564 =

ص: 704

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 7164).

(4)

هو مكحول أبو عبد الله الشَّامي، ثقة فقيه مشهور، روى عن أنس بن مالك وواثلة بن الأسقع وأبي أمامة وأبي هند الدّاري وجُبير بن نفير وسليمان بن يسار وغيرهم، روى عنه الأوزاعي وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وحجّاج بن أرطأة والنعمان بن المنذر وغيرهم، وقد وثقه العجلي، وقال الزهري: العلماء أربعة: سعيد بن المسيب بالمدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن بالبصرة، ومكحول بالشام، وقال سعيد بن عبد العزيز:((كان مكحول أفقه من الزهري، مكحول أفقه أهل الشام))، وقال ابن عمار:((كان مكحول إمام أهل الشام))، وقال أبو حاتم:((ما أعلم بالشام أعلم من مكحول))، وقال ابن يونس:((كان فقيهًا عالمًا))، وقال ابن خراش:((شامي صدوق، وكان يرى القدر)) وقال الأوزاعي: ((لم يبلغنا أن أحدًا من التابعين تكلم في القدر إلا هذين الرجلين: الحسن ومكحول، فكشفنا عن ذلك فإذا هو باطل))، قال الذهبي عقب ذكره لقول الأوزاعي هذا:((قلت: يعني رجعا عن ذلك))، واختُلف في سنة وفاة مكحول، فقيل: سنة اثنتي عشرة ومائة، وقيل سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة، وقيل سنة ست عشرة، وقيل سنة ثمان عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل"(8/ 407 - 408 رقم 1867) و"سير أعلام النبلاء"(5/ 155 - 160) و"التهذيب"(10/ 289 - 293 رقم 509) و"التقريب"(ص 545 رقم 6875).

قلت: وقد وُصف مكحول بالتدليس وكثرة الإرسال.

أما التدليس فوصفه به البزّار وابن حبان، وأكّده الذهبي حين قال في "الميزان" (4/ 177):((صاحب تدليس))، وذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"(ص 113 رقم 108) وهم الذين أكثروا من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع.

وأما الإرسال فوصفه به كثير من الأئمة كما في مصادر ترجمته السابقة، وهو هنا يروي عن أبي سعيد الخدري ولم يذكروا أنه روى عنه بل لم يذكروا =

ص: 705

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}]

282 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، (عَنِ)

(1)

ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ} - قَالَ: لَا تُخَاصِمْ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أنك ظالم.

= أنه روى عن صحابي سوى أنس بن مالك، وسوى واثلة بن الأسقع وأبي أمامة وأبي هند الداري على خلاف في هؤلاء الثلاثة، فأبو مسهر يرى أنه لم يسمع إلا من أنس كما نقل ذلك عنه أبو حاتم، وأما الترمذي فيرى أنه سمع من واثلة ابن الأسقع وأنس وأبي هند الدَّاري، قال الترمذي:((ويقال إنه لم يسمع من واحد من الصحابة إلا منهم))، ويرى الذهبي أنه لم يسمع من أبي هند، وأنه سمع من أبي أمامة، وانظر "جامع التحصيل"(ص 352 - 353).

[281]

سنده ضعيف للانقطاع بين مكحول وأبي سعيد الخدري.

وقد أخرجه البيهقي في "سننه"(4/ 216) في الصيام، باب من أكل وهو يرى أن لفجر لم يطلع ثم بان أنه كان قد طلع، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:((وقد طلع الفجر))، و:((إن كان شهر رمضان)).

(1)

ما بين القوسين سقط من الأصل، ولا بد من العبارة، فهذا الإسناد يروي المصنف كثيرًا من طريقه كما سبق في الحديث [278] وغيره.

[282]

سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث رقم [184]. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 489) وعزاه للمصنف سعيد ابن منصور وعبد بن حميد.

وهو في "تفسير مجاهد"(ص 97 - 98) من رواية آدم، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به نحوه. =

وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (3/ 550 رقم 3060 من طريق عيسى ابن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.

ص: 706

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَيْسَ البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}]

283 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَلَيْسَ

(1)

البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} - قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَتَى الْبَيْتَ مِنْ بُيُوتِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، أَوْ بَنِي عَمِّهِ، رَفَعَ الْبَيْتَ مِنْ خَلْفِهِ، - أَيْ بُيُوتَ الشَّعَر -، ثُمَّ يَدْخُلُ، فنُهوا عَنْ ذَلِكَ، وَأُمِرُوا أَنْ يَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا، ثُمَّ يسلِّموا.

= وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 550 رقم 3060) من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.

وعلّقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 124 / أ).

(1)

في الأصل: (ليس البر أن).

[283]

سنده ضعيف؛ مغيره بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه كان يدلس لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح بالسماع، ولو صرح لما صح الحديث من هذا الطريق، بل هو مرسل، فإبراهيم يحدث عن شيء لم يشهده، لكن قد صح الحديث عن البراء بن عازب كما سيأتي.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 492) وعزاه للمصنف فقط، ولفظه مثله سواء، إلا أنه قال:(أو ابن عمه).

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 557 - 558 رقم 3080) من طريق جرير، عن مغيرة، به مختصرًا.

وأصل الحديث في "الصحيحين".

فقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(3/ 621 رقم 1803) في العمرة، باب قول الله تعالى:{وأتوا البيوت من أبوابها} ، و (8/ 183 رقم 4512) في التفسير، باب: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ من ظهورها

} الآية.

ص: 707

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}]

284 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(1)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا، فَبَدَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ

(2)

، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا تَقُولُ فِي الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَدْرِي مَا الفِتْنَةُ ثَكَلَتْكَ أمُّكَ؟! إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ بِقِتَالِكُمْ عَلَى المُلْك.

= ومسلم في "صحيحه"(4/ 2319 رقم 23) في التفسير.

كلاهما من طريق أبي إسحاق السبيعي، قال: سمعت البراء رضي الله عنه يقول: نزلت هذه الآية فينا، كانت الأنصار إذا حجوا فجاءوا، لم يدخلوا من قبل أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها، فجاء رجل من الأنصار فدخل من قبل بابه، فكأنه عُيِّرَ بذلك، فنزلت:{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها} .

وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذا الشاهد، والله أعلم.

(1)

هو وَبَرة - بالموحّدة المحركة - ابن عبد الرحمن المُسْلي - بضم أوله وسكون المهملة بعدها لام -، أبو خُزيمة أو أبو العباس الكوفي، روى عن ابن عباس وابن عمر وأبي الطُّفيل والشعبي وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي والأعمش وبيان بن بشر وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين والعجلي وأبوزرعة، وكانت وفاته سنة ست عشرة ومائة اهـ من "الجرح والتعديل"(9/ 42 رقم 176) و"التهذيب"(11/ 111 رقم 194) و"التقريب"(ص 580 رقم 7397).

(2)

اسمه: ((حكيم)) كما في رواية الإمام أحمد وابن أبي حاتم وأبي نعيم والبيهقي =

ص: 708

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الآتية وانظر "فتح الباري"(8 / 311) .

[284]

سنده صحيح

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2 / 94) .

والبخاري في "صحيحه"(13 / 45 رقم 7095) في الفتن، باب قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:((الفتنة من قبل المشرق)) .

والنسائي في "تفسيره"(1 / 229 رقم 46) .

أما الإمام أحمد فمن طريق هشام بن سعيد، وأما البخاري فمن طريق إسحاق ابن شاهين، وأما النسائي فمن طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن خالد ابن عبد الله الطحان، عن بيان بن بشر، به نحوه.

وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (2 / 70) .

والبخاري (8 / 310 رقم 4651) في تفسير سورة الأنفال من كتاب التفسير، باب:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويكون الدين كله لله}

والنسائي في "تفسيره"(1 / 527 رقم 227) .

وابن أبي حاتم في "التفسير"(1 / 126 / ب) .

وأبو نعيم في "مستخرجه" كما في "فتح الباري"(8 / 311) .

والبيهقي في "سننه"(8 / 192) في قتال أهل البغي، باب النهي عن القتال في الفرقة.

جميعهم من طريق زهير بن معاوية، عن بيان، به نحوه، إلا أن أحمد وابن أبي حاتم وأبا نعيم والبيهقي ذكروا أن الرجل السائل اسمه:((حكيم)) .

وأخرج البخاري الحديث من وجه آخر عن ابن عمر.

فأخرجه (8 / 183 - 184 و 309 - 310 رقم 4513 و 4514 و 4515 و 4550) .

في تفسير سورة البقرة والأنفال من كتاب التفسير، باب:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} من كلا السورتين، من طريق عبيد الله بن عمر وبُكير ابن عبد الله كلاهما عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير، فقالا: إن الناس قد ضُيِّعوا وأنت ابن عمر وصاحب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أنه الله حرَّم دم أخي، فقالا: ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان =

ص: 709

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}]

285 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَش، عَنْ شَقِيق، عَنْ حُذيفة - فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} -، قال: تَرْكُ النَّفَقَة.

= الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله.

هذا لفظ رواية عبيد الله، ونحوه رواية بكير إلا أن فيها زيادة، وفيها:((أن رجلاً أتى ابن عمر فقال .. )) الحديث.

فهذا يحمل على أن الذي أتاه رجلان، وأن الذي سأل أحدهما، فعبَّر مرة بـ:((رجل)) بالنظر إلى السائل، ومرة بـ:((رجلان)) بالنظر إلى مجيئهما، وقد جمع الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8/ 310) جمعًا آخر حيث قال:((لعل السائلين عن ذلك جماعة، أو تعددت القصة)). اهـ.

وهذا الجمع من الحافظ رحمه الله لوقوع السؤال مرة من: ((حيّان صاحب الدُّثَنِيَّة)) ومرة من: ((الهيثم بن حَنَش، وقيل نافع بن الأزرق))، هذا بالإضافة لما سبق من أنه:((حكيم)).

وما ذكره من أنه: (حيّان)) بناء على ما أخرجه سعيد بن منصور في تفسير سورة الحجرات (ل / 175 / أ) من طريق حيّان السُّلَمي أنه سأل ابن عمر عن قوله عز وجل: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} [الآية

(9)

من سورة الحجرات]، وليس في الحديث ذكر للآية السابقة:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} .

وأما الرواية الأخرى فقد عزاها الحافظ لفوائد أبي بكر النجّاد، ولم أقف عليها. فالله أعلم.

[285]

سنده صحيح، والأعمش تقدم في الحديث [3] أنه مدلس، إلا أن روايته عن شيخه أبي وائل شقيق بن سلمة محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة، وهذه منها، وقد أخرج البخاري هذا الحديث في "صحيحه" كما سيأتي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 449) وعزاه للمصنِّف ووكيع وسفيان ابن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. =

ص: 710

286 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ

(1)

، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: بِمَنْعِكُمُ النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَخَافَةَ العَيْلة.

= والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب ما جاء في النفقة فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل (2/ 166 رقم 2404)، من طريق أبي معاوية فقط، بمثله.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(3/ 583 رقم 3144).

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 128 / أ).

كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 185 رقم 4516) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

}.

وابن جرير في الموضع السابق برقم (3145).

كلاهما من طريق شعبة، عن الأعمش، به نحوه.

وأخرجها بن جرير أيضًا من طريق أبي جعفر الرازي، عن الأعمش، ومن طريق سفيان الثوري، عن عصام، كلاهما عن شقيق، به نحوه.

وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره"(ص 58 رقم 68) عن أبي عمر دينار بن عمر، عن أبي وائل شقيق، به بلفظ: ألاّ تنفق.

(1)

الذي يظهر أن الشك من المصنف سعيد بن منصور، وهو عن ابن أبي نجيح بلا شك كما سيأتي.

[286]

سنده صحيح، وانظر الحديث [184] في رواية ابن نجيح عن مجاهد.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر"(1/ 499) وعزاه لوكيع وعبد بن حميد فقط.

وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد، باب ما جاء في النفقة فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل، (2/ 116 رقم 2405)، فقال: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ - في قوله:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قال: لا تمنعكم النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مخافةُ العيلة.

وهو في "تفسير مجاهد"(ص 99) من رواية آدم، عن ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به نحوه.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 585 رقم 3154) من طريق عيسى وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحوه. =

ص: 711

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}]

287 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الأعْمش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ - فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ} -، قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (إِلَى الْبَيْتِ)، قَالَ: لَا تَجَاوُزَ بِالْعُمْرَةِ الْبَيْتَ، فَإِذَا أَحْصِرتم

(1)

، فَإِذَا أَهَلَّ

(2)

الرَّجُلُ بِالْحَجِّ، فأحْصِر، بَعَثَ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فإن هو عجل [ل 115/أ] قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ محلَّه، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا، أَوْ تَدَاوَى بِدَوَاءٍ، كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُك

(3)

، وَالصِّيَامُ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ

(4)

مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نصفُ صَاعٍ،

= وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره"(ص 59 رقم 69) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} - قال: ليس ذلك في القتال، ولكن في النفقة، إذا لقيت العدو فقاتلهم.

(1)

الإِحْصَارُ: المنع والحبس، يقال: أَحْصَرَهُ: المرض أو السُّلطان: إذا منعه عن مقصده فهو مُحْصَر، وحَصَرَهُ: إذا حبسه، فهو محصور. اهـ من "النهاية في غريب الحديث"(1/ 395).

(2)

الإِهْلال: هو رفع الصوت بالتلبية، يقال: أهَلَّ المحرم بالحج يُهلُّ إهلالاً: ذا لَبَّى ورفع صوته اهـ من المصدر السابق (5/ 271).

(3)

النُّسُكُ: جمع نَسيكة، وهي الذبيحة. انظر المرجع السابق (5/ 48).

(4)

في الأصل كتبت رقمًا: (

(6)

).

ص: 712

والنُّسُكُ: شاة. {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} ، يَقُولُ: إِذَا بَرَأ، فَمَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ، أحَلَّ مِنْ حَجَّتِهِ بِعُمْرَةٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الحجُّ مِنْ قَابِل، فَإِنْ هُوَ رَجَعَ، وَلَمْ يُتِمَّ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ، كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَدَمٌ، لِتَأْخِيرِهِ الْعُمْرَةَ، فَإِنْ هُوَ رَجَعَ مُتَمَتِّعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، كَانَ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: شَاةٌ، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَجِدْ، {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} .

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَجْعَلُ آخِرَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هذا الحديث كلِّه.

= [287] سنده صحيح، وانظر الحديث رقم [3] فيما يتعلق بتدليس الأعمش.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1 / 502) مختصرا وعزاه للمصنف وأبي عبيد في "الفضائل" وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري.

وذكره أيضًا (1 / 512) بنحوه بتمامه وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.

وقد أخرجه أبو عبيد في "الفضائل"(ص 236 رقم 564) من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن علقمة قَالَ: هِيَ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللِّهِ: (وأتموا الحج والعمرة إلى البيت ولا تجاوزوا بالعمرة البيت) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص262 - 263 و 294 - 295 رقم 1730 و 1933) من طريق =

ص: 713

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبي معاوية، به مختصرًا، ذكر فيه أن المحصر يبعث بهديه، فإذا ذبح حلّ، فإن حلّ قبل أن يذبح فعليه دم، وذكر إبراهيم أن سعيد بن جبير حدثه عن ابن عباس بمثله.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 129 / أوب) و (1 / ل 131 / أوب) و (1 / ل 132 / أ) ، من طريق أبي معاوية، لكنه فرّقه في هذه المواضع كلها، ولفظه نحو لفظ المصنف إلا أنه لم يذكر من قوله:((فإن هو عجل)) إلى قوله: ((والنسك شاة)) ، ومن قوله: ((فإن هو لم يجد

)) إلى قوله: ((يوم عرفة)) . ثم أخرجه ابن أبي حاتم أيضًا (1 / 130/ ب و 131 / ب) من طريق يحيى ابن سعيد القطان، عن سليمان الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ:{ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله} فإن عجل فحلق قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فعليه فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أو نسك

، ثم ذكر قول إبراهيم لسعيد بن جبير، وهذا في الموضع الأول.

أما الموضع الثاني فلفظه عن علقمة: (فإذا أمنتم) : فإذا أمن مما كان به

، ثم ذكر قول إبراهيم لسعيد أيضًا.

وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق من "المصنف"(ص 139 و 262 - 263 رقم 928 و 1730 و 1731) في جميع هذه المواضع من طريق أبي خالد الأحمر عن الأعمش، عن إبراهيم به مختصرًا.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(4 / 7 و 28 و 55 و 72 و 86 و 89 و 95 رقم 3185 و 3254 و 3325 و 3372 و 3415 و 3422 و 3444) من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به نحوه بتمامه، إلا أنه قطعه في هذه المواضع.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2 / 250 - 251) من طريق يحيى ابن سعيد القطان عن الأعمش، به بنحوه.

ولبعض الحديث طرق أخرى عن ابن عباس سيأتي تخريجها برقم [298] .

ص: 714

288 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا

(1)

، عَنِ ابْنِ عَوْن

(2)

، عَنِ الشَّعْبي، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:(وأتموا الحج والعمرةُ لله).

(1)

هو يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَة الهَمْداني - بسكون الميم-، أبو سعيد الكوفي، روى عن أبيه والأعمش وعاصم الأَحْوَل وعبد الله بن عون وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا يحيى بن آدم والإمام أحمد وابن معين وابنا أبي شيبة وابن المديني وغيرهم، وهو ثقة متقن روى له الجماعة، ووثقه عيسى بن يونس وابن سعد وأحمد بن حنبل وابن معين ويعقوب بن شيبة وزاد:((حسن الحديث))، ووثقه ابن المديني وقال:((لم يكن بالكوفة بعد الثوري أثبت منه))، وقال العجلي:((ثقة، وهو ممن جمع له الفقه والحديث، وكان على قضاء المدائن، ويعد من حفاظ الكوفيين للحديث، متقنًا ثبتًا صاحب سنة)، وقال أبو حاتم ((مستقيم الحديث صدوق ثقة))، وقال النسائي:((ثقة ثبت))، وكانت وفاته سنة اثنتين وثمانين ومائة، وقيل: ثلاث، وقيل أربع وثمانين ومائة، وله من العمر ثلاث وستون سنة اهـ من "الجرح والتعديل"(9/ 144 - 145 رقم 609)، و"التهذيب"(11/ 208 - 210 رقم 349) و"التقريب"(ص 590 رقم 7548).

(2)

هو عبد الله بن عون.

[288]

سنده صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 503) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص 233 رقم 1520).

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(4/ 10 - 11 رقم 3204)

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 129 / ب).

والبيهقي في "سننه"(4/ 349) في الحج، باب من قال العمرة تطوع.

ص: 715

..

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم فمن طريق وكيع، وأما ابن جرير فمن طريق أبي عاصم، وأما البيهقي فمن طريق وهيب، ثلاثتهم، عن ابن عون، به مثله، إلا ابن أبي شيبة فلفظه:

عن الشعبي أنه قرأها: (وأتموا الحج) ثم قطع، ثم قال:((والعمرة لله)) .

وزاد ابن أبي حاتم: (برفع التاء) .

وزاد البيهقي: ((ويقول: هي تطوع) يعني العمرة.

وهذه الزيادة عند البيهقي أخرجها ابن جرير في "تفسيره"(4 / 14 رقم 3221) من طريق حماد بن سلمة، حدثنا عبد الله بن عون، عن الشعبي قال: العمرة تطوع.

وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 10 رقم 3202) من طريق شعبة، قال: حدثني سعيد بن أبي بُرْدَة أن الشعبي وأبا بردة تذاكرا العمرة، قال: فقال الشعبي: تطوع، (وأتموا الحج والعمرةُ لله) وقال أبو بردة هي واجبة:(وأتموا الحج والعمرةَ لله) .

وأخرج ابن جرير أيضًا: (4 / 11 - 12 رقم 3209) من طريق عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قال: سأل رجل سعيد بن جبير عن العمرة فريضة هي أم تطوع؟

قال: فريضة قال: فإن الشعبي يقول: هي تطوع؟ قال: كَذَب الشعبي، وقرأ:(وأتموا الحج والعمرة لله) .

ومعنى قول سعيد بن جبير: ((كذب الشعبي)) أي أخطأ. انظر "النهاية في غريب الحديث"(4 / 159) .

وهذا كله يدلّ على أن الشعبي رحمه الله ممن يذهب إلى أن العمرة تطوع وليست بواجبة.

وقد روي عنه خلاف هذا ولا يصح.

فأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(4 / 11 رقم 3205) .

وابن حزم في "المحلى"(7 / 14) . =

ص: 716

289 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأصْبَهاني

(1)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِل

(2)

، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَجَلَسَ إِلَيْنَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: فيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} ، قَالَ:(قُلْتُ)

(3)

: كَيْفَ كَانَ شَأْنُكَ؟ قَالَ: خَرَجَنْا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ (عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)

(4)

مُحْرِمِينَ، فَوَقَعَ الْقَمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي وَشَارِبِي، حَتَّى وَقَعَ فِي حَاجِبَيَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى (أَنَّ الْجَهْدَ)

(5)

بَلَغَ مِنْكَ هَذَا، ادْعُ الحَالِقَ، فَجَاءَ الحالق، فحلق

= كلاهما من طريق مغيرة بن مقسم، عن الشعبي قال: العمرة واجبة.

وصحح ابن حزم هذه الرواية وهي ضعيفه، فمع مخالفتها لما صح عن الشعبي، فإنها من رواية مغيرة بن مِقْسم، وتقدم في الحديث [54] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا.

وقد رَدَّ ابن حزم قراءة الشعبي هذه، فصحح ما يخالفها عنه، وقال (7/ 10):((وأما قولهم: إن الله تعالى إنما أمر بإتمامها من دخل فيها لا بابتدائها، وأن بعض الناس قرأ: (والعمرةُ لله) بالرفع، فقول كله باطل، لأنها دعوى بلا برهان

))، وقال (ص 11):((وأما القراءة: (والعمرةُ لله) بالرفع، فقراءة منكرة، لا يحل لأحد أن يقرأ بها، وسبحان من جعلهم يلجأون إلى تبديل القرآن فيحتجّون به!)). أ. هـ.

وقال ابن جرير رحمه الله في "تفسيره"(4/ 15): ((وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا: قراءة من قرأ بنصب (العمرة) على العطف بها على الحج، بمعنى الأمر بإتمامها له

، هذا مع إجماع الحجة على قراءة:(العمرة) بالنصب، ومخالفة جميع قَرَاة الأمصار قراءةَ من قرأ ذلك رفعًا، ففي ذلك مستغنىً عن الاستشهاد على خطأ من قرأ ذلك رفعًا)). أ. هـ. والله أعلم.

(1)

هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن الأصْبَهاني الكوفي الجُهَني، روى عن أنس =

ص: 717

رَأْسِي، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ مِنْ نَسِيْكَة؟ قُلْتُ: لَا - وَهِيَ شَاةٌ -، قَالَ: فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ فيَّ خَاصَّةً، وهي للناس عامّة.

= وأبي حازم الأشْجعي وعكرمة وعبد الرحمن بن أبي ليلى والشعبي وعبد الله بن معقل بن مُقَرِّن وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وشعبة والثوري، وأبو عوانة وضَّاح بن عبد الله وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الرابعة، وممن روى له الجماعة كما في "التقريب"(ص 345 رقم 3926)، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال أبو حاتم:((لا بأس به)) اهـ من "الجرح والتعديل"(5/ 255 رقم 1207) و"التهذيب"(6/ 217 رقم 436).

(2)

هو ابن معقل بن مُقَرِّن، تقدم في الحديث [103] أنه ثقة.

(3)

في الأصل تشبه أن تكون: ((كنت)) ويظهر أن الناسخ حاول إصلاحها فزادها غموضًا والتصويب من الموضع الآتي من "أسباب النزول" للواحدي حيث روى الحديث من طريق المصنف.

(4)

و

(5)

ما بين القوسين سقط من الأصل فأثبته من "أسباب النزول" للواحدي.

[289]

سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري ومسلم كما سيأتي.

والحديث أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 54 - 55) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال:((فيَّ أنزلت))، و ((ادعوا الحالق)) و:((فأنزلت فيّ))، وهو اختلاف يسير.

والحديث له عن كعب بن عجرة سبع طرق:

(1)

طريق عبد الله بن معقل، عنه.

وهو الذي أخرجه المصنف هنا من طريق أبي عوانة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عنه.

وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "فتح الباري"(4/ 18) من طريق أبي عوانة، به نحوه. =

ص: 718

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن طريق مسدد أخرجه الطبراني في "الكبير"(19 / 136 - 137 رقم 300) .

وأخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص 134 رقم 1062) .

وأحمد في "المسند"(4 / 242) .

والبخاري في "صحيحه"(4 / 16 رقم 1816) في المحصر، باب الإطعام في الفدية نصف صاع، و (8 / 186 رقم 4517) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب {فمن كان منكم مريضًا

} .

ومسلم في "صحيحه"(2 / 861 - 862 رقم 85) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.

وابن ماجه في "سننه"(2/ 1028 - 1029 رقم 3079) في المناسك، باب فدية المحصر.

والنسائي في "تفسيره"(1 / 242 - 243 رقم 51) .

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(4 / 60 رقم 3338) .

وابن أبي حاتم (1 / ل 131 / أ) .

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3 / 119 - 120) .

والطبراني في "الكبير"(19 / 136 رقم 299) .

والبيهقي في "سننه"(5 / 55) في الحج، باب من احتاج إلى حلق رأسه للأذى.

جميعهم من من طريق شعبة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص 249 رقم 1635) من طريق زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عبد الرحمن بن الأصبهاني، به نحوه.

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (86) .

والطبراني في "الكبير"(9 / 137 رقم 302) . =

ص: 719

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 242 - 243).

وابن جرير (4/ 60 رقم 3337).

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 120).

ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، به مختصرًا.

وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (4/ 243) من طريق سليمان بن قرم، عن عبد الرحمن ابن الأصبهاني، به نحوه.

وأخرجه ابن جرير (4/ 61 رقم 3339) من طريق شريك عن ابن الأصبهاني، به نحوه.

وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (301) من طريق قيس بن الربيع، عن ابن الأصبهاني، به نحوه.

وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 52) من طريق إسرائيل، عن ابن الأصبهاني به مختصرًا.

(2)

طريق محمد بن كعب القرظي، عن كعب بن عجرة.

أخرجه الشافعي في "سننه"(2/ 96 رقم 452).

وابن ماجه في الموضع السابق من "سننه" برقم (3080).

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(4/ 67 رقم 54 و 55).

والطحاوي في الموضع السابق.

جميعهم من طريق أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن كعب، به نحوه مختصرًا.

(3)

طريق يحيى بن جَعْدَة، عن كعب بن عجرة.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 242).

والطحاوي في الموضع السابق.

كلاهما من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بن جعدة، عن كعب بن عجرة، به نحوه، إلا أن لفظ الإمام أحمد مختصر.

(4)

طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن كعب بن عجرة.

أخرجه النسائي في "سننه"(5/ 195) في مناسك الحج، باب في المحرم يؤذيه =

ص: 720

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= القمل في رأسه

وابن جرير في "تفسيره"(4/ 67 - 68 رقم 3356).

والطبراني في "الكبير"(19/ 106 رقم 213).

ثلاثتهم من طريق الزبير بن عدي، عن أبي وائل، عن كعب، به نحوه مختصرًا.

(5)

طريق سليمان بن محمد بن كعب، عن جده كعب بن عجرة، وهو الآتي برقم [296].

(6)

طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كعب بن عجرة، وهو الآتي برقم [290 و 291 و 292 و 293] وهو مروي في "الصحيحين".

(7)

طريق عامر الشَّعْبي، عن كعب بن عجرة.

واختلف فيه على الشعبي.

فأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 243).

والترمذي في "سننه"(8/ 314 - 315 رقم 4056) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.

وابن جرير في "تفسيره"(4/ 59 و 70 رقم 3336 و 3364).

ثلاثتهم من طريق أَشْعث بن سوّار الكندي، عن الشعبي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عن كعب بن عجرة، بنحوه.

وأَشْعَثُ بن سَوَّار الكِنْدي، النَّجَّار الأَفْرَق الأَثْرَم صاحب التَّوَابِيت، قاضي الأَهْوَاز، يروي عن الحسن البصري وعامر الشَّعْبي، وعكرمة وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وهشيم وغيرهم، وهو ضعيف؛ كان يحيى القطان وعبد الرحمن ابن مهدي لا يحدثان عنه، وكان عبد الرحمن يخط على حديثه وقال الإمام أحمد:((هو أمثل في الحديث من محمد بن سالم، ولكنه على ذلك ضعيف الحديث))، وضعفه ابن سعد والعجلي وأبو داود والنسائي والدارقطني، وقال ابن حبان:((فاحش الخطأ كثير الوهم))، وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائة. اهـ من "الجرح والتعديل"(2/ 271 - 272 رقم 978) و"الكامل" لابن عدي =

ص: 721

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (1/ 362 - 365) و"التهذيب"(1/ 352 - 354 رقم 645) و"التقريب"(ص 113 رقم 524).

ومع ضعف أشعث، فقد خالفه من هو أوثق منه.

فأخرجه إبراهيم بن طهمان في "مشيخته"(ص 205 - 206 رقم 167) عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ كعب بن عجرة، به نحوه.

ومغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكن تابعه داود بن أبي هند، وهو ثقة حافظ كما في ترجمته في الحديث [63].

فالحديث أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(ص 75).

ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(19/ 118 رقم 248).

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 234).

وأبو داود في "سننه"(2/ 431 - 432 رقم 1858) في المناسك، باب في الفدية.

وابن جرير في "تفسيره"(4/ 58 - 59 رقم 3334 و 3335).

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 120).

والطبراني في "الكبير"(19/ 117 - 118 رقم 245 و 246 و 247 و 249).

أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما الإمام أحمد فمن طريق ابن عُلَيَّة ومحمد ابن أبي عدي، وأما أبو داود فمن طريق عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع، وأما ابن جرير فمن طريق يزيد بن زريع وخالد الطحان، وأما الطحاوي فمن طريق وهيب، وأما الطبراني فمن طريق وهيب وبشر بن المفضل وزهير بن إسحاق وشعبة، جميع هؤلاء رووه عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن الشعبي، عن كعب، به نحوه، وقد صرح الشعبي بسماعه من كعب في رواية وهيب وبشر وزهير.

وخالف هؤلاء جميعًا حماد بن سلمة، فرواه عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ =

ص: 722

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن أبي ليلى، عن كعب، به مختصرًا.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 243).

وأبو داود في الموضع السابق برقم (1857).

والطبراني في "الكبير"(19/ 117 رقم 244).

والبيهقي في "سننه"(5/ 185) في الحج، باب هل لمن أصاب الصيد أن يفديه بغيرالنعم.

ورواه يزيد بن هارون عن داود، واختلف على يزيد.

فأخرجه الدارقطني في "سننه"(2/ 299 رقم 283) من طريق أحمد بن سنان عن يزيد، عن داود، عن عامر الشعبي، عن كعب، به نحوه، فوافق رواية الأكثر عن داود.

ورواه الطبراني في الموضع السابق برقم (243) من طريق إدريس بن جعفر العطّار، عن يزيد، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كعب، به نحوه، في روايته حماد بن سلمة.

وحماد بن سلمة تقدم في الحديث [82] أنه ثقة عابد تغير حفظه في الآخر، ومع هذا خالف من هو أوثق منه وأكثر عددًا، وعليه فالراجح أنه عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كعب.

وقد يكون الشعبي تلقَّاه عن ابن أبي ليلى، لكن يعكِّر عليه رواية وهيب وبشر وزهير، عن داود، عن الشعبي، وفيها تصريح الشعبي بسماعه للحديث من كعب.

وفي "تاريخ ابن معين"(2/ 286 رقم 2561) قيل له: ((سمع الشعبي من كعب ابن عجرة؟ قال: سمع من عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كعب بن عجرة)).

وقال ابن عبد البر في "التمهيد"(2/ 236) ((من روى الحديث عن أبي قلابة، عن كعب بن عجرة، أو: عن الشعبي، عن كعب بن عجرة فليس بشيء، والصحيح فيه: عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. =

ص: 723

290 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو بِشْر

(1)

، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالحُدَيْبِيَة

(2)

، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنا الْمُشْرِكُونَ، وَكَانَتْ لِي وَفْرَة

(3)

، فَجَعَلَتِ الْهَوَامُّ تَسَاقط عَلَى وَجْهِي، فَنَزَلَتْ:{فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ،

= وأما الشعبي فاختلف فيه عليه فرواه بعضهم عنه، عن عبد الرحمن، عن كعب ابن عجرة، وبعضهم جعله عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، وبعضهم عنه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عن كعب بن عجرة، وبعضهم جعله عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، ولم يسمع الشعبي من كعب بن عجرة، ولا سمعه أبو قلابة من كعب بن عجرة، والله أعلم)) اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4/ 13)((وجاء عن أبي قلابة والشعبي أيضًا عن كعب وروايتهما عن أحمد، لكن الصواب أن بينهما واسطة، وهو ابن أبي ليلى على الصحيح)) اهـ.

قلت: أما رواية أبي قلابة فنعم، وسيأتي الكلام عنها في الحديث رقم [293].

وأما رواية الشعبي فما الذي يمنع أن تكون عن كعب بلا واسطة، وقد رواه عن الشعبي ثقتان: مغيرة وداود، ورواه عن داود عشرة كلهم اتفقوا على أنه عن الشعبي عن كعب، وفيهم أئمة حفاظ أمثال شعبة ومعمر وابن علية وخالد الطحان وغيرهم، وصرح ثلاثة منهم بسماع الشعبي له من كعب، فيستحيل أن ندع رواية هؤلاء كلهم لرواية حماد بن سلمة وفيه ما فيه، والله أعلم.

(1)

هو جعفر بن إياس، تقدم في الحديث [121] أنه ثقة.

(2)

الحُدَيْبِيَة - بضم الحاء، وفتح الدال، وياء ساكنة، وباء موحدة مكسورة، وياء منهم من شددها، ومنهم من خففها-: قرية متوسطة ليست بالكبيرة بين مكة والمدينة، وهي إلى مكة أقرب، بل إن بعضها في الحرم، وسميت بذلك ببئر =

ص: 724

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مساكين، أو انْسُكْ نَسِيكَة.

= عند مسجد الشجرة التي بايع رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تحتها. / انظر "معجم البلدان"(2/ 229).

(3)

الوَفْرَةُ: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن. اهـ من "النهاية في غريب الحديث"(5/ 210).

[290]

سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري من طريق هشيم، عن أبي بشر، وأخرجه هو ومسلم من طريق أخرى عن مجاهد كما سيأتي.

والحديث مداره على عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، يرويه عن كعب بن عجرة.

وله عن عبد الرحمن خمس طرق:

(1)

طريق مجاهد، عنه:

وله عن مجاهد ثلاثة عشر طريقًا:

أ - طريق أبي بشر جعفر بن إياس، عنه.

وهو الذي أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم عنه

وأخرجه الطيالسي في "مسنده"(ص 143 رقم 1065).

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 120).

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 241).

ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 109 رقم 219).

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(7/ 457 رقم 4191) في المغازي، باب غزو الحديبية.

والترمذي في "سننه"(8/ 314 رقم 4055) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.

وابن جرير في "تفسيره"(4/ 64 رقم 3348). =

ص: 725

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جميعهم من طريق هشيم، به نحوه.

وأخرجه الطيالسي مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر.

وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق.

والطبراني في "الكبير"(19 / 108 رقم 218) .

وابن عبد البر في "التمهيد"(2 / 235) .

ثلاثتهم من طريق شعبة، عن أبي بشر نحوه.

ب - طريق عبد الكريم الجزري، عن مجاهد.

أخرجه الشافعي في "سننه"(2 / 100 رقم 457) .

ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في "سننه"(5 / 55) في الحج، باب من احتاج إلى حلق رأسه للأذى حلقة وافتدى.

وأخرجه مسلم في "صحيحه"(2 / 861 رقم 83) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.

والترمذي في "سننه"(4 / 25 - 26 رقم 960) في الحج، باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في إحرامه ما عليه.

والطبراني في "الكبير"(19 / 114 رقم 236) .

جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، به نحوه، إلا أن لفظ الباقين أتم من لفظ الشافعي.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3 / 120) .

والطبراني (19 / 110 رقم 222) .

كلاهما من طريق عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن مجاهد، به نحوه، ولم يذكر اسم الحديبية، وإنما قال:((في عمرة)) .

ورواه الإمام مالك بن أنس، عن عبد الكريم، واختلف على مالك.

فرواه بعضهم عنه، عن عبد الكريم، عن مجاهد عن ابن أبي ليلى.

ورواه بعضهم عنه، فأسقط مجاهدًا من الإسناد. =

ص: 726

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فالحديث في "موطأ الإمام مالك" برواية محمد بن الحسن الشيباني (ص 169 رقم 504) .

قال: أخبرنا مالك، حدثنا عبد الكريم الجوزري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بن عجرة أنه كان مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم محرمًا، فآذاه القمل في رأسه، فأمره رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه، وقال:((صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ ستة مساكين، مُدَّيْن مدين، أو انسك شاة، أي ذلك فعلت أجزأ عنك)) .

وكذا هو في "الموطأ" برواية ابن القاسم (ص 409 رقم 397)، إلا أنه قال:((مُدَّيْن مُدَّيْن لكل إنسان)) .

ومن طريق ابن القاسم أخرجه النسائي في "سننه"(5 / 194 - 195) في مناسك الحج، باب في المحرم يؤذيه القمل في رأسه.

ورواه إبراهيم بن طهمان في "مشيخته"(ص 206 رقم 168) عن مالك.

والإمام أحمد في"المسند"(4 / 241) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك.

والبيهقي في الموضع السابق من "سننه"(5 / 55) من طريق الحسين بن الوليد، عن مالك.

وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى"(2 / 80 - 81 رقم 450) .

وابن جرير في "تفسيره"(4 / 65 رقم 3351) .

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 131 / أ) .

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3 / 120) .

والبيهقي في "سننه"(5 / 169) في الحج، باب التخيير في فدية الأذى.

جميعهم من طريق ابن وهب، عن مالك.

وجميع هؤلاء - إبراهيم بن طهمان، وعبد الرحمن بن مهدي، والحسين بن الوليد، وعبد الله بن وهب-، رووه عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى، به، فوافقوا محمد بن الحسن وابن القاسم في روايته عن مالك. =

ص: 727

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال البيهقي في الموضع الأول: ((جوَّده الحسين بن الوليد النيسابوري عن مالك، وكذلك رواه ابن وهب عن مالك. ورواه جماعة عن مالك دون ذكر مجاهد في إسناده)) . وقال في الموضع الثاني: ((هذا هو الصحيح، وقد رواه مالك مرة أخرى عن عبد الكريم الجزري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى دون ذكر مجاهد في إسناده)) اهـ.

وقد رواه الطبراني في "الكبير"(19 / 109 - 110 رقم 221) من طريق مُطَرِّف بن عبد الله، وعبد الله بن مَسْلمة القَعْنَبِي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير ومصعب الزُّبيري، جميعهم قرنهم في رواية واحدة، عن مالك عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، به.

والصواب في رواية هؤلاء الذين أخرج الطبراني الحديث من طريقهم أنها بإسقاط مجاهد، فقد نقل الكاندهلوي في "أوجز المسالك" (8 / 117) عن ابن عبد البر أنه قال:((الحديث هكذا - يعني بإسقاط مجاهد - ليحيى وأبي مصعب وابن بكير والقعنبي ومطرف والشافعي ومعن وسعيد بن عفير وعبد الله بن يوسف ومصعب ومحمد بن المبارك الصوري، ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وهو الصواب، ومن أسقط مجاهدًا فأخطأ، فإن عبد الكريم لم يلق ابن أبي ليلى ولا رآه. وزعم الشافعي أن مالكًا هو الذي وهم في إسقاط مجاهد، وذكر الطحاوي أن القعنبي رواه عن مالك بإثباته، وكذا رواه عن مكي بن إبراهيم)) اهـ. وانظر "فتح الباري"(4 / 113) .

والحديث في "الموطأ" برواية يحيى بن يحيى الليثي وتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي (1 / 417 رقم 237) في الحج، باب فدية من حلق قبل أن ينحر، عن مالك عن عبد الكريم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، به دون أن يذكر مجاهدًا في إسناده.

وقد أخرج الحديث الشافعي في "سننه"(2 / 96 - 97 رقم 453) عن مالك. =

ص: 728

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأبو داود في "سننه"(1 / 433 رقم 1861) في المناسك، باب في الفدية، من طريق القنعبي عن مالك.

ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في الموضع السابق (5/ 169) .

وأخرجه البيهقي أيضًا (5 / 169 - 170) من طريق عبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير.

جميعهم - الشافعي والقعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير-، عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، به ليس فيه ذكر لمجاهد.

وكذا هو في "الموطأ" برواية سويد بن سعيد (ص 185) ، ذكر الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله في حاشيته في "تفسير الطبري"(4/ 65) أن عنده منه مصورة عن مخطوطة عتيقة نفيسة.

قال الإمام الشافعي رحمه الله عقب إخراجه للحديث: ((غلط مالك بن أنس في الحديث، الحفاظ حفظوه عن عبد الكريم، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بن عجرة)) ، ثم أخرجه من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم كما سبق.

وقال البيهقي بعد أن رواه من طريق القعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير عن مالك بإسقاط مجاهد: ((وفي بعض هذه العرضات سمعه الشافعي رحمه الله في جماعة من أصحاب "الموطأ" دون العرضة التي شهدها ابن وهب. ثم إن الشافعي تنبه له في رواية المزني وابن عبد الحكم عنه فقال

)) ، ثم ذكر كلام الشافعي السابق، ثم قال:((وإنما غلط في هذا بعض العرضات، وقد رواه في بعضها على الصحة)) اهـ.

ج - طريق حميد بن قيس، عن مجاهد.

أخرجه مسلم والترمذي والطبراني والبيهقي من طريق سفيان بن عيينة، عن حميد ابن قيس، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب به مقرونًا برواية سفيان =

ص: 729

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= للحديث عن عبد الكريم الجزري السابقة.

وأخرجه مالك في "الموطأ"(1 / 417 رقم 238) عن حميد بن قيس، عن مجاهد أبي الحجاج، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال له:((لعلّه آذاك هوامك؟)) فقلت: نعم يا رسول اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إحلق رأسك، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ستة مساكين، أو انسك بشاة)) .

وأخرجه الشافعي في "سننه"(2 / 98 رقم 454) عن مالك، به.

ومن طريق الشافعي أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3 / 120) .

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(4 / 12 رقم 1814) في المحصر، باب قوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نسك} .

والبيهقي في الموضع السابق من "سننه"(5 / 54 - 55) .

كلاهما من طريق عبد الله بن يوسف، عن مالك، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(19 / 109 رقم 220) من طريق مُطَرِّف والقعنبي وعبد الله بن يوسف ومصعب الزبيري ويحيى بن بُكَيْر، كلهم عن مالك، به.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(4 / 66 رقم 3352) من طريق عبد الله ابن وهب، عن مالك، عن حميد بن قيس، عن مجاهد، عن كعب بن عجرة به هكذا بإسقاط ابن أبي ليلى من الإسناد خلافًا لما رواه عن مالك ممن تقدم ذكرهم.

ووافق ابن وهب على روايته على هذا الوجه ابن القاسم وابن عفير.

قال ابن عبد البر في "التمهيد"(2 / 233) : ((هكذا روى يحيى هذا الحديث عن مالك بهذا الإسناد متصلاً، وتابعه القعنبي والشافعي وابن عبد الكريم وعتيق بن يعقوب الزبيري، وابن بكير وأبو مصعب، وأكثر الرواة، وهو الصواب. ورواه ابن وهب وابن القاسم وابن عفير عن مالك، عن حميد بن قيس، عن مجاهد، عن كعب بن عجرة، لم يذكروا ابن ابي ليلى

، والحديث لمجاهد عن ابن أبي ليلى =

ص: 730

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= صحيح لا شك فيه، عند أهل العلم بالحديث

، وهو الصحيح من رواية حميد ابن قيس وعبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب بن عجرة)) اهـ.

د - طريق عبد الله بن عون، عن مجاهد.

أخرجه البخاري في "صحيحه"(11 / 593 - 594 رقم 6708) في كفارات الأيمان، باب قول الله تَعَالَى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} .

ومسلم في "صحيحه"(2 / 860 رقم 81) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.

والنسائي في "تفسيره"(1 / 240 رقم 50) .

وابن جرير في "تفسيره"(4 / 62 رقم 3342) .

والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3 / 120) .

والطبراني في "الكبير"(19 / 112 - 113 رقم 230 و 231) .

والبيهقي في "سننه"(5 / 169) .

وابن عبد البر في "التمهيد"(2 / 237) .

والواحدي في "أسباب النزول"(ص 52) .

جميعهم من طريق ابن عون، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ ابن عجرة قال: في أنزلت هذه الآية، فأتيت النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:((ادن)) ، فدنوت - مرتين أو ثلاثًا - فقال:((أيؤذيك هوامك؟)) قال ابن عون: وأظنه قال: نعم، فأمرني بصيام أو صدقة أو نسك، ما تيسر. قال ابن عون: فنسيت ما قال في الصيام والصدقة، فذاكرت أيوب السختياني، فقال: قد سمعت هذا الحديث منه - يعني من مجاهد - قلت: كيف هو؟ قال: صيام ثلاثة أيام، أو صدقة على ستة مساكين، أو نسك ما تيسر، وكان أيوب يقول: إنه قال ((أيؤذيك هوام رأسك)) ؟.

هذا لفظ الطبراني، وهو أتمّ، ولم يذكر مسلم، ولا ابن جرير، ولا الطحاوي، =

ص: 731

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ولا ابن عبد البر، ولا الواحدي سؤال ابن عون لأيوب.

هـ - طريق سيف بن سليمان المخزومي، عن مجاهد.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4 / 243) .

والبخاري في "صحيحه"(4 / 16 رقم 1815) في المحصر، باب قول الله تعالى {أو صدقة} .

ومسلم في الموضع السابق برقم (82) .

وابن جرير (4 / 63 رقم 3345) .

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / 131 / أ) .

والطبراني في "الكبير"(19 / 115 - 116 رقم 239 و 240) .

والدارقطني في "سننه"(2 / 298 - 299 رقم 282) .

جميعهم من طريق سيف بن سليمان، عن مجاهد، به نحوه.

و طريق صالح أبي الخليل، عن مجاهد، به نحوه.

أخرجه ابن جرير (4 / 62 - 63 رقم 3343 و 3344) .

والطبراني في "الكبير"(19 / 115 رقم 238) .

ز - طريق عبد الله بن كثير، عن مجاهد، به نحوه.

أخرجه الطبراني أيضًا (19 / 107 رقم 215) .

والدارقطني في الموضع السابق برقم (281) .

ج - طريق أبي الزبير، عن مجاهد، به نحوه.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(19 / 108 رقم 217) .

وفي "الأوسط"(2 / 483 رقم 1833) .

وابن عبد البر في "التمهيد"(2 / 238) .

ط - طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به نحو مختصرًا.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(19 / 115 رقم 237) .

ص: 732

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ي - طريق أبان بن صالح، عن مجاهد، به نحوه.

أخرجه الطبراني أيضًا (19/ 108 رقم 216).

ك، ل - طريقا ابن أبي نجيح وأيوب السختياني، عن مجاهد، وسيأتي تخريجهما برقم [291].

م - طريق مغيرة، عن مجاهد، وسيأتي تخريجه برقم [292].

(2)

طريق أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن كعب، وسيأتي تخريجه برقم [293].

(3)

طريق الحكم بن عتيبة، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب، به نحوه.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 241 - 242 و 243).

وأبو داود في "سننه"(2/ 432 رقم 1860) في المناسك، باب في الفدية والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 121 رقم 257 و 258).

ومن طريق أبي داود أخرجه: البيهقي في "سننه"(5/ 55).

وابن عبد البر في "التمهيد"(2/ 234 - 235).

(4)

طريق ربيعة بن أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ليلى، عن كعب، به مختصرًا.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 120 رقم 255).

(5)

طريق عطاء بن عبد الله الخراساني، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب.

أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 417 - 418 رقم 239) عن عطاء بن عبد الله الخراساني أنه قال: حدثني شيخ بسوق البُرَم بالكوفة، عن كعب بن عجرة، أنه قال: جاءني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأنا أنفخ تحت قدر لأصحابي، وقد امتلأ رأسي ولحيتي قملاً، فأخذ بجبهتي، ثم قال:((احلق هذا الشعر، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ستة مساكين))، وقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم علم أنه ليس عندي ما أنسك به.

كذا قال عطاء ولم يذكر أن الذي حدثه هو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، لكن قال ابن عبد البر:((ويحتمل أن يكون عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أو عبد الله بن معقل)). =

ص: 733

291 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، نا ابْنُ أَبِي نَجِيح، وَأَيُّوبُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُوقد تَحْتَ قدرٍ لَهُ، والقَمْلُ يَتَهَافَتُ

(1)

عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّك؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: احْلِقْ رَأْسَكَ، وانْسُكْ نَسِيكَة، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا

(2)

بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ.

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: وَقَالَ سُفْيَانُ، قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: اذْبَحْ شَاةً (وَقَالَ)

(3)

أَيُّوبُ: انْسُكْ نَسِيكَةً

(4)

.

= نقله الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4/ 13) عنه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 120 - 121 رقم 256) من طريق عبد الله ابن يوسف، ومصعب الزبيري، والقعنبي، ثلاثتهم عن مالك، به، وجزم الطبراني بأن المبهم هو ابن أبي ليلى، حيث بوّب على الحديث بقوله:((عطاء الخراساني، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب بن عجرة))، ثم ذكره.

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(4/ 66 - 67 رقم 3353) من طريق ابن وهب، عن مالك، به.

وقال الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله في تعليقه على الحديث بعد أن نقل قول ابن عبد البر السابق: ((ويحتمل أن يكون غيرهما، فالإسناد منقطع حتى نَسْتَيْقِن مَنْ هذا المبهم؟)).

وقد روي الحديث عن الشعبي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب، وليس بشيء، وسبق بيان ذلك في الحديث السابق، وأن الصواب فيه:((الشعبي، عن كعب))، بلا واسطة، والله أعلم.

(1)

أي يتساقط كما في "النهاية في غريب الحديث"(5/ 266).

(2)

الفَرَقُ - بالتحريك -: مكيال يسع ستة عشر رطلاً، وهو اثنا عشر مُدًّا، أو ثلاثة أصع عند أهل الحجاز. اهـ. من الموضع السابق (3/ 437).

ص: 734

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(3)

في الأصل: ((قال)).

(4)

معناه: أن سفيان بن عيينة بيَّنَ الفرق بين لفظي أيوب بن أبي تَميمة السَّخْتياني وعبد الله بن أبي نجيح، فابن أبي نجيح قال في لفظه:((اذبح شاة))، وأيوب قال:((أنسك نسيكة))، فيكون السياق الأول للفظ أيوب.

[291]

سنده صحيح.

وأخرجه الحميدي في "مسنده"(2/ 310 رقم 709 و 710).

ومسلم في "صحيحه"(2/ 861 رقم 83) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.

والترمذي في "سننه"(4/ 25 - 26 رقم 960) في الحج، باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في إحرامه، ما عليه.

وابن جرير في "تفسيره"(4/ 63 رقم 3346).

والطبراني في "الكبير"(19/ 114 رقم 236).

والبيهقي في "سننه"(5/ 55) في الحج، باب من احتاج إلى حلق رأسه للأذى حلقه وافتدى.

جميعهم من طريق سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وأيوب السِّخْتياني، به نحوه.

وأخرجه الشافعي في "سننه"(2/ 99 رقم 455).

وأحمد في "المسند"(4/ 243).

كلاهما من طريق سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وحده، به نحوه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 115 رقم 237) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب وقرن معه عمرو بن دينار، كلاهما عن مجاهد، به نحوه.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 242).

وابن خزيمة في "صحيحه"(4/ 196 رقم 2677).

كلاهما من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به نحوه. =

ص: 735

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن طريق الإمام أحمد أخرجه الطبراني في "الكبير"(19 / 112 رقم 229) .

والحديث في "تفسير مجاهد" من رواية وَرْقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد (ص 100) بنحوه.

ومن طريق ورقاء أخرجه كل من:

البخاري في "صحيحه"(4 / 18 رقم 1818) في المحصر، باب: النسك شاة، و (7 / 444 - 445 رقم 4159) في المغازي، باب غزوة الحديبية.

وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1 / ل 131 / أ) .

والطبراني في "الكبير"(19 / 111 رقم 226) .

والدراقطني في "سننه"(2 / 298 رقم 279) .

والفريابي في "تفسيره" والإسماعيلي وأبو نعيم في "مستخرجيهما" كما في "الفتح"(4 / 19) .

وأخرجه البخاري في الموضع السابق رقم (1817) .

وابن خزيمة في "صحيحه"(4 / 196 - 197 رقم 2678) .

والطبراني في "الكبير"(19 / 110 رقم 224) .

والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في الموضع السابق من "الفتح".

جميعهم من طريق شِبْل، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.

وأخرجه البخاري أيضًا (10 / 123 رقم 5665) في المرضى، باب ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، أو: وارأساه.

وابن خزيمة في "صحيحه"(4 / 196 رقم 2677) .

والطبراني في الموضع السابق رقم (223) .

والدارقطني في الموضع السابق رقم (282) .

ومن طريق الدارقطني أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 54) .

جميعهم من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، به نحوه، ولفظ البخاري مختصر. =

ص: 736

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه مُسَدَّد في "مسنده" كما في "فتح الباري"(4 / 15) من طريق عبد الوارث، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.

ومن طريق مسدد أخرجه الطبراني في الموضع السابق رقم (225) .

وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(4 / 64 رقم 3347) .

والطبراني برقم (228) .

كلاهما من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.

وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (227) من طريق مسلم الزَّنْجِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، به نحوه.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1 / 75) من طريق معمر، عن أيوب، عن مجاهد، به نحوه.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1 / 75) من طريق معمر، عن أيوب عن مجاهد به نحوه.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه:

الإمام أحمد في "المسند"(4 / 244) .

ومن طريق الإمام أحمد أخرجه:

الطبراني في "الكبير"(19 / 114 رقم 235) .

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(7 / 457 رقم 4190) في المغازي، باب غزوة الحديبية و (10 / 154 رقم 5703) في الطب، باب الحلق من الأذى.

ومسلم في الموضع السابق (2 / 859 - 860 رقم 80) .

والطبراني في "الكبير"(19 / 113 رقم 232) .

والبيهقي في "سننه"(5 / 242) في الحج، باب لا يأكل من كل هدي كان أصله واجبًا عليه.

وابن عبد البر في "التمهيد"(2 / 237) .

جميعهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عن مجاهد، به نحوه.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4 / 241) .

ومسلم في الموضع السابق. =

ص: 737

292 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَة: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَفِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلإِيَّايَ عَنَى بِهَا: {فَمَنْ

(1)

كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}؛ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بالحُدَيْبِيَة وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنا الْعَدُوُّ، وَكَانَتْ (لي)

(2)

وَفْرَة، فكانت الهَوَامُّ

= والترمذي (8/ 315 رقم 4057) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.

وابن جرير في "تفسيره"(4/ 62 رقم 3341).

والطبراني في "الكبير"(19/ 114 رقم 234).

جميعهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، عن أيوب، به نحوه.

وأخرجه الطبراني مقرونًا بالرواية السابقة من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 120).

والطبراني في الموضع السابق برقم (233).

والدارقطني في "سننه"(2/ 298 رقم 280 و 282).

ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن أيوب، به نحوه.

وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق من طريق وُهيب، عن أيوب، مقرونًا برواية سفيان الثوري السابقة.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(4/ 61 رقم 3340) من طريق يزيد ابن زريع، عن أيوب، عن مجاهد، به نحوه.

وقد رواه عبد الله بن عون عن أيوب، وروايته مقرونة بروايته للحديث عن مجاهد، وسبق ذكرها في الحديث رقم [290]، الطريق رقم (د) عن مجاهد.

(1)

في الأصل: ((من)).

(2)

في الأصل: ((له)). =

ص: 738

تَسَاقَط عَلَى وَجْهِي، فَمَرَّ بِيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((كَانَ هَوَامَّ رَأَسِك تُؤْذِيكَ؟))، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:((فَاحْلِقْ)) وَنَزَلَتِ الْآيَةُ.

293 -

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَة

(1)

، قَالَ: قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ: قَمِلْتُ

(2)

حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ مَا بَيْنَ طَرَفِ كُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ رَأْسِي قَمْلَة وَصِيْبَان

(3)

، وكنتُ حَسَنَ الشَّعر، فقال لي

[292] سنده ضعيف، والحديث صحيح من غير هذا الوجه.

أما هذا الطريق ففيه مغيرة بن مِقْسَم، وتقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، ومع ذلك فقد خالف الذين رووه عن مجاهد، وهم جمع كثير، والذي سبق ذكره منهم في الحديث [290] عِدَّتُهم اثنا عشر نفسًا سوى مغيرة وكلهم رووه عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن أبي ليلى عن كعب فخالفهم مغيرة وأسقط ابن أبي ليلى من الإسناد وقد أخرجه الترمذي في "سننه"(8/ 313 رقم 4054) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.

وابن جرير الطبري في "تفسيره"(4/ 65 رقم 3350).

كلاهما من طريق هشيم، به نحوه.

وأخرجه ابن جرير برقم (3349) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، به نحوه.

والحديث صحيح من غير طريق مغيرة كما سيق بيانه في الأحاديث الثلاثة السابقة.

(1)

هو عبد الله بن زيد الجَرْمي.

(2)

أي: كَثُر قَمْلُ رأسي/ انظر "لسان العرب"(11/ 568).

(3)

هو بيض القَمْلِ، واحدته: صُؤَابَة / انظر المرجع السابق.

[293]

سنده ضعيف أخطأ فيه المصنف وشيخه هشيم، والحديث صحيح من غير طريقهما أخرجه مسلم وغيره. =

ص: 739

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((تَصَدَّقْ ثَلَاثَةَ آصُع عَلَى ستة مساكين)) .

= أما المصنف فإنه أسقط الواسطة بين هشيم وأبي قلابة، وهو: خالد الحَذَّاء، وقد يكون السَّقْطُ في النسخة من النُّسَّاخ.

وأما هشيم فإنه أسقط الواسطة بين أبي قلابة وكعب، وهو: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى.

ويوضح ذلك، أن الحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241) فقال: ثنا هشيم، أنا خالد، عن أبي قلابة، عن كعب بن عجرة

، فذكره بنحوه.

ومن طريق الإمام أحمد أخرجه الطبراني في "الكبير"(19 / 120 رقم 254) .

فرواية الإمام أحمد هذه تدل على أن المصنف أسقط خالدًا الحذاء من الإسناد.

وقد عزا الحافظ ابن حجر هذا الحديث في "الفتح"(4 / 14) للمصنِّف.

وأخرجه الشافعي في "سننه"(2 / 99 - 100 رقم 456) .

وأحمد في "المسند"(4 / 242) .

ومسلم في "صحيحه"(2 / 861 رقم 84) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.

وأبو داود في "سننه"(2/ 430 - 431 رقم 1856) في المناسك، باب في الفدية.

وابن خزيمة في "صحيحه"(4 / 195 رقم 2676) .

والطبراني في "الكبير"(19 / 118 - 119 رقم 250 و 251 و 252 و 253) .

أما الشافعي وابن خزيمة والطبراني في إحدى رواياته فمن طريق عبد الوهاب. =

ص: 740

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن عبد المجيد الثقفي، وأما الإمام أحمد والطبراني في رواية أخرى فمن طريق وهيب، وأما مسلم وأبو داود والطبراني في بعض رواياته والبيهقي، فمن طريق خالد بن عبد الله الطحان، وفي رواية أخرى للطبراني من طريق العباس بن الفضل الأنصاري، جميعهم، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عليّ وزمن الحديبية وأنا كثير الشعر، فَقَالَ:((كَانَ هَوَامَّ رَأْسِكَ تُؤْذِيكَ؟)) قال: فقلت: أجل، قال:((فاحلقه، واذبح شاة نَسِيكَةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أو تصدق بثلاثة أصع تمرًا بين ستة مساكين)) .

هذا لفظ الشافعي.

قال ابن عبد البر رحمه الله في "التمهيد"(2 / 236) ((من روى الحديث عن أبي قلابة، عن كعب بن عجرة، أو عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، فليس بشيء. والصحيح فيه: عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ

، ولم يسمع الشعبي من كعب بن عجرة، ولا سمعه أبو قلابة من كعب ابن عجرة، والله أعلم)) اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4 / 13) : ((وجاء عن أبي قلابة والشعبي أيضًا، عن كعب، وروايتهما عند أحمد، لكن الصواب بينهما واسطة وهو ابن أبي ليلى على الصحيح)) اهـ.

قلت: أما رواية الشعبي فسبق الكلام عنها في الطريق السابع في الحديث رقم [289] .

وأما رواية أبي قلابة فجميع من رواية عن خالد الحَذَّاء ممن سبق ذكرهم زاد في إسناده ابن أبي ليلى، وشذّ هشيم فخالفهم ورواه عن الحذاء، عن أبي قلابة، عن كعب، بإسقاط ابن أبي ليلى من الإسناد، والصواب رواية من رواه خالد الحَذَّاء، عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن كعب كما سبق، والله أعلم.

ص: 741

294-

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَمُجَاهِدٍ، قَالَا: الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ شاة فصاعدًا.

[294] سنده ضعيف وهو صحيح لغيره فمغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، ولا سيما عن إبراهيم ولم يصرح هنا بالسماع من إبراهيم ومجاهد.

وقد أخرجه الطبري في تفسيره (4/ 70 رقم 3363) من طريق هشيم به نحوه وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، القسم الأول من الجزء الرابع (ص 249 رقم 1636) فقال: حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ومجاهد في قوله:((فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أو نسك) قَالَا: الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةُ ثلاثة أصع والنسك شاة.

وسنده صحيح فجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وتقدم أنهما ثقتان.

وقد أخرجه ابن جرير في تفسيره (4/ 72 رقم 3373) من طريق جرير، به مثل سياق ابن شيبة إلا أنه قال:((وَالصَّدَقَةُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مساكين)) .

وأخرجه ابن جرير أيضا (4/ 70 رقم 3362) من طريق عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ مُجَاهِدٍ وجده به نحوه.

وأخرجه ابن جرير أيضا (4/ 71 رقم 3366) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نح-وه، وفيه زيادة.

وأخرجه أبو يوسف في كتاب الآثار (ص 122 رقم 563) من طريق حماد ابن أبي سليمان عن إبراهيم به نحوه مطولا.

وقد صح عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مثل قول إبراهيم ومجاهد هذا، وتقدم ذلك في الحديث [293] وما قبله.

وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذه المتابعات والشاهد والله أعلم.

ص: 742